منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f484/)
-   -   العاشقة الحزينة (https://www.liilas.com/vb3/t86313.html)

ابراهيم فواز 29-07-08 10:16 PM

العاشقة الحزينة
 
تقدمت بخطوات ثابتة وبطيئة متجهة الي عيادة الدكتور مجدي العناني اخصائي امراض النفسية .
دخلت العيادة وهي تجول بعيناها الواسعتان في ارجاء العيادة ، لم تجد اي حالة في العيادة فأتجهت للأستقبال .
قال لها رجل الاستقبال اي خدمة سيدتي ؟
اجابتة بصوت ضعيف متقطع نعم لي ميعاد مسبق عند الدكتور مجدي .
قال لها انتظري لحظة منفضلك .
دخل رجل الاستقبال غرفة الدكتور ، جلست وهي تنظر من حولها بعيون تملؤها الخوف والقلق .
منتدى ليلاس الثقافيوبعد فترة جاء رجل الاستقبال وهو يقول تفضلي سيدتي الدكتور منتظرك .
تقدمت بخطواط بطيئة متجها لغرفة الدكتور .
دخلت الغرفة فقال لها الدكتور تفضلي سيدتي ، نظرت للدكتور قائلة انت لست الدكتور مجدي .
ابتسم لها الدكتور قائلا فعلا ليس انا انما انا شقيق الدكتور مجدي ، الدكتور مجدي في الخارج وانا هنا مكانة
لا تقلقي انا متخصص ايضا .
ماهي مشكلتك سيدتي ؟
بدأت حديثها قائلة : انا اسمي فاتن في الارعين من عمري أعيش مع ابنتي الوحيدة سهام البالغة من العمر اربعة عشر عاما ، وفي كل خريف من كل عام وأثناء عطلة نهاية الاسبوع أذهب انا وسهام في رحلة نتنزه وسط الغابات لنقضي بعض الاوقات الجميلة مع بعضنا البعض ، نراقب تغير الوان أوراق الشجر وسقوطة ، وكذلك الغزلان الجميلة الشاردة في الغابة .
منذ شهرين وفي وقت الخريف استأجرنا كوخا صغيرا في احدي المنزهات الواقعة وسط الغابات ، وصلنا يوم الجمعة بعد الظهر حيث سلمنا مدير المنتزة مفتاح الكوخ ورافقنا اليه ليطمئن أن كل شئ علي ما يرام .
الكوخ كان صغيرا ومريحا وبدا لو انه قديم جدا ، غرفة الجلوس شغلت نصف مساحة الكوخ ، في منتصفها مدفأة صغيرة ، المطبخ كان ضيقا بعض الشئ وبه ثلاجة صغيرة ومغسلة وموقد ، يوجد حائط مفتوح يفصل المطبخ عن غرفة الجلوس ، خلف المطبخ وعلي اليمين يوجد ممر صغير يؤدي الي الحمام وفي نهايتة تستقر غرفة النوم ،ويوجد بجانب غرفة الجلوس سلم حاد يؤدي الي شرفة مغلقة بأريكة وسرير اختارتها سهام لتكون غرفة نومها أما انا فقد فضلت غرفة النوم الوحيدة الموجودة ، البيت نفسة مصنوع من خشب قديم ومظلم اللون ، كئيبا حتي لو سلط عليه أضائة شديدة .
قضينا نحو ساعة في افراغ محتويات حقائبنا ثم ذهبنا لتناول الغداء وعندما انتهينا خرجنا نتنزة في الغابات ونمرح وسط الاشجار الجميلة المعمرة ، وبدأ الاجهاد يتملكنا فعدنا ادراجنا الي الكوخ قبل غروب الشمس ، تناولنا العشاء ثم ذهبت سهام الي فراشها اما انا فأنشغلت بتنظيف الصحون في المطبخ .
وبينما أنا في المطبخ أغسل الصحون نظرت من النافذة أراقب الاشجار العملاقة ، وللمفاجئة .. رأيت أمامي فتاة صغيرة تقف في الغابة وسط الاشجار لا تتعدي الثانية عشرة من عمرها ، وترتدي ملابس قذرة وممزقة ، شعرها الاصفر متشابك ومتسخ وقد غطي وجهها ، جسدها كان هزيلا وضعيفا وكأنها تعاني من انيميا ، وما أثر دهشتي هو أنها لا ترتدي حذاء بالرغم من أن درجة الحرارة كانت منخفضة ليلا والارض قد غطت بالصقيع حيث يصعب تحمل برودة الارض بدون حذاء ، الغريب ان الفتاة الصغيرة واقفة لا تتحرك وكأنها متصلبة .
لم انتظر ثانية اخري ، فقد كنت قلقة بشأنها لعلها تعاني من مشكلة ، ركضت الي الخارج لأقدم لها يد العون ولكن عندما وصلت الي نفس مكان تواجدها لم أجدها ، اعتقدت بأنها ربما اختبأت وراء الاشجار ، بحثت عنها في الغابة فلم اجدها ، ناديت عليها ولكن دون جدوي ، فكرت في تتبعها من خلال آثار أقدامها ولكني صدمت ، فلم اجد اي آثر لأقدامها مما أثار ريبتي وشكي في أنها ربما تكون غير آدمية ، فلم أجد علي الارض الا آثار اقدامي أنا .
كيف جائت هذه الفتاة وكيف رحلت بدون أن تترك أي آثار لأقدامها وكيف ترتدي هذه الملابس الهزيلة وفي مثل هذا البرد .
لطالما اعتقدت في الاشباح ولكن ام اتخيل يوما بأني سأقابل أحدهما .
ذهبت الي غرفة نومي وتركت الاضواء والراديو موقدين ، فقد كنت عصبية ومتوترة بسبب أحتمال ظهور هذه الفتاة مرة اخري ، قررت بالأ اخبر ابنتي عما حدث حتي لا تخاف ، ولكن في صباح اليوم التالي أخبرتني سهام بأنها سمعت ليلا صوت بكاء طفلة وكأنه قادم من داخل الكوخ ، فقد كنت علي وشك أن اخبرها بما حدث ليلا ولكنها تسائلت هل يوجد جيران حولنا فتراجعت وأومأت براسي نعم يوجد ياأبنتي .
قضينا معظم الوقت في مشاهدة التلفاز وعند الظهيرة ذهبنا الي الغابة وجلسنا عند البحيرة ثم عدنا ليلا وتناولنا العشاء أثناء مشاهدة أبنتي للتلفاز كنت قد أرهقت وتعبت تماما من جراء المجهود الذي قمت به في ذلك اليوم ، وقفت في المطبخ انظف الصحون وبالرغم من خوفي مما حدث ليلة أمس الا اني اخذت أنظر من النافذة وأقول في نفسي ربما أري الفتاة مرة اخري ، انتظرت قليلا ولكن بلا فائدة فلم تظهر مرة أخري .
نمنا في هذه اليلة نوما عميقا في هذه الليلة بعد يوم طويل مجهد ، وفي منتصف الليل قمت لأتناول كوبا من الماء ، وبينما كنت في طريقي الي المطبخ مارة بغرفة الجلوس لمحت شيئا ما غير محدد الملامح جالسا علي الكرسي في غرفة الجلوس ، توقفت وتسمرت مكاني ، فقد كنت نصف نائمة ومشوشة قليلا ...
سهام هل هذه أنت ؟ لم أتلق اي أجابة ، وقفت أحدق في الشئ أكثر فأكثر ، ادركت بأن هذا الشئ يميل لأن يكون كيان امرأة وليس كيان طفلة صغيرة مثل أبنتي ، كرهت أن اعرف أكثر من ذلك ، بدأت فرائصي ترتعد ويدي ترتعش ، قررت بأن اهرب بلا تفكير ولكن قدماي كانتا لهما رغبة مختلفة ، فقد تسمرتا مكانهما وأبتا أن تتحركا مكانهما وكأنهما دقتا في الارض من فرط الرعب ، عدت بعيني مرة أخري الي هذا الشئ ، كل ما يمكنني رؤيتة هو شكل مظلم بلا معلم وبلا ظل ايضا ولكن الئ الواضح أنة لأمرأة .
بالرغم من خوفي الا أني أخذت أحملق في الشئ الجالس علي الكرسي ، فجأة تسللت الي قلبي مشاعر غريبة من الحزن والالم والمعاناة ، لم أتمالك نفسي فأندفعت في البكاء مثل الاطفال وبلا سبب وكأن هذه المشاعر قد اخترقت قلبي رغما عني ودفعتني الي البكاء .
وعندما استعدت هدوئي ومسحت دموعي نظرت مرة أخري لغرفة الجلوس فإذا بالشئ قد اختفي ، بدأ الرعب في قلبي يدق طبولة فهرعت الي فرفتي المضاءة ، أندفعت في سريري وبدأت أحدق في الحائط أترقب ظهور هذا الشئ مرة أخري في غرفتي .
أنا مازلت مستيقظة ، بعد ساعةلم يحدث شيئا ، لم أكد أنهي هذه العبارة في نفسي حتي اخترقت مسامعي صوت صراخ عال قادم من غرفة سهام ..... انها ابنتي ، قفزت من السرير وكأن لدغني عقرب ، أخذت أصرخ ايضا بصورة مستمرة حتي وصلت الي غرفتها ، فإذا هي مكومة علي السرير تصرخ بشكل هستيري وعيناها منتفختان وكل جزء في جسدها يرتعد ، ضممتها الي صدري وهدأت من روعتها .
بعد خمس دقائق بدأت في البكاء بشكل طبيعي ، مرت عشر دقائق اخري قبل ان تبدأ في سرد ماحدث لها ، قالت لي بأنها شاهدت حلما مفزعا ، رأت في نومها بأنها مسجونة في مكان مظلم بارد غير نظيف وكانت تعاني من الجوع والبرد وترتدي ملابس ممزقة وقزرة ، وفجأة ظهرت امامها إمرأة عجوز بشعة الخلقة أخذت تقترب منها بعينين شريرتين ، ثم بدأت تضربها بعنف وتصرخ في وجهها بلاسبب وبمنتهي القسوة ، وعندما استيقظت من نومها أخذت تبكي بعيونها النصف مفتوحة ، ولما بدأت في الانتباه الكامل وجدت نفسها في نفس المكان المظلم البارد الذي رأتة في حلمها ، وشاهدت نفس المرأة العجوز دفنت وجهها في الغطاء وبدأت في الصراخ وعندما دخلت أنا اختفي هذا الشئ .
أخبرت ابنتي عن الفتاة التي رأيتها في الغابة وعن الشئ المظلم الغامض الذي كان يجلس في غرفة الجلوس فزاد هذا من خوفها وارتعادها .
نمنا هذه الليلة وكل الاضواء مضاءة ، وفي الصباح وبدون تفكير حزمنا الحقائب استعدادا للرحيل ، تركت المفتاح للمسؤول عن اكواخ المنتزة وقلت له قبل أن ارحل ، هل تلقيت أي شكوي من أي مؤجر لهذا الكوخ ؟
بدأ في التردد قليلا ثم أومأ برأسة بالأجاب ، وقلت له هل كان هناك تجارب شبحية ؟
قال لها نعم ، ثم تركنا وذهب ، اختفي قليلا ثم جاء وفي صحبية رجل مسن محني الظهر ، رحب بنا ودعانا للخروج معه .
خرجنا معه فأجلسنا الي منضدة في المنتزة وبعد عدة دقائق جاءت زوجتة وجلست معنا ، اخذ يخبرنا عن عشرات الناس اللذين استأجروا هذا الكوخ منذ أن امتلك ابوه هذه الاكواخ منذ خمسين عاما ، بأنهم استلموا ستة تقارير بحدوث اشياء غريبة في هذا الكوخ وأن اثنين من اللذين اسأجروه تركوه وفروا ليلا وبعد ليلة واحدة بعد أن تركوا المفاتيح الخاصة به .
رجعت طرحت سؤالي مرة اخري .... ماذا حدث ؟
بدأ الزوجان في سرد القصة :- في عام 1800 كانت هذه المنطقة جبلية لا يوجد بها بيوت كثيرة او سبل لكسب الرزق ، عاشت امرأة هي وابنتها الصغيرة في هذا الكوخ المظلم ، والام كانت تعمل مع عمال المنتطقة حيث كانت تزودهم بالغذاء ، والفراء مقابل اجر زهيد ترعي بها ابنتها الصغيرة ، وفي يوم اضطرت الام للسفر خارج البلدة في مهمة عمل تاركة ابنتها الصغيرة في رعاية سيدة عجوز كانت قد استأجرتها لترعي ابنتها وتحافظ عليها في غيابها .
لم تكن الام تعلم بأن هذه المرأة العجوز بها مرض عقلي بجانب أنها شريرة الطبع ، فقد بدأت بسجن الفتاة الصغيرة في الغرفة وألبستها رداءا قديما متسخا وكانت تضربها بعنف وتتركها تتضور جوعا ، ماتت الفتاة الصغيرة من فرض الالم والجوع وسوء المعملة فأخذتها المرأة العجوز ودفنتها في الغابة تحت الاشجار .
عندما عادت الام ولم تجد ابنتها أخبرتها المرأة العجوز بأنها تركت ابنتها لتتنزه قليلا لمدة ساعة ولكنها لم تعد .
وتحولت الساعة الي ساعات ثم الي ايام ، صدقتها الام المسكينة ، لحسن الحظ وعندما كان العمال يحفرون الارض انكشفت جثة الفتاة الصغيرة وبالتالي ظهرت علامات التعذيب والاهمال علي جسدها وملابسها .
توجه الجميع الي المرأة العجوز بعيون الاتهام ، فأعتقلت المرأة العجوز ووضعت في مصحة للأمراض العقلية أما الام فبعد علمها كيف ماتت ابنتها تملكها الشعور بالذنب لأنها تركت ابنتها وسافرت ، فأغلقت الغرفة علي نفسها داخل الكوخ وبقيت فيه الا ان هزلت وماتت بحسرتها علي ابنتها فهي كانت عاشقة لأبنتها وفي عمر صغير لا يتعدي الواحدة والثلاثين .
عندما انتهي الرجل العجوز من سرد القصة بدأ الخوف يدب في نفوسنا ففكرت بأن الفتاة التي رأيتها في الغابة هي ابنت المرأة الشابة وأن الشئ المظلم الذي كان جالسا في غرفة الجلوس ربما تكون الام الحزينة علي ابنتها .
والحلم الذي رأتة ابنتي كما لو انها كانت تعيش لمحة من حباة الفتاة المسكينة بآلامها وخوفها تحت سيطرة العجوز الشريرة .

أتعلم يادكتور شئ ما في نفسي يرغبني في الذهاب الي هناك مرة اخري لا أعرف ماهو !!!!!

النهاية

الضوء الآسر 30-07-08 09:25 AM

قصة غريبة
شكرا لك اخي

ابراهيم فواز 30-07-08 05:23 PM

الضوء الآثر تحياتي لك علي مرورك الجميل

Emomsa 31-07-08 01:01 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة قصيرة حزينة ومخيفة ....

تقدم واستمر منتظرين جديدك ..............

jen 31-07-08 02:46 PM

لقد ارعبتنى القصة قليلا
موفق مشاعر واضحة واحاسيس معبرة وسرد يبعدك عن العالم المحيط ليأخذك فى رحلة فى الكوخ المحاط بالغابات
بالتوفيق ننتظر المزيد


الساعة الآن 10:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية