منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   التاريخ والاساطير (https://www.liilas.com/vb3/f403/)
-   -   محمود عوض , تعريف بالكاتب (https://www.liilas.com/vb3/t49375.html)

حسن حسني 25-08-07 01:28 PM

محمود عوض , تعريف بالكاتب
 
لاحظت في الكثير من المنتديات التي تهتم بالكتاب العرب تجاهلاً للكاتب الكبير محمود عوض ولاني اعتقد ان هذا التجاهل ناتج عن عدم معرفة بهذا الكاتب فقد قررت فتح هذا الموضوع للتعريف به وباعماله..
برجاء المشاركة في هذا الموضوع ومن لديه اي من كتب محمود عوض اتمنى ان يقوم برفعها خاصة ان كتبه نادرة وغير متوفرة خارج مصر وبالنسبة لي فلدي كتاب متمردون لوجه الله اذا رغبتم ساقوم برفعه وكذلك مقالاته السياسية في صحيفة الحياة..

مقال عن كتابه بالعربي الجريح (ممتع جدا لن تندموا على قراءته)

عبدالحليم حافظ يحبس محمود عوض فى شاليه بالعجمي
سر عدم الكتابة عن حليم رغم الصداقة التى جمعتهما
أنتونى كوين يكشف عقده حياته لمحمود عوض
قصة النكتة التى أطلقها ناصر على نفسه!!
لماذا قال الزعيم لن أتلقى العزاء فى عبدالمنعم رياض
فريد الأطرش يقول كلمة خادشة للحياء لملك المغرب!!

الكاتب الكبير محمود عوض كاتب موسوعى من طراز فريد.. تتجلى فرادته فى
كتاباته العميقة، التى تقدم المعلومة ببساطة دون تقدر أو فزلكة، يبتعد
ما أمكن عن المصطلحات الضخمة وإن لجأ إليها مضطرا يفسرها بطريقة بديعة،
كأنه يقدم المعلومة بطريقة مختلفة، ربما حتى لا يشعر قراءه بالجهل..
ذات يوم فى حوار نشر بجريدة العربى فى أغسطس 2003 سألته عن ثقافته
الموسوعية، وسر كتابته فى السياسة كأنه محلل سياسى مخضرم، والكتابة فى
الفن كأنه ناقد فنى متخصص، إضافة لكونه أديب وروائى فأجاب بتواضع
الكبار قائلا: هذا مطلوب من أى كاتب شرط أن يكون مهموما من البداية
بتوسيع دائرة ثقافته، أى إنها مسألة متعمدة ومحتاجة لجهد هذا الجهد
الذى يبذله الكاتب الكبير محمود عوض مع نفسه ليتمتع ويمتع قراءه
بثقافته الموسوعية التى تبدو واضحة فى كتبه التى تقترب من العشرين
كتابا وتتنوع بين السياسة والفن والأدب، وأحدثها كتابه المتميز بالعربى
الجريح الذى صدر مؤخرا عن دار المعارف ويضم 25 مقالة تتنوع وتنتقل بين
السياسة والاقتصاد وذكريات مع أهل الفن وذكريات خاصة.. فى اسلوب غاية
فى الإبداع، أسلوب جذاب مدهش، يجعل القارئ يتساءل كيف استطاع محمود عوض
أن يقول هذا الكلام بهذه الطريقة.. فأحيانا يجد القارئ الجملة طويلة،
حين تتطلب الفكرة ذلك، وأحيانا أخرى، نجد الجملة قصيرة سريعة، كأنها
طلقات رصاص تصيب الهدف، وأحيانا تكون كلماتها كقطرات المطر المنعشة فى
نهار قائظ.
أما أهم ما يميز محمود عوض الكاتب الكبير هو أنه كاتب صاحب رسالة يحاول
إيصالها لجمهوره المستهدف، وهو قطاع الشباب الذين يشعر أنهم أحوج ما
يكون لكاتب كبير يصل إليهم وعلى أرضيتهم.. وهو ما يتجلى فى كتابه
بالعربى الجريح تلك المقالات التى كتبت بالأساس لمجلة الشباب ونشرت فى
الفترة من مارس 1997 وحتى يناير2002 وهى مجلة تستهدف الطلائع والشباب
من سن 10 - 25 تقريبا، تلك ميزة الكاتب الكبير الذى يصر على ايصال
رسالته للشباب المتعطش للمعرفة على أرضيته، وهو ما يثبت أن الكبير كبير
إينما حل.. والمدهش أن كاتب بحجم محمود عوض يأخد الموضوع بجدية شديدة
ولا يستخف بهذا القطاع من الشباب ويقدم لهم مقالات كل مقالة هى مقطوعة
أو نص أدبى يجذب قراءه من رموش عيونهم لمتابعة كل كلمة.. إنه كتاب
يستحق القراءة مرارا كتاب شديد الامتاع، منحه الكاتب وقته وجهده، يقول
الكاتب عن هذه التجربة فى مقدمة كتابه: هى تجربة أمتعتنى.. وأجهدتنى..
تجربة معجونة من الشوق والقلق.. الحنين والتوتر.. الإقبال التردد.. لقد
احتار الناشر هنا أن يقدم للقارئ مقالاتى فى الشباب لكنى أقدم لك قلبى
فى الشباب قلب ينبض بالعربى الفصيح.. وغالبا بالعربى الصريح.. وأحيانا
بالعربى الجريح ومعذرة لو أراد القلب بعدها فرصة لقليل من الراحة.
هكذا نبدأ جولتنا بين ضفتى هذا الكتاب، الذى فيه من المتعة والألم
الضحك والبكاء بقدر ما فيه من المناقشة الواعية العميقة لقضايا مهمة،
ولنبدأ من عنوان الكتاب بالعربى الجريح والذى يفسره الكاتب فى آخر فقرة
فى كتابه فى مقال بعنوان صباح الخير..يا أوروبا! وهو يدور حول نجاح 12
دولة أوروبية فى التكامل الاقتصادى وطرح عملتهم الموحدة اليورو رغم
أنهم يتحدثون لغات عدة، بينما يفشل العرب رغم أن هناك لغة واحدة
تجمعهم: أحيانا تكون أحلام الناس أكبر من قدراتهم لكننا هنا أمام حالة
عكسية: أحلامنا تصبح أصغر وأصغر من قدراتنا، وبالمقارنة مع أوروبا. هذا
ليس فارقا فى العقول، إنه فارق فى السياسات، لقد كتبت سابقا بالعربى
الفصيح دفاعا عن لغتنا العربية فى مواجهة اللهجات المحلية، وكتبت
بالعربى الصريح عما جرى للبترول العربى فى أكبر عملية نهب فى القرن
العشرين، فى هذه المرة أكتب بالعربى الجريح عن سيطرة العزف المنفرد على
سياسات دولنا العربية فتصبح كل منهاأكثر ضعفا واعتمادا على الآخرين.
وإذا كانت السياسة فى أبسط تعريفاتها هى حسن إدارة مصالح الناس
ومستقبلهم فإن ما صنع الاتحاد الأوروبى والعملة الموحدة إحدى ثماره هو
نقل لفكرة الاتحاد قوة إلى أرض الواقع اعتمادا على لغة المصالح
المشتركة فى أبسط صورها.. وصباح الخير يا أوروبا.. مساء الخير يا عرب.
وحول فكرة اللغة العربية الواحدة التى لم تنجح فى جمع العرب كوحدة
اقتصادية، يتناولها الكاتب فى أكثر من فصل بالكتاب، ومنها فصل الله
يعطيك العافية الذى يناقش فيه الكاتب مفارقات مضحكة نابعة من فكرة
اختلاف اللهجات منها كلمة عيط التى تعنى فى اللهجمات الشامية النداء
وتعنى فى اللهجة المصرية البكاء وكلمة التقبيل السعودية التى تعنى
البيع، وكلمة انتشلت العراقية التى تعنى الإصابة بنوبة برد، ويسوق
الكاتب واقعة طريفة كان أحد شهودها. حدثت فى مقر ملك المغرب، وهى واقعة
يعود ليحكيها بشكل أكثر تفصيلا فى فصل آخر من فصول الكتاب بعنوان مات
الملك.. عاش الملك وتدور هذه الواقعة حول دعوة عدد من الفنانين الحفل
بقصر ملك المغرب ومنهم عبدالحليم حافظ، فريد الأطرش، ومحمد عبدالوهاب،
وكاتبنا طبعا، وفى هذا الحفل يغنى فريد الأطرش، وبعد انتهائه من الغناء
يتوجه إليه الملك ليشكره بحرارة قائلا: يا أخ فريد أنت أبدعت.. فيرد
فريد الأطرش بتلقائية: أبدا والله.. ده مجرد إن سموك حساس جدا.. وهنا
يمتقع وجه الملك!! طبعا من وقع الكلمة وهنا يفسر لنا الكاتب ما حدث
بسبب اختلاف اللهجات، ففى الطريق إلى الفندق حيث يقيم الفنانون
المدعوون يدور هذا الحديث الذى يسوقه الكاتب: فى سيارة العودة شرح لى
محمدعبدالوهاب الموقف فكلمه حساس فى لهجتنا المعتادة تعنى إطراء..
بينما فى اللهجة المغربية تقال عن شخص شاذ.. وليلتها لم يسلم فريد
الأطرش من مداعبة عبدالوهاب: الله يجازيك يا فريد.. تقول للراجل إنه
حساس؟! وكمان.. حساس جدا! ها ها ها...
وبعد هذه الواقعة الطريفة الضاحكة يعود الكاتب إلى الجديدة قائلا: وإذا
كنا قد تجولنا لبعض الوقت فى هذا الفصل مع مفارقات اللهجات المحلية فى
البلاد العربية، فإن المفارقات تطول وتنقلب أحيانا من الطرافة إلى الهم
والغم، لكن هذا كله يظل مدخلا إلى المفارقة الأكبر والأخطر فى الموضوع
كله. ففى الشمال انطلقوا من لغات متعددة إلى الوحدة ونحن انطلقنا من
لغة واحدة إلى التمزق.
ومع ذلك يختتم الكاتب هذا الفصل بجملة فيها تفاؤل قائلا: الآن نريد أن
نقول بجدية وبالعربى الفصيح: نحن 21 بلدا عربيا تجمع بينها لغة مشتركة
نعمة لا بأس بها.. كبداية.
ومن هذه الحكاية التى يسوقها لنا الكاتب عن فريد الأطرش دعونا ننطلق
إلى فصول أخرى من فصول الكتاب عن أهل الفن فى مصر والخارج.. منها فصل
بعنوان: عزيزى عبدالحليم.. وحشتنا وفى هذا الفصل يحكى لنا الكاتب كيف
كتب لعبدالحليم أرجوك لا تفهمنى بسرعة وهو العمل الدرامى الوحيد الذى
سجله عبدالحليم للإذاعة عام 1973 وأذيع فى شهر رمضان وكان العمل
الدرامى الوحيد الذى ظلت الإذاعة تذيعه رغم وقف كل ما عداه من أعمال
فنية لا تتناول فكرة الحرب والمعركة بسبب حرب أكتوبر.
ويشير الكاتب إلى أن عبدالحليم عندما تعاقد مع الإذاعة اشترط طلبا
واحدا وهو أن محمود عوض يكتب له القصة.. وكان عبدالحليم وعوض صديقين
يسافران ويسهران معا، وفى يوم طلب منه عبدالحليم أن يذهبا معا فى مشوار
وإذا به يذهب به للإسكندرية حيث عبدالحليم كان يملك شاليه فى منطقة
العجمى.. وذهبا معا إلى هناك وفى الصباح وجد كاتبنا نفسه و حيدا فى
الشاليه مع عم فرج الذى يعمل فى الشاليه سأله عوض عن عبدالحليم أجاب
أنه لا يعرف أين ذهب ثم إذا بمكالمة تليفونية من حليم: بعد ساعات دق
جرس التليفون. المكالمة ترنك. ثم المفاجأة: ها ها ها ها.. خلاص يا عم
أنا رجعت مصر وأنت عندك محبوس فى العجمى لغاية ما تكتب القصة. بعدها
فقط أبعث لك عبدالفتاح السائق بالسيارة يرجعك. رمضان قرب ومفيش وقت..
ها ها...
ومن عبدالحليم إلى أنتونى كوين يدور فصل زوربا: الحياة بالطول والعرض
حيث يحكى لنا الكاتب كيف تعرف على الفنان العالمى أنتونى كوين عبر صديق
مصرى يقيم فى أمريكا وكان اللقاء مدينة نيويورك حيث كان هذا الفنان
يقوم بتصوير فيلم وكان هذا الصديق المصرى منتجا مشاركا مع أنتونى فى
هذا الفيلم وفى هذا الفصل يتناول الكاتب بعض الجوانب الإنسانية فى حياة
الفنان العالمى كوين الذى يرفض أفلام العنف الأمريكية ويشرح قواعد
هوليوود مدينة السينما.. ويحلم بأن يكون كاتبا. وفى فصل آخر بعنوان:
محنة. فوق رءوسنا! ينطلق بنا الكاتب مرة أخرى لعالم أنتونى كوين وهنا
يحكى لنا واقعة حدثت فى طفولة كوين ظلت عقدة دائمة لديه ولم يتخلص منها
إلا فى الستين من عمره.. وهذه الواقعة تلخص حياة أنتونى كوين بكاملها..
حين يسرد لنا الكاتب فى أسلوب شائق أن أنتونى كوين من أصل مكسيكى ويصف
الكاتب المكسيك بالجار الجنوبى الفقير للولايات المتحدة. وكان كوين
أسرة فقيرة وكانت أمه تصحبه.
وهو صغير ابن السادسة كل صيف فى هجرة غير مشروعة عبر الحدود بحثا عن
فرصة عمل فى أقرب مزرعة أمريكية.. وهذا النوع من الهجرة كما يصفه
الكاتب بأنه يجعل السلطات الأمريكية تغض عيونها عنه لمصلحة محددة
فأصحاب المزارع الأمريكية يريدون عمالة رخيصة، وشرطة الحدود تسمح لهم
بذلك لأنها تعرف أن العامل المكسيكى الذى يوجد على الأرض الأمريكية
بطريقة غير قانونية يصيح أكثر قابلية للتحكم فيه والسيطرة عليه بعيدا
عن الحقوق والقوانين والنقابات، لأنه مع أى خطأ يرتكبه العامل المكسيكى
يستطيع صاحب المزرعة أن يسلمه إلى الشرطة فيجد نفسه معتقلا.. بلا حقوق
ولا نقود ولا هوية.. وربما بمصيبة فوق رأسه.. فى هذه الظروف كانت أم
أنتونى كوين تعمل ومعها كوين طفلا وفى يوم من الأيام جاءت السيدة صاحبة
المزرعة التى تعمل بها الأم التى كان يبدو عليها الفقر والتى تعرف
السيدة الثرية عنها أن لديها العديد من الأطفال غير أنتونى الذى لم
تستطع بعد الحاقه بالمدرسة رغم وصوله للسن القانونى لفقرها، فعرضت
عليها السيدة الثرية ان تتبنى انتونى مقابل مبلغا مغريا من الدولارات
تضمن به حياة معقولة لباقى ابنائها.. وهنا صممت والده أنتونى وأخبرت
السيدة الثرية أنها ستفكر فى العرض.. وفى الفجر أخذت أم كوين ابنها
وهربت من المزرعة إلى مكان آخر أقرب إلى الحدود الأمريكية مع المكسيك
بعد ذلك تعدلت الأمور وهاجر كوين نفسه فى مطلع شبابه إلى أمريكا جرب
مهن عدة إلى أن نجح كممثل سينمائى بعد ذلك جاء النجاح والشهرة والثروة،
وأحضر أمه من المكسيك لتعيش معه فى أمريكا ليعوضها عن الحرمان والشقاء
والمعاناة فى المكسيك.. لكن مع ذلك كما يقول الكاتب استمر المشهد إياه
حاجزا نفسيا لدى أنتونى كوين نحو أمه.. ولم يصارحها به سوى عندما كان
فى الستين من عمره.. حيث سألها كيف كنت أهون عليك، هل يعقل أنك فكرت
ولو للحظات قليلة أن تبيعينى لصاحبة المزرعة.. أنك طلبتى منها مهلة
للتفكير.. فإذا بالأم تفاجأ أن ابنها مازال يحتفظ طوال هذا العمر بتلك
العقدة.. وهنا تنطلق الأم موضحة، قائلة: فكرت لحظتها.. ليس فى الصفقة
التى تعرضها ولكن في: ماذا يكون رد فعلها لو أننى رفضت الصفقة فى التو
واللحظة هل ستخطفك منى؟ هل ستسلمنا للشرطة فندخل السجن معا بتهمة
الاقامة غير المشروعة هل.. وهل.. وهل..؟!.. لهذا طلبت مهلة حتى أجد
حلا، وكان الحل هو أن أهرب بك.
ومع الانتقال بين فصول الكتاب يندهش القاريء حين لا يجد حكاية عن
عبدالحليم إلا إذا كانت تخص محمود عوض نفسه، ومنها حكاية المسلسل
والاسكندرية وحكاية فريد الأطرش وملك المغرب السابقتين، وهذا ملفتا
للنظر، وهنا يبرز سؤال لماذا لم يكتب محمود عوض عن عبدالحليم، رغم
الصداقة التى كانت تجمعهما، ورغم أن الكثيرين ممن لم يعرفوا عبدالحليم
بنفس القدر كتبوا عنه. وهنا تأتى إجابة الكاتب عن هذا السؤال فى نهاية
فصل بعنوان: مشاعر.. من لحم ودم.. يقول: لماذا لم أكتب عن عبدالحليم
حافظ؟ فكرت كثيرا وترددت، السبب هناك حالة استرازق انتشرت بفجاجة فى
الكتابة عن عبدالحليم حافظ وغيره؟ فكرت كثيرا وترددت السبب هناك حالة
استرزاق انتشرت بفجاجة فى الكتابة عن عبدالحليم وغيره، وأكثرها أكاذيب
وأقلها أنصاف حقائق. هذه واحدة، أما الأخرى فهى أن من تشرفت بمعرفتهم
عن قرب انسانى حميم، من طه حسين إلى أم كلثوم، وعبدالحليم، ومحمد
عبدالوهاب، وتوفيق الحكيم.. وماتزال ذكرياتى معهم لصيقة بى تحت الجلد
وحتى الآن لا أستطيع الانفصال نفسيا عن تلك الذكريات بما يسمح لى بأن
أصبها على الورق..
ومن الفن إلى الكتب والثقافة أنقل عن كاتبنا هذا المقطع من فصل قضية كل
جيل.. وسؤال كل عصر الكتب كالنساء.. قليلها يستمر عطره معك بعد
انصرافه.. والكتب فيها من صفات النساء.. هناك نساء تغلق عينيك حتى
تراها، وكتب تغلق عينيك وتفتح عقلك حتى تستوعبها، وكما أن هناك امرأة
تذكرها بنوعها، فهى ككل النساء، هناك امرأة تذكرها بتميزها وتفردها..
كذلك الكتب هناك كتاب فيه كل شيء من ملامح الكتب وليس أكثر.. وهناك
كتاب فيه، غير ملامح الكتب صفات كاسحة الألغام.. فهو يطهر أمامك أرضا
خطيرة ويضيف إليك شجاعة لازمة. هناك امرأة تحرك خيالك.. تستثير غرائزك،
فى الكتب أيضا القليل مما يضيء عقلك والكثير مما يقتحم حواسك.. هناك
امرأة تكتفى من العصر بقشوره وأخرى تضيف إلى العصر لمسات تنقصه كذلك
الكتب
وفى هذا الفصل الذى يبدأه محمود عوض بتلك البداية المثيرة لا يريد
الكاتب الحديث عن النساء إنما عن الكتب، ومنه تجربة خاصة مع كتاب أفكار
ضد الرصاص الذى صدر عن سلسلة اقرأ بدار المعارف فى السبعينيات والذى
صدر منه حتى الآن تسع طبعات ثم أعيد طبعه فى دار الشروق، صدر منه 280
ألف نسخة، وهذا الكتاب موضوعه هو الكتب التى أثرت فى حياتنا الثقافية
وأثارت أزمات منها كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وكتاب طبائع الاستبداد
لعبدالرحمن الكواكبى وكتاب الاسلام وأصول الحكم للشيخ على عبدالرازق
والرابع كتاب د. طه حسين فى الشعر الجاهلى.. وكان السؤال الذى يطرحه
كاتبنا محمود عوض فى نهاية كل فصل هو: كيف يجب علينا أن نفكر.. ونعيش؟
ويستطرد الكاتب قائلا: وبقدر بساطة السؤال تأتى صعوبته، فالسؤال متجدد
وهو سؤال يطرح نفسه على كل جيل فى حياتنا الثقافية والسياسية، والمشكلة
دائما هى أن المجتمع يريد أن يجمع بين التطور وراحة البال لكن بمجرد أن
يحدث تقاطع، يجد المجتمع أغلبية كافية بين أعضائه تتمسك براحة البال
على حساب التطور، بينما تخرج أقلية محدودة إلى العراء لكى تقول إن
التطور يستحق أن نضحى فى سبيله بين وقت وآخر.. براحة البال وفى الحالات
الأربع التى عشتها على الورق بكل أعصابى كانت تفاجئنى دائما بضراوة
المعركة.
ومن الأدب للسياسة نتنقل مع الكاتب بين خمسة فصول من الكتاب حول حرب
أكتوبر وحرب الاستنزاف بعنوان رجال اليوم السابع واليوم السابع هو يوم
6 أكتوبر الذى يعتبره الكاتب هو اليوم السابع بعد الأيام الستة
للنكسة.. وفى هذه الفصول التى تتناول رجال اليوم السابع يتناول الكاتب
عددا من الرجال الذين صنعوا النصر أو وضعوا لبناته ومنهم عبدالمنعم
رياض الذى يسوق لنا الكاتب واقعة نقلا عن مصطفى طلاس ونريد الدفاع
السورى السابق، وتدور أحداثها بعد استشهاد عبدالمنعم رياض الذى حضر
جنازته الشعبية الزعيم جمال عبدالناصر.. اقتربت من الرئيس.. لأقول له
يقصد الكاتب هنا طلاس سيادة الرئيس هذا التفاعل الذى شهدناه اليوم من
الشعب المصرى هو أكبر عزاء لك فى استشهاد عبدالمنعم رياضى، قاطعنى
عبدالناصر قائلا: لا يا طلاس، أنا ذهبت إلى الجنازة لمشاركة الناس وليس
لتقبل العزاء فى رياض بالنسبة لى لا عزاء فى رياض العزاء الوحيد عندى
وعند عبدالمنعم رياض وعند كل العسكريين المصريين هو تحرير الأرض، كل
الأرض لا أتكلم هنا عن سيناء فأمرها محسوم، أتكلم عن القدس، قبل سيناء
والجولان، هى القدس يا طلاس.
وعن أبطال وأحداث اليوم السابع يسوق لنا قصة طريفة نقلا عن أحد زملاء
دفعته وهو ضابط يدعى مصطفى من ضباط الجيش الثانى جاء ذات يوم فى اجازة
من الجبهة يزور زملاءه وكان شخصا يتمتع بروح المرح.. وراح يحكى لهم
نكته عن رجل ذهب للجمعية يشترى كيلو سمك وبعد زحام وانتظار ساعتين
اشتراه وعندما ذهب إلى البيت لم يجد زيتاً، وأخذ يبحث ويلف، فلم يجد
فأخذ السمك وذهب لأحد المحال ليشويه فوجد المحل مغلق فتعب فألقى السمك
فى النيل الذى كان يسير بجواره فغاص السمك فى الماء ثم قفز إلى أعلى فى
الهواء وهو يهتف يعيش جمال عبدالناصر.. وهى نكتة تشير لما أصاب
المصريين من تقشف بعد النكسة المهم هذا الضابط بعد أن ألقى نكتة وأضحك
زملاءه راح أحدهم يوبخه على أنه يلقى نكتة فى هذه الظروف التى تمر بها
البلاد، فأخبره مصطفى قائلا: هذه النكتة نقلها إلينا الرئيس جمال
عبدالناصر ويستطرد هذا الضابط أن الضباط على الجبهة فجأة وجدوا الزعيم
جمال عبدالناصر بين الجنود على الجبهة: لقيناه طب علينا فجأة فى عربية
جيب لابس قميص وبنطلون يعنى لابس ملكى ومعاه محمد فوزى وزير الحربية
وعربية جيب ثانية للحراسة، بس كده..
وهكذا كما جاء الرئيس فجأة انصرف فجأة ليقوم بزيارة مماثلة للواء آخر
على الجبهة.
وأخيرا عزيزى القاريء دعونا نلتقط بعض المقاطع من بين فصول الكتاب التى
ينطبق عليها وصف قطرات المطر المنعش فى نهار قائظ، منها هذا المقطع من
فصل غرام يقصف العمر يقول: شاغبتنى.. لا طفتنى.. طاردتنى.. حاصرتنى..
لكنها لم تتجاوز الحدود.. تابعتنى فى الصبا.. لاحقتنى فى الجامعة..
عاكستنى فى العمل ظل طيفها أمامى فى كل وقت تحايلنى من على مسافة
تحاورنى فى كل مكان عام، تتسلل إلى فى مكان خاص، ومن قبل حتى أن أفتح
فمى يصبح طيفها فى مسامى، وتحت جلدى وسابحا فى شرايينى.
وهكذا حين يمنى القاريء نفسه بضبط محمود عوض متلبسا بالغرام، يكتشف أن
الكاتب لا يقصد سوى السيجارة التى ظل يبتعد عنها سنوات ثم يستسلم لها
ويدمنها..
وفى مقال سندريلا.. بالمقلوب يقول: فى البداية كان الخبر، ثم تحول
الخبر إلى عنوان، والعنوان إلى تفاصيل متلاحقة والتفاصيل تشكلت منها
قصة والقصة فى هذا الفصل هى قصة الأميرة الراحلة ديانا التى صنعتها
وقتلتها صحافة التابلويد الصفراء التى يصفها الكاتب بأنها لا تعرف
الحدود بشكل يثير القشعرة.. ويختتم هذا الفصل قائلا: رحم الله تلك
الشابة التى كانت وماتزال وقودا لإله اعلام جهنمية أكبر من فهمها
وإدراكها..و.. رحمنا الله نحن أيضا.
وأخيرا هو كتاب يستحق أن يقرأ عدة مرات للاستمتاع بنصوصه الغنية
الممتعة.
وفاء حلمي

حسن حسني 25-08-07 01:31 PM

عن كتاب محمود عوض من وجع القلب

عن الحب والألم والغضب
محمود عوض يكتب من القلب الموجوع
الكتابة عالمه.. والقراءة دنياه.. والقلم رفيق دربه.. لهذا فإن محمود
عوض كاتب استثنائى.. لا يكتب كما يكتب الآخرون، إنما يكتب كأنه يعزف أو
يرسم.. وأحيانا يكتب كأنه يغنى أو يرقص على الأوراق.. وأحيانا أخرى
تخرج كلماته غضبا خالصا.. أو فرحا لا تنتقصه الضحكات.. أو ألما مبالا
بالدموع.. وأحيانا يتحول قلمه إلى شفرة حادة تفتح الجرح وتكشف مكامن
الداء.. وأحيانا تتحول كلماته لطلقات رصاص تصيب الهدف.
إنه لا يكتب كما يكتب الآخرون.. إنه يمنح قراءه نزف قلبه.. وذوب روحه..
إنه يمنح قراءه بعضا من ثراء تجربته.. لهذا فإن القارئ حين يقرأ لمحمود
عوض يشعر أنه يكتب له وحده.. ويسر فى أذنه دون أن يسمعه الآخرون..
إنه لا يكتب كما يكتب الآخرون.. إنه يكتب لغة خاصة به لأن محمود عوض
بدأ مبدعا ثم أخذته الكتابة الصحفية من الإبداع، لا هذه ليست جملة
دقيقة لأن الصحافة لم تأخذه تماما من الإبداع، فإن كل مقالة أو حوار
لمحمود عوض هو بشكل أو بآخر نوع من الإبداع. قصة قصيرة أو قصيدة شعر..
لذلك فإن كل كتاب جديد للكاتب الكبير محمود عوض هو حدث ثقافى يستوجب
التوقف عنده والاحتفاء به.
والكتاب هو من وجع القلب الذى صدر مؤخرا عن دار المعارف.. بعد كتابه
البديع بالعربى الجريح الذى صدر عن نفس الدار، والتى أعادت أيضا طبع
اثنين من كتبه العام الماضى وهما أفكار ضد الرصاص و شخصيات.. ونتمنى أن
تحذو باقى دور النشر التى نفذت منها باقى كتب محمود عوض التى تزيد على
العشرين كتابا أن تعيد نشرها لمصلحة القراء خاصة الشباب الذين يهتم بهم
محمود عوض ويمنحهم المعلومة الدقيقة والعميقة فى صورة بسيطة، وهو ما
يقدمه فى أحدث كتبه من وجع القلب.
إنه فى الحقيقة نزف قلب.. نزف من الحب ونزف من الألم ونزف من الغضب..
ونزف من المعرفة.. الكتاب يضم بين دفتيه أربعة أقسام: أفكار ومعانى،
شخصيات وصور، قضايا، إسلاميات.. الرابط بين هذه الأقسام الأربعة هو
الحب، الحب بأنواعه حب الوطن وحب الأصدقاء وحب الرجل للمرأة، وقبل كل
ذلك حب الله فى أسمى وأنضج وأروع صوره.. حب يتخلص من الخوف فيقدم الدين
بشكل يبعد عن التزمت والتعصب الذى بات يطبق على أنفاسنا.
يقول الكاتب الكبير محمود عوض فى مقدمة كتابه: فى الصفحات التالية قد
يجد القارئ قضايا متعددة.. قضايا باتساع العلم والفن والسياسة والدين
والأدب، هى قضايا متعددة.. لكنها بالنسبة لى هم واحد. فى القلب.. من
واقعنا وعصرنا وأحلامنا وأشواقنا، ويقول: حين صدر كتاب بالعربى الجريح
كان البعض يعاتبنى على تلك العودة المتأخرة إلى القارئ هنا.. بعد فترات
من التفاعل مع القارئ هناك.. فيما وراء الحدود.
فى الواقع أن هذا لم يكن اختيارا، إنه اضطرار.. فلا يوجد كاتب فى
الدنيا يختار بإرادته الاحتجاب عن القارئ.. فهذا التفاعل مع القارئ هو
وحده الأوكسجين الذى يتنفسه الكاتب ليستمر فى قلمه رحيق الحياة.. وفى
نهاية المقدمة يقول محمود عوض: فى الصفحات التالية مواجع كثيرة، وأحلام
أكثر، أهمها على الإطلاق الحلم بأن تصبح أكثر فهما لواقعنا وعصرنا..
فمن الفهم بدأ التغيير ومن التغيير يبدأ المستقبل.
ولأن محمود عوض فى كتابه يقدم تحليلات لقضايا وتحليلات لنفوس البشر
بهدف إعانة قرائه على الفهم بهدف التغيير، ولأنى أرى أن الكتاب يضم بين
صفحاته أنواعا من الحب، الحب الذى يحفز على التفاعل مع الحياة، فلتكن
البداية مع القسم الثالث من الكتاب الذى يقع تحت عنوان قضايا ولكن
لتسمحوا لى أن أبدأ من آخر جزء فى هذا القسم.
الواقع تحت عنوان فن الحب لأن أول تصور عن الحب هو حب الرجل للمرأة وحب
المرأة للرجل.. فى هذا الباب يستعرض محمود عوض رأيه فى الحب مدعما
بأفكار الفلاسفة والأدباء ومستعينا بمذكرت العاشق الإيطالى كازانوفا و
دون جوان الأسبانى، يقول محمود عوض عنهما: الاثنان ينتميان إلى مدرسة
واحدة هى مدرسة الحب للجنس، أو الحب للغريزة فى مقابل مدرسة الحب للحب
التى سيطرت على الأدب لمدة طويلة.. أعطت للأدب الغربى والعربى جزءا من
أمتع رواياته الرومانسية والشاعرية إنها مدرسة ترفض كل ما هو واقعى
وتؤمن بكل ما هو خيالى.
ويقول أيضا: الحب هو ابن الوهم.. وأبو الحقيقة إنه يبدأ بغير منطق،
لكنه ينتهى بمنطق.. فالحب هو الدواء الفريد ضد الموت.. والحب بعد ذلك
هو تضحية إنه تضحية مشتركة.. لا يهم من يبدأ لا يهم من يضحى أكثر..
المهم إن كل طرف مستعد للتضحية.
ومن الحب بين نصفى الكون الرجل والمرأة إلى حب الوطن الذى يتناوله
محمود عوض فى فصل إنها مشكة أن تحب مصر يقول محمود عوض: إن أول وجه يجب
أن نحبه فى مصر، وأول وجه يجب أن نرفضه، إن حبنا لمصر فى أزمتها
المعاصرة يجب أن يعنى أولا وقبل كل شيء التخلص من هذا الانقياد الأعمى
إلى الماضى.. وهذا الإيمان المضلل بأن ما كان يصلح لأجدادنا منذ ألف
سنة يجب أن يصلح لنا الآن.. ويقول: أن نحب مصر.. نعم هذا هو الحل. وتلك
هى المشكلة.إنها مشكلة لأن حب مصر فيه شيء من الرومانسية التى تجعلنا
نقول فى قرانا إن مصر هى أم الدنيا.. لا.. مصر تستحق الحب بغير أن تكون
أم الدنيا.. مصر هى جزء من الدنيا، إنها يمكن أن تكون هى كل دنيانا
التى تهمنا، بغير أن تكون هى كل دنيانا التى نعيش فيها.. إن عشقنا لها
فيه شيء من العمى، ولكن حبنا لها فيه قاعدة من الاختيار.. اختيار
الأفكار الصحيحة الايجابية فنؤكدها واختيار العناصر الضارة فنرفضها.
ويقول: إن معنى المصرية إنه وسط التليفون الذى لا حرارة فيه. والكهرباء
التى تنقطع والمسكن الذى لا يتوفر.. والأتوبيس الذى لا يتوقف.. والغلاء
الذى لا يرحم يجب أن نتمسك تماما بتفاؤلنا.. وقدرتنا على أن نبدأ
البناء من جديد.. وبسواعدنا نحن قبل كرم الآخرين.
ومن حب مصر الذى يسلمنا للخوض فى السياسة يناقش محمود عوض فى نفس القسم
فى فصل بعنوان الدستور بين النظام الرئاسى والنظام البرلمانى الفرق بين
النظامين وأصلهما التاريخى ويقول فى ختامه: لا يوجد نظام أحسن أو أسوأ
من الآخر، فأحيانا يكون النظام موجودا على الورق.. مختفيا من الواقع،
إن التطبيق إذن هو المقياس الحقيقى لكفاءة كل من النظامين.. والبرلمان
فى الحالتين يستطيع أن يمارس دورا فعالا.
واستمرار لمزيد من القضايا السياسية يصحبنا محمود عوض فى فصل تال
بعنوان: الأحزاب السياسية لماذا وكيف؟ يناقش فيه فكرة نشأة الأحزاب
السياسية وانتقال مصر من سياسة الحزب الواحد إلى التعدد الحزبى، ومن
هذه القضية إلى قضية سياسية تالية بعنوان الايديولوجيا بين من لا قلب
لهم ومن لا عقل فيهم يناقش فيه قضية الإنسان المعاصر وارتباطه
بالأيديولوجيات الكبرى التى تحرك عالمنا وتتراوح بين الرأسمالية
والشيوعية والقومية، والفاشية والاشتراكية والديمقراطية وينتهى محمود
عوض من مناقشة كل هذه الأفكار الكبرى قائلا: قديما قالوا: من لا يصبح
يساريا فى شبابه لا قلب له، ومن لا يصح يمينيا فى شيخوخته لا عقل له..
إنما بعيدا عن مثل الأقراص الكلامية الساخرة أو المداعبة يظل التحدى
الأكبر أمام مجتمعاتنا النامية هو: بناء الدولة العصرية.. وبأقص
سرعة...
ومن الحب والسياسة لحب آخر حب الأصدقاء والوفاء لهم، يصحبنا محمود عوض
فى قسم أفكار ومعنى وعلى مدار عدة فصول يتناقش ويحلل ويصحح بعض الأفكار
والمفاهيم غير الصحيحة التى التصقت بعدد من الفنانين الذين عرفهم عن
قرب أو لنقل جمعته بهم صداقات حميمية، ويبدأ محمود عوض كتابه بفصل
بعنوان أضواء النجوم.. ونجوم الأضواء لوحة بالألوان الطبيعية واللوحة
هنا يرسمها محمود عوض للفنانة الراحلة السندريلا الجميلة سعاد حسنى
التى بدأت رحلتها مع النجومية وهى فى مقتبل العمر، وتستمر النجومية
لفترة، ثم تبدأ مرحلة الأفول مع المرض ولعب بعض الأقلام المسمومة دورا
فى قتل سعاد حسنى وهى مازالت على قيد الحياة.. يقول محمود عوض فى بداية
الفصل: فجيعة حقيقية جمعت من الأضواء والفن وحب الناس الكثير وبعد عشر
سنوات من الغياب المتقطع والسفر وإعادة السفر والمرض والصحة ها هى ذى
تموت فى الغربة وحيدة مريضة ومكتئبة بالسقوط من شرفة بالطابق السادس من
مبنى ضخم بلندن. وعلى مدار 33 صفحة يناقش محمود عوض فكرة النجومية وما
تفعله فى حياة الفنان وشخصيته من سعاد حسنى لأم كلثوم لمحمد عبدالوهاب
إلى أنتونى كوين يناقش محمود عوض تحولات الشخصية بسبب النجومية بادئا
ومنتهيا بسعاد حسنى التى يقول عنها فى آخر هذا الفصل فى عزلتها وغربتها
ثم وحدتها.. استجدت على سعاد بعد جبهتى الزمن والمرض نصف جبهة أخرى
إنهم المتطفلون من المحيط القريب فمع الأضواء يجئ الهاموش بعده
الذباب.. ويقول ومع أفلام سعاد الأخيرة كانت الصراصير يقصد الأقلام
المسمومة قد تحولت إلى فئران ومع مشوارها الأخير للعلاج أصبحت الفئران
أفيالا، والأفيال من نوع خاص مخلق يجعلها أقرب إلى أكلة لحوم البشر..
وفى الفصل التالى الرحيل.. فى منتصف جملة موسيقية يستكمل المؤلف الحديث
عن هذه النوعية من الأقلام المسمومة وأكلة لحوم البشر الذين فعلوا
جرائم مشابهة مع الفنان والموسيقى المبدع بليغ حمدى الذى ظل يعانى من
وصمة ألصقت به ظلما بسبب حادث وقع مصادفة فى بيته لسيدة كانت مدعوة مع
أحد معارفه فى سهرة وتنهال الأقلام عليه..
لا أحد يبحث عن الحقيقة الكل يبحث عن الإثارة، ولم يذكر أحد أهم
الألحان التى قدمها بليغ للعديد من أهم الأغانى الوطنية وبعضها لم
يتقاض عنها أجرا.
لقد لحن بليغ كما يذكر محمود عوض 3000 أغنية خلال مسيرة حياة ومع ذلك
يتهمه البعض أنه كان دائم إقامة السهرات الماجنة فى بيته ويتساءل
المؤلف:
مستنكرا إذن كيف وجد الوقت لتلحين هذا الكم من الأغانى؟!
ويستطرد قائلا: بعد الإثارة الصحفية والاغتيال المعنوى للشخصية أصبح
الجميع يستحلون لأنفسهم أن يصبحوا قضاة، بل جاهزون مسبقا بأحكام
الإدانة.. وفى النهاية وفى مساجلات فى دروب المحاكم يتم تبرئة بليغ
حمدى بعد أن دفع من سمعته وكرامته الكثير.. ويرحل أيضا فى رحلة علاج فى
فرنسا وبعدها ترحل أخته صفية إثر أزمة قلبية سببها نفس النوع من أكلة
لحوم البشر الذين حاولوا استغلال اسم بليغ من أجل مكاسب مادية شخصية..
ومن بليع لفنان آخر يحدثنا محمود عوض عن أنتونى كوين الفنان والإنسان
والعاشق.. بأسلوب رشيق يجمع بين التحليل الجاد لشخصية هذا الفنانين
والدعابة وخفة الدم التى تتميز بها كتابات محمود عوض. ومن تحليل شخصية
أنتونى كوين لتحليل خمس شخصيات مصرية فى قسم تال بعنوان شخصيات وصور
والشخصيات الخمسة التى يقدمها المؤلف هى شخصيات فى مجالات مختلفة فى
السياسة والاقتصاد والعلوم فى البداية يتناول شخصية د. حامد ربيع أستاذ
الاقتصاد والذى حصل على خمس شهادات دكتوراه من إيطاليا فى تاريخ
القانون وفلسفة السياسة والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والحضارات
القديمة إضافة إلى شهادتى دكتوراه من باريس فى القانون وعلم الاجتماع
وخلال هذا الفصل يمتعنا محمود عوض بأفكار هذا العالم الذى صنع نفسه
بنفسه.. ومنه هذا العالم إلى آخر إنه د. إبراهيم عبدالرحمن إنه رجل
سياسى فهو كان السكرتير العام المساعد لمنظمة الأمم المتحدة فى نهاية
الستينيات يناقش محمود عوض أفكاره أو لنقل بشكل أدق إنه يحلل شخصية فى
فصل بعنوان 0رجل بأثر رجعى ومنه إلى رجل علم هو د. أحمد مصطفى مدير
المركز القومى للبحوث فى الستينيات والذى يتحدث عن مشكلة البحث العلمى
فى مصر فى مرحلة الستينيات والتى لا تختلف بحال عن مشكلة البحث العلمى
فى الألفية الثالثة كأن الزمن لا يمر. إن من يريد إصلاح أحوال البحث
العلمى فى مصر فليقرأ كلام هذا الرجل الذى يقدم وصفة وهى وضع ميزانية
للبحث العلمى وليس ميزانية مبانى جامعات فارغة بلا بحث ولا تعلم.. ومنه
إلى عالم آخر أطلق عليه المؤلف اسم رجل يخترع المستقبل وهو د. محمود
عبدالمقصود النادى رئيس قسم الطبيعة النووية بكلية العلوم فى الستينيات
يناقش معه أهمية المفاعلات النووية للدول النامية وهى القصة التى
مازالت مثارة حتى الآن ولم تحسم وربما ستظل بلا حسم لسنوات أخرى مقبلة.

وفى ختام هذا الفصل يقول الرجل: أمنيتى فى المستقبل هى أن أقيم فى
جامعة القاهرة معملا للطبيعة النووية يحقق نتائج ذات قيمة.
أمنية تمناها د. محمد النادى وصرح بها لمحمود عوض سنة 1968 وظلت لم
تتحقق بعد ولا يعلم أحد متى تتحقق!!.
ويستمر محمود عوض فى تقديم وتحليل شخصياته المختارة مستخدما أساليب عدة
منها الحوار وقراءة أعمال الشخص المراد تقديمه للقراء وجمع معلومات
عنه.
وتأمل سكناته وطريقة حديثه وردود أفعاله إنه أولا يقدم للقارئ نماذج من
البشر وصلت إلى قمة النجاح بالجهد والعرق وثانيا هى دروس فى الكتابة
الصحفية لكل صحفى شاب يدخل بلاط صاحبة الجلالة.
وأخيرا يختتم محمود عوض كتابه بقسم إسلاميات ويقدم فيه أربعة شخصيات
إسلامية على رأسهم شخصية النبى محمد صلى الله عليه وسلم ثم شخصية عمر
بن الخطاب وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبى سفيان.
والهدف هنا هو تقديم جانب التسامح والعدل والحب فى حياة هذه الشخصيات
لتقربهم من جيل الشباب الباحث عن إجابات لأسئلة محيرة.
وفى النهاية فإن هذه القراءة لم ولن تفى بكل هذا الغنى الذى قدمه محمود
عوض فى كتابه من وجع القلب الذى فيه من المتعة والجدية والإيداع
الكثير.

حسن حسني 25-08-07 01:33 PM

عن كتاب محمود عوض (شخصيات )

يس من اليسير أن تجد كتابا تتمتع بقراءته للدرجة التي تجعلك تقرر أنه لا بد أن
يكون من مقتنياتك.. لأنك قد تحتاج إليه.. تراجع فصوله.. تتطلع في موقف.. أو حكمة..
من المواقف والحكم التي ملأت أرجاءه بمنتهى التلقائية والعفوية..
عزيزي القارئ..
ترفق بما ستقرؤه..
فهذه الصفحات قطعة من قلبي..
تلك كانت آخر كلمات المقدمة التي صاغها "محمود عوض" لكتاب "شخصيات".. وهو مجموعة
مقالات لصاحبه نشرها بجريدة الأخبار بإيعاز من "إحسان عبد القدوس" رئيس تحرير
الجريدة حينها.. عن شخصيات كانت ملء السمع والبصر.. فمن "طه حسين" إلى "الباقوري"
إلى "الحكيم"، مرورا بـ"أم كلثوم" و"عبد الوهاب" وغيرهم..
وعن هؤلاء يقول "محمود عوض" في مقدمته: "كان كل شخص يمثل بالنسبة لي معنى أريد أن
أقوله، وبقدر إحساسي بالمعنى.. كان يأتي انفعالي بالشخصية، بعضهم كان الانفعال يبدأ
بالاختلاف، وبعضهم بالموافقة التي تتحول بعد الفحص إلى اختلاف"..
الجميل في الأمر أنك سوف تقرأ عن هؤلاء ليس سيرتهم الذاتية بالطبع.. ولكنك سوف تقرأ
مواقف من حياتهم.. وتقترب من جانب مهم وعميق في تكوينهم.. حتى ليقول الكاتب نفسه:
"في هذه الشخصيات عرفت دروسا كثيرة.. وابتسامات أحيانا".. وعندما أقرأ هذه الصفحات
الآن من جديد.. فإنني في الواقع أقرأ حلما كبيرا، كنت أحياه في كل مرة.. فهيا بنا
نقلب بعضا من صفحات الكتاب..
هذا المشاغب "طه حسين"..
يذكر الكاتب موقفا من المواقف التي تقربنا لجزء مهم وعميق في شخصية الدكتور "طه
حسين" فيقول عن حكاية سمعها في الكويت منذ سنتين رواها له الدكتور "أحمد زكي"
المدير الأسبق لجامعة القاهرة ورئيس تحرير مجلة العربي: "كان أحمد زكي وكيلا لكلية
العلوم وكان العميد إنجليزي الجنسية وعندما انتهت مدة العميد الإنجليزي في سنة
1936، قام أساتذة الكلية بانتخاب الدكتور "أحمد زكي" عميدا. وطبقا للقانون أرسل
القرار إلى وزير المعارف لاعتماده، وهنا اعترض الوزير على قرار الأساتذة؛ لأن "أحمد
زكي" لم يكن من رجال الحكومة!! كان رجل علم، ولم يكن رجل سياسة... وهنا أثارت
المعارضة أزمة في البرلمان حسمها رئيس الوزراء بقوله: إن القانون يعطينا الحق
-كحكومة- في أن نوافق.. أو لا نوافق.. هذا كل شيء..
وبدون علم "أحمد زكي" ذهب "طه حسين" إلى رئيس الوزراء –متطوعا- وسأله: عملتم إيه في
المشكلة؟
رد رئيس الوزراء: مشكلة إيه؟
قال "طه حسين": مشكلة "أحمد زكي".
فرد رئيس الوزراء: "أحمد زكي" مين؟
فقال "طه حسين":
"يا أخي... إن كان رجال السياسة لا يعرفون أقدار أهل العلم والفكر، فهذه مشكلة رجال
السياسة.. إن أقدار الناس وقيمتهم لن يحددها في النهاية أن تعرفهم أو تجهلهم.." ثم
يستطرد الكاتب "كلمات قاطعة قالها "طه حسين" لرئيس الوزراء.. وانصرف غاضبا!!..

ولم يكتفِ "طه حسين" بذلك فلم يسكت ولم يجامل.. لم يشترِِ ود رئيس الوزراء بالصمت،
وأخذ يحارب وكأنها قضية عمره حتى أعيدت لـ"أحمد زكي" كرامته الضائعة.. في الوقت
الذي لم يعلم فيه صاحب المشكلة نفسه ما يدور، وما دور "طه حسين" في عودته لمكانته
التي اختارها أساتذة الكلية إلا بعدها بأربع سنوات.. وعندما علم بالأمر بكى...
ولن أعلق على هذا الموقف بأكثر من قولي: هكذا يكون العلماء.. وهذا هو دور المثقفين
الذين لم يبيعوا أنفسهم على أعتاب السلطان..
الشيخ "الباقوري".. ورأي عن الحب
كان الكاتب "محمود عوض" يحاور "الباقوري" عندما رن جرس التليفون للمرة الرابعة
أثناء الحديث ولكنه هذه المرة لزوجته، وهنا خطرت للكاتب فكرة حيث يقول في نفسه:
"الباقوري قال منذ دقائق إنه لم يرَ زوجته قبل الزواج؟؟ وهو أيضا يقول: إننا نشبه
زماننا بأكثر مما نشبه آباءنا؟؟ لماذا لا نسأله إذن عن نظرته للمرأة في هذا العصر؟
فلنجرب"!! وسأله بالفعل فإذا بـ"الباقوري" يقول:

"إن الأساس الأصيل للحب هو تقارب وجهات النظر بين الرجل والمرأة.. والمرأة لا
يعجبها مطلقا الرجل المخنث. فالمرأة لا تبحث في الرجل عن تكرار لنفسها، إنما هي
تبحث عن شيء مختلف.."
واستطرد الشيج الجليل قائلا: "الحب قبل الزواج ليس حبا، إنه بالكثير شهوة حب وعلى
قدر ما يكون الحب شهوة، يكون بقاؤه شهوة.."
وعن الحب والإعجاب يقول: "الحب يزيد عن الإعجاب.. والحب يخاطب في الطرف الآخر رقته
وذوقه وأخلاقه"
فماذا عن الحب والسعادة؟
يقول "الباقوري": "الحب الموفق عنصر من عناصر السعادة، ولكنه ليس السعادة كلها.. إن
السعادة في رأيي هي نفس مطمئنة راضية تتنزل عليها السكينة، ولقمة عيش تسد الجوع،
وثوب يقيك حر الصيف وبرد الشتاء، وزوجة تسكن إليها وتسكن إليك، أما ما وراء ذلك فمن
كماليات الحياة.. التي قد تكون جناية عليك بأكثر مما تكون سعادة لك، فكلما قلت
مطالب الحياة باتت معالم السعادة في جوانبها"..
وهنا أقف لأختتم هذا الجزء من حوار الكاتب مع الشيخ "الباقوري" بحكمة لفيلسوف هو
"جون ستيوارت مل" إذ يقول: " لقد تعلمت أن أحقق سعادتي بتقليل رغباتي.. أكثر مما
أحققها بمحاولة تحقيق رغباتي".. ولعلني أذكر هذه الحكمة للفيلسوف والتي تلتقي مع
عالم الدين الكبير لأؤكد على معنى أؤمن به ألا وهو أن الدين الصحيح هو دين الفطرة
السليمة.. وأن الطريق إلى معرفة الخير واحدة، وهي الحكمة، ومن الحكمة أن نأخذ العلم
والمعرفة التي تتفق مع الفطرة السليمة مهما كان قائلها...
"عبد الوهاب" ودرس في الأمل
وعن حديثه مع المطرب والموسيقي العبقري "محمد عبد الوهاب" يقول: "لقد أدخلَنا عبد
الوهاب عصر السرعة والبساطة والاختصار، البلاغة هي الاختصار.."، وإليك هذا الحوار
الذي يسأل فيه "محمود عوض" و"عبد الوهاب" يجيب..
- ما أهم صفة؟
- في إيه؟
- في الحب..
- التضحية
- في المرأة..؟
- الحنان
- في الرجل..؟
- الفهم
- ما أكبر مقلب..؟
- القمر!!.. (فنحن نشبه كل جميل بالقمر، وهو جسم بارد معتم!!)
- أخطر امرأة..؟
- الكاذبة
- أصدق شخص..؟
- الطفل
- أضخم مشكلة..؟
- السعادة
- أحلى ساعة..؟
- الآن..
- أحسن يوم..؟
غدا...
ولعنا من خلال هذا الحوار نستطيع أن نتعرف على شيء من فلسفة "عبد الوهاب" لحياته..
وسر ما كان يبدو عليه كثيرا من صفاء شبه دائم.. فهو يرى دائما أن أحلى ساعة هي التي
يعيشها الآن.. أي بعيدا عن الماضي تماما.. ذلك الماضي الذي كثيرا ما أفسد بفرض نفسه
علينا عمرا من حياتنا.. وفي نفس الوقت يرى أن أحسن يوم هو غدا بإذن الله.. وفي هذا
دليل على أنه دائما ما كان يأمل خيرا في الغد..
وكأننا ونحن نتصفح هذه الكلمات نضع أيدينا على إحدى أهم العقبات في طريق سعادتنا..
أننا نضع الحاضر فريسة سهلة بين أنياب الماضي فيلتهمه، ثم نستقبل الغد بإحباط مهلك
فيغتاله..
هذا الكتاب بكل ما يحمله من شخصيات وأفكار قد يدفع بعضنا لأن يعيدوا النظر في أمور،
ربما كانوا ينظرون إليها على أنها من المسلمات..

حسن حسني 25-08-07 01:36 PM

عن كتاب محمود عوض ( من وجع القلب)

محمود عوض في كتابه الجديد «من وجع القلب»: أحلام كثيرة
وانكسارات حزينة.. وقضايا تخترق حاجز الزمن

كتب سعيد الشحات
لو قلت كل كلمات الإعجاب في حق الكاتب الصحفي الكبير محمود عوض
وفي حق كتابه الجديد «من وجع القلب»، فليسمح لي بأن أقول الكثير
من كلمات العتاب علي تلك العودة المتأخرة إلي القراء، صحيح أنه
اتحفنا قبل شهور بكتابه المهم والممتع «بالعربي الجريح»، ويتواصل
الآن بكتاب «من وجع القلب»، إلا أن القارئ الذي أحبه وأدمن
كتاباته يتمني طلة منتظمة منه، كما كانت منذ سنوات،
وقبل أن يتسبب في قطعها البعض ، وحتي يتحقق ذلك، نقول إن محمود
عوض في «من وجع القلب» - الصادر عن دار المعارف - يفتح عدسة
الكاميرا علي أكثر من مشهد في مصر، مشهد يعطيه عنوان «أفكار
ومعاني»، ويتناول فيه شخصيات أثرت في وجداننا وهي الرائعة سعاد
حسني، والفذ موسيقياً وإنسانياً بليغ حمدي، والعبقري أنتوني
كوين،
ومشهد آخر يعطيه عنوان «شخصيات وصور»، ويتحدث فيه عن شخصيات
تركت بصماتها في مجالات العلم والفكر، علي الرغم من أن الأضواء
لم تعرف الطريق إليها، ومن هؤلاء الدكتور حامد ربيع الأستاذ
بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والذي رحل منذ سنوات بعد أن قدم
لمئات التلاميذ العديد من المؤلفات المهمة والرائدة في الفكر
السياسي.
والدكتور إبراهيم حلمي عبدالرحمن السكرتير العام المساعد لمنظمة
الأمم المتحدة في مرحلة الستينيات، والدكتور أحمد مصطفي مدير
المركز القومي للبحوث عام ١٩٦٨، الذي ألف كتباً علمية تم تدريسها
في جامعات عالمية، والدكتور محمد عبدالمقصود النادي الذي شغل من
قبل رئاسة قسم الطبيعة النووية بكلية العلوم جامعة القاهرة، وقال
لمحمود عوض قبل ما يقرب من ٤٠ عاماً كلمات قيمة هي: «مع أن الدول
النامية هي الأكثر فقراً بين دول العالم.. إلا أنها هي الأكثر
حاجة لبحوث الطاقة الذرية..
هذه هي المعادلة الصعبة - بل الصعبة جداً - التي يجب أن نتوصل
إلي حل لها»، ومن مجال الطاقة النووية إلي القانون وفلسفته، يسلط
محمود عوض كاميرته علي الدكتور ثروت أنيس الأسيوطي مؤلف كتاب
«نشأة المذاهب الفلسفية وتطورها» والذي أحدث ضجة علمية في معظم
الدوائر القانونية الكبري في العالم.. ويختتم عوض هذا المشهد
بصورة رائعة عن «حسن» الشمبانزي الذي اشترته حديقة الحيوان
بالجيزة بواسطة متعهد من ألمانيا الغربية ليتفرج عليه الناس.
وينتقل محمود عوض إلي المشهد الثالث بعنوان «قضايا»، ويشمل عدداً
من المقالات الطويلة والعميقة عن قضايا مثل «حب مصر»،
و«الدستور»، و«الأحزاب السياسية»، و«الأيديولوجيا»، و«فن الحب».
وينتهي الكتاب بالمشهد الرابع ويحمل عنوان «إسلاميات»، هذا
العنوان الجامع في حديثه عن النبي محمد، وعمر بن الخطاب، وخالد
بن الوليد..، وتدهشك تلك القدرة الفائقة من محمود عوض وهو يكتب
في هذا المجال، كما لو كان فقيهاً متمكناً، لكنه الفقيه المستنير
الذي يقوم عظماء دينه وحضارته في أجمل وأجل وأسهل وأعمق صورهم.
ولأن كل المشاهد التي تضمنها هذا الكتاب الجميل تحتاج إلي عروض
خاصة.. نستأذن المؤلف في أن نقدم ما تيسر منه، مع التأكيد علي أن
الباقي لا يقل جمالاً وجاذبية وأهمية.
.......
بليغ حمدي.. الرحيل في منتصف جملة موسيقية
كان بليغ حمدي مشواراً امتزج فيه الأمل بالألم، الحلم بالانكسار،
التوهج بالملل، هو مجموعة تناقضات، لكنه الشخصية الجديرة بالحب
والتقدير والاحترام، كان بليغ وعوض صديقين، وهي الصداقة التي
منحت للاثنين عمراً من الحلم والطموح والتوهج والحزن والفرح،
والرؤية من كاتب مبدع لفنان مبدع، يقول عوض: «أعطي بليغ موسيقاه
وألحانه لكثيرين في مصر والعالم العربي». ويضيف: «كان يسعي إلي
الصوت الموهوب الجديد بأكثر من العكس» ويزيد: «بليغ لم يكن شيئاً
إلا إذا تحمس، إنه يتحمس لصوت، لفكرة، لنغمة، لجملة موسيقية،
فيها المتعة أحياناً، والشوق أحياناً، والألم أحياناً، وحبه لمصر
دائماً».
لم يكن حب بليغ لمصر كلمات إنشائية، أو «بخة» إعلامية، أو زفة
كدابين، وإنما هي فعل، وفعل، وفعل، ومجموعة هذه الأفعال يشير
محمود عوض إلي البعض منها.. في أعقاب كارثة يونيو ١٩٦٧، وهي
الكارثة التي أعد لها الكثيرون كما يقول عوض: «برقيات العزاء..
بل طريقة الدفن»، خرج بليغ بموسيقاه وصوت شادية وكلمات محمد حمزة
بأغنية.. تعبئ مشاعر المصريين، وتشحذ همتهم جميعاً وهي: «يا
حبيبتي يا مصر»، وفي حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، يختفي من بين المجموعة
التي كانت تسجل للإذاعة مسلسل «أرجوك لا تفهمني بسرعة»،
ومن بينهم مؤلف المسلسل محمود عوض، ليسجل أغنيات مثل «باسم
الله» بصوت المجموعة، و«علي الربابة»، لوردة، وكل ذلك بلا أجر،
ويكشف عوض في هذه الأجواء عن الخلاف بين بليغ وعبدالحليم حول
تقديم أغنية عن أنور السادات بمناسبة الحرب، كان المطلب
لعبدالحليم، والرفض من بليغ، واحتكم الأثنان لعوض الذي ينقل رد
بليغ: «يا حليم أنا تحت أمرك، قل لي هانغني لمصر، للجيش، للشارع،
للناس، تحت أمرك، لن نغني لحاكم مهما علا شأنه أبداً».
واصل بليغ كلماته بتدفق ويذكرها عوض: «يا حليم هذه حرب مؤجلة منذ
ثلاث سنوات.. حرب خاضها نفس الجيش الذي قام بحرب الاستنزاف،
وبحماية نفس الحائط الصاروخي الذي كان جاهزاً منذ ٣ سنوات.. هل
نسميها إذن حرب جمال عبدالناصر؟».
يجيب بليغ: «إنني أرفض ذلك أيضاً.. فنحن جميعاً تحملنا التضحيات
من أجل هذه الحرب، وشهداؤها خيط واحد متصل منذ معركة «رأس العش»
وإغراق المدمرة إيلات.. يا حليم افهمني»، أما محمود عوض الذي لعب
دور الحكم بين صديقيه فنصح عبدالحليم: «اترك بليغ علي راحته»،
بعدها غني عبدالحليم «عاش اللي قال» لحن بليغ وكلمات حمزة
واعتبره عوض «حلاً وسطاً بين تلقائية ورومانسية بليغ، ورغبات
عبدالحليم».
لم تكن مصر قطعة من بليغ، وإنما هي بالدقة كل كيانه، يعطي بإخلاص
دون أن ينتظر المقابل، ورغم ذلك نسيته مصر الرسمية حين منحت
ألقاباً وجوائز وتكريمات لكل من يستحق ولا يستحق تحت عباءة ذكري
حرب أكتوبر، وأثار ذلك غضب محمود عوض فكتب في ١٦ أكتوبر عام ١٩٧٦
متسائلاً، ورغم التجاهل لم يغضب بليغ لأن «مصر بالنسبة لبليغ هي
الناس البسطاء، كل الناس، إنهم كل جائزته، وهم أيضاً سر عذابه».
لماذا أصبح الناس الذين حلم لهم بليغ حمدي هم سر عذابه؟..
الإجابة تأتي من القضية الشهيرة التي حدثت في بيت بليغ حيث غافلت
واحدة من الضيوف الحاضرين، وانتحرت من الشرفة الخلفية للبيت،
يقول عوض: «دارت عجلة الإثارة الصحفية بكل قوتها لكي تدين بليغ
حمدي من قبل أي محاكمة. بحيث أنه في اللحظة التي تجري فيها
المحاكمة القضائية، سيكون بليغ قد جري اغتياله معنوياً بالكامل»،
أما من حيث بليغ نفسه فيصفه عوض: «بدأ يتحول إلي كاريكاتير، إنه
ينكمش نفسياً يوماً بعد يوم داخل ذاته، مرتاعاً من حجم هذا
التشفي الغامض»، ويتساءل عوض بعد كل ما سمعه من شائعات سُربت في
شكل معلومات حول ما حدث، وتذهب إلي أن بليغ كما لو أنه عاش
لأهوائه وملذاته: «كيف وجد بليغ الوقت ليلحن ٣٠٠٠ أغنية؟ منها
إحدي عشرة أغنية لأم كلثوا أكبر عملاق غنائي في تاريخ العرب؟
أصبح الجميع بعد القضية، كما يقول عوض: «يستحلون لأنفسهم أن
يصبحوا قضاة»، ولأن الناس «كانوا حلم بليغ»، والآن «أصبحوا
قضاته، تولدت المأساة التي دفعته إلي السفر لفرنسا وبقائه فيها ٥
سنوات، وفي باريس أصبحت «وطأة الغربة مرضه المستجد بقسوة»، ولما
عاد بعد أن أنصفه القضاء بالبراءة، أصبح كما يقول عوض: «شيخا أو
ظلاً، أو خيالاً من ماض، متوهج وحاضر لم يكتمل، وعلي حد تعبير
محمد الموجي فإن بليغ كان مملوءاً بالموسيقي، الشجن، والوحدة
والغربة والعذاب والفوضي والألم والموسيقي».
سعاد حسني.. ضحية زوزو وآكلي لحوم البشر
يري محمود عوض أن العلاقة بين النجوم والأضواء مركبة ومعقدة،
وحين تبدأ تفتح معها الكثير من المحطات الدرامية التي قد تنتهي
بفواجع. كما في حالة الفنانة سعاد حسني التي اختلطت في رحيلها
المأساة بالملهاة.
يقول عوض إن أهم ما لصق بسعاد حسني في أي عمل فني أنها كانت
«تسرق الكاميرا»، لكن التعبير الدقيق الصحيح هو أن الكاميرا هي
التي كانت تسرق سعاد حسني، ويضيف: إن كاميرا التصوير تحالفت مع
وجهها منذ بدايتها الأولي في فيلمها الأول سنة ١٩٥٩، واستمر هذا
التحالف ٣٠ سنة متواصلة، وبعدها ترددت الكاميرا بعض الشيء فتحولت
رحلة سعاد الفنية من السعادة إلي الشقاء ومن النظر إلي الكاميرا
كحليف مؤكد إلي التشكك فيها كخصم محتمل، فأي نوع لهذه الخصومة
القاسية؟
سؤال يقفز إلي الذهن ونحن نتابع هذه القضية عبر صفحات الكتاب،
ونجد إجابته في مواقف مختلفة يحكي عنها محمود عوض، فأم كلثوم
مثلاً، قالت له قبل أن ترحل بعامين تقريباً، وبالتحديد بعد تسجيل
أغنية «حكم علينا الهوي»: «لو قررت الاعتزال فهذا معناه نهايتي،
لا أستطيع، لا أستطيع، إنني أحسب عمري بعدد مرات وقوفي علي
المسرح»، وإذا كان هذا الحسم من أم كلثوم المغلف بالتخوف يمكن
أخذه في خانة رفض «حتمية» الغروب مع تقدم السن، فإننا نجد قوانين
تبدو مشتركة في مسيرة النجوم عامه لكنها مع سعاد لها مقاسات
مختلفة.
يشير إليها عوض بقوله: «في نجومية سعاد حسني السينمائية اشتعل
قانون السوق لصالحها طوال معظم مشوارها» وفي سنواتها «كان الزمن
بخيلاً وسخياً، حليفاً وعدواً دافعاً لها وسيفاً عليها، كان
الزمن حليفاً منذ أن اكتشفها عبدالرحمن الخميسي ورعاها ولعبت وهي
في الـ١٧ دور البطولة لفيلم حسن ونعيمة»، ومع إصرارها علي
التعليم وسباقها مع الزمن لعبت بطولة أفلام بعضها عادي وبعضها
مميز، وكان الزمن في كل هذا يدخرها كما يقول عوض لدور عمرها في
بطولة فيلم «خلي بالك من زوزو».
لا يحسب عوض دور زوزو بالنسبة لسعاد حسني كدور فني برعت فيه في
فيلم سينمائي، وإنما هو أكثر من ذلك، هو عندها كما «زوربا» عند
أنتوني كوين، وجد كوين في زوربا تركيبته النفسية، وما طمح أن
يكون عليه فعلاً من حب الحياة والناس والطبيعة والتواضع في
المطالب، أما سعاد فتحولت عند جمهورها وفي قرارة نفسها إلي
«زوزو» التي أخذت من الناس شلال حب، عشقت هي زوزو، وأصبحت
مرجعيتها، مثلما عشق كوين «زوربا»
وصارع بعده ليقنع جمهوره بأنه إلي جوار «زوربا» يمكن أن يعبر عن
شخصيات أخري، وعلي الرغم من هذا التقارب بين الحالتين، فإن محمود
عوض يري أن مشكلة سعاد أكثر تعقيداً، فهي تمثل وتغني وترقص
وبالتالي عليها أن تحتفظ بجمالها ولياقتها، لكن الزمن لم يكن
محايداً في ذلك، فقد استجد المرض الذي زاد من وزنها، وأضعف
لياقتها، وكلما نظرت في مرآتها بحثا عن زوزو تصبح أبعد، ومن هنا
جاء شيء آخر هو الاكتئاب.. الاكتئاب الذي أصبحت فيه ماضياً بلا
مستقبل، والأسوأ كما يقول عوض: «أنها تصرفت علي هذا الأساس»،
ويضيف: «لقد تلبست نوعاً خاصاً من النجومية، والدور تلبسها، هي
«زوزو»، لأنها في حينها كانت في أكبر لياقتها النفسية والبدنية،
جمهورها تفاعل معها أيضاً، لأنه محتاج إلي «زوزو»، بعد قليل
تحولت المسألة إلي أن كليهما أصبح سجين الآخر، هي سجينة
لجمهورها، - جمهور زوزو - والجمهور نفسه لم يستوعب أن «زوزو»
نفسها فكرة وحلم، قد تجسده سعاد حسني في فترة، لكن غيرها يجسده
في فترة تالية».
يصل عوض بعد طرح هذا التداخل الذي حكمه عنصرا السوق والزمن إلي
دراما النهايات من مقدماتها إلي نهاياتها.. يقول: لا الجمهور خفض
توقعاته من سعاد حسني، ولا هي أيضاً عدلت من توقعاتها من
الجمهور، هناك حقيقة تعلوهما معاً عنوانها الزمن، وربما يحسب
لسعاد حسني أنها جربت الخروج إلي جمهورها بشيء مختلف عن «زوزو»،
ففوجئت بالفشل، حاولت أيضاً أن تنسحب سعياً إلي أن تعيد ضبط
أوضاعها في مواجهة الخصمين الطارئين: الزمن والمرض، فواجهها خصم
جديد، هو «جماعة آكلي اللحوم البشرية»،.. وهي الجماعة التي تجسد
حقدها في موقفين،
الأول يتمثل في استنطاقها كذباً وهي في الغربة تخضع للعلاج
بأنها تزوجت سراً من عبدالحليم حافظ، أما الواقعة الثانية فهي
الكذبة السوداء التي أطلقتها أقلام متوحشة بأنها تعيش في لندن
هائمة علي وجهها غير واعية بتصرفاتها، تلتهم فضلات الطعام
والمشروبات بشراهة، أما السلالة الأكثر انحطاطاً من آكلة لحوم
البشر فكانت بعد رحيلها وقالت أنها تعاني من الشبق.
.. ولما كانت روح الجماعة.. لم يكن حب مصر مشكلة
في أي إطار نري مصر؟ وبأي منظار نحبها؟
يطرح محمود عوض السؤالين تحت عنوان «إنها مشكلة أن نحب مصر»،
ويجتهد في تقديم إجابة شافية عليهما مسلحاً في ذلك بحقائق
التاريخ، واجتهادات لمؤرخين، وأحداث السياسة، والاقتراب من
التكوين النفسي والاجتماعي للشخصية المصرية، ويطرح عوض أسئلة
شائكة وجريئة تشغل النخب السياسية والثقافية منذ سنوات طويلة
مثل.. هل المصرية هي الشعور بمركبات النقص؟.. هل هي الشخص
الفهلوي؟..
هل هي العبقرية في المكان، كما يحللها الدكتور جمال حمدان؟، هل
مليئة بالمضحكات كما قال الشاعر العربي الكبير المتنبي؟، ومع
محاولة عوض لتلمس الإجابات عن هذه الأسئلة، وأسئلة أخري يطرحها
هو نفسه، يصل إلي القول بأن الفترة الطويلة الممتدة في تاريخنا
تراكمت علينا أحداث ومصائب تركت كل منها بصمات لا تنمحي في
تكويننا النفسي والثقافي، ويعد الصمت هو أبرز هذه البصمات،
واختاره المصري كفضيلة تلح عليه بدلاً من الدخول مع السلطان في
مواجهة مكشوفة، ويغوص عوض في تحليل هذا الأسلوب ومسبباته التي
تعد الجغرافيا، والمجتمع الزراعي، والنيل، الدوافع الرئيسية له،
وأكسب هذا الأمر الشخصية المصرية سمات منها أنه محافظ، ومتدين،
ومنعزل في حياته الخاصة، ويشك في نوايا الآخرين، كما أن الظلم
قدره، والجنس ملهاته، والسماء ملجؤه، والدين حصته، والحياة
الأخري عزاؤه.
ويري عوض أنه رغم كل هذه السمات التي تبدو سلبية في بعض جوانبها
إلا أن «الحالات التي كان يتطابق فيها طموح الحكام في مصر مع
مصالحها، كان هذا الفلاح الصغير يرتفع إلي أعلي نقطة في
السماء»..
ويدلل محمود عوض علي هذا الرأي الراجح ببعض الأحداث التاريخية،
لكنه يطرح في نفس الوقت ما يسميه «المتناقضات» التي شكلت مصر
والتي تتزامن مع تلاقي طموح الحاكم بمصالح مصر، وتؤثر بالسلب
عليها وضمن هذه المتناقضات الانقياد الأعمي للماضي الذي يحذر منه
عوض.. ولكن ماذا بعد أن نتخلص من الانقياد الأعمي للماضي؟
هذا السؤال يطرحه قارئ هذه الدراسة المهمة والتي يتضمنها الكتاب
ليجد إجابته فيما قاله ابن خلدون، بأن «روح الجماعة شرط لنهضة
الأمم وقوتها»، ويحدد محمود عوض ثلاث حالات تاريخية مصرية توفر
فيها هذا الشرط، وبالتالي كان حب مصر حقيقياً، وتمثلت الحالة
الأولي في قرار تأميم قناة السويس عام ١٩٥٦،
وهو القرار الذي أعاد به عبدالناصر لمصر أملاً مؤجلاً، كما أنه
القرار الذي نجح بفضل حسن التخطيط، ودقة الحساب من القيادة
السياسية ومن الفريق الذي باشر ويحب إدارة تشغيل القناة بعد أن
ظن العالم أن مصر ستفشل في هذه المهمة في حالة سحب العاملين
الأجانب بعد قرار التأميم مباشرة، أما الحالة الثانية فهي تحويل
حلم بناء السد العالي إلي حقيقه،
هذا الحلم الذي خاضت من أجله مصر الكثير، ونجح بفضل حسن اختيار
فريق يمتلك الخبرة والمعرفة بقيادة المهندس محمد صدقي سليمان،
والذي رأي وفريقه أنهم لا ينفذون شيئاً خارقاً ولا استثنائياً
وإنما فقط هم يقومون بواجبهم نحو مصر، أما الحالة الثالثة فهي
التالية لحرب ١٩٦٧، وهي حرب الاستنزاف تلك الحرب التي يقول عنها
محمود عوض: «أحس الجندي أن مصر تعطيه دوراً لكي يلعبه، وتحدياً
لكي يواجهه، بحيث إنه كان يحقق في سنة ما استبعده عدوه في
خمسين».

medo1919 26-08-07 08:50 AM

شكرا لك اخى الكريم على المعلومات القيمة.


الساعة الآن 07:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية