منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   بنات الرياض (https://www.liilas.com/vb3/t30555.html)

roudy 06-02-07 05:00 PM

بنات الرياض
 
السلام عليكم
بعد التحيه
لقد قراءت روايه واعجبت بها وباسالوب كتابتها
وواقعها ومصداقيه احداثها
وساكتب لكم كل يوم حلقه من هده الروايه كما كتبتها الكاتبه دون نقص بحرف او تغيير
كما هي تماما
الروايه بعنوان بنات الرياض

المقدمه

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم


سيداتي انساتي سادتي000انتم على موعد مع اكبر الفضائح المحليه
واصخب السهرات الشبابيه0محدثتكم موا تنقلكم الى عالم هو اقرب
اليكم مما يصور الخيال 0هو واقع نعيشه ولا نعيش فيه نؤمن بما نستسيغ
والايمان به منه ونكفر بالباقي

لكل من هم فوق الثامنه عشر وفي بعض البلدان الحاديه والعشرين
اما عندنا فبعد السادسه <لا اعني السادسه عشره>للرجال وسن الياس للفتيات0
لكل من يجد في نفسه الجراءه الكافيه على قراءة الحقيقه عاريه على صفحات الانترنت
والمثابره المطلوبه للحصول على تلك الحقيقه مع الصبر اللازم لمسايرتي في هده التجربه المجنونه
الى كل من مل قصص الحب الطرزاني ولم يعد يرى ان الخير لونه ابيض والشر يرتدي الاسود
الى من يعتقد بان 1+1 قد لا يساويان اثنين والى من فقد ايمانه بان الكابتن ماجد سيسجل هدفي التعادل
والفوز في اخر ثانيه من الحلقه الى كل الساخطين والناقيمن الثائرين والغاضبين وكل من يرى
ان الناس خيبتها السبت والحد واحنا خيبتنا ما ورديتش على حد000 الكم اكتب رسالتي علها تقدك
الزناد فينطلق التغيير

هده ليلتي وقصه الامس بطلاتها منكم وفيكم فنحن من والى الصحراء نعود وكما تنبت نجدنا الصالح
والطالح فمن بطلات قصتي من هي صالحه ومن هي طالحه-وهناك الاثنتان معا في واحد
واسترو على ما واجهتم ولاني قد بدات في كتابة رسائلي جرأة من دون مشاورة أي منهن 0
ولان كلا منهن تعيش حاليا تحت ظل راجل او حيطه او راجل حيطه او وراء الشمس
فقد اثرت تحريف القليل من الاحداث مع تغيير الكثير من الاسماء حفاظا على العيش والملح
بما لا يتعارض مع صدق الروايه ولا يخفف من لدع الحقيقه0صحيح انني مستبيعه ولا انتظر شيئا لا اخشى شيئا
لا امل ولا شيئ على راي نيكوس كازانتزاكيس الا ان حيهة صمدت على الرغم من كل ما ستقرؤون
ولا اظن ان هدمها ببضع رسائل بريديه بالشيئ المحرز

ساكتب عن صديقاتي
فقصه كل واحده
ارى فيها ارى داتي
ومأساة كماساتي
ساكتب عن صديقاتي
عن السجن يمتص اعمار السجينات
عن الزمن الذي اكلته اعمدة المجلات
عن الابواب لا تفتح
عن رغبات وهي بمهدها تدبح
عن الزنزانه الكبرى
وعن جدرانها السود
وعن الاف الاف الشهيدات
دفن بغير اسماء
بمقبره التقاليد
صديقاتي
دمى ملفوفه بالقطن داخل متحف مغلق
نقود صكها التاريخ لا تهدى ولا تنفق
مجاميع من الاسماك في احواضها تخنق
واوعيه من البلور مات فارشها الازرق
بلا خوف
ساكتب عن صديقاتي
عن الاغلال داميه باقدام الجميلات
عن الهديان والغثيان 000 وعن ليل الضراعات
عن الاشواق تدفن في المخداتي
عن الدوران في اللاشيئ
عن موت الهنيهات
صديقاتي
رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات
سبايا في حريم الشرق
موتي غير اموات
يعشن يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
صديقاتي طيور في مغائرها تكون بغير اصوات

صح لسانك يا نزار يا قباني 0 رحمك الله <مي يو ريست ان بيس>
صدق من لقبك بشاعر المرأة ومن لا يعجبه دلك فليشرب من البحر ففي الحب لا بعدك ولا قبلك
كما تقول الاغنيه المعروفه 0
ولو ان الفضل في تعاطفك مع نون النسوه لم يكن سببه طفره جبينيه في كروموسوماتك الرجاليه
ونما انتحار اختك المسكينه بسبب الحب ويضرب الحب شو بيدل ف يا بخت المرحومه بلقيس ويا قردحظنا من بعدك أي يا لتعاسة الحظ واظن التعبير النجدي مشتق من الحيوان القرد لكثره تنطيته الدي يشبه الحظ في عمليه وقوفه وانبطاحه المستمرين او هو من حشره القراده كما يقول البعض للاسف يبدو ان المرأة منا لن تجد نزارها الا بعد ان تخلص على احدى اخواته لتتحول بعدها قصه الحب الجميل من فلم ابيض واسود الى حب في الزنزانه ويا قلبي لا تحزن
نكشت شعري ولطخت شفتي بالاحمر الصارخ والى جانبي صحن من رقلئق البطاطس لبمرشوشه بالليمون والشطه وكل شيئ جاهز للفضيحه الاولى




roudy 06-02-07 05:10 PM

[الحلقه الاولى
اتصلت مدام سوسن بسديم النختبئه مع قمره خلف الستار لتخبرها ان شريط الزفه ما زال عالقا؛والمحاولات جاريه لاصلاحه
دخيلك قولي لقمره تهدي حالها 000 ما صار شي لساتون الناس ماربزين هون ما حدا فل وبعدين كيات العرايس الكوول بياتخروا شوي تيعملوا سسبنس
قمره على وشك الانهيار وصوت والدتها واختها حصه اللتين تصرخان في وجه منظمة الحفل ؛ ياتي من اخر القاعه منبئا بفضيحه وليله سوداء0 وسديم ما زالت الى جانب صديقتها العروس تمسح عن جنبها قطرات العرق قبل ان تلتقي بالدموع التى تحبسه اطنان من الكحل داخل جفنيها0
يملاء صوت محمد عبدو المنبعث من جهاز التسجيل القاعه الضخمه وتصل اشاره البداء من مدام سوسن الى سديم التى تلكز قمره بكوعها
سرينا
تنهي قمره المسح بيدها على سائر جسدها بحركه سريعه بعد ان قرأت المعودتين والاخلاص ثلاثا مخافة الحسد وترفع طرف الفستان العلوي الذي ينحسر باستمرار عن نهديها الصغيرين ثم تبدأ بهبوط الدرجات الرخاميه بابطأ مما تدربت عليه مع زميلاتها في البروفه مضيفه ثانيه سادسه على الثواني الخمس التى تفصل كل خطوه عن التى تليها 0 تدكر الله قبل كل خطوه وتدعو ان لا تدوس سديم ديل الفستان فيسقط عنها؛ او ان تدوس هي الطرف الامامي الطويل فتقع على وجهها كما ييحدث في الافلام الكوميديه ويختلف الامر كتيرا من البروفه 0
فحينها لم يكن هناك الف مدعوه يحدقن في خطواتها وتحصين لفتاتها وابتساماتهاتكن هناك مصوره تعمي عينيها بفلاشاتها مع تلك الاضاءة المزعجه والاعين المثبته عليها 0 يصبح الزواج العائلي الضيق الذي طلما نفرت من فكرته اروع حلم في ليله من كابوس طويل

تسر سديم محنيه الظهر خلف صديقتها خوفا من ان تظهر في الصور 0تتابع بتركيز شديد وتصلح وضع الطرحه المثينه فوق راس قمره وتسحب لها الفستان بعد كل خطوه ورادارها يلتقط حوارات على الموائد القريبه
من تكون ؟
ما شاءالله ملح وقبله
اخت العروس؟؟
يقولون صديقتها من زمان
يبدو لي سنعه ودبره من بدايه العرس وهي تدور وتباشر 0
شايله العرس على راسها
احلى من العروس بكثير تصدقين انا سمعت ان الرسول دعا لشينه ؟؟عليه الصلاة والسلام
ايه والله الشيون هم اللى سوقهم ماشي هالايام مهوب حنا مالت على حظنا
بيها عرق؟ بياضها بياض شوام مهو بياضنا المشوهب
جدتها لابيها سوريه
سديم الحريمي خوالها ماخدين مننا ادا ولدكم معزم جبت لكم الاخبار كلها
بلغها ان ثلاث قد سالن عنها مند بدايه العرس وها هي تسمع الرابعه والخامسه بادنها0 كلما جاءتها احدى اخوات قمره لتخبرها بان فلانه سالت عنها كانت ترد بحياء : سالت عنها العافيه يبجو ان الفرج قد حان وان زواج قمره سيفرط المسبحه كما قالت لهم الخاله ام نوير ان هي نفدت الخطه بدقه كما تفعل حتى الان0
سياسه ال يالله يالله بمد الياءين مد حركتين أي ال بالكاد هي اضمن الطرق في مجتمعات المحافظ الى خطبة سلايعه وحسب تعليمات ام نوير وبعدها استخفي مثل ما تبين في الاعراس والتنزالات والزوارات وحفلات الاستقبال حيت تلتقي النساء والعجائز منهن تحديدا – راس المال وامهات العيال م=كما تحلو للفتيات تسميتهن يجب اتباع هده السياسه بحدفيرها يالله يالله تمشين يالله يالله تتحركين يالله يالله تبتسمين يالله يالله ترقصين 0 الله الله بالعقل والثقل لا تصيري خفيفه والكلمه بحساب واللفته بحساب ولا نهايه للتعليمات

تتخد العروس مكانها على المنصه الفخمه < الكوشه > وتصعد اليها والدتها ووالدة عريسها لتبارك الزواج السعيد وتلتقطا بعض الصور التدكاريه الى جانبها قبل دخول الرجال
تبدو اللهجه الحجازيه مميزه في مثل هدا العرس النجدي القح
اجدادنا الفراعه
يطغى تاثير الجده المصريه على لسان لميس وشخصيتها وتهمس في ادن صديقتها مشيل وهنا تتاملان المساحيق الكثيفه التى تغطي وجه صديقتهما قمره وخاصه عينيها اللتين بدا بياضهما بلون الدم من كثره الكحل الدي تسرب الى داخلهما
ترد ميشيل بالانكليزيه
وير دا هيل دد شي قت دس دريس فروم؟؟
مسكينه يا قموره يا ريتها راحت للمشغل اللى خيطت عندو سدومه بدال هالعك اللى عاملتو بنفسها00 شوفي فستان سديم اللى يشوفو يفكر انو لايلى صعب
اللى يسمعك يقول في وحده من المعازيم عارفه ان فستاني لباجلي مشكا ما حدن درى عنك ماي دير تو بودي كان تل دا دفرنس الا القليل وهدول بالدات ما تلاقيهم في عرس قروي زي هدا وبعدين انتي شايفه كيف الميك اب حقها مره تو متش ؟؟؟
ادا هي سمرا ليش يحطون لها فاونديشن ابض زي الطحين وخليها طالعه زرقاء وفي فرق واضح بين وجهها ورقبتها يعععع سو فالقر
الساعه حدعشر الساعه حدعشر
الساعه واحده ونص يا هبله
لا يا تنحه قصدي التفتي يسارك زي عقارب الساعه لما تكون على الحدعشر وعمركو ما حتتعلمو اصول الحش ؛ المهم شوفي البنت هاي اما عليها مواهب!!
أي وحده فيهم الدفع الامامي ولا الخلفي
الخلفي يا حوله
تو ماتش 000 هادي المفروض ياخدو منها ويعطون قمره حقن من قدام ومن ورا زي حقن الكولاجين
احلى مواهب فينا حقة سديم احس انو جسمها مره انثوي يا ليت عندي مواهب زيها من ورا
صح شيز سو كيرفي بس يبغى لها تنحف شوي وتلعب رياضه مثلك000 انا اللي الحمدالله مهما اكل ما اسمن فمرتاحه
والله يا بختك انا عايشه في مجاعه دائمه علشان جسمي يظل كدا
تلمح العروس صديقتيها الى طاوله قريبه وهما تبتسمان وتلوحان لها وفي عيني كل منهما سؤال تحاول اخفاءة
لما لست مكانها ؟؟؟؟
فتنتشي في تلك اللحظات الثمينه من حياتها وهي ترى انها وهي اقلهن تميزا كما كانت تعتقد دائما اول من تزوجت بينهم
بدات المدعوات بالصعود الى المنصه افواجا لتهنئه العروس وبعد ان توقف التصوير فصعدت كل من سديم وميشيل ولميس وهمست كل منهن في اذن قمره وهي تحتضنها وتقبلها
قمره والله ما شاءالله تبارك الله طول الزفه وانا ادكر الله عليك
مبروك حياتي 000 مره حلو شكلك والفستان طالع عليك شي خيالي
يا الله تجنني يا بت ايش الحلاوه هادي ؟؟ احلى عورسه شفتها في حياتي
تتسع ابتسامه قمره وهي تستمع الى مديح صديقاتها وترى الغيره المخبأة في اعينهن وتقف الثلاث لالتقاط بعض الصور مع العروس السعيده
وتجتهد سديم ولميس في الرقص حولها بينما تتفحصهما اعين الخاطبات هما وميشيل بتمعن 0 تتباهى لميس بطولها الفارع وجسمها الرشيق وهي ترقص بعيدا عن سديم التى حدرتها مسبقا من الرقص بجانبها حتى لا يلاحظ الجميع قصر قامتها وعودها الريان الذي تتمنى لو تستطيع شفط بعض الدهون من اماكن معينه حتى تصل الى مستوى رشاقة لميس او ميشيل
تندفع الرجال فجاة كلاسهام يتوسطهم العريس راشد التبل باتجاه منصه العروس فتتزاحم النساء مبتعدات وكل واحده تبحث معها او مع من حولها عما تغطي به شعرها ووجهها والمكشوف من جسدها عن انظار الرجال القادمين
عندما اصبح العريس ومن معه على بعد خطوات بسيطه منهن رفعت لميس طرف المفرش الدى يغطي الطاوله لتغطي بيه العاري من صدرها وغطت توأمها تماضر ظهرها وشعرها بشال من لون الفستان بينما ارتدت سديم عباءتها السوداء المزركشه الاطراف وطرحتها الحريريه التى اخفت بها النص السفلي من وجهها اما ميشيل فقد ظلت على حالها وراحت تتفحص اوجه الرجال واحدا تلو الاخر غير عابئه بهمهمات النساء ونظراتهن الحارقه اليها0
صعد راشد مع ابي العروس وخالها واخواتها الاربعه الى المنصه وكل منهم يحاول لمح اكبر قدر ممكن من اوجه النساء اللواتي تركزت انظارهم على الخال الاربعيني الدي يشبه الامير الشاعر خالد الفيصل الى حد كبير0
عندما وصل راشد الى عروسه القمره مد يديه ليرفع الطرحه عن وجهها كما اشارت له والدته ثم لتخد مكانه الى جانبها مفسحا المجال لبقيه الرجال حتى يباركوا لهما زفافهما الميمون
وتعالت اصوات صديقات العروس الف الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله محمدوتوالت الغطاريف
انصرف الرجال بعد دقائق قليله وتوجه العروسان نحو قاعه الطعام لقطع قالب الحلوى وتتبعها المقربات من الحاظرات وهناك هتفت صديقات العروس بحماسه عاوزين بوسه عاوزين بوسه فابتسمت ام راشد واحمر وجه
قمره اما راشد فحدجهن بنظره اسكتتهن في لحظه ولعنتهن قمره في سرها لاحراجها امامه وبهدا الاسلوب ولعنته اكثر لاحراجه اياها امام صديقاتها بعدم تقبيلها
دمعت عينا سديم وهي ترى قمرتها وصديقة طفولتها تغادر قصر الاحتفالات مع زوجها الى الفندق الذى سيقضيان فيه ليلتهما وليسافرا في الغد لقضاء شهر العسل في اماكن محتلفه من ايطاليا وينتقلان بعدها الى الولايات المتحده ليبدأ راشد في التحضير للدكتوراه
كانت قمره القصمنجي اقرب الى سديم من بقيه فتيات الشله الرباعيه بحكم دراستهما معا في مدرسه واحده وفصل واحد مند الصف الابتدائي التاني بينما لم تنضم اليهما مشاعل العبدالرحمن او مشيل كما ينادونها الجميع الا في السنه الثانيه من المرحله المتوسطه بعد ان عادت مع ابوها ومشعل الصغير ميشو من امريكا وانتقلت بعدها بسنه الى مدرسه تعتند على اللغه الانكليزيه في منهجها كلغه اولى لعدم اتقانها اللغه العربيه التى تعد اساسيه في مدرسه قمره وسديم 0
في مدرستها الجديده تعرفت الى لميس جداوي الفتاة الحجازيه التى تربت مند طفولتها في الرياض واصبحت صديقتها المقربه وصارت الفتيات الاربع على اتصال دائم وعلاقه متينه استمرت حتى بعد انتقالهن الى الجامعه
درست سديم اداره الاعمال واتجهت لميس نحو دراسه الطب بينما اختارت ميشيل علوم الحاسب اما قمره التى كانت الوحيده المتخرجه من القسم الادبي بينهن فقد فقد احتاجت الى كثير من الوساطات حتى تم قبولها لدراسه التاريخ الا انها خطبت بعد بدايه الدراسه باسابيع قليله فقررت الانسحاب من الجامعه لتتفرغ اتجهيزات الزواج
خاصه انها ستنتقل بعد الزواج الى امريكا حيث يكمل زوجها دراسته العليا0

قمره على طرف السرير في غرفتها بفندق جورجونيه في فنيسيا تمسح فخديها وقدميها بمزيج مبيض من الغليسرين والليمون واعدته لها والدتها وقاعدتها الدهبيه تملاء دهنها : لا تصيري سهله 000 التمنع هو السر لاثاره شهوة الرجل0 لم تسلم اختها الكبرى نفله نفسها لزوجها الا في الليله الرابعه ومثلها اختها حصه وها هي ذي قمره تحطم الرقم القياسي ببلوغ الليله السابعه بعد زواجها من دون ان يمسها راشد حتى الان
مع انها كانت على استعداد للتخلي عن نظريات والدتها بعد اول ليله معه وعندما نزعت ثوب زفافها وارتدت قميص نومها السكري الدى ارتدته مرارا قبل الزواج في ايام الملكه اما المرأه في غرفتها مثيره به اعجاب والدتها التى كانت تدكر والله خشية الحسد وهي تغمز بطرفها لقمره التى يملؤها مديح والدتها بالثقه والغرور حتى وان علمت انها تبالغ فيه
خرجت من الحمام في تلك الليله لتجده نائما ومع انها تكاد تجزم انه تظاهر بالنوم بعد ان التقت عيناهما للحظه خاطفه الا انها صرفت عنها وساوس ابليس كما سمتها امها اخر محادثه هاتفيه لهما وكرست طاقاتها لجدبه اليها بعد ان اعلنت والدتها ان سياسه التمنع قد جابت العيد
اصبحت والدتها اجرأ في الحديث معها عن شؤون الملرأة والرجل مند عقد قرانها على راشد بل انها لم تكن تتكلم معها في أي من هده المواضيع من قبل تلقت قمره دروسا مكثفه في العلاقات الزوجيه من المراة نفسها اللتى كانت تقطع صفحات الروايات العاطفيه التى كانت تستعيرها ابنتها من زميلاتها ايام المدرسه وتمنعها من زياره صديقاتها ما عدا سديم التى تعرف خالتها بدريه معرفه وثيقه من خلال دائرات نساء الحي قبل انتقال الخاله الى المنطقه الشرقيه0
تؤمن ام قمره بنظريه المراه الزبده والرجل الشمس ولكن كل ذلك قد تغير فجأه بمجرد خطبه البنت اصبحت قمره تستمع الى احاديث والدتها عن عمليه الزواج بلذة شاب يقدم له ابوه سيجاره ليدخنها امامه لاول مره




roudy 06-02-07 05:13 PM

الحلقه الثانيه

اما ان تكون الحياه تحديا ومغامره او الا تكون شيئا ابدا000000000000هلين كيلر


في البدايه رساله صغيره لكل من الاخوه حسن واحمد وفهد ومحمد وياسر الذين اسعدوني بمداخلاتهم الجاده لا يمكن ان نتعرف
بعد ان وضعت احمري الصارخ اكمل من حيث توقفت
000
بعد زفاف قمره وضعت صديقاتها الجرار الفخاريه الصغيره التى نقش عليها اسما العروسين كتدكار الى جانب التدكارات التى وزعت عليهن في اعراس زملاتهن؛ وكل واحده منهن تتمنى ان يضاف تدكار زفافها الى جانب بقيه التدكارات عاجلا غير اجل كي لا تموت بحسرتها0
اعدت الشله ترتيباتها الخاصه قبل حفله العرس لعمل ما يشبه الباتشلوريت بارتي التى يقيمونها للعورس في الغرب قبل زفافها0ولم يردن اقامه حفل دي جي كما جرت عليه العاده مؤخرا حيث تقوم صيدقات العروس بعمل الحفل الراقص الضخم الدب قد يشتمل احيانا على وجود مطربه <طقاقه> ودعوه جميع الصديقات القريبات والمعارف بدون علم العروس او في الغلب بعلمها مع ادعاء العكس وتتكفل الشله التى تقيم الحفله بجميع التكاليف التى لا تقل عن بضعه الاف من الريالات0 ارادت الفتيات شيئا جديدا هده المره صرعه من اختراعهن لتقليدهن الاخريات في ما بعد

وصلت قمره محمره الوجه والجسم بعد الحمام المغربي وفتله الوجه والحلاوه 0 كان الاجتماع في منزل ميشيل التى ارتدت بنطالا فضفاضا فيه الكثير من الجيوب مع ستره ضخمه لتخفي معالم الانوثه منها؛وطاثيه بندانه خبأت تحتها شعرها ؛ ونظاره شمسيه ملونه لتبدو كمراهق افلت من رقابه والديه 0 وارتدت لميس ثوبا ابيض رجاليا مع شماغ وعقال0 فبدت لطولها وجسمها الرياضي شابا وسيما ناعما بعض الشئ0 اما بقيه الفتيات فارتدين العباءات المحصره والمطرزه مع لثمات تغطي ما بين الانف والنحر ؛وتبرز جمال اعينهن المكحله وعدساتهن الملونه ونظاراتهن الغريبه0
تولت ميشيل التى تحمل رخصه قياده دوليه قياده جيب الاكس فايف دي النوافد المعتمه كليا؛ والدى تدبرت استءجاره من احد معارض تاجير السيارات باسم السائق الحبشي0 اتخدت لميس مكانها الى جانب ميشيل بينما تراصت بقيه الفتيات وهن خمس في المقاعد الخلفيه وارتفع صوت المسجل مصحوبا بغناء الفتيات ورقصهن0
كان محل القهوه الشهير في شارع التحليه اول محطه توقفن عندها ؛ومن زجاج المظلل ادرك الشبان بفراستهم ان في الاكس فايف صيدا ثمينا ؛ فاحاطوا بالسياره من كل جانب وبدا الموكب يسير نحو المجمع التجاري الكبير في شارع العيا الذى كان محطتهن الثانيه0 دونت الفتيات ما تيسر لهن من ارقام الهواتف التي جاد بها الشبان ؛ اما بترداد المميز مها ؛ او باللوحات المعده مسبقا لتعليقها خلف نوافد السياره بحيث تراها الفتيات في السيارات المجاوره بوضوح ؛ او بالبطاقات الشخصيه التي يمد الجريئون من الفتيات ايديهمبها عبر النوافد لتلتقتها الجريئات من الفتيات ايضا0
عند مدخل السوق ؛ نزلت الفتيات تتبعهن مجموعه لا يستهان بها من الشباب ؛ الدين وقفو حائرين اما رجل الامن السكيورتي الدي لا يسمح بدخول العزاب الى السوق بعد صلاة العشاء 0 وانصرف المستضعفون ولم يبق سوى شاب واحد تجرأ وتقدم نحو ميشيل التى بدا واضحا له ولغيره من المطاردين مند البدايه لجمالها وجهها ونعومه تقاطيعه التى عجزت عن اخفائها- انها ولميس فتاتان جريئتان وتبحثان عن المغامره ؛ وطلب منها ان تسمح له بالدخول معهن كفرد من العائله مقابل الف ريال 0 دهلت ميشيل لجرأته الا انها وافقت سريعا ؛ وسارت وبقيه صديقاتها الى جانبه كانه فرد من المجموعه0
داخل السوق تفرقت الفتيات الى مجموعتين مجموعه البنات تتراسهن سديم ومجموعه الشبان المكونه من لميس وميشيل والى جانبهم دلك الشاب الوسيم0
كان يدعى فيصل0 ضحكت لميس وقالت له انه ما من شاب اليوم يدعى عبيد او دحيم الكل اسمه فيصل او سعود او سلمان ؛ ضحك الشاب الوسيم معها ودعاهما الى العشاء في مطعم فاخر خارج السوق الا ان ميشيل رفضت الدعوه0
اعطاها ورقتين من فئه الخمسمئه بعد ان خط رقم هاتفه الجوال على احداهما واسمه الكامل على الاخرى فيصل البطران0
كانت اعين النساء في السوق تتابع قمره وسديم وبقيه البنات بصوره مزعجه 0 كانت الواحده منهن تتفحصهن من وراء نقابها بجرأة وتحد كانها تقول لهن عرفتكن وما عرفتوني 0 هده هي الحال لدينا في الاسواق 0 يحملق الرجال في النساء لاسبابهم الخاصه وتحملق النساء في بعضهن لاشباع غريزه اللقافه! لا يمكن لفتاه ان تسير في
اسواقنا بامان الله من دون ان يتفحص الجميع < وخاصه بنات جنسها > العباءة التى ترتديها والطرحه التى تغطي بها شعرها وطريقه سيرها والاكياس التلى تحملها وفي أي اتجاه تلتفت وعند أي بضاعه تقف ! هل هي الغيره؟؟ صدقت مقوله ساشاغيتري: النساء لا يتجملن للرجال بل نكايه في النساء!
بعد السوق وكميه مناسبه من المغازلات البريئه وغير البريئه اتجهت الفتيات نحو احد المطاعم الراقيه لتناول العشاء ؛ ومن ثم توجهن واختارت كل منهن مداق المعسل الذى تفضله0
بقيه السهره تمت في بيت لميس؛ داخل خيمه صغيره في ساحه المنزل يقضي فيها ابوها واصدقاؤه اماسيهم مرتين او ثلاثا في الاسبوع ويدخنون الشيشه ويتناقشون في مختلف الامور بدءأ من السياسه وانتهاء بزوجاتهم او العكس0
كانت العائله قد سافرت مند بدايه العطله الصيفيه الى جده وبقيت لميس واختها تماضر لحضور زفاف قمره0

وزعت الشيش الجديده في الخيمه لان شيش الاب تنتقل معه حيثما يسافر ؛واعدت الخادمه الفحم واخدت الاغاني تصدح وبدا الجميع بالرقص والتعسيل ولعب الورق ؛ حتى قمره جربت المعسل هده المره بعد ان اقنعتها سديم بان الواحده ما تتزوج كل يوم واعجبها معسل العنب اكتر من غيره0

احكمت لميس شد ربطتها المدندشه حول ردفيها وابدعت في الرقص الشرقي كعادتها ؛وخاصه على عزف حديث لاغنية ام كلثوم الف ليله وليله 0 لم تكن تشاركها الرقص أي من البنات الموجودات؛وذلك لاسباب وجيهه ؛اولها انه يستحيل على أي من الفتيات وجاراة لميس في الرقص المتقن؛وتانيها ان الجميع يحببن مشاهدة لوحاتها الراقصه ؛ حتى ان البعض اطلقن اسماء على كل حركه من حركاتها فهناك حركة فرامه الملوخيه وحركة عصارة البرتقال وحركة ورايا ورايا 0تؤدي لميس هده الحركات باستمرار نزولا عند طلبات الجماهير ؛اما ثالث الاسباب فهو ان لميس ترفض الاستمرار في الرقص ما لم تلاقي التشجيع والتصفير والتصفيق والهتافات التى تليق بمقامها اثناء اداء النمره بتاعتها

تشارك لميس مع ميشيل تلك الليله في شرب زجاجه الشامبين الغاليه التى اخدتها الاخيره من خزان والدها للمشروبات الخاصه بالمناسبات الهامه0 زفاف قمره كان جديرا بزجاجة من الدون بيرنيو0 كانت ميشيل تعرف الكثير عن البراندي والفودكا والواين وغيرها من انواع الكحول علمها والدها كيف تقدم له النبيد الاحمر مع اللحوم والبيض مع الاطباق الاخرى ؛ لكنها لم تكن تشاركه الشرب الا في المناسبات 0 اما لميس فلم تتدوق ايا من تلك المشروبات قبل ذلك الا مره واحده في منزل ميشيل الا انها لم تستسغ الطعم ؛ ولكنهما اليوم تحتفلان بزفاف قمره ولا بد من ان تشارك ميشيل الشرب حتى تجعلا من تلك الليله ليله مميزه في كل شي!
عندما علت اغنيه عبد المجيد عبد الله يا بنات الرياض 000 يا بنات الرياض 000 يا جوهرات العمايم 000 ارحموا ذا القتيل 000 اللى على الباب نايم >> لم تتبق في الخيمه أي من البنات الا وقد قامت ترقص0




روز 07-02-07 05:34 PM

القصة مبينة عليها مشوقة
بليز كمليها
ميرسي
roudy

nana2009 09-02-07 11:27 PM

اكيد دايمان حلوه
ياريت اتكمليها
ببقى مشكوره اليك كتير

roudy 10-02-07 06:16 PM

هلا احلى روز
مشكوره حبيبتي على مرورك الرائع
وانشالله بكملها في اسرع وقت

roudy 10-02-07 06:17 PM

تكرم عيونك نانا الحلوه
انت تؤمري امر
وميرسي الك كتير مزوقه
مشكوره على المرور

ذاكره خامده 21-02-07 03:53 PM

يلا يلا يلا
وين الباقي
ياااااه انتى هتموتيني ناقصه عمر رودي
حرام والله عليكي
القصه مشوقه جدا والحق مش عارفه على مين
المهم انا بدي كملها وبس

roudy 23-02-07 03:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذاكره خامده (المشاركة 660587)
يلا يلا يلا
وين الباقي
ياااااه انتى هتموتيني ناقصه عمر رودي
حرام والله عليكي
القصه مشوقه جدا والحق مش عارفه على مين
المهم انا بدي كملها وبس

هلا حبيبتي
اكيد الحق علي انا
والله اشتقتلكم كلكم
وهلا لعيونكم هنزل شويه جامده

roudy 23-02-07 03:38 PM

الحلقه الثالثه

المرأة التى تعطي الغير حياتها ؛امرأة لم تجد رجلا تمنحه هده الحياة 0000000000 توفيق الحكيم

لمن تركو كل شي ليسالو عن ماركة احمري الصارخ : الماركه جديده وتدعى دع اللقافه جانبا وتمتع بالقراءة


000000000000000000
بعد حفل زفاف قمره باسبوعين ؛تلقت خالة سديم الكبرى – الخاله بدريه عددا من الاتصالات من امهات خاطبات يسالن عن ابنة الاخت الجميله0 استقست الخاله عن المتقدمين بطرائقها الخاصه واستبعدت من هو غير مناسب منهم حسب رايها ؛ وقررت ات تخبر ابا سديم عن اهم الخاطبين فقط ؛ وان لم يتم النصيب فالباقون منتظرين ولكن لا داعي لاخبار ابي سديم وسديم عن كل مره واحد حتى لا تكبر راسهما عليها وعلى ابنها وبناتها0

وليد الشاري ؛بيكاليوس هندسه اتصالات موظف في الدرجه السابعه ؛والده عبد الله الشاري عقيد متقاعد ؛ وخالته منيره مديره احدى كبريات مدارس البنات الاهليه بالرياض0

هدا ما دكرته سديم لام نوير وميشيل ولميس عنداجتماعها بهن في منزل ام نوير 0 ام نوير سيده كويتيه تعمل مفتشه لماده الرياضيات في الرئاسه العامه لتعليم البنات ؛وتعيش في المنزل الملاصق لمنزل ابي سديم 0 انفصات ام نوير عن زوجها السعودي الذي تزوج من اخرى بعد خمس عشره سنه من زواجهما0

ليس لام نوير من الابناء سوى واحد اسمه نوري ؛ الا ان لنوري هدا حكايه غريبه ؛ فمند ان بلغ الحاديه عشر او الثانيه عشر وهو مفتون بثياب الفتيات واحدية الفتيات ومساحيق التجميل والشعر الطويل 0ودعرت والدته كثيرا مع تطور الامر وانسياقه نحو الظهور بمظهر الولد الناعم؛ حاولت ردعه وتوجيهه بشتى الوسائل 0 واستخدام معه اللين وانهالت عليه بالضرب مرات عديده ؛الا ان اباه كان اكتر صرامه معه0

لم يكن نوير يظهر بنعومته امام والده الذي يهابه كثيرا ؛ الا ان الاب سمع من الجيران كلاما عن ابنه اشتاط له غضبا فدخل على ابنه في حجرته وانهال عليه بالضرب بيديه ورجليه حتى اصيب الولد بكسور في القفص الصدري والانف واحدى الذراعين 0 ترك الاب المنزل بعد هده الحادثه ليعيش مه زوجته الثانيه بشكل دائم مبتعدا عن هدا المنزل وهدا الولد الخ0000000 >

بعد هده الحادثه ؛ اوكلت ام نوير امرها لله ؛وقررت ان هدا ابتلاء من ربها لا بد من الصبر عليه 0 تحاشت هي ونورير اثارة الموضوع من جديد ؛حتى انتقالها للسكن في المنزل المجاور لمنزل سديم قبل اربع سنوات من تاريخ تقدم وليد لخطبه سديم ؛ بعد ان رفض نوري اقتراحها بالانتقال للعيش بالكويت0

في بدايه الامر ؛ كان تاثير ام نوري شديدا بسبب نظره المجتمع السطحيه لماساتها؛ ولكنها مع مرور الوقت اعتادت الوضع وتقبلت ظروفها الصعبه بصبر ورضا؛ حتى انها اصبحت تدعو نفسها اما الناس بام نوير عمدا وهي تحاول اثبات قوتها واستهتارها بنظره المجتمع الظالمه لها0

كانت ام نوري ؛ او نوير ؛ انداك في التاسعه والثلاثين ؛وكانت سديم كثيرا ما تدهب لزيارتها او تجتمع بصديقاتها في منزلها 0 فام نوير عباره عن منبع دائم للنكات والتعليقات اللادعه ؛ وهي من اطيب النساء اللواتي عرفتهن سديم في حياتها 0 علاوه على ذلك فان وفاة والدة سديم وهي ما زالت في الثالثه من العمر؛ لكونها الابنه الوحيده ؛كل ذلك جعلها تتقرب من ام نوير وتعتبرها اكثر من مجرد جاره وصديقه اكبر منها بسنوات 0 كانت سديم تعتبر ام نوير بمثابه ام لها0

لطالما كانت ام نوير كاتمه اسرارهن ؛وتشاركهن التفكير وتجود عليهن بالحلول ادا ما تعرضت احداهن لمشكله ؛ وكانت تتسلى كثيره بوجودهن ؛ وصار منزلها المكان الانسب دوما لممارسه الحريه التى يعجزون عن ممارستها في منزل أي منهن0

وقد كان بيت ام نوير المكان الامن للعشاق فمثلا عندما ارادت ميشيل ان تلتقي بحبيبها فيصل ؛التقت به في بيت ام نوير ؛ثم عرضت عليه الخروج لتناول القهوه او الايس كريم في أي مكان 0 كانت تلك هي المره الاولى التى تلتقي فيها ميشيل فيصل بعد ان قام بترقيمها في السوق0 لم ترد ميشيل ان تخبره بخطتها مسبقا حتى لا يتمكن من الاستعداد للموعد وحتى تتمكن من رؤيته على طبيعته0 عندما خرجت لتركب معه في سيارته صدمت انه اكثر وسامه بكثير بالبنطال الجينز والتي شيرت واللحيه عير المهدبه مما بدا عليه في السوق وهو يرتدي الثوب الانيق والشماغ الفالنتينو0 لاحظت ان لباسه هدا يبرز عضلاته وصدره وساعديه بشكل جداب جدا0

اشترى فيصل كوبين من القهوه المثلجه له ولها وجال بها في سيارته الفخمه في شوارع الرياض0 اخدها الى مكتبه في شركه ابيه وراح يشرح لها بعض ما يكلف به من اعمال ؛ ثم دهب بها الى جامعته التى يتلقى فيها دروسه في الادب الانكليزي ودار بها في موافق السيارات لبضع دقائق قبل ان يقوم شرطي بمنعه من التجوال بسيارته فوق ارض الجامعه في مثل هده الساعه من الليل 0 بعد ساعتين او اكتر بقليل اعاد فيصل ميشيل الى منزل ام نوير بعد ان ادار لها راسها اكتر مما توقعت بكثير0

roudy 23-02-07 03:39 PM

الحلقه الرابعه

ماذا فعل التنبل بقمره في تلك الليلة؟

ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فما زالت بداخلنا
رواسب من أبي جهل
وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال خمس دقائق
بلا شوق ولا ذوق ولا ميل
نمارسه كآلات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل!
نزار قباني


أكاد اسمع سباب الرجال من القراء ولعنهم إياي بعد هذه القصيدة.
أرجو إن تفهموها كما أريدكم أن تفهموها ، وكما أظن نزارا قد أراد لكم أن تفهموها.

* * *
بعد انقضاء شهر العسل ، توجهت قمره مع عريسها إلى شيكاغو،
التي اختارها ليبدأ فيها تحضيره للدكتوراه في التجارة الالكترونية ، بعد أن حصل على درجة البكارليوس في لوس انجلوس والماجستير في إنديانا بوليس.
تبدأ قمره حياتها الجديدة بكثير من الخوف والتوجس كانت تموت رعبا كلما ركبت المصعد لتصل إلى الشقة التي يسكتانها في الطابق الأربعين من البريزيدينشال تاورز . تشعر بالضغط يمزق رأسها ويسد أذنيها كلما ارتفع المصعد طابقا من طوابق ناطحة السحاب الشاهقة . وكانت تصاب بدوار في كل مرة تحاول أن تطل فيها من إحدى نوافذ شقتها. كل شيء يبدو ضئيلا في الأسفل البعيد جدا . كانت تنظر إلى شوارع المدينة فتبدو لها كشوارع العاب الليغو التي كانت تلعب فيها أيام طفولتها ، بسياراتها الصغيرة التي لا تتجاوز حجمها حجم علبة الكبريت ،
بل إن صفوف السيارات من ذالك العلو تبدو كصفوف النمل في صفرها وتراصها.
كانت تخاف من المتسولين السكارى الذين يملئون الشوارع، ويهزون علبهم المعدنية في وجهها طلبا للنقود ، وتخشى قصص السرقة والقتل التي تسمع عنها تلك الولاية الخطرة وتخاف من حارس العمارة الأسود الضخم الذي يتجاهلها كلما حاولت لفت انتباهه بانكليزيتها الركيكة لحاجتها إلى سيارة أجرة.
كان راشد منشغلا منذ وصوله بالجامعة والبحث. كان يخرج من الشقة في السابعة صباحا ليعود في الثامنة أو التاسعة وأحيانا العاشرة مساءا ، وفي عطل نهاية الأسبوع كان يحاول إشغال نفسه عنها بأي شيء كالجلوس لساعات على الانترنت أو مشاهدة التلفاز . كان كثيرا ما ينام على الأريكة أثناء متابعته لمباراة بيسبول مملة أو الإخبار((السي إن إن )) وإما إذا ذهب للنوم في سريرهما ، فانه يذهب بسرواله الداخلي الأبيض الطويل وفنيلته القطنية اللذين لا يرتدي سواهما أثناء تواجده معهما في الشقة ، ليلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد.
كانت قمره تحلم بالكثير ، كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف كالتي تدغدغ قلبها عند قراءة الروايات العاطفية أو مشاهدة الأفلام الرومانسية ، وها هي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها ، بل انه لم يلمسها منذ تلك الليلة المشئومة في روما.
بعد أن تناولا العشاء في مطعم الفندق الراقي، قررت قمره بحزم إن تلك الليلة ستكون ليلة دخلتها التي طال انتظارها. ما دام زوجها خجولا فلا باس من إن تساعده وتمهد له الطريق كما نصحتها أمها. صعدا إلى غرفتهما وبدأت تلاطفه على استحياء ، بعد دقائق من المداعبة البريئة صار هو المتحكم بزمام الأمور ، استسلمت هي رغم ارتباكها وتوترها الشديدين وأغمضت عيناها بانتظار ما تتوقع حدوثه ، وإذا به يفاجئها بفعل لم يخطر لها على البال ! كانت ردة فعلها المفاجئة له ولها في حينها أن صفعته بقوة ! التقت العيون في لحظة رهيبة! كانت عيناها مليئتين بالخوف والذهول، وكانت عيناه مليئتين بغضب لم تر مثله من قبل.
ابتعد عنها بسرعة وارتدى ثيابه على عجل وغادر الغرفة وسط دموعها واعتذاراتها ، ولم تره إلا في مساء اليوم التالي عندما قدم على مضض لاصطحابها إلى المطار ليستقلا الطائرة المتوجهة إلى واشنطن ، ثم أخرى باتجاه شيكاغو.


roudy 23-02-07 03:42 PM

الحلقه الخامسه

وليد وسديم : قصة من الأدب السعودي المعاصر


يعتقد الرجل انه بلغ غايته إذا استسلمت المراءة له، بينما تعتقد المراءة إنها لا تبلغ غايتها إلا إذا شعرت بان الرجل قد قدر ما قدمته له.
انوريه دي بلزاك






--------------------------------------------------------------------------------


دخلت سديم مع أبيها على وليد الشاري في غرفة الضيوف ، وقدماها بالكاد تحملانها من شدة ارتباكها. لم تصافحه اقتداء بقمرة التي أخبرتها عند خطبتها أن أمها نبهتها إلا تمد يدها لراشد إذا ما دخلت عليه في وقت الشوفة (الرؤية الشرعية) . وقف لها وليد احتراما واتخذ مقعدا بعد جلوسها هي وأبيها، الذي راح يسأله عن أمور متنوعة لم تستطع التركيز فيها. بعد مرور بضع دقائق خرج والدها من الغرفة مفسحا المجال لهما للحديث والتعارف بحرية.
لاحظت سديم إعجاب وليد بجمالها من خلال نظراته لها عند دخولها عليه. رغم أنها لم ترفع رأسها طويلا لكنها لمحته وهو يتفحص قوامها حتى كادت تتعثر في مشيتها . شيئا فشيئا استطاعت سديم أن تسيطر على ارتباكها وتتغلب على خجلها بمساعدته . سألها عن دراستها وتخصصها في الجامعة وعن خططها المستقبلية وهواياتها وصولا إلى منطقة السؤال المحرمة: المطبخ!
سألها: وأنت ما تبغين تقولين لي شيء ؟ تسأليني عن شيء؟
أجابت بعد تفكير: أبغى أقولك إني البس نظارات.
ضحك من اعترافها وضحكت معه . بعد قليل قال لها وهو يحاول استفزازها :
-على فكرة سديم ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج.
ردت عليه بسرعة وهي ترفع احد حاجبيها بغنج:
- ما هي مشكلة . أنا أحب السفر!
أعجب بفطنتها وردودها الشقية ، وطاطات رأسها وقد احمر وجهها بشدة . أحست بأنها بحاجة إلى فرملة لسانها بعد ذالك ، وإلا فان العريس سوف يهرب من طول لسانها! أنقذها دخول والدها بعد دقائق قليلة فاستأذنت منصرفة بسرعة بعد أن منحته ابتسامة عريضة ومنحها ابتسامة اعرض ، فخرجت من الصالة وفي قلبها عصافير تزقزق.
بدا لها وليد وسيما، مع انه ليس من النوع المفضل لديها من الرجال ، فهي تحب ألون المائل للسمرة وهو ابيض مشرب بحمرة. شاربه الخفيف مع السكسوكة وتلك النظارة ذات الإطار الفضي الصغير ، كانت تضيف إلى وجهه الكثير من الجاذبية.
طلب وليد من أبيها بعد انصرافها أن يسمح له بمها تفتها للتعرف إليها أكثر قبل إعلان الملكة ، فوافق الأب وأعطاه رقم هاتفها الجوال . اتصل بها وليد في وقت متأخر من تلك الليلة. ردت عليه بعد تردد. عبر لها عن مدى إعجابه بها . كان يتحدث قليلا ثم يصمت كأنه ينتظر منها تعليقا على ما يقول . قالت له أنها سعدت بالتعرف إليه ولم تزد، فاخبرها انه قد فتن بها وانه لن يطيق الانتظار حتى عيد الفطر ليعقدا قرانهما.
توالت اتصالات وليد بها بعد ذالك . كان يهاتفها عشرات المرات كل يوم، أولاها عند استيقاظه من النوم في الصباح وقبل توجهه لعمله، وأخرها مكالمة مطولة قبل النوم تمتد حتى بزوغ الشمس أحيانا . كان يوقظها من نومها ليسمعها أغنية أهداها إياها عبر الإذاعة، وكان يطلب منها كل يوم أن تختار له نظارة أو ساعة أو عطرا من محال مختلفة ليقوم بشرائها في ما بعد حتى يكون كل مل يرتديه على ذوقها.
أصبح حب وليد وسديم مثار حسد الفتيات، خاصة قمرة التي كانت تتحسر على نفسها عندما تصف لها سديم في مكالماتها مدى تعلقها بوليد وتعلق وليد بها، فتبدأ قمرة باختلاق الأكاذيب عن حياتها السعيدة مع راشد ، وما يفعله وما يجلبه لها حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها.
تم عقد القران. بكت خالة سديم كثيرا وهي تتذكر أختها أم سديم، رحمها الله ، التي ماتت وهي في عز شبابها ولم تفرح بابنتها الجميلة، وبكت ولدها البكر طارق الذي كانت تتمنى أن تكون سديم من نصيبه.
أجبرت سديم على أن تبصم في الدفتر الضخم ، بعدما جوبه بالإهمال احتجاجها على عدم السماح لها بالتوقيع . قالت خالتها(يا بنتي ابصمي وبس. الشيخ يقول تبصم ما توقع. الرجال بس هم اللي يوقعون)).
بعد عقد القران أقام والدها مآدبه عشاء دعا إليها أقاربه وأقارب العريس ، وفي مساء اليوم التالي جاء وليد ليرى عروسه التي لم يقابلها منذ الرؤية الشرعية . قدم لها في تلك الزيارة الهدية المتعارف عليها في فترة الملكة: هاتف جوال من أحدث الموديلات في السوق .
في الأسابيع التالية كثرت زيارات وليد لسديم ، معظمها كان يتم بعلم والدها وقليل منها دون علنه. كان عادة يأتي لزيارتها بعد صلاة العشاء ولا ينصرف قبل الساعة الثانية صباحا، أما في نهاية الأسبوع فقد كانت الزيارة تمتد حتى ساعات الصباح الأولى.
كان يدعوها مرة كل أسبوعين إلى العشاء في مطعم فخم ، إما في بقية الاماسي فقد كان يجلب معه طعاما أو حلويات تحبها . كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو مشاهدة فيلم استعاره من اصداقائه أو استعارته هي من صديقاتها ثم بدأت الأمور تتطور حتى ذاقت طعم القبلة الأولى .
كان معتادا على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان اشد سخونة من ذي قبل. ربما كان للفيلم الذي شاهداه معا دور في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة.
بدأت سديم استعدادها للزفاف . كانت تطوف المحلات مع أم نوير أو ميشيل أو لميس ، وكان وليد يرافقها في بعض الأحيان خاصة إن كانت تنوي شراء ثياب للنوم.
تحدد موعد الزفاف بعد انتهاء امتحانات انتهاء امتحانات أخر السنة ، وذالك بناء على رغبة سديم التي خشيت ان تتزوج في عطلة الحج فلا تتمكن من الاستعداد بشكل جيد للامتحانات النهائية ، وهي الحريصة دوما على التفوق في دراستها . أثار قرارها استياء وليد الذي كان متلهفا إلى الزواج بأسرع وقت، فقررت أن تراضيه.
ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتاديه أمامه يومها، ودعته للسهر في بيتها من دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيما في البر مع أصدقائه.
الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة، والشموع المنتشرة هنا وهناك، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي. وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما في قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما . لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حاول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامها بعد عقد القران. كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من ((أنوثتها)) ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد الحبيب. من اجل عين تكرم مدينة.
انصرف وليد بعد أذان الفجر كعادته إلا انه بدا مشتتا وحائرا على غير العدة. اعتقدت انه يشعر بالتوتر مثلها بعد ما حصل. انتظرت سديم اتصاله المعتاد بعد وصوله إلى منزله ، خاصة أنها بحاجة ماسة لرقته وحديثه بعد ليلة كهذه ، لم تسمح سديم لنفسها بالاتصال به وانتظرت حتى الغد ولكنه لم يتصل أيضا . قررت على مضض إن تمهله بضعة أيام حتى يهدا ثم تتصل هي لتستفسر عما به.
مرت ثلاثة أيام وسديم ((ما جاها خبر)). تخلت عن ثباتها واتصلت به لتجد النقال مقفلا . ثابرت على الاتصال به على مدار الأسبوع وفي أوقات مختلفة علها تنجح في الوصول إليه ولكن هاتفه النقال ظل مقفلا ، وخط غرفته الثابت كان مشغولا باستمرار! ما الذي يجري؟ هل أصابه مكروه؟ هل ما زال غاضبا منها إلى هذا الحد حتى بعد كل محاولاتها لاسترضائه ؟ ماذا عن كل ما منحته إياه في تلك الليلة؟
هل اخطات بان سلمته نفسها قبل الزواج؟ ويلاه! هل جن وليد؟؟ أيعقل أن يكون هذا ما دفعه للتهرب منها منذ ذلك اليوم؟ ولكن لماذا؟ أليس زوجها شرعا منذ عقد القران ؟ أم أن الزواج هو القاعة الضخمة والمدعوات والمطربة والعشاء؟؟ ما هو الزواج؟ وهل ما فعلته يستحق أن يعاقبها عليه؟ الم يكن هو البادئ بالفعل؟ الم يكن هو الطرف الأقوى؟ لم اجبرها على ارتكاب الخطأ ثم تخلى عنها بعده؟ من منهما المخطئ؟ وهل ما حدث خطا في الأصل؟؟ هل كان يمتحنها؟ وإذا كانت قد فشلت في الامتحان ، فهل يعني ذلك إنها لا تستحقه؟ لابد من انه ظن أنها فتاة سهلة! ولكن ماهذا الغباء؟! أليست زوجته وحلاله؟ الم تبصم ذلك اليوم في الدفتر الضخم إلى جانب توقيعه؟ الم يكن هناك قبول وإيجاب وشهود وإشهار؟ أم أن كل ذلك لا يعني أنها أصبحت زوجه شرعا من دون زفاف؟
لم يخبرها احد عن ذلك من قبل. هل سيحاسبها وليد على ما تجهل؟ لو إن والدتها كانت على قيد الحياة لتحذرها وتوجهها كما كانت تفعل خالتها أم قمرة مع ابنتها لما حدث ما حدث. ثم أنها سمعت قصصا كثيرة عن فتيات قمن بمثب ما قامت به مع وليد وأكثر في فترة الملكة وقبل الزفاف! حتى أنها سمعت عن الكثيرات ينجبن أطفالا مكتملي النمو بعد العرس بسبعة أشهر فلا يكترث سوى قلة ممن يلاحظون مثل هذه الأمور ....فأين الخطأ؟
من يرسم لها الخط الدقيق الفاصل بين ما يصح فعله وما لا يصح؟ وهل الخط الفاصل في الدين هو الخط نفسه المرسوم في عقل الشاب النجدي؟ كان وليد يلومها كلما حاولت صده بقوله انها زوجته على سنة الله ورسوله ، وكانت خالتها و ام نوير يحذرانها من مجاراته لأنها ما تزال خطيبته فقط؟ فمن تصدق؟ من يشرح لها سيكولوجية الشاب السعودي حتى تتمكن من الفهم؟ هل اعتقد وليد أنها فتاة ((مجربة))!!؟؟ هل كان يفضل ان تصده؟؟ هي لم تفعل اكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز او تسمعها من صديقاتها المتزوجات او المجربات ، وقام هو بالبقية! فما ذنبها ان هي قبلت بمجاراته وعرفت كيف تتصرف معه في موقف كهذا؟ لم تكن المسالة بحاجة الى كيمياء وفيزياء! فما هذا الغباء الزفتي الذي يسفلت عقل وليد؟؟؟

اتصلت سديم بأمه فاخبروها إنها نائمة. تركت اسمها للخادمة وطلبت منها أن تخبر سيدتها أنها اتصلت بها، وانتظرت اتصالا من أم وليد فلم تحصل عليه.... هل تخبر أهلها عما تم في تلك الليلة السوداء؟ كيف ستخبره؟ وماذا تخبره؟ وان سكتت ، فهل ستسكت حتى موعد العرس؟وماذا سيقول الناس يومها؟ العريس طفش؟! لا!لا يكمن أن يكون وليد على هذا القدر من اللؤم ! لابد من انه في غيبوبة في احد المستشفيات. أن يرقد في المستشفى أهون عليها ألف مرة من أن يتهرب منها بهذا الشكل!
ظلت سديم في حيرة من أمرها ، تنتظر زيارة من وليد أو اتصالا. تحلم بان يأتيها راكعا طالبا الصفح . لكنه لا يأتي ولا يتصل ! سألها أبوها فلم تجب، وإنما أتته الإجابة من وليد: ورقة طلاق ! حاول الأب أن يفهم من ابنته سر هذه المفاجأة التعيسة فانهارت باكية بين يديه ولم تفصح له عن شيء. ذهب غاضبا لوالد وليد الذي نفى علمه بأي شيء واخبره بأنه متفاجىء مثله بما حدث ! كل ما قاله وليد لأبيه انه اكتشف عدم راحته لعروسه ففضل فسخ العقد ألان قبل أن يتم العرس ويدخل بها.
كتمت سديم سرها عن الجميع ، وظلت تلعق جراحها بصمت حتى جاءت الصدمة الثانية: رسوبها في أكثر من نصف المواد في عامها الجامعي الأول.




roudy 23-02-07 03:45 PM

ويلا هلا اقرأوهم وعايزه ردود حلوه مثلكم

roudy 23-02-07 03:52 PM

انا كمان غيرت رأيي
وقلت زمان عنهم يلا احلى ناس
بيستاهلو اكتر من هيك
راح نزل كمان اجزاء

roudy 23-02-07 04:01 PM

الحلقه السادسه

على الدفاتر خلفت الصبا نتفأ و في الفصول تركت القلب اجزاء
على الطباشير شيء من دمي .. عجبا تبدو الطباشير رغم الجرح بيضاء
غازي القصيبي

أعترف بأن قدرات الناس على الربط و التحليل ما انفكت تفاجئني ! وسائل كثيرة وصلتني تسألني عن هويتي الحقيقية , و هل أكون إحدى الفتيات الأربع اللواتي اكتب عنهن في هذا الإيميلات ؟ و لم لا ؟ ما رأيك في ان اضع لكم رقما لإرسال توقعاتكم حتى تظهر على إحدى محطات الاغاني ؟ خلونا نترزق اللع ! نضع مذيعة لبنانية مهضومة تستقبل توقعاتكم على طريقة :
" بونسوار لإلكون , مين بتتوأعوا تكون الشخسيي المجهولي ؟ أمرة يما سديم يما ميشيل يما لميس ؟ احزوروا و بتربحوا تزكرتين مع إكامي ببيروت تتجوا تحضرونا بحفلة البرايم ! و يمكن يكون الحز من نسيبكون و تفوزوا
بساعة بؤرب الحبيب , ياللي هو شخصيتنا المجهولي ! احزور و ما تتأخر ! اتصل او اتبعتلنا (إس إم إس ) ع هالأرآم المكتوبي ع الشيشي" .

حتى الآن تنحصر أغلب التوقعات ما بين قمرة و سديم , واحد فقط يرجح كوني ميشيل , لكنه يستدرك قائلا ان انكليزية ميشيل أفضل من انكليزيتي ... هو أنا تكلمت انكليزي اصلا !؟ صحيح تجيك التهايم و انت نايم ! يو قت
أكيوزد وايل يور أسليب ! حتى لا تقولوا إنني لا أعرف انكليزي ... ما أضحكني فعلا هو ايميل من هيثم من المدينة المنورة ينتقدني فيه لتعصبي لبنات الرياض "البدو" و إهمالي لشخصية تميس , اعني لميس , حبيبة القلب
مازولا . هل يعرفها الأخ من ورائي ؟ و لا يهمك يا أخ هيثم . إيميلي اليوم سوف يكون عن لميس , و لميس فقط ... بس لا تزعل علينا يا أبو هيثم يا عسل : " أبو هيثم عسل بدون ميم قبل العين , و الحدق يفهمها !". وش
نسوي يا أبو الهياثم ؟ بدو ! ما علينا شرهة ! على رأي إحدى دكتوراتي الحجازيات في الجماعة : بدوية زفتة



على الرغم من التشابه الظاهري بين لميس و توأمها تمضار , الا انا هناك اختلافات شاسعة بين الأختين في الطباع و الأفكار , و مع أنهما اشتركتا في الفصل في المرحلتين الابتدائية و المتوسطة , و حتى في دراستهما
الجامعية حيث التحقت كلتاهما بكلية الطب البشري , الا انا تماضر كانت وحدها مثار اعجاب الأساتذة و الأستاذات , لجديتها الشديدة و شخصيتها المنضبطة , بينما كانت لميس " الدافورة أو الشاطرة الكول " المفضلة بين الأختين لدى زميلاتها , لظرفها و قربها من الجميع , مع محافظتها على مستواها الدراسي المرتفع. كانت لميس أكر جرأة و شجاعة من تماضر التى تؤثر السر إلى جانب الحائط , و تصف اختها دائما بالمتهورة و اللعوب .

كان والدهما الدكتور عاصم حجازي عميدا سابقا لكلية الصيدلة , و والدتهما الدكتورة فاتن خليل وكيلة سابقة في الكلية نفسها , كانا العامليين الأساسيين في نجاح الفتاتين و تفوقهما الدراسي الملحوظ . منذ ولادتهما و الاوالدن يحرصان كل الحرص على توزيع الأدوار بينهما حتى يوليا كلا من الطفلتين ما تحتاجان اليه من اهتمام و رعاية . و مع دخولهما الحضانة , فالروضة ,. فالمدرسة . كان اهتمام الأبوين يزداد , و حرصهما على تميز ابنتيهما يتكثف .

لم ينجب الزوجان سوى هذاا التوأم , الذي لم ينجبااه إلا بعد عناء و علاج طويلين داما على مدى أربعة عشر عاما , رزقا بعده برحمة من الله هاتين الطفلتين الجميلتين . لم يحاولا الإنجاب بعد ذلك , حيث إن سن الأم أصبحت متأخرة , و محولات الإنجاب بعد ذلك قد تؤثر سلبا على صحتها و صحة الجنين .

من أطرف الحوادث التي مرت بلميس أيام دراستها الثانوية , عندما كانت في الصف الأول الثانوي , كان أن اتفقت هي و ميشيل و زميلتنا لهما في الفصل على تبادل بعض أفلام الفيديو . في اليوم المقرر جلبت كل منهن أربعة أفلام . اتفقن على توزيع الأفلام التسة عشر في ما بينهن في آخر الدوام ,إلا أن الحظ التعيس أو (القرادة) , الرجاء الرجوع إلى الإيميل الأول للشرح , كان لهن بالمرصاد . سمعت الفتيات عن نية الإدارة بتفتيش الفصول و حقائب الطالبات بحثا عن الممنوعات و على رأسها أشرطة الفيديو و الكاسيت .

لم تدر لميس هل وشت إحدى الفتيات بهن , أم أنه مجرد سوء الحظ الذي يلازمها . ارتبكت الفتيا الأرع و أسقط في أيديهن حينما تسرب خبر التفتيش , و المصيبة أن المخالفة لم تكن عبارة عن شريك أو اثنين . إانها سنة عشر شريط فيديو ! مع أربع من أوائل الطالبات ! يا للفضيحة التي لم تكن على البال ! على رأي ماري منيب ( ده اللي حصل و اللي جرا لا ينكتب ولا ينقرا ) !
جمعت لميس الأشرطة من الفتيات , و وضعتها في كيس ورقي كبير , و طلبت منهن أن يتصرفن على طبيعتهن ( و هنا تتضح قدرات لميس الارهابية ) . أخبرتهن بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام و أنها ستتولى الموضوع .

ذهت بالكيس خلال الفسحة إلى دورة المياه , و راحت تبحث عن مخبأ مناسب . لم يكن المكان مناسبا , فالكيس كبير و هي تخشى أن تجده أي من العاملات فتقوم بالاستيلاء عليه أو إيصاله للإدارة , و حينها لن تكون أي من مشكلتها مع الفضيحة المدرسية بل مع زميلاتها اللواتي لن ترضى أي منهن أن تفرك بأشرطتها ! حاولت إخفاء الكيس في خزانة الفصل إلا أنها شعرت بأن المكان مكشوف و متوقع . كان الأمر أشبه بلعبة (غميمة ) في وقت و مكان غير مناسبين .

جاءتها الفكرة العبقرية ! طرقت باب غرفة المعلمات و طلبت رؤية معلمتها المفضلة أبلة هناء , معلمة الكيمياء . جاءت أبلة هناء مرحبة بهذه الزيارة المفاجئة , و بجرأة شرحت لميس موقفها الصعب , فراحت أبلة هناء تولول :
" وشو بدك يانا نساوي يا لميس ! "
" ولي عا قامتي !! مستحيل ! ما بقدر خبيهون عندي ! "
" لو عرفت الإدارة , و الله ليفنشوني

معقولة يا بنتي سطعش فيلم مرة واحدة ! يا عيب الشوم عليكي ".
أخذت المعلمة الكيس الضخم تحت ضغط لميس بعد تردد طويل , و وعدتها بأن تفعل ما بوسعها لإنقاذ سمعتها .

انقضت بعض المسؤولات في الإدارة على فصل لميس في الحصة الخامسة قمن بتفتيش حقائب الطالبات و أدرج الطاولات و الخزانة عن أية ممنوعات . خبأت بعض الطالبت ما يحملنه من أشرطة كاسيت " واحد او اثنين " أو قنينة عطو أو ألبوم صغير أو جهاز بيجر في جيوب المريول المدرسي ,و وقفن و ظهولاهن ملتصقة بجدران الفصل . كانت أعين صديقات لميس تدور مع المفتشات بهلع و هن بانتظار أن يعثرن أفلامهم في حقيبة لميس !

أثناء الحصة الأخيرة , جاءت إحدى الساعيات إلى فصل لميس مخبرة إياها بأن مديرة القسم الثانوي بالمدرسة قد طلبت رؤيتها . أطرقت لميس مفكرة : " هادي آخرتها يا أبلة هناء ؟ تفتني عليا ؟ أيش هادا الخوف ؟ هادا و انتي أبلة طلت خوافة أكبر مني ! صحيح الأبلات ما لهم أمان ".

دخلت لميس مكتب المديرة بلا خوف . " ذا دامج إز دون " و لن ينفعها الخوف و الارتبااك , لكنها كانت تشعر بحرج شديد , فهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها في مشكلة من هذا النوع ليتم استدعاؤها إلى مكتب المديرة .

- بعدين معك يا لميس ؟ مو كفاية اللي سويتيه الأسبوع الماضي لما رفضتي تعلمينا مين البنت اللي حطت الحبر الأحمر على كرسي الأبلة في الفصل ؟

تطأطئ لميس رأسها و تبتسم رغما عنها عندما تذكرت كيف وضعت زميلتهن اوراد بضع نقاط من أنبوبة قلمها الأحمر على جلد المقعد ! وقفت مدهوشة للحظات و الطالبات يغالبن ضحكاتهن ثم سالت :
- من كان عليكن الحصة اللي قبل هذي يا بنات ؟
-(بصوت جماعي) : أبلة نعمت يا أبلة !

خرجت الأستاذة مسرعة من الفصل لتبحث عن أبلة نعمت التى تكرهها الطالبات جميعا , و بطون الطالبات تؤلمهن
من شدة الضحك !


ردت عليها لميس يومها بغضب :
- أبلة أنا قلت لك إني ما أقدر أفتن على صاحباتي
- هاذس اسمها سلبية يا لميس ! إنتي لازم تكونين في صفنا إذا كنتي حريصة على مستواك و علاماتك . ليش مانتي مثل أختك تماضر ؟

بعد هذا التهديد الصريح , و السؤال المستفز المعصود " ليش مانتي مثل اختك تماضر " قدمت أم لميس الدكتورة سميحة للقاء المديرة , و حذرتها من استخدام هذا الأسلوب مع انبتها مرة ثانية . ما دامت لميس لم تكن هي من قامت بترتيب المقلب , فليس من حقهن أن يطالبنها بإفشاء سر صديقاتها , و الأفضل لهن كمعلمات أن يبحث عن الفاعلة الحقيقية بأنفسهن عوضا عن محاولة تسخير لميس للتجسس لحسابهن لتخسر بذلك احترمها لنفسها و محبة رفيقاتها الكبيرة لها . صحيح أن المعلمات يسألنها دائما لم ليست كأختها تماضر , لكن صديقاتها بالمقابل يسألنها لم ليست تماضر
مثلها !

كانت لميس متأكدة من أن المديرة ستكون أكثر تساهلا معها هذه المرة , حانة أنه لم يمض على زيارة والدتها للمدرسة سوى أيام . كانت لوادلتها مكانة خاصة في تلك المدرسة , فمي رئيسة جمعية أمهات الطالبات منذ خمس سنوات و لها الكثير من المشاركات الفعالة في نشاطات المدرسة الخيرية , علاوة على أن ابنتيها من أبرز الطالبات في تلك المدرسة , و غاليا ما يتم اختيارهما لتمثيل المدرسة في المسابقات الثقافية على مستوى المنطقة .
قالت لها المديرة :
- أنا وصلني الكيس مثل مانتي شايفة لكن أنا وعدت أبلة هناء أني ما أعاقبك و أنا عند وعدي . كل اللي حسويه هو أني راح آخذ الأفلام معي اليوم و ارجعها لك بعدما اتفرج عليها .
- تتفرجي عليها ؟ ليه ؟!
- علشان اتأكد إن ما فيها أفلام كده ولا كده (و هي تغمز) .
يا له من طلب مكشوف ! لم لا تطلب منها بصراحة أن تستعير الأفلام لمشاهدتها ؟ على أية حال , لن تتمتع المديرة الكريهة بأفلامها بعد هذه المشاكل التي تقحمها فيها كل يوم .
- آسفة يا أبلة . الأفلام ما هي حقتي , و صاحباتي لو عرفوا إنو الأفلام اتخدت رح يبهدلوني .
- و من هم صديقاتك هذول ؟
يا لهذه المديرة التي لا تكف عن السؤال المحرم .
- ما أقدر أقول لك يا أبلة . حيعرفوا إني قلتلك و انا وعدتهم إني أحل المشكلة لوحدي .
- مشكلتك يا لميس انك مسوية فيها زعيمة عصابة و كل التهزيء يجي على راسك إنتي في النهاية! إما انك تعلميني عن أساامي البنات اللي معك أو إني حاصادر الأفلام !
- (و هي تحاول اكتشاف صدق المديرة من كذبها) يعني يا أبلة , لو قلتلك أساميهم دحينا ما حيوصل لهم خبر ؟ و لا حيعرفوا إني فتنت عليهم ؟ ولا حتعملي لهم حاجة أكيد ؟
- أوعدك
أخبرتها لميس بأسماء شريكاتها في الجريمة و أخذت الأفلام بعد ذلك و وزعتها بينها و بين صديقاتها الثلاث قبل انصرافهن إلى بيوتهن و هن يسالن أين كان المخبأ و كيف استطاعت أن تتخلص من هذا الكيس الكبير ! اكتفت لميس بابتسامة واثقة و قولها المعتاد : ده أنا لميس و الأجر على اللع .

هكذا كانت شخصية لميس و كانت تماضر على العكس منها , هادئة و مطيعة , رافضة لكل ما تقوم به أختها العنيدة .
رافضة ؛ كانت تلك الكلمة بداية لأكبر خلافات لميس مع أختها تماضر , و مع بقية الشلة أيضا















الحلقه السابعه


هل هذه الكلمات شغل يدي ؟
إني أشك بكل ما حولي ...
بدفاتري ...
بأصابعي ...
بنزيف ألواني ...
هل هذه اللوحات من عملي ؟
أم أنها لمصور ثاني ؟

نزار قباني

اتهمني الكثيرون بأنني أقلد طريقة بعض الأدباء في الكتابة , ولي الشرف صراحة أن أقلد كتابا كالذين ذكروا . مع إنني والله أصغر من أنا أقلدهم . للأمانة , أنا أكتب بهذا الأسلوب ((المصرقع)) حبتين , حبة فوق وحبة تحت , منذ صغري , ولدي ما يثبت أن صرقعتي قديمة و ((منذ مبطي)) , دفاتر مادة التعبير المليئة بخنبقاتي عبر السنين . كان أكثر ما يغيظني المدرسات اللواتي لا تستهويهن تقليعاتي وكتاباتي المرجوجة . كنت أعاقب هؤلاء شر عقاب فأنقل لهن مواضيع من دفاتر قريباتي أو صديقاتي من المدارس الأخرى . لن أنسى المرة التي طلبت فيها إحدى المعلمات الرزينات مني أن أقرأ موضوعي عن الشجرة أمام زميلاتي في الفصل . وقفت بثقة في موجهة ثلاثين طالبة لأقرأ ما نقلته من كراسة إحدى قريباتي الأكبر مني بثلاث سنوات :
(( من منا لا يعرف الشجرة ؟ الشجرة هي المصنع الأول للأوكسجين !)).
بعد بضعة سطور إضافية تعذيبية من هذا النوع , طلبت مني المعلمة أن أعود إلى مقعدي , ورجتني أن لا أنقل مواضيع من آخرين في المرة القادمة ! واعترفت لي على مضض بأنها تفضل مواضيعي المرجوجة على هذه التفاهات .
ما أسوأ أن لا يجد الإنسان تقديرا من أقرب الناس إليه . في تلك السن المبكرة , عرفت أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الزواج الثاني


كانت فاطمة زميلة للميس في كلية الطب . كان كل ما تعرفه لميس في البداية أن فاطمة من القطيف . لم تتعرف لميس من قبل إلى أي فتاة قطيفية كما لم تتعرف إلى أي فتاة من الأحساء أو الجبيل أو غيرهما من مناطق الساحل الشرقي . لم تكن تعرف من المنطقة الشرقية سوى الخبر والدمام . تعرفت عند دخولها للجامعة إلى زميلات لها في كلية الطب قدمن من مناطق بعيدة لم تسمع بكثير منها . منهن من جاءت من حفر الباطن , ومنهن من قدمت من الجوف ومن عرعر ومن القريات ومن خميس مشيط . ومنهن من نسكن على أطراف مدينة الرياض أو في أحياء لم تسمع بها من فبل كالسويدي وخنشليله .
كانت كمية الطالبات القادمات من خارج الرياض كبيرة قد تصل إلى أكثر من نصف الدفعة المكونة من ستين طالبة . كانت لميس تشعر بالإعجاب كلما تقربت من هؤلاء الفتيات لما تتميز به شخصياتهن من نشاط واستقلالية وقدرة على التحمل . كن قد تخرجن من مدارس حكومية ولم تتوفر لهن ربع المساعدات التي توفرت لها ولصديقاتها الثلاث في مدارسهن الأهلية المعروفة , ومع ذلك فقد تفوقن ونلن أعلى الدرجات , ولولا ضعف غالبيتهن في اللغة الانكليزية لما استطاع أحد تمييزهن عن صديقاتها , إلا ربما ببساطة ما يرتدينه . لم تكن إحداهن قد سمعت من قبل بالماركات الشهيرة التي لا تشتري فردات الشلة الرباعية من سواها , ولم تتخيل أخرى يوما وهي تتذوق ما مع لميس من شيكولاته فاخرة , أنها بهذا السعر الباهظ :
-خير إن شاء الله ؟ وش ذي ؟ شوكولاطه والا ذهب ؟
-أنا سمعت عن شي عندكم اسمه باتشي يقولون مرة كشخة !
-في شي أغلى من باتشي بعد ؟ يا ويلي !
ذهلت ميشيل مرة عند سماعها إحدى الطالبات وراءهما تستغفر بحنق عندما سمعت بالصدفة وصف لميس للفستان الذي سترتديه الليلة في عرس ابنة عمتها ! قالت لها سديم إن إحدى الطالبات معهن في الفسم تكرر في كل حين أنها تبحث بين زميلاتها عن عروس لزوجها الذي تزوجت منه قبل سنة واحدة لتخطبها له بنفسها ! والسبب أنها تريد أن تجد وقتا لتنظيف المنزل ودهن شعرها وتحنية كفيها والتزين له والعناية بطفلهما وما سيتبعه من أطفال , في الوقت الذي يقضيه زوجها مع زوجته الأخرى !
لم تكن ميشيل من بين صديقاتها تستسيغ هذه النوعية من الفتيات ولا تحبذ الدخول مع أي منهن في نقاش وجدل عميقين , ولم تكن سعيدة بحماسة لميس الواضحة لتكوين علاقات معهن . كانت تشعر كأن لميس تمثل دور ((شير)) في فيلم مراهقتها المفضل ((كوليس)) . تتعرف إلى أقل الفتيات حظا لتبدأ معها رحلة التجميل والتثقيف والتطوير . تعطيها ((كومبليت ميك أوفر)) ربما لتشعرها بتفوقها وسيطرتها عليها .
لم تكن ميشيل تفهم , وزادها حنقا أن سديم كانت تشارك لميس حماستها وانسجامها مع هؤلاء الفتيات الجديدات . كانت هؤلاء الفتيات على بساطتن في غاية الأدب ورقة الطباع , وكانت طبيعتهن تجذب الجميع لهن , علاوة على خفة الدم التي تكاد تكون معدومة في الأوساط الراقية !
هل هناك علاقة عكسية ما بين المركز المادي والاجتماعي وبين خفة الدم والشخصية المرحة ؟ مثلما يؤمن البعض بوجود علاقة طردية بين البدانة وخفة الدم ؟ أنا شخصيات أؤمن بذلك . ((المصالة)) أو ((ثقالة الطينة)) أو السماجة , داء متفش في الأوساط الراقية . وباعتبار أن نسبة المصالة بين الإناث تفوق بكثير نسبتها لدى الذكور , ولأن التماسيح للأسف أخف دما من السحالي , (خصوصا السحالي الجميلة مثلنا ) فإنني أنعى بكل أسى نفسي وصديقاتي , ولكن الحمدلله على أية حال , فكما يقول المثل الشعبي : العوض ولا القطيعة !
بدأت لميس تلاحظ غيرة ميشيل من كل فتاة تقترب منها في الجامعة .وعلى الرغم من أن لميس اجتماعية منذ معرفة ميشيل بها , لكن البيئة في الجامعة تختلف تمام الاختلاف عن بيئة مدرستهن . والطبقة الأرستقراطية أو المجتمع المخملي الذي تنحدر منه معظم زميلاتهن في المدرسة , ليس إلا جزءا بسيطا من الطبقات المتباينة الموجودة في الجامعة . إن مجتمعنا السعودي أشبه بكوكتيل الطبقات الذي لا تختلط فيه أي طبقة بالأخرى إلا للضرورة وعند الخفق الاستثنائي .
في الفصل الدراسي الأول من أولى سنواتهن الجامعية ,كانت سديم ولميس تجتمعان يوميا على رصيف شارع خمسة أو الشانز (( الشانزليزيه)) كما يسمونه في جامعة البنات بعليشة . كانت الفتاتان تحلمان برؤية شانز عليشة من كثرة ما سمعتا عنه , فإذا به مجرد بضعة مقاعد خشبية قديمة موزعة أمام بوابة الخروج رقم خمسة , وإذا بجامعة عليشة مجرد مبان آيلة للسقوط وشوارع مغطاة ببقايا تمر جاف سقط من نخلات متراصة على امتداد طرقها , بعد أن يئس من قدوم من يجنيه , وحتى بعد وقوعه , لم يجد من يرفعه عن الأرض .
ميشيل التي قدمت من كليتها بالملز خصيصا للتحقق من ماهية شانز عليشة , أصيبت بخيبة أمل كبيرة , وندبت حظها الذي أجبرها على دخول الجامعة في السعودية بدلا من أمريكا . لمجرد
أن عماتها اجتهدن في حشو رأس والدها المتفتح بأفكار بالية . حذرنه من مغبة السماح لها بالدراسة وحدها في الخارج ,لأن الفتيات اللواتي يقمن بذلك يكثرحولهن الكلام فلا يجدن من يتزوج منهن بعد عودتهن إلى البلاد . الطامة الكبرى كانت في اقتناع أبيها المحتضر فجأة بهذه السخافات !
كان لرصيف نمرة خمسة , كما في أغنية عمرو دياب في فيلم ((آيس كريم في جليم ))- هل كان يعني عليشة ما غيرها؟-, أسرار أشبه بالأساطير , وكانت تروى عنه الكثير من القصص الحقيقية أحيانا والمبالغ بها أحيانا أخرى .
إحدى قصص رصيف خمسة المشهورة التي تناقلتها الأجيال في جامعة عليشة قصة أروى . هل توجد بين طالبات عليشة , من لم تسمع بأروى ؟! كانت أروى طالبة مليحة التقاطيع , يميزها شعرها القصير جدا ومشيتها المسترجلة . كان الكل يخاف من أروى والكل يطلب ود أروى . إحدى البنات تقسم أنها رأت أروى في أحد الأيام جالسة على رصيف شارع خمسة وقد ظهر طرف السروال الرجالي الأبيض من تحت تنورتها السوداء الطويلة ! وأخرى تؤكد أن صديقة لها كانت قد رأتها وهي تلف يدها حول خصر إحدى الفتيات بطريقة مشبوهة ! تذكر سديم أنها ماتت رعبا عندما مرت إلى جانبها أروى وهي ((تحش)) فيها . لم تكن سديم قد التقت أروى قبل ذلك ولذلك فإنها لم تنتبه للمأزق الذي وضعت نفسها فيه حتى أخبرتها إحدى الزميلات التي انضمت متأخرة إلى الحديث , أن المستندة إلى ذلك الجدار القريب وعيناها معلقتان بسديم وابتسامتها المخيفة لا تغادر شفتيها , ليست سوى أروى !
- تهقونها سمعتني يا بنات ؟ إذا كانت سمعت , وش بتسوي فيني !؟
سألت سديم صديقاتها والعرق يتصبب من كل مسام جلدها .
حذرتها صديقتها من أن تسير بمفردها في تلك الجامعة بعد ذلك اليوم , فمن الواضح أنها قد انضمت -عن جدارة- إلى اللائحة السوداء لأروى !
- الله يخلف عليك يا سدوم ! ابتعدي عن مبنى رقم ((...)) , فهم أقدم المباني وأبعدها , ويقولون إن أروى تصطاد البنات اللي يروحون هناك لحالهم لأن المكان بعيد وخرابة , والبنت إذا صرخت ولا كسرت الدنيا هناك محد داري عنها !
أروى الشوشو , الله الحافظ ! إلا الصحيح , هل تخرجت أروى من عليشة ؟ لم أسمع عنها منذ زمن . أصبحت أروى الآن أسطورة كغيرها من أساطير هذه الجامعة الأثرية .
بعد انتهاء النصف الدراسي الأول من سنتها الأولى , انتقلت لميس مع تماضر للدراسة في جامعة الأقسام العلمية للبنات بالملز حيث تدرس ميشيل أيضا في كلية الحاسب الآلي , وذلك لمدة فصل دراسي واحد تنتقلان بعدها -أخيرا- للدراسة في مستشفى الملك خالد الجامعي . وهذه المحطة الأخيرة في دراستهما هي ما تحسدهما عليه بقية الفتيات , ففي المستشفى نفسه يدرس طلاب الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والعلوم الطبية , وذلك قبل افتتاح كلية العلوم الطبية في عليشة .
كان حلم الاختلاط بالشباب حلما كبيرا بالنسبة إلى كثير من الطالبات والطلاب , ودافعا للبعض ممن ليست لهم أي ميول طبية للالتحاق بتلك الكليات التي قد توفر لهم مساحة أكبر من الحرية , حتى وإن كان الاختلاط المنتظر مقيدا ولا يتجاوز الصدف العابرة أثناء الفراغات ما بين المحاضرات أو وقت الصلاة حيث لا يحلو للطلاب إلا أن يصلوا في المصلى القريب من الطالبات , واللمحات السريعة أثناء التجول في المستشفى أو أثناء ركوب المصاعد .






















الحلقه الثامنه

عندما تصاب المرأة بحالة اليأس , فإن قلبها يصبح كأكرةالباب , أي إنسان يديرها يمينا و شمالا
أنيس منصور

أولا , أقدم لكم اعذاري عن تأخري غير المقصود عن إرسال هذا الإيميل , فقد تعرضت لظروف صحية منعتني من الكتابة بالأمس يوم الجمعة , و لذلك يأتيكم إيميلي اليوم السبت , فسامحني يا عزيزيي إياد لأني أعدت لك عصر الجمعة الكئيب بعد أن تعودت على إيميلاتي التي صارت تخفف عنك تعاسة هذا اليوم , و اعذريني يا غادة و " أشكرك بالمناسبة لانك أول فتاة تعبرني بإيميل منذ بداية هذه السلسلة الفضائحية " لانني لم أوفر لك مادة للتعليق أنت و زميلاتك في البنك هذا السبت . و سامحني يا رائد أبو دم خفيف لأنيني لحبطت عليك جدولك الأسبوعي و شككتك باليوم و التاريخ حتى ظننت أن البارحة هو يوم الخميس و كدت تتغيب عن العمل اليوم السبت و تأكل بهدلة بسبب تأخر إيميلي !

وضعت أحمري الصارخ , و صحن " طرشي " كبير إلى جانبي . أنا بحاجة لطعم لاذع هذه المرة ليذكرني بطعم ما ساكتب في هذا الإيميل .




--------------------------------------------------------------------------------


عودت قمرة نفسها على حياتها الجديدة , بعد أن اتضح لها أن ما يقوم به راشد ليس مجرد حساء من الزوجة التي اقتحمت حياته فجأة , إانما أكثر من ذلك . لم تكن قمرة قادرة على تسمية تصرفاته باسمها الذي يرد في ذهنها , و إن ظلت الكلمات تتسرب من عقلها إلى قلبها الوجل : " زوجي اللي احبه يكرهني . يبفى يطفشني... "

تعودت بعد أسابيع قليلة من وصلهما الى شيكاغو و بعد أن زاد تذمر راشد من كسلها و عدم مغادرتها الشقة , أن تذهب للتبضع و شراء مستلزمات المنزل كل نهاية أسبوع . لم يكن راشد على استعداد لتعليمها قيادة السيارة بنفسه , و لم يكن يثق بقدرتها على التفاهم مع معلم أو معلمة اجنبية بإنكريزيتها الركيكة , فاستعان بزوجة أحد أصدقائه العرب التي عرضت تعليمها القيادة مقابل مبلغ مادي . رسبت قمرة في الامتحان العملي ثلاث مرات متتالية , فقطع راشد عليها دروس القيادة و أمرها بأن تعتاد على استخدام سيارات الأجرة في قضااء حوائجها .

كانت ترتدي عند خروجها معطفا طويلا فوق ثيابها مع حجاب أسود أو رمادي . حتى لباسها هذا أصبح بعد فترة مصدر ازعاج لراشد .
- ليش ما تلبسين ملابس عادية مثل باقي الحريم ؟ كأنك تتعمدين تحرجيني قدام أصدقائي بهذه الملابس المبهذلة ! و تسأليني ليش ما أطلع معك !

لم تتمكن قمرة ولا والدتها من استيعاب مصدر الإزعاج و التوتر المستمرين لدى راشد , إلا أنه على الرغم من ضيقها و حزنها الشديدين فقد كانت مستعدة لعمل المستحيل لإنجاح هذا الزواج , أو على الأقل مجرد الاستمرار فيه .

ألحت عليه في أحد الأيام أن يصطحبها إلى السينما . بعد أن وصلا و اتخذ مقعده في القاعة و هي إلى جانبه , فاجأته بنزع معطفها و حجابها , و هي تبتسم بخجل و تحاول قراءة أفكاره في تلك اللحظة . بعد أن تأملها بطرق عينه لبضع ثواني قال لها يجلافة :
- الحجاب أرحم ... البسيه بس البسيه .

قبل الزواج كانت فرحتها بالخطوبة و العريس ( الكشخة ) و التجهيز من لبنان بالمهر الذي لم يدفع لأي من بنات العائلة أكثر منه , أكبر من أن تشوبها شائبة . لكن تساؤلات و شكوكا كثيرة وجدت طريقها لنفسها مع مرور الأيام .

" وشو له تزوجني اذا ما كان يبيني ؟ " سالت قمرة نفسها مرارا و تكرارا , و سألت والدتها أيضا عما اذا كانت قد سمعت من أهل راشد أنه كان مرغما على زواجه منها , و لكن أيعقل أن يجبر رجل - طول بعرض - على الزواج من امرأة لا يريدها أيا كانت الأسباب ؟

لم تره قبل العرس إلا يوم الرؤية الشرعية , و بما أن تقاليد عائلتها لا تسمح للمتقدم للخطبة برؤية العروس بعد ذلك إلا بعد أن يتم عقد القران , و لأنه لم يكن بين العقد و العرس سوى اسبوعين , فقد تم الاتفاق بين والد قمرة و أم راشد على أن لا يرى راشد عروسه في تلك الفترة حتى تتمكن من الاستعداد لحفل العرس . كل ذلك كان منطقيا في نظر قمرة , إلا انها استغربت عدم طلب راشد من والدها أن يسمح له بمهاتفتها للتعرف اليها قبل أن يتم الزفاف , كما فعل وليد مع سديم في ما بعد .

كانت تسمع أن غالبية الشبان هذه الأيام يصرون على التعرف إلى خطيباتهن من خلال المكالمات الهاتفية قبل أن يتم عقد القران , مع أن عادات أسرتها لا تسمح بالمكالمات إلا بعد عقد القران . كان الزواج عندهم كالطبيخ على السكين كما يقولون , و قد كانت بطيخة أختها الكبرى نفلة " سكر زيادة " بينما كانت بطيختها و بطيخة حصة قرعة .

كل هذه الدقائق و ملاحظاتها على شخصية راشد الصعبة و " كلاكيعه " النفسية بدأت تكبر و تكبر ككرة متدحرجة من الثلج تنحدر من قمة الجبل و هي آخذة في التضخم . ظلت قمرة تبحث بين تلك الدقائق عن السبب الحقيقي لنفوره منها ؛ السبب الحقيقي وراء استخفافه بها ؛ السبب الذي يدفعه لاجبارها على تناول حبوب منع الحمل طول هذه الأشهر , على الرغم من تحرقها لإنجاب طفل أو طفلة منه .

بدأ الشك يتسرب إلى نفس قمرة بعد مرور بضعة أشهر على زوجاهما . لم تكن معاملة راشد ها تختلف كثيرا عن معاملة أبيها لأمها , إلا أنها كانت تختلف عن معاملة محمد لأختها نفلة و حتى عن معاملة خالد لحصة في بداية زواجهما , و كانت تختلف كل الاختلاف عن معاملة جارهما الكويتي لزوجته التي تزوجها قبل زواج راشد من قمرة بستة أشهر .

أحبت قمرة زوجها برغم ما قابلها به من قسوة و غلظة , و تعلقت به على الرغم من كل شيء , فهو أول رجل تختلط به من خارج وسط محارمها , و هو أول رجل يتقدم لطلب يدها ليشعرها بأن هناك من يحس بوجودها في هذا العالم . لم تدر قمرة هل أحبت راشد لأنه جدير بأن يحب , أن لأنها تشعر بأن من واجبها أن تحبه بصفته زوجها . لكن الشك الذي بدأ يغزو قلبها من ناحيته أقلق منامها و أقض مضجعها و جعل أيامها سوداء بسواد أفكارها .

أثناء تسوقها في بقالة الخيام العربية في اشرع كيدزي , كان صاحب البقالة يغني مع أم كلثوم بطرب واضح . أصغت قمرة إلى اللحن الحزين و الكلمات التي لامست جرحا غائرا بداخلها :
كأني طاف بــــس ركب الليالي يحــــدث عنك في الدنيا و عــني
على أني أغالـــــــط في سمعي و تـــــبصر فيك غير الشك عيني
و ما أنا بالمصدق فـيــك قـــولا و لـــــكني شقيت بحسن ظــــنــي
تعذب في لهيب الشك روحــــي و تــــشقى بالظـنون و بـالـتمـنـي
أجبني إذا سألتك! هل صحيح حديث الناس خنت أم لم تخني ؟
أكــاد أشــك فــي نفـسـي لأنـــي أكاد أشــك فـــيــــــك و أنت مني
" معقولة راشد يحب واحدة غيري ؟ " .
اغرورقت عينا قمرة بالدموع و هي تصل بتفكيرها إلى هذا الحد .

*****

عندما زارت قمرة الرياض في عطلة رأس السنة لم يكن راشد معهما . قضت بسن أهلها ما يقارب الشهرين آملة أن يطلب منها راشد العودة بعد أن يمل الوحدة , إلا أنه لم يسألها يوما أن تعود , بل إن إحساسها كان يقول لها إانه يتمنى أن تبقى في الرياض و لا تعود ! كم كانيقتلها مئات المرات كل يوم ببرودة !حاولت المستحيل حتى تستميله لكن بلا جدوى , فقد كان راشد مثالا لرجل الأسد بعناده الفطري و طبيعته المراوغة .

كانت لميس المستشارة الفلكية للشلة تأتي بكتب خيرية حديب و ماغي فرح في الأبراج من بيروت , و تقرأ لكل منهن مواصفات برجها و نسب التوافق بين ذلك البرج مع غيره من الابراج . كانت استشارة الفتيات للميس أساسية قبل أية علاقة ,فقمرة اتصلت بها لتسألها عن مدى توافق برجها - الجوزاء - مع برج راشد - الأسد - في فترة الخطوبة ؛ و سديم التجأت اليها ايصا عندما تقدم لها وليد - الحمل - لخطبتها . حتى ميشيل التي لم تتحمس يوما لهذه المور اتصلت بلميس بعد أن اكتشفت أن فيصلا من مواليد برج السرطان , طالبة منها المشورة حول نسب نجاح علاقتها - امرأة الأسد - به .
أهدت لميس قمرة قبل زواجها نسخة مصورة من أحد كتبها الثمينة . كانت قمرة تعيد قراءته باستمرار و تخطط على ما يناسبها منه :
" أنثى الجوزاء جذابة مغرية تدير بجمالها رؤوس الناس . كثيرة النشاط و الحركة و صبرها القليل يتحكم حتى في مواقف الحب . إانها أصدق نموذج للمرأة الهوائية التي لا تستقر على شيء أو شخص . عاطفية , بل متأججة العاطفة إذا ما لقيت الرجل الملائم الذي يرضي قلبها و عقلها و جسدها معا . إنها إنسانة معقدة على الرغم منها . أعصابها متوترة و مخاوفها كثيرة , إلا أنها مثيرة و مسلية , و من يعرفها يجهل معنى الضجر ..."

" الرجل الأسد إنسان واقعي , ذكي و مقتصد لا يحب أن يضيع وقته في اللعب غير المثمر , عصبي سريع الانفعال , أناني و عنيد و يزأر حين يغضب . إذا أحب فإنه يمتلك حبيبته و يغار عليها متسلط في حبه لكنه مندفع في حبه كبركان يطلق حمم الغرام . على المرأة الحبيبة أن تغمض عينيها و لا تبالي عندما يتدخل في شؤونها و أن لا تعظم الأمور . لا يتردد في إظهار العنف إذا راوده الشك في طاعتها و إخلاصها له ..."

كان أسوأ ما قرأته قبل زواجها هو نسبى التوافق بين المرأة الجوزاء و الرجل الأسد التي لا تتجاوز الـ15 % !

" يصعب الاتفاق و الانسجام بسن أنثى الجوزاء و رجل الأسد . يتعاونان لمدة معينة من أجل تحقيق النجاح العملي . أما العلاقة العاطفية فتبقى فاترة نافرة و ميالة إلى الفشل الأكيد " .

كانت تقرأ هذه السطور قبل زواجها و هي تتمتم : "كذب المنجمون و لو صدقوا " , لكنها تقرأها الآن بإيمان أكبر , و هي تتذكر مليكة , طباختهم المغربية في الرياض , التي كانت تقرأ لها الفنجان و الكف أثناء فترة الخطوبة مؤكدة لها أن زواجها من راشد سوف يكون من أنجح الزيجات في العائلة , و أنها سوف ترزق بكثير من الاطفال , حتى أنها كانت تصفهم لها و كأنها ترى ملامحهم في بقايا البن المتخثرة في قاع الفنجان أو بين طيات كفيها .

حتى الويجي بورد التي شاركت صديقاتها الثلاث اللعب بها في المرحلة المتوسطة عندما جلبتها ميشيل لهن بعد إحدى رحلاتها إلى أمريكا ... أخبرتها لوحة الويجي أنها ستتزوج من شاب يبدأ اسمه بحرف " الراء " و أنها ستسافر معه إلى الخارج . ستنجب له ثلاثة أبناء ذكور و اثنتين من الإناث . تحركت القطعة الزجاجية الصغيرة التي تلمسنها بأصابعهن بخفية فوق لوحة الأحرف وسط ظلام الغرفة في تلك الليل لتدل على أسماء أبنائها واحد واحدا !

تحاول قمرة التخلص من أفكارها الخبيئة التي تتسرطن في دماغها . تتصل بأمها في الرياض لتسألها عن كيفية إعداد الجريش , و تمضي الوقت في سماع أخبار أقاربهم في القصيم , و جيرانهم في حي الربوة , و حكايا أبناء نفلة الأشقياء , و صبر حصة على زوجها خالد بانتظار أن تنضج الطبخة













الحلقه التاسعه



: كنز في قصيدة كيف أحبه ؟

دعني أعدد لك كيف أحبه
بكل أبعادي وأنفاسي أحبه
ملء كل يوم أسعى إليه بحرية
كما يسعى الرجال لحقوقهم
بطهارة المتعبد بعد الصلاة
بأحزاني القديمة
وبإيمان الطفولة بكل القديسين الذين رحلوا
بدموعي وابتساماتي
وإن شاء الرب سأحبه أكثر بعد الممات
اليزابيث باريت براوننج

وصلتني الكثير من الرسائل الغاضبة خلال الأسبوع الماضي .
البعض غاضب من راشد الجلف ،
والبعض من قمرة الضعيفة ،
والبقية وهم الأكثرية
غاضبون علي لحديثي عن الأبراج وقراءة الفنجان والويجي بورد ،
وأنا مع الجميع في غضبهم وضدهم .
أنا كما ترون وسوف ترون فتاة طبيعية ،
وإن كنت مرجوجة بعض الشيء .
أنا لا أحلل ما أفعل ولا أحرمه ،
كل ما هنالك أنني لا أدعي الكمال الذي يدعيه البعض .
صديقاتي أمثلة بيننا يتجاهل بعضنا وجودها عمداً
ويغفل البعض الآخر عنها تماماً .
دائماً ما تردد هذه الجملة على مسامعي :
(أنت لن تصلحي العالم ولن تغيري الناس..) معهم حق ،
لكنني لن أتخاذل عن المحاولة كالجميع ،
وهذا هو الفرق بيني وبين الآخرين .
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ،
عسى الله أن يجعل كتابتي في ميزان أعمالي ،
وأكرر لمن لم يفهم !
أنا لا أدعي الكمال ! أنا أعترف بنقصي وجهلي ،
ولكن كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ،
وأنا أعمل على تصحيح أخطائي باستمرار
وأقسو على نفسي في سبيل تطويري لذاتي ،
لكنني وللأسف لا أجد في من حولي من يقوم بالشيء ذاته .
ليت الذين يحاسبونني يلتفتون لتقويم أنفسهم قبل أن يثوروا لتقويمي ،
علناً نتوب عن بعض معاصينا بعدما نقرأها على صفحات الأنترنت .
علنا نكشف أورامنا المستترة ونستأصلها
بعد أن أعرض لكم عينات بشعة منها تحت المجهر .
إنني لا أرى عيباً في أن أورد عيوب صديقاتي في رسائلي
ليستفيد منها الآخرون ممن لم تتح لهم فرصة التعلم في مدرسة الحياة ،
المدرسة التي دخلتها صديقاتي من أوسع أبوابها ،
باب الحب ! العيب الحقيقي
في رأيي أن يقف كل منا ضد الآخر
محاولاً النيل منه والتحقير من شأنه مع أننا نعترف جميعاً بوحدة الهدف ،
ألا وهو الإصلاح .



--------------------------------------------------------------------------------



في الفالنتاين أو عيد الحب ، ارتدت ميشيل قميصاً أحمراً وحملت حقيبة من نفس اللون ، وكذلك بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الطالبات ، فاصطبغ الحرم الجامعي باللون الأحمر ، ثياباً وزهوراً ودمى . كان العيد أيامها تقليعة جديدة استلطفها الشبان الذين صاروا يجولون في سياراتهم في الشوارع مستوقفين كل فتاة جميلة ليقدموا لها وردة حمراء ملفوفاً على ساقها (الرقم) ! واستلطفتها الشابات اللواتي وجدن أخيراً من يهديهن وروداً حمراء كما في الأفلام . كان ذلك قبل أن تمنع جميع مظاهر الاحتفال بعيد الحب في السعودية ، وتتم معاقبة أصحاب محلات الزهور الذين يقومون بتوفير الورود لزبائنهم الفي آي بيز بطرق ملتوية وكأنها بضاعة مهربة . يمنع الاحتفال بعيد الحب في بلادنا ولا يمنع الاحتفال بعيد الأم أو الأب مع أن الحكم الشرعي واحد . مضطهد أنت أيها الحب في هذا البلد .
استلمت ميشيل هديتها الضخمة من سائق فيصل الذي كان بانتظارها عند بوابة الجامعة . كانت الهدية عبارة عن سلة كبيرة تناثرت في الورود المجففة والشموع الحمراء على شكل قلوب ، وفي وسط السلة دب أسود يحمل قلباً مخملياً قرمزي اللوز . إذا ضغطت على القلب تنبعث أغنية ياري مانلو
you know I can't smile without you ب
صوت مضحك بعض الشيء . دلفت ميشيل (أو ذلفت باللهجة السعودية) إلى قاعة المحاضرات منتشية . أطلت على زميلاتها اللواتي نهشت قلوبهن الغيرة وهي تقرأ لهن القصيدة التي خطها فيصل على البطاقة المرفقة بالهدية ، حتى أن عدداً منهن قام بجلب الدمى والورود في الغد كدليل لحصولهن على هدايا مثلها عشية عيد الحب . من أجلها دُبجت هذه القصيدة ، صاحبة العينين البراقتين هي مشرقة التعبير ، كتوأمي ليدا 00 ستشف هذه الكلمات عن اسمها الجميل الكامن وسطها لتجده بنفسها ... بين السطور ، فتشن بدقة ! فهي تخبئ كنزاً مقدساً طلسماً ... تعويذة علقنها بالقرب من القلب ابحثن جيداً بين حروف القوافي بين الكلمات والمقاطع . لا تستصغرن أي شيء حتى المبتذل منها ، وإلا ضاع عليكن نتاج جهدكن ما من عقدة غوردية هنا في لغزي تستلزم سيفاَ ضالعاً لحلها فلوا استطاعت إحداكن أن تفهم الحبكة ، المرسومة على هذا الورق الذي بين أيديكم إنها كلمات كالمرآة ، تعكس روح صاحبتها ثلاث كلمات تحمل أبلغ المعاني أحرفي ربما تخدعكن ، لكنها ما زالت تحمل بين طياتها شيئاً من الحقيقة ... كفوا من المحاولة فلن تحلوا الأحجية مهما فعلتم ! لم تفهم أي منهن معنى تلك الأبيات الغريبة ، ولم تكشفن حل اللغز المخبأ وسط السطور ، فعن أي كلمات يبحثن وكيف ؟ كانت ميشيل قد اتصلت بفيصل قبل دخولها القاعة لتشكره على هديته وتسأله عن معنى القصيدة . قال لها أنها قصيدة لإدجار آلان بو عمل على ترجمتها منذ أسابيع ليهديها إياها في يوم الفالنتاين ، وأسرّ لها أن حل اللغز سيظهر بين يديها إذا ما قرأت الكلمة المكونة من الحرف الأول من السطر الأول ، والحرف الثاني من السطر الثاني ، والحرف الثالث من السطر الثالث ، وهكذا . بدأت إحدى الفتيات بعدّ الأحرف في كل سطر وراحت الأخرى تدونها حرفاً بعد حرف بالقلم الرصاص على سطح الطاولة ، وميشيل تراقبهن باستمتاع بعد أن عرفت الحل قبلهن : السطر الأول ميم ... السطر الثاني ياء ... الثالث شين ... الرابع ياء ... لام ... عين ... باء ... دال ... ألف ... لام ... راء ... حاء ... ميم ... ألف ... نون ... صرخت الفتيات بصوت واحد : ميشيل عبد الرحمن !!! في ذلك اليوم ، بكت الكثير من الطالبات أحباء قدامى و(صارت فضائح !) وتمت مصادرة العديد من الهدايا ووقعت الطالبات اللواتي ارتدين ثياباً أو إكسسوارات حمراء تعهدات بعدم تكرار هذا الفعل في السنة القادمة . في السنوات التي تلي كان التفتيش يتم على الملابس قبل أن تنزع الطالبة عباءتها عند البوابة ، حتى يتسنى للمفتشات إعادتها مع سائقها إلى منزلها بمجرد العثور على أية دليل للجريمة الحمراء في حوزتها ، حتى وإن كان الأحمر ، ربطة للشعر . المهم ... لم تنته هدية فيصل لميشيل عند هذا الحد ، ففي طريقها إلى المنزل ، وبينما هي تقلب الدب الأسود الناعم بين يديها ، وتستنشق عطر فيصل الأنيق (بولغاري) الذي عطره به ، انتبهت إلى قرطين ماسين على شكل قلبين علقهما فيصل في أذني الدبدوب الجميل حتى تعلقهما دبدوبته الجميلة في أذنيها .










الحلقه العاشره



عندما يصبح الحزن لذة

قال لها يوماً :
كل ما يريده الرجل من المرأة أن تفهمه ،
فصاحت المرأة في وجهه قائلة :
وإن كل ما تريده المرأة من الرجل هو أن يحبها !
سقراط

من بين الانتقادات الكثيرة التي صارت تصلني يومياً عبر بريدي الإلكتروني ،
كان انتقاد فئة كبيرة من القراء لي بسبب استشهادي بأبيات نزار قباني ،
وترحمي عليه في أول إيميل .
لا أعرف سبب هذه الثورة غير المبررة !
أنا أصر على أنني لم أقرأ يوماً
من الشعر الحديث شعراً ببساطة شعره وبلاغة بوضوح بلاغته ،
ولم أتأثر يوماً
بهؤلاء الشعراء الحداثيين الذين يكتبون قصيدة من ثلاثين بيتاً
تتحدث عن لا شيء !
لا أحب القراءة عن صديد الجبين المتقرح
المنبثق من وراء خصر الحزن السرمدي !
ولا أنسجم إلا مع أبيات نزار الواضحة
والتي لم يستطع أي من هؤلاء الشعراء الجدد
مع احترامي لهم نظم مثلها رغم بساطتها .***********



--------------------------------------------------------------------------------

بعد رسوب سديم المفاجئ للجميع وهي المعروفة بتفوقها ، اقترح والدها عليها اصطحابها إلى لندن للاستجمام ، إلا أنها طلبت منه أن تسافر وحدها وتقيم في شقتهما في ساوث كينزنغتون لأنها كانت تريد أن تقضي فترة من الوقت مع نفسها . وافق على طلبها بعد تردد ، وقام بتزويدها ببعض الأرقام والعناوين لأصدقاء له يقضون الصيف هناك برفقة عوائلهم حتى تلتقي بهم إن أرادت الترفيه عن نفسها ، وحثها على ملء فراغها بالالتحاق بأية دورة تعليمية في الحاسب الآلي أثناء إقامتها هناك ، أو بصفوف لتدريس الاقتصاد حتى تستفيد منها بعد عودتها لكليتها في الرياض . لملمت سديم جرحها مع ثيابها – على رأي راشد الماجد – وقامت بشحن الجميع من عاصمة الغبار إلى عاصمة الضباب . لم تكن لندن جديدة عليها فقد اعتادت قضاء الشهر الأخير من كل صيف فيها ، لكن لندن هذه المرة كانت مختلفة . هذه المرة كانت مصحة كبرة قرر سديم اللجوء إليها لتتجاوز العلل النفسية التي تكالبت عليها بعد تجربتها مع وليد. قبل هبوط الطائرة في مطار هيثرو ، توجهت سديم نحو حمام الطائرة وقامت بنزع عباءتها وغطاء شعرها لتكشف عن جسم متناسق يلفانه الجينز والتي شيرت الضيقان ، ووجه بريء التقاطيع تزينه حمرة الخدود الخفيفة (البلاشر) وقليل من الماسكارا ومسحة من ملمع (لب قلوس) للشفاه . أمطار لندن الصيفية التي طالما سعدت سديم بالتنزه تحتها كانت مصدر كآبة وتعاسة لها في تلك الرحلة . بدت لندن لسديم حال وصولها غائمة كمزاجها . الشقة الهادئة ووسادتها الخالية ساعدتاها على ذرف دموع لم تكن تعلم أنها قادرة على ذرفها بتلك الغزارة وخلال تلك المدة القصيرة . بكت سديم كثيراً ، بكاءً حارقاً . بكت الظلم الذي حل بها وأنوثتها المطعونة ، وبكت حبها الأول الذي وئد في مهده قبل أن تهنأ به ، وبكت وهي تصلي طويلاً لعل الله يهيئ لها من أمرها رشدا ، فلا أم تطمئنها ولا أخت تقف إلى جانبها في هذه المحنة ، ولا زالت لا تدري أتخبر أباها بما حدث بينها وبين وليد في آخر ليلة لهما أم تحمل السر إلى قبرها. لم يكن بيدها سوى الاستغفار والدعاء بألا يفضح وليد الخسيس السر وراء تطليقه إياها ، وألا يتحدث عنها بما يشينها بعد انفصاله عنها ... (يا رب استر علي . يا رب اكفني شره ! يا رب ! ما لي غيرك ألجأ له . أنت الأعلم بحالي ...). أدمنت سديم في تلك الفترة سماع أغاني الحزن واللوعة والفراق . استمعت خلال تلك الأسابيع القليلة لعدد من الأغاني الحزينة يفوق ما استمعت إليه منها طوال حياتها. كانت تشعر بنشوة عارمة كلما استمعت لأغانٍ مثل رسالة حب لطلال مداح أو كان يا ما كان لميادة الحناوي أو نسيانك صعب أكيد لهاني شاكر أو آه يا قاسي أنا فيك ابتليت لمصطفى أحمد . كانت هذه الأغاني تغمرها بالحزن وتلفها كمهاد دافئ . مع مرور الأيام ، لم تعد تستمع إلى هذه الأغاني لترفه عن نفسها بل أصبحت تسمعها لتظل في جو الحزن والنشوة الذي اكتشفته بعد أن عاشت تجربة فشل الحب الأول التي عاشها معظم العشاق . تجربة سادية ماسوشية فريدة من نوعها . عندما يصبح الحزن لذة نسترجعها وقت الفرح . عندما نخلق من التجربة خيمة حكمة نجلس بداخلها لنفلسف حياتنا الموجودة في الخارج . نتحول إلى قلوب مرهفة تستشيرها أي ذكرى وتبكيها أي فكرة ، قلوب تخشى الانكسار بعد الانكسار الأول فتبقى في خيايمها حتى يأتي بدي غريب ليصلح أوتادها ، تدعوه على فنجان قهوة وتستبقيه بعدها في الخيمة حتى يؤنس وحشتها ، فتنهار خيمة الحكمة عليها وعليه ! . بعد أسبوعين من حظر التجول والحبس الانفرادي بداخل الشقة ، قرر سديم أن تتناول غداءها في أحد المطاعم التي لا يرتادها الكثير من السائحين الخليجيين ، فقد كان آخر ما تريده وهي في تلك الحالة أن تلتقي بشاب سعودي (يتميلح) بمحاولة التودد إليها. لم تبد بحالٍ أفضل هناك مما كانت عليه بين جدران الشقة ، فقد كان جو مطعم (هش) على اسمه ، هادئاً ورومانسياً . بدت سديم كمجورة تخلي عنها أهلها فجلست لتناول طعامها وحيدة والعشاق من حولها يتهامسون ويتناجون على أضواء الشموع . تتشكر سديم عشاءاتها الشاعرية مع وليد وخططهما لشهر العسل . وعدها أن يذهب بها إلى جزيرة بالي ، وطلبت منه أن يقضيا بضعة أيام في لندن قبل عودتهما من شهر العسل ، فلطالما كانت تحلم بأن ترافق زوجها يوماً ما إلى الأماكن التي كانت ترتادها وحيدة لسنوات . سوف تأخذه لزيارة متحف فيكتوريا وآلبرت ومتحف تيت ومدام تسّودز .مع أن وليد لا يستهويه الفن كما يستهويها إلا أنها ستغير من هذه الطباع بعد الزواج ، كما ستجبره على ترك عادة التدخين التي تغيظها . سيربان الشوقا أبل ويتناولان السوشي في إيتسو في درايكوت آفنيو ، وسيغرقان معاً في كريب البلجيم تشوكليت من المحل القريب من شقتها . سوف تصطحبه إلى سهرات إشبيلية ، ولن تنسى بالطبع أن تأخذه في رحلة بحرية في برايتون ، وفي آخر أيامها في لندن ، سوف تذهب معه للتبضع من سلون ستريت الذي يضم العديد من البوتيكات الشهيرة ، سوف تجعل وليد يشتري لها أحدث موديلات الثياب والجلديات من هناك كما أوصتها أم قمرة ، بدلاً من أن تشتريها مسبقاً بمهرها . كم هي مؤلمة تلك الذكريات . فستان زفافها الفخم وطرحتها المميزة اللذان جُلبا لها خصيصاً من باريس ما زالا قابعين في خزانة ملابسها في الرياض ، كانا يمدان لها لسانيهما باحتقار كلما فتحت باب الخزانة . لم تستطع التخلص منهما . كان شيئاً ما بداخلها ينتظر عودة وليد . لكنه لم يعد ، وبقي ثوب زفافها والطرحة شاهدين قبيحين على دناءة حبيبها وخسته. كانت مكتبة دار الساقي وجهتها في صباح الغد . قررت أن تذهب إليها سيراً على الأقدام للتمتع بالجو في ذلك اليوم الصحو . اتجهت نحو إقزبشن رود واجتازت متحف فكتوريا وألبرت وهي تتأمل آثار قنابل الحرب العالمية الثانية على جدرانه ، مذكرة البريطانيين على الدوام بمدى كراهيتهم للألمان في حال نسوها . قطعت الهايد بارك التي تغص بألوان مختلفة من البشر والأحصنة والحمام الذي يتقافز بخفة لالتقاط ما يرمى له من حبوب هنا وهناك . أكملت سيرها فوق الجسر وهي تتأمل المناظر الجميلة المحيطة بها. كان عليها أن تسير لما يقارب العشرين دقيقة حتى تقطع الهايد بارك وتصل إلى شارع بيزووتر . راحت تغني أغنية طويلة بعض الشيء لعبد الكريم عبد القادر (غريب ... شايل جروحي والحكي وياي... غريب ... داير وروحي هدها ممشاي ) وصلت وهي تردد بشجن ( أمشي وقلبي حزن ... أمشي ) إلى الشارع الذي صبغته أشجاره الظليلة بلون أخضر ساحر ، سارت فيه يساراً ثم اتجهت يميناً في كوينز واي وتوقفت فجأة عن الغناء خوفاً من أن تلفت إليها أنظار النشالين في ذلك الشارع المخيف نوعاً ما . عندما وصلت إلى الوايتليس اتجهت يساراً في شارع ويست بورن قروف حتى وصلت أخيراً إلى دار الساقي الموجودة على الجهة المقابلة من الشارع وهي تفكر : كان لازم أقرأ دعاء السفر ... والله مشوار . اشترت (العدامة) و(الشميسي) لتركي الحمد بعد أن رأت رجلاً خليجياً أربعينياً يطلبهما من البائع أمامها ، واشترت رواية (شقة الحرية) لغازي القصيبي التي كانت قد أعجبتها كمسلسل بثته شاشة إحدى الفضائيات منذ سنوات ، وأخيراً اختارت رواية (ذاكرة الجسد) لأحلام مستغانمي بعد أن أثنى عليها البائع العراقي اللطيف ونصحها بقراءتها. عادت إلى شقتها مستقلة الحافلة ، لتجد رسالة صوتية مسجلة من أبيها على هاتف الشقة . أخبرها بأنه قد رتب لها برنامجاً للتدريب الصيفي في أحد البنوك التي يتعامل معها باستمرار وذكر لها أن التدريب يبدأ بعد أسبوع . أعجبتها الفكرة . عمل صيفي ومزيد من الاستقلالية وتطير الذات . بعد كتب دار الساقي والعمل البنكي لم يتبق من خططها للصيف سوى أن تدرس علم النفس على يد فرويد من خلال الكتب التي جلبتها معها إلى لندن لتتمكن من تحليل شخصية وليد حتى تصل إلى العوامل التي دفعته إلى تطليقها بلا ذنب . كانت قراءة الكتب التي اشترتها ممتعة وبخاصة روايتي الشميسي وشقة الحرية التي لاحظت اختلافاً كبيراً بينها وبين المسلسل المقتبس منها . كان أكثر ما ضايقها أنها تجهل ما يتوجب عليها قراءته بعد ذلك ، لم تكن أي من صديقاتها المقربات محبة للقراءة حتى تستشيرها في هذا الأمر ، ولم يعجبها كثيراً أن تقلد الآخرين فيما يشترونه أو أن تلتزم باختيارات البائع دون أن تكون لديها أية خلفية عن تلك الكتب التي ينصحها بشرائها . ودت لو أن لديها لائحة بالكتب الإلزامية لكل مثقف ومثقفة حتى تقرأها جميعاً وترتاح . وجدت في كتابات القصيبي والحمد الكثير من الأحداث والتلميحات السياسية التي ذكرتها بروايات يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس التي أدمنت قراءتها في مرحلة المراهقة . خطرت ببالها المظاهرة التي مُنعت هي وزميلاتها من القيام بها في أحد الأيام عندما قامت جميع الدول العربية بتنظيم المظاهرات تضامناً مع الشعب الفلسطيني وانتفاضة الأقصى . وتذكرت مقاطعة المنتوجات الأمريكية والبريطانية التي بدأت منذ فترة في بلدان كثيرة ولم تشارك فيها سوى قلة من صديقاتها ، وحتى هؤلاء لم تستمر أي منهن فيها أكثر من أسابيع قليلة . هل كانت السياسة فيما سبق في متناول الجميع ثم أصبحت الآن في متناول القادة والحكام فقط ؟ لم لا تجد أياً من معارفها ذكوراً أو إناثاً يخوضون في معترك السياسة ويؤمنون بهذه القضية أو تلك ويدعمونها بأرواحهم كما كان عليه الحال أيام شباب غازي وتركي ؟ ما الذي جعلهم هذه الأيام لا يهتمون من السياسة الخارجية سوى بفائح كلينتون ومونيكا لوينسكي ؟ ومن السياسة الداخلية سوى بفائح شركة الاتصالات ؟ ليست المشكلة قاصرة عليها فكل زميلاتها مهمشات في الحياة السياسية ، ولا دور لهن ولا أهمية . لو كانت تفهم في السياسة ، لو أنها تدافع عن قضية معينة أو تعارض قضية ما ، لكانت وجدت ما يشغلها عن التفكير بوليد الكـ....!









الحلقه الحاديه عشر

تصنيف أم نوير للفصائل البشرية

لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم .
لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
يا حيّ يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث .
دعاء لكشف الهم والكرب والحزن

قرأت كلاماً عني خلال الأسبوعين المنصرمين في أشهر المنتديات الإنترنتية ،
الإقلاع والساحات وغيرها .
بعض الكلام كان بنعومة حبيبات غسولي اليومي للوجه ،
وبعضها بخشونة حجري الأسود الذي أعالج به مشكلة ركبي السود .
شعرت وأنا أتابع النقاشات الدائرة حولي بأنني أشاهد مصارعة للثيران !
هل تصدقون أن أحدهم طالب بإباحة دمي؟
وكله كوم ومن تقول أنها أختي كوم آخر !
تقول أنها قد لاحظت انزواء أختها كل يوم جمعة
منذ الصباح الباكر في غرفتها أمام شاشة الكمبيوتر
وعندما حاولت أثناء غيابها
أن تبحث ضمن ملفات جهازها عن أدلة تؤكد شكوكها
عثرت على جميع الرسائل وعددها ثلاثون ،
وهي على استعداد لبيعها لمن يدفع أكثر !
رزق الهبل ع المجانين . *
***********
بعد أن قرأت له (مدخل إلى التحليل النفسي) و ( مختصر التحليل النفسي) و (ثلاثة مباحث في نظرية الجنس) و(الحياة الجنسية) و ( الطوطم والحرام ) ، اكتشفت سديم أن فرويد ولبيدواته وطواطمه وخياره وفقوسه لن يساعدوها في حل مشكلتها ولن يشرحوا لها سبب تخلي وليد عنها . كانت قد عثرت على مؤلفين من المؤلفات المترجمة لفرويد في مكتبة جرير في الرياض ، أما البقية فكانت قد أوصت إحدى زميلاتها في الجامعة بأن تأتيها بها من لبنان قبل أن تسافر سديم إلى لندن . لم تقنعها فلسفة سيجموند فرويد – في تفسير تصرفات وليد – كما أقنعها تصنيف أم نوير للفصائل البشرية . صنفت أم نوير لسديم – في ساعة صفاء الرجال والنساء في الخليج بناءً على عوامل عدة كقوة الشخصية والثقة بالنفس والجمال وغيرها إلى أنواع وفئات ، وهذه الأنواع تنطبق عادة على الرجل والمرأة سواء ، فمثلاً بالنسبة لوقة الشخصية فإن لكل منهما نوعين : النوع الأول قوي ومستقل والنوع الآخر ضعيف وتابع للآخرين ، وتندرج تحت النوع الأول فئتان : أولاهما المنطقي الذي يحترم آراء جميع من حوله رغم اختلافه معهم طالما كانوا يحترمون وجهة نظره هو الآخر ، والفئة الثانية ممثلة بمن لا يمكن لأحد السيطرة عليها أو عليه ومن لا بد من أن (يمشي) كلامه ولا يهمه رأي أحد . أما بالنسبة لقسم الضعفاء والتابعين ، أو من يقال عنه أن كلمة تجيبه وكلمة توديه ، فهم نوعان : هناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأهل وأفراد العائلة المقربين وهذا النوع لا يمكنه الاستقلال عن أهله لأنه (بدون أهله ما يسوي قرش) ، وهناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأصدقاء وهو النوع الأسوأ ، ذلك لأنه يعتبر أن أهله ضده ولا يثق سوى بأصدقائه الذين يكونون في كثي من الأحيان أسوأ حالاً منه ، ومن ناحية العصامية فإن النوع القوي والمستقل عادة ما يعمل على تطوير نفسه بنفسه وتحسين ظروفه قدر المستطاع ، متأثراً ومستفيداً من جميع الأمثلة التي يلاحظ نجاحها من حلوه ، أما النوع السلبي أو المنقاد فإنه تنقصه المبادرة ولا يرتقي شأنه إلا بارتقاء عائلته أو محيطه ككل . ولأم نوير تصنيف آخر يعتمد على مستوى الثقة بالنفس ، فهناك الفئة المطمئنة أو السيكيور وهذه لها نوعان : نوع معقول ويكون المنتمي لهذا النوع متصالحاً مع نفسه ، وعلى قدر واضح من الثقة بالنفس تجعل كل من حوله يحترمونه ويرهبونه ، لكنه يظل محبوباً لتواضعه وقربه من الآخرين من ناحية ، ولأنه (يستاهل يشوف نفسه شوي) من ناحية أخرى . النوع الثاني هو (الواثق بزيادة) أو (الأوفر كونفدنت) وهو نوع يشتمل على أشخاص (ما عندهم ما عند جدتي) أي ( ما عندهم سالفة) يحملون ثقة مفرطة بالنفس على الرغم من افتقارهم لجميع مؤهلاتهم ، فلا إنجازات ضخمة ولا شخصيات مميزة ولا حتى شكل يفتح النفس ، وهذا النوع مكروه وأكثر انتشاراً للأسف من النوع الأول ، والنوعين أقل انتشاراً من الفئة الثانية وهي فئة (الإنسيكيور) أو الفئة غير المطمئنة . هذه بدورها لها قسمان : أولهما أولئك الذين يدعون ويتصنعون الثقة بالنفس أمام الآخرين دون إيمان داخلي بذلك ، والمنتمين لهذا القسم يأخذون كل كلمة تقال لهم بحساسية مفرطة ويردون عليها بعشر ويعملون من الحبة قبة كما يُقال . مستفزون ، تعلو أصواتهم أثناء أي نقاس حتى يداروا خيباتهم . القسم الثاني لا يمثل ولا يدعي ويتضح منذ الوهلة الأولى أنهم مساكين ويقطعون القلب . يعاني أفراد هذا الصنف عادة من مشكلة ما تضعف من ثقتهم بأنفسهم أو من (السلف استيم) وتكون هذه المشكلة إما ظاهرة كعيب في الشكل الخارجي من سمنة أو قصر أو حتى أنف كير بعض الشيء ، أو معاناة معنوية ظاهرة مثل الفقر أو حتى الغباء، أو عيب خفي لا يدركه سواهم ، مثل جرح حبيب لم يندمل . التصنيف الديني قبل وبعد الزواج كان المفضل لدى سديم ، وهو التصنيف الوحيد الذي منع فيه الاختلاط بين الجنسين فجاء على شقين ، شق بصف الرجل المتدين وأخر يصف المرأة المتدينة ، ولكل منهما تفرعات أساسية مشتركة هي : النوع الملتزم أو (المطوع) والنوع المعتدل أو (النص ونص) والنوع (الصايع أو المفتلت) ! لكن الاختلافات تأتي في التفاصيل الموضحة لكل نوع . بالنسبة للرجل ، تتلخص فئة المطاوعة في نوعين : الأول (صايع وتطوع) ، والثاني (خاف أن يصيع فتطوع) ، وكلا النوعين يخشى أن يصيع بعد الزواج ، ولذلك فإنهم عادة ما يتزوجون أكثر من زوجة واحدة ويفضلون أن تكون زوجاتهم على الدرجة نفسها من الالتزام الديني أو أكثر . أما فئة المعتدلين فلها نوعان : نوع ملتزم دينياً لكنه يختلف عن النوع الأول في لينه مع المرأة وعدم تدخله في شؤونها ، وفقد يتزوج هذا النوع من امرأة متحررة نسبياً ولا يجد غضاضة في ذلك إذا كان واثقاً من حبها ومتأكداً من أخلاقها ، أو أن يكون من النوع الثاني ، العلماني كما يسمونه . الرجل من هذا النوع يؤمن بأن الإسلام بني على خمس ، ولا أكثر من ذلك فيما يتعلق بالعبادات ، ولذلك فهو مواظب فقد على الصلاة المفروضة والصيام في شهر الصوم وبعد أن يحج يتملكه الشعور بأنه قد كفى ووفى . هذا النوع لا يرتبط سوى بفتاة تشبهه من ناحية التحرر الديني أو تفوقه تحرراً ، لا يرضى هذا النوع مثلاً بالاقتران بفتاة محجبة ويشترط في شريكة حياته أن تكون جميلة و (أوبن ما يندد) و(ستايل) حتى يفاخر بها أمام الآخرين ممن لهم نفس أفكاره . الرجل الصايع أو المفتلت يأتي على نوعين : إما أن يكون قد نشأ في بيئة متشددة دينياً وأخذبال(فلتان) دينياً وأخلاقياً ( أفضل هذا التعبير على تعبير الانحلال الذي أراه تعبيراً فظاً ) تدريجياً مع كل فرصة سانحة بعيداً عن سلطة هذه البيئة ، وهذا النوع قد يتصنع الانتماء للنوع الأول في حياته الظاهرة منعاً للإحراج الاجتماعي . رجل النوع الآخر يكون قد تربى منذ صغره في بيئة انفلات ديني لدرجة الإلحاد ، أو أخلاقي لدرجة تغييب شتى الروادع ، ومن شب على شيء شاب عليه . مشكلة هذا النوع من الرجال هي الشك المرضي ، فللأسف ونظراً لتجاربهم السابقة مع فئة البنات الصايعات – التي سيتم التطرق لها لاحقاً – فإنهم يؤمنون بأن كل فتاة صايعة حتى تثبت براءتها ، وهذا النوع بفتئتيه يحرص على الزواج من فتاة ليست لها أية تجارب سابقة لأنه يقيس الأمور على ضوء تجاربه السابقة ، أو يتزوج من فتاة لعوب تعرف كيف تلعب اللعبة بدهاء ، و (تلبسه السلطانية) . زوجات الرجال من هذا النوع مظلومات لأنهن يعرفن جيداً طبيعة أزواجهن الشكاكة ، وعليهن مراعاة ذلك والتصنع في كثير من الأحيان حتى لا تفسر تصرفاتهم على غير ما يعنين بها ، وهذا ما حدث مع سديم التي لم تكتشف حقيقة وليد إلا متأخرة وبعد أن ظن بها ظن السوء وأعرض عن الارتباط بها. تأتي الآن للتصنيف المقابل لما سبق لدى النساء ، فالمرأة (المطوعة) نوعان : نوع تربي بتلك الطريقة منذ الصغر ولم تتعرض لأي مؤثرات خارجية مضادة ، والمرأة من هذا النوع قد تكون محظوظة بالزواج ممن هو مثلها تماماً فيعيشان حياة هادئة ومستقرة طالما ظل كل منهما راضياً يما قسمه الله له ، أو أن تكون تعيسة الحظ فتتزوج من شخص أكثر تحرراً منها (مدردح) فتعجز عن إرضائه لفشلها في فهم احتياجاته التي لا تتماشى مع ما تربت عليه . النوع الثاني من المطوعات من عشن في بيئة من ذلك النوع لكن حلم الانطلاق والتحرر كان يراودهن دوماً . هذا النوع قريب من النوع الأول فالنساء من الصنف الأول هنّ المحصنات الغافلات أي اللاتي يستعففن لغفلتهن عن ما يدور(آوت ذير) ! أما النوع الثاني فهن يستعففن بإرادتهم أو بالأحرى تحت إرادة أهاليهن ورقابتهم . الفئة الثانية هي فئة النص ونص ، وهذه نوعان : نوع يأتي بحسب العرض والطلب مثل صديقتها قمرة على سبيل المثال والتي تغير حجابها مع تغير فصول السنة ، فإذا كانت الموضة في تلك الفترة حضور الحلقات الدينية مع ارتداء الحجاب خارج حدود المملكة فهن فهنّ مع الموضة أو (مع الخيل يا شقرا) ، وإذا كانت الموضة في تلك الفترة تحرراً من الحجاب في الخارج وانتشاراً في الأسواق في الداخل بالعباءات المخصرة التي تحدد معالم الجسم فهن مع ذلك أيضاً . ينبغي التنويه هنا أن الموضة تخضع لطلبات الأزواج أو الباحثين عن زوجات أو لطلبات الأمهات اللواتي ينقبن عن عرائس لأبنائهن في تلك الفترة. النوع الثاني من فئة المعتدلات تمثله المرأة المتدينة دون الحد الذي يسمح لها بالانضمام لفئة المطوعات وأعلى من الحد المسموح به في فئة المتحررات. النساء من تلك النوعية تردعن الأخلاق عن ارتكاب الأخطاء أكثر مما يفعله تدينهن تتميز المرأة من هذا النوع بشخصية قوية وصلبة وقد يتم إدراجها خطأً ضمن الفئة الثالثة لأنها لا تلتزم بجميع قوانين الفئة الأولى . المتحررة أو (المجربة) تمثل الفئة الثالثة من النساء ، وهي إما صايعة قبل الزواج أو بعده أو الاثنان معاً ، فالصايعة قبل الزواج عادة ما تصلح من حالها بعده وقد تتحول إلى امرأة ملتزمة جداً أو معتدلة الالتزام ، لكن ذلك متوقف على زوجها ، فهي إن تزوجت من شخص لا يناسبها فإنا تبقى ضمن فئة الصايعات حتى بعد زواجها ...أما الصايعة بعد الزواج فهي عادة ما تكون من إحدى الفئتين الأولى أو الثانية لكنها تصيع بعد زواجها بسبب عدم تأقلمها مع متطلبات زوجها المتحرر أو بسبب خيانة زوجها لها . تصنيفات معقدة كتبتها سديم نقلاً عن أم نوير وما زالت بعد كتابتها بأشهر تحاول استيعابها ، تتضح صحتها أكثر فأكثر مع مرور كل يوم تعيشه سديم في مدرسة الحياة التي استقت منها أم نوير معلوماتها . أم نوير التي مرت بعدد بسيط من التجارب (البريئة) في الكويت قبل زواجها ، وتجربة واحدة(غير بريئة) في السعودية بعد طلاقها ، لكن ذلك ليس موضوعاً الآن . ذكرتها سواليف أم نوير الخاثرة بسهراتها مع صديقاتها الثلاث في بيتها . ذكرتها بحلاوة الزلابية ونعومة الدرابيل التي كانت تقدمها لهن مع الشاي . طارت بها الذكريات إلى منزلها في الرياض . إلى الباب الحديدي وقضبانه المذهبة الأطراف الذي طالما وقفت خلفه بعد صلاة العشاء بانتظار قدوم وليد ، الأرجوحة القريبة من حمام السباحة والتي طالما سهرت عليها بين أحضانه ، غرفة الضيوف التي رأته فيها لأول مرة ، التلفاز الذي يتوسط الصالة التي تابعت معه فيها عدداً من الأفلام ، والغرفة التي شهدت ميلاد الحب ووفاته . هل مات فعلاً حبها لوليد ؟ قامت لتشغل المسجل . التقطت شريطاً من بين الأشرطة المتناثرة فوق أرضية الغرفة . وضعته في جهاز التسجيل قبل أن تعود إلى فراشها وتتكور فيه كجنين في بطن أمه ، وتستمع بحزن لعبد الحليم وهو يغني : من دمعة من حرقة ألم من صرخة جرح من قلب انظلم باعتب على اللي خان واعتب عليك يا زمان قربتني للجنة وخدتني للحب ولما جيت أتهنى ، جرحتني في القلب دمعت عيناها وهي تغمغم بكلمات الأغنية بصوت تخنقه العبرة . جاءت الأغنية التي تليها مؤلمة في كلماتها ولحنها وغناء العندليب الرقيق ، استمعت إليها بانكسار وهي تدغدغ الزغب الخفيف حول شفتيها بلحافها الناعم : عرفته قد ما عرفته ولا عرتوش وشفته قد ما شفته ولا فهمتوش كان بيقول لي باحبك أيوه












كان بيقول وأنا من لهفة قلبي صدقته على طول وما كنتش أعرف قبل النهارده إن العيون دي تعرف تخون بالشكل ده ولا كنت أصدق قبل النهارده إن الحنان يقدر يكون بالشكل ده لم تشعر سديم بانتهاء ذلك الوجه من الشريط إلا بعد إصدار المسجل لذلك الصوت المزعج الذي يدل على تغيير وجه الشريط . راحت تمسح دموعها التي أغرقت الوسادة ، وتسغي إلى صوت ميادة وهي تناجي حبيبها الظالم ، وليد القاسي . قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليّا جبت قلب منين يطاوعك ع القسيّة ريحني قول لي حكايتك إيه جرحت قلب حبيبك ليه قسيت علينا ليه ليه غدرت بيا ليه ليه قسيت علينا .. غدرت بيا قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليا جبت قلب منين ! مني منين جبت قلب منين يطاوعك ع القسية يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان وخلص الأحزان بدال ما تبكي سنين يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان بس إوعي دمعة تبان تفرّح الخاينين بكت سديم ، وبكت ، وبكت ، وحيدة في شقتها اللندية ، علها تخلص الأحزان ، بدال ما تبكي سنين ، وتفرّ الخاينين .










الحلقه الثانيه عشر

حياة (لا بأس بها)

حدثنا آدم قال :
حدثنا شعبة قال : حدثنا الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال :
سألت عائشة : ' ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ )
قالت : ' كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله –
فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ' .
صحيح البخاري : 676

لم أتوقع صراحةً كل هذا التفاعل مع إيميلاتي المتواضعة !
لقد بدأ المشروع في ذهني منذ حوالي خمس سنوات ،
أي منذ بداية قصة صديقاتي كما أكتبها لكم الآن ،
لكنني لم أعمل على تحقيق الفكرة سوى مؤخراً ،
بعد أن لاحظت أن طاقة ذهني الاستيعابية قد استُنفذ جُلّها ،
وجاء الوقت الذي يجب أن أعصر فيه إسفنجة عقلي وقلبي بقوة
حتى أتمكن من استيعاب المزيد في حياتي لاحقاً . *

*********
لم تكن العلاقة الزوجية بين راشد وقمرة بالعلاقة السينمائية المثالية إلا أنها لم تكن تعيسة في نفس الوقت . كان راشد منصرفاً عنها إلى دراسة وتاركاً لها مسؤولية الاعتناء بالمنزل بعد أن لاحظ عدم حماسها للالتحاق بالجامعة ، وغرم صعوبة ذلك فلي البداية ، إلا أنها تعلمت تدريجياً كيفية الاعتماد على النفس وأصبحت تمتلك من الجرأة في سؤال المارة عن العناوين أو سؤال البائعين عن الأسعار ما لم تكن تمتلكه من قبل . كانت لقاءاتها وراشد معدودة ، إلا أنها كانت تحصل في المقابل على كل ما تحتاجه من نقود متى طلبت ، ودون أن تطلب في أغلب الأحيان . حتى احتياجاتها (الأخرى) ، كان يعطيها منها ما يكفيها بين الحين والآخر . لم تكن قمرة قادرة على المقارنة بين ما يعطيه إياها وبين ما يمنحه الرجال الآخرين لنسائهم ، لكن ما كانت تحصل عليه كان مرضياً بالنسبة لها . وحدها احتياجاتها النفسية لم يكن يلتفت إليها ، ومع ذلك فقد كانت تعتبر نفسها أوفر حظاً من كثير من قريناتها . اكتشفت طيبة راشد بعد معاشرتها له ، مع أن هذه الطيبة لم تكن تظهر بوضوح في تعامله معها ، لكنها لمستها في تعامله مع الآخرين ، أمه ، أخواته ، العامة في الشارع ، الأطفال ! كان راشد يتحول إلى طفل صغير أمام أي طفل يلتقيه ، يلاعبه ويداعبه برقة وحنان لا مثيل لهما . اقتنعت بأن راشد سيحبها مع الوقت ، فهو في بداية زواجهما كان جافاً معها ، لكنه مع مرور الأيام صار أكثر تقبلاً لها وأقل حدة معها ، رغم أنه ظل يثور عليها أحياناً لأسباب تراها تافهة ، لكن أليس جميع رجال نجد كذلك ؟ لا تظنه مختلفاً عن أبيها وإخوتها وعمومتها وخالها وأبنائهم . كان هذا هو طبعه ، وهذا ما كان يصبرها . إنما للصبر حدود وحد صبرها كان (كاري)! كان أكثر ما يغيظها في راشد عدم استشارته لها في أي من الأمور المتعلقة بالمنزل فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية ، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة ، مع أنها لا تضم قناة إتش بي أو التي تعرض مسلسلها المفضل(سكس آند ذا سيتي) المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء ، تتابعه قمرة بشغف وإن كانت لا تفهم من حوارات أبطاله إلا القليل . أغاظها تصرفه كثيراً خاصة عندما أظهر عدم اكتراثه بثورتها . كان كمن يقول أن لا شأن لها في تحديد أساسيات هذه الشقة ، وكأنها شقته وحده!. ظل يثيرها في أمور من هذا القبيل كل يوم ، ومع ذلك فالويل لها إن نسيت تجهيز ثيابه كل مساء ، وكيها قبل أن يستيقظ من نومه كل صباح ، ولا يحق لها أن تطالبه بمساعدة في ترتيب المنزل أو إعداد الطعام أو غسل الصحون ، مع أنه معتاد على معيشة العزوبية طوال سنوات دراسته بأمريكا ، أما هي فقد كان يحيط بها الخدم في منزلهم بالرياض ، يأتمرون بما تقوله لهم ويوفرون لها ما تطلب هي وإخوتها في لحظات . كان راشد يقضي وقتاً طويلاً في الجامعة ، وعندما كانت تسأله عن سبب تأخره اليومي كان يخبرها أن يجري بحوثاً على الإنترنت باستخدام أجهزة الكمبيوتر المتوفرة في مكتبة الجامعة . في الأشهر الأولى كانت قمرة تمضي وقتها أمام التلفاز أو في قراءة روايات عبير التي جلبتها معها من الرياض ، أو تعيد قراءة روايات بيار روفايل التي عرفتها سديم عليها وهما في المرحلة المتوسطة . كان لدى راشد في الشقة جهاز كمبيوتر لا يستخدمه ، سمح لها باستخدامه إن هي أرادت ذلك ، لكنه لم يكن متصلاً بشبكة الإنترنت . قضت قمرة أشهراً في التعليم على استخدام الكمبيوتر . كان راشد يساعدها أحياناً لكنها كانت تحاول الاعتماد على نفسها إلى حد كبير . كانت تلاحظ إقبال راشد وحرصه على تقديم المساعدة كلما لاحظ إصرارها على التعلم وحدها وعدم لجوئها إليه في كل صغيرة وكبيرة كما كانت تفعل في بداية زواجهما . هل يشعر الرجل بتهديد لسلطته عندما يرى بوادر تفوق المرأة ؟ هل يخاف الرجال من استقلالية نسائهم ؟ وهل يظنون أن استقلال المرأة وتحقيقها لذاتها هو اغتصاب غير مشروع لصفة القوامة التي أثبتها الله لهم ؟ اكتشفت قمرة قاعدة مهمة في التعامل مع الرجل ، وهي أن الرجل يجب أن يشعر بقوة المرأة واعتمادها على نفسها ، ويجب أن تفهم المرأة أن علاقتها بالرجل ينبغي ألا تقتصر على الحاجة ، حاجتها لنقوده ، ولقيامه بمسؤوليات المنزل ، وحاجتها لعنايته بها وبأطفالها ، وحاجتها قبل كل شيء للشعور بأهميتها في هذا الكون التي هي بحاجة – مع الأسف الشديد – لرجل حتى يُشعرها بها . بينما كانت قمرة تتصفح بعض الملفات التي تحتوي على صور لخلفيات الجهاز وقعت عيناها على ملف يحوي عدداً كبيراً من الصور لامرأة من شرق آسيا ، عرفت بعدها أنها من اليابان ، واسمها كاري . بدت كاري رغم ضآلة جسمها كغيرها من الشرق آسيويين ، في سن قريبة من سن راشد أو أكبر منه بقليل ، وكانت تظهر في بعض الصور إلى جانبه وهما مستلقيان باسترخاء فوق الكنبة في نفس الشقة التي تسكنها قمرة الآن معه ! لم تكن المسألة حينها بحاجة إلى تفسير . شكلت تلك الصور الحلقة المفقودة في سلسلة الفتور غير المبرر في علاقة راشد بها ! كان راشد على علاقة بهذه الفتاة قبل زواجه بقمرة وليس ببعيد أن يكون على علاقة بها حتى الآن! توالت الدلائل بعد ذلك تباعاً ، فعلاوة على سهراته اليومية مع كاري على الإنترنت أو الهاتف (وما أدراها ؟!) ، اعتاد راشد أن يقضي يومين من كل شهر خارج المنزل مع (أصدقائه) في رحلة برية . كانت ترحب بتلك الرحلات التي تفعل براشد فعل السحر فيعود لها منشكحاً وسعيداً ومبالغاً في إظهار مودته ، حتى أنها كانت تشعر بالامتنان نحو (أصدقائه) وتنتظر رحلة الشهر التالي بفارغ الصبر كشف تمكن من إخفاء علاقته بهذه المرأة لمدة تسعة شهور ؟ وكيف لم تتمكن قمرة من اكتشاف علاقة زوجها بامرأة أخرى ؟ لقد كانت الأشهر الأولى بعد زواجها به صعبة بحق ، إلا أنه تغير بعدها تدريجياً وصار زوجاً نجدياً تقليدياً أشبه بزوج أختها حصة ، فكيف استطاع أن يمثل عليها طوال هذه المدة ؟ هل كان يلتقي تلك المرأة باستمرار ؟ وهل تسكن معهم في نفس الولاية أم أنه كان يسافر إليها كل شهر ؟ هل يحبها ؟ هل ينام معها ويجبرها على تناول حبوب منع الحمل كما يفعل بزوجته ؟ لو أن أحداً أخبرني أن قمرة المستكينة سوف تفعل ما فعلته لما صدقته قبل أن أراها بعيني ، فالزوجة الصغيرة حملت السلاح وقررت أن تقاتل دفاعاً عن زواجها وتصارع من أجل بقائه . لم تخبر أحداً باكتشافها المؤلم سوى صديقتها سديم ، التي أخبرتها بأمر انفصالها عن خطيبها وليد بعد عقد القران . شعرت أن صديقتها الهاربة إلى المنفى اللندني هي الأقدر على تفهم مشاعرها في تلك الفترة ، رغم أنها لم تعرف سبب انفصال سديم عن وليد إلا بعد ذلك بسنة . حذرتها سديم خلال مكالماتهما اليومية من أن تخبر راشداً عن اكتشافها ، ونصحتها باتباع خطة الدفاع عوضاً عن الهجوم الذي لا تمتلك أسلحة كافية من أجله : - ما قدامك إلا أنك تقابلينها وتتفاهمين معها . - وش أقول لها ؟ ابعدي عن جوزي يا خطافة الرجالة !؟ - لا يا بنتي . تجلسين معها وتحاولين تعرفين منها طبيعة علاقتها بزوجك ومن متى هالعلاقة . ما تدرين ! يمكن حتى يكون مخبي عنها أنه متزوج ! . - أنا باموت واعرف وش لقى فيها ذي القردة أم عيون ممغطة؟! . - أهم من إنك تعرفين وش لقى في شكلها ، إنك تعرفين وش لقى في شخصيتها. ما يقولون اعرف خصمك ؟! هل أصابت قمرة عندما قررت أن تحارب من أجل الحفاظ على استقلال مملكتها ؟ أم أن الزواج الناجح في الأساس هو ما لا يحتاج إلى حروب لاستمراره ، وعلى ذلك فإن كل زواج يستدعي الحرب هو زواج محكوم عليه بالفشل مسبقاً ؟ عثرت على رقم هاتف كاري وعنوانها في مفكرة راشد . كان لها قزماً في اليابان (منه عرفت أنها يابانية) ورقماً في ولاية إنديانا القريبة التي درس فيها راشد الماجستير . اتصلت قمرة بكاري على الرقم الثاني وطلبت منها لقاءها بعد أن عرفتها بنفسها . ردت كاري بهدوء معلنة موافقتها وأخبرتها أنها مستعدة لزيارة شيكاغو لرؤيتها في أقرب فرصة! كان ذلك بعد اكتشاف قمرة للعلاقة المحرمة بين زوجها وتلك المرأة اليابانية بحوالي شهرين ، بذلت فيهما الكثير من المجهود حتى تسيطر على انفعالاتها المتضاربة وكي لا يشعر راشد بأي تغير من ناحيتها قبل موعد لقائها بعشيقته . انقطعت قمرة خلال هذه الشهرين عن تناول أقراص منع الحمل دون استشارة والدتها التي تعرف رأيها مسبقاً (مالك إلا عيالك يا بنيتي) العيال يربطون الرجال .. لم تكن قمرة تريد أن يكون الأطفال هم الرابط الوحيد أو بالأحرى المُجبر الوحيد لراشد للاستمرار معها ، لكنه هو من اضطرها لذلك ، ولذا فليتحمل مغبة أفعاله ! وليتحمل أبناؤهما مغبة أفعالهما كليهما !. الدوار والغثيان الصباحي مع الاستفراغ المزعج ، عوارض الحمل المعروفة والتي كانت قمرة تنتظرها بفارغ الصبر قبل أن تتصل بكاري . ذهبت إلى السوبرماركت الموجود في أسفل العمارة التي يسكنانها لتحصل على ما يؤكد لها شكوكها . لم تعرف وجهتها هذه المرة فلجأت لإحدى البائعات هناك وهي تشير إلى بطنها بيديها بشكل كروي : -آي... آي ... بريقنانت ! - أوه !! كونقرا جيوليشنز مام ! لم تحب قمرة يوماً اللغة الإنجليزية ولم تكن بارعة فيها كصديقاتها ، كانت تنجح كل عام بصعوبة وفي إحدى السنوات لم تنجح إلا في امتحان الدور الثاني بعد أن أشفقت عليها المعلمة ومنحتها من الدرجات أكثر مما تستحق . - نو... ! آي آي بريقنانت ... هاو ؟ وهي تبسط كفها الأيمن بإشارة : كيف ؟ - (والحية بادية على وجه البائعة السمراء) سوري ماي دير ، بت آي دونت قت وات يومين ! - (وهي تشير إلى نفسها بسبابتها مكررة) مي ... مي ... هاو بريقنانت؟؟ هاو بيبي ؟ هاو ؟؟؟ نادت البائعة اثنتين من زميلاتها البائعات وتبرعت إحدى المتسوقات العجائز للمشاركة في حل اللغز وفك طلاسم ما تقوله قمرة . بعد عشر دقائق من الشرح والإشارات حصلت قمرة أخيراً على ما تريد ، اختبار منزلي لكشف الحمل .


















الحلقه الثالثه عشر


:المواجهة بين اللي تسوى واللي ما تسوى

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خادماً له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً .
سنن ابن ماجه : 2060

***********

بعد أن قضت ساعات طوال تحت يدي مصففة الشعر ، وبعد أن تزينت بمجوهراتها الثمينة التي لم ترتدها منذ مغادرتها الرياض ، اتجهت قمرة نحو الفندق الذي نزلت فيه كاري ، وهي تحذر وساوسها الثائر من أن يقنعها بخنق تلك الساقطة حال رؤيتها لها. كار- التي أرتني قمرة فيما بعد صورة للممثلة الصينية لوسي لو لتخبرني أنها نسخة منها – نزلت إلى بهو الفندق لتلتقي بقمرة التي قتلها الانتظار ، مدت لها يداً لم تلتقطها قمرة ، التي كانت ما تزال في صراع مع وسواسها الثائر . اتخد اللقاء منحى غير الذي رسمته سديم لصديقتها . كانت كاري هي التي تدير دفة الحوار ، تبدأ حديثها وتنهيه بثبات وثقة دون أن ترتبك أو تتلعثم في انجليزيتها كغريمتها. - أنا سعيدة بلقائك . لقد سمعت كلاماً كثيراً عنك من راشد . أظن أن رغبتك بملاقاتي هي تصرف حكيم من قبلك . - هذه المرأة الملعونة ! كيف تجرؤ ؟ - يسعدني طبعاً أن تريني حتى تكوّني فكرة عما يحبه زوجك . لقد عانى راشد الكثير ولا بد من أن تعملي على تحسين نفسك من الداخل والخارج حتى ترتقي للمستوى الذي يستهويه ، حتى ترتقي لمستواي ! كانت القطة قد أكلت لسان قمرة التي لم تتوقع هجوماً مثل هذا ! بعد أن سمعت لما قالته كاري انفجرت في وجهها صارخة : - شت أب ! يو بتش ! يو تيك ماي هزبند آند يو توك ؟!! الترجمة لغير الناطقين بالفنزويلية : جعلتس اللي ماني بقايلة ! بعد لتس عين تحتسين بعد ما خيتي رجلي ؟! يو مانز ثيف !! ( يا خطافة الرجالة بس بالإنجليزية ) قسم بالله آي ول كل يو! أنا أوريتس يا حيوانة !! ( والله لأخلص عليك ، وأظن الباقي واضح !). تتفجر كاري ضاحكة وتشعر قمرة بذاتها تنكمش وتتضاءل أمام عدوتها . بمنتهى الصفاقة ، اتصلت كاري براشد أمام عيني زوجته لتخبره أنها في شيكاغو وأنها آتية للقائه حيث يكون .
** لم تكن قمرة بحاجة لمن يخبرها كيف سيكون شكل راشد (الأسد) عندما يأتيها بعد أن تطلعه عشيقته على تفاصيل ما جرى بينها وبين زوجته ، ولذلك كانت قد أخرت لقاءها بالساقطة حتى تأكدت من حقيقة حملها . علمتها سوالف الحريم التي طالما سمعتها من أمها وقريباتها أن الحمل هو الطريقة الأضمن لاستمرار الحياة الزوجية ، أقول استمرارها ولا أقول نجاحها . دخل عليها بعد أقل من ساعة من لقائها بكاري ، وليته لم يدخل .. - قومي قدامي - وين ؟! - بتعتذرين لكاري عن اللي سويتيه فيها وعن الكلام الزبالة اللي قلتيه لها . مهوب أنا اللي تسوين معه هالحركات يا قمير ، فاهمة وإلا لأ ؟! إذا اهلتس ما عرفوا يربونتس أنا اللي باربيتس ! - أنت منت بصاحي ! والله لو تموت ما رحت !! كأنا أعتذر لهالفلبينية ؟! وعلى إيش !! مين فينا اللي لازم يعتذر للثاني !؟ أنا والآ انت وهي !!؟؟ - (ممسكاً بذراعها بعنف ) شوفي يا حرمة ! الجيّة بتجين والاعتذار بتعتذرين ، ومن بعدها بتركبين أول طيارة وتطسين على بيت أهلتس ولا عاد أبغي أشوف خشتس هنا مرة ثانية . موب أنا اللي واحدة مثلتس تمشي كلامها عليه ! - إيه هين !! أنا حرمة وهي الليدي اللي ما ترضى عليها كلمة!! وش معنى الشغالات اللي ترضى لهم يمشون كلامهم عليك؟!! أتتها الصفعة مدوية على خدها الأيمن ! - هالشغالة تسواتس وتسوى أهلتس بعد ، انتي فاهمة ؟!! على الأقل هاذي ما جا أبوها يتلصق بأبوي لين زوج بنته لولده وهو داري إن الولد يحب له واحدة بأمريكا وعايش معها له سبع سنين! هذي الشغالة حبتني ووقفت جنبي وسكنتني في بيتها يوم ما كان بجيبي قرش ، يوم ما أهلي رفضوا يزوجوني إياها وقطعوا عني المصروف ثلاث سنين ! هذي اللي ما هي عاجبتس ما ركضت وراي عشان الفلوس وحلال أهلي ! هذي اللي موب عاجبتس أصدق وأشرف منتس ومن أهلتس بستين ألف مرة ! توقف ذهن قمرة عن الاستيعاب بعد الصفعة المؤلمة ، كان كل ما قاله راشد بعدها من إهانات مجرد امتداد للصفعة التي لا تريد أن تنتهي ! دون أن تعي ما تقول وأن الوقت غير مناسب أبداً لتصريح مثل هذا (هل يجوز استخدام الأطفال كدروع بشرية وقت الحروب الزوجية ؟ ) قالت وسط دموعها وهي تتحسس موضع الصفعة بانكسار بإحدى يديها وبطنها باليد الأخرى : - أنا حامل . يخفت صوت قمرة تدريجياً مع تساعد الموقف ، ويرتفع صوت راشد الذي تحول إلى كتلة من غضب وصارت عيناه جمرتين حمراوين مشتعلتين : - وشو ؟! حامل ! انتي حامل !! كيف وشلون ؟!! من سمح لتس تحملين ؟؟ إنتي ما تاخذين حبوب ؟ إحنا ما اتفقنا على أنه ما في حمل إلى أن أخلص الدكتوراه ونرجع للسعودية ؟؟ انتي محسبة انتس تلوين ذراعي بهالحركات الوسخة؟!! - أنا اللي حركاتي وسخة ! أنا اللي أبغي أعلّق واحدة ما لها ذنب معي سنين وأخليها تشتغل عندي خدامة إلى أن آخذ شهاديت وأرميها بعدها مثل الكلبة؟؟ أنا اللي أتزوج بنت الناس وأثرثر من وراها مع اللي تسوى واللي ما تسوى ؟!!! تأتيها الصفعة الثانية فتسقط على الأرض وهي تولول بحرقة . غادر راشد الشقة إلى أحضان (اللي ما تسوى) تاركاً قمرة تسب وتلعن وتلطم خديها وتبصق عليه باستحقار وهي في حالة من الهستيريا أقرب للجنون!

**********

عادت قمرة إلى بيت أهلها في زيارة عادية . أمها التي كانت تعلم كل شيء آثرت إخفاء النبأ عن الجميع . (سحابة صيف) هكذا كانت تسمي شجار ابنتها مع راشد ووعده إياها بالطلاق ، حتى أبوها الذي كان في إجازة في المغرب آنذاك ، قررت ألا تخبره عما حدث . هو بالذات لم يهتم بأي من أفراد هذا البيت يوماً ولن يهتم . كانت أم قمرة العقل المدبر والمحرك لهذا البيت وستبقى كذلك . عندما زارتها النسوة مهنئات بالحمل كانت قمرة تردد ما لقنته إياها أمها :- - راشد يا عميري طول وقته بهالجامعة ، حتى الإجازة ما يرضى ياخذها . يوم دري إني حامل ويحلف إني أبشر أهلي وأنا وسطهم . كلها شهر وارجع له . أعرفه ما يطيق يصبر عني ! كانت أمها تقول : (كلش ولا الطرق وأنا امتس) ولو أخوك طلق حرمته بس حنا بناتنا ما يتطلقن ...). لم يمهلهما راشد التنبل طويلاً حتى تتمكن الأم من تدبير حل للمشكلة ، وكما حدث مع سديم ، أتت ورقة الطلاق إلى والد قمرة بعد وصولها للرياض بأسبوعين لتقطع على الأم سير خططها ، وكأن راشد كان بانتظار اللحظة التي يتخلص فيها من هذه الزوجة المفروضة عليه . وصلتها الورقة البعبع التي كانت تراها في الأفلام المصرية . لم تكن الورقة مفزعة لشكلها وإنما لمضمونها . عندما ناولها إياها أخوها ، قرأت قمرة السطور المكتوبة فتهاوت على أقرب مقعد وهي تصيح : (يمه طلقني!) يمه راشد طلقني خلاص طلقني ! احتضنتها والدتها وهي تبكي وتدعو على الظالم : (الله يحرق قلبك وقلب أميمتك) يا راشد مثل ما حرقت قلبي على بنيتي !. أختها حصة التي تزوجت قبلها بسنة وكانت حاملاً في شهرها الثامن في عرس قمرة كانت تدعو معهما ولكن على الرجال كافة ، فهي أيضاً تعاني منذ زواجها . زوجها خالد الذي كان في غاية الدماثة والرقة أثناء فترة الملكة ، تحول بعد الزواج إلى شخص آخر ، لا يعبأ بها ولا يلتفت لرغباتها . كانت تشكو لأمها دوماً من إهماله لها ، فهو لا يهتم إذا ما غضبت ولا يذهب بها إلى الطبيب إذا مرضت . أثناء حملها كانت تذهب مع والدتها لمتابعة تطور الحمل ، وكانت تذهب مع أختها الكبرى نفلة لشراء مستلزمات الطفلة بعد الولادة ، وأكثر ما كان يغيظها في خالد هو بخله المستفز وتقتيره غير المبرر عليها مع أنه ميسور الحال ولا يبخل بأي شيء على نفسه ، فهو مثلاً لا يعطيها مصروفاً شهرياً كما يفعل زوج أختها نفلة مع أختها ، وكذلك والدها مع والدتها ، وإنما كان يعطيها عندما تلح في الطلب حتى تشعر بالمهانة . كانت إذا ما طلبت منه ثلاثة آلاف ريال لشراء فستان ترتديه في عرس قريبتها ، تذرع بأي حجة كي لا يعطيها النقود ، ما في داعي للفستان ، عندك فساتين كثيرة ، أو أنا ما شريت لك فستان قبل ست شهور ؟ أو أنا فلوسي على قدي ، خذي من أبوك اللي كل يوم جايب لواحد من اخوانك سيارة جديدة ... ولا هم رموك علي وتبروا منك ؟! وغيرها من الأعذار المستفزة التي كانت تدفعها في أغلب الأحيان لصرف النظر عن أي مطلب تريده ، وفي تلك المرات القليلة التي يعطيها فيها نقوداً ، يعطيها خمسمائة بدلاً من الثلاثة آلاف التي طلبتها أو خمسين إن هي طلبت الخمسمائة منذ البداية حتى لا تعرض نفسها لإذلاله ، ولسبب تجهله ، كانت أمه العقربة كما تلقبها تساعده وتصفق له في تقتيره وتنكيده عليها ! عانت قمرة الكثير بعد طلاقها من راشد ، فعلى الرغم مما سمعته من سديم عن مرارة معاناتها بعد انفصالها عن وليد ، إلا أن كثيراً من المشاعر التي اجتاحت قمرة لم تختبرها سديم ، فالأخيرة لم تخنقها العبرة كل ليلة عندما يحل وقت النوم الذي صار أسوأ الأوقات من كل يوم . منذ عودتها إلى بيت أهلها وهي لا تستطيع النوم لأكثر من ثلاثة ساعات متواصلة ، تصحو بعدها في ضيق وبمزاج نكد ، وهي التي لم يكن يستعصى عليها أن تنام العشر والعشرين ساعة متواصلة قبل الزواج وحتى أثناءه . هل كان هذا هو الاستقرار العاطفي الذي كان الحديث الشاغل لرفيقاتها غير المتزوجات ؟ لم تلاحظ يوماً أهمية وجود راشد في حياتها حتى خرج منها . عندما تضطجع على جانبها الأيسر وركبتها اليسرى تكاد تلتصق بذقنها بينما ساقها اليمنى ممدودة ، فلا تجد قدمها قدم راشد إلى جانبها ، تتقلب كثيراً وتشعر بأن السرير يشتعل من تحتها ، أو أن خيوطه تتحول إلى إبر تنغرز في مسام جلدها. تبسمل وتحوقل وتقرأ المعوذتين وآية الكرسي وما تحفظه من أدعية ما قبل النوم ثم تحتضن وسادتها وتضطجع على بطنها فتغفو بعد لأي ورأسها عند زاوية الفراش اليمنى بينما قدماها عند الزاوية اليسرى . فقط عندما تضطجع بالورب على هذا النحو ، تستطيع أن تملأ جزءاً كبيراً من الفراغ الذي خلفه راشد في سريرها ، وجزءاً من ذلك الفراغ الذي خلفه في حياتها









.

روز 23-02-07 10:09 PM

يعطيكي العافية

يا الله عنجد ما اتوقعت ابدا انو في ناس
عايشة بهالطريقة
بجد الله يعينهم
لو انا والله ما بتحمل ولا ثانية معهم
وبليز ما تتاخري علينا بليز
ميرسي

jana الحلوه 24-02-07 03:07 AM

تتميز الكاتبه باسلوب مشوق يجذب القارئ
انا ما تصدقين لو قلتلك اني قريت الكتاب في يوم واحد من الحماس
اما بالنسبه لكاتبه انا استغرب ليه الكوتاب محاربينها يمكن علشان جارآئت البطلات بس بما اني فتات فعلا يوجد في مجتمعنا عينات من ذول البطلات منهم الجرئ ومنهم المحتشم وطبعا لايقتصر على فقط بنات الرياض
مشكووووووووره عزيزتي الله يعينك على الكتابه

roudy 24-02-07 02:27 PM

اهلا حبيبتي روز
توقعي اكتر من هيك طالما لساتنا ناسيين ان الله
خلق النا عقول نفكر فيهم
مشكوره على المرور
وانشالله ما راح اتاخر عليكو
واعذروني على تأخري عليكم سابقا لكن كان عندي ظروف

roudy 24-02-07 02:30 PM

هلا احلى واغلى جانا
حبيبتي نحن كعرب ما بيهمنا الموضوع الاصلي قدر ما بيهمنا انه ننتقد بعض ونشتم بعض
لهيك هم تركو الموضوع الرئيسي
انا معك ان مش بس بنات الرياض هاي ظاهره للاسف انتشرت كثير عندنا
مشكوره حبيبتي على المرور

roudy 25-02-07 03:34 PM

وسع وسع وسع
انا جيت
اليوم كمان فيه اجزاء
يلا تابعو معي
وياريت تشجعوني بشواي من ردودكو الحلوه انا مش طماعه
لكن محتاجه ردود

roudy 25-02-07 03:40 PM

الحلقه الرابعه عشر



عن ميشيل وفيصل أحدثكم

الحب مشاعر قلبية لا سيطرة للإنسان عليها ،
والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ،
ولولا أن الحب من أغلى الأشياء ، لما ذهب كثير من زمن الأنبياء فيه ،
وقد جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المفهوم بأن نار الحب إذا اشتعلت لا يطفئها إلا النكاح
وذلك بقوله : (لم ير للمتحابين مثل النكاح)
ابن ماجة : 1847،


فالحب الذي يبقى مقيداً بلجام العفاف والتقوى لا حرج فيه ،
وسبيله الوحيد النكاح،
فإن لم يحصل كان الصبر مع مرارته هو الحل الوحيد .
إننا نفرق بين الحب كممارسة وسلوك وبين الحب كمشاعر ،
فالحلال منه إذا كان مجرد مشاعر ،
أما إذا تحول الحب إلى سلوك
كلمسة وقبلة وضمة ففي هذه الحالة يكون حكمه حراماً
وينتج عنه سلبيات كثيرة لأنه من الصعب على المحب ضبط حبه ،
ولكن ما هو الحب الذي نريده ،
نريد الحب الذي يغير القلوب والنفوس .
نريد الحب الذي يدفع بأصحابه للقيام بأعمال يسطرها لهم التاريخ
كأحلى قصة بين متحابين .
موقع جاسم المطوع الإلكتروني

أصبحت تستهويني قراءة تعليقاتكم على القصة ،
فبعد إيميلي الأخير وصلني ما يقارب مائة رسالة !
قرأتها جميعاً لأتكد أننا شعب اتفق على ألا يتفق ،
فمن متعاطف مع قمرة إلى محتقر لها
ومن مؤيد لراشد إلى ناقم عليه .
أؤكد لكم أنني استمتعت بقراءة كل رأي من آرائكم المتباينة
حتى التي أختلف معها .
سعيدة أنا بمتابعتكم رسائلي ، وسعيدة أكثر باختلافاتكم
لأنها تشير إلى بداية تكوين بعضكم لفكر مستقل عن رأي الأغلبية ،
رأي يتقنعون به ويؤمنون بمبادئه ويتمسكون به (أو هذا ما أتمناه) !
وهذه أروع الفوائد التي جنيتها معكم من إيميلاتي . *
**********

وجدت ميشيل في فيصل كل ما كانت تبحث عنه في الرجل ، فقد كان يختلف عن بقية الشباب الذين تعرفت عليهم منذ استقرارها في السعودية ، وأكبر دليل على ذلك استمرار العلاقة بينهما لما يقارب العام مع أن أطول علاقاتها السابقة لم تدم أكثر من ثلاثة أشهر . كان فيصل شاباً متحضراً ، يعرف تماماً كيف يتعامل مع المرأة ولا يستغل الفرص كما يفعل الباقون ، كان لديه العديد من الصديقات كما كان لدى ميشيل العديد من الأصدقاء لكنهما أصبحا (كوبل) بعد فترة قصيرة من تعارفهما وحرصا على إعلان ذلك أمام جميع أصدقائهما . رقته الآسرة وسلوكه الرفيع جعلاها تعيد النظر في حساباتها وتغير الانطباع السيء الذي كونته عن الشباب في بلدها بعد عدد من التجارب القصيرة . لم يخطر ببالها قبل تعرفها على فيصل أن بإمكان الشاب السعودي أن يكون رومانسياً كغيره من شباب العالم المتحضر . كان فيصل يتبعها بسيارته كل صباح وهي في طريقها إلى الجامعة مع سائقها الخاص . كانت رؤيته في الساعة السابقة صباحاً يجول شوارع الرياض معها وهو يغالب النعاس – خاصة في الأيام التي لا تبدأ محاضراته فيها قبل الظهر – تدغدغ قلبها بحنان لا يسعها إلا الاعتراف به والتلذذ بطعمه . لم تستطع يوماً أن تشرح لأحد أصدقائها أو حتى صديقاتها المقربات ما تشعر به من ضياع ، فرغم أن صديقاتها كن يدركن مدى كراهيتها للمجتمع السعودي وتقاليده الصارمة واستهزائها بما يفرضه على الفتاة من قيود ، إلا أن ما بداخلها من صراع حضاري كان بحاجة لعقل واعٍ وفكرٍ مستنير وشخص متفتح الذهن حتى يستوعب ما يدور في ذهنها من تداخلات . وجدت ميشيل لذتها بعد ذلك مع فيصل ، الذي أدرك تماماً ما تعانيه ، فصارت تبث همومها في كل حين . بعد أن عثرت أخيراً على الفتى الذي يفهمها بعد سنوات من التخطيط ، كيف لها أن تصوم من جديد عن لذة البوح ؟ فتحت ميشيل صندوقها الأسود القابع في أعماقها وقامت بعرض محتوياته بحرص على فيصل ، الذي ساعدها في نفض الغبار عن كل قطعة منها ، ثم أعاد طيها قبل أن يودعها الصندوق من جديد ، بعد أن تأكد كلاهما أن مفتاح الصندوق الوحيد أصبح في جيبه هو . في منزل أم نوير اجتمعت به . تؤمن أم نوير بالحب ولم تحاول يوماً تصويره للشابات الأربع على أنه نجاسة يجب الترفع عنها ، إلا أنها كانت تعلم أن الحب الصادق لا يجد له متنفساً في هذا البلد ، وأن أية علاقة مهما كانت عفيفة لا بد وأن تقابل بالرفض والكبت الذي قد يدفع أبطالها للوقوع في الكثير من الأخطاء ، لذا فعندما أخبرتها ميشيل عن عزمها على دعوة فيصل إلى منزلها (في غياب أبويها) بعد أن ملت لقاءه في المقاهي والمطاعم التي يندسان خلف ستائرها كل مرة كهاربين من العدالة ، وطلبت منها الإذن بأن تخبر أبويها أنها ستمضي السهرة في منزلها ، عندها فتحت أم نوير باب منزلها في وجه الحبيبين الحائرين حماية لحبهما من نفسيهما ، وحماية لعلاقتهما البريئة من التحول إلى ما هو أكبر من ذلك قبل أن يتم الارتباط الرسمي بينهما ليحفظ لكل منهما حقوقه ، في زمن لا يعترف إلا بالأوراق الرسمية . أمسك فيصل بكلب ميشيل المدلل باودر يداعبه ، وهو كلب أبيض صغير من فصيلة البودل ، وراح يستمع إلى ميشيل وهي تسرد له إحدى قصصها ، كعادتها باللغة الإنجليزية التي تمنحها حرية أكبر في البوح والانطلاق . - عندما كان عمري خمس سنوات ، وكنا آنذاك لا نزال في أمريكا ، اكتشف الأطباء إصابة ماما بسرطان عنق الرحم . خضعت ماما للعلاج الكيميائي ثم أجريت لها عملية اسئصال للرحم ، وهكذا فقدت قدرتها على الحمل والإنجاب . بمجرد عودتنا إلى الرياض بعد انتهاء العلاج الإشعاعي ، وقبل أن تستعيد أمي شعرها المتساقط ، بدلاً من مواساتنا اقترحت عمتي أمام أمي وأمامي تزويج أبي من أخرى تستطيع أن تنجب ابناً يحمل اسمه ، وكأنني أحمل اسم رجل غريب ! مع علينا ، لو أنني سأقف عند كل خطأ يُرتكب في هذا المجتمع المتناقض لما انتهيت من الحديث أبداً ! دادي أصر على رأيه ورفض أن يتزوج من امرأة أخرى ، فهو يحب مامي كثيراً ومتعلق بها . أحبها منذ أن رآها لأول مرة في أميركا في ليلة رأس السنة التي كان يقضيها عند أحد الأصدقاء . تعرف عليها في تلك الليلة وتزوجها بعدها بشهرين . عائلة أبي لم ترض يوماً عن هذه الزيجة وظلت جدتي تتأفف عند زيارة أمي لها حتى اليوم . عاد أبي معنا إلى أميركا بعد أقل من شهر من رحيلنا عنها ، أبي الذي كان يحلم بالعودة إلى وطنه حتى أشب على أرضه كفتاة سعودية ، عجز عن تعليم أقاربه احترام خصوصياته ، فآثر الهجرة من جديد ... تدخل عليهما أم نوير لتفقد الأوضاع . كم هي طيبة أم نوير ، فهي على الرغم من تحررها إلا أنها تخاف على البنات الأربع كبناتها وتعمد إلى مراقبتهن بطرقها اللطيفة المكشوفة . تجلس معهما لدقائق ، تسأل فيصل عن صحة الوالدة التي لم ترها والإخوة الذين لا تعرف أياً منهم ، تلتفت إلى ميشيل وتسألها عن الشريط الكئيب الذي يستمعان إليه. - بنك فلوويد ، آنتي . - (مبديةً امتعاضها) ويه! قميضه وا علينا عليه ! اش حقه جذي ؟ الحين هذا بدال ما تحطين له : آه يا لاسمر يا زين ، الشوق أمرني أطيعك وانسى خلاني ! تحطين له هاللي يتحلطم !؟ . تغمز أم نوير باتجاه فيصل الذي يضحك بحبور حتى تبدو غمازتاه الجذابتان . تصرخ ميشيل : - آنتي ؟ بليز لا تكبرين راسه علي ! ما صدقنا نلقى واحد حلو وما هو شايف نفسه! ويضحكون جميعاً . تعود لتكمل قصتها بعد انصراف أم نوير وهما يتناولان ما وضعته أمامهما من مكسرات وبنك ونقل تأتي بهم من الكويت . - عدنا بعد ذلك بثلاث سنوات إلى الرياض ومعنا مشعل . هل تصدق أنني أنا التي اخترت ميشو من بين مئات الأطفال حتى يكون أخاً لي ؟ لقد شعرت حينها بأنني أصنع القدر ! أعجبني شعره الأسود القريب من لون شعري ووجهه البريء . أحسسته قريباً مني . كان في شهره السابع عندما تبنيناه ، كان سو كيوت ! حالماً رأيته أخبرت أمي وأبي أن هذا الطفل هو أخي الذي يبحثان عنه . عندما عدنا إلى الرياض ، اجتمع أبي بأبويه وإخوته وأخواته ، وقال لهم بوضوح أن مشعل الصغير سوف يكون ابنه الذي لم يشأ الله أن يهبه إياه عن طريق دايان – والدتي – وأن عليهم جميعاً احترام قراره ، وأن يعدوه بألا يكشفوا هذا السر أمام مشعل في يوم من الأيام . كان أفراد العائلة المقربون الوحيدين الذين علموا بمرض أمي لأن أحداً لم يرها هنا طوال فترة مرضها وعلاجها ، ولم يسمح أبي بانتشار الخبر . خيّر أبي أهله ما بين رضوخهم لقراراته مقابل بقائه معهم ، وما بين عودته للعيش في أميركا إن لم يوافقوا . بعد أسبوع من المداولات العائلية ، وافقت الأسرة على انضمام مشعل الصغير إليها . أبي كان متأكداً من موافقتهم ، لا لحبهم له وإنما لأن البزنس العائلي كان بحاجة ماسة لخبرات والدي وطاقاته . عدنا لأمريكا لتصفية شؤوننا هناك ، وبعد سنة كنا نحن الأربعة في الرياض ، نبدأ مرحلة جديدة من حياتنا ... عوّدها فيصل على صمته أثناء حديثها خاصة إذا كان حديثاً ذا شجون كهذا ، لكنها خافت صمته هذه المرة ، فراحت تبحث في عينيه عن ردة فعل أو انفعال ما يشي بما يفكر به بعد سماع كلامها ، ولما لم تجد ما يطمئنها أضافت بحزن : - نحن لا نخاف من أحد ولم نخف حقيقة مشعل عن الناس لأننا نخجل من ذلك . صدقني كان أبي علي استعداد لنشر الحقيقة على صفحات الجرائد والمجلات لولا تأكده من أن مجتمعه هنا لن يتقبل ابنه بنفس الحفاوة التي تقبلها به مجتمع زوجته في أمريكا . أليس من المحزن أن أضطر لإخفاء حقيقة مثل هذه عن ميشو وعن صديقاتي ؟ ليتني كنت أستطيع إخبارهن ، لكنهن لن يفهمن ! سوف يسمونه بأسماء مؤلمة من وراء ظهري وسيعاملونه وفقاً لتلك المسميات الجارحة ، وهذا ما لن أقبل به ! إنها حياة أبي وأمي وقد اختارا أن يعيشاها بهذه الطريقة فلم يتدخل الجميع في شؤونهما ؟ لم أجبر على التمثيل أمام الآخرين حتى لا يضطهدونني ؟ لم لا يحترم المجتمع اختلاف أسرتي عن بقية الأسر السعودية ؟ الجميع يعتبرونني فتاة سيئة لمجرد أن والدتي أمريكية ! كيف أستطيع العيش في مجتمع جائر كهذا ؟؟ قل لي كيف يا فيصل ؟!! . تندفع في البكاء الذي أصبح يلذ لها وهي بصحبته . وحده الذي يعرف كم دمعة بالضبط يجب أن يدعها تذرف قبل أن يداعبها بلطف لتتوقف عن البكاء . وحده يعرف أنها ستقهقه رغماً عنها لو اشترى لها من أقرب دكان للبقالة (قوطي شاني) أو (حلاو بقر) !. فيصل هذه المرة كان يفكر بنفسه . راح يواسيها برقة وهو يتخيل الحوار الذي سيدور بينه وبين والدته حالما يعود إلى المنزل . لقد حاول تأجيل هذا الحوار مراراً لكنه هذه المرة عازم على أن يفتح(أو يقفل!) الموضوع مع والدته . الله يستر !


roudy 25-02-07 03:41 PM

الحلقه الخامسه عشر



ألبي! ألبي!

ومنهم من يستمعون إليك
أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون .
ومنهم من ينظر إليكم أفأنت تهدي العمي ولو كانوالا يبصرون.
إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون .
سورة يونس 42-44

أعرف أنكم تتوقون لمعرفة ما حدث بين فيصل ووالدته ،
ولذلك نعود اليوم إلى فصل فيصل وميشيل من القصة ،
ميشيل التي احتار الناس في كوني إياها أو سديم !
فأنا ميشيل إذا ما استخدمت مصطلحات إنجليزية ،
ثم أصبح سديم في الأسبوع التالي إذا ما كتبت قصيدة لنزار قباني ...
يا حياة الشقا !

فينك يا يوسف يا وهبي تيجي تشوف اللي بيحصل .
حركة أو (لازمة) ألبي ألبي! التي ابتدعتها لتضحكنا
أصبحت من الخدع الأكثر انتشاراً في أوساطنا المحلية مؤخراً ،
وخصوصاً بين الأمهات ، عندما يحين الوقت للتعامل مع طلبات الأبناء المدللين .




--------------------------------------------------------------------------------


حالما سمعت أم فيصل اسم ميشيل ركبها ستميت عفريت ! تدارك فيصل خطأه بسرعة : ينادونها ميشيل لكن اسمها الحقيقي مشاعل ! مشاعل العبد الرحمن ! نظرة سوداء من عيني أمه أصابته بالرعب وعقدت لسانه ! خشي الشاب أن تكون هناك عداوة قديمة ما بين العائلتين ، لكن اتضح له أن الأم لم تكن قد سمعت باسم عائلة ميشيل من قبل . من هو العبد الرحمن ؟ وأي عبد للرحمن ؟ ما أكثر عباد الرحمن !! كان اسم عائلتها عادياً جداً ، لا يرقى إلى مصاف العوائل التي تناسب أو تخالد عائلة البطران ! حاول أن يوضح لها أن أبا ميشيل لم يستقر في البلد سوى من سنوات قليلة ولذلك فإن اسمه غير معروف للكثيرين من أهل الرياض ، لكنها لم تفهم . من هم إخوته ؟ يقول أن والد ميشيل هو أنجح مَن بالعبد الرحمن! وقد اعتاد بعد عودته من أميركا التي عاش فيها طويلاً ألا يختلط إلا بمن يوافقونه تمدناً وأفكاراً ، ولكن ذلك كأنما زادها امتعاضاً . عائلة تلك الفتاة ليست من مواخيذهم . لا بد من سؤال الأب ، فهو أعرف منها بمسائل الأنساب ، لكن الموضوع منذ بدايته لا يبشر بخير. لقد ضحكت عليه البنت! آه من بنات هذه الأيام !! ويا لابنها الصغير الغر الذي لم تكن تتوقع منه أن يقع في شباك فتاة كهذه ! سألته عن أخوال البنت ، وأراد أن يكحلها فعماها ! عندما سمعت الأم أن أم الفتاة أمريكية قررت أن تقفل باب هذا النقاش العقيم حول هذه المهزلة إلى غير رجعة بأن تلجأ لتكنيك يوسف بيه وهبي بعد السعوَدة : - قم با وليدي . قم بسرعة جب لي دوا الضغط والقلب ، شكل السكر انخفض معي! حاول الابن أن يقنعها ، أن يكسب رضاها عن ميشيل . عدد لها محاسن الفتاة . حدثها عن أشياء لا تهمها ، فتاة مهذبة متعلمة وطالبة جامعية مثقفة ، تعبه بخليطها الشرقي الغربي . البنت تفهمه ، البنت متحضرة وليست قروية كبقية البنات اللواتي سبق له التعرف إليهن أو اللاتي تلمح والدته إلى مشاريعها في تزويجه إحداهن . لم يستطع أن يقول لها صراحة أن البنت تحبه وأنه هو يحبها أكثر . تناولت الأم أدويتها التي إن لم تكن تنفع فهي لا تضر ، وهي تمسح دموعاً كثيرة ، وتتحدث وهي تمسح على شعره بحنان عن آمالها الكبيرة في تزويج ابنها الأصغر من أحسن البنات ، وإهدائه أحسن منزل وأحسن سيارة وتذاكر لقضاء أحسن شهر عسل . بكى فيصل اليائس ، فيصل البائس تحت قدمي أمه الغالية ، أمه التي لا يحب أحداً في الكون أكثر منها ولم يعارضها يوماً . بكى البنت المتحضرة ، حبيبته التي تفهمه ويفهمها أكثر من أي اثنين في هذا العالم ، ميشيل ذات الجمال النجدي والشخصية الأمريكية ، التي لن تكون من نصيبه

roudy 25-02-07 03:44 PM

الحلقه السادسه عشر


هل هذا هو الاستقرار العاطفي ؟

أيها الشاعر : كم مزهرةٍ عوقبت لم تدرِ يوماً ذنبها
إبراهيم ناجي


لم يصدق الكثيرون ما فعله فيصل ،
أو بالأحرى ما لم يفعله ! أؤكد لكم أن هذا ما حصل ،
وأنه روى تفاصيل حواره مع والدته – التي سردتها لكم – لميشيل
بعد بضعة أسابيع عاشها في حيرة وتخبط ،
بين قلب يهوى وعقل يعرف تماماً الحدود المرسومة مسبقاً
من الأهل لخياراته في الحياة .


لا أعرف سبب استغرابكم !
إن مثل هذه القصص تحدث عندنا يومياً
دون أن يشعر أحد سوى الاثنين المعنيين بها ، والمكتويين بنارها ،
وإلا فمن أين أتت كل هذه الأشعار الحزينة والأغاني الكئيبة في تراثنا ؟
إن صفحات الشعر في الجرائد وبرامج الإذاعة والمنتديات الأدبية على الإنترنت تقتات على مثل هذه القصص والأحزان وخيبات الأمل!

أنا سأروي لكم الأحداث التي تحدث في منازلنا
والمشاعر التي تعترينا نحن الفتيات عند مرورنا بمثل هذه الأحداث .
لن أتطرق لما في صدور التماسيح
لأنني ببساطة لست على علم كافٍ بطبيعتهم التمساحية ،
ثم أنهم بصراحة لا يقعون ضمن اختصاصاتي واهتماماتي .
أنا أتحدث عن صديقاتي فقط ،
وعلى من يجد في نفسه من التماسيح رغبة في التعبير عن أصدقائه
أن يكتب لي ويخبرني عما يدور في مستنقعاتهم ،
لأننا – معشر السحالي –
في أمس الحاجة لمعرفة أفكارهم وفهم دوافعهم التي تخفى علينا دائماً .

البعض أقام الدنيا ولم يقعدها
بعد إيميلي الأخير وقصة فيصل مع ميشيل ،
وهؤلاء للأسف تعلو أصواتهم دائماً على أصوات البقية
لأنهم من أتباع سياسة
(خذوهم بالصوت لا يغلبوكم )
أليس أحرى بهؤلاء الناقمين إن أرادوا الثورة ،
أن يثوروا على أفكار بشعة وتقاليد مريضة
بدلاً من أن يثوروا على من تحاول فقط الحديث عنها
.
يستهجن الجميع جرأتي في الكتابة ،
ويلومونني على ما أثيره من مواضيع التابو
التي لم نعتد مناقشتها في مجتمعنا بهذه الصراحة ،
وخاصة من قبل فتاة صغيرة مثلي ،
ولكن أليس لكل شيء بداية ؟
من كان يتخيل أن مارتن لوذر كنق القس المسالم
سوف يحرر السود في أميركا من قوانين التمييز العنصري
ويبدأ حركة المساواة بين البيض والملونين
باحتجاج بسيط منه وأفراد كنيسته
على الفصل بين البيض والسود في مقاعد الحافلات في مدينته ؟

من يدري ؟
قد أواجه المصاعب الآن كما واجهها لوذر كنق
الذي اعتقل منذ نصف قرن وهو في بداية نضاله
ضد المعتقلات الخاطئة في مجتمعه .
ضحى هذا الرجل بنفسه لخدمة القضية ،
ولم يقل أن ليس بالإمكان إصلاح العالم ،
وها هو يُذكر الآن كبطل من أبطال هذا القرن بعد أن عومل كمجرم في حياته .
قد أجد قليلاً من المؤمنين بقضيتي الآن وقد لا أجد ،
لكنني أشك في أن أجد كثيراً من المعارضين بعد نصف قرن من الآن

عادت قمره الى بيت اهلها في زياره عاديه 0 امها التى كانت تعلم كل شيئ اثرت اخفاء النبأ عن الجميع 0 <سحابة صيف> هكدا كانت تسمى شجار ابنتها مع راشد ووعده اياها بالطلاق 0 حتى ابوها الذي كان في اجازه في المغرب أنذاك 0 قررت الا تخبره عما حدث 0 هو بالذات لم يهتم باي من افراد هدا البيت يوما ولن يهتم 0 كانت ام قمره العقل المدبر والمحرك لهدا البيت وستبقى كذلك0

عندما زارتها النسوة مهنئات بالحمل كانت قمره تردد ما لقنته اياها امها

راشد يا عميري طول وقته بهالجامعه حتى الاجازه ما يرضى ياخدها 0 يوم درى اني حامل ويحلف اني اني ابشر اهلى وانا وسطهم كلها شهر وارجع له 0 اعرفه ما يطيق يصبر عني 0
كانت امها تقول :< كلش ولا الطلاق وانا امتش؛ ولو اخوك طلق حرمته بس بناتنا ما يتطلقن000

لم يمهلها رتشد التنبل طويلا حتى تتمكن الام من تدبير حل للمشكله 0 وكما حدث مع سديم اتت ورقه الطلاق الى والد قمره بعد وصولها للرياض باسبوعين لتقطع على الام سير خططتها ؛ وكأن راشد كان بانتظار اللحظه التى يتخلص فيها من هده الزوجه المفروضه عليه 0
وصلتها الورقه البعبع التى كانت تراها في الافلام المصريه0 لم تكن الورقه مفزعه لشكلها وانما لمضمونها 0 عندما ناولها اياها اخوها ؛قرأت قمره السطور المكتوبه فتهاوت على اقرب مقعد وهي تصيح: يمه طلقني يمه طلقني خلاص طلقني ! احتضنتها والدتها وهي تبكي وتدعو على الظالم: الله يحرق قلبك وقلب اميمتك يا راشد مثل ما حرقت قلبي على بنتي 0

اختها حصه التى تزوجت قبلها بسنه وكانت حاملا في شهرها الثامن في عرس قمره ؛ كانت تدعو معها ولكن على الرجاله كافه ؛ فهي ايضا تعاني مند زواجها 0 زوجها خالد الذى كان في غايه الدماثه والرقه اثناء قتره الملكه ؛ تحول بعد الزواج الى شخص اخر ؛ لا يعبا بها ولا يلتفت لرغباتها 0 كانت تشكو لأمها دوما من اهماله لها ؛ فهو لا يهتم ادا ما غضبت ولا يدهب بها الى الطبيب ادا مرضت 0 اثناء حملها وكانت تدهب مع والدتها لمتابعه تطور الحمل؛ وكانت تدهب مع اختها الكبرى نفله لشراء مستلزمات الطفله بعد الولاده؛ واكثر ما كان يغيظها في خالد هو بخله المستفز وتقتيره غير المبرر عليها مع انه ميسور الحال ولا يبخل باي شيئ على نفسه 0 فهو مثلا لا يعطيها مصروفا شهريا كما يفعل زوج اختها نفله مع اختها وكذلك والدها مع والدتها؛ وانما كان يعطيها عندما تلح في الطلب حتى تشعر بالمهانه0

كانت ادا ما طلبت منه ثلثه الاف ريال لشراء فستان ترتديه في عرس قريبتها ؛ تدرع بأي حجه كي لا يعطيها النقود :< ما في داعي للفستان عندك فساتين كثيره >او انا ما شريت لك فستان قبل سته شهور؟؟ لو انا فلوسي على قدي ؛ خدي من ابوكي اللى كل يوم جايب لواحد من اخوانك سياره جديده 000 ولا هم رموك على وتبروا منك؟؟؟ 00 وغيرها من الاعدار المستفزه التى كانت تدفعها في اغلب الاحيان لصرف النظر عن أي مطلب تريده 0 وفي تلك المرات القليه التى يعطيها فيها نقودا ح يعطيها خمسمئه بدلا من الثلاثه الاف التى طلبتها؛ او خمسين ان هي طلبت الخمسمئه مند البدايه حتى لا تعرض نفسها لاذلاله0 ولسبب تجهله كانت امه العقرب كما تلقبها تساعده وتصفق له في تقتيره وتنكيده عليها!

عانت قمره الكثير بعد طلاقها من راشد فعلى الرغم مما سمعته من سديم عن مراره معاناتها بعد انفصالها عن وليد ؛ الا ان كثيرا من المشاعر التى اجتاحت قمره لم تختبرها سديم؛ فالاخيره لم تخنقها العبره كل ليله عندما يحل وقت النوم الذي صار اسوأ الاوقات من كل يوم 0مند عودتها الى بيت اهلها وهي لا تستطيع النوم لاكثر من ثلاث ساعات متواصله ؛تصحو بعدها في ضيق وبمزاج نكد؛ وهي التى لم يكن يستعصي عليها ان تنام العشره والعشرين ساعه متواصله قبل الزواج وحتى اثناءه0 هل كان هدا هو الاستقرار العاطفي الذي كان الحديث الشاغل لرفيقاتها غير المتزوجات ؟؟لم تلاحظ يوما اهمية وجود راشد في حياتها حتى خرج منها0

عندما تضطجع على جانبها الايسر وركبتها اليسرى تكاد تلتصق بدفنها بينما ساقها اليمنى مم\و\ة فلا تجد قدمها قدم راشد الى جانبها؛ تتقلب كثيرا وتشعر بان السرير يشتعل من تحتها ؛ او ان خيوطه تتحول الى ابره تنغرز في مسام جلدها 0 تبسمل وتحوقل وتقرأ المعودتين وايه الكرسي وما تحفظه من ادعيه ما قبل النوم ثم تحتضن زسادتها وتضجع على بطنها فتغفو بعد لاي وراسها عند زاويه الفراش اليمنى بينما قدماها عند الزاويه اليسرى 0 فقط عندها تضطجع بالورب على هدا النحو وتستطيع ان تملأ جزءأ كبيره من الفراغ الذي خلفه راشد في سريرها ؛ وجزءأ صغيرا من ذلك الفراغ الذي خلفه في حياتها


roudy 25-02-07 03:46 PM

الحلقه السابعه عشر
كله ولا السعودي!

ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك
ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يُسراً إنّ مع العسر يُسراً
فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب .
سورة الشرح : 1-8

قرأت خلال الأسابيع الماضية أخباراً
في صحف محلية شهيرة كالرياض والجزيرة والوطن ،
تتحدث عني ! أعني عن إيميلاتي تحديداً .
كتبوا عن : ضجة تعم الأوساط المحلية حالياً
تقف وراءها فتاة مجهولة ترسل إيميلاً نهار كل جمعة
إلى معظم مستخدمي الإنترنت في السعودية ،
وتقص في هذه الرسائل قصص صديقاتها الأربعة :
قمرة القصمنجي ،
وسديم الحريملي ،
ولميس جداوي ،
وميشيل العبد الرحمن .
الفتيات اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية من طبقات المجتمع ،
والتي لا يعرف أخبارها عادة سوى من ينتمي إليها .
تطل الكاتبة كل أسبوع على الناس
بتطورات جديدة وأحداث شيقة
جعلت الجميع ينتظر يوم الجمعة للحصول عليها ،
وتنقلب الدوائر الحكومية وقاعات الجامعات وأروقة المستشفيات وفصول المدارس صباح كل سبت إلى ساحات لمناقشة أحداث الإيميل الأخير والكل يدلي بدلوه ، فمن مؤيد لهذه الفتاة ومن معارض لها .
هناك من يرى أن ما تقوم به الصبايا هو شيء طبيعي ومعروف وهناك
من يغلي غيظاً وهو لا يصدق ما يدور حوله من تجاوزات في مجتمعنا المحافظ .
أياً كانت النتيجة ،
فإن ما لا شك فيه أن هذه الرسائل الغريبة
قد قامت بخلق ثورة داخل مجتمعنا الذي لم يعتد مثل هذه الأمور ،
وعليه فإنها ستظل مادة خصبة للمداولة والحوار مدة طويلة ،
حتى بعد توقف الإيميلات عن الصدور ...



--------------------------------------------------------------------------------


بدأت سديم تستمع بعملها الصيفي في بنك HSBC وبدأت تندمج مع زملائها من الموظفين. كان الجميع يعاملونها بود ولطف لكونها أصغر العاملين الموجودين ، ويحاولون تقديم المساعدة والنصح لها باستمرار . ارتاحت لطاهر بشكل خاص ، الموظف الباكستاني المسلم الأكثر مرحاً وظرفاً . لم يكن عملها شاقاً . كانت مهمتها تقتصر على استقبال المراجعين ومساعدتهم في تعبئة الاستمارات المطلوبة ، أو فرز بعض الأوراق والملفات وترتيبها . لم يكن من بين زملائها في العمل من يستهويها إلى حد الإعجاب ولذلك فقد كانت تتصرف مع الجميع بعفوية وانطلاق ، كما أنه لم يكن بين الموظفين أي عربي ولذلك فقد كانت تتصرف وكأنها واحدة منهم ، تمازح هذا وتضحك مع ذاك ، ولا تضع لنفسها قيوداً كالتي تضعها عادة وهي برفقة مجموعة عربية وخاصة خليجية وتحديداً سعودية . إدوارد صاحب العينين الزرقاوين والشعر الأسود الذي يصل إلى ما أسفل أذنيه بقليل ، صاحب البورشة الذي كان يأتي للبنك مرتدياً أغلى الثياب ، وحده كان يلفت انتباهها . عندما رأته أول مرة مرتدياً بدلة كحلية غامقة مع قميص خمري وربطة عنق من نفس اللون تأكدت من أنه مختلف في وسامته وأناقته وحتى في لكنته الأيرلدنية عن الآخرين ، أما طاهر فقد كان محبوباً من قبل الجميع على الرغم من بساطته . رحلتها من شقتها في ساوث كنزنغتون حتى البنك الواقع في كناري وورف باستخدام المترو كانت تستغرق ما يقارب أربعين دقيقة كل صباح . كانت تقضي رحلتها اليومية في تصفح جرائد المترو المجانية الملقاة على المقاعد ، وسماع فيروز من مسجلها الصغير الووكمان . اقترح عليهم إدوارد بعد انتهاء الدوام في أحد الأيام أن يذهبوا جميعاً إلى البيانو بار على هاي ستريت كنزنجتون. وافقت سديم على المجيء مع مجموعة من الموظفين لوجود طاهر من ضمنهم ، ولأن البار الذي يريدون الذهاب إليه لا يبعد كثيراً عن شقتها ، لكنها أعلنت أنها ستنصرف عندما يأتي صديق طاهر لاصطحابه لمشاهدة فيلم في السينما ، فطاهر صار مثل الأخ الأكبر الذي تشعر في وجوده بالراحة والاطمئنان . ظلت سديم تتأمل البيانو الذي رُصت فوقه الكؤوس الرطبة وقد بدت أوتاره من خلال غطائه الزجاجي الشفاف . ذكرها هذا البيانو بالبيانو الأبيض الذي كان في منزل خالتها بدرية القديم بالرياض . كان طارق ابن خالتها يتلقى دروساً في العزف عليه ، وكان ينقل إليها كل ما يتعلمه من دروس . كانت في الثانية عشر من عمرها آنذاك بينما كان هو الخامسة عشر . الساعة تقارب السادسة مساءً . كان الوقت ما يزال مبكراً والمكان شبه خالٍ ، ولم يكن العزف على البيانو يبدأ عادة قبل الساعة السابعة والنصف مساءً . قررت سديم أن تحاول العزف رغم أنها لم تتمرن منذ سبع سنوات . اعتذرت مسبقاً عن العزف الرديء وبدأت ترتجل النوت واحدة تلو الأخرى حتى تصل إلى النوت المطلوبة ، ثم أعادت العزف من البداية وبإتقان أكبر هذه المرة . عزفت إحدى مقطوعات عمر خيرت ، موسيقيها المفضل . كان العزف صعباً هذه المرة بدون طارق الذي كان يغنيها عن استخدام يدها اليسرى أثناء العزف . كان صديق طاهر متجهاً للبار لاصطحاب صديقه إلى السينما ، لكن الأنغام العربية المنبعثة من الأسفل استوقفته . من موقعه على درجات السلم ، أطل فراس من النافذة الزجاجية الموجودة ليستكشف مصدر هذا اللحن العربي . لمح شابة جميلة لم يسبق له أن التقاها ضمن شلة طاهر . ظل مصغياً لعزفها حتى علا صوت التصفيق وعادت الفتاة إلى مقعدها إلى جانب صديقه. نزل فراس الدرجات الباقية حتى وصل إلى طاولة صديقه ، ألقى تحية سريعة على الحاضرين ثم طلب من صديقه الإسراع في الخروج معه حتى يلحقا بالفيلم . سأل طاهر سديم إن كانت متأكدة من أنها لا تريد مشاركته وصديقه الذهاب إلى سينما أوديون القريبة ، لكنها اعتذرت متمنية لهما قضاء وقت ممتع ، فاتجها وحدهما يساراً باتجاه السينما بينما اتجهت هي يميناً نحو شقتها . بعد أسبوع من ذلك اليوم أقام طاهر حفلة عيد ميلاده الثلاثين ، في مقهى كوليكشنز هناك التقاها فراس للمرة الثانية ، لكنه في هذه المرة قرر أن يخبرها أنه سعودي مثلها ، فلا بد وأنها تظنه باكستانياً كصديقه ، والحق معها ، فطاهر نسي أن يقوم بواجب التعارف بينهما في البيانو بار ، ولو أنه سعد بذلك ! يمكنه الآن أن يعرّفها بنفسه على طريقته : - الأخت عربية ؟ - سديم طايرة عيونها ! هاه ؟؟ أنت عربي ؟! - سعودي . فراس الشرقاوي - سديم الحريملي ... أنا آسفة كنت أحسبك باكستاني مثل طاهر ! - ضاحكاً من صراحتها المحرجة , وانتي اللي يشوفك يقول عنك أسبانية ، حتى انجليزيتك ما شاء الله ؟ بيرفكت ! - أنا سعودية .. - مبتسماً حي الله أهلنا - تقول في سرها : حي الله أهلنا ؟ فاقدهم مرة يعني ؟ كل السعودية في لندن الحين وانت مسوي فيها وطني ومتشقق تشوف أحد من أهلك ! يا نصبك ! أمم ... هلا بك.. - أنا سمعتك ذاك اليوم وانت تعزفين فعرفت إنك عربية ، وبعدين لما سألت طاهر قال لي إنك سعودية . - بالله ؟؟ ما أتذكر إنك جيت وأنا أعزف ! - لأني ظليت متخبي على الدرج وأناظرك من الشباك . كانت أول مرة اسمع فيها عزف شرقي في البيانو بار . الصراحة ، كان عزفك رهيب . - كراً ، هذا من ذوقك وهي تلتقط حقيبتها من المقعد المجاور طيب أنا لازم أمشي الحين . أستأذن . - لسه بدري ! - معلش وراي موعد . - طيب ما تنتظرن شوي لحد ما تسلمين على طاهر ؟ أتوقع إنه تحت على البار . - ما اقدر . بليز سلم لي عليه واعتذر لي منه إذا شفته . - مع السلامة وإن شاء الله ما أكون أزعجتك . على العموم فرصة سعيدة . - أزعجتني وبس ؟ إلا قول فقعت مرارتي ! معذور . هماك سعودي! أنا الأسعد ، باي. - باي . عادت سديم إلى شقتها وهي تلعن حظها بعد أن اكتشفت أن صديق طاهر سعودي ! راحت تسترجع في ذهنها جميع الأحداث التي جرت في المرة التي رأت فيها فراس في البيانو بار قبل أسبوع . هل ارتكبت أي من التجاوزات التي لا يفترض أن يراها شاب سعودي من ابنة بدله ؟ هل صدر منها أي تعليق جريء ؟ هل كان ما تريديه لائقاً ؟ الله يقلعه ! وش جايبه ! ؟ حتى هنا ما ني قادرة آخذ راحتي واتصرف على طبيعتي ؟ هالسعوديين وراي وراي؟؟ عز الله إنه بيفضحني وبكرة أخباري كلها واصلة الرياض! الله لا يعافيك يا طاهر انت وخويك ذا البثر اللي يتميلح ! قال أيش قال الأخت عربية !!. في أول أيام الأسبوع التالي ، سألت سديم طاهر عن صديقه فراس ، وعاتبته على إخفائه حقيقة جنسيته عنها ، لكن طاهر نفى أن يكون قد تعمد ذلك . أخبرها بأنه لم يتكر كونها من نفس دولة فراس إلا عندما أثارت الموضوع أمامه . قال لها أن فراس ليس من النوع الذي تخشاه ، فقد تعرف إليه منذ التحاقه بجامعة ويست منيستر في ريجنت كامبس. كان فراس يدرس الدكتوراة في العلوم السياسية بينما كان طاهر بينهيى رسالة الماجستير في المحاسبة . اشتركا في غرفة واحدة لمدة ستة أشهر في سكن الجامعة في مابليبون هول . كان أكثر ما يعجبهما في موقع السكن هو قربه من ريجنت بارك حيث يقع المسجد الكبير الذي يحرصان على أداء صلاة الجمعة فيه . بعد أن حصل طاهر على شهادته انتقل للعيش في شقته الحالية بمايدا فيل ، وانتقل فراس بعده هو الآخر للسكن في شقته الحالية في سينت جونزوود ، وقد كان طوال هذه السنين نعم صديق وخير رفيق . لم يأت طاهر على ذكر فراس بعد ذلك اليوم ، ولم تسأله هي عنه ، لكنها كانت تخشى أن يكون طاهر قد أبلغ فراس عن ضيقها به وتبرمها بلقائه في حفة عيد الميلاد . كم سيكون ذلك محرجاً بالنسبة لها ! عموماً ، يدرك الجميع أن الفتاة السعودية ترتاح للاختلاط بالرجال تغير السعوديين أكثر من الرجال السعوديين ! لن يكون فرسا الأول ولا الأخير الذي يُصاب بمثل هذه الصدمة بفتاة من بلاده تفضل لقاء صديقه الباكستاني على لقائه! رغم تحررها النسبي وعدم اهتمامها عادة بتعليقات الآخرين ، إلا أنها تمنت لو أنها تستطيع لقاء هذا الرجل من جديد حتى تستشف عن صورتها في داخله . كان يزعجها التفكير بأنه قدي يسيء الظن بها ، فمع أنها لا تعرفه ، ولكنه شاب سعودي ! قد يثير حولها زوبعة من الكلام تصل من لندن حتى الرياض ! كانت قد اعتادت أن تقضي صباح كل سبت في شارع أوكسفورد تذهب للتسوق من محلاته الكثيرة قبل أن تنهي جولتها الأسبوعية بساعات داخل مكتبة بوردرز . تتجول في أرجاء المكتبة الضخمة ذات الأدوار الخمسة لتقرأ المجلات وتستمع إلى أحدث الاسطوانات بعد أن تتناول إفطاراً خفيفاً في مقهى ستاربكس الموجود بالداخل . هناك وجدته ! رتب لها القدر لقاء لائقاً بهذا الغريب للمرة الثالثة على التوالي.لا بد وأن يعني ذلك شيئاً ! تفكر سديم وعبارة أم نوير التي تكررها دائماً ترن في ذهنها : ثلثنا وغدا الشر . كان عاكفاً على قراءة جريدة وهو يحمل في يده اليمنى كوباً من القهوة ، وعلى طاولته أوراق كثيرة مبعثرة ولاب توب . أروح أسلم عليه ؟ وإذا سوى نفسه ما يعرفني ؟ أعرف حركات الشباب لما يسوون فيها ثقل على البنات ! أكيد بيستعبط ويسوي نفسه ما يعرفني ... يالله وات إيفر! ما وراي شي خليني أسلم عليه ... اتجهت إليه وحيته بهدوء . صافحها باحترام وأزالت كيف الحال سديم ؟ فرصة طيبة ظنونها السيئة فيه . تحدثنا وقوفاً عما يفعله كل منهما في المكتبة . بعد دقائق قليلة ساعدها في نقل فنجان قهوتها وكرواسان الجبن ما مائدتها إلى مائدته حتى تتناول طعامها وحيدة . . .

roudy 25-02-07 05:20 PM

تابع الحلقه السابعه عشر

جرى بينهما الحديث سلساً وممتعاً. لسبب لم تعرفه تلاشي من ذهنها أنه الشاب السعودي الذي أرادت أن تقطع لسانه قبل أن يبدأ في نشر الأقاويل عنها . سألته عن جامعته وموضوع رسالته وسألها عن دراستها وعملها الصيفي . استفسرت منه عن الأوراق المبعثرة فاعترف لها أنه يتوجب عليه قراءة كل هذه الأوراق التي تزيد عن المائتين هذا الصباح لكنه كعادته لم يستطع أن يقاوم إغراء جريدة ، بخشخشة صفحاتها ورائحتها الورقية ! ضحكت منه عندما خبأ عنها بشقاوة طفولية ما على الكرسي المجاور لكرسيه من جرائد كثيرة وادعى أنه لم يشتر هذا الصباح سوى جريدة الحياة والشرق الأوسط والتايمز ، والتي أقر بأنه قد قرأها جميعها بدلاً من قراءة أبحاثه ! أدهشتها ثقافته الموسيقية وإطلاعه الفني بشكل عام ، فعلى الرغم من عمله في مجال السياسة إلا أنه برع في مناقشتها حول مناظر رامبرانت الطبيعية وخطوط كاندينسكي التجريدية ، وأذهلها عندما حدثها بإسهاب عن إيداع موسيقية المفضل موتزارت الذي كان يؤلف المقطوعة خلال جلسة واحدة ، ووعدها بأن يُسمعها مقطع (ملكة الليل) من أوبرا الناي السحري لموتزارت التي أبدعت في أدائها السوبرانو لويزا كينيدي ، ثم تحول الحديث إلى التعليق على السياح الخليجيين في لندن في مثل هذا الوقت من كل عام . شاركته سديم مولودة برج العذراء صاحبة النقد اللاذع متعة الذب والحش اللتان لا يجيدهما الكثيرون ، فملأت هي وفراس مولود الجدي صاحب الدم الخفيف جو المقهى بضحكاتهما الصاخبة ! عصافير الكيمستري أو الكيمياء كانت تحلق حول رؤوسهما كما تحلق عصافير توم حول رأي جيري ! لاحظت سديم أن الأمطار بدأت تهطل بغزارة بعد أن كانت الشمس ساطعة لساعات قبل دخولها المكتبة . سألها فراس إن كان معها سيارة ، فأجابت بالنفي . عرض عليها أن يوصلها بسيارته إلى شقتها أو المكان الذي تريده فرفضت بأدب وأخبرته بأنها ستكمل التسوق في المحلات القريبة ثم تستقل سيارة أجرة أو حافلة إلى منزلها . لم يلح عليها إلا أنه طلب منها أن تنتظره لدقائق ريثما يذهب لإحضار شيء من سيارته . عاد وهو يحمل في يده مظله ومعطفاً واقياً من المطر ناولها إياهما ، حاولت أن تقنعه بالاحتفاظ بأحدهما لنفسه لكنه أصر على موقفه . فقبلتهما منه شاكرة وممتنة . تمنت قبل انصرافها لو أنه يتجرأ فيطلب منها رقم هاتفها حتى لا تنعدم بينهما وسائل الاتصال ، خاصة وأنه لم يتبق لها في لندن سوى أيام معدودة تعود بعدها إلى الرياض لتستأنف دراستها ، لكنه خيب ظنها عندما مد يده مصافحاً وشكرها بلطف على مشاركتها إياه فطوره الصباحي ، فانصرفت عائدة إلى شقتها وهي تخط بقدميها نهاية قصة لم تكتب بدايتها


roudy 25-02-07 05:21 PM

الحلقه الثامنه عشر


مجتمع معجون بالتناقضات

أسماء أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم : خديجة بنت خويلد ، سوداء بنت زمعة ، عائشة بنت أبي بكر الصديق ، حفصة بنت عمر بن الخطاب ، زينب بنت خزيمة ، هند بنت أبي أمية ، زينب بنت جحش ، جويرية بنت الحارث ، صفية بنت حيي بن الأخطب ، أم حبيبة بنت أبي سفيان ، مارية القبطية ، ميمونة بنت الحارث .
تزوج النبي الكريم عليه الصلاة والسلام من عربيات وغير عربيات ،
قريشيات وغير قريشيات ، مسلمات وغير مسلمات ، مسيحيات ويهوديات ، أسلمن قبل أن يبني بهن ثيبان وأبكاراً .
عمرو خالد
أمهات المؤمنين

لاحظت أن رسائلي قد بدأت تجد أخيراً أصداءً طيبة بين أخواتي السحالي ،
رغم أن غالبية رسائل التشجيع ما زالت تصلني من التماسيح ،
ما تحرمش منهم !
بوسعي أن أتخيل منظر البنت كل أسبوع
وهي على الإنترنيت من بعد صلاة الجمعة مباشرة
بانتظار وصول إيميلي ، فإذا وصلها تصفحته بسرعة
بحثاً عن دلائل تشير إليها من قريب أو بعيد ،
فإن لم تجد تنفست الصعداء
واتصلت بصديقاتها لتطمئن على أحوالهن المشابهة ،
وكل واحدة منهن
تهنئ الأخرى بمرورها سالمة من الفضيحة هذا الأسبوع أيضاً!
أما إن وجدت في القصة ما يشبه واقعة مرت بها قبل سنوات ،
أو كان الشارع الذي سارت فيه إحدى البطلات
يشبه الشارع الذي يطل عليه منزل عمها في الخرخير ،
فالويل لي!
إيميلات كثيرة تصلني مليئة بالتهديد والوعيد
(والله لنفضحك مثل ما فضحتينا!)
حنا عارفينك أصلاً! إنت فلانة بنت عم خال حرمة أخوي!
مقهورة مني لأن ولد عمك خطبني وما خطبك ! من زينه!!
وإلا تكونين علانة جارتنا في البيت القديم في منفوحة ،
غايرة مننا ليش نقلنا للعليا وأنت للحين منثبرة في ذاك !
واله إنكن تحف يا بنات !
وتقولون ليش البنات مو مثل العيال على قلب واحد!
أنا الود ودي أكنسل على كل صديقاتي وأستبدلهن بشنبات!
بس يالله ، لنا الجنة إن شاء الله !

أخبرها نصف الحقيقة . قال لها أن والدته لم تؤيد فكرة زواجه منها ، وحدثها بما دار بينهما تاركاً لها مهمة استنتاج الأسباب الواضحة لغضب الأم . لم تصدق ميشيل ما تسمع ! أهذا فيصل الذي أبهرها بتفتحه ؟ يتخلى عنها بهذه البساطة لأن أمه تريد أن تزوجه فتاة من وسطهم ؟؟ فتاة غبية كالأخريات ؟ أهذا ما سينتهي إليه فيصل ؟!! مثله كباقي الشباب التافهين الذين تحتقرهم ؟! كانت الصدمة قوية جداً على ميشيل ، وكان فيصل يتجنب تبرير موقفه لإيمانه بأن ما من فائدة مما يمكن أن يقوله لها ، ولذا فقد بدا موقفه ضعيفاً وفاعله بارداً مع الصدمة . كان كل ما قاله أنه يرجو منها أن تتصور عقبات تحديه لعائلته وأنه ما من سلطة تستطيع أن تصد كيدهم له ولها إن هو أصر على موقفه بالارتباط بها . هو لم يحاول أن يعترض لأن النتيجة معروفة مسبقاً ، وليس لأنه لا يحبها . إنهم لا يؤمنون بالحب ! لا يؤمنون سوى بمورثاتهم وتقاليدهم عبر السنين ، فكيف السبيل إلى إقناعهم ؟ ظلت ميشيل صامتة في المطعم تحملق في وجهه التي لم تعد تعرفه . بلل كفيها بدموعه قبل أن ينصرف مودعاً . كان آخر ما قاله لها أنها محظوظة لأنها ليست من هذا الوسط المعقد . حياتها أبسط وأوضح وقراراتها بيدها لا بيد القبيلة . لن يلوث عقلها بأحكامهم ولن يقتل براءتها بأفكارهم السامة ، لا حاجة لإدخالها في متاهات هي في غنى عنها . ابتعد فيصل عن حبيبته ميشيل . قدم لها الحقيقة بعد أن ستر جسدها القبيح بأسماك وهلاهيل ، ثم تهرب حتى من مسؤوليته في امتصاص ردة فعلها . تركها حتى لا يرى صورته المشوهة في عينيها . لم يكن أنانياً ! كل ما هنالك أنه رغم كل شيء ما زال يريد الاحتفاظ بذكرى جميلة عن حبها له . بكثير من الجهد والصبر ورغبة صادقة في التغلب على الحزن . وبعون من الله الذي كان يعلم قسوة ما تعانيه ، راحت ميشيل تترفع عن الذكريات المؤلمة بإباء وجلد ، وتفلت من بين يديها ذيول الماضي الجميل ، بانتظار أن يعود للأشياء البسيطة في حياتها طعمها ولو ببطء شديد . لجأت ميشيل إلى طبيب نفسي بعد أن انعدمت أمامها الحلول. ذهبت إلى طبيب مصري كانت قد سمعت عنه من أم نوير التي كانت تلجأ إليه في بداية مرحلة طلاقها . لم يكن هناك شيزلونج لتتمدد عليه وتطلق للسانها وعقلها وقلبها العنان . بدا الدكتور متحفظاً في تعاطيه معها ولم يتمكن من إجابة السؤال الحزين الذي ستظل إجابته مخبأة عنها بقية العمر : What more could I've lone or said to make him stay? بعد أربع زيارات اكتشفت ميشيل أنها بحاجة لعلاج أعمق من كلمات هذا الطبيب الساذج عن خداع فيصل لها وقصة تغرير الذئب بالنعجة قبل افتراسها . لم تكن نعجة ولا كان حبيبها فيصل ذئباً ! هل هذا هو أحدث ما توصل إليه الطب النفسي عند العرب ؟ وهل يمكن لطبيب مصري أن يفهم أبعاد مشكلة تصيب نفسيتها السعودية مع اختلاف الخلفية الاجتماعية لهما ؟ على الرغم من جرحه لها إلا أنها متأكدة أن فيصل قد أحبها بصدق عنيف ، وما زال يحبها كما تحبه ، لكنه ضعيف وسلبي وخاضع لإرادة المجتمع التي تشل إرادته أفراده إنه مجتمع معجون بالتناقضات وعليها إما أن تتقبل تناقضاته وتخضع لها أو أن تغادره للعيش في مجتمع أكثر تحرراً يضمن لأفراده حياة أكثر استقلالية . عندما طرحت فكرة الدراسة في الخارج على أبيها هذه المرة لم تجابه برفض مباشر كما حدث قبل عام ، ربما كان للكيلو جرامات التي نقصتها وللشحوب الذي اعترى وجهها مؤخراً تأثير على قراره . أصبح جو المنزل كئيباً مع حزنها وكآبتها وسفر أخيها مشعل إلى سويسرا لقضاء العطلة الصيفية في مدرسة داخلية هناك . وافق الأبوان على أن تسافر ميشيل للدراسة في سان فرانسيسكو حيث يسكن خالها ، فبدأت في مراسلة الجامعات هناك في نفس اليوم وخلال الأيام التالية بإلحاح حتى لا تفوتها فرصة التسجيل قبل بداية العام الدراسي الجديد . ظلت ميشيل بانتظار قبولها في إحدى الجامعات هناك حتى تحزم أمتعتها وترحل عن هذا البلد الذي يسوس أفراده كما البهائم . لن ترضى لنفسها أن يملي أحد عليها ما يجب أن تفعله وما لا يجب ! إذن فما فائدة الحياة ؟! إنها حياتها وحدها وستحرص على أن تعيشها بالطريقة التي تحلوا لها ، ولها فقط .


roudy 25-02-07 05:23 PM

الحلقه التاسعه عشر



بين النجوم ... فوق السحاب

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
سورة آل عمران:8

قامت الدنيا عليّ ولم تقعد ،
واشتعل صندوق إيميلي بالرسائل المفخخة .
البعض يحذرني من الاقتراب من الخطوط الحمراء
والبعض يعتبر أنني قد تجاوزتها بالفعل
وسوف أعاقب على تدخلي في شؤون الآخرين
حتى أكون عبرة
لكل من تسول له نفسه تحدي المجتمع وتقاليده
بهذه الجرأة والصفاقة والثقة بالنفس .
على من تقرأ كتابك يا موسى .



--------------------------------------------------------------------------------


على سلم الطائرة بكت سديم ، وكأنها تحاول التخلص مما تبقى بداخلها من دموع قبل أن تعود إلى الرياض . تريد أن تعود لحياتها الطبيعية هناك ، حياتها قبل وليد . تريد أن تعود إلى جامعتها ودروسها واجتهادها المعتاد ، وإلى صديقاتها المقربات وسوالف وسوالف الخالة أم نوير الممتعة . اتخذت مقعدها بين مقاعد الدرجة الأولى ووضعت سماعات الووكمان في أذنيها وأغمضت عينيها لتطير بين النجوم ، فوق السحاب على أنغام الأغنية : خني بيدي ... معك أبتدي آن الأوان ... أنسى اللي كان حتى لو طال الزمان لازم أوصل للربيع ... قبل ما عمري يضيع وألقى الحنان ... أنا لي مكان بين النجوم ... فوق السحاب أغسل بألوان الفرح كل العذاب اختارت سديم لتزجية وقتها في طريق العودة إلى الوطن مجموعة من الأغاني تختلف تمام الاختلال عن أغانيها في طريق القدوم إلى لندن . كان في نيتها هذه المرة توديع الحزن وفتح ذراعيها لاستقبال الفرح المنتظر . قرر أن تدفن أحزانها في أرض لندن وتعود إلى الرياض بروح صبية في مثل سنها كانت قد فقدت اتصالها بها منذ أن فقدت اتصالها بوليد . بعدما أطفئت إشارة ربط الأحزمة ، توجهت سديم كعادتها في كل رحلة دولية إلى حمام الطائرة لارتداء عباءتها ، فهي تكره أن تفعل ذلك قبل هبوط الطائرة على أرض المملكة بقليل ، عندما تصطف النساء والرجال صفوفاً أمام أبواب الحمامات لارتداء الزي الرسمي ، فترتدي النسوة عباءاتهن وأغطية شعرهن ونقاباتهن ، بينما يتخلى الرجال عن أطقم الكاروهات والبناطيل التي يشدون أحزمتها تحت كروشهم الرجراجة بما تحويه من ألبان وشحوم ولحوم ، ليعودوا إلى الأثواب البيض التي تستر جرائمهم الغذائية والشمغ الحمر التي تغطي صلعاتهم اللامعة . في طريقها نحو مقعدها لمحت رجلاً خيّل لها أنه يبتسم من بعيد ، قلصت من فتحة عينيها وزوت بين حاجبيها حتى تتمكن استيضاح معالم وجهه بشكل أدق . لو أنها تحسن ارتداء عدساتها اللاصقة – التي يضعها لها أخصائي العيون في محل النظارات في كل مرة ترغب فيها بارتدائها – لما كانت تعاني مثل هذه المعاناة كل يوم . عندما وصلت إلى مقعدها كان لم يتبق لها سوى أربعة خطوات حتى تصل إلى مقعد ذلك الشاب . صدرت منها شهقة مرتفعة بعض الشيء أحرجتها وكشفت عن حماسها غير المبرر : - فرا !! أكملت خطاها نحوه . نهض من مقعده مرحباً بها بفرح ظاهر ، ثم دعاها للجلوس في المقعد الذي رتب القدر بقاءه شاغراً إلى جانبه ! - كيفك سديم ؟ وش هالصف الحلوة ؟ - الله يحلي أيامك ! والله من جد صدفة حلوة ! ما تخيلت إني راح أشوفك بعد ذاك اليوم اللي في المكتبة . - تصدقين عاد ؟ اليوم كان حجزي انتظار . يعني ما كنت متأكد إني باسافر الليلة . جت من ربي . بس زين إنك قمتي تلبسين عباتك وإلا ما كنت شفتك ! - غريبة ! أنت ما شالله عليك جاي زاهب ولابس ثوبك من قبل ما تركب الطيارةز - إيه أنا ما حب أغير ملابسي في الطيارة . أحس إني مصاب بانفصام في الشخصية! كإني دكتور جيكل إذا جاء يتحول لمستر هايد ! - ههههههههههههه ...بس زين انك عرفتني وأنا بالعباءة . أحس إن شكلي يصير مرة غير فيها . - شكلك أحلى فيها . هل يمزح هذا الرجل ؟ أيكون ذوقه سيئاً إلى هذا الحد أم أن يراها بشعة إلى الدرجة التي يفضل فيها أن تتغطى وتلتف بعباءتها لتعفيه من قبحها ؟؟ - عيونك الحلوة . على فكرة ترى مظلتك وجاكيتك لسه عندي . - حلالك . وش دعوه ! - عسى بس ما تمرضت ذاك اليوم بسببي ودعيت علي ؟ - لا الحمد لله . أصلاً لما تعيشين هنا تتعودين إنك تخلين المظلة والرين كوت دائماً في السيارة لأن الجو هنا ممكن يقلب بأي لحظة ، وبعدين أنا يومها ركبت سيارتي على طول ورجعت البيت . كنت خايف عليك إنت لا تمرضين من المشي في ذاك الجو. - لا ما جاني شي الحمد لله . الله يخلي لي مظلتي وجاكيتي ! ما صرت أمشي من غيرهم . - تقطعينهم بالعافية . - الله يعافيك . على فكرة ! إنت الحين راجع بتستقر في الرياض وإلا ناوي ترجع لندن مرة ثانية ؟ - والله للحين ما قررت ، بس إلى أن تتضح الصورة بيكون وقتي موزع ما بين الرياض وجدة والخبر ، بما أن ا لرياض هي العاصمة الرسمية وجدة العاصمة غير الرسمية والخبر عاصمة الأهل . - أنت من الخبر ؟ - أي نعم . أصلنا من نجد لكن لنا مدة طويلة مستقرين في المنطقة الشرقية . - مو تعب عليك كذا ؟ أحسك كبير على هالمشورة كل أسبوع كأنك طالب جامعي ! - ضاحكاً ، لا والله عادي . المسألة راس مالها تذكرة الطيارة اللي بيتكفل فيها السواق كل أسبوع ، وملابس هنا وهناك ، وأهم شي فرش الأسنان ، واحدة في كل بيت ! يعني أنا ما عندي أي مشاكل مع تعدد الزوجات بعد كل هذا التدريب !. - لا يا شيخ ! والله طلعت ملكع بجد ! إلا صحيح ! متى تاريخ ميلادك ؟ - ليه ؟ ناوية تجيبين لي هدية ؟ ترى ما عندي مشكلة تجيبيها بأي وقت ! - هههههههه لا وشو له أجيب لك هدية ؟ بعدين إنت كبرت على ذا الحركات ... خلها لنا حنا يالشباب ! . - خمسة وثلاثين ما هوب كبير واجد . - طيب علمني وش برجك . - إنت تفهمين بهالأشياء ؟ - لا بس واحدة من صديقاتي خبيرة بهالأمور ، وعودتني على إني أسأل أي أحد أقابله عن برجه . - برجي الجدي ، ولو إني ما أعترف بذي الحاجات . على قولتك ، كبرنا . يالله حسن الخاتمة ! لاحظت سديم أثناء حلتهما أن فراس كان حريصاً على ألا يقدم لها أي من المضيفين أو المضيفات شراباً مسكراً عن طريق الخطأ ، أو طعاماً يحتوي على لحم خنزير . لم يكن هو نفسه يتناول هذه المشروبات أو يأكل هذا النوع من الأطعمة ، لكن حرصه على أن لا يقع خطأ في حقها أعجبها نوعاً ما ، فهي المهووسة بطبعها بدقائق الأمور ، والذي يفسره انتماؤها لبرج العذراء كما أقنعتها لميس – لم تصادف في حياتها شخصاً في مثل حرصها ودقتها قبل هذا الجدي ! - الله يعينك ويسهل عليك . تلاقي الوالدة الحين طايرة من الفرحة برجعتك . - إيه والله متشققة بس إنها ما زالت في باريس مع خواتي البنات . يا حبني لها مسكينة طول فترة دراستي وهي كل يوم تتصل علي وتقول لي : يا وليدي ما هونت ؟ ما جاب خاطرك ؟ ما ودك ترجع ؟ ما ودك تعرس ؟ - والله معها حق . ما ودك تعرس ؟ سألت سديم بعفوية وعيناها معلقتين بالفجلة الكبيرة بين سنيه الأماميين . - أفا ... هادي ثاني دقة في غضون دقيقة ! حرام عليك ، لهالدرجة شايفتني شايب؟ - لا لا مو قصدي والله لا تفهمني غلط ! بس يعني ، ماني متعودة أشوف شاب سعودي فوق الثلاثين وما هو متزوج . العادة شبابنا من قبل ما يخط الشنب وهم مرتكزين في الطالعة والنازلة عند أميماتهم : يمه تكفين أبي أعرس ! تكفين زوجيني! - أنا صعب شوي ، وعندي مواصفات معينة صعب تتواجد في بنات كثير هاليومين بصراحة أنا معطي أهلي من سنين مواصفات البنت اللي أبغي أرتبط فيها وقايل لهم دوروا براحتكم ، بس للحين ما لقوا لي البنت اللي على مزاجي . على العموم ، أنا مرتاح كذا وما ناقصني شي . - ممكن أعرف وش تطلع هاذي المواصفات الصعبة اللي ما في أحد قادر يلقى لك إياها ؟؟ - تامرين أمر . بس ممكن قبل ما أنسى أطلب منك طلب صغير ؟ - وهي تتأمل أسنانه البيضاء وتفكر بعمق : هل يمكنها يا ترى أن تمرر طرف بنصرها عبر تلك الفلجة ؟؟ تفضل ...
- ممكن أسمع صوتك الليلة قبل ما أنام ؟

roudy 25-02-07 05:24 PM

الحلقه العشرون



العودة إلى أم نوير

وأفوّض أمر إلى الله
إن الله بصيرٌ بالعباد.
سورة غافر : 44


إحدى القارئات المتابعات لرسائلي بعثت لي برسالة تقول فيها :
(للولولولولولولولولولولوللولولوللولولوللولولوللولو لوللولولول ييييييي !!! )

أخيراً !
ما بغينا !! نفد صبرنا ونحن بانتظار هذا الثور يتلحلح !
على البركة لسديم.
ما أجمل هذا التفاعل الذي يدفعني للاستمرار في سلسلتي الفائحية الهادفة .
أليست مثل هذه الرسائل أجمل بكثير من تلك التي تصلني يومياً
لتتحدث عن ليبراليتي وانحلالي؟
هناك من قالوا أنني أدعي العصمة من الأخطاء
حينما أسرد قصة صديقاتي مقتلعة نفسي من أحداثها .
لا طبعاً ، لست أدعي العصمة أو المثالية ،
لأنني لا أعتبر صديقاتي خاطئات أترفع عن مشاركتهن قصتهن .
ما الذي يجبرني على الكتابة عنهن إن لم أكن مؤمنة بهن ؟
أنا كل واحدة من صديقاتي ، وقصتي هي قصصهن ،
وإذا كنت قد امتنعت عن الإفصاح عن هويتي حالياً لأسباب خاصة ،
فقد أفصح عنها في يوم ما عندما تزول هذه الأسباب ،
وأسرد لكم حينها قصتي – أنا – كاملة ،
كما تتوقون لسماعها ، بصدق وشفافية.
أما الآن فدعونا نعود إلى قمورة .



--------------------------------------------------------------------------------


كانت قمرة خلال ذلك الوقت تفكر في مستقبلها المجهول . مثل سديم ، ظلت لأسابيع طويلة تحلم بأن يراجعها راشد أو على الأقل أن يحاول الاتصال بها بعد أن يندم على فعلته الشنعاء معها وخطئه العظيم في حقها ، لكن شيئاً لم يحد . بدأ تفكر فيما سيؤول إليه أمرها . هل ستبقى مركونة في بيت أبيها كقطعة أثاث قديمة في مخزن الخردوات ؟ هل تعود لاستكمال دراستها الجامعية ؟ هل ستسمح لها أنظمة الجامعة بذلك بعد أن تأخرت سنة كاملة عن زميلاتها ؟ أم تلتحق بإحدى الدورات التي توفرها المعاهد الخاصة والجمعيات النسائية لتشغل وقت فراغها وتحصل على شهادة من أي نوع ؟ - يمه مشتهية ليمون وملح . - يا بنيتي ما هيب زينت كثرة الليمون ، بعدين يوجعتس بطنس . - يووووووووه ! احمدوا ربكم إن وحامي جاي على الليمون والملح ! أجل لو إني قايلتن مشتهية منجا وش كان سويتوا ؟؟ - أعوذ بالله من لسانتس ! جيبوا لها هالليمون كود تجيها حموضة ثمن (ثم) تتربى! كان أخوا قمرة الصغيرات – ونواف – فرحين بعودتها ويحاولان التسرية عنها على الدوام بدعوتها لمشاركتهما لعب النينتندو والبلاي ستيشن ، إلا أن قمرة كانت تعاني من اكتئاب حاد سببه راشد وابن راشد الذي بدأ يتحكم في حياتها حتى قبل أن يولد ، فيقلب مزاجها في اليوم مائة مرة ويجعلها متوترة وسريعة الانفعال لأتفه الأسباب . هل راح أظل على هالحال مدة طويلة ؟؟ الله لا يربحك يا راشد ولا يحللك وين ما كنت واش ما سويت ! ويا مال الهاري يا كاري!! جعلك تشوف اللي سويته فيني يا راشد يتسوى بخواتك وبناتك ! يا رب تبرد قلبي وتحرق قلبه وترفع عني وتخسف به هو ويا هالشيفة!. اتصلت سديم بصديقاتها حال وصولها إلى الرياض واتفق الأربعة على اللقاء في الغد في منزل أم نوير التي لم يجتمعن بها منذ بداية العطلة الصيفية لانشغال كل منهن بظروفها . قدمت لهن أم نوير أكواب الشاي الممزوج بالحليب بالحليب والهيل والمحلى بالكثير من السكر على الطريقة الهندية - الكويتية ، وهي تعاتبهن على تقصيرهن في زيارتها . كانت سديم الوحيدة التي تذكرت أم نوير في سفرها ، فجلبت لها شالاً فخماً من الكشمير أفرحها كثيراً ، وراحت تبارك لها عودة ابنها نوري من أمريكا حيث كانت قد ألحقته قبل عامين بمدرسة داخلية هناك . عندما أخبر المدرسون والاستشاريون النفسيون أم نوير أن حالة ابنها نوري سيكولوجية وليست فيسولوجية ، وأنها حالة عارضة قد يمر بها أي مراهق ، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل أسرية ، تنفست أم نوري الصعداء ، فهي تعرف أن الشذوذ قد لا يعد مرضاً في أميركا ولكنه يُعد مصيبة حيث تعيش هي وابنها . كاد يغمى عليها عندما أخبرها الأطباء في بداية الأمر أن حالة ابنها تدعى تغيراً جنسياً وأن عليها أن تصبر حتى يتمكن ابنها من تحديد هويته مع الأيام ليختار الذكورة أو الأنوثة ، وفي حال اختياره الثانية، يمكنهم حينها التدخل طبياً لمساعدته ، وذلك بإجراء عملية جراحية وعلاج بالهرمونات إلى جانب العلاج النفسي . بقي نوري في تلك المدرسة لمدة عامين ، عاد بعدها إلى حضن أمه التي عادت إليها الروح وهي تتأمل وحيدها الذي شب وأضحى رجلاً (تدبه) في عين أبيه وفي عين كل من لمزها واحتقرها هي وابنها من قريبات وجارات وزميلات في العمل . ميشيل لم تكن تتحدث سوى عن فساد المجتمع وتخلفه ورجعيته وتعقيداته ، وقد كانت في غاية الحماس للسفر بعد غد حتى تبدأ حياتها من جديد في بيئة صحية غير هذه البيئة المتعفنة التي تجلب المرض ، وسديم كانت تلعن وليد بعد كل جملة ، أما قمرة فلم تتوقف عن الشكوى من تضييق والدتها عليها ومنعها إياها من الخروج كما في السابق ، فهي الآن مطلقة والأعين مثبتة عليها لاصطياد عثراتها ونسج أبشع الإشاعات حولها . كانت قمرة متأكدة من ثقة والدتها بها إلا أنها عجزت عن إقناعها بأن من راقب الناس مات هماً . صار موال (ما يصير، نسيت إنتس مطلقة ؟ ) يكرر على مسمعها عشرات المرات كل يوم ، ويحد من حريتها بشكل فظيع ! لم تنسَ يوماً أنها مطلقة ، ولكن ألا يكفيها الهم الذي تعيشه حتى يضاف إليه هم الناس وكلامهم ؟ لم تتمكن من الخروج من المنزل منذ عودتها من أميركا قبل ثلاثة أسابيع إلا في ذلك اليوم ، ولا تظن أن والدتها ستسمح لها بتكرار ذلك عما قريب . لميس (الرايقة) دخلت على المجموعة وفي يدها طبق من اللازانيا وآخر من الكريم بروليه تحلف عليهن أن يتوقنها ! نظرت إليها الفتيات الثلاثة بغيظ فقامت إليها أم نوير لتحمل معها الطبقين إلى المطبخ : - أقول حبّوبة ، ترى هالبنات كل واحدة فيها اللي مكفيها وانتي داخلة عليهن تبينهم يذوقون معكرونتج وحلوج ؟ لميسوه قاعدة مبوزة وحكاويها تجيب الهم ؟! - ويه يا لميس ... الله لا يبلاج ما بلاهم قولي آمين ! خَنَت حيلي كل واحدة سالفتها ألعن من الثانية ... الله لا يعافيهم من رياييل جانهم عوار راس وعوار قلب ! - أيش تطلع خدت حيلي هادي ؟ - خنت حيلي مو خذت حيلي يا حظي ! لميس مصرة على انتشال صديقاتها من هوة الحزن التي تقرفصن فيها . أخرجت من حقيبتها أحدث إصدارات ماغي فرح عن الأبراج التي اشترتها هذا الصيف من لبنان ، فبدأ التفاعل كالعادة : سديم : لميس بليز شوفي لي مواصفات الرجل الجدي . لميس: الرجل الجدي عاطفي بطبيعته لكنه قليل البراعة في استخدام المبادئ الأساسية والأساليب التي توقظ المشاعر والعواطف مع الشريك الآخر . إنه مخلوق عاقل لا ينفعل سريعاً ولكنه إذا انفعل يفقد ثوابه تماماً ولا يمكنه السيطرة على تصرفاته . مولود صارم ومتمسك بالعادات والتقاليد ولا يميل بتاتاً إلى المغامرة والمخاطرة ، يتبع هذا المولود عقله دائماً ولا تقوده العاطفة ونادراً من يتأثر بهذه الأخيرة ، وهو كائن حذر وهي الضمير يبني الأشياء على أسس متينة . متعلق بأسرته إلى حد كبير . يتحلى بشخصية محببة وفطنة مميزة وثقة عالية بالنفس . من عيوبه الكبرياء والأنانية والوصولية . ميشيل : كم نسبة النجاح بين المرأة الأسد والرجل السرطان ؟ لميس : 80 % سديم : العذراء متوافقة أكثر من الحمل وإلا مع الجدي ؟ لميس : مع الجدي طبعاً ومن غير ما أقرأ في الكتاب ! العذراء يتفقوا مع الجدي والتور أكثر حاجة وبعدين بقية الأبراج . شوفي أيش مكتوب هنا : نسبة توافق المرأة العذراء والرجل الجدي ، فالنسبة لا تقل عن 95% قوبيبي !! والله برافو عليك . ما عندك لعب ولا مضيعة وقت . راح الحمل وجاء الجدي . تعجبيني ! اعترفي يالله يطلع مين هادا الجدي . قمرة : اسمعوها نصيحة مني يا بنات . لا تحلمون ! اتركوا عنكم هلأفكار وخلوها على الله ! لا تتمنون شي في الرجال لأنه بيجيكم عكس اللي تمنيتوه تماماً ! صدقوني ! لميس : ولمّا هو عكس اللي أتمناه تماماً إيش اللي يغصبني على إني آخذه ؟ قمرة : النصيب !! ميشيل : خلينا صريحين مع بعض . لو ما كان عاجبك ما كان أخذتيه . بلاش كل شي نقول عنه نصيب ومالنا يد فيه ! دائماً نمثل دور المغلوبين على أمرنا وإن ما لنا كلمة ولا رأي ! منتهى السلبية ! إلى متى نظل جبناء وما عندنا حتى الشجاعة إننا نتحمل نتيجة اختياراتنا ويذرإتس رايت أور رونق ؟!؟ تتكهرب الأجواء كالعادة كلما عبرت ميشيل عن آرائها الحادة ، وتقوم أم نوير كالعادة بتلطيف الجو بنكاتها وتعليقاتها . كانت الليلة آخر ليلة تجتمع فيها الصديقات الثلاثة مع ميشيل قبل سفرها للدراسة في أمريكا ، ولذلك فقد تمكن الجميع من التجاوز عن صراحتها الجارحة ، لكن قمرة التي كانت تخشى أن تخيّر صديقتيها سديم ولميس بينها وبين ميشيل فتكون هي الخاسرة في النهاية ، ظلت تنفر بداخلها من تعليقات ميشيل المؤذية في حقها كلما اجتمعتا مع بقية الشلة .

roudy 25-02-07 05:27 PM

يلا لعيونكم بس ولحتى ما تزعلو شوفو
قديش نزلت اجزاء
هلا بدي تفاعل اعتقد انه حقي
بس حابه اعرف اذا القصه عجبتكم ولا لاء

روز 26-02-07 01:40 PM

تسلميلي وتسلملي عيونك حبيبتي
والله القصة كتير معبرة
والله صار عندي فضول قاتلني حابة اعرف
شو حيصير بالنهاية
بتمنى انو كل البنات يستفيدو من هاي القصة
يعتبرو منها
ميرسي

roudy 26-02-07 01:45 PM

اهلا روز
والله ما مصبرني على اني اكمل باقي هالقصه
اكتر من ردودك الرائعه
ماحدا فاهم ان جبر الخواطر حلو
ههههههههههههههه
مشكوره حبيبتي على المرور

roudy 28-02-07 01:13 AM

الحلقه الواحده والعشرون

(فاطمة الشيعية)

لا بأس من أن تفعلي شيئاً يستهجنه الجميع ،
فما يبدو صحيحاً بالنسبة لك قد لا يبدو كذلك في نظر الآخرين .
إلين كادي ا

خترت لكم اليوم أظرف رسالة وصلتني خلال الأسبوع المنصرم ،
لصاحبها (المهاتما علوش) :
ودعت أيام الكيرم والبلوت ، وامتلأ وقتي ، إنترنت وبسكوت شابك أون لاين أستني الحبيب ، يتكرّم ، ويتعطف ، أو يجيب قمت أغير لا مني لقيت ، رسايله في كل جيب . هذا يقرأ ، وهذا يسمع ، وذاك يقول بس بس ! عرفته ! وأنا كني فار ، منخش في ركنٍ قريب . ودي أصرخ ! هاذي حبي! معجب فيها وأحلم بالنصيب! محد عطاني وجه لكن ، من كثر ما قلبي يرقع اسمعوه وقالوا رايح ، فيها هذا ومتولّع قاموا وطقوا لي موتر ، ومهر وألماس يتلمّع واحلفوا إني أجي لك ، خاطبٍ وأنا متقطع قلت غالي ، والطلب أرخص ! ولكن !! مهنا أشين ، مني والله ، ومهنا أبشع ! قالوا ما لك شغل ! اخطب ، واحنا بالباقي نتبرّع واحدة خبلة وجاها واحد خبل ! والله عيلة ، ما في أروع !!




--------------------------------------------------------------------------------

بعد انتقال لميس إلى مبنى كلية الطب بالملز ، تعرضت علاقتها بميشيل للكثير من الصعوبات ، التي جاهدت كلتاهما لتجاوزها ، إلا أن شيئاً ما كان قد بدأ بالتسلل للعلاقة التي دامت قوية لخمس سنوات : كانت فاطمة أخطر تلك الصعوبات . (فاطمة الشيعية) ، هكذا كانت تلقبها الشلة . كانت لميس متأكدة أن أياً من صديقاتها لا تهتم بكون فاطمة شيعية أو سنية أو صوفية أو مسيحية أو حتى يهودية بقدر ما تهتم بكونها غريبة عن وسطهن . كل ما هنالك أن مسألة(المماشاة) في هذا المجتمع تتعدى كونها مجرد علاقة صداقة والسلام . إنها عملية حساسة وخطوة اجتماعية مهمة أشبه بالخطبة والزواج . تتذكر لميس صديقة طفولتها فدوى الحسودي ، التي استمرت علاقتها بها حتى تعرفها على ميشيل . لم تكن فدوى من الشخصيات التي تعجب لميس ، كانت تفضل البنات المرحات والأوجه البشوشة بعكس ما عليه فدوى ، إلا أن هذه الأخيرة فاجأتها صبيحة أحد الأيام بسؤال مباغت : - لميس تصيرين البيست فريند حقتي ؟ هكذا وبلا مقدمات كزواج من زواجات لاس فيغاس السريعة جاءها العرض ، ووافقت لميس التي لم تتخيل أن تصبح فدوى يوماً أكثر الفتيات غيرة منها وحسداً لها . (ماشت) لميس فدوى لعدة سنوات بتءا على طلبها ، ثم تعرفت على ميشيل ، التي أصبحت فيما بعد صديقتها المقربة . كانت علاقتها بميشيل في بداية الأمر لا تتعدى كونها رفقاً بالطالبة الجديدة التي لا تعرف أياً من الطالبات . فدوى التي لم تعجبها فكرة مشاركة صديقتها مع فتاة أخرى بدأ تشن حملات التشهير بلميس بين جميع الطالبات في المدرسة ، وكان الأخبار تصل للميس بسرعة من مصدر جديد في كل مرة : فدوى تقول إنك تكلمين شباب ، فدوى تقول إن أختك تماضر أذكى منك وإنك تغشين منها عشان تجيبين درجات . كان أكثر منا يغيظ لميس أن فدوى بوجهين ، فهي ظلت تدعي البراءة أمامها حتى تخرجهما من الثانوية العامة . لم تستطع لميس سوى أن تتصنع البرود معها حتى تخرجتا واتجهت كل واحدة منهن لدراسة تخصص مختلف . كانت علاقة لميس بفاطمة من نوع آخر . لأول مرة تجد لميس نفسها مشدودة لفتاة إلى هذا الحد . أعجبت بقوة فاطمة ومرحا ، وأحبت فاطمة جرأة لميس وذكاءها ، ووجدت كل منهما نفسها مع مرور الوقت أقرب صديقات الأخرى دون تخطيط مسبق كما كان مع فدوى . استطاعت لميس بعد عناء أن تتجرأ وتسأل فاطمة عن بعض المسائل التي تحيرها بخصوص الشيعة . كانت البداية في أحد أيام رمضان عندما أخذت لميس طعام الفطور إلى فاطمة في شقتها لتفطر معها ، وهي تتذكر الأيام التي كانت تخاف أن تأكل فيها أي طعام تقدمه لها طالبة شيعية من زميلاتها في الجامعة . كانت قمرة وسديم تحذرانها من طعام الشيعة ، فهم ينجسون طعامهم خفية إن عرفوا بأن سنياً سيأكل منه ، ولا يتورعون عن دس السم فيه لينالوا ثواب قتل سني ! كانت لميس تقبل ما تعرض عليها زميلاتها الشيعيات من فطائر أو معجنات شاكرة ، ثم لا تلبي أن ترمي بها في سلة المهملات بعد أن تبتعد عنهن قليلاً . حتى الحلوى وقطع العلك الملفوفة ، كان تخالف أن يكن قد فعلن بها شيئاً قبل تقديمها لها ! لم تتشجع لميس وتتناول شيئاً من أيدي زميلاتها الشيعيات إلا بعد تقربها من فاطمة . لاحظت لميس أن فاطمة تمتنع عن تناول التمرة التي وضعتها أمامها بعد سماعهما أذان المغرب . راحت فاطمة تشغل نفسها بإعداد الفيمتو والسلطة ولم تفطر إلا بعد الأذان بحوالي ثلث ساعة . أخبرتها فاطمة بعد أن رأت استغرابها أنهم لا يفطرون حال سماع الأذان بل ينتظرون قليلاً تحرياً للدقة ، ولا تعرف فاطمة السبب الحقيقي وراء ذلك . لميس التي أثار الموضوع فضولها اندفعت تسأل صديقتها عن الزينة المعلقة على الجدران في شقتها والتي تشير كتاباتها إلى مناسبة دينية . أوضحت لها فاطمة أن الزينة تخص مناسبة (حج ومدينة) التي حييها الشيعة في منتصف شهر شعبان من كل عام . سألتها عن بعض الصور الغريبة التي شاهدتها ضمن ألبوم زفاف أخت فاطمة الكبرى ، وكبحت نفسها عن الاستفسار عنها في حينها . كانت بعض الصور تظهر جدتي العروسين وهما تريقان بعض الماء على قدمي كل من العروسين الموضوعتين في إناء فضي كبير وقد تناثرت قطع معدنية من النقود في قاع الإناء . أخبرتها فاطمة أن هذا من تقاليدهم في الأعراس ، مثل الحنة والجلوة . تفرك قدما العريس والعروس تحت ماء قد قرئت عليه آيات قرآنية وأدعية معينة وترمى النقود تحت قدميهما صدقة حتى يتبارك زواجهما . كانت فاطمة تجيب عن أسئلة صديقتها الفضولية ببساطة وهي تضحك من معالم الإثارة البادية على وجه لميس ! عندما وصل النقاس إلى الأئمة الاثني عشر وسرداب سامراء شعت كلتاهما بتوتر الأجواء واستعداد كل منهما للتجريح في مذهب الأخرى فتوقفتا عن الجدال وانتقلتا بهدوء إلى غرفة المعيشة لتتابعا أحداث المسلسل الرمضاني الشهر (طاش ما طاش) على القناة السعودية الأولى والذي لا يختلف السنة والشيعة على متابعته ! كانت تماضر أول الرافضين لعلاقة أختها بهذه الرافضية . حاولت مراراً أن توضح للميس أن جميع زميلاتهن في الكلية يتندرن حول هذه العلاقة الغريبة : - يا لميس والله سمعت البنات بيقولوا عنها كلام مش كويس بالمرة ! بيقولوا ساكنة لوحدها وعايشة على كيفها إمتى ما تطلع تطلع وإمتى ما ترجع ترجع . تزور اللي تبغاه ويزوها اللي تبغاه كما ! - أيش قصدك ؟ أنا رحت لها وشفت بعيني السيكويرتي اللي ما يضى يدخل أي أحد إلا بالعافية وهي نفسها ما تقدر تطلع من السكن لوحدها إلا لو جاء أوها بنفسه يطلعها. - يا لميس إحنا ما لنا دعوة بهادا الحكي كلو . ما دام الكل دحينا بيتكلم عنها ، بكرة يقولوا عليكي مشيك بطال زيها ! إش بك إنتي؟ من فدوى السايكو للأميرة سارة لفاطمة الشيعية ؟ لا وأحسن واحدة تعرفيها جاية من أميركا فيوزاتها ضاربة ! تتذكر لميس صديقتها سارة ، الأميرة التي التحقت بمدرستهن في السنة الأخيرة من الثانوية . أحبت لميس سارة بصدق ، سحرتها بتواضعها وأخلاقها ، هي التي لم تكن تتوقع من الأميرات إلا التفاخر والعجرفة . لم يكن يعنيها ما تردده البنات عن سر علاقتها بسارة ، فقد كانت توقظها كل صباح لسبب بسيط هو خوفها من أن تنسى الخادمات إيقاظها في ذلك القصر الواسع المليء بالحاشية ، وكانت تحل لها بعض فروضها المدرسية وليس كلها كما كان يزعم البعض ، وذلك عندما تلاحظ انشغال سارة بما هو أهم ، من مناسبات رسمية وعائلية وواجبات اجتماعية تحدثها عنها سارة مسبقاً ، وكانت تدعوها للاستذكار في منزلها المتواضع في أيام الامتحانات الشهرية حتى تتمكن من التركيز بشكل أكبر . أما ما واجهتها به تماضر أيامها مما انتشر بين البنات في المدرسة من إشاعات جارحة فلم يؤثر بها بل زادها تقرباً من صديقتها الجديدة حرصاً على إثبات اقتناعها التام بما تفعل . مع فاطمة ، وجدت لميس نفسها لأول مرة مع فتاة تشبهها إلى درجة فظيعة ! كانت تشعر كلما ازدادت قرباً من فاطمة بأنها تتفحص ملامح وجهها وانحناءات جسمها أمام مرآة كبيرة . كعادتها ، لم تتأثر لميس بما يقوله عنها الآخرون ، إلا أنها خافت هذه المرة على مشاعر ميشيل . غفرت لها ميشيل علاقتها بسارة عندما رأت بنفسها تخلي سارة عنها بمجرد تخرجهن من المدرسة . سافرت سارة للدراسة في أميركا ولم تتصل بلميس بعدها . شعرت ميشيل حينها بالقوة وهي ترى ندم لميس وطلبها الصفح ورغبتها الصادقة في أن تعدودا لصادقتهما المعهودة . هل ستسامهحا ميشيل هذه المرة إن هي تخلت عن صداقتهما للمرة الثانية ؟ كان الحل الأنسب في نظر لميس هو إخفاء العلاقة عن ميشيل وعن بقية الشلة ، لكن قرارها لم ينجح . تماضر التي اغتاظت كثيراً من عناد أختها تولت أمر إخبار الشلة عن كل شيء ، وبالأخص ميشيل . توترت علاقتها بميشيل بعد ذلك . عرفت ميشيل السبب وراء اختفاء لميس طوال تلك الأسابيع . كانت لميس تتذرع بدراسة الطب الصعبة ، وإذا بالحقيقة أنها تفضل الاجتماع بصديقتها الجديدة على الاجتماع بشلتها القديمة . حاولت لميس تبرير موقفها أمام سديم ، أكثر الصديقات مرونة : - افهميني يا سدومة ! أنا أحب ميشيل . طول عمرنا صاحبات ، وراح نفضل صاحبات ، لكن هي مش من حقها تمنعني من إني أصاحب بنات تانيات ! فاطمة فيه حاجات مش موجودة في ميشيل . إنتي كمان بتحبي قمرة لكن فيها حاجات ناقصة ، لو لقيتيها عند بنت تانية راح تتعلقي فيها . - لكن يا لموسة غلط إنك بعد كل هذه السنين تتركين صديقة عمرك عشان ناقصها شي توّك تكتشفينه بعد ما لقيتيه عند واحدة ثانية . إنت ما كان فارق معاك هذا الشيء بدليل إنك عشت سنين من غيره بدون ما تعترضين . بعدين المفروض إنكم تكونون مع بعض على الحلوة والمرة . افرضي إنك تزوجتي وطلع زوجك ناقصه شي ، بتدورين على اللي ناقصه عند غيره ؟! - يمكن ! ولو ما عاجبو خليه يكمل الناقص ويريح نفسه ويريحني معاه ! - يا شديد إنتا ! طيب بالله أنا عندي سؤال يقرقع في صدري من يومي عن الشيعة وماني عارفه جوابه . - إيش هو !؟ - الحين رجال الشيعة ، يلبسون سراويل السنة تحت الأثواب وإلا لا؟؟؟ - الله يرجك يا شيخة !

roudy 28-02-07 01:15 AM

الحلقه الثانيه والعشرون


(ميشيل تلتقي ماتي)

ليس من السهل أن نجد السعادة في داخلنا ،
لكنه من المستحيل أن نجدها في أي مكان آخر .
آجنيس ريبلير

تمددت فوق (ولدي الكسول)
وهي الترجمة العربية لـ(ليزي بوي)
الذي أجلس إليه عادة عند الكتابة ،
والذي يمكن استخدامه ككرسي هزاز للقراءة
أو كسرير مريح إذا ما قمت بمد سنادة القدمين وإرجاع ظهره للوراء
كمقاعد الدرجة الأولى في الطيارة
(ألا يمكننا إضافة ترجمة أقصر وأفضل وأكثر حشمة من هرطي هذا اإلى مورد منير البعلبكي ؟؟).
مه على (الليزي بوي) ، كتبت لكم هذه السطور :



--------------------------------------------------------------------------------


هبطت الطائرة في مطار سان فرانسيسكو الدولي عند حوالي الساعة العاشرة صباحاً . لم تكن تلك المرة الأولى التي تزو فيها ميشيل سان فرانسيسكو ولكنها كانت المرة الأولى التي تزورها فيها وحيدة بدون أبويها وأخيها ميشو . هواء المكان مشبع بالرطوبة والحرية . ألوان بشرية وأعراق متنوعة تسير في جميع الاتجاهات من حولها . لا أحد يكترث بكونها سعودية ، أو بكون جارها سنغالياً . كل مشغول بحاله . أبرزت التأشيرة الخاصة بها والتي تثبت كونها طالبة من السعودية أتت للدراسة في أميركا . أخبرتها موظفة الجمارك أنها أجمل فتاة عربية رأتها منذ بداية عملها في هذا المطار حتى ذلك اليوم . بعدما أنهت ميشيل جميع الإجراءات اللازمة ، بدأت تبحث بين أوجه المستقبلين عن وجه مألوف . لمحت ابن خالها ماثيو يلوح لها من بعيد فاتجهت نحو بسعادة . - هاي مات ! - هاي سويتي . لونغ تايم نو سي غيرك ! احتضنها ماتي بشوق وهو يسألها عن حال أمها وأبيها وأخيها . لاحظت ميشيل أن ماتي هو الفرد الوحيد من أفراد عائلة خالها الصغيرة الموجود في المطار . - أين البقية ؟ والداك وجيمي وما غي ؟ - والداي في العمل ، وجيمي وماغي في المدرسة . - وأنت ؟ ما الذي أتى بك لاستقبالي ؟ أليست لديك محاضرات ؟ - محاضراتي هذا الصباح ملغاة لاستقبال ابنة عمتي العزيزة . سوف نمضي النهار معاً حتى يصل بقية أفراد العائلة ، ثم سأذهب لإلقاء محاضرة في المساء . بإمكانك الحضور معي إن أردت لأريك الجامعة التي ستدرسين فيها ولتلقي نظرة على غرفتك في السكن أما زلت تصرين على السكن في مسكن الجامعة بدلاً من بيتنا ؟ - هكذا أفضل . أتوق لتجربة العيش باستقلالية . - كما تريدين ، ولكنني أشفق عليك . عموماً ، لقد أعددت لك كل شيء . اخترت لك غرفة مع إحدى طالباتي أعتقد أنك ستستمتعين بصحبتها كثيراً . هي في مثل سنك وشقاوتك ولكنك أجمل منها بكثير . - ماتي ! ألن تكف عن تدليلي ؟ لقد كبرت وأستطيع أن أتدبر أموري بنفسي . - سوف نرى ، لكني أكره أن أغامر . أخذها في جولة نهارية ممتعة في فيشر مانز وورف . أمضيا الوقت في السير وتأمل المحلات المختلفة . ورغم رائحة السمك التي تعبق في الأجواء إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمتاع بكل ما حولها من مؤدي استعراضات ورسامين ومغنين هنا وهناك . وعندما شعرا بالجوع تناولا حساء كلامب شاودر مقدماً في وعاء كبير مصنوع من رغيف خبز . ساعدها ماتي على تدبير شؤون سكنها في الجامعة واختيار المقررات التي ستدرسها خلال ذلك الفصل . قررت مبدئياً أن تدرس مهارات التواصل مثل ابن خالتها بعدما أثنى لها على ذلك التخصص ، وأدرجت المادة التي يدرسها في الجامعة والتي هي وسائل الاتصال غير المنطوقة ضمن موادها . بدأت ميشيل تنهمك في الدراسة والأنشطة الجامعية علها تنسى ما كان ، وقد كان لها ما أرادت . استطاعت أخيراً أن تنسى فيصل ، كل يوم .




roudy 28-02-07 01:23 AM

الحلقه الثالثه والعشرون


مغامرة لا تنسى

وحدهم الذين يقومون بالمجازفة ،
يمكن أن يكتشفوا إلى أي مدى يمكنهم البلوغ.
تي أس إليوت

إن الآيات والأحاديث والاقتباسات الدينية
التي أوردها في إيميلاتي تلهمني ،
والمقولات المشهورة والأغاني التي تحتويها رسائلي تلهمني أيضاً ،
فهل هذا تناقض كما يزعم البعض ؟
هل أكذب وأدعي أنني أحادية الهوى وبدائية التركيب ؟!
أنا كأي فتاة في سني ،
بل كأي إنسان في أي مكان !
فرقي الوحيد عنهم
أنني لا أتوارى ولا أحب السكوت ولا أستحي مما أنا عليه . *



--------------------------------------------------------------------------------
*

تعرفت لميس إلى شقيق صديقتها فاطمة عندما أوصلتها بسيارتها إلى محطة القطار في أحد الأيام . كان علي يكبرهما بأربعة أعوام . كان يدرس الطب أيضاً إلا أنها لم تلتق به إلا ذلك اليوم أمام القطار المتجه إلى القطيف ، والذي قرر أن يستقله هذا الأسبوع مع أخته لأن سيارته التي عادة ما يُسافر بها معطلة . كانت علاقة فاطمة بأخيها غريبة بالنسبة إلى لميس ، فعلىي يسكن مع أصدقائه في إحدى الشقق التي تؤجر للطلاب القادمين من خارج الرياض ، بينما تسكن أخته مع صديقتها في شقة أخرى في سكن آخر .لم يكن يأتي لزيارتها كثيراً لأن كلاً منهما كان يفضل قضاء وقته مع أصحابه . كان هو يسافر في نهاية كل أسبوع بسيارته أو سيارة أي من زملائه المتجهين للقطيف بينما تسافر هي مع صديقاتها بواسطة القطار . أعجبت لميس بعلي لطوله قبل كل شيء ! كان معظم الشباب الذين تلتقيهم أقصر منا أو في مثل طولها الذي يبلغ مئة وستة وسبعين سنتيمتراً . كان طول علي لا يقل عن مائة وتسعين سنتيمتراً ، وكانت سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان تضفي عليه سحراً ورجولة طاغية . التقت لميس بعلي بعد تعارفهما بأسبوع في المستشفى الذي توجهت إليه في ذلك اليوم مع فاطمة لشراء بعض المراجع ، قبل أن تنتظمن فيه في السنوات القادمة . كثرت بعد ذلك لقاءاتهما في المستشفى ليشرح لها ما تستصعبه من دروس كبقية زميلاتها في الكلية اللواتي تستعين كل منهم بالطالب الذي تراه (مناسباً) ليساعدها على الفهم والاستيعاب ثم صارت تلتقي به خارج المستشفى ، في أحد المقاهي (الكافيهات) المنتشرة في كل مكان. استمرت علاقة لميس بعلي لمدة شهور ، لم تطلع فيها أياً من صديقاتها عليها . وحدها فاطمة كانت تعلم عن طريق أخيها ، إلا أنها كانت تنصرف أمام صديقتها وكأنها لا تعلم شيئاً عما يدور بينهما ، مع أنها كانت هي التي دبرت للقائهما في محطة القطار ذلك اليوم نزولاً عند رغبة أخيها الذي أعجب بصورة لميس التي رآها في غرفة أخته في منزلهم بالقطيف . كانت الصورة ملتقطة للميس وفاطمة وبعض الزميلات وهن بالمعاطف الطبية البيضاء إلى جانب إحدى الجثث التي قمن بتشريحها في مشرحة كلية الطب للبنات بالملز ، تلك المشرحة الكئيبة التي تختلط فيها رائحة الفورمالين والجثث المتحللة برائحة بخور رخيص . كان علي في السنة الأخيرة من سنوات دراسة الطب البشري وكان عليه أن يبدأ التطبيق (الامتياز) بعد تخرجه مباشرة في أحد مستشفيات المنطقة الشرقية ، أما لميس وفاطمة فكانتا ما تزالان في سنتهما الجامعية الثانية . خلال أحد لقاءات لميس بعلي في أحد المقاهي في شارع الثلاثين ، انقضت عليهما جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة واقتادوهما بسرعة إلى سيارتين منفصلتين من نوع الجمس (الجي أم سي) توجهتا بهما نحو أقرب مركز للهيئة . هناك تم أخذ كل من لميس وعلي في غرفة على حده ، وبدأ التحقيق معهما . لم تستطع لميس تحمل الأسئلة الجارحة التي وُجهت إليها ، راحوا يسألونها عن تفاصيل علاقتها بعلي بفظاظة ، ويسمعونها كلمات تخجل من التلفظ بها أمام أقرب صديقاتها ، فانهارت باكية بعد أن جاهدت ساعات لتبدو واثقة من نفسها ومقتنعة بفعلها الذي لا تعتقد أن فيه ما يشين ، وفي الغرفة المجاورة كان المحقق يضغط على علي الذي فقد أعصابه أمام ادعاءات الرجل بأن لميس قد اعترفت بكل شيء وأن لا مجال أمامه للإنكار. اتصل مسؤولو الهيئة بوالد لميس وأخبروه أنه قد تم ضبط ابنته مع شاب في أحد المقاهي وتم ترحيلها للسجن وعليه أن يأتي لاستلامها بعد أن يوقع تعهداً بعدم تكرارها لهذا الفعل المخل بالآداب مرة أخرى . جاء والدها مصفر الوجه . وقع التعهدات المطلوبة عن ابنته قبل أن يُسمح له باصطحابها للمنزل . في طريق عودتهما حاول الأب كتم غيظه وتهدئة ابنته المنتحبة قدر المستطاع . وعدها ألا يخبر والدتها وأختها عما حصل ، على ألا تعود للقاء زميلها هذا خارج مبنى الجامعة مرة ثانية . صحيح أنه يسمح لها بالخروج وحيدة مع أبناء عمومتها وأبناء أصدقائه وصديقات والدتها في جدة ولكن ، جدة غير ! شعرت لميس بالشفقة على علي بعد أن سمعت الشرطي يهمس في أذن والدها في مبنى الهيئة أنهم اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة ، وأن عقابه سوف يكون أقسى بكثير من عقابها هي . لأول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز . انقطعت علاقة لميس بعلي منذ ذلك اليوم ، كما انقطعت علاقتها بأخته فاطمة ، التي استمرت تجحدها بنظرات حارقة كلما التقت عيناهما وكأنها تحملها مسؤولية ما حدث . مسكين علي . لقد كان شاباً لطيفاً ، وبصراحة ، لو لم يكن شيعياً ، لكانت أحبته !

roudy 28-02-07 01:25 AM

الحلقه الرابعه والعشرون


فراس : الرجل شبه الكامل!


للنساء غرائز تحبب إليهن القسوة ،
وقد فعلنا نحن الرجال كثيراً لتحريرهن ،
فأبين إلا أن يكن لنا عبيداً ، وإلا أن نكون لهن أسياداً .
أوسكار وايلد

لقد مللت من الردود تتنبأ بشخصيتي بعد كل إيميل !
هل هذا حقاً ما يهمكم بعد كل ما كتبت ؟
أن أكون قمرة أو ميشيل أو سديم أو ليمس ؟
أولكْ كبروا عقولاتكون شوي !




--------------------------------------------------------------------------------

قالت سديم لقمرة بحماسة : - ما كنت عارفة إن الشوبنج للبيبي ممتع كذا ! يا لبّي سلّم (يا ربي سلم)! حاجاتهم مرة كيوت ! بس لو الله يهديك ورتضين تشوفين بالسونار البيبي ولد ولا بنت كان عرفنا وش نشتري له من ملابس ! مع انشغال أختي قمرة الأكبر منها – نفلة وحصة - بزوجيهما وأبنائهما ، وانشغال أختها شهلاء طالبة الثانوية العامة بدراستها وامتحاناتها اقترحت سديم على قمرة أن تذهب معها لشراء مستلزمات الوليد المنتظر ، وفي بعض الأيام عندما تشتد على والدة أم قمرة آلام الروماتيزم ، كانت سديم تصطحب صديقتها بدلاً منها لمراجعة طبيبة النساء والولادة لمتابعة تطورات الحمل . - لاحقين ، بعدين ما تفرق . خلينا نشتري الأشياء الأساسية والباقي بعد الولادة . - يا برودك ياختي ! أنا لو منك كان ما قدرت أصبر إلى أن يقولون لي ! وانتِ تجيك الدكتورة إلى حد عندك وتولين لها ما أبغي أشوف ! - يا سديم انتِ مانتِ فاهمة . أنا ماني متحمسة لهذا البيبي ! هذا البيبي بيجيني ويغير كل حياتي . بعده مين بيرضى يتزوجني ؟ خلاص يعني ؟ با عيش باقي حياتي مرتبطة بهالولد اللي أبوه ما يبه ولا يبي أمه ؟! يروح راشد يعيش حياته حر ومن غير قيود ويحب ويتزوج ويسوي كل اللي يبغاه وأنا أعيش في هم ونكد باقي عمري!! ما أبغي هالبيبي يا سديم ! ما أبغاه ! تنخرط قمرة في بكاء يائس داخل السيارة وهما في طريقهما لمنزل قمرة ، وتعجز سديم عن إيجاد الكلمات المقنعة لمواساتها . لو أن قمرة عادت للدراسة معها في الجامعة ! لكنها أصرت على كسلها . جسمها الذي كان يُضرب به المثل في النحول حتى كان الجميع يسميها (أم العصاقيل) أصبح مكتنزاً بالشحوم من كثرة الخمول وقلة الحركة ! لابد وأنها تعاني من الملل وهي حبيسة المنزل ، حتى أختها شهلاء التي تصغرها كانت أكثر حرية منها بحكم أنها (ليست مطلقة) وموضي ابنة عمتها الآتية من القصيم للسكن معهم بعد أن التحقت بكلية في الرياض لا تكف عن مضايقتها بانتقاداتها لنمص الحواجب وعباءة الكتف التي ترتديها قمرة عوضاً عن عباءات الرأس الساترة ، أما أكبر إخوتها الذكور ، محمد وأحمد فكل منهما مشغول بأصدقائه ومغامراته مع الفتيات اللواتي (يرقمهن) كل يوم ، لم يتبق لها من يؤنسها سوى نايف ونواف اللذين لم يتعديا سن العاشرة والثانية عشرة . ماذا تقول سديم لقمرة وكيف تسري عنها ؟ ليس هناك أسوأ ممن يدعي مواساة حزين وجداول السعادة تترقرق في عينيه ! لو أنها تستطيع تصنع التعاسة على الأقل ! ولكن كيف تستطيع ذلك ومعها فراس ؟! لقد استجاب الله دعاءها وأهداها فراس من عنده . كم تضرعت لله بعد انفصالها عن وليد حتى يعيده إليها ! بعد أن تعرفت على فراس صارت حرارة دعائها تخفت تدريجياً ، حتى تحول الدعاء من رغبة في عودة وليد إلى دعاء لتقرب فراس . لم يكن فراس رجلاً عادياً ! كان مخلوقاً رائعاً يستحق منها أن تشكر الله عليه ليلاً ونهاراً . ما الذي ينقصه ؟ لابد وأن شيئاً من ينقصه ، أو أن ثمة أمر يعيبه ! لا يمكن لبشر أن يكتمل إلى هذا الحد ! فالكامل وجه الله !! لكنها عاجزة عن إدراك هذا النقص ، واكتشاف هذا العيب . الدكتور فراس الشرقاوي ، صاحب المركز المرموق ومستشار علية القوم ، الدبلوماسي المثقف ، صاحب العلاقات الاجتماعية المميزة . الشخصية القوية التي تقود ولا تقاد ، تحكم ولا تُحكم ، العقلية الفذة التي تثمر يومياً عن قرارات مدروسة ، تثبت بسرعة نجاحها وحكة صاحبها . سرعان ما ذاع صيت فراس بعد عودته من لندن ، وصارت صوره تتصدر صفحات الصحف والمجلات ، بصفته مستشاراً في الديوان الملكي . كانت سديم تشتري نسختين من كل صحيفة أو مجلة تحوي لقاءً معه أو خبراً أو صورة ، نسخة لتحتفظ بها ، والأخرى من أجله ، فمشاغله اليومية تمنعه من متابعة أخباره على الصحف والمجلات ، وأهله كما استشفت منه ليسوا بحريصين كثيراً على قراءة الجرائد وتتبع أخباره فيها ، فأبوه (الشايب) كما يسميه رجل طاعن في السن يعاني الكثير من المشاكل الصحية ، وأمه ربة منزل لا تحسن القراءة ولا الكتابة ، وأخواته البنات آخر همهن السياسة وأعلامها . رفعت ظروفه العائلية من قدره في عينيها ، هذا هو الرجل المكافح الذي صنع كل شيء من لا شيء وسيصل يوماً بجهده وحده إلى أعلى المناصب ! كانت حريصة على أن تقرأ له كل ما يُكتب عنه ، وصنعت له سراً دفتراً مليئاً بقصاصات عنه ، لتهديه إياه في يوم زفافهما . لم تتسرع في تفكيرها وتخطيطها ، حتى نحن صديقاتها لم نعتقد أنها تسرعت في ذلك ! بدا الأمر محتوماً بالنسبة للجميع ، لها ولنا وله . كانت تلميحاته واضحة لا غبار عليها ، ومع أنه لم يذكر الزواج صريحاً ، إلا أن الفكرة كانت تدور في باله منذ يوم عمرته . من داخل الحرم اتصل بها ، كان في رحلة رسمية لأداء العمرة مع بعض الشخصيات المهمة ، سألها عما تود منه الدعاء لها به . - ادعُ لي إن الله ينولني اللي بقلبي ، وانت عارف (اللي بقلبي)! أخبرها بعد أيام أن اعترافها الخجول ذلك اليوم أغرق قلبه في بحر من اللذة التي لم يشعر بمثلها من قبل . بعد جرأتها معه تجرأ هو في أفكاره وبدأ يبحر بخياله منذ ذلك اليوم نحو الارتباط بها . كشف لها عن إحساسه بانجرافه الشديد نحوها وهو الرجل الرصين الذي يحسب لكل خطوة من خطواته ألف حساب ، وصار لا يخفي غيرته عليها وحرصه على معرفة كل ما يدور في حياتها . أقر لها بأنها الوحيدة التي استطاعت أن تتسرب إلى حياته وتعبث بجدوله اليومي الدقيق وتحرضه دون جهد منها على السهر وإهمال أعماله وتأجيل مواعيده في سبيل قضاء أكبر وقت معها على الهاتف ! كان الغريب في فراس التزامه بالدين على الرغم من قضائه ما يزيد عن عشر سنوات في الخارج ، فهو لم يبدو متأثراً بالتحرر الغربي أو متأففاً من أوضاع البلد كغيره ممن يقضي بضع سنوات في الخارج فيصبح كارهاً لكل شيء في بلاده ، حتى مع كونه من أشد المعجبين به والمدافعين عن سياسته قبل السفر ! . لم تتبرم بمحاولاته للتأثير عليها ، بل على العكس ، وجدت في نفسها ميلاً قوياً واستعداداً لتقبل جميع أفكاره واعتناقها ، خاصة وأنه لم يكن صريحاً في محاولاته ، وهذا ما أعبجبها! مجرّد تأخير لمكالمة ما قبل النوم اليومية حتى تتوافق وموعد صلاة الفجر ، وتلميح بريء حول الحجاب كذلك الذي قام به وهما على متن الطائرة ، وتحذير غيور من مضايقات الشباب الذين يلاحقون الفتيات الكاشفات أوجههن في الأسواق . هكذا وبالتدريج ، جهدت سديم في سبيل الاقتراب من الكمال حتى يحق لها الارتباط بفراس ، الأقرب منها بكثير إلى الكمال ! لم يُشعرها فراس يوماً بأنها بحاجة لبذل الجهد في سبيل الوصول إليه ، كان هو الأحرص على الاتصال بها والقرب منها . كان لا يُسافر إلا بعد أن يطلعها على جهة سفره وموعده ويملي عليها عناوين وأرقاماً يمكنها الاتصال به عليها إن تعذر عليه هو الاتصال لطمأنتها . كان الهاتف هو المتنفس الوحيد تقريباً للحب الذي جمع سديم بفراس ، مثل كثير من الأحباء في بلدهما ، لكن أسلاك الهاتف في هذه البلاد كانت قد اتسعت أكثر من غيرها في البلدان الأخرى لتتحمل كل ما يسري فيها من قصص العشاق وتنهداتهم وتأويهاتهم وقبلاتهم التي لا يمكنهم ( أو هم لا يريدون ، نظراً للتعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية ) استراقها على أرض الواقع . شيء وحيد كان ينغص على سديم هناءها وسعادتها ، علاقتها السابقة بوليد . سألها فراس عن ماضيها في بداية علاقتهما فانطلقت تخبره كل شيء عن وليد ، كبوة ماضيها الوحيدة التي تخفي جراحها عن الجميع . استزادها وتعمق في التفاصيل لكنه بعد الشرح بدا متفهماً وحنوناً ، إلا أن ما أربكها هو طلبه ألا تحدثه عن هذا الموضوع مرة أخرى ت! هل أزعجه الحديث عن ماضيها إلى هذه الدرجة ؟ مع أنها كانت تود لو يقلب صفحات قلبها بنفسه كل ليلة حتى يتأكد من خلوه من كل شيء سواه . ودت لو شاركته كل ما في نفسها ، لكنه كان صارماً في قراره كالعادة ، فصار وليد الشيء الوحيد الذي لا يمكن لها مناقشته مع نفسها ، فراس ! - طيب وانت يا فراس ؟ ما كانت لك تجارب سابقة ؟ لم يكن سؤالاً بغرض التحقيق أو التنقيب عن جرح في قلبه يقابل جرحها ويساويه بهذا ! كان حبها لفراس أكبر من أن يتأثر بماض أو حاضر أو مستقبل ، وكانت ستظل الأبعد بينهما دائماً عن الكمال ! كانت مجرد محاولة فضولية ساذجة للعثور على خدش في ركبة فراس يبت لها أن بشر مثلها ! - لا تسأليني هذا السؤال مرة ثانية إن كنت حريصة علي . ومن أحرص منها عليه ؟ لا كان سؤالاً ولا كانت هي وليذهب الفضول إلى الجحيم!!.

roudy 28-02-07 01:31 AM

الحلقه الخامسه والعشرون

ولادة متعسرة لابن المتعسر

حدثنا يحيى بن بكير :
حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب :
أخبرني أبو سلمة قال :
قال أبو هريرة رضي الله عنه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الله : يسب بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر ، بيدي الليل والنهار . صحيح البخاري : 6181

أنا أدعو للرذيلة والانحلال ؟
أنا أشجع الفساد وأتمنى أن أرى الفاحشة تعم في مجتمعنا المثالي ؟
أنا أريد استغلال المشاعر المقدسة في غير غرضها الشريف ؟ أنا ؟؟!
سامح الله الجميع ، وأزال عن أعينهم الغمة السوداء
التي تجعلهم يفسرون كل ما أقول على أنه فسق ومجون .
لا أملك سوى الدعاء لهؤلاء
بأن ينير الله بصائرهم ليسعهم رؤية بعض مما يدور حولهم على حقيقته ،
ويهديهم إلى سبل الحوار الراقي دون تكفير أو تحقير أو استهزاء .



--------------------------------------------------------------------------------


استغرقت ولادة قمرة تسع مناوبات بين أمها وأخواتها الثلاث وسديم . لم تكن الولادة متعسرة ، لكنها بكر والبكر كما تقول أمها تلد بصعوبة أكثر ممن سبق لها الولادة من قبل . قضت أم قمرة الساعات السبع الأخيرة من الولادة في غرفة الولادة مع ابنتها ، لتعمل على تهدئتها والتخفيف عنها . كانت قمرة تصرخ مع كل طلقة : - الله ياخذك يا راشد ! - يا رب يصير فيك هاللي فيني وأكثر ! - ما أبغي ولده ما أبيه ! خلوه جوا ما أبغي أولد ! - يمه نادي راشد ... يمه قولي له يجي ... يمه حرام عليه ليش يسوي فيني كذا ... والله ما سويت له شي ... والله تعبت !ماني قادرة أستحمل ! وتشهق بالبكاء بمرارة بصوت يخفت تدريجياً كلما ازداد دوراها مع تسارع الطلق واشتداد الألم . - أبغي أموت وارتاح . خلاص ما أبغي أولد ! ليه كذا يصير فيني ؟ ليه يمه ليه ؟! بعد ستٍ وثلاثين ساعة من المخاض ، سُمِعَ بكاء طفل حديث الولادة في غرفة قمرة تقافزت شهلاء وسديم فرحاً خارج الغرفة وهما بانتظار معرفة جنس المولود الذي أخبرتهم الممرضة الهندية بعد دقائق أنه صبي . رفضت قمرة حمل وليدها بعد أن لمحته ملطخاً بالدماء ومستطيل الرأس ومجعد البشرة بشكل مخيف ! ضحكت الأم منها وأخذته بعد أن قامت الممرضة بتنظيفه وهي تسمي عليه وتذكر الله : قمر يا بنيتي ! ما شاء الله ! طالع على أميمته !! سألت سديم صديقتها بعد ساعات وهي تتأمل بحنان بالغ ذلك الصغير مغمض العينين بين يديها ، وتبحث عن أصابعه الناعمة لتقبض على سبابتها برقة . - وش قررتي تسميه ؟ - صالح . - صالح على مين ؟ - على اسم جده لأبوه . يمكن الاسم يحنن قلب راشد عليه شوي ! كان راشد ما يزال في أميركا عند ولادة قمرة ، ورغم أن والدته قد قامت بزيارتها في المستشفى وبعد عودتها إلى منزل أهلها عدة مرات ، ووالده أيضاً قد عادها مرتين وفرح كثيراً بتسمية الطفل على اسمه ، إلا أن قلب قمرة حدثها أن هذه الزيارات من أهله والهدايا والنقود هي أقصى ما سيمنحها إياه راشد هي وابنهما . في فصل الصيف ، قررت الأم أن تسري عن ابنتها التي شاخت قبل أوانها ، فسافرت وإياها وبقية العائلة لمدة شهر إلى لبنان ، تاركين الطفل الرضيع عند خالته نفلة. في لبنان ، خضعت قمرة لبرنامج (سمكرة) معتبرة ! بداية بعملية تجميل للأنف ، وصولاً إلى جلسات تقشير البشرة وتنظيفها والعناية بها ، مروراً بنظام الريجيم القاسي والتمارين الرياضية تحت إشراف اختصاصي رشاقة ، وانتهاءً بصبغ الشعر وقصه على أيد أمهر المزينين في لبنان . عادت قمرة إلى الرياض وهي أجمل بقليل من ذي قبل ، إلا أن الفرق بدا واضحاً للذين لم يروها منذ زمن ، أمّا من شاهدوها قبل أن تتمكن من نزع غطاء الجرح عن أنفها كموضي ، فأخبرتهم أن أنفها قد كُسر في حادث تعرضت له في لبنان ، واستلزم الأمر تدخلاً جراحياً ، لكنها لم تجرِ عملية تجميل بعدها كما عرض عليها الطيب ، لأنها تؤمن كما يؤمن الجميع بأن عمليات التجميل حرام .




roudy 28-02-07 01:36 AM

الحلقه السادسه والعشرون


عالم التشات ، عالم آخر !

ولله غيب السماوات والأرض وإليه يُرجع الأمر كله
فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافلٍ عما تعملون
سورة هود:123


تملئني النشوة
وأنا أستمع للحديث الدائر عني في كل مجلس أكون فيه !
أحب دائماً أن أشارك الحضور في حديثهم وأعطي توقعاتي مثلهم ،
وفي منزلنا أطبع الإيميل الذي أرسله كل جمعة لكم
وأقرأه على أهل البيت مثلما تفعل جميع البنات !
أشعر في تلك اللحظات
بلذة توازي لذة التمدد تحت غطاء سرير ناعم بعد عناء يوم شتوي شاق ،
أو لذة من يدير المذياع في لحظة ملل
ليفاجأ بأن أغنيته المفضلة تذاع من بدايتها !



--------------------------------------------------------------------------------


بدأت علاقة لميس بالإنترنيت منذ كانت في الخامسة عشر من عمرها ، عندما بدأ والدها باستخدام الإنترنت عن طريق البحرين ، ثم مع دخول الإنترنت السعودية وهي في السابعة عشر بدأت تتعرف على ذلك العالم المثير عن قرب . كانت في الصف الثالث الثانوي عندما قام والدها بالاشتراك بخدمة الإنترنت ، فظلت علاقتها بالإنترنت محدودة بحكم خوفها على معدلها في تلك السنة المصيرية ، أما بعد التخرج فصارت تقضي ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً على الإنترنت ، 99% منها على برامج المحادثة المختلفة (التشات) من ياهو ، ومايكروسوفت ، وآي سي كيو ، وإم آي آرسي ، وأي أو إل . كانت لميس تشتهر بسرعة بين أعضاء التشات بخفة دمها وشقاوتها ، وحتى مع حرصها على تغيير لقبها في التشات باستمرار إلا أن الكثيرين كانوا يكتشفون أن (السوسة) هي نفسها (عفريت) و (معسل) هي دلوعة بابا و(فرخة الجمعية) هي ( بلاك بيرل)! كانت تضحك من شكوك جميع الشباب الذين تحادثهم والذين لا يصدقون كونها بنتاً! - يا بوشنب اخلص علينا والله مانت بنية . - ليه طيب ؟ - يا خي البنات ما صلات ودمهم ثقيل وانت بصراحة محشش ! - يعني لازم أسوي نفسي تقيلة دم عشان تصدق إني ماني ولد ؟ - لا أنا عندي لك حل ! إن كنت فعلاً بنت ، سمعنا صوتك . - ههههههههههههه لا يا شيخ ؟ كان غيرك أشطر ! العب غيرها . - تكفين بس عطيني ألو ، وإذا ما ودك بالتليفون خليها في المايك ، بس عشان تثبتين لي إنك بنت مانت بولد . - عنك ما صدقت يا حبيبي ! - أخخخخخ . عورني قلبي على هالكلمة ! لا خلاص صدقت إنك بنت ! كلمة حبيبي طالعة من بُقك زي العسل ! - هههههههههه .... لا خلاص خليني أبو شنب أحسن من العسل وبلاويه ! - لا لا لا . أنا أشهد إنك أحلى شنبة ( واحد ما هو عارف وش يختار ولد ولا بنت ! محتاااااااااار ). - أحسن ! - طيب باسألك سؤال بيخليني أعرف إن كنت بنت ولا ولد . - أسأل يا عملي الأسود في حياتي . - رُكبك سود والا بيض ؟؟؟ - هههههههههه حلوة ! طيب أنا كما بأسألك سؤال أعرف منو إزا كنت بنت ولا ولد. - إسألي يا بعد عمري ! - أظافر رجولك سودا والا بيضا ؟؟؟ - هههههههههههه قوية ! وش دراك ؟ عاد هاذي ماركتنا المسجلة ! - شفت كيف؟! قال ركب سودة قال ! روحوا يا حبايبي شوفوا البلاوي اللي فيكو بعدين تعالوا تكلموا ! حصلت لميس من خلال التشات على عدد هائل من أرقام هواتف الشباب الذين عجزوا عن أن يحصلوا منها على أكثر من كلمات على شاشة . صرح لها المئات بإعجابهم بشخصيتها ، والعشرات بحبهم لها ، لكنها ظلت على قناعتها ، التشات مجرد وسيلة للضحك والتسلية و(الاستهبال ) على الشباب في مجتمع لا يسمح بذلك في أي مكان آخر . تعرفت قمرة على التشات من خلال لميس . كانت لميس في بداية الأمر تدعوها للدخول معها أثناء الساعات التي تقضيها على النت لتعرفها بأصدقائها أو لاين ، وشيئاً فشيئاً أدمنت قمرة التشات وصارت تصل الليل بالنهار وهي تحادث هذا الشاب أو ذاك أو ذاك أو ذاك ! منذ البداية ، أوضحت لميس لقمرة حقائق التشات وخفاياه . أخبرتها عن حيل الشباب المعروفة وألاعيبهم المكشوفة والتي قد تنطلي على حديثة عهد بالإنترنت مثل قمرة، حتى أنها قرأت لها بعضاً من الأحاديث القديمة لها مع أصدقائها على الإنترنت والتي تختزن أوتوماتيكياً على جهاز الكمبيوتر في بعض برامج المحادثة . - شوفي يا قمرة ، كل الشباب ستايلهم واحد لكن بينهم اختلافات بسيطة . مثلاُ اللي يجي من الرياض غير عن اللي يجي من الشرقية غير عن اللي يجي من الغربية وكدا . خليني أكلمك عن ستايل شباب الرياض بما إنهم يور مين إنترست : أول حاجة حيقول لك : ممكن أعرف إسمك ؟ انتي طبعاً ما تديلوا اسمك الحقيقي ، إما تديه اسم يعجبك أو تقولي لو سوري ما أبغي أقول اسمي . أنا عن نفسي أشتري دماغي وأقول أية اسم ، بس انتبهي كل واحد أديتيه أي اسم ! أنصحك تعملي زيي ، تسجليهم في دفتر علشان ما تتلخبطي ، أو تختاري اسم واحد ثابت ، بس كده أنا أحسو زهق ! بعد الاسم بكم يوم حيقول لك أنا معجب بشخصيتك وما عمري شفت زيك ، ممكن نتكلم بالتليفون ؟ حيطفشك وزن عليك وما حتوافقي طبعاً بس برضو حيديكي رقمو ! بعد كم يوم حيطلب صورتك علشان يبعث لك صورتو ، بس في الأخير حيمل ويبعتها من غير ما تبعتي لو حاجة . ساعتها ستي حتشوفي واحد من اتنين ! إما واحد جالس ورا مكتب وماسك قلم ووراه علم السعودية ، أو واحد عامل فيها بدوي وجالس جلسة عربية على الأرض ومتلتم وواحدة من ركبتيه مرفوعة ومسند دراعو عليها ، وما ناقصو غير صقر على كتفوا ويطلع في برنامج مضارب البادية ! بعدين حيقول لك إنو حب واحدة قبل سنتين وتزوجت . كانت تموت في دباديبو بس جالها عريس كويس وما قدرت تقول لأهلها لاه ، وهو ياحبة عين أمو كان لسه صغير وما يقدر يفتح بيت فاضطر يضحي سعادتو علشان سعادتها وقال لها يا بنت الحلال لا تربطي نفسك بيا وشوفي مستقبلك ونصيبك والله يوفقك ! بعد الاعترافات راح يبدأ يترك لك مسجات أوف لاين ، أغنية رومانسية والا قصيدة والا عنوان موقع شاعري حلو على الإنترنت ، وكما كم يوم حيتعترفك بحبه . راح يقول لك أنا كنت أدور على بنت متلك من زمان وأبغي أخطبك بس إحنا لازم نعرف بعض أكتر ونتكلم على التليفون (وفي بالو إنو راح يطلع معاك بس ما راح يصرح لك بكده وكفاية التليفونات في البداية عشان ما يخوفك)! بعدين شويه شويه حتبدأ مرحلة تقالة الدم ، واستلمي : ليش مطنشتيني ؟ ليش ما بتردي على مسجاتي بسرعة ؟ لا تكوني تكلمي واحد ثاني ؟ ما أبغاكي تكلمي واحد غيري. با غير عليكي . إزا جيتي مرة ثانية وما لقيتيني لا تظلي أو لاين ، ومن هادا الكلام اللي يسم البدن ويخليكي تديلوا بلوك والا اقنور على وشو زي الحلاوة علشان يبطل يعمل نفسو طرزان علكي مرة تانية ، وتروحي تشوفي غيرو !! أهم حاجة يا قمورة إنك ما تثقي بأحد ولا تصدقي أي واحد . حطي في بالك إنو مجرد لعب وإنو كل هدول الشباب نصابين ويبغو يضحكو على البنات الهُبُل ...). لم يكن أسلوب قمرة في التشات بجمال أسلوب لميس ولذلك فإن من تحمسوا لها بعد معرفتهم أنها صديقة لميس سرعان ما انفضوا من حولها بعد أن اكتشفوا أنها ليست بخفة دم صديقتها وسرعة بديهتها . بدأت قمرة تكوين صداقات جديدة بنفسها ، تعرفت على أناس من بلدان مختلفة ، وأعمار متفاوتة ، ومثل لميس ، لم تتعرف على أي من الفتيات . كان كل من على لوائحها للأصدقاء من الجنس الآخر . في إحدى الأمسيات المملة تعرفت على سلطان ، شاب بسيط ولبق في الخامسة والعشرين من عمره ، يعمل بائعاً في أحد محلات الملبوسات الرجالية . كان حديثه ممتعاً وكان يقرأ ما تكتبه له باهتمام ، ويضحك لنكاتها بمرح ويكتب لها الكثير من أبيات الشعر النبطي التي ينظمها بنفسه . مع مرور الأيام ، صارت تكتفي هي من الأصدقاء بسلطان وصار هو يكتفي من الصديقات بها ، كان يدعوها بلقبها على الإنترنت شموخ . حدثها كثيراً عن نفسه ، وبدا لها صريحاً وصادقاً وخلوقاً ، إلا أنها لم تستطع أن تعترف له بشيء عنها فاكتفت باسم شموخ ، وكذبة صغيرة مفادها أنها طالبة في أحد الأقسام العلمية بالجامعة . في تلك الأثناء ، كانت لميس قد تعرفت عر الإنترنت أيضاً على أحمد ، طالب الطب في جامعتها وكان كلاهما في السنة الثالثة . صار أحمد يضع لها نسخاً من الملخصات المهمة في إحدى المطابع لتستلمها من هناك فيما بعد ، وكانت هي ترسل له رسائل إلكترونية تحمل أهم النقاط التي قام الدكتور بالتركيز عليها قبل الامتحان ، فقد كان الدكاترة يتساهلون مع الطالبات أكثر من تساهلهم مع الطلاب والعكس صحيح ، ولذلك فقد كان الشاطر من تصله أخبار الدكاترة من البنات والشاطرة من تصلها أخبار الدكتورات من الأولاد ! لأسباب مهنية بحتة مثل اقتراب موعد الامتحانات وتقلص ساعات الجلوس أمام شاشات الكمبيوتر وازدياد الحاجة لردود سريعة تتعلق بسؤال في أحد الامتحانات أو ملاحظة خاصة بأسلوب أحد الأساتذة في الاختبارات الشفوية ، انتقلت العلاقة بين أحمد ولميس من شاشة الكمبيوتر إلى سماعة الهاتف الجوال

roudy 28-02-07 01:38 AM

الحلقه السابعه والعشرون


سلطان الإنترنتي

إذا ما كنتش قد الحب ما تحبش !
محمود الميليجي


لم يعد يمر أسبوع
من دون أن أقرأ موضوعاً يتناولني في جريدة أو مجلة أو منتدى على الإنترنت . فوجئت عند وقوفي في صف المحاسبة في السيفواي
بمجلة شهيرة معروضة وقد كتب على غلافها :
آراء المشاهير في القضية الأكثر سخونة حالياً في الشارع السعودي .
لم أشك طبعاً بكوني تلك القضية الساخنة .
ابتعت المجلة بهدوء وتصفحتها في السيارة
وأنا أكاد أطير من الفرح ! أربع صفحات
مليئة بصور كتاب وصحفيين وسياسيين وممثلين ومطربين ورياضيين
يدلون بدلوهم في قضية الإيميلات ذات المصدر المجهول
التي تشغل الشارع السعودي منذ أشهر !
قرأت بضعة أسطر من حديث الأدباء فلم أفهم شيئاً .
قالوا أنني أنتمي للمدرسة الانطباعية
بين التناقض بين الانطباعية التأثيرية والتعبيرية
إلا أن صاحب الرأي يصر على أنني أول من جمع بين الاثنتين !
لو يدري أنني لا أعرف معنى أي منهما حتى أجمع بينهما !
انتقلت لأسطر اللاعبين والممثلين وقرأت مديحاً يثلج الصدر ،
إيه ! هذا الكلام !
ما لنا والسريالية الميتافيزيقية التأثيرية الحنطفيسية !!



--------------------------------------------------------------------------------


- سديم تتوقعين إن في أمل راشد يحن على ولده ويجي يشوفه في يوم من الأيام ؟ - ما عليك منه . هماه يرسل فلوس مع أمه والا أبوه ؟ خلاص هو بقريح ! وش تبين به بعد كل اللي سواه ؟ من عافنا عفناه يا قمور لو كان غالي ! تتأمل قمرة بعد انتهاء مكالمتها لسديم ألبوم صور زواجها من راشد . تلاحظ عبوسه في جميع الصور بينما تبدو السعادة الانشراح على محياها . استوقفتها صورة لها وسط أخوات راشد ، ليلى المتزوجة أم لطفلين ، وغادة في مثل سنها ، وإيمان في الخامسة عشرة . توقفت لدقائق أمام هذه الصورة وهي تفكر ، وبعد أن توصلت إلى قرارها انطلقت بسرعة نحو جهاز الكمبيوتر ، وقامت بإدخال الصورة إلى الماسحة الضوئية (السكانر) وفي خلال ثوان ظهرت الصورة على شاشة الكمبيوتر أمامها، وببعض الخطوات البسيطة ، أخفت صورتها هي وليلى وإيمان ، وأبقت على صورة غادة فقط . في المساء ، عندما التقت بسلطان على الماسنجر ككل ليلة ، أقنعته بأنها وافقت أخيراً على إرسال صورتها له ، مقابل صوره الكثيرة التي أرسلها إليها . أرسلت له صورة غادة وهي ترتجف . أخبرته مقدماً أن الصورة قد التقطت لها وصديقاتها في عرس إحدى الصديقات ، وقد أخفت صورهن جميعاً أمانة منها . بعد أن انتهى من تحميل الصورة على جهازه ، وبعدما عبر لها عن مدى دهشته وإعجابه بجمالها الذي لم يكن يتصوره ، ألقت إليه بتتمة الكذبة ، أخبرته أن اسمها الحقيقي هو غادة صالح التنبل !
** تتصل حصة بأختها الكبرى نفلة لاستشارتها في مشاكلها الدائمة مع زوجها خالد : - تخيلي ياختي إنه صار يعيرني بقمرة ! ما غير يقول لي وش سوت الداشرةووش ما سوت !! كله عشان سمع من أخواني إنهم ركبوا لها نت في البيت ! - ما يستحي على وجهه يقول ذا الكلام ! بس وراه ما علمتي أمي من أول ؟ - علمتها بس تدرين وش قالت لي ؟ قالت زوجك ما عليه من قمرة ! البنت ما عندها شي تفرح بوه وكفاية حبستها بهالبيت ليل ونهار . على الأقل مقابل هالكمبيوتر أهون من الدوران في الشوارع بأنصاف الليالي ! - أمي مكسور خاطرها على قمرة ليش إنها تطلقت . - ويعني ما دام قمرة تطلقت تبيني أنا بعد ألحقها وأتطلق ؟؟ رجلي يبيها من الله! إن سمع عنها شي تسذا ولا تسذا ليرمينن أنا وعيالي في الشارع ! - ما يخسى إلا هو ! وشو ما عندتس بيت أهل تقعدين بوه ؟ - من زين قعدة بيت الأهل الحين ! أنا والله كل ما شفت حالة قمرة وهالعيشية اللي عايشتها حمدت ربي على هالبلا اللي عندي ، على قولة المثل : اقضب قريدك لا يجيك اللي أقرد منه ! يالله ، الحمد لله والشكر على كل حال . منذ أن أرسلت له صورة غادة أخت راشد (أو صورتها) وسلطان يكاد لا يفارق النت ! ألح عليها كثيراً حتى تقبل بمحادثته هاتفياً إلا أنها أصرت على الرفض لأنها ليست من (ذلك النوع) من الفتيات . كانت كلما ازدادت رفضاً ، ازداد سلطان تعلقاً بها وتمجيداً لأخلاقها . في الحقيقة ، كانت قمرة قد فكرت ملياً في مسألة المكالمات هذه وقررت أنها لا تستطيع القيام بها لسببين ، أولهما أن هاتفها الجوال باسم والدها ، وهكذا فإن بإمكان سلطان اكتشفا كذبتها ومعرفة أنها ليست صاحبة الاسم الذي تدعيه ، وثانيهما أنها لم تتحمس يوماً لفكرة محادثة شاب غريب هاتفياً ، وإن كانت تشعر بقرب سلطان منها وتحس بصدقه والتزامه ، إلا أن شيئاً ما بداخلها ظل رافضاً للفكرة ومستهجناً إياها . بعد ليالٍ طويلة من السُهاد ، ودموع كثيرة ذرفتها ندماً على فعلتها غير المبررة باستغلال صورة غادة للانتقام من راشد ، وبعدما حدثتها والدتها عن مشاكل حصة مع زوجها بسبب إدمانها هي على الإنترنت ، اتخذت قمرة قرارها الصعب بالانسحاب من عالم التشات السحري والبعد عن طريق سلطان الطيب الذي لا يستحق هذا العبث منها ، خاصة بعد أن بدأ يحدثها عن رغبته بالاقتران بها . اختفت قمرة بلا مقدمات وانقطعت أخبارها ورسائلها عن سلطان الذي ظل يكتب لها إيميلات الشوق والحب والاستعطاف لشهور طويلة دون أن ترد عليه يوماً




roudy 28-02-07 01:44 AM

يلا ياجماعه بدي مكنكم ردود
نشفتو دمي
ههههههههههههههه
مش مشكل حتى لو بلا ردود
المهم تقرأو وتستفيدو

roudy 28-02-07 01:45 AM

يلا روز انت الوحيده اللي بتجبري بخاطري
بدي اشوف ردك اللي بينور صفحاتي
وشكلي بالهايه هغني ظلموه
وانت ما تنسي ترددي بعدي
ههههههههههه

بدارة 28-02-07 08:31 PM

لاه لاه يارودي وانا وين رحت
ههههههههههههههههه
اصلا انا متابعة معك من زمان
بس ان بحب اغنية ظلموه خخخخخخخخخخ
مشكورة رودي نتريا التكملة

roudy 01-03-07 12:44 AM

ههههههههههههههههههه
سوري بدوره حبيبة قلبي والله
بس سامحيني والله من القهر
مش شايفه تفاعل
لكن مروركو حبايبي بيكفي صدقوني
انا مجرد بمزح
وبداره اذا بدك انا بغنيلك ظلموه
راح تضلي تحبيها مني دائما
هههههههههههههههه

روز 01-03-07 08:51 PM

هههههههههههههههههه
سوري حياتي رودي
اتاخرت عليكي بالرد بس انا ما لاحظت انك
نزلتي اجزاء جديدة
سوري مرة تانية
ويسلمو ايديكي يا رب
ميرسي

roudy 01-03-07 09:13 PM

اهلا احلى روز
انا كنت مستنياكي تردي
لكن مش مشكل التأخير المهم بالنهايه رديتي
وطمنتيني عليكي انشالله تكون الاجزاء عجبتك

روز 01-03-07 09:33 PM

ولو ازا اديكي الي نزلت الاجزاء
اكيد بدها تعجبني
وسوري راح احاول ما اتاخر مرة تانية
ميرسي

roudy 06-03-07 08:04 PM

هو يعني شواي ايداي والماوس
وساعدتنا الكيبورد وهيك

ههههههههههههههههههههه
مشكوره حبيبتي بتسعدني طلتك

roudy 06-03-07 08:06 PM

يلا ياجماعه هلا بحطلكم اجزاء جديده
بليز بدي تفاعل

roudy 06-03-07 08:09 PM

الحلقه الثامنه والعشرون


هل أحبها ماتي وهل أحبته

عندما تبرد المحبة في قلب المرأة ،
لا تعود كل أجواخ العالم تُدفئها .
نيلسون

نصحني القارئ إبراهيم
بأن أصنع لنفسي – أو أن يصنع هو لي – موقعاً على الإنترنت
أنشر فيه رسائلي منذ الرسالة الأولى وحتى الأخيرة ،
حماية لها من السرقة والضياع ،
وحتى أضمن المزيد من القراء لرسائلي
حيث سيتم وضع إعلانات وروابط وأشياء أخرى
في الموقع كتب لي عنها بإسهاب .
أشكرك يا أخي على حرصك وتعاونك
ولكنني لا أفهم في تصميم المواقع أكثر مما أفهم طبخ البامية ،
ولا يمكنني أن أحملك يا إبراهيم عبئاً كهذا قد تحقد علي بعده ،
ولذلك فإني سأظل على أسلوبي العتيق
في إرسال الإيميلات الأسبوعية بانتظار عرض أفضل ،
كعمود أسبوعي في صحيفة أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني
أو أي اقتراح تجود به قرائحكم! شحاذة وتتشرط !



--------------------------------------------------------------------------------


استطاع ماتي أن يجعل من حياة ميشيل مغامرة ممتعة لا تنقطع ، وساعدها معنوياً وعملياً على التأقلم مع نمط معيشتها الجديد . كان يشرح لها ما تستصعبه من دروس سواء في المادة التي يدرسها إياها أو في غيرها من المواد ، وكان يهتم بمتابعة شؤونها في السكن الجامعي ويحاول مساعدتها في حل أية مشكلة تواجهها ، ورغم استمتاعها بسكنها المستقل وتلذذها بطعم الحرية التي تجربها لأول مرة في حياتها إلا أنها كانت تقضي في منزل خالها يومياً أكثر مما تقضيه في غرفتها الصغيرة في سكن الجامعة والتي تشاركها إياها فتاة أخرى . بعد تجاوز صعوبة الأشهر الأولى ، واعتيادها على الروتين الجامعي اليومي ، بدأ تندمج في نشاطات الجامعة وتشرك معها ابن خالها ماثيو (ماتي) الذي كان يُشركها بدوره في نشاطاته الأسبوعية هو ورفاقه . نظمت الجامعة لها ولزملائها رحلة برية للتخييم في حدائق يوسمتي أثناء عطلة نهاية الأسبوع ، وانضم ماتي إلى مجموعة المشاركين بصفته رئيس جمعية أصدقاء الطبيعة في الجامعة . هناك ، بين أحضان الطبيعة الساحرة التي لم تر ميشيل شيئاً بجمالها من قبل ، كان ماتي المرافق المناسب في المكان المناسب . كان يوقظها باكراً حتى تجلس معه فوق الصخور الصغيرة في مكان بعيد ليرقبا شروق الشمس التي تتكسر أشعتها على مياه الشلال المتدفقة أمامهما . كانا يتسابقان لالتقاط أجمل الصور لتلك المناظر الخلابة . تثير غيرته بصورة التقطتها لقبلة بين سنجابين حبيبين ، فيرد عليها بعد قليل بصورة لغزال يسد برأسه قرص الشمس فتبدو أشعتها وكأنها قرون عظيمة تمتد على مرمى النظر . اصطحبها معه في إحدى اللونق ويك إندز إلى نابا فالي التي دعاه إليها ويليام موندافي ، حفيد عائلة موندافي أصحاب أشهر مصانع الخمور في العالم ، وأحد أصدقائه المقربين . في مزرعة ويليام أو بيلي كما يناديه الجميع ، تذوقت أفضل أنواع المربى الطازجة واللحوم المشوية والمكرونة المحضرة من قمح المزرعة إلى جانب أفخر أنواع النبيذ من الشاردونيه والكابرنيه سوفنيو. كانت هذه أمثلة من عطل نهاية كل أسبوع ، أما في العطل الطويلة إلى حد ما والتي لا تسافر فيها للسعودية كعطلة عيد الفصح فقد كان يصطحبها بسيارته إلى لاس فيغاس أو لوس آنجليس . كان خالها يُعد من أبناء الطبقة الراقية أو ما فوق المتوسطة في سان فرانسيسكو ولذلك فقد كان ماتي براتبه الشهري من الجامعة ومساعدة والده ، إلى جانب ما يرسله لها والدها من مصروف شهري كبير ، يرسم لهما معاً خططاً ممتعة لقضاء أية إجازة بشكل غير اعتيادي . أخذها في لاس فيغاس إلى عرض راقص لفرقة لورد أوف ذا دانس الشهيرة ، كما فاجأها بتذكرتين لحضور العرض المائي الباهر (ذي أو شو) للسيرك دو سوليه ، أما في لوس آنجليس فقد كانت هي قائدة الرحلة بحكم زيارتها لها من قبل . أخذته إلى الروديو داريف في النسيت بوليفارد لتمارس أولاً وقبل كل شيء هوايتها في التسوق رغم تذمره ، ثم أمضيا السهرة في تدخين الشيشة في جبسي كافيه ، أما في اليوم التالي فاستمتعا بالسير في البالم بيتش قبل أن يسهرا في مطعم بيبلوس الذي لاحظت تواجد السعوديين فيه بكثرة بصحبة صديقات هنديات وإيرانيات . كان السعوديون يشكون بكونها سعودية بسبب ملامحها ويستغربون وجودها مع شاب أمريكي ، لكن لكنتها الأمريكية المتقنة أثناء حديثها مع ماتي بددت شكوكهم وأبعدتهم عن ملاحقتها بنظراتهم التي تتصيد الفتيات الخليجيات. خلال أيام الأسبوع ، كان يأخذها إلى الحي الصيني حيث الدكاكين الصغيرة والمطاعم الصينية التقليدية . كانا في كل مرة يزوران فيها الحي الصيني يتناولان عصير الكوكتيل الممزوج بالتابيوكا التي تجعل الشراب لزجاً بعض الشيء وأشبه بالصمغ . في فصل الربيع كان يحب اصطحابها لتأمل منظر الغروب من على شاطئ سوساليتو القريب من القولدن قيت . كان يعزف لها أنغاماً ساحرة على غيتاره حتى تنغمس كعكة المس في كوب البحر ، أما في أيام الشتاء فكان كثيراً ما يصطحبها لشرب الكاكاو الساخن في جيراديللي الذي يطل على سجن الكاتراز الشهير العائم وسط البحر ، فيحتسيان شرابهما الساخن وهما يتأملان منارته المضيئة من بعيد والتي تقف دليلاً للسواح والمقيمين على ماضٍ أمريكي مثير للاشمئزاز في قسوته وسواده . كان أكثر ما يعجبها في ماتي احترامه لوجهة نظرها مهما كان الاختلاف بينهما . هي نفسها كانت تلاحظ تسلطها في إقناعه بوجهة نظرها في كثير من الأحيان ، إلا أنه كان دوماً يشرح لها أن اختلافاتهما لا تعني أكثر من كونها اختلافات في وجهات النظر ، وعلى ذلك فليس من المجدي أن يزعجا نفسيهما بمحاولة تغيير أحدهما الآخر من أجل أن يشبها بعضهما في كل شيء ! اعتادت ميشيل في بلادها أن تنسحب من النقاشات بعد أن يتحول الحوار إلى مشادات كلامية ساخنة وتسفيه للآراء ، وكان تتحاشى التعبير عن آرائها صراحة إلا أمام من (تمون) عليهم كصديقاتها المقربات . كانت تلاحظ أن الرأي العام في بلادها لا يعبر بالضرورة عن الرأي العام الفعلي ، لأن الناس كانوا يترددون كثيراً قبل أن يدلوا برأيهم في قضية ما حتى يتحدث أحد الشخصيات القوية أو أصحاب الكلمة المسموعة بين الناس فيقوم الباقون بتأييده . كان الرأي العام علاقة متعدية تترتب على رأي واحد ، رأي الأقوى . هل أحبها ماتي وهل أحبته ؟ لا يمكن إنكار أن كل هذا القرب على مدى عامين متواصلين والاهتمامات المشتركة ساهمت في التقريب بينهما إلى حد كبير ، وأنه مرت عليها لحظات تخيلت فيها أنها تحبه بصدق ، خاصة بعد أمسية شاعرية على رمال المحيط أو بعد نجاحها بتفوق في مادة من أصعب المواد بعد استماتة ماتي في تدريسها إياها قبل الامتحان ، لكن فيصل ظل مخبئاً في أحافير قلبها ، سراً دفيناً لا تستطيع البوح به لماتي الذي يعرف عن السعودية أقل مما أعرف عن أنا عن تصميم المواقع وطبخ البامية مجتمعتين ، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تخيل القيود التي أحكمت بقسوة على حبها لفيصل ومنعته من الارتباط بها . يظن ماتي الذي ينحدر من بلاد الحرية أن الحب كائن خارق يصنع المعجزات . هي نفسها كانت تعتقد ذلك في بداية صباها ، قبل أن تعود من أميركا للعيش في بلادها التي ثٌعامل الحب فيها كنكتة خارجة يمكن التندر بها لفترة قبل أن يمنع تداولها من قبل جهات عليا .

roudy 06-03-07 08:11 PM

الحلقه التاسعه والعشرون

فراس غير

متى أحبت المرأة ،
كان الحب عندها ديناً ن
وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة.
طاغور

خالد(الشريه)
بعث لي دعوة للكتابة في مجلة (الديمن) لصاحبها (ابن السبيت) ،
والتي ترأس تحريرها الدكتورة شريفة (الهاص) .
بما أنني اكتشفت الآن أن الشحاذ قد يحصل على ما يريد عندما يتشرط ،
فسأنتظر حتى أحصل على عرض
بتقديم برنامج تلفزيوني أو إذاعي مثل برنامج إضاءات لتركي الدخيل .
ما فيش حد أحسن من حد ! استمروا في تدليلي ،
فأنا بحاجة إلى دفعة أسبوعية من الدلع والتدليل حتى أستمر ،
لتستمعوا بما أرسله لكم كل جمعة .
تذكروا أنكم أنتم الرابحون أولاً وأخيراً .



--------------------------------------------------------------------------------


تضع أم نوير صحن الحلاوة الطحينية (الرهش) وإبريق الشاي أمام سديم وتصب هذه الأخيرة بيالة لكل منهما ، لترشفاها مع قطع الحلاوة الدسمة . - تصدقين يا خالتي ، ما عرفت أن وليد ما يسوي إلا بعد ما تعرفت على فراس . - عسى بس ما ييي(يجي) اليوم اللي تعرفين فيه إن فراس هم ما يسوى ، بعد ما تتعرفين على اللي وراه ! - فال الله ولا فالك !الله لا يقوله !! أنا ما أبغي من هالدنيا إلا فرسا . فراس وبس. - كنتِ تقولين نفس هالكلام عن وليد ، وبييي (يجي) يوم واذكرج ! - بس فراس وين ووليد وين يا خالتي أم نوري ! - ويه ما لت عليهم اثنينهم ! على قولة المصارية : إيش جاب لجاب ؟ بين الشبشب والقبقاب . - مدري وش فيك ما تحبين فراس ، مع إنه وش ملحه ! - أنا ما أحب كل الرياييل . سليمة صكتهم واحد واحد ! نسيتي لما قلت لج إن وليد مو عاجبني وما عاجبج كلامي ؟ - لا ما نيسيت . كنت خبلة وعلى نياتي ، وإلاّ واحد يجي يقول لي في الملكة إنه راقب كل تليفونات البيت الثابتة والنقالة قبل ما يخطبني ، وفحص سجلات المكالمات الصادرة والواردة لمدة 6 أشهر قبل الخطوبة ، وأنا بكل غباء أقول له الحمد لله إني نجحت بالامتحان ! لا وفخورة بنفسي بعد ! مالت عليّ ! - مدمغة! قلت لج يومها هاللي يسوى جذيه مريض بالشك ومعقد بس ما صدقتيني ! ذبحتينا أحبه وأحبه ! قلت لج باتشر (باكر) يسوي أكثر وما بتخلصين من هالامتحانات ، تشنج (كإنك) داخلة ثانوية عامة مو زواج !وهذا هو ، سوّى لج امتحان آخر شي مثل ويهه(وجهه) ولما ما يبتي (جبتي) النتيجة اللي كان هو يبيها قطج(رمى بك) على صخر! قطوة بجهنم الحمراء قولي آمين ! - بسم فراس غير يا خاليت ، والله عمره ما عرّضني لموقف مثل كذا ولا عمره سألني أسئلة من طقة أسئله وليدوه . فراس مخه نظيف وما يشوف كل شي بوصاخة مثل وليد ! - بس يا سدوم ما يصير تحسسينه إنه كل شي بحياتج ! إنتي صايرة تسوين له (تبسط كفيها وتؤرجحهما أمامها) يا دهينة لا تنكتين ! - وش أسوي يا خالتي تعودت عليه !صار كل شي بحياتي ! أول صوت أسمعه أول ما أقوم الصباح وأخر صوت أسمعه قبل ما أنام ، وطول اليوم هو معاي وين ما كان . يا خالتي تخيلي إنه يسألني عن امتحاناتي قبل أبوي ، ويتذكر البحوث اللي علي أكثر مني ، وإن صارت لي مشكلة بدقيقة حلها لي بعلاقاته ووساطاته ، وان احتجت لشي حتى لو بيبسي بنص الليل قام ووصى أحد يجيبه لي . تخلي إنه مرة من المرات راح بنفسه للصيدلية الساعة أربعة الفجر عشان يجيب لي (أولويز) لأن سواقي كان نايم ! راح بنفسه وشراه لي وحط الكيس عند باب بيتنا ومشى ! يعني معقول يا خالتي بعد كل هالدلع اللي مدلعني إياه ما تبينه يصير كل حياتي ؟ أصلاً أنا وربي ما عدت أذكر كيف كنت عايشة بدونه ! - عدال يا معوده سويتيه حسين فهمي ! إنزين . الله لا يغير عليكم ، ويعطيج خيره ويكفيج شره ! بس والله إن قلبي مو مرتاح له . - ليش بس ؟ علميني ! - الحين ما دامه يحبج على قولتج عيل ليش ليما الحين ما خطبج ؟ - هذا اللي محيرني يا خالتي . - انتي ما قلتي لي إنه تغير من يوم ما دري إنج كنتي عاقدة على وليد ؟ - هو ما تغير بس ، يعني ... حسيت إنه فرق علي شوي . هو ما زال على حنانه ورقته وحرصه علي ، لكن كإن في شي بداخله ما صار يطلعه قدامي ، يمكن يكون هالشي غيرة ! أو قهر إنه ما هو أول إنسان بحياتي مثل ما أنا أول بنت بحياته . - وانتي من قاص عليج بالله وقايل لج إنج أول بنت يحياته ؟! - مجرد إحساس ! قلبي يقول لي إني الحب الوحيد بحياته ، وحتى لو كان عرف بنات قبلي بحكم سنه وعيشته برا ، فأنا متأكدة إنه ما حب واحدة وتعلق فيها ودمج حياته بحياتها مثل مجرد إحساس ! قلبي يقول لي إني الحب الوحيد بحياته ، وحتى لو كان عرف بنات قبلي بحكم سنه وعيشته برا ، فأنا متأكدة إنه ما حب واحدة وتعلق فيها ودمج حياته بحياتها مثل ما سوا معي . الواحد ما يحب ويوصل لهالمستسوى من العطاء والبذل وهو في هالسن إلا إن كان شايف إن اللي حابها ومتعلق فيها واحدة غير ! واحدة من جد تستاهله ، لأنه ما عاد صغير ، وتفكيره في هالسن ما هو تفكير شاب توه في العشرينات ! الرجال في هالسن إذا حب على طول يفكر بالاستقرار والزواج ، ما عنده لعب وتعالي نتعرف على بعض ونشوف ومن هالحكي حق العيال ، والدليل إنه إلى الآن ما عمره طلب مني إنه يشوفني بعد أيام لندن غير هذيك المرة اللي على طريق الشرقية ! - أنا ما دري شلون تجرأتي تخلينه يمر يمكم (جنبكم) بالسيارة وانتي راكبة مع أبوج ! مينونة ! افرضي إن أبوج صادج ؟ اش كان سويتي ؟!. - أنا ما تجرأت ولا شي ، المسألة كلها صارت بالصدفة ! كان المفروض إني أسافر الشرقية بالسيارة مع أبوي عشان نحضر عزاء ، وفراس كان رايح لأهله يقضي الويك إند معهم وطيارته فاتته فقرر يروح بالسيارة . أبوي طلع من الشغل بدري يومها وقال خلينا نمشي وفراس اللي كان المفروض يمشي من الظهر تأخر للعصر بسبب الشغل ! صدفت ساعتها إننا صرنا أنا وهو على الخط ، وظلينا على المسجات وكل واحد يقول للثاني كم كيلوا باقي له ويوصل ، وأنا أحاول أقنعه يبطل يكتب مسجات وهو يسوق! فجأة لقيته يوقل لين وش سيارة أبوك ؟ قلت له لكزس سماوي ، ليه ؟؟ قال أبد بس التفتي يسار بعد خمس ثواني وبتشوفيني !!! آه يا خالتي ... ما قدر أوصف لك شعوري لحظة ما شفته ! عمري ما تصورت إني ألقى إنسان أحبه للدرجة هاذي . مع وليدوه الزفت كنت أحس أني مستعدة أقدم أي تنازلات علشان يرضى عني ، لكن مع فراس المسألة معاه رغبة في العطاء بلا حدود. ودي أعطيه وأعطيه وأعطيه ! تصدقين يا خالتي ، أحياناً تجيني أفكار أستحي منها .. - مثل شنو ؟ - يعني مثلاً أتخيل نفسي وأنا أستقبله كل يوم في بيتنا بعد الزواج وهو راجع من الدوام تعبان . أجلّسه هو على الكنب وأجلس أنا على الأرض قدامه . أتخيل نفي أغسل رجوله بموية دافية وأبوسهم وامسح بهم على وجهي ! مدري كيف يثيرني هذا الخيال يا خالتي ، يثيرني بدرجة جنونية ! مع إن عمري ما تخيلت إني ممكن أفكر أسوي كذا لأي رجال مهما كان ! مدري كيف هالفراس قلب كل مفاهيمي يا خالتي وخلاني أعشقه بهذا الشكل المتطرف ! - ما أقول غير الله يعطيج على قد نيتج يا حبيبتي ويكافيج الشر قولي آمين .

roudy 06-03-07 08:12 PM

الحلقه الثلاثون

: قمرة التي لم تتغير

وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو
وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده
وهو الغفور الرحيم
سورة يونس :107

تردني رسائل كثيرة تحوي قدحاً في أم نوير ،
وتذم أهالي صديقاتي
الذين سمحوا لبناتهم بالتردد على منزل امرأة مطلقة وحيدة .
هل الطلاق كبيرة من الكبائر ترتكبها المرأة دون الرجل ؟
لم لا يُضطهد الرجل المُطلق في مجتمعنا كاضطهاد المرأة المُطلقة ؟
أعرف أنكم تستنكرون أسلتي الساذجة
ولكنها أسئلة منطقية جديرة بإجابات عادلة
تحمي أم نوير وقمرة وغيرهن من المطلقات
من هذه النظرة الفوقية التي يتصدق بها المجتمع عليهن ،
فيما الرجال المطلقين يعيشون حياتهم دون معاناة أو رقابة .



--------------------------------------------------------------------------------

لم تتغير حياة قمرة بعد ولادة طفلها كثيراً ، فأعباء العناية به كانت ملقاة على عاتق المربية الفلبينية التي استقدمتها أم قمرة خصيصاً لهذا الشأن ، لمعرفتها بكسل ابنتها وإهمالها حتى لنفسها فكيف بطفل حديث الولادة ؟ بقيت قمرة على حالها ، بل عادت إلى حالها قبل الزواج . كان يكفيها الاكتئاب الحاد الذي أصابها بعد انقطاعها عن التشات . ظلت تفكر بسلطان لمدة ليست بالقصيرة . كانت كثيراً ما تشعر برغبة عارمة في محادثته لكنها كانت تعدل عن ذلك بعد أن تتذكر وضعه ووضعها اللذين يصعب اجتماعهما بسهولة. تأخذها الأفكار بعيداً كل ليلة . تلاحق صديقاتها الثلاث وتقارن حياتها بحياة كل واحدة منهن ، فهذه سديم غارقة في حب سياسي ناجح وشخصية معروفة ، قد يتقدم لخطبتها في أية لحظة بناءً على ماتخبره إياها سديم عن حبهما الرائع وتفاهمها حول كل شيء ... والله وبتطيحين واقفة يا سديم ! أحسن من هالشباب الصغار اللي ما يعرفون وش يبغون من الدنيا ؟! لميس في سنتها الجامعية الثالثة وستصبح عما قريب دكتورة قد الدنيا ! لا باس إن تأخر زواجها ، فتأخر سن الزواج شائع في أوساط الطبيبات وقد اعتاد المجتمع على ذلك حتى صار من المستهجن والمستغرب أن تتزوج طالبة الطب صغيرة ! إن أرادت الفتاة أن تعنّس دون أن تنال لقب (عانس) فما عليها إلا أن تدرس الطب ، فالأبصار مغضوضة عن هؤلاء ! أما طالبات الكليات الأدبية والدبلوم ومن لا تلتحق بأية جامعة ، فأصابع الاتهام بالعنوسة تبدأ في الاتجاه نحوهن بمجرد بلوغهن العشرين . بس لميس محظوظة بأمها ما شاء الله . أمها فاهمة ومثقفة ودايم تقعد وتتكلم معها ومع تماضر ، ومتعودين يسولفون لها عن كل شي بدون مِستحى . الله يخلف على أميمتي اللي على قدها وما تعرف لهالخرابيط وكل ما قلنا لها شي قالت لا ، وما كنا نسوى تشذا وما كنا نقول تشدا وكل شي تنقد عليه ! ذاك اليوم لما اشترت شهلاء شوية قمصان نوم وبيجامات حرير تقول كل صديقاتها عندهن مثلها هاوشتها وأخذت منها كل الحاجات ورمتهن بالزبالة وهي تصارخ : بعد ما بقى إلا ذا ! تبين تلبسين (قلة حيا) وانت ما بعدعرستي !؟من بكرة راحت شرت لها درزن ملابس داخلية من طيبة وعويس وجابتهن لها بزعمها تراضيها !عطتها الأغراض وقالت لها : الحين ما لك إلا ذولي ، والخرابيط ذيك لاحقن عليها لين تعرسي !. حتى ميشيل التي تخلى عنها فيصل كانت أوفر حظ منها ، فأهلها قد سمحوا لها بالدراسة في أميركا بينما هي لا يُسمح لها حتى بالخروج من المنزل وحدها ، وفي زياراتها القليلة لبيت سديم ، كانت أمها تجبر أحداً من إخوتها على إيصالها بنفسه والعودة بها رغم وجود السواق ! ( يا حظك يا ميشيل ) بتاخذين راحتك وتعيشين حياتك مثل ما تبين ! ما وراك أحد يسأل وين رايحة ومنين جاية !بتكونين حرة نفسك وما عليش من أحد ولا عليش من كلام الناس اللي ما ينخلص منه . كانت إذا اجتمعت بصديقاتها الثلاث شعرت بالفرق الشاسع الذي طرأ عليهن بعد دخولهن الجامعة . لميس صارت تفضل الاجتماع بصديقاتها من كلية الطب على الاجتماع بهن ، ثم أنها لا تدري ما الذي جرى لعقل هذه الفتاة حتى تلتحق بدورات في الدفاع عن النفس وفي اليوغا ! أصبحت لميس بعيدة عنهن في تفكيرها منذ التحاقها بالكلية الغبراء ، كلية الطب . ميشيل أصبحت ترعبها أحياناً بحديثها عن الحرية وحقوق المرأة ، وقيود الدين والأوضاع الاجتماعية وفلسفتها للعلاقة بين الجنسين ونصائحها لها بأن تكون أقوى وأشرس في الدفاع عن حقوقها وعدم تقديم تنازلات في حق الذات ! سديم الأقرب إليها هي الأخرى بدت أنضج بكثير بعد العطلة الصيفية التي قضتها في بريطانيا ، لعل سفرها وحدها والعمل الصيفي والقراءة قد أفادوها ، أو لعل تلك الثقة بالنفس مصدرها حب رجل بمكانة فراس لها . أياً كانت الأسباب ، فقد شعرت قمرة أنها الوحيدة التي لم تتغير منذ أيام المرحلة الثانوية ، اهتماماتها لم تتغير وأفكارها لم تتطور وأولوياتها لم تتبدل . ما زال حلمها الوحيد هو الزواج من رجل ينتشلها من وحدتها ، ويعوضها عن أيام الشقاء التي عاشتها . كم ودت لو استمدت من ميشيل بعض صلابتها ومن سديم بعض ثقافتها ومن لميس بعض جرأتها ! كم أرادت أن تصنع من نفسها شخصية تحاكي شخصيات صديقاتها وتستطيع الدخول معهن في نقاش عميق ، لكنها ظلت عاجزة عن مجاراتهن . يبدو أنها خلقت بهذه الشخصية الضعيفة التي تحتقرها لتظل سائرة وراء الركب طوال حياتها . ذهبت لتلقي نظرة على صالح قبل أن تنام . دخلت الغرفة التي وضع فيها فراشه الصغير المزركش إلى جانب سرير المربية . اقتربت من فراشه بهدوء حتى لا توقظه أو توقظها ، وإذا بعيني الطفل تلمعان لها وسط ظلام الغرفة وهو يتلفت نحو مصدر الصوت ببراءة ودعة . مدت إليه يديها فتعلق بهما لتلتقطه بحنان وتحمله . حالما حملته شعرت بملابسه المبللة وفخذيه الرطبين وشمت الرائحة النفاذة المنبعثة من حفاظته الصغيرة . حملته إلى الحمام لتجد مؤخرته الغارقة في البلل مغطاة ببقع حمراء صغيرة . لم تعرف قمرة كيف تتصرف في ظرف مثل هذا ، هل توقظ أمها أم توقظ شهلاء ؟؟ ما أدرى شهلاء بالأطفال ! إذا كانت هي نفسها لا تعرف ما تفعل ! هول توقظ المربية ؟ الله يقطعها! كله بسببها!! نايمة ومخلية ولدي غرقان بالبول ! كان الولد أمامها يلعب ببطته الصفراء المطاطية التي ناولته إياها دون أن تبدو عليه معالم الألم أو الضيق ، لكن الأمر كان أقسى على قمرة من مجرد طفح جلدي! كل شيء كان قاسياً عليها ، راشد ، ونظرة المجتمع ، وأمها وحصة ، وزوج حصة ، وموضي ، وصديقاتها ! الكل يستضعفها ويعيب تفاهتها وتخلفها ، حتى المربية الفلبينية أهملت العناية بطفلها بعد أن لاحظت عدم حرصها هي عليه !يا لها من حياة قاسية أخذت منها كل شيء ولم تمنحها شيئاً في المقابل ! أخذت منها شبابها ومرحها لتستبدلهما بلقب بشع وطفل ليس له من سند في هذه الحياة سواها ، هي الأمس منه حاجة للسند ! سقطت البطة من كف صالح الصغيرة عندما احتضنته قمرة بكل ما فيها من قهر وندم وعذاب ، وهي تبكي

roudy 06-03-07 08:15 PM

الحلقه والواحد وثلاثون

(حش) في الرجال

يكفي المرأة رجل واحد لتفهم جميع الرجال ،
ولكن لا يكفي الرجل مئات النساء حتى يفهم امرأة واحدة
جورج برنارد شو


لقد أصبحت هذه القصة حياتي .
أصبح يوم الجمعة أكثر قداسة من ذي قبل
وأصبح لجهاز الكمبيوتر موقع أساسي في غرفتي
بعد أن كان ينتقل من غرفة إلى أخرى دون أن أكترث ،
وصرت أضحك
كلما أغاظتني زميلة أو أستاذة من أساتذة الجامعة اللواتي يحرقن الدم !
كل هذا لا يساوي شيئاً أمام ما أفعله .
كل هؤلاء المتعجرفات
يلتصقن بشاشة الكمبيوتر كل جمعة ليقرأن ما أكتب ،
فلأدعهن لتفاهاتهن ،
ويكفيني ما أحس به في داخلي من فرح واعتزاز !



--------------------------------------------------------------------------------

اجتمعت الصديقات الأربع في مننزل قمرة في آخر أيام العطلة الصيفية ، وكل واحدة منهن تحمل بين يديها لعبة أو قطعة حلوى لصالح تحثه بها على المشي نحوها بخطواته المتعثرة وساقيه السمينتين كساقي البطة
. اندفعت قمرة توبخ لميس على ما اكتسبته في شاليهات جدة من سمرة برونزية :
- قسماً بالله إنك مجنونة ! الحين الناس تدوّر البياض وانتِ تتسدحين بالشموس!
- أيش أسوي اشتهيت أعمل برونزاج ! والله إنو أتراكتف !
- بالله يا بنات ردوا عليها ، ذا المهبولة !
تتدخل ميشيل التي يعجبها اللون البرونزي على لميس : - آكتشولي ... آي لايك آت .
تثور قمرة وتحاول إقناع سديم بتأييدها :
- سديم ! شوفي هالمجانين وش يقولون ! بالله أحد يعوف البياض ويروح للسواد برجلينه! عمرتش سمعتي بحرمة تدور على عروسة سودا لولدها ؟ -
يا شيخة خلي كل واحدة تسوي اللي على مزاجها . إلى متى وحنا نسوي اللي على مزاج الحريم واللي على مزاج عيالهم ؟؟ أنا أقول سوي تان يا لميس زي ما تبين وإذا ودك تولعين بشعرك بقاز بعد لا يردّك إلا يدينك !
- جبتش عون صرتي لي فرعون ! ترد قمرة بغيظ .
- لا عون ولا فرعون . بس من جد زهقت من هالتبعية اللي فينا ! كلٍ يمشينا على مزاجه ! ما صارت عيشة ! الواحد ما له راي حتى على نفسه !
تسألها صديقاتها : - سدومة أيش فيك ؟
من اللي مضايقك ؟ - أكيد متضاربة مع فراس . هوا أكيد ما في غيرو !
- وش سوى لك ذا القرد ؟
- إنتِ شفتيه في باريس ؟
حاولت سديم تهدئة انفعالها الذي فاجأ صديقاتها وراحت تسرد عليهن ما يربكها من أفكار :
- شفته مرة واحدة . أصلاً هو جا هناك يوم واحد بس عشان يشوفني ، وأنا طبعاً ما قدرت أقول له لأ . ما أكذب عليكم ، بصراحة أنا بعد ما كنت ميتة أبغي أشوفه ! طول السنة اللي فاتت ما شفته بسبب دراستي وشغله ، ولأننا اثنينا متفقين على إن المقابلات بيننا في الرياض بتكون صعبة ومحرجة وغير مريحة مثل برا . برا الواحد ياخذ راحته وأقدر أقابله بأي مكان لكن هنا لأ . قابلته في مطعم رايق وجلسنا نسولف مع بعض . كانت جلسة حلوة

. ترد ميشيل : أكيد بعدها قال لك كيف رضيتي تطلعين معي ؟ وإلا شك فيكِ عقبها وصار يعاملك ببرود ! أنا عارفة هالحركات حقة شبابنا المعقدين!! ذي آر مينتالي تويستد ! هو أنا هجيت من بلدكم من شوي!. بالعكس هو عمره ما عاملني بهالطريقة ، مع إنه كان يتكلم عن بعض البنات قدامي كنت ألاحظ أحياناً إنه فيه شوي من خصلة هالشك ، لكن مو معي أنا . فراس عارفني زين . - أبو طبيع ما يغير طبعه ( تقولها قمرة بثقة). - لا صدقوني ، ما كانت هنا المشكلة ! إني من مدة وأنا ملاحظة إنه يلمح لي تلميحات غريبة بخصوص ارتباط ، يوم يقول لي إن أهله لقوا له عروس ويوم يقول لي إذا جاكِ عريس مناسب لا تردينه ! مدري كيف يطاوعه قلبه يقول لي هالكلام وهو عارف أنا وش كثر أحبه ! في الأول كنت أحسبه يمزح وبس قصده يرفع ضغطي ، بس في باريس قلت له إن صديق بابا وده يخطبني لولده ، وهالشيء فعلاً صاير . تخيلت إنه بيعصب وبينقهر ويدق على أبوي في نفس اليوم يخطبني منه ! قال لي خلي أبوكِ يسأل عنه وإن طلع الرجال زين توكلي على الله ! - باللهِ قال كذا ! تتساءل قمرة غير مصدقة. - وانتِ إيش قولتي لو لما قال كده ؟ قالت لميس . - ولا شي . - ولا شي !! - تنحت ، وقعدت أناظره بغباء لين دمعت عيوني ، بعدين قلت له آسفة لازم أمشي ! - وأيش قال هو ؟ - قال لا تصيري زعولة وحلف علي إني ما أقوم ! قال لي ترى إن قمتِ مانيب مكلمك عقبها مرة ثانية ! - وجلست ؟؟ - جلست ! لين ما خلص أكله وقام معي وطلعنا من المطعم سوا ، وجاب لي تاكسي يوصلني للفندق ! - والحين لسّاتكم مع بعض ؟ - مع بعض بس على نفس الحال ! يلعب بأعصابي وأنا ماني عارفة وش أسوي علشان أرضيه وأرجعه مثل أول ! ليه دائماً يصير معي كذا ؟ ليه الرجال بعد فترة يقلبون علي ؟ أكيد فيني شي ! الظاهر إني أول ما أبدأ آخذ راحتي معهم يبدون يكشون مني ! تؤمن لميس أن تسلط الرجل لا يأتي من فراغ ، وإنما بعد عثوره على امرأة تحب هذا التسلط منه وتساعده على الاستمرار فيه : - أنا أعتقد إنو الرجال ما بيكزبوا لكن همّا لؤما شوية . الواحد يبدأ يتهرب من البنت بعد ما تصير سهلة معاه وبعد ما يحس إنو خلاص ما صارت تمسّل تحدي بالنسبة لو ، لكن ما يقول لها هادا الكلام في وشهّا ، ولا يخليها تحس إنو هوا الغلطان ، لأ! يقنعها إنها هيا اللي عندها مشاكل مش هوا ! بعضهم يدّو البنت إشارات علشان تنهي العلاقة بنفسها ، لكن إحنا البنات الأغبياء عمرنا ما نلقط هادي التلميحات ! نظل نشتغل على العلاقة لطلوع الروح ، حتى لو باين عليها من أولها إنها رايحة في ستين داهية ! عشان كده في النهاية ناكل على روسنا ونتهزأ . احنا اللي ما احترمنا نفسنا من البداية وانسحبنا بكرامتنا . تعطيها مشيل تحليلها المنطقي للموقف : - يا حبيبتي هاذي سياسة تطفيش معروفة عند العيال . تلاقينه فكر وقال وش يخليني آخذ واحدة مطلقة وأنا ما قد تزوجت ؟ إذا الرجال المطلق نفسه يدوّر على بنت ما تكون تزوجت قبله ، تبغين هذا يقتنع بمطلقة ؟ تلاقينه حسبها في مخه وقال بكرة أنا إذا بغيت أصير وزير والا وكيل وزارة يبغى لي واحدة تشرفني اسم وشكل ونسب ومركز اجتماعي وفلوس !ما آخذ واحدة معيوبة (مطلقة) علشان الناس تاكلني بألسنتها ! هذا تفكير شبابنا مع الأسف ! تلاقين الواحد مهما تطور والا ارتقى بفكره ومهما حب وعشق يظل يعتبر الحب مجرد كلام روايات وأفلام وما يثق في كونه دعامة تصلح لبناء أسرة ! تلاقينه مثقف ومتعلم وشايف وعارف ومتأكد بداخله إن الحب غريزة إنسانية طبيعية وما هو عيب إن الواحد يختار شريكة حياته بنفسه ما دام مقتنع فيها ، لكن يظل خايف إنه يسلك طريق غير اللي سلكه أبوه وعمه وجده قبله ، دامهم عايشين مع حريمهم إلى الآن أجل تجربتهم هي الناجحة والمضمونة ، يتبعهم زي الحـ......... ولا يخالفهم علشان ما حد يجي في يوم ويشمت فيه إذا فشل ! لا تدري أيهن من أين تأتي ميشيل بكل هذه التحليلات لعقلية الشباب ، لكن ما كن أكيدات منه أن كلامها يجد عندهن دوماً آذاناً صاغية ويقابله اقتناع شبه تام بما توصلت إليه من استنتاجات لم تسبقها إلهيا أي منهن .




roudy 06-03-07 08:16 PM

الحلقه الثانيه والثلاثون

الطائر المهاجر

سيدتي ! سيدتي ! أنا الأول
نعم لقد أدركت ذلك عُد مطمئناً إلى مكانك
ولا تتحدث قبل أن يأتيك الدور في هذا المساء ،
عبر درس التاريخ لك أن تسرد كل ما تعرف عما حدث من قبل .
شعر هولندي


إلى من أزعجوني بحكاية أنني لا أمثل فتيات السعودية :
كم مرة ينبغي لي أن أعيد عليكم كلامي ؟!
أنا لا أكتب شيئاً عجيباً أو مستنكراً !
كل ما أقوله تعرفه البنات جيداً في مجتمعي أو في محيطي ،
والدليل أن كل واحدة منهن الآن تقرأ إيميلي كل أسبوع وتقول هذه أنا !
وبما أني أكتب لأعبر عن هؤلاء البنات ،
فأرجو ممن لا ناقة لهم ولا جمل عدم حشر أنوفهم فيما لا يعنيهم ،
وأن يتفضلوا هم بالكتابة عن البنات
إن أرادوا من أي زاوية أخرى غير التي أراهن منها !




--------------------------------------------------------------------------------

اكتشفت ميشيل أن وباء التناقض في بلدها قد استفحل حتى طال أبويها ، فوالدها الذي كانت تجده رمزاً نادراً للحرية المغتصبة في هذه البلاد قد حطم بنفسه هذا الإطار الفخم الذي وضعته بداخله ليثبت أن (من عاشر القوم صار منهم ). ثار أبوها بشكل لم تكن تتوقعه بعد سماعه تلميحها عن إعجابها بماتي ابن خالها ، حتى أمها التي ليس لها سوى أخ وحيد هو والد ماتي ، والذي تحبه حباً جماً وتعتبر أبناءه امتداداً لها ، حتى هذه أثارها تصريح ابنتها بطريقة مفاجئة ! لم تعتقد ميشيل أن السبب ديني وراء هذه الثورة ، فأبوها لم يكن يوماً من المتشددين وأمها التي اعتنقت الإسلام بعد ولادة ابنتها لم تهتم يوماً بتطبيق الأحكام الدينية ، فما بالهما الآن يعاملانها هذه الحدة ويحاولان إقناعها بأن ماتي لا يصلح لها ؟ يبدو أن والدها قد نالا نصيبهما هما الآخرين من هذه البيئة المتناقضة التي انغرسا في تربتها كل هذه السنين . ماذا لو أن ماتي كان يحبها فعلاً ؟ هل كانت لتتخلى عنه من أجل أسرتها كما تخلى عنها فيصل من أجل أسرته ؟ المشكلة مع ماتي أعقد بكثير ، فهي لا يمكنها الزواج شرعاً منه لكونه مسيحياً ، هل تستطيع أن تتزوجه مدنياً في أمريكا ؟ تعرف أن أباها يستحيل أن يوافق على مثل هذه الفكرة مهما بلغ به التحرر . عموماً ، الحمد لله أن ماتي لم يفاتحها يوماً في موضوع الحب هذا ، ربما كان لا يشعر نحوها بأكثر من عاطفة الصداقة أو الأخوة ، لكن السنوات التي قضتها في السعودية جعلتها تفسر أي اهتمام من أي رجل بها على أنه حب . قرر والدها اتخاذ الخطوة التي كانا يؤجلانها حتى عودة ميشيل النهائية بعد حصولها على البكالوريوس من سان فرانسيسكو . تذرعاً بخوفهما عليها من تداعيات الموقف في أميركا بعد الحادي عشر من سبتمر ، إلا أن إحساس ميشيل كان يؤكد لها أن تلميحاتها عن علاقتها بماتي كانت أكبر دافع لهما إلى تعجيل السفر . الهجرة إلى دبي ، قرار اتخذه الأبوان بعد عجزهما عن الانسجام مع المجتمع السعودي المتزمت ، وتدخل الجميع في شؤون الجميع . لم يكن بيدها الخيار هذه المرة ، لو رفضت الانتقال مع أبويها وأخيها لزاد الشك في نفس والدها من ناحية علاقتها بابن خالها الذي تشعر في قرارة نفسها باعتباره إياها أختاً صغيرة مدللة يعمل على إسعادها ، بطبيعته المالية لإمتاع الآخرين خاصة القريبين منهم إليه . جاء القرار مربكاً لها بعد أن أتمت عامين من دراستها الجامعية في سان فرانسيكو ، لكن كان من الواضح أن والديها قد أعدا العدة مسبقاً لكل شيء ، سوف تكمل دراستها في قسم الاتصالات المرئية في الجامعة الأمريكية بدبي حتى لا تضيع عليها أي من السنوات الدراسية كما ضاعت سنتها الجامعية الأولى عند انتقالها من الرياض إلى سان فرانسيسكو ، وسوف يلتحق مشعل الصغير بمدرسة خاصة ، ووالدها ينوي الاستثمار في دبي مثل كثير من أصدقائه ، أما والدتها فستنال قسطاً أكبر من الحرية والتقدير اللذين حُرمتهما أثناء معيشتها داخل السعودية . هذه المرة كان الانتقال أصعب من سابقه . هذه المرة ستودع صديقاتها دون أن تعدهن برؤيتهن في عطلة رأس السنة . قد يظل منزلهم في الرياض على حاله إلا أنها متأكدة أنها لن تعود إليه إلا بقرار جماعي ، ولن يعود لها ما يربطها بالرياض سوى أقرباء لا يحبذ والدها أو والدتها زيارتهم . أقامت لميس حفلة كبيرة في منزلها لوداع ميشيل ، وقدمت الصديقات ساعة ماسية ثمينة لصديقتهن التي ستهاجر للعيش في عاصمة الحرية الخليجية . بكين وهن يعانقن أيام مراهقتهن وبداية الشباب التي ستنتزع منهن بسفر ميشيل وانفصالها عن الشلة انفصالاً أبدياً كانت أم نوير تذكر فتياتها بوجود الإنترنت وإمكانية المحادثة يومياً بالصوت والصورة فتهدأن قليلاً ، لكنهن كن أكيدات أن علاقتهن بميشيل سوف تتغير بعد سفرها إلى دبي كما تغيرت بعد سفرها إلى أميركا وأكثر ، فهي لا تنوي الرجوع هذه المرة ، ولذلك فإن جذوة العلاقة التي ظلت مشتعلة لسنوات سوف تخبو رغماً عنهن مهما حاولن وحاولت هي المحافظة عليها ، لأنه لن يعود هناك ما يذكيها بعد أن تنتقل ميشيل للعيش في مكان آخر بعيد عنهن . كانت لميس أكثر الصديقات حزناً . جاء سفر ميشيل في وقت تعاني فيه من مشاكل متراكمة ، مشاكل في الجامعة مع بعض الأساتذة المتسلطين ، ومشاكلها المعتادة مع تماضر التي لا تمل انتقادها ولا تخفي غيرتها من أي نجاح تحصده ، ومشكلتها مع أحمد الذي اكتشفت أنه ينقل لأصدقائه في الجامعة جميع ما يدور بينهما من حوارات هاتفية ، بكل ما يدور خلالها من نقاشات لا تتعلق بالدراسة ! كان يخبرهم كل ما تقصه عليه من باب التسلية من قصص صديقاتها في الدفعة ، حتى بلغت الأنباء صديقاتها اللواتي ثرن عليها ثورة قاسية وامتنعن عن الاختلاط بها . في السنوات الأخيرة كانت لميس قد ابتعدت كثيراً عن ميشيل ، وقد عانت من الحيرة طويلاً وهي تقارن بين ميشيل وصديقاتها في كلية الطب ، لكنها في ذلك اليوم شعرت بأن ميشيل وحدها القادرة على فهمها جيداً ، وأنها وحدها التي اقتربت من حقيقة شخصيتها بشكل لم يقترب منه الآخرون . كانت ميشيل تشبهها في كثير من الأمور ، وكانت بئر أسرارها الوحيد . تحملتها كثيراً وكان معها كل الحق في أن تشعر بالغضب لإهمالها إياها بعد دخولهما الجامعة ، لكن ما لفائدة الآن ؟ سوف تسافر ميشيل وقد لا تعود ، وستخسر لميس إلى الأبد صديقتها الأقرب إلى قلبها ، والتي لم تعرف قيمتها إلا بعد فوات الأوان

roudy 06-03-07 08:18 PM

الحلقه الثالثه والثلاثون


أبو مساعد والشرط

حدثنا قتيبة بن سعيد :
حدثنا سفيان عن زياد بن سعد ،
عن عبد الله بن الفضل ،
سمع نافع بن جبير يخبر عن ابن عباس ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ( أي تستأذن) ،
وإذنها سكوتها .
صحيح مسلم :3477

عرض علي أحد القراء
أن أجمع رسائلي بعد الرسالة الأخيرة
وأصنع منها فصولاً لرواية مطبوعة
حتى يتمكن من قراءتها الجميع .
يا سلام ! أتصبح لي رواية من تأليفي ؟
تعرض في المكتبات وتدفن في غرف النوم؟
يوصي بعضكم بعضاً بجلب نسخ منها من لبنان ؟
على افتراض مسبق بأنها ستكون رواية ممنوعة !
وهل سأرى صورتي الفاتنة تزين غلافها الخلفي
كما تزيّن (أو تشين)! صورة الكتاب رواياتهم ؟
أعجبني الاقتراح لكنه أدهشني وأخافني في نفس الوقت ،

فأما الدهشة
فهي لأنني كنت أعتقد
أنه لم يتبق أحد – في السعودية على الأقل – لم تصله إيميلاتي ،
بحكم حرصي على أن أبعث بها منذ البداية
إلى جميع مستخدمي الإنترنت في المملكة ،
عن طريق الإيميلات الرسمية على عناوين شركات الإنترنت ،
وإلى جميع مستخدي الياهو والهوتميل
وغيرها من كبريات الشركات العالمية التي توفر خدمات البريد الإلكتروني ،
بعثت بها لكل الذين أدرجوا أسم السعودية ضمن بياناتهم الشخصية ،
ومع هذا فقد فوجئت بمن يقول
أنه لم يقرأ الإيميلات إلا ابتداء من الإيميل العاشر
الذي وصله عبر ال(فوروورد) من أصدقائه!

أما الخوف
فهو من حكاية النشر والتوزيع
التي تستلزم الكشف عن اسمي
بعد أن أخفيته عنكم طوال هذه الشهور !
هنا يأتي الجد : هل تستحق صديقاتي مثل هذه التضحية ؟
هل يستحققن كل ما سيكال لي من تهم
علاوة على ما قد كيل مسبقاً – إذا عُرف اسمي الحقيقي ؟
بانتظار آرائكم ونصائحكم ، راسلوني .



--------------------------------------------------------------------------------


كانت أم قمرة تدفع ابنتها دفعاً لمقابلة أبو مساعد ، العقيد في الجيش وصديق خالها منذ سنين . كان أبو مساعد في السادسة والأربعين ، سبق له الزواج لكنه على السنين الثماني التي قضاها مع زوجته لم يرزق منها بأطفال (ورغم ذلك فالجميع يكنونه أبو مساعد) . قرر الزواج بعد أن بلغته أنباء حمل زوجته السابقة من زوجها الثاني . عرض الموضوع على أصدقائه فما كان صديقه أبو فهد – خال قمرة - إلا أن رشح له ابنة أخته وهو يظن نفسه باراً بها بفعلته تلك . جلست قمرة غير بعيدة وراحت تتفحصه بدقة لم تتفحص بها راشد عندما أتى لخطبتها قبل ثلاث سنوات . ما عاد يعتريها ذلك الخجل القديم ولم تعد تتعثر في مشيتها . لم يكن الرجل عجوزاً كما تخيلته ، يبدو في نهاية الثلاثينات . لا شيب في شاربه لكن بعض الشعيرات الفضية فرت من تحت غترته البيضاء لتبدو واضحة عند جانبي وجهه. كان خالها يعرف أبو مساعد جيداً ولذلك بدا دور والدها ثانوياً . أراد الأب أن ينهض من مكانه لدقائق كما أوصته الأم حتى يتيح لابنته فرصة التحدث إلى خطيبها والتي لم يتحها لها قبل زواجها السابق لكنه كان بانتظار نهوض الخال الذي لم يتحرك من مكانه، ضارباً بتوسلات أخته التي تشير له من خلف درفة الباب عرض الحائط . ظل خال قمرة متوجساً ومتيقظاً بانتظار أي لفتة أو نظرة أو همسة منها ، كي يصب جام غضبه عليها وعلى أمها بعد انصراف أبو مساعد . أهمل هذا الأخير وجود قمرة وانصرف للحديث مع خالها عن آخر أسعار الأسهم . اغتاظت قمرة كثيراً من أسلوبه وأوشكت أن تغادر الغرفة مع أنها لم تدخل عليهم إلا قبل دقيقتين ، لكن قنبلة فجرها أبو مساعد حملتها على البقاء حتى ترى شظاياها : - أنا مثل ما انتم عارفين عسكري بدوي وما أعرف لكلام الحضر المزبرق وسوالف اللف والدوران . أنا سمعت منك يا بو فهد إن بنتكم عندها ولد من رجلها الأول . وأنا شرطي في هالزواج إن الولد يظل في بيت جده وما يسكن في بيتي . أنا بصراحة مانيب مستعد أربي ولد مهوب من صلبي . يرد والدها : - بس يا بومساعد الولد توه صغير ! - صغير والا كبير . هذا شرطي يا بو محمد ، والحق ما ينزعل منه . يحاول خاله تهدئة الوضع قائلاً : - طوّل بالك يا بو مساعد وما يصير إلا الخير إن شاء الله . كانت قمرة تقلب ناظريها بين أبيها وخالها وأبو مساعد . لم يفكر أحدهم أن يشاور صاحبة الشأن الجالسة إلى جانبهم كلوح من الخشب ! قامت وانصرفت من الغرفة بعد أن جحدت خالها بنظرة حارقة ! في غرفتها كانت أمها بانتظارها بعد أن سمعت كل شيء . شكت لها قمرة برود خالها وسلبية أبيها وغرور هذا الرجل الملقب بأبو مساعد . هونت عليها والدتهاوطيبت خاطرها بالقدر الذي تستطيع ، ثم آثرت أن تصمت بعد أن رددت على ابنتها ما ملت هي من كثرة ترديده وملت ابنتها من كثرة سماعه . ظلت قمرة ثائرة على هذا الذي يطلب منها بكل صفاقة أن تتخلى عن ابنها من أجله ، مع أنه غير قادر على الإنجاب كما هو جلي وواضح ! كيف يريد أن يحرمها من ابنها الوحيد الذي لن تشعر بأمومتها مع غيره ؟ كيف يسمح لنفسه بأن يأمرها أن تضحي بابنها فوق تضحيتها بالإنجاب إن هي قبلته زوجاً !؟ ثم من يظن نفسه هذا العسكري البدوي حتى يكلم أباها بتلك الطريقة المتعجرفة ؟ لقد سمعت عن رجال البدو وعن العساكر وطباعهم الصعبة لكنها لم تصادف في حياتها أحداً بهذه الصفاقة ! جاء خالها مع أبيها بعد انصراف الرجل غاضباً من طريقة انصرافها بلا استئذان ، وكما أهمل وجودها أمام الرجل ، أهمل وجودها هذه المرة أمام أمها : - بنتش(بنتك) ما تستحي يا أم محمد . الله يهداتش مدلعتها واجد . أنا أقول نتوكل على الله ونزوجها إياه . الرجال ما يعيبه شي ، والحمد لله البنت عندها ولد يعني ما نقصها أولاد ، وحنا كلنا عارفين إن قعدتها في ذا بدون رجال يضفها ويستر عليها ما تنبغي . كلام الناس كثير وحنا عندنا بنات نبي نزوجهن . انتي فيتش الخير والبركة يا أم محمد والله يطول لنا بعمرتش وتربين عيالتش وعيال عيالتش . ولد قمرة نخيله يتربى عندتش وأمه تجي تشوفه كل ما بغت وما ظن رجلها بيمانع . وش رايك يا خوي يا بو محمد ؟ - والله انت تعرف الرجال يا بو فهد وانت أبخص به . إذا انت مانت شايف عليه خلاف ، توكل على الله . انصرف خالها بعد أن أعطى رأيه كاملاً ومفصلاً في أمر ليس من شأنه ، وانصرف والدها هو الآخر ليبدأ سهرته مع أصدقائه في المزرعة (الاستراحة) ، وبقيت قمرة تهدر في وجه أمها بعصبية : - وش اللي رجال يضفني ويستر علي ؟ أخوتش شايفني مفضوحة والا فيني عيب يبي يخبيه ؟ هذا وأنا يقال لي حرمة الحين وعندي ولد والمفروض يوخذ بكلمتي وينسمع رأيي ! شكل الدنيا عندكم ماشيتن عكس الناس ! بزواجي الأول ما سويتوا فيني تشذا! بعدين وش هالرجال اللي انت ما خذته ؟ ما له أي كلمة على بنته قدام أخوتش ؟؟ وأخوتش هذا أنا وش دخلني ببناته اللي يبي يزوجهن ؟؟ إن شاء الله لا عمرهن تزوجن ! يبي يذبني على ذا العلة المستعلة عشان يخلص من همي ويزوج بناته ؟ جعله ينهد هو وبناته ! - استحي على وجهتش ! مهما كان هذا خالتش ، بس ما عليتش منه . استخيري واللي ربتش كاتبه بيصير . سلمي أمرتش لربتش وتوكلي على الله . لم تنصحها أمها بأن تستخير قبل زواجها الأول . هل كانت مواصفات راشد بالروعة التي تغني عن الاستخارة فيها ؟ صلت قمرة ركعتين مساء تلك الليلة بعد أن علمتها موضي صفة صلاة الاستخارة ، ثم افترشت سجادتها وراحت تدعو : - اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإن تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من أبو مساعد خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن فيه شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه . واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به . أخبرتها موشي أنه ليس بالضروري أن ترى حلماً يدلها إلى الاختيار السليم كما كانت تظن ، لكنها وبتكرار الاستخارة سوف يشرح الله صدرها للأمر الذي استخارته فيه فتتمه ، أو يقبض صدرها من ناحيته فتعرف أنه ليس من صالحها وتنصرف عنه ، ظلت قمرة تكرر صلاة الاستخارة مرات ومرات في الأيام دون أن تهتدي إلى قرار . بعد عشرة أيام أو ما شابه ، بعد أن توضأت وصلت ثم خلدت إلى النوم ، حلمت بأنها نائمة في سرير غير سريرها ومتلحفة بغطاء سميك لا يكشف سوى عن رأسها وقدميها . كانت تطل في وجه نفسها وكأنها تطل في وجه صديقتها سديم ، مع أنها متأكدة أنها هي المستلقية في الفراش رغم ملامحها التي كانت تتسدمن في الحلم بشكل غريب ! كان شعر النائمة مبيضاً وكان عندها لحية بيضاء طويلة (لكن العجيب أنها لم تستهجن وجود اللحية أثناء الحلم ) ، ثم رأت كأنها توقظ نفسها النائمة وتصيح فيها: قومي قومي فاتت الصلاة! ظلت تتقلب في فراشها حتى أفاقت من نومها في الحلم وفي الحقيقة . عندما قصت حلمها على موضي اتصلت تلك بأحد المشائخ المختصين بتفسير الرؤى والأحلام لتقص عليه قمرة حلمها . أخبرت قمرة الشيخ أن الحلم قد جاء بعد استخارة بشأن خاطب متقدم لها . سألها الشيخ إن كانت متزوجة فا<ابته (كنت يا شيخ ولكنني طلقت منه) سألها إن كان لها أطفال منه فردت (عندي منه ولد) . قال لها الشيخ : - إن هذه الفتاة النائمة هي أنت وليست صديقتك كما خُيل لك في الحلم . أنصحك يا ابنتي قبل كل شيء بالرجوع إلى الدين ، الذي فيه العصمة من كل بلاء والنجاة من كل شر ، لأن انحسار غطاء السرير عن رأسك إنما هو دليل على ضعف دينك . أما اللحاف فهو دليل على أمنك واستقرارك في زواجك الأول ، وكشف شعرك أيضاً دليل على عدم رجوع زوجك إليك وهذا خيرٌ لك لأن الشيب إنما يشير إلى فسقه وخيانته لك ، أما لحيتك فتبشرك بأن ابنك سيكون ذا شأن وسيادة بإذن الله بين أهله وقومه ، أما عدم لحاقك بوقت الصلاة فمعناه عسر في الأمر الذي استخرتي من أجله ، فأنصحك بعدم قبول هذا الرجل المتقدم لخطبتك والخيرة فيما اختاره الله والله أعلم . اقشعر بدن قمرة بعد سماعها تفسير الشيخ وأسرعت لإخبار أمها التي أخبرت بدورها أخاها فثار وتوعد ، لكن أم محمد امتصت غضبه بخبرتها حتى انتهى الأمر وصرف الجميع نظرهم عن هذه الخطبة التي لم يكتب الله إتمامها

roudy 06-03-07 08:20 PM

الحلقه الرابعه والثلاثون

العــزاء

آه ! يا قبلة أقدامي
إذا شكت الأقدام أشواك الطريق
إبراهيم ناجي



وتستمر سلسلة العروض المغرية والاقتراحات
التي لا أميّز صدقها من كذبها :
جاءني اقتراح من أحد المخرجين السعوديين
بتحويل إيميلاتي إلى مسلسل رمضاني! لِمَ لا؟
إن كنا سنطبعهم كرواية ،
فلم لا نصورهم تلفزيونياً ؟
بما أنني أتفق مع ناقدنا عبد الله الغذامي
في كون الأدب بورجوازياً والصورة ديموقراطية ،
فأنا أفضل المسلسل على الرواية
لأنني أريد أن تصل قصة صديقاتي إلى الجميع ،
وهكذا تكون البداية .
هنا يأتي السؤال المهم ،
من ستقبل التمثيل في مسلسلي ؟
هل سنستعين بممثلات من الدول الخليجية المجاورة
فنضحي بالحوار السعودي اللهجة ؟
أم سنجعل شباباً سعوديين يتنكرون للقيام بأدوار الفتيات
فنضحي بالمشاهدين ؟!




--------------------------------------------------------------------------------

امتلأ منزل الشيخ عبد الله الحريملي أكبر عمومة سديم بالمعزين في والدها عبد المحسن ، الذي وافته المنية في مكتبه وسط المدينة إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة ، لم تمهله طويلاً . هناك ، في أبعد ركن من صالة استقبال الضيوف ، جلست سديم تجاورها قمرة ولميس اللتان تواسيانها ودموعهما أكثر من دموعها . كيف ستعيش سديم ولا أم لها ولا أب لها يرعيانها ؟ كيف ستنام وما من أحد معها في هذا المنزل الكبير ؟ هل ستتمكن من العيش في كنف أحد عمومتها الذين سيجبرونها بالتأكيد على العيش في منزل أحدهم ؟ أسئلة كثيرة لا تعرفان ولا تعرف سديم إجابتها في تلك اللحظات العصيبة . ماتت أمها قبل أن تتعرف إليها ومات أبوها وهي في أمس الحاجة إليه . إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم لا اعتراض .

كانت أم نوير تقف إلى جانب زوجات أعمام سديم وخالتها بدرية لاستقبال المعزيات، وعيناها تبحثان عن سديم بين الفينة والأخرى لتطمئن على حالها الذي يقطع القلب .

تتأمل سديم بأسى النساء اللواتي ملأن الغرفة ، لا تبدو على أي منهن ملامح الحزن، بعضهن جئن بكامل الزينة والأناقة ، وبعضهن انصرفن للحديث حتى بلغت منهن قلة الذوق أن يفلتن ضحكات خافتة من هنا وهناك !! هل هؤلاء من قدمن لتعزيتها في مصابها الجلل ؟ أتجلس لاستقبال التعازي ممن لا يتعاطفن معها حقاً وتترك الذي يحترق قلبه نكداً على ألمها ويتفتت قلبه حزناً لحزنها دون أن يستطيع الاقتراب منها ومواساتها كما يحق للباقين !

هربت سديم من الغرفة التي لا يشعر فيها أحد بما يعتصر قلبها من ألم . لا يفهمها سوى فراسها . لا أحد يدرك مدى تعلقها بأبيها غيره . فراس وحده الذي يستطيع التخفيف عنها . هو من تبقى لها بعد رحيل أبيها . يا لحاجتها له !

رسائله على هاتفها الجوال لم تنقطع . كان يحاول باستمرار أن يشعرها بوجوده إلى جانبها . يذكرها بأنه يشاركها الحزن والخسارة . أبوها أبوه ، وهي روحه ، ولن يتخلى عنها مهما حصل .

في الثلث الأخير من الليل ، أمسك فراس بكتيب الأدعية وراح يقرأ على سديم عبر الهاتف طالباً منها أن تؤمن وراءه :

- اللهم إن عبد المحسن الحريملي في ذمتك فقه فتنة القبر وعذاب النار ، واغفر له وارحمه ، إنك أنت الغفور الرحيم . اللهم إنه عبدك ، ابن عبدك وابن أمتك ، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك . اللهم انقله من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلود . اللهم ارحمه تحت الأرض ، واستره يوم العرض ، ولا تخزه يوم يبعثون . اللهم يمن كتابه ، ويسر حسابه ، وثقل بالحسنات ميزانه ، وثبت على الصراط أقدامه ، وأسكنه في أعلى الجنات بجوار نبيّك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم ، يا أرحم الراحمين ، يا حي يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ...)

كان فراس يقرأ الدعاء بصوت متحشرج وقلبه يتفطر من نحيب سديمه ،لكنه لم ييأس من محاولة انتشال حبيبته من حزنها ، وظل يطببها بحنان أبوي وتفاني مطلق وكأنه متفرغ لها ورهن إشارتها . لم تشعر للحظة ببعده أو عجزه عن احتوائها فعلياً .

بقي فراس مع صغيرته سديم حتى ابتلعت لقمة الحزن الأولى الفاجعة ، ثم بقي بعد ذلك إلى جانبها يساعدها حتى تتمكن مع مرور الأيام من هضمها

roudy 06-03-07 08:21 PM

الحلقه الخامسه والثلاثون

الدلو الدلو الدلو الدلو !

وما دمتم نفساً في فضاء الله ، وورقة في غابته ،
فحري بكم أن تستريحوا في العقل
وتتحركوا في الهوى
جبران خليل جبران

اسمحوا لي أن أنتشلكم من أحزانكم
بعد إيميلي السابق لأبارك لكم هذا الأسبوع
بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك ،
أعاده الله علينا وعلى المسلمين كافة وأعاننا على صيامه وقيامه .
أعتذر لكم عن إرسال الرسائل خلال هذا الشهر ،
وأعدكم بمتابعة قصة صديقاتي بعد انقضاء الشهر الفضيل .
أعترف لكم مسبقاً بأنني سأشتاق إليكم ،
سأعود محملة برسائل خطيرة بعد رمضان بإذن الله ،
فانتظروني .



--------------------------------------------------------------------------------


بعد انتهائهما من سنتهما الجامعية الرابعة ، قرر لميس وتماضر أن تستغلا العطلة الصيفية في التدرب بإحدى المستشفيات بجدة . لم يكن مسموحاً لهما ولبقية المتدربين والمتدربات بالتعاطي مع المرضى كأطباء مرخصين ، وإنما كانت مهماتهم تقتصر على مراقبة الأطباء المقيمين والاستشاريين أثناء فحصهم للمرضى وأحياناً أثناء إجراء العمليات ومحاولة التعلم والاستفادة منهم . لم يكن معهما في المستشفى من المتدربين سوى طالبين من طلاب الطب البشري وبضعة طلاب وطالبات من كلية طب الأسنان يمضون فترة التدريب في قسم الأسنان بالمستشفى . في بداية الأمر ، كانت تماضر تشعر بالإحراج لكونها وأختها الفتاتان الوحيدتين مع طالبي الطب البشري ، حتى أنها كانت تتعمد التأخر عن الحضور للمستشفى في الصباح وتخرج منها قبل نهاية الدوام الرسمي ، بعكس لميس التي كانت دقيقة في مواعيدها وحريصة على ألا يفوتها شيء من تلك المغامرة الجديدة . كان أطباء وموظفو المستشفى في غاية اللطف معهما ، لكن تماضر ظلت تستحي من أن تشارك الطالبين جلوسهما في الغرفة الصغيرة أثناء ساعات الفراغ كما كانت تفعل أختها الجريئة ، ولم تكن لتستطيع أن تنضم إلى الأطباء أو الطبيبات المنتظمين في استراحاتهم ، ولذلك فقد ظلت على ارتباكها وحيرتها ، محافظة على الحدود التي رسمتها بينها وزميليها ، وعاجزة عن التأقلم مع هذا الوضع المزعج الذي لا يناسب سوى أختها المندفعة التي تغيظها بانسجامها السريع مع جميع موظفي المستشفى ! بعد حوالي أسبوع من بداية تدريبهما الصيفي ، انقطعت تماضر عن الذهاب إلى المستشفى مع أختها ، واعتذر أحد الطالبين عن إكمال برنامج تدريبه للسفر إلى الخارج ، وهكذا بقيت لميس الطالبة المتدربة الوحيدة إلى جانب زميلها نزار . لاحظت لميس أن وجودها مع طالب واحد أفضل بكثير من وجودها مع طالبين تشعر عند اقترابها منهما بالتطفل ، فحال نزار الآن ليس بأفضل من حالها ، كلاهما لا يجد سوى الآخر ليمضي معه الوقت الضائع ما بين مواعيد المرضى والعمليات . كشف لها هذا التقارب الذي لم تخطط له شخصية نزار الرقيقة . كانت معاملته لها تختلف عن معاملة أحمد أو بقية أصدقائها لها على الإنترنت . كان يتصرف بعفوية آسرة ، مع أنها كادت تسيء فهم نواياه في البداية ، مثل ذلك اليوم عندما دعاها لتناول طعام الغداء معه في بوفيه المستشفى ، وكان ذلك في أول يوم لهما بعد غياب زميله . رفضت لميس دعوته متذرعة بقراءة كتاب طبي بين يديها ، وأخبرته بأنها ستتناول غداءها بعد دقائق ، فما كان منه إلا أن ذهب إلى البوفيه وعاد منه بطبقين ، أحدهما له والآخر لها ، قدم الطبق لها بأدب وهو يذكرها بموعد العملية التي ينويان حضورهما بعد ساعة ، ثم حمل صينيته وتناول طعامه في إحدى غرف المرضى الخالية . لم تحتج لميس لفترة طويلة حتى تعتاد على عفوية نزار وتعجب بشخصيته المهذبة . بدأ الحوار ما بينهما يتجاوز خطوط الطب وطرق العلاج وتأثيرات الأدوية وآخر العمليات التي حضراها معاً ، ثم سرد أحلام كل منهما لنفسه وتصوراته لحياته بعد التخرج ، ليصل إلى حياتهما الشخصية وجذور عائلتيهما وعدد الإخوة والأخوات والمشاكل اليومية الصغيرة وغيرها من الأحاديث التي تشير إلى أن ثمة ثلجاً قد تكسر . على إحدى الطاولات المنتشرة في البوفيه كانت البصّارة لميس تخمن البرج الفلكي الذي ينتمي له نزار ، وهو يتابعها بحماس من يتعلم لعبة جديدة : - انتا أكيد إما قوس أو دلو . أتوقع دلو ... لا قوس !لا لا دلو دلو !! - طيب قولي لي أيش صفات هدا وأي صفات داكا ؟ (يعقب نزار بخبث) علشان أعرف مين أختار ! - لا لا ما يصير . أمانة أيش برجك ؟ - حزري ! - قولتالك ! دلو أو قوس . ما شكلك عذراء ، رجال العذراء دمهم تقيل بالمرة ورومانسيين بزيادة ! يرفعوا الضغط ، وما شكلك تور . - ربي يطمنك يا ستي ! - جايز حمل ؟ صح ! ممكن تكون حمل ! - إيوه كملي ! وإيش كمانه ؟ ما خليتي برج ما قلتيه ! وعاملة فيها بتفهمي في الأبراج يا بكاشة ! - خلاص خلاص ، يا حمل يا قوس . - خلاص ؟ هدا آخر كلام ؟ - إيوه . - طيب .. - طيب أيش ؟ - طيب ما أبغي أقهرك وأقول لك إني دلو ! - يا ....!! أنا من الأول قلت دلو بس انت لخبطتني !! - أنا لخبطتك ! والا انت اللي كل شوية تغيري رأيك! - يا دُب! - يا نعم ! - نعم الله عليك يا خويا . يالله قوم ورانا راوند . - أقولها لك دحينا . رجال الدلو وحشين وشايفين حالهم ودمهم تقيل بس في بنات من برج الميزان بيدّوهم وش ! - يا بختهم ! - مين ؟ رجال الدلو؟ - لا ... اللي بيدوهم وش يا فالحة !! كان أول ما فعلته لميس حال عودتها للمنزل ذلك اليوم هو البحث في كتب الأبراج عن نسبة التوافق بين برجي الميزان والدلو . وجدت أن النسبة تصل في أحد الكتب إلى 85% وفي كتاب آخر لا تتجاوز الـ 50% ، فقررت أن تصدق النسبة الأولى ، لكنها هذه المرة ستحسن التخطيط والتكتيك حتى تصل إلى مرادها ، سوف توقع نزار في شباكها بذكائها ، وسوف تثبت لقمرة أن بعض الفتيات بإمكانهن أن تحلمن بأي شخص تردنه ، وبقليل من الجهد والصبر ، يمكنهن أن تحصلن عليه ! لم تنم تلك الليلة إلا بعد صلاة الفجر ، بعد أن ملأت مذكراتها بخطط حربية وقوانين يجب عليها السير وفقها وتذكير نفسها بها إذا ما أراد القلب أن يشطح مع الأيام . كانت هذه عادتها ، أن تدون أفكارها على الورق لتلتزم بقراراتها فيما بعد . كانت عادة علمتها إياها والدتها الدكتورة فاتن . كتبت ملاحظات عامة من مشاهداتها في الحياة ومحاذير استخلصتها من تجاربها وتجارب صديقاتها وقريباتها مع الرجال ، ونصائح سمعتها أو قرأتها في يوم ما وظلت قابعة في ذاكرتها بانتظار التنفيذ ... بدأ جميع توجيهاتها لنفسها بـ (لن) : - لن أسمح لنفسي بحبه قبل أن أشعر بحبه لي . - لن أتعلق به قبل أن يتقدم لي رسمياً ! - لن أتبسط معه في الحديث ولن أحدثه عن نفسي ، سأظل غامضة بالنسبة إليه (هكذا يفضل الرجال المرأة) ولن أشعره بأنه على علم بما ما يدور في حياتي مهما شعرت بالحاجة لفعل ذلك ! - لن أكون سديم ، ولا قمرة ، ولا ميشيل ! - لن أكون أبداً البادئة بالاتصال ، ولن أرد على الكثير من مكالماته . - لن أملي عليه ما يفعل كما تفعل بقية النساء بالرجال . - لن أتوقع منه أن يتغير من أجلي ، ولن أحاول تغييره . إن لم يعجبني بجميع عيوبه فلا داعي لأن نستمر معاً ! - لن أتساهل في حقوقي ولن أسامحه على الخطأ حتى لا يعتاد على ذلك . - لن أعترف له بحبي (إن أحببته) قبل أن يصرح هو لي بحبه أولاً . - لن أغيّر نفسي من أجله . - لن أغمض عيني عن أية مؤشر للخطر !! - لن أعيش في وهم ، إن لم يصرح لي بحبه خلال مدة أقصاها ثلاثة شهور ، ويخبرني بوضوح عن مصير علاقتنا ، فسوف أنهي العلاقة بنفسي

roudy 06-03-07 08:27 PM

الحلقه السادسه والثلاثون

ميشيل تتحرر من القيود

لا أدعي أني قلت هنا الحقيقة كاملة ،
ولكني أرجو أن كل ما قلته هنا حقيقة .
غازي القصيبي


(حياة في الإدارة) كل عام وأنتم بخير .
تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم .
اشتقت إليكم جميعاً ، حلفاء وأعداء ،
وتأثرت بسؤال الجميع الذي لم ينقطع عني طوال الشهر الفضيل .
ها قد عدتُ إليكم عودة الصائم إلى الفطر في شوال .
ظن البعض أنني سأقف عند هذا الحد ولن أكمل القصة بعد رمضان .
أحب أن أطمئن المحبين وأغيظ الحاسدين بأن هذه ما زالت البداية ،
وما زال فتيل الاعترافات طويلاً بداخلي ،
وكلما طال احتراقه ، ازدادت كتاباتي توهجاً .




--------------------------------------------------------------------------------

تأقلمت ميشيل مع حياتها الجديدة بأسرع مما كانت تنتظر ، وحاولت أن تضع وراء ظهراها تجاربها السابقة التي لم توفق في أي منها لتبدأ من جديد . صحيح أن الغضب والسخط على العالم بأسره ظلا قابعين بداخلها لكنها استطاعت أن تتعايش معهما حتى بدت طبيعية بالنسبة لمن هم حولها . ساعدها أن دبي كانت أجمل مما توقعت ، وأن تعامل الجميع معها ومع أسرتها كان أرقى مما كانت تنتظر. تعرفت في جامعتها الجديدة على جمانة ، طالبة إماراتية في مثل سنها تدرس تقنية المعلومات . كانتا تشتركان في دراسة بعض المواد ، وكانت جمانة تلفت انتباهها دائماً لجمالها وأناقتها ولكنتها الأمريكية المتقنة وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما . فرح والد ميشيل بعلاقة ابنته بابنة أحد أكبر رجال الأعمال في الإمارات وفي الخليج وصاحب واحد من أنجح القنوات الفضائية العربية . كان ميشو(مشعل) أخو ميشيل يخبر جمانة في كل مرة تأتي فيها لزيارتهم أنها تكاد تكون نسخة من أخته ، نفس الطول والجسم وتسريحة الشعر ونفس الذوق في اختيار الملابس والأحذية والحقائب والإكسسوارات ، وكان ميشو محقاً ! كانت الفتاتان تشتركان في كثير من الأمور ، وقد ساعدهما ذلك على التقارب إلى حد كبير وحررهما من عقدة الغيرة بين الصديقات اللواتي لا يمتلكن نفس الإمكانات الجمالية والعقلية والمادية . اقترحت جمانة على ميشيل أن تعمل معها في بداية العطلة الصيفية في محطة والدها الفضائية ، فوافقت ميشيل التي تحمست للفكرة كثيراً . شاركت الفتاتان في إعداد أحد البرامج الخاصة بالشباب والتي تبث أسبوعياً على الشاشة الصغيرة . كانت كل منهما تبحث عن أحدث الأخبار الفنية على مواقع الإنترنت الأجنبية والعربية ، وتعدان تقاريرهما يومياً لتقديمها لمعد البرنامج الذي لاحظ حماسهما البالغ ونشاطهما المميز ، فأوكل لهما إعداد الفقرة الفنية بأكملها . حدث ذلك في الشهر الأخير من العطلة الصيفية ولذلك فقد ألقيت المهمة على عاتق ميشيل وحدها بعد أن سافرت جمانة مع أسرتها لقضاء الشهر المتبقي من العطلة في أسبانيا . انهمكت ميشيل في إعداد الفقرة الفنية كل أسبوع واستمرت في تلك الوظيفة حتى بعد انقضاء العطلة الصيفية وبدء الدراسة . كانت الفقرة تختص بأخبار الفنانين والفنانات العرب والأجانب . حصلت من مُعد البرنامج على أرقام وعناوين عدد كبير من مديري أعمال الفنانين والفنانات في العالم العربي ، فصارت تتصل بهم للتأكد من صحة هذه الإشاعة أو تلك أو لترتيب لقاء هاتفي أو مباشر مع أولئك الفنانين . ساعدتها هذه المهمة وأسلوبها اللبق في الحوار على تكوين علاقات كثيرة مع عدد من المشاهير الذين صاروا يعرفونها شخصياً ويجتمعون بها أثناء زياراتهم لدبي ، وصارت تُدعى إلى حفلاتهم بشكل دائم . تطور بها الأمر حتى عُينت رسمياً معدة للبرامج في تلك القناة وصار لها برنامجها الخاص الذي تقوم بتقديمه مذيعة لبنانية شابة ، بعد أن رفض والدها السماح لها بتقديم برنامج على شاشة قناة فضائية يصل بثها إلى منازل أقاربه في السعودية . فتح لها العمل في المجال الإعلامي الذي يعد اختصاصها آفاقاً جديدة . شعرت لأول مرة بتحررها الفعلي من جميع القيود التي كانت مفروضة عليها من قبل . تعرفت على أنواع مختلفة من البشر وشعرت بأنها أكثر ثقة بنفسها وبأنها تستطيع تحقيق كل ما تريد بصداقتها الواسعة وعلاقاتها الكثيرة . كان الجميع يحبونها وكانت تقابل محبتهم بالمزيد من التميز والنجاح . ظلت جمانة صديقتها المقربة لكنها لم تكن تهوى العمل الإعلامي بشكل كبير فاستلمت وظيفة إدارية في المحطة بعد تخرجها الذي سبق تخرج ميشيل بحوالي عامين .


roudy 06-03-07 08:30 PM

الحلقه السابعه والثلاثون


رجل كالآخرين ؟!

أدري طريقي صعب وأدري فراقك صعب
حتى رجوعي صعب ما به حلول لكن با قول تعذبي يوم ،
يمكن شهر انسي السهر وانسي القهر ،
وانسيني عيشي حياتك كلها ،
بحلوها وبمرها يمكن تلاقي لك حبيب يصير لجروحك طبيب
وترجع فرحتك ثاني وتنسي الحب وتنساني وتترك ديرة احزاني
بدر بن عبد المحسن


الأخ عادل الفايق
– الذي يبدو لي أنه متخصص في مادة الإحصاء –
أرسل لي منتقداً رسائلي
لأنها تأتي بأطوال متباينة وغير متناسقة كأطراف الفساتين
حسب موضة هذه السنة .
يقول الأخ
أنه كي تكون أطوال إيميلاتي متناسقة
فإنه يجب أن يتم توزيعها توزيعاً طبيعياً ،
وحسب الأخ عادل فإن التوزيع الطبيعي
هو ما تتمحور 95% من البيانات فيه حول المعدل الطبيعي ،
مع مراعاة عامل التنوع أو (الستاندرد ديفيشن) ،
وأن تكون نسبة البيانات الخارجة عن منطقة التمحور هذه
– سواء المنخفضة عنها أو المرتفعة –
لا تتعدى ال 5ر2% في كلتي الناحيتين ، لما مجموعه 5% .
أحد معاه ريال ؟



--------------------------------------------------------------------------------

أتت النهاية التي ظلت سديم تغمض عنها عينيها لمدة ثلاثة سنوات ونصف السنة . بعد أن أهداها فراس جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الذي وعدها به في عطلة نصف العام الدراسي بعد تخرجها بأيام ، أخبرها بصوت خافت وكلمات تقطر ببطء كقطرات الماء من صنبور مقفل ، بأنه قد خطب فتاة تقرب لأحد أزواج أخواته الخمس. ألقت سديم بسماعة الهاتف غير عابئة بتوسلات فراس . شعرت بدوامة عنيفة تشدها لأسفل ، تشدها لما تحت الأرض ! حيث يسكن الموتى الذين تمنت أن تكون إحداهم في تلك اللحظة . ايعقل أن يتزوج فراس من غيرها ؟ كيف يمكن لمثل هذا أن يحدث !!؟ بعد كل هذا الحب والسنوات التي عاشاها معاً ؟ أيعقل أن يعجز رجل بقوة فراس عن إقناع أهله بزواجه من فتاة قد سبق لها الارتباط برجل قبله ، أم أنه عجز عن إقناع نفسه بذلك قبل كل شيء ؟ أتكون فشلت بعد كل هذه المحاولات في أن تصل إلى درجة الكمال الذي يليق برجل مثل فراس ؟؟ لا يمكن أن يكون فراس نسخة أخرى من فيصل حبيب ميشيل ! كانت تراه أكبر وأقوى وأكثر شهامة من ذلك المتخاذل الذي تخلى عن صديقتها بلا رجولة ، فإذا به من نفس الفصيلة . لا فرق بين أفراد تلك الفصيلة سوى بالشكل . يبدو أن الرجال جميعهم من صنف واحد وقد جعل الله لهم وجوهاً مختلفة حتى يتسنى لنا التفريق بينهم فقط ! كان فراس قد اتصل بها على هاتفها الجوال ثلاثة وعشرين اتصالاً خلال سبع دقائق لكن الغصة التي في حلق سديم كانت أكبر من أن تسمح لها بالحديث معه ! لأول مرة لا ترد سديم على اتصال لفراس بعدما كانت تهرع إلى الجوال لحظة أن تسمع نغمة اتصاله المميزة ، (لقيت روحي بعدما أنا لقيتك ... وبعد اللقا أرجوك لالا تغيبي ...) راح يكتب لها رسائل نصية رغماً عنها ، يحاول أن يوضح فيها ما حدث ، فتقرأ ويزداد غضبها بدلاً من أن تهدأ . كيف استطاع أن يخفي عنها نبأ خطوبته لمدة أسبوعين هي مدة امتحاناتها النهائية؟! كان يحادثها عشرات المرات كل يوم ليطمئن على سير مذاكرتها وكأن شيئاً لم يكن !ألهذا السبب كان قد كف عن الاتصال بها باستخدام هواتفه الخاصة وصار يتصل بها بواسطة البطاقات المسبقة الدفع حتى لا يكتشف أهل خطيبته ما بينه وبينها من علاقة إذا ما حاولوا مراجعة فواتير هواتفه الخاص ؟؟ إذن فقد كان يعد لهذا الأمر من شهور !! كتب لها أنه أصر على ألا يعلمها بالأمر قبل أن يطمئن إلى تخرجها من الجامعة بتفوق ، وكان هذا ما حدث ، فقد حصلت في ذلك الفصل على أعلى الدرجات ، مثل عادتها منذ أن تعرفت على فراس . كان فراس ينصب نفسه مسؤولاً عن دراستها وتفوقها وكانت هي تسلم له زمام الأمور وتكتفي بطاعة أوامره بسعادة ، فهي تصب دائماً في مصلحتها . لقد تفوقت في هذا الفصل على الرغم من وفاة والدها قبل موعد امتحاناتها النهائية بعشرة أسابيع . ودت حينها لو أنها لم تتفوق ولم تنجح ولم تتخرج . لو أنها رسبت ، لما شعرت بهذا الذنب الثقيل بسبب تفوقها رغم وفاة والدها القريبة ، ولما استطاع فراس أن يتركها ليتزوج إلا بعد فصل دراسي آخر !! هل سيرحل فراس عنها إلى الأبد كما رحل والدها قبل أسابيع ؟ من سيرعاها بعدهما في هذه الحياة ؟؟ خطرت ببال سديم وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاة السيدة خديجة رضي الله عنها في عام واحد ، وتسميته بعام الحزن . استغفرت الله وهي تفكر بأن أحزانها هذا العام تعادل أحزان كل البشر على وجه الأرض . انقطعت عن تناول الطعام لثلاثة أيام متواصلة ، ولم تقوى على مغادرة غرفتها إلا بعد أسبوع كامل من سماعها للنبأ الذي شل مشاعرها وأفكارها وجوارحها وتركها لأول مرة منذ سنين بحاجة لاتخاذ قرارات دون استشارة المستشار فراس . ألمح لها في رسائله النصية المتواترة بأنه مستعد لأن يبقى حبيبها طوال العمر . هذا هو ما يريده بالفعل ، لكنه سيضطر لإخفاء ذلك عن زوجته وأهله ! أقسم لها أن الموضوع ليس بيده ، وأن الظروف كانت أقوى منه ومنها ، وأنه يتألم لهذه النتيجة التي وصلا إليها أكثر منها ولكن ما باليد حيلة ! ليس أمامهما إلا الصبر . حاول إقناعها بأنها ستظل حبيبته مدى الحياة ، وأنه لن تتمكن امرأة أياً كانت من احتلال مكانها في قلبه . أخبرها أنه يرثي لحال خطيبته منذ الآن لأنها ارتبطت برجل قد تذوق طعم الكما في امرأة قبلها ، وسيظل الطعم باقياً على لسانه ، يستحيل على امرأة عادية أن تمحوه ! بعد سنين من سعيها وراء الكمال الذي لا يليق برجل مثل فراس سواه ، ركل فراس كمالها بقدمه والتفت إلى العادية ، بل التفت إلى الابتذال حتى يخلص نفسه من عناء المقارنة بين أية فتاة قريبة من الكمال وبينها . اعترف فراس لنفسه ولها أنها وحدها التي تشبع كل عاطفة وغريزة بداخله . حاول إقناعها وإقناع نفسه قبلها بأنه قد أعلن استسلامه أمام مشيئة الله التي أبت اجتماعهما ، ولذلك فقد تساوت في نظره جميع النساء ولا فائدة من التنقيب عمن توازيها ، فهي الوحيدة التي اختزلتهن جميعاً في روحها ، ومن الصعب عليه التفكير باحتمالية وجود من تشبهها على وجه الأرض . كان قرار الابتعاد أول قرار اتخذته بعد الصدمة ودون أن تفكر بعواقبه . حال سماعها لخبر خطبته لم تستطع أن تستمر في التمثيل . أنهت تلك المكالمة دون توديعة لأول مرة في حياتها ، ورفضت الرد على مكالماته ورسائله المستعطفة بعد ذلك رغم كل الألم الذي كان يعتصرها بعنف شيطاني . كانت تلوذ بدموعها الساخنة التي لم تجف دقيقة واحدة على مدى أسبوعين . كانت تداري حزنها على فراس بحزنها على والدها الذي اشتد قسوة بالفعل بعد انقطاعها عن حبيبها . حاولت بصدق أن تتجاوز محنتها دون مساعدة فراس . كانت تجلس إلى مائدة الطعام مع خالتها بدرية فلا تمر دقيقة حتى تنهار باكية ، أمام طبق من السمك الذي تحبه أو صحن من المهلبية التي تعشقها .كانت تكتم غصتها وهي تشارك خالتها مشاهدة التلفاز فتنفلت الدموع رغماً عنها ، يتبعها أنين لا تقوى على كتمانه . لو كان الأمر بيدها ، لو لم يكن بها بقية من عقل وأشلاء كرامة ، لكانت ذهبت برجليها إليه وارتمت بين أحضانه لتفرغ ما في قلبها من حقائب البكاء على صدره الذي ليس لها سواه في هذا العالم ، لراحت تشكوه إليه وتستنجد به منه . خالتها بدرية التي كانت قد انتقلت للسكن معها في المنزل بعد وفاة أبيها حتى تنتهي سديم من تقديم امتحاناتها النهائية تصر الآن على أخذها للعيش معهم في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية ، لكن سديم ترفض . لن تنتقل للسكن في مدينة فراس مهما كلف الأمر ! لم تعد تطيق العيش معه تحت سماء واحدة بعدما فعله بها وبعد الجرح الذي سببه لها ، فكيف تعيش في نفس مدينته ؟ تقسم خالتها بأنها لن تدعها وحدها في الرياض مهما فعلت ومهما قالت ومهما تذرعت بمنزل أبيها والذكريات التي يعز عليها فراقها . لم يمض على انقطاعها عنه سوى أيام وهاهي تشعر منذ الآن بحاجة ماسة إليه . لم يكن مجرد شوق وحنين ، وإنما كان شعور المخنوق بعد انقطاع الهواء عنه . كان فراس الهواء الذي تتنفسه على مدى سنوات ، وكان الشخص الوحيد الذي تسرد له تفاصيلها اليومية بإسهاب مذنب يجلس على كرسي الاعتراف أمام كاهنه . كانت تحكي له عن كل شيء حتى يسخر منها بسبب أحاديثها التي لا تنتهي ، ويضحكان معاً وهو يذكرها بالأيام الخوالي في بداية علاقتهما ، عندما كان يجرجر فيها الكلمات من فمها بطلوع الروح

roudy 06-03-07 08:31 PM

الحلقه الثامنه والثلاثون



الصبر مفتاح ال ...

زواج الرجل له مصباح هو الضمير ،
والمرأة لها نجم هو الأمل ،
فالمصباح يهدي ، والأمل ينجي .
فيكتور هوجو


حزن البعض على فراق سديم وفراس ،
وفرح البعض لأن فراس اختار زوجة صالحة بدلاً من سديم
التي لا تصلح لأن تكون أماً لأبنائه .
قرأت ضمن الرسائل التي وصلتني عبارة تقول
أن الحب الذي يأتي بعد الزواج هو الحب الذي يدوم ،
وأن ما قبل الزواج من مشاعر ليس إلا عبث وضحك على الذقون ،
فهل هذا صحيح برأيكم ؟



--------------------------------------------------------------------------------

لم تعتقد لميس أن خطتها أو (رسمها ) على نزار سوف يتطلب منها كل هذا الصبر وبرودة الأعصاب ! كانت في البداية تظن أن مهلة الأشهر الثلاث كافية لإيقاعه في شباكها ولكنها مع الوقت اكتشفت أن الأمر يتطلب منها الكثير من الحنكة والصبر ، وهذان في تناقض مستمر مع ازدياد إعجابها بنزار ! لم تتصل به أبداً وكانت تحاول جاهدة أن لا ترد على بعض اتصالاته الشحيحة . كانت تشعر بقواها الخارقة تضعف مع كل رنة من هاتفها الجوال ، تظل عيناها معلقتين برقمه الظاهر على شاشة الجوال حتى يكف الجهاز عن الرنين ويكف قلبها عن الخفقان على وزن رنة الجوال ! كانت النتيجة مُرضية في البداية ، فقد أرضى اهتمامه بها غرورها . حذرته بحزم منذ البداية من أن يتدخل في حياتها ، وأفهمته أن صداقتهما لا تعني أن من حقه أن يتطفل عليها ويسألها عن جدولها اليومي . كان يعتذر لها باستمرار مبرراً اهتمامه بحرصه على معرفة أوقات فراغها حتى لا يزعجها أثناء انشغالها ، ثم أنها لا ترد على الرسائل النصية التي يبعثها إليها ! أخبرته أنها لا تحب كتابة الرسائل النصية فهي تتطلب منها وقتاً ليست في غنى عنه (لو وقع هاتفها بين يديه لوجده مليئاً بالرسائل المرسلة والمستقبلة من صديقاتها وقريباته ) !. بدأ اهتمامه بها يخفت تدريجياً باعثاً في نفسها القلق والخوف ، فاتصالاته قلت بشكل ملحوظ وحديثه أصبح أكثر جدية ورسمية وكأنه بدأ يضع لعلاقتهما حدوداً لم يكن يضعها من قبل . اعتقدت لميس أن الوقت قد حان للاستغناء عن خطتها المتشددة لكنها خافت أن تندم بعد ذلك على استعجالها وفي التي تنتقد سذاجة صديقاتها وقلة صبرهن على الرجال . ظلت تواسي نفسها بكون نزار ليس من نوعية الشباب السهل ، وأن هذا على الأرجح أكثر ما يشدها إليه ، وما سيملؤها فخراً فيما بعد إن هي نجحت في الحصول عليه ! حاولت أن تحتفظ بإيجابيتها طوال الشهور الثلاثة التي حددتها للعلاقة . كانت تذكر نفسها بمدى إعجاب نزار بها وهي تنبش في ذاكرتها عن كل صغيرة تشير إلى ذلك . بدا الأمر سهلاً خلال الشهر الأول من عودتها إلى الرياض ، فالأحداث التي مرت بهما في جدة ما زالت طازجة بعد في عقلها . كان يحسن الاستماع إلى حديثها ، وكان يستمتع بما تقول وما تفعل حتى وإن كان ما تقوله أو تفعله غاية في الغباء أو التفاهة ، كنكتة سخيفة أو صنع فنجان من النسكافيه كل صباح حتى أحاديثهما الهاتفية خلال الشهر الأول من بداية الدراسة كانت تدل على إعجاب مبطن ، فرغم أنها كانت جافة معه في كثير من الأحيان وكانت تختلف معه في كثير من الأمور إلا أنه كان دوماً من يبادر بالاتصال والاعتذار إن استدعى الأمر . في الشهر الثاني كانت قد استهلكت جميع الذكريات الواضحة وتحولت إلى تلك الدقائق التي لم تلاحظها إلا بعد أن أجهدت ذهنها في التفكير ، مثل ذكرى آخر يوم لها في المستشفى بجدة ، عندما ذهبا لتناول الغداء في البوفيه ، فسحب لها الكرسي قبل أن تجلس على إحدى الطاولات وما كان قد فعل ذلك لها من قبل ، ثم جلس هو في الكرسي المجاور وليس المقابل كعادته ، وكأن الكرسي المقابل أبعد من اللازم في يوم الوداع ، ثم استدراجه إياها مرات عديدة لأن تنطق ببعض الكلمات التي يحب سماعها منها بسبب طريقة لفظها المميزة لها ، مثل كلمة Water اللي تنطق حرف ال T فيها كحرف D مثلما يفعل الأمريكان ، وكلمة Exactly التي يصر على تقليدها فيها بشكل مبالغ فيه ليبدو مضحكاً جداً Eg-zak-ly! ، وكلمة أربعين التي لم تكتشف أنها من ضمن ألاعيبه حتى سألها في ذلك اليوم : - أقول لك ، كم كان عمر المريضة اللي شفناها من شويّة ؟ - سبعة وأربعين سنة على ما أذكر . - بكم البيتزا الكبيرة ؟ - بخمسة وأربعين ، ليش تبغانا نطلب بيتزا بعد ما شربنا كل دا الأكل يا فجعان؟ - (وهو يغالب ضحكته) : لا لا طنشي . طيب عشرة زائد تلاتين يساوي كم ؟ - أربعين ! يوه ! إش بك يا نزار ؟! ترى إزا ما قلتاللي أيش الحكاية راح أزعل منك! ينفجر نزار ضاحكاً وهو يخبرها أنه يحب كثيراً طريقة لفظها لتلك الكلمة بالذات : أريعين ! في بداية الشهر الثالث كان قد مر على آخر اتصالاته أسبوعان كاملان ، تعبت خلالهما لميس من إيجابيتها وخططها التي لا تلتزم بها إلا من لا قلب لها ، لكنها ظلت خائفة من التراجع ، وقد قطعت في تنفيذ سياستها شوطاً لا بأس به ! أقنعت نفسها بأن نزار سيعود في يوم ما ولكن فقد في حال كونه مكتوباً في صفحة قدرها . لم يخيب القدر ظنها ، والخطة التي كانت تنوي إيقاف العمل بها إن لم يصرح نزار بحبه لها في غضون ثلاثة أشهر ، نجحت في دفعه إلى التقدم لخطبتها رسمياً من أهلها قبل نهاية المهلة المحددة بثلاثة أسابيع

roudy 06-03-07 08:36 PM

الحلقه التاسعه والثلاثون


صفحات من الدفتر السماوي

لا توقظوا المرأة التي تحب .
دعوها في أحلامها
حتى لا تبكي عندما تعود إلى الواقع المرّ .
مارك توين


صديقي بندر من الرياض
حانق علي لأنني أحاول – وفق رأيه –
أن أصور رجال المنطقة الغربية
كملائكة منزهين عن الخطأ وكرجال غاية في الرقة والأدب وخفة الدم ،
بينما أصور البدو ورجال المنطقتين الوسطى والشرقية
كرجال متوحشين وهمجيين في تعاملهم مع المرأة ،
وأرسم بنات الرياض على أنهن معقدات ومحرومات
بينما بنات جدة
غارقات في السعادة التي يحصلن عليها بمنتهى السهولة !

ليس الأمر متعلقاً بالجغرافيا يا بندر .
إنها قصة أرويها كما حدثت ،
وأنا متأكدة من أنه لا يجوز التعميم في مثل هذه الأمور ،
ففي كل منطقة نرى أصنافاً متنوعة من الناس ،
وهذه طبيعة بشرية لا يمكننا إنكارها ،
وأتمنى أن تكون أنت يا عزيزي
قاعدة جيدة لهؤلاء الذين تدافع عنهم
تعادل حموضة أبطال هذه القصة .



--------------------------------------------------------------------------------

في صفحة من صفحات دفعترها الأزرق بلون السماء ، حيث اعتادت أن تلصق صور فراس التي تجمعها بعناية من صفحات الجرائد والمجلات ، كتبت سديم
:
آه ... يا عوار القلب ، يا حبي الوحيد
يا من وهبته العمر ، الماضي والجاي
حبك بصدري ينوح ، والعين تبكيك
مالي سوى ذكراك ، هي زادي بدنياي
اظلمتني يا دنياي ، والتعت يا قلب
ومليتي يا روح من ثرة معاناي
وش يصلب الجسم ، والقلب مذبوح ؟
ما عاد لي بعدك ، حس ولا راي
يا روح روح الروح ! يا أغلى من لي
يا بعد قلبي ، ويا غاية نواياي
لا من تعبت ، ووسادتي ملتّ
من دمع عيني ، ومن حر شكواي
قمت وتوضيت ، وابليس هجّدته
وربي حمدته ، حتى على بلواي
يالله يا رحمان . ما بيك تردّه !
بس ما بيك تهنيه ! ولا يحبها شرواي
جعله يذوق الظيم والغيرة مثلي !
ويظل يحبين ! ويتحلم برؤياي
للحين أحبه ... ما هقيته نساني
الله كريم ..
يعوضني ، عن البايع بشرّاي


لم تعتد سديم كتابة خواطرها قبل أن تبدأ علاقتها بفراس . حبه كان يدفعها لدباجة رسائل حب تقرأها عليه بين الحين والآخر حتى يتطوس ويمشي مختالاً بريشه الذي تلونه له سديم بنفسها ريشة ريشة ، لكن شيئاً ما حدث بعد خطوبة فراس ، جعلها تنزف أبياتاً كل يوم في سكون الليل الذي اعتادت لثلاث سنوات ونصف أن يشاركها ساعاته صوت فراس، كتبت
:
إلى صديقي العزيز ، وأغلى ما لديا
إلى القلب الحنون ، وتوأم الروح
أيا نجمة سقطت ، يوماً بين كفيّا
لم أكتب الشعر يوماً ، ولم أكن أبداً
سعاد أو بدراً ، ولا إيليّا
لكنك اليوم أنت تلهمني
زواجك حرّك كل ما فيّا
سنين طويلة قضيناها معاً
ثلاثاً سعيدة ، والرابعة ها هيّا
تفجرت فيهن كل المشاعر
وعشت فيهن أحلى لياليّا
حب ، وشوق ، وحرمان طويلٌ
قربٌ وبعدٌ ، قهرٌ وحنّيّة
تفرقنا الأقدرا ، لنعود ونلتقي
الحب يبقى ، مهما استكبروا غيّا
قالوا وقلنا ، وانتصروا همُ
أه لو عرفوا ، ما قاسيته ُ ليّا
آه لو يدرون ..
لو عانوا ، من الحب الذي
يحطم كل الجسور
يفتت كل الصخور
يبسّط كل الأمور
ليجمعنا علانية !
صديقي العزيز ، ماذا نقول لهم ؟
الله يسامحهم ؟ أو لا يسامحهم ؟
ما عدتُ أفرح ، ولا عدت أحقد
شيءٌ بداخل صدري ... تكسّر الشيّا !
إذا الله لم يكتب لنا أن نكون معاً
فالله أكبر . لا اعتراض لديّا
دعني أبارك لك ، وبارك لها عني
يحقق لك الله كل الأمانيّا
يا إلى ما لدي ، ويا زوجة الغالي
يا رب اجعل كل أيامهما هنية
صديقي ستبقى معي دائماً
لن تصبح الذكرى يوم منسية
ضحكاتنا ، دمعاتن
ا تبقى ما دام الذهن صافيّا
والقلب يبقى محباً ، عاشقاً أبداً
حبنا الأول لا يمحوه تاليّا !
صديقي سنصبح أبطال الحكايات
نقصها على أطفالنا بأسماء وهمية
صديقي تظل صديقي ..
صديقي
أيا نجمة سقطت ، يوماً ، بين كفيّا

الصراع الداخلي الذي عاشته سديم وتذبذب مشاعرها في تلك الفترة ما بين الصفح والغفران جعلا من حياتها كابوساً مريراً . كانت عاجزة عن تحديد مشاعرها الحقيقية ، فهي تسب فراس وتبصق على صوره لتعود بعدها لتقبيل الصور بحنان وهي تطلب الصفح منها !كانت تتذكر مواقفه معها طوال تلك السنين فتبكي ثم تتذكر تلميحه العابر قبل سنتين عن مفاتحته لوالديه في موضوع الارتباط بمطلقة وردهما الذي جرحها يومها فتعمدت تناسيه ، هذا ما كانت ميشيل ولميس تحذرانها منه ، فتبكي المزيد وهي تتحسر على سنوات عمرها الضائعة وتدعو على وليد سبب كل شيء

لاحظت قمرة ولميس وأم نوير أن سديم أصبحت أكثر تهاوناً في أداء صلاتها مؤخراً وأنها صارت تكشف عن شعرها عند ارتدائها للطرحة أكثر من ذي قبل . كان اهتمام سديم بالدين مرتبطاً بفراس ، وحقدها عليه جعله احاقده على كل شيء يذكرها به ، حتى الدين

. في تلك الفترة ، كانت خالتها بدرية تقضي أياماً معها في الرياض وأياماً مع أسرتها في المنطقة الشرقية ، ولم تكف أثناء ذلك عن محاولات إقناع سديم بالانتقال معها للعيش في الخُبر بشكل دائم حتى يأتيها النصيب .

عندما رأت الخالة إحباط ابنة أختها الوحيدة وممانعتها فكرة السفر ، قررت أن تلمح لها برغبتها في تزويجها من ابنها طارق ، علها تبث في قلبها الطمأنينة للمستقبل ، لكن ذلك لم يزد سديم إلا غيظاً ومرارة

. أيريدون أن يزوجوها من ذلك الصبي المراهق طالب طب الأسنان الذي لا يكبرها سوى بعام واحد ! ما تفعل به ؟ تلعب معه عروسة وعريس ؟ لو أنهم يعرفون شيئاً عن فراسها لما تجرؤوا بتقديم مثل هذا الطلب إليها ! إنهم يستغلون وحدتها وحاجتها لمنزل تعيش فيه باطمئنان دون أن تطالها انتقادات الناس بعد وفاة أبيها ، حتى خالتها بدرية تريد أن تضمن بتزويجها من ابنها بقاء سديم تحت مراقبتها ، ومن يدري ؟ قد يكون طارق بانتظار ما سترثه عن أبيها من أموال ليسلبها إياها بحريض من والدته !

مستحيل ! لن تتزوج لا منه ولا من غيره ! سوف تترهبن في دار أبيها ، وإن كانت خالتها بدرية مصرّة على ألا تتركها تعيش في منزلهم بالرياض فإنها ستقبل فكرة السفر والعيش معهم لكنها ستملي عليهم شروطها ولن تسمح لأحد بأن يعاملها كشيء مسلّم به ، مثلما كان فراس يعاملها




roudy 06-03-07 08:37 PM

الحلقه الاربعين

ِحمدان بو مداوخ



ليس أصعب من حياة المرأة
التي تجد نفسها حائرة بين راجل يحبها ، ورجل تحبه.
جبران خليل جبران

أصاب بتوتر كلما تخيلت شكل حياتي بعد أن أنتهي من سرد هذه القصة !
ماذا سأفعل بعد أن تعودت على رسائلكم التي تملأ فراغ أيامي ؟
من سيشتمني ومن سيطبطب علي ؟
من سيذكرني بعد ذلك ؟
هل سأستطيع العيش في الظل
بعد أن اعتدت أن أكون مثار الجدل
في كل مجلس في البلاد على مدار شهور طويلة ؟
يحز في نفسي مجرد التفكير فيما سيكون .
صحيح أني بدأت بنية توضيح بعض الحقائق التي تخفى عن كثير منكم ،
إلا أنني تعلقت بالقصة كثيراً ،
وصرت أنتظر ردودكم على كل إيميل بفارغ الصبر ،
وأغضب إن لم تصلني تعليقات كافية ،
وأفرح إذا ما قرأ عني خبراً في جريدة أو مجلة أو صفحة على الإنترنت .
سأفتقد كل هذا الاهتمام بالتأكيد ،
وقد أشتاق إليه إلى درجة تحملني على الكتابة من جديد ،
فماذا تريدون مني أن أكتب إن فعلت ؟؟
أنا على استعداد دائم لأن أكتب ما يطلبه القارؤون .



--------------------------------------------------------------------------------

لا تصدق ميشيل أن صديقتها سديم تعتبر السعودية الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم . فالإمارات دولة إسلامية في نظر ميشيل لكنها توفر الحرية الدينية والاجتماعية لشعبها وهذا هو الصحيح في نظرها . تحاول سديم أن توضح لها أن كون الدولة مسلمة لا يعني بالضرورة كونها إسلامية . السعودية هي الدولة الوحيدة التي تحكم بالشرع وحده وتطبقه في جميع النطاقات ، أما الدول الأخرى فإنها تعمل وفق الشريعة الإسلامية في القوانين العامة لكنها تدع القرارات الفرعية لحكم البشر وذلك لمواكبة التطور المتضطرد في شتى جوانب الحياة . ترى ميشيل الفجوة تزداد اتساعاً بينها وبين صديقاتها حتى تشعر في بعض الأحيان أنها لم تنتمي يوماً لتلك البيئة التي لا توافق أياً من أفكارها ولا ميولها ولا طموحاتها .

طموحها أن تستمر في العمل الإعلامي وأن تحصد المزيد من النجاح والشهرة . كانت تحلم بأن ترى صورتها يوماً على غلاف إحدى المجلات وهي تقف إلى جانب براد بت أو جوني ديب ! وأن تتسابق المطبوعات والقنوات الإذاعية والتلفازية لإذاعة ما تسجله من لقاءات مع المشاهير ، وأن تُدعى لحضور حفلات الأوسكار والإيمي والغرامي أووردز مثلما صارت تدعى لحضور المهرجانات العربية التي لا يسمح لها والدها حتى الآن بحضورها ، ولكنها سوف تقنعه مع الوقت . لن ترضى بأن تصبح مثل صديقاتها البائسات، سجينة المنزل مثل قمرة أو سجينة الرجل مثل سديم أو سجينة الطب مثل لميس.

قررت أنها لن ترتبط بأي رجل بعد تجربتها الفاشلة مع فيصل وشبه تجربتها مع ماتي ، حتى وإن كان هذا الرجل بملاحة حمدان وثقافته ، ذلك المخرج الشاب الذي يقوم بإخراج برنامجها الأسبوعي ، والذي درس الإخراج بجامعة تفتس في بوسطن .

اعترفت ميشيل لنفسها بميلها لحمدان منذ بداية عملهما معاً ، فقد كان من ذلك النوع الذي يتجمع حوله طاقم العمل حال وصوله إلى موقع التصوير وهم فرحين لحضوره لما يشيعه على المجموعة من بهجة ومرح . كان حضوره صاخباً دوماً :
- مرحبا الساع ! شحالكم شباب ؟؟
أسرّت لها جمانة عن إعجابها به ، وهما تتأملانه من بعيد وهو يدخن مداوخه (سيجارته) في أول أيامهما في المحطة ، لكنها كانت تحب أحد أقاربها وتنوي الزواج منه بمجرد حصوله على شهادة الماجستير من بريطانيا وعودته إلى الوطن ، لذلك فقد حرضت صديقتها ميشيل على التقرب من حمدان ، لكنه سبقها

. لاحظت إعجابه بها ولم تستغرب ، فقد كانا الأكثر توافقاً وانسجاماً ضمن طاقم العمل ، وكانا الأنسب لبعضهما بشهادة الجميع .
كان حمدان في الثامنة والشعرين من عمره . أجمل ما فيه أنفه المسلول كالسيف ، ولحيته الخفيفة المرتبة ، وضحكته المجلجلة التي تدفع كل من يسمعها إلى الضحك ! كان حمدان يأتي للعمل متأنقاً مثلها . كان غالباً ما يأتي ببنطال جينز وتي شيرت من إحدى الماركات الشهيرة ، وأحياناً يطل عليهم بكندورته البيضاء (الثوب) مع عصامة (عمامة) الرأس . رغم حرصه الدائم على أناقته إلا أنه لم يكن يتحمل غطاء الرأس لمدة تزيد عن نصف ساعة أو ساعة على الأكثر ، فكان ينزع العمامة ليظهر شعره الذي كان يفوق شعرها طولاً بعد أن قامت بتقصير شعرها على طريقة هالي بيري ، وهي القصة التي طالما نهاها فيصل عن تنفيذها أسفاً على شعرها الجميل وتموجاته الرقيقة التي كان يحب لفها حول أصابعه .

تحدثنا كثيراً حول عملهما والبرنامج وحول مواضع أخرى من كل نوع ، وصارو يخرجان معاً بحكم العمل إلى أماكن مختلفة من مطاعم ومقاهي وأسواق ومهرجانات محلية ، ودعاها مرات كثيرة لمشاركته رحلات الحدائق (الصيد البحري) على طرّاده السريع الذي يهتم به أكثر من اهتمامه بسيارته ، ورحلات القنص (الصيد البري) التي تستهويه أيضاً إلى حد كبير ، لكنها لم تكن تشاركه هذه المغامرات وتكتفي منها بالسمع ومشاهدة الصور





roudy 06-03-07 08:38 PM

الحلقه الحاديه والاربعين



رسالة إلى فاء :

من السهل على أي شخص أن يغضب ،
لكن الصعب هو أن يغضب من الشخص المطلوب ،
إلى الحد المطلوب ، في الوقت الصحيح ،
للسبب الصحيح ، وبالأسلوب الصحيح .
أرسطو


كتب لي كثيرون
يستفسرون عن الدفتر السماوي لسديم
الذي ذكرته في الإيميل السابق ،
بعضهم يتساءل كيف قرأ ما كتبت سديم
(أرادوا أن يضيفوا) : إن لم تكوني سديم نفسها ،
لكن الذوق منعهم من ذلك ،
والبعض الآخر متحمس لمعرفة المزيد مما كُتب في هذا الدفتر .
يا لفضولنا القاتل
يود البعض لو يقرأ بعض الفضائح الشخصية أوكي ،
للملاقيف (مثلي)
سأقرأ لكم ومعكم المزيد من خواطر سديم
التي دونتها في دفترها السماوي ،
وللتحريين (الغثيثين) أقول : أنتم مستقعدين لي ؟
ما حد قال لكم تقرون إيميلاتي إذا كان عندكم شك بكلامي
مادام فيه ناس مصدقة ليش نقطع وناستها ؟
يعني لا ترحمون ولا تخلون رحمة ربنا تنزل ؟
طيب وش رايكم أن غزالتي الفسفورية
سرقت الدفتر من غرفة سديم وهي نايمة وطارت وحطته عندي ،
سويت لي كوبي وعطيته لغزالتي ترجعه ..
هاه؟ عندكم شي ؟ حد شريكي ؟ اللي مو مصدق يصطفل ،
والغرفة لها أربع جدران



--------------------------------------------------------------------------------

قررت سديم بدأ مشروع صغير بجزء من إرثها بعد أن عجزت عن العثور على وظيفة مناسبة بعد التخرج . كانت تفكر في تنسيق الحفلات والأعراس بما أنه لا يكاد يمر أسبوع دون أن تُدعى لحضور عرس أو زوارة أو حفل عشاء أو استقبال ، أما في بداية فصل الصيف فقد كانت تُدعى إلى أكثر من مناسبتين أو ثلاث في الليلة الواحدة كانت هي وصديقاتها وكثير من الفتيات في سنهن إذا ما شعرن بالملل أو الضيق تدبرن لهن بطاقات دعوة لأحد هذه الأعراس (أياً كان العرس) ، وتأنقن وتزينن وذهبن لحضوره ليمضين الوقت في الرقص على أنغام الطقاقات الحية . كان الأمر أشبه بالسهر في نايت كلوب نسائي محترم . فكرت أن تبدأ في إعداد المناسبات الصغيرة لأقاربها وصديقاتها ثم تتوسع تدريجياً حتى تصل إلى تنظيم حفلات الأعراس . كان مجال التنظيم عادة حكراً على بعض السيدات اللبنانيات أو المصريات أو المغربيات اللواتي يطلبن مبالغ طائلة دون تقديم خدمات بالمستوى المطلوب ، وهذا ما كانت تلاحظه سديم لسنوات .
من هنا جاءتها الفكرة ، أن تعمل على تنسيق المناسبات والإعداد لها من الألف إلى الياء حسب المواصفات المطلوبة للحفل وحسب الميزانية المتوفرة ، وسوف تتعامل مع بعض المطاعم ومحال المفروشات والمطابع ومشاغل الخياطة لمساعدتها ، كلٌ في مجاله . اقترحت على أم نوير أن تكون المسؤولة عن المشروع في الرياض وتساعدها قمرة بينما تتولى هي المنطقة الشرقية التي ستنتقل إليها ، كما يمكن للميس الانضمام لهما فيما بعد إن أرادت لتتولى تنسيق الحفلات في جدة حيث ستنتقل للسكن مع زوجها نزار بعد تخرجها ، ويمكن أن يتم التنسيق مع ميشيل في دبي للوصول إلى المطربين والمطربات لتسجيل بعض الأغاني الخاصة بالزفة أو التخرج ، حتى يقمن بإذاعتها في تلك الحفلات.

رحبت أم نوير بالفكرة التي ستملأ وقت فراغها اليومي بعد عودتها من العمل خاصة بعد رحيل سديم ، وتحمست قمرة كثيراً وبدأت هي وسديم تجريان الاتصالات وتنظمان بعض الاجتماعات الصغيرة التي تدعوان إليها معارف كل منهما كنوع من الدعاية والتسويق ، وساعد طارق ابن خالة سديم في إجراء المعاملات الرسمية المتعلقة بالموضوع والحصول على التصاريح اللازمة واستخراج سجل تجاري ، بعد أن أعدت له سديم توكيلاً رسمياً ليقوم بالمهام القانونية التي تمنع المرأة من القيام بها
. في الليلة السابقة لسفر سديم إلى المنطقة الشرقية ، استطاعت قمرة توفير بطاقات دعوة لحضور حفل زفاف أحد أقرباء صديقة أختها حصة . ذهبت قمرة وحصة مع سديم ولميس إلى العرس وأخذت حصة مكانها على طاولة صديقات العروس بينما جلست الصديقات الثلاث على منصة الرقص حيث تجلس الشابات العازبات عادة للفت أنظار الأمهات . عندما دندنت الطقاقة في المايكروفون : (حمام جانا مسيّان ... ولا سلمّ عليه... حمام جنان مسيّان ... ولا سلم عليه ... ولا يسلم عليه ... هلا ... ولا سلم عليه ... ولا سلم عليه ... ) قامت الفتيات الثلاث مع جميع الفتيات الجالسات فوق المنصة مع بداية دق الطيران الذي أقام القاعة ولم يعقدها . راحت الطقاقة تغني :
حمام جنان مسيّان ... ولا سلم عليه حمام جنان مسيّان ... ولا سلم عليه سنونه حب الرمان ... والقذلة هلهلية ... علامة مر عجلان ... حمام القيصرية ... يذكر كل ولهان ... على فرا خويه ...
. كانت سديم ترقص في مكانها مغمضة عينيها وهي تطقطق بإصبعيها الإبهام والوسطى مع أنغام الأغنية ، مع هزة من كتفيها بين الحين والآخر ، بينما تحرك قمرة ذراعيها وساقيها باستمرار دون توافق مع اللحن ، وعيناها شاخصتان إلى الأعلى ، أما لميس فتهز وسطها وردفيها وكأنها ترقص رقصاً مصرياً وتردد مع الطقاقة كلما الأغنية ، بعكس قمرة التي لا تحفظ أياً من الأغاني وسديم التي تعتبر الغناء وإظهار الانسجام الزائد أثناء الرقص سلوكاً مبالغاً فيه ودليلاً على الخفة . بانتظار الرقصة التالية ، انزوت لميس مع إحدى العروسات الجدد من صديقات المدرسة القدامى التقتها صدفة في تلك الليلة ، لتسألها عن تجربة الزواج وعن ليلة الدخلة وعن وسائل منع الحمل التي جربتها وغيرها من الأمور المتعلقة بزواجها الذي حدد موعده في عطلة نصف السنة . قامت سديم مع قمرة للرقص على أغنية طلال مداح التي تعشقها : أحبك لو تكون حاضر ، أحبك لو تكون هاجر ومهما الهجر يحرقني ، راح أمشي معاك للآخر أحبك لو تحب غيري وتنساني وتبقى بعيد عشان قلبي بيتمنى يشوفك كل لحظة سعيد تصل الكلمات الرقيقة واللحن الشجي إلى قلب سديم مباشرة . تحتل صورة فراس عقلها وتشعر بانفصالها عن كل ما حولها وهي ترقص رقصة المذبوح على تلك الكلمات : أحبك كلمة معناها حياتي وروحي في يدّك يهون عليك تنساها وأنا صابر على غلبك ؟ راح أمشي معاك ، للآخر على مائدة العشاء ، بعد أن ملأت كل منهن صحنها من البوفيه ، استغرقت الصديقات في الحديث عن سفر سديم المنتظر في الغد . كانت سديم تشعر بحزن شديد وضيق في صدرها لا تعرف سبيلاً للخلاص منه . بينما كان الحديث دائراً أثناء الأكل ، انبعثت نغمة وصول رسالة من أحد الجولات الموضوعة على المائدة ، فانقضت كل واحدة منهن على هاتفها علّها تجد الرسالة من نصيبها كانت الرسالة من نصيب لميس التي كتب لها نزار قائلاً : عقبى لنا يا حبيبتي . عادت سديم إلى منزلها وتأملت الصناديق والحقائب التي تملأ غرفتها بانتظار شحنها إلى الخبر . شعرت بغصة في حلقها وهي تقرأ خربشاتها الطفولية على طرف طاولة مذكراتها ، وتتأمل صورها الملصقة على باب خزانة ثيابها . تناولت دفترها السماوي وقلمها الرصاص وكتبت : رسالة إلى فاء : الساعة الآن الثالثة وأربعون دقيقة صباحاً بتوقيت المملكة ، وعيون القلب سهرانة ما بتنامشي على رأي نجاة الصغيرة . لا أنا نايمة ، ولا صاحية ، ما بقدرشي يبات الليل ، يبات سهران ، على رمشي وأنا رمشي ما داق النوم ، وهو عيونه تشبع نوم روح ، روح يا نوم من عين حبيبي روح يا نوم . بعد دقائق تقام صلاة الفجر في مدينة الرياض . لا بد أنك في طريقك نحو المسجد الآن ، فصلاتكم في المنطقة الشرقية تسبقنا بقليل ، أم أنك في الرياض الآن ؟ لا أدري إن كنتما تسكنان هنا أم هناك . هل ما زالت تداوم على صلاة الجماعة ؟ أم أن لذة النوم إلى جانبها جعلتك تتكاسل عن النهوض وأداء فرض الله ؟ أموت شوقاً لصوتك . ليتني أستطيع إيقاظك من النوم الآن ! كئيبة هي الدنيا بدونك. الليل أظلم من عادته ، والسكون أوحش . كيف استطعت وأنت معي أن تجعل من الليل احتفالاً ننتظره كل يوم ؟ كيف جعلت سكوني صخباً حتى وأنت تغط في النوم ؟ أتذكر (يغط حبيبي في النوم ) ، ونومي أنا يجافيني ؟ أول قصيدة أنظمها في حياتي. لا أدري حقيقة إن كان بإمكاني أن أطلق عليها مسمى قصيدة! كانت مثل سائر رسائلي لك مجرد حديث بين قلبي وقلبك لا يخضع لأي موازين . كتبتها لك خلال خمس عشرة دقيقة هي مدة شجارنا ، عندما دعوت علي بالحب ! تريدني أن أجربه مع غيرك ، وكأنك تهيئني للفراق . أقول دعوت علي ولا أقول دعوت لي ، لأنني (ومازلت) لا أتخيل في حياتي حباً سواك . أتذكر تلك القصيدة أم أذكرك بها ؟ قلت فيها : يغط حببي في النوم ونوميي أنا يجافيني برودُ الثلج في صوته أداعبه ، فيُبكيني ! بدأنا لعبنا مزحاً فأنهاه بسكين ! أحبه ، يا لقسوته ! مرار الكأس يسقيني خيالي ينسج الرؤيا وتسطرها دواويني فيُطلق حُبّي القاسي على فرحي الأفاعيني ! تبث السُم في الحلم وتمتص الشراييني دُعاك عليّ بالحب يحطم كل ما فيني ! أحبك أنت ، لا غيرك ! لم بالحب تشقيني ؟ توقف عن مضايقتي فضيق الضيق يشكيني ! رجالُ الكون كلهم برأيي اليوم ، شياطين ! أريدك أنت دون سواك وأطلب منك باللين ! فإن آثرت الاستمرار بتجريح المساكين سأرحل عنك في الدنيا وأرضي بالشياطين !! قرأتها لك بعد أن اتصلت بي لتوقظني لأداء صلاة الفجر بعد شجارنا . كيف يمكنني أن أنام خلال ربع ساعة كم كانت حججك لمصالحتي جميلة وشقية ! يا ربي ... كم أحبك ! أتذكر عندما اتصلت بي من طائرتك الخاصة المتجهة إلى القاهرة ؟ لا أذكر سبب خلافنا في ذلك اليوم ، لكنني أذكر كم كنت مكتئبة لسفرك وأنا ما زلت غاضبة . جاءتني اتصال من رقم طويل وغريب ، بعد نصف ساعة من رسالتك النصية التي ودعتني بها من المطار . لم يخطر ببالي أنه أنت ! صرخت بفرح عارم وأنا أسمع صوتك الحبيب يغسل قلبي من كل ضيق : فراس حبيبي !! ما سفرت ؟؟! أخبرتني بأنك معلق في الجو ، وقلبك معي على الأرض يحاول استرضائي، وظللت تغازلني مدة نصف ساعة وأنا أكاد أذوب من شدة حبك . آه آه آه ... ليتك معي الآن . أتذكر (حنتشتنا) كل يوم ؟ ضحكت كثيراً عندما قلت لي هذه الكلمة أول مرة ! اشتقت للحنتشة ! رقصت اليوم على أنغام أغنية (أحبك لو تكون حاضر) التي غنيتها لك في إحدى مكالمتنا . رقصت عليها وأنا أتخيلك واقفاً أمامي فأمد يداي إليكم ولا أستطيع بلوغك . آه آه آه ... أنيني يئن من حنيني إليك ! أبكيك في الليلة عشرين مأتماً ! وأنت إلى جانبها ، تحنتش ! لا سامحك الله ولا سامحها . ولا ردك الله ، ولا أسعدها . أحبك ... لا ... أكرهك ! أكرهك ! حبيبي الذي أكرهه ! فاء ، أسافر إليك في الغد . أخيراً ، سوف أعيش إلى جانبك في الخبر . تجمعنا مدينة واحدة ، أنا ، وأنت ، ومعنا المدام ! كيف سأقطع الطريق براً وذكري مرورك بسيارتك قبل ثلاث سنوات إلى جانب سيارتي لم تُمنع من ذاكرتي يوماً ؟ كيف ستمر علي ساعات الطريق الثلاث دون أن أعرف أنك تحرسني من بعيد ؟ كنت أود السفر بالطائرة لكن طارق أتى بسيارته من الشرقية خصيصاً ليأخذنا معه. أقنعته بأن يضع أسماءنا على لائحة الانتظار في المطار ، ليأخذنا معه . أقنعته بأن يضع أسماءنا على لائحة الانتظار في المطار ، درجة أولى ، درجة رجال الأعمال ، سياحي أو حتى (شعبطة) على أحد الأجنحة ! المهم أنني لا أتخيل نفسي على خط الشرقية بدونك ! بل لا أتخيل نفسي في أي مكان بعدك ! لا أتخيل أن بإمكاني الاستمرار في هذه الحياة بعيداً عنك ! كله منه هو ! الله يا خذك يا وليد ! الله ينتقم منك

roudy 06-03-07 08:39 PM

الحلقه الثانيه والاربعين

لميس تتزوج الحب الأول في حياتها


من قلب المرأة الحساس تنبثق سعادة البشر .
جبران خليل جبران


إحدى القارئات – لم تذكر اسمها – تقول
إنها لا تدري كيف أنادي بالحب بسذاجة
وأفتخر بصديقاتي الغبيات
اللواتي ظللن يبحثن عن هذا المجهول طوال حياتهن .
ترى هي أنه ما من أفضل من خاطب محترم
يدخل عن طريق الباب كما يقولون ،
تعرف الأسرتان بعضهما
وتوثق العلاقة ويتم التصديق عليها من قبل الأهل .
لا مجال هنا للعبث أو الخديعة كما في الحب !
هذه الطريقة تضمن للفتاة عدم تعرضها لشكوك الرجل في ماضيها
لو كانا على علاقة قبل الزواج .
كيف ترفس الفتاة العاقلة فرصة مضمونة كهذه لتركض وراء السراب ؟

رأيك أحترمه يا عزيزتي ،
لكننا لو فقدنا إيماننا بالحب ،
فستفقد كل الأشياء في هذه الدنيا لذتها ،
ستفقد الأغاني حلاوتها ، والأزهار شذاها ، والحياة بهجتها ،
فبوجود الحب في حياتنا تصبح اللذة الحقة هي لذة الحب ،
وكل لذة سواها نابعة منها .
تصبح الأغاني الجميلة هي تلك التي يدندن بها الحبيب ،
وأحلى الأزهار تلك التي يقدمها هو ،
ولا إطراء سوى ما يأتي منه .
باختصار ، تصبح الحياة ملونة بالتكنيكولور بمجرد أن يلمسها أصبع الحب !
يا الله ، لقد حُرمنا أشياء كثيرة ، فلا تحرمنا نعمة الحب !



--------------------------------------------------------------------------------


بعد خطبة قصيرة لم تتجاوز الثلاثة أسابيع تبعاً لعادات كثير من أهل الحجاز – الذين يفضلون تقصير فترة الخطوبة وإطالة الملكة بعكس أهل نجد – وفترة ملكة مدتها أربعة أشهر ، جاء زفاف لميس ، الذي كان أول زفاف تنظمه قمرة وسديم وأم نوير بالتعاون مع لميس وميشيل التي أتت من دبي خصيصاً لحضور زفاف صديقتها في الخامس من شوال . كانت الاستعدادت تجري على قدم واسق خلال شهر رمضان ، وقد كان الحمل الأكبر يقع على عاتق أم نوير وقمرة بحكم وجودهما الدائم في الرياض حيث يقام العرس . تولت سديم مهام بسيطة مثل طلب الشيكولاته من فرنسا ، وميشيل كانت مسؤولة عن تسجيل شريط أغانٍ لبعض المطربين الذين تجمعها بهم علاقات جيدة لتتم إذاعتها أثناء العرس وتوزيع الأشرطة بعد ذلك على المدعوات للذكرى . كان عمل قمرة يبدأ يومياً بعد أدائها صلاة التراويح في مسجد الملك خالد . كانت تصطحب معها صالح لتعويده مبكراً على الأجواء الروحانية . كان يرتدي العباءة النسائية السوداء التي فصلتها على مقاسه بعد أن أصر على أن تشتري له عباءة كعباءتها ، رغم تحذيرات أم نوير المتكررة لها من أن تنصاع لرغباته ! كانت قمرة تذكر أم نوير بأن وضع صالح مختلف عن وضع نوري ، فصلوحي يكبر وسط أخواله الذكور ولذلك فلا خوف عليه من انعدام القدوة الذكورية بسبب غياب أبيه ، كما أنه يبدو لطيفاً جداً هو يضم أطراف عباءته النسائية حول ثوبه بينما رأسه تغطيه طاقية بيضاء رجالية ! كان صالح يقف إلى جانبها في الصلاة مقلداً جميع حركاتها ، من تكبير وقراءة وركوع وسجود وتشهد وتسليم . عندما يمل من تقليدها ، كان يميل برأسه وجذعه محاولاً النظر في عينيها وأعين بقية المصليات المصطفات وإضحاكهن ! كان يميل حتى ينكفي على وجهه على الأرض ، فينقلب على ظهره وهو ما يزال يبتسم ابتسامته الكبيرة منتظراً أن تبتسم له إحدى هؤلاء النسوة العابسات اللواتي يتحاشين النظر إليه . بعد أن ييأس كان يستغل فرصة ركوعهن ليلشط كل واحدة منهن على مؤخرتها عقاباً لها قبل أن يعود للتمدد على ظهره أمامهن وهو يضحك ! كانت النساء يشتكين من شقاوته ويأمرن أمه بأن تدعه يصلي في مصلى الرجال فتتصنع قمرة توبيخه أمامهن وهي تغالب الضحك لخفة دمه ، فيبادلها الضحك الذي تكتمه وكأنه يعرف أنها لا تعني ما تقول . كانت التراويح تنتهي عند حوالي الساعة التاسعة ، تفتح بعدها المحلات التجارية أبوابها فتقضي قمرة مشاوريها من زيارات للخياطة التي تتولى خياطة مفارش الطاولات وأغطية المقاعد ، والمطعم الذي يعد لها أصنافاً جديدة كل يوم لتختار منها ما يعجبها لتضمينه في بوفيه الحفل ، ومحلات التحف ، ومشاتل الزهور ، والمطبعة التي تعد بطاقات الدعوة ، إلى جانب زياراتها للسوق مع لميس لإكمال الناقص من جهازها قبل موعد الزفاف . لم تكن قمرة تعود إلى المنزل قبل الساعة الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل ، أما العشر الأواخر من الشهر فكانت تعودقبل ذلك بساعة أو ساعتين لتلحق بصلاة القيام التي تؤديها في نفس المسجد في الثلث الأخير من الليل مع والدتها وأخواتها . في البداية كانت أم قمرة تمانع من خروج قمرة لقضاء هذه المهام وحدها إلا أنها أخذت تتساهل معها بعد أن لمست جديتها ورأتها تسلم أول ربح حصلت عليه من ترتيب حفل عشاء في منزل إحدى أستاذات سديم في الجامعة إلى يد أبيها الذي اقتنع أخيراً بعمل ابنته الغريب . حاولت الم أن تجبر أحد أبنائها على قضاء مشاوير ابنتها إلا أنهم رفضوا جميعاً فلم تلح وتركتها لتقوم بأعمالها مع أختها شهلاء أحياناً أو مع أم نوير أحياناً أخرى أو مع صالح فقط في معظم الأحيان . في اليوم المنتظر ، بدت لميس أجمل من أي يوم ، بشعرها البني الذي انساب بإهمال مدروس ، وثوبها الصدفي الذي ينحسر عن كتفيها برقة ليلف صدرها بطريقة جميلة ويكشف عن النصف العلوي من ظهرها قبل أن يأخذ في الإتساع تدريجياً حتى يصل إلى الأرض ، وطرحتها التُل التي ثبتت فوق رأسها لتنسدل بنعومة على ظهرها العاري ، وفي إحدى يديها باقة من زهور الليلي ، بينما يدها الأخرى في يد نزار الذي يسمّي عليها قبل كل خطوة ويرفع معها طرف ثوبها الطويل . رأت صديقات لميس في عينيها السعادة الكاملة وهي ترقص مع نزار بعد الزفة ، وسط حلقة من قريباتها وقريباته . صديقتهن لميس كانت الوحيدة التي حققت حلم كل واحدة منهن ، حلم الزواج من الحب الأول في حياتها . قمرة : الله يخلف علينا . شوفي وش ملحهم وهم يرقصون . أقول يا من تاخذ لها حجازي بس ! وين رجالنا عن هالحركات ؟ والله النجي يموتك لو قلتي له التفت ناحيتي بس شوي وانت على الكوشة بدال ما تقعد مكشر كأنهم طاقينك وجايبينك ! سديم : تذكرين كيف راشد ولّع لما قلنا له يبوسك في العرس ؟ وهذا نزار ما غير يبوس راسم لميس كل شي ويدينها وخدودها وما خلا شي ! صدق يا ختي جدة غييييير!! قمرة : بس يا حليل نزار اللي راضي يخليها تظل في الرياض وهو في جدة إلى أن تتخرج وبعدين تنتقل تعيش معه . والله إنه رجال يسوى ، الله يتمم عليهم . ميشيل : يا سلام ؟ هذا هو المفروض أصلاً ، والا تبينه يمنعها تكمل دراستها والا يغصبها تكمل عنده بجدة ؟ هذي حياتها وهي حرة فيها مثل ما هو حر بحياته . احنا مشكلتنا أننا نعطي الرجال أكبر من حجمهم ! لازم أول شي نفهم إن اللي يسوونه هذا هو الواجب والمنطقي ، وما تطير عيوننا إذا الواحد منهم سوا شي صح ! سديم : تراكم زهقتونا انتو الثنتين ، خلونا نتفرج على عدنان ولينا ذولي ! يا ربي مرة طالعين كيوت وهم يرقصون ! ياي !! شوفي كيف قاعد يناظرها ! عيونه تلمع ! شكله دمّع من الفرحة ! آه يا قلبي ! هذا الحب والأ بلاش ! قمرة : مسكينة تمار . ما تحسينها غيرانة من لميس عضانها تزوجت قبلها ؟ سديم : وليس تغار ؟ بكرة يجيها نصيبها ، إلا على فكرة ! ما لاحظتي إن الشباب الحجازيين في عروسهم يلامعون من النظافة ؟ وتلاقين السكسوكة ختم الجودة ، لازم كل العرسان تكون عندهم سكسوكة خفيفة نفس المقاس ، تقولين يروحون لنفس الحلاق ! ميشيل : هذولي يسوون تنظيف بشرة وحمام مغربي وتركي وفتلة ولقط وباديكير وأحياناً واكسنق بعد ، مهو مثل شباب الرياض اللي العريس ما تفرقينه عن باقي المعازيم إلا بلون البشت ! الله يفشلهم ! سديم : انا عادي ما تفرق معي إذا الواحد مرتب أو لا ، بالعكس أميل للمبهذل شوي، أحسه رجال وما عنده وقت للتكشخ والزكرته وحركات العيال الفاضين ! أم نوير : أمبيه ! الله يرحم أيام أول ! أيام ما كنتي تنهبلين على الريايل الحلوين ، حتى وليد ما كان مالي عينج ! سديم : عاد الشكوى لله . جاني بعده الشين اللي ملا عين عيني ! قمرة : أنا على العموم ما عندي مانع يجيني أياً كان ، يجي نظيف ، يجي وصخ ، يجي محرول بسم المهم أنه يجي ! أنا مستعدة أرضى بأي رجال ! مليت يا بنات !! طقت تسبدي ! ترى خلاص ! ترى خلاص ! ما باقي إلا شوي وانحرف ! عندما حان وقت رمي البوكيه ، اصطفت الشابات غير المتزوجات خلف العروس بانتظار معرفة من ستركب قطار الزواج الجميل بعدها . تزاحمت قريباتها وقريبات نزار مع زميلاتها في الكلية وصديقاتها من أيام المدرسة . وقفت معهن تماضر بعد إلحاح من والدتها ، ووقفت سديم وميشيل وقمرة التي شجعتها أم نوير على الوقوف من ضمن العازبات فوافقت بسرعة . أدارت لميس ظهرها للبنات بعد أن اتفقت مع صديقاتها الثلاث على أن تحاول إلقاء الباقة باتجاههن . ألقت الباقة عالياً في الهواء ، وتقافزت الفتيات لالتقاطها . بعد شد وجذب وركل وضرب ، حصلت قمرة على (ماتبقى) من الباقة من وريقات خضراء مربوطة بشريط من نفس قماش بدلة الزفاف ، رفعتها عالياً وهي تقهقه

roudy 06-03-07 09:03 PM

يلا روزتي وانتي بداره حياتي
قدر لتلاتتنا هدا الطريق
هنمشيه هنمشيه
وهتردو يعني هتردو
هههههههههههه

roudy 06-03-07 09:09 PM

يلا ياجماعه ردود بليز
خلوني افهم بس القصه عجبتكو
ولا انا عام خبص
ههههههههههههههه

روز 06-03-07 10:25 PM

هههههههههههههه
يعني غصب حنرد ع موضوعك
هههههههههه
والله الاجزاء كتير روعة انا عجبوني ما بعرف عن بدارة
ممممممممم
لميس ونزار علاقتهم حلوة
ما بعرف جايني احساس انو قمرة حتتزوج
وبتعرفي انو سلطان اختفاؤه من حياتها مو عاجبني
حابة اعرف شو حيصير معهم ومع الصور
والزفت راشد شو حيعمل ؟؟
واااااااااه اسئلة كتير جاي ع بالي
يلا بنستنى تخلص الرواية تاشبع فضولي واسئلتي
ميرسي يا حياتي

بدارة 06-03-07 10:50 PM

انا هون هون
بس ما حبيت اعلق على القصة الا لما تخلص
بس القصة حلوة كتيييييييير
وعاجبيتني وكمليها رودي انت مش عم تخبصي هههههه

roudy 07-03-07 06:06 PM

اهلا وسهلا باحلى روز
يلا تابعي زي الشطوره وخليكي بفضولك لما تخلص
وشوفي مين هيخلصها الك
هههههههههههههههه
مشكوره عيوني على المرور

roudy 07-03-07 09:10 PM

بداره شو حياتي بتذليني
طيب شوفي مين الهبله اللي تحطلك شي
انا بس هنزلهم لروز
ههههههههههههههههههه
اوكي حياتي تسلميلي على احلى مرور
الله لا يحرمنا طلتك
وانا كنت بمزح ما تاخدي على خاطرك

توته الكتكوتة 16-11-07 04:27 PM

متابعة جديدة انضمت إليكم :)

ماتصدقو اني ليه فترة أدور على هذي الرواية بشمعة وماصدقت لقيتها والله

يلا عاد يارودي يعطيكي العافية كمليها

تحياتيـ..

توته الكتكوتة 16-11-07 04:29 PM

<<< شكلها الرواية مقفلة من زمان جدتي وانا قاعدة استنى

:(


الساعة الآن 05:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية