منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المهجورة والغير مكتملة (https://www.liilas.com/vb3/f837/)
-   -   لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر .. (https://www.liilas.com/vb3/t86736.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 03-02-13 01:28 AM

رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
 

وفي ساعات الصباح الأولى ...
دخل خالد لعيادته وهو يفرك عيونه وقهوته بيده... دليل ان الليلة الفايتة ما كانت مثل ما يشتهي.. ما نام نومته المعهودة اللي يصحى منها وذهنه نشيط...ليلة مزعجة ! .. ومع ألم يده.. .. تنهد وهو يلتقط الباطلو الأبيض من مكانه وبدا يرتديه بهدوء.. يوم سمع دق على بابه.. واقتحام هند العيادة قبل تسمع أذنه..
دخلت وكان باين عليها اعصابها المشدودة.. مع أنها كانت تتقدم بهدوء..
خالد وهو يضبط الياقة بحركات رشيقة..أظهرت يده الملفوفة بشكل واضح لـ هند : خير يا دكتورة ؟
هند طاحت عينها على يده اليسرى المغطاة لين بدايات الأصابع .. أثارت اهتمامها وهي ترفع عيونها لوجهه وهالمرة شافت اللي يغطي جبينه بوضوح ..كانت تبي تتكلم بخصوصه وهي جايه عشان تبرأ ساحتها لكن الإصابات اللي بوجه خالد ويده!.. تنّحت باستغراب ..
إذا تذكر أمس.. ما كان فيه إلا العافية...
خالد كرر يوم لاحظ تأملها للإصابات اللي ما قدر يخفيها : خير دكتورة هند ؟ جايه عندك مشكلة ؟
جمعت صوتها بسرعة : سلامات... وش صاير يا دكتور؟؟؟
ماهوب ناقص مثل هالأسئلة... وهذا اللي خلاه يدخل المستشفى ويطير لعيادته بعيد عن نظرات المتسائلين..
قال باقتضاب: حادث بسيط.... آمري؟

فهمت تهرّبه .. وجارته: جيتك بخصوص موضوع الباقة.. سمعت إنها جتك باسمي..

من طرت الباقة.. التفت بعفوية ناحية الشي المركون بزاوية المكتب.. الشي الملون .. واللي كانت علامات الذبول واضحة بكل ينعة فيها ..نساها حتى جت وطرتها...!
هالباقة !!
كيف ما تخلص منها أمس ؟!!!!
ليش تركها لثاني صباح..
تركها تستقبله بكل ذكرى.. وكل تفصيل صار بسببها...

التفتت هند للباقة الوحيدة.. وأخيراً شافت المرسول باسمها.. ذابلة وقضت يوم وليلة كاملة بعيادة خالد ..!
هند بتوضيح : وصلني خبر انها جتك باسمي...بس انا جيت أوضح سوء الفهم..دكتور خالد أنا مالي علاقة فيها لا من بعيد ولا من قريب.. والاسم المكتوب ماهي أنا..
نقل نظره لها ببرود وهو يرمش نص ترميش : عارف..!
هند احتارت : عارف؟
خالد : شي ثاني؟

شي ثاني؟..
عرفت ان مزاجه مو حق كل يوم..بدليل انه قال هالكلمتين بنبرة ميتة وباردة كثير.. مافيها لا حيوية ولا بشاشة..جاااد مرة!
لكن هند ما جت عشان تقول هالكلمتين وبس : تعرف مين ارسلها يا دكتور خالد؟
رفع نظره لها وهو يرفع كوب قهوته لفمه.. وتبادل معها نظرة هادية..مع نظرة محتقنة بعيونه ولو انها تحاول تغطيها بـ حِلم..
ما علّق وهو يرتشف رشفة.. كون انه عارف بوحه بالحقيقة ما رح يجيب الا مشاكل..!..شلون لو كانت مشاعل طرف فيها ..!
هند كررت السؤال يوم شكّت : ليش ساكت يا دكتور؟
خالد: ما اعرف مرسلها.. لكن بما إن الدكتورة ياسمين أنكرت انها إنتي.. فأنا مصدقها.. وعارف انها مو منك...مجرد تشابه أسماء..
هند بجدية تبوح بشي في خاطرها من امس : لكن انا حاسه انها حركة مقصودة خصوصاً اني الوحيدة هنا باسم هند..
خالد بهدوء : ماهي حركة مقصودة ولا شي.. يمكن صحيح المرسلة اسمها هند..لكن احتمال يكون الغلط باسم المستقبل..اللي هو أنا..
هند ما اقتنعت وتراجعت ناويه تطلع : عالعموم جايه اعتذر اذا كنت ظنيتها أنا.. أنا آسفة ..
ابتسم بجانبية : موضوع وانتهى ..(شالها وهوى بها في سلة المهملات اللي جنبه) ..وهذانا انتهينا منها...ارتاحي يا دكتورة..السالفة ما تستاهل...!
غابت هند عن عينه بعد ما لمح في عيونها اصرار على معرفة الشخص اللي ورا هالسالفة ..
بتقدر توصل للمتسبب بهالشي؟... بتوصل لـ مشاعل؟؟
تنهّد وهو يرفع كوب قهوته ..وهو مو فاهم لحد الحين ليش اختارت هند وارسلت الباقة باسمها...هو ممكن فهم الغاية ورا ارسالها لياسمين بنفس وقت وجود الباقة..وبنفس الوقت اللي ما كان هو موجود فيه... هل كانت تسعى لتخريب شي بينهم؟!
ليش هند..؟؟؟

بلحظة مباغتة اقتحم جمال عليه هدوءه.. لدرجة ان الكوب ارررتج بيده وبغة ينكبّ باللي فيه..
خالد عصب بقوة : ووجع !
جمال كان غير العادة..دخل هالمرة بجدية مافي ابتسامة..مافي مزح..كان جاااد للغاية ..مثل ما كان خالد بعيد عن جانبه المرح والوجوم مغطيه...!
خالد : لا عاد تدرعم كذا لا أهفّك بهالكوب..!
جمال جلس.. ورمى نظرة على بلاستر الجروح اللي كان كبير شوي ومربع الشكل..ولاصق في زاوية حاجبه الأيمن بميلان حتى مستوى عينه..!
ثم رمى نظرة ثانية على يد خالد الملفوفة ما تظهر غير اصابعه ..
وأخيرا ارتفع بعيونه لخالد المتوجّس والواجم : علمني وش صاير معك أمس؟...ليش علقت مع بنت العم بذاك المصعد المهجور من دهر !

ماهو ناااقص أحد يذكرررره فيه ..ماهو رااايق يفكر فيه حتى..
شدّ نفس ..وزفره : وش تتوقع ودانا هناك... إنت قولي يا جمال ؟
جمال ضاقت عيونه : ماني قادر أتوقع شي يا خالد..عشان كذا أسألك...
خالد : اللي صار مجرد حادث عرضي... ماهي بذيك الأهمية.. ما صار شي مهم..
جمال : مستوعب عذرك الغبي ذا؟ .. حادث عرضي؟.. تلعب على بزر ؟
خالد ضاااق شوي : جمال.. انا واحد علق بمكان ضيق لخمس ساعات..لو زادت شوي بس كان صابني جنون...اللي صار ..غصب عني.. لا تشطح بأفكار غريبة أرجوك ..!
جمال : مو فاهم..برضو ماني قادر استوعب وصولك لأبعد نقطة بالمستشفى..والمشكلة إنها النقطة الأسوأ..
خالد بسخرية : كله بفضل الاشعاعية.. ما كانت تدري بمشكلته..
جمال ما فهم : وانت ؟.. ما تدري بمشكلته يومك طحت هالطيحة ؟؟
خالد تنهّد لازم يفهّمه عشان ينهي هالأسئلة اللي تثير العصب : وش تبي توصل له يا جمال ؟؟
جمال بجدية : اللي أبي اوصل له.. إني أفهم وشلون وصلت انت وهي لذاك المكان .. عارفك يا خالد زيـن عشان كذا أبي سبب غير اللي ممكن يفكرون فيه غيري... فـ صارحني..
حافظ خالد على هدوءه رغم ضيييقه... وأردف : ماهو شي مهم يا جمال صدقني.. فعلاً مو شي مهم.. اللي صار ما كان مخطط له.. نزلت أفرّجها عالمكان بما إنها طلبت تشوفه...ودخلته هي بالغلط ..وانا بلحظة غباء مني.. بغيت اطلعها..علقت معها.. هذي القصة!
جمال رفع حاجب قد تكون القصة ماهي مقنعة لذاك الحد ..بس مبرر خالد للنزول هناك ممكن يكون مبرر ولو إنه يشك بكذبه...كيف يفرّج البنت عالمكان وهو صرّح انه رافض وجودها.....لكنه بيصدق القصة لأن هذا السيناريو الوحيد اللي بباله..وكثير اقنع نفسه ان خالد فعلا نسى مشكلة المصعد..
خالد : صدقت ؟.. وعشان ما تقول كذاب...خلني أصحح لك شوي...السالفة وما فيها.. انها نزلت هناك قبلي ..وشفتها بالصدفة ولحقتها.. أصرّت تشوف المكان..وصار اللي صار ..بقية القصة نفس كلامي الأول..
جمال : بصدقك..بس وش قصة هالاصابات اللي فيك... حبسة مصعد وسوت فيك كذا...أجل لو طايح في حفرة وش بيصير لك..
خالد باستياء : تتريق !
جمال بحيرة : انت وش مسوي داخل الليفت..مصارع بنت عمك ومكفختك !؟
خالد بان الاحتقان على وجهه..مستسخف حكيه : ما ودك تسكت ؟!
جمال : ما تشوف شكلك...يد الطبيب هذي يبيلها وقت على ما تطيب شكلها..
تنهّد خالد بغيض: أدري.. وعشان تفرح..محتاجه أشعة عشان أعرف مشكلتها..
جمال باهتمام : أوف !! لهالدرجة !
رفع خالد يده قدام وجه جمال وبان شي من انتفاخها : الواضح إني مارح أقدر أستخدمها فترة..أدني حركة بالأصابع..توجع !
جمال : بسيطة إن شاء الله..
خالد : ممكن تخليني لحالي ألحين... مزاجي منقلب يا جمال..حتى النوم ما عرفت أنامه من وجع يدي..وتعب جسمي..
وقف جمال بيغادر ..لكنه لمّح بشي : ادع الله ما يطلع الخبر بالمستشفى يا خالد..
رفع خالد نظره باهتمام : وش قلت؟
جمال : اللي سمعته...لا تنسى إني ما كنت الوحيد اللي شافك بذاك المكان.. وبوقت متأخر..
ابتسم خالد مستسخف الكلمة : وش قصصه... لا تهوجس واجد.. الموقف طبيعي وممكن يصير.. وش الغريب..
جمال : أنا نبهتك....أشووفك..
وطلع من عنده بعد ما طمّن حاله ولقى أجوبة لأسئلته... وبالمقابل..أثار قلق خالد..من ناحية ثانية ..

::

في موسكو ..
وبعد ساعات سفر قاربت الـ خمس ساعات ..
وصل محمد للمدينة الباردة..المعروفة بـ الشتاء الطويل..ركب التاكسي وهو ضام جكيته الطويل والأنيق حول جسمه يحميه من هوا بارد هبّ رغم سطوع الشمس بهالوقت..أعطاه العنوان اللي كان مسجله عنده من سنين من أيام شغل عمه هنا.. ومحتفظ فيه وكأنه عارف إنه رح يحتاجه..
حركت السيارة فيه بشوارع موسكو وهو يبتسم لا شعورياً.. وصل هنا نهاراً وهو شي حلو سمح له بتأمل الطرقات والشوارع... والناس..
رغم تردده الأول إنه يخطو هالخطوة.. كان رح يتراجع باللحظة الأخيرة.. لأنها مو متخيل تبعاتها.. عليها هي...قبل تكون عليه ..،
خطوة كان لازم يفكر فيها برويـة..لأنه عارف إن سفر سحر لـهنا من ما يقارب الشهرين.. كان مجرد ابتعاد عنه .. هروب من كل شي صار... هروب من جراح... بحث عن الاستقرار من جديد..
وهو بجيته هذي..ممكن يسلب هالشي منها....يظلمها من جديد.. لكن كان لازم يحضر..
لازم يفهم سبب اللي صار وهي طرف بالموضوع...ويدري انه مارح يقدر يكمّل زواجه من بسمة قبل يفهم كل شي..
هو الثاني يبي يستقر على بر...
ابتسم وعينه تطيح على قروب مراهقين يلعبون على أحد الأرصفة... ابتسم وهو يستشعر إن سحر ..قد تكون مشت على وحدة من هالأرصفة...مرّت من هالشارع ... قطعت هالاشارة مع المشاة اللي يمرّون ...
وإنها بمكان قريب... ما عادت بعيدة..!


في فيلا أبو خالد..
بعد فترة... رن جرس الفيلا.. وطلعت صوفيا من المطبخ بعد ما كانت تشتغل على كيكة شوكولا تحبها سحر من سنين.. توجّهت بسرعة للباب متوقعة ان سحر رجعت من مشوارها لأنها كانت تصنع الكيكة مفاجأة لها..
فتحت الباب وهي تبتسم بتقول شي...لكن خفّت ابتسامتها وتلاشت..يوم شافت شاب غريب بملامح هادية وجادة..بمزيج من جاذبية خاصة..وكاريزما مميزة.. يلبس الأسود بفخامة من فوق وتحت.. ما عدا سكارف مقلّم ما بين السكري والأسود يلفّ رقبته ويلامس أطراف فمه..وابتسم بأدب ..
محمد : مرحباً...!



يُتبــــع ..

استمتعوا..

بانتظار اطلالتكم الرايقة كـ عادتها .. عساني ما انحررم ^^

عنوون http://forums.graaam.com/images/smil...%20%282%29.gif



♫ معزوفة حنين ♫ 03-02-13 01:29 AM

رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
 
وبسسسسسسسسسسسسس ..

قراءة ممتعة لكم كلكم ..

Beeeeeesh 09-02-13 12:40 AM

رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
 
السلام عليكم
صباح الخير :$

البارت الجديد متى ينزل ؟

اسمي حلو 10-02-13 12:30 AM

رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
 
الكاتبه قالت يوم الاحد

♫ معزوفة حنين ♫ 11-02-13 03:37 PM

رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
 

الجـــزء 53 ..
-----------------



واقف قدام هالشابة الشقراء اللي فتحت له الباب وتناظره بعيونها الزرقاء نظرات كلها تساؤل .. ما يدري ليش كان متخيّل إن سحر هي اللي بتفتح له الباب.. وبيلتقي فيها ..وكان متحفز بسبب هالفكرة واضطرابات غريبة هاجمته قبل يطرق الباب رغم ان شكله قدام هالشقراء البيضاء يوحي بالثقة والثبات المعهود.. فكرة ان سحر خلف هالباب مباشرة نثر شتات داخله بعد غياب وفراق دام شهرين تناساها فيها لكن ما نساها ،.. ولا يدري وشلون هي عاشتها .. شهرين مرّت ، ما يبي حتى يتذكر الظروف اللي سبقتها والآلام اللي حملتها لها وله..

صوفيا باستغراب لأن اللي قدامها واضح انه أجنبي عن هالبلد وسمرته وملامحه تدل على انه مثل سحر ووليد : أهلاً.. أأستطيع خدمتك ؟
محمد تأكد من هيئتها إنها تشتغل بالفيلا .. وبتريّث : عذراً... هل سحر موجودة ؟
صوفيا باهتمام : الآنسة ؟ .. المعذرة ولكن من تكون ؟؟
محمد بهدوء : جئت لأراها .. أنا ابنُ عمها ..
ابن عمها ؟!
أحد من العايلة..!
انحرجت وهي تتراجع عن الباب ومستغربة هالزيارة المفاجئة من شخص أول مرة تشوفه : اوه آسفة .. أنت ابنُ عمها! .. لم تخبرني بمجيء أحد لزيارتها !!
تقدم محمد مع الباب وهو يتكلم بهدوء : لم اخبرها فزيارتي طارئة..... ( وصل للصالة بخطوات متريّثة كلها ترقب واللي كانت خالية وما توحي بوجود أحد... وصل لنصفها حيث بعض العفسة والأغراض منثورة فوق الطاولة وفوق الصوفا... عرف إنها عفستها وهذي آثارها .. والتفت للشقراء اللي ما يعرف اسمها) : اين هي ؟؟

صوفيا : إنها خارجه منذ الصباح .. هل تود مني الاتصال بها واخبارها بوجودك ؟؟

فكرة الاتصال فيها بعثرت شتاته مرة ثانية .. رفض الفكرة داخل مخه لأن فيه احتمال وارد انها ما تجي لو عرفت.. فالانتظار هو الحل..
وأردف بهدوء : لا داعي للاتصال بها ...يمكنني انتظارها حتى تعود..
صوفيا : كما تريد ..
محمد : متى تعود عادةً؟
صوفيا: خرجت منذ ساعتين ولا أعلم متى تقرر العودة قد تتأخر ..
محمد توجه للجلسة .. وجلس بعفوية على صوفتها المفضلة وهو يفك الزرار الأمامي حق جكيته الأنيق : يمكنني الانتظار..
صوفيا بلباقة : كما تشاء.. هل تريد ان تشرب شيئاً ؟
محمد : كوب من الماء إذا سمحتي ..

تركت صوفيا الصالة ناحية المطبخ وهي متسائلة ومستغربة وجود اللي يقول عن نفسه ولد عمها... توترت من يوم شافته ماتدري ليش..
يا إلهي إنه قوي النظرة ، إنه لا يشبهها إطلاقاً ! هل هو ابنُ عمها فعلااااً ؟..
استوعبت إنها ما سألته عن اسمه من المفاجأة ،!

محمد بمجرد ما صار لحاله قلّب عيونه بأنحاء الصالة الكلاسيكية اللي ماخذه ستايل روسي بشكل واضح.. هذا البيت اللي ضمّها قبل لا يعرفها زين وينبض قلبه لها.. هالبيت آخر ما ضمّها قبل الرجوع .. وبسببه هو.. قررت هي ترجع له !!
شعور غريب وصوله لهالمكان.. استشعاره ان سحر تتحرك بين أركانه وانه جاء عشان يشوفها متجاهل كل الأفكار المترددة اللي سيطرت عليه امس واليوم !! متجاهل كل التحذيرات المجهولة اللي كانت تدق أجراس داخله.. لأنه داري ان داخله رغبة مناقضة وهو إنه يبي يشوفها........ شهرين مرّت يا سحر !
مرت علي مثل السنتين ...كيف مرّت عليك إنتي ؟!

تحرك في الصوفا وطاحت يده بالصدفة على شي صغير عالق في حافتها الجانبية .. دنق باستغراب وهو يشيلها بين أصابعه.. كانت إسواره خرز ملونة شغل يدوي بس ناعمة.. ابتسم وهو يقلبها بين أصابعه يوم استوعب إنها لها ومين غيرها !..ينبعث منها ريحة عطرية خفيفة ..رفعها عند انفه يتأكد ان هالريحة الباردة الحلوة منها..وابتسم بحنية مرة ثانية يوم تأكد ان الاسوارة تحمل من عطر معصمها..رائحة خفييييفة بس حلوة ..
شي من الحنين انتابه .. مشاعر له زمن ما حس فيها رجعت له الحين وهو يمسك هالشي الصغير التافه..اللي لف معصمها وأخذ من عطره ..
هالشي لها ؟ ..
وش سويت بنفسك انت ؟

انت جيت تفهم القصة اللي منت فاهمها.. لا تفكر بأكثر من كذا ولا تسمح لنفسك تسترسل بأي نوع من المشاعر حتى لو كانت عابرة ..
قبض على الاسوارة بأصابعه القووية وهو يرفع راسه بعفوية لعفسة الطاولة أمامه .. دفتر صغير .. مجموعة أوراق .. ربطة شعر ملونة .. وحلق إذن عبارة عن فص ناعم .. ابتسم مرة ثانية وهو يستشعر إنها تقضي ساعات بهالصالة وشكله جالس بمكانها المعتاد لأن الأغراض جنبه ..!
مال للطاولة وهو يمسك فص الحلق الناعم .. لأول مرة يطيح بيده شي يخصها بهالعفوية ومن غير موعد ..
وأخيرا ترك الحلق مكانه.. والتقط أوراق كان عليها شعار غريب.. يوم تمعن فيها استوعب انها شعار لجامعة موسكو وتحته مكتوب كلام بالروسي وبالصفحة اللي بعدها كلام بالانجليزي واضح انه ترجمة ..
عقد حواجبه باهتمام وهو يقرأ بعض العبارات يوم فهم أو توقع ان سحر تدرس هنا !
دخلت عليه صوفيا وهي تبتسم بأدب وقدمت لها الكأس .. التقطه وهو يسأل بعفوية : هل سحر تدرس هنا ؟
صوفيا أدركت للمرة الثانية انه قريب لها.. يناديها (باسمها) مباشرة بعيد عن الرسمية اللي تعودت هي ووليد ينادونها فيها : ليس بعد ..ولكن على وشك.
محمد باهتمام صااادق : حقاً ؟
صوفيا : اجل انها تستعد لذلك .. ( بإحراج) : اعذرني ولكن ..... هل انت ابنُ عمها حقاً ؟
محمد ابتسم يطمنها : اجل .. هل تشكّين ؟
صوفيا : ليس هكذا .. ولكن زيارتك مفاجئة .. لم نعتد على زيارة احد من العائلة إلى هنا ..

محمد بسؤال الغاية منه انه يتأكد : وأين عمي مساعد ؟
صوفيا : السيد غادر فجر اليوم لخارج موسكو ..
تطمّن من هالناحية لأنه مستعبد تماماً مقابلة عمه ولا يبي تعقيد معاه وأسئلة مالها اول ولا تالي خصوصا ان عمه عقب اللي صار مع أبو راهي صار واعي على مشاعر سحر وارتباطها بمحمد .. ومتأكد ان فطنة عمه مارح تغيب عليه هالنقطة .. ولا يدري للحين وشلون تعامل مع سحر عقب هالمشكلة الغريبة وبعد عصبيته ذيك وكلامه !.. كلامه اللي لحد الحين يضرب أوتار خفية من التوجس ..

::

بالمستشفى ...
هند وياسمين يمشون سوى ناحية المصعد عشان كل وحدة تمسك شغلها عقب ساعة الاستراحة ..
ياسمين : كلمتيه؟؟
هند : ايه كيف يعني تبيني أسكت؟
ياسمين : وان شاء الله انحل الموضوع؟
هند : قلت له اللي عندي.. بس هالسالفة ما نزلت لي..واقفه هنا (اصبعها عند حلقها).. قلبي حارّني أبي اعرف مين اللي ارسل البوكيه باسم د. هند !!
ياسمين : المهم خلص الموضوع..وطلعتي سليمة ..والله كنت خايفه يتهور الدكتور خالد ويحكي بالموضوع !
هند : ما ظنيت يسويها بس انتي خوفتيني بتهوليك للموضوع..
ياسمين : ما أدري.. كنت خايفه يطري الموضوع للدكتور نايف بس طلع حكيم وما يبيلك مشاكل..ويمكن ما كان يبي يكبّر الموضوع قبل لا يتأكد..
هند تنهّدت : كلامه لي مشكوك فيه..مدري ليش حسيت انه عارف المرسل بس ما يبي يقول..
ياسمين باهتمام : ومين تتوقعين؟
هند : مدري.. يقول ممكن الغلط باسم المستقبل.. يعني ما ادري شلون افهمه دام البوكيه باسم هند لا وقبلها حرف الدال.. ولا فيه حولنا مستشفى قريبة عشان أقول وصل البوكيه للعنوان الغلط...اوفف..هالموضوع مسبب لي حكككة مين اللي متقمص اسمي..
ابتسمت ياسمين : ممكن تكون دكتورة قديمة كانت تشتغل هنا وتعرفه... وصادف تشابه الأسماء ..
هند : ماني عارفه بس لازم أتأكد...
طلعوا من الليفت وسمعوا صوت سناااء من بعيد تناديهم وتقطع سوالفهم : قييييييييرلز..
ياسمين : هلا سنو... وينك ما حضرتي الغداء معنا..فاتتك الاستراحة ..
سناء بعجلة : آي نو..بس انشغلت شوي... سمعت شي غريب وجيت اقولكم عليه..

ياسمين باهتمام : ايش سمعتي ؟
سناء : سمعت من النيرسز في طابقي قبل شوي..انو في شي صاار لدكتور خالد أمس.. تذكرين ياسمين؟..لما كنتي تدورين عليه وقلتي انك ما لقيتيه..
ياسمين باهتمام : ايوه؟ ..جمال قال لي انه طلع ..
سناء : نوو ! never .. يقولون حصلوه تحت مع بنت .. محبوس طول اليوووم ..
شههههقت هند وأفكارها تروح بعيد..وياسمين عقدت حواجبها باهتمام كبير : ايش؟
سناء : تخييييييلوا... هذا اللي صار ..
ياسمين بصدمة : وش هالخرابيط؟..كيف يعني محبوس مع بنت ؟!
سناء : ما أدري..بس النيرسز وصلهم خبر من العمال اللي تحت.. شافووهم...أوه ماي قاد !..i cant believe it
هند فتحت فمها ماهي مستوعبة شي : كيف يعني شافووهم؟؟..مستوعبة انتي وش قاعدة تقولييييين !!
ياسمين بعصبييية : اقول لا تشطحين واجد.. مستحيل يكون اللي تفكرين فيه يا هند... وانتي سناء .. لا تنقلين هالحكي هذي سمعة الرجال... جمال أمس قالي إنه طلع..!
سناء : هذا اللي سمعتهم يسولفون فيه.. تتوقعون صدق؟!
ياسمين : سناء بشويش لحد يسمع ...والله لو يمر الحين جنبنا ويسمع حكيك عنه.. إن يوديك ورا الشمس..حاذري لا يسمع إلا سمعة الرجال..
سناء : انا ما طريت سمعته انا بس اقول اللي سمعته..
هند باهتمام .. وهي تتذكر منظره اللي شافته عليه يوم دخلت عيادته : ممكن فعلا يكون صاير له شي!..( والتفتت لـ ياسمين) : ياسمين..قلت لك انه مو طبيعي اليوم... فيه اصابات غريبة ..
ياسمين : وش دخل ذا بـ ذا ؟
هند : مدري.. بس اقول ممكن يكون صاير له شي امس مو تقولين دورتي عليه وما لقيتيه...
ياسمين : هذا يثبت إن اللي تقوله سناء مو صدق.. جمال قال لي انه طلع وانتي تقولين متعوّر.. هالممرضات الزفت والله لأوريهم.. من متى مستشفى ابوي مكان للقصص التافهة هذي..
سناء : ريلااااكس..

::

طلع خالد من عيادته ناوي يتوجه لقسم الأشعة عشان يفحص هاليد اللي متورمه عقب الاصابة..الألم يروح ويرجع عليه..ما عرف يشتغل فيها ،... استخدم الدرج متجنّب المصعد متعمـّد لأنه يدري إنه مواجه للمكان اللي تجلس فيه مباشرة ... ما يدري عن شي غير إنه ما يبي عينه تطيح عليها..،
وعشان ما يتصادم وياها استخدم الدرج .... دخل الطابق بهدوء وعينه تطيح من بعيد على الكاونتر اللي كان خالي... مكانها خالي ما عدا ممرضة واقفه هناك لحالها...
لفت نظره عدم وجودها .... وجاه هاجس مفاجئ انها ما حضرت اليوم !
هاجس نفاه على طول... اللي مثلها رح تقاتل لآخر رمق.. عوّدته عالاستسلام..مع اني اللي صار كفيل انه يقلب موازينها..
ممكن تكون بغرفة الأشعة هالوقت..
فـ اقترب بهدوء من الكاونتر عشان يتأكد قبل يروح هناك : عذراً..
الممرضة : نعم دوكتور ؟
خالد : أين الممرضة الجديدة؟
الممرضة مالت بفهمها : لا أعلم...لم أرها اليوم..
خالد باستغراب : كيف لم تريها؟ ..ألم تحضر اليوم ؟
الممرضة : لا خبر لديّ...لقد جئت إلى هنا للتو..

طلعت شيري من الغرفة وهي حاملة ملفات حطتها على الكاونتر...وبادرها خالد مباشرة : أين الممرضة الجديدة؟
شيري : مشاءيل ؟... لم تحضر !
رفع حواجبه بدهشة : حقاً..!
شيري : أجل إنها متغيّبه...

تراجع عن الكاونتر مو فاهم سبب لـ تغيّبها المفاجئ هذا..غير اللي صار معهم ..
رجع ينزل مأجّل فكرة الأشعة لآخر اليوم.. نفسه فجأة منسدّة عن كل شي...

وهو يدخل الطابق لمح ممرضتين يسولفون ويوم شافوه هدت نبرة صوتهم وهم يرمقونه بنظرات غريبة .. استغرب لأول وهلة لكن عقب لحظات فهم إنهم يرمقونه بسبب شكله والإصابة الواضحة فوق حاجبه...وسْم واضح بوجهه !
ابتسم برسمية لهم وهو يمرّ من عندهم لكن حس نظراتهم مو طبيعية..
وقف وطالعهم : مالأمر؟..أهناك مشكلة؟
الممرضة الاولى بحرج : لاشيء دوكتور !
خالد ما صدقها.. وتوّه يدرك إنهم كانوا يكلمون عنه !.. فـ اقترب منهم بجدية أربكتهم : عن ماذا كنتما تتحدثان !؟
الممرضة ناظرت زميلتها وهي تستعد للانسحاب : لا شيء مهم..عن اذنك !
خالد كرر بحزم : قفي مكانكِ !... عن ماذا كنتما تتحدثان ؟..آمل أن لا يكون شيئاً يتعلق بي!
انقلب وجهها ..وابتسمت برسمية قدام نظرته المربكة ببداية عصبية !
خالد بأمر : تكلمي !

عقب دقايق رجع لعيادته وهو ثاير !.. دخل وهو متمالك نفسه لأقصى درجة .. استوعب غلطته اللي ما انتبه لها ...كان المفروض من البداية يوضّح السالفة للاثنين اللي شافوهم عشان ما تاخذهم الخيالات لبعيد وتبدأ الاشاعات من تحت راسهم ..!
وقف قدام النافذة وهو مغمض وماسك أعصابه بالعافية ..داخله شحنات غضب من اللي سمعه.. ويدري ان السالفة بتاخذ بهارات وتأليف ماله أساس من الصحة..يكره الاشاعات..ي.كرهها كره العمى كيف لو لقى نفسه بوسطها وهو بطلها !!
فتح عيونه وصورة مشاعل مستقرة بينهم... غابت اليوم وخلته يواجه آثار اللي صار لحاله... وش بتكون ردة فعلها لو عرفت بنتايج اللي سوته !!
زفرّ هوا ساخن غاضب وتحرك للباب..وهالمرة على عيادة جمال الموجود بالمبنى المجاور واللي يفصلهم جسر ..عبره لهناك وتجاوز الريسبشن الخاص فيه..متجاهل تحية الموظفة اللي بالاستقبال ومخه مشحون من الموضوع كله..
اقتحم عيادة جمال اللي كان خلال جلسة نفسية ..وقدامه شاب ..
جمال ضاق من دخوله..والتفت للشاب : المعذرة .. (التفت لـ خالد) : دكتور خالد ممكن تنتظر عشر دقايق أكون انتهيت من الجلسة..
عض خالد شفته وهو يتراجع ويلتزم هدوءه....لا تفقد أعصابك...لا تفقد أعصابك...ماهي مشكلة...
يومين ورح تختفي من أساسها...
وقف بالخارج متكتّف عالجدار..ينتظر وعقب عشر دقايق طلع الشاب قدامه.. تحرك بعده إلّا جمال طالع له عند الباب : خير عساه خير؟..وش هالدرعمة يا خالد !! أربكت الجلسة عليّ..
خالد شدّ نفس ..وزفره : آسف...لكن جيت اتكلم معك..
دخلوا وجمال يغلق الباب...بينما عيونه تتابع خالد اللي صابه توتر عصبي : خير؟..وراك كذا..؟
خالد بسخرية : تدري وش سمعت اليوم بالصدفة !
جمال : خير وش سمعت ؟
خالد : الظاهر اني صرت سالفة على كل لسان...بالصدفة صدت ممرضتين قبل شوي يقطعون فيني ..
ابتسم جمال غصب من شكله : ههههه... لا تقول مخاوفي تحققت !
خالد بغضب : لا تضحك ! .. مستعد أنزل ألحين للاثنين اللي تحت وأمسح فيه البلاط بلاطة بلاطة .. القصة من تحت راسهم..
جمال بهدوء : من حقك تمسح فيهم البلاط بلاطة بلاطة...لكن لا تلومهم ..وجودك بذاك المكان وبذاك الوقت..كان غريب.. أنا وهو أنا عارفك زين ما لقيت سبب واضح يوديك لهناك إلا لما شرحت لي إنت... فلا تستغرب لو طلعت قصة إنت بطلها..
خالد : جمال لا تستهبل... لاقيني رايق لهالمواضيع ؟ ...تدري إن سمعتي ألزم ما عليّ.. ومارح أسمح لكان ما يكون يدوس طرفها.. طرفها بس مارح أسمح..
جمال : على هونك.. ان شاء الله ما رح تطول..
خالد : ان صادفت احد يحكي بحرف بقص لسااانه قص..
جمال تنهّد... وبقلق صادق : .. لا تنسى الموضوع ما يخصك لحالك.. اذا انت ما تحملت هالكلمتين اجل وش بيكون حال بنت عمك المسكينة لا درت.. بتحتاج وقفـة صادقة معها.. لازم تطمّنها يا خالد...أكيد وصلها خبر وما تدري شلون حالها ألحين.....منت لحالك بهالقصة !
ناظره خالد بسخرية ومن داخله منغبن : لا ما وصلها خبر...لأنها ما دوامت اليوم !
جمال باهتمام : والله ؟ متأكد ؟
خالد : مريت عليها ما حصّلتها.. كان لازم أتوقع انها مارح تحضر لأن اللي صار موتة أعصاب بكل ما للكلمة من معنى ..

::


في هذيك الهجرة النائية .. عند بيت الطين اللي يضم رجل مسنّ ..
طرقات على باب الخشب..متكررة..ومتباينة بضعف..الوقت بعد الفجر مباشرة ..
طلع العم مصلح من غرفته وهو يستغفر الله بخفوت صوته..للتو رجع من صلاة الفجر من ما يقارب الـ عشر دقايق.. والطرق كان لحوح ومتكرر بشكل غريب..وغير معهود من جيرانه.. كان ضعيف بلحظة وعنيف بلحظة ..
يكلّم اللي خلف الباب وهو يفتح المزلاج : لحظة يابوك..
ما حصل ردّ وهو يجذب الباب بهدوء للزائر.. فتحــه ...وطاحت عينه على المنظر المُهيب اللي قدامه...
جريـــح يقبع قدام باب بيته..!؟
ما قدر يشوف وجهه بالبداية..أو يميّز هويته.!
وفتح عيونه المتجعّدة بـ خوف مصدوم ولسانه ينطق بدون ادراك : لا إله إلا الله ....!!!!
ما ردّ الجسد اللي جالس عالأرض متمدد بتعب وظهره للجدار مافيه حيل للوقوف...وجهه متعرّق ولهاثه كان هو الصوت الوحيد اللي يصدر منه ..
كان منظر غريب ومخيف بكل المقاييس بالنسبة له... منظر ما شافه من قبل ..
تحرّك العم مصلح بخطواته الضعيفة يحاول يمسكه ..يعينه..يلمسه...يتطمن عليه.. أي شي!! .. أي شي يساعد فيه هالجريح اللي قدام بابه : لا إله إلا الله...لا إله إلا الله!!... وش فيك يابوك وش فيك ؟؟
وقبل ينطق يجاوبه....عرفــه العم مصلح..وعرف مين يكون رغم إنه كان مدنّق راسه للأرض بألم !!
هو عابر السبيــل اللي استضافه في بيته قبل فترة ..!
وبخوف جامح غمر صووته الأبحّ بسبب سنّه : عمر! وش صاير يابوك وش صاير..بلاك يا ولدي..لا إله إلا الله بلاك إنت صاحي تكلم ؟؟
حاول يتكلم لكن الألم اللي كان مسيطر على كل عصب بجسمه منعــه.. هو جالس ينــزف.. يفقد ادراكه...هو تباغت على حين غرّة !!
العم مصلح جلس جنبه يحاول يشوف حاله والرعب عليه ياكله أكل : تكلم يابوك تكلم..منهو اللي سوابك كذا..
همس بصعوبة بالغة...بصوت بالكاد ينسمع : دخّلن..دخّلني.. هم...و..راي..
العم مصلح ما فهم مين اللي هم وراه...لكن الواضح ان الوضع ما يسمح لأسئلة ومن شكله ، الخطر حوله..!
قال : فيك حيل تتحرك ؟؟ تبي من يشيلك..؟
مسك عمر يد العم ذات التجاعيد العميقة وهو يكرر بتعب وتأكيد: دخلـ..نـي..
استجاب بخوف ..وحاول العم يشيله واقف لكن طول عمر الفارع وثقلـه ما كان يسمح لجسد هدّه الزمن والسنين إنه يتحمّله..وبخوف جامح مثل خوفه على ولده : لحظة خلني أنادي احد يساعدني ..ماقدر لحالي يابوك..
مسكه عمر بقوة قبل يبتعد ..بهمس : مافي ..وقت..
العم مصلح : وشهو اللي مافيه وقت..إنت مافيك حيل..خلني انادي احد هالجيران يساعدني عليك..
عمر بهمس متوجّع الحرف الواحد يطلع بعد جهد : انا.. بدخل.. بشيل..عمري..
وكإثبات على قدرته..تسنّد على حافة الجدار بأصابع متلوثة بالأحمر.. ترك موضع اصابته وتمسّك بالجدار بيد وحدة واليد الثانية تعاني آلام تقتل .. وهالأحمر خوّف العم مصلح عليه أكثر وأكثر..
قام على حيله وهو منحني بظهره للأمام وخطى خطوة وحدة لداخل ..ما خطى غيرهــا لكن كانت كافية إنه يدخل ضمن حدود البيت اللي لقى نفسه يلجأ له...وطاح عالأرض وهو يمسك موضع اصابته..متمدد على وجهه..
صاح العم مصلح من منظره : لا إله إلا الله..اسم الله عليك يا ولد ..بلاك تكلم..
تحرك عنده بسرعة بعد ما أغلق الباب ..انقلب عمر من بطنه وصار على ظهره وهو ضام ركبة لبطنه وممدد الثانية بحركة ألم وأوجاع يعيشها ونص وجهه ممرّغ بالتراب وهو يشدّ على أنفاسه .. ما يبي يغيب عن الوعي.. ما يبي يفقد نفسه..!
العم مصلح : بلااااااك .. وش هالمصيبة اللي مسوية بك كذا !!..تكلم يا ولد لا تخرعني عليك..انخاك تكلم !!
ما تكلم ..لأنه ما لقى صوته..
والدنيا صارت ظلام بعيونه..

::

في مقرّهـم ..
عادل جالس بالمكان المعتاد اللي تعوّدوا يجلسونه الأيام الأخيرة مع عياف وباقي الشباب.. يسولف مع اللي قدامه ..وينتظرون آخر الأخبار ..
عياف واقف على شبّاك يطل على ما يشبه المسطّح الأخضر المتوسط المساحة.. في ما يشبه الاستراحة .. والصمت مسيطر عليه..في حالة ترقّب وتوجّس.. ما يشاركهم السوالف ولاهو مركّز معهم رغم ان عادل ماسك دفة السوالف وماهو حاس بأدنى ترقّب مثل عياف..
مطلق قاطعه بتوتّر : أقول... صحيح ...لقوا عمر؟
عادل قطع السالفة وهو يرمي عليه نظرة حانقة : يا شين الطاري.. تقطع سالفتي عشان تطريه..؟
مطلق بتوتر : ماني قادر أفكر بشي الحين غيره..
عادل : ايوه مثل ما سمعت قبل ساعتين..لقوه..وجايبينه بالطريق.. انتظر شوي وبتلاقيه يدخل زحف..(ابتسم بمتعة) : مثل ما نتمنى ونتخيل...صبرك..
تنهّد مطلق والتفت لـ عياف وهو ساكت يحتري ردة فعل من زعيمهم اللي يعتمدون عليه..
عادل بانتباه : من وشو متوتر ؟؟..لا تقولي عشانه !!؟
مطلق : يمكن يضرونه...متوتر بسببهم ... (التفت لـ عياف اللي كان بعيد معطيهم ظهره وجااامد مثل الصنم من ساعة ) : عياف ..عمر صاحبك...كيف تسوي فيه كذا ؟
عادل عصب : ماهو صاحبنا ..يسطفل.. لا تقول خايف عليه هالكلب..
مطلق ناظره : صاحبنا 3 سنين ونص يا عادل ماني قادر اتجاهل هالشي..!
عادل بعصبية : هاللي تقول عنه صاحبك...راح وتركك..ومستعد يبيعك ويبيع صحبة الثلاث سنين اللي تقول عليها.. لا أسمعك تطريه قدامي..
مطلق التفت لـ عياف متجاهل كلام عادل الحاقد : عياف !.. كنت اتمنى تصفّي حسابك معه لحالكم..بدون لا تدخّل هالناس بالسالفة.. الموضوع بيننا احنا..
عياف ما تحرّك ولا أبدى تجاوب...بينما عادل مسك زجاجة السجاير يلوّح فيها : بتسكت ولا أطيّرك بهالقزازة..قلنا لك لا تطريه... غيرنا بيعرف يتعامل معه زين..
مطلق ونظراته على عياف : عياف ! تسمع وش أقول ..!
تحرّك عياف أخيرا ًبعد جمود لـ ساعة..واستدار وعيونه تلتقي بعيون مطلق وبجمود صوته : جابه لنفسه يا مطلق !
عادل أيّد بشدة : هذا الكلام !
عياف تابع بهدوء صوته : عمر استفزّهــم وجاب لنفسه هالشي... لا تنسى إني طلبت منه يرجع وهو رفض...وتعرّض لرجالهم...كيف تبيني أمنعهم !؟
مطلق : بس يا عياف... ما كان المفروض ندخّل نفسنا مع هالناس من الأساس... عمر كان له راي بهالموضوع من البداية وإنت تجاهلته .. وما ألومه إذا خاف على نفسه وبغى يتركنا...ألاحظ اننا توهقنا أكثر من أول ..

عادل بتعنيف : ما توهقنا وضعنا ألحين أحسن من أول.. إحمد ربك لو غيرك انرمى بالسجن ومحد درى عنه..
رمى مطلق عليه نظرة بعصبية ورجع يناظر بـ عياف لعله يتراجع عن هالوضع : عياف انا اقول لازم نراجع وضعنا ذا... صرنا عالهامش لا نقدر نطلع ولا ندخل..تحت سلطتهم وأمرهم.. ضايعين ما ندري وش بيصير معنا ..
عياف : هذا اللي في يدنا الحين ما نقدر نسوي شي.. إنت تدري عقب حسن اللي انقبض عليه وضعنا بخطر ونحتاج نختفي عن الأنظار مدة ويمكن هالمكان هو الخيار الأفضل حالياً..
مطلق : لازم نشوف حل لهالوضع...ماني مقتنع بهالحال..واكيد انت مو عاجبك وضعك يا عياف ومو عاجبك تكون تحت إمرة أحد..
عادل تدخّل بسخرية حادة : دام مو عاجبك النعيم اللي انت فيه...عندك حل ثاني يا فيلسوف زمانك ؟!
مطلق كان بيردّ على اسلوب عادل الاستفزازي وطبعه ..لكن قاطعهم صوت من الخارج...
صوت السبع !!
غاااااااضب.. ونبرته مزمجرة وعنيفة ..!

فزّ عادل من مكانه ..والتفت عياف لجهة الباب ومطلق اللي كان معطي الباب ظهره لف بجسمه وهو جالس والبقية توجّه انتباههم لذاك المكان والخبر قريب منهم ..!
مطلق همس للي جنبه : الله يستر ...! ،
اللي جنبه همس له : فشلوا هالمرة بعد ..!؟
مطلق ابتسم لا شعورياً : الظاهر كذا..

تحرّك عياف مبتعد عن النافذة لوسط الجلسة وقريب من مجموعته الملتفّه حول بعضها ونظراته جاااادة كثيير تنتظر الخبر اليقين..
عادل تحرك للباب بيشوف الموضوع ..بس قابلهم السبع داخل وهو ماسك جوال يتكلم فيه ومعه اثنين وصّلوا له المكالمة اللي وصلت على جوال واحد منهم...
ما فهموا وش صاير بس كانوا يسمعون كلمات متفرقة ..
" وش صار للي معه؟ "
" وشلون طلع برا السيطرة؟ "
" وشلون انقلبت ؟ وشلوووون يا كلاب"
وبغضب " ما حذرت أنا ؟.. ما قلت لكم تعاملوا معه مثل الكلب المسعور"
" الله ياخذكم... جيبوه ..جيبوووه حي ميّت أهم شي..لا يفلت هالمرة"
وقفل الجوال وبدال لا يرجّعه لـ صاحبه قذف فيه بكامل قواه وبعنف ناحية الجدار لين تكسّر..واللي معه ساكتين ما علّقوا..
السبع بصرخة تتوعّــــد : والله لأوريه !...جايبه جايبــه !...وين بتروح مني يالمسعور !

عياف فزّ وهو يناظره بدون كلمة تصدر منه..ومعه عادل اللي ضاااقت ملامحه من تطوّر الأحداث..مو فاهمين التطور اللي صار لأنهم قبل ساعتين وصلهم خبر انه انمسك وجايين بالطريق !!
عادل تحرك لـ صاحبه السبع وانتباهه مشدود للآخر..بصووت حاااد ماهو متخيّل شي بس يبدو إن الحرب اشتدّت : وش صار معه ؟
السبع تحرك للمقعد اللي يجلس فيه بالعادة وهو يحاول يحافظ على أعصابه ماهو مستعد لتقبّل الفشل هالمرة ومستعد يزلزل الأرض.. شدّ أنفاس وهو يزمجر : صاحبكم هذا... ما يبي يرسّيها على بر !
عقد عياف حواجبه مو مستوعب وش اللي صار هالمرة بعد.. وش مسوي عمر هالمرة اللي مخلي السبع يوصل لهالمرحلة من احمرار العروق والوجه !!
وش مهبب هالمرة ؟!
أما عادل اقترب منه بهدوء : هدّ أعصابك وعلمنا..وش صار هماك قلت إنه كان تحت السيطرة قبل ساعتين !؟
رفع السبع نظره عن الأرض..لـ عادل بنارية : صاحبكم مجنون رسمي.. مستعد يذبح عمره بأي شكل..تسبب على نفسه وكان على وشك يقضي على حياته بيديه..
عادل ما قدر يتخيّل شي : وش اللي صار ؟ وش سالفة انقلبت وبرا السيطرة؟..مو قلت رجالكم مسكوه زين..وش اللي استجدّ..؟
السبع : هذا اللي صار.. مسكوه وطقوه لين خضع وركب معهم بدمه ...لكن خضوعه كان مؤقت حسب كلامهم.. وبنص الطريق هاج عليهم .. تسبب عليهم بحادث وانقلاب مريع وكلهم بما فيهم هـو.. طلعوا مصابين...لكنه هرب !
جلس عادل جنبه وهو يحاول يستوعب : وشلون صار هالشي ؟؟
السبع : مسعور وهايج..كانوا مسرعين بالطريق والظاهر استغل الفرصة هاج عليهم..وفقدوا السيطرة.. ومنصور يقول انه تسبب بالحادث متعمّد..يعني كان ناويها من يوم ركب معهم..
عادل : والحين وينه؟
السبع: يدورونه بالأماكن القريبة ..يقولون مصاب مارح يبتعد كثير..وهو شي يحسب لهم..
عياف جلس وهمس يقاطعهم : وش نوع الاصابة ؟
السبع : ما ندري للحين لكنه متعوّر.. وفوقها طقّوه قبل ياخذونه يعني متعور بالحالتين..!
عادل : ورجالك شخبارهم ؟؟
السبع : أحياء عقب الانقلاب وهذا المهم...الكل متعوّر بما فيهم هو والمتوقع انه متعور اكثر منهم لأنهم ما قصروا فيه..!
عادل تهادى للخلف : بما انه مصاب.. مارح يفلت..بالأخير..كل شخص له حد للاحتمال وهالمسعور ماهوب استثناء !
السبع عض لسانه : بننتظر منصور اللي كان متواصل معهم ..يجي ونفهم اللي صار زين..

::

مرت الساعات ..شادن اللي طلعت من البيت على أساس بتروح الجامعة بنظر أهلها.. طلعت وهي تقصد المستشفى بعينه ..ما قدرت تجلس ساكتة تنتظر خبر أو جواب لا بخصوص عمر ولا بخصوص راهي اللي وصلها خبر ان حالته مترديـه للغاية..!
الخيارات قدامها كانت قليلة وما في مجال للتفكير.. راحت هناك وهي تدعي ان المصيبة ذي تعدّي على خير.. وان راهي يقوم منها بأي شكل من الأشكال.. .. حتى لو كانت تخشاه...وحتى لو كانت تكرهه إلا ان هالحال محد يبيه.. هي تبيه يبعد عن حياتها وعن عمر لكن مو بهالشكل اللي يعفس دنياها أكثر مما هي معفوسة..!
وصلت للمستشفى وهي عارفه أن أهل راهي هناك..أمه وأبوه..وبسمه لازالوا من ساعات الليل هناك..!
وصعبة عليها تروح لهم وتواجههم بنفسها....بأي صفة تجي عشان تتطمن على ولدهم؟... هالشي ممكن يجيب الاشاعات السقيمة اللي هي في غنى عنها..!
دخلت اللوبي وببالها بسمة.. هي الوحيدة قدامها..حتى لو هي استغربت وملتها الشكوك ..تظل خيار أسهل وأهون.. وبكل الحالات ما تظن ان بسمة في مزاج الحين انها تفكر بمثل هالتفكير..
راحت بوحدة من الجهات البعيدة عن مدخل المستشفى وهي تتصل ببسمة وتدعي ما يجيها خبر شين جديد ..
جاها صوتها مثل الأول ..بس زاد بحة لكنها أهدى وكأنها مستسلمة : هلا...شادن..
شادن : هلا بسمة ...وش الأخبار بشري ..؟
بسمة : بالعناية المركزة... حالته متر.ديه كثير..كثييير..
شادن : ان شاء الله يكون بخير.. وينك انتي ...أنا بالمستشفى ..
بسمة : جيتي؟
شادن : ايه طلعت من الجامعة والمستشفى على طريقي قلت اجي اشوفك...
بسمة : جيتي..بوقتك... محتاجه اتكلم مع أحد..
ابتسمت بوجع : تعالي باللوبي..اخوك بيطلع منها..
بكت بحررة : ماظنيت..ماظنييييت....

ما كانت غير دقايق وبسمة تطلع لها تمشي وحالها يحكي عن معاناتها وفجعتها بخبر أخوها اللي جاهم بعزّ الليل..
جلست جنبها وهي تحاول تستفسر عن حالته : كيف وضعه ؟
بسمة بشهاق : فاقد..دم كثير... وعنده فشل..كلوي... طلّعوا منه.. 4 رصاصات.. وحدة منهم بالكلية...وفوق هذا ..جسمه تعرض لضرب ..والشرطة حضرت ..تق...تقووول..انها جريمة..قتل....أحد متعرض له... اخوووي انقتل ..!!
شادن وقلبها يعصررها عصصصر : ما انقتل ..ان شاء الله يطلع منها...
بسمة : اخوي ما عنده اعداء .. مين بيسوي فيييه كذا ..
سكتت ما علّقت ..كيف تقولها ..اخوك حتى لو ما عنده أعداء بحياته..إلا إنه بكل غباء..اختار له العدو الخطأ..
ياما حاولت تحذره من تصرفاته ..تحذره من عمر لكنه ما أخذ كلامها على محمل الجد..
أخذ كلامها مجرد تهديد بالهوا...وكانت هذي النتيجة ..
النتيجة اللي تخافها ..ووش بيدها الحين..!

قامت تجيب لـ بسمة موية من أي مكان... وقبل ترجع.. انزوت بعيد وهي تحاول تتصل على جوال عمر للمرة العاشرة.. ونفس الحال..مغلــق !
ماهي عارفه تفكّر...بيشيب راسها من هالأفكار ..
ليييش يقفل جواله؟...
لا تتركني أحترق يا عمر.. لا تتركني أحترق..!

::





الساعة الآن 10:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية