منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   فجعت قلبي>>> للكاتبة تمر حنا (https://www.liilas.com/vb3/t87840.html)

reem99sh 18-08-08 07:46 AM

حرم عليك هوت.....كان كملتيها..


من جد روعة .....وخطيرة...


ربي يعطيك العافية...

ننتظرك ...على أحر من الجمر....

hot-hot 18-08-08 01:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة reem99sh (المشاركة 1599198)
حرم عليك هوت.....كان كملتيها..



من جد روعة .....وخطيرة...


ربي يعطيك العافية...


ننتظرك ...على أحر من الجمر....

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .."رمش99" ..

زين ان القصة حازت على اعجابج .. والله يعافيج..
ورجعت أكمل تنزيل القصة .. ^_^
والاروع مرورج

hot-hot 18-08-08 01:44 PM

الحلقه الخامسة عشرة

[ تتزوجيني ؟؟ ]

كنت بالمستشفى ، في الصباح ... و كالعادة مرينا أنا و الدكتور هيثم وبقية الفريق على مرضانا ...

و من ضمنهم ... هبه ...



الصغيرة تعودت علي و تعودت عليها ... و المرات اللي تكون فيها بصحةزينة تكون في قمة المرح و خفة الدم ...


يوم جينا نطلع ... ناداني سلطان ...



- دكتورة لحظة لو سمحت ِ ...


البقية طلعوا ... ورجعت أنا للداخل و سألته ...


- خير ؟؟بدا لي متردد ... بس اتخذ القرار ، و سألني فجأة :


- صحيح ... بتتزوجين الدكتور هيثم؟تفاجأت ... ذهلت ... اندهشت بكل معني الكلمة ! ...



كان هذا آخر سؤال أتوقعه من سلطان ...


ما رديت ... فقال :


- الخبر صحيح إذن ؟

- ... كيف وصلك ؟

- مو مهم ...

- ليش تسأل ؟

- صحيح أو لا ؟ بس أبيك تقولين لي ؟

- ... نعم ... صحيح ....



قلتها ، ما ادري كيف ، و استأذنت و طلعتبسرعة ...


اللي قاهرني ... أن الخبر انتشر في المستشفى ما اعرف من أيمصدر ...و هو حتى للآن بعده ما صار ....



لكن ... سلطان ... ليهسألني هذا السؤال ...؟؟؟جيت أزور بنتأخوي بدري اليوم ، ما شاء الله صحتها متحسنة كثير ... مع ذلك ... استغربت للشروذاللي مسيطر على أخوي سلطان ...



- بإيش تفكر ؟ أكيد بالشغل ؟

- لا ... أي شغل و أي بلوي ... يكفيني اللي أنا فيه ...


نبرتهما أعجبتني ، و سألته بقلق :


- خير أخوي ؟ هبه ... صار عليها شي جديدلا سمح الله ؟

- لا الحمد لله ... الحمد لله تطيب كل يوم افضل ...

- وش فيك أجل ؟ إذا مو هبه و لا الشركة ... وش شاغل بالك ........؟؟؟من النظرة اللي طالعني بها ... عرفت ... أن ( قمر ) ... معنيةبالموضوع !



- مو كانت الدكتورة تبي تحول هبه للدكتور هيثم ؟سألته هذا السؤال و قصدي أجيب سيرتها بشكل ( غير مباشر ) ، و جبتالهدف !

قال :



- الدكتور هيثم هذا من وين أصله ؟ ما هو منديرتنا ...

- و الله ما أدري ...

- هو متزوج و عنده عيال ...

- يمكن ... ما عندي أي فكرة !

- منفصل عن زوجته أو شي ؟؟طالعته باستغراب ...

- و أنا إيش دراني ؟و بعدينوش علينا منه ؟؟؟تنهد أخوي ، و بعدين ... قال ... ببساطة ...

- يبي يتزوج قمره .....




وقفت بمكاني ... أحاول استوعبالموقف ... و عدت الجملة أتأكد من سمعي :


- يبي يتزوج قمره ؟؟ قمر ؟؟؟

- نعم ....



كنت مندهشة ... بس الموضوع في النهاية ... مالنا أي دخل فيه ... قلت :


- طيب ! الله يهنيه بها !



وكأني رميت شرارة على برميل بنزين !


وقف أخوي سلطان فجأة ... و وجه احمر ... و عض على أسنانه و شد على إيده ...

و قال ...


- أكون مجنونلو ... تركتها تضيع من إيدي مرة ثانية ...


الجملة كانت ... خطيرة ... وخطيرة جدا ... بين التصديق و التكذيب قلت :


- سلطان ؟ وش تقصد ؟

- ما اتركها له أبد ....

- سلطان ! ! !

أنت ... وش تقول؟؟؟ ... الظاهر يا أخوي مرض بنتك ... طير عقلك من جد !




فياللحظة ذي جت منال ... و أسرعت صوب بنتها تشيلها بحضنها بفرح و قرة عين ...

...و انقطع الموضوع عند ذي اللحظة ...



بس النظرة الليكانت بعين أخوي ، أنذرتني بشي رهيب ...

الله يجيب العواقب سليمة !











بعد المغرب ، كنت جالسة بغرفتيأتصفح مجلة ودي أشغل نفسي بأي شي ... يبعدني عن التفكير بسؤال سلطان ... ، و دق عليولدي بدر الباب ، و دخل ...



- هلا بدري ....


ولدي ظلواقف عند الباب متردد ... يدخل أو يطلع .... اللي خلاني استنتج أنه فيه شي ...


- بدر ... تعال إيش فيك ؟؟؟جا ولدي متردد و جلس جنبي ... و حسم أمره و قالها مباشرة :


- يمه أنت ِ رح تتزوجين ؟السؤال كان مصحوب باستياء ... ولدي و أعرفه زين ...


- من قال لك ؟

- أدري يمه ، حتى لو حاولتوا أنت ِ و جدتي تخبواعني ...


ابتسمت ، و قلت ...( خلني أختبر ردة فعله ) ! ...


- طيب بدري ... فرضا هذا صحيح ... أنت وش رايك ؟طالعنيبدر بنظرة غريبة ما عمري شفتها بعينه من قبل ... و قال ...


- رايي ممكنيغير شي ؟

- أكيد حبيبي ... ! وش رايك ؟

- إذا أنت تزوجت بتروحينعني ... يعني ... لا أب و لا أم بعد ؟؟قطع قلبي بالكلمةاللي قالها ... شديته صوبي و ضميته لصدري ...


- يا بعد عمري يا وليدي ... بدر حبيبي أنا لا يمكن أروح عنك ... أنا أمك و أنا أبوك و أنا كل اللي تبي ...

- إذا تزوجت ... بـ أروح أعيش بيت جدتي مع عميني ...

خالي راح ... و أنت بتروحين ... و أظل وحدي بالبيت ؟الظاهر أن الولد ... موبس عرف ... إلا و جلس يدبر و يفكر و يصرّف أموره المستقبلية ...


- آه ! قول أنك تبيني أتزوج عشان تروح تعيش عندهم !؟قلت له بمرح ، ورد علىطول :


- لا ما أبيك تتزوجين ....


و استدرك ، و أضاف :


- إلا إذا أنت ِ تبين كذا ...



ابتسمت و قلت له ...

- لا حبيبي ، أنا ما أبي أتزوج أصلا ... تطمنت ؟؟؟و فينفس اليوم ، خليت أمي تتصل بهم و تعتذر ....


في اليوم التالي ... الدكتور هيثم و للمرة الأولى انتهز أول فرصة مناسبة و قال لي فجأة :

- دكتورة قمر ... أتمنى تعيدي النظر في موضوعنا ...

ما رح أعتبره رد نهائيالحين ...




( و الله بلوة ! ناقصتنك أنا بعد !

بعدين ماانت متزوج و خالص ! وش تبي فيني ؟؟وش شايف فيني ؟ ... على بالك أنا أقدرأشوفك !؟ عاميني العسل عن كل رجال الدنيا إذا ما تدري ! )







لما جينا نمر على هبه ... جا الدكتور هيثميداعبها شوي ... شالها بحضنه ... ثواني و قامت تبكي ...

... و مدت إيدهاصوبي فجيت و أخذتها من عنده أهدّيها ...



هي كانت متعودة علي ... وسكتت بحضني ...

سلطان كان يراقب ...

لما جيت أبي أحطها على سريرهاجا هو يبي ياخذها من عندي ...

صار قدامي مباشرة ... يفصلني عنه بس هبه ...

مد إيده و أخذها ... و همس لي بصوت خافت :



- قمرة أبيأتكلم معك ...



عطيته البنت ... و ابتعدت للورا .... أو بالأحرى ( انتفضت ) للورا ...


معقولة ... ما زال نفس الإحساس اللي كنت أحس به قبل 13 سنة ... ما زال عايش بداخلي ... ؟؟؟لحظتها الزمن رجع للورا ... عمرطويل ...

كأني أشوفه مثل ما كنت أشوفه قبل 13 سنة ...

معقول ... أنه ما زال لوجوده ... في الحيز حواليني ... نفس التأثير .... ؟؟؟




- يالله يا دكتورة قمر ... ودّي نراجع مع بعض الملف من أول ...



كان الدكتور هيثم هو اللي تكلم ... و طلعنا من الغرفة و سلطان ... يشيعنا بنظراته ....




أعدنا أنا و الدكتور هيثم مراجعة ملف هبهالطبي و سوّينا بعض التعديلات في خطة العلاج ...

كنا موجودين عند مقرالممرضات ... و كان باب غرفة هبة مفتوح ... و أقدر أشوف سلطان كل شوي يطل من الباب ...


بعد ما خلصنا رجعت مكتبي ... و شوي ... و رن الهاتف ...


- نعم ؟

- أهلا ... قمره ...



تفاجأت ... بلعتريقي ... كان سلطان ...


- أهلا ...

رديت باستغراب ... ، و قال:


- عسى مو بمشغولة ؟

- لا ... تفضل ؟ بغيت شي .....؟؟؟

- ممكن أجي مكتبك ؟

- خير ؟ فيه شي ؟

- أبي أكلمك بشي خاص ...



تسارعت دقات قلبي ... وش يبي مني سلطان ... على الصعيد الخاص ... ؟؟؟



- في الواقع ... ما تقدر تجي مكتبي وحدك ...

- بسهذا ... موضوع خاص جدا ...


زادت سرعة نبضات قلبي ... و سيطر علي الفضول ...


- قول ... خير ... ؟؟؟

- ما ينفع كذا ....

- زين ... بأحاول أمر على هبه بعد شوي ...



كنت خايفة ... و صابني توترشديد ... وش يبي سلطان مني ؟؟؟و اللي صار أني انشغلت ... و لاقدرت أمر عليها لين جا وقت الزيارة ...

لما رحت ... كانت شوق و منالموجودين ... و مروري صار ( للتحية ) لا أكثر ...




أول ما وصلت ... شفت مشهد هدني ...


كان سلطان جالس مع منال على السرير جنبا لجنب .. وبين إيديهم كانت الصغيرة هبه يلاعبوهاو يضحكوا بسعادة ...


مشهدطبيعي ... أم وأب و طفلتهم ... إيش اللي خلاني اتأثر ...؟؟ضحكات سلطانكانت توصل قلبي قبل إذني ... و منال مرة تمسك بإيد بنتها و مرة بإيده ...
كانوامبسوطين لدرجة أنهم ما انتبهوا لي مباشرة ...


شوق كانت أول من شافني وقامت تسلم علي ...

طبعا منال ما قامت من مكانها بس ردت التحية من بعيد ... أما سلطان ...

الظاهر أنه نسى الموضوع اللي كان ... يبي يكلمني فيه ......












ظلت منال مع بنتها ، و طلعناأنا و أخوي بنرد البيت مع نهاية وقت الزيارة ...

كنت أبي أرجع بيتي بس أخويأخذني معه لبيته يقول فيه موضوع يبيني فيه ...




- وش رايك لوترتاح أنت اليوم ... نام لك شوي ... و نأجل الموضوع لبكرة ؟قلت له لماشفته يمدد ذراعه و يسترخي على الكنبة ، و شكله مجهد ... لكن رد علي:


- لا يا شوق ... أبـ أدخل بالموضوع على طول ...

- خير ؟

- أبي ... أتزوج قمره ....







طبعا .. ما فيه داعي أشرح لكم كيفكان وقع الجملة علي ... اللي قدرت أطلع به من المفاجأة هي ضحكة طويلة ... غصبا علي ...

ضحكت لين عبس وجه أخوي وقال :



- شوق أنا جاد ... أبيكتعرفي رايها ....



طالعت به الحين بنظرة جدية ...


- سلطان ... رح نم ...! ... أنت تعبان كثير ... و محتاج أسبوع نوم ...

- شوق

- و ما يحتاج توصّلني ... باتصل على ياسر يجيني ...



بالفعلرفعت سماعة الهاتف و اتصلت على زوجي ...



أخوي ظل جالس بمكانه بنفسالوضع ... ما قال شي ...

لما جيت بـ اطلع وقفت عند الباب ... و التفت له وطالعته بتأمل ...

ما كان يطالع فيني ... كان شارذ التفكير ... سارح النظرات ...



قلت :


- مع السلامة ...

- مع السلامة ....



قالها ببساطة و شرود ... قلقت من ردة فعله ذي ... سألته :


- سلطان إش تفكر فيه ؟ أنت مدرك وش قاعد تقول ؟طالعنيبتركيز ... و قال بمرارة ...


- ودي أرتاح ....

أنا ما صدقتأنها رجعت ... يجي ياخذها ببساطة ؟؟


- و أنت على بالك أنها ... ممكنتفكر فيك ؟ ممكن تقبل بك ؟ بعد كل اللي صار ... ؟؟؟اصحا يا سلطان ! و إلاأقول ... لا ... نام ! رح نام عشان تنعش عقلك اللي انجن ...




سمعت ( هرن ) سيارة ياسر ... و استأذنت و طلعت .










النوم ضل طريقه لعيني هذه الليلة ...

سلطان كان شاغل تفكيري ...

و صورته و هو جنب منال ... و إيدهابإيده ... يضحكوا سوى ... ما فارقت عيني لحظة وحدة ...

ليه ؟هل ... للآن ... بعدني ... ؟؟؟بغيت أواجه نفسي ... أنا ... رجعت مثل أول ... حب سلطان استيقظ بقلبي بعد نومه طويلة ...

ما لازم أسمح ... لنفسي أنجرفأكثر ...

لازم أوقف عند هذا الحد ... لازم أنسى أني ... إمرأة ... و إناللي ينبض بداخلي .. هو قلب ...

... و مو مثل ... أي قلب ...



من بكرة ... رح أنسحب ... و أترك علاج هبه على الدكتور هيثم ... كليا ...

الدكتور هيثم ... عنده العلاج ... و عنده الحل ...




و جا بكرة ...

و سويت اللي ببالي ... بس ... بغيتأمر أسلم على هبه ... بالأحرى ... على أبو هبه ... مجرد سلام ... قبل الرحيل ..

و تفاجأت بأن منال هي اللي كانت مرافقة بنتها ... و كرهت الحظ اللي ماخلاني أشوفه للمرة الأخيرة ...

و كرهتها هي بعد أكثر ...

و صورةإيدها اللي بيد سلطان ما زالت ملازمتني ...

أدري أنه مالي أي حق في هذاالشعور ... زوج و زوجته ، رجل و امرأته ... أنا وش دخلني بينهم ؟؟ لكن ...

غصبا علي ...

اعذروني ....









مر يومين ... ما شفت فيهمسلطان ... حسيت نفسي مضيعة شي ... فاقدة شي ... ناقصني شي ...


يوم ثالث، أنا جالسة بمكتبي ... جتني مكالمة من سلطان ...

قال أنه ملاحظ شي بجلدهبه و يبيني أفحص عليها ...

عرفت بكذا أنه جا المستشفى بدل منال ... ( كانوا يتناوبوا في مرافقة بنتهم ) و كنت أبى أقول لهيبلغ الدكتور هيثم ، واللي هو المسؤول الوحيد عنه هبة الحين ، بس خفت يحسبني من سلمت ملف البنت لغيري ماعدت مهتمة بالطفلة ...



رحت لغرفة هبه ... كنت ... مشتاقة أشوفهم همالإثنين ....

لما وصلت ... شفت البنت نايمة ... سلمت و سألت :



- خير ؟

- طفح خفيف بالجلد بس ودي تتأكدوا أنه مو بشي كبير ...


و أشّر لي على بقعة صغيرة في ساق البنت ، ما لها أهمية ...


- تطمن ... ما هو بشي ...

- الحمد لله ...



يومجيت أبى أطلع قال :


- وينك ما جيتي مع الفريق اليوم ؟

- ... ماجا الدكتور هيثم ؟ هو اللي مسؤول عن هبه الحين ...

- و أنت ِ ؟

- أنا ... أنا بامر اتطمن عليها من وقت لوقت ...

- و أنا ؟طالعت بسلطان ... فجأة ... على كلمة ( و أنا ... ) ... و أضاف :


- ما تبي تطمني علي ...؟هم شعورين بغوا يذبحوني لحظتها ....

الخوف من أنه يقصد إنه هو ( سلطان ) به شي أنا ما أعرف عنه ، و يبينياتطمن عليه ...

أو أنه يقصد ... إني اسأل عنه ... عن ( العسل ) ...




قلت و الكلمة واقفة بحلقي :


- خير ...؟ ... فيه شيلا سمح الله ؟

- لا ، الحمد لله ...


هو يقصد إذن ... إنه يبينيأسأل عنه ... ؟ ... سلطان يبيني أسأل عنه ...؟تحركت صوب الباب و أناأقول :


- دام كذا ، و اثنينكم بخير و الحمد لله ... يالله استأذن ....


عطيته ظهري و جيت باطلع بس استوقفني ...


- قمره ...



تجمدت مكاني ... و ببطء ... رديت التفت عليه ... بخوف ... بتردد ... وجت عيني بعينه ... و آه من عينه ...

صهرت كل الجليد اللي أجبرته يلفحواليني مثل الحصن ، و غلت الماء اللي سال منه ، و بخرته ، و حرقت البخار بعد !




- ... نعم ... ؟

- ... تتزوجيني ...؟الكلمة ... ثقبت الطبلة و اخترقتها ... دوت بالراس ... هزتالقلب ... زلزلت الجسد ... كهربت الأعصاب ...


ما اقدر ... أوصف لكم ... أنا كنت هناك أو لا ؟ ما أدري ...


بس شفت نفسي جالسة على الكرسي قداممكتبي ... و كل شي فيني يهتز ... من أطراف أصابعي ... إلىرموش عيوني ... إلى دموعها ....

كيف وصلت ؟ متى وصلت ؟ إيش صار بعد ؟ما أدري !










أنا بالي ما كان ما ارتاح ... من يومقال لي أخوي أنه يبي يتزوج قمر ...

انتوا تابعتوا الأحداث اللي صارت .. وعارفين كل شي ....



الشي اللي ما تعرفوه ... أنه قبل السنوات الليراحت ... و بعد الفاجعة المشؤومة ... أخوي سلطان ...

... عقب ما استقرتالأمور معه شوي ... قال أنه يبي يتزوج قمر ....

اللي صار أنها سافرت معأخوها و ولدها و غابوا كل هذه السنين ...



منال في ذيك الفترة كانتتقول : ( خله يسوي اللي يبي بس يرتاح ... )

لكن الموضوع ما طلع من بيننااحنا الأربع ...

أنا و سلطان ... و منال و ياسر .









كلمني أخوي ... وقال لي شي ما قدرت أصدقه ....

قال لي أنه عرض الزواج على قمر بنفسه في المستشفى ... اليوم الظهر ... !

و طلب مني مرة ثانية أني أكلمها و أشوف رأيها .

تهاوشت معه ... وقلت له كم كلمة قاسية .. و ختمت بأني ما لي دخل و لا أبي أتورط في ذا الموضوع أبدا ....


بعدها بليلة اتصلت منال علي و هي في حالة سيئة ... تقول لي أنسلطان قال لها أنه يبي يتزوج الدكتورة قمر ... و أنه رايح يخطبها بنفسه من أهلها ....



راجعت نفسي و صار لازم على أتدخل ... سلطان بلا تفكير ...و لاعقل ... و يمكن مرض هبه هو اللي مأثر عليه ... يبي يهدم بيته !










و أنا مشغول في تجديد صبغ ( عشةالطيور ) في الحديقة ، و صاير مبهذل شوي ... جا رجال غريبيسأل عن جدي ( أبوثامر )



الرجال كان متهندم و كاشخ ... و شكله شخصية مهمة !


أول ما شافني الرجّال صار يطالع فيني بنظرة تفحّص !

و فاجأنيلما قال :


( أنت بدر بسام ؟ )


و رد يدقق فيني لدرجة أنيحسّيت بشوية خجل ... خصوصا بحالتي ذي ، و صار هو يعتذر عنالجيّة دون موعد ... و دخلته المجلس و ناديت جدّي ....




المقابلة كانت مصحوبة بنظراتالدهشة الكبيرة من جدي ... و الارتباك من الرجال الغريب ...

بس الظاهر أنهممعارف قدامى و ما التقوا من زمن ...!



خليتهم و رحت أستحم و أبدّلملابسي ...


ما طوّلت ... كلها نص ساعة و لما رجعت المجلس شفته فاضي !


رحت أدور على جدي و أنا مستغرب وين راح الضيف ؟سمعت صوت جدّيجاي من جهة المطبخ .... كان يكلم جدّتي ... و رحت أبي أعرف إيش السالفة ؟قبل ما أوصل أو أحد ينتبه لي ... سمعت جملة قالها جدي و وقفت بمكاني ....


( جاي يخطب قمر )




تراجعت ... انسحبت من المكان ... ما عجبني اللي سمعته ...

أمي قالت لي أنها ما رح تتزوج ... ليه ردوا جوايخطبوها ...؟؟؟











- و الله ما أدريوش أقول لك يا بو نواف ... أنت أمورك كلها ملخبطة و مالي شغل فيها .


هذا هو ردّي على سلطان لمّا قال لي أنه طلب يد الدكتورة قمر ...



سلطان أعرفه من سنين ... عمري كله عشته معه ... و ولو حاولت أقنعفيه لين أموت ما رح يغير رايه ...

أنا قلت لشوق أخوك بدأ يفقد عقله ... وتصرفاته لا في البيت و لا في الشركة - قبل ما يهجرها أواخر الأيام- ... كانت طبيعية .


- ياسر ... تتوقع تقبل ؟سالني ببساطة ... يمكن يستهينبي ؟ قلت له :


- وين تلقى عريس أفضل منك ؟ متزوج و عنده ولد و بنت ... و ثروة ...

كان موجود قدامها و كانت موجودة قدامه من سنين ... تو الناس ؟




- أعرفك تستهزىء يا ياسر ...

بس لو داخلك اللي داخليكان سويت مثلي ....




- توّك تكتشف اللي داخلك ... وينه من سين ؟؟تجاهلني ... و طلع السبحة الفضية من جيبه ... و قال ، يكلم روحهبصوت عالي :


- لازم تكتمل ... و يلتم الشمل ....



سألته :


- سلطان .... أنت ... تحبها ... و إلا حاس بواجب تجاهها لازم تأديه؟؟سألت نفسك هذا السؤال ؟رغم أني كنت أعرف ... أنه يحبهامن سنين ... و بعدني أذكر كيف كان شكله ... لما عرفأنها انخطبت أول مرة ... فيذاك الزمن .... يوم جت تبلغه بنفسها ، و هو ( صرفها )...



شيئينتمنيتهم لسلطان ... و يا ما دعيت الله أنه يحققهم له ...
يشفي له بنته ... ويشفي له قلبه ...


و نشوف ... أي من الأمنيتين ... يكتب لها الله أنهاتتحقق ؟؟؟أنا ما استعدتأفكاري المتشتتة ... و لا لملمت مشاعري المضطربة المتبعثرة في كل صوب ...

... من يوم ما سلطان قال لي : ( تتزوجيني ... ؟ )



إلى الآن ... أعيش بحالة شبه وعي ... شبه إدراك ... كأنه حلم ... حلم أخاف أصحا منه بأي لحظة ....


معقول ... سلطان بعد كل ذا العمر ...معقول أنه ... يفكر يتزوجني؟؟معقول ... الشي اللي ياما و ياما و يا بعد ياما حلمت به و أنا بنتصغيرة بالجامعة ... الحين ... جت الفرصة أنه يتحقق بعد 15 من عرفت سلطان .... ؟يومين ، الخميس و الجمعة ، ما شفته ... و كنت أنتظر يوم السبتبفارغ الصبر ...

أبي بس أتأكد ... صحيح اللي قاله و سمعته ؟ و إلا من زودحلمي بها الشي تخيلته ؟صحيح أن اللي بذيك الغرفة ... هو سلطان ...؟؟ و إلامن زود تمني أني أشوفه توهمته ؟ليلة السبت ، كلمتني أمّي ... وقالت لي أن سلطان جا خطبني من أبوي البارحة !


و أمي تكلمني ... و أناعيني معلقة بعينها ... أبي أقرأ كل ردود فعلها ... أبي أتأكد ... أنا أحلم و إلاصحيح ...؟؟؟الماضي ما جابت له سيرة أبدا ... عرضت الموضوع بنفسالطريقة اللي عرضت بها موضوع الدكتورهيثم ... كأننا نعرف سلطان تونا ...



بغيت أعرف رأيها ... و رأي أبوي ... أذكر كلمتها بالحرف الواحد ،قالت :


- إحنا نبي لك السعادة و الستر ... الله يوفقك .


الانطباع ... اللي تركته بنفسي أنها ... وأبوي ما عندهم أي اعتراض ...


أنا ... شوي و أطير ...

أنا طايرة أصلا من زمان ...

بس ... أشوفك بكرة يا سلطان ...

و أتيقن أنه مو حلم ...

هذه الحقيقة ...


أنا قمر ... بعد 15 سنة من عذاب الحب و الحرمان ... بـ أحظى أخيرا ... بسلطان ... زوج لي ...

سلطان ... لي ...

حبيبي ... لي ...

اللــــه ....






و لا غمضت لي عين ... و جاالصباح ، و طرت للمستشفى ، ما أشوف شي قدامي ...

ما أعرف أحد قدامي ... أبيالمسافة تقصر بسرعة ... الأرض تنطوي ... و الزمن يمر ...

و أجي لغرفة هبة ... و أشوف سلطان ... ينتظرني ...





أشوف عينه اللي انحرمتمن شوفتها سنين ...

و اسمعه و هو يقول لي ... قمره ...



غصبا علي ... الدموع أمطرت من عيني و جلست أبكي بعمق ... و أنابالمكتب ، قبل ما أطلع أشوف هبه ...


لا يا فمر مو وقته ... !

شيلي الدموع و حطّي مكانها أوسع ابتسامة ... أكبر بهجة ... أعمق فرحة ... مو هذا الحلم اللي يا طول ما انتظرتيه ؟؟؟ يالله ... سلطان ينتظر .......

حلمك ينتظر ...

ورا هذا الباب ...

... الباب يقترب ...


كان مسكّر ، مسكت المقبض و أنا أرتجف و أنفاسي تدخل و تطلع من فمي بدوننظام ... و حلقي جاف و ما لي ريق أبلعه ... و رجلي تترنح بي من الربكة ...



دقيت على خفيف... و فتحت الباب ...






لو أني شايفة شبح ... جني ... وحش ... أي شي ... كانأهون علي ... و لا أني أشوف منال جالسة مع بنتها ...

و سلطان مو موجود .





كل أبواب البهجة اللي كانت مفتوحة لي تقفلت فجأة بوجهي ... و ظل باب الغرفة هو اللي مفتوح ....



حتى لساني ما قدر ينطق ....


طالعت فيها و كأني أطالع ... في شبح مرعب ... شي يخوفني و أكرهه ... شيأبيه يختفي من عالم الوجود ...


أما النظرات اللي هي طالعتني بها ... فأخلي عليكم أنتم ... تصورها ....





- خير ؟ بغيتِ شي ...؟؟كانت هذه هي جملتها ، و اللي قالتها بحدة و بأسلوب تهديد ... واللي عنت منها :

( يا متطفلة اطلعي برى أحسن لك ... )


- بـ ... بغيت ... اتطمن على البنت ...

- ما بها شي ، شافها الدكتور هيثم .



تراجعت خطوة للورا ... بعدها خطوة ثانية ... لازم أنسحب في الحال ... يا رجلي شيليني أرجوك ...

يا ليتني طحت بحفرة و تكسرت قبل أوصل لهذاالباب ...



ما عرفت أقول أي شي ...

مسكت الباب ... و جيتأصكه ببطء ... مو لأني أبي أطيل التفرج على الشبح المخيف ... و التأمل بنظراتهالمهددة ... لكن ...

قوتي اللي انهارت لحظة ما شفتها ، ما سمحت لي بسرعةأكثر من كذا ...




- لحظة يا ... دكتورة قمر ....



الحين ... وصلت لنقطة الهلاك ....

وقفت بنص الطريق ... نصفي داخل الغرفة و نصفي برى ... انتظر نزول الكلمات السامة على قلبي ...



منال تقربت مني عشان تتأكد أن كلامها يوصلني و ما يتبعثر يمين وشمال ...


كانت النظرات اللي بعينها كلها تهديد و توعد ...



- ابعدي عن زوجي ... اللي فينا كافينا ...




هذههي الصفعة اللي وجهتها لقلبي الحالم ، قبل ما تصفع الباب بوجهي و هي تدفني برىالغرفة ...

و برى حياتهم ... و برى قلب سلطان ... و برى الدنيا كلها ....












لما طلعت أمي الصباح ... كانتمبسوطة و مبتهجة كثير ... !

الحين لما ردت العصر ... ضايقة الصدر ... و كأنهموم الدنيا كلها على راسها ...


حاولت أعرف منها شي ، بس خلتني و راحتغرفتها .


رحت لجدتي ، وقلت لها فجأة :


- الرجال اللي زارناهو الدكتور اللي خطب أمي من قبل أسبوعين ؟طبعا جدتي استغربت ،واصلت :



- بس أنتِ مو اتصلتِ عليهم و قلتِ أنها مو موافقة ؟ ليه ردجا ؟

- بدر ! أولا ذا واحد غيره و ثانيا لا تدخل نفسك بذي الأمور ...



قلت معترض :


- أمي قالت لي أنها ما رح تتزوج ... وأكيد رح ترفضه مثل الأول ...

- بس هي موافقة ...



تفاجات ...



- أمي موافقة ؟

- نعم ، ما قالت بالصريح ، بس أكيدموافقة ....


الحلقه السادسة عشرة

~ القمر يقولك : الوداع ~

قالت ليجدتي أن أمي قابلة تتزوج العريس الجديد اللي خطبها قبل يومين ...



أنا الموضوع ذا شغل بالي ... و بغيت أسأل أمي و أتأكد منها بسلأنها توها رادة من العمل و شكلهامتضايقة ... قلت أسألها بعدين .





خالي جانا ذاك اليوم ... و صاروا ثلاثتهم ، جدي و جدتي وخالي ثامر ... يتناقشوا ( بموضوع سري ) بالمجلس و أنا مبعديني عنهم ...





أدري أنهم يتكلموا عن العريس الجديد ... كان ودي أجلس معهم ... هذه أمي أنا أو أمهم هم ؟؟؟و بعدين من الأهم عندها ... أنا أو هم؟؟من التعابير اللي كانت على وجيههم ، بين لي رضاهم ... أو كذا تخيلت ...





انا انقهرت ... لما شفتهم مطلعينيبرى الموضوع و هامليني ... و طلعت من البيت غضبان ورحت بيت جدتي أم أبوي ....




كان واضح علي الضيق ، سألوني كلهم عن السبب ، و ما ترددت كثيرلين قلت لهم أنه في رجال اسمه بو نوّاف جا خطب أمي و الظاهر انها هي و البقيةموافقين عليه .


ماجد و رائد بس سمعوا اسم بو نوّاف تفاجأوا ، و صاروايسألوني و يحققون معي ، و أنا أسلأهم و أحقق معهم ... لين عرفت أشياء خطيرة ... صدمتني و طيّرت لي مخي ....






ما أدري وش اللي صار عندأمي لين رديت البيت و أنا مقهور أكثر و أكثر ... من اللي عرفته ....








تعبانة و مو قادرة حتى أرفع راسي ... الدنياكلها تدور من حولي ...

أسمع صوت طرق على الباب بس ما ودي أقوم أفتحه ، و لافيني قوة عشان أقوم ...





الساعة يمكن كانت تسع بالليل ... من رديت من العمل و أنا على فراشي ...

أبكي ... بحرقة وألم ... بحسرة و ندم ... بكاء اليائسين من الدنيا ...

جفوني تورمت و ما عدت قادرة أفتحها ....





طرق الباب زاد ... أرغمني علي فتح عيني شوي ... كأني إذافتحتها باشوف من عند الباب ...

و إيش يبي ...






- قمر لسه نايمة ؟كان صوتالوالدة ....





لو كانت أي أحد ثاني تجاهلته ... بس رديت علىأمي ...




- خير يمه ؟

- ودي أتكلم معك !





جبرت نفسي أقوم ... و فتحت الباب و أنا أواري نظراتي بعيدعنها ... بس ما أسرع ما انتبهت لها ...

و كان اول ما قالت :





-... خير ؟ ... كنت تبكين ؟جيت و جلستعلى السرير ... و أنا منتهية ... شبه كائن حي به روح ....


ما كنت أبيأمي تسألني أي شي أو تقول أي كلمة .... بس هي ... جابتها مباشرة ...




- موضوع بو نوّاف ؟رفعت نظري لها ... جتعيني بعينها لأول مرة من فتحت الباب ... و سالت دمعتي المحبوسة ...

يا ترىكم بقى بعد غيرها ؟ما خلّصت ها الدموع ؟أمي جتجلست جنبي .. و مسكت إيدي ... و ظلت ساكتة ...

قلت ... بعد تنهيدة قوية ...



- ما أبيه ...




لساني ... غصبا عليه طلع الكلمة ... ما أعرف من فين جاب القوة اللي بها نطق بالكلمة ... كأنها سم ...

كأنهاخنجر ... كأنها الموت ... هي الموت ... هي الموت ...

أنا ما أبي سلطان ؟أنا ...

أنا كل ذرة من جسمي تتمناه و تبيه ... و لو تفحصون أي خليةمني تلقون العسل داخل النواه ...

أنا روحي و جسمين مليانين من سلطان حدالتشبع ... حد الفيضان .... حد الطوفان ...

أقول ( ما أبيه ) ؟؟







- خير يا قمر ... إن شاء الله خير ... أي شيتبينه يصير ... المهم راحتك ...





حطيت راسي على كتف أمي ... و بكيت ...

ودي أرتاح ... خلوني أرتاح ...





منالدفتني برى الغرفة ... كأني أشوفها مثل أول مرة شفتها فيها قبل 13 سنة ... يوم كانتعند الباب ...

منال حطمتني مثل ما حطمتني قبل 13 سنة ...

هالمرةسلطان يبي يتزوجني ... و أنا أرفضه ...

أنا سلطان يجي لعندي ... و أرفضه؟؟معقول ؟؟؟ إنتوا تصدقوا ؟؟بعد كل هالحب و الشوق ...

وسنين العذاب و الفراق ...

و الأحلام ... و الحسرة ...

يجيني لعندي وأرفضه ؟يا ليتني مت مع بسام ذك اليوم ...

يا ليتني أموت هذه اللحظة، و لا أعيش أتمناه و أرفضه ... أبيه و لا أقدر آخذه ... أحبه و لا أرضى أتزوجه ...

إش بيصير فيني بكرة ...؟؟لسه باقي لي بكرة ؟ خلاص ... أبي أنتهي ... ما أبي أعيش لحظة وحدة زود ، و أذكر فيها أن حبيبي كان جاي لحد عند قلبي ... وأنا اللي طردته ....

أنا ما ظليت عايشة بهاالدنيا إلا لأن بدر اضطرني إنيأعيش ...

أنا روحي طلعت ... يوم شفت سلطان يغرق بالبحر ذاك اليوم ... و ردتلي ... يوم رجع ظهر بحياتي ...





يمه أنا أبيه !

تفهميدموعي ؟تشوفي الحقيقة الصارخة من نظراتي ؟آه يا يمه ...

مااقدر ابتعد ... و لا أقدر أقترب ...

يمه أنا انتهيت ... انتهيت ...

انتهيت ...













بعدشوي ، يوم جت أمي تبي تطلع من الغرفة ... وصل ولدي بدر ...

أنا كنت تايهة وشارذة بعيد ....




وصلني صوته و هو يكلمني :



- يمه ، صحيح أنك تبين تتزوجين بو نواف ؟؟كأن الجملة خلتني أصحصحفجأة بعد سبات عميق ...



طالعت أمي ببدر و قالت له بصوت حاد :


- بدر و بعدين معك ؟ مو قلت لك لا تتدخل ؟ يالله رح غرفتك ...



الولد كاني طالع فيني بنظرة قوية ... كلها غضب ... كلها استنكار ... كلها لوم ...



- يمه بو نواف هو نفسه سلطان ؟ارتجفت ... كأنها حقيقة توني أكتشفها ! بو نواف هو سلطانأكيد ! هو العسل ...

ودي أوصف لكم ملامح وجه ولدي بس ... خاينني التعبير ....





- بدر ؟؟؟صرخت عليه أمي ، بس الولدو لا انتبه لها ... و ظل يحدق فيني أنا ...




- عمي قال لي علىكل شي ...

هذا هو سلطان اللي تركت ِ أبوي يغرق عشان تنقذينه ؟الحين تبين تتزوجينه ؟أصير أنا يتيم و أنت تتزوجينه ؟




- ... بدر ! ! !





كانت الكلمة الوحيدةاللي قدرت أنطق بها هذه اللحظة ....




بعدها انهرت في بكاء قوي ... طلعت فيها كل الآهات المكتومة بصدري ...

ألف آه و آه ...

تلفالعالم ...

و تزلزل الكون ...

و تدوي السماء ...







منال ...


أنا أكرهك ...


أكرهك ....


أكرهك ....















أنا وقفة وسطقارب بقلب البحر ....

سلطان واقف معي ... تفصلني عنه خطوات ...

الأمواج ترتفع و تنخفض بقوة ...

بسام جا مع الأمواج ...

بسام يصرخ : ( قمر انزلي ... )

القارب يتأرجح ...

الماءيتسرب داخل القارب من كل مكان ....

القارب يغرق ... يغرق ... يغرق ...

سلطان واقف بمكانه ...

أنا أمد يدي أنادي : ( سلطان تعال معي ... )

موجة كبيرة ... كبيرة ... كبر الدنيا .... ابتلعتنا بالقارب ....

في قلب البحر ... وسط التيارات المتضاربة ... أشوف سلطان يغرق ...

يحاول يتشبث ببقايا القارب ...

و يغرق ...

يغرق ...

يغرق ...

صرخت ...


لا ...

لا ...

لا ...





كأني مسكته ؟ أحس شي بيدي ...

هذه أكيد يدسلطان ...

أحس بذراع تحيطني ... معقولة ذي ذراع سلطان ... ؟كأنهفيه حضن ضمني ... هذا حضن سلطان ... ؟؟سلطان أنت حي ؟؟سلطان حبيبيلا تموت ...

لا تموت سلطان أرجوكلا يا سلطان لا ...

لا ...





ما عاد أذكر شي ...










أنا ما كنت نايم .. ما جاني النوم بعدموضوع بو نواف هذا ...



ظليت أفكر و أفكر ... كان ودي أتكلم مع أميبس جدتي ( طردتني ) من غرفة الوالدة لما شافتها منهارة ...

أمي كانت منهارة ...

أنا مو متطمن ...





ظليت أفكر و أقلب الحقائقاللي عرفتها براسي طول الليل ... لين فجأة سمعت صرخة ( لا )

هذه أمي !






أنا كنت أول واحد يوصل لأن غرفتي هي اقرب غرفة لغرفةالوالدةبعدها جت جدتي ...

و بعدها جدي ...


كانتأمي تصرخ و ترتجف في حالة من الذعر الشديد ، اللي يصيبها من وقت لوقت بنص الليل ...


و كانت تردد : ( سلطان لا تموت ) ، و العرق يتصبب منها مثل الشلال ... و بإيدها ماسكة ثلاث فصوص فضية تشد عليها بقوة ... الفصوص نفسها اللي تذكرون !



جيت و حضنتها و انا احاول أصحيها من الكابوس ...


وصارت تمسكني بالقوة و تشد علي و هي تصرخ دون وعي :

- ( سلطان لا تموت ) !




لما جا جدي و جدتي و شافوها كذا بغوا يموتوا من الخوف ...




و حتى بعد ما هدأت نسبيا ، أصروا يودوها المستشفى لأنها كانتبحالة مخيفة ...




طبعا أنا خفت عليها ... بس قلت ... أكيد مثلالمرة اللي طافت ، زي ما يقول خالي : نوبة و تعدي ...
بس هالمرة طوّلت معها كثير ...




الطبيب قال أن ضغطها كان مرتفع و أعطاها أدوية و مهدئاتخلتها تنام لين الصبحو أنا و جديني ظلينا معها بالمستشفى ...








فتحت عيني ... و طالعت من حولي ... و اكشفتأني مو بغرفتي ... أنا بمستشفى ...



حاولت أرفع راسي لكن صداع شديدمنعني ... إش صار لي ... ؟تذكرت ... كان كابوس ...


بدأتالأمور تتضح لي أكثر ... وصلني صوت ولدي بدر :



- يمه أنت بخير ؟توني الحين انتبه الى أنه مع أمي و أبوي موجودين ...




تذكرت الكلام اللي قاله لي البارح بالليل ... آه ... زاد الألم ... بكل جسمي ... براسي ... بقلبي ... بروحي ... بكل مكان ...



- نادي الطبيب ...




كانت أول كلمة نطقت بها و راح ولدي بسرعة و جامع الطبيب ...




طلبت منه يعطيني مسكن قوي .. لأني مو بقادرة حتىأفتح عيني ... بعدها بمدة تحسنت و قلت :



- يالله نرد البيت ...







أخذت أجازة اليوم ... و انعزلت بغرفتي ... و طلبتمنهم أنهم ما يزعجوني ...


ما كنت أبي أتكلم مع أي أحد عن أي شي ...


أنا ... أو بالأحرى اللي باقي مني ... منهار و أي نسمة هوا تبعثره ...


أنا ... لازم أمحي اسم سلطان من قاموس حياتي ... للأبد ...

ولازم اتخلص من هذه الكوابيس نهائيا ...






كان جنوني إنيرديت تعلقت به و فتحت جروح الماضي ... ليت الذكرى ما جابت لي يا سلطان ...


أنا ردّيت للصفر ... و يبي لي سنين و سنين لين تبرى جروحي .... لاظلّت فيني روح ... بعدك يا عسل ...






سلطان ...


لازم أودعك للأبد ....











سلطان يا حلما يداعب جفني حالمناميسلطان يا أملا يخاطب قلبي حال قياميسلطان يا ذكرى ... و ياجرحا ... عميقا دامي ...

سلطان يا نارا ... و بركانا ... سعيرا حامي ...



أنت يا سحر القلوب ِأنت يا شمس الغروب ِأنت ياأجلى عيوبيأنت يا أدهى ذنوبينفسي يا خطـــاءة توبيعنهوى سلطان ...

توبي ....



أنت يا عشقا تمادى في الوجود ...

راح ينمو بلا حدود ...

عابرا كل السدود ...

كاسرا طوقالقيود ...



أنت يا حرفا تطفـّـل بين كل الكلمات ...

غيـّـرالمعنى ... و بات ...

بين جفني ّ ...

فمات ...



أنتيا سيلا تمرّد ... رغم أنف الطرقات ...

شقّ نهر العشق قهرا ...

بيندجلة و الفرات ...

يا نعيم الأمسيات ...

يا جحيم الذكريات ...



هل تبقى من جبال العشق صخرة ؟هل تبقى من بحور الحبقطرة ؟هل تبقى من سحاب التيم مطرة ؟هل تبقى لي مكانبين حشد الفاتنات ؟جرعة من مر حبك ...

اسقني قبل الممات ...


هل تبقى لي نصيب ٌ ...

بعد توزيع الهبات ... ؟ماتبقى من عطايا الحب يكفيني ...

فهات ....







نصيبي من اللوم و التوبيخ كان وافر ...

من جدتي و جدي ... و بعد من خالي لما عرف باللي صار ...

كلهمصاروا يتهموني بأنني السبب اللي خلى أمي تنهار ...




لكن أنا أبيأعرف ... وش قصة سلطان هذا ؟و ليه أمي صار لها اللي صار بسسبه ؟وإش سالفة الفصوص الفضية ذيك ؟حاولت أكلمها بس جدتي منعتني أقربمن غرفتها هذا اليوم ...

و حذرتني مئة مرة من أني أفتح سيرة الموضوع قدامهامرة ثانية ....

و ما كان قدّامي إلا أني أروح لأعمامي و اسألهم عن القصةالكاملة ...

قصة الحادث قالوها لي مثل ما شافوها قبل 12 سنة ...




أبوي اللي مات قبل ما يعرفني و لا أعرفه ... و الوحيد اللي ماتذاك اليوم ... كان ينادي أمي عشان تساعدهو هي خلته و راحت تنقذ سلطان ... !


عميني ماجد و رائد ... صاروا يكرهوا سلطان و حتى أمي من ذاك الحادث ...


عمي ماجد يقول : ( لو كنت أنا من بطن أمي أشوف اللي صار وقتها ... كنت كرهته أنا بعد وما سمحت لأمي أنها تتزوج منه أبدا ... )


الأفكار ذي كبرت براسي ... و خلتني أعترض أكثر و أكثر على زواج أمي منه ... و اتخذ منها و منه موقف معادي ...








بالليل ،و أنا جالس بغرفتي وصلني صوت أمي تناديني ...


و بسرعة طرت لغرفتها ...


كان شكلها يقلق ، أعصابها مشدودة و حركتها متوترة ، و وجهها متوهج وأحمر .... و كانت الغرفة مبهدلة !


يوم وصلت سألتني بعصبية :


- بدر شفت الفصوص ؟

- أي فصوص ؟

- اللي شلتها ذيك المرة، الفصوص الفضية ، أنت أخذتها ؟

- لا !




طالعت فيني بغضب، و قالت بحدة :


- بدر إذا ماخذنها طلعها بسرعة ... الحين ...



قلت بدفاع :


- لا ما شلتها يمه ! لو أخذتها كان قلت .



صرخت بعصبية أكبر :


- وين راحت يعني ؟ طارت ؟و رجعت لعند السرير ، و شالت البطانية و الشراشف والفراش ... قلبت الدنيا فوق تحت مثل المجنونة ...

و هي تصرخ :


- وين راحوابعصبية ...




كنت أنا أراقبها بذهول ...



- وينكم ... طلعوا بسرعة ...



أنا خفت من شكل أميو تصرفها الغريب ... و لما قلت :


- يمه يمكن ...


ما لحقتكملت جملتي ، قاطعتني بحدة و بصراخ و عصبية :


- اسكت !

رد غرفتك ...




تراجعت للوراء .... أمي ما أدري وش صابها .... خوفتنيحالتها ذي ، و هي تقلب في اغراض الغرفة فوق تحت تدور على الفصوص ...




أنا ما طلعت ، أذكر أنها كانت بيدها البارحة ، بس ما أدريوين تركتهم ؟قلت :


- بادوّر معك ...



و خطيتصوبها شوي شوي و بتردد ، خايف تصرخ علي !



دورت معها ، و لقيت الفصوصعلى طاولة بالغرفة ...



- هذه هي يمه !



لفّت أمي صوبيو جتني بسرعة ، و أخذتهم مني و شدت عليهم بإيدها مثل البارح ...

كأنها خايفةيضيعوا منها مرة ثانية ...

راحت على السرير و استلقت و غمضت عينها و شفتالدموع تهل منها...



- يمه ...؟ناديتها بقلق ، بس هيردت علي :



- رد غرفتك يا بدر ...




وقفت ثوانيأطالع بها بقلق ، أمي صار لها شي ؟؟لها الدرجة هالفصوص عندها غاليين؟إش سالفتهم ؟ ودي أعرف ...




طلعت و صكيت الباب ، ولأني ما أبي أسبب لها أي قلق و ازعاج ، ما تعمدت أسألها عنهم بعد كذا .








مر يوم الأجازة ... و ما أحد تجرأ و تكلم معيفي أي موضوع ... و هذا اللي كنت أنا أبيه ...

يوم ضيعت فصوص مسبحة سلطانالفضية ، بغت روحي تضيع معهم ...

هذه آخر ما بقى لي منك يا العسل ...

و إذا ظلوا معي ... ما بتطلع من بالي ...

لازم أتخلص منهم !

لازم أتخلص من كل ذكراك ، و أي شي يذكرني بك ، و أي شي له علاقة بك ... وللأبد ...







اليوم بارجع للعمل ... و أبدأ صفحة جديدة ... و انسى نهائيا وجود مخلوق اسمه سلطان على وجه الأرض ...



بنتسلطان ... لا عاد أسأل عنها و لا أهتم لها و لا تجيني على بال بعد الآن .








اتصل علي سلطان قبل نهاية الدوام ... عرفت أنهموجود مع بنته ... أكيد كان يبي يعرف ردي على طلبالزواج ... انهيتالمكالمة في ثواني بكلمة : ( أنا مشغولة )

كلمة غصبت لساني أنه يقولها قهر ... و كانت هذه هذه بداية النجاح ...




مر اليوم بسلام ...


تجاهلت كل الناس حتى ولدي بدر ...

ما تكلمت معه هذا اليوم ...






في اليوم الثاني تجرأ بدر أخيرا و سألني :



- يمه أنت رح تتزوجين بو نواف ؟و للمرة الثانيةبحياتي - عقب البارحة - صرخت بعنف بوجه ولدي و قلت له :


- إياك تتجرأ وتتكلم في ذا الموضوع مرة ثانية .. فاهم ؟ولدي من علاماتالذهول اللي طلعت على وجهه عرفت أنه مصدوم ... و قال يتأتىء :


- يمهأنا ...




قاطعته ، و بنفس العنف قلت له :



- بدر ... ارجع غرفتك الحين .




الولد فجأة انفجر :



- زين يمه أنا باطلع من غرفتك الحين لكن لو تتزوجينه ما عاد تشوفيني مرة ثانية .








قالها بسرعة و طلع بسرعة ...

و بنفسالسرعة ... قفزت دموعي من عيوني ...

خلاص ... ما عاد أفكر فيه ... إش تبونأكثر ... خلوني أرتاح ...






في الليل ... جتني أميالغرفة ... و قالت :


- بو نواف اتصل يسأل ...


الدنيا كلهاانتفضت قدامي ... و بهلع و بصوت شبه معدوم قلت :


- وش قلتوا له ؟أمي كأنها ترددت شوي ، لكن نظراتي حاصرتها ... و قالت مستسلمة :


- ما فيه نصيب ...



ما قدرت ...

و الله ما قدرت ...

ما حسيت الا و بنفسي مرتمية على أمي و اتأوه ...

آه ..



- يمه ... آه ...




أي كلمة بتنقال .. ما كانتبتعطي أي مقدار من المواساه ... اللي خلانا ساكتين ... و مستسلمين لبقاياالدموع ...
و الآهات ...









[ القمر يقول لك : الوداع ]






جملة مكتوبة على قصاصة الورق اللي مع الفص الـواحد و ثلاثين ... اللي بعثته لسلطان ... في الصباح ...


بعدها بدقايق ... رن التهاتف .. و استنتجت أنه سلطان ...

تجاهلته ... مرة و مرتين و خمس ...

ما كنت أبي أسمع صوته و لا تعليقه ... سكت التلفون أخيرا ... و ظل ساكتفترة تؤكد أنه قطع الرجاء ...

تنهدت بقوة ... باسترخاء ... انقطع الأمل ... و ارتحنا اخيرا ...

سلطان ...

ما عاد أعرفك بعد اليوم ...









انتبهت من أفكاري على طرق على باب الغرفة ...

قبل ما أجاوب ...

كان هو واقف قدامي ... بشحمه و لحمه ... موبس في الخيال !






انتفضت ... ما قدرت اوقف ... دققت فيهكأني أبي اتأكد ... حقيقة و إلا خيال ؟؟؟أنا كثير ... كثير اللي اتخيلالعسل قدامي ... و لا أدري ... هالمرة حقيقة و الا وهم ؟؟





- صباح الخير ... قمره ...




دخت ... تبعثرت ... تشتتت ... اعتقدأن الكلمة اللي المفروض يرودن بها ( صباح النور ) ... بس كأني سمعت لساني يقول :



- و عليكم السلام !





ما ادري ... مو متأكدة ... !




- كيف أحوالك ؟أحوالي ؟ تسأل عن أحوالي ياسلطان ؟يعني ما تشوف ؟ ليش بعد تسأل ؟؟


- الحمد لله


- مشغولة ؟ أو ممكن آخذ كم دقيقة من وقتك ؟بلعت ريقي ... حبالي الصوتية جفت وانقطعت و ما عادت تقدر ترد ... صوتي مبحوح ... مرت ثواني ما قلتفيها أي شي ...



- دقايق بس ... رجاءا ؟أكد عليمرة ثانية ... قلت أخيرا :


- خير ؟اقترب سلطان ... و مع كل خطوة يمشيها تزيد نبضات قلبي عشر ... و ترتفع حرارتي درجة ... و تتسارعانفاسي أكثر و أكثر ... لين جلس على الكرسي اللي قدام طاولة المكتب مباشرة ...

إش فيني تبهذلت ؟سلطان أنت شـ تسوي فيني ؟سلطان أنتساحرني ؟؟سحبت ايدي من فوق الطاولة و خبيتها تحت الدرج ... ما كنت أبيه يشوف الرعشة الفاضحة الليكانت مسيطره عليها ...



- خير ؟قلتها أبي أتظاهر بالقوة ، لكنها طلعتضعيفة مبحوحة و متلعثمة ... كأنها أنة واحد يحتضر ...


- قمره ...

ممكن ... أعرف ليه ... ؟كأن الباب تحرك شوي ؟معقولة أنفاسي وصلته و حركته ؟ أكيد أتخيل ؟فقدت الذاكرة لحظتها ... دورتبقاموس الكلمات اللي تعلمتها من طفولتي لليوم ... ما حصلت شي ...

إش صارفيني ؟؟




- فيه سبب ؟و أخيرا طلعت كلمة – أيكلمة – على لساني و قلت :


- نصيب ...


توتر ... رغم الحالةاللي كنت أنا فيها لاحظت هالتوتر ...

قال بسؤال أقرب للجواب :



- نصيب غيري ... ؟جت عيني بعينه ... و بعدتهابسرعة ... و نزلت راسي صوب الأرض ... ابي أخبيها تحت سابع أرض ... مو عارفة إش أسوي ...



- قمره ....




ناداني ... و ليته يدري أيتأثير تتركه هالكلمة بجسمي ؟ كأنها مخدر !





رفعت عيني منتحت سابع أرض مرة ثانية لعينه ... و أنا أحس إني شوي ... و أنام من تأثير المخدر ... لو يفتحو راسي ذي اللحظة ما حسيت !



كأنه كان يبي يقول شي ...

بس ...

تراجع ... و وقف فجأة ... و قال :



- ... يصير خير ...




و طلع ...

و هو يبتعد و أنا عيوني تبتعدمعاه ... كأنه سرقها و راح ...

طلعت إيدي من تحت الدرج ... كانت زرقاء ... باردة ... حطيتها على وجهي .. تبرد النار اللي شعللها ...

سلطان راح ...

سلطان انتهى ...

سلطان جاني لحد عندي ...

و أنا اللي رفضته ...

سلطان ...

أنا أتمناك ...

أنا بعدني أحبك ...

سلطان ...

رجـّـع عيوني ...

سلطان ...

لا تروح !










من طريقة كلامه عرفت أن فيه شيءمضايقه ...

و لا استغربت لما قال لي :


- قمره ردتني ...



بصراحة ... أنا كنت متوقعة كذا و كنت أتمناه ...

حمدت ربيفي داخلي ، بس رثيت لحال أخوي و هو ضايق الصدر ...

بغيت أقول له أي كلمةمواساة ... قلت :


- نصيب !




و كأني قلت شي محظور أوكلمة سب أو شتم !




لأن أخوي بس سمعها ثار علي و صرخ :




- نصيب ؟ أي نصيب ؟؟الدكتور هيثم ؟هذانصيبها ؟ هي نصيبه ؟ و الله ما يستاهلها ...




- سلطان !


- و لا حتى بسام ... ما كان يستاهلها ...







طالعت بأخوي و أنا مصعوقة بكلامه .. أكيد جن !؟اللي أكد لي كذا الكلام اللي قاله لي تكمله :



- شوق ... شوق أبيكتكلميها ...


- نعم أخوي ؟؟؟ كأني سمعت غلط ؟


- سمعت زين ياشوق ... اعرفي منها ليه ردتني ؟ عشان الدكتور سبقني و الا إيش السبب . هي ناويةتتزوجه و إلا إش الموضوع ؟هالامرة انا اللي ثرت بوجه سلطان وقلت :



- لا أبدا ..

و لا أسألها و لا لي دخل أصلا بالموضع ... سلطان طلعني نهائيا برى جنونك هذاكأني كنت قاسة بزيادة ؟لأنه أخوي شكله زعل ... و طالعني بنظره خيبة أمل ...

و من غير ما يقول أيشي عطاني ظهره و طلع ...






و النهاية مع ها القصة ؟؟ ماخلصنا ... ؟؟؟في اليوم نفسه شفت منال و انفتحت سيرةالموضوع و طبعا كانت مرتاحة لأنه انتهى على خير ...


لكن ... و أناأتذكر نظرة أخوي الأخيرة ... أكاد أجزم ... أن الموضوع لسه فيه مفاجآت ثانية ...

و انتوا موعودين !!

hot-hot 18-08-08 01:48 PM

الحلقة السابعة عشر

~ سلامي لهبة ~

مريت على مرضاي بالمستشفى في الصباح ... كنت أطلع من غرفة و أدخل غرفةلين وصلت عند غرفة هبه ...


وقفت أناظر في الباب ... و أتذكر وجه منال وهي تطردني منها ...


كان ودي أدخل أشوف الصغيرة و أسلم عليها ، بس ...


يا ترى ... أبوها اللي معها و إلا أمها ...؟؟ليت الجدرانكانت شفافة !





بعد ما خلصت ، جلست عند مقر الممرضات أسجل بعضالمعلومات بالكمبيوتر ، و جا الدكتور هيثم و صار يقرأ بعض التقارير اللي بإيده . سألته عن حالة هبه ، و قال أنها مثل أول ، بين تحسن و انتكاس .



شوي، إلا سلطان طالع من غرفة هبه ، و جاي صوبنا ... و تصادمتنظراتنابس طاحت عيني علي تكهرب جسمي و انطلقت دقات قلبي بدون فرامل ... !


بسرعة نزلت عيني على الأرض عشان تصطدم بها ... يمكن يكون حادثأهون ؟سلطان سلم ، و بعدها سأل الدكتور هيثم عن آخر التقارير ونتائج الفحوصات لهبه ...



الدكتور هيثم عطاه بعض المعلومات المختصرة، فشكره .. و رد رجع الغرفة ، و عيوني معاه ...




سلطان ترك بابالغرفة مفتوح ، اللي يسمح لنا نشوف داخلها ... و يسمح له يشوف براهاحاولت أركز نظري على شاشة الكمبيوتر اللي قدامي ، بس ... نظراتبدون فرامل ، وش لون أتحكم فيها ؟؟أنا جالسة هنا ، بس عقليهناك ، مع سلطان داخل الغرفة ... أشوفه و هو يلاعب بنته مرة ، يشيلها على ذراعينهمرة ، و يحطها على رجلينه مرة ... يحضنها مرة ... و يقبلها مرة ... يمسح على شعرهامرة ، و تمسح هي على شعره و تطوق عنقه بذراعيها الصغار ... مرة أخرى ...





آه يا هبه ...

يا حظك !

يا ليتني أقدرأقترب منه مثلك ...

يا ليتني أتحول إلى هبه لو دقيقة وحدة ... !

كثيرعلي دقيقة وحدة بس ، أتحول فيها إلى شيء قريب قريب من قلب العسل ... ؟آه ياالعسل ...







انتبهت من شروذي على صوت الدكتور هيثم وهو يقول :


- متعلق ببنته كثير ذا الرجال !



التفت صوبه ،و عرفت أنه كان يراقبني و أنا أراقب سلطان و بنته ، و حسيت بخجل ...



- نعم ... الله يخليهم لبعض !


- و يخلي لك ولدك ويخليك له ، و لنا كلنا .




لحظتها دق المنبه براسي بقوة و خلانيأصحصح أكثر و أكثر ... الدكتور هيثم يقصد شي من جملته ذي !

ما لف و لا دار ،يوم شافني طالعت به فجأة بتركيز ، قال مباشرة :


- فكرت ِ مرة ثانيةبموضوعنا ؟هذا الفاضي على عمره بعد !

أي موضوع و أيتفكير ... و الله مو بداري بالدنيا و خاش عرض ! ودي أقول له كلمة قوية تخليه ينسىانه طرح الموضوع أصلا !



أرد العسل عشان أتزوجك أنت؟لا شعوريا قفزت عيني صوب سلطان ، كأني أبي أقارن بينهم !


و تكهربت مرة ثانية يوم تفاجات بعيونه تطالع فيني و بحدّه !





رديت نزعت أنظاري من عينه غصب ... و جبتها لعند الدكتورهيثم ، و فتشت عن الكلمة القوية بس ما لقيتها ...


سلطان ظل يطالعني !


أنا متأكدة أنه يطالعني ...


حتى و هو بعيد ، حاسة بنظراتهجاية علي ... مثل الشمس ، تعشي عينك و تحرق جلدك و تحس بحرارتها و هي أبعد ما يكون ....



- ما فيه نصيب ...



هذه أقوى كلمة حصلتها ذيكلحظة ... و أنا مرتبكة و حالتي حالة ، الدكتور هيثم ابتسم و قال :


- اللي به خير الله يسويه ...





هو على باله إني مرتبكة بسببههو ! و جملته توحي بأنه لسه ما قطع الرجاء !


رفعت عيني له أبي أقول له ( الموضوع منتهي خلاص ) ، بس قبل ما أتكلم وصلني صوت نساني وش كنت أبي أقول !



سلطان جا لعندنا و هو يحمل هبه على كتفه ، و قال :



- دكتور هيثم أحس بنتي مسخنة ...



و تالي طالع فينينظرة غريبة ... كأنها لوم ... كأنها تهديد ... كأنها تحدي !



طالعبهبة و قال لها :


- سلمي على قمره !


و رد طالع فيني ...


أنا فهمت قصده ... كأنه يبي يثبت أنه أقرب لي من الدكتور هيثم ... بس ... كيف عرف أننا كنا نتكلم عن موضوع الزواج ؟؟قمت من على الكرسي وجيت لعند هبه و مديت يدي أصافحها


- سلام هبه !




مدتهي يدها تصافحني ، و تالي أخذتها من أبوها لحضني ...


حضنتها بقوة ...


كأني أحضن آثار حضن العسل اللي ظلت على حضنها ...

و أشم ريحةالعسل اللي علقت بملابسها ...

و أحس بدفء العسل اللي سخّن جلدها ...

و أستشعر ... حب العسل ... اللي مكوّر حواليها ....





آه يا هبه ...

تسمحي لي أسكن جسمك ... دقيقةوحدة بس ....؟؟؟أميتغيرت كثير ...


صارت عصبية ... كل شي بصراخ ... و دوم منعزلة بغرفتها ولا ودها تكلم أحد...




و بعد ... كأنها تعبانة أو مريضة ... حتىصارت ما تهتم فيني مثل أولجدتي كانت خايفة عليها كثير وكانت نظراتها لي ما تخلو من اللوم تحسسني بأني السبب اللي خلــّـى أمي تتعب ...

عشان ... عارضت أنها تتزوج بو نواف ...



بو نواف ...



ما شفته بحياتي غير مرة وحدة ... بس صورته انطبعت ببالي ، و بعدفترة عرفت نواف و التقيت به معي بنفس المدرسة ، يسبقني بسنةوحدة و كثير يقولون عنهمغرور و شايف حاله !



و عرفت أنه ولد أبوه الوحيد ... و أبوه منأثرى و أرقى الشخصيات في البلد !

يا حظه ...

أبوه عاش ... و أبويأنا ميت ...












أخوي سلطان كانتعبان ... من يوم ما ردته قمر وهو حالته تسوء كل مرة أشوفه فيها عن اللي قبلها ...

حتى و هو مع بنته ما أحسه يرتاح ...





و ياسر ... كان يقول لي :


- ( الرجال قاعد يضيع بين يدينا ! )





كلامه يخوفني كثير ... أخوي بالفعل ... كان منتهي ...

يعني لو قمر قبلت عرضه ... كان ممكن حالته تتحسن شوي ؟كان وقت الزيارة و كنا بغرفة هبة و البنت اليوم تعبانةأكثر من أمسجا الطبيب و عاينها و ما ارتاح لوضعها و أمر أنها تنقل لغرفةالعناية المركزةأخوي بس سمع كذا فزع ...





- البنتفيها شي جديد ؟سأل أخوي الطبيب ، و رد عليه :



- وضعهامتدهور نوعا ما و لازم أنقلها للعناية المركزة احتياطا ...






أخوي شال بنته على ذراعه و ضمها لصدره بقوة و ضعف فينفس الوقت ... بخوف و رجاء ... بأمل و يأس ... بحرقة و مرارة ...





كانت هبه نصف واعية و تئن ... و تتنفس بشكل مو طبيعي ...

انتكاسة شديدة ... و الله يعين ...





دقايق و كنا معالبنت في العناية المركزة ... عملوا لها تحاليل جت كلها محبطة ...

و قررالطبيب يحطها على جهاز التنفس الإصطناعي ...







منالبدت تولول و تنحب ... و أنا ما أدري ... أواسيها و الا أنحب معها ؟؟أخوي جلس عند هبة و مسك يدها و هي فاقدة الوعي ...


طلب مناالطبيب أنا نطلع عشان ما نربك المكان ... أخوي ما تحرك و احنا ظلينا رايحين جايينعلى الغرفة ...













الليجابني المستشفى اليوم هو أني كنت أبي أقدم أوراق طلب أجازةكنت تعبانة و مافيني أشتغل ... و الصداع ملازمني طول الوقت و ضغطي مرتفع ...


قدمتالطلب و ظليت بمكتبي أخلص بعض شغلاتي ...

و على العصر مرتني سلمى و جلسنانسولف شوي ...

قلت لها عن آخر التطورات اللي صارت ...

سمحت لنفسي ... بلا شعور ... أني أبكي في حضنها ... لحظة نسيت فيها كل شيء ...

واستسلمت لمشاعري بضعف ...





كم و كم من الأمور مرت ببالي ... لحظتها حسيت أنه براسي قنبلة شوي و تنفجر ....




سلمى ... بعدشوي غيرت الموضوع ... تبي تخلصني من الحالة اللي كنت فيها ... و سألت :


- متى ماشية ؟

- الحين ... و انت ِ ؟

- و الله عنديمريض تعبان كثير بالعناية المركزة و احتاج انعاش ثلاث مرات من الصباح ... بامر عليهقبل ما أطلع ...




و في نفس اللحظة ، جاء النداء العام الحرجللعناية المركزة ...


- و هذه المرة الرابعة !


قالت سلمى وقامت بسرعة و قمت معها و رحنا على طول للعناية المركزة نشوف مريضها المتدهور ....






أكوام من الممرضات و الأطباء متكدسة عند سرير واحد منالمرضى ... انا كنت أطالع صوبهم ، لكن سلمىلفت صوب سرير ثاني ...




طالعت بسلمى و بالمريض اللي راحت صوبه ، و بعدها التفت مرةثانية لكتلة الممرضات و الأطباء ...

إيش شفت ... ؟؟سلطان .... !!!














كان عندي مريضبالعناية المركزة يحتضر ... حالته متدهورة و نتوقع موته في أي لحظة ...


توقف قلبه ثلاث مرات في الصباح ... و في العصر ، لما كنت بمكتب قمرسمعنا النداء الحرج و على طول جا ببالي أنه مريضي توقف قلبه مرة رابعة ...




جينا نسرع للعناية المركزة و أول ما دخلنا شفنا الممرضات ومعهم طبيبين أو ثلاثة متجمعين عند سرير مريض ثاني ... غير مريضي ...






رحت أنا لمريضي ألقي نظرة على آخر تسجيلات علاماتهالحيوية و تحاليله قبل ما أطلع البيت و أتركه في رعاية الطبيب المناوب ...






بصراحة ما التفت في البداية للمريض الثاني و كان معهأطباءه و الدنيا زحمةبس التفت لقمر ... اللي وقفت هناك قرب السرير الثاني ...






سمعت صراخ و صراخ و صراخ ....




شي لفت انتباهي ... هذا صوت سلطان ! و هذا صوت شوق ...

جيت بسرعة لعند قمر ... كانت واقفة مثل التمثال ما يتحرك فيها الا عيونها ...




سلطان يصرخ :


- بسرعة يا دكتور ...



و الدكتور يصرخ :


- أطلعوا برى لو سمحتوا لا تربكونامنال تصرخ من جهة ، و شوق تصرخ من جهة ...


- ( البنت ماتتلحقوا عليها )








فوضى ... ربكة ... تشوش ... زحمة ...

وضع تعودنا نشوفه بحكم عملنا بالمستشفى ... بس الصورة صايرة مشوشةأكثر ... الدنيا ملخبطة فوق تحت ...




مسكت يد قمر ... بغيتهاتمشي معي نطلع برى ... بس دون ما تطالع فيني سحبت يدها و عينها معلقة على
( المشهد ) ... على كل حركة ...

على مؤشرات الأجهزة ... على سلطان ...







أربعين دقيقة مرت ... من الإنعاش المستمر ... والأطباء يتناوبوا العملية ... و العرق يتصبب منهم ...




الجو حار ... حار ... كل شي حار ... كل شي أحمر ... مثل عيون سلطان ومنال ... و شوق و قمر ...

مثل الدم اللي لطخ أنبوب التنفس متفجر من رئة البنت المنكوبة ...






أربعين دقيقة ... هي مدة أكثر من كافية ... عشان يقررالطبيب أنه يوقف الإنعاش ... و يسجل لحظة نزع الروح الأخيرة ... و موت الطفلة ...






رفع الفريق الطبي أياديهم عن المريضة ... اعلاناللنهاية ...


سلطان طالع بالطبيب و صرخ :


- ليش وقفت ؟الطبيب هز راسه ...


شوق صرخت ...


- ...... لا ....








و صراخ بعد صراخ و اندوت الغرفة بصراخاتالكل ...

هبة ماتت قدّام عيونا كلنا ... كنت أبي أطلع ... بس ما قدرت ...





سلطان ... رفع بنته لصدره و هو يصرخ :


- هبه ... ردي علي ...




ما قدرت أتحمل أشوف أكثر من كذا ... رحت لشوقو حضنتها بقوةو هي تصرخ :


- هبة ماتت ؟ ما أصدق ...




الطبيب و الممرضات يحاولوا يهدوا الوضع ... يحاولوا يطلعونابرىسلطان ... حاضن بنته عند قلبه و متمسك بها بقوة ... و منال تهز فيه


- خلني أشوفها ... ما ماتت ... هبة ردي علي ...






الضجة اللي صارت هالمرة و التفتنا كلنا صوبها كانتجاية من جهة قمرقمر ... طاحت من طولها مغمى عليها ...












تأخرت أمي في المستشفى ... كان براسي كلام ودي أقوله لها وكنت أنتظرها من ساعات ...

اتصلت عليهابالجوال بس الظاهر كانت مشغولة كثير او الجوال ما هو بمعها ...





لما جت الساعة 6 المغرب جيت أباطلع أشتغل في عشة الحمامشوي ... و شفت جدتي جاية تسرع صوب الباب ...




- خير وش صاير ؟؟؟سألتها بقلق ، و ردت بفزع و لهفة :



- أمك تعبت فيالمستشفى ... باروح لهالما وصلنا ... كانت أمي على السريرفاقدة الوعي ، و كانوا على وشك أنهم ياخذوها لغرفة الأشعة ...

كلمتها ماردت علي ...





بسرعة اخذوها و ظليت مع جدتي و جدي و الدكتورةسلمى صديقتها بالغرفة ...


أنا حاولت أسأل الدكتورة إذا تعرف أي شي ،لكنها طلعت بسرعة و ما ادري وين راحت ...






بعد أقل منساعة ... رجعت الممرضة بأمي على السرير و معها الدكتورة سلمى ... و أمي بعدها فاقدةالوعي ...


سألت جدتي بفزع:


- وش فيها ؟جاوبت الدكتورة سلمى و هي تهز راسها بمرارة :



- نزيف داخل الراس ....













هذه المرة احتاجت قمرعملية مستعجلة ... في الرأس ...




طبعا أنا شلت يدي من الموضوعكطبيبة و ظليت معها كصديقة و وحدة من الأهل ...



كنت أتابع كل شي ... كل صغيرة و كبيرة ... أول بأول ...



الأشعة وضحت أنه كان عندهانزيف بسيط من أيام تخثر و ما أحد انتبه لهأما النزيف الجديد هذا ... كان ... شديد ...







نفس المكان اللي صابته نفس الحالةقبل 14 سنة ...








كانت بآخر الأيام تشتكي منصداع رهيب ... كيف ما فكرت أنه ممكن يكون شيء خطير ... ؟انا ألوم نفسي أنيما انتبهت ...





بس كان ذاك من زمن ... و انتهى ... يا ليتهكان انتهى ... يا ليت ...









قمر... بعدالعملية المستعجلة ظلت بالمستشفى أيام ... فاقدة الوعي تماما ... و أسابيع ... مشلولة عن الحركة ...







كنت أول ما أجي المستشفى أمرعليها ... و آخر الدوام أمر قبل ما أطلع ... و في أوقات الزيارة ... كنت أحاولأتحاشى التواجد ... ما أقدر أشوف أهلها و أسمع أسئلتهم ... ما أقدر ...






في البداية ... كان كل اللي يطلع منها أنات و تأوهات ... بعدين بدت تحرك شفايفها و لسانها بصعوبة ...

و أول كلمة نطقت بها و هيلسة في حالة اللا وعي : ( عسل ) ...





مرة من المرات ... وأنا كنت عندها وعت شوي ... فتحت عينها و حركتهم يمين و شمال ... مسكت بيدها و ناديتبلهفة :

- قمر ... تسمعيني ؟ما جاوبت علي ... شديتعلى يدها أبيها تحس فيني ... كلمتها ... بكيت غصبا علي ... و أنا أردد



- تشجعي يا قمر ... ارجعي لنا ... أرجوك ...





كأني سمعتها تقول ( عسل ) ... طالعت بعينها ... أكيدقصدها تسأل عن سلطان ؟سلطان ... ما أعرف أخباره ... بعد وفاة بنتهالوحيدة ... ما أدري وش صار فيه ... يا ليته مات بدالها ...

يا ليته طايحبالفراش بدل قمر ...

يا ليته غرق من سنين بدل بسام ...




رديت ... و أنا بس أبي أشجعها و أشوف تتجاوب معي أو لا :



- سلطان ؟ سلطان بخير و يسأل عنك ...




أهيحقيقة أو تهيؤ ... مو متأكدة ... بس كأني شفت الراحة بعينها ... غمضت ثواني و ردتفتحت تطالع فيني ...

كأنها تقول ( طمنتيني )... بعدها غمضت مرة ثانية ...













ماتت بنت أخوي .. الوحيدة .... المدللة الدلوعة ... بهجة قلوبنا كلنا ... نشوة البيت و العيلة كلها ...

ماتت ... و ما تركت بعدها الا سواد في سوادشهرين مروامن يوم وفاتها ... و صورتها الأخيرة ... و هي جثة بلا روح ... بحضن أبوها و هو يصرخ
( ردي علي ) ... صورة للحظة ذي ... و لآخر لحظة بعمري ... ما نسيتها و لابانساها ....





أتذكرها كأنها صارت البارح ... قبل شوي ... قاعدة تصير قدامي الحين ...




و أتذكر ... قبل سنة ... لما كنتأشاهد أروع صورة ... لأخوي و بنته ... و احنا بمكتبه بالشركة ...

و هوشايلنها على ذراعه و حاضننها ...و هي تضحك بمرح و حيوية ... و النافذة مفتوحة منوراهم ...

و البدر مكتمل ... و النسيم يلعب في شعر البنت الحريري ...





يومها أتذكر أني تمنيت لو كانت عندي كاميرا أصور بها هذهالروعة ...

ما كنت أدري ... أنها بتظل ببالي كآخر و أروع صورة لهم ... محفورة و محفوظة دون الحاجة لأي كاميرا ....

معلقة بالضبط .. جنب صورتها وهي ميتة بحضن أبوها ... في المشهد الأخير ...




ياليت ربي ... أعماني قبل ذاك اليوم ...




شهرين ... و أحنا كلنا نموت كل يوم وكل لحظة .... بعد هبة ... حلت علينا الغيمة السوداء المظلمة ...

اللي ماقدرت أي رياح و أعاصير .... تبعدها عنا لوقت طويل ....




بعدهالشهرين ... توني بس ... قررت أطلع من البيت ... و كان أول مشوار بغيته ... هوالمستشفى ...

قمر ...












أمي تحسنت تحسن بسيط ... الحين صارت واعية بس ما تتكلم و لا تتحرك ... لا جيت عندها تبتسم لي ...


أنا أدعو ربي كل ساعة أنها تقوم بالسلامة و تتعافى و ترجع لي ... أناما لي بالدنيا غيرها ...

حتى لو بتتزوج مو مهم ... بس خلها ترد زي أول و أيشي ثاني مو مهم ...





اليوم شكلها أحسن ... كنت جالس جنبهاعلى السرير و حاط راسي بحضنها و إيدي بإيدها ... كأني أحس بإيدها تحاول تشد علىإيدي ... بس ما تقدر ...



الطبيب يقول أنها رح تتحسن بس ببطء ...



سمعت طرقات على الباب و بعدها انفتح و دخلت وحدة ... الظاهر أنهامن صديقات أمي جاية تزورها ...



أمي طالعت بالزايرة و كأنها تفاجأت ...



- السلام عليكمقالت الزايرة ، رديت السلام وأنا أعدل من جلستي على سرير أمي ...



طالعت المرة فيني و قالت :




- أنت بدر ... ؟

- نعمو بعدين جتقربت من أمي و مدت يدها لها ... طبعا أمي ما حركت يدها ... و جت الزايرة و مسكت يدأمي تصافحها و قبلت جبينها ...



- كيف حالك يا قمر ؟ إن شاء اللهأفضل الحين ؟أنا رديت :


- الحمد لله . هي أحسن .



أمي كانت تطالع بالزايرة بنظرة غريبة ... ما فهمتها ... كأنها تبيتقول لها شي ؟



- حمد الله على السلامة يا قمر ... جيت متأخرة لكن ... تعرفي الظروف ...




تعابير وجه أمي تغيرت ... ما أدري وش بغتتقول ؟سألتني الزايرة كم سؤال ... تطمن فيه على أحوال أمي و أهلي ...


و بعدها قالت كم كلمة تشجيع و دعاء بالشفاء لأمي ... و صافحتها مرةثانية ... و راحت تطلع ...


أمي ظلت تشيعها بنظراتها كأنها تبيها ترجع ... ناديت أمي أبي أسألها تبي شي ؟أمي فجأة نطقت :


- سلطانالزايرة وقفت و التفتت صوب أمي على طول ...


طالعت بأمي ... و شفت بريق الدموع بعينها ... و قالت :


- بخير ... الحمد لله ...


و هزت راسها تأكد كلامها ... و بعدها طلعت منالغرفة ...


أنا بقيت أناظر في أمي ... مندهش ... و ما عندي تعليق مناسب ...


عين أمي ملأتها الدموع ... رحت أمسح فيها و أنا أكرر



- يمه أرجوك لا تبكي ...



أكررها و أنا اللي كنتأبكي على أمي ...


و أحس أنني أنا ... نعم أنا السبب ... في أن أمي مرضتلذي الدرجة ...












رحت بيت أخوي ...

أخوي جالس بغرفة مكتبه ... على الكنبة ... سرحان ... يفكر و يفكر...

لا يكلم أحد ... و لا يحس بوجود أحد ... و لا يطلع من الغرفة من دخلها بعدفقد هبة ... يرحمها الله ...





بيت أخوي هو المكان الوحيداللي كنت أزوره خلال الشهرين اللي مروا ... و قليل الي كنت أجي ...

كيفأقدر أتحمل أشوف أخوي يموت قدام عيوني ... ؟ما يكفي هبة ؟اليوم مريت عليه بعد ما زرت قمر بالمستشفى أخبارهاكانت توصلني من بعض زميلاتي بين فترة و فترة ...


أنا ما كنت حسيتبوجودها ذاك اليوم ... كان بالي مشغول مع هبة و هبة و بس ... انتبهت لها بس بعد ماطاحت مغشية على الأرض ... و لا أدري وش صار لها قبل و لا بعد ...




دخلت غرفة مكتب أخوي ... سلمت ... و رد السلام بملل ...



- كيفك اليوم ؟ما رد علي ... ليش أسأل و أناشايفة بنفسي ... ؟ما فيه أي شي ... بالدنيا يمكن يثير اهتمامه أو انتباهه ...

حتى نواف لا جا يكلمه يبعده عنه ... ما يبي يشوف أي أحد أو يكلم أي أحدأو يسوي أي شي ...




- سلطان ...



بغيته يلتفت ليبس كالعاده ظل ساهي عني مو هام لي خبر ... و لا معبر وجودي أصلا ...



- سلطان أخوي ... بغيت أقول لك شي ...


ما تحرك ...

واصلت ...




- لمجرد إني أقوله لك ...


و أناببالي ... يمكن ... يمكن هالجملة تغير شي ؟؟ خلني أجرب ...



- قمرتسأل عنك ...



قلتها و دققت النظر ... أبي أشوف إذا فيه أي تأثير ... أي استجابة ... ؟أخوي ظل مثل التمثال ... ما اهتز ...



- قلت لها أنك بخير ...



واضح ... أن الموضوع و لاأثر و لا على عصب حسي واحد منه ...



استسلمت ... و تراجعت ... أباطلع ... ما فيه فايدة ... أخوي انتهى ... ما أبي أشوفه كذا ... لازم أطلع ...



قبل ما أمشي ... قلت له :



- إذا بغيت ... تزورهامعي بالمستشفى ... تقول لها حمد الله على السلامة ... أظنها بتفرح كثير ...





طلعت عن غرفة أخوي و هو واقف مثل أي عمود أو أي كنبةبالغرفة ...



و الساعة أربع الفجر ... صحيت من النوم علة رنة جوالياللي كنت ناسيته مشغل ...

كان أخوي سلطان متصل و مصر ما يقطع ... خفت وتلخبطت دقات قلبي ..




عطيت الهاتف لياسر و قلت له بخوف :


- رد ! أخوي ما أدري وش فيه ؟؟؟أخذ ياسر الجوال و رد ...











نايم بعز النوم ... و باقي علىأذان الفجر ساعة و شوي ... صحتني شوق بقلق و فزع خوفتني ...



- ياسر ... رد على الهاتف بسرعة ....


طالعت فيها أبي أتأكد ما هو بحلم ؟بس صوت الجوال كان يرن بالغرفة و بآذاني ...



- خير ؟

- أقول لك رد بسرعة ؟أخذت الجوال منها و أنا بين الصاحي والنايم ...



- ألو ؟ نعم ؟ما جاني جواب بالأول ، وبعدها جاني صوت سلطان مبحوح :



- وين شوق ؟

- سلطان ؟ خير ؟فيه شي ؟

- شوق صاحية ؟ أبي أكلمهارديت الجوال لشوق وهي رافضة تاخذه ... حاسة أن فيه مصيبة ما تبي تسمعها ...




- يالله شوق خلنا نشوف شالسالفة ؟شوق كلمت أخوها و هذا اللي سمعته :



- ( سلطان ؟ خير أخوي ؟ )

- ( من ؟ )

- ( ... ننعم ... )

- ( تعبانة ... كانت حالتها بالمرة متدهورة بس... بس تحسنت )

- ( نعم سلطان ... أنا زرتها العصر بنفسي ... )





أنا يمكن كنت نايم ... مو متأكد ... بعد ما خلصت المكالمةالطارئة سألت شوق :


- خير ؟شوق انفجرت تبكي ... قلتأكيد صار لهم شي جديد ؟


- سلطان وش به ؟ نواف بخير ؟ أم نواف بخير ؟؟انهارت شوق على الوسادة ... و بكت بحرارة و هي تقول :



- يسأل عن قمر ! توه مستوعب أنها بالمستشفى !





طالعت بالساعة أتأكد من الوقت ....


أربع الفجر ... !


سلطان ... عليه العوض .... و منه العوض ... !



الحلقة الثامنة عشر

~ ما تشوفي شر ~


من شهور و سلطان ما عاد يجي الشركة و العمل كله فوقراسي ...



لأني ظليت صاحي من قبل صلاة الفجر – على غير عادتي – وجيت العمل ... حسيت بعد كم ساعة بتعب و صداعاللي خلاني أفكر أرد البيتبدري اليوم ، و استسلم للنوم !




الصدفة اللي فاجأتني بالأحرىفاجئتنا كلنا هي أني شفت سلطان ببيتنا جاي وقت الظهر


( و طبعا الأمر موعلى العادة ) و الظاهر أنه ما كان متوقع يشوفني ... و لو قلتها بصراحة ، ما كان يبييشوفني ...



- حيا الله بو نواف ... يا حظك ... جيت و السفرة جاهزةتفضل بالهناء ...


الرجال رد بكلمة مقتضبة مطلعنها غصب من حلقه ...


- بالعافيةيعني ما وده يتغذى معنا ... صحيح ماهوبغريب ... بس مو بعدله نخليه بالصالة و نروح نتغذى بغرفة ثانية ...

أنا وشوق طالعنا بعض ... قالت :



- خلاص ياسر ، تغدى أنت و الأولاد أناودي أكلم أخوي شوي ...




خليتهم و رحت ... أعرف أنه فيه شي ما ليدخل فيه ...

بعد شوي ... جت شوق و قالت أنها طالعة مع أخوها مشوار صغير ....

ما علقت ... قلت خلني أنتظر لين تقول لي هي وش اللي صاير ؟فيفترة غيابها اتصلت أم نواف تسأل عنها و عن بو نواف ... انشغل بالي ... وين ممكنيكونون ؟؟الوقت ما كان وقت زيارة و ممنوع دخولغير موظفي المستشفى داخل المستشفى ، بس كوني دكتورة و لي معارف و علاقات هنا و هناك ... سمحوا لنا أنا و أخوي سلطان نجي لعند غرفة قمر...




كانت هذهرغبة سلطان المفاجئة أنه يمر يسلم عليها و يتطمن على صحتها ...

و الظاهر أنهمثلي و مثل ياسر ما نام بعد مكالمة الليل ... إذا كان نام قبلها أصلا ..




طرقت الباب ، فتحته بهدوء و طليت أبي أشوف كيف هي ؟كانت قمر شبه جالسة مستندة على السرير ... و طبعا ما كانت متوقعةإني أنا اللي عند الباب عشان كذا شفت الدهشة بعينها ، و بعدها حلت ابتسامة جميلةمكان الدهشةفرحت ... و أنا أشوف ابتسامتها ... يعني صحتهاتحسنت ... الحمد لله ...




جيت لعندها و مسكت إيدها أسلم عليهابفرح و أنا أشد على إيدها... لما سألتها

- ( أنت طيبة ؟ بخير ؟ )



هزت راسها بنعم ، ما تكلمت ... إلى الآن قدرتها على الكلام مااستعادتها ... لكن ... الحمد لله ...


- قمره .... معي شخص وده يقول لكسلامات و ما تشوفين شر !





قلت الجملة و ركزت نظراتي علىنظراتها أدقق ... أستشف الإجابة ... أتفحص ردة الفعل ؟طالعت فيني قمربنظرة لا تدعو لأي شك ... بأنها عرفت بالضبط أقصد من ....

الحين ... إيدهاهي اللي شدت على إيدي ... رغم ضعفها ...

أخوي كان واقف ورا الباب ينتظر ...



سألت قمر :



- تسمحي له يجي .... ؟لو كانت تبي تقول ( نعم ) كان هزت راسها بنفس الطريقة الليهزتها بها قبل شوي لما سألتها

( أنت طيبة ؟ بخير ؟ )




الطريقة اللي وقفت فيها نظراتها معلقة مع راسها ... لا فوق ولا تحت ... لا يمين و لا شمال ... خلتني أرتعد ...


ما بغيت أكرر السؤال ....


و بعد ، ما بغيت أخوي يظل واقف عند الباب ... تركت إيدها ... وابتعدت ... و جيت لعند الباب ...



طالعت بها مرة ثانية ... يمكنتقول أو تسوي شي ... بس ظل كل شي فيها معلق مثل ما كان ....



طلعتلأخوي و أنا مو عارفة إش أقول له ؟ أقوله أنها ما تسمح يسلم عليها ... أو أنهانايمة ... أو إش أقول .... ؟أخوي العرق كان يتصبب على جبينه كأنهتلميذ عنده امتحان عملي ! و بس شافني سألني :


- صاحية ؟لا شعوريا ... لقيتني أهز راسي بنفس طريقة قمر !


- أقدر أكلمها ؟مديت ذراعي أسد فتحة الباب تلقائيا ، مثل اللييبي يمنع دخول واحد عند الباب لداخل الغرفة ، أخوي بس شافني كذا قال :



- ما بغيت أدخل بس ودي أسلم عليهاو خطا خطوة أقربللباب و مد راسه عند الفتحة و قال :


- السلام عليكم قمرة .... حمد اللهعلى السلامة ... ما تشوفي شر ....




هي كلمتين قالها ... و ابتعدعن فتحة الباب ... و جاء دوري عشان أدخل ...


لما دخلت ... شفت قمر لافهراسها الجهة الثانية و مخبية وجهها بالوسادة ...

جا على بالي أنها تبي تغطيوجههاقلت على طول :


- ما رح يدخل !




بس قمر ظلت على نفس الوضع ...

قربت منها و ناديتها ... بس ما ردت علي ....

لفيت حول السرير عشان أجيها من الجهة الثانية ... وناديت ... و لا ردت ....


شفت الدموع تسيل على خدها و على الوسادة ... وهي عاجزة ترفع إيدها تمسحها ....


تقطعت ... إذا كان فيني جزء من قلبي وجسمي بعده صاحي ما تقطع من موت هبة ... فها هو يتقطع الحين ...

و أنا أشوف ... صديقتي و زميلتي الغالية ، ممدة على السرير ... مشلولة ... بلا حول و لا حقوة ...


و لا حول و لا قوة إلا بالله ...




جلست عندهاعلى السرير و مديت إيدي و مسحت دموعها ... و رفعْت راسها و ضميتها لصدري ...

و تذكرت .... ذيك اللحظة ... لما كانت فاقدة الوعي ... و أنا أحاولأصحيها بالغرفة اللي كان فيها سلطانممدد على السرير ... يوم غرق في البحر قبل 13 سنة ...


يومها ... كانت فاقدة الوعي بين يديني ... عاجزة عن الحركة ... و أنا أحاول أصحيها ، في الوقت اللي أنا فيه شوي و أغيب عن الوعي ...

وأمسح دموعها ، و دموعي تسيل مثل الشلالات ...

و أصيح بها ( تماسكي ) ... وأنا اللي منهارة و متبعثرة على كبر الرض ...

و أخوي ، ينادي ( قمرة ... قومي ) ... و هو اللي على متهالك على سريره ، مو قادر يتحرك ....





بفضل الله ثم فضل قمر ... سلطان ظل عايش ...

مات بسام .... لكن هو ظل عايش ....

ماتت هبه ... لكن هو ظل عايش ....



عايش مثل الأموات ... جسد بلا روح ... منتهي ... وجوده والعدم ما يفرق كثير ...

محسوب عليه الحياة ... و هو مو بعايش ...

مثله مثل الجسد المشلول اللي قدامي ... اللي عاجز حتى عن مسح دمعة سالتمن عيونه غصبا عليه ....



الله يا دنيا ...


ليت الزمنيرجع للورا ...


كان خطبت قمر لأخوي اول ما عرفت أنها تحبه ، و هو يحبها ... قبل ما الوالدة تفاجئنا و تخطب منال ...

و تنتهي بنا لعبة القدر في جسدمشلول ....





- قمر ....


كلمتها بصوت منتهي ... باللي بقى لي من أوتار صوتي المتقطعة المبحوحة ....

طالعتني و هي بالكادتقدر تحرك كم عضلة من جسمها المنتهي ...




- قمر ... بعدك ... تحبينه ... ؟سألت ... و كان جواب أكثر مما هو سؤال ...

كان واقع أجلى من أن طبقات السنين تقدر تخفيه ...

و أقوى من أنأعاصير القدر تقدر تهده ...






- تحبينه يا قمر ؟غمضت عينها بمرارة ... و لسه دموعها المتمردة تسيل غصبا عليها ...

إش أبي دليل أكبر من اللي صار لها ... ؟ مو محتاجة أي سؤال ... أو أيجواب ....





مسحت على راسها و قلت :


- هو بعديحبك يا قمر ...




فتحت عينها ... طالعتني كأنها تقول : ( عيدي ... ؟ )


قلت :


- نعم يحبك ... أنت ِ تعرفين ... تصدقي منماتت الغالية ... هذه أول مرة يطلع فيها من حبس البيت ...

جا لعندك ... أنتِ يا قمر ...





- شوقكان هذا صوت أخوي ... يناديني ... رديت ( نعم أخوي ؟ ) و مسحت باقي دموعي و دموعها ...




- مشينا ؟طالعت بقمر ... و ابتسمت لها ،وقلت أخفف التوتر و أتظاهر بالمرح :



- زيارة غير شرعية ! لايصيدونا !




سلمت عليها بحرارة و مرارة ، و قبلتها بحب و حنان وجيت لعند الباب ...



أول ما طلعت ، قال أخوي ...



- نشوفك على خير يا قمرة و تقومي إن شاء الله بالسلامةلسبب أو لآخر ... حسيت بشي من الراحة هذا اليوم ... يمكن ... عشان أخوي أخيرا طلع من البيت ....

يمكن عشان قمر تحسنت شوي ... أويمكن ... لأني اضطريت أخوي إنه يعزمني على وجبة سريعة في واحد من المطاعم ... وشاركته وجبة الغداء اللي قاطعها من مدة ... !؟كنا وينو صرنا وين !


اليوم قمر رح تطلع من المستشفى ... على كرسي العجلاتمؤقتا ... لين تسترد صحتها الكاملة إن شاء الله .


النزيف اللي صابهاكان ممكن يؤدي لاقدر الله لشلل أبدي ... بس الحمد لله ... ربنا لطف ...


في لحظة المغادرة كنت موجودة مع عيلتها ... نودع المستشفى و نسأل اللهأنها ماترجع ... طبعا إلا كطبيبة !

و إلا هذه المستشفى فيه فكة منها أصلا ... ؟أنا بصفتي صديقة قمر و إختها و أقرب الناس لها ، رحتمعهم البيت .

لما وصلنا بيت بو ثامر لقيتهم مجهزين لها غرفة بالدور الأرضيأسهل لها ...





جلست مع قمر بالغرفة و معنا أهلها ... وولدها بدر جالس جنبها على السرير و كل شوي يحط راسه على كتفها ... كأنه يعوض حنانمفقود ... مثل الأطفال ... و في الواقع هو بعده طفل كبير ... بس حجمه يكبره كثير !




قمر كانت مبسوطة و وجهها رغم الشحوب اللي عليه ... كان مشرق ...



يوم تطمنت عليها و بغيت أقوم أطلع هزت راسها ( لا )


- بغيت شي قمر ؟حركت صبعها تأشر على فوق ... و علطول قال بدر :


- تبي تروحي فوق بغرفتك يمه ؟وابتسمت ...


ثامر أخوها شالها و صعد بها فوق ... و بدر شال الكرسي وراه ... و أنا و أمها لحقناهم ...


لما جينا لغرفتها وحطاها ثامر على السريرو جا بدر جلس جنبها أشرت علي ...

و صارت تطالع فينا واحد بعد الثاني ...




و فهمنا أنها تبيني أظل معها وحدنا ... و طلع البقية و ظليتمعها جالسة جنبها على السرير .. و إيدي بإيدها ...



- خير قمر ؟قمر شدت على إيدي ... و صارت تطالع بالخزانة و تأشر لي عليها ...


قمر تبيني أفتح واحد من الأدراج ... !



فتحته و شفت فيهصندوق ... طلعته و جبتها لعندها .... و ساعدتها تفتح الصندوق ...

داخلالصندوق ... شفت عقد جميل مكتوب على حجرة بوسطه (( حبيبتي قمر حلوة )) ... و معه ،و فصين فضيين ... !




استغربت ... و مدت هي يدها و أخذت فص ... وحطته بإيدي ... و قالت :



- سلطان ....



التفاصيل ماسألت عنها بس كفاني أني عرفت أن شوق و سلطان راحوا المستشفى ذاك اليوم يزورواالدكتورة قمرأهم ما في الموضوع بالنسبة لي هو أن سلطان طلع من سجنالبيت أخيرا ... و شوي شوي صار يروح بعض المشاوير ... بس طبعا الشركة مو من ضمنها !




أحواله على ما يبدو أنها تحسنت و الحمد لله ... أزمة و قريبتعدي ...



كانت بنته الله يرحمها تعني له أكثر من أي شي ثاني ... وإن شاء الله ربنا يعوضه ببنت غيرها ...


مرت على آخر مرة شفته فيها يومجانا البيت وقت الغدا فترة ... لكن أخباره كانت توصلني أول بأول ...


أخباره ...


أفعاله ...


و تحركاته ...


و حتى ...

هداياه !






الهديةاللي جت ... طبعا ما كانت هدية ... كانت ( حلقة ) جديدة - الحلقة الـ ( 32 ) منمسلسل
( الفصوص الفضية ) و اللي بدأ عرضه من سنتين !






بصراحة سمحت لنفسي – و يا رب سامحني – إني أفتح العلبةدون إذن ... و أشوف اللي بداخلها ...




الورقة هذه المرة كانمكتوب عليها (( الله يعطيك العافية ))





احترت ... أقوللسلطان عنها ؟ و إلا أخليه في حاله ؟نشوف راي شوق !





- هاتها ... أنا رح أعطيه إياهامثل ماتوقعت ... ! بس سألت شوق :



- كيف تتوقعي ردة فعله ؟ مو يمكن ... نفسيته تخترب ؟ احنا ما صدّقنا انه بدا يعتدل شوي !


- بالعكس ... أتوقعأنه يبتهج ... و يتطمن أن صحتها بخير ...




الفصوص هذه كانتتخدره ! تاخذه لعالم ثاني ... تذكرون كيف كان يصير حاله ؟؟أموت و أعرفبس ، هذه الإنسانة ليه تسوي كذا ؟؟؟و الله المرأة بكبرها لغز ، و لااحنا بقادرين نعرف له حل احنا يا الرجال !


يعني لا حبت رجال تدوخه معهاالستين دوخة !


مسكين سلطان ! آخرتها بينجن ... إلا هو مجنون أصلا منزمان .... لو تسوي شوق فيني كذا كان تابعتوا بقية الأحداث بالمستشفى صحيح بس بقسمالمجانين !




أقول ... خلونا في المهم !




رحناأنا و شوق لبيت سلطان ...




كان جالس يشاهد التلفاز ... و ولدهنواف هو اللي استقبلنا و دخلنا بالصالة ...



سلم علينا و صافحنا بسوجهه ظل جامد ما فيه أي ابتسامة ...


إش كثر وحشتني ابتسامته !






جلسنا ... و صرنا نطالع معه التلفاز ... كانت مباراة ... احنا اندمجنا مع المباراة أكثر منه ...

كنا نعلق إذا صار شي و نوافمتحمس و يصفر ... أو يهتف ... و هو ... سلطان ... يطالع كأنه يطالع شي جامد ...

شي ما فيه حركة ...

ما فيه روح ...




و اكتشفت ... إنه في الواقع ما كان يطالع المباراة ...



كان يطالع صورة لهبةمعلقة فوق التلفاز مباشرة...

صورة بنته ...

صورة جامدة ...

ما فيها حركة ...

و ما فيها روح ...






بعد المبارة نواف قال :



- يبه أناباطلع مع أصحابي نتمشى شوي عند البحر ...



سلطان كان متعقد من البحرمن ذاك الحادث ... و ما كان يرضى أبد يجي معنا أي رحلة عند الشاطيءو قليل اللييسمح لنواف يروحه ... مع ذلك ... ما اعترض ... و خلى نواف يروح دون تعليق ....





لما صرت معه وحدنا ... و شوق مع بنت خالتها بدار ثانية ... حاولت أكلمه عن الشركة ...

ودي بس تنفتح نفسه للشغل ... بس ما تجاوب معي ...




الأول .... كان سلطان مهووس بالعمل .... كان مقضي عمره فيالشركة و أمور الشركة ... كان ...

حتى لا اجتمعنا في جلسة عائلية أو طلعناسوى ... ما يتكلم الا عن الشغل و يوجع راسي ! ...

أما الحين ... ؟؟؟أنا متاكد أنه لو رد للعمل رح يتحسنكثير ، و ينشغل باله عنالتفكير في هبه ... يا ليته يطاوعني ...






شوي و جت شوق ...


سأل لما شافها :


- ليه ما جبتوا الأولاد معكم ؟كأنه توه يكتشف أنهم مو معنا !


ردت شوق :


- ما احنا مطولين ... بغينا نتطمن عليك و هذا احنا طالعين ...

- تو الناس ؟

- جايين لكم مرة ثانية ... بس فيه شي .... ؟و سكتت ...


سلطان طالعها و الحين بينت عليهملامح الإهتمام و القلق ...



شوق ... فتحت شنطتها اللي كانت بإيدها ... و منها طلعت العلبة ...



و ياليتكم تقدروا تشوفوا ... اللونالأحمر اللي تفجر في وجه سلطان أول ما طاحت عينه على العلبة ...

كأنه إشارةمرور !






أخذ العلبة من يد شوق ... و مسكها بإيده فترةكأنه يبي يتأكد من حواسه ... و بعدين ... فتحها شوي شوي ...

و أخذ نفس طويل ....






الحين بس ... شفت ابتسامة سلطان اللي عنيتها بعدغياب شهور ...

و شفت بريق البهجة يشع من عيونه ...

سبحان الله !

صحيح ... !... إنها المرأة !






طالعت صوب صورةهبة المعلقة فوق التلفاز ... و ابتسمت ...

سلطان .... أخيرا ... ردت لهالروح ....




طلبت مني قمر طلب غريب !



لما كنتمعها بغرفتها أول يوم طلعت فيه من المستشفى ... عطتني فص فضي و طلبت مني أرسله إلىسلطان !





الطلب استنكرته بداخلي لكني ما قدرت أرده لها ... توها طالعة من المستشفى و عافيتها لسه ما اسردتها كاملة ... و بعد سلامتها كل شييهون ... و أي شي يهون ...





إذا ما خانتني ذاكرتي المزحومةبمعلومات الطب ... فاعتقد أن هذا الفص من مسبحة سلطان الفضيةاللي قطعتها أنابنفسي قبل سنين و سنين ... !!




معقولة قمر بعدها محتفظة بالمسبحة؟؟؟لا ! يمكن هذا شي ثاني !!



و بعدين ... وين بقية الفصوص؟ وين السلسلة !

و ليه قمر تبي ترسل له الفص هذا ؟و اللهاحترت ! بس ما لي إلا إني أنفذ رغبتها بدون أي سؤال .....





أرسلت الفص بعلبة صغيرة و معه ورقة مكتوب عليها (( الله يعطيك العافية )) ...

وش رح يفهم منها سلطانوه ... ؟ الله أعلم !



بصراحة ، بعد الحالة اللي شفت بها الرجال يتقطع لحظة وفاة بنته ،بردت حرتي فيه ...


أنا مو بشريرة و لا كنت أتمنى للبنت أي شر ، بس كانودي أشوفه يتألم و يبكي بمرارة و ينكسر و يتحطم و يتهدم و ينهار ويتبعثر ... مثل ماسوي بحبيبتي قمر ...



دعيت عليه ... و تمنيت أشوفه متقطع ... و القدرحقق لي الأمنية ... و شفا غليلي منه ...


اعذروني !


و رغم أنموضوع هالفص الفضي ما طلع من راسي و تفكيري ، إلا أني ما فتحت سيرته و لا جبت لهطاريقدامها بالرغم من أني كنت أزورها كل يوم تقريبا و أتطمن على صحتها ...





الحمد لله صحتها تحسنت كثير ... و مع العلاج الطبيعيالمكثف قدرت تستعيد قوتها و قدرتها على الحركةو الكلام شوي شوي ...





فترة علاج قمر استغرقت شهور و شهور ... و بعد ما كانتتتردد على المستشفى كطبيبة ... صارت تجيه كمريضة ... محتاجة للعلاج ...




الحمد لله على كل حال ... !




لما كانتبالمستشفى ، كان الدكتور هيثم يمر يسلم عليها من وقت لوقت ...

و الله خوشرجّال !

لو أن قمر قبلت تتزوجه ، يمكن ... كانت أحداث قصتنا بتاخذ مجرىثاني !







عرفت أن شوق كانت تزورقمر من وقت لوقت فيالبيت ... و الحمد لله أن الصدف ما جمعتنا ...

أو بالأحرى ...أنا ما سمحتلها أنها تجمعنا


...

hot-hot 18-08-08 01:53 PM

الحلقة التاسعة عشر

~ ابتعدي عنّا ~

حالة أمي صارت أفضل بكثير ... ألحين تقدر تتكلم ... و تتحرك شبه طبيعي ... بس قوتها مو كاملة ...

و تمشي مع المسند ... و تصعد الدرج بصعوبة ... و أنا جنبها ...



كانت لها مواعيد كثيرة بالمستشفى ... و كنت أروح معها كل مرة ... و كل مرة يطمنا الأطباء أنها في تحسن ...



كنا جالسين على الغداء ... أنا و أمي و جدي و جدتي ... أمي صارت تقدر تمسك الملعقة و تاكل بيدها ...

كنا نتكلم عن حفيد العيلة الجديد المرتقب ( ولد أو بنت خالي ) اللي قرب وقت تشريفه ...

كانت جدتي تمزح و تقول :



- إذا جت بنت سميناها بدور و حجزناها لك يا بدر !

- جدتي ! مو كأني كبير عليها شوي ! أنا بالثانوية و هي لسه ما انولدت ! و بعدين يمكن يجي ولد ؟

وش رح تسمونه ؟

- وش رايك تختار له اسم أنت ؟

- بسام !






طلع اسم أبوي عفويا على لساني ... كنت أمزح ... أنا اللي ما أعرف أبوي و لا أعرف كيف كان ...

ما أعرف عنه إلا اسمه و صورته ... بس لا شعوريا طلع اسم أبوي على لساني كأني أقول لازم نسميه بسام احياءا لذكرى أبوي الله يرحمه ...




اعتقد أنها كلمة عادية ... ما أظن أن يصير لها أي تأثير من أي نوع على أي كان ...

لكن ...

أول شي صار ... الملعقة طاحت من يد أمي ....

و بعدها ... صارت يدها ترتجف ...

و بثانيتين ... انتقلت الرعشة لكل جسمها و صارت تنتفض و عينها فرّت فوق ... و عضلاتها كلها انشدت ...

في أول نوبة تشنج تصير لها ...






صرخنا كلنا .... و جينا نمسكها و جسمها كله متشنج ... كله يهتز ... كله متصلب ...


صرخت :


- يمه ... يمه ... يمـــــــــــــــــــه ....





في الإسعاف ... عطوها حقنة مضادة للتشنج ... و فورا قرر الطبيب أنه ينومها بالمستشفى ......



- دكتور وش اللي صار بأمي ؟



سألته و أنا مهلوع مفزوع ما فيني قوة أوقف على رجلي ... جاوبني :


- هذا تشنج ...

- وش يعني ؟

- يعني ... مثل اللي يصيب مرضى الصرع ....





تنومت أمي بالمستشفى ... و ردوا سووا لها فحوصات و تحاليل و تصوير أشعة من جديد ...






التشنجات العصبية العضلية هي شي متوقع يصير في حالات كثيرة من أمراض أوجراحات الدماغ .

و كنت خايفة أن قمر تجيها لا قدر الله هذه المضاعفات ... و اللي خفت منه صار ....



التشنجات تكررت عليها مرة ثانية بالمستشفى و بديناها على علاجات جديدة مضادة للتشنج



تخطيط الدماغ و الأشعة المقطعية للراس بينت بؤرة التشنج عند منطقة النزيف و حولها كتلة من الدم المتجمد .


و احترنا ... هل نكتفي بالأدوية و إلا نسوي جراحة ثانية ؟


قررنا نعطي الأدوية فرصة كم يوم و نشوف ...





في اليوم الثاني جيت لعندها و هي بغرفة العناية المركزة مو عارفة إش أقول لها ؟؟

تصبري ؟ الحمد لله أنت أحسن ؟ صحتك أفضل ... ؟؟؟ و أنا أشوفها قدامي من تدهور إلى تدهور ثاني .... ؟؟


لكن ...

الحمد لله على كل حال ...

قمر كانت صاحية و بكامل وعيها ... و بنفس قدرتها الحركية ما تأثرت ... كانت سرحانة تطالع صوب النافذة ...


- أم بدر فإيش سرحانة يا ترى ! أكيد تفكر بالولد المدلل !



قلت بأسلوب مرح و أنا متوجسة من ردة الفعل ، بس أشوى ... ابتسمت لي ابتسامة خفيفة ...



- كيفك اليوم ؟




سألتها و أنا أمد يدي صوبها أبي أصافحها و أشجعها على الكلام و في الواقع ودي أتأكد من قدرتها على الحركة الكلام


صافحتني و قالت :



- الحمد لله


ارتحت ... و تأكدت من أنها بخير رغم كل شي



- وش شاغل بالك ؟ بدر ؟


سألتها ، و ردت علي :


- بدر ... ودي أتصل به ... أطمنه علي و أتطمن عليه ....


و طالعت صوب النافذة ... و اكتشفت أنها كانت تطالع في الهاتف اللي جنب النافذة ... لحظة دخولي الغرفة ...


كان هاتفي الجوال معي بس ممنوع استخدمه داخل غرفة العناية المركزة ... قمت و رحت لعند الهاتف
و اتصلت ببيت أبو ثامر و طمنتهم على قمر ... و كلمت الولد و قلت له أن أمه ودها تكلمه بس ما تقدر
تقوم عن السرير و الأجهزة موصلة بجسمها



و على كل ... كلها كم ساعة و يجي وقت الزيارة ... و تشوفه و يشوفها و ترتاح قلوبهم ....




و طلعت ( كذابة ) ... لما جاها التشنج قبل هالكم ساعة ... و اضطر الطبيب يعطيها جرعة عالية من دواء التشنج ... خلاها تدخل في نوم طويل و عميق ...








أذكر نظرة بدر لي و هو يطالع أمه و يشوفها غايبة عن الوعي تماما ... و أنا اللي قلت له الصباح أنها
بخير و دها تتلكلم معه ...



الولد كان يبكي بمرارة و بحرارة ... و أنا ما قدرت أقول أي كلمة زود ... طلعت من الغرفة و خليته معها ...

و برى الغرفة قابلت بقية أهلها ... و أول ما سألوني عنها قلت :



- اسألوا الطبيب اللي يعالجها أفضل



و استأذنت و مشيت عنهم ...





لأني كنت أسأل عنها باستمرار عرفت آخر أخبار قمر ... و أنها بالمستشفى منومة ....

سلطان بعد كان يسألني عنها من وقت لوقت ... بالتالي عرف مني أنها بالمستشفى

أخوي طبعا كان بالكاد توه بدأ يلتقط أنفاسه بعد رحيل الغالية ... قبل عشر شهور ...





الشركة للحين ما رد لها بس صار يناقش بعض أمورها مع ياسر أخيرا ...

لما قلت له أن قمر بالمستشفى تضايق ... أصر أن إحنا نزورها




هي كانت بالعناية المركزة و قانون المستشفى ما يسمح لأكثر من شخص واحد يدخل يزور المريض
في الوقت الواحد ... و لا يسمح أن الزاير يظل بالغرفة أكثر من دقيقتين .




و في الغرفة ، كل سرير يكون مستور بستار حواليه ... و الممرضة غالبا ما تكون جالسة جنب السرير
تراقب ...




كنت خايفة أن أهلها يكونون موجودين ... و يشوفونا ... ما هي عدلة أن أخوي يجي يزورها ...

و أنا أدري أنها مو عدلة ... بس وش أسوي في أخوي ... ؟؟



أنا بعد هالأخو ما لي غيره ... و أبي أسوي أي شي يرضيه أو يسعده ... المهم أنه يرجع مثل أول ...







الحمد لله ما كان أحد منهم موجود ... الظاهر جوا و راحوا ...

دخلت عليها ... سلمت عليها و صافحتها ...

ردت علي السلام و ابتسمت لي ...


- ما تشوفين شر ... الله يقومك بالسلامة قريب يا رب ...

- الله يسلمك ...




تكلمت معها شوي ... و بعدها قلت و أنا متخوفة :


- بو نواف وده يسلم عليك ...




و بسرعة ارتفعت نبضات قلبها و طالعت بمؤشر النبض .... و شفت كيف اضطرب ... و رديت أطالع بها ...

أكيد ... مو راضية ...




من بين أنفاسها اللي شهقت و تسابقت ... طلعت كلمة مرتجفة متخوفة :


- طيب ...



طيب ! يعني ما عندها مانع يسلم عليها ... ابتسمت ... و تركتها و جيت برى الغرفة و أخوي ينتظر ...

قلت له :


- تفضل ...



وقفت عند الباب ... و أنا حاطة يدي على قلبي ... إن شاء الله ما يجي أحد من أهلها و نصير بموقف محرج !



و الحمد لله عدت على خير ...




بعد ثواني ... طلع أخوي من الغرفة ... و شكله مرتاح ... ما أدري إش قال لها ... و بإيش ردت عليه ... ؟




رجعت لها مرة ثانية ودي أسلم عليها ...


فتحت الستارة شوي و دخلت عندها ...


مؤشر النبض كان ضارب سرعة ... و العرق يلمع على جبينها ...


مسكت إيدها و شجعتها و قلت ...



- إن شاء الله تطلعي من هنا قريب ... بارجع أزورك مرة ثانية ...




و الحمد لله في زيارتي الثانية كانوا نقلوها إلى القسم العادي ... برى غرفة العناية المشؤومة ...





و احنا رادين بطريقنا في السيارة ، أخوي شغّل اغنية ( أهواك ) لعبد الحليم حافظ ! و طلع مسبحته الفضية و يلاعبها في إيده و هو مبسوط !



أنا كنت جالسة على الكرسي اللي جنبه و أراقبه في كل حركاته ... دون ما يدري ، و صرت أعد الفصوص و هو يحركها ... كان ناقصها واحد !







- بانزل معك بيتكم شوق ...


قال أخوي و احنا نقترب من البيت ، رديت :


- حياك الله أخوي ...


دخلنا البيت و لقينا الأولاد يلعبوا ... و أول ما شافهم سلطان ناداهم و سلم عليهم و حصنهم ، و شال الصغير

على كتفه و صار يلاعبه و يقبله بحراره ... و ولدي مبسوط أن خاله أخيرا رد يلاعبه مثل أول ...

و هو ما يدرك ... انه خاله قاعد يتخيل بنته فيه و يعبر عن الأحاسيس اللي فقدها من يوم ما توفت ...




ياسر شافنا عند الباب و جا يسلّم :



- هلا بو نوّاف ! حياك الله تفضل ...

- الله يحييك . وحشوني الأولاد قلت أجي أشوفهم .

- الاولاد بس ؟ و أبو الأولاد ؟ ما له رب ؟




ضحكنا لحظتها بسعادة ... سعادة بسيطة ما كنا عشناها من وفاة الغالية ... بس ما لحقت تعيش ...



يوم جا سلطان يبي تنزّل ولدي من على كتفه الولد تعلق به أكثر ، مو مصدّق خبر ... ياسر ابتسم و جا يبي ياخذه بس هو مو راضي ....





- الولد طالع يحبك أكثر مني يا سلطان ! وش رايك تجيب له بنت و تزوجه إياها و نتخلص منه ؟




طبعا ياسر قالها بمزحة ، و مزحة عادية جدا ... بس سلطان طاحت عليه كأنها صخرة كسرت قطعة السعادة الزجاجية اللي كانت عليه ... و نزّل الولد على الأرض ... و قال :




- يالله ... أنا ماشي ...




بعد ما طلع أخوي سلطان تهاوشت مع ياسر ...


يعني لازم يجيب طاري بنت قدّام سلطان ؟ أنا ما صدقت أنه أخيرا ابتسم و بدا يتغيّر ...





بعدين ... اتصل علي أخوي و قال لي :


- ( لا بغيت ِ تزوري قمرة قولي لي )


ها الشي خلاني أحس ... أنه سلطان قاعد يحاول ينسى حزن بنته بأنه يشغل تفكيره بقمر ...

و الفكرة ... ما عجبتني أبدا ...






بعد كم يوم ، رحت أنا و أخوي نزور قمر في القسم العادي ...


تعمدنا نجي قبل موعد الزيارة بربع ساعة و سمحوا لنا تجاوزا ندخل الجناح .


قمر كانت بحالة مستقرة و ابتهجت لما شافتني ... و شكلها توقعت أن سلطان جاي معي ... !

أو يمكن هو اللي قال لها إنه رح يجي ... لما زارها المرة اللي فاتت ؟؟






عدلت وضع الحاجز جنب السرير ... لأن أخوي قال أنه يبي يدخل الغرفة ...

حتى و هي مريضة و تعبانه ... البريق اللي ظهر بعيونها كان واضح ... كانت فرحانة ...

لو تبوا تعبير أدق ...




يوم دخل أخوي ... سلم ... و ردت قمر السلام ...




- كيف الأحوال اليوم ؟ إن شاء الله أفضل ؟

- الحمد لله ...

- الله يقومكم بالسلامة قريب إن شاء الله

- الله يسلمك ...






أنا كنت جالسة عند قمر ... و أشوف إيدها و هي تلعب بطرف الشرشف بتوتر ... أما أخوي ما كنت أقدر أشوفه من ورا الحاجز ...






حل صمت للحظة ... و ظنيت أخوي طلع مع أني ما سمعت خطواته ... و رفعت قمر عينها لي – و كانت قبل متبعثرة بكل مكان – كأنها تسألني : راح ؟





وقفت ... و مشيت خطوتين أبي أشوف ورا الحاجز ... و وقفت فجأة لما جا صوت أخوي مرة ثانية ...



- قمرة ...




ارتبكت قمر ... و لا ردت ... و طالعت بأخوي اللي صرت أقدر أشوفه من مكاني – و هو بعد مرتبك يمسح العرق بمنديله ... بس ما طالعني ...




- تتزوجيني ؟





أظن ... أن الكلمة طلعت من لسان أخوي ؟؟

لأن الصوت كان صوت رجالي ... و بالغرفة ما فيه رجال غير أخوي ؟؟





مديت راسي أكثر أطالع أخوي من ورا الحاجز ... أتأكد ... هذا أخوي ؟ هو اللي تكلم ؟؟؟


و بعدها طالعت صوب قمر ...





ما أدري من فينا كانت مذهولة اكثر من الثانية ؟ كانت قمر تطالع فيني بعيون مفتوحة على حدها ...

و جسمها كله متجمد ... للحظة خفت تكون متشنجة و أنا مو دارية ؟





نفس السؤال كان طالع من عيونها بقوة :

هذا سلطان ؟

هذا هو اللي تكلم ؟؟؟






رديت أطالع بسلطان و أنا شبه واعية للي أسمع ... و هو ... أضاف :




- أول ما تطلعي من المستشفى بالسلامة بامركم البيت ...




و بعدها حل صمت الذهول ... لين قال أخيرا :



- ما تشوفي شر ... مع السلامة




و شفته يروح ... و سمعت خطواته تبتعد ... و طلع من الغرفة ....



أنا .. و قمر ... و جملة أخوي ... تدوي بالغرفة ... ما وحدة فينا عرفت إإش تقول ... ؟؟؟




جاي أزور أمي بالمستشفى و جايب معي باقة ورد و علبة شوكولا ...

و أنا إذا جيت أبي أزورها لازم أجي أول واحد و أطلع آخر واحد ...

وقت الزيارة يبدأ من 4 و إلى 7 المساء ... و جديني يجوا بعدين عادة ...





و أنا حامل الورد بيد و علبة الشيكولا باليد الثانية ... و شفت الباب مفتوح ... و بثانية ...

شفت رجال يطلع من الغرفة !





وقفت مذهول ... و وفق هو بعد مذهول ... كل واحد يطالع بالثاني ...

بدأ هو يتنحنح شوي ... و قال بصوت مخفوت :



- السلام عليكم ... كيف حالك يا بدر ؟




أنا حتى السلام ما رديته في البداية ...

وش جاب بو نواف لعند غرفة أمي ؟؟

بو نواف التفتت صوب فتحة الباب و نادى :



- يالله شوق




و شوي و جت مرة و طلعت من الغرفة ... و هي بعد شكلها تفاجأت لما شافتني ...

و سلمت ...

أنا أخيرا رديت السلام ... و أنا مستغرب و مستنكر ...

و أنقل بصري من بو نواف إلى الباب ...



بو نواف قطع على نظرات التشكك و قال :



- بو ثامر موجود بالبيت هالوقت ؟



جاوبته بتساؤل :



- نعم ... ؟




التفت صوب المره اللي معه ... و قال :


- يالله .


و رد سلم علي ... و راحوا ....



وقفت عند الباب أراقبهم لين اختفوا في وحدة من اللفات ...

بو نواف و المره اللي معه ... وش كانوا يسوون عند أمي ....؟؟؟



دخلت على أمي ... و لقيت الحاجز محطوط بالعرض ... لا أقدر أشوفها و لا تقدر تشوفني ...


ناديت :


- يمه ؟


ما وصلني رد ... قربت من الحاجز أكثر و ناديت مرة ثانية :


- يمه ؟؟

- هلا بدر ...


جا صوتها مبحوح و مرتبك ... مو طبيعي ... سألت :


- أجي ؟

- تعال حبيبي ...


تخطيت الحاجز و جيت لعندها و الورد و العلبة لسه بإيدي ...

أمي ابتسمت لي و مدت يدها ... حطيت العلبة على الطاولة و الباقة جنبها على السرير و جلست جنبها و إيدي بإيدها ...


- كيفك يمه اليوم ؟ أفضل مو صح ؟


ابتسمت لي و مدت يدها الثانية و أخذتني بحضنها ...


حضن أمي هو أجمل مكان أحب أكون فيه ... مع ذلك ... رفعت راسي بعد شوي أطالع فيها ...

و عيني تسأل :


( بو نواف وش كان يسوي هنا ؟؟؟ )



بس أمي ما قالت شي ... يمكن ما شكت إني شفته ؟ خصوصا ... و أنا ظليت واقف فترة عند الباب بعد ما طلعوا أراقبهم لين اختفوا ...


أقدر أحس إنه في الموضوع شي ... أمي مو مثل عادتها ...



جدي و جدتي تأخروا و جو مع خالي و زوجته بعد أكثر من ساعة ... الكل كان تصرفه طبيعي ...

بس أنا مو مرتاح ... و لما ردينا البيت ... و بعد صلاة العشاء ... جيت لعند جدي و قلت له :



- فيه أحد سأل عليك اليوم ؟

- أحد ... مثل من ؟

- مثل ... أبو نواف ... سلطان ؟






في نفس الساعة اللي طلعنا فيها من المستشفى بعد زيارة قمر ... أخوي راح بيت بو ثامر و طلب يد قمر ...

مرة ثانية ... !



أنا كل شي عندي ملخبط ... فلا أحد يسألني وش صار و كيف صار و ليه صار ...


اتصل علي بعد ما رجع من عندهم و قال لي أنه خطبها من أبوها مرة ثانية ...


موقفنا كان مرة محرج قدام بدر ... و هو يطالع فينا باستنكار عند باب غرفة أمه ... اللي خلى أخوي يختصر الوقت و الحرج و يروح لبو ثامر على طول ...


ما عندي أي فكرة .. عن كيف كانت ردة فعلهم و كيف تفاجأوا أو إش قالوا عن أخوي ... و أنا ... ما رح أعلق ... و ما رح أقول أي شي ....



بعدها ... ما جتني جرأة أرد أزور قمر ... و لا حتى أتصل اسأل عنها ... بس ظليت أتابع أخبارها من بعيد ...


و جا أخوي يضغط علي إني أزورها و أعرف رايها ... و أنا ما رضيت ...









بلغتني قمر بشي عجيب لما كنت عندها في الصباح ....

قالت ... أن سلطان رد عرض عليها الزواج أمس ... و أن أمها اتصلت عليها قبل شوي و قالت لها ...

أنه جا و كلم أبوها أمس العصر ...



- قمر ! معقول ؟ مو مصدقة ... و لا أعرف إش أقول ؟؟



قلت و أنا مذهولة ... و كانت قمر تراقب كل نظراتي كأنها خايفة أستنكر أو أصرخ عليها ...

أو أبدي أي إشارة تدل على اعتراضي ...



قلت منفعلة و بصوت عالي :



- ما هو عرض عليك الزواج بالسنة الماضية ... و ما صار نصيب ... ليش ... ليش ....


و قطعت كلامي ...


شفت قمر ... و حالتها الصعبة ... و التوتر ... و الصراع ... و كل المشاعر المضطربة و المتعارضة اللي تحوم حواليها ... و الدمعة ترفرف بعينها شوي و تسيل ...



قلت ... بلهجة أقرب للحنان و التعاطف ...


- أنت ِ ... وش رايك ... ؟


قمر غمضت عينها ... باستسلام لكل ذي المشاعر .... و ردت فتحتها و قالت :



- أكيد هو يحبني ؟ مو صح سلمى ؟ و إلا ليه يطلب يتزوجني مرة ثانية ...؟ يحبني مو صح ؟



و انفجرت عينها دموع مريرة و غزيرة ...

كلها ألم ... كلها حيرة ... كلها عذاب و حرقة ...

حضنتها بقوة و لطف في نفس الوقت ...

من 15 سنة و أكثر ... و هي بس تبي تتطمن إلى أن قلب سلطان يحبها ... حتى لو ابتعد عنها ...

تبي بس تحس أنه يحبها ... و أن مشاعرها صوبه ما كانت ضايعة هذر ...




رفعت راسها تبي كلمة مني تشجعها أو تطمنها ... و هي تسأل :


- تعتقدي إنه يحبني سلمى ؟ مو عرضه يعني أنه يحبني ؟ شوق تقول أنه يحبني ... يحبني مو صح يا سلمى ؟



رديت أواسيها ...


- يمكن ... الظاهر كذا ..

بس .... أنت ... ؟





طالعت فيني بنظرة قوية ... و قالت ...كأنها تطلع شي مكبوت بصدرها من سنين ...

- أنا ؟ تسألين يا سلمى ... ؟

أنا ... ما قدرت أنساه ... غضبا علي أحبه مو بيدي ... لو يدري ... لو يحس فيني ...

إذا صابه شي أنا أنتهي ... من ماتت بنته و أنا مت معها ... لو أقدر أعوضه عنها بأي شي ... بكل شي ...

بكل عمري يا سلمى ... بكل عمري ... تفهنيني ؟ ... تفهموني ...؟ أحد يفهمني ...؟









هذه المرة ... أنا لعبت دور أكبر ... في القضية ...






تكلمت مع أم ثامر ... و قلت لها أن قمر قابلة تتزوج سلطان ... و أنها تتمناه ... لكنها خايفة من كل شي ...

من كل الناس حواليها و مواقفهم منها ...



خايفة من بدر و عليه ...

خايفة من أهلها ...

و خايفة من منال ...






أكثر من 15 سنة من العذاب ... أظن ... في الأخير ... من حقها تتهنى و تعيش مع اللي تحبه ...

و ما لأي أحد ... أي حق في أنه يعترض ....





و في الواقع أمها و أبوها و حتى أخوها ... ما كان أحد منهم معترض ... رغم كل شي ... لأنهم كلهم عارفين بالوضع ... و خايفين على قمر و صحتها ... و ما شافوا فيه سبب قوي يمنع هذا الزواج ...






أما بدر ... و اللي كان أكبر مخاوفها ... و السبب في رفضها الزواج من سلطان العام الماضي ....

فتركته على جدته ... تقنعه .... و اللي صار ... إنه قبل بالأخير ...





يعني الحين كل الأشخاص المعنيين راضين بهذا الزواج .... إلا طبعا ... و بالتأكيد ... زوجته الأولى ....

منال ...





أما الشخص الغير معني ... و اللي وقف معترض على هذا الزواج بشدة ... كان ... أم يسام !





أبو ثامر كان يعز عمته أم بسام و يحترم رايها ... و كان بدر يحب جدته أم أبوه و متعلق بها كثير ...

كانت تقول : ( خلها تتزوج أي واحد إلا ذا ) و كانت تبي تأثر على بدر ... و تقول له أن أبوه بسام
غرق لأن قمر ما ساعدته و ساعدت سلطان ... بالتالي هو أخذ عمر بسام ... و بعد يبي ياخذ زوجته ؟





منطق غريب و متحجر ... بس اشوى ... ما قدرت تغير راي بو ثامر أو بدر ... خصوصا بعد ما
أنا قلت لهم أن أي احباط نفسي يصيب قمر ممكن يسبب لها تدهور شديد ... و يفجّر لها شريان جديد بالراس...!

بسم الله عليها إن شاء الله ما يصير ... بس كان لازم أخوّفهم شوي عشان يقتنعوا !



قمر كانت لسه بالمستشفى و الطبيب المشرف على علاجها ما وده يطلعها إلا بعد ما يعيد بعض الفحوصات
... و يشوف مدى استجابتها للعلاج ...








هذه الهوشة صارت قدام عيوني في بيت أخوي ...

طبعا ... منال من عرفت اللي صار أعصابها انفلتت ...

اتصلت علي و هي منهارة ... و جيت أحاول أهدي فيها ... كانت تبكي و تقول إنه سلطان هاملنها
من شهور ... و الحين يجي يخطب وحدة ثانية ؟




بصراحة الحق معها ... سلطان .. و لا ألومه ... من أول مرض هبه الله يرحمها و إلى الآن
فقد نصف عقله ... و صار يسوي شغلات ... متهورة و جنونية ...



و احنا نتكلم جا سلطان ...


و لما شاف منال تبكي قال :


- ردينا ؟ يكفي يا أم نواف ما فيه داعي للدموع ...



منال بس سمعت صوته هاجت و ثارت ... تعبر عن غضبها بأقوى ما أمكنها ...



- تفكر بالزواج و بنتك ما مرت سنة على موتها ؟ أي أب أنت ؟



الكلمة ذي هيجت سلطان أكثر ... و قال بصراخ :


- ما أحد له أي حق يقول أي كلمة عني و عن بنتي ... و أنت أكثر وحدة عارفة إش كانت
تعني لي و إش اللي فقدته من يوم فقدتها ...





قالها أخوي بمرارة ... و هو يحاول يبعد ذكراها عن باله ... البنت ماتت لكن أخوي عايش و من حقه أنه يعيش ...

من حقه يمحي ذكرى الألم ... بفكرة زواج كان يتمناه من سنين ...


بس هالمرة سلطان يبي يتزوج قمر عشان ينشغل بها عن ذكرى هبه ...



منال صاحت :

- و أنا يا سلطان ؟ و أنا ؟

- أنت أنت ... ما شي تغير ...

- ابعدها عن تفكيرك يا سلطان أحسن لك ... طلعها من حياتنا نهائيا خلاص ...

- يكفي يا منال ...

- سلطان ... إذا بتتزوج وحدة ثانية ترجعني بيت أهلي ....





كانت القنبلة اللي ما تمنيت أسمعها يوم من الأيام ... مسكت يد منال و صحت :


- لا ... لا يا منال لا تقولي مثل هالكلام الله يهديك ...


- الدنيا مليانة رجال ... ما لقت إلا زوجي أنا تسرقه مني ؟ ما يكفي إني فقدت بنتي قبل كم شهر ...

بعد أفقد زوجي ... ؟ حرام عليك يا سلطان ... أنا وش ذنبي ؟؟

و الله لو تسويها أطلع من بيتك و لا أرده ...





أنا تقطعت ... توزعت أوصالي بكل مكان ... ما عدت عارفة أوقف مع من ... و إلا ضد من ... ؟

بيت أخوي شوي و يخترب ...

تبوني أوقف ساكتة كذا ؟

لا ...

لازم أروح لقمر ... و أقول لها : لا توافقي على الزواج ... الله يرحم والديك..




الحلقة العشرون


~ الفص الأخير ~


عرفت سبب زيارة بو نواف لأمي ذاك اليوم بالمستشفى !



في نفس اليوم زارنا البيت و خطبها من جدي . أنا تعجبت ! مع أنه الموضوع انعرض و انتهى السة الماضية ،

بس ما أدري ليه جانا مرة ثانية ؟ و أمي بعدها مريضة و صحتها ما استقرت !


سألت جدّتي : ( ليه جا مرة ثانية ! السنة الماضية أمي ردته ! ما تبيه )

و ردت جدتي : ( أمك تبيه . و هو بعد يبيها . الله يسعدهم و يوفقهم )






لما عرفت جدتي أم أبوي الله يرحمه و عميني ماجد و رائد اعترضوا كثير ... أنا بصراحة ما كنت أبي تتزوج أي أحد لأني ما أبيها تنشغل عني ! بس الدكتورة سلمى قالت لي أن أمي موافقة و إذا سببنا لها أي مشكلة نفسيتها رح تنهار و صحتها تتدهور ...




أنا كنت السبب اللي خلاها تمرض لذي الدرجة ... ما أعرف إش يعني لها هذا الـ بو نواف ،

بس ذاك اليوم لما شفتها تدوّر على ذيك الفصوص مثل المجنونة حسيت أن الموضوع أكبر من اللي أتصور





واحد من الفصوص علقته بسلسلة على رقبتها من ذاك اليوم و لا عاد شالته !


ودي أعرف وش قصتهم بس أخاف أسألها و تنزعج ...


جدي و جدتي و خالي ... كلهم وافقوا على طلب بو نواف ...


يعني لا قامت أمي بالسلامة رح تتزوج و تروح مع زوجها و تتركني !

هذا أكثر شي مضايقني ... بس ... ما لي شغل ... أباشترط عليهم إني أظل مع أمي وين ما تروح !



الإتفاق كان أنه أول ما تطلع أمي من المستشفى بالسلامة رح يجي بو نوّاف بيتنا و يتفق مع جدّي على كل شي ،

و أنا رح أقول لأمي أنها تشترط في عقد الزواج إني أظل عايش معها لين أتزوج !









قابلتني قمر بابتسامة حلوة و خجلة ... كانت المرة الأولى اللي نلتقي فيها بعد ذاك اليوم ...

لما عرض أخوي سلطان عليها الزواج ....






- ما شاء الله شكلك اليوم أحسن ؟

- الحمد لله ... تحسنت بس الطبيب يبيني أظل لين نعيد الفحوصات مرة وحدة ... و إلا كان رجعت البيت !

- إن شاء الله ترجعي بالسلامة

- الله يسلمك ...






و توقفنا عن الكلام ...

أظن ... إن قمر متوقعة مني أسألها عن رايها بعرض أخوي ...و أن هذا السبب في زيارتي لها اليوم ...

شفت تورد خفيف على خدها ... و توتر على أطراف أصابعها ... أما نظراتها ... تخبّت تحت الأرض !




صرت أتأملها ... و أشوف تعابيرها ... و أراقب تحركاتها ...

و هي تلقائيا و لا شعوريا رفعت يدها اليسرى لعند صدرها و مسكت سلسلة كانت متدلية من عنقها

و صارت تقلبها بأصابعها بتوتر ...

و لمحت فص فضي ... واحد من فصوص سبحة سلطان ... معلق بالسلسلة ....






ما تحملت ...

كيف أقول لها : لا تتزوجي أخوي ....

و أنا عارفة ... و أكثر العارفين أنها تحبه و تنتظر هذا اليوم من كنا في الجامعة ... ؟

و زواجهم ... متقرر أنه ينعقد أول ما تطلع من المستشفى بالسلامة ... ؟





كيف أصدمها بطلبي ؟ كيف أكون السبب في انهيار جديد رح يصيبها لو قلت لها ... ابعدي عن سلطان ... ؟

تحيرت ...

ما قدرت اتحمل ...

و غصبا عني بكيت ....





قمر ... بس شافت بريق دموع بعيني فزعت ... و قالت بخوف :


- فيه شي شوق ؟





هزيت راسي ( لا )


ردت سألت :


- سلطان بخير ... ؟




رفعت عيني بعينها ... أكيد رح تسألين عن سلطان ... يا كثر تعلقك به ... كيف ما قدرتِ تنسينه بعد كل هذا العمر ... ؟

نفس النظرات اللي كنت أشوفها بعينها لما كنت أطري قدامها اسم أخوي بأي خبر يزعل ... أيام الجامعة ....





- سلطان بخير شوق ؟


ردت سألت ... و صبرها نفذ ... و هي على أعصابها ...


- بخير يا قمر لا تخافي ...



ارتاحت شوي ... و ارتخت عضلاتها المقبوضة نوعا ما ... و قالت :


- إيش فيه أجل ؟




نزلت راسي للأرض ... مو عارفة أداري أنه فيه شي ... ما أقدر أمثل أنه ما فيه شي ... و لا أقدر أقول ...

ايش اللي فيه ....




- شوق ... أقلقتيني .... ؟



قلت ... بعد تردد ...


- ... منال ....






كانت كلمة أكثر من كافية ...

قمر تيبست بمكانها ... و أطراف أصابعها اللي كانت ترتعش قبل شوي ... تجمدت ...

و نظرتها اللي كانت تبرق قبل شوي ... أظلمت .... و خدودها اللي كانت متوهجة قبل شوي ... انطفت ...


مديت يدي ... و مسكت يدها و قرصني الندم ...

أنا ليه كنت بها القسوة ؟

ليه مستكثرة على صديقة عمري ... لحظة سعادة ...؟

ليه قتلت البهجة اللي كانت عليها قبل ثواني ؟

ليه يا شوق ؟

ليه ؟




قمر سحبت يدها من يدي ... و استندت على مسند السرير ... و شاحت بوجهها للجهة الثانية ....


- قمر ...


ناديتها ، و ما ردت علي ...


- قمر ...




ناديتها مرة ثانية ... و قالت دونما تطالع فيني :



- اتركيني وحدي ...


- قمر ... أنا ...

- اتركيني وحدي شوق ....






وقفت ... و أنا كارهة نفسي ... بغيت أسلم عليها .... أصافحها .... بس هي ما مدت يدها صوبي لما مديت يدي صوبها ... و لا التفتت لي ... و لا ردت علي لما قلت :




- مع السلامة ....





مشيت شوي ... ببطء و أنا ودي أرجع أتكلم معها ... أبي أفهمها موقفي ... أنا ما عندي أي اعتراض على زواجها من أخوي بالعكس ...


أنا أكثر وحدة تعرف إش كثر هي تحبه و هو يحبها ... لكن ... ... ...






و أنا أفتح الباب في نفس اللحظة كان فيه شخص ثاني يفتحه من الطرف الثاني ...


و انفتح الباب و بان الشخص .... كانت سلمى ...






سلمى و أنا ما كنا على وفاق .... ما أذكر إني شفتها من وفاة بنت أخوي الغالية الله يرحمها ...

و لا كان ودي أشوفها لأن الجو بينا مشحون من سنين ...




سلمى اضطرت تسلم علي – و لو من غير نفس – كأني المسؤولة عن كل اللي صار لقمر ...



أنا رديت السلام ، و سألتها عن أحوالها و أحوال العمل و البيت ، من باب الأدب الاجتماعي لا أكثر ....


و بعدها ... استأذنت و طلعت من الغرفة ....










من زمان و أنا كنت أتمنى أي شي إلا إني أصادف شوق مرة من المرات ... و انقهرت كثير لما شفتها
طالعة من غرفة قمر .... بصراحة ... ما عدت أرتاح لشوفتها ....






سلمنا على بعض ببرود ... و استأذنت و راحت ... و دخلت أنا الغرفة أزور صديقتي الحبيبة و العروس الموعودة قمر ... و أشوف إيش آخر أخبار الزواج المنتظر !؟






جيت بابتسامة حلوة ... الابتسامة اللي تحبها قمر و تقول عنها ( ساحرة ) !

تذكرون ؟





المهم ...



ابتسامتي الساحرة ذي تحطمت تبخرت في الهواء لما شفت دموع قمر تسيل على خدها الهزيل ...



- قمر ؟؟؟ خير .... ؟؟؟



قمر ما ردت علي ...

مسكت إيدها و أنا مفزوعة عليها و كررت سؤالي بقلق :



- قمر ؟ إش صار ؟ علميني ؟؟



و بعد ظلت ساكتة ما يتحرك فيها إلا الدموع ...



آخر مرة تركتها ... كانت وردة بادية تتفتح على الحياة ... توه ... توه اللون الوردي بدأ يرجع لخدينها
بعد هجرة شهور ....



توها الابتسامة بدت تداعب شفايفها بعد مخاصمة طويلة ....



تو البريق صار يشع من عينها عقب مقاطعة مومنة ...



إيش صار لقمر ... ؟؟



أكيد شوق قالت لها شي متعس ...



- شوق قالت لك أي شي ؟




سألتها بقهر ... الجواب ما كان من لسانها بس كان من نبضات قلبها اللي تسارعت ... و أنا أحس بها و
يدها في يدي ...




- يعني شوق قالت لك شي مزعج ؟ أكيد عن سلطان ؟ إش قالت لك يا قمر ...





قمر هاللحظة سحبت إيدها و غطت وجهها بها تداري دموعها و بكت بحرقة ...




ما تحملت ... ثارت أعصابي ... فلتت من سيطرتي ... و قمت و أنا ( متأبطة شرا )


و طلعت من الغرفة بسرعة أبي ألحق شوق قبل ما تختفي ...





الحظ أو يمكن سوء الحظ ... حالفني ... و شفتها بالممر ...


كانت قريبة ... ناديتها ...



- دكتورة شوق ...



شوق التفتت لي ... و شفت الاستغراب على وجهها ... و قلت لها :



- ممكن تجي لحظة ...






حسيت التردد في حركتها بس ناظرها بنظرة تهديد و توعيد ... و جت لعند الباب و مسكت إيدها و
خليتها تدخل الغرفة و صكيت الباب ...





صرخت ... و أنا مستسلمة لموجة الغضب :




- ممكن أعرف أنت إيش قلت لقمر ؟ ؟





شوق طالعت فيني ببراءة مفتعلة ... و طالعت في قمر ... و اللي مسحت دموعها و انتبهت فجأة للهوشة المرتقبة !




كررت سؤالي بحدة :




- ممكن أعرف إش قلت لها ؟

- و لا شي ...




مسكت يدها بعنف و هزيتها ....



- إلا قلت لها شي و خليتها تنهار مرة ثانية ...

حرام عليكم اللي جالسين تسوونه فيها أنت و أخوك المنحوس ...

و الله أنه ما يستاهل شعرة منها بس حكم القلب ...






- سلمى !!!





صرخت فيني شوق و هي مندهشة و مصدومة و مستاءة و تحاول تسحب إيدها من إيدي ....



- إيش قلت لها يا شوق ؟ أخوك غير رايه و طلع مثل العيال ؟؟


شدت إيدها بقوة و صرخت بي :


- ما اسمح لك ... انتبهي لكلامك يا سلمى و لا تتجاوزي حدودك ....


- و الله ... لو هذا الزواج ما تم ... و صار شي بقمر ... و الله لتشوفوا مني شي عمركم ما شفتوا مثله
أنت و أخوك اللعين ...




- يكفي ....






كانت هذه صرخة جاية من قمر ....


شوق بعد ما فلتت أعصابها قالت :




- يتم الزواج و بيت منال ينخرب ؟ منال تهدده بأنها بترجع لأهلها لو هو تزوج قمر ... يرضي من هذا ؟





- يكفي خلاص يكفي ...





و هذه بعد كانت صرخة ثانية من قمر ... و اللي انشغلنا عن صرخاتها بهوشتنا أنا و شوق ....




أنا صرخت أتابع الهوشة بكل انفعال :




- و اللي قاعد يصير لقمر ... يرضي من ...؟؟ ... حرام عليكم حطمتوا المره ذبحتوها قضيتوا عليها الله يقضي عليكم كلكم يارب ...





كنت أصرخ ... بكل حرة ... بكل حرقة في قلبي على صديقة عمري المنكوبة ...

بكل آلام الماضي و آلام الحاضر ... بكل اللحظات اللي كنت أشوفها فيها تتحطم و تتعذب من كانت بنت بالجامعة و إلى اليوم ...



عشت معها مأساتها و عذاباتها كلها ... ما عرفت للسعادة طعم و سلطانوه هو السبب ...



يا ليته كان غرق في البحر بدل بسام يا ليت ... يا ليته مات بدل بنته ... يا ليته انشل بدل قمر ...



يا ليت ربي يقضي عليه و نرتاح منه ...





- يا ليت ربي يقضي عليه و نرتاح منه ...





طلع تفكيري بصوت عالي مع ثورة انفعالي ... قلتها بأعلى صوتي من الحرة اللي بقلبي و الحرقة و الحسرة
على صديقتي ...

ما حسيت لنفسي و أنا أقولها ... و لا اكتشفت أني قلتها إلا بعد ما جت الصرخة الثالثة من قمر ....

و اللي بعدها ... دخلت في نوبة تشنج خطيرة .....







سلمى ... كانت واقفة قدامي تصرخ بوجهي و تدعي على أخوي أن ربي يقضي عليه .... أنا ...

كنت أبي أصرخ بها أو حتى أصفعها على وجها بعد الكلام اللي قالته ... بس ما مداني أسوي شي ...

لأن قمر فجأة صرخت




- لاااااااااااااا






صرختها كانت قوية و متواصلة و التفتنا صوبها ... و شفنا إيدها تهتز بعنف .... و رأسها يرتفع و يصلب ...

و ظهرها ينشد بقوة ... و عينها ترف بسرعة ....



أنا بس شفتها شهقت بقوة ... و وقفت بمكاني أرتجف من الخوف ....



و سلمى راحت لها بسرعة و مسكتها و هي تصرخ :



- قمر ... قمر ...






و بسرعة ضغطت على زر الاستدعاء ... و جت الممرضة تركض ... و سلمى تصرخ



- تشنجت ... تشنجت ...





في ثوان ... وصل الطبيب المسؤول ... و اعطاها جرعة كبيرة من علاج التشنج ... و لا استجابت ...

و كرر الجرعة مرة ثانية و ثالثة ... و عقبها نقلوا قمر بسرعة لغرفة العناية المركزة .....







الموقف ذا تكرر علي مرة من قبل ...

لما تدهورت صحة بنت أخوي و نقلوها للعناية ... و لا رجعت منها ....




و أنا أرتعد .... و ما أذكر أن رجلي تحركت بس شفت روحي معهم ..

. بالعناية المركزة و الكل ملتم حول سرير قمر ....

و سلمى حاطة يد على قلبها و اليد الثانية ماسكة بها يد قمر ...





قمر ... بتموت ....










ما أدري إيش سويت ؟



شفت أخوي سلطان قدام عيوني ... رميت نفسي بحضنه و أنا أصيح .... و أنا أصرخ ...




- قمر بتموت يا سلطان ...

قمر بتموت خلاص ....








شديت عليه بقوة ... بقوة ... كأني أمسك روح قمر لا تطلع ... كنت أرتجف ...

أحس بجسمي كله يتراقص بين ذراعين أخوي ....






أخوي ... هل هذا أخوي ؟ اللي أنا بحضنه الحين ؟

من وين جا ؟ كيف جا ؟





أنا اللي اتصلت عليه و قلت له : ( قمر بتموت ) ... كأني أنا اللي اتصلت ... ؟


وين جوالي ؟


وين الشنطة اللي كانت بإيدي ؟


أنا من طلعني برى غرفة العناية المركزة ... ؟


أنا واقفة على الأرض ؟ و إلا طايرة بالهواء ؟ و الا أخوي شايلني ؟


ما أحس برجلي ...


ما أحس بجسمي ...


ما أحس بأي شي ...


ما أدري عن أي شي ...


ما أدري عن أي شي ....






أنا ... صحيح بعيد عن الأحداث بس باقول لكم اللي صار حسب علمي – و الله أعلم ....





كنت بالبيت و سلطان معي ، انتظر اتصال شوق عشان أجيها المستشفى ...

لما تأخر اتصالها ، اتصلت بها اسأل وش أخرها ؟

اتصلت ... و ردت شوق بطريقة غريبة ... ما أدي كيف أوصفها لكم ....





كنت أسمع أصوات كثير حوالينها ... أسمع صوت نسائي يقول




- (( لو سمحت ِ الجوال ممنوع داخل غرفة العناية المركزة .... ))





ناديتها و لا ردت علي ، خفت و قلت وش صاير .... رديت أسأل :



- شوق تسمعيني ؟ أنت معاي ؟؟



و كل اللي قالته بصوت مرعوب مرتجف :


- ( قمر بتموت ) !




بعد كذا انقطع كلامها ... و ظليت أسمع أصوات فوضوية من حواليها .... و أنادي و أنادي و لا يجيني رد ..


و انقطع الأتصال ...




اتصلت مرة ثانية و ثالثة ... الجهاز كان مقفل ....


قمت مفزوع ... و سلطان كان معي ... سألني بقلق :


- خير ياسر ؟؟؟



جاوبت بشروذ و قلق أكثر ...




- ما أدري سلطان ... فيه شي قاعد يصير لشوق بالمستشفى لازم أروح ...

- وش قالت لك ؟ وش صار ؟

- ما ردت علي ... قالت : - ( قمر بتموت ! ) ! !









و في دقايق كنا أنا و سلطان عند غرفة العناية المركزة بالمستشفى ....

اللي صار بعد كذا شي مزعج ... ما أحب أذكره ... الخلاصة ، أن الدكتورة قمر كانت في حالة خطيرة ...








أهل قمر جوا بعدنا بشوي .... و شافونا متجمعين عند باب الغرفة ... لخبطة كثيرة صارت ...

و سلطان كان مفزوع ... كان ماسك يد شوق و واقف على أعصابه عند طرف الباب شوي و يدخل عليهم ...

كانوا يدخلون الغرفة واحد بعد الثاني ... و الولد – بدر – بعد ما دخل ما رضى يطلع





التفت سلطان فجأة صوب ثامر و اللي كان ينتظر دوره عشان يدخل يشوف إخته و قال :

- ودي أدخل أشوفها ...







صياح ... صراخ ... ولولة ...


ناس تدخل ... و ناس تطلع ...


جا دكتور و دخل - بعدين عرفت أنه زميل الدكتورة في العمل - و سلطان فجأة جا يبي يدخل معه ...

مسكت ذراعه و سحبته لبرّى ...




- سلطان ؟؟ انهبلت ؟


- وش جابه هنا ذا ؟






قال سلطان بعصبية و أنا ماسك ذراعه مانعنه من الدخول ... و هو يمسك ذراع أي طبيب يطلع من الباب و يسأله عن قمر ...





شوق كانت تدخل و تطلع كل شوي ... و كل ما طلعت مسكت بسلطان و ارتمت عليه منهارة في نوبة بكاء متواصلة ... و هي تصيح ...



- ( لا تموتي يا قمر )





ظلت قمر فاقدة الوعي ساعات ...


أنا كنت جنبها طول الوقت ... و بدر أول ما جا لصق بها و لا عاد تحرك من مكانه ....



الطبيب كان يحاول يطلعنا عشان الفوضى اللي صارت بالغرفة بس ظليت أنا – بما أني طبيبة –

و بدر ما رضا يتزحزح من مكانه ...




نوبة التشنج استمرت قرب الـ 40 دقيقة ... رغم الأدوية اللي انعطت إياها قمر ...




الحين التشنج راح ... و هي غايبة عن الوعي ... و مؤشرات النبض و الضغط و النفس تطمن بخير ....






أنا السبب ...



سمحت لنفسي أنفعل للدرجة اللي خليت فيها صديقة عمري على وشك الموت ...




يارب ... قومها سالمة و ردها لنا بخير ...



مو عشاني ... بس عشان ولدها اليتيم اللي ما له في الدنيا غيرها يا رب ...




طول الوقت و أنا أدعي و كلنا ندعي أنها تقوم بالسلامة من النوبة ...

و إن شاء الله بس تطيب نزوجها سلطان و تقر عينها ...





حتى شوق كانت تقول :





- ( بس تقومي بالسلامة و اللي تبينه يصير ) ...





قمر ...


بس قومي بالسلامة ... و اللي تبينه يصير ...









الساعة 3 الفجر .... أنا و شوق ... اللي ظلينا مع قمر في غرفة العناية .... بعد ما أنجبر الباقيين أنهم


يطلعوا مع بداية الليل ...





لا أنا و لا شوق قدرنا نطلع من المستشفى هذا اليوم ... ما تكلمنا ... و لا حتى ناظرنا في بعض ...

بس ظلينا جالسين كل وحدة على جانب من سرير قمر ... نراقب بسكون ....






الساعة 3 الفجر ... أخيرا ... فتحت قمر عينها و فاقت من الغيبوبة ...




جفنيها انفتحوا نصف انفتاحة .... و عينها تحركت حركة بسيطة يمين و شمال ...



و ظلت بين الوعي و اللا وعي كم دقيقة ....





- قمر ....





ناديتها ... أبي أشوف ... إذا تسمعني ؟ أذا تحس بوجودي ؟ إذا هي واعية و قادرة على الكلام و الحركة ...




ما ردت ... و لا التفتت لي ... خفت ... بلعت ريقي و كتمت أنفاسي من الخوف ...


يا رب ما يكون صار لها شي يا رب ....





الأشعة ما بينت شي جديد ... نفس كتلة الدم المتجمع في نفس المنطقة مثل المرة اللي طافت ...


و عشان كذا رح تنعاد لها اليوم و نشوف إذا صار أي تغير ... يحتاج أي عملية ؟؟






الحين بس ... رفعت عيني لشوق ... و نظراتي تقول لها بخوف :



- ( ليه ما جاوبتني ؟ كلميها يمكن ترد عليك ؟ )



شوق حاولت تنطق بس ما قدرت .... و سالت دموعها اللي كانت مسحتها قبل قليل ...



مديت يدي و مسحت على راس قمر ... و رديت قلت :


- قمر... تسمعيني ؟




و بعد ... ما ردت علي ....




انفجرت الدموع بعيني ... يا ربي ... صديقتي وش صار بها ؟ يا رب أرجوك ....


جلست أبكي ... أنا السبب ... أنا السبب ...


شوق نطقت أخيرا ... و نادت قمر بصوت مبحوح مقطوع الرجاء يائس أشبه بأنه المحتضر ...



- قمره ....



الحين ... قمر لفت براسها صوب شوق ...



شوق ... قالت :



- قمره .... تسمعيني ؟ ....



قمر طالعت بشوق لثواني ... و بعدها لفت عنها ....



شوق قالت :



- خلاص يا قمر ... أخوي عقد زواجكم البارحة يعني صار زوجك ....




دققنا أنظارنا على قمر ... نبي نشوف وقع الخبر عليها ....


قمر ظلت ساكنة ثواني ... و تالي لفت صوب شوق تطالع فيها ...



يعني قمر واعية لنا و تسمع و تفهم اللي نقول .... ؟؟




شوق مسكت يد قمر ... و هزت راسها تأكيد ....




قمر لفت علي الحين ... و أنا هزيت رأسي تأكيد بعد ....



و ردت تطالع بشوق .... اللي قالت :



- أصر يعقد البارح عشان يجي يزورك اليوم ... كلها ساعات و تشوفينه قدام عيونك ...

أنت ... بس ظلي بخير ... أرجوك ... أخوي و أنا بننتهي لو تموتي يا قمر لا تموتي أرجوك ...




- شوق ..




قلت معترضة و مستنكرة ... طالعت فيني شوق .. و اللي كانت تبكي بحرارة ....

شوق أمس ... كانت منهارة أكثر مني ... شوق ... و اللي جربت قبل كم شهر تفقد عزيز ...

كانت خايفة و مرعوبة ... من أنها تفقد قمر ... و يصير بأخوها شي ...




انفجرت شوق بالبكاء ... و هي ماسكة أيد قمر كأنها تتوسلها أنها تطيب بسرعة ... و أنها ... ما تموت ....



قلت :



- خلاص شوق ... اتصلي بزوجك و خله يجيك الحين ... و تعالي بوقت الزيارة مع أخوك عشان تشوفوا قمر ....




شوق ... كأنها كانت تنتظر بس تقول لقمر ( سلطان عقد زواجكم ) عشان ترجع بيتها ....



قمر ما زالت تطالع بشوق و هي ... مو مصدقة ... بين الحلم و الحقيقة ... بين الوعي و الإغماء ...

الخوف و الرجاء .... و بين ... سلمى و شوق ...




يوم جت شوق تبي تقوم ، مسكت يد قمر و شدت عليها ...

أنا كنت ماسكة اليد الثانية و أشد عليها ...






قمر حركت يدينها جنب بعض ، و أجتمعت أيجينا إحنا الثلاث مع بعض ...


صرنا نتبادل النظرات ...






و مثل ما التقت أيادينا و نظراتنا ، تعانقت قلوبنا لما قمت و حضنت شوق بقوة ... و كأننا أقرب الأخوات ...


السنين اللي طافت و فرقت بينا تلاشت هذه اللحظة ...


قمر تجاوزت مرحلة الخطر ... و بقت حية ... و شهدت تعانق قلوبنا أخيرا بعد كل ذاك الخصام ...





أيادينا إحنا الثلاث ... قمر ... و شوق ... و سلمى ... اجتمعت مرة ثانية مع بعض مثل ما كانت دايما قبل 15 سنة ....







كثير المرات اللي أشوف فيها نفسي فجأة أصحى من النوم .... و أطالع من حولي و أكتشف أني بالمستشفى ....




و هذه مرة من المرات ....



كانت أصوات طنين الأجهزة حوالي تأكد لي أني في العناية المركزة ....


سقف الغرفة حفظته ... لأنه أقرب شيء كانت عيوني تتأمله طول الوقت ....


أحس بألم في ذراعي الأيسر ... أكيد هذا مكان إبرة السائل الوريدي اللي موصل بعروقي ....

و اللي أشوف عبوته تنقط شوي شوي ....








أقطاب جهاز مراقبة النبض مضايقتني ... ودي أشيلها ...






الشرشف الأبيض كان خفيف ... عشان كذا أحس بالبرد في أطرافي ... و أحس قدمي متجمدة ....



أبي بطانية أثقل شوي ....







- كيفك ؟ حمد الله ع السلامة





هذا كان صوت الممرضة اللي جالسة قربي ... صوتها يشبه صوت زوجة أخوي ثامر !




ولدي بدر ... ! أوه أنا في أي يوم ؟ بأي وقت ؟ كم الساعة ؟ ولدي بدر ودي أشوفه ...






- كم الساعة ؟



سألت الممرضة ، ابتسمت و قالت :



- 2 الظهر ! يعني قربتي تكملي يوم كامل من النوم !








جلست ... و طالعت بالستارة اللي تحجبني عن بقية المرضى ... طالعت يمين و شمال ....


وين سلمى ؟ وين شوق ؟ كانوا معي ؟ أو كنت أتخيل ... ؟؟






سألت الممرضة :




- سلمى كانت هنا ؟

- الدكتورة سلمى ؟ كل شوي تجي تتطمن عليك و تروح ! بس وصتني أكلمها لما تصحي ...






و بسرعة هزيت راسي ( كلميها )







دقايق ، و كانت سلمى عندي ... أول ما شافتني تهلل وجهها و انشرح ... و ابتسمت ابتسامتها الحلوة
الساحرة و اللي تنسيني الدنيا و همومها ....







جت عندي و طوقتني بذراعينها بقوة .... و هي تردد :



- حمد الله على السلامة يا قمر ... ألف ألف ألف الحمد لله على السلامة ....






و بدت تبكي ... مسكت وجهها و مسحت على راسها و قلت أطمنها :


- أنا بخير .... !






ضحكت ، و شدت علي و هي تردد :



- نعم بخير ... الحمد لله .... الحمد لله ....



- وين شوق ؟








سألتها ... أذكر أنني ... إذا ما كنت أحلم ... شفتها مع سلمى ... ثنتينهم على جنبيني ... أيش كان الوقت ؟

ما أذكر ... أكيد الليل ... أكيد الطبيب عطاني جرعة كبيرة من مضاد التشنج خلتني نايمة طول الوقت ....






أذكر بعد ... أنهم ... سلمى و شوق ... تهاوشوا قدامي .... و تصالحوا بعد قدّامي ...







و أذكر بعد ... بعد إيش ... ؟ كأن شوق قالت .... أنه ... سلطان عقد زواجنا ؟

لا ... ! هذا أكيد جزء من حلم .... !








- شوق ؟ بالبيت ، بس توها كلمتني و قالت أنها جاية العصر مع سلطان يزوروك !






يزوروني ؟ سلطان و شوق ... ؟ سلطان جاي يزورني ... ؟ أنا ... أكيد بعدني أحلم ... بس ...

بعدني أحس بالألم مكان إبرة المغدي .... معقولة يكون حلم محسوس ...؟






التساؤل و الحيرة كانوا ظاهريين على وجهي ... و سلمى ... و بما أنها تعرفني زين فهمتني على طول ....



ابتسمت مرة ثانية الابتسامة الحلوة ... و قالت :



- يزوروك و يجيبوا معهم حلوى السلامة و حلوى الزواج !






الدنيا لفت بي ... راسي صار يدور ... و عيني تدور .... و السقف اللي فوقي بعد يدور ....


طنين الأجهزة وصل حده ... و تجاوز إشارة الخطر .... الممرضة صارت تراقب بقلق مؤشرات الأجهزة ...

و الابتسامة اللي على وجه سلمى تلاشت و علا مكانها قلق صارخ ...





- قمر .... اهدئي ...




ما قدرت أتكلم .... جت كلماتي متقاطعة مو مصدقة ... ما هو حلم ؟ صحيح ؟ سلطان ... سلطان ...

تزوجني ؟ .... سلطان ... صار ... زوجي ؟؟؟ سلطان ... جاي يشوفني .... ؟؟؟


سلطان .... و حتى شوق .... اثنينهم أصروا أن عقد الزواج يتم بسرعة ... عشان يقدر سلطان يزور الدكتورة
و يتطمن عليها ... لين الله يشافيها و تطلع من المستشفى ... و نعلن الزواج رسميا في حفلة صغيرة ...






طبعا القرار جنوني ... بس أنتوا شفتوا كل أنواع الجنون اللي مرت على ها الرجال من أول ما ماتت بنته الله يرحمها ...

أو حتى من أول ما بدا القمر يبلغه السلام !






سلطان الحين كاشخ بلبسه ... و ماسك السبحة الفضية بيده .... و واقف يراقب الساعة على أحر من الجمر ....






شوق اتصلت أكثر من مرة بالمستشفى تتطمن على الدكتورة ... و كلها كم دقيقة و يروح الرجال يشوف
( زوجته ) الجديدة أخيرا !




ضحكت ...




ضحكت بقوة ... و صار سلطان و شوق يناظروني باستغراب !




- وش فيك ياسر ! لا تكون جنيت ؟




قالت شوق ، و في الواقع اللي جن ... هو سلطان و شوق معه ... بس مالي دخل ...

خله يتزوجها يمكن يرتاح و يريحنا أخيرا ؟




- أبدا شوق ! بس أتخيل نفسي مكان سلطان ... لا بس و كاشخ ... معرس ... رايح أشوف عروسي الجديدة !

و الله وناسة !






شوق عصّبت و طالعتني بنظرة توعيد ! و ضحكت زيادة ....


بصراحة ... هذا أغرب زواج شفته بحياتي ....






و أنا أشوف سلطان قدامي الحين .... و هو يراقب الساعة و كل شوي يعدل الغترة و العقال ....

حسيت بندم ...






ندم لأني سخرت منه كثير .... و اعتبرت كل اللي كان يسويه و يحس فيه مجرد جنون ....





من قبل 15 سنة ... و أنا أحضر زواجه الأول ... كنت أشوف عليه نظرة شروذ ...

كان سرحان ... كأنه مو مهتم بالوضع اللي هو فيه ....






أذكره بعد .... بعد الحادث المشؤوم ... بعد ما عرف أن بسام غرق .... و كيف أنه صار يقول :



- ( أنا المسؤول عن قمر و لازم أتزوجها .... )



و يوم ظهرت بحياته من جديد و صار متعلق بها أكثر ... و يقول :



- ( أنفاسها بعدها بصدري أحس فيها من ذاك اليوم ... )





شفتوا لعبة القدر !




نهاية المطاف ... سلطان و قمر تزوجوا !



الله يهنيهم و يتمم لهم على خير ... !









أمس ... لما كنا بالمستشفى ... كان وده يدخل يشوفها ... و طلع مع أهلها و ما رد إلا و عقد الزواج تام ...



اللي أنا خايف منه .... و شوق بعد خايفة و مرعوبة منه ... أن قمر يصيبها شي أو حالتها تسوء أو تموت
لا قدر الله .... و الرجال ينتهي ....






- ها أخوي ... ؟ مشينا ؟



قالت شوق و هي تطالع الساعة ....




- توكلنا على الله ....





و هم جايين يطلعوا عند البوابة .... رن هاتف شوق – و اللي كانت الممرضة أخذته منها أمس و هي بغرفة العناية المركزة لما اتصلت علي ، و قفلته و ظل مقفل لقبل ساعة – رن ... و بس شافت شوق رقم المتصل انتفضت ...





- هلا ... منال ...







بس قالت العبارة ... كلنا انتفضنا ....

أم نواف ما كان لها أي ذنب في القصة بكبرها ...

بس هذه هي الدنيا ....

سعادة ناس تنبني على تعاسة ناس ...

يوم لك و يوم عليك ....

و اعتقد أنه من حق هالرجال أنه يتهنى أحيرا بالمرة اللي كان عاشقنها من قبل ما يتزوج اول مرة ...

و الله يعين ....








تقطع قلبي مع منال و هي تكلمني منهارة ...


إيش بإيدي ؟





منال ... إذا تحبي سلطان خليه يتزوجها يمكن ... الله يرزقه السعادة اللي انحرم منها من يوم مرض بنته الله يرحمها ....





انهيت المكالمة معها بكلمتين ....



- ( المقدر لازم يصير ) ....












و رحنا أنا و أخوي للمستشفى ...


أمس ... قمر بغت تموت قدام عيوني .... كانت هذه أول مرة أشوف نوبة التشنج تجيها .... الله يعلم ....

كيف انقضت علي الساعات لهذه اللحظة ....






أخوي وقف بمحل الورود و اشترى باقة حلوة ... و اشترى بعد علبة حلوى كبيرة ...


و رغم أنه كان يحاول الظهور بمظهر المتماسك .... كنت أشوفه مقطع و منهار و متبعثر في كل مكان ....

كنت متأكدة ... أنه خايف أكثر مني بعشر مرات ... أن قمر ... لا قدر الله ... تموت ....

بس الحمد لله ... الخطر راح ... و السعادة أقبلت ...









قبل ما نوصل طلب مني أخوي أتصل عشان أعرف إذا هي صاحية ... و إذا أهلها معها .... و كان الجواب :

نعم ... و نعم ... !
















طلعت من العناية المركزة و رجعت غرفتي العادية ...

كان الوقت يمر بسرعة و كل شيء يركض ...







طلبت من سلمى تروح بيتنا و تختار مع أمي فستان جميل يصلح إني أقابل به سلطان .... لما جوا ...



هي و أهلي حوالي أربع العصر كنت توني ماخذة دش سريع و شعري مبلل .... و جالسة على السرير أحاول أنشفه ....






أول ما دخل ولدي بدر جاني يركض و على طول بحضني ... حضنته بقوة ... و صار يبكي و أنا أهدي فيه ...





- حبيبي بدري أنا بخير يمه لا تبكي يا وليدي ...





وحيدي المدلل ما خلاني أتحرك من مكاني ... ودي بس أبدل ثيابي و أمشط شعري ... ! ما عطاني فرصة ...







كنت أطالع بعيون الناس اللي حوالي ... صديقة عمري ... و أهلي ... كلهم كانوا يبتسمون ...

أكيد ما فيه أحد منهم غضبان علي أو معترض ... كلهم راضين ... مو صح ؟







ما أحد منهم جاب سيرة سلطان ...

بديت أشك ... إني كنت أحلم أو أتخيل ... بس أطالع بسلمى ... و أشوف الكيس اللي بيدها و اللي فيه الفستان أكيد ... أرجع أقنع نفسي بأن سلطان جاي ...






استندت على الوسايد على السرير ... و أنا أحس روحي بذلت مجهود كبير في الربع ساعة اللي تحممت فيها ...






أو يمكن هذا تأثير العلاج اللي يسبب الخمول و النعاس ... ؟




ولدي كان بحضني مكانه ما ابتعد لحظة ... عمضت عيني لحظة ... و غفيت دقايق ...




- قمر ...



فتحت عيني ... كانت أمي اللي نادتني ...





- ودك تنامي ؟


- لا ... بلى ... شوي .... نعسانة ...


- بو نواف عند الباب ... وده يزورك ...





قلبي ... صار ينبض بسرعة ... أنفاسي صارت تركض .... ولدي رفع راسه و صار يطالعني ....



- يمه أنت بخير .... ؟



مسحت على راسه و هزيت راسي ( نعم ) ...



طالعت صوب سلمى ... و الكيس اللي بيدها .... أكيد أنا مو بحلم ... ؟

سلطان جا ؟؟


جا ...



بس ... أنا لسه ما لبست الفستان ...

ما نشفت شعري ... و لا سرحته !

بيشوفني و حالتي حالتي حالة ؟

يا رب ...








- تفضلوا ...




هذا كان صوت أخوي ثامر ... جاي من عند الباب .... و هو يرحب بالجايين ...




و ظهر في الصورة ذي اللحظة ... سلطان ... و شوق ...










لما وصلنا ... كان أهل قمر و معهم سلمى كلهم موجودين بالغرفة .... أخوي كان متوتر و أنا مثله ....


دخلنا و سلمنا على الجميع .... و ردوا السلام ....


قمر كانت على سريرها مستندة على الوسايد ... و بحضنها ولدها بدر ...


قربت من قمر ... و ابتعد بدر شوي ... عشان أصافحها و أقبلها ...


أخوي ظل واقف بنص الطريق و كأنه بطاريته خلصت فجأة ...


بعد ما سلمت على قمر ، رفعت راسي و طالعت بأخوي ... !


و يــــاه ... للذهول اللي شفته على وجهه و هو يطالع وجه قمر !


آه لو تقدروا تشوفوه بنفسكم !!!








رفعت راسي ناحية الصوت اللي أعرفه زين ... اللي أعرف صاحبه .... و أعشقه كثير ....



جت عيني بعين سلطان .... العسل ...


أنا ما عدت أحس بالكون من حولي ... ما أدري إذا ولدي بدر لسه جنبي و إلا راح .. ؟


هذا سلطان ....

هذا العسل ...

هذا حبيبي ...

هذا زوجي ... !

الحين صار زوجي ؟؟؟

سلطان ...

نفس الطول و العرض ...

نفس النظرات ...

نفس تقاسيم الوجه ....

نفس الطريقة اللي يرتب بها شماغه ....

و نفس العطر اللي يستهويني من سنين ....

سلطان ... تأمل بعيني لحظة ... بعدها قال بصوت حنون :




- كيف حالك ... قمرة ؟ حمد الله على سلامتك ....




أنا دخت ... صوته له مثل أثر المخدر ... قلت لكم من قبل ما أقدر اقاومه ! ... يبنّجني ! ...



ما عرفت أرد ... و صارت شفايفي تضطرب بين ابتسامه و عبوس ...




إش فيها الغرفة حارة ؟

ليه طفوا التكييف ذي اللحظة ؟



سلطان قرب مني ... أكثر .... جسمي صار يرتجف ... من البرد و الحر ... و الخوف و الفرح ...

و الاضطراب و الطمأنينة .... و الشوق و التردد .... و التصديق و التكذيب ...







تتحيلوا كيف تختلط المشاعر ذي كلها بلحظة وحدة ؟؟؟






سلطان مد باقة الورد صوبي .... و هو يقول :




- ما تشوفي شر ...




أنا ... إيدي عيّت تتحرك ... حاولت أمدها عشان آخذ الباقة بس ما قدرت ... أخاف إني انشليت مرة ثانية ... ؟



لا يا قمر ... مو وقته .... أرجوك .... تحركي الحين ....



ولدي بدر مد إيده و أخذ الورود من سلطان ... و حطها جنبي ...



حست أن إيدي تحركت ناحية الورد .... و صارت تتحسسه بارتباك .... و لساني تلعثم و هو يتمتم بـ :



- الشر ما يجيك ....









عيني هذه اللحظة كانت علىالورد .... و ما أدري ... يا ترى عيون الناس اللي حولي على إيش ؟


على من ...؟؟؟






الهدوء خيم على الغرفة ....


أو يمكن أنا دخلت في غيبوبة جديدة ؟ ما عدت أسمع أي صوت لأي أحد ...

اللي خلاني أرفع نظري من على الورود .... و تجي مباشرة في عين سلطان ...






نزلتها بسرعة ... مو قادرة أحط عيني يعينه .... عينه تلسع .... كأنها مفتاح الكهرباء ... الحرارة بدت تزيد ...

أنفاسي صرت أسحبها بالقوة .... أرجوكم افتحوا النوافذ ... الهواء اللي هنا خلّص !









أول زخة عرق سالت على جبيني ... يمكن كان هدفها تلطف الحرارة شوي ... لكنها بدون قصد أحرجتني كثير ....






اضطرت يدي أنها ترتفع شوي عشان تمسح قطرة العرق ... و شافتها عيني فرصة ... و اختلست النظر لسلطان من الفتحات اللي بين الأصابع ....






سلطان ....

اللـــــــــه ...






كأنه سلطان أسطوري .... واقف قدامي بطوله ... و بعرضه ... و بهيبته ... حتى بعد 15 سنه ....


لسه له نفس التأثير .... نفس السحر اللي يحيط به ... نفس الجاذبية اللي تسحبني له مثل برادة حديد
لا حول لها و لا قوة ... مسحوبة لمغناطيس جبار !






- شوق تجي معي المكتب ؟





كان هذا صوت سلمى ... قطع لحظة ( جبروت ) سلطان اللي كنت أعيشها ...




شوق ردت :


- يالله ...





طبعا قصد سلمى أنها تحث كل الموجودين على أنهم يطلعوا ... طالعت بسلمى و أنا أبلع ريقي ...

و شفتها تطالعني بنظرة مو ساحرة ... إنما خبيثة ! كأنها تقول ...




- ( احنا طالعين ! بنخليكم لوحدكم ! إش رح تسوي يا قمر !!!؟ )






كلهم تحركوا يبون يطلعون .... إلا ولدي بدر ظل جالس عند حضني ما تزحزح ....

يوم شافت أمي بدر مو متحرك و هي طالعة نادت عليه ....




ولدي كان لسه ماسك فيني .... و يوم جا يتحرك أنا اللي مسكت فيه .... أنا مو مصدقة أنكم بتخلوني
مع سلطان لوحدي ؟ أنا خايفة !








ولدي بدر حضني و قبل راسي و يدنيني بحرارة ، و أنا بعد حضنته و قبلته بنفس الحرارة ، و تالي قال :






- يمه ... بالف شوي بالمستشفى و أرد لك !





و قام عن السرير ....



شفته و هو يبتعد خطوة خطوة و ببطء ... كانت عيوني معلقة به ... ما ادري وش منع لساني يقول له :



- ( لا تطلع يا بدر ! )








قبل ما يطلع ، و لما صرنا أنا و سلطان و هو الوحيدين بالغرفة ... دار على سلطان و قال :




- بو نواف ....





سلطان التفتت له و هو مستغرب ...



- خير ؟




بدر ولدي نقل نظرته بيني و بين سلطان ، و بعدها قال :




- أنا ما عندي مانع تتزوج أمي لكن بشرط ...






أنا قلبي توقف ... و يمكن سلطان بعد ... خفت ... وش وده بدري يقول ؟ و ليش ما قال لي أنا أول ؟



قال سلطان :



- حاضرين ! آمر .... ؟




بدر قال :



- وينما تاخذها توديني معها .... أنا ما أقدر أعيش إلا مع أمي ببيت واحد !




سلطان مثلي أنا تفاجأ من كلام الولد ، و بعدها ابتسم و قال :




- أكيد ... تطمن ...





بدر طالع فيني كأنه يستشهدني على كلامه ، و طوّل النظرة ، و ابتسم ... و بعدها طلع من الغرفة ....









أنا ... و سلطان .... وحدنا في الغرفة ....




هذا حلم ؟ هذا وهم ؟






من يوم ما ماتت هبة قدام عيني ... و أنا فقدت صحتي ... الجسمية و العقلية بعد ....


أكيد أنا الحين جالسة أتوهم .... لأن اللي أشوفه أقرب أني أصدقه كوهم ...و لا أصدقه كحقيقة ....









سلطان ... العسل ... حبيب عمري ... رجل حياتي .... قلبي كله ... حبي كله ... دنيتي كلها ... واقف قدامي الحين ... ؟؟؟



زوجي ... ؟ .... معقول .... ؟؟؟ معقول ....؟؟؟







قرب سلطان من قمر أكثر .... لين صار جنبها و جلس على السرير ... مكان ما كان ولدها بدر جالس قبل شوي ...






قمر كانت ترتجف مثل ورقة في مهب الريح .... و كانت عينها مثبتة على الورد ...


و إيدها تلعب ببتلاته ....





سلطان قال :



- عجبك الورد ؟




نفس قمر انطلق بصوت عالي ... أعلى من الصوت اللي قالت به




- نعم ... حلو ....



- أنت ِ أحلى .... بكثير ! ...






رفعت قمر نظرها لعين سلطان .... و اصطدمت نظراتهم .... و تعانقت عناق حار ملتهب ....






مزيج من قطرات الماء السايلة من شعرها المبلل .... مع قطرات العرق المتصببة من جبينها ....

مع قطرات الدموع المنهمرة من عينها .... هذا المزيج ... كله انسكب ... و بلل يد سلطان اللي امتدت
ترفع وجه قمر .... عشان يتأمله أكثر ....






- قمره ...






همس سلطان بصوت خفيف حنون .... هز جسم قمر كله قبل يهز طبلة اذنها ....



قمر قالت بصوت باكي ...



- سلطان .... أنت ... زوجي الحين ؟؟




كأنها تبي تأكيد أكثر و أكثر ....



سلطان قال :



- و أنت زوجتي ... حبيبتي ....






انهارت أعصاب قمر لما سمعت هذه الكلمة : ( حبيبتي ) الكلمة ... اللي عاشت أكثر من 15 سنة ...

تتمنى سماعها من لسان سلطان ....







- سلطان ... أنا ... أنا أحبك .... كثير ...







طلعت هذه الجملة المكبوتة من صدر قمر .... بعد ما خبتها كل هذه السنين ....



سلطان قال :




- و أنا أحبك ... قمره ....


- تحبني سلطان ؟ صحيح تحبني ؟






سألت قمر ... و دموعها تنهمر مثل الشلال .... تبي تسمع منه رد يبرد قلبها المحتر من سنين ...



سلطان جاوب :



- نعم أحبك .... أحبك يا قمرة ... يا جمرة حياتي اللي ما عمرها انطفت ... يوم من الأيام ....

يا قمر سماي و دنيتي ... اللي ... ما عمره غاب ليلة من الليالي ....







و مد إيده ... داخل جيبه .... و طلع المسبحة الفضية ....






قمر طالعت بالمسبحة .... و ابتسمت ....





سلطان قال :




- دوختيني ! ...








قمر ... مدت يدها حول عنقها .... و نزعت السلسة اللي كانت لابستنها ....


و السلسلة كان في وسطها فص فضي معلق .... و مدتها صوب سلطان ...




- الفص الأخير !




قال سلطان و هو ياخذ الفص الثالث و الثلاثين و اللي كان معلق في سلسلة على رقبة قمر ....

و يحطه بسلسلة المسبحة مع إخوانه ...




- و الحين ... التم الشمل !




قال سلطان و هو يبتسم ....


و ابتسمت قمر ....





- أخيرا التم الشمل ....










أخيرا ... سلطان صار لي ...

أخيرا ... حبيبي رد لي ....

أخيرا .... العسل في حضني ... بين ذراعيني ....

و راسي على صدره .... أسمع نبضه ... أحس بدفئه .... و أشم عطره الفواح الزكي ... الله على هذا العطر ... يسحرني ....

و إيده تطبطب على ظهري .... و تخلل شعري المبلل ....

حتى في المرة اللي طافت ... كان مبلل ... بماء البحر ....








15 سنة .... و أنا أنتظر هذه اللحظة ...

اللي أكون فيها بين ذراعين حبيبي سلطان ... و أسمعه يقول لي : ( أحبك ) ....





15 سنة ... أبي أظل معلقة بهذه اللحظة ... ما شي يبعدني عن سلطان ... أعوض السنين اللي راحت كلها ...




ليه استكثرت علي هاللحظة يا سلطان .... ؟


ليه حرمتني منها كل هالعمر ... ليت خليت احساسي يموت و هو ما بعد انولد ...؟


ليه
فجعت قلبي ... ؟



آه يا سلطان ...


لو تدري إش كثر أحبك ....


ضمني بقوة أكثر .... أكثر يا سلطان ... أكثر .... خل قلبي يمتزج بقلبك ... مثل ما روحي امتزجت بروحك من سنين ...





ما أبي اللحظة تنتهي .... لا تتحرك ... لا تبتعد ... خلني بحضنك ... للأبد ... أعيش ... و أموت ...

و أنا بقلبك .... بصدرك .... بين ذراعيك ....






لا تبعدني .... ودي أنام ... بحضنك ... خلوني بحضنه ... تركوني معه ... أرجوكم ...

هذه لحظة عمري كله ... لا تبعدوني .... خلوني مع سلطاني ...







نامت قمر بحضن سلطان مثل طفلة بريئة .... كان مفعول الأدوية متغلب عليها ....




قمر ظلت نايمة لفترة طويلة ....




الأشعة اللي انعادت لها اليوم بينت تجمع جديد للدم في دماغها ، و تقررت العملية تأكيدا .




العملية أجريت في نفس اليوم ... و بعدها نقلوا قمر للعناية المركزة مرة ثانية ....




سلطان ظل ملازم قمر ليل و نهار ... بالضبط مثل ما كان ملازم هبه ...




و فقدها ... بالضبط مثل ما فقد هبه ... بعد العملية بيومين ....

::: النــهــايــة :::


الساعة الآن 12:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية