منتديات ليلاس - طراد الكبيسي , في الشعرية العربيَّة , اتحاد الكتاب العرب

هذه القراءة لستة كتب نقدية عربية قديمة، مما يمكن أن نسميها أيضاً، كتباً في الشعرية العربية، تطرحُ قضايا شعرية لا تقلُّ (حداثةً) في رُؤيتها عما تطرحه (الشعريات) المعاصرة. إنْ لم نقلْ إِنَّ القضايا نفسها، يُعاد طرحها، ولكن في حوار من طرف واحد، غالباً. أَعني أن يُحاور العربي ثقافته بثقافة الغربي، دون أَنْ يحصل العكس.‏

ودون الدخول في متاهة الجدل في هذه المسألة، نودُّ أن نُثْبت النقاط التالية:‏

1ـ في الوقت الذي نفهمُ فيه أنَّ الحداثة، اليوم، هي تيّار عالمي، نفهم أَيضاً، أنّ الحداثةَ ليست مخصوصة بزمان ومكان محدّدين.‏

2ـ لقد تحاشينا ـ قدر المستطاع ـ إِسقاط المفاهيم العلامية والدلالية للشعرية المعاصرة على هذه القراءة. علماً أنَّ الشعريات جميعاً، قديمها وحديثها، تسعى للإجابة عن السؤال: ما الذي يجعل من رسالة لفظية، أَثراً فنياً؟ أو ما الذي يجعل عبارتين: الأُولَى شعرية، والثانية نثرية، رغم أنهما تصفان حالة واحدة، أو تُعبِّران عن مدلول واحد، أو تحملان المحتوى نفسه ـ كما ذهب جاكوبسن.‏

3ـ وسنلاحظُ، رغم أَنَّ كلمة (شعر) قد عَنَتْ زمناً طويلاً، معايير نظم الشِّعْرِ وحده، لكنّنا نجد لدى معظم النقاد العرب القدماء، تقديراً (شعريّاً) لأنماط التعبير الأدبي التي تحمل كلَّ الخصائص الشعرية باستثناء الوزن والقافية، وهو ما دعوه بالقول الشعري.‏

4ـ وبتعبير آخر، إذا كان الشعرُ فنَّاً لفظياً. والشعرية لا تتَّخذ اللغة، عامة. موضوعاً لها، بل تقتصر على شكل من أشكال استعمالاتها الخاصة. أَيْ صناعة الكلمات ـ و(الصناعة) مصطلح شائع في النظريات الشعرية العربية، ومجال يحثه هو الصور البلاغية والبيانية التي تُكوِّن جوهر الفنّ الشعري، فإنّ هذه القراءة، تكشف عن اللقاء بين النظريَّات الشعرية العربية القديمة، والنظريات الشعرية المعاصرة في مفهوم الشعر أَوْ الشعري: بِنْيَةً ودلالة.‏

5ـ لسنا بالتأكيد في مجال المقارنة ولا المفاضلة ولا الموازنة بين الشعرية العربية والشعرية المعاصرة، لكننا لا بد أَنْ نلاحظ أنه بالرغم من اختلاف الأزمنة والأمكنة واللغات والثقافات.. ومهما تعدَّدت النظريات والمذاهب يظل الشعرُ واحداً في جوهره، وميزته الأساسية: الحرية الواسعة في استعمال اللغة.

للتحميل من هنا