منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد (https://www.liilas.com/vb3/t78782.html)

ارادة الحياة 14-05-08 03:19 PM

سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد
 
السلام عليكم اعضاء ليلاس
اضع بين ايدكم قصة رائعة بكل ما تعني هذه الكلمة لكاتبة اعتز بأن اكون احدى قرائها ومتابعيها

سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد

((الفصل الأول))
عاد من صلاة الفجر بقامته المديدة ووقاره المنحوت في ملامحه الصخرية عبر ذلك الطريق الذي حفظه عن ظهر قلب منذ أكثرمن ستين عاما ، يعرف فيه كل ركن وكل زاوية وكل حجر وقصة كل بيت ، هذه هي الحارة العتيقة التي احتضنت عبث طفولته وثورة شبابه وصراعات رجولته وهم شيخوخته ، لقد عرف هذه المنطقة يوم كانت قرية مهملة حتى أصبحت الآن جزءا من مدينة الشمس (الرياض) ، لطالما لامه الكثيرون (ليش ما تنتقل ؟ هذه الحارة قديمة ؟ ما تناسب مستواك ؟ أنت الله منعم عليك ليش ترضى بهالحارة المنعزلة ؟!.. الخ) ، لكنه كان يعلم بأنه سمكة لو خرجت من بحرها ماتت ، ربما يستطيع غيره أن ينكر ارتباط الإنسان بالأرض ، بالمكان ، بالوجوه التي ترحل يوما ولا تعود ، لكنه هو (فلاح) لا يستطيع ولن يستطيع ، وكيف ؟ أينسى هذا البيت القديم الذي كان من الطين ، البيت الذي هزته صرخات ولادته ومن بعده اخوته ، البيت الذي كان مملكة أمه التي عشقتها ، البيت الذي وإن تغير بفعل ترميمه وتحديثه لازالت جدرانه تحتفظ بأحلامهم وآمالهم التي طار غبارها بعد كل هذه السنوات ، البيت الذي لازال يسمع فيه صوت والده الهادئ وضحكات أمه الرنانة ، ولازال طيف (فواز) يحوم في أرجائه .
دخل مجلسه الذي ينطق بالفخامة والترف المسرف ، كل ما فيه يدل على وقار اسم صاحبه ومكانته الاجتماعية الرفيعة ، وجده جاهزا وموضوعا كما يحب على الأرض ، جلس وبدأ يتناول فطوره الشهي ، فقد جلب البارحة معه حليبا من تلك الشياه التي يربيها في مخيمه الصحراوي .
_ صبحك الله بالخير يبه ... (قبل رأس والده وانضم إلى سفرته)
_ هلا يا أبوي صبحك الله بالنور ...
وظل يراقبه ، يراقب قرة العين والقلب والأمل الذي لم يخب ، لقد أحب من قبل ، أحب والده وأحب أمه ، وأحب اخوته ، لكنه لا يحب (نايف) كما أحبهم ، بل لا يمكنه أن يحبهم بقدر ما يحبه ، لقد تمنى دائما أن يرزقه الله بذرية صالحة ولكن هذا الابن بالذات جاء ليهدم التوقعات ويقفز فوق قمم الأماني التي تمناها فأصبح منذ نعومة أظفاره الابن والأخ والأب واليد التي يضرب بها فلا تخطئ ،هرب من هذه المشاعر التي تزرع في قلبه الخوف والحذر من الضغف حتى أمام أغلى الخلق إلى نفسه :
_ سمعت باللي صار لبنت عمك ؟!
عقد حاجبيه وهو يسترجع ذكرى حرمته النوم طيلة ليل البارحة :
_ ايه سمعت ... (وابتلع لقمته بغصة عنيفة) ...
_ وش السواة الحين ؟
_ سواة الله أبرك يبه ... حنا نصحنا عمي بس هو الله يهداه ما سمع ... والحين خلاص طاحت الفاس بالراس ...
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
قبل (مبارك) رأس والده وجلس بجسده اليافع ووجهه الذي يحمل ملامح طفل صغير يتناول فطوره بهدوء كعادته .
_ وينك عن الصلاة ... ما شفتك بالمسجد ؟
_ هاه ... (وارتبك بشدة كما يفعل كلما سمع صوت والده) ... يبه ... كنت ...
_ لا تخاف يبه ... طلع معاي صلى ورجع بسرعة ... عنده امتحان يبي يذاكر ...
ابتلع (مبارك) ريقه بارتياح وابتسم (لنايف) الذي أنقذه مما لا تحمد عقباه فهو يعلم بأن (العقال) الذي يرتكز على رأس والده أداة لا مزح فيها ، لكنه لمح نظرات التهديد في عيني شقيقه الأكبر الذي لم يكن يمزح أيضا "ياويلك إن فكرت تطوف الصلاة مرة ثانية" .
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
وانضم إليهم (فارس) بحقيبته المدرسية الثقيلة ، قبل رأس والده وجلس ، أما (فلاح) الصغير فكان يتبعه باكيا حتى وصل فاستلقى على قدم والده بإنهاك واضح .
_ وراك أنت وهالخشة ... تنعس ؟!
_ يبه ...(ويبكي) ... ما أبي أروح المدرسة ...أنعس ...
مبارك بنصحه الهادئ :
_ أنا أول مرة أشوف واحد عمره ست سنوات يسهر للفجر ... نايف ترى مو زين شيل عنه البلاي يستيشن ... وبالعطلة خله يلعب فيها ...
فرد فارس بغضب :
_ لا والله وحنا بشنو نلعب ؟... خل يشيل عنك اللاب توب أحسن ...
سكت (مبارك) وهو يهز رأسه لأنه يعلم بأنه سيخسر أمام هذا اللسان السليط .
_ يبه ... ودنا المدرسة ... (كان فرحا باقتراحه) ...
_ وقص يقص لسانك ... تتأمر على أبوي أنت ووجهك ... (يقلده) ...يبه ودنا المدرسة ... وليش ما تروح مع السواق ؟...
_ شفيك عليه يا نايف ؟!
تشجع (فارس) بعد هذا الهجوم الذي أخرسه :
_ إيه ... شفيك علي ؟ ... ترى هو أبوي ... مو أبوك لحالك ... (وحدق فيه نايف حتى تراعدت فرايصه) ...
(نايف) وهو ينهي إرتشاف حليبه :
_ وليش تبي أبوي يوديك ؟!
_ ما أبي أروح مع جمعة ... فشلة شكبري وراكب مع السواق ... حرمة أنا ! ... إذا ما تبي أبوي يوديني ... خلني أروح بالفورد الصغيرة ... أعرف أسوقها ...
_ حامض على بوزك ... انا منبه الحارس ما يخليك تطلع فيها وإن سمعت إنك أخذت المفتاح نفس هذيك المرة ...(اخفض فارس رأسه) ... ما تلوم إلا نفسك ... فاهم ... خلاص روحوا مع مبارك ... مبارك وصلهم بطريقك ...
_ أنا ماجد يمرني بسيارته ... وهو ما يرضى البزران يروحون معنا ...
_ أجل انطم وخل جمعة يوصلكم مع البنات ... (ويقذف بطفله بعيدا) ... قم أنت ... (وينهض وهو يعدل من وضع الغترة فوق رأسه) ...
فيصرخ (فارس) بيأس :
_ نـــــــــايف .... تكفى ...
الوالد بقلة حيلة :
_ خلاص يا فارس أنا أوصلكم ... صجيت روسنا على هالصبح ...
(نايف) وهو يلمح نظرة الانتصار المغموسة بالفرح في عيون هذا الصغير :
_ نشبة ...أعوذ بالله منك ...
ويسمعون بوق سيارة مزعج قادما من باب المجلس المطل على الشارع ، فيغص (مبارك) بكوب الشاي .
_ هذا ماجد ...... (وينطلق حاملا كتبه كالصاروخ) ...
ويأتي صوت (رامز) الحارس من جهاز الارسال :
_ أستاز مبارك ... الأستاز ماجد وصل ...
(فارس) باستعلاء :
_ الحمد الله والشكر ...(ويقبل يده شكرا لله) ...هذولا المطافيق بصراحة يفشلون .... عيال الحارة يقولون إن حتى حريمهم حافظين هرن سيارة ماجد ... الله يخسه يفشل هو وهالسيارة اللي كاشخ فيها تقول بزر ... مو رجال عمره ألف وميتين ...
(نايف) وهو يمط شفتيه يأسا من كلام هذا العجوز الصغير :
_ تبي شي يبه ؟!
_ سلامتك يا أبوك ...
_ وأنت يا جدي ...
(فارس) وهو يستوعب استهزاء أخيه :
_ والله يا وليدي ... يا ليت لو تجيب معك شريط لهالماخوذة اللي ألعب فيها ...
_ هههههههههههههههههههههه الله يخسك من ولد ... يالله فأمان الله ... (وينصرف)
_ فأمان الكريم ... (ينهض الوالد) ... يالله يا عيال ... (ويفتش في جيوبه وهو يقف) ... فارس يبه مفتاح سيارتي على الطاولة ...
_ إن شاء الله يبه ... (وذهب إلى حيث أشار)... (وسلم المفتاح لوالده وهو يضع حقيبته على ظهره ، يلتفت لفلاح الصغير وهو يبكي) ... قوم يا أبو نومة ...(ويهزه يقدمه) ... يبه أنا بقول حق جمعة أنك بتودينا ... (وينصرف) ...
_ يبه ...(ويفرك عينيه بكاءا) ...أنا ... ما أبي أروح المدرسة ... (كانت دموعه تقطع صوته) ... أنعس ...
_ قم ... قم وأنا أبوك ... النوم للكلاب ...(ويسحبه من يده) ...شوي ويروح عنك النعاس ... يالله قم ...
وعلى طاولة فطور فارهة في غرفة طعام فخمة كان جالسا يقرأ صحفه الصباحية كعادته :
_ صباح الخير يا حلو ... (وتقبله وهي تحتضن رأسه بيديها) ...
_ هلا والله ... صباح النور ...
ابتسم يفرح لهذه المخلوقة التي تتدفق رقة وعذوبة (يا سواد الدنيا بدونك يا... ريم ؟!) .
_عفية خلودي ... قاعد مبكر ... (وتقرص خد شقيقها الصغير الذي يبتسم ببراءة حلوة وهو يشرب حليبه ، وتنادي صارخة)... سعد ... سعيـــــــــــدان ... جولي قولي لسعد ينزل بسرعة وقولي له ريم تقول لك يا ويلك ...
_ يس مدام ...(وتنصرف جولي تصعد الدرج) .
_ والله ولدك هذا يبه مدري على منو طالع ... كسول حده ... ويرفع الضغط ...
_ على أمك ... اللي بحياتي ما صحيت من النوم لقيتها قايمة قبلي ...
تضحك بدلع وعتاب لأنها تعلم بتقصير أمها لكنها تعتمد على صبر أبيها الذي لا ينتهي :
_ يـبـــــــــــــــــه ... (ثم تتذكر فجأة ويكسو وجهها الحزن) ... إلا يبه دريت ... بدريه بنت خالي تطلقت ...
_ آفا ... لاحول ولا قوة إلا بالله ... من قالك ؟
_ أمس كلمت حصه وقالت لي ...
وبعد تفكير عميق :
_ الله يعينك يا أبو بدر ...(وفكر) ... عز الله إنهم بيأكلونك بالشماتة ... (ويعود لجريدته) ...
_ مدام ... عصير فرش ...
_ ثانك يو ديبي ... روحي خلي قاسم يشغل السيارة ...
_ أوكي ...(وتنصرف) ...
_ إلا أخوك وينه ؟
_ ماجد ؟!... أكيد طلع من الصبح وراح المدرسة ...
_ بس أنا قاعد من الصبح ما شفته ينزل ... ولا تفطر ...
_ يعني يبه ما تعرف ماجد ما ينام ويروح للمدرسة مواصل ... وهو ما يحب يتفطر يأكل من المطعم ....
_ هالولد مدري ليه حياتة مخربطة ؟..(وانتبه) ... وأنتي ليش ما تأكلين ... يا يبه ترى هالعصاير ما تغني عن الأكل ...
_ أحسن يبه ... أخف ...
واستسلم لأنه يعلم بأن من ممنوعات ابنته الفاتنة ألا يناقشها أحد في أمور رشاقتها .
_ يالله خلودي ... (ويتبع الصغير شقيقته بطاعة عمياء) ... باي يبه ...
_ دير بالكم على الطريق ... خل قاسم يسوق شوي شوي ...
_ تأمر يبه ....سعد .. سعــــــــــد ... سعـــــــــــــــــــــــد ... سعيــــــــــــــــــدان وصمخ ... تأخرنا ...
وفي منزل آخر :
_ السلام عليكم ...(ويقبل رأس والدته)...
_ وعليكم السلام ...
_ شفيها عيونك ؟!...(ينظر مستغربا لبشاير) ...
_ لا ولا شي ... بس علشان سهرانة أمس ... عندي امتحان اليوم ...
(عهود) بيأس :
_ دافــــــــــــــــــــوووووووووووووورة ...
وتضربها (بشاير) بكوعها ، و(راشد) وهو يضحك :
_ هههههههههههه شوي شوي يا المصرية أكلتي الكتب ...
لقد اعتادت على تعليق أخوتها بالنسبة لتعلقها بالدراسة لحد الهوس :
_ يمـــــــــــــــــــــــــــه ...
_ اسم الله على بنيتي ... شفيكم عليها ... (وتنادي) ... دلال وين الشاهي؟!
وتدخل (دلال) حاملة صينية الشاي :
_ هذا هو ... شفيك يمه سويتي لي فضيحة ...
(أم راشد) وهي تبدأ بصب الشاي :
_ ساعة ... دوك يمه ...(وتناول راشد فنجانه) ...
_ لا والله... فوق مو مقعدتني من صباح الله خير ... تهزئني ...(تنظر لأخواتها) عندك هالثورتين ليش مو وحدة منهم تقوم ... والبيت مليان خدم ... يعني إذا ما صبحتي على خشتي ما ترتاحين يمه ...
(عهود) وهي تتلذذ بشرب الشاي وتحاكيها (بشاير) بدلع :
_ حنا ورانا أشغال ....
_ وأنت تعانين من مشكلة البطالة ...
_ ههههههههههه حلوة بطالة ... كفك بشورة ... (ويضربون راشد وبشاير كفوف بعض) .
_ تسمعين عيالك يمه ...
(أم راشد) تمسك يدها تهدئها :
_ ما عليك منهم يمه ...أصلا البيت كله ما يسوى من دونك ... الله يعيني بس لا رحتي من اللي بيشيله معاي ... وهالخدم ما احد يعتمد عليهم ... وخواتك الله بالخير ...
تقبل أمها بفرح :
_ تسمعون الناس اللي تفهم ... (وتضع يدها على خصرها بتحدي) ... تعلموا يا همج ...
_ زين يا راعية البيت ... سوي لي بيض عادي ... ما احب البيض بطماط ....
تجلس تتناول فطورها :
_ سوري أخوي العزيز ... سوينا بيض بطماط ما تبي ... لا تأكل ... قومة مرة ثانية ماني قايمة ...
وغضبت الأم كعادتها حين يمس الأمر شيئا يريده ابنها الوحيد :
_ هاه ... صج ما تستحين قومي يالله سوي لأخوك بيض ...
_ يمـــــــــــه ... أبي أفطر ما فطرت ... (وتكمل بنظرة لؤم لشقيقها) ... خل ماري تسوي له ... وبعدين هو لازم ما يتشرط ... ست الحسن والدلال نايمة ... وانا أخدم له ... وهذا من طيبي ... أنا مو شغالة عنده ...
يناظرها (راشد) بلؤم أكبر :
_ قلتيها ست الحسن والدلال ... وما أبي أتعبها ... (يهمس لها) ...تقومين يعني تقومين ... (ينظر لوالدته بحزن) ... يمه جد أنا اليوم مشتهي البيض ... وما احب البيض اللي يسونه الخدامات ...
_ تبشر يمه ... (تناظر دلال) .. تقومين تسوين لأخوك ولا أقوم أنا ...
دلال وهي تستشيط غضبا :
_ لا يمه ارتاحي ... ترى كلها بيض ما طلب ذبيحة أخوي ...
_ من ذوقك مدام مشعل ... (تنصرف وهي تركض) ...
(عهود) و(بشاير) و(راشد) يضحكون بمرح .
_ حرام عليك يا راشد ..هههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ راشد يمه ... صج بدريه بنت عمك تطلقت ؟!..
(راشد) يبتسم بألم :
_ وليه تسألين ؟...خبري أنتم يا الحريم ما تخفى عليكم هالسوالف !
_ والله يا يمه أنا سمعت بس خفت أتصل على ام بدر ويطلع الخبر كذب ...
_ إلا يمه الخبر صحيح ... أمس بدر قال لي ....
(بشاير) بحزن :
_ مسكينة بدريه ... والله ما تستاهل ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله .... الله يعين قلبك يا أم بدر ... والله كان خوش رجال ..بس ...
_ أي خوش رجال يمه الله يهداك ... هذا هو ما صبر عليها سنة ... رماها رمية الكلب ...
_ لا تشمت يمه ... أنت عندك خوات ...
(راشد) وهو يقف ويرتب غترته :
_ أستغفر الله بس ... (ينظر نحو شقيقتيه) ... هاه أوصلكم معي ... (قال وهو يبتسم) ... ترى السيارة الجديدة بخدمتكم ...
(عهود) وهي تنهض :
_ الله ... احلف ... (كانت تتمنى ان تركب سيارة شقيقها الجديدة قبل أن يمل منها فيغيرها الشهر القادم) ... آآآآي ...
تسحبها (بشاير) حتى تعود لتجلس وهي تحك كوعها الذي آلمته وهي تفسر لأخيها :
_ لا راشد ... بنروح مع ساره بنت خالتي ...
_ كيفكم ... يالله فمان الله ...
تدخل (دلال) :
_ راشــــــــــــــد ... البيض ....
يغمز لها بلؤم :
_ حطيه بالمايكرويف إذا جاء مشعل قلطيه له ... شاو ...(ويخرج) ...
_ سخيييييييييييييف ....
ظل البنات يضحكن على موقف (دلال) .
_ يمه ولدك هذا مريض ...
_ فال الله ولا فالك ... إن شاء الله إنتي ...
_ عشتوا ... لا يمه مشعولتي يبيني ...
وضحكوا البنات :
_ طول عمرك ما تستحين ....(ثم هدأت) ... اليوم جهزوا حالكم بنروح لبدريه ...
غصت (دلال) بكوب العصير :
_ احلفي يمه ...
_ ومرض ... أنتي ما تروحين .... أنا وخواتك بنروح وأنتي استحي على وجهك وإلزمي بيتك ...
_ يمه شمسويه أنا ماشية بدون هدوم كل شوي إستحي إستحي ... وبعدين أنا من دريت ببدريه امس وأنا قلبي يعورني عليها ...
_ ومن امس وأنت تدرين ؟! ... من قال لك ؟!... أنا ما قلت لأحد ...
ارتبكت (دلال) :
_ هاه ... منو ...أنا ... ما دريت أمس ...منو ... أنا قلت ...
(عهود) تداركت الموقف قبل أن تنكشف أختها :
_ وليش نروح يمه ؟
_ بنت عمكم وبشدة ... لازم توقفون معها ...
(بشاير) بسخطها الدائم :
_ يمه نوقف معها ما قلنا لا ... بس هي الحين تلقينها مو طايقة عمرها ... ومحتاجة تقعد مع نفسها شوي ... وأنتم بتتجمعون عندها ... مسوية حفلة هي ... ليش ما تفرقون بين الحزن والفرح أنتم؟!... صج عايلة مضروبة ...
(عهود) باستعلاء تضاهي به سخط (بشاير) :
_ هذه مشكلة المجتمع الذي لا يملك ثقافة نفسية يا شقيقتي الغالية ...
استمتعت (دلال) بوجه أمها التي لم تفهم شيئا مما يقال :
_ ههههههههههه ... يمه ترى هاللي ما يستحون قاعدين يسبونك ...
_ إلا صج أنت وياها ... ليش ما خليتوا أخوكم يوديكم ؟! ... والسواق يقول أنه ما يوصلكم للمدرسة ... حلوة كل يوم متعب يوديكم ... سواق أبوكم ياللي ما تستحون ...
(عهود) بلؤم :
_ والله أنا مالي شغل يمه ....
(دلال) بحالمية :
_ خليهم يمه ... أنا لو كل يوم يوديني متعب المدرسة بطير من الفرح وبتصير لي جنحان بعد ...
(بشاير) تنهض :
_ كش عليك (عهود) ...وكش عليك(دلال) ... خل أروح انطر سارونتي أحسن لي ...
(دلال) تصرخ خلفها:
_ بشورة ... سلمي على الحبايب ... (وتنتبه لنظرات أمها) ... يا حليل ساره بنت خالتي .... حبيبة ...
وظلت (عهود) تضحك دون توقف .
وفي سيارة (ماجد) السريعة ، متجهين إلى المدرسة ، يسأل مبارك بخوف :
_ درست العربي ؟
_ ولا فتحت الكتاب ... صالح معه براشيم لي وله ...
_ ولا أنا درست ...
انتبه لذلك الحزن الذي يكسو وجه (مبارك) كلما ارتكب فعلا خاطئا :
_ وليه ما درست حضرتك ؟
_ كنت عالنت ... ولما حسيت الوقت راح نعست ... نمت وراحت علي النومة حتى الصلاة طافتني وصليتها بالبيت ...
_ ههههههههههههههه ... وليش مسويها ماسأة ... بعدين تعال مبارك ... أنا أحس إن أهلك مايدرون إن عندهم ولد اسمه مبارك ... ما تمل من النت أنت ...
بخوف من هذا الادمان الذي يقتله يجيب (مبارك) :
_ ولا راح أمل ... ماجد تتوقع الامتحان يمكن الله يسهله علينا ...
_ مبارك .. تراي سهران ومو رايق لمياعتك ...
_ وين رايح ... هذا مو طريق المدرسة ...
_ بمر صالح نأخذه معنا .... البراشيم معاه ... مالي خلق أسقط وأبوي يسوي لي محاضرة طويلة عريضة ...
وفي سيارة (متعب) ، (بشاير) و(عهود) يركبن السيارة الصغيرة :
_ السلام عليكم ...
(متعب) و(ساره) :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
(متعب) وهو ينظر في مرآته الأمامية :
_ شلونك بشاير ؟!
تجيب (ساره) بلؤم :
_ أمس وصلتنا ... كل يوم لازم شلونك بشاير ...
(عهود) بلؤم أكبر :
_ وشدعوه يا متعب ... شلونك بشاير ... وأنا بنت البطة السودا ...
_ ههههههههههههههه أقول أنت وياها جب ولا كلمة ....محد كلمكم قطة الفيس هذي ليش ؟
(بشاير) بتحدي أكبر :
_ الحمد الله متعب ... بخير عساك بخير ..
_ دوم مو يوم إن شاء الله ...
_ هيه أنت يا الأخو ... أنا وعهود موجودين ... لا تنسى عمرك ...
(متعب) بتجاهل أكبر :
_ أقول بشاير ... عندك امتحان اليوم ؟!
(ساره) بلؤم :
_ عندنا امتحان رياضيات ...
_ بشاير ...(ورمق أخته باستهزاء)... ذاكرتي زين ؟!
_ سويت اللي علي ... والباقي على الله ...
_ هيه أنتي ترى أعلم راشد أخوي ...(ناظرها متعب بتهديد) .... أنا ما علي أخوي قال لنا لا تكلمون رجال غرب ...
_ هين يا عهود ... مردك لي ... أنت وهالخبلة ... (ينظر نحو ساره) .
_ إذا أنا خبلة ... هذي الفأرة شتطلع ؟! ..(تنظر نحو بشاير) .
_ فأرة بعينك ... (يبتسم بحنية) ....هذي بشاير ...
ورفع من صوت الموسيقى الذي كان يملأ السيارة الصغيرة فتهتز شوقا قبل أن تهتز القلوب في أماكنها :
ودي أغير كلمة أهواك
بكلمة توصف كم انا أغليك
كلمة تعبر إني ووياك
عايش وقلبي ميت(ن) فيك ...
ضحكت (بشاير) في نفسها ، وظلت تراقب الطريق ، وتراقب (متعب) حلم الطفولة والشباب والعمر القادم ، دائما كانت تخاف من هذا الحب الذي ولد له مع ولادتها ، إنه الحب الذي لا جذور له لا تعرف متى بدأ وكيف كبر ولماذا استمر ، تعشق كل شئ فيه عينيه اللوزيتين ، جسده النحيل ، بشرته المشربة بالحمرة ، رقته المفرطة في التعامل معها ، طريقته الفريدة في لبس الشماغ ، محفظته التي يضع فيها صورة له يحملها على ظهره وهي بعد طفلة ، كانت تخاف عليه من هذا الحب الجارف ، كانت تفكر بأنه لن يستطيع أن يحتمل مقدار حبها له لأنه كبير وكبير جدا ، (ابتسمت بسعادة) متى سأكبر وتنتهي أيام الدراسة الطويلة ؟!
في فترة الظهيرة يستيقظ (سيف) من سعاله الحاد الذي لا يفارقه ، وتستيقظ هي على صوته الذي يزعجها كثيرا :
_ سيف ... شفيك ؟
_ مضاوي ... جيبي لي ماي .... (وتستمر نوبة السعال) ...
_ أوففففففففففف .... يا ربي ... (تنهض ، نحو مطبخ التحضير في جناحهما ثم تعود بكأس الماء) ... أنت ليش ما قلت للطبيب أن الكحة ما هونت ...
_ قلت له ...(ويشرب الماء الذي ناولته إياه) ... آآآآآآآآآآآآآه .......... مسكين شيسوي ... عطاني علاج وما جاب نتيجة ...(وتمدد على سريره) ...
وعادت هي تكمل نومها :
_ بس شايفها حالة يعني ... بصراحة كحتك ما تخليني أنام ...تزعجني مرة ...
_ خلاص يا عمري ... والله مو بيدي ... قومي جيبي لي فطور .... أبي أكل الدوا ...
_ يوووووووووووه يا سيف... من جد مو رايقة ... أمس رجعت متأخر وكحتك ما خلتني أتهنى بنومتي ... سيف ترى مو عيشة هذي ...
_ خلاص كملي نومتك ... أنا أصلا أبي أنزل تحت ...
ونهض رغم الألم ورغم الوهن الجسدي وأكمل طريقه خارجا حتى تكمل هي نومها بهناء .
وعلى (شاي الضحى) العائلي المعتاد في منزل (أبو نايف) حيث تعبق الصالة الكبيرة برائحة القهوة العربية والشاي وأطباق الحلوى المنزلية :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... الله يعينك يا أم بدر ... هالحرمة على قد ما هي طيبة ما لها حظ ...
ردت (أم نايف) :
_ يا أم فارس ... ما تذكرين لما كنا في عرس بنت ام يوسف وأم زوجها الله يهداها تهذر أبزوجه وأبزوجه ... وهي كان بعد مو صاير لها ثلاث شهور من أخذت بدريه ولدها ...
_ إيه يا أم نايف أذكر ...
سألت (مريم) بطريقتها الهادئة :
_ ليش ما جربوا أنابيب يمكن الله يرزقهم ؟..
(أم فارس) وكانها تجزم بالأمر :
_ والله يا مريم هالشي لا ما جاء عطية من ربك ما ينفع .... وبعدين يقولون بدريه ما فيها أمل كلش ...
تنهدت (مريم) :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
(منال) بحياء وخوف :
_ خالتي .... عادي أروح لبدريه ...
أجابتها (أم نايف) بميكانيكية :
_ ما أدري ...قولي لأبوك ...
(أم فارس) بعد أن لاحظت ملامح التوتر على وجه (منال) :
_ منولة إذا رحنا ... بتروحين معنا ... (ابتسمت منال بشك) ...
سألت (أم نايف) :
_ إلا مريم ...حمودي وينه ؟!
_ نايم يا خالتي ... أمس أذاني أذية ... حتى نايف من صياحه طردنا برى الجناح كله ... وطول الليل وانا قاعدة بالصالة ....
تتنهد (ام فارس) :
_ الله يعينك هذا اللي كبره ... لازم يعذب أمه ...
نزل (سيف) من السلم منهكا :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ... (تهاوى على الأريكة القريبة منه) .
(أم نايف) بخوف كبير :
_ هاه ... يمه ... فيك شي ؟!
_ لا يمه ... ما فيه شي ... منال جيبي لي فطور ما آكلت دواي ...
_ إن شاء الله ... (وانطلقت منال مسرعة إلى المطبخ) ...
أم فارس بقلق :
_ سيف شكلك تعبان ... نوديك المستشفى ...
_ لا أم فارس ما فيني شي ....
وفي بيت (أبو بدر) كان الحزن والدهشة تخيم على هذا المنزل الذي كان مليئا بالحياة ، فقبل أسبوع جاءت بدريه لبيت والدها عتابا لزوج أغضبها ولسبب كان سخيفا بسخافة عقله الصغير، والبارحة جاءتها ورقة الطلاق النهائي دون سبب ودون تبرير .
_ هاه يا أم بدر.... شلونها الحين ..؟!
(أم بدر) الذي كان الحزن يكسي ملامحها وهي تتوسط صالة منزلها الكبير ، ولا يغسل همها سوى الدمع الذي يتساقط دون جفاف .
_ على حطة يدك يا شريفة ... من أمس قافلة على نفسها الباب ....
_ ازمة وتعدي إن شاء الله ...وكل هذي بتصير سوالف ... وبتنسى .. (وتضع يدها فوق كف أم بدر التي تحدرت دموعها بشكل أغزر) .
وفي الساحة الكبيرة خلال الفسحة المدرسية ، كانت تتعالى أصوات الفتيات حتى لا يسمع كلام أي منهن ، هذه تركض خلف تلك ، وأخرى تضحك على زميلتها ، وشلة هناك تذاكر وفي أيديهن الكتب ، وفرقة أخرى تغني وترقص ، وتلك تأكل وأخرى تشتري الطعام :
ليت الزمن شريط تسجيل ينعاد
وأعيد أجمل ما مضى من حياتي
أعيد لحظات قريبات وبعاد
لحظات تحمل أجمل الذكرياتي
أيام كنا لقاعة الدرس رواد
يوم الزمن ملتم قبل الشتاتي
_ هاه بشورة ... شلون الرياضيات ؟.. ههههههههههه ...أما انا بدعت إبداع ... أحس إني اخترعت نظريات هندسة جديدة ...
(بشاير) بعتب :
_ إن شاء الله خير ......
_ هههههههههههه ... (تضربها) ...... إن شاء الله ولا أكيد يا الدافورة ...
_ كل شىء بإرادة الله ... وبعدين المفروض أنا ما أكلمج ولا كلمة ... حتى سلام ما أسلم عليك ....
_ آفاااااااااااا .... (تسعل وتتصنع هيئة الاحترام) ... ولماذا آنسة دافورة ؟!
_ علشان كلامك البايخ بالسيارة قدام متعب ... أنت والنزغة عهودوه ...
تضمها (ساره) من الخلف بمحبة كبيرة :
_ آهاااااااا ... أنا أقول بشورة ما تزعل علي حتى لو أحرق كتبها ...ههههههههه ... أثاري السالفة فيها حبيب القلب ...
تبعدها (بشاير) ويزداد غضبها :
_ صج سخيفة ... وبعدين ليش تستمتعين بإحراجي ؟ّ ... وقدامه بعد ... ترى مرات جد تزودونها معي ... أحس أني أبي أبكي ....
_ ههههههههههههههههههه يا بعد قلبي والله ... وكل هذا خاشته بقلبك هالصغيرون اللي أخوي يموت في دباديبه ....هههههههههه ...
تضحك (بشاير) رغما عنها :
_ ههههههههههه ... إذلفي بس ... صج خبلة ....
_ بصراحة بصراحة انا وعهود منقهرات منك ...لاقيه واحد...(تبدأ تعد بأصابعها) مزيون وبهبل ويموت فيك ... وكل يوم مأذي هالمسكينة (تأشر على نفسها، وتقلده) ...تأخرنا على بشاير ... لازم نمر بشاير ... لا ولمن أقوله أبي أغيب يقلب الدنيا فوق رأسي ...وأمي ..(تقلدها) .. إسمعي كلام أخوك يبي مصلحتك ... مسكينة ما تدري ان الأخ ما يدري عن جد جابني ... مو يدري بالدافورة (تأشر عليها) مستحيل تغيب ... لا وتعال يا كلام على الصبح ..(تقلده) ... شلونك بشاير ... عندك امتحان بشاير ... شدي حيلك بشاير .... وهات يا دلع يفتح نفسك للدراسة ... ما تشوفين طالعة دافورة ... والفقيرة اللي تركب معاك ساحب عليها سيفون ... أًصلا وهذا وجهي بس تروحين السنة الجاية الجامعة والله لا يمر بيتكم ولا يعبرها ولا يطق لسواد عيونها مشوار خل تدبر نفسها من الحين أحسن لها ...
_ هههههههههههههه آه بطني ههههههههه حرام يا ساره ههههههههههه ...
_ إيه إضحكي يحق لك ... مالت علي بس ...
(بشاير) وبعد أن انتهت نوبة ضحكها وهي تضم ابنة خالتها :
_ يا بعد قلب ... قلب... قلب... قلبي .......
_ يسلم قلبك ...
_ إنثبري مو أنتي ... هذا تعوبي ...
_ مالت عليك ... تعوبي
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ....
وفي منزل (أبو أحمد) ، كانت (هيا) تنزل السلم العريض بخطوات سريعة نحو الصالة التي يجلس فيها والديها يحتسيان الشاي :
_ يبه ...يبــــــــــــــــه ... البشارة يبه ...
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... شفيك ؟... روعتينا ...
_ حتى انتي يمه أبي منك بشارة ....
الأب باستغراب :
_ هاه ... شفيك يبه ... جتك بشارتك شعندك ؟!
_ بدريه بنت عمي جاسم ... تطلقت ...
_ (الأب بفرح غامر) ... وش تقولين ؟
_ (الأم بفرح أكبر) ... من قال لك ؟
_ تو الحين نوف قالت لي ... تقول أمس جتها ورقتها ...
تزغرد الأم بفرح ، ويتنهد الأب بارتياح :
_ عز الله هذي البشارة ...
ويدخل (أحمد) المنزل ، بوجهه الذابل ولباسه المبعثر وجسده الذي لازال يترنح من تأثير سهرته التي انتهت قبل قليل ، جلس وسيجارته الدائمة في يده :
_ شعندكم ... لا يكون الوالد عرس بس ؟!
ضحك الأب ، وغصت الأم بكأس الماء ووضعت بعضا منه في راحتها ورشقته به :
_ فال الله ولا فالك ...
_ أحمد ... البشارة ..
_ خير انت ووجهك ... شعندك ؟َ
_ أنا أقولك يمه ... بدريه بنت عمك جاسم ... تطلقت أمس ...
_ يمه ليش تخربين علي ...
التفت نحو شقيقته بلا مبالاته المعروفة :
_ بشارتك مثل وجهك ... وانا شعلي فيها إن شاء الله احترقت ولا تطلقت ..
_ يعني تسوي نفسك مو فرحان يا كذاب ...
كان يسكب لنفسه شايا :
_ انثبري لا بهالغوري ... ترى معطيك وجه ...
_ الحمد الله والشكر .... شاهي وزقاير ... معدة مقلوبة ...
_ كيفي معدتي ولا معدتك ...
كان الأب غائبا عنهم يتشفى :
_ من شاف وجهك يا أبو بدر بس ...
((الفصل الثاني))
عند ذلك الباب الذي تقبع خلفه أشباح الألم والعذاب وذكريات ماض رحل وخيالات مستقبل آت :
_ بدريه ...(وتبتلع شهقات بكاءها المر) ... افتحي أنا أنوار ... بدريه ...تكفين ... افتحي الباب ...
كان يقف على السلم ، عاد لتوه من العمل ، يعتصر قلبه أنين أخته في الداخل ، وبكاء الأخرى على بابها وهي لا زالت بملابس المدرسة .
_ أنوار ؟!
_ بدر ... هلا ... (اقترب منها واحتضن جسدها النحيل ، فزادت نوبة بكاءها).
_ خلاص روحي بدلي ملابسك ... وتغدي بكرا عندك امتحان انجليزي ..صح ..؟!
_ بدر ... بدريه مو راضية تفتح الباب ...(وأجهشت في البكاء) ...
تنهد بألم وبقلة حيلة :
_ خلاص انت روحي الحين ارتاحي وأنا أكلمها ... (وانصرفت، وعاد هو يطرق باب غرفتها) ... بدريه ... بدريه ... افتحي أنا بدر ... بدريه ...
فتحت (بدريه) الباب وعادت بصمت إلى مجلسها الحزين فوق السرير ، لم يرها منذ عصر البارحة فقط ، تغيرت كثيرا بدريه بين يوم وليلة ، مات في داخلها شىء كبير ، ربما لن يعود إلى الحياة مرة أخرى ، لماذا ؟ لماذا يملك الحزن كل هذه السطوة علينا ؟
_قوة ...
_ ... هلا ....
_ شلونك الحين ؟!
_ مثل ما انت شايف ...(وأجهشت في البكاء ، أنزل غترته من على رأسه ووضعها على السرير وجلس مقابلها) .
_ بدريه الله يهداك هذا وانتي العاقلة ... لا أنت أول ولا آخر وحدة ... هذا نصيب وأنا أخوك ... (زادت حدة بكاءها) ... يا بدريه تعوذي من ابليس ... ترى اللي تسوينه هذا كله ما منه فايدة ... وبعدين إذا ما ترحمين نفسك ... ارحمي أمي وأبوي والله حالتهم تبكي العدو ... وانتي تدرين أن أبوي تعبان ومو ناقص هم ...
_ يا بدر يا ليته بإيدي والله مو بإيدي ... تحملت أمه وقشارتها على شانه وكذا يجازيني .... كنت متقبلة أنه يتزوج علي ما عندي مانع ... بس أرجع لأبوي مطلقة والله صعبة ... صعبة ... أبموت من القهر يا بدر أبموت ... (وترتمي في حضنه والبكاء يقطع صوتها) ...
يمسح (بدر) رأسها وهو يشعر بقلة الحيلة وحتى بقلة المواساة :
_ هذا نصيبك وأنا أخوك ... لا اعتراض على حكم الله ...
_ يا بدر اللي ذابحني عمامي ... راح يأكلون أبوي بالشماتة ... (تلطم وجهها) ... كله مني ... كله مني ...
يفك يديها وتوتره في تزايد :
_ تعوذي من الشيطان يا بدريه ... حرام اللي تسوينه ...
_ آآآآآآآآآخ .... يا بدر .........آآآآآآآآآآآخ ....يا أخوي ...
يضمها بقوة وكأنه يريد أن يطرد هذا الحزن بعيدا ، بعيدا جدا :
_ بس يا بدريه ...بس ... لا إله إلا الله ...
وفي الصالة ، كانت العمة (أم ماجد) في زيارة مباغتة .
_ وليش ما اتصلتوا علي ؟...
_ بشارة هي يا حصه الله يهداك ...
_ ولو يا غنيمة أنا عمتها ولازم أدري ... ولا بس تقولون لشريفة ؟!
أجابتها (شريفة) :
_ أنا عندهم من قبل لا تصير السالفة ... من يوم انكسرت رجل فهد ...
_ والله هذي أم لسانين أنا أوريها ... من اول ما شفتها مو مرتاحة لها ... بس بسيطة انا لها وأنا أم ماجد ...
_ خلاص يا حصه ... (تتنهد) ... اللي صار صار ... ما نبي مشاكل ...
_ لا والله ... تسوي ببنت أخوي كذا واسكت لها ... لا وفرحانة بولدها هالرخمة ... أوريها ... أصلا أنتي طول عمرك خوافة يا غنيمة ...
(شريفة) بعقلانيتها المعروفة :
_ حصه ...أم بدر معاها حق ... الولد طلقها وحنا ما عاد لنا علاقة فيهم ...
_ اسكتي أنتي بعد ... قومي روحي نادي لي شوق .... من زمان ما شفتها ...
تتنهد شريفة وتنهض لتأتي بشوق ، يدخل مشعل قادما من عمله .
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
_ شلونك يا الغلا ... (يقبل رأس أمه) ... هلا وغلا ومسهلا ... (ويقبل رأس عمته ، ويجلس بجانبها) ... أشوف بيتنا شاب حريقة ... يا حيا الله العمة ... من زمان عنك ...
_ والله ما أدري يا مشيعيل ... أشوف سيارتك راحت توايرها من الروحة والجية على بيت عمتك ...
_ وشو مشيعيل يا عمه ... سامحيني حبي ... بس والله شوفة عينك ما أرجع البيت إلا الساعة أربع ومهدود حيلي أدور الفراش ... توني خريج وولد أخوك نايفووووه الله يسامحه ما يعطي وجه كلش ورحمة ما في بقلبه كل ما قلت له شي قال حلل معاشك ... وانتي أم التقدير يا قلبي ...
_ إيه عساك عالقوة ... والله أنتم يا عيال أخوي ما فيكم الثمرة إلا أبو شوق ... بعد عمري هو اللي يوصل ويعنى مو بعض الناس .... وفهيدان لولا ماجد كان ما أشوف خشته بيتنا ... ولا أنت ونسيبي ما يندرى عنكم ؟!
_ آفآآآآآآآآآآآآآ ... تصدقين يا ام ماجد بديت أكره هالبدر ... كل المدح له ... والذم لنا ... صرت أحس بالنقص لما أشوفه ...
_ اللي يبيع الطيب يكسب يا ولد أخوي ....
_ هههههههههههههه صايرة شاعرة بعد ... (يقبل رأسها) ... مالك إلا طيبة الخاطر .... كم حصوص عندنا ...
_ حصوص بعينك يا مال اللي ماني قايلة ... (وتدفعه بعيدا عنها وهو يضحك) .
وفي المجلس بعد صلاة المغرب ، كان الصراع دائرا ، يقف بدر وهو لا يستوعب ما يقال :
_ أنت وش تقول يا نايف ؟!
_ نزوجها أحمد ...
تزداد نوبة غضبه :
_ نايف صاحي أنت ؟.. البنت أمس تطلقت ... تبي أقول لها تعالي أزوجك اليوم ...
راشد وهو يهدئ من الوضع الناري :
_ يا بدر نايف قصده بعد ما تخلص العدة ...
نايف يتجاهل الكل ويتجه إلى عمه العجوز الذي لازال يراقب النقاش وهو صامت :
_ عمي ... قلنا لك قبل بدريه ما لها إلا أحمد ... خلنا نكسر عين هالحقير ... أنت تدري أنه طلقها تحت شور أبوه ... يبي يضغط علي علشان صفقة تونس ... يبي يلوي ذراعي يا عمي وتحجج بسالفة العيال ...
سعود يخرج من صمته :
_ أنتم ليش مستعجلين ؟!... الرجال طلقها طلاق رجعي ... يمكن له نية يرجعها ... إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ...
بدر بنفاذ صبر :
_ اسكت يا سعود ...
نايف الذي كان كلام سعود كقنبلة تفجرت في نفسه :
_ أنت شقاعد تقول ؟!
أدرك أبو بدر ما سيجلبه هذا الحديث بين هؤلاء الشبان ، فنهرهم يائسا :
_ يا عيال ... اذكروا الله ....
أما سعود الذي أثارته نبرة التهديد القاسية في صوت نايف الجهور :
_ قلت إنه طلاق واحد ... يعني إذا يبي يرجعها يقدر ... وغصبن عننا بعد ... هذا شرع الله ...
نايف الذي دفعه كلام سعود إلى أقصى حدوده :
_ معصي ... (التفت إلى عمه) ... عمي حنا سكتنا لما زوجتها ... بس إنها ترجع له ... عقب ما عافها ... لا ...أذبحها ...
ثار سعود من أسلوب نايف ومقارنته الظالمة :
_ خروف هي تذبحها ؟!..
راشد وهو يحاول أن يحتوي الموقف قبل أن يتفجر :
_ بس يا سعود ... نايف معاه حق ... الرجال عافها ...
وفي هذه اللحظة دخل ناصر بابتسامته الحلوة وهيئته الأحلى :
_ السلام عليكم ...(لكنه لاحظ الوجوه الواجمة) ... شفيكم؟... (ينظر نحو عمه الذي أرخى رأسه بحزن شديد) ... عمي شصاير ؟!
أكمل سعود انفجاره :
_ تعال يا ناصر شوف ولد عمك ... يبي يزوج ويذبح على كيفه ...
نايف كان لا يزال يمسك بلجام ما تبقى من عقله :
_ بـــــــــــــــــــــــــــــــــدر ... سكت أخوك ...
عرف أبو بدر من صراخه بأن صبر نايف قد انتهى :
_ لا حول الله ... ورعان أنتم ؟!
_ ما تشوف ولدك يا عمي ... يرفع الضغط ..
_ انت شاللي حارق أعصابك ... لا هي أختك ولا بنتك ... تزعل من كلام الله ليه؟
صرخ (بدر) و(ناصر) معا :
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود ...
_ أنت اللي صج ....
وهنا رمى (نايف) عقاله ، وإنهال بالضرب على (سعود) الذي بادله هذا الهجوم ، حاول (بدر) و(راشد) و(ناصر) أن يفرقوا بينهما بصعوبة وسط تأوهات الوالد العجوز وتهديداته اليائسة ، صرخ (بدر) بيأس وهو يمسك (نايف) ويعاونه (راشد) :
_ ناصر ... ود سعود داخل ...
وسحبه (ناصر) خارج المجلس ، وظل الباقين يلتقطون أنفاسهم بصعوبة ، وهم ينظرون لساحة المعركة ، انهار (راشد) جالسا على الأرض ، وظل (بدر) يلهث :
_ الله يهداك يا نايف ... ترى سعود رجال مهوب صغير ...
_ أنت سمعت شقال ؟!
_ وأنت تصدق كلامه ... طول بالك عليه شوي ... استريح بس ...(ويجلس بدر) ...
يكمل (نايف) وقد أخذ الغضب منه كل مأخذ :
_ ماني مستريح ... عمي ...(ويلتفت إلى عمه) ... تخلص عدتها ونزوجها أحمد .. إن رجعت للواطي ...أذبحها ... وأذبح سعود ...
(بدر) يهزء رأسه بيأس :
_ لا حول الله ...
_ راشـــــــد ... نمشي ؟
(راشد) الذي لا زال متعبا :
_ لا ... أنا أبقعد مع سعود شوي ...
ظلت نظرات (نايف) الغاضبة تحيط بهم ، فخرج قبل أن يقتلهم جميعا .
_ نايف صج مرات يصير... خبل ...
_ ههههههههه يعني هذا نايف ما تعرفه يا بدر ...
_ بس توصل للضرب يا راشد ... والله سعود الحين يحقد عليه ... بزر هو يضربه ؟!
_ لا يحقد ولا شي ... ياما ضربنا بعض ... وهذا حنا ما صار بينا لا حقد ولا بطيخ ...
(ناصر) الذي كان يدفع (سعود) إلى داخل الصالة رغما عنه :
_ يا ناصـــــــــــــر ... هدني ... مالك شغل ....
(أم راشد) التي سقط منها فنجان شايها ، و(أم ماجد) التي كانت نهضت تولول وساندها بكاء (شوق) الحاد ، و(شريفه) التي جاءت تركض من المطبخ ، (أنوار) نزلت مسرعة على الدرج ، وخلفها كان (فهد) بطيئا بعكازه ، تتابعت الصرخات :
_ شفيكم ؟... ناصــــــر ... سعـــــــــود ... شعندكم ؟... ليش تتهاوشون ؟...
_ أنت ليش مسكتني ؟!...
قذفه (ناصر) وثبته على الأريكة:
_ سعـــــــــود ... تعوذ من الشيطان ... تبي تضرب نايف ؟!
(أم بدر) تلمس خد (سعود) الذي لا زال يدمي حتى أغرق الدم لحيته الطويلة :
_ يمه سعود شصاير ؟... ناصر شفيكم ؟
شهقت (أنوار) بصوت عالي ووضعت يدها على فمها ، رفع الكل نظره إليها ومعهم (ناصر) ، صرخت (أم ماجد) وهي تحتضن الطفلة الصغيرة التي ارتفع صراخها :
_ ناصر شفيه ؟... شصاير روعتونا ؟
(شوق) التي قطع بكاءها صوتها :
_ سعـــ ... بابا سعــــــ....
(ناصر) بملل :
_ ما في شي يا عمة .... (يرمق سعود بنظرة حادة) ... بس سعود مرات يطول لسانه ...
(سعود) بنفاذ صبر :
_ أنا اللي أطول لساني هاه ؟!... أنت ما سمعته شيقول ؟... هو ما له شغل ... أختنا وبكيفنا ...
العمة (شريفه) التي أدركت الأمر :
_ وليش تذابحتوا أنت ونايف ؟
رمق (ناصر) (سعود) بحدة "اللي صار بينا لازم محد يدري فيه وخاصة الحريم" ، فأجاب :
_ ما في شي عمه ....
_ أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا ر ...
نبههم صوت (فهد) الذي أعاقه عكازه عن اللحاق بأخته التي سقطت عن السلم ، فرماه ولحق بها حتى وقع قبل ان يصل إليها ، وتتابعت الصرخات :
_ يمه بنتي ... أنـــــــــــــــــوار ... اسم الله عليها ...
(ناصر) و(شريفه) وصلا إليها أولا ، رفع وجهها بيد خبيرة :
_ عمه ... جيبي عباتها ...
هزت (شريفه) رأسها وأسرعت تصعد درجات السلم ، اقتربت (أم بدر) بخوف :
_ ناصر شفيها ؟...
أجابتها (أم ماجد) التي لازالت تهدئ من صراخ الطفلة :
_ اذكري الله يا أم بدر ... ما فيها إلا العافية ...
_ يمه ... فهد ... (التفتت لابنها الذي لم يكن يستطيع

الحراك جالسا على السلم وجلست تحتضنه) ...
_ سعــــــــــــــود ...
أيقظه صراخ (ناصر) من وجومه ومن خوفه ومن سكونه ، كان يعرف بأنه دائما جبان في هذه المواقف .
_ هاك ... (مد له مفتاح السيارة) ... شغل السيارة بسرعة ... (خرج مسرعا) ... سعــــــــــــود ... ناد بدر معاك...
نزلت (شريفه) وأعطته عباءة (أنوار) وارتدت هي عباءتها ، لف (ناصر) (أنوار) بالعباءة وحملها بين يديه وخرج مسرعا و(شريفه) تلحق به .
أما من كان في المجلس فقد شاهدوا (سعود) وهو يخرج مسرعا من البيت ، فخرج (بدر) و(راشد) وهم يظنون فيه الظنون ، لكنهم استغربوا وهم يرون (ناصر) الذي تسبقه (شريفه) :
_ شفيكم ؟... خير ... عمه ..
_ بدر .... أنوار أغمى عليها ...
(ناصر) يقذف (أنوار) بين يدي (بدر) المرتبك :
_ خذ .... أنا أسوق ... سعود شغل سيارتي ... بسرعة ..
وانطلق (بدر) مسرعا وتبعه (ناصر) و(شريفه) .
_ شفيكم يبه ؟
انتبه (راشد) لعمه الذي خرج لتوه من المجلس :
_ هاه ... ما في شي عمي ... العيال جوعانين .... يبون يروحون للمطعم ... تعال بس ... تعال ... (يضع يديه حول كتف عمه) ... خلني أوسع صدري معك هالليلة ... يا حيالله أبو بدر ... (ودخلوا المجلس) ...
وفي بيت (أبو نايف) خلف المنزل في الحديقة الواسعة كانت تجلس كعادتها على الأرجوحة الملكية الواسعة :
_ منال ... منـــــــــــــال .. منــــــــــــــــــــــال ....
_ هنيه فارس ....
_ صار لي ساعة أفتر ... ليش ما تقولين هاه ؟
_ شتبي ؟!
_ والله أنا ما أبي شي ... بس أبوي طلع يصلي العشا ... وقال لي خل منال تجيب الخدامات وينظفون المجلس ويبخرونه ... لأن أنا بعد بروح المسجد ... وزهبي القهوة ... وحطيها بالمجلس ... في رجال بيزور أبوي بعد الصلاة ...
_ إن شاء الله ...
_ ويا ويلك يا سواد ليلك ... إذا ما خلصتي شغلك قبل لا يرجع ....
_ إن شاء الله ...
وانصرف باستعلائه الصغير .
وفي المستشفى كانت (أنوار) لا تزال نايمة بعد أن وضعوا لها المغذي السائل ، كان مجرد ارهاق بسيط ، اتصلوا بالمنزل وطمأنوا من فيه ، (شريفه) بقيت جالسة عندها ، (بدر) و(ناصر) كانا يجلسان على مقاعد الانتظار في الممر :
_ ههههههههههه أما أختك هذي عليها حركات هههههههههههه ...
_ عاد تصدق اللي يشوفها ما يقول عنها ضعيفة لهدرجة ...
_ يعني الحين كل ما تخترع يغمى عليها ... هههههههههههه أما صج سالفة ...
_ هيه أنت ...(ويضربه) ... ترى ما أرضى على أختي .... وبعدين تعال أنت شلون تسمح لنفسك تشيلها ؟... كان نطرت لما أجي ... ما صدقت على الله ...
_ ههههههههههه بصراحة يا بدر أنا شفتها طايحة وأنا قلبي اختبص على بالي ماتت .... ما على بالي دلوعة ...
_ ههههههههههههه حرام عليك أنوار دلوعة ؟...... تلقاها شافت سعود مضروب واخترعت ...إحمد ربك أنها ما كفختك .... قبل كانت تدخل في هوشات الحارة لما يتكفخ فهد ... وكل الصبيان يخافون منها وما يتعرضونه .... بس لما كبرت صارت لما تشوفه مضروب يغمى عليها ... يمكن لانها ما تقدر تروح تضربهم ... هههههههههههههههههه ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
_ بدر ........ ناصر ..........
كانت (شريفه) تمسك بين يديها جسد (أنوار) النحيل التي تسندت عليها .
_ أنوار ... (وينهض ليمسك بها) ... حمد الله على السلامة يا عمري ...
تمسكت به بكلتا يديها وألقت بجسمها عليه :
_ بدر ... دايخة ...
_ ما عليه يا قلبي ... شوي وتصيرين زينه ...
_ حمد الله على السلامة أنوار ....
ناظرته (أنوار) بحقد من وراء غطاء وجهها ولم ترد عليه .
_ ناصر .. يالله ترى اليوم دخت حدي ...(وتقف بجانبه) ... مدري متى أفتك من عيال هالأخوان اللي كل يوم صاير لواحد فيهم شي .... (وضحكت مازحة)...
_ ابشري عمه ... أنت الخير والبركة آفا عليك من دونك ما نسوى شي ... يالله بدر ...
_ بدر ... (تشبثت به وهمست) ... نروح معاه ؟!
_ إيه ... ناصر جابنا بسيارته ...
_ وين سيارتك ؟
_ بالبيت .... اختبصنا وجينا بسيارة ناصر .. يالله امشي ...
_ ... (تشبثت به أكثر) .... ما أأأبي ... دق على مشعل يجي يأخذنا .....
_ أنوار ... شفيك ... أنا معك ...
_ بدر ... شفيكم ؟...(كان قد عاد أدراجه بعد أن أوصل عمته إلى الباب ولم يلحقا به) .
_ لا ما في شي ... جايين ...
كان صوتها يرتجف وهي تصرخ :
_ ما أبي أركب معك ...
انصدم (بدر) ومثله (ناصر) من حدة الرد :
_ أنــــــوار ..
_ ليش ؟...
تجاهلته وبتوسل متعب:
_ بدر ... اتصل على مشعل خل يجي يأخذنا ...
_ أنوار .. وبعدين ...أقــ...
_ بدر ... (قاطعه وهو يعطيه المفتاح) ... خلاص روح ودهم البيت .... أنوار تعبانه (ناظرها بعدم فهم) ...وعمتي بعد ... أنا أتصل على مشعل يمرني ...
كان (بدر) يحاول الاعتراض ، لكن منعته نظرات (ناصر) الحاسمة وجسد (أنوار) الذي يرتجف بين يديه ، فأخذها وانصرف ، وعاد (ناصر) إلى مقاعد الانتظار وهو يتصل على (مشعل) .
بعد أن انتهت من تجهيز القهوة وتنظيف المجلس الكبير بمساعدة الخادمات :
_ مدام ... هذا بخور ...
_ شكرا زهرة ... أنا أبخر روحي داخل ...
وانصرفت الخادمة ، وظلت (منال) تحمل المدخنة التي تعبق برائحة البخور الهندي لتوزعها على المدخنات الذهبية الكبيرة الموزعة على زوايا المجلس .
اضطر أن يخلع لباسه الرياضي الذي يحبه ويرتدي الدشداشة والغترة والعقال مادام يريد زيارة منزل خاله ، وقف بذهول كبير عند باب المجلس الداخلي لأنه كان يدخل سيارته عبر البوابة الكبيرة وليس في المظلات الخارجية ، بينما (منال) لم تكن تحس بما حولها أبدا ، ظهرت منه تنهيدة عالية ، استوعبت (منال) الزمان والمكان وتمنت لو لم تفعل ، هربت إلى الباب ولكنه كان يقف حاجزا لا يتحرك بينها وبينه :
_ الله يخيلك ... وخر ...(وتساقطت دموعها حارة غزيرة) ...
_ هاه .... (كان لا يزال ضائعا في عينيها) ... إيه ... (استوعب الموقف وابتعد عن الباب بصعوبة ، وهربت هي مسرعة) .
وجلس هو يحاور نفسه (منو هذه ؟ لا مو حصه؟ حصه مو حلوة حيل جذي ؟ ليش بكت ؟ انا ما سويت شي ؟ وبعدين ليش قاعدة بالمجلس ؟ "ابستم بخبث"يا ويلها لو يدري فيها خالي ):
_ هاه ... ماجد ؟!
ودخل (أبو نايف) مجلسه ، نهض (ماجد) وقبل رأسه بعد أن استيقظ من شروده .
_ هلا خالي ... شلونك ؟
_ بخير ... (يجلس) ... أنت شلونك ؟... أمك وأبوك شلونهم ؟
يجلب (ماجد) القهوة ويقوم بصبها لخاله .
_ دام انت بخير حنا كلنا بخير ...
_ وليش هذي هنيه ؟
_ هاه ... (ظل قلب ماجد يضرب بقوة ، واصفر وجهه) .
_ المكنسة ...
انتبه (ماجد) للمكنسة الكهربائية التي كانت خلفه والتي كان خاله ينظر نحوها ، فتبددت مخاوفه ، ودخل (فارس) بثوبه الناصع البياض وقبعته الظريفة :
_ هاه يبه جيت ... (ابتسم) ... ماجد ؟..
_ هلا فارس ... (وتبادلا السلام) .
_ آشوى قهويت أبوي ...(ويهمس)... بقى علي أقهوي الشياب ربعه ... اللي لو أقهويهم قاز يقولون تسلم .... (ضحك ماجد وهو يجلس بجانب خاله) .
_ فارس .... ود المكنسة داخل يبه ... شكل الخبلة منال نستها وهي تنظف المجلس ..... وما قالت للخدامات يشيلونها ...
فكر (ماجد) بابتسامة المكتشف (آآآآها يعني هذه منال ، يا حليلها كانت تنظف المجلس ، روعتها)
_ إن شاء الله يبه ... (يمسك المكنسة ويبطئ نبرة صوته) ... بس لا تقول اسم أختي قدام ماجد ...
_ لا والله انت ووجهك مسوي نفسك رجال بعد ...
_ الحمد الله انا أبوي معلمني على المرجلة وعلومها ... والدليل ان عمري 12 سنة وماسك ديوان أبوي ... ومن غيري تصير علوم ...
ابتسم الأب من لسان ابنه السليط :
_ هههههههههه رح ... رح ... ود المكنسة ... رح وانا أبوك ...ههههههههههه
_ إن شاء الله يبه ... (وينصرف) ...
_ والله يا خالي ولدك هذا غريب ...
_ ههههههههه ... إلا أنت وش اللي جابك اليوم ؟.. بالعادة ما تمر إلا بالعيد ....
_ شدعوه يا خالي ... ما لنا غناة ... بس انا أبي أنزل برنامج على الكمبيوتر ... وما اعرف ... فقلت امر مبارك يسويه لي ويضبطه ... تعرف ولدك ما شاء الله فني كمبيوتر ... وبعدين ينام عندنا وندرس مع بعض .... بكرا عندنا امتحان تاريخ ...
_ والله انا مدري وش تستفيدون من مقابل هالكمبيوتر ؟ ... يا يبه حتى عيونكم راحت ...
_ والله يا خالي لو نعلمك على الكمبيوتر ما تهده ... (كان يهمس) ...
_ وش قلت ؟
(ماجد) بخوف :
_ لا سلامتك ... ما كو شي ...












--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل الثالث))
كان جالسا في صالته الفاخرة وبجانبه والدته تحتسي الشاي بعد ان تناولا عشاءهما ، وكان يتكلم في هاتفه الجوال :
_ هههههههه احلف ههههههههههههههههههههههههه على بالها أنا اللي ضاربه ؟!..
_ إيه والله ... حتى تقول زين إنك كنت معانا ولا كان كفخته ...
_ هههههههههههههههههه أما أختك هذه فصلة ... أنا أقول البنت حقدت علي ...
_ هههههههههههههههههههههههه لا تشوف وجهها لما عرفت السالفة ههههههههههه صار اشارة مرور ههههههههههه ...
_ ههههههههههه خلها تستاهل .... مسترجلة هي وخشتها ... وتبي تكفخني ...أم خرعة ... لو فيها خير ما تنصرع ...
_ هههههههههههههههههههههههههههه اسكت بس لا تسمعك وتغسل شراعك ..
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ سامحني ناصر عالموقف ... تعبناك معنا ...
_ شدعوه أبو شوق ...آآآآفا عليك بس .... ما بينا هالكلام ...
_ بعدي والله ... طول عمرك طيب ... بس لو تكمل نص دينك تصير خوش رجال هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... (الكل كان يعلم حساسية ناصر من موضوع الزواج) ...
_ آآآآآآآآآآآآفا ....... تونا ربع شحليلنا ...... ليش قلبت ؟
_ امزح ... امزح أبو فواز ... يالله تأمر على شي ...
_ سلامتك ... بوس لي شواقه...
_ توصل ... سلم على الوالدة ..
_ الله يسلمك ... مع السلامة ...
يضع جواله على الطاولة ، ويأخذ رشفة من فنجانه :
_ بدر .. يسلم عليك ...
_ الله يسلمه ... شلون بدريه عقب اللي صار ؟
_ اللي صار صار يمه ... لو مهما تسوي ما راح يفيد ...
_ آآآآآآآآآآآآه .... الله يعين أم بدر بس ... بكرا إن شاء الله أروح لهم ...
_ إن شاء الله ....
تتذكر فلا تكمل فنجانها :
_ إلا من هي اللي تبي تكفخك ؟!
ضحك (ناصر) وعادت له نشوة الحادثة :
_ هذي أنوار يمه ..
_ وش سويت لها ؟
_ هههههههههه .... والله ما سويت لها شي .... بس هي فهمت غلط ...
_ هههههههههههههههههههه ..... دير بالك يمه ... ترى انوار ينخاف منها .... من يومها صغيرة وهي قشرة ....
_ هههههههههههههههههههههههههه .... لهدرجة يمه ؟!
_ ما شاء الله اخوانها كلهم عيال ... من كثر ما تقلدهم صارت كنها ولد ... حتى بعرس سيف ومضاوي وحدة من المعازيم نادتها قالت (تعال حبيبي) هذاك الحين كانت صغيرة ... حتى شعرها الحين شعر صبيان ... أمها عجزت فيها تبيها طوله بس هي مو راضية ... وللحين تشتري ملابسها نفس ملابس فهد .......
_ ههههههههههههههههههههههه ... والله هالبنت مو معقولة ...
_ الله يهديها .
ومرت الأيام متتابعة سريعة لا يدرك المرء اليوم حتى يشرق الغد ، (بدريه) استمرت حياتها وظلت تداوي جراحها بشكل هادئ ولم تستسلم لمحاولات (نايف) المستميتة بالرجاء تارة والتهديد تارة حتى تتزوج من (أحمد) ، (أحمد) لازال على حاله المعهود سهر وسكر وعربدة حتى آخر الليل وأكثر مبيته في مخيم عمه (أبو نايف) الصحراوي أو في استراحة (نايف) خارج حدود الرياض حيث لا يجد من يلومه حين يستيقظ ، (سيف) و(مضاوي) منذ أن تزوجا قبل ثلاث سنوات ولا زال الحال بينهما كما هو (مضاوي) بإهمالها الكبير و(سيف) بسكوته عن تصرفاتها رغم ما كان يكابده من مرض القلب الذي رافقه حياته كلها ، (راشد) و(نوف) ينتظران مولودهما الرابع ، زفاف (دلال) و(مشعل) سيكون بعد شهرين ، (سعود) لا زال يلازم جامعته ومسجده ورفاقه المتدينين ، (بشاير) تخرجت من الثانوية بنسبة 97% ولا زالت تحلم بذلك اليوم الذي سيجمعها مع (متعب) ، (ساره) و(ريم) و(أنوار) كلهم تخرجوا من الثانوية بنسب جيدة ، (منال) لا زالت تعاني وتحلم ببساطة .
_ ههههههههههههههههههه ... مشعل خلاص ترى تعبت من الضحك ...
_ يا قلبي ... وأنا تعبت من كثر ما أسولف ... يالله سولفي أنتي ..
_ امممممممممممممم ... شنو أسولف ؟... ايه صح مشعل ...
_ يا عيون مشعل ... يا قلب مشعل ... يا كلاوي مشعل ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... مشعل أكلمك جد أنا ...
_ يا واد يا ثقيل ... يالله قولي .. غردي ... أطربيني ...
_ مشعل حنا الحين لازم ما نكلم بعض...
_ وجع يوجع العدو ... توك شحلوك ... شبلاك قلبتي ؟
_ مشعلوتي اسمعني ... الحين حنا باقي على عرسنا شهرين ... علشان نشتاق لبعض ... ترى إذا شفتك بالعرس راح تلوع كبدي ...
_ صج ما عندك أسلوب ...
_ أنا قصدي يا قلبي .... نشتاق لبعض ...
_ لعنبو دارك اللي يسمعك يقول طايح فيك بوس ليل ونهار ...(حمر وجه دلال) ... (يقلدها) ... نشتاق لبعض ... ترى حنا ما شفنا بعض إلا يوم الملكة من سنتين ... حاسدتنا على هالمكالمات ... لا وبعد عقب اجراءات حراسة مشددة ...
_ أنت واحد ما تستحي ....
_ (تنهد بملل من اسطوانتها المعهودة) ... وليييييييييييييييييييه ...
_ وجع زين ...
_ يوجعك ...
_ هين يا البطة أوريك ...
_ عدال يا أم الرشاقة ... (أغلقت الهاتف في وجهه) .
دخلت (عهود) جناحهن المشترك وهي تكابد ضحكتها المكبوتة ، أخذت عباءتها من الخزانة :
_ ترى ... أنا وأمي وبشاير بنروح حق نوف بالمستشفى ....
_ وإذا ...(كانت غاضبة) ...
_ لا بس ... علشان ... تأخذين راحتك ... (وصلت إلى الباب) .. وأنت تكلمين ... بطتــــــــــــــــــــك ... ههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
قذفتها بالوسادة لكنها كانت قد هربت .
وفي المستشفى :
_ آآآآآآآه ... عمتي راحت تشوف البنت ؟!
(بشاير) ترتب الغرفة :
_ إيه ... وعهود راحت معاها ... أنا أول ما دخلنا المستشفى رحت على طول أشوفها ... يا قلبي عليها سكر ...
_ أي سكر ... ملينا من السكر يا بشاير ...
_ نوف الله يهداك ... أستغفري ربك ....ترى الله يعاقبك ...
_ مو اللي ايده بالماي مو مثل اللي ايده بالنار ... مسكين يا راشد ... كل هالحريم برقبته لحاله ... ام وخوات وزوجة وبنات ...
_ أستغفر الله بس ... غيرك يتمنى ومو حاصل له ...
_ بشورة ... أكيد العصر بيجون أهلي ... في محل حق الحلا فاتحينه يم المستشفى ... روحي جيبي لنا منه كم صنف ...
_ إن شاء الله ...(وتعدل من طرحتها) ...
وذهبت إلى المحل الفخم بجانب المستشفى ، أخذت الأصناف التي تريدها ووقفت تنتظر الدور عند الكاشير ، كان خلفها شابان يرميان عليها ببعض الكلام تجاهلتهما في البداية ، لكنها انتبهت لقامة طويلة تقف عند الكاشير تنظر لها باشمئزاز فاستفزتها نظرته (أنت شكو؟!) :
_ نعــــــــــــــــــــــــــــــم ... انت وياه ...
كان صوتها عاليا ، التفت لها كل من في المحل ، همس لها أحد الشابين :
_ الله ينعم عليك ...
_مشبهين ؟!
جاءها صوت رجل كبير في السن يقف أمامها في الدور :
_ خير يا بنتي ...
_ الخير بوجهك يا عم ...(تلتفت إلى الشابين) ... بس الناس صارت ما تستحي ... وتخلي كلابها المسعورة تحوم في الشوارع ... تأذي خلق الله من غير لا خوف ولا حيا ...
انصرف الشابان يغطي وجهيهما الغضب والخجل والموقف السخيف الذي وضعا نفسيهما فيه ، أما في غرفة (نوف) :
_ ما كان لازم تكلف على نفسك يمه ..
_ لا كلافة ولا شي يا عمه ... أنا قلت أمر أم عبدالرحمن الصبح ... العصر أكيد تجيكم حريم ...
_ عساك على القوة يا اخوي ...
_ الله يسلمك ...(التفت نحوها) ... شلونك عهود ؟!
_ الحمد الله زينه ... (واخفضت رأسها بحياءها المعتاد) ...
_ ما شاء الله صايره حرمه ... (ابتسمت بحياء اكثر) ... (ناولته أم راشد فنجان القهوة) ...
_ والله الزمن هذا يركض ... ما نفتح عين إلا الصغير صاير رجال ... والبنت صايرة حرمة ...
_ وانتي الصاجة يا عمة ...
_ أوفففففففففففففففففففففففففففففف .... حر ...
وقبل إن ترمي غطاء وجهها تداركت وجود رجل في الغرفة :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ....
عقد (نايف) حاجبيه بعد ان رأى الاكياس التي تحملها ، وارتجفت هي بعد أن رأت وجهه المألوف :
_ بشاير ...أنتي وين كنتي ؟
_ أنا أرسلتها المحل عمة ... تجيب لنا حلا حق القهوة ...
_ سلمي على نايف يمه ...
_ شلونك نايف ... (وتعدل من غطاء وجهها ، وتذهب لتقف بجانب عهود) .
_ الحمد الله ...(ونظر نحوها بازدراء)...
_ (تهمس لعهود) ... أنتي ليش كاشفة وجهك ؟!
_ هاه ... وليش أتغطى ؟... وانتي أصلا ليش تتغطين ؟ ... ترى نايف حتى أكبر من راشد أخوي ...
_ وإذا ... الحين ما يصير ... عيب عليك ...
_ والله كيفي ... ما لك شغل .... (ضربتها بشاير بيدها) ...
_ يالله ... (يقف) ... حمدالله على السلامة ...(يقبل رأس نوف) ... ومبروك ما جاك ... هاه عمه أوصلكم البيت ؟
_ لا نايف .... عمتي خلها عندي ...
_ خلاص ... أجل أودي البنات البيت ...
_ يالله يمه ... روحوا مع نايف ... دلال ماأخذه السواق وراحت مع خالتكم وما بيرجعون إلا متأخر من السوق ...
_ إن شاء الله يمه ... (وترتدي عهود غطاء وجهها) ...
(بشاير) وهي حازمة في رأيها :
_ أنا أبي أظل مع أمي ....
_ محد يظل ... (كان يصرخ) ... يالله قدامي ... بنات شمقعدكم بالمستشفى ؟... عمتي تظل مع نوف ... أنتم شنو تسوين ؟!... يالله ... قدامي ... يالله ...
استغرب الكل حدة (نايف) ، انطلقت (بشاير) غاضبة ، وخلفها (عهود) مستغربة:
_ شفيه أخوك ؟
_ والله هذا نايف ياعمه ... طول عمره نفسه بخشمه ...
((الفصل الرابع))
في سيارة (نايف) جلست (عهود) بجانبه و(بشاير) في الخلف ، وكان السكوت يخيم على الكل ، (نايف) كان يشتعل من الداخل ويرمق (بشاير) من مرآته الأمامية :
_ يعطيك العافية نايف ...
_ الله يعافيك ...(ونزلت عهود مسرعة) ...
أغلق (نايف) أبواب السيارة أوتوماتيكيا قبل أن تستوعب (بشاير) بأنهم وصلوا ، التفت إليها بوجهه الغاضب :
_ أنتي شلون تسوين جذي ؟
_ شـــ.. شنو ؟
_بالمحل ... ومع الشباب ... (كان يصرخ فارتعبت) ...
_ ما سويت شي ...(كانت قد بدأت تتحداه وتصرخ) ..
_ لا والله ... شلون تنزلين لحالك ... والشباب اللي ... لا وبعد لك عين ولسانك طويل ...
_ هم اللي غلطوا ...
_ أكيد يبون يغلطون ... وانت فرحانة تهاوشين ... تبين تسوين فضيحة ...
_ نايــــــــــــــــف ...(صرخت بملل) ... أنا أصلا ما عطيتهم وجه ...
_ لا يكون كنت مفكرة بعد ....
_ نايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــف ...
_ وقص ... لا تطولين لسانك ... أذبحك الحين شسوي فيك ...
تنهد بغضب ، التفت للأمام ، وفتح الأبواب :
_ انزلي ... ولا احد يدري باللي صار ... حتى خواتك فاهمة ... (التزمت الصمت ، وقبل ان تنزل ) ... ان سمعت إنك رحت لنوف في المستشفى ... ما يصير طيب ..
ونزلت (بشاير) كان الغيظ يأكلها فلم تستطع ان ترد عليه ، وفي مدخل البيت كانت (دلال) و(عهود) ينتظران بخوف :
_ أنت شعندك مع نايف ؟!
ارتمت (بشاير) على الأريكة بغضب ووجهها لا زال يحترق :
_ بشاير شفيك ؟... (تجلس بجانبها) ... نزلت وانتي طولتي ... نايف ليش كان معصب ؟
_ بشـــــــــــــــــــــــــــــــــــاير ...
كان صبر (دلال) قد نفذ :
_ ما في شي ... هذا ولد عمكم غبي ومتخلف ...
_ ههههههههههههههههههههههههه نايف غبي ومتخلف هههههههههههه ... لا تسمعك نوف بس ...
(عهود) ببراءة :
_ لا والله نايف حليو ...
_ حليو بعينك ... وبعدين انت شلون تنزلين وتخلين أختك مع رجال غريب ؟..
_ أقول ... لا تضيعين السالفة... وش شايف عليك نايف ؟! (كانت دلال تكتف يديها حول صدرها بسخرية) ....
_ نزلت المحل اللي يم المستشفى أجيب حلا ... كان في شباب يتحرشون فيني ... وهو كان واقف عند الكاشير ... ما عرفته عدل ... من الغطوة ...
وضعت(دلال) يديها على رأسها ، وجلست بانهاك :
_ يخرب بيتك ... نايف شافك تغازلين ؟!
_ (رمتها بالوسادة) ... عمى بعينك ... شنو تغازلين ؟! ... أصلا أنا هزئتهم وفرجت عليهم امة لا إله إلا الله ...
_ بعد !... ما ألومه فيك ولد عمي ... لسانك هذا طويل وفضيحة ...
_ انثبري بس ...
(عهود) كانت لا زالت تفكر :
_ أنا أقول ليش هو عصب من دخلتي علينا الغرفة ... لا ولزم نرجع معاه البيت ... وش قال بالسيارة ؟
_ ما قال شي ...
(دلال) بخبث :
_ ما قال شي هاه ... قولي هزئك تهزئة دسمة ...ههههههههههههههههههههههه...
ومرت الأيام سريعة وجاء حفل الزفاف المنتظر الذي كان نجماه (مشعل) و(دلال) ، وفي جناح العروس كان معها (عهود - حصه – ريم – ساره ):
_ ألف مبروك دلول ... (وتبوسها) ...
_ الله يخسك يا ريم ... مسكرة علي ... لا يشوفك مشعل بس ... ترى والله أروح فيها ... (ضحكوا البنات) ...
(حصه) بخبث :
_ بصراحة طالعة شي يا دلال .... الميك آب روعة ... اليوم مشعل راح يآكلك ما يخلي منك ولا حتة ... (وتضحك هي وريم وعهود) ...
_ صاجة ... دلول حبيبتي عطيني عقدك والله قامضني يروح في بطن مشعل ... (كانت ساره ترتب طرحة دلال) ...
_ مالت عليك انت وياها ... مضاوي ونوف وووينهم ... هاديني مع هالمبزرة ...
_ يعني صرتي حرمة يا دلالوه ...
_ أقول عهودوه ترى انا مو رايقة لملاقتكم .... برا يالله ... اذلفوا بره ... (وضحكوا البنات)
(أنوار) التي دخلت عليهم فجأة وهي تضع يدها على خصرها :
_ انتم وينكم ؟! .... ترى عمتي حصه متحلفة فيكم ... وبدريه تقول بس خلوا ساره مع دلال ... وأنتم إنزلوا للمعازيم ...(ضحكوا عليها البنات) ...
_ الله يسامحك يا أنوار ... كان سامعة كلامي وموصلة لك شعر ...
_ ريموه ما لك شغل شكلي عاجبني ...
(دلال) بتمثيل متقن :
_ الله يلعن ابليسك يا أنوار ... لا ... لا ... (وتغطي وجهها بيديها) ... حماتي راح تنقلب رجال ... بصراحة فشلة ما أقدر اواجهه الناس الحين .. شلون ؟
وضحكوا البنات :
_ مالت عليكم ... تنزلون ولا أعلم عمتي ...
وفي قاعة الرجال ، كان (مشعل) بوجهه القمري الجميل وقامته الممتلئة واببتسامته الحلوة يعيش أسعد أيام حياته ، يهمس (ناصر) الذي جلس بجانبه :
_ مبروك يا البطة ...
_ لو مهما تقول اليوم ولا شي يأثر فيني ... فرحان ومن قدي ... موت بغيظك ...
_ ههههههههههههههههههههه ... والله دلال كاسرة خاطري ...
_ احممممممممممم ... لو سمحت لا تقول اسم المدام ... استح على عمرك ...
جاء (ماجد) وهو مسرع :
_ مشعل ... قوم خويي فاهد يبي يصور معك ...
_ وأنت يا أبو رجة ... ترى عليتني ... ما يخلصون ربعك .... كل شوي يبون يصورن .... ترى تعبت ...
_ آآآآآآآآفا ... تردني يا أبو دلال ...
_ وجع يوجعكم ...(يضحك ماجد وناصر) ... صج مهبل ...
وجاء (بدر) يمسك هاتفه الجوال :
_ مشعل ... فالح أبو سعود ... مسافر ... يبي يبارك لك ما قدر يحضر ... (وأخذ مشعل الجوال ليكلمه) ... ناصر ... عمي فلاح يبيك ...(وينهض ناصر) ...
وما بين الرقص والفرحة في قاعة النساء ، والضحك والمرح في قاعة الرجال انتهى الزفاف الذي لم شمل العائلة وجدد الأفراح :
_ يمه الحين شلون نروح ؟ ... (شوق كانت نائمة في حضن أمها) ...
_ اتصلتي على بدر ؟!
واتصلت على (بدر) :
_ هلا أنوار ...
_ بدر ... حنا بالقاعة ... منو يرجعنا البيت ؟
_ أنوار انا ما أقدر أرجع ... طالع مع راشد ... نودي المعاريس الفندق ... وين السواق ...
_ أخذ بدريه البيت مبكر علشان تعطي أبوي إبرة السكر ... اتصل عليها ما ترد ... حتى تلفون البيت ما يرد ... وسعود مقفل جواله ...
_ فهد عندكم ؟!
_ لا ... راح مع ماجد يقول اليوم بينام عندهم ... بس انا وأمي وشوق ...
_ خلاص انا أتصرف ... (وانهى المكالمة) ...
_ شقال أخوك ؟!
_ يقول اتصرف ...(تجلس) ... يالله راسي يعورني ... وكل جسمي متكسر ...
_ من الرقص ... ولا أحد يرقص جذي ... صج أنكم مهبل ...
_ يمه شنو نسوي ...على قولة حصه هي مرة بالعمر ... من كثر ما نفرح يعني ... بس والله مشيعلوه البطة طلع رزة ...
_ اسم الله على وليدي .... والله خفت عليه من عيون هالحريم ...
_ من ...هههههههههههههههههه ... مشعل.... ههههههههههههههههههههه ...
_ وجع لا تضحكين على أخوك ياللي ما تستحين ...(يغشى وجهها الحزن)... الفال لبدر يا رب يا كريم ....
_ أجل انطر يا حمار ...
_ أنتي شفيك ؟! ... لا تفاولين على أخوك ...
_ شقلت أنا يمه ... تدرين أنا بدر من توفت غالية الله يرحمها ... وهو رافض يتزوج ...
_ مصيره بيرضى .. ما في رجال يظل بدون حرمة ...(ورن هاتفها الجوال) ..
_هلا بدر ..
_ أنوار اطلعوا ... ناصر ينطركم برى ...
_ (ابتلعت ريقها ، واصفر لونها) ... ناصر ... ناصر ولد عمي ...
_ ايه ناصر ... قلت له يوديكم البيت ...
_ بدر فشلة ... خلاص بننطر سعود ...
_ هاه ... انوار شفيك ...تقولين سعود مقفل جواله يمكن نايم ... وناصر ينطر برى ... لا تلطعونه ... يالله باي ...
_ هاه يمه شقالك ؟
_ يمه ...(كان وجهها حزينا)... ناصر ينطرنا برى ...
_ يالله ... البسي عباتك وشيلي شوق نايمة حرام نصحيها ...
_ يمه ...(وتلبس عباتها) ... قعديها ... شنو أشيلها شمتنها هي ... أخاف أطيح ... وبعدين تراهي مو صغيرة ...
_ يا يمه أنا ما أقدر أشيلها ظهري يعورني ...
_ خلاص يمه .. خلاص .. (وحملتها على كتفها) ..

ارادة الحياة 14-05-08 03:25 PM

((الفصل الخامس))
كان (ناصر) يقف عند سيارته (bmw) السوداء وهو يعقد يديه على صدره ، خرجت (أم بدر) وخلفها (أنوار) تحمل (شوق) :
_ هلا يمه ... تعبناك معنا ...
_ هلا عمه ...(يقبل رأسها) ... لا تعب ولا شي ... شلونك بدريه ؟
انتفض وجه (أنوار) والتزمت الهدوء :
_ هذي أنوار ... بدريه راحت مبكر تعطي عمك ابرة السكر ...
_ والله ...(بخبث)... شلونك أنوار ... (ويفتح الباب الأمامي) ... حياك عمه ...(وتدخل أم بدر السيارة) ... عنك عنك أنوار ... (اقترب ليأخذ شوق النائمة بين يديها ، ارتبكت هي من قربه وانتفضت ، فتحت الباب الخلفي وجلست) ... يا بعد قلبي ...(كان يضحك بخبث ، رفعت نظرها بغضب لتجده يقبل شوق ) .... امسكي انوار ... قبل لا أكلها ...(ضحك ، وضمت هي شوق بقوة ، أغلق الباب ودار ليجلس خلف المقود) ...
_ إلا عمه ... مبروك عرس البطة ...
_ههههههههههه حرام عليكم والله وليدي لا هو بطة ولا شي ...
_ يا حليله اليوم متشقق من الوناسة ... تقول متزوج هيفا وهبي ...
_ الله يهنيه ... الفال لك إن شاء الله ... وتفرح قلب أمك ...
_ يعني لازم أتزوج علشان تفرح أمي ...
_ والله يا يمه أنت ما انت صغير ... وأمك هالمسكينة تطالع الله وتطالعك ... أنا أدري ليه عمك أبو نايف ساكت عنك للحين ؟
_ هههههههههههههههههههههههه ... لأن عمي يحبني وما يبي يجيب لي الهم ...
_ يا يمه هذي سنة الحياة ...
_ الله كريم عمه ... الله كريم ...
_ عمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى ... (صرخت أنوار دون وعي) ...
_ شفيك يمه ؟!
ابتسم (ناصر) وكتم ضحكته وهو يرى (شوق) تتمدد في حضن (أنوار) وهي نايمة فتضربها وتبعثر ملابسها :
_ لا يمه ... (واصطبغ وجهها من الخجل) ... ما كو شي ...
_ عمه ... شوق قاعدة تسوي رياضة بحضن أنوار ...
_ هههههه ... نزليها يمه عنك ... حطيها على الكرسي ...
حاولت (أنوار) ولكنها لم تستطع فقد كانت ابنة أخيها دبدوبة فاستسلمت ، لمحت في المرآة (ناصر) وهو يراقبها ويكتم ضحكته رغما عنه (عمى بعينك إن شاء الله) .
وبعد عشر دقائق كانوا أمام المنزل ، نزلت (أم بدر) بعد أن شكرت (ناصر) وسلمت عليه ثم دخلت ، (أنوار) فتحت الباب وكانت لا تزال تحاول أن توقظ (شوق) التي لا زالت تتمدد في حضنها وقد أخذ النوم منها كل مأخذ :
_ شوق ... وجع إن شاء الله قومي ... شوقوه ... يا مال اللي ... قومي ومرض ... شوق ...(كانت يائسة ومتضايقة من حركة شوق المستمرة) ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... عطينياها ... (لم تنتبه أنه كان يستند إلى باب السيارة المفتوح ويراقبها) ....
_ لا عادي .. أنا أقعدها ... شـــــــــــوق ...(وقرصت يدها بيأس) ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآي .... (وبكت بألم وهي تستيقظ وتتحرك مذعورة ثم عادت لنومها) .
انتقع وجه (أنوار) فحركة (شوق) أوقعت غطاء وجهها الذي لم تكن تعرف كيف تحكم ربطه ، رفعت رأسها ورآته يتفرس في وجهها مشدوها ، لم تكن تستطيع ان تعيد الغطاء لأن يديها كانتا تحت الكتلة البشرية التي تحملها ، كانت شفتاها ترتجفان لكنها لم تسمح لنفسها بالبكاء .
كان يعرفها منذ أن كانت صغيرة ، (أنوار) تأثرت باخوتها الشباب كثيرا ما صبغ حياتها وذكراها في عقول شباب العائلة بعد أن كبرت بانها فتاة مسترجلة ، ولكنها الآن هنا ... يراها ... (صج البنت تتغير 360 درجة بعد ما تكبر) ، شعرها كما قالت أمه (شعر صبيان – boy) وضعت على أطرافه البارزة لماع بارز بلون البنفسج الغامق ، بشرتها كانت ناصعة البياض توحي بالدفء ، هيكل وجهها كان صغيرا يتناسب مع هيكل جسمها الدقيق ، عيناها واسعتان بشكل مفرط زاد من التمرد فيهما الكحل العربي الذي تزينت به ، أنفها كان دقيقا وجميلا ، لم تكن تشبه أي من اخوتها حتى انها لم تكن تشبه توأمها (فهد) ، ارتكز نظره على فمها كان رقيقا جدا لكنه كان في هذه الفترة يرتجف بارتباك :
_ خـــــــــــــوذ .... شــــــــــــوق ... (كانت تصرخ بيأس) ...
استوعب (ناصر) الوضع الذي هما فيه ، فابتسم بسخرية من رغبتها في قتله التي كانت تفيض من عينيها الغاضبتين :
_ طيب.... هههههههههه .... لا تبكين ... ترى ما صار إلا الخير ....
وحمل (شوق) بخفة بين ذراعيه ، وانطلقت هي تنزل من السيارة أرادت ان تغطي وجهها لكنها تراجعت (عقب شنو؟) ، ثم التفتت إليه غاضبة وهي تسمع الضحكات المكبوتة التي يطلقها وهو يقبل الصغيرة التي بين يديه :
_ أنت واحد ما تستحي ... وقليل أدب .. وما عندك ذوق ...
ابتسم وهو يرفع إليها عينيه ويرى انها لم تغطي وجهها تحديا له ، كانت ترتجف من الغضب فلم يرد ان يزيد عليها اكثر :
_ طيب ... (وعاد يخفظ رأسه نحو شوق) ...
_ أنا راح أعلم بدر ...
انتبه إلى أن في صوتها نبرة اتهام وتهديد أثارت أعصابه :
_ على شنو ؟... الموقف سخيف وما يستاهل ... روحي داخل يالله ...
_ عرفت تخاف الحين ؟!
رفع رأسه إليها واحتقن وجهه من الغضب شيئا ما في هذه الفتاة يتحداه ليقتلها (ربما تمردها الواضح) ، لكنه (ناصر) علمته سنواته الأربع والثلاثين ألا يكون حادا في أي شئ حتى في غضبه ، تنهد وعاد ليخفض رأسه :
_ روحي داخل ... (كان يضغط على كل حرف يخرج من فمه ) ...
وبتحدي أكبر ، اقتربت منه تمد ذراعيها :
_ هات شوق ...
استمسك بالطفلة أكثر وهو لا زال في مكانه ، وتصلبت حتى ملامحه :
_ بنت أخوي ... (كانت طفلة تحداها) ... جيبها ما لك شغل ...
_ أنـــــــــــــــوار ... (كان يركز في عينيها بنفاذ صبر ) ... روحي داخل ... إذا أخذتي شوق الحين ... ايديني بتنفلت .... وما أقدر أتحمل ... راح أضربك ...
كان الشرر في عينيه كفيلا باخراس تحديها ، بادلته نظرة استهزاء عميقة لانها أفقدته أعصابه وانطلقت لتدخل المنزل ، أنوار لم تكن من أولئك الذي يعلنون الهزيمة بسهولة ، كبريائها كان يتمسك بأي انتصار نهائي حتى ولو كان مجرد نظرة مستفزة ،وفي حالة (ناصر) نجحت ونجحت بامتياز أيضا ، أغمض عينيه يستوعب ما فعلته هذا الشرسة الصغيرة (حشا ولد مو بنت) :
_ هلا أبو فواز ... (كان بدر يسير داخلا من البوابة الكبيرة) ...
_ هلا بدر ... (أجابه بوهن) ...
_ شالسالفة يا أبو الشباب ... (وابتسم بخبث) ... الظاهر بنتي اعجبتك ... شايفها كاشخة ... قلت خل أخطفها .... كان طلبتها مني ... (وحملها من يديه لتنام على كتفه) ... ما تغلى عليك يا ولد العم ...
_ ههههههههههه ... انا أخذ بدون طلب ...
_ عز الله إنك خطير ... أجل بعد عن بنتي أحسن ...
_ مستانس انت فيها ... حتى نومها يجيب الهم ... مسوية حلبة مصارعة الأخت ... عفست سيارتي الله يعفس رأس أبوها ...
_ هههههههههههههههههههههه... بعدي والله حبيبة بابا ... (ويبوسها) ... يعطيك العافية ... تعبناك الليلة ...
_ الله يعافيك ... يالله تبي شي ...
_ وين تو الناس ... بكرا جمعة وما في دوامات ... وبترتاح من خشة نايف ... خلك شوي نسهر مع بعض ...
_ لا والله بدر ... تعبان ... وأبي أنام ... وتعرف الوالدة بس أتأخر تأذيني بالاتصالات ...
_ اوكي ... روح لماما ... يا حبيب الماما ...
_ غصبن عنك ... موت بغظيك ... انا دلوع ماما ... ما عندي مانع ... على الأقل عندي أحد يدلعني ... مو مثل بعض الناس ... ينافسونه على امه قبيلة ...
_ ههههههههههههههههه ... هذا وانت ما شفت اللي يدلعك جد الجد ... وصرت مغرور ...
_ أقول لا يكثر ...
_ أمزح ... شفيك انقلب لونك ... سلم عالماما ...
_ يوصل ... في أمان الله ... (ودخل سيارته وتحرك) ...
_ مع السلامة ...
_ بابا ... أنـــ ... أنام ... نومــة ... (كانت شوق تتحرك بوهن وهي على كتفه) ..
_ هههههه ... زين يا قلب بابا ... تعبتي من الرقص هاه ... الحين أحطك بفراشك وتنامين للصبح ... (وصل إلى باب المنزل ودخل) ...
وفي الفندق ، وفي جناح العرسان الغارق في الحالمية ، كان ينتظر بلهفة وهو جالس على سريره وقد بدل ملابسه ، خرجت (دلال) من الحمام وقد ارتدت قميص نومها الطويل باللون السكري ، ابتسمت واخفضت رأسها الذي لا زال يحتفظ بتسريحته العملاقة :
_ تعالي ... (التفت إليها وهو يمد يده) .. هلا هلا والله ... (تقدمت منه وأمسكت بيده ، أجلسها بجانبه) ... يا قلبي مستحية ... دلول مو لايق عليج ...
_ وشو اللي مو لايق علي ؟! ... (كانت تنظر له بغضب) ...
_ إيه ... (ولمس ذقنها وهو يبتسم) ... هذي دلولتي ... مو تسوين نفسك مستحية ...
_ روح يا شيخ ... (وضربته بكوعها) ...
_ إلا صج ... وشو الغمارة هذي ؟... (كان ينظر لتسريحة شعرها) ...
_ شنو ؟.. (وتحسست مكان نظره) ... (اكفهر وجهها) ... هذي الموضة شعرفك أنت ؟!
_ وبلاه وجهك جذي ؟.. (ولمس ذقها بتفحص) ...
_ يووووووووووووووو .... مشعل ...
_ (ابتسم) ... يا قلب مشعل انتي ...
_ هههههههههههههههههههههههههههه ...
_ ليش تضحكين ؟
_ من شكلك ؟
_ ليه شفيني ؟
_ ( بدأت تلعب بأزرار بجامته) ... طالع حلو اليوم ... كأنك معرس ...هههههههههه ...
_ والله ... احلفي بس .... قومي ... قومي اغسلي وجهك من هالألوان ... تقول رجل فضاء ... وفكي هالشوشة ... زين اللي ما اخترعت ...
_ لا والله ... أنا دافعة فيهم فلوس ... وأبي انام بالميك أب والتسريحة ... غامضني يروحون في الماي ...
_ أنا معطيك الفلوس ... مستغني عنهم ... كيفي فلوسي وأبيهم يروح في الماي ... وبعدين انا مو قايل لك إضعفي ... الظاهر انتي ما تسمعين الكلام ...
_ يعني أنا الحين دبة ؟... (كانت قد غضبت) ...
_ وأحلى دبة ... (ويقترب منها) ...
_ مشعل ....(بدلع) ...
_ آآآآآآآه يا قلبي ...
_ شفيك اليوم ... ترى الليلة عرسنا ... وأنت سوالفك ناقصة ... شوشة وتخرعين ودبة ... هذا اللي طلع معاك ...
_ مو رشود أخوك الخبل ... قال لي لا تغلط في الكلام مع أختي ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ يا روحي على الضحكة ... دلولتي ...
_ هاه ...
_ وجع يوجع العدو ... وشو هاه ... قولي لبيه ... هلا ... آمر ... خلي عندك اسلوب ...
_ نعم مشعولتي ...
_ (نفذ صبره منها) ... قومي ارقصي ...
_ هاه ... وشو ارقص لا يبه عيب ...
_ شنو عيب ... عادي انا زوجك ... وابي اشوفك ترقصين ...
_ اصلا ما فيه موسيقى .. شلون ارقص ... مع الجن ...!
_ اعوذ بالله شاللي جاب طاريهم الليلة ... صج انك خبلة ...
_ اقول بطوط أسكت دام النفس عليك طيبة ...
_ بعد ...(مسك مرفقها بقوة) ... تهددين ... ترى انا مو رشود ...
_ ااااااااااااااااي .. عورتني ...
_ شوفي يا ترقصين ... يا اقول لعمتي ولراشد انك كنت تكلميني ...
_ واهون عليك ... يا بطتي ... تذبحني امي ...
_ دام مو مستفيد منك خل تذبحك ...
_ (نفضت يدها منه ووقفت) ... خلاص .. آمري لله ... ارقص ... امحق رومانسية ... اول مرة اشوف واحد بليلة عرسه يرقص زوجته ... مشفوح انت ؟
_ اتصل على عمتي ... (بتهديد) ...
_ زين ... شلون ارقص ماكو موسيقى ...
_ عادي انا اغني لك واصفق ...
_ صوتك مو حلو ...
_ بعد ...
_ خلاص غن ... غرد ...
وبدأ (مشعل) يطبل على الكوميدينو الصغير بجانب السرير الذي يجلس عليه وهو يغني ، و(دلال) واقفة ترقص بصعوبة وهي تندمج مع الايقاع الخاطئ :
دلوعتي كل الحلا فيها
احترت أنا ما ادري شسميها ؟!
في حسنها كن البدر ضاوي
اخت القمر ما احد يحاكيها
دلوعتي دبدوبتي دلوعتي
_ هههههههههههههههه ... (وقبل يده) ... حمدلله والشكر ... صج هبلة ما ينلام فيك راشد ...
_ مشعـــــــــــــــــــــــــــــــــــل ...
احتقن وجه (دلال) من الغضب وطارت فوقه لتضربه ....
وفي ذلك الجناح الذي تقاسمن فيه الحب والزعل والعتب الأخوي ، تلك الجدران التي شاركتهن الأسرار والأحلام وحكايا آخر الليل ، في كل ركن قصة وموقف ولكل غرض فيها حكاية ورواية ، سريرها المواجه للباب تركته مرتبا تقبع فوقه بطانيتها السخيفة الزرقاء التي رسم فوقها (تويتي) كبير باللون الأصفر وهو يبتسم ، لا زالت التسريحة تحتوي قنينة عطرها التي بقي منها الربع وبعض حاجياتها الغبية ، خزانتها أصبحت خاوية تماما فقد هاجرت صاحبتها ، هاجرت بلا عودة ، ما أصعب الأطلال وحياة من يبقى ليعيش بين هذه الأطلال :
فقدتك يا أعز الناس
فقدت الحب والطيبة
وانا من لي في هالدنيا
سواك إن طالت الغيبة
رحلت ومن بقى وياي ؟!
يحس بضحكتي وبكاي
وحتى الجرح في بعدك
يغزيني وأهلي به !
_ عهود ... شفيك ؟
كانت (عهود) قد دخلت نوبة بكاء حادة حينما دخلت (بشاير) الغرفة ومعها كأس حليبها المعتاد :
_ عهود ... تقولين ولا أنادي أمي ... صلاح فيه شي ؟!
_ دلــــ... دلـــــــ... (كانت تشهق) ... دلا...
_ مشتاقة لدلال ؟! .... (واحتضنتها) ... حتى انا مشتاقة ... الحيوانة ما على بالي مكانها كبير كذا ....(وتساقطت دموعها) ...
_ (ابتعدت عنها ورفعت عينيها المليئة بالدموع) ... فتحت الكبت .... شفت خزانتها فاضية وما تحملت ... مو مصدقة أن دلال ما راح تعيش معانا بعد ..(وعادت لترتمي في حضن أختها) ....
_ هذي سنة الحياة ...
_ أول مرة نرجع من عرس وما نسمع نكتها السخيفة ... أول مرة أدخل الغرفة هالحزة وما ألقاها نايمة ... كانت دجاجة ...(مسحت عينيها) ... تنام من المغرب ...
_ أنا لما قعدت أدور بجامتي ... قعدت أدور عليها علشان أسألها وين حاطتها ... وبعدين تذكرت وقعدت أضحك على نفسي ...
_ لما مضاوي تزوجت ... ما حسيت بهالاحساس ...
_ يمكن لأن ظروف زواج مضاوي تختلف ... وبعدين دلال أقرب لنا من مضاوي ...
_ تعتقدين هي الحين مشتاقة لنا ...
_ هههههههههههه... لا والله أتوقع مو دارية عن هوى دارنا ...
_ يعني بعدين كلنا راح نتفرق ...؟
_ (تشرب من كوبها) ... طبعا ... كل الأخوات يتفرقون ... هذي حكمة الله ... يعني انا إن شاء الله بس أخلص الجامعة أتزوج متعب ... وأنتي أكيد بس تتخرجون انتي وصلاح بتتزوجون ...
_ وجناحنا؟!
_ هههههههه ... بيعيشون فيه بنات راشد ...(ودار نظرها في الغرفة الواسعة) ... يحبون بعض ويضحكون مع بعض ويكبرون ويتزوجون ويفارقون بعض ... شفتي هذي هي سنة الحياة ...
_ يا ريت مشعل وصلاح ومتعب يرضون نعيش مع بعض ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههه ... زين شرايك ننام الحين ... لان حدي تعبانة ...
_ أنتي نامي انا أبروح أنام عند أمي اليوم ...
_ ليش ... عوارض طفولة متأخرة ...؟!
_ لا ... بس أنا وياك تأثرنا كذا ... الله يعلم بحال أمي الحين ... تدرين أن دلال أقرب وحدة لها ... تلقينها الحين مسوية نفسها نايمة وهي تبكي ...
_ معاك حق ...
_ يالله تصبحين على خير ...(قبلتها عهود على خدها وأخذت وسادتها وانصرفت) ....
((الفصل السادس))
سافر عرسان العائلة لقضاء شهر العسل في ماليزيا ، وبدأت تجهيزات البقية للتقديم إلى الجامعات وبداية حياة دراسية جديدة :
_ شنو ؟... طب ... وليش ؟... (غص وهو يتناول غداءه) ...
_ شنو ليش ...(واكملت لقمتها) .. أنا جايبة نسبة عالية ...وبعدين من زمان وانا مفكرة أدخل كلية الطب ... بتخصص أطفال ...(كانت ابتسامتها واسعة)...
_ الله وناسة ... أختي بتصير دكتورة ...
_ بس ... يمكن ما يرضون ...(كان احتجاج نوف خجولا) ...
_ من اللي ما يرضون ؟!...(سؤال بشاير كان تحديا وليس استفهاما) ..
_ أبوي ... وعماني ... والشباب ... ما أدري بس أحس فشلة ... يعني إنتي بنت ... ما أظن يرضون ...(يا ربي أنا ليش تكلمت مع بشاير أم لسانين الحين ما راح تفكني ) ...
_ مو مهم ... هذي حياتي مو حياة عماني ولا الشباب ..(وعادت تستكمل أكلها بهدوء) ..
_ كلام نوف صح ... يمكن عماني ما يرضون ...
قذفت الملعقة من يدها بعصبية :
_ شنو مسوية علشان ما يرضون ؟... راشد هذي دراسة مو مصخرة ... ما دام أمي راضية مو مضطرة أسمع رأي أحد ... (وجهت نظرتها الحاقدة إلى نوف) ...
(راشد) وكأنه وقع في مأزق :
_ يوووووووووووووه ... أنتي من وين طلعتي بهالسالفة ...
_ يمه خلاص ... كمل غداك لا تحرق دمك ... (وأمسكت يده ونظرت نحو بشاير بتهديد) ...
_ وليش يحرق دمه ... أنا مقررة .. والموضوع انتهى ...
_ أسأل عماني وأرجع لك خبر ...
_ ما راح يوافقون ... (كان رد نوف حادا ، فتوجهت لها كل الأنظار) ... وبعدين قرر أنت ... مو انت أخوها يا حظي ...
_ خلاص بشورة ... (كان صوت عهود يتوسل) ... خليه يسأل عماني ويرد لك خبر ...
_ أنتم شفيكم ؟... (قذفت الكرسي وهبت واقفة) ... ترى هذا مستقبلي ... مو مضطرة أسأل أحد فيه ... حتى أنت يا راشد ... (وانصرفت غاضبة) ...
_ شفيها هذي ؟... (عهود وأمها مطأطأت الرأس) ..
_ ما أدري عنك ... (وتنهض نوف لتغادر) ... عمه أبي أنام شوي ... عهوده حبيبتي انتبهي على عبورة سريرها بالصالة ... سالي معاها بس كل شوي راقبيها ...
لأن والده مات وتركه وحيدا بين اربع بنات ، اغدقت الأم على هذا الوحيد والسند من الدلال والحنان المادي والعاطفي الكثير الكثير ، وطوال سنين حياته السبعة والثلاثين لم يكن (راشد) شخصية متزنة ، فهو يرتعب من أول صوت ينهره وترتعد فراصيه أمام أنثى غاضبة ، ويقتله الجبن في المواقف العصيبة ، لأنه فقد صرامة الأب ودوره الكبير في زرع الثبات في نفوس أولاده الشباب ، ولأن احتكاكه الكبير بالأنثى كأم وخالة وعمة وأخت وزوجة ولد في أعماقه هشاشة جوفاء لا رادم لها ولا مقوي .
في مرسمه الواسع في السرداب كان يقضي أكثر أوقاته ، خلوته إلى نفسه كانت من أحب الأشياء إليه ، كان العالم الخارجي يؤذيه بأبسط حركة وأقل كلمة فكان ينزوي بنفسه الحساسة هنا في عالمه الخاص بين سطور قصائده أو رسوماته الفنية :
_ قوة ... فنان ... (واطل برأسه من الباب) ...
_ هلا عزيز ... حياك ...
_ أخاف أقطع عليك وحي الابداع ...
_ ههههههههههههههههههههه ... (وضع فرشاته من يده وجلس على الكرسي) ... لا يا شيخ ... تعال بس ما صدقت انك رجعت ...
_ ايه واضح ...(وجلس على الأريكة التي يستخدمها صلاح كسرير في أغلب الأحيان) ... ودليل شوقك لي انك قاعد معاي طول الوقت ...
_ هههههههههههههههه ... تدري عزيز ... ما احب أقعد فوق ...
_ طيب ... ما علينا ... أخبار الجامعة قدمت ...؟
_ الأسبوع الجاي ان شاء الله ...
_ والنية ...؟
_ ما ادري بس اكيد مجال فني ... تعرف ما احب ارتبط بمجالات عملية ... ولا أحب شغل العايلة ...
_ يا عيني ... وبتصرين فنان جوال ... في كل وطن لك رحال ...
_ ههههههههههههههههههههه ... وأنت أخبار الجو في لندن ؟
_ آآآآآآآآآآآآخ ...(وتمدد) ... حلم العمر يا صلاح ... كل شي احلم فيه لقيته هناك ...
_ بس الغربة صعبة ...!
_ اكيد ... بس احساسك بأن الجو جوك وما أحد يضغط عليك شعور روووووعة يا صلاح ... الحرية عندهم شي لا يخطر على البال ... تدخل في كل تفاصيل حياتهم ... (وبعد تفكير) ... انا افكر اذا خلصت دراسة استقر هناك ...
_ من صجك ...؟!
_ الظاهر كذا يا اخوي ...
_ تتوقع أبوي يوافق ...؟!
_ تدري اني ما اسمح لأحد يقرر عني ... وبالذات أبوي ... (اخفض صلاح رأسه) ... (حاول عزيز أن يغير الموضوع ) .. أحمد شلونه ؟... صار لي ثلاث أيام واصل بس ما شفته ؟
_ ما أدري اتصلت على جواله أمس كان مغلق ... أكيد بالمخيم ... أو باستراحة نايف ...
_ للحين على حالته ؟.. (هز صلاح رأسه بالايجاب) ...
_ يا ريتك حاضر عرس مشعل ... كان فله ...
_ اتصلت عليه باركتله ... كان عندي امتحانات ولا كان حضرت أكيد ...
_ ناصر وماجد وفهد امسكوه تعليقات لما شبع المسكين ...
_ ههههههههههههههههه ... يا حليله ... طول عمره مشعل فاكهة الجلسة حتى وحنا صغار ... إلا على طاري مشعل ... (وغمز بعينيه) ... الحبايب شلونهم ؟
_ منو ؟... (اصطبغ وجهه بلون الدم وأخفض رأسه) ... عهود ؟
_ ايه ... عهود ... أمس لما رحت بيتهم ما طلعت تسلم علي مستحية ... وصارت تتغطى عني ...
_ أكيد .. أنت صار لك ثلاث سنوات ما نزلت الرياض ...
_ إيه والله ... يا حليلهم اكبروا وصاروا حريم ...
_ منو ؟
_ الحبايب يا أخوي ... إلا هي تخرجت ...؟
_ لا ... السنة الجاية ... بشاير تخرجت هالسنة ...
_ بشاير ... يا حليلها طول عمرها شاطرة ... لما سافرت أول مرة قامت تبكي ... تقول يا حظك ودي أسافر معاك يا عزيز ... دائما تفكيرها يعجبني ...
_ عهود تقول أنها بتدخل كلية الطب ...
_ الله يوفقها تستاهل ....هههههههههههههههههههه ... وللحين أنت والحبيبة سخيفين ... تشتري لها سنيكرز وتكتب لها أحبك بلون أحمر على ورقة كشكول ... وهي تودي لك رسالة كل يوم ... وكاتبة فيها أخي العزيز صلاح أحبك جدا ...ههههههههههه ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... عــــــــزيز ... (ونهض يمسك برقبته وهو قد ذاب خجلا ) ...
ورن هاتف المنزل :
_ آلوووو ...
_ آلوووو ... السلام عليكم ... منو ؟
_ هيه انت شنو منو ؟.. استح على وجهك أنت اللي داق ..
_ ردي السلام أول شي ...
_ ما أبي ...
_ إن شاء الله تحترقين بالنار ... قولي آمين ...
_ هيه أنت ... أشوف طيحت الميانة ... شتبي ؟
_ أبي أتهاوش معاك ...
_ لو فيك خير مو من وراء التلفون ...
_ تعالي بالساحة أجل ... راس براس ...ههههههههههههههههه ....
_ خلصنـــــــــــــــا ... نعم ...شتبي ...؟ ما ورانا غيرك حنا ...
_ أٌقول يا أبو الشباب ... عندك أخت شعرها boy ... ولسانها فلتان ...و ...
_ ناصر ... (كانت مندهشة) ...!
_ ههههه ... شلونك أنوار ... (وكان الصمت جوابها) ... ههههههه ... شفيك ؟...
_ تدري انك خبل ...
_ هههههههههههههه ... اقول اقضبي لسانك أزين لك ...
_ وغبي بعد ...
_ يا بنت الــ... طيب أنا ابي أخذك على قد عقلك ... انتي حسبت بنتي ...
_ تخسي ...
_ هههههه .. أقول يالمعقدة ... ترى ما بيني وبينكم إلا شارعين ... فلا تخلين عقالي يسبق لساني عليك ... ما يصير لك طيب ...
_ تخسي إلا انت ... (وظل صامتا) ... شفيك ؟... القطوة أكلت لسانك ...
_ (تنهد) ... أنوار ... أنا وعدت شوق إني أوديها الملاهي اليوم ... لبسيها وخلي كوماري تطلعها برا لي ...
_ آسف ... بنت أخوي ما تروح معاك ...
_ مو على كيفك ... انتي مو أمها ... إذا تزوجتي ... وفرضنا إن زوجك حبك ... وسمح إنك تكونين أم عياله هذيك الساعة ... احكمي عيالك ...
_ أنت ...(واستشاطت غضبا) ... ما تستحي ...
_ههههههههههههههههههههههههههههههه ...
أغلقت الهاتف في وجهه ، وجلست بغضب على الأريكة ، سألت (بدريه) :
_ منو هذا اللي صار لك ساعة تتهاوشين معاه ؟! غلطان بالرقم ؟ ...(واكملت احتساء شايها وعينيها على التلفاز) ...
_ لا هذا نصوروه ... أوريه ...
_ منو نصوروه ...؟
_ ولد عمي بعد منو ؟
_ نـــ.... (واخفضت صوت التلفاز) ... ناصر ولد عمي ... وليش تقولين نصوروه ... وجع يوجع العدو ... كبرك هو ياللي ما تستحين ؟
_ يستاهل ... قليل أدب ...
_ شقال ؟
_ ما قال شي ...
_ أنـــــــــــــواروه ...
_ يقول بيجي يأخذ شوق الملاهي ...
_ أمي ناسر مالهي ...أمي دال مالهي نلوح ...(ونهضت شوق تاركة لعبة التركيبات من يدها وهي تتجه نحو عمتها) ... أمه لبس سوب ولدي ...
_ مستانسة أنتي ووجهك... كل من جاء من الشباب وزخك ... يا أم الصبيان ...
_ ههههههههههه ... شفيك ؟..(وتضم ابنة أخيها) ... غيرانة أنوار ؟!
_ مالت عليك انتي وبنت أخوك ...(وتنهض لتنصرف ، فترتطم بكتف دلال وهي مارة)...
_ تف ... تف ... سكنهم مساكنهم ...(وتبصق في جيب ثوبها) ... أنوار شفيهم الربع سيروا عليج ...(وتكمل نحو الصالة) ... شفيها الهبلة ؟!
_ ههههههههههههههههه ... على قولتج سكنهم مساكنهم ...
_ الله بدور ... مسوية كيكة جبن ...!
_ دلال من جد عاد ... حافظي على نفسك لا تنفجرين ...(دلال أخذت قطعة وجلست تلتهمها) ... طيب خلي لمشعل مو تنسينه ترى يأكلك انتي ...
_أمه دوم لبس ...(وتسحب يد عمتها) ...
_ زين يا روح عمه أنتي ..(وتضمها وهي تقف) ...
_ وين على الله شواقة ؟..
_ ناصر مواعدها يوديها الملاهي ...
_ عشتوا ... والله يا شواقة راح يخربك الدلع ... لو ما كنتي يتيمة كان تحسرت على حظك لما أصكك عين ...
_ هههههههههههههه ... الله يقطع سوالفك يا دلال ...
وفي غرفة مغلقة :
_ سنة ... ما صارت مكالمة ... أختك مشاعلوووه أذتني وهي تطق الباب ...
_ ما عليج منها ... هي كذا لما تشوفنا قاعدين ومسكرين الغرفة تجيها حالة فضول مو طبيعية ... آآآآه ...(وتتمدد على السرير بجانب ريم)...
_ وشلونه ؟!
_ منو ؟!... آآآآآآه ...(وتبتسم)... قصدك قلبي ؟!... يجنن يجنن يا ريم ... فديته والله ...(وتحتضن الجوال) ...
_ حصه وبعدين ؟
_ وشو اللي بعدين ؟! ... (تعتدل في جلستها).. ريم ترى فرحانة حدي ... مو تبدين تنكدين علي ...
_ بس يا حصه والله خايفة عليك ... شفتي لما منال صادت معك الجوال مرة ... والله قلبي راح فيها ... قلت اكيد تعلم نايف ... وهو عنده عيب ان البنت تمسك جوال ...
_ لا تخافين منالوووه أصلا من تشوف زول نايف تقوم تتراعد تبينها تكلمه مستحيل ... وقلت لها أنه حقك وانتي نسيتيه عندي ... وبعدين لا تخافين أنا صرت أحطه صامت واخليه بصدري ... حتى لمن أنام ...
_ حصه ... (بخوف) ... أخاف يطلع يضحك عليك ...
_ لا سلومي راقي وجنتلمان ... على بالك عصامووه قطيعة تقطعه ... آخر شي يقول لي اطلعي معاي ....
_ انا ما أدري ليش أطاوعك ...
_ (تضمها وتقبلها) ... لأنك بنت عمتي وحبيبة قلبي وكاتمة أسراري ... إلا صج ريموووه ... امس لما جيتي لنا ... فارس عصب عليج وقعد يسب فيك قدام أبوي ... ههههههه ....
_ وليش إن شاء الله .... شيبي هالشايب ؟!
_ يقول ليش تلبس عباية مخصرة ... وفاكة وجهها بعد ... الشرهة مو عليها على أخوها الدثوي ... هههههههه ... ويقول لي انتي ثاني مرة رافقي بنات محترمات ...
_ أوريه إبليس الصغير ... أصلا أنا أخوك هذا ما أطيقه ... حتى مشيش سعد علي .... يقول لي ليش ما تلبسين غطوة ...
_ هههههههههه ... أحمدي ربك إنه فارس ... لو نايف اللي شايفك كان صارت علوم ... ههههههههههه ...
_ لا والله انا ما احد له شغل فيني ... أصلا لما نروح لبنان حتى العباية أفصخها وأبوي ما عنده اعتراض .... مو مثلكم تسافرون بعبايات ...
_ آآآآآآآآآآآآه .... يا حظك بأبوك ... مو انا أبوي من أهل الكهف ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ إلا صج ريمووه ... يا حظك بتروحين الجامعة ....
_ اسكتي يا حصوص ... فرحانة حدي ... حتى قلت لأبوي أبي لي ميزانية دبل ... حق الفرفرة بالأسواق ...
_ يا ليتني نجحت ودخلت معكم ...
_ حصه الله يهداك انتي والدراسة كلش ما تواطنون ...
_ شكلي خلاص حتى الثانوية ما أبي اخذها ... صرت عجوز وللحين ما تخرجت ... وأنتي وانوار وبشاير بتروحون الجامعة ... ليش أتعب عمري وأكمل ... والمدرسة بتصير تضيق الخلق ... ما معاي إلا عهودوه السخيفة ...
_ أنا وانوار بنقدم في نفس الكلية آداب ... بس أمس كلمت عهود وتقول أن بشاير بتدخل طب ...
_ يا بختها بتصير دكتورة ...
_ ايه والله ... بتصير من ملائكة الرحمة ...
_ انثبري يا المايعة ... ملائكة الرحمة ... (وترميها بالوسادة) ... أنا قصدي تسوي علاقات ... تعرف على دكاترة ... يصير عندها زملاء زي المسلسلات ... وبتشبع قلبها من شوفتهم .... مو انا يا حسرة ... وجهي في وجه مباركوووه الفاطس وهالشايب فارسوووه ويا ريت أشكالهم تفتح النفس بعد ...
_ هههههههههههههههههههه ...
وفي الصالة ، (أم نايف) تحمل بين يديها رضيعة (نوف) الصغيرة (عبير) :
_ يا قلبي عالزين ... (تبوسها) ... جود يا روحي وخري عن امك عورتيها ... (كانت جود تختبىء خلف ظهر امها) ... أمل أحسن منك راحت تلعب مع العيال ...
_ خليها يمه ...الحين مستحية ... شوي وتروح من حالها ..
_ سمي نوف ...(وناولتها مريم فنجان القهوة) ...
_ سم الله عدوك .. إلا شلون حمودي ...؟
_ ما عليه ... بخير ...
استفسرت (أم فارس) :
_ أقول نوف أم راشد والبنات ليش ما جوا معك ... من زمان عنهم ...
_ انا اتصلت على ريم أدري فيها كل يوم طابة عندكم ... قلت لها تمرني مع السواق ... وعمتي تقول انها اليوم بتروح بيت أختها ام متعب ...
_ افففففففففففففففففففففف ... (وتجلس مشاعل بملل) ...
_ هههههههههههه ...(تضحك مريم من شكلها) ... شفيك مشاعل ؟!
_ حصوووه الكلبة ... هي وريموووه ... مو راضين يفتحون لي الباب ...
(أم فارس) بملل من فضول ابنتها :
_ خليهم يستانسون ... صديقات ويبون يقعدون مع بعض انتي شاللي حارقك ...؟!
_ يـــــــــمه ... وانا وين أروح ... وبعدين هم ما يشبعون كل يوم يقعدون مع بعض ..
_ روحي العبي مع العيال ... أصلا أمل كل يوم تبكي وتقول لأبوها ودني لمشاعل ..
_ لا والله ... ألعب مع هالمبزرة بناتك ... أصلا يزهقون الواحد ...
تنهدت (نوف) بيأس واكملت فنجانها ، أكملت (مريم) :
_ خلاص شعولة ... شرايك تروحين تقعدين مع حمودي ... أكيد الحين قعد ... ما لي خلق اصعد فوق ...
_ ما أبي ... خدامته تقعد معاه ... الحين بيجي نايف ... وبعدين يطردني ...
ودخل (نايف) عائدا من عمله بهيئته الوقورة :
_ السلام عليكم ... (رد الكل السلام) ... هلا أم عبدالرحمن ...(تقف تسلم عليه) .. أنتي هنيه ... (يجلس) ... إلا راشد وين ؟
_ خليته نايم ... جيت مع سواق عمتي حصه ... انا وريم ...
_ احط غداك أبو فلاح ... (كان سؤال مريم الاعتيادي) ...
_ إيه حطيه بالمجلس ...
_ إن شاء الله .. (وتنصرف) ...
_ إلا العيال ما لهم حس ...
_ وداهم السواق الحديقة اللي يمنا هم وعيال نوف .... خل نفتك منهم شوي ...(ضحك الكل من كلام أم فارس) ...
_ توك ترجع يا أخوي ؟... الساعة أربع العصر ... ارحم نفسك شوي ...
_ شنسوي وانا أخوك ... حلالنا من يداريه غيرنا ...
_ عساك عالقوة ...
وتنزل (مضاوي) السلم ، تنتبه لوجود (نايف) فتغطي وجهها :
_ السلام عليكم ... هلا نوف انتي هنيه ؟..(وتتبادلان السلام) ..
_ إيه والله جيت مع ريم ... اليوم أربعاء قلت أوسع صدري معكم شوي ...
_ حياك الله ... وأهلي ما جوا معك ؟!
_ راحوا بيت خالتك ...
سأل (نايف) :
_ مضاوي ... سيف شلونه الحين .... شربتيه الدوا اللي جبته ؟!
_ هاه ... ايه عطيته ...(وتجلس) ... أول ما شرب الدوا نام ...
(نوف) بحسرة :
_ يا بعد عمري يا أخوي ... كان ودي اطلع وأسلم عليه من زمان ما شفته ...
_ مرة ثانية ... مضاوي لا تصحينه ... الدكتور البارحة يقول إنه تعبان ولازم يرتاح ...
_ إن شاء الله .... (واستسلمت لأمر نايف كما تجبرها ارادتها دائما) ... الا دلال اليوم بتروح لبيت خالتي ...؟
_ ما ادري ... يمكن ...
_ والله ودي اروح ... من زمان عن بيت خالتي ...
(نايف) بلهجة قاطعة كالسيف :
_ وين تروحين ... سيف تعبان ...خليك يمكن يبي شي ...
_ ان شاء الله ...(أمر آخر يجب ان تمتثل له) ... إلا بشاير قدمت عالجامعة ؟
_ ما شاء الله عليها نسبتها ترفع الراس ...(كانت أم فارس تتكلم بحماس) ... حتى جارتنا ام مهدي لما قرأت اسمها بالجريدة اتصلت تبارك لنا ... الله يوفقها إن شاء الله ...
_ عاد هي راسها وألف سيف إلا تدخل طب وتصير دكتورة ... (التفتت نحو شقيقها الذي جحظت عيناه) ..
_ هههههههههه ... بشاير طول عمرها مصرية ... وما تسوي إلا اللي برأسها ... من يوم كنا صغار ...
(أم نايف) بحالمية :
_ زين ... والله بتصير عندنا دكتورة بالعايلة ... (وتقبل الطفلة بين يديها ، وكانت نظرات نايف مركزة عليها) ...
_ أبو فلاح ...(أعاده صوت زوجته إلى الواقع) ... غداك جاهز ...
وفي منزل (أم متعب) ، وفي غرفة (ساره) المطله على الصالة الوحيدة في المنزل المتواضع ، تجمعت الفتيات (عهود) و(ساره) على الباب يسترقن السمع لمن في الصالة وهم يحتسون القهوة :
_ خالة كيفها ... المجال حلو ... وهي شاطرة .. شعليكم منها ؟
_ والله يا متعب ... هي راسها يابس ... وراشد ما اظن يرفضها لها طلب ... هذي هي زعلانة وما تكلمه ... عاد هي لا زعلت ما احد يقدر عليها ..
_ سمعت يا الاخو ...(كان طلال يهمس في اذن شقيقه) ... الظاهر انك عشقت ديناصور مو بنت ... لا وبتصير راعية سكاكين ومشارط ...
_ جب يالله ...(ويضربه بكوعه) ...
_ تسمعين يا حظي ويدافع عنك بعد ...(وتضرب خدها وعهود تضحك) ... يقول شعليكم منها ...
_ سارووه ووجع ...(كانت بشاير تجلس على السرير) ... اصلا هذا الموضوع مفروغ منه ولازم ما احد يتكلم فيه ...
_ الا طلال يمه ... شلون الدراسة ؟
_ بخير خالة ... عساك والبنات بالف خير ...(ويغمز لمتعب بعينيه) ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ...(عهود وساره مع بعض) ...
_ شفيكم ؟
تجيب (عهود) وعينيها مليئتان بالدمع :
_ طلال ... قاعد ينغز متعب قدام امي وخالتي ...
_ يووووه ... (وتنهض لتستمع معهم) ... حسبي الله عليك يا طلال ...
_ هيه ... (تضربها) ... لا تحسبين على اخوي ...
_ الا يمه متعب ... غن لنا ... من زمان ما سمعت صوتك ...
_ ايه والله يا يمه ... (وتضع ابريق الشاي من يدها وهي توزع الاكواب عليهم) ... وسع صدورنا ... علشاني انا وخالتك ...
_ ايه والله متعب ...(ويقترب منه ، وينعم صوته) ... يالله حبي أطربنا ... علشان خاطري ...
_ اذلف ... (ويبعده عنه) ... مو علشانك ... علشان الوالدة وخالتي بس ...
_ الله متعب بيغني ... (كانت عهود فرحة) ...
_ يا قلبي ... (وضعت بشاير يدها على قلبها ، ساره ظلت تضحك عليها باستهزاء وهي تقلد حركتها ) ...
_ يالله متعب وانا أطبل لك ... (أمسك طلال صينية الشاي وأفرغها) ... (وهمس) .. ترى اللي بالي بالك ملاقيف ... وقاطين أذنهم على الباب ... يعني بدع يا ابو الشباب ...
_ وحنا نصفق ... (قالت الام فرحة) ...
وبدأ (متعب) بحالميته المعروفة ، وصوته الرخيم :
لا لا تضايقونه
الترف لا تضايقونه
لا لا خلوه يجني
من حياته ثمرها
لا لا حرام من عقب
الرضا تزعلونه
لا لا شوفوه عيونه
كثر النوح دمرها
_ يا عيني ...أحلى يا الحب ...(كانت ساره تضحك وهي تنظر نحو بشاير ، التي سارت لتجلس على السرير ، وتبدأ بالبكاء) ...
_ بشورة خلاص ...(جلست عهود تواسيها) ...
_ خليها يا عهود ...(وتمسك كتفيها) ..أنا لو منها اذبح نفسي ... واقطعها قطعة قطعة من الوناسة ...ههههههههه ...
_ زين بشاير ...إذا تحبون بعض ... ومتعب الحمد الله توظف ... ليش مأجلين الزواج ؟!
_ قولي لها اختك الدافووورة ...(تقلدها)... ابي اخلص دراسة .. مالت عليك وعلى دراستك ... ولا اخوي مسكين ... ما باليد حيلة الله بلاه بوحدة تدلع ...
_ مو دلع ...(وتمسح دموعها) ... وانتي تدرين يا ساره ... بس أنا ابي اذا تزوجنا ...نكون ناضجين ومتفرغين حق بعض ... مو دراسة وهم ... يعني صاحب البالين كذاب ... وبعدين متعب للحين ما كون نفسه ومو مستعد حق الزواج ..
نظرت (عهود) و(ساره) لبعضهما :
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ مالت عليكم زين ...
كان من الصعب عليهما فهم فلسفة (بشاير) في الحياة ، دائما كانت تشعر ويشعر من حولها بأنها ولدت وعاشت في بيئة خاطئة لا تناسبها ، فتاة طموحة ، متزنة ، تعرف بأن الحدود هي اسس الحضارة وان أي مجتمع لا يحتفظ بالحدود والخطوط الحمراء هو مجتمع همجي ، شخصيتها كانت قوية الى اقصى الدرجات رغم صغر سنها ، كانت تعشق الحرية وتؤمن بنتائجها المثمرة ، تحب الحياة وتعرف بأنها معركة يجب أن لا تسمح لها بأن تهزمها إلا بسلاح الموت الذي لا يد لها فيه .
كانت الساعة تقارب العاشرة ليلا ، دخل (ماجد) منزل خاله من الباب الخلفي لانه كان يرتدي ملابسه الرياضيه ولا يريد ان يستمتع بتأنيب خاله أمام المجلس العامر الذي لا ينفض إلا في وقت متأخر :
_ هذي شفيها ما ترد ... خل اتصل على مبارك ... يوووه ... مبارك أكيد قاعد عالنت وما يدري عن الجوال ...
وفجأة دخلت (رهف) الصغيرة :
_ هلا ..رهوفه تعالي ...
_ ماسد ... (وتبتسم بوجهها الحلو) ...
_ ايه ماسد ... تعالي حبيبتي ...
_ حواوه ...
_ أنا أجيب لك حواوه ...(وقبل وجهها الصغير) ... روحي نادي ريم .. اختي ريم علشان نروح البيت ...
_ مال ... (كانت عينا الصغيرة تتجه خلف ماجد) ...
_ والله ما ادري شنو تقولين ... روحي نادي ريم .... عفيه رهوفة شاطرة ..أجيب لك حلاوة ...
_ مال ...(وبكت الفتاة بصياح) ... احووو ... مال ...
_ شسويت انا ؟... ليش تبكين ؟! ...(يضمها) .... وين أحوووو .. اسكتي خلاص ... فضحتيني ... وينه يعورك ؟!
استمر بكاءها الشديد ، واشارت باصبعها نحو الأرجوحة البعيدة :
_ وين ؟! ... خايفة من الحرامـــــ ... (بهت ماجد عندما نظر إلى حيث أشارت) ... بسم الله الرحمن الرحيم ... (ركض نحوها ، وأبعد شعرها عن وجهها الذي كان مزرقا ) .... منال ... (عرفها لانه رآها قبلا) .. منــــــــال ... (كان يضرب خديها ولم يجد استجابة) ... رهف ...(كان بكاءها مستمرا) .. روحي نادي امك ... بسرعة ... يووووه ...( لم تستجب الطفلة) .... (دخل بنفسه ووقف عند باب المطبخ الخلفي) ... خاله ام نايف .... عمـــه موضي ... ريـــــــــم ... يا ربي ... (وعاد يجلس يحاول ان يوقظ منال) ... أنا شاللي جابني اليوم ...؟! (خرجت إحدى الخادمات شهقت ثم عادت تركض إلى الداخل) ...
_ منو .... شفيه ؟! ... رهف ليش تبكين ؟! ...(انتبهت مريم لوجود ماجد فتغطت) ... ماجد ... خير ... (وارتعبت حين رأت المنظر) ...
_ مريم ... بسرعة نادي عمتي موضي ...تكفين ...(وانطلقت مريم تعود إلى الداخل) ....
وبعد فترة جاءت (أم فارس) و(ريم) و(حصه) :
_ ماجد ... شفيه ؟! ...(كانت ريم مرتعبة) ...
_ منـــــــــال ... (صرخت ام فارس واقتربت منها) ...(نظرت نحو ماجد تريد تفسيرا) ...
_ ما أدري ...(بتلعثم) ... دخلت ولقيتها طايحة ...
_ حصه ... بسرعة جيبي عباتي وعباة أختك ... (وانطلقت حصه) ...
_ شصاير ... (دخل نايف بسرعة وخلفه مريم ) ... شفيها ؟! .. (واقترب منها يتحقق منها ويضرب خديها) ... منال ... منال ... (وحين لم يجد استجابة ، أخرج مفاتيحه من جيبه) ... ماجد بسرعة شغل سيارتي ... وخل غسان يفتح البوابة ...
_ سيارتي شغالة ...
_ طيب ... شفيك تنتفض ؟! ... (أخذ العباءة من حصه ولف فيها منال) ...
(أم فارس) بكل عطف :
_ أروح معكم ...
_ لا ما لا داعي ...(حمل منال بين ذراعيه وخرج مسرعا ، يتبعه ماجد) ... (وضعها في الخلف بعد ان ثنى ماجد الكرسي الأمامي) ... وخر انا أسوق ... مـــــــــاجد .... (صرخ بنفاذ صبر ، كان ماجد يرتجف) ... (استسلم ماجد وابتعد ليجلس في الكرسي بجانبه) ...
وبعد قليل كانا يجلسان على كراسي الانتظار :
_ شكلها تعبان ... نايف يمكن ماتت ؟!
_ (نظر نحوه بنفاذ صبر) ... لا ما ماتت ... كانت تتنفس ... وبعدين لو ماتت كان الطبيب قال لنا على طول ...
_ نايف ... أنا خايف ؟!... (كان وجه ماجد متشنجا)...
_ مـــــاجد ... (صرخ بغضب) ... وبعدين ... ما تستحي انت ... ترى عورت راسي اقعد ساكت ...
_ (وسكت ماجد ، لكنه بعد فترة) ... يا ليتنا جبنا عمتي أم فارس معنا ...
_( تنهد بعمق) ... اللهم طولك يا روح ...
(ماجد) كانت الصدمة مما رآه تسيطر على نفسه بشدة ، لقد اعتاد طوال حياته على العيش الرغيد ، لم يسبق له إن رأى (ريم) أو أمه في حالة مزرية كما رآى (منال) ، كن يمرضن ولكنه مرض عارض ، لم يرى في حياته تلك البشرة الشاحبة المتشققة ، ولا تلك الشفاه البيضاء الجافة ، ولا مثل تلك الهالات السوداء التي ارتسمت حول عينيها ، لا يلام إذا لو حسبها قد فارقت الحياة .
وخرج الطبيب بلحيته الطويلة ووجهه الذي يشرق منه النور ، نهضا لاستقباله :
_ أنتم أهل المريضة منال فلاح ؟!
_ (أجاب نايف) ... ايه نعم ... حنا اخوانها ...
_ تفضلوا معي ...(حتى دخلوا المكتب وجلسوا ، كان ماجد لا زال يرتجف) ...
_ خير يا دكتور ؟!
_ خير يا أخوي ... أختك حاشتها ضربة شمس ... وطولت وهي مغمى عليها ... أتوقع من الظهر ... ما حسيتوا عليها ...؟! ... أو فقدتوها ...
_ والله الظاهر ما أحد في البيت انتبه ... ولا كان تصرفوا أكيد ...
_ المهم ...(لم يحب الدكتور أن يزيد احراج نايف) ... البنت يا أخوي تعاني اجهاد شديد ... وسوء تغذية حاد ... والظاهر إنها ما تنام زين ...
عقد (نايف) حاجبيه :
_ والحل يا دكتور ...
_ أنا الحين عطيتها تغذية سائلة ... وراح أوصف لها شوية فيتامينات وأقراص حديد ... وانتم دير بالكم عليها ... التغذية مهمة ... والراحة بعد ...
_ إن شاء الله ... نقدر نأخذها الحين ؟!
_ على ما يخلص السائل تقدر تروح معكم ... يبيلها نص ساعة بعد ...
_ يعطيك العافية ...(يصافحه ويقف) ... ما قصرت يا دكتور ... يالله يا ماجد ... (ويقف ماجد) ...
وانصرفوا وهز الطبيب رأسه بيأس (انتم اهل انتم ؟!) ...

ارادة الحياة 14-05-08 03:28 PM

(التعريف بشخصيات الرواية)

أول شي أحب أوضح أن العائلة منقسمة قسمين وهم عبارة عيال عم :
1- أبو نايف - أبو راشد - أبو بدر - أبو ناصر - أم ماجد - شريفة >> وكلهم اخوان
2- أبو أحمد - أبو ماجد - أم فارس >> اخوان

* عائلة أبو نايف :-
- فلاح : أبو نايف كبير العائلة وعميدها .
- حمدة : أم نايف الزوجة الأولى لأبو نايف >> وعيالهم
- نايف : المدير الفعلي لكل أعمال العائلة ، متزوج بنت عمه (مريم) وعندهم >> فلاح - محمد .
- نوف : ربة بيت ، متزوجة ولد عمها (راشد) وعندهم >> عبدالرحمن - أمل - جود - عبير .
- سيف : مرض القلب معاه من ولادته ويعاني مشاكل صحية كثيرة متزوج بنت عمه (مضاوي) .
- حصة : لا تزال طالبة بالثانوية ، شخصية مستهترة .
- مبارك : طالب بالثانوية ، مدمن انترنت .
- موضي :أم فارس الزوجة الثانية لأبو نايف وبنت عمه >> وعيالهم
- فارس - مشاعل - رهف -عمر : وكلهم تحت عمر 13
- منال : شابة عشرينية كانت نتيجة زواج فاشل لأبو نايف انتهى بالطلاق .
- شريفة : أخت أبو نايف الصغرى لم تتزوج حتى الآن .

* عائلة أبو راشد :-
- عبدالرحمن : أبو راشد توفى وعياله صغار .
-أم راشد : أم كافحت علشان تربي عيالها >> وهم
- راشد : شخصية مهزوزة ، متزوج بنت عمه (نوف) .
- مضاوي : متزوجة ولد عمها (سيف) .
- دلال : شخصية ممتعة ومثل ما تابعنا تزوجت ولد عمها (مشعل) .
- بشاير : شخصية قوية وقيادية من الدرجة الأولى .
- عهود : طالبة ثانوية ، شخصية حالمة ورومانسية .

* عائلة أبو بدر :-
- جاسم : أبو بدر شخصية طيوبة جدا .
- غنيمة : أم بدر شخصية هادئة .
- بدر : أرمل من 3 سنوات وعنده بنت وحدة (شوق) ، شخصية حنونة جدا .
- بدرية : مثل ما تابعنا تطلقت وما عندها عيال .
- مشعل : شخصية فكاهية تزوج بنت عمه (دلال) .
- سعود : شخصية متعصبة دينيا ، طالب في جامعة الملك سعود .
- التوأم >> فهد : شخصية متفهمة >> أنوار : شخصية مسترجلة .

* عائلة أبو ناصر :-
- فواز : أبو ناصر توفى في عز شبابه .
- وضحة : أم ناصر شخصية جدا حنونة .
- ناصر : شخصية ناضجة وهو المساعد الأساسي لنايف .

* عائلة أبو أحمد :-
- خالد : أبو أحمد المستشار والمسؤول المالي عن أعمال العائلة .
- أم أحمد : شخصية شرقية بكل معنى الكلمة .
- مريم : شخصية سلبية ، متزوجة ولد عمها (نايف) .
- أحمد : شاب مستهتر .
- هيا : مطلقة وعندها بنتين (دينا - لينا) .
- عبدالعزيز : شخصية ناجحة ، يدرس في كلية الطب جامعة لندن .
- صلاح : شخصية حالمة ، فنان ورومانسي لأبعد الحدود .

* عائلة أبو ماجد :-
- عبدالله : أبو ماجد ، أستاذ محاضر في جامعة الملك سعود .
- حصة : أم ماجد شخصية مسيطرة .
- ريم : شخصية مدللة .
- ماجد : لا زال في الثانوية .
- سعد - خالد : لا زالوا أطفال .

هذي هي الشخصيات الأساسية في الرواية وفي كثير شخصيات عارضة راح تظهر بين السطور وتختفي .

((الفصل السابع))
وفي مجلس (أبو بدر) :
_ فهيدان جيب البلاي ستيشن ... أبي ألعب فيها بغرفتي ...
_ لا والله ... (ويكمل لعبه) ... وحقتك وينها ؟!
_ يا سلام ... ومنو اللي خربها الأسبوع اللي فات ... جيب يالله جيب ...
_ يا يبه شفيكم ... خلي أخوك يلعب يا أنوار ...
_ يبه ... هو اللي خرب لعبتي ...
_ وانت علامك تلعبين مثل الصبيان ...؟!
_ قولها يبه ...(يتشفى) ... كله تقلدني ...
_ هين يا فهيدان ...
تدخل (بدريه) :
_ يبه الله يهداك ... للحين ما نمت ... (تنظر لساعتها) ... الساعة 11 ...
_ هذا انا قايم يا أبوج ... (ويقف) ... إلا أخوانك وينهم ...
_ سعود قال بيروح المسجد ... وبدر عنده شغل ضروري وقال ما بيرجع للفجر ... ومشعل نايم من الساعة تسع ... (تمسك يده تساعده على المشي) ... وانتم ... (تلتفت لهم ) ... لا تسهرون .... فهوود بكرا موعد أبوي الساعة تسع وانت اللي بتودينا اخوانك مو فاضين ... وأمي تبي السواق ضروري ... (وتنصرف مع ابيها العجوز) ...
_ اجل خل اروح انام ... (ويرمي اللعبة من يديه) ... بدريه من الساعة سبع بتقومني ...
_ فكــــــــــــــــــــــــــــــة ... (وتمسك باللعبة لتبدأ جولة جديدة) ...
_ ومرض ان شاء الله ... (يضربها بقدمه) ....
_ لا تضرب يا الغبي ...
_ خبلـــــــــــــــــة ... (ثم يلتفت بعد ان وصل إلى الباب) ... إلا صج ... ناصر ما رجع شوق للحين ؟!
اكفهر وجهها :
_ ما أدري عنهم ... بدريه كلمته ... يقول أنهم عند أمه وبيجيبها بعد شوي ...
_ والله شواقة هذي ما تستحي ... مع أي رجال تروح وما تخاف ...
_ أم الصبيان ... خل تجي وانا اوريها ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... طالعة عالعمة ... ههههههههههههههههههه ...(وهرب) ...
_ مجنون ...
واندمجت مع لعبتها الشيقة ....
حين دخل اتجه إلى باب المنزل سريعا ، سلم (ِشوق) النائمة بين ذراعيه لعمتها (بدريه) التي شكرته بامتنان لانه غالبا ما يدخل الفرحة على قلب هذه الصغيرة اليتيمة ، وحين هم بالانصراف انتبه إلى أن نور المجلس لازال مضاءا والباب مفتوحا (غريبة بدر قال لي إنه نايف يبي منه شغل ضروري ... يمكن سعود ... ولا فهد ؟!) واكمل طريقه نحو المجلس .
وجدها جالسة ، شكلها كان يبدو مضحكا ، شعرها القصير جدا منفوش ومتهدل على وجهها الندي ، ترتدي بجامة رياضية واسعة ، عيناها مرتكزتان على الشاشة وهي فاغرة فاهها ، استند على الباب وظل يلعب بسلسلة مفاتيحه باستمتاع ، (يالله البنت هذي ملكة جمال ) :
_ مو عيب البنات يقعدون في المجلس ...
كان صوته ساخرا لكنه اخترق سكون الليل الذي كانت تنعم بظله فقفزت مرعوبة ووقعت اللعبة من يدها :
_ يمــــــــــــــــــــــــــــه ...
_ ههههههههههه شفيك ؟! ... ههههههههههههههه ... يا جبانة ...ههههههههههههههه
امتلىء وجهها باللون الأحمر ، لكن سرعان ما عاد لها طبعها المتمرد ، شدت على قميص بيجامتها ، انتبه لحركتها فابتسم :
_ تكلمي ... أكلت القطوة لسانك ...(كان يعيد مصطلحاتها) ...
_ أنت واحد ما تستحي ...
_ هههههههه ... وغبي ... وخبل ... وأخسي ... أظن قلة الأدب هذي كلها مرت علي اليوم ... مو شي جديد ...
اقتربت من الباب لتنصرف ، لكنه أغلقه بجسده ويديه :
_ وخر ...
_ ما أبي ...
_ ترى أضرب ما عندي مانع ...
_ ههههههههههه ... أحسن ما ألعب في وجهك ... عيب تمسكين رجال غريب يا بنت عمي ...
_ (كتفت يديها) ... وهالرجال الغريب عيب قاعد يبحلق فيني من الصبح ... ما يحق لك يا ولد عمي ...
_ أقول أنوار ... (وأخفض رأسه ثم رفعه وعاد يلعب بسلسلته) ... شرايك تعوذين من ابليس ... ونجلس انا وياك بهالمجلس ... وتسوين لي قهوة ... ونقضيها تعاليل توسع صدورنا ... راسي من جد مقلوب من الفرفرة ورى بنت أخوك ...
_ قلت لك ما يحق لك يا ولد عمي ... لا أني أمك ولا أختك ولا زوجتك ... أجلس معاك شسوي ؟!... (ورفعت حاجبيها تهدده) ...
_ ههههههههههههه ... هذا اللي تبينه ولا يهمك ... أجل من باكر أملك عليك ... وأخذك من شوشتك ... واقص هاللسان اللي أطول منك ...
_ إذا كنت رجال !... وفيك خير !... تسويها ...
كانت كل ملامحها تنبض بتهديده ، جرحته هذا الكلمة جرحته في الصميم ، لكنه ابتسم رغم ألمه :
_ ومن يقدر يمنعني إن شاء الله !
_ أنا ...(وكتفت يديها واثقة) ... لو ما يظل رجال غيرك في الدنيا ما أتزوجك ...
_ هههههههههههههه ... هيه انتي ترى ما اخذه في نفسك مقلب ... من اللي بيطالعلك أنتي ويفكر يتزوجك ... يمكن أنا اول واحد قال لك هالكلام ... أمزح ولا أنتي صدقتي يا ماما ... (كان يريد ان يجرحها كما فعلت) ..
_ تمزح ... (وابتسمت بخبث) ... ولا طلعت جبان ...
_ (اتسعت ابتسامته أكثر) ... لا تتحديني يا أنوار ...للحين أنا مطول بالي ... ترى والله أوريك نجوم الظهر ...
_ ما بقى إلا انت ...
_ (تنهد بعمق) ... زين ... (ابتعد عن الباب) ... روحي الحين ... لا يجي سعود ويتوطى في بطنك ...
_ أنا ما أحد يقدر يتوطى في بطني ... (وعبرت الباب وهي تهدده بنظراتها) ...
_ أنـــــــوار ...(التفتت له) ... ترى بفاتح عمي في موضوع ما تقدر وما بقى إلا انت ... (وابتسم بفرح) ... مو علشان ميت فيك ... بس علشان التحدي اللي بينا ...
_ عشم ابليس في الجنة ... (وانصرفت عنه واثقة ومشمئزة) ...
كان ممددا فوق سريره ، رغبته في البكاء تخنقه ، يشعر بالاشمئزاز من حياته كلما تذكر حياتها ، فتح باب غرفته ودخل والده :
_ مساء الخير ... (واقترب ليجلس معه في السرير) ...
_ هلا يبه ...(حاول أن يجمع شتت نفسه ويعتدل في جلسته) ... مساء النور ...
_ طلعت من المكتب ... شفت النور شاب في غرفتك ... غريبة من عوايدك هالحزة بالاستراحة مع أحمد ...
_ ما لي خلق ... (كانت نبرة الأسى في صوته متضخمة) ...
_ آآآآآآآآآفا ... شفيك يبه ؟... أحد مضايقك ... تبي شي ؟.. ناقصك شي ؟...
_ يبه صدقني ما فيه شي ...
_ ماجد ... طول عمرنا ربع ... وطول عمرك تقول لي كل شي ... ليش اليوم ؟!
نبرة العتاب في صوت والده جعلته ينطق رغما عنه ، لم يتعود أبدا أن يخفي ما يضايقه فدائما كان هناك والده أو والدته ليخففا من كل ما يعانيه :
_ السالفة سخيفة ...
_ مستعد أسمعها ...
_ أمي أخذت السواق وراحت مع اخواني السوق وتأخرت ... (كان الأب ينصت باهتمام) ... اتصلت علي علشان أجيب ريم من بيت خالي ... ومدري دخلت البيت ومنال كانت طايحة ولونها أزرق ...
_ منال بنت خالك فلاح !
_ ايه ... شلناها أنا ونايف وديناها المستشفى ...
_ وعسى هي بخير ؟!
_ الحمد الله بخير ... ورجعت البيت ...
_ (تنهد بارتياح) ... الحمد الله ...(وتذكر) ... وأنت علشان كذا مضايق .. (وابتسم) ... والله وطلع قلبك كبير يا مجود ...(وداعب رأسه) ...
_ يبه والله ... شكلها يكسر الخاطر ... كنت أبي أبكي ... طلعت طايحة بالشمس من الظهر وما أحد يدري عنها ... (اكفهر وجه الأب) ... والدكتور يقول عندها سوء تغذية وأنها ما تنام بالليل ... يبه مسكينة أحس ما أحد يداريها علشان ما لها ام ... وحتى خالي زفتها وزفة الكلب واحد ...
_ (تنهد بعمق) ... طول عمرها هالبنت ظالمها خالك ... الله يعينها بس ... الناس والزمن عليها ... (ثم وكأنه يريد أن يتخلص من الشعور بالعجز تجاه هذا الوضع) ... نم ... نم وأنا أبوك ... ولا تفكر وتعب عمرك ... خالك ما راح يتغير ... تصبح على خير ..
_ وانت من أهل الخير يبه ... (وخرج وأغلق الباب خلفه ، وترك ماجد يغرق في أفكاره) ...
وفي غرفته الفارهه ، كان مستلقيا على سريره يفكر بعمق وهو يستمع للقيصر :
الليلة احساسي غريب !
عاشق وانا ما لي حبيب !
حبيت كل الناس لاموني !
حبيت كل أحبابي باعوني !
قلت أحب الحب أحسن !
قلت أحب الحب أظمن !
لا أحن ولا أتوه ولا بعد في يوم أحزن !
الليلة غير شعوري غير احساسي غير !
أشواقي غير حتى الأغاني غير !
صدري سما واحساسي طير !
بس طيفك ما تركني !
ظل ساكن وسط جفني !
كان يذكر وإنت ناسي !
كان طيب وإنت قاسي !
( ليش تحدتني ؟... هالبنت لسانها أطول منها ؟... أنا شقاعد أقول ... أنوار جاهل الشره علي أنا الكبير اللي حطيت عقلي بعقلها ... بس يا ربي أحس أنه ودي أذبحها ... لا يكون حبيتها يا ناصر ؟!... لا شنو حبيتها ... أنا لو متزوج عندي بنت كبرها ... أفففف ... أحس أنها يتجنني ... بس أنا وعدتها وتحديتها ... عادي هي صغيرة بكرا تكبر وتتزوج وتضحك على سوالفنا مع بعض ... بس يا ربي أنا أحس من شفتها ذاك اليوم بعرس مشعل وان مو قادر أنساها ...أصلا أتعمد أنرفزها ... تصير أحلى لما تتنرفز ... أعوذ بالله من ابليس ... أنا خبل ولا شنو ...أتزوجها وأظلمها معاي ... مستحيل ... أنوار مو مثل اللي قبلها ... أنوار بنت عمي مستحيل أهدم حياتها ... وبعدين ... أحس إني مو قادر أجمع ... يا ربي ...)
وسمع طرقات على الباب ، أخرجته من محاورة نفسه ، اعتدل في جلسته :
_ هلا يمه ... ادخلي ...
ودخلت أمه بابتسامتها العذبه ووجها الصبوح الذي لا زال شابا ، كانت امه مضرب مثل للجمال ولا زالت :
_ هاه يمه ...(وضعت يدها على صدره) ... شفيك مو قادر تنام ؟!
_ ههههه ... يمه الله يهداك شفيني يعني ... ما فيني شي ...
_ لا تقول ما فيني شي ... أعرفك ... صار لك ساعتين من رجعت من بيت عمك ... لا نمت ولا بدلت ملابسك ... مو عوايدك يمه ...
انتبه (ناصر) بانه لا زال يلبس دشداشته ، كانت أمه دقيقة الملاحظة فيما يخصه ، ألم تضيع هي العمر والشباب من أجله :
_ (تنهد بقوة) ... آآآآآآآآآآآآآآآه ... يا أم ناصر ... آآآآآآآآآآه ... (وقبل يدها) ...
_ (اكتسح الخوف ملامحها) ... سلامتك يمه ... شفيك ؟!
_ لا تخافين يمه ... (وابتسم) ... المفروض تفرحين مو تخافين ...(ولما رأى نظرات الاستفهام في عينيها) ... خلاص يمه أنا قررت أفرحك وأتزوج ...
_ والله ... (وضمته اليها وهي ترتجف فرحا) ... مبروك يمه ... (وخرجت منها زغرودة خجولة لم تكن تتقنها) ...
_ ههههههه على هونك يمه ههههههه ..(وامسك يديها) ... على هونك ...
_ ما بغيت ... (ودمعت عيناه) ... ما بغيت يمه تفرحني ...
_ خلاص يمه ... اذا بتبكين بأهون ...
_ لا يمه خلاص ... (ومسحت عينيها بطرف شالها) ... ما صدقنا على الله ...(وضحكا معا) ... ومن تبي اخطب لك ؟!
_ مو غريبة يمه .. مو غريبة ...
_ من بنات عمانك ... ولا تبي من خوالك ..
_ لا يمه ... انوار بنت عمي جاسم ...
_ انوار !... وليش ما تخطب منال ... ما شاء الله جمال وادب ... وبنت عمك ....
عقد حاجبيه :
_ ليش وانوار شفيها ؟
_ والنعم فيها يمه ... بس انا اقول انوار صغيرة عليك ... منال مناسبة لعمرك ... وبعدين انوار فيها طيش شوي ... يعني بترجع تربي من جد وجديد يا يمه ...
_ يمه إذا ما عندك اعتراض على انوار ... أنا ما أبي غيرها ...
_ على راحتك يمه ... البنت ما شاء الله حلوة ... وكافي امها ام بدر ... والمثل يقول (لا بغيت تضمها انشد عن امها) ...
_ (ابتسم بفرح) ... يعني اتوكل على الله يا ام ناصر ..
_ ونعم بالله يمه ...

ارادة الحياة 14-05-08 03:30 PM

((الفصل الثامن))
وبعد يومين وفي مجلس (أبو بدر) ليلا ، يدخل (مشعل) حاملا صينية القهوة :
_ وهذي القهوة جبناها ... (ويبدأ بسكبها للكل) ... سم يا ابو فلاح ...
_ سم الله عداك .. الا عمي وينه ؟...(ارتشف قهوته) .. ما جاء اليوم ديوان ابوي ...
أجاب (بدر) :
_ وداه سعود المستشفى يزور واحد من ربعه ... ومن رجع رقد على طول ... الظاهر نفسيته تعبت ...
_ ايه والله ...(يرشف قهوته) ... ابوي صاير دلوع ..
وضحك الكل من كلام (مشعل) ، فقال (راشد) :
_ انت ما احد يسلم من شرك !
_ الا ... (يرفع يديه ليتشهد) ... نفسي ... (ويستمرون بالضحك) ... ويمكن عيالي اذا الله رزقني ...
التفت (نايف) نحو (راشد) :
_ الا شسالفة اختك ؟
_ اي سالفة !
_ هذي اللي بتدخل الجامعة ! ... (كان يقنع نفسه بأنها لا تستحق منه اي اعتبار) ...
_ ايه بشاير ... (وعاد يرشف قهوته) ...
علق (بدر) باسلوبه السلس :
_ ما شاء الله نسبتها قوية ...
_ بل ... دافوووووورة ... وضحكت علي يا رشود ... زوجتني الفاشلة ... اللي حتى بالقراءة سلحفاة ... واذا شافت ورقة كتاب تحوم كبدها ... (ضحك الكل من تعليقه) ...
_ انوار بتقدم آداب ... وفهد دراسات تجارية .. خلها تقدم دراسات تجارية ترى مجال حلو ...
_ والله ما أدري عنها ... تقول تبي طب ..
_ هاه ...(انتفض نايف) ... من صجك انت ! وش طبه بعد ... خلها تقدم مع انوار .. الآداب حلوة وتنفع للبنات ...
(مشعل) يتحدى (نايف) باستهزائه المعهود :
_ بس دلال تقول انها من وهي صغيرة ... تبي تدخل طب ... وان ما احد يقدر يغير اللي في راسها ...
_ (تنهد راشد) ... صاجة اختي ...
فار دم (نايف) :
_ نكسر راسها ... وش هالبنات اللي ما احد يغير اللي براسها ؟.. آخر زمن ...
علق (بدر) :
_ هاه ... نايف وش بلاك ؟... البنت حرة وهذا قرارها ...
_ البنت ما تصير حرة اذا بدت تغلط يا بدر ...
كان مشعل يرتشف قهوته وهو يتعمد اثارته :
_ الله يا نايف ... الحين دراسة الطب صارت غلط ...
_ (تنهد) ... الحين لما تتخرج وين تتوظف ؟!... يا بمستشفى ولا بمستوصف ... (التفت الى راشد) ... يعني بتدخل وبتطلع مع رجال غرب... هذا غير اللي بسافر مؤتمر ... بكمل دراسة برا ... وهالسوالف الماصخة ...
_ بس هذا عمل يا نايف ... أنا يشتغلون معي حريم ... ولا مرة بدر مني أو منهم أي تصرف غلط ...
_ هذا انت يا بدر ... غيرك يمكن يغلط ... انا بصراحة يفور دمي بس من الطاري ... لو شفتها والله اموت ... راشد ...(التفت له وبحزم) ... قولها تنسى الموضوع ... وتدخل مع انوار احسن ...
هكذا كان (نايف) صاحب الدم الحار والرأي الصارم كالسيف ، كان ذا طبع مستبد وكلمة لا تناقش ، استقامته ووجوده الدائم في كل ما يخص العائلة من شوؤن أكسبه احتراما عاما ، وثقته الكبيرة بنفسه أعطته وقارا لا يخدشه أحد ولا يتجرأ عليه مخلوق :
_ هذي الساعة المباركة وانا عمك ...(وتهلل وجه الصخري بفرحة غامرة) ... يا زين ما اخترت ... أنت أولى بها من الغريب ... كلمت عمك أبو بدر ...
_ لا يا عمي ... أنت بحسبة الوالد الله يرحمه ... قلت أكلمك انت اول ...
_ الله يرحمه ... ابشر وأنا عمك ... الحين نقوم ونخطبها لك ...
_ ههههههه ... لا يا عمي شدعوه ... الصباح رباح إن شاء الله ...
_ على راحتك ... أجل بكرا من الصبح تمرني ... ونروح أنا وياك ...
_ تامر آمر يا عمي ... (ويقبل رأسه) ... يالله فأمان الله ...
_ فمان الكريم ...(وينصرف) ...
كان يريد ان يبكي ، (فواز) لم يمت ، ما دام (ناصر) حيا فهو لم يمت ، ابتسامته ، هيئته ، صوته ، عيناه الدافئتان ، هذا الشاب كان نسخة طبق الأصل عن الأخ الذي ذهب ولن يرجع ، (ناصر) الطفل الذي كان السلوى الوحيدة لآولئك الذين أدمى أفئدتهم ذلك الفراق ، فراق (فواز) الذي سرقته يد الغدر ممن أحبهم وأحبوه ، لم يكن يناقش (ناصر) في موضوع زواجه الذي تأخر كثيرا رغم أنه تمنى زواجه منذ سنيين طويلة ، لكن (نايف) طلب منه ألا يضغط على (ناصر) في هذا الموضوع بالذات وهو يفعل كل ما يطلبه (نايف) دون أي مناقشة .
وفي المطعم الذي جلسوا فيه بعد تسكعهم في شوارع الرياض :
_ شفت البنت اللي كانت تخز فيك ... يا هي كانت تبي تأكلك ... قلت لك خل نلحقها ...
_ (كان يلعب بكأس عصيره وهو شارد الذهن) ... أقول صالح ...
_ قول ... (ويرتشف العصير)..
_ يصير اتزوج !
_ (غص بعصيره) ... شنو ؟!
_ وش سمعت أنت ؟!... (كان يعرف تغابي صديقه) ...
_ من صجك أنت ... (ويبتسم بمكر)... لا وبعد يقول خلها تولي ... ما نبي نلحقها ... آثاري البنت لحست مخك ...
_ هيه .. (ويرفع يده) ... أنت وين راح فكرك !... (عاد إلى هدوءه) ... أنا بتزوج بنت خالي ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ وليش تضحك ؟!
_ أقول ... خل نخلص الثانوية ... وبعدين الجامعة ... ونتوظف ... ذيك الساعة يصير خير ... (وعاد لعصيره) ...
_ هاه ... (وظل يحسبها) ... بس كذا نطول !
_ يعني بذمتك ... من اللي بيزوجك ولا يعطيك بنته وانت بعدك بالثانوية ...
_ انثبر بس ... يعني اذا أنا ادرس مو رجال ... ابوي تزوج امي وهو اصغر مني ... وبعدين اللي بخطبها بنت خالي ... وخالي ما راح يردني ...
_ ومن وين بتعيش أنت وياها ان شاء الله ... من المصروف ؟!
_ تتطنز ... أبوي الحمد الله عنده خير يكفيني ويكفيها ... من هنا لما اتخرج واتوظف ...
_ ايه ... الله يسعدك ... ناس عندها ابهات تزوجها وتصرف عليها ... وناس ... (ويضع يده على صدره) ... أبهاتها بس تجعم وطراقات ...
_ كش على وجهك ... اسم الله على أبوي ...
وبعد صلاة الفجر ، طرق الباب ودخل على والدته ، وجدها لا تزال على سجادتها تستذكر ، اقترب منها وقبل يدها :
_ تقبل الله ...
_ منا ومنكم صالح الاعمال ... (تبتسم وتمس على راسه) ...
_ اقول يمه ... انا قاصدك بخدمة ...
_ عسى هو خير يمه ... آمر ...
_ ما يامر عليك عدو يا الغالية ... بس بصراحة يمه بنتك هذي تخوف ... وعنيدة ..
_ ههههههه ... بشاير ...
_ ايه بشاير ... تقول بتدخل طب ... وانا مو موافق ... وحتى نايف بعد مو موافق ... ويمكن عمي فلاح يشرشحني انا وياها لو درى ...
_ بس يا يمه الدراسة مو عيب ...
_ ما احد قال عيب ... بس نايف يقول بكرا تتوظف ويصير شغلها كله مع رجال ... وهالشي فشلة وعيب يمه ... وانتي تدرين ؟
_ (تنهد بملل) ... معاه حق ...
_ وش السواة يمه !
_ ما عليه يمه ...(مسكت خده بيده) ... أنا أكلمها ... وما يصير خاطرك إلا طيب ...
وفي منزل (أبو بدر) فترة الضحى ، وفي غرفة (أنوار) التي لا تزال غارقة في النوم :
_ أنوار ... أنوارووه ... قومي ...
_ يوووووووووووووووووووووووووه ... (وتسحب الغطاء إلى أعلى رأسها) ...
_ وجع يالله قومي ... الساعة صارت عشر ...
_ قلتيها ... الساعة عشر ... ديك انا اقعد الحين ...
_ انوار ... قومي بسرعة ...
_ دلالوه ... اذلفي عني ... ما لي خلقك ... امس سهرت وابي انام ...
_ الله ياخذك قولي آمين ... صج مو كفو ...(وتجلس بجانبها على السرير) .. نواره عندي لك بشارة ...
_ ممنوع البشاير الصبح ... انطري لما اقعد ... واذا على كيكة الفراولة اللي أكلتيها انتي وزوجك البطة ... ترى مسامحتكم ما ابي تعويض ...
_ مالت عليك ... (تقلدها) ... كيكة فراولة ... (تتصنع الجدية) ... الآنسة المحترمة أنوار جاسم لقد تقدم لخطبتك في هذه الأثناء الأستاذ المحترم ناصر فواز ...
اتسعت حدقتا عيناها ، نهضت من سريرها وقابلت وجه (دلال) الدائري الذي صدمتها تعابير الفرح التي تتناثر منه (سواها النذل) :
_ من قال لك ؟!
_ هههههههههههههههههههههههههههههههه ... فرحتي أكثر مني لما خطبني مشعل ... أثاري ام الشباب تبي العرس ... (ظلت أنوار مدهوشة) ... أقول قومي جهزي نفسك ... ترى بعد شوي بيناديك عمي ... ويسألك (ما رأيك يا ابنتي العزيزة) ... مو تفشلينا ... سوي نفسك مستحية ... ولا بدر بيقعد يهدي فيك على باله خايفة المسكين ما يدري يا ما تحت السواهي دواهي ... ولا زوجي العزيز بيقعد يعدد لك في محاسن الزواج طبعا من الهنا اللي يشوفه معاي ... سعود مسكين بيعطيك محاضرة بالعرض وبالطول عن ان زوجك (جنتك أم نارك)... هههههههههههه ... والله وطلعت محظوظة يا أم عصاقيل ... (وصلت إلى الباب ولا زالت أنوار صامته) ... شاو ... (وخرجت) ...
أما في المجلس :
_ أظن ناصر ما ينرد يا أبو بدر ...(ويضرب على كتف ابن اخيه الذي ابتسم) ...
_ رد الله اللي يرده ... ناصر ولد الغالي ...
_ (همس بدر في اذن صديقه) ... وانا اللي فرحان على بالي بتخطب شوق ... يا حسافة الروحات والجيات طلعت ما تستاهل ... يا خاين ...
_ لا تخاف ... صفها على جنب ... الشرع حلل اربع ...
_ بس لازم نسأل أنوار ...
اخترق اقتراح (سعود) اذن (ناصر) :
_ وش له تسألها ؟.. عمي ...(التفت الى منقذه عمه أبو نايف ، الذي امسك يده)
...
_ ليش أنت لاقي أحسن من ناصر لأختك يا سعود ؟!
اخفض (سعود) رأسه هيبة لعمه الوقور ، فاستدرك (بدر) :
_ ناصر والنعم فيه ... مبروك مقدما يا أبو فواز ...
_ الله يبارك فيك ...
_ مبروك يا ولدي ... (كان صوت أبو بدر الفرح متهدجا) ..
_ الله يبارك فيك يا عمي ... (ونهض ليقبل رأس عمه) ...
_ فهد ... يبه ... شوف لي درب ... وخل انوار تجي أبي أكلمها ...
_ إن شاء الله عمي ... (ونهض فهد) ...
وفي الصالة العلوية :
_ مجنونة أنتي ؟!
_ يمه شفيك ؟!... قلت لك ما أبي أتزوج ... غصب هو !
_ عادي يا انوار ... كل البنات اول شي يخافون ... وبعدين يصير عادي صدقيني ... (وتجلس دلال بجانبها تهدء منها) ...
_ (كتفت بدريه يديها بعصبية) ... ما تبين تتزوجين كلش ؟!... ولا ما تبين تتزوجين ناصر ؟!
_ يوووووووووووووه ... يا بدريه ... ما ابي اتزوج وخلاص ...
_ لعنبو دارك ناصر ما ينرد ... غيرك يتمنى وما يطول ...
_ يمه انا ما أتمنى ... خلوه يروح يدور غيري ... ما في بهالبلد غير هالولد ...
_ حسبي الله عليك ... صج انك ولد ...
_ بدريه شوي شوي عليها ... انوار حبيبتي ...(وتلمس كتفيها) ... الحين بالذمة ... واحد مثل ناصر ... شاللي ناقصه ؟
_ دلال شفبك انتي بعد ... ما ابيه ... يعني ما ابيه ...
_ بس دلع ... مو على كيفك ... لو اسمعوك اخواني بيدوسون على راسك ...
_ السلام عليكم ... (دخل فهد ورد الكل السلام) ... أقول يا مدام ... (اشاحت انوار بوجهها عنه) ... انزلي الصالة تحت ... وانتم لا احد ينزل فيكم ... (ارتعبت ملامح انوار ) ...
_ خير يمه فهد ..؟!
_ خير يمه ... بس عمي فلاح ... يبي انوار لحالها ...
_ (ابتلعت ريقها بصعوبة) ... عمي ... شيبي ؟!
_ قومي يمه ... قومي شوفي عمك شيبي ...
_ لا ما ابي ... روحي انتي يمه ...
_ انوار وجع ... قومي عمي تحت ... (كانت نبرة بدرية تهديدية) ... تنزلين ولا اتصل على بدر يجي يسحبك ...
_ خلاص أنزل أعوذ بالله منك ... انتي اخت انتي ... (واتجهت الى السلم) ...
_ هيه ... (وينبهها) ... حطي شي على راسك ... عمي ما يحب يشوف بنات مفاريع ...
رمت لها (دلال) جلالها ، تلفعت به ونزلت وهي ترتجف ، وعادت النساء لجلستهن
:
(دلال) باستغراب :
_ صج انها خبله ... احد يرفض ناصر ؟
_ ما عليك منها ... بتوافق غصبن عنها ... يمه لا تقعد تدلع عليك وتطيعينها ...
_ الله كريم يمه ... الله يقدم اللي فيه الخير ...
_ آآآآآآآآمين ...
وفي الأسفل ، كانت (انوار) ترتجف (يا ربي ليش عمي يخوف ... حسبي الله عليك يا حصوه من كثر ما تسولفين عن حركاته زرعتي الرعب فيني ... عاد المسكين جالس ومو مسوي شي ... شلون الحين أقوله ما ابي ... نويصر هذا غلوته ... والله ليقطعني وياكلني عشا وغدا) :
_ البنت ما لها إلا ولد عمها وانا ابوك ... وانا ما جيت أسألك انتي موافقة على ولد عمك ولا لا .. (أدري) ... بس انا حبيت اقولك ان العم والد ... وانا حسبة ابوك ... وولد عمك خاطره فيك ... وناصر هذا ولد الغالي الله يرحمه وانا بالذات ما احب اخلي شي في خاطره ... (عشتوا الأمير ويليام وانا ما ادري) ... وحطي في بالك لا يلعب فيك مخك هنا وهناك وتقولين ما ابي ... ترى صدقيني بتقعدين قعدة عمتك شريفة يوم إنها رفضت عمك أبو أحمد ... ولا بيصير لك اللي صار لبدريه أختك ... وهو ما عليه الحريم واجد ... شقلتي وانا عمك ...(صمت) ...
_ كيفك عمي ...
_ الله يكملك بعقلك ...(قبل راسها) ...
وخرج وتركها تستوعب المسألة (أنا وافقت اتزوج ناصر!) ...
وترفع (بشاير) رأسها عن شاشة اللاب توب لتنظر نحو والدتها التي جلست بجانبها على السرير :
_ نايف !
_ ايه نايف ... وأنا اقول ان كلامه كله صح ...
_ ونايف شكو ؟
_ وشو اللي شكو ؟... هذا ولد عمك وحسبة اخوك ... وبعدين نايف عاقل والكل يسمع كلامه ...(ومرت نوف من عند الباب ، وظلت تسترق السمع لهذا الحديث) ...
_ بس أنا ما اسمع منه ...
_ بشاير لا تطولينها وهي قصيرة ... اخوك متضايق وما يبيك تدخلين هالكلية ... لا تغثينه عاد ...
ازداد انفعالها :
_ أخوي ... أخوي ... أخوي ... ترى مليت ... كل شوي اسمعي كلام اخوك ... لا تضايقين أخوك ... أخوي على عيني وراسي ... بس قراراته غلط ... وأنا مو ملزومة أدور راحته ... إذا هالامر وصل لمستقبلي ... إذا مسوية شي غلط ... يحق له يحاسبني ... يمه أنا أبي أتعلم ... ليش مو راضين تفهمون ...
استبد الغضب بالأم أكثر بعد ثورة ابنتها :
_ وجع إن شاء الله ... لا تطولين لسانك ... الكل مو راضي على هالقرار ... أنا مدري شلون طاوعتك من الأول ! ... فكينا يا يمه من دوخة الراس ومن كلام نايف ... ترى مو ناقصين ...
_ ارجعت تقول لي نايف ... ترى هذا نايف كلكم معطينه أكبر من حجمه ...
وهنا ظهرت (نوف) من خلف الباب :
_ احترمي نفسك ... لهنا وبس يا بشاير ...
كانت الدموع العنيدة قد بدأت تترقرق في عينيها بعد خذلان أمها لها :
_ والله مدري منو اللي لازم يحترم نفسه يا بنت عمي ... احترقت اذانك من ورا التصنت ...
_ ما عليك منها يانوف ... امشي معاي ... هذي معصبة وتخربط ومو حاطة حشيمة لأحد ...
_ سمعتيها يا عمة شقالت ؟!... بسيطة كل سوالفك عند راشد يا بشايرووه ...
كتفت ذراعيها بتحدي :
_ خوفتيني ... قول له ... وقولي لأخوك المحترم خل يفكني من شره ... وما له شغل ... خرب حياة مضاوي ... ونكد على بدرية ... والظاهر الدور علي ... ترى ذنب بنات العايلة كلها برقبته ...
_ زين ... زين يا بشاير ... (وخرجت وهي تتنفس غضبا) ...
_ أستغفر الله العظيم ... أستغفر الله العظيم ... (وخرجت بعدها الأم) ...
وفي غرفة (بدر) ، كان جالسا على سريره يراقب ابنته وهي تلعب ، كان يبتسم وهو يتأملها ، كان لها نفس أنفه ونفس خصلات شعره السوداء ذات النعومة المسرفة ، وكانت لها عيناها الشهلاء الجميلة وابتسامتها العذبة ، كانت خليطا رائعا منهما معا ، تنهد بحزن وهو يتذكر (غالية) ، رحلت منذ ثلاث سنوات ، ولا زال حتى الآن يعيش على الذكرى ، رفض كل فكرة للزواج من بعدها ولا زال مع أنه يدرك جيدا بأنه يعيش في وضع غريب ، لم يرفض الزواج كمبدأ بعد وفاتها بل هو يدرك جيدا بأن زواجه لن يكون خيانة لها لأن امرأة عن أخرى تختلف ، كان يشعر بأن سنتين مع (غالية) كانت كفيلة بان تمنحه السعادة الكافية التي أرادها من النساء ومن الزواج حتى آخر عمره ، طرقات هادئة أخرجته من الابحار فوق موجات نفسه :
_ ادخل ...
نظرت (أنوار) بخوف من وراء الباب :
_ بدر ...
_ أنوار !... (اعتدل في جلسته) ...هههههه ...تعالي ...(أشار لأن تجلس) ... (دخلت)... ما شاء الله ... هذا خطبة وصرتي مؤدبة وتطقين الباب بالعادة تدرعمين على طول ... صج الزواج يغير ؟!.. (وجلست مقابله) ...
_ بدر ... أبي أقول لك شي بس لا تزعل ؟!
_ ليه ... شفيه ؟! ... (أحس بجدية شقيقته من ملامحها المأساوية) ...
_ أنا ما أبي أتزوج ... ما أبي أتزوج ناصر ...
_ بس أنتي قلت لعمي فلاح أنك موافقة ...
_ بصراحة ... أنا خفت من عمي ... أصلا أنا قاعدة معاه أرجف ... وما قدرت أقول له قراري بدون ما أموت ...
_ أنوار ... (أصبح جديا أكثر) ... لا تصيرين بزر ... أنتي تدرين ان مثل هالمواضيع ما فيها خوف ولا جبر خواطر لأحد ...
_ شسوي يا بدر ؟! ... والله خفت من عمي ... يعني هو يعز ناصر ... حتى يحبه أكثر من عياله ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... (فكر) ... زين أنتي ليش ما تبين تتزوجين ناصر ؟!
_ أصلا أنا ما أبي أتزوج كلش ...
_ أنوار ... لا تضحكين علي ولا على نفسك ... أنتي بنت وما في بنت ما تحلم أنها تتزوج ويكون لها بيت وزوج وعيال ... (كانت تريد أن تقاطعه ، رفع يده وأسكتها) ... لا تصدقين أنك إذا قصيتي شعرك ولا لبستي مثل فهد أو حتى تصرفتي مثله وتكلمتي مثل ما يتكلم أنك ولد ... أنوار هذي أشياء ما أحد غير رب العالمين له يد فيها ... أنت بس تأثرتي لأنك عشتي في بيت كله شباب فانعكست طريقتنا في الحياة عليك لا أكثر ولا أقل ... (ابتسم) ... لا تخلين هالسخافات تحرمك من إنك تكونين طبيعية وتعيشين أحلى أيام عمرك ... لا فات الفوت ما ينفع الصوت وأنا أخوك ... (أخفضت رأسها تفكر بقلة حيلة) ... انتي ما تبين تتزوجين ناصر بالتحديد ؟... (رفعت رأسها فجأة من كلامه) ... صح ؟! ... (هزت رأسها موافقة) ... طيب ليه ؟!
_ ما أدري يا بدر ... أحس إني مو مرتاحة له ...
_ هههههههههههه ... يا حليلك يا انوار ... أكيد ما تعرفينه شلون بترتاحين له ... صدقيني ... ناصر حليو وعشرته حلوة ...
_ علشان انت صاحبه ...
_ آآآفا يا أنوار ... (ومسك خدها) ... تدرين أنه مهما ناصر كان صاحبي ما راح يكون أعز من أختي ومن مستقبلها ... يعني أنا اللي برميك رمية شينة ...؟!
_ بدر والله مو قصدي ... بس يعني ... خلاص انت ما جبرت بدريه على احمد ... لا تجبرني على ناصر ... تكفى بدر ...
_ هاه ... انتي شفيك اليوم ؟!..(فقد أعصابه من عدم وجود مبرر لكلامها) ... موضوع ناصر غير موضوع أحمد ... وبعدين أبوي وانا وحتى أنتي عطينا ناصر كلمة وقفلنا عالموضوع ...
_ يعني شنو ؟!...(سألت برعب) ...
_ يعني هالمواضيع ما فيها تراجع ...
_ بدر ؟!...(كانت تتوسل حتى البكاء) ...
_ اسمعيني ... أنتي خايفة من فكرت انك تتزوجين وتروحين عنا ... علشان كذا قاعدة تقولين هالكلام ... وهذا شي طبيعي وبكرا صدقيني بتتذكرين كل هالسوالف وتضحكين على نفسك ...
_ أصلا هو كبير ... شايب بعد ...
_ ههههههههههههه ... الله يسامحك ... ترى ناصر أصغر مني بسنتين ...
_ كبير علي ...
_ أحسن ... علشان يعقلك ...
_ ليش يعني انا مجنونة ؟!
_ هههههههههههههههه ... فيك شوي ...
_ بدر ؟!
_ أنوار ... موضوع ناصر سكري عليه ... حتى انا ما أرضى إنك تتراجعين فيه ... فاهمة ...
فأدركت بأن ما بدأ تحديا سخيفا بينهما سوف يقضي على حياتها (الله يأخذك يا ناصر) .
وانتشر خبر زواج (ناصر) و(أنوار) وتمت الملكة خلال يومين لان (ناصر) لا يريد ان يترك لها فرصة للتراجع ، وفي منزل (أبو ماجد) الذي كان منكبا على تصحيح أوراق طلبته الجامعيين ، رفع رأسه ورمى نظارته وهو ينظر نحو ابنه مدهوشا :
_ من صجك انت ؟!
_ إيه من صجي يبه ...
_ بس يا يبه توك صغير ... شلك بعوار الراس ... لا يكون غيران من ناصر ...
_ لا غيران ولا شي ... يبه عمرك ما رديتني ... (جلس بجانب ولده) ... تكفى يبه أبيها ...
_ يا يبه لعبة هي تبيها ... خلص الثانوية بالأول ...(وعاد لأوراقه) ...
_ يبه إذا ما تزوجت منال ما راح أطلع من الثانوية ...
_ تهددني انت ؟!
_ يبه ما اهدد ... بس أنا جد بس أفكر فيها ... ما راح أقدر أركز بالدراسة ...
_ هههههههههههههههههههه ... أنت وين شايفها ؟!
_ في بيتهم ... لما قلت لك انها كانت طايحة ... (أصبح جديا) ... يبه أنت ما تشوفني رجال ..؟!
_ إلا رجال وكفو بعد ...
_ طلبتك يا أبو ماجد ... (ويقبل رأسه) ... زوجني ... وكل اللي تصرفه علي دين برقبتي ... (وضرب رقبته) ...
_ ههههههههههه ...خلاص ...(ضرب خده) ... أنت وهالرقبة ...
احتضن (ماجد) والده فرحا .

ارادة الحياة 14-05-08 03:36 PM

لأني شفت أكثركم متشوق قررت انزل البارت التاسع واتمنى من كل قلبي انه يعجبكم

((الفصل التاسع))
كانت في الصالة تتكلم بالهاتف ، جاءت (نوف) وخلفها تسير (جود) وهي تبكي ، جلست تنظر لها باشمئزاز فمنذ ذلك اليوم وهما لا تتكلمان :
_ أنوار وبعدين معاك ... لا تصيرين سخيفة ... والله الموضوع سخيف ...انتي علشان زعلانة تقولين جذي ... الموضوع انتهى وخلاص طاحت الفاس بالراس ... امرك بكرا مع السواق نروح نقدم مع بعض ... فهد !... أجل ما دام فهد بيقدم مروني اروح معكم ... لا ساره بنت خالتي بتروح مع طلال أخوها ... أوكي ... لا والله بكرا أدخل طب ...(نظرت نحو نوف بتحدي) ... ويصير راسي كبير عليكم ... أوكي يا قلبي ... مو تنسين اللي قلت لك عليه ... باي ... باي .. (وأغلقت الهاتف) .
_ روحي عني ...(وقذفت ابنتها الباكية بعيدا عنها) ... أذيتني ... سالي ... يا سالي ... أعوذ بالله منك ...
_ تعالي جوجو ... حبيبتي تعالي ... (وجاءت الطفلة تبكي في حضن عمتها) ... ليش ؟.. دحومي ضربك ؟...
_ خليها عنك ... دامك تكرهين أمها لا تسوين نفسك تحبينها ...
_ أنا ما كرهك يا نوف ... لا تخلين عقلك صغير ... أنتي بنت عمي ومرت أخوي ... وحتى لو كرهت مرت أخوي ... عيال أخوي غلاتهم من غلاته ... (واحتضنت الطفلة أكثر ) ...
_ يعني الحين أنتي تعزين اخوك ؟!
_ ما أحد له حق يناقشني في معزة راشد عندي ...
_ إذا تعزينه مثل ما تقولين ... ليش تدورين له المغثة ؟
_ والله هذا رأيك ورأي أخوك ... واثنينكم رأيكم مو مهم عندي ...
تطاير الشرر من عينيها :
_ لا تجيبين طاري نايف على لسانك ...
سألت ببراءة مصطنعة :
_ من اللي فتح الموضوع ...!
_ طيب يا بشاير ... (ونهضت نوف غاضبة) ...
وبعد ربع ساعة كانت (نوف) قد دخلت صالة منزل أهلها الكبيرة :
_ قوة أم فارس ...
_ هلا نوف ... (كان عمر الصغير نائما في حضنها) ... وين عيالك ؟...( كانت تنظر لها باستغراب) ...
_ بالبيت ... أمي وين ؟
_ فوق عند أبوك ...
_ ونايف ... راح الشركة ؟!
_ تو الوقت ... يمكن نايم ... نوف خير ؟!
_ خير ... (وركضت تصعد السلم) ...( وجدت نايف قد ارتدى ملابسه يريد أن ينزل السلم) ...
_ نوف !
_ هلا أبو فلاح ... (سلمت عليه) ...
_ شفيك ؟! ... (استغرب من شكلها) ...
_ أبيك بسالفة ...
_ هذا انا ... شعندك ؟!...(وعدل من وضع غترته) ...
ترددت وهي تبدأ بالكلام ، وتمنت لو أنها لم تاتي أصلا :
_ نايف ... خلاص ... لا تتدخل بمستقبل بشاير ... (بدأت عيناه تضيقان) ... خلها كيفها ... التخصص اللي تبيه تبيه ما لنا شغل فيها ...
بدأ يتنفس الغضب الذي يقتله ، سحبها من يدها :
_ تعالي .... (دخل جناحه ، أجلسها على السرير وسط دهشة مريم ، وظل هو واقفا) ... مريم ... خذي حمود وإطلعي برا ... (وظلت مريم دهشة) ... بسرعـــــــــــــة ... (وخرجت دون ان تتكلم) .... (كتف ذراعيه حول صدره) ... شقالت لك أم لسان ؟!...
(نوف) بتوسل :
_ خلاص يا أخوي ... خلها كيفها ... عيبها عليها ...
(نايف) بنفاذ صبر :
_ نــــــــــــوف !... شقالت ؟!
(نوف) تجيبه خائفة :
_ هاوشتني انا وامها ... تقول هذا قراري مو ملزومة أسأل حتى راشد ...
_ عجيـــــــــــــب ...
وبعد تردد :
_ وتقول ... نايف هذا معطينه أكبر من حجمه ... ضيع بدريه وضيع مضاوي ... وذنب بنات العايلة كلها برقبته ...
تنهد وهو يشتعل غضبا ، ظل يرتب غترته فوق رأسه :
_ طيب يا بشاير ... بشوف أي جامعة بتدخلين ؟!
_ نايف لا تضايق نفسك ... بشاير خبلة وراسها يابس ... وحتى راشد ما يقدر على لسانها ...
_ أقصه لها وانا اخوك ...
_ يا ربي منك ... وأنت شعليك منها !.. خلها تولي ...
_ فأمان الله ...
وخرج وكأن الامر قد انتهى بالنسبة له ، وظلت (نوف) تلعن الغضب الذي جعلها تهرع إلى أخيها لتخبره ، وهي تعلم بطبعه الذي لا يقبل الجدال حتى في قراراته التعسفية (الله يعينك يا بشاير) .
وبعد ربع ساعة كان في مجلس (راشد) :
_ نايف ما أقدر ...
ارتشف فنجانه بهدوء :
_ انا قلت لك جيبها هي !... قلت لك جيب اوراقها ... أوراقها بس ...
_ تقديمها بكرا ... والله راح تعصب ...
(نايف) تنهد بنفاذ صبر :
_ الأوراق عند أمك .. صح ؟
_ إيه ... بس ...
_ خلاص قل لأمك إنك بتعطيها لواحد من ربعك واسطة ... وبيدخلها الكلية بسرعة ... راح تصدق ... وإذا صارت الأوراق عندي ما لك شغل أنا اللي أتصرف ...
_ نايف ... بس ... بشاير ... راح ...
_ راشــــــــــد ... وبعدين ورانا شغل ... قم ... وجيب غترتك تأخرنا على الشركة ...
_ زين لا تصيح ... أعوذ بالله منك ... (ونهض إلى الداخل) ...
وفي البنك الذي يعمل فيه مديرا لقسم مهم ، حيث تستثمر عائلته أموالها السائلة من خلاله كان (بدر) يقوم في جولة حول موظفيه :
_ باي يا قلبي ... المدير وصل ... (ويلتفت لبدر ضاحكا) ...
_ انت ما تتوب من مغامراتك ... ترى هذا بنك محترم ...
_ أدري انه محترم يا أبو شوق ... وحياتك ما سويت شي غلط ... كله مكالمات بريئة ...
_ بريئة هاه ... (وظل يبحث في الكومبيوتر) ... الله يستر من اللي وراء هالمكالمات ... آخر وحدة اخوها طاح عليك ولعب في وجهك ... هذي وحدة نيو ؟!
_ يستاهل ... بايده فضح أخته ... (ابتسم بانتصار) ... وهذي نيو بس شنو نيو ؟!... خلصت منها والأهل للحين بسابع نومة ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... خاف من الله يا سالم ... ترى من شق ثوب للناس شقوا له ثياب ...
امتعض من نصائح صديقه فحاول أن يغير الموضوع :
_ يووووووووووه ... آسفين أبو شوق ... نسينا إن المكان محترم ...
_ هههههههههه ... الهم خلصت الشغل اللي قلت لك عليه ...
_ يس ... (وأخذ الماوس من يد بدر) ... هذا هو وزي ما طلبت وأحلى ...
_ تمام ... أنا لولا شغلك الخطير كان طردتك من زمان ...
_ آفاااااااااااا ...
_ بصراحة يا اخي أخلاقياتك زفت ...
_ تمون يا أبو شوق ... (وعاد لعمله وبدر يضحك) ...
دخلت (بشاير) الصالة وقد جلس الجميع فيها يحتسون الشاي بعد العشاء :
_ يمه ... الأوراق حقت تقديم الجامعة عندك صح ؟!
_ الأوراق ! ...
_ إيه يمه شهاداتي ... بكرا أنوار بتمرني فهد بيودينا نقدم عالجامعة ...
_ الأوراق مو عندي ...!
_ إلا يمه ... أنا عطيتك ياهم ... شلون مو عندك !... يمكن حطيتيهم بالتجوري ... عطيني المفتاح حق الخزانة وانا أدورهم ...
_ راشد أخذهم مني اليوم ... يقول واحد من ربعه واسطة وبيدخلك بسرعة ... هو ما قال لك ..؟!
_ ما قال لي ... ومنو هذا اللي عطاه ياهم ؟!
_ والله ما أدري يا يمه ... (وتحتسي شايها) ...
_ أمولوه وجع إن شاء الله ...
صراخ (عهود) على (أمل ) التي ضربت شقيقتها الصغيرة أخرج (بشاير) من تفكيرها العميق فانطلقت تصعد الدرج ، اتجهت إلى غرفة (راشد) وضربت الباب :
_ بشاير !
ظلت واقفة تنظر لنوف باشمئزاز :
_ راشد وين ؟ ... أبي أكلمه ...
_ أخوك تعبان ويبي يرتاح ... توه راجع من الدوام ...
_ لا ما عليه خل يكلمني أول ... (ولم تتحرك نوف ، فنادت) ... راشــــــــــــد ...
وخرج (راشد) نحو الباب وهو يرتدي دشداشة نومه :
_ خير شفيك ؟... (نظر للفتاتين الغاضبتين من بعضهما) ... أمي فيها شي ؟!
_ لا أمي بخير ... راشد أبي أكلمك ...
_ هذا انا ... شعندك ؟
_ تعال لغرفتنا ... (ونظرت نحو نوف بتحدي) ...
تثأب بكسل :
_ ما يتأجل الموضوع !
_ لا ...
وانصرفت إلى غرفتها وتبعها راشد ، دخل ثم أغلقت الباب وجلس هو على سرير عهود .
_ منو خويك اللي عطيته أوراقي؟
_ هاه ... (ابتلع ريقه) ... أي أوراق ؟
_ شهاداتي ... أمي تقول إنك أخذتهم وعطيتهم واحد من ربعك ...
_ هاه ... (حك على رأسه وابتسم) ... إيه صح ...
_ وليش ما قلت لي ؟!
_ هاه ... (اصطنع الغضب) ... فوق ما تشكريني ؟!
_ راشد انا مو محتاجة واسطة ... نسبتي والحمد لله زينة ...
_ خلاص خليه هو يتدبر الموضوع ويريحك من الفرفرة ...
_ لا ... دق عليه الحين خل يجيب الأوراق ... أو روح له انت ... بكرا فهد بيوديني أنا وأنوار الصبح ونقدم ... وإذا صارت لنا مشكلة ... أكيد عمي عبدالله بيكون موجود ...
_ أدق عليه ! ... الحين !
_ إيه تو الوقت ... خل يرجع أوراقي ما أبيه يتوسط لي كثر الله خيرك وخيره ...
_ بس ... هو ... بس ..
_ راشـــــد ... شفيك تبسبس ..؟!
ثار بخوف :
_ بشاير ... إنتي لازم ما تدخلين الجامعة ...
_ شنو ؟!
_ اللي سمعتيه ... انتي بنت وما تعرفين مصلحتك ...
_ راشــــــــــــــد ... (كتفت ذراعيها) ... أنت وين وديت الأوراق ؟
_ عطيتهم ... واحد ...
_ ومنـــــــو هالواحد ؟!
صراخها كان يوتره ، وبعد تردد :
_ نايف ... نايف ولد عمي ...
_ نايف !
_ إيه ... نايف ... إذا ما تبين تسمعين كلامنا هو يتفاهم معاك ...
(بشاير) بدأت دموعها تترقرق في عينيها :
_ قل له يجيب أوراقي ...
_ يوووووووووووووووه ... (وخرج من الغرفة كلها) ...
_ راشــــــــــــــــــــــد ...
واستسلمت بيأس فأوراقها أصبحت بيد (نايف) الآن ، اتجهت إلى السلم ثم إلى الصالة :
_ عبدالرحمن ... تعال ... (جرته إلى الزاوية) ...
_ ثتبين ... (كان أسنانه قد بدأت تسقط) ...
_ تبي ... فلوس تروح السوبر ماركت ...
_ والله ...
_ اسمع ... روح لأمك وقولها أبي ألعب بجوالك وجيبه لي ...
_ ما أقول عمه بثاير تبيه ...
_ لا قول أبي ألعب فيه ... وأنا أعطيك فلوس ...
_ ثين ... (وانطلق الصغير) ...
وفي غرفة نومهما :
_ وشو ؟!
_ هههههههههههههههه ... حتى أنا انصدمت اول ما قال لي ...
_ انخبل ولدك !
_ يا حليله والله كبر وصار يعشق بعد ....
_ خله يولي زين ... وينه وين العشق ... ما عليك منه ...(ابتسمت) ... خلنا لاهين بفرحة ناصر و انوار ...
_ وشو ما علي منه ! ... الولد يقول يفكر فيها وما راح ينجح والسنة الجاية آخر سنة ...
_ لا والله ... وإن شاء الله كل ما فكر ببنت رحت وزوجته لها ... كسبنا خير ...
_ لا هذي اول مرة يقول لي أبي أتزوج ... كل مرة يسولف سوالف مراهقين بس ... هالمرة أحسه جدي ...
_ خبل ما يدري أرضه من سماه ... وبعدين أنا أبي أزوجه حصه ... بس خل يخلص دراسة بالاول ...
_ أقولج الولد يبي منال ... تقولين حصه ...
_ من زينها منال ! ... وبعدين أكبر منه ... وأنا لا يمكن ... (ودمعت عيناها) ... لا يمكن أزوج ولدي ... لبنت مزنه ... وأنت تدري يا عبدالله ...
_ لا إله إلا الله ... شجاب سيرة مزنه الحين ؟! ... البنت بنت أخوك ...
_ انا أصلا مجود مدري منين طلع لي بهالسالفة ؟...(وخرجت من الغرفة غاضبة) ...
تنهد بيأس :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
كان كعادته في مكتبه المنعزل الذي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه وازعاجه ، يعمل على اموال العائلة التي أصبحت بين يديه منذ أن شاخ والده ، فجأة رن هاتفه الجوال :
_ آلووووووو ....
وبعد تردد :
_ آلوووووو ... نايف ...
عرف صوتها ، أغمض عينيه مقهورا ، كان يعلم بأنها جريئة ولكن ليس لهذه الدرجة ، نظر إلى ساعة الحائط فوجدها تشير إلى الثانية عشر فازداد غضبه :
_ نعم ...
نبرته الباردة زادت من احساسها بالقهر :
_ نايف أنا بشاير ...
باستهزاء :
_ بشاير بنت عمي !
_ نايف ... أبي الأوراق ...
ببرود مميت :
_ أي أوراق ؟!
كانت بشاير قد بدأت تفقد صبرها :
_ شهاداتي ...
_ إيه ... (عاد بظهره إلى الوراء) ... وشتبين فيهم ؟
_ أول شي انت ما لك حق تسألني هالسؤال ... ثانيا أظن انه عيب يا ولد عمي تستغفل اخوي وتأخذ الاوراق وانا ما أدري ... (كان لا زال صامتا يغلي غضبا) ... شفت شلون كنت تدري إنك غلطان ولو ما كنت عارف إن اللي تسويه غلط كان جيت وطلبتهم مني ... هذا إذا لك حاجة فيهم ... نايف ... (وظل صامتا ، رجال كثر لم يجرؤا على أن يكلموه بهذه الطريقة ، من أين جاءتها الجرأة ؟.. كم رجلا كلمت بهذه الطريقة ... وتذكر الشابين في محل الحلوى فعقد حاجبيه) ... نايـــــــف ...
_ تدرين إن لسانك طويل ... وطويل حيل بعد ...
_ إيدك أطول يا أبو فلاح ...
تقدم بجسمه إلى الامام ليستند على المكتب ، تنهد ومسح وجهه المتوتر بيده :
_ بشاير ... سكري التلفون دام النفس عليك طيبة ...
بتحدي يائس :
_ أبي أوراقي ...
ضغط على كل حرف قاله :
_ موضوع الجامعة إنسيه ... الأوراق بسيارتي الحين وحتى اللي بالوزارة سحبتهم اليوم ... بس ورحمة أبوك يا بشاير ما أنام الليلة إلا وأنا حارقهم ...
_ نايف ... (بدأت ببكاء خنقته) ... أنت ...
صرخ بصوته الجهور :
_ جب ولا كلمة ... إن طولتي لسانك ... (أغلقت الخط في وجهه) ...
_ ألعن ...(ورمى الهاتف نحو الحائط فأصبح قطعا متناثرة) ...
نظرت نحو الساعة المعلقة لقد تعبت من الانتظار وهو لم يعد بعد ، كيف ؟! ولماذا ؟! لن تستطيع أبدا لن تستطيع ، ابنها وابنة مزنه مستحيل ، إنها لم تتقبل الفتاة حتى بعد كل هذه السنوات فكيف تسمح بأن تصبح زوجة لابنها ، فتح الباب ودخل ابنها الفاتن بعينيه النجلاوين وابتسامته الحلوة :
_ هلا ... وغلا ... (وفتح ذراعيه) ... بأم ماجد ...
لكن نظرتها الجامدة ردته :
_ أنت شقايل لأبوك ؟...
اتسعت ابتسامته :
_ قال لك أبوي ... لا تخافين يمه بتكونين أحلى ام معرس بالعالم ...
_ اسمع يا مجود ... هذي السالفة تشيلها من راسك ... فاهم ولا لا ؟
تحولت ملامحه الجميلة إلى الجدية الهازلة :
_ لا ... أبوي قال لي خلاص ... يعني السالفة بتم ...
كتفت يديها إلى صدرها :
_ وانا أقول ما في شي يتم بدون ما اوافق انا ... واظنك عارف هالشي ...
نعم يعرف فشخصية أمه الحديدية دائما ما حطمت هشاشة قرارات والده ، فسأل برجاء طفل صغير :
_ طيب ليه يمه ؟
اشاحت بوجهها عنه :
_ من غير ليه ... انا منال ما أبيك تتزوجها ...
اجاب بيأس طفولي :
_ أدري ... علشان أمها وخوالها ... بس يمه منال بنت خالي ... مو بنت امها ... أصلا هي ما تعرفها ...
_ مــــــــــــــــــــــاجد ... لا تطولها وهي قصيرة ... زواج ما في ... فاهم ؟
_ لا يمه ... (وارتفع صراخه) ... منال بتزوجها يعني بتزوجها ...
وصفعة والدته المقهورة دوت في انحاء الصالة فمنعته من أن يكمل كلامه .
_ مامــــــا ... (كانت دموع ريم قد تساقطت وهي تقف على السلم ببجامة النوم) ... شفيكم ؟!
_ أخــــــــــــــــــــــوك ...(وأشارت إليه باشمئزاز) ... هذي آخرة الدلال ...
_ حصه ... (ونزل السلم يركض وهو يتجه نحو ولده) ... الله يهداج ...
نفض يد والده الذي جاء ليمسك به وهو يمنع دموعه التي تترقرق في عينيه من السقوط ، تكلم ببطء حتى يسيطر على نفسه :
_ يبه ... بكرا تروح معي نخطب منال ... وإلا والله أذبح نفسي ...
وجاء صراخ (ريم) الممزوج بالبكاء :
_ ماجــــــــــــــــــد ...
أجابه صوت امه الصلب :
_ أذبح نفسك ... أحسن من إنك تتزوجها ...
نظر نحوها بتحد مؤلم يحاول ان يضاهي فيه صلابتها وصرخ :
_ يبه بتروح معي ؟!
_ يا ماجد ... يا يبه ... قل لا إله إلا الله ...
_ عبـــــــــــدالله ... انا وهالبيت حرام عليك إن طعت هالنزغة ...
_ مامــــــــــــــا ... (وانفجرت ريم بالبكاء) ...
وخرج (ماجد) يائسا من نصرة والده وصفع الباب خلفه بشدة :
_ زين الحين ... وإذا سوى في نفسه شي ...
جلست تضرب أخماسا بأسداس بعد هذه المعركة الحامية :
_ أحسن خله يتأدب ... أستاهل دلعته لما خرب علي ... أنا اللي أستاهل ...
وفي سيارته كان يغلي غضبا ، رفع هاتفه وبعد قليل أجابه صوت نائم :
_ آلووووو ...
_ صلاح ... خل الحارس يفتح لي البوابة ...
نظر إلى شاشة الهاتف وهو نائم في مرسمه :
_ ماجد !.. انت وين ؟!... كم الساعة الحين ؟!
_ قريب عند بيتكم ... افتح المجلس بلا هذرة ... وحط لي فراش أبي أنام عندكم ...
_ زين ... يالله ...
وبعد عشر دقائق ، كان يدخل عبر باب المجلس الكبير ، وجد (أحمد) جالسا على فراشه يشاهد التلفاز وسيجارته بيده ، وبجانب رأسه فراش آخر :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
_ صلاح وين ؟!
_ قال للحارس يفتح لك البوابة ... شافني بالمجلس حط فراشك وقال إنك بتجي وراح نام ...
تمدد (ماجد) على فراشه :
_ لا يا قليل الخاتمة ...
_ ههههههههه ... يا حليلكم يا البزران لا صرتوا تقلدون الرياجيل ... (رمقه ماجد بعدم اهتمام) ... ههههههههههههه ... أمزح معك ... يا حيالله أبو عبود ... تبي قهوة ؟
لم تكن هناك حتى قهوة :
_ لا ما أبي ... غريبة اليوم قاعد بالبيت ... ما في سهرة ؟!...(وأغمض عينيه بعد أن وضع ذراعيه تحت رأسه) ...
_ ما في مزاج وأنت الصاج ...
حاول (ماجد) أن يغط في النوم ، (أحمد) ظل يشاهد التلفاز حانت منه التفافة إلى ابن عمه ، فرآى علامة حمراء قد زرعت في خده كان يؤلمه دائما ان يرى (ماجد) يتأذى لم يكن يحتمل هذا الشعور بالذات :
_ أقول يالحبيب ... منو مشخبط وجهك ؟!
(ماجد) ولا يزال مغمضا عينيه :
_ طحت ...
اكمل (أحمد) متابعة التلفاز ، ولكن (ماجد) فتح عينيه وظل يفكر بما حدث ، أخيرا التفت بجسمه إلى (أحمد) :
_ أبو حميد ...
_ هاه ... (كانت عيناه مسمرة على التلفاز) ...
_ أنت أخوي ؟
التفت إليه :
_ ماجد خلصني ... قول منو مسوي فيك كذا ... وانا أشخبط لك وجه أبوه اللي جابه ...
لمس (ماجد) أثر الصفعة بيده فأحس بالألم :
_ لا ... هذا الله يسلمك كف الوالدة ...
_ هههههههههههههه ... أما امك هذي ... يا أخي عليها حركات ... هههههه ... وليه ارقعتك هالكف ... ما فرشت أسنانك !... ولا ما شربت الحليب قبل النوم !
_ تطنز هاه ؟... الشرهة مو عليك على اللي يشكي لك ...
_ ههههههههههههههه ... نمزح يا أبو عبود ... شفيك اليوم صاير شرارة ...
التفت على جانبه الآخر :
_ أحمد ترى حدي مو رايق لك ...
وساد الصمت بينهما وعاد (أحمد) لتلفازه :
_ أحمد ... (والتفت إليه مرة أخرى) ...
_ هاه ...
_ انت تذكر سالفة خالي فواز ...
التفت إليه متعجبا :
_ الله يرحمه ... وش جاب الطاري على بالك ؟!... (وتمدد على فراشه وهو يفرش الغطاء فوق جسده) ...
أمسك (ماجد) بالريموت كنترول وأغلق التلفاز :
_ جاوبني ...
_ يعني أذكر شوي ... كنا صغار ...
_ وش صار ؟
_ كان هو وخويه عبداللطيف نسيب عمي فلاح طالعين البر ... وتهاوشوا لأن زوجة عمي فلاح كانت تشكي من عمي فواز وأنه كان أقشر معها ... وشكل هوشتهم كانت قوية وبالليل إذبحه بسلاح الصيد وغدر فيه ... وبعد العزا وبعد ما هدت السالفة ذبح عمي فلاح عبداللطيف ودخل السجن وكانوا يبون يقصونه وبالغصيبة تنازلوا ... وخلصت السالفة على كذا ...(غطى أحمد عينيه بساعده وبدأ يحاول النوم) ...
_ ومنال ؟!
رفع يده عن عينيه :
_ منو منال ؟!
_ بنت خالي فلاح ...
_ إيه ...(ووضع ساعده على عينيه) ... اللي جابتها أخت عبداللطيف ... بعد اللي صار طرد عمي فلاح أمها وأخذ البنت ومن يومها ما شفناهم ولا شافونا ... أصلا حتى البنت ما شافت أمها ...
_ بس حرام ...
_ وشو اللي حرام ؟!
_ يأخذ البنت من أمها ... تدري يا أحمد خالي فلاح أقسى واحد شفته بحياتي ...
_ أنت شفيك اليوم ؟!... وشعندك على سيرة منال ؟!
_ آآآآآآخ يا أحمد آآآآآآخ ... أبيها ...
_ منهي ؟!... هههههههههههههههههههههههههه ... (ونام على بطنه حتى يتمكن من رؤية وجه ماجد) ... وانا أقول الوالدة مسطرتك ولام خشتك وجاينا بأنصاص الليالي ... أثر السالفة فيها بنت ... الله يخسك بس ...
_ أحمد صدقني مو رايق للتهزء ...
_ أدري ولا راح تروق ... ماجد أنت خبل ؟!... الحريم ما وراهن إلا وجع الراس اسمع مني ... (وعاد يكمل نومه) ...
_ يعني أنت ولا مرة حبيت يا أحمد ...؟!
_ لا حول ... حالتك والله كسيفة ... نم بس نم ... دنيا ... يشيل كتب ويروح للمدرسة ويدور العرس ... إذا نويصر عزوبي العايلة الشهير ما قرر يتزوج إلا وعمره فوق الثلاثين ...!
(ماجد) كان في عالم آخر يفكر ب(منال) وكيف سيحلم بها هذه الليلة ، ولم يسمع من (احمد) كلمة واحدة .

ارادة الحياة 14-05-08 03:38 PM

((الفصل العاشر))
وفي صباح اليوم التالي علم الجميع بأن (نايف) منع (بشاير) من الالتحاق بالجامعة منعا نهائيا ، البعض رثى لها والبعض الآخر تشفى وبعضهم يرى بأنه مهما فعل فلا بد أن يوصف تصرفه بالحكمة لأنه (نايف) ، نعته البعض بالمستهتر ولكنه لم يجرؤ على ان ينقض قراره أو أن يقول ذلك في وجهه ، وهكذا مر يوم التقديم للجامعات يحمل فرحة من اكمل تسجيله وحسرة (بشاير) على المستقبل الذي ضاع .
_ بس هذي يا ماجد ...
_ يعني موافق يا خالي ....
تهللت أسارير خاله الوقور :
_ غالي والطلب رخيص وأنا خالك ... تبيها الحين خذها ...
_ تسلم ... (ويقبل رأسه) ... يا بعد قلبي والله ...
يقاطعهم (فارس) الذي كان يراقب ما يحدث :
_ يبه حتى أنا أبي أتزوج ...
_ ههههههههه ... انت اخلص درس بالاول وتبشر بالعرس ...
أجاب بلؤم :
_ هذا ماجد ما خلص درس !
_ أفففف ... كبرك أنا ... لا تصير قطاع رزق ...
_ خل أقوم أشوف هم جهزوا القهوة ولا بعد ...
_ ما أبي قهوة مشكور ...
_ لا تستانس مو لك يا النسيب ... حق أبو مزعل اللي بيسير على أبوي اليوم ... (وانصرف) ...
_ إلا لا ابوك ولا امك كلموني ...
(ماجد) بخجل حزين :
_ يعني أنا ما أسد يا خالي ...
_ لا والله كفو وأنا خالك ... (ابتسم) ... زين اللي أنت اللي جيت لو غيرك كان رديته ... هذي الفرحة والله ... فرحة ناصر والحين فرحتك ...
_ خالي ...
_ سم ...
بخجل شديد :
_ أبوي موافق ... بس أمي اللي ما رضت ... تقول ...
رفع يده يقاطعه :
_ أدري وش تقول أمك ... ما عليه وانا خالك اعذرها ... هي من سالفة خالك فواز وهي شايلة الغل ...
_ بس منال ما لها ذنب ...
_ عاد وش تسوي بعقول الحريم الناقصة ...
وبخجل أشد :
_ خالي ... أقول لأبوي علشان المهر ..
_ وش مهره ؟... خلاص منال لك ... وأنا أعطيها اللي يكفيها ...
_ يا بعد راسي يا خالي ... (وينهض ليقبل رأس خاله بفرحة مضاعفة) .
دخل (فارس) المطبخ ، وجد والدته كالعادة تشرف على إعداد الغداء ، و(منال) كانت تعد مع الخادمة قهوة الضحى لوالدها ، اتجه نحو اخته وهو يرقص حاجبيه ويترنم بأغنية :
_ مبروك ... مبروك ... مبروك ... مبروك ... (حمل صينة القهوة وانصرف) ...
(أم فارس) باستغراب :
_ شفيه الولد ؟!
(منال) باستغراب أكثر وهي تهز كتفيها :
_ ما أدري ...
وفي غرفتها التي لم تفارقها منذ أسبوع كانت تتحدث في الهاتف ، والدموع تتساقط دون توقف :
_ ما أدري أول مرة أحس إني عاجزة يا أنوار ...
_ بصراحة نايف حيل دكتاتوري ... الله يعين مريم عليه ...
_ هي زوجته مجبورة تسمع كلامه ... أنا ليش يتدخل بحياتي ويهدمها ...
_ شنو نسوي حكم القوي على الضعيف ... ما تذكرين شلون خلا مضاوي تتزوج سيف وهو مريض وأمك مو راضية وضيع شباب المسكينة ... ولا بدريه طين عيشتها علشان يزوجها لأحمد هالصايع ...
_ والحل يا انوار ... مو قادرة أظل كذا وأحس احلامي كلها ضاعت ...
_ بدر كلمه وقال لا أحد يتدخل بهالموضوع ... ودلال قالت لمشعل يكلمه بس تعرفين كلهم يخافون منه ... قطيعة صاير لنا هتلر ...
_ الله يأخذ عمره وأفتك منه ...
_ ومتعب !... درى ؟!
_ ساره تقول أنه عصب ... وكل ما أدق على بيتهم يشيل التلفون وأسكره ... أحس أني إذا كلمته بأبكي ... ما أبي أحسسه بقلة الحيلة ... (تنهدت بحسرة) ... حسبي الله عليك يا نايف ...
_ تكرهينه ؟!
_ مووووووووووت ... والله لو أشوفه لقطعه ... (تنهدت أنوار بحسرة) ... وأنتي نونو ... أخبار الحبيب ؟!
_ قطيعة ... حبته القرادة إن شاء الله ...
_ ههههههههههههه ... يا أنا وياج علينا حقد مو طبيعي ...
_ على الأقل أنتي أرحم مني ... هالعلة ناصروه راح أعيش معاه ... وعععع ... الله يعيني بس ...
_ ههههههههههههههههههه ... نونو حبيبتي أقلمي نفسك ... ترى والله ناصر حليو ...
_ لا حلت دنياه إن شاء الله ... مليق حده ... يرفع الضغط ... وأحسه إنسان فاسد ...
_ هههههههههههههه ... فاسد هاه! ... قولي يالله (عملك إيه يا بت !) ...
_ هذا اللي ناقص (يعملي وأعمله) ... أحسن أدخل أصابعي بعيونه ... أصلا من يوم الملكة القشرة ما شفته ولا سمعت عنه ...
_ ما حدد العرس للحين ... أنوار ... أخاف تحسف الرجال ؟!
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين ...
وظلت (بشاير) تضحك من سفاهة إبنة عمها .
انتشر خبر خطبة (ماجد) ل(منال) في أرجاء المنزل الكبيرة ، تراوحت ردات الفعل بين الفرح والاستغراب ، أما هي فجلست في غرفتها منعزلة تبكي الزمان وتشكي للجدران عن ظلم لا تعرف له أساس يا ربي العايلة كلها تكرهني ... انحرمت من أمي ... تحملت وزر ذنب ما لي يد فيه ... حتى الدراسة الله ما قسم إني أكملها والسبب هالنفسية الزفت ... كل نظراتهم تتهمني ... كل تصرف منهم يحسسني إنهم قرفانين مني ... حتى أبوي !... الله يسامحك يبه والله ما لي ذنب ... ولا أمي شهالقلب اللي لها ؟!.. معقولة نستني ... الله لا يسامحك دنيا وآخرة خليتني أحس بالنقص وين ما اتجهت ... يا ربي والله شبعت من العذاب لين قلت بس ... والحين جاي هالبزر يكمل علي ... ليش يبه ؟!.. ليش توافق ؟!... أسبوع وبيمل مني ويرجعني وأنا مكسورة أكثر ماني مكسورة ... ماجد أعرفه دلوع ... على باله الزواج لعبة ... الله يعيني عليك يا عمة ... أنتي من غير شي كارهتني)...
ودي أبكي لين ما تبقى دموع ودي أشكي لين ما يبقى كلام
من جروح صارت بقلبي تلوع ومن هموم احرمت عيني المنام
وفي الصالة كانت تتحدث في الهاتف :
_ هـــــــاه ... (وانتقع لون وجهها) ... (نظرت أمها نحوها بخوف ، وكذلك والدها) ... طيب حصة ... أكلم ماما وأدق عليك ... أوكي !... باي يا قلبي ... باي ...
_ عمى خرعتوني ... خالك فيه شي ؟!
_ استهدي بالرحمن ... (التفت نحو ابنته المرعوبة) ... شعندها بنت خالك يبه ؟!
_ مــــ ... (ونظرت نحو والدتها بخوف) ... مـــــاجــ... ماجد ... ماجد خطب منال يبه ...
الأم برعب :
_ وشو ؟!
_ وحصة تقول خالي عطاه ...
تنهد الأب ونظر نحو زوجته بتشفي وهو يعود لأوراقه :
_ كل آفة وفوقها آفة ...
_ طيب ... والله ما يفرح فيها ... أنا أعلمه شلون يتحداني ...
_ يمـــــــــه ... (ولكن امها انصرفت لا تأبه لأحد ، فنظرت نحو والدها وهما يائسين) ...
وفي منزل (أبو نايف) كانت الأصوات تتعالى وهو يغط في قيلولته :
_ تعوذي من الشيطان يا عمة ...
_ روح قعد أبوك يا نايف ... (كانت تتنفس بصعوبة وهي لا تزال واقفة) ...
(أم نايف) تمسك كتفيها لتجلس :
_ بالهداوة ... كل شي بالهداوة يا أم ماجد ...
كانت (حصة) والصغار يسترقون السمع لهذه المسرحية الدرامية وهم على الدرج ، (منال) خرجت من المطبخ وهي متفاجئة :
_ هاه !... جت ام الدواهي ... اموت وأعرف شمسويه لولدي يا بنت مزنة ...؟!
_ عمــــــــــــــــــه ... منـــــــــــــــال ... روحي داخل ...
صراخ (نايف) انقذ الموقف الحرج ، دخلت (منال) المطبخ والدموع تتساقط من مآقيها التي لا تجف (كل مرة عمتي تتحاشاني ... أول مرة تنفجر فيني كذا ... الله يسامحك يا ماجد) ، ولا زال الصراع في الصالة :
_ يا جماعة قولوا لا إله إلا الله ... (كانت مريم تهز طفلها الصغير الذي زاد بكاءه من توتر الأجواء) ...
_ لا إله إلا الله ... (جلست العمة وجلسوا معها) ... ترضى ؟!... ترضى يا نايف ولدي يطلع عن شوري ...
(أم فارس) بحيادية :
_ يا ام ماجد ... وشو طلع عن شورك ؟!... الولد يبي بنت خاله ... ليش مكبرة السالفة ...
بصوت قاطع كالسيف :
_ حصة إيه أزوجه من باكر ... منال لا ...
فقد (نايف) أعصابه :
_ هاه ... عمــــــــه ... شفرق منال عن حصة الله يهداك ؟!
_ وش تسون ؟!
ارتعدت فرائص (حصة) و(مشاعل) و(فارس) و(فلاح) الصغير وأخذ كل منهم يصدم بالآخر حتى هربوا من أمام والدهم بصمت ودون ان ينطقوا بكلمة ، نزل (أبو نايف) السلم وهو يستمع لبقية هذا النقاش ، فقاطع صوته الجهور الجلسة المنعقدة :
_ حيا الله أم ماجد ... حيا الله أختي ...
سلمت عليه وقد تلاشت صلابتها لتتحول إلى انكسار عميق :
_ هلا بأخوي اللي ما عاد يسمع شوري ...
_ آفااااا وأنا أخو حصة ... أدري فيك زعلانة ؟!... مالج إلا طيبة الخاطر إن شاء الله ... اجلسي ... اجلسي تعوذي من إبليس ... (نظر نحو البقية) ... خلونا لحالنا ... (وبدأ الكل بالانصراف بهدوء) ... نايف ... خلك يا أبوك ...
_ تامر يبه ... (وجلس معهم) ...
التفت إلى أخته :
_ الحين أنتي وش اللي مزعلك ؟!
_ ليش تزوجه ؟... ولدي عصاني يا أخوي ... وطول لسانه علي ...
_ غصبن عن خشمه يجي يحب راسك ويستسمح منك ...
_ لا تعطيه بنتك !
_ هاه ... حصة لعب عيال هو ؟!... الولد جاني وأنا عطيته ...
_ هذا انت قلتها ... ولد ... والله مجود مو مال زواج ...
_ حصـــــــــة ... شهالكلام ؟!... أنا موافق وعبدالله موافق والولد يبي البنت ... ليش تطولين السالفة ؟!
بيأس :
_ أنا ما أبيها ...
بصرامته المعهودة :
_ ومن متى أنا أسمع رأي الحريم إن شاء الله ...!
_ بس يا أخوي ...
رفع يده يقاطعها :
_ خلاص ... الولد عطيته البنت ... والملكة بكرا إن شاء الله ... والمهر وقلت لماجد لا يشيل همه ... يعني سالفتنا اخلصت ...
بحدة مقهورة :
_ أنا ما أحضر ... لا ملكة ولا عرس ...
وقف بقامته المديدة :
_ والله كيفك ... مو متعطل ... أنتي ما احد قوى عينك إلا عبدالله وسواياه ... (وانصرف مشمئزا من تصرفات أخته) ...
التفت والدموع تملئ عينيها :
_ عجبك إلا يسويه أبوك ... ؟!
حدق فيها (نايف) بيأس (يا شين عقول الحريم) .
اما في مجلس (أبو بدر) ، كانت (شريفة) وبقية الشباب في جلسة عائلية تعبق برائحة القهوة :
_ صج يا مجود ؟!...(كانت فرحتها لا توصف) ...
_ إيه والله يا خالتي ...(كانت ابتسامته تتسع) ... خالي قال لي لا تشيل هم ...
(مشعل) بخبث :
_ هب يا وجهك !... كم عمرك أنت ؟!
(ماجد) بكل براءة وتحدي :
_ 17 سنة ... (وحين رأى استهزاء مشعل) ... وثلاث شهور ... ليش مو بعينك ...!
_ الله يغربل ابليسك ... أنا لو متزوج من زمان عندي ولد كبرك ... (التفت نحو بدر) ... ولا بدر حفيده يطلع كبرك ...(ضحك الجميع) ...
أجابته ملامح (بدر) البشوشة :
_ ما عليك منه ... مبروك يا أبو عبود ...
اصطبعت ملامحه الحلوة بلون الخجل الدافئ :
_ الله يبارك فيك ...
(شريفة) كانت تنظر نحو ابن أختها وتتأمله ، كان لا يزال غضا ، طفلا وجد شيئا جديدا يبهر عيناه :
_ بس مو توك صغير يا ماجد ؟!
توترت ملامحه (شفيهم هذولا علي : صغير صغير) :
_ لا خالتي لا صغير ولا شي ... الملكة بكرا ... وأقول لخالي الزواج بعد أسبوعين ...
ضحك (بدر) وغص (مشعل) بفنجان قهوته :
_ يمه منك ... مشفوح أنت ؟
_ محتر يا البطة ...
سألت (ِشريفة) :
_ أقول مجود ... (وعبست ملامحها) ... أمك شقالت ؟!
احتسى فنجانه بهدوء :
_ عطتني كف ... واطردتني من البيت ... وشكلها ما تبي تشوفني بعد ... (نظر بدر نحو عمته التي بادلته نظرة الحزن والألم على مصير هذا الشاب) ...
_ هههههههههههه ... كل هذا علشان بنت ... صج إنك مراهق ...
سخرية (مشعل) الحلوة قشعت جو الكآبة بعيدا :
_ والله عاد منووووله تستاهل ... صج طلع عندك ذوق يا مجود ...
_ والله خالة ... (طار من فرحه) ... يا بعد رأسي والله ... (وقبل رأسها) ..
ضحك الجميع ، ودخلت عليهم (أم بدر) سلمت على (ماجد) وبعد ان علمت باركت له ، ثم جلست بجانب (بدر) الذي قال :
_ شفتي يا يمه ... هالماجد طلع مو هين ؟!
_ وحنا على بالنا دلوع ...
_ دلوع بعينك يا البطة ... (التفت نحو بدر وبجدية) ... عاد الباقي عندك يا أبو شوق ... تكفى ...
_ هههههههههه ... بدأ الرجال ... قول شعندك ؟!
_ أبي وظيفة ... عندك بالبنك !
_ والمدرسة ؟!
_ من صجك تبي أروح المدرسة ... لا يبه خلاص ما في مدرسة ...
(أم بدر) بمأساوية :
_ لا تترك الدراسة يمه ...
(مشعل) بجدية :
_ إلا صج يمه شكله يفشل ... منال بكرا تقعده ... (وبصوت ناعم " مجود حبيبي قوم روح المدرسة ولا تنسى تكتب واجب العلوم الأستاذ راح يهاوشك")... هههههههههه ... ما تسوى عليك ... يا أبو عبود ...
ضحك الجميع ، واكفهر وجه (ماجد) :
_ ترى حدك مليق ... (والتفت لبدر) ... هاه بدر شقلت ؟
_ ما أقدر يا ماجد ... الشغل بالبنك يبيله خبرة وشهادة ... كله حسابات وإدارة أموال ...
قاطعه (مشعل) :
_ وانت حتى فراش ما تصلح ...
يكمل (بدر) كلامه :
_ ليش ما تشتغل مع نايف ؟! كلم عمي أبو أحمد وما راح يردك ...
_ انا ما أبي أشتغل مع نايف ... يكرف كرف ... وعصبي بعد ... وملتزم يزهق الواحد ...
ضحك (مشعل) :
_ هههههههه ... وأنا أشهد ... شفت الضيم معاه ...
واندهش (بدر) :
_ يعني الحين أنا السربوتي ...؟!
_ هههههههه ... كسر فيك يا بدر ..
_ أنت يا البطة لا تشيش ... يا أبو شوق ... أنت حتى وجهك يجيب العافية ... تقعد مبتسم ... تنام مبتسم ... حتى مرة كنت تهاوش فهد وأنت مبتسم ... (ابتسم بدر من كلامه) ... مو مثل نايف ... تقول ضابط ... حتى مع عياله مكشر ... وجهه يخرع ...
_ الحين نايف يخرع ...؟! (شريفة وهي تنظر لهم بنص عين) ...
(أم بدر) ولا تزال بقايا الضحكة مرسومة في وجهها :
_ والله عاد كلكم ما فيكم اللي بزين نايف ... الله يحفظه لشبابه يا رب ...
_ إيه والله حتى انا مرة عشقته ... بس عيا لا يتزوجني ...(ضحك الجميع من كلام مشعل) ...
ووافق (بدر) بقلبه الكبير على ان يعطي (ماجد) وظيفة في البنك الذي يعمل فيه بحكم نفوذه ونفوذ عائلته في هذا البنك ، مرت الملكة وسط فرحة (ماجد) الغامرة رغم عدم حضور والدته ومنعها (ريم) من أن تحضر ، ولان (ماجد) قد اختطف الأضواء في يوم ملكته استعجل في زواجه واتفق مع خاله على أن يكون زواجه مصغرا بعد أسبوع وفي منزل خاله ، اشترى له والده شقة راقية واشترط أن لا يخبر (السلطات العليا حتى لا يثير المشاكل بينهما) ، (نايف) تكفل بمصاريف شهر العسل الذي اختار (ماجد) أن يقضيه في باريس .

ارادة الحياة 14-05-08 03:40 PM

((الفصل الحادي عشر))
وبعد أسبوع إمتلىء البيت الكبير من المعازيم الرجال والنساء ، كانت الفرحة الغامرة تخرج من كل زواية في هذا البيت ، الكل سعيد والكل فرح ، مباركات الرجال لا تنتهي ، ومجلس النساء انقلب رأسا على عقب من تأثير أصوات الموسيقى .
_ صلاح !... جيب لي عصير ... عطشت ... (كان ينظر لمشعل الذي انهى آخر كوب للعصير وهو جالس بجانبه) ...
ابتسم لابن عمه الذي يجلس على كرسيه الفخم وهو في أبهى حلته :
_ تبشر ... معرسنا ... (وانصرف) ...
اقترب منه (فهد) :
_ والله صرت رجال يا مجود ...
_ رجال غصبن عنك ...
(مشعل) ولا زال ينظر في الكأس الفارغ :
_ من قدك ... بشت ... ورزة ... (غمز له) ... وعروس ...
_ اذلف زين ... (وأشاح بوجهه عنه) ...
وفي زاوية أخرى ، يميل (نايف) على (بدر) الجالس بجانبه :
_ لو زافين أختك على احمد مع ماجد اليوم مو أحسن ...؟!
تنهد (بدر) :
_ لا حول ... نايف أنت ما تمل من هالسالفة ؟!
_ ولا راح امل ... الحقير ولد جلوي على باله يقدر يرجعها ... انتم ليش ما تفهمون ؟!
_ أقولك البنت ما تبيه ... ما تبيه يا نايف ...
_ وشو اللي ما تبيه ... مو على كيفها ...
تنهد (بدر) لطالما كان يكره هذا الاستبداد الذي يسير فيه (نايف) شوؤن العائلة :
_ أستغفر الله العظيم ... (وانصرف بعيدا عن الحاح نايف) ...
_ زعل !... بسيطة يا بدر ...
وفي المطبخ الذي كانت تجهيزات هذا العرس المصغر قد أحالته لفوضى عارمة :
_ والله تكسر الخاطر ... ليش ما سو لها عرس مثل الناس ؟!
أجابت (أم فارس) بحزن :
_ ماجد مستعجل ... وعمك وتعرفينه يا مريم ... أصلا من اللي بيهتم بالعرس ؟!... وام المعرس نفسها مو حاضرة ...
_ والله منال مسكينة ... من وعت على هالدنيا ما شافت منها إلا الحزن ...
_ الله يهنيها إن شاء الله ... ويسخر لها ماجد ...
_ آآآآآآآمين ...
دخلت (مشاعل) المطبخ :
_ يمـــــــه ... خالتي أم نايف تقول جيبوا الحلا ... القهوة بتبرد ...
_ زين ... نادي وحدة من البنات الصغار ... خلي حصة وعهود يجون ...
_ مو راضين ... تبين هالدعلتين يهدون الرقص ...
_ خلاص نادي بشاير وأنوار ...
_ زين ... (وانصرفت) ...
(سعود) بلحيته الكثيفة ووجهه الأسمر ولباسه المتواضع ، بطبعه لم يكن يحب حفلات أعراس العائلة الباذخة ، كان يرى في كل ذلك إسرافا وتبذيرا ، تقدم بهيئته الدينية ليهنئ (ماجد) :
_ مبروك يا ماجد ...
_ الله يبارك فيك يا أبو عبدالعزيز ... الفال لك إن شاء الله ...
_ زين اللي كملت نص دينك ... الزواج تعفف للبني أدم ...
_ إيه والله ... فانا قلت أسمع كلام ربي والدين أحسن من الفرفرة بالشوارع ...
(فهد) و(صلاح) ناظرا في بعضهما ليضحكا بشدة بعد ان انصرف (سعود) فما دخل الزواج بالفرفرة بالشوارع (ماجد ما يعرف يصف الكلام أبدا) :
_ وانت متى النية ؟
ناظر (ناصر) الذي كان شاردا في ابن عمه :
_ وشو ؟!
(نايف) كان يعلم بان (ناصر) كان يتهرب :
_ العرس ... ما لك نية عليه ؟!... أشوفك ساكت ...
اخفض رأسه :
_ تو الناس ...
_ ملكت عالبنت ولطعتها ... ناصر انت ما انت صغير ...
ناظر (نايف) بحزن :
_ وعلى شنو أستعجل يعني ...
_ لا تصير مأساوي ... أنت تزوجت البنت وخلصنا ...
_ ما أقدر يا نايف ... ما أقدر ... أحس أني راح أظلمها ...
_ واللي قبلها ...
غضب (ناصر) :
_ نايف شفيك ؟... انوار بنت عمنا ...
_ الحاصل ... كلهم حريم ... وخلاص ما له داعي تفتح الموضوع معاها أصلا ...
تنهد (ناصر) بيأس ساخر :
_ هذا زواج يا نايف ... وانوار بنت عمي يعني مو إذا ضاقت اخلاقي منها أقدر أطلقها ... الموضوع غصبن عني راح ينفتح ...
_ والحل ..!
_ اصبر علي يا نايف ...
_ ناصر ...(ويميل نحوه اكثر) ... غير السنة ما أقدر أصبر عليك ... ملكت على أنوار ومو حلوة بحقنا تطول كذا قدام الناس ... وانت ادري فيك ودك تظل كذا العمر كله ...
_ لا تضغط علي يا نايف ...
_ خل سوالف الضمير وما ضمير على جنب ... أضغط عليك أنا أحسن ما يضغطون عليك أبوي وعماني ...
تنهد (ناصر) لقد أوقعه عناد (أنوار) في مشكلة لا حل لها .
_ إنتي ليش ما رحتي مع أختك ؟! ...
كانت (شريفة) قد سحبت (نوف) في زاوية بعيدة عن أصوات الموسيقى :
_ عمة شفيك ؟!... راحت معاها مريم ... وهاه ... (تأشر نحوها) ... شوفيها كاشخة ومستانسة ...
_ تدرين ان مريم ما تعرف لسوالف المشاغل والكشخة ... أنا لو أدري ما أخذتها معاي أنا وانوار وبدريه ... بس قلت أختها الكبيرة موجودة ...
_ يووووووووه ... عمة خلاص لا تسوين لي سالفة ...
_ يا نوف حرام عليك ... (وبنبرة حزينة) ... هذي أختك ... مو كافي ما سولها عرس ... ولا عمتك وسواياها ...
_ لا تخافين عليها ... هذي هي أخذت ماجد ... مزيون وأصغر منها لا ويموت فيها بعد ... (وانصرفت) ...
_ أستغفر الله ...
_ عمــــــــه ... شوي ...(كانت بشاير تحمل صينية الحلا وهي خارجة من المطبخ) ...
_ شتبين انتي بعد ...؟!
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... عمه شفيك ؟!
_ انتم ليش ولا وحدة فيكم راحت مع منال ...!
_ هاه ... وين ؟!
_ المشغل يعني وين ...
_ مدري ...
_ يوووووووووووووه ... (وانصرفت شريفة وهي تبكي منال التي كانت على الهامش بالنسبة لكل أفراد العائلة بقصد أو بدون قصد) ...
ودخل المجلس كان نحيفا جدا لكنه صاحب طلة ملفتة وكبرياء حلو ولكن ذلك الفراغ الذي كان يرتسم في عينيه يعطيه جاذبية خالدة ، منذ زمن طويل لم يره أحد بهذه الهيئة الأنيقة ، لقد رسخ في خيالهم (أحمد) السكير العربيد ، حتى أنهم نسوا (أحمد) الرجل الفاتن :
_ حيا الله أبو حميد ...
_ هلا ناصر شلونك ؟!
اقترب منهم (راشد) :
_ غريبة ... يبي ينزل مطر اليوم ...
_ هاهاهاي ... ضحكتني يا خفيف ... (واتجه نحو ماجد) ...
_ أحمد ! ... (كانت فرحته مدهوشة) ...
_ مبروك يا أبو عبود ...
واحتضه كانه يحتضن طفل صغير دون ان يأبها بمن حولهما ، حاول (ماجد) ألا يبكي (كان يعلم بان أحمد لن يغيب عنه في مثل هذا اليوم !) :
_ ما كنت متوقع تجي ؟!
قرص وجنته كأنه لا زال طفلا :
_ آآآآآآفا ...
واتجه نحو أعمامه ووالده قبل روؤسهم وجلس بينهم ، التفت له (أبو نايف) :
_ زين اللي جيت صاحي ...!
ابتسم (أحمد) ولم يرد ، كان يعلم بأن أسلوب حياته لا يعجب أحدا في العائلة ، كان يعلم بأنه يعيش حياة مقلوبة ، هو نفسه لم يكن يشعر بالرضى مما يفعل من مخالفة الله وإرهاق نفسه ، لكنه كان يشعر بالفراغ ، الفراغ الذي يحسه في روحه وسوف يطبق على أنفاسه ذات يوم .
وبعد قليل اقتربت (مريم) من (منال) التي كانت تجلس بكامل زينتها وسط بنات العائلة ونسائها :
_ منال ... نايف يبيك ... (وامسكت بها لتتجه إلى الباب الكبير الذي كان يقف خلفه نايف) ...
_ يالله منال ... إلبسي عباتك علشان اوديك أنتي وماجد بيتكم طيارتكم الساعة أربع الفجر ... يالله تلحقون ترتاحون ...
التفت نحو عمتها (شريفة) التي اقتربت منها :
_ عمــــه ...
أنجدتها وأمسكت بكتفيها :
_ إن شاء الله نايف ... دقيقة وجاين وراك ... (وانصرف) ...
وبتوسل :
_ عمه ... روحي معاي ...
_ أكيد أبروح معاك ...
وانصرف العروسان وبدأ البقية بالانصراف تباعا :
_ أنوار ... تكفين نامي عندنا اليوم ...
_ والله ما أقدر ... أحس أني تعبانة ... مرة ثانية إن شاء الله ... إلا حصة كلمتي ريم ؟!
_ كلمتها العصر ... مسكينة مقطعة روحها بكي ...
_ تعالي أنتي نامي عندي ...
_ يمــــه ... تبين نايف يذبحني ...
_ وليش إن شاء الله ... بيتنا ديسكو وأنا ما أدري ...
_ يقول بيت عمي أبو بدر كله شباب عيب تنامون فيه ...
_ يا سلام على هتلر ...
_ هههههههههههههههههه ... اسكتي لا يسمعك بس ...
_ حصة تكفين كلميه على موضوع بشاير والله كاسرة خاطري ...
_ شنو ؟!... انا أكلم نايف ... اسكتي بس ...
_ يوووووووووو ... شفيكم كلكم تخافون منه ؟!
_ كلميه أنتي إذا شجاعة ... ولا أقولك خلي رجلك يكلمه يمون عليه أكثر واحد بالعايلة ...
_ منو ؟!
_ ناصر يا الهبلة ؟!
وأنقذها نداء أمها حتى يعيدهم (سعود) إلى المنزل .
_ شقتكم تهبل يا ماجد ...
واتجهت بعد جولتها السريعة وبعد أن أدخلت (منال) لغرفتها إلى (ماجد) و(نايف) اللذان وقفا في المدخل :
_ إيه عاد الوالد ماقصر ...
سألت باستغراب :
_ أبوك حضر اليوم ؟!
_ إيه حضر ... بس اكيد من وراء السلطات العليا ... (وضحكوا) ...
(نايف) بارهاق واضح :
_ مو تنسى ماجد وتروح عليكم نومة ... رحلتكم الساعة أربع ... مشعل بيمر عليكم ويوصلكم عطيته إجازة بكرا الصبح ...
_ ما أوصيك على منال يا ماجد ...
(ماجد) وهو يشير لعينيه :
_ بعيوني يا خالة ...
_ يا شين سوالف الحريم ... عمة إخلصي عندي شغل بكرا ... يبي يأكلها هو ..!
وجر عمته وهي تعدل من غطاء وجهها حتى يخرجا :
_ زين ... زين ... مع السلامة مجود ...
_ ههههههههههه ... مع السلامة ... (وأغلق الباب خلفهما) ...
فتح باب غرفتهما ، وجدها تعلق عبائتها في مكان مناسب ، أخفضت عينيها حين ظل ينظر نحوها ، اتجهت إلى السرير وجلست ، تقدم منها وجلس بجانبها :
_ مبروك ... (ابتسم هو وأخفضت هي رأسها) ... جوعانة ؟! ... (هزت رأسها بالنفي) ... في مطعم قريب ...أكلهم حلو ... أروح أجيب لنا منه عشا ... شرايك ؟!
لم ترفع رأسها :
_ أنا ما أبي ... إذا انت جوعان روح ...
_ لا خلاص إذا أنتي ما تبين أنا ما أبي ... أصلا انا تعشيت بعرسنا ... (رفعت نظرها إليه ووجدته ينفخ صدره لمجرد ذكر "عرسنا" ) ... ماشاء الله تدرين إنك حلوة حيل ... (اقترب منها أكثر وهو يتفرس في ملامح وجهها الذي أخفضته) ... أنا كنت ...
قاطعته وهي تكبح دموعها :
_ مـــ ... ماجد ...!
_ هلا ... ؟!
_ أنــــا تعبانة ... وأبي أنام ... (كانت متأكدة من رفضه) ...
_ إيه صح مبين عليك ... خلاص قومي بدلي ملابسك ونامي ... رحلتنا الساعة اربع مشعل بيوصلنا المطار ... أنا شبعان نوم ... أطلع برا أسهر على التلفزيون علشان ما تروح علينا نومة ... وأنتي خذي راحتك ... تصبحين على خير ... (واتجه نحو الباب) ...
فكرت (منال) : (هذا شفيه هذرة !) .
_ منـــــــــال ... (وصل إلى الباب ثم التفت نحوها ، رفعت نظرها إليه متوقعة) ... حلو البشت علي ...؟!... (واتسعت ابتسامته) ...
انتبهت إلى أنه لا زال بكامل ملابسه حتى البشت ،هزت رأسها موافقة وهي تبتسم ، خرج بهدوء وأغلق الباب خلفه وانهارت هي على السرير (يا ربي شاللي بليتني فيه ؟!) .

ارادة الحياة 14-05-08 03:42 PM

((الفصل الثاني عشر))
وفي الوقت المناسب كانا على متن طائرة متجهة إلى باريس ، نزلا في فندق راق في ضواحيها المشمسة ، دخلت (منال) لتستحم بعد هذه الرحلة المتعبة وحين خرجت بروبها القطني الذي أحكمت ربطه ، وجدته يغط في النوم كطفل صغير ، كان لا يزال بكامل ملابسه ودون غطاء (يا حليله أمس سهر ينطر الرحلة واليوم سوى نفسه رجال وظل قاعد علشان ما اخاف ؟!) ، اقتربت منه ووضعت الغطاء فوقه برقة وجلست بجانبه تتفرس في ملامح وجهه (سبحان الله نسخة من ريم ... شكله بنت مو ولد ... ما شاء الله حلو ... (وابتسمت) ... بس صغير ... صغير حيل ... شاللي حدك على هالزواج يا ماجد ؟!) ، أغلقت الانوار وطلبت طعاما خفيفا وظلت تتابع التلفاز بهدوء.
ورن الهاتف فقطع عليها متابعة برنامجها المفضل نهضت نحوه غاضبة :
_ أففففففف ... آلووووووووووووووو ...
_ أعوذ بالله ... خلي عندك ذوق ... وردي على التلفون بأدب ولو مرة وحدة ...
ضاق خاطرها منذ ان سمعت صوته :
_نعم ...
_ ههههههههههههههههههههه ... السلام عليكم ...
بتردد :
_ وعليكم السلام ...
_ شلونك انوار ؟!
_ ما لك شغل ...
_ هههههههههههههه ... إيه جذي رجعتي أنوار اللي أعرفها ...
_ انت لا تعرفني ولا انا اعرفك ... يقولون إنك ولد عمي ... وبس ...
_ وأنتي زوجتي وأنا زوجك ... لا تنسين ...
التزمت الصمت لانه كان محقا ، واحترم هو صمتها :
_ فهد وين ؟!
_ ما أدري ... عنده جوال ليش ما تتصل عليه ...؟!
_ مغلق ...
_ يمكن بالنادي ... اتصل على ماجد أكيد معاه ..
_ ههههههههههههه ... أخبارك قديمة ... ماجد الحين غرقان بالعسل ... عقبالنا إن شاء الله ...
عضت على شفتيها (أنا ليش نسيت؟!) ، وأكمل هو يتصنع الغضب من صمتها :
_ قولي إن شاء الله ...
ردت بحدة :
_ لا إن شاء الله ...
_ هههههههههههه ... يا حليلك يا انوار اسلوبك يوسع الصدر ... أكيد صلاح مع فهد خليني أتصل عليه ... بس حبيت أرفع ضغطك شوي وأستانس ... يالله باي يا قلبي ... (واغلق الهاتف)...
ظلت تنظر إلى السماعة وهي تستشيط غضبا (يستانس لما يرفع ضغطي!)
وفي الفندق الباريسي لم يستيقظ (ماجد) إلا في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، عقد حاجبيه وهو ينظر إلى ساعته (يالله كل هذا نوم ؟!) ، ثم جحظت عيناه ونهض مسرعا وهو يتذكر الفتاة التي أصبحت مسؤولة منه ، وارتاح لما وجدها نائمة على الأريكة ، اتجه إلى الحمام وأخذ حماما دافئا ، وحين خرج اتجه نحوها وحاول أن يسحب الريموت كنترول من يدها لكنها استيقظت فاعتدلت بجلستها :
_ سووووووري ... خوفتك ...؟!
_ لا عادي ...
_ ليش نايمة هنا ؟!
_ كنت أتابع التلفزيون ... وبعدين كنت تعبان و ...
قاطعها وهو يقف :
_ إيه والله نمت نوم حمار ... ههههههههههه ... جوعانة ؟
_ لا عادي ...
_ شرايك تبدلين ملابسك ونطلع نتفطر ... نتغدا ... يوووووووه ... نتعشى ... ههههههههههه ... شفيني ضيعت ؟!
ابتسمت من حماقته :
_ الحين !... الوقت متأخر ...
_ لا عادي حنا مو بالسعودية ... هنا الناس تسهر للصبح ...
_ لا ما أبي ... (من صجه يبني أدوج معاه بهاليول!) ...
_ يووووووووووه ... قومي يالله ... (وظل يسحبها حتى تقف) ... منال تكفين ...
استسلمت لالحاحه المضحك :
_ زين ...(وأطلقت يدها منه) ...
_ منوله ... البسي بنطلون وبلوزة طويلة ... علشان تأخذين راحتك ... وإذا ركضت تركضين معاي ...( نظرت نحوه باستغراب "يركض وأركض معاه شفيه هذا !")
كان لا يزال في مكتبه ، أنهى الأوراق التي بين يديه مبكرا لكنه لا يشعر برغبة في النوم ، بل لا يشعر بالرغبة في الذهاب لغرفته ، أو ربما لا يرغب برؤية (مريم) أو سماع صراخ طفلها الصغير ، ابنة عمه التي لم يشعر منذ أول يوم في زواجهما بأي رابط يجمع بينهما ، لكنه هو أصلا لا يؤمن بهذه الروابط بين الرجل والمرأة فالرجل رجل والمرأة إمرأة لذلك استمر زواجه من (مريم) طوال تلك السنوات ، إذا لماذا لا يفهم (ناصر) أن المرأة تستطيع ان تتحمل أي شئ من أجل زوجها ! ، لماذا يأزم موضوع زواجه بيديه ؟! ، (ذنب بنات العايلة كلها برقبته) وابتسم وهو يتذكر كلامها (لو تدرين باللي سويته بأنوار شراح تقولين يا بشاير ؟!) ، وعقد حاجبيه وهو يتذكرها ، لطالما كان صاحب الرأي السديد في العائلة ، لم يجد أبدا معارضة لقرارته من أحد ، حتى (بدريه) في رفضها ل(أحمد) لم تتحداه بل ظلت ترفض بكل هدوء ، اما هي فدفعته لأقصى درجات التصلب ولأقصى درجات العناد ، كان يريد أن يكسر بأسها ويقهر نفسها الجموحة لفعل كل ما لا يخطر على باله ، وكم أحس بالنشوة العارمة وهو يكسر شوكتها ، لطالما استمتع بهزيمة منافسيه في السوق الشرسة ، لكن هزيمة إمرأة حديدية أجمل طعما، ابتسم وأمسك جواله:
(شلون الجامعة يا بنت عمي ؟... سمعت إنك متأزمة !.. تعيشين وتأكلين غيرها ... بس إدعي ما تكون من ايدي) <<< وأرسلها للرقم اللي اتصلت عليه منه
وفي المطعم الباريسي كانا يتناولان الطعام :
_ شفيك ؟!... الأكل مو عاجبك ؟!.. (لاحظ توترها) ...
_ لا بس ... من زمان ما سافرت ... ومو متعودة أطلع بدون غطوة ...
_ هههههههههههههه ... خليني كذا فرحان ...
_ ليش ؟!
_ لأنني أكل وأنا مقابل وجهك اللي يجنن ...
انصدمت (منال) من تعليقه الذي يبدو بريئا بالنسبة له واخفضت رأسها :
_ منـــــــــــــال ... (رفعت له رأسه) ... أنا آسف ...
_ ليش ؟!...(هذا اول اعتذار تحصل عليه في حياتها) ...
أخفض رأسه بخجل :
_ لأني ما سويت لك عرس ... بس والله مو بيدي ... انتي تعرفين ظروف زواجنا ... و ...
قاطعته (منال) والشفقة عليه جعلت الدموع تسبح في عينيها :
_ عادي ماجد ... خلاص ... (وابتسمت له من كل قلبها لأول مرة ما دفعه هو للابتسام بصدق كعادته) ...
وعلى السرير في غرفة (أنوار) :
_ احلفي ...
_ شوفي بنفسك ... (وتمد لها الهاتف) ...
وجحظت عينا (أنوار) وقد قرأت الرسالة الالكترونية :
_ يمــــــــــــــه ... (وقذفت الهاتف في حضن بشاير) ... بصراحة نايف يخوف ... شنو ردتي عليه ...؟!
_ ولا شي ... ربط لساني الكلب ... شتبني أقوله يعني ...؟!
_ هههههههههههههههههه ... والله ما أحد قدر يربط لسانك غير نايف ...
وفتح الباب :
_ انتم ليش حابسين حالكم هنا ... ليش ما تنزلون تقعدون معانا ...؟!
(أنوار) بلؤم :
_ أسرار عندك مانع ...؟!
_ يعني مسويات علي حريم ... ما أقول إلا مالت عليكم ... أروح أقعد مع بدريه ودلال ونوف أصرف لي ... (وهمت بالانصراف) ...
وبخبث :
_ عهووووووده ... مري على المجلس بطريقك ... بس سوي نفسك بريئة مو تهابدين ...
_ وليش إن شاء الله ... شايفتني الأخ أنوار كله رازة فيسي بمجلس الرياجيل ...
_ والله كيفك !... بس ترى حبيب القلب مرتز من الظهر عندنا كانه قلبه حاس إنكم بتجون اليوم ...
(عهود) وكأن الأرض قد مادت بها :
_ هــــــــــــــــاه ...!
علقت (بشاير) :
_ ههههههههههههههههههههه ... تصرقعت البنت ... حرام عليك يا أنوار ...
_ خليها ما تصير خوش بنت إلا إذا جبنا طاري صلاحووو ...
_ صلاحووو بعينك زين ... (وهمت بالانصراف) ...
_ سوت نفسها زعلانة ... ترى ندري بحركاتك ... والله لأتصل على فهد أخليه يطرده وحريمتك تشوفينه ... (لكن عهود انصرفت) ...
_ هههههههههههه ... آه يا بطني ... هههههههههه ... حرام عليك يا انوار فشلتيها ... الله لا يأمنك على سر مسلم ...
_ خل تولي زين ... اثنينهم مهبل ... مسوين روميو وجوليت ... وما في أحد ما يدري فيهم ... فضيحة الله يقطعهم ...
_ هههههههههههههههههه ... كيفهم خليهم يحبون ويشبعون حب ... شعليك منهم ... غيرانة ؟!
_ هذا اللي ناقص ... أصلا أختك هذي وريموه بنت عمتي عليهم مياعة ... يااااااااو ...
_ على طاري ريم ... كلمتيها ؟!
_ لا والله من عرس ماجد ما كلمتها ...
_ مسكينة تلقينها منقهرة ...
_ أكيد ... بصراحة عمتي سوالفها سوالف وحدة ما تستحي ...
_ هههههههههههههههههه ... إنتي شفيها ألفاظك كذا ؟! ... ما أقول إلا الله يعين ولد عمي ... صام صام وفطر على بصلة ... هههههههههههههههه ...
_ هاهاهاهاهاي ... سخيفة ... (وضربتها بالوسادة) ...
وفي مكتبه :
_ علي مو تنسى ... ترى ضروري الأوراق يجهزون قبل سفرة ناصر ...
_ إن شاء الله أبو عبدالرحمن ... (ورن جواله ، وانصرف السكرتير) ...
_ هلا متعب !
_ هلا أبو عبدالرحمن ... شلونك ؟!
_ بخير عساك بخير ... يا حيا الله ولد الخالة !...
_ تحيا يا بعدي ... على طاري الخالة ترى من جد زعلانة عليك ...
_ هههههههههه ... أدري إني مقصر ... بس مالها إلا طيبة الخاطر إن شاء الله ...
_ المهم ... أنت بالبيت اليوم ...؟!
_ والله الأهل طالعين بيت عمي أبو بدر ... بس انا اليوم مخلص شغلي بدري وشكل نايف بيعطيني إفراج ... هههههههه ... خير بغيت شي ...!
_ الخير بوجهك ... أبيك بموضوع ... امر عليك الساعة سبع إن شاء الله ...
_ حياك الله ... جيب طلال معك ... من زمان عنكم ...
_ وبجيب الوالد بعد ... هههههههههههه ... يالله فأمان الله ...
_ حياكم الله ... مع السلامة ... سلم على خالتي ...
_ يوصل ...

ارادة الحياة 14-05-08 03:45 PM

(( الفصل الثالث عشر))
ودخلا غرفتهما :
_ ههههههههههههههه ... شفتيه ؟! ... عصب علينا ... (كان يترنح ضاحكا) ...
_ ماجد والله فشلة ... يكسر الخاطر ... هو شغلته كذا ...
ارتمى على الأريكة منهكا :
_ امحق شغلة ... ملبسينه لبس يفشل ولا باروكة شعره ... ههههههههههههههه ...(وانفجر ضاحكا) ...
جلست بجانبه :
_ هذا علشان عصر النهضة ... يبون السياح يعيشون في نفس الزمان ...
ناظر فيها حائرا :
_ ههههههههههههه ... والله مو فاهم ولا شي ...
كانت تعرف ذلك :
_ المفروض ما تعلق عليه ... تخيل ضاربك والله ما أحد يفكك ...
_ يخسي ... وبعدين أنا علقت عليه بالانجليزي ...
_ بس هو فهم إنك تعلق عليه ... (فكرت) ... غريبة ليش ما تعرف تتكلم فرنسي ؟!
_ هههههههههههههههههههه ... لا يا قلبي أنا ثقافتي english ...
_ بس عمي عبدالله خريج فرنسا ... صح ؟!
_ صح ... بس انا ما درست بفرنسا ... ريومه ثقافة فرنسية ...
_ صح ... (وظلت تتأمل فيه ، صار لهما الآن ثلاثة أيام مع بعضهما ، كيف اعتادت عليه بهذه السرعة ، كيف بدأت تذوب الحواجز التي حاولت ان تضعها بينهما ... ولماذا! ، وقطع تفكيرها صوت جوال ماجد) ...
_ هذا أبوي ... (وقفزت الفرحة إلى وجهه) ... هلا يبه ... الحمد الله بخير ... مستانس ... مستانس حدي ... (ونظر نحو منال بفرح أخجلها) ... والله الزواج شي يبه ... حتى النوم نسيناه ... ههههههههههههههه ... يبـــــــــــه ... (توسل له بخجل واصطبغ وجه منال بالدم) ... والله عطنياها ... هلا ريومه ... يا قلبي عادي ... شلونك إنتي ؟!... اشتقتي لي ... يا بعد عمري والله ... حتى انا ... (وبدأ يغني) :
حبيية قلبي وشلونك ؟
تراني فدوة عيونك !
( وضحك وهو يكمل حديثه ، وظلت منال تلتهمه بنظرات الدهشة ، لماذا هو رقيق لهذه الدرجة ؟! ، لماذا قال انه فرح (وانا ما عطيته وجه من اول يوم لنا مع بعض) ؟! ، لماذا بينه وبين أخته كل هذه الروابط (أخواني عمرهم ما دلعوني) ؟! ، لماذا ينتزع صوته قلبي من مكانه ليسقط في بئر لا أملك له سبيلا ؟! (يا قلبي يا ماجد) ...) .
_ منال !... (ومد لها الجوال فانتبهت) ... ريم تبي تكلمك ... (فأخذته) ...
_ آلووو ... هلا ريم ... (كانت تغالب دموعها في عينيها لأنها اكتشفت بأنها غبية .. وغبية جدا) ... الحمد الله زينة ... الله يبارك فيك ... لا عادي ... تسلمين يا عمري ... إيه مستانسة ... (ورفعت نظرها إلى ماجد برهبة) ... هلا عمي ... الحمد الله بخير ... لا ماجد ما يعذبني (أنا اللي عذبته يا عمي !) ... سلامتك عمي ... إن شاء الله ... (وأشار لها ماجد ان تعطيه الجوال) ... هذا ماجد يبيك عمي ...!
وأخذ منها الجوال :
_ هاه أبو ماجد تحرشها علي !... آفا عليك مكسر رأسها انا ...(ويغمز لها بعينه وهو يبتسم ) ... مو مثل بعض الناس يخافون من المدام ... هههههههههههه ... (ليش يا ماجد ؟ ليش يعذبني طيبك معاي ؟) ... أجل سلم يبه ... (استدرك) ... بوس رأس أمي ... بس لا تقول لها مني البوسة ... خلها منك أطيب ... هههههههههههههههه ... بايات ... (ماجد انت مو غشيم أجل ليش ما جبرتني يا ماجد ليش ؟!) ... يا حليله أبوي ... آآآآآآآآآآآه ... (وتمدد على الأريكة وهو يضع ذراعه خلفها وهي صامتة) ... أحس حالي متكسر ... مشينا مشي اليوم ... بكرا رجولنا راح تصبح مورمة ... أحس ميت جوع ... أبي أطلب أكل ... شنو تبين ؟!
كانت لا تزال تنظر في وجهه بدهشة وانكسار ورغبة في جلد نفسها مئة مرة :
_ على ذوقك ... انا بأخذ شور ... (وانصرفت مسرعة إلى الحمام أغلقت الباب خلفها ، وانهال سيل دموعها الصامتة دون توقف ) .
وعند باب المطبخ الخلفي المطل على مجلس الرجال وقفت (عهود) :
_ دحومي ... تعال ...
جاء وقد قاطعت لعبه بالكرة مع البقية :
_ ثتبين ؟
_ منو بالمجلس ...؟!
وظل يعد على أصابعه وهو يتذكر :
_ عمي فهد ... وعمي ثلاح ... وعمي ثعود ...
_ سعـــــــــود ... خلاص روح العب إنت ؟!
ودخلت مسرعة وهي تهرب فاصدمت بدلال :
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... شفيك ؟! ... (ابتسمت بخبث) ... شتسوين هنا ؟!
ابتلعت ريقها :
_ ولا شي ... بس ضايق خلقي ...
_ وين انوار وبشاير ؟!
_ طردوني ...
_ آآآآها ... وجيتي تدورين التعاليل عند كوماري وديفا ...؟!
وخرجت هاربة وهي غاضبة من سخرية شقيقتها وربما من فشلها في رؤيته .
كانت تتناول طعامها بهدوء وهي تنظر نحوه من حين إلى أخر ، كان يبدو جائعا وهو يتناول الطعام كطفل صغير بكلتا يديه :
_ الحمد الله ... (فمه كان ممتلئا) ... يا حلو الشبعة ... (نهض ليغتسل في الحمام) ...
ونهضت هي لتجلس على السرير ولا زالت بروب حمامها ولا زال شعرها مبللا ، حين خرج ابتسمت له كان لا يزال يرتدي جينزه وقميصه السماوي المقلم وقد خلع حذائه ، تمدد على السرير بجانبها وهو يغمض عينيه ولا زال يتلذذ بطعامه :
_ ماجد ... تبي تنام ...؟!
_ تعبان حدي ...
_ بس تو الوقت ... الحين الظهر ...
_ أنا أصلا ما أعرف صبح من ليل ... متى ما جتني النومة نمت ...
_ وانا ...؟!
فتح عينيه والتفت برأسه نحوها :
_ شفيك ؟!
ابتسمت بدلال :
_ تخليني بروحي ؟!
_ أخسي ... تبيني أقعد معاك ... خلاص أقعد ... (واعتدل ليجلس بجنبها وهو يبتسم ووخزت الدموع عينيها هي ، فزاد ذلك من اصرارها) ...
_ ماجد ... انا حلوة ؟!
_ هههههههههههه ... ايه والله ما شاء الله عليك ... حلوة حيل ...
_ شنو أحلى شي فيني ...؟!
_ اممممممممممم ... (ودار بعينيه على وجهها) ... أحلى شي ... أحلى شي ... شعرك ... (لا يا ماجد ! كاد قلبها ان ينفجر) ... ولا مرة فتحتيه قدامي ... إلا اليوم ... هههههههههههه ... علشان سبحانة يعني ...؟!
_ اليوم مو حلو ... مبلل ... بكرا أسوي له استشوار واخليه دايم مفتوح ...
_ إيه أحسن ... تدرين الشعر الطويل روعة ... ريم كله تقص شعرها ... وأنا أهاوشها ... (انا وريم يا ماجد ... آآآخ بس ... صج بزر ) ...
_ يعني ما تبيني أقص شعري ...؟!
_ لا ... تكفين منال ... لا تقصينه ...
ابتسمت لرجائه (ليش تترجى أنت لو تقولي اذبحي نفسك أسويها وأنا منطمة) :
_ خلاص ... ما أقصه ... ماجد !
_ هاه ...
_ أنت ليش تزوجتني ؟!
_ ما أدري ... (وكأنه يقسم في محكمة) ... والله أنا لما شفتك بالمجلس ذاك اليوم ما كنت أقصد ... بس ما توقعت في أحد بالمجلس ...
ابتسمت لاحساسه بالذنب تجاه لا شي :
_ أدري ... بس ما جاوبت على سؤالي ؟!
_ منال اسمعي ... انا ما أعرف أتفلسف ... بس زواجنا ...(حاول ان يعبر كما يفكر فيه) ... ما أدري والله ... يمكن علشان أحبك ... ( لا ... لا ... لا ... كفاية يا ماجد ... انا هالكلمة ما سمعتها من أي احد في حياتي ... ليش ؟!... ليش ؟!... منك انت بالذات ... وفي هالوضع الغريب ... وبكل هالحنية اللي بصوتك) ...
_ صوتك حلو ... (استغرب) ... لما غنيت لريم ؟!
_ ههههههههههههههه ... ريم تحب أغنيلها هذي الأغنية دايما ... كل ما تشوف خشتي تقول غن لي أغنيتي ...
_ وأنا ؟!... (استغرب أيضا) ... أبي أغنية مثل ريم ...
_ خلاص أخصص لك أغنية ... امووووووووت فيها ... وكل ما تشوفين خشتي قول لي أغنيها لك ... هههههههههههههه ...
ابتسمت وهي تغالب دموعها :
_ أوكي ...
تنحنح ثم ترنم بصوته الشجي وهو يرمقها بنظراته الشجية :
يا بعدهم كلهم !... يا سراجي بينهم !...
عطني من دنياك حبك !... واترك الباقي لهم !...
ياللي انفاسك دفايا !... لمسة ايدينك شفايا !...
يكفي بس تبقى معايا !... منهو من بعدك مهم !...
ياخذون اللي يبونه !... كل هالعالم وكونه !...
الا قلبك يتركونه !... لا تمسه ايدهم !...
تختفي الشمس وضياها !... وترحل القمرة وسناها !...
ينتهي العالم وراها !... انت تغني عنهم !...
لم تعد تستطيع أن تحتمل ، هذا الشاب الصغير قد سلب منها كل إرادة للصبر والتجلد ، لقد أوصلها إلى آخر حدود الألم وأخر حدود الشكوى منه ، لقد مرت سنوات عمرها وهي لم تشعر بأقل ذرة من الاهتمام ، بأدنى درجة من الاعتبار لذاتها او لوجودها ، فلماذا معه تشعر بأنها مهمة ؟! ، بأنه سوف يموت إن تركته دقيقة واحدة ؟! بانه سوف يضل طريقه لو بقي دونها ، فذرفت الدموع ذرفتها غزيرة وحارة وأخفضت رأسها وشهقات نحيبها تكاد تقتلها :
_ منال !... شفيك ؟!... (اقترب منها وهو يحاول أن يرفع وجهها إليه ويمسح هذه الدموع المنهمرة بلا توقف) ... ليش تبكين ؟... منال ؟!
وضمته ، ضمته بقوة ، تعلقت بعنقه ، ودفنت رأسها في صدره وهي تشهق ، كانت تريد أن تشعر بالسلام الذي لطالما حلمت به ، تريد أن تشعر بالثبات الذي لطالما افتقدته وهي ريشة تلعب بها الأقدار كيفما تشاء ، تريد أن تشعر بأنها تنصهر حتى الموت في إنسان يشعرها بالألم المفرح كما يفعل ماجد .
وعلى الهاتف :
_ يا النذلة ... ليش ما قلت لي ؟!
_ ههههههههههههههه ... شنو أسوي يعني ... اتصلت عالبيت ماري قالت (كلو يروه) ...
_ لا والله ... في شي اسمه جوال يا ذكية ...
_ يا فضيحة ... تبين أقولك وانتي في بيت عمك ... بشاير متعب بيجي يخطبك ... علشان تقومين تروقصين ... وتفشلينا قدام خلق الله ...
_ هاهاهاهاي ... يا سخيفة ...
_ إلا جد ... راشد كلمك بالموضوع ؟!
كانت الفرحة قد أخذت منها كل مأخذ منذ أن سمعت بهذا الخبر :
_ لما رجعنا من بيت عمي ... راشد قال لأمي ... ما كلمني انا ...
_ يالله يا بشورة ... مو مصدقة إنك أخيرا بتصيرين مرت أخوي ...
_ ولا انا يا ساره ... بس ما تحسين إن متعب استعجل ... هو توه توظف ... وظروفه المادية ما تسمح ...
_ لا عادي ... أبوي بيساعده ... والخير كثير إن شاء الله ... هو من درى بسالفة ولد عمك والجامعة وهو مختبص ... سوى نفسه طرزان وقرر ينقذ الأميرة الحسناء ...
_ هههههههههههههههههههه ... الله يلعن إبليسك ...
_ لا تشوفين وجهه يا بشاير ... تقولين خاطب الأميرة ديانا ...
_ هاهاهاهاي ... أكيد بيفرح ... موتي قهر ...
_ عاد من الحين ... علمك يأصلك ويتعداك ... ما تشترين غرض للعرس من دون إشرافي ... رجلي على رجلك في كل خطوة بالسوق ... خصوصا الحاجات اللي بالي بالك ... أعرف ذوق أخوي وراح أعين وأعاون ...
_ وجع إن شاء الله ...
_ لا تسوين نفسك مستحية ... مو علينا هالسوالف ...
وهكذا قضت (بشاير) هذه الليلة ، تحلم بحبيبها (متعب) الذي سوف ينقذها من براثن هذه العائلة التي لا تحترم منها إلا القليل القليل ، ينقذها من (نايف) الذي هدم المستقبل والأحلام ، وعدها (متعب) بأنه دائما سيكون الشئ الجميل في حياتها وقد كان ولا زال ، سوف يتزوجان قريبا ، ينشأن معا عائلة يتمتع كل أفرادها بالحرية ويغمرهم الحب الذي لا ينتهي ، سوف تدرس وتتعلم كل ما تحب (وما لك علي سلطة يا نايف ، متعب ... ومتعب وبس اللي له حكم علي؟!) .
واستيقظت من النوم ، لا تدري منذ متى وهي نائمة ، لكن وسادتها كانت قد غرقت بالدموع ، رفعت رأسها والتفتت خلفها وجدته جالسا كما تركته قبل ان يرهقها البكاء وتغط في النوم ، استندت على كوعها كما يفعل وابتسمت له :
_ للحين قاعد ...؟!
لم يجب ، كان لا يزال يرتجف ، لا يزال يشعر بها تنتفض بين ذراعيه ، لا يزال يشعر بأحشائه تتقطع من نحيبها ، كان مراهقا لم يختبر أبدا مثل هذه المشاعر من قبل :
_ منـــــ ...
_ اششش ... (واقتربت منه وهي تضع اصبعها على فمه لتسكته كانت تعلم بأنه سيعتذر كما يفعل دائما) ... ( وغاص في عينيها غاص حتى أحس بأنه غرق) ... ماجد اسمعني ... أنت تحبني ... صح ؟... (هز رأسه بالايجاب) ... وانا زوجتك وانت زوجي ... صح ؟! ...
_ صح ...
ابتسمت بدلال :
_ وانت تقول إني حلوة وشعري حلو ... صح ... (هز رأسه بالايجاب أيضا) ... ليش ولا مرة بستني ؟! ... (أخفض رأسه) ... أنت ما تبي تبوسني ؟!
رفع رأسه بصدمة :
_ بلى ... (ثم أخفض رأسه) ... بس استحيت منك ....
ابتسمت (منال) وهي تضمه مرة أخرى دون خجل ، ابتسمت من سذاجته ، من خجله ، من براءته الحلوة ، من رعشة جسده النحيل وهو في أحضانها التي أقسمت بأنها ستكون دائما ملاذه من كل شيء .
_ ولد مساعد بن عدهان ؟!
_ إيه عمي ... شقلت ؟!
كان المجلس منعقدا لمناقشة خطبة (متعب) ل(بشاير) .
(نايف) وهو يحتسي فنجان قهوته :
_ خله يولي ... قوله ما عندنا بنات ...
_ نايــــــف ... ترى الرجال ولد خالتي ... وبصراحة ما عليه كلام ...
(سيف) بوجهه الشاحب :
_ خلاص يا راشد ... توكل على الله ...
(أبو نايف) كان قي لحظة تفكير :
_ أسأل عيال عمك ... يمكن واحد منهم خاطره فيها ... ما ودي البنت تطلع برا عن عيال عمها ...
_ بدر ومو راضي يتزوج ... وسعود له ريم من وهم صغار ... وأحمد وله بدريه ... والباقين كلهم أصغر منها ...
(نايف) بعدم اكتراث :
_ زوجها عزيز ...
يقاطعه (سيف) :
_ نايف ... أنت تدري أن عبدالعزيز ما يبي يتزوج من بناتنا ... أصلا هو ما يفكر بالزواج الحين خير شر ...
_ ما عليك من هذرته ... دق عليه يا نايف ... خله يجيني الحين ...
(فارس) وهو لا يزال يدير القهوة على الجالسين حتى يسقيهم :
_ يبه ... عزيز قبل يومين خلصت إجازته ... ورجع لندن ...
_ دق عليه ... اكلمه وهو هناك ...
(راشد) بملل :
_ عمي ... عزيز حتى لو رضى ... هو ما يبي زواج الحين ... وعلى ما يخلص دراسة ... سالفته راح تطول ... وما أبي يحرجني قدام خالتي وعيالها ...
_ ولد خالتك هذا شنو شغلته ؟
_ موظف ... يمكن بوزارة ... بس أي وزارة ما أدري ؟!
ابتسم باستهزاء :
_ حلو ... داش على طمع الأخ ...!
(فارس) بجدية أضحكت الجميع :
_ يبــــــه ... زوجني بشاير ... مرة مزيونة ؟!
ضربه (راشد) على رأسه :
_ ووجع ... إن شفتك داخل على خواتي مرة ثانية يا ويلك ... (وبعد أن أنهى فنجانه) ... عمي ... شقلت ؟!
تنهد العم ، و(نايف) بحزم :
_ راشد ... طيعني ولا تزوجها ...
(راشد) بضعف :
_ بس ...
_ لا بس ... ولا شي ... إذا مستحي من ولد خالتك أنا أكلمه ... ننطر شوي البنت بعدها صغيرة ... يمكن يجيها نصيب احسن ...
نظر نحو عمه :
_ نايف معاه حق ... بنتنا بنت عز ... والولد ما هو من ثوبنا ... وبنات الحلال واجد ...
_ شوركم وهداية الله ...
وفي غرفتها :
_ ليش يمه ؟!
_ ما أدري ... أخوك يقول عمك ونايف مو راضين ... وحنا على كلمة عمك ما لنا كلمة ...
وغصت بغيضها ... (نايف هذا بيسود عيشتي) :
_ يمه ... متعب ولد أختك ؟!
_ ولد أختي ومعزته من معزة ولدي ... بس انتي بنت أهلك ... وزواجك بايدهم مو بايدي ولا بايد أختي ...
وبيأس :
_ خالتي بتزعل ...!
_ بزران حنا ! ... خالتك تدري إن الزواج قسمة ونصيب ...
(عهود) بتردد :
_ بشاير موافقة ... ليش هم ما يوافقون ...!
الأم بشك يخالجها نحو ابنتها :
_ والله ما أدري ... انتي ليش كل هالزعل ... لا يكون عاشقته بس ؟
(بشاير) برعب :
_ وشو عشقه يمه !... انا بس أقول علشان خالتي ...
_ خالتك ما لك شغل فيها ... أنا اكلمها ... (وخرجت وهي تغلق الباب خلفها وفي قلبها يعتمل شك بدأ يتولد) .
قذفت (بشاير) نفسها منتحبة بين ذراعي (عهود) :
_ شفتي ... شفتي يا عهود ... حتى متعب بيحرموني منه ...
تفجرت دموع (عهود) أيضا لضياع أحلام أختها التي كانت تنسجها طوال حياتها :
_ تعوذي من الشيطان يا قلبي ... يمكن خالتي تقدر تقنع راشد ...
رفعت وجهها الملئ بالدموع :
_ تقول لك نايف مو راضي ... وانا من وين ما أروح ألقاه وراي ... كله منه ... كله منه ... (وبحثت عن جوالها حتى وجدته) ...
_ على منو ؟!
_ أكلمه... أتفاهم مع هالمتخلف ...
سحبت (عهود) الجوال برعب :
_ بشاير بلا فضايح ...
_ وشو فضايح يا عهود ... والله أذبح نفسي ... والله إن احرموني منه أذبح نفسي .... هذا متـــــــــــــــــعب يا عهود ... متــــــــــــــــــــــــــــعب ..!
(بشاير) كانت متطرفة في كل شئ ، في الحب في الحقد في الغضب وفي كل مشاعرها ، إما الأقصى أو الأدنى ، لم يكن لديها أي حلول وسطى .
وعلم الجميع بخطبة (بشاير) وبفشلها ، البعض رأى بأن (متعب) لا يستحقها فكان من الأفضل رفضه ، والبعض الآخر لم يهتم ، (متعب) أحس بالفشل وبالضياع ، الحلم الذي نسجاه معا كانت خيوطه واهية ، واهية جدا .
_ لا حول الله ... وش له يقطع نصيب البنت ؟!
وأكملت (أم بدر) احتساء شايها :
_ والله يا عمة ... أمي تقول راشد ما في بلسانه غير (ما له نصيب عندنا ماله نصيب) ... ولما اسألته عن السبب قال عمي ونايف مهوب براضين ...
(أنوار) والقهر يتأكلها :
_ أففففففففف ... نايف هذا شفيه ... ماسك على الكل ... وما أحد مرتاح منه ...
ضحكت (بدريه) بألم :
_ الله يعين بشاير ... الظاهر خلص مني ... وهالسنة الدور عليها ...
وجاءها صوت (سعود) من خلف الباب ، فمنذ زواج (مشعل) وهو يعد دخول المنزل محرم عليه :
_ بدريه ... تعالي عطي أبوي الابرة ...!
_ إن شاء الله ... جاية ... (وضعت فنجان شايها وانصرفت) ...
(أنوار) بحسرة :
_ ايه والله مسكينة بشاير ... الجامعة وحرمها منها ... والحين بيحرمها من متعب ...!
جحظت عينا (دلال) وهي تضربها بكوعها ، (أم بدر) باستغراب :
_ وش اللي يحرمها منه يمه ... الرجال بداله رجال ... وبشاير ألف من يتمناها ...
(أنوار) باستدراك وهي تفرك بطنها المتألمة :
_ إيه يمه ... أنا قصدي نصيبها يعني ... يحرمها من نصيبها ...
وجاءها صوته عبر الهاتف ، تعلم أنه يكون موجودا في هذا الوقت :
_ آلووووووو ...
_ متعب ... (ومنعتها شهقتها) ... !
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يغمض عينيه كان يحس بالانكسار انكسار القلب قبل أي شئ آخر :
_ خلاص يا بشاير لا تبكين ...
_ متعب ... والله ... والله الموضوع ... مو بيدي ... ودي أذبح نفسي ...
_ أستغفري ربك ... أدري أنه مو بيدك ... بس هذا النصيب يا بشاير ... شنو نسوي يعني .؟!
_ كل شئ راح ... راح يا متعب ...
_ راشد قال لي ... ويمكن معاه حق ... يمكن أنا ما أناسبك ... الظاهر اللي يطالع لفوق صج تنكسر رقبته ...
استغربت ردة فعله ، (متعب) كان دائما يهيم بها ويسمعها ما لا يخطر على بال ولا على أذن ، فلماذا في طريق الضياع لا يحارب من أجلها ؟! ، لماذا تحس الآن بأنه رجل يشبه كل الرجال ، يحب لكنه لا يستنشق هذا الحب حتى الموت ، الحب عنده مصير ونصيب قد ينتهي وتستمر الحياة ، لماذا لا يحس بانعدام الوزن والوجود والحياة الآن ... كما تفعل هي :
_ متعب ... ليش صاير انهزامي ؟!
ابتسم من لغتها التي عرف بأنه سيفتقدها :
_ هالموضوع ما فيه انهزامي ولا مو انهزامي ... فيه هل انا مقبول ولا مرفوض ... يحق لي ولا ما يحق لي ...
مسحت دموعها بعنادها الذي كان يحبه :
_ انت تدري أنك صاحب الحق الوحيد فيني ...
وكان منكسرا :
_ للأسف كنت أستمتع بهالحلم ... والواقع الحين يقول لي ... مستحيل ...
_ متعب ...!...(كان الرجاء والبكاء يختلطان في صوتها) ...
_ تدرين إني بسافر الشهر الجاي ؟!
_ أدري ... قالت لي سارا ...
_ كنت مفكر لو الله قسم ... أخذك معاي لمصر ... وتكملين دراسة هناك ... شكلي راح أطول بالدورة ...
_ متعب ... تكفى حاول مرة ثانية ... كلم راشد ...
ضحك بألم :
_ هههههههه ... بشاير الله يهداك لعبة هي ...
_ خلاص ... بس ترجع تلقاني أستناك ...
ابتسم لعنادها الذي لا ينتهي :
_ لمتى يعني ؟!
_ لآخر العمر ...
كان يشك بكلامها ، بل لا يشك بأن الحياة ستعلمها ذات يوم ألا تعطي وعدا لن تستطيع تنفيذه :
_ تحلفين يا بشاير ...
_ وراسك الغالي يا متعب ... ما يبوني أتزوجك ... والله ما يتهنى فيني غيرك ...
وظل يحلم بوميض الأمل الذي لاح .
وسافر (متعب) في دورة عمل إلى مصر ، عاد (ماجد) و(منال) من شهر عسلهما وهما غارقان بالحب والحنان حتى الأذان ، فتحت الجامعات والمدارس أبوابها وبدأ عام دراسي جديد :
_ شفيك تهابدين ؟... الله يفشلك زين ... تعالي هنا ... (وسحبها ليقفا في زاوية) ...
_ عمى ... شفيك ؟!
_ انا أبي أعرف ... خمس ساعات نفرفر ... ولا شي عجبك ؟!... وليش تعيبين على البضاعة قدام الناس ... لا وبوجه البياع ... ما تستحين انتي ؟!
_ والله ما احد قال لهم ... كله مياعة وقلة حيا ...
_ أنا أبي أعرف انت شنو تبين بالضبط ؟.. (وبعد تفكير) ...انا منو قال لي أتبلش وأجي معاك ...
_ فهــــــــــــد ...
جحظت عينا (أنوار) من وراء غطائها ، واقترب هو منهم بعد ان ابتعد عن رفاق كانوا معه :
_ قوة ...
_ هلا ناصر ... شلونك ؟!... (وتبادلا السلام) ...
_ تمام ... شعندك ؟... تتسوق للجامعة ؟
_ والله انا تسوقت من أسبوع ... (ونظر لشقيقته بملل) ... بس حرمك المصون توها تتذكر أنها بتروح الجامعة بكرا ...
_ هههههههههههههه ... شلونك انوار ؟!
ردت من دون رغبة :
_ زينة ... (وابتعدت لتنظر في نافذة محل قريب) ...
_ الله يعينك عليها ... يا هي علة ... !
_ ههههههههههههههههه ... هذي وهي التوم حقك ؟!
_ يا أخي خبلة ... كل شي مو حلو ... وحق بنات ... تبي تروح الجامعة بدشداشة الأخت ...
_ هههههههههههههههههههههه ... اسمع مدامك تعبت ... (ووضع يده على كتف فهد) ... أرجع البيت وأنا أتسوق معها ...
_ هاه ... لا يبه ... (ونفض كتفه عنه) ...
_ هههههههههههه ... وجع ... وشو لا يبه ... ترى هي حرمتي ...
_ أدري بس للحين ما صار رسمي ...
_ أقول يالخبل ... ترى أنا أشورك من ذوقي لا أكثر ولا أقل ...
بتردد :
_ إخواني ما يرضون ...
تنهد (ناصر) وأخرج جواله ليتصل :
_ هلا أبو شوق ... بخير عساك بخير ... أقول ترى أنا لقيت فهد وانوار بالسوق ... وبضل معها ... فهد تعب ... بس تخلص أرجعها ... يا أخي كيفي حرمتي ... أعوذ بالله منك ... ما في ثقة يعني ...ههههههههه ... لا تخاف أرجعها صاغ سليم ... عاد والله متى كيفي ... ههههههههههههه ... إن شاء الله ... يالله سلام ...
كان فهد يراقب المكالمة باهتمام :
_ شقال بدر ...؟!
_ ما سمعت يعني ...
وبراحة كبيرة :
_ أجل فكيتني منها ... اختنقت من الزحمة ... خل أروح لربعي أحسن ... باي ... (وانصرف راكضا) ...
_ فـــــــــــــهد ... (واقتربت من مكانهم وهي تبحث عن فهد) ...
_ لقيتي شي ؟!... (واقترب منها) ...
بتردد جاوبته :
_ إيه ... فهد وينه ؟!
أمسك بذراعها :
_ تعالي ... ورينياه !... (نفضت يدها منه بسرعة لكنه تجاهلها ودفعها لتسير أمامه ) ...
_ شو مدام عجبوكي التي شيرتات ؟!...(البائع اللبناني كان يمسك بها بيده) ...
أجابه (ناصر) :
_ ايه ... لو سمحت ... حاسبني عليهم ..
ابتعدت منه مسرعة :
_ أنت شتبي ؟!
صوتها كان عاليا :
_ هههههههههههه ... أشششششش ... فضيحة أنتي ؟! ...
_ اتفضل أستاز ... (ومد له الكيس) ...
_ شكرا ... (حاسبه ناصر ، وسحب ذراعها لينصرفا) ...
المجمع الكبير كان مزدحما ، وحركته كانت سريعة منعت دهشتها من ان تزول ، وفي منتصف طريق خال نفضت يدها منه :
_ هيه ... أنت ؟! ... وين على الله ؟!
_ ههههههههههه ... وجع قصري صوتك ... ترى حنا بسوق ...
_ أستغفر الله ... (وانصرفت عنه) ...
أمسك ذراعها :
_ هههههههههههههه ...وين ...؟!
نفضت يدها مرة أخرى :
_ يووووووووووووووه ... ترى والله إن شافك فهد ما يصير طيب ...
_ لا والله ...!
واقترب منهم حارس الأمن المصري :
_ خير يا مدام ... فيه حاجة ؟! ... (كان ينظر لناصر بشك) ...
تلعثمت (انوار) ، اجاب (ناصر) بحزم :
_ شكرا ما فيه شي ... الظاهر مدامتي تعبت من التسوق ... (وامسك يدها) ... يالله حبيبتي خل أرجعك البيت ... (وسار وهي معه ، ثم التفت للحارس المستغرب) ... شكرا ...
وفي المواقف عند سيارته ، كانت تنتفض رعبا وهي تنفض يدها منه :
_ ناصــــــــــر !... (كان يضع الكيس في المقعد الخلفي) ...
_ ههههههههههههههههه ... انثبري ... أبي أقعد معاك شوي ... سويتي لي فضيحة ... ما تسوى علي ؟!
_ وفهد ... وين فهد ؟!
تنهد براحة لانها ستغضب :
_ فهد راح لربعه ... وانت شريتي اللي تبين ... نتعشى في مطعم ... وأوصلك لبيتكم ...
انصدمت وهي تفتح فاها وقلبها يضرب بقوة :
_ أروح معك ... لا يبه ...
_ وليش تنافضين ... وحش أنا ... ؟!
_ أخواني بيذبحوني ...
ابتسم من توترها من خوفها من انتفاض جسدها الصغير :
_ أحوسهم لك وانا ناصر ...
_ تخسي ... (نظر إليها بغضب ، فتراجعت) ... ترى هذولا أخواني ...
_ تصدقين ما أدري ... يالله اركبي ...
_ ما أبي ...
_ أنوار ... فهد راح ... وبدر بيقول لأهلك إنك معي ... يعني ما أحد راح يفكر يجي يأخذك ... اركبي معاي أحسن ... (كان يستند على باب السيارة المفتوح) ...
بعناد :
_ الحين ادق على سعود ...
وفتحت حقيبة يدها لتبحث عن جوالها ، وطال الأمر بينما بقي (ناصر) يتأملها باستمتاع ، ورجفت يداها (أكيد نسيت االجوال ... بسيارة فهد ... يا ويلك مني يا فهيدان الكلب !) .
_ نمشي ..
لهجته استفزتها :
_ والله لو أضل لبكرا ... ما أركب معك ...
هز كتفيه ، والتفت لجهة السائق ففتح بابه :
_ والله كيفك ...
أحست بالخوف (من صجه هذا ؟! أضل بالسوق بروحي ؟!) :
_ ناصر !... (ولما التفت لها من مكانه) ... عطني جوالك ؟!
ابتسم بسخرية :
_ والله شاطرة ... (بلهجة غبية) ... إذا ما تنازلين تركبين معاي ... جوالي ما يتنازل ويخليك تكلمين فيه ...
_ أفففففففففففففففففففففففففففففف ... (انتفض جسدها بغباء ، وابتسم ناصر فرحا ، فتحت الباب الخلفي وجلست مقهورة) ...
_ سواقك أنا ؟!... (كان يعدل وضع غترته في المرآة ) ... تعالي يمي ...
_ أحمد ربك رضيت أركب معاك ...
شغل سيارته وهو يبتسم :
_ الحمد الله يا رب ...
ازداد غضبها :
_ ودني بيتنا ...
_ لا ... نتعشى اول ...
_ ما أبي أتعشى ...
_ خلاص انا أتعشى وانت طالعيني ...
_ لا والله ...
_ إيه والله ...
_ والله لا أعلم أبوي بسوياك ...
ضحك وهو يهز يده بعد ان سار بسيارته :
_ ههههههههههههه ... هو أنا سويت شي ... (التزمت الصمت وقد احمر وجهها) ...
أدار المسجل فخرج صوت (سعد علوش) يصدح بقصيدة :
الطايش اللي محتمينه ... ما ولوه !!!
كل العيون اللي تحبه ... باعته !!!!
اغلى شهوده ساع ما ابيع ... احجدوه !!!
واوفى شموعه يوم قفا ... ماعته !!!
يا اهل السخافة واللقافة ... جنبوه !!!
خلوه يخطي دامني .. شماعته !!!
خلوه يجمد ويتبعثر ... كل ابوه !!!
ما دامني في حكمه وفي ... طاعته !!!
لانه خليط من التغاضي ... والنبوه !!!
ومواقفه تبنى على ... قناعته !!!
باسي ولو تضايقه ما قال ... اوووه !!!
وقساوته آخر دلع ... مياعته !!!
مدلع خلقة وناسه .. دلعــــــــوه !!!
والنفس ما تشبع به اليا ...جاعته !!!
يغيب ويدري ان المعاليق ... افقدوه !!!
ويرجع بصوت جعلني ... ما ناعته !!!
لا بث رقمه شاشة الجوال ... اتــــــــــوه !!!
واقول يا رب تبارك ... ساعته !!!
جوالي ليا من دق وقال ... الــــــــــووو !!!
تذوب اذانيا على ... سماعته !!!
لبيه يا كلماته ولا فض ... فــــــــوه !!!
اموت في روح كف ... واستماعته !!!
لا تنشدوني ليه احبه ... انشدوه !!!
حبه مجببني سبب ... وداعته !!!
من كثر ما احبه احب ... امه وابوه !!!
بالمختصر احبهم ... جمــــــــــــــــــــالته !!!
ابتسم ناصر دون شعور وهو يركز مع كلمات القصيدة ، استفزت حركته انوار بشكل كبير " شنو يعني ؟... قصده انا طايشة ... أكيد قاصد يحط هالقصيدة " ، سألت بغضب :
_ ليش تضحك ؟
تجاهل سؤالها حتى لا تغضب :
_ أقول أنوار ... أي كلية دخلتي ؟!
كانت قد كتفت يديها الغاضبتين إلى صدرها :
_ ما لك شغل ...
وبغباء مصطنع :
_ أعرف ... دخلتي آداب ؟!
_ أجل ... ليش تسأل ؟!... عبط ...
_ وجع ... أنتي صج يبيلك تأديب ...
_ ما أنطر منك أدب ...(غمز لها وهو يعض على شفته مبتسما ليقاوم رغبته في قطع لسانها) .

ارادة الحياة 14-05-08 03:50 PM

((الفصل الرابع عشر))
وفي شقتهما الخلابة كانت ترتب خزانتهما فسمعت صوت جرس الباب :
_ لحظة ... لحظة ...
_ قوة يا عروس ...
_ هلا عمة ... (وضمت عمتها بشوق) ... وحشتيني موت ...
_ إمسكي بس ... إمسكي ... (ومدت لها الأكياس التي كانت تأخذها من السائق فتمدها لها) ... يا كذابة ... احد يشوف ماجد ... ويتذكرني ... (وغمزت لها بخبث) ... خلاص روح قاسم ...
_ وليش مكلفة على نفسك يا عمة ... (وانصدمت ممن دخل خلف عمتها) ... ريـــ ... ريم ؟!
_ قوة يا مرت أخوي ... (وضمتها ريم برقتها المفرطة) ...
_ هـــ ... هلا ريم ... شلونك ؟
_ أنا تمام ... أنت شلونك ؟
_ هاه ... منول بنظل واقفين عالباب ؟
_ شدعوه عمه ... حياكم تفضلوا ... (ودخلن ليجلسن على المقاعد الوفيرة) ...
وفي كبينة مطعم راق ، كان يتناول عشاءه الفاخر بشهية كبيرة وهو يستمتع بانتظارها وغضبها الذي لم تعد تستطيع أن تكبح لجامه وهي ترفض تناول عشاءها :
_ نزلي الغطوة طيب ... ما من غريب !
_ حريمتك ...
_ هههههههههههههههههههه ... الله والوجه عاد ... ترى شايف الخشة من قبل ... ولا نسيتي ... (وغمز بعينه وهو يبتسم) ... ولا أقول ... أخاف حركات ... وما أبيك تشوف وجهي إلا ليلة عرسنا ... ههههههههههههههههه ...
_ الله لا يجيبه !
_ وشو ؟!
_ ولا شي ... (كانت تعلم بأنه يستدرجها حتى تقول كلمة "عرسنا")
_ هههههههههههههههههههههه ... لا تجبريني أتهور وأسوي سواة ماجد ... وأخليه الأسبوع الجاي ...
_ على كيفك ...
_ أجل على كيفك ... (وابتلع لقمته وهو يتلذذ) ... كولي ... لا تدلعين وتسوين فيها كرامة وخرابيط ... أدري فيك ميتة جوع ...
_ أففففففففففففففففففففففففففففف ... (وغادرت نحو السيارة فاضطر أن ينهي عشاءه وهو يضحك ليلحق بها) ...
وفي شقة ماجد ، كانت أصوات الضحكات تتعالى في الصالة :
_ إلا صج سفيرة النوايا الحسنة ... وين حطيتي الرحال هالمرة ؟... (كان يجلس بجانب خالته وهو يحتضنها) ...
_ تتطنز أنت ووجهك ... (وتدفعه عنها) ...
_ ههههههههههههههههه ... أمزح ... والله أمزح ... (ويقترب يحتضنها ويقبلها) ... شفيك صايرة زعول ...؟
_ خالتي لا تزعلين من مجود ... هذا هو وهذي سوالفه ...
تصنع هيئة الغضب :
_ هيه إنتي !... شنو مجود ... ترى زوجتي موجودة ... (ونظر نحوها وابتسم ، كانت تراقب الموقف بصمت وهي تكتشف براءة ماجد أكثر فأكثر) ...
_ عادي انا أكبر منك ... ويحق لي أدلعك ...
_ أفففففففففففففففففففف ... متى هالمعقد ينوي ... ويخلصنا من مياعتك ...
سألت بخجل :
_ منو المعقد ؟!
_ منو هاه ... تسوين نفسك غشيمة ... الله يعينك عليه ... بيطلع هالدلع هذا من عيونك ... ههههههههههههههه ... خالة تخيلي ريم تصير داعية ... أستغفر الله مو لايق ... هههههههههههههههههههههه ... (وضحكت معه الخالة) ...
_ أروح أحط العشا ... (ونهضت) ...
_ إيه والله منول ... حدي جوعان ...
_ إن شاء الله ... (وفي قلبها : يخسي الجوع يا قلبي) ...
_ منول أجي أساعدك ... (وانصرفت ريم خلفها) ...
التفتت له خالته :
_ بجيبون خدامة ...؟!
_ هاه ... مدري ... منال ما قالت لي ...
وضعت يدها على يده (أنت وجه زواج يا ماجد ؟!) :
_ خلاص أنا أكلم نايف يجيب لكم وحدة ... منال مو متعودة عالخدمة ...
وفي المطبخ وقفت (ريم) وهي لا تعرف ما تفعل ففضلت ألا تفعل شيئا ، (منال) كانت تضع العشاء الجاهز الذي جلبه (ماجد) في الأواني :
_ شقتكم روووووووعة ...
_ ذوق عمي ...
_ أدري ... قال لي بابا ..
سألت بتردد :.
_ ريم ... شلون عمتي ...؟!
_ زينة ... بس للحين زعلانة على ماجد ...
اكفهر وجهها فابتسمت بألم :
_ زين اللي خلتك تزورينا اليوم ؟!
_ ما تدري ... (رفعت عينيها باستغراب) ... خالتي شريفة كانت نايمة عندنا من أمس ... كلمت نايف وقال لها إنكم بتجون اليوم ... فقلنا لأمي إننا بنروح السوق ... وجيناكم ... بصراحة ماجد وحشني مووت ... وقلت أشوف بنت خالي ومرت أخوي وأبارك لها ...
ابتسمت بصدق من رقة هذه الشابة وأسلوبها الناعم :
_ تسلمين يا قلبي ...
وفي طريق العودة أصرت أيضا على الركوب في المقعد الخلفي :
_ زين جذي ... ما خليتيني اكمل عشاي ... يا ويلك من أمي ...
_ والله ما احد قال لك تجيبني معاك ... (ورن هاتفه النقال) ...
_ هلا بدر ...(يا فشلة بدر يدري إني معاه) ... يوووووووووه ... يا أخي شفيكم ما عندكم ذوق انتم ... خلصنا سوق ... وخلصنا عشا بعد ... مو على كيفك ... يا أخي حرمتي وأنا حر ...(على كيفك انت ووجهك) ... ههههههههههههههههههه ... لهدرجة عمتي ما عندها ثقة فيني ...(يا سواد ليلي أمي بعد) .... (ونظر إليها عبرالمرآة) ... حنا لو نفتك من هالعجايز حنا بخير ...(عمى بعينك تدعي على أمي) ... أشوف إذا شبعت أرجعها ... (شبعت زمهرير إن شاء الله) ... يا أخي خلاص ... ما تسوى علي هالطلعة ... قلها دقيقة وهي عندها ... سلام ...(وأغلق الهاتف) ...
_ أنت شلون تقول لبدر كذا ؟
_ شنو قلت ؟! ... (كان يريد أن يحرجها) ...
_ اللي قلته ...
_ شنو اللي قلته ...؟!
_ ما أدري ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
وفي قلبها كانت تغلي غيظا (عمى يا السخيف) .
_ هاه شقال ؟
_ يمه ... الله يهداك بيأكلها هو ...
وجلست الام ثائرة :
_ حسبي الله عليك يا أنواروووه ... أنا أوريك ... ولا فهيدان ... بسيطة ...
وجلس (بدر) مستغربا ثورتها :
_ يمه شفيك ؟!.... تراه زوجها ... وناصر دق علي وأستأذن مني ...
ردت (بدريه) التي كانت تمشط شعر (شوق) :
_ ولو يا بدر ... المفروض ما تطلع معاه ...
_ يا يمه ... هو ما دخل عليها للحين ... عيب اللي سواه معاها ... صج ناصر طاح من عيني ...
_ أستغفر الله العظيم ... يمه ... ناصر رجال وما ينخاف منه ... ورع هو الله يهداك ؟!... لا يروح فكرك بعيد ...
وتمنت الأم أن يكون كلام ابنها صحيحا :
_ بروح أنام أنا ... يالله شواقة نروح ننام ؟!...(وابتسم لوجه طفلته الحلو) ...
_ لا بابا ... أنا نام ايند عمه بدليه ... (ضحكت بدريه وهي تحتضنها) ...
_ يا سلام ... مو ملاحظة إن صار لك يومين تنامين عند عمه بدليه ؟!
_ ههههههههههههه ... بدر خلاص أنت تعبان روح نام وخلها عندي الليلة ...
_ أوكي ... (وقبل طفلته بوحشية تمتلئ شوقا ) ... يا خاينة ... يالله تصبحون على خير ...
_ وأنت من أهله ...
ونظرت بدريه نحو والدتها التي لم ترد بل شردت بأفكارها في عالم مخيف .
_ عمة خلك تنامين عندنا اليوم ؟! ...
(منال) كانت تقف عند الباب تودعهم و(ماجد) خلفها :
_ يمه يا العيارة ... أظل شسوي أزرع بصل !...(أخفضت منال رأسها) ... أنتي ورجلك عرسان ... أنا وين وجهي ؟!
_ إيه صح خالة ... ما نبي عذال الليلة ...
التفتت له برعب وصدمة من جرأته :
_ مـــــــــــــــــــــــــاجد ...
_ شنو شقلت ؟
_ ههههههههههههههههههههههه ... وهو صاج ولد أختي ...
_ خالة يالله لا نتأخر ...! ... ترى السوق سكر من زمان ... (ونظرت لخالتها برجاء) ...
_ زين ... زين ... يالله مع السلامة ...
_ مع السلامة ... (وأغلقت منال الباب خلفهم واتكأت عليه بغضب وهي تحملق في ماجد) ...
سأل ببراءة :
_ شنو ؟...
_ ليش قلت كذا قدام عمتي وريم ...؟!
_ شنو قلت ؟
_ مــــــــاجد ...
_ زين عادي يعني ... (واقترب منها يحتضنهاوهو يبتسم) ... أنا إنسان صريح ... أنت ليش ما تحبين الصراحة؟!... تخيلي خالتي قعدت عندنا ... والله بنطلع هبالنا قدامها ... ههههههههههههههه ...
أجابته بحزم :
_ والله ... أجل نام برا الغرفة اليوم ... (وابتعدت عنه وانصرفت نحو الغرفة) ...
_ لا ... لا ... منول ... (وسار خلفها كالطفل وهو يمسك بها) ... منولتي ... تكفين ... (وحين وقفت وهي تنظر في وجهه) ... توبة ... (ووضع إصبعا على شفته) ... والله توبة ... آخر مرة ... بعد إذا جانا أحد حتى ما أطالع فيك ... تكفين ... منال والله سوري ... لا تزعلين ...
تنهدت بعمق :
_ ماجد حبيبي ... (ووضعت كفها على خده وغاصت في عينيه) ... مرة ثانية لا تسولف على اللي يصير بينك وبيني قدام أحد ... عادي طالع لي ... وابتسم لي ... بس لا تتكلم في الأشياء الخاصة ... هالأشياء لازم تبقى بيني أنا وياك وبس ... ما أحد يدري فيها ... فاهم ...
_ والله قلت لك توبة ... بعد ما أعيدها ...
وابتسمت (منال) له ... لزوجها ... لطفلها الصغير الذي أدركت أنها غرقت في حبه .
وعلى الهاتف :
_ سخيف يا بشاير ... رفع ضغطي ... بغيت اموت من ملاقته ...
_ هههههههههههههه ... امحق زوجة والله ...
_ تخيلي أمي هزئتني تهزئية محترمة ... انا شكو ؟!... ليش ما تهزئه هو ... ولا شنو ؟... وين رحتوا وشنو سوى لك ... يخسي إلا هو ... أصلا حتى الغطوة ما رميتها ولا خليته يشوف وجهي ...
_ هههههههههههههههههههه ... والله حرام اللي تسوينه بناصر ...؟
_ حرام هاه ... إذا كاسر خاطرك خذيه إنتي ؟
تنهدت (بشاير) :
_ يا ليتني حبيت ناصر ... على الأقل شجاع ... وعنده موقف ...
_ آآآآآآآآآآفا ... وروميو بن عدهان وين راح ؟!
_ اسكتي بس ... صدمني صدمة عمري ... تخيلي سافر لمصر ...! ...وخلانا معلقين كذا ... ما توقعته انهزامي ...
_ يعني شنو تبينه يسوي ... خطبك ورفضوه ...
_ ولو ... المفروض يحاول مرة واثنين وثلاثة ... ما يستسلم ... حسسني إن كل شي حلمنا فيه كان تافه ... بالنسبة له على الأقل ...
_ وكرامته يا بشاير ...
_ في الحب ما فيه كرامة ... ما أقول إلا هذولا الرجال ... كل حبهم كلام في كلام ...
_ يعني الحين ما تحبينه ؟!
_ أكذب عليك إذا قلت لك ما أحبه ... طبعا للحين أموت فيه ... بس انكسر جانب حلو منه في نفسي ...
_ لا تتفلسفين ترى والله نعسانة ومو قاعدة أجمع ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... أوكي ... أجل تصبحين على خشة ناصر ...
_ وعععععععععععع ... فال الله ولا فالك ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... حرام عليك والله ناصر قمر ...
_ أففففففففففففففففففففف ....تصبحين على خير ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... وإنتي من أهله ...
وهكذا مرت الأيام كفاح وجهاد في العمل وفي الدراسة وفي الحب ، وجاء الشتاء وجاءت معه رحلات البر ، فتخرج شبه الجزيرة عن بكرة أبيها تستنشق عبق الصحراء ومرونة الرمال ورائحة الماضي التي لا زالت تفوح من كل جزء في أجسادنا ، لا زلنا وحتى ونحن في القرن الواحد والعشرين نشتاق لتلك الصحراء القاحلة ربما في جيناتنا ما يجعلنا نرتبط بهذه القفار الحالكة فلم نتركها منذ الجاهلية وحتى الآن وإلى الأبد :
_ من زمان عن هالجو اللي يرد الروح .... (ويتنهد أبو احمد) ...
يجيبه (أبو نايف) :
_ والله هذا انتم ... أنا دوم ما أفارق البران ...
يسأل (مشعل) وهو يجمر النار :
_ إلا صج عمي ... شلون يجيك خلق تطلع البر بالصيف ؟!
اجابه والده :
_ وينا عن البر يعني ... طول عمرنا عشنا فيه صيف وشتا ... قل تعودنا عالكسل بس ...
ودخل (فارس) وخلفه (سعد) إلى بيت الشعر المفتوح :
_ يبه ... الدبابات وينهم ؟
أجابهم (مشعل) الذي طارت عليه جمرة من النار :
_ وجع ... توكم واصلين ... اركدوا شوي ...
يسأل (أبو أحمد) :
_ وصلاح ومبارك وينهم ... خل يشغلون لكم الدبابات ...
(ٍسعد) بحزن :
_ عمي الدبابات مو بالمخيم ...
جاء (فلاح) الصغير من خلفهما ليرتمي في أحضان جده :
_ يبه ... الدبابات وين ؟!
_ ههههههههههههههههههههههه ... (يقبله بحب) ... وحتى إنت بعد ... الدبابات نايف موديهم صيانة ... مشعل يبه شوف أخوك وينه ...؟!
_ إن شاء الله عمي ... (ويرفع هاتفه ليتصل) ....
_ هلا مشعل ...
_ هلا أبو فلاح ... وينك ؟!
_ بالشركة ...
_ يا أخي كلنا في إجازة ... مقابل الطوف انت ؟!...
_ هههههههههههههههه ... عندي كم شغلة أخلصها وأجي ...
_ زين البزارين دوخونا عالدبابات ...
_ اسم الله أمداهم ... توهم واصلين ... عالعموم أنا قلت لبدر يجيبهم لكم ...
_ بدر هنا ...
_ ايه صح ... بيطلعون بكرا من الكراج ...
_ أقول ... (والتفت للصبيان) ... نايف يقول السنة الجاية يمكن تلعبون بالدبابات ...
واستمع (نايف) لصرخات خيبة الأمل الصغيرة وهي تبتعد :
_ هههههههههههههه ... حرام عليك ليش تحطمهم ...
_ حلوة أشكالهم وهي محطمة ... تحسسني بالانتعاش ...
_ طيب ... الكل موجود ...
_ عائلتنا عن بكرة أبيها ...
_ على خير ... فأمان الله ... سلم على اللي عندك ...
_ في امان الكريم ...
وفي خيمة النساء كانت سفرة الحلويات والقهوة ممتدة وعامرة وأصوات فتيات العائلة ونسائها تملأ المكان :
_ هـــــــــــــــيا ... (وتمد يدها) ... قرب لي صينية الحلا اللي مسويتها ...
سدت (حصة) الجالسة بجنبها أذنها :
_ طيب ... ليش تصيحين ...؟! ... فجرتي أذني ...
ضحكت (هيا) :
_ هههههههههههههههههههههه ... خذي ... كلي الي بفمك أول ... (هزت دلال رأسها لان فمها كان فعلا مليئا) ...
(نوف) بخوف :
_ دلال شوي شوي ... شفيك مشفوحة ؟!
_ يعني أنا أكل لحالي ... ترى أكل عن روحين ...
(أنوار) وهي تضع يدا على رأسها :
_ حنا يومك على روح وحدة مأكلتنا ... الدور على روحين الله يعينا ... (وضحك الجميع) ...
وفي زاوية النساء سألت (أم فارس) :
_ إلا أم ناصر ... ما لها نية طلعة معانا هالسنة ؟!
أجابتها (أم بدر) :
_ تدرين فيها ما تحب طلعات البر ... وناصر مسافر من اسبوعين ...
تنهدت (أم راشد) :
_ لو مضاوي وسيف طالعين اليوم ... ورادين بيتهم بالليل ...
(أم نايف) بحزم :
_ والله أخاف على وليدي ... يصير له شي بهالبران ؟!
(شريفة) بشفقة :
_ بس مضاوي تموت عالبر ... وصار لها ثلاث سنين ما طلعت ... كان طالعة اليوم ورادة بالليل ما كان صار شي ...
(أم أحمد) وهي ترشف شايها :
_ خليها عند رجلها ... لا حنا ولا البر بننفعها ... إلا أم ماجد وينها ؟!
ضحكت (أم بدر) :
_ راحت مع بدر يم الحلال ..





--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل الخامس عشر ))
وفي المدى الذي لا نهاية له كانتا تستمتعان بالسير :
_ هههههههههههههههههههههههه ... احلفي بس ...
_ والله ... صدتهم كانوا عند حوض السباحة ... ومسوين رومانسية مالت عليهم ... يا شين الحب عالبطات ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... وشنو قالوا ؟!
_ أختك الهبلة سوت نفسها مستحية ... ولا أخوي ... (تقلده : أنوار اطلعي برا قطعتي علينا الجو خل نكمل) ... الله يقرفه ... طاح من عيني ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... شعليك فيهم ... زوجته وبكيفه !
_ بكيفه عندهم جناح شكبره ... مو على عينك يا تاجر ... البيت فيه عيال وبنات ... مفضح الله يغربلهم ...
_ هههههههههههههههههههه ... !... (وانتبهت لتغير لون ابنة عمها) ... شفيك ؟!
_ هذي سيارة جاية عندنا ...!
_ وين ؟... (والتفتت فرأت السيارة قد اقتربت كثيرا) ... تغطي أكيد واحد من العيال ...
ولبسن أغطية الوجه ، توقفت السيارة بجانبهن ، وترجل منها صاحبها كان يلف شماغه حول رأسه ويرتدي نظارته الشمسية السوداء :
_ السلام عليكم ...
(بشاير) التزمت الصمت بعد ان عرفته ، فردت (أنوار) :
_ هلا ... وعليكم السلام ...
_ شعندكم ؟!
_ نتمشى ...
_ بس مبعدين ...؟!
_ بنرجع الحين ... (ورن هاتفه) ...
_ هلا مشعل ... هذا أنا عند المخيم ... أبوي شعنده ؟! ... طيب الحين أنا عندكم ... تبشر يالله ... هههههههههههه ... طيب .... (أغلق هاتفه والتفت نحو الفتاتان) ...اركبوا معاي ...
_ لا أبو فلاح ... بنرجع مشي ...
_ مثل ما تبون ... بس لا تتأخرون ... (ركب سيارته وابتعد عنهن) ...
_ شفيك ؟... (وضربتها بكوعها) ... انخرستي ؟!
عبرت بصدق :
_ شفته وانقهرت يا انوار ...
_ هههههههههههههههههه ... تذكرتي سوالفه معاك ...
تنهدت وهي تنظر إلى حيث سارت سيارته :
_ ليش ... أنا نسيت ...
_ بس تصدقين ... ولد عمنا هذا شي ... قمررررررررر ... (وحركت حاجبيها) ...
رفعت حاجبيها باستغراب :
_ شوي وتقولين فيه قصيدة ...
_ وانا صاجة ... شوفيه ما شاء الله رزة ... كانه آل باتشينو في فيلم العراب ...
سخرت من كلامها :
_ ايه صاجة ... آل باتشينو لابس دشداشة وشماغ ...
_ ههههههههههههههههه ... امشي بس ... امشي ... خلينا نرجع المخيم لا يسوي نايف فينا سوالف المافيا صج ... (وعدن للمخيم) ...
وفي خيمة الرجال ، سأل (أبو احمد) :
_ أبو فلاح ... أخبار الصفقة ؟
_ تمام يا عمي ... هذا هو ناصر بكرا ولا بعده راجع من باريس ...
يعلق (أبو نايف) وهو يشرب من فنجانه :
_ يرجع بالسلامة إن شاء الله ... تعب ناصر بهالصفقة ...
_ وانا أشهد ... الصفقة الجاية الدور على مشعل ...
غص (مشعل) بفنجانه :
_ لا نايف ... تكفى ... تدري إني ما أحب السفر ...
ضحك (أبو أحمد) :
_ هههههههههههههههه ... ما تحب السفر ... ولا ما تبي تبعد عن حرمتك ...
(مشعل) وهو لا زال حزينا :
_ أنا بعد تعبت ... ما أطلع من الدوام إلا المغرب ... راشد يسافر ...
علق (راشد) ليقهره :
_ أنا سافرت المرة اللي طافت ...
تأفف (أبو بدر) :
_ الحين وش جاب طاري الصفقات وضيقة الخلق ... خلونا نستانس ... وأنت علامك يا مشعل ... هم قالوا لك بتسافر بكرا ...
ضحك الكل من كلام (أبو بدر) ومن ملامح (مشعل) البائسة من مجرد ذكر العمل ، إلا هو كان يستمع لحديثهم لكنه في عالم آخر (معقولة يا ربي ... معقولة اللي يصير ... وش أسوي أنا الحين ... ليه ؟!... ليه يا ربي كذا ؟ّ... ليه ؟... أستغفر الله العظيم بس) ...
_ بدر !... (أخرجه صوت نايف من شروده) ... شفيك ؟!
_ ولا شي ... (وابتسم) ... سرحان بالجو ... (آآآآآآآآآآخ يا نايف ... لو تدري باللي أدري فيه ... وش بيصير لك يا ولد عمي؟!) ...
وفي الخيمة المخصصة للبنات :
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هه ...
_ حصوووووووووه ... ومرض انثبري ....
ودخلت (عهود) :
_ ووجع ... شفيكم ؟!
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههه .... عهود شوفي ....! ههههههههههههههههههههههههه ...
وانفجرت (عهود) بالضحك وهي تجلس بجانب (حصه) .
_ صج أنكم غبيات ... (ووضعته في حقيبتها) ...
ولا زال الضحك مستمرا ، دخلت (أنوار) وخلفها (بشاير) :
_ شفيكم ؟.. رقاصات انتم ... ترى نايف هنا ... وصوتكم جد عالي ... (ولا زال الضحك مستمرا) ...
_ عهود ووجع ... حصه !... (وانتبهت بشاير لوجه ريم المصبوغ بالأحمر) ... ريم شفيكم ؟
أجابت (حصة) وهي لا زالت تضحك وتتمدد فوق (عهود) :
_ ريـــ .... ريــــــــــــ... ريم ... جايبه معها ...هههههههههههههههههههه ... استشوار ... ههههههههههههههههههه ...
حاولت (أنوار) و(بشاير) ان تكتما الضحكة ، (ريم) بخجل :
_ والله نسيت ... كل ما أرتب شنطتي أحط الاستشوار اول شي ... نسيت إننا طالعين البر ...
وانفجرت (أنوار) بالضحك ، (بشاير) حاولت أن تتماسك :
_ عادي ريومة ... كلنا ننسى ... (وسحبت أنوار خارجا ، ثم انفجرت ضحكتها) ... مسكينة ... هههههههههههههههه .... فشلوها ...
_ ههههههههههههههههههه ... استشوار ... ههههههههههههههههه ... لو يدري مشعل بس ... هههههههههههههههه ... والله ليخلي سعود مصخرة ...
_ ههههههههههههههههههههه ... حرام لا تقولين له ... بتحرجينها ...
_ هههههههههههههههههه ... أنا ما راح أقول شي ... بس أقص يدي إذا ما صارت ريم سالفة المخيم بعد شوي ... حصة وعهود ما راح يخلون أحد ما يقولون له ...( وكان معها حق ...) ...
كان يحب الليل أكثر من أي وقت آخر ، رغم الحزن الذي يغشاه ورغم الأوجاع التي يستنهضها في النفس ، ورغم ألف سؤال وسؤال يطرح نفسه في هذا الجو البهيم ... كان يعشقه ، والليل في الصحراء ألذ وأطيب وأكثر شقاءا ووجعا ، سار متدثرا بمعطفه الأسود الطويل وهو يغطي وجهه بشماغه (لطمة) ويمسك عصاه الرقيقة في يده يضرب بها الأرض :
يا الهموم اللي علي اثقل من حمول .. الركايـــــــــــــــــــــب !!
ساعد الله قلبي اللي مرتكي لحمول .. همــــــــــــــــــــــي !!
ويا الظروف اللي علي ومنين ما اوجه .. صعايــــــــــب !!
يا كثر ما اني مسحت الدمع منها براس .. كمــــــــــــــــــي !!
ويا الجروح اللي يجي هذا وذاك العام .. طايـــــــــــــــب !!
كل ما هبت ظروف الوقت شمي .. واستشمــــــــــــــــــــــي !!
من عرفت العلم والضحكات ننهبها .. نهايـــــــــــــــــــب !!
لا تغافلنا الزمن قمنا على الضحكة .. نسمــــــــــــــــــي !!
وان ضحك وجه الزمن تلقى مثل شرواي ..هايـــــــــــــب !!
(( ايه )) اهابك يا زمن وان سقت ضحكاتك .. لفمــــــــــــي !!
منك انا وان زنت بعيوني يا ابو وجهين .. تايـــــــــــــب !!
ادري انك لا ضحكت القاك طاعن ولد .. عمـــــــــــــي !!
هي أيضا كانت تحب الليل ، تحبه لأنه ستار ...على آثام الفكر قبل أثام الفعل ، فيه تستطيع أن تجلد قلبها آلاف المرات دون ان يراها أحد ودون أن يشعر بها أحد ، فيه تستطيع ان تبكي أحلامها التي ضاعت ، وتستطيع ان تشتاق ل(متعب) دون أن يحاسبها أحد :
والله واحشنــــــــــــــــــــي موووووووت !!
أخاف بعدك أمووووووووووووت !!
قلبي لو من حديد ... ذاب وانت بعيد !!
لو خسرتك حبيبي ... شلون احب من جديد ؟!!
وين القى وفـــــــــــا ؟!!... او احس بدفــــــــا ؟!!
ظلمة بعدك حياتي ... كل شي بيها اختفى !!
روحي يمك حبيبي ... وبإيدك اتمنى امووووت !!
وين الاقي الحنان ؟... يعني معقولة هــــــــان !!
ما خدعنا بعضنا !!... الزمن بينا خــــــــان !!!
وينك انت واجيك ؟!!... واغفا ما بين ايديك !!
لو شفتني حبيبي !!.. حالي يصعب عليك !!
اخاف ابكي ودموعي !!... بيها اغرق وامووووت !!
ليلي بعدك طويل !!... عالبعد ما لي حـــــــيل !!
تدري شوقي اللي بيا !!... ينتهي مستحيل !!
شسوا بيا هواك ؟!!... قلبي يمشي وراك !!
ياللي ماخذني مني !!.. منهو مني خذاك ؟!!
قلبي يتمنى يوصل يمك انت و ... يمــــــــــــــــــــوووت !!!
_ السلام عليكم ...(وسقطت من يدها زجاجة الماء وهي تقف مرعوبة لتقابل وجهه بعد أن أفزع سكونها صوت سلامه الهادر) ...
وظلت عيناه تفترسان وجهها بدهشة مرتابة ، صحيح أن الظلام الحالك كان يحيط بهما ، وصحيح أن خفقات قلبه المتسارعة قد شوشت حاسة البصر في عينيه ، لكن انعكاس أنوار المخيم البعيد على جانب من وجهها مكنته من أن يلتهمها بعينيه دون خوف ، كانت تبدو شابة ، سمراء ذات بشرة ندية ، لها عينان وحشيتان تتربص بمن ينظر نحوها حتى تسحقه كالزبدة الذائبة ، و ... استدركت وضعها فلفت شالها الحريري حول وجهها بسرعة .
_ إنتي منو ؟! ... (لم يشعر بأنه فقد إرادته امام احد كما فعل قبل قليل) ...
تحدته وسارت تتجاوزه لتعود للمخيم وهي صامتة :
_ هيــــــــــــــــــــه !... (ارتعدت فرايصها لأول مرة "هذا شفيه صوته يخرع" فالتفتت) ... أكلم حالي انا ...؟!
_ أنا بشاير !... (وقفزت كل مشاعرها التي اختزنتها له طوال أيام القهر التي عانتها منه إلى عينيها) ...
ابتسم من حقدها الواضح :
_ هلا والله ... شلونك ؟!
_ بخير ...(ورفعت حاجبها) ... وما أظن يسرك الحال ؟
_ ههههههههههههههه ... آآآآآآفا يا بنت عمي ... هذي هقوتك فيني ...؟!
ناظرته بسخرية مرة وهمت بالانصراف :
_ بشاير ! ...(التفتت له) ... شنو كنتي تسوين هنا ؟!
_ أبد ... جالسة ...(ورفعت حاجبها استهزاءا) ... ولا ممنوع ؟!
_ هههههههههههههههه ... لا عادي ... حلو الواحد يوسع صدره ... (ووضع يده على صدره) ... بعد الضيقة !
تحداها استهزاءه من أزمتها التي ذاقت منها الأمرين :
_ نايف !...(ولما نظر في عينيها) ... أنت ليش سويت معاي اللي سويته ؟!
تنهد براحة :
_ لأن اللي كنت تبين تسويه غلط ... وأنتي الغلط منك مو مسموح ...
ابتسمت بألم :
_ والغلط اللي سويته إني ما طعت أوامرك ... صح ؟!
احتدت نظرته نحوها :
_ خطا ... إنتي طعتيني ... والدليل إن اللي أبيه صار ...
_ تدري أنه مو برضاي ...
_ بالطيب بالغصب ... المهم صار ...
_ واستمتعت باحساس الرجولة لما قهرتني ...؟!
كان يريد أن يصفعها ، لكنه أخفض رأسه وظل يضرب بعصاه الأرض :
_ الرجولة هاه !... ليش أحد قال لك أن عندي نقص من هالناحية ؟! ... (وتطاير شرر نظراته نحوها) ...
_ طبعا ... كل تصرفاتك ؟!
_ إيه ... خربت حياة مضاوي ونكدت على بدريه ... والكل معطيني أكبر من حجمي ...
لم يرتف لها جفن من تكراره لمصطلحات استخدمتها قبلا ما زرع في قلبه الدهشة منها :
_ وانضمت للقائمة حياتي ...
_ هههههههههههههههههه ... هذا أحلى ما في القائمة ... (وظلت صامتة) ... روحي المخيم ... ولا تمشين لحالك بالليل مرة ثانية ...
_ نايف !... ما تلاحظ أن الموضوع يحتاج نتناقش فيه أنا وياك ...؟!
أدهشته جرئتها :
_ أي موضوع ؟!
_ موضوعي ... واللي تسويه بحياتي ...
أخفض رأسه وقد فرغ صبره :
_ مو مجبر إني أخذ رأيك باللي أسويه ؟!
صرخت وقد فرغ صبرها هي الأخرى :
_ على الأقل عطني مبررات ... أنت اللي تسويه غلط .. وقاعد تفرض هالغلط علي ... لا تظن إني بصبر للنهاية ...!
_ يا سلام ... وإذا خلص الصبر .... وش بتسوين يعني ؟!
_ نايف ... لا تصير متخلف معاي ... الكل قادر يهضم قراراتك ... أنا ما أقدر ... إنك تضغط علي هذا مو حل ...
_ بشـــــــــــــــــــــــــــاير ... (استفزته لهجتها الجريئة لأقصى حدود تحمله) ... روحي المخيم ترى صبري له حدود ... وإلا وبالله العظيم ...
لكنها قاطعته دون أدنى اهتمام :
_ لا تحلف على شي ... كل اللي أبيه نهيت عليه وخلصت ... طول عمرك حقير ... حرمتني من كل شي ... مستقبلي ... دراستي ... كل هذا علشان شنو ؟! ... عقلك المريض وأفكارك المتخلفة ... ضيعت حياتي يا نايف ... قهرتني على كل شي حلو بحياتي ... حتى منه حرمتني ... حتى ... (ولعنت لسانها المتهور) ...
عقد حاجبيه وكل كلمة تخرج من فمها تقذف في دمه مئة جمرة وجمرة :
_ منو اللي حرمتك منه ؟!
لكنها تركته وانصرفت مسرعة نحو المخيم ، وظل كالخيل الصافة تتأكله الحيرة ويفترسه الشك من اعتراف فتاة هي إبنة عمه ... عرضه ... وشرفه ...
وفي الغد انضم لهم (ناصر) عائدا من رحلته الميمونة في باريس ، كان الكل جالسا في بيت الشعر المفتوح على مصراعيه ، ورائحة القهوة العربية تعبق في كل نواحيه :
_ ناصر يبه ... وشلون أمك ؟!
_ بخير عساك بخير ... تسلم عليكم ...
_ ما لها نية تطلع هالسنة ؟!
_ لا والله يا عمي ... تدري فيها ما لها بالبران خير شر ...
وسأل (مبارك) :
_ ناصر ... زرت الكوفي اللي قلت لك عليه ؟!
_ إيه زرته ... (وأكمل احتساء فنجانه) ... وفتحي يسلم عليك ... يا حليلهم اهله خوش ناس ...
سأل (فهد) :
_ منو هذا فتحي ؟!
_ هذا فتحي ... واحد تونسي ... تعرفت عليه في النت ... وقال لي انه أبوه فاتح كوفي بباريس وهم أصلا عايشين هناك ... فقلت لناصر يمرهم ... ويسلم عليهم ...
_ يبه مبارك ... رح انت وفهد شوف عمك أبو أحمد وينه فيه ...
_ إن شاء الله يبه ... (وانصرف هو وفهد) ...
علق (راشد) وهو يجمر نار القهوة :
_ عمي ... كلهم راحوا مع مشعل يم الحلال قبل شوي ... أصلا هم ما يجون المخيم غير حزة النوم ...
ضحك (ناصر) :
_ يا حليله مشعل ... صاير المرافق الرسمي لهالشياب ؟!
_ لا تشوفه ... يا هم كارفينه كرف ... (واستمر ضحكهم) ...
ومال (ناصر) نحو الرجل الصامت بجانبه :
_ علامك ؟!
_ وشو ؟!
_ دخانك طالع كانك تنين ...
_ ما في شي ... (وعاد يهز فنجانه بيده وهو شارد) ...
_ هاه !... نايف علامك انت وبدر متأزمين ...؟!
_ بدر ؟!
_ ايه بدر ...
وعاد لشروده (خلني بهمي يا ناصر ... لا اني فاضي لبدر ولا لغيره) ...
وفي زاوية من الخيمة التي لزمتها منذ ليل البارحة دون أن يزور جفنها نوم :
_ من صجك ؟!...(وضربت ساعد ابنة عمها غير مصدقة) ...
_ وش أسوي يا أنوار ؟ّ! ...(لأول مرة رأت دموع الرهبة وملامح الخوف في وجهها) ...
_ الله يأخذك ... يعني لازم يفلت لسانك ...؟!
_ هو استفزني ... وإنتي تعرفيني لا عصبت ...
_ بس ما توصل إنك تقولين له هالكلمة يا بشاير ... لو يذبحك الحين ... ما أحد يلومه فيك ...
وفكرت :
_ يسويها ... هو أصلا حاقد علي ...
_ أففففففففففففففف ... شوفي مهما صار لا تطلعين من الخيمة ... فاهمة ؟!
_ بدون لا تقولين ... أصلا حابسة نفسي من أمس ...
_ واحبسيها لين نرجع الرياض ...أو يروح نايف ... وأنا بقعد معاك ...
ابتسمت من وراء دموعها :
_ بعدي يا بنت عمي ... (وضمتها) ...
_ ما سوينا شي ... حسبي الله عليك بتحرمينا من وناسة البر ... والسبة لسانك هاللي متبري منك ...
_ عدال يا أم لسان ينقط سكر ...(وتذكرت) ... ايه صح ... قبل شوي عهود قالت لي أنه بعلك المصون رجع من السفر ...
_ قديمة .. أدري ... أجل بنحبس معاك علشان سواد عيونك ...
وخلف الخيام كانوا يمسكون بها بطريقة وحشية ، هذا يدفعها والآخر يسحبها من رأسها على أمل ان تتحرك دون أن تصدر هذا الصوت المزعج :
_ عبدالرحمن وخر ... ترى هي إذا شافتك تعصب ... (صرخ فارس وهو يعقد حاجبيه) ...
ويتعلق (عبدالرحمن) بها أكثر :
_ ما أبي ... مو بث انتم ... أثلا هي تحبني ...
(سعد) بيأس وهو يمسك بقدر صغير :
_ فارس ... الحين وشلون ؟!... نحلبها هنا ...؟!
(خالد) ببراءته الحلوة :
_ انتم ما تعرفون ... خالتي أم نايف تعرف تجيب حليب من النعجة ...
ضربه (سعد) :
_ إذلف ... ورح يم أمي ... (وراح الصغير يبكي) ...
(فارس) بملل :
_ أعوذ بالله من البزارين ...
وتقترب منهم (عهود) غاضبة وخلفها (أمل) الباكية :
_ هيه أنتم وش تسون ؟! ... (وشهقت وهي تنظر نحو النعجة) ... وش تسون بهالمسكينة ... ؟!
رد (فارس) بعناد :
_ ما لك شغل ... عمي أبو أحمد عطانا النعجة وقال هذي لكم ...
وتبعه (سعد) :
_ إيه صح ... عمي أبو أحمد قال لنا لا تجون يم الحلال وعطانا النعجة ...
_وخروا زين ... وخروا ... سعد وخر ... (قذفته وسحبت الحبل من يده وأطلقته من رقبتها) ...
صرخ (فارس) :
_ لا تفكينها ... نبي نحلبها ...
_ لا والله ... ما تعرفون تحلبونها أصلا ... وبعدين تعال ليش ضارب أمل ...؟!
(أمل) ولا زالت تفرك عينيها :
_ إيه عمه هو ضربني هو وسعد ... بس خالد ما ضربني ...
ووقفت وهي تتهددهم :
_ وليش تضربونها ؟!
_ هي كله تتهاوش مع عبدالرحمن ... ازعجونا ... بعدين هي ليش ما تروح تلعب مع البنات ...
_ فارسوووووا ... اسمع إن ضربتها مرة ثانية يا ويلك ... فاهم ...؟!
ولم يستمع لها أحد لأن النعجة هربت فركض الكل خلفها :
_ عمـــــــــــــــــــى ... (وظلت تفرك يدها التي جرحت حينما سحب فارس الحبل منها بقوة وهو يريد أن يمسك بالنعجة) ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... شفيك أنت والنعجة ؟!
_ صلاح !
وابتلعت فرحتها قبل أن تفضح أمنياتها برؤيته منذ يوم أمس .
_ إيه صلاح ... (واقترب منها) ... شلونك ؟!
ابتسمت وغطى وجهها اللون الأحمر فأخفضته :
_ بخير ... أنت شلونك ؟
_ طيب ... ومو طيب ...
_ ليش ؟!
_ حبيبتي ... شـــ...
لكنها قاطعته :
_ لا تقول حبيبتي ...
_ آآآآآآآآآآآفا ... ليه أنتي مو حبيبتي ...؟!
_ بلى ... بس لا تقول ... عيب ...
_ وش اللي عيب ... الحين واقفة معاي ... وكاشفة الوجه ... وأحبك وتحبيني ... جت على كلمة حبيبتي ... وصارت عيب ...
سألته بدهشتها البريئة :
_ يعني اللي نسويه كله عيب ؟!
_ عهود ... شرايك نتمشى ونسولف أحسن من الوقفة هنا ...؟
_ لا ما أبي ... يشوفنا أحد ما تسوى علينا ...
_ عهود ... حبيبتي ...
وبصوت كله رجاء :
_ صــــــــــلاح ...
وابتسم من دلعها :
_ تجيك الايميلات اللي أوديها ...؟
ابتسمت :
_ إيه ...
_ شرايك فيها ؟!
_ حلوة ...
_ حلوة بس ؟!
_ صــــــــــــلاح ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... طيب روحي داخل قبل لأحد يشوفك ...
ابتسمت له وانصرفت :
_ عهــــــــــــــــــــــــــــود ... ترى بتظلين حبيبتي ... (وأرسل لها قبلة في الهواء) ...
ضحك من ارتباكها ودخلت وهي تشتعل من نار الخجل :
_ وش هالحركات ؟!
_ يمــــــــــــــــــــــــــه ... (وقفزت فزعا وهي تدخل الخيمة) ... عمى خوفتيني ...
_ لا تضيعين السالفة ؟!
_ وش تبين إنتي ؟
_ عهـــــــــــــــود !
_ ووجع ... (وجلست) ... كنت قاعدة مع البزارين وهو جاء ... والله فجأة ...
_ لا والله ... (واقتربت لتجلس بجانبها) ... وهالبوسات والضحك ...
_ والله ما باسني ...!
_ واللي سواه ؟
_ يووووووووووووووووه ... يا أنوار ... أنتي تدرين فيني أنا وصلاح ...
_ عهود ... اللي سويته غلط ... واقفة مع الولد كاشفة الوجه و كركرة وسوالف لا ويرسلك بوسات الأخ ... والله كأنكم متزوجين ...
_ أنوار لا تكبرين السالفة ...
_ اللي سويته حرام وغلط وانتي تدرين ... تخيلي شايفكم واحد من العيال ولا من عماني ...
_ أنوار بس محاضرات ... والله ترى شبعانة...
_ لو إنك شبعانة ... كان ما غلطتي ... شوفي عهود ... تحبون بعض ما يخالف ... بس حبوا بشرف ... مو كذا ...فاضحين بعض فضيحة قشرا ما فيه أحد ما يدري فيكم ... شوفي الحب وش سوى ببشاير لا تعيدين نفس الغلطة ترى الدنيا ما لها امان ... خلاص إذا مستعجلين خليه يملك عليك ... ماجد أصغر منه وتزوج !... بس حركات الهبال هذي اتركوها عنكم ...
_ طيب ... توبة والله توبة انوار ... بعد ما أعيدها ...
ابتسمت لها :
_ طيب ... بس ترى بتكونين تحت إطلاق السراح المشروط ...(وغلظت صوتها) ... بصراحة انا واحد ما عندي ثقة بجنس حواء كله ...
_ هههههههههههههههههههه ... ما أقول إلا الله يعين ناصر ... خير شر ما فيك ذرة رومانسية ...
_ عمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى وش جاب طرياه الحين ... (وضربتها) ...

ارادة الحياة 14-05-08 03:51 PM

((الفصل السادس عشر))
كان يراقب المدى وهو يفكر ويفكر حتى أحس بأنه تعب وانتهت طاقته ، اقترب منه (ناصر) :
_ قـــــــــــوة يا النسيب ...
_ هلا ناصر ... (وظل يعدل من حشو بندقية الصيد) ...
_ خيانة ... طلعتوا الصيد قبلي ...
_ لا والله ما أحد طلع ... أنا وصلاح تمشينا شوي ... حتى نايف من أمس ما طلع الصيد ...
_ أموت وأعرف أنت ونايف وش فيكم ؟!
حاول ان يكون طبيعيا :
_ وش فينا يعني ...؟!
_ مدري أحس أنكم متأزمين ...
_ أترك عنك الخرابيط ... لا تطبق علم النفس اللي درسته علينا ...
_ هههههههههههههههههههههههههه ... (وجلس بجانبه) ... يا أخي بصراحة أنتم مجال خصب للدراسة ...
_ يا ســــــــــــــــــــلام ...
_ يعني الحين نايف الله يحفظه فيه شوية من هلوسات العظمة اللي كانت عند هتلر ... تذكرها؟! ... وسعود فيه عقل بس شوية مايل على اليسار يبله تضبيط ... مشعل مسكين مرات أحسه طفل ومرات أحسه شايب يعني مراحل حياته كلها متداخلة ببعض ... عبدالعزيز تافه كل شي يتعلق فينا عنده غلط ففضل انه ينحاش (ويترك روما تحترق) ... أحمد يا عيني على أحمد ... إنسان انوجد في الدنيا وهو بين السما والأرض ما يدري عن مصيره هل هو شيطان ولا إنسان ... بعد منو ؟... (وظل يفكر) ... إيه بقيت أنت ... شوف يا أبو شوق ... (ووضع يده على فخذ بدر) ... أنا بصراحة مرات تكسر خاطري ... يعني فيك شوية كريات دم منتشرة بعقلك ... بس للأسف تشتغل على الموجة الحريمية ... يعني باختصار قلبك رهيييييييييييف ...
ابتسم (بدر) بألم :
_ ما عليك زود ...
واقترب منهم (فهد) :
_ السلام ... (وردوا السلام) ... بدر ... الابر حقت أبوي حاطها بسيارتك ؟!
_ ليش أبوي تعبان ؟!
_ لا ... بس بدريه تبيها ...
_ لا خلها بسيارتي أحسن ... لا تضيع ولا شي ...
_ ولييييييييييييييه ... ترى ابتلشت فيك أنت وأختك ... هي تبيهم تدري أنها ما راح تضيعهم ...
_ فهـــــــــــــــــــــــد ... قلت لك خلهم بالسيارة ...
_ طيب ... لا تعصب ... (وانصرف) ...
وظل (ناصر) يفكر في ثورة (بدر) الغير مسبوقة (اللي فيك مو هين يا بدر ؟) ...
واقترب منهن وهن في جلسة مفرحة على أمل أن يجدها فيخنقها :
_ قوة يا بنات ...
وعم الصمت ، ردت (حصه) :
_ هلا نايف ...
وبحكم ان (نايف) كبير بالسن قليلا لم يكن أكثر الفتيات يتغطين عنه ، تابعت (ريم) بصوتها العذب :
_ شلونك نايف ؟!
_ هلا ريم ... وين الباقي ؟!
أجابت (عهود) :
_ داخل ... من الصبح أنوار وبشاير حابسين أنفسهم وما يطلعون ...
عض شفتيه عله يخفف من ضغط أعصابه :
_ طيب ... حصه روحي نادي لي مريم ...
_ إن شاء الله ... (وابتعد هو ليقف عند سيارته ، وانصرفت حصه تبحث عن مريم) ...
خروجها في هذه الرحلة المسلية لم يخفف من جو التوتر بينها وبين عمتها (أم ماجد) التي رفضت السلام عليها أو حتى ان تكون جالسة في حضرتها ، تألمت قليلا لكنها فكرت (إذا ماجد يحبني كل هالحب ... باقي الدنيا كلها ما تعنيني) ...
_ مــــــــــــــــــــــــاجد .... ههههههههههههههههههههه ...
ولم ينصت لتوسلاتها فلحق بها وهو يضمها ويقبلها رغما عنها .
_ ماجد ... فشلة ... لا يشوفنا أبوي ...
_ عادي أنتي زوجتي ...
_ ههههههههههههههههههههه ... يا هالزواج اللي ذليتني فيه ... وخر بس ... (وقذفته بعيدا عنها) ...
_ والله يا منول ... (وحاول اللحاق بها) ...
حملت حجرا ورفعته في يدها تهدده :
_ إن قربت ... (وابعدت خصلات شعرها الطويل الذي فتح رباطه عن وجهها) ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... خف على البنية يا صبي ...
واقترب منهم ، قذفت (منال) الحجر وهي تعدل من وضع شالها حول وجهها والخجل يتآكلها .
_ هلا يبه ...
_ شلونك يا منال ؟!
كان رأسها منخفضا وهو يقترب ليقف امامها هي و(ماجد) :
_ الحمد الله بخير عمي ...
وضرب ساعد ابنه :
_ وأنت علامك على حرمتك ... مشفوح ؟!... ما قط شفت حريم ...
_ يبه شفيك علي ؟!... هاوشها هي صايرة دلوعة حيل ... (ونظر نحوها بعتب) ...
_ ههههههههههههههههههه ... الله يهدي سركم يا يبه ... المهم ترى انا الحين بنزل الرياض ... تبون شي محتاجين شي ؟!
_ ليه يبه ؟!... ما مداك أمس وصلنا ؟!
_ تدري فيني ما أحب أطول بالبر ... وبعدين عندي شغل بالجامعة ما خلصته ... (والتفتت نحو منال) ... منال يبه ... تبين شي من الرياض ؟
_ سلامتك عمي ...
_ أجل يالله ... (ووضع يده على كتف ماجد) ... دير بالك على حرمتك وأمك وإخوانك ... وإذا احتجتوا شي ... اتصلوا علي ...
_ حرمتي واخواني بعيوني ... بس الماما للحين محاربتنا ...
_ هههههههههههههه ...عاد أنا اهم شي عندي الماما ... يالله فأمان الله ...
_ مع السلامة يبه ... (وانصرف) ...
ومرت الأيام وهم على هذا المنوال ، (نايف) بشكه الذي يكاد يقتله ، (بدر) الذي يعاني الأمرين ، و(ماجد) و(منال) بكل هذا الحب ، ولازالت (بشاير) و(أنوار) في ذلك الحبس الاختياري الذي يزيد حيرة من حولهن .
_ أففففففففففففففففففففففف ... ملل !... (وجلست بعد ان دارت في أرجاء الخيمة) ...
_ إن الله مع الصابرين ... (والتهمت قطعة من البسكويت) ...
_ كله من لقافتك ... (رفعت يديها بالدعاء) ... الله يأخذ عمرك وارتاح ...
_ ههههههههههههههههه ... يا ظالمة ...
ودخلت (حصه) وهي تجري :
_ أنوار !... بشاير !... لا يطوفكم سعود جاب الدبابات معاه ... وفهد بيركبنا ... بسرعة تعالوا ... (وانصرفت) ...
ونظرت (بشاير) نحو (أنوار) التي ابتئس وجهها فهي تعلم حب ابنة عمها لهذه اللعبة :
_ بشاير ... أظن إني كفيت ووفيت ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... طيب روحي ...
_ يا بعد قلبي والله ... (وقبلتها بسرعة ثم انصرفت تركض) ...
وفي الخارج كان الصراخ والضحك سيد الموقف ، الرجال والنساء الكبار جلسوا في بيت الشعر يراقبون ، والشباب والبنات تسابقوا على ركوب هذه الآلات السريعة :
_ فهـــــــــــــــــــــــد ... أبي أركب ... دوري ...
_ فـــــــــــارس ... قلنا الحين دور البنات ... حنا لعبنا ...
_ يا اخي خلهن يولن ... حتى ما يعرفن يسوقن ...
_ تعالي ... أنا معاك ... (ويسحبها) ...
_ ماجد ... ما أبي ... أخاف ... (وانتبهت لنظرات فهد وصلاح الضاحكة) ... ماجد والله فشلة ...
لكنه تجاهلها :
_ فارس .. وخر ...
_ يووووووووووووووووووه ... (وابتعد فارس بملل) ...
_ هاه ... يا أبو عبود بتركب المدام ؟!
_ فهيدان ... وخر أنت والأستاذ هناك ... لو سمحتوا ... خلوا الفن لأهله ...
_ فن هاه ؟!... منال تجودي عدل ... ترى أبو الفن ناوي عليك ... (وانصرف فهد وخلفه صلاح ضاحكين) ...
_ مـــــــــــــاجد ...!
_ اركبي بس ... (وركبت خلفه) ... جوديني عدل ؟!...(اغمضت عينيها وهي تتشبث بظهره وانطلق الهدير) ...
واقتربوا من بيت الشعر وهم يضحكون ، سأل (أبو بدر) :
_ يا عيال ... منو هذا ؟
_ هذا ماجد يبه ... يفحط بمنال .... ههههههههههههههههههههههههه ... (وضحك الجميع إلا ام ماجد) ...
علقت (شريفة) :
_ اسم الله على بنت أخوي ... كان ما يرج عقلها هالخبل ...
واقتربت (أنوار) من الساحة :
_ فارس ... وين الدبابات ؟!
أجاب بملل وهو جالس :
_ واحد أخذه ماجد وركب منال ... والثاني مع صلاح ... وواحد مع حصه وريم ... شوفيهم حتى ما يعرفون يشغلونه ...
وذهبت نحوهن وتبعها (فارس) ، تسأل ريم ببراءة :
_ حصه ... شفيه لا يكون سويتي فيه شي ؟!
_ انثبري ... قبل شوي اركبه بدر وشوق ما كان فيه شي ...
_ أقول ... وخروا بس وخروا ... (وشمرت عن ساعديها ، وبرقة متناهية اشتغل الدباب ، فركبته) ...
علقت (حصة) بدهشة :
_ هب يا وجهك ... صار لنا ساعة متأزمين فيه ...
(فارس) بمحاباة :
_ لأنكم ما تفهمون ...
ردت (أنوار) وهي ترتدي نظارتها الشمسية السوداء علامة الثقة :
_ فارس ... لا تمصلح ... ما راح أركبك معاي ... هالدباب صار لي ... (ومسحت عليه) ... وما راح أتركه لما أشبع منه ...
واقترب وهو يربط شماغه حول رأسه ويضع نظارته السوداء ويرفع طرف ثوبه ، ضحكت (ريم) و(حصه) علقت (انوار) :
_ ولماذا الضحك آنسة فاشلة إنتي وياها ..؟!
_ ناصر ... قل لأنوار تركبني معها ...!
رجاء (فارس) نبهها للشخص الذي اقترب وركب خلفها دون سابق انذار :
_ آسف يا فارس ... ما احب رجال يركبون مع زوجتي غيري ... قوة بنات ؟
انفجرت (ريم) و(حصة) بالضحك وهما تنصرفان بعيدا تبعهما (فارس) المتململ ، وهمت هي بالنهوض غاضبة :
_ ووووووووووووووين ؟!... هههههههههههههههههههههه ... (وأمسك خصرها بكلتا يديه لتبقى) ...
_ ناصر وخر ...
_ ما أبي ... (وحاولت أن تنهض دون جدوى) ... ليش حابسة نفسك ؟... يا جبانة ...
_ ناصر ... ترى إن شافوك إخواني ولا أبوي ... ما يصير طيب ...
_ وش بيسون يعني ... وبعدين صار لي اسبوعين مسافر ... قلة ذوق ما تسلمين علي يا مدام ؟!
_ انت ما تدري آخر مرة أمي شنو سوت فيني بسبتك ...
_ انوار ... أنت تعرفين تسوقين الدباب ...؟! ...(أراد ان يستدرجها) ...
أجابت بفخر :
_ إيه ...
_ طيب ... شوفي ... (وأشار إلى حيث ماجد ومنال) ... مجود الدلوع يهايط على حسابنا ... أنا وانتي أحسن سواقين دباب بالعايلة ... شرايك نغلبهم ؟!
_ هاه !... (وقاومت رغبتها في هذا التحدي اللذيذ) ... أمي تضربني ؟!
اقسم لها بثقة :
_ ورحمة أبوي ... ما اخلي أحد يحوشك ...
وثقت بلهجته الصادقة :
_ طيب ... جود عدل ... (ورفعت نظارتها باحكام) ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... (ووضع يديه على يديها التي كانت على المقود) ...
نزل من سيارته قادما من صيده ومعه (مبارك) :
_ الله ... أكيد سعود جاب الدبابات ... (وركض مبارك) ...
ابتسم للجمهرة التي يراها ، وضحك من السباق الدامي الذي يجري أمامه وسط التشجيعات والصراخ ، وفي خضم هذه السعادة عاد إليه ضيقه ففكر بسرعة :
_ خالد ... خلودي ... تعال ... (واقترب خالد الخجول منه) ... خلود حبيبي روح شوف من اللي بالخيمة ...
_ في بشاير ...!
_ بس بشاير ؟! ... (وهز رأسه بالايجاب ثم انصرف) ...
كانت توشك على البكاء (يا ربي وش اللي سويته ؟!... أستاهل ... يعني حابسة نفسي هذا هو الحل ... والله لو درى نايف باللي بيني وبين متعب ... يذبحني ويذبحه ... انا بالطقاق تعودت على دكتاتورية نايف ... بس متعب وش ذنبه ؟... وش اللي تسوينه يا بشاير غلط ولا صح ... متى نرجع الرياض يا ربي ... وأرتاح من هالعذاب) ...
ودخل الخيمة كالاعصار ، اتجهت نظراته نحوها فسار بأقصى سرعته :
_ نــــــــــــــــــــــــــــــــــايف !
وأمسك بمرفقها فرفعها بسرعة وسحبها إلى خلف الخيمة وهي تصرخ (ولكن لم ولن يسمع أحد صراخها) .
_ نـــــــــــــــــــــــايف ... آآآآآآآآآآآآي ... عورتني ... هدني ...
_ اركبي ولا كلمة ...
_ ما أبي ... (لكنه قذفها في السيارة وركب بجانبها وهو يمسك برأسها تحت جناحه ويستدير بالسيارة بسرعة) ...
وفي بيت الشعر ، لاحظ الكل غبار السيارة الذي تطاير من خلف خيمة النساء ، سأل أبو أحمد :
_ يا دافع البلا ... وشو هذا ؟
أجابه (فهد) :
_ هذي سيارة نايف ...
فزع (أبو نايف) :
_ نايف ...!
طمآنه (مشعل) :
_ أكيد راح الصيد ...
وعاد الكل لمراقبة السباق .

ارادة الحياة 14-05-08 03:53 PM

((الفصل السابع عشر))
أوقف سيارته في الخلاء ، لا يحيط بهم أحد ، ولا يسمع صراخها جنس إنسان ، التفت نحوها وهو يغلي كالبركان :
_ بشــــاير !
لكنها كانت تخفظ رأسها وهي تكتم شهقات بكائها :
_ بشـــــــــــــــــــــــــاير ... (كان يضغط على اسمها كأنه يفترسها هي) ...
رفعت رأسها :
_ منو هذا ؟
_ منو ؟
_ ترى مو رايق للعبط ...(وصرخ) ... بتقولين ولا شلون ؟
_ نــــــــايف شفيك ؟... ليش تفسر الامور على كيفك وبس ...؟!
تنهد بعمق ودون أن ينظر إليها أعاد ما قالت :
_ حرمتني من كل شي ... دراستي ... مستقبلي ... (ونظر نحوها) ... حتى منه حرمتني ... شنو يعني هالكلام ؟!... (وأخفضت رأسها صامتا ، ففقد أعصابه وعاد لصراخه) ... تكلـــــــــــــــــمي ...
وكانت شهقات بكاءها هي الجواب ، أحس بأن اعصابه قد انصهرت من غليان الغضب في داخله ، استند على المقود وتنهد بقوة وهو مغمض عيناه :
_ لا يكون ؟... صار بينكم شي ؟... (ونظرت إلى حاله وهي تستعجب منه ومن سؤاله) ... ترى بديت افقد اللي هنا ... (كان يصرخ وهو يشير الى رأسه) ... تكلمــــــــــــــــــــــــــــــــي ... (وظلت صامتة) ... اسمعي ... انا لو أثور فيك هذا ...(وأشار لسلاح صيده المرمي في الكرسي الخلفي) ... وأدفنك بهالبرية ... ما احد يلومني ... بس لاحقين ... مو قبل ما أعرفه ... وأدفنه قبل ما أدفنك ... (فقد صبره فصرخ) ... تكلمــــــــــــــــــي ...
تخيلت (متعب) ... مستقبله ... حياته ... سيكون صيدا سهلا لرجل كنايف ...
تنهد بيأس :
_ حــــــــــــــــــــــــلو ... (ووضع يديه مسندا لرأسه) ... اجل بنظل كذا لما تقررين تعترفين ... أو يخلص صبري ...
وظلت تفكر ، خلال هذه الدقائق اكتشفت عنادا يوازي عنادها وطبعا أغلظ من طبعها واحتارت ، هل هي اللي تشبه (نايف) ؟ أم هو الذي يشبهها ؟، تنهدت وهي تدرك جيدا بأنها يجب ان تتكلم لانها تعرف (نايف) ، أو باتت تعرفه كما تعرف نفسها :
_ عبدالعزيز ... (عقد حاجبيه بعدم فهم ، ففسرت اكثر) ... عبدالعزيز ولد عمي أبو أحمد ...
_ عزيز !... (هزت رأسها بالايجاب) ... وليش ؟... طيب ... (وفكر وقد بدى عليه الارتياح) ...علشان كذا كنتي بتدخلي طب ؟!...(هزت رأسها بالايجاب) ... واتفقتوا على الزواج ؟!... (أكملت الكذبة وهزت رأسها موافقة ، تنهد براحة) ... وليش سويتها أزمة ؟!... كان قلتي من الأول ... ولا هو الأستاذ ليش ما يتكلم ؟!... الشرهة ... (ولم يكمل) ... حسابي معاه بعدين ... (والتزمت الصمت وأحس هو براحة عظيمة) ... أستغفر الله العظيم ... (وأعاد تشغيل سيارته لينطلق بها) ...
وفي خيمة النساء كانت ترتجف وهي تدور حول نفسها ، عادت لتخبر (بشاير) بما جرى خلال السباق لكنها وجدت الخيمة فارغة ، بحثت عنها ولم تجد لها أثر ، وامتلكها الرعب حين سألت أخاها (فهد) عن (نايف) فقال بأنه خرج قبل قليل من خلف خيام النساء مسرعا (يا ربي أكيد ذبحها ... شنو أسوي انا الحين ... يا رب ... استر يا رب ... أنا ليش طلعت وخليتها بروحها .. أكيد استفرد فيها الحين) ...
أنزلها بعيدا عن مكان الخيام حتى لا يثير الشك حوله وحولها ، أكملت طريقها سيرا وهي تحس بأنها جسد دون روح (يا ربي ... أنا شنو سويت ؟... طلعت من بلوى وطيحت نفسي في بلوى أكبر) ...
_ هلا بشاير ... وين كنتي ؟
واكفهر وجهها وهي ترى ابتسامة (ريم) :
_ ليش تسألين ؟!
وضعت (حصة) ذراعها حول كتف (ريم) :
_ أبد ... بس طافك ... يوم عالمي ... ههههههههههههههههههههه ...
_ إيه والله رومانسيات لا تخطر على بال ... هههههههههههههههههههههههههه ...
وابتسمت (بشاير) بينما تابعت (حصه) :
_ والبطلة منو تخيلي ؟!... أنواروه الخبلة ... مسوية نفسها شريفة روما علينا ... أثاريها هي وأبو الشباب حركات ...
_ يا بختها بناصر ... مرة رومنسي ...
_ وبنت خالك هالعجوز ... ما ينفع فيها ...
ولمع في فكرها اسمه (ناصر ... ليش راح عن بالي ؟!) ...
_ عن إذنكم بنات ... (وانصرفت لتدخل الخيمة) ...
صرخت (حصة) :
_ أنوار ترى صار لها ساعة تدور عليك ...
ودخلت الخيمة فوجدتها متقوقعة على نفسها ينهش الخوف عظامها حتى الموت :
_ بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــشاير !
_ هلا انوار ...
شفتاها ترتجفان وهي تسأل :
_ و ... وووو ... وين كنتي ... (أخفضت رأسها) ... كنتي مع نايف ؟... (وهزت رأسها بالايجاب) ... وش قال لك ؟!
هزت كتفيها :
_ هزئني ... وقال كلام يا ليتني مت قبل لا أسمعه ...
تنهدت براحة وهي تضع يدا على صدرها :
_ الحمد الله ... (ثم ضربت ساعدها) ... وأنا صار لي ساعة أبكي عليك ... على بالي ذبحك ... (وجلست) ...
_ انوار !...(وجلست بجانبها) ... في شي لازم نسويه انا وياك ...
_ في مواضيع نايف ... أنا ما لي علاقة فيك ... بصراحة زين منه ... كنت متوقعة الحين مسويك شاورما ... توبي يا بنت الناس ... ولا تسوين نفسك قوية ... ترى مع نايف لا تحاولين ... مو كل مرة تسلم الجرة ...
_ أنوار ... أنا طحت بمشكلة معاه أكبر من اللي فاتوا ... (وجحظت عينا أنوار) ...
كانتا تشويان اللحم قريبا من خيمة المطبخ ، صرخت (أم ماجد) :
_ بدريه ... اغسلي الخضره اللي جابها سعود ...
أجابتها (مريم) الجالسة بجانبها :
_ أنا غسلتهم عمة ...
واقتربت منهن :
_ السلام عليكم ...
ردت (مريم) و(بدريه) التي خرجت من خيمة المطبخ تحمل صينية مليئة باللحم السلام ، نفضت أم ماجد يدها ونهضت :
_ بدريه ... إذا خلص الشوي ... جيبوا منه حق أبوك وعمك فلاح ببيت الشعر أنا رايحة عندهم ... (وانصرفت بينما تبادلت مريم وبدريه نظرات خجلة) ...
جلست (بدرية) مكانها :
_ هلا منال ... تعالي اجلسي معنا ... (وجلست) ...
_ خل أروح أشوف حمودي ... أكيد الحين أذى عمتي ... (وانصرفت مريم) ...
_ تشوون ؟!
_ ههههههههههههههههه ... تعرفين أبوي وأبوك ما يحبون اللحم إلا شوي ...
_ حتى ماجد يحبه شوي ... (كان ماجد قد بدأ يصبح هو العالم الذي تتشكل حوله حياتها ... وحتى كلامها) ...
_ ههههههههههههههههههههههههه ... ماجد هاه ؟!... يا حليله اليوم لما فحط فيك بالدباب ...
انزلت رأسها حياءا :
_ والله ... مت من الرعب ... قلت له ما أبي ... بس هو جبرني ...
_ الله يهنيكم يا رب ... إلا هو وينه ؟!... بالعادة ما يفارقك ... حتى مع البنات ما خلاك تقعدين ...
_ راح مع العيال ...
_ أكيد اشتقتي له ؟!
_ مووووووووووووووت ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... والله وطلع شي هالمجود !
بادلتها لهجة استهزاءها :
_ لا تستهينين فيه ... ههههههههههههههههه ...
_ بالعكس ماجد باللي سواه ... ما احد يقدر يستهين فيه ...
سألت بتردد :
_ بدريه ... أنت تشوفين إني مو مناسبة لماجد ؟!
_ من قال ؟!... (كانت مستمرة بتقليب اللحم) ...
_ يعني ... عمتي للحين زعلانة ... و ...
_ منال ... أنت عارفة بالضبط ليش عمتي رافضة إنك تتزوجين ماجد ... يعني الموضوع ما له دخل بانك تناسبينه أو لا ...
_ بس ماجد صغير ... مرات جد أحس بفارق العمر اللي بينا ...
_ بس انتي مرتاحة معاه وتحبينه ... صح ؟!
_ صح ...
_ خلاص وهذا هو المهم ... انا تزوجت أكبر مني وشوفي النتيجة ... هالأمور نسبية مو دائما الزواج بالمسطرة والقلم ...
_ بس أخاف بعدين يمل مني ... لما اكبر يعني ...
_ والله عاد هالموضوع بإيدك ... (وابتسمت لها) ...
وقفت تبتلع ريقها بصعوبة :
_ صاحية إنتي ؟!
_ انوار ... اللي صار صار ... ولو أنا ما أثق فيك كان ما قلت لك ...
_ وليش تورطين الولد معاك حرام عليك ...؟!
_ يعني شنو تبيني أسوي ... ما شفتيه يا انوار ... من الخوف قمت أبكي ... الله يعين مريم عليه ...
_ بس جذي يا بشاير لفتي الحبل على رقبتك ... ونايف أكيد راح يكلم عبدالعزيز بالموضوع ... وتعالي فكي روحك إذا إنتي بطلة ...؟!
أمسكت بكتفها :
_ علشان كذا أبيك تساعديني ... (نظرت نحوها أنوار بشك) ... أبي أكلم عبدالعزيز ...
_ مو ملاحظة إن فيوزات عقلك ... بح ... (وأشارت بدها) ... طفت ... الظاهر من الخوف ... (وكتفت يديها) ...
_ أنوار ... أنا الحين في مشكلة خلاصها منها بايدك ... (وحين لاحظت برودها) ... نايف على زلة لسان ما سامحني ... لو درى إني كذبت عليه وش بيسوي ؟!
وأشفقت لحالها فقالت باستهزاء :
_ طيب ... حنا بالبر ... وهو بلندن ... وشلون بتكلمينه يا حلوة ؟!
_ منو معاه جوال الثريا من العيال ؟!
بتهديد :
_ نايف !
أمسكت كتفيها تهدء من وقع الكلام :
_ ومشعل أخوك اللي مستحيل يوافق إلا بعد ما يذوقنا أنواع من الذل لا تخطر على بال ... لا وإلا يعرف السالفة بعد ... ووووووووووو ... وناصر زوجك المصون اللي ما يرفض لعروسته طلب ...
ناظرتها وهي تدرك مطلبها لكنها تستحقره :
_ يعني ...
_ يعني أنوار ... علشان تنقذين حياة بنت عمك وأختك وصديقك عمرك ... لازم تقدمين شوية تنازلات ...
وغضبت وهي تتجه نحو الباب :
_ يا دمك !... فاضية ...
_ أنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوار ... (وبرجاء) ... وين ؟!
_ مو علشانك ... علشان ما نسوي عزا ويضيق خلقي ... (وانصرفت) ...
ابتسمت (بشاير) ، شخصيتها القوية ذات المواقف الصارمة لم تكن تترك لها الكثير من الأصدقاء ، صحيح أنها تحب اخواتها وتحب بنات عمها ، لكن محبتها لأنوار كانت تختلف ، طبعها الثائر ونفسيتها المتمردة كانت تلائم شخصية (بشاير) المتعقلة والجدية ، كانت تعرف بأن هذه الشابة المتنمرة تحمل بين أضلاعها قلبا رهيفا جدا :
_ بابا ... لوح سيالة ... (كانت تتعلق بثوبه) ...
_ وش تبين ؟!... روحي لسعود يركبك السيارة ... (وسار عنها) ...
لحقت به وهي تصرخ :
_ بابا ... لا ... بابا سود ... ما لكب ...
فقد صبره :
_ شوووووووووووووق ... وبعدين إذيتيني ...
كانت (أم بدر) و(أم أحمد) ترقبان الموقف وهن جالسات ، هزت (أم بدر) رأسها بيأس :
_ شووووق ... تعالي يمه ... أنا أخلي فهد يركبك السيارة ...
_ امسكيها يمه ... ترى سودت عيشتي وهي مو ناقصة ... (وانصرف) ...
مشت (شوق) حتى جلست في حضن جدتها وهي تشهق من انفجار والدها :
_ خلاص يا يمه ... (وتمسح وجهها بيديها) ... أنا أخلي فهد يفر فيك السيارة يوم تشبعين ...
علقت (أم أحمد) :
_ وش علامه ولدك على هاليتيمة ؟!
_ والله يا وخيتي ... عمره ما صرخ عليها ... بس ولدي من طلعنا البر وهو حاله منقلب ... كله يصيح ويعصب ... والله ما هي عادته ... (وهزت رأسها تفكر) ...
_ إلا صج يا ام بدر ... ما لك نية تزوجينه ؟!
_ الود ودي بكرا ... بس هو اللي مهوب راضي ... حتى أبوه عجز منه ...
_ وحالة هذي ... قاعد بدون حرمة !... أم شوق والله يغفر لها إن شاء الله ... وش ينطر أجل ؟!... ترى بدر ما هو بصغير ؟!
وتنهدت (أم بدر) يائسة من وضع ابنها الغريب .
وفي الغد :
_ بنات وش رايكم نرقص ؟! ... (عهود كانت منفعلة) ...
(حصه) بسخرية :
_ وانتي الطقاقة ...
_ ما عوزي ... بنرقص على المسجل ...
(هيا) وهي تتلذذ بالقهوة :
_ عهود ... ترى تونا ما خلصنا من فشلة سالفة الاستشوار ... (وأخفضت ريم رأسها خجلة) ...
(دلال) وهي تلتهم حبات التمر :
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... يا خبيثة ... (وضربت هيا التي ضحكت) ...
علقت (ريم) بحزن :
_ سخيفات ...!
_ يوووووووووووووووووووه ... خلونا نرجع لموضوعنا الأساسي ... بصراحة فيني زيران أبي أطلعها ...
وبصقت (دلال) و(هيا) بحركة سريعة في جيوب أثوابهن :
_ تعوذي ... تعوذي منهم ...
_ اسم الله على ولدك ...(وتضع يدها على بطن دلال)... لا يطلع جني صغير يشبه عهود ...
_ سخيفات ...
(أنوار) بحيادية :
_ آكلتوها ... خل البنت تكمل الاقتراح ...
(دلال) بخبث :
_ علشان فيها بنات بيرقصون ... جوك يا أبو الشباب ...
_ هاهاهاهاهاي ... ضحكتيني ...
علقت (ريم) :
_ حتى أنا ودي أرقص ...
وتخلصت (بشاير) من صمتها :
_ مهبل انتم ؟!... وين بتلقون مسجل بالبر ...؟!
وعادت لعهود نشوة اقتراحها :
_ السيارات فيها مسجل ...
أجابت بشاير :
_ عهود حبيبتي ... حنا مشردين ... أخوك المحترم خلا سيارته بالرياض ... نسيتي إننا جينا مع النسيب ...
نفخت (دلال) نفسها :
_ يا لبى قلبه ... يا حلو طاري رجلي ...
استهزء البقية بها ، لكن (عهود) استدركت :
_ أجل جيبي مفتاح سيارته ... نشغل مسجله ...
_ وش معنى ؟!... سوري السيارات تارسة المخيم ... جت على سيارة رجلي ليش ؟!
علقت (حصة) :
_ اخوانا ما يعبرونا ... فإنتي يا الذكية اللي متزوجة فينا... وعندك أحد يعبر خشتك ... فروحي جيبي المفتاح ... خلينا نستانس ...
فرحت (ريم) :
_ تكفين دلول ...
_ منال عندها رجل ... خل تجيب مفتاح سيارة ماجد ...
(حصة) بملل :
_ هذا مهبول ... صاك عليها حتى ما شفناها ... وبس نقوله بنرقص يأخذها ويخليها ترقص له لحالهم ... مو مصدق نفسه عنده زوجة ؟!... (وضحك الجميع) ...
وبخبث فكرت دلال :
_ والآنسة أنوار ...؟!
حدقت انوار فيهن بشدة :
_ انا ما لكم شغل فيني ... ليش قلت لكم أبي أرقص ...؟!
علقت هيا :
_ لا والله انتي مو مالت رقص ... مالت تفحيط يا القوية ... (وغمزت بعينها حتى إحمر وجه انوار) ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههه ... حلوة هياوي ... صايرة تعجبيني ... (وضربت دلال كف هيا) ...
علقت (عهود) :
_ ما عليك منها يا أنوار ... هي خايفة مشعل يردها قدامنا ...
_ الظاهر كذا يا عهود ... (أدركت استفزاز عهود لها) ...
_ وخروا ... ووخروا ... (ونهضت دلال) ...
(هيا) وهي تضحك :
_ هههههههههههههههههههههههه ... على وين ؟!
_ ما يجيبها إلا حريمها يا بنت عمي ...
وصفرت (حصة) :
_ يعيشون الواثقين ... (وصفق البقية وهللن) ...
ضحكت انوار من حماسهن :
_ لا تستانسون ... ترى أشرطة مشعل كلها تضيق الخلق ... أخوي وأعرفه ما يحط إلا طلال مداح ... وكل ما يسمع مقادير ... يقول (تقلده : والله أغنية ضاربة) ... وهي غبارها طالع منها ... (وصرخت) ... دلال !... جيبي أشرطة من فهد أشرف لك ...
علقت (عهود) :
_ عني ... من زمان انقطعت عن الأغاني ... آآآآآآآآآه .... راضية أسمع لو شعبان عبدالرحيم ...!
اقتربت لتهمس بأذنها :
_ وش سويتي ؟!
_ شنو ؟!
_ شفيك ؟!... بموضوعنا ...
_ هاه ... والله ما عندي جرأة ...
_ أنوار ... أنا من أمس مو نايمة !
_ حسيت فيك تتقلبين بالفراش ...
_ وأهون عليك ...
_ طبعا لا ... بس ..
_ أنوار علشان خاطري ...
_ طيب ... طيب ... (وارتعبت من مجرد الفكرة) ...
وعلى تلة مرتفعة ، يتوسدان الأرض :
_ مبارك وين راح ... طول ؟!
_ يوصل سعود المخيم ويرجع ... (كان يتأمل المدى امامه) ...
_ يا سلام ... ساعة ...!
_ هههههههههههههههههه ... خايف على سيارتك ...؟!...
تنهد (فهد) :
_ يا أخي مبارك هذا درويش بالقيادة ... والله رحمته وعلمته يسوق ... ولا واحد عمره 18 ما يعرف يسوق سيارة ... ولد عمي هذا دعلة ...
_ هههههههههههههههههههههههههههه ... مبارك مسكين ... على نياته ...
_ طيب وش دخل النية الحين ... أنا قلت إن نيته سودا ؟!
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... قصدي على قولتك درويش ...
_ أفففففففففففففف ... والأخ سعود لازم يرجع بسيارة ... الناس تمشى بالبر ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... قلبت على أخوك ...
وانتشى وهو يتذكر :
_ ههههههههههههههههههههههههههههههه ... على طاري أخوي ... طافك الصبح ... طاح على ماجد ومنال وهم يغسلون وجيهه بعض ... هههههههههههههههههههههههه ... مسكينة هي انحاشت ... وماجد ظل مبلم ... يسمع محاضرة سعود عن آداب التصرف بين الزوجين ... ههههههههههههههههههههههه ... ويقول اليوم بيرجع الرياض ... لأن اللي يشوفه من ماجد منكر لا يمكن يقبل فيه .... هههههههههههههههههههههههههههه ....
وكان (صلاح) قد ضحك حتى الانفجار :
_ عز الله ماجد طلع قرونه ... هههههههههههههههههههههههههههه ... أما اخوك هذا فصلة ... من وين يجيب هالأفكار مدري ؟!
_ من الدين ؟!
_ يا أخي كلنا مدينين ... نصلي ونصوم ... بس أخوك عليه دين مدري من وين جايبه ؟! ...
_ الله يهديه ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآمين ... أما مجود هذا صاير خاين ... ؟!
_ الله يخسه ... كله لازق بحرمته ... تقول جرو يلحق أمه ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههه ... الله يهنيهم ...
ورفع يده بالدعاء :
_ ويطعمنا من اللي طعمهم ...
_ حمد الله والشكر ... (وقبل باطن كفه وظاهرها) ... الباقي يطعمك انت ...
_ يا عيني ... (وغمز له) ... احلف إنك تحبها صلاح ...؟!
_ وليش أحلف ... إذا قلبي وهو قلبي مصدقني ... وش له أحلفك أنت ؟!
تبلد (فهد) :
_ يخرب شكلك ... أنا يا الولد دخت من كلامك ... (وغمز له بعينه وهو يبتسم) ...أجل الحبايب وش يسون ؟!
_ فدينا الحبايب أنا وياك ... قل آمين يا فهد ...
_ تفداها انت ... أنا شكو ؟!... أمي تبيني ...
_ هههههههههههههههههههههههههه ..

ارادة الحياة 14-05-08 03:56 PM

(( الفصل الثامن عشر))
وقريبا من مجلس الرجال كانت تقطع الوقت بالدوران حول نفسها كما تفعل كلما كانت متوترة ، رفعت يدها إلى السماء وقد عزمت أمرها :
_ يا رب ... ساعدني يا رب ... (ثم التفتت للطفلة الصامتة التي جلبتها معها ونزلت إلى مستواها) ... شواقة حبيبتي ... تبين حلاوة ؟
_ حواوه عمة ...
_ عمو ناصر داخل ... في عنده حلاوة بالسيارة ... (وأشارت لها نحو السيارة) ... روحي ناديه ...
_ ددددددين ... (وانصرفت الطفلة وهي تقفز) ...
انزوت هي في طرف خفي ، وبعد انتظار دام لعشر دقائق مملة ، خرج كاشفا رأسه تسحبه (شوق) خلفها :
_ طيب ... طيب يا شوق ... الحلاوة بالسيارة ... (وأخرج مفتاحه) ...
(أنا وش دراني إن في حلاو بالسيارة؟!) ، واقتربت بتردد :
_ نـــــــــــ... ناصر !
_ أنــــــــــوار !
_ عمه أنوال دول في حواوه ...
نظر (ناصر) نحو الطفلة ثم نحو عمتها التي فسرت :
_ انا كنت أبيك ... وقلت لشوق تناديك ...
ابتسم بخبث نحوها :
_ تبيني ؟!... (وحين انقلب لون وجهها أشفق عليها) ... خير ؟!
حاولت ان تتهرب :
_ هاه ... (تمنت لو لم تأتي) ... (لاحظت المفتاح بيده) ... أبي أسوق ... (وحين لم يفهم) ... أبي أسوق سيارتك ... (وأشارت نحو المفتاح) ...
_ ههههههههههههههههههههههههه ... تعرفين تسوقين ؟!
أجابته بفخر :
_ أكيد أعرف ...
_ ما طلبتي شي ... خل أعطي شوق الحلاوة أول... (وأعطاها الحلاوة فانصرفت تقفز فرحا) ... والسيارة تحت أمرك ... (ومد لها المفتاح) ...
_ وأنت ؟!
_ أنا راعي السيارة ...! وش فيني ؟!
_ ما تبي تركب معاي ؟!
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... لا ... مشعل قال لي على التحدي اللي بينكم انتم يا البنات ... المسجل والأشرطة كلها تحت أمرك ... هههههههههههههههههههههه ... لا تقولين لي أسوق وما أسوق ؟!... (وغمز بعينيه) ...
_ لا والله انا سخيفة مثلهم هالمهبل ...
_ يعني ما تبين السيارة علشان المسجل ؟!
_ لا قلت لك أبي أسوقها ... أنا ما أكذب ...
_ طيب ...
_ بتجي معاي ؟!
_ إنتي تبيني أجي معاك ؟!
_ ايه ...
_ يعني مو بعدين تصايحين ... أنت خبل ... ولا قليل أدب ... وهالسوالف ... (ابتسم من توترها وهي تخفض رأسها) ...هههههههههههههههههه ... يالله اركبي ...(وقادت أنوار السيارة) ...
وعلى أنغام الموسيقى المتصاعدة من السيارة ، يصدح صوت (كارول سماحة) :
قالوا لك إنه بكرا حبك راح يبقى ذكرى !
أضواء الشهرة بتنسيها حبك !
لما الناس يشوفوها ويموتوا وما يحاكوها !
مغرورة راح بتصير وتبعد عنك !
هالعالم نسيوا شو يعني كلمة انا بحبك !
أضواء الشهرة بتعنيهن أكثر مني ومنك !
أنا كل دقيقة من عمري بتحلى معك اكثر !
يتغير لون الشمس وحبك ما بيتغير !
(حصة) و(ريم) و(عهود) كن يتراقصن ، (دلال) كانت جالسة على مقدمة السيارة وبيدها طبق تأكل منه وتهز رأسها مع الموسيقى ، (بشاير) كانت تقف متفرجة عند مدخل الخيمة وهي تضحك من هذه المسرحية وبجانبها (هيا) :
_ اللهم ثبت علينا العقل ... (وتقبل يدها معتدلة وبالمقلوب) ...
_ هههههههههههههههههههههه ... خليهم يستانسون ... إلا نوف وبدريه وينهم ؟
_ عند العجز ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... وليش ما تنضمين لهم ؟
_ شايفتني عجوز ؟!
_ فيك شوي ...
_ تافهه ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... إلا هيا ... عبدالعزيز متى يرجع من السفر ؟!
_ يمكن الصيف اللي جاي ...
_ ايه ...(وهزت رأسها) ...
_ ليش تسألين ؟
_ فضول ...
وانتابتها الريبة :
_ آآآآآآآآآآآآآآآها ... طيب بشاير ... وش رأيك بريم ؟ ... (وتنظر نحو ريم) ...
_ من أي ناحية ؟
_ تهقين تصلح حق اخوي أحمد ...؟
_ بس ريم حق سعود ... والكل يدري بهالشي ...
_ يووووووووووه ... الحين ريم هالدلوعة تنفع حق هالمعقد والله حرام فيه ... أحمد أخوي فرفوشي ... يعني يصلح لها ... ويمكن بهالدلع تطيح كل اللي برأسه ... ويعقل ويفكنا ...
_ بس ريم أصغر منه ...!
_ إذا منال تزوجت ماجد البزر ... تقولين على أحمد كبير ... الله يهداك بس ...
_ وبدريه ؟َ!
_ تدرين أنها شايفة نفسها على أحمد من زمان ... على شنو ما أدري ؟... وهذي هي الله عاقبها ...
_ تتشمتين ببدريه يا هيا ؟!
أحست بالندم وبالخجل معا :
_ مو أتشمت ... بس بشاير حطي نفسك في موقفي ... هي صح بنت عمي ... والله العظيم إني أعزها ... بس رفضها لأحمد جرحني ... وجرح امي وأبوي ... ما أدري أحس مو قادرة أسامحها ...
_ هيا !... الزواج قسمة ونصيب ... وبعدين إنتي أدرى بأحمد ... لا تخلين حبك له كأخ يلغي عقلك ... وبدريه ما غلطت ... هذا مستقبلها ... من حقها تحدده بالطريقة اللي تناسبها ...
اكفهر وجه (هيا) ووجهت نظرها نحو الفتيات الراقصات :
_ والله مبعدة ؟!...(ونظر خلفه نحو المخيم الذي لا يبعد عنهم سوى مسافة قصيرة جدا) ...
_ أحسن ... علشان ما نضيع ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههه ... (أشعل سيجارته ، وحين لاحظ شرودها وهي تنظر نحوه) ... سيجارة ؟...(ورفع لها السيجارة) ...
قالت دون شعور :
_ لا ... قاطعة التدخين ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههه ... وشو ؟ّ!
وانتبهت لزلة لسانها :
_ هـــــــــاه ... شنو ؟... شنو قلت ؟!
_ كنتي تدخنين ؟!
كانت امامه وفي سيارته وستطلب منه خدمة لذا كانت تشعر بانها مسلوبة الارادة :
_ اول ... مو الحين ... أنا وفهد ... ندخن مع أبو خلف ...
_ ههههههههههههههههههههههههه ... منو أبو خلف ؟!
_ جارنا الله يرحمه ... شايب مخرف ... وما يشوف ... كنا نولع له السيجارة ... أنا مزة وفهد مزة ونعطيه الربع يكمله ... (وانطلقت ضحكة ناصر مدوية) ... بس شافنا سعود ... وضربنا ومن يومها حرمنا نمسك سيجارة ...
_ هههههههههههههههههههههه .. آآآآآآخ يا بطني ...
ابتسمت له لأول مرة :
_ عجبتك السالفة ...؟!
رفع سيجارته نحوها :
_ تبين مزة ؟...(وغمز بعينيه) ... ترى أنا ما عندي مانع ...
وضحكت لأول مرة :
_ هههههههههههههههههههههههه ... لا شيخ ... قلنا لك حرمنا ...
وأخذ يتأملها لاول مرة تكشف وجهها امامه بكل هذه الأريحية ، لأول مرة تبتسم ... تضحك ... تتكلم بكل هذه الحرية ، سألها بألم :
_ أنـــــــوار !... شعندك ؟
_ هــــــــــاه !
_ ليش ناديتيني ؟... ليش جينا هنا ؟...
_ نـــ ... ناصر !... (وانتظر أن تكمل جوابها) ... ااااااانا ... أبي جوالك ؟
_ جوالي ...!
_ ايه جوالك ... أنا طلبت مشعل ... وقال لي بشرط إذا رجعنا الرياض ولمدة أسبوعين تخدميني متى ما ابي ... وأعرفه نذل وراح يذلني ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههه ... وليش تبين الجوال ؟!
_ شنو أبي فيه يعني !... أبي أكلم ...
_ ومن تبين تكلمين ؟!
_ وحدة معاي بالجامعة ... في موضوع ضروري بيني وبينها ...
فكر بهدوء (حلو ... شكل المكالمة ضرورية يا أنوار) ، أكمل سيجارته :
_ طيب ... بس بشرط ...
امتلكها الرعب :
_ لا تستغل الوضع ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... وليش مرعوبة ؟... يا أم أفكار سودا ... (وضرب رأسها) ... أنت اسمعي الشرط أول ... وبعدين احكمي ...
_ ناصر لا تذلني ...
_ اختصاص مشعل مو اختصاصي ... والله إذا سمعتي الشرط ... راح تعرفين إنه حق من حقوقي انا متنازل عنه ... مو علشانك علشان ناس عزيزين علي ...
ابتلعت ريقها (جينا للحقوق ... الله يأخذك يا بشاير ... أنا منو قال لي أركب السيارة معاه ... لا وبروحي) :
_ طيب ... أسمع !
واكمل سيجارته بهدوء حتى أطفئها :
_ شوفي انوار ... أنتي بدر منك قلة أدب وطولة لسان انا المفروض ما أسكت عليها ... صح ؟!
وهزت رأسها بالايجاب (والله لولا الحاجة ... كان ما سكت عليك يا مهبول) :
_ وانا بحكم إني زوجك ... فتأديبك واجبي ... صح ولا لا ؟!
_ صح ...
_ اجل أضربك ...
_ تضربني !
_ أبي أبرد حرتي ... يا أضربك ... يا تتحملين ذل مشعل ... وأظن الضرب الجسدي أخف من المعنوي ... صح ولا لا ؟!
فكرت بكلامه فوجدته صحيحا (والله يا بشاير لأطلع هالخدمة اللي سويتها لك من عيونك بس اصبري علي) :
_ موافقة ... وشلون بتضربني ؟!
وظل يتأملها ببطء :
_ اممممممممممممممممممممممممممممممممم ... كف ... شرايك ؟ ... الكف يعور اكثر ... ويأدب اكثر ؟
هزت رأسها بالموافقة :
_ انت تلعب مصارعة ؟
_ لا ... تنس بس ...
_ الحمد الله ... أجل شوف ... مو بوكس يجي في عيني ... كف عادي وايدك مبسوطة ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... تتشرطين بعد ؟!
_ علشان ما يترك علامة ... وأتوهق إذا أحد سألني منو اللي ضربك ... مو على خدي اليمين لانه حساس ... اضرب اليسار ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههه ... خبرة ما شاء الله عليك ...
وأغمضت عينيها :
_ يالله ... اخلص ...
كان يريد أن ينفجر ضحكا من شكلها :
_ مستعدة ...؟!
_ بسرعة ناصر ... قبل لا أتردد ...
_ حلووووووووو ...
وعاد الارتياح لوجه الوقور ، وبهالة الهيبة التي كانت تحيط به يمسك دلة القهوة ويمر بها على اعمامه :
_ سم ياعمي ...
وتأمله (أبو احمد) بكل فخر (اللي يخلف يخلف شرواك يا نايف ... يا ليت أحمد معه شوي من عقلك !) :
_ أنت تقهوينا يا أبو فلاح ؟!
_ لا ما قهويتكم من أقهوي يا عمي ...
(مشعل) بكل غله :
_ الحين انا إذا مرة نسيت لا أملىء فنجان واحد منكم فضحتوني ... ونايف أول مرة يسويها وطايحين فيه مدح ... خلف الله علينا التعب بس ...
وضحك الجميع ، وعلق (نايف) :
_ يا شين الغيرة ... الحين من صجك تحط رأسك برأسي ...؟!
_ كلنا من ظهر واحد ... وش فرقك عني يعني ؟!
وضحك (أبو احمد) :
_ عد وخربط ... (وضحكوا) ...
وضرب كتف (نايف) :
_ لا تفرح ... قالوا من مداحة العروس قالوا امها وخالتها ...
وتصنع (نايف) الغضب :
_ أنا ولد أبوي ... وش عروسه يا مشعل ؟!
وارتعدت فرائص (مشعل) :
_ نايف شفيك ؟!... ترى أمزح انا ...
وانفجر الجميع ضحكا من تعابير الخوف في وجه (مشعل) ، سأل راشد :
_ الا صج نايف ... عطنا الحين بيت شعر تمدح فيه ابو حربي ...
_ مشكــــــــــــور ما ابي احد يمدحني ...
_ الحين هالوجيه السفرة قاعدة ... (واشار لابيه واعمامه) ... وقصيدي يمدحك ... شيبي فيك ؟
_ ما شاء الله عليك يا ولد عمي ... اسلــــــــــوب ؟
ضحك ابو بدر :
_ هههههههههههه ... ازعلت مشعل عليك يا نايف ...
_ لا تخاف يا عمي ... (وارتكئ على المسند وهو ينظر نحو مشعل) ... مشعل ذراعي وذراعي ما تزعل علي ...
علق راشد :
_ ههههههههههههههههههه ... مشعل ترى نايف تذكر الشغل ...
_ ادري فيه هو ما يبيني الا لا جت حزة الشغل ...
كان ابو نايف يلعب بمسباحه :
_ يا ابو فلاح .. وش آخر قصيدك ...
علق ابو بدر :
_ صحيح يا نايف ... من زمان عن قصيدك ...
_ يقولكم يا بعدي :
الفكر صحصح واعتدل خاطري ... تــــــــــو !!
والبال في نظم القوافي ... تهيـــــــــــــــــا !!
أدق هاجوس الغلا وأشعل ... الضـــــــــــــــو !!
وأمدح رفيقي يوم يلفي ... عليـــــــــــــــــــــــا !! >>> ونظر نحو مشعل
له منزل(ن) ركنه عزم نجمة ... الجــــــــــــــــــو !!
متمركز بين القمر ... والثريـــــــــــــــــــــــــــــــا !!
وتبخر كل عتب مشعل كما جاء .
_ مشى سعود ؟!
أجابت ام بدر :
_ إيه والله يا ام ماجد ... قبل شوي رجع الرياض ...
_ يوصل بالسلامة إن شاء الله ...
وعلقت (أم أحمد) :
_ إلا وش اللي معجله ... لا دراسة ولا شي ...
_ والله يا أم أحمد ... هذولا العيال كل واحد وفنة مزاجه ...
تنهدت (أم أحمد) وهي تتذكر احمد الذي لا تعرف له ارض ولا سماء :
_ وإنتي الصادقة يا وخيتي ...
وكان الرقص لا يزال دائرا خلف خيمة النساء ، انضم إلى الشلة الصغار كلهم وابتدأت وصلة الرقص المضحكة :
_ وش مهبلكم ؟!
وبقيت (حصة) تحتفظ بالايقاع وهي تقترب منها :
_ آآآآآآآآآآيوه ... عاشت عمتي ... (وسحبت يديها إلى منتصف مجال الرقص ) ... وسعوا ... وسعوا ...
وضحك الكل :
_ عمــــــــى بعينك ... وخري ... (وسحبت يديها) ...
(دلال) وهي لا زالت تأكل :
_ عاشت شروووووووووووووووف ... العبي فيهم ...
_ وجع ... أصغر عيالك انا ... وشو شروف ؟!
واقتربت (ريم) :
_ يالله خالة ... خلينا نستانس ... (وأجبروها على أن تجاري جنونهم) ...

ارادة الحياة 14-05-08 03:59 PM

((الفصل التاسع عشر))
كانت جالسة لوحدها في الخيمة ، لم تنم منذ البارحة ، ولن تنام حتى ينتهي هذا الأمر :
_ خذي ... ارتحتي الحين ؟!... (قذفت الجوال في حضنها وجلست وقد غرقت في نوبة بكاء حادة) ...
_ أنــــــــــــــــــــــــــــوار !... (اقتربت منها وقذفت الجوال بعيدا) ...
_ كله منك ... كله منك ... إنتي السبب ... (كانت ترتجف وقد ملأت الدموع وجهها) ...
_ أششششششش ... (وأمسكت رأسها بقوة بين يديها ونظرت في عينيها مباشرة) ... إنتي معصبة ... لا تتكلمين ... هدي ... أول شي هدي ...
من غزارة خبرة (بشاير) معها ، كان هذا هو الأسلوب الأمثل مع (أنوار) التي تتحول إلى ثعبان ينفث السم لو غضبت :
_ جبت الجوال ... (ومسحت دموعها وهي تتنهد بعمق) ...
ابتعدت عنها (بشاير) وهي تنظر نحوها بحدة :
_ يعطيك العافية ... بس ليش معصبة ؟!
وعادت لها الذكرى وعادت الدموع من جديد فتعلقت بعنق (بشاير) تحتضنها وهي تشهق :
_ أنـــــــــوار !... (واحتضنتها بقوة) ... شفيك خوفتيني ؟
_ ... باسني ... الحقير باسني يا بشاير ...
وجلس بينهم ، شرب قهوتهم وهو شارد عنهم " صج أني خبل ... انا ليش ما مسكت نفسي ؟... البنت ماتت من الخوف ...أكيد بتموت من الخوف ... أوففففففففففففف ... اعوذ بالله منك يا الشيطان ... صج شاطر ... بس والله خلاص ما أقدر استحمل ... البنت وصرت اموت فيها ... وش أنطر بعد؟!) .
_ ناصر يبه !
اخرجه صوت عمه (أبو نايف) من شروده :
_ هلا عمي !
_ ما نويت العرس يا أبوك ؟
ابتسم لتوارد خواطر عمه مع خواطره :
_ عمرك أطول من عمري يا عمي ... (والتفت لعمه الآخر) ... وشرايك يا عمي ؟
ابتسم (أبو بدر) :
_ والله لو تبيها خذها الحين وأنا عمك ...
وابتسم (ناصر) لعمه ، وعلق (نايف) :
_ خل العرس الشهر الجاي ... أنت جاهز والبنت جاهزة ...
والتفت لعمه :
_ الشهر الجاي يا عمي ...؟!
واسند (أبو بدر) رأسه على مسنده :
_ اللي يريحك يا أبوك ...(وبارك الجميع لناصر) ...
ومرت الأيام سعيدة وسط هذه الأجواء العابقة بالمواقف والذكريات الجميلة ، مرت سريعة دون أن يشعر أحد بأن الفرح ينساب من يد الوقت كالماء ، وعادوا إلى الرياض ، إلى أعمالهم ، دراستهم ، حياتهم ، والبعض إلى أحزانهم .
ممددة على الأريكة ، انتهت لتوها من نوبة استفراغ قوية أحست معها بأنها ستفقد أحشائها ، أمسكت الريموت كنترول وظلت تقلب في قنوات التلفاز :
_ يا طبطب ... وأدلع ... يا يقولي انا اتغيرت عليه ...
وتراقص على أنغام أغنيته بسفاهة حتى جلس على نفس أريكتها :
_ شلونك يا عسل ؟... (وأخفض رأسه يقبلها كعادته) ...
_ هلا ماجد ... (ونهضت لتبتعد عنه قليلا) ...
_ شفيك ؟!
_ ولا شي ...
_ وجهك أصفر ...؟!
_ تعبانة شوي ... (وأرادت أن تلهيه) ... شلون الدوام ؟!
تمدد بتعب :
_ تمام التمام ... جوعان ؟!
_ الحين أقول حق بارتي تحط لك الغدا ... (ونهضت) ...
_ وأنتي ما بتتغدين معي ؟!
_ مو مشتهية ...
_ أكل بروحي يعني ...؟!
_ والله ماجد مو مشتهية ... أبي أروح انام ... (وانصرفت تتجاهل دهشته ، لأول مرة تتركه لوحده وتذهب للنوم) ...
كانت عائدة لتوها من الجامعة ، ممددة على سريرها تفكر والدموع تسبح في عينيها (بقى أسبوع على العرس ... يا ربي ... إن شاء الله أموت ... أستغفر الله العظيم ... إن شاء الله يموت هو) ، ورنت نغمة المسج في جوالها (لا حول الله ... هذا أكيد هو ... حسبي الله عليك يا فهد ... ليش تعطيه الرقم ... وانت يا أخي ما عندك كرامة ... سافهتك صار لي أسبوعين ... أفهم يا الدعلة) :
" يا حلو المزايين لا صاروا مهبل ؟!... ما تبين تردين هاه ؟!... طيب الصبر مفتاح الفرج ... بسيطة يا أنوار"
وقذفت الجوال بعيدا :
_ مو ناقصة السالفة إلا ملاقتك ؟!
وفي الصالة كانوا يحتسون الشاي :
_ ام بدر !...
_ خير يا أبو بدر ..؟!
_ أنوار خلصت تجهيز العرس ... (وتنهدت ام بدر) ...
ردت (دلال) وهي تضحك :
_ والله يا عمي ... العروس لليلة عرسها وهي ما تخلص ...
وضحك (فهد) :
_ هههههههههههههههههه ... لا والله يبه إلا العروس بدرية ... أنوار لا تروح السوق ولا شي ...
وجحظت عينا (بدرية) لتسكته :
_ آآآآآآآآآآآآآآآآفا ... وش بلاها أختك يبه ؟!
_ لا يبه ما فيها إلا العافية ... بس انوار ما تعرف تشتري ... انا ودلال نتسوق لها أحسن ... وهي يعجبها ذوقنا ...
واقتنع الأب :
_ على خير ...
ودخل (سعود) غرفة أخيه المظلمة في منتصف النهار :
_ السلام عليكم ...
والتفتت برعب وهو لا يزال ممددا على سريره :
_ سعــــــــــــــــود !.. أبوي فيه شي ؟!
وضحك (ٍسعود) وهو يجلس بجانبه :
_ أبوي ما فيه إلا العافية ... أنت اللي فيك ...
تنهد براحة وهو يعود لتمدده :
_ وش فيني يعني ؟!
_ بدر ... حالك مو عاجبني لا انا ولا مشعل ... وأمي أمس شكت لي ... حتى هي حالها مو عاجبك ... وماتنام الليل من همك ..
_ لا حول ... وبعدين معاكم ... قلت لكم ما فيني شي يا سعود ... أكذب يعني ...؟
_ بدر الله يهداك ... حالك مهو حالك يا أخوي ... حتى بنتك هاملها !... شغلك !.. شوف شكلك شلون صاير ... !
_ متضايق !... ارتحت الحين ؟!
_ وشو اللي مضايقك ؟...(وحين لمح طيف دمعة في عينه) ... بدر ... حنا إخوانك ... إذا ما شكيت لنا حق منو بتشكي ؟!...
أجابه بيأس دامي :
_ ما أقدر يا سعود ... ما أقدر ...
وتنهد (سعود) :
_ خل أملك بالله قوي يا أخوي ... وكل ضيقة ولها فرج بإذنه تعالى ... "قل لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ... شوف وش هي مشكلتك وتوكل على الله وبادر بالحلول ... لا تخليها تهدم حياتك وحياة اللي حواليك ...
وغاب عن (سعود) في ثنايا كلامه الذي قال .






--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل العشرون))
وبدأ العد التنازلي ، وكما يقال (المعاريس اثنين والمجانين ألفين) ، العائلة عن بكرة أبيها كانت مشغولة في هذا الزواج المنتظر الذي أراد (ناصر) أن يجعله حديثا لكل أهل الرياض يمتد لسنوات عدة :
_ عبدالرحمن ... روح ناد أبوك ؟!... (وماطل عبدالرحمن حتى ملت) ... يوووووووووووووه ...
_ شفيك تنافخين ... نسمع صوتك وحنا بالمجلس ..!
وخرج ضاحكا وخلفه (ناصر) من المجلس ، (بشاير) كانت بكامل لباسها تستعد للخروج :
_ قوة ناصر ... شلونك ؟!... مبروك العرس ...
_ الله يبارك فيك ... ( وعرف جرأتها التي لطالما احتلت جزءا كبيرا من حديثه مع نايف) ... شلونك بشاير ؟!
_ بخير الله يسلمك ...
_ وعلامك صياح ؟!
_ راشد ... أمي راحت مع البنات وأخذوا السواق ... وانا أبي أروح بيت عمي أبو بدر ...
_ ضروري تروحين اليوم روحي بكرا ...
_ راشد تكفى ...
_ والله عندي شغل ... مو فاضي لك ...
_ هههههههههههههههههههههه ... آآآآآآآفا ... البنت تقول لك تكفى يا الدلخ ... (وضرب كتفه) ...
_ يا اخي كيفي ... تكفى لي ولا لك ...
_ هههههههههههههههه ... ما عليك منه بشاير ... إمشي انا أوديك ...
_ ما أبي أكلف عليك يا ناصر ...
_ كلافة وشو ؟... الأخ ما صدق على الله ... لا تستعجل كلها يومين وتصير خشتك في خشتها ليل ونهار ... وتشبع يوم تقول بس ...
وهمس له :
_ أقول استح ... أختك واقفة ... (وأخفضت بشاير رأسها) ... يالله بشاير نمشي ... (ومشوا) ...
وفي السوق ، كانت في أسوء حالاتها وهي تسحب (أمل) و(جود) خلفها :
_ نوف !... امكسي بناتك ... ترى شوي ويضيعون ...
_ عهود شفيك ؟... امسكيهم إنتي ... ما تشوفيني أحوس ...
_ يا سلام أجل وش له تجيبينهم معنا ...؟!
_ والله ... أجل وشلون أقايس لبسهم عليهم ...؟!
_ كان جايبة الخدامة معانا تمسكهم ... أوفففف ...
_ روحي وديهم عند خالتي ...
وارتعبت وهي تستوعب لتوها :
_ صج ... امي وينها ؟!
_ تعبت من الفرفرة ... وراحت تقعد بالمطعم ...
ونظرت للطفلتين العابثتين :
_ أجل خل أوديكم عند أمي ... وأفتك منكم ... راح الوقت وانا ما تسوقت ...
وسارت تمسك بأيدهن :
_ قـــــــــــوة أم عبدالرحمن !
والتفتت للصوت الذي خرج من المحل القريب :
_ شلونك ؟!... عرفتك من البنات ... شلونكم يا حلوين ... (وقبل الصغيرتين) ...
وأحست بالسعادة لرؤيته :
_ هلا صلاح ... أنا عهود ...
وانفجرت أساريره :
_ هلا وغلا ... وشلونك ؟
_ الحمد الله بخير ...
_ تتسوقين للعرس ؟!
_ هههههه ... إيه ... وأنت ؟
_ وانا ... وحشتيني ...
_ صــــــــــــــــــلاح ... البنات هنا !
_ هههههههههه ... طيب وين مأخذتهم إنتي ؟!
_ بوديهم عند أمي بالمطعم ...
_ حلوووو ... وديهم وارجعي نتسوق انا وياك ...
_ صــــــــــــلاح ... صاحي انت ؟!... روح لا تشوفك نوف وتسوي لي سالفة ...
_ طيب ... أروح بس توعديني ...
_ بشنو ؟!
_ قولي والله أسويه ...
_ قول أول ...
_ لا احلفي تسوينه ... ولا أظل معاك لما تجي نوف وتشوفنا ... وتسوي لك سالفة ...
_ صــــــــــــــلاح ... (وتنهدت) ... طيب بسرعة ...
_ أشوفك بكرا بالعرس ... لاني بسوي لك لوحة ...
وجحظت عيناها :
_ لا والله ... ما أقدر ... تبي تفضحنا إنت ؟!
_عهود ... (وأمسك ساعدها) ...
_ يوووووووووه ... (وسحبت الفتاتان وانصرفت يائسة منه) ...
_ هههههههههههههههههههه ... (وراقبها وهي تنصرف) ...
ودخلت بيت عمها :
_ السلام عليكم ...
ورد الجميع السلام :
_ هلا بشاير ... شلونك يمه ...؟!
_ الحمد بخير عمة ...
ونهض (بدر) :
_ عن إذنكم ... (وسار نحو الباب) ...
_ شلونك أبو شوق ؟!
_ الله يسلمك ... بخير ... (وخرج) ...
وسألت (أم بدر) :
_ وشلون أمك ...؟!
_ بخير عساك بخير ... هذي هم حايسين بالسوق ...
وضربت (بدريه) بساعدها (فهد) الجالس يشاهد التلفاز :
_ وانت علامك ما تورينا مقفاك ... ما تشوف البنت واقفة ...
وانتبه ل(بشاير) وغطاء وجهها لا زال عليها :
_ يعني بشاير جاية تقعد مع أنوار ... (والتفتت نحوها) ... تلقينها بغرفتها فوق .. وش له أطلع بعد ...؟!
_ صج ما بوجهك حيا ...!
_ هههههه ... خليه بدريه .. وهو صاج ... أطلع لأنوار أحسن ...
وصعدت السلم وهي ترمي الغطوة والعباءة :
_ هلا ... بشاير إنتي هنا ؟!
_ توني جاية ... (وسلمت على اختها) ... شلونك ؟!... وشلون أبو الشباب ؟!... (وأشارت لبطنها المنتفخ) ...
_ بخير أدور له عروس ...
_ ههههههههه ... طيب بروح لانوار انا ...
_ إيه والله كلميها يا بشاير ... بنت عمي هذي مجنونة ... ولا أحد عرسه بكرا ... ويبكي ... تعبت عمتي معاها ... قلنا خوف بس مو لهدرجة !
_ طيب ... (وسارت نحو غرفة أنوار) ...
طرقت الباب ثم فتحته ، كانت تجلس وهي تضع رأسها على ركبتيها والغرفة غارقة في الظلام وصوت (راشد الماجد) يملأ المكان :
صابر على طول الليالي والأيام !!
أنشد وأدور راحتي والرقادة !!
كم ليلة أسهر بها وغيري ينام !!
وأعاف انا مرقدي والوسادة !!
يزورني هوجاس وأعيش الأحلام !!
وأشوف انا حيرتي في زيادة !!
وجلست بجانبها :
_ وبعدين يعني ... هذا الحل ؟!
وناظرتها بعيون احمرت من كثرة البكاء :
_ أشوفك يوم الموضوع فيه متعب سويتي الهوايل !
_ موضوع متعب غير موضوعك ... لا تخلطين الامور ...
_ نفس الشي ... مو حرموك منه ؟!
_ انت ما احد بيحرمك من شي !
وصرخت :
_ بلى ... حرموني من إني اختار ... اجبروني إني أعيش مع واحد احتقره ... أكرهه ...
_ أنوار ... تعرفين عدل إنك دايما تبالغين ...(وأشاحت بنظرها عنها) ... بكرا العرس ... مهما كانت أفكارك ورغباتك فات الفوت ... اقطعي فكرة إنه في معجزة راح تصير ... لا تعيشين نفسك في حلم ... وتصحين على واقع ... بتعذبين اكثر ..
_ لا تذكريني ...
وابتسمت وهي تغلق جهاز التسجيل :
_ تدرين من اللي جابني ؟!... (ولم تكن تريد ان تتكلم) ... معرسنا المحترم ...
وجحظت عيناها نحوها :
_ ركبتي معاه بروحك ...؟!
_ هههههههه ... (وضربتها بساعدها) ... يا عيني ... بدت حركات الغيرة من الحين ... لا وتغار مني بعد ؟!
_ بشاير لا تصيرين تافهه ... إنتي فاهمة قصدي ... ناصر قليل أدب والمفروض ما تركبين معاه بروحك ...
وبهتت استنكارا :
_ أنوار ... وش هالكلام ؟!
_ نسيتي اللي سواه معاي بالبر ..؟!
_ إنتي زوجته ... ولو ما كنتي كذا كان ما سوى اللي سواه ... ناصر ولد عمنا يا الخبلة ...
_ أوففففففف ... (وغطت رأسها بيديها) ... كل ما تذكر الموقف أكره نفسي ...
_ لانك مو متعودة ... بكرا بيصير عندك شي عادي ...
وارتعبت للفكرة :
_ الله لا يقول له ...
_ هههههههههه ... يا ما ناس قبلك قالوها ... وبالأخير صاروا هم اللي يطلبون ...
_ يا ربي هو ليش جرئ كذا ... ما في احد من عيالنا نفسه ... (ثم سألت بخوف) ... بكرا ... وش تهقين يقول لي ؟!
_ هههههههه ... وش قالوا لك مجربة انا ؟... شوفي يا حبيبتي الزواج في مجتمعنا بطيخة مسكرة ... يعني يمكن يهزئك لأنك ما رديتي على مكالماته ... او يمكن يطلع متوحش ويأكلك من اول ليلة ...(ورأت وجهها يسود رعبا)... ويمكن يسفهك وينام ويخليك ... ويمكن يشوف جمالك وينسطل ويغمى عليه ...
_ سخيفة ... (وضربتها بالوسادة) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:05 PM

((الفصل الواحد والعشرون))
بكامل اناقته وهيئته الجميلة ملأ كرسيه وقاعة الأفراح ، يجلس على جنبه الأيمن عمه أبو نايف وعلى الآخر عمه أبو بدر ، وتوالت التبريكات والتهاني من الاهل والأصدقاء والشخصيات المهمة التي حضرت تلبية لطقوس وواحبات اجتماعية :
_ مبروك يا ولدي ...
_ الله يبارك بعمرك يا خال ... (وقبل رأس خاله) ...
_ مبروك يا أبو نايف ...
_ الله يبارك فيك ... (وسلم عليه) ... الفال لمطلق إن شاء الله ..
وعادوا لأماكنهم :
_ يبه !... عزمتوا ابن غازي ؟!
_ اكيد نايف اعزمه عمي ... (والتفت لعمه الآخر) ... عمي تعبان ؟!
_ دوخة شوي وتروح ...
_ ضربت إبرة السكر ؟!
_ ضربتها الصبح ... لا تشيل هم يا أبوك ...
وفي زاوية أخرى ، اقترب من عمه ابو احمد ليهمس له :
_ عمي ... هذاك ابن غازي ... (وأشار بعينيه) ...
_ أعرف أبوه ... كان خوش رجال ... الله يرحمه ...
_ بس شكله ما راح يجيب سالفتنا لبر ...
_ سايسه يا نايف ... تراه عنيد ... وإن خسرناه خسرنا كل شي ...
_ أجل وش اللي مصبرني عليه ؟!... خل تخلص سالفتنا على خير ... وأنا أعرف شغلي معه ...
_ وأنت وش لك فيه ؟!... خل ناصر يتفاهم معاه ... ناصر أركد منك وأهدى ... لا ينرفزك وتحوسنا ...
_ عمي !... بزر انا أتنرفز من واحد مثل هذا ...
_ يا نايف يا أبوي ... فورة الدم ما تنفع بالشغل وانا عمك ... (ثم أراد تغيير الموضوع) ... أحمد بيجي العرس ؟!
_ اتصلت عليه قبل شوي يقول ما هوب جاي ...
_ كلمه وقله أبوك يقول لك تعال ... ما أدري وش صرفتنا مع هالولد ؟!
_ تبشر عمي ...
وابتعد عن عمه "لو تدري يا عمي إني يوم اتصلت على أحمد ما عرف منو نايف ؟ ولا منو ناصر ؟ ولا منو احمد أصلا .... خل أصرف نفسي ... وأقوله اتصلت وما احد رد" :
_ ههههههههههههههه ... مو لايق شكلك عروس يا أنوار ...
_ حصووووووووووووه ... ترى مو رايقة ... اقضبي لسانك أحسن ..
_ ما عليك منها يا أنوار ... (وترتب طرحتها) ... والله طالعة قمر ... شفتي شلون الأنوثة احلى عليك ...
وضحك الجميع :
_ وخري يا المايعة ... روحي عني بس ... (وقذفت ريم بعيدا عنها) ...
ودخلت (مشاعل) :
_ أنوار ... جبت لك عصير ...
وعلقت (حصة) :
_ لا يا الرجة ... كأس عصير واحد بس ...!
_ والله لك رجول وايدين ... جيبي لنفسك ... انوار عروس ... هاك !..(ومدت الكأس) ...
_ ما أبي ... (جلست وكتفت يديها) ...
_ مو إنتي قلت لي جيبي لها عصير ؟!...(كانت تخاطب بشاير بغضب) ...
_ انوار حبيبتي اشربي العصير ... ما أكلتي شي من الصبح ... (وأخذت كأس العصير وجلست بجانبها) ...
_ قلت لك ما ابي ... تفهمين إنتي ولا لا ؟... (كانت بشاير تقدر غضبها وأعصابها التالفة) ...
ضحكت (عهود) :
_ اشربي يا حظي ... لا يغمى عليك عند الرجال وتفشلينا ...
واقتحمت الغرفة كالاعصار :
_ أنتن ما تستحن ؟
وابتسمت (مشاعل) وهي تقف بجانب عمتها :
_ عمة ... ترى صار لي ساعة أقول لهم عمتي أم ماجد تقول انزلوا وهم مو راضين ...
_ أنا بعرف ... هالكشخة والترزز بالمشاغل من صباح الله خير .. وش له ؟... علشان تحبسن حالكن هنا ؟
ووقفت (حصة) :
_ يعني لازم نسوي عرض ومزاد يا عمة ... خلاص أنا بنزل أول وحدة ... وأشوف كم يكون سعري ...؟!
ضحكت (عهود) :
_ 100 ريال ... لا تعبين نفسك ...
_ لعنبو داركم ناصر لا أخت ولا شي ... المفروض أنتم تقابلون معازيمه ... أنا أبي أنزل ... وإن ما نزلتوا وراي وخليتوا بشاير بروحها مع أنوار ... ما أكون أنا أم ماجد ...(وخرجت تصفق الباب بقوة) ...
وتشفت (مشاعل) :
_ تستاهلون ... تهزءتوا ..؟!
_ إنتي يا ... (وهربت قبل أن تمسك بها حصة) ...
ودخلت انوار قاعة الزفاف ، متألقة بقوامها الناعم ووجهها الطفولي ، ودخل بعدها ناصر بهيبة ملك يحمل قسمات رجل ناضح يعرف من الحياة اكثر مما تعرف عروسه اليافعة ، قبل رأسها على الكوشة قبل أن يجلس بجانبها يتفجر الفرح منه تفجرا ، وبعد السلام والصور التذكارية صدح صوت مطربة الحفل :
يا جماعة هذي الاغنية اهداء من المعرس ناصر حق عروسته الحلوة أنوار <<< ونظرت انوار في عيني الرجل الذي ابتسم وامسك يدها يسير على مهل حتى باب القاعة :
قول آآآآآميـــــــــــن ... عساك تحبني وتموت فيني !!
قول آآآآآميـــــــــــن ... عسى ايدينك ما تفارق يديني !!
ومثل ما اشتاق انا .... لعينـــــــــــــــك !!
أبي تشتاق انا ... لعينـــــــــــــــــــــي !!
أبي تتعب مثل ما ... أتعـــــــــــــــــب !!
عشان تعرف معنى ... الحــــــــــــــــــب !!
لأن بجد حالي ... صـــــــــــــــــــــار !!
على نفسي ترى ... يصعـــــــــــــــب !!
أبيك تحس في ... حبــــــــــــــــــــــــي !!
تقول انك تبي ... قربـــــــــــــــــــــــــي !!
وإنك ما تبي ... غيـــــــــــــــــــــــــري !!
وأقول آآآآآآمـــــــــــــــــــــــــين ... يا ربي !!
وانتهت الليلة التي ستظل حديثا لأهل الرياض ولسنوت عدة ، حمل زفاف (ناصر) و(أنوار) الكثير من الفرح ، لأم ناصر التي أضاعت شبابها وعمرها الجميل في سبيل تربية هذا الابن ، (أم بدر) التي يعتصرها الألم من فشل حياة ابنتها الكبرى وبشكل نهائي ، الأعمام والأبناء الذين كانوا يرون في (ناصر) الخلف الذي بقي بعد موت (فواز) :
_ شفتيهم يا عمة ... نسوني ... (وجلست بملل) ...
_ من الربشة يا بنتي ... لا تلومينهم ...
_ لو رايحة مع عمتي أم ماجد ... ونايمة عندهم أحسن ...
وتنهدت (بدرية) :
_ حصة لا تسوينها أزمة ... بتروحين معانا ونامي عندنا ...
_ لا والله انام عندكم ... هذا اللي ناقص ...
_ وليش بالله ؟!
_ أنوار وتزوجت ... أقعد أسولف مع شوق ...!
وتنهدت الأم :
_ عز الله إن البيت بيفضى عقب انوار ...
_ الله يهنيها يمه ... (ومسدت ظهر امها) ... حصة روحي جيبي شوق ... ترى باب القاعة مفتوح وتطلع برا ...
وخرجت إلى الممر الخارجي للقاعة ، كانت ترتدي عباءتها وشال شعرها :
_ شوق تعالي ... لا تطلعين برا ... (وسحبتها من الباب الذي كانت تقف عنده) ...
_ إتي يعععع ... لوح إند عمه ... (ودخلت تجري) ...
_ يعععع بعينك يا الخبلة ... صج مو كفو ...
ودخل من الباب ، وجدها تنظر إلى الداخل فتطاير الشرر من عينيه :
_ ليش واقفة هنا ؟!
ابتسمت حين رأته ، ف(بدر) بالنسبة لها كالأخ الأكبر :
_ هلا بدر ...
لم يرد عليها وإنما خرج يتفحص الشارع مرة أخرى :
_ ليش واقفة هنا ...؟!
كان يصرخ فارتعبت :
_ كنت ... شوق كانت برا ... وطلعت أناديها ...
_ ووين شوق ؟!
_ راحت داخل ...
وانتبه لزينتها المبالغ فيها فحصة كانت تحب لفت انتباه حتى النمل :
_ وش مسويه بنفسك ؟!
_ شنو ؟!
وصرخ بشدة :
_ هذي الخرابيط اللي بوجهك ...
_ بدر شفيك ؟!... ماكياج ...
وفي هذه اللحظة خرجت (أم بدر) و(بدريه) التي تمسك (شوق) :
_ يالله بدر ... طولنا عليك ...؟!
_ من ودا أختك يمه ؟!
أجاب بقرف :
_ مشعل ... يالله مشينا ...
_ بدر ... حصة أهلها نسوها ... نوصلها معنا ...
_ خير ... (ونظر نحوها باشمئزاز) .. دلال وين ؟!
_ راحت مع أهلها ... بتنام عندهم اليوم ...
واتجه الكل إلى السيارة :
_ أقول يا الحبيب ... سواق عندك انا ...؟!
كان (مشعل) يقود سيارته ، وفي الخلف جلس (ناصر) و(أنوار) :
_ أبجلس يم حرمتي ... عندك مانع ؟!
_ وليه انا ما انفع تجلس يمي ؟!... ولا من لقى احبابه نسى أصحابه ؟!... (وغمز بعينه) ..
_ هذا أنت قلتها ...
_ ناصر .. بالذمة بالذمة ... وش رأيك بأنوار ؟!
أجابه (ناصر) ببطء :
_ والله ... يا أخ مشعل ... أنا ناذر أصلي ركعتين إذا طلعت ما تشبهك ... والحمد الله ... (قبل يده) .. بس أوصل الفندق أوفي نذري ...
_ ههههههههههه ... آآآآآآآفا وأنا أخوك يا أنوار ... تكفين اطردي هالخبل الليلة ... (وانتبه لصمتها) ... إلا صج ناصر ... سمعت إن الزواج يخلي البنات مؤدبين ... صحيح يا أخوك ؟!
أجابه (ناصر) ببراءة :
_ والله أنت أبخص ... معرس قبلي ...
_ يا اخي انا حرمتي أحس هبالها زاد ... فخفت يصير هالشي معك ... وأنوار من غير شي الله مهبل فيها ... عاد إذا هبل فيها العرس ... الله يعينك ...
_ أقول يا البطة ... أقضب لسانك أحسن ... ترى ما أرضى ...
_ ههههههههههههه ... ناصر بالذمة اكشف غطاها ... إذا ما شفت وجهها محترق ... ما أكون أبو حربي ...
وبدهشة :
_ منو حربي ؟!
وبفخر :
_ ولدي ... الله يوصله بالسلامة ...
_ هههههههههه ... آآآآآآآمين ...
ولأن الغد يصادف يوم الجمعة ، عرج (نايف) على منزل (راشد) يتسامران بدل الجلوس في مكتبه وحيدا :
_ خل أروح أضبط لنا القهوة ...
_ والأهل ...؟!
_ نايمين ... البنات إن ناموا بعد عرس وقعدتهم ... بيفترسونك ..
_ هههههههههه ... طيب جيب ماي معك ...!
_ في برادة بالحديقة ... رح اشرب منها أحسن ما تقعد تنطرني ...
وخرج إلى البرادة التي لا تبعد كثيرا عن المجلس ... شرب حتى ارتوى ... ولمحها عبر نافذة المطبخ الكبيرة المطلة على الحديقة ... ترتدي بيجامة زهرية وترفع شعرها عاليا ولا زال وجهها يحتفظ بزينة العرس البراقة ... أخفض رأسه وعاد إلى المجلس وهو يبتسم لنفسه ... استند إلى ذراعه وهو يفكر:
" يا بختك يا عبدالعزيز ... دايم تأخذ من الدنيا أحلى ما فيها ... ما شاء الله عليها مزيونة ... هذا غيرالعقل اللي عليها ... والله لو عقلها وجرأتها لراشد ما صار هذا حاله ... ما تهاب أحد ... حتى مني انا ما تخاف ... حقها ما يضيع لو كان ورى الشمس ... أصيلة تهدها بين سباع وما تخاف عليها تأكلهم غدا وعشا... أجل وش سوت بالمساكين ذاك اليوم بالمحل ؟!... آآآآه ... والله حسافة هالبنت ... راشد اخوها ... وعبدالعزيز اللي بيأخذها ... واثنينهم ما يطلعون أرجل منها ... آآآآآآآآآه ...يا الحظ الردي) :
_ طولت عليك ...
_ خذ راحتك ...
_ لقيت بشاير قاعدة ... خليتها تضبط لنا القهوة ...
_ وش تسوي قاعدة للحين ؟!
_ تقرأ ... هي دوم ماسكة كتابها وتقرأ ...
_ أخاف كلفنا عليها ...
_ هي تبرعت ... انا ما فتحت فمي ...
_ للحين حاقدة علي ؟!... علشان سالفة الجامعة ؟!
_ لا ... نست السالفة ... بشاير من النوع العملي ... اللي ينتهي ما تفكر فيه ولا تعتبره ...
ورن هاتفه :
_ هلا بشورة ... يعطيك العافية ... خليها بالمطبخ انا اجي أخذها ... (وانصرف) .
كانت لا تزال ترتدي عباءتها ، جالسة في الصالة تتأكلها الحيرة :
_ حصـــــــــــــة !
_ هلا مريم ... (وتنهدت بيأس) ...
_ شفيك لابسة عباتك ؟!
_ توني جاية ... (وانفجرت باكية) ... ليش نسيتوني ؟!... تخيلوا ما احد ضال بالقاعة بس الحارس ... وش أسوي أنا ؟!
دافعت ببراءة وهي تجلس :
_ مشاعل قالت إنك بتروحين مع عمتي ام ماجد ... حصة شفيك ؟!
_ بدر ... (واستمرت تبكي) ..
_ بدر ولد عمي ... شفيه ؟!
_ هاوشني ؟!
_ ليش وش سويتي ؟!
_ والله ما سويت شي ... هب فيني فجاة وهاوشني تقولين سارقه حلاله ؟!
_ بدر ؟!... معقولة ... أخاف سعود بس غلطانة ؟!
_ شفتي شلون ؟!... هذا وإنتي ما شفتي شلون هاوشني ومستغربة ... أجل انا وش أسوي ؟!.. (ومسحت دموعها) ... نايف هنا ؟!
_ لا ... راح يسهر عند راشد ...
_ أجل خل أقوم انام ... لا يجي ويشوفني بعباتي ويسوي لي تحقيق ... تصبحين على خير ... (وانصرفت) ...
_ تلاقين الخير ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:07 PM

((الفصل الثاني والعشرون))
وفي جناحه الفخم كان جالسا على سريره وقد غير ملابسه لتوه ، خرجت مسرعة من الحمام رمقته بنظرة حاقدة ثم اتجهت إلى الغرفة الأخرى ، فتحت جهاز التلفاز وجلست على الأريكة ، تنهد وهو يعلم بأن ليلته ستكون صعبة ، لحق بها وجلس يضع ذراعه خلفها على مسند الأريكة ، تأملها بيأس كانت قد ارتدت بجامة قطنية زرقاء اللون ، وغلست بالماء كل أثر للزينة عن وجهها وشعرها :
_ ليش غسلتي وجهك ؟
نظرت نحو بازدراء :
_ كيفي ... (وأعطته ظهرها تقلب في القنوات) ...
وابتسم من جمودها :
_ بس ما أمداني أشوف الكشخة ...
_ مو لازم تشوف ..
_ أجل منو اللي لازم يشوف ...؟!
التفتت نحوه والحقد يفيض من عينيها العصية الدمع :
_ الناس ... العالم ... اللي جمعتهم ... وفخفخت قدامهم لمن شبعت ... وانا وأنت اللي أساس الموضوع ... مو مهم ... بالطقاق ... أهم شي عماني راضين ... وأنت أرضيت غرورك ... وش نبي بالباقي ؟!... (وعادت لتلفازها) ...
انصدم من انفجارها ، لكنه يعرف طبعها جيدا :
_ انتي كشختي ولعبتي دور العروس ... ما احد اجبرك ؟!
نظرت له بحزن عميق :
_ في مية لون ولون للغصيبة يا ولد عمي ... (وانطلقت تعود لغرفتها) ...
تنهد بألم وهو يغمض عينيه "هذي شفيها .. ليش تكبر المواضيع ؟!...صج بزر ... كل ما اقول زانت شانت ... قلت صرنا حلوين يوم البر ... ما صارت هالبوسة علي ... سارقها انا ؟... لو اني ؟!... أستغفر الله العظيم " ، ونهض يلحق بها وجد الغرفة مظلمة وهي قد آوت إلى السرير ، جاراها وتمدد بجانبها .
ولم يزر النوم عينيه هذه الليلة أيضا " ياربي ... لمتى ؟!... ما عاد أقدر أستحمل ... حاس إني بنفجر ؟!.. حتى مو عارف أتصرف ... ولمنو أشكي ؟!... نايف مستحيل ... أعرفه دمه حامي وما عنده تفاهم ... وعمي ما أبي أجيب له الهم ... رجال كبير ومو ناقص... اخواني !... ما أبي أغثهم مثل ما أنا مغثوث ... أجل وش أسوي يا ربي ؟!... وش أسوي ؟!) ... ولاح له الحل الذي سينقذه من الاحساس بالذل والمهانة والخوف من المجهول ...
على متن الطائرة المتجهة إلى روما وفي الساعة السابعة صباحا :
_ شفيك ؟!
كانت مغمضة عينيها وهي تتمتم :
_ ما في شي ..
حاول أن يكتم ضحكته "يا حليلها ... أجل الشجاعة وين؟!" ، وجاء نداء ربط الأحزمة ، شهقت رعبا وهي تنظر نحوه :
_ نسيت ... ناصر اربط الحزام ... ما أعرف ... (ورفعت يديها عن خصرها) ..
وربط حزامها فتنهدت براحة كبيرة وظلت تضغط بيديها الحزام نحو جسدها :
_ خايفة ؟!
ردت بحدة وهي لا تزال مغمضة عينيها :
_ لا ...
واستغرب رعبها "أجل هذا وشو؟!" ...
_ منول ... منولتي ... وينج ؟!... يا منال ...
ودخل غرفته فوجدها تطوي المصحف لتضعه على الكوميدينو :
_ صدق الله العظيم ... شفيك ؟... ليش الصياح ؟!
_ اناديك صار لي ساعة ...
_ كنت أقرأ قرأن ...
_ تدرين اليوم ... (وتمدد على السرير ورأسه في حجرها) ... جبت فيلم troy ...
_ أي فيلم ؟!...
_ اللي قلت لك عليه ... قصته مرة حلوة ... انا شايفه أكثر من مرة ... بس اليوم بنشوفه انا وياك ...
_ ماجد حبيبي ... (وظلت تمسد شعره بيديها) ... مو لاحظ إنك ما تطلع من البيت ؟!
_ أطلع وين أروح ... ؟!
_ يعني ما لك ربع ... ما اشتقت لهم ... فهد وصلاح ومبارك ... ليش ما تزورهم وتطلع معاهم ... ؟!
_ ليش مليتي مني ...؟!
أجبرت نفسها وقبلت رأسه :
_ الله يسامحك انا أمل منك !... بس علشان أبيك تستانس ...
_ انا مستانس معاك ... أطلع مع هالمبزرة وش أسوي ؟!
وابتسمت "يعني انت اللي كبير يا ماجد" ، ورن جرس الباب :
_ بارتي ... اتركيه أنا أفتح ... (وطار مسرعا) ...
وفتح الباب ، ووجده خلفه باسما كما يعرفه ، ثوبه مجعد وغترته على كتفه ، ولا أحد يفكر بالزيارة في مثل هذا الوقت الا هو :
_ أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــد !...هههههههه ...
وارتميا كالطفلين في أحضان بعضهما البعض ، يدفعهما شوق حار ومشاعر ود لا تنتهي بينهما :
_ وينك ؟.. من زمان عنك ...
_ الشكوى لله ... صرت راعي بيت ... وما تمر ولا تعبرني ...
_ هههههههه ... ما نستغني يا أبو حميد ... حياك ... حياك ...
ودخل الشقة التي اعتاد على الجلوس فيها خلال فترة خطبة (ماجد) القصيرة :
_ شلونك ؟!... ليش ما جيت العرس أمس ...؟ (وجلس بجانيه) ...
وبوجهه الحزين :
_ نسيت ... ولا ناصر قبله بيوم ذكرني ... بس ...
وقاطعه بسفاهة :
_ طافك ... الزفة اللي صارت ... نصور طلع شي ... ربعه سوا له زفة في كل شوارع الرياض ... ولا العرس .. تحلف ما في أحد من أهل الرياض ما حضر ...
وضحك وهو يعود بظهره إلى الوراء :
_ لا ... لا ...
_ قسم بالله ... من زحمة القاعة ... وقفنا حنا برا نوسع للناس ...
_ ههههههه ... يا حليله ... يستاهل أبو فواز ...
_ تحسفت ... يا ريتني صبرت وسويت عرسي في قاعة ... والله كان طلع أحسن من عرس ناصر ...
_ ههههههههه ... (وداعب رأس هذا الصغير) ...
كانت تستمع لهذا الحديث من غرفتها "أكيد أحمد ولد عمي ... دايما ماجد يتكلم عنه أكثر من ما يتكلم عن أبوه واخوانه ... غريبة علاقتهم ببعض ؟!... حتى ما بينهم شي مشترك" ، غطت وجهها ودخلت الصالة :
_ السلام عليكم ... (وردا عليها السلام) ... شلونك احمد ؟
_ الحمد الله ... شلونك أنتي منال ؟!...
_ بخير عساك بخير ...
_علميني هالدلخ يعذبك ... خليني أنتف أذانيه ... (وأمسك رأس ماجد الذي انفجر ضحكا) ...
_ ههههه ... (ونهض ليقف بجانبها وقد تشعث رأسه) ... هيه أنت ... احترمني ... حرمتي واقفة ...
_ عن إذنك احمد ... (وهمست) ... تعال ماجد أبيك شوي ...
وعند باب المطبخ :
_ احمد بيمشي ولا بيطول ؟!
_ هههههه ... حتى لو يبي يروح ما أخليه ... أنا من زمان ما شفته ...
_ أجل بسوي القهوة ... شوي وتعال خذها ... وبقعد بالصالة الثانية لما يروح ...
_ أوكي يا قلبي ... (وقبل خدها بسرعة ثم انصرف) ...
_ صاير سخيف ... وانضميت لنايف وراشد ... حركات متزوجين هاه ؟!
_ ههههههه ... هذي منال تبي تسوي لك قهوة ... (وضربه) ...
_ إخس ... صاير تعرف لسوالف التقدير بعد ...!
وتنهد بفخر وهو يعدل من ياقة ثوبه :
_ احممممممممم ...
_ هههههههه ... مستانس ؟! ... (وتأمله بكل عطف وهو يتوسد يده) ...
ابتسم بسعادة :
_ يوووووووووه ... نصيحة يا أحمد ... تزوج والله الزواج وناسة ...
_ لا يا شيخ ... (ومسك وجهه يضرب خده) ... وشو الوناسة اللي فيه ؟!
وأبعد وجهه عنه وهو يمسد شعره المشعث :
_ هههههههه ... والله كل شي ... على الأقل حرمتك تحبك بس أنت ... تموت عليك ... وكل اللي تبيه تسويه لك ... وتشوف لك وجه حلو تقابله ... مو الربع اللي كل واحد منهم خشته تجيب الهم ... ولا ...
_ هههههههههه ... هيه انت !... (وضرب خده) ... هههههه ... عيب تسولف عن حرمتك ... ههههههههه ...
وببراءة :
_ ليش عادي ... أنت مو غريب ... منال قالت لا تقول قدام أحد غريب...
ودوت ضحكته حتى سمعتها (منال) في المطبخ وهو يحتضنه:
_ ههههههههههههه ... آآآآآآآآخ يا مجود ... ههههههههههههههه ...
كان قد مر وقت طويل وهو يقرأ في هذه المجلة ، قطع قرأته صوت المضيفة وهي تسأله عن ما يفضله من شراب :
_ أنوار ...
_ هــــــــــــــــــاه ... (كانت لا تزال تغمض عينيها بكل قوة وتتشبث بالحزام ، عض شفتيه حتى لا يضحك من شكلها) ..
_ تبين عصير ؟
_ قلت لك ما أبي شي ...(ولم يأخذ هو شي وانصرفت المضيفة) ...
_ أنوار ... افتحي الحزام .. ترى صار لنا ساعة بالجو ...
_ أنت شكو ؟!... حزامي ولا حزامك ...؟!
ابتسم من لهجتها المأساوية :
_ آآآآفا ... أثاريك خوافة !...(أراد أن يصرف انتباهها) ..
وفتحت عيناها لأول مرة :
_ الخواف اللي جابته أمك ...
_ منو اللي صار له ساعة مسكر عيونه ومجود بالحزام ...؟!
_ هذا حرص ... والحرص مو خوف ...
_ آآآآآآها ...!
_ وشو آها ؟!
_ شفيها آها ؟!
_ يعني شقصدك ؟!
_ بعد آها صار فيها قصد ومو قصد ..؟!
_ إيه فيها ...
_ يجوز ... (وعاد لمجلته) ...
_ ليش تسفهني ؟!
ونظر في وجهها :
_ كيفي ...
_ لا مو كيفك ...
_ أجل كيف منو ؟
وظلت صامتة تحترق :
_ تدري إنك إنسان واطي ...
_ وش قلنا على قلة الأدب ... وطولة اللسان ..؟!
_ خايفة منك يعني ... إيه واطي ... وحقير و...
وفتح حزامها بيد واحدة دون ان تشعر ، وعاد لمجلته :
_ ناصر ... سكر الحزام ...
انتبه لملامح الرعب التي كستها :
_ سكريه إنتي ...
_ ما أعرف ...
_ خلي طولة اللسان تنفعك ...
وبدت دموعها تتساقط :
_ ناصر ... تكفى والله خايفة ... مرة فهد فتح الحزام وأغمى علي ... تكفى ناصر ... والله خايفة .. ناصر ..!
أحس بأنها خائفة فعلا :
_ طيب ... بشرط .. تعتذرين مني ..
وأمسكت ساعده :
_ والله آسف .. بس سكر الحزام ... تكفى ...
أشفق عليها وهو يضحك في داخله :
_ طيب ... (وأغلق الحزام) ...
دخل المنزل لتوه ، عائدا من صلاة الجمعة :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ... (ومسحت دموعها بمنديلها) ...
_ خير ... شفيك ؟!... (وجلس بجانبها) ...
_ ما في شي ... تذكرت انوار ...
_ الله يسعدها ... (وعن عمق تجربة) ... الزواج ستر للبنت يا بدرية ...
_ الله يهنيها يا رب .. أنا عادي .. (وظلت تشهق) ... بس شفت فهد قبل شوي نايم بغرفتها وما تحملت ... (وانفجرت بالبكاء) ...
_ أمي وين ؟!
_ أكيد تصلي ... (وانصرف) ..
كانت قد غرقت في النوم دون أن تشعر ، (أحمد) و(ماجد) استمتعا بمشاهدة الفيلم لوحدهما وهما غرقان في القهوة والشاي والفوشار والحلوى :
_ قصة قوية ...!
_ تابعتها 12 مرة ...
_ أوف !... وليه ...؟!
_ مجنون انت ؟!.. الفيلم يأخذ العقل ...
_ وش بيصير الحين ؟!
_ شفت هذا هكتور اللي ذبح ولد عم أخليس ... راح يذبحه أخليس ويجر جثته قدام الناس ...(كان ماجد منفعلا) ...
وحينما مر المشهد الذي قال عنه (ماجد) تأثر (أحمد) :
_ياااااااااااااااااااااااو ... عز الله إنه محروق على ولد عمه ... الله يلوم اللي يلومه ...
وسأل (ماجد) بفرح غبي :
_ تخيل أحمد ... تخيل ... يعني واحد يذبحني ... وتسوي فيه كذا .. وتصير بطل ومشهور مثل أخليس ...
صدم (أحمد) من هذه الأمنية :
_ تف على وجهك ... (وبصق الهواء في وجهه) ... خبل إنت ؟!
_ يوووووووووه ... شفيك ؟... صاير معقد مثل الحريم ... منال كل ما أقول لها تخيلي اموت ... تقوم تبكي ... انا قلت اموت صج ... أقول تخيلي ... ههههههههه ... هبلة ...!
وابتلع حبيبات من الفوشار وهو يتسأل :
_ وليش تبكي ...؟!
_ لأن منال ...(والتفت خلفه ليطمئن بانها ليست قريبة منهم) ... ما تحب خوالي ... خالي عصبي معاها ... ونايف واخوانها كلهم ... وهي ما عندها ام ... وحتى خواتها ما تحبهم حيل ... أصلا من تزوجنا ولا مرة زارتهم ... بس مرات نايف يسير علينا ... (وظل ماجد يسرد كل شي يخص منال بدون توقف ...) .
فتح باب الغرفة بهدوء بعد أن طرقه ، وجدها على سجادتها تسبح ، اقترب منها وقبل يدها :
_ مقبولة يا الغالية ...
_ منا ومنك يا نظر عيني ... (وجلس بجانبها) ...
_ يمه أبيك بموضوع ...
_ خير يمه ...!
_ يمه ... انا ... أنا ... قررت إني أتزوج ...
وتهللت أسارير والدته وهي تمسك بوجهه بين يديها لتقبل قمة رأسه :
_ هذي الساعة المباركة يا ولدي ... ما بغيت تفرح قلب أمك ...!
_ هذاني نويت يمه ..
_ الله لا يعوقك يا أبوي ... عندي لك خوش بنية ... أعرف أهلها .. ما في أطيب منهم ..و ...
_ لا يمه ... أنا البنت اللي أبيها من بنات عماني ...
_ بنات عمانك ؟!
_ حصة ... حصة بنت عمي فلاح ...
_ حصة !
_ ايه حصة ...
_ بس ما تشوف أنها صغيرة عليك ... و...
_ لا يمه لا صغيرة ولا شي ... والرجال ما يعيبه العمر ...
_ على قولتك يمه ... توكلنا على الله ... انا أكلم أبوك يخطبها لك من عمك ...
_ ما تقصرين يا الغالية .. (وقبل رأسها) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:09 PM

((الفصل الثالث والعشرون))
وفي فندق راق ، خرج وهو يلف الروب القطني حول جسده بعد حمام دافئ خلصه من إرهاق ساعات السفر الطويلة ، وجدها نائمة بعمق فوق الغطاء وبروبها القطني الذي ارتدته بعد استحمامها ، شعرها القصير لازال مبللا لم يمشط بعد ، كانت تبدو منهكة حقا من اختبار الرعب الذي مرت به في الطائرة ، تنهد بعمق أطفىء كل الأنوار وأغلق الستائر ، جر الغطاء من تحتها برقة ودخل فيه معها وغط في نوم عميق .
ورن جرس الباب ، أسرع (ماجد) ليفتحه :
_ هلا أبو فلاح ...
_ هلا ماجد ... شلونك ؟
تبادلا السلام ، وحين سار حتى الصالة :
_ أحمد !
_ هلا نايف ...(وتبادلا السلام) ...
_ زين اللي شفناك ... وينك أمس ؟!
وهز (أحمد) رأسه بيأس وهو يعلم خواء هذه المحادثة مع (نايف) :
_ نايف ... اجلس معنا والله خوش فيلم ...
_ لا خل الأفلام لك ولاحمد ... منال وينها ؟!
_ داخل بالصالة الثانية ... أناديها لك ...
ووضع يده على صدر (ماجد) يمنعه :
_ خلك مع احمد ... أنا اروح لها ... (وانصرف) ...
ووجدها جالسة بملل على أريكتها وقد استيقظت من النوم :
_ نايف !
_ قوة ... (قبل وجنتها وجلس قبالتها) ...
_ أبوي فيه شي ؟!
_ هههههه ... لا أبوي ما فيه إلا العافية ... لا تخافين ... شلونك إنتي ؟
واعتدلت بجلستها وهي محرجة :
_ الحمد الله بخير ... انت شلونك ؟.. وأبوي شلونه ؟
نظر نحوها وهو يبتسم ثم تكلم :
_ صج لي قالوا ... البنت رب واتعب ... ويجي الزوج ويأخذ الجمل بما حمل ... لو هامك أبوي ... على الأقل تزورينه ... يا القاطعة من تزوجتي ما دخلتي بيتنا ... ما صدقتي على الله (لكنها التزمت الصمت وأخفضت رأسها) ... ماجد مانعك ؟!
ردت بكل ثقة :
_ لا ...
_ أجل ...
ألمها هذا العتاب الأخوي الرقيق ، لم تتوقعه ، لم تتوقعه من (نايف) بالذات :
_ أدري مقصرة يا اخوي ... بس ...
قاطعها او بالأحرى قاطع احساسها بالخجل الذي تدفق من عينيها :
_ اليوم جمعة ... قومي البسي عباتك خلينا نروح تسلمين على أبوي ... بيصبر ماجد عنك هالكم ساعة ... دام احمد هنا ...
_ إن شاء الله ...(وانصرفت) ...
كان الوقت ليلا ، فتحت عينيها تحس بألم في معدتها " يا ربي شفيني نمت ليل وقعدت ليل ... هذي مو غطاي ... ولا مخدتي ... ولا ...!"، وظلت تستوعب المكان والزمان بشكل بطئ حتى تذكرت كل شي ، نهضت كالمسعورة وهي تحس بكفه ساقطة على رقبتها ، استنشقت الهواء بصعوبة وهي تلف الروب حول جسدها بقوة ، وظل هو نائما بكل راحة ، حاولت أن تدخل الحمام لكن قفزتها المرعوبة استهلكت كل طاقة كانت لديها ، وحاولت ان تسير لكنها أحست بالموت في كل خطوة ، عادت فقذفت نفسها فوق السرير :
_ نــــ ... ناصـــ... ناصر !... ناصر !
كان صوتها يخرج خافتا لأنها دفنت وجهها في الوسادة :
_ أنـــ... (وفتح عينيه ببطء) ... أنـــــــوار ... أنـــــــوار ...(وهب جالسا ، رفع رأسها ووضعه في حجره) ... شفيك ؟!
كانت تمسك ببطنها تتلوى:
_ بطني ... (وسبقتها شهقاتها ودموعها) ... بطني يعورني ... بطني أبي اموت يا ناصر ...
_ وين ؟!... وين يعورك ؟!
ومن قوة ألمها لم تنتبه إلى ان روبها قد انحسر فكشف عن ساقيها وهي تتلوى ولم يبقى منه إلا الرباط المحيط بخصرها ، أخذت يده ترشده إلى الألم الذي يكاد يميتها :
_ هنا ... هنا ...آآآآآآآآآه ...
_ هنا ؟!... (وضغط على الموضع) ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآه ... أبموت يا ناصر ...
_ هذي المعدة ... وش مأكلة إنتي ...؟
_ والله ما أكلت شي .. أصلا من أمس ما أكلت ... حتى ماي ما شربت ...
وظل يفكر :
_ طيب ... (وتركها ونهض عن السرير) ...
_ نـــــــــــاصر !... آآآآآآآآآآآه ...
كانت تحمل الطفل بين ذراعيها وهو يلعب بشعرها باسما :
_ يا قلبي يا حمود ... والله كبران ...!.(وابتسمت لها مريم) ... يا حياتي... (وقبلته بشوق) ... إلا وين الباقين ؟... بس أبوي وسيف ومبارك وإنتي بالبيت ...
_ عمتي أم نايف عند جارتنا أم لافي بنتها والدة ... وعمتي أم فارس راحت بيت أبوي هي والعيال ... وحصة راحت لبيت عمتي أم ماجد ...
_ ومضاوي ...
_ راحت لأهلها ...(وأكملت احتساء شايها) ...
_ وإنتي ؟!.. ليش ما رحتي تزورين أهلك ؟!
_ هههههههه .. تعرفين أخوك ... ما يحب الروحات والجايات ... إذا سافر بشغل بأنقع عند أهلي لما يرجع ... وغير كذا ما يحب اقوله ابي اروح مكان ...
وساد الصمت بينهما :
_ منال !... متغيرة ..!
ابتسمت :
_ شلون يعني ؟!
_ ما أدري ... أحسك ضعفانة ... ولونك أصفر ... متأكدة إنك مو مريضة ؟!
_ لا عادي ... من قلة الأكل ... صايرة ما أحب أكل ...
وساد الصمت من جديد ، جاءت المربية وأخذت الطفل الصغير ، وأخيرا تجرأت (منال) :
_ مريم !... عادي أسألك سؤال ؟!
وضعت شايها على المنضدة وهي فرحة ، لأن هذه الفتاة المنغلقة تخلت عن صمتها :
_ أكيد عادي ... إسألي اللي تبين ؟
وبتردد :
_ أنتي ... مرة حسيتي إنك تكرهين نايف ؟!
_ هههههههههههه ... أنا أكره نايف !... لو أكره امي وأبوي ما اكره نايف ... وإنتي تدرين ...
_ أدري .. أنا بعد أحب ماجد ... إلا أموت فيه ... بس ... مرات يعني ... أحس إني ما أطيقه ...
_ شلون يعني ؟!
_ يعني ما ودي يقرب لي ... اكره لما يظل قاعد معاي ...و..
_ منال !... إنتي حامل ؟!
وانصدمت من هذه الكلمة :
_ هــــاه ... لا ... ما أدري ...
_ لازم تحللين ... إنتي متغيرة ... وعلى قولك ما تحبين الأكل ... وزهقانة من ماجد ... أكيد تتوحمين ...
_ هــــــاه ...!
وأمسكت كتفيها :
_ السواق هنا ... شرايك نستأذن من عمي ونروح المستشفى ...؟!
وخرجت من الحمام لا تقوى على النظر في عينيه ، عادت وجلست في مكانها على الأريكة ، اواني الطعام التي التهمتها لا زالت على الطاولة :
_ ارتحتي الحين ؟!
_ الحمد الله ...
_ وليش الصيام إن شاء الله ...؟!
_ مو صيام ... نسيت ...
_ أحد ينسى لا يأكل ... كنتي راح تموتين ...
_ بطني ولا بطنك ... ما لك شغل ...
_ يا سلام ... ومنو اللي صحتني تبكي ؟!... (يقلدها) ... ناصر بطني .. بطني يعورني ...
_ شنو أسوي يعني .. تبيني أموت ؟!
واجابها برقة وهو يقترب منها :
_ لا ... (وظلت هي صافنة) ... ما تهونين علي ... (وجال نظره فيها) ... أقول ... شكلك مرتاحة بهالروب ... ما انتي ناوية تلبسين ملابس ...؟!
سألت ببلاهة :
_ ليش ؟!
وانتبهت إلى ان نظرته التي تجمدت على صدرها المكشوف :
_هههههه .... والله خايف على عيوني يا قلبي ...
ونهضت غاصبة تلاحقها لغرفة نومهما ضحكته :
_ ههههههههههه ... خلاص تعالي ... يا كلمة ردي مكانك ... أنوار ...!
وفي غرفتها ، على سريرها كانت تنتظر بفارغ الصبر ، اشعاعات السعادة والفرح تتسرب من جوانحها "يا ربي .. وش فيه تأخر؟!" ، وجاء منهكا :
_ مساء الخير ...
_ مساء النور يا قلبي ... (ومدت له يدها ، أمسك بها فقبلها ثم نام على صدرها) ..
_ تعبـــــــــــــــــــان !... مريت خوالي ... قالوا إن السواق وصلك ...
وظلت تمسح على رأسه :
_ آسفة ... نسيت ما اتصل عليك ...
_ آآآآآآآآآآه ... (كان مغمضا عينيه) ... طلعت مع صالح خويي .. لعبنا بلياردو ... لما طاح حيلي ...
_ ماجـــد !
_ امممممممممممممم ... (كان النوم قد بدأ يتسلل لعينيه) ...
ورفعت رأسه بكلتا يديها لينظر نحوها بعينين نصف نائمتين :
_ نعسان ؟!
_ من قلب ... وبكرا عندي دوام من الصبح .. كله منك عودتيني أنام مبكر ...(وعاد إلى صدرها) ...
_ طيب أنا عندي لك مفاجأة ...
_ قولي .. اسمع ...
_ أكيد ..؟!
_ والله ... معاك .. معاك ...
_ ماجد !... أنا حامل ...
وطار كل ذلك النوم الذي كان سلطانا ، ابتعد عنها وجحظت عيناه وهو ينظر نحوها بدهشة :
_ شنو ؟
_ هههههههههههههه ... ماجد حياتي ... شوي شوي ... (وأمسكت رأسه بين يديها تقبله بدفء) ...
ابتلع ريقه بصعوبة :
_ متأكدة منال ؟!
_ ههههههههه ... والله العظيم ... قبل شوي رحنا انا ومريم المستشفى .. وحللت .. قالوا لي مبروك مدام ... انت حامل بالشهر الثاني ...
وسقط نظره نحو بطنها ، اقتربت يده التي كانت ترتجف منها :
_ يتحرك ...؟!
_ ههههههههههه ... لا يا قلبي .. تو الناس ما يتحرك الحين ...
وأغمض عينيه ثم استوعب الواقع ، قفز صارخا فوق السرير وسط ضحكات زوجته حتى سقط فضمها بقوة وقبل خدها :
_ يا بعد عمري والله ...
_ هههههههههههههههههه ... توك نعسان ...
_ بكرا ... ما في دوام ..واللي بعده ... الأسبوع هذا كله ما في دوام ...
_ هههههههههههه ... لا ماجد بتترك الوظيفة ؟!
_ كيفي ... زوجتي حامل ...
_ ههههههههههههههههه ... بيذبحك بدر ...
وهكذا كانت فرحتهما .

ارادة الحياة 14-05-08 04:11 PM

((الفصل الرابع والعشرون))
ومر أول أسبوع من شهر العسل فاترا بينهما (ناصر) يحاول و(أنوار) بكل عناد تتصلب ، تحدد زفاف (بدر) و(حصة) بعد شهرين ، الكل تفاجأ واولهم (حصة) "عادي ... أهم شي بدر ديمقراطي ومتحرر ... يعني بتخلص من عقد نايف وأبوي" وبدأت تعد بكل تفاني لهذا الزواج .
_ هلا يا الغالية ... شلونك ؟... أكيد اشتقت لي ... ههههههههه ... (واقتربت منه لتجلس أمام التلفاز) ... بخير ... دام إنتي بخير انا بخير ... (وراقب صمتها الذي لا تخدشه قنبلة وهي تشرب العصير) ... إن شاء الله ... أكيد بعيوني ... كلها أسبوعين وأنا عندك ... أوكي ... أنوار تسلم عليك ..(ورفعت نظرها نحوه) ... إن شاء الله ... يوصل .. إذا احتجتي أي شي إتصلي علي ... مع السلامة ... (وأغلق الجوال) ... (وظلت صامتة) ... هذي أمي ...
_ أدري ...
_ تسلم عليك ...
_ الله يسلمها ..(وكانت عينيها على التلفاز) ...
نهض حتى جلس قريبا منها وأمسك يدها :
_ أنــــــــــوار !
_ لا تلمسني .. (وانتفضت فأبعد يده ) ...
كانت تريد ان تنهض لكن مسند الأريكة خلفها وهو امامها :
_ أوفففففف ... (ونهضت) ..
_ أنــــــــــوار !... خلينا نتفاهم ... (وعاد يجلسها مكانها بثبات) ..
_ شتبي ؟!... وخر ... (وصارت تتلوى بين ذراعيه كقطة حتى أرخى قبضته وهربت) ...
تبعها إلى الغرفة يجر خطاه الثقيلة وهو يضع يديه في جيبه ويستند على الباب :
_ ما أبي ... (وأبعدت شعرها عن وجهها وهي ثلهث ، لقد بذلت مجهودا كبيرا منذ قليل) ... لو تذبحني ...
تنهد بيأس :
_ طيب ... انا بس كنت أبي أقولك ... نطلع نتمشى ... ما مليتي ... حابسين أنفسنا من أسبوع ؟!
كتفت يديها بعناد :
_ روح تمشى لحالك ... (وتركها وذهب لوحده) ...
عاد من عمله منهكا :
_ بارتي ... مدام وين ؟!
_ sleeping sir...
_ أوكي ...(واتجه إلى غرفته) ...
وجدها نائمة بعمق ، تبدو متعبة ، في الأيام الأخيرة لم تكن تأكل إلا قليلا ، لم تكن تنعم بنوم هادئ ، وتكره حين يقترب منها أو يلمسها ، جلس عند قدميها وأدخل يديه في الغطاء يدلكهما بلطف ويتأملها :
_ ماجـــــد !..(وابتسمت لوجهه المحبب) ...
_ صحيتك ؟!
_ لا عادي ... شبعت نوم ... تعال ... (ومدت له يدها) ...
_ لا خليني بعيد .. أحسن ما تضايقين ...
كانت تعلم بأنه يعاني من جراء تجاهلها ونبذه له خلال الفترة الماضية ، لكن فرحته بهذا الحمل أنسته أن يشكي كعادته كلما ابتعدت عنه ، وظلت تضحك في نفسها فهذا هو طفلها المدلل ولن تستبدله أو تنبذه من أجل آخر ولو كان جزءا منه :
_ تعال ماجد ... عادي ... صرت زينة الحين ...
وعاد إلى أحضانها من جديد ...
_ هيه ... هيه ... وش هاللجة ؟!...(كان صراخ الطفلتين ورجائهما يصل حتى الشارع) ... السلام عليكم ... (وقبل رأس أمه وجلس بجانبها) ... وش فيهم بناتك ؟!
(هيا) بنفاذ صبر وتجاهل :
_ مهبل ...!
واقتربت منه (دينا) :
_ خالي صلاح ... ودنا الحديقة ... ماما مو راضية تودينا .. صار لنا يومين ما طلعنا ...
_ وليش ما تودين بناتك يا مدام ...؟!
وأكملت مشاهدة التلفاز :
_ ما لي خلق ... ودهم انت ...
_ لا والله ... وأضل أركض وراهم كأني خبل ...أنتي أمهم ..!
_ خوذ الخدامة تركض وراهم ... انت بس راقبهم ...
_ يمه صلاح .. ودهم هالمساكين ... ما عندك دوام اليوم وشبعان نوم ... فرحهم الله يفرحك ...
_ تأمرين أمر .. (وقبل رأسها) ... ترى علشان أمي ... مو علشانك ... (وأشاحت هيا بنظرها عنه) ...
هتفت الصغيرتين :
_ يعيش خالي صلاح ... يعيش ... يعيش ... يعيش ...
ودخل الجناح ، وجدها جالسة كعادتها أمام التلفاز :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
وجلس بجانبها وهو خائر القوى :
_ تعشيتي ؟
_ إيه ...
_ وليش ما نطرتيني ...؟!
_ كنت جوعانة ...
_ طيب ... قومي طلعي لي ملابس .. أبي أخذ شور ...
والتفتت نحوه :
_ وليش ما تطلع لنفسك ... خدامة عندك انا ...؟!
أراد ان يحرجها ويرعبها أيضا :
_ أنوار ... (واقترب منها) .. تدرين وين رحت ..؟!
_ ما يهمني ... (وعادت لتلفازها) ...
_ آآآآآآآآآآآآخ بس ... صج هذي النسا ولا بلاش ... ملهى ليلي .. إنما إيه ... (وقبل إبهامه وهو يهز حاجبيه) ...
وجمدت هي وجحظت عيناها والتزمت الصمت :
_ تدرين أنوار ... شرايك بكرا تروحين معاي .. والله بتستانسين ... (وجمدت عيناها في وجهه) ... والله إذا عندك عقدة ... يحلونها لك ... الحريم هناك أجرئ من الرياجيل ... (وغمز بعينه) ...
كانت تحتضن وسادة بين يديها ، نهضت غاضبة وهي تضربه بها :
_ هذا ...(ضربة) ... جوك ...(ضربة) ... ياللي ما تستحي ... (ضربة) ... خل يحلون عقدك أنت ...(ضربة) ... يا الفاسق ... يا ويلك من ربك ... (ضربة) ...
ناصر كان غارقا في الضحك وهو لا يتفادى ضرباتها ، رمى الوسادة بعيدا وأمسك بجسدها الصغير فألقى به ممدا على الأريكة وثبت ذراعيها بيديه :
_ وووووووخر ... (كانت تلهث) ...
_ منو الفاسق ...؟!
_ اللي يدوج في الملاهي الليلية ...
_ ههههههههههه ... تغارين علي ..؟!
_ أخاف من ربي وانت الصاج ... ووووووخر ... (وظلت تحرك ساقيها) ..
_آآآآآآوج .... (انتبه لخدش ألمه في خده من أظافرها) ... صايرة قطوة ؟!
_ ناصر تعبت .. (وخارت قواها فعلا) ... وخررر ...
_ اعتذري أول ...
_ الحين منو اللي غلطان ...؟!
_ انا ما رحت ملهى ليلي ... ولا شفت اللي قلت لك عليه ...
_ أجل شاللي حدك على الكذب ... يا ...؟!
وأخفض رأسه ليسكتها بقبلة ... ظلت جامدة ... منذ تلك القبلة الأولى بينهما في البر وهي تشعر باحساس غريب لا تعرفه ... أرخى قبضته وهو يغوص في عينيها ... قذفته بعيدا عنها وانصرفت لغرفة النوم وهي تغالب دموعها ..."هذي البنت شفيها ؟!... لا يكون معقدة ... تصرفاتها مو طبيعية ... الله يقطعك يا الحيا " ... وفضل ان لا يلحق بها وظل يشاهد التلفاز .
_ خالي ... ليش الحديقة صايرة بعيدة ...؟!
_ حنا مو رايحين الحديقة .. (وحين رأى خيبة الامل المرسومة على الوجوه الصغيرة الجالسة بقربه في السيارة) ... بوديكم عند أمل وجود ...
وتعالت صرخات الفرح من جديد :
_ الله ... وناسة ...
وفرح هو أيضا :
_ أكيد وناسة ...
وغطت في النوم من جديد ، وضع الغطاء حولها برفق وانسل بنفسه إلى الصالة ، وأخرج جواله :
_ هلا مجود ...
_ هلا خالة ... شلونك ؟!
_ أنا بخير ... انت شلونك ؟... ومنال شلونها ؟
_ تمام ... انتي وين ؟!
_ ههههههههه .. والله سفيرة النوايا الحسنة مستقرة حاليا في بيت ناصر ... تعرف المعاريس في شهر العسل ... ومرت أخوي لحالها ...
_ طيب ... وش رايك تجين عندنا كم يوم ؟!
_ خير ... ماجد وش صاير ...؟!
_ ما صار شي ... بس منال تعبانة شوي من الحمل ... وانا أروح الدوام الصبح ... وتظل لحالها مع الخدامة ...
_ وينها هي ؟.. عطنياها أكلمها ؟!
_ نايمة الحين ...
_ نوم العوافي إن شاء الله ... خلاص ماجد ... أشوف وأرد لك خبر ...
_ أوكي ... سلمي على خالتي ام ناصر ...
_ يوصل مع السلامة ...
_ مع السلامة ..(وأغلق الهاتف) ..
وفي الجانب الأخر :
_ وش عنده ماجد ؟...(واحتست شايها) ...
_ أبد ... يقول منال تعبانة من الحمل ... ويبيني أروح أقعد معهم كم يوم ..
_ لا يكون البنت فيها شي ...؟!
_ أنا مكلمتها أمس .. مجرد ارهاق ... بس ماجد يكبر الأمور ...
ووضعت يدها على يد (شريفة) :
_ شريفة روحي عندهم .. حرام البنت حسبة اليتيمة ... لا أم ولا مداري ...
_ وانتي ؟!... أخليك بروحك ... ناصر موصيني ما أمشي لما يرجع ...
_ بزر انا يا شريفة ؟!... البنت أول حمال لها ومحتاجة لأحد يداريها ... وأنا الحمد الله البيت مليان خدم ... وباتصل على بنات أخوي أبو مطلق يجون يقعدون عندي ... وش قلتي ؟!... يوديك السواق ...؟!
وازدادت ضجة المنزل الصاخب بقدوم الضيوف الجدد ، سألت (أم راشد) :
_ دينا ... لينا .. منو جابكم ... السواق ؟!
_ لا خالي صلاح ..(والتفتت لصاحباتها) ...
ابتسمت (عهود) بنشوة لنفسها ، وحانت من (بشاير) التفاتة لها فضحكت من حال أختها :
_ يوووووووه ... عمة ..(وسارت نحو أم بدر كمذنبة) ... خالي صلاح قال لي أناديك علشان تروحين له بالمجلس ... يبي يسلم عليك ...
_ هههههههه ..(وقبلت الطفلة) .. زين يمه ..
وانصرفت الأم ، وانصرفت (عهود) في الاتجاه الآخر سألت نوف :
_ عهـــــــــــود !.. وين رايحة ..؟!
_ هــــــــــاه !... (وضحكت بشاير بصمت من ارتباكها) .. بروح المطبخ ..
_ طيب قولي حق ماري تخلي السواق يشغل السيارة ... خليها تودي بناتي وبنات هيا الحديقة .. إذا اقعدوا في البيت بيجننونا ..
_ طيب ... (وانصرفت مسرعة) ..
ودخلت المجلس :
_ هلا صلاح ..(ونهض واقفا) ...
_ هلا عمة ..(قبل رأسها) .. وشلونك ؟.. وشلون راشد ؟!
_ بخير يمه ... انت شلونك ؟.. أمك وأبوك ؟
_ والله يسلمون .. اعذرونا عاد بنات هيا أذونا إلا يجون عند أمل وجود ...
_ جهال ويدورون اللعب .. خلهم يستانسون ...
_ على قولتك ... (وظل واقفا لا يريد ان ينصرف) ... عمة لا أعطلك .. انا لقيت القهوة جاهزة .. (وأشار للقهوة) .. أقهوي حالي ...
_ ههههههههه ...عاد إنت راعي بيت يا صلاح ...
_ تسلمين يا عمة ..(وانصرفت العمة) ... سلم على أمك وأبوك وهيا ...
_ يوصل ...(وعاد لجلسته) ...
ودخلت المجلس وكانها لصة تنتظر اللحظة المستورة :
_ ما بغت أمي تطلع ...
_ هــــــــــــــــــــــــلا ... وغـــــــــــــــــلا ... (وترك فنجانه وهو يقف) .. شلونك ؟ ... (ومد يده يصافحها) ...
ضحكت وهي تتجاهل يده الممدودة :
_ الحمد الله زينة ... أنت شلونك ؟
_ إذا أشوفك انا بخير ... (وزاد خجلها ، أخرج الكيس الذي كان معه) ..
_ وشو هذا ؟!
_ هدية ...
_ وشو المناسبة ؟!
_ كل هداياي لك بدون مناسبة ... (وابتسمت) ... المناسبة إني قدرت أشوفك ... مع إنك كنتي خاينة بالعرس ... وما خليتيني أشوفك ...
وأحست بالذنب :
_ والله صلاح مو بإيدي ...
_ أدري يا قلب صلاح إنتي ... خوذي الهدية وروحي داخل ... قبل لا يجي أحد ويشوفك ...
_ تخاف علي ... ؟!
وابتسم لوجهها الذي يعشقه :
_ أكيد أخاف عليك ...
_ طيب ... (وأخذت الكيس من يده) ... يعطيك العافية ..
_ يعافيك يا رب ... (وانصرفت) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:15 PM

(( الفصل الخامس والعشرون))
أصبح لها الآن ساعة تقريبا منذ ان دخلت الحمام ، ترك المجلة من يده ونهض " أففففف ... اللهم طولك يا روح ... من صجها هذي ..." ، وطرق الباب :
_ أنوار .. انوار ... أنـوار ...!
وجاءه صوتها المبحوح مثخنا بالغضب :
_ شتبي ؟!
_ شفيك ؟... صار لك ساعة ...
_ يا ربي منك ... يا اخي كيفي ... ما لك شغل ...
وفقد اعصابه من غبائها فصرخ :
_ أنــــــــــــــــــــــــــــوار .. اطلعي ترى ما يصير لك طيب ...
_ ما أبي .. قلت لك ما أبي ... يا ناصر ارحمني ... (واجهشت في البكاء) ...
وأسند رأسه إلى الباب وهو يحاول ان يهدئ غضبه :
_ أنوار .. مو زين حابسة نفسك بالحمام وتبكين .. ما تسوى علي بوسة ترى ؟! .. (وظلت تلتزم الصمت) ... إذا ما تبيني ألمسك مرة ثانية خلاص ... والله ما أقرب منك ... (وظلت صامتة) ... أنوار !... وبعدين يعني ... أقولك خلاص ...
اقتربت من الباب بخفة ترهف سمعها :
_ أحلف ...!
وتنهد بصعوبة :
_ والله ... خلاص إذا ما تبين ما أجبرك ... اطلعي بس ...
وخرجت من الحمام ، لاحظ وجهها المحمر "أووووووف ... كل هذا بكا ؟.. صج خبلة" ، نظر نحوها بشفقة وبغضب ، سألته وهي لا زالت ترتجف :
_ متى نرجع الرياض ..؟!
_ متى ما تبين ... (وانصرف يجلس على سريره ويعود لمجلته) ...
وبحماس :
_ بكرا ... خل نرجع بكرا ..
ومنع دهشته وخيبة أمله من ان تقفز من عينيه :
_ بس انتي بعد حتى ما شفتي روما ..
_ ما أبي أشوفها .. أبي أرجع الرياض ...
_ طيب ... (ووقف) .. أروح أشوف الحجوزات .. وبكرا بنكون بالرياض ...
كانت تقلب الهدية بين يديها ، لوحة مصغرة رسمها بيده لوجهها وهي شاردة الذهن كتب فوقها :
قلت للزيم الروح آمر على الروح !!
تجيك يا الغالي ولو هي عزيزة !!
لعنبو من عدها دونك ربوح !!
ولعنبو من ساقها لغيرك رهينة !!
ولعنبو من جابها لغيرك تبوح !!
عن خفايا العشق وأسرار دفينة !!
(صــــــــــــــــــــــــــــــــلاح)
ووضعها في إطار أنيق :
_ شفيك ؟..(وجلست مقابلها على السرير) ..
_ ولا شي ... (ومسحت دموعها) ...
_ من منو الهدية ؟..
وأحست بالذنب :
_ صــــلاح ... (وأعادت اللوحة لعلبتها) ...
سألتها بهدوء :
_ رحتي شفتيه ...؟!
_ صدفة ...( ونهضت تخفي الهدية في درج تسريحتها) ...
_ ليش تكذبين ...؟!
_ بشاير ... خلاص عاد .. ليش التحقيق ؟..(وعادت لتجلس معها بملل) ..
نظرت في عيني شقيقتها بحزم :
_ عهود .. اللي تسوينه غلط .. أنا مو قاعدة أحاكم تصرفاتكم ... بس اللي تسونه ورا أهاليكم أكيد غلط وعيب .. لو تدري فيك أمي ولا راشد .. شلون تتوقعين موقفهم ولا تصرفهم معاك ؟
_ أنتي حبيتي متعب ..؟!
واقتربت تمسك كتفيها بشفقة :
_ أنا ما أقولك لا تحبينه ... أنا ما كنت أقابل متعب من ورا أهلي .. ومن كبرت ما سمحت له يشوف وجهي ... ولا حتى قعدت معاه بروحي .. وشوفي الدنيا ... ما طلع في نصيب بينا ..
_ بس .. أنا وصلاح يعني .. من وحنا صغار نحب بعض .. والله الصور والرسايل للحين عندي من يوم عمرنا 10 سنوات ...
_ أدري .. وحلو حب الطفولة يكبر بينكم ويستمر .. بس بالحلال وبالحدود .. مو بالنهيبة ... ما تدرين وش مخبية لكم الدنيا ...
_ بشاير .. انتي تخافين علي من صلاح ؟
_ لا .. صلاح ولد عمنا .. ومستحيل تكون نواياه معاج شينة .. بس هذي الدنيا يا عهود .. دوارة وما تثقين فيها حتى بنفسك ... طالعي انا وين كنت وكيف صرت ...
وظلت تفكر بكلام أختها .
_ هلا يمه .. والله تو ما نور البيت ...
_ منور فيك يا الغالية ... (وقبل يدها ورأسها بكل حب) ..
_ شلونك يمة أنوار ...؟
(أنوار) كانت جالسة في الأريكة البعيدة ، تراقب شوق هذه الأم لوحيدها وهي جالسة بقربه :
_ الحمد الله بخيرعمة .. إنتي شلونك ؟
وتذكر (ناصر) :
_ إلا صج .. عمتي شريفة وين ؟.. أنا منبها ما تطلع من البيت لما أرجع ..
_ ههههههه .. لا يمه .. منال بنت عمك تعبانة .. وراحت تقعد عندهم كم يوم ... وبنات خالك أمس راحوا من عندي ..
وسألت (أنوار) بتردد :
_ شفيها منال عمة ؟
_ ههههه .. حامل ومتعبها الحمال ... الفال لكم إن شاء الله .. (والتفتت لابنها ووضعت يدها فوق يده وركز هو نظره على وجه زوجته الذي أصبح شاحبا) ..
_ عن إذنكم ...(ونهضت) ..
_ أكيد تعبانة ... تدلين غرفة ناصر ... روحي يمه ارتاحي .. (وانصرفت) ...
التفتت إلى ابنها ووجدته يراقب زوجته الراحلة بألم ... تعرف ناصر ... تعرف كيف تفسر كل نظرة من نظرات عينيه ... وفي هذه اللحظة كانت عيناه تفيضان بالحسرة وقلة الحيلة :
_ وش بلاها حرمتك يمه ؟!
وهز كتفيه :
_ عادي يمه .. ارهاق من السفر ...
_ بس مرة نحفانة ... ولونها صاير أصفر ...
"لو تدرين عن التعذيب اللي سببته لنفسها ولي يا يمه !" :
_ ارهاق يمه ... ارهاق ..
_ من جابكم من المطار ...؟
_ سعود ...
_ وليش راجعين بدري ...؟!
ابتسم رغما عنه :
_ شدعوه يمه ... ما تبيني ؟!
_ أنت فاهم قصدي يا ناصر ... ما صار لكم حتى أسبوعين ...!!
_ ما حبيت أتركك لحالك ... (وقبل يدها) .. وأدري فيك ما تصبرين عني ...
وخنقتها دموعها وهي ترتمي في أحضان ابنها الغالي علها توحي له بأنها لا تدرك مدى عذاباته .
وبعد فترة كانت قد اخذت حماما دافئا ، ارتدت بيجامة بيضاء اللون وتركت شعرها القصير مبللا وعلى سجيته ، دخل الغرفة فملأ حضوره المكان فورا :
_ ما شاء الله ... أخذتي راحتك بسرعة ...؟!
ابتسمت بخفة وهي تتذكر :
_ دايما كنت أحب غرفتك ... (وجلست على السرير) ... لما كنا صغار ويصير ببيتكم عزايم ... أنا وبشاير كنا نقعد فيها ...
_ ههههههههههههه ... (وجلس بجانبها) ... ولا يكون سرقتوا شي بعد ...
وأخفضت رأسها مرة أخرى :
_ مرة وحدة ... كان في عند الخزانة ... أشرطة dvd ... وأخذت واحد ... بشاير ما رضت بس أنا جبرتها ...
_ يا سلام ... لا تعرف الأصول ... تدخلون غرفتي ... وتسرقون أشرطتي ... (ثم وكأنه فكر بعمق) ... وبعدين أنتم شلون تأخذون أشرطة ... مأخذين أي شي ثاني ... يمكن الشريط يكون ... (ورمى عليها نظرة ذات مغزى) ...
دافعت بحماس :
_ لا والله ... انا الشريط قريت عنوانه قبل لا أخذه ... (ثم تذكرت) ... شنو يعني يكون فيه ...؟
_ والله مدري ... ههههههههههههه ... انا ولد ما تقدرين تقولين علي ...
وسألت ببلاهة :
_ يعني انت تشوف أفلام مو زينة ؟!
وحرك يديه بخوف مصطنع :
_ ههههههههههه ... آسف يمه لا تضربيني بعد ما أعيدها ...
وأخفضت رأسها (إيه والله انا ملقوفة .. شعلي فيه؟!) :
_ آسفة ...
وظل يتأملها (أول مرة تعتذرين بدون ما تقطعين قلبي) :
_ أنا بروح اسلم على عمي أبو نايف ... (ونهض) ...
_ خوذني معاك ... (وحين نظر نحوها) ... ودني لأهلي ... أبي أشوف أمي وأبوي ... وأبارك لبدر على الزواج ...
_ بكرا روحي ...
_ ناصر ... أبي أروح اليوم ... أقعد بالبيت شنو أسوي ؟!
_ هــــــــــــــاه ... شفيك إنتي ؟... تونا واصلين اقعدي مع امي ... وانا شوي وراجع ...
وبدأت تصرخ :
_ ما أبي ... أبي أروح لأهلي ...
وصار يهمس بغضب :
_ لا تعلين صوتك ... امي تحت ...
واستمر صراخها :
_ ما لي شغل ... تبي تمنعني عن اهلي يعني ...
_ أنـــــــــــــــــــــــــــــــوار ...
_ لا تصارخ علي ...
وجحظت عيناه :
_ بعــــــــــــــــــــــــــــــــد !
وكتفت يديها وهي تحاول ان تهدأ :
_ أروح ... ما لي شغل ...
وضغط على كل حرف يخرج من فمه :
_ قلت لك ما تروحين ...
_ مو على كيفك ...
_ اللهم طولك يا روح ... (وتنهد بعمق) ... الله يهداج بس .. (واتجه نحو الباب) ...
وثارت بشكل أكبر :
_ شنو شايفني مجنونة ..؟!
رمقها بنظرة طويلة ، ثم خرج وكأنه لم يسمع منها شيئا .
كانا يجلسان على الأريكة ، تأكل من علبة "برينجلز" وهي متكئة على صدره وعيناها مسمرتان على التلفاز ، وهو كان يمسك بالهاتف :
_ هههههههههههههه ... احلف ... هو قال لك ... منو بيجي بعد ... لا انا ما أقدر أجي ... (والتفتت نحوه) ... والله حتى الصبح عندي دوام ما أقدر ... شنو أصرف نفسي ... بدر صاير ما يعطي مجال ... وشو حليو ؟.. هذا قبل ... الحين صاير أردى من نايف ... هههههههههه ... أوكي ... سلم عاللي عندك ... باي ...
_ منو هذا ؟
_ صالح خويي ...
_ وين يبيك تروح ؟
_ الاستراحة يقول مسوين سهرة ...
ودخلت (شريفة) والمنشفة حول رأسها ، ابتعدت (منال) عن زوجها واستوت في جلستها :
_ يااااااااااااااااااو ... (وجلست) ... والله الواحد من يتحمم يحس نفسه مولود من جديد ... (ونظرت نحو منال) ... شربتي الدوا ؟
_ إيه عمة شربته ... من أمس أحس نفسي زينة ...
_ الحمد الله ..
وارتسم الرعب في وجهه :
_ وشو الدوا ... شفيك مريضة ؟
_ لا ...
وفسرت (شريفة) :
_ لا تخاف ... كل وحدة حامل لازم تأكل هذولا الحبوب علشان تتقوى ...
وسأل مستفسرا :
_ عمة !... منال يعني متى تولد ...؟
_ بعد ست شهور إن شاء الله ...
_ أوفففففففففففف ... مطولة مرة ...
وضحكت (منال) وهي تمسك بيده :
_ كل الحريم يولدون بعد تسع شهور ...
وبنفس نبرة الحنان التي تحبها :
_ بس كذا تتعبين ... منال ثاني مرة لا تحملين ... (وابتسمت له) ...
علقت العمة التي كانت تراقب الموقف بصمت :
_ مجود .. ليه ما حملت إنت عنها ...؟!
وتذكرا انها جالسة معهما ، ضحكت (منال) وهي تعاتبها :
_ هههههههههههه ... عـــــــــــــــــمة !
_ وانا الصاجة ... كل الحريم تحمل وتولد ... إنتي يا الحامل ما خفتي ... (ونظرت نحوه) ... انت شاللي مصرقعك ؟!
_ محترة علشان أخاف على زوجتي ... (وضم كتفيها) ... كان تزوجتي عمي أبو احمد ... ومدلعك ... وفاكتنا ... (وكتمت منال ضحكتها) ...
_ مالت عليك ... خل أروح أمشط شعري أصرف لي ... (وانصرفت) ...
_ هههههههههههه ... ليش تقول لعمتي كذا ؟!
_ قهرتني ... كله تقعد وتفشل فيني قدامك ... الحين أطيح من عينك والسبة هي ...
وابتسمت وهي تمسك خده :
_ أنت ما أحد يطيحك من عيني ...
_ احلفي !
_ ورأس عبودي ...
_ منو عبودي ؟!
_ ههههههههههه ... ولدنا ... شفيك ؟
واتسعت ابتسامته :
_ تحبينه ؟!
وأمسكت بطنها :
_ أنا من الحين صرت اموت فيه ... الله يعينه علي إذا طلع من بطني ... راح أكله ...
_ منو تحبين أكثر ... انا ولا هو ؟!
واقتربت منه تغوص في عينيه ، سؤاله كان غبيا لكنها لطالما عشقت براءته :
_ أنا أصلا ما أحبه إلا لأنك أبوه ...
_ تخيلي يطلع يشبهني ؟
_ إن شاء الله ...
_ أنا أبي بنت ... ما أبي ولد ...
_ ليش ؟!
_ أحب البنات ... علشان أدلعها ...
_ ههههههههههههه ... وحتى الولد نقدر ندلعه ... (وحركت أزرار ثوبه) ... هذا أنا أدلعك ليل ونهار ...
_ خلاص أجل نجيب ولد ... كيفك ؟
_ هههههههههههههه ... اللي يجي من الله نعمة ... (وقبلت يدها شكرا لله) ...
_ ما أسميه عبودي ... (كان قد فكر قليلا) ...
_ منو ؟
_ ولدنا !
_ ههههههههههههههه ... ليش ؟... اسم عمي حلو ...!
وقال بفخر :
_ أسميه ... أحمد !
استغربت منه :
_ علشان احمد ولد عمي ؟!
_ ايه ...
_ خلنا نسمي أول واحد عبدالله ... والثاني أحمد ...
_ لا ... أبيهم ينادوني أبو أحمد ... أنا أحب أحمد أكثر من أبوي ..
صدمتها صراحته وصدمها أكثر واقع هذه العلاقة :
_ ماجد ... علاقتك بأحمد قوية ... و ...
قاطعها :
_ أحمد أحسن واحد بالدنيا ... طيب مرة ... ويحبني أكثر من صلاح وعزيز ... أنقهر لما خوالي يتكلمون عليه ... وحتى عمي مرة اضربه وانا قعدت أبكي ... لا تصدقين لمن يقعدون يسبون فيه ... أنه صايع وهالسوالف ... والله هو أحسن منهم كلهم ...
كان دفاعه حاميا فصدقت منال عمق محبته لأحمد ، ودعت ربها أن يهدي أحمد حتى لا ينقهر ماجد من سهام اللوم التي توجه له :











--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل السادس والعشرون))
_ ساريتا ... ساريتا ... يا ساريتا ...
وجاءت (ساريتا) :
_ يس مستر ...
_ ماما وين ؟!
_ ماما كبير ... آند ماما أنوار ... روح ...
_ وين ؟!
_ بيت ماما أنوار ...(وكأنها اكتشفت شيئا) ... آند بيت شوق ...
_ منو وداهم ؟!
_ كمال بابا ...
_ طيب ... روحي إنتي ...
وجلس على الأريكة وهو يحاول ان يخرج غضبه خارج صدره بتنهيدة قوية : (سويتها يا أنوار ... أوففففف ... الساعة ست الحين ... مصدق نفسي معرس وجاي بدري ... أدور على المدام وأحوس في البيت ... أثاري المدام طالعة ... وكاسرة كلمتي بعد ... ومخلية الجوال بالغرفة علشان ما اتصل عليها ... بسيطة يا أنوار) .
_ ما أبي ... بدريه تكفين ... قولي لأبوي ...
كانت تبكي ، (دلال) وببطنها المنتفخ كانت تقف وهي تغلق الباب تحاول أن لا يخرج صوتها الباكي فيصل لمسامع (أم ناصر) ، نهضت (بدريه) عن السرير وهي تقذف يدها التي تشبثت بذراعها بعيدا :
_ صاحية إنتي ؟!... تبين أبوي يموت ... لعنبو دارك ما صار لك أسبوعين !
_ والله ما أرجع له ... لو تذبحوني ...
وفقدت (بدريه) أعصابها :
_ قصري صوتك ... أم رجلك تحت يا اللي ما تستحين ...
_ ما يهمني ... أصلا كانت واصلة فيني أقولها ...
وصرخت (دلال) بيأس وهي تبتعد عن الباب وتقترب منهن :
_ أنوار مجنونة إنتي ... عيب هالكلام ...
وصرخت يائسة وهي تضرب الوسادة :
_ أقولكم ما أبيه ... ما أبيه ... ما تفهمون ...
_ شفيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه !
كان قد اقتحم الغرفة بعد أن سمع صراخا وهو يمر بجانب غرفتها :
_ أنـــــــوار !... شصاير ؟
القى السلام على (أم ناصر) قبل قليل وعلم بأن شقيقته عادت من شهر عسلها ، لكن لماذا تملأ الدموع مآقيها الآن :
_ بـــــــــــــــــــــــــدر !
وغاص وجهها بين يديها باكيا :
_ شفيكم ؟... (ووجه نظره نحو بدريه وهو يدخل الغرفة ، دلال خرجت بكل هدوء) ...
_ مدري عن أختك ... (واقتربت تهمس له) ... ما صار لها أسبوعين ... وراجعة لنا ببشارة ... تقول ما تبي ناصر ... توها تتذكر الأخت ...
وقذفت نفسها على السرير تنتحب :
_ بدرية ... اطلعي برا وسكري الباب ...
وانصرفت (بدرية) ، اقترب من سريرها :
_ أنــوار .. (وظلت تنتحب) ... أنــــــــــــــــــــــــــوار ... (وسحبها من ذراعها لتوجهه) ... شصاير ؟!
_ قلت لك يا بدر ... قلت لك من أول شي ما أبيه ... ليش أجبرتوني ؟... ليش ؟
_ انــــــــــــــوار ... كلام البزارين هذا خلصنا منه ...
_ ما أبي يا بدر ... تكفى يا أخوي ... أنا غصبته نرجع من السفر علشان أجيكم ... لا ترجعني يا بدر ... (وارتمت في أحضانه) ... تكفى ... تكفى يا بدر ...
_ اسمعي ... (وأبعدها وهو ينظر في عينيها) ... سالفة ما ابي ناصر تنسينها ... عمتي ام ناصر تحت ... وناصر بعد شوي أكيد بيجي يأخذكم ... حركات الهبال هذي بطليها ... (ووقف) ...
كانت قد فقدت اعصابها (إذا هذا موقف بدر الباقين وشلون؟!) :
_ بــــــــــــــدر !... ما أبي ... ما أرجع ... والله لأقول لأبوي ... لو تقطعوني ما أرجع له ... اذبحني ... لو اموت ... أقولك ما ابيه .. ما ابيه ...
_ صاحية إنتي ... اللي ما تبينه يا مدام ... صار زوجك ... تبين تفضحينا ؟!
وتحدت صراخه الذي أرعبها فصرخ لسانها الحاد قبل عقلها :
_ أصلا أنا ما خليته حتى يلمسني ...!
وأحست بالصفعة ساخنة على خدها ... لأول مرة يفقد بدر أعصابه ... ولأول مرة يعاملها بهذه الطريقة ، لقد تغير بدر كثيرا :
_ الظاهر ولد عمي عطاك وجه اكثر من اللازم ...(وانصرف وهو مشمئزا منها) ...
وبعد قليل غادرت غرفتها ، اتجهت إلى الحديقة الخلفية حيث جلس الجميع يتسامرون ، رمقتها بدرية بنظرة استحقار ، وبادلتها دلال نظرة شفقة ، "أشوى لبست جلال علشان ما يبين كف بدر" ، استقرت في الكرسي المجاور لكرسي (أم ناصر) وبعد قليل اقتربت منها لتهمس :
_ عمة !
_ هلا يمه !
_ عادي انام اليوم عند أهلي ...؟!
_ قلتي لناصر !
_ جوالي ناسيته بالبيت ... فهد للحين ما جاء وما سلمت عليه ... وما راح ألحق أقعد معاه ...
ووضعت يدا فوق اليد الشابة وهي تبتسم بود :
_ خلاص يمة ... هالمرة أنا واسطتك ... هههههههههه ...الله يعيني على رجلك الليلة ...
وغمزت بعينها وهي تعود لتشارك في الحديث : (يا حليلك يا عمة ... ما تدرين عن الحال) .
وفي الثانية عشرة كانت في غرفتها ... ممددة على سريرها ... الباب مغلق ... وسلك الهاتف الطويل يمتد من خلاله ... ومحادثات آخر الليل في وقتها وكأن شيئا لم يتغير :
_ يا عيني ... والله وصرنا حريم ...
_ اسكتي يا بشاير ... لا تهيضين المواجع ...
_ وصار لنا مواجع بعد ...
_ وحشتيني يا دبة ...
_ تضيعين السالفة !
_ ههههههههههههه ... شنو تبين تعرفين يعني من السالفة ... كلها ضيقة خلق من اولها لتاليها ...
_ آآآآآآآآآآفا ... هذا وما صار لنا أسبوعين ...
_ أوففففففففففف ... تصدقين يا بشاير ... يبي يمشيني على كيفه ... لا تروحين لا تجين ... لا ويطول صوته علي ...
_ هههههههههههههه ... زوجك يا خبلة ... زوجــــــــــــــــــــــك ...!
_ بشاير ... بلا مواعظ ...
_ وشلون أقنعتي أبو الشباب إنك اليوم تنامين عند أهلك ...؟!
_ ما قلت له ... خليت عمتي تتفاهم معاه ...
_ ما كلمتيه ؟!
_ ناسية جوالي بالبيت ...
_ ناسيته ولا تناسيتيه ... (وصمتت) ... يعني تحديتي سلطته !... الله يعينك على اللي جاي ...
_ تبين تخوفيني ؟!
_ أنوار ... انت الحين وحدة متزوجة ... يعني في شريك لحياتك ... لا تقلبينه عدو ... إنتي اللي بتخسرين لأنك الطرف الأضعف ...
_ لا تتفلسفين على رأسي ...
_ ههههههههههههههههههههه ... الله يعين ناصر عليك ... عاد اللي أعرفه إنه مثقف ... وحنون ... ورومانسي ؟
_ والله ما أدري ...
_ يا عيني ... ونعم الزوجة والله ...
_ آآآآآآآآآآآآآخ ... فكينا من هالسيرة ... إنتي شلونك ؟
_ مثل ما كنت ... أكل ومرعى وقلة صنعة ...
_ ومتعب ؟!
_ للحين ما رجع ...
_ وموضوعكم ؟!
_ أنوار ... ترى صار لك أسبوعين بس ما كلمتيني ...
_ هههههههههههههه ... والله كأنهم سنتين ... (واستمر الحديث) ...
دخل الصالة الكبيرة ، وجهه لم يفارقه الشحوب منذ مدة ، وشعر ذقنه بدأ بالنمو بشكل واضح :
_ السلام عليكم ...(ورد الجميع السلام) ... بدرية ... شوق نامت ...؟
_ إيه قبل شوي نامت ...
_ حطيتيها بغرفتي ...؟
_ خلها نايمة عندي ...
_ لا ... قومي حطيها بغرفتي ... من زمان ما نامت معاي ...
_ إن شاء الله ... (ونهضت بدرية) ...
_ إلا صج يمه ... حجزت قاعة للعرس ؟
وعقد حاجبيه "يعني لازم تذكريني يا يمه" :
_ قلت لمشعل يحجزها ... (وأراد تغيير الموضوع) ... أبوي نام ؟
_ من الساعة 8 ... بدر ... اتصل على فهد شوف وينه ؟
عيناه كانتا مسمرتان على التلفاز :
_ أكيد مع ربعه ...
_ صارت الساعة 2 ... ما صارت هالربع ... أخته اتركت رجلها ونامت هنا علشان تسلم عليه ...
وضاقت عيناه :
_ أنوار هنا ؟
_ قاعدة بغرفتها ... الله يجزا ناصر خير ... خلاها تنام عندنا الليلة ...
تنهد بغضب ثم نهض يجري على السلم وسط دهشة أمه ، كانت النيران التي تستعر بداخله هي التي تسيره ، فتح باب الغرفة ووجدها جالسة على سريرها وكأنها لم تفارقه ليلة :
_ بـــــــــــدر !
واعتدلت ، أغلق الباب خلفه بقوة :
_ ليش نمت هنا ...؟!
_ عمتي أم ناصر ... قالــــــ...
قاطعها وهو يصرخ :
_ عمتي ام ناصر قالت لك ... ولا إنتي اللي طلبتي منها ...
_ بدر !... شفيك لا تصارخ ...
_ اسمعي ... خمس دقايق ... تلبسين عباتك وتنزلين ... ناطرك بالسيارة ... (وانصرف) ...
وبعد فترة أوقف السيارة بجانب المنزل الكبير :
_ شوفي ... اللي صار اليوم ما أبيه يتكرر ...
حاولت ان تفهم لماذا هو غاضب لهذه الدرجة :
_ إن شاء الله ...
_ انا قلت لأمي إنك إنتي اللي قلت لي أوصلك ... أمي ما أبيها تدري بالموضوع وتكدر ... فاهمة ؟!
_ فاهمة ... يعطيك العافية يا أخوي ...
_ مع السلامة ... (ونزلت) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:24 PM

((الفصل السابع والعشرون))
كان ممددا على الأريكة ... رأسه في حجر والدته ... ممسكا بالريموت كنترول ... يشاهد أخبار قناة (العربية) ... عيناه على الشاشة وعقله في مكان آخر " أنا ليش صابر عليها ... قلنا صغيرة بس تصرفاتها تصرفات وحدة طايشة ... لمتى يعني بتظل حياتنا كذا ... معقولة خدعت نفسي لما قلت انها ممكن تتغير ... اليوم تحدتني ... وحتى ما حطت لوجودي حساب ... بس انا صبرت علشان أمي ... آآآخ يا انوار ... يا من شرى له من حلاله علة ... صبرني يا رب " ... :
- السلام عليكم ...
وانتشله صوتها الرهيف من زحمة أفكاره ، سقطت عيناه في عيناها مباشرة :
- هلا يمه من جابك ؟؟
- بدر ...
- جاك فهد ؟؟
- لا يا عمة ... شكله مطول بالسهر ... وقلت لبدر يجيبني ... تصبحون
على خير ...
ردت أم ناصر :
- وانتي من أهله ... (وعادت تمسد شعر ابنها) ... سبحان الله ... ما أسرع ما تتعود الحرمة على رجالها ...
نهض ناصر وهو يقبل رأس أمه :
_ تصبحين على خير يمه ...
_ تلاقي الخير يا يمه ...
كانت قد غيرت لباسها ... وارتادت واحدة من بيجاماتها السخيفة ... جلست على السرير وهي تفكر بدهشة " ليش سوى كذا ؟... بدر عمره ما تعامل معاي بهالطريقة !!... يمكن متأزم من سالفة الزواج ... بس امي تقول هو اللي اختار وما أحد اجبره ... وشفيه بدر يا ربي ؟؟... أخوي أبد مو أخوي " ... :
_ شفيك ؟؟... (انتبهت الى انه جلس مقابلها) ...
أخفضت رأسها تتهرب منه :
_ ما في شي ...
_ اليوم أنا قلت لك لا تروحين لاهلك ...
تنهدت بيأس وهي ترد عليه بحدة :
_ ورحت ... ما شفت الدنيا خربت ...
تأمل أثر الكدمة على خدها فاستغرب :
_ من ضاربك ؟
تحسست الأثر الذي لا زال يؤلمها :
_ ما أحد ... (وسحبت الغطاء) ... طحت ...
سحب يدها ليرفع الغطاء :
_ انوار !!... أكلمك انا !!
_ يوووووووه يا ناصر ... خلاص خلني أنام والله مو رايقة ...
وتركها لتنام حتى لا ينقلب ضيقها إلى بكاء حاد ... خرج لينزل إلى الشرفة في الجزء الأخر من الجناح ... أمسك الجوال واتصل :
_ قوة بدر !!
أجابه صوت بدر الذي دخل المنزل لتوه :
_ هلا ناصر ...
_ انا ابي اعرف ... انوار زوجتي ولا زوجتك ... وش له جايبها بأنصاص الليالي ...؟
لأحس بدر بغصة :
_ آآفا ... هذا اللي يبي الفكة ... بدال ما تشكرني يا النسيب ..
_ كيفي ... انا اللي سامح لها تنام وش له اللقافة ... مسوي نفسك طيب يعني ...
_ لا حول صج انك بلشة ... وش تبي الحين ؟
_ طيب تقول لسعود حسابي معاه بعدين وانا اعلمه وش لون يمد يده على زوجتي ...
تنهد بدر وهو يبتسم " يا حليلك يا ناصر يعني يقال تكشفني " :
_ لا تظلم سعود ... انا اللي ضاربها ...
_ يا عل يدك للكسر ... وليش ان شاء الله ؟
_ كيفي اختي وانت شكو ...
_ هين يا بدر ... هذا وجهي ان دشت بيتكم بعد ... توها عروس وانت جالس تكفخ فيها ... يا اخي اذا فيك حرة ... طالعها في اللي مسود عيشتك ... انوار ما لك شغل فيها ...
_ خلصت ... ترى صدع رأسي ...
_ ممكن أعرف ليش ضريتها ؟
_ شي بيني وبينها ... اذا صج قوي ... خلها هي تقول لك ...
_ طيب يا بدر ... هي راح تقول لي ... بس والله ما أخليها لك ... ان ما كفخت بنتك ... ما اكون انا ناصر ...
_ ههههههههه ... طيب ازعجتني تبي شي ...
_ سلامتك ... كوابيس مرعبة ان شاء الله ...(وأغلق الجوال) ...
تأمل بدر الجوال وهو يبتسم " طول عمرك حنون يا ناصر ... يا ليت بس اختي الهبلة تقدر هالشي ... بس انوار ما فيها ذرة عقل ... (وتنهد) ... ليش الحريم من متى فيهم عقول أصلا ؟؟) ...
بعد شهرين (عرس بدر) <<<
_ آآآآآآآه ... (يتثاءب) ... يا حاو النومة ...
ولا زال يسير من المسجد الى البيت مع سعود :
_ غريبة اليوم قاعد للصلاة بدري ... بالعادة غصب ...
رمقه مشعل بسخرية :
_ لا لا يا أبو عكرمة ... متى راح ترضى علي وتقبل تصرفاتي ...
ودخلوا الصالة :
_ صبحك الله بالخير يا الغالية ... (قبل رأس أمه وجلس بجانبها) ...
_ صبحك الله بالخير يمه ... أحط لكم الفطور ...
قبل سعود يدها وهو ينهض :
_ تسلمين يمه ... اليوم خميس وودي أكمل صيامي ... راح أرتاح شوي ... (وخرج) ...
_ يمه مشعل ... بدر أخوك وينه ؟
_ أكيد نايم ...
_ مو بغرفته من أمس وجهازه مغلق ...
_ يمكن نايم ببيته ... يضبط البشرة الاخ ... من قده ... آآآه ... ذبحني المثاوب ... خل أروح أنام أحس لي ... (وانصرف ليكمل نومه) ...
ودخل جناحه ... ثم اتجه إلى غرفته ... وجدها واقفة بخوف تمسك بقوائم السرير ... تتصبب عرقا ... ووجها يعلوه شحوب مميت :
_ دلال !!... شفيك ؟
_ مدري ... بطني تعورني ...
_ ليش وش مأكلة انتي ؟؟
_ أقولك بطني ... نسيت اني حامل ...
ضرب رأسه بغباء :
_ ايه والله صدق ... أروح انادي أمي ...
أمسكت يده برجاء :
_ بسرعة مشعل ... تكفى أبي أموت ..
ونزل يركض على درجات السلم :
_ يمـــــــــــــــه .... يمــــــــــــــــــــه ...
وقفت الام مرعوبة من صراخه :
_ شفيك ؟؟
_ يمه بسرعة دلال جابت ...
وتلونت ملامح أمه برعب :
_ ولدت ؟!... بغرفتكم ...
ضرب رأسه بغباء اكبر :
_ يوووووه ... أقصد تبي تولد ... بطنها يعورها ...
وركضت وتبعها هو .
على مائدة الفطور ... جلست ام راشد ... وبجانبها عهود ... دخلت بشاير بهدوء واتجهت نحوهن :
_ صباح الخير ...
_ صباح النور ...
_ وين بنات راشد ... ما لهم حس ...
_ نوف راحت بيت عمي أبو نايف من الصبح ... علشان تروح مع حصة المشغل ...
ورن جرس الهاتف :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ... من داق علينا هالحزة ... يمه بشاير شوفي التلفون ...
واتجهت بشاير نحو التلفون :
_ آلووو ... وعليكم السلام ... هلا مشعل ... شلونك ؟... صج ... متى ؟... أي مستشفى ؟... (وجحظت عينا عهود وامها) ... طيب طيب ... مسافة الطريق ونجيكم ... مع السلامة ...
صرخت عهود برعب :
_ شفيه ؟... وش صاير ؟
_ لا تخافون ... مشعل يقول دلال بالمستشفى ... وعندها ولادة ...
هبت الام واقفة :
_ ولادة الحين ؟... توها بالسابع ... أكيد أختك فيها شي ...
_ يمه استهدي بالله ... واجد حريم يولدون بالسابع ... ولو فيها شي ... مشعل قال لنا ...
_ وانا وش ينطرني علشان مشعل يقول لنا ... عهود بسرعة جيبي عباتي ... يا ماري .... يا ماري ... (وانصرفت تبحث عن ماري) ...
في المشفى <<<
بعد ساعتين خرجت الطبيبة فرحة :
_ خير دكتورة ...
_ مبروك يا أخ مشعل جاك ولد ... والمدام بصحة ممتازة وولدتها جدا كانت سهلة ...
علت ابتسامة فرح وجه مشعل البشوش :
_ الله يبشرك بالخير ...
سألت أم راشد :
_ بنتي يا دكتورة ... نقدر نشوفها ...
_ ما عليش يا خالة ... ربع ساعة ان شاء الله وبنزلها الغرفة وشوفيها على راحتك ...(وانصرفت) ...
أمكست أم بدر ظهر ابنها بفرح :
_ مبروك يا يمه ...(بعدها ام راشد) ... مبروك يا مشعل ...
قبل يد أمه :
_ الله يبارك فيكم ...
_ يتربى بعزك يا مشعل ...
_ تسلمين يا بشاير ... خل اتصل على بدريه تبشر أبوي ...
خرج من الحمام يلف منشفة حول خصره ... يتقطر الماء الندي من قمة رأسه ... أشاحت عنه بعينيها ... تبحث في الجوارير ... حتى بعد أكثر من شهرين لم تتعود على رؤيته بهذا الشكل ... رن جوالها فاتجهت نحوه مسرعة :
_ آلووو ... هلا بشورة ... وينك انتي في بيت أهلي ... احلفي ... لا يا الدبة ... ما صبرت شوي ... هههههه ... طيب ... متى بتروحين ؟؟ ... انا شوي بروح المشغل .... القاك هناك مو تتأخرين ... طيب ... مع السلامة ... (وأغلقت الجوال) ...
_ شفيه ؟؟؟
_ هاه ... (انتبهت إلى انه تمدد بجانبها على السرير) ... مشعل أخوي جاه ولد ... (واتصلت على جواله) ... هلا مشعل ... مبروك يا الدب ... هههههههههه ... لا يكون طالع دب مثلك ... على الأقل أحسن منك ... وشلون دلال ؟... طيب مو تسنتر بالمستشفى ... ترى اليوم عرس أخونا ...
اقترب منها وجه ناصر حتى لفحتها أنفاسه الحارة ... مد يده نحو الجوال :
_ عطيني ياه ...
ارتبكت بشده :
_ هاك مشعل ناصر يبيك ...
أعطته الجوال ونهضت كالملسوعة ... لم يستغرب حركتها وظل يراقبها بقهر :
_ هلا مشعل ... مبروك ولي العهد ... يتربى بعزك ... هههههه ... لا حنا .. (ونظر نحو انوار) ... تو الناس علينا ... ما حنا مشافيح مثل بعض الناس ... وش نويت تسميه ؟... ههههههه ... للحين ما غيرت رأيك ... يا اخي عليك ذوق ... زبالة ... هههههههه ... سلم ... مع السلامة ... (وأغلق الجوال) ...
التفت فوجدها واقفة بخوف ... نظرة الرعب التي تتراقص فيها الدموع وسط مآقيها تتكرر ... حتى حفظها عن ظهر قلب :
_ مشعل يبي يسمي ولده حربي ... (وابتسم بألم) ...
لا زالت نظرتها مثبتة على وجهه برعب ... ابتلعت ريقها :
_ اليوم أبي أنام عند أهلي ...
نهض يتجه نحو الخزانة :
_ قومي البسي عباتك ... خليني أوديك المشغل ...
_ لا ... (نظر نحوها بيأس فبررت) ... أروح مع السواق ...
وضع يدا على خصره :
_ وليش ما تروحين معاي ان شاء الله ...
_ ما أبي أتعبك ...
أخرج ملابسه وهو يرمقها بأسى :
_ لا يا شيخه ...
دخل نايف المجلس يتبعه صلاح :
_ يالله حي أبو فلاح ...
_ تحيا يا بعدي ... (وجلس) ... أحمد هنا ؟... اتصلت عالاستراحة قال لي الحارس إنه مو موجود ...
_ سيارته بالكراج ... أكيد موجود ... ليش وش تبي فيه ...
_ أبي أزنطه من الحين وأجلسه بالقاعة ... مو معقولة ما يحضر عرس بدر بعد ... أخوك هذا مسبب لي عقدة ...
_ هههههههه ... والله معاك حق ... أجل خل أروح أقعده ...
وخرج صلاح ... وبعد قليل دخل :
_ الســــــلام عليكم ...
وتفاجأ نايف :
_ عزيــــــز !!... هلا ...
_ هلا بك أكثر ... (وتبادلا السلام الحار) ...
_ متى الوصول ؟
_ أمس بالليل ... وراج بكرا الفجر ... تدري مو معقولة ما أحضر عرس بدر ...
_ لا فيك الخير ... ما قال لي صلاح ؟
_ ما أحد يدري ... الفجر اتصلت على أحمد وجا أخذني من المطار .. والكل كان نايم ... توهم سلموا علي ...
وجاءت الخادمة بالقهوة ... اخذها عبدالعزيز وبدأ بصب الفناجين :
_ وشلون الدراسة معك ؟
_ تمام ... على فكرة صادفت واحد اسمه جوزيف ... لبناني ... قال لي انه يعرفك ويعرف ناصر ...
_ وين شفته ؟
_ رحنا زيارة ... وفد من جامعتنا لجامعة اكسفورد ... وهو دكتور محاضر فيها ...
_ ايه عرفته ... يا حليله جوزيف ... كان معاي انا وناصر ... وطموحه كان قوي الله يذكره بالخير ... اذا شفته مرة ثانية سلم عليه ...
_ يوصل ... الا نايف صحيح ... بغيتك بموضوع ؟؟
أحس نايف بأن هذا الوضوع يخص بشاير :
_ خير ان شاء الله ...
_ خير ... بس أخاف صلاح يطب علينا ... وأنا الموضوع هذا ما ودي أحد يدري فيه غيرك ...
_ لا تخاف ... صلاح راح يقعد أحمد ... وعلى ما يصحى احمد يا عايش ... (وارتشف من فنجانه) ... قول ...
أحس نايف بأنه متردد " هي كانت أشجع منك يا عزيز " :
_ بشاير ... بشاير بنت عمي عبد الرحمن ...








--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل الثامن والعشرون))
دخل المنزل بكآبة ... اتجه إلى الصالة ووجد ابنته تتابع باندماج شديد فيلم كرتوني على التلفاز ... ابتسم وهو يستند إلى الحائط ... ويراقب هذه الكتلة من البراءة والتي يعشقها بجنون ... كم تمنى أن يسرقها من هذا العالم المريض ... ويهرب بها بعيدا ... بعيدا جدا :
أبســـــــــــــــــــــالك !!
باللي زرع فيني غصونــــــــــــك ...
ليه عيون الناس ما تشبـــــــــــــــه ...
عيونـــــــــــــــــــــــك ؟!!
_ شلون حبيبة بابا ... (والتهم وجهها بشوق) ...
_ يوووووووه ... بابا ... (وأبعدته عنها بملل لتتابع فيلمها) ..
_ بـــــــــــــدر !
ودخلت بدرية ... تحمل بين يديها كوبا من الكاكاو الساخن بالحليب قدمته لشوق بدهشة :
_ شفيكم اليوم ؟... اللي يشوفني يتروع ...
وجلست براحة وهي تتنهد :
_ يا أخي انت اللي وينك ؟... من أمس ندور عليك ... وأمي بس تحاتي ...
_ كنت نايم بالاستراحة ... أمي وين ؟
_ بالمستشفى ..
حجظت عيناه من الخوف :
_ أبوي ...
_ لا تخاف أبوي نايم ... دلال جابت ولد اليوم الفجر ...
_ لا ... الحمد الله عالسلامة ... خوفتيني ...
_ عاد الله يهداها ... ما لقت تولد الا يوم عرسك ... اخبصتنا اكثر ما حنا مختبصين ...
عاد برأسه إلى الوراء وهو يغمض عيناه :
_ الله يعين ...
نظرت في ساعتها :
_ بدر ... الساعة الحين 3 ... ما انت ناوي تشيل هالعشة اللي على وجهك ... وتظبط نفسك ... ولا تقول لي معرس للمرة الثانية ... ترى كل زواجة ولها طعم ...
ابتسم بألم وهو لا زال يغمض عيناه " معاك حق يا بدريه ... فيها الحالي وفيها اللي مر " ...
كان يفتح عيناه دهشة وصدمة مما يسمع :
_ انت وش قاعد تقول ؟
_ هذا اللي صار يا نايف ...
_ يعني هي اتصلت عليك وقالت لك تزوجني ؟
_ لا مو جذي ... بس حسيت من كلامها ... وبعدين يا أخي تشكي منك ... انت وش عليك فيها ... حرمتها من الدراسة ودمرت حياتها ...
_ هي قالت لك كذا ...
_ ايه ... نايف بشاير غير عن بناتها ... صدقني لا تخلطها معاهم ... البنت طموحة وأحلامها حلوة ... وشخصيتها قوية وما احد يقدر يستغفلها ... لما كنا صغار كانت هي الوحيدة اللي تشجعني وتنمي كل حلم حلو فيني ...
_ بس دللت على نفسها عندك ...
_ لا تفهم البنت غلط ... مثل ما قلت لك بشاير شخصيتها قوية ... وبهالمواضيع الصعبة تحب يكون الاختيار لها ... ويمكن تشوفني أنسب واحد ...
أحس نايف بأنه سينفجر :
_ وانت وش رأيك ؟
_ ما أدري ... أحس أسبابها مو مقنعة ... يعني هي متعلقة فيني بس لأني أقدر أحقق أحلامها ... وأنا ما عندي استعداد ارتبط مع بنت على هالاساس ...
أحس نايف فعلا برغبة في قتله :
_ والزبدة ...
_ تفاهم انت معاها ...
_ بس هي التجئت لك ... مو لي ...
_ اللي فيها ... تدري اني ما احب هالتقاليد ... لو كل بنت جتني والتجئت لي وما رديتها ما نخلص ...
_ طيب يا عزيز ... روح ناد لي احمد ...
_ ان شاء الله ... (ونهض عزيز) ...
_ عزيز ... (والتفت نحوه) .. هالموضوع ما أبي جنس مخلوق يدري فيه ... فاهم ؟؟
_ تبشر ...
تنهد نايف وهو يتنفس النار بدل الهواء " كذا يا بشاير ... تستغفليني أنا ... بسيطة ... آآآآآآآخ ... وش أسوي فيها هذي ؟... بعدين انا صج غبي ... اللي حرمتني منه ... ليش أنا كنت أدري بعبدالعزيز علشان أحرمه منه ... وبعدين هي ما لقت الا عبد العزيز ... الظاهر العيشة برا نسته كل شي ... حتى مرجلته وغيرته على أقرب الناس له ... آآآآآآآآخ ... بس ... والله لو أنها عندي الحين كان ارتكبت فيها جريمة ... هدي يا نايف ... هدي ... اليوم عرس بدر لا تحوس الدنيا وتخرب فرحة الناس ... ومسودة الوجه هذي دواها عندي " ...
وجاءت لحظات الفرح التي حملت للجميع معاني السعادة والبهجة ... وخاصة لحصة التي أستنزف هذا الزواج منها كل جهد حتى يكون كما حلمت به دائما ... دخلت القاعة تشع عيناها بالفرح :
الـــــــــــــــــــــــــــزيـــــــــــــــــــ ـــن !!
طاغي فيك ... وش له ازمام ؟؟
خل يلبسه من زينهم ... قد حاله ؟؟
كل المزين لك يصيرون ... خدام ؟؟
مثل القمر يجلس نجومه ... قباله ؟؟
يا اللي مكانك بينهم صار ... قدام ؟؟
يا حظ قلب(ن) صار قلبك ... حلاله ؟؟
ان جيت كلي معلن الحب... ما أنلام ؟؟
قلبي بلادك وانت صاحب ... جلاله ؟؟
قبلك وقلبي ما عرف ... حب وهيام ؟؟
الحب قبلك ما يداعب ... خياله ؟؟
وان غبت عني ما اتهنا ... ولا انام ؟؟
الشوق في غيابك يزيد ... اشتعاله ؟؟
حرام انا اشوفك من العام ... للعام ؟؟
ولي خافق (ن) ما مر غيرك ... في باله ؟؟
أبغى أشوفك شايل أو لابس ... ازمام ؟؟
أبغى أشوفك جد في ... أي حالة ؟؟
ودخل بدر القاعة ... بوجهه الكئيب ... وفرحته المسروقة ... التي عللها الكل بذكرى زوجته الاولى التي لا زال يحتفظ بها ... حمل شوق بين ذراعيه وقبلها قبل ان يسلمها لبدرية ... أمسك بيد عروسه المتألقة وخرج وسط فرحة الأهل والحضور الغفير .
في بيت بدر الجديد<<<
دخل الغرفة بعد أن أوصل نايف إلى الباب ... اتجه نحو عروسه التي جلست على السرير بخجل ولا زالت بكامل زينتها ... ابتسم منها اشمئزازا ... جلس على الأريكة الصغيرة مقابل السرير وهو يلعب بمسباحه وينظر في وجهها :
" هذا شفيه ؟... ليش مبقق عيونه كذا ... يا ربي ... والله قاعد يحرجني ... أوووف ... (وابتسمت) ... الظاهر عجبه شكلي ... أكيد بيعجبه غصبن عنه ... ولا كل هالجمال وما أعجبه ... يخسي ... وينك يا ريم تشوفين زوجي العزيز منسطل علي " ...
" ليش يا حصة ؟... ليش ؟... كل هالجمال ... والاصل الطيب ... شاللي حدك ؟... وش اللي جبرك تغلطين ؟... المشكلة انه توك صغيرة ...الخطا فينا ولا فيك ؟ "
تنحنح فرفعت رأسها :
_ اسمعي يا حصة ... أنا الزواج هذا لا أنا باغيه ولا لي فيه نية ... بس ما حدني على المر إلا اللي أمر منه ...
كان ينظر في عينيها مباشرة ... أحست بأن ماء باردا صب فوق ظهرها ... ظلت تنظر نحوه بدهشة :
_ بدر !
رفع يدها يسكتها :
_ اسمعيني للأخير ... انتي كنتي تعرفين واحد اسمه سالم ؟
أحست بأن الأرض مادت بها وأنها على وشك الموت لقد قررت أن تطوي صفحة الطيش هذه وإلى الأبد ... أرادت أن تنقذ نفسها فتظاهرت بالغضب وهي تقف :
_ أنت وش قاعد تقول ؟!
وقف غاضبا أكثر منها ... ألم يختزن هو غضب الأشهر الماضية :
_ لا تعلين صوتك ... والموضوع أنا متأكد منه ... فلا تسوين نفسك بريئة ...
_ بدر شفيك ؟... وش قاعد تخربط انت ؟
_ جب ولا كلمة ... (ووضع اصبعه على فمه) ... الأخ يا مدام كان يسوي بطولات من مكالماته معاك ... هههه ... ويا عيني لما جت بطولات الصور ... مصورك يا حلوة ... معاه وبكابينة مطعم ... وقدام الشباب يقول خلصت منها وأهلها ما يدرون ... تدرين بشنو حسيت لحظتها ؟
سالت دموعها غزيرة دون أن تشعر بأنها بللت وجهها كله :
_ بدر ... والله يكذب ... كذاب والله ...
صرخ بدر الذي أثارت دموعها أعصابه :
_ لا تنكرين ... أنا شايف الصور بعيوني ... حمدت ربي أنك مو قايلة له على اسمك الحقيقي ... ولا كان ... (كان يتنهد بسرعة) ... شلون تجرأتي ... عشرين شارب وعشرين لحية وراك يا بنت عمي .. ما عملتي لأي واحد فينا حساب ... بعتينا قبل ما تبعين نفسك ...
صرخت ألما من كلامه الذي انزرع في قلبها كالخناجر السامة :
_ بدر ... والله كذاب ... لا تصدقه ... انا صح كنت أكلمه وأطلع معاه ... بس بعمره ما لمسني ... ولما طلب مني هالشي تركته ...
ضحك بسخرية :
_ لا شريفة ما شاء الله عليك ... احمدي ربك اني أنا اللي كشفتك ... تخيلي لو نايف شايف الصور ... صدقيني رقبتك وما راح تكفيه ...
وانتحبت وهي تقترب منه وتمسك بساعده برجاء :
_ بدر تكفى الا نايف ... تكفى ...
قذفها بعيدا عنه وباشمئزاز :
_ ليش حطيتي نفسك في هالموقف ... أنا بالاول كان ودي أتهور معاك ... بس فكرت ... عمي ... أبوي ... نايف ... شبابنا وبناتنا ... وحتى نفسي ... ليش نضيع كلنا بجريرة وحدة ما تستاهل ... ليش كلنا ندفع الثمن وانتي الوحيدة اللي غلطتي ... ضحيت براحتي ... وقلت أتزوجك ... مو علشان شي ... بس لأني أنا اللي عارفك ... وأنا اللي أقدر أتعامل معاك ... ما أبي اللي يعزون علي يذوقون القهر اللي ذقته ...
حاولت أن تترجاه ... قذفها عنه بقرف ... وخرج من الغرفة ... سمعت صوت قفل الباب فازداد انتحابها .
جالسة على الأريكة تأكل من صحن مليء ... ابتسمت وهي تنتبه إلى أنها أصبحت شرهة ... خرج من غرفتهما بعد الحمام يلف الروب حول جسده المبلل :
_ طالعة اليوم قمررررررر ... (وقبل خدها وهو يجلس بجانبها) ...
_ أي قمر وانا بهالكرشة ... وبعدين تعال انا مو قلت لا ترقص معاي قدام الحريم ...
_ وش أسوي ... شفتك بالزفة وما تحملت ... وتعرفيني أهبل وأحب أرقص ...
_ هههههههه ... بس الزفة كانت حلوة ... وبدر ما شاء الله عليه طلع يجنن ...
_ وعععع ... بدر وينه ووين الزين ... أبيض وباهس ...
_ حرا عليك والله حلو ...
_ طيب منو أحلى أنا ولا هو ؟
ضمت رأسه بحنان :
_ ههههههه ... ليش انت في أحلى منك في الدنيا هذي كلها ...
كانت على سريرها ... شاردة الذهن ... أخرج رأسه من الباب وهو يبتسم :
_ ممكن أدخل ...
ابتسمت لوجه أخيها المحبب :
_ هلا فهود تعال ...
وتقدم فهد حتى جلس مقابلها على السرير :
_ شفيك تفكرين ؟
_ مو مصدقة إن بدر ما راح يعيش معنا ...
_ يا دلوعة يعني انتي اللي عايشة معانا ... ناصر حتى نوم ما يخليك تنامين هنا ... صج وش اللي جرى اليوم نايمة عندنا ؟
_ بيت أبوي أنام فيه متى ما أبي ... مو بكيفه يمنعني ...
_ لا يا قوية ... أتحداك تقولين هذا الكلام قدامه ...
ورن جوالها ... هذه هي المكالمة السابعة ... انتبه فهد للرقم :
_ ناصر !... الظاهر اشتاق للحبايب ... خليني أطلع بكرامتي ... تصبحين على خير ... (وأغلق الباب خلفه) ...
وظل الجوال يلح ... قررت أن ترد هذه المرة :
_ هلا ناصر !
_ زين اللي رديتي ... مسوية علي حجر ...
_ كنت أخذ شاور ...
_ نعيما ...
_ الله ينعم عليك ...
افتقدها كثيرا هذه الليلة ... لم يفارقها منذ أن تزوجا ... رغم علاقتهما المتوترة الا أنه اعتاد وجودها بشكل كبير ... ممددا على سريره ... سألها بصوت رقيق :
_ شلونك ؟
_ زينة ...
_ ليش ما رجعتي البيت مع أمي ...
_ قلت لك أبي أنام عند أهلي الليلة ..
_ بس أنا ما وافقت ... (التزمت الصمت) ... آآآآه ... أبي أعرف شي واحد ... ليش دايما تتعمدين تتحديني ؟
_ انت اللي تبدأ ...
_ لأنك ما تسمعين الكلام ... وتجبريني أعاملك كطفلة ...
_ ما أحد اجبرك تأخذني ... انت اللي جبت عوار الراس لنفسك ...
_ يعني انتي الحين تعاقبيني ...
_ فسرها مثل ما تبي ...
تنهد بيأس :
_ طيب ... وشلون العرس اليوم ؟
_ حلو ... وناسة ...
ابتسم بخبث " زين في تطور ... صار لنا خمس دقايق نتكلم بهدوء " :
_ شنو كنتي لابسة ؟
_ فستان !
_ أدري فستان ... قصدي شنو لونه ؟
_ أخضر ...
_ امممم ... عاد تصدقين انا ما احب اللون الأخضر ... بس زين فيك تطور بالعادة كله أسود وبني ... وإذا فتحتي رمادي ... فيك تطور ... الأخضر لون بناتي ...
_ أدري ذوقي ما يعجبك ... أصلا انا كلي مو عاجبتك ...
آلمه مقدار الأسى في صوتها :
_ ليش ما عندك ثقة بنفسك ؟!
لمس فيها وترا حساسا "الثقة بالنفس" ... لطالما افتقدتها ... ثقتها بنفسها ... بنجاحها ... حب الناس لها ... أنوثتها ... وبكل شيء :
_ مو مسألة ثقة ... بس ...
_ لا تنكرين ... انتي لو عندك ثقة بنفسك ... ولا ثقة فيني ... ولا في حياتنا ... كان ما صار هذا حالنا ...
ارتجفت شفتاها :
_ قلت لك ما أحد جبرك ...
_ وليش انتي ما تحاولين تقدمين تنازلات ...
ملأت مآقيها الدموع وهي تتذكر ليالي الرعب والترقب التي عاشتها معه :
_ ما أقدر يا ناصر .... صدقني ما أقدر ... حاولت ... بس ...
_ ومع واحد ثاني ؟؟
_ انت وش قاعد تقول ؟
_ تخيلي متزوجة واحد غيري ... شلون راح تكون حياتك معاه ؟
_ أنا أصلا خير شر ما أصلح للزواج ...
_ شفتي شلون ؟... الغلط فيك ... انتي اللي قاعدة تخدعين نفسك ... أنوار ... أنا كل حقوقي عليك تنازلت عنها بإرادتي ... روحاتك وجياتك ما مارست عليها أي سلطة ... حياتك في بيت عمي هي نفسها حياتك في بيتي ...
مسحت دموعها بألم :
_ أدري فيك ما قصرت ... بس يا ناصر وش أسوي ...
_ اسمعيني ... انتي خلصي نفسك من هالوساوس ... وفكري انك لازم تعيشين حياة جديدة ... وانا معاك أساعدك باللي أقدر عليه صدقيني يا انوار تعبت وما عاد فيني ... بس أهم شي انك تحاولين ... وش قلتي ؟
_ إن شاء الله ...
_ وعد ...
_ وعد ... بكرا عندك دوام ؟
ابتسم بارتياح :
_ بكرا يا طويلة العمر عندي سفرة ...
_ سفرة ؟
_ اخوك البطة حاجز بس ولدت زوجته وعيا لا يسافر ... وطاحت السفرة برأسي ...
_ بس ما قلت لي ...
_ يعني لو قايل لك ... تهدين بيت ابوك وتجيني طيران ...
_ يمكن وش دراك ؟
_ هههههه ... شفيه صوتك ... سكرانة ؟
_ أنعس وفيني النوم ...
_ لا يا حلوة ... طيارتي بعد ساعتين ... سولفي علي وونسيني ... ما أحد قال لك تخليني وتروحين تنامين عند امك ...
_ ناصر بجد تعبانة ... والمكيف بارد ... والفراش دافي ... ما اقدر أقاوم ...
_ ههههههههه ... انا اللي ما اقدر اقاوم ... دقايق وانا عندك... ومشعل باللي ما يرده يروح يشوف شغله ...
_ ههههههههههههه ... تبي البطة يذبحني ...
_ يخسي الا هو ...
_ آآآآآآآخ ... (وأمسكت ظهرها) ... جسمي كله يعورني ...
_ من الرقص ...
_ أي والله ... بس عاد وش أسوي هذا ابو شوق الغالي ...
حرك حاجبيه بخبث :
_ حلو يعني تعرفين ترقصين ...؟
_ ليش ؟... انت ما تعرف ترقص ...
_ ههههههههههههههه ... يا روحي عالدايخين ... اقول انوار ...
_ هلا ...
_ تصبحين على خير يا عمري ...
_ وانت من اهله ...
وسقط الجوال من يدها قبل ان تغلقه وغطت في نوم عميق.

ارادة الحياة 14-05-08 04:26 PM

((الفصل التاسع والعشرون))
كان ممددا على سريره يفكر بعمق ... جافاه النوم منذ أن علم بأمرها ... فهو لا زال حتى الآن بدشداشته ... التفتت مريم وكأنها شعرت لتوها بقلقه :
_ شفيك ؟
وجاءه صوت آذان الفجر عاليا ... نظر نحوها ببرود :
_ ما في شي ... ارجعي نامي ... (وخرج يتوجه نحو المسجد) ...
وبعد الصلاة عاد مع والده وجلسا معا على سفرة الفطور :
_ بدر له نية سفر ؟
_ لا ... يقول عنده شغل وما يقدر يسافر ...
_ أحسن له ... شغله أبدى ... لاحق على هالخرابيط ...
نظر نايف في وجه والده ... تنهد بصمت :
_ يبه !
_ سم ...
_ سم الله عدوك يا الغالي ... بغيت شورك بموضوع ...
_ خير يا ابوك ...
_ خير ان شاء الله ... يبه أنا نويت عالثانية ...
دهش الاب :
_ تبي تتزوج ...
_ ومطلبي تحت يمناك يا ابو نايف ...
_ تبشر يا ابوك ... ان كان هي قريبة جتك ... وان كان هي بعيدة بعزك وبعز ابوك تجيك ...
_ ما تقصر ... (وقبل رأس والده) ... البنت مني وفيني ... بشاير بنت عمي ابو راشد الله يرحمه ... وانت كبيرنا يا يبه ... والشور بإيدك ... وش تقول ؟
_ مني انا جتك ... كلم راشد وشوف البنت ... والله يتمم اللي فيه خير ...
تنهد نايف براحة :
_ الله كريم ...
الساعة 10 صباحا في مجلس أبو احمد
<<<
_ خير يا نايف ...
_ خير يا عمي ... أحمد ... (الذي كان يراقب التلفاز باهتمام) ... طف التلفزيون ...
_ وش عليك من هالتلفزيون ؟... قاضب لسانك هو ؟!
_ لا حول ... الشرهة على اللي جاي يتفاهم معاك بس ...
صرخ الاب بيأس :
_ خلاص يا احمد ... طف هالعلة ...
هز احمد رأسه بيأس :
_ استغفر الله ... (وأغلقه) ... وهذا هو طفيناه ... تكلم ...
لم يرد نايف أن يدخل في مشادة معه ... التفت إلى عمه وتكلم بكل جدية :
_ عمي انا جاي أخذ شورك بموضوع ... وصدقني اذا شفت اني غلطان فيه لك علي ... (وضرب صدره) ... انه ما يتم ...
اعتاد أبو احمد وطالما أعجب بلهجة نايف الجادة ... التي كانت سلاحا قويا لا يهتز في السوق الشرسة التي يتعاملون فيها :
_ قول يا أبو فلاح ...
_ عمي ... مريم من صارت على ذمتي جاها مني قصور ...؟
_ حشا يا ولدي ... عمرها ما شكت ...
_ والشهادة لله ... حتى هي عمرها ما قصرت معي ... وأخت رجال صانتني وصانت بيتي ...
أبو احمد :
_ الحمد الله ...
_ انا يا عمي نويت أتزوج .. ولا تسألني ليه وما ليه ؟... اللي أبيك تعرفه أن السبب مو في مريم ... السبب فيني انا ...
صدم أبو احمد :
_ والله يا ولدي ...
_ عمي ... مثل ما قلت لك اذا الموضوع لك عليه اعتراض صدقني ما يتم ...
_ يا ابوك هذا حقك ... وش له اعترض ؟... دامك صاين بنتي وما غلطت عليها ... الله يتمم عليك ... والشرع محللك بدال الوحدة أربع ...
_ اسمعني يا عمي ... مريم بنت عمي وأم عيالي ... اذا جتك زعلانة ما ابيك تقويها علي ... بيني وبينها ... عيالي وانت ... ما ابي اغلط معها ...
_ تبشر يا ولدي .. ما لك الا اللي يسرك ...
التفت نايف الى احمد الصامت :
_ وانت يا احمد ... وش رايك ؟
نهض احمد يضع شماغه على كتفه :
_ وش لك بالحريم ووجع الراس ... اختي حرمتك وبكيفك ... فأمان الله ...
وانصرف وتبادل الاب ونايف نظرات اليأس من صلاح حال هذا الشاب .
>>> في المشفى (غرفة دلال)
كانت الغرفة تضج بالأصوات الصاخبة ، جلست أم ماجد _ أم راشد _ أم بدر _ أم نايف على المقاعد بجانب السرير وبقيت الفتيات واقفات :
_ مبروك يا دلال ... عساه يتربى بعز مشعل يا رب ... (ورفعت ام ماجد يديها بالدعاء) ...
_ الله يسلمك يا عمة ...
علقت ريم :
_ بس حيل صغير ...
أم راشد :
_ لأنه جاء ناقص ... ان شاء الله يكبر ...
سألت عهود :
_ ايه صح ... ليش سبع شهور وولدتي ... مو لازم تسعة ...
_ الدكتور يقول لي الحوض عندك صغير ... وما يتحمل ...
أمسكت أم ماجد يدها بشفقة :
_ يوه يا يمه ... حطي بالك بالحمالات الجاية ...
_ ان شاء الله ...
شهقت عهود :
_ كل هالمتن ... وحوضك صغير ... أجل اللي يعين انوار ... الظاهر ما في حوض ...
ضحكت ريم بفرح ... ضربت انوار عهود :
_ تافهه ...
_ السلام عليكم ...
ودخلت منال الغرفة وهي ترمي غطاء وجهها ... رد الكل السلام ... رمقتها أم ماجد بكره ثم خرجت مشمئزة ... تبادل الكل نظرات خجلة :
_ هلا بمنولة ... (وفتحت دلال ذراعيها) ... تعالي ...
اقتربت منال وهي تبتسم ... فدلال بمرحها الدائم استطاعت أن تسيح جو الكآبة الذي طغى على الغرفة :
_ حمد الله عالسلامة دلول ... (وقبلتها) ... مبروك ما جاك ...
_ الله يبارك فيك ... الفال لك إن شاء الله ... وتنبط هالكرشة ...
_ هههههههه ... الله كريم ...
_ منولة اجلسي... (ريم كانت قد جلبت كرسيا وضعته خلفها) ...
_ لا عادي ريم ... ما له داعي ...
أم بدر بشفقة :
_ اجلسي يا يمه ... مو زين عليك الوقفة ...
أجبرتها ريم وهي تجلسها رغما عنها :
_ اجلسي ... لا يصير في ولد أخوي شي ... وأذبحك ...
كان جالسا في غرفة انتظار المشفى يلعب بجواله بملل ... لمح مشعل يعبر الممر يحمل أكياسا كثيرة ... لحق به يجري وهو يمسك غترته حتى لا تقع :
_ مشـــــــــعل ... مشــــــــــــــــعل ...
التفت مشعل :
_ ماجد ! ... هلا ... (وتبادلا السلام) ... وش عندك ؟
_ سلامتك ... جبت منال تزور دلال ... (ابتسم) ... مبروك حربي يا ابو حربي ...
_ الله يبارك فيك الفال لك ان شاء الله ... الا صج مجود ... بذمتك كم صار لك ناطر ؟
_ ساعتين ...
_ صج طرطور ... وليش ما دقيت على حرمتك تطلع لك ؟!
_ يمكن شافت البنات وتبي تستانس ...
_ لا حول ... حالتك كسيفة ... امسك بس امسك ... (وناوله بعض الأكياس) ... امشي معي ...
وكانت أصوات الضحكات عالية حتى سمعن طرقات على الباب :
_ يمــــــــه ... يا ام بدر ...
_ هلا يمه ... قوة يا ماجد ... شلونك ؟
_ بخير يا عمة ...
_ يمه عندكم أحد ...
_ بناتنا بس ... وعماتك ...
_ قول لي للبنات يتغطن ... أبي أدخل ...
_ يا بنات تغطن مشعل يبي يدخل ... (وتغطت البنات) ...
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
_ شلونكم يا بنات ؟
_ الحمد الله ...
وجاءه صوت منال خجولا :
_ مبروك ما جاك يا مشعل ...
_ هلا منال ... الله يبارك فيك ... الا صج ترى ماجد صار له ساعتين ناطر تحت ...
_ والله ... على بالي راح ... يالله أجل عن اذنكم ... (وودعت الكل ثم انصرفت) ...
الساعة 4 عصرا (مجلس راشد)>>>
_ وش هالكلام يا نايف ؟
وقفت ام راشد بعصبية :
_ عمة ... الحين وش الخطأ أني أبي أتزوج ...؟
_ ما عليك خطأ ... بس انت متزوج مريم ... وبشاير !... أستغفر الله يا ولدي وشلون تبي تجمعهم ...
_ بشاير بنت عمي ... لا هو عيب ولا حرام ...
_ ما أحد قال كذا ... بس يا نايف ... شف لك غير بنتي ...
_ عمة ... انتي لك اعتراض علي ؟
_ انت والنعم فيك بس ...
_ راشد ... وش تقول انت ؟
_ هاه ... (صحى راشد من صدمته) ... كيفك ... وكيف عمي ...
التفت نحو عمته :
_ انا كلمت ابوي ووافق ... وعمي ابو احمد موافق ... وسمعتي رأي راشد ... وش تقولين يا عمة ... ؟
وظلت العمة تنظر نحوه بدهشة " انت من يقدر عليك يا نايف " .
في الصالة <<<
_ شنو ؟؟؟
كانت بشاير تصرخ وهي تنظر نحو أمها اليائسة الجالسة على الأريكة وعهود تمسك بكتفيها بقلق :
_ بشاير لا تصارخين ... فكري بالموضوع ... و ...
_ راشد !!... وش تقول انت ؟... أفكر ... بمنو ؟... نايف ... مستحيل ...
نوف بكآبة :
_ بشاير هدي نفسك ... أكيد امي ما تدري بالموضوع ... و ..
صرخت بشاير بصرامة :
_ اسمعوا ... الموضوع هذا لا أحد يتجرأ يفتحه معاي مرة ثانية ... فاهمين ؟... (ونظرت نحو راشد) ... وقل حق ولد عمك هالزفت ... أخذك انت إذا أخذه ... (وصعدت درجات السلم الكبير) ...











--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل الثلاثون))
وانتشر خبر خطبة نايف لبشاير بسرعة ... الكل في حالة صدمة ... دهشة... وترقب في انتظار النتائج .
كان سعود ممددا على الأريكة ... رأسه في حجر عمته شريفة التي تتابع التلفاز بشغف ... وتجلس شوق فوق بطنه :
_ بابا سووود ... شوف الدادا ...
_ وين الدادا ؟
وظلت شوق تتمتم بكلمات بريئة على أن الطفل كان في بطن دلال ثم خرج وهي تريد ان تراه :
_ هههههههه ... (وقطع ضحكاتها صوت آذان العصر) ... هووووووووبة ... (حمل شوق وهب واقفا ثم وضعها على الأرض) ...
_ بابا سووود ... الدادا ... (وظلت تبكي وهي تتعلق به) ...
_ بعدين أوديك الدادا ... أبي أروح أصلي الحين ...
وانصرف وتركها :
_ تعالي شواقة ... تعالي ... (ومسحت دموعها وهي تجلسها بجانبها) ...
_ السلام عليكم ...
رفعت العمة رأسها بدهشة :
_ بدر !
_ قوة ... (قبل رأسها) ... لالالالالا ... (حمل شوق ووضعها في حضنه وهو يجلس) ... من مزعل عروستي ؟
_ بابا سوود ... (وضمت والدها باكية) ...
_ لا يا الخايس ... إن ما غسلت شراع بابا سعود .. ما أكون بابا ...
_ وش اللي جابك ؟... وحصة وين ؟
_ آفا يا عمة ... كل هذا ما تبين تشوفيني ... (وقبل طفلته) ... وحصة بالبيت لا تخافين عليها ...
دخلت بدرية :
_ بدر !
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... شفيكم اليوم ؟... أمي وين ؟
جلست بدرية وهي لا زالت دهشة :
_ عند دلال بالمستشفى ...
_ آهااا ... يالله بابا ... تروحين معاي ... (هزت الطفلة رأسها بالايجاب) ...
_ وين تبي تأخذ البنت ؟
_ شفيك عمة ؟... أبي أخذها للبيت ... بدرية ... جهزي لها شنطة صغيرة ...
_ بدر من صجك ؟
_ هاه ... شفيك انتي اليوم ؟
_ بدر ... ناسي انك معرس ...
فهم قصد عمته :
_ مو ناسي ... بس هذي بنتي ... يعني ما يرضيك يا عمة ... انا ببيت وبنتي ببيت ...
_ هذا بيت أبوك ... ولا نسيت ...
_ ما نسيت ... بس شوق ما ترتاح الا تنام عندي ...
_ وحصة ؟
_ حصة تدري إنه عندي بنت ... وما اظن كان عندها اعتراض ...
_ بدر خل شوق عندي ... هالشهر بس ...
التفت بدر نحو شقيقته بحنق :
_ ولا يوم ... قومي جيبي الشنطة ...
ونهضت بدرية وهي تنظر نحو عمتها بيأس .
كانت تتامل بحرقة أركان جناحها المحبب ... كل ركن فيه يتعلق به ... خزانة ملابسه ... جانبه من السرير ... المقعد الذي يفضله ... لوحاته الزيتية المفضلة ... صورة زفافهما المعلقة على الحائط ... كثيرة هي التفاصيل التي تحضر بقوة ... كحضوره هو ... مسحت دموعها الهادئة كهدوءها المميت ... واكملت ترتيب حقيبتها الصغيرة :
كنت أقول لزماني كل حبيب ... سرى !!
كم عزيز وغالي يا زماني ... خذيت !!
كنت أقول بحياتي وش بقى ... يا ترى !!
وأثرها سالت دموعي وأنا ما ... دريت !!
صعب أوصف لك شعوري يوم جرحك ... بدى !!
بس عندي يقين إني ... ضحكت وبكيت !!
_ وش تسوين ؟
_ هاه !!... (وسقطت عيناها في عينيه فتخاذل تصميمها) ...
_ تبين تروحين لأهلك ؟
_ إذا ما تبيني أروح ... ما أروح ...
لمح بقايا الدموع في عيونها الذابلة ... لم يكن يسمح لأحد أي كان بأن يكون سببا في هذه الدموع ... لكن حينما يكون هو الجرح فمن الصعب أن يشفيه أو حتى يواسيه :
_ لا ... خلصي وانا أوصلك ...
جلس على المقعد يراقبها ... وهي تتعذب ... دون ان تنبس ببنت شفة ... " ليش يا مريم ؟... عالاقل عارضيني ... انا شفيني ... يعني راح أرد عليها إذا عارضتني ... بس ليش هي سلبية لهدرجة ... ليش تحسسني اني مو مهم عندها ... ههه ... لا تحلم ... ليش انت من متى أصلا كنت مهم ... بالنسبة لمريم ولا لغيرها " :
_ تأخذين العيال ...؟
انتبه لها تضع بعض الحاجيات لهم في الحقيبة :
_ ايه ...
_ فلاح خليه عندي ...
_ ان شاء الله ... (وأنزلت حاجيات فلاح) ...
بعد ساعة (منزل أبو احمد) <<<
_ ليش خليتيه يجيبك ... كان اتصلتي على أخوك ...
_ نفس النتيجة يا يمه ... هذا انا جيتك ...
_ آآآآآآآخ ... آآآآآآآآخ يا القهر ... يتزوج عليك ... ليش ؟... بسيطة يا نايف ... أموت وأعرف هالبشاير وش مسويتله ؟؟؟
_ لا تظلمين البنت يمه ...
تقدمت هيا بقهر لتجلس بجانب شقيقتها :
_ تطلقي منه ... خليه يولي ...
_ هيا وش هالكلام ؟... نايف ولد عمي وأبو عيالي ...
_ أول شي الطلاق صعب ... بس صدقيني بعدين بترتاحين ...
نظرت نحو أختها بحدة :
_ الله يعطينا العافية ... بيضنا وجه أبوي ... كل سنة جايته وحدة مطلقة ...
وأحست هيا بالجرح الذي لم يندمل ... لأن المجتمع كان يستمتع برؤيته مفتوحا وإلى الأبد ... انصرفت بغضب ... ونظرت مريم بانكسار في عيني شقيقها الصامت الذي هرب من نظراتها وغادر المكان إلى صومعته ... ثم ارتمى على أريكته يفكر :
" يا ربي ... ليش الدنيا قاسية كذا ؟... وليش اللي نحبهم يجرحونا ... وليش القلب صار يوسع لأكثر من حبيب ... وليش حتى معنى الحب تغير ... صج الدنيا تخوف ... آآآآآآآه ... يا عهود ... يا ليت ... يا ليت أقدر ... أخذك وننحاش ... بعيد ... بعيد ... عن هالعالم ... أوعدك يا قلبي ... إني بحياتي ما احب غيرك ... ولا حتى أفكر اني اجرحك ... ولا أكون سبب في عذابك"... وأدار جهاز التسجيل :
أقدر أتحمل كل شي !!
يوقف دمي وما يمشي !!
وخل عيني تزاعل رمشي !!
خل كل شي بيا يصير !!
لكن من تبعد عني !!
أحس روحي راحت مني !!
غيابك عني يجنني !!
ما أعرف دربي وأحير !!
بيك أتنفس تدريني !!
صوتك همي ينسيني !!
تدري أنت من تلاقيني !!
وتضحك لي أنسى الأرض !!
لكن من تبعد عني !!
فراقك نار وتحرقني !!
أنا من تزعل مني !!
وحياتك اسمي انساه !!
أتعذب من ما أشوفك !!
ياللي روحي بين كفوفك !!
يا مجنون اللي يعوفك !!
ونبضات قليبه بايدك !!
من دونك ما أعيش انا !!
غيرك ما أعرف ثاني !!
وينك بردانة أحضاني !!
وينك تسألني عليك !!
بعد يومين (بيت راشد)<<<
في الغرفة التي أصبحت مخصصة لدلال وطفلها الصغير ... علقت أم ناصر وهي ترتشف قهوتها :
_ أم أحمد بتزعل عليك يا ام راشد ...
_ الله المعين يا وخيتي ... انا لو بايدي مضاوي ما تزوجت سيف ...
علقت دلال :
_ هذي بشاير ... من سمعت بالخبر وهي نفسيتها زفت ...
بدرية التي كانت تحمل الطفل :
_ الله يعينها وضعها صعب ...
عهود برجاء :
_ إن شاء الله خير ... هذي نوف راحت تشوفه ... وعمتي شريفة بعد .. إن شاء الله يقنعونه ...
نطقت انوار التي كانت تراقب بصمت :
_ انتم شفيكم ؟... هو خطبها وبشاير رفضت ... خلاص انتهى الموضوع ...
وأجابتها النظرات البائسة التي ارتسمت على وجوه الجالسين ... قررت أن تتصرف حتى قبل أن ترى بشاير ... اتجهت إلى الحديقة ومعها الجوال :
_ هلا ... يبي ينزل مطر ..
ابتسمت وهي تجلس على المقعد :
_ قوة ناصر ...
_ يقويك ... شلونك ؟
_ بخير ... انت شلونك ؟
_ دامك تسألين عني وما تنطنشيني ... انا بألف خير ... شلون أمي ؟
_ طيبة ...
_ كلمتها اليوم الصبح ... وقالت لي انك نايمة ... للحين تسهرين ؟
_ ولي بكرا ...
_ ههههههه ... طيب وش عندك ؟.. انتي ما تنازلين الا اذا لك حاجة ...
_ لا تظلمني ...
_ تاريخك معاي وهو اللي يظلمك ... قولي ؟
وحكت له أنوار كل شيء .
في منزل أبو نايف<<<
_ وش اللي مطلوب مني الحين ...؟
كان جالسا على الأريكة ... يضع قدما فوق الأخرى بثقة ... ويمسد بيده شعر طفله الصغير الذي يجلس بجانبه :
_ نايف صاحي انت ؟... السالفة ما لها راس ... شفيك قعدت حلمان وقلت ابي اتزوج ...
نظر مباشرة في عيني عمته شريفة :
_ عمة ... عندك غير هالكلام ...
_ أنا أبي أعرف ... مريم شنو منقصة عليك ... علشان تجازيها كذا ...
_ إذا مريم مو معترضة ... انتم ليش شابين النار ...
_ مريم من كثر ما تحبك وتحترمك ما تكلمت ... هذي هي لمت أغراضها وراحت بيت عمي ... لو وحدة غيرها ما اسكتت ...
نظرت العمة في عينيه باحتقار :
_ بس للأسف انت ما احترمتها ...
حاولت نوف بيأس :
_ يا نايف البنت ما تبيك ... ولعلمك لو تذبحها ما راح تأخذك ... قالت لراشد أخذك انت ولا أخذ نايف ... افهم عاد ...
وببروده المميت :
_ مو على كيفها ...
تنهدت العمة شريفة بيأس :
_ لا حول الله ...
_ الموضوع هذا سكروا عليه ... (ونهض) ... ولا أحد يفكر يناقشني ... (وخرج يتجه إلى مكتبه في الجانب الآخر من المنزل) ...
اتجهت نوف نحو أمها الصامتة :
_ يمه ... شوفي ولدك ... والله حرام اللي قاعد يسويه ...
تنهدت الام بيأس أكبر وهي تضع يدا على رأسها الذي يكاد ينفجر .
مكتب نايف بعد خمس ساعات <<<<
انكب على العمل المتواصل ... كعادته دائما ... ترك الاوراق وقلمه ... وعاد بظهره إلى الوراء يفكر بدهشة ... "ليش الكل معارض ؟... معقولة مستخسرينها فيني ... ولا علشان مريم مثل ما يقولون ... آآآآآآآه ... ليش انت من متى تسمع لأحد يا نايف ... خلهم ... طول عمرهم ما فيهم اللي يفكر صح " ... ورن الجوال :
_ هلا أبو فواز ...
_ هلا بك يا الغالي ...
_ من طول الغيبات ...
_ هههههه ... وهذا اللي هامك الشغل وبس ... يا أخي جاملني ... قول لي تبي شي ... محتاج شي ...
_ أدري فيك ذيب ... وما أخاف عليك ...
_ ايه اضحك علي بهالكلام ...
_ بلا هذرة ... وش سويت ؟
_ تمام التمام ... بعد أسبوع بالكثير أكون بالرياض ...
_ توصل بالسلامة ...
_ الله يسلمك ... الا أقول ابو فلاح ..
_ سم ..
_ سمعت انك ناوي عالثانية ...
_ بل ... ما أسرع ما وصلك الخبر ...
_ ههههههه ... يعني صحيح السالفة ؟
_ صحيح ... بس اذا كلامك يغم القلب نفس اللي عندي ... أرقع الجوال بوجهك ...
_ ههههههههه ... لا شدعوه .. عليك بالعافية ... بس سمعت ان البنت مو موافقة ...
_ توافق ...
_ هاه ... نايف ترى هذا زواج ... مو أوراق جامعة تحرقها وتنتهي مشكلتك ...
_ وش تبي تقول بعد ...
_ يعني ما فيك أمل ؟!
_ لا تحاول ... البنت مأخذها يعني مأخذها ...
_ ايه ... الله يعينها عليك ... والله يعينك عليها ... سمعت ان البنت حديدية ... عاد انت وياها بتصير بينكم حرب شوارع ....
_ أشوف لسانك طال ...
_ هههههههه ... أشوف فيك يوم يا نايف ... يالله تأمر على شي ...
_ سلامتك ...
_ مع السلامة ... سلم ...
_ يوصل ...
ضحك ناصر وهو يغلق الجوال " ما فيك أمل يا نايف ... آآآآآآآخ يا قلبي ... عزاه ... انا اللي حياتي ما فيها أمل ... هذي المدام ... تدور حلول لمشاكل الناس ... وحنا بالطقاق ... يا رب ... يسرها علي يا رب " :
علشان الحب ... واللي بيني وبينك !!
علشان الحب ... علشان أيامي وسنينك !!
أبيك اتراجع احساسك ... وتنسى جروحي وآلامك !!
حرام إنا بهذا البعد ... تضيع أيامي وأيامك !!

ارادة الحياة 14-05-08 04:29 PM

((الفصل الواحد والثلاثون))
بعد يومين وفي منزل راشد <<<
_ يبه ... خالي نايف بالمجلس يبيك ...
تبادل الجالسين (ام راشد _ راشد _ نوف _ عهود _ بشاير _ دلال) نظرات الترقب والخوف من المجهول :
_ خلاص عبدالرحمن قوله الحين جاي ... (وترك فنجان شايه ووقف) ...
وقفت بشاير بصرامة :
_ اذا جاي يتكلم على نفس الموضوع ... خلني اطلع أتفاهم معاه ...
صرخت الام بنفاذ صبر :
_ بشاير !
_ يمه خليني أتفاهم معاه ... صدقيني ما احد يقدر له غيري ...
نوف بخوف :
_ بشاير الله يخليك اقصري الشر ...
_ طول ما اخوك موجود الشر ملازمنا ... (وخرجت تصعد السلم وتبعتها عهود) ...
تبادلت دلال وامها نظرات خجلة من موقف نوف الحرج ... علق راشد بحياديته المعتادة :
_ طالع أشوف وش عنده ...
وفي غرفتهما ... كانت بشاير تستعد للخروج :
_ بشاير ... اقصري الشر ... لا تجنين على نفسك ...
_ عهود ... (ونظرة في عينيها بثبات) ... صدقيني هذي آخر فرصة لي ...
عهود بيأس :
_ امي ما راح ترضى ...
_ لا تقولين لها ...
_ بشاير لا تهورين ...
بشاير وهي تغالب دموعها :
_ عهود حطي نفسك مكاني ... ليش انتم مو حاسين بموقفي ... تدرين يعني شنو اتزوج نايف ... يعني أشارك مريم ... أشارك بنت عمي في زوجها وفي حياتها ... نايف قاعد يعذبني ... ويحطني في موقف ما أتمناه لعدوي ... فأنا صارحتك ... خليك قد الثقة وساعديني ...( هزت عهود رأسها بالايجاب) ...
بعد ربع ساعة في منزل أبو نايف <<<
_ سم يا أبو نايف ... (وناولته فنجان الشاي) ... سيف أعطيك شاهي ...
هز سيف الجالس مع فارس على اللاب توب يده بالرفض ... وأكملت ام فارس احتساء شايها :
_ عمــــــــــــــــــي !!
واستغرب الكل اندفاع الفتاة التي لم ترفع غطاء وجهها ... واتجاهها مباشرة لتمسك بيد عمها :
_ اسم الله ... شفيه ؟... (ووقف العم مرعوبا) ...
زاد الحاحها :
_ عمي ... تكفى ...
ارتعبت أم فارس وارتعب سيف وفارس أكثر منها :
_ بشاير ... شصاير ...؟
_ عمي الله يخليك ... فكني من نايف ... تكفى يا عمي ...
_ شفيــــــــــــــــه !!
والتفت الكل إلى الباب الذي دخل منه نايف ... كان قد وجد السائق خارجا ... سأله من معه ... فعرف بأنها بشاير ... فتنبأ بما قد تفعله وكأنه قد بدأ يتوقع كل تحركاتها :
_ نايف ... شفيكم ؟... (كان ينقل عيناه بين ابنه وبشاير) ...
كانت عيناه مسمرتان على هذه الجريئة بغضب عارم :
_ ما في شي يبه ...
_ الا فيه ... (والتفتت نحو عمها) ... عمي ما ابي اتزوج ... نايف ما ابيه ... لا تجبرني يا عمي ... تكفى ...
صرخ فيها واثقا :
_ ليش ؟... شايفة لك شوفة ثانية ...
صرخ سيف برجاء :
_ نايف ...
_ لو تذبحني يا نايف ... زواج ما راح اتزوجك ... فاهم ... يا اخي ما ابيك ... غصيبة هي ...
_ مو على كيفك ... فقدت هالحق بالاختيار من زمان .. (ورمقها بنظرة لها ألف معنى) ...
_ انتم ما تستحون ... واقف بينكم انا ...
_ ما تسمع ولدك يا عمي ... فكني من شره ... والله تعبت ...
_ عساك ... بس وبالله العظيم اللي تبينه ما يصير ...
_ لا تحلف ... أصلا انت اللي مقويك إنه ما في رياجيل تردك ولا كان ... آآآآآآآه ...
ودوى صوت الصفعة قويا حتى أجبرها على الصمت :
_ هذا وانا واقف يا اللي ما تستحين ...
ولم تستطع أن تتكلم أكثر ... ابتلع كل الذين حضروا على أصوات الصراخ ريقهم بصعوبة ... تنهد نايف بارتياح ... وصرخ العم العجوز غاضبا :
_ مضـــــــــــاوي ...
وجاءت مضاوي الواقفة عند الباب ركضا :
_ آمر يا عمي ...
_ خذي اختك عندك ... (ونظر في عينيها بتحدي) ... ولا تطلعينها من جناحك الا لما نخلص ... نايف شوف فحوصاتكم ... وبكرا ان شاء الله نملك ... (ورفع اصبعه بتهديد) ... وانتي ان سمعت حسك قصيت لسانك ...
_ امشي .. (وسحبتها مضاوي) ...
في جناح مضاوي <<<
_ الله يأخذك ... (وظلت مضاوي تدور بقلق) ... وش اللي سويتيه ؟... يا فضيحتنا فضيحاه ... يا ربي والله لتموت أمي ...
وظلت بشاير ... ينزف الدم من جانب فمها ... وآثر كدمة قوية على خدها ... تنظر في الفراغ بدهشة ... "يعني خلاص ... راح أتزوج نايف ... يا رب ... وين أبوي ؟... وينك يا يبه ... عمري ما حسيت إني فقدتك الا اليوم ... خذ أمنتك مني يا رب ... ريحني يا رب ... ما عاد بإيدي حيلة ... يا رب .. يا رب " ...
بعد يوم (سيارة مبارك) <<<
_ مبارك !!
ورد مبارك المرتبك :
_ هلا ...
_ ما عليك أمر ... ودني بيت عمي أبو أحمد ...
استغرب طلبها :
_ إن شاء الله ...
بيت أبو أحمد <<<
_ وين بناتك ؟
أمسكت بالريموت كنترول وهي تجلس :
_ ما أدري ... يمكن مع مريم ...
هزت الأم رأسها بيأس وهي تحتسي قهوتها :
_ السلام عليكم ...
_ بشـــــــــاير !
ووقفت هيا باستغراب ... تبادلت معها السلام :
_ شلونك يا عمة ...
ولم تكلف العمة نفسها برد السلام :
_ مبروك الملكة يا بنت عبدالرحمن ...
قدرت بشاير غضبها ... فلم ترد عليها ... جلست متهالكة على الأريكة ... تضع رأسها بين يديها :
_ هيا وين مريم ؟
جلست هيا بجانبها :
_ تنوم حمود ...
_ بشـــــــــاير !!
وانتبهن لوجود مريم ... الواقفة عند باب المدخل :
_ مريم ... (وانفلتت دموعها الحارة التي لم تعد تشعر بها) ...
اقتربت منها مريم ... جلست بجانبها ... وربتت على ظهرها بحنانها المعتاد :
_ خلاص يا بشاير ... ما صار الا الخير ...
التفتت بشاير نحوها وهي تلعن نفسها مئة مرة :
_ صدقيني حاولت يا مريم ... عمي حبسني ليوم الملكة اليوم ... ونايف ما خلا لي مجال ... سكرها بوجهي يا مريم ...
ابتسمت وهي تتذكر :
_ تعلميني فيه ... أعرفه اللي يبيه يسويه وما يهمه أحد ...
_ مريم انتي زعلانة مني ؟
ابسمت برحمة :
_ زعلانة من نفسي ...
وانتحبت بشاير وهي ترتمي في أحضان مريم .








--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل الثاني والثلاثون))
بيت أبو بدر بعد يومين<<<
_ يا مشعــــــــــــــــــــل !!
واجتمع كل من في البيت على صرخة الأم المكتومة ... تقدمهم سعود الذي وجد والده جالسا على الأريكة مغما عليه ... وتحته بقايا كوب الشاي المكسور ... والدته تجلس بجانبه وقد فتحت أزارير ثوبه لتساعده على التنفس :
_ سعــــــــــــــــود ... أبوي ... (وقذفته بدرية صارخة) ...
حمل مشعل _ فهد _ سعود والدهم وأسرعوا به إلى أقرب مشفى ... تقدمت بدرية لترتمي في أحضان أمها الصامتة باكية :
_ يمـــــــــــه !!
_ أبوك مات يا بدرية ... (وكانت تنظر في الفراغ) ...
وزاد انتحاب بدرية ... وفعلا أسلم أبو بدر الروح قبل أن يصل إلى المشفى ... غادر دنيانا تاركا خلفه ذكراه العاطرة مع كل من عرفه ... عاش سنوات وسنوات قبل أن يطوي شراعه الموت ... فارق الأحبة والأصدقاء ليبقى في ذاكرتهم وإلى الأبد ذلك الرجل الطيب ذو المعشر السهل :
_ قلتوا لناصر ...؟
أجابه نايف :
_ راح ماجد يجيبه من المطار ...
_ لعنبوكم عمكم صار له 3 أيام وتوكم تقول له ...
_ وهذا هو يبه ... بس قلنا له جاء ...
تنهد الاب بحزن وهو يضع يدا على رأسه :
_ أستغفر الله العظيم ...
وفي حديقة منزل أبو بدر ... سألت ريم :
_ أنوار وين ؟
أجابتها بشاير التي تنظر في العدم :
_ نايمة ...
علقت مضاوي :
_ خليها تنام ... أحسن لها من الصياح ...
جلست حصة وهي مرهقة :
_ عمتي أم بدر مو راضية تأكل شي ...
ريم بحزن :
_ حتى أمي ...
وظلت عهود واقفة ... تراقب جو الكآبة الذي طغى على الجميع ... فالكل حزين ... والكل مهموم ... " الموت صعب ... الله يرحمك يا عمي" ...
_ عظم الله أجرك يا عمة ... (وقبل رأسها وهما يقفان في الممر) ...
_ البقا براسك يا وليدي ... (وتساقطت دموعها الحارة) ...
_ هذا اللي كاتبة ربك ... الله يرحمه ... جعل مثواه الجنة ...
رفعت يديها بالدعاء :
_ آمين ...
_ عمة ... أنوار وشلونها ؟
_ والله يا ناصر متضايقة ... من يوم راح المرحوم ... وهي مقفلة على حالها وتصيح ...
_ عمة ما عليك أمر ... شوفي لي درب ... أبي أشوفها ...
_ إن شاء الله ... (وانصرفت) ...
جلس في الصالة الجانبية ... مل من كثرة المعزين وكلمات المواساة التي لا تغني ... يحس بأنه فقد شيئا من روحه ... كم هو مؤلم فقدان الأب ... عاد برأسه إلى الوراء ... وأغمض عيناه ... يحاول أن يتنفس ببطء .
وكانت تقف عند المدخل ... تراقبه ... منذ ثلاثة أيام لم تره ... يبدو حزينا ... حزينا جدا ... خسر الكثير من الوزن ... ونبتت لحيته بشكل نافر ... وكسا الشحوب ملامح وجهه كلها ... بكت بصمت من حاله ... ومن حالها هي أيضا :
سلامـــــــــــــــــــــات !!
حبيبي مو على بعضك ... سلامــــات !!
أشوف الحزن في عيونك ... سلامـــــات !!
يا مهمـــــــــــــــــــوم !!
تعال أبكي على صدري يا مهموم !!
استجمعت شجاعتها واقتربت منه :
_ بدر !!
زاد صوتها من ضيقه أضعافا ... لم يفتح عينيه :
_ نعم ...
_ بدر ... نروح البيت ...
_ لا ...
_ بس شكلك تعبان ...
فتح عيناه يرمقها بسخرية قاتلة ... ثم عاد لغفوته :
_ تبي عشا ...؟
نهض يتجه نحو الباب خلفها بغضب :
_ ما أبي سم ... اتركيني بحالي ...
سالت دموعها بصمت ... تعودت كثيرا على مثل هذا الانفجار معه ...
فتح باب الغرفة التي كانت تغرق في الظلام ... أقفل الباب خلفه ... واقترب بهدوء من صوت الشهقات التي يسمعها صادرة من السرير ... رفعت وجهها الغارق بالدمع ... وملامحها الذابلة :
_ منــــــــ ... (وسالت دموعها اكثر) ... ناصر !!
_ يا قلب ناصر انتي ...
واقترب منها حتى جلس بجانبها ... ارتمت في أحضانه وانتحبت حتى أحست بالملل .
عادت حصة وهي تحاول أن تبدو طبيعية ... جلست على الأريكة شاردة ... حتى أمسكت أمها بمرفقها تحركها :
_ حصة !!
_ هلا يمه ...
_ وش فيك ؟... صار لي ساعة أناديك ...
_ ما سمعتك ...
تنهدت الام من حال ابنتها الذي لا يعجبها بتاتا ... تبدو وقد فقدت الكثير من الوزن ... ويرافقها الشرود بشكل دائم :
_ تروحون اليوم ...؟
_ لا ... بدر يقول مو اليوم ... عن اذنك يمه ...
ونهضت تتهرب من تساؤلات امها ... اتجهت نحو المدخل فوجدت ريم ترتدي عباءتها :
_ ماشين ؟
_ ماما تبي تنام هنا ... وأنا بروح مع ابوي ... اخواني لحالهم بالبيت ...
هزت رأسها بتفهم ... وظلت ريم تتأملها بقلق :
_ شفيك ؟
تصنعت ابتسامة كاذبة :
_ تعبانة شوي ...
_ تروحون بيتكم ؟
_ لا ...
_ طيب أبي أكلمك الليلة ... ليش ما طلعتي شريحة للجوال بدال اللي احترقت ...
تظاهرت بالنسيان :
_ نسيت ... ان شاء الله ...
_ طيب ... للحين ما حطيتوا تلفون بيت ...؟
هزت رأسها بالنفي :
_ يا بردك انتي وزوجك ... الله يرحم أيام اللي ما تعيش بدون تلفون ... الظاهر الاخ بدر غيرك ... باي ... (قبلتها وانصرفت) ...
وفي الكراج كان يقف بجانب السيارة الصغيرة التي سيستقلها حتى البيت ... كان يضع حقيبتها في الخلف ... اقترب منه بدر :
_ ماشي ؟
_ آآآآآآه ... تعبان وما نمت غير ساعتين خلال 3 أيام ...
_ الله يعينك ... (انتبه للحقيبة النسائية) ... بتأخذ أنوار ؟
_ نفسيتها عدم ... ما اقدر أخليها ...
_ زين تسوي ... بيتنا صار بؤرة للأمراض النفسية هالأيام ...
_ الله يعين ...
واقتربت منهم أنوار :
_ بدر ... (وسالت دموعها من تحت غطاء وجهها) ...
احتضنها بدر بكل ذلك الحنان الذي يحمله في قلبه المهموم :
_ بدر تكفى ... (وابتعدت عنه) .. لا تخلي أمي ...
قبل رأسها بود :
_ لا تشلين هم ...
ودخلت السيارة ... أغلق ناصر الباب خلفها وهو يبتسم لبدر ابتسامة مؤلمة :
_ دير بالك عليها ...
_ لا توصي ... مع السلامة ... (وانطلقت السيارة) ...
جناح ناصر <<<
أحست بالراحة ... بعد أن أخذت حماما دافئا ... وأجبرها ناصر على الأكل ... ثم غطت في نوم خفيف ... استيقظت في الساعة 2 من منتصف الليل ... تكورت جالسة في سريرها تفكر بهدوء ... بعد قليل ... فتح الباب ودخل بابتسامته الحلوة ... اقترب حتى جلس مقابلها :
_ صحيتي ؟
_ تو ...
_ وشلونك الحين ؟
_ أحسن ...
_ جوعانة ...
هزت رأسها بالنفي ... وقتلتها غصة عنيفة ... جعلت الدموع تعود للتجمع في مآقيها :
_ أنوار ... (وأمسك يدها) ... استهدي بالله ... هاللي تسوينه ما ينفع ... لو البكا يرجع اللي راح ... كان بكينا بدال الدموع دم ...
_ مو قادرة يا ناصر ... مو مصدقة ان ابوي مات ...
كان صوته هادئا :
_ حتى انا ابوي مات ..
_ انت ما عرفت ابوك ... انا ... ناصر ما راح اقدر اعيش من دون ابوي ...
_ اول شي صعب ... بس النسيان نعمة ... والحي أبقى من الميت ...
كانت شهقاتها قوية كأن روحها هي التي تخرج :
_ ناصر ... تعبانة ... (وأمسكت رأسها) ...
_ أدري يا عمري ... انتي بس لا تفكرين وراح تصيرين زينة ...
وظلت صافنة :
_ الدنيا تخوف يا ناصر ...
ابتسم من اكتشافها :
_ ليش سموها دنيا ... " كل من عليها فان ويبقى وجهه ربك ذو الجلال " ...
_ يعني انا راح اموت ...
قدر صدمتها فجاراها :
_ حتى انا راح اموت ...
_ لا ... (وارتمت في أحضانه) ... الا انت يا ناصر ... لا تموت وتخليني ...
وضمها إلى صدره بقوة ... عله يطرد هذا الحزن بعيدا ... لأول مرة تكون معه على سجيتها ... لأول مرة لا تلعب معه دور الفريسة المتيقظة ... لأول مرة تصبح الزوجة التي لطالما تمناها :
بتبقى أغلى الحبايــــــــــــــب !!
مهما تبعد يا غايـــــــــــــــــب !!
انتا كل الهــــــــــــــوى !!
من قال لك بنسى حبـــــــــــــــك !!
حبيبي كتير بحـــــــــــــــــــبك !!
لازم نرجع ســـــــــــــــــــــوا !!
قلبي لغيرك ما انكتــــــــــــــــب !!
صدق ما بعرف شو الســــــــــبب !!
انتا حبيبي والعتب مرفـــــــــــوع !!
تبعد انا ببقى انـــــــــــــــــــــا !!
ترجع انا بحبك انـــــــــــــــــــا !!
انتا انا تنسى الهوى ممــــــــــــنوع !!

ارادة الحياة 14-05-08 04:32 PM

(( الفصل الثالث والثلاثون))
بعد شهر (غرفة بشاير) <<<
_ ناصر أخذ إجازة ... راح نسافر الأسبوع الجاي ...
بشاير كانت جالسة على السرير ... تتأمل بفرح وجه ابنة عمها الذي تلاشى منه الحزن بشكل واضح ... ابتسمت وهي تعلق :
_ يا عيني ...
أخفضت رأسها بخجل وهي تتذكر بحزن :
_ ناصر يقول لازم نغير جو بعد اللي صار ...
_ معاه حق ... استانسي وافرحي كثر ما تقدرين ... صدقيني يا انوار الدنيا ما تسوى .. واللي راح عمره ما يرجع ...
تأملتها بدهشة :
_ نفس كلام ناصر ...
_ ههههههههههههه ... ما تلاحظين إن الاستاذ ناصر كل شوي وطالع في كلامنا ... الظاهر القلب راضي عليه من جد ...
_ وجد الجد بعد ... تصدقين يا بشاير كنت ظالمته ...
_ يا ما قلت لك ... بس انتي رأسك يابس ... (وضربت رأسها) ...
_ وش أسوي ... طول عمري هبلة ... بس والله كل ما اتذكر سوالفي معاه ... أستحي ...(ورن الجوال) ...
خذني معك عالجو الحلو ...
خليني معك اسرح يا حلو ...
غلاي يتصل بك ...<<<
ابتسمت وهي ترد :
_ هلا ناصر ...
_ هلا يا قلبي ... شبعتي ؟
استغربت :
_ شبعت شنو ؟
_ هههههههه ... سوالف مع بشاير ...
_ هههههه ... باقي نص سالفة ...
_ لا عاد كافي ... هالنص سالفة خليها لي بالبيت ... يالله انزلي انا تحت مع راشد ...
_ ان شاء الله ... (واغلقت الجوال) ...
بشاير كانت تبتسم بلؤم :
_ فضل ويارا ... وغلاي ... وصوت ناعم ... وكركرة .... هههههههه ... عفية عليك يا ناصر ...
_ جب زين ... (وقذفتها بالوسادة) ... أروح أنزل عند رجلي أبرك ...
أمسكت الوسادة وهي تضحك :
_ ههههههه ... الله يرحم أيام زمان ... يوم تنحاشين منه وتتصلين علي نص الليل تدورين التعاليل ...
_ قلتيها أيام زمان ... (وانصرفت) ...
سيارة ناصر<<<
_ شلون بشاير ؟
تنهدت بحزن :
_ مو زينة ... هي قالت لي الموضوع انتهى ... وما رضت نتكلم فيه ... بس أحسها نفسيا حيل متأزمة ...
ابتسم بحزن :
_ يعني استسلمت ...
_ ليش تقول كذا ؟
_ واضح ... بشاير من النوع العملي ... ومجرد أنها تتجاهل مشكلة خاصة فيها ... معنى هذا أنها استسلمت وفقدت الحلول ...
كان الطريق مظلما ... والشارع فارغا إلا من سيارات قليلة ... وأنوار قد رمت غطاء وجهها :
_ والله تكسر الخاطر ...
_ بالعكس ... هي مأزمة الموضوع ... صدقيني نايف مو شين مثل ما انتم متصورين ...
_ لا تجيب طاريه ... قطيعة ... تحوم جبدي من اتذكر سواياه ... صاير لنا هتلر ...
_ هههههههههههه ... هتلر مرة وحدة ... حرام عليك ...
_ حرمت عيشته ... انت ما تشوفه وش يسوي ؟... ولا علشان صاحبك ما ترضى عليه ...
_ شوفي حبيبتي ... نايف صحيح شخصية مسيطرة ... وهو يسعى أنه يبين للكل هالجانب ... يمكن لأنه يحب إن اللي حوله يحترمونه ... بس من داخله نايف جدا إنسان مختلف ...
وفكرت أنوار باستغراب في كلامه .
بيت أحمد بعد أسبوع<<<
كانت تدور في أرجاء الغرفة بارتباك ... تقترب من الطفلة من حين لآخر تضع كمادات باردة على جبينها ... " يا ربي وش أسوي أنا الحين ... البنت شابة نار ... أول مرة بدر يتأخر كذا ؟... يا ربي ... الله يهداه بس ... لا جوال ولا تلفون ... ولا ... وممنوع أطلع من البيت " ... ونزلت لتنتظر بارتباك في المدخل الكبير ... وبعد ساعة من الانتظار الطويل :
_ السلام عليكم ...
نهضت نحوه بعيون تملآها الدموع وجسد يرتجف من الرعب ... تعلقت بكم دشداشته :
_ بـــــــدر !... الحق ...
_ شفيه ؟
_ شوق ... شوق يا بدر ...
وهب راكضا على السلم .
وبعد ساعة كاملة من انتظارها المميت ... عاد يحملها على كتفه :
_ وش قال الطبيب ...؟
نظر نحوها باشمئزاز :
_ حرارة مرتفعة ...
اتجه إلى غرفته ... وضع الطفلة على سريره ... وغطاها جيدا ... اتجه إلى المطبخ ... رمقها وهي لا زالت تقف خائفة عند المدخل ... تبعته ... ثم سألت وهو يفتح الثلاجة :
_ تبي عشا ؟
_ لا ...
أخرج زجاجة العصير الكبيرة وصب بعضا منه في كوب ... ثم شربه ... انتبه لكمية كبيرة من الحلويات وضعت على طاولة المطبخ ... سأل بريبة :
_ من كان هنا ؟
لم يثرها سؤاله ... بل طريقته في السؤال :
_ ريم ... وعمتي شريفة ...
ظل ينظر نحوها بقرف :
_ نانا ... يا نانا ...
وجاءت الخادمة نانا :
_ يس بابا ...
_ منو كان هنا ؟
نظرت نحو سيدتها بدهشة ... أثارته :
_ تكلــــــــــــــــمي ...
_ هذا في ماما ... ووحدة بنتي ...
وخرج من المطبخ ... تأملت الخادمة بخوف سيدتها الواقفة بانكسار :
_ خلاص نانا .... روحي نامي ...
وانصرفت نحو غرفتها ... وفي طريقها سمعت صوته ... يتكلم في الجوال :
_ هلا عمة ... شلونك ؟... اليوم سمعت إنك زايرتنا ... ههههههه ... لا قالت لي ... بس ليش ما قلتي لي قبل ... والله مشتاق لك ... يعني الحين حصة أهم مني ... تبشرين ... بكرا إن شاء الله أمر عليك ... مع السلامة ...
اقتحمت الغرفة ... وهي تكاد تنفجر من القهر :
_ شفيك ؟
_ ليش كلمت عمتي ؟... مو كافي سألت الخدامة ... ليش تحطني بهالموقف ؟
جلس ببرود على السرير وقد غير ملابسه :
_ يمكن انتي موصية الخدامة ؟
_ يعني كل هذا ما في ثقة ...
نظر في عينيها بسخرية :
_ ليش انتي تستاهلين الثقة ...
وخرجت من الغرفة هاربة ... احتضن طفلته وهو يتمدد بجانبها ... " كل شي تسوينه يا حصة ... مهما كان نبيل ... ومهما كان احساسك حقيقي ... مو مقبول ... ابكي ... ابكي يا بنت عمي ... بدال الدموع دم " ...
وفي غرفتها ... قذفت نفسها على السرير منتحبة وكأن روحها ستخرج ... تعاني القهر ... والذل ... والعار الذي لن ينمحي :
لا تســــــــــــألوني ؟؟!
وش جرى في حياتي
خلوا همومي بالحشا مستقرة
الصمت ثوبي والمواجع عباتي
والحزن كله وسط قلبي مقره
لو أستعيد بواقعي ذكرياتي
أحيا واموت فالثانية ألف مرة
وهمي يجيني من جميع الجهاتي
تجاوز حدود الفلك والمجرة
دبي (جناح فندق)<<<
_ عوافي ...
وجلست بجانبه على السرير :
_ الله يعافيك ... ليش ما تعشيت ؟
_ هههههه ... ما أبي هذي تكبر ... (وأمسك بطنه) ... خليني أخفف ...
_ انت مو متين !!
_ لو أهمل نفسي أصير متين ... وبعدين تعوفيني ...
اقتربت منه بدلال :
_ حتى لو صرت مثل مشعل ... أبيك ...
_ احمممممم ... لا إله إلا الله ...
_ هههههههههه ... ناصر لا نرجع بكرا ...
_ ودي ... بس عندي شغل ... (ومسد شعرها بيده) ...
_ خوذ إجازة ...
_ تبين نايف يموتني ...
_ يخسي ... خله بس يقول لك كلمة ... (وابتسمت) ... والله لأجننه ...
_ هههههههه ... يا روحي ... ليلى كلاي مو أنوار ...
ضربت صدره وابتعدت عنه :
_ مو كفو أحد يدافع عنك ...
احتضنها من الخلف وهي تستعد للنهوض :
_ هههههههه ... يا قلبي زعلتي ...
_ وخر ... ترى جد أقلبها عليك ...
أمسك شعرها الذي أصبح غزيرا :
_ أنوار ... أشوف الكشة طولانة ... (تأمل وجهها الذي يعشقه) ... لا وحاطتلي حمرة ... صج إني مو كفو ...
واعتدلت بجلستها وهي تقابله وتبتسم :
_ علشان تعرف قيمتي ...
قبل يدها وهو ينظر في عينيها :
_ أنا من زمان أعرف قيمتك ... ولا شاللي صبرني على ضيمك ...
أحست بالغصة :
_ ناصر انت للحين زعلان مني ؟
_ يعني ... نصي زعلان ... ونصي راضي ...
أجابته ببراءة :
_ أدري إني زودتها معاك ... بس يعني ... أنا كثير أسوي تصرفات أتحسف عليها ... وبعدين ... أنت شفتي هبلة ... المفروض تهدي معاي ... مو تهبل فيني زيادة ...
_ يعني الحين تحطين اللوم علي ...
_ لا ... لا تزعل ... (وابتسمت) ... أنا الغلطانة ...
_ طيب راضيني ...
_ كل هذا وما رضيت ...
_ قلت لك ... في نص من قلبي مو راضي عليك ...
واقتربت منه برقة ... وهي تلمس صدره :
_ طماع قلبك هذا ... وش اللي يرضيه ...
انتبهت لشروده في وجهها ... فضحكت وهي تحركه :
_ ناصر !!
_ هاه ...
وأكملا معا ... آخر ليلة في دبي ... أسبوعا حمل لهما الكثير والكثير ... تصالحت القلوب ... وتصافت النفوس ... وأصبح غياب المشاعر لا يعرف لقلبيهما طريقا .

ارادة الحياة 14-05-08 04:33 PM

(( الفصل الرابع والثلاثون))
عاد من العمل ... منهكا ... يترنم بأغنية سخيفة كعادته :
_ منــــــــــال ... منــــــــــــولة ... منـــــــــــال ...
واتجه إلى غرفتهما ... وجدها مستلقية على السرير ... يتصبب العرق من جبينها ... وجهها يعلوه شحوب مميت :
_ هلا ماجد ... (وحاولت أن تعتدل جالسة) ...
سأل برعب وهو يجلس بجانبها :
_ شفيك ؟
_ ما فيني شي ... تعبانة ... (وحاولت أن تبتسم) ...
_ يمكن تبين تولدين ؟
ضحكت وهي تمسد شعره بحنان :
_ لا ... تو الناس ... توني بأول الشهر السادس ...
_ طيب خلينا نروح المستشفى ...
أمسكت بطنها بألم :
_ ما له داعي ... شوية مغص ويروح ...
_ منال شكلك يخوف ...
_ ماجد والله عادي ... أنام شوي وراح أطيب ...
أرعبه شكلها المريض ... وآلمه الشعور بانها تتألم :
_ لا ... (واتجه إلى الخزانة يخرج عباءتها) ... يالله قومي ... بلا دلع ... لازم يشوفك دكتور ...
_ ماجد ... خلاص أقولك راح اهون ...
نظر نحوها باصرار :
_ تقومين ولا أسويها وأشيلك ...
ونفذت ما أمرها به .
بعد ساعة في مكتب الطبيبة<<<
_ خير يا دكتورة ...
_ خير يا أخ ماجد ... (والتفت لمنال التي جلست لتوها) ... مدام منال انتي كنتي مداومة على فحوصات الحمل ...
_ طبعا ...
_ بس هالشي مو مذكور بملفك ... بس مثل ما توقعت الظاهر الاعراض بدات متأخرة ...
نظرت منال نحو ماجد برعب :
_ خير يا دكتورة ...
أجابت الدكتورة بتجرد :
_ حالة المشيمة عندك سيئة جدا ... وهي اللي مسببة لك الآلام الحادة ... الطفل في حالة جيدة ... بس هالشي على حساب صحتك انتي ... يعني إذا طول الوضع حالتك انتي اللي راح تتصعب ...
ابتلعت منال ريقها بصعوبة ... ونظرت نحو ماجد الذي يبدو انه لم يفهم شيئا الا انها في خطر :
_ والحل ...
_ لازم تنزلين الطفل ... وبمثل هالحالات راح تحتاجين عملية لأنك بالشهر السادس ...
_ أنزله ؟!
_ هذا الحل اللي قدامك ... لو كنتي بالشهر السابع كان في أمل أن الطفل ينجو ... بس ...
_ عادي ... بقى شهر ... ننتظر لما أدخل السابع ...
_ ما نقدر نظمن حالتك انتي بهالشهر ...
تخلى ماجد عن صمته :
_ خلاص نزليه ... أنا أوقع عالعملية ...
صرخت منال وهي تلتفت له :
_ مــــــــاجد ...
_ شفيك ؟... تقول لك راح تموتين ...
_ انا أفضل إنكم تناقشون هالموضوع مع بعض وبهدوء ... وتتفقون ... ويا ليت ما تطولون علي ...
بعد ساعتين في منزل ماجد <<<
_ نزليه ... مو لازم ... انتي وماجد صغار ... والله يعوضكم خير ...
نظرت منال بغضب نحو ماجد الواقف بتحدي عند باب غرفة نومهما ... " ليش جبت عمتي شريفة ... علشان تضغط علي يا ماجد " :
_ عمة ... (وكتفت يديها) ... هالموضوع يخصني أنا وماجد ...
صرخ بألم :
_ وانا أقولك نزليه ...
بادلته نظرة خيبة أمل كبيرة ... صرخت العمة التي لا تزال ترتدي عباءتها :
_ الدكتورة تقول في خطر على حياتك ... ما تفهمين انتي ...
_ الدكتورة كذابة ...
ضحك ماجد بسخرية :
_ يا سلام ...
جلست على السرير ... وتساقطت دموعها غزيرة :
_ خلاص دام انا اللي بموت ... بالطقاق ... شعليكم فيني ...
صرخ ماجد بألم أكبر :
_ مو على كيفك ... تنزلينه يعني تنزلينه ... فاهمة ...
وأجهشت هي بالبكاء ... تقدمت الخادمة من الباب بخوف :
_ بابا ...
صرخ ماجد :
_ شتبين انتي ؟
_ هذا في بابا اهمد ...
_ أحمد ...
ومسح دموعه وهو يتجه نحو الباب :
_ هلا احمد ... تعال ما في احد ...
فتح الباب على مصراعيه ... وتوجه ليجلس على الأريكة ... أغلق أحمد الباب خلفه ... وجلس بجانبه بهدوء :
_ شفيك ؟
ودون ان ينظر إليه :
_ ما في شي ...
أمسك كتفيه بحنان :
_ علي أنا يا ماجد ...
نظر ماجد في عينيه ... وترقرقت الدموع حارة فيهما :
_ منال ...
سأله بهدوء :
_ شفيها ؟
_ راح تموت ...
صدم من جوابه :
_ وش قاعد تقول انت ؟... وش اللي يموتها ...
كانت غصات بكائه قوية :
_ ما ادري ... كنا عند الطبيبة ... وقالت لنا اذا ما نزلت اللي في بطنها راح تموت ... خربطت واجد بس هذا اللي فهمته ...
_ وهي مو راضية تنزله ...؟
هز رأسه بالايجاب ودموعه لا زالت تتساقط :
_ طيب خلاص ... كيفها هذا قرارها ...
مسح وجهه بيديه :
_ شلون كيفها يا احمد ... انا اذا منال صار فيها شي أموت ...
آلمته نبرة الحب العميق في كلام هذا الشاب :
_ طيب ... اسمعني ... هذي أشياء بإيد ربك ... يعني لا تسمع كلام الطبيبة ولا خرابيطها ...
_ يعني شلون ؟
ابتسم بحنان :
_ يعني منال طلعت تحبك أكثر ... شوف هذي هي مستعدة تضحي علشان شي يجمعكم ببعض ... وانت تضيق خلقها على الفاضي ...
_ يعني انا غلطان ؟
_ غلطان ونص ...
_ إذا تحبها صج طاوعها ... وبعدين ... تعال صاير شرير ... شلون يجيك قلب يا مجود ... (وأمسك رقبته بين يديه) ... تبي تذبح ولدك وهو ما طلع عالدنيا ... بكرا بس يجي أعلمه عليك ...
وغاب ماجد مع أحمد في جو من المرح والضحكات المتألمة .
الساعة 1 بعد منتصف الليل <<<
دخل الغرفة الغارقة في الظلام ... كانت تتظاهر بالنوم ... أحس بشهقاتها الحزينة وهي تحت الغطاء ... اقترب منها ... وبدأ يمسد ظهرها :
_ منــــــال ... (ولم تنظر إليه واستمرت دموعها في التدفق الصامت) ... منولة انتي زعلانة مني ؟... (أخرج يدها وقبلها بحنان) ... آسف ... والله آسف ...
اعتدلت في جلستها بريبة وهي تحتضن بيدها بطنها المنتفخ :
_ يعني ما تقولي نزليه ثاني مرة ...
_ لا ... حتى أحمد هاوشني ... وقال لي لا تخليها تنزله ...
تساقطت دموعها بفرح وهي تبتسم له ... اقترب منها بوجه حزين وهو يمسح دمعها بيده :
_ طيب ليه تبكين ؟
_ ماجد !... شلون عطاك قلبك تقولي نزليه ... ما تذكرت شكثر حلمنا فيه ... وشلون فكرنا نربيه ... والأغراض اللي شريناها له ... ولا ...
قاطعها بألم :
_ أدري ... بس والله كنت خايف عليك ...
أمسكت وجهه بين يديها ونظرت مباشرة في عينيه :
_ ماجد ... أنا ما لي أحد في هالدنيا ... غيرك وغير ولدنا ... إذا صار في واحد منكم شي ... أموت ...
نظر ماجد في وجهها المتعب ... كثيرة هي الأسباب التي من أجلها يعشق زوجته حتى الجنون ... ضمها بقوة ... يبحث عن ذلك الأمان الذي زرعته في قلبه منذ أن عرفها .

ارادة الحياة 14-05-08 04:36 PM

(( الفصل الخامس والثلاثون))
الساعة الآن 3:30 بعد منتصف الليل ... من أسوء عاداتها السهر حتى الساعات الأولى للفجر ... جلست بملل على الأريكة في الصالة السفلية للمنزل ... أمسكت الريموت كنترول وظلت تقلب في القنوات ... بعد ربع ساعة نزل خلفها ... وجدها ممددة بغباء كعادتها ... ويقتلها الاندماج مع فيلم أمريكي ... جلس ووضع رأسها في حجره ولا زالت هي على اندماجها :
_ ليش ما نمتي ؟
_ شفتك نمت ... وضاق خلقي ... قلت أنزل أطالع التلفزيون ...
نظر نحو الشاشة :
_ حلو الفيلم ؟
_ للحين يعني ... بس البطل حلو ...
مط شفتيه باستهزاء :
_ يا عيني ... ومنو البطل ؟
_ Brad Pitt
_ أجل ... (وسحب الريموت من يدها بخفة) ... خليني أطالع الاخبار أحسن ...
قفزت جالسة بغباء ... تحاول استعادة الريموت :
_ نـاصر !... الفيلم حلو ...
كان يحجز جسدها الصغير بيده بعيدا عن الريموت في يده الأخرى :
_ قلت لك أبي أشوف الأخبار ...
_ لا تصير سخيف ... شايب انت ؟... كله قاعد عالاخبار ...
_ بعــــــــــد !!... شنو قلنا على طوالة اللسان ...
_ خلاص نصور ... والله آسف ... بس جيب ...
تظاهر ناصر بالغباء وهو يبتسم ويعطيها الريموت :
_ منو نصور ؟
_ هههههههههههه ... واحد ... خبل ... (وهربت وهي تضحك) ...
_ لا يا ... (ولحق خلفها) ...
وفي ممر الطابق الأعلى استطاع أن يمسك بها ... كانت تتلوى بين يديه كالطفلة المذنبة وهي تحاول الفرار ثانية :
_ ههههههههه ... ناصر خلاص ... والله آخر مرة ...
رفع ناصر نظره وابتسم وهو لا زال يضمها :
_ صبحك الله بالخير يمه ...
ابتسمت امه التي خرجت من الحمام وقد أنهت وضوءها وهي تقترب منهما :
_ يالله صباح خير ... للحين ما نمتوا ؟
أحست أنوار بأن وجنتيها احترقتا ... خاصة وأن ناصر ظل ممسكا بخصرها حتى هذه اللحظة :
_ ليش انا هالقطوة تخليني أنام ...
واقترب بوجهه من خدها حتى لفحتها أنفاسه الحارة :
_ ههههههههه ... الله يديمها عليكم ... بس ترى أذن ... مو تنسون الصلاة ...
وجه لها لهجة تهديد :
_ سمعتي روحي جهزي ملابسي ...
أحست بأن الكلمات تخرج رغما عنها :
_ إن ... شاء ... الله ...
اتجهت إلى جناحهما واتجه هو معه أمه إلى غرفتها .
خرجت من الحمام لتوها ... قذفت نفسها على السرير وهي تتلوى ... تحس بأن أحشاءها تتمزق ... أرهقها هذا الألم الذي يصاحبها ليلا ونهارا ... " آآآآآآآه ... يا ربي ... بطني ... أبي أموت ... آآآه ... خلاص تحملي يا منال ... ما بقى شي ... آآآه " ... وسالت دموعها غزيرة علها تخفف من وقع هذا الالم المميت :
_ منــال !...
واقترب منها ... مسحت دموعها بسرعة ... وجلست معتدلة حتى لا توحي له بمعاناتها :
_ هلا ... (وابتسمت رغما عنها) ...
_ شفيك ؟... (وجلس قريبا منها) ... وليش ما تتفطرين ؟
_ أكلت قبلك ... (أرادت صرف انتباهه) ... ليش ما رحت الدوام ؟
ورن جواله :
_ هلا صلاح ... شنو سويت ؟... خلاص نروح بسيارتي ... لا تقول لعمي شي ... ولا لأي أحد ... أنت خل سيارتك بالبيت علشان عمي ما يشك ... أوكي ... أمر عليك العصر ... باي ... (وأغلق الجوال) ...
_ وش صاير ؟
_ أحمد !
_ شفيه ؟
_ أمس اتصلنا على الاستراحة أبي أروح يمه ... والحارس قال لي أنه ما مر عليه من أسبوع ... ومن شهر ما جاء البيت ...
_ يعني وين راح ؟
كسا الحزن وجهه :
_ ما أدري ... هو بالعادة يختفي كذا ... بس كان عالأقل يتصل علي أنا ... يقول وين هو ...
_ يمكن مسافر ؟
_ لا ... خليت واحد من ربعي يتأكد ... ولقى انه مو طالع برا المملكة ...
_ توقع صار فيه شي ؟
_ لا إن شاء الله ... أنا قلت لصلاح ... نروح للاستراحة وندور عليه بأنفسنا ...
تنهدت بحدة :
_ هو الله يهداه مضيع نفسه ... ولا واحد بسنه وش له بهالسوالف ... هذا ناصر كبره ... ونايف بعد ... كلهم مستقرين وفاتحين بيوت ...
صدم من لهجتها :
_ ليش تتكلمين على احمد كذا ؟
_ ماجد أدري فيك تعزه ... بس أحمد غلطان ... ضيع نفسه ... وغاضب ربه ... وحارق قلب أمه وأبوه عليه ... هو كبير إخوانه ... المفروض هو اللي يهتم فيهم ... مو انت وصلاح تدورنه من مكان لمكان ...
أخفض ماجد رأسه بحزن وهو يعلم بأن كلامها صحيح :
_ ماجد !... (رفع لها عيناه) ... أنت مرة غلطت وسويت اللي يسويه أحمد ...
ابتسم بألم وحدة :
_ مرة ... وهو اللي ضربني ... وقال يا ويلك إن عدتها مرة ثانية ...
استغربت منال تناقض أحمد ... واستغربت أكثر من طبيعة حياته ... ما الذي يجعله يعيش على هذا النمط ... كانت لديها ثقة عميقة بأن ذلك الشاب تلقى في حياته صدمة عنيفة ... جربت هي الآلام في حياتها ... وتدرك جيدا بأن مثل هذا الاستسلام ينشأ عن ألم يقتل الروح قبل الجسد .
كانت ترتب غرفتها ... الجوارير مفتوحة ... وأغراضها السخيفة مبعثرة في أرجاء المكان ... وتجلس هي وسط هذه الفوضى ... ابتسمت وهي تصنف رسائل الحب ذات الأوراق الملونة التي تبادلاها منذ طفولتهما ... اللوحات التي رسمها لها بوضعيات مختلفة وكتب فوقها ابداعات شعره الرقيقة ... الدمى المحشوة التي كان يهديها لها ... تلك العقود البراقة ... السوار الذي جلبه من البرازيل يحمل نقش حرفيهما ... صورته التي تعد الأغلى بين ممتلكاتها :
_ عمة ... (واقتربت أمل بهدوء) ... منو جاب لك كل هذا ؟
ابتسمت بفخر :
_ صديقتي ... أموله وش رأيك نروح اليوم عند دينا ولينا ؟
وابتهجت الطفلة :
_ اللــــــــه ... يا ليت ...
_ روحي قولي لأمي ... وهي تخلينا نروح ...
_ طيب ... (ونهضت الطفلة مسرعة) ...
خرج من الغرفة ... أغلق الباب خلفه وهو يفكر بألم ... "أدري فيها تتوجع ... يا ما سمعتها تبكي بالليل من الوجع ... وياما صحيت على صوت الآهات اللي تطلع منها وهي تحاول تكتمها عني ... بس شنو أسوي ؟... إذا قلت لها نزليه تزعل ... آآآه .. بقى أسبوع وتصير بالشهر السابع ... يا رب يا رب ... عد هالأيام على خير " :
_ بارتي ... بارتي ...
_ يس بابا ...
_ شوفي ماما نايم ... لا يصحي ... ولا يسوي ازعاج فاهمة ؟
_ يس بابا ... (وخرج من المنزل) ...
نزل السلم راكضا ... وقبل أن يلمس باب المدخل فتح ... تدافعت أمل وجود إلى الداخل :
_ قوة صلاح ...
_ هلا عمة ...
وأخفض رأسه بخجله المعتاد ... ودخلت خلفها عهود :
_ هــ ... قوة ...
_ هلا صلاح ... (وأخفضت رأسها) ...
_ يالله حي من جاء ... هلا بأم راشد ...
وتقدمت أم أحمد تسلم على ضيوفها ... وظل صلاح يراقب بصمت حبيبته الواقفة ... نظرت في عينيه فبادلها ابتسامة مشتاقة :
_ هاه ... صلاح يمه مو كنت طالع ؟
_ هاه ... ايه صح ... عن إذنكم ... (وخرج خجلا) ...
ودخل الضيوف المنزل .









--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل السادس والثلاثون))
<<< سيارة ماجد على طريق الاستراحة
_ توقع نلقاه ؟
أجاب ماجد :
_ هو إذا مو مسافر ما يبعد عن الاستراحة ...
_ طيب وإذا ما لقيناه ؟
_ ندور بالمخيم ...
انتبه صلاح لسرعة ماجد الجنونية :
_ طيب ... خفف .. من لاحق وراك ؟
_ ما أبي نوصل متأخر ...
_ وش ورانا ... إذا وصلنا متأخر ننام بالاستراحة ...
_ منال تعبانة ما أقدر أخليها ... لازم أرجع بدري ...
_ والله هالأحمد متعبنا ... لو يدري فيه أبوي ليسود عيشته ...
_ ههههه ... ومن متى أحمد يرد على أحد ...
كان صلاح مثبتا نظره إلى الامام بحزن :
_ والله حياته كسيفة ... انا لو ... مــــــــــــاجد ...
وكان صوت الارتطام مدويا ... سيارتين على طريق واحد ... ووجها لوجه ... أحس صلاح بالغبار ورائحة البنزين في كل مكان ... نظر على جانبه ... ووجد وجه ماجد على المقود وملطخا بالدماء ... والسيارة قد أصبحت ضيقة ... صرخ وكأنه قد فقد الأمل :
_ ماجـــــــد !! ... يا مــــــاجد !!
لكن صوته كان خافتا رغم صراخه ... تراقصت دموع الموت في عينيه ... ومر شريط حياته بحزن ... لكنه ظل يتمسك بالحياة ... حاول ان يمد يده ... لكنه أحس بألم فظيع ... يبدو أنها كسرت ... صرخ بأسى ودموعه لا زالت تسيل :
_ مـــــاجد ... قوم يا ماجد ... راح نحترق ...
لكن ماجد ظل صامتا ... يئس صلاح ... وظل يدعو الذي لا يخيب فيه الرجاء ... أن ينجيهما ... حتى أحس بالوهن ... وغاب عن المكان وإلى خارج حدود المكان .
<<< بيت أبو أحمد بعد 4 ساعات
جالسا يحتسي شايه ... وعبر نظارته الكبيرة يدقق في أوراق يبدو أنها مهمة ... هيا تراقبه باستغراب ثم تعود لمشاهدة برنامجها المفضل (بالصراحة أحلى) ... ورن جرس الهاتف بجانبها :
_ آلووو ... وعليكم السلام ... إيه نعم أخوي هذا بيته ... إيه موجود ... لحظة شوي ... (والتفتت نحو أبيها) ... يبه في واحد يبيك ...
نهض الأب العجوز واتجه إلى الهاتف :
_ آلوو ... وعليكم السلام ... إيه نعم خير ... أنا هو ... عبدالله أخوي ... لا موجود بس ... يمكن مو بالبيت ... خير يا ولدي وش شصاير ؟...
_ يبــــــــــــه ...
سقطت السماعة ... ووقع الأب مغشيا عليه .
<<< بيت أبو نايف
في الصالة السفلية تعالت الضحكات ... ورائحة القهوة تملأ المكان ... ودوي المناقشات لا يهدئ ... فأم ماجد وأولادها في زيارة أسبوعية لهذا المنزل المكتظ ... وفي ممر الطابق الثاني ... خرج نايف مهرولا من جناحه ... يرتدي غترته على عجل ... اصطدم بمريم في الممر :
_ نايف الشاهي ... (ورفعت له الصينية التي تحملها) ...
لم يرد عليها ... وكأنه أصلا لم يرها ... صدمه الاحتفال الصغير في الاسفل ... كيف نسي بأن أم ماجد موجودة هنا ... لقد سلم عليها منذ قليل ... سقطت عيناه في عيناها الضاحكتين من حديث تتجادل فيه مع أمه ... اقترب وبهدوء :
_ أم فارس ... تعالي شوي ...
وانزوى بعيدا ... وتبعته أم فارس :
_ خير ... (صدمتها تعابير نايف الوجلة) ... نايف وش صاير ؟
_ إن شاء الله خير ... أبيك تسمعيني ... أدري فيك تقدرين تسيطرين عالوضع ...
_ نايف روعتني وش صاير ؟
_ ماجد ... وصلاح مسوين حادث ...
شهقت برعب :
_ ماتوا ؟؟؟!
_ ما ادري ... تو اتصلت علي هيا ... وتقول واحد اتصل عليهم ... وحتى عمي أبو أحمد طاح وشالوه بإسعاف ...
ضربت صدرها بقوة :
_ يا ويلي ...
أمسكت يدها بشدة :
_ بس ... انا ما قلت لك علشان تفقدين اعصابك ... (هزت رأسها بالموافقة وهي تكتم خوفها) ... شوفي مهما صار لا تخلين عمتي أم ماجد تطلع من بيتنا ... سامعتني ...
هزت رأسها بالموافقة أيضا :
_ طمني يا نايف ...
_ الله يستر ... (وخرج من المنزل) ...
<<< المشفى الساعة 30 : 12 بعد منتصف الليل
طويلة هي لحظات الانتظار ... مملة هي لحظات الجهل بالمصير ... وأليمة هي لحظات ترقب النجاة ... في قاعة الانتظار الباردة ... كبرودة ما يكتنفها من مصائر ... يقف نايف بفقدان صبر وهو يدور في أرجائها ... العجوز أبو احمد شاحبا وهو يجلس على المقعد ولا زال آثر المهدئ باديا عليه ... بجانبه ناصر يضع رأسه بين يديه وكأنه قد يأس ... أبو ماجد يجلس مهموما يفترش الأرضية الباردة وقد تحدرت دموعه دون توقف ... بدر _ مشعل _ فهد _ سعود _ مبارك ليسوا أفضل حالا من البقية ... وخرج الطبيب من غرفة العمليات ... ركض أكثرهم إليه ... سأل نايف :
_ خير يا دكتور ...
لكن وجه الطبيب لم يكن يبشر بالخير أبدا :
_ ماجد يطلبكم الحل ...
صرخ فهد بألم :
_ لا ... (وانخرط في نوبة بكاء حادة) ...
استدرك ماجد :
_ وصلاح ...
_ الله يكون بعونا وعونه ... (وعاد لغرفة العمليات) ...
تساقطت الدموع غزيرة ... أحس الكل بالخسارة ... دوت شهقات أبو ماجد حادة لتكسر جمود المكان وسكونه المميت ... اقترب منه ناصر يمسك بمرفقه ليقف :
_ قول لا إله إلا الله يا عمي ...
لكن الخسارة كانت أعظم من أن يواسيها أحد ... نايف _ بدر _ سعود _ مبارك ... والجميع أحس بالانكسار ورهبة الموقف ... وصلوا لله في قلوبهم أن ينجي صلاح ... وألا تكبر هذه المأساة أكثر ... ولكن خابت التوقعات ... وفي الساعة 3 فجرا ... لحق صلاح بصاحبه ... وودعا معا الحياة الغضة التي عاشاها ... لم تشفع لهما السنوات القصيرة في العمر ... ولم تشفع لهما تلك الأجساد اليافعة ... ولا الأرواح المتدفقة بالحب وعشق الحياة ... لأن الموت وبكل بساطة لا يعرف الشفقة .
اقترب شرطي مهيب من المكان :
_ عظم الله أجركم يا جماعة ...
رد نايف بأسى :
_ أجرنا وأجرك ...
_ المصيبة كبيرة يا أخوي ... الله يكون بعونكم ... بس حنا لازم نقفل محضر الحادث ...
ابتلع نايف غصته :
_ والمطلوب ...
_ لازم أحد يمرنا بكرا المركز ...
_ تبشر ... بكرا أمر عليكم ...
_ على خير ... (وصافحه) ... الله يجعلها أكبر المصايب إن شاء الله ... (وانصرف) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:37 PM

(( الفصل السابع والثلاثون))
<<< بعد يومين
لا زال الحزن يخيم على الجميع ... ولا زال الألم يعتصر القلوب والنفوس الثكلى ... صعبة جدا ساعات الحرمان ... وصعبة أكثر ساعات فقدان الابن ... والزوج ... والأخ ... والحبيب ... مؤلمة هي الحياة حينما تتهمش ... ويسقط منها طرف عزيز على النفس .
<<< بيت أبو ماجد
خرجت حصة وهي تغلق باب غرف ريم خلفها ... دموعها لم تجف ... جميلة هي المآسي حينما تجعلك تبكي على نفسك قبل أن تبكي عليها ... اقتربت منها أنوار وهي ترتدي عباءتها :
_ نامت ؟
هزت رأسها بالايجاب :
_ ماشية ؟
_ ايه ... ناصر ينتظرني تحت ... وانتي ؟
_ ما أدري ... إذا بدر قال إمشي أبمشي ...
اعتادت على أن لا ترفض لبدر أي كلمة :
_ على خير ... (وقبلتها) ... دير بالك على نفسك ...
_ مع السلامة ...
وسقطت دموعها حارة ... كم هي قاسية هذه اللحظات على الجميع .
<<< بيت ماجد
دخلت العمة شريفة الغرفة المظلمة ... تعرف أنها تتظاهر بالنوم ... تحت ذلك الغطاء الذي يغمرها ... مسحت دموعها الحارة ... وهي تغلق الباب وتخرج ... منذ أن سمعت بالخبر لم تصدقه ... وحتى البارحة عاشت حالة انكار رهيبة ... حتى أصيبت البارحة بانهيار فظيع ... جلب لها نايف طبيبة منزلية أعطتها الكثير من المهدئات حتى هدئت وغطت في نوم عميق ... ولكن لا زالت من فترة لأخرى تصرخ مرتعبة ... حتى تعطى مهدئا آخر .
اقتربت من الغرفة التي تشاركتها مع عمتها خلال هذين اليومين ... تحمل بين يديها كوبا من الحليب الساخن ... جلست بجانب عمتها المنتحبة على السرير :
_ عمة ... (ومدت لها الكوب) ...
_ ما أبي ... (ونظرت في عينيها) ... أبي أعرف وش الحل معاها ... البنت ميتة يا بشاير ...
وضعت بشاير الكوب على الطاولة ... ونظرت في الفراغ وهي تفرك يديها بأسى :
_ لا تلومينها يا عمة ... اللي صار لها مو هين ...
وخرجت بشاير نحو الصالة ... وفي الممر وقبل أن تصل ... فتحت الشقة بالمفتاح ... ودخل مهموما ... يحمل كيسا بيده ... استغرب وجودها ... لكنه استغرب أكثر ارتياحها في وجوده :
_ السلام ...
_ وعليكم السلام ... البقا براسك يا نايف ...
أحست بأن المأساة أكبر من خلافاتهما ... بأن ما حدث ... أعطى الكل مساحة للتفكير بأن كل شيء آخر يدخل ضمن التفاهات :
_ حياتك الباقية ... بـــــارتي ...
وجاءت بارتي ... سلمها الأكياس ... وانصرفت إلى المطبخ :
_ هذي أغراض ... وجايب عشا جاهز ...
_ عساك عالقوة ...
_ خلوا منال تأكل ... وإذا تبون شي ... اتصلوا علي ...
هزت رأسها بالموافقة ... ودعها ... وانصرف بهدوء ...
وفي الغرفة التي شهدت أجمل لحظاتهما ... وعلى السرير الذي لا زال يحتفظ بدفئه وحنانه ... ممددة ... تشكي لنفسها ومن نفسها ... جور الزمان ... وقساوة الحياة ... كم هو صعب أن تجد من يتخلل حبه إلى أعماق الروح ... وكم هو مرير فقدان مثل هذا الشخص ... فقدت في حياتها كل شيء ... الأم ... الأب الغائب الحاضر ... الحنان ... الحب الذي يمنحه الأهل لبنيهم ... ذكريات الطفولة التي تغرق بالآمال والاحلام العريضة ... كل شيء ... وجاء ماجد ... بجسد رجل ومشاعر طفل صغير ... غير العالم ... وقلب الأوضاع ... عوضها عن كل ما فات ... وعاشت معه كأنها لم تعش من قبل ... فلتبكي ... فلتبكي عليه حتى تمل العيون ... وحتى ينتهي الدمع فيها ... ألا يستحق ماجد كل هذا الحنين وكل هذا الفقدان ؟... " ليش يا ماجد ؟... ليش رحت وتركتني ؟... أنت وعدتني انك ما تخليني ... من لي الحين يا ماجد ... كنت خايف علي انا اللي أموت ... وكنت تقول لي أنا اللي راح أهتم فيك ... وأحرسك ... وما خلي شي يصيبك ... وشوف أنت رحت قبلي ... ونسيت الوعد يا ماجد ... آآآآه ... يا ليتني أموت ... يا ليتني أرتاح ... ولا أبقى من بعدك يا عمري ... "... وغرقت في نوبة بكاء حادة :
(( يــــــــا حـــــــارس العمـــــــر ))
انسرق العمر وما تدري !!
ما قلت لك لا تنام ... وذا الزمن صاحي !!
أعطيتك أيامي ... أمنتك على عمري !!
نمت وعطيت الزمن ... بابي ومفتاحي !!

ارادة الحياة 14-05-08 04:38 PM

(( الفصل الثامن والثلاثون ))
<<< بعد يوم
رن جرس الباب ... كعادته في جميع زياراته ... فتحت الخادمة ... فأمرها بميكانيكية :
_ روحي نادي بابا ... (وقذف سيجارته على الأرض وأطفئها) ...
استغربت الخادمة ... ودخلت تنادي على من في المنزل ... وبعد قليل سمع صوت صرخة منال المدوية ... ارتعب ودخل المنزل بسرعة :
_ شفيه ؟
وجد شريفة وقد تغطت واتجهت نحو الباب لتستقبله ... سأل برعب أكبر وشهقات منال لا سألت قوية :
_ شصاير ؟
منال كانت في غرفتها مع بشاير ... منذ أن سمعت صوت أحمد ... غشيها حزن مميت ... وكأنها تتذكر ماجد يتجسد الآن في احمد ... فصرخت تريد ان تخرج لكن بشاير منعتها :
_ منال ... تعوذي من الشيطان انتي بالعدة ...
_ آآآآآآآه ... يا احمد ... ماجد راح يا أحمد ... راح يدور عليك ... راح يا احمد ...
كانت في حالة استنزاف شديد ... للمشاعر ... للدموع ... ولكل شيء آخر ... سمع أحمد كلامها ... وكأنه لم يسمع ... نظر نحو شريفة :
_ وش تقول ؟
_ أحمد ... صلاح وماجد ... أ...
تغيرت ألوان وجهه :
_ صلاح أخوي ... وماجد ...
انخرطت شريفة في نوبة بكاء حادة :
_ البقا براسك يا احمد ...
ولا زالت منال تصرخ ... ركض احمد نحو الباب بسرعة مجنونة ... صرخت شريفة برعب :
_ أحمـــــــــــــد ...
<<< مجلس العزاء
نهض نايف يتنهد بيأس ... وخرج نحو الخارج يبحث عن بعض الهواء ... تبعه ناصر :
_ وشفيك ؟
_ احمد !!
_ لقيته ؟
_ عمتي شريفة ... اتصلت تقول جاهم بالبيت ودرى بماجد وصلاح ...
ارتعب ناصر :
_ ووين راح ؟
_ ما أدري ... عمتي تقول طلع وما تدري وين راح ...
_ لا حول ...
_ هالولد ما أدري وش أسوي فيه ... (ورفع جواله) ...
<<< في اليوم التالي
فتح سعد الباب ... دخل نايف وخلفه ناصر ... تبادل الشباب السلام ... بادرهم سعد بأسى :
_ عاد هو جاني ... وقال لي لا تعلم ... بصراحة اول ما شفته حسيت فيه شي ...
شكره نايف بامتنان وهو يمسك كتفيه :
_ ما تقصر يا سعد ...
سأل ناصر :
_ وينه هو ؟
_ داخل ... (واتجه ناصر إلى الداخل) ...
طلب منه نايف باحترام :
_ ما عليك أمر يا سعد ... نبي نتفاهم مع أحمد لحالنا ...
_ ما طلبت شي يا ابو فلاح ... البيت بيتك ...
وخرج سعد بكل تفهم ... اتجه نايف إلى الغرفة ... وجده جالسا بانهاك وزجاجة الخمر في يده ... يبدو مرهقا ... وكأن ألف خنجر وخنجر انطعن في جسده ... ثيابه تمزق أكثرها ... ووجهه شاحبا حتى الموت ... يداه ترتجفان ... وعقله ليس معه :
_ أحمد استغفر ربك ...
كان ناصر جالسا بقربه يمسد ظهره بحنان ... اقترب نايف بحزم وجلس مقابلهما :
_ ليش ما ترد على جوالك ؟
ابتسم بسخرية مرة :
_ ومنو اللي كان يدق ...
نايف وهو ينظر في عينيه باصرار :
_ أنا ... ناصر ... بدر ... أبوك ... حضرتك سافه الدنيا كلها ...
ترقرقت الدموع غزيرة في عينيه :
_ كلكم ما تهموني ...
_ واللي راحوا هذولا ... مو أخوك ... مو ولد عمك ... مو انت الكبير يا أستاذ احمد ... من اللي لازم يواسي أبوك ... هالشايب اللي يبكي له ألف قلب ... ولا أمك ... ولا خواتك ...
زادت دموع أحمد وانكساره أكثر ... ناصر بشفقة :
_ خلاص يا نايف ...
وقف نايف بعزم :
_ قم يا الله ...
ارتشف أحمد من زجاجته بهدوء ... وكأنه يريد أن يشرب حتى ينسى :
_ ما أبي أروح ...
ناصر بأسى وهو يقف ويسحب يده :
_ أحمد تعوذ من الشيطان وقوم ...
أفلت يده وتمدد على السرير :
_ ناصر قلت لك ما أبي ...
نايف بفقدان صبر :
_ قـــــوم ...
أغمض عينيه بهدوء :
_ ما راح أقوم يا نايف ...
_ تقوم ... غصبن عنك ...
واقترب نايف منه بغضب ... كسر الزجاجة التي بيده ... وأمسكه من عنقه ... وجره خارجا ... احمد لم يكن يملك أي قدرة على المقاومة غير الصراخ ... تبعهما ناصر :
_ نايف ... شوي شوي .. لا تعوره ...
اتجه نايف إلى الحمام ... فتح صنبور المغسلة وغط رأس أحمد فيه ... ولم يتركه حتى أحس بشهقاته تكاد تقتله ... وقف احمد يتقطر الماء من قمة رأسه ... كان يلهث بقوة ... وأصابته نوبة سعال عنيفة ... استند على الجدار حتى لا يترنح :
_ شوف حالتك ... شكلك ... لبسك ... (وصرخ بقوة) ... عقلك وين ؟... تعبنا ... تعبنا منك يا أحمد ... (وخرج غاضبا) ...
اقترب ناصر ... يمسك ذراع احمد بشفقة :
_ تعبان يا ناصر ... (وتعلق فيه أكثر) ...
_ الله يهداك يا أخوي ... انت اللي متعب نفسك ... إمش ... إمش الله يهداك ... (وسار هادئا معه) ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:40 PM

(( الفصل التاسع والثلاثون))
ولا زلنا في لحظات الوداع ... ولا زال الأمل مختفيا ... من أين نأتي بالصبر ؟... من أن نأتي بالتجلد ... والمصيبة أقوى من ان نصبر أو نتجلد ... كثيرة هي اللحظات التي يحس الانسان فيها بالعجز ... والندم ... وخيبة الرجاء العظيمة ... مؤلمة هي حينما تكون بعد فوات الأوان .
جلست أم ماجد بهدوء ... تتأمل الفراغ أمامها ... لا تشعر بكل الأصوات من حولها ... لا تنزل منها دمعة واحدة ... أليمة هي لحظات انكار الواقع ... وشعور أكثر ألما بالذنب تجاه شخص تعرف أن كلمة الأسف من المستحيل أن تصل إليه :
_ أم ماجد ...
التفتت ولا زالت االدموع في عينيها تكابر ... "ماجد ما يموت ... مستحيل يموت ... ماجد بعده صغير ... حتى العشرين ما وصل ... هو ما فيه شي ... ليش يموت ؟؟؟!" ... جلست أم نايف برحمة تمسك كتفي المرأة الثكلى ... لا تعرف بما يدور في خلدها الآن ... لكنها تعلم بأنها تتألم ... فلأم لا تقدر حالتها إلا أم مثلها :
_ اذكري الله يا وخيتي ...
_ ماجد راح وهو زعلان مني يا ام نايف ...
_ ماجد عمره ما زعل منك ... كان بينكم زعل و ...
قاطعتها بتقرير ذنبها بنفسها :
_ من سنة كاملة ما كلمته ... ولا حتى رضيت يسلم علي ...
تنهدت أم نايف بحزن :
_ شيطانك كان قوي ... وهالكلام ما ينفع الحين ... الله يتغمده برحمته ...
لكن الغصة التي تقف بين القلب والروح قوية ... قوية جدا ... لم تكن ام ماجد تملك لها ردا ... ولم يكن يخفف آلامها كلام مواساة أو دعوة تصبير ... وأيقنت بأنها سترافقها حتى آخر العمر .
وعلى سريرها كانت ممددة ... تحتضن وسادتها وتبكي بصمت ... موت صلاح خبر أدمى الأماني وقتل الأحلام البريئة ... تذكرت ذلك اليوم الأخير الذي رأته فيه ... ابتسامة عينيه التي تعشقها ... آلمتها الذكرى بشكل مميت ... وفي قلبها تتردد أغنية إليسا وصوتها الدافئ لتزيد على الأوجاع أوجاعا :
حبك ... وجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع !!!
بعده معي ... حبك حلم هربان ...
من قلب قلبي انسرق ... وبكيت عغيابه ...
مطرح ما كنا نحترق ... صار الجمر بردان ...
والعطر عنده وفا ... أكثر من صحابه ...
وحدي بدونك ما قدرت ... ما أصعب الحرمان ...
تركوا الندم عندي ... عيونك وغابوا ...
مجروح قلبي وصرخ ... عم يندهك ندمان !!!!!
محروم طعم الهنا ... بغياب أحبابه ...
كانت بشاير قد اعتادت حالة شقيقتها ... لم تكلف نفسها عناء مواساتها ... لأنها تعلم بأن ذلك سيزيد اللوعة أكثر من إخمادها ... فلتبكي إذا ... مما يصفي عثرات الروح البكاء على الحب ... وعلى رحيله إلى الأبد ... كانت ترتب خزانتها بهدوء ... دخلت دلال الغرفة وهي ترتدي عباءتها :
_ جهزتوا ؟... ترى السواق ينطر تحت ...
_ تخلين ولدك هنا ؟
_ أخليه مع ماري ... حتى اليوم قلت لمشعل إني بنام عندكم ...
هزت بشاير رأسها بالموافقة وهي تتجه لتخرج عباءتها ... نظرت دلال نحو عهود وبتجرد :
_ وانتي بعد قومي ... أمس ما رحتي العزا ولا اللي قبله ...
غرقت عهود في نوبة بكاء حادة وهي ترفع الغطاء لقمة رأسها تتجاهل هذه الأوامر ... اقتربت دلال وبحزم أبعدت الغطاء :
_ قومي ... أمس قلنا إنك تعبتي ... ما نبي فضايح ...
صرخت وشهقاتها تمنعها :
_ دلال شفيك ؟... قلت لك ما أقدر أروح ... ما أقدر ...
وجلست دلال في مستوى السرير ... وواجهت عهود بثقة وهي تقترب منها :
_ وليش ما تروحين إن شاء الله ؟
لكن بكاءها كان هو الجواب :
_ عهود حبيبتي .. انتي لازم تروحين ... لازم تعزين ... عمتي أم أحمد ... وعمتي أم ماجد ... وهيا وريم ومريم ... ترى المصيبة كبيرة ... ولازم كلنا نكون مع بعض ...
صرخت بحدة :
_ وأنا ... أنا منو يعزيني ...
على الغضب صوت دلال :
_ وبأي صفة يعزونك ...
جلست عهود وملامح وجهها الدامية تختصر معاناة اليومين الماضيين :
_ بصف هاللي راح حبيبي ... بصفة أني كنت أغلى وحدة بحياته ... بصفة الحب اللي كان بينا ... بصفته الروح اللي راحت مني ...
أمسكت دلال رأسها بقسوة وهي تشد من شعرها حتى ألمتها :
_ لا يسمعك أحد ... قلت لك ما نبي فضايح ... هالصفة ما تعطيك الحق حتى إنك تبكين عليه ... صلاح تعاملي مع موته ... بحزن بنت عم على ولد عمها ... لا تبالغين يا عهود ...
_ وش قاعدة تقولين يا دلال ...
_ افهمي ... افهمي يا بنت الناس ... صلاح الله يرحمه ... راح وترك كل شي وراه ... وانتي قدامك الحياة تعيشنها بعده ... ما فيه شي تعترف فيه الناس بينك وبينه ...
كتفت يديها بألم :
_ كافي إني أنا اعترف فيه ...
_ تدرين لو امي تسمع كلامك وش تقول ... اسمعيني ... (وجلست امامها بهدوء) ... بينك وبين نفسك ابكي لما تشبعين ... بس نصيحة لا تخلين لأحد يمسك عليك شي ... انت بنت وهالأمور حتى لو كانت بينكم بريئة ما أحد راح يصدقك ... لا تجيبين الفضيحة لنفسك ... ولا تخربين سمعة صلاح الله يرحمه ...
وانصرفت دلال من الغرفة ... نظرت عهود بحزن نحو بشاير علها تنجدها ببعض كلمات ... لكن ملامح بشاير الواجمة أكدت لها ودون شفقة ... بأن كلام دلال لا يعلوه شك .
وعلى المقعد الخشبي ... في حديقة منزله الواسعة ... خلفه نافورة الماء الرقراقة ... جلس يفكر مهموما ... غترته بين يديه ... ووجهه يوحي بألف تفسير وتفسير ... تقدمت منه ببطء ... جلست بجانبه ... ودست برشاقة يدها في ذراعه ... ووضعت رأسها على كتفه :
_ مساء الخير ...
انتبه من شروده فرد بحزن أكبر :
_ مساء النور ...
نظرت في وجهه الذي يبدو لها منه جاني واحد :
_ ليش ما ترد على الجوال ... قلقتني ...
_ كنت حاطه عالسايلنت ...
_ شفيك ؟
وخرجت منه تنهيدة حارة ... مسدت صدره بيدها :
_ سلامتك ... ناصر شفيك ؟
_ أفكر ...
_ بشنو ؟
ابتسم بسخرية :
_ بالدنيا ... (نظر نحوها بأسى) ... فيك ... في أمي ... في صلاح وماجد اللي راحوا ...
_ الله يرحمهم ...
_ آمين ... تعبتني الدنيا يا أنوار ... أحس انها بغمضة عين تسرق منك كل شي ... شبابك ... عمرك ... الناس اللي تحبهم ...
_ ناصر لا تخوفني ...
نظر في عينيها بتصميم :
_ لازم نخاف ... علشان نسلم يا أنوار ...
ونهض واقفا :
_ أحط لك أكل ... شكلك مو مأكل ...
_ مو مشتهي ... أمي وين ؟
_ بغرفتها ...
_ ترى اليوم جاي على بالي أنام عند أمي ...
نهضت أنوار نحوه وطيف ابتسامة يداعب شفتيها ... قلبت أزرار دشداشته :
_ طفولة متأخرة ؟!
ابتسم من طبعها الجميل :
_ ما أدري ... عادة سيئة ... إذا كنت مهموم ما لي إلا حضن أمي ...
_ وحضني ما ينفع ؟
رفع يدها وقبلها بعمق :
_ آآآآآخ يا أنوار ... شفتي شلون حتى من همي أخاف عليك ...
ضمته بدفء :
_ خلاص يا قلبي ... اليوم عندك افراج ... من هنا لما ترجع لي ناصر حبيبي ... (وضربت خده) ... مو لايق عليك الهم ...
ابتسم بألم وهو يدرك ما سيفعله ... " لو تدرين إنك انتي سبب هالهم يا انوار ... وش راح تقولين ؟" :
الجهل بيني وبينك طايح سوره !!
من مر الأيام صارت عندنا خبرة !!
وما دام عينك من اللي صار مكسورة !!
اجمع شموخك وخفف حدة النبرة !!
لا شفت وجهك ليا غيرته الفورة !!
أشوف قلبي ليا من مل من صبره !!
يا آخر مبالات قلبي وأول شعوره !!
شف لي سنع في غلاك وشوف لي دبرة !!
خليت نفسي من الأيام مقهورة !!
وخليت حالي لمن لا يعتبر عبرة !!
فراقك العام تكفى مني لا يجي دوره !!
صرت أحسب له وأفكر فيه وأعتبره !!

ارادة الحياة 14-05-08 04:43 PM

(( الفصل الأربعون ))
<<< بعد شهر
لم تعد تحتمل الألم ... صرخت وكأنها ستموت :
_ عمــــــــــــــة ... يا مبـــــــارك ...
وجاءت العمة وخلفها يركض مبارك :
_ شفيك ؟
_ بطني ... آآآآآه ... بطني يا عمة ...
التفتت العمة نحو مبارك المرتبك :
_ بسرعة ... روح شغل السيارة ...
<<< في المشفى
خرجت الطبيبة من غرفة الطوارئ ... اقتربت منها العمة شريفة بخوف :
_ بشري يا دكتورة ...
التفتت نحو مبارك :
_ انت زوجها ؟
ردت العمة :
_ لا أخوها ... زوجها مو موجود ...
_ آسف ... بس حالة منال جدا صعبة ... في احتمال أنها تولد طبيعي ... بس إذا اضطرينا راح نلجأ للعملية القيصرية ...
_ والحين شلونها يا دكتورة ؟
_ الله يكون بعونها ... ولادتها جدا راح تكون عسرة ... ولازم تشوفون زوجها وين ؟... علشان إذا احتجناه ...
وانصرفت الطبيبة ... جلست العمة بإنهاك على المقعد ... تضع رأسها بين يديها ... سأل مبارك :
_ عمة ... يعني شنو كلام الدكتورة ...؟
_ اتصل على نايف ... وعلى عمك عبدالله ... خلهم يجون بسرعة ...
<<< غرفة أحمد
خرج من الحمام بعد نوبة استفراغ قوية ... ونوبة السعال لا تفارقه ... ارتمى بجسده على السرير وظلت رجلاه على الأرض ... حدق في السقف وهو يفكر في هذه الغرفة ... كم اشتاق لها ؟؟؟... بين جدرانها تتراقص ذكريات طفولته ... مراهقته ... طيش شبابه ... قبل أن يعرف الحياة وتعطيه الصفعة تلو الأخرى ... لا يعرف منذ متى وهو على هذه الحال ... حرارة مرتفعة ... وخمول شديد في جسده ... وذكريات المأساة المؤلمة تقتله ... أغمض عينيه وهو يتنهد ويضع يدا فوق رأسه عله يخفف من هذا الصداع الحاد .
اقترب العجوز المهيب من غرفته ... دخل واتجه ليجلس بجانبه ... كم يؤلمه حال هذا الابن ... وكم يتقطع قلبه على فلذة كبده التي تعاني ... تأمل جسده الناحل ... ووجهه الذي يعلوه شحوب مميت ... هو يملك كل أسباب الحياة ... لكن راحة البال تفارقه ... وراء ابن تائه ... وابن مهاجر ... وآخر رحل دون عودة :
_ شلونك يبه ؟
آلمته نبرة القلق في صوت والده ... دمعت عيناه حتى غرقتا بالدمع ... أجاب بوهن وهو ينتحب :
_ تعبــــــــان ... آآآآآآآآآه ... تعبـــــــــــان يا يبه ...
وضع يدا مجعدة على صدر ابنه العزيز ... عله يطرد هذا الشتات بعيدا :
_ سلامتك يا أبوي ... انت اللي متعب نفسك ... تعوذ من الشيطان يا أحمد ...
لكن نوبة بكاءه زادت ... نهض يحاول أن يكتم شهقاته ... مسح وجهه وشعره بيديه ... ثم التفت نحو أبيه بعيون ذابلة :
_ أبي أسافر ...
_ وين ؟
_ أي مكان ... ما أبي أقعد هنا ...
_ وتخليني ... عزيز سافر قبل أسبوع ... وانت الحين تسافر وتخليني ...
_ يبـــه ... (وابتلع غصة عنيفة) ... ما أقدر أبقى هنا ... أحس إني مخنوق ... و ...
_ خلاص ... مثل ما تبي ... أنا أخلي نايف يحجز لك ...
عاد إلى سريره وتساقط بعجز ... حتى تمدد على بطنه :
_ يبــــه ... (واقترب الاب يمسد ظهره) ... ليش صلاح وماجد ؟... كانوا صغار ... و ...
_ أسغفر ربك يا ولدي ... هذي مشيئة الله ...
_ يا ليت أنا اللي مت ...
_ لا يا أحمد ... لا ...
واحتضن الاب ابنه باكيا .
كان يرتدي ملابسه ... يستعد للخروج ... لكنه يبحث عن شيء ما ... دخلت الغرفة وفي يدها صحنا مليئا بالأندومي :
_ وش تدور ؟
_ مفتاحي ... ما شفتيه ؟
هز كتفيها واتجهت إلى الكوميدينو ... تسندت عليه وظلت تأكل من صحنها :
_ يا ربي ... انا حاطه عالطاولة ... وين راح ... لا حول الله ... أكيد نسيته ... ولا ...
وانتبه لطيف ابتسامة يتراقص على شفتي زوجته ... تأملها بحذر ... جحظت عيناها :
_ والله مو عندي ...
كتف ذراعيه يهددها :
_ أنوار ...
استسلمت ... وضعت الصحن على الكوميدينو خلفها ... واتجهت نحوه ... اقتربت حتى لمست أزارير ثوبه :
_ مو ملاحظ إنك صاير ما تقعد معاي ...
_ عندي شغل ...
_ وش شغله ؟!... تقعد بالاستراحة للصبح ... وترجع بالليل تحط رأسك وتنام ...
تأمل عيناها بأسى ... لقد اشتاق لها كثيرا خلال هذا الشهر ... رن الجوال :
_ آلووو ... هلا فيصل ... لا إن شاء الله جاي ... وش يبي ؟... خلاص أنا أجيب معاي ... مسافة الطريق ... مع السلامة ...
ووضع الجوال بجيبه :
_ ليش تواعد الرجال وانت ما راح تروح ...
_ لأني ... (أمسك ذراعيها وطواهما نحو الخلف) ... راح أروح ... (وأخرج المفتاح من جيب جنزها الخلفي) ... خبيه عدل ثاني مرة ...
وخرج بهدوء ... صرخت بعده متمللة :
_ ناصـــــــــــر !! ... أوففف ... حتى اليوم بعد ملل ...
<<< المشفى بعد الساعة 12 ليلا
خرجت الطبيبة ... اتجه نايف والعمة شريفة نحوها بسرعة ... بادرتهما مسرعة :
_ مبـــــــروك ... جابت ولد ...
ارتاحت شريفة على المقعد بجانب أبو ماجد ... سألها نايف :
_ ومنال ؟
_ الطفل بحالة ممتازة ... بس منال العملية كانت صعبة عليها ... الحمد الله عدت على خير ... راح تبقى بالعناية الفائقة اليوم ...
_ مشكورة ما قصرتي ...
_ العفو أخوي ... (وانصرفت الطبيبة) ...
التفت وهو يقترب من عمه :
_ مبروك يا عمي ... يتربى بعزك إن شاء الله ...
شريفة من بين دموعها :
_ مبروك يا أبو ماجد ... الله عوضك خير ...
لكن أبو ماجد ظل يحدق في الفراغ :
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات ...
ومقصوصة كجناح أبيك هي المفردات ...
فكيف يغني المغني ؟!
وقد ملأ الدمع كل دواة ...
وماذا سأكتب يا ابني ؟!
وموتك ألغى جميع اللغات ...
أواجه موتك وحدي ...
وأجمع كل ثيابك وحدي ...
وألثم قمصانك العاطرات ...
ورسمك فوق جواز السفر ...
وأصرخ مثل المجانين وحدي ...
وكل الوجوه أمامي نحاس ...
وكل العيون أمامي حجر ...
فكيف أقاوم سيف الزمان ؟!
وسيفي انكسر ...
سأخبركم عن أميري الجميل ...
عن الكان مثل المرايا نقاء ... ومثل السنابل طولا ...
ومثل النخيل ...
وكان صديق الخراف الصغيرة ... كان صديق العصافير ...
كان صديق الهديل ...
كان كيوسف حسنا ... وكنت أخاف عليه من الذئب ...
وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي ...
وقد صبغته دماء الأصيل ...
فما حيلتي يا قصيدة عمري ؟!
إذا كنت أنت جميلا ...
وحظي قليل ...
أيا بني ...
لو كان للموت طفل ... لأدرك ما هو موت البنين ...
ولو كان للموت عقل ...
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين ...
ولو كان للموت قلب ... تردد في ذبح أولادنا الطيبين ...
فيا قرة العين ... كيف وجدت الحياة هناك ؟
فهل ستفكر فينا قليلا ؟
وترجع في آخر الصيف حتى نراك ...
أيا بني ...
إني جبان أمام رثائك ...
فارحم أباك ...
(( رائعة نزار قباني ))









--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل الواحد والأربعون ))
<<< بعد شهر
جلستا في الحديقة الخلفية ... وضعت أنوار صينية مليئة بالعصائر والمأكولات الخفيفة :
_ أخيرا قررت مدام بشاير تزورني ...
_ وش أسوي ... (وتناولت كوب العصير من يد انوار) ... بيتكم يضيق الخلق ...
_ عشتوا ... وليش بالله ؟
_ موحش ... كبير ... وما فيه غيرك وغير عمتي أم ناصر ... أبي أعرف شلون تستانسين فيه ؟
ابتسم بخبث وهي ترتشف كوبها :
_ إذا ناصر موجود ... لا تذوقين الوناسة اللي تصير ... يمممممممي ...
_ هههههههههههههههه ... عسى ما أحد يذوق وناسته غيرك ....
رفعت يديها بصدق نحو ربها :
_ آآآآآآآآآآآآآآآآمين ... إلا صدق ... كلمك هتلر ؟
هزت كتفيها :
_ لا ...
_ يعني إذا اتصل عليك تردين ... ولا تهزئنه ...
_ هههههههههه ... صج إنك بزر ... الله يعين ناصر عليك ...
كسا الأسى وجه أنوار :
_ اسكتي بس ...
_ آفااااا ... وش صاير ؟
_ ناصر ... (أرادت منها بشاير تفسيرا أكثر) ... متغير ...
_ شلون يعني متغير ؟
هزت كتفيها :
_ أحسه صاير ما يحبني ...
_ وش هالخرابيط ؟!... طيب وش اللي أوحى لك بهالشي ؟
_ تصرفاته ... صاير ما يقعد بالبيت ... وإذا رجع على طول ينام ... وحتى إذا جلس معاي ولا مع عمتي ... يكون مهموم وضايق خلقه ...
_ طيب ... يمكن عنده مشكلة ؟
_ سألته ... قال ما في شي ... اللي أستغربه ... أنه قبل ما يرتاح إلا يتحرش فيني ... أو انا أتحرش فيه ... الحين صاير هادي مرررة وكله زعلان ...
واستمرت جلسة الفتاتان ... شد وارخاء ... حل وربط ... لمشاكل الحياة وتعقيداتها التي لا تنتهي .
<<< منزل ابو بدر
_ يالله يمه ... (واحتضن أمه) ... دير بالك على نفسك ... (وقبل رأسها) ...
_ مع السلامة يمه ...
احتضن بدرية بقوة :
_ دير بالك على أمي يا بدرية ...
_ لا توصي يا أخوي ... دير بالك على نفسك ...
صرخ بقوة :
_ مشـــــــــــعل !
ونزل مشعل ... يحمل طفله بين ذراعيه ... وخلفه دلال :
_ زين ... زين ... جايين ... صرقعتنا ... هاك ...
وناوله الطفل ... احتضن الطفل بقوة وهو يقبله ... ثم التفت على مشعل وضمه دون تحفظ :
_ دير بالك على أمي يا مشعل ...
_ لا توصي ...
_ مع السلامة يا دلال ...
_ توصل بالسلامة يا سعود ...
صرخ فهد بنفاذ صبر :
_ يالله يا سعود ... تبي تمر على بيت بدر بعد ... وتبي تسلم على انوار ... يالله يمدينا نلحق طيارتك ...
وسلم على الجميع ثم انصرف ... علق مشعل :
_ فهــــد ... شوي شوي عالطريق ...
_ إن شاء الله ... (وخرجا) ...
جلست أم بدر على الأريكة :
_ ما أدري ليه قلبي يعورني ...
جلست بدرية وبجانبها دلال ... وجلس مشعل :
_ يمه الله يهداك ... سعود كل صيفية يقضيها في مكة ... وش الجديد يعني ...
وكما قال ... بعد ساعة انطلقت رحلة الطائرة إلى الديار المقدسة .
<<< مجلس ناصر
دخل ناصر بعد أن اوصل سعود وفهد إلى سيارتهما :
_ يا حليله سعود ... ما يخلي هالعادة ...
_ الله يديمها عليه نعمة ...
_ آآآآمين ... لا تشوف أنوار فكتها مناحة ...
_ ههههههههه ... حريم ... ما تأخذ منهم إلا البكي والدلع ...
وعادا لقهوتهما :
_ إلا صج ... عمتي وينها ؟... غريبة ما جت تسلم علي ...
_ أمي راحت لبيت خالي أبو مطلق ويمكن تنام عندهم الليلة ...
ابتسم بخبث :
_ بل ... ما دريت إني صاير عذول ...
_ هههههههههههه ... أي عذول الله يهداك ... تدري من عند انوار ؟
_ منو ؟
_ حرمك المصون ... مدامتك نمبر 2 ...
حرك فنجانه ببطء :
_ بشاير ... (هز رأسه بالايجاب) ... ههههه ... تراهني إذا ما كنت أنا وياك محور حديثهم ...
_ أراهنك على أنوار ... مستحيل تجيب سيرتي غير بالزين ...
رفع نايف حاجبا :
_ لا يا واثق ...
_ أحسن منك ... أجل المسكينة للحين ما دخلت عليها ... وريتها الضيم ... أنا لو منها ... أكل سم وأموت ولا أخليك أتهنا فيني ...
_ آفااااا ... هذا وانت أخوي وذراعي اليمين ...
_ الحق حق ... إلا صدق يا أبو فلاح ... أنت ما تلاحظ أنك للحين ما عطيتني سبب مقنع لزواجك ... أول مرة تسويها معاي ...
تنهد بقهر :
_ لحاجة في نفسي ...
_ آهااا ... طيب ممكن أعرفها ...
_ لا ...
_ مرات أشك أنك نايف اللي أعرفه ...
_ تصدق ... شوقتني على الزواج ...
_ تتزوج الحين ؟
_ وش المانع ... بدون عرس ... حفلة بسيطة كافي ... وبعدين هذي على قولتك نمبر 2 ...
_ أموت وأعرف وش اللي بينك وبين البنت يخليك تدور اللي يقهرها ...
_ هههههههه ... وليش تفكيرك سوداوي من ناحيتي ...
_ لأني أعرفك ... ولا ناسي ...
_ على طاري ... أعرفك وتعرفني ... وش صار على موضوعنا ؟
<<< الساعة 3 فجرا
لم يزر النوم جفنيها ... تمددت على سريرها بهدوء ... تفكر وتفكر ... حتى أحست بالتعب من هذا التفكير الذي لا يجد حلا ... رن جوالها ... انتبهت للرقم فابتسمت :
_ آلوووو ...
_ مساء الخير ...
_ مساء النور ...
_ سهرانة ؟... ولا صحيتك ؟
_ لا عادي ... متعودة أنا متأخر ...
_ حلو ... اتفقنا على نقطة ... اثنينا نحب السهر ...
ظلت صامتة ... بادرها :
_ أنا كلمت أبوي ... وقررت أن العرس يكون بعد شهر ... وش رأيك ؟
أحست بغصة عنيفة :
_ يعني إذا قلت لك لا راح تسمعني ... (ظل صامتا) ... سو اللي تبيه يا نايف ...
_ طيب ... أنا حطيت المهر بحسابك ... والcard بكرا أعطيه راشد ... وإذا احتجتي شي كلميني ...
_ إن شاء الله ...
_ تبين شي بعد ؟
_ وتعطيني ...
_ تبشرين ...
_ ما أبي أدخل بيتك على مريم وعيالها ...
_ بس هذا بيت أبوي ... وأنا مستحيل أطلع عن أبوي ...
_ وهو بيت مريم قبلي ... نايف الله يخليك ... لا تصعب الموضوع أكثر مما هو صعب ... أبي منك هالخدمة وبس ...
_ تبشرين ... شي ثاني ؟
_ سلامتك ... تصبح على خير ..
_ تلاقين الخير ...
كان جالسا على مكتبه ... تأمل الجوال بتمعن ... " تبين بيت لحالك يا بشاير ... وش عليه ؟... نشوف لك بيت لحالك ... علشان نتحاسب عدل يا بنت عمي " ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:45 PM

(( الفصل الثاني والأربعون ))
مرت الأيام ... بقدر ما تحمل من الألم ... تحمل الأمل في شفاءه ... كثيرة هي الوجوه التي نستطيع فيها التعويض عن الأخطاء ... كأم ماجد التي وجدت في منال وفي طفلها الصغير مجالا واسعا للتعويض عن خطأ ارتكبته في حق ابنها الذي غاب ... سبيلا تشكر فيه هذه الفتاة على أجمل سنوات ماجد التي عاشها قبل أن يرحل ... منال التي أقسمت أن تترك الضعف جانبا ... من أجل هذا الطفل الذي أصبح كل حياتها ... وعهود التي آلمها هذا الفراق حتى الموت ... لكنه آلما فرضت الظروف أن تتحمله دون شكوى ودون بكاء ...
<<< بعد شهر زفاف نايف وبشاير
كان الاحتفال مصغرا ... اقتصر على أفراد العائلة ... نظرا للمأسي التي مرت بالجميع ... حاول الكل أن يطرد الحزن بعيدا ... ورغم أجواء الكآبة ... حاولوا بجهد التمسك بخيط الفرح الذي بدأ يلوح ... من أجل بشاير ... ومن أجل نايف ... تظاهر الكل بنسيان ما حدث ولو لفترة ... غيبوا القلوب والأحزان ... وسار الحفل بنجاح .
كانت واقفة عند باب المدخل ... ترى هذه الوجوه الفرحة ... وتتأمل أختها التي لا زالت تتظاهر بالصلابة رغم القهر الذي يقتلها ... تذكرته ... فأحست بغصة مؤلمة ... اقتربت أنوار منها ببطء :
_ تحسينها متغيرة حيل ...!!
التفتت ببطء :
_ منو ؟
_ حصة ...
تنهدت عهود بيأس ... وهي تنتبه إلى أن حصة قد تغيرت بالفعل وكأنها ليست هي :
_ كلنا تغيرنا ... اللي صار مو شوي يا أنوار ... شوفي ريم ... عمتي أم ماجد ... عمتي أم احمد ... منال ... كلهم ... كلنا تغيرنا ...
_ بس لازم اليوم نفرح ... علشان بشاير على الأقل ...
ضحكت بألم :
_ ليش ؟... انتي مصدقة إنها مستانسة ... ترى بشاير مجنونة ... وكل هذا تظاهر ... الله يستر منها هي ونايف الليلة ...
نظرت أنوار نحو بشاير التي تبدو متألقة تتبادل الابتسامات مع من حولها بشك :
_ لا تخوفيني يا عهود ...
وانتهى الحفل ... ودعت بشاير أمها واخواتها والجميع ... اتجهت نحو السيارة ... كان نايف مهيبا ... رمى بشته ووضعه على ذراعه ... مد يده وأخذ المفتاح من راشد :
_ نايف الله يهداك ... أوصلكم ...
_ البيت مو بعيد ... وبعدين نام مبكر ... (وأشار نحوهما) ... بكرا الشغل عليكم مضاعف ...
سخر منه ناصر :
_ ندري لا تهدد ...
_ أجل تصبحون على خير ...
_ وانت من أهله ...
وركب خلف مقود السيارة ... كانت جالسة بهدوء ... التفت نحوها :
_ مبروك ...
تنهدت وهي تشعر بالخوف لأول مرة :
_ الله يبارك فيك ...
وتحركت السيارة ... أدار جهاز التسجيل ... يدا على المقود ... ويدا تتكئ على النافذة :
بين ايديا وأحس إنك بعيد ... <<< لا ... ليش حط هالأغنية ؟!
ذوب بأحضاني مثل قطعة جليد ...
علم العشاق كيف الحب يكون ...
بلا حواجز أحلى طعم الحب أكيد ...
زيد ناري خلي لجروحي ملح ...
خليني أسهر ليلنا لحد الصبح ...
لا تفكر حبنا غلطة ولا صح ...
اش ما يعدي العمر حبنا يظل جديد ...
اقترب مني ترى الدنيا فرص ...
وخذ من شوقي إذا شوقك نقص ...
خلني أحكيلك مواويل وقصص ...
اش ما يعدي العمر حبنا يظل جديد ...
فتح باب الشقة الراقية ... نظر نحوها مبتسما :
_ ادخلي برجلك اليمين ...
ودخلت ... كانت الشقة واسعة جدا ... وراقية أكثر ... تنسيقها وترتيب الأثاث فيها يدل على ذوق رفيع ... اقترب منها والمفتاح لا زال بيده :
_ المطبخ هناك ... وهنا الصالة ... وورا الممر غرف النوم ...
واتجهت نحو غرفة النوم .
كان قد نام لتوه ... اقتربت منه متمللة وهي ممددة بجانبه ... رسمت ملامح وجهه بأصابع يدها ... تأففت بملل ... وهزت كتفه :
_ ناصر ... ناصر ...
_ اممممم ...
_ ناصر قوم بسك نوم ...
انقلب وأعطاها ظهره :
_ شتبين ؟... تعبان ..
جلست ثم قفزت فوقه وأصبحت مقابله :
- ناصر قوم ضايق خلقي ...
فتح عينيه بحقد ... تأملها بملل ... ثم استوى بجلسته وهو يقرص وجنتها :
_ انتي أبي أعرف ... ما تنامين ...؟!
ابعدته يده :
_ ما جاني نوم ...
_ لا والله ... وليش ما جاك نوم ...
_ أفكر ...
_ ههههههههههههههه ...(وأرجع ظهره إلى الوراء) ...
_ ليش تضحك ...؟
_ ليش انتي بشنو تفكرين ؟
تحدته :
_ حتى انا عندي هموم ومشاكل ... مو بس أنت ...
تنهد بألم :
_ ايه ... أكيد الدكتورة بالجامعة زافتك ... ولا ما تعرفين تسوين بحث ...
عرفت بأنه يستهزء :
_ لا ... عندي مشكلة أكبر من الدنيا كلها ... (ومدت ذراعيها) ...
_ ههههههههههههه ... أووف ... لهدرجة ...
_ وأكثر ...
أمسك يديها النحيلتين ... وظل يلعب بهما بين يديه :
_ اللي هي ...؟
نظرت في عينيه بأسى :
_ ناصر أنت ليش متغير علي ؟
أحس بخنجر انغرس في قلبه ... لم يعلم بأن تجاهله لها آثر فيها بهذه الطريقة :
_ ليش ؟... تحسين إني متغير ؟
_ مو أحس إلا متأكدة ... (اقتربت منه بحب تمسد صدره) ... ناصر أنت صرت ما تحبني ؟
أغمض عينيه بألم ... رفع يدها وقبلها طويلا ... نظر مباشرة في عينيها :
_ أبيك تأكدين من شي واحد يا أنوار ... مهما صار ... ومهما جرى بينا ... لا تشكين يوم إني ما أحبك ...
ابتسمت بفخر ... ووضعت رأسها بهدوء على صدره ... ضمها بقوة :
_ أجل وش فيك ؟
_ تعبان ومهموم ... (ومسد ظهرها وهو يضمها) ... اصبري علي يا قلبي ... لما الله يفرجها علينا ...
_ علمني ... شنو اللي متعبك ؟
تنهد بقوة ... قبل رأسها :
_ إنسي ... إذا تحبيني ... لا تفكرين ...
وطاعت أوامره كما تفعل دائما .
جلس في الصالة ... على الأريكة ورأسه إلى الوراء ... كان قد رمى غترته ... يفكر بعمق ... "يمديها الحين بدلت ملابسها " ... تنهد ثم وقف يتجه نحو غرفة النوم ... فتح الباب ... كانت تقف تعلق فستانها الثمين في خزانتها ... نظرت في عينيه ثم أشاحت بوجهها إلى الخزانة ... تأملها وهو يدخل الغرفة ... ارتدت قميصا سكريا راقيا ... ولا زال وجهها وشعرها يحتفظان بزينتهما ... جلس على السرير قريبا منها :
_ جوعانة ...؟
هزت رأسها :
_ لا ...
_ بدلتي ...؟!
سألت بعفوية :
_ تبي أطلع ملابسك ...
رفع حاجبا :
_ يا ليت ...
التفتت إلى الخزانة ... وظلت تبحث في الجوارير وخلف الأبواب ... أمسكت بيجامة بين يديها والتفتت تسأله :
_ هذي ... ولا تبــــ .... آآآآآآآآآآآآه ...
صرخت لقربه الشديد منها ... حين التفتت كان يقف خلفها ... وقعت البيجامة من يدها ... وأمسك هو بها أكثر ... قرب وجهه أكثر :
_ هههههههه ... خفتي ...
حاولت أن تبتعد لكن مساحة المكان والزمان كانت ضيقة ... ابتلعت ريقها بصعوبة ... وكان قلبها يدق بعنف ... نايف يبدو مرعبا الآن :
_ نايف ... جوعانة ؟
أحست بأن تعليقها غبيا ... لكنها كانت تريد الهروب ... رفع يده ومسح على شعره وبشرة وجهها برقة ... حتى أحست بأنها ستموت :
_ هههههههه ... كذابة ... قبل شوي كنتي مو جوعانة ...
_ نايف ... أنـــ ...
قاطعها وهو يرفع ذقنها بيده ... وينظر في عينيها مباشرة :
_ ليش كنت رافضة تتزوجيني ...؟... ليش كنتي تبين تحرميني منك ؟...
ابتلعت غصة عنيفة ... وحاولت أكثر أن تبتعد عنه لكنها لم تستطع ... أحست بأنها لو تكلمت الآن فستندم :
_ نــــ ....
مس شفتيها بإصبعه :
_ اشششش ... ولا كلمة ... أنت المفروض قدامي ما تتكلمين ...
وفعلا أطبقت شفتيها رغما عنها ... لأن الموقف كان أكبر منها بكثير ... ولأن نايف أكثر خبرة منها بمراحل :
صرت أحسد الأغبيا وألهى لا شفت الملهي ...
واتهيمش من وجع صدري وكثر أحزانه ...
أتفيقر بالمشاعر ولا قلبي مرهي ...
مستعد أعشق بيت(ن) تستحي جدرانه ...
من غلا اللي يقتل زهوه مع أنه يزهي ...
من سحاه ومن فرط غيه وكثر إحسانه ..
كل ما طرقت قلبي للهوى المستسهي ...
هبت رياح الزمان وصككت بيبانه ...
ما عشقت إلا جموح من طموحه يشهي ...
وزود إيماني بصداته وقو إيمانه ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:47 PM

(( الفصل الثالث والأربعون ))
استيقظ ناصر من النوم ... ارتدى كامل ملابسه ... أصبحا مستعدا للعمل الذي قال نايف بأنه سيكون مضاعفا ... تأملها وهي نائمة ... تبدو صغيرة ... يافعة ... وتمتلئ بالحياة ... " انا ليش سويت اللي سويته ؟... معقولة ... وين كان عقلي ؟... وين كان تفكيري ... صحيح ليا قالوا الشيطان شاطر ... بس خلاص كل شي الحين راح يتصلح "... وخرج وقد عزم أمره ...
لم ينهض من سريره ... ظل ممددا ... وعيناه تتأملان السقف ... توسد ذراعيه وهو يفكر أكثر ... " آآآه ... البنت وتأكدت إنها سليمة ... بس بقى أعرف منو ؟... غريبة ... أمس ما عرضتني ... بالعكس ... معقولة تكون خافت ... يمكن ... بس لا تقارن يا نايف ... البنت للحين صغيرة ... وحاجز الخوف طبيعي يكون موجود ... أنت بس اهدأ ولا تفقد أعصابك "... وخرجت من الحمام تلف الروب حول جسدها ... ابتسم لها :
_ نعيما ...
لم ترد ... وبكبرياء حاد اتجهت إلى الخارج ... لم يفهم حركتها ... عقد حاجبيه ... نهض ودخل الحمام ليستحم ... وبعد خمس دقائق خرج ... كانت جالسة على الأريكة ... تقلب في قنوات التلفاز ... اتجه وجلس ملاصقا لها ... لكنها هبت واقفة :
_ ووووووووووه ... (علق ساخرا وهو يرفع يديه باستسلام) ... شفينا ؟
ظلت واقفة امامه ... كتفت يديها ... ونظرت في وجهه بتصميم ... وبكل برود أمسك الريموت وظل يقلب القنوات بدوره :
_ شفيك ؟... قعدتي مخترعة من النوم ؟
_ خلاص يا نايف ... اللي تبي تتأكد منه تأكدت ... ما له داعي هالتمثيل ...
استغرب حدة ذكائها ... واستغرب أكثر جرءتها في الكلام :
_ لا تشوهين اللي صار بينا ...!
ضحك بألم ساخر :
_ من قبل لا يبدأ كان مشوهه ... (نظر نحوها يطلب استفسارا) ... أنا أدري ليش تزوجتني ... كنت أدري إنك راح تكلم عزيز ... وعزيز أنا ما كنت واثقة فيه ... بس قلت يمكن ... ولما شفتك أصريت على زواجنا ... تأكدت شكوكي ...
مس على رأسه بلا مبالاة :
_ ذكية ...
أحست بغصة وهي تتأمله منتصرا :
_ تدري شنو اللي يخليني أحس بالفخر ... إنك ما قدرت لي بالقوة ... وحاولت معاي باللين والمسايسة ... ولعبت دور غبي علشان تتأكد من اللي تبيه ...
اتكئ بمرفقيه على ركبته ... وظل ينظر نحوها بحدة ... أخفضت رأسها ثم رفعته لتكمل :
_ من صرت زوجتك ... عرفت أن هذا الحق لك ... وإنك لازم تعرف إني لا خنتك ولا خنت أهلي ... ولهنا وخلاص ينتهي كل شي بينا ...
وضع رجلا فوق الأخرى ... وعلق :
_ وهالشي قرره منو ؟... فارسك الملثم ؟
استشفت من كلامه ... سخرية عميقة :
_ هالشي يقرره العقل ... أنت أخذت اللي تبي من هالزواج ...
نهض حتى وقف أمامها :
_ بس انا الحلول السريعة ... مستحيل إني أعترف فيها ... يا إني أحل المشكلة جذريا ... أو إني أخفيها نهائيا ...
نظرت في عينيه ولا زالت تحتفظ بتصميمها :
_ يعني شنو ؟
_ يعني ... هالخرابيط تشيلينها من راسك ... وتحليلاتك المريضة لا تفكرين تقولينها مرة ثانية بصوت عالي ... وهالزواج مو انتي تقررين إذا كان يستمر ولا لا ...
_ بس أنا طرف فيه ... وأنا ما عندي أي استعداد نفسي إني أتقبل وضعي معاك ...
_ مو مهم ... انتي من الاول مو متقبلة الوضع ... وصياح وبكى ولعنة حال ... ولا فادك كل هذا ...
_ يعني تبي تجبرني ؟
هز كتفيه :
_ حلالي ... زوجتي ... لا انتي ولا غيرك له حق يكلمني ... وبعدين أعرفك ذكية ... لا تدخلين معارك خسرانة معاي ... (طبع قبلة طويلة) ... راح تندمين ...
ثم اتجه نحو المطبخ ... وتركها صافنة .
طرق باب الشقة بهدوء ... أحس بغصة وهو يتذكر مواعيد زياراته التي كانت ... وفتحت هي الباب ... وبقيت خلفه :
_ منو ؟
وجاءها صوته متدفقا بالحنين :
_ قوة منال ... انا احمد ...
أحست بدموعها حارة على وجنتيها ... تذكرت زيارات الساعة العاشرة صباحا ... تغيب ماجد عن العمل ... تلك الأيام الطويلة التي قضياها أمام فيلم مشوق ... مرت الآن ستة أشهر مريرة على هذه الذكريات :
_ هلا احمد ... شلونك ؟
_ طيب ... أنا ... (كان مترددا) ... كلمت بدر ... وقال لي انك ... منال أبي أشوف ولد ماجد ... في أحد من اخوانك موجود ...
ابتلعت شهقة حادة :
_ راح أدخل ... دقيقة وادخل وراي ...
وبعد دقيقة ... دخل مطأطأ الرأس ... اتجه إلى الصالة ... واجواء المكان توحي بألف وجع ووجع ... وجده ممددا على الأريكة ... كائن صغير ... يتقاتل مع الهواء بكل قواه ... جلس يراقبه ... يستشف تلك المعاني التي تتقاذفها عيناه ... براءة ساذجة ... عشق للحياة ... تفاهة محببة ... رغبة شديدة في البحث عن السعادة ... أدمعت عيناه وهو يبتسم ... نفس المعاني التي كان يحملها ... ماجد !!... أمسك يده الصغيرة وقبلها بلطف ... انتبه إلى أنها كانت واقفة ... تغطت وجهها ... وكتفت يديها تتأمله :
_ صغيــــــــر !
_ لأنه جاء ناقص ... كبر عن أول ...
نظر نحوه وابتسم :
_ يشبه ماجد ...
_ الله يرحمه ...
ضاقت عيناه وكأنه تذكر ... ثم سألها :
_ وش سميتيه ؟
_ أحمــــد ...
رفع رأسه نحوها مستغربا :
_ ماجد كان موصيني أسميه أحمد ...
ابتلع غصة مريرة ... ودفن وجهه في جسد الطفل الصغير وأغرقه بالقبلات ... نهض ومسح وجهه بيده :
_ انتي لوحدك هنا ؟
_ لا ... في عمتي شريفة ... ومبارك راح السوبر ماركت ...
_ طيب ... تبين شي ؟
_ سلامتك ...
_ مع السلامة ...
_ مع السلامة ... (وقبل أن يصل الباب) ... أحمــــــد !!
التفت نحوها ... فاقتربت منه :
_ متى ما حبيت تشوف احمد الصغير ... البيت بيتك ...
نظر نحوها واجابها بابتسامة ألم مميتة ... ثم خرج ...
كانا ينزلان السلم معا ... اتجهت أنوار وهي ترتدي عباءتها نحو عمتها الصافنة :
_ عمـــة !!... أمشي معاي تستانسين مع أمي ... أحسن لك من القعدة بالبيت لحالك ...
نظرت نحو ابنها الواقف بألم ... وابتسمت وهي تمسك بيد انوار :
_ ما عليه يا يمه ... انا أصلا مواعدة اخوي أبو مطلق إني اليوم أزوره ...
_ على خير ... (وقبلت رأسها) ... بس مو تنامين عندهم ... ترى هذيك المرة تضايقت ...
وأجابتها بابتسامة أكثر ألما ... نادى ناصر :
_ يالله يا انوار ... وراي شغل ... (وخرجا) ...
دخل غرفتهما ... وجدها جالسة على السرير تفكر بهدوء :
_ وين وصلتي ؟... (رمقته بهدوء ولم ترد) ... قومي ... غيري ملابسك خلينا نتطلع نتعشا ...
وسبقها إلى الخزانة ... أخرج منها ما يريد ... ثم خرج ...
أوقف سيارته في الكراج ... الفتت ثم نظر نحوها بحنان :
_ لا تتأخر ...
ابتسم لها وهي تكشف غطاء وجهها :
_ الساعة 10 أنا عندك ...
_ طيب ...
وابتسمت ثم فتحت الباب ... أمسك مرفقها :
_ لحظة ... ما في توديعة ...
_ ههههههههه ... فشلة ... لا يطلع مشعل ويشوفنا يسوي لي سالفة ...
أمسك وجهها بين يديه ... وقبل كل جزء فيه بحب ... ابعدته عنه وهي تضحك :
_ ههههههههه ... ناصر خلاص ...
_ طيب ... نادي لي عمتي ...
ونزلت ضاحكة ... نزل بعدها واتجه إلى المجلس :
_ السلام عليكم ...
رد بدر وفهد السلام :
_ هلا أبو شوق ... زين اللي لقيتك ... مشعل وين ؟
أجاب فهد وهو يمسك بالقهوة :
_ قريب ... الحين يجي ...
في المطعم :
_ ليش ما تأكلين ؟
_ آكل ... (وقلبت ما في صحنها) ...
رن جواله ... نظر فيه ثم تركه ... وظل يرن أكثر من 7 مرات ... رفعه بملل :
_ هلا راشد ... يا أخي شفيك انت ؟... ما عندك ذوق ... أنا قايل لكم لا أحد يتصل علي ... (مسح جبينه بحدة) ... متى هالكلام ؟... طيب ... الأوراق تلقاها عند عبدالجليل ... خل ناصر يطلع عليها ويوديها لأبو مازن ... لا انا اليوم حاجز على لبنان ... طيارتي بعد ساعتين ... ما يمديني ... سو اللي قلت لك عليه ... مع السلامة ...(واغلق الجوال) ...
_ نسافر ؟
ابتسم :
_ عالمزرعة ...
_ وليش ما قلت لي ...؟
_ مفاجأة ... (وعاد لطعامه بخبث) ...
كانوا جالسين في الصالة ... شهقت انوار :
_ بعد ... حـــــــامل مرة ثانية ؟... حرام عليك حربي صغير ...
_ كش على وجهك ... لا تنظليني ... هذا رزق من الله حبيبتي ...
ارتشفت كوب شايها :
_ والله انتم يا البطات مو هينين ...
ضحك بدرية التي كانت تحمل الطفل بين يديها :
_ إلا صج بدر ما جاب حصة معاه ... وشوق لما سألتها تقول بالبيت ...
ووضعت الكوب بحماس على الطاولة :
_ صح ... ابي أسألكم ... حصة ليش متغيرة كذا ؟
علقت دلال :
_ صح ... انا لاحظت عليها ... حيل متغيرة ... حتى صايرة تضيق الخلق ...
فكرت انوار :
_ يمكن حامل ...
_ لو حامل كان بدر قال لأمي ...
ودخل الكل الصالة أم بدر _ بدر _ فهد ... نظروا نحو أنوار جميعا :
_ جاء ناصر ؟... غريبة ما اتصل علي ... (ونهضت) ...
سألت بدرية بخوف :
_ شفيكم ؟
انتبهت أنوار للوجوه الشاحبة :
_ شصاير ؟... بدر شفيه ؟... فهد ... ناصر فيه شي ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:50 PM

(( الفصل الرابع والأربعون ))
في السيارة المتجهة إلى المطار ... جلس يركز نظره على الطريق بهدوء ... وجلست بجانبه تفكر بحيرة :
_ راح نمر بيتنا ؟
_ ليش ؟
_ أمي ما تدري إني أبي أسافر ... وأبي أسلم عليها ...
_ راشد أكيد قال لها ... وبعدين أمس بالعرس سلمتي عليهم كلهم ...
عادت لشرودها بصمت ... " شفيه هذا ؟... كل شي أقوله لا ولا ... لا مريض ... مو طبيعي الرجال "...
كان صراخها ... فوضويا ... يملأ غرفتها القديمة بالضجيج ... فرضت أمها الأمر عليها بقوة ... حاول بدر أن يبدو شديدا ... فهد أحس بحزنها ... بدرية لا تعرف ماذا تفعل ... ودلال كانت تقف تبكي حالها :
_ يمه ... انتم وش قاعدين تقولون ؟
_ اللي سمعتيه ... رجعة لناصر ما فيه ... والرجال وافق يطلقك ...
_ انتم أكيد تمزحون ... بدر ... بدر شالسالفة ؟... ناصر شفيه ؟... لا تكذب علي ...
_ انوار ... ناصر يبي الطلاق ... و ...
_ يطلقني !... ناصر ... مستحيل ...
اقترب منها فهد :
_ انوار خلاص ... استهدي بالله ... و ...
نفضت عنها يديه :
_ سامع يا فهد ... سامع وش يقولون ؟...
وضمها فهد بقوة :
_ خلاص ... خلاص ... اهدي وبعدين نتفاهم ...
وخرج الجميع تباعا ... وتركوها لوحدها مع فهد ... اتجه بدر خارجا ... ونزل البقية إلى الصالة السفلية ... تنهدت الأم بقوة وهي تجلس :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
علقت دلال :
_ عمه ... الله يهداك يمكن اللي سويتوه غلط ...؟
_ إلا هذا الصح ... أنوار صغيرة وما تعرف مصلحتها ...
دخل مشعل ضاحكا :
_ السلام عليكم ...
لكنه وجد الوجوه واجمة ... جلس بجانب أمه بخوف :
_ شصاير ؟
بدرية بحزن :
_ ناصر يبي يطلق أنوار ...
_ يطلقها ... ليش ؟
ثارت دلال :
_ مو هو اللي يبي الطلاق ... هذا قرار عمتي وبدر ... حرام يا عمة ... انوار تبيه ... والله حالتها تقطع القلب ... (وانصرفت تبكي) ...
صرخ مشعل بنفاذ صبر :
_ فهمـــــــوني ...
وفي منطقة ريفية ... في قرية شامية تحتضنها ربوع لبنان الجبلية ... كانت مزرعة نايف ... أكثر مكان يحبه على وجه الأرض ... لطالما سمعت بشاير عن خصوصية هذا المكان بالنسبة له ... لكنها لم تتوقع بأن تكون المزرعة بمثل هذه المساحة الكبيرة ... ولا الروعة الأخاذة ... رغما أنهما وصلا في الساعة 3 بعد منتصف الليل ... إلا أنها استطاعت أن تستشف روعة المكان حتى وهو يحتضن ظلام الليل البهيم :
_ أهلين أستاز نايف ... حمد عالسلامة ...
_ مرحبا ام جميل ... كيفك ...
_ الحمد الله ...
أشار نحو بشاير :
_ مدامتي ... بشاير هذي أم جميل المسؤولة عن البيت ...
وتبادلت المرأتان التحية ... كانت أم جميل سيدة لبنانية ... في الخمسينات من عمرها ... ذات ملامح صارمة تدل على خبرة طويلة في مجال عملها ... تركوا الحقائب حتى الصباح ... فقد نال منهما التعب ... سارت خلفه إلى حيث غرفة نومهما ... قذف نفسه على السرير بتعب :
_ آآآآآآآخ ...
ظلت تتامل الغرفة ... لم تكن واسعة ... لكنها أنيقة جدا ... وهناك حمام ملحق بها ... انتبه لتأملاتها ... وضع ذراعا تحت رأسه يتأملها بدوره :
_ عجبتك ؟... (نظرت نحوه بسرعة) ... الغرفة ...
أجابت بإنصاف :
_ ذوقك حلو ...
جلس بتعب وعلى شفاياه بقايا ابتسامة :
_ جوعانة ...؟
هزت رأسها بالنفي ...
_ طيب ... مرة جربتي تنامين على تعب ... من غير حتى لا تغيرين ملابسك ... ومن غير لا تفكرين إلا بالسرير ...
استغربت تغير أسلوبه ... لكنها هزت رأسها بالنفي أيضا :
_ تعالي ... تعالي ... لا يطوفك ... (وجرها من يدها بلطف حتى تمددت بجانبه) ... آآآآآآآآخ ... (نظر في عينيها مباشرة) ... غمضي عيونك ... ومن كثر ما انتي تعبانة راح تنامين وانتي ما تدرين ...
وكان معه حق .
<<< في صباح اليوم التالي ...
استيقظت انوار ... أحست بأن رأسها سينفجر ... ووسادتها كانت مبللة بالدموع ... فعادت تلك الدموع تسبح من جديد في عينيها ... " يعني ما كان كابوس ... كل اللي صار صج ... "... بحثت عن جوالها ... واتصلت ...
غلاي <<<< ولم يكن هناك ردا ...
نهضت مسرعة ... لم تجد أحدا في طريقها ... يبدو أنهم لا زالوا نيام ... ارتدت عباءتها ... وعند باب المدخل قابلت مشعل :
_ وين رايحة ؟
ابتعلت شهقة خوفها منه وهو يفتح الباب :
_ أبي أروح بيتي ...
_ أنوار ... شفيك ؟.. ناصر أمس قال لأمي أنكم راح تطلقون ...
_ مشعل لا تصدق هالكلام ... ناصر قال لي راح أجي الساعة 10 عمره ما تأخر علي ... أكيد تعبان ...
آلمه حال أخته :
_ ناصر سافر ... اليوم الصبح سافر لباريس ...
انزرعت خيبة الأمل على وجهها :
_ ليش ؟
_ عنده شغل ...
وغابت عن مشعل في أفكارها ... " سافر ؟!... أول مرة يسافر وما يودعني ... وليش يا ناصر ؟... الشغل الحين أهم مني ومنك " ...
<<< الساعة العاشرة صباحا
استيقظت بشاير وهي تحس بأنها لم تنم كما نامت هذه المرة في حياتها كلها ... كان نايف لا يزال ممددا بارتياح بجانبها ... نزلت من السرير بهدوء ... واتجهت نحو الحمام وهي تضحك من نفسها ... لم تفعلها من قبل وتنام بالجنز والتي شيرت والحذاء ... أخذت حماما دافئا ونزلت نحو الأسفل ... كانت الشمس المشرقة تدخل المنزل من كل جانب ... وأصوات العصافير تملأ المكان ... ورائحة الطبيعة الندية تنتشر في الأرجاء ... اتجهت إلى ما حسبت أنه المطبخ ... وبالفعل كانت أم جميل وشابة صغيرة تعملان فيه :
_ صباح الخير ...
رفعت أم جميل وجهها الباسم :
_ صباح الخيرات أهلين مدام ...
استغربت بشاير نظرات الشابة الفضولية ... علقت أم جميل :
_ هدي بشرى ... بنت أخي عم تساعدني بشغل البيت ...
ابتسمت بشاير وهي تصافح الفتاة الخجلة :
_ تفضلي مدام ... بشرى جهزي الفطور للست ...
جلست بشاير على المقعد الصغير :
_ لا ... عصير فريش كافي ...
واتجهت الشابة لتقوم بعملها :
_ بس انتي وبشرى هنا ؟
_ قصدك اللي بيدخلوا عالبيت ... ايه بس نحنا ... بس اذا كان الاستاز نايف لوحده في عصام وفراس والعم أبو كامل ...
هزت بشاير رأسها بتفهم ... وراقبت المكان من حولها :
_ حلوة المزرعة ...
_ من برا كتير أحلى ...
ودخل نايف المطبخ ... يتقطر الماء من شعره النظيف :
_ صبـــــــاح الخيـــــر ...
وكانت ابتسامته واسعة ... يبدو أنه قد ارتاح كثيرا ... جلس في المقعد بجانبها ... قدمت أم جميل له كوب عصير :
_ نعيما يا بيك ...
_ الله ينعم عليك ... (وارتشف العصير دفعة واحدة) ... آآآه ... تدرين يا ام جميل من آخر مرة كنت هنا ... ما نمت مثل ما نمت أمس ...
_ نوم الهنا إن شاء الله ...
التفت نحو بشاير :
_ متى صحيتي ؟
_ قبل شوي ...
ابتسم لها فعلقت أم جميل :
_ المزرعة عجبت المدام ... لازم يا بيك تأخذها بجولة استطلاعية ...
_ ههههههههه ... لازم ... (ونهض) ... بس اليوم ما أقدر عندي شغل ضروري ... (أخفض رأسه وهمس بإذنها) ... خليها إذا جيت ... (ثم قبل خدها) ... باي ...
_ مع السلامة يا بيك ...
<<< بعد ساعة
كانت بشاير متمللة ... قررت أن تتجول لوحدها في المزرعة ... سارت في الممرات الطويلة ... فتحت احدى الأبواب ... فصدمت ... كانت قاعة كبيرة ... على جدرانها علقت لوحات فنية مدهشة ... ومن بينها تقليد للوحة الموناليزا الشهيرة ... في طرف منها مكتب أنيق ... وعلى الجانب الآخر كانت خزائن طويلة تمتلئ بالكتب ... قرأت عناوين بعضها ... (الأمير – لميكافيللي) ... (نهاية التاريخ – لفوكوياما) ... (طوق الحمامة – لابن حزم) ... الخ ... استغربت ... "ما توقعت نايف مثقف ... ويحب يقرأ "... اتجهت نحو طاولة المكتب ... من بقاء حاجياته عليها أدركت بأنه شخص منظم ... أمسكت كتابا كان مفتوحا على الصفحة رقم 163 ... (رواية مرتفعات ويذرينع) ... ابتسمت وأعادتها إلى مكانها ... وبجانبها كان دفتر أنيق وبداخله قلم ... فتحت الصفحة الأولى ... وقرأت العنوان :
إلى وجعي ... مع التحية ...
أدركت بأنها يومياته ... أغلقت الدفتر وهي تبتسم ... "ما يحق لي أقراها "... انصرفت وهي تغلق الباب خلفها ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآه ......
وارتعبت من بقايا الصرخة التي سمعتها تدوي قريبا من المكتب ... بل يبدو أنها تصدر من أسفله ....

ارادة الحياة 14-05-08 04:53 PM

((الفصل الخامس والأربعون))
استيقظ من النوم ... لم ينم منذ البارحة ... كان العمل مرهقا ... عشر ساعات متواصلة من المناقشات الطويلة مع الشركة الجديدة ... لم يستطع أن ينام إلا خلال هاتين الساعتين ... وبعد قليل تبدأ مناقشات أخرى ... أمسك الجوال الذي تركه على نظام السايلنت :
حبيبة عمري <<< 45 مكالمة لم يرد عليها
_ ناصر ... شفيك يا عمري رد علي <<< حبيبة عمري
_ ناصر ... تكفى رد متأكدة فيك شي <<< حبيبة عمري
_ وبعدين معاك ... ترى ما لك داعي مقلبك سخيف <<< حبيبة عمري
_ يعني صحيح الكلام اللي قالوه اخواني <<< حبيبة عمري
_ ناصر طيب فهمني ليش ؟.. كلمني ... رد علي ... <<<حبيبة عمري
_ ناصر ... الشي اللي متأكدة منه ... إنك مو بعقلك هالأيام ... <<< حبيبة عمري
ابتسم بألم وهو يقرأ ما كتبت ... أحس بعمق معاناتها ... بمدى الضياع والتشتت الذي تعيش فيه ... لكنه فكر ... " كذا أحسن لي وأحسن لك يا أنوار ..."... وقرر أن يكون قاسيا أكثر ... علها تنسى ... أو يخف وطء الأمر على نفسها ...
ممددة على سريرها ... تحتضن وسادتها بألم ... دمعها لا زال نديا ... والألم لا زال يعتصر قلبها :
دخيل الغلا اللي راح ... واللي وقف مرتاب ...
بسميه عشق وانت ... ما ادري وش تسميه ...
ودخيل المكان اللي جمعنا ... وله واعجاب ...
اذا لي معزة طاري البعد ... لا تطريه ...
لو تشوف وضعي عند ما تلتقي الأهداب ...
لك الله ... لو لك نية بالجفا تلغيه ...
انا وانت غايب كن وسط العيون ... تراب ...
تنام الخلايق والا انا النوم ... ما لي فيه ...
ذبحني غلاك اللي سرى مثل سم الداب ...
طفح بالعروق وكل ما وافقه ينهيه ...
بقى قلبي اللي ما ذبحته وهو منصاب ...
انا ادري تبي تستوطنه يومك ... تخليه ؟!
سكنته ... وهو عمره قفل بالوجيه الباب ؟!
انا اعرف قلبي لا عشق ... لا رحم واليه ؟!
يجي كله من اقصاه ويحب باستغراب ...
وفا فيه ما هو في بشر ليتك تداريه ...
ترفق على قلب(ن) تلوع بك ولا تاب ...
تعذب ولا منه نوى البعد ما يمديه ...
تمكنت به حيث الولع مثل غرس الناب ...
مصيبتك تدري ... بس ليه المفارق ليه ؟؟؟؟!!
وجاءها صوت المسج في الجوال ... رفعته بلهفة :
_ اللي بينا انتهى يا أنوار ... الله يوفقك ... ويرزقك باللي أحسن مني ... <<< غلاي
بهتت هي .. "هذا وش قاعد يخربط ؟... يرزقني باللي أحسن ... أكيد ناصر صار بعقله شي ... "... واتصلت ... لكنها لم تجد ردا ...
كانت الساعة الآن 10 ليلا ... طوال اليوم لزمت هي غرفتها ... جالسة على السرير وتفكر بعمق ... " منو اللي صاح ؟... وليش كل هالصياح ؟... ونايف وين من الصبح طلع وما رجع ... يا ربي " ... وفتح نايف الباب وهو يبتسم وفي يده أكياس كثيرة :
_ مساء الخير ...
قفزت مباشرة نحوه :
_ نايف ... في واحد ... و ...
أمسك كتفيها لتهدئ ... ونظر في عينيها مباشرة :
_ اشششششش ... هدي ... هدي ... شفيك ؟
تكلمت بهدوء :
_ في واحد ... سمعت صوت ...
أمسك وجهها بين يديه :
_ وين ؟
_ تحت المكتب حقك ... كان في أحد يصيح ...
_ تعالي ...
أمسك يدها وجرها خلفه ... سار في اغلب أركان المنزل ... وفتح أكثر الأبواب ... اتجه إلى المكتب ... وفتحه ... ثم اتجه نحو السلم الذي يتجه نحو القبو ... ظهر من تحت السلم رجل قوي البنية :
_ مرحبا فتحي ...
_ أهلين يا بيك ...
_ قفلت الأبواب عدل ...
_ كل شي تمام يا بيك ...
_ طيب ... تصبح على خير ...
وأخذها واتجه نحو غرفتهما ... علق وهو يبدأ بتغير ملابسه :
_ شفتي ... ما في شي ...
_ منو فتحي هذا ؟
_ حارس ... يشتغل عندي من زمان ...
كتفت يديها ولا زالت تحس بالخوف :
_ بس انا سمعت صوت ...
اقترب وهو يلف الروب حول جسده :
_ يمكن تتخيلين ... وبعدين شي طبيعي ... المكان جديد عليك وانتي مو متعودة عليه ... يبيلك وقت ... (ابتسم وهو يتذكر) ... وش سويتي اليوم ؟
_ ولا شي ... حبست نفسي بالغرفة ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... آآآفااا ... وأنا على بالي شجاعة ... طلعتي فأرة ...
ابتسمت من تعليقه لأول مرة ... التفتت نحو الأكياس وأخذت تقلب محتوياتها :
_ وش جايب ؟
وقف بجانبها :
_ مريت السوق ... شفتك ما كنتي مستعدة للسفرة ... وشكلنا بنطول هنا ...
كانت الأكياس تحوي أدوات للعناية الشخصية ... جنزات ... تي شيرتات ... أحذية خفيفة ... وفي علبة ... انتبهت لفستان من الحرير بلون اللافندر ... اقترب منها ليهمس :
_ راح أخذ شور ... اطلع وأبي أشوف الفستان عليك ... (واتجه نحو الحمام) ...
<<< صباح اليوم التالي
كانت في المكتبة ... جالسة على طاولة المكتب ... تقلب في الكتب ... اكتشفت بأن نايف ليس قارئا فقط ... بل قارئ نهم أيضا ... مقاطع كثيرة حددها باللون الفاقع ... شروحات كثيرة كتبها بخط يده على الحاشية :
_ صباح الخير ... تجسس ؟
وعبر الغرفة مبتسما :
_ هههه ... صباح النور ... لا والله مو تجسس ... بس كنت أشوف مجموعتك ...
_ عجبتك ...
_ ذوقك بالكتب انتقائي ...
مط شفتيه اعجابا ... وهو يجلس على المقعد أمامها:
_ حلو ... تحليل ممتاز ... أنا مو كل شي بالدنيا يعجبني ...
اعترفت بصدق ... ولا زال الكتاب بيدها :
_ تبي الصراحة ... صدمتني ...
_ ههههههههههههههههه ... أووف ... صدمة مرة وحدة ...
_ أنت بالرياض ... مو نفسك اللي هنا ...
_ غلطانة ... أنا ما عندي ازدواجية ... بس يمكن هنا أخذ راحتي أكثر ... وبالرياض أكون غرقان بالشغل ...
انتبه لشرودها في وجهه ... أمسك الكتاب من يدها ... وقرأ :
_ جاين اير ... (والتفت نحوها) ...
_ أحب هالرواية ... أحسها صادقة ...
_ امممممممممممممممم ... يعني تحبين الشخصيات الحديدية ... (نظرت نحوه باستغراب ففسر) ... روشستر البطل كان شخصية حديدية ...
أخفضت رأسها :
_ أحب الشخصيات اللي ما تنازل ...
_ مثلك يعني ...
_ ومثلك ...
ابتسم ليزل نبرة الاحتقار في صوتها :
_ يعني تعترفين انك تحبيني ...
قفزت من الطاولة :
_ كبطل في رواية أقراها ... بس كواقع أنت كارثة ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ...
عادت الصرخة من جديد ... التفتت نحو نايف بخوف ... اكفهرت ملامحه ... وجاء فتحي مسرعا :
_ يا بيك ... (لكنه التزم الصمت حين انتبه لوجود بشاير) ...
_ جاي وراك يا فتحي ... (وانصرف خلفه) ...
تبعتهم بشاير ... فرأت أنهم ينزلون إلى القبو ... زاد خوفها بشكل رهيب .

ارادة الحياة 14-05-08 04:55 PM

(( الفصل السادس والأربعون ))
<<< غرفة أنوار
_ أنوار ... أنوار ... قومي صارت الدنيا العصر وإنتي نايمة ...
لكن أنوار لم تتحرك ... ارتعبت دلال ... اتجهت نحو السلم :
_ عمـــــــــــــــــة ... يا فهـــــــــــد ... بـــــــــــدرية ... الحقوني ...
وجاء الكل راكضا .
<<< المشفى
أم بدر جالسة على مقاعد الانتظار ... وفهد يقف بتوتر :
_ يا أخ فهد ...
واتجها نحو الطبيب :
_ خير يا دكتور ...
_ أختك جاها انهيار عصبي ... ونفسيتها جدا تعبانة ... اكيد عندها مشاكل ؟
ابتلع ريقه بصعوبة :
_ ظروفها صعبة شوي ... والحين ؟
_ أنا عطيتها ابر مهدئة ... خلوها ترتاح ... وتقدرون تأخذونها معاكم بعد ساعة ... بس أهم شي لا أحد يضايقها ...
_ إن شاء الله ...
<<< المنزل بعد ساعة
اتجهت انوار التي كانت مجهدة إلى غرفتها برفقة بدرية ... جلست أم بدر بتعب ... وبجانبها فهد ... سألت دلال :
_ وش قال الطبيب ؟
فهد بغضب :
_ يقول انهيار عصبي ...
دلال بحزن :
_ حرام اللي تسونه يا عمة ... البنت تبي زوجها ... والله ما يصير كذا ...
_ دلال خلصنا ... الموضوع انتهينا منه ... ما نبي أحد يتكلم فيه ...
صرخ فهد بغضب :
_ يمه دلال ما قالت شي ... انتم اللي غلطانين ... تبون تطلقونها وهي ما تدري وش السبب ...
دخل بدر وأصوات الصرخات تتعالى :
_ شفيكم ؟... (التفت نحو فهد) ... وأنت ليش ترفع صوتك على أمي ؟؟؟
_ العفو يمه مو قصدي ... بس حرام ... والله حالة أنوار تكسر الخاطر ...
سأل بدر بخوف :
_ شفيها انوار ؟
أجاب فهد وكأنه يلومه :
_ جاها انهيار عصبي ...
تنهد بدر بأسى :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
وجلس بجانب أمه ... وصعدت دلال نحو الأعلى ... ونزلت بدرية :
_ نامت ...
الأم بأسى :
_ خليها ترتاح ...
رد فهد بحدة :
_ ما راح ترتاح ...
صرخت بدرية :
_ فهـــــــــــــد !!
علق بدر بهدوء :
_ فهد خلاص ... أزمة وتعدي وكلنا بنرتاح إن شاء الله ...
جلس فهد ليتكلم بمنطق :
_ بدر اللي سويتوه غلط ... وهي لازم تدري ... هذي حياتها ... ليش تحرمونها من القرار ... وبعدين ناصر خيركم انتم ؟... ترضون تعيش معاه ولا لا ... وانتم اللي اخترتوا ... خليتوها لعبة بإيدكم وبإيد ناصر ... (وخرج غاضبا مرة أخرى) ...
<<< مزرعة نايف الساعة 4
كانت جالسة على المقاعد في الشرفة ... تتأمل هذه الأجواء الجميلة ... وفي رأسها مئة فكرة وفكرة :
_ مدام ...
ووضعت بشرى الخجولة فنجاني قهوة على الطاولة ... ابتسمت :
_ شكرا بشرى ...
وانصرفت ... جاء بعدها نايف ... وجلس في المقعد بجانبها :
_ يا ســـــــلام ... أحلى شي في الدنيا ريحة القهوة ... (وارتشف فنجانه) ...
نظرت في عينيه بتصميم :
_ وش صار ؟
_ شنو ؟
_ الصبح ... لما كنا بالمكتبة ...
_ آآهااا ... واحد من العمال ... طاح وانكسرت رجله ...
أيقنت بأن نايف لا يريد أن يخبرها ... فتنازلت ولم تلح :
_ شرايك نركب خيل ؟
_ ما اعرف أركب خيل ...
_ آآآآفاااا ... حرم الأستاذ نايف ... وما تعرفين تركبين خيل ... صراحة إهانة في حقي ...
_ هههههههههههههه ... طحت وأنا صغيرة ... وصارت فيني عقدة ...
ووقف وهو يبتسم بمكر :
_ حلووو ... تحدي جديد ... قومي يالله ... أنا أحسن واحد أفك عقد ...
وجرها من يدها وسط اعتراضاتها التي لم تنفع .
<<< منزل بدر
كان جالسا في الصالة ... يفكر في كلام فهد بعمق ... أخيرا قرر أن يتصل :
_ آآآلوووو ... هلا أبو شوق ...
_ هلا ... ناصر شلونك ؟
_ عايشين ... انتم شلونكم ؟
_ ناصر ... أنوار جاها انهيار ...
أحس ناصر بألم يعتصر قلبه ... أغمض عينيه ... وتنفس بهدوء ... لكنه ظل صامتا ... أكمل بدر :
_ ناصر ... أخاف اللي تسويه غلط ...
_ بدر ... أنا جيت وقلت لكم المشكلة ... وعطيتكم حرية الاختيار ... وعمتي اختارت الطلاق ...
_ يعني أنت تبي أنوار ؟
_ ولآخر عمري أبيها ... بس ما أبي أظلمها ...
_ طيب ... عطها هي الحرية أنها تقرر ... وما عليك من كلامي وكلام أمي ...
_ هههههههههههه ... الله يهداك يا بدر ... ما تعرف أنوار يعني ... مخها متعطل ... ما فيها شي صاحي إلا قلبها ...
_ يعني مصمم ...
_ الله يعين ... والله يا بدر أحس قلبي مات ...
_ الله يعينك يا اخوي ... يالله تأمر على شي ؟
_ سلامتك ... سلم ... ووصية دير بالك عليها ...
_ لا توصي ... مع السلامة ...(وأغلق الجوال) ...
تقدمت منه بهدوء ... نظرات الخوف منه في عينيها تقتله ... لم يكن يحب أن يخاف أحد منه ... وضعت صينية الشاي ... وجلست تسكبه :
_ شفيك ؟
انتبه لشرخ حاد عند شفتها السفلية :
_ طحت ... (وقدمت له الكوب) ... كنت ألعب مع شوق وطحت عالدرج ...
_ كبرك شوق تلعبين معاها ... (أخفضت رأسها من تأنيبه) ... وليش ما قلت لي أوديك الطبيب ...؟
_ عادي ... ما يعور ...
تأملها ... نسي كم هي صغيرة ... هي حتى أصغر من أنوار ... تغيرت كثيرا منذ ليلة الزفاف تلك ... لو قارن بينها الآن وبين تلك العروس الفاتنة لأقسم بأنها ليست هي نفسها ... الاحساس بالمهانة قتل رونق الحياة في وجهها ... احساسها بالخوف من أن تكتشف كان يذبحها ذبحا ... سألت بتردد :
_ شفيها أنوار ؟
_ تعبانة ...
أخفضت رأسها ... فأحس بأنها تفكر :
_ تبين تروحين لها بكرا ؟
ابتسمت بشوق :
_ يا ليت ...
_ طيب بكرا أوديك ... (ونهض لينام) ...
<<< لبنان
كان الحصان يسير ببطء ... نايف يمسك بلجامه ويسيره بهدوء ... بشاير كانت تجلس أمامه وتغمض عينيها بيدها :
_ وصلنا ؟
_ ههههههههه ... بقى شوي ...
_ نايف خايفة ... قلبي يبي يطلع ...
_ لا تخافين ... ما راح يطلع ... وبعدين ليش خايفة قاعدين نمشي شوي شوي ...
ووقف الحصان فجأة ... سألت بخوف :
_ وصلنا ...
_ ايه ... (وقفز عن ظهر الحصان) ...
_ نزلني ... (كانت لا تزال تغمض عيناها) ...
_ ههههههههههههههههههههه ... تعالي ...
حملها حتى نزلت ... اوقفها على رجليها ... أحست بأنها فقدت توازنها فتشبثت به ... حاولت أن تفتح عينيها ببطء :
_ ههههههههههههههههههههه ... افتحي عيونك خلاص ...
_ خايفة !!
_ ههههههههههههههههههههههه ... نزلتي خلاص ... والله العظيم انتي عالأرض ...
وفتحت عينيها ببطء ... ثم تنفست بعمق ... واتجهت لتجلس تحت الشجرة العملاقة :
_ أوووووف ... ما كنت أظن إن عقدتي حقيقية ...
كان يقف ساهما ... تأملت المكان ... كانت تلة خضراء مرتفعة ... تطل على بحيرة صغيرة ... وصوت رقرقة الماء هو الصوت الوحيد الذي يخدش جلالة المكان ... تنهدت بإعجاب :
_ واااااااااااو ... المكان خياااااااااااااال ...
جلس بجانبها وتمدد على كوعه وهو يبتسم :
_ هذا بعد مكتبي ... أكثر مكان أحب أقعد فيه ...
_ نايف ... متى شريت المزرعة ؟
_ من زمان ... لما كنت أدرس بالجامعة ... كانت حق واحد من ربعي ... لبناني ... زرته واعجبتني ... وشريتها منه ...
استغربت أكثر ... "نايف عنده شهادة جامعية" :
_ شنو كنت تدرس ... ؟
_ أنا يا طويلة العمر ... عندي إجازة جامعية بالعلوم السياسية ... ورسالة ماجستير بالعلاقات الدولية ...
فتحت فاها استغرابا ... علق ضاحكا :
_ ههههههههههههههههههه ... شفيك ؟... لا تستغربين ... هالسوالف يمكن قبل لا تنولدين ...
_ طيب ... ليش علوم سياسية ؟
_ كذا ... كنت معجب بالسياسة ... قررت أدرسها ... وناصر قرر يدرس علم نفس ... وسافرنا ودرسنا مع بعض ...
_ إذا كنت طموح لهدرجة ... ليش دفنت نفسك بشغل العايلة ؟
_ شفت عندي امكانيات ... أبوي كبر ... وعمي أبو أحمد تعب ... سيف مريض ... وأحمد ... حسيت أنه ما في غيري ...
كان كلامه حقيقيا ... فمنذ أن ادركت ... كان نايف هو الزاوية الأقوى في أعمال العائلة ... لم تكن تتخيل عملا للعائلة لا يكون مديره نايف :
_ طيب ... ممكن سؤال صريح ؟
كانت الوردة التي كانت بيده قد تقطعت ... رمى بقاياها في الهواء وهو يضحك :
_ ممكن ... ليش لا ؟
_ ليش حرمتني أكمل دراسة ...؟
نظر في عينيها :
_ للحين متأزمة من الموضوع ؟
_ لا ... بس فضول ...
_ أول شي عارضت عالمجال اللي اخترتيه ما عارضت إنك تدرسين ... ولما اتصلتي علي بالليل حسيتك جريئة ... ولما تكلمتي نرفزتيني ... وتجمع هذا على هذا لحد ما انفجر صمام الامان عندي ...
نظر نحوها وهو يبتسم ... قدرت صراحته :
_ ممكن سؤال بعد ؟
_ هههههههههههههههههههههههههه ... شكلك تبين تحاسبيني ؟
_ أسأل ولا لا ؟
تنهد وهو يمسك بوردة أخرى :
_ اسألي ...
_ ليش جبرت مضاوي تتزوج سيف ؟
_ أنا ما جبرتها هي وافقت ...
_ لأنك قدمت لها اغراءات ...
_ بالنتيجة هي ما انجبرت ... وهذي هي حياتها مع سيف أحسن من حياتها مع غيره ...
_ علشان الماديات اللي انت مغرقها فيها ... علشان تصبر وتلعب دور الممرضة ...
_ وهي راضية بهالدور ...
_ لأنها مو قادرة تنسحب ...
_ انا حذرتها من أول شي ... إذا بدت اللعبة تكملها للآخر ... سيف مو ناقص خيبات أمل في حياته ... ومضاوي فاهمة تفكيري ...
تنهد ... ثم اقترب ووضع رأسه في حجرها ... نظر نحو السماء :
_ ممكن أسأل أنا سؤال ... وجاوبين بصراحة ؟
هزت رأسها بالايجاب ... وهي تتوقع سؤاله :
_ منو اللي كنتي تبينه ؟
ظلت صامتة ... استحثها بقوة :
_ قلتي راح تجاوبين بصراحة ...
جلس أمامها ... اقترب من وجهها ... ونظر في عينيها :
_ جاوبيني ... وأقسم لك إني ما أتعرض له ولا أسوي له شي ....
كانت الدموع تسبح رقيقة في عينيها :
_ حتى لو حلفت لي عند باب الكعبة ... انسى الموضوع يا نايف ... خلص وخلصنا منه ... لا تعذبني فيه ولا أعذبك ...
صدق كلامها ... لأنه خلال هذه الفترة أيقن بأن ابنة عمه هذه نسخة أنثوية عنه ... هو إن وعد وفى ... وأيقن بأنها كذلك ...

ارادة الحياة 14-05-08 04:58 PM

(( الفصل السابع والأربعون))
<<< بعد يومين
على مائدة الغداء ... تحلقوا جميعا حول الطاولة ... لمح مشعل شرود أنوار ... كانت تمسك بالملعقة ... لكنها في عالم آخر ... مشعل لم يكن راضيا عن طريقة معالجتهم لهذا الأمر ... لكنه ظل صامتا حتى الآن احتراما لرأي أمه :
_ ناصر أمس رجع من السفر ...
التفتت نحوه بسرعة ... وعرفت الدموع الطريق إلى عينيها بشكل أكثر سرعة ... تركت الملعقة ... وتركت المائدة كلها ... وانصرفت ... التفتت بدرية نحوه بحنق :
_ ليش تقول لها ؟
لكنه مشعل ظل صامتا ... علقت دلال :
_ مصيرها تعرف أنه رجع ...
قذفت بدرية الملعقة ... ونهضت غاضبة ... وظلت الأم صامتة ... وفي غرفتها ظلت أنوار حائرة ... " اتصل عليه ؟... لا ... بس قلبي يعورني ... ومو متحملة ... شفيك يا أنوار ... إذا هو هنتي عليه ... ليش هو ما يهون عليك ... يا ربي ... يا ربي من هالقلب ... ليش ما يطاوعني ... " ...
كان ممددا على سريره ... يحتضن وسادتها التي لطالما احتضنت عبير أنفاسها ... يتذكر هذه الأرجاء التي لطالما كانت تتراقص معها وحولها ... آلمه ألا يجدها تستقبله ... بكل تلك الكلمات التافهه ... بذلك الوجه الطفولي الذي يعشقه ... بكل تلك الحركات الغبية ... وتلك الابتسامة المشعة ... كان ناصر ينتحب :
يــا (رفيق العمر) ما أصدق ... نسيت ؟!
خابرك مهما تعذبني ... حنــــون !!
لا ذكرت أيامك الحلوة ... بكيـــت !!
ما تهون أيام ودك ... ما تهـــون !!
راحتي وياك لا منك ... صفــــيت !!
في ثواني كلها ... بـــوح وشـــجون !! <<< حبيبة عمري
رمى ناصر الجوال ... وأحس بأنه حتى قد فقد القدرة على البكاء ... اقتربت منه أمه بمهل :
_ يا يمه ... (وجلست بجانبه) ... لا تعذب نفسك ... (ووضعت يدا على صدره) ...
ابتلع غصته وحدق في السقف :
_ من أخذ أغراضها ؟
_ أمها وبدرية ...
وانتحب :
_ ليش ؟... ليش ؟... أنا للحين ما طلقتها ...
_ يا يمه خلاص ... أنت اللي قررت ما يصير تعلق البنت معاك ...
_ مو قادر يا يمه ... صدقيني مو قادر ... أحس إني قاعد أقطع قلبي ...
_ كلمها ... يمكن البنت لها رأي ثاني ...
لكن ناصر انقلب على جنبه ... وظل ينتحب بكل هدوء .
<<< بيت أحمد
طرقت باب غرفته :
_ تعالي حصة ...
ودخلت ... مدت يدا مرتجفة :
_ البندول ...
_ مشكــــورة ...
ومد يده يتناوله منها ... انتبه لشرخ كبير في ساعدها ... أمسك بيدها .. ونظر نحوها :
_ شنو هذا ؟
سحبت يدها بسرعة :
_ ولا شي ...
_ والجرح هذا ...
_ الخدامة اجرحتني بالسكين ... وهي ما تدري ...
تناول البندول ... وشرب بعده كأس ماء :
_ مرة ثانية ... انتبهي ...
هزت رأسها بالموافقة :
_ وين شوق ؟
_ جاء فهد وأخذاها ...
_ طيب ... (وتمدد على السرير) ... اطلعي برا وطفي النور معاك ...
ونفذت ما أمرها به بكل هدوء .
<<< بيت ماجد
_ يا الله حي من جانا ... شلونك يا عهود ؟
وجلست وبيدها صينية القهوة والحلويات ... وأجابت عهود الهادئة :
_ الحمد الله بخير ...
وسكبت فناجنا لعمتها شريفة :
_ شلونك عمة ؟... من زمان ما جيتي عندي ...
_ وش أسوي بعد ... هالدلوعة من سافرت بشاير وهي متأزمة ... اليوم غصبتها تجي عندك وتستانس ...
_ الله يرجعهم بالسلامة إن شاء الله ...
_ آآآمين ... إلا شلون حمودي ... ؟
_ أسنانه تبي تطلع ... ومأذيني بكي وسخونة وحالته حالة ...
_ ههههههههه ... الله يعينه ويعينك ...
_ إلا صج مبارك وين راح ؟
_ الظاهر شاف عهود واستحى ... شغل سيارته وراح ...
التفتت عهود نحو عمتها :
_ شفتي يا عمة قلت لك ... أحرجنا الولد ...
ضحكت منال :
_ ههههههههههه ... لا أحرجتيه ولا شي ... خليه يرتاح ويريح عيونه كله مقابل هالكمبيوتر ...
سألت العمة بحيادية :
_ إلا صج ... ما لك نية ترجعين بيت أبوك ...
_ وليش أرجع بيت أبوي ؟
وضعت العمة فنجانها على الطاولة ... وتكلمت بحزم :
_ اسمعيني منولة ... الحق حق ... والأصول أصول ... قعدتك بهالبيت لحالك ما لها لزمة ...
_ بس أنا مو قاعدة لحالي ... مبارك جاء وسكن عندي ...
_ منال ... ترى أبوك ساكت على وضعك ... علشان نفسيتك بس ...
ارتعبت من كلامها :
_ ليش أبوي قال لك شي ؟
_ ما قال ... بس لا تنطرين لما يقول لك ... لأنه راح يقول لك كلام يضايقك ...
حاولت تغيير الموضوع :
_ أروح أشوف الخدامة وش تسوي ...
<<< مزرعة نايف
خرج نايف منذ الصباح لا تعلم إلى أين ... اتجهت نحو المكتبة التي أصبحت مقرها الدائم ... وظلت ساعات طويلة تقرأ في هذه الكتب المشوقة ... لفت نظرها كتاب غريب ... (البحث عن الحقيقة الكبرى) ... قلبت محتوياته ... " غريبة ... نايف ما يقرأ كتب جدلية ... وش دراني أنا "... انتبهت لشيء سقط من الكتاب وحط على الأرض ... كانت صورة ... قلبتها فدهشت ... صورة شابة ... شقراء ... ذات عينان متدفقتان بالحب ... وصاحبة ابتسامة رائعة ... مكتوب على ظهرها بخط فاتن :
حاولت أسأل : ما الأنوثة ؟
ثم عدت عن السؤال ...
فأهم شيء في الأنوثة ...
أنها ... ليست تقال ...
إلى حبيبتي <<< وموقعة بالحرف N
استغربت بشاير ... " معقولة ... نايف يحب ؟.. ليش كل يوم اكتشف فيه شي جديد ... "...
<<< غرفة فهد
كانت بدرية تعمل جاهدة لترتيب غرفة هذا الشاب الفوضوي ... اتجهت نحو طاولة المكتب وهي تتأفف ... ينتظرها عمل كثير :
_ عمـــــــــــــــــــــة ... (واستنجدت شوق التي كانت تحمل علبة كبيرة لترفعها عن الارض) ...
اتجهت نحوها بدرية :
_ لا تشلين هذا ... اذا تبين تساعديني ... جمعي كل الورق اللي في الأرض وارميه في الزبالة ....
_ زين ... (وعملت الطفلة جاهدة) ... عمــــة ... انام هنا اليوم ؟
_ لا ... روحي نامي في بيتكم ... بابا ما يرضى ...
_ بابا مو حلو ...
وضعت بدرية يدا على خصرها :
_ لا يا الخايسة ... الحين كل هالغلا والدلال وبالأخير بابا مو حلو ...
_ حرام ... حصة تبكي ... (وأشارت لسقوط الدموع بأسى) ...
استغربت بدرية ... تقدمت ونزلت لمستوى الطفلة :
_ حصة تبكي ؟... ليش ؟... (هزت الطفلة كتفيها) ... بابا يهاوشها ؟ ... (وهزت رأسها بالنفي) ... يضربها ؟... (هزت رأسها بالنفي أيضا) ... ليش تبكي أجل ؟
_ ما أدري ... كل يوم بالغرفة تبكي ...
_ وبابا شنو يقول ؟
ضحكت بسخرية :
_ بابا ما يروح غرفة حصة ...
دهشت بدرية :
_ ليش بابا وين ينام ؟
_ بالغرفة ...
_ ومنو ينام عنده ؟
_ أنا ...
_ وحصة ؟
ملت من عمتها ونهضت ... متأففة ... وخرجت من الغرفة كلها ... ظلت بدرية تفكر باستغراب ... " معقولة اللي تقوله شوق ؟.. بدر !... مستحيل ... بدر ما يتعامل بهالطريقة ... على الأقل قدام شوق ... لا حول الله ... يمكن علشان كذا حصة متغيرة ... أنا لازم أشوف الموضوع ... بدر ما يتعامل كذا من فراغ "...
<<< مزرعة نايف
خرجت من المكتبة ... انتبهت إلى أنه يصعد السلم قادما من القبو ... وتعلو وجهه ابتسامة :
_ قــــوة ... (وقبل خدها) ...
_ هلا ... متى جيت ؟
وضع يدا على خصرها ... وسارا معا :
_ قبل شوي ... ليش اشتقت لي ؟
_ ههههههههههههه ... واثق ...
_ هههههههههههههههه ... يحق لي ... إلا صج ... تعشيتي ولا بعد ؟
هزت كتفيها :
_ مو مشتهية ...
_ هههههههههههه ... وشو اللي مو مشتهية ؟... تبين ترجعين لأمك وتقول لي موتها جوع يا نايف ... امشي امشي بس ... العني ابليس الرشاقة وخلينا نتعشى ...
<<< الاستراحة
_ الســـــــــــلام عليكم ... (وجلس منهكا على الاريكة وهو يعيد رأسه إلى الوراء ويغمض عينيه) ...
راقبه أحمد وهو جالس بتعب على الأريكة الأخرى :
_ وعليكم السلام ... ترى إذا جاي ترجعني الرياض مو راجع ...
أجاب وهو لا يزال يغمض عيناه :
_ لا تخاف ... حتى أنا اليوم أبي اتمطح عندك ...
ضحك أحمد بسخرية وهو يرتشف زجاجته :
_ ههههههههههههههههه ... وش عندك ؟
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآخ ... ضايقة فيني الوسيعة يا احمد ...
ونظر نحو أحمد :
_ ليش ؟... متهاوش انت وأنوار ؟
_ يا ليت ... يا ليتها مكفختني ... ويا ليت ... يا ليت ...
_ أجل وش صاير ؟
_ أبي أعرف ...الهموم هذي متى نرتاح منها ...؟
_ لما نموت ...
التفت ناصر نحوه وكأنه يدرك وجوده لتوه :
_ صج انت متى رجعت من السفر ؟
_ قبل أسبوع ...
_ وليش ما رجعت البيت ... عمي على باله إنك للحين ما رجعت ...
_ ما لي خلق ...
_ والله تصدق يا احمد ... مرات ما ألومك ...
_ هههههههههههههههههه ... ناصر شفيك ؟... انت اليوم خربوطة واجد ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... والله ما أدري يا احمد ... الدنيا خربطتنا ولا حنا مخربطين ...
<<< على طاولة العشاء
تأملها وهو يبتسم :
_ شفيك ؟
أخفضت رأسها نحو صحنها :
_ ولا شي ...
_ طيب ليش تقزيني كذا ؟.. لا يكون معجبة ؟
_ تبي الصراحة ... مستغربة ...!
_ امممم ... ومن ماذا ؟
_ منك ..
_ ههههههههههههههههه ... شفيك علي ؟.. لهدرجة كنت شيطان بالرياض ...؟
_ أقولك وما تزعل ...
_ هههههههههههه ... قولي ...
_ أنوار ... تسميك هتلر ...
_ هههههههههههههههههههه ... حتى هذي الخبلة لها عين تتكلم علي ...
_ أنوار مو خبلة ...
_ الا خبلة ... ومرموشة ... بس جبانة موووت ... وحنونة بعد ...
استغربت تحليله الصائب :
_ من قال لك ... ناصر ؟
_ لا ... أنا والحمد الله عندي فراسة التعرف ... يعني أقدر أحلل الشخص نفسيا ... الظاهر عشرة ناصر أثرت علي ...
_ طيب ... حلل ... علشان أشوف مقدار فراستك ؟
_ من تبين نبدأ فيه ؟.. (والتهم لقمته) ...
_ امممممممممم ... ناصر !
_ أبو فواز ... حبيب قلبي ... شوفي ناصر شخصية جدا سلسة ... وعشرته سهلة ... حنون وقلبه طيب ... ومحبوب الكل ... بس عيبه الوحيد ... انه قلبه هو اللي يسير قراراته ...
_ مثل تحليلي ... طيب ... راشد أخوي ...
_ وبدون زعل ...
_ ما راح أزعل ...
_ راشد ... لو ما كان ولد عمي ... كان ما تقبلت أقعد معاه في مكان واحد ... شوفي ... هو طيب وقلبه أبيض ... بس عيبه ... مهزوز وقراراته يبنيها على الماء ... يعني ما له أساس ولا استمرار ...
_ يمكن علشان تربى مع بنات ؟!
_ انتي أقوى منه ...
ابتسمت لتعليقه ... لأنها تعلم بأن ذلك صحيح :
_ طيب ... أنا !!
_ امممممممممممممم ... (ابتسم ووضع الصحن جانبا ووضع ذراعيه على الطاولة) ... وبدون زعل ...
_ قلت لك والله ما أزعل ...
_ انتي أكثر شخصية اعجبتني في حياتي كلها ...
أحست بالنشوة ... بالفخر ... من نبرة الصدق والثقة التي تتدفق من صوته :
_ والسبب ؟؟؟؟!
_ ما أدري ... أحس كل ما أشوفك أشوف فيك تحدي جديد ... انتي الوحيدة اللي ألزم نفسي إني ما أتهور معاك ... وانتي الوحيدة اللي تقدرين ترفعين ضغطي للميتين ... وانتي الوحيدة اللي أحس بالانكسار إذا ما نفذتي إلا أبيه ...
استغربت حماسه في الكلام ... صراحته التي لم تتوقعها :
_ يعني داخل معاي معارك ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... على قولة ناصر ... حرب شوارع ... افهميها مثل ما تبين ... انتي طلبتي رأيي وجاوبتك بصراحة ... (نهض وهو يمسح يديه) ... إذا خلصتي ... (وغمز بعينه) ... تلقيني بالغرفة ...
وانصرف ... تاركا إياها ... مع الحيرة والشرود المرتاب .
<<< بيت بدر
دخلت بدرية تحمل شوق على كتفها ... ويسير بدر خلفها :
_ هـــ ... هلا ... بدرية ...
وهبت حصة واقفة تبادلها السلام ... ونظرات الدهشة والحيرة تتوجه منها نحو بدر :
_ هلا حصة ... شلونك ؟
_ الحمد الله بخير ... انتي شلونك ؟... وعمتي وأنوار ودلال ... كلكم شلونكم ؟
_ بخير ... ويسلمون عليك ... عاد اعذريني ... قلت اليوم أجي أشوفك وأنام عندكم ... من سكن بدر بيته ما جيت نمت فيه ... خليه يتبارك فيني شوي ...
_ ههههههههههه ... حياك الله ... عطيني شوق ...
أخذت شوق واتجهت تصعد السلم :
_ عن إذنك بدرية ... (ولحق بدر بها) ...
وضعت شوق على سرير والدها ... ووضعت الغطاء فوقها ... تقدم بدر وأغلق الباب خلفها ... التفتت نحوه برعب :
_ منو قال لها تجي تنام عندنا ؟
_ ما أدري ... وبعدين هذي أختي متى ما تبي تجي تجي .. البيت بيتها ... (أخفضت رأسها من تأنيبه) ... اسمعي اليوم تعالي نامي هنا ... وأنا راح أنام على الكنبة ... و ... والغرفة حقتك قفليها ... لا تشوف أغراضك فيها ... وخلي بدرية تنام بغرفة شوق ...
هزت رأسها بتفهم ... وانصرفت بهدوء .
<<< غرفة نايف الساعة 4 صباحا
_ اوفففففف ... (وظلت تتقلب) ...
التفت نحوها وهو يجلس :
_ شفيك ؟
جلست بهدوء :
_ ما في شي ... قلقتك ؟
_ عادي ... أصلا ما جاني نوم ...
_ ولا أنا ...
ابتسم من شكلها ... كان وجهها الأسمر فاتنا ... وشعرها البني الطويل مبعثرا حوله بعشوائية ... ونظرة الهرة تقفز من عينيها :
_ أكرهها ... وأشتهي وصلها ... وأحب هذا اللؤم في عينها ... (اقترب وهو يمسك وجهها) ... يا كم تمنيت ؟!... إذا طوقتها قتلها ... (وقبل عنقها بقوة) ...
أبعدته عنها :
_ يعني أنا هرة نزار قباني ؟!
_ لا ... (وابتسم) ... انتي هرتي أنا ... حاكني بأقوى تعابير الكلام ... للهنا بأسلوب تكفى دلني ... (قبل يدها) ... وضمني بأدفى مراسيل الغرام ... ومن شتات الوقت يمك لمني ...
ابتسمت وهي تضع الوسادة الصغيرة في حضنها وتلعب في أهدابها .. نظرت نحوه بشك :
_ حبيبي هذي دروب الحب والحب سلطان ... يأمر عليك وكأنك أصغر اخوانه ...
ضحك من سخريتها :
_ هههههههههههههههههههه ... (اقترب حتى زرع أصابعه في شعرها) ... أحلى مقادير الزمن جلسة اثنين ... يقضونها بين الدلع والمودة ... هذاك يلعب في شعر كامل الزين ... والزين يلعب في خيوط المخدة ... ما أحد(ن) درى عن شرقة الشمس من وين ؟... أشواقهم مع بعضهم مستبدة ... (ولم تجد جوابا) ...

ارادة الحياة 14-05-08 05:00 PM

(( الفصل الثامن والأربعون ))
كانت تتقلب في نومها ... لأول مرة تنام في سريره ... شوق كانت تغط في النوم بجانبها ... في مثل هذا الوقت كان البكاء يقتلها وهي وحيدة في غرفتها ... لكنها الآن لن تستطيع حتى البكاء ... وعلى الأريكة البعيدة كان يغط هو في النوم ... دفنت نفسها وأصوات شهقاتها في الوسادة حتى لا تزعج منامه ... ويغضب .
<<< في الاستراحة
كانا ينامان معا ... كل منهما على أريكة ... لا زالا بملابسهما ... ودون حتى أغطية ... والتعب جليا عليهما ... أحس ناصر بصوت يعلى بجانبه ... فتح عيناه بإرهاق :
_ لا ... لا ... لا ... ويــــــــــــــــــــــــن ؟... لا ... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... لا ...
وقفز من مكانه ... فأحمد كان يصارع كابوسا رهيبا :
_ أحمـــــــــد ... أحمــــــــــــــــد ... أحمـــــــــــــــــــد ... اصحى ...
وهزه حتى وعى وهو يشهق :
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... سم يا أحمد سم باسم الله ... (وأخذ كأس ماء قريب) ... اشرب ... سم يا أحمد سم ...
وشرب أحمد حتى ارتاح ... وتنهد بعمق :
_ تنفس شوي شوي ... (ومسح على صدره) ... اسم الله عليك ... كابوس ؟
حاول أحمد أن يجلس ... ووضع يدا على رأسه :
_ لا تخاف ... يجيني دايم ...
_ الله يصلحك ... وش له أجل قاعد هنا لحالك ؟... زين اللي ما تموت من الخرعة ...
وعاد فقذف نفسه على الأريكة :
_ أحمـــــد !!
_ خلاص يا ناصر ... اتركني أنام ...
_ أنا أبي أرجع الرياض ... تبي شي ؟
_ لا ... ولا تقول لأحد إني رجعت من السفر ...
_ طيب ...
هز ناصر رأسه بيأس ثم خرج .
<<< بيت بدر
_ حصــــــــة ... حصــــــــــــة ...
ونزلت حصة السلالم :
_ هلا بدرية ...
ردت بابتسامة :
_ صباح الخير ... الساعة الحين صارت 11 الظهر ... نايمين بالعسل وتاركيني لحالي ...
ابتسمت بوهن :
_ اسمحيلي يا قلبي ... بس كنت تعبانة ...
_ منو شنو تعبانة ؟
_ كذا ... ارهاق ... إلا وش كنتي تسوين بالمطبخ ؟
_ يا عيني على أخوي ... قبل إذا شاف الخدامة تطبخ يسود عيشتي ... ولما جت ست الحسن والدلال ... عادي خل الخدامة تطبخ ...
_ هههههههههههههههههههه ... لا يكون طبختي الغدا ...؟
_ وش أسوي من ضيقة الخلق ... وبعدين أدري بدر ما يحب طبخ الخدامات ... إلا صج ترى في أغراض ناقصة اتصلي عليه خليه يجيب بطريقه ... خيار وبقدونس ... ولبن ...
قاطعتها بألم :
_ جوالي خربان ...
استغربت :
_ تلفون البيت ؟
_ بدر ما سوا لنا خط ...
_ اوفففففففففف ... يا برودك يا حصة ... طيب إذا بغيتيه ضروري شلون ...؟
واتصلت بدرية من جوالها .
<<< بعد ساعة
دخل بدر محملا بالأغراض ... انتبه للانتعاش الذي أضافه حضور بدرية لمنزله المميت ... تحلقوا فوق مائدة الطعام ... كانت بدرية تلعب دور المراقب الذكي بإتقان ... استشفت برودا شديدا في العلاقة بينهما ... لا يتبادلان الحديث إلا نادرا ... نظراتهما تحمل نمطا واحدا ... بدر يلتزم الهدوء ... لكن لماذا ترتعد حصة خوفا دون سبب :
_ بـــدر ... ليش مو حاط خط تلفون للبيت ؟
وقعت الملعقة من يد حصة ... نظرت نحو بدر ... الذي ظل هادئا ... وأجاب بهدوء أكبر :
_ نسيت ... وبعدين مو محتاجينه الحين ...
_ طيب ... جوال حصة خربان ... ليش ما شريت لها واحد جديد ...
رد بدر بحدة :
_ هاه ... بدرية شفيك ؟... حصة إذا محتاجة شي تقول لي ... ما له داعي محامين دفاع ...
ونهض غاضبا ... التفت بدرية نحو حصة الهادئة :
_ شفيه عصب ؟... (ظلت حصة هادئة وشوق كذلك) ... حصة ... لا يكون متزاعلين مع بعض ؟
ابتسمت رغما عنها ... وهي تضع يدها على يد بدرية :
_ لا تحطين في بالك ... شكله عنده مشكلة بالشغل ...
ظلت بدرية صافنة ... انتبهت لآثار جرح عميق على ساعد حصة ... انتابتها دهشة قوية ... "بدر عصب علشان يبيني أطلع من البيت ... بس ما أكون بدرية إذا ما عرفت اللي بينكم ... بدر ما ينفجر كذا من لا شيء ... وحصة بعد غريبة تصرف بكل هالهدوء ... بالعادة حتى فارس البزر تسوي له قصة لو داس لها على طرف ... ما عليه نصبر ونشوف " ...
<<< غرفة أنوار
_ فهد ... أنت وش قاعد تقول ؟
كانا يجلسان على السرير ... والباب مقفل عليهما :
_ هذي الحقيقة يا أنوار ... ما أحد رضا يقول لك ... بس أنا حسيت إنك لازم تعرفين ...
_ عقيــــــم !... (وقفت بدهشة) ... نـــاصر ... ومتى اكتشف هالشي ؟... وليش ما قال لي ؟...
وقف فهد يفسر لها :
_ لما جابك آخر يوم ... قال لأمي أنه سوى فحوصات ... والنتيجة نهائية ... وهو ما فيه أمل ... وخير أمي وبدر ... إذا يرضون يخلونك تعيشين معاه ... ولا تطلقين منه ... وهو كان متقبل أي قرار ..
سبحت الدموع في عينيها :
_ وليش يقرر معاهم هالشي ؟... ليش ما كلمني أنا ؟
_ ما أدري ... بس يمكن حس أنه أمي وبدر يعرفون مصلحتك أكثر منك ...
تساقطت دموعها غزيرة :
_ أنا كنت حاسة أنه فيه شي ... ناصر فجأة تغير علي ... وكل ما قوله شفيك ؟... يقول تعبان ولا تسألني ولا تفكرين ... يا قلبي يا ناصر ... كان يتعذب وأنا ما أدري ...
_ وش ناوية تسوين الحين ؟
مسحت دموعها ووقفت بكبرياء مجروح :
_ أنا كنت زعلانة عليه ... بس ما دام عنده أسبابه خلاص ... وهذي حياتي ... لا أمي ولا بدر يقدرون يقررون فيها شي ...
_ يعني بترجعين لناصر ...
_ ناصر للحين يحبني ... والدليل أنه متمسك فيني ... بس قرار أمي وبدر هو اللي قطع بيني وبينه ...
_ طيب ... بتقولين لأمي ...
_ أكيد ... بس أكلم ناصر أول ... تساعدني يا فهد ...
_ تبشرين ... باللي أقدر عليه ..
<<< بيت بدر
كانت بدرية تتجول في أرجاء المنزل ... بدر خرج لفترة عمله المسائية ... وجدت شوق تلعب في الصالة العلوية :
_ شوق ... شـــواقة ... (واقتربت منها) ... حصة وين ؟
_ حصة غرفة ...
_ وين الغرفة ؟
وأشارت شوق بيدها نحو غرفة بالزاوية ... وعادت لألعابها ... اتجهت بدرية نحو الغرفة التي كانت تعلم بأنها ليست غرفة بدر ... فتحت الباب بهدوء ... ومما تحتوي الغرفة تأكدت بأنها تخص حصة ... " يعني كلام شوق طلع صحيح " ... سمعت أنينا خافتا خلف السرير ... اقتربت بهدوء :
_ حصة ... حصة ... (وصرخت) ... حصــــــــــــــــــــــــــــــــة !!
وجثت على ركبتيها أمامها ... وأبعدت الموس الذي كانت تمسك به عن يدها وقذفته بعيدا ... تأملت الدم الذي كان يسيل من ساقها ... انتابها رعب فظيع :
_ حصـــــــــة ... وش تسوين انتي ؟
لكن حصة كانت تنتحب ... احتضت بدرية بخوف :
_ بــــــدر ... الله يخليك ... لا تعلم أبوي ... والله توبة ... لا تعلم نايف ... والله خلاص ... ما أعيدها بعد ... بدر تكفى ...
_ حصــــة ... (وزادت من احتضانها) ... انتي وش مسوية ؟...(رفعت جوالها واتصلت) .... بـــــــــــدر ... بسرعة الحق علينا ....
<<< في المشفى
في الممر كان بدر يقف مرتعبا ... ووقفت بجانبه بدرية غاضبة :
_ شلون ؟... انتي لقيتيها بهالحالة ؟
_ ما أدري ... اسأل نفسك ... مو أنت زوجها ...؟
علم بدر بأنها غاضبة ... فالتزم الصمت ... خرج الطبيب :
_ بشر يا دكتور ؟
_ أنت زوج المدام ؟
_ إيه نعم ...
_ تفضلوا معي عالمكتب ...
<<< في المكتب
جلس الكل ... التفت بدر وبدرية نحو الطبيب اللبناني الأصل :
_ يا أخ ...
_ بدر ...
_ يا أخ بدر ... زوجتك تعاني مشكلة نفسية شي ؟
هز كتفيه :
_ لا ...
_ طيب ... في شخص بعيلتكون يعاني من توترات عصبية ؟
_ لا ...
_ يا أخ بدر ... مدامتك عنده حالة توتر نفسي فضيعة ... يمكن من ظرف مرت فيه ... بس هالحالة تطورت كتير ... ولتنساها أو تتفادا وجعها ... كانت تسبب لنفسها جروح جسدية حتى تتلهى فيها عن الالم النفسي ..(حقيقة نفسية والعياذ بالله) ...
ارتعب بدر ... لم يكن يظن أن حصة تعاني ... لم يكن يعرف بانها تتألم إلى هذه الدرجة :
_ والحل يا دكتور ؟
_ نحنا طهرنا الجروح اللي بجسمه والحمد الله كلها جروح سطحية ... وإعطيناها شوية مهدئات لتنام ... واليوم ضروري تبقى تحت الملاحظة ...
تنهد بدر بصدمة :
_ طيب يا دكتور ... ومتى تقدر تطلع ...؟
_ محتاجة تقعد عنا يومين ... وبعد هاليومين نحنا مضطرين نبدأ معها علاج نفسي مكثف ... بس مو مشكلة تطلع عالبيت وتزورنا خلال هالجلسات العلاجية ...
نهض بدر وهو يصافحه :
_ مشكور يا دكتور ما قصرت ...
_ العفو يا اخ بدر ...
_ يالله يا بدرية ...
وغادر بدر وبدرية المشفى .
<<< مزرعة نايف
كانت في المكتبة ... تقرأ كتابا وهي ممددة على مقعد المكتب ... خرج نايف منذ الصباح ... واندمجت في قرأتها حتى :
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ...
ولم ترتعب ... بل يبدو أنها اعتادت على الأمر ... سمعت أصوات أقدام تهرول من أمام المكتبة ... وتنزل إلى القبو مسرعة ... خرجت من المكتبة ... ونظرت نحو سلم القبو ... "أنا لازم أعرف وش يصير ؟... ونايف لو أموت ما راح يقول لي "... أخرجها الفضول تجري نحو الخارج ... حرصت أن لا يراها احد ... ظلت تمشي بمحاذاة الجدار ... " لازم فيه فتحة تهوية ... "... وبحثت حتى وجدتها بالفعل ... خلف كومة من الأشجار ... دخلت بينها بصعوبة ... ووجدت جزءا من نافذة التهوية الصغيرة مفتوحا ... "الحمد لله" ... وأمعنت النظر في الداخل ... كان هناك رجلان ضخما البنية وقفا يسدان الباب المغلق ... عرفت من بينهما الحارس فتحي ... ورأت نايف ... "غريبة ... هو قال لي طالع بشغل "... كان يبدو غاضبا ... يدور في أرجاء الغرفة ... حاولت أن تفهم ما يتمتم به وهو يصرخ ... وانتبهت لنظراته التي تتجه نحو الزاوية ... رفعت قدميها ووقفت على أطراف أصابعها ... كان يوجد سرير ... وعليه رجل جالس ... حاولت أن تكتشف وجهه لكنه كان يعطيها ظهره ... أرهفت السمع :
_ أقولك أبـــــــــــــــــــــــــطلع ...
كان صاحب السرير يصرخ ... ونهض راكضا نحو نايف كأنه سيقتله ... لكن فتحي وصاحبه امسكا به حتى ثبتاه مرة أخرى على السرير ... صرخ نايف :
_ فتــــحي ... عصـــام ... شوي شوي ... لا تعورونه ...
_ وخــــــــروا ...
وأبعدهم الشاب عنه ... وتمدد بملل وبكل هدوء على السرير ... حتى أصبح وجهه في مرمى نظر بشاير :
_ قلت لك ... هالموضوع تنساه ... إنت ليش مو قادر تفهم ؟
كان نايف يصرخ ... ويبدو غاضبا جدا ... لكن نظرات بشاير كانت مركزة على صاحب السرير ... دققت فيه كثيرا ... كان يبدو مألوفا ... وضعت يدها على فمها وهي تمنع شهقتها :
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود ....
وانتبه نايف لفتحة التهوية ...

ارادة الحياة 14-05-08 05:02 PM

(( الفصل التاسع والأربعون ))
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــود !!
وانتبه نايف لفتحة التهوية ... وجدها واقفة خلفها برعب ... ركضت مبتعدة بخوف :
_ فتحي ... قفلوا الباب عدل وراكم ... (والتفت نحو سعود ) ... وانت كلامي معك بعدين ...
وخرج يركض أيضا ... سقطت بشاير على كومة الأشجار التي خلفها حتى خدشت ركبتيها ويديها من حدة الأغصان المتناثرة ... لكنها نهضت وهي تبكي برعب ... وركضت نحو غرفتها بكل قوتها ... صادفته قادما نحو السلم من الاتجاه الآخر ... صرخت وتابعت ركضها ... وهي تصعد نحو غرفتها :
_ بشــــــــــــــــــــاير ... بشــــــــــــــــــاير ....
لكنها تابعت الركض منتحبة ... وصلت حتى باب الغرفة وووقفت خلفه لتغلقه بخوف ... لكنه وصل إليها وفتحه رغما عنها ... إبتعدت عنه تبكي وهي تصرخ :
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... ليش حابس سعود ؟!... ليش ؟... أنت إنسان مريض ... من الأول كنت أقول إنك مريض ...
تقدم منها غاضبا وأغلق فمها بيديه بقوة وهو يجلسها معه ورغما عنها على السرير :
_ جب ولا كلمة ... اسكتي ...
لكنها ظلت تنتحب ...تمددت تلوت بين ذراعيه فلم تستطع فكاكا :
_ حـــــــــرام عليك ... وش قاعد تسوي فيه ؟... والله لأعلم عمي ... آآآآآآآآآآآآه هدني ... والله لأقول لبدر ... رجعني للرياض ...
كان يمسك برسغ يديها خلف ظهرها حتى آلمها ... تركها ووقف بهدوء :
_ رجعة للرياض ما فيه ... ولا تفهمين الأمور غلط ... عالعموم عندي شغل ضروري ... أرجع ونتفاهم ...
وخرج وتركها تنتحب بخوف ... ورعب ... وجهل بالمصير ... " يا ربي ... لا الرجال مريض مو صاحي ... أنا لازم أرجع للرياض ... ما أبي أقعد معاه دقيقة وحدة ... نايف مريض ممكن يسوي لي أي شي ... ولا سعود ... لازم أرجع وأقول لبدر ... آآآآآآآآآآآآآآه ... يا ربي ... ساعدني يا رب " ...
كان في مجلس عمه أبو نايف العامر ... المكان مكتظ بالرجال ... تشعبت الأحاديت ... وكثرت الآراء ... ورائحة القهوة الزكية تملأ المكان ... هو كان شاردا ... ينظر في الفراغ ... انحنى عمه نحوه :
_ ناصر يبه !
_ سم يا عمي ...
_ بكرا الصبح مر علي قبل لا تروح الشركة أبي نروح أنا وياك مشوار ...
_ تبشر يا عمي ...
ورن جواله <<< فهد يتصل بك
_ عن إذنكم يا جماعة ...
ونهض ناصر إلى الحديقة القريبة من مواقف السيارات الداخلية :
_ هلا ... فهد ...!
أحست برغبة في الموت ... لم تتوقع بأنها اشتاقت لصوته إلى هذا الحد ... وظلت صامتة :
_ فهـــــــــــــــــــــــــد !
ومن بين شهقاتها :
_ ناصر ... أنا أنوار !
أغمض عينيه وهو يعظ على شفته ... اشتاق إليها كثيرا ... أكثر مما تتصور هي ... وأكثر مما يتصور هو نفسه ... لكنه بدأ طريقا ويجب أن يكمله :
_ نــــعم !!
أحست ببرودة متصنعة في صوته ... تنفست بعمق :
_ أنت واحد واطي ... وحقير ... وما عندك ذرة مرجلة ...
ابتسم وهو يتذكر أسلوبها العفوي ... مصطلحاتها التي حفظها عن ظهر قلب :
_ أدري ... عندك غير هالكلام ؟
وانتحبت منه ومن أسلوبه ومن الدنيا كلها :
_ ناصر ... تعبانة ... حرام عليك ... والله حاسة إني أبموت ...
جلس على الأرض وهو يحس بأنه هو الذي سيموت :
_ أنـــوار اسمعيني ... اللي صار صار ... و ...
مسحت دموعها ... وقاطعته بجدية :
_ أنا دريت إنك عقيم ... فهد قال لي ...
أحس بالغصة ... بالجرح الذي انفتح ... لم يكن يتحمل الاحساس بالنقص أمام أي كان ... وأمامها هي بالذات ... وقف بغضب :
_ طيب ... أجل طبنا وغدا شرنا ... صار عندك سبب مقنع علشان نتفارق ...
_ لو تذكر ... انت اللي سعيت للفرقا مو أنا ...(التزم الصمت) ... ناصر ... انت تجاهلت وجودي ... حطيت اعتبار لأمي واخواني ولاغيتني أنا ... ما سمعت حتى رأيي ... والموضوع تدري أنه يحصني ويخصك ...
ابتسم من دفاعها ... أحس بأنها نضجت كثيرا في هذه الفترة :
_ انتي يعني لك رأيي ثاني ...
_ ناصر ... انا معاك عشت أحلى سنتين في عمري ... مو مستعدة لا أتخلى عنك ولا عن هالذكرى علشان أي شي ثاني ...
_ لأنك توك صغيرة ... ما تعرفين إن الحياة إذا نقصها شي مهم ... تكون جحيم ...
_ إذا كنت صغيرة على قولك ... ومو مستعد حتى تناقشني في مسار حياتي ... ليش تتزوجني من الأول ... ؟... عبيط إنت ولا تستعبط علي ...
حرك جبينه بيده :
_ ههههههههههه ... انوار خلاص ... خلينا نتقبل الموضوع ... ترى صدقيني ما عاد فيني حيل عليك ...
_ مو مشكلتي ... تجي الحين تأخذني البيت ... نتناقش انا وياك بهدوء ... عيال انا ما أبي عيال ... أصلا أنا ما أحب البزارين ... وأنت تدري بهالشي ...
ضحك من سذاجتها ... هي أصلا لا تدرك حجم المشكلة :
_ أنـــــــوار ... أحبــــك ...
انتحبت بشدة :
_ كذاب ... أنت لو كنت تحبني ما تعذبني كذا ... شلون أهون عليك يا ناصر ؟
أغمض عيناه وهو ينطقها بصعوبة :
_ أنوار ... انتي طالق ... (وأغلق الجوال) ...
<<< في بيت بدر
المناقشة كانت حادة ... نامت شوق وقررت بدرية التفاهم مع أخيها الجالس بألم في الصالة السفلية :
_ ممكن أعرف شاللي قاعد يصير ؟
كانت قد كتفت يديها بغضب ... نظر بدر نحوها ثم التزم الصمت :
_ بـــدر !... شفيك ؟... معقولة اللي كنت تسويه ... زين ما ماتت البنت ...
غضب من تأنيبها :
_ يعني أنا وش سويت ؟... بدرية ترى أنا حالي حالك اليوم دريت ...
_ ذنبك أكبر ... أنت زوجها ... وهالشي المفروض ما يخفى عليك ... حالة البنت النفسية عدم ... أنت شفت وش قاعدة تسوي في نفسها ...
ابتسم بسخرية مرة :
_ كملت ... زوجة مجنونة ...
استغربت جموده :
_ أنا متأكدة إنك أنت السبب ... حصة وليوم زواجكم ما كان فيها شي ... بالعكس كانت أكثر وحدة في البنت تضحك وتستهبل ... من تزوجتها البنت انقلبت 180 درجة ...
اكتسح الاحساس بالذنب ... والخوف وجهه ... اقتربت بدرية وجلست بجانبه :
_ بدر ... شفيه ؟... صارحني يا اخوي ... شاللي صار بينكم ؟
ونظر بدر نحوها ... كانت تعلم بأن ما حدث كبير ... وكبير جدا .
<<< الساعة 12 بعد منتصف الليل
كانت بشاير لا تزال على سريرها ... تنتحب بقوة ... خائفة حتى الموت ... سمعت ضجة في الطابق السفلي ... لكنها لم تأبه ... زادت حدة الضجة ... فتحركت بهدوء ... اتجهت نحو السلم ... عرفت فتحي وصاحبه الآخر ... ورجل عجوز ... وأم جميل كانت معهم ... وانتبهت إلى أنهم يهتمون بشيء ... وكان صوت صراخهم عاليا ... اقتربت ... حتى وقفت عند المدخل ... كانت بشرى تقف وهي تبكي ... رأتها ثم هربت تنتحب أكثر ... ركزت نظرها حيث كان نظر الفتاة ... وشهقت :
_ نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــايف ...
كان نايف ممددا على الأريكة ... يبدو نائما ... قميصه الأسود ممزقا ... ويسيل الدم منه بغزارة ... ووجهه شاحب بشحوب الموت :
_ نــــــــــــــــايف !... شفيك ؟... نايف قوم ...
وهزته بعنف وهي تصرخ ... ارتبك الموجودين ... وسحبتها أم جميل :
_ يا مدام اهدي ... يا مدام بليز اهدي ...
لكن بشاير كانت تنتحب وبقوة :
_ شفيه ؟...
أجابها الرجل العجوز وهو يمزق قميصه أكثر :
_ عيار نار ... صابه عيار نار يا مدام ...
وقفت مشدوهة :
_ مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــات !!
ولم تدري ما تفعل ... لكنها ركضت نحو القبو ... ونزلت السلالم بسرعة وهي تنتحب ... ركض خلفها فتحي :
_ يا مدام ... يا مدام ...
ضربت باب القبو برعب وهي تبكي ... لم يكن هنا من أحد تثق فيه أكثر من سعود :
_ يا سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود !!... يا سعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود ... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ...
قفز سعود مرتعبا من سريره ... اقترب من الباب المغلق وهو يستمع لصرخات هذه المرأة :
_ منو ؟
_ سعود انا بشاير ... نايف مات يا سعود ...
وتقدم فتحي منها :
_ يا مدام ما بصير هيك ... البيك مانع حدا يجي لهون ...
تجاهله سعود :
_ بشاير ... وش صار تكلمي ؟
_ ما أدري يا سعود ... نايف انذبح ... أحد ضاربه بمسدس ...
_ انذبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــح !! .. بشاير افتحي الباب بسرعة ...
غضب فتحي :
_ يا مدام ما بيصير هيك ...
لكنها نظرت نحوه بثقة :
_ افتح الباب ... (ثم صرخت) ... أقولك إفتح الباب تسمع إنت ولا لا ؟
فكر فتحي ... بأنها سيدته ... وعليه أن يطيع الأوامر ... أدخل المفتاح ... وفتح الباب الحديدي ... وخرج منه سعود خائفا :
_ وين نايف ؟
_ فوق ...
وركض وركضت خلفه ... وركض خلفهما فتحي ... اتجه إلى حيث رقد نايف ... تأمله برعب :
_ دم كثير ... (التفتت للرجل العجوز) ... وش نسوي الحين ؟
_ البيك قال مهما صار لا تخبروا الشرطة ...
بحث سعود عن شي ... ثم أدخل يده في جيب نايف وأخرج جواله ... وطلب رقما :
_ آلوووووووووووووو ... ناصر !
كان ناصر نائما ... استغرب الصوت فنظر في الاسم :
_ نايف !
_ لا ... أنا سعود ...
هب ناصر باستغراب :
_ ســـعــــــــــــــــود !
_ نـــــــــاصر !... الحقنا ... نايف انذبح ...

ارادة الحياة 14-05-08 05:07 PM

(( الفصل الخمسون ))
_ ناصر ... الحقنا ... نايف انذبح ...
ارتعبت ملامح ناصر :
_ سعود ... أنت وش قاعد تقول ؟... أنت وين ؟
كانت دموع سعود تتساقط ... لكنه حاول أن يتماسك :
_ أنا بالمزرعة ... بلبنان عند نايف ...
_ ونايف وينه ؟... وش فيه ؟
_ ما أدري ... جابوه ... ومضروب بنار ...
_مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــات ؟!
_ ما أدري ... بس دم ينزل منه واجد ...
مسح ناصر جبينه بخوف :
_ وين أبو كامل ؟... عطنياه ...
وناول سعود الجوال للرجل العجوز :
_ أهلين ناصر بيك ...
وجلس سعود بجانب نايف ... وأم جميل ظلت ممسكة ببشاير :
_ أبو كامل ... وش صار ؟
_ ما بعرف يا بيك ... بس الاستاز نايف خرج ... وقال مهما صار ما تبلغوا الشرطة ... ورجع هيك ...
فكر ناصر ... " نايف قال لا تعلمون الشرطة ... لا يكون اللي في بالي "... :
_ طيب ... اسمع ... تعرف الدكتور فادي ...؟
_ أكيد يا بيك ...
_ روح الحين ... وخذ عصام معاك وجيبه المزرعة بسرعة ... لا تودون نايف المستشفى ولا تعلمون الشرطة ... وبس تجون اتصلوا علي مو تتأخرون ...
_ حاضر يا بيك ...
أغلق أبو كامل الجوال ... ووضعه في جيبه :
_ يالله يا عصام ...
سأل سعود برعب :
_ وش قال ناصر ...؟
_ رايحين نجيب الطبيب ... لا حدا يحرك البيك من مكانه ...
وخرجا أبو كامل وعصام ... جلس سعود على الأريكة بألم ... وتساقطت دموعه غزيرة ... وضع رأسه بين يديه وهو يبكي ... نظر نحو نايف المسجى كالجثة وزاد نحيبه ... تقدمت منه بشاير ... وجلست ... الرعب الذي مرت به ولا زالت ... جعلها تنسى كل شيء ... حتى أن تغطي وجهها عن سعود :
_ سعــــود !... شنو صاير ؟
بكى سعود أكثر :
_ ما أدري ... ما أدري يا بشاير ... أخاف نايف مات بسبتي ...!
انتحبت بشاير أكثر :
_ سعود !... نايف قاعد ينزف ... طاح منه دم واجد ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... (وتأمل نايف) ... وش أسوي يا بشاير ؟... خلينا ننتظر الدكتور ... الله يصبره إن شاء الله ...
<<< بيت بدر
كان بدر وبدرية لا زالا في الصالة ... حكى بدر لبدريه كل شيء يتعلق بالمشكلة ... أحست بالصدمة ... بالذهول ... لم تتوقع بأن بدر كان يحمل هما بهذا الحجم ... لم تتوقع بأن إحدى بنات العائلة وبالذات حصة ... سلكت مثل هذا الطرق :
_ مو مصدقة ... (وأمسكت رأسها) ...
_ يعني لا تلوميني ... هذا وانتي بنت ... وشحال لو كنتي مثلي ... وسمعتيه شلون يتكلم عنها ... والله غصب كنت أمسك نفسي عنه لا أذبحه ...
_ عرف أنها بنت عمك ؟
_ لا ... هي مو قايله له اسمها الحقيقي ... ولا من تكون ...
_ ليش يا حصة ؟... ليش ؟
تنهد بحزن :
_ وشوفي كم واحد قبله ... أنا عشت بعذاب يا بدريه ... تكتفت ايديني وما كنت عارف وش أسوي ؟
_ لا حول الله ... الله يصلحك يا حصة ...
_ ما أدري وش أسوي ؟... أقول لعمي انها تعبانة ...؟
رفعت بدرية رأسها بقوة :
_ لا ... لا احد يدري ... حصة حالتها صعبة ... وعمي وأم نايف راح يسألونك وش السبب ؟... دامك سترت البنت كمل جميلك للآخر ...
_ يعني شنو ؟... ما أعلم احد ...
_ الله يهداك يا بدر ... أنت تبي تحل المشكلة عقدتها زيادة ...
_ وش أسوي يا بدرية ؟
أمسكت يده بثقة :
_ اسمع يا اخوي ... كلها يومين وحصة تطلع من المستشفى ... جيبها البيت وخلها تكمل علاجها هنا ... وما احد راح يفقدها ... الكل تعود انها ما تطلع ولا تروح من تزوجت ... يعني أهلها ما راح يفقدونها ... وأنتم ما عندكم تلفون ...
تنهد بحرقة :
_ وبعدين ...
نظرت في عينيه بتصميم :
_ بدر ... حصة بنت عمك ... وغلطت ... أنت حليت نص المشكلة وسترت عليها ... وهي أخذت درس ... واللي صار لها كافي ...
_ يعني شنو ؟
_ يعني ما يصير انت وياها تعيشون بهالعذاب ... بعدين أنت ما خفت على بنتك تربى بمثل هالأجواء ...
استغرب منطق بدريه :
_ يعني أكمل حياتي معاها عادي ...
_ يا بدر يا اخوي ... أنت ولد عمها ... تشيل عيبك وتشيل عيبها ... هذا أنا تزوجت غريب عني ... ولمن لقى فيني عيب ما صبر علي .. ورماني كأني لا كنت ولا صرت ... وأنت ما تقدر تسوي هالشي مع حصة ... وراك عمي ... ونايف ... واخوانها ... وحتى اخواني راح يقدمون حصة عليك بهالوضع ...
_ معاك حق ...
_ اللي صار يظل بيني وبينك ... حتى حصة لا تقول لها إني أدري ... كافي إنها مكسورة قدامك أنت ...
هز بدر رأسه بتفهم ... بدريه كانت دائما تحمل عقلا راجحا ... وقدرة على اقناع جبارة ...
<<< في غرفة أنوار
فتح فهد الباب بلهفة ... وجدها ممددة على السرير بحزن ... أغلق الباب خلفه :
_ وش صار ؟
وجلس بجانبها ... سقطت دموعها حارة :
_ طلقني يا فهد ... (وغرقت في نوبة بكاء حادة) ...
_ الكــــــــــــــلب !... خلاص يا أنوار ... طلع ما يستاهل ... لا تبكين عليه ...
_ آآآآآآآآآآآآآآخ ... يا فهد ... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ ...
تألم فهد بشدة ... انتبه للعقد الرقيق المقطوع ... كان مرميا بجانبها على السرير ... هذا العقد كان هدية من ناصر ... يحمل قلبا بحرفين متعانقان (A & N) ... لطالما اعتزت به أنوار ولم ترمه من عنقها أبدا إلا في هذه اللحظة :
اعذريني يا الهدايا ...
لو هملتك في الزوايا ...
ما أني متحمل أشوفك ...
واللي جابك مو معايا ...
اللي جابك وينه عني ؟...
يا ترى زعلان مني ...
ما درى إني في غيابه ...
كم شكيته للمرايا ...!!
<<< المزرعة
حضر الطبيب ... وقام بعلاج كتف نايف ... التي أصيبت بشكل خطير ... حمل الجميع نايف إلى غرفته ... ووضع على السرير ليرتاح ... وأعطاه الطبيب إبرا مهدئة مضاعفة ... نتيجة الالم الذي عاناه خلال إخراج الطبيب للرصاصة ... وغط في نوم عميق :
_ مشكور يا دكتور ...
وصافح سعود الطبيب :
_ العفو يا بيك ... بس لازم تنتبهوا .. إذا صحى لا تعطوه شي ... حتى الماء لا تشربوه ... وأنا إن شاء الله كل فترة بمرق عليه ...
_ ما قصرت ...
وانصرف الطبيب ... التفت سعود نحو بشاير ... التي ارتدت جلابية وغطت وجهها ... وجلست بارتباك على المقعد ... آلمه الحزن الذي كساها ... لقد عانوا جدا خلال الليلة الماضية ... رن جوال نايف مع أبو كامل :
_ أهلين ناصر بيك ...(نظر نحو سعود) ... لحظة شوي ... سعود بيك ... الاستاز ناصر بده ياك ...
أمسك سعود الجوال ... ومسح وجهه ولحيته الطويلة بيده :
_ هلا ناصر ...
_ لا الحمد الله ... الدكتور طلع الرصاصة ... وعطاه مهدئ ونام ... أنت وش سويت ؟... دريت من اللي ضاربه ...
كانت بشاير تراقب سعود ... قدمت لها أم جميل كوبا من عصير الليمون ... لكنها رفضته ... وعادت تراقب سعود :
_ منو ؟... (وتجلت الصدمة على سعود) ... أيه أعرفه ... بس ... ليش يضربون نايف ؟... كنت متوقع بس ... أنت شلون عرفت ؟... ناصر ما أقدر ... أرجع الرياض مستحيل ... نايف بهالحالة وأنا أرجع ... ناصر ... طيب .. طيب ... مع السلامة ... خلاص أنا أخلي الجوال معاي ... مع السلامة ...
جلس على المقعد بتهالك وهو يفكر بعمق :
_ سعود !.. وش صار ؟
_ قلت لك ... (وبكى) ... كل اللي صار بسبتي ... إذا نايف صار فيه شي ما راح أسامح نفسي ...
_ سعود ... ناصر وش قال لك ؟
_ ناصر يقول لازم نرجع الرياض ... وما نعلم أحد باللي صار ...
وقفت بثقة :
_ نرجع ... ونايف بهالحالة ... مستحيل ... أرجع أنت ... أنا ما راح أرجع ...
تنهد بيأس :
_ بشـــ ... (ورن الجوال) ... هلا ناصر ... بشاير مو راضية ترجع ... (ومد لها الجوال) ... يبيك ...
أخذت الجوال :
_ هلا ناصر ..
_ هلا بشاير ... شلونك ؟
بكت بمرارة :
_ نايف ... نايف يا ناصر ...
_ ما عليه ... أنا كلمت الدكتور ... أزمة وتعدي إن شاء الله ... بشاير اسمعي ... وافهميني ... في خطر على حياة سعود ... لازم اليوم ترجعون الرياض أنا حجز لكم على طيارة الساعة 5 ...
نظرت نحو سعود بخوف :
_ ما أقدر يا ناصر ... نايف حالتـــ ...
_ بشاير لا تطولينها ... سعود ما يقدر يخليك لحالك ويرجع ...
_ ما عليه يا ناصر ... تكفى لا تجبرني ... سعود يرجع ... وأنا أرجع مع نايف ...
أحس بالاستسلام من اصرارها :
_ طيب ... دير بالك على نايف ... عطيني سعود ...
وعلى الساعة 5 كان سعود على متن الطائرة التي حلقت نحو الرياض .
<<< الساعة 2 فجرا من صباح اليوم التالي
كانت بشاير جالسة على المقعد ... تبكي ... وتتأمله ... نائما دون حراك ... كتفه المصابة ... وجهه الشاحب ... وجسده المرهق بشدة ... كان يبدو على بعد خطوات من الموت ... تذكرت ليلة البارحة ... الرعب الذي عاشته ... احتمالية موته ... منظره وهو يسبح بكل تلك الدماء ... نايف الذي رآته ساكنا لأول مرة في حياته ... " يا ويل حالي يا نايف ... ما هدك إلا السلاح يا ولد عمي ... بس من اللي ضربك ... وليش ؟... وسعود شنو دوره ؟.. وناصر ليش يقول لي في خطر على حياته ... ليش الحين اكتشفت إن حياتك كلها سر وراء سر ... ليش يا نايف ؟.. ليش هالمواقف اللي وقفت قلبي فيها ... " :
_ آآآآه ... آآآه ...
استمعت لآهاته الخافتة ... اقتربت منه :
_ سلامات يا أبو فلاح ... ما تشوف شر ..
_ ماي ... ماي ... أبي ماي ...
نايف لم يكن في وعيه :
_ اصبر يا نايف ... الدكتور قال لا تعطونه شي ...
لكن ظل يصرخ بوهن وهو يبتلع ريقه بصعوبة :
_ ماي .. أبي ماي ...
لم تتحمل رجاءه ... بللت أطراف أصابعها بالماء ... ومررتها على شفتيه وهي تبكي ضعفه وضعفها هي عن مساعدته ... و غط في نوم آخر .
<<< بعد يوم
دخل بدر منزله ... يمسك بحصة التي استندت على جسده ... ابتسم لها وهو يفتح الباب :
_ حمد الله عالسلامة ...
كانت لا تزال ترتجف ... ولم ترد :
_ بـــ ... بدر ... أبي أنام ...
وسار بها حتى صعدت السلم ... تركت يده واتجهت نحو غرفتها ... دخلت ورمت عباتها ... وتهالكت على السرير بملابسها ... وقف عند الباب يمزق شكلها قلبه :
_ تبين عشا ؟
وأغمضت عيناها :
_ أبي أنام ...
أطفئ النور ... وخرج ... وغرقت هي في نوبة بكاء مريرة .
<<< المزرعة
نايف تحسنت حاله ... لكن لا زال يغط نائما ... ولا يستقظ إلا حينما يكون عطشانا ... عاد لنومه توا ... اتجهت أنوار نحو المكتبة ... فقد تعودت أن ترتبها ... ونايف أحب جدا طريقة تنسيقها وتصنيفها للكتب ... ولا زالت هناك الكثير من الكتب المبعثرة ... ظلت ساعات طويلة ... ترتب وترتب حتى نال منها التعب ... انتبهت إلى دفتر مذكرات نايف الذي تغير وضع القلم فيه منذ آخر مرة فتحته ... نال منها الفضول ... ففتحت آخر صفحة ... كانت بتاريخ الأسبوع الماضي .. كتب فوقها :
يا طفلة .. جاءت تذكرني
بمواسم النعناع ... والماء ...
ماذا سأكتب فوق دفترها ؟
ما عدت أذكر شكل إمضائي !!
لا تبحثي عني ... فلن تجدي
مني ..
سوى أجزاء أجزائي .
جميلة هي الأيام معها ... تجعلني أشعر بأن الحياة حياة ... والامل امل ... والروح لا زالت تسكن الجسد ... غجرية الأطباع محبوبتي ... تعشق توتري ... وتحب حتى الذبح عناقيد الغضب التي تتفجر من جسدي ... لماذا ؟... لماذا جئتي في آخر العمر يا طاغية العينين ... لتقتلي فيا الحياة ... أم لتبعثيها ... لا أدري ؟؟؟!!
أحست بشاير برغبة في البكاء ... جلست على المقعد ... والرغبة في التهام هذا الكتيب المليء بالأسرار يقتلها ... قلبت الصفحات بشكل عشوائي ... ركزت في صفحة قديمة ... تاريخها يعود ربما لسنوات دراسته في الجامعة :
هي النرجسية قد دمرتني
فكل العيون محطات ليل
وكل النساء لدي سفر !!
أفتش فوق الخريطة
عن وطن مستحيل
فما من رصيف أنام عليه
ولا من حجر ...
لماذا لا تفهم النساء العشق ؟... لماذا عقل امرأة لا يدرك أبعد من ظفرها المكسور ... وحقيبة يدها التافهة ... لماذا لا أجد امرأة ... تدخل من عيني ... وتستقر في رأسي ... وتستوطن خلايا الروح فيني ... لماذا أشعر بأن النساء دمى ... بلا قلوب ... وبلا جروح ... وبلا أرواح ... مجرد عقول متهورة ... وعيون دائمة البكاء ...
دخلت بشرى فجأة :
_ مدام ... العشا جاهز ...
أحست بشاير لتوها بمرور الوقت ... وأحست بأنها يجب أن تعود لغرفتها :
_ شكرا بشرى ... مو مشتهية ...
وصعدت إلى الغرفة ... جلست على مقعدها الدائم بجانب السرير ... نظرت نحو نايف الذي لا زال نائما ... وعادت تقرأ في الدفتر الذي جلبته معه :
لا شك ... أنت طيبة
بسيطة وطيبة ...
بساطة الأطفال حين يلعبون
وأن عينيك هما بحيرتا سكون
لكنني ..
أبحث يا كبيرة العيون
أبحث يا فارعة العيون
عن الصلات المتعبة
عن الشفاه المخطئة
وأنت يا صديقتي
نقية كاللؤلؤة
باردة كاللؤلؤة
وذاك ما يحزنني
لأنني
أبحث يا عادية الشفاه
أبحث يا ميتة الشفاه
عن شفة تأكلني
من قبل أن تلمسني ...
مريم .. إبنة عمي الوديعة ... تزوجتها قبل شهر ... وهربت منها بعد شهر ... جميلة ... جميلة جدا ... لكنها ... سجية في قمعها ... هادئة كنسمة الربيع ... كل ما أقوله ... تقوله ... وكل ما أمرها به ... تنفذه ... يقتلني هدوءها ... وحشمة الزواج في قاموسها ... ووصايا أمها وترهات رغبتي في جارية ... كل ما أقوله تقوله ..
شعرت بشاير بالدهشة ... كانت تعلم سلبية مريم ... لكنها لم تتوقع مثل هذه العلاقة الفاترة بينها وبين نايف ... وظلت بشاير خلال هذه الأيام تلتهم ما حواه الكتاب بلهفة ... اكتشفت نايف أكثر مما كانت تتخيل ... علاقته المليئة بالشفقة تجاه سيف ... حبه لناصر ... فخره بوالده ... أحمد الذي كان يشكل هما كبيرا له ... إعجابه بإخلاص بدر نحو زوجته الراحلة ... والأهم سعادته في وجودها ... طوت الكتاب هي تفكر ... " نايف طول عمره كان حاضر في حياة كل واحد فينا ... كان يقدر يتصرف في كل مشكلة ... كان يدوس على نفسه ... على راحته ... علشان كلنا ما نندم ... ولا يدوس الخطأ واحد منا ... (مسحت دمعة حارة) ... ليش يا نايف ؟... ليش كلنا كنا فاهمينك غلط ؟... ليش ما أحد عطاك حقك ؟... ولولاك كان كلنا ضعنا "...







--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل الواحد والخمسون ))
استيقظت حصة من النوم ... تحس بأنها نامت حتى شبعت ... لا تدري كم الوقت الآن ... فتحت عيناها بصعوبة ... كان هناك صوت تنفس بجانبها ... ركزت فيه ... فجحظت عيناها ... وشهقت :
_ بـــــــــــــــــــــــــــــدر !!
استيقظ بدر من نومه :
_ اسم الله عليك ... شفيك ؟
أفلتت يدها منه ... وهربت نحو الباب ... لكنه كان مغلقا ... هزته بعنف وهي تبكي ... وأخيرا صرخت تكلم الباب :
_افتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــح !!
تقدم بدر منها بهدوء :
_ حصـــة ... سمي بالرحمن ...
أبتعدت عنه ... ووقفت عند زاوية الباب بخوف ... نظرت في عينيه :
_ وين شوق ؟
_ شوق راحت مع بدريه ... شفيك ؟.. خايفة مني ...؟
بكت بحرقة :
_ بدر ... والله ما أعيدها ... والله خلاص ما أسوي شي ...
_ اشششش ... (وأمسك يديها بهدوء) ... أدري ... لا تخافين ... هدي بس ...
وضمها لصدره بقوة ... تعلقت فيه وزاد انتحابها شدة .
<<< المزرعة
تحسنت حالة نايف ... استطاع أن يجلس ... لكنه لن يغادر السرير إلا بعد فترة ... تقدمت بشاير مع صينية الغداء ... نظر نحوها نايف وهو يكلم بالجوال :
_ أنت سو اللي قلت لك عليه ... وأنا إذا رجعت الرياض أتفاهم معاه ... (ونظر نحو كتفه الملفوفة) .. ما أخليها له الكلب ... (سأل بحنان) ... شلون سعود الحين ؟... دير بالك عليه يا ناصر ... وخل أبوي يكلمني ... اتصل عليه مغلق ... من زمان ما كلمته أخاف يشك بعدين ... يالله مع السلامة ... (وأغلق الجوال) ...
تحرك بصعوبة وهو يمسك بكتفه ... ساعدته بشاير بوضع وسادة صغيرة خلف ظهره ... وجلست مقابله :
_ مشكوررررة ...
أخفضت رأسها ... كانت تحس بألم شديد لأنها ظلمت نايف في يوم من الأيام :
_ تبي تأكل ...
رفع حاجبيه موافقا ... وضعت صينية السرير حوله ... رفعت الملعقة وبدأت تطعمه :
_ باسم الله ...
<<< غرفة حصة
خرجت حصة من الحمام ... وجدته جالسا على السرير حتى الآن ... اتجهت لتجلس في المقعد البعيد ... كانت تفرك يديها بصعوبة :
_ ما راح تروح الدوام اليوم ؟
ابتسم وهو ينهض ليجلس بجانبها :
_ لا .. مأخذ إجازة هالأسبوع ...
كانت لا زالت ترتجف :
_ بدر ... جوعانة ؟
_ شرايك نطلع نتعشا بمطعم ...؟
ابتسمت له بوهن ... هذه هي المرة الأولى التي يخرجان فيها معا إلى المطعم .
<< المزرعة
رفع يده :
_ خلاص ...
رفعت كوب الماء الذي سقته وأعادته إلى الطاولة الصغيرة :
_ عوافي ...
_ الله يعافيك ...
عادت وجلست في مكانها ... وهي تنظر نحوه باستغراب ... عاد برأسه إلى الوراء وهو يبتسم :
_ فضولية ...
_ لا ... أنا جزء من اللي صار ... ما تتصور الرعب اللي عشنا فيه وأنت ما تدري عن شي ...
_ قولي فرحتي ... وتبين الفكة ...
أحست بأن دموعها كانت قريبة :
_ أجل للحين ما تعرفني يا نايف ...
_ غلطانة ... أنا أعرفك مثل أعرف نفسي ...
_ طيب .. وسعود ؟!
_ شفيه ؟
_ ليش كنت حابسه ؟!
تنهد بيأس :
_ صايرة هذرة ... وتسألين واجد ...
أخفضت رأسها بحزن ... يأست من أن يخبرها ... أبتسم لحالها ... ضرب يده على الفراش بجانبه :
_ تعالي هنا ...
أطاعته ونهضت لتجلس بجانبه ... نظرت في وجهه مباشرة ... علق بلهجة صارمة :
_ اللي راح أقوله لك ... ما أبي جنس مخلوق يدري فيه ...
أشارت إلى عينيها الاثنتين دون أن تتكلم " من عيوني " ... ابتسم من ثقتها بنفسها وثقته فيها :
_ في واحد ... منافس لي بالشغل ... يصير حق زوج بدريه بنت عمي ...
_ اللي طلقها ؟
هز رأسه بالايجاب واكمل :
_ دخلوا معانا صفقة مهمة ... كسبناها وهو خسر ... علشان جذي ضغط عليه علشان يطلق بدريه ... (هزت رأسها بتفهم) ... واشتبكنا معاه بصفقة ثانية ... واضطرينا نتعامل معاه بهدوء علشان ما يخرب علينا ... بس هو كل تعاملاته معانا كانت غير شرعية ... ويحاول كل مرة يطيحنا بمصيبة بس فالأخير وقفته عند حده ... وتقريبا خربت سمعته بالسوق نهائيا مع العلم إنه اقتصاديا ظل متماسك ...
تنهد نايف بتعب ... اقتربت بشاير وفتحت أزرار البيجامة العلوية فأحس براحة ... ابتسم لها واكمل :
_ في واحد أعرفه ... مسؤول كبير بالداخلية ... كان يترصد خلايا ارهابية يمولها ابن غازي نفسه ... وكلمني لما اكتشف اسم عضو في هالخلايا اللي عرفوهم كلهم بس باقي يقبضون عليهم متلبسين ...
شهقت بخوف :
_ سعــــــود !!
هز رأسه بالإيجاب :
_ أنا كنت أنتظر هالفرصة ... إنهم يمسكون ابن غازي متلبس ... بس سعود كان كاسر ظهري ... ابن غازي كان قاصد يغوي سعود لأنه يدري إنه كذا راح يضرب مصداقية اسم العائلة بالسوق ... سافرت عند سعود في مكة ... حاولت أفهمه ... بس سعود عقليته نافشة ... وما لقيت قدامي غير هالحل ...
_ أنك تحبسه هنا ...
_ قلت على ما يمسكون اللي كان معهم ... ويمكن يكتشف الغلط اللي كان راح يطيح فيه ...
سألت بفطنة :
_ وربعه هم اللي ضربوك ...
_ ايه ... كانوا يدورون عليه ... وهم يدرون انه عندي ... بس مو عارفين مكانه بالضبط ... اتوقع كل هذا بتحريض من ابن غازي .. يلعب بهالشباب على كيفه ... بسم الدين والأمة ...
_ الحين ؟
_ كلمت ناصر ... يقول أن سعود دله على أكثر اللي يعرفهم ... وامسكت الشرطة أكثرهم ...
كانت تتأمله ... لماذا دائما كانت تسيء فهمه ... قالت بصدق :
_ نايف ... أنا آسف ...
_ ههههههههههههههههههه ... علشان ... (وأعاد كلماتها) ... أنت إنسان مريض ... ومتخلف ...
سبحت الدموع في عينيها ... نهضت وضمته برقة ... وهي تبكي :
_ نـــ ...
قاطعها وهو يمسد ظهرها بيده السليمة :
_ خلاص لا تبكين ... والله ما أخذت بخاطري من كلامك ... أدري فيك كنتي فاهمة غلط ...
<<< منزل بدر
عادا من المطعم ... لازالت تحس ببعض الخوف ... لكن يبدو أنها بدأت تهدأ ... اتجهت نحو غرفتها ... وسار خلفها ... لم تتعود وجوده في هذا المكان أبدا ... رمت عباتها وجلست على السرير ... لا زالت تفرك يديها بقوة ... رمى غترته وجلس أمامها مبتسما :
_ بـــدر ... أنا ...
أراد أن يشجعها على الكلام كما أمره الطبيب :
_ شفيك ؟... تكلمي ... لا تسكتين ...
ابتلعت ريقها :
_ للحين زعلان مني ؟
ابتسم لها :
_ انتي اعتذرتي ... وأنا خلاص سامحتك ... وأدري فيك ما راح تكررينها ...
هزت رأسها مؤكدة :
_ يعني أنت مو زعلان مني ...؟
_ لا ... (انتبه لعادتها في فرك يديها) ... ليش تحكين ايديك ؟
صدمت من سؤاله :
_ يعورني ...
انتبه لآثار الجروح التي لا زالت واضحة ... يبدو أنها تشعر برغبة في جرح نفسها مرة أخرى :
_ أشوف ...
وأمسك ساعدها ... رفع كمها عاليا ... وقبل مكان الجرح الطويل بحب ... نظرت نحوه بدهشة ... نظر في عينيها وهو يغرز يدا في شعرها :
_ حصـــة ... انتي تحبيني ؟... صح ؟
هزت رأسها موافقة :
_ إذا تحبيني لا تمسكين الموس مرة ثانية ... ولا أي شي حاد ... فاهمة ؟
غرقت عيناها بالدموع وهي تهز رأسها موافقة ... أخيرا سامحها بدر ... أخيرا ستبدأ حياة معه ... طبيعية ... تمتلئ بالحب ... لقد أخطأت ... لكنها دفعت الثمن غاليا ... ليالي لا تحصى من الألم والدموع والحرقة التي لا تنتهي ... كفيلة بأن تمنعها من الوقوع في هذا الخطأ حتى آخر العمر ...








--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل الثاني والخمسون ))
<<< المزرعة بعد شهر
تحسنت حالة نايف كثيرا ... أصبح بإمكانه أن يسير ... وظلت يده مربوطة برباط خفيف ... كانت بشاير في المكتبة ... تتأمل كتاب " البحث عن الحقيقة الكبرى " ... وصورة الشابة داخله تحيرها كثيرا ... لم تقرأ عنها أي اعتراف في مذكرات نايف ... لكن أغلب اليوميات في كتابه كتبت باللغة الفرنسية ... وهي لا تجيد منها شيئا فلربما جاء لها ذكر في تلك الصفحات ... اقترب منها نايف وجلس ملاصقا لها على الأريكة :
_ مساء الخير والاحساس والطيبة ... (وقبل خدها) ...
ابتسمت له :
_ هلا نايف ... مساء النور ... وين كنت ؟
_ رحت مع أبو كامل مشوار ...
هزت رأسها بتفهم :
_ شفيك ؟
نظرت في عينيه مباشرة :
_ أسألك سؤال وتجاوبي بصراحة ...
_ هههههههههههههههههههه ... يا هالصراحة اللي ذابحتني فيها ... أبي أعرف أحد قايل لك إني كذوب ...؟!
كانت تحترق فضولا :
_ تجاوب ولا لا ...
تنهد متمللا :
_ أجاوب ...
رفعت نحوه الصورة :
_ من هذي ...؟!
نظر في الصورة ... لكنه لم يرتبك ... أمسكها وابتسم ... أراد أن يلعب بأعصابها :
_ هذي ... ههههههههههههههه ...
_ نايف قلت إنك راح تجاوب بصراحة ...
_ امممممممممممممممممم ... (غمز لها) ... ليش تبين تعرفين ؟
_ تعرفني ... كذا ... فضول ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... جبانة ... خايفة تعترفين إنك تغارين علي ...
ابتسمت باستهزاء :
_ لا يا شيخ ...
_ أجل خلي الفضول يأكل قلبك ... ما راح أٌقولك لما تعترفين إنك تغارين علي ...
التزم الصمت و تأمل الصورة ... والتزمت هي الصمت ... فكرت بدهشة ... " يمكن معاه حق ... ليش أنا مهتمة أعرف منو هذي ؟... معقولة أغار عليه ... بس اللي يغار يحب ... وأنا ... معقولة حبيت نايف ؟"... مرت فترة قصيرة قبل أن تنهار :
_ طيب ... خلاص ..
تظاهر بالغباء :
_ شنو ؟
_ أغار عليك ... قولي منو هي ؟
_ ههههههههههههههههههه ... احلفي ...
_ والله ... يالله نايف قول ...
_ هذي ... (واقترب منها بشدة وهو يضع الصورة بينهما لينظرا نحوها) ... يا طويلة العمر ... نادين ... زوجة أحمد ...
أحست بالصدمة :
_ أحمد ولد عمي ...
_ إيه ... لما كنا ندرس ... هو اختار الجامعة اللبنانية في بيروت ... وهناك تعرف عليها ... حبها موووت ... وقرر يتزوجها ...
_ وعماني ؟... رضوا ؟!
_ ما قال لهم ... كان جبان ... وخاف يمنعونه عنها ... بس أنا وناصر اللي ندري ...
_ ووينها الحين ؟
_ الله يرحمها ...
شهقت بخوف :
_ ماتت !!
_ أحمد كان راجع بسيارته ... وهي ما أدري شنو كانت تسوي بالكراج ... ما شافها ... خبطها بالسيارة وماتت ...
أحست بالرعب :
_ هو اللي خبطها ...؟
تنهد وهو يتذكر :
_ وكانت حامل ... وأحمد ليما الحين عايش مع الذنب ...
_ لا إله إلا الله ...
وسادت لحظة صمت بينهما ... قطعها نايف :
_ حجزت طيارة ... بكرا راح نرجع الرياض ...
هزت رأسها موافقة وهي لا زالت تحس بالصدمة ... اقترب منها وقبلها بقوة ... ثم نظر في عينيها مباشرة :
_ مشكورة يا قلبي ... على أحلى شهرين قضيتهم في حياتي ...
ابتسمت بألم ... " شكلي بديت أموت فيك يا نايف " :
_ دم ... ورعب ... وضرب نار ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... كل لحظة خوف ... وفرح ... وموت ... تكونين انتي فيها موجودة ... خياااااااااااال بالنسبة علي ... (وجاء دورها لتقبله بحب) ...
<<< الرياض
في مجلس أبو نايف ... نهض أبو نايف :
_ تصبحون على خير ...
وودعه نايف وناصر ... وفلاح الصغير لا زال جالسا بشوق في حضن والده :
_ شلون كتفك الحين ؟
_ تمام ... المهم ... بلغت العقيد باللي قلت لك عليه ...
_ وعطيته الأوراق بعد ... من بكرا ابن غازي يبدأ رحلة السجن الطويلة ...
_ خله ... أبيه يتعفن هالكلب ... (ثم تذكر) ... إلا تعال أنت وش سالفتك ؟
علق بحزن :
_ أي سالفة ؟
_ أنوار ... يا فطين ...
_ خلاص يا نايف ... كل شي بينا انتهى ...
_ أنا أبي أعرف علامكم ... غبت شهرين رجعت لقيت الدنيا معفوسة ... طيب هي اطلبت الطلاق ؟
_ لا ... بس هذا الحل الوحيد ...
_ يا شين المصاخة ... يوم مرتك تبيك وش له هالهبال ... ناصر جد ترى صاير دلوع ؟
_ وش أسوي يا نايف ... ما أبي أظلم البنت معاي ...
ضحك بسخرية :
_ لا ما شاء الله عليك حقاني ... وين ضميرك من الأول ... قلت لك إذا تبي تأخذها تكمل معاها للنهاية ... لا تصير جبان بنص الطريق ...
غضب ناصر :
_ مشكور ... وسعت صدري يا أبو فلاح ... (ونهض) ...
_ لا يا شيخ .. سويت فيها زعلان بعد ... ناصر !!
والتفت ناصر بملل :
_ نعم ...
_ بكرا تروح ترجعها بيتك ... بنت عمي مو لعبة بإيدك ... وإلا أنت عارف ما يصير بيني وبينك غير الزعل ...
_ هاهاهاهاي ... خوفتني ...
ارتشف نايف فنجانه بهدوء :
_ والله كيفك ... أجل كل علومك بكرا توصل لأبوي ...
تنهد ناصر :
_ طيب .. عمي شكو ؟
_ أنا قلت لك ... وأنت كيفك ...
_ أعوذ بالله منك ... صج هتلر ... (وخرج ناصر) ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... خبل ... (وعاد يرتشف فنجانه) ...
_ يبه ... (ونظر فلاح في عيني والده) ...
_ هلا يبه ...
_ عمي ناصر خبل ...؟!
وقف وحمل طفله بين ذراعيه :
_ هههههههههههههههههههههه .. لا عيب هذا عمك ... وحشتني يا دب ... (وقبل ابنه بشوق وهو يدخل المنزل) ...
<<< بيت راشد
في غرفتهن القديمة ... تحلقن جميعا كالأيام الخوالي ... دلال _ عهود _ بشاير :
_ اقبلوني قسم ديكور داخلي ...
شدت بشاير على يدي أختها التي يبدو أنها بدأت تتخلص من حزنها تدريجيا :
_ مبروك يا قلبي ...
_ الله يبارك فيك ...
علقت دلال وهي تحتضن صحنا تأكل منه :
_ لا يا خطيرة ... (قلدتها) ... ما أبي نايف ... ما أبيه ... وبالأخير شهرين عسل مو شهر واحد ... صج بنات وعيونكم قوية ...
_ كش على وجهك ... الا صج مدام مشعل وش هالكرشة ؟
ربتت على بطنها المنتفخ :
_ ولي العهد الجديد ... الله يجيبه بالسلامة ...
علقت عهود باشمئزاز :
_ ما تشوفينها ... مقابلتنا صار لها أسبوع ... تتوحم وكارهة زوجها البطة ..
قذفت الملعقة نحو عهود :
_ بطة بعينك ... إلا صج بشورة ... سولفي لنا ... وش سويتوا بهالشهرين ؟
_ ليش قالوا لك هبلة ... أسولف لك عني وعن رجلي ...
_ إخس يا رجلي ... أبو فلاح طلع مو هين (بنوب بنوب) ...
ابتسمت بشاير من تعليقها ... كسا الحزن وجه عهود :
_ بشاير تدرين ... ناصر طلق أنوار ؟
_ شنو ؟... (التفتت نحو دلال) ... ليش ؟
هزت دلال كتفيها :
_ ما أدري ... بس هو قال أنه طلع عقيم ... وما يبي يظلم البنت معاه ...
_ عقيــــــــــــــم !! ... وأنوار شنو رأيها ؟
_ مسكينة ... ليش هم اسألوها أصلا ... عمتي وبدر اللي قرروا ... وبدرية تقول كافي أنا ما أجيب عيال ... واغصبوها تتطلق منه ... ومو واقف معاها غير فهد ...
_ يا قلبي يا أنوار ...
<<< اليوم التالي
في غرفة انوار ... كانت تحتضن بشاير وهي تنتحب :
_ شوفتي يا بشاير ... شوفتي شنو صار لي ....
_ خلاص يا أنوار ... خلاص يا قلبي .. هونيها وتهون ...
لكن انوار ظلت تنتحب ... تغيرت كثيرا منذ أن تركتها بشاير ... نقص وزنها أكثر ... وكسا وجهها الحلو كآبة مميتة ... تركتها تنام وخرجت نحو الصالة في نفس الطابق ... ورفعت جوالها :
_ هــــــــلا ... يا صباح الخير ... وحشتيني ...
_ هلا نايف ... شلونك ؟
_ بخير ... دام أنا اسمع صوتك فأنا بخير ...
_ أنت بالشركة ؟
_ ايه ... والشغل واصل فوق رأسي ...
_ عساك عالقوة ...
_ يقويك ... (كان يوقع أوراقا) ... خير !
_ دريت بناصر وأنوار ...
_ آآآآآآآآآآآآآآه ... دريت أمس ...
_ انا الحين عند انوار ... والله حالتها تكسر الخاطر يا نايف ... ناصر ما عطاها حتى فرصة تقرر ...
_ لا يا التيس ... يعني ما جاء راضاها للحين ؟!
_ ليش انت مكلمه ؟
_ أمس سمعته من الكلام اللي يحبه قلبك ... بس ما عليه الحين أعطيه إجازة إجبارية يبوس رأسها ويستسمح منها ...
ابتسمت بحب :
_ الله لا يحرمنا منك يا نايف ...
_ ولا منك يا الغالية ... أوامر ثانية ...
_ سلامتك ... مع السلامة .. (وأغلقت الجوال) ...
وفكرت بشاير في هذا الرجل الذي يحيرها ... قررت أن ترسل له مسجا :
تــــــــــــــدري ؟!!
وش اللي ذبحني والبلا فيني ؟
أبي أعرف عروق الغلا وشلون تسرقها ؟!
يمكن تكون المحبة من شراييني !!
وإلا حضوضك يجوز الله موفقها !! <<< توأم روحي
ابتسم وهو يقرأ المسج ... وبعد قليل جاءها صوت إجابته :
يا نور عيني جمعتنا المقادير !!
والكل منا هايم (ن) في خليله !!
حكم القدر يا صاحبي لازم يصير !!
وليا حكم ما أحد يحاول يزيله !! <<< توأم روحي

ارادة الحياة 14-05-08 05:18 PM

(( الفصل الثالث والخمسون ))
<<< منزل ناصر
ذهب ناصر ومعه أمه ... صالح أنوار وعاد بها إلى المنزل ... كانت مطيعة لم تبدي أي معارضة للأمر ... عارضت أم بدر في البداية ... لكن بدر كان في صف ناصر وعودة أنوار إليه ... أخذت حماما دافئا .... جلست على سريرهما ... اشتاقت كثيرا لهذه الغرفة ... لكل ركن فيها وكل زاوية ... دخل ناصر الغرفة ... كان مرتبكا ... لم يتعود مثل هذه الجفوة الطويلة بينهما ... جلس بجانبها بهدوء :
_ كم مرة قلت لك لا تطولين لسانك علي ...
ابتسمت وهي تتذكر آخر مكالمة بينهما ... مكالمة ذلك الطلاق المضحك بينهما ... أمسكت يده ووضعتها على خدها :
_ آســــــــــــــــف ...
_ اللي صار بينا ما انتهى ... صحيح أنا طلقت طلقة وحدة ورجعتك قبل ما تنتهي العدة ... بس ...
أغلقت فمه بيدها :
_ ناصر خلاص ... لا تغم قلبي بهالسيرة ...
أمسك يدها قبلها وضمها بين يديه :
_ أنا اعترف إني كنت غلطان لما شاورت أهلك وما شاورتك ... بس الموضوع الحين بإيدك ...
ابتسمت بوهن :
_ وانا قلت لك خلاص ... والله راضية ... أهم شيء نبقى مع بعض ...
آلمه مقدار حبها له ... ألمه احساسه بأنه خدعها :
_ حتى لو قلت لك إني ما قلت لأهلك كل الحقيقة ...
_ ما يهمني ... ناصر خلاص ... والله اللي شفناه مو شوي ... خلنا ننسى ...و ...
قاطعها وهو ينظر في عينيها :
_ أنا كنت متزوج قبلك ... (نظرت نحوه باستغراب) ... وحدة ... (أخفض رأسه وأكمل) ... لما كنت أدرس برا ... وظليت معاها سنتين ... واكتشفت إني عقيم وهي على ذمتي ... وهي طلبت الطلاق ...
رفع وجهه نحوها ... حاول أن يستشف شعورها ... كانت تبدو مصدومة ... ابتلعت ريقها بصعوبة ... والتزمت الصمت :
_ ليش ما قلت لي ؟
_ ما أحد كان يدري ... إلا نايف ... لأنه كان معاي ... وما علمت أحد ... وكنت رافض فكرة إني أتزوج نهائيا ...
سألته بحيادية :
_ إذا كنت خائف لهدرجة ... ليش تزوجتني ؟
هز كتفيه وكأنها رشت ملحا فوق جرحه :
_ ما أدري ... يمكن لأني حبيتك ... يمكن لأن رغبتي فيك كانت أكبر من قدرتي على التفكير ... يمكن لأنك أنت بعيني صرت حتى أكبر من إني أفكر بالتراجع ...
دمعت عيناها وهي تبتسم :
_ تدري يا ناصر ... بحياتي ما كنت أحلم إني أتزوج واحد مثلك ...
علق بسخرية مرة :
_ غشاش .. وكذاب ... وعقيم !
اقتربت منه :
_ حنون ... وصبور ... ويفكر فيني أكثر من نفسه ...
نظر في عينيها بأسى ... داعبت خده بيدها :
_ أنا معاك يا ناصر مستعدة أتخلى عن الدنيا كلها ...
_ فكري عدل يا أنوار ... انا الاحساس بالنقص يعذبني ... ما أبيك تجربينه في يوم من الأيام ..
داعبت شعره :
_ آآآآآآآآآآآآآآآه ... فكرت ... وقررت ... أنا الشهر اللي بعدت فيه عني ... فارقتني الروح يا ناصر ... تبيني أتحمل غيابك العمر كله ... حتى لو أبي ... قلبي أهبل ما يطاوعني ...
ابتسم بمرارة ... افتقدها كثيرا ... ضمها بقوة ... عل جسدها بين يديه ... ينسيه أيام العذاب التي قاسها وهي بعيدة عنه :
اخذيني اليا عجبتك بس رديني ...
وإن ما عجبتك خلاص اخذيني ما أبيني ..
ما دامني شفت فيك الطهر والعفة ..
بعيف نفسي ليا منك كرهتيني ...
اخذيني لو اعتبر من ضمن أشيائك ...
وأنا بحيك ولا لازم تحبيني ...
لا أبي علاقة ولا أبي نظرة وبسمة ...
احساسي إني بقربك بس يكفيني ...
لو إني انضفت لأشيائك غصب عنك ...
طلي علي يا غناتي لا تخليني ...
اخذيني بكل شوق وقولي أحبه ...
وإن شككوا فيك ولا في ضميني ..
قولي (ناصر) والله إنه غالي جدا ...
ويا جعل فدوة شبابي وآخر سنيني ..
وأنا بصدق كلامك وأعتنز بالله ...
وبقول للناس ما يعنيك يعنيني ...
وأنا علي نذر ما أرخص جيتك أبدا ...
وانتي نذر على رقبتك إنك ما تخليني ...
<<< بيت أبو نايف
جلس الجميع في الصالة ... بشاير كانت في زيارة لبيت عمها ... وحصة ونوف أيضا ... اجتمع الكل ... وتعالت الأصوات وتشعبت الأحاديث ... اقتربت مريم من بشاير :
_ شلونك ؟... وشلونه معاك ؟... (وأشارت بعينيها نحو نايف) ...
_ هههههههههههههههه ... الحمد الله ...
_ تصدقين أمس فلاح أذاه بالأسئلة ... شلون تتزوج مرة ثانية ؟... وشلون تصير عندي 2 ماما ؟... لما مل منه نايف ونام ...
مريم كانت تتكلم بعفوية ... لكن بشاير كانت تحس بان الموضوع حرج ... امرأتان تتشاركان رجلا واحدا ... كان منطقا صعبا بالنسبة لها ... ابتلعت قهوتها الساخنة جدا ... حتى تتهرب من مريم ومن توترها .
في الزاوية الأخرى جلس نايف بجانب والده وفي حضنه فلاح الذي لا يفارقه :
_ يعني شنو مبارك راح عندها ؟
_ هي قالت خل مبارك يقعد عندي ... وأنا سمحت لها ... تعرف كانت تعبانة وحزينة على ماجد ... فقلت أطاوعها ... هالبنت أحس إني ظلمتها كثير ...
_ بس يا يبه هالكلام ما يصير الله يطول بعمرك ... بنت قاعدة ببيتها لحالها وش تسوي ؟
_ انا قلت اكلمها ... بس أخاف تتضايق ..
_ خلاص ... أنا بكرا أكلمها ...
والتفت فوجدها تحدق فيه ... ابتسم وهو يغمز لها ... فبادلته ابتسامة مرة ... راقبت مريم تنهض نحوه ... أخذت فنجان شايه وأعطته أخر وهي تبتسم وتتكلم معه بعفوية ... وهو كذلك ... أحست برغبة في البكاء ... لأول مرة تشعر بمرارة أن يشاركك أحد في شخص تحبه ... أحست بالحرارة وهي تتخيل نايف ... يتبادل الكلام المعسول مع مريم ... يلمسها ... يقبلها ... يفعل لها كل ما يفعله معها ... أحست بمرارة طعم الزوجة الثانية ... ومع رجل كنايف بالذات ...
<<< شقة نايف وبشاير
أصر فلاح على مرافقتهما ... دخل نايف بعدها وهو يحمل ابنه ... ويتحدث معه :
_ هههههههههههه ... كم مرة أقولك لا تسوي هذه الحركات ... بعدين تعور ... فارس خبل لا تقلده ...
انتبه إلى انها التفتت له ... واقفة ... لا زالت بعباءتها ... وقد كتفت يديها بغضب :
_ راح تنام هنا اليوم ؟
_ بل ... وليش معصبة ؟... (وأنزل الطفل الصغير الذي ركض نحو التلفاز) ...
_ مو معصبة ... بس صار لنا 3 أيام راجعين ... مو المفروض تبقى عند مريم ...
أحس بأنها غاضبة :
_ والله هذا المفروض أنا اللي أحدده ... (جلس بجانب ابنه) ... روحي طلعي لي ملابس أبي أخذ شور ...
واتجهت نحو الغرفة غاضبة .
<<< بيت بدر
دخل بدر المنزل ... كان يسمع أصواتا عاليا تصدر من الصالة العلوية ... أصوات صراخ وضحكات ... اقترب منها ... فوجد حصة ممددة على الأرض وشوق فوقها تدغدغ بطنها :
_ شوق ... آآآآآآآآه ... خلاص وخري ... آآآآآآآآآآخ ... هههههههههههههههههه ... خلاص وخري أنا أعطيك ...
ابتسم بدر وهو يضع كيسا كان في يده على الطاولة :
_ ههههههههههههههههههههههههه ... شفيكم ؟
واستمرت حصة بالضحك :
_ ههههههههههههههههههههه ... بدر تكفى فكني .. ههههههههههههههه ...
حمل بدر شوق التي ظلت ترفس بين يديه ورفعها عاليا :
_ انتي يا الطيبة ... هدي شوي ...
وقفت حصة بصعوبة وهي ترتب شعرها المبعثر وملابسها التي تهدلت :
_ بابا ... خلي تجيب التلكيبة ...
ومدت حصة يدها بلعبة التركيبة التي كانت تخبئها :
_ هاك ... ما صارت أكلتيني ...
أخذتها شوق ... وتحركت بعنف ... حتى تركها بدر ... فانصرفت نحو لعبتها :
_ بل .. صايرة مفترسة ...
_ بنتك هذي ... (ومررت اصبعها على خدها) ... يمه منها ...
ضحك من شكلها ... اعتادت حصة عليه بشكل كبير ... يبدو انها بدأت تعود لحياتها بشكل أسرع من المتوقع ... جر يدها :
_ تعـــالي ... جايب لك هدية ...
ابتسمت بفرح ... وجلسا معا على الأريكة ... أخرج ما في الكيس :
_ خوذي تخربينه بالعافية ...
أحست بالخوف وهي تنظر نحوه :
_ جــــوال ... بـــ ...
ووضعه في يدها قبل أن تقاطعه وشد عليها :
_ علشاني يا حصة ... أنا أبيك تأخذينه ... وشوفي شنو سجلت رقمك عندي ...
ونظرت في جواله الذي أخرجه (حبيبتي) ... ابتسمت بخجل ... وألم ... وفرح ... أحس بشرودها :
_ تدرين شنو سجلت نفسي عندك
سألت وهي تضحك بوهن :
_ شنو ؟
واتصل عليها ... عديل الروح <<< يتصل بك
_ هههههههههههههههههه ... واثق من نفسك ...
_ هههههههههه ... أرفع معنوياتي ...
_ بابا ... (انتبهوا إلى أن شوق كانت تقف تراقبهم) ... أنا وين هدية ؟
نظرت حصة نحو بدر وهي تبتسم " ما قلت لك ... بنتك هذي يمه منها " .
<<< بيت نايف
خرجت بشاير بعد حمام دافئ ... وجدت نايف على السرير ... يمسد ظهر فلاح ويغطيه بعد أن غط في نوم عميق ... انتابها غضب مفاجئ :
_ كان جبت أمه بعد ...
وخرجت غاضبة ... لم يفهم نايف سبب انفجارها ... أطفئ الانوار وأغلق الباب خلفه بهدوء ... واتجه إلى المطبخ ... حيث كانت تشرب كوب ماء ... كتف يديه وهو يسألها ببرود :
_ ممكن أعرف ليش معصبة اليوم ؟
نظرت نحوه بغضب ثم أكملت طريقها دون أن ترد :
_ لحظة ... (أمسك بمرفقها) ... أكلمك لا تسفهيني وتمشين ...
_ نعم ...
_ الله ينعم عليك ... سوي لي كوب عصير والحقيني الصالة ...
وانصرف ... نفذت ما طلبه منها ... وأعدت لنفسها كوبا من عصير الليمون ... حملت الصينية ... ووضعتها على الطاولة ... وجلست بجانبه ... أطفئ التلفاز نهائيا ... نظر نحوها باستغراب وهي تشرب العصير على مهل :
_ ممكن سؤال وتجاوبين بصراحة ؟
ابتسمت من أسلوبها الذي قلده ... هزت رأسها بالموافقة ... اقترب منها وهي يعود بظهره إلى الوراء :
_ ليش معصبة ؟
هزت كتفيها :
_ مو من شي .. من نفسي ...
_ أوفففففف ... أصعب انواع التعصيب ...
رفعت كوبها إلى فمها :
_ لا تتطنز ...
_ هههههههههههههههه ... وراسك الغالي ما أتطنز ...
التزما الصمت ... كان نايف يتأملها ... يعلم جيدا بأنها تعاني شيئا لا تستطيع أن تخفيه طويلا :
_ نايف ... (رفع حاجبا علامة لانصاته) ... خلنا نسافر ...
استغرب طلبها :
_ ليش ؟
اقتربت منه ... أمسكت ياقة بجامته ... وقبلت أسفل خده :
_ وحشتني ... هنا ما أشوفك كثير ... خلنا نرجع المزرعة ...
قبل خدها بأفضل مما فعلت ... وأمسك ذقنها بيده :
_ اعذريني يا قلبي ... ودي ... بس تدرين الشغل ... وأبوي ... ومريم ... وعيالي ...
غضبت أكثر فأبتعدت عنه :
_ خلاص .. انسى ... مو لازم ...
_ لا ... أخلاقك اليوم مو طبيعية ... (نهض وأمسك يدها) ... قومي ... قومي ... عيني من الله خير وخلينا ننام ...
أفلتت يدها منه :
_ ما أني نايمة ... روح انت نام يم ولدك ...
وأمسكت الريموت كنترول وأعادت تشغيل التلفاز :
_ كيفك ...
واتجه إلى الغرفة ... بالها لم يكن أصلا مع التلفاز ... سالت دموعها رغما عنها ... " يا ربي ... وش فيني أنا ؟.. صايرة حساسة مرة ... ووبعدين هو شعليه أزعل منه ؟... وفلاح ليش أزعل منه ؟... ولا مريم ؟.. يا ربي اشفيني صايرة تافهه ... يعني انتي تزوجتيه وتدرين عنده مرة وعيال ... قاعدة تلعبين دور المغفلة ليش ؟... ساعدني يا رب ... والله مو قادرة أتحكم في نفسي " ...







--------------------------------------------------------------------------------

(( الفصل الرابع والخمسون ))
<<<بيت ماجد
_ لا يا نايف ...
ووقفت منال غاضبة :
_ شنو اللي لا ؟... أنا أصلا على بالي رحعتي بيت أبوي من زمان ...
أحست بالضعف :
_ وهذا بيتي ... ليش أتركه ؟
_ بيتك إذا فيه رجال يصونك فيه ... وماجد الله يرحمه ...
أحست بغصة عنيفة :
_ أنا أبي أربي ولدي ببيت أبوه ... ومبارك قاعد معاي ...
صرخ نايف بنفاذ صبر :
_ انا اللي أقوله يتنفذ ...
انتحبت منال وهي تجلس على الأريكة ... أمسكت بشاير بكتفيها لتهدأ :
_ اذكري الله يا منال ...
ونظرت في عيني نايف ليكون أقل قسوة ... رن جرس الباب :
_ روحوا داخل ...
وانصرفت الفتاتان إلى الداخل ... وفتح نايف الباب :
_ هلا أحمد ...
دخل أحمد وأغلق الباب خلفه :
_ هلا فيك ...
ركز نايف فيه :
_ شعندك جاي ؟
_ أبي أشوف أحمد الصغير ... (نايف كان يعلم عمق محبة أحمد لماجد) ...
_ منـــــــــــــال ... أحمد هنا ... وجهزي أغراضك بسرعة علشان تروحين معاي ...
منال كانت تنتحب في غرفتها :
_ والله ما أطلع ... لو يذبحني ما أطلع من هالبيت ...
حاولت بشاير أن تهدأ منها :
_ منال تعوذي من ابليس ... لا تسببين لنفسك مشاكل انتي في غنى عنها ...
اقترب أحمد من الطفل الممدد على الأريكة :
_ يا قلبي ... (انحنى وظل يقبله بحب) ... وين رايحين ؟
_ بيت أبوي ... يالله يا منـــــــــــــــال ...
وفقدت منال أعصابها ... غطت وجهها وخرجت نحوه بشجاعة :
_ ما أني طالعة من هالبيت يا نايف ...
صرخ الطفل برعب من الأصوات الحادة التي كان يسمعها ... ظل أحمد ينظر بدهشة ... وفقد نايف أعصابه معها :
_ انا قلت تمشين يعني تمشين ... لا تخليني أجرك غصب ...
المحن الكثيرة التي مرت بها ... علمت منال أن تكون صلبة ... من أجل طفلها على الأقل :
_ كلمت عمي عبدالله ... وهو راضي ... أنت ليش معند ...
_ وعمي عبدالله شكو ... انتي عندك أبو يا مدام ... ومستحيل يرضى تقعدين هنا لحالك ... (أمسك مرفقها) ... يالله عاد ... جهزي أغراضك ... وخلينا نمشي ... (وقذفها نحو بشاير التي كانت تقف في الممر) ...
_ ما أروح ... أقولك ما لي طلعة من هالبيت لو تذبحني ...
صوت الحزن والانكسار في صوتها كان عميقا ... أحس أحمد بغصة عنيفة ... " لما ماجد كان حي ... ما أحد كان يتجرأ يجرح منال بكلمة ":
_ أقولك تمشين ... (وهب نايف يريد سحبها) ...
صرخت منال وبشاير ... ركض أحمد وأمسك به ... جره حتى خارج الشقة :
_ نايف خلاص ... تعوذ من ابليس ... اهدى ...
أطاعه نايف ... وانصرفا نحو مواقف السيارات التي كانت تحت البناية ... تنهد نايف بعمق وهو لا يزال يلهث :
_ هالبنت تبي تجنني ... كل ما أقول تكسر خاطري وأرحمها ... تستفزني ...
_ أنت وش تبي فيها ... خلها ببيتها تربي ولدها ...
نظر نايف في عينيه باستغراب :
_ أحمد أنت شارب شي ؟... شلون تبيني أخلي أختي في بيت بروحها ...
_ وحرام بعد تحرمونها وولدها من الذكرى اللي بقت ... مو كافي ماجد راح وخلاهم ...
_ ماجد الله يرحمه ... والحي أبقى من الميت ... بس بدون رجال هي ما لها قعدة بهالبيت ... (وابتعد عنه) ...
_ أنا أتزوجها ...
عاد نايف ليواجهه :
_ احمد أنت شارب ؟
نظر أحمد في عينيه بتصميم :
_ أتزوجها من بكرا ... بس خلها تقعد في بيتها ...
_ شفقة يعني ؟... علشان تفكها مني ... هههههههههههه ... أقص ايدي إذا مو شارب شي يا أحمد ...
سار نايف ... وركض خلفه أحمد .. أمسك بذراعه :
_ اسمعني يا نايف ... منال بعدها صغيرة ... ومصيرها تتزوج ... ليش ما أتزوجها أنا ...
_ لان سببك مو مقنع ... أختي مو محتاجة أحد يشفق عليها ...
_ والله مو شفقة ... بس ... تقدر تقول علشان ماجد ... ولده وزوجته أبيهم يعيشون مثل عيشتهم لو كان حي ...
_ معاك ؟!
_ ليش لا ؟... أسأل منال ... وهي صاحبة القرار ...
<<< في شقة ماجد
_ مـــــوافقة ...
بشاير برجاء :
_ منال لا تستعجلين ...
_ إذا يخليني أعيش هنا أنا موافقة ...
نظر نايف في عينيها :
_ ما تبين تفكرين يعني ؟
_ علشان ولدي يربى في هالبيت مستعدة أسوي أي شي ...
<<< بعد أسبوع
تمت ملكة أحمد ومنال ... دون حفل زفاف ... لأنهما أصلا لم يرغبا بذلك ... خرج أحمد منذ أن تمت الملكة بعد صلاة العشاء ... الساعة الآن 3 بعد منتصف الليل ... وحتى الآن لم يعد ... كانت منال ممددة على سريرها ... بجانبها طفلها النائم بهدوء ... " معقولة ... أحمد ... تزوجت احمد يا ماجد ... (قبلت الطفل بشوق) ... وينك يا الغالي ... وحشتني ... وحشتني موووت ... صدقني ... كل اللي سويته علشان ولدنا ... أبيه يربى هنا ... في المكان اللي اخترت إنه يكون بيتنا ... في المكان اللي شهد أحلى أيامنا مع بعض " ... وغطت في نوم عميق .
<<< منزل نايف وبشاير
_ وش أسوي يا أنوار ؟
أنوار كانت في زيارة لبشاير ... وضعت بشاير صينية القهوة والحلويات ... وكانت مرتبكة :
_ طيب ... (التهمت كعكة) ... الحين الرجال وشو اللي غلط فيه ؟
_ أقول لك نايم عندها صار له يومين ...
هزت كتفيها باستهزاء :
_ عادي ... شي طبيعي ... زوجته ... حالها حالك ... الأسبوع اللي طاف قعد عندك 3 أيام على التوالي ...
_ تتطنزين هاه !... الشرهة على اللي تشكي لك ... (وكتفت يديها غاضبة) ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... (ونهضت حتى جلست بجانبها وقبلتها بحب) ... يا بعد قلبي ... صدمتيني حبي ... ما ظنيت إنك تغارين ؟
_ أنا ما أغار ...
_ بالله ... وهذا المنافخ علشان قعد عند مريم يومين وش أسمه ؟.. مسابقة ؟!
_ هذي مو غيرة ... هذا حق ... خليه عالأقل يعدل بيناتنا ...
ضربت أنوار رأسها :
_ يمه يا الظلم ... يا كبرها عند ربي ... أصلا الكل ملاحظ ... نايف يعطيك حقك وزود على مريم بعد ... إلا انتي اللي صايرة جشعة ؟
أحست بأن كلام أنوار صحيح ... تنهدت بيأس :
_ طيب وش أسوي ؟... كل ما أفكر بالموضوع أحس بضيقة ...
_ شوفي بشورة ... انتي صراحة خربانة ... قبل كنتي طيوبة وأخلاقك عسل ... بس من أخذتي نايف ... وانتي انقلبتي ... الكل صار يتحسس منك ... حتى مريم المسكينة ... بس تقول لك كلمة هبيتي فيها ... مرات جد تكسر خاطري ... وتتعمدين تتكلمين عنك وعن نايف بوجودها ... كأنك تتحدينها ... ولا فلاح المسكين ... حتى الضرب يأكله من وراك ..
ارتعبت بشاير من صورتها التي تشوهت بالفعل :
_ يعني صرت أسوي سوالف الحريم الماصخة ...
_ لا ... بقى عليك تشتغلين بالسحر ...
ضربتها بشاير :
_ عمى ... اسم الله على نايف ...
<<< الساعة 12 ليلا
عرفت بأنه يكون في مكتبه في مثل هذا الوقت ... "حرام ... اتصل عليه وهو عند مريم .. يووووووووووه .. وش علي منها " ... :
_ هلا ...
_ هلا فيك ... شلونك ؟
_ تمام ...
_ بالمكتب ؟!
_ ههههههههههههههههههه ... حفظتي عاداتي ...؟
_ وش أسوي من كثر ما أحبك ... حبيبي ...
_ أبوي انتي ...
_ تعال نام عندي اليوم ...
_ والله يا قلبي ما أقدر ... مريم تعبانة ... و ...
_ شفيها ؟
_ ما أدري ... بس قلت لها بكرا لازم تروح الطبيب وتشوف وش فيها ...
_ يعني ما فيك أمل اليوم ...؟
_ ههههههههههههه ... بل ... لاعب فيك الشوق ...
_ ههههههههههههه ... مخربط الحسبة عندي ... تصبح على خير ...
_ تلاقين الخير ... دير بالك على نفسك ...
_ إن شاء الله ... مع السلامة ...
أغلقت الجوال ... " قطيعة إن شاء الله ... خايف عليها بعد ... أكيد كذبت عليه علشان يبقى عندها ... أنا وش قاعدة أخربط ... صج صايرة شريرة ... ولا مريم هالفقيرة وينها ووين هالحركات ... أوفففف ... يا ربي ... وش هالمرض اللي بليتني فيه ... حتى عقلي صار مو معاي ... ولا انا بشاير اللي رحت اعتذرت من مريم يوم ملك علي نايف ... من يصدق ... أعوذ بالله منك يا الشيطان " ...
<<< بيت ماجد الساعة 9 صباحا
استيقظت منال من النوم ... اتجهت نحو الصالة ... كانت بارتي في إجازة لمدة شهرين ... وصلت الصالة :
_ آآآآآآآآآآآآآآه ... (وكتمت صيحتها بيدها) ...
كان أحمد ممددا بكامل ملابسه على الأريكة ... ويبدو أنه مرهق جدا ... وضعت يدها على صدرها ... " لازم أتعود على احمد ... والظاهر هو مثل حالتي ما يبي من هالزواج غير الاسم "... وقفت بجانبه :
_ أحمـــد ... أحمـــــــــد ... أحمـــــــــــد ... (لمست كتفه لتهزه) ... أحمــــد ...
وشهقت حين فتح عينيه فجاة وأمسك بمعصمها بقوة :
_ شتبين ؟
أجابت برعب :
_ قوم نام داخل ...
ترك يدها والتفت على جنبه البعيد عنها :
_ خليني ... أبي أنام هنا ...
وانصرفت منال وتركته
<<< الساعة 7 من مساء اليوم التالي
جلست على مائدة العشاء التي أعدتها بتفاني ... رفع نايف كمه :
_ يا مال العافية ...
_ عوافي على قلبك ...
وابتدأ بالأكل :
_ غريبة فلاح ما جاء معاك ...
_ ههههههههههههه ... فرحان .. إلا صج نسيت أقولك ... مريم حامل ...
سقطت الملعقة من يدها ... ونظرت فيه باستغراب ... ثم نهضت واقفة :
_ وين ...؟
_ شبعت ...
_ ما أكلتي شي ...
_ الحمد الله ...
اتجهت نحو غرفتها ... أحس بضيقها ... ترك طعامه ... مسح يديه ... ولحق خلفها ... كانت جالسة على السرير ... والحزن جليا عليها ... حرارة أنفاسها الغاضبة تحرق أجواء المكان ... اقترب وجلس امامها :
_ حسناء ... (ورفع ذقنها بيده وهو يبتسم) ... ما يشقيك من عالم ؟... ما زال في عينيك يحتار ...
ابتسمت من عشقه لهذه الأشعار المجنونة ... بادلها بابتسامة أجمل :
_ ليش تضايقتي ؟
_ ما تضايقت ... بس ...
_ علشان سالفة الحمل ؟
أحست بأنه اكتشف حساسيتها من مريم :
_ عادي ... توك صغيرة ... وما صار لنا وقت طويل ...
ابتلعت ريقها بارتياح ... نهضت تتصنع الابتسام :
_ ما عليك من هبالي ... إمش بس ... (سحبت يده) ... تعال كمل عشاك ...
<<< بيت ماجد بعد أسبوعين
الساعة الآن 5 مساءا ... اتجهت منال نحو الصالة ... "غريبة ... احمد للحين نايم "... اتسمت علاقة منال بأحمد بالفندقية ... أحمد لا يأتي إلا لينام على الأريكة التي اعتادت وجوده دائما ... لم يتبادل هو ومنال إلا القليل من الكلمات المهذبة ... تقدمت منال منه :
_ أحمــــ ...
وأبعدت يدها عنه ... كتفه كانت ساخنة حتى من وراء اللباس ... تأملت فيه وهي تقترب ... وجهه كان محمرا بشكل كبير ... لمست جبينه وتأكدت من أنه مريض ...
<< بيت راشد
كانت بشاير لا تزال على حالها منذ يومين ... جاءت إلى اهلها وحبست نفسها في الغرفة القديمة ... دون أن تعطي مبررا أو تفسير ... فتحت عهود الباب قادمة من الجامعة :
_ قوة ...
ابتسمت رغما عنها :
_ هلا ...
_ ترى حطوا الغدا ... أمي تقول ما تبين ...
_ مو مشتهية ...
تركها عهود بعد أن بدلت ملابسها وخرجت ... ورن جوالها ... توأم روحي <<< يتصل بك
_ هلا حياتي ...
_ أهلين يا القاطعة ... اتصل عليك من أمس .. ليش ما تردين ؟
_ كنت نايمة ... شلونك ؟
_ بخير ... انتي وين ؟.. بالبيت ؟!
_ لا عند أهلي ...
_ طيب ... أنا طالع من الشركة وجايك ...
_ لا نايف ... خلني اليوم ...
_ شفيك ؟
_ تعبانة شوي ...
_ عسى ما شر ...
_ ما شر ... بس يمكن سخونة ...
_ هههههههههههههه ... شفيكم عالسخونة ... الظهر أحمد والحين انتي ...
_ يمكن تغير جو ...
_ يمكن ... دير بالك على نفسك ... وتغطي زين ... تبين شي ؟
_ سلامتك ... مع السلامة ...
أغلقت الجوال ... وانتابتها نوبة بكاء شديدة ... " أنا لازم أحل الموضوع ؟.. مو معقولة أظل كذا ... حياتي صارت جحيم " ...
<<< بيت ماجد
منال كانت في الصالة .. تناغي ولدها الصغير الذي أنهت تنظيفه للتو ... انتبهت للوقت ... " الساعة 8 لازم أحمد يأكل علاجه " ... اتجهت نحو الغرفة ... كان نائما على السرير بهدوء ... فتحت الكبسولات من أكياسها ... وجلست :
_ أحمد ... أحــــمد ...
وحرك أحمد رأسه وهو يتمتم :
_ أحمد ... اقعد لازم تأكل علاجك ...
فتح عيناه بتثاقل :
_ منو انتي ؟
تنهدت بيأس :
_ سم بالرحمن ...
ووضعت الكبسولة في فمه ثم قربت منه كأس الماء ... شرب حتى تنهد براحة :
_ بردان ...آآآه ...
قربت من الغطاء وشدته عند رقبته ... مد يده ببطء ولمس عنقها :
_ انتي منو ؟
ارتعبت من حركته ... انصرفت بسرعة :
_ نام أحسن لك ...
وفي الصالة وقفت تفكر بحيرة ... " شفيني ؟.. أحمد صار زوجي .. أعوذ بالله من الشيطان " ... واتجهت نحو طفلها لتحتضنه .
<<< اليوم التالي بيت نايف وبشاير
_ وش هالكلام ؟
ووقف غاضبا ... مسحت على رأسها بهم :
_ نايف أنا عايشة بعذاب ... ليش ما انت حاس فيني ...
جلس بجانبها بتصميم :
_ بشاير لا تستفزيني ...
أمسكت ياقة قميصه بحنان :
_ أنا ما أقول لك تطلقها ... بس ...
نظر في عينيها مباشرة :
_ أكيد صار بعقلك شي ... انتي مو طبيعية ...
واتجه نحو الغرفة ... ذهبت خلفه :
_ نايف ... لا تهملني كذا ... في مشكلة أنت ليش مو حاس فيها ...
صرخ بنفاذ صبر :
_ لأنها خرابيط ... ما لها داعي ... غيرة حريم ما لها أي معنى ...
كتفت يديها بغضب :
_ مو غيرة ... أنت ترضى أحد يشاركك فيني ...؟!
اتجه نحوها ... نظر في عينيها مباشرة :
_ لا تحديني على الاختيار ... الموضوع مو بصالحك ...
أخذ غترته وخرج من المنزل كله .
<<< مجلس ناصر
_ سم ...
تناول فنجان الشاي :
_ سم الله عدوك ... قاهرتني يا ناصر أول مرة أتنرفز كذا ...
_ هههههههههههههه ... ويا مالك ... دام الغيرة اشتغلت ... ابشر بعوار الرأس ...
_ أنا توقعت مريم اللي تغار ... بشاير عاقلة وشخصيتها مستقلة .. و ...
_ وبالأخير هي مره ... حالها حال غيرها من الحريم ...
_ أوووووووف ... شلون أتصرف معها الحين ؟
_ أسفها ... لا ترد عليها ... اسمع واسكت ...
_ لا والله ... خوش حل ...
_ وش أسوي فيك أنت وحريمك ... من قال لك تتزوج ؟.. ذوق الويل الحين ...
<<< بيت ماجد
كانت تتابع التلفاز في الصالة ... سمعت صوت صراخه في الغرفة .. ركضت وفتحت الباب ... وجدته يعاني من كابوس رهيب ... اقتربت منه بسرعة :
_ أحمـــــــــد ... أحمــــــــــــــد ... اصحى ... اسم الله الرحمن الرحيم ....
كان أحمد يصرخ بين الوعي واللاوعي ... أمسكته منال بقوة :
_ أحمد .. خلاص ... سم بالرحمن ...
استكان أحمد بهدوء ... وتنفس بعمق ... ظل ممسكا بيده بقوة ... واضعا إياها على صدره ... أغمض عينيه ليعود لنومه ... نهضت ... فأحست بقبضته تشتد :
_ خليك ...
وبقيت حتى غط في نوم عميق .










(( الفصل الخامس والأربعون ))
مرت الأيام سريعة ... تحمل بين طياتها الفرح ... والألم ... والحيرة ... أحمد تقبل تدريجيا منال كزوجة ... وأدهش الجميع بمهام الأب التي كان يقوم بها بجدارة تجاه طفل ماجد ومنال ... عرف الجميع بأن شتات أحمد كان نوعا من أنواع الفراغ النفسي والعاطفي الذي كان يقتله ... منال أيضا بدأت تتقبل حياتها معه ... قدرت فيه رغبته في التغير ... تفانيه في رعاية ابنها ... والأهم حنينه الذي يوازي حنينها وشوقها لماجد ... أنوار اندفعت في حياتها كالسابق ... جامعتها ... أحلامها الكبيرة ... والأهم عشقها لناصر الذي لم تخف حرارته حتى الآن وإلى آخر العمر ... ناصر لا زال يعاني من النقص ... يعذبه احساسه بالفشل ... وعجزه عن منح أنوار طفلا يكون ملكا شتركا بينهما ... بدر عاد كما كان ... تخلص من عقدة العار التي حملها تجاه حصة ... واحتفظت حياته بالاستقرار معها ... بشاير لم تجد حلا للمشاكل النفسية التي تعاني منها ... لزمت بيت راشد منذ أربعة أسابيع :
_ انتي صاحية ؟
كانا يغلقان المجلس ويتناقشان :
_ هذا اللي عندي ...
_ طيب ... فهميني ... أنا منقص عليك حاجة ...
مسحت دمعة سقطت من عيونها العصية :
_ لا ... بس أنا كذا إنسانة مريضة ... وش تبي فيني ...؟
_ ما عليه ... اصبر عليك ... فكري عدل وبعدين قرري ...
_ طلقني يا نايف ...
تكلم بهدوء :
_ بشاير ... ترى أنا أكره ما علي العبط ... أطلقك ليه ؟... كذا بدون سبب ؟
انتحبت وهي تجلس على الأريكة :
_ نايف ... أنا مو قادرة ... حرام عليك ... قاعدة أتعذب ... ليش ما أنت حاس فيني ...
_ انتي اللي معذبه نفسك ....
_ أدري ... قول اللي تقوله ... قلبي وأعرفه ... أنا ما لومك ... ولا ألوم مريم ... أنا ألوم نفسي ... نايف أنا جبانة .. ما عندي شجاعة أتحمل أحد يشاركني فيك ...
جثى على ركبتيه عندها :
_ اسمعيني ... (أمسك وجهها بين يديه) ... لا تستعجلين ..
_ نايف خلاص ... والله تعبت ... إذا تحبني ريحيني ...
بحث عن بصيص أمل :
_ طيب ... ما فكرتي إنك يمكن حامل ... أو ...
قاطعته بثقة :
_ أنا كنت أكل موانع ...
تركها ... ووقف مصدوما :
_ يعني ... انتي صج مو بالعتني ..؟
تنهدت بيأس :
_ نــــــايف !
_ انتي طالق يا بشاير ... وورقتك راح توصلك ...
وخرج نايف غاضبا ... وتركها خلفه تنتحب ... تبكي الأيام التي ستقضيها في العمر دونه :
ســـلامة رمــــاحك اللي جـــرحها غــــالي ...
طعنتنــــي غاضـــب لـــين انكســـر رمــحك ...
يا لـــيت بــي عــــدل وألــــقى علقـــمك حــــالي ...
ويا ليـــت لي ذنـــب وأرضــــى فــي الهـــوى ذبحــــك ...
(( النهاية))

زارا 14-05-08 05:36 PM

يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي...

احلى وارووع واجمل اختيااااااااااااار يااا ابلااااااااا..


الشيخ نااايف هذاا من اووااائل اللي دخلوو مجمووعتي الذهبيه.. يجنن مااجد المهندس...


طويـــــــــــــــــــــــــــــل العمر الشيخ ناااايف .. ابوو فلااااااااااح... والله شخصيه ماا لها مثيل. هيبه وحلااوه ورزه وشخصيه قوويه.. وش اقدر اقوول ؟؟ الكلااااااااااااااااااااااااام يعجز عن وصفك يااا شيخ.....


ابلااا ار ااده تدرين وش يقوولي عقلي الحين.. يقوول بنت ياازارا.. رووحي جيبي كل ردووودتس وهااتيهاا هناااا.. تراني كااتبتهاا بعرق اصاابعي.. يااا حبي له شيخناا الكريم...

تدرين نهااية القصه عااجبتني مره مره. ومقتنعه فيهاا.. وفرحتني جداا جداا.. هههههههههههه

ابلاااا صرااحه اهنيتس على هالاختيااااااااااااااااار الراااقي... وبنت نجد.. كااتبه مبدعه. رغم ان ظرووفها تخوونها..


نقل راااائع جداا جداا ياا ابلااا..

عطر الأماكن 14-05-08 05:54 PM

قصه رووووووووعـه مشكوره أم أحمد على النقل الرائع

ارادة الحياة 17-05-08 02:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زارا (المشاركة 1409684)
يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي...

احلى وارووع واجمل اختيااااااااااااار يااا ابلااااااااا..


الشيخ نااايف هذاا من اووااائل اللي دخلوو مجمووعتي الذهبيه.. يجنن مااجد المهندس...


طويـــــــــــــــــــــــــــــل العمر الشيخ ناااايف .. ابوو فلااااااااااح... والله شخصيه ماا لها مثيل. هيبه وحلااوه ورزه وشخصيه قوويه.. وش اقدر اقوول ؟؟ الكلااااااااااااااااااااااااام يعجز عن وصفك يااا شيخ.....


ابلااا ار ااده تدرين وش يقوولي عقلي الحين.. يقوول بنت ياازارا.. رووحي جيبي كل ردووودتس وهااتيهاا هناااا.. تراني كااتبتهاا بعرق اصاابعي.. يااا حبي له شيخناا الكريم...

تدرين نهااية القصه عااجبتني مره مره. ومقتنعه فيهاا.. وفرحتني جداا جداا.. هههههههههههه

ابلاااا صرااحه اهنيتس على هالاختيااااااااااااااااار الراااقي... وبنت نجد.. كااتبه مبدعه. رغم ان ظرووفها تخوونها..


نقل راااائع جداا جداا ياا ابلااا..


السلام عليكم زارا

سلامة ارماحك الي جرحها غالي

اذا كانت تعني لك شيئ \
فأنا تعني لي الكثير

اول قصة اقرئها ولم اشعر انها طويلة

او اني ضجرت من الحوار

صدقيني تفجأت عندما نقلتها انها فوق الخمسون جزء

خمسون جزء قرأت دون ملل

لا ادري لماذا الكاتبة استعجلت في النهاية ولكن مع ذلك احترم اسلوبها وقلمها

بنت نجد روعة فعلا اسلوبها في هذه الرواية بالذات فخم لابعد الحدود وكأن قلمها ينحت في صخر لتبقى الحروف محفورة ومقروءة دائما


ابوفالح هذا ما تنتظرين
اذ كنت انت اول مرة تحجزين شخصية متزوجة

فأنا اول مرة اؤيد زواج الرجل على زوجته


عزيزتي اسعدني تواجدك وكلماتك العفوية الصادقة واندفاعك في تشجيع قراءة القصة

تحياتي الفلبية لزارا الوردة استمتعي بقرائتها واستذكار اروع لحظات المتابعة عندما كنت تتابعينها مع بنت نجد

شكرا لتواجدك

ارادة الحياة 17-05-08 02:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطر الأماكن (المشاركة 1409722)
قصه رووووووووعـه مشكوره أم أحمد على النقل الرائع


السلام عليكم عطر الاماكن
اهلا وسهلا بك بين صفحات فصة بنت نجد

اتمنى لك الاستمتاع بقرائتها
تحياتي القلبية لك

**miss-gucci** 20-05-08 01:04 AM

مشكووووووووووووووووووووووره على القصه لروعه

يسلمووووووووووووووووووو

لقافتي سر ثقافتي 10-06-08 11:55 PM

روووووووووعه تسلم يدينك..
والنهايه كانت بشكل غير متوقع..

زارا 26-02-09 04:03 PM

قصه رااااااائعه .. تستحق انها تكووون بالصفحااات الاولى.. موو مختفيه من القسم كله..

قراااءه ممتعه..

عذاري 22-03-09 12:51 AM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...d8c3d87ee1.gif

شبيهة القمر 25-03-09 05:08 PM

تجننننننننننننننننننننننن أحس هالقصه تنفع فلم

من جد كلمة روووووووووووووووعه شويه عليها ....

مشكووووووووورة اخت ارادة على الاختياااار الذووووووق

عسانا ماننحرم يارب ...

الجـادل 09-05-09 04:32 AM

معقوله خمسون جزء والله ماحسيت أرادة اختياار اكثر من رائع ويااهيك القصص يابلاش بس زارا خلي الشيخ بحاله ياحبي له من جد شيخ مدري شزيد بس من جد روعه سلمت الايااادي

جوودي1 28-12-09 05:02 AM

يعطيك العافيه ابلا على الختيار

بس يانايف رفع ضغطي بشكل حتى بعد مابدت

تتحسن نظرتي له في الاخر بس ولوو شخصيته مو مقبوله

كثر ماتعجبني شخصيت ناصر هي اقرب شخصيه كانت لقلبي

انهت الروايه بسرررعه

بس كانت رووعه

جــ,ـــ,ـــودي

ملكةالقمر 31-12-09 10:40 PM

روووووووووووووعة تو خلصتها اتجنن
تسلم يدك ام احمد على النقل فعلا قصة رائعة ... مع اني ما تمنبيت نايف يطلق بشائر
يسلموووووووووووو

ناعمة 17-01-10 10:13 AM

القصة كانت حلوووووووووة جدا جدا
ونهايتها عجبتني

بس اكثر الشخصيات اللي شدت انتباهي هي لـ احمد
كثر ماحبيته كثر ماحزني حاله
ومنال فديتها حبيبة قلبيي

لكن الشخصية اللي خلتني اعيد النظر فيها هي بشاير
حبيتها حيييييييل في بداية الرواية لكن نهاية الرواية كرهتها
ماادري ليش ؟ مع انها مغصوبة على الزواج لكن بالنهاية هي رضت
وليش تبلع حبوب منع الحمل صراحه سخافة :mad:


اما نااااااااااايف هذا من بداية الرواية وانا شايفته
حشره
<< معليش بس منقهره من تصرفاته الهمجية ياربي لك الحمد

نايف انت واحد كريييييييه ولا اخفيكم انيي كنت اتمنى ادخل الرواية
عشان بس اقوله انت حقييييير

اول مره احب رواية واتولع فيهاواكره بطلها كره البنات للصراصير

<< حاقده عليك
نايف اكرررررررهك :xx504868::xx504868::xx504868:


ارادة الحياة الف شكررر

remas2007 28-02-10 08:08 AM

نااااايف هذا واااحد همجي ,,,,وانااا نظرتي للحيااااه ...زوجي ياااكووون كله ليه ولا كللله مااابغااااه..بشاااير انا معك مليووون في الميه في اللي تسووينه ....وابارك لك على الطلاق,,,,شكراااا

زارا 28-02-10 04:25 PM

ابلاا اراده اسمحي لي معليش يعني لاني برد على ردوود فيها تطااول على طووويل العمر الشيخ ابو فلااح>>وهـ بس فديت الطااااري للشخصيه والهيبه ..

وش هذااا؟؟؟ هل ماا اقرأ حقيقه؟؟؟؟؟>>فيس مصدووم..
اسمعوا وعواا.. ناعمه وين رااحت النعوومه لما وصلتي لطاااااااااااري الشيخ طويـــــــــــــل العمــــــــر نايف ابو فلاح.. ؟؟ والله اني مستغربه من ردتس وانتي ريماس من اللي همجي>> نفس الفيس المصدوم اللي لناعمه..
الشييخ طووويـــــــــــل العمر نااايف كان هو والله ملح واحلى شي فيها ولااا اسمح لاي وحده تتطااااااول عليه وهوو اوووووول بطل من ابطال المجمووعه الذهبيه..
قال حشره قال؟؟؟ كلي ثقه اني اشتم ريحه غيره من هالشخصيه الفذه الشخصيه الرااائعه الشخصيه القوويه.. وهــ ياازينه بس يوووم يحرق اوراااق بشاااااير..هع هع هع
والا وهووو يوريها الوووووويل والثبوووور ويعطيها كف.. الله يسلم يمينه ياااااارب...وهـ بس شووقتووني لللقصه شكلي برجع اقراها واعيد امجااد ابو فلاااااااااااااح الشيخ نايف..
اشكرك ردوودكم اللي خلتني اقرر اعيد ذكريات رااائعه مع ابو فلاح ..وهـ بس صرااحه عجزت اصدق كلامكن وهالسب اللي تسبنه لطويل العمر ابو فلاح.. شكلكن عرفتن اني مصااردته وانتن كان معجبكن بس من شفتنه راح بنصيبه معي قلتن بنسووي اي شي عشان نكرهه لو بسبه من ورااا قلووبنا..>>فيس كــــــاااشف الحقيقه.. هع هع هع

شبيهة القمر 28-02-10 05:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زارا (المشاركة 2190063)
ابلاا اراده اسمحي لي معليش يعني لاني برد على ردوود فيها تطااول على طووويل العمر الشيخ ابو فلااح>>وهـ بس فديت الطااااري للشخصيه والهيبه ..

وش هذااا؟؟؟ هل ماا اقرأ حقيقه؟؟؟؟؟>>فيس مصدووم..
اسمعوا وعواا.. ناعمه وين رااحت النعوومه لما وصلتي لطاااااااااااري الشيخ طويـــــــــــــل العمــــــــر نايف ابو فلاح.. ؟؟ والله اني مستغربه من ردتس وانتي ريماس من اللي همجي>> نفس الفيس المصدوم اللي لناعمه..
الشييخ طووويـــــــــــل العمر نااايف كان هو والله ملح واحلى شي فيها ولااا اسمح لاي وحده تتطااااااول عليه وهوو اوووووول بطل من ابطال المجمووعه الذهبيه..
قال حشره قال؟؟؟ كلي ثقه اني اشتم ريحه غيره من هالشخصيه الفذه الشخصيه الرااائعه الشخصيه القوويه.. وهــ ياازينه بس يوووم يحرق اوراااق بشاااااير..هع هع هع
والا وهووو يوريها الوووووويل والثبوووور ويعطيها كف.. الله يسلم يمينه ياااااارب...وهـ بس شووقتووني لللقصه شكلي برجع اقراها واعيد امجااد ابو فلاااااااااااااح الشيخ نايف..
اشكرك ردوودكم اللي خلتني اقرر اعيد ذكريات رااائعه مع ابو فلاح ..وهـ بس صرااحه عجزت اصدق كلامكن وهالسب اللي تسبنه لطويل العمر ابو فلاح.. شكلكن عرفتن اني مصااردته وانتن كان معجبكن بس من شفتنه راح بنصيبه معي قلتن بنسووي اي شي عشان نكرهه لو بسبه من ورااا قلووبنا..>>فيس كــــــاااشف الحقيقه.. هع هع هع

هلا والله بالزوري حبيبة النوري ..
وش هالحكي اللي اسمعه .. نااايف ..؟؟؟والله لوه احد غييره صدقت ..
والله انه الجماال اللي يشد للقصه ..اصلا القصه بدونه ولاشي ..!!
سبحاان الله حتى اللي قلت لهم عن القصه خاارج المنتدى خبل فيهم هالناايف ..
القصه هذي من أروع القصص اللي قريتها واعتبر شخصيه ناايف ..شخصيه قيااديه
ومحنكه ..بس حساافه ضيعته هالبشااير ..من يديهاا ..>>قال خذ خير قال مامعي له ماعون خخخخخ
عموما كل انساان له وجه نظر وانت ياماماتي لايضيق صدرتس ..يقول المثل اللي مايعرف للطير يشويه >>فيس يقول وش جااب هالمثل هناا !!!

remas2007 28-02-10 08:25 PM

زارا ...حبييبتي انا من ردودك اعرفت انك منتي متزوجه يعني ماااراح تحسين بالقهر لما يكووون نصفك الاخر تتشارك فيه وحده ثااانيه ...واللله يا زارا انه الى الان لم اذكر قصه يوسف ومضاااوي احس بحرقه بالقلب لدرجه اني تمنيت اني ماااقريت القصه ...في مشهد مضااااوي لمااااتقوول ليوسف انها تبغاااه كله مونصه ويقووول انه كل كله لها وبعض بعضه للحماااره ميسااااء ....اووووووف تمنيت انه يكوون قداااامي عشااان اخنقه...لانه باانانيته اتعس حياااته وحييياه مضاااوي والحماااره ميساااء ...لانه لحبه لمضاااوي كاااان مااايعدل بينها وبين ميساااء لدرجه انه طلب من ميساااء ماا تحمل ويكووون اولاده كلهم من مضااااوي وهذااا في الشرع حرااام كيف لواااحد عنده زوجتين يقووول لوحده ابغى عيااال منك ويقول لثاااانيه ماااابغى منك عياااال .....مااااكااان من الاول لما قااالتله مضاااوي طلق ميسااااء ....كااان طلقها ....لانه الحممممماااار في الاخير طلقهااا لاكن بعد ماااخرب حياااه ولده......وناااايف نفس الشي يعني يرضيك يا زاااارااااا يااااحبيبتي يحرق اورااااق واحده شااااطره ويضيع مستفبلهااا..عشاااان عااااندته ...والا يتزوجهاااا غصبن عنها عشاااااان يعرف اذااا كااانت بنت ولا لا ....يعني عذر اقبح من ذنب في شي اسمه فحوصاااات في المستشفى ونظراااا لنفوووذه الواااسع كان ممكن يسوى الشى هذااا من دون لا ينفضحووون ....بس اللي قهرني اكثر حرمته مريم انتي حماااااره يااااحماااااره كيف صاااايره مثل مااااقااالت بشااااير سلبيه عشااان كذااا ...تستاهلين انه يتزوج عليك ...بس موبشااااير .....لانها لماااا حست بحبهااا لنااااايف الحمااااار ...غاااارت وعصبت وسوت رد فعل وقااالتله مااا ابغى احد يشاااركني فيك وهذاا...رد الفعل الطبيعي لاي زوجه تحب زوجهااا وميكووون هنااااك سبب حقيقي لزواااجه ...واللي المفروض يكون رد الفعل هذااا يصدر من مريم ...لاكن اللي يرضى بالقليل ...يجي يووم ويرضى باااقل القليل ...راااح تقولين لي طيب بشااااير لمااا تزوجت نااايف كااانت تعرف انه متزوج وعنده عيااال ...اقولك انهااا اول ماااتزوجته ماااكانت تحبه لانهااا انغصبت عليه ...وماااكااانت تفرق معهاا انه متزوج قبل ...بس ..لمااا حبته طالبت بحقهااا انه يكووون لهااا لوحدهااا ...مداااام مريموووه غبيه محاااولت انهاا ترجع ابو عيااالها لهااا ....زوجي لماا يمزح معي احيانا..ويقووول انه بيتزوج وحده ثاانيه ..اقوله اللي يبعني مره ابيعه الف مره ..بس ماااصير سلبيه ...زاااارااا ...نصيحه لوجه اللله وانا فهمت من ردووودك انك منتي متزوجه ...انشااااء الله اذااا تزوجتي ...امسحي ردودوك كلهااا في اعجااابك في هذااا الناايف ...ليشوفهااا زوجك ويقوول شكلهاااا هذي مااا عندهااا مااانع اني اتزوج عليهاااا ...وجدد شبااابي ..ههههههههههه....شكرااااا....

زارا 28-02-10 10:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة remas2007 (المشاركة 2190307)
زارا ...حبييبتي انا من ردودك اعرفت انك منتي متزوجه يعني ماااراح تحسين بالقهر لما يكووون نصفك الاخر تتشارك فيه وحده ثااانيه ...واللله يا زارا انه الى الان لم اذكر قصه يوسف ومضاااوي احس بحرقه بالقلب لدرجه اني تمنيت اني ماااقريت القصه ...في مشهد مضااااوي لمااااتقوول ليوسف انها تبغاااه كله مونصه ويقووول انه كل كله لها وبعض بعضه للحماااره ميسااااء ....اووووووف تمنيت انه يكوون قداااامي عشااان اخنقه...لانه باانانيته اتعس حياااته وحييياه مضاااوي والحماااره ميساااء ...لانه لحبه لمضاااوي كاااان مااايعدل بينها وبين ميساااء لدرجه انه طلب من ميساااء ماا تحمل ويكووون اولاده كلهم من مضااااوي وهذااا في الشرع حرااام كيف لواااحد عنده زوجتين يقووول لوحده ابغى عيااال منك ويقول لثاااانيه ماااابغى منك عياااال .....مااااكااان من الاول لما قااالتله مضاااوي طلق ميسااااء ....كااان طلقها ....لانه الحممممماااار في الاخير طلقهااا لاكن بعد ماااخرب حياااه ولده......وناااايف نفس الشي يعني يرضيك يا زاااارااااا يااااحبيبتي يحرق اورااااق واحده شااااطره ويضيع مستفبلهااا..عشاااان عااااندته ...والا يتزوجهاااا غصبن عنها عشاااااان يعرف اذااا كااانت بنت ولا لا ....يعني عذر اقبح من ذنب في شي اسمه فحوصاااات في المستشفى ونظراااا لنفوووذه الواااسع كان ممكن يسوى الشى هذااا من دون لا ينفضحووون ....بس اللي قهرني اكثر حرمته مريم انتي حماااااره يااااحماااااره كيف صاااايره مثل مااااقااالت بشااااير سلبيه عشااان كذااا ...تستاهلين انه يتزوج عليك ...بس موبشااااير .....لانها لماااا حست بحبهااا لنااااايف الحمااااار ...غاااارت وعصبت وسوت رد فعل وقااالتله مااا ابغى احد يشاااركني فيك وهذاا...رد الفعل الطبيعي لاي زوجه تحب زوجهااا وميكووون هنااااك سبب حقيقي لزواااجه ...واللي المفروض يكون رد الفعل هذااا يصدر من مريم ...لاكن اللي يرضى بالقليل ...يجي يووم ويرضى باااقل القليل ...راااح تقولين لي طيب بشااااير لمااا تزوجت نااايف كااانت تعرف انه متزوج وعنده عيااال ...اقولك انهااا اول ماااتزوجته ماااكانت تحبه لانهااا انغصبت عليه ...وماااكااانت تفرق معهاا انه متزوج قبل ...بس ..لمااا حبته طالبت بحقهااا انه يكووون لهااا لوحدهااا ...مداااام مريموووه غبيه محاااولت انهاا ترجع ابو عيااالها لهااا ....زوجي لماا يمزح معي احيانا..ويقووول انه بيتزوج وحده ثاانيه ..اقوله اللي يبعني مره ابيعه الف مره ..بس ماااصير سلبيه ...زاااارااا ...نصيحه لوجه اللله وانا فهمت من ردووودك انك منتي متزوجه ...انشااااء الله اذااا تزوجتي ...امسحي ردودوك كلهااا في اعجااابك في هذااا الناايف ...ليشوفهااا زوجك ويقوول شكلهاااا هذي مااا عندهااا مااانع اني اتزوج عليهاااا ...وجدد شبااابي ..ههههههههههه....شكرااااا....


لــــــــــــــم اقتنع .. اعيدي المحاوله مره أُخرى>>فيس بليد..هخهخهخه..
على فكره لوو حصل نصيب وتزوجت زووجي حتى لو يقرأ ردوودي رد رد بيقوول يااااحظ هاللي انتي مصاادرتهم ياااااا ريم قلبي...
مقهووووووور انااا ومتضااايق لانتس عرفتيهم قبلي..>>فيس واااااااثق ويطالع بغرووور...هع هع هع

والله يااريمووسه تعبتي رووحتس بهالمحااظره لوحده ماتقدر تغيير نظرتها بابطالها..>>فيس مبسوط بردة فعلتس..هخهخ

remas2007 01-03-10 05:11 AM

اوكيه يااااا...زااارااا ...يعني تحمست على الفاااضي ...على العموووم ...هي قصه جدااا جميله بعيد عن هالنااايف ....شكراااا...

زارا 01-03-10 01:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة remas2007 (المشاركة 2190787)
اوكيه يااااا...زااارااا ...يعني تحمست على الفاااضي ...على العموووم ...هي قصه جدااا جميله بعيد عن هالنااايف ....شكراااا...

لااارمووسه ماتحمستي على الفاااضي لان ردتس رجعني اشتاااق لبوو فلاااح يااعسااااه يسلم..
والقصه لوولااا هالنااايف كان ماااحد طالع فيها وماكان لها قوووه وجمال..فديت ابو فلااح مسوووي جوووو جنااان بالقصه..بالله عليتس رمووسه تخيلي بس القصه بدون وجود ابوفلاح.. ابد ابد مااراح يكون فيها اكشن ولا متعه.. القصه حلووه واللي حلاّها اكثر طـــــــــويـــــــــــل العمــــر الشيخ ناااايف..وهـ بس.. ياازينه وهوو يكفخ بشااير على طوول رحت وعده هالمقطع امس .. مو قلت لتس ان ردتس وحماستس ماراح على الفاضي>>فيس يشكرتس ويحمل معه بااقه ورد..

فتاة طيبة 02-03-10 06:27 PM

من أروع القصص التي قرأتها .... وأعدت قراءتها مرتين وأروع شخصية على الإطلاق نايف وأستغرب من مهاجميه ...أؤيد بقوة زارا رسم شخصية نايف في هذه القصة هو أكبر سبب جاذب لقراءتها وترى أنا متزوجة وعندي أطفال يعني أعرف معنى القهر من الزوجة الثانية لكن سلبية مريم هي من دفعه لهذا الأمر وأعتقد النهاية وضحت معدن نايف لم يتردد في تطليق بشاير وهي من خيرته لأنه يعي معنى العشرة ولم يتنازل عن مريم رغم حبه لبشاير ...
عموما مشكورة أم أحمد على إختيارك الرائع

azee36 01-11-10 04:05 PM

العيلة و على راسها نايف دمروا حياة بشاير
اولا برفضهم لدراستها و ثانيا باجبارها الزواج من نايف المتزوج فقط عشانه شك فيها
احتقر المجتمع اللي يذل المراة و يعطي كل الحرية للرجل في انه يطلع عليها عقده و يمارس عليها قوته
في النهاية نايف ما خسر شيء زوجته مريم و اولاده عنده و بشاير طلعت من كل القصة
مطلقة محرومه من اكمال دراستها و كله عشان اوهام عششت في راس نايف
كان ممكن يتخلص منها باكثر من طريقة غير الزواج و يجنب بنت عمه العذاب

صحيح نايف هو بطل الرواية الجذاب لكن كمان هو شخصية تاثيرها سلبي و ما تصلح ابدا انها تكون قدوة
للغير لان كل شيء يزيد عن حده ينقلب الى الضد و نايف تجاوز حدوده كثير و سمح لنفسه انه يتصرف
في حياة الاخرين على هواه و في النهاية ضيع بشاير المسكينه

اما بشاير فانا ما الومها ابدا البنت مش قادرة تعيش مع ضره حاولت تضغط على نفسها و تتقبل
حياتها لكن ما قدرت عذابها يزيد كل ما يزيد حب نايف في قلبها و تتذكر انه مش لها لوحدها
و حتى تجنب نفسها هذا العذاب ما في غير انها تنسحب كليا من حياته حتى ما تشوفه و تشوف زوجته معه
و تتعذب اكثر

الله يعطيك العافية على الرواية الحلوه

remas2007 01-11-10 07:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azee36 (المشاركة 2506714)
العيلة و على راسها نايف دمروا حياة بشاير
اولا برفضهم لدراستها و ثانيا باجبارها الزواج من نايف المتزوج فقط عشانه شك فيها
احتقر المجتمع اللي يذل المراة و يعطي كل الحرية للرجل في انه يطلع عليها عقده و يمارس عليها قوته
في النهاية نايف ما خسر شيء زوجته مريم و اولاده عنده و بشاير طلعت من كل القصة
مطلقة محرومه من اكمال دراستها و كله عشان اوهام عششت في راس نايف
كان ممكن يتخلص منها باكثر من طريقة غير الزواج و يجنب بنت عمه العذاب

صحيح نايف هو بطل الرواية الجذاب لكن كمان هو شخصية تاثيرها سلبي و ما تصلح ابدا انها تكون قدوة
للغير لان كل شيء يزيد عن حده ينقلب الى الضد و نايف تجاوز حدوده كثير و سمح لنفسه انه يتصرف
في حياة الاخرين على هواه و في النهاية ضيع بشاير المسكينه

اما بشاير فانا ما الومها ابدا البنت مش قادرة تعيش مع ضره حاولت تضغط على نفسها و تتقبل
حياتها لكن ما قدرت عذابها يزيد كل ما يزيد حب نايف في قلبها و تتذكر انه مش لها لوحدها
و حتى تجنب نفسها هذا العذاب ما في غير انها تنسحب كليا من حياته حتى ما تشوفه و تشوف زوجته معه
و تتعذب اكثر

الله يعطيك العافية على الرواية الحلوه

وهذاااا بالضبط اللي يقلته في ردي الساااابق .........الناااايف هذااا مووو رجااااال ولا يمت لرجااااال بصله ......وانتي قلتيه في تعلييقك ....زوجته وعيااله عنده وحيااته مااشيه زي مااكاانت يعني مااخسر شى .....بشااير هي اللي خسرررت مستقلبهاا ودرااستهااا ....وفي الاخيييير صاارت مطلقه ....يعني بالعربي خسسسسرت كلللل شى .....الله يااخذ الريااجييل اللي زي كذااا ويمحيهم من وجهه الارررررض قااااادر يااكريييم .....

خـفـآيـآ الـروح 18-01-11 07:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة remas2007 (المشاركة 2506903)
وهذاااا بالضبط اللي يقلته في ردي الساااابق .........الناااايف هذااا مووو رجااااال ولا يمت لرجااااال بصله ......وانتي قلتيه في تعلييقك ....زوجته وعيااله عنده وحيااته مااشيه زي مااكاانت يعني مااخسر شى .....بشااير هي اللي خسرررت مستقلبهاا ودرااستهااا ....وفي الاخيييير صاارت مطلقه ....يعني بالعربي خسسسسرت كلللل شى .....الله يااخذ الريااجييل اللي زي كذااا ويمحيهم من وجهه الارررررض قااااادر يااكريييم .....

يا حياتي شكلك حاااقدة عليهم بقوووة .. وربي جد صاادقة يا رموووسه ..

صدق وربي شيء يرفه الضغط ..

اكره المجتمع اللي المراة عندهم كأنها بهيمة يتحكمون فيها زي ما يبوووون .. يزوجونها ويختارون عنها ويحددون مستقبلها وكله عشان مصلحتها .. امحق مصلحة .. الله يشيلكم ..
ولما تتطلق المجتمع ما راح يرحمها ..

بس يظل لحد الان هناك ناس عقلياتهم متخلفة ومتحجرة ..

صح البنت تظل بنت .. بس لها الحرية في الاختيار وتحديد المستقبل ..

قهرني في الرواية يحرق اوراقها وشهاداتها .. الله يحرقك قل آمين ..

وبعدين اش دخله لاهو ابوها ولا اخوووها ..

متسلــــــــط ويوفع الضغــــط .. :8Pp04714::8Pp04714:

جد انا ما اتمنى اقابل رجال من هالاشكال حتى لو واحد من محارمي يكون كذا وربي اكون استحقره ..

جنا 20 05-02-11 10:57 PM

لا حرام بشاير اروع شخصيه بروايه حرام يصير فيها هيك

فلورنسيا 13-09-15 03:01 AM

رد: سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد
 
اجمل شى فى شخصية نايف انه حافظ على
زوجته الاولى واولاده بالرغم من تمسكه فى بشاير
شكراااااا حبيبتى رواية رائعة


الساعة الآن 08:05 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية