حقائق ام قواعد؟!

عندما تطور الكمبيوتر
وتطورت علوم البرمجيات
بدأ الباحثون يحلمون بصنع برنامج ذكى

تضع له المشكله فيجد الحلول
بدون الاحتياج لبرمجه بشكلها المعروف حاليا
ولكن باسلوب جديد مبنى على اسلوب تفكير الانسان

ومن هنا نشأ موضوع جميل اسمه الذكاء الصناعى
وتم تنفيذ بعض لغات البرمجه (الفاشله) باستخدام هذا المفهوم
اشهرها لغه اسمها
(PROLOG (programing in logic

لا تظنوا ان الموضوع تقدم لهذه الدرجه
فمازال اى طفل يستطيع التغلب على الذكاء الصناعى بفارق مدهش

لكن هذا موضوع اخر
موضوعنا
هو ما وصل اليه المحللون فى كيفيه عمل ذكاء الانسان

قال العلماء ان الانسان يحلل المعارف الى شيئين

حقائق و قواعد
Facts & Rules

ومنها يعمل الذكاء لحل المشكلات

الحقائق يصل الانسان لها اما بالفطره
او بالتواتر الذى لا يحمل اى شذوذ مثل

النار تحرق
الجليد صاقع
الشمس مضيئه
الاسد يفترس
الخ

اما القواعد فهى شرط يحقق نتيجه
اذا حدث كذا لكان كذا

مثلا
لوابو احمد هو ابو حسن
اذا احمد اخو حسن

وهكذا
مئات الالاف من الحقائق والقواعد
وكل موقف يحتاج قرار يستدعى الانسان الحقائق والقواعد المرتبطه بالموضوع لكى يصل الى القرار المناسب الذكى

لو اتينا الى الحياة الاجتماعية نجد هذا الكلام صحيحا جدا
نتعامل مع الناس بقواعد

اذا فعل ذلك يبقى كويس
او كذا يبقى طيب
او كذا يبقى شرير
او كذا يبقى حرامى

وربما نصل لنتيجة ما عن انسان ما
ولكنا قادرين على تغيير النتيجه اذا تغير الشرط
فنغير راينا فى انسان عندما يسلك سلوكا مخالفا

ولكن اذا استمرت نتائج تصرفات انسان لا تتغير
ننقله من منطقه القواعد الى منطقه الحقائق
فلا نفكر فى تصرفاته بل نفسرها

فهو شرير كحقيقه
او طيب كحقيقه
فاذا فعل فعل يخالف ذلك نجد له تفسيرا يتلاءم مع الحقيقه التى نعتنقها
تصرف طيب من شخص شرير نفسره انه يمهد لشر او ينوى سوء
وتصرف سئ لشخص طيب نفسره انه يريد مصلحتنا
او او

والناس بعضهم يفضل ان يجعل الحقائق فى اقل عدد ممكن والباقى قواعد
وبعض الناس العكس

الشباب مثلا لانهم رومانسيون ونفوسهم صافيه يفضلون الحقائق عن القواعد
ويحاولون بسرعه تصنيف اى شئ الى الابيض او الاسود

فى سن اكبر يكون الانسان قد تعرض للطمات كثيره فصار يميل الى القواعد ولا يثق فى الحقائق

والان
لماذا اثير هذا الموضوع؟
لانى ارى ان معظم مشاكلنا اما بسبب تغليب الحقائق على القواعد او العكس

كيف؟
الناس الذين يميلون الى اكثار الحقائق على حساب القواعد
يعيشون فى راحه
لكنهم يتعرضون للصدمات كثيرا

الراحه مصدرها ان التفكير المرهق اقل
فلان يحبنى خلاص انتهى
كل افعاله اكيد بسبب حبه ولمصلحتى بدون تفكير ولا تقييم لافعاله
وفلان وفلانه ورئيسى وزميلى وصديقى وصديقتى كلهم مصنفون كحقائق

ولان الحقيقه الاكيده ان الحقائق ليست كثيره هكذا
فالصدمات كثيره وقاسيه واحيانا مميته
وانظروا الى بعض مشاكل الاصدقاء
تجدها بسبب صدمه فى شخص كان مصنفا كحقيقه ما وظهر العكس

كما قال الشاعر
اتخذتكم دروعا فكنتموها
ولكن للاعادى
وخلتكم سهاما صائبات فكنتموها
ولكن فى فؤادى

والناس التى لا تثق فى الحقائق
والدنيا فى نظرها قواعد
لا يثق ان فلان حبيب الا بافعاله
ولو تغير فعله مره واحده بدأ يشك فيه
فموضوع حبيب ليس فى مرتبة الحقائق اصلا

هؤلاء صدماتهم قليله او نادره
ولكنهم يعيشون قلقى ومضطربين
دائما يشكون ودائما متربصون ودائما عيونهم مفتوحه
وغالبا لا يشجعون الاخرين على ان يحبونهم بصدق
بسبب اراءهم تلك

ومرة اخرى انظر الى بعض مشاكل الاصدقاء
تجد جزء كبير منها نفسى بسبب التوتر الدائم والتوجس الدائم وعدم تصديق اى حقيقه عن اى شخص

الموضوع يحتاج للتوازن
حتى ننعم بالراحه النفسيه من جهه
ونأمن من الصدمات وانهيار الصور المثاليه من جهه
ويبقى ان نسأل انفسنا
دائما وعموما و فى اى علاقه

هل انا حقائقى ام قواعدى؟