منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   49 - طائر الظلام - كارول مورتيمر ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t88575.html)

gagui 26-08-08 05:15 PM

- يا- سأكون هنا . . فأيم أذهب ؟
الله ! رثاؤك على نفسك يثير غضبي !
- إذن أتركيني .
- تعرف أنني لا أستطيع .
- أوأعرف ؟
- أجل . . اسمع لم تجبرني على تركك . قد تحاول ، وقد تهدد . .
- ما نوع التهديد الذي يشكله أعمى لك ؟
- أتريد فعلاً أن تعرف ؟
- ما كنت لأسأل لولا جهلي .
توجهت إلى الباب حيث أطفأت النور ، فعمت الظلمة الغرفة .
- ماذا فعلت. . هل أطفأت النور ؟
- أجل . . أوه . . هل لك أن تساعدني . . لقد خضت تماماً في الظلام ؟
- أضيئي النور إذن .
- لا أستطيع . . فلا أعرف أين أصبح الزر .
ما هي إلا لحظة حتى تعثرت ووقعت على الأرض . . فصاح برودي خائفاً :
- سيليا . ماذا حدث ؟
-
- بقد وقعت . . اللعتة .
أمسكت يده الثابتة بها لترفعا على الأرض . . ها هما في الظلمة سواسية .
- سيليا ! هل انت بخير ؟
- أجل . .
- ماذا تحاولين إثبانه ؟
- لا شئ . . أحاول قد أن أظهر لك إننا متساويان في العتمة .
- لقد أثبت أنني في الظلمة أتفوق عليك . كنت أعرف أين أنتِ بالضبط ، أما أنتِ فلم يكن لديك فكرة .
قادها ببطئ حتى أشعل نور الغرفة .
- هاك . . هل أنت أفضل حالاً ؟
ردت بجفاء :
- علي الإيواء إلى فراشي فقد تأخرالوقت .
- مازال عرضي مفتوحاً . وبإمكانك ترك النور كما هو . . لقد مضى علي زمن طويل سيليا ...
ليته صاغ طلبه بشكل آخر . . . ليته قال أنه يشتاق إليها منذ زمن طويل . . نعم إليها ! ولكن إسمعوا ما قال ؟ شعرت بالغضب يستحوذ عليها فصاحت به :
- كيف تجرؤ على هذا الكلام ؟ أنا ممرضتك سيد بادجر لا شئ آخر .
- أنت تدخرين كل شيء للطبيب المختص . . هه ؟
لم ترد على إهانته . . بل تركت الغرفة بهدوء متجاهلة نداءه الملح . . . ما أشد كرهها له على تحقير حبها . . .
كان برودي بارداً مريراً كعادته في اليوم التالي ، فقد رفض ثانيه مرافقتها إلى الحديقة ، كما رفض مغادرة غرفته . . فصاحت به :
- انت تتصرف كالأطفال .
- وأحس أن كارول هي الأب المسؤول وأنني الطفل الذي يقاد من يده . . هل لديك فكرة عما يفعله هذا في نفسية رجل ؟
- أوه . . برودي . . .
- أخرجي من هنا !
وأدار لها ظهره ، فأمسكت ذراعه :
- برودي . . .
- ألا تفهمين . . أريد الإنفراد بنفسي ! إذهبي إلى الحديقة وتسلي مع بوبي .
في الواقع ، وقعا أسيري رتابة متوترة مملة في الأيام التالية .فمزاج برودي بقي متفجراً بل راح غضبه يوماً فيوماً يزداد حتى باتت تعجز عن محادثته ، وكانت النتيجة أن إمتنعت عن ذكر زيارة سام بيانش .
ذلك أنها لم تجد الفرصة المؤاتية لأعلامه . . . بعد ظهر يوم الخميس ، سيطر اليأس عليها ، فهي تعلم أن جوناثان يعمد عليها ، وأن كارول تضع الآمال الكبيرة على زيارة الأخصائي وعلى الرغم أن سيليا هيأت الفتاة لأسوء الإحتمالات ، فد بقيت كارول على تفاؤلها . . وهذا ما دفع سيليا زخماً من الشجاعة لتعرض على برودي الفكرة .
بعدما أنهت قراءة الصحيفة عليه ، تأخرت في الذهاب لإحضار الشاي كما اعتادت . فأحس بترددها :
- حسناً . . ماذا هناك ؟
- برودي . . ماذا تعرف عن سام بيانش ؟
انتفض حينما سمع اسم الطبيب العيون وشحب وجهه .
- وماذا يجب أن اعرف ؟
- برودي . . .
- ماذا علي ان اعرف سيليا ؟
وقف بشراسة :
- جوناثان . . .
- لا . . لن أسمح بأن تتآمرا علي من وراء ظهري !
- أنت مصاب بعقدة الإضطهاد !
- صحيح ؟ حقاً ؟ ألم تقرري وجوناثان عرضي على بيانشن حتى دون استشاري؟
- حسناً . . أنا . .
- تعاملاني وكأني صرة من المهملات . وكن الحادثة لم تؤثر على عقلي سيليا . . . ولا يحق لكما اتخاذ قرار دون استشارتي .
- ولكن لو طلبنا منك . . .
- لقلت لا ! وهذا ما أقوله الآن !
- ولكنه قادم من أمريكا من أجلك فقد !
- إذن فهو يضيع وقته ورحلته سدى . فلن آراه لا الآن ولا في المستقبل !
- برودي . . .
- الرد هو "لا " سيليا .
ردت بغضب :
- إذا كنت لا تريد أن تراه من أجل نفسك فعلى الأقل من أجل كارول ! إنها تضع آمالها على هذه الزيارة .
ازداد احمرار وجهه :
- لم يكن من حقك تصعيد آمالها قبل أن تسأليني !
- أنا أثق بذكائك . . .
- أخطأت حين وثقتي بي . . . فأنا لن أقابل بيانشن أو أي شخص آخر .
ارتدَّ عنها مستقيم الظهر متوتراً , ولكنها دنت منه تضع يدها على ذراعه ، فلمّا انتفض من جرَّاء لمستها ردّت يدها إلى جانبها .
- اصغي إلي برودي ، أعرف أنك خائف . . لكن . .
جعلتها وحشيته عندمت التفت ترتد إلى الخلف .
- خائف ؟ انا لست خائفاً . . بل أحس بالسقم من بلهاء مثلك تحاول أن ترشدني إلى مت هو خير لي ! ماذا تعرفين عن العمى ؟ ماذا تعرفين عن مشاعري ؟ لا تعرفين شيئاً . . ! اخرجي من هذا المنزل . . الليلة .. أسمعتي ؟
- سمعتك .
- إذن إرحلي . . . ارحلي . . . اليلة . وقولي لجوناثان إنني لن أقابل بيانشن أو أي أخصائي آخر .
- إن سام هو أمهر طبيب في هذا المجال كما تعلم .
عندما لم يرد برودي عليها ، رأت أن لا خيار لديها إلا مغادرة الغرفة التي ما إن تركتها حتى استندت غلى بابها القوي بوهن . . . برودي يعني ما سقول . . إنه يريدها خارج منزله . . . وهي لا تريد الرحيل إذ لا تسطيع تركه وهي تحبه كل هذا الحب .
6 – لا أمل . . .
لم يظهر برودي ما يشير على التراجع في قراره . . وعندما حان وقت جرعة الدواء مساءً ، وجّهت سيليا كارول إلى ما عليها فعله .
وكانت كارول قد أبلغتها أن والدها ما زال يرفض مقابلة سام بيانشن عاماً أنه بات أهدأ حالاً ، ولكن سيليا تعلم أن مجرد ظهورها أمامه سيعيد إليه تكدره وغضبه .
وهكذا بقيت بعيدة عنه . . فظنها غادرت المنزل . كانت تعلم أن اللوم يقع عليها لأنها سمحت لنفسها باتختذ قرار يتعلق به ، ولكنها ما فعلت ذلك إلا في سبيل مصلحته . . . وانظر ما كانت النتيجة . اعتبر أنها وجوناثان خدعاه وهذا ما لا يغفره .
وصل جوناثان في السابعة والنصف مساءً . . فبدا وسيماً ببدلته الأنيقة . . . أدخلته سيليا على غرفة الجلوس وهي تعي نظرة كريستبال إير الممعنة . قال جوناثان بعد تحية مهذبة :
- علي فوراُ التوجه إلى غرفة برودي مع انني أعرف ما ينتظرني هناك .
ضحكت سيليا :
- فليكن الله في عونك .
- نعم أنا فعلاً بحاجة إلى العون .
قالت كارول بعد أن صعد الطبيب :
- عندما كنت معه رفض الحديث .
- عندما كنت معه رفض الحديث . . .
وردَّت السيدة إير ببرود :
- لأنه يعرف أن الأخصائي لن يقدم له شيئاَ . . . وكذلك الحالة بالنسبة للممرضة . . . إنه بحاجه إلى أن يترك وشأنه .
ردت سيليا بتحدٍّ وقد أغضبها تصرّف المرأة العجوز :
- لماذا نتركه ؟
تشدقت كريستبال باستخفاف :
- ليستعد عافيته طبعاً . .
- وكيف يستعيد عافيته دون معونه طبية ؟
- إنه لا يجتاح إلى النوع الذي تقدمينه له !
شهقت كارول من الإهانه المتعمدة :
- جدتي !
أما سيليا فوقفت تقول ببرود:
- عذراً . . علي الاستعداد لموعد العشاء . . لا أريد ترك جوناثان منتظراً .
ضاق

gagui 26-08-08 05:16 PM

ضاقت عينا العجوز الزرقاوين :
- ستخرجين مع السيد هال ؟
ردت بتعال :
- أجل . . ولا أريد التأخر عن خروجنا .
كانت السيدة إير امرأة سليطة اللسان حقاً ولولا حاجة برودي إلى عونها لتركت المنزل الليلة إلى غير رجعة . . ولكنها قد تضطر إلى الرحيل إذا أصرَّ برودي على ذلك . . . إذ كيف لها البقاء رغماً عنه !
كانت تنتظر في غرفة الجلوس الصغيرة حين نزل جوناثان بعد نصف ساعة . . فضاقت عيناه إعجاباً بما رآه . . وتلاشى التوتر الذي مرَّ به عندما كان مع برودي ، فابتسم لها . . . وانحنى يلثم وجهها . في هذه اللحظه بالذات كانت كارول تتقدم نحوهما ، متضرجة الوجنتين .
- أوه . . آسفة ! لم أقصد مقاطعتكما . .
التفت جوناثان إليها وذراعه ما تزال حول كتفي سيليا !
- لم تقاطعينا . . . فكلانا مرَّ بالجحيم مع والدك حتى بتنا نحتاج إلى القليل من المؤاساة .
ضحكت كارول منزعجة ، ورفعت حاجبيها متسائلة :
- وهذا ما حدث لي أيضاً . . . فهل أستحق قبل’ ؟
تمتم جوناثان متردداً ثم لم يلبث أن سحب يده عن كتفي سليا .
- حسناً !
وانحنى يلثم وجهها . . . ارتبكت كارول ثم تمالكت نفسها وقالت بمرح تمازح جوناثان على ترددة :
- هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها قبلة وأنا في سن النضوج !
ضحك:
- ستحصلين على أكثر مما ترغبين إن لم تتأدبي.
فضحكت :
- ما عليك إلا أن تطلب . .
ثم التفتت إلى سيليا . . .
- أريد الاعتذار على ما بدر من جدتي . . . إنها تتصرف بطريقة غريبة منذ حادثة أبي .
- لقد مرَّت دون شك بتوتر شديد كارول . . . أما أنا فلا أهتم بتعليقاتها اللاذعة .
- حسناً . . إذا كنت واثقة . . . ؟
ابتسمت وهي لا تريد تكديرها :
- أنا واثقة . . والآن اذهبي قبل أن يبرد العشاء .
سألها جوناثان وهما في الطريق إلى المطعم :
- عمّ كانت تتحدث ؟
- عن أمر تافه . . السيدة إير تكره وجودي في المنزل . . كما تكره وجود أي ممرضة لأنها ترى أن برودي لا يحتاج لمن يرعاه .
- لا أذكر أن كاثرين عانت من مصاعب معها .
إذن ربما لا تحبني وحدي . . . مع أن ذلك لا يقليني أبداً . . . كما عليك أن لا تقلق أنت . . . ماذا جرى مع برودي ؟
تنهد تنهيدة عميقة :
- لم أفلح كثيراً . . سنتحدث عن الموضوع خلال وجبة العشاء .
قال لها وهم يأكلان :
- لقد رفض بالطبع وهذا ما كنت أتوقعه منه بل لو كنت مكانه لرفضت . . . فليس هناك أخبار جديدة جيدة بالنسبة له . . ولكنني أعطيته شيئاً يفكر فيه . بيانشن دبر زيارته هذه بصعوبة فإن رفض برودي مقابلته ضاعت الفرصة من يديه لأنني لا أعرف متى يتمكن من رؤيته ثانية .
- وهل شرحت الأمر لبرودي ؟
- أجل .
- وماذا كانت ردة فعله ؟
- لم يهتم . . ولكن أمامه ست عشرة ساة لتفكير . فالموعد محدد في الساعة الثانية ظهراً . . . وأظن أن عليك أن تصحبيه بنفسك . . . أتجدين قيادة السيارة ؟
- أجل . ولكن لو غير رأيه ، فأنا على استعداد لحمله إلى هناك ! هل تعتقد بأن الوقت كفيل لتغير رأيه ؟
- إذا لم يقنعه الزمن فقد فشلنا . . .
ردت بصوت منخفض متهجم :
- وأنا فشلت . . وإذا قرر برودي غداً الذهاب إلى المستشفى ، فسيكون هذا من صنيعك وحدك .
- وكيف تجدين كارول ؟ أتقوى على تحمل هذه المسؤوليات كلها ؟
- إنها تتحملها بنضوج ووعي .
- إنها تحب مداعبتي كتلك القبلة مثلاً .
داعبته سيليا هذه المره بالقول :
- أكانت مزاحاً ؟
بدا عليه ما يشبه الغضب .
- ظبعاً . . كارول إلا طفلة .
تهلل وجهها شفقة :
- ابنة الثامن عشر قادرة على الحب كابنة الخامسة والعشرين تماماً . . هذا مت أعرفه تمام المعرفة لأنني جربته بنفسي .
- لكنه حب لا يدوم .
- بل كانت كذلك . . .
تأوه :
لم يكن لدي فكرة عن هذا . . حسبتك تغلبت على ألم ما كان بينك وبين برودي .
- كان حب من طرف واحد ، وبرودي إلى هذا لم يكن يعرف أنني أهبه .
- البقاء معه في الوقت الحاضر جحيم إذن عليك .
- لا يهم هذا . . أما الأهم فإلغاء فكرة الابتعاد عن كارول بسبب صغر سنها . . إنها ليست طفلة .
- ربما . . حين ينتهي هذا كله . . .منتديات ليلاس
- هذا إذا انتهى . . وهذا واقع يجب أن نواجهه .
- ليس الآن إنما بعد أن يقابل برودي بيانشن .
انتقلا من المطعم إلى نادي الرقص حيث رقصا إلى بعد منتصف الليل . . بعد إنتهاء السهره توجه جوناثان إلى منزل آل بادجر ليوصلها .
- أراك في الغد .
- أرجو هذا .
كان الجميع نياماً ، فالساعة تجاوزت الواحدة ليلاً . . ولا مجال لتأخير دخولها إلى غرفة برودي . . . عندما دخلت عاودها الاضراب ثانية . فعوضاً عن رؤيته نائماً في سريره ، وجدته جالساً على الأريكة أمام النافذة ، في كامل ثيابه . والستائر مسدلة بحيث لم يعد أمامه إلا المخمل البني .
التفت بحدة حينما شعر بوجودها رافعاً رأسه مقطب الجبين . لم تكن تحلم أنه ما زال خارج فراشه ، وكانت المجابهة آخر ما تحتاج إليه .
- آسفة برودي .. . ظننتك . . نائماً .
بدلاً من الغضب الذي توقعته ، ارتعش صوته وهو يقول :
- وأنا ظننتك رحلت !
مدت يديها متوسلة ولكنها لك تلبث أن أسلبتهما بعدما تذكرت عجزه عن رؤيتها . قالت بحزن :
- لن أرحل برودي . . مهما كان عدد المرات التي تطلب مني فيها الرحيل .
- ولكن كارول قالت أنك تركت المنزل .
- صحيح . . خرجت هذا المساء .
- برفقة جوناثان ؟ لا تنكري ! أشم رائحة عطره عليك . . . سيليا . . أهو كفؤ لك ؟
شهقت :
- برودي !
مد يده يمسك يدها :
- أهو كفؤ ؟ أخبريني ؟
سحبت يدها منه بقوة :
- لن أخبرك شيئاً . . دخلت أريد الإطمئنان عليك . . . وبما أنك بخير أقول عمت مساءً !
وأسرعت تخرج من الغرفة قبل أن تتفوه بشئ يزيد الأمور سوءاً .
سمعته يتجول في الغرفة دون هوادة ، فوضعت الوسادة على رأسها . . لأنها لا تستطيع تحمل ما شير إلى قلقه . . كانت تشعر بالالم لأنه يرفض رؤية بيانشن ، وبالعجز لأنها لم تقدر على إقناعه !
- سيليا ؟
تسمرت في الفراش ولكنها لم تلبث أن ازالت الوسادة عن رأسها في عتمة الغرفة فشاهدت برودي بوضوح يقف قرب سريرها . في تلك اللحظات لم تستطيع التفكير إلا في أنه غادر الغرفة أخيراً . . لقد غادر أخيراً الغرفة التي أصبحت سجناً له .
كرَّر بصوت أجش : "سيليا ".
ردَّت وهي تجلس أمامه على الأرض :
- أنا هنا . . أنا هنا برودي .
أمسكت يديه بيديها ، فقال ببساطه :
- أحتاج إليك .
- تحتاج . . ؟
- أحتاج أن أكون معك . . أحتاج أن تمسكي بي . . أن أكون معك وحسب . . .
ثم أنهى صوته بصوت متقطع : " فهل أطلب الكثير ؟ "
بدا لها وهو واقف تحت ظلال القمر متوتراً ، معرضاً لكافة أنواع المخاطر ، فعصف الألم بقلبها ولم يعد عقلها أو روحها أدنى رفض له . فردت بخشونه :
- لا . . هذا يس بالكثير .
- أيمانع جوناثان .
- برودي . . .
ولكنه سرعان ما ابتعد عنها .
- انسي أنني قلت هذا . . انسي أنني جئت إلى غرفتك . . إنها غلطة . . أنا فقد . . فكرت . . أنك رحلتِ حقاً .
مرّر يده على وجهه دليل تعب . . فرددت قولها مطئمنه :
- أنا هنا برودي .
ثم وقفت تطوق خصره بذراعيها من الخلف ، وتُحرِّك يديها على صده وااضعة خدها على ظهره الصلب :
- سأبقى هنا . . اجلس قربي. . .
- أواشقة ؟
ردت دون تحفظ :
- جداً .
استدار إليها متنهداً تنهيدة عميقة تحتضنها ذراعاه كطوق فولاذي . .
شهق قائلاً : " سأقابل بيانشن " .
ثم دفن رأسه في شعرها العطر ، مرتعشاً ، مرتجفاً . . فصاحت بإثارهة ولهفة :
- ستراه ؟
- سأراه . ولكن سيكون الأخير . إذا قال إن لا أمل . . فهذه النهاية . . موافقة ؟
- برودي . . .
- قلت لا مزيد من الأطباء سيليا . . هل توافقين ؟
عضت على شفيها مرتبكة ، بيلنشن هو أفضل طبيب عيون وإن قال لا أمل فهذا يعني أن لا امل طبعاً . فهل ستستطيع قطع الوعد ، والأمل يلازم الحياة دائماً ؟
- أعني ما أقول سيليا . . سأرفض بعده أي طبيب . . .
- حسناً جداً .
نظرت إليه بكل الحب لاذي في قلبها وكيانها ، ثم اندست بين ذراعيه تريد أن تشعره بما يعتمر في نفسها من حب وشغف .
- أنا متعب سيليا . . . متعب جداً .
- إذن أخلد إلى الفراش .
كان قلبها يعتصر ألماً وشوقاً إليه : " هيا أصعد . . . "
بعد لحظات قليلة عرفت من انتظام أنفاسه أنه غطََ في نوم عميق .
ولكنها تشعر بخيبة أمل كبيرة . . فحين قال لها أنه يحتاجها ظنت . . . يا الله . . اعتقدت أنه يحتاجها فعلاً . . فإذا به نائم قربها عاجزه عن الإقتراب منه رغم توقها الشديد إلى لمسه .
سمعته يتأوه وكأنه يحتج على وجودها معه :
- لا أريدك . . ألا تفهمين هذا . . دونا ! لا تذهبي . حباً بالله لا تتركيني ثانية . . أحبك . . وقد أحببتك دائماً . . سيليا لا . . ! لماذا تتخلين عني . . يالله . . لماذا تركتني ؟
بدا لها أنه فقد حين يغفو يذكر في عقله اللا واعي أنه عرف يوماً ممرضة صغيرة تُدعى سيليا هالام . . . ولكنها بالنسبة له لعبة يلهو بها ، أما المرأة التي أحبها فعلاً فهي دونا .
- برودي !
كان عليها أن توقظه الآن ، لأن بدأ بالصراخ . وقد يوقظ صراخه هذا أهل البيت جميعاً . . هزته قليلاً .منتديات ليلاس
- برودي . . لا بأس عليك .
- ماذا . . .
ارتفعت الاهداب السوداء الطويلة وهو يستيقظ ، فسأل :
- أين أنا ؟ من انت ؟ سيليا . . ؟
- أجل . . كان كابوساً حعلك تصرخ وتصيح . . .
مرر يده على عينيه :
- أنا آسف . . أما زال الوقت ليلاً ؟
- أجل . . نمت ساعتين فقد .
اشتدت ذراعاه حولها :
- سيليا . . !
كانت تعلم أن عليها أن تمتنع عنه ، فهو ما زال يحب زوجته ، وسيبقى يحبها رغم موتها . فحاولت الابتعاد ولكنه منعها متمتماً :
- أنت بنعومة الحرير . . . أهناك كثيرون شعروا بملمسك الحريري ؟
شهقت : " أنا لم . . . "
- أكان هناك أحد ؟ أنت تتجاوبين بسرعة أكاد معها لا أصدق أن الوضع جديد عليك .
- برودي . . .
- أريد أن أعرف . . ألا تفهمين ؟
- لماذا تريد أن تعرف ؟ أتريد أن تعرف قوة منافسك؟
- لا . . ليس الأمر هكذا .
- ما هو إذن ؟
ثم نهضت من السرير ووقفت تنظر إلى الرجل المستلقي ، وسألت بحدة :
- لماذا تسألني هذا السؤال وأنا لم أطلب منك شيئاً . . أبداً ؟
- إذن ربما كان يجب أن تطلبي .
- ماذا تريد أن أطلب . . ؟ لائحة بأسماء النسوة اللواتي عاشرتهن منذ وفاة زوجتك ؟
التوى فمى سخرية :
- لن تكون لا ئحة كبيرة .
وابتعدت . . فقال شاهقاً :
- إلى أين ؟
- لأحضر بعض الحليب الساخن . . . وأكون شاكرة لو عدت فوجدتك خارج غرفتي .
- سيليا .
- أرجوك برودي . . أعرف أن ما حدث يظهرني انني أنانية . . أنا آسفة . . .
صمتت قبل أن يتحول الحديث إلى إحراج . أكملت :
- أريد منك أن تترك غرفتي على ألا تعود إليها ثانية أبداً . . . أبداً . . فأنا لا أقدم خدمات كهذه لمرضاي .
وخرجت تتعثر في خطواتها لا تلوي على شيء وعندما عادت كان قد رحل . وبما أنها كانت عاجزه عن كبت مشاعرها ارتمت على السرير تجهش بالبكاء ألماً .
كان الوقت متأخراً عندما إستيقظت في صباح اليوم التالي . بعد أن إغتسلت وارتدت ثيابها توجهت إلى المطبخ فوجدت الآنسة ويل التي قالت لها بحرارة :
- ألن تتناولي الفطور ؟
- في العاشرة والنصف ، إنه وقت الغداء . . لا سأنتظر ، سأتفقد السيد بادجر أولاً . . .
- إنه ليس في غرفته .
- ليس في غرفته ؟
- أنه في الحديقة يتناول فطوره فيها هذا الصباح .
لم تصدق ما تسمع ، فأخيراً قام برودي بخطوة أخرى لكسر سجنه !
- وكيف نزل ؟
- نزل وحده . . . هكذا . . وكان يتمتم لاعناً . . أظنه صدم رأسه بضع مرات . كان صدمة العمر حين دخل المطبخ يطلب الفطور !
- أستطيع تصور صدمتك . . سأخرج إليه حالاً . . .
كانت الشمس مشرقة في الخارج ، برودي جالس تحت مظلة مبهرجة الألوان ، وإلى جانبه كوب عصير . . كان أول من شعر بها بوبي الذي هبَّ من رقدته أما قدمي برودي وقفز إليها يحييها بابتهاج . فالتفت برودي إليها وسأل بصوت منخفض :
- سيليا ؟
- أجل .
فدعاها إلى الجلوس : " هيا شاركيني جلستي هذه ؟ "
أخذ بوبي يشم يدها فقال برودي مازحاً :
- يريد البسكوت الذي تقدميه إليه عادة .
- وكيف عرفت ؟
- لقد شمَّ يدي حين خرجت . . . سيليا . . أعتذر عمّا بدر مني ليلة البارحة من إهانات . . .
- لا بأس . . كانت غلطتي . . كا مان يجب أن . . .
صاح نافذ الصبر :
- أنت لا تفهمين . . أنا آسف لانني حاولت التطفل على حياتك الخاصة فأفسدت عليك مزاجك .
- فهمت .
- أشك في هذا . وأنا لست في وضع يخولني تأكيد ذلك لك وقد لا أتمكن إطلاقاً . . .
- لا أفهم إذن .
- ولا أريد أن تفهمي .
ثم هبَّ واقفاً وهو يقول : " هل اقودينني إلى غرفتي الآن . . أريد الاستلقاء قليلاً ، فقد أمضيت ليلة مضطربة " .
وضعت يدها على ذراعه ، ثم راحت توجهه بدقة لئلا يتعثر . . .
- أتريد أن أبقى معك ؟
- لا . . سأراك في الساعة الثانية .
- والغداء . . .
- ليس اليوم سيليا . .
احترمت رغبته في الانفراد وفهمت الاضطراب الذي يعتمل في نفسه ترقباً لما سيحدث عندما يذهب إلى المستشفى .
عندما قادت السيارة إلى المستشفى جلس إلى جانبها متوتراً يرفض الكلام . . . وكان قبل خروجه برفقتها قد أصَّر أن تذهب كارول إلى الكلية بدل مرافقته ، وفهمت رغبته في إبعادها . فلو ثبت أن الفحص سلبي ، فلن تشهد كارول إنهيار أحلام أبيها . وإذا كان إيجابياً فأمامهم وقت طويل للإحتفال بالمناسبة .
قابلها جوناثان أمام أبواب المستشفى الرئيسية مرحباً .
بعد الترحيب انتلقوا إلى المستشفى فالتقى برودي باشخاص كانوا يسارعون لإلقاء التحية . أما سيليا كانت تشعر بتصاعد توتره مع كل خطوة .
حين وصلوا إلى غرفة الإنتظار قال لسيليا :
- انتظري هنا .
نظرت إلى جوناثان :
- أوه . . ولكن . .
قاطعها بشراسة :
- قلت إنتظري هنا !
- حسن جداً.
قال جوناثان :
- برودي . . أعتقد . . .
صاح برودي بوحشية في وجه الرجل الآخر :
- أتتصور أنني أريد من يشهد هذا ؟ ابقَ معها هنا إذا أردت . . ولكن لا تدعها تدخل معي . لا أريدها . . اتفهم ؟
ردت سيليا بحده :
- أفهمك برودي .
حين لامس جوناثان كتفها بعد قليل كانت تقف

gagui 26-08-08 05:19 PM

سيليا . . برودي مع بيانشن وقد طلب مني أن أكون معك .
- لتلتقط القطع التي بعثرها ؟
- بل لئلا تذهبي .
- أليس هذا ما يريده ؟
- تعرفين العكس . . في هذه الللحظات يريد برودي أن يضرب في كل اتجاهات . . . ولعله اختارنا في خط المواجهة .
- تنهدت :
- نعم . . أعرف هذا تماماً . ولكنني لا أستطيع تحمل هجومه . .
- اصبري قليلاً . . هه ؟
تنهدت :
- سأصبر ولكنني لن أسمح له بإغضابي . . فأنا أحبه ، وهذا ما يجعل كل شي مختلفاً .
بعد عشر دقائق ، بدا أنها لن تضطر إلى الإنتظار دقيقو أخرى فقد خرج رجل طويل أشقر من غرفة الفحص تدل خطواته الطويلة السريعة على استرخائه . فعرفت أن هذا المقبل إليها هو سام بيانشن .
سألته بهفة :
- هل أنهيت الفحص ؟
ارتفع حاجباه بتساؤل وقال بصوت هادئ:
- هل أنت . . . . ؟
- سيليا . . سيليا هالام . . . ممرضة السيد بادجر . .
تجهم وجهه :
- كيف أستطيع مساعدتك آنسة هالام ؟
- كيف كانت نتيجة الفحص ؟ أيمكن إجراء عمليه له ؟
لم تستطع إخفاء القلق عن صوتها .
- لن تفيد العملية الجراحية السيد بادجر أبداً . . . إنه . . .
لم تسمع سيليا ما تبقى من كلامه , فقد أجست بصوت مزعج يهدر في رأسها ، أعقبه ظلام دامس . . سيبقى برودي أعمى طوال عمره !

8- الحب لا يُسترد

علمت سيليا أن هناك تغيراً كبيراً قد حصل لبرودي ، ولكن صعب عليها تحديده . . فلم يعد إلى التشاجر معها ، بل أصبح مهذباً بشكل بارد ، وقد عاد إليه اكتئابه السابق بأقصى قوة .
سألها جوناثان بعد معاينته ظهر الإثنين :
- توقف عن المقاومة . . أليس كذلك ؟
- أجل . . لقد تجادلنا مساء السبت ، ومنذ ذالك الوقت عاد إلى قوقعته .
- اهملي الأمر . . فهذا مزاج عابر . . .
- وإن لم يكن عابراً ؟
- أعيدي التفكير في خططتك إذن .
ابتسمت :
إنك تصور الأمر وكأنني في حرب .
- أرى الوضع كذلك في بعض الأحيان . . إذ أشعر أن برودي على الجبهة الثانية يترصدنا . ولكنه سيستعيد بصره ولو كان آخر ما أقوم به في حياتي .
وصلت كارول إلى الغرفة كالإعصار . . .
- وهذا ما أحب أن أسمعه . كيف تراه الآن ؟
- لم يتحسن .

- سيتحسن . . لي ملء الثقة بكما .
رد جوناثان :
- شكراً لك !
- ألا تحب الإطراء ؟
على الرغم من موهبته وبراعته ، يحمر خجلاً امام كارول . . . وهذا ما تعرفه الفتاة ! فتساءلت سيليا للمرة الثانية عما إذا كان اهتمام جوناثان متبادلاً . وأجاب بخجل :
- إذا كان صادقاً . . أجل .
- أنا لا أثني على أحد خداعاً ، لأنني صادقة لا أعرف الكذب .
وقف يقول لسيليا :
- سأزوركم بعد يومين . . إلا إذا احتجتموني قبل ذالك الوقت .
وسألته كارول خائبة الأمل :
- وهل ستذهب ؟
- مضطر أنا يا صغيرتي . فمن يدير المستشفى في غياب والدك . . .
هزت رأسها ببطء :
- أفهم سأرافقك إلى الباب .
- لا حاجة . . .
فوقفت بمرح :
- أوه . . ولكنني أرغب في هذا .
- نشاط شباب.
احمر وجهها ، وردت بحدة :
- أتعلم ما هي مشكلتك ؟
-
لا . . ولكنك دون شك ستخبرينني .
- لأنني صادقة سأقول إنه يجب أن تخرج نفسك من جو المستشفى قبل أن تصبح عجوزاً .
أمسكت سيليا ضحكتها بجهد مصغيه إلى تلاسنهما الضمني الذي يفع البهجة إلى قلب إنسان . وردَّ عليها :
- أتذكرين ما هددتك به يوماً . . ربما حان الآوان لاستخدامه .
ضحكت كارول :
- تقصد معاقبتي ضرباً !
أمسكت ذراعه ترافقه إلى الباب :
- ربما وجدت في العقاب ما يثير الإهتمام .
كانت سيليا تهتز ضحكاً حين عادت كارول .
- أنت سنخرجينه عن طوره يوماً .
تنهدت ككارول :
- هذا ما أرجوه . . لقد ضقت ذرعاً به ، فجميع محاولاتي للفت إتباهه باءت بالفاشل .
- أتريدينه حقاً ؟
- قبل أن أرد على سؤالك . . سأسألك سؤالك ؟
- نعم .
- أيعجبك جوناثان ؟
- طبعاً . . إنما ليس كما تظنين .
- واثقة ؟
- جداً . . وماذا عنك ؟
- أوه . . أنا واثقة منذ كنت بالخامسة عشرة ، أو لعى الأقل أنا واثقة من مشاعري اتجاهه . وقد قررت الزواج به .
شهقت سيليا وهي لا تصدق ما تسمع .
- كارول !
- ولكنني سأفعل . . أنا وأبي هكذا . . حين نعطي حينا لا نسترده . . . ليتني أستطيع ان أدعوه إلى حفلة ما . . فهو متعصب رجعي وقد يشمئز من مطلب كهذا .
- لا ضير من المحاولة . . سيصل غلى المستشفى بعد دقائق . . فلماذا لا تتصلين به ؟ أين ثقتك بنفسك ؟
- أنت على حق . . لن يقول " لا " .
ما هي إلا لحظاات حتى عادت كارول كالعاصفة إلى الغرفة .:
- قال أجل . قال أجل سيليا .
- ماذا توقعت أن يقول .؟
- حسناً . . أجل . . ولكنني ما ظننته قائلها يوماً .
- أنا سعيدة من أجلك كارول .
- هل تسرعت ؟
- لا أحسب أن جوناثان يراك متسرعة ، فقد وافق على الذهاب إلى الحفلة . . . علينا العودة إلى أبيك فقد قلت له إني لن أتأخر إلا دقائق معدودة ، فإذا بي أتأخر نصف ساعة .
عبست كارول :
- هل ترين أن على إطلاع أبي على لقائي بجوناثان ؟
فكرت سيليا لحظات :
ربما ليس الآن . فلديه ما يكفيه من هموم ، ولا أحسبه يريد أن يشغل باله بشأن ابنته التي أختارت أخيراً زوجاً .
- أنت على حق . . . لا أريد أن يصاب بصدمة .
ولكن برودي كان غافلاً عن اهتمام جوناثان بأبنته إذ قال لسيليا بعد أسبوعين من زيارات جوناثان المتكررة :
- أرى أن علاقتك بجوناثان في تحسن . .
كان بإمكانها تصحيح معلوماته . . ولكن بعد أيام من أللامبلاه ، علمت أنها يجب أن تستغل ميله إلى التمرد . فردت متحدية :
- وماذا في الأمر ؟
- لا شيء . . .
- إنه مثير للإهتمام .
رد ببرود:
هذا حسن لك . . هلّا تناولنا الشاي الآن؟
هنا تنهدت سيليا بإحباط :
- إذا كان هذا ما تريد .
- سبق وأن قلت لك أن ما أريده لن تتمكني من تقديمه لي .
- وماذا تريد برودي ؟ شفقة على عماك ؟ لا . . لن أشفق عليك . . أنت تجلس في هذا الكرسي يوماً بعد يوم ، دون أن تحاول معرفة الحاجز النفسي الذي يمنعك من الرؤية . . ترفض المساعدة التي أحاول تقديمها . . . .
- لا أريد هذه المساعدة . . . فأنا أعرف ما يحول بيني وبين الإبصار . . .
- برودي . . . ؟
- هل لك أن تذهبي لإحضار الشاي ؟
- ولكن لو كنت تعرف . . .
- لا يهم ما أعرف . . . وأنا أرفض مناقشة مستقبلي معك .
- أنا بشكل خاص . . . أم أي شخث كان ؟
- وهل هذا يهمك ؟
ردت ببساطة :
-أجل .
- هلا تركتنا بعض الوقت على انفراد آنسة هالام ؟
كانت صاحبة الصوت المتسلط كريستبال إير التي أضافت بعجرفه :
- أريد التحدث إلى صهري . . على انفراد .
نظرت سيليا بدهشه إلى المرأة التي منذ أن وقعت الحادثة ، لم تحاول زيارته . . . وقد جعلت هذا الزيارة المباغته سيليا عاجزة عن النطق . أما برودي فقد كان أكثر ذهولاً منها ، إذ قال مقطباً :
- كريستبال.
تجنبت العجوز النظؤ إليه مباشرة ، وهذا لم يلاحظه برودي ، فشعرت سيليا أن العجوز عاجزة عن تقبل وضعه الحالي كأعمى .
ردت كريستبال :
- أريد التحدث إليك برودي .
ردّ بسخريته المعتادة :
- هذا شرف لم أتوقعه .
سخريته أجفلت كريستبال التي صاحت في وجه سيليا :
- أتمانعين آنسه هالام ؟
-أبداً . . كنت على وشك الخروج لإحضار الشاي ، ربما تودين الإنضمام إلينا ؟
- تناولت الشاي منذ برهة . . لن يستغرق ما أقوله وقتاً .
ارتدت سيليا على عقبها تطلب الخروج ، ولكنها سمعت برودي يقول :
- وكأن ما جئت من أجله ينذر بالسوء .
ردت حماته بإيجاز :
- أبداً . . إنه نتعلق برحلتي إلى سويسرا . . .
أغلقت سيليا الباب وراءها بهدوء . . وهي تفكر في أن كريستبال ما تزال غير قادرة على التعاطي مع محنة برودي ، وقد قررت على ما يبدو الإنسحاب من خط المواجهة .
كانت ما تزال تفكر في هذا الأمر حين عادت ترتقي الدرج حاملة صنية الشاي ، وقد كادت توقعها حين سمعت أصوات الغضب المتصاعدة من الداخل . .
- الأمر فقد من حسن الأحتشام . . .
قاطعها بحده :
- أنا رجل أعمى !
- كانت دونا زوجتك .
- ولكنها ماتت .
- وهذا ما أعنيه بالضبط .
- أكانت ستفعل الشيء نفسه لي ؟
- لا أظن . . .
- تعلمين جيداً أنها ما كانت ستفعل ، وهذا يعني أن السألة فُضَّت .
- أنت هكذا دائماً . . تصرفك هذا سيؤدي إلى منع كارول من مرافقتي .
- لكارول حرية القرار .
تسمَّرت سيليا من جراء حدة ما تسمع ، غير عابئه بتجسسها على حديث عائلي خاص .
سمعت برودي يقول بصوت أقل حدة :
- لقد مضت ثلاث سنوات كريستبال . . . لذا لا ضرورة للمثابرة على هذا " الحج " .
- دونا ابنتي . . وإن كنت ترفض انت أو إبنتك مرافقتي أذهب وحدي .
- هذا شأنك .
كان يجب أن أعرف أن هذا ما سيكون عليه ردك . لقد قلت دائماً لدونا إنه ما كان عليها الزواج بك لأنك لم تحبها قط ، بل كان كل ما أردته منها المال والسلطة التي وهبتك إياهما لإبراز مستقبلك العملي .
- كريستبال . .
- لا تنكر هذا برودي . . أنت تعرف أنها الحقيقة . لقد حطّمت قلب إبنتي الصغيرة ببرودتك . . . ودفعتها إلى أحضان رجل آخر .
لم يصدر رد عن برودي . . ففهمت سيليا السبب . . لقد أحبها كثيراً وسامحها ، وما اتهامه بتحطيم قلب ابنتها إلا سخافة . . . ولكن لماذا تريد كريستبال أن يرفقها برودي وكارول إلى سويسرا ؟ وما علاقة دونا بهذه الرحلة ؟
- سأسافر وحدي إذاً . . وبما بعد الظهر . . أجل مت عدّت أطيق البقاء في المنزل يوماً آخر . . معك ومع عشيقتك . . .
- ماذا ؟
- نعك . . إنه خير وصف لعلاقتك بالآنسة هالام !
صاح برودي :
- اتركي سيليا خارج الموضوعنا هذا .
- قلت لك ما أريد . . ولكنني أطلب منك أن تعيد النظر في المثال الذي تضعه امام كارول .
- وداعاً كريستبال .
ردت بسفالة :
- لا تنكر أن كارول أصغر من أن توافق على الخروج مع جوناثان هال .

gagui 26-08-08 05:20 PM

ظهر اهتمام عميق في صوت برودي :
جوناثان ؟
- إنهما يخرجان معاً منذ أسبوعين . . . فهل تظن أن هذا زوجاً مناسباً لكارول ؟
- ألا يأتي من أجل سيليا ؟
- لا تكن سخيفاً برودي . . . أعرف كل شئ عن علاقتك بالممرضة ، فقد شاهدتك تغادر غرفتها في إحدى الليالي . . . كيف ستعرف كارول الحب الحقيقي ، وانت تظهر علاقتك الغرامية أمامها ؟
- منذ متى يدور هذا الحدث ؟
ذعرت سيليا حينما سمعت هذا السؤال الهامس ، وقد شحب وجهها وهي ترى كارول خلفها . . ز ماذا سمعت من الحديث يا ترى ؟ هل تعرف أن بردوي زار غرفتة ممرضته ، مره على الأقل ؟ ولكنها سمعت كارول تسأل :
أنا دهشة لأن هذا الشجار لم يحدث قبل الآن ، فمن عادتهما التشاحن في مثل هذا لاوقت من السنة . . حذار أن يزعجك ما تسمعينه سيليا ، فما انا وأنت إلا هامش هذه المجادله . إن جدتي تتذمر من رفض أبي مرافقتها إلى سويسرا لزيارة قبرأمي .
- أمك مدفونة في سريسرا ؟
- أجل . . وابي مؤمن أن زيارة قبر الميت لا تعوض عما أصابه في حياته . وأنا أوافقه الرأي . أما جدتي في تعتبر هذا قلة إحترام .
قالت سيليا بهدوء :
- لقد أخبرته كذلك بعلاقتك مع جوناثان .
هزت الفتاة كفيها :
- لم يكن هذا سراً . . ه دخل الصينية عوضاً عنك ؟ فإن دخلت أستطيع التحدث إلى أبي حين تتركنا جدتي .
- شكراً لك . . . أود تبديل ثيابي على أي حال .
ابتسمت كارول بتفهم . . . ثن رفعت كتفيها تأهباً لدخول الغرفة . أما سيليا فلم تنتظر لمعرفة النتيجة . . . بل هرعت إلى غرفتها . ولكنها سمعت صوت باب غرفة برودي يُصفق بقوة وهذا يعني أن السدة إير أنهت ما تريد قوله .
لماذا كانت دونا بادجر في سويسرا عندما ماتت ؟ ولماذا ما وال برودي يحس بالمراة بشأن زوجته ؟ ألم تكن عودة المساه إلى مجاريها ناجحة بينهما ؟
9 – رحيل إلى الغد
احتاجت سيليا إلى كل ما أوتيت من قوة إرادة للذهاب غلى غرفة برودي ذلك المساء إذ تفرض عليها واجباتها كممرضة الموااجهة . . . . مع أن كارول أكدت لها ان شيئاً لن يحصل ، وأنها شرحت له كل شيء . . ولكن ما أقلق سيليا هو " كل شيء " الذي شرحته له !
كان مستلقياً على سريره حين دخلت ، والنظارة السوداء مكانها
إلتفت إليها سائلاً :
- سيليا ؟
- ومن سواها ؟
- لماذا كذبت علي ّ ؟
ابتلعت ريقها بصعوووبة فالهجوم مباغت :
- كذبت عليك ؟ ولماذا أكذب عليك ؟
- هذا ما أحاول معرفته . قالت كارول أنها هي من يقابل جوناثان ، فلماذا جعلتني أظن أنك أنت الفاعلة ؟
- وهل فعلت هذا ؟
رد بخشونة :
- تعرفين جيداً أنك فعلت ! وماذا عن بيانشن ؟
- إنه طبيب لا اكثر ولا أقل .
- وماذا عن ذلك الرجل الذي قضيت الليل معه . ذالك الذي حمل إليك فطوؤك إلى السرير ؟
- زرت كارين وجاك هاموند ، فدعوني إلى المبيت عندهما . أما الذي حمل لي الفطور فهو إبنهما جون .
سمعته يتمت شيئاً .
فقالت : " ماذا قلت ؟ " .
- قلت اللعنة عليك ! لماذا فعلتِ بي هذا ؟ ألا يكفيك عجزي حتى تزيدي عليه تبججك بعلاقاتك الغرامية ؟
- لم اتبجج قطّ . . . أنا فقد . . .
- جعلتني أشعر أنني غير قادر على أن أكون ؤجلاً ! وبتُّ أجلس هنا في هذا الكرسي متمنياً لو أكون حبيبك !
- برودي . . .
- اخرجي من هنا سيليا ، لا أطلب منك ذلك طلباً بل آمرك ، فلن أطيق وجودك بعد الآن .
- سأتركك قليلاً ، ولكنني سأعود وقت العشاء . .
- أريد أن تتركي المنزل سيليا . . ما عدت بحاجة إليك . . .
- لكن . . . .
- تعرفين أن هذا صحيح . . فأنا لا اتناول علاجاً أو حبوباً منومة . . . لذا ما حاجتي إلى ممرضتي ؟ سيكون رحيلك مفيداً للجميع وخاصة لك ولي .
- ما رأيك بصديقة ؟
- لن نكون أنا وأنتي صديقين أبداً .
- هذا غير صحيح . . .
- أنا لا أريد أن أكون صديقك سليا . وهذا ما تعرفينه منذ ان دخلتِ عليَّ في المستشفى وبدأتِ تغيظينني بصوت قاس للحصول على رد . . . وقد كنت وقتذالك أعرف غايتك تلك فلم تعجبني . . . . وها أنا الآن أطلب منك الرحيل فما عاد من المناسب بقاؤك .
- فهمت . ولكن يجب أن يوافق جوناثان أولاً ، فهو طبيبك .
- وأنا كذلك طبيب قادر على تقرير ما إذا كنت بحاجة إلى ممرضة أم لا . سألتني قبل الآن إن كنت أرفض أن أناقش وضعي معك وحدك ، وأقول نعم هذا صحيح .
شهقت بصوت مرتفع وكأنه صفعها . . فأردف :
- هل يناسبك الرحيل غداً ؟
- إذا أردت هذا حقاً سأرحل غداً .
- نعم أريد ذلك سيليا . . .
وقفت امام الباب فأردف :
- أنا سعيد بعلاقة كارول وحوناثان ، فلا بدَّ أن يجدا السعادة معاً .
- أجل وأنا مسروره بهما كذلك ، فكارول شابة تعرف ما تريد .
وتحصل على ما تريد . . . أوه . . . ليتها تحصل على الرجل الذي تريده . . . على الرجل الذي تحبه . . . ولكنه يبعدها عن منزله . . . وعن حياته . . . ربما إلى الأبد . فهو ما عاد يريدها ، وما عاد منجذباً إليها . . . أوه. . . ليتها لاحظت ذلك الانجذاب في البداية واستغلت الفرصة لتكون بين ذراعيه !
كانت تةضب حقيبتها حين قرعت كارول الباب .
- ماذا يجري هنا ؟ هل تشاجرت مع أبي ؟ أرجوك لا تتركي المنزل بسبب هذا الشجار . . فسينسى كا شيء غداً . أترحلين بسبب أتهامات جدتي ؟ إنها راحلة غداً .
- لا شأن بجدتك برحيلي .
- ولم َ تشاجرت مع والدي ؟ إن هذا مفاجيء .
- هذا صحيح . . ولكن عندما أصبح ممرضة لا يجدي وجودها نفعاص فالخير في رحيلي . ألا ترين أن من الأجدى لك مرافقة جدتك ؟ إنها متكدرة .
- إنها دائماً هكذا .
- ماذا كانت أمك تفعل في سويرا ؟
- كانت تعيش هناك .
- في سويسرا ؟
- ألم يذكر لك امر رجيلها ؟ لقد ذهبت لتعيش هناك بعد انفصالهما .
- ولكنني اعتقدتها . . عادت إليه .
- كانت تعود أحياناً لقضاء العطلات . ولكن زوجها لم يكن يحب زيارة إنجلترا . . وهو رجل لم يدخل حبه إلى قلبي يوماً . كان أصغر منها بعشر سنوات وهو إلى ذلك رجل عابث .
ابتعلت سيليا ريقها وقد صدمها الخبر . . . فعودة برودي إلى زوجته ما باءت بالفشل فحسب بل أدَّت إلى الطلاق والزواج برجل آخر . . يالله . . . إنها تفهم الآن ما يشعر به من عذاب !
- لكن أمي كانت سعيدة مع زوجها . . آه سيليا ليتك لا تتركين والدي ! فأبي لا يعرف ما يفعل بنفسه بصرفك من خدمته .
- يل يعرف . . لقد كنت شوكة في خاصرته منذ مجيئي غلى هنا .
لقد وافقت على الذها ب في الصباح ، ولكنها لم ترحل قبل أن تراه للمرة الأخيرة .
الطعام اللذيذ الذي حملته إليها كلرول على صينية ، لم يرق لها . . وقد مرَّ الوقت حتى تأكدت من نوم برودي . . فهي لا تستطيع أن تراه إلا بهذه الطريقة .
كان الضوء يغمر غرفته . . . ولكنه كان نائماً ، لا يدثره إلا غطاء ؤقيق . . مت زال منظره يخطف منها الأنفاس . . . ارتعشت أصابعها وهي تلامس صدره بنعومه ، فتحرك ولكنه سرعان ما عاد يغطُّ في نوم عميق . . . جلست على حافة السرير وقالت هامسة :
- لم أقصد إيذاءك قد برودي . . . ولم أشأ أن تشعر بأنك أقل من رجل . ولكنت شاركتك حياتك بكل سعادة لو عرفت ولو مرة أنك مهتم بي . . . أوه حبيبي . . . لم أتوقف قط عن حبك حتى عندما آلمتني . كنت أتمنى أن تكون حبيبي برودي . . .
وتدفقت دموعها غصباً عنها وهي تنظر إليه ، غير قادرة على مقاومة تطوقها إلى ضمه إليها . . . . وعادت تهمس :
- إذا احتجتني يوماً أو أردتني . . . فأنا تحت طلبك دوماً .
وقفت على مضض . ثم هرعت إلى الخارج لا تلوي على شئ . بدت غرفتها باردة ، وحيدة فاندست يائسة تحت أغطية السرير , تدفن وجهها في الوسادة لخنق نحيبها . فلم تكن تعرف إلى أين تذهب في الغد ، ولم تكن تهتم لأنها لم تشعر ببؤس كهذا من قبل . . .
- سيليا .
تسمَّرت في مكتنها عندما سمعته يناديها فالتفتت إليه فإذا هو في الباب . رمشت بعينيها لأنها ظنت أن الخيالات تتراءى لها .
- هل لي بالدخول ؟
لا . . . لا تتراءى لها الخيالات . . . إنه حقاً هنا . . . ونظرت إليه مذعورة . . . هل كان مستيقظاً طوال الوقت .؟ هل سمع ما قالته عندما كانت تودعه ؟
- استيقظت منذ لحظات ووجدت صعوبة في الإغفاء من جديد . . . كان عليّ أن آتي إلى هنا لأودعك . لأنني أعرف أنك لن تودعيني قبل رحييلك في الصباح . . أين أنت ؟
رطبت شفتيها ، وهي لا تدري كيف ترد عليه ، فكرر بنعومة :
- أتأذينين لي بالدخول ؟ لا أريد أن تسمعنا كريستبال فتظن بنا الظنون .
تصلبت ، ولكنها لم تلبث أن جلست :
- لا تقلقي . . لن أقنعك بعدم الرحيل . فنحن نعرف أن لا حاجة إلى رعايتك .
- أجل . .
- ولكن هناك ما انا فعلاً بحاجة إليه .
- نعم ؟ وما هو ؟
جلس قربها عل السرير ، ومال إلى الأمام يمسك ذراعيها ثم يرفع يديه ببطء حتى كتفيها . . . فوجهها :
- ليتني أستطيع رؤيتك . . . أنت جميلة ، اليس كذلك ؟
- لا . . .
- بلى . . . أنت جميله . سألت كارول منذ أسابيع فقالت إنك جميلة ، فشعرك شعلة نارية حين تتداخل الشمش فيه . . . وبشرتك ناعمة عاجية وعيناك زمريتان أما ثغرك . . . فشهيّ .
شهقت أنفاسها متألمة :
- برودي . . .
- أتعلمين كم اشتقت إلى عناقك ؟ كم احتجت إلى أن تحضنيني . . . ؟ ولكنكِ كنتِ دائماً رسمية بالتعامل معي . . . ممرضة بكل ما في الكلمة من معنى . . . أليس فيك إمرأة ؟
تأوهت :
- تعرف تماماً ما يوجد فيَّ . . . ألم يسبق ان زرتني من قبل فأمضيت الليل عندي .
- لم أبت طول الليل بل جزءاً منه لأنك طردتني .
- اضطرت إلى ذلك .
- وهل ستطردينني اللية أيضاً ؟
- حماتك . . .
- اللعنه على كريستبال . . . هل ستطردينني ؟
أعطته الرد الوحيد عندها :
- لا .
- سيليا ؟
- قلت لا . . . لن أطردك لأنني لا أقدر على إبعادك عني . . ألا تعرف هذا ؟
- عانقيني سيليا . . . إن لم أشعر بك بين ذراعي حالاً جننت .
صاحت صيحة مخنوقة متحشرجة ثم رفعت ذراعيها إليه تشعر يتجاوبه السريع معها . . . كان عناقاً عنيفاً وعاصفاً ، فتعلقت بكتفيه العريضتين ، لتغرق في عالم أصبح مجنوناً تماماً . . . فبرودي وحده هو الحقيقة فيه . وأخذ يهمس لها :
- ليتني أراك . . . ليتني أرى جمالك المسترسل أو عينيك التائقتين إلى شوقاً .
- ليس الأمر مهماً . . .
- لكنه مهم عندي .
وضعت يديها على وجهه .
- أزل الحاجز الذي يحول بينك وبين الرؤية .
- درس آخر في علم النفس ؟

gagui 26-08-08 05:35 PM

لا تهزء بي برودي . . .
- أهزأ بك ؟ كنت غبياً عندما جئت غلى غرفتك . . . أترضين عادة مرضاك وتجعلينهم يتنفسون عن ضغط أنفسهم بهذه الطريقة .منتديات ليلاس
أمسكت أعصابها بجهد كبير وهي ترفض أن يفسد عليها هدوءها .
- لماذا أحرمهم مما يتمتع به الأطباء ؟
راقبته وهو ينتفض مبتعداً . . . فأردغت بصوت ناعم :
- أنا لا أقول إلا ما تتوقع سماعه ، ولكنك تعلم ان أقوالي هذه غير صحيحة . . . فما من طبيب أو مريض ، بل ما من أحد اقترب مني من قبل . برودي أنا أريدك أنت ، أنت وحدك . . .
- سيليا . . . .
- لماذا لا تفهمني . ألا تشعر بقلبي الواجف . . . ألا تسمع أنفاسي المتهدجه . . .
- سيليا!
- لن أتوسل إليك أكثر . . .
- يا إلهي ما عدت أحتمل . . ما عدت أستيطع تحمل المزيد . .
وأبعدها عنه متألماص .
- هل رغبت يوماً في أن يكون لك طفل سيليا ؟
- كل إمرأة تحلم بالاطفال .
- ستبدين جميلة في حملك ، ولكنني لأسف لن أكون ذالك الرجل الذي يبعث فيك حياة جديدة .
ثم نظر إليها نظرة طويلة حتى شعرت أن بصره قد ارتدَّ إليه ، ولكنه وقف بسرعاً وخرج من الغرفة لا يلوي على شيء .

استيقطت في الصباح التالي على طرقة خفيفة ، أعقبها دخول كارول التي نظرت إلى سيليا :
- كيف كانت ليلتك ؟
- لا بأس بها .
- سيليا ؟
- هل شاهدت أباك هذا الصباح ؟
ضجكن :
- أجل . . . إنه يصيح بالجميع . . . جوناثان معه في الوقت الحاضر .
- أهو مريض ؟
- لا تسأليني عنه ، إنه لا يتفوه بشئ .
- وماذا عن جوناثان ؟
تنهدت :
- يمارس قواعد المهنه عليّ .
لا بد أن أمراً مهماً دفع برودي إلى استدعاء جوناثان باكراً هكذا .
- أوالدك بخير ؟
- إنه تعب . . . أما زلت تريدين الرحيل اليوم ؟
- نعم ، إلا إذا عدل والدك عن رأيه ، ولا اظنه فاعلاً .
- سيليا ؟
- نعم ؟
- هل قصدك أبي البارحة ؟
ابتلعت سيليا ريقها بصعوبة . . ولكنها ابتسمت :
- لا فائدة من الإنكار . . . أليس كذلك .
- ولماذا تريدين الإنكار ؟
- لا أريد الإنكار . . . ولكنني أؤكد لك أن إتهامات جدتك غير صحيحة . فقد أتى والدك ليلة البارحة ليودعني ليس إلا . . . .
- ولكن ألا ترين أنه بقدومه ذاك أشار إلى ما في قلبه تجاهك . . . أنا لا أصدق ما تقولينه عن عدم إهتمامه بك . . . . خاصة وهو من كان يبدي اهتماماً كبيراُ بك قبل ست سنوات ولا أظن مشاعره تغيرت تجاهك . . . .
تنهدت سيليا من عناد كارول :
- إنه لا يذكرني حتى . . .
- لا أكاد أصدق قولك .
- لن يغر تصديقك أو عمدمه من واقع إصراري على الرحيل .
- حسناً سأتحدث إلى أبي .

أكملت سيليا ارتداء ملابسها وهي سروال أسود ضيق وقميص أخضر واسع . وفيما كانت توضب الحقائب انفتح الباب على غير توقع فالتفتت تتوقع رؤية برودي ولكنها دهشت من رؤية كريستبال إير التي كانت واقفة هناك وعيناها الصغيرتان تحدقان إليها بعجفة وازدراء :
- إذاً أنت راحلة حقاً آنسة هالام ؟ ويبدو أن قرارك هذا اتخذته بعدما اقتنعت للمرة الثانية بأن لا وجود لك في حياة برودي .
- هو لا يحتاجني ممرضة .
- ولا عشيقة !
- سيدة إير . . .
- سئم منك هذه المرة في وقت أسرع من المرة الماضية . . . أليس كذلك ؟ لقد سئم دونا بالطريقه ذاتها.
- في المرة الأولى أم الثانية ؟
- ماذا تقصدين بالثانية . . . ؟ تعنين الصلح!ّ
ضحكت كريستبال .
- أنت تشاركينه فرشه طوال هذه المدة وأنت لا تعرفين أنه لم يكن بينهما صلحاً

تنجت سيليا فتمسكت يدها بالكرسي القابع خلفها ، ترتجف بشدة :
- ولكنك تلك الليلة عندما اتصلت ُ هاتفياً . . . ببرودي قلت لي أنهما عادا إلى بعضهما بعضاً . . . وإنهما يستعدان للخروج معاً .
- لا اعتقد أن ما سأقوله الآن سيضرّ أخداً . . ولا يهمني حتى وإن أخبرتي برودي بما ادَّعيته تلك الليلة , فقد تأخرت على توضيح الأمور ست سنوات . . . . لقد ذكرت تلك الليلة ما كنت تتوقعين سماعه . . . . أتذكرين أنك رفضت أن تحدثيه حينما عرضت عليك استدعاءه للرد إلى مكالمتك .
- ولكنني رأيت دونا معه .
- ممكن . . . لأن كارول أصيبت بحادث أثناء عودتها من المدرسة . فكانت أن رجعت دونا من سويسرا لتكون معها .
- لا لتكون . . . . . مع برودي ؟
ضحكت ضحكه تخلو من أي إحساس :
- لا . . . علمت منذ عرَّفني إليك إن علاقته بك جادة . . . ولكنني أرفض أن تحل نكرة مثلك مكان ابنتي ّ لا أستطيع السماح بهذا !
- إذن . . . لم تخبري برودي بإتصالي ؟
- أوه . . . أخبرته ولكنني قلت له أيضاً ما توقع سماعه . قلت له إنك أدركتي أنه كبير السن على فتاة مثلك ، كما قلت له إنك لا تستطيعين قبول واقعه الذي تشاركه فيه طفله وزوجة ، كما قلت له إنك لا تملكين الشجاعة على قول هذا وإنك لا تريدين رؤيته ثانية . حين رجعت من المستشفى مع كارول شعرت بكابوس يطبق علي ، ولكن مخاوفي لن تكن في محلها .
- إنه لا يذكرني حتى .
- انا لم أنسك قط .
تناهى إليها صوته من الباب المفتوح . . . دخل الغرفة ووقف قربها والنظارة السوداء تخفي أساريره .
- صدقت في السنوات الست أنك لم تهتمي بي . . . وأنك . . .
التفت إلى حماته يرتجف غضباً :
- أظنك بحاجة إلى عطلة طويلة كريستبال . . . عطلة تمضينها بعيداً عني وعن سيليا . . .
- برودي . . .
لم تُجفله نبرتها المصدومة فأردف ببرود :
- أرى أن من واجبك الرحيل .
- ولكن . . . .
- أعتقد أن كارول وجوناثان سيسرهما استدعاء سيارة أجرة لك .
- ولكن إلى أين ؟
- ليتك تذهبين إلى الجحيم بسبب ما جعلتني أقاسي منه ست سنوات !
راقبت سيليا العجوز تخرج كالعاصفة من الغرفة تصفق الباب وراءها . . ثم لم تلبث أن أدارت عينيها الخضراوان إلى برودي لتقول متأوهة :
- كنت تعرفني طوال الوقت ؟
- اجل . . . ولكنني كنت أعمى . . . . عادت كارول من حفله لتقول لي أنها قابلتك وإنها وجدتك جميله كما كنت دائماً . . . . ذلك المساء استدعيت لتلبية حالة طارئة ، وكان تفكيري منصباُ عليك . . . كنت أفكر فيك حين وقعت الحادثة . . . .
شهقت :
- اكان الإصطدام بسببي ؟
- لا . . . بل كان غلطتي . . . . كنت خائفاً من أن تصدميني ثانية بعد هذه السنوات ، وكنت مقتنعاً فيما بعد أن عماي وسيلة لتجنب الواقع . وحين استعدت وعيي في المستشفى وجدتك هناك . خِلتُ نفسي أهذي ، ولكن مع مرور الأيام والأسابيع عرفت أنني أحببتك أنت وحدك دون دونا . . . . وأنني ربما أجبرتك على الظهور في مخيلتي فقد . ولك أذكر حتى لكارول لئلا تظنني فقد عقلي .
لم تصدق أنه كان يناديها هي ألا ترحل لا دونا . . . لقد فهمت همهماته خطأ . . . .
- ثم عدت ثانيه تعذبينني . . . تثيرين غضبي . . ز . نعطينني سبباً أعيش من أجله وأنا كنت حتى ذاك الوقت أرفض الحياة . لماذا جئت . . . يا إلهي ! ماأعظم ما مان عليه عذابي عندما جئت علي أنك ممرضتي فلمست وجه وأنا أشعر ببشرتك الناعمة كالحرير . هل كنت ستدعينني أُتمّ ما أريد يومذاك . يجب أن نبوح بالحقيقة الآن ، فالوقت ليس متأخراً كنا ادَّعت كريستبال . . . . ولم يتأخر يوماً . ؟
حاولت ، وكنت أنجح أحياناً في إيعادك أياماً ولكنني لم أتمكن من نسيانك كلياً ، فقد كنت أول رجل أجببته . . .منتديات ليلاس
- الأول ؟
- والأخير . . . كدتُ أبوح لك بمشاعري ولكنني رأيتك تخرج من المستشفى مع دونا ، وكنت قبل ذلك قد اتصلت بك فإذا بالسيدة إير تقول لي إنك على وشك أن تخرج الليلة بصحبتها لأن المياة عادت إلى مجاريها بينكما .
- أخبرتني كريستبال بمكالمتك . . . وكمنت مستعداً لإرتكاب جريمة بسبب ما أخبرتني به ّ ثم قررت أن أمهلك وقتأُ للتفكير فاصطحبت كارول للقيام برحلة نقاهة طويلة ، حين عدنا وجدتك قد انتقلت إلى مستشفى أخرى . . . وكان هذا خير دليل على قرارك .
- ولكن الأمر لم يكن كما تقول . فقد وجدتني عاجزة عن العمل معك في مستشفى واحدة بعد عودتك إلى زوجتك .
تنهد :
- لماذا وافقت ـن تكوني ممرضتي ؟ ألتعذبينني ؟ أم لتنتقمي مني ؟
- لا أنا من كنت أتعذب . . ولكنك كنت تحتاجني ، ولا تتجاوب إلا معي . أما كنت تعلم أنني أقوم بأي شئ في بسيل مساعدتك ؟
- أي شئ ؟
- نعم أي شئ .
- إذن كنت تقصدين ما قلته بالأمس ؟
_ ماذا قلت ؟
- إنك لم تتوقفي عن حبي .
اتسعت عيناها دهشة :
أكنت مستيقظاً ؟
- طوال الوقت . . . وكيف لي أن انام ؟ حين دخلت إبى الغرفة فلمستِ وجهي وصدري ورحتِ تبوحين لي بما في قلبك ، علمت أنني لن أدعك ترحلين .
- إذن لقد عرفت أنها الحقيقة . وأنني كنت صادقة عندما قلت إنني لم أرد رجلاً آخر سواك من قبل .
- وأنا لم أرد امرأة أُخرى مُذ رأيتك . . . بل لم يكن في حياتي امرأة أخرى طوال هذه السنوات .
دارت حول نفسها بحدة فرأته مبتسماً .
- برودي ؟
فتقدم كنها بخطوات واثقة .
- كنت أعذب نفسي وأنا اتخيلك مع رجل آخر . . . .
ثم توقف امامها حتى كاد يلتضق بها فاندفع الدفء منه واجتاح مشاعرها :
- ثم أخبرتني كارول أن ليس لديك صديق . . . أو زوج أو أولاد ، وأعتقد أنها سألت جون عن هذه المعلومات . . . فتصاعد الأمل عندئذ في نفسي ولكن أدركت أنني أعمى ولم أجرؤ على الأعتراف بأنني تذكرتك . ولكنك كنت ممن يقوم بالتضحيات . . . . وعرفت أنه حين تعلمين مدى حاجني إليك ستتخلين عن الدنيا . . . أوه . . ز ما أشد أسفي على ما سببته لك من ألم بقسوتي عليك سيليا .

كانت متسامحه عى الآلام التي انزلها بها .
- اخبرني برودي . . . ما كان شعورك نحوي . . . منذ ست سنوات ؟
- ألم أبح بخ هنيهة ؟
لا ليس بالكامل .
- أولاً يجب ان أشرح لكي شيئاً عن زواجي . . . كنت أريد زوجة تعزز مركزي الذي تبوأته . . . وكانت هي تتمتع بمزايا تخولها ان تكون زوجة رجل مشهور ولكن لسوء الحظ لم يقل لها أحد إنني سأمضي سنوات قبل بلوغ القمة . . . ولم أدرك يومذاك صعوبة لأن يكون لشاب زوجة أبوها مستعد لشراء أي شيئ تطلبه . . . . وحين ولدت كارول كنا منفصلين . . . ولكنني أحببت إبنتي كثيراً . . . وصممت على المحافظة على العائلة من أجلها حتى جاء هاري .
- أخبرتني كارول عن زوج أمها .
- بعد ذلك أدركت أن زواجي لم يكن زواجاً بقدر ما كان صفقة تجارية ، وقد أدركت ذلك اليوم الذي توجهة فيه إلى العنبر لأزور مرشة ، فاصطدمت بفتاة ، شعرت أنني أكاد أغرق في عينيها البريئتين ، وأنني أرغب في أن تحتويها ذراعي بقوة . . . يومذاك نظرت في عينيك . . . كما انظر الآن . . . فوقعت في حبك .
- برودي ؟ أقلت . . . غنك . . . تنظر إليً ؟
- أيعمك أن أبقى أعمى ؟
- لا يهمني أبداً لو كنت أعمى ، او كان لك ست زوجات وعشرون ولداً . . . ز لأنني أحبك . . . وسأظل أحبك . . .
- ليلى أمس ، بعدما بحت لي ما بحت وأنت تظنني نائماً دخلت عليك في الغرفة . في تلك اللحظة قفز شيء داخلي ، أزال الضغط النفسي عني ، فنظرت إليك . . . فجأة رأيتك . . ز جميلة كما عهدتك .
- لماذا لم تقل لي ؟
- كنت أفكر في أشياء أخرى . . ز مع أن لا شئ كان أهم عندي منك عندئذ ، ولكنني شعرت بحاجتي إلى الإنفراد بتفسي لأتأكد إن بصري قد عاد إليَّ مؤقتاً أم دائماً ، فخرجت من غرفتك لأتحقق من حالتي لانني ما كنت أستطيع إجبارك على الزواج بأعمى .
- لن تجبرني على الزواج ، بل كنت ستسعدني به .
- حبيبتي..... هل تتزوجينني ؟
- يجب ـم أكون غاضبة منك ، فكيف تهينني ظاناً أن حبي شفقة عليك ؟
- لأنه لم يكن باستطاعتي تقديم أقل ما تستحقينه .
- ومن كان يهتم ؟
- انا من كنت أهتم .
- وهل
كنت ستتركني ارحل لو بقيت اعمى ؟
- لا أدري . . ز أترين ، بقيت حتى سمعت أكاذيب كريستبال . اعتقدت أنك تخليت عني منذ ست سنوات . وبعد معرفتي الحقيقة ، لم أعد واثقاً من ردة فعلي.
لفَّت ذراعيها حوله ، وأغرقت وجهها في صدره .
- إنك ترى من جديد . . . . ولن تلبث أن تعود إليك عافيتك . . .
وهل ستتزوجينني ؟
- سأفكر بالأمر .
ألم تكفك ست سنوات ؟
اشتدت ذراعاها حوله .
- أظنني لأحببتك منذ وقعت صدفة بين ذراعيك . . . أجل . . . . سأتزوجك .
وكان لها ولبرودي السعادة التي كانت للزوجين العجوزين دفيدسون . . . وقد عرف كل منهما هذا وقدسه


* * *
تمت


الساعة الآن 02:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية