منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   رجل المستحيل (https://www.liilas.com/vb3/f156/)
-   -   العدد الخاص أنياب الأسد (https://www.liilas.com/vb3/t73655.html)

نور الهدى4 17-03-08 04:36 PM

العدد الخاص أنياب الأسد
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

سوف اعرض عليهم العدد الخاص بعنوان أنياب الأسد

أتمنى لك قراءة ممتعة

لتحميل القصة كاملة على هيئة كتاب..الانتقال للصفحة 15..

http://www.liilas.com/vb3/showthread...=73655&page=15


سوف أضع الفصل الأول اليوم





1
- المرارة...

لم يستطيع (أحمد) شقيق (أدهم صبري)، كتمان دموعه العزيرة ، التي انهمرت على وجهه في حرارة، وهو يقلي جسده على أقرب مقعد إليه، بعد عودته مع (أدهم) من جنارة والدهما، الذي لقي مصرعه غدراً، عندما اغتاله رجال (الموساد) في لندن.
كانت جنازة مهيبة بحق، بدأت فور وصول الجثمان الطاهر من لندن، على متن طائرة خاصة، تحمل شعار رئاسة الجمهورية، و تصدّرها مندوب الرئيس، و مدير المخابرات شخصياً، و خلفهما عدد كبير من ضباط المخابرات و رجالها، و الرعيل الأوّل لها...
و عبر شوراع (القاهرة)، سارت الجنارة في صمت، عكس مهابتها على الجميع، فتوقّف المارة على الجانبين في صمت و خشوع، مع رؤيتهم علم الجمهورية، الذي يلتفت حول النعش، و انضم بعضهم من تلقائية إليها، حتى راح تكبير رويدأً رويداً، فلم تصل إلى منطقة المقابر، حتى كان المكان كله يكتظ بالبشر، الذين رفعوا بالدعاء للميت بالرحمة و المغفرة، دون أن يدرك معظمهم هويته..
ووسط كل هذا المشهد المهيب، سار (أدهم) و شقيقه الأكبر في صمت...
كانت الدموع تسيل من عيني (أحمد)، الذي راح الرجال يواسونه، و يربتون على كتفيه مهدئين، في حين ظل (أدهم) صامتاً جامداً، لم تذرف عيناه دمعة واحدة، و إن سقّت كل خلجة من خلجاته عن حزن عميق، و ألم بلا حدود..
و في منطقة المقابر، كان (أحمد) يتلقّى عزاء الوالده في شبه إنهيار، في حين كان (أدهم) قويا متماسكاً، يصافح المعزين في حزم وقوة، و يتمتم بكلمات خافتة، رداً على عبارات العزاء التقليدية، حتى أن زميل والده (حسن) شعر بالقلق عليه، فتحرّك في خفة، حتى أصبح إلى جواره و همس:
- ابك يا (أدهم).. اترك لمشاعرك العنان.. إنه والدك، و لن يلومك أحد.
صمت (أدهم) لحظة، ثم التفت إليه، قائلاً في صمت عميق، لا يتناسب مع سنوات عمره القليلة:
- لم يحن الوقت بعد..
لم يدر (حسن) لماذا انفبض قليه، و هو يسمع هو الجواب؟!.
و لا لماذا سرت في جسده فشعريرة بادرة معه؟!.
ربما لأنه شعر أن الجواب المقتضب بخفي خلفه الكثير..
و الكثير جداً..
جداً..
بخفي خلفه نيراناً تستعر، في أعماق (أدهم)..
في أعمق أعماقه..
نيران نلتهم كل خلية من خلاياه..
بلا توقف...
و بلا رحمة..
و بلا هوادة..
و بكل قلقه، تطلّع (حسن) إلى (أدهم)، و لم ينبس ببنت شفة..
كل ما جال بخاطره لحظتها هو ان (أدهم) الشاب يخطّط لشيء ما..
شيء لن يفصح عنه..
ليس الآن على الأقل..
و على الرغم من دقة الموقف و صعوبته، و كنزه المعزين و المواسين، لم يستطيع (حسن) إلقاء هذا الموقف خلف ظهره...
لقد ظل يلتهم خلاياً مخه..
و أيضا، بلا رحمة..
و عندما انتهت الجنارة، كان يرغب في سؤال (أدهم) عما يدور في رأسه...
عما يخطّط له ...
ما يخفيه..
و لكنه لم يفعل..
لقد أشرق على أسلوب تربية (أدهم) يوما بيوما، و يعرف جيداً كيف أنشأه والده، و كيف ربّاه على الصبر..
و الصمت..
و الكتمان..
و كان واثقاً من أنه مهما قال أو فعل، أو حاول، فلن يحصل من (أدهم) على كلمة.. كلمة واحدة..
لذا، فمن الأفضل أن يدّخر مجهوده، و أن يكتم تساؤلاته في أعماقه...
و ينتظر..
و هذا ما فعله..
لقد صافح (أحمد) و (أدهم)، و ربت على كتف كل منهما، و لم يستطع منع دمعة حزن، فرّت من عينيه لحظتها، و هو يستعيد، على الرغم منه، تلك الذكرى البغيضة..
ذكرى اغتيال (صبري) في قلب (لندن)..
كان يغادر السفارة، عندما حاصره قتلة (الموساد)، و أطلقوا النار عليه، في قلب العاصمة البريطانية..
و في وصخ النهار..
و في سابقة تعد الأولى من نوعها، في تاريج صراع المخابرات العالمية..
أو ربما هي الأولى و الأخيرة..
و..
" عمي (حسن)... من قتل أبي؟!..."
ألقى (أدهم) السؤال فجأة، في حزم و صرامة، امترجا بمرارة لا حدود لها، نحو جعل (حسن) ينظر إليه في دهشة، قبل أن يغمغم:
- هذا أمر غير شائع في عالمنا يا (أدهم)، أو...
قاطعه (أدهم)، و قد تسلّلت لمحة غاضبة إلى صوته:
- من قتله؟!.
تطلّع (حسن) إلى عينيه مباشرة..
و قرأ الكثير..
قرأ كل ما لقّنه إياه والده، منذ اعتبره مشروعة الخاص؛ لإنتاج رجل المخابرات المثالي، و هو في الثالثة من عمره..
قرأ الصلابة..
و القوة..
و الحزم..
و العزم..
و الإرادة..
و الإصرار..
قرأ ما أنبأه بأن (أدهم) لن يتراجع عن سؤاله، و عن رغبته في المعرفة، مهما حاول الكل إخفاء الأمر..
و مهما طال الأمر...
و مهما طال الزمن..
و لأنه يعتبر (أدهم) مثل ابنه تماماً، و أنه لم يتزوّج أو ينجب، فقد قرّر تخفبف آلامه، و محو توتراته، و توفير وقته، أجابه في اقتضاب:
- (الموساد).
خيّل إليه أنه يلمح دمعة، تلمع في عيني (أدهم)، ثم تتوارى في سرعة، خلف حاجز من الصلابة و الإرادة، و هو يسأله، و قد اختنق صوته قليلاً:
- هل تيقنتم من هذا؟!.
أومأ (حسن) برأسه إيجاباً، فصمت (أدهم) لحظة، و كأنه يحاول ابتلاع غصة في حلقه، قبل أن يسأل:
- من فعلها؟!.
هزّ (حسن) رأسه نفياً، و أجاب في خفوت:
- لم ينجح أي مندوب لنا، و لم يصل عين من عيوننا، إلى معرفة هذه المعلومة، التي يحرص (الموساد) على إخفائها بشدة.. كل ما حدث هو أننا تعرّفنا على أحد القتلة، الذي شاركوا في عملية، و تحرينا أمره، فأدركنا أنه يعمل لحساب (الموساد)، و لقد قمنا بتنشيط كل مندوبينا و عيوننا، في قلب (إسرائيل)، و لكننا لم نتوصل إلا إلى معلومة واحدة، تؤكّد أن (الموساد) وراء عملية الاغتيال، و أنها قد تمت، دون الرجوع إلى القادة، و أن الذي أمر بتنفيذها يتعرض للمساءلة الآن.
غمغم (أدهم)، في لهجة اشتمّ منها (حسن) رائحة صارمة:
- المفترض أن تعرّضه للمساءلة وحه، يكفي لكشف هويته.
هزّ (حسن) رأسه نفياً مرة أخرى، و أجاب:
- ليس بهذه البساطة.. (الموساد) ليس جهازاً أو بسيطاً، و لكنه، و الحق يقال، أحد أقوى أجهزة المخابرات في المنطقة، و ربما في العالم أجمع، و انتزاع سر من عمقه، يعدّ أشبه بالمستحيل، و خاصة إذا ما أرادوا بشدة إخفاءه.
و صمت لحظة، ثم سأل في قلق:
- و لكن لماذا تريد معرفة هوية المسئول عن العملية؟!.
لم يجب (أدهم)، لكن عينيه حملنا بريقا عجيباً، صاعف القلق و التوتر في قلب (حسن) ألف مرة، فوضع يده على كتف (أدهم)، قائلاً:
- اسمعني جيداً يا (أدهم).. والدك-رحمة الله- كان زميلي و صديق عمري، منذ كنا في المرحلة الابتدائية، و حتى تخرّجنا كضباط في الجيش، و التحقنا بجهاز المخابرات العامة، فور إنشائه، و لقد حضرت واقعة اغتياله بنفسي، و عشت أسوأ لحظات عمري كله، و هو يحتضر أمام عيني؛ و لكن مهما كانت الأسباب، و مهما كانت الوسيلة، فما حدث لم يكن بهدف شخصي.. كان تطرفاً في أداء العمل.. و لهذا فهم أيضاً يحاسبون من أصدر القرار، و المسئول عن تنفيذه، عى من أن اغتيال (صبري)يفيدهم كثيرا، و يختصر عدد العقول التي تواجههم... أتلعم لماذا يا (أدهم)؟!.
واصل (أدهم) صمت، و هو يتطلّع إليه، فأكمل في جزم:
- لأنه في عالمنا، لا وجود للثأر أو الانتقام الشخصي.. عالمنا عالم أشبه بعالم رجال الأعمال.. الكل يتنازع، و يتصارع، و يسعى للتفوق على الآخرين، و الصعود فوقهم،، و حماية نفسه منهم فيالوقت ذاته، و في سبيل هذا،قد يرتكب البعض أفعالاً مشينة، تدخل أحياناً في باب الجريمة المنطّمة، و أحياناً حتى من باب الجريمة الحقيرة، و لكن هذا لا يدقعهم للثأر من بعضهم البعض، أ إضاعة الوقت في التخطيط لعميات انتقامية، أو حتى تعريض عنصر مدّرب للخطر؛ لتنفيذ عميلة، لن يأتي من خلفها أي طائل... هل تفهمني يا (أدهم)؟!.
صمت (أدهم) لحظة، و هو يتطلع إليه، ثم أجاب في اقتضاب:
- إنني أحاول.
استعاد ذهن (أدهم) كل هذه الأحداث، و هو يقف عند باب منزله، يراقب شقيقخ المنهمك في البكاء، قبل أن يقول في حزم:
- سأرحل.
التقت إليه (أحمد) في دهشة مذعورة، و هو يهتف:
- ترحل؟!.. الآن؟!.
أجابه (أدهم) في حزم أكثر:
- سأسافر يا (أحمد).
نهض (أحمد)، و هو يسأله في قلق عارم، جفّف معه دموعه:
- تسافر؟!.. إلى أين يا (أدهم)؟!.
صمت (أدهم) لحظة، ثم أجاب بكل حزم و صرامة الدنيا:
- (اسرائيل)
و اتسعت عينا (أحمد) عن آخرهما...
بمنتهى الرعب.

***

mai_hime 18-03-08 03:26 PM

شكرا على مجهودك بس ما طولي بالبقية

MIDO_M55 18-03-08 09:02 PM

مليون شكر:55::55::55:فى انتظار الباقى

ibrahim zoghla 19-03-08 10:20 AM

رائعة وفى انتظار الباقى

علي الصريمي 19-03-08 12:22 PM

مذهلة وفي انتظار الباقي

madufjkd 19-03-08 01:32 PM

مليون شكرفى انتظار الباقىيييي

مين هناك 19-03-08 02:29 PM

فين القصة كلها
وشكر

نور الهدى4 19-03-08 07:42 PM

أهلا أصدقائي

بإذن الله غدا

سوف اضع لكم الفصول الثلاث من الرواية

amedo_dolaviga 20-03-08 03:00 AM

تكملة القصه
اخواني اعضاء هذا المنتدى الرائع
بعد اذن كاتبة الموضوع
اسمحوا لي باضافة تكملة القصة

_______________________________-
انياب الأسد 2 (انتقام) :-


عندما كان "أدهم" شاباً صغيراً، في ريعان شبابه، كانت (مصر) تعبر ذلك البرزخ، بين نكسة يونيو 1967م -والتي حقَّق فيها جيش (إسرائيل) انتصاراً ساحقاً، على جيوش ثلاث دول عربية، واحتل ثلث مساحة (مصر)، متمثلة في (سيناء)، ووصولاً إلى الضفة الشرقية لقناة (السويس)- وبين حرب أكتوبر المجيدة، التي سحقنا فيها الجيش الإسرائيلي، وحطمنا الأسطورة التي نسجوها حوله، بأنه لا يقهر، وقهرنا أكبر مانع مائي، وأقوى خط دفاعي في التاريخ..
وانتصرنا..
وما بين هذا وذاك، كانت الحياة تختلف في (مصر)، عما هي الآن..
تختلف عسكرياً..
واجتماعياً..
واقتصادياً..
وسياسياً..
تختلف حتى في قواعد السفر خارج البلاد، والذي لم يكن متاحاً، إلا لفئات خاصة، وتحت ظروف شديدة الدقة والصعوبة..

أما مجرَّد ذكر اسم (إسرائيل)، أو السفر إليها، أو حتى الاقتراب منها، فكان يكفي لإثارة الرعب والهلع، في قلب أشد الناس قوة وبأساً..
فما بالك بشقيق "أدهم"، الذي كان أيامها يخطو خطواته الأولى، في كلية الطب، وهو يسمع ما يقوله شقيقه، الذي لم يتجاوز مرحلة دراسته الثانوية بعد.. فبكل الذهول، حدَّق "أحمد" في وجه "أدهم"، غير مصدِّق لما سمعه، قبل أن يتساءل، في لهجة حملت كل الهلع:
- (إسرائيل)؟!.
أجابه "أدهم"، بمنتهى الحزم:
- نعم يا شقيقي.. إنك لم تخطئ السمع.. سأسافر إلى (إسرائيل).. إلى قلب (إسرائيل).
مرة أخرى، حدَّق فيه "أحمد"، بكل ذهوله واستنكاره، وخُيِّل إليه أن شقيقه قد أصيب بجنون مؤقَّت، من شدة صدمته في وفاة والده، خاصة وأنه قد ارتبط به كثيراً، في الأعوام الأخيرة..

ولكنه يعرف شقيقه "أدهم" جيداً..
يعرفه، ويعرف أنه أقوى من هذا..
أقوى بكثير..
كثير جداً..
أقوى حتى من الصدمة، والحزن والمرارة..
ملامحه الصلبة الجامدة، تشفّ عن أنه قد اتخذ قراراً بالفعل..
قرار لن يفصح عنه أبداً..

ولكن المشكلة أن قراره هذا يرتبط باسم، يبدو أشبه بالشيطان الرجيم، في ذلك الزمن، وتلك الفترة بالذات..
اسم (إسرائيل)..
وأي غضب، أو صراخ، أو ثورة، لن تؤدي إلى شيء..
أي شيء..

الوسيلة الوحيدة هي المناقشة..
ومحاولة الإقناع..
وبجهد رهيب، سيطر "أحمد" على أعصابه، وهو يتجه نحو شقيقه "أدهم"، قائلاً، في صوت أراده هادئاً، ولكنه خرج، على الرغم منه، متوتراً:
- ليس هناك داع للتهور يا "أدهم".. مصرع والدنا أمر يتولاه جهاز مخابرات كامل، فماذا يمكن أن نفعل نحن بشأنه؟!
تطلَّع "أدهم" إليه في صمت، دون أن يجيب، فتابع "أحمد":
- ثم إن السفر إلى (إسرائيل) ليس بالأمر السهل أو الهيِّن.
غمغم "أدهم" في حزم:
- إنه مستحيل!
شعر "أحمد" بالأمل ينتعش في قلبه، وهو يقول:
- بالضبط.. السفر خارج (مصر) أساساً ليس بالأمر السهل، فما بالك بدولة العدو.
غمغم "أدهم" في مقت:
- الدولة، التي يحتلها العدو.
أشار "أحمد" بيده، قائلاً:
- بغض النظر عن هذا.. إنها دولة يحظر السفر إليها، في كل الأحوال، ثم إن أحداً لن يسمح لك بهذا.
رفع "أدهم" رأسه، وهو يقول في صرامة:
- لن أستأذن أحداً.
هتف "أحمد":
- بالتأكيد.
ثم حاول أن يخفض صوته، وهو يضيف:
- الكل يعلم أن هذا مستحيل!.. وحتى لو أمكنك أن تفعله، ستجد نفسك في قلب عرين الأسد، و...
قاطعه "أدهم" في حدّة:
- أى أسد؟!.. ما فعلوه يثبت أنهم فئران.. ضباع.. أو حتى ذئاب، لكنهم ليسوا أسودا.
تنهَّد "أحمد" في عصبية، وحاول مرة أخرى أن يتمالك أعصابه، وهو يشير بيده، قائلاً بنفس التوتر:
- بغض النظر عن هذا أيضاً.. إنك ما زلت في مرحلة دراستك الثانوية، ومهما كان ما لقنك إياه والدنا -رحمه الله- وما اكتسبته من مهارات؛ فلن يمكنك وحدك مواجهة دولة كاملة، حتى ولو أصبحت في قلب قلبها.. إنها دولة يا "أدهم"، حتى ولو رفضنا هذا.. دولة لها جيش، ونظم أمن، وتوترات داخلية، وحساسية مفرطة، تجاه أي لمحة شك.. دولة لا ترحم أحداً، مهما بلغت قيمته؛ لأنها تتصوَّر أنها تقاتل من أجل وجودها وبقائها، وليس من أجل هدف محدود.
تمتم "أدهم"، وهو يشيح بوجهه:
- أعرف كل هذا.
تصوَّر "أحمد" أنه قد ربح معركته الكلامية، فسأل في لهفة:
- ألن تسافر إذن؟!
شدَّ "أدهم" قامته، وهو يجيب:
- بل إنني مصر على السفر.
احتقن وجه "أحمد"، وشعر بالغضب يسري في عروقه، فقال في حدّة:
- ومن قال إنك تستطيع هذا؟!
قال "أدهم" في حزم:
- سأحاول.
احتقن وجه "أحمد" أكثر، وهو يهتف:
- حاول.
ثم أضاف في حدة، وهو يلوِّح بسبَّابته، في وجه "أدهم":
- ولكنك لن تنجح.
شدَّ "أدهم" قامته، وتطلَّع إليه في حزم، دون أن يجيب، فلوَّح "أحمد" بذراعيه، في يأس غاضب، ثم اندفع نحو حجرته، وصفق بابها خلفه في عنف، تاركاً "أدهم" خلفه، وملامحه تحمل كل المرارة..
وكل الحزم..
* * *
"خطأ.."..
صرخ مدير (الموساد) بالكلمة، في غضب هادر، وهو يضرب سطح مكتبه بقبضته في قوة، قبل أن يتابع، وهو يلوِّح بسبَّابته، في وجه "دافيد جراهام"، الذي يقف أمامه صامتاً:
- لقد ارتكبت فعلاً مشيناً، يكفي لعزلك من صفوف (الموساد).
قال "جراهام"، في شيء من الصرامة:
- لقد تخلَّصت من واحد، من أقوى رجال المخابرات المصرية، وأكثرهم إضراراً بنا.
صاح مدير (الموساد) في غضب:
- كل رجل مخابرات معاد، يضر بأمن وسلامة (إسرائيل)، ولكننا لن نجوب العالم، لنقتل كل رجل مخابرات يعمل ضدنا.. هذا ليس أسلوب أجهزة المخابرات.
أجاب "جراهام":
- كل شيء يمكن تطويره.
احتقن وجه مدير (الموساد) في غضب، وهو يقول في حدة:
- وكل تطوير ينبغي أن يخضع لدراسات دقيقة وطويلة يا "جراهام"، وأن يقوم به فريق عمل، وليس شخصاً يصدر قرارات منفردة، ويطلب من دولته كلها تحمل نتيجة أخطائه.
أشار "جراهام" بيده، وهو يقول:
- لقد تقدَّمت بمشروع إنشاء قسم خاص للاغتيالات.
اعتدل مدير (الموساد)، وانعقد حاجباه، وهو يتطلَّع إليه بنظرة مستنكرة، ولكن "جراهام" تابع في شيء من الصرامة:
- بقاء دولة (إسرائيل) يعتمد، أكثر ما يعتمد، على قهر وهزيمة كل الأنظمة العربية المحيطة بنا، وسحق كل فكر يبرز داخلها، وينادى بإزالتنا من الوجود، وفي كثير من الأحيان، ستواجهنا ألسنة عالية قوية، لابد من إخراسها، أياً كان الثمن.
مال مدير (الموساد) في حدة:
- بالاغتيال؟!..
انعقد حاجبا "جراهام"، وهو يجيب في صرامة، لم تتناسب مع فارق الرتب، وبين مديره:
- بأية وسيلة كانت!.. المهم أن تبقى (إسرائيل)، حتى لو أفنيناهم جميعاً... بلا رحمة.
لنصف دقيقة كاملة، ظلّ المدير يحدِّق في وجه "جراهام"، ويدير كلماته في رأسه، قبل أن يعاود الجلوس خلف مكتبه، وهو يقول، في صرامة افتعلها افتعالاً في صعوبة:
- على كل الأحوال، أنا مضطر لمساءلتك رسمياً، بشأن إصدارك قرار الاغتيال، وتنفيذه، دون الرجوع إلى رؤسائك.
شدَّ "جراهام" قامته، وهو يجيب:
- وأنا مستعد لهذا.
ثم مال على مدير (الموساد)، مضيفاً:
- ولكن من وجهة نظري، أرى أن هذا خطأ كبير.. كبير للغاية.
وانعقد حاجبا مدير (الموساد) أكثر..
ولم يفهم..
أبداً.

نور الهدى4 20-03-08 07:22 PM

ألف ألف شكرا لك يا أخي

كنت أنوي كتابة اعتذار للأعضاء

و ذلك لعدم تمكني من تكملة الرواية

خاصه أنه هناك ظروف قاهرة تحول دون كتابي للجزء

و منها أن الاب توب تعطلت عني

شكرا لك مرة أخرى أخي على مساعدتي

و لك جزيل الشكر


ملاحظة: أرجو من جميع الأعضاء عذري عن كتابة الراوية حتى اتخطى الظروف
و شكرا لكم جزيل الشكر:f63:

hithamg 21-03-08 03:02 AM

انياب الاسد ( رجل المستحيل ) 3- اصابع فنان
 
في حجرته الصغيرة، جلس "أدهم" الشاب صامتاً يفكِّر...

كل ما قاله شقيقه "أحمد" كان سليماً تماماً..
وهو محق فيه، على نحو لا يقبل الشك..
السفر من "مصر" ليس بالأمر السهل..
إنه يحتاج إلى إجراءات، وأوراق، وتفاصيل، وتحريات، وموافقات..
والأهم، أنه يحتاج إلى جواز سفر..
حتى اغتيال والده، كان يسافر كل مرة بجواز سفر دبلوماسي مؤقت، تبدأ صلاحيته مع خروجه من البلاد، وتنتهي بعودته إليها..

ولقد سلَّم جوازه إلى مكتب المخابرات، الذي استخرجه له، فور عودته من "باريس" إلى "القاهرة"، في آخر رحلة ميدانية، أرسله إليها والده، قبل أن يغتاله قتلة "الموساد" الأوغاد..

وهو لا يحمل جواز سفر الآن..
لا يحمل الوثيقة الأساسية، التي تتيح له الخروج من الحدود، حتى لو حصل على كل الموافقات الأمنية اللازمة..

وزميل والده "حسن"، لن يمنحه الموافقة على استخراج جواز سفر، ما دام يخشى أن يستخدمها في محاولة الثأر..

المشكلة إذن صعبة للغاية..
صعبة إلى أقصى حد..
بل تكاد تكون مستحيلة!.

جال الأمر في رأسه، فمال مسترخيًا على فراشه، وأغلق عينيه، وحاول أن يعيد دراسة الأمر في ذهنه مرة أخرى، في هدوء أكثر، وبعيداً عن انفعاله بما أصاب والده الراحل، وعلى ضوء مناقشته مع شقيقه..

"هناك شخصية تاريخية، لا أريدك أن تنساها يا "أدهم".. شخصية "نابليون بونابرت".. ليس لتاريخه وأفعاله، ولكن من أجل عبارة واحدة قالها، وأريدك أن تتخذها نبراساً لحياتك كلها.. عبارة قال فيها: إن قاموسه لا يحوي كلمة مستحيل.."..

تردَّدت عبارات والده الراحل في ذهنه، وهو مسترخ على فراشه، فأغلق عينيه بقوة أكبر، وأطلق العنان لتفكيره، بدون حد أقصى..

ما يريده يبدو مستحيلاً..
فقط لو نظرنا إليه، من المنظور التقليدي..
فلا أحد سيسمح له بالسفر إلى "إسرائيل"..
أو حتى بالخروج من "مصر"..
وهذا يعني أن الأمر يحتاج إلى حلول غير تقليدية..
حلول جريئة..
غير نمطية..
ومجنونة..

والمشكلة هنا تنقسم إلى قسمين كبيرين للغاية، وكلاهما أكثر صعوبة وخطورة من الآخر..
الخروج من "مصر"..
ودخول "إسرائيل"..

وإذا ما نجح في هذا وذاك، فهناك المشكلة الأعظم..
"إسرائيل" نفسها..

ومن أول وهلة، تبدو العملية كلها كمعضلة كبيرة، وكأمر رهيب، وقمة لا يمكن بلوغها أبداً، حتى ولو تم حُشِد جيشٌ كامل من أجلها..

وعلى الرغم من هذا، فهو يفكِّر في إنجازها وحده..
بخبرته المحدودة..
وسنوات عمره القليلة..
وتلك النيران المستعرة في أعماقه..
نيران الثأر..
ولهيب الانتقام..

فهل هذا يكفي؟!..
هل تكفي إرادته وحدها، لمواجهة دولة كاملة، بعدتها، وعتادها، وأمنها، وجيوشها، وحلفائها؟!..
هل؟!..

الجواب المنطقي هو لا..
لا يمكن أن ينجح وحده في هذا..
من المستحيل أن ينجح!..
من المستحيل تماماً!..
عند هذه النقطة، فتح "أدهم" عينيه، واعتدل جالساً على طرف فراشه، في حركة مرنة سريعة، وتألَّقت عيناه ببرق عجيب، وهو يغمغم، بمنتهى منتهى الحزم والإصرار:
- لقد قالها "نابليون" قديماً.. لا وجود لكلمة مستحيل!
لثانية واحدة، بعد أن قالها، ظلَّ جالساً على طرف فراشه، ثم هبَّ واقفاً بحركة قوية، والتقط سمَّاعة الهاتف، المجاور لفراشه، وطلب رقماً خاصاً، يحفظه عن ظهر قلب، وانتظر حتى سمع صوت محدِّثه، على الطرف الآخر، وهو يقول في تراخ:
- من المتحدِّث؟!
أجابه "أدهم" في حزم:
- أنا "أدهم".. "أدهم صبري".
بدا وكأن كل التراخي قد زال من صوت محدِّثه، وهو يقول في حماس:
- أهلاً يا "أدهم".. يؤلمني جداً ما حدث لوالدك.. لقد كنت في الجنازة هذا الصباح، وصافحت شقيقك، ولكنك كنت منشغلاً مع...
قاطعه "أدهم" في حزم:
- "قدري".. أنا أحتاج إليك..
ولم يجب "قدري" على الفور، ولكن كل ذرة في كيانه ارتجفت..
ارتجفت بمنتهى القوة..

* * *
"لا أستطيع أن أفهم وجهة نظرك.."..
نطقها مدير "الموساد" في عصبية شديدة، وهو يواجه "جراهام"، الذي ظلَّ هادئاً متماسكاً، وهو يقول:
- على الرغم من أنها بسيطة ومباشرة للغاية؟!
لوَّح مدير "الموساد" بيده، وقال في حدة:
- اعتبرني غبياً.
أراد "جراهام" أن يقول: إنه يراه كذلك بالفعل، إلا أنه لم يَقُلها، ولم يقل حتى ما يمكن أن يشير إليها، وهو يشير بيده، قائلاً:
- عفواً، ولكن وجهة نظري أن المساءلة الرسمية تعني أوراقاً، وسجلات، وتحقيقات، وعشرات الأوراق، التي يمكن أن تتسرَّب يوماً، فنكشف ما نحاول إخفاءه بشدة.
قال المدير في صرامة:
- القانون هنا يحتم كشف الوثائق، بعد ثلاثين عاماً.
أشار "جراهام" بسبَّابته، قائلاً:
- هذا لو أنه هناك وثائق.
تراجع المدير في مقعده، وداعب ذقنه بسبَّابته وإبهامه، وهو يتطلَّع إلى "جراهام" في عصبية، قبل أن يعتدل بحركة حادة، قائلاً:
- هل تطلب مني إخفاء حقائق رسمية يا "جراهام"؟!
هزَّ "جراهام" رأسه نفياً في بطء، قبل أن يجيب في حزم:
- بل أطالبك بألاّ تمنح المصريين فرصة للتفوق علينا، ولو في مجال الإعلام.
عقد مدير "الموساد" حاجبيه؛ عندما سمع تلك الكلمة السحرية، التي تثير وتستفز أي مسئول إسرائيلي، حتى يومنا هذا، وقال في عصبية، ولَّدها انفعاله:
- لا يمكنني أن أعفيك من المساءلة الرسمية.
مطَّ "جراهام" شفتيه، وكأنما لا يروقه هذا القول، فاستدرك المدير في سرعة وتوتر:
- إلا إذا..
التقط "جراهام" الجملة، قبل أن تكتمل وتساءل في لهفة:
- إلا إذا ماذا؟!
تطلَّع المدير إلى عينيه مباشرة في صمت، استغرق بضع لحظات، قبل أن يجيب، في صرامة شديدة:
- إلا إذا اقتنع رئيس الوزراء بوجهة نظرك..
تألَّقت عينا "جراهام"، عندما سمع هذا، وقال في لهفة:
- هل يمكنك أن تعرض عليه مشروعي أيضاً؟!
ردَّد المدير في حذر:
- مشروعك؟!
مال "جراهام" نحوه، وتألَّقت عيناه أكثر، وهو يقول:
- مشروع قسم الاغتيالات.
عاد حاجبا المدير يلتقيان في شدة، ونهض من خلف مكتبه في بطء، وعقد كفيه خلف ظهره، وهو يتجه إلى نافذة حجرته، التي وقف عندها صامتاً بضع لحظات، قبل أن يلتفت إلى "جراهام" في توتر، ويتطلَّع إليه بنفس الصمت الصارم، الذي دفع هذا الأخير، إلى أن يقول في عمق، وكأنه شيطان، يبث سمومه في نفس بشرية:
- كل أجهزة المخابرات القوية، عندها قسم مثله.. المخابرات الأمريكية، والسوفيتية.. وحتى البريطانية؛ لتنفيذ ما يطلق عليه اسم العمليات القذرة، التي لا ينبغي إعلانها، أو حتى الاعتراف بها، ولكنها تزيح عقبات بالغة الخطورة، تهدِّد الأمن القومي، وتحذف كماً هائلاً من المشكلات، التي يمكن أن تنشأ بسببها.
التقى حاجبا المدير، في شدة أكثر، وهو يستمع إليه في صمت، شجَّعه على أن يواصل، متظاهراً بالحماس:
- قسم الاغتيالات هذا، قد يوقف تلك العمليات الانتحارية العنيفة، التي يقوم بها المخربون العرب، الذين يطلقون على أنفسهم لقب الفدائيين؛ فلو اغتلنا قياداتهم، سنكسر شوكتهم، ونربك صفوفهم، ونضيع عليهم وقتاً طويلاً، في إعادة تنظيم صفوفهم، وقبل أن يفعلوا، نكون قد اغتلنا من تم ترشيحه، فنربكهم أكثر، وهكذا.. الأهم أننا نستطيع أيضاً أن ندس عيوننا بين صفوفهم، ونوحي إليهم عبرهم، أن خصومهم هم من نفذوا ذلك الاغتيال، ثم نجلس ونستمتع بمراقبتهم، وهم يقاتلون بعضهم البعض، فينشغلوا عنّا تماماً..
بدت الفكرة شديدة الأناقة، بالنسبة لمدير "الموساد"، ويمكنها، على هذا النحو الأخير، أن تقنع رئيس الوزراء، بإنشاء ذلك القسم الجديد، و..

وفجأة، برزت في ذهنه فكرة..
فكرة، فجَّرت في نفسه انفعالاً قوياً..
فكرة مثيرة ومدهشة..
للغاية.

***
__________________

hithamg 21-03-08 03:04 AM

انياب الاسد ( رجل المستحيل )4- اغتيالات
 
لم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي استيعاب ما قاله مدير "الموساد"، على الرغم من حماس هذا الأخير الشديد للفكرة، فانعقد حاجباه في غضب، وهو يقول:
- قسم خاص للاغتيالات؟!.. أي نوع من الفكر هذا؟!
أجابه مدير "الموساد" بالحماس نفسه:
- فكر عملي خالص، ففي دولة نشأت على طرد السكان الأصليين من ديارهم مثلنا، لابد وأن تواجه حركات مقاومة عنيفة، ربما تستمر لسنوات طوال، وسيتزعمها حتماً بعض المتحمسين والمندفعين والمتهورين، وسيكون من مصلحة "إسرائيل" وأمنها، أن نقضي عليهم، بأية وسيلة كانت.
ضرب رئيس الوزراء بقبضته على سطح مكتبه، قائلاً في حدة:
- باغتيالهم؟!.. ألا تدرك حجم الأزمة، التي أثارها رجلك "دافيد جراهام"، عندما اغتال رجل المخابرات المصري في "لندن"؟!
أجابه مدير "الموساد" في هدوء:
- الأزمة يثيرها نواب، لا يدركون حجم الخطر، الذي تواجهه "إسرائيل"، والذي ينبغي لأمثالنا التصدي له ومنعه، مهما كانت الوسيلة.. ويوماً ما، سيذكر لك التاريخ، أنك الرجل الذي منح "إسرائيل" أمناً واستقراراً أبديين.
العبارة الأخيرة جعلت رئيس الوزراء يعقد حاجبيه مفكراً، ويتراجع في مقعده في بطء، ويقول:
- ولكن ماذا عن المعارضة؟!.. أنت تعلم كم يتربصون بنا.. "جولدا مائير"، تلك العجوز الشمطاء، تسعى طوال الوقت لرئاسة الوزراء، وخبر كهذا قد يمنحها فرصة كبيرة، للفوز بكل شيء.
مال مدير "الموساد" نحوه، قائلاً:
- لذا، فمن الضروري ألا تعرف به.
ثم اعتدل، مضيفاً، بابتسامة صفراء:
- وألا يعلم به أحد.
تطلَّع إليه رئيس الوزراء في صمت، وراحت الفكرة تعبث برأسه لحظات، قبل أن يسأل في خفوت قلق:
- وماذا تريدون مني؟!
عاد يميل نحوه، مجيباً، في صوت أشبه بالفحيح:
- موافقتك.
عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي يتطلَّع إليه بضع لحظات، قبل أن ينهض من مقعده، ويدور في المكان في توتر، ويلوذ بالصمت التام، الذي جعل مدير "الموساد" يقول، بالصوت نفسه:
- القانون يحتم هذا.
استدار إليه رئيس الوزراء، قائلاً في سخرية مريرة:
- القانون؟!.. أي قانون؟!.. إننا نتحدَّث عن اغتيالات غير شرعية.
قال مدير "الموساد" في صرامة:
- ولكنها ضرورية.
مطَّ رئيس الوزراء شفتيه، وعاد إلى تفكيره لدقيقة كاملة، قبل أن يقول:
- الموافقة لابد وأن تكون كتابية.. أليس كذلك؟!
أجابه في حزم واقتضاب:
- بالطبع.
أطلق رئيس الوزراء زفرة متوترة، وعاد إلى تفكيره، الذي لم يستغرق طويلاً هذه المرة، قبل أن يقول، بلهجة من حسم أمره:
- لا بأس.. من أجل مصلحة "إسرائيل".
ناوله مدير "الموساد" طلب إنشاء القسم الجديد، وهو يقول، بنفس تلك الابتسامة الصفراء:
- بالتأكيد.
وبعد تردُّد، استغرق نصف دقيقة أخرى، وقًَّع رئيس الوزراء الإسرائيلي، على قرار إنشاء القسم الجديد..
قسم الاغتيالات..

* * *
بدا الاهتمام الشديد على وجه رجل المخابرات المصري "حسن"، وهو يراجع كل التقارير الأمنية، الواردة من مطار "القاهرة"، وقوائم السفر الطويلة، لدرجة أن مساعده سأله في حيرة:
- لماذا كل هذا الاهتمام بأحوال المطار؟!.. هل نخشى فرار جاسوس ما؟!
هزَّ "حسن" رأسه نفياً، وأجاب:
- لا.. إنني أبحث عن اسم "أدهم".
ارتفع حاجبا المساعد في دهشة، وهو يتساءل:
- "أدهم"؟!
أشار إليه "حسن"، وهو يقول موضحاً:
- "أدهم"، ابن المرحوم "صبري".
تضاعفت دهشة المساعد، وتساءل في حيرة:
- ولماذا يسافر "أدهم"؟!
أجابه "حسن" بكلمة واحدة، نطقها في توتر بالغ:
- الانتقام.
اتسعت عينا المساعد، بكل دهشة الدنيا، وهو يقول مستنكراً:
- الانتقام؟!.. وما شأن شاب مثله بهذه الأمور المعقَّدة.
قال "حسن"، وهو يهز رأسه:
- "أدهم" ليس شاباً عادياً.
قال المساعد:
- حتي ولو كان أقوى شاب في "مصر"، لن يمكنه أن يواجه عمالقة "الموساد" الإسرائيلي.
غمغم "حسن":
- من يدري؟!
هزَّ المساعد رأسه نفياً في قوة، وقال في حزم:
- ربما تبالغ في الإيمان بقدراته؛ لأنك أسهمت مع "صبري" رحمه الله في تربيته وتنشئته، هو وشقيقه، عقب وفاة أمهما، ولكنه في النهاية مجرَّد صبي، لن يجد حتى الوسيلة للسفر إلى "إسرائيل"، ولا حتى للخروج من "مصر"... ألم تقم بإلغاء جواز سفره الدبلوماسي بنفسك؟!
تنهَّد "حسن"، وهو يقول:
- بلى، ولكن هذا لن يمنعه.
قلب المساعد شفتيه، قائلاً:
- كم تبالغ في ثقتك بقدرات صبي صغير؟!
هزَّ "حسن" رأسه، وقال:
- لست أثق بقدراته كما تتصوَّر، وإلا لما أقلقني الأمر، ولكنني أعرفه جيداً.. أعرفه أكثر مما تعرفه أنت بكثير، وهذا ما يقلقني للغاية، فـ"أدهم"، على الرغم من صغر سنه، يمتلك إرادة فولاذية، تفوق إرادة رجال يبلغون ضعف عمره، كما أن عناده وإصراره يفوقان إرادته، ولو أنه أراد الانتقام لوالده، فسيكون من شبه المستحيل أن تمنعه من هذا.
وصمت لحظة، قبل أن يضيف:
- مهما حاولت.
صمت المساعد لحظة، محاولاً استيعاب هذا المنطق، ولكنه عاد ليقول في إصرار:
- هذا لا يستطيع إقناعي.
هزَّ "حسن" رأسه مرة أخرى، وقال:
- سنرى.
نطقها في مزيج من التحدي..
والقلق..
والخوف..
بلا حدود..

* * *
استمع "قدري" إلى "أدهم" في اهتمام شديد، واستطاع بسرعة أن يستوعب منطقه، على الرغم من اعتراضه الشديد عليه، ثم قال:
- الواقع يا "أدهم" أنني أختلف معك كثيراً.
غمغم "أدهم":
- هذا أمر طبيعي.
أشار "قدري" بيده، قائلاً:
- أوَّلاً.. السفر إلى "إسرائيل" ليس بالأمر السهل، وحتى لو نجحت في دخولها، فكيف ستتعامل داخلها؟!.. وكيف سيمكنك أن تصل إلى قلب "الموساد"، الذي يعجز الإسرائيليون أنفسهم عن الوصول إليه، وحتى لو اجتزت العقبتين السابقتين، وأصبحت داخل "الموساد" نفسه، فبأية وسيلة ستعلم من المسئول عن اغتيال والدك؟!.. وكيف ستصل إليه؟!.. بل كيف ستنتقم منه؟!
لم يجب "أدهم" أيا من تساؤلاته، وهو يتطلَّع إليه بنظرة خاوية في صمت، مما شجَّعه على أن يتابع:
- أرأيت كم من العقبات عليك تجاوزها؟!
أجابه "أدهم" في بطء:
- كلها ليست بالصعوبة التي تتصوَّرها.
حدَّق فيه "قدري" بدهشة، ثم لم يلبث أن ابتسم مشفقاً، وهو يقول:
- ربما تبدو هينة، وأنت تناقشها هنا.. في "مصر"، ولكن لو أصبحت في "إسرائيل"، فستختلف الصورة حتماً.
بدا "أدهم" هادئاً أكثر مما ينبغي، وهو يقول:
- إنني أتوقَّع كل هذه الاحتمالات، ولقد قمت بدراستها كلها.
سأله "قدري":
- وإلى ماذا أوصلك هذا؟!
أجابه في حزم:
- إلى ضرورة السفر إلى إسرائيل.
وجاء الجواب مفاجئاً لـ"قدري"..
بشدة.

* * *
__________________

hithamg 21-03-08 03:05 AM

انياب الاسد ( رجل المستحيل )5- الغائب
 
شعرت السياسية الإسرائيلية "جولدا مائير" بقلق عارم، عندما التقى بها رجل غامض، في اجتماع حزبها، وأخبرها بأن مدير "الموساد" يرغب في مقابلتها..
سراً..
كانت تعلم أن النظام السياسي في "إسرائيل" جعل تبعية جهاز المخابرات لمجلس الوزراء، ورئيس الوزراء، وليس رئيس الجمهورية، كالمتبع في الدول العربية و"أمريكا" ومعظم دول "آسيا"..
ولقد دفعها هذا إلى التساؤل، عما يريده منها مدير "الموساد" بالضبط؟!..
أهو أمر يتعلَّق في إعلانها ترشيح نفسها لرئاسة الوزراء، في الدورة القادمة؟!..
أما أنه أمر شخصي؟!..
جالت عشرات الأسئلة في رأسها، ولكنها أجلتها، لحين لقائها به..
وفي المكان الذي حدَّده، وعبر وسائل معقدة، ومحاطة بسرية بالغة، التقى الطرفان.. مدير "الموساد"..
و"جولدا"..
وفي اللحظة الأولى للقائهما، بدت "جولدا" عدوانية، وهي تقول:
- لماذا طلبت مقابلتي؟!
ابتسم مدير "الموساد"، قائلاً:
- ولِمَ لا تجلسين أوَّلاً؟!
كرَّرت، في عدوانية صارمة:
- لماذا طلبت مقابلتي؟!
اتسعت ابتسامته، وهو يقول:
- لأمر يفيد حملتك الانتخابية.
انعقد حاجباها الكثان، اللذان يشبهان حواجب الرجال، وتطلَّعت إليه بضع لحظات في شك، قبل أن تقول:
- ولماذا؟!
تساءل في حذر:
- لماذا يفيدك؟!
قالت في حدة:
- بل لماذا تفعل ما يفيدني؟!
اكتفى بابتسامة هادئة، فاستطردت في حدة أكثر:
- المفترض أنك تتبع رئيس الوزراء الحالي.
قال في هدوء:
- هذا صحيح.
بدا عليها غضب واضح، وهي تقول:
- أريد أن أفهم.
التقط صورة ضوئية، لقرار رئيس الوزراء الأخير، وناولها إياه، قائلاً:
- ربما يجعلك هذا تفهمين.
اختطفت الورقة من يده اختطافاً، والتهمت كلماتها في لحظات، قبل أن ترفع عينيها إليه بحركة حادة، هاتفة:
- قسم للاغتيالات؟!.. هل تدرك أية ضجة، يمكن أن يثيرها، خبر إنشاء قسم كهذا.
ابتسم، مجيباً:
- يمكن أن يمنح رئيس الوزراء الحالي فرصة مثالية، لربح الانتخابات القادمة.
حدَّقت فيه مستنكرة، فتابع في ثقة:
- أحد أهم مهام أي جهاز مخابرات في الدنيا، أن يدرس تداعيات القرارات والصدمات، وأن يستطلع رأي العامة، لمعرفة ردود الفعل المتوقعة، لأي قرار يصدر، وأي موقف يحدث، ومن هذا المنطلق، تأكَّدنا من أن الشارع الإسرائيلي سيحسن استقبال مثل هذا الخبر، الذي سيثير حتماً حفيظة البعض، وربما غضب البعض الآخر، ولكنه سيؤدي، وفقاً لنسبة من سيتلقونه بارتياح، إلى رفع أسهم رئيس الوزراء؛ لأن معظم الإسرائيليين سيجدونها فرصة، تتيح لهم التخلص من قادة المخربين العرب، الذين يذيقونهم الويلات ليل نهار.
غمغمت في دهشة:
- لقد تصوَّرت العكس.
أشار بيده قائلاً:
- رئيس الوزراء أيضاً يتصوَّر هذا.
ثم مال نحوها، مستطرداً بابتسامته الصفراء:
ونحن لم نطمئنه إلى العكس.
عاد حاجباها الكثان ينعقدان، وهي تنظر إليه في شك، قبل أن تقول، في حذر شديد:
- ولماذا؟!
أجابها في حزم:
- لأن استطلاعاتنا أثبتت أيضاً، أن الإسرائيليين يميلون إلى الجانب الآخر.
صمت لحظة، ثم أضاف:
- إليكِ.
تألَّقت عيناها، على نحو تعارض مع بشرتها المتغضنة، وهي تردِّد:
- إليَّ أنا؟!
أشار بسبَّابته وإبهامه المتقاربين:
- ولكن بنسبة ضئيلة للغاية.
عادت تتجهَّم، فاستطرد:
- وربما تمنحك هذه الورقة ما يكفيك.
تساءلت في دهشة:
- ولكنك قلت...
قاطعها في سرعة:
- ليس بإعلانها.
عاد الشك والحذر يعربدان في ملامحها ونظرتها، فأضاف:
- ولكن بالمساومة عليها.
اتسعت عيناها، وقد استوعبت ما يعنيه، وابتسمت ابتسامة مقيتة، وهي تقول:
- أظن أنه يمكننا أن نتفاهم.
أشار بيده، قائلاً:
- لو قبلت العرض.
وثب شكها وحذرها إلى ذروتهما، وهي تقول:
- أي عرض؟!
ابتسم ابتسامته الصفراء البغيضة، وهو يجيبها:
- سأخبرك.
وانعقد حاجباها الكثَّان أكثر..
وأكثر..
وأكثر..

* * *
كما يفعل يومياً، راجع "حسن" تقارير المطار الأمنية، وقوائم المسافرين، ثم غمغم محدثاً نفسه:
- لم يفعلها بعد.
فقضى بضع لحظات مفكراً، ثم بدا القلق يتسلَّل إلى نفسه..

"أدهم" لا يمكن أن يغادر "مصر"، عبر الطرق الشرعية والرسمية..

ببساطة؛ لأنه لا يحمل جواز سفر..
ووفقاً لتعليماتي، لن يمكنه أن يستخرج جواز سفر، من أي منفذ كان..

ولكن ربما يحاول التسلُّل عبر الحدود..
ربما يجد وسيلة ما..
أية وسيلة!..

ومثل "أدهم"، لن يعدم الوسيلة..
مهما بلغت صعوبتها..
أو بلغت خطورتها..
تضاعف قلقه مع الفكرة، فضغط زر استدعاء أحد رجال الأمن، وما أن دلف إلى حجرته، حتى قال بلهجة آمرة:
- اذهب إلى منزل المرحوم "صبري"، وراقب ولديه "أدهم" و"أحمد" طوال الوقت.. أريد أن أعرف أين يذهبان، ومتى، وكيف.. هل تفهم؟
أجابه الرجل في حزم:
- بالتأكيد يا سيِّد "حسن".

غادر الرجل مكتبه، وتركه يعود إلى قلقه..
"أدهم" عنيد للغاية..
هذا أبرز سماته..

ولقد واجه أجهزة مخابرات أجنبية بالفعل..
وقاتلها..
وانتصر عليها..
وهذا يمنحه الجرأة..
والصلابة..
والإرادة..
بلا حدود..

وشاب بكل هذا، حتى دون تلك القدرات الفائقة، التي غرسها فيه والده، يمكنه أن يتحدَّى الدنيا كلها..
بكل مصاعبها..
وكل مخاطرها..
استغرقته الفكرة طويلاً، حتى لم يشعر إلا وهاتفه يرن فجأة، وينتزعه من أفكاره في حدة، فاختطف سمَّاعته، وقال في توتر:
- أنا مسئول مراقبة منزل السيد "صبري".
سأله في لهفة:
- ماذا وجدت؟!
أجابه الرجل:
- الأخ الأكبر "أحمد"، يستذكر دروسه طوال الوقت، ولا يغادر المنزل إلا لمامًا.
سأله، وقد تضاعفت لهفته:
- وماذا عن الأخ الأصغر "أدهم"؟!
أجابه الرجل في أسف:
- لا أحد يدري أين ذهب.. لقد اختفى.. اختفى تماماً.

وكانت صدمة عنيفة..
بحق.

* * *
__________________

hithamg 21-03-08 03:06 AM

انياب الاسد ( رجل المستحيل ) 6- اسرائيل
 
ارتبك مكتب أمن المطار في شدة، عندما أجرى رجل المخابرات "حسن"، ذلك التفتيش المفاجئ عليه، وطلب مراجعة قوائم السفر، والتأكُّد من صحة اسم وهوية أي مسافر، بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين..
وفي قلق شديد، سأله رئيس المكتب:
- هل ارتكبنا أية أخطاء؟!
هزَّ "حسن" رأسه نفياً، وهو منهمك في مراجعة القوائم، وقال:
- مطلقاً.
سأله رئيس المكتب، في دهشة أكثر:
- لماذا هذا الاهتمام المفاجئ إذن؟!
رفع "حسن" عينيه إليه، مجيباً:
- نبحث عن شاب، نعتقد أنه قد سافر، باسم مستعار، وجواز سفر زائف.
هتف الرجل بسرعة:
- مستحيل!
ثم أضاف، وهو يشير إلى صالة الجوازات:
- كل مواطن يغادر "مصر"، لابد وأن يتم التدقيق في أوراقه جيداً، ومراجعة اسمه على قوائم المطلوبين، والتيقن من أنه يحمل تصريحاً بالسفر، و..
قاطعه "حسن" في صرامة:
- وماذا لو لم يكن مصرياً؟!
صدم السؤال الرجل، فارتبك لحظة، قبل أن يجيب:
- في هذه الحالة، نتأكَّد من أنه يحمل تأشيرة دخول سليمة، ومن أنه لم يتجاوز مدة إقامته.
وتردَّد لحظة، قبل أن يضيف في خفوت:
- فقط.
التقط "حسن" نفساً عميقاً، وقال:
- وهنا تكمن المشكلة.
وعاد إلى القوائم، مردفاً:
- للأسف.
وقفزت دهشة رئيس مكتب الأمن إلى ذروتها..
فهو لم يفهم ما يعنيه هذا..
لم يفهم أبداً..

* * *
استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي ذلك الطلب، الذي تقدَّمت به النائبة "جولدا مائير" لزيارته، في دهشة حقيقية، وحذر بلا حدود، ولكنه وضع بطاقتها المهنية إلى جواره، وهو يقول لمدير مكتبه:
- دعها تدخل.
مضت لحظات، قبل أن تدخل "جولدا"، بجسدها المترهِّل، وملامحها القبيحة، وتقول:
- بوكورتوف.
رد تحيتها بهمهمة غير مفهومة، ثم سألها، في شيء من العصبية:
- ماذا تريدين يا "جولدا"؟!
أجابته في برود:
- أن نتفق.
سألها في سرعة:
- على أي شيء؟!
أجابت، وهي تنظر إلى عينيه مباشرة:
- على أن أنتزع منك مقعد رئاسة الوزراء.
عبارتها جعلت عينيه تتسعان في شدة، وجعلته يحدِّق فيها ذاهلاً، قبل أن يقول، في غضب حاد:
- هل جننت؟!
هزَّت كتفيها، قائلة:
- ربما.
ثم أخرجت الورقة، التي تحوي صورة قراره، بإنشاء قسم الاغتيالات، ووضعتها أمامه، قائلة:
- وربما تقنعك هذه.
ألقى نظرة مستهترة على الورقة، ولكنه لم يكد يدرك فحواها، حتى امتقع وجهه، وقال في شحوب، وهو يختطفها:
- من أين حصلت عليها؟!
ابتسمت، حينما رأته يمزِّقها، وأجابت:
- إنها واحدة من ألف نسخة، أحتفظ بها في خزانتي.
بدا شديد الشراسة، وهو يسألها:
- من أين حصلت عليها؟!
استرخت في مقعدها، وقد راق لها غضبه، وقالت لتستفزه أكثر:
- يمكنك أن تقول: إن لديّ جاسوسا وسطكم.
قال في حدة:
- في قلب "الموساد"؟!
أومأت برأسها إيجاباً، وهي تكرِّر:
- في قلب "الموساد".
تفجَّر الغضب من ملامحه وعينيه، وبدا لحظة وكأنه سينقض عليها، إلا أنه لم يلبث أن تراجع، وجلس على مقعده، قائلاً:
- وبمَ يمكن أن تفيدك هذه الورقة؟!
أجابته:
- تساعدني على ربح المعركة.
رمقها بنظرة صامتة طويلة، قبل أن يسأل:
- وماذا لو أنني رفضت التنازل، عن مقعد رئيس الوزراء؟!
أجابته في صرامة:
- سأعمل على نشرها.
رمقها بنظرة طويلة أخرى، ثم استغرق في التفكير بضع لحظات، قبل أن يشير بيده، قائلاً:
- أريد فرصة للتفكير.
نهضت، قائلة:
- سأعطيك يوما واحدا فقط.
قال في سرعة:
- بل يومين.
ابتسمت، وهي تنصرف، قائلة:
- هذا يكفي.
ظل ينظر إلى الباب، الذي أغلقته خلفها، في صمت وتفكير عميقين، ثم لم يلبث أن التقط سمَّاعة هاتفه، وقال:
- أرسل في طلب مدير "الموساد"... فوراً.
وأعاد السمَّاعة، وشبَّك أصابع كفيه أمام وجهه، وهو يعاود التفكير..
بمنتهى العمق..

* * *
بدا "أحمد صبري" شديد الشحوب، وهو يدور في صالة منزله، في توتر شديد، ويجيب "حسن"، قائلاً:
- لست أعرف بالتأكيد أين "أدهم".. لقد استيقظت هذا الصباح، فلم أجده في فراشه، ولا في أي مكان آخر بالمنزل.
وصمت لحظة، قبل أن يضيف في عصبية، وهو يخرج من جيبه ورقة صغيرة:
- لم أجد سوى هذه.
اختطف "حسن" الورقة من يده، متصوِّراً أنها ستحوي اسم المكان، الذي ذهب إليه "أدهم"، ولكنه فوجئ بأنها لا تحوي سوى كلمة واحدة..
اغفر لي..

وانعقد حاجبا "حسن" في شدة..
ما الذي تعنيه هذه الكلمة؟!..
ما الذي يقصده "أدهم"؟!..
لماذا ترك هذه الورقة خلفه؟!..
لماذا؟!..
لماذا؟!..
"هل تعتقد أنه أقدم على الانتحار؟!.."..
ألقى "أحمد" السؤال، في توتر بالغ، فانتزع "حسن" من أفكاره، وجعله يقول في سرعة وحزم:
- مستحيل!..
كاد يكتفي بهذا الجواب، إلا أنه لم يلبث أن أضاف:
- "أدهم" ليس من ذلك الطراز، الذي يواجه أزماته بالانتحار.. إنه شاب قوي.. أقوى مما تتصوَّر بكثير.
تطلَّع إليه "أحمد" لحظة في صمت، ثم غمغم:
- أعلم هذا.
طوى "حسن" الورقة، ودسَّها في جيبه، وهو يقول:
- أعتقد أنه قد تركها، لأنه أرادك بكل بساطة، أن تغفر له.
هتف "أحمد":
- أغفر له ماذا؟!
التقط "حسن" نفساً عميقاً، وتطلَّع إليه لحظة، قبل أن يجيب في حزم:
- رغبته في الانتقام.
اتسعت عينا "أحمد" عن آخرهما، وحفر الارتياع ملامحه على وجهه، وهو يغمغم:
- رباه!.. الانتقام.
أومأ "حسن" برأسه إيجاباً، واتجه نحو أقرب مقعد إليه، وهو يقول:
- هذا ما كنت أخشاه.
تمتم "أحمد" في شحوب:
- وأنا أيضاً.
جلس "حسن"، وهو يقول:
- ووفقاً لهذا، أظنني أعلم أين ذهب "أدهم" بالضبط.
سأله "أحمد"، وقد بلغ شحوبه منتهاه:
- أين؟!
كان يعلم الجواب مسبقاً، وعلى الرغم من هذا، فقد عجزت ساقاه عن حمله، عندما أجاب "حسن" في مرارة:
- "إسرائيل".
والمدهش أنه كان على حق..
تماماً.

hithamg 21-03-08 03:15 AM

بالطبع تنشر هذه الرواية بصورة رسمية على شكل حلقات في مجلة إلكترونية شهيرة وهذا آخر ماصدر,وهذا أيضا ينطبق على البداية والجولة الباريسية.
يرجى التنويه بكون الموضوع منقول كذلك عدم العبث باعصاب القراء بعمل فواصل زمنية لنشراعمال مكتملة بالفعل حيثان المر ليس اكثرمن نسخ ولصق

نور الهدى4 22-03-08 03:59 PM

1 مرفق
شكرا أخي على مساعدتك الرائعة

لقد رفعت الفصول المعروضة حاليا على صيغة الورد

أتمنى لكم الاستمتاع بها

الصخرة1978 22-03-08 11:34 PM

كل الشكر لكما يا زميلي العزيزين

الصخرة1978 22-03-08 11:37 PM

أتمنى رؤية الباقي قريباً

ما اسم هذه المجلة ؟؟؟

نور الهدى4 25-03-08 01:36 PM

7- سؤال


عندما دلف مدير "الموساد" إلى مكتب رئيس الوزراء، كانت شفتاه تحملان تلك الابتسامة
الصفراء البغيضة، التي استفزت رئيس الوزراء أكثر، وهو يقول في صرامة غاضبة:
- من الخائن من رجالك؟!
تظاهر مدير "الموساد" بالدهشة، وهو يقول:
- خائن؟!.. ليس بيننا خائن، يا سيادة رئيس الوزراء.
صاح فيه رئيس الوزراء:
- بل هناك خائن.. خائن نجح في الحصول على صورة، من قرار إنشاء ذلك القسم الجديد،
وقدمها لقمة سائغة للنائبة "جولدا"، فأتت لتساومني عليها هنا.. في مكتبي.
رفع مدير "الموساد" حاجبيه، في دهشة مصطنعة، وهو يقول:
- في مكتبك؟!
رمقه رئيس الوزراء بنظرة صارمة، وكأنما يعلمه أن هذا الأسلوب لم ينطلِ عليه، فتابع
مدير "الموساد":
- ولكن تساومك على ماذا؟!
أجابه في حنق:
- على مقعدي.
ابتسم مدير "الموساد"، وهو يقول:
- لا تقبل المساومة.
احتقن وجه رئيس الوزراء، وهو يقول:
- كيف؟!.. إنها تملك ورقة شديدة الخطورة.. ورقة لابد وأن تعلم، من نقلها إليها
بالضبط.
هزَّ الرجل رأسه في هدوء، وقال:
- هذا مستحيل تقريباً؛ فهذه الورقة عبارة عن قرار رسمي، بإنشاء قسم جديد، مما يعني
ضرورة أن يتداوله أكثر من عشرة أشخاص على الأقل، وأن يعلم به ما لا يقل عن سبعة عشر
شخصا آخرين.
صاح به رئيس الوزراء:
- وتطلق على هذا اسم السرية؟!
هزَّ الرجل كتفيه هذه المرة، وقال:
- كلهم رجال مخابرات.
هتف رئيس الوزراء محنقاً:
- حقاً؟
التقط مدير "الموساد" نفساً عميقاً، وأجاب في صرامة:
- حقاً.
احتقن وجه رئيس الوزراء أكثر، وقرَّر تجاوز الأمر، وهو يقول في عصبية:
- وكيف لا أقبل مساومة "جولدا"؟!
أخرج مدير "الموساد" من جيبه ورقة، ناولها لرئيس الوزراء، قائلاً:
- بهذا الأسلوب.
التقط رئيس الوزراء الورقة، وفضَّها في حذر..
كانت تحوي نتائج استطلاع الرأي، التي تشير إلى ارتفاع أسهمه، بين جموع الناخبين، لو
تم كشف القرار..

وتألَّقت عينا رئيس الوزراء..
هذا يعني أنه ليس مضطراً لقبول ما تقوله "جولدا"..
ليس مضطراً لمساومتها..
أو حتى مقابلتها..
وفي لهفة واضحة، سأل مدير "الموساد":
- أأنت واثق من هذه النتائج؟!
أجابه في حزم:
- تمام الثقة.
تألَّقت عينا رئيس الوزراء، وهو يعود إلى مكتبه، ويلتقط سمَّاعة هاتفه الخاص، ويطلب
رقم "جولدا"، التي ما أن أجابته، حتى قال في صرامة:
- عرضك مرفوض يا "جولدا".
وصفق الهاتف في وجهها في عنف، ورفع عينيه الظافرتين إلى مدير "الموساد"، الذي ابتسم
ابتسامة واسعة..
ابتسامة صفراء..
بغيضة..
* * *
على الرغم من شعور "قدري" بالتوتر الشديد، وهو يقف أمام "حسن"، داخل منزله هو، إلا
أنه حاول التماسك بقدر الإمكان، وهو يقول:
- "أدهم"؟!.. أتقصد ذلك الصبي.. ابن السيِّد "صبري" رحمه الله؟!
ارتسمت ابتسامة ضيق على وجه "حسن"، وهو يتطلَّع إلى "قدري" في صمت، قبل أن يتخذ
مجلساً، وهو يقول:
- اسمع يا "قدري".. ربما تتصوَّر نفسك ممثلاً بارعاً، ولكن يؤسفني أن أخبرك بأن هذا
لن يجدي نفعاً.. قل لي: هل بدأت تدريباتك لدينا؟!
أجابه "قدري" في حذر:
- ليس بعد.
أومأ "حسن" برأسه متفهماً، وقال:
- لو أنك بدأت، لأدركت أن أحد أهم الأمور، التي يتدرَّب عليها رجل المخابرات، كشف
ردود الأفعال الصغيرة واللا إرادية، التي يقوم بها المرء، عندما يلجأ إلى الكذب..
لقد أمسكت يمناك بيسراك، وضغطت عليها دون مبرِّر، وارتفع حاجباك، دون الحاجة إلى
هذا، وتحدَّثت في بطء؛ لتزن كل حرف، قبل أن تنطقه، وبالنسبة لنا، تعتبر كل هذه
علامات مؤكَّدة، على حالة كذب..
ارتسم الذعر لحظة، على وجه "قدري"، قبل أن يغمغم:
- كنت أعلم أنني سأفشل.
سأله "حسن" في صرامة:
- أين ذهب "أدهم"؟!
تردَّد "قدري"، وقال في عصبية:
- لقد أقسمت.
سأله في اهتمام:
- على ماذا؟!
أجابه في عصبية:
- على كتمان السر.
انعقد حاجبا "حسن" في صرامة:
- وماذا لو أجبرتك؟!
أجابه في سرعة:
- لن تفعل.
بدت الدهشة على وجه "حسن"، ربما لأن "قدري" قد أصاب كبد الحقيقة مباشرة..
ولوهلة، لاذ بالصمت التام، وهو يتطلَّع إليه، ثم بدأ يقول في بطء:
- ربما أبلغ الجهاز، و...
قاطعه "قدري" بنفس السرعة:
- لن تفعل.
مرة أخرى، ارتسمت الدهشة على وجه "حسن"، ولكنه في هذه المرة هتف:
- لماذا تثق في هذا؟!
أشار "قدري" بيده، قائلاً:
- لأنك أتيت وحدك.. لو أنك ترغب في أن يعلم جهاز المخابرات رسمياً بما يحدث، لأحضرت
مساعداً واحداً معك على الأقل، ولكن الواقع أنك لا ترغب في هذا، حتى لا تكون السبب
في إضافة نقطة سوداء، إلى ملف "أدهم"، يمكن أن تعوق التحاقه بالجهاز في المستقبل..
لقد أتيت وحدك؛ لأنك تريد أن تعرف.. أن تطمئن، لا أن تعاقب أو تردع.
لم يستطع "حسن"، على الرغم من الموقف، إخفاء انبهاره بـ"قدري"، وإعجابه بأسلوبه في
التفكير المنطقي المنظَّم..
ولما يقرب من دقيقة كاملة، ظلَّ يتطلَّع إليه في صمت، قبل أن يقول:
- هل تبر بقسمك دائماً؟!
أجابه في حزم:
- دائماً.

وصمت لحظة، ثم أضاف:
- وبالذات مع "أدهم".
ابتسم "حسن"، وقال:
- يدهشني أن تربطك به صداقة قوية إلى هذا الحد، في هذا الزمن القصير.
تنهَّد "قدري"، قائلاً:
- وأنا أيضاً.
كان "حسن" يبحث عن سؤال، يمكن أن يدفع "قدري" للإفصاح عما لديه، دون أن يحنث بقسمه،
فسأله:
- ما الأوراق الرسمية، التي صنعتها مؤخراً؟!
بدا أن "قدري" قد فهم اللعبة، ولكنه أجاب في حذر:
- جواز سفر فرنسي، وبطاقة هوية..
اكتفى بهذا القول، فسأله "حسن":
- إسرائيلية؟!
أجابه بهزة رأس حذرة، فتنهَّد في ارتياح، قائلاً:
- هذا يكفي.
قالها، وغادر المنزل على الفور، ليراجع قوائم السفر الأخيرة، بحثاً عن شاب فرنسي،
له سمات "أدهم"..
لقد فهم اللعبة..
أو أنه يعتقد هذا..

سيسافر "أدهم"، بجواز سفر فرنسي متقن التزوير، ويحمل تأشيرة دخول مزوَّرة، إلى
"فرنسا"..
ومنها إلى "إسرائيل"..

ولو تحرَّك في سرعة، فقد يستطيع إيقافه في "باريس"..

لم يدرِ، وهو ينطلق بسيارته إلى المطار، متجاوزاً السرعات القانونية، أن تحركه قد
بدأ متأخراً..
متأخراً تماماً.


* * *

siedelnas 27-03-08 08:24 PM

الف شكر على المجهود الرائع

MIDO_M55 28-03-08 04:07 PM

الف شكر بس ماتتاخر بالباقى يانجم:liilas:

نور الهدى4 28-03-08 05:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة siedelnas (المشاركة 1305115)
الف شكر على المجهود الرائع

العفووووووو

نور الهدى4 28-03-08 05:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MIDO_M55 (المشاركة 1306654)
الف شكر بس ماتتاخر بالباقى يانجم:liilas:

العفووووو

ان شاء الله اول ما ينزل الباقي هنزله في المنتدى

نور الهدى4 28-03-08 05:16 PM

8- تأشيرة

بدت النائبة الإسرائيلية "جولدا مائير" شديدة العصبية والتوتر، وهي تلتقي
بمدير"الموساد" سرًّا، في تلك المنطقة النائية من "تل أبيب "، وقالت في حدة:
- ما معنى هذا بالضبط؟!.. لقد أخبرتني أن هذا الأمر سيجبر رئيس الوزراء على
الانسحاب، وبناءً عليه، فقد قمت بمواجهته، ولقد بدا شديد التوتر عندئذ، مما جعلني
واثقة من أنه قد اندحر، ثم إذا به فجأة يبدو قويًّا متماسكًا، ويرفض عرضي بكل ثقة،
فما تفسيرك لهذا؟!
أجابها مدير"الموساد" في هدوء:
- ربما وصله التقرير الرسمي، الذي يشير إلى تصاعد أسهمه، في حالة إعلان الأمر.
هتفت مندهشة:
- مستحيل!.. وهل يمكن أن يرتفع اسمه بالفعل، مع إعلان أمر كهذا؟!
تظاهر بالأسف، وهو يقول:
- هذا ما أسفرت عنه نتائج استطلاع الرأي، التي طلب إعدادها شخصيًّا.
انعقد حاجباها الكثان في توتر شديد، وهي تقول:
- إذن فقد خسرتُ هذه الجولة.
هزَّ رأسه نفيًا في بطء، وهو يقول:
- ليس بالضرورة.
التفتت إليه متسائلة في توتر:
- ما الذي يعنيه هذا؟!
حافظ على ابتسامته الخبيثة لحظات، قبل أن يميل نحوها، قائلاً:
- لقد أعطانا موافقته الرسمية، على إنشاء قسم الاغتيالات، ومن الممكن رسميًّا أن
نبدأ عملنا فورًا.
غمغمت في حذر:
- أمر طبيعيّ.
تراجع قائلاً:
- ماذا إذن لو بدأنا باغتيال أحد زعماء المقاومة الكبار، على نحو يستفز المجتمع
الدولي كله، ويثير غضب الحليف قبل العدو؟!..
تألَّقت عيناها، وهي تقول في انفعال:
- عندئذ سينقلب الكل على "إسرائيل"، وسيصبح رئيس وزرائها في موقف لا يُحسَد عليه.
قال مشيرًا بيده:
- وإذا ما ظهرت الوثيقة في تلك اللحظة.
أكملت في حماس:
- ستنهار أسهمه تمامًا.
أشار بيده مبتسمًا، فسألته في لهفة:
- وهل يمكنك أن تفعل هذا؟!
بدت ابتسامته شديدة الخبث، وهو يجيب:
- أنا في خدمة رئيسة الوزراء.
ومال نحوها مرة ثانية، مضيفًا:
- القادمة..
وتألَّقت عينا "جولدا مائير"..
بمنتهى الشدة..
* * *
تطلَّعت موظفة السفارة الإسرائيلية في "باريس" إلى ذلك الشاب الأشقر الهادئ، الذي
يجلس أمامها بعينيه الزرقاوين، حاملاً آلة تصوير بسيطة على كتفه، وراجعت هيئته مع
تلك الصورة، في جواز سفره الفرنسي، قبل أن تسأله:
- ولماذا تريد السفر إلى "إسرائيل"؟!
بدا شديد الحماس، وهو يجيب:
- لافتاتُكم في كل مكان تدعو الناس إلى السفر إلى "إسرائيل"، ونشراتكم السياحية
تحوي عشرات المشاهد الجميلة، التي يسيل لها لعاب أى مصوِّر.
سألته في حذر:
- هل تعمل بالتصوير؟!
ابتسم في خجل، وهو يجيب:
- بل أدرسه فحسب.
ثم أخرج كومة من الصور من جيبه، وضعها أمامها، قائلاً:
- انظري.. هذه صورة التقطتها للرهبان في "تايوان"، وهذه صورة لمعبد قديم في
"نيودلهي "، وهذه..
قاطعته، وهي تعيد الصور إليه في ضجر:
- هذا جميل.. ستجد عشرات المناطق، التي تستحق التصوير في "إسرائيل"..
استعاد الصور، وهو يقول متحمسًا:
- بالتأكيد.. الأحياء القديمة في "القدس"، والمتاجر العامة في "تل أبيب "، ومزارع
البرتقال، و..
قاطعته مرة أخرى:
- ادفع الرسوم، وعد غدًا؛ لتتسلَّم تأشيرتك.. سيعطونك إيصالاً باستلام جواز سفرك.
لم يُبْدِ اهتمامًا شديدًا، وكأنما كان يتوقَّع الحصول على التأشيرة، وسألها، في
شيء من حماس الشباب:
- ملامحك شرقية جميلة.. هل يمكنني التقاط صورتك؟!
أشارت بيدها، في حزم وضجر:
- كلاّ.. هذا غير مسموح.. التالي.
هتفت تنادي التالي، على أمل التخلُّص من ملل ذلك الفرنسي الأشقر، الذي لملم صوره،
وأعادها إلى جيب سترته، وغادر المكان؛ ليحصل على إيصال استلام جواز سفره، ويغادر
السفارة كلها..

الأمور تسير وفقًا لخطته، حتى هذه اللحظة..
وتمامًا كما علمه والده الراحل، وكما درَّبه عميد مقعد، كانوا وما زالوا يعتبرونه
من أبرع المخططين في عالم المخابرات، فقد وضع خطة مركَّبة معقَّدة، حاول من خلالها
أن يضع كل الاحتمالات في اعتباره..
وأن يستعد لكل التطورات..
حتى العسير منها..

وها هو ذا الآن في قلب "باريس"، يحمل جواز سفر فرنسي، وبطاقة هوية جامعية شديدة
الإتقان، صنعتها أصابع "قدري " الذهبية، وينتظر الحصول على تأشيرة دخول"إسرائيل"،
على نحو رسمي..

ولكنه مضطر للانتظار، ليوم كامل..
أربع وعشرون ساعة، يمكن أن يحدث فيها الكثير..
والكثير جدًا..
جدًا..
* * *
راجع مدير أمن المطار قوائم المسافرين للمرة الثانية، قبل أن يقول لـ"حسن" في قلق:
- ثلاثة شبان، تنطبق عليهم المواصفات نفسها، سافروا خلال الأربع والعشرين ساعة
الماضية، في طريقهم إلى "باريس".. اثنان منهم فرنسيان، يحملان تأشيرة دخول سليمة،
والثالث ابن لدبلوماسي نيجيري، يحمل جواز سفر أحمر.
قال"حسن " في حزم:
- راجع تأشيرات دخول ثلاثتهم، في السجلات الرسمية، وراجع كل قوائم الوصول؛ لتتيقَّن
من أنهم دخلوا البلاد بالفعل.
سأله مدير الأمن في حذر:
- حتى النيجيري؟!
أجابه في حزم:
- حتى النيجيري.
أشار مدير أمن المطار إلى مساعده؛ ليقوم بهذا العمل، وهو يسأل"حسن" في قلق واضح:
- ولكن لماذا لم تتضمَّن المواصفات، التي أرسلتموها إلينا، وصفًا تفصيليًّا لملامح
وجهه وجنسيته، كما كنتم تفعلون من قبل؟!
عقد"حسن" حاجبيه، وهو يجيب:
- لا يمكننا أن نضمن كيف سيبدو.
سأله في حذر:
- أتعني أنكم لم تتأكَّدوا من هويته بعد؟!
صمت "حسن" لحظات، قبل أن يقول:
- ربما يدهشك أننا نعرف هويته جيدًا.
غمغم في دهشة:
- ماذا إذن؟!
زفر"حسن" في توتر، وقال:
- يمكنك أن تقول: إننا نواجه شبلاً متميزًا.. أحسنوا تدريبه وتربيته على نحو مدهش،
وهو الآن يطمح إلى النضوج، ولعب دور الأسد.
تزايدت دهشة مدير أمن المطار، وهو يقول:
- وهل المفترض أن أفهم هذا؟!
أجابه "حسن" في حزم:
- كلا.
لم يكد ينطقها، حتى عاد المساعد، قائلاً:
- لقد عرفنا مَن المنشود.
التفت إليه الاثنان في لهفة، فوضع أمامهما ورقة، قائلا:
- المراجعة أثبتت صحة تأشيرة دخول النيجيري، وأحد الفرنسيين، أما الثاني فتأشيرته
مزَّورة حتمًا؛ لأنها غير واردة في سجلاتنا الرسمية.
سأله "حسن" في لهفة، وهو يلتقط سمَّاعة تليفون مكتب الأمن:
- وما اسم الثاني؟!
أجابه على الفور:
- "جان كلود رينيه".

أسرع "حسن" يطلب رقم مساعده في الجهاز، ولم يكد يسمع صوته عبر الهاتف، حتى قال في
حزم:
- اتصل بسفارتنا في "باريس" فورًا، واطلب من ملحقنا العسكري هناك، أن يبلغ السلطات
الفرنسية عن مصري شاب، يحمل جواز سفر زائف، باسم "جان كلود رينيه"، وامنحه أوصاف
ابن "صبري".
وعندما وضع سمَّاعة الهاتف، كان يشعر أن الحلقة قد بدأت تضيق، حول تهوّر"أدهم"
الشاب..
وبمنتهى الإحكام.
* * *

MIDO_M55 29-03-08 01:14 PM

انا اول واحد ارد عى الجزء الجديد علشان تعرف انى متابع كويس وتسلم الايادى

مين هناك 29-03-08 01:50 PM

الف شكر على الجزء الجديد ومستنين الجزء القادم

الصخرة1978 29-03-08 11:13 PM

الف شكر على المجهود الرائع

tiger man 29-03-08 11:31 PM

شكرا
 
لا اعرف كيف اشكرك على هذا المجهود
ولكن شكرا لا تكفى

amedo_dolaviga 30-03-08 05:51 PM

شكرا على المجهود والقصه الجميله جدا يا نور
وبانتظار الباقي باذن الله

نور الهدى4 30-03-08 07:58 PM

العفوووووو

و شكرا على مروركم الكريم

بومحمد العبيدلي 31-03-08 04:04 PM

شكرا لكن هل نزل هذا الجزء فعلا ؟

tiger man 31-03-08 04:48 PM

نرجو سرعة كتابة الاجزاء الباقية
ولك الشكر

نور الهدى4 31-03-08 09:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بومحمد العبيدلي (المشاركة 1313600)
شكرا لكن هل نزل هذا الجزء فعلا ؟

العفووو أخي

الواقع ان الجزء هذا نزل بالفعل

أنا اخذ مصادري من موقع موثوق به

و لكنني عندما رجعت له وجدت انه قد تم حذق الجزء

ربما للتعديل أو شيء من هذا القبيل

على كل حال اذا طرأ اي تعديل

فبتأكيد سوف اقوم به

شكرا على مرورك

نور الهدى4 31-03-08 10:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بومحمد العبيدلي (المشاركة 1313600)
شكرا لكن هل نزل هذا الجزء فعلا ؟

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tiger man (المشاركة 1313683)
نرجو سرعة كتابة الاجزاء الباقية
ولك الشكر


العفووووو أخي

أول ما ينزولوا الاجزاء انا انزلهم

الصخرة1978 02-04-08 11:42 PM

نرجو سرعة كتابة الاجزاء الباقية
ولك الشكر

نور الهدى4 04-04-08 11:44 PM

9- مسألة أمن




انعقد حاجبا مدير أمن السفارة الإسرائيلية في شدة، وهو يراجع أوراق الشاب الفرنسي
الأشقر، الذي طلب الحصول على تأشيرة دخول إلى (إسرائيل)، وغمغم، وهو ينقر صورته
بسبَّابته:
- مصوِّر جامعي؟!... ولماذا يسافر طالب فرنسي إلى (إسرائيل)، في موسم الدراسة.
تصاعدت نبرة شك في أعماقه، وواصل النقر على صورة الشاب الأشقر بسبَّابته بضع لحظات،
قبل أن يلتقط سمَّاعة هاتفه، ويطلب رقمًا داخليًّا، ليقول في لهجة آمرة:
- احصل على سجلات كل الجامعات الفرنسية، ودورات التدريب الخاصة، التي تقدِّم دروسًا
في التصوير الضوئي، وابحث فيها جميعًا عن هذا الاسم.
ألقى إليه اسم الشاب، ثم عاد ينقر بأصابعه على الصورة، وكأنه يحاول النقر على
صاحبها شخصيًّا، ثم لم يلبث أن التقط سمَّاعة هاتفه مرة أخرى، وقال في صرامة:
- أوصلني بـ(تل أبيب).. أريد التحدُّث إلى أدون "جراهام".. "دافيد جراهام"..
شخصيًّا.
مضت لحظات، قبل أن يرتفع رنين هاتفه، فالتقط السمَّاعة، وقال:
- "جونسون".. من أمن سفارة (باريس).
أتاه صوت خشن، يحمل نبرة صرامة، يقول:
- "دافيد جراهام".. لقد طلبت التحدُّث إليّ شخصيًّا.
اعتدل "جونسون" في احترام، وهو يقول:
- بالفعل يا أدون "جراهام".. أعتقد أنه لديَّ ما يهمك.
سأله "جراهام" في اهتمام:
- وما هو؟!
أجابه في اهتمام أكثر:
- لديَّ هنا شاب، تقدَّم بطلب الحصول على تأشيرة دخول إلى (إسرائيل)، وتنطبق عليه
المواصفات العمرية والجسدية، لذلك الشاب الذي طلبت البحث عنه، والذي أفسد إحدى
عملياتنا هنا من قبل.
بدا "جراهام" شديد الاهتمام، وهو يسأله:
- أهو الشاب نفسه؟!
ارتبك "جونسون"، وهو يجيب:
- لم نتيقَّن بعد، ولكننا نتحرَّى أمره.
سأله "جراهام" في بطء:
- وما الذي دفعك إلى الشك في أمره؟!
أجابه، وقد استعاد تماسكه:
- لقد طلب السفر إلى (إسرائيل)، أثناء الدورات الدراسية الرسمية، وليس في موسم
الصيف.
غمغم "جراهام":
- شك مقبول.
ثم استطرد في حزم:
- ومتى ستتيقَّنون من أمره؟!
أجابه في حذر:
- خلال دقائق.
لم يكد ينطقها، حتى دخل أحد مساعديه المكتب، وهو يشير بيده، فقال لـ(جراهام) في
لهفة واضحة:
- لحظة يا أدون "جراهام".
والتفت إلى مساعده، فأجابه قائلاً:
هناك دارس واحد بهذا الاسم، ولكنه في الثالثة والخمسين من عمره.
تألَّقت عينا "جونسون"، وعاد بسرعة إلى "جراهام" قائلاً:
- أدون "جراهام".. لقد تيقَّنَّا.
وصمت لحظة؛ ليزيد من تأثير الأمر، قبل أن يضيف:
- إنه زائف.
خُيِّل إليه أن شبكة الهاتف تنقل إليه التماعة عيني "جراهام"، قبل أن يقول:
- اسمعني جيدًا إذن يا "جونسون".. سأخبرك كيف تتعامل مع هذا الأمر.
وراحا يتحدثان بعدها بمنتهى الاهتمام..
لساعة كاملة.. أو يزيد..
* * *
أنهى الملحق العسكري المصري اتصاله، مع جهة أمنية فرنسية، قبل أن يقول في اهتمام
شديد:
- لقد توصلنا إليه.. إنه يقيم في فندق صغير، بالقرب من الحي اللاتيني.. لقد أعطوني
رقم حجرته، وسنذهب إليه فورًا.
سأله أحد رجال أمن السفارة في اهتمام:
- هل سنلقي القبض عليه؟!
أجابه، وهو يسرع إلى الخارج:
- كلا.. سنتحفَّظ عليه فحسب، والسيد "حسن" طلب أن نستخرج له جواز سفر، أو وثيقة
سفر؛ لنعيده إلى (القاهرة).
تبعه اثنان من رجال الأمن، وانطلق الثلاثة في سيارة تحمل أرقامًا دبلوماسية، إلى
الحي اللاتيني، حيث توقَّفت بهم أمام ذلك الفندق الصغير، فهبط الملحق العسكري، وسأل
موظف استقبال الفندق:
- عندك نزيل يقيم في الحجرة رقم سبعمائة وعشرة، تحت اسم "جان كلود رينيه".. أهو في
حجرته؟!
أجابه الموظف في هدوء:
- لست أدري.. لقد تسلَّمت نوبتي منذ أقل من ساعة واحدة، ولكنه لم يترك مفتاح حجرته
هنا، لذا..

لم ينتظر الملحق العسكري حتى يتم الرجل حديثه، وإنما اندفع مع رجليه نحو المصعد،
وأشار الملحق إلى أحدهما، ليصعد في درجات السلم، في حين استقل هو المصعد مع الثاني،
إلى الطابق السابع، وعندما التقى الثلاثة، أمام باب الحجرة، وقف الرجلان على
جانبيها، في حين طرق الملحق العسكري بابها، وقال بفرنسية سليمة:
- خدمة الغرف.

انتظر لحظات، ثم كرَّر النداء، وعندما لم يتلقَّ جوابًا، أشار إلى أحد الرجلين،
فأخرج من جيبه أداة رفيعة، دسَّها في ثقب مفتاح الحجرة، وأدارها على نحو خاص،
فانفتح الباب، وبقي الرجل في الخارج، في حين دلف الملحق العسكري مع الرجل الثاني
إلى الداخل، وأغلقا الباب خلفهما..
ولثوانٍ، أدار الملحق العسكري عينيه في الحجرة، قبل أن يغمغم:
- المكان مرتب، على نحو يوحي بأنه لم يقض فيه وقتًا طويلاً.
قال الرجل المصاحب له:
- يبدو لي أنه لم يقض فيه لحظة واحدة.
توقَّف بصر الملحق العسكري عند منضدة صغيرة، مجاورة للفراش، وهو يقول:
- ولكنه ترك جواز سفره هنا.
التقط جواز السفر، وفتحه؛ ليلقي نظرة على صورة صاحبه واسمه، قبل أن يغلقه، ويقول في
حنق:
- لقد خدعنا جميعًا.
سأله الرجل في قلق:
- أهذا ليس جواز سفره؟!
أجابه في سخط:
- بل هو جواز سفر، يحمل اسم "جان كلود رينيه".. أتعلم ما الذي يعنيه تركه له هنا؟!
أطلّ التساؤل من عيني الرجل، فأضاف في غضب:
- إنه يسخر منا، ويبلغنا، على نحو غير مباشر، أنه يحمل الآن اسمًا مختلفًا.
سأله الرجل في دهشة:
- أي اسم؟!
أجابه الملحق العسكري، بمنتهى السخط:
- من يدري؟!
نعم.. من يدري؟!..
* * *
"موريس ديلون"..
نطق "أدهم" الاسم في هدوء، وهو يقدِّم ذلك الإيصال، الذي تسلَّمه من السفارة
الإسرائيلية، إلى مسئول بيوت الشباب في (باريس)، والذي راجع الإيصال في اهتمام، قبل
أن يسأله في آلية:
- أين تقيم يا "موريس"؟!


أجابه "أدهم" في هدوء:
- في (كاليه).


أومأ الرجل برأسه متفهمًا، وهو يسأله:
- ولماذا ستسافر إلى (إسرائيل)؟!


قال "أدهم":
- جدتي لأمي تقيم في (القدس)، وسأذهب لزيارتها.
أعاد إليه الرجل ذلك الإيصال، وقال:
- يمكنك أن تقيم هنا ليلتين فحسب، وعليك أن تبحث عن مكان إقامة بعدها، لو لم تغادر
(باريس).


غمغم "أدهم":
- لو سارت الأمور على ما يرام، سأسافر غدًا ليلاً إلى (تل أبيب).


قال الرجل:
- هذا أفضل.. اذهب وابحث عن مكان لنومك.


في نفس اللحظة، التي دلف فيها "أدهم" إلى بيت الشباب، خفض أحد رجال (الموساد) في
(باريس) منظاره عن عينيه، وقال لزميله، الذي يقود السيارة:
- إنه هو.


سأله زميله في اهتمام:
- هل التقطت له مجموعة صور كافية؟!


أومأ الأوَّل برأسه إيجابًا، وقال:
- من كل الزوايا.


قال زميله في حزم:
- فلنرسلها إلى أدون "جراهام" فورًا، حتى يتخذ القرار بشأنه.


وأخرج مسدسه، وسحب مشطه، مستطردًا:
- وسننتظر الأمر بالتنفيذ.


وعندما ارتد مشط مسدسه، مصدرًا ذلك الصوت المعدني، كانت عقارب الساعة تشير إلى أن
الليلة ما زالت في بدايتها..
ويا لها من ليلة!
* * *

نور الهدى4 04-04-08 11:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الصخرة1978 (المشاركة 1318500)
نرجو سرعة كتابة الاجزاء الباقية
ولك الشكر


أخي أنا بالفعل اقوم بأنزال الأجزاء

أول ما تزل في الموقع الذي انقل لكم منه هذه الراوية

و العفووو على مرورك

vueleve 08-04-08 11:43 AM

ردي على كل القصص اللي تعبتي فيها و كتبتيها

أنا من عندي تقييم لكِ 10 نقاط لكل قصة

و كمان تقييم الموضوع 5 نجوم

تسلم ايدك يا نور الهدى

نور الهدى4 08-04-08 08:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة vueleve (المشاركة 1327428)
ردي على كل القصص اللي تعبتي فيها و كتبتيها

أنا من عندي تقييم لكِ 10 نقاط لكل قصة

و كمان تقييم الموضوع 5 نجوم

تسلم ايدك يا نور الهدى

اهلا بك أخ vueleve

شكرا لك على مرورك الكريم

بالفعل أنا اقوم بالرد على جميع القصص التي كتبيتها

شكرا لك مرة أخرى على التنبيه

و يعطيك ألف عافية

tiger man 09-04-08 10:42 PM

شكرا على مجهودك ولكن هناك ملاحظة نرجو تحديد ميعاد لكتابة الاجزاء الباقية
حتى نتمكن من متابعتها عندما تنزل ولا ندخل الموقع كل يوم لكى نرى ان كانت نزلت ام لا ,.
وشكرا

نور الهدى4 11-04-08 08:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tiger man (المشاركة 1330792)
شكرا على مجهودك ولكن هناك ملاحظة نرجو تحديد ميعاد لكتابة الاجزاء الباقية
حتى نتمكن من متابعتها عندما تنزل ولا ندخل الموقع كل يوم لكى نرى ان كانت نزلت ام لا ,.
وشكرا


العفووووووو أخي على المرور

بالنسبة للمعباد كتابة القصة

بالفصول لا تنزل بالنتظام حتى يمكنني اخبرك بها

^_^

amedo_dolaviga 12-04-08 05:31 PM

لو تسمح الاخت نور الهدى باني اضيف الجزء الجديد لانه صدر من 3 ايام لو مكانش يضايقها


10 ـ القتلة..


انعقد حاجبا "حسن" في شدة، وهو يراجع في ذهنه ما أخبره به الملحق العسكري للسفارة المصرية في باريس..

وللمرة الأولى، تثير براعة "أدهم" حنقه..
لقد كان دومًا شديد الإعجاب به، ومتابعًا جيدًا لتطوراته..
وكم أسعده أن يكتسب مهارات جديدة..
وعديدة..

وكثيرًا ما كان يشفق على شبابه من هذه الحياة القاسية..

من انشغاله الدائم بتطوير مهاراته وقدراته، وسعيه الدءوب؛ لامتلاك واكتساب مهارات جديدة..
حتى تلك التي لم يلقنها إياه والده..

لقد شغف باللعبة، وانغمس فيها حتى النخاع، ولم يعد يفكِّر في سواها..
صار يبحث عن مهارات جديدة..
مهارات مدهشة..
مختلفة..
ومتباينة..

وها هو ذا، في عمره هذا، يستخدم ما اكتسبه من مهارات؛ لخداع الجميع..
وبلا استثناء.

"لقد خدعتني"..
قالها "حسن" في غضب، وهو يواجه "قدري"، في منزل هذا الأخير، الذي حافظ على تماسك ملامحه، وهو يهز كتفيه المكتظين، قائلاً:
- لقد أجبْتُ أسئلتك بكل صدق.

قال "حسن" في غضب:
- أخبرتني أنك صنعت جواز سفر فرنسي واحد.

هزَّ "قدري" رأسه، قائلاً:
- مطلقًا.. لقد سألتني عن آخر ما صنعته، فأخبرتك أنه جواز سفر فرنسي، وهوّية إسرائيلية، ولكنك لم تسألني عما صنعته من أجل "أدهم" بالتحديد.

بدا الغضب على وجه "حسن"، وهو يقول:
- حسنًا.. وما الذي صنعته من أجل "أدهم".

ابتسم "قدري" في خبث، وهو يجيب:
- لقد أقسمت ألا أفشي السر.

سأله في حدة:
- كم جواز سفر فرنسي صنعته، في الآونة الأخيرة؟!

أجابه في هدوء:
- اثنان..

سأله في اهتمام غاضب:
- بأية أسماء؟

صمت "قدري" لحظة، ثم أجاب في حذر:
- "أدهم" اختار الاسمين.

ضمَّ "حسن" شفتيه في سخط شديد..
من الواضح أن "قدري" لن يفشي السر..
لن يخون "أدهم" قط..
مهما حدث..
ومهما كان ما يتعرَّض له..

وكمحاولة أخيرة، قال "حسن" في صرامة:
- أستطيع إيقاف التحاقك بالمخابرات.

هزَّ "قدري" كتفيه مرة أخرى، وقال:
- لا بأس.. أنا لم أسْعَ إليكم.

قال "حسن" في حدة:
- ألا يعنيك أن تلتحق بجهاز المخابرات؟!

قال "قدري" في هدوء:
- يعنيني كثيرًا بالتأكيد، ولكنه لا يساوي أن أخون صديقًا.

كاد "حسن" يصرخ في وجهه، مهددًا إياه بالفصل من المخابرات..
ولكن عقله أوقفه..

كم هو رائع هذا النموذج، الذي يراه أمامه..
إنه لم يتردَّد لحظة في التضحية بفرصة عمره، حتى لا يخون صديقه..

فماذا سيفعل من أجل وطنه؟!..
وعلى الرغم من غضبه وحنقه، أدرك أن هذا بالضبط هو النموذج الذي يبحثون عنه.
النموذج البارع..
الواثق..
العنيد..
والمخلص..

وفي لهجة مريرة، غمغم "حسن":
- أتدرك ما الذي يمكن أن يواجهه صديقك في حماقته هذه؟!

صمت "قدري" لحظات، قبل أن يجيب في بطء وخفوت:
- خطر الموت.

سأله "حسن":
- ألا ترغب في إنقاذه من هذا؟!

هتف "قدري" بسرعة في انفعال:
- وبشدة.

ثم تراجع، مستطردًا في أسىً:
- ولكنني لا أستطيع اعتراض طريقه.

غمغم "حسن":
- حتى لو...

قاطعه "قدري" في توتر:
- أيّا كانت النتائج.. أنا أومن به، وبقدرته على حسن تقييم الأمور، والتعامل معها، وما دام قد اتخذ قرارًا، فلا توجد قوة في الأرض يمكنها منعه من تنفيذه.

تطلَّع إليه "حسن" لحظة، ثم قال في حزم:
- أتعتقد هذا؟!

أجابه "قدري" دون تردُّد:
- بالتأكيد.

نهض "حسن"، قائلاً في صرامة:
- سنرى.

قالها، وانصرف كالعاصفة، تاركًا "قدري" خلفه، يتساءل في قلق شديد..
ترى هل يمكن أن يواجه "أدهم" وحده كل هذا؟!..
هل؟!..

* * *

في تلك الآونة، لم تكن أجهزة الفاكس معروفة، ولم تكن هناك شبكة إنترنت، سوى في الاستخدامات العسكرية السرية المحدودة، في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها"*"، لذا فقد تم إرسال الصورة بالراديو، وهي وسيلة نقطية قديمة، ترسل الصورة لاسلكيًّا، نقطة بنقطة، لذا فعندما تسلَّمها "جراهام" لم تكن بالدقة الكافية، إلا أنه نقلها إلى قسم خاص في "الموساد"، مهمته هي توضيح الصورة النقطية إلى أقصى حد ممكن.. وعندما عادت إليه الصور بعدها، استدعى خبيرًا خاصًّا إلى مكتبه، وراح معه يراجعان الصور بعدسة خاصة، ويقارنان بينها وبين الرسوم التي صنعها فريق مستعربي "الموساد" للشاب الذي أفسد عمليتهم سابقًا"*".

وبعد نصف ساعة من الفحص والتدقيق اعتدل الخبير قائلاً في حسم:
- إنه هو.

تألَّقت عينا "جراهام"، وهو يقول:
- عظيم.. لقد أثلجت صدري.

ثم التقط جهاز الهاتف، وقال عبره في حزم:
- تم تعرُّف العنصر المعادي.. اعملوا على تصفيته فورًا.

قالها، وهو يعلم أن أوامره ستصل إلى فريق الاغتيالات خلال دقائق معدودة، وبعدها ستنتهي العملية..
الليلة..

* * *

التمعت عينا قاتل "الموساد" المحترف عندما تلقى الأمر بتصفية "أدهم" فورًا، وربَّت على مسدسه، المختفي خلف سترته، وقال لزميله:
- عظيم.. تمنَّ لي حظًّا موفقًا.

همهم زميله بكلمات مبهمة، وأشاح بوجهه في توتر، فابتسم القاتل، وغادر السيارة، واتجه نحو بيت الشباب في هدوء، ودفع الباب في رفق، وهو يدخل إلى حجرة مسئول المكان، قائلاً:
- ليلة سعيدة.. أين يقطن "موريس ديلون"، ذلك الشاب الأشقر الذي وصل منذ ساعة تقريبًا.

سأله المسئول في شك:
- وما صلتك به؟!

أجابه في هدوء، وبابتسامة أنيقة:
- صلة وثيقة للغاية.

سأله الرجل، في شك صارم:
- هل يمكنك إثباتها؟!

أجابه بنفس الابتسامة الهادئة:
- بالتأكيد.

واستل مسدسه، وألصق فوهته بجبهة الرجل، مستطردًا:
- هل علمت صلتي به الآن؟!.. أنا قاتله.

ارتعدت أوصال الرجل، وكاد يسقط فاقد الوعي، وهو يقول:
- إنه.. إنه في الحجرة الرابعة.. الفراش السفلي الأيمن.

هزَّ القاتل رأسه، دون أن يفقد ابتسامته، وقال:
- لست أدري ماذا أقول.

وضغط زناد مسدسه المزوَّد بكاتم للصوت في هدوء شديد، فصدرت منه فرقعة مكتومة شديدة الخفوت، امتزجت بصوت اختراق الرصاصة لجمجمة الرجل، الذي سقط جثة هامدة، دون أن يصدر عنه أدنى صوت..

وفي هدوء عجيب، تراجع القاتل، قائلاً:
- شكرًا على أية حال.

ثم استدار، واتجه إلى الممر، الذي يضم حجرات الشباب، وهو يستعد بمسدسه، وتلك الابتسامة المقيتة على شفتيه..
وبدأت الليلة..
الرهيبة.

نور الهدى4 13-04-08 09:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amedo_dolaviga (المشاركة 1335730)
لو تسمح الاخت نور الهدى باني اضيف الجزء الجديد لانه صدر من 3 ايام لو مكانش يضايقها

[/COLOR][/SIZE]


ا
هلا بك أخي

شكرا على اضافة لجزء

لم أرى الجزء منذ يومين

لكنني وجدت موجود اليوم

كنت اريد أن اضع قبل قليل


على العموم ألف شكرا لك يا أخي على الاضافة ^_^


els3idy2007 19-04-08 01:12 PM

شكرا للكل على هذا المجهود

نور الهدى4 19-04-08 06:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة els3idy2007 (المشاركة 1348371)
شكرا للكل على هذا المجهود

العفووووووو اختي

اهلا و سهلا بك في المنتدى

hosamhassan 19-04-08 06:58 PM

:55:مشكورين اخواني على هذه القصه الرائعه ولكن اين الباقي ؟ وما هو اسم الموقع لتسهيل المتابعه؟

مين هناك 19-04-08 10:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الهدى (المشاركة 1348955)
اهلا بك أخ حسام أخ جديد

اسم الموقع (بص و طل)


تسهيل على الاعضاء الكرام جاري العمل على تحويل القصص على هيئة pdf ورفعها للمنتدان الحبيب لقراءة ممتعة ولكن بالنسبة للعدد الجديد فانه لن نعرضه لحين اكتمال القصة كاملة ولان الاجزاء تنزل اسبعويا فنحن بانتظار النهاية لو::party0007:ع قصة كاملة

نور الهدى4 20-04-08 03:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مين هناك (المشاركة 1349282)
تسهيل على الاعضاء الكرام جاري العمل على تحويل القصص على هيئة pdf ورفعها للمنتدان الحبيب لقراءة ممتعة ولكن بالنسبة للعدد الجديد فانه لن نعرضه لحين اكتمال القصة كاملة ولان الاجزاء تنزل اسبعويا فنحن بانتظار النهاية لو::party0007:ع قصة كاملة

اهلا أهلا

أختي مين هناك
شكرا على مروركي الكريم
و ايضا على تحويلك للرواية بصيغة pdf

عز الدين الفارس 21-04-08 03:13 PM

نرجو الإسراع قليلا أخي الكريم

نور الهدى4 23-04-08 12:28 PM

11 ليلة دم


راجع الملحق العسكري في سفارة (مصر) في (باريس) تقارير الأمن والمتابعة اليومية، ثم
قال لمساعده في اهتمام:
- إذن فلم تعثروا عليه.
أجابه مساعده:
- كل رجالنا معهم نشرة بأوصافه، ويبحثون عنه في كل شبر من العاصمة، وسيواصلون بحثهم
دون توقُّف، حتى آخر لحظة.
سأله:
- وماذا عن مطار (أورلي)؟!
أجابه في حسم:
- اثنان من رجالنا هناك، ويراجعون قوائم المسافرين، بالتعاون مع السلطات الفرنسية
طوال الوقت.
تنهَّد الملحق العسكري، مغمغماً:
- أتعشَّم أن يسفر هذا عن نتائج إيجابية.
واصَلَ مراجعة التقارير، قبل أن يقول في توتر:
- الإسرائيليون نشطون الليلة.. هناك تقرير يقول: إن أحد قَتَلتِهِم هنا.
قال مساعده مؤيداً:
- لقد تم رصده في أحد الضواحي، أمام مجمَّع بيوت الشباب.
انعقد حاجبا الملحق العسكري في شدة، وهو يردِّد:
- بيوت الشباب!
تراجع في مقعده، وشبَّك أصابع كفيه أمام وجهه، وهو يدرس كل المعطيات في عمق..
وبسرعة ربط عقله بين كل المعطيات..

"أدهم"..
والإسرائيليون..
وقاتل محترف..
وبيوت شباب..
وفي لحظة واحدة، الْتحمت المعطيات كلها في رأسه، فهبّ من خلف مكتبه، وفتح أحد
الأدراج، والتقط منه مسدّساً، دسّه في حزامه، وهو يقول لمساعده في حزم:
- أريد فريقاً من طاقم الأمن الخاص.. سنتجه فوراً إلى منطقة بيوت الشباب.
سأله مساعده في قلق:
- هل تعتقد...؟
أجابه، قبل حتى أن يتم سؤاله:
- لا يوجد تفسير سوى هذا.
واندفع نحو الباب، مستطرداً في توتر:
- المهم أن نصل في الوقت المناسب.
نعم.. ليس المهم أن يصلوا..
المهم أن يتم هذا بسرعة..
وفي الوقت المناسب..
* * *
عبر قاتل (الموساد) المحترف ممر حجرات النوم، في خطوات واسعة سريعة، حتى بلغ الحجرة
الرابعة، فابتسم ابتسامة ساخرة، وغمغم:
- أتعشَّم أن يروق لك الجحيم، أيها المصري.
ودفع الباب بقدمه في عنف، ووثب داخل الحجرة، أطلق ثلاث رصاصات صامتة، على الفراش
الأيمن السفلي، و..
وفجأة انقض عليه "أدهم"، من الفراش الأيسر العلوي في عنف، وهو يقول:
- أخطأْت يا هذا.

اختلَّ توازن القاتل المحترف، مع انقضاضة "أدهم"، فاندفع إلى الأمام، وارتطم
بالفراش المزدوج أمامه، وعندما ارتد عنه؛ ليواجه خصمه ركل "أدهم" المسدس من يده
صائحاً:
- إلى الخارج.
مع صيحته، اندفع ثلاثة شباب من تحت الأسرة، وغادروا الحجرة الصغيرة في رعب هائل، في
حين انقض القاتل على "أدهم" صائحاً:
- هل تتصوَّر نفسك بارعاً أيها المصري؟!
وهوى على وجهه بلكمة عنيفة، مستطرداً:
- هيهات.
كانت اللكمة كفيلة بتحطيم أسنان "أدهم"، إلا أنه مال بحركة بارعة، متجاوزاً تلك
اللكمة، ليختل توازن القاتل المحترف مرة ثانية، فيستقبله "أدهم" بلكمة عنيفة في
أنفه، وهو يقول:
- لست أتصوَّر هذا.
ثم أعقبها بثانية أكثر عنفاً في فكه، مستطرداً:
- بل أثق في هذا.
غامت الدنيا أمام عيني قاتل (الموساد)، وحاول أن يبحث عن مسدسه، الذي سقط من يده،
مع ارتطامه بالفراش المزدوج، ولكن "أدهم" ركل المسدس بعيداً، وهو يقول:
- يمكنك أن تنساه.
ثم كال له لكمة ثالثة، مردفاً:
- ودعنا نرى مهارتك اليدوية.
استقبل قاتل (الموساد) اللكمة في راحته، على الرغم من قوتها، وهو يقول في غضب صارم:
- لا بأس.. ما دامت هذه رغبتك.
وفي حركة مباغتة، ركل "أدهم" في ساقه ركلة عنيفة، أعقبها بلكمة في فكه، ألقت "أدهم"
على الفراش المجاور، فمال الرجل في سرعة؛ ليلتقط مسدسه، وهو يقول في حدة:
- ولكن الدرس سيكون قاسياً.
في نفس اللحظة، التي أمسكت فيها أصابعه مسدسه، وثب "أدهم" بحركة شديدة المرونة،
فارتد عن الفراش، وقفز متعلقاً بعنق القاتل، وهو يهتف:
- كم أتوق لهذا.
دار القاتل حول نفسه في غضب، محاولاً الإفلات من "أدهم"، المتعلق بعنقه، والذي يضغط
عليه في قوة، وراح يطلق رصاصات مسدسه في ثورة، فانطلقت الرصاصات الصامتة تغوص في
السقف والجدران، ثم لم يلبث أن تراجع إلى الخلف، في حركة سريعة؛ ليضرب "أدهم" في
الجدار في عنف مرة..
وثانية..
وثالثة..

ولكن "أدهم" ظلَّ متشبثاً بعنقه..
وبمنتهى القوة..
ولقد شعر القاتل بأنه يختنق..
ويختنق..
ويختنق..

لذا، فقد استلّ من جيبه خنجراً حاداً، رفعه بحركة يائسة أخيرة؛ ليطعن "أدهم" في
يده، وما أن لمح "أدهم" هذا، حتى أفلت يده في سرعة، ودفع القاتل بقدمه في ظهره
بعنف؛ ليلقيه على الفراش المواجه..
وفي سرعة مدهشة، اعتدل القاتل، ودار؛ ليواجه "أدهم"، وصرخ وهو يصوِّب إليه مسدسه:
- خسرت أيها المصري.
وضغط الزناد..
بكل قوته..
* * *
جلس رجل (الموساد) الثاني متوتراً داخل تلك السيارة خارج بيوت الشباب الفرنسية،
وألقى نظرة عصبية على ساعته، مغمغماً:
- ماذا يفعل كل هذا الوقت؟!.. لقد تخلَّص من آخر عملية، في نصف هذا الوقت.
كان يلقي نظرة أخرى على ساعته، عندما شعر بفوّهة باردة تلتصق بعنقه، وخلفها صوت
صارم، يقول:
- أراهن أنك هنا لغرض حقير.

انتفض رجل (الموساد)، وأدار بصره في عصبية، ليجد الملحق العسكري واقفاً، ويداه في
جيب معطفه، وإلى جواره أحد رجال الأمن الخاص للسفارة، وهو الذي يلصق فوهة المسدس
بعنقه، فقال في توتر:
- ليس من المفترض أن تفعلوا هذا هنا؟!
أجابه الملحق العسكري في صرامة:
- أمور عديدة ليس من المفترض أن تحدث، ولكنها تحدث.
ثم سأله في قسوة:
- أين زميلك القاتل؟!
أجابه رجل (الموساد) في عصبية:
- ابحث عنه بنفسك.
تجاهل الملحق العسكري جوابه، وأشار إلى اثنين آخرين، من رجال الأمن الخاص، فاندفعا
نحو بيوت الشباب، وهما يستلان مسدسيهما في تحفز، في حين التفت هو إلى الإسرائيلي،
قائلاً:
- تمنَّ لو أن زميلك لم يتم مهمته الحقيرة، فلو أنه فعلها، فلن أجد من أقتص منه
سواك.
هتف رجل (الموساد) في عصبية:
- ليس هذا من حقك.
أجابه الملحق العسكري في حدة:
- وماذا عن قتل الشباب العربي؟!.. أهو من حقكم؟!
عقد الإسرائيلي حاجبيه، دون أن ينطق بكلمة، أو يحاول مجادلة الملحق العسكري، الذي
أدار عينيه إلى مدخل بيوت الشباب، في ترقُّب متوتر، وهو يتساءل: هل وصلوا بالفعل في
الوقت المناسب..
هل؟!..

ولم يكد التساؤل يستقر في ذهنه، حتى ردَّد المكان كله دوي رصاصة..
رصاصة قاتلة، ربما تعني أن قاتل (الموساد) قد أنجز مهمته..
بنجاح.
* * *

نور الهدى4 23-04-08 12:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عز الدين الفارس (المشاركة 1352468)
نرجو الإسراع قليلا أخي الكريم

أهلا أخي الكريم

الاجزاء تنزل كل أسبوع
في يوم الاربعاء بالتحديد
شكرا على مرورك ا

MIDO_M55 23-04-08 03:16 PM

الف شكر يانور المنتدى :55: قصدى يانور الهدى

نور الهدى4 23-04-08 08:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MIDO_M55 (المشاركة 1356652)
الف شكر يانور المنتدى :55: قصدى يانور الهدى

العفوووووو يا أخي ميدو

tiger man 26-04-08 01:37 AM

شكررا جزيلا للللللللللللللللللللللللللل

نور الهدى4 26-04-08 05:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tiger man (المشاركة 1362859)
شكررا جزيلا للللللللللللللللللللللللللل


العفوووووووووووووو على مرورك

مين هناك 26-04-08 10:57 PM

يبدو ان الاخت نور الهدىمنشغلة فتسهيل لها ولمتابعي الرواية اضع اليوم الجزء الجديد ومع كل احترام لكاتبة الموضوع
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

12- رصاصة..
حتى عندما خطَّط "دافيد جراهام" لاغتيال "صبري" في "لندن"، وربما على مدار حياته كلها، لم يشعر أبداً بمثل هذا التوتر، الذي سيَّطر على كيانه كله، وهو ينتظر أخبار اغتيال "أدهم" الشاب في باريس..

شيء ما في أعماقه كان يختلف هذه المرة..
يختلف تماماً..
شيء ما كان ينبئه بأن هذه العملية على الرغم مما تبدو عليه من بساطة، لن تمر بيسر كمعظم العمليات قبلها..

ومن الناحية المنطقية، لم يكن لديه سبب لهذا الشعور..
أي سبب..

ولكنها حاسّة خاصة..
ليس حاسّة رجل مخابرات، بل غريزة ذئب..
ذئب وحشي مفترس، اعتاد دراسة خصمه وتقييمه جيداً، قبل الدخول معه في معركة مباشرة..
وخصمه، على الرغم من صغر سنه، كان يبدو قويّاً..
خبيثاً..
بارعاً..
ومراوغاً..

ثم إن الجرأة التي أبداها من قبل، كانت توحي بأنه سيقاتل باستماتة..
وحتى آخر رمق..

العزاء الوحيد هو أن من أرسله لاغتياله هو واحد من أقوى وأمهر وأبرع قتلة "الموساد"، الذين ربما لم يفشلوا في مهمة من قبل قط..

وملفه يقول: إنه سينجح، في هذه المرة أيضاً..
بكل المقاييس..

لماذا يشعر إذن بكل هذا القلق والتوتر؟!..
لماذا؟!..
لماذا؟!..

لم يستطع حسم أمر نفسه، فهزَّ رأسه في قوة، وكأنما يطرد منها الفكرة، ثم التقط سمَّاعة هاتفه، وطلب رقماً داخلياً، ولم يكد يسمع صوت محدِّثه، حتى قال في صرامة خشنة:
- هل وصلت أخبار من باريس؟!

أتاه صوت محدِّثه، يقول في سرعة:
- لقد تسلمنا برقية مشفّرة من مسئول المتابعة هناك، ولم تتم ترجمتها بعد.

قاوم "جراهام" توتره، وهو يقول:
- أرسلها لي فور ترجمتها.

وأنهى الاتصال، قبل حتى أن يستمع إلى الرد، ثم التقط ملف القاتل المحترف، وهو يغمغم في عصبية:
- لم يفشل في مهمة قط.

كان يحاول مراجعة الملف للمرة الخامسة، عندما رنّ هاتفه، فالتقط سمَّاعته في لهفة، متصوِّراً أنه مسئول الشفرة، ولكنه فوجئ بمدير "الموساد" يقول في لهجة أقرب إلى الصرامة:
- "جراهام".. احضر إلى مكتبي فوراً.

انعقد حاجباه، وهو يغمغم:
- كما تأمر.

وأنهى المحادثة، وعاد حاجباه ينعقدان، وهو يتجه إلى مكتب المدير، وفي رأسه تدور عدة أفكار متداخلة..

لماذا هذا الاستدعاء العاجل الآن؟!..
أهو أمر يخص عملية باريس، أم ماذا؟!..

وصل إلى مكتب المدير، قبل أن تُحسم كل الأسئلة في رأسه، وغمغم وهو يدلف إليه متوتراً:
- لقد وصلت بأسرع ما يمكنني.

تجاهل المدير عبارته، وهو يقول في حماس عجيب:
- لقد بدأنا.

توقَّف يسأله في حذر:
- بدأنا ماذا؟!

مال المدير نحوه، مجيباً بنفس الحماس:
- الاغتيالات.

انعقد حاجبا "جراهام" في توتر، سرى في كيانه كله، وهو يحدِّق في وجه المدير، وقد خطر بباله أنه يشير إلى عملية باريس بالتحديد..

وفي عصبية، أشار بيده، قائلاً:
- عملية باريس ليست..

قاطعه المدير في دهشة:
- أية عملية؟!

ثم مال نحوه، مستطرداً:
- الاغتيال سيتم هنا.. في القدس.

تراجع "جراهام" بحركة حادة، قائلاً في استنكار:
- في القدس؟!

التقط المدير ورقة من سطح مكتبه، ودفعها نحو "جراهام" قائلاً:
- سنغتال هذا.

حدَّق "جراهام" في الورقة بدهشة قبل أن يقول في حدّة:
- هذا بالذات لا يمكننا اغتياله في القدس.

قال المدير في حدة أكثر:
- ولماذا؟!

أجابه، وقد تجاهل فارق المنصب:
- لأنه المتحدِّث الرسمي باسم الفلسطينيين، واغتياله هنا سيشير بأصابع الاتهام إلينا مباشرة، ولن يمكننا حتى أن ندّعي البراءة.

كان هذا بالضبط ما ينشده مدير "الموساد"، الذي قال في صرامة:
- خطأ.. ستغتاله مجموعة من المستعربين، على نحو يوحي بأنه خلاف فلسطيني فلسطيني، و..

قاطعه "جراهام":
- مستحيل!!.. هذا الرجل بالذات، يحظى بتأييد معظم الفصائل، و..

قاطعه دخول سكرتير المدير، الذي ارتبك قائلاً:
- معذرة، ولكن قسم الشفرة يقول: إنها برقية عاجلة من "باريس"، ولا بد أن تصل إلى أدون "جراهام" فوراً.

اختطف "جراهام" البرقية من يده اختطافاً، والتهم كلماتها القليلة في لهفة، قبل أن ينعقد حاجباه في شدة..

لقد دخل المصريون اللعبة في باريس..
الآن أدرك لماذا يشعر بالقلق والتوتر..
الآن فقط..

* * *
لم يكد دوي الرصاصة ينطلق داخل بيت الشباب الباريسي حتى انعقد حاجبا الملحق العسكري المصري في شدة، وهوى بمسدسه على رأس رجل "الموساد" الثاني، وهو يقول في عصبية:
- الوقت لن يتسع لك.

قالها، واندفع نحو بيت الشباب مع من تبقّى معه قبل حتى أن يسقط رأس رجل "الموساد" على مقود سيارته، وانطلق يعدو عبر ممرات المكان..

وقع بصره في البداية على المسئول المصاب برصاصة في جبهته، ولكنه لم يتوقَّف عنده لحظة واحدة.
إنه يبحث عن "أدهم"..
فقط "أدهم"..

وعندما بلغ تلك الحجرة التي تنبعث منها جلبة واضحة وثب داخلها، وهو يشهر مسدسه في تحفُّز، ثم توقَّف عندما رأى رَجُليه هناك، وأحدهما يتصاعد الدخان من فوهة مسدسه، في حين سقط قاتل "الموساد" بينهما صريعاً، والدماء تسيل من ثقب في رأسه، فقال في توتر شديد:
- لقد تطوَّرت الأمور أكثر مما ينبغي.. لن تمضي دقائق حتى يكتظّ المكان برجال الشرطة الفرنسية.

هزَّ الرجل رأسه، وهو يعيد مسدسه إلى غمده قائلاً:
- لم يكن هناك مفرّ.. كان يهم بإطلاق النار على الشاب الذي أتينا من أجله، وعندما رآنا أدار فوهة مسدسه نحوي، وكان من الطبيعي أن..

أشار إليه الملحق العسكري يستوقفه قائلاً:
- أين الشاب إذن؟!

تلفَّت الرجلان حولهما، وقال الثاني في دهشة:
- كان هنا قبل لحظة واحدة من وصولك!

شعر الملحق العسكري بدهشة عارمة، وهو يتلفَّت حوله مغمغماً في غضب:
- مستحيل!

تناهى إلى مسامعهم صوت أبواق سيارات الشرطة الفرنسية تقترب، فقال في عصبية:
- لا مفر.. لا بد وأن ننصرف على الفور.

سأله أحد رجاله، وهم يندفعون خارج المكان:
- وماذا عن الشاب؟!

أجابه في توتر:
- سنواصل البحث عنه.

سأله آخر في حيرة:
- أين؟!.

انعقد حاجباه في شدة، وهو يقفز في سيارته مجيباً:
- سننبش باريس كلها.

وانطلقت بهما السيارة، قبيل لحظات من وصول الشرطة الفرنسية، وهو يستدرك في عصبية:
- مضطرّين.

لم يكن يدري كيف اختفى "أدهم" دون أن ينتبه إليه محترفون مثلهم؟!
كيف؟!..
كيف؟!

* * *

tiger man 27-04-08 01:05 AM

شكرا جزيلا ولكن كان من الافضل ان تقوم بانزال القصة كلها مرة واحدة عندما تتوفر لديك بدلا من
ان نتابعها لمدة سنة

نور الهدى4 27-04-08 02:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tiger man (المشاركة 1365292)
شكرا جزيلا ولكن كان من الافضل ان تقوم بانزال القصة كلها مرة واحدة عندما تتوفر لديك بدلا من
ان نتابعها لمدة سنة

العفوووو

فكرة جيدة

سوف اقوم بتنفيذها

اذا وجدت قصة جدبد

نور الهدى4 27-04-08 02:19 PM

اهلا أختي مين هناك

شكرا لك على المتابعة

و كتابة الجزء بدل عني

و يعطيكي ألف عافية



عز الدين الفارس 30-04-08 10:53 AM

اليوم الأريعاء أخ نور الهدى أنتظر التكملة

نور الهدى4 30-04-08 08:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عز الدين الفارس (المشاركة 1375184)
اليوم الأريعاء أخ نور الهدى أنتظر التكملة


اهلا أخي

لم ينزل الجزء بعد في الموقع الرسمي لها

و اعتذر عن هذا

ما ان ينزل الجرء

بإذن الله سوف اضعه

عز الدين الفارس 30-04-08 09:10 PM

مشكور أخي نور الهدى

MIDO_M55 01-05-08 12:40 PM

شكرا يانور المنتدى الذى لايغيب :55:ولكن فى نقطة عايز اعرفها ليها الاخوة الاعضاء فى الردود بيخاطبوكى بصيغة مذكرة وعلى كل انا اسف لو الموضوع هايضايقك بس مكتوب فى الملف بتاعك انك انثى ولكن الكل يخاطبك على انك ذكر واسف مرة اخرى

عز الدين الفارس 01-05-08 06:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MIDO_M55 (المشاركة 1378069)
شكرا يانور المنتدى الذى لايغيب :55:ولكن فى نقطة عايز اعرفها ليها الاخوة الاعضاء فى الردود بيخاطبوكى بصيغة مذكرة وعلى كل انا اسف لو الموضوع هايضايقك بس مكتوب فى الملف بتاعك انك انثى ولكن الكل يخاطبك على انك ذكر واسف مرة اخرى



شكرا أخي على هذه الملاحظة و أرجو من الأخت نور الهدى أن تعذرني لأني لم أكن أعلم ذلك

Eman 02-05-08 11:54 AM

يعطيكي ربي ألف عافية...

مين هناك 03-05-08 11:30 AM

يبدو ان بعض الاعضاء قد انشغلوا بالمذكرة لقرب معاد المتحانات فتيسر لهم اضع الجزء الجديد
* * *

13-الليل

ماذا تعني بأنكم قد فقدتم أثره؟!"..

ألقى "حسن" السؤال في غضب هادر، وقبضته تكاد تعتصر سمَّاعة الهاتف، واشتعلت في أعماقه جذوة رجل المخابرات، فسيطر على أعصابه، وهو يستطرد:
- كيف هرب منكم؟!

أجابه الملحق العسكري لسفارتنا في باريس، وهو يشعر بضيق أقرب إلى الاختناق:
- لا أحد يدري.. لقد وصلنا في الوقت المناسب، وأنقذناه من أحد أخطر قتلة "الموساد"، ثم فوجئنا بأنه ليس بيننا.. ولقد مشَّطنا معظم شوارع "باريس" حتى مطلع الفجر، ولم نعثر له على أدنى أثر.

انعقد حاجبا "حسن" في ضيق، وهو يقول:
- هل تبخَّر أم ماذا؟!

غمغم الملحق العسكري:
- يبدو أنه تلقَّى تدريباً كبيراً على التخفي وسط المدن على الرغم من صغر سنه.

تمتم "حسن" في حنق:
- هذا صحيح.

قال الملحق العسكري:
- ولكن هناك نقطة إيجابية واحدة.

سأله في لهفة:
- وما هي؟!

أجابه في سرعة، وكأنما وجد في هذه الإيجابية الوحيدة مخرجاً:
- لقد عرفنا الاسم الذي يتعامل به.

سأله "حسن"، في لهفة أكثر:
- وما هو؟!

أجاب بنفس السرعة:
- "موريس ديلون".

وازداد انعقاد حاجبي "حسن"..
لقد تدرَّب "أدهم" جيِّداً بالفعل..
تدرَّب على يد والده..
وذلك العميد العبقري..

لم يتدرَّب لاكتساب مهارات قتالية فحسب..
ولكن لاكتساب القدرة على التخطيط والتدبير أيضاً..
ومن الواضح أن موهبته قد ساعدته كثيراً في المضمارين..

إنه يقاتل وهو دون العشرين، كما لو كان رجل عمليات خاصة، في أواخر العشرينيات من العمر..
ويخطِّط كخبير محنَّك..

من والده اكتسب حكمة القتال بأعصاب هادئة، وتروٍّ مدروس..

ومن العميد، اكتسب مهارة وضع الخطط المتكاملة، وسد كل الثغرات المحتملة.. وحتى غير المحتملة..

لهذا سافر بجواز سفر يحمل اسماً مختلفاً عن الاسم الذي ينوي استخدامه هناك..
في قلب "باريس".

ولكن حتى خطته المتقنة هذه تحوي ثغرة..
ثغرة كبيرة..

تلك الثغرة التي تتواجد حتماً في كل نظام أمني مهما بلغت دقته..
ومهما بلغ إحكامه..

ففي "باريس"، سيحمل اسم "موريس ديلون"..
وسيحصل على تأشيرة دخول "إسرائيل"..
ويسافر إليها..
بالاسم نفسه..
وهذه نقطة ضعف..
كبيرة..

(أريدك أن تراقب مطار "أورلي" جيداً)..

نطقها "حسن" بمنتهى الصرامة، فاعتدل الملحق العسكري في "باريس"، وتساءل بكل اهتمامه:
- هل تعتقد أنه سيسافر بالاسم نفسه؟!

أجابه "حسن" في حزم:
- ليس أمامه سوى هذا.

وصمت لحظة، ثم أضاف في توتر:
- من حسن حظنا.

في نفس اللحظة التي نطق فيها عبارته كان مسئول أمن السفارة الإسرائيلية يواجه مفتش الشرطة الفرنسي "آلان" قائلاً في توتر:
- لا.. هذا الرجل الذي تحمل صورته لا يعمل في سفارتنا هنا.. بل ربما لا يكون حتى إسرائيلياً.

مال المفتش "آلان" نحوه قائلاً في شيء من الصرامة:
- كيف تفسر مصرعه في بيت الشباب إذن، وهو يحمل جواز سفر دبلوماسياً؟!

هزَّ مسئول الأمن كتفيه، وقال:
- هل تأكَّدتم أوَّلاً من أنه جواز سفر صحيح؟!

صمت مفتش الشرطة الفرنسي لحظات قبل أن يقول في صرامة:
- نعمل على هذا الآن.

شد مسئول الأمن قامته، وقال وقد استعاد بعض الثقة:
- أثبت صحة انتمائه إلينا أوَّلاً إذن، ثم عد إلى هنا.

حدَّق المفتش "آلان" في وجهه بضع لحظات، ثم أشعل سيجارة فرنسية قصيرة، وقال في صرامة:
- الواقع أنها كانت ليلة طويلة بالفعل.. بدأت ببلاغ عن دوي رصاصة في بيت الشباب الرئيسي مما جعلنا نسرع إلى هناك؛ حيث وجدنا سيارة تقف أمام بيت الشباب، وبداخلها شخص فاقد الوعي، مصاب بضربة عنيفة على رأسه، ويحمل جواز سفر إسرائيلي دبلوماسي، وداخل بيت الشباب نفسه عثرنا على جثة المسئول الليلي، مصاباً برصاصة في جبهته، وعلى جثة إسرائيلي آخر يحمل جواز سفر دبلوماسياً أيضاً، ومصاب برصاصة في رأسه داخل إحدى حجرات المكان، ولقد روى لنا الشباب المذعور قصة تبدو أشبه بالمغامرات السينمائية، وعلى الرغم من غرابتها اتفق الكل على صحتها، وأخبرنا شاب إسرائيلي من نزلاء البيت أن بطليها كانا يتحدثان بالعبرية مما يشير إلى صحة جواز سفر الصريع.

سأله مسئول الأمن في حذر:
- وماذا عن الثاني؟!

رمقه المفتش "آلان" بنظرة حذرة، وهو يجيب:
- كان شاباً مراهقاً، ولكنهم يؤكدون أنه كان يقاتل كأبرع المحترفين.

قال مسئول الأمن الإسرائيلي في بطء:
- وما أدراهم؟!

تطلَّع إليه المفتش بنظرة متوترة متسائلة جعلته يستطرد:
- ما أدراهم أنه يقاتل كالمحترفين؟!

انعقد حاجبا المفتش، وهو يقول صارماً:
- لم يكن قتالاً عادياً، على أية حال.

هزَّ مسئول الأمن الإسرائيلي رأسه، ثم قال بكل الصرامة:
- ليس لدي ما أجيبك به في كل الأحوال.

صمت المفتش لحظات، ثم غمغم:
- هذا ما توقعته.

ثم مال نحوه مضيفاً في صرامة:
- ولكن لو بلغتك أية معلومات، فأنا أتوقَّع أن..

قاطعه مسئول الأمن في صرامة:
- أنا أتوقَّع اتصالاً رسمياً من وزارة خارجيتكم.

تراجع المفتش وقد استوعب المعنى، وغمغم:
- بالتأكيد.

ثم غادر المكان دون كلمة إضافية، فغمغم مسئول الأمن في سخط:
- مجرَّد فتى.

واندفع عائداً إلى مكتبه، ثم التقط سماعة هاتف داخلي، وقال في عصبية:
- إنه الفجر، ولم تعثروا على ذلك الشاب بعد.

أتاه صوت مساعده، يقول في توتر:
- ليس له أدنى أثر.. لقد..

قاطعه في غضب:
- لا أريد سماع التفاصيل.. تل أبيب تطلب ذلك الشاب، ولا بد وأن تحصل عليه.

غمغم مساعده:
- لقد أطلقنا كافة رجالنا، ونبذل قصارى جهدنا.

قال مسئول الأمن في حدة:
- من الواضح أن هذا لا يكفي.

صمت المساعد تماماً، وهو لا يجد بالفعل جواباً مناسباً، فتابع مسئول الأمن بنفس الحدة:
- خذ كل ما يلزمك من مال ورجال.. ارش كل من يمكنك رشوته، وأبعِد كل من يعترض طريقك، وراقب السفارة، والمطار، وكل مكان يتردَّد عليه غرباء.. أريد هذا الشاب بأي ثمن.. هل تفهم.. بأي ثمن.

سأله المساعد في تردُّد:
- حياً أم ميتاً.

وهنا صمت مسئول الأمن تماماً..
لقد أخبره أدون "جراهام" أنه يريد هذا الشاب، ولكنه لم يحدِّد قط..

حياً..
أم ميتاً؟!..
أم ماذا؟!..
ماذا؟!

* * *

نور الهدى4 03-05-08 07:56 PM

الاخ ميدو

و الأخ فارس

و الاخت ايمان

العفووووو

و شكرا لكم على المرور

بمناسبة مخاطبتي بذكر

فأنا انثى

لكن لا اعيره الامر اي اهتمام


الاخ مين هناك
شكرا لك على كتابة الجزء
لفد دخلت الأن فقط كي ادخله
و ذلك لانشغالي ليس للمذاكرة لي
فأنا انهيت من الدارسة
و لكن انا اقوم بتدريش اخوتي الصغار
لهذا انشغل كثيرا هذه الايام


مرة أخرى أتمنى من جميع معذرتي لعدم وضعي الجزء
في موعدها

مين هناك 14-05-08 11:17 AM

الجزء الجديد من انياب الاسد
 
14- الشاب..

"أريده حيًّا بالطبع.."..

أجاب "جراهام" سؤال مسئول أمن سفارة "إسرائيل" في "باريس"، في حدة شديدة، جعلت هذا الأخير يرتبك، وهو يغمغم:
- ولكنك فيما مضى أرسلت قاتلاً محترفاً لـ...

قاطعه "جراهام" في حدة:
- كان هذا فيما مضى.

سأله مسئول الأمن في حذر:
- وماذا تغيَّر؟!

أجابه في غضب:
- المصريون دخلوا اللعبة، ويبحثون عن الشاب أيضاً، مما يوحي بأنه يمثل لهم أهمية كبيرة.. والسؤال هو: لو أنه ينتمي إليهم، ويدين لهم بالولاء، فلماذا يبحثون عنه؟!.. ولماذا يفر هو منهم؟!

بدا الأمر محيراً بالفعل لمسئول الأمن، الذي غمغم:
- نعم.. لماذا؟!

قال "جراهام" في سرعة:
- هذا ما ينبغي أن نحصل على جوابه، ولا يمكننا التخلُّص من ذلك الشاب، قبل أن تعرف أية أهمية يمثلها للمصريين.

قال الرجل في حماس:
- فهمت.

أجابه "جراهام" في صرامة:
- ابحث إذن عن ذلك الشاب، واحرص على أن تصل إليه قبل المصريين، واحرص أكثر على أن يظل حياً.

قال مسئول الأمن في حزم:
- سأبذل قصارى جهدي.

أنهى "جراهام" الاتصال، وتراجع في مقعده، يعيد دراسة الأمر كله منذ البداية..

لقد ظهر ذلك الشاب في "باريس" من قبل، وأفسد عملية كاملة لمستعربي "الموساد"، دون أن يعرف أحد من هو بالضبط؟!..
ثم اختفى..

كانوا يعرفون أنه مصري..
وأنه ما زال لم يجتَز مرحلة المراهقة..
وأنه يجيد القتال والمواجهة، كألف ألف رجل..

ولكنهم يجهلون تماماً من هو!..
وكيف اكتسب كل هذا، في سنوات عمره القليلة..
كيف؟!..
كيف؟!..

وعندما تصوَّروا أنه قد ذهب بلا عودة، فوجئوا به يظهر مرة ثانية..
وكما اختفى.. فجأة..

في المرة الأولى كان يحمل اسم "أدهم صبري"..
ولكنه ليس اسمه الحقيقي..
ليس كذلك حتماً..

صحيح أن جواز سفره كان يحمله..
ولكن ها هو ذا يحمل جواز سفر آخر، باسم مختلف هذه المرة..
جواز مثل اسمه.. فرنسي..
من الواضح إذن أنه يحمل دوماً أسماءً مختلفة، وجوازات سفر متعدِّدة..
تماماً مثل أي محترف..

ولكنه ما زال صغير السن..
وهذا في حد ذاته لغز..
لغز يحتاج إلى جواب..
وإلى الإيقاع بذلك الشاب..
وبأي ثمن..

صمت لحظات مفكراً في عمق، قبل أن يضغط زراً على سطح مكتبه، قائلاً في صرامة:
- أريد تذكرة بالدرجة الأولى، على متن أوَّل طائرة، تغادر "تل أبيب"..

سأله مساعده في اهتمام:
- إلى أين؟!

أجابه بمنتهى الصرامة:
- "باريس".

ثم أنهى الاتصال، وعاد يتراجع في مقعده، ويعيد دراسة الأمر كله في رأسه..
ألف مرة..

* * *

لو أن السفارة الإسرائيلية تعرَّضت لتهديد إرهابي بنسفها، لما أحاطت نفسها بكل هذا القدر من الحراسة والحماية..

لقد بدت في ذلك الصباح أشبه بقلعة حصينة، أحاط بها رجال الأمن والحراسة في كل جانب، وانتشرت على سطحها فرق المراقبة ومكافحة الإرهاب، وتم تفتيش كل من يدخلها، على نحو جعل معظم الناس تحجم عن مجرَّد الاقتراب منها، مما أثار غضب السفير الإسرائيلي، الذي استدعى إليه مسئول الأمن، وقال له بمنتهى الصرامة:
- أية حماقة تلك، التي ترتكبها هذا الصباح؟!.. إننا ندعو الناس ليل نهار لزيارة "إسرائيل"، محاولين إزالة الخوف من قلوبهم، تجاه ما يفعله المخربون العرب هناك، ثم تأتي أنت لترهب كل من يقترب من السفارة!.. سأتقدَّم بشكوى رسمية في هذا الشأن، لرئيس الوزراء شخصياً.

أجابه "جونسون" في برود:
- اشك لكل من ترغب يا سيدي السفير.. إنها إجراءات أمن، وأنت خير من يعرف.. عندما يتعلَّق الأمر بأمن "إسرائيل"، فالأمن وحده صاحب الكلمة، دون سواه.

قال السفير في غضب:
- حتى لو أساء هذا إلى "إسرائيل"؟!

زمجر "جونسون"، مجيباً:
- حتى لو فني نصف سكانها، من أجل هذا.

امتقع وجه السفير، وصمت بضع لحظات، عاجزاً عن الكلام، قبل أن يغمغم في عصبية شديدة:
- سأتقدَّم بالشكوى على أية حال.

قال "جونسون":
- افعل أرجوك.

ثم التفت إلى أحد رجاله، قائلاً، وقد تجاهل السفير تماماً:
- ألم يأت بعد؟!

هزَّ الرجل رأسه نفياً، وقال:
- ليس بعد.

ثم تردَّد لحظة، قبل أن يستطرد في حذر:
- ولست أظنه يأتي.

انعقد حاجبا "جونسون"، وهو يقول في صرامة:
- ولماذا؟!

أجابه في سرعة، قبل أن يمنعه توتره:
- لأنه يعلم أننا نبحث عنه، وفي موقف كهذا، ومع ما تحيط به السفارة من إجراءات أمن، لست أظنه يقترب حتى منها.

قال السفير في حنق:
- هذا بالضبط ما أردت قوله.

التفت إليه "جونسون" في عصبية، ولكنه تابع في حدة:
- المفترض أمنياً، لأي شخص عاقل، أن تتم كل هذه الإجراءات في سرية بالغة، بحيث لا يشعر المستهدف بأنه كذلك.

كان هذا صحيحاً تماماً، من الناحية المنطقية..
والأمنية أيضاً..
وهذا يعني أن "جونسون" قد ارتكب خطأً جسيماً..
للغاية..

والأسوأ أنه لم يعد باستطاعته التراجع..
مهما قال..
ومهما فعل..

وبكل توتر الدنيا، راح يدير عينيه فيما حوله، وفيما أمر به..

لقد خالف المبدأ الأمني الرئيسي، وتصرَّف بعصبية شديدة، أفقدته الحكمة، والقدرة على استبصار الأمور بروية وذكاء..
و"جراهام" لن يغفر له هذا أبداً..

وكعادته، سيسعى إلى تدميره..
بمنتهى العنف..

وعلى الرغم منه، ارتجف جسده كله..
واتسعت عيناه عن آخرهما..

ولا ريب في أن هذا بدا واضحاً على ملامحه، حتى أن السفير قد ابتسم في شماتة، قائلاً:
- أدركت الخطأ.. أليس كذلك؟!

تطلَّع إليه "جونسون" في عصبية، دون أن ينبس ببنت شفة..
لم ينطق..
ولم يكن باستطاعته أن يفعل..
لقد أخطأ..
وليس باستطاعته أن ينكر هذا..
ليس باستطاعته أبداً..
أدون "جونسون"..

هتف بها رجل الأمن، في انفعال شديد، فالتفت إليه "جونسون" في لهفة، ليضيف، وهو يشير أمامه:
- ها هو ذا.

واتسعت عينا "جونسون" عن آخرهما..
فعلى عكس كل التوقعات، كان الشاب يدخل إلى السفارة الإسرائيلية، بمنتهى الهدوء والثقة..

وكان هذا بالفعل مفاجأة..
أقوى وأكبر مفاجأة.

* * *

مين هناك 15-05-08 08:49 PM

الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الأسد
 
15- هذا الشبل..


ارتفع حاجبا "قدري"، بمنتهى الدهشة والاستنكار، وهو يحدِّق في وجه "حسن" غير مصدِّق لما سمعه منه، واستغرق تحديقه فيه نصف دقيقة كاملة، قبل أن يهز رأسه في عنف، قائلاً:
- ذهب إلى السفارة الإسرائيلية؟!.. بعد كل ما رويته لي؟!

قلب "حسن" كفيه، وهو يقول بصوت مختنق:
- هذا آخر ما توقعناه جميعاً.. الكل يطارده ويبحث عنه في قلب "باريس"، وهو يعلم أن الإسرائيليين يسعون لاغتياله، بعد أن سعوا لهذا أمس بالفعل، وهذا يعني أنهم قد كشفوا أمره على نحو أو آخر.

غمغم "قدري" في توتر:
- جواز السفر متقن للغاية!!

هزَّ "حسن" رأسه نفياً، وقال في حسم:
- المشكلة لا تكمن في جواز السفر، ولكن في المواجهة السابقة على الأرجح.

تراجع "قدري" متمتماً:
- هل تعتقد هذا؟

أومأ برأسه إيجاباً، فغرق "قدري" في أفكاره بضع لحظات، قبل أن يقول في حيرة شديدة:
- لماذا يعود إليهم إذن؟!

زفر "حسن" في توتر، مغمغماً:
- لديه خطة ما حتماً.

هتف "قدري" في عصبية:
- أية خطة؟!

قلّب "حسن" كفيه مرة أخرى، وهو يمط شفتيه في يأس، قبل أن يقول:
- عندما أبلغوني الأمر منذ دقائق قليلة لم أصدقه في البداية، ثم سرعان ما أدركت أن "أدهم" يمتاز بتركيبة عقلية غير تقليدية، وبجرأة وثقة بالنفس بلا حدود.

تمتم "قدري" في عصبية:
- وبم يمكن أن يفيده هذا؟!

لوَّح "حسن" بيده قائلاً:
- هذا يساعده على القيام بخطوات تخالف كل توقعات الجميع، وربما تبدو حمقاء في البداية، ولكنها حتماً تستند إلى منطق ما، أو إلى خطة معقَّدة، نادراً ما يضعها بنجاح عقل شخص واحد.

وصمت لحظة شرد خلالها بصره، وكأنما يستعيد ذكرى قديمة قبل أن يتابع:
- ولقد درَّبه على هذا لاعب شطرنج شديد البراعة.

ارتفع حاجبا "قدري" في دهشة، وهو يغمغم:
- شطرنج!!

أومأ "حسن" برأسه، وقال، على الرغم من المرارة والحزن المطلان من عينيه:
- نعم.. يجيد الشطرنج إلى حد مذهل، حتى أنه يلاعب نفسه لساعات وساعات، ويدور دور اللاعبين في الوقت ذاته، وخاصة بعد أن أقعدته إصابة عنيفة في ميدان القتال.

غمغم "قدري":
- في الحرب؟!

صمت "حسن" لحظات قبل أن يجيب في بطء:
- في الحرب التي لا تنتهي أبداً.

وصمت لحظة أخرى، ثم استطرد في خفوت:
- حربنا.

أدرك "قدري" ما يعنيه على الفور، وصمت تماماً دون أي تعليق، وشاركه "حسن" صمته المهيب لحظات، ثم قال في حزم:
- والآن.. أما زلت تصرّ على كتمان السر، وترك "أدهم" يواجه مصيره.

وصمت "قدري"..
أو أنه واصل صمته لحظات أخرى..
لحظات طوال..
للغاية..
كان يوازن الأمر في رأسه..
أو يحاول هذا..

لقد وعد "أدهم" بكتمان السر..
مهما حدث..
ومهما تطوَّرت الأمور..

ولكنه يشعر أن الأمور قد تطوَّرت بسرعة..
وأن الموقف صار شديد الخطورة..
إلى أقصى حد..

وهذا يضعه في موقف شديد الصعوبة..
وأمام اختيار بالغ الخطورة..

هل يمنحهم ما يريدون..
أم يمنحه ثقته في أهلك المواقف..
ماذا ينبغي أن يفعل؟!..
ماذا؟!..
ماذا؟!.

* * *

مع غرابة الموقف، راح جسد "جونسون" يرتجف على نحو غريب، على الرغم من تماسكه الخارجي، وهو يستقبل "أدهم" عند مدخل السفارة قائلاً في صوت أراده صارماً قاسياً، ولكنه خرج -على الرغم منه- مرتجفاً منفعلاً:
- أوراقك.

قدَّم له "أدهم" ذلك الإيصال في هدوء مستفز، وهو يقول بالفرنسية:
- أتيت لآخذ جواز سفري طبقاً لهذا الإيصال.

قال "جونسون"، في مزيج من الدهشة والغضب:
- بهذه البساطة؟!

هزَّ "أدهم" كتفيه في هدوء مجيباً:
- ولِمَ لا؟!.. معي إيصال رسمي معتمد منكم.

ثم مال نحوه، وأضاف على نحو مستفز:
- أليس كذلك؟!

نطقها، وهو يتطلَّع إلى عيني "جونسون" مباشرة، مما استفز مشاعر هذا الأخير بشدة، فتطلَّع إليه لحظات في تحدٍّ، ثم أشار إلى رجاله، وهو يقول في صرامة:
- أسأت تقديرنا كثيراً أيها المصري.

بدأ رجاله تحرَّكهم نحو "أدهم" بالفعل، وأدهشهم أن هذا الأخير -على الرغم من صغر سنه- بدا شديد الهدوء، وكأنه لا يخشاهم، أو يبالي حتى بهم، مما استثار مشاعرهم أكثر، وملأها بالعدوانية تجاهه، و..

وفجأة، ظهرت تلك العربات..
عربات كبيرة عديدة، كلها تحمل شعارات قنوات تليفزيونية، ووكالات أنباء مختلفة، فرنسية وعالمية..

وفي لحظات، وقبل حتى أن يستوعب "جونسون" ورجاله الموقف، سطعت مصابيح التصوير، وأضواء الكاميرات التليفزيونية، واندفع عشرات المراسلين، يمطرون موظفي السفارة وعمالها، وحتى روَّادها بالأسئلة، مما جعل "جونسون" يهتف حنقا:
- ماذا يحدث هنا؟!

ابتسم "أدهم"، وهزَّ كتفيه مجيباً:
- يبدو أن أحدهم قضى ليلته ليجري اتصالاته مع وسائل الإعلام المختلفة هنا، ويخبرهم أن السفارة الإسرائيلية تتعامل بعنف وشراسة مع كل من يتقدَّم بطلب تأشيرة دخول إلى "إسرائيل"، ولكن لديها أسبابها التي ستعلنها هذا الصباح، وهم هنا؛ حتى لا يفوتهم السبق الإعلامي.
تضاعف غضب "جونسون" ألف مرة، وهو يتطلَّع إلى عينيه مباشرة

فاتسعت ابتسامة "أدهم" الساخرة، وهو يقول في هدوء:
- والآن، هل يمكنني استعادة جواز سفري؟!

نقل "جونسون" بصره بين "أدهم" ورجال الإعلام لحظات، ثم أفسح له الطريق وهو يقول في سخط:
- بالتأكيد.

وفي هدوء مستفز، اتجه "أدهم" نحو مبنى السفارة، وعبره بابتسامته الهادئة، فتبعه مدير الأمن ببصره في صمت، ثم أشار إلى أحد رجاله، مغمغماً:
- الخطة (ب).

تحرَّك الرجل في سرعة؛ لتنفيذ الخطة (ب) في حين تصدَّى "جونسون" لرجال الإعلام المنتشرين في المكان، قائلاً في صرامة، لم تخْلُ من التوتر:
- مهلاً أيها السادة، أنتم الآن على أرض إسرائيلية (*)، وتخالفون كل النظم القانونية والدبلوماسية.

راح المراسلون والإعلاميون يجادلونه في الأمر، ويناقشون قوانين الحريات، والنظم الدبلوماسية، في حين انشغل هو عنهم بمتابعة ما يفعله رجاله، الذين انتشروا على نحو مدروس، بحيث يمنعون الكل في هدوء من دخول السفارة؛ حتى ينفرد "أدهم" وحده بالمكان..

ثم فجأة، انطلق إنذار الحريق، وصاح "جونسون":
- إنه حريق داخل السفارة.. ابتعدوا بسرعة.

ومع حالة الفوضى التي سادت المكان فور انطلاق إنذار الحريق اندفع خمسة من رجال أمن السفارة الأشداء، نحو "أدهم" الشاب، وتعاونوا على تكبيل حركته، وأحدهم يغرس مسدسه في مؤخرة عنقه، ثم حملوه في عنف وسرعة، إلى حجرة جانبية، أغلقوا أبوابها بمنتهى الإحكام خلفهم..

وهكذا أصبح "أدهم" الشاب في قبضتهم..
في قبضة العدو..
الإسرائيلي.


* * *

(*)تنص القواعد والقوانين في كل دول العالم على اعتبار أرض أية سفارة والمتمثلة في حدودها السكنية تعد أرضاً تابعة لدولة السفارة، وليس الدولة المضيفة، والاعتداء عليها يعد اعتداءً على الدولة صاحبة السفارة مباشرة.

tiger man 16-05-08 10:23 PM

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااا

عز الدين الفارس 17-05-08 12:08 AM

مشكووووووووووووووور

ابووسيم 17-05-08 05:12 AM

تسلم وما زلنا متابعين

رامبو 18-05-08 11:17 AM

اشكركم علي كل نا تفعلوة من اجلنا

نور الهدى4 20-05-08 01:18 PM

أخي مين هناك

شكراعلى على المتابعة

العسل 20-05-08 03:27 PM

القصة أكثر من رائعة ولكن أرجوا تكملتها بسرعة لأني سوف أسافر يوم الإثنين ولا يوجد إنترنت في المكان الذي سوف أذهب إليه
وجزاكم الله خيرا

mansour2 22-05-08 06:15 PM

مشكور وننتظر التكملة

مين هناك 22-05-08 07:06 PM

الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الاسد
 
16– أسير خاص..



"لا.."
نطق "قدري" العبارة بمنتهى القوة والحزم، فاحتقن وجه "حسن" في شدة، وهو يهتف به في عصبية، لا تليق برجل مخابرات:
- ماذا تعني بهذه الـ "لا"؟!

أجابه "قدري" في حزم أكثر:
- أعني "لا".. بكل بساطتها ووضوحها.. لا.. لا.. لا.. لن أحنث بقسمي لصديقي "أدهم" قط مهما فعلتم، ومهما كان الثمن.

احتقن وجه "حسن" وهو يهتف به:
- حتى ولو كانت حياته هي الثمن.

صمت "قدري" لحظة احتقن خلالها وجهه المكتظ قبل أن يجيب:
- ما من مخلوق في الدنيا كلها يمكن أن يؤثِّر بقدر أنملة في حياة أو موت مخلوق آخر.. الأعمار بيد الله -سبحانه وتعالى- وحده، ولقد حدَّد موعد موتنا قبل حتى أن نولد.

قال "حسن" في حدة:
- هذه الفلسفة لن تنقذ حياته لو قرَّر الإسرائيليون التخلُّص منه.

قال "قدري" في حدة مماثلة:
- وماذا عنكم؟!

بُهِت "حسن" للسؤال، فتساءل في عصبية:
- ماذا تعني؟!

أجابه "قدري" بنفس الحيرة:
- أعنيكم أنتم يا رجال المخابرات.. أنتم تخاطرون بأرواحكم طوال الوقت، ولا تطرحون على أنفسكم قط هذا السؤال.. لا تفكرون لحظة في حياتكم أو موتكم، فلماذا تحرمون "أدهم" من هذا؟

صاح به "حسن":
- نحن نقاتل ونضحي في سبيل ما نؤمن به.

هتف "قدري":
- وهذا ما يفعله هو.

مرة أخرى بُهِت "حسن" للقول، وحدَّق في وجه "قدري" الذي انخفض صوته في تأثُّر، وهو يستطرد:
- ربما لا تقتنعون بهدفه، ولا توافقون عليه، ولكنه يقاتل في سبيل ما يؤمن به، وليس لديه أدنى خوف، أو تردُّد في التضحية من أجله بحياته نفسها.. لو اقتضى الأمر.

صمت "حسن" لحظات قبل أن يميل نحوه قائلاً:
- أأنت مستعد لاحتمال وزر ما يصيبه حتى آخر يوم في حياتك؟!

تضاعف تأثُّر "قدري"، وهو يقول:
- قد يدمرني هذا بالفعل.

ثم اعتدل، واكتسب صوته حزماً شديداً، وهو يضيف:
- ولكن هذه هي الصداقة.. أن تضحي من أجل صديقك، وأن تثق به، وتعاونه فيما يسعى إليه، حتى لو اختلفت معه.. المهم أن تؤمن به، وبنبل وعدالة هدفه، وليفعل الله عزَّ وجلَّ بعدها ما يشاء.

كم راق هذا المبدأ لرجل المخابرات..
كم فهمه..
واستوعبه..
وقدَّره..
واحترمه..

وكم ضاق به في هذا الموقف بالذات..
الموقف الذي يتعلَّق بابن صديق وزميل عمره الراحل..
"أدهم".. "أدهم صبري"..

"أدهم".. الذي دخل بقدميه السفارة الإسرائيلية في "باريس"..
إلى وكر الذئاب..
والله -سبحانه وتعالى- وحده يعلم ماذا يفعلون به الآن؟!..
ماذا؟!..

* * *

التفَّ رجال الأمن الخمسة الأشداء حول "أدهم"، وكبَّلوا حركته في شدة، وألصق ثلاثة منهم فوهات مسدساتهم بجسده، وأحدهم يقول في صرامة شرسة، وباللغة العبرية القديمة:
- همسة واحدة وأفرغ رصاصات مسدسي في رأسك.

أدهشه وأحنقه ذلك الهدوء الشديد الذي بدا في ملامح "أدهم" وصوته، وهو يقول:
- حقاً؟!.. لماذا لا يقنعني هذا؟!

ثم ضرب قدمه في الأرض بقوة، مستطرداً في حزم:
- ألا إنكم لا تستطيعون قتلي، بعد أن سجَّلت كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية دخولي إلى سفارتكم؟!

قبل أن يبحث الرجال الخمسة عما يجيبون به انبعث فجأة دخان أبيض، من حذاء "أدهم"، فهتف أحدهم:
- ماذا يحدث؟!

كتم "أدهم" أنفاسه في قوة، وترك العمالقة الخمسة من حوله يتحرَّكون في اضطراب وارتباك تأميني..
فوحده كان يعلم ماذا يحدث..

دروس الكيمياء التي لقنه إياها والده، تحت إشراف خبير كيميائي أتت ثمارها الآن..

مساحيق وسوائل التنظيف التي ابتاعها، وظل يخلطها ببعضها البعض بنسب دقيقة طوال ليلة أمس تحوَّلت على يديه إلى قنبلة..

قنبلة غاز مثير للأعصاب، ثبتها في أسفل حذائه بين الكعب والباطن داخل غلاف مطاطي منتفخ..
وبضربة فنية فجَّره..
واختلط السائل بالهواء..
وانطلق الغاز..
ولأنه تدرَّب جيداً على مثل هذه الأمور منذ نعومة أظفاره، فقد كان يعلم أن الوسيلة الوحيدة؛ لتفادي تأثير الغاز هي أن يكتم أنفاسه..

ولقد فعلها..
ومن حوله راح الرجال الخمسة يسعلون..
ويسعلون..
ويسعلون..

وهنا.. تحرَّك هو..
كان أقلهم حجماً يبلغ ضعف حجمه على الأقل، وعلى الرغم من هذا فقد تحرَّك في نشاط مدهش، وهو ما زال يكتم أنفاسه، وتملَّص من بين أيديهم المرتجفة، وراح يوزِّع عليهم لكماته وركلاته، ذات اليمين وذات اليسار، لتتحطَّم الأنوف، وتتساقط الأسنان، وتتفجَّر الدماء..

وبكل الألم والغضب صرخ قائد الرجال الخمسة:
- تماسكوا، ولا تسمحوا له بالفرار، حتى لو...

أخرسته لكمة كالقنبلة من قبضة "أدهم" الشاب، الذي وثب يعتلي بقدمه اليسرى ظهر أحد الرجال الآخرين، وركل الباب المغلق بقدمه اليمنى في قوة كبيرة حطَّمت رتاج الباب، وفتحته على مصراعيه، ليقفز هو خارجه إلى ساحة السفارة، أمام عدسات أجهزة الإعلام التي لم ينجح "جونسون" في صرفها بعد..

وللحظة ساد المكان كله صمت تام..
صمت صنعته الدهشة..
وصنعه الغضب والحنق..
غضب "جونسون"..
وحنقه..

ولكن "أدهم" قطع ذلك الصمت، وهو يبتسم لعدسات الإعلام قائلاً:
- معاملة جيدة.. أليس كذلك؟!

لم ينطق أحدهم بحرف واحد، وإن احتقن وجه "جونسون"، وارتبك موظفو السفارة، في حين اتجه "أدهم" الشاب في هدوء شديد، نحو موظفة السفارة، وقدَّم لها الإيصال، وهو يبتسم قائلاً:
- جواز سفري من فضلك.

اتسعت عينا الموظفة، والتفتت إلى "جونسون" الذي عضَّ شفتيه في غيظ، وأومأ لها برأسه إيماءة خفية، وتركَّزت كل عدسات وكالات الأنباء عليها، فالتقطت الإيصال بأصابع مرتجفة، وناولت "أدهم" جواز سفره، وهي تغمغم:
- معذرة.. الأمن اعترض على منحك تأشيرة دخول إلى "إسرائيل".

قال في هدوء، وهو يستعيد جواز السفر:
- لا بأس... كنت أتوقَّع هذا.

منحها ابتسامة أخرى، ثم رفع جواز سفره؛ لتراه كل وكالات الإعلام، وهو يغادر السفارة قائلاً بالفرنسية:
- رفضوا منحي التأشيرة.

وأطلق ضحكة ساخرة، مستطرداً:
- ويدعوننا لزيارة "إسرائيل"... يا للمهزلة!

اندفع مندوبو وكالات الأنباء يلتفون حوله، وحول "جونسون"، ويطرحون عشرات الأسئلة في لهفة، وبقدر ما بدا "أدهم" هادئاً مبتسماً، بدا "جونسون" عصبياً متوتراً، وكاد يشتبك مع اثنين أو ثلاثة من الصحفيين ورجال الإعلام، قبل أن يشعر بيد توضع على كتفه، ويسمع من خلفه صوتًا حازمًا يقول بالعبرية:
- اهدأ يا رجل.. إنها مجرَّد جولة.

التفت "جونسون" بحركة سريعة إلى مصدر الصوت، ووقع بصره على "دافيد جراهام"، فهتف في لهفة متوترة:
- أدون (دافـ....)

قاطعه "جراهام" في صرامة، وكأنه ينبهه إلى تجاوزه:
- لا قيمة للأسماء في مثل هذا الموقف يا رجل.. دعني أرى الهدف أوَّلاً، وحاول أن تبتسم... العالم كله يشاهدك الآن.

كلماته هذه لم تهدئ "جونسون"، وإنما ضاعفت من توتره، في حين تركه "جراهام"، واتجه نحو حشد الصحفيين؛ ليلقي نظرته الأولى المباشرة على "أدهم"؛ إيذاناً ببدء جولة جديدة من الصراع..
جولة وحشية..
إلى أقصى حد.

* * *

رانى كات 23-05-08 12:23 AM

مشكوره نور الهدى
وكل من ساهم معها فى انزال الروايه الرائعه
وفى انتظار البقيه ان شاء الله

نور الهدى4 25-05-08 12:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانى كات (المشاركة 1429861)
مشكوره نور الهدى
وكل من ساهم معها فى انزال الروايه الرائعه
وفى انتظار البقيه ان شاء الله

العفوووو أختي

و بالعض شكرا خاص لأخ مين هناك

على مساعدة في انزل الأجزاء في فترة انشغالي بالامتحانات

دودى_2007 25-05-08 05:02 PM

تسلموا اخوتى على الرواية الرائعة
واوجو تحويلها لملف على صيغة pdf حتى يسهل تحميلها
ولكم جزيل الشكر

مين هناك 25-05-08 07:41 PM

لا شكر على واجب اخت نور الهدى وبالنسبة للاخت دودى_2007 فانه عند انتهاء نزول جميع فصول الرواية سوف تجدينها على هيئة PDF على المنتدى

saad amorshedi 25-05-08 08:18 PM

مشكور على الجهد وننتظر بقية الرواية على أحر من الجمر .. وأرجو أن تكون كاملة .. أرهقنا التقسيط

basimbma 25-05-08 11:37 PM

gooooooood

طماطمايه 26-05-08 02:06 PM

شكرا على المجهود الرائع ..

givara diab 29-05-08 04:10 PM

Thanks Alot

مين هناك 29-05-08 10:16 PM

الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الاسد
 
[CENTER]17- مخالب الوحش..

كادت أصابع "حسن" تعتصر سمَّاعة الهاتف، وهو يقول لمحدِّثه، في توتر شديد:
- "جراهام".. "دافيد جراهام" هناك!

أجابه الملحق العسكري لسفارة "مصر" في "باريس" عبر الهاتف:
- نعم.. الإسرائيليون دخلوا اللعبة بكل ثقلهم، و"دافيد جراهام" هو ثعلبهم رقم واحد، وذئبهم المفترس، وظهوره على الساحة يعني أنهم قد نقلوا الصراع إلى مرحلة جديدة.

تمتم "حسن" في عصبية:
- وأنهم قد كشفوا أمر الفتى، وقرَّروا تصفيته.

وسرت ارتجافة خفيفة عبر صوته، وهو يستطرد:
- أو الحصول عليه.

صمت الملحق العسكري لحظات، ثم قال في حزم:
- أعتقد أنه من الضروري إبلاغ الجهاز، في هذه المرحلة.

صاح به "حسن" في حدة:
- كلا..

ثم حاول تمالك أعصابه، وهو يضيف:
- لقد أخبرتك منذ البداية أنها عملية شخصية.

أجابه الملحق العسكري في حزم:
- عندما يدخل الإسرائيليون اللعبة لا تعود هناك عمليات شخصية، وبالذات في ظروف الاستعداد للحرب.

زفر "حسن" في عصبية، وهو يقول:
- التدخُّل الرسمي سيفسد كل شيء.

قال الملحق العسكري في حزم أكثر:
- هذا ليس سبباً.

صمت "حسن" تماماً، وهو لا يدري ماذا يقول....
إنه يعلم أن الملحق العسكري على حق..
على حق تماماً..

القواعد تحتم جعل الأمر رسمياً، ما دام الإسرائيليون قد علموا به، ودخلوا اللعبة..
وبكل قوتهم..

وصول "دافيد جراهام" إلى الساحة يعني أن الصراع سيتخذ حتماً سمة جديدة...
سمة وحشية..
إلى أقصى حد..

وهذا أمر بالغ الخطورة..
للغاية..
ووحده لن يستطيع مواجهة "الموساد" كله..

وكذلك "أدهم"..
صحيح أنه قد تلقَّى تدريبات لم يتلقَّها شاب في عمره قط عبر تجربة فريدة لا مثيل لها، إلا أن هذا لا يعني أنه قادر على مواجهة جهاز مخابرات بأكمله..
ربما فريق أو فريقين منه..
ولكن ليس الجميع..

الكثرة حتماً ستغلب الشجاعة..
والبسالة..
والجرأة..
وحتى المبدأ..

وصحيح أنه يخشى أن يفسد هذا أمل "أدهم" في الالتحاق بالمخابرات، ولكن ما باليد حيلة.. حياته أصبحت أمام مستقبله..
وعليه هو أن يختار..
حياة "أدهم"..
أو مستقبله..

وبحسبة سريعة، حسم أمره، وقال للملحق العسكري في حزم:
- أنت على حق.. لا بد من إبلاغ الجهاز.

وأنهى المحادثة مع الملحق العسكري، ثم التقط سمَّاعة الهاتف مرة أخرى؛ ليطلب رئيسه المباشر..
فقد اتخذ قراره، وقلبه يبكي..
دماً..

* * *

عبر شوارع "لندن" القديمة، راح الناشط الفلسطيني "فاضل" يتحرَّك في نشاط، وهو يمسك يد ولده الصغير، الذي بدا فرحاً منشرحاً، وهو يسير إلى جوار والده، الذي قلَّما يراه أو يقضي بعض الوقت معه..

فالرجل أحد الزعماء الكبار لمنظمة "فتح"، التي نشأت من قلب الشعب الفلسطيني، بعد معاناته الطويلة مع الاحتلال؛ للتصدي للعدوان، والسعي لاسترداد الأرض السليبة، التي طردهم منها من لا يستحقها..

ولأنه أحد الزعامات السياسية، فعمله كله يقتصر على شرح القضية الفلسطينية للمجتمع الدولي، والسعي لجلب المساعدات المادية والمعنوية لصالح المنظمة، والشعب الفلسطيني كله..

باختصار، كان أشبه بسفير لوطنه في بلاد العالم المختلفة..

ولأن وطنه محتل، والمستعمر لن يسمح له بممارسة نشاطه، فقد اتخذ من "لندن" مستقراً، ونقطة انطلاق إلى هدفه ومستقبل بلاده..

وبحكم طبيعة عمله، كان رجلاً دبلوماسياً هادئاً، ونموذجاً لما ينبغي أن يكون عليه المواطن المغترب، فقد تزوَّج من فلسطينية، واستقر في منطقة "بيكاديللي"، وأقام علاقات طيبة مع جيرانه، وصداقات مثالية مع زملاء العمل، وأنجب طفلاً واحداً، وراح يمارس عمله متصوِّراً أن مناخ الحرية السائد هناك سيتيح له هذا..

ولكن الإسرائيليون كان لهم رأي آخر..
رأي ترجموه في صورة قرار..
قرار اغتيال..

أوَّل قرار للإدارة الجديدة في "الموساد"..
إدارة الاغتيالات..

لذا فقد راح رجلان ضخما الجثة، يتبعان "فاضل" وابنه عبر شوارع مدينة الضباب، حتى توقَّف عند متجر للألعاب؛ ليبتاع لعبة لولده، فسحب كلاهما مسدسه المزوَّد بكاتم للصوت، واتجها نحوه من الجانبين، وصوَّبا إليه المسدسين، وصاح به أحدهما بالعبرية:
- أيها المخرِّب العربي.

استدار إليه "فاضل" في ذعر، ورأى الفوهتين المصوَّبتين إليه، فصرخ، وهو يثب؛ ليحمي ابنه بجسده:
- لا.. ليس ولدي.

ومع صرخته، انطلقت الرصاصات الغادرة..
رصاصة..
وثانية..
وثالثة..
ورابعة..
وكلها تلقَّاها جسد "فاضل"..
تلقَّاها وهو يحمي ابنه..
ابنه الوحيد..

وعندما سقط مضرجاً في دمائه، وهو يحتضن ابنه الذي راح يحدِّق فيه في رعب، غير مستوعب ما حدث، انطلق الغادران الإسرائيليان يعدوان مبتعدين، والمارة يسرعون نحو المكان، وقد انخلعت قلوبهم، مع مرأى الطفل المسكين، الذي تفجَّرت عيناه بالبكاء، وهو يهز جثة والده ويحتضنها محاولاً إيقاظه أو إنعاشه..
ولكن الجريمة كانت قد اكتملت..
الجريمة الإسرائيلية..
الغادرة..

* * *

"سنختطفه، بعد أن ينصرف الإعلاميون.."

نطقها "جونسون" في مقت، وهو يشير إلى "أدهم"، فأمسك "جراهام" يده، وخفضها قائلاً في صرامة:
- اهدأ يا رجل، ودعه ينصرف بأمان.

قال معترضاً:
- ولكن..

قاطعه "جراهام"، في صرامة أكثر:
- سنتولى نحن أمره من هنا.

استوعب "جونسون" الأمر على الفور، وغمغم في توتر:
- أنتم؟!

أجابه "جراهام" بكلمة واحدة مقتضبة صارمة:
- نحن.

كان "أدهم" الشاب يواصل توزيع ابتساماته وكلماته الهادئة على رجال الإعلام، الذين سرعان ما أفرغوا جعبتهم معه، وعادوا يحيطون برجال السفارة، بحثاً عن سبق جديد، فانسلَّ "أدهم" مبتعداً، و"جراهام" يتابعه ببصره في اهتمام، وهو يومئ برأسه، على نحو متَّفق عليه..

وعلى الفور تحرَّك ثلاثة من رجاله من ثلاثة اتجاهات مختلفة، وراحوا يتبعون "أدهم" في إطار تدرَّبوا عليه طويلاً في أقبية "الموساد"..

وفي هدوء شديد سار "أدهم"، وكأنما لا يشغل شيء في الوجود باله، أو كأنه لا ينتبه إلى مراقبيه، الذين همس أحدهم عبر جهاز اتصال خفي:
- الهدف يتجه إلى قلب المدينة.

أجابه "جراهام" في صرامة:
- أنتم تطاردون شبلاً عنيداً، فلا ترفعوا عيونكم عنه لحظة واحدة.

كان يرغب بشدة في الإيقاع بالشاب؛ حتى يتوصَّل إلى حل اللغز..
لغز "أدهم"..
كان يريد أن يعلم: لماذا يطارده المصريون؟!..
ولماذا يهرب هو منهم؟!..
لماذا؟!..
لماذا؟!..

ولأنه نقل رغبته الشديدة هذه إلى رجاله الثلاثة، فقد تعقَّبوا "أدهم" بكل حماستهم، وهو ينتقل من مكان إلى مكان، حتى دلف إلى إحدى الأسواق المزدحمة حول نهر "السين"، وامتزج بالمارة، وغاص وسط الزحام، فأسرعوا يتخذون تشكيلاً خاصاً بمثل هذه الأمور، وحاصروا المجموعة كلها، وبدءوا خطة تضييق الحصار..
وضاق حصارهم أكثر.. وأكثر..

وفجأة، أدركوا ما غاب عنهم وسط الزحام..
لقد اختفى "أدهم" الشاب من المكان..
تماماً.

* * *
[/CENTER]

رامبو 30-05-08 02:13 AM

شكراعلى المجهودونرجوا تنزيل باقى الرواية

بوسبوس 30-05-08 06:52 PM

شكرااااااااااااااااااا

علي الصريمي 31-05-08 09:04 AM

ايييييييييييييييييييييين الباقي

مستعجلين

علي الصريمي 31-05-08 09:06 AM

لكم الف مليون شكر

:liilas:

رامبو 01-06-08 03:15 AM

اين باقى القصة ارجوسرعة التنزيل وشكرا لكم

DRSICOMAN 01-06-08 10:06 PM

بصراحة انتم احسن منتدى انا شفته بس ياريت تنزلوا معظم اعداد رجل المستحيل كتابة و نقراها من على المنتدى thankssssssssssssss u r excellanttttttttttttt

DRSICOMAN 01-06-08 10:09 PM

:liilase::::liilase::::::liilase::liilase:::::party0007::par ty0007:::::lol::lol::friends::::friends:بصراحة انتم احسن منتدى انا شفته بس ياريت تنزلوا معظم اعداد رجل المستحيل كتابة و نقراها من على المنتدى thankssssssssssssss u r excellanttttttttttttt

مين هناك 05-06-08 11:23 PM

الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الاسد
 
18- الفرنسيون وصلوا..


انعقد حاجبا المفتش "آلان" في شدة وهو يتابع ذلك اللقاء الذي بثّته وسائل الإعلام الفرنسية مع "أدهم" الشاب، وقال في صرامة وهو يشير إلى شاشة التليفزيون:
- إنه هو.

وضغط زراً على مكتبه، فأسرع إليه مساعده "بيير" متسائلاً:
- أوامرك أيها الرئيس.

عاد "آلان" يشير إلى الشاشة قائلاً:
- هذا هو الشاب الذي نبحث عنه.

التفت "بيير" إلى الشاشة متسائلاً في حذر:
- حقاً؟!

أجابه "آلان" وهو يلتقط سترته:
- الأوصاف تنطبق عليه تماماً، وما يفعله مع الإسرائيليين يؤكِّد أنه هو.

قال "بيير" متردِّداً:
- كلنا نتابع ما يحدث، ولكن...

قاطعه "آلان" بمنتهى الصرامة:
- لا يوجد لكن.. إنه هو.. أرسل فريقاً من رجالنا إلى هناك فوراً.

سأله "بيير":
- ليفعلوا ماذا؟!

قال "آلان" في حدة:
- ليلقوا القبض عليه بالطبع.

قال "بيير" في سرعة:
- وماذا لو كنا مخطئين؟!

التفت إليه "آلان" بحركة حادة غاضبة، و...
وتوقَّف..
كان لا بد وأن يدير الأمر في رأسه فعلياً..

نعم.. ماذا لو كانوا مخطئين؟!
ماذا؟!

في هذه الحالة سيحق للشاب أن يشكوهم..
ويقاضيهم..
ويدمِّر مستقبلهم كله..

لا بد إذن من دليل..
دليل حاسم..
قاطع..
ومادي..


"سنكتفي بمراقبته الآن إذن"..
نطقها في عصبية شديدة وهو يرتدي سترته، ثم اندفع خارجاً، فهزَّ "بيير" رأسه، واتبعه في سرعة..

وعندما استقلا سيارتهما، وخلفهما فريق من الرجال، كان مراقبو "الموساد" يقلبون منطقة نهر "السين" بحثاً عن "أدهم" الذي اختفى تماماً..

وفي توتر بالغ قال أحدهم لرئيسه "جراهام" عبر جهاز الاتصال:
- أدون "جراهام".. لقد اختفى.

كان يتوقَّع ثورة عارمة من "جراهام"، إلا أنه فوجئ به يقول في هدوء:
- لا بأس.. كنت أتوقَّع هذا.

قال الرجل في دهشة:
- كنت تتوقَّع اختفاءه؟!

أجابه في صرامة شديدة:
- بل كنت أتوقَّع أنني أعمل مع أغبياء.

صدمه الجواب، فلاذ بالصمت التام، في حين قال "جراهام" مستطرداً:
- ولكنني أعرف ماذا ينبغي أن نفعل في المرحلة التالية.

سأله الرجل في لهفة:
- ماذا؟!

أجابه "جراهام" في حزم:
- سيحاول الحصول على هوية جديدة.

غمغم الرجل مبهوراً:
- حقاً؟!

زمجر "جراهام"، قائلاً:
- إنه يحمل جواز سفر باسم "موريس ديلون"، ويعلم أن لدينا اسمه ورقم الجواز، وأن هذا سيمنعه من الإقامة بهما في أي مكان يمكننا البحث عنه فيه؛ لذا فهذا يحتم عليه أن يحصل على هوية جديدة، أو جواز سفر جديد باسم آخر، وربما بجنسية مختلفة أيضاً.

تساءل الرجل في حذر:
- وكيف يساعدنا هذا على العثور عليه؟!

قال "جراهام" في اهتمام:
- إننا نعرف كل أوكار الجريمة في "باريس"، ولنا رجالنا في كل وكر منها.. سنبلغهم جميعاً بمواصفات الشاب، وبأنه قد يلجأ إلى أحد كبار المزيِّفين؛ للحصول على هوية جديدة، وعليهم إبلاغنا فور ظهوره.

تساءل الرجل في حذر أكثر:
- وهل يمكن أن..

قاطعه "جراهام" مرة أخرى في صرامة:
- سنبحث في الوقت ذاته عن "موريس ديلون" الشاب؛ حتى لا يخدعنا بالاحتفاظ باسمه وهويته، فما فهمته من أسلوبه هو أنه يلجأ دوماً لما لا يتوقَّعه منه أحد.

قال الرجل في اهتمام:
- مثل عودته إلى السفارة؟!

انعقد حاجبا "جراهام" وهو يقول محدِّثاً نفسه:
- هذا ما أتساءل عنه حتى هذه اللحظة.. لماذا عاد، لو أنه لا يحتاج إلى جواز سفره؟!.. لماذا؟!

غمغم الرجل:
- ربما لأنه يحتاج إلى جواز سفره، ولن يبدل هويته.

قال "جراهام" مفكِّراً:
- أو أنه يريدنا أن نعتقد هذا.

تساءل الرجل في حيرة:
- ولكن لماذا؟!

ازداد انعقاد حاجبي "جراهام"، وهو يقول:
- نعم.. هذا هو السؤال.. لماذا؟!.. لماذا؟!

ثم نفض السؤال عن ذهنه في حدة، وهو يستطرد في صرامة:
- ولكننا لن نضيع الوقت في التساؤل.. ابدأوا عملكم فوراً.. أريد هذا الشاب بأي ثمن.

سأله الرجل في سرعة:
- حياً؟

صمت "جراهام" لحظة، ثم أجاب بكل الصرامة:
- لو أمكن.

سأله الرجل، في شغف عجيب:
- فإن لم يمكن؟

أجابه في سرعة وصرامة:
- فميتاً.

وكان جوابه حاسماً..
للغاية..

* * *

"لا أثر له في أي مكان"..
نطق الملحق العسكري لسفارة "مصر" في "باريس" العبارة في توتر شديد، وهو يواجه "حسن" الذي وصل إلى مطار "أورلي" على متن أوَّل طائرة قادمة من "القاهرة"، فقال "حسن" في صرامة، وهو يضع حقيبته الصغيرة الوحيدة، في صندوق سيارة السفارة التي تقف أمام المطار:
- جواب لا يناسب رجل أمن مخضرم..

غمغم الملحق العسكري في ضيق:
- لا تنسَ أن الشاب مدرَّب جيداً على التخفي.

كان "حسن" يعلم جيداً أن الملحق العسكري على حق..
لقد تلقَّى "أدهم" تدريبات كثيرة قوية في هذا المضمار..
تدرَّب على يد والده الراحل الذي يسعى اليوم للانتقام له..

وتمرَّن على يد العميد.. ذلك العبقري المعقد، الذي أسند إليه أوَّل مهمة رسمية في عالم التخابر، دون حتى أن يعلم والده بهذا..

ولقد أثبت دوماً تفوقاً..
وموهبة..
وبراعة مذهلة..

وها هو ذا الآن يثبت موهبته وبراعته وتفوقه..
ويختفي..

وفي مدينة مثل "باريس" يمكن لعبقري مثله أن يذوب وسط الزحام، ولا يترك خلفه أدنى أثر يرشد إليه..

وهذا سيجعل المهمة صعبة..
مهمته..
ومهمة المخابرات العامة المصرية..
وحتى مهمة "الموساد"..
وربما الشرطة الفرنسية أيضاً!!..

ولكنه يعني -في الوقت ذاته- أن الخطر المحيط بالشاب قد تضاعف إلى حد مخيف..
فالكل يبحث عنه..
الأصدقاء والأعداء..
الكل بلا استثناء..
وبلا رحمة..

"لقد تحوَّل الأمر إلى مهمة رسمية.."..
نطقها "حسن" في صرامة، فسأله الملحق العسكري في اهتمام قلق:
- حقًا؟!..

أجابه "حسن" وهو يدلف معه إلى السيارة:
- رجالنا هنا يبحثون عنه الآن بأسلوب المحترفين، وسيبلغوننا فور عثورهم عليه.

قال الملحق العسكري:
- المهم أن يصلوا إليه قبل الإسرائيليين.

وانعقد حاجبا "حسن" في شدة، دون أن ينطق حرفًا واحدًا..

فهذا ما يقلقه حقًا إلى حد الموت في هذه اللحظات بالذات..

من سيربح سباق العثور على "أدهم" الشاب؟!..
من؟!

* * *

علي الصريمي 06-06-08 12:03 PM

نتظر التكلملة على احر من الجمر

وشكراً لك

lamada305 07-06-08 10:57 AM

شكرا يا اخوانى على القصه الرائعه
وفى الانتظار

bila 08-06-08 04:24 PM

مشكورين كثيرا علي الرواية:rdd12zp1: بس فين الباقي ..........انا مش قادرة استحمل:Taj52::52: بسرررررررررررررررررررررررعة:busted_red: وعلي العموم شكرررررررررررررررررررررررررررررا:Thanx:

مين هناك 10-06-08 01:38 PM



الاخوان الافاضل مازلننا نكرر ان سبب التاخير في نزول الرؤاية ليس بايدينا لانه راجع لموقع اخر يقوم بانزال الرواية على عدة اجزاء كل جزء في اسبوع و فور نزول الجزء نقوم بجلبه إلى المنتد ى فنرجو من الاخوة الافاضل التحلي بالصبر لحين انتهاء المدة الزمية المقررة لنزول الجزء الجديد

نور الهدى4 11-06-08 12:19 PM

اهلا أخ مين هناك

أشكرك مع آخرى على متابعة كتابة القصة في ظل غيابي

أتمنى من الاعضاء ان يتأكدوا أنه فور صدور الأجزاء نقوم بإنزالها سوى مني أو من الاخ مين هناك

و لك جزيل الشكر

مين هناك 12-06-08 08:38 PM

الجزء الجديد من العدد الخاص أنياب الاسد
 
19- سباق الموت..

نزع المزوِّر الفرنسي "روجيه" منظاره السميك، وهو يتطلَّع إلى الواقف أمامه في حذر، قبل أن يسأله:
- تريد جواز سفر أجنبياً؟!.. وبأية جنسية بالضبط؟!

أتاه الجواب في سرعة:
- إسرائيلية.

تراجع "روجيه" في دهشة بالغة، وهو يردِّد مستنكراً:
- إسرائيلية؟!.. ومن ذا الذي يريد جواز سفر إسرائيلياً؟!!

أجابه الواقف أمامه في صرامة:
- أظنُّ أجرك لا يتضمَّن إلقاء الأسئلة.

انعقد حاجبا "روجيه"، وهو يغمغم:
- أنت على حق.

ثم تساءل في اهتمام:
- وبأي اسم تريده؟!

أجابه بنفس السرعة:
- أي اسم، يشير إلى يهودية صريحة.

صمت "روجيه" لحظة، ثم سأله في حذر:
- شرقية أم غربية.

تردَّد الواقف لحظة، قبل أن يجيب في حذر:
- غربية.. على الأرجح.

لم يتوقَّف "روجيه" طويلاً إزاء تردُّده؛ ربما لأنه اعتاد أن يأتيه زبائنه متوترين في معظم الأحيان، ولكنه قال في صرامة:
- سيكلفك هذا خمسة آلاف فرنك.. يُدفع نصفها مقدماً.

أخرج محدِّثه رزمة نقدية، وضعها أمامه، قائلاً:
- متى أعود لاستلامه.

أجابه "روجيه"، وهو يلتقط رزمة النقود، ويدسها في جيبه في لهفة:
- مساء الغد، على أقصى تقدير.

قال في حزم:
- كلا.

ارتفع حاجبا "روجيه" في دهشة، وهو يقول:
- ماذا تعني؟!

أجابه في صرامة شديدة:
- الجواز يجب أن ينتهي قبل صباح الغد.

قال "روجيه" في توتر:
- مستحيل!.. الوقت لن يكفي لذلك.

قال محدثه في صرامة:
- في هذه الحالة، سنضطر لإلغاء الصفقة.. أعِد إليّ النقود.

وضع "روجيه" يده على جيبه، في حركة غريزية سريعة، وكأنما يحاول منع رزمة النقود من مغادرته، وقال في توتر:
- يمكنني تسليمه لك، في الوقت الذي تطلبه مقابل ألف فرنك زائدة.

قال محدثه بكل صرامته:
- لا.. أعد إليّ النقود.

هتف "روجيه" في ذعر:
- لا.

ثم مال نحوه، وحاول أن يبتسم، مستطرداً:
- ستجده جاهزاً، في الخامسة صباحاً.

قال محدثه، بنفس الصرامة:
- مع تأشيرة دخول إلى "باريس"، بتاريخ سابق.

قال "روجيه" في سرعة:
- بالطبع.. بالطبع.

أومأ محدِّثه برأسه، واستدار منصرفاً، وتبعه "روجيه" ببصره لحظات، ثم التقط سمَّاعة هاتف داخلي بسرعة، وقال لأحد معاونيه في صرامة:
- اتبع هذا الشاب، واعلم أين يقيم.

اندفع معاونه لتنفيذ الأمر، في حين أنهى "روجيه" المحادثة، وعاد يطلب رقماً جديداً، ليقول في صوت خفيض متوتر:
- لقد ظهر.

لم تمضِ عشرون ثانية على اتصاله هذا، حتى كان "جراهام" يقول لرجاله عبر جهاز الاتصال في صرامة شديدة:
- ابدأوا الخطة.. إنه في النقطة "ص".

تحرَّك رجاله في سرعة، لتنفيذ خطة حصار "أدهم" واصطياده، في حين تنفَّس "روجيه" الصعداء، وهو ينهي المحادثة، وعلى شفتيه ابتسامة كبيرة..

لقد أبلغ الأمر، وسيحصل على المكافأة السخية التي وعدوه بها، و...

"ترى ماذا يبهجك يا "روجيه"؟!"..

انتفض جسد "روجيه" في عنف، وهو يلتفت إلى صاحب الصوت في هلع هاتفاً:
- المفتش "آلان".

جذبه "آلان" من ياقته، وهو يقول في صرامة:
- يبدو كأنك قد فزت بجائزة كبيرة.

قال "روجيه" في عصبية:
- وما شأن الشرطة بهذا؟!

زمجر "آلان" في وجهه، وهو يقول في شراسة:
- شأنها أن جوائزك كلها مرتبطة بمخالفة القانون، على نحو أو آخر.

هتف "روجيه"، محاولاً التملُّص من قبضته:
- هذه لا تخالفه.

شدَّد "آلان" قبضته عليه، فاستطرد مذعوراً:
- بل ربما تعاونه.

مال "آلان" نحوه، حتى كاد يلتصق بوجهه، وهو يقول:
- وكيف هذا؟!.. بالإبلاغ عن طالب جواز سفر مزوَّر، إلى جهة أجنبية؟!

اتسعت عينا "روجيه" عن آخرهما، بكل ذعر الدنيا، وهو يهتف:
- كيف.. كيف..

قاطعه "آلان" في حدة:
- كيف عرفت.. أليس كذلك؟!.. لأنه التسلسل الطبيعي الذي يغيب عن ذهن الحقراء من أمثالك.. شاب هارب، يعرف أن الدنيا كلها تسعى خلفه، وأن أمله الوحيد في النجاة هو الهروب، ليس من "باريس"، ولكن من "فرنسا" كلها، فماذا يفعل في رأيك، وهو يعلم أن الكل أصبح يحفظ ملامحه عن ظهر قلب، ويعرف الاسم، الذي يتحرَّك به؟!.. من الطبيعي إذن أن يسعى للحصول على جواز سفر باسم مستعار.. أليس كذلك؟!

اتسعت عينا "روجيه" لحظات، وكأنهما تعترفان بالجرم المشهود، ثم هتف على نحو خرج على الرغم منه ضعيفاً متخاذلاً:
- ولماذا أنا؟!

صاح فيه "آلان":
- ألم يأتِك؟!

هتف "روجيه" مرتجفاً:
- ولكنني رفضت..

تألَّقت عينا "آلان"، وهو يقول:
- إذن فهو أنت.

حدَّق فيه "روجيه" في دهشة مذعورة، فقال "بيير" في انبهار:
- لم نكن نعلم أنك هو، ولكنك اعترفت على التوّ، بعد أن استجوبنا ثلاثة مزورين قبلك.

هتف "روجيه" محنقاً:
- يا لي من غبي!

جذبه "آلان" مرة أخرى بمنتهى القسوة، وهو يسأله:
- أجبني.. أين هو؟!

امتقع وجه "روجيه"، وهو يقول في انهيار:
- سأخبرك..

وبدأ يتكلم..

* * *



على الرغم من أن السمة الرئيسية لرجل المخابرات -في أي جهاز في العالم- هي التماسك وهدوء الأعصاب، إلا أن "حسن" -الذي اشتهر ببرود أعصابه الشديد خلال مهماته الصعبة- بدا شديد التوتر والقلق في هذه العملية بالذات، وهو يقول للملحق العسكري داخل سيارة السفارة:
- لا بد وأن نعثر عليه أوَّلاً، وإلا أصبحت حياته في خطر.

قال الملحق العسكري في اهتمام:
- لقد أبلغنا رجالنا في كل المواقع، وسيادتك تؤكِّد أنها قد أصبحت عملية رسمية، و..

بتر عبارته دفعة واحدة، فسأله "حسن" في صرامة:
- وماذا؟!

أجابه الملحق العسكري في تردُّد:
- وإن كنت أتعجَّب، مِنْ جعل البحث عن شاب مهمة رسمية لجهاز مخابرات يستعد لخوض حرب تحرير مع عدو لا يستهان به.

قال "حسن" في صرامة:
- إنه ابن "صبري" رحمه الله.

قال الملحق العسكري في حذر:
- هذا لا يصنع فارقاً في عالمنا.

مال "حسن" عليه، قائلاً:
- لو أنه ابن "صبري" فحسب لما صنع هذا فارقاً في عالمنا المعقَّد المتشابك هذا، ولكن الفتى نتاج تجربة خاصة، من الخطأ أن تقع في أيدي الإسرائيليين، خاصة وأن تدريباته اشتملت على بعض أهم وسائل التدريب، التي يتميَّز بها جهازنا، و...

ارتفع رنين هاتف السيارة في هذه اللحظة، فبتر "حسن" عبارته، والتقط الملحق العسكري سمَّاعته في حركة سريعة، قائلاً:
- هل توصلتم إليه؟!

انعقد حاجباه في شدة، وهو يستمع إلى الجواب، فشعر "حسن" بقلق شديد، وهو يسأله:
- ماذا هناك؟!

أزاح الملحق العسكري السمَّاعة عن أذنه، وقال بكل توتره:
- الشرطة الفرنسية ألقت القبض على "أدهم".

وسقط قلب "حسن" بين قدميه..
في عنف.

* * *

علي الصريمي 13-06-08 06:59 AM

روعة الابداعة هذه القصة

نتظر الباقي على احرى من الجمر

ولكم الشكر الجزيل

bila 13-06-08 05:30 PM

الففففففففففففففففففففففففففففففف شكر علي الرواية الرائعة
و ارجو عدم التأ خير في تنزيل الباقي لانني انتظر علي احر من الجمر
وشكراااااااااااااااا.

القرب المصرى 13-06-08 06:11 PM

القصه اكثر من رائعه كما تعودنا دائما
ولكن بالطبع يعيبها هذا التمزيق الذى لم يتسبب فيه احد
اقدم خالص شكرى لكل من ساهم فى ادراج ولو كلمه واحده لاسعادنا بها
بارك الله فيكم

القرب المصرى 17-06-08 06:08 PM

فين الباااااااقى حرام
 
يا جماعه انتوا شوقتونا للقصه ومنزلتوش الجديد
ولا لسه منزلش فى الموقع التانى
بليز يا جماعه حد يدور
انتوا ما شاء الله سباقين بالجديد

الفارس المصرى 18-06-08 03:10 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يارب الاخت نور الهدى تحن علينا وتنزل ولو جزئين نصبر بيهم نفسنا
وفين الشباب اللى كانوا بيكملوا الموضوع فى غيابها
هتسيبونا كده ولا ايه

مين هناك 19-06-08 09:38 PM

الجزء الجديد من (أنياب الاسد)
 
20- فضل..

احتقن وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي في شدة، وهو ينتفض غضباً، صارخاً في وجه مدير "الموساد":
- هل جننت؟!.. كيف تقدم على اغتيال ناشط مسالم، في قلب عاصمة كبرى، وعلى نحو سافر.

أجابه الرجل في هدوء:
- في عُرْفنا لا يوجد ما يسمى بـ(ناشط مسالم).. ربما كان كفاحه يقتصر على قلمه ولسانه فحسب، ولكن هذا لا يجعله مسالماً.. إنه أخطر بكثير من حاملي السلاح.

صرخ رئيس الوزراء:
- وفي قلب عاصمة كبرى؟!

بدا مدير الموساد بارداً وهو يقول:
- لا يمكننا دوماً اختيار ساحة القتال.

لوَّح رئيس الوزراء بذراعيه في حدة وهو يهتف، وقد امتزج غضبه بمرارة لا حدَّ لها:
- ولكن كان يمكنكم التزام الحرص على الأقل.. لقد نفَّذ رجالك العملية، وتركوا خلفهم قطعة سلاح صغيرة، منقوش عليها في وضوح عبارة "صنع في إسرائيل"، وكأنهم يُعلنون هويتهم.. لم يكن ينقصهم سوى إعلان تجاري في محطات التليفزيون.

بذل مدير الموساد جهداً ليخفي التماعة عينيه، وهو يقول:
- لا وجود للعملية المتقنة مائة بالمائة.. هناك دوماً احتمال للخطأ.

انهار رئيس الوزراء على مقعده، ودفن وجهه بين كفيه قائلاً بكل مرارة الدنيا:
- في هذه المرة سيكون الخطأ فادحاً.. للغاية.

ولم ينطق مدير الموساد بحرف واحد..
لقد نفَّذ خطته بمنتهى الإحكام..
ودون ثغرة واحدة..
وضمن منصباً في المنظومة السياسية القادمة..

ومن يدري، ربما يصبح وزيراً..
من يدري؟!..
من؟!..

* * *

ارتجف جسد وصوت المزوِّر الفرنسي "روجيه" على الرغم منه، وهو يقف داخل مكتب المفتش "آلان"، وراح يتلفَّت حوله في عصبية قائلاً:
- أنا لم أوافق.. هو طلب مني جواز السفر، ولكنني لم أصنعه.

قال "آلان" في صرامة:
- لم يتَّهمك أحد بشيء بعدُ.

سأله في عصبية:
- لماذا أنا هنا إذن؟!

زمجر "آلان" قائلاً:
- لتتعرف على الشاب الذي ألقينا القبض عليه، وفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها منك.. ألم أخبرك بهذا من قبل؟!

غمغم "روجيه":
- بلى.. ولكن..

صرخ فيه بنفاد صبر:
- لا يوجد لكن.. اصمت وانتظر.

أطبق "روجيه" شفتيه مرغماً، وإن راح يرتجف في عصبية زائدة، وعيناه معلقتان بعقارب ساعة الحائط، التي بدت وكأنها قد تجمَّدت في مكانها، ولم تعد تسير سنتيمتراً واحداً..

المفتش الفرنسي أيضاً شعر بالتوتر نفسه، والذي بدا ملحوظاً من فركه كفيه قبل أن يضغط زر جهاز اتصال قديم إلى جواره، ويقول في عصبية:
- أين "بيير"؟!.. لماذا لم يأتِِ بالشاب؟!

أجابه أحد رجاله:
- إنه في الطريق إليك يا سيدي.

رفع "آلان" عينيه إلى الباب في توتر، وبدت له اللحظات أشبه بدهر كامل، قبل أن يسمع طرقات على باب مكتبه، جعلته يكاد يثب من مكانه، وهو يهتف في انفعال:
- ادخل يا "بيير".

وفتح "بيير" الباب..
ودخل..
وتبعه الشاب..
وارتجف "آلان" و"روجيه"..
معاً..

* * *



"أأنت واثق أنه هو؟!.."

ألقى "حسن" السؤال في عصبية على مسامع الملحق العسكري المصري، الذي قال في قلق:
- ليست لدينا معلومات كافية بعد.. رجالنا نقلوا الخبر من مصادر في قلب الشرطة الفرنسية، ولكن أحدهم لم يرَ الشاب بنفسه، وإن حصل على مواصفاته فحسب.

تساءل "حسن" في تردُّد:
- وهل مواصفاته......

لم يتم تساؤله، ولكن الملحق العسكري أومأ برأسه إيجاباً، وازدرد لعابه في صعوبة، وهو يقول:
- تنطبق على "أدهم".. نعم للأسف.

انعقد حاجبا "حسن"، وشعر بانقباضة مؤلمة في قلبه، وهو يغمغم:
- إذن فقد سقط في قبضتهم.

تردَّد الملحق العسكري قبل أن يقول في حذر:
- على الأرجح.

التفت إليه "حسن"، وانعقد حاجباه في شدة قبل أن يقول بدوره:
- نعم.. على الأرجح.

في نفس اللحظة التي نطقها فيها، كان "دافيد جراهام" يراجع آخر التقارير الأمنية، في مكتب "جونسون" مسئول أمن السفارة الإسرائيلية، وهو يقول:
- إذن فالفرنسيون يقولون: إنهم قد أوقعوا به.

قال "جونسون" في انفعال:
- إنهم يؤكِّدون هذا.

رفع "جراهام" عينيه إليه قائلاً في صرامة:
- من وجهة نظرهم؟!

نظر إليه "جونسون" في تساؤل، فأضاف في حزم:
- لا بد وأن نراه بأنفسنا.

تساءل "جونسون" في حذر:
- أتريدنا أن نلتقط صورته؟!

هزَّ "جراهام" رأسه نفياً، ومال نحوه قائلاً:
- بل أن نراه.

تساءل "جونسون" بحلق جافٍّ:
- مباشرة؟!

أومأ "جراهام" برأسه إيجاباً في بطء، وقال:
- نعم.. مباشرة.

تساءل "جونسون"، وقد بدا حلقه أشبه بالصحراء:
- وكيف هذا؟!

تألَّقت عينا "جراهام"، وهو يجيب:
- بأبسط الطرق في الوجود.. الطريق المباشر.

وتضاعف تألُّق عينيه، مع ابتسامته الغامضة التي لم يفهمها "جونسون"..
أبداً..

* * *

تطلَّعت السياسية الإسرائيلية "جولدا مائير" إلى مدير "الموساد" لحظات في صمت، قبل أن تقول في بطء:
- إذن فأنت تضمن سقوط رئيس الوزراء الحالي في الانتخابات القادمة.

أومأ برأسه إيجاباً، وهو يبتسم في ثقة قائلاً:
- بنسبة ثمانين بالمائة.

مطَّت شفتيها، وكأنما لا تروق لها هذه النسبة، ثم تراجعت في مقعدها تسأله:
- ماذا تنتظر في المقابل؟!

تألَّقت عيناه لهذا السؤال المباشر، وأجاب في لهفة لم يحاول إخفاءها:
- ما تجودين به.

سألته في حذر:
- البقاء في منصبك؟!

تألَّقت عيناه أكثر، وهو يقول:
- أو الوزارة.

اعتدلت بحركة حادة، وانعقد حاجباها الكثَّان، وهي تتطلَّع إليه، فأردف ولعابه يكاد يسيل لهفة:
- وزارة الدفاع.

وانعقد حاجباها أكثر.
وأكثر..
وأكثر..

تماماً مثلما انعقد حاجبا المفتش "آلان"، في اللحظة نفسها، في قلب "باريس" مع خطورة تلك المعلومة، التي أدلى بها "روجيه"، في وجود الشاب..
لقد كانت معلومة شديدة الخطورة..
بحق...

* * *

علي الصريمي 20-06-08 11:35 AM

ابدع من ليلاس ولاخ مين هناك
:liilas::liilas::liilas::liilas:
:55::55::55::55::55::55::55:

الفارس المصرى 21-06-08 11:01 PM

الحمد لله اخيرا نزل جزء جديد
تسلم مين هناك
وفى انتظار الاجزاء الاخرى

مين هناك 26-06-08 06:24 PM

الجزء الجديد من (أنياب الأسد)
 
21- شاب.. وشاب..

على الرغم من التهامه شطيرة ضخمة في شراهة واضحة، بدا "قدري" شارداً تماماً، وهو يسير إلى جوار نيل "مصر"، وذهنه كله يفكِّر في أمر واحد..
"أدهم"..

لم يكن يدري، هل قام بالتصُّرف السليم، عندما أخفى عن رجال المخابرات كل ما فعله من أجله؟!

أيهما أكثر أهمية.. أن يثق في صديقه، أم أن يسعى لإنقاذه؟!..
أيهما؟!..

لم يكن ذهنه قادراً على اتخاذ قرار حاسم في هذا الشأن، مما جعل عقله شارداً تماماً، وهو يعبر الطريق، و...

فجأة.. ارتفع صرير إطارات مسرعة، قبل أن يشعر بصدمة في جانبه الأيسر، ألقت جسده المكتظ أرضاً في عنف..

لم تكن الصدمة قادرة على اختراق طبقة الدهن المحيطة بجسده، إلا أنه ظلَّ مستلقياً على الأرض، مفتوح العينين، وكأنه لقي مصرعه، حتى عندما اندفع قائد السيارة التي صدمته إليه، وهو يهتف مذعوراً:
- يا إلهي!.. هل.... هل....

غمغم "قدري" في هدوء لا يتناسب قط مع الموقف:
- أنا بخير.

انحنى قائد السيارة يفحصه في اهتمام، وهو يقول في توتر:
- اطمئن.. أنا طبيب.. سأقوم بكل ما يلزم من أجلك.. اطمئن.

كرَّر "قدري"، وهو يحاول النهوض:
- أنا بخير.

برزت زوجة قائد السيارة مذعورة، وهي تحمل طفلتها الصغيرة، متسائلة في هلع:
- "توفيق".. هل.... هل....

أجابها زوجها في توتر:
- إنه بخير.

كان "قدري" يحاول النهوض، ولكن جسده الضخم منعه من هذا، فتعاون المحيطون به على إيقافه، وما إن وقف على قدميه حتى فحصه الطبيب بعينيه في سرعة، وغمغم في شيء من الارتياح:
- أنت تقف على قدميك.. هذه علامة جيدة.

حاول "قدري" أن يبتسم، وهو يقول:
- اطمئن يا دكتور.. أنا بخير.

تنفس الرجل الصعداء، وكذلك فعلت زوجته، وابتسمت، وربما لأوَّل مرة منذ وقع الحادث، فبادلها "قدري" ابتسامة ودود، وتطلَّع إلى الطفلة التي تحملها وهو يسأل الطبيب:
- ابنتك؟!

أجابه الرجل بابتسامة حانية:
- ابنتنا الوحيدة "منى".. أنجبناها بعد عشر سنوات زواج.

ابتسم "قدري" للطفلة، ولكنها دفنت وجهها في صدر أمها خجلاً، فقال الطبيب وهو يعود مع "قدري" إلى سيارته:
- لا عليك.. إنها طفلة وحيدة، ونادراً ما تلتقي بغرباء.

تمتم "قدري":
- لا بأس.

اتجه نحو الزوجة، وصافحها قائلاً:
- لا تنزعجي يا سيدتي.. أنا بخير.

تنهَّدت قائلة:
- حمداً لله.

التفتت إليه الصغيرة، وتطلَّعت إلى عينيه لحظة، فابتسم لها في حنان، فمالت نحوه، ومدَّت يدها الصغيرة تتحسَّس وجهه المكتظ، ثم أطلقت ضحكة طفولية صافية، وأخفت وجهها مرة أخرى في صدر أمها، التي هتفت في دهشة:
- رباه!.. إنها أوَّل مرة تفعل فيها هذا مع غريب.

ابتسم الطبيب في حنان، وقال:
- لقد أحبَّتْك.

غمغم "قدري"، في تأثُّر شديد:
- أو ربما شعرت أنني لست غريباً.

لم يدر وهو ينطقها أن هذا اللقاء سيمثل ذكرى كبيرة له في المستقبل.. وأن تلك الصغيرة ستصبح واحدة من أقرب نساء الأرض إليه..
وسيرتبط مصيرها بمصيره.
كثيراً.
وطويلاً..

لم يشعر بهذا وهو يصافح والدها الدكتور "توفيق" قائلاً:
- ربما لن يتناسب الحديث مع الموقف، ولكنني سعيد جداً بمقابلتكم جميعاً يا دكتور.

غمغم الطبيب مبتسماً:
- صدقني عندما أقول: وأنا أيضاً.

تصافحا، وعاد الطبيب وزوجته إلى سيارتهما، وانصرف المارّة الملتفّون حولهم، ولوَّح "قدري" بيده لـ "منى" الصغيرة، التي أطلقت ضحكة صافية أخرى، ثم لوَّحت له بيدها لدقيقة، قبل أن ينطلق والدها بالسيارة مبتعداً..

وفور ابتعادها استدار "قدري" ليواصل طريقه، ولكنه شعر بيد قوية تمسك ذراعه، وسمع رجلاً يقول:
- حمداً لله على سلامتك يا سيد "قدري".

التفت إليه "قدري" في دهشة متوترة قائلاً:
- هل تعرفني؟!

أجابه في شيء من الصرامة:
- الجميع عندنا يعرفونك.. وينتظرونك.

قال "قدري" في دهشة مذعورة:
- الجميع؟!

جذبه الرجل في صرامة واضحة قائلاً:
- قلت: إنهم ينتظرونك.

في نفس اللحظة التي نطق فيها العبارة، توقَّفت سيارة كبيرة إلى جوارهما، ودفع الرجل "قدري" إليها، وهو يضيف:
- وهم لا يحبّون الانتظار طويلاً.

وانطلقت بهما السيارة..
إليهم..

* * *

انعقد حاجبا المفتش الفرنسي "آلان" في توتر، وهو يراجع إفادة "روجيه" بشأن الشاب، في نفس اللحظة التي دخل فيها مساعده "بيير" إليه قائلاً:
- مسئول من السفارة الإسرائيلية يطلب مقابلتك يا سيدي.

بدا الضيق على وجه "آلان"، وهو يقول:
- وماذا يريد مني مسئول السفارة الإسرائيلية؟!

أشار "بيير" بيده مجيباً:
- لقد أتى بشأن ذلك الشاب الذي ألقينا القبض عليه.

مطَّ "آلان" شفتيه، وقال في حنق:
- وما شأنهم به؟!

فتح "بيير" شفتيه ليجيب، ولكن "آلان" قاطعه قائلاً:
- لا بأس على أية حال.. دعه يدخل.

تراجع "بيير" على الفور، ومضت لحظة من الصمت والسكون قبل أن يدخل "جراهام"، قائلاً بفرنسية سليمة:
- مساء الخير أيها المفتش.

تطلَّع إليه "آلان" في اهتمام، وقال:
- تتحدَّث الفرنسية بإتقان مدهش أيها الإسرائيلي.

جلس "جراهام" أمامه دون أن يدعوه لهذا، وقال:
- هكذا الدبلوماسيون في كل دولة.

تنهَّد "آلان" بنفاد صبر، وتراجع في مقعده، وهو يسأله:
- عظيم.. وماذا يريد منا دبلوماسي إسرائيلي؟!

قال "جراهام" في حزم:
- ذلك الشاب الذي ألقيتم القبض عليه.

سأله "آلان" في برود:
- ماذا عنه؟!

أجابه في صرامة:
- أنت تعلم أنه أساء إلى سفارتنا.

تراجع "آلان" في مقعده قائلاً:
- مطلقاً.

انعقد حاجبا "جراهام"، وهو يقول:
- لسنا هنا لمناقشة وجهات النظر، أو..

قاطعه "آلان" في صرامة، وهو يلتقط صورة من أمامه، ويضعها أمام "جراهام" بحركة حادة:
- لا شأن للآراء الشخصية هنا.

حدَّق "جراهام" في الصورة، وقال في توتر:
- من هذا؟!

أشار "آلان" إلى الصورة قائلاً:
- الشاب الذي ألقينا القبض عليه، وهو ليس من أثارَ تلك الضجة أمام سفارتكم كما ترى.

ردَّد "جراهام" في عصبية:
- ولكن..

قاطعه "آلان" قبل أن يكمل:
- مواصفاته الجسدية خدعتنا، ولكنه لم يكن هو... لقد خدعنا جميعاً بأسلوب محترف.

وانعقد حاجبا "جراهام" في شدة...
ما زال ذلك الشاب يجيد اللعبة، على نحو مدهش..
ولكن أين هو؟!..
أين؟!.

* * *

علي الصريمي 27-06-08 12:19 PM

قصة في غاية الروعة ولابداع
نتظر الباقي على احر من الجمر

bila 02-07-08 01:13 AM

الففففففففففففففففففففف..فف شكرررررررررررررررر..رر علي المجهود العظيم
في انتظار الباقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييي..يي

lastpharon 02-07-08 08:20 AM

متابع
الف شكر على المجهود الرائع

الصخرة1978 02-07-08 09:38 AM

[SIZE="6"][شكرا و ي انتظار البقية و الله يعطيكم العافية/SIZE]

دمعة بريئة 02-07-08 06:33 PM

متابعة
ألف شكر على جهودكم وفي انتظار البقية

مين هناك 03-07-08 07:25 PM

الجزء الجديد من (أنياب الأسد)
 
22- الثعلب..

"أدهم" يعبث بالجميع..

نطقها "حسن" في توتر ملحوظ، وهو غارق في تفكير عميق، في حجرة الملحق العسكري المصري بسفارتنا في "باريس"، فقال هذا الأخير في اهتمام:
- لقد أجاد اللعبة بحق، فاستأجر شاباً فرنسياً من الحي اللاتيني، تتشابه مواصفاته الجسدية معه، وطلب منه التعامل مع ذلك المزيف الفرنسي "روجيه"؛ ليصنع له جواز سفر إسرائيلياً، مما جذب الجميع إلى المزوِّر، وصرف الأنظار عنه.

التفت إليه "حسن"، متسائلاً في اهتمام:
- ليفعل ماذا؟!..

التقط الملحق العسكري نفساً عميقاً، وأجاب:
- من يدري؟!

اعتدل "حسن" بحركة حادة، وقال:
- نحن.. نحن يجب أن ندري.. هذا عملنا، وهذه مهمتنا.. أن ندري ونعلم ونفهم.

أومأ الملحق العسكري برأسه متفهماً، وقال:
- سنطلق كل رجالنا، و...

قاطعه "حسن" في حزم:
- لا بد من دراسة الأمر أوَّلاً.

ثم نهض بحركة حادة، وتابع في اهتمام:
- البداية تأتي من طرح سؤال أساسي.. لماذا؟!.. لماذا فعل "أدهم" هذا؟!.. لماذا جذب كل الأنظار إلى شخصية الفرنسي "موريس ديلون" على هذا النحو الواضح، ثم إلى الهوية الإسرائيلية التي يحاول انتحالها.. لماذا؟!

غمغم الملحق العسكري في حذر:
- ربما..

قاطعه "حسن" وهو يواصل، وكأنه لم يسمعه:
- إنه ليس غبياً ليتصرَّف على هذا النحو، مما يضعنا أمام جواب واحد فحسب.

والتفت إلى الملحق العسكري، قائلاً في انفعال:
- جواب يجعل كل الأمور منطقية مفهومة.

"وما هو؟!"..

ألقى مسئول الأمن الإسرائيلي "جونسون" السؤال على مسامع "جراهام"، وهما يسيران معاً، على ضفاف نهر "السين"، فأجابه "جراهام"، وهو غارق في تفكير عميق للغاية:
- المنطق الوحيد هو أنه لا يحتاج إلى الهويتين.. الفرنسية أو الإسرائيلية.

سأله "جونسون" في اهتمام:
- ما الذي يحتاج إليه إذن؟!

أجابه في حزم:
- جنسية ثالثة.. جنسية يمكنها السفر إلى "إسرائيل" دون أن تثير الشبهات، أو تلفت انتباهنا أيضاً.

توقف "جونسون"، يسأله:
- أية جنسية؟!

توقف "جراهام" بدوره، وصمت لحظات مفكراً قبل أن يلتفت إليه مجيباً:
- أمريكية.

هتف "جونسون" في انفعال:
- بالتأكيد.. العلاقة بين "إسرائيل" و"أمريكا" تجعل رجالنا أكثر ألفة مع من يحملون الجنسية الأمريكية عندما يدخلون "إسرائيل".

انعقد حاجبا "جراهام" في شدة، وراح عقله يدير الأمر في سرعة، عبر كل خلايا مخه الرمادية تقريباً، قبل أن يمسك ذراع "جونسون" فجأة في قوة، ويهتف:
- قل لي: متى ترحل أوَّل طائرة إلى "تل أبيب"؟!

قال "جونسون" في توتر:
- بعد ساعات قليلة.

هتف به "جراهام":
- أرسل رجالنا إلى المطار فوراً.. ستجده هناك الآن.

قال "جونسون" في دهشة:
- دون جواز سفر؟!

غرس أصابعه في ذراعه أكثر، وهو يقول:
- هذا ما حاول إيهامنا به.. إننا نواجه ثعلباً.. ولكنه لن يخدع "دافيد جراهام".. أبداً.

في نفس اللحظة، التي نطق فيها عبارته، كان "قدري" ينكمش في مقعده، داخل إحدى حجرات جهاز المخابرات المصري، وأحد ضباط الجهاز يقف إلى جواره قائلاً:
- هيا يا "قدري".. لا تضيع فرصة عمرك في الالتحاق بالجهاز.

غمغم "قدري":
- ماذا تريدون مني بالضبط؟!

جذب ضابط المخابرات مقعداً، وجلس إلى جواره قائلاً:
- هل سنعيد هذا ألف مرة طوال الليل؟!

هزَّ "قدري" كتفيه المكتظين دون أن يجيب، فالتقط ضابط المخابرات نفساً عميقاً، وقال:
- اسمعني جيداً يا "قدري".. ربما لا يمكننا فهم تلك الصداقة العميقة التي تشعر بها تجاه "أدهم" مع قصر فترة تعارفكما، ولكننا نقدِّر مشاعرك وشهامتك، والمشكلة لا تكمن في هذا.

غمغم "قدري":
- فيمَ إذن؟!

أجابه في أسف:
- في أن الأمر قد تحوَّل إلى مهمة رسمية، والجهاز الآن يعمل جاهداً على استعادة "أدهم" قبل أن يظفر به الأعداء الذين نبذل كل الجهد في الفترة الحالية استعداداً لحرب ثأرية معهم، تتحرَّر بها أرضنا السليبة في "سيناء"، وكل دقيقة نفقدها في هذا الصراع تعني أن يتقدَّم علينا العدو خطوة إلى الأمام.. هل تدرك ما الذي يمكن أن يقود إليه هذا؟!

غمغم، وقد بدأ يدرك شدة المسئولية الملقاة على عاتقه:
- هزيمة..

قال ضابط المخابرات:
- أو تأخير لحرب التحرير على الأقل، وربما ضياع فرصتها إلى الأبد.

ثم مال نحوه مضيفاً بلهجة ذات تأثير خاص:
- وكل هذا من أجل شاب واحد.

تمتم "قدري"، وقد ترقرقت عيناه بالدموع:
- إنه "أدهم".

قال ضابط المخابرات في هدوء خافت:
- أيّاً كانت هويته.. إنه شاب واحد.

ثم مال نحو "قدري" بشدة مضيفاً:
- مقابل أُمّةٍ بأكملها.

سالت الدموع من عيني "قدري" مع ذلك الصراع المستعر بين عقله وقلبه..
ضابط المخابرات على حق..
على حق تماماً..

صحيح أن "أدهم" هو أقرب الناس إلى قلبه..
ولكنه مجرَّد شاب واحد..
شاب مقابل أُمَّة..

ويا له من خيار مؤلم..
وعسير..
وشاق..
بمن يضحي..
بصديقه..
أم وطنه؟!..

هل يمكنكم ضمان سلامة "أدهم"؟!..

ألقى السؤال من وسط دموعه، وجسده المكتظ يترجرج على نحو ملحوظ، فصمت ضابط المخابرات لحظة، ثم أجاب في حزم:
- بقدر استطاعتنا.

تمتم، والدموع تغرق وجهه كله:
- وماذا عن هدفه؟!

تنهَّد ضابط المخابرات، وقال:
- لو كان سعيد الحظ، لن يمكنه بلوغه.

انتحب "قدري" لحظات، وقال في بكاء واضح:
- فليكن.. سأخبرك بكل ما لدي.

أدرك الضابط أنه قد بلغ هدفه، فمال عليه، وهو يقول في اهتمام:
- لقد صنعت له جواز سفر آخر.. أليس كذلك؟!

أومأ "قدري" برأسه إيجاباً، وقال:
- بلى.

سأله الضابط في اهتمام شديد:
- بأي اسم؟!

سيد "روبرت كال"..

نطق ضابط الجوازات الفرنسي الاسم، وهو يراجع صورة جواز السفر البريطاني أمامه بوجه الشاب الذي يواجهه، والذي قال في هدوء:
- نعم.. كنت في رحلة هنا في "باريس"، وجذبتني النشرات السياحية للسفر إلى "إسرائيل".

مطَّ ضابط الجوازات شفتيه، وقال:
- النشرات السياحية لا تمنحك الكثير من الحقائق دوماً.

ثم أعاد إليه جواز السفر مستطرداً:
- على أية حال.. أتمنى لك رحلة سعيدة.

التقط "أدهم" جواز السفر البريطاني، واستدار لينصرف، ولكنه شعر بوخزة خفيفة في فخذه، جعلته يرفع عينيه بحركة حادة إلى الفتاة التي تقف خلفه، والتي هتفت في ارتباك:
- معذرة.. إنه دبوس بارز من حقيبتي.. تقبَّل أسفي.

وبعيداً في نفس اللحظة ابتسم "جراهام"، وقال عبر جهاز اتصال خفي:
- سيسري مفعول المخدّر بعد دقائق خمس.. استعدّوا.

وكان "أدهم" قد بدأ يشعر بالدوار..
بالفعل.

* * *

الفارس المصرى 04-07-08 10:42 AM

اها
الاحداث بتسخن وبتصبح اكثر اثاره
مجهود رائع مين هناك
اتمنى نزول باقى الاجزاء الرائعه باذن الله

علي الصريمي 04-07-08 02:27 PM

اين الباقي كل اسبوع احداث تتطور اكثر
تسلم على ما تبذل من جهد

mohamed emad 06-07-08 10:03 PM

تسلم ايدك يا باشا على المجهود ده وفى انتظار البقية

دمعة بريئة 08-07-08 08:14 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود رائع
متابعين وفي انتظار البقية

eng_saleh 09-07-08 07:56 AM

اليوم الاربعاء يا جماعة

بانتظار التكملة

eng_saleh 09-07-08 07:59 AM

مشكووووووووووورين جميعا على الاجزاء السابقة من الرواية

مين هناك 10-07-08 07:35 PM

الجزء الجديد من (أنياب الأسد)
 
23- غيبوبة..


وضع "حسن" سماعة الهاتف في انفعال، والتفت إلى الملحق العسكري، هاتفاً:
- كنتُ على حق في استنتاجي.. "أدهم" يحمل جواز سفر بريطانياً باسم "روبرت كال"، به تأشيرة دخول متقنة إلى "إسرائيل".

قال الملحق العسكري في دهشة:
- هل حصل على تأشيرتين؟!

هزَّ "حسن" رأسه، وقال:
- لقد تقدَّم بطلب تأشيرة واحدة؛ تحسباً لاحتمال تسرب أمره إلى الإسرائيليين، أما الثانية فقد صنعها له صديقه "قدري" منذ البداية، وأضافها إلى جواز السفر البريطاني، بناءً على طلبه، مما يعني أن هذا كان جزءاً من خطة "أدهم" منذ البداية.

تساءل الملحق العسكري في حيرة:
- ولكن لماذا؟!.. لو أنه ينوي فعلاً السفر إلى "إسرائيل"، فلماذا يشعل النار هنا في "باريس".

أجابه "حسن" في سرعة:
- حتى يجذبهم إليه.

بدت دهشة متسائلة على وجه الملحق العسكري، فتابع "حسن"، وهو يرتدي سترته، ويدس مسدسه في حزامه من الخلف:
- "أدهم" يحاول السفر إلى "إسرائيل"؛ للانتقام لوالده الراحل، وهو يجهل اسم مغتاله في الوقت ذاته، لذا فقد تعمَّد إثارة غضب الإسرائيليين، والتعامل على نحو يكشف لهم هويته إلى حد ما، ولم يكن اختياره "باريس" عشوائياً؛ فهي ساحة أوَّل مواجهة بينه وبينهم، مما سيجعلهم يذكرونه، ويسعون خلفه.

سأله الملحق العسكري، وهو يرتدي سترته بدوره:
- وهل سيجذب هذا قاتل والده إليه؟!

قال "حسن"، وهو يندفع نحو الباب:
- أو على الأقل سيربك الموقف، مما يضاعف من فرصته للتوصل إليه.

لحق به الملحق العسكري، وهو يقول مستنكراً:
- ولكن هذا سيضعه في مواجهة مباشرة مع الإسرائيليين، وهو مجرَّد شبل، مهما بلغت مهاراته، ولن يمكنه مواجهتهم بكل قوتهم وعتادهم.

توقف "حسن" لحظة، ثم التفت إليه، قائلاً:
- الشبل لم يعد شبلاً يا رجل.. لقد خاض معاركه، وتعلم الصيد، وبرزت أنيابه.. الشبل أصبح أسداً يا رجل، وصار يتوق للصيد، ولإثبات ذاته وقدراته.

غمغم الملحق العسكري في دهشة:
- في هذا العمر؟!

مطَّ "حسن" شفتيه، وقال:
- سترى.

ثم واصل اندفاعته بكل قوته..
وكل انفعاله..

* * *

دوار شديد، ذلك الذي اكتنف رأس "أدهم"، وهو يبتعد عن شباك الجوازات في المطار الفرنسي..
ماذا حدث؟!..
ماذا أصابه؟!

دار التساؤل في ذهنه، وهو يبذل قصارى جهده ليتماسك، والدوار يتزايد..
ويتزايد..
ويتزايد..

إنها تلك الوخزة..
نعم.. لقد فعلوها..
الإسرائيليون كشفوا أمره، على الرغم من كل ما فعله..
ياللسخافة!..

لقد تصوَّر في لحظة أنه سيمتلك مهارة والده، وبراعة مدربه..
ولكن هذا مستحيل كما يبدو..
الموهبة وحدها لا تكفي..
هناك أيضاً الخبرة..
خبرة المواجهة..
والمناورة..
والنزال..

تلك الخبرة التي تمنحه القدرة على حسن تقييم وتقدير الأمور..
وعلى مواجهة الثعالب..
وقتالهم..
وهزيمتهم..

وهو -على الرغم من كل مواهبه وقدراته، والمران الطويل الذي تلقّاه على يد والده ومدربه- لم يمتلك الخبرة الكافية بعد..
ما زالت أمامه سنوات..
وسنوات..
وسنوات..

كاد يفقد توازنه من شدة الدوار، فاستند إلى الجدار، وهو يحاول بلوغ منطقة آمنة..
إنهم حوله حتماً..
يراقبونه..
ويحاصرونه..
ويتربَّصون به..
ينتظرون سقوطه؛ حتى ينقضوا عليه، ويظفروا به..
ولا ينبغي أن يسمح لهم بهذا..
أبداً..

تابعه "جراهام" ببصره في ظفر في هذه اللحظات، وقال لرجاله عبر جهاز الاتصال الخفي:
- تقدموا.. الفريسة مستعدّة للسقوط.

بدأ رجاله حصار "أدهم" بالفعل، وبدأ هو يشعر باقترابهم، وهو يقاوم تلك الغيبوبة التي راحت تحيط برأسه في سرعة..

لم يكن لديه مكان واحد آمن داخل المطار..
الإسرائيليون يمكنهم اللحاق به في أي مكان..
وأية بقعة..

ليس أمامه إذن سوى مكتب الأمن..
لا بد وأن يحاول بلوغه، وإقناع رجاله بأنه يعاني من مرض ما..
مرض مخيف وشديد العدوى..
سيخيفهم هذا ويفزعهم حتماً، ولكنه سيدفعهم إلى إبلاغ المكتب الصحي، والشرطة، وكل الجهات المعنيّة..
وسيتحفّظون عليه أيضاً..

وهذا سيكفل له الحماية..
والرعاية..
والأمان..
حتى بعد أن يفقد وعيه تماماً..

لاح له مكتب الأمن، على بُعد خطوات، فجرَّ قدميه جرّاً، وهو يزحف نحوه، ولكن رجلاً عريض المنكبين، مفتول العضلات جاء من خلفه، وقال بالعبرية في صرامة:
- ليس بهذه السرعة.

استدار "أدهم" ليواجهه، ولكن استدارته أتت ضعيفة متخاذلة، مع دواره الشديد العنيف، فأمسك الرجل كتفه، وغمغم في مقت:
- يا لعنادكم أيها المصريون.

ثم ألصق شيئاً ما بجانبه.. وضغطه.. وانتفض جسد "أدهم" في عنف، مع سريان تيار الصاعق الكهربي الصغير في كيانه، وانطلقت من حلقه -على الرغم منه- شهقة عالية، جذبت انتباه طاقم الأمن، الذي التفت إليه، ورأوه يسقط فاقد الوعي بين ذراعي ذلك الضخم، الذي مطَّ شفتيه، وقال بفرنسية ركيكة:
- إنه ابن شقيقتي.. لقد أسرف في الشراب و...

لم يكمل العبارة، فنظر إليه رجال الأمن في شكّ، وبدأ أحدهم يتجه نحوه بالفعل، فأطلق ضحكة عصبية، وأضاف:
- وأنتم تعرفون الباقي.

واصل رجل أمن المطار تقدُّمه نحوه، ولكن "جراهام" ظهر فجأة، بهيئته الديبلوماسية الأنيقة، وهو يقول بفرنسيته السليمة:
- هل عثرت عليه أخيراً؟!

ثم التفت إلى رجل الأمن، وأبرز جواز سفره الديبلوماسي، مستطرداً في حزم:
- إنه يعمل معنا.

أوقف جواز السفر الديبلوماسي رجل الأمن، وجعله ينقل بصره بين "أدهم" و"جراهام" في توتر، فأشار هذا الأخير إلى الضخم، وقال في صرامة:
- سيارة السفارة تنتظر في الخارج.

أومأ الضخم برأسه إيجاباً، وحمل "أدهم" على كتفه، كما لو كان طفلاً صغيراً، والتقط حقيبته، واتجه به نحو باب المطار، في حين أعاد "جراهام" جواز سفره إلى جيبه، وهو يقول:
- الشراب يتلف عقله تماماً.

غمغم رجل الأمن في توتر:
- المفترض أن أبلغ الشرطة.

أجابه في هدوء:
- افعل يا رجل.. قم بواجبك، ولكن لا تنسَ إذْن الخارجية... إنها القواعد الديبلوماسية.

لم ينبس رجل الأمن بكلمة، وتابع ببصره ذلك الضخم، حتى ألقى جسد "أدهم" داخل السيارة التي وقفت أمام المطار، حتى ركبها "جراهام"، ثم انطلقت مباشرة..

وكان هذا يعني أن "أدهم" الشاب قد خسر اللعبة..
وسقط في قبضة الإسرائيليين في هذه الجولة..
الجولة الأخيرة.

* * *

الفارس المصرى 11-07-08 08:16 AM

رائع
الاحداث بتزيد اثاره كل جزء جديد
مجهود رائع
فى انتظار الباقى باذن الله

علي الصريمي 11-07-08 11:39 AM

مين هناك
تسلم ومشكور
ونتظر الاسبوع القادم
على احر من الجمر

دمعة بريئة 12-07-08 05:25 PM

شكرًا جزيلاً .. وأنتظر البقية بإذن الله..

رحمة 13-07-08 11:02 PM

شكرا القصة جميلة جدا ننتظر البقية

eslammohamed 16-07-08 01:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مين هناك 17-07-08 07:30 PM

الجزء الجديد من (أنياب الأسد)
 
24- في قبضتهم..


على الرغم من أن رجال المخابرات، في كافة أنحاء العالم يمتلكون قدرة مدهشة على كبح جماح أنفسهم والسيطرة على مشاعرهم، وكتمان انفعالاتهم، إلا أن "حسن" رجل المخابرات المخضرم لم يستطع منع ذلك الشحوب الذي كسا وجهه وصوته، وهو يحدِّق في وجه مسئول أمن المطار الفرنسي، قائلاً:
- سيارة السفارة الإسرائيلية؟!... هل تركتموهم يرحلون به.. هكذا بكل بساطة؟!

قال مسئول الأمن في عصبية:
- كانوا يحملون جوازات سفر دبلوماسية، و...

قاطعه "حسن" في حدة:
- وماذا عنه؟!.. أي جواز سفر كان يحمل.

امتقع وجه مسئول الأمن، وهو يقول:
- لست أدري في الواقع.

كاد "حسن" ينقض عليه من فرط غضبه، وهو يهتف:
- لست تدري، وعلى الرغم من هذا، فقد تركتهم يحملونه خارج المطار تحت سمعك وبصرك.. بل تحت سمع وبصر طاقم أمنك كله.

غمغم الرجل، في ارتباك شديد:
- جوازاتهم دبلوماسية.

كان "حسن" يهم بالانفجار في وجهه بثورة، عندما وصل الملحق العسكري للسفارة المصرية، وهو يقول في توتر:
- إنه هو.. ضابط الجوازات تعرَّفه باسم "روبرت كال" البريطاني الجنسية.

أمسك "حسن" طرف مكتب مسئول الأمن الفرنسي، حتى لا يسقط من فرط الدوار الانفعالي الذي يشعر به، وراح يردِّد في مرارة شديدة:
- إنه هو.. لقد ظفروا به.. هذا ما كنت أخشاه.. لقد ظفروا به.. إنه الآن في قبضتهم.

شعر مسئول الأمن لحظات بتوتر شديد، وبدا له أنه قد ارتكب أكبر حماقة في حياته كلها، وراح ذهنه يفتش مذعورًا عن أي تفسير، يمكن أن يعفيه من المسئولية؛ لثقته في أن جوازات السفر الدبلوماسية للإسرائيليين لم تكن لتعفيهم من مواجهة القانون في فعلة مباشرة كهذه، ثم لم يلبث أن انتبه إلى نقطة، جعلته يهتف:
- مهلاً.. ما شأن المصريين بما حدث.. إنها مشكلة بين الإسرائيليين وبريطاني.

ارتفع صوت صارم يقول:
- هذا لا يعفيك من المسئولية.

ظهر المفتش "آلان" مع مساعده "بيير"، وأبرز بطاقته أمام المسئول مستطردًا:
- وستتم محاسبتك على هذا فيما بعد.

بلغ امتقاع وجه مسئول الأمن ذروته، وانكمش في مقعده على نحو يدعو للرثاء، في حين التفت المفتش "آلان" إلى "حسن" والملحق العسكري، مواصلاً بنفس الصرامة:
- ولكن دعاني أطرح عليكما السؤال نفسه.. ما شأنكم كمصريين بما حدث.

تبادل "حسن" والملحق العسكري نظرة صامتة، دون أن ينبس أحدهما ببنت شفة، فأشعل المفتش الفرنسي سيجارة قصيرة، وقال، وهو يقودهما بعيدًا عن مكتب الأمن:
- فليكن.. سأجيبكما أنا، ما دمتما تعجزان عن الجواب.. الواقع أن الأمر يرجع إلى أن "روبرت كال" هذا ليس بريطانيًا.

ظلت ملامحهما جامدة لا تحمل أية انفعالات يمكن أن يستشف منها شيئًا، فبدت عليه العصبية، وهو ينفث دخان سيجارته القصيرة قبل أن يقول:
- إنه إما مصري يعمل لحسابكم، أو إسرائيلي يتعاون معكم، فأي التفسيرين صحيح؟!.

صمت الرجلان لحظات، ثم قال الملحق العسكري في برود:
- إنه صغير السن كما تقول التقارير.

لوَّح المفتش بيده، قائلاً:
- وهذا يشير إلى أنه لا يعمل لحسابكم؛ فلم نر أجهزة دبلوماسية أو أمنية من قبل، تتعاون مع من في مثل عمره.

قال "حسن" في صرامة، أخفى بها توتره:
- إذن؟!

أشار المفتش بسبَّابته، قائلاً في حزم:
- إذن فهو إسرائيلي يتعاون معكم، ولكن ترتيب الأحداث يوحي بأن هذا مستحيل.

سأله "حسن" في حذر:
- لصغر سنه.

أجابه مساعده "بيير" في سرعة:
- كلا، ولكن لأنه كان يحاول الحصول على تأشيرة دخول إلى "إسرائيل"، بجواز سفر فرنسي.

سأله "حسن" بنفس السرعة:
- أأنت واثق من أنه الشخص نفسه؟!

عند هذا السؤال ارتبك الفرنسي بحق، على الرغم من محاولته التظاهر بالتماسك، وهو يقول:
- أعتقد أنه.. أنه كذلك.

غمغم الملحق العسكري في صرامة:
- تعتقد؟!

ارتبك المفتش أكثر، ثم قال في حدة:
- فليكن.. ربما هو ليس الشخص نفسه، فمواصفاته تختلف إلى حد ما، ولكن هذا يبقينا داخل السؤال الأوَّل ذاته.. ما شأن المصريين بالأمر.

اندفع "حسن" يقول في صرامة:
- إنه يعمل معنا.

سأله المفتش في سرعة:
- بصفة رسمية؟!

لم يجب "حسن" السؤال، فتراجع المفتش، وهو يتطلَّع إلى عينيه مباشرة، قائلاً:
- إنه هو.

قال الملحق العسكري في صرامة:
- لا يمكنك الجزم.

أومأ المفتش برأسه، قائلاً:
- بالتأكيد.

ثم استعاد صوته الصارم، وهو يكمل:
- ولكنني سأتولى التحقيق الرسمي في الأمر، وسنبدأ طبعًا بالبحث عن أية معلومات عن "روبرت كال".. تاريخ دخوله، وفترة زيارته.. أين أقام، وماذا فعل.. ولو أننا لم نعثر على تلك المعلومات، فسيعني هذا أنه -رسميًا- لم يصل إلى "باريس" أبدًا، وهذا يعني بالتالي أنه لم يختفِ، ولم يختطف، باختصار.. إنه يغلق الملف تمامًا.

ومال نحو "حسن" مضيفًا بشيء من الشماتة:
- ولن يبحث عنه أحد قط.

سيطر "حسن" على ملامحه بأسلوب يليق برجل مخابرات مخضرم محترف، فتراجع المفتش الفرنسي مرة أخرى، وقال في صرامة غاضبة:
- والآن، ومع احترامي لجوازيكما الدبلوماسيين، تفضلا بمغادرة المكان، فهو مسرح جريمة، لا يصح العبث به، أو تواجد من لا شأن لهم فيه.. تفضلا.

رمقه "حسن" بنظرة نارية، وقال:
- سنلتقي مرة أخرى.

أجابه المفتش في صرامة:
- هذا ما أرجوه.

انصرف الرجلان من المكان، واتجها نحو مخرج المطار، والملحق العسكري يتساءل في توتر:
- ماذا سنفعل الآن؟!. الفتى أصبح في قبضتهم بالفعل!.

أجابه "حسن" وهو يحاول التماسك:
- نسيطر على أعصابنا، ونفكِّر في عمق ورويّة، حتى نجد وسيلة لإنقاذه.

نطقها وهو يعلم أنه أول من يعجز عنها..
إنهما يتحدَّثان عن "أدهم"..

"أدهم" ابن صديق عمره، والفتى الذي شارك في تربيته منذ طفولته، والذي اعتبره ابنه بعد وفاة "صبري"..
وهنا تكمن المشكلة..

ربما لو أن الأمر يتعلق بسواه، لأصبحت مجرد مهمة، يمكن أن يقوم بها على أكمل وجه..

ولكنه الآن يشعر بضعف شديد..
يشعر بتخاذل، ربما يجعله غير قادر على اتخاذ القرار السليم..

وربما من الأفضل أن يسند العملية كلها لشخص آخر..
شخص لا يعرف "أدهم"، ولا يشعر نحوه بأية عاطفة..

ولكن الوقت لن يكفي لهذا..
لن يكفي أبدًا..
للأسف..

"المهم أن نفعل شيئًا، قبل أن يرسلوه في حقيبة دبلوماسية إلى هناك.."..

نطقها الملحق العسكري في توتر شديد، وعلى الرغم من أن "حسن" قد استنتج الجواب المنطقي بالفعل، فقد سأل الملحق العسكري في صوت مضطرب:
- إلى أين؟!

وأتاه الجواب كالصاعقة:
- إلى "إسرائيل"!

وانتفض جسد "حسن"..
بمنتهى العنف.

* * *


علي الصريمي 18-07-08 12:17 PM

مين هناك تسلم يدك
ومش عارفين نشكر ك ازاي
تسلم تسلم تسلم

taimour 18-07-08 04:25 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلِّ على محمد وآل محمد أهلا وسهلا بك

medosmart 20-07-08 04:49 PM

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووررررر ررررررررررررررر

spyadham 21-07-08 08:01 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

vueleve 26-07-08 06:35 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ستغلق القصة لحتى يقوم أحد الأعضاء الذين يقومون بكتابة الأجزاء الجديدة منها

بمراسلتي أو مراسلة مشرفات القسم على الخاص

و ذلك لتلافي المشكلات التي من الممكن أن تحصل بسبب الردود التي ليس لها أي داعي

عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ))

و لكم جزيل الشكر

علي الصريمي 28-07-08 01:14 PM

لماذا اغلاق الموضوع انا هنا في الصين وانتظر القصة بفارغ الصبر من اسبوع الى اسبوع
الرجاء اكمالها لو سمحتم يا مشرفين

مين هناك 28-07-08 05:18 PM

الجزء الجديد من (أنياب الأسد)
 
25- العذاب..

لا بد وأن ينتقم..
لا بد..
لقد فعل كل هذا؛ ليثأر لوالده ممن اغتالوه بيد الغدر..
ولن يسمح لنفسه بأن يخسر..
أو يفشل..
أو يتراجع..
سيُقاتل..
ويقاتل..
ويقاتل..
حتى آخر رمق..
وآخر نفس..
وآخر قطرة دم..

(لا يا "أدهم".. لم يحِنِ الوقت بعد..)..

أدهشه أن يسمع صوت والده بكل هذا الوضوح، فتلفَّت حوله، محاولاً أن يخترق ببصره هذا الضباب الكثيف المحيط به من كل جانب، وهو يهتف:
- أبي.. أين أنت؟!.. أين؟!

أتاه صوت والده المعتاد، وهو يقول في رصانة لا تخلو من الصرامة:
- لا تبحث عني يا "أدهم".. ابحث عن كلماتي.. عن كل ما لقّنتك إياه في حياتي.. ابحث عمّا تعلمته مني، وما تدربت عليه طوال حياتك.. وتذكّر القاعدة الذهبية.

تساءل في حيرة:
- أية قاعدة؟!

أجابه في حزم:
- الوقت المناسب يا "أدهم".. لا تضرب ضربتك قط قبل أن يحين الوقت المناسب.

عاد "أدهم" الشاب يتلفّت حوله، وهو يتساءل:
- أتعني ألا أحاول الانتقام لك ممن اغتالوك غدراً وغيلة؟!

أجابه صوت والده، وهو يتابعه في بطء:
- أعني أن تتعلَّم الصبر والتريث حتى تصبح اللحظة مناسبة يا "أدهم".. الشبل لا يتحوَّل في يوم وليلة إلى أسد.. كل شيء له موعده يا "أدهم".. كل شيء.

تساءل "أدهم" في توتر شديد:
- إذن فينبغي أن أنتظر، حتى أعرف وأستعد.

بدا صوت والده شديد البعد، وهو يقول:
- بالضبط.. إنه درس جديد تتعلمه يا ولدي.. درس أخير.

ظلَّت الكلمة الأخيرة تتردَّد في أذنيه، وهو يتلفت حوله..
ويتلفت..
ويتلفت..
والضباب يتكاثف..
ويتكاثف..
ويتكاثف..
و..

(إنه يستيقظ)

اخترق الصوت أذنيه دون أن يبدو مصدره واضحاً، وإن شعر أنه قريب للغاية، فقاوم ذلك التهالك الشديد الذي يشعر به، وفتح عينيه في صعوبة؛ ليحدق في "دافيد جراهام" الواقف أمامه، والذي ابتسم في ظفر، قائلاً لطبيب السفارة الإسرائيلية:
- أنت على حق.. لقد استعاد وعيه.

انحنى الطبيب يفحص "أدهم"، الذي شعر بسمّاعته الباردة على صدره على نحو بعث في نفسه قشعريرة خافتة، قبل أن يقول الطبيب:
- إنه قوي، وحالته الجسمانية ممتازة.. سيكون مستعداً للاستجواب بعد دقائق قليلة.

غمغم "جراهام"، وعيناه تلتمعان في ظفر:
- عظيم.

تراجع الطبيب في حركة متوترة، ووقف صامتاً في ركن المكان الذي بدا لـ"أدهم" أشبه بقبو رطب، فتمتم، وهو يحاول استعادة السيطرة على عقله:
- أين جئتم بي؟!

المدهش أنه -على الرغم من تشتته الذهني- نطقها بلغة إنجليزية سليمة، مواصلاً انتحال شخصية "روبرت كال"، فابتسم "جراهام"، وجذب مقعداً، ليجلس أمامه قائلاً:
- لن يجدي هذا.. نحن نعلم أنك مصري.

رفع "أدهم" عينيه إليه، والتقت نظراتهما لحظات، دون أن ينبس "أدهم" ببنت شفة، أو يبدي انفعالاً مؤيداً أو نافياً، فتابع "جراهام" في هدوء ظافر:
- السؤال الذي نحتاج إلى معرفة إجابته فعلياً هو: لماذا يطاردك المصريون؟!

لم يكد السؤال يخترق أذني "أدهم"، حتى استوعب منه الكثير..
والكثير جدّاً..
فهذا السؤال بالتحديد يعني أنهم لا يعرفون تحديداً من هو..
ولماذا أتى..
وماذا يفعل..
وإلى ماذا يسعى..
وهذا يمنحه فرصة للخداع..
والتلاعب..
والتحايل..
"حاول أن تستنتج"..

نطقها "أدهم" في بطء متحدٍّ، جعل "جراهام" يعقد حاجبيه في شدة، ويقول مستنكراً في غضب:
- أستنتج؟!..

ثم مال نحوه، حتى كاد يلتصق به، وهو يضيف:
- إنني حتى لن أحاول.. ستدلي أنت إليَّ بكل ما لديك، وكل ما تعرفه عن نفسك قبل أن أنتهي منك.

حملت نظرة "أدهم" المزيد من التحدِّي، على نحو استثار مسئول أمن السفارة الإسرائيلية "جونسون"، والذي بقي صامتاً منذ البداية، فقال في سخط:
- إنه يتحدانا.

أشار إليه "جراهام" بالصمت، ثم سأل "أدهم" بمنتهى الصرامة:
- ما اسمك الحقيقي؟!

أجابه "أدهم"، بصوت حمل رنة ساخرة:
- "روبرت كال".

بدا "جراهام" أكثر صرامة وشراسة، وهو يقول:
- كلانا يعلم أنه ليس اسمك الحقيقي.. كل الأسماء التي حملتها حتى الآن، ليست اسمك الحقيقي حتماً، ولا حتى اسم "أدهم صبري"، الذي حملته في المرة السابقة.

ابتسم "أدهم" الشاب في سخرية، مقلداً أحد الأشخاص الذين أثاروا إعجابه فيما مضى:
- هل تظن هذا حقاً؟!

تراجع "جراهام"، قائلاً:
- وأنت ستمنحني الجواب المناسب.. الآن.

قال "أدهم"، بنبرة تفيض بالتحدي:
- هذا ما تتمناه.

انعقد حاجبا "جراهام" في شدة، في حين اندفع "جونسون" يقول في غضب هادر:
- اتركه لي يا أدون "جراهام"، وسأجعله يروي قصة حياته كلها بعد ساعة واحدة.

استدار إليه "جراهام" بحركة حادة، هاتفاً بكل الصرامة:
- اصمت.

صُدِم "جونسون" للقول، وتراجع في حنق، وراح يهمهم ببضع كلمات غير مفهومة، في حين أشار "جراهام" إلى الطبيب، وقال:
- يمكنك أن تبدأ.

التقط الطبيب محقناً، يحوي مادة شفافة، ومال نحو "أدهم"، وكشف ذراعه المقيدة إلى المقعد المعدني الضخم، الذي يجلس عليه، فقال "أدهم" في بطء:
- بنتوثال الصوديوم (*).

قال "جراهام"، والطبيب يحقن "أدهم" بتلك المادة بالفعل:
- من الواضح أنك تعرف الكثير، ولكنها ليست كذلك.. إنه عقار خاص، يضاعف من شدة مرور التيار الكهربي في جسدك.

تمتم "أدهم" في حذر:
- تيار كهربي؟!

أشار "جراهام" إلى بعض الرجال، فراحوا يوصلون رأس "أدهم" بعدد من الأسلاك، و"جراهام" يجيب بعينين متألقتين، توحيان بأنه يستمتع بكل ثانية:
- بالضبط.. تيار كهربي سيسري في عقلك بشدة، على نحو تشعر معه وكأن مخك يغلي داخل جمجمتك، وبعد دقيقة واحدة، ستكون مستعداً للوشاية بأمك نفسها، على ألاّ تمر بهذا العذاب مرة ثانية.

ثم أشار بيده، مضيفاً في صرامة وحشية:
- هيا.

وضغط أحد الرجال زراً، يتصل بالجهاز الذي تنبع منه الأسلاك..
وانطلق التيار الكهربي إلى رأس "أدهم"، الذي لم يستطع كبت صرخة مدوية، انطلقت عبر حلقه..
لقد شعر بالفعل أن مخه يغلي داخل جمجمته..
ويغلي..
ويغلي..
ويغلي..

* * *

(*) مادة يطلق عليها اسم "مصل الحقيقة"؛ لأنها تضع من يحقن بها في حالة لا تسمح له بابتكار الأكاذيب، فينطق الحقائق.

nwras 29-07-08 07:11 AM

شكرا شكرا شكرا شكرا على العدد وعلىالمجهود الكبير
وبنستنا تكملة العدد

abonasab 29-07-08 11:21 AM

يا ريت تنزل بصيغة PDF

medo shabolla 29-07-08 01:21 PM

بانتظار الفصل الجديد

bdawi2000 31-07-08 11:20 PM

مرفق بهذه المداخلة الجزء المتبقي من قصة أنياب الأسد في شكل pdf
أرجو أن يرشدني أحد الخبراء لأفضل إعدادات السكانر


http://www.4shared.com/file/57292226.../__online.html

مين هناك 01-08-08 03:30 PM

26- غليان..


(ما تقوله مستحيل يا سيد "حسن"!!..)

هتف الملحق العسكري بالعبارة في عصبية شديدة، تجاهلها "حسن" تماماً وهو يدس مسدسه في حزامه، ويندفع نحو الباب قائلاً بكل الحزم:
- لن أسمح لهم بإرساله إلى هناك.. أبداً.

لحق به الملحق العسكري، وهو يهتف:
- ولكن ما ستقدم عليه يعدّ منتهى الحماقة.. في ظروف كهذه من سيسمح لك بهذا؟

أجابه "حسن" في إصرار:
- لا أحد.. ولن يمنعني هذا من تنفيذه.

توقف الملحق العسكري، هاتفاً في يأس:
- قد يعرّضك هذا للفصل من الخدمة.

توقَّف "حسن" بدوره، والتفت إليه، وكأنما صدمه القول..
وفي ذهنه تداعت عدة صور وأسماء..
وتوقَّفت أفكاره عند صورة واحدة..
"صبري"..
توقف عندها كثيراً..
وطويلاً..
وحزيناً..

ثم امتزجت صورة "صبري" بصورة "أدهم"، وتردَّد في ذهنه صوت صديق عمره..

(لو لم يمهلني القدر، ستكمل أنت مسيرتي بإذن الله يا "حسن".. عامل "أدهم" كما لو كان ابنك، وامنحه كل رعايتك وحبك واهتمامك، وأكمل التجربة.. أكملها كما لو أنها تجربتك أنت.. أكملها يا "حسن".. من أجل "أدهم".. ومن أجلي..)..

فاضت عيناه بالدموع عند هذه النقطة، وغمغم في حزم متأثر:
- من أجلك يا "صبري".. إنني أفعلها من أجلك.

واندفع نحو سيارة السفارة، وقفز فيها، وأدار محركها، فردَّد الملحق العسكري في استسلام:
- سيفصلونك.

ألقى عليه "حسن" نظرة واحدة، تفيض بالحزم والتحدي..
ثم انطلق بالسيارة..
انطلق ليقدم على ما اعتزمه..
من أجل صديق عمره..
من أجل "صبري"..

تألَّقت عينا "جراهام"، كما لم تتألقا من قبل، وارتسمت وحشية مخيفة على ملامحه وهو يتطلَّع إلى "أدهم"، الذي بدا شديد التهالك على نحو لم يمرّ به من قبل، في حين غمغم الطبيب الإسرائيلي في عصبية:
- خطأ يا أدون "جراهام".. خطأ.. عقله لن يحتمل كل هذا.. ربما يصاب بحالة من الذهان، أو بفقدان ذاكرة، يضيع معه كل ما ترغب في الحصول عليه منه.

قال "جراهام" في صرامة:
- فليذهب عقله إلى الجحيم.. المهم أن أحصل منه على ما أنشده.

قال الطبيب في حدة:
- فليكن يا أدون "جراهام".. افعل ما يحلو لك، ولكنني سأتقدم بشكوى رسمية، وسيتضمن تقريري كل ما حدث هنا، وكل ما نصحتك به، وإذا ما فشلت فسوف..

قاطعه "جراهام" في شراسة:
- اصمت.

ثم هبَّ من مقعده، واندفع نحوه، ودفعه في قسوة، حتى التصق بالجدار، ومال يصرخ في وجهه:
- "دافيد جراهام" لا يفشل أبداً.. لم يفشل، ولن يفشل.. هل فهمت أيها المدني المتحذلق؟!

شحب وجه الطبيب، وهو يحدِّق في وجهه قبل أن يقول متلعثماً:
- إنه رأي طبي محض.

زمجر "جراهام"، قائلاً:
- احتفظ به إذن خلف أسنانك لو أردت الاحتفاظ بها سليمة..

شحب وجه الطبيب أكثر، واتسعت عيناه غير مصدق ما سمعته أذناه، وحدَّق في وجه "جراهام" في ارتياع، وارتجفت شفتاه، وهو يهمُّ بقول شيء ما، لولا أن اندفع مسئول الأمن الإسرائيلي إلى المكان، هاتفاً:
- عرفنا من هو.

التفت "جراهام" إلى "جونسون" بحركة حادة، فأكمل هذا الأخير، وهو يشير إلى "أدهم" المقيَّد إلى ذلك المقعد المعدني، والذي بدا أشبه بالصريع، من ملامحه الشديدة الشحوب، وخيط الدم الذي يسيل من بين شفتيه:
- "أدهم" هو اسمه الحقيقي، وهو ليس شخصاً مجهولاً أو مجرَّد مغامر شاب كما تصوَّرنا.. إنه ابنه.

ارتجف صوت "جراهام"، من فرط انفعاله يسأل:
- ابن من؟!

صاح "جونسون" في توتر شديد:
- "صبري".. رجل المخابرات، الذي تمّت تصفيته في "لندن".

تفجَّرت نيران بركانية من عيني "جراهام"، وهو يقول بمنتهى الشراسة والعنف:
- ابنه؟!

انتقلت نظراته إلى "أدهم"، ثم اندفع نحوه، وجذبه من شعره، هاتفاً:
- لماذا أتيت إذن؟!.. للانتقام؟!

غمغم الطبيب في عصبية:
- لا يمكنه إجابتك.. إنه فاقد الوعي.

وضغط على أسنانه، مضيفاً في حنق:
- بسبب ما فعلته به.

استدار إليه "جراهام"، وبدا وكأنه قد فقد تماماً سيطرته على أعصابه، وهو يصرخ:
- قلت اصمت.

ثم عاد يجذب شعر "أدهم" في عنف، صارخاً:
- لا بد وأن يجيب.. لا بد.

لم يكن "أدهم" فاقد الوعي فعلياً في تلك اللحظة، على الرغم من أن مخه يكاد يذوب بالفعل داخل جمجمته..

لقد سمع كل ما دار حوله، وإن وجد صعوبة شديدة في تركيز أفكاره وتصفية ذهنه..

إنهم يتحدَّثون عنه..
وعن والده..
وعن اغتياله في لندن..
هذا يعني أنهم عرفوه..
وكشفوه..
وأصبح في قبضتهم..
والده كان على حق إذن..
من الخطأ أن ينطلق الشبل للصيد قبل اكتمال نموه..
وقبل أن تبرز أنيابه..

لا بد وأن ينتظر، وأن يتعلم الصبر، حتى ولو استغرق الأمر منه سنوات وسنوات وسنوات..
المهم أن ينطلق في الوقت المناسب..
وأن يربح معركته..
معركة أسد ناضج، وقوي..
أسد له أنياب قوية، بارزة، حادة، قادرة على صيد فرائسه، وتمزيقها بلا هوادة..
وبلا رحمة..

بذل جهداً رهيباً ليصفي لمحة من ذهنه؛ حتى يمكنه السيطرة على تفكيره، وإيجاد وسيلة للخروج من هذا المأزق..

إنه مقيد إلى مقعد معدني ثقيل، داخل قبو رطب، في وجود ثلاثة إسرائيليين، أحدهما مستعد لتمزيقه إرباً؛ ليحصل منه على كل المعلومات الممكنة..

فكيف يمكنه مواجهة كل هذا؟!..
كيف؟!
كيف؟!

لم يشعر في حياته كلها بمثل هذا التهالك..
لم يمر قط بحالة مماثلة، عجز فيها عقله عن التفكير..
ربما يعني هذا أنه قد خسر اللعبة..
وفشل في أوَّل محاولة صيد منفردة..
"هيا.. هات ما لديك.."..

صرخ "جراهام" بالعبارة في وجهه، بكل غضب وشراسة الدنيا، وقد بلغ انفعاله مداه، و...

وفجأة، وعلى الرغم من تهالكه، وبحركة غريزية بحتة، تحرَّك "أدهم"..
على الرغم من ذوبان مخه داخل جمجمته، تحرَّك جسده في عنف، وركل "جراهام" بكل ما تبقى له من قوة ركلة مفاجئة دفعته إلى الخلف، ليسقط أرضاً، وهو يطلق سباباً عبرياً، يجمع ما بين الألم والدهشة والاستنكار..

ومع شهقة الذعر التي انطلقت من حلق الطبيب تحرَّك "جونسون" في سرعة، وسحب مسدسه، وهو يهتف:
- أيها الـ...

ولكن "أدهم" قاطعه بحركة عجيبة بدت للطبيب المذعور صورة مجسمة لمعجزة بشرية، لم يتصوَّر أبداً مجرَّد احتمال حدوثها..
فعلى الرغم من ثقل المقعد المعدني نهض "أدهم" على قدميه، ورفعه معه، ثم اندفع به نحو "جونسون"، الذي تراجع صارخاً:
- لا.. توقَّف.


وبكل القوة والعنف، ضربه "أدهم" بظهر المقعد المعدني، ودفعه أمامه، وهو يعدو إلى الخلف، حتى ضربه بالجدار بكل القوة والقسوة، فانطلقت من حلق "جونسون" صرخة ألم، وأغلق عينيه بشدة، في نفس اللحظة التي نهض فيها "جراهام"، وهو يمسك صدره بيسراه، ويسحب مسدسه بيمناه، صارخاً:
- فليكن يا ابن "صبري".. أنت أردتها.

وفي مبنى السفارة الإسرائيلية في "باريس" دوّت رصاصة..
قاتلة..

* * *

مين هناك 04-08-08 01:55 PM

الجزء الأخير من (أنياب الأسد)
 
24- الختام

ارتفع صرير إطارات سيارة (حسن) ، وهو يوقفها بحركة حادة،فى الشارع المجاور لمبنى السفارة الإسرائيلية ،وبكل الحزم ، تأكد من حشو مسدسه بالرصاصات ، و من استعداده للإطلاق، ثم عاد يدسه فى حزامه و غادر سيارته، متجها إلى مبنى السفارة ..
كان يدرك تماما أن اقتحامه لسفارة إسرائيلية إمر لم يحدث قط لا في تاريخ المخابرات ، ولا فى التاريخ السياسى كله..
وأن هذا سيثير إلى فصله من جهاز المخابرات..
وربما محاكمته أيضا ...
وفى زمن الحرب سيكون العقاب حتما عنيفا ..
بل شديد العنف و القسوة ..
ولكن هذا لايهم ..
لقد ائتمنه (صبرى) على حياة ابنه و أقسم له هو على حمايته ورعايته ، حتى يشتد عوده و يلتحق بجهاز المخابرات المصرى ..
وهو يبر بقسمه دوما ، و لا يحنث بوعده أبدا ..
سيبذل ما بوسعه لإنقاذ (أدهم) ..
أيا كان ما سيحدث .. وأيا كان السبب ..
ف(أدهم) بالنسبة إليه ، وبعد مصرع (صبرى) بالذات ،بمثابة ابن.. ابن يستحق أن يدافع عنه بحياته ..
وهذا ما سيفعله الان ...
تحسس مسدسه ، وهو يقترب من مبنى السفارة .. ويقترب ويقترب
<<مهلا يا (حسن) .. >>
انطلق ذلك الصوت الصارم من خلفه فجأة ، فالتفت إليه بحركة حادة ، تتناسب مع تللك الانفعالات ، التى يموج بها كيانه ،خاصة و أن الصوت خاطبه باسمه ، باللغة العربية ..
وبحركة غزيرية ، قبضت يده على مسدسه و لكن يدا فولاذية أمسكت معصمه ، وذلك الصوت الصارم يتابع :
خطأ .. ما تعلمناه يؤكد أنه من كبير الخطأ أن يفقد رجل المخابرات أعصابه تحت أى مسمى .
حدق (حسن) فى وجه صاحب الصوت ، وهو يقول فى توتر :
- (ابراهيم) ؟! .. كيف ..
قاطعه رئيس مكتب المخابرات المصرية فى (باريس) فى حزم :
كيف عرفنا .. أليس كذللك ؟!.. لن أحاول إقناعك بأننا نعرف كل شئ ،كما يقولون فى أفلام السينما ، ولكن الملحق العسكرى للسفارة أجرى اتصاله بنا ،خشية ما ستقدم على فعله
أجابه (حسن) فى توتر شديد :
(ابراهيم) .. حاول أن تستوعب الأمر .. إنه ابن (صبرى).. لقد سقط فى قبضتهم ، ولا بد أن ..
قاطعه (ابراهيم) مرة أخرى في حسم :
- ليست هذه هى الوسيلة .. أسلوبك قد يثير معركة حامية ، وقد يؤدى إلى قتال عنيف ، ينتهى بمصرعك و مصرع ابن (صبرى) .. هذه الأمور لا تحل على هذا النحو.
قال فى عصبية :
- على أى نحو أذن ؟!.. لو أننا انتظرنا قليلا ، سيضعونه فى صندوق ، يحمل أختاما دبلوماسية ، و يرسلونه إلى (إسرائيل) ،أما
سمعنا وبصرنا .
انعقد حجبا (ابراهيم) ، وهو يقول :
- سنحاول أن نمنع حدوث هذا ، و ..
أوقفه فجأة دوى مكتوم لرصاصة ، انطلقت من مكان عميق ، داخل السفارة الإسرائيلية ، فانتفض (حسن) ، و قال :
- أرأيت .. إنهم يتقاتلون هناك .
كاد يندفع نحو السفارة ، لولا أن برز ثلاثة رجال فجأة ، و أطبقوا عليه ، وكبلوا حركته ،بقوة فهتف مقاوما :
- لابد أن أعمل على حمايته .
أجابه (ابراهيم) فى صرامة : واجبى أن أحميه و أحميك من نفسك.
حاول (حسن ) مرة أخرى مقاومة الرجال الثلاثة ، ولكنهم كانوا مدربين على ما يفعلونه، فغمم (ابراهيم) فى ضيق :
-سامحنى ي(حسن) .. إنها الأوامر .
شعر (حسن) باليأس و المرارة ،كما لم يشعر بهما من قبل
لقد فشل .. فشل على الرغم منه .. فشل و ...
قبل أن تتواتر أفكاره ، اتسعت عيناه فى دهشة ، وهو يحدق فى اخر مشهد تصور حدوثه فى تللك اللحظات ..
مشهد (أدهم) الشاب ، وهو يقبض على عنق (جرهام) ،ويندفع معه خارج مبنى السفارة الإسرائيلية ، وهذا الاخير يهتف بصوت مختنق: لا .. لا يمكن أن يحدث هذا .. لا يمكن .
برز رجال أمن السفارة خلف (أدهم) ، وهو يصوبون نحوه أسلحتهم ، ولن هذا الأخير راح يتحرك نحو بوابة حديقة المبنى ، وهو يدور برهينته حول نفسه ، هاتفا بالعبرية : رصاصتكم ستصيبه قبل أن تصبينى .
تردد رجال الامن ، على الرغم من صرخات (جرهام) :
أطلقوا النار .. لا تترددوا .. أطلقوا النار .
ولكن الرجال ترددوا بالفعلز
لقد خرج (أدهم) إلى حديقة السفارة ، وأصبح واضحا لكل المحيطين بها ، وكل المارة فى الطرقات ، الذين توقفوا يتابعون ما يحدث فى دهشة ، وإطلاق النار ، فى ظل هذه الظروف ،أمر شديد الخطورة ،ويتجاوز كل القواعد ..
ولكن (أدهم) كان يقترب من بوابة الحديقة،واو أمكنه عبورها، سيخرج من أرض إسرائيلية، وفقا للقواعد الدبلومسية،إلى أرض فرنسية ، وسيفقدون السيطرة عليه .. تماما..
الكل أدرك هذه الحقيقة ، حتى إن (حسن) هتف بكل انفعاله:
- هيا يا(أدهم) .. هيا ..اعبرها يافتى ..افعلها بالله عليك .
ولسبب عجيب ، وربما بإشارة خفية من (ابراهيم) ،أفلت الأشداء الثلاثة (حسن) ، الذى اندفع نحو البوابة ، فى نفس الوقت الذى كان حارسها فيه يصوب سلاحه إلى (أدهم) ، فهوى (حسن) على فكه بلكمة كالقنبلة، باغتت الرجل، و ألقته أرضا فى عنف ، وغمم أحد الأشداء الثلاثة فى عصبية:
السيد (حسن) اقتحم أرض السفارة .
غمم (ابراهيم): عجلة القدر تسير ، ولا أحد يمكنه اعتراض طريقها .
استدار (أدهم) الشاب في هذه اللحظة ،ودفع جسد (جرهام) نحو رجال الأمن،ثم استجمع كل ما تبقى له من قوة، و انطلق يعدو نحو البوابة ،و(حسن) يعدو لمقلاته، فرفع رجال الأمن الإسرائيلين مسدستهم نحوه مرة اخرى ، وصوبوها بمنتهى الدقة، فوثب (حسن)نحو (أدهم) هاتفا : احترس
وانطلقت رصاصة نحو (أدهم) مباشرة ، واستقبلها (حسن) بجسده، وهو يدفع (أدهم) بقوة خارج أرض السفارة ،وفى نفس اللحظة التى سقط فيها (حسن) مصابا بالرصاصة، سقط جسد (أدهم) خارج أرض السفارة ، وأشار (ابراهيم) إلى الأشداء الثلاثة ، هاتفا : هيا
اندفع الثلاثة نحو السفارة ، وحمل أحدهم (أدهم) فى حين اقتحم الآخرن البوابة ، وجذبا جسد (حسن) خارجها ، ولكن (جرهام) انتزع مسدس أحد رجال الأمن ، واندفع به نحو البوابة هاتفا:
- لن يفلت منى .. لن يفلت ، حتى لو تجاوزت كل قوانين الدنيا .
كان يصوب مسدسه فى احكام نحو رأس (أدهم) ، عندما اعترض المفتش (الآن)طريقه فجأة ، وهو يقول فى صرامة :
- جواز سفرك الدبلوماسى لن يعفيك هذه المرة ياسيد (جرهام) فهو على أرض فرنسية .
احتقن وجه (جرهام)بشدة،ونقل بصره بين (الآن)، والرجال الذين ينقلون (أدهم)و(حسن) إلى سيارة كبيرة ، تحمل أرقلم دبلوماسية ، ثم لم يلبث أن خفض فوهة مسدسه مغمغما :
- -العبة لم تنته بعد أيه المفتش .. سنلتقى مرة أخرى .
ورمق (أدهم) بنظرة مقت ، مردفا : كلنا سنلتقى .
غمغم (الآن) فى توتر : أتعشم هذا .
ثم التفت إلى (ابراهيم) ، الذى غمغم : يمكننى أن أفسر لك الأمر أشار(الآن) بيده ، قائلا فى حزم :
- لست أريد أية تفسيرات .. جوازتكم الدبلوماسية لا تمنحنى حق استجوابكم ، إلا بعد استئذان وزارة الخارجية ،ولست مستعدا لإضاعة عمرى فى عمل رويتنى أحمق كهذا .
وصمت لحظة ، ثم أردف فى خبث:
خاصة لو أنكم غادرتم البلاد قبل الحصول على التصريح الازم .
استوعب (ابراهيم) الرسالة وغمغم : فهمت
وكان هذا توقيعا على عقد نهاية العملية ..
وبداية بروز الأنياب..
أنياب الأسد
* * *
<<كيف حالهما الآن..>>
ألقى (قدرى) السؤال فى قلق شديد ، وهو يقف أمام حجرة العناية المركزة ، فى المستشفى التابع لمخابرات العامة ، فابتسم رجل المخابرات الواقف أمامه ، وقال فى هدوء :
كلاهما بخير .. السيد (حسن) أجريت له جراحة ناجحة ،أنقذته من موت محقق ، وسيتعافى خلال أسبوعين على الأكثر.
تساءل (قدرى) فى لهفة : و ماذا عن (أدهم) ؟!
صمت رجل المخابرات لحظات ، ثم قال :
إنه بخير من الناحية الجسدية ، ولكنه مصاب بفقدان ذاكرة محدود ، يبدو أنه ناشئ عن تعرض لتعذيب شديد تركز حول رأسه ومخه ، فهو لا يذكر بالتحديد ماذا حدث فى السفارة الإسرائيلية ، ولا نجح فى الفرار منها ، ولكن معلوماتنا تقول : إن طبيب السفارة قد لقى مصرعه برصاصة طائشة فى قبوها ،و(أدهم) لا يذكر من استجوبه ، ولا كيف .. بل إنه ..
تردد رجل المخابرات لحظات عند هذه النقطة ،فسأله (قدرى) فى قلق : إنه ماذا ؟ !
أجابه فى خفوات أسف : إنه لا يذكرك أيضا يا (قدرى) .
صدم القول (قدرى) فغمغم فى هلع : لا يذكرنى أنا .
هز رجل المخابرات رأسه ، وقال :
الأطباء يقولون : إنه قد يستعيد وعيه قريبا ، أو ربما خلال بضع سنوات ، ولكن يوما ما سيذكرك حتما يا (قدرى) و سيذكر كل ما فعلته من أجله .
صمت (قدرى) بضع لحظات فى تاثر ، ثم قال فى خفوت:
- هذا لا يهم .. المهم أنه حى .. وخير.
ربت رجل المخابرات على كتفه ،مغمغما :
- ونعم الصداقة .. صدقنى يا (قدرى) .. المخابرات فخورة بانضمامك إليها .
استدار (قدرى ) فى دهشة ، فتمتم مبتسما :
-نعم يا(قدرى) لقد أصبحت منضما إلينا رسميا ، منذ هذا الصباح و سيحمل ملفك أول إنجاز لك .
غمغم (قدرى) : إنجاز .
اتسعت ابتسامة رجل المخابرات وهو يقول :
- بالتأكيد لقد ساهمت فى تحول أفضل أشبالنا إلىأسد .. أسد له أنياب حادة أنياب ستصنع يوما جزء من هذا التاريخ .. تاريخ مصر.
لحظتها فقط شعر قدرى بالفخر..كل الفخر.
ليس فقط لأنه ساهم فى صنع تاريخ وطن ، ولكن أيضا لأنه وضع بصمة فى بروز أنياب (أدهم صبرى)
أنياب الأسد ..
المصرى
* * *

(تمت بحمد الله)

vueleve 05-08-08 04:51 AM

تغلق القصة بعد إكتمالها

مع جزيل الشكر لكل من ساهم بنقلها لنا

و أخص بالذكر الأخت نور الهدى صاحبة الموضوع

و الأخ مين هناك و الأخ amedo_dolaviga

و بإنتظار المزيد من جهودكم

لكم مني كل التحية و التقدير

مين هناك 13-08-08 05:50 PM

العدد الخاص أنياب الأسد (كتابة بهيئة PDF)
 
بسم الله الرحمن الرحيم



العدد الخاص أنياب الأسد بصيغة PDF و ذللك لتلبية لرغبة بعض الاعضاء

رابط التحميل

http://www.liillas.com/up/view.php?file=052ec86a1e[/COLOR]

eng.eses 13-08-08 08:18 PM

شكرا لك أخى الكريم مين هناك

على هذه المبادرة الرائعة

جزاك الله خيرا...

أخوك Eng.eslam

elhoucine 13-08-08 09:10 PM

جزاك الله خيرا و ننتظر منك المزيد

medo shabolla 16-08-08 12:37 PM

مشكور وبانتظار كل جديد

مدحت ابراهيم 16-08-08 06:37 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
مشكور أخي الحبيب علي مجهوداتك لتلبية رغبة الأعضاء
ومشكور مرة ثانية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيف 1 19-08-08 10:32 AM

الف شكر لك

sabersg 21-08-08 11:01 AM

جزاك الله خيرا و ننتظر منك المزيد

amjona 23-08-08 03:29 PM

الف الف شكر

حسام الزرقا 27-08-08 09:03 AM

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا بك أهلا وسهلا بك اين الملف وشكرا

سيف 1 31-08-08 05:25 AM

شكرا لك عزيزي

ومبروك علينا وعليكم شهر رمضان

abouzaid_mohamed 26-09-08 04:52 PM

ألف ألف شكر
 
:55:

شكرا على الرواية


وبارك الله فيك


وفي انتظار الجديد

:f63:

zamo851 26-09-08 06:46 PM

الف الف شكر

husham 29-09-08 12:56 PM

الروابط لا تعمل

مين هناك 29-09-08 04:18 PM

نعتذر عن وجود خلل فى مركز الرفع و جارى العمل على اصلاح المشكلة

نديم الطيف 30-09-08 05:15 AM

الف شكر ياباشا

اميجوصاندو 01-10-08 01:33 AM

كده احسن بكثير
وسلمت ع المجهود

nicemahy 01-10-08 08:24 PM

هى اللينكات مش بتفتح النهارده ليه

Eman 01-10-08 09:03 PM

أخي راجع الرابط التالي :

http://www.liilas.com/vb3/showthread.php?t=94652

oussamaahmed 04-10-08 09:47 PM

thanks my frind but the link is not working

حياة علي 07-10-08 10:15 AM

الف شكر وياسلااااااااااام

السنيورا الغامضة 16-10-08 11:36 PM

رائع يا صاحب الحصريات


الساعة الآن 08:56 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية