منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   احياناً تكون كل فصول السنة خريفاً (https://www.liilas.com/vb3/t64292.html)

ألحان الشوق 19-12-07 05:20 PM

طالت لحظات تأملها للبحر،الذي كان خاليا بحكم برودة الجو و هيجان البحر ، إلا من بعض هواة الصيد،
تأتي دائما إلى هذا المكان، ترتاح له تحس أنه أنه يشبهها، كأنه يمثل مشاعرها الدفينة،، الغضب،، الحيرة،، و الحزن،،

قطع عليها هدوءها و تأملها صوت موسيقى مرتفعة جدا، استدارت بكل هدوء لترى ماذا يحصل خلفها، و بالفعل لم تكن إلا شلة بنات و شباب كما توقعت، تجمعوا بسرعة كبيرة في موقف السيارات الواسع تاركين محركات سياراتهم مشتغلة، و الموسيقى الغربيه المزعجة تصارع صوت ارتطام الأمواج بالصخور العملاقة ،، و صوت قهقهاتهم المرتفعة الصفراء تتعالى من الحين لآخر، و كأنهم يعلنون استعمارهم للمكان، داعين الباحثين عن الهدوء بكل قلة أدب لترك المكان و البحث عن مبتغاهم في مكان آخر،

وقفت من مكانها و هي تلف معطفها عليها لتحمي ضلوعها من هواء البحر البارد و الرطب، لم تكن تنوي مغادرة المكان بسرعة، لكنها لا تقوى على استحمال هذا الإزعاج أو تجاهله كما يفعل الصيادون


ركبت دراجتها و هي تتأفف "تركنا لهم الملاهي و المقاهي و الأسواق، و مع ذلك يزعجون الطبيعة و يضايقون محبيها


قادت دراجتها قاصدة المنزل لتنهي جمع أغراضها، و هي لا تزال تفكر كيف تقنع أمها بموضوع السفر و البحث عن أبيها، فكرة مجنونة،لكن ليست مستحيلة، هي تحتاج فقط لمعرفة مكان إقامته،تنهدت بعمق آه أمي لو أنك تقتنعين،،


دخلت من بوابة البناية و هي تدفي وجنتيها الباردتين بيديها، ألقت التحية على صاحب العمارة العجوز الطيب،،كم تحب منظره هذا و هو يحمل السبحة في يد و بيده الأخرى يحمل فنجان قهوته التي تنعش الروح برائحتها الشهية،، و كما العادة لم يخذلها و دعاها لتشاركه القهوة، ابتسمت له شاكرة و ممتنة، هو يعلم مدى حبها لقهوته تلك منذ صغرها، و قد اعتاد هو أيضا على أن تشاركه سلمى قهوته اليومية التي يتفانى في تحضيرها و اتقانها يوميا بعد عودته من المسجد بعد صلاة العصر.

أخدت سلمى فنجانها و جلست إلى جانب العم عبد الله، سألته عن زوجته فقال أنها نائمة كعادتها بعد أن تصلي العصر،
ارتشفت القليل من فنجانها و أغمضت عينيها لتستمتع بمذاقها اللذيد.

سلمى: آآآه يا لها من قهوة منعشة، هل تعلم انها اكثر ما أشتاق إليه في غربتي؟

نظر إليها العم عبد الله بعتاب: لا تحاولي مجاملتي، فقد حصلتي على الوصفة السرية، و بإمكانك تحضيرها بنفسك،،
سلمى:ههههههههههههه لولا معزتي عندك لما أعطيتها لي لا تحاول تمثيل الندم علي، ثم أن قهوتي ليست أبدا مثل التي تحضرها أنت، ينقصها حبك و قلبك الكبير،
العم عبد الله: لا بنيتي لا ينقصها سوى بعض الخبرة. لو أنك بقيت بيننا لما قصرت عليك بها،كنت لأجعلك تفطرين بها قبل الدوام، و تجدينها معدة لدى عودتك.

حاولت سلمى الإحتفاظ بابتسامة على شفتيها، لكن العم عبد الله لمح سحابة الحزن التي عادت لتغطي بريق عينيها و تجعل نظراتها منكسرة و كئيبة،
سلمى(وهي لا تزال مبتسمة):لم يبقى الكثير و أنهي دراستي و أعود إليكم إلى الأبد، ثم لا تلمني عمي، و أنت أكثر شخص تشجع على التعلم و نيل المعالي، أم أنك تحب ذلك لأولادك فقط.

ضحك العم عبد الله بحنان:لكنك لست خالد و لا جهاد، انت سلمى الصغيرة الرقيقة، لا أستطيع تخيلك وحيدة تواجهين الغربة و الناس.

سلمى:هناك لا أواجه الناس عمي، مواجهتهم هنا أشد علي من هناك.

رق قلب العم المسن لحال سلمى، لا تستحق حياتها هذه،إنها رقيقة،طيبة،خلوقة، لو أن الله رزقه و زوجته بابنة لما كان ليحبها قدر حبه لسلمى.

أحست سلمى أنها أحزنت العم بكلامها اليائس، و لأنها تعلم انها لن تقاوم أكثر أمام طيبته و حنان نظراته،وقفت و قبلت يده
سلمى: عمي لاتنسني من دعواتك،
العم عبد الله:يعلم الله يا بنيتي أنني أدعو لك أكثر مما أدعو لأولادي
سلمى:لا لا لا اعدل بيننا،لا أريد أن يغضبا مني
صعب عليها أن تذهب و تتركه حزينا فجلست أمامه و سألته بمرح
سلمى:عمي امممممممم، أخبرني بما أنك سبق و ركبت طائرات كيف أحسست، هل الأمر مخيف،
فهم العم قصدها، و ضحك بصوت عال، ثم ربت على رأسها و قال:لا تخافي فبعد رحلتك هذه ستعشقين الطائرات، أعرفك جيدا و أعلم أنك ستستمتعين بتأمل الطبيعة من السماء،

ابتسمت له سلمى بحنان و قبلت رأسه ثم ودعته لأنها تعلم أنها لن تراه بالغد، يوم الجمعة يذهب مبكرا للمسجد و لا يعود إلا بعد صلاة العصر.
أحيانا تحسده على حياته المريحة الرتيبة و تتمنى أن تشيخ بسرعة. و لكنه يقول لها دائما"لا تستعجلي، تمتعي أولا بشبابك، فأحيانا أحسك أكبر مني

ألحان الشوق 19-12-07 05:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asma2 (المشاركة 1130430)
أختي ألحان الشوق

اسمحي لي أن أعبر عن مدى

إعجابي بما خطته أناملك

وروعة تحليل الذات...ووصف المشاعر

المتلاطمة التي تشعر بها سلمى

واصلي وأنا من متابعينك ومشجعينك

دمتي بكل خير

الله يجبر بخاطرك اسماء،
وأنا يسعدني تتبعك للقصة، و تشجيعك يحفزني على التحسن و اتمام القصة

ميامي123 19-12-07 05:36 PM

السلام
مائروع اسلوبك في السرد فقد ابتعدة عن اسلوب الكثير من الكتاب في سرد القصة لقد ابتكرت اسلوب جديد يجسد بسهوله ماتمر به الشخصية من غربه الديار والاهل والاب بطريقة جذابة جدا
فاتمنى لك التقدم من جميل الى اجمل
..........ممكن تغير خط الكتابة لانه مو واضح
تقبل مروري

اقدار 19-12-07 06:49 PM

الغربة في الوطن منفى

والغربة خارج الوطن اهون بكثير ..

سلمى ومشاعر الحزن القاتل

ان تحزن بصمت اصعب بكثير من ان تبكي وتصرخ ويشاركك الآخرون لو كان مواساة .. او أسف ..


اقتحمتني سلمى فتقمصت شخصيتها وكأنني انا من تنفث الوجع هنا


الحان الشوق

قلمٌ حادٌ ومتفرد بالجمال والهيبة والقوة

تبارك الله ماشاء الله

هنيئاً لنا انضمامك الى ليلاس ولأعضاؤه ولي انا خاصة


امتعتني والله في عيدي هذا

كل عام وانتي بمتعة واستمتاع وبعافية من الله
وكل عام وانتي تضحكين فرحاً ونشوة سعادة ..



متابعه ان اذن الله




ألحان الشوق 19-12-07 08:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة saladin (المشاركة 1130994)
لم أقرأ كل الأسطر و لكن الظاهر من الكلمات الأولى أنها رائعة
شكرا لك أختي و ننتظر جديدك

مرحبا بك بين أسطر القصة المتواضعة

أسعدني مرورك الطيب

و أتمنى أن تكون ضمن المتابعين


الساعة الآن 06:18 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية