منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المهجورة والغير مكتملة (https://www.liilas.com/vb3/f837/)
-   -   لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر .. (https://www.liilas.com/vb3/t86736.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 27-02-11 02:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jibriil4ever (المشاركة 2649608)
thank you so much




You are welcome ..



♫ معزوفة حنين ♫ 27-02-11 02:40 PM



الجــزء 26
الفصل الأولـ
----------------------------


طلعت مشاعل من الخيمة بعد ما تأخّرت سحر..اللي صار لها فوق الـ نص ساعة طالعه عشان تكلّم بندر حسب كلامها ..وما رجعت للحين !!
قلقانه عليها وخايفه ولا تدري ليش ماخذه كلام خالد بجدية !!
خالد الخايس ..
خالد اللي أمرها تنتبه لـ سحر .. ما تدري ليش قاعده تنفّذ أوامره حرفياً وهو اللي قهرها !!
تأففت.. وهي تتحلطم !! ،، خويلد ليش تأثيرك كذا عليّ !

ناظرت ساعة معصمها وهي تسحب كمّها لورا عشان تشوف الدقايق ..
وين طسسست ..؟!!
"وش فيك؟ "
لفت ورا..وشافت بسمة جاية وابتسامة رضـا تملا وجهها ..رغم إن فيه أثر دموع غريب على ملامحها مو واضح مرة !
قالت بضيق : شفتي سحر؟
بسمة باستغراب : لا ..تركتها بالخيمة قبل نص ساعة !
مشاعل : طلعت عقبك.. ما شفتيها بطريقك ؟؟؟
بسمة تبدّلت نظرتها لعـدم اهتمام : ...لا ..

مشاعل نوت تدخل الخيمة ..مالها إلا تكلّم بندر وتسأله .. لكن قبل توطى رجلها لداخل ، شافتها جاية بخطوات بطيئة ومنكسرة ..ووجهها مو طبيعي آثار الدموع باديه عليه إلى جانب إنّ التجهم والحزن كاسيها من أولها لآخرها ..!
مشاعل : أخيراً .. تعالي ادخلي بسرعة كنت أهوجس فيك مع هالبرد .. طوّلتي !!
تقدّمت سحر وهي ما تطالع أي وحدة فيهم.. لا بسمة اللي كانت واقفة برا الخيمة ونظراتها الغريبة والمنتشيـه بشي غريب ! ، ..ولا مشاعل اللي كانت عند مدخلها تطالعها ..!

دخلت وهي ساكتة والتعب ماخذ مأخذه منها .. تقدمت مشاعل تشوف حرارتها إن كان خفّت.. لكن سحر لا وضعها النفسي ولا الجسدي يساعد إنها تخفّ،،!
مشاعل بضيق : وبعدين معك.. حرارتك ما تبي تنزل !!
دسّت سحر جسمها داخل البطانية وهي تهمس ببحححة ..صوتها راح من كثر ما بكت بالسيارة لوحدها : هي كذا حرارتي .. تخفّ ثاني يوم ..لازم تبهذلي أول يوم!
مشاعل بضيق: وبتجلسين كذا لـ بكرة .. ؟..ما بقى قدامنا وقت غير بكرة لين المغرب وبعدين بنودّع البر .. بتجلسين مريضة كذا !؟
ابتسمت سحر وهي ترمي راسها عالوسادة بمرارة : اليوم الأخير بيكون لك مب لي.. جد تعبانة وشكل يبي لي اسبوع على ما أخفّ !
مشاعل قلقت : دام كذا ليه ما تروحين المستشفى..خالتي هيفاء تقول ان مرضك بالعادة يبهذل.. خصوصا الحرارة والفلو !
سحر غمضت عيونها تغالب انكسارها اللي انكسرته اليوم قدام محمد..وبشهادة بندر اللي ما قدرت تكلّمه وتصفّى الحساب اللي ما تدري ليش صارت تشيله : ما أبغى مستشفيات بكرة بنرجع..فكيني من هالطاري الله يخليك.. انا ما صدّقت امي تقتنع ! ( كل كلامها كان بانهاك وبحة قتلت صوتها )

قالت مشاعل بقلق : تبين شي دافي تشربينه !
سحر ابتسمت وهي مغمضه : يا ليت !
لفت مشاعل لـ بسمة اللي كانت ساكتة وتطالع سحر بـ كره.. ! ، مو قادره تنسى إن خطيبها اللي تعلّقت فيه له شي ناحيتها ..وهي مثله !!
قالت مشاعل : تعالي بسمة نسوي لنا ثلاثتنا شاهي بالحليب.. ونجلس جوا لين ترجع شادن دام سحر تعبانة ..
بسمة هزت راسها موافقه : اوكي يلله ..

طلعوا للنار اللي كانوا جالسينها ام خالد وام محمد ..
قالت ام خالد بقلق : ها مشاعل.. شلونها سحر؟!
مشاعل : يعني يا خالتي ..بعد يبيلها ترتاح حرارتها شكله معنده ما تبي تنزل
ام خالد بضييق : ياربي مع هالبنت.. حرارتها تبهذل.. المشكلة مو راضيه تروح المستشفى ..وخالد سألني عنها قبل شوي يقول كان ما خفّت ياخذها المستشفى !
مشاعل : تقول ما تبي.. شوي وتخف على كلامها ..ما تحب المستشفيات
قامت ام خالد واقفه وهي تقول : بروح اشوفها الله يهديها ..

راحت ام خالد تطّمن على بنتها وتعطيها الخافض مرة ثانية إن كان حرارتها ما نزلت..،
وأم محمد من جهة كانت تحاول تتصل من جوالها ..
انتبهت مشاعل لأمها وهي تشيل الابريق المليان موية عشان تغليه..
وقالت : مين تكلمين يمه؟؟
ام محمد : اكلم اختك هالمهبولة !!
ضحكت مشاعل غصب : ههههههههههههههه مهبولة عاد.. يمه لا تقلقين بيرجعون ان شاء الله
ام محمد : يعطيني مغلق وعمر نفس المشكلة واخوانك كل واحد يقول ما أدري..
مشاعل : شفيك يمه !!.. كنّك ما تعرفين عمر وشادن..!!.. ولا تعرفين طبايعهم !!
ام محمد : أدري كل واحدن فيهم تربيتي !!.. بس مقلقيني الحين الساعة 9 وهم لا حس ولا خبر.. مدري وش صاير عليهم وشادن اختك ما ردّت لنا خبر..موب عادتها تخلّيني معلّقه كذا ..أعرفها حريصة ولا تحب تخليني قلقانة كل هالوقت !!
ابتسمت مشاعل وقالت وهي تحط ابريق الموية على الحطب : بيرجعون لا يضيق صدرك !.. طالما إنها مع عمر خلاص اطردي هالقلق اللي ماله داعي !
سكرت جوالها وحطته بشنطتها وهي تقول : الله يحفظهم.. ويهديهم !
:
/

على بُعد عشرات الكيلو مترات ،،
كان الوضع طبيعي .. وتجاوزوا المرحلة المتوتّرة اللي خاضوها قبل ساعات !!
كانت هادية..
وهو هادي ..
الجو يعمّه سكينة وسلام ما يدرون شلون تكوّن بينهم !!

وهم يمشون بالسيارة وسط ظلمة الصحرا وما ينوّر طريقهم غير أنوار السيارة الخارجية ،!
حسّت إنه متوتّر بعض الشئ وهو يتلفّت يمين ويسار بشكل متكرر ،،
ثم ضغط جاهز الجي بي اس اللي عنده لكنه ما استجاب ..
تأفف وهو يحاكي عمره : وقته أعطالك الحين !!

سألته بخوف : فيه مشكلة ؟؟
قال وهو يناظر من يساره ..بنبرة طبيعيـة : شكلنا ضعنـا !.. والليل طلع أحسن لنا ما نكمّل..
شادن بقــلق : نجلس مكان محنا يعني ؟؟
عمر وهو يلف ناحية عيونها ..قال من غير اهتمام بالمشكلة : فيها مشكلة ؟؟؟

حمّر وجهها من أشياء تمرّ في بالها.. وقالت بثبات : ..ولمتى ؟؟؟
عمر بلا مبالاة وكنّها ما تفرق معه : ...لين الصبـح ..!
بلعت ريقها ..ووجهها يحمرّ من الأفكار اللي تمشي في خاطرها ،
وعمر يراقب وجهها بعمق وصمت.. وكنّه يقراها !
قال فجأة.. بنبرة رقيقة : لك أكثر من خمس ساعات معي ...ما تبين تكونين معي للصبح ؟؟
رفعت عينها له بسرعة .. وقالت تداري شعورها الغريب : .. ها ؟.... لا عادي...
عمر بهدوء وهو يراقب أدق تعابيرها : زين ليش وجهك منقلب ؟؟؟

ضحكت تغيّر تعابير وجهها بس شكلها ما فلحت : ههههههههه انا وجهي منقلب...!!
عمر بصراحة مزعجـة : ايه صاير احمر مو عادتك ..!

وهي تلف وجهها للشباك بحرج لأنه دايم يلقي عليها تعليقات بمنتهى الصراحة ومهيب المرة الأولى : ..عمممممر ...!!
عمر بهدوء يخالفها وكنّه بدا يستمتع : ...ليش معصبة ؟؟؟
ناظرته بقهر وهي تحاول تسيطر على التأثير اللي يخلقه فيها بتعليقاته الجريئة : ما تغيّر عادتك !!.. وجهي مووووب أحمرررر !!
رفـع حاجب واحد.. وعشان يثبت لها ..ضغط بأصبعه مفتاح النور اللي بـ سقف السيارة ،، ثم حط يده العريضة تحت ذقنها ..ولفّه للمراية اللي بينهم !!
وقال بصوته الفخم : شوفي وجهك بالله ؟

طاحت عينها على نفسها بالغصب .. وفعلا اكتشفت ان وجهها يشعّ احمراااار أكثر مما توقعت ،،
ارتبكت وسحبت وجهها من يده وهي تتنففس : أدررري بس أعاندك...
ابتسم بجانبية ابتسامة حلووة .. وفتح الباب ..ونزل تاركها..!
جلست لحالها وقلبها متلخبط يكــفي ما جاها لليوم ،، لو بتنزل وتلحقه بتموت لأنه بيطيح فيها تعليقات مثل عادته القديمة ،، وكن هالساعات اختلف فيها ..اختلف فيها كثير !!
:

كان عمر واقف بعيد يدخن ، والحنين للذكريات غمره !
قربها مجنون.. صوتها مجنون..أسلوبها معاه مجنون..
كل شي يجرّ ذكريات ..ومع اللحظات والثواني يضعف لها.. ويستسلم لها !!
شاف ساعته ..ولاحظ إنّ له نص ساعة نازل من السيارة ..
وشادن ما نزلت ،،!!

راح يشوفها.. وليش قاعده جوّى السيارة كل هالوقت !
وصل لشباكها المسكّر .. وطاحت عينه عليها ..وهي منزله راسها تلعب بأظافرها باندماااج كبير ولا حاسّه فيه ،،
رفع يده ودق القزاز باصبعه الأوسط.. !
نقزت من مكانها مرتاعه ،.. وناظرته برعب من ظهوره المفاجئ!
عقد حواجبه وسألها من خلف القزاز : ليش ما تنزلين ؟؟
ماردت عليه ..شاحت بوجهها للجهة الثانية .. زاد من استغرابه..ثم دار حول السيارة وفتح بابه ،..
طل براسه وهو يقول : فيه مشكلة ؟؟
رجعت لأظافرها : لا ما في مشكلة....!
عمر : لك نص ساعة جالسه ليش ما تنزلين ولا عاجبتك الجلسة ؟
شادن بدون مقدّمااات : مابي أنزل بنتظر الصبح..

ابتسم من غير لا يحس وكنّه فهم وضعها النفسي ،،
بدون ما يقول كلمة ..ركب جنبها ..وهالمرة دق قلبها لأنه قرب منها وكل جسمه لجهتها ..
قال بلطف: انزلي ولا تخافين تراها مو مشكلة..المخيم أكيد قريب من هنا بس نحتاج للشمس عشان نعرف طريقنا ..
قالت تخالف ظنّه وهي تقاوم لُطفه اللي كسا صوته وهيئته بعد ما كانت تعاني : انا مو خايفه...!
تأمّلت بعيونه العميقة واللي تشبه المحيط وأسراره ،، قامت ترمش من غير شعور ثم نزّلتها عنه بسرعة مو قادره تستمرّ على هالوضع .. الجو بينهم اختلف فجأة.. شعورها فيه هالمرة اختلف !.. غير قبل ساعة !
وعشان تهرب من هالجو المتوتر والمشحون فتحت بابها بسرعة وهي تقول : والا أقولك بنزل.. تعبت من الجلسة !
نزلت بسرعة وسكرت الباب ..وهو جالس بمقعده يناظرها بابتسامة صامتة ،،
ابتسامته زادت على حركاتها المرتبكة اللي يعرف يفسّرها لأنه حافظها من كانت بزر..
نزل بدوره يلحقها.. ما كان يدري انه لا إراديا وتدريجياً ، يرجع للشخصية.. اللي المفروض يكونها معها.. وكل ما مرت دقيقة معها .. كل ما انهار حاجز يتحصّن فيه وكان هالشي بغير صالحه وصالحها !
عمر وهو يمشي لمقدّمة السيارة : جوعانه ؟؟
مشت هي الثانية عند مقدمة السيارة بدورها ..لين التقوا أمامها ..
ثم شالت نفسها على الكبوت وهي تقول : لا... وانت؟؟
وقف جنبها.. وما جلس مثلها عالسيارة.. كل اللي سواه تسنّد بجسمه على المقدمة بشكل مايل ..وهو يعقد يديه على صدره : يعني.....!
ابتسمت عفوياً ، ونزلت من مكانها : ...دقيقة أجل....!

وراحت بسرعة للباب الخلفي وهو لاف رقبته لورا يراقب وهو مستغرب... ثواني ..سكّرت الباب وجت له وهي شايله شنطتها الشامواه البنية بين يدينها .. حطت الشنطة على الكبوت وهي تفتحها ..ثم أخرجت منها شيبس وبسكوت من اللي يحبونه ثنينهم...!

ابتسم عليها وهي تمد له العلبة : للحين تاكلينه ؟؟؟
ابتسمت وبانت اسنانها اللولو بوجهه : وإلى بكرة... خذ سد جوعك..
أخذ بسكوتة وحدة ..قلّبها بطرف اصبعه السبابة والابهام .. ثم كلاها وهو يقول : زمان عنه !!
شادن دخلت جو الأُلفة من جديد وهي ترد بعفـوية : غريبة أنا ما يصير يمر أسبوع من غير ما اكله.. مدمنه !
أخذ بسكوتة ثانية من العلبة المستطيلة... ثم مدّها لها .. جت بتاخذها بصمت منه .. لكنّه رفع يده فوق بصمت والرفض بعيونه..،
فهمت إنه يبيها تاكلها من يدينه ..وحمّر وجهها من هالفكرة..!
زمان ..زماااااان... كانت تسويها وهي طفلة...بس الحين كل شي يختلف.. هو وهي .. ما عادوا أطفال!
قالت لا شعورياً : لا شكرا شبعانه..

عمر بعفوية هو الثاني : شبعانه لمتى ! لو ما أكلتي ممكن أقضي عليه وتجلسين مع الجوع للصبح... اعرفك رقيقة ما تتحمّلين ..
رضخت له لأن تعليقه احرجها ..وكلتها من يده وعيونها بالأرض.. ابتسم ورجع يستند بجسمه على مقدمة السيارة ويتكتّف من جديد ..
هي بعد نطّت تجلس على الكبوت وهي تمضغ البسكوت المقرمش بصمت..!

قدرت أخيرا تكسر الحاجز وتسترسل بالسوالف والكلام معه ، لدرجة إنها قدرت تسحب منه ابتسامة من دقيقة لدقيقة ، وضحكة من فترة لفترة ... بس طول ما كانوا يسولفون..كانت هي الطرف المتكلّم وهو يعلّق باختصار بكلمة أو كلمتين ،
كان طول ما هم يتكلمون متكتف وعيونه تناظر تتأمل في البر اللي حوله ..
ولا مرة ناظرها أثناء سواليفها..
على الأقل قدرت تتأمل ملامحه من الجنب خلال هالظلمـة الشديدة والدامسة ،،
ملامحه الحين غير أول !!.. الحين عُـمـر رجل بكل ما للكلمة من معنى ..واضـح عليه النضج وفتوة الشباب واشتداد العود..!
حس عمر بتأمّلاتها فيـه... فـ التفت بسرعة ناحيتها ليباغتها ..والغريب انها ما تفاجئت ولا توتّرت.. بالعكس كانت مبتسمة وعيونها بعيونه مباشرة .. تتأمله عن قرب بحب وحنان ..تشم ريحة عطره اللي مستحيل يغيّره .. انجرافها هذا بتأملاتها ونعومة ابتسامتها الفاتنة بالنسبة له ، خلاه ينزّل يدينه عن صدره ويطالعها بنفس الطريقة..!
وش تخطط له هالبنت مجنونة عشان تناظره كذا..؟
عيونها نص مقفله وابتسامتها تزيد ما تخف..
بس شادن كانت عايشه هاللحظة بكل حواسها ،، من زمان ما حسّت بهالقرب الروحي والمشاعر المستعرة اللي تحسّها جنبه ، وما تبي تخرب هاللحظة لو يصير اللي يصير..!
باندفاع الأنثى رفعت يدها ولمست خده برقة ، هالحركة خلّت عمر يتجمّـد مو متوقعها ومو عارف هالبنت شفيها .. ماقدر يزحزح عيونه عنها البنت بهاللحظة خذته من أوله لآخــره...!!
همس يبيها تنتبه لنفسها لأن بهاللحظة مشاعره لها بدت تتوقظ بسرعه : شـادن...!
شادن برقة من غير وعي : عيونها...!
قال بصوته المبحوح : ...شفيك ؟؟

تنهّدت باكتئاب ..ثم نزّلت يدها عن خده والغريب إنّه تمنى لمستها تدوم : مافيني شي عمر ... مافيني شي..!
نزّلت راسها للأرض ، وباندفاع منه هالمرة ..رفـع وجهها لوجهه ،.. واستغرب يوم شاف لمعة الدموع من خلال الظلام ..
قال باستغراب : دموع ؟؟
شادن بخنقـة : مافيني شي..
حس بكلامها وشكلها الحـزن ،.. وماهان عليه يتجاهل هالشي : زعلانه ؟؟

مسكت يده الماسكه وجهها.. ونزّلتها وهي تبتسم له : ازعل من نفسي ولا أزعل منك.. ما اقدر أزعل منك ياعمر..!
ماتدري ليش هالكلام أثّر عليه وخلاه يعطيها ظهره ، وقال بنبرة غريبة : ما أستاهل كل هذا يا شادن.. افهميني !
ابتسمت بحنيـّة : تعرفني فاهمتك دايم وبكون جنبك دايم لا تفكر إني بتخلّى عنك بأيّ حال من الأحوال..
ماعرف مناسبة هالكلام ،.. بس هي عارفه بالضبط هي وش قاعدة تقول وما قالت هالكلام من فراغ !!..
لف لها وكأنه يبي ينهي هالموضوع وما يبي هالجو المحموم بينهم يزيد حميمية : بردانة ؟؟؟
ابتسمت بأسنانها اللولو من جديد : جنبك أكيد بدفى...
لا هالبنت مو ناوية خير على هالليلة ..
قرب منها بسرعة ..وانصدمت يوم حط يديه على خصرها
قال : قدّها ؟؟؟
وقبل لا ترد.. شالها وعيونه بعيونها .. ونزّلهـا للأرض بعضلاته القوية ..
ضحك عليها من شاف وجهها .. وقلب الجو من جديد : هههههههه لا تفهميني غلط... اركبي السيارة عن البرد !
وراح للدبة وهي متصنّمة ...الحرارة بوجهها تزيد وقلبها مو راضي يهدى،،
يحب يلعب بأعصابها ..يحب منظرها المتقلّب معاه .. يحب يتحكّم بتعابيرها المختلفة !
هذا هو عمر.. هذا هو من عرفته.. وهذا جزء من أسلوبه!
ابتسمت عليه وعلى نفسها ...ثم مشت للسيارة وركبت وهي تهدّي من ارتباكها اللي توّ ..
وفعلاً جو السيارة الدافي غير برا ،..
هنا دفـااااا عكس بـرد ليل الصحرا القارص..!

مع مرور الساعات الجو زاااد برودة حتى وصلت الحرارة لـ تحت 10 درجات مئوية.. ضمّت نفسها بقوووة ...وفركت يدينها وهي تراقب عمر من خلال زجاج الشباك واللي أخرج حطب من دبة السيارة ، وقعد يشعله عشان يبعد عنهم حيوانات البر والهوام!!
خطر على بالها تدق على أهلها من جديد ..يمكن يمسك الخط معها هالمرة ،..
حاولت تتصل لكن الإشارة ضعيفة جددا شبه معدوومة والسيقنال بحالة عدم استقرار ،، تنهّدت ورمت الجوال داخل شنطتها .. إلا عمر يفتح الباب ويركب ، وبيده شــال صوف !
عمر بعد ما سكر الباب : الجو زاد برد .. بردانة ؟؟
ابتسمت وأنكرت.. رغم إن البرد نفض بعظامها : لا مو برد ، لا تشيل همي..!
من غير كلام ..مسك يدها بأصابعه القوية ،، ثم رفع عيونه وهو رافع حاجب : يدك ثلج وتقولين مو برد...!
توّها بتنكر.. لكن تفاجئت يوم جذبها من يدها لعند صدره ووجهها صار قبال كتفه ..
ومن غير لا يشاور .. رفع الشال حول رقبتها ولفّه لفتين وشادن متجمدة من هالقرب الشديد..الغير طبيعي !
كانت بحضنه ومو بحضنه !
وش ذا التعذيب !
تراجع عنها ..وابتسم ابتسامة خفيفة لعيونها : تبين تنامين نامي مالنا شر ، النار وضوّيتها والجو بالسيارة شوي ويدفى...
تغّلبت على النبض المتعثّر داخل ضلوعها .. وابتسمت له بنعومة بالغة دايم تأسره وكأنها تقول معك عمري ما أخاف لأنك دوم مصدر الأمان اللي ما أبدّله بـ بشر !
قطع اللحظة عليها قبل لا تنسى عمرها وعشان ما يعطي نفسه الفرصة : بلاش هواجيس نامي
كانت مرهقة صدق لأنها صاحية من الصبح وهاليوم كان متعب بالنسبة لها بكل مافيه من مشاعر متقلّبة من أوله لين هاللحظة .. وتحتاج للنووووم.. بس شلون تنام ومشاعرها متوقّظة مو مخلّيتها.. هذا غير ان فيه كلاااام كثير تبي تقوله له بس مو قادره..!.. ولا تبي تفسد هاللحظات اللي انخلقت !
قال عمر وهو يحط يده على قفل الباب : انا بطلع برا شوي.. وانتي اجلسي هنا الدنيا ليل والبرد ما قصّر
وقبل لا يفتح الباب قالت : مو برد عليك ؟؟
عمر بهدووء مريـح : أقدر أتحمّل..
ونزل وتركهــا...
غمضت عيونها وهي تمسك الشال الملفوف حول رقبتها ..ودسّت فمها وخشمها فيه..
تقدر تشمّ ريحة عطره فيه ، ووش كثر كان دااافي وقضى على بردها بثواااااانـي...!

/
:

بمخيّم الشباب ..
الساعة 10 بالليل .. والجلسة جلسة شوِي مستلمها وليـد.. اللي كان مشارك بالجلسة مع ابو خالد..وابو محمد..وابو راهي.. ومافيه إلا هـو من الشباب
قال أبو خالد : انتبه يا وليد لا يحترق .. ترا ابو فروة زينة الشتا بالبر !
ابتسم تركي وهو منشغل : لا تشيل الحين أضبطها لك..
جاب دفعة توّها استوت والبخار يتصاعد منها.. حطّها قدامهم ورجع يكمّل شوِي اللي صاير له متعة بهاللحظات !
كان مستمتع وناسي عمره والدندنة على لسانه .. وسوالف الرجال المتنوّعة توصله وهو مو مركّز معاهم !
سمع ابو خالد يقول : خلاص بكرة راجعين ..هالاجازة الصغيرة بتنتهي وبنرجع للشغل !
قال ابو محمد : اربع ايام مافيه أحلى منها .. زين عشنا جو المطر.. يقولون الرياض ارتوت اليوم توّه واحدن مكلمني يسأل عن الجو هنا..
ابو خالد : الله يبشرك بالخير.. شكل الشتا هالسنة غير بالرياض !
كمّلوا سوالف..
وتركي منشغل بالشوِي اللي سرق ساعاته واختصر عليه انتظاره لـ بكرة حتى يحين موعد رجوعهم للرياض .. لأنه ببساطة بدا يطفش من تمثيل المتعة قدامهم وهو من جوّا يصارع الملل والزهق !
جذب اهتمامه صوت ابو راهي يوم قال : ابو محمد .. أبيك بسالفة
رفع تركي راسه عن الشوّاية من شعور الاهتمام بسبب هالنبرة الجديّة ..

قال ابو محمد : خير ان شاء الله !
ابتسم ابو راهي ..وقال بصوته الجهوري المعروف : محمد جايني اليوم يبي يخطب بنتي من أول وجديد !
رفع ابو محمد راسه باستغراب : جاك الولد اليوم؟؟
ابو راهي بابتسامة : ايه يبي يخطبها بكرة ويأكّدها هالمرة رسميـة ماعليها خلاف !
ابو محمد : ما عطاني خبر الله يهديه !
ابو راهي بابتسامة : جاني بيشوف رايي ومرة وحدة قلت له بكلّم الوالد بنفسي.. وقلت له من الحين ما عندي مانع ! بالعكس زين نختم هالرحلة وهالجمعة بخبر حلو مثل ذا ..ولا شرايك يابو محمد !
ابتسم ابو محمد : والله دام ذي رغبة الولد !

تركي كان يشوي من غير تركيز وهو يسمع هالسالفة !!
السالفة ما عجبته أبداً ..
والاستغراب والدهشة ملت نفسه ... توّه اليوم كان يبي يفركشها !!
وش صار عشان تتجدّد هالخطبة !!

رفع عينه لأبو راهي يراقب تعابيره ..لقاها هادية لكنّها محتقنة بالجديّة .. معقول الاشاعة اللي قالها مـا هزّت العلاقة بينهم ؟!!!
وش اللي صار اليوم ..وهو ما درى عنّه ؟؟؟
مستحيل يكون محمد طلب تأكيدها رسميّـه دامه عارف إن اللي بقلبه مو بنت أبو راهي !!
نزّل عينه عن أبو راهي ناحية الشواية عشان ما يلاحظ ابو راهي تعابيره.. وفضّل يستمر على اللي هو يسويه واللا مبالاة على وجهه وكنّه مو مهتم ..!
لكنه ما صبـر .. متأكد شي صار اليوم وهو ما يدري عنه !
انتهى من آخر دفعة ..وحطها قدّامهم بصمت وهو ناوي هالمرة .. يشوف السالفة !!
وما عنده غير بندر !
قال أبو خالد عقب ما استقام تركي واقف : وليد ناد الشباب يجون ياكلون قبل لا يبرد !
قال وهي ماشي : ان شاء الله !
وراح وهو آخر همّه الحين إنه يناديهم.. ما راح عشانهم .. راح يبي يشوف بندر إن كانه ما يدري !

طلّ جوا الخيمة ما لقى إلا محمد وخالد..ومعهم راهي يسولفون بسالفة عادية ..
بندر مو معاهم .. كان رايح لسيارته وتوّه جاي راجع مكان الجلسة داخل !
لف تركي بيروح يبحث عنه ..وانتبه إن بندر بوجهه !
بندر باستغراب : وليد مين تدوّر ؟؟
ابتسم : أدورك !
بندر باهتمام : أنا ؟؟..ليش وش صاير ؟؟

تركي همس له : أخبار مشكلة أخوك ؟؟
بندر تغيّر وجهه .. وملاه الهم : مافيه أخبار... الوضع على ماهو عليه !
تركي بضيق : سمعت ابو راهي يتكلم مع الوالد عن خطبة رسميّة بكرة.. عسـاااها ما تتمّ !!
ابتسم بندر من حماسه : شكرا على تضامنك مع هالقضية العالمية هههه !
تركي : لا جد بندر... ما أعتقد ان الاستاذ محمد طلبها ... سمعت ابو راهي يقول للوالد إنه جا بنفسه وطلبها تكون رسمية باكر قدام العايلة كلها !
تغيّر وجه بندر .. لهمّ وقهر أكبر : يكذب .. محمد ما قالها !!
تركي بضييق : وش ناوي يسوي الاستاذ محمد.. عنده خبر عن هالموضوع؟؟
سكت بندر ..
وبضييق قال : الله يعين يا وليد الله يعين !
دخل داخل وما ناقش بالموضوع لأنه أصلا ما فيه شي يقدر يناقشه.. الموضوع برا سيطرته ..
وتركي واقف مكانه بضييق والموضوع أبدا ما عجبه !
إن ما رفضها محمد بنفسه..
فـ حالياً.. صعب يقدر يسوّي شي..
عقب ما سوّى اللي سوّاه وقال اللي قاله لأبو راهي .. ما يقدر ياخذ خطوة جديدة بهالوقت الحساس لا ينفهم غلط ..
لكنه رح يشوف وش بتسفر عنّه الأمور .. ووقتها لكل حادثٍ حديث !
:

طلعوا الشباب وما بقى غير محمد وبندر..
خالد رافق راهي لـ جلسة الرجال الكبار ..ولحقهم تركي لعلّه يسمع عن سالفة الخطبة أخبار جديدة دام ابو راهي جالس !
داخل الخيمة ..
قال بندر مستغلّ تواجدهم لحالهم : ابو راهي يبيها من جدّه هالمرة !!
رفع محمد عينه عن جواله ..وابتسم بسخرية بالغة : ليش قد قلت لك أنا إنّه رجال يحب يمزح !؟
بندر بجدية : طيب دريت إن ابو راهي راح لأبوي..وقاله محمد جاني وقال ابي اخطبها رسمي بكرة وقدام الأهل !!

بقهر ودهشـة طارت عيون محمد بأخوه.. والغبنة تملا صوته : من جدّه !! أنا ما قلت لغيرك يا بندر !
ابتسم بندر بسخرية : هذا اللي صار !.. وش بتسوي ألحين !.. الظاهر ابو راهي يبي ينهي هالموضوع قبل نرجع وتصير رسمية قدام كل الأهل..حتى ما يكون فيه مجال تراجع.. أنا حتى أمي مدري شلون بتتقبل الخبر وانت تدري شلون يهمّها زواجك !

سكت محمد.. وفرك عيونه وما يدري وش يقول
حارت معه الحروف ..وتاهت الأفكار.. ابو راهي وصلت فيه ..يروح يكلّم أبوه من وراه ..وعلى لسانه.. لأنه يدري إن محمد رافض ومستحيل يعلنها لأبوه..عقب الرفض اللي صرّح فيه !
رغم تهديده المؤلم..
رغم الوجع اللي عاشه اليوم..
رغم الجراح اللي رسمها بينه وبين سحر اليوم وهو مجبور !!
ما يستغرب هالحركة منه .. أبد ما يستغربها ..

بندر : محمد ؟.. وش ناوي تسوي .. بتنتظر بكرة وتخطبها رسمي قدام العايلة مثل ما طلب ؟.. ترا رح يكون هو الاعلان الرسمي اللي كنت تحاول تهرب منه لـ شهور وانت عارف ،!
محمد بنبرة واجمة وكلمات بندر تقتله : كافي يا بندر.. قفّل هالموضوع ..
بندر : شلون أقفّله.. ما قدامك غير ساعات.. لازم تعرف وش راح تسوّي!!
محمد بغبنة : وشايف بيدي شي ولا سوّيته يا بندر؟؟.. أجرأ خطوة وأخذتها..وش عقبها قلّي وش عقب الكلام اللي سمّني فيه !!!!
بندر بألم من حالته وحالة نفسه : ليه... ما تكلم... عمي ؟؟

غمض محمد عيونه والضغط النفسي يزيد عليه.. وقال بخنقـة : تدري ليه ما أبي أسويها... لأني عارف إن عمي مارح يردّني... وأدري أنه بيفركش الموضوع من أول لآخره... ولأني أدري إنه بيسوّيها.. فـ أنا عارف وش بيسوي أبو راهي عقبها ... رح يظهر ذاك الوحش اللي أنا خايف منه ..والضحية أنا وعمي وحياتنا كلنا !!!
بندر اختنق زووود.. كل الأبواب مسكّره ..
وقال بهدوء وهو متعلق بهالخيط البسيط من الأمل : لا زلت على رايي ..كلّم عمي.. وخلّه ياخذ الموضوع بهدوء ونقاش وجهات نظر مع ابو راهي.. اصلا العنف والعصبية بهالمواضيع ما ينفع .. عمي مساعد (أبو خالد) ما شاء الله عليه ..له أسلوبه بالحوار وانت تدري إنّه كان دبلوماسي..ومن أبرع الناس اللي شفتهم في النقاشات الجادة .. ما تدري يا محمد.. يمكن مفتاح الحل بيد عمي من بعد ربي وربك !

أخذ محمد نفس عميق.. وهو يسكت..
ببساطة ما يبي يتعلّق بأمل جديد يفرضه بندر عليه..ثم ينصدم بالواقع مرة أخرى !!
ما ينكر إن عمه هو الباقي قدامه الحين..
لكن ماباقي فيه حيل لقسوة أرض الواقع..
قال أخيرا بهدوء : بشوف راي عمي قبل.. وبتفاهم معه قبل أحدد قراري !
ابتسم بندر.. وقلّ الحيلة هي عنوانه بهاللحظة : أحسن شي.. قدامك يوم كامل عشان تحدد .. يوم كامل فكّر بقرارك زين ،

وقام وهو يرمي شاله على كتفه .. تارك محمد غايص بأفكار تودّي وتجيب ،
هالقرار .. الصعب له احتمالين ماله ثالث..
يا إمّا تنفرج أزمته .. ويتحرر من هالالتزام المفروض عليه ، ويرجع للحرية اللي فقدها من شهور !
أو تتعقّد زود وزود.. وتوصل الأمور لنتايج ما تحمد عقباها واللي هو ما يقدر يتخيّلها !
:

عند البنـات.. مشاعل وسحر !

مشاعل وهي تعطي سحر كوب الشاهي بالحليب الساااخن جدا : خذي تدفّي !
ابتسمت سحر ابتسامة مرييرة ماهي حقيقية .. وهي تضمّ الكاس بيديها الثنتين تمتص هالحرارة المرغوبة بهالوقت : شكرا.. مشاعل... صايره ممرضتي... تراقبيني كل دقيقة !
ابتسمت مشاعل وهي تجلس جنبها وتحتسي من كوبها : اخوك الخايس ومين غيره !
سحر بابتسامة : وش ..مسوي هالمرة؟
مشاعل بحنـق مُضحك : صاير يتأمّر يحسبني شغالته.. جاي يقول انتبهي لـ سحر... اللي يشوف اسلوبه بيدعس على وجهه وبيعاند.. بس مدري ليش قمت أطيعه وهو اللي يقهرني...لو ما كانت أنتي يا سحر. ما كنت بطيعه !
سحر حاولت تضحك.. بس ما قدرت فيه ألم انخلق بصدرها.. وبحركة لا إرادية حطت يدها على موضع الوجع !
مشاعل باهتمام : شفيك؟ صدرك يعورك ؟
سحر ابتسمت بوجع : شوي.. شكله مع الفلو وصل التعب لـ صدري... حتى وانا أتنفّس صاير يألّم !
مشاعل بتعاطف : يا حياتي.. أخاف معك التهاب رئوي يا سحر...لا تنسين إنك متسبّحة بالمطر والجو ذاك الوقت كان هوا شديد وباارد مووت.. وانتي الله يهديك ما اهتميتي بنفسك جالسه بملابسك... زين انها وقفت على انفلونزا!
سحر وهي تشرب جرعة ساخنة..وبصوت هامس وهذا أقصى مقدرتها : مافيني الا العافية .. شوي ويخف ويمكن بوادر كحّة !
سكتت ..وركّزت باحتساء كوبها السااخن .. ومشاعل فتحت جوالها تلعب فيه وكتبت رسالة لـ شادن لعلها توصل مع الشبكة الضعيفة ..
انشغلت سحر بهواجس كثيرة وهي تطالع في كوبها بصمت مطبق وسكوووت.. والبطانية على رجولها والكوب بحضنها ..
رغم جرح محمد !..الجديد والعميق.. ورغم الألم اللي لا يوازي أي ألم عاشته معه من قبل !
إلا إنها لا زالت .. تذكر وقفة بندر هناك !
وتذكر إنها توّها ..ما أروت حيرتها .. منه !
وتوّها ما قدرت تكلّمه... !
يكفيها وجع محمد..
وما تبي تنتهي مع بندر على نفس النتيجة..ونفس الجرح !
تدرك إنهم يختلفون ... يختلفون عن بعض .. وبندر ماهو مثل محمد... حتى لو طلبت تكلّمه.. أكيد بيستجيب ..!!

حطت الكوب الفاضي جنبها ..وتوّها بتمدّد ظهرها عشان تريّح عضلاتها المرهقة ..
إلا جوال مشاعل اللي كانت تلعب فيه لعبة مُمتعة ..يرنّ بيدها ويقطع عليها اندماجها ...

ناظرت مشاعل المتصل اللي نوّر الشاشة .. وقالت بحنق : اخوك الخايس يتصل !!
سحر بابتسامة وهي تريّح راسها عالوسادة..قالت بصوتها الواطي : غريبة متصل عليك !
مشاعل : مب عشان سواد عيوني .. منيب رادّه خلّه يتأدب !!!
ورمت جوالها جنبها بردّة فعل عنيفة وهي تتكتف !
سحر بضحكة تألّم صدرها : ما عرفتيه تراك... رح يتصل من هنا لـ بكرة ليين تردّين !
مشاعل بنارية : إن شاء الله للسنة الجاية .. خلّه يعرف على مين يتأمّر !

سكت جوالها .. ثم رجع يرنّ من جديد ..
ومشاعل تطالع الاسم وسحر تراقبها..
قالت سحر ببحّتها : ردّي عليه...يمكن هالمرة يبي شي ضروري.. واذا في خاطرك شي عليه لا تحبسينه طلّعيه !

ما قالت مشاعل شي غير إنها مسكت الجوال .. وضغطت على الزر وهي تلوي شفايفها بكلمات مو مفهومة !
قالت : نعم يا دكتور ؟؟
حوّل خالد جواله من السبيكر.. للسماعة الداخلية وهو يحطّها على إذنه : عسى ما شر !!
مشاعل بحنق : نعم أوامر جديدة ؟؟؟
خالد : وش ذا الأسلوب !؟؟
مشاعل : عفون سيد خالد هذا أسلوبي عاجبك ولا مو عاجبك مب مهم !
سمعت ضحكته وهو يحاول يسيطر عليها..
وطنقرررت من جديد : صاير تضحك كثير يا خالد.. مع إني ما أنكّت معك !
ما قدر يغالب ابتسامته : انتي اصلا كلك نووكتة.. كلك على بعضك لو ما تدرين !
مشاعل بحنننق : ما شاء الله عليك جاي تضحك..ما كنّك توّك قايل ذاك الكلام؟!
خالد تجاهل اللي تقصده .. وقال : اعتبريني ما قلته.. (وبروقان مزاجه اللي يخالف حنقها بهاللحظة ).. المهم انا متصّل عشان اسأل عن سحر ..كلّمت امي وقالت إنّك عندها .. فعرفت إن مشاعل الشطورة سمعت كلامي وجلست تنتبه لها !!

سكتت وهي تحاول تحافظ على أعصابها لا تتفلّت .. وشفايفها تتحلطم بكلمات صامتة مو مفهومة !
وقررت تشوف وش يبي وتنهي المكالمة وتختصر علي نفسه أوامره..إن كان عنده أوامر !
كمّل خالد يوم شاف سكوتها : قولي شخبارها ؟؟
ناظرت سحر اللي كانت مغمضه عيونها ..ثم رجعت له : الحين راقده.. حرارتها 39 .. وتبي تنوم !
قال : عطيها الخافض من جديد !
قالت وهي تدوّر الدوا اللي كان في الكيس جنبها : خالتي هيفاء توها عطتها جرعة !
خالد : اها زين ..وما تحسّ بتعب غير الحرارة ؟؟

انتبهت مشاعل لـ سحر تكحّ وهي مغمضه ويدها على صدرها..قالت وهي تناظرها : توها تقول صدرها يوجعها !
خالد : كيف يوجعها ؟؟
قالت : مدري تقول إنه كحّه.. والتنفس عندها مو مريح يسبب لها وخز !
خالد باهتمام : اووكي دام كذا... عطيني أكلّمها..

قالت بحنق : كلّمها بجوالها وترد عليك... منيب أصرف عليك ترا !
خالد ومصرّ إنه رايق : تراني أنا اللي متصل مهوب أنتي .. عطيني أختي بسرعة !
صاير يستخدم صيغة الامر معها بالعمد !!
وما تدري ليش انقههههرت !

ما ردّت على أمره .. إلا إنها قربت من سحر الساااكنة ..وهي تقول : سحير الخايس يبيك !
فتحت عيونها وهي تحاول تجمع صوتها ..وأخذت الجوال وهي راقده : هلا خالد..
ارتاااع : يا ساتر وش ذا البحة !!!
قالت بابتسامة مريرة : بكرة أصير أحسن !!
خالد : كيف صدرك ؟..وش تحسين فيه؟
سحر : ألم بسيط.. شكلها كحّة خالد مو شي كبير
خالد : مصرّه على رايك ما تبين المستشفى.. اعراضك تزيد ما تخفّ.. وحرارتك مرتفعة..
ابتسمت وهي تلمس خوفه وقلقه بصوته : خالد فلو عادية.. المستشفى قبل بكرة ما ابي اروح.. بكرة لكل حادث حديث.. إذا جا بكرة وانا مريضة بنفسي بجيك.. الحين والله مافيني حيل ولا رغبة ..كل اللي أبيه أرتاح !

تنهّد من قلبه..
ثم قال : عطيني مشاعل !
مدّت الجوال وهي راقده..لـ مشاعل اللي كانت تناظر أظافرها والحنق مالي نفسها..
وقالت : يبيـك !
رفعت عينها لـ سحر... ثم سحبت الجوال منها بعنف بسيط وهي تحطّه على اذنها : وش بعد؟؟..أوامر جديدة !
قال بذات الروقان اللي يقهر : تعالي عند سيارتي !
مشاعل وصلت معها : منيب شغالة ترا ..كل شوي سوي وحطي وتعالي وودّي.. عاجبتك سالفة الأوامر معي !؟
قال بنبرة رايقه وكن موضوع الأوامر عاجبه من الأساس : ليش تعتبرينه أمر... اعتبريه طلب... وبعدين أنا ما طلبتك عشاني .. طلبتك عشان حبيبة قلبك سحر.. تعالي بسرعة ولا يكثر !
سكّر بوجهها ..ولا تدري ليش تحسّ إنه مستمتع .. وهي على عكسه فااايض فيها الكيل والحنق..
ما كفاه اللي قاله اليوم..!!
الخايس.. ما يبي يعدّيها بسهولة الظاهر !!

بصمت سحبت شالها ولفّته على راسها..ولبست البلوفر وطلعت مثل البرق بتشوف وش عنده هالمرة !!
راحت للسيارات .. ونصت سيارته المفتوحة مباشرة..واللي كان يحوس فيها باندماج ..
قرّبت وهي متلثمه.. واتخذت من الحدة أسلوب : خير يا دكتور ؟

رفع راسه عن شنطة داخل الدبة .. وابتسم وهو يرفع حاجب : أوه الشطّورة سمعت الكلام !
طنقرررت من استهباله عليها : وش عندك بسرعة ولا والله لأرجع !

سكّر الشنطة وابتسامة جانبية على وجهه .. ثم رماها داخل الدبة وهو يلتفت لها : خذي هذا خلّي سحر تدهن صدرها دامه يألمها..وخليها مرة وحدة تدهن حلقها
أخذته وقالت ببرود : بس ؟
قال وهو يحك خده ونفس الروقان اللي مسيطر عليه : ايه بس...
مشاعل وهي تناظر العلبة : آخر أمر أنفذه لك.. لا تحاول تكلمني لأني منيب راده عليك ..تبي اختك كلّمها بنفسك !
أدخل يديه بجيوب الجينز وقال ببساطة : شكل الشطورة بدت تستوعب الكلام اللي قلته لها اليوم... مرررة كارهتني يا ساتر !!
حطت العلبة بجيبها وناظرته وهي تسيطر على حنقها : أوامر ثانية ؟؟
خالد بابتسامة جانبية : سلامتك..انتهت الأوامر .. تقدرين تمشين !
مشاعل بنفس استهبال اسلوبه : شكراً .. ما قصرت..
استدارت وراااحت بسرعة.. وهي حالفه ما تسمع له أمر بعد كذا !

سكر خالد الدبة.. وهي كاتم ابتسامة جانبية على وجهه !
ببساطة ما كان قادر ينسى الاستفزاز اللي وصله بسببها .. ولقى نفسه يردّ لها ولو شوي منّه..
لكن بأسلوبه الخاص !
:
/

بعد منتصف الليل ..
في مخيم البنات.. انتهت الليلة بالنسبة لهم ..
الكل خمد ونام مبكّر.. لهم وقت مو قصير ..
ما عدا سحر اللي كانت الكحة مستمرة معها .. مو قادره تنام ..
اجتمعت عليها الظروف ..
المرض..
والأفكار..
والهواجس..
وجرح محمد..
وموقف بندر !
مستحيل يجيها نوم وسط هالمعمعة ..
سحبت علبة موية كانت مشاعل حاطتها جنبها ..وشربت منها شوي حتى تخفف من الجفاف بحلقها ..
ورجعت لنفس الوجع...
غير محمد المؤلم ..
قدامها بندر.. ! ، اللي واضح من ردّة فعله الأخيرة عند السيارات ..إنه ما كان يبي يحكي معها بخصوص الموضوع !
ما تقدر تنام ..
أبد ما تقدر.. وهي كذا تايهه ومتألمة !!
قامت قاعده وعضلاتها فاقده كل قووة .. وبعز المرض وقصور التفكير والتشتت .. ما لقت قدامها غير خيار واحد... وبهاللحظة بالذات !!
:

بخيمـة الشباب بعد منتصـف الليل ..
الكل خذ مكانه من نص ساعة .. والكل كان حاط راسه على وسادته ووالبطانية الثقيلة فوقه ..
الساعة تقريبا كانت 2 ونص بالليل .. والهدوء والظلمة مسيطرة عالمكان ..
ما تسمع غير الأنفاس الساكنة بعد ما انتهت آخر ليلة وبقى يوم أخير..
ما بقى غير ساعات اليوم الأخير وتنتهي هالرحلة بما فيها !
بندر كان على مشارف النوم.. والنعاس مسيطر على كل أعصابه وكلها لحظات ويدخل عالم النوم !
جواله اللي جنب راسه .. أصـدر رنّة سريعة تلاها اضاءة نوّرت بوجهه خلّته يفتح عيونه ثم يكشر نتيجة لتسلّط النور عليه !!
حط اصابعه على عيونه متضايق من النور .. و بيده الثانية مسك الجوال ورفعه وهو متضايق من نغمة الرسالة اللي بهالوقت ! ،
محمد من جهة فتح عيونه هو الثاني نتيجة للرنة اللي وقّظته من نعسته !.. ثم رجع يغمضها عشان ينام من غير لا يصدر أي حركة !..

حط بندر الجوال قدام وجهه وهو راقد..بعين مسكرة وعين مفتحة عشان يشوف الرسالة..
فتحها.. وقراها من مشاعل ..
"تعال برا .. ضروري "

تأفف وهو يسكر الجوال برد فعل طبيعي لأنه مو وقته .. ورماه من اصابعه ويده الثانية للحين على عيونه المنزعجة من النور والنعاس !!
أبعد البطانية عن بطنه برجوله.. وبحركات كسولة !
ثم قام قاعد وهو يحك شعره المنعفس.. وأخيرا قام واقف بهدوء ومشى بين الأجساد النايمة لا يتعكّر بواحد منهم .. فتح مدخل الخيمة والكشرة للحين على وجهه من النوم .. ثم طلع بشويش من غير لا يحسّ بـ محمد اللي رفع راسه عن الوسادة شوي وهو مستغرب من قومته المفاجئة ،

طلع بندر بعد ما لبس جزمته ..ومشى شوي لكن ما عرف وين تنتظره !
رفع جواله وبعيون مكشّره دق رقمها .. لكنّها ما ردّت عليه ..!

وصله رنّة رسالة بعدها مباشرة..
قراها... " تعال عند الشجرة ورا مخيّمنا "

هزّ راسه بملل وهو يقفّل الجوال ويدسّه بجيبه.. غيّر مساره واتجّه للشجرة اللي ورا المخيم وهو ما يدري بالضبط وش تبي مشاعل منه بنص الليل والعالم نايمة !!
حكّ خده وهي يسحّب رجوله من وقتها غلط ! ،
،

كانت واقفه هناك من غير حيلة وجوال مشاعل بيدها يرتعش !
متوترة ومررتبكة جداً من اللحظة الجاية ..
من كلامها اللي للحين ما قدرت تصفصفه في مخّها !
من أفكارها المتطايرة.. والغير مرتبة ..
من انعدام التوازن اللي تعيشه على الجانب العاطفي والنفسي ..والجسدي !
من شخصية بندر اللي رافض يحكي معها !

طول الساعات اللي فاتت ومن صار اللي صار مع محمد وجرحه الأليم.. دخلت عالم من التشتت المتزايد والجرح اللي ينزف داخلها من غير توقّف.. والبكى الصامت اللي مو راضي يرحمها وياخذ نقطة توقّف لعلها تكفف جراحها وتقدر تستعيد توازنها المفقود !
ما درت وش تسوي .. وما قدرت تنام
جافتها الراحة .. ومرضها ونفسيّتها تلاعبوا فيها بما فيه الكفاية
ما تقدر تنام وهي ما تفاهمت معه .. وما تدري ليش هو صار كذا بالنسبة لها !
وليش هي مهتمّه عليه أكثر..؟

كانت تناظر الجوال بحزن مستديم ووجهها كئيب من الحال اللي وصلته ومن اللي صار اليوم بكل ما فيه !.. رفعت راسها يوم شافت طيفه يقرب خلال الظلام واللي ما ينوّره الا قمر يشع بين السحاب المتناثر ..
ارتجفت يدها من أدركت من مشيته المعتدلة وخطواته المتقاربة ببطئ إن هذا.... بندر !
ثم نزّلت الجوال لجيبها وهي تعدّل وقفتها باستعداد للمواجهه اللي ما جهّزت لها أي كلام مصفصف..ولا قدرت !

اقترب من غير لا يدري إن الطيف اللي واقف هي سحر ومو مشاعل اخته !
قال وهو يقرب من غير لا يركّز بالملامح..وهو يحك شعره بنعاس : مشاعل مب وقتك وقسم بالله !
بلعت ريقها وقالت من غير لا تحس : ...أنا سحر !
لاحظت إنه وقف من سمع الصوت.. ونزّل يده عن شعره وخطواته اللي كانت ناويه تقرب أكثر.. وقفت بمكانها..!
سكت وهو يمحي تكشيرة النعاس ..ويستبدلها بنظرة تركيز وتفحّص لملامحها !
رمش كذا مرة بتقطيبة بين حواجبه يوم استوعب ان الرسالة منها .. ومو من مشاعل !!

قال بنبرة مبحوحة بسبّة النعاس اللي كان فيه : تدرين الساعة كم ؟؟
ابتسمت تبي تهدّي من العواصف داخلها .. وقالت بنبرة مبحوحة أكثر منه من المرض : ما تركت لي طريقة غير كذا يا بندر ..
فرك قمة أنفه وهو يغمض عيونه .. ثم فتحها وناظرها : قلتي تبين شي ضروري .. ؟؟
قالت وهي تراقب ملامحه اللي ما تقدر تستشفي منها شي.. سوى هدووء نبرته اللي كانت أكثر من اللازم : ايييه.. شي ...مهم... بالنسبة لي !

سكت وهو يدخّل يديه بجيوب بنطلونه ويركّز فيها وبوقفتها من خلال الظلام اللي ما كان حاجب كل الرؤية عنه.. كان يقدر يشوفها ويلمح بعض الاشياء بوجهها لكن مو بذاك الوضوح..!
بهاللحظة كان يبي يشوف لأي حد وصلت له عقب اللي صار مع محمد آخر عهده فيها.. يوم تركتهم تبكي ..ويدرك من جوا قلبه وش قد بكت طول هالساعات من غير الحاجة إنه يشوفها بعينه !
قال بابتسامة جانبية غريبة يوم شافها ساااكنه وكأنها ما مرّت باللي مرّت فيه قدامه : وش المهم بيني وبينك ؟..بالله يا سحر ؟!
تألمت من نبرته اللي فيها شي من السخرية .. وحافظت على باقي القوة اللي متعلّق فيها قلبها
وقالت بنبرة ضعيفة : إذا نسيت اللي صار اليوم أذكرك..
قال وهو يقرب خطوة ليقدر يلاحظها أكثر..وبنفس الهدووء الغريب بصوته : ما يحتاج تذكريني .. بس ما أظن اللي صار يهمك.. أنا قلت اللي قلته عشان أريّح نفسي لا أكثر ولا أقل.. ومو محتري منّك ردة فعل ،!
قالت ببحـة واضحة ..وهي تحافظ على ثباتها ولا تدري لمتى بتصمد : متخيّل اسمع منك كل ذاك الكلام ثم مـا تتوقع مني ردة فعل ..ليه يا بندر؟ تحسب اللي قلته سهل وما أثّر فيني !؟

حس برجفة صوتها اللي تحاول تسيطر عليها ..وقال وأعصابه بدت تنشدّ : وتحسبين إنّ اللي قلته كنت أبي أقوله ! .. انتي اللي جبرتيني عليه ونصيحة يا سحر ترى اللي قلته فيض من غيض لا تخليني أكمّل كل اللي عندي عقب ما نسيته هالساعات !
رجف صوتها أكثر ووضح عليه نغمة الدموع اللي ما قدرت تسيطر عليها : ومتوقع اللي قلته لي شي ينتسى كذا.. (سالت دموعها اللي صارت خارج السيطرة ) تحسب ان اللي قلته بيكون أخفّ علي من اللي بتقوله الحين .. تدري إني صرت أحس بالذنب ولا أدري ليش أحسّه وأنا بريئة من كل كلامك !
ابتسم بسخرية ممزوجة بمرارة : طبيعي تحسين بالذنب .. تدرين ليه ؟؟.. لأن حياتي الغريبة وطريقة عيشتي ترى لها اسباب .. ما فكرتي فيها ؟؟.. ليش أنا تارك البيت وأهلي .. ليش مختار لي حياة غريبة بعيد عن الناس .. ما فكرتي فيها مرة وأنا اللي أعرفك ذكية ؟؟ .. أنا أقولك ليش.. لأن بندر ما كان يبي يشوفك ويقابلك دايما وهو عارف عن زياراتك اليومية.. عارف انك تحبين أخوه.. وعارف إنك تفضّلينه عليه.. عرفتي ليه أنا غريب أطوار وعايش بعيد عن العالم والناس.. وخصوصا عنك إنتي وعن محمد !!!
شهقت بدموعها لجزء من الثانية .. وكتمتها ما تبيها توصل لمسمعه .. بلعت الشهقة قبل لا تطلع ومن جديد رفعت راسها له وهي مو مستوعبة اللي يقوله واحساس الذنب اللي كانت تبي تنهيـه.. لقت إنه يتفاقم ألحين ..!
قالت ببكي يخترق الحروف : والله ما كنت أدري !
ضحك بمرارة : صعب أصدق يا سحر صعب ولا تلوميني !
زاد بكاها وهي تناظر وجهه العذب مليان مراارة : والله العظيم !

عطاها ظهره مو قادر يستمر معها بالحكي أكثر.. ما يبي يزيدها عليها عقب اللي صار اليوم مع محمد.. ولا يبي يغمس عمره من جديد بمشاعر سلبية تجاوزها الساعات اللي طافت !
قالت بنفس العبرات يوم حسّت إنه بيتركها وهي توّها ما انتهت : مو مصدقني ؟؟
حكّ شعره من ورا من غير لا يناظرها : مسألة إني أصدقك أو لا أعتقد خلاص ما رح يغيّر من الأمر شي.. أنا نسيت اللي صار من قلت ذاك الكلام ..والأفضل تنسينه بعد !
بألم ودموع : شلون تنساه وتخليني أنا اللي أعاااني !!..لا ما أقدر أنساه أبي أفهم
رجع يطالعها .. وهي تناظره بصموود عجيب ..من غير لا يدري عن المشاعر اللي صاير يثيرها داخلها بطريقة غريبة..هي مصدومة منها !
قال بهدوء : سحر !
ما قالت شي غير إنها تتأمل وجهه العذب وهي تقاوم الألم والدموع.. وملامحه المريرة رغم هداوتها وسيطرته على نفسه !
قال وهو يبتسم بمرارة : لا تخليني أكمّل الله يخليك..لا تخليني أعيش اللي عشته من أول وجديد!!
غصّت بالعبرة اللي بحلقها .. واللي تحاول ترجّعها لداخل صدرها لا تظهر !!
نبرته كانت تجرح.. تخلق تأنيب الضمير داخلها..رغم إنه متألم !
قالت ويدها ترتجف والضياع انفرض عليها : و...وش...تبيني أسوّي؟!

سؤالها خلّاه يضحك .. ضحكة غريبة ما فهمتها.. ضحكة مع نفسه فيها من السخرية ذاتها والمرارة !
ناظرها بعد ثواني عقب ما هدت ضحكته والابتسامة الجانبية المريرة على وجهه...
ثم قال : لا تسوّين شي..!... قلت لك أنا ما انتظر منك ردّة فعل !

واستدار بيمشي.. لكن شي استوقفه وهو يغمض عيونه من الفكرة اللي مرّت على خاطره..!
كانت تناظر الفراغ ودموعها متعلّقه بخدها مو قادره تاخذ موقف.. الذنب ما يرحم أبد ما يرحممم !
قال وهو يلف..ويناظرها بطرف عينه وهي هااادية ظاهرياً : ...انسـي محمد !
رفعت عينها المحمّرة ووجهها كنّه مصفوق .. من كلمته أساساً !
وثانياً.. إنّه ما كان ناقصها إلا إنّه يذكّرها فيه هاللحظة.. وهي ناسيتـه طالما إن بندر قدامها ولا تدري ليـه !
لاحظ سكوتها .. وقال وهو يغلّف صوته بالجمود : انسيه قبـل بكرة ! .. آخر نصايحي لك !
قالها.. واستدار ماشي .. بنفس خطواته الهادية !
ما قدرت ترد .. ما قدرت تخلق حروف.. توّها ما انتهت من بندر !
توّها ما أصلحت اللي تحسّه فسد بينهم !
تقدمت خطوتين سراع وقالت بأعلى ما تملك من حرّ ما في جوفها : ما انتهينا يا بندر لا تفكّر إن بخلّيك ولا بنسى اللي قلته.. ( خنقتها العبرة من جديد وجلست عالأرض مهدودة الحيل وهي تتنفس بصعوبة من الخنقة والعبرات اللي تجرّ عبرات )

سمع كلامها وهو يمشي.. وكمّل طريقه والمرارة تزيد على ملامحه والموقف كله أثّر فيه..
وين النهاية !!
سحر جرّته من جديد لوسط المعمعة بعد ما حسّ إنه تملّص منها الساعات اللي طافت !
كلامها يعوّر.. وصوتها يعوّر.. واصرارها هالمرة يعوّر !!

وهو يمشي وصل احساس المرارة لأعلى حدّ ..ومن غير شعور حط يده على أعلى جبهته..وشدّ أطراف شعره من قدام بوضعية صراع من أول وجديد..وأسنانه تفرك ببعض من حرقة تملا جوفه !


وصل لمخيّمهم ويده على شعره بنفس المرارة والشعور الكريه ولا يدري شلون ينهيها مع سحر !!
وبلحظة غريبة... تصنّم مكانه يوم شاف اللي ما توقّعه ..بهالوقت بالذات !
تجمّد مكانه يوم شاف إن محمد أخوه.. واقف هناك لوحده.. وملامح الصدمة الهائلة تملا كل تقاسيم وجهه.. وروحه..وهيئته الساكتة بذاك الوقت !!
بردّة فعل منصدمة من بندر ..
نزّل يده عن شعره وهي ما يحسّ بعمره ..ونظراته متسلطّه على محمد اللي كان ساكت وشفاته منفرجه ونظراته على بندر ولا غيره !
محمد ما كان مصدوم وبس !
كان مبهووت.. مصعوق وكن صاعقة نزلت عليه وحرقته.. !!
يحدّق في بندر اللي واقف قدامه.. وهذا أقصى حيلته !
النظرات كانت وسيلة التواصل الوحيدة !
فقد قدرته عالحكي لـ دقايق .. وبندر بالمثل !
لكن بندر تغلّب على صدمته بعد دقيقة من سكون وتبادل النظرات ،، عكس محمد اللي كان غرقان بصدمته.. ولوعته..!!

تحرّك بندر وهو يبتسم بلووعة يوم أدرك إن محمد شهد على كل شي بعيونه : وش ..مصحّيك؟!
ما رد محمد اللي كان يطالع الفراغ بنفس مكان بندر .. اللي تحرك ومشى ناحيته ..ونظرات محمد جامدة وفارغة !
بندر بلووعة : محمد !
ما رد عليه وعيونه بنفس نقطة الفراغ.. كان فاصل ادراكه بهاللحظة وبندر أول مرة يشوف محمد بنفس ملامح الصدمة والشرود الفضيع هذا !
بندر ما تحمّل الوضع ذا وفضّل يهرب من قدامه ولا يفتح نقاش على وشك ينفتح !
تحرك من جنب محمد يبي يتركه مدامه شاف اللي شافه وانتهى الموضوع.. لكن روّعه مسكة حديدية لذراعه قبل يتجاوزه !
التفت بندر والمرارة تنضح بعيونه .. وسكت !
قال محمد وعيونه لازالت بالفراغ..ويده ماسكه ذراع بندر..وصوته يرجف : ه..هذا... اللي.. مخبّيه عليّ يا بندر !
أزاح بندر عيونه عن محمد ..بألم ولوعة !
يكفي اللي جاه يكفي !!

قال محمد بنفس الرجفة : ه..هذا اللي ..موجعك.. طول هالأيام !
سكت بندر.. ودموعه تفيض بعيونه.. مو قادر يسيطر عليها هالمرة !! مو قادر ينكر.. ومو قادر يحافظ على قناعه !!
قال محمد ودموعه هو الثاني تلمع ولأول مرة يحس فيها حارّة تلهب عيونه : ت..تارك حياتك.. ع..عشاني يا بندر ؟؟
بكى بندر وهو يلف وجهه للجهة الثانية وذراعه بقبضة محمد للحين .. من غير صوت لدموعه !!
محمد وصوته الواااطي يتهدّج : ...ج..اوبني... هذا اللي كان قالبك عليّ يا بندر طول هالأيام !!!!

زادت خنقة الدموع بعيون بندر..وغصةّ البكي بحلقه وهو يدرك إن صدمة محمد كبيرة !!
قال بصوت مختنق عبرات..كله رجا : محمد خلاص !
محمد بصوت متهدّج وهو يلف وجهه لـ بندر أخيرا : أي خلاص ؟!!.. معق..ول ..هذا اللي مـا كنت..ماخذ بالي منّه !!؟؟
سكت بندر وعبراته مستقرّه بوجهه .. ما يبي يبكي الحين لكن ما قدر.. البكي خذ مكانه بصدره المخنوق ووجهه اللي كشف عن كل آلامه !!

فلت محمد ذراع بندر.. وحط يده على جبينه بوضعية ألم وصراع !
ودموع اللوعة خذت مجراها على وجهه..
قال بندر وهو يناظر محمد الساكت والموجوع : محمد خلاص مب شي مهم !
رفع محمد راسه ..وبنظرة متألمة غرقانة وجّهها لـ بندر ..قال : ليه اكتشف كذا ؟!.. ليه ما قلت من البداية يوم ترجّيتك تقول !!
بندر بلوعة وهو يغالب عبراته : كانت..عندك ..مشاكلك.. !
محمد بابتسامة لووعة..ومررااارة لا تحتمل : ه..هذا..سبب عيشتك ..الغريبة بالمزرعة أجل ؟!!.. (ضحك ملتااع والعبرات بوجهه ) .. هذي سالفتك أجل!!.. كذا فجأة ألقى نفسي..السبب!!!
بندر ابتسم بنفس اللوعة : مو انت السبب.. انا كذا مرتاح !.. محمد خلاص لا تفكر باللي سمعته !!
قال محمد بمرااارة صعب تحمّلها : شلون ما أفكر فيه !!.. وأنا كنت بموت وأعرف شسالفتك..الحين تبيني أنساه !!.. ليتك قلت لي..ليتك قلت لي كنت مستعد أنا اللي أتنحّى ولا تاخذ ذيك العيشة الغريبة حياتك ..
سكت بندر وكره الموضوع كلّه .. وكره الظروف اللي خلتهم يوصلون لمثل هالموقف اللي لا يُطاق !!
قال بلهجة قاطعة وهو يمسح دمعه بكفّه ومو قادره يعيش الموقف أكثر : أنا داخل أنام مافيني حيل هالنقاش أكثر.. تجاهله يا محمد تجاهله.. لأن لا أنا ولا أنت فيه حيل ممكن يتحمّل هالموضوع زود ..تصبح على خير !
وتحرك وهو يلملم لوعته ..ومن الموقف اللي كان صادم لهم الاثنين .. بندر ما توقّع يواجه محمد بهاللحظة بالذات.. ولا محمد اللي تبع بندر لـ برا من غير لا يدري عن الصدمة المؤلمة اللي بتواجهه !!

جلس محمد برا يداري أوجاعه .. وصدماته اللي انهالت عليه اليوم ..!
ما كفاه أبو راهي اللي سلبه حرية الاختيار بحياته..!! ،
ما كفاه جرحه لـ حبيبته اللي ما يدري فيها حيل تصبر بعد على خبر بكرة !!
ثم الحين... كمّل عليه حقيقة بندر اللي كان يداريها عنّه لفترة طويلة !!
جلس عالأرض مافيه عصب يتحمّل الوقوووف !
جلس ودموعه تفيض بصمت من كل شي تجمّع عليه بهاليوم !!!
كذا يا بندر.. تخلّيني أكتشف بهاليوم !!
:
/

ما قدرت سحر ترجع للخيمة... الألم فااايض فيها ..
ما انتهت لسا من بندر... ما انتهت توّها... !!
ليه تحس برغبة بالاعتذار ..
رغم إن مالها ذنب ... لكن ما تدري ليش تحس بالتأنيب يقتل كل خلاياها !!
فيها رغبة تتوحّد بنفسها ..فيه رغبة بالبكي ما نضبت !

مشت ناحية سيارة خالد اللي ضمّت دموعها اليوم.. السيارة اللي احتوتها هي وجرحها !!
لكن لقتها مقفّله هالمرة !!
وقته تحرمني من هالسيارة يا خالد !!
ما تدري وش تسوي .. الخيمة ما تقدر ترجع لها تحس إنها بتختنق ..
كلام بندر يخنقها !!
ما لقت نفسها إلا تمشي للسيارة اللي جنب سيارة خالد ..
سيارة وليد .. اللي رحمت ضعفها ولقت أقفالها مفتوحة !
فتحتها وهي تعبااانة حيل .. كل اللي تبيه تلقى المكان اللي يلملم جراحها ..لعلها تقدر تكففها وتعالجها بعيد عن الناس !
لعلها تقدر تجمع النوم بهالمكان..
حطت راسها على المرتبة الخلفية وهي تغالب غصّات وعبرات.. وآلام جسدية !
كل اللي تبيه ..
إنها تناااام..
تناااام
وتصحي باكر.. كل هالأوجاع... مختفيــه !!


يتبــع..

قريبا نلتقي ..
مع آخـر لحظات رحلتهم المؤلمة !


بانتظاركم


♫ معزوفة حنين ♫ 27-02-11 02:41 PM




قرآءه ممتعــة للجميع :flowers2: ..



فيوناا 27-02-11 02:48 PM

تسلم يداج
ولا تتأخري علينا كثير
ثااااانكس

ألوان 27-02-11 04:47 PM

خلاص ببكي على ماكنت مستثقله محمد على ما قلبي عوووورني عليه



الي مر فيه مو سهل ابدا





ننتظر البارت الجاي على احر من الجمره


يعطيك العافيه خيتو


الوان


الساعة الآن 02:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية