منتديات ليلاس - فراق النيل

فراق النيل
منتدى ليلاس الثقافي

الساعه التاسعة صباحا استيقظت على صوت أمي لاتناول فطوري واذهب إلى جامعتي ففتحت عيني وانا القي نظرة إلى كل جانب في الغرفة ، لم أميز أن ما حدث حقيقة أم حلم ، شئ واحد فقط جعلني اتأكد بوجودي في غرفتي ،صوت أمي المميز بنبرتها العالية والقوي ، وزاد تأكدي بعد ما رأيتها تفتح باب غرفتي وتدخل وهي تتحدث مع أختي ، اغلقت عيني لبضع لحظات لاتذكر ما حلمت به وفشلت محاولتي لم اتذكر أي شئ سوى أنه حلم غريب لم اسمع به من قبل ، لم اتصور ان يحلم امرء بمثل ما حلمت به رغم عدم تذكري له في الوقت الحاضر .
ارتديت ملابسي وتناولت فطوري ونويت الذهاب إلى جامعتي ،القيت الصباح لكل ما يقابلني في طريقي وحضرت محاضرتي كلها ، مع مرور كل هذا الوقت عقلى غير مستجاب أي معلومة سمعتها، ندمت على ذهابي إلى الجامعه لعدم الاستفادة بأي شئ من محاضراتي اليوم .
اصبحت شاردة الذهن عقلى يبحث في ملفاته المخزنة فيه تذكرت أشياء عدة حتى وصل إلى الحلم بدأت اتذكر فيه شيئا فشيئا إلى نهايته .
يبدأ حلمي بذهابي إلى النيل لأجلس اتحدث معه وافضفض عما بداخلى إليه ، لم يكن لدي اصدقاء ولا احب مصادقة أحد سوى النيل صديقي الوحيد المفضل إلى قلبي وعقلي ، أصبحت لا استطيع التصرف في أي امر دون التحدث معه قبلا ، كنت أتي منذ الصباح ولا افارقه حتى أرى الخيوط السوداء تسدل الوانها معلنة بوقت ظهورها قد آن ، لم أهتم بأي مخلوق ينظر إلى ، اناس كثيرة حاولو المحادثة معي لم أبلى اهتمام سوى بشخص واحد فقط غير حياتي كلها ، ألقيت نظرة عابرة حولي فوجدت شخص ينظر إلى باهتمام شديد لا أعرف وصفها أهي نظرة أعجاب؟ أم تعجب؟ لا أدري..... حتى وضحت نظرته بعدما اراد ان نجري حديث معا ، لم أهتم به ظاهريا لكن انتابني شعور داخلى لم يطرق إلى قلبي من قبل ، شعور بقليل من الاعجاب واللهفة إلى الحديث معه .
تمر الأيام والحال مثل ما كان عليه سابقا أحيانا اتحدث مع نفسي قائلة : " ما ذاك الشاب لماذا لم يأتي إلى ويتحدث معي هل محرج أم وهم أعيش فيه ؟ ولماذا أهتم به ؟ أهذا اعجاب ! ام لشوقي في اجراء حديث معه ! لم أعرف ما هو شعوري بالضبط اتجاه ذاك الشاب الغريب ، حتى فاجأني بيوم رأيته متجه إلي يرحب بي ويستأذن للجلوس ، لم انطق بكلمة واحدة، فقدت القدرة على النطق ولم اجده إلا بعد مدة ، شعرت بقشعريرة هجمت على جسمي ، سمعته يقول جملة واحدة ، جملة فقط : " اترغبين بالزواج بي . "
لم استطع التحكم بلساني أو عقلى ، تذكرت مقولة الكاتب يوسف ادريس عندما قال : " الحب ، واعني به الحب الملتهب بين الذكر والانثى .... والذي يجذب كل منهما إلى الآخر ...... بقوة لا تقاوم ، هذا النوع من الحب له مقوماته وهي غالبا نابعة من الأوهام من صنع الحب ذاته ..... من حساسيته تجعله يضفي على الاشياء الوانها المبهجة ويجسدها بشكل رائع ..... وتجعله حساسا لإلتقاط كل الانفعالات وتجسيدها .... سواء انفعالات السعادة او الشقاء او الغيرة او الحرمان ام اليأس ام الأمل ، ومقومات الحب لا تركن إلى اسس مادية بل ترتطم بها . " رأيت نفسي اتحدث وغير قادرة على السيطرة في قولى : " نعم موافقة . "
ابتسم قليلا وطلب منى أن اعطيه عنوان بيتي ، بالفعل في اليوم التالى وجدته داخل منزلى رحب به والدي وطلب مني احضار فنجان القهوة ، لم يكن على علم بما يريده هذا الشخص سوى أن اتصل به وطلب أن يأخذ ميعاد ليأتي إلى المنزل ليتحدث معه في موضوع شخصي ، طرقت الباب واضعة الفنجان على الطاولة ، نظراتي على صوت والدى بتناوله القهوة ، نظر إليه مبتسما واخذ عدة رشفات من فنجان القهوة الذي كان يفوح عطر الهيل منها ويملأ الغرفة كلها .
بعد أن خرجت نظرت إليهما من وراء الباب ، رأيت عيون والدي ، رأيتها ممتزجة بالفرحة بالابتسامة ترتسم على شفتيه ، دخلت إلى غرفتي والسعادة تغمر قلبي رغم إني لا أعلم حتى اسمه إلا أني اقتنعت بأنه الشخص الذي ابحث عنه طيلة حياتي ، سمعت طرق باب غرفتي علمت أنه أبي يريد محادثتي في موضوعا ما فوافقت ، أخبرني بأن هذا الشاب يزيد الزيجة بي بأقصى سرعة وزودني بكافة المعلومات الخاصة به علمت أنه يعمل بشركة مشهورة في مركز مرموق معه شقة ومستعد لكل شئ لاتمام الزيجة ووافقت.
تمت الزيجة على خير ، قضيت سنة من أفضل سنين حياتي كلها وجدت الزوج المخلص الصالح المناسب الذي لم يرفض إلى طلب سفرني إلى عدة أماكن كنت سعيدة وأتمنى أن تصبح حياتنا مثل ما نعيشها طول العمر .
حضر زوجي من العمل وكالعادة كنت في المطبخ أحضر الطعام رحب بي بنبرة ممتزجة بالحزن بعض الشئ فلحقت به سائلة : " ماذا بك اشعر بنبرة حزن في صوتك هل حدث إليك مكروه ؟ "
نظر إلى فترة ملاحقة معها صمت ثقيل يحمل اخبارا غير سارة ، ثم سألته مرة أخرى فطلب منى إحضار الطعام .
خرج من غرفته وجلس على الطاولة وأنا احاول أن افهم ما حل به ؟ ، بعد ان انهى طعامه طلب مني كوب شاي، طيلة الوقت صامت لا يتحدث بكلمة واحدة فقط يستمع إلى ونظره على الطعام ، تأكدت من حدسي بحدوث شئ خطير سوف ينهي لحظات السعادة التي نعيش فيها ، اثناء تناوله الشاي نطق أخيرا وياليته نطق كنت أتمنى أن يظل صامتا وقع الكلام على أذني مثلما يهدم بناء ضخم إلى الارض بدون سبب سابق لوقوعه ظل الحديث يرن في أذني لا تستطيع تقبله تريد أن تطرده ، علمت بترشيحه للعمل إلى الخارج لعدة سنوات مكافأة لانجازاته في الشركة لم تكن هذه المشكلة فالكل يتمنى أن تأتي إليه فرصة مثل هذه ، لكن المشكلة أني لم أذهب بسبب المشاكل التى سوف تواجهه أثناء السفر من العمل والسكن والإقامة حاولت اقناعه بأني إذا أتيت معه سيكون أفضل إلى من أن أعيش بمفردي هنا ، أقسم إلى أنه يرغب ذلك لكن مستحيل في الوقت الحالى ، قبل وجنتي مؤكدا لى بعد أن يستقر في العمل والسكن سوف ألاحقه ، وافقت وبداخلى خوف كبير من المستقبل الذي يخفي أسرار لم يبيح بها حاليا ،بدأت كلامات يوسف ادريس تطرق اذني مرة اخرى خائفة مما يخفيه إلى المستقبل .
عشنا أيام مريرة زادت المشاكل بيننا والقلق دخل حياتنا حتى أتي ميعاد السفر وأنا اقنع فيه بذهابي معه وهو يوعدني بأنه سيجعلني ألاحقه في اقرب وقت ، ودعته وبداخلي احساس بأنها ستكون المرة الأخيرة لتراه عيني الحزينة ، تمنيت له التوفيق وسافر .
مرت شهور وهو يراسلني ويطمأني عليه وفجأة أختفى لم استطيع الوصول إليه اتصلت به كالعادة وجدت الرقم خارج الخدمة لم أعرف له أصدقاء بالخارج فاتصلت باصدقائه المقربين هنا أخبروني بعدم معرفتهم بأي شئ بعد سفره فجأة اختفى مثل سمكة صغيرة في محيط صعب العثور عليها ، ذهبت إلى مقر عمله وصعقت من المصيبة التى دقت في أذني مثل دقة الناقوس علمت أنه استقال من العمل والتحق بعمل آخر بالخارج ولن يأتي مرة أخرى .
رأيت الدنيا إنقلبت على رأسي لم أدري بما يدور حولى وجدت إناس تحاول إفاقتي سامعة كلمات الشفقة مما فعل زوجي بي .
ومرت السنين وأنا أعيش حياة الأموات ، تمنيت الموت في كل لحظة أفضل من الاسئلة التى تراودني في عقلى وأنا يقظة أو نائمة ، أسمع صوت نفسي تحدثني وهي متعجبة بما فعله بي هل السبب مني لعدم معرفتي به قبل زواجنا ؟ هل اخطأت؟ أم الخطأ منه لأنو انسان خائن مخادع ملاعب قلبه مليئ بالغدر ؟ لماذا تزوجني ؟ هل كانت حياتنا نزوة ؟ أم أنا مغفلة سهلة الحصول عليها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اسألة تلاحقني أصعب وأشد من الموت ، ازدادت الايام صعوبة لعدم وجود مصدر دخل أعيش به لاسيما بعد موت أبي لم أجد من يقف بجانبي كبرت وأنا صغيرة في السن .
" تلاشى ضوء القمر في السماء وانبعث ضوء آخر "
سرعان ما انتهى بي المطاف على فراش الموت اتذكر كل ما حدث إلي منذ صغري حتى مماتي سوف أموت وأنا حزينة ولم أستطع حل الالغاز التى دمرت حياتي ,قضت على ،هنا علمت لماذا كلمات يوسف ادريس طرقت اذاني عندما طلب مني الزواج ؟ آآآه يا قدر كنت تحذرني بكلماتك وتدخل بحياتي شخص غريب أتي بظروف اغرب ، حقا الانسان خلق ليخون قدره .
كتبت ورقة ، وصية أن أدفن بجانب والدي وأمي لأنهم أخلص ناس إلى وأتمنى أن أشعر بالسعادة التى حرمت منها طيلة حياتي ، أن أعيشها مع أمي وأبي ،مت والدموع تملئ عيني .

بعد انتهاء الحلم رأيت الدموع تتدفق على جبيني وأنا اقول لنفسي أتمنى من الله ألا أصادف شخص مثل ما رأيته في منامي الذي لن انساه ابدا .

انتهت