منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الادباء والكتاب العرب (https://www.liilas.com/vb3/f202/)
-   -   علاء الدين , عيون البنفسج (https://www.liilas.com/vb3/t33842.html)

mallouli 07-03-07 07:29 PM

علاء الدين , عيون البنفسج
 
مقتطف من رواية *عيون البنفسج* للكاتب المصري علاء الدين، من أجل فتح الشهية:

******
محافظ الإسكندرية، هكذا يطلق عليّ أصدقائي عندما أبهرهم بمعارفي بحواري الإسكندرية وشوارعها الجميلة، والمطاعم والحانات التي ما زالت تعمل في قلب أحيائها القديمة.

ونام نفسي نادر تضعني فيه هذه المدينة العبقرية، لذلك أخذت قطار الثامنة صباحًا وغادرت القاهرة التي تكاد أحشاؤها تنفجر. في القطار يهدأ الإرهاق والخوف والقلق قليلاً. أسلم نفسي لسرعة منتظمة ومكان بعيد عابر.

المدن المزدحمة التي أعبرها في لحظة، لا أكد أتبين أسماءها، تصيح بي أن الانتماء لأمر أو مكان أصبح ـ بالنسبة لي ـ شيئًا مستحيلاً.

الإسكندرية في حياتي كأنها "كارين" حبيبتي، عيون البنفسج، لها نفس اللون والضوء المستحيل، تنعش كياني ولا أشعر بثقل له.

أمي هجرت الجميع، وسكنت هناك مع زوجها "هاني قبطان" مليونير آخر الزمن. أزور الإسكندرية ولا أراها، حتى بعد أن مات الرجل من جرعة هيروين زائدة.

لي في الإسكندرية البحر، شواطئه الخالية البعيدة في الشتاء، ودائرة الماء الأسطورية في قلب المدينة، كأنها هبطت من القمر، أمتلكها وأهبها من أشاء.

لي في الإسكندرية ـ أيضًا ـ "نجية" مربيتي السوداء، حضنها وصدرها الباذخ المكان الوحيد الذي أدفن فيه وجهي وأغلق عيني، فكأنني لم أتعذب أبدًا ولم أولد بعد.

عندما تم تدمير أسرتنا من الداخل وتفرقت شظايا اختفت نجية في الأدغال. بعد سنوات وجدتها ولم أفقدها أبدًا.

وجدتها في بيت داخل حواري "بحري". بيت رفيع أبيض محشو بين عمارات صغيرة بذيئة. كأن البيت بني عليها باليد وهي بداخله، تسكن في غرفة مسروقة بين الطوابق. لها نافذة واحدة طويلة، يدخل منها ضوء بنفسجي رقيق تستقبل دومًا نسيم البحر.

هي لا تكاد تخرج، لكنها ليست وحيدة، بقايا الأهل والجيران يرعونها عن بعد، أصابعها جميلة ووجهها يزداد مع العمر بهاء ورضا، ما زالت مليئة باسمة، تتحرك في ليونة قط جميل من السرير إلى الكنبة تحت النافذة الواحدة الطويلة.

شيخة بلا زحمة مريدين، أنا مريدها الوحيد، أزورها كثيرًا حاملاً بعض "الهريسة" وزيوتًا عطرية للمفاصل.

رغم أن أمي تعيش في الإسكندرية إلا أنني لا أفكر فيها هنا. لا أزورها إلا للضرورة. قطع من حياتي معها تحرق جلدي أحيانًا، وجه أعرفه يضيع مني في الزحام. قصيدة قديمة حاولت أن أكتبها ـ وما زلت أحاول ـ عن جيوش من النمل الصغير تفترس فراشة وهي بين الحياة والموت، أفكر في القصيدة عندما أفكر في أمي.

وقصيدة أخرى لا أعرف كيف أكتبها عن "عروسة ملونة، مختنقة داخل علبة من البلاستيك، شفافة ضيقة، لا هي تستطيع أن تتحرك ولا يستطيع لمسها أحد. ما أبشع حياة النساء، وأنا أغادر نجية تسألني دومًا وهي تسوي شعري بأصابعها الجميلة: هل تسأل عن أمك؟

خيول الليل المتأخر والفجر تفرحني.

أعرفهم رغم ندرتهم الآن. أعرف الأصحاء منهم والمضي. وأعرف أصحابهم الطيبين والخبيثين والذين لم يعودوا يبالون بشيء. صادقتهم أنا و"كارين" ونحن ننزل في اللوكاندة الرخيصة القديمة التي تطل على البحيرة الأسطورية في ميدان الرمل.

كان القمر شتويًا رائعًا يصارع سحبًا قوية ملونة. قفزت من شرفة حجرتي إلى شرفتها. كانت سعيدة كطفل، وراقبنا الخيول والقمر، سألت هل يمكن أن ـ أخذ هذه البحيرة معها. كم يصبح الإنسان خفيفًا عندما يلقي في الهواء بكل ما يحمل من حزن ورثاء لنفسه.

"في الصباح، كنا نسير على شاطئ البحر. نقبض بأيدينا على حوار قديم:

- أتحبني..؟

- أحبك..

* * * * *

علاء الدين حب الله الديب، كاتب وروائي مصري، ولد عام 1939، بمصر القديمة، القاهرة. حاصل على ليسانس كلية الحقوق، جامعة القاهرة، عام 1960. من إنتاجاته الأدبية:

أولا : مجموعة قصص قصيرة :

- القاهرة ، 1964.

- صباح الجمعة ، 1970.

- المسافر الأبدى ، 1999.

ثانيا: الروايات :

- زهرة الليمون ، 1978.

- أطفال بلا دموع ، 1989.

- قمر على المستنقع ، 1993.

- عيون البنفسج ، 1999.

ثالثا : الترجمات :

- لعبة النهاية ، مسرحية لصموئيل بيكيت ، عام 1961.

- امرأة فى الثلاثين ، مجموعة قصص مختارة من كتابات هنري ميلر عام 1980 شارف دى إمرى – بيتر فايس – إنجمار برجمان.

- فيلم المومياء ، عام 1965، إخراج شادى عبد السلام الحوار العربى.

- عزيزى هنرى كيسنجر ، عام 1976 ، كتابات عن شخصية السياسى والدبلوماسي كسينجر ، بقلم الصحفية الفرنسية دانيل أونيل.

- " الطريق إلى الفضيلة " ، 1992.

- " وقفة قبل المنحدر ".

الجوائز والأوسمة :

- جائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة ، عام 2001.

:flowers2: :flowers2: :flowers2: :flowers2: :flowers2:

للتحميل مباشرة

:liilas---new:


don_vito 09-03-07 09:02 PM

Thank You My Friend

معرفتي 11-03-07 07:51 PM

جزاك الله خيرا
دمت ودام إبداعك

أليس عندك روايات حنا مينا ؟

مصطفى نافع 12-03-07 10:43 AM

شكرا اخى الكريم على تلك الرواية الجميلة

florist 27-09-07 04:50 PM

رابط جديد للرواية
http://www.4shared.com/file/25172565/b269fc73/____.html


الساعة الآن 05:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية