منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   342-دقات على باب القدر-دافني كلير(روايات أحلام) (https://www.liilas.com/vb3/t80959.html)

غاويه شطارة 08-06-08 12:49 AM

342-دقات على باب القدر-دافني كلير(روايات أحلام)
 
السلام عليكم
أحب أبدأ معاكم في المندى بهاذي القصة وهي

دقات على باب القدر
روايات أحلام
دافني كلير
342

تلك الفتاة تحد ينبغي أن ينتصر عليه.
كيف لا وهو غابرييل هادسون رجل الأعمال الأنجح في نيوزيلاندا. أيعقل أن ترفضه!!
ومن هي التي تجرؤ على ذلك!
سيحاول بكل ما أوتي من نفوذ و سحر أن يخضعها حتى لو اقتضى ذلك أن يعرض عليها العمل في شركته...
إحساسه الداخلي ينبئه بأنها نوع مختلف من النساء.
وسيكون عليه أن يقدم على شيء لا يمكن لأي رجل متمرس بمسائل النساء وفخور بنفسه أن يفعله. عليه أن يتقدم ببطء وحذر تماما كنمر حتى تأمن له وعندئذ ينقض...
لكن غابرييل السلحر الذكي الذي لا يغفل شيئا لم يتوقع أن تكشف له ريانون أمرا لم يحسب له حسابا...


لكن المشكلة اني بطييييييييييييئة في الكتابة بس لو كنت مستعدين تصبرو معايا رح أكتبها لكم وان شاء الله أحاول كد ما أقدر اني ما أكون بطيئة لكن المهم أنو مايكون احد كتبها من قبل وشكراااااا وأحب أقول اني معجبة بهذا المنتدى من أول وانا فرحانه لاني انضميت ليه :liilas:


ملاحظة: أنا فعليا كتبت الفصل الاول وخلصته فأرجوكم ردو علي عشان أنزله مكتوب

أميرة البحر 08-06-08 02:27 AM

مرحباا

شكلها كتيييييييييييييييير حلوة

ياريت نتزليها

مشكورة

غاويه شطارة 08-06-08 03:18 AM

من عيوني وشكرا لك c8T05285:على اهتمامك رح أنزل الفصل الأول :

1- لقاء متعثر

ريانون تكره المصاعد, إلا أن الطوابق السفلى في مواقف المبنى كانت مزدحمة حين وصلت هذا الصباح, وهي ليست مستعدة لصعود أكثر من أربعة طوابق, حاملة بين يديها صندوقا مليئا بالبلاط وأي إنسان عاقل يغتنم الفرصة الأكثر سهولة ويدخل إلى المصعد.
لقد أمضت خمس سنوات من عمرها تحاول أن تكون متعقلة وطبيعية.
أخذت نفسا عميقا, ودخلت إلى المصعد, ثم ضغطت على الزر الرابع وقد تملكها الارتياح لأنها بمفردها في المصعد.
وما إن أوشك البابان على الالتقاء حتى باعدت بينهما يد, ودخل إلى المصعد رجل يرتدي بذلة رمادية اللون.
تراجعت ريانون بسرعة إلى الخلف, والتصقت بالجدار البعيد عن باب المصعد.
نظر القادم الجديد إلى الأرقام المضاءة.
قالت في نفسها: لا بأس, إنه مجرد رجل عادي وبغية التأكد من هذا, رمقته بنظرة خفية, فوجدت ولدهشتها أنه ينظر إليها نظرة استكشاف, فيما يتكئ إلى جدار المصعد مكتوف اليدين, نظرت إليه, فإذا بأهدابه تخفي عينين فضيتين تتأملان وجهها, وشعرها البني الغامق, وقميصها الأبيض وتنورتها الخضراء.
اقشعر بدن ريانون, وتسارعت دقات قلبها. حاولت أن تتنفس بانتظام. وان تحافظ على هدوئها, فأمسكت العلبة التي تحملها بين يديها بإحكام, وركزت نظرها على الأرقام المضيئة المتغيرة, إلا أن عقلها كان يردد لها بأن صحبة هذا الرجل ليست اعتيادية.
بدا قميصه الأزرق المخطط وربطة عنقه القاتمة اللون تقليديتين ومتلائمتين تماما مع تفاصيل جسمه. أما وجهه فيشبه بوجوه تماثيل الآلهة اليونانية القديمة: وجه نحيل يميل إلى الشقرة, وشعر لوحته أشعة الشمس فزادت إلى جمالة رونقا.
أضاء الرقم اثنين على لوحة الأرقام في المصعد, تلاه الرقم ثلاثة, فأربعة. تنحى الرجل ليسمح لريانون بالخروج أولا من المصعد ثم تبعها, فتوجهت مسرعة إلى الدرجات التي تقود إلى الطابق ب.
وما إن وصلت إلى أسفل الدرج حتى أمسك بيدها:" يبدو هذا الصندوق ثقيلا, فدعيني أساعدك".
كانت قد وضعت رجلها على الدرجة الأولى, فتراجعت إلى الخلف لترفض عرضه, إلا أنها فقدت توازنها ووقعت عن الدرج, فصدمت كوعها بحافة من الإسمنت, وأفلتت الصندوق من بين يديها.
تبعثر البلاط وتكسر. شعرت بشيء من الدوار جراء الألم, فجلست على إحدى الدرجات تتفحص كوعها, وهي تصر على أسنانها وتعتصر عينيها لتمنع نفسها من البكاء.
-أنا آسف!..
بدا الصوت قريبا جدا منها, فاتسعت عيناها وهي ترى الرجل ذا الوجه الشبيه بوجه آلهة اليونان, يبعد بضعة إنشات عنها.
ركع الرجل أمامها على ركبة واحدة على الأرض الوسخة وتابع:
-لم أقصد إخافتك.
عن قرب, بدت عيناه زرقاوين, لكنهما ليستا باردتين, بل مليئتين بالشعور بالذنب:
-هل أنت مجروحة؟.
ونظر إلى يدها التي تغطي كوعها النازف: "دعيني أرى".
أحنى رأسه حتى باتت ترى الفراغ بين خصل شعره, ولفها عطره الأخاذ.
مد يده ولمسها مجدد, فتراجعت ريانون إلى الخلف وهي تهز رأسها.
-سأكون بخير بعد لحظات.
رد فورا:" لكنك شاحبة"
لم يفاجئها كلامه, فهي تشعر بأنها شاحبة. لكن دوارها بدا يتلاشى.
-أنا بخير.
ولتثبت له صحة قولها حاولت الوقوف.
-لا تتحركي.
امتدت يد قوية لتثبتها في مكانها, فيما أضاف:" يستحسن أن ترتاحي لبرهة".
وعندما قاومته لتقف, قال:" هوني على نفسك!".
لم تعرف ما إذا كانت ملاحظته الأخيرة استكمالا للأولى, أم أنها أتت كرد فعل على محاولتها الهرب. إلا أن نبرة صوته المهدئة هدأت من روعها.
هذا الرجل لن يعتدي عليك!
بذلت جهدا لتهدأ, ولاحظت أن اليد التي تأسرها دافئة, لا بل مطمئنة. وبعد لحظات, أفلتها وراح يجمع القطع المبعثرة على الأرض ويضعها في الصندوق.
-انكسر البعض منها, لذا سأستبدلها لك أو أدفع ثمنها.
-ما من داع, كنت أنوي كسرها على أي حال.
وفيما كان يضع بلاطتين في الصندوق, نظر إليها مبتسما ومتسائلا:" أتكسرينها لتهدئة أعصابك؟".
ردت:" أستعملها للموزاييك".
وتابعت عل الكلام يخفف الألم الذي تشعر به في كوعها:" معظمها مكسور على أي حال".
-هل الموزاييك هواية أم مصدر رزق؟
وترددت ريانون. لا تترددي! إنه مجرد سؤال تقليدي, لا تتصرفي بغباء!
-ليس تماما.
-هل لي أن أعرف اسمك؟.
-لا أظن ذلك!.
وحين لم تجب على سؤاله, رماها بنظرة ثانية, وحدق إلى شفتيها المرسومتين, ثم أغلق الصندوق وسأل:" كيف تشعرين؟".
-أنا بخير.
سوت حقيبة يدها وحملتها جيدا ثم استعدت للوقوف ثانية, إلا أنها تلوت ألما.
عبس الرجل:" هل أنت واثقة من أنك لم تكسري يدك؟".
حركت ريانون ساعدها, لترى ما إذا كانت يدها مكسورة, فشعرت ببعض الألم,إلا أنها قالت:"إنها مجرد رضه قوية".
إلا أن حمل الصندوق سيشكل لها مشكلة.
-تفضلي وسأحمل الصندوق عنك.
لم تملك حلا آخر, لذا صعدت الدرج وهي تشعر بخطاه خلفها. وحين وضع الصندوق في شاحنتا الصغيرة, سأل:
-هل من شيء آخر أساعدك به؟.
-لا شكرا, لقد فعلت ما يكفي.
فرد بلطف:" حقا؟".
-لم أقصد...
ضحك, فيما تابعت ريانون بسرعة:" كان لطفا منك, وأقدر مساعدتك".
-هذا كرم بالغ منك, إذ كنت السبب في ما أصابك.
-لا, لم يكن الذنب ذنبك!
ونظرا لطلته البهية ووسامته, أي امرأة كانت لتقبل مساعدته برحابة صدر , عوضا عن التعثر والوقوع أرضا في محاولة للهرب منه.
سألها وهو يشير إلى الصندوق:" أثمة من بإمكانه أن يساعدك على تفريغه؟".
-نعم.
ومن دون أن تعطيه المزيد من التفاصيل, فتحت باب سيارتها وصعدت إليها.
أغلق باب سيارتها بنظرة كئيبة, ولوح لها مودعا, ثم ارتد إلى الوراء.
نظرت في المرآة فرأته ينظر إليها.
وعند اختفت الشاحنة الصغيرة, فرك غابرييل هادسون يديه ثم وضعهما في جيبيه.
أحسنت هادسون, لقد غيرت أسلوبك هذه المرة!
فهو لم يعتد التعرف إلى النساء في مرآب السيارات, إلا أنه رفض اليوم رفضا قاطعا حتى قبل أن يشتري شركة فاشلة, ويغير أسمها ويقودها إلى القمة جاعلا منها إحدى أفضل شركات نيوزيلندا. كان مدللا من قبل الجنس اللطيف, إذ لطالما كان مظهره الوسيم مصدر نجاح وإحراج له على حد سواء, وهو لم يخف النساء يوما.
لكن ما إن دخل إلى المصعد حتى تراجعت إلى الخلف ووقفت في الزاوية من دون أن تنظر إليه متيحة له فرصة أن ينظر إليها للحظات قبل أن تكتشف أنه يراقبها.
بدت خائفة. عيناها الخضراوان اللوزيتا الشكل حدقتا إليه للحظة طويلة, وشفتاها الجميلتان سحرتاه, فهما مغريتان,ناعمتان, وزهريتا اللون.
كان شعرها لامعا مقصوصا بطريقة بسيطة ليلامس بشرة ناعمة, وردية اللون, لون استحال شحوبا عندما تعرضت للأذى. أخفى الصندوق الذي كانت تحمله قوامها, إلا أن تنورتها كشفت عن ساقين جميلتين.
أشاحت بنظرها بسرعة وهي تعض على شفتها, وقد لا حظ أنها ابتلعت ريقها وراحت تحدق إلى لوحة الأرقام في المصعد كما لو أنها قادرة على جعلها تزيد من سرعتها.
شعر بتيار من المشاعر يجتاحه, وقد فاجأه رد فعله الشبيه برد فعل المراهق. فرغبته بمساعدتها على حمل الصندوق لم يكن عملا يخلو من الأنانية, فهو لم يشأ إغوائها على السلالم, إلا أنه لم يرد أن يراها تذهب, فنظرة واحدة منها كانت كفيلة بأسره وإثارة اهتمامه.
لم يكن عليه أن يلمسها, فقد أخافتها لمسته وجعلتها تقع على السلالم.
وتذكر وجهها الشاحب وعينيها اللتين ازداد لونهما عمقا تحت تأثير الصدمة, وفمها الجميل, فشتم منزعجا.
لقد خسر فرصة التقرب منها, إذ جعلها تقع وتتألم إلى حد كاد يغمى عليها.
وبعد كل ما جرى, لم يبق سوى مساعدتها في الصعود إلى سيارتها بأمان, ونسيان هذه المقابلة التي اتخذت طابع كارثة.
***********

قادت ريانون بحذر وبطء, وهي تدرك أن يدها لن تحتمل الكثير من الضغط. كانت عضلات كتفيها متشنجة, وعند الضوء الأحمر في إشارة المرور, استغلت الفرصة لتمارس تمارين التنفس, كما أفلتت المقود لتريح أصابعها.
حين مررت أصابعها على المقود, تذكرت بوضوح يد الغريب وهي تلامس يدها. كانت يدا قوية لكن مطمئنة. تذكرت عينيه, وكيف تغير لونهما من الرمادي الفضي, إلى ازرق شبيه بلون صبيحة نهار في الشتاء. كانت عيناه تشعان دفئا. حين أمسكت به يحدق إليها, بدت عيناه ممتنتين, ثم استحالتا معتذرتين, فقلقتين, ولاحقا فضوليتين.
أصبح ضوء إشارة المرور أخضر, فداست برجلها على البنزين بتردد, ثم انطلقت.
أحست وكأنها تقف على طرف حافة, وبشعور غريب في معدتها وبنبض غريب في عنقها. شعرت بحرارة تجتاح جسمها, وبتعب شديد وضعف.
لقد هزها الحادث من دون شك, وستحتاج إلى بعض الوقت لتستعيد عافيتها بالكامل.
وصلت ريانون إلى الفيللا القديمة في (( مونت ألبرت)) التي تتشاطرها مع شابة أخرى, وراحت تحمل البلاطات تدريجيا وتنقلها إلى غرفة نوم في الطابق الأعلى حولتها إلى مشغل.
قد تتمكن لاحقا من إنجاز بعض أعمالها الصغيرة في صالت العرض الجديدة وسط المدينة, إلا أنها تتقاضى الآن أجرا مقابل لوحة كبيرة.
بعد أن نقلت البلاط, نظرت إلى كوعها, ووضعت كمادة باردة في المكان المتورم. وفي وقت لاحق من الأمسية, أصرت مدبرة منزلها وهي ممرضة سابقة, على تحريك يد ريانون مرات عدة.
-يدك ليست مكسورة,ولكن يستحسن أن تذهبي إلى الطبيب ليفحصها.
هزت ريانون رأسها:" أعدك بالذهاب إلى الطبيب إذا لم تتحسن".
بعد العشاء, غلفت ريانون البلاط بورق جرائد وحطمتها بالمطرقة بيدها اليسرى. وكما قالت للرجل الغريب في مرآب السيارات, فإن معظمها محطم أصلا.
بعد أن وضعت بعض القطع المحطمة داخل التصميم, أحست بعدم رغبة في العمل فتوقفت.
بعد أسبوع, ونهار الجمعة تحديدا, كانت تدخل الطابق الأرضي من المرآب حين استوقفها صوت عميق مرح, صوت رجل جعلها ترتجف إنه الإله اليوناني.
لحق بها ورماها بابتسامة:" مرحبا مجددا! كيف حال يدك؟".
ونظر إلى يدها الظاهرة تحت فستان لونه بيج.
أجابت مندهشة قبل أن تبتسم: " بخير شكرا".
-لا تزال الكدمة ظاهرة.
لقد مرت المرحلة الأسوأ, إلا أن لونا بنفسجيا ما زال باديا. مرر أصبعا رجوليا على الكدمة, فاجتاحتها رجفة غريبة.
-آسف, هل لايزال كوعك يؤلمك؟.
-كلا.
قالت هذا, وابتعدت قليلا إلى الوراء, مخلفة مسافة بينهما.
رمقها بنظرة مازحة: " إذا, أعتذر لأنني تخطيت حدودي".
قالت ببرودة:" لا بأس!".
لا يمكنها اعتبار لمسته عدائية, فغالبا ما يلمس الناس بعضهم بشكل طبيعي, بشكل لا يثير مشاعر حميمية.
توجهت إلى السلالم, فعلق على الموضوع قائلا:" ألن تستقلي المصعد؟".
هزت ريانون رأسها, وعوضا عن الاعتراف بخوفها من المصاعد. قدمت عذرها المعتاد:
-صعود السلالم يساعدني على الحفاظ على رشاقتي.
استدار ليرافقها.
-يبدو أن الأمر ينجح.
وجال بنظره على قوامها, فراح كل عصب في جسمها يصرخ أشاحت بوجهها ولم تجب.
سأل بنعومة, وهو يصعد السلالم إلى جوارها:" هل أعتذر مجددا؟".
هزت رأسها, وانقبض حلقها, بالرغم من أن عقلها كان يردد لها أنها تتصرف بسذاجة. فأمامها رجل جذاب يعلمها أنه معجب بها. قد تسر غالبية النساء بهذا, كما أن غالبية النساء كن ليبتسمن له, ويتساهلن قليلا.
كانت ريانون تدرك تماما بأنها مختلفة عن باقي النساء.
وبعد قليل قال:" أشعر أنني أدين لك بنوع من التعويض. هل لي بدعوتك لشرب القهوة أو ما شابه؟ أو ربما لتناول العشاء؟".
ردت بحزم:" أنت لا تدين لي بشيء".
سأل:" هل أنت متزوجة؟ أو مرتبطة؟".
دفعها السؤال المفاجئ إلى الرد دون تفكير:" لا!".
-أنت حتما تكرهينني جدا, وأنا لا ألومك, فبعد الحادث...
-أنا لا أكرهك... فأنا لا أعرفك حتى.
قال بخفة:" إذا شئت..".
أشكت أن تقول له إنها لا ترغب, لكنها ترددت. إذا أرادت أن تكون امرأة طبيعية, فقد حان الوقت لتبدأ بالتصرف كسيدة, آن الأوان لتنسى الماضي.
وصلا إلى فسحة الدرج, فتوقف كما لو أنه يعيق مسارها بالرغم من وجود مسافة تقارب نصف المتر بينهما. سحب بطاقة من جيبه وناولها إياها قائلا:
-غابرييل هادسون. أعمل في مجال النقل الجوي.
اسم معروف, فغابرييل هادسون يملك إحدى أكبر الشركات الخاصة في البلد.
أكدت البطاقة شكها, فالشعار المألوف مرسوم في زاوية الباقة, وقد وضع اسمه بالحرف العريض وسط البطاقة. تتمحور كافة إعلانات الشركة حول العناية والسرعة, فتصور الجناحين يحملان برفق أغراضا ثمينة ويحلقان بها في كافة أرجاء نيوزيلندا والعالم. كانت هذه الشركة ذات شعبية لأنها, وخلافا لغيرها من الشركات, توصل الغرض إلى المنزل.
إنه رجل أعمال محترم, ذائع الصيت لنجاحه الباهر وهو لا يزال في العشرينات من عمره, وقد رشح العام الفائت لنيل جائزة الرجل الأغنى والأكثر تواضعا أما حياته الخاصة, فقد بقيت خاصة ولم تنشر للعلن.
قالت:" استعنت بخدماتك".
ومن لم يفعل فكل من له صلة بمجال الأعمال في نيوزيلندا, استعان لمرة على الأقل بخدمات شركة(( آنجل إير)) .
-هل نقلنا لك لوحات الموزاييك؟.
شعرت بحاجة لأن تغطي ملاحظتها السخيفة فقالت:
-وأعمال فنية عائدة لأناس آخرين أيضا, بالإضافة إلى الكتب.
-كتب؟.
-نعم, فأنا أملك صالة عرض ومكتبة.
مال برأسه قليلا:" أين؟".
شعرت بأنها أعطته الكثير من المعلومات, فردت باستخفاف:
-انتقلنا منذ أسابيع إلى شارع هاي.
كان إيجار المكان رخيصا بالنسبة لوسط (( أوكلاند)) بالرغم من أنه ضعف ما كانت تدفعه كإيجار المحل الصغير في الضاحية, إلا أنها أملت أن يعوض عليها هذا المكان المال الذي دفعته.
-ما أسمه؟
ما من جدوى من التراجع الآن:
-موزاييكا.
صعد شاب السلالم ومر قربهما, فاقترب غابرييل هادسون منها ليفسح له الطريق, فشكره الشاب وتابع سيره بعجل.
لا مست كتفها يد قاسية مليئة بالرجولة, واشتمت رائحة عطره الزكية التي سبق4 أن لاحظتها في لقائهما الأول.
بدأ بدنها يقشعر, وحنجرتها تضيق, لكنه ابتعد عنها وسمح لها بمعاودة السير, فأسرعت إلى السلالم.
عندما وصلت إلى الطابق التالي, توقفت لتفسح المجال لسيارتين بالمرور وفتح باب المصعد فخرج منه عدد من الركاب سأل غابرييل: " هل ستطلعيني على اسمك؟".
-ريانون, ريانون لويس.
كرر, كما لو أنه يجرب وقع اسمها على السمع.
-ريانون, أنت من ويلش أليس كذلك؟.
-نعم في الأصل.
-أرغب برؤية صالة العرض يوما ما, وقد نخرج أيضا لشرب فنجان من القهوة.
كانت نبرة صوته ودية, ومطمئنة.
إنه رجل متحضر, معروف, محترم, ووسيم, وناجح, وهو لن يلقى صعوبة في إيجاد امرأة أخرى في حال صدته الآن. لعله سينساها بعد لحظة واحدة, وبالرغم من ذلك ترددت:
-لا أحب ترك الموظف بمفرده لفترة طويلة.
اقترح:" بعد العمل إذا؟".
-علي أ أراجع الحسابات وأجري الجردة.
مال غابرييل برأسه وخفض عينيه, وزم فمه.
ظن أنها تشعر بالحياء وبعد أن تذكرت القرار الذي اتخذته سابقا, قالت ريانون بسرعة:
-يستغرق هذا الأمر عشرين إلى ثلاثين دقيقة. نحن نقفل في السادسة كافة أيام الأسبوع باستثناء السبت, إذ نقفل عند الثانية.
هل قالت ما ظنت إنها قالته؟ هل قبلت دعوة رجل ما للخروج؟ قفز قلبها من مكانه ثم عاد.
أومأ غابرييل يحفظ المعلومات التي قالتها له.
رافقها إلى سيارتها, وكان لسانها مربوط لشدة دهشتها مما أقدمت عليه. لم يلمسها, بل انتظر حتى جلست ووضعت حزام الأمان, ثم أغلق الباب, وتراجع إلى الخلف, ملوحا لها.
توجه إلى السلالم سم إلى سيارته مقطب الجبين. فبعد لقائهما الأول, ظن أن هذه المرأة تشغل تفكيره لأنه يشعر بالذنب بعد أن كان السبب في سقوطها أرضا. ولكن, حين لمحها مجددا اليوم, شعر بالحماسة تغمر قلبه, ثم أحس بضيق يعتصر صدره, وتعرقت يداه لم يختبر مثل هذا الشعور منذ المرة الأولى التي دعا فيها فتاة للخروج, حين كان لا يزال مراهقا. أما اليوم, فها هو الشعور يعاوده.
أراد أن يمسك بها, أن يتأكد من بقائها بجواره إلى أن يعرف كل شيء عنها. إلا أنه تذكر, وهو يضغط على زر جهاز الإنذار في سيارته, أنها ستخاف وتهرب إذا ما لمسها.
صعد في سيارته وأدار المحرك. ريانون! أحب انسياب اسمها, تماما كما أعجب بها منذ اللحظة الأولى التي وقع فيها نظره عليها.
نظر في مرآته, ورجع قليلا إلى الخلف, ثم قاد سيارته في الممر إذا, لم تكن تعرف هويته! ولكن أهذا سبب كاف لتتصرف بهذه الطريقة الجافة؟ أتتصرف هكذا مع الرجال كافة؟ ترى ما الذي يدفع المرأة للتصرف بهذا القدر من الحذر؟.
تبادر احتمالان إلى ذهنه, ومن دون أن يعي شد بيديه على المقود آلمه فمه فأيقن أنه يصر على أسنانه. حاول الاسترخاء, وفضل عدم الوصول إلى استنتاجات قد تكون خاطئة. فلمجرد أن امرأة ما لم ترتم بين أحضانه منذ اللحظة الأولى, ولم تتأثر بوسامة وجهه وسحره, لا يعني أنها تشكو من علة ما.
لعل هذا هو ما أثار اهتمامه في ريانون, فهي لم تتصرف كغيرها من النساء, بالرغم من أنه أظهر اهتمامه بكل وضوح. لم تعكس نظراتها أي اهتمام, كما أنها لم تحب أن يلمسها.
وهذا أمر ينوي تغييره.

☻☺☻☺☻☺
وان شاء الله يعجبكم :f63:

ميسا ميسا 08-06-08 07:17 AM

بدأيتها حلوة

تسلمي غاويه شطارة

وخوذي راحتك ياقمر


:flowers2::flowers2::flowers2:

عطر الحب 08-06-08 07:32 AM

انا اول مره اقراء ها الروايه بليز ما طولي شكلها فله شـــــــكراااا

غاويه شطارة 08-06-08 04:02 PM

[QUOTE=ميسا ميسا;1464194]بدأيتها حلوة

تسلمي غاويه شطارة

وخوذي راحتك ياقمر


شكرا على مرورك ميسا ميسا وعلى الشجيع كما الحمدلله تكة وأخلص الفصل التاني اصبرو علي شوية

غاويه شطارة 08-06-08 04:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطر الحب (المشاركة 1464204)
انا اول مره اقراء ها الروايه بليز ما طولي شكلها فله شـــــــكراااا

عطر الحب شكرا على مرورك وهي القصة فعلا حلوه وان شاء الله تفضل عند حسن ظنك

onge13 08-06-08 04:34 PM

kmeliha llllllllllllllllllliiiiiiiiiiina 3333333fffffffffffaaaaaaakkkkkkkkk

غاويه شطارة 08-06-08 04:57 PM

الحمد الله خلصت الفصل الثاني وهو أطول فصل وانشاء الله ما أتأخر عنكم في الفصل الثالث


2-صفقة فنية

وضع غابرييل خطته بحذر, فبعد مرور أسبوعين دخل إلى موزاييكا قبل وقت قليل من موعد الإقفال.
كانت ريانون وراء الصندوق تحاسب زبونا, ولم ير أي أثر للمساعد الذي تحدثت عنه.
راح ينظر إلى اللوحات والمنحوتات, وغيرها من الأعمال الفنية, ويتأمل بإمعان لوحات الموزاييك, ثم جال بنظره على رف الكتب وهو يسترق السمع إلى الحوار الجاري عند الصندوق.
بدا صوت ريانون دافئا وينم عن ثقة كبيرة, وهي تصف عملية صناعة قطعة السيراميك التي اختارها الزبون, وتعرض عليه لفها وتوصيلها وحين أنهت الصفقة, شكرته وودعته بود ولطف.
غادرت شابة ووالدتها المتجر بعد أن كانتا تنظران إلى المعروضات, فانتقى غابرييل كتابا عن منحوتة تقليدية من البحر الهادئ وحضر إلى الصندوق.
رفت عينا ريانون حين تعرفت إليه, وعلى التوتر وجهها. لم يعجبه أن تتوتر لرؤيته, لكنه رضي بالأمر الواقع إذ أيقن أن له نوعا من التأثير عليها.
بادرها بابتسامة مطمئنة, ووضع الكتاب على المنضدة, ثم أخرج من محفظته بطاقة اعتماد.
بدت غير متأكدة, ولعلها تساءلت عما إذا كان قد نسيها.
إنها أجمل مما يتذكر, وهي لم تفارق تفكيره منذ لقائهما الأخير حسمت المبلغ من بطاقة الاعتماد, وغلفت الكتاب برقة وناولته إياه حاول غابرييل جاهدا ألا يلمس أناملها الناعمة وهي تسلمه الكتاب.
-شكرا لك. ريانون.
لاحظ اتساع عينيها عندما ناداها باسمها, ثم أشار إلى لوحة موزاييك معلقة على حائط تجسد عصفورا طويل الساقين, ريشه أزرق, يقف قرب جدول ماء تحيط به نباتات وأزهار:
-أهذه اللوحة من تصميمك؟
هزت رأسها:" لا, ليس هذه".
-اللوحات التجريدية عند المدخل إذا لك؟
أكدت له:" نعم, إنها لي".
-لقد تأثرت بها حقا!.
قليل من الكلام يهدف إلى جعلها ترتاح, وينم عن مشاعر صداقة في الوقت عينه. جال بنظره في أرجاء المكان.
-صالة عرض راقية وجميلة.
-أشكرك. آمل أن يعجبك الكتاب.
-أنا واثق من أنه سيعجبني. أيمكنك تخصيص بعض الوقت كي نخرج سويا لشرب القهوة كما وعدتني؟
ابتسم مجددا, ابتسامة مصطنعة جعلته يحتقر نفسه.
ترددت ريانون, ثم قالت على عجل:" عليك أن تنتظر قليلا ريثما أنهي الحسابات".
-ما من مشكلة, أأساعدك في إغلاق الأبواب؟
بدت مرتبكة قليلا.
-سأغلقها حين أخرج.
أتخشى أن تبقى بمفردها في مكان مغلق معه؟ لم يعرف ما إذا كان عليه أن يشعر بالإهانة أو السخط أو المرح.
أغلقت الباب الزجاجي الكبير, وأدارت لافتة دون عليها ((مغلق)) ثم أخرجت المال من الصندوق, وتوجهت إلى غرفة خلفية قائلة:
-تصرف بحرية وتفرج على المعروضات.
وهكذا, أوضحت له تماما أنه ليس مرحب به في الغرفة الخلفية. ترى أتخفي أسرارا هناك؟.
استغل غابرييل الوقت لينظر إلى المعروضات عن كثب, وقد أثارت انتباهه لوحة موزاييك كبيرة معلقة إلى الحائط.
كانت الأحجار الملونة, والرسومات الفضية, والأشرطة النحاسية الملتوية تضفي غنى وأناقة على العشوائية البادية, والألوان المتضاربة والخطوط المنكسرة. حين انضمت ريانون إليه, كانت تحمل في يدها سترة رقيقة وحقيبة يد كبيرة, وقال بقوة:
-أريد هذه اللوحة. إنها من صنعك أليس كذلك؟.
-هل رأيت توقيعي؟.
لم يكن قد فعل, إلا أنه لاحظ وبعد قولها هذا,حرفي اسمها في أسفل اللوحة على قطعة رخام.
فكر في أن يقول إنه تكهن بذلك, إلا أنه ابتسم, وهز كتفيه كما لو أنها ضبطته وهو يحاول أن يتحاذق.
سألت:" هل أنت جاد؟".
-نعم. تماما.
أذهلته المشاعر المتناقضة التي بدت على وجهها, مشاعر مزجت بين الشك, والقلق, إلا أنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها.
-قد أمر لآخذها في أي وقت لاحق, لكنني أستطيع دفع ثمنها الآن إن شئت.
-لا بأس, سأضع ملصقا صغيرا عليها و أدون (( مباعة)), ولكن إن عدت وغيرت رأيك........
-أنا لا أغير رأيي حين أرى شيئا يعجبني.
حدق إلى عينيها, وقرأ فيهما علامات حذر.
فحذر نفسه: تراجع! هذه الفتاة مختلفة عن سواها. ابتسم وقال:
-هلا ذهبنا؟.
-نعم
-هل تحتاجين إلى هذه؟.
وتناول السترة من يدها ليلبسها إياها.
-لا, لا أظن ذلك.
إنها أمسية دافئة, لكنه تساءل ما إذا كانت لتدعه يلبسها السترة إن كانت ترتجف من البرد.
ترى بما يقحم نفسه؟
ضغطت ريانون على القفل الآلي, ونظرت إلى غابرييل وهو يغلق الباب خلفهما. بدا شعره برونزيا لا بل مائلا إلى الذهبي تحت أشعة مصابيح الإنارة في الشارع.
في الشارع الضيق, تصاعد صوت موسيقى من ملهى شبه مظلم نظر غابرييل إلى اليافطة المعلقة فوق باب الملهى وقال:" أفضل أن أجد مكانا أكثر هدوءا إن كنت لا تمانعين".
أومأت ريانون:
-على ألا يكون صغيرا جدا.
علت وجهه نظرة تساؤل, فقالت:
-أريد مكانا أستطيع أن أتحرك فيه بحرية, ألا توافقني الرأي؟
إنه رجل طويل القامة, ولا بد أنه يريد مكانا يفرد فيه ساقيه.
-أعلم تماما ما عنيته, فتلك الأماكن الضيقة حيث لا تسع ركبتيك, وحيث يتعين عليك الانتباه كيلا تصطدمي بجارك ليست مريحة كثيرا.
مشيا جنبا إلى جنب وكان يرتدي بذلة داكنة اللون من دون ربطة عنق, وقد كشف قميصه المفتوح عن بشرته البرونزية.
مشى في الاتجاه المعاكس لهما شاب وفتاة يعانق أحدهما الآخر غير عابئين بغيرهما من المشاة, وكادا يصطدما بريانون إلا أن غابرييل أمسك بخصرها بإحكام وأبعدها عن طريقهما ثم أبعد يده على الفور.
وبعد أن استدارا ليتجها إلى الشارع المقابل, توقف أمام باب مضاء.
-ما رأيك بهذا المكان؟.
رأت ريانون عبر الزجاج العريض مساحة كبيرة و أناس يجلسون إلى طاولات مرتبة يضيء كل واحدة منها شمعدانان رائعان.
أجابت:" مكلف جدا".
ضحك وفتح الباب.
-أستطيع أن أتحمل, ولكن هل يفي بالغرض؟.
وافقت ريانون بسرعة ودخلت.
قادهما النادل إلى طاولة فسألها غابرييل:" ألا تفضلين شيئا غير القهوة؟"
-لا, قهوة فحسب. شكرا.
-هل تناولت العشاء؟
-نعم.
لقد تناولت صحن سلطة بسرعة في صالة العرض, عندما لم هناك زبائن.
-وماذا عن التحلية؟ أرغب بتناول شيء ما.
طلب من النادلة أن تحضر لهما قائمة التحلية, وراح ينظر من فوق قائمته إلى ريانون.
-أنصحك بتناول الكاتو بالشوكولا مع الفريز, إلا أن طبق كريما الشوكولا الساخنة لذيذ للغاية إن شئت تناول شيء أخف.
لم تكن ترغب في تناول شيء, إلا أنها بعد أن نظرت إلى اللائحة شعرت برغبة في تناول الحلويات.
-هل ترتاد هذا المكان غالبا؟
-من وقت إلى آخر, فهو قريب من منزلي, والخدمة فيه سريعة.
هذا دليل على أنه لا يملك الكثير من وقت الفراغ, أو لا يحب هدر وقته سدى وهو ما كان ليحقق ما حققه إن كان يمضي وقته في تناول التحلية والقهوة.
قررت:" سأتناول كريما الشوكولا الساخنة"
أراد غابرييل تناول الكاتو بالشوكولا, فطلبا اختاراه مع القهوة, ثم وضع يديه على الطاولة وقال:" أخبريني عن نفسك"
أخفضت ريانون نظرها وكتفت يديها وأجابت:
-صالة العرض هي مصدر رزقي, وأقوم بصنع بعض لوحات الموزاييك من وقت إلى آخر.
-هل تطلب منك أعمال خاصة؟
-أحيانا.. غالبا ما أقوم بالعمل في المنزل و أبيع اللوحات في المعرض.
-وأين هذا... أعني منزلك؟
رمته بنظرة غريبة:" في منطقة ماونت ألبرت".
رجع غابرييل إلى الخلف:" إذا أنت من أوكلاند؟"
بدا سؤاله تقليديا, مجرد حديث إلا. هزت ريانون رأسها
-ولدت وترعرعت في (( بوكيكوه))
-فتاة ريفية إذا؟!
-ليس تماما, فعائلتي لم تكن تعمل في مجال الزراعة.
وبذلت جهدا لتسترخي ثم أضافت:" كان والدي يعمل في مجال الخدمات الكهربائية"
-كان؟
صمتت قليلا ثم ردت:" إنه في دار للعناية الآن, لقد تعرض مع والدتي لحادث على الطريق السريع".
سأل غابرييل بلطف, وقد ضاقت عيناه تأثرا:" ووالدتك؟".
-توفيت. أصيب والدي بضرر في دماغه, وهو يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة.
حزنت عندما تذكرت كيف كان والدها وكيف أصبح الآن.
-لا بد أن الأمر صعب عليك وعلى والدك.
وتوقف غابرييل عن الكلام لبرهة, ثم نظر إليها و أردف:" متى حدث كل هذا؟!"
-منذ نحو ست سنوات.
أخفضت نظرها وتراءى الحادث أمام ناظريها من جديد.
-مر من الوقت ما سمح لي بتخطي الأمر.
هذا في حال استطاع المرء تخطي مثل هذه الأمر.
مرر إصبعه على غطاء الطاولة للحظة, ثم نظر إليها وسأل :
-هل قدم لك أحد أفراد عائلتك المساعدة؟.
-جدتي, كانت رائعة معي.
لولاها, لما تخطت ريانون الأحداث المروعة التي ألمت بها ذلك العام.
هزت ريانون رأسها, وسألته:" هل تملك إخوة وأخوات؟."
-شقيق أصغر مني وهو يعمل معي ويترأس مكتب أستراليا وأخت في الولايات المتحدة. والداي مطلقان ويعيشان في نيوزيلندا مع شركاء حياة جدد.
بدا الأمر طبيعيا بالنسبة إليه, كما لم يبد متأثرا بما جرى, سألته:" كم كان عمرك؟".
-عشر سنوات.
لا بد أنه كان ضعيفا في سن العاشرة, وتساءلت كم عانى ليتخطى محنة انفصال والديه.
تابع:" والآن, أنا في الثانية والثلاثين من عمري".
فقالت بحذر:" أنا في الثالثة والعشرين".
بدا حزينا:" ليتك أكبر سنا".
كان عليها أن تضحك, لكنها وعوضا عن ذلك أشاحت بنظرها وراحت تلهو بملعقة موضوعة على الطاولة.
-أشعر أنني أكبر سنا.
-ولم هذا؟
بعد أن جالت بنظرها في أنحاء الغرفة أجابت:
-أنا أدير عملا منذ كنت في السابعة عشرة من عمري وحتى قبل ذلك.
-طموح مبكر؟.
-ليس تماما.
لاحظت أنه يتوقع المزيد من التفسير, فأردفت:
-بعد الحادث ووفاة والدتي, قررت جدتي التقاعد وتعييني مكانها.
اضطرت عندئذ للتوقف عن متابعة دراستها الجامعية, وقد ندمت على قرارها, لكنها اضطرت إلى ذلك. حينذاك, كانت تحت صدمة وعاجزة عن الدرس والتحضير للامتحانات, كما أصبح والدها عاجزا عن العمل. فباعت محله لتسديد متطلبات رعايته, واضطرت للعمل لكسب رزقها.
سألها غابرييل:" كانت جدتك تدير صالت عرض؟"
-لا , بل كانت تملك محلا في منطقة أونيهانغا, حيث تبيع أدوات الحياكة والسيراميك, وبعض اللوحات والمنحوتات. بعت أولى لوحات الموزاييك التي صممتها بعد أن استلمت العمل هناك وتطور المحل وكبر تدريجيا. وبدأ الناس يتوافدون إليه من كافة أنحاء المدينة.
توقفت ريانون عن الكلام لبعض الوقت ثم تابعت:" ورثت المحل عن جدتي بعد وفاتها".
رمقها غابرييل بنظرة سريعة:
-ومتى حدث هذا؟
-منذ نحو ثلاث سنوات.
كان مرض السرطان الذي الم بجدتها فتاكا جدا, فأودى بحياتها بسرعة إلا أن موتها ترك فراغا كبيرا في حياة ريانون. علق:"الحياة صعبة".
وأيقن أنها لا تريد الكلام في هذا الموضوع أكثر, فقال:" افتتاح صالة عرض في هذا الشارع خطوة جريئة".
-إنها مخاطرة... ولكنني اكتسبت خبرة كافية تؤهلني للمضي قدما.
نظر إليها مفكرا:" أنت لا تستخفين بالمخاطر, أليس كذلك؟".
استقامت حذرة:" أحب أن أعلم إلى أين أتجه".
-من الممتع أحيانا أن يخطو المرء خطوة في المجهول, فلا أحد يعلم إلى أين قد تقوده.
تحولت عيناه إلى لون فضي مشع في ضوء الشموع, فأسرها جمالهما لوقت طويل.
أحضرت النادلة طبقي الحلوى, وانكسر جدار الصمت والتأمل.
أمسكت ريانون بملعقتها وحولت انتباهها إلى الصحن الموضوع أمامها, وبعد أن تناولت ملعقة سألها غابرييل:" كيف تجدينه؟"
أجبرت نفسها على النظر إليه, ولم تر في عينيه سوى نظرة تساؤل بريئة.
-لذيذ جدا, بل رائع.
نظر إليها وهي تتناول ملعقة ثانية من كريما الشوكولا, ثم وضع ملعقته في قطعة الكاتو قبل أن يسألها:" ألا تؤلمك يدك؟"
-إنها مجرد رضه.
سألها:" هل لك أن تخبريني لما خفت إلى هذا الحد؟"
شدت على الملعقة وشعرت ببدنها يقشعر, أخذت نفسا عميقا وأجابت:
-لقد أخفتني ليس إلا.
وتابعت تناول الحلوى. وبعد أن تناولت بضع ملاعق, رغبت في إن تغير الحديث فسألته:" كيف بدأت العمل في مجال النقل الجوي؟".
رماها بنظرة حماسية وقال:" بدأت العمل في هذا المجال صدفة كنت أعمل في المطار في قسم خدمة الزبائن, حين علمت أن شركة نقل جوي توشك أن تفلس. بدت لي فرصة جيدة, فقررت شراءها والعمل على إنهاضها من جديد".
-أكنت تملك المال الكافي؟.
-عاملني المصرف بكرم. لكني اضطررت أولا إلى إقناع المسئولين فيه بقدرتي على قلب هذه الشركة رأسا على عقب, وتحويلها إلى استثمار ناجح.
-لابد أنك كنت مقنعا جدا.
كان يمسك فنجان القهوة في يده, فنظر إليها وقال:
-أستطيع أن أكون مقنعا جدا إن شئت ذلك.

غاويه شطارة 08-06-08 04:59 PM

رأت نظرة التساؤل في عينيه مجددا, وبذلت جهدا كبيرا كيلا تشيح بنظرها.
-وعرض جدي, باركه الله, أن يكفلني لأحصل على القرض من المصرف.
إذا, فهو متعلق بجده!لعل الأمر ساعده عند انفصال والديه.
تناول قطعة حلوى, وأردف مطرقا:" لقد رحل جدي الآن. كان يملك كرة أرضية كبيرة في صالة الجلوس, وقد شرح لي مبدأ السفر حول العالم والانطلاق من نقطة ما والعودة إليها".
-كم كان عمرك حينذاك؟.
-حوالي خمس سنوات. ومنذ ذلك الحين, أتذكره كلما رأيت كرة أرضية. ولعله السبب في اختياري النقل الجوي.
رفع فنجان القهوة إلى شفتيه, فحدقت إلى عنقه وراقبت نزول القهوة في حلقه, ثم راقبته مأخوذة حتى أخفض الفنجان من يده, فركزت انتباهها بسرعة على صحنها وعلقت:
-لم يكن سهلا عندما بدأت, أليس كذلك؟.
-كان تحديا.
وراح يقص عليها قصة مهنته, وكيف انطلق بالعمل, والعقبات التي واجهها, وكيف صار النجاح حليفه. شعرت باندهاش لحماسته وأسرها حديثه.
توقف عن الكلام:
-أظنك ما كنت تريدين معرفة هذا القدر من المعلومات.
-إن كلامك مثير للاهتمام.
رفع حاجبيه ولوى شفتيه قليلا:" أهذا ما يثير اهتمامك؟ الحديث عن الأعمال؟".
ارتبكت ريانون لهذا التلميح فضحكت عيناه, فيما علا الاحمرار وجنتيها.
شعر بالتسلية, فقال:" أعتبر التزحلق على الجليد, والهبوط بالمظلة والقفز من الطائرة نشاطات مثيرة للاهتمام, لكن الكلام عن الأعمال لا يندرج حتما في هذه الفئة".
وهز رأسه ثم أضاف:" أنت لا تعرفين معنى الحياة يا صغيرتي".
شددت ريانون على الكلمة الأخيرة:" أنا لست بطفلة صغيرة!".
ذكرها:" أنا أكبر منك بتسع سنوات".
-نعم, يا جدي!!!
وبخها مازحا:" وأنا لست بجدك أيضا".
ارتشفت ريانون رشفة كبيرة من قهوتها. لا, إنه لا يبدو جدا!
-هل مارست ما تحدثت عنه؟ أعني التزحلق على الجليد, والهبوط بالمظلة, والقفز من الطائرة...
-وغيرها!
بدا أنه يحاول ألا يضحك. تسمرت ريانون بفعل نظرته الثاقبة وتحديه الواضح, وباتت عاجزة عن التنفس. إلا أنها لم تخف.
لم يضغط عليها أكثر, وقد سرت بذلك, فهذا جديد عليها ويجب ألا تستعجل الأمور. لم يقل المزيد إلى أن أنهى قطعة الكاتو, ورجع إلى الوراء ينتظر ريثما تنهي صحنها ثم سأل:
-ماذا فعلت بقطع البلاط تلك؟.
أخبرت9 عن طلبية الكنيسة, وأجابت عن أسئلته عن الأدوات والتقنيات المستخدمة في صنع الموزاييك. وحين ذكرت أنها تستخدم بلاط ألابنيه التي تهدم, قال:
-المبنى المجاور لي يهدم الآن.
-أحقا؟
مضى وقت طويل لم تذهب فيه إلى تلك المنطقة.
فقال وهو يبعد فنجان القهوة الفارغ:" ربما عليك الذهاب إلى هناك علك تجدين ما يثير اهتمامك. هل تريدين فنجانا آخر من القهوة؟".
رفضت, فهي لا ترغب بمزيد من القهوة, لكنها لا تريد المغادرة أيضا, وقد دهشت لهذا, وأيقنت أنها تمضي وقتا ممتعا. إلا أنهما لا يستطيعان قضاء الليل بطوله في هذا المكان فحملت حقيبتها وارتدت سترتها.
-شكرا على دعوتك, كان هذا لطفا منك.
فيما هما في المطعم, انهمر المطر. وما إن خرجا من المطعم حتى شعرا بالأرض الرطبة, وكان البخار يتصاعد فليلا من الإسفلت الدافئ بسبب أشعة الشمس في النهار.
قال غابرييل, وهو يضع يده خلف ظهرها:" حذار, قد تكون الأرض زلقة! هل سيارتك مركونة في الموقف؟".
نعم, ولكن لا داعي لمرافقتي.
-أنا ذاهب لإحضار سيارتي, كما أنني لن أتركك بمفردك في الشارع ليلا.
كانت تشعر بيده خلف ظهرها, ولم يزعجها هذا, كما لم تبتعد عنه إلى أن وصلت إلى سيارتها, وأطفأت جهاز الإنذار. وقبل أن تصعد إلى السيارة, استوقفها وأدارها نحوه, وجال بنظره على وجهها. أحست بانقباض في معدتها لم تعهده من قبل, وعجزت عن الحراك فتسمرت في مكانها تصارع شعورا من القلق والفضول. قطب غابرييل حاجبيه, ثم لامس خدها بخفة:
-عمت مساءا ريانون.
فتح لها باب السيارة وتراجع إلى الخلف بعد أن أدارت المحرك وقف ينظر إليها تختفي وهو لا يزال يشعر بحرارة جسمها على يده وبدأ يتخيل ملمس بشرتها الناعمة.
لقد بذل الكثير من الجهد لئلا يقربها منه ويعانقها. شعر بارتجافتها الصغيرة حين وضع يده على ظهرها, ما منعه من التصرف بجسارة أكبر. فلو كان برفقة امرأة أخرى, لأدرك أن هذا الارتجاف دليل على الرغبة, ولكن ليس مع ريانون...
لقد بدت جامدة جدا وباردة منذ دخل إلى صالة العرض.
اتجه إلى المصعد, وضغط على الزر.
تبا, لقد بدت باردة, باردة للغاية! باردة وخدرة. لم تفصح عن الكثير إلا حين أبدى تلك الملاحظة المستترة, فاحمرت وجنتاها كفتاة مراهقة.
هل البرودة غطاء وواجهة؟ واجهة لتخفي ماذا؟ الخوف! نعم الخوف.
ما كان ليشتبه بالأمر لو لم يفاجئها في لقائهما الأول, وقد بدت مرتعبة عندما عرض عليها المساعدة بشكل بريء خال من أي نية سيئة لم تستطع تمالك نفسها, وقد تجردت من سلاحها فورا. فتح باب المصعد, وفي الداخل, رأى فتاة جميلة ابتسمت له ابتسامه عريضة وهو يضغط على الزر. شعر بنظراتها تراقبه إلا أنه لم يبادلها النظر.
حين تواجد مع ريانون في الوضع نفسه, تراجعت تلك الأخيرة ووقفت في الزاوية.
أما المرأة التي شاركها المصعد الآن. فتقدمت حين توقف المصعد ورمته بنظرة إعجاب وخرجت, كان لديه متسع من الوقت ليتبعها قبل أن يقفل المصعد أبوابه إلا أنه لم يفعل.
في صالة العرض, بدت ريانون واثقة تماما من نفسها, إلا أنها تغيرت كليا حين اقترب غابرييل منها, بالرغم من محاولتها الحفاظ على هدوئها بارتدائها قناعا تختبئ خلفه.
سقط القناع حين تحدثت عن عملها, إلا أنها عادت ولبسته كلما لمح إلى أمر يتعلق بالمشاعر والأحاسيس. بدا وكأنها لا تجيد التعامل مع هذه المواقف.
فتح باب المصعد وخرج منه ثم ابتسم من دون أن يعي السبب. لعله يستطيع أن يلقنها الغزل.
شكل شراء اللوحة حجة اغتنمها غابرييل ليزور صالة العرض في نهار السبت قبل إقفال الأبواب بعشر دقائق.
وجد ريانون واقفة وراء الصندوق, تدقق في دفتر موضوع أمامها.
-مرحبا!
نظرت إلى الأعلى وتسمرت عيناها عليه للحظات, ثم ابتسمت بتردد:
-أهلا!
ونظر إلى لوحة الموزاييك ورأى عليها ملصقا أحمر.
-لقد تذكرت.
حاولت ريانون تمالك أعصابها, والظهور بمظهر شخص محترف.
-كنت سأتصل بك يوم الاثنين لأسألك إن كنت تريد أن نوصل اللوحة إليك.
-سآخذها بنفسي.
-الآن؟ طبعا.
سمعت صوت جرس الباب, فالتفتت وإذا بثنائي ياباني متوسط العمر يدخل. عندئذ, استدارت إلى الباب المفتوح جزئيا خلف الصندوق ونادت:" بيري؟".
ظهر شاب عريض الكتفين, بشرته داكنة ناعمة, وعيناه واسعتان سوداوان, وشعره مربوط إلى الخلف. كان يرتدي قميصا ضيقا. يبرز عضلاته, وسروالا من الجلد بنفسجي اللون. رمى ريانون بنظرة ساحرة وسأل:" نعم, سيدتي؟".
-سيشتري السيد هادسون لوحة الموزاييك تلك, فهلا وضبتها له من فضلك؟
-طبعا!.
تقدم بيري من اللوحة وحملها بسهولة وحذر, ثم اتجه من جديد إلى الباب الذي خرج منه.
تنحنحت ريانون ثم نظرت إلى غابرييل فرأته مقطب الجبين, وسألت:
-كيف تريد أن تسدد ثمن اللوحة؟.
مد يده إلى محفظته ليخرج بطاقة اعتماده, وقد شعر بالانزعاج لأنها تعامله كشخص غريب. كما أن رؤية بيري أزعجته قليلا أيضا. فحين تحدثت ريانون عن مساعد في صالة العرض, توقع أن يرى رجلا مسنا, وليس شابا مفتول العضلات, يفعل كل ما بوسعه ليظهر مفاتنه.
وراحت أفكار غريبة تدور في خلده, إن كانت لا تمانع في رؤية هذا الشاب يوميا, فهي حتما لا تخجل من الرجال.
لعلها تخجل من بعض الرجال فحسب, منه على سبيل المثال.
رآها تحمل بطاقة الاعتماد لإتمام عملية البيع, وقد أحنت رأسها قليلا, ثم تذكر أنها قالت له إنها ليست مرتبطة.
كان الثنائي الياباني يتجادل حول إناء خشبي يحملانه, ويدققان فيه. أعادت ريانون بطاقة الاعتماد إلى غابرييل, وقالت:" لن يتأخر بيري في إحضار اللوحة".
ثم اتجهت نحو الثنائي الياباني.
لف بيري لوحة الموزاييك وأحسن توضبيها.
-تفضل يا رجل! أعني يا سيدي!
رمى ريانون بنظرة مرح إلا أنها كانت تركز على السائحين, فهما لا يجيدان الانكليزية.
-أتريدني أن أوصل اللوحة إلى سيارتك؟.
-لا, شكرا, دعها هنا. فأنا أنتظر لأتحدث إلى ربة عملك.
جاء رد غابرييل مختصرا وحازما فهو لا ينوي أن يمشي برفقة كتلة العضلات هذه في الشارع.
-طبعا.
وضع بيري اللوحة أسفل الصندوق ونظر إليه نظرة حادة.
قرر الثنائي شراء الإناء الخشبي, وفيما كانا يقتربان من الصندوق ليسددا ثمنه طلبت ريانون من بيري توضيب الإناء في علبه وتحضيره للشحن.
حمل بيري الإناء إلى الغرفة الخلفية ليوضبه, فوقفت ريانون بهدوء تنتظر ريثما يعطيها الزوجان العنوان. وبقي غابرييل واقفا في مكانه.
بعد رحيل الثنائي, استدارت ريانون إلى غابرييل وسألته مشيرة إلى اللوحة:
-هل سيوصل بيري لوحتك إلى السيارة؟.
واستدارت لتنادي بيري, لكن غابرييل مد يده ليمسكها ثم انتبه فأسدل يده وقال:
-لا أحتاج بيري.
وصمت لبرهة, ثم أردف:" هل تناولت الطعام؟"
-غالبا ما يكون المعرض مكتظا يوم السبت, لذا لا أتناول الطعام حتى أعود إلى المنزل.
-إذن تناولي الطعام معي!
-لم؟.
ألا تعرف معنى الخروج في موعد؟ رفع حاجبه, وبدت ريانون مرتبكة وهي تعض شفتها السفلى, وقد احمرت وجنتاها.
عندئذ, انتقل غابرييل إلى الخطة البديلة.
-أريد أن أتحدث إليك بخصوص بعض الأعمال!.
اتسعت عيناها:" أي نوع من الأعمال؟".
-اسمحي لي أن أدعوك لتناول غداء متأخر, وسأخبرك بذلك.
أخفضت ناظريها, فرأى قميصها يهتز وهي تأخذ نفسا عميقا. ثم رفعت رأسها والتقت أعينهما و أجابت:" حسنا".
لم يكن غابرييل مستعدا للحظة الانتصار هذه, ولشدة فرحه, تمنى لو يضمها إلى صدرها بكل حنان وحب. إلا أنه أومأ وقال:" يمكننا أن ننصرف متى شئت".
اختار طاولة تظللها شمسية وقد سرت ريانون لأنهما جلسا خارجا.
وفيما كانت تتناول السلطة, وغابرييل يأكل الدجاج المحمر, سألها:
-منذ متى يعمل لديك بيري؟
-منذ أن انتقلت إلى صالة العرض الجديدة. لقد بعت بعض أعماله في السنتين الماضيتين وكان يحضر لمساعدتي في فترة عيد الميلاد:
-أهو نحات؟.
-علمه عمه فن النحت النيوزيلندي, إلا أنه مهتم بشكل خاص بالمزج بين هذا الفن والفن الحديث. عمله هذا لا يدر عليه ما يكفي من المال ليقتات, وبما أنني كنت أحتاج إلى مساعد عندما انتقلت إلى هنا عرضت عليه الوظيفة.
فرح بيري كثيرا بعرض العمل الذي قدمته له ريانون, وهي لم تندم يوما على ما فعلته.
جاءت نظرات غابرييل حادة, ثاقبة.
-أراهن على أنه مفيد لصالة العرض.
-إنه متوقد الذكاء وقوي البنية.
بعض الأعمال الفنية المعروضة في صالة العرض ثقيلة ودقيقة جدا كاللوحة التي اختارها غابرييل, لذا ترتاح ريانون لوجود بيري للمساعدة, فأردفت:
-وقد نال شهادة في الفنون.
أومأ غابرييل وتناول حبة بطاطا. من جهتها, تناولت ريانون قطعة زيتون أسود ووضعت البذرة في جوار الصحن بتأن:
-ما هو العمل الذي أردت أن تحدثني عنه؟
عندئذ, تذكر أنه دعاها لغداء عمل قال:
-ثمة حائط إسمنتي فارغ في مبنى ((آنجل إير)).
في الواقع, أصبح هذا الحائط فارغا منذ الأمس فقط حين قرر أن السجادة الموضوعة عليه قديمة الطراز ومليئة بالغبار, وأمر بنزعها. وتابع:
-يحتاج هذا الحائط إلى عمل فني لتزيينه, كلوحة موزاييك على سبيل المثال.
لو ظن أنها ستقفز فرحا لمجرد أنه عرض عليها تزيين حائط في شركته, فهو مخطئ تماما.
بدت هادئة جدا, وتناولت بشوكتها حبة زيتون أخرى, وسألت:" لم أنا؟".
لأنني عاجز عن إبعادك عن فكري!
لأنه يريد أن يتعرف إليها عن كثب, وأن يتأكد من أنها لن تفلت منه بسهولة فيما يزيل القناع الذي تضعه أمام الناس, ليكتشف جوهرها. لأنه يريد أن يضمن عدم هروبها منه إذا عرفت كم يرغب في التعرف إليها, التعرف إلى كل جزء منها, بكل ما للكلمة من معنى.
لأن سحره الذي لا يقاوم لم ينجح مع هذه المرأة. قال:" أحب عملك!".
بدت مشككة.
-أتريد أن تقوم فنانة غير معروفة بهذا العمل؟.
-لقد عرفت الكثير عنك, و...
-ماذا؟.
أخفضت الشوكة من يدها, واستحال وجهها شاحبا, ثم سألت:
-كيف؟.
رد عليها, وهو ينظر إلى عينيها اللامعتين:" سألت عنك في الوسط الفني".
ارتاب من رد فعلها, لذا لم يخبرها عن عدد الأشخاص الذين سألهم عنها.
-قالوا إنك فنانة واعدة, ومن الممتع رؤية أعمالك.
هذه هي المعلومات التي تمكن من معرفتها.
بدت متفاجئة, وعاد اللون إلى وجهها تدريجيا. نظرت إلى صحن السلطة وأبعدت قطع الخس.
-ألا تفضل أن يعمل لديك شخص ذائع الصيت؟.
-أشعر بسرور أكبر عندما أدعم فنانا ناشئا.
ابتسم وتابع:" وهكذا عندما تصبحين معروفة, يسعني أن أقول إنني كنت من أوائل الذين تنبهوا إلى موهبتك".
-وماذا لو لم أصبح مشهورة أبدا؟.
-ألا تعتقدين أنك ستصبحين مشهورة يوما؟.
-لم أفكر يوما في هذا, فأنا أستمتع بالقيام بعملي الآن.
قالت له إنها ليست طموحة بالرغم من نجاحها النسبي. ترى ما الذي يسيرها؟ أهو حبها للفن أم حاجتها إلى المال؟ لعله قادر على الاستفادة من هذه النقطة الأخيرة.
-هل ستفكرين في اقتراحي؟ أنا مستعد لأن أدفع لك مبلغا كبيرا من المال.
-لا أملك الكثير من الوقت حاليا مع افتتاح صالة العرض الجديدة. كما يتوجب علي إنها العمل الذي أقوم به حاليا.
بدت صعبة المنال.
-أنا مستعد للانتظار.

غاويه شطارة 08-06-08 05:24 PM

إذا اضطر لذلك!لم يكن غابرييل صبورا بطبعه, إلا أنه تعلم أن الصبر مفتاح النجاح.
شعر غابرييل أن ريانون تحاول تأجيل الموضوع إلى أجل بعيد. لكنها سألت وهي تلهو بصحن السلطة:" ما مساحة الحائط؟".
-ثلاثة أمتار ضرب خمسة تقريبا.
اتسعت عيناها:
-أهو حائط كبير إلى هذا الحد؟.
لاحظ نظرة الاهتمام في عينيها وتابع:" إنه صعب, فهو ليس أملس كما أنه نصف دائري. يمكنني أن أريك إياه بعد الغداء إن شئت".
تناولت حب زيتون أخرى, وراحت تحدق إليها كما لو أنها كرة من الكريستال, فقالت:" حسنا, سألقي نظرة عليه".
قادها غابرييل إلى مبنى آنجل إير, ولاحظت أن مكاتب الشركة تقع في الطابق الثالث, في حين تشغل غيرها من الشركات الطوابق الأخرى من المبنى.
-من هنا.
وأشار غابرييل إلى السلالم حيث يظهر حائط نصف دائري من الاسمنت.
-يقع المصعد الرئيسي وراءه والجهة الثانية زجاجية.
تذكرت هذا الحائط بشكل غامض إذ زارت المبنى من قبل, إنه تحفة هندسية.
سأل غابرييل:" هل يسعك صنع لوحة موزاييك تتناسب وهذا الحائط؟".
حذرته ريانون وقد بان عليها بعض الحماس:
-هذا العمل تحد على صعيدي التصميم والتنفيذ, وعلى الصعيد المالي أيضا.
-ما من مشكلة!.
سألت وهي تصعد السلالم:
-أظنك تفضل الحصول على تصميم متعلق بشركتك, لأنكم تملكون المبنى.
اقتربت من الحائط, ورفعت نظرها إلى الأعلى لتكون فكرة واضحة عن مدى ارتفاعه, ثم مررت يدها عليه تتحسسه.
نظر غابرييل إلى يدها, ثم حدق إلى وجهها كالمسحور.
-هذه فكرة جيدة, و لكنني لا أريد أن تكون اللوحة عبارة عن شعار الشركة.
ابتسمت ريانون:" أرحتني بقولك هذا!"
-ألا يعجبك شعار شركتنا؟.
-لم أقصد هذا, كل ما في الأمر أنني لا أريد تكرار تصميم شخص آخر أو نسخه.
-كنت أفكر في شيء أكثر تفردا وإبداعا.
-سيحتاج هذا إلى بعض الوقت, كما أنني لا أستطيع تخصيص وقتي كله لإتمام العمل.
-قلت لك إنني مستعد للانتظار حتى تتفرغي.
ظهر العزم في عينيه, فجعلتها نظرته الثاقبة تتنفس بشكل غير طبيعي. وخيل إليها أنها تقف على حافة هاوية وليس على أرض متينة صلبة. حصرت تفكيرها بالعمل كي تسيطر قليلا على نفسها, ثم قالت بعد أن استعادت رباطة جأشها:
-علي أن أعمل على هذا المشروع بعد ساعات الدوام الرسمي.
-سيكون هذا أفضل, كما أن أفكارك لن تتشتت بسبب المارة والعاملين في المبنى.
-كما سأحتاج إلى سقالة, لكنها ستحتل بعض المكان.
-حسنا!
نظر إلى الحائط وتابع:
-نستطيع تدبر هذا الأمر. سأتحدث إلى العمال الذين وضعوا السقالة في المبنى المجاور حين بدأوا بهدمه, لعلهم يهتمون بعمل صغير.
-ما اسم الشركة التي تقوم بهدم المبنى؟ أود التحدث إليهم والحصول على إذن باستعمال البلاط المكسور.
دون لها اسم الشركة ثم سألها مشيرا إلى الحائط:" إذا, ما رأيك؟".
ما من سبب منطقي يدفعها إلى رفض اقتراحه, فهذا عمل مريح, وغابرييل مستعد لدفع مبلغ كبير من المال. كما أن فكرة العمل مثيرة للاهتمام, وعرض عملها في مكان يزوره مئات الأشخاص يوميا ليس بفكرة سيئة, إذ ستصبح معروفة, وقد تستقطب بهذه الطريقة زبائنا جددا. وفي حال جنت مالا كافيا من عملها الفني, فقد توظف موظفين جددا في صالة العرض وتخصص المزيد من الوقت لفنها.
حسمت الأمر قائلة:
-إن كنت واثقا من رغبتك في تسليمي هذا العمل, فأنا مستعدة لقبوله.
ابتسم كما لو أنها تسليه:" أنا واثق من أنني أريدك يا ريانون".
بدا صوته منخفضا, فأثار فيها شعورا غريبا بالشك, والاستغراب والدهشة والمرح.
حاولت السيطرة على نفسها:" ألديك أفكار محددة؟"
عض على شفته السفلى, ورفع أحد حاجبيه, ثم قال:
-أتعنين بخصوص التصميم؟ لك الحرية المطلقة, ولكنني سأكون ممتنا لك إذا استشرتني.
-طبعا. سأضع بعض الرسومات الأولية, وأحدد التكاليف, والمهلة التي أحتاج إليها لإتمام العمل.
-سأترقب هذا بفارغ الصبر.
رماها بابتسامة ودودة, ساحرة, فانقطعت أنفاسها لبرهة.
وضعت يدها على الحائط الأملس لتحافظ على توازنها, وهبطت السلالم على مهل, وهي تنظر إلى رجليها.
وقف غابرييل بجانبها, وهو يضع يديه في جيبيه من دون توتر:
-لابد أن القدر جمعنا, الثنائي المثالي!
أوشكت أن تتعثر, فاستدار بسرعة نحوها, ومد يده ليمسك بها. وقف أمامها, وتقابلت أعينهما.
-أنت وحائطي! هل أنت بخير؟.
-نعم!.
لكن قلبها كان يقفز من مكانه.
لم يبتعد بسرعة عنها.
-أنت بأمان معي!.
ابتلعت ريانون ريقها:" لم أكن سأقع!".
ابتسم ابتسامة ساحرة صغيرة:" لا أمانع, كما أنني هنا مستعد للإمساك بك".
-لا أحتاج لأن يمسكني أحد.
بدا صوتها وكأن شيئا ما يخنقها.
-ولا تريدين أن يمسكك أحد.
تحدث غابرييل ببطء وهو يتأمل وجهها.
هزت ريانون رأسها, وهي عاجزة عن الكلام, فق غمرتها أحاسيس جديدة, شيء من الحماسة ممزوج بالخوف وبشعور آخر, غريب تماما عنها.
أحست بدفء في رجليها يضعفهما, دفء يرتفع إلى خديها ويجعل حلقها جافا رطبت شفتيها فتسمرت عينا غابرييل عليها. وازدادت نبضات قلبها سرعة فخالة أنها ستختنق.
قال بصوت يرتجف:" يستحسن بنا أن نخرج من هنا!".
مشى أمامها, فأسرعت الخطى وراءه متجاهلة اليد التي مدها لها حين وصلت إلى آخر السلم.
لم يعلق على الأمر, إلا أن الانزعاج ظهر في عينيه, لم تتجرأ ريانون على التكلم إلى أن خرجا من المبنى مستخدمين بابا جانبيا متخصصا للموظفين.
قال وهو يطفئ جهاز الإنذار:" هذه طريق مختصرة إلى صالة العرض خاصتك".
-لا بد أنك تريد إحضار لوحة الموزاييك من صالة العرض؟.
عندما وصلا, فتحت قفل الباب ووقفت تنظر إليه يحمل لوحة الموزاييك.
قال:" سأعلمك بما يستجد عندما يتسنى لي الوقت لدراسة المشروع الذي عرضته علي".
-ألن تغادري الآن؟
-لدي بعض الأعمال التي علي انجازها هنا.
كانت لا تزال تجهز الغرفة الخلفية لكي تتمكن من تنفيذ أعمالها الفنية فيها.
-أراك لاحقا إذا!.
ابتسم غابرييل ووقفت تراقبه يغادر.
مرت ثواني طويلة قبل أن تتمكن من التوجه إلى الغرفة الخلفية لصالة العرض.
في الأيام القليلة التالية, أوشكت ريانون على الاتصال بغابرييل مرات عدة لتخبره بأنها عاجزة عن تسلم المشروع الذي عرضه عليها.
كانت تشعر بالضعف وهي معه, ولقد أيقنت أنها لن تستطيع الحفاظ على الجدار الواقي الذي بنته حول نفسها طالما أنها بقربه.
إنه الرجل الأول الذي يهدد أمنها.
لم تكن تعلم كيف تتعامل مع بريق عينيه, وبسمته عندما يبدي ملاحظة تحمل معنيين, ويتظاهر بأنه لم ينتبه لارتباكها.
ففي تلك الليلة, عندما رافقها إلى سيارتها بعدما تناولا القهوة والحلوى, و أحنى رأسه باتجاهها, عرفت أنه سيعانقها. وقفت مبهورة, ولم تبد أي تجاوب معه, ولم تشجعه, فعاد ولامس وجنتها بخفة.
وبعد مرور ساعات على فراقهما, خيل إليها أنها لا تزال تشعر بدفء أصابعه على خدها.
إنه انجذاب جسدي, هذا ما قالته لنفسها صباح الثلاثاء, وهي تنحني على أرض مشغلها لتوضب آنية زجاجية داخل علبة. إنه انجذاب جسدي ليس إلا, وهو شعور طبيعي, طبيعي للغاية!
جلست على الأرض مذهولة, متفاجئة من التحليل الذي توصلت إليه ومضت دقائق عدة عليها وهي جالسة على الأرض عاجزة عن الوقوف لشدة ذهولها.
بعد أن أقفلت العلبة, تناولت ملصقا لشركة النقل الجوي, وتلمست الجناحين, شعار الشركة, ثم وضعت الملصق على العلبة بكثير من التأني.
غابرييل, هذا اسم ملاك. لكن غابرييل هادسون رجل, رجل بكل ما للكلمة من معنى.
أدركت ريانون هذا منذ أول لقاء لهما. كان رد فعلها إنذارا لها, لكن عندما اهتم بها بعد أن وقعت, تحول شعور الإنذار إلى مشاعر أخرى لم تعرف لها مثيلا قط, مشاعر غريبة عنها إلى حد أنها لم تعرفها ولم تتمكن من تحديدها.
شعرت بانجذاب نحو غابرييل. لم يكن انجذابا عاطفيا رومانسيا أو افتتانا بحسن معاملته بل انجذابا جسديا أيضا.
أما هو فأظهر لها اهتمامه بوضوح.
تذكرت أنها شعرت بالصدمة عندما قال لها إنه سأل عنها, وبضرورة توخي الحذر. تناولت القلم, إلا أنها انتظرت قليلا ريثما تتوقف يدها عن الارتجاف, ثم عادت ودونت العنوان على ملصق شركة آنجل إير.
كانت مخطئة في تحليل السبب الذي دفعه إلى التحري عنها, فقد أراد غابرييل معرفة ما إذا كانت جديرة بإنجاز عمل فني على حائط مبناه. هذا أمر طبيعي للغاية, ومشروع أيضا. فهي لا تستطيع المضي قدما في حياتها, وهي تشكك في دوافع كل رجل يعترض طريقها.
الخوف سجن. لعل ما يجري معها الآن هو فرصتها للخروج من هذا السجن. فنساء كثيرات في سنها عرفن عددا من الرجال ومن العلاقات العاطفية. وانزلق القلم من يدها. العلاقات العاطفية؟
أحكمت الإمساك بالقلم, و أخذت نفسا عميقا, ثم تابعت تدوين العنوان بإتقان إلى أن سمعت جرس المحل يقرع مشيرا إلى دخول زبون, ثم سمعت صوت بيري يعرض المساعدة.
لم يقل لها غابرييل إنه يريد أن يصبح صديقها. أكانت تفسر ابتسامته الدافئة ونظراته الودودة على هواها؟ أتراها تمنح لتصرفه اللائق أبعادا خيالية؟.
هذا تغيير جذري. وضحكت ضحكة متوترة, فعلى أي حال, لا بد أن غابرييل هادسون يصادف نساء رائعات الجمال. وبالرغم من معرفتها أنها جميلة القد والوجه, إلا أنها لا تعير اهتماما كبيرا لمسألة الإيقاع برجل.
تمتمت:" انتظري على الأقل حتى يطلب منك أن تصبحي صديقته".
ضجت الأفكار في رأسها, وشعرت بنوبة من الخوف تجتاحها. ما زال بإمكانها أن ترفض.
وقفت على مهل, فهي لا تزال تشعر بالقليل من الدوار. النساء الحقيقيات, النساء اللواتي يتحكمن بحياتهن تماما كما تريد أن تفعل, لا يهربن عندما تسنح لهن فرصة جديدة.
لقد أثبتت جدارتها عندما خاضت مجال الأعمال. أثبتت لنفسها عندما استأجرت صالة العرض الجديدة أنها قادرة على العمل وخوض التجارب الجديدة. فأيقنت بأن عليها تطبيق هذا على حياتها الشخصية تماما كما طبقته في حياتها العملية.
كانت صالة العرض مكتظة بالزبائن تلك الليلة. وحين خف الضغط, سمحت لبيري بالمغادرة باكرا, كما تفعل دوما عندما لا يتمكن من أخذ فرصة للغداء.
بعد الساعة الخامسة, دخل زبون واحد إلى صالة العرض وغادر من دون أن يشتري شيئا. نظرت ريانون إلى ساعتها. إنها السادسة إلا عشر دقائق, وما من ضير في الإقفال قبل بضع دقائق من الموعد وفيما أوشكت على إغلاق الباب, وجدت غابرييل أمامها.
سأل بعد أن نظر إلى ساعته:" أتقفلين الآن؟".
توقفت ريانون:" أنا لا أصد زبونا أبدا".
-هل لي بالدخول إذا؟
تراجعت ريانون إلى الخلف وتركت الباب مفتوحا.
-وصلتنا مجموعة جديدة من الأواني الزجاجية صممها فنان من إيرلندا.
بالكاد نظر غابرييل إلى حيث تشير وقال:" في الواقع, أردت التحدث إليك".
ما اكتشفته هذا الصباح جعلها تخشى أن يعرف ما يدور في خلدها.
فسألت بسرعة:" أبخصوص العمل الذي أوكلتني به؟"
سألها بعد صمت دام ثوان:" هل تسنى لك أن تفكري في الموضوع؟"
-ليس بعد, إلا أن لدي بعض الأفكار الأولية.
طبعا لم تفكر في العمل, فكل ما يشغل تفكيرها هو غابرييل وحده.
-لا تدعيني أستعجلك.
-أنت لا تفعل.
-أنا أحاول ذلك.
جال بنظره في أنحاء صالة العرض كمن يبحث عن الإلهام, وأردف:
-هل بعت لوحة موزاييك أخرى؟ فالمكان الذي علقت فيه لوحة الموزاييك قد زين الآن بلوحة غريبة.
-كان اليوم يوما حافلا.
-ألهذا تقفلين باكرا, هل أنت متعبة؟.
-نعم, كما أود أن أزور والدي قبل أن أعود إلى المنزل.
-لن أؤخرك إذا.
-أرغب في التحدث إليك, أريد معرفة رأيك في اللوحة قبل أن أسترسل في أفكاري. لذا هلا انتظرت لحظة.
توجهت إلى الغرفة الخلقية, وعادت وهي تحمل في يدها ورقة, وضعتها على المنضدة بينهما.
-وجدت هذه على الانترنت. إنها صورة للملاك جبرائيل مأخوذة من أيقونة روسية.
رماها بنظرة تساؤل قبل أن يتأمل الصورة:
-قلت إنك لا تحبين النقل عن الآخرين.
-لن أنقل شيئا, بل أريد استخدام الألوان وبعض عناصر هذه الصورة كنقطة انطلاق فحسب.
برز الملاك في الصورة أمام خلفية زرقاء ترمز إلى السماء, وضمن إطار أزرق وقرمزي. كان ثوبه الطويل أخضر داكنا, وقد طرز الكمان باللون الذهبي الفاتح.
نظر غابرييل إليها:" الألوان رائعة, مناسبة ولكن غنية".
-يسرني أنها أعجبتك.
ابتسم لها ولمعت عيناه ببريق أخاذ.
-نعم يعجبني ما أرى ريانون, يعجبني كثيرا.
أخفضت ريانون نظرها وتناولت الرسم.
-إذا, سأبدأ العمل مستعينة بهذا الرسم, ولكن علي أن آخذ المقاييس بدقة قبل أن أمضي قدما في عملي.
-طبعا, متى تريدين أخذ المقاييس؟..
-لا يهم, في أي وقت بعد الدوام, وعلي إحضار سلم أيضا.
-سأتكفل بالأمر, أتحتاجين إلى أي شيء آخر؟.
-لا, سأحضر شريط القياس معي.
-غدا, أم الوقت مبكر جدا؟.
-لا, الوقت ليس مبكرا. لا يسعني العمل هنا, ولكن قد أعرض عليك بعض الرسوم الأولية عندما لا تكون منشغلا.
-سأنتظرك بعد السادسة إذا.
**********
لاقاها غابرييل كما اتفقا أمام الباب الجانبي, فدخلا إلى الردهة سويا وصعدا السلالم الأساسية.
كان أحدهم قد وضع سلما على الحائط. وحين وصلا إليه, قال:
-أأستطيع مساعدتك؟
كانت ريانون قد بدلت ملابسها قبل الخروج من صالة العرض, فارتدت سروالا من الجينز, إذ لم تحب فكرة صعود السلم وهي ترتدي تنورة.
-هلا أمسكت شريط القياس عند طرفه.
حين انتهيا, انحنى غابرييل إلى جانب السلم فيما كانت ريانون تدون القياس الأخير. نظرت مطرقة إلى الحائط وهي تضع قلمها بين أسنانها, فسأل:
-أمن مشكلة؟
-أنا أحسب درجة المنحنى, علي أن أحضر نموذجا كي أرى ما الذي يظهر في مختلف الزوايا.
-هل ستفيدك التصميمات الأساسية للمبنى؟ إنها في مكتبي.
-أحقا؟.
-أظن أنه كان علي التفكير في هذا سابقا, فكل القياسات مدونة عليها.
-كنت سأدقق فيها بنفسي, فالتصاميم تتغير عند البناء, لكنني أرغب برؤيتها على أي حال.
-تعالي إذا.
سألته:" الآن؟".
مال غابرييل برأسه قليلا واقترح بلطف, وقد امتلأت عيناه بتساؤلات عن ترددها:" ما من وقت أفضل من اللحظة الحاضرة".
تسمرت ريانون في مكانها وقالت في نفسها إن البقاء معه في مكتبه لا يختلف البتة عن تواجدها معه هنا في هذه الردهة الفسيحة. وقد تصرف معها منذ وصلت بطريقة مهنية صرف, وهي لا تملك سببا يبرر رفضها الذهاب معه.
سمع دوي قوي وترافق الصوت مع اهتزاز تحت أقدامهما جعلهما يستديران ناحية الصوت. يبدو أن الفريق العامل على هدم المبنى المجاور يعمل حتى ساعة متأخرة.
أكد لها غابرييل وهما يصعدان السلالم:" هذا المبنى مضاد للهزات الأرضية, ولن تؤثر فيه بعض أعمال الهدم. هل حصلت على أي بلاط منهم؟".
-اتصلت بالمدير, لا يريد أن يقترب أحد من موقع البناء إلا أنهم أعطوني بضع قطع انتشلوها من بين الأنقاض.
بعد أن مرا في صالة استقبال فسيحة, أرشدها غابرييل إلى مكتبه, فإذا به غرفة كبيرة مزينة باللونين البني و البيج مع بعض لمسات من اللون الذهبي القاتم, يتوسطها مكتب عليه كومبيوتر محمول فوق رزمة من الأوراق .
تذكرت مكتبها, وصالة عملها, والمخزن الذي بدا فسيحا للغاية عندما استأجرت المكان الجديد.
سأل غابرييل:" أثمة ما يضحكك؟".
لم تدرك أن ابتسامتها بادية على وجهها.
-كنت أتأمل مكتبك ليس إلا.
-يعجبني, إنه عملي ومنظم.
نعم وأنيق للغاية أيضا. مشيا فوق سجادة سميكة, واتجها إلى أريكتين مريحتين وضعتا بشكل زاويتين وتتوسطهما طاولة مربعة.
وعوضا عن الجلوس كما طلب منها, جالت بنظرها في أرجاء المكان.
-لابد أنك اخترت مصمم ديكور ممتازا.
-لا أوظف أشخاصا لا يتقنون عملهم.
-أعلي أن أشعر بالفخر؟.
ابتسم غابرييل:
-ما من فخر في اختيار الأفضل لأداء العمل بالطريقة الفضلى.
-آمل ألا أخيب ظنك!.
-أنا على ثقة بأنك لن تخيبي أملي يا ريانون.
نظر إليها نظرة سريعة وسأل:
-أترغبين ببعض القهوة؟
-شكرا لك.
واتجه نحو الآلة لتحضير القهوة موضوعة جانبا في المكتب.
نظرت إلى الحائط فرأت عددا من تصاميم المبنى موضوعة في إطارات. بالإضافة إلى صور ومجموعات من الناس. وفي الممر المواجه للمكتب, رأت لوحة الموزاييك التي اشتراها غابرييل منها.
-ظننتك ستعلق هذه اللوحة في منزلك.
استدار غابرييل نحوها وقال:" أقضي معظم ساعات اليوم هنا".
تناول مجموعة من تصاميم البناء وسواها قبل أن يضعها على الطاولة.
-ستساعدك واحدة من تصاميم البناء هذه حتما.
بعد أن جلست, عاد بكوبين ساخنين من القهوة, وجلس قبالتها على الكنبة الأخرى ينظر إليها بطرف عينه.
ارتشفت ريانون القليل من القهوة وانحنت إلى الأمام لدراسة تصاميم البناء.
ساعدها لتقارن التصميم بالقياسات التي أخذتها, ثم لفا التصاميم. وسأل:
-هل تشعرين بالانزعاج إذا شاهدتك تعملين أحيانا؟ أرغب بمتابعة تقدم العمل عن كثب.
سيزعجها هذا الأمر, لكن عدم رؤيته لأيام لم يمنعها من التفكير فيه بحثا عن الراحة أحيانا. لعل الألفة تولد الرضى, أو شيئا آخر!
كذبت:
-لا, لن يزعجني هذا, فأنت من يدفع ثمن هذا العمل.
لذا لا تستطيع رفض طلبه!!!.
وخطر لها أنه سيسأم بسرعة, فالأمر أشبه بانتظار الطلاء إلى أن يجف.
تناول ممحاة وراح يمررها على الأوراق الملفوفة.
-ألديك فكرة تقريبية عن التكاليف؟.
-بعد أن أخذت القياسات الصحيحة, قد أمكن من وضع كشف حساب لكن الكلفة لن تكون بخسة. كما قد أحتاج إلى شراء بلاط جديد للحصول على الألوان التي أريد عوضا عن الاتكال على ما أجده من بلاط مستعمل.
-لا تهمني الأمور الرخيصة الثمن.
تراجع إلى الخلف وتابع: " لطالما دفعت ما يلزم لأحصل على ما أريد".
بدا مسترخيا. وقد وضع يدا على الكنبة والأخرى بجانبه, إلا أن بريقا ظهر في عينيه, فراح قلبها ينبض بسرعة وقالت:" فلنفرض أنني رفعت السعر؟".
ضاقت عيناه وقطب جبينه:" أنا لست غبيا يا ريانون, كما أنك لن تخدعيني".
لقد استعلم عن خبرتها العلمية. فهل تحقق من أخلاقها أيضا؟ أو لعله يوجه لها إنذارا! ومن دون أن تفكر في الموضوع أكثر, سألته:" هل تثق بي؟".
مرت لحظات قبل أن يجيب:" نعم, وأنت هل تثقين بي؟".
رفت عينا ريانون وارتشفت القليل من القهوة لإخفاء ارتباكها, ثم قالت:" أثق بأنك ستدفع لي أتعابي, فشركة آنجل إير تتمتع بسمعة طيبة".
راقبت حركة شفتيه, فلم تر أي ابتسامة. وبدت عيناه باردتين.
-هذا ليس ما عنيته, بل قصدت على الصعيد الشخصي.
فاجأها كلامه, لا بل صعقها. حاولت جاهدة التوصل إلى جواب, لكنها لم ما تقول سوى:" هل من صعيد شخصي بيننا؟".
-أود لو يكون, ظننتك تعرفين.
نظرت إليه محدقة, وقد تأثرت بتعابير وجهه وبرغبته باستفزازها للتطرق إلى الموضوع. فتح فمه قليلا, وارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة, لا بل دعوة.
ارتعبت, وسألت بعد أن رفعت ذقنها إلى الأعلى:
-أتعني أن عرض العمل مرتبط بالاتفاق بيننا؟
مرت لحظات لم يتفاعل فيها مع كلامها, ثم ضاق فمه واستحالت بشرته شاحبة, ووقف بسرعة فخافت وتراجعت إلى الوراء لكن وبدلا من التوجه نحوها, خطا بضع خطوات بعيدا, ثم استدار نحو مكتبه وهو يضع يديه في جيبيه.
-لم أعتد ابتزاز النساء.
بالرغم من حفاظه على رباطة جأشه, ظهر عليه الغضب وتابع:
-سبق أن اتخذت قراري فيما يختص بالموزاييك وأنوي الالتزام به طالما لا تطالبيني بسعر خيالي.
رماها بنظرة حادة, كما لو أنه يتحداها لاستخدام الكلفة كذريعة للابتعاد عنه, وأردف:" إن شئت يمكننا أن نوقع عقدا".
اتجه إلى الجهة المقابلة من المكتب, وفتح درجا وتناول منه ورقة وقلما.
وضعت ريانون كوب القهوة جانبا ووقفت.
-هذا ليس ضروريا, قلت لك إني سأقدم لك كشف حساب أولا.
للحظة لم يتحرك, وبقي مسمرا على الأوراق الموضوعة أمامه ثم نظر إلى الأعلى وقال:" كما تشائين!"
تلاقت أعينهما, فابتعدت عن طاولة القهوة وراحت تمشي في أنحاء المكتب.
-أعتذر.
بعد لحظات, لانت ملامحه ورقت:" اعتذارك مقبول, ما كان علي أن أفاجئك هكذا. فأنا لا أتصرف بهذه الطريقة عادة. إنني أخرق جدا".
-لست بأخرق.
إنه ليس أخرق بل رجل ذكي كما أدركت أنه يفوقها خبرة بأشواط في مجال الحياة العاطفية.
رفع أحد حاجبيه:
-شكرا لك, سأحاول أن أتذكر هذا في المستقبل. اسمعي ريانون, أحب التواجد برفقتك أكثر, والتعرف إليك, ولكن إن كان شعورك مغايرا.
تستطيع أن تصده وسيتركها وشأنها... أليس كذلك؟.
يا للدهشة! إذ أثارت فكرة خروجه من حياتها انقباضا في معدتها. ففي أعماقها, كانت تعلم أنها برفضها ستفوت على نفسها فرصة لا تعوض.
تدخل غابرييل بعد أن طال الصمت:
-إن كنت تعتبرينني شخصا بغيضا, فالوقت ملائم الآن لقول هذا.
ابتسمت ريانون بجرأة أكبر
-أنا لا أعتبرك شخصا بغيضا.
استرخت تعابير وجهه:
-أحقا؟.
استدار حول المكتب ووقف أمامه, ثم استند إليه, وكتف يديه وسأل:
-إذا, ما المشكلة يا ريانون؟.
نظرت إلى أحد التصاميم المعلقة على الحائط.
-أنا لست ناجحة في العلاقات العاطفية.
-هل مررت بتجربة سيئة؟ أكثر من تجربة سيئة؟.
أجبرت نفسها على النظر إليه, من باب اللياقة وحسب:
-أنا . . . لست مهتمة كثيرا بالرجال.
نظر غابرييل إليها والشك يملأ عينيه: " أنت شابة جميلة, لا بد أن رجالا كثر دخلوا حياتك. . . أو على الأقل حاولوا أن يكونوا جزءا من حياتك".
هزت ريانون كتفيها.
-كنت أؤسس عملا. لم يتسنى لي الوقت للقيام بأي شيء آخر.
قطب من جديد.
-إذا, هل أنت مهتمة بي؟.
حان وقت الحقيقة. شعرت ريانون بوجهها يشحب, وبوجنتيها تبردان. أحست بدوار, وأيقنت أن هذا الشعور ينتابها كلما تواجدت بقرب غابرييل هادسون. وأخيرا اعترفت:" أنت... تعجبني".
-أعجبك؟.
رفع حاجبيه ثم ضحك.
لابد أنها بدت ساذجة للغاية, لكنه لا يعلم مدى صعوبة هذا الأمر عليها. رفعت ذقنها, وحدقت إليه متحدية. فتوقف عن الضحك وتسمرت عيناه على وجهها, ثم مد يده نحوها ودعاها:
-اقتربي قليلا!.
ابتلعت ريانون ريقها بصعوبة, واتسعت عيناها, وارتجفت شفتاها. كان يطلب منها أن تقوم بالخطوة الأولى. وبعد لحظة تردد, خطت الخطوة الأولى ببطء, وحذر, كما لو أنها تسير على حافة واد سحيق حيث ستودي أي زلة, مهما كانت صغيرة, بحياتها.
بعد أن خطت خطوتين, مدت يدها ولمست يده, فأطبقت أصابعه القوية على يدها. وعوضا عن الشعور بالخوف, غمرها إحساس بالأمان والدفء, شعور جعلها تهتز من الداخل.
توقعت أن يضمها بين ذراعيه, ولكنه فاجأها من جديد, حيث رفع يدها ببطء, وأحنى رأسه ليطبع قبلة ناعمة عليها.
اجتاحتها موجة من الدفء وشعرت برعشة قوية. رفع غابرييل رأسه, ونظر إليها فتسارعت نبضات قلبها. أمسك بيدها الثانية, وشدها نحوه بهدوء إلى أن التصقت به. شعرت يدفئه وحرارة جسمه. حاولت التنفس بهدوء, لكنها عجزت عن ذلك, ولم تتجرأ على النظر إليه, بل سمرت نظرها على الستائر خلفه.
-ريانون؟.
شعرت بأن عينيها ستغمضان, إلا أنها أرغمت نفسها على النظر إليه. نظرت إليه عن كثب إلى حد أنها رأت انعكاسها في بؤبؤي عينيه.
قال مجددا:" ريانون؟ أتريدين أن أعانقك؟".
تلاشى الحذر, وباتت الآن هادئة, واثقة بشكل غريب.
وضعت رأسها قرب قلبه وهمست:" نعم".

☺☻☺☻☺☻☺

غاويه شطارة 08-06-08 05:29 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه نهاية الفصل الثاني وان شاء الله قريب الفصل الثالث بس انتو عليكم شوي تصبرو وشكرا على الاهتمام

عطر الحب 08-06-08 07:40 PM

يسلمو وخذي وقتك يا قلبي احنا في انتضارك

أسامي الحلوه 08-06-08 09:07 PM

حطيه بسرعه هع ^_____^

غاويه شطارة 09-06-08 04:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطر الحب (المشاركة 1465154)
يسلمو وخذي وقتك يا قلبي احنا في انتضارك

شكرا للمرة التانية عطر الحب على تشجيعك وان شاء الله أحاول عل كد ما أقدر:f63:

غاويه شطارة 09-06-08 04:16 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسامي الحلوه (المشاركة 1465318)
حطيه بسرعه هع ^_____^

رح أحاول على قد ما أقدر شكرا على المرور:flowers2:

وردة الياسمين 09-06-08 10:33 AM

حبيبتي ميرسييييييييييييييييييييييييييييييييييييي الك على الروايه الرائعه ةبلييييييييييييييييييييييييز لا طولي علينا حببتي ونحنا مقدرين مجهودك يا عسل

غاويه شطارة 09-06-08 02:39 PM

شكرا لك وردة الياسمين أنا خلصت الفصل الثاث وحنزلو لكن أبغى اقول اني أنا من البداية غلط وكتبت وفي القسم الغلط عشان كده رح أكتب القصة من جديد وقسم روايات أحلام المكتوبه وشكرا لكل من مر علي وشجعني


الساعة الآن 09:09 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية