إخلاص البلابل
 

كعادتي كل صباح..وبكل الضجر والملل.. أفقت باكراً على عجل... ألملم نفسي .. وليس غير مريم تلملمني...شربت إبريقاً من القهوة كي أفيق من سكرة العمر .. مضطر أن أفيق لأن هناك عمل مهم ينتظرني...

اغتسلت كما يفعل معظم البشر...مع إيماني بأن الماء يعجز أن يطهر النفوس...المهم مثل الكثير من المزورين.. حاولت أن أبدو نقياً رغم كل العتمة بقلبي ولا أقصد الحقد وما بداخل الأنفس المريضة من كيد ونقص..منتدى ليلاس الثقافي

لبست ثيابي الرثة وحذائي المتهرئ... لا أحرص أبداً أن يكون حذائي لامعاً كي يراه الآخرون ويفهموا إن كنت محترماً أم لا بمفهومهم للأشياء...كما لا أحرص أن أحلق ذقني كل صباح .. فقد أعجبني رؤية الشيب يتزايد .. وأظنه القهر...


نزلت بعجل إلى الشارع حيث ذلك الانتظار الممل للحافلة المليئة عادة بقاذورات البسطاء .. إنهم مشكلتي في هذه الدنيا... هم من يصدقون كذب تجار الموت ...إنهم أصلاً سبب وجود أولئك التجار..هم أنفسهم اللعنة التي تقتلنا كل صباح..

ركبت بهدوء بانتظار بداية العاصفة , أشخاص كثيرون لا يعرفون في هذه الدنيا سوى مراقبة ماذا يفعل الآخرون ... أكره التدخل في خصوصيات الآخرين - هم أنفسهم من يسمون بالبسطاء الذين امقتهم أكثر من عبدة صديقي إبراهيم جابر وأكثر مما يمقتها هو- العبده كندره ليزا رايس –

مسافة قصيرة وإذ ببلبل يقف بمنتصف الشارع حيث المكان المخصص أن يكون فاصلا بين مسارين - الجزيرة الوسطية للشارع - شدني هذا البلبل!! ماذا يفعل هنا في هذا التوقيت بالذات ؟؟؟

يفترض به انه يعتلي غصن شجرة بصحبة عشيقته , يطربان البشر بغزلهما , يعزفان اصدق سيمفونية حب في هذه الدنيا , ماذا يفعل هنا؟؟ أجن هذا البلبل أم اختلفت موازين الكون؟؟

نظرت جيدا وإذ به يقف بجانب جثة رفيقة دربه بكل إخلاص الدنيا , بكل حب الدنيا , يبكيها دونما أدنى اكتراث لما سيحدث له بعد لحظة إن جاءت سيارة ترميه بقدر شريك عمره ,!!!!!

سمعت عن الإخلاص كثيرا ولكني رأيته بعيني هذا الصباح , وجمت بعضاً من الوقت , حائراً......, أهو حلم أم حقيقة ؟؟ ركزت كثيرا وإذ به حقيقة , ماذا افعل ؟ بي عجز اكبر من عجز المهزوم حين يلاقي عدوه ,!!!!

حاولت أن اصرخ صرخة غضب تزلزل الأرض , توقظ كل البشر , لكني لم املك سو الدموع , بكيت طويلا دون أي اكتراث لمن حولي من البسطاء –
فانا عادة لا اكترث إن أردت التصرف في أمر يخصني ودون أي اعتبار لما يمكن أن يفهمه الآخرون !!!!

نظر البعض لي باستغراب , ما باله يبكي ؟؟ إنه الإخلاص أيها البلهاء , هو الشيء الصعب فهمه في دنياكم , بعضكم يسب الآخر بكلمة حيوان وانتم أعجز من أن تفهموا أن للحيوانات مشاعر كما لكم أيها البشر وبعضها أرقى وأعمق من مشاعركم كما أخلاص البلابل..

احمد النعيمات
شكرا لك