وامرأتى خضراء للشاعر مختار عيسى
وامرأتي خضراء !
مختار عيسى إلى الشاعر المبدع الصديق دخيل الخليفة أحفر في ذاكرتي .. (كان الليل نديا ، وامرأتي خضراءَ ، وأطفاليَ .. يحتضنون عصافيريَ خضراً، والشعراء ُانصرفوا ! ) أتجولُ عبر دهاليز مواضيَّ ، أنا السواحُ ، الممسوسُ بحزن رفيق ٍ ـ لا يكشفُ عن جسد صبابتهِ للأغرابِ ـ المأسورُ ، وحيدا من بين مآسير ِغوايتهِ ، من يعرفُ سر الماء ِِ ، ويحفظ أسماءَ الماشينَ على عسجدِ لـُجَّته ِ..، أنبشُ في الرمل المتخثـِّر ِ ، تنبجسُ الأسئلة ُ الحارقة ُ ، تسيلُ الحيرة في دلتايَ ، تصيحُ بأركاني أجنحة ٌ ، ويشارُ إليّ : أنِ اصعدْ يلقفني ضوءٌ مشدوهٌ ؛ فأراكم تغتسلون َ ، وتصطفون َ على حوض الزئبق ِِ تأتزرون بريشي .. ثم يهيضُ جناحاي َ، أحط على نهدٍ من زَبَدٍ ؛ فأفزِّع سادرة ً تضْـفـرُ وحدتها، وتُكلم عصفورا ينقرُ في بدني ؛ فتكون قيامة ُ ذاكرِتي ، ويديرُ الخازن قـُرص تواريخي : ( رجل ذو رأسين ، العاهر ينشَقُ من إبطيهِ ، وينفثُ في الريح ِ ، وتفترشُ بلاهته أوراقٌ ، وتصاويرُ وتلك مدينتنا تسعل ـ في الفجرـ وتلعن نائمها..) ) آه .., لو أن اللون يفارق غيمتهُ لو أن الصورة لا تعبث بي ـ يا خازن تاريخي ! ) (... هاأنذا أتدلى من شجرٍ ، رطبا، ملفوفا بالنظرات الخضر ِ ، وبالدعوات المشتعلاتِ، وقابلتي ـ تلك الواقفة على عتبة أمي ـ تركع في باحة لهفتها ، وتمد الكف المعروقة َ ، تستصرخني ، وتقلب بالعينين الزائغتين فضائي تنشدني آخر ما كتب اللهُ على صفحتي البيضاء أتنزل محفوفا .. بملائكةٍ ، وشياطين، وعماتي ـ في ركن القاعة أذكرهن جميعا ـ كن يضاجعن الرعدة منبهتاتٍ . يتغمزن الراقدة على وجعي ويمسِّحن ـ بكف خشـَّنها الجدبُ ـ على كتِفِ أبي ـ هذا المتلهف أن يقذفني البحرُإلى شاطئهِ المرتعب الأطراف ـ وهاأنذا .. أعلنُ معصيتي الأولى وأقشرُ أعضائي عضوا ، عضوا . فتبين أصابعُ قلبي ، أمسكُ بالفارينَ ، أحدثهم ـ في المهد صبيا ـ " هذا ما فعلت ريحُ الرغبةِ في شجري هذا البدءُ المحفوفُ بعصمتهِ ، الموقوتُ ـ كقنبلةٍ ـ في كف اللهِ، وهذا ما أوصاني شيخي .. قال الشيح الطيبُ : "جاء العصف ُ، وليس بعاصمك الشجرُ الخزفي ، وما يُدريك بأي الآلاءِ تكذبُ من والاك تَََكونُ نجاة ؟! أوَ تدري .. هل فخذ امرأةٍ خيرٌ أم ضَيْرٌ لك ؟! هلك َ الهيابون َ ، فلذ بالنار ، ولا تدخُل في ثلج الوقت !) ( المشهد تعلوه العتمة ، يا خازن تاريخي . لو أن اللون يفارق غيمته ، لو أن الصورة لا تعبث بي !) (...يفتتحون صلاة الذمِّ ، تقول نساء : " أولدها الشيطان، خانت من زوجناها اجترأتْ " ، فيقول رجال : " حقت لعنتنا ، لن يغسلها غير اليم "، أقول : "عن الشيح الطيبِ ، عن خازن بيت الحكمةِ سيئت أوجهكم ، هذى امرأة ٌ، وطريق، فافتتحوا الخطوات بآيات الحمدِ ، ولا تلجوا دهليز الكلم الممسوس ِِ ، ولا تصطحبوا العيابينَ ، اغترفوا من سلتها مددا . هذى امرأة ، وسؤالات تشعل في القلبِ ، وقد أحصاها ربي عددا فالتمسوا العفو ، وغوصوا في الماء ِ ، اغتسلوا .... قلبًا، ولسانًا ، ويدا..." ينفرطون ، يصير عراءً ما حولي ، وتلملم قابلتي أعضائي ، تلقيني للريح . الريحُ تُراودني عن ناري وأراودُ عن بَرَدٍ ريحي . الأسماء افترشت مائدة ً ، والألوان افتتحت موسمها ، الله يسميني ، يغمس فرشاة في البحر ِ ، فألبس ألواني : للقلب الخضرة ُ و العينان العسلُ ، ولونٌ .. ـ كالقافية العرجاء ـ لأحزاني . ثم يكون قداحٌ ، وأكون أنا المختارُ ، : وجعٌ مشَّاء بحطيم ٍ، ونهارات ٌ مغدورات ٌ ، وليال ٍ مسكوبات ٌ في آنية الغرباء ِ ، أنا المختار ُ، وحيدا من بين مآسير غوايته ِ، من يعرف سر الماء ِ ، ويحفظ أسماء الماشين على عسجد لجته ِ ... ) ( ويدير الخازن قرص تواريخى) ( ... هذا الطفل / السيد أذكره . كان يميني ... أو ليست هذي العذراء معلمتي ؟! ـ هي ذي. في زرقة عينيه ارتاحت ، وارتابت في وقدة عينيّ انتهرتْ بسمتيَ الخضراءَ وعادت تسألني : أن أدخل كلماتٍ حامضة ً في رحم الأوراق ِ ؛ فاوقد ذاكرتي ، وأفجِّرُ ما خزن الله بآنيتي " كُتِبَ الفقرُ عليّ جنينا " فتئزُّ عصاها ، تلقي بي في قاع الفصل ِ ، يقهقه جاري ... ـ هذا الطفل/ السيد ـ يعرف كيف تكون الجملة ناصعة ً، والأحرف بيضًا ، و الإيقاع نقيا ، وله أبوان يجيدان التوقيعَ .. على دفتر حكمتها بالعطر النقدي!.. ) ( يا خازن تاريخي لو أن اللون يفارق غيمتهُ ، لو أن الصورة ، لو .. ، اللون ازداد ظلاما ، والصورة هاربة ٌ ، يا خازن تاريخي . فلتوقف هذا القرصَ ، وأخرجني ) (.......) أخرجُ من ذاكرتي في القلب قصاصات من حلم موءودٍ، وامرأتي مازالت خضراءَ ، وأطفالي يحتضنون عصافيري خضرًا، والشعراءُ انصرفوا ! هذي منزلتي فافترشوا ، ما شئتم .. من سعف تباريحي ، أو ناموا .. كالحلم الأخضر .. فوق قطيفة روحي سيان ؛ فخاتمتي بدئي ، وسمائي مثقلة بالعشب الأرضي ّ ، ولكني ... أنذركم آياتي كثر ، وعلاماتي أن سيكون الفيضُ ، وأن تخْضَرَّ قوافي الشعراءِ ، أنا المسكونُ بأحلام الفقراء ِ المنكسرينَ ، المدهونُ بزئبق فاتنةٍ . ـ لا تمسحُ عن جسد صبابتها ألَقي لا يقرأ ُ فتنتها الهيابونَ ، ولا تلقي بالورق المتقصفِ .. في حِجْر السحرةِ ، أنذركم ... قد هبت ريحي ... فافترشوا ... ما شئتم من سعف تباريحي أو ناموا ـ كالحلم الأخضر ـ فوق قطيفة روحي ! مجلة (إبداع ) ديسمبر 1990 |
thank u i read it twice it's good
|
قصيدة جميلة جدا
|
ووووووووووواو رررروعه ماشاءالله
|
شكرا لكل من مر و أرجو أن أظل عند حسن ظن الشعر بي
مختار عيسى |
الساعة الآن 06:00 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية