منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   خواطر بقلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f725/)
-   -   عصافير للفضاء .. عصافير للأقفاص (https://www.liilas.com/vb3/t62843.html)

ربيع عقب الباب 07-12-07 10:20 PM

عصافير للفضاء .. عصافير للأقفاص
 
عصافير للفضاء 00عصافير للأقفاص


حين أخذ محمد القفص الملون من والده ، واندفع به صوب بيت عمه ؛ كان قلبه يخفق بشدة ، ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة
بش العم فى وجهه ، وهش لحضوره غير المفاجئ ؛ فبيت عمه كان دائما البيت المحبب إليه 0
وعندما أبصر العم القفص يتدلى بين أصابعه الرقيقة تذكر وعده لمحمد :" عندما يفقس البيض ، لك منها عصفوران 0
هتف العم قائلا :" هيا اختر ما تشاء منها "0
تهدجت أنفاس محمد من الفرح ، وحدق بعناية وتركيز في القفص ، وراح يتابع العصافير ، كان بعضها يحلق ، وينتقل في فضائه مغردا ، وبعضها إما ساكنا يقف معلقا أو مختبئا فى الحجرات الداخلية 0
لوح محمد قائلا :"أريد هذه "0
ضحك العم وقال :" تريدها كلها 00 سم ما تريد !!"0
ارتبك محمد ، ولكنه تماسك ، وعاد يحدق بعناية وتركيز، ليحدد من جد يد أيها يريد ، والعم ينظر إليه ، فرحا به ، وهو يتوقع أن يعلو صوت محمد فى أي وقت ،وبالفعل لم ينتظر كثيرا ، فقد وقف محمد،وهو يردد :"هذه يا عم 00 تلك التي تتحرك هنا وهناك!!"0
حين كان محمد يقطع الطريق إلى البيت كان عقله مشغولا بأفكار مدهشة تخص العصافير ، وكان يردد:"العصافير للفضاء ، سوف أطلب من أبى قفصا أكبر حتى يكون لها فضاء أرحب و أوسع "0
وبالفعل استجاب الوالد لرغبة محمد ، مع إبداء دهشته ، لكنه انتظر حتى يرى ما وراء هذه الرغبة 0
كان محمد ينفق الساعات أمام قفص العصافير ، يقدم لها الماء والحب ، والأطعمة الشهية التي لم تكن تقربها ، كان يشهد حركتها الدائمة في فضاء القفص الكبير ،ويتمنى لو غنت ، ولكنها لم تكن تستجيب له ،فظن أن القفص الكبير ليس كبيرا ، وأنها لا تحس بالحرية الكافية ، فطلب من والده أ ن يشترى له قفصا أكبر ، مما أثار عجب والده ، فقال له :"ماذا تريد أن تفعل ؟"0
قال محمد وهو زائغ العينين :"إنها لا تحس بالحرية ، إنها حزينة "0
ابتسم الوالد،وقال:"هذه العصافير للأقفاص 00ليست مثل الأخرى الطليقة "0
هتف محمد بصوت مختنق :"أليست عصافير يا أبى ولها جناحان ،وتستطيع الطيران "0
أجاب الوالد:"نعم هي عصافير ولها جناحان وتستطيع الطيران ولكنها للأقفاص وليست للفضاء "0
تحرك محمد وهو يحس بحصار والده:"ولكنها حزينة لا تغنى مثل الأخرى 00 لن تغنى إلا في قفص أكبر وأوسع "0
أمام إصراره لبى الوالد طلبه ،وأحضر له القفص الكبير ، وأعاد الأصغر للبائع ،وانتظر محمد ليرى فرحة العصافير بالقفص ،بالفعل زادت حركتها ، وراح صوتها يتردد بالغناء لأوقات طويلة ممتدة ،ولكن محمدا كان يردد :"هذه العصافير فى القفص أجمل وأروع ومع ذلك لا تتمتع بالحرية مثلما تتمتع هذه التي تحلق فى الفضاء "0
حين نثر بعض الحب حوله ،استجابت العصافير الطائرة لدعوته الكريمة ، وحطت عليها تلتقطها ،وتنط، ثم تطير ،وتعود لتحلق قريبا منه ، لكنه فشل في الإمساك بإحداها ، لاعبته ،وداورته ،وانطلقت مبتعدة ،وهى تصوصو،وتغنى بفرح ،قال فى نفسه :"لم لا أطلق هذه العصافير ، إن الله خلقها حرة ،ولم يخلقها فى قفص ،في الفضاء سوف تكون أجمل و أروع ، سوف تكون سعيدة بالحرية ،وسوف تسعد الأطفال ،ولكنها قد تطير ولا تعود !! "0
فكر كثيرا ،قلب الأمر في رأسه الصغيرة ، ثم أسرع بفتح باب القفص ، ودفعها لكي تخرج ، فتختبئ منه فى الحجرات الداخلية ، لكنه يستمر في تحريضها على الخروج0
مر وقت طويل قبل أن تفهم العصافير ما يريد لها محمد، فانطلقت خارجة، تتمطى ،وتهز ريشها الجميل ، الملون ،وتنتقل هنا وهناك، لكنها لا تطير ، فأسرع خلفها يهشها ، ويحثها على الطيران ،جرت على الأرض ، حلقت على ارتفاع منخفض جدا ،وعادت تجرى على الأرض ، فطاردها ، وطاردها دجاج والدته ،وراحت تنقرها ،فزاد محمد من تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0
لكنها لم تستجب ،وحين حاصرها الدجاج كان يسرع فينتشلها قبل أن تقضى عليها ، ثم يعيدها إلى القفص ،وهو يشعر بالفشل !!
ظل محمد يفعل هذا لأيام،وكل مرة كان يرفعها بين أصابعه،ثم يتركها لتطير ، أول الأمر كانت تسقط على الأرض ، ثم بعد ذلك حلقت قليلا ،وحطت على الأرض ،وفى المرة الثالثة كانت أكثر تحليقا ،وسرعان ما أصابها التعب ،وحطت على الأرض 0
لم ييأس محمد، كان مصرا ،أعاد المحاولة مرات ومرات ،وفى كل مرة كانت تتقدم، وتحرز نجاحا باهرا ،وفى المرة الأخيرة ارتفعت كثيرا فى الفضاء ، بينما عينا محمد تتابعنها فى فرح ،حتى اختفت تماما عن ناظريه ، وهو مفعم بالفرح والانتصار ، هلل وتشقلب ، ثم طوى الدرج إلى أسفل ، ووقف أمام والده وهو يردد:"ليس هناك عصافير للأقفاص وعصافير للفضاء 00كلها للفضاء يا أبى! "0

همس الخيال 07-12-07 10:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب (المشاركة 1111504)
عصافير للفضاء 00عصافير للأقفاص



حين أخذ محمد القفص الملون من والده ، واندفع به صوب بيت عمه ؛ كان قلبه يخفق بشدة ، ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة

بش العم فى وجهه ، وهش لحضوره غير المفاجئ ؛ فبيت عمه كان دائما البيت المحبب إليه 0
وعندما أبصر العم القفص يتدلى بين أصابعه الرقيقة تذكر وعده لمحمد :" عندما يفقس البيض ، لك منها عصفوران 0
هتف العم قائلا :" هيا اختر ما تشاء منها "0
تهدجت أنفاس محمد من الفرح ، وحدق بعناية وتركيز في القفص ، وراح يتابع العصافير ، كان بعضها يحلق ، وينتقل في فضائه مغردا ، وبعضها إما ساكنا يقف معلقا أو مختبئا فى الحجرات الداخلية 0
لوح محمد قائلا :"أريد هذه "0
ضحك العم وقال :" تريدها كلها 00 سم ما تريد !!"0
ارتبك محمد ، ولكنه تماسك ، وعاد يحدق بعناية وتركيز، ليحدد من جد يد أيها يريد ، والعم ينظر إليه ، فرحا به ، وهو يتوقع أن يعلو صوت محمد فى أي وقت ،وبالفعل لم ينتظر كثيرا ، فقد وقف محمد،وهو يردد :"هذه يا عم 00 تلك التي تتحرك هنا وهناك!!"0
حين كان محمد يقطع الطريق إلى البيت كان عقله مشغولا بأفكار مدهشة تخص العصافير ، وكان يردد:"العصافير للفضاء ، سوف أطلب من أبى قفصا أكبر حتى يكون لها فضاء أرحب و أوسع "0
وبالفعل استجاب الوالد لرغبة محمد ، مع إبداء دهشته ، لكنه انتظر حتى يرى ما وراء هذه الرغبة 0
كان محمد ينفق الساعات أمام قفص العصافير ، يقدم لها الماء والحب ، والأطعمة الشهية التي لم تكن تقربها ، كان يشهد حركتها الدائمة في فضاء القفص الكبير ،ويتمنى لو غنت ، ولكنها لم تكن تستجيب له ،فظن أن القفص الكبير ليس كبيرا ، وأنها لا تحس بالحرية الكافية ، فطلب من والده أ ن يشترى له قفصا أكبر ، مما أثار عجب والده ، فقال له :"ماذا تريد أن تفعل ؟"0
قال محمد وهو زائغ العينين :"إنها لا تحس بالحرية ، إنها حزينة "0
ابتسم الوالد،وقال:"هذه العصافير للأقفاص 00ليست مثل الأخرى الطليقة "0
هتف محمد بصوت مختنق :"أليست عصافير يا أبى ولها جناحان ،وتستطيع الطيران "0
أجاب الوالد:"نعم هي عصافير ولها جناحان وتستطيع الطيران ولكنها للأقفاص وليست للفضاء "0
تحرك محمد وهو يحس بحصار والده:"ولكنها حزينة لا تغنى مثل الأخرى 00 لن تغنى إلا في قفص أكبر وأوسع "0
أمام إصراره لبى الوالد طلبه ،وأحضر له القفص الكبير ، وأعاد الأصغر للبائع ،وانتظر محمد ليرى فرحة العصافير بالقفص ،بالفعل زادت حركتها ، وراح صوتها يتردد بالغناء لأوقات طويلة ممتدة ،ولكن محمدا كان يردد :"هذه العصافير فى القفص أجمل وأروع ومع ذلك لا تتمتع بالحرية مثلما تتمتع هذه التي تحلق فى الفضاء "0
حين نثر بعض الحب حوله ،استجابت العصافير الطائرة لدعوته الكريمة ، وحطت عليها تلتقطها ،وتنط، ثم تطير ،وتعود لتحلق قريبا منه ، لكنه فشل في الإمساك بإحداها ، لاعبته ،وداورته ،وانطلقت مبتعدة ،وهى تصوصو،وتغنى بفرح ،قال فى نفسه :"لم لا أطلق هذه العصافير ، إن الله خلقها حرة ،ولم يخلقها فى قفص ،في الفضاء سوف تكون أجمل و أروع ، سوف تكون سعيدة بالحرية ،وسوف تسعد الأطفال ،ولكنها قد تطير ولا تعود !! "0
فكر كثيرا ،قلب الأمر في رأسه الصغيرة ، ثم أسرع بفتح باب القفص ، ودفعها لكي تخرج ، فتختبئ منه فى الحجرات الداخلية ، لكنه يستمر في تحريضها على الخروج0
مر وقت طويل قبل أن تفهم العصافير ما يريد لها محمد، فانطلقت خارجة، تتمطى ،وتهز ريشها الجميل ، الملون ،وتنتقل هنا وهناك، لكنها لا تطير ، فأسرع خلفها يهشها ، ويحثها على الطيران ،جرت على الأرض ، حلقت على ارتفاع منخفض جدا ،وعادت تجرى على الأرض ، فطاردها ، وطاردها دجاج والدته ،وراحت تنقرها ،فزاد محمد من تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0
لكنها لم تستجب ،وحين حاصرها الدجاج كان يسرع فينتشلها قبل أن تقضى عليها ، ثم يعيدها إلى القفص ،وهو يشعر بالفشل !!
ظل محمد يفعل هذا لأيام،وكل مرة كان يرفعها بين أصابعه،ثم يتركها لتطير ، أول الأمر كانت تسقط على الأرض ، ثم بعد ذلك حلقت قليلا ،وحطت على الأرض ،وفى المرة الثالثة كانت أكثر تحليقا ،وسرعان ما أصابها التعب ،وحطت على الأرض 0

لم ييأس محمد، كان مصرا ،أعاد المحاولة مرات ومرات ،وفى كل مرة كانت تتقدم، وتحرز نجاحا باهرا ،وفى المرة الأخيرة ارتفعت كثيرا فى الفضاء ، بينما عينا محمد تتابعنها فى فرح ،حتى اختفت تماما عن ناظريه ، وهو مفعم بالفرح والانتصار ، هلل وتشقلب ، ثم طوى الدرج إلى أسفل ، ووقف أمام والده وهو يردد:"ليس هناك عصافير للأقفاص وعصافير للفضاء 00كلها للفضاء يا أبى! "0

احببته ياربيع هذا الطفل محمد ....كم هو بريء وذكي ...وشجاع عندما اطلق عصافيره التي يحبها
...ليثبت انها خلقت للفضاء .....جميلة واستمتعت بها جدا.....الله يعطيك العافية :flowers2:

المحرومه من الحنان 07-12-07 10:34 PM

كلام رائع
أحساس صادق
اسلوب مبدع
الله يعطيك العافية

سراب 07-12-07 10:42 PM

اخي ربيع

مااجمل براءة هذى الطفل محمد وعقله الاكبر من سنه وفهمه للامور التى قد يجهلها الكبار منا

قصه واضحه وجميله لكني اشعر ان بك من محمد هذى بعض الشبه

وهو حبك لصراحه ووزنك للامور كذلك تأملك للاشياء

كان هذى التصرف دليل على عدم انانية محمد واظن اننا جميعا" سنحبه ونتمنى رؤيته حتى نطبع

قبلات الاعجاب على خدوده

واتركني اضيف اننا نشبه هذه العصافير فنحن في الغالب في اقفاص نتطلع للفضاء

يعطيك العافيه ربيع وتقبل مروري

Layanne 07-12-07 10:47 PM

الحرية هي حلم ، تحقيه بحاجة الى اصرار و ارادة
بشكرك على القصة التي تبعد كل البعد عن كونها مجرد قصة عادية ، فهي مليئة بالعبر
اكيد ما في شي الله خلقه على وجه الارض ما بيستحق الحرية ، الله خلقنا احرار و هيك لازم نبقى
شكرا مرة تانية
سلام


الساعة الآن 02:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية