بسم الله الرحمن الرحيم الفصل العشرون هيكاشي ضد رانمارو -لا تحزن هكذا رانمارو , هذا لم يكن خطؤك , أنت فعلت ما بوسعك , لم يكن تستطيع أن تفعل أكثر من هذا. نظر إليه (رانمارو) بحزن ثم نظر بعدها إلى الأرض و قال : -لا تقل ما تحاول أن تقلل به من خطأي ياكو , لقد كانت مسئوليتي حماية ساكورا بحياتي و لكنني فشلت في تحقيق ذلك , أنا المسئول عن ذلك. -هذا ليس بصحـ ... -ياكو , أنا سأذهب للتدريب , هل ستأتي معي ؟! نظر إليه (ياكو) و قال : -للأسف لا أقدر , فوالدتي تحتاجني , كما إنني قد أخبرتها أنك و ساكورا تتنزهان معا في المدينة لبعض أيام و أنا سأتغيب بعض الوقت معكما في النهار فقط , أما بالليل فسأجلس معها حتى أمنعها من الحضور لأعلى , هذا ما سأفعله في الأيام القادمة , لكن قل لي كيف عرفت أننا في خطر ؟! نظر له (رانمارو) قليلا ثم قال له : -هل نسيت أن لدي و لديك وحش مشترك ؟! لقد أخبرني النسر العظيم بأنك نشط قوتك , وأنك تستعد للفظ تعويذة ما , و أن نفسك مضطربة , فخرجت من التدريب مسرعا كي أرى ماذا يحدث لكما ! صمت (ياكو) محدقا به في دهشة , فهو لم يكن يعرف أن الوحوش تدري ما يشعر به , لم يهتم (رانمارو) بذلك بل قال : -حسنا , و لكني أريدك في أمر آخر ... هل تعرف من كان هؤلاء ؟! نظر نحوه (ياكو) و قال : -اسمهم جيتشي نوتوري ! -من هؤلاء ؟!! -هؤلاء جماعة يختصون باختطاف البشر , و سرقه قواهم , لكني لا أعرف لماذا كانوا مهتمين بساكورا , إنها كانت بشرية عادية , لا أعرف !! -حسنا إذن . قالها و صمت , نظر نحو الأرض و قام من الفراش و جلس فوق الأرض , اتخذ وضع التدريب المميز , نظر نحو (ياكو) و قال له : -سأتدرب إلى أن أصبح أقوى من أي شخص آخر ... كايتو! *************************** -إنها هناك , لقد رأيتها . -حسنا هيا إلى هذا الاتجاه , لا تفقدوا تركيزكم. اتجه (هيكاشي) مع الرجال الخمسة الذين معه نحو الاتجاه الذي قد رأوا فيه (هارونا). تعالى صوت نهجان (هارونا) و هي تجري ... -سوف يلحقون بي , ما العمل ؟ ركضت (هارونا) مهرولة و ورائها قطيع من الذئاب يبتغي فريسة واحدة فقط , كانت المسافة تضيق و تضيق , و هي تجري و تجري .. -توقفي عندك هارونا . توقفت (هارونا) فجأة فمال جسدها نحو الأمام و عندما عدلت من وضعها قال (هيكاشي) : -أخيرا وجدناكي , لقد أتعبتنا أيتها العنيدة , هيا لنعد إلى المنزل الآن. قالها و تحرك نحوها مادا يده اليمنى مبسوطة نحوها , تراجعت (هارونا) إلى الوراء و هي تهز رأسها بمعنى النفي , كان جسدها يهتز بقوة , توقف عندها (هيكاشي) عن التحرك و نظر إليها و قال بنبرة حزن مصطنعة : -ماذا هناك عزيزتي , هل تخافين من زوجك ؟! -لا تقل ذلك , أنا أفضل الموت على ذلك !! صرخت (هارونا) و هي ترجع إلى الخلف تريد الهرب , فإذا باثنان من جماعة (هيكاشي) يظهرون أمامها يسدون الطريق فتوقفت بسرعة و اتجهت نحو اليسار فظهر واحد على المدى القريب منها , تلفتت حولها و هي واقفة و على وجهها نظرة رعب , كان وجهها مصفر جدا , نظرت يمينا و يسارا , أمامها و خلفها , كانت محاصرة تماما بحلقة من رجال (هيكاشي) , وسط نظراتها السريعة نحوهم , تقدم (هيكاشي) خطوة و هو يمد يده إليها , و قال : -هيا عزيزتي , فلنعد إلى المنزل , فوالدتك قلقة عليك جدا. تسمرت (هارونا) في مكانها و نظرها مثبت على (هيكاشي) , فتقدم أحد الرجلين الموجودين خلف (هارونا) , فشعرت بحركته , تلفتت ناظرة إليه , فتوقف بعد خطوة تخطاها , فجأة ... -انجدونــــــــــــــــــــــــــــي !!! اخترقت الصرخة سكون الليل , طار سرب من طيور تسكن أغصان شجرة قريبة , نظر إلى السرب الذي يغادر مسكنه استجابة لصرخة (هارونا) شخصان يقفان في نافذة بالطابق الثالث بأحد المباني القريبة من المكان ... -هل سمعت هذه الصرخه رانمارو ؟! -نعم , هيا لنر ما هناك . و في تلك الأثناء ... -توقف أيها الغبي ! قالها (هيكاشي) و هو يشير بيده و كأنه يمنع شخصا من التحرك بجانبه , فنظر إليه الرجل الموجود خلف (هارونا) و قال له : -آسف سيدي. -لا تنزعجي عزيزتي , لا تقلقي من وجود أي شخص هنا , هيا تعالي معي. قالها و هو يعيد نظره إلى (هارونا) التي قد سقطت على الأرض جالسة على قدميها و هي تمسك بوجهها و تبكي فيه , نظر (هيكاشي) نحو الرجال و أومأ برأسه بمعنى نعم , فتحرك كل منهم خطوة للأمام ... -أنا لو كنت في أماكنكم ما كنت تحركت ولو خطوة واحدة. التفت الجميع إلى الخلف في حدة , فوجدوا فتى يتقدم من الظلام خلف الأشجار المحيطة بالمكان نحو السهل الموجودين فيه , توقف الجميع عن الحركة حتى تقدم الشخص نحوهم , فظهر عليه ضوء القمر رأى الجميع حتى (هارونا) التي عدلت وجهها لترى من القادم الحلقة المميزة حول رأس الفتى القادم , و العصاة المميزة النشطة التي يمسكها بيده اليمنى , قال (هيكاشي) : -اذهب بعيدا عن هنا أيها الضعيف , فأنت لست ندا لأضعف فرد مننا , هيا اذهب من هنـا قبل أن أغيـ ... بتر (هيكاشي) ما كان يقوله , فقد أضاءت عينا (رانمارو) بضوء أحمر قوي فجأة , تغير لون الهواء إلى اللون الأحمر , شعر الجميع حتى (هارونا) و كأن صخرة ثقيلة تضغط على صدر كل منهم , في البداية أثنى (هيكاشي) ظهره كما فعل الباقي من قوة ضغط قوة (رانمارو) الروحية , لكن بعدها عدل من وضع جسمه و هو يجز على أسنانه فظهرت هالة صغيرة لونها لبني فاتح حوله , بدأت في الاتساع حتى غطت كل الرجال و بينهم (هارونا) , بعدها توقفت , نظر (هيكاشي) نحو (رانمارو) و قال : -أعترف أن لك بعض القوة أيها الفتى و لكن ... سينكو جو! في لمح البصر تحول (هيكاشي) من مكانه الموجود أمام (رانمارو) ليصبح خلفه مباشرة , التفت (رانمارو) خلفه و هو لا يغمض له جفن ناظرا نحو (هيكاشي) الذي قال : -إن أسوأ شيء فعلته هو أن تقف في وجه العظيم هيكاشي ... دوكو هيتونومي ! أضاءت طرف يده اليمنى المفرودة بضوء لبني و اندفع بعدها شيء أسمر صغير كالطلقة تجاه (رانمارو) , ابتسم (هيكاشي) بعد ما قال التعويذة و كأنه انتصر و قتل (رانمارو) فعلا , أغلق عينيه و ابتسم بعد كلامه , لكن ... -تسوباشا شوجوشا ! حدث كل شيء بسرعة كما بدأ , في ثانية أو أقل تحول (رانمارو) إلى صورته كساحر بردائه المميز الذي كان يغطي الآن نصف جسمه بالضبط , بعدها ظهر صوت انفجار خفيف صاحبه ظهور جناح ضخم أحمر اللون , توقف الجناح في الهواء ما بين (رانمارو) و (هيكاشي) فتعالى صوت اصطدام عنيف بين ما أطلقه نحوه (هيكاشي) و الجناح , فتكون تيار من رياح ممزوجة بغبار من مكان الاصطدام اتجه في جميع الاتجاهات , فتطاير ردائي (هيكاشي) و (رانمارو) و شعرهما كذلك دون أن يغمض لهما أي جفن , تبادل الاثنان النظر نحو كل منهما , قال (هيكاشي) بعد لحظات من الترقب : -لا أريد محاربتك , لا علاقة بك بهذه الفتاة , أليس كذلك ؟! -خطأ ! أجاب دون تفكير , تبادل الجميع نظرات و همهمة , حتى (هارونا) نظرت نحوه و هي مندهشة مما قاله , فهي أول مرة تلتقي فيها به , فلماذا يفعل ذلك و يعرض حياته للخطر من أجل غريب مثلها . -أنت لا تعلم من تواجه أيها الصغير. -بل أنت لا تعلم من تواجه أيها الضعيف. -ماذا تقول ؟!! صاح فيه (هيكاشي) بكل غضب و احمر وجهه , تلون جسمه بضوء لبني فاتح و كأنه يجمع طاقته الروحية . -أيها الأبله هل تريد أن تموت ؟!! صرخت فيه (هارونا) , لكن (رانمارو) لم ينظر إليها , كان يحدق (بهيكاشي) , لقد مرت عشرة أيام منذ استيقاظه بعد اختطاف (ساكورا) , لقد تدرب كثيرا , لم يمل أو يتعب , و الآن هو يريد أن يرى نتيجة ذلك في هذا القتال , لهذا إن لم يستطع أن ينتصر عليه فلن يستطيع أن ينقذ (ساكورا) .. -باكوفو تشي ! تلونت طرف يده اليمنى المنقبضة بلون لبني فاتح قوي , اندفع بعدها تيار ماء قوي جدا و سريع , كان يبدو أنها تعويذة مائية , نظر (رانمارو) إلى الماء القادم نحوه و قفز إلى أعلى لكن .. -ليس بتلك السهولة ! قالها (هيكاشي) و حرك يده اليمنى إلى أعلى , فتحرك التيار المائي نحو (رانمارو) إلى أعلى , كان يبدو أنه يستطيع أن يتحكم باتجاه الماء أيضا , كان الماء يتخذ شكلا اسطوانيا و كأنه ثعبان ضخم , اقترب التيار من (رانمارو) وسط ضحكات (هيكاشي) الهستيرية , -داجيكي هينوتا ! تلونت طرف عصاة (رانمارو) بلون أحمر , فاندفع تيار من النار نحو الماء القادم نحوه , قطع (هيكاشي) ضحكته و أطبق عينيه و قال : -يبدو أنك قوي و عنيد , ولكن ما رأيك بهذا . قالها و فرد أصابع يده المنقبضة على آخرها فابتعد كل اصبع عن الآخر , فانقسم تيار الماء إلى خمسة أفرع كل منهم يتخذ الشكل الاسطواني الثعباني و يتجه نحو (رانمارو) الذي كان في طريقه إلى الأرض الآن , أدرك (رانمارو) أن تعويذته لن تجدي نفعا الآن , فقال : -ريون تسوباسا ! خرج جناح أحمر ضخم من طرف العصا , لكنه لم ينفصل عنها فصار و كأنه سيف ضخم , لوح (رانمارو) بالسيف الكبير هذا في اتجاه الخمسة ثعابين القادمة نحوه , ولكنه لم يصب أي منهم حيث أن (هيكاشي) قد جعلهم يتفرقون عن بعضهم و يتفادون ضربة (رانمارو) , وصل (رانمارو) الآن إلى الأرض و مازالت الثعابين تتجه نحوه , لوح (رانمارو) بالجناح من اليمين إلى اليسار , فجأة انفصل الجناح و اتجه بسرعة شديدة نحو (هيكاشي) , فتفادى (هيكاشي) الضربة بالقفز نحو أعلى بسرعة شديدة , لكن ... -أراشي أكاي . اندفعت رياح حمراء اللون بقوة و شدة نحو (هيكاشي) الموجود بالهواء , نظر (هيكاشي) نحو الرياح التي استحضرها (رانمارو) و قال : -إنك لعنيد فعلا ! فأثني اصبع يده الإبهام فاتجه نحوه ثعبان من التي كانت تطارد (رانمارو) , بعدها أخذ يجعل اصبعه يدور و يدور فدار الثعبان المائي حول (هيكاشي) دورات كثيرة حتى تكون درع واقي من الماء خلال لحظات معدودة , وصلت الرياح إلى الدرع الجديد و اصطدمت به , كانت الرياح أقوى مما تصور (هيكاشي) , جز على أسنانه في محاولة التصدي لها , لكن ظهر شرخ خفيف بالدرع , فأغمض عينيه و أطبق صوابع يده كلها , فاتجهت باقي الثعابين التي كانت تطارد (رانمارو) نحو (هيكاشي) و أحاطت به , قوي الدرع خمس أمثال ما كان , و اختفى الشرخ , و أصبحت قوة الدرع أقوى الآن من قوة رياح (رانمارو) , ضحك (هيكاشي) و هو داخل الدرع الخاص به و قال (لرانمارو) : -ماذا ستفعل الآن أيها المسكين , أرأيت قوتي أيها الأبله . -لا أبله غيرك هنا . قالها رانمارو و توقف عن الركض عندما ابتعدت عنه الثعابين , ثم جمع طاقة روحية كبيرة حتى تصاعد الدخان الأحمر منه مرة أخرى , و قال : - فوكومي جينشو ! فجأة اختفت الرياح , لكن هناك , و في الفقاعة التي يحتمي بها (هيكاشي) , شعر الجميع و كأنها تتذبذب , نظر (هيكاشي) حوله في هلع , كانت الرياح لا تصطدم الآن بالفقاعة , لا , بل كانت تنجذب نحوها في كل اتجاه , أغلق (هيكاشي) عينيه و قال لنفسه : -اهدأ , لا تنزعج , هذا ما يريده منك أيها الأبله , هيا هدأ نفسك , و قوي روحك و اهزمه , أنت أقوى منه , أنا أعلم ذلك . بعدها فتح عينيه , نظر تجاه (رانمارو) , كانت عيناه كلها اصرار , أغلقها فتلون الهواء المحيط به باللون اللبني الفاتح , فصرخ فيه (رانمارو) : -وهل تنتظر مني أن أدعك تفلت من قبضتي , كلا ! قالها و زمجر كأنه أسد , كان الدرع الآن أشبه ما يكون إلى فقاعة مائية فعلا , صار سطحها به ارتفاعات و انخفاضات كثيرة و كبيرة , و هذا الارتفاع يتحول بعدها إلى انخفاض , أصبح الوضع يبدو و كأن الدرع سيتحطم , لكن إلى أي قوة ستكون الغلبة لا أحد يعلم .. -لا تستهن بنا أيها الغريب !! صدر الصوت فجأة من خلف (رانمارو) , حيث انتبه الرجال الخمسة إلى قوة عدوهم و مدى سوء وضع قائدهم فقرروا أن يدخلوا إلى المعركة أيضا , اندفع كل منهم بسرعة شديدة فلاشية نحو (رانمارو) , أحاط الخمسة فجأة به من كل اتجاه , سدد اثنان منهم قبضتيهما نحو وجه (رانمارو) , وواحد وجه ركلة نحو معدته , في حين طار واحد من الخلف في الهواء و التف حول نفسه و هو يسدد ركلة لولبية نحو ظهر (رانمارو) , أما الأخير فقد اندفع نحوه و هو مستلقي على الأرض يستهدف قدميه , نظرت (هارونا) إلى الوضع , فتمتمت و راحة يدها اليسرى موضوعة أمام فمها : -مستحيل أن يهزم فرقة هيكاشي الخاصة , إنه لمستحيــ ... بترت عبارتها , حيث في اللحظة المفترض فيها أن يضرب الرجال (رانمارو) , ضرب كل منهم حائط وهمي بدا و كأنه قد ضرب الهواء , توقفت الضربات و الركلات و اللكمات على بعد سنتيمترات معدودة من (رانمارو) الذي ضيق عينيه و قال : -أنتم الذين تستخفون بي ! قالها و بدا ما ضربه الرجال , تلون الهواء عند كل منطقة توقفت فيها الضربات و الركلات باللون الأحمر القاتم , فجأة تحول الهواء إلى شكل يد أمسكت يد و قدم كل فرد منهم , صرخ الرجال من الألم حيث اندفع بخار من مكان اليد و كأنها نار قد أمسكت كل منهم , من كل يد اندفع فرع ثعباني الشكل نحو كل منهم , صرخ كل رجل منهم في هلع , و عيناهم متسعة ترقب ثعبان الهلاك القادم نحوهم , وصلت الثعابين النارية إلى كل منهم في أقل من ثانية , بعدها أخذت تلتف بسرعة مذهلة حول جسم كل منهم حتى غطته من قمة رأسه حتى أخمص قدميه , أطبقت بعدها على الرجال و أخذت تتحرك تحركات غير مرتبة ثعبانية و كأنها تعتصرهم صدر عنها صوت تحطم الضلوع و كسر العظام ممزوج بصرخاتهم , بعدها سكنت حركة الثعابين الحمراء , سقط كل رجل مغطى بلون أحمر قاتم على الأرض واحد تلو الآخر حتى تساقطوا جميعا , انسحبت الثعابين من كل فرد منهم بسلاسة و ببطء كما أحاطت بكل منهم من قبل , انكشف المنظر البشع عنهم , كان كل فرد منهم وكأنه قد خرج توا من وسط منزل محترق عن آخره , كان من يراه يقشعر جسده من هول المنظر , كانت الجلود محترقة , و اللحم أسود اللون أسفلها , يتصاعد منه بخار خفيف مع رائحة حريق اللحم المميزة , كما أصبحت الجمجمة لا معالم لها , أصبح كل شيء في الوجه مكسورا من وجنتين و فكين و أنف , و أي شيء آخر , إضافة إلى أن الصدر أصبح مسطحا و اختفى الشكل المميز للضلوع , أصبح الذراعان و القدمان مفلطحين , كان المنظر يبدو و كأن الشخص قد خرج من منزل محترق و اتجه يهرول نحو الطريق فاصطدمت به شاحنة نقل عملاقة و دهست كل جسده , المنظر كان بشعا , أدارت (هارونا) وجهها إلى الجهه المقابلة واضعة وجهها بين كفيها و هي لا تكاد تصدق ما رأته عيناها , نظر (هيكاشي) هو الآخر إلى بقية ما كان يسمى بفرقته الخاصة , تسمر (هيكاشي) في مكانه , التفت ناظرا نحو رانمارو و قال : -أيها اللعين , سأنتقم لرجالي منك ! -لا تقل شيئا لا تستطيع أن تقوم به , هذه من شيم الاطفال الصغار فانضج . قالها (رانمارو) و ووجه طاقته كلها نحو فقاعة (هيكاشي) , فكر (رانمارو) في نفسه : ((-يجب أن أنهي هذا بسرعة , لقد استهلكت طاقتي الروحية و أوشكت أن أصل إلى أقصاها , هذا اللعين كم يملك من طاقة روحية متبقية , المفترض أن يكون قد أوشك هو الآخر على نفاذ طاقته !! )) أصبح الهواء الآن المحيط بالفقاعة يتلون بلون أحمر قاتم , أما في الداخل فصار لونه لبني فاتح , يبدو أن المعركة أصبحت معركة قوى روحية , لمن الغلبة إذن؟! , كانت الفقاعة تصغر و تصغر , و (هيكاشي) وجهه مليء بالعرق الغزير , ضاقت الفقاعة أكثر و أكثر , مضت اللحظات و كأنها سنوات , فجأة انفجرت الفقاعة , لقد انهارت مقاومة (هيكاشي) , اندفعت الطاقة الروحية ممزوجة بكمية هائلة من الرياح في اتجاه بؤرة واحدة و هي جسد (هيكاشي) , صرخ من الألم , و سقط من الارتفاع الذي كان به , سقط على ظهره , لم يتحرك بعدها , انطفأ اللون الأحمر بعصا (رانمارو) و هو ينهج , لقد وصل إلى أقصى طاقته بالفعل ((-جيد منك أن طاقتك قد نفذت أيها الأبله ! )) فكر رانمارو , كان يحني ظهره مستندا على ركبتيه بيديه من التعب و هو ينهج بشدة , التفت برأسه نحو الوراء ليرى (هارونا) التي كانت لازالت تجلس في مكانها تهتز من هول ما قد رأته حتى الآن , عدل من وضعه و هو لازال ينهج و قال : -ياكو , هيا اخرج من عندك و احضر تلك المسكينة إلى المنزل , هيا ! صدر صوت خفيف من الأشجار القريبة , تبعه خروج (ياكو) , نظر نحو الفتاة بشفقة و اتجه إليها و هو يقول : -هيا فلتأتي معي ! تراجعت الفتاة إلى الخلف و هي تزحف على الأرض و تضع يدها اليسرى أمام وجهها من الخوف و جسدها يرتعش , شعر (رانمارو) بالشفقة تجاهها , فذهب إليها و هو يترنح من الضعف و قال لها عندما أصبح عند (ياكو) مستندا على كتفه بيده : -لا تخافي مني , لقد أنقذتك . لم تقل الفتاة شيئا , كل ما فعلته أنها كانت تحملق فيهما و عيناها متسعة , مرت عدة لحظات من الترقب حتى أرخت (هارونا) يدها الموضوعة أمام وجهها , أغلقت عيناها , و سقطت على الأرض فاقدة للوعي !! يتبـــــــــــــــــــــــــــع................... ....... |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الواحد و العشرين هارونا ...رانمارو. - ضعها هنا , ستنام هنا الليلة. قالها (رانمارو) المنهك و سقط على الأرض ممدا يستند بظهره إلى الحائط المواجه للفراش , تابع (ياكو) ببصره و هو يضع (هارونا) على (الفراش) , و يسقط بعدها على المقعد بجواره ليستريح , أخذت ثواني معدودة تمر بينما هما يلتقطان أنفاسهما , نظر (ياكو) نحو أخيه و هو لازال صدره يعلو و يهبط قليلا من التعب و قال له : - أليس من الخطر أن نأتي بها إلى هنا ؟! , نحن حتى الآن لا نعلم ما إذا كانت طيبة أو شريرة. - قلبي يخبرني أنها طيبة , كما لو أنها كانت شريرة لقاتلت الرجال و ما احتاجت مساعدتنا. - ولكن كيف تفسر وجود فرقة قوية تطاردها ؟!! قالها و سكت ناظرا نحو (رانمارو) , نعم لماذا كانت فرقة بهذه القوة تطاردها , هكذا فكر (رانمارو) , لم يجد لهذا الأمر تفسير , لكن كان هناك شيء آخر يقلقه , تسائل (رانمارو) وهو يحدق نحو الأرض : - لكن من كانوا هؤلاء ؟! لم يكونوا سحرة , هناك شيء غريب فيهم , أليس كذلك ؟! نظر نحوه (ياكو) و قال : - أظن أنهم كانوا مصاصي دماء. - وهل يمكن أن تكون ... وأشار باصبعه في تراخي و هو يرفع يده نحو (هارونا) الفاقدة للوعي , ولم يكمل كلامه حيث سقطت يده على الأرض , سقطت رأسه على صدره , فقد أغمى عليه هو الآخر ! ************************* - سيدي ! - ماذا هناك ؟ - سيدي الصغير ... سيدي هيكاشي ... قالها الخادم و هو يرتعش بشدة , وقف (ماكيتو) من على مكتبه , قال و هو منزعج : - ماذا هناك ؟! ماذا حدث ؟! - إنه..إنه بالخارج ... إنه ... قالها الخادم و هو يبكي و يرتعش و يشير بيده المرتعشة نحو الخارج , اندفع (ماكيتو) من خلف مكتبه بسرعة شديدة مصطدما بالخادم فأطاح به و اصطدم بالباب في قوة سقط بعدها أرضا و هو يتألم , لم تكن رعشته مما حدث للسيد الصغير , بل كانت رعشته خوفا من رد فعله الغاضب , اندفع (ماكيتو) يطوي درجات السلم الحلزوني الأسطوري الشكل في ثواني بقفزات هائلة سريعة , وصل إلى الطابق الأرضي , اندفع نحو الردهة الواسعة فتسمر في مكانه من المفاجأة , فهناك و على أرضية الردهة كان يرقد جثمان ابنه مغطى وجهه و جسده برداء أبيض ملطخ بدماء ابنه , كانت والدته ترقد منحنية على جثمان ولدها و هي تبكي , اتجه (ماكيتو) بأقدام مرتعشة و عين باكية نحو جثمان ولده بتثاقل , سقط على ركبتيه عندما وصل إلى جسده , رفع يد ابنه و قبلها , ازدادت دموعه المنهمرة , وقعت يد ابنه من يده و هو يبكي , نظر إلى جواره , وجد زوجته , اندفعت في حضنه تبكي و تضرب صدره بقبضتيها و تصرخ بأعلى صوتها : - ولدييييي ... أرجع إلي ولدييييييييييي ... أرجع إلـ..لي ..ولـ..لـ..د..ي...!!! اندفعت في بكاء و نحيب يدمي القلوب , نظر إليها (ماكيتو) , ثم نظر نحو جثمان ولده , أمسك خصلة من شعره و جذبها بشدة إليه فانقطعت , أمسك بخصلة الشعر و قال بحرقة و وجهه أحمر و عيناه تدمع و متسعة من الغضب: - أقسم بك أيتها الخصلة إنني لن أدفنك حتى أدفن معكي من قتل ولدي أو أدفن نفسي مع ولدي !! ************************ - آه ! يبدو إنني قد نمت طويلا , لقد كانت ليلة عصيبة ! قالها (رانمارو) و هو يتثائب , نظر حوله وجد أنه مستلقي على الأريكة , اعتدل في جلسته عليها ببطء و تراخي و يكاد يفتح عينيه بصعوبة من الكسل , نظر نحو الفراش وجد فتاة جالسة تحدق فيه بإمعان , نظر نحوها ببلاهة , بعدها تذكر ما حدث له أمس , فقال بسرعة و اتسعت عيناه : - هل أنتي بخير ؟! هل أصابكي أي مكروه ؟! قالها و هم بالقيام فلم يستطع , نظر حول جسده فوجد أنه مربوط بحبل رفيع إلى الأريكة , نظر نحو الفتاة التي قالت و هو تهم أن تغادر الفراش : - أنت لا تستطيع أن تغادر مكانك حتى تقول لي أين نحن ؟! قالتها و رفعت عصا (رانمارو) السحرية أمام وجهها تتفقدها , كانت كطفلة وجدت لعبة غريبة , كانت تمسكها بأطراف أصابعها بغرابة شديدة , و تتفحص كل بوصة فيها بعين متسعة , مرة تنظر إليها , و أخرى تشمها , أثار كل هذا حنق (رانمارو) الذي صاح : - كفي عن اللعب بعصاتي السحرية أيتها الطفلة , هيا أعيديها إلي . حدقت فيه بغضب و قالت : - من هي الطفلة ؟! , ألا ترى سيدة أمامك ؟! أنت حقا لا تعرف كيف تعامل الفتيات !! قالتها و استمرت في فحص عصا (رانمارو) بشغف , كتم (رانمارو) غضبه بصعوبة , نظر إليها ووجهه شديد الاحمرار و قال : - هل يمكن أيتها السيدة الجميلة أن تعطيـــ ... - كاي ...! - طاااااااااخ ! صدر صوت انفجار من العصا ألقى (بهارونا) نحو الخلف و ارتمت العصا في الهواء , وقعت على الأرض متدحرجة بجانب الأريكة , حدق (رانمارو) بغضب شديد إلى عصاته و هي على الأرض , بعدها إلى (هارونا) التي صفقت بيديها فرحا و كأنها فعلت شيئا مثيرا , قالت : - يا له من شيء جميل , أريد أن أفعلها مرة أخرى ! -كفى , إياك وأن تفعليها و إلا أقسم أن أعلقك من شعرك الطويل هذا في الشرفة طوال الليل! نظرت (هارونا) إليه ثم إلى شعرها , أمسكت به وحركت يدها فوقه و كأنها تقوم بتسريحه , فقالت : - حسنا ... - هل ستتوقفي ؟!! قالها بسرعة و لهفة , فردت (هارونا) : - كلا , سأقص شعري ! قالتها و اتجهت بسرعة من فوق الفراش إلى العصا الملقاة على الأرض وسط ذهول (رانمارو) , قبل أن تمسكها صاح فيها (رانمارو) : - هل من الممكن أن تشرحي لي لماذا تفعلين كل هذه الأمور الغريبة ؟!! -ببساطة هذه أول مرة في حياتي أقابل فيها ساحر على الحقيقة , لقد سمعت عنكم كثيرا . قالتها و تركت العصا تسقط على أرضية الحجرة بعد أن التقطتها و كأنها تذكرت شيئا , اتجهت نحو (رانمارو) و هي تحملق في وجهه بغرابة , تراجع (رانمارو) إلى الخلف عندما اقتربت منه , شعر و كأن وجهه يقع تحت عدسة مكبرة , أمسكت (هارونا) بأنفه ثم أذنه , و خبطت علي جبهته وكأن هناك تجويف داخل رأسه تحاول أن تجده , اشتد غضب (رانمارو) في تلك اللحظة و قال لها : - إذا لم تكفِ عن هذه الأمور الصبيانية فسوف أعلقكِ من قدميكي في الشرفة طوال الليل . نظرت (هارونا) محدقة به , رمشت مرتين بعينيها المتسعة ناظرة إلى قدميها و قالت : - أنا لا أقدر أن أقطعها , أليس كذلك ؟! ((- ما هذه الفتاة البلهاء ؟!)) فكر (رانمارو) . ابتعدت الفتاة عنه , جلست على حافة الفراش و قالت ناظرة نحو الأرض : - لقد قيل لي أن السحرة وحوش , قتلة , رئوسهم بداخلها أسلحة فتاكة , كما أن العصا التي يحملونها ثعبان مجمد , لا أعرف لماذا , لكني لا أجد ذلك فيك , هل أنت ساحر أم أنت شخص آخر ؟!! حدق (رانمارو) فيها باستغراب شديد , يبدو أن تلك الفتاة كانت محبوسة مثله و لم تقابل أي فرد خارج عائلتها , هكذا فكر , نظر نحوها بعين العطف , إنها تذكره بنفسه حين قابل (كايتو) ورأى لأول مرة تعويذة سحرية , فابتسم , نظرت إليه (هارونا) باستغراب و قبل أن تقول ما تريد سارعها (رانمارو) بقوله : - أنا اسمي رانمارو . قالها و مد يده اليمنى نحوها ليصافحها , نظرت إليه و إلى يده الممتدة لثواني ثم حركت يدها اليمنى لتصافح يده و قالت : - و أنا ... و أنا ... أنا هارونا . قالتها و ابتسمت , كانت ابتسامتها طفولية , كانت لا تتعدى من العمر أربعة عشر ربيعا , كانت برائة الأطفال في عينيها و ابتسامتها , نظر نحوها (رانمارو) و قال : - هل يمكن أن تفكي وثاقي الآن ؟! نظرت نحوه هارونا و قالت بصوت خفيض : - أخاف أن تفعل بي تهديدك , و لكني حقا لم أرَ أي ساحر من قبل و كنت أريد أن أتعرف على ما يقوم به , لكنني لم أقصد أن أسبب لك أي ضيق أو ضرر . - لا , لا تحزني , أنا لن أقوم بأي شيء , أنا كنت مثلك تماما , بل لم أعرف أنني ساحر إلا منذ وقت قريب . - ماذا ؟!! و لماذا إذن ؟!! قالتها و هي تضع كفيها على ركبتيها و انحنت نحو الأمام نحو (رانمارو) و عيناها متسعة و تنظر في عينيه بشغف , نظر إليها , ابتسم و قال : - حسنا , فكي وثاقي أولا ثم أحدثكي في هذا الأمر و تحدثيني أيضا عن نفسك , ما قولك ؟! - حسنا ! قالتها و صدر صوت طرقعة خفيفة من اصبعي الإبهام و الوسطي بيدها اليمنى , بعدها انفك وثاق (رانمارو) , اعتدل في جلسته , جلست (هارونا) القرفصاء على الفراش ووضعت مرفقيها على ركبتيها و استندت برأسها على راحتي يدها و كأنها تشاهد عرضا في التلفاز , و قالت : - هيا قص لي ما حدث لك و سأقص لك ما حدث لي . مكثوا حوالي الأربعة ساعات , كل منهما يقص للآخر قصته , قص (رانمارو) عليها سريعا و بإيجاز شديد قصته من بداية الحادثة الأولى له مع الساحر مرورا بمقابلته (لكايتو) حتى نهايته مع (ياكو) و اختطاف (ساكورا) , في حين قالت له عليىما دار بين أمها و اللورد (ماكيتو) عن زواجها و كيف أنها هربت بالتفصيل , قالت (هارونا) بعد ان انتهت من رواية قصتها : - أنت إذن من يطلقون عليه المنبوذ ؟! لقد اشتقت للقائك حقا و ها أنا ذا معك في مكان واحد. نظر إليها (رانمارو) بشيء من الغضب و قال : - أنا لست بمنبوذ , هذا خطأ , و سأثبت برائتي و سأصححه ! - ولكنك الآن ملقب بهذا , و لن أتراجع عن ندائك بالمنبوذ حتى تثبت برائتك ! قالتها و هي ترجع إلى الوراء لتريح ظهرها على الحائط و تبتسم إغاظة في (رانمارو) الذي اندفع يقول : - أنا برئ و لا تقولي هذا أمامي ! - حاضر أيها المنبوذ ! - ماذا قلت لك ؟!! - حسنا لن أقول لك منبوذ أيها المنبوذ ! - هارونا !! قالها و هو يجز على أسنانه من الغيظ , ابتسمت و هي ترمقه بعينيها , نظرت نحو سماء الغرفة و كأنها تحلم , قالت بهدوء : - لقد اشتقت إلى أيام المرح و اللعب مع ناجامي , لا أعلم لماذا و لكن ... اعتدلت في نظرتها لتحدق (برانمارو) و تابعت : - ولكن يوجد لدي شخص آخر أتسلى معه , إنه أنت أيها المنبوذ . - هارونا إن لم تصمتي لـ ... - لـ..ماذا ؟! ماذا ستفعل لي ؟! قالتها و ابتسمت من الغيظ و الغضب اللذان كانا يملآن وجهه , أدار وجهه إلى الناحية الأخرى و قال : - لا شيء , أنا لا أستطيع أن أؤذي أي فتاة ! - هذا ما كنت متأكدة منه , فأنت تبدو رجلا شهما أيها المنبوذ !! - آآآآه , كفي عن هذا الحديث معي . - ماذا ستفعل إن لم أتوقف ؟!! - آآآآآآه !!! استمر الحال هكذا بينهما حتى حلول الظلام , كانت (هارونا) تستمع بإغاظة (رانمارو) , عندما حل الليل , نظر إليها (رانمارو) و قد مل من الشكوى من لقبه البغيض , دخل (ياكو) الغرفة بينهما , لم يكن قد أدرك ما حل بينهما , لكنهما ظلا على حالتهما من الصدام المرح , عندما مل (رانمارو) منها قال لها : - حسنا ساذهب لأتدرب , هل تريدين أي شيء ؟! - كم هي محظوظة !! - ماذا تقصدين ؟!! قالها و تابع (هارونا) في حركتها و هي تغادر الفراش : - أقول يا لتلك الفتاة من حظ حتى تجد فتى وسيم يتكبد عناء المخاطر و يعرض حياته للخطر في سبيل ارجاعها سالمة , ليتني أجد واحدا مثلك ... أيها المنبوذ !! قالت الكلمة الأخيرة و هي تضحك لأنها تعلم رد فعل (رانمارو) المسبق لكنها فوجئت ببرودة رد فعله , فحدقت به في غرابة و قالت و هي تضع راحة يدها اليسرى على جبهته : - هل أنت مريض عزيزي المنبوذ ؟!! لم يتغير مزاج (رانمارو) , بل رد عليها قائلا : - لقد قررت ألا أزعج نفسي مما تقولينه , فبعد كل شيء أنتي تستمعين بكوني أغضب لسماعي تلك الجملة , و أنا لن أعطيكي تلك المتعة مرة أخرى !! قالها و هو يبتسم ابتسامة صفراء , و ينظر إليها نظرة تشمت , فنظرت نحوه بجدية وقالت: - لا أهتم لذلك , لكني لن أتوقف عن قول ذلك أيها ا.ل.م.ن.ب.و.ذ..!!! قالتها و هي تنطق كل حرف و تحدق في وجه (رانمارو) و كأنها ترميه بالحروف , غير (رانمارو) مجرى الحديث بقوله سريعا : - هل مصاصي الدماء يتدربون مثلنا ؟! لكن أين عصاتك السحرية ؟! لم أرها معكي ! - حسنا , نحن نتدرب مثلكم و لكن لا نملك أي عصا و لهذا ... قالتها و نظرت إلى أصبعها السبابة الأيمن , فرأى (رانمارو) شيئا غريبا , إن الإظفر الخاص به قد طال إلى الأمام ليصبح طوله حوالي الثلاثون سنتيمتر تقريبا , و كأنه فعلا عصا في يدها , ابتسمت لنظرة الدهشة التي تغرق وجهه , و قالت : - يبدو أنك تجهل كثيرا عن عالمنا أيها المنبوذ !! - و أنت كذلك أيتها الهاربة !! - أنا لست بهاربة , أنا لا أريد أن أقضي بقية حياتي مع شخص أبغضه . قالتها بصوت عالي , ابتسم (رانمارو) و رد قائلا لها : - حسنا أيتها الهاربة , إنكي أمامي هاربة , و سأظل أقولها لك , أيتها الهاربة , أيتها الهاربة , الهاربة , الهاربة , الهاربة , ا.ل.ه.ا.ر.ب.ة... !!! قالها بسرعة و هو ينظر تجاه (هارونا) التي أمسكت نفسها بصعوبة وسط ضحكات (رانمارو) الشديدة , فقالت له: - حسنا إذن , سأكف عن قول المنبوذ و أنت كف قول الهاربة !! قالتها و هي تنظر بحزن نحو أرضية الحجرة , كانت كالطفل إذا أخذت منه لعبته المفضلة , فرد عليها (رانمارو) قائلا لها : - حسنا أنا موافق , فهذا أفضل لنا نحن الاثنين , و الآن هل أبدأ التدريب ؟! أومأت برأسها في خجل , فقام من على الأريكة , و اتخذ الوضع المميز للتدريب , ثم قال : -كايتو ! حملق (ياكو) و (هارونا) به , ظل الأول صامتا طوال حديثهما السابق , كل ما كان يفعله هو محاولة منع نفسه من القهقة بصوت عال حتى لا يتوقفوا عن تلك الروح الجميلة ظهر الضوء المشع الباهر مرة أخرى , أغلق (رانمارو) عينيه و فتحهما ليجد نفسه عند مدخل الكهف . يتبـــــــــــع .................... |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الثاني و العشرون مشكلة هارونا تلفت حوله , لم يجد شيئا غير عادي , اتجه نحو المدخل كعادته , لكن صوت ما أوقفه , نظر خلفه حيث مصدره فوجد (هارونا) تقف محملقة فيه صارخة : - ماذا تفعل هنا ؟!! قالتها وهي تشير بيدها اليمنى نحو (رانمارو) الذي اكتفى بالإبتسام , كررت (هارونا) سؤالها بغيظ أكبر , فقال لها (رانمارو) مغمضا عينيه , ينظر نحو الأرض و لازالت الإبتسامة لا تفارق شفتيه : - هذه أول مرة لكي , أليس كذلك ؟! نظرت نحوه (هارونا) محدقة فيه بحنق و قالت : - كلا لقد تدربت من قبل مئات المرات ! - لا أعني ذلك . - إذن ماذا تقصد ؟! - أقصد أن هذه أول مرة لكي تتدربين فيها مع شخص آخر . - وهل يفرق الأمر كثيرا ؟!! - نعم , فعندما تتدربين مع شخص آخر تندمج قواكما الروحية و تتدربان معاَ. - ماذا؟!! لكنني لم أكن أتدرب في هذا المكان المظلم , لقد كنت أتدرب في مكان أشبه ما يكون بالحديقة . ابتسم (رانمارو) أكثر حتى ظهرت نواجزه و تمتم بما لم تسمعه (هارونا) جيدا : - يالك من طيبة القلب و رقيقة .. صرخت (هارونا) بحنق أكبر في (رانمارو) : -ماذا تقول ؟! فأسرع قائلا : -كلا لم أقل شيئا , و لكن أين ذهب ياكو ؟! قالت وهي تبتسم ابتسامة ماكرة : -لقد خرج من الغرفة نحو الطابق السفلي فقررت أن أتدرب أنا الأخرى ! نظر نحوها ثم قال : -حسنا , فليكن , و الآن ... قالها و اتجه نحو مدخل الكهف و نظر للخلف نحو (هارونا) و قال : - هذا هو كهف تدريبي , ذلك لأنني أقوى منكي في الطاقة الروحية .. قالها بسرعة و بصوت مرتفع و ذلك لأنه كان متأكد من أن (هارونا) سوف تعترض عليه , و قد كان , دخل رانمارو الي داخل الكهف بسرعة دون أن ينطق بأي كلمة , نظرت نحوه (هارونا) بحنق , و قالت : - أف , حسنا إذن . دخلت بحنق إلى داخل الكهف , عندما أصبحت بداخله نظرت بكل دهشة و عيناها متسعتين , أدارت رأسها في المكان كله لبرهة , ثم نظرت إلى (رانمارو) , و قالت و هى تشير إليه بيدها اليسرى : - إنه كهف واسع و كبير جدا لا يبدو ذلك من منظره الخارجي . لم يتكلم معها (رانمارو) , كان ينظر نحو وحشها , كان دبا كبيرا أزرق العينين , لكن ... - ماذا يحدث لوحشك ؟! نظرت (هارونا) إليه كالبلهاء , ثم تناقلت بصرها بين وحشها و (رانمارو) , قالت و هي لا تزال بنفس النظرة : - لا أعلم ما الذي تتحدث عنه ؟!! أشار (رانمارو) نحو الوحش و قال لها : - إنه لا يحتمل طاقة وحشي الروحية , إنه لشيء غريب , ألا تري كيف ... بتر عبارته حيث وجد (هارونا) فقدت وعيها فجأة بجانبه , تسقط على الأرض على ظهرها , أسرع بمد يده ليمسكها قبل أن تصل إلى الأرض , استطاع أن يدركها قبل سنتيمترات معدودة من الأرض . - هارونا ... ظلي معي ... هيا أفيقي ... هيــ ... - لا يمكن أن تفعل لها شيئا هنا ! نظر (رانمارو) نحو محدثه , فوجده وحش (هارونا) و هو لازال يضع يديه الاثنتين أمام وجهه و صدره حتى يقي نفسه من طاقة وحش (رانمارو) , ارتعش (رانمارو) و هو لا يدرك مغزى ما قاله للتو وحش (هارونا) , فتابع: - انظر بني , إنني لا أحتمل قوة وحشك , ليس لضعفي و لكن لوجود شيء أزال قوتي عني و امتصها بعيدا , بالتالي لا أحتمل قوة وحشك , و كذلك الأمر مع هارونا , إنها لن تستطيع أن تتدرب معك إلا إذا وجدت حلا لتلك العقبة. نظر نحوه (رانمارو) في فزع , عندما هم بقول شيء ما صرخ فيه الوحش قائلا : - ألا تدرك الأمر بعد , إنها تحتضر و هي هنا , أسرع بالخروج الآن !! لم يدرك (رانمارو) ما كان يفعله سوى أنه كان يطوي الأرض بساقيه , كان يحمل (هارونا) بين ذراعيه , أصبح وجهها الآن أزرقا , ازدادت قوة ضربات قلب (رانمارو) حتى أنه أحس بها , اقترب من المدخل , قفز إليه ليتجاوزه , لكن ... - آآآآآه !!! صرخ (رانمارو) عند اصطدامه بحاجز خفي يسد المدخل , ارتد (رانمارو) و (هارونا) إلى الخلف لمترات معدودة , توقف بعدها (رانمارو) و هو يلهث , كان يحدق بالمدخل , أصبح ذلك المدخل مملوء بلون أسود خفيف , كان يتحرك اللون بسرعة و كأنه موج بحر , عندها ارتطمت (هارونا) بقدمه اليسرى , نظر إليها (رانمارو) في إلتياع , فلقد تحول لونها إلى الرمادي , التفت (رانمارو) للخلف نحو وحشه و صرخ فيه : - ماذا حدث ؟!! لماذا لا أستطيع الخروج من كهفي !! نظر إليه التنين و نفخ كرة صغيرة من النار من الغيظ و قال : - إن المدخل محمي بتعويذة قوية , تعويذة تجعل من يدخل لا يستطيع الخروج . - و ما العمل ؟!! صرخ (رانمارو) , فتابع الوحش : - لا يوجد للأسف ما تفعله , لا يمكن أن ينتهي تأثير هذه التعويذة سوى بشخص من الخارج ! - لكنها ستموت بعد دقيقة !! قالها وحش (هارونا) بحزن شديد , نظر (رانمارو) تجاهه هو و التنين , لم يكن يعرف ماذا بمكن أن يفعله , نظر نحو (هارونا) الممددة بجانبه , مال بجسمه نحوها , أمسك بكتفيها وحملها ووضع رأسها على فخذيه , مسح بيده برفق و حنان على شعرها , تذكر كلماتها : ((أيها المنبوذ ... أنا لست بهاربة )) وسط صوت ضحكاتها يتردد في أذنيه بقوة , اندفعت الدموع من عينيه كسيل منهمر , احتضنها بقوة و هو يقول : - أنا آسف , أنا لست قويا إلى الدرجة التي تؤهلني لحمايتك , لا أعلم ماذا أفعل !! - راااانماااارووو , ماذا تفعلان من غيري ؟! دوي هذا الصوت المميز في أرجاء الكهف كله , نظر (رانمارو) نحو (ياكو) , أحس أن الثواني صارت ساعات طويلة , كان أمامه (ياكو) يكاد يرفع قدمه اليسرى للدخول إلى الكهف ... - كلاااااااااااااااااا !!! صرخ (رانمارو) بكل قوته , صرخ بأعلى صوته , صرخ إلى الدرجة التي توقفت فيها قدم (ياكو) في منتصف طريقها في الهواء , فقد (ياكو) إتزانه , لوح بيديه الاثنتين في الهواء محاولا ضبط إتزانه , كان يبدو أنه سيسقط إلى داخل الكهف ... - هيا اسرع رانمارو و اعبر الكهف و ياكو عند مدخله , هيا ! انتفض (رانمارو) مستفيقا من قول النسر , لم يضع ثانية بعدها , وقف و حمل (هارونا) بين ذراعيه و تحرك , لم يعلم كيف و لكنه كان يتحرك بسرعة شديدة , أصبح جسد (ياكو) الآن مائلا للأمام , اخترق (ياكو) مدخل الكهف برأسه , كان يهوي للأمام , لم يستطع ضبط إتزانه أكثر من هذا , كان (رانمارو) على بعد خمسة أمتار عندما وقف , ركض (رانمارو) خطوتين , أحس و كأنه لا يوجد بالكهف , أحس و كأن الدنيا تظلم أمامه , لم يوجد في العالم سواه و (هارونا) بين يديه , و (ياكو) الذي يميل نحو الأمام , أصبح (ياكو) الآن داخل الكهف برأسه في حين أن صدره يقطع المدخل , أصبح (رانمارو) على بعد ثلاثة أمتار , أغمض عينيه , و صرخ , و قفز بكل قوته , تخطي صدر (ياكو) الآن المدخل , قفزت قدماه لا إراديا حتى يقي جسمه من آثار السقوط , لم يكن (رانمارو) سوى على بعد متر و نصف الآن , أصبحت ساقي (ياكو) مستعدة لتعبر مدخل الكهف , لم يبلغ (رانمارو) المدخل بعد , وصل أيضا إلى الأرض في نفس اللحظة منهيا قفزته القصيرة تحت تأثير وزن (هارونا) الزائد على ساقيه , لوهلة نظر تجاه (ياكو) , كان الآن قد دخل الكهف إلا من ساقيه , لم يعرف (رانمارو) ماذا يفعل , لم تكن هناك سوى مسافة نصف متر تفصله عن المدخل , و لكن يالها من مسافة طويلة مقارنة بالوقت القصير الذي يملكه , لم يعرف ماذا يفعل , شعر أنه لن يفعلها , نظر تجاه (هارونا) , أحس أن الوقت يمشي ببطء , وجد أن لونها قد اتجه إلى السواد , تغيرت حالته , اتسعت عيناه من الاصرار , و صرخ : - كلاااااااااااااا , لن أسمح بحدوث ذلك . قالها و قفز ... ************************** خيم ظلام دامس على القلعة العتيقة بمنطقة نائية في احدى الغابات المحيطة (بطوكيو) , لم يكن فقط ذاك اللظلام خارجها , بل اكتنفت أرجاؤها ظلمه و وحشة , من بين طرقاتها , إلى حجراتها , و كذلك سجونها و دهاليزها , لكن ... - لم هذا الاجتماع المفاجئ لورد ماكيتو ؟!! قالتها إمرأة ترتدي فستانا أحمرا أنيقا , تراجعت في بطء و دلال على المقعد الفخم العتيق , قال لها اللورد (ماكيتو) : - ألا تريدين أن تبدي قليلا من الحزن نحو وفاة ابنى؟! قالها و ضاقت عيناه , ردت عليه السيدة بضحكة قصيرة و قالت له : - لا يساوى عندى قدر بعوضة هذا المعتوه. - ماذا ؟!!! قالها و اندفع نحوها , كان الغضب يملؤه , رفع قدمه ليوجه لها ضربة في وجهها لكنها تفادتها بقفزة رشيقة على مقعدها , تابعت حركتها الرشيقة بالقفز مستندة على كتفي (ماكيتو) لتقفز خلفه في مرونة واضحة , عندما استقرت على الأرض لفت ذراعها حول عنقه و قالت : - إذا أردت القتال فلا بأس , أنا أشعر بالملل منذ فترة طويلة و لا مانع عندي من تجديد النشاط !! ثم أطبقت أكثر على عنقه حتى أحمر وجهه بشدة و هو يعافر بكل قوته قدر المستطاع ليفك قيود يدها حول عنقه لكن دون أي تأثير , أكملت و هي تبتسم : -و إذا أردت فمن الممكن أن ألحقك بابنك مادمت تحبه إلى تلك الدرجة ! حينها صدر صوت ثالث : - هلا تستريحا و ليهدئ كل منكم نفسه حتى نتناقش بصورة أكثر عقلانية ؟!! نظرت السيدة نحو رجل جاء من وسط الظلام , ضاقت عيناها من الغضب و تمتمت : - اللعنة !! - لماذا هذه النظرة الحزينة الغاضبة عزيزتي؟! إنها تنبعث منكي لتملأ المكان ظلمة أكثر , هلا تركتي اللورد و جلستي مكانك سيدتي ؟!! قالها و انحنى بصورة مسرحية أمامها , كتمت السيدة ما كانت تريد أن تقوله , أرخت ذراعها , ثم اتجهت لتجلس في مكانها , سقط (ماكيتو) على الأرض جاثيا بركبتيه و هو يمسك حلقه بقبضتيه و كأنه يريد أن يوسع مجرى الهواء بيديه , وسط سيل من الكح المتواصل , توقفت بعد لحظات من بدايتها , فأصبح صوت تنفسه عاليا قليلا , يبدو و كأنه كان يجري ماراثون طويل , نهض بصعوبة , و هو يترنح , التفت نحو السيدة , حدق فيها بكراهية فقالت : - أرجو ألا تكرهني لما فعلته , فأنت كما تعلم لا أحب الفاشلين . أمسك اللورد نفسه بصعوبه رغم سوء حالته , اتجه نحو مقعده بترنح حتى وصل إليه , ارتمى جالسا فوقه كأنه فراش يرتاح فيه , نظر الرجل الوافد نحو (ماكيتو) ثم نحو السيدة و قال وهو يجلس على مقعد ثالث : - و الآن , هل نبدأ الإجتماع , ماذا ستفعل أيها اللورد مع الذي قتل ابنك ؟! هل عرفت من هو ؟! نظر اللورد إلى محدثه و هو لازال يعاني أثار الاختناق , فقال بصعوبة و ببطء بصوت لا يخلو من الحشرجة : - نعم , لقد تأكدت منه , لا يوجد من يستطيع أن يستخدم طاقة روحية نارية مثل تلك سوى شخص واحد , إنه رانمارو. هدأ جو الغرفة كالجو خارجها , حدق الرجل (بماكيتو) , ثم قال بهدوء و بصوت صارم و جدي للغاية : - هل أنت متأكد مما تقول ؟!! - نعم , لقد قال و أكد لنا تلك المعلومة قائد فريق التحقيقات لدي , و هو من أكفأ الرجال في مجاله !! - أف ! قالتها السيدة بملل , فالتفت نحوها (ماكيتو) و قال لها : - ماذا هناك الآن ؟!! نظرت نحوه السيدة و على شفتيها ابتسامة مكر و سخرية , قالت بصوت يملؤه الاستهزاء : - نعم أنت لديك أفضل رجالك في هذا المجال , و لكنه ليس أفضل شخص فيه . - هل تعنين إيكويا ؟! قالها الرجل بهدوء أيضا محدقا بالسيدة , فتابعت : - نعم , إنها أفضل شخص على الإطلاق في هذا المجال . حك الرجل الغريب ذقنه بيده و هو يمعن في التفكير , نظر إليه الآخران بإهتمام و بإنصات شديد , رفع رأسه و قال : - هل تريدين التأكد من أنها قد وصلت متأخرة فعلا ؟! ابتسمت السيدة و قالت : - هذا أقل ما هو متوقع من رئيس رايدو ناكاما , نعم هو كذلك. نظر إليها الرجل و ابتسم , قال : - لا يمكنني أن أجزم حتى و إن فعلت الصواب أنها لا تضمر شرا , فمن الممكن أن تتذاكى و هي أكثر الناس معرفة بكي.. مالت السيدة بجسمها للأمام قليلا على مقعدها الفخم و قالت : - لا أهتم لذلك الاحتمال الضئيل , لكني أريد أن أقلل إختياراتي في شكي معها . نظر الغريب تجاه (ماكيتو) و قال له : - هل تعارض أن تحقق إيكويا معك في هذه الحادثة ! صمت اللورد قليلا , كان يفكر في المخاطر و الفوائد من وجود (إيكويا) معه , صمت لبرهة , ثم قال بعدها : - لا أعارض وجودها بل أرحب به . جال الغريب بنظره بينهما ثم قال : -حسنا , لقد سوي الأمر إذن , هيا غادرا المكان حتى أستدعيكما مرة أخرى ! نظرا نحوه , كانا في الواقع يبغضانه , لكنهما حتى تلك اللحظة لا يعرفان عنه شيئا , لهذا فقد قررا مجاراته حتى يدركا شخصيته بعدها يقررا هل يتبعانه أم يجعلانه يغادر هذه الدنيا إلى الأبد , قاما و غادرا المكان في لحظات , أما هو أخذ يفكر فيم اقاله اللورد من قليل ... ((-رانمارو فعل ذلك ... يبدو أنك تفوق توقعاتي أيها العنيد , هذا جيد لك و لي و للجميع عزيزي , هيا واصل تقدمك و تحطيمك للذي أتوقعه لك حتى تدمر نفسك بنفسك عزيزي !!)) ترددت هذه الكلمات الشيطانية في عقله , فأخذ يضحك عليه ضحكات عالية , تردد صداها في أنحاء هذه القلعة , في دهايزها , في حجراتها , طارت أسراب من الخفافيش التي تسكن القلعة , حملقت عينان خضراوان وسط ظلام المكان الذي لا ينيره سوى بعض شعلات نارية خفيفة , تمتم الشخص المقيد بسلاسل نحو الجدار فور سماعه ضحكة هذا الشيطان : -هل انعقد مجلس الشر مرة أخرى ؟ إلى متى سيظلون مسيطرين على العالم ؟! ألا يوجد من يستطع الوقوف في وجههم ؟! ظل الشخص يتسائل دون أن يجد أجوبة , و دون أن يدرك شخص آخر بوجود من يتسائل هذه الأسئلة.. يتبــــــــــــــــــــــع........... |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الثالث و العشرون لحظات عصيبة...... ساكورا ...أم....هارونا ؟!!! أصبحت ساق (ياكو) على مقربة من عبور حافة الدخول إلى داخل الكهف , أما (رانمارو) فقد صار على بعد نصف متر فقط من الخروج , كان الموقف عصيبا , لكن ... - توقف ياكو ! صرخ (رانمارو) و هو في وسط قفزته الثانية , فعل شيئا عجيبا ً , أشار بيده نحو (ياكو) , اندفعت طاقته الروحية نحو الأخير و أحاطت به و هو في الهواء و أمسكته , صرخ (ياكو) من الألم الرهيب , لكنه توقف فعلا و كأنه لا يهتم بالجاذبية على الإطلاق , في اللحظة التالية كان (رانمارو) قد اجتاز المدخل فعلا , اختفت بعدها الطاقة الروحية و تابع (ياكو) اندفاعه نحو الأمام مكملا رحلة قفزته , صدر صوتين متتاليين , الأول عن ارتطام جسد (رانمارو) بالأرض و تدحرج (هارونا) من يده عليها , و الثاني صوت إرتطام جسد (ياكو) بأرض الكهف و تدحرجه هو الآخر , وقف (ياكو) و الغبار يملأ كل بوصة من جسمه حانقا , التفت ناظرا في المكان الذي يقف فيه (رانمارو) و صرخ مهددا بقبضة يده اليمنى ملوحا بها في الهواء : - أريد تفسيرا لما حد ... لم يكمل , فهناك , و في مدخل الكهف , لا يوجد شيء , كان هو وحيداً فقط هنا , اندفع بسرعة عابرا المدخل للخارج , و منها إلى العالم الخارجي. - هل من الممكن أن تشرح لي ما حدث ؟!! قالها (ياكو) و هو يلهث مستندا بيديه على ركبتيه من التعب و كأنه كان يجري بشدة , نظر نحوه (رانمارو) و هو يضع (هارونا) في الفراش و يغطيها جيدا ً , رد قائلا : - هناك من فعل شيئا بطاقة هارونا الروحية ! - ماذا ؟!! صاح (ياكو) من الدهشة و هو غير مصدق , نظر إليه (رانمارو) ثم التفت لينظر نحو (هارونا) الراقدة فاقدة للوعي , أمسك يديها بيديه و قال بحزن : - لا أعلم كيف أو ماذا حدث , لكن هارونا و وحشها لم يستحملا قوتي الروحية , و كادت أن تموت , بل إن هناك تعويذة تُفعل فقط إذا شاركت أي فرد في التدريب ... قالها و التفت إلى (ياكو) و أكمل و على وجهه نظرة حزن شديدة : - عندها لا يمكنها أن تخرج هي و الذي معها , و تظل محبوسة تعاني من تأثير الطاقة الروحية حتي ... نظر إليه (ياكو) بصمت و على وجهه أمارات الحزن و الأسى ... - تمــــوت ! انتفض (ياكو) من الفزع بعد قول (رانمارو) الأخير , نظر تجاه (هارونا) , و قال كأنه مأخوذ بما حدث : - تمو...تموت ؟!! قالها مستفسرا بحزن شديد و هو ينظر نحو (رانمارو) بعين متسعة , حدق فيه (رانمارو) للحظات ثم نظر إلى الأرض و تابع : - نعم , و كان الحل الوحيد هو أن يأتي شخص من الخارج و يقف في مدخل الكهف حتى يبطل مفعول تلك التعويذة , و قد كنت أنت ... ياكو ... قالها (رانمارو) ناظرا إليه , التفت إليه (ياكو) و تابع (رانمارو) : - إنني آسف على ما قد حدث , لم أكن أقصد إلحاق أي ضرر بك أخي , لكن ... - لا تكمل , المهم أن هارونا الآن بسلام . قالها و ارتسمت على شفتيه شبح إبتسامة خفيفة وهو ينظر تجاه (هارونا) الراقدة بسلام و سكينة على الفراش , قال له (رانمارو) و هو يتحرك تجاه منتصف الغرفة و يتخذ وضع التدريب : - هيا ياكو لابد و أن أعرف ماذا ينبغي أن نفعله من أجل هارونا , هل ستأتي ؟! - نعم , أريد أن أفهم مثلك السبب , فلا حاجة لي للبقاء معها هنا وقد اطمئننا عليها , هيا بنا ! قالها و اتخذ وضع التدريب المميز مع (رانمارو) , دخلا إلى عالم التدريب .. نظر (رانمارو) نحو (ياكو) عند مدخل الكهف و قال له : - إنتظر هنا حتي أدخل أنا , فإذا كانت التعويذة موجودة فستظل هنا حتى تساعدني على الخروج. - حسناً ! قالها (ياكو) إلى (رانمارو) , فتحرك الأخير نحو مدخل الكهف , و دخله , ثم التفت ليخرج , نظر (ياكو) بترقب شديد نحو (رانمارو) الذي كان يتصبب عرقا خوفا من وجود التعويذة على مدخل كهفه و بالتالي لا يمكن له التدريب بسهولة , أصبح الآن عند مدخل كهفه , رفع قدمه اليمنى عن الأرض , حدق بالحد الوهمي الذي يفصل الكهف عن خارجه , تحركت قدمه ببطء نحو الخارج , نظر (ياكو) و (رانمارو) إلى قدم الأخير اليمنى , قد أصبحت الآن قاطعة مدخل الكهف بالضبط , حرك (رانمارو) قدمه نحو الأمام بقوة وهو يغمض عينيه كأنه يستعد لحدوث شيء مؤلم , فلم يقف شيئا في طريقها و اندفعت نحو الأمام , فمال جسده معها فسقط على الأرض و تدحرج مرتين ثم توقف , فنهض و هو ينفض الغبار عن ملابسه و هو يقول مبتسما : - حسنا لا توجد هذه التعويذة هنا , فهيا بنا لنر ما علاقتها بهارونا . قالها و اتجه بصحبة (ياكو) نحو الكهف , ثم وقفا أمام الوحشين , انحنى (رانمارو) أمامها و معه (ياكو) و قال : - مرحبا بسيداي , كيف حالكما ؟!! - نحن على ما يرام رانمارو . هكذا رد التنين , رفع كل منهما رأسه و نظرا نحو الوحشين , ثم تكلم (رانمارو) : - أريد أن أتحدث معكما عما حدث اليوم , مع هارونا أقصد. - انظر رانمارو ... هكذا قال التنين فنظر إليه (رانمارو) و (ياكو) , فتابع : - هذه الفتاة قد تعرضت لتعويذة حرمان من قوة وحشها , و هذا ما كانت نتيجته ضعف وحشها , كان ضعيفا إلى الدرجة التي لا تمكنه من تحمل قوتي الروحية , مع العلم أنني أعرف هذا الوحش جيداً , إنه يصنف من فئة أقوى الوحوش , و بالتالي قوته هذه ليست قوته الأصلية . - لكن من الذي سيفعل ذلك ؟!! و ما هي الفائدجة التي سيجنيها من جراء ذلك ؟!! صرخ (ياكو) نحو التنين , نظر إليه التنين و قال له : - لا تصرخ فى هكذا , أنا لست وحشك , تعلم الإحترام أيها الصغير . قالها و تلون جسده بالأحمر , اندفع (رانمارو) و انحنى و أحنى (ياكو) بيده اليسرى , و قال: - أرجو المعذرة سيدي فنحن تحت ضغط عصبي شديد , أرجو أن تسامحه ! نظر (ياكو) و هو منحني بيد (رانمارو) إليه , فابتسم ثم قال : - أرجو أن تسامحني سيدي , فأنا اندفعت من غضبي لمن فعل تلك الفعلة الشنعاء . - حسنا , أنا أقدر ظروف كل منكما و لكن أرجو ألا تتعدى حدودك المرة القادمة و إلا سأضطر إلى معاقبتك , هل فهمت ؟! - نعم سيدي فهمت !! رفع كل منهما رأسه و نظر نحو التنين الذي تابع : - إجابة على تساؤلك , الذي قد فعل ذلك كان يخطط منذ البداية بالتدريب معها , فعندما يفعل يفعل تكون أسيرة للتعويذة , و بالتالي سوف تموت . - ولكن ما مصلحته من فعل هذا ؟!! سأل (رانمارو) الوحش بهدوء , حيث كان لا يريد إثارة حفيظته , نظر الوحش نحوه مستغربا من لهجة (رانمارو) الهادئة و ابتسم قائلا : - يبدو أنه كان لابد من معاقبة ياكو منذ البداية حتى تتعظ أنت , هاهاهاها , فلنعد إلى موضوعنا , انظرا , من فعل ذلك كان يخطط لمشاركة تلك الفتاة قوتها الروحية ووحشها . حدق (رانمارو) و (ياكو) برعب نحو التنين , كانا لا يصدقان ما سمعاه للتو , من كان يفعل ذلك ؟!! - لكن , لم يخطط ذاك الشخص في أن يتم إبطال مفعول التعويذة من الخارج بشخص ثالث , أو أنها تتدرب مع شخص آخر غيره. قال (رانمارو) ذلك وهو لا يزال في حالة الدهشة , فرد عليه التنين بحزن قائلا : - لا رانمارو , لقد خطط لذلك أيضا ً , لهذا فإنه أضاف جزء للتعويذة بجعل هارونا حتى إذا تم إنقاذها فإنها ستموت بعد خروجها من هنا بيومين بالضبط !! هذه المرة كانت الصدمة أكبر , اندفع جسد كل منهما منتفضا إلى الخلف بعنف , حدق (رانمارو) إلى (ياكو) الذي صرخ : - هاااااااارووووناااااااا !!! اندفع (ياكو) يجري بسرعة نحو المخرج , عندما هم (رانمارو) باللحاق به سمع صوت النسر ينبهه فوقف ناظرا إليه فقال : - رانمارو , هناك وسيلة ليتم إنقاذ الفتاة تلك , و لكنها صعبة . صرخ (رانمارو) مجيبا : - لا يهمني , قل لي سيدي ما هي و سأفعلها . قال التنين : - حسنا , هذه التعويذة حتى تتم يجب لصق ورقة عليها كتابات التعويذة على ساق الشجرة الرئيسية للعائلة . حملق (رانمارو) فيهما بتعجب و تمتم : - و هذا يعني أننا يجب أن نذهب نحو الشجرة المقدسة لعائلتها و نزع تلك الورقة . - الأمر ليس بتلك البساطة . هكذا قال النسر , ثم تابع التنين قائلا : - أنت تعرف أن من أهم أسرار أي عائلة هي الشجرة المقدسة , هذا بالإضافة إلى أن الشخص الذي قد وضع الورقة لن يسمح لك بذلك . نظر (رانمارو) إليه ثم قال : - لكن هل يمكن أن أجد الشجرة تلك بدون مساعدة عائلتها . نظر التنين نحو النسر الذي رد قائلا : - حسنا رانمارو , أنا لست جيدا بما فيه الكفاية في فن إقتفاء الأثر ذاك , هناك من هو متخصص عني فيه , لكن نظرا للظروف فأنا أفضل ما لديك . نظر نحوه (رانمارو) و هو يشير برأسه إشارة مغزاها أن يكمل , فتابع : - أنت تحتاج فقط إلى خصلة شعر من الفتاة , ثم بعدها ستقوم بعمل تعويذة تستحضرني فيها و لكن بصورة مصغرة , و يفضل أن يقوم ياكو بذلك حتى لا تستهلك قوتك الروحية كلها , كما إنني أعلم أن أضعف صورة لك سوف تكون أكبر مما نحتاج بكثير , سوف أطير آخذًا الشعرة داخل جسمي و أجعلها كبوصلة , ستشير نحو المكان الموجود به أكبر كمية من الطاقة الروحية الخاصة بوحش الفتاة و هي بالتالي ستكون طاقة الشجرة بالتأكيد , عندها سأرجع إليكما و أدلكما على الطريق , وبعدها افعل ما تريد . نظر (رانمارو) نحو النسر و قال له : - لكن هل يعلم ياكو تعويذة استحضارك ؟! قال النسر بأسى : - كلا للأسف , و لهذا عليك بإحضاره لي كي أدربه عليها . - حسنا . استدار (رانمارو) ليهم بالمغادرة , فاستوقفه التنين ثانية قائلا له : - رانمارو ,ربما تحتاج الفتاة لدم , اجعل ياكو يعطيها من دمه . - ماذا ؟!! صاح (رانمارو) مستنكرا للوحش , و تابع : - من الذي سيعطيها دم , لا يمكن , هل تريد أن يكون ياكو مصاص دماء هو الآخر ؟!! ابتسم الوحشان و نظرا لبعضهما البعض , ثم تكلم وحش (ياكو9) و قال : - لا , أنت فهمت المعلومة خطأ , لكي يصبح الفرد مصاص دماء لابد و أن يشرب من دم مصاص دماء آخر , أما إذا امتص مصاص دماء دم من أي شخص فإنه لا يسبب له شيئا سوى بعض من فقدان الذاكرة للأحداث الحديثة و التي سيكون منها مقابلته لمصاص دماء , و بالتالي سينسى أنه قد قابل مصاص دماء , و هذا بسبب نوع من السموم موجود بناب مصاص الدماء ! نظر (رانمارو) اليهما , ثم قال مترددا : - هل تعني أنه إذا امتصت تلك الفتاة من ياكو دما فإنها لن تحوله إلى مصاص دماء ؟!! - كلا على الإطلاق , لن تقوم بفعل أي شيء له سوى أنه سينسى أنها قد امتصت دمائه ! نظر (رانمارو) نحوهما ثم التفت ليغادر نحو الخارج , قال و هو في الطريق : - حسنا , سأقنع ياكو , و بعدها سأجعله يحضر إليكما هنا ليتدرب . قالها و وصل إلى المخرج و تجاوزه ,غاب عن نظريهما متجها إلى عالمه البشري , نظر النسر نحو التنين و قال له : - هل تعتقد أن رانمارو سيقدر على فعلها ؟!! صمت التنين و لم يجب , كانت صورتهما قد أصبحت تتلاشى , استمر النسر بالنظر نحو التنين الذي كان لا ينظر سوى نحو مكان (رانمارو) قبل اختفائه عند المخرج , عندما أوشك جسده أن يختفي تماما قال : - نعم , سيفعلها ! قالها بارتياح و هو مبتسما , ابتسم النسر كذلك , ثم اختفى كل شيء . - ياكو ... هل لي بدقيقة معك ؟! قالها (رانمارو) نحو (ياكو) , رفع (ياكو) رأسه من فوق يد (هارونا) ناظرا نحو (رانمارو) و عينيه تغرق في بحر من الدموع الحارة , قال له : - ماذا تريد مني يا أخي ؟! قالها و هو ينشج من شدة البكاء , ابتسم (رانمارو) إليه , فكر (رانمارو) : ((- ياكو طيب القلب , لكني كيف سأخبره بموضوع امتصاص دمائه هذا , أنا لا أعرف و لكني يجب أن أخبره !! )) - تعالَ هنا لدقيقة , هيا قم , تشجع و تفائل فهناك وسيلة لإنقاذها . من كان ينظر للتغير المفاجئ (لياكو) في تلك اللحظة لأجزم أنه كمن وجد ماء كي يشربه طفله الرضيع بعد ضياع في الصحراء لمدة ثلاثة أيام على الأقل , لم تكن فرحة لسبب شخصي , هذا ما جعل (رانمارو) يبتسم أكثر عندما هب (ياكو) قافزا من مكانه و ركضه نحو (رانمارو) قائلا له : - ماذا يجب أن نفعله , أنا مستعد لفعل أي شيء لها ! ترقبه (رانمارو) للحظات معدودة و لازالت الابتسامة تأبى أن تفارق شفتيه , ثم تبدل حاله إلى شيء من الأسى عندما تذكر كيف سيخبره بموضوع امتصاص الدماء ذاك , نظر إليه (ياكو) و اندفع متسائلا بصوت عال ِ : - ماذا هناك ؟ كيف سننقذها ؟!! - تعال نجلس على هذه الأريكة أولا يا أخي . قالها (رانمارو) و التفت نحو الأريكة الموضوعة بجوار الحائط المواجه للفراش , وضع يده اليمنى ملتفة حول كتف (ياكو) في حنان , أخذه رغم صدور نبرات اعتراض من الأخير عن هذا الموقف الغريب , فلماذا في هذا الوقت العصيب و بدلا من الحديث عن كيفية انقاذها سيجلسون على الأريكة؟!! لم يملك (ياكو) بدًا من متابعة أخيه و الجلوس على الأريكة بجواره , ثم قال له بعد جلوسهما : - حسنًا , لقد فعلت ما تريده و الآن هل من الممكن أن تشرح لي كيف سننقذها ؟!! نظر إليه (رانمارو) بنفس نظرة الأسى السابقة ثم أرخي يديه من على كتف أخيه , انحنى بجسمه للأمام و استند بمرفقيه على ركبتيه , ثم أشبك يديه أمام وجهه و نفخ فيهما بأسى و حزن قائلا بعدها : - ياكو , أخي , أريد أولا و قبل أي شيء أن أسألك , هل الجماعة التي اختطفت ساكورا , هل تلتزم بما قاله قائدها أم إذا نجحت في الفوز على قائدهم أخلوا بالإتفاق ؟! نظر (ياكو) إليه , لم تمر في رأسه فكرة واحدة عن (ساكورا) , لقد نسى تحت وطأة هذا الاحتلال موضوع (ساكورا) , لكن كيف سينقذ (هارونا) , كان عليه أولا أن يتخلص من وطأة الاحتلال البغيض ذاك كما تخلص منه (رانمارو) من قبله , نظر نحو (رانمارو) و قال: - للأسف أخي , فالسارق لا يعيد شيئا سرقه , كما أنه لا توجد كرامة أو شرف لأي سارق , فإذا استطعت التغلب على قائدهم , استغلوا فرصة ضعفك بعد القتال و استكانتك بعد الفوز و هجموا عليك ليستريحوا من عدو قوي ربما لن يستطيعوا مواجهته في المستقبل !! تفاجأ (ياكو) من عدم تغير حالة (رانمارو) الذي قال بصوت خفيض حزين : - كما توقعت تماما !! قالها و عاد إلى الوراء ليريح ظهره على الأريكة , ثم نظر تجاه أخاه و قال : - الوضع الآن هو كالتالي : ساكورا مخطوفة من قبل سارقين لن يلتزمون بعهدهم معنا غدا , و هارونا ستموت بعد غد ليلا , هذا يعني أنه توجد مسافة يوم تقريبا بين قتال ساكورا و موعد موت هارونا . نظر( ياكو) إليه و لم ينطق , لقد أراد معرفة ما يفكر فيه (رانمارو) , تابع الأخير قوله : - بما يخص موضوع هارونا , فهناك طريقة واحدة لانقاذ حياتها , و هي أن نذهب و ننزع التعويذة الموضوعة على شجرة عائلتها الروحية !! حملق (ياكو) (برانمارو) و ضحك , ثم قال : - أنت تمزح , أليس كذلك ؟!! - كلا ! قالها (رانمارو) بصرامة جعلت (ياكو) يتوقف عن الضحك و يتأكد أن الموضوع جدي و أن هذا الاقتراح هو الحل الوحيد المتاح أمامهم . - هل تريد أن تخبرني أننا يجب أن نذهب إلى المقر السري للأسرة و نحارب أعضائها و نزيل التعويذة من على شجرة عائلتهم المقدسة هكذا و بكل بساطة , هل تعرف ما معنى أن يرى شخص غريب الشجرة الروحية الخاصة بالعائلة ؟!! هل تدرك مدى الخطر الذي يحيق بمن يعرف المقر الرئيسي ؟!! يعرف مكانه فقط و ليس يذهب لزيارته , أتدرك خطورة ما تقول ؟!! نظر (ياكو) بعينان متستعتين غير مصدق لفكرة (رانمارو) المجنونة , فقال الأخير : - للأسف أدرك ما معناه , و للأسف لا توجد وسيلة أخرى أمامنا سوى تلك . صمتا لبرهة , نظر (ياكو) إليه ثم نقل بصره نحو (هارونا) , وجد لونها قد اصفر , أغلق عينيه و نفخ قائلا : - آه يا ربي , هل حقا لا توجد وسيلة أخرى أمامنا ؟! - كلا للأسف الشديد , كما يجب أن يحدث كل هذا خلال اليومين القادمين و إلا ماتت و سيضيع مجهودنا هباءا . - و ساكورا ؟!! قالها ياكو محدقا نحو (رانمارو) و هو يضع رأسه على راحة يده اليمنى مستندا بكوعه الأيمن على ركبته اليمنى , فقال (رانمارو) بحزن شديد له : - سأضطر لتولي أمرها بنفسي , فأنا من أضاعها , و أنا من يجب أن يسترجعها. - هذا مستحيل بمفردك , ستكون أشبه بمن ينتحر !! - لا تجادلني ياكو , هناك أشياء أهم يجب عليك فعلها بدلا من مرافقتي , يجب عليك أن تتدرب على أداء تعويذة معينة , لا بل عليك أن تتقنها في أقل مدة ممكنة , ربما خلال ساعات قليلة يكون ذلك أفضل . - ما هذه التعويذة ؟!! قالها ياكو ناظرا نحو (رانمارو) باستغراب , فما هي تلك التعويذة التي يجب عليه تعلمها و هو متأكد مسبقا أن (رانمارو) قد تعلمها ؟!! - إنها تعويذة إستحضارك لوحشك ! - ولكنك تستطيع أن تقوم بها , أليس كذلك ؟!! - بلي , و لكني سأعود من معركتي لإنقاذ ساكورا متعبا جدا , هذا إن رجعت ... حيا !! صمت (ياكو) , صمت (رانمارو) , صمت كل شيء في هذا الكون حولهما , لم يتردد سوى صدى صوت داخل رأس (ياكو) , كان الصوت يقول له : ((- لقد أدركت الوضع الآن , لقد أدركت المأزق الذي أنتم فيه , هل تريد أن تترك الجميع يقاتل و يدافع عما يملكونه و أغلى ما عندهم و أنت جالس مكانك ؟!! ماذا تريد ياكو ؟!! هل تريد ضعفا و احتلاله البغيض يقبض على صدرك ؟! أم تريد قوة و تصميم مثل ما عند رانمارو فتتحرر من بغض احتلال دام أكثر من أربعة عشر عاما ؟! لقد تركت الجميع و هربت , لقد تركت قريتك و أهلك و أحبائك و أصدقائك و لم تفكر حتى في تحذيرهم أو أخذهم معك , هل تريد أن تفعل ذلك الآن ؟!! ماذا سيكون ردك ياكو ؟!)) لقد كان صوتًا يعرفه جيدا , إنه صوت وحشه , بعد ثواني من الصمت المطبق تكلم (ياكو) قائلا : - حسنا , سأتدرب , سأتقن تلك التعويذة أخي ! قالها و هو يرفع رأسه ناظرا نحو (رانمارو) , كانت عيناه كلها اصرار , كانت عيناه تملؤها العزيمة , العزيمة و الاصرار على التحرر من سجن هذا الاحتلال البغيض , نظر إليه (رانمارو) و ابتسم , ابتسم من السعادة , لا , ليس كذلك , ابتسم من الثقة أيضا , كان واثقا لسبب لا يعلمه أن أخيه سيتقنها , أن أخيه سيفعلها . - و الآن لنتحدث في آخر موضوع لدينا , هارونا مصاصة دماء كما تعلم ... نظر نحوه (ياكو) و قال له : - نعم , و وماذا بعد ؟! لم يتكلم (رانمارو) , إنما أخذ يشير بيديه بحركات و إشارات غير مفهومة على الاطلاق دلالة على ربكته الشديدة , أمال (ياكو) برأسه في إشارة لأخيه كي يتابع كلامه , بعد لحظات , تنهد (رانمارو) و أرخى يديه علر ركبتيه , ثم قال بسرعة و هو يغمض عينيه و بدون تفكير : -إن هارونا تحتاج إلى نقل دم سريع , فهي مصاصة دماء , يجب عليها أن .. تتغذى , و أريدك أنت أن تغذيها . نظر (ياكو) إليه و ابتسم ابتسامة مكر قائلا له : - و لماذا أنا بالذات , ألا ينفع أنت ؟! رد (رانمارو) ابتسامة (ياكو) بابتسامة مثلها و قال له : - أنا سأحارب الآن من أجل ساكورا . - و أنا سأتدرب . رد رانمارو : - لكن يجب على أي فرد منّا أن يطعمها , ياكو , إن بنابها سم يجعلك تنسى أنك قد اطعمتها. زادت ابتسامة (ياكو) مكرا و هو يقول : - و لماذا لا تطعمها أنت و ستنسى ؟! تنهد (رانمارو) زافرا و بقوة , ثم قال : - يا أخي قدر موقفي , أنت ستتدرب هنا في المنزل , أما أنا فسأخرج لأحارب . - لا أنت و لا هو , سأطعمها بنفسي . نظر كل منهما نحو مصدر الصوت , هناك , و عند الباب المغلق كان يقف المتحدث , فتح الشخص الباب و دلف إلى الغرفة , تسمر كل منهما في مكانه عند رؤيتهما للشخص الموجود عند الباب , ثم اندفع (ياكو) قائلا في دهشة شديدة : - أمــــــــــــــــي ؟!!! يتبــــــــــــــــــــــــع................ |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الرابع و العشرون المواجــهة حدق كل من (رانمارو) و (ياكو) نحو والدة الأخير صامتين , ليس بشيء إنما من الصاعقة التي نزلت عليهم , تحدث لأول مرة (ياكو) هنا قائلاً : -أماه , هل تعرفين من أنا ؟!!! ابتسمت الأم ابتسامة رضا و قالت : -نعم بالطبع , أعرف أنك ساحر , كما كنت أشك في أصدقائك في أنهم سحرة . قال لها (ياكو) و هما لازالا على تلك الحالة من الدهشة : -هل تعرفين أنني ساحر ؟!!! كيف ؟!!! ذهبت الأم نحو منتصف الحجرة و جلست على الأريكة المقابلة (لهارونا) و قالت و هي تنظر نحوها : -أتذكر اليوم الذي جئتنا فيه كما لو كان البارحة ... قالتها و شردت لثواني معدودة ثم تابعت و هي تصارع دمعة تأبى لها السقوط : -كانت الدنيا تمطر , أتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله , كنت أنا و زوجي في طريق عودتنا من عند طبيب مشهور آخر , أقر لنا نفس الكارثة التي أقرها باقي الأطباء و هي أنني لن أحمل و لن أصبح أم ... قالتها و هي ترفع يديها و تحدق بهما , كانت عيناها مغرورقتين بالدموع , تابعت : -كيف لن أصبح أم ؟! كان شعورا سيئا , إحباطا أحاط بي كالظلمة في ليلة باردة , كنت وحيدة , لا أشعر بشيء سوى برودة الوحدة المرير , لا أسمع غير صمت النسيان الأليم , هانت علي نفسي , وصلت بي الحالة إلى تمني الموت و عدم العيش لحظة واحدة في هذا الجحيم ... تنهدت بحزن و تعب , كانت ذكرى أليمة بالفعل , بعدها ابتسمت , ابتسمت و هي تنظر نحو ابنها , ابتسمت و هي تنظر إلى (ياكو) , تابعت : -حتى جئت أنت , لم نعلم ماذا حدث أنا و زوجي , لكننا فوجئنا بشخص يسقط على الطريق مغشيا عليه فجأة , توقف زوجي بسرعة و صرير إطارات السيارة لازال عالقا بذهني , اندفعنا أنا و زوجي خارجين من السيارة مهرولين على الطريق وسط المطر الشديد , و ها أنت ذاك تقبع مغشيا عليك و في يديك عصاة شكلها غريب , و يحيط بيدك قفاز عجيب , تردد زوجي , نظر إلي , لم يدر ماذا يفعل , إنما أنا , لم أفكر , أحسست بصوت يناديني , أحسست بشعور يدفعني , اندفعت و حملتك بين ذراعي , رجعت إلى السيارة و أنا أحتضنك... كانت الأم شاردة الذهن و هي تتكلم , ثم أغمضت عيناها و أحاط ذراعيها بجسدها و كأنها تحتضن شخصا خياليا , ابتسمت و تابعت : -كان شعورا رائعا ذاك الذي أحسسته عندما احتضنتك لأول مرة ... فتحت عيناها و هي لازالت مبتسمة : -كان هذا هو شعور الأمومة بكل تأكيد...!! صمت الجميع و الأم و (رانمارو) ينظران نحو (ياكو) الذي لازال في حالته السابقة , مندهشا , مصعوقا , صامتا مما يسمعه , أنزلت الأم يديها برفق و ببطء و تابعت بعد تنهيدة صغيرة : -بالطبع كان زوجي معارضا لأخذك , فلم نكن نعلم من أنت , لكني لم أتحدث معه , بل أخذتك نحو السيارة و أجلستك في حضني أدفيك بجسدي , فلم يكن منه سوى أنه قاد السيارة نحو المنزل , بعد يومين تقريبا قد أفقت من غيبوبتك , كنت تتحدث عن قرية تدمرت , و عن كونك ساحر , و عن شخص قد قتل بواسطة ابنه , و أشياء عجيبة ... قاطعها (ياكو) بسرعة بدون أي تغيير في حالته إلى الآن : -لكن هل صدقتموني ؟!! كيف؟!!! تحركت الأم نحو فراش (هارونا) , جلست عليه بجانبها و هي تسرح شعرها بأناملها كأنها أم تنظر نحو إبنتها , ردت قائلة : -لو لم نرَ تلك العصا التي كانت معك , و كيف أن شكلها قد تبدل بعد أن أبعدناها عن يدك عندما وصلنا إلى المنزل لقلنا أنك تهذي بالكلام , بعدها راقبناك , فوجدناك عندما تشعر بالأمان تجلس جلسة معينة و تختفي , ثم تعود بعدها بفترة , ربما تعود و ملابسك قد تقطعت , عندها تأكدنا من كونك ساحر , بالطبع عارض زوجي وجودك في البداية , لكن إحساس الأب تغلب عليه , فنحن كنا سنتبنى ولدا , فها قد جئت لنا من السماء . قالت جملتها الأخيرة عندما هم (ياكو) بقول شيء ما , بعدها صمت , نظر إليها و دموعه تترقرق في عينيه : -لا أعرف ماذا أقول أمي , لقد لجم لساني عما يريد أن أقوله , لكنك أنت و أبي بالفعل أمي و أبي الحقيقيين . اتسعت ابتسامة الأم , لكن قطع (رانمارو) ذلك الجو بقوله : -هذا يعود بنا إلي ما كنا نتحدث فيه , سيدتي لا يمكنني أنا و لا ياكو أيضا أن نسمح لكي بما قلتيه سابقا . نظر (ياكو) إليه و بعدها نحو والدته و قال مسرعا : -نعم أنا أتفق مع رانمارو فيما قاله , ل... -آه منكما , تقولان شيء و تعرفان أنه لا يمكن أن يحدث , لازلت كما كنت ياكو , عنيدا , رانمارو ... قالتها و اتجهت بنظرها إليه : -أنت تدرك جيدا الوضع الذي نحن فيه الآن , و كذلك تدرك أنني الوحيدة التي يمكن أن تقوم بتلك المهمة . صرخ (ياكو) في (رانمارو) عندما أطرق برأسه نحو الأرض , كأنه كان متوقع منه النفي : -ما هذا رانمارو ؟! لم نفعل كل هذا من أجل شخص لا نعرفه ؟!! صمت (رانمارو) و هو لا يزال مطرقا ناظرا نحو الأرض , تابع (ياكو) : -نحن لا نعرفها , فكيف لنا الآن بالتضحية بحياتنا ووضع خطة تحرير ساكورا ف... صمت فجأة ياكو و ابتلع ريقه بسرعة ناظرا نحو أمه , ابتسمت و قالت : -لا تخف بني , أنا أعرف أنها غائبة , فهذا بيتي و أعرف من فيه و من ليس فيه . ابتسم رانمارو و قال رافعا رأسه نحوهما : -لقد قررت في نفسي شيئا , سوف أكون حاميا للعدل , سوف أحمي الضعفاء من الجور الذي يتعرضون له , سأضحي بنفسي و بحياتي من أجل إنقاذ روح شخص واحد , لقد قررت أن أنضم إلى معسكر جنتو. نظر ياكو إليه و عيناه متسعتان , لم يجد ما يقوله , لم يجد أي مبرر , فحماية الضعفاء أمثال ما كان هو عليه منذ زمن بعيد , و رانمارو منذ وقت قريب , و هارونا في الوقت الراهن هي أسمى عمل يتمنى أن يقوم به , أفضل شيء يمكن أن يضحي إنسان بحياته من أجله , لهذا صمت , لهذا لم يتكلم معارضا , بل أحنى رأسه هو الآخر بدون أن ينطق بأي كلمة , تنهدت والدته و قالت : -هكذا أنت ياكو طوال حياتك , تنفعل لشيء تعلم جيدا أن الخير لك فيه , و عندما تدرك ذلك تصمت . -هذا شيء أمي و ما تريدين القيام به شيء آخر , ماذا يحدث إذا كان الوحش خاطئا ؟! قالت الأم لابنها : -لا أضمن لك شيئا من شخص لا أعرفه , لكن كلامه هذا واقعي , ماذا كان سيحدث لكل أولئك البشر إذا كان كل من يمتص دمه يتحول إلى مصاص دماء؟! لكني سأقبل بتلك المخاطرة , و سأفعلها , اعتبرها بني كأنني أتبرع بدمي لشخص محتاج , هل كنت تعارض؟! -أمي !! -آه ! تأوهت فجأة هارونا منهية الصراع الهادئ بين أم و ابنها , نظر الجميع نحوها , كانت تتقلب بألم شديد و تقول بصوت واهن : -إنني جائعة أمي , أمي أريد بعض من الطعام , هيا أمي , أين أنتي ؟! كان يبدو أنها تهذي , نظر رانمارو و ياكو إلى بعضهما البعض , ثم قام رانمارو و اتجه خارجا من الغرفة و هو يقول : -سأترك الأمر لك ياكو هنا , لا تنسَ , أمامنا وقت عصيب , تدرب بسرعة و بجد , أريدك أن تتقن التعويذة , أفهمت ؟ نظر ياكو و أشار بإصبع يده الإبهام بما يعني أن كل شيء سيكون على ما يرام , ثم قال : -اذهب يا أخي , و لا تقلق , فسأقوم بدوري على أكمل وجه . حدق رانمارو في ياكو و والدته مرة أخيرة ثم نظر نحو هارونا الراقدة في الفراش , و خرج من المنزل. ************************* دفع رانمارو الباب بقدمه كي يغلقه بعدما خرج لتوه من المنزل , حدق ببصره نحو الشرفة الواقعة في الطابق الثالث , حيث يوجد ياكو والدته و هارونا , و تمتم : -أتمنى أن تكونوا بخير عندما أعود . اتجه بعدها نحو سور من الأشجار يحيط بالمنزل , جلس تحت شجرة و قال : -كاي ! ثم : -واشي باكيمونو ! قالها دون أن يجمع أي قدر من طاقته الروحية , اندفع لون أبيض محمر من طرف عصاته و تكونت سحابة ما لبثت أن انقشعت كاشفة عن نسر كبير , يبلغ مقدار حجم رانمارو خمس أضعاف , عندها فهم رانمارو ما كان يعنيه الوحش بقوله أنه لا يستطيع تحضيره بصورة مناسبة إلا ياكو نظرا لضعف طاقته الروحية , نظر النسر نحو رانمارو و قال : -ألم أقل لك أن الذي يحضرني هو ياكو و ليس أنت , كم أنت عنيد ! ابتسم رانمارو للنسر , قال معقبا على كلامه : -كلا سيدي , استدعيتك ليس من أجل موضوع هارونا , بل من أجل ساكورا . نظر النسر نحو رانمارو فأحس الأخير كأنه موضوع تحت مجهر , ثم عقب : -ماذا تعني ؟!! أليس من المفترض أن تقوم بإنقاذ ساكورا غداً ؟! -كلا سيدي , لقد حدث تعديل بسيط في الخطة حتى تتوائم مع الظروف التي نحن فيها , أحتاج إلى مقدرتك البحثية القوية لإيجاد المكان الموجود به ساكورا . رد النسر و هو يتحرك حول رانمارو ببطء في دائرة كأنه يفكر : -حسنا , تغيير في الخطط , هه؟!! مهما كان أنت صاحب القرار , لكن تبقى معضلة هنا , أريد شيئا قد استعملته ساكورا , شيئا أنت متأكد من عدم استخدام شخص آخر له , هل لديك مثل هذا الشيء؟! أدخل رانمارو يده اليسرى نحو صدره داخل المعطف الأسود الطويل الذي يلبسه , ثم أخرجها و معه شيء رفيع , اقترب النسر من رانمارو ليرى بوضوح أكثر , فقال : -ما هذا ؟!! -إنه الشيء الذي متأكد من أنه لم يستخدمه أحد من قبل إلا ساكورا , هذا هو السهم الذي أنقذت حياتي به , هيا استخدمه سيدي و ابحث لي عن مخبأ أولئك الأوغاد . أشار النسر بجناحه الأيمن الكبير نحو السهم , فطار من بين يدي رانمارو المفرودتين إلى أعلى قليلا ثم سبح ببطء و سكون نحو النسر حتى وصل إلى جسده , اخترقه بعدها إلى وسط جسده , أضاء بلون أصفر مالبث أن توهج فجأة , اختفى النسر بعدها , اتجه رانمارو إلى المكان الذي كان به النسر , حرك يديه الإثنتين في الفراغ الذي كان يحتله النسر منذ لحظات , لم يجد في يديه سوى هواء , اتجه نحو شجرة , جلس عليها و هو يزفر بصوت عالٍ مسموع من الضيق قائلا : -يا له من وحش غريب , لم يقل لي ماذا سيحدث , هكذا يختفي , أف من هذه الوحوش الغريبة . -ماذا تقول ؟ لقد سمعتك !! انتفض رانمارو فزعا و حملق بسرعة خلفه في اتجاه الصوت , ثم تنفس الصعداء واضعا يده على صدره و هو يلهث لثواني ثم قال : -لقد أفزعتني حقا سيدي , متى جئت ؟!! -أها , أتريد تغيير الكلام , ممممم , حسناً , لقد وجدت مخبأهم , جئت بعدها إلى هنا لأجدك تحدث نفسك كأنك مجنون , هل لازلت تريد أن تعرف أين مخبأهم ؟ -بالطبع سيدي . قالها و نهض مسرعا و هو ينفض التراب من على معطفه , اتجه بعدها نحو النسر و قال له : -أين مكانهم سيدي ؟ -حسنا , استعد . قالها و بدون أي سابق إنذار اندفع نحو رانمارو , حمى رانمارو وجهه بيديه الاثنتين , فجأة سطع ضوء أصفر شديد كما حدث مع السهم , أغمض عينيه , و فتحهما , لكن ... -أين أنا ؟!!! ابتسم النسر , فرانمارو صار الآن في مكان جديد تماما , مختلف عما كان فيه , لقد كان في سهل متسع , يقف على هضبة عالية , أسفل منه , هناك و على مسافة قريبة منه تراصت مجموعة من المنازل بجانب بعضها , لكن شيء غريب كان يحدث , كانت الصورة تهتز و كأنها مرسومة على أمواج البحر , نظر رانمارو باستغراب نحو النسر الذي قال : -هذه هي القرية التي توجد بها ساكورا , هذه القرية محمية بحاجز واقي , يبدو أن هذه أول مرة لك في إدراك مثل هذا الشيء. أغمض رانمارو عينيه و فتحهما حوالي خمس مرات في سرعة فائقة كأنه يفيق نفسه من دهشته , تنهد و هو ينظر تجاه القرية مشيرا بيده اليمنى نحوها قائلا : -هل وجود هذا الحاجز يحميها من البشر العاديين؟! -نعم , لكن كونك ساحر أو من أي جنس آخر لا يمكن لك رؤيتها , فالطبيعي أن تراها منزل واحد كبير , أما إذا حاولت الاقتراب منه يحدث لك شيء يجعلك تبتعد عنه . -لكن لماذا أراها هكذا ؟!! -هذا بسبب وجودي معك فارتفعت طاقتك الروحية إلى الدرجة التي تمكنك من رؤيتها , هذا إضافة إلى أن مستوى الحماية هنا منخفض للغاية , فكوني بهذه الصورة الصغيرة يجعلك ترى القرية لدلالة على ذلك . -حسنا , لكن كيف سأقتحمها ؟! -نظر النسر إليه , ثم قال له و صورته بدأت في الخفوت تدريجيا : -استحضر وحشك بكامل قوتك , عندما تتغلب قوتك الروحية و قوة وحشك على الحاجز , و هذا شيء مؤكد , فسوف تخترق دفاعاتهم , لكن احذر فسوف يعرفون أنك موجود , مما يعني أنهم سيستعدون لك , فلا تستكن إذا لم تجد شيئا قد حدث , فاعلم أنهم بانتظارك!! قالها و اختفى تماما , تنهد رانمارو , نظر نحو الأرض , تردد في رأسه صوت ساكورا العذب و هي تقول له : -(( سوف أكون بجانبك حتى تظهر برائتك و تنتفي التهمة النسوبة إليك .)) أغلق عينيه , تردد في عقله صوت واحد وسط سكون مطبق : -(( هيا ... انهض أيها المارد ... هيا ... اثبت لنفسك مدى قوتك )) قالها فتلون الهواء حوله بلون دموي سرعان ما قال بعدها و هو يفتح عينيه اللامعة بشدة بنار حارقة : -هيا فلننقذ ساكورا أيها التنين ..... تونبو دينستسو ! اندفع صوت انفجار تلاه سحابة ضخمة من اللون الأحمر أحاطت بالفراغ الموجود أمام رانمارو , ثواني بعدها انقشعت كاشفة عن تنين ضخم أحمر اللون ينفث نارا من فمه , به جناحان كبيران , كان حجمه يقارب حجم منزل من أربعة طوابق , نظر التنين المجنح الناري الإسطوري خلفه تجاه رانمارو الذي قفز ليقف على كتف الوحش و قال له : -هل أنت مستعد رانمارو ؟!! -نعم سيدي , هيا لننقذ ساكورا. اندفع التنين حاملا رانمارو على كتفه الأيمن قافزا بسرعة و بقوة نحو الحاجز الذي يخفي وراءه ساكورا رهينة بين أيدي الوحوش واضعا بداية معركة طويلة بأمل تحرير ساكورا و إنقاذ هارونا في النهاية... يتبــــــــــــــــــع................... |
الساعة الآن 10:07 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية