منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f484/)
-   -   العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة (https://www.liilas.com/vb3/t75686.html)

عمرحمّش 10-04-08 07:47 PM

العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة
 
العودةُ إلى مَجدل عَسقلان
قصة قصيرة
عُمر حَمّش

في فجر حائر هبّت العجوز إ
في فجر حائر!
سحبت ثوبا مخبوءا منذ عقود
في نول المجدل نسجه المقصوفُ
تخرجه الآن موشّى، أخضر، فأحمر
جنّة فنار
القبّة على الصّدر الضّامر مربّعة
وعلى الرأس المرتجّ المِنديلُ حرير
وتعود أمّ التسعين مهرولة
إلى مَجدلِ عَسقلان!
قررت العودة إلى أخرِ مشهدٍ في الدنيا
دبكة معقودة قُدام البحر!
تحجلُ فيها
في وادي النّملِ!
وتهزُّ الصدر النافر َبذات الثوب
أمام الزوج
في عُرسٍ راقصٍ لبنتِ الجيران!
رأته الآن يجيء!
على خاصرته يعقد يُمناه
ويحرك ساقيه
يتمايلُ، ثمّ يحتدّ
ليدقّ الأرضَ
بضرباتٍ موزونة!
والى الزفة يجيء القصفُ!
القصفُ يجيء!
القصفُ !
القص!
فْ!
تمزقت الزفةُ، والحشدُ تناثرَ!
وتحتَ التوتةِ همدتْ مذهولة!
ببطنِ الجذع!
الآن تعودُ، فيبتسمُ الفجر!
قالت ليدِها العجفاءِ، وهي تلوح:
ندم الشيطانُ!
قالت ليدها: خرجَ اليهودُ!
تاب منْ لا يتوبُ !
ورأت العجوزُ ورودا تسكنُ عينيها !
فهتفتْ متراقصةً:
الدنيا ورد!
ورد!
ور
د!


* * * * *


وعصفور في الفجرِ ينادي!
الابن يصرخ، فيهُبوا !
خرجت العجوزُ!
فعلتها !
هرولَ للصندوقِ المتصديءِ!
فما وجد المفتاح!
قالت: سأعود!
الابنُ دوما متهيئ، والكنّةُ، والأحفاد !
فعلتها !
هاموا في الطرقات، انضمّ اللاجئون!
إذاعات صاحتْ، ومساجدُ صارت تعلن!
البناتُ وصلنَ مع الأزواج!
تباعدوا واقتربوا، تعاتبوا، وتشاجروا !
صاحَ الابنُ: هلكنا!
الفصائلُ خجلى جاءتْ، والأحزابُ
أصحابُ لِحى، وعلمانيون!
لكنّ الشمسَ ابتعدتْ!
في حلقِ الابنِ اللهبُ
وفي ساقيهِ اشتعلتْ نار!


* * * * *

الشيطانُ زيّن لها شعبا يعود!
جموعا محملةً، وجموعا تسير!
رقصوا على رجف الطبول!
وفي الرأس المهتزّ احتدّت زغاريد!
شوشانا الصفراء في الغيم أيضا جاءت!
هيّا شوشانا
خذي ما جلبتي!
خذي معك استر، خذي راحيل!
وجاءت أواخر أيام!
شوشانا في المجدل تقبض رأس البصل مقابل دلو الرمل!
يا شوشانا هاتي الرمل، لأجلي بعض أوان!
ابتعد الرمل يا شوشانا!
ابتعد الرمل!
شوشانا تشترط أن تقبض رأس البصل!
لتتمّ الأمر!
هيّا شوشانا إلى بلاد المروك عودي!
أزف الوقت!
يا مروكية عودي!
وشوشانا خلف سياج، كانت ترقص يوما مع راحيل:
إحنا بنات الهاجانا
سبع ملوك ما تلقانا
صيّفنا في فلسطين
وشرق الأردن مشتانا!
وتصيح العجوز الآن
مشهرة المفتاح!
هذا نحن يا شوشانا!
جئنا
نحضن دورنا
ونقبّل باحات جامعنا المملوكيّ!
يا شوشانا!
والعائدة صارت تتحسس جنبات الجامع!
فتأتي خطوات الغائب!
يتبختر بحزامه الشاميّ
وعلى الكتف تستلقي عباءته!
وعن بعد بعيد لثمت مواطئ قدميه!
و جنبات الديوان!
الشارع المؤدي للميدان!
شجرة زينة استندت عليها معه !
ورأت باب الدكان، كائنا كما كان!
رأت البيع فيه والشراء!
من حوانيت يافا بضاعته!
وحرير الأنوال!
ولحظات صفوة كانت تأتي!
يغلق المقصوف الباب، ليأخذها صبيّة بعمر الورد!
بتشممها!
ويشعل فيها النار!
وتعود شوشانا مع اليهوديات تغني!
محمد مات!
مات، مات!
خلّف بنات!
بنات!
فينشقّ القلب!
شوشانا كانت تصفق مع المجلوبات الكفوف!
وللصبيّة يهززن عجيزات يائسات!

* * * * *

كأسطوانة دار الابن، ونشف الحلق
ارتجّت ساقاه!
العتمة صارت غولا، وليس في مرمى العين أمل!
عادت العجوز!
كيف تعود؟
كان يقول:
اليهود في المجدل يا أمّي !
تصرخ دوما شاردة:
يا شيخ عوض!!
ومقام الشيخ!
لم تأته الدراويش منذ عقود!
ويراوده خاطر أن يخبرها :
عراة يأتون الضريح!
صار خلوة بهم تضجّ!
بالبحر شيخنا يستجير
فيناديه البحر
والشيخ يردّ:
خذني!
تصيح:
دستور يا شيخ!
لكنّ الشيخ يغور!
يهوي أسفل سيقان المخمورين!
يلاطمه نباح وشبق الموتورين!
وتلتاع العجوز!
أعود لساعة سعيّ في وادي النّمل!
وأموت راضية على رأس الضريح!
ووادي النمل بطاح يا أمّي
بلا جموع!
بلا أغان، ولا طقوس!
العجوز لا تسمع من الدنيا سوى الطنين!
وليس في عينيها سوى المشهد الأخير!
في صدر الابن وقفت أفعى تنوح
ثمّ صارت تصيح!



* * * * *


المفتاح !
تتصلب يدها على المفتاح!
بعد قليل ترى ( هربيا ) !
ستوقف فيها هذي الجموع!
تصلي شاكرة ربّ الكون المعبود
تخطو أوّل خطوة في الفردوس!
لا تأكلّ الجميز، بل تمتص!
تتذوق بلسان صائم قطرا عاد!
وبكت العجوز لمرأى (هربيا )!
وأشهرت حدّ المفتاح كسيف !
ورأت ( بربرة ) بعدها على خطوات!
فغنّت بصوت صادح:
بربراوي يا عنب!
وأشاحت بيدها منتشية:
يا عنب
يا ع
ن
ب
وارتمت على رمل الدالية الأولى!
تعانق باكية في غصنها الذهب!
لكن عسقلان هتفت:
تعالي!
فصاحت مصعوقة تجري:
يا مجدل!
وانطلقت العجوز بلا حشود
إلى الحدود المدرعة!
في عينيها الزغاريد!
وفي رأسها رجف الطبول!
وفي العتمة كانت عيون
تربض في قصبة حديد!
فيها أولاد من شوشانا !
ومن وراحيل!
قناصة يعتلون الثكنة العالية!
أبناء عجيزات يوما تراقصن!
غنين:
محمد مات!
مات، مات!
خلّف بنات
بنات!
وانفجر الصوت!
والعجوز ترنحت مشرقة
في الليل!
نامت، ترنو مبتسمة!
وحدّ المفتاح المشهر بيدها
يتراقص مثل سيف!

روائيّ وقاصّ من فلسطين
1- 3 - 2008
Omar-(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)

Sophi 10-04-08 09:51 PM

سأكتفي بالصمت اعجاباً لما خطته أناملك

دمت بخير استاذنا

سدن 10-04-08 09:58 PM

السلام عليكم
القصص مؤثره ورائعه
الله يعطيك الف الف عافيه على المجهود
تقبل مروري


حنان

رءوف 11-04-08 04:27 PM

لا أدرى عمر .. هل هو مزمور أكتشفته مخبئا .. خطه أحد الكنعانيين الجبابرة ؟
أم نشيد إنشاد مواز .. و ربما تفوق على ما كان لسليمان الملك ؟
أنت هنا .. حشدت التاريخ .. وضعته أم عينى .. لحظة الخروج .. خروجهم من مصر .. و تقاعسهم
و بكاؤهم على اللبن المسكوب .. ليقول لهم .. عودوا إلى مصر .. فما أنتم إلا خائرون يبحثون عن زائل و سقط متاع !!!
هل كانت عسقلان هى النقطة التى توقف عندها .. أم كانت نقطة أخرى لملحمة أكثر شموخا فى تاريخ العرب ؟
عسقلان .. يالها .. فى كل شاهدة أراها .. و موقعة أجدها قائمة .. غائرة .. ربما مثخنة .. وربما كانت متهللة بدبكة لها تتلاعب بأسنة رماح و مضاء سيوف .. يالعسقلان سيدى و تاريخها !!!

لون جديد عمر .. ترنيمة عشق لمعشوقة تسكن روحك .. و تبتلى بها .. ونبتلى معك .. أين كانت .. تسكن فى متحجر الرمال .. أم رهيف حشاك .. ووجيعك .. أيها الشاعر الذى كظم طويلا مختزنه .. و لا أعرف لم .. كان كل هذا الظلم .. و لكننى كنت أراه فى أعمال قصصية سابقة قرأتها لك .. ولكن ليس بكل هذا الدفق .. و هذا الغزل !!!!

لا .. لا .. لن أتوقف هنا عمر ... فالحديث طويل و ذا شجون .. هذه فقط بعض كلمات .. مشاعر حول القراءة .. وتبقى القراءة فى مداخلة قادمة .. فانتظرنى أيها الرائع!!!!!

رءوف

عمرحمّش 12-04-08 06:53 PM

الرائعة صوفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Sophi (المشاركة 1332671)
سأكتفي بالصمت اعجاباً لما خطته أناملك

دمت بخير استاذنا

الرائعة صوفي
الصمت واجب، ليس أمام نصي، ولكن أمام ذكرى وطن هلك!!
أنت نورت النص، بأحساسك الرائع
دمت كريمة معززة

روحي لك 12-04-08 10:47 PM

عمر حمش

يسلمو ماخطته اناملك من قصص رائعه

ويدوم نبض قلبك وقلمك

لاعدمنا الرب من جديدك
تقبل مروري البسيط

زدمت بحفظ الرحمن

عمرحمّش 16-04-08 08:11 PM

الاخوة الأعزاء
 
االأخوة الأعزاء جميعا على قلبي
نهى
ورءوف
وصوفي
وروحي لك
اشكركم على مروركم الكريم ودمتم

عمرحمّش 18-04-08 09:18 AM

الرائعة نهى12
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى12 (المشاركة 1332679)
السلام عليكم
القصص مؤثره ورائعه
الله يعطيك الف الف عافيه على المجهود
تقبل مروري


حنان

نهى الرائعة
شكرا جميلا على مرورك ، مرورك أسعدني

عمرحمّش 18-04-08 09:24 AM

المبدعة روحي لك
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روحي لك (المشاركة 1336251)
عمر حمش

يسلمو ماخطته اناملك من قصص رائعه

ويدوم نبض قلبك وقلمك

لاعدمنا الرب من جديدك
تقبل مروري البسيط

زدمت بحفظ الرحمن

روحي لك
وتسلمين أنت على جميل عبورك، وقلمك الأروع صديقتي

عمرحمّش 18-04-08 09:30 AM

رءوف الجميل
 
أخي رءوف الجميل
لا بالطبع لن أتوقف! ولم التوقف عزيزي،، سأسعدك
شكرا على مرورك ودمت لي

اهازيج 20-04-08 03:10 PM

عمر حمش .......
اخ الجرح والالم والوطن المطرز بالاماني ودماء لن تنفك تسيل لتعلن للمدى بانا شعب لم ولن نعرف يوما المستحيل ....
تحية محبة حارة كما الدم المتدفق من صدر الشهداء ليعلن لكل اصقاع الارض بانا لن نهون ...
لن ننسى ولن نغفر وسنبقى نعلم جحافل الاجيال بان الغد قادم مشرق لا محالة وان قرص الشمس الذهبي ....
سيزهو بنا لمستقبل وضاء نقول فيه كلمتنا التي بدأت حروفها بالولوج عبر عتم الليل وعتمة الجلاد واسى الواقع المرير ....


اخي الحبيب ما قرأت هنا محض ملحمة لشعب ما كل وما مل عن الالتصاق بقضية الاجداد وحقنا المسلوب الذي لن يعود الا بسواعدنا السمراء التي لن تلين ......
دمت على درب غسان كنفاني وماجد ابو شرار وناجي العلي وكل الاخيار الاخيار .....

كن بخير
ابقى قريب
اخوكم ......
خليل ...اهازيج

عمرحمّش 20-04-08 06:20 PM

الغالي أهازيج
 
عزيزي أهازيج
مرورك على نصوصي يسعدني، هو بالذات مرور حميمي، نحن في الهم اخوان، ولا يعرفه الا من يكابده،،
كلامك جميل رغم وجعه!
احبك في هذا الوطن المطعون!
وسنكمل بالتأكيد ما قصفت أرواح من قبلنا لأيقاف أكماله!
نحن على الدرب عزيزي مهما حصل!
ولشهدائنا جميعا وشهداء الكلمة ننحني باجلال.
دمت أخي وأنا الأقرب دوما


الساعة الآن 09:59 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية