منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   رانمارو .. ذات طابع ياباني .. (https://www.liilas.com/vb3/t25893.html)

اماريج 01-08-10 07:31 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل العشرون


هيكاشي ضد رانمارو


-لا تحزن هكذا رانمارو , هذا لم يكن خطؤك , أنت فعلت ما بوسعك , لم يكن تستطيع أن تفعل أكثر من هذا.

نظر إليه (رانمارو) بحزن ثم نظر بعدها إلى الأرض و قال :
-لا تقل ما تحاول أن تقلل به من خطأي ياكو , لقد كانت مسئوليتي حماية ساكورا بحياتي و لكنني فشلت في تحقيق ذلك , أنا المسئول عن ذلك.
-هذا ليس بصحـ ...
-ياكو , أنا سأذهب للتدريب , هل ستأتي معي ؟!
نظر إليه (ياكو) و قال :
-للأسف لا أقدر , فوالدتي تحتاجني , كما إنني قد أخبرتها أنك و ساكورا تتنزهان معا في المدينة لبعض أيام و أنا سأتغيب بعض الوقت معكما في النهار فقط , أما بالليل فسأجلس معها حتى أمنعها من الحضور لأعلى , هذا ما سأفعله في الأيام القادمة , لكن قل لي كيف عرفت أننا في خطر ؟!
نظر له (رانمارو) قليلا ثم قال له :
-هل نسيت أن لدي و لديك وحش مشترك ؟! لقد أخبرني النسر العظيم بأنك نشط قوتك , وأنك تستعد للفظ تعويذة ما , و أن نفسك مضطربة , فخرجت من التدريب مسرعا كي أرى ماذا يحدث لكما !
صمت (ياكو) محدقا به في دهشة , فهو لم يكن يعرف أن الوحوش تدري ما يشعر به , لم يهتم (رانمارو) بذلك بل قال :
-حسنا , و لكني أريدك في أمر آخر ... هل تعرف من كان هؤلاء ؟!
نظر نحوه (ياكو) و قال :
-اسمهم جيتشي نوتوري !
-من هؤلاء ؟!!
-هؤلاء جماعة يختصون باختطاف البشر , و سرقه قواهم , لكني لا أعرف لماذا كانوا مهتمين بساكورا , إنها كانت بشرية عادية , لا أعرف !!
-حسنا إذن .
قالها و صمت , نظر نحو الأرض و قام من الفراش و جلس فوق الأرض , اتخذ وضع التدريب المميز , نظر نحو (ياكو) و قال له :
-سأتدرب إلى أن أصبح أقوى من أي شخص آخر ... كايتو!

***************************

-إنها هناك , لقد رأيتها .
-حسنا هيا إلى هذا الاتجاه , لا تفقدوا تركيزكم.
اتجه (هيكاشي) مع الرجال الخمسة الذين معه نحو الاتجاه الذي قد رأوا فيه (هارونا).
تعالى صوت نهجان (هارونا) و هي تجري ...
-سوف يلحقون بي , ما العمل ؟
ركضت (هارونا) مهرولة و ورائها قطيع من الذئاب يبتغي فريسة واحدة فقط , كانت المسافة تضيق و تضيق , و هي تجري و تجري ..
-توقفي عندك هارونا .
توقفت (هارونا) فجأة فمال جسدها نحو الأمام و عندما عدلت من وضعها قال (هيكاشي) :
-أخيرا وجدناكي , لقد أتعبتنا أيتها العنيدة , هيا لنعد إلى المنزل الآن.
قالها و تحرك نحوها مادا يده اليمنى مبسوطة نحوها , تراجعت (هارونا) إلى الوراء و هي تهز رأسها بمعنى النفي , كان جسدها يهتز بقوة , توقف عندها (هيكاشي) عن التحرك و نظر إليها و قال بنبرة حزن مصطنعة :
-ماذا هناك عزيزتي , هل تخافين من زوجك ؟!
-لا تقل ذلك , أنا أفضل الموت على ذلك !!
صرخت (هارونا) و هي ترجع إلى الخلف تريد الهرب , فإذا باثنان من جماعة (هيكاشي) يظهرون أمامها يسدون الطريق فتوقفت بسرعة و اتجهت نحو اليسار فظهر واحد على المدى القريب منها , تلفتت حولها و هي واقفة و على وجهها نظرة رعب , كان وجهها مصفر جدا , نظرت يمينا و يسارا , أمامها و خلفها , كانت محاصرة تماما بحلقة من رجال (هيكاشي) , وسط نظراتها السريعة نحوهم , تقدم (هيكاشي) خطوة و هو يمد يده إليها , و قال :
-هيا عزيزتي , فلنعد إلى المنزل , فوالدتك قلقة عليك جدا.
تسمرت (هارونا) في مكانها و نظرها مثبت على (هيكاشي) , فتقدم أحد الرجلين الموجودين خلف (هارونا) , فشعرت بحركته , تلفتت ناظرة إليه , فتوقف بعد خطوة تخطاها , فجأة ...
-انجدونــــــــــــــــــــــــــــي !!!
اخترقت الصرخة سكون الليل , طار سرب من طيور تسكن أغصان شجرة قريبة , نظر إلى السرب الذي يغادر مسكنه استجابة لصرخة (هارونا) شخصان يقفان في نافذة بالطابق الثالث بأحد المباني القريبة من المكان ...
-هل سمعت هذه الصرخه رانمارو ؟!
-نعم , هيا لنر ما هناك .
و في تلك الأثناء ...
-توقف أيها الغبي !
قالها (هيكاشي) و هو يشير بيده و كأنه يمنع شخصا من التحرك بجانبه , فنظر إليه الرجل الموجود خلف (هارونا) و قال له :
-آسف سيدي.
-لا تنزعجي عزيزتي , لا تقلقي من وجود أي شخص هنا , هيا تعالي معي.
قالها و هو يعيد نظره إلى (هارونا) التي قد سقطت على الأرض جالسة على قدميها و هي تمسك بوجهها و تبكي فيه , نظر (هيكاشي) نحو الرجال و أومأ برأسه بمعنى نعم , فتحرك كل منهم خطوة للأمام ...
-أنا لو كنت في أماكنكم ما كنت تحركت ولو خطوة واحدة.
التفت الجميع إلى الخلف في حدة , فوجدوا فتى يتقدم من الظلام خلف الأشجار المحيطة بالمكان نحو السهل الموجودين فيه , توقف الجميع عن الحركة حتى تقدم الشخص نحوهم , فظهر عليه ضوء القمر رأى الجميع حتى (هارونا) التي عدلت وجهها لترى من القادم الحلقة المميزة حول رأس الفتى القادم , و العصاة المميزة النشطة التي يمسكها بيده اليمنى , قال (هيكاشي) :
-اذهب بعيدا عن هنا أيها الضعيف , فأنت لست ندا لأضعف فرد مننا , هيا اذهب من هنـا قبل أن أغيـ ...
بتر (هيكاشي) ما كان يقوله , فقد أضاءت عينا (رانمارو) بضوء أحمر قوي فجأة , تغير لون الهواء إلى اللون الأحمر , شعر الجميع حتى (هارونا) و كأن صخرة ثقيلة تضغط على صدر كل منهم , في البداية أثنى (هيكاشي) ظهره كما فعل الباقي من قوة ضغط قوة (رانمارو) الروحية , لكن بعدها عدل من وضع جسمه و هو يجز على أسنانه فظهرت هالة صغيرة لونها لبني فاتح حوله , بدأت في الاتساع حتى غطت كل الرجال و بينهم (هارونا) , بعدها توقفت , نظر (هيكاشي) نحو (رانمارو) و قال :
-أعترف أن لك بعض القوة أيها الفتى و لكن ... سينكو جو!
في لمح البصر تحول (هيكاشي) من مكانه الموجود أمام (رانمارو) ليصبح خلفه مباشرة , التفت (رانمارو) خلفه و هو لا يغمض له جفن ناظرا نحو (هيكاشي) الذي قال :
-إن أسوأ شيء فعلته هو أن تقف في وجه العظيم هيكاشي ... دوكو هيتونومي !
أضاءت طرف يده اليمنى المفرودة بضوء لبني و اندفع بعدها شيء أسمر صغير كالطلقة تجاه (رانمارو) , ابتسم (هيكاشي) بعد ما قال التعويذة و كأنه انتصر و قتل (رانمارو) فعلا , أغلق عينيه و ابتسم بعد كلامه , لكن ...
-تسوباشا شوجوشا !
حدث كل شيء بسرعة كما بدأ , في ثانية أو أقل تحول (رانمارو) إلى صورته كساحر بردائه المميز الذي كان يغطي الآن نصف جسمه بالضبط , بعدها ظهر صوت انفجار خفيف صاحبه ظهور جناح ضخم أحمر اللون , توقف الجناح في الهواء ما بين (رانمارو) و (هيكاشي) فتعالى صوت اصطدام عنيف بين ما أطلقه نحوه (هيكاشي) و الجناح , فتكون تيار من رياح ممزوجة بغبار من مكان الاصطدام اتجه في جميع الاتجاهات , فتطاير ردائي (هيكاشي) و (رانمارو) و شعرهما كذلك دون أن يغمض لهما أي جفن , تبادل الاثنان النظر نحو كل منهما , قال (هيكاشي) بعد لحظات من الترقب :
-لا أريد محاربتك , لا علاقة بك بهذه الفتاة , أليس كذلك ؟!
-خطأ !
أجاب دون تفكير , تبادل الجميع نظرات و همهمة , حتى (هارونا) نظرت نحوه و هي مندهشة مما قاله , فهي أول مرة تلتقي فيها به , فلماذا يفعل ذلك و يعرض حياته للخطر من أجل غريب مثلها .
-أنت لا تعلم من تواجه أيها الصغير.
-بل أنت لا تعلم من تواجه أيها الضعيف.
-ماذا تقول ؟!!
صاح فيه (هيكاشي) بكل غضب و احمر وجهه , تلون جسمه بضوء لبني فاتح و كأنه يجمع طاقته الروحية .
-أيها الأبله هل تريد أن تموت ؟!!
صرخت فيه (هارونا) , لكن (رانمارو) لم ينظر إليها , كان يحدق (بهيكاشي) , لقد مرت عشرة أيام منذ استيقاظه بعد اختطاف (ساكورا) , لقد تدرب كثيرا , لم يمل أو يتعب , و الآن هو يريد أن يرى نتيجة ذلك في هذا القتال , لهذا إن لم يستطع أن ينتصر عليه فلن يستطيع أن ينقذ (ساكورا) ..
-باكوفو تشي !
تلونت طرف يده اليمنى المنقبضة بلون لبني فاتح قوي , اندفع بعدها تيار ماء قوي جدا و سريع , كان يبدو أنها تعويذة مائية , نظر (رانمارو) إلى الماء القادم نحوه و قفز إلى أعلى لكن ..
-ليس بتلك السهولة !
قالها (هيكاشي) و حرك يده اليمنى إلى أعلى , فتحرك التيار المائي نحو (رانمارو) إلى أعلى , كان يبدو أنه يستطيع أن يتحكم باتجاه الماء أيضا , كان الماء يتخذ شكلا اسطوانيا و كأنه ثعبان ضخم , اقترب التيار من (رانمارو) وسط ضحكات (هيكاشي) الهستيرية ,
-داجيكي هينوتا !
تلونت طرف عصاة (رانمارو) بلون أحمر , فاندفع تيار من النار نحو الماء القادم نحوه , قطع (هيكاشي) ضحكته و أطبق عينيه و قال :
-يبدو أنك قوي و عنيد , ولكن ما رأيك بهذا .
قالها و فرد أصابع يده المنقبضة على آخرها فابتعد كل اصبع عن الآخر , فانقسم تيار الماء إلى خمسة أفرع كل منهم يتخذ الشكل الاسطواني الثعباني و يتجه نحو (رانمارو) الذي كان في طريقه إلى الأرض الآن , أدرك (رانمارو) أن تعويذته لن تجدي نفعا الآن , فقال :
-ريون تسوباسا !
خرج جناح أحمر ضخم من طرف العصا , لكنه لم ينفصل عنها فصار و كأنه سيف ضخم , لوح (رانمارو) بالسيف الكبير هذا في اتجاه الخمسة ثعابين القادمة نحوه , ولكنه لم يصب أي منهم حيث أن (هيكاشي) قد جعلهم يتفرقون عن بعضهم و يتفادون ضربة (رانمارو) , وصل (رانمارو) الآن إلى الأرض و مازالت الثعابين تتجه نحوه , لوح (رانمارو) بالجناح من اليمين إلى اليسار , فجأة انفصل الجناح و اتجه بسرعة شديدة نحو (هيكاشي) , فتفادى (هيكاشي) الضربة بالقفز نحو أعلى بسرعة شديدة , لكن ...
-أراشي أكاي .
اندفعت رياح حمراء اللون بقوة و شدة نحو (هيكاشي) الموجود بالهواء , نظر (هيكاشي) نحو الرياح التي استحضرها (رانمارو) و قال :
-إنك لعنيد فعلا !
فأثني اصبع يده الإبهام فاتجه نحوه ثعبان من التي كانت تطارد (رانمارو) , بعدها أخذ يجعل اصبعه يدور و يدور فدار الثعبان المائي حول (هيكاشي) دورات كثيرة حتى تكون درع واقي من الماء خلال لحظات معدودة , وصلت الرياح إلى الدرع الجديد و اصطدمت به , كانت الرياح أقوى مما تصور (هيكاشي) , جز على أسنانه في محاولة التصدي لها , لكن ظهر شرخ خفيف بالدرع , فأغمض عينيه و أطبق صوابع يده كلها , فاتجهت باقي الثعابين التي كانت تطارد (رانمارو) نحو (هيكاشي) و أحاطت به , قوي الدرع خمس أمثال ما كان , و اختفى الشرخ , و أصبحت قوة الدرع أقوى الآن من قوة رياح (رانمارو) , ضحك (هيكاشي) و هو داخل الدرع الخاص به و قال (لرانمارو) :
-ماذا ستفعل الآن أيها المسكين , أرأيت قوتي أيها الأبله .
-لا أبله غيرك هنا .
قالها رانمارو و توقف عن الركض عندما ابتعدت عنه الثعابين , ثم جمع طاقة روحية كبيرة حتى تصاعد الدخان الأحمر منه مرة أخرى , و قال :
- فوكومي جينشو !
فجأة اختفت الرياح , لكن هناك , و في الفقاعة التي يحتمي بها (هيكاشي) , شعر الجميع و كأنها تتذبذب , نظر (هيكاشي) حوله في هلع , كانت الرياح لا تصطدم الآن بالفقاعة , لا , بل كانت تنجذب نحوها في كل اتجاه , أغلق (هيكاشي) عينيه و قال لنفسه :
-اهدأ , لا تنزعج , هذا ما يريده منك أيها الأبله , هيا هدأ نفسك , و قوي روحك و اهزمه , أنت أقوى منه , أنا أعلم ذلك .
بعدها فتح عينيه , نظر تجاه (رانمارو) , كانت عيناه كلها اصرار , أغلقها فتلون الهواء المحيط به باللون اللبني الفاتح , فصرخ فيه (رانمارو) :
-وهل تنتظر مني أن أدعك تفلت من قبضتي , كلا !
قالها و زمجر كأنه أسد , كان الدرع الآن أشبه ما يكون إلى فقاعة مائية فعلا , صار سطحها به ارتفاعات و انخفاضات كثيرة و كبيرة , و هذا الارتفاع يتحول بعدها إلى انخفاض , أصبح الوضع يبدو و كأن الدرع سيتحطم , لكن إلى أي قوة ستكون الغلبة لا أحد يعلم ..
-لا تستهن بنا أيها الغريب !!
صدر الصوت فجأة من خلف (رانمارو) , حيث انتبه الرجال الخمسة إلى قوة عدوهم و مدى سوء وضع قائدهم فقرروا أن يدخلوا إلى المعركة أيضا , اندفع كل منهم بسرعة شديدة فلاشية نحو (رانمارو) , أحاط الخمسة فجأة به من كل اتجاه , سدد اثنان منهم قبضتيهما نحو وجه (رانمارو) , وواحد وجه ركلة نحو معدته , في حين طار واحد من الخلف في الهواء و التف حول نفسه و هو يسدد ركلة لولبية نحو ظهر (رانمارو) , أما الأخير فقد اندفع نحوه و هو مستلقي على الأرض يستهدف قدميه , نظرت (هارونا) إلى الوضع , فتمتمت و راحة يدها اليسرى موضوعة أمام فمها :
-مستحيل أن يهزم فرقة هيكاشي الخاصة , إنه لمستحيــ ...
بترت عبارتها , حيث في اللحظة المفترض فيها أن يضرب الرجال (رانمارو) , ضرب كل منهم حائط وهمي بدا و كأنه قد ضرب الهواء , توقفت الضربات و الركلات و اللكمات على بعد سنتيمترات معدودة من (رانمارو) الذي ضيق عينيه و قال :
-أنتم الذين تستخفون بي !
قالها و بدا ما ضربه الرجال , تلون الهواء عند كل منطقة توقفت فيها الضربات و الركلات باللون الأحمر القاتم , فجأة تحول الهواء إلى شكل يد أمسكت يد و قدم كل فرد منهم , صرخ الرجال من الألم حيث اندفع بخار من مكان اليد و كأنها نار قد أمسكت كل منهم , من كل يد اندفع فرع ثعباني الشكل نحو كل منهم , صرخ كل رجل منهم في هلع , و عيناهم متسعة ترقب ثعبان الهلاك القادم نحوهم , وصلت الثعابين النارية إلى كل منهم في أقل من ثانية , بعدها أخذت تلتف بسرعة مذهلة حول جسم كل منهم حتى غطته من قمة رأسه حتى أخمص قدميه , أطبقت بعدها على الرجال و أخذت تتحرك تحركات غير مرتبة ثعبانية و كأنها تعتصرهم صدر عنها صوت تحطم الضلوع و كسر العظام ممزوج بصرخاتهم , بعدها سكنت حركة الثعابين الحمراء , سقط كل رجل مغطى بلون أحمر قاتم على الأرض واحد تلو الآخر حتى تساقطوا جميعا , انسحبت الثعابين من كل فرد منهم بسلاسة و ببطء كما أحاطت بكل منهم من قبل , انكشف المنظر البشع عنهم , كان كل فرد منهم وكأنه قد خرج توا من وسط منزل محترق عن آخره , كان من يراه يقشعر جسده من هول المنظر , كانت الجلود محترقة , و اللحم أسود اللون أسفلها , يتصاعد منه بخار خفيف مع رائحة حريق اللحم المميزة , كما أصبحت الجمجمة لا معالم لها , أصبح كل شيء في الوجه مكسورا من وجنتين و فكين و أنف , و أي شيء آخر , إضافة إلى أن الصدر أصبح مسطحا و اختفى الشكل المميز للضلوع , أصبح الذراعان و القدمان مفلطحين , كان المنظر يبدو و كأن الشخص قد خرج من منزل محترق و اتجه يهرول نحو الطريق فاصطدمت به شاحنة نقل عملاقة و دهست كل جسده , المنظر كان بشعا , أدارت (هارونا) وجهها إلى الجهه المقابلة واضعة وجهها بين كفيها و هي لا تكاد تصدق ما رأته عيناها , نظر (هيكاشي) هو الآخر إلى بقية ما كان يسمى بفرقته الخاصة , تسمر (هيكاشي) في مكانه , التفت ناظرا نحو رانمارو و قال :
-أيها اللعين , سأنتقم لرجالي منك !
-لا تقل شيئا لا تستطيع أن تقوم به , هذه من شيم الاطفال الصغار فانضج .
قالها (رانمارو) و ووجه طاقته كلها نحو فقاعة (هيكاشي) , فكر (رانمارو) في نفسه :
((-يجب أن أنهي هذا بسرعة , لقد استهلكت طاقتي الروحية و أوشكت أن أصل إلى أقصاها , هذا اللعين كم يملك من طاقة روحية متبقية , المفترض أن يكون قد أوشك هو الآخر على نفاذ طاقته !! ))
أصبح الهواء الآن المحيط بالفقاعة يتلون بلون أحمر قاتم , أما في الداخل فصار لونه لبني فاتح , يبدو أن المعركة أصبحت معركة قوى روحية , لمن الغلبة إذن؟! , كانت الفقاعة تصغر و تصغر , و (هيكاشي) وجهه مليء بالعرق الغزير , ضاقت الفقاعة أكثر و أكثر , مضت اللحظات و كأنها سنوات , فجأة انفجرت الفقاعة , لقد انهارت مقاومة (هيكاشي) , اندفعت الطاقة الروحية ممزوجة بكمية هائلة من الرياح في اتجاه بؤرة واحدة و هي جسد (هيكاشي) , صرخ من الألم , و سقط من الارتفاع الذي كان به , سقط على ظهره , لم يتحرك بعدها , انطفأ اللون الأحمر بعصا (رانمارو) و هو ينهج , لقد وصل إلى أقصى طاقته بالفعل
((-جيد منك أن طاقتك قد نفذت أيها الأبله ! ))
فكر رانمارو , كان يحني ظهره مستندا على ركبتيه بيديه من التعب و هو ينهج بشدة , التفت برأسه نحو الوراء ليرى (هارونا) التي كانت لازالت تجلس في مكانها تهتز من هول ما قد رأته حتى الآن , عدل من وضعه و هو لازال ينهج و قال :
-ياكو , هيا اخرج من عندك و احضر تلك المسكينة إلى المنزل , هيا !
صدر صوت خفيف من الأشجار القريبة , تبعه خروج (ياكو) , نظر نحو الفتاة بشفقة و اتجه إليها و هو يقول :
-هيا فلتأتي معي !
تراجعت الفتاة إلى الخلف و هي تزحف على الأرض و تضع يدها اليسرى أمام وجهها من الخوف و جسدها يرتعش , شعر (رانمارو) بالشفقة تجاهها , فذهب إليها و هو يترنح من الضعف و قال لها عندما أصبح عند (ياكو) مستندا على كتفه بيده :
-لا تخافي مني , لقد أنقذتك .
لم تقل الفتاة شيئا , كل ما فعلته أنها كانت تحملق فيهما و عيناها متسعة , مرت عدة لحظات من الترقب حتى أرخت (هارونا) يدها الموضوعة أمام وجهها , أغلقت عيناها , و سقطت على الأرض فاقدة للوعي !!
يتبـــــــــــــــــــــــــــع................... .......

اماريج 01-08-10 07:32 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الواحد و العشرين


هارونا ...رانمارو.


- ضعها هنا , ستنام هنا الليلة.

قالها (رانمارو) المنهك و سقط على الأرض ممدا يستند بظهره إلى الحائط المواجه للفراش , تابع (ياكو) ببصره و هو يضع (هارونا) على (الفراش) , و يسقط بعدها على المقعد بجواره ليستريح , أخذت ثواني معدودة تمر بينما هما يلتقطان أنفاسهما , نظر (ياكو) نحو أخيه و هو لازال صدره يعلو و يهبط قليلا من التعب و قال له :
- أليس من الخطر أن نأتي بها إلى هنا ؟! , نحن حتى الآن لا نعلم ما إذا كانت طيبة أو شريرة.
- قلبي يخبرني أنها طيبة , كما لو أنها كانت شريرة لقاتلت الرجال و ما احتاجت مساعدتنا.
- ولكن كيف تفسر وجود فرقة قوية تطاردها ؟!!
قالها و سكت ناظرا نحو (رانمارو) , نعم لماذا كانت فرقة بهذه القوة تطاردها , هكذا فكر (رانمارو) , لم يجد لهذا الأمر تفسير , لكن كان هناك شيء آخر يقلقه , تسائل (رانمارو) وهو يحدق نحو الأرض :
- لكن من كانوا هؤلاء ؟! لم يكونوا سحرة , هناك شيء غريب فيهم , أليس كذلك ؟!
نظر نحوه (ياكو) و قال :
- أظن أنهم كانوا مصاصي دماء.
- وهل يمكن أن تكون ...
وأشار باصبعه في تراخي و هو يرفع يده نحو (هارونا) الفاقدة للوعي , ولم يكمل كلامه حيث سقطت يده على الأرض , سقطت رأسه على صدره , فقد أغمى عليه هو الآخر !

*************************


- سيدي !

- ماذا هناك ؟
- سيدي الصغير ... سيدي هيكاشي ...
قالها الخادم و هو يرتعش بشدة , وقف (ماكيتو) من على مكتبه , قال و هو منزعج :
- ماذا هناك ؟! ماذا حدث ؟!
- إنه..إنه بالخارج ... إنه ...
قالها الخادم و هو يبكي و يرتعش و يشير بيده المرتعشة نحو الخارج , اندفع (ماكيتو) من خلف مكتبه بسرعة شديدة مصطدما بالخادم فأطاح به و اصطدم بالباب في قوة سقط بعدها أرضا و هو يتألم , لم تكن رعشته مما حدث للسيد الصغير , بل كانت رعشته خوفا من رد فعله الغاضب , اندفع (ماكيتو) يطوي درجات السلم الحلزوني الأسطوري الشكل في ثواني بقفزات هائلة سريعة , وصل إلى الطابق الأرضي , اندفع نحو الردهة الواسعة فتسمر في مكانه من المفاجأة , فهناك و على أرضية الردهة كان يرقد جثمان ابنه مغطى وجهه و جسده برداء أبيض ملطخ بدماء ابنه , كانت والدته ترقد منحنية على جثمان ولدها و هي تبكي , اتجه (ماكيتو) بأقدام مرتعشة و عين باكية نحو جثمان ولده بتثاقل , سقط على ركبتيه عندما وصل إلى جسده , رفع يد ابنه و قبلها , ازدادت دموعه المنهمرة , وقعت يد ابنه من يده و هو يبكي , نظر إلى جواره , وجد زوجته , اندفعت في حضنه تبكي و تضرب صدره بقبضتيها و تصرخ بأعلى صوتها :
- ولدييييي ... أرجع إلي ولدييييييييييي ... أرجع إلـ..لي ..ولـ..لـ..د..ي...!!!
اندفعت في بكاء و نحيب يدمي القلوب , نظر إليها (ماكيتو) , ثم نظر نحو جثمان ولده , أمسك خصلة من شعره و جذبها بشدة إليه فانقطعت , أمسك بخصلة الشعر و قال بحرقة و وجهه أحمر و عيناه تدمع و متسعة من الغضب:
- أقسم بك أيتها الخصلة إنني لن أدفنك حتى أدفن معكي من قتل ولدي أو أدفن نفسي مع ولدي !!

************************

- آه ! يبدو إنني قد نمت طويلا , لقد كانت ليلة عصيبة !
قالها (رانمارو) و هو يتثائب , نظر حوله وجد أنه مستلقي على الأريكة , اعتدل في جلسته عليها ببطء و تراخي و يكاد يفتح عينيه بصعوبة من الكسل , نظر نحو الفراش وجد فتاة جالسة تحدق فيه بإمعان , نظر نحوها ببلاهة , بعدها تذكر ما حدث له أمس , فقال بسرعة و اتسعت عيناه :
- هل أنتي بخير ؟! هل أصابكي أي مكروه ؟!
قالها و هم بالقيام فلم يستطع , نظر حول جسده فوجد أنه مربوط بحبل رفيع إلى الأريكة , نظر نحو الفتاة التي قالت و هو تهم أن تغادر الفراش :
- أنت لا تستطيع أن تغادر مكانك حتى تقول لي أين نحن ؟!
قالتها و رفعت عصا (رانمارو) السحرية أمام وجهها تتفقدها , كانت كطفلة وجدت لعبة غريبة , كانت تمسكها بأطراف أصابعها بغرابة شديدة , و تتفحص كل بوصة فيها بعين متسعة , مرة تنظر إليها , و أخرى تشمها , أثار كل هذا حنق (رانمارو) الذي صاح :
- كفي عن اللعب بعصاتي السحرية أيتها الطفلة , هيا أعيديها إلي .
حدقت فيه بغضب و قالت :
- من هي الطفلة ؟! , ألا ترى سيدة أمامك ؟! أنت حقا لا تعرف كيف تعامل الفتيات !!
قالتها و استمرت في فحص عصا (رانمارو) بشغف , كتم (رانمارو) غضبه بصعوبة , نظر إليها ووجهه شديد الاحمرار و قال :
- هل يمكن أيتها السيدة الجميلة أن تعطيـــ ...
- كاي ...!
- طاااااااااخ !
صدر صوت انفجار من العصا ألقى (بهارونا) نحو الخلف و ارتمت العصا في الهواء , وقعت على الأرض متدحرجة بجانب الأريكة , حدق (رانمارو) بغضب شديد إلى عصاته و هي على الأرض , بعدها إلى (هارونا) التي صفقت بيديها فرحا و كأنها فعلت شيئا مثيرا , قالت :
- يا له من شيء جميل , أريد أن أفعلها مرة أخرى !
-كفى , إياك وأن تفعليها و إلا أقسم أن أعلقك من شعرك الطويل هذا في الشرفة طوال الليل!
نظرت (هارونا) إليه ثم إلى شعرها , أمسكت به وحركت يدها فوقه و كأنها تقوم بتسريحه , فقالت :
- حسنا ...
- هل ستتوقفي ؟!!
قالها بسرعة و لهفة , فردت (هارونا) :
- كلا , سأقص شعري !
قالتها و اتجهت بسرعة من فوق الفراش إلى العصا الملقاة على الأرض وسط ذهول (رانمارو) , قبل أن تمسكها صاح فيها (رانمارو) :
- هل من الممكن أن تشرحي لي لماذا تفعلين كل هذه الأمور الغريبة ؟!!
-ببساطة هذه أول مرة في حياتي أقابل فيها ساحر على الحقيقة , لقد سمعت عنكم كثيرا .
قالتها و تركت العصا تسقط على أرضية الحجرة بعد أن التقطتها و كأنها تذكرت شيئا , اتجهت نحو (رانمارو) و هي تحملق في وجهه بغرابة , تراجع (رانمارو) إلى الخلف عندما اقتربت منه , شعر و كأن وجهه يقع تحت عدسة مكبرة , أمسكت (هارونا) بأنفه ثم أذنه , و خبطت علي جبهته وكأن هناك تجويف داخل رأسه تحاول أن تجده , اشتد غضب (رانمارو) في تلك اللحظة و قال لها :
- إذا لم تكفِ عن هذه الأمور الصبيانية فسوف أعلقكِ من قدميكي في الشرفة طوال الليل .
نظرت (هارونا) محدقة به , رمشت مرتين بعينيها المتسعة ناظرة إلى قدميها و قالت :
- أنا لا أقدر أن أقطعها , أليس كذلك ؟!
((- ما هذه الفتاة البلهاء ؟!))
فكر (رانمارو) .
ابتعدت الفتاة عنه , جلست على حافة الفراش و قالت ناظرة نحو الأرض :
- لقد قيل لي أن السحرة وحوش , قتلة , رئوسهم بداخلها أسلحة فتاكة , كما أن العصا التي يحملونها ثعبان مجمد , لا أعرف لماذا , لكني لا أجد ذلك فيك , هل أنت ساحر أم أنت شخص آخر ؟!!
حدق (رانمارو) فيها باستغراب شديد , يبدو أن تلك الفتاة كانت محبوسة مثله و لم تقابل أي فرد خارج عائلتها , هكذا فكر , نظر نحوها بعين العطف , إنها تذكره بنفسه حين قابل (كايتو) ورأى لأول مرة تعويذة سحرية , فابتسم , نظرت إليه (هارونا) باستغراب و قبل أن تقول ما تريد سارعها (رانمارو) بقوله :
- أنا اسمي رانمارو .
قالها و مد يده اليمنى نحوها ليصافحها , نظرت إليه و إلى يده الممتدة لثواني ثم حركت يدها اليمنى لتصافح يده و قالت :
- و أنا ... و أنا ... أنا هارونا .
قالتها و ابتسمت , كانت ابتسامتها طفولية , كانت لا تتعدى من العمر أربعة عشر ربيعا , كانت برائة الأطفال في عينيها و ابتسامتها , نظر نحوها (رانمارو) و قال :
- هل يمكن أن تفكي وثاقي الآن ؟!
نظرت نحوه هارونا و قالت بصوت خفيض :
- أخاف أن تفعل بي تهديدك , و لكني حقا لم أرَ أي ساحر من قبل و كنت أريد أن أتعرف على ما يقوم به , لكنني لم أقصد أن أسبب لك أي ضيق أو ضرر .
- لا , لا تحزني , أنا لن أقوم بأي شيء , أنا كنت مثلك تماما , بل لم أعرف أنني ساحر إلا منذ وقت قريب .
- ماذا ؟!! و لماذا إذن ؟!!
قالتها و هي تضع كفيها على ركبتيها و انحنت نحو الأمام نحو (رانمارو) و عيناها متسعة و تنظر في عينيه بشغف , نظر إليها , ابتسم و قال :
- حسنا , فكي وثاقي أولا ثم أحدثكي في هذا الأمر و تحدثيني أيضا عن نفسك , ما قولك ؟!
- حسنا !
قالتها و صدر صوت طرقعة خفيفة من اصبعي الإبهام و الوسطي بيدها اليمنى , بعدها انفك وثاق (رانمارو) , اعتدل في جلسته , جلست (هارونا) القرفصاء على الفراش ووضعت مرفقيها على ركبتيها و استندت برأسها على راحتي يدها و كأنها تشاهد عرضا في التلفاز , و قالت :
- هيا قص لي ما حدث لك و سأقص لك ما حدث لي .
مكثوا حوالي الأربعة ساعات , كل منهما يقص للآخر قصته , قص (رانمارو) عليها سريعا و بإيجاز شديد قصته من بداية الحادثة الأولى له مع الساحر مرورا بمقابلته (لكايتو) حتى نهايته مع (ياكو) و اختطاف (ساكورا) , في حين قالت له عليىما دار بين أمها و اللورد (ماكيتو) عن زواجها و كيف أنها هربت بالتفصيل , قالت (هارونا) بعد ان انتهت من رواية قصتها :
- أنت إذن من يطلقون عليه المنبوذ ؟! لقد اشتقت للقائك حقا و ها أنا ذا معك في مكان واحد.
نظر إليها (رانمارو) بشيء من الغضب و قال :
- أنا لست بمنبوذ , هذا خطأ , و سأثبت برائتي و سأصححه !
- ولكنك الآن ملقب بهذا , و لن أتراجع عن ندائك بالمنبوذ حتى تثبت برائتك !
قالتها و هي ترجع إلى الوراء لتريح ظهرها على الحائط و تبتسم إغاظة في (رانمارو) الذي اندفع يقول :
- أنا برئ و لا تقولي هذا أمامي !
- حاضر أيها المنبوذ !
- ماذا قلت لك ؟!!
- حسنا لن أقول لك منبوذ أيها المنبوذ !
- هارونا !!
قالها و هو يجز على أسنانه من الغيظ , ابتسمت و هي ترمقه بعينيها , نظرت نحو سماء الغرفة و كأنها تحلم , قالت بهدوء :
- لقد اشتقت إلى أيام المرح و اللعب مع ناجامي , لا أعلم لماذا و لكن ...
اعتدلت في نظرتها لتحدق (برانمارو) و تابعت :
- ولكن يوجد لدي شخص آخر أتسلى معه , إنه أنت أيها المنبوذ .
- هارونا إن لم تصمتي لـ ...
- لـ..ماذا ؟! ماذا ستفعل لي ؟!
قالتها و ابتسمت من الغيظ و الغضب اللذان كانا يملآن وجهه , أدار وجهه إلى الناحية الأخرى و قال :
- لا شيء , أنا لا أستطيع أن أؤذي أي فتاة !
- هذا ما كنت متأكدة منه , فأنت تبدو رجلا شهما أيها المنبوذ !!
- آآآآه , كفي عن هذا الحديث معي .
- ماذا ستفعل إن لم أتوقف ؟!!
- آآآآآآه !!!
استمر الحال هكذا بينهما حتى حلول الظلام , كانت (هارونا) تستمع بإغاظة (رانمارو) , عندما حل الليل , نظر إليها (رانمارو) و قد مل من الشكوى من لقبه البغيض , دخل (ياكو) الغرفة بينهما , لم يكن قد أدرك ما حل بينهما , لكنهما ظلا على حالتهما من الصدام المرح , عندما مل (رانمارو) منها قال لها :
- حسنا ساذهب لأتدرب , هل تريدين أي شيء ؟!
- كم هي محظوظة !!
- ماذا تقصدين ؟!!
قالها و تابع (هارونا) في حركتها و هي تغادر الفراش :
- أقول يا لتلك الفتاة من حظ حتى تجد فتى وسيم يتكبد عناء المخاطر و يعرض حياته للخطر في سبيل ارجاعها سالمة , ليتني أجد واحدا مثلك ... أيها المنبوذ !!
قالت الكلمة الأخيرة و هي تضحك لأنها تعلم رد فعل (رانمارو) المسبق لكنها فوجئت ببرودة رد فعله , فحدقت به في غرابة و قالت و هي تضع راحة يدها اليسرى على جبهته :
- هل أنت مريض عزيزي المنبوذ ؟!!
لم يتغير مزاج (رانمارو) , بل رد عليها قائلا :
- لقد قررت ألا أزعج نفسي مما تقولينه , فبعد كل شيء أنتي تستمعين بكوني أغضب لسماعي تلك الجملة , و أنا لن أعطيكي تلك المتعة مرة أخرى !!
قالها و هو يبتسم ابتسامة صفراء , و ينظر إليها نظرة تشمت , فنظرت نحوه بجدية وقالت:
- لا أهتم لذلك , لكني لن أتوقف عن قول ذلك أيها ا.ل.م.ن.ب.و.ذ..!!!
قالتها و هي تنطق كل حرف و تحدق في وجه (رانمارو) و كأنها ترميه بالحروف , غير (رانمارو) مجرى الحديث بقوله سريعا :
- هل مصاصي الدماء يتدربون مثلنا ؟! لكن أين عصاتك السحرية ؟! لم أرها معكي !
- حسنا , نحن نتدرب مثلكم و لكن لا نملك أي عصا و لهذا ...
قالتها و نظرت إلى أصبعها السبابة الأيمن , فرأى (رانمارو) شيئا غريبا , إن الإظفر الخاص به قد طال إلى الأمام ليصبح طوله حوالي الثلاثون سنتيمتر تقريبا , و كأنه فعلا عصا في يدها , ابتسمت لنظرة الدهشة التي تغرق وجهه , و قالت :
- يبدو أنك تجهل كثيرا عن عالمنا أيها المنبوذ !!
- و أنت كذلك أيتها الهاربة !!
- أنا لست بهاربة , أنا لا أريد أن أقضي بقية حياتي مع شخص أبغضه .
قالتها بصوت عالي , ابتسم (رانمارو) و رد قائلا لها :
- حسنا أيتها الهاربة , إنكي أمامي هاربة , و سأظل أقولها لك , أيتها الهاربة , أيتها الهاربة , الهاربة , الهاربة , الهاربة , ا.ل.ه.ا.ر.ب.ة... !!!
قالها بسرعة و هو ينظر تجاه (هارونا) التي أمسكت نفسها بصعوبة وسط ضحكات (رانمارو) الشديدة , فقالت له:
- حسنا إذن , سأكف عن قول المنبوذ و أنت كف قول الهاربة !!
قالتها و هي تنظر بحزن نحو أرضية الحجرة , كانت كالطفل إذا أخذت منه لعبته المفضلة , فرد عليها (رانمارو) قائلا لها :
- حسنا أنا موافق , فهذا أفضل لنا نحن الاثنين , و الآن هل أبدأ التدريب ؟!
أومأت برأسها في خجل , فقام من على الأريكة , و اتخذ الوضع المميز للتدريب , ثم قال :
-كايتو !
حملق (ياكو) و (هارونا) به , ظل الأول صامتا طوال حديثهما السابق , كل ما كان يفعله هو محاولة منع نفسه من القهقة بصوت عال حتى لا يتوقفوا عن تلك الروح الجميلة
ظهر الضوء المشع الباهر مرة أخرى , أغلق (رانمارو) عينيه و فتحهما ليجد نفسه عند مدخل الكهف .
يتبـــــــــــع ....................

اماريج 01-08-10 07:33 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثاني و العشرون


مشكلة هارونا


تلفت حوله , لم يجد شيئا غير عادي , اتجه نحو المدخل كعادته , لكن صوت ما أوقفه , نظر خلفه حيث مصدره فوجد (هارونا) تقف محملقة فيه صارخة :

- ماذا تفعل هنا ؟!!
قالتها وهي تشير بيدها اليمنى نحو (رانمارو) الذي اكتفى بالإبتسام , كررت (هارونا) سؤالها بغيظ أكبر , فقال لها (رانمارو) مغمضا عينيه , ينظر نحو الأرض و لازالت الإبتسامة لا تفارق شفتيه :
- هذه أول مرة لكي , أليس كذلك ؟!
نظرت نحوه (هارونا) محدقة فيه بحنق و قالت :
- كلا لقد تدربت من قبل مئات المرات !
- لا أعني ذلك .
- إذن ماذا تقصد ؟!
- أقصد أن هذه أول مرة لكي تتدربين فيها مع شخص آخر .
- وهل يفرق الأمر كثيرا ؟!!
- نعم , فعندما تتدربين مع شخص آخر تندمج قواكما الروحية و تتدربان معاَ.
- ماذا؟!! لكنني لم أكن أتدرب في هذا المكان المظلم , لقد كنت أتدرب في مكان أشبه ما يكون بالحديقة .
ابتسم (رانمارو) أكثر حتى ظهرت نواجزه و تمتم بما لم تسمعه (هارونا) جيدا :
- يالك من طيبة القلب و رقيقة ..
صرخت (هارونا) بحنق أكبر في (رانمارو) :
-ماذا تقول ؟!
فأسرع قائلا :
-كلا لم أقل شيئا , و لكن أين ذهب ياكو ؟!
قالت وهي تبتسم ابتسامة ماكرة :
-لقد خرج من الغرفة نحو الطابق السفلي فقررت أن أتدرب أنا الأخرى !
نظر نحوها ثم قال :
-حسنا , فليكن , و الآن ...
قالها و اتجه نحو مدخل الكهف و نظر للخلف نحو (هارونا) و قال :
- هذا هو كهف تدريبي , ذلك لأنني أقوى منكي في الطاقة الروحية ..
قالها بسرعة و بصوت مرتفع و ذلك لأنه كان متأكد من أن (هارونا) سوف تعترض عليه , و قد كان , دخل رانمارو الي داخل الكهف بسرعة دون أن ينطق بأي كلمة , نظرت نحوه (هارونا) بحنق , و قالت :
- أف , حسنا إذن .
دخلت بحنق إلى داخل الكهف , عندما أصبحت بداخله نظرت بكل دهشة و عيناها متسعتين , أدارت رأسها في المكان كله لبرهة , ثم نظرت إلى (رانمارو) , و قالت و هى تشير إليه بيدها اليسرى :
- إنه كهف واسع و كبير جدا لا يبدو ذلك من منظره الخارجي .
لم يتكلم معها (رانمارو) , كان ينظر نحو وحشها , كان دبا كبيرا أزرق العينين , لكن ...
- ماذا يحدث لوحشك ؟!
نظرت (هارونا) إليه كالبلهاء , ثم تناقلت بصرها بين وحشها و (رانمارو) , قالت و هي لا تزال بنفس النظرة :
- لا أعلم ما الذي تتحدث عنه ؟!!
أشار (رانمارو) نحو الوحش و قال لها :
- إنه لا يحتمل طاقة وحشي الروحية , إنه لشيء غريب , ألا تري كيف ...
بتر عبارته حيث وجد (هارونا) فقدت وعيها فجأة بجانبه , تسقط على الأرض على ظهرها , أسرع بمد يده ليمسكها قبل أن تصل إلى الأرض , استطاع أن يدركها قبل سنتيمترات معدودة من الأرض .
- هارونا ... ظلي معي ... هيا أفيقي ... هيــ ...
- لا يمكن أن تفعل لها شيئا هنا !
نظر (رانمارو) نحو محدثه , فوجده وحش (هارونا) و هو لازال يضع يديه الاثنتين أمام وجهه و صدره حتى يقي نفسه من طاقة وحش (رانمارو) , ارتعش (رانمارو) و هو لا يدرك مغزى ما قاله للتو وحش (هارونا) , فتابع:
- انظر بني , إنني لا أحتمل قوة وحشك , ليس لضعفي و لكن لوجود شيء أزال قوتي عني و امتصها بعيدا , بالتالي لا أحتمل قوة وحشك , و كذلك الأمر مع هارونا , إنها لن تستطيع أن تتدرب معك إلا إذا وجدت حلا لتلك العقبة.
نظر نحوه (رانمارو) في فزع , عندما هم بقول شيء ما صرخ فيه الوحش قائلا :
- ألا تدرك الأمر بعد , إنها تحتضر و هي هنا , أسرع بالخروج الآن !!
لم يدرك (رانمارو) ما كان يفعله سوى أنه كان يطوي الأرض بساقيه , كان يحمل (هارونا) بين ذراعيه , أصبح وجهها الآن أزرقا , ازدادت قوة ضربات قلب (رانمارو) حتى أنه أحس بها , اقترب من المدخل , قفز إليه ليتجاوزه , لكن ...
- آآآآآه !!!
صرخ (رانمارو) عند اصطدامه بحاجز خفي يسد المدخل , ارتد (رانمارو) و (هارونا) إلى الخلف لمترات معدودة , توقف بعدها (رانمارو) و هو يلهث , كان يحدق بالمدخل , أصبح ذلك المدخل مملوء بلون أسود خفيف , كان يتحرك اللون بسرعة و كأنه موج بحر , عندها ارتطمت (هارونا) بقدمه اليسرى , نظر إليها (رانمارو) في إلتياع , فلقد تحول لونها إلى الرمادي , التفت (رانمارو) للخلف نحو وحشه و صرخ فيه :
- ماذا حدث ؟!! لماذا لا أستطيع الخروج من كهفي !!
نظر إليه التنين و نفخ كرة صغيرة من النار من الغيظ و قال :
- إن المدخل محمي بتعويذة قوية , تعويذة تجعل من يدخل لا يستطيع الخروج .
- و ما العمل ؟!!
صرخ (رانمارو) , فتابع الوحش :
- لا يوجد للأسف ما تفعله , لا يمكن أن ينتهي تأثير هذه التعويذة سوى بشخص من الخارج !
- لكنها ستموت بعد دقيقة !!
قالها وحش (هارونا) بحزن شديد , نظر (رانمارو) تجاهه هو و التنين , لم يكن يعرف ماذا بمكن أن يفعله , نظر نحو (هارونا) الممددة بجانبه , مال بجسمه نحوها , أمسك بكتفيها وحملها ووضع رأسها على فخذيه , مسح بيده برفق و حنان على شعرها , تذكر كلماتها : ((أيها المنبوذ ... أنا لست بهاربة ))
وسط صوت ضحكاتها يتردد في أذنيه بقوة , اندفعت الدموع من عينيه كسيل منهمر , احتضنها بقوة و هو يقول :
- أنا آسف , أنا لست قويا إلى الدرجة التي تؤهلني لحمايتك , لا أعلم ماذا أفعل !!
- راااانماااارووو , ماذا تفعلان من غيري ؟!
دوي هذا الصوت المميز في أرجاء الكهف كله , نظر (رانمارو) نحو (ياكو) , أحس أن الثواني صارت ساعات طويلة , كان أمامه (ياكو) يكاد يرفع قدمه اليسرى للدخول إلى الكهف ...
- كلاااااااااااااااااا !!!
صرخ (رانمارو) بكل قوته , صرخ بأعلى صوته , صرخ إلى الدرجة التي توقفت فيها قدم (ياكو) في منتصف طريقها في الهواء , فقد (ياكو) إتزانه , لوح بيديه الاثنتين في الهواء محاولا ضبط إتزانه , كان يبدو أنه سيسقط إلى داخل الكهف ...
- هيا اسرع رانمارو و اعبر الكهف و ياكو عند مدخله , هيا !
انتفض (رانمارو) مستفيقا من قول النسر , لم يضع ثانية بعدها , وقف و حمل (هارونا) بين ذراعيه و تحرك , لم يعلم كيف و لكنه كان يتحرك بسرعة شديدة , أصبح جسد (ياكو) الآن مائلا للأمام , اخترق (ياكو) مدخل الكهف برأسه , كان يهوي للأمام , لم يستطع ضبط إتزانه أكثر من هذا , كان (رانمارو) على بعد خمسة أمتار عندما وقف , ركض (رانمارو) خطوتين , أحس و كأنه لا يوجد بالكهف , أحس و كأن الدنيا تظلم أمامه , لم يوجد في العالم سواه و (هارونا) بين يديه , و (ياكو) الذي يميل نحو الأمام , أصبح (ياكو) الآن داخل الكهف برأسه في حين أن صدره يقطع المدخل , أصبح (رانمارو) على بعد ثلاثة أمتار , أغمض عينيه , و صرخ , و قفز بكل قوته , تخطي صدر (ياكو) الآن المدخل , قفزت قدماه لا إراديا حتى يقي جسمه من آثار السقوط , لم يكن (رانمارو) سوى على بعد متر و نصف الآن , أصبحت ساقي (ياكو) مستعدة لتعبر مدخل الكهف , لم يبلغ (رانمارو) المدخل بعد , وصل أيضا إلى الأرض في نفس اللحظة منهيا قفزته القصيرة تحت تأثير وزن (هارونا) الزائد على ساقيه , لوهلة نظر تجاه (ياكو) , كان الآن قد دخل الكهف إلا من ساقيه , لم يعرف (رانمارو) ماذا يفعل , لم تكن هناك سوى مسافة نصف متر تفصله عن المدخل , و لكن يالها من مسافة طويلة مقارنة بالوقت القصير الذي يملكه , لم يعرف ماذا يفعل , شعر أنه لن يفعلها , نظر تجاه (هارونا) , أحس أن الوقت يمشي ببطء , وجد أن لونها قد اتجه إلى السواد , تغيرت حالته , اتسعت عيناه من الاصرار , و صرخ :
- كلاااااااااااااا , لن أسمح بحدوث ذلك .
قالها و قفز ...

**************************


خيم ظلام دامس على القلعة العتيقة بمنطقة نائية في احدى الغابات المحيطة (بطوكيو) , لم يكن فقط ذاك اللظلام خارجها , بل اكتنفت أرجاؤها ظلمه و وحشة , من بين طرقاتها , إلى حجراتها , و كذلك سجونها و دهاليزها , لكن ...

- لم هذا الاجتماع المفاجئ لورد ماكيتو ؟!!
قالتها إمرأة ترتدي فستانا أحمرا أنيقا , تراجعت في بطء و دلال على المقعد الفخم العتيق , قال لها اللورد (ماكيتو) :
- ألا تريدين أن تبدي قليلا من الحزن نحو وفاة ابنى؟!
قالها و ضاقت عيناه , ردت عليه السيدة بضحكة قصيرة و قالت له :
- لا يساوى عندى قدر بعوضة هذا المعتوه.
- ماذا ؟!!!
قالها و اندفع نحوها , كان الغضب يملؤه , رفع قدمه ليوجه لها ضربة في وجهها لكنها تفادتها بقفزة رشيقة على مقعدها , تابعت حركتها الرشيقة بالقفز مستندة على كتفي (ماكيتو) لتقفز خلفه في مرونة واضحة , عندما استقرت على الأرض لفت ذراعها حول عنقه و قالت :
- إذا أردت القتال فلا بأس , أنا أشعر بالملل منذ فترة طويلة و لا مانع عندي من تجديد النشاط !!
ثم أطبقت أكثر على عنقه حتى أحمر وجهه بشدة و هو يعافر بكل قوته قدر المستطاع ليفك قيود يدها حول عنقه لكن دون أي تأثير , أكملت و هي تبتسم :
-و إذا أردت فمن الممكن أن ألحقك بابنك مادمت تحبه إلى تلك الدرجة !
حينها صدر صوت ثالث :
- هلا تستريحا و ليهدئ كل منكم نفسه حتى نتناقش بصورة أكثر عقلانية ؟!!
نظرت السيدة نحو رجل جاء من وسط الظلام , ضاقت عيناها من الغضب و تمتمت :
- اللعنة !!
- لماذا هذه النظرة الحزينة الغاضبة عزيزتي؟! إنها تنبعث منكي لتملأ المكان ظلمة أكثر , هلا تركتي اللورد و جلستي مكانك سيدتي ؟!!
قالها و انحنى بصورة مسرحية أمامها , كتمت السيدة ما كانت تريد أن تقوله , أرخت ذراعها , ثم اتجهت لتجلس في مكانها , سقط (ماكيتو) على الأرض جاثيا بركبتيه و هو يمسك حلقه بقبضتيه و كأنه يريد أن يوسع مجرى الهواء بيديه , وسط سيل من الكح المتواصل , توقفت بعد لحظات من بدايتها , فأصبح صوت تنفسه عاليا قليلا , يبدو و كأنه كان يجري ماراثون طويل , نهض بصعوبة , و هو يترنح , التفت نحو السيدة , حدق فيها بكراهية فقالت :
- أرجو ألا تكرهني لما فعلته , فأنت كما تعلم لا أحب الفاشلين .
أمسك اللورد نفسه بصعوبه رغم سوء حالته , اتجه نحو مقعده بترنح حتى وصل إليه , ارتمى جالسا فوقه كأنه فراش يرتاح فيه , نظر الرجل الوافد نحو (ماكيتو) ثم نحو السيدة و قال وهو يجلس على مقعد ثالث :
- و الآن , هل نبدأ الإجتماع , ماذا ستفعل أيها اللورد مع الذي قتل ابنك ؟! هل عرفت من هو ؟!
نظر اللورد إلى محدثه و هو لازال يعاني أثار الاختناق , فقال بصعوبة و ببطء بصوت لا يخلو من الحشرجة :
- نعم , لقد تأكدت منه , لا يوجد من يستطيع أن يستخدم طاقة روحية نارية مثل تلك سوى شخص واحد , إنه رانمارو.
هدأ جو الغرفة كالجو خارجها , حدق الرجل (بماكيتو) , ثم قال بهدوء و بصوت صارم و جدي للغاية :
- هل أنت متأكد مما تقول ؟!!
- نعم , لقد قال و أكد لنا تلك المعلومة قائد فريق التحقيقات لدي , و هو من أكفأ الرجال في مجاله !!
- أف !
قالتها السيدة بملل , فالتفت نحوها (ماكيتو) و قال لها :
- ماذا هناك الآن ؟!!
نظرت نحوه السيدة و على شفتيها ابتسامة مكر و سخرية , قالت بصوت يملؤه الاستهزاء :
- نعم أنت لديك أفضل رجالك في هذا المجال , و لكنه ليس أفضل شخص فيه .
- هل تعنين إيكويا ؟!
قالها الرجل بهدوء أيضا محدقا بالسيدة , فتابعت :
- نعم , إنها أفضل شخص على الإطلاق في هذا المجال .
حك الرجل الغريب ذقنه بيده و هو يمعن في التفكير , نظر إليه الآخران بإهتمام و بإنصات شديد , رفع رأسه و قال :
- هل تريدين التأكد من أنها قد وصلت متأخرة فعلا ؟!
ابتسمت السيدة و قالت :
- هذا أقل ما هو متوقع من رئيس رايدو ناكاما , نعم هو كذلك.
نظر إليها الرجل و ابتسم , قال :
- لا يمكنني أن أجزم حتى و إن فعلت الصواب أنها لا تضمر شرا , فمن الممكن أن تتذاكى و هي أكثر الناس معرفة بكي..
مالت السيدة بجسمها للأمام قليلا على مقعدها الفخم و قالت :
- لا أهتم لذلك الاحتمال الضئيل , لكني أريد أن أقلل إختياراتي في شكي معها .
نظر الغريب تجاه (ماكيتو) و قال له :
- هل تعارض أن تحقق إيكويا معك في هذه الحادثة !
صمت اللورد قليلا , كان يفكر في المخاطر و الفوائد من وجود (إيكويا) معه , صمت لبرهة , ثم قال بعدها :
- لا أعارض وجودها بل أرحب به .
جال الغريب بنظره بينهما ثم قال :
-حسنا , لقد سوي الأمر إذن , هيا غادرا المكان حتى أستدعيكما مرة أخرى !
نظرا نحوه , كانا في الواقع يبغضانه , لكنهما حتى تلك اللحظة لا يعرفان عنه شيئا , لهذا فقد قررا مجاراته حتى يدركا شخصيته بعدها يقررا هل يتبعانه أم يجعلانه يغادر هذه الدنيا إلى الأبد , قاما و غادرا المكان في لحظات , أما هو أخذ يفكر فيم اقاله اللورد من قليل ...
((-رانمارو فعل ذلك ... يبدو أنك تفوق توقعاتي أيها العنيد , هذا جيد لك و لي و للجميع عزيزي , هيا واصل تقدمك و تحطيمك للذي أتوقعه لك حتى تدمر نفسك بنفسك عزيزي !!)) ترددت هذه الكلمات الشيطانية في عقله , فأخذ يضحك عليه ضحكات عالية , تردد صداها في أنحاء هذه القلعة , في دهايزها , في حجراتها , طارت أسراب من الخفافيش التي تسكن القلعة , حملقت عينان خضراوان وسط ظلام المكان الذي لا ينيره سوى بعض شعلات نارية خفيفة , تمتم الشخص المقيد بسلاسل نحو الجدار فور سماعه ضحكة هذا الشيطان :
-هل انعقد مجلس الشر مرة أخرى ؟ إلى متى سيظلون مسيطرين على العالم ؟! ألا يوجد من يستطع الوقوف في وجههم ؟!
ظل الشخص يتسائل دون أن يجد أجوبة , و دون أن يدرك شخص آخر بوجود من يتسائل هذه الأسئلة..


يتبــــــــــــــــــــــع...........

اماريج 01-08-10 07:34 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثالث و العشرون


لحظات عصيبة...... ساكورا ...أم....هارونا ؟!!!


أصبحت ساق (ياكو) على مقربة من عبور حافة الدخول إلى داخل الكهف , أما (رانمارو) فقد صار على بعد نصف متر فقط من الخروج , كان الموقف عصيبا , لكن ...

- توقف ياكو !
صرخ (رانمارو) و هو في وسط قفزته الثانية , فعل شيئا عجيبا ً , أشار بيده نحو (ياكو) , اندفعت طاقته الروحية نحو الأخير و أحاطت به و هو في الهواء و أمسكته , صرخ (ياكو) من الألم الرهيب , لكنه توقف فعلا و كأنه لا يهتم بالجاذبية على الإطلاق , في اللحظة التالية كان (رانمارو) قد اجتاز المدخل فعلا , اختفت بعدها الطاقة الروحية و تابع (ياكو) اندفاعه نحو الأمام مكملا رحلة قفزته , صدر صوتين متتاليين , الأول عن ارتطام جسد (رانمارو) بالأرض و تدحرج (هارونا) من يده عليها , و الثاني صوت إرتطام جسد (ياكو) بأرض الكهف و تدحرجه هو الآخر , وقف (ياكو) و الغبار يملأ كل بوصة من جسمه حانقا , التفت ناظرا في المكان الذي يقف فيه (رانمارو) و صرخ مهددا بقبضة يده اليمنى ملوحا بها في الهواء :
- أريد تفسيرا لما حد ...
لم يكمل , فهناك , و في مدخل الكهف , لا يوجد شيء , كان هو وحيداً فقط هنا , اندفع بسرعة عابرا المدخل للخارج , و منها إلى العالم الخارجي.
- هل من الممكن أن تشرح لي ما حدث ؟!!
قالها (ياكو) و هو يلهث مستندا بيديه على ركبتيه من التعب و كأنه كان يجري بشدة , نظر نحوه (رانمارو) و هو يضع (هارونا) في الفراش و يغطيها جيدا ً , رد قائلا :
- هناك من فعل شيئا بطاقة هارونا الروحية !
- ماذا ؟!!
صاح (ياكو) من الدهشة و هو غير مصدق , نظر إليه (رانمارو) ثم التفت لينظر نحو (هارونا) الراقدة فاقدة للوعي , أمسك يديها بيديه و قال بحزن :
- لا أعلم كيف أو ماذا حدث , لكن هارونا و وحشها لم يستحملا قوتي الروحية , و كادت أن تموت , بل إن هناك تعويذة تُفعل فقط إذا شاركت أي فرد في التدريب ...
قالها و التفت إلى (ياكو) و أكمل و على وجهه نظرة حزن شديدة :
- عندها لا يمكنها أن تخرج هي و الذي معها , و تظل محبوسة تعاني من تأثير الطاقة الروحية حتي ...
نظر إليه (ياكو) بصمت و على وجهه أمارات الحزن و الأسى ...
- تمــــوت !
انتفض (ياكو) من الفزع بعد قول (رانمارو) الأخير , نظر تجاه (هارونا) , و قال كأنه مأخوذ بما حدث :
- تمو...تموت ؟!!
قالها مستفسرا بحزن شديد و هو ينظر نحو (رانمارو) بعين متسعة , حدق فيه (رانمارو) للحظات ثم نظر إلى الأرض و تابع :
- نعم , و كان الحل الوحيد هو أن يأتي شخص من الخارج و يقف في مدخل الكهف حتى يبطل مفعول تلك التعويذة , و قد كنت أنت ... ياكو ...
قالها (رانمارو) ناظرا إليه , التفت إليه (ياكو) و تابع (رانمارو) :
- إنني آسف على ما قد حدث , لم أكن أقصد إلحاق أي ضرر بك أخي , لكن ...
- لا تكمل , المهم أن هارونا الآن بسلام .
قالها و ارتسمت على شفتيه شبح إبتسامة خفيفة وهو ينظر تجاه (هارونا) الراقدة بسلام و سكينة على الفراش , قال له (رانمارو) و هو يتحرك تجاه منتصف الغرفة و يتخذ وضع التدريب :
- هيا ياكو لابد و أن أعرف ماذا ينبغي أن نفعله من أجل هارونا , هل ستأتي ؟!
- نعم , أريد أن أفهم مثلك السبب , فلا حاجة لي للبقاء معها هنا وقد اطمئننا عليها , هيا بنا !
قالها و اتخذ وضع التدريب المميز مع (رانمارو) , دخلا إلى عالم التدريب ..
نظر (رانمارو) نحو (ياكو) عند مدخل الكهف و قال له :
- إنتظر هنا حتي أدخل أنا , فإذا كانت التعويذة موجودة فستظل هنا حتى تساعدني على الخروج.
- حسناً !
قالها (ياكو) إلى (رانمارو) , فتحرك الأخير نحو مدخل الكهف , و دخله , ثم التفت ليخرج , نظر (ياكو) بترقب شديد نحو (رانمارو) الذي كان يتصبب عرقا خوفا من وجود التعويذة على مدخل كهفه و بالتالي لا يمكن له التدريب بسهولة , أصبح الآن عند مدخل كهفه , رفع قدمه اليمنى عن الأرض , حدق بالحد الوهمي الذي يفصل الكهف عن خارجه , تحركت قدمه ببطء نحو الخارج , نظر (ياكو) و (رانمارو) إلى قدم الأخير اليمنى , قد أصبحت الآن قاطعة مدخل الكهف بالضبط , حرك (رانمارو) قدمه نحو الأمام بقوة وهو يغمض عينيه كأنه يستعد لحدوث شيء مؤلم , فلم يقف شيئا في طريقها و اندفعت نحو الأمام , فمال جسده معها فسقط على الأرض و تدحرج مرتين ثم توقف , فنهض و هو ينفض الغبار عن ملابسه و هو يقول مبتسما :
- حسنا لا توجد هذه التعويذة هنا , فهيا بنا لنر ما علاقتها بهارونا .
قالها و اتجه بصحبة (ياكو) نحو الكهف , ثم وقفا أمام الوحشين , انحنى (رانمارو) أمامها و معه (ياكو) و قال :
- مرحبا بسيداي , كيف حالكما ؟!!
- نحن على ما يرام رانمارو .
هكذا رد التنين , رفع كل منهما رأسه و نظرا نحو الوحشين , ثم تكلم (رانمارو) :
- أريد أن أتحدث معكما عما حدث اليوم , مع هارونا أقصد.
- انظر رانمارو ...
هكذا قال التنين فنظر إليه (رانمارو) و (ياكو) , فتابع :
- هذه الفتاة قد تعرضت لتعويذة حرمان من قوة وحشها , و هذا ما كانت نتيجته ضعف وحشها , كان ضعيفا إلى الدرجة التي لا تمكنه من تحمل قوتي الروحية , مع العلم أنني أعرف هذا الوحش جيداً , إنه يصنف من فئة أقوى الوحوش , و بالتالي قوته هذه ليست قوته الأصلية .
- لكن من الذي سيفعل ذلك ؟!! و ما هي الفائدجة التي سيجنيها من جراء ذلك ؟!!
صرخ (ياكو) نحو التنين , نظر إليه التنين و قال له :
- لا تصرخ فى هكذا , أنا لست وحشك , تعلم الإحترام أيها الصغير .
قالها و تلون جسده بالأحمر , اندفع (رانمارو) و انحنى و أحنى (ياكو) بيده اليسرى , و قال:
- أرجو المعذرة سيدي فنحن تحت ضغط عصبي شديد , أرجو أن تسامحه !
نظر (ياكو) و هو منحني بيد (رانمارو) إليه , فابتسم ثم قال :
- أرجو أن تسامحني سيدي , فأنا اندفعت من غضبي لمن فعل تلك الفعلة الشنعاء .
- حسنا , أنا أقدر ظروف كل منكما و لكن أرجو ألا تتعدى حدودك المرة القادمة و إلا سأضطر إلى معاقبتك , هل فهمت ؟!
- نعم سيدي فهمت !!
رفع كل منهما رأسه و نظر نحو التنين الذي تابع :
- إجابة على تساؤلك , الذي قد فعل ذلك كان يخطط منذ البداية بالتدريب معها , فعندما يفعل يفعل تكون أسيرة للتعويذة , و بالتالي سوف تموت .
- ولكن ما مصلحته من فعل هذا ؟!!
سأل (رانمارو) الوحش بهدوء , حيث كان لا يريد إثارة حفيظته , نظر الوحش نحوه مستغربا من لهجة (رانمارو) الهادئة و ابتسم قائلا :
- يبدو أنه كان لابد من معاقبة ياكو منذ البداية حتى تتعظ أنت , هاهاهاها , فلنعد إلى موضوعنا , انظرا , من فعل ذلك كان يخطط لمشاركة تلك الفتاة قوتها الروحية ووحشها .
حدق (رانمارو) و (ياكو) برعب نحو التنين , كانا لا يصدقان ما سمعاه للتو , من كان يفعل ذلك ؟!!
- لكن , لم يخطط ذاك الشخص في أن يتم إبطال مفعول التعويذة من الخارج بشخص ثالث , أو أنها تتدرب مع شخص آخر غيره.
قال (رانمارو) ذلك وهو لا يزال في حالة الدهشة , فرد عليه التنين بحزن قائلا :
- لا رانمارو , لقد خطط لذلك أيضا ً , لهذا فإنه أضاف جزء للتعويذة بجعل هارونا حتى إذا تم إنقاذها فإنها ستموت بعد خروجها من هنا بيومين بالضبط !!
هذه المرة كانت الصدمة أكبر , اندفع جسد كل منهما منتفضا إلى الخلف بعنف , حدق (رانمارو) إلى (ياكو) الذي صرخ :
- هاااااااارووووناااااااا !!!
اندفع (ياكو) يجري بسرعة نحو المخرج , عندما هم (رانمارو) باللحاق به سمع صوت النسر ينبهه فوقف ناظرا إليه فقال :
- رانمارو , هناك وسيلة ليتم إنقاذ الفتاة تلك , و لكنها صعبة .
صرخ (رانمارو) مجيبا :
- لا يهمني , قل لي سيدي ما هي و سأفعلها .
قال التنين :
- حسنا , هذه التعويذة حتى تتم يجب لصق ورقة عليها كتابات التعويذة على ساق الشجرة الرئيسية للعائلة .
حملق (رانمارو) فيهما بتعجب و تمتم :
- و هذا يعني أننا يجب أن نذهب نحو الشجرة المقدسة لعائلتها و نزع تلك الورقة .
- الأمر ليس بتلك البساطة .
هكذا قال النسر , ثم تابع التنين قائلا :
- أنت تعرف أن من أهم أسرار أي عائلة هي الشجرة المقدسة , هذا بالإضافة إلى أن الشخص الذي قد وضع الورقة لن يسمح لك بذلك .
نظر (رانمارو) إليه ثم قال :
- لكن هل يمكن أن أجد الشجرة تلك بدون مساعدة عائلتها .
نظر التنين نحو النسر الذي رد قائلا :
- حسنا رانمارو , أنا لست جيدا بما فيه الكفاية في فن إقتفاء الأثر ذاك , هناك من هو متخصص عني فيه , لكن نظرا للظروف فأنا أفضل ما لديك .
نظر نحوه (رانمارو) و هو يشير برأسه إشارة مغزاها أن يكمل , فتابع :
- أنت تحتاج فقط إلى خصلة شعر من الفتاة , ثم بعدها ستقوم بعمل تعويذة تستحضرني فيها و لكن بصورة مصغرة , و يفضل أن يقوم ياكو بذلك حتى لا تستهلك قوتك الروحية كلها , كما إنني أعلم أن أضعف صورة لك سوف تكون أكبر مما نحتاج بكثير , سوف أطير آخذًا الشعرة داخل جسمي و أجعلها كبوصلة , ستشير نحو المكان الموجود به أكبر كمية من الطاقة الروحية الخاصة بوحش الفتاة و هي بالتالي ستكون طاقة الشجرة بالتأكيد , عندها سأرجع إليكما و أدلكما على الطريق , وبعدها افعل ما تريد .
نظر (رانمارو) نحو النسر و قال له :
- لكن هل يعلم ياكو تعويذة استحضارك ؟!
قال النسر بأسى :
- كلا للأسف , و لهذا عليك بإحضاره لي كي أدربه عليها .
- حسنا .
استدار (رانمارو) ليهم بالمغادرة , فاستوقفه التنين ثانية قائلا له :
- رانمارو ,ربما تحتاج الفتاة لدم , اجعل ياكو يعطيها من دمه .
- ماذا ؟!!
صاح (رانمارو) مستنكرا للوحش , و تابع :
- من الذي سيعطيها دم , لا يمكن , هل تريد أن يكون ياكو مصاص دماء هو الآخر ؟!!
ابتسم الوحشان و نظرا لبعضهما البعض , ثم تكلم وحش (ياكو9) و قال :
- لا , أنت فهمت المعلومة خطأ , لكي يصبح الفرد مصاص دماء لابد و أن يشرب من دم مصاص دماء آخر , أما إذا امتص مصاص دماء دم من أي شخص فإنه لا يسبب له شيئا سوى بعض من فقدان الذاكرة للأحداث الحديثة و التي سيكون منها مقابلته لمصاص دماء , و بالتالي سينسى أنه قد قابل مصاص دماء , و هذا بسبب نوع من السموم موجود بناب مصاص الدماء !
نظر (رانمارو) اليهما , ثم قال مترددا :
- هل تعني أنه إذا امتصت تلك الفتاة من ياكو دما فإنها لن تحوله إلى مصاص دماء ؟!!
- كلا على الإطلاق , لن تقوم بفعل أي شيء له سوى أنه سينسى أنها قد امتصت دمائه !
نظر (رانمارو) نحوهما ثم التفت ليغادر نحو الخارج , قال و هو في الطريق :
- حسنا , سأقنع ياكو , و بعدها سأجعله يحضر إليكما هنا ليتدرب .
قالها و وصل إلى المخرج و تجاوزه ,غاب عن نظريهما متجها إلى عالمه البشري , نظر النسر نحو التنين و قال له :
- هل تعتقد أن رانمارو سيقدر على فعلها ؟!!
صمت التنين و لم يجب , كانت صورتهما قد أصبحت تتلاشى , استمر النسر بالنظر نحو التنين الذي كان لا ينظر سوى نحو مكان (رانمارو) قبل اختفائه عند المخرج , عندما أوشك جسده أن يختفي تماما قال :
- نعم , سيفعلها !
قالها بارتياح و هو مبتسما , ابتسم النسر كذلك , ثم اختفى كل شيء .
- ياكو ... هل لي بدقيقة معك ؟!
قالها (رانمارو) نحو (ياكو) , رفع (ياكو) رأسه من فوق يد (هارونا) ناظرا نحو (رانمارو) و عينيه تغرق في بحر من الدموع الحارة , قال له :
- ماذا تريد مني يا أخي ؟!
قالها و هو ينشج من شدة البكاء , ابتسم (رانمارو) إليه , فكر (رانمارو) :
((- ياكو طيب القلب , لكني كيف سأخبره بموضوع امتصاص دمائه هذا , أنا لا أعرف و لكني يجب أن أخبره !! ))
- تعالَ هنا لدقيقة , هيا قم , تشجع و تفائل فهناك وسيلة لإنقاذها .
من كان ينظر للتغير المفاجئ (لياكو) في تلك اللحظة لأجزم أنه كمن وجد ماء كي يشربه طفله الرضيع بعد ضياع في الصحراء لمدة ثلاثة أيام على الأقل , لم تكن فرحة لسبب شخصي , هذا ما جعل (رانمارو) يبتسم أكثر عندما هب (ياكو) قافزا من مكانه و ركضه نحو (رانمارو) قائلا له :
- ماذا يجب أن نفعله , أنا مستعد لفعل أي شيء لها !
ترقبه (رانمارو) للحظات معدودة و لازالت الابتسامة تأبى أن تفارق شفتيه , ثم تبدل حاله إلى شيء من الأسى عندما تذكر كيف سيخبره بموضوع امتصاص الدماء ذاك , نظر إليه (ياكو) و اندفع متسائلا بصوت عال ِ :
- ماذا هناك ؟ كيف سننقذها ؟!!
- تعال نجلس على هذه الأريكة أولا يا أخي .
قالها (رانمارو) و التفت نحو الأريكة الموضوعة بجوار الحائط المواجه للفراش , وضع يده اليمنى ملتفة حول كتف (ياكو) في حنان , أخذه رغم صدور نبرات اعتراض من الأخير عن هذا الموقف الغريب , فلماذا في هذا الوقت العصيب و بدلا من الحديث عن كيفية انقاذها سيجلسون على الأريكة؟!! لم يملك (ياكو) بدًا من متابعة أخيه و الجلوس على الأريكة بجواره , ثم قال له بعد جلوسهما :
- حسنًا , لقد فعلت ما تريده و الآن هل من الممكن أن تشرح لي كيف سننقذها ؟!!
نظر إليه (رانمارو) بنفس نظرة الأسى السابقة ثم أرخي يديه من على كتف أخيه , انحنى بجسمه للأمام و استند بمرفقيه على ركبتيه , ثم أشبك يديه أمام وجهه و نفخ فيهما بأسى و حزن قائلا بعدها :
- ياكو , أخي , أريد أولا و قبل أي شيء أن أسألك , هل الجماعة التي اختطفت ساكورا , هل تلتزم بما قاله قائدها أم إذا نجحت في الفوز على قائدهم أخلوا بالإتفاق ؟!
نظر (ياكو) إليه , لم تمر في رأسه فكرة واحدة عن (ساكورا) , لقد نسى تحت وطأة هذا الاحتلال موضوع (ساكورا) , لكن كيف سينقذ (هارونا) , كان عليه أولا أن يتخلص من وطأة الاحتلال البغيض ذاك كما تخلص منه (رانمارو) من قبله , نظر نحو (رانمارو) و قال:
- للأسف أخي , فالسارق لا يعيد شيئا سرقه , كما أنه لا توجد كرامة أو شرف لأي سارق , فإذا استطعت التغلب على قائدهم , استغلوا فرصة ضعفك بعد القتال و استكانتك بعد الفوز و هجموا عليك ليستريحوا من عدو قوي ربما لن يستطيعوا مواجهته في المستقبل !!
تفاجأ (ياكو) من عدم تغير حالة (رانمارو) الذي قال بصوت خفيض حزين :
- كما توقعت تماما !!
قالها و عاد إلى الوراء ليريح ظهره على الأريكة , ثم نظر تجاه أخاه و قال :
- الوضع الآن هو كالتالي : ساكورا مخطوفة من قبل سارقين لن يلتزمون بعهدهم معنا غدا , و هارونا ستموت بعد غد ليلا , هذا يعني أنه توجد مسافة يوم تقريبا بين قتال ساكورا و موعد موت هارونا .
نظر( ياكو) إليه و لم ينطق , لقد أراد معرفة ما يفكر فيه (رانمارو) , تابع الأخير قوله :
- بما يخص موضوع هارونا , فهناك طريقة واحدة لانقاذ حياتها , و هي أن نذهب و ننزع التعويذة الموضوعة على شجرة عائلتها الروحية !!
حملق (ياكو) (برانمارو) و ضحك , ثم قال :
- أنت تمزح , أليس كذلك ؟!!
- كلا !
قالها (رانمارو) بصرامة جعلت (ياكو) يتوقف عن الضحك و يتأكد أن الموضوع جدي و أن هذا الاقتراح هو الحل الوحيد المتاح أمامهم .
- هل تريد أن تخبرني أننا يجب أن نذهب إلى المقر السري للأسرة و نحارب أعضائها و نزيل التعويذة من على شجرة عائلتهم المقدسة هكذا و بكل بساطة , هل تعرف ما معنى أن يرى شخص غريب الشجرة الروحية الخاصة بالعائلة ؟!! هل تدرك مدى الخطر الذي يحيق بمن يعرف المقر الرئيسي ؟!! يعرف مكانه فقط و ليس يذهب لزيارته , أتدرك خطورة ما تقول ؟!!
نظر (ياكو) بعينان متستعتين غير مصدق لفكرة (رانمارو) المجنونة , فقال الأخير :
- للأسف أدرك ما معناه , و للأسف لا توجد وسيلة أخرى أمامنا سوى تلك .
صمتا لبرهة , نظر (ياكو) إليه ثم نقل بصره نحو (هارونا) , وجد لونها قد اصفر , أغلق عينيه و نفخ قائلا :
- آه يا ربي , هل حقا لا توجد وسيلة أخرى أمامنا ؟!
- كلا للأسف الشديد , كما يجب أن يحدث كل هذا خلال اليومين القادمين و إلا ماتت و سيضيع مجهودنا هباءا .
- و ساكورا ؟!!
قالها ياكو محدقا نحو (رانمارو) و هو يضع رأسه على راحة يده اليمنى مستندا بكوعه الأيمن على ركبته اليمنى , فقال (رانمارو) بحزن شديد له :
- سأضطر لتولي أمرها بنفسي , فأنا من أضاعها , و أنا من يجب أن يسترجعها.
- هذا مستحيل بمفردك , ستكون أشبه بمن ينتحر !!
- لا تجادلني ياكو , هناك أشياء أهم يجب عليك فعلها بدلا من مرافقتي , يجب عليك أن تتدرب على أداء تعويذة معينة , لا بل عليك أن تتقنها في أقل مدة ممكنة , ربما خلال ساعات قليلة يكون ذلك أفضل .
- ما هذه التعويذة ؟!!
قالها ياكو ناظرا نحو (رانمارو) باستغراب , فما هي تلك التعويذة التي يجب عليه تعلمها و هو متأكد مسبقا أن (رانمارو) قد تعلمها ؟!!
- إنها تعويذة إستحضارك لوحشك !
- ولكنك تستطيع أن تقوم بها , أليس كذلك ؟!!
- بلي , و لكني سأعود من معركتي لإنقاذ ساكورا متعبا جدا , هذا إن رجعت ... حيا !!
صمت (ياكو) , صمت (رانمارو) , صمت كل شيء في هذا الكون حولهما , لم يتردد سوى صدى صوت داخل رأس (ياكو) , كان الصوت يقول له :
((- لقد أدركت الوضع الآن , لقد أدركت المأزق الذي أنتم فيه , هل تريد أن تترك الجميع يقاتل و يدافع عما يملكونه و أغلى ما عندهم و أنت جالس مكانك ؟!! ماذا تريد ياكو ؟!! هل تريد ضعفا و احتلاله البغيض يقبض على صدرك ؟! أم تريد قوة و تصميم مثل ما عند رانمارو فتتحرر من بغض احتلال دام أكثر من أربعة عشر عاما ؟! لقد تركت الجميع و هربت , لقد تركت قريتك و أهلك و أحبائك و أصدقائك و لم تفكر حتى في تحذيرهم أو أخذهم معك , هل تريد أن تفعل ذلك الآن ؟!! ماذا سيكون ردك ياكو ؟!))
لقد كان صوتًا يعرفه جيدا , إنه صوت وحشه , بعد ثواني من الصمت المطبق تكلم (ياكو) قائلا :
- حسنا , سأتدرب , سأتقن تلك التعويذة أخي !
قالها و هو يرفع رأسه ناظرا نحو (رانمارو) , كانت عيناه كلها اصرار , كانت عيناه تملؤها العزيمة , العزيمة و الاصرار على التحرر من سجن هذا الاحتلال البغيض , نظر إليه (رانمارو) و ابتسم , ابتسم من السعادة , لا , ليس كذلك , ابتسم من الثقة أيضا , كان واثقا لسبب لا يعلمه أن أخيه سيتقنها , أن أخيه سيفعلها .
- و الآن لنتحدث في آخر موضوع لدينا , هارونا مصاصة دماء كما تعلم ...
نظر نحوه (ياكو) و قال له :
- نعم , و وماذا بعد ؟!
لم يتكلم (رانمارو) , إنما أخذ يشير بيديه بحركات و إشارات غير مفهومة على الاطلاق دلالة على ربكته الشديدة , أمال (ياكو) برأسه في إشارة لأخيه كي يتابع كلامه , بعد لحظات , تنهد (رانمارو) و أرخى يديه علر ركبتيه , ثم قال بسرعة و هو يغمض عينيه و بدون تفكير :
-إن هارونا تحتاج إلى نقل دم سريع , فهي مصاصة دماء , يجب عليها أن .. تتغذى , و أريدك أنت أن تغذيها .
نظر (ياكو) إليه و ابتسم ابتسامة مكر قائلا له :
- و لماذا أنا بالذات , ألا ينفع أنت ؟!
رد (رانمارو) ابتسامة (ياكو) بابتسامة مثلها و قال له :
- أنا سأحارب الآن من أجل ساكورا .
- و أنا سأتدرب .
رد رانمارو :
- لكن يجب على أي فرد منّا أن يطعمها , ياكو , إن بنابها سم يجعلك تنسى أنك قد اطعمتها.
زادت ابتسامة (ياكو) مكرا و هو يقول :
- و لماذا لا تطعمها أنت و ستنسى ؟!
تنهد (رانمارو) زافرا و بقوة , ثم قال :
- يا أخي قدر موقفي , أنت ستتدرب هنا في المنزل , أما أنا فسأخرج لأحارب .
- لا أنت و لا هو , سأطعمها بنفسي .
نظر كل منهما نحو مصدر الصوت , هناك , و عند الباب المغلق كان يقف المتحدث , فتح الشخص الباب و دلف إلى الغرفة , تسمر كل منهما في مكانه عند رؤيتهما للشخص الموجود عند الباب , ثم اندفع (ياكو) قائلا في دهشة شديدة :
- أمــــــــــــــــي ؟!!!

يتبــــــــــــــــــــــــع................

اماريج 01-08-10 07:35 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الرابع و العشرون


المواجــهة


حدق كل من (رانمارو) و (ياكو) نحو والدة الأخير صامتين , ليس بشيء إنما من الصاعقة التي نزلت عليهم , تحدث لأول مرة (ياكو) هنا قائلاً :

-أماه , هل تعرفين من أنا ؟!!!
ابتسمت الأم ابتسامة رضا و قالت :
-نعم بالطبع , أعرف أنك ساحر , كما كنت أشك في أصدقائك في أنهم سحرة .
قال لها (ياكو) و هما لازالا على تلك الحالة من الدهشة :
-هل تعرفين أنني ساحر ؟!!! كيف ؟!!!
ذهبت الأم نحو منتصف الحجرة و جلست على الأريكة المقابلة (لهارونا) و قالت و هي تنظر نحوها :
-أتذكر اليوم الذي جئتنا فيه كما لو كان البارحة ...
قالتها و شردت لثواني معدودة ثم تابعت و هي تصارع دمعة تأبى لها السقوط :
-كانت الدنيا تمطر , أتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله , كنت أنا و زوجي في طريق عودتنا من عند طبيب مشهور آخر , أقر لنا نفس الكارثة التي أقرها باقي الأطباء و هي أنني لن أحمل و لن أصبح أم ...
قالتها و هي ترفع يديها و تحدق بهما , كانت عيناها مغرورقتين بالدموع , تابعت :
-كيف لن أصبح أم ؟! كان شعورا سيئا , إحباطا أحاط بي كالظلمة في ليلة باردة , كنت وحيدة , لا أشعر بشيء سوى برودة الوحدة المرير , لا أسمع غير صمت النسيان الأليم , هانت علي نفسي , وصلت بي الحالة إلى تمني الموت و عدم العيش لحظة واحدة في هذا الجحيم ...
تنهدت بحزن و تعب , كانت ذكرى أليمة بالفعل , بعدها ابتسمت , ابتسمت و هي تنظر نحو ابنها , ابتسمت و هي تنظر إلى (ياكو) , تابعت :
-حتى جئت أنت , لم نعلم ماذا حدث أنا و زوجي , لكننا فوجئنا بشخص يسقط على الطريق مغشيا عليه فجأة , توقف زوجي بسرعة و صرير إطارات السيارة لازال عالقا بذهني , اندفعنا أنا و زوجي خارجين من السيارة مهرولين على الطريق وسط المطر الشديد , و ها أنت ذاك تقبع مغشيا عليك و في يديك عصاة شكلها غريب , و يحيط بيدك قفاز عجيب , تردد زوجي , نظر إلي , لم يدر ماذا يفعل , إنما أنا , لم أفكر , أحسست بصوت يناديني , أحسست بشعور يدفعني , اندفعت و حملتك بين ذراعي , رجعت إلى السيارة و أنا أحتضنك...
كانت الأم شاردة الذهن و هي تتكلم , ثم أغمضت عيناها و أحاط ذراعيها بجسدها و كأنها تحتضن شخصا خياليا , ابتسمت و تابعت :
-كان شعورا رائعا ذاك الذي أحسسته عندما احتضنتك لأول مرة ...
فتحت عيناها و هي لازالت مبتسمة :
-كان هذا هو شعور الأمومة بكل تأكيد...!!
صمت الجميع و الأم و (رانمارو) ينظران نحو (ياكو) الذي لازال في حالته السابقة , مندهشا , مصعوقا , صامتا مما يسمعه , أنزلت الأم يديها برفق و ببطء و تابعت بعد تنهيدة صغيرة :
-بالطبع كان زوجي معارضا لأخذك , فلم نكن نعلم من أنت , لكني لم أتحدث معه , بل أخذتك نحو السيارة و أجلستك في حضني أدفيك بجسدي , فلم يكن منه سوى أنه قاد السيارة نحو المنزل , بعد يومين تقريبا قد أفقت من غيبوبتك , كنت تتحدث عن قرية تدمرت , و عن كونك ساحر , و عن شخص قد قتل بواسطة ابنه , و أشياء عجيبة ...
قاطعها (ياكو) بسرعة بدون أي تغيير في حالته إلى الآن :
-لكن هل صدقتموني ؟!! كيف؟!!!
تحركت الأم نحو فراش (هارونا) , جلست عليه بجانبها و هي تسرح شعرها بأناملها كأنها أم تنظر نحو إبنتها , ردت قائلة :
-لو لم نرَ تلك العصا التي كانت معك , و كيف أن شكلها قد تبدل بعد أن أبعدناها عن يدك عندما وصلنا إلى المنزل لقلنا أنك تهذي بالكلام , بعدها راقبناك , فوجدناك عندما تشعر بالأمان تجلس جلسة معينة و تختفي , ثم تعود بعدها بفترة , ربما تعود و ملابسك قد تقطعت , عندها تأكدنا من كونك ساحر , بالطبع عارض زوجي وجودك في البداية , لكن إحساس الأب تغلب عليه , فنحن كنا سنتبنى ولدا , فها قد جئت لنا من السماء .
قالت جملتها الأخيرة عندما هم (ياكو) بقول شيء ما , بعدها صمت , نظر إليها و دموعه تترقرق في عينيه :
-لا أعرف ماذا أقول أمي , لقد لجم لساني عما يريد أن أقوله , لكنك أنت و أبي بالفعل أمي و أبي الحقيقيين .
اتسعت ابتسامة الأم , لكن قطع (رانمارو) ذلك الجو بقوله :
-هذا يعود بنا إلي ما كنا نتحدث فيه , سيدتي لا يمكنني أنا و لا ياكو أيضا أن نسمح لكي بما قلتيه سابقا .
نظر (ياكو) إليه و بعدها نحو والدته و قال مسرعا :
-نعم أنا أتفق مع رانمارو فيما قاله , ل...
-آه منكما , تقولان شيء و تعرفان أنه لا يمكن أن يحدث , لازلت كما كنت ياكو , عنيدا , رانمارو ...
قالتها و اتجهت بنظرها إليه :
-أنت تدرك جيدا الوضع الذي نحن فيه الآن , و كذلك تدرك أنني الوحيدة التي يمكن أن تقوم بتلك المهمة .
صرخ (ياكو) في (رانمارو) عندما أطرق برأسه نحو الأرض , كأنه كان متوقع منه النفي :
-ما هذا رانمارو ؟! لم نفعل كل هذا من أجل شخص لا نعرفه ؟!!
صمت (رانمارو) و هو لا يزال مطرقا ناظرا نحو الأرض , تابع (ياكو) :
-نحن لا نعرفها , فكيف لنا الآن بالتضحية بحياتنا ووضع خطة تحرير ساكورا ف...
صمت فجأة ياكو و ابتلع ريقه بسرعة ناظرا نحو أمه , ابتسمت و قالت :
-لا تخف بني , أنا أعرف أنها غائبة , فهذا بيتي و أعرف من فيه و من ليس فيه .
ابتسم رانمارو و قال رافعا رأسه نحوهما :
-لقد قررت في نفسي شيئا , سوف أكون حاميا للعدل , سوف أحمي الضعفاء من الجور الذي يتعرضون له , سأضحي بنفسي و بحياتي من أجل إنقاذ روح شخص واحد , لقد قررت أن أنضم إلى معسكر جنتو.
نظر ياكو إليه و عيناه متسعتان , لم يجد ما يقوله , لم يجد أي مبرر , فحماية الضعفاء أمثال ما كان هو عليه منذ زمن بعيد , و رانمارو منذ وقت قريب , و هارونا في الوقت الراهن هي أسمى عمل يتمنى أن يقوم به , أفضل شيء يمكن أن يضحي إنسان بحياته من أجله , لهذا صمت , لهذا لم يتكلم معارضا , بل أحنى رأسه هو الآخر بدون أن ينطق بأي كلمة , تنهدت والدته و قالت :
-هكذا أنت ياكو طوال حياتك , تنفعل لشيء تعلم جيدا أن الخير لك فيه , و عندما تدرك ذلك تصمت .
-هذا شيء أمي و ما تريدين القيام به شيء آخر , ماذا يحدث إذا كان الوحش خاطئا ؟!
قالت الأم لابنها :
-لا أضمن لك شيئا من شخص لا أعرفه , لكن كلامه هذا واقعي , ماذا كان سيحدث لكل أولئك البشر إذا كان كل من يمتص دمه يتحول إلى مصاص دماء؟! لكني سأقبل بتلك المخاطرة , و سأفعلها , اعتبرها بني كأنني أتبرع بدمي لشخص محتاج , هل كنت تعارض؟!
-أمي !!
-آه !
تأوهت فجأة هارونا منهية الصراع الهادئ بين أم و ابنها , نظر الجميع نحوها , كانت تتقلب بألم شديد و تقول بصوت واهن :
-إنني جائعة أمي , أمي أريد بعض من الطعام , هيا أمي , أين أنتي ؟!
كان يبدو أنها تهذي , نظر رانمارو و ياكو إلى بعضهما البعض , ثم قام رانمارو و اتجه خارجا من الغرفة و هو يقول :
-سأترك الأمر لك ياكو هنا , لا تنسَ , أمامنا وقت عصيب , تدرب بسرعة و بجد , أريدك أن تتقن التعويذة , أفهمت ؟
نظر ياكو و أشار بإصبع يده الإبهام بما يعني أن كل شيء سيكون على ما يرام , ثم قال :
-اذهب يا أخي , و لا تقلق , فسأقوم بدوري على أكمل وجه .
حدق رانمارو في ياكو و والدته مرة أخيرة ثم نظر نحو هارونا الراقدة في الفراش , و خرج من المنزل.

*************************


دفع رانمارو الباب بقدمه كي يغلقه بعدما خرج لتوه من المنزل , حدق ببصره نحو الشرفة الواقعة في الطابق الثالث , حيث يوجد ياكو والدته و هارونا , و تمتم :

-أتمنى أن تكونوا بخير عندما أعود .
اتجه بعدها نحو سور من الأشجار يحيط بالمنزل , جلس تحت شجرة و قال :
-كاي !
ثم :
-واشي باكيمونو !
قالها دون أن يجمع أي قدر من طاقته الروحية , اندفع لون أبيض محمر من طرف عصاته و تكونت سحابة ما لبثت أن انقشعت كاشفة عن نسر كبير , يبلغ مقدار حجم رانمارو خمس أضعاف , عندها فهم رانمارو ما كان يعنيه الوحش بقوله أنه لا يستطيع تحضيره بصورة مناسبة إلا ياكو نظرا لضعف طاقته الروحية , نظر النسر نحو رانمارو و قال :
-ألم أقل لك أن الذي يحضرني هو ياكو و ليس أنت , كم أنت عنيد !
ابتسم رانمارو للنسر , قال معقبا على كلامه :
-كلا سيدي , استدعيتك ليس من أجل موضوع هارونا , بل من أجل ساكورا .
نظر النسر نحو رانمارو فأحس الأخير كأنه موضوع تحت مجهر , ثم عقب :
-ماذا تعني ؟!! أليس من المفترض أن تقوم بإنقاذ ساكورا غداً ؟!
-كلا سيدي , لقد حدث تعديل بسيط في الخطة حتى تتوائم مع الظروف التي نحن فيها , أحتاج إلى مقدرتك البحثية القوية لإيجاد المكان الموجود به ساكورا .
رد النسر و هو يتحرك حول رانمارو ببطء في دائرة كأنه يفكر :
-حسنا , تغيير في الخطط , هه؟!! مهما كان أنت صاحب القرار , لكن تبقى معضلة هنا , أريد شيئا قد استعملته ساكورا , شيئا أنت متأكد من عدم استخدام شخص آخر له , هل لديك مثل هذا الشيء؟!
أدخل رانمارو يده اليسرى نحو صدره داخل المعطف الأسود الطويل الذي يلبسه , ثم أخرجها و معه شيء رفيع , اقترب النسر من رانمارو ليرى بوضوح أكثر , فقال :
-ما هذا ؟!!
-إنه الشيء الذي متأكد من أنه لم يستخدمه أحد من قبل إلا ساكورا , هذا هو السهم الذي أنقذت حياتي به , هيا استخدمه سيدي و ابحث لي عن مخبأ أولئك الأوغاد .
أشار النسر بجناحه الأيمن الكبير نحو السهم , فطار من بين يدي رانمارو المفرودتين إلى أعلى قليلا ثم سبح ببطء و سكون نحو النسر حتى وصل إلى جسده , اخترقه بعدها إلى وسط جسده , أضاء بلون أصفر مالبث أن توهج فجأة , اختفى النسر بعدها , اتجه رانمارو إلى المكان الذي كان به النسر , حرك يديه الإثنتين في الفراغ الذي كان يحتله النسر منذ لحظات , لم يجد في يديه سوى هواء , اتجه نحو شجرة , جلس عليها و هو يزفر بصوت عالٍ مسموع من الضيق قائلا :
-يا له من وحش غريب , لم يقل لي ماذا سيحدث , هكذا يختفي , أف من هذه الوحوش الغريبة .
-ماذا تقول ؟ لقد سمعتك !!
انتفض رانمارو فزعا و حملق بسرعة خلفه في اتجاه الصوت , ثم تنفس الصعداء واضعا يده على صدره و هو يلهث لثواني ثم قال :
-لقد أفزعتني حقا سيدي , متى جئت ؟!!
-أها , أتريد تغيير الكلام , ممممم , حسناً , لقد وجدت مخبأهم , جئت بعدها إلى هنا لأجدك تحدث نفسك كأنك مجنون , هل لازلت تريد أن تعرف أين مخبأهم ؟
-بالطبع سيدي .
قالها و نهض مسرعا و هو ينفض التراب من على معطفه , اتجه بعدها نحو النسر و قال له :
-أين مكانهم سيدي ؟
-حسنا , استعد .
قالها و بدون أي سابق إنذار اندفع نحو رانمارو , حمى رانمارو وجهه بيديه الاثنتين , فجأة سطع ضوء أصفر شديد كما حدث مع السهم , أغمض عينيه , و فتحهما , لكن ...
-أين أنا ؟!!!
ابتسم النسر , فرانمارو صار الآن في مكان جديد تماما , مختلف عما كان فيه , لقد كان في سهل متسع , يقف على هضبة عالية , أسفل منه , هناك و على مسافة قريبة منه تراصت مجموعة من المنازل بجانب بعضها , لكن شيء غريب كان يحدث , كانت الصورة تهتز و كأنها مرسومة على أمواج البحر , نظر رانمارو باستغراب نحو النسر الذي قال :
-هذه هي القرية التي توجد بها ساكورا , هذه القرية محمية بحاجز واقي , يبدو أن هذه أول مرة لك في إدراك مثل هذا الشيء.
أغمض رانمارو عينيه و فتحهما حوالي خمس مرات في سرعة فائقة كأنه يفيق نفسه من دهشته , تنهد و هو ينظر تجاه القرية مشيرا بيده اليمنى نحوها قائلا :
-هل وجود هذا الحاجز يحميها من البشر العاديين؟!
-نعم , لكن كونك ساحر أو من أي جنس آخر لا يمكن لك رؤيتها , فالطبيعي أن تراها منزل واحد كبير , أما إذا حاولت الاقتراب منه يحدث لك شيء يجعلك تبتعد عنه .
-لكن لماذا أراها هكذا ؟!!
-هذا بسبب وجودي معك فارتفعت طاقتك الروحية إلى الدرجة التي تمكنك من رؤيتها , هذا إضافة إلى أن مستوى الحماية هنا منخفض للغاية , فكوني بهذه الصورة الصغيرة يجعلك ترى القرية لدلالة على ذلك .
-حسنا , لكن كيف سأقتحمها ؟!
-نظر النسر إليه , ثم قال له و صورته بدأت في الخفوت تدريجيا :
-استحضر وحشك بكامل قوتك , عندما تتغلب قوتك الروحية و قوة وحشك على الحاجز , و هذا شيء مؤكد , فسوف تخترق دفاعاتهم , لكن احذر فسوف يعرفون أنك موجود , مما يعني أنهم سيستعدون لك , فلا تستكن إذا لم تجد شيئا قد حدث , فاعلم أنهم بانتظارك!!
قالها و اختفى تماما , تنهد رانمارو , نظر نحو الأرض , تردد في رأسه صوت ساكورا العذب و هي تقول له :
-(( سوف أكون بجانبك حتى تظهر برائتك و تنتفي التهمة النسوبة إليك .))
أغلق عينيه , تردد في عقله صوت واحد وسط سكون مطبق :
-(( هيا ... انهض أيها المارد ... هيا ... اثبت لنفسك مدى قوتك ))
قالها فتلون الهواء حوله بلون دموي سرعان ما قال بعدها و هو يفتح عينيه اللامعة بشدة بنار حارقة :
-هيا فلننقذ ساكورا أيها التنين ..... تونبو دينستسو !
اندفع صوت انفجار تلاه سحابة ضخمة من اللون الأحمر أحاطت بالفراغ الموجود أمام رانمارو , ثواني بعدها انقشعت كاشفة عن تنين ضخم أحمر اللون ينفث نارا من فمه , به جناحان كبيران , كان حجمه يقارب حجم منزل من أربعة طوابق , نظر التنين المجنح الناري الإسطوري خلفه تجاه رانمارو الذي قفز ليقف على كتف الوحش و قال له :
-هل أنت مستعد رانمارو ؟!!
-نعم سيدي , هيا لننقذ ساكورا.
اندفع التنين حاملا رانمارو على كتفه الأيمن قافزا بسرعة و بقوة نحو الحاجز الذي يخفي وراءه ساكورا رهينة بين أيدي الوحوش واضعا بداية معركة طويلة بأمل تحرير ساكورا و إنقاذ هارونا في النهاية...

يتبــــــــــــــــــع...................


الساعة الآن 10:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية