منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   بُورجيا ميشال زيفاكو (https://www.liilas.com/vb3/t31731.html)

وحده فاضيه 17-02-07 05:06 PM

راكستان فارس الصمام

لقد كان موكب قيصر بورجيا من النبلاء الشبان يخب بزهو منذ ساعتين تقريبا على طريق فلورنسا وكان ابن

البابا يخاطب الريف ومن وقت لآخر كان سباب يفلت من شفتيه وإذا به يصرخ:

وأخيرا هذا هو! ثم اندفع إلى أمام فارس يكر نحوه

- دون كاركونيو!

- هوذا أنا يا مولاي!

- فل، أيه أخبار وراءك؟

- لدي أخبار حسنة وأخرى سيئه لقد أبصرت الفتاة

فاصفر وجه بورجيا وقال مرتجفا: أبصرتها؟

- ولقد كلمتها أيضا

- كاركونيو! سأجل أبي يهبك أرباح دير " القديسة مريم الصغرى"

- إنك سيد كريم يا مولاي!

- ولكن تابع الحديث لقد كلمتها إذن؟ وماذا قالت؟

- هنا تصبح الأخبار سيئه في تتجنبنا ولكننا سوف نبلغ الهدف

- أما عرفت اسمها الحقيقي؟ أما تبعتها؟ أما عرفت مخبأها؟

- لقد طاردت الفتاة يا مولاي وفقا لأوامرك ولكنني إذا لم أوفق إلى اكتشاف أمرها فالغلطة ليست غلطتي.

- يا للجحيم! لقد أفلتت إذن من قبضتي!

- لقد صادفتها (لا يجوز القول الصدف بل بلقدر) قرب غابة الزيتون فاقتربت منها وكلمتها كلاما رقيقا ولكنا

أرادت الهرب فالتصقت بها وهي تكاد تجن وكنت على وشك أن أعرف حقيقة أمرها لولا التقاؤنا بقاطع طريق

انبرى يخاصمني ثم هجم علي والسيف في يده وإذا بالطائر الأبيض يسلم جناحيه للريح ويطير.

- ياللعنة وهذا الرجل أين هو؟ ماذا ألم به؟ أتركته أيضا يغيب عن بصرك أيها الجبان؟

- كلا! لقد رصدته وإن هذا الغريب يتناول الآن فطوره في مطعم " الفورش" على بعد عشرين دقيقة من هنا

فزمجر ابن البابا وقد أدخل مهمازية الذهبين في خاصرتي حصانه

- هيا في الطريق إليه

فاندفعت الشرذمة في عدو جهنمي ولم يطل بها الوقت حتى كانت أمام النزل الذي سماه الكاهن أما هذا

النزل فقد كان أشبه بحانة في الطابق السفلي حيث كان المسافر لا يجد لتبريد عطشه سوى نبيذ ردئ

وماء فاتر وكان هناك حديقة تمتد أمام هذا الكوخ على طول الطريق التي لم تكن تنفصل عن الحديقة بأية

حفرة ولا بأي سياج وكان يرتفع في هذه الحديقة نفق ردئ المظهر وفي هذا النفق المسقوف بالقماش

لفقدان الأغصان الخضراء كان الفارس راكستان يتناول الفطور ولم يكد الكاهن يراه حتى هتف قائلا:


-هو ذا الرجل!

فتفرس قيصر في الشاب الذي حيا الفرسان عند وصولهم ثم جلس يستأنف فطوره ولقد عرف راكستان

الكاهن فسوى حالا منطقة الجلد التي تحمل سيفه كما أن عينه الثاقبة وهي تجوب الجمع كانت قد عرفت

رجلا آخر هو قيصر بورجيا فتمتم الفارس في نفسه قائلا" إنه لقاء رائع! وإن نجمته السعيدة قد هيأت لي

مفاجأة موفقة

أما قيصر بورجيا فكان قد استدار نحو النبلاء الشبان المحيطين به وصاح بأحدهم ساخرا:

- كيف يبدو لك يا " أسطور" هذا النبيل الشهير الذي يفطر في هذا القصر؟

ولم يسه الفارس عن حرف واحد من هذا السؤال كما انه فهم محتواه المهين فشرع يفكر قائلا: أظن أن

المفاجأة لن تكون موفقه بشئ وأن نجمتي السعيدة غائبة عنها.

أما النبيل الذي ألقى عليه السؤال فكان قد تقدم بعض خطوات وهو رجل يناهز الثلاثين من العمر قوى البنية

ذو رقبة غليظة كرقبة الثور وكان معروفا عنه في روما أنه مبارز رهيب ذلك أن خمس عشرة مبارزة المعروفة

كان حصادها خمسة عشر قتيلا:

وراح الرجل الضخم يحدج الفارس ثم انفجر ضاحكا وقال:

إني أفكر بأن أعطي هذا المجهول عنوان الإسكافي الذي يرقع أحذية خدامي.

فانفجر الجميع بضحك عام. لكن بورجيا ظل رزينا إلا أنه غمز " أسطور" فتابع كلامه بإصرار"

- سوف أعطيه أيضا عنوان خياط لترقيع سترته ثم تقدم أيضا وقال: زه أيها السيد! أريد أن أؤدي لك خدامة

فنهض الفارس عندئذ وتقدم منه بدوره قائلا: أية خدمة تقصد يا هذا؟ أو تقرضني قليلا من هذه الروح التي

تؤجج في خطابك؟

- كلا! ولكن إاذا مررت على فإنني أعتقد أن حاجبي قد وضع جانبا بزته الأخيرة وهو يخلعها هبه عليك لأن

بزتك هه تبدو في حاله يرثى لها.

- إنك تقصد ولا شك يا سيدي الرتوق العديدة التي تزين سترتي؟

- لقد حزرت من اللحظة الأولى!

- حسنا إذن! فهذه الرتوق هي موضة جديدة أريد أن أجعلها معروفة في إيطاليا ثم إنه ليسيئني أن تكون

سترتك أنت سليمة وإني أطمع في أن أفتح لك فيها شقوقا بعدد الرتوق في صدري

- وبأي شئ من فضلك؟ فأجاب الفارس مستلا سيفه من غمده:

-بهذا!

فقفز "أسطور" عن صهوة حصانه ونضا سيفه وقال: أنا أيها السيد البارون أسطور من الأوصياء الأشراف

واني عريض الصيت في روما !


- أما أنا يا سيدي فإنني من الباستيل ومن الباستيل هذه ولدت حتى اللوفر يدعوني الناس

فارس الصمام ذلك أني والصمام شخص واحد وهنا وسوس قيصر بورجيا بدهشة قائلا : إنه فرنسي!

أما اسطور فقد صرخ قائلا: هيا آذن الى الصمام، واني لسوف أحطمك وأثقب بطنك في آن واحد

ومال كلا الرجلين إالى الأمام يتربص أحدهما الآخر ثم اصطدم النصلان

- سيدي البارون أسطور يا ذا العين الثاقبة هل عددت كم هي الرتوق في سترتي؟

- إني أرى ثلاثة يا سيد الصمام

- - أخطات إنها ستة فلك الحق بستة شقوق وإليك أولها

فقفز أسطور إلى الوراء صارخا لأنه قد أصيب في صدره وإذا بنقطة دم أرجوانية تلطخ حرير سترته الرمادية

فصاح بورجيا : احذر يا أسطور
- وحق الجحيم لسوف أسمره في الأرض

ثم هجم الرجل الضخم شاهرا سيفه الا أن راكستان أجاب وهو منفجر يضحك: واإليك الضربة الثانية!

وهكذا ضربة إثر ضربة علم الفارس عليه ثلاثا أخر فكانت نقطة من الدم تظهر كل مرة! وبينما كان الرجل

الضخم يجأر ويثب كان راكستان هادئا لا يتحرك ولكنه ما عتم أن قال: سيدي عندك الآن خمسة جروح فاحذر

من السادس.

فأطلق أسطور دون أن يجيب ضربة محكمة تلك التى يوفرها عادة لخصومة الأشداء ولكنه لم يعتم أن جرح

جرحا آخر فعوى من الألم راميا سيفه ذلك أن راكستان كان قد ثقب له ذراعه الأيمن وهو يقول بهدوء: دونك

الضربة السادسة!

ثم استدار نحو جماعة المتفرجين وقال: هل منكم من يريد اقتباس الموضه؟

فقفز اثنان أو ثلاثة من النبلاء الشبان إالى الأرض وصرخوا مزمجرين: دونك الموت!

إلا أن قيصر صرخ قائلا: كلااااا

أصمتوا بسلام !

ذلك أنه لم يكن في نفس بروجيا هذا غير عبادة واحدة هي عبادة القوة والمهارة ولكم أذهلته مرونة الفارس

وصمودة فحدث نفسه بأنه سوف يجعله أحد أتباعه البسلاء لذلك اتجه إاليه بينما كان رجاله يتجمهرون حول

أسطور الجريح وقال:

- ما اسمك أيها السيد؟

- الفارس راكستان يا صاحب الغبطه فارتعش بورجيا وقال:

- ولماذا تدعوني " صاحب الغبطه"؟

- لأنني أعرفك ومن ذا لا يعرف من هيبتك المحارب الشهير الذي تعجيب به فرنسا كسياسي

كبير باسم دون فالنتينو والذي تحييه إيطاليا كقيصر جديد باسم بورجيا!

- فصاح بورجيا قائلا: إن مهارة هؤلاء الفرنسيين في فن الخطاب هي كمهارتهم في فن السيف

فتابع راكستان قائلا: جئت يا مولاي إلى إيطاليا يحدوني الرجاء بأن أنضوي تحت لوائك وانني فقير بالمال

ولكنني غني بالأمل لذلك فقد فكرت بأن القائد العظيم قيصر بورجيا سيعجب بسيفي فيجعلني من رجال.

- حسنا! لن يخيب رجاؤك ولكن كيف يحدث أنك تجيد الإيطالية ؟

- لقد أقمت طويلا في ميلانو وبيزا وفلورنسا التي أنا قادم منها الآن ومن ثم فقد قرأت تكرارا

دانتي الذي درست له الكوميديا الإلهية.

في هذه الأثناء اقترب دون كركونيو من بورجيا وقال:

- لقد شهر هذا الرجل سيفه في وجه رجل من رجال الكنيسة ولولاه لكانت برمفيرا الآن في

حوزتك.

ولم يسمع راكستان هذه الكلمان ولكنه فهم من التعبير على وجه بورجيا بأن قضيته ستنقلب الى منقلب

سئ فانبرى يقول:

- لم تسألني يا مولاي أين عرفتك وإني سأقص هذا عليك .

فقال قيصر يإيجاز: تكلم

فخلع الفارس قفاز يده اليمنى فإذا ماسة مغروزة في خاتم ذهبي تلمع في إصبعه الصغير.

- أتعرف هذه الماسة يا مولاى؟

فهز بورجيا رأسه فيما تابع الفارس يقول: إنها ذخيرتي وإليك قصتها: وصلت منذ أربع سنوات إلى "شينون"

عند المساء --- فقال بروجيا متعجبا: شينون!!

- نعم مولاي وكنت قد بلغتها في مساء يوم دخولكم إليها دخولا مازلوا يتحدثون عنه لأنه أحدا من

الناس لم يشاهد أبهة كتلك ! فبغال موكبك كانت منعلة بالفضة وكانت الأحصنة مسمرة في حوافرها

بمسامير من الذهب وكانت تلك المسامير شبه معلقة بالحوافر فراحت البغال والأحصنة تبذر الفضة والذهب

الذي ازدحم عليه الناس لكي يجمعوا نثار جودك الزاخر . فقال بورجيا حالما:

- أجل إني لأذكر ذلك .

- وفي المساء عند منتصف الليل ارتكبت غلطة فادحة إذا خرجت من القصر وحيدا وعندما اجتزت

باب المدينة كنت متجها نحو بيت هناك منعزل غني المظهر فإذا ............

- فإذا بثلاثه أو أربعه لصوص يهجمون على طامعين ولا شك بجواهري

- تماما! ولكن هل تذكر تتمة الأمر؟

- وكيف أنسى ذيك؟ فقد كنت على وشك العياء عندما أقبل رجل مجهول فطرد بسيفه أولئك

الأرذال.

- أجل، ولقد وهبتني يومئذ هذه الماسة الجميلة.

- ولقد قلت لي بأن استخدمها لكي أكشف لك عن نفسي كلما كمنت بحاجة اإلى حماية

- أيها الشاب أنت في خدمتي منذ هذه الساعة والويل لمن يجرؤ على مسك بأذى!!!

وأدار نظره لكي يعزز هذه الكلمات فإذا الموكب بأجمعه ومنه أسطور المعصب الذراع ودون كاركونيو قد انحنوا

أمام الشاب الفرنسي الذي استولى على عطف اسكندر بورجيا الذي أمر قائلا: هيا أيها السادة إالى

السير ولنعد إلى روما أما أنت أيها الشاب فإني أنتظرك عند منتصف الليل.

- وأين ألقاك يا مولا ي ؟

- في قصر شقيقتي لو كريس ، أي في القصر الضاحك .

- في القصر الضاحك ! عند منتصف الليل ! سمعا وطاعة يا مولاي!

ثم انحني الفارس راكستان وعندما انتصبت قامته رأى شرذمة النبلاء تبتعد في غمامة من الغبار وكان

الفارس قد لاحظ أن نظرتين حاقدتين مميتتين قد رماهما عليه خلسة البارون أسطور والكاهن كاركونيو ولكنه

هز كتفيه ثم أكمل فطوره المتواضع وبعد أن دفع الحساب عاد فامتطى صهوة جوداه .
:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175:

وحده فاضيه 17-02-07 05:08 PM

:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: بعد صلاة العشاء إن شاء الله اكمل الجزء الثاني اشوفكم على خير

وحده فاضيه 17-02-07 06:10 PM

القصر الضاحك
كانت الساعة الرابعة بعد الظهر تقريبا عندما دخل الفارس راكستان إلى المدينة وكان قد أكمل الطريق سيرا

على قدميه ليتسنى له الاستلام إلى تأملاته وأحلامه والفارس راكستان هو بان أرصفه باريس وكان حتى

ذلك التاريخ يعيش عيشة يحكمها القدر لأنه لم يكن يعرف أباه ولا أمه التى ماتت ساعة مولده أما والده فقد

كان نبيلا فقيرا من مقاطعة غاسكونيا جاء إلى باريس يطلب الثروة ولكنه مات من البؤس والفارس مايزال

رضيعا عند مرضعة .

وكانت هذه المرضعه تبيع الثياب المستعملة تحت سقيفه منصوبة في زاوية شارع القديس أنطوان تقريبا

باتجاه باب الباستيل الكبير ولقد تعلقت بالصبي الفقير اليتيم ووضعت في رأسها بأنها ستجعله خلفا لها

في تجارتها بالملابس القديمة وعندما أصبحت أرملة أخذت لها زوجا لتستعيض به عن زوجها وكان عمر

الفارس الصغير عندئذ سبع سنين وكان عشيق التاجرة راهبا يقرأ ويكتب ويمارس الحساب ولقد انتقل العلم

بأجمعه من دماغه الى دماغ الفارس الذي أصبحت معرفته وهو في سن الرابعة عشرة تقريبا معرفة كاهن

وكانت التاجرة قد ابتدأت تحلم له بمستقبل باهر الا انها اصيبت بداء الحصباء وقضت نحبها.

وقد مشى الفارس الشاب باكيا وراء المرأه التى كانت تحل محمل أمه ثم جفف دموعه ودخل دكان

المرحومة فاتختار لنفسه بذله كاملة يزينها سيف طويل.

ولكن كيف عاش بعدئذ؟ من المحتمل أنه عاشر كثيرا الحراس العسكريين وبعض شذاذ الليل حتى أنه اصبح

وهو في الثامنة عشرة مبارزا مرا يخشى جانبه في الحانات وعداء كبيرا وراء الفتيات وشاربا نهما لدنان تراه

ممزق الثياب وسيفه الى النصف خارج القراب يلتقي بالحارس فيلطمه وبالبورجوازي فيوسعه لكما: أي انه

اصبح من الرعاع الحقيقين .

ولكن لا يظنن القارئ أن الفارس كان أحد بؤساء العصر من أهل التسول والنهب والسلب جل أمره أنه فطر

على طبيعة مغامره ولقد كان يقتسم ما تملكه يداه بينه وبين من هم أكثر فقرا منه كما أنه كان يدافع عن

الضعفاء دون أن يقترف أي عمل شنيع غير أنه بسبب تربيه المهمله في وسط أخلاقه مطاطه حيث لا موجه

له غير شهيته للمغامرات كان يعيش على هواه مقتنصا القوت أينما تقع عليه يداه .

وفي أحد الأيام إذا بهذا الذي يدعونه فارس الصمام والذي غدا يثير العب قد اختفى فجأه ومن المحتمل أن

يكون قد ثقب صدر سيد نبيل أو اختطف امرأه بورجوزاي قادر ثم توارى عن الأبصار إلا انه من المؤكد أنه قام

في هذا الوقت بالذات بجولة ابتدأت في فرنسا وانتهت في أوربا .

وكان من جراء ذلك أنه ازداد تعقلا إذ تغلبت في نفسه الصفات الحسنة على الصفات الرديئه فإذا بالفارس

يطرح عنه هوس الشباب ويصبح من الشرفاء الكاملين.

بهذا كله كان يفكر يطلنا وهو يقترب من روما فقد كان يعيش ماضيه بأشواق رجل يرى مستقبلا جديدا ينفتح

أمان ناظريه أما هذا المستقبل فقد كان يدور حول هذا الاسم : بورجيا !!

وفيما كان يجتاز باب روما أخذ يقول في نفسه ها أنذا الآن بين عدوين السنيور أسطور والكاهن كاركونيو لقد

هددت هذا واوقعت بذاك أجل ولكنني في حماية رجل قادر هو قيصر بورجيا وباللشيطان إذا لم أبلغ خدمته

مركزا مرموقا! ولعلي لا محالة بالغ ذلك ترى من يدرى؟


حينئذ تطلع الفارس حوله بنظرات فاتح إلا أنه كان يرى في هذا المستقبل الذي كان يستشفه نقطه سوداء

يظلم بها الأفق إذ أنه كان يفكر بتلك المرأة المجهولة العجيبة العذبة الاسم والوجه وإذا به يتنهد مرددا:

بريمفيرا ياللاميرة الساحرة ! أيقدر لي أن أراها مرة ثانية ؟ ولكنها من تكون؟ ولكاذا كان يطاردها ذلك الكاهن

الرهيب؟ ولسوف اتوسل من أجلها وأحصل لها مهما كلف الأمر على حماية الرجل القاهر قيصر بورجيا!!

ولكن ياللفارس المسكين ...... لو كان يدرى !!

هنا رفع الفارس رأسه فلاحظ أن بعض الناس ينظرون إليه بفضول وعلم أنه يسير فوق جسر فالتفت إلى ولد

وسأله قائلا:

أي جسر هذا؟

- إنه يا سيدي جسر الرؤوس الأربعة .

- والقصر الضاحك هل تعرفه؟ فسأله الولد برعب بدا على وجهه قائلا: قصر السينورا لو كريس؟

- أجل أتعرف موضعه؟ فقال الولد الصغير مادا ذراعيه:

- هناك!!

ثم عدا هاربا كأن شيطانا دخل في ثيابه .

فتبع الفارس الإتجاه المعين مفكرا بهذا الرعب الغريب الذي استولى على الصبي ثم إذا به يستوضح رجلا

عىل الطريق وعندما سمع الرجل اسم القصر الضاحك حدجه بوجه مربد ثم سار في طريقه مهمهما يعلن

ويشتم فتمتم الفارس قائلا: يا للعجب! ياللعجب!

الإ أنه وصل أخيرا إلى ساحة خالية قام فيو سطها بناء غني ولقد استوى في مقدمتها صفان من أعمدة

الرخام الوردي يؤلفان ممشى ممتدا أمام القصر. وكان هذا الممشي ينفرج بشكل خليج فسيح فيظهر في

قعره درج فخم من الرخام أيضا أما واجهة القصر فكانت مزينة بنحوت قديمة ثمينة مهوبة من بقايا الآثار التي

يعثر عليها صدفة بين كنوز روما القديمة.

وعندما شاهد الفارس ذلك قال في نفسه : لا شك بأن هذا هو القصر الضاحك الذي استحق هذا الاسم

من هذه التماثيل الكثيرة الضاحكة التى تزينه ومن هذه الأزهار التي نبتت داخل الممشي كحديقة لا نظير

لها.

وفي مقدمة هذه الحديقة كان يقوم بالحراسه فارسان وقفا صامتين كأنهما تمثالا خيالين فمال الفارس إلى

أحدهما يسأله أهذه هو القصر الضاحك؟ فأجاب التمثال منذرا: نعم إبتعد ! فهمهم الفارس في نفسه وهو

مبتعد في طريقه يقول: ياللشيطان إنه قصر شددت الحراسة عليه!

وكانت الساحة خالية فإذا بالقصر الضاحك يبدو وكأنه قصر لسكان ألم بهم الطاعون أما راكستان فبعد أن

خطا قرابة خمسين خطوة في الشارع المتفرع من الساحة وجد نفسه أمام نزل نشأت فيه الحياة ولكن

على شئ من الفزع والتردد .

هناك نزل الفارس عن صهوة جوداه ودخل في النزل الذي كان يدعي " مقهى جانوس الجميل" حيث طلب

مكانا في الأسطبل لحصانه "كابيتان" وغرفة له فقام صاحب النزل وقاد راكستان إلى غرفة صغيرة في

الطابق السفلى ولكن الفارس قال ملاحظا:

- إنها رطبه

- ولكننا لانملك غرفة غيرها فارغة

- سآخذها لأنكم هنا قريبون من القصر الضاحك فقال المضيف متعجبا: رباه ! أنت إذن في خير

مكان لأنك من النافذه تستطيع رؤية مؤخرة القصر.

حينئذ فتح المضيف النافذه أو بالأحرى بابا شبيها بالنافذة فإذا بهبة رطبة تنفح راكستان على وجهه فيسرع

إلى السؤال:

- ماهذا؟

- إنه نهر التيبر ألا تعرفه؟؟!

وفي الواقع كان النهر يجري بين صفين من البيوت دون رصيف أو ضفة وقد لاحظ راكستان ان سملا بعدة

درجان كان ينتهى طرفه عند صفحة الماء وذلك وراء كل بيت وأمام باب الغرفة الشبيه بالنافذة وهنا قال

المضيف مرة ثانية: أنظر أترى ذلك الدرج العريض عند كوع النهر؟ إنه درج القصر الضاحك .

فقال راكستان وهو يدخل إلى الغرفة ويغلق النافذه : حسنا!

تعجبني هذه الغرفة رغم رطوبتها فقال المضيف: ولكن الدفع سلفا

فدفع الفارس ما عليه ثم طلب خيطا وإبره وانهمك في إصلاح ثيابه إصلاحا دقيقا وبعد أن فرشاها ونظفها

بكاملها قام وتناول العشاء ولقد استنفدت هذه ولقد استنفدت هذه المشاغل وقته حتى السعة التاسعة

وبعد ساعة أخرى من الوقت كان الفارس راكستان مفهمفا والسيف إلى جانبه ينتظر بفارغ صبر البرهة التي

يذهب فيها إلى قصر لو كريس بورجيا .

وكان قلبه يخفق قليلا عندما يفكر بأنه سوف يرى أكيدا وعن كثب المرأة التي يخلب حسنها عقول أحكم

الناس ولقد كان صمت عميق يثقل كاهل المدينة النائمة ولم يكن هنالك غير خرير نهر النيبر الذي يبعث في

الليل أصواتا حزينة كانها شكاوي بتألم بالغ حتى أنه أخيرا أخذ يتحرك لكي يخلص نفسه من هذا الشعور

ولعى كل حال فبعد قليل سيجئ نصف الليل.

هنا قام الفارس إلى شمعدانه فأطفأه وكان يهم بالخروج ملتفعا بمعطفه عندما ند عن النهر تأوه ممزق

فارتعد راكستان وغمغم في نفسه يقول: الآن هذا ليس بوهم ! إن صوتا بشريا قد أرسل بالحقيقة هذه

الزفرة

وإذا بصراخ اليم يصعد من جديد وكأنه يدوي في الغرفة فارتجف راكستان ثم ارتفعت زفرة ثالثة مختنقة فصاح

راكستان : هذا آت من التيبر .

ثم انطلق مسرعا ففتح الباب الشبيه بالنافذة فإذا بالليل صفيق وإذا بالثيبر المضغوط بين البيوت يدفق أمواجا

سوداء فنزل الفارس على الدرجات الأربع وانحنى فوق النهر ثم مد يديه فالتقتا بقماش حريري على جسم

رجل كان يزفر فأمسكه راكستان بكتفيه فساله الرجل قائلا: من انت؟

- لاتخف إنني رجل غريب بل صديق

- ليس هناك أصدقاء آه سأموت بعد قليل . إسمع !!

فأراد راكستان أن ينتشله من الماء غير أن الرجل قال وهو يشهق شهقة النزاع الأخير : كلا ! لا نفع من

انتشالي لأنني سأموت بعد قليل ولكنني أريد أن أنتقم إسمع ! فقال راكستان وقد وقف شعر رأسه: تكلم

إنني أسمع .

- حذر الكونت آلما وحذر ابنته فـ"هو" يريد أن يخطفها

- ومن هو الكونت آلما ومن هي ابنته؟

- ابنته بياتريكس ،بريميفيرا فارتعش راكستان من السخط

وقال: قلت إنه يريد اختطافها ..... فهمن هو هذا ؟

- الذي قتلني الآن : انه مو..............

وفي هذه اللحظة انتفض الرجل انتفاضة مميتة ثم تقلص ساكنا وقد تركت يداه الحجر وانقلبت جثته في

الماء فإذا به يغيب في وحل الأمواج السوداء فانطلقت عينا راكستان تبحثان في الظلام ولكن عبثا!!

حيئذ دخل إلى غرفته ومسح وجهه الناضح بعرق الكمد والقلق . ولم يلبث أن تلفظ قائلا: أواه ماهذا السر

المخيف!!؟

إنها تدعى بياتريكس وهي ابنة الكونت آلما وهناك من يريد اختطافها فمن يكون هذا؟ من يكون؟

وفي هذه الثانية دقت ساعة في كنيسة القديس بطرس فقال الفارس:

- هوذا منتصف الليل!!

ثم اندفع إلى الخارج راكضا نحو القصر الضاحك حيث كان بانتظاره حاميه الشهير قيصر بورجيا

وحده فاضيه 17-02-07 07:00 PM

هذا الجزء يحكي شرور هذه العائلة ومخالفاتهم الاخلاقية ضد كل الأديان ولكني وضعت هذه الجزء حتى يرى القارى بعد ذلك اانتصار الخير على الشر :3EO05175: :3EO05175:





ليالي روما
في البرهة التي كان فيها الفارس راكستان منهمكا بتعليق بعض الشرائط على سترته تحو الساعة التاسعة

كان قيصر بورجيا برفقة أربعة شبان يدخلون إلى القصر الضاحك أما القصر فقد كان ينقسم إلى قسمين

واضحين: يتألف القسم الأول من شقق رسمية ويحتوي دزينة من الغرف الفسيحة المطلة على الساحة

والتي جهزت بطنافس فخمة لم ير لها مثيل. ولقد اجتاز قيصر ورفقته هذه الغرفة حتى وصلوا إلى باب من

البرونز قام على حراسته نوبيان أسودان كالليل أخرسان كالصخر الأبكم عندئذ أشار قيصر إشارة واحدة

فوضع أحد النوبين إصبعه على زر جعل باب البرونز ينفتح بسرعة .

ولم يكد قيصر ورفاقه الأربعة يجتازون الباب حتى انغلق خلفهم فإذا بهم في بهو جدرانه العالية من الرخام

المعروق وفي ضوء وردي كان ينهمر من قنديل في السقف فيدع المكان في شبه ظلمه وكان يصطف حول

هذا البهو عدد من التماثيل الرخامية البيضاء التي يبرز عريها الأباحي إلى الأبصار بشكل مدروس وفي الوسط

منه كانت بركة موزعة المياة تنشر برودة لذيذة في جو المكان ومن البركة كان يرتفع تمثال ملاك الحب وهو

متقلص بينما راحت تتوجه وتجلوه إلهة اللذة ولقد كان هذا التمثال رائعة من روائع نحات شاب يعيش في

حماية لو كريس ويدعي ميكال آنج بيوناروتي........

وباتجاه المدخل كان هناك باب مصنوع من خشب الورد مطعم بسبائك لطيفة من الفضة كانت تحرسه

امرأتان مستلقيتان على مسندين وسرعان ما فتح هذا الباب بطريقة سحرية فدخل قيصر مع صحبه إلى

غرفة أقل اتساعا ولكنها ذات فخامة أكثر ذوقا وأكثر جمالا ولقد قام في أنحائها شمعدانات ذهبية تحمل

مشاعل من اشمع الوردي الذي تتصاعد منه عطور مثيرة وكان هناك موسيقى تسمع كأنها قادمة من بعيد

وهي ممزوجة بأصوات نسائية تتغني بالمجد .

ولم يكن في هذه الغرفة من أثاث سوى خزانة للآنية وطاولة واسعة إلا أنه كان ينتشر هنا وهناك عدد كبير

من المتكآت الوثيرة والسجاد السميك وكانت الطاولة تحمل قصاعا أسطورية الغنى تحتوى ثمارا مثلجه

ومربيات غريبة وحلويات شهية كانت لوكريس وحدها تملك منها.

أما الطاولة فقد كان عدة رجال آخذين مكانهم حولها لم يكونوا جلوسا ولكنهم متكئين على شبه أسرة على

طريقة الرومانيين لالقدماء وكان يوجد بينهم امرأة : إنها سيدة القصر الساحرة المسيطرة على حواس

الرجال أخت قيصر وابنة البابا لو كريس بورجيا!

وعندما دخل قيصر مدت له يدها التي كان كل إصبع فيها يلمع بثروة من الحجارة الكريمة وقالت : كم أنت

متأخر يا أخي !

فأجابها قيصر قائلا: أعذرينا يا لوكريس العزيزة فلقد عدنا في الليل بعد نزهة طويلة

- إني أعذرك ولكن ألا تكلمن أخاك بشئ

فاستدار قيصر نحو رجل جالس قرب لوكريس كان القلق قد ظهر على وجهه عندما رأى قيصر داخلا هذا

الرجل هو فرنسوا بروجيا دوق غانديه الإبن الثاني للبابا وشقيق قيصر لوكريس

ولقد مد الأخوان يديهما وتصافحا مبتسمين غير أن كلا منهما كان يراقب كل حركة يقوم بها الآخر أما لو

كريس فقد مالت في هذه اللحظة نحو فرنسوا وقبلته بعنف فقال قيصر ساخرا:

- ياللحب الأخوي الذي يبدو لي غريبا رغم خبرتي في هذا الموضوع!

فقالت عندئذ لوكريس: إنني أحب فرنسوا لأنه خيرنا

فقال دوق غانديه قلقا مضطربا : إنك تغدقين علي عطفك ولقد نسيت أنه إذا كان بيتنا ينعم بالمجد وإذا كان

عرش والدنا البابوي صامدا لا يتزعزع فالفضل في هذا إنما يعود إلى سيف عزيزنا قيصر

فقال قيصر منذرا: هذا صحيح فلطاما أجدت استعمال السيف فالطعن بالسلاح الأبيض هو من اختصاصي

أكان ذلك السلاح سيفا أم خنجرا!!!

وفيما كان يقول هذه الكلمات أخرج خنجره ثم غرزه بضربة عنيفة فوق الطاولة فاعترى الجلوس ومن بينهم

فرنسوا ارتجاف واصفرار أما لو كريس فقد انفجرت ضاحكة وقالت بمرح: هيا إلى العشاء!

ولم تكد تلتفت إلى ستارة من الحرير المقصب حتى أخذت تتحرك بالطف ثم أقبلت الوصيفات يسكبن في

الأكواب سرقسطة وشيو معطرة وديمة المعصفرة التي تشبه بأالوانها حجارة الياقوت وكانت الوصيفات

وعددهن تسع بعدد الجلوس.

وكانت لوكريس مكتسية الذي كانت تبدو تقاطيعه كأنها منحوتة في الرخام وكانت بين حين وآخر ترمي

نظرها على الستارة فإذا بها ترتجف ومهما كان رجفان القماش خفيفا فقد كان كافيا لإعلام لو كريس بأن

أحدا هناك يرقبها ويصغى إليها

وفجأة إذا بها تسأل : ماذا يقولون في روما؟ فانبرى دوق ريانزي قائلا: تالله يا سيدتي إنهم يتحدثون بشئ

غريب لم يرو مثله من قبل!

- وماذا يروون يادوق ريانزي؟ فهم الدوق أن يفتح فمه بالحديث إلا أن فرنسوا قاطعه بالهجة

متوسلة قائلا: أرجوك أيها الدوق!

- ولكن الشراب الثقيل كانت قد بدأت تفعل فعلها في الرؤوس ، لذلك فقد استأنف الدوق حديثه

قائلا: إنهم يروون في روما حكاية حب ! فقالت لوكريس : هلا رويت لنا الحكاية! فالحب هو الشئ الوحيد

الذي يستأثر بالحياة والموت

ثم شرعت تعانق أخاها فرنسوا قائلة بصوت مخدر : قص أيها الدوق !

فصاح الحضور : أجل أجل ! هات عن الحب

وكانت الموسيقى البعيدة ترسل أمواجا من الألحان التي كانت تزاد رقة عندئذ تابع دوق ريانزي كلامه قائلا :

إنها قصة حب طاهر عذري أخجل من روايتها هنا

فقال قيصر بلهجة مقتضبة : تكلم!!

- سمعا وطاعة يا صاحب الغبطة : يحكى عن قائد مشهور أنه عاشق

فاجتمعت الأنظار على قيصر إلا ان الدوق تابع قائلا : بل إن العشق آخذ منه كل مأخذ حتى أن قلبه المقدود

من البرونز قد أضحى الآن قلب حمامة إنه يتنهد ويتأوه أما المرأه التي اججت ضرام حبة فإنها شرسة لا

يستطيع أحد أن يدانيها هنا تصبح القصة غريبة عن العقل إذ أن المرأه الشرسة بدل أن تتقبل بالشكر هدايا

الأمير الكبير فإنها ترفضها وتحتقرها

فسألته لو كريس : وما اسم هذا العاشق الطريف؟ فتعلثم دوق ريانزي قائلا وهو متمتع بالسكر:

- إحرزيه إنه موجود بيننا

فزمجر عندئذ قيصر بورجيا : لا داعي إلى ذلك فأنا العاشق والويل لم يفتح فمه منتقدا !

فتلجلج دوق ريانزي وقال: مولاي صدقني ------ فقاطعة قيصر قائلا:

- أما المرأة الشرسة كما أحسنت تسميتها فقد كانت اليوم على وشك أن تقع بين يدي وكانت

ستكف عن احتقاري

فانفجرت لوكريس ضاحكه وقالت:

- أهكذا تخونني يا عزيزي قيصر؟

فأجاب قيصر الذي كان يشعر بأن عقله بات يغيب في سكر شديد سكر من الحواس وسكر من الكبرياء

الطاغية : كلا يا الوكريس إني لا أخونك فأنت ملك لي كما ستكون ملكا لي هي أيضا وكما كانت لي امرأتك

يادوق وكما يجب ان يكون كل شئ ملكا لي وحدي !!!

وكان قيصر يلهث في نوبة جنونية في هذه اللحظة بالذات قامت لوكريس إلى شقيقها فرنسوا دوق غانديه

فطوقته بذراعيها وهي تتمتم:

- لحسن الحظ أنك باق لي يا فرنسوا الأمين وها إني أخصك بفردوسي فإذا بقيصر يجأر دافعا

الطاولة بغضب شديد:

- يا للجحيم

وفي الوقت ذاته انتزع الخنجر الذي كان ما يزال مغروزا أمامه وتقدم نحو أخيه فرنسوا وهو يقول بصوت أعياه

الغضب والسكر : آه ليصحبك إذن سرك إلى الجحيم!!

وارتفع ذراعه ثم انخفض فاخترقت المدية صدر دوق غاندية الذي سقط على ظهره قائلا والدم يتدفق من

فمه: لقد مت !!

هنا جمد مشاهدو هذا الفصل كأنهم الحجارة أما لو كريس فقد تراجعت إلى الوراء وقد ارتسمت ابتسامة

غريبة على شفتيها اللتين لم تبتهتا مطلقا وكان دوق غانديه التعيس الحظ يزفر قائلا: إلى إلى إني أشتعل !

قليلا من الماء أشفقوا علي قليلا من الماء !

فقال قيصر يهزء مشؤوم أتريد ماء؟ انتظر يا أخي فسأسقيك !

ثم أمسك برجلي أخيه وشرع يجره وهو يجأر قائلا : الماء لأخي فرنسوا! الماء بل كل مياه التيبر!

وبعد أن اجتاز به وهو على هذه الحال صفا من الغرف وصل إلى باب أخير ففتحه بنفسه فكان التيبر من دونه

جاريا في الليل

عندئذ رفع قيصر الجسم وبدفعة عنيفة ألقى به في النهر

أما شهود هذا الفصل فقد هربوا بعد أن نصل لونهم من الفزع بينما قامت لوكريس بورجيا فرفعت الستارة

الحريرة المذهبة ودخلت إلى حجرة خاصة في هذه الحجرة كان يجلس على الأريكة شيخ ذو ملامح صلدة

متسم بخبث لا يحد وكان هذا الشيخ قد سمع كل شئ ورأى كل شئ من وراى الستارة التي كانت تتحرك

من حين لآخر بالرغم من أنه والد فرنسوا دوق غاندية ووالد قيصر دوق فالنتينوا ووالد لو كريس دوقة بيزاقلية

أي أن هذا الشيخ هو رودريك بورجيا أو الباب المزيف اسكندر الثالث

وعندما رأته لوكريس سألته قائلة: هل أنت مسرور الآن يا أبي؟

- ليس كثيرا يا ابنتي فقد تماديتم قليلا يا لفرنسوا المسكين ؟

ولكن ماذا يمكننا أن نفعل نحن أمام إرادة الله؟ على كل حال هذا ما حصل وسأحتفل بقداس عن رحة

نفسة ياللخسارة لقد كان حذفا فرنسوا هذا!! ولكن ألم يكن دوق غادنديه يزعج مشاريعي؟

هيا وإلى اللقاء يابنتي إني أمنحك البركة الرسولية

وعندما نهضت لو كريس كان والدها قد اختفي


:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: في ملاحظات أي شي مممممم

وحده فاضيه 18-02-07 06:57 PM

:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: (يا ساتر شكلها الروايه ما عجبتكم)


نزوات لوكريس بورجيا

عادت لو كريس إلى "قاعة الوليمة" ولكنها ألفتها خالية فتمتمت قائلة:

يا للجبناء! لقد هربوا آه ما أقل الرجال ! لقد كان أبي رجلا ولكنه عجوز الآن أما أنا فإنني أشعر الآن بشهية

لتمزيق عالم بأجمعه .

وتمددت على مقعدها وتئاءبت ثم تابعت قائلة : إني ضجرة والضجر ينهشني نهشا إني أخلق وأبتكر كل يوم

ملذات جديدة ولكن بال جدوى وبلا جدوى أراني أبهر روما بأبهة أعيادي المستمرة أجل إن قلبي قارغ

والضجر البطئ يقرض روحي.

وفجأة إذا بخيال ينتصب إلى جانبها فقالت وهي تمد يدها : هوذا أنت يا أخي؟

أجل إنه قيصر بروجيا الذي دخل إلى القاعة منذ لحظة ولو رأة أحد لما داخله الشك مطلقا بأن هذا الرجل

إنما هو عائد من عرس أخيه . ذلك أنه جاء يطالع أخته بوجه مرح بينما راحت هي أيضا تنظر إليه مبتسمة ثم

قالت:

- أيها الشرير لماذا قتلت فرنسوا هذا المسكين؟ كنت تعتلج بالغيرة؟

- نعم يالوكريس يزعجني ألا أكون المفضل أمام أصدقائي وما عدا هذا فما أنا بالأحمق الذي

تظنين إذ تعتقدين أنني غيور مبتذل فأنا لا أهتم أن تكوني للآخرين شرط أن تكوني لي وحدي عندما أظهر

فهزت لو كريس رأسها وطفقت تفكر ثم قالت فجأة: هذا صحيح ولكنك سترث يا قيصري العزيز "فالحادث"

يجعلك أيضا دوق غانديه .

- أجل يا أختي الصغيرة ولكن ستنالين حصتك من الورثة مليونا من الليرات الذهبية أيسرك هذا؟

- طبعا يسرني فقد كنت أود بناء هيكل وليراتك الذهبية هذه كفيلة بتحقيق الهدف .

فهتف قيصر متعجبا: هيكل !!

- نعم هيكل لفينوس ، فينوس الدنسة فأنا أريد أن أبعث عبادتها في روما وأريد أن يبني الهيكل

بين كنيسة القديس بطرس والفاتيكان فينما يكون والدنا محتفلا بقداسه في هيكله المسيحي أكون أنا

محتفلة بقداسي في كنسيتي الوثنية ولسوف نرى من منا سيتبعه عدد أكبر من المؤمنين.

فصاح قيصر: إن فكرتك لرائعة يا لو كريس !

- ولكنها أقل روعة من فكرتك بالاستيلاء على إيطاليا وبتنصيب عليها ملكا يا عزيزي القيصر.

- عندما أحقق خطتي يا لو كريس فكلانا سنحكم العالم!!

في هذه اللحظة ارتفع ضجيج صراخ قريب فأصغيا إليه فإذا هو آت ن شقق القصر فقال القيصر:

- ما هذا ؟

- هيا لنرى !

رمت لوكريس معطفا على كتفيها الرخاميين وانطلقت في الردهة يتقدمها قيصر ثم فتحت باب البرونز ووقفا

هناك على العتبة فكان النوبيان الساكنان الصامتان مازلا في موضعهما ويطقان أجرد في يديهما غير أن

مشهدا غريبا جذب أنظارهما هناك في قصر الردهة فقد كان ما يقارب الثلاثين خادما يجأرون ويشتمون

محيطين أو محاولين الإحاطة برجل غريب كان وحده يقابل هذه المظاهرة المتكالبة حوله فهتفت لوكريس:

- من هذا المتجرئ؟ وكانت على وشك أن تنطلق نحوه عندما أمسكها قيصر بقبضتها هاتفا :

- هاها ! إنه الفرنسي الصغير ال1ي ضربت له موعدا هنا عند منتصف الليل ياله من مقدام!!

ويالهذه الضربات ! دونك إلى اليمين! دونك إلى اليسار! أحسنت ! هوذا اثنان طريحان على الأرض أحسنت !

هوذا اثنان يبصقان أسنانهما ! يالك من مغوار ! يالك من مغوار!

ومضى قيصر يصفق بيديه بعصبية بارزة!

أما الرجل الذي كان ينازل الخدم مستثيرا إعجاب قيصر فقد كان الفارس راكستان ال1ي كان قد انطلق من

نزل " جانوس الجميل" حين دقت الساعة الثانية عشرة .

ولقد كان يفكر وهو يعدو قائلا في نفسه: آه ! يا لهذه الرؤيا الفظيعة ! رج غارق في التيبر ! يا للمسكين لقد

نحروه منذ حين! آه ! هذا الجسد كيف اختفى في اللجج السوداء .. ثم تلك الكلمات المبهمة : سوف

يخطفون بريمفيرا! لا شك بأن الخاطف هو القاتل نفسه! ولكن من هو هذا القاتل؟ وأين يمكن العثور عليه؟

وكيف السبيل إلى إنذار الكونت آلما؟ يجب أن أقص هذه الأحداث الغريبة للقائد الفذ الذي ينتظرني فهو وحده

قادر على اكتشاف الحقيقة .

ولم يلبث الفارس وهو يخاطب هكذا نفسه أن بلغ قصر لوكريس فهم بأن ينطلق بين العواميد إلا ان الحارسين

الخيالين اعترضا دربه آمرين :

- إبتعد عرض الطريق! فقال راكستان: مهلا! إنني منتظر في هذا القصر .

فأجاب أحد الحارسين: سر عرض الطريق!

- يالك من عنيد يا عزيزي قلت لك إنني منتظر من قبل غبظة مولاي قيصر بورجيا . هيا افسح لي

طريق المرور !

ولكن الحارس لم يذعن لطلب راكستان ثم إذا بدرزينة من الخدم ينطلقون نحو الفارس الذي قال في نفسه:

يبدو أن الجنون هلم بالخدم بهذا البلد ولكن هل تراهم يجرأون على رفع أيديهم على ! إلى الوراء أيها الخدم!!

وأصبح شكل الفارس صارما حتى لقد تراجع الخدم أما الحارس فقد هجم على الشاب حينئذ فهم راكستان

بأن انتصاره سوف يكون موقتا وبأنهم سيحيطون به إذا لم يعطيهم مثلا رادعا لذلك فقد قفز على الحارس

وتكمش بساقه وأخذ يهزه هزا عنيفا لكي يقضي على توازنه.

عند الهزة الأولى صرخ الحارس مجدفا ثم تشبت بناصية حصانة وعند الهزة الثانية رفع عفب سيفه لسحق

طبه خصمه الشديد إلا أن الوقت لم يمهله لتنفيذ مأربه فكان نبها لهزة ثالثة أعنف من الاثنتين السابقتين

لذلك فقد بقى فمه المتأهب لقذف شتيمة مقذعة مشقوقا صامتا من الذهول أما راكستان نفسه فكان قد

تراجع عدة خطوات وهو يكاد يشرف على السقوط.

فما الذي حدث إذن؟ شئ بسيط : ان راكستان لكثرة شدة على ساق الحارس العملاق كان قد انتزع

جزمته الكبيرة فبقى مخبولا ورجلة عارية ولكنه لم يبرح مسمرا على متن حصانه بينما اندفع الفارس إلى

الوراء تحت تأثير الهزة العنيفة حاملا بين يديه الجزمة الضخمة .

عندئذ حصل تفرق بين الخدم ولكن عونا انضم إلى هؤلاء المهاجمين فإذا بعددهم يشارف الثلاثين وجميمعهم

مسلحون بالعصي .

لذلك فقد ألفى راكستان نفسه محاطا من كل جانب لكنه فجأة أحس بفكرة منيرة تخرج من دماغه المزدحم

فصرخ بينهم راعدا: آه أيها الأوباشَ! ويا حثالة الأرذال ! لأصدنكم بهذه الجزمه !

وأمسك الجزمة من قدمها وشرع يستخدم جذعها كككتلة من الأسلحة ثم دار بها على نفسه دورة قوية

متجها في الوقت نفسه نحو الدرج الذي بغله والمظاهرة ما زالت مزمجرة خلفة .

وعند طرف الدرج وجد راكستان نفسه في ردهة واسعة فالتصق في إحدى زوايها عندئذ أصبح المشهد

ملحميا : ذلك أن راكستان كان ليوح بجذع الجزمة كما شمشون قد لوح بفك حمار ليفتك بأعدائه أما الجذع

فقد كان يدور محوما فوق رأسه وفي كل لحظة كان يقع على رأس أو على خد أو على ظهر .

وكان هنالك صرخات ألم وإنذارات رهيبة ولقد استمر هذا حتى أنه سقط عشرة من الخدم فتراجع الآخرون

طالبين النجدة

وبعد أن راى راكستان نفسه منتصرا في هذه المعركة الحربية دون أن يصيبه خدش واحد أطلق ضحكة قوية

وهتف قائلا: هيا أيها الخدم! اذهبوا واخبروا سيدكم بأن الفارس راكستان هو الآن رهن أوامره فهتف صوت

يقول : لقد أخبرتّ بكل شئ لأنك أنت أيها السيد قد أعلمت عن نفسك.

فاستدار راكستان واجدا نفسه في حضرة قيصر ولو كريس وإذا به يستمر ثانية وهو مشدوه بروعة ابنة البابا

الآسرة . فابتسمت لو كريس إلا أن الفارس كان قد انحنى مجيبا : يا مولاي وأنت يا مولاتي تكرما على بالعفو

لأنني أسأت التصرف مع خدمكما أما دفاعي الوحيد الذي أقدمه فهو أمركم إياي بأن أكون هنا عند منتصف

الليل إني لإطاعة هذا الأمر ليسهل علي اجتياز طابور من الأبالسة . فقال قيصر:

- تعال أنا المذنت لأنني لم أخبر هؤلاء الحمق بأنني أنتظرك .

فتبع راكستان الأخ و الأخت بينما ظل الخدم مذهولين ومقوسين حتى الأرض

أما النوبيان عند باب البرونز فقد كانا هنالك دون أن يقوما بحركة: إذ كان عليهما فقط حراسة الباب ولقد بقيا

يحرسانه وعندما وصلت إليها لو كريس سألتهما قائلة :

- وأنتما ماذا كنتما فاعلين لو حاول اجتياز هذا الباب؟

فابتسم الأسودان ابتسامة عريضة أبرزت أسنانهما الباهرة ثم لمسا بطرف إصبعهما نصل يطقانهيا وأشارا

إلى عنق الفارس الذي أسرع القول: هذا واضح ! كانا يقطعان عنقي ولكن لكي أسعد بمشاهدتك يا مولاي

أقسم بأني كنت مستعدا لمجابهة هذا الخطر.

فابتسمت لوكريس مرة ثانية وبعد أن ربتت على خدي النوبيين عبرت ومن خلفهما قيصر والفارس اللذان

قادتهما إلى بهو صغير دهش راكستان من حاشيته الباذخة الرقيقة عندئذ قال قيصر: أقدم لك يا أختي

العزيزة الفارس راكستان إنه فرنسي.

وهذا العنوان كاف كتوصية تجعله يفوز بعطفك وما هذا بكل شئ: فالفارس راكستان أنقذ حياتي يوم كنت

مسافرا إلى شينون .

فقال الفارس: آه يا مولا كم أنت عطوف لكي تتكلم عن مثل هذا العمل الرتيب!!

هنا قالت لوكريس: إنني أحب الفرنسيين ولسوف أحب حضرة الفارس بنوع خاص حبا لك يا أخي وإننا

سنعلي من شأنك أيها الفارس!!

- آه يا مولاتي إنني خجل من عطفك علي .

فقالت لوكريس ببشاة: إنك تستحقة ولكنني أظن أنك بحاجة لمرطب بعد هذه المعركة الضارية فتعال إذن

أيها الفارس! ثم أمسكته بيده وجرته معها فارتعش الفارس مقشعرا إذ أن هذه اليد الفاترة المتعبة كانت قد

ضغطت على يده . ترى هل كان ذلك صدفة أم عن قصد؟

عندئذ أطبق الشاب المغامر عينيه طيلة ثانية وإذا به يقول في نفسه :

لربما كنت أخاطر مخاطرة كبيرة ولكن اللعبة تستحق.

ثم أعادت يده بشدة الضغطة الغرامية ليد لو كريس وبعد لحظه كانوا قد بلغوا ردهة الولائم فخيل لراكستان

وقد تمشت الحمى في جسمه أنه انتقل إلى فردوس من ألف ليلة وليلة وكانت لو كرس بنفسها تضع أمامه

الأترج والبطيخ المثلج ثم صبت في كأسه نبيذا مزبدا وقالت بنظرة أمعنت في هيجانة: إشرب هذا النبيذ من

بلادك ولكنني أدارية بطريقة خاصه. فقال قيصر:

- إن أختي شرهة إذ أنها تقضى وقتها في ابتكار وسائل من اللذة أكثر كمالا وذوقا.

فقالت لوكريس بابتسامة خاصة: أجل إني شرهة والشراهة لذة من ملذات الآلهة ! ألا اشرب هذه الراح أيها

الفارس إنها الكوثر!! ثم ذق هذه المربيات فإنها من عسل الآلهة !!

عندئذ أفرغ الفارس كوبه فإذا بأوردته تشتغل ثم ذاق من المربيات فشعر بأن صدغيه يخفقان وبأن مخيلته

انتحتحت على رؤى غريبة هي أقرب إلى الأحلام فشرع يقول: يا مولاتي إني أشرب وآكل وأسمع أصواتا

وإتي لأتسائل إذا لم أكن في حلم رائع بمسكن جنية فاتنة .,

- يا للأسف إنك في بيت لو كريس بورجيا التي تفتش عن اللهو ولكنها لا تعثر عليه إلأا فيما ندر !

- وماذا يا مولاتي! أتكونين تعسة ! ولكن قولي أي مطلب تشائين وأي مراد لا تبلغين لكي أجعله

والله رهن يديك حتى ولو قلبت العالم رأسه على عقبه أو رحت كالطيطيان أتسلق جبال الألب مفتشا عن

سر السعادة .

فهتف قيصر: أحسنت أيها الفارس . إلا أن راكستان تابع قائلا: ما أنا إلا برجل شريف بلا ثروة غير أنني أملك

قلبا يعرف كيف يخفق وذراعا لا ترتجف وسيفا وإني أجعلها جميعها يا مولاتي تتفاني في خدمتك . فقالت

لوكريس برزانة: إنني أقتنع بهذا.

هنا قال قيصر:

- أما الآن وقد أصبحت محظيا لدى دوقة بيزاقلية فدعنا نرى كيف نجد لك مركزا رسميا يمكنني أن

أحصل لك من والدي على شهادة تثبت أنك من حرس الأشراف. فقال الفارس وقد أعيد إلى الواقع: أعترف

لك يا مولاي بأنني أفضل شيئا آخر .

- ياللشيطان إنك رجل صعب! فالمنتمي إلى حرس الأشراف يجب أن يثبت أنه نبيل من الدرجة

السادسة. ومن ثم (أضاف قيصر بفظاظة) مازلت أجهل من أنت.

فوقف راكستان وتحفز بخيلاء ثم قال بنغم جارح: ما رأيتك يامولاي تطلب صك نبالتي في شينون! فهتف

قيصر: لقد أصبتني بكلامك هذا إصابة نافذة ! فتابع راكستان قائلا: أما عناوين سلالتي فهذي هي مطبوعة

على وحهي وإني مستعد أن أمهرها بخاتم من رأس سيفي.

- ما أبرع جوابك أيها الفتى !

- وبما أنك تعتقد أنني قادم إلى إيطاليا لأكون حرس الكنائس فا أنذا قائل لك : الوداع يا مولاي

- ولكن هون عليك ! أي شيطان نزق يقطن بردك يا هذا! إني أعرف أن تستحق أكثر وقد عرضت

عليك هذا لكي أجربك . ولا أخفي عليك بأن تعجبني بأشياء كثيرة : بطريقتك التي سويت بها أمر أسطور

العملاق الذي لا يغلب ، وبأجوبتك وبشكلك وبهذه اللطمات البارعة التي ألقمتها منذ حين أولئك الخدم

الرعاع . ها ها ! لشد ما يضحكني هذا!

وانقلب قيصر ضاحكا بملء شدقية: ثم استوى فقال: اتريد إذن أن تعمل في خدمتي؟.

- هذا ما قلته لك يا مولاي .

- إذن لك ما تريد فأنا بعد أيام سأجرد الحملة من جيد على بعض الأمراء الصغار الذين يحسبون

أنهم في مأمن مني. ولسوف أعتمد عليك أيها الفارس لأن القليل الذي رأيته منك ينبئني عنك.

لذلك فسأجعلك تخوض غمار المعركة تحت أوامري على رأس فيلق من الجنود . فقال راكستان وقد وثب من

مكانه: ماذا تقول يا مولاي ؟ لا شك أنك تسخر مني؟

- تعال بعد غد إلى قصر " سانت آنج" لتأخذ شهداتك .

فانحنى الفارس مخمورا من الفرح وقد سمع ما يفوق أمانية ثم أخذ يد قيصر وحملها إلى شفتيه. غير أن

قيصر استأنف قائلا:

- يبقي لقي كلمة واحدة: هذا الصباح عندما أرعبت كركونيو الراهب المسكين هل التقيت بصبية

ذات ثياب بيضاء تمتطي حصانا أبيض؟

فأعادت هذه الكلمات فجأة إلى عيني راكستان مشهد نره التيبر المخيف وجعلته يتذكر الصورة الرقيقة لتلك

المرأة المجهولة التي دعت نفسها بريمفيرا وإذا به يفطن إلى اعترافات جريح التيبر معتقدا أن الوقت قد حان

كي يفوه بكل شئ لقيصر بورجيا طالبا من حماية هذه الصبية لذلك فقد أجاب قيصر قائلا:

- نعم التقيت بها وإنني ......

هنا توقف راكستان لأنه كان يفتش عن الكلمات التي من شأنها أن تضمن لبريمفيرا عطف قيصر بورجيا إلا أن

الكلمات اختنقت فجأة في حنجرته ذلك أنه وهو ينحني أمام قيصر كان ألقى ببصر على الفسيفساء الرخامية

المكونة منها أرض الردهة فإذا به يلمح بقعة واسعة من الدم . ولكن ترى لماذا أوقف هذا المنظر الكلمات

الضرورية التي كان سيلفظها؟ وأي وحي أيقظ الفطنة النائمة في فؤادة النزق السريع الظنون؟ ثم أي ارتباط

غريب اكتشف أو ظن أنه مكتشف بين بقعة الدم ومشهد نهر التيبر حتى اقشعر بدنه وصمت؟ وهنا قال

قيصر :

- ماذا كنت تقول أيها السيد؟

- نعم التقيت بالسيدة التي ذكرتها وإنني آسف لقطعي حديث الراهب معها بعد أن عرفت أنه

ينتمي إليك . فقال قيصر بوجه مربد: أنت إذن لا تعرفها؟

- وكيف أعرفها ؟ فأنا أجهل اسمها ، بل إنني أجهل في أية طريق اختفت.

- حسنا يمكنك أن تنصرف الآن ولا تنس ميعادك بعد غذ في قصر " سانت آنج"

- لن أنسى إلا إذا فقد عقلي.

هنا قام راكستان بشكل طبيعي فحيا لو كريس تحية عميقة لطيفة ولقد منحته يدها فقبلها ثم خرج محاولا

ألا يفكر بشئ ولكن هاجسا قلقا جعله يفكر بعواقب هذه الحادثة فإذا به يرتجف ويتذكر تحذيرات بريمفيرا له.

وفي هذه اللحظه بالذات شعر بيد تمسك يده وبصوت يهمس في مسمعه :

- تعال ولا تثر أية ضجة!!

ظل راكستان رابط الجأش لأن الصوت الذي سمعه لم يكن عدائيا بل محببا ولكنه بالرغم من ذلك شعر بضيق

في صدره .

إلا أنه تشدد بسرعة وتبع دليله الذي كان إحدى وصيفات القصر وإذا به بعد قليل يجد نفسه في غرفة

الولائم الفسيحة التي كان ينيرها الآن قنديل بضوئه الشاحب فأخذ قلبه يخفق هنا وسوس الدليل: : لا تنتقل

من هنا ولا تتحرك وانتظر أن يأتي أحد فيأخذك .

ثم مضت الوصيفة التي قادت الخادم واختفت فلم يعم راكستان أن أحس بعينيه مجذوبتين بقوة قاهرة نحو

بقعة الدم التي كانت ماتزال هناك وعندما لمس الدم بيده وجد أنه لم يكن متجمدا يابسا فهمهم في نفسه

قائلا : لم تكد ساعة تمضى على هذا الدم المراق! ولكن ماذا ترى يكون هذا الدم؟

ثم ظهرت بقعة ثانية ثم بقع أخرى ثم طريق من الدم فتتبع هذه الطريق خطوة خطوة وهو يلهث حتى بلغ بابا

ففتحه غير أن طريق الدك كانت متواصله ففتبعها راكستان قاطعا عدة غرف حتى انتهى إلى باب آخر

وعندما فتحه خنف في حلقه آهه ذعر وذهول إذ وحد نفسه على حافة نهر التيبر! عنئذ همس في نفسه

قائلا:

- يالله هل هذا ممكن ! ولكن بلى فالأحداث ترتبط بوضوح كبير وهاهي الحقيقة تملأ ناظري

فالرجل القتيل ألقي من هنا ولا شك أنه طعن في هذا المكان لقد فهمت الآن أسباب الرعب المحيط بهذا

القصر الذي ماهو غير بؤرة للقتل!! أما جنية القصر الساحرة فإنها نمرة ظامئة للدم ! ومن ثم من يعلم أنها لا

تراقبني؟

في هذه اللحظه فكر الفارس بأن يرتمي في التبير لكي ينجو بنفسه . إلا أن فكرة الهرب عظمت عليه لذلك

فقد ركز سيفه على خصره وأغلق الباب ثم عاد إلى قاعة الولائم حيث مكث عدة دقائق هناك واخيرا ظهرت

الوصيفة نفسها فأخذته من يده كما فعلت سابقا واجتازت به ثلاث أو أربع غرف ثم توقفت عند باب وقالت

له : باستطاعتك الدخول.

فتردد راكستان ثم هز كتفيه ودخل فوجد نفسه على عتبه مخدع معزل صغير أضئ بنور غامض كما تضاء

المعابد في الليل وكان في قعر هذا المخدع امرأة استقلت على كومة من فراء الفهود ! : إنها لو كريس

التي سمعها تناديه : تعال إيها الفارس!!!!


الساعة الآن 11:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية