منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   رانمارو .. ذات طابع ياباني .. (https://www.liilas.com/vb3/t25893.html)

اماريج 01-08-10 06:10 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل السادس


بدايه التدريب


-عفوا سيدتي

انحنت المرأه و هي تنظر للسيدة الجالسة أمامها في حجرة مضاءة بنور أحمر خافت , أشارت لها الجالسة بالاعتدال , و أومأت برأسها للتحدث , فقالت المرأة:
-لقد تم تدمير مقر عائلة ميميكو السري !
اتسعت عينا الجالسة في دهشة , و نظرت للمساعدة نظرة تساؤل , فأومأت برأسها و هي تقول:
-نعم كان هو , لقد كان جنتو.
شردت الجالسة قليلا ثم تحولت نظرة الدهشة إلى شبح ابتسامة سرعان ما أخذت تتسع حتى أصبحت ابتسامة خبيثة.
-ما هي أوامرك سيدتي؟
-شددي الحراسة على المقر , و لا تدعي أحد يقترب من هنا أبدا , فالإمتاع سوف يبدأ من الآن.
-حسنا سيدتي !
قالتها المرأة , و انحنت و استدارت لتغادر فأوقفتها الجالسة و هي تقول :
-لقد نسيت , ماذا فعلتم في موضوع البشرية التي قتلت هاكو؟!
-إن فريق التحقيقات الخاص بنا مازال يجري بحثه , و لكن قائده أكد لي منذ قليل أن منطقة البحث أخذت تضيق عن ذي قبل و أنهم سيمسكون بها عن قريب.
أشارت الجالسة بيدها للمساعدة للخروج فخرجت و أغلقت الباب من ورائها , استدارت الجالسة في جلستها على الأريكة , و نظرت إلى ساعتها , ثم تثائبت , و قالت لنفسها:
-يجب أن أنام جيدًا من الآن , فربما يأتي غدا اليوم الذي لا أقدر فيه على النوم , لقد جعلت الأمور مسلية جدا عزيزي جنتو.

*****************************


نظر (كايتو) إلى (رانمارو) , ثم أبعد نظره عنه و قال:

-كلا , لا يمكنني تركك الآن , لابد وأن أعلمك كيفية التدريب , و عندها فقط أكون قد فعلت ما بوسعي تجاهك.
نظر (رانمارو) إليه , ثم قال له:
-حسنا , و لكن كفى من هذا الحديث الآن و قل لي كيف أتدرب؟ هل ستعطيني كتاب أم ماذا؟
نظر (كايتو) إلى (رانمارو) نظرة خبث ثم قال له :
-انظر رانمارو , إن التدريب في عالمنا له طريقتين فقط , أولاهما أن يتم تدريب الشخص على يد أحد السحرة من بني عائلته , و هذا لكي يتم تدريبه على تعاويذ العائلة , أما الثانية فهي التي سوف تستخدمها للأسف.
-لماذا الأسف؟!! أليست إحدى طرق التعلم أيضا ؟!!
-نعم , إنها كذلك , و لكنها طريقة خطيرة جدا , و لا يحبذ استخدامها لأنها , لأنها قد تودي بحياة المتدرب .
نظر (رانمارو) إليه بلا أي تعبير على وجهه , فقد كان الوضع يشير إلى أن (كايتو) يحاول أن يسأله إن كان يريد التدريب بهذه الطريقة على الرغم من مخاطرها أم لا.
-حسنا , بما إنني لا أملك شيئا أخسره إلا حياتي , فلأخسرها بشجاعة في تدريبي لأكون قويا على أن أخسرها جبنا و أنا أهرب من أعدائي.
اتسعت عينا (كايتو) من الدهشة لثواني معدودة , ثم ابتسم ابتسامة رضا , فهذا الطفل يسلك مسلك آبائه في التعلم , مسلك العناد و البحث عن القوة , الطريق الذي صنع اسم عائلة (اليوشيهارو) .
-حسنا , اسمعني جيدا رانمارو .
قالها و هو يجلس على الأعشاب الخضراء , فتابعه (رانمارو) بالجلوس أمامه , فتابع (كايتو) كلامه :
-انظر , إن الذي سيدربك في الطريقة الثانية لهو الوحش الذي تتبع له عائلتك , الذي سيدربك لهو التنين المجنح الناري.
أحس (رانمارو) و كأن كرة من الثلج قد تدحرجت داخل معدته , و أحس بأوصاله كلها ترتعش من الخوف , إنه سيتدرب على يد هذا الوحش , هذا المخلوق الذي عندما رآه أحس بأنه سيموت , كيف سيتدرب على يده؟!! إنه عندما يتذكر شكله فقط يحس بأن الأرض تدور من تحت أرجله , و أنه قد يغمى عليه إذا قابله مرة أخرى , فكيف سيتدرب على يديه؟!!
-رانمارو , أنا أعرف إنه لمن الصعب أن تتدرب على يد وحش عائلتك , و لكنها الطريقة الوحيدة , إذا أردت من الممكن أن تبتعد عن هذا الموضوع من جذوره أصلا.
(رانمارو) لم يكن منصتا إليه , (رانمارو) لم يكن أساسا يشعر بوجود (كايتو) بجانبه , أحس (رانمارو) أنه قد فقد الإحساس بالزمان و المكان , أحس أنه في مكان آخر من كوكب آخر , رأى (رانمارو) شيئا و كأنه في حلم , رأي (رانمارو) والديه.
((-رانمارو , بني , هل تريد أن تتركنا مقتولين و تهرب ؟! هل تريد أن تتحمل مسؤولية ذنب لم تفعله؟!!))
قال والد رانمارو ذلك و هو ينظر إليه و عينيه ممتلئة بالدموع , و حينئذ ظهر الوحش الخرافي ورائهما , نظر (رانمارو) برعب إليه, و سقط على الأرض و هو يكاد يفقد وعيه
((-لا تتركنا رانمارو..!!))
أحس و كأن يد قد صفعته على وجهه , كانت كلمات والدته الأخيرة لها مفعول السحر عليه , نظر إلى والدته ثم نظر إلى الوحش , فلم يعد يراه ذاك الوحش الهائل الجبار , إنما كان يراه مجرد تنين عادي , اندهش من ذلك الشعور الغريب الذي غمره , شعور غريب بالثقة على تحقيق أي شيء , شعوره بأنه إذا أراد أن يكون أقوى من في الأرض سيكون , هنا أحس أنه كمن عادت إليه الحياة , عاد في اللحظة التي كان (كايتو) قد أنهي جملته الأخيرة , كان شيئا غريبا , أول خبرة (لرانمارو) في عالم السحر , حيث بدا هذا الحلم أو السرحان أو ما حدث قد حدث في ثواني معدودة , في وقت قليل جدا حيث بدأ في أول جملة (كايتو) و انتهى عند نهاية كلامه , نظر (رانمارو) إلى (كايتو) نظرة جديدة , كانت عيناه تملؤها الثقة , ثقة شخص يعرف ماذا يريد , إنه يريد أن يثأر لأبيه و أمه من الذي قتلهم , لقد أخذ قراره...
-سأتدرب على يد الوحش الخاص بعائلتي , كلا , سأتدرب على يد الوحش الخاص بي!!
قالها بكل ثقة , قالها بنبرة تصميم و اصرار , قالها بأسلوب جعل (كايتو) يندهش منه ثم يبتسم , يبتسم لأن هذا الفتى الشاب قد يتخطى المستوى الذي توقعه له.
-حسنا , اجلس على الأرض قرفصاء , نعم هكذا , و الآن ضع كل من مرفقيك على فخذيك , نعم , هذا هو الوضع , الآن افرد أصابع يدك , وقربهما حتى تتلامس يداك بحيث يلامس كل إصبع الإصبع المماثل له , نعم هكذا , كلا لا تجعل راحة يداك تلتصقان ببعضهما هكذا , اترك الفراغ الموجود بينهما , نعم هكذا , حسنا , و الآن أريدك أن تريح ذقنك على إصبعي الإبهام الموجودين ليدك , كلا لا تفرق بين أصابعك , أوه اسمعني, أعد مرة أخرى , نعم اجعل أصابعك تتقابل , نعم هكذا , و الآن حاول أن تريح ذقنك بيسر على ملتقى إصبعي الإبهام لديك , نعم هكذا , و الآن الخطوة قبل الأخيرة , أريدك أن تميل رأسك للأمام قليلا و أريدك أن تجعل ملتقى إصبعي السبابة لديك يقابلا منطقة المنتصف بين الحاجبين , نعم هكذا , ارح رأسك هكذا الآن في هذا الوضع , جيد , هل تعلمته ؟ كلا لا تقم الآن , يتبقى لك الخطوة الأخيرة , يجب أن تضع العصاة السحرية و ذلك بدون تفعيلها , يجب أن توضع في الفجوة بين مجموعة إصبعي الوسطى من جهة , و مجموعة إصبعي الخنصر من جهة أخرى , و لكي يحدث هذا يجب أن تضع العصاة بين إصبعي الوسطى و الخنصر في كل يد قبل أن تجعل الأصابع تتقابل , و بهذا يصبح وضعك للتدريب قد اكتمل و لا يتبقى لك سوى الكلمة السحرية .
-إن هذا لصعب سينساي*
-أعرف رانمارو , و لكن مع التكرار صدقني ستفعلها في غمضة عين , انظر إلي .
قالها (كايتو) ثم جلس القرفصاء و اتخذ وضع التدريب مع الوحش في سرعة فائقة و في يسر بالغين جعلا (رانمارو) ينظر إليه نظرة تملؤها الغيرة , ثم عدل من وضعه للجلوس عادي على الأرض , و قال (لرانمارو) :
-و الآن أرني كيف ستتخذ وضع التدريب الآن.
ظن (رانمارو) أن الأمر سيكون سهلا ,و لكنه كان مخطأ , لقد انقضت أربعة ساعات منذ أن أراه (كايتو) طريقة التعليم , و لكنه لم يتقن الحركات بعد.
-كلا ليس هكذا , ابعد يديك عن بعضهما , احذر من سقوط العصي ....أوه , ركز من فضلك رانمارو...
-أنا فعلا أحاول أن أركز , و لكنه ليس بمثل تلك السهولة التي بدت عليه.
حينها فقط صدر صوت من (رانمارو) , لقد أصدرت معدته صوتا جعله يمسك بها بيده اليمنى و ينظر إلى (كايتو) و هو يضحك ضحكة بلهاء , و يحسس على مؤخرة رأسه بيده اليسرى...
-لماذا لم تقل لي أنك جائع؟!!
قالها (كايتو) و هو يبتسم و هو مغمض العينين , ثم رفع عصاته السحرية و قال :
-كاي !
فتحول شكل العصاة إلى الشكل الذي رآه (رانمارو) من قبل , ولكنه قد تعود عليه الآن , ثم تابع (كايتو) بسلاسة :
-شوتو ماشيرو !
فجأة لمع ضوء خفيف من مقدمة العصا , ثم صدر صوت فرقعة خفيفة ظهر علة إثرها صينية صغيرة عليها طعام يكفي لشخصين , كان عليها رامن **, نظر (رانمارو) إليه ثم ضحك و هو يقول:
-شوتو ماشيرو .......ممممم, إنها تعويذة احضار الطعام أليس كذلك؟!
أجابه (كايتو) وهو يمسك بالعصي الصغيرة للأكل :
-نعم , أرى أنك أصبحت تلتقط بعض التعليم , هذا شيء جيد , ولكنها لاحضار طعام قد جهز من قبل , و إلا لما كان الساحر مضطرا للعمل في عالم البشر و اخفاء هويته, و لكن هيا بنا لنأكل , فأمامك مهمة شاقة .
أمسك (رانمارو) العصي هو الآخر , و انضم إلى (كايتو) في الطعام , و بينما هما يتناولانه , نظر (رانمارو) إلى (كايتو) ثم نظر إلى الطعام و هو يأكله ثم سأله بصوت متردد ضعيف :
-ك..كايتو , هل كنت حقا صديق مقرب لوالداي؟!
-أوه , نعم لقد كنت كذلك , لقد كنا نحن الثلاثة لا نفترق عن بعضنا , فبالرغم من أني من عائلة مختلفة , ولكن كنا مثل الأخوة تماما , لم يكن يفرقنا شيء , ولم ينجح أحد في تفريقنا إلا...........أنت!!!
رفع (رانمارو) وجهه بدهشة عارمة إليه , فبدت مراسم الحزن على وجه الأخير , و هنا أكمل (رانمارو) طعامه وهو يقول :
-يبدو أني مهما قلت لك لن تصدقني , أنا ألتمس لك العذر فعلا , فكون الحقيقة التي قبل مجتمع السحرة جميعا بها لا يمكن لفرد واحد أن ينكرها بنفسه , صدقني أنا لو كنت مكانك لاعتقدت مثلك , ولو حتى كان عندي شك قوي إن الموضوع ليس صحيح لكنت استسلمت و لم أعر للأمر أي اهتمام , و لكني للأسف لست في مكان حذائك , فأنا الشخص المتهم , فلو كانت لدي ذرة شك واحدة فسأحارب العالم من أجل أن أثبت الحقيقة , أنا لن أحزن منك الآن , و لكن عندما أثبت برائتي بأن أستطيع الامساك بالشخص الذي قتل أبي و أمي , عندها فقط سوف ترجع إلي و تعتذر لي.
-ر ر رانمارو!!!
قالها (كايتو) و هو ينظر إليه مندهشا , لقد أثر فيه هذا الصبي الصغير , أغلق عينيه , ثم ابتسم و قال :
-حسنا إذا , أنا أعدك بأنك إذا استطعت اثبات برائتك فسآتي ألتمس العفو منك , لا , بل سأصير تابعك الوفي من اللحظة التي يُعلن فيها أنك برئ.
ابتسم (رانمارو) , كان لا يعلم من أين له بكل تلك الثقة و لكنه ابتسم , ابتسم لأنه أدرك شيئا واحدا , أدرك أن له هدف و أنه لابد من تحقيق هذا الهدف مهما كلفه الأمر.
أنهي (رانمارو) طعامه , ثم واصل التدريب حتى المساء , حينها فقط استطاع أن يكمل الوضع الصحيح ثلاث مرات متتالية دون أي خطأ أو سقوط العصا من يده.
-إنك تلميذ نجيب و ذكي , لقد استطعت تعلم هذا الوضع المعقد في ست ساعات فقط ؟ لقد ظننت أنني سأمكث معك على الأقل ثلاثة أيام حتى تتقن الحركة , إنني فعلا فخور بك.
ضحك (رانمارو) و هو سعيد جدا , سعيد لأنه قد وضع نفسه فعلا على بداية الطريق الصعب لاثبات برائته , ذاك الطريق الملبد بالغيوم , المغطى بالضباب , لا يعلم ما نهايته , و لا يعلم ما سيقابله من عقبات , لكنه يعلم شيئا واحدا , إنه يجب أن يخوض هذا الطريق إلى النهاية , و ألا يموت قبل أن يثبت برائته أمام الدنيا بأسرها , و أن ينتقم بيده ممن قتل أبواه.
-هيا , أأنت مستعد لكلماتي الأخيرة قبل أن أتركك للتدريب؟!!
-نعم سينساي!
-حسنا , انظر , إنك سوف تتدرب في قلبك , عندما تكون في التدريب مع الوحش ستحاط بهالة من نور فضي تخفيك عن العالم , سوف تكون محميا عندها بطاقة الوحش الهائلة و الأحمق فقط من سيحاول أن يقترب منك , و ذلك لأنه سيواجه قوة الوحش ذاتها كلها , و بالتالي سيموت , اعرف هذا الأمر جيدا رانمارو , لكي تقول أي تعويذة لابد وأن تمتزج قوتك الروحية مع قوة الوحش في قلبك , لقد تكلمت معك عن قوتك الروحية , ولكن بالنسبة لقوة الوحش فإن مستوى تدريبك معه سوف يحدد كمية الطاقة التي سيمنحها لك , لا تتصور أن الوحش سوف يعطيك كل الطاقة مباشرة , كلا , إنه يعطي الطاقة بمقدار محسوس على حسب قوة الشخص ومدى تقدمه في التدريب , و لهذا ضع في حسابك جيدا أن تتدرب بجد و نشاط و ألا تتوان في التدريب و ذلك حتى تصل إلى أعلى مستويات السحر , و ذلك لأنني متأكد أنه إذا كنت بريء , فإن الشخص الذي قتل والديك لشخص قوي جدا , فكن قويا بني حتى تمر من خلال ذلك حيا إلى نهاية المطاف , عدني أنك ستعيش خلال ذلك رانمارو , عدني أنك ستظل حيا إلى النهاية !!
نظر (رانمارو) إلى (كايتو) وأحس بشعور غريب , أحس أنه ينظر إلى أحد أبويه , دمعت عينيه متأثرا , وقال:
-أعدك أني سأظل حيا حتى النهاية , أعدك أني سأظل حيا حتى اللحظة التي تعتذر لي فيها عما ظننته في!!
نظر (كايتو) إليه , و فجأة ضمه إلى صدره , ضمه بقوة و كأنه والده حقا , و كأنه ابنه , ثم أبعده عنه و عينه مليئة بالدموع بنفس حال عين (رانمارو) أيضا , ثم قال له :
- حسنا يا بني , أنا أكره هذه اللحظة و لكني سأنصرف الآن , تذكر أن الكلمة السحرية للتدريب هي .....كايتو !
نظر (رانمارو) إليه وعينه تدمع , ثم اندفع في حضن (كايتو) مرة أخرى , وهو يبكي , و في تلك اللحظة , كانت الشمس قد اختفت تماما معلنة انتهاء نهار يوم مشحون , يوم مليء بالأحداث , يوم انقلبت فيه حياة إنسان , يوم عرف فيه (رانمارو) من هو (رانمارو) الحقيقي.

يتبــــــــــــــــــع.........

اماريج 01-08-10 06:11 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل السابع


ساكـــــــــــــــــورا


-أنا ...أنا...كلاااااااااااااا !!!

صرخت (ساكورا) و هي تجري مبتعدة عن مكان (رانمارو) , جرت بكل ما تملكه ساقيها من قوة , جرت و هي لا تدري إلى أين الملجأ...
-أنا قاتلة , لقد ...لقد ...لقد قتلته , كيف , كلاااااااااااااااااااا!
وفجأة انكبت على وجهها إثر ارتطام قدمها بحجر صغير , اعتدلت و هي تبكي , تلفتت حولها , فرأت أنها في الحديقة العامة الموجودة بحيها .
-كيف حدث ذلك؟!! و من هذا الشخص الذي قتلته؟!! , و لماذا كان معلق هكذا في الهواء؟!!
رفعت يدها اليمنى المطبقة على القوس بقوة شديدة , و نظرت إليه ودموعها على خدها و قالت له:
-هل ما فعلته كان صحيحا ؟! لقد سمعت ما قاله هذا الشخص مثلي , لقد قال إنه سيقتله , نعم , لقد قال هذا , لقد سمعته بالتأكيد , و لكن هل كان سيقتله حقا ؟! ثم ماذا حل بيده ؟! لقد كانت يده اليمنى مغطاة بشيء غريب جدا لم أره في حياتي , أرأيته معي؟! لقد كان , لقد كان و كأنه ثعبان يحيط بيديه , نعم , وكأن لسانه قد خرج من فمه , لقد أحسست و كأن لسانه سينقض على هذا الفتى , أحسست ذلك أم كانت أوهامي !!!
قالت (ساكورا) كلمتها الأخيرة و هي تصرخ بأعلي صوتها وسط دموعها , و كأنها تعاتب القوس على ما فعله , كان يبدو عليها الضعف و الانهاك , كان لون وجها مصفرا جدا , وكان جسمها كله يرتعش , نظرت إلى السماء و تخيلت ما حصل مرة ثانية , فجأة هزت رأسها بقوة نفيا و كأنها تريد أن تطرد الفكرة هذه من مخيلتها , و لكنها مالبثت إلا و أن أمسكت برأسها و صرخت مرة ثانية , ثم رفعت رأسها بين ذراعيها اللذين كانا يمسكان برأسها من الجانب , و عيناها تترقرق بالدموع , و سألت نفسها :
-هل فعلا سأحاسب بما فعلته ؟! هل سينتشر الخبر غدا ؟!! فتاة في الرابعة عشر من عمرها تقتل شخصا !!! ماذا سأقول لوالدي و لوالدتي؟! أأقول الحقيقة؟! كلا , إنني لو قلتها لما صدقني أحد , الوحيد الذي سيصدقني هو ذاك الشاب الذي أنقذته , نعم , يجب أن يشهد معي في ذلك و إلا ...!!
و هنا أمسكت فمها بيدها اليمنى و عيناها قد اتسعتا على آخرهما و هي تكمل:
-أمن الممكن أن يهرب ذاك الشاب ؟! إن رجله قد ومضت و سقط من الارتفاع العالي هذا و كأنه قفز من على درجتين سلم فقط , إنه غير طبيعي , إنه لابد و أن يعرف ذاك الشخص , و لأكيد إنه يمتلك قدرات مثله .
أنزلت (ساكورا) يدها من علي فمها , و هدأت نفسها قليلا , وتابعت:
-لو كنتي يا ساكورا مكان شخص مثله , ماذا كنتي تفعلين؟!!
نظرت إلى الأرض على جانبها الأيمن و كأنها خجلة من نفسها و قالت بصوت حزين:
-كنت هربت على الفور من المكان و ذهبت إلى مكان آخر لا يعرفني فيه أحد.
صمتت قليلا ثم قالت :
-هكذا الأمر إذا.
ثم أخذت نفسا عميقا و أخرجته , وفتحتت عينيها المغمضتين , كانتا يحملان نظرة تصميم على شيء معين , فتابعت قائلة بحزم :
-هيا لنر إلى أين سيذهب.
******************************
-سيدتي.
قالتها المساعدة و هي تنحني داخلة إلى الغرفة المضيئة فقط بهذا اللون الأحمر الهادئ الرومانسي , فأجابتها الجالسة قائلة :
-ماذا هناك إيكويا ؟
-لقد وصل هذا التقرير حالا من قائد فريق التحري !
تثائبت الجالسة في ملل ثم أردفت قائلة :
-ماذا توصل الفريق؟ هل عرف مكان البشرية؟!
-نعم سيدتي و لكن...!
توقفت (إيكويا) و هي تنظر لسيدتها و كأنها خائفة من حدوث شيء ما , فرمقتها الجالسة بنظرة صارمة و قالت لها:
-و لكن ماذا ؟!
بلعت (اإكويا) ريقها و كأن حلقها قد جف , فنظرت إلى سيدتها ثم قالت لها في سرعة :
-للأسف لم يجد فريق التحقيق أدنى أثر للفتاة في بيتها , فقد هربت.
هنا انتفضت الجالسة واقفة و هي تصيح في مساعدتها :
-ماذا تعني بكونها هربت؟! ألم تخبريني أنها كانت بشرية عادية؟! أم كانت هذه استنتاجاتك العاطفية إيكويا؟!!
تراجعت (إيكويا) و هي ترتجف من خوفها , ونظرت إلى سيدتها الغاضبة , وقالت و هي ترتجف:
-كلا , لقد قال المراقب إنها قتلته باستخدام القوس و السهم و إنها جرت خائفة بعدها حتى لم تتحدث مع رانمارو على الاطلاق , و المراقب هذا من أفضل المتدربين في العائلة.
هدأ غضب السيدة , ثم جلست مرة أخرى على الأريكة , وقالت (لإيكويا) :
-حسنا إيكويا , أنتي الآن مسؤولة أمامي عن احضار تلك الفتاة لي , بمعني آخر و مباشر , حياتك مقابل حياة تلك الفتاة , وأحضريها حية , لو ماتت قبل أن تصلي إليها فاعتبري نفسك في عداد الأموات أيضا !
نظرت (إيكويا) في رعب إلى سيدتها , ثم نظرت نحو الأرض و كأنها استسلمت , وقالت لسيدتها :
-حسنا , فليكن الأمر إذن , أنا سأتولى مسؤولية الفتاة بنفسي , ولكن عندما أعود هل تسمحي لي بأن أقتل بيدي رئيس فريق التحقيق ؟!!
ابتسمت الجالسة ابتسامة ماكرة و هي تقول :
-لكي ما طلبتي عزيزتي الغالية إيكويا .
استدرات إيكويا خارجة , و لكن عند الباب توقفت كأنها تذكرت شيئا , فالتفت لتواجه سيدتها التي بادرتها بسؤالها :
-ماذا هناك أيضا؟!
-لقد تذكرت أمرا , في حالة إن وجدت تلك الفتاة , ماذا أفعل إذا كانت في صحبة جنتو؟!!
كان اسم (جنتو) كفيلا بتغيير جو الغرفة مرة أخرى , نظرت الجالسة تجاه (إيكويا) و هي غاضبة , إنها تكره (جنتو) كثيرا , و لكن ما علاقه الفتاه (بجنتو) ؟! كما أن (إيكويا) لا تصل إلى مستوى (جنتو) بأي حال من الأحوال , فاصطدامها به نتيجته معروفة مسبقا , كلا , إنها ستكون مضيعة لمجهود خادم مخلص مثلها , يجب ألا أدعها تواجهه.
دارت تلك الخواطر في رأس الجالسة و هي تفكر فيما قالته (إيكويا) للتو , ثم رفعت رأسها إليها و قالت لها :
-في حال إن اصطدمت بطريق جنتو انسحبي على الفور و أخبريني بمكانهما و أنا سأتولى الأمر بنفسي , و لكن عندي استفسار , لماذا خطر لك هذا الاحتمال المستحيل؟!!
-لا أعلم , ولكن بدت الفكرة مقبولة لدي !!
ضيقت الجالسة من عينيها و هي تنظر نحوها , ثم أشارت لها بالخروج , فانحنت , وخرجت تاركة سيدتها في وسط بحور التفكير في احتمال واحد ... ما العمل إذا كانت الفتاة مع (جنتو) الآن؟!!
**************************
رفع (رانمارو) عينيه المليئة بالدموع لينظر إلى (كايتو) و هو أيضا عيناه تدمع و يقول له:
-كايتو , أنا فعلا لا أريدك أن تتركني , و لكني أعرف أن هذا لن يحدث , ولكن أنا أريد أن أطمأن عليك من وقت للآخر , كيف يمكنني ذلك؟!!
ابتسم (كايتو) و مسح دمعة كانت قد بدأت بالسقوط على خده , وهنا رد قائلا :
-رانمارو , هناك تعويذة تستعمل للتحدث بين الأشخاص , و لكني أعلم أنك لن تستطيع تعلمها الآن , انظر , إنني سآتي هنا في السبت الأول من كل شهر , سآتي لأزور قبر أصدقائي القدامى, فإذا احتجت لرؤيتي فانتظرني هنا أول سبت من كل شهر , أفهمت ذلك؟!
-نعم فهمت .
-حسنا , بما أنه قد حان وقت الرحيل أظن أن عليك الخروج !
نظر (رانمارو) نحو (كايتو) بدهشة فهو لم يكن يدرك ما يعنيه بقوله هذا , و لكن على مقربة منهم , و خلف شجرة من الأشجار العديدة هناك في المقابر , اتسعت عينا شخص جالس هناك من المفاجأة , و كأنه كان يظن أنه لا يمكن لأي شخص أن يدرك وجوده .
-أستخرج أم آتي لأحضرك بنفسي؟!!
قالها (كايتو) بصوت عالي , رفع (رانمارو) يده اليمني مشيرا إلى (كايتو) و قال:
-إلى من تتحدث ؟! لا يوجد أحد هنا غيري و غيرك.
-أنت مخطئ رانمارو!!!
صدر هذا الصوت من خلف شجرة بعيدة عنهما بمسافة تقارب الخمسين مترا , نظر (رانمارو) إلى الشجرة بدهشة شديدة , و التي لم يلبث أن ظهر خيال طويل لشخص خلفها , كان الخيال يشير إلى أن الشخص يقوم الآن من جلسته خلفها, شخص لا يظهر منه شيء من أثر خيال الشجرة الواقع عليه .
-أنت يا من هناك اخرج الآن!!!
قالها (رانمارو) بصوت عالي و هو يشير بيده اليمنى نحو الشجرة , ثم أطبق على أصابع يده و أشار بها مهددا:
-إذا لم تخرج الآن فسآتي و أخرجك من هناك أيها اللعين.
هنا تحركت الفتاة بضع خطوات للأمام , و عندما سقط عليها ضوء القمر , شهق (رانمارو) فزعا , فلم يكن ذلك الشخص سوى تلك الفتاة التي أنقذت حياته.
تسمر (رانمارو) في مكانه , حرك (كايتو) نظره مابين الفتاة و بين (رانمارو) الذي قال :
-أنتي!!!
فنظر إليها (كايتو) و سأله:
-هل تعرفها؟!
صاح (رانمارو) و هو يجيبه :
-نعم بالطبع , فتلك الواقفة أمامنا الآن هي بعينها الفتاة التي سبق وأن أخبرتك عنها بأنها أنقذت حياتي.
اتسعت عينا (كايتو) من الدهشة , و نظر إليها مرة أخرى بتمعن , لم تكن سوى فتاة بشرية عادية جميلة جدا , من عمر (رانمارو) تقريبا أو ربما أصغر بقليل , كان شعرها لونه أصفر ذهبي و طويل و تلفه على شكل ذيل حصان , ولون عيناها أخضر عسلي , قال (كايتو) وهو لا يزال مندهشا :
-لقد كنت أعرف أنك هنا منذ البداية و لكني ظننتك جاسوسا تتبعي (رانمارو) , فلم أكن أظن أنك التي أنقذتيه.
نظر (رانمارو) تجاه (كايتو) و صرخ فيه قائلا :
-كيف تقول عنها بشرية ؟ كيف لبشرية أن تتبعني إلى هنا ؟! مؤطد أنها دخيلة أو جاسوسة!!
هز (كايتو) رأسه نفيا و رد قائلا :
-كلا (رانمارو) , فللأسف هي ليست كما تظن , انظر (رانمارو) , إن أي شخص ليس ببشري سوف تحيط حول رأسه حلقة من لون معين , كل لون يرمز إلي الوحش الخاص به , أو إلى العائلة التي يتبعها , كل على حسب نوعه من ساحر إلى أي نوع آخر , ولكنني لا أرى تلك الحلقة حول رأسها, و بالتالي هي بشرية عادية !
نظر (رانمارو) نظرة الغير مصدق إلى (كايتو) , ثم أشار بيده اليسرى إلى رأس (كايتو) و قال :
-ولكنني لا أرَ تلك الحلقة حول رأسك كايتو.
زفر (كايتو) زفرة تعب واضحة , و كأنه مل من الأسئلة السخيفة التي يطرحها (رانمارو) , ثم قال :
-انظر بني , إذا استطاع أي بشري عادي أن يرَ تلك الحلقة لعرفوا على الفور بوجودنا أو وجود العوالم الأخرى , انظر رانمارو , لا يستطيع أي شخص رؤية الحلقة إلا إذا كان فردا من أي جنس آخر غير البشريين العاديين , و أنت حتى الآن تعتبر بشري عادي , فأنت لم تقم بأي تعويذة على الاطلاق و لكن بعد أن تقوم بأول تعويذة في حياتك سوف تتمكن من رؤية الحلقة حول رأس أي فرد الآن , و كذلك سوف تظهر الحلقة الخاصة بك حول رأسك أنت أيضا فيعرف الآخرون أنك لست بفرد عادي , أفهمتني الآن؟!!
أومأ (رانمارو) برأسه ثم وجه كلامه إلى (ساكورا) قائلا:
-ما اسمك إذا ؟! - ساكورا !
-لماذا أتيتي إلى هنا ورائي؟!
هنا سقطت (ساكورا) على ركبتها و هي تبكي و هي تقول :
-بعد أن قتــ..بعد أن أنقذتك من الموت ركضت لا أعرف إلى أين حتى وصلت إلى الحديقة العامة , و هنا أخذت أفكر في ما حدث , و توصلت إلى أن هذا الشخص غير عادي على الاطلاق , كما أنك غير عادي أيضا , فلقد هبطت من مسافة عالية دون أن يحدث لك أي مكروه , فرأيت أنه إذا حدث لي مكروه فالوحيد الذي يستطيع أن يؤكد روايتي للناس جميعا و ينقذني هو أنت , و إلا سيعتبرني الناس مجنونة و سأنضم إلى مستشفى للأمراض العقلية , و هنا خفت أن تهرب , فعدت إلى منزلك و تواريت خلف مجموعة من الطوب الأحمر هناك عند بيتك , و ما خفت منه قد حدث , فرأيتك تخرج من البيت و معك حقيبة , فتأكدت أنك هارب من المكان خوفا من أن أطلب شهادتك , و هنا قررت أن أتبعك إلى أن جئت إلى هنا.
-ماذاااااااااا!!!
صرخ (رانمارو) بكل دهشة إلى (ساكورا) بعد سماع كلامها , وأردف :
-هل تعني أنكي كنتي هنا منذ البداية؟!
-نعم , و لقد سمعت كل شيء , ورأيت كل ماحدث , إن هذا لشيء عظيم أن يكون المرء ساحر و أن..
قاطعها (رانمارو) و هو يوجه كلامه إلى (كايتو) قائلا :
-وأنت كنت تعلم هذا أيضا ؟!
أومأ (كايتو) برأسه موافقا , فانفعل (رانمارو) غاضبا للدرجة التي اهتز فيها جسمه كاملا , و هنا قال (كايتو) :
-عزيزي , أنا أرى أنه لا يوجد سبب لهذا الغضب.
-اصمت !!!
قالها (رانمارو) و هو يتجه ناحية (ساكورا) التي وضعت ساعد يدها اليسرى أمام وجهها من الخوف و أغمضت عينيها حيث شعرت أنه سيقوم بضربها , و هنا حدث أغرب شيء على الاطلاق.
-إني أشكرك على انقاذك لحياتي , إنني مدين لك بحياتي.
قالها (رانمارو) بكل رقة و رومانسية , قالها و هو يجثو على ركبته اليسرى و يمسك بأصابع اليد اليمنى (لساكورا) بأصابع يده اليسرى , ثم أحنى رأسه و طبع قبلة رقيقة على يدها , هنا أحمرت وجنتيها من الخجل و سحبت يدها بسرعة و أعطت لهما ظهرها و هي تمسك وجهها بيدها في رقة و خجل و تقول :
-ل ل ل لا داعي لذلك رانمارو , أنا..أنا فعلت ما ظننته صحيح وقتها.
كانت تقول ذلك و هي تضحك , و لكن بداخلها كانت سعادة أخرى , سعادة لم تعرفها من قبل كما لم تعرف سبب لها أيضا.
-رانمارو!!!
قالها (كايتو) وهو غير مصدق للتحول الشديد في شخصيته.
-انظر كايتو إنني لم أكن غاضبا من أي منكما لما حدث , أنا كنت غاضبا فقط لأني سأعرض حياة من أنقذتني و أدين لها بعمري للخطر , فأنا الآن في أول طريقي للحصول على برائتي , وكما قلت لي سابقا , أمامي الكثير من الأعداء الأقوياء , و أنا بحالتي هذه لا أستطيع أن أدافع عن نفسي , فكيف يفترض أن أدافع عنها إذا؟!!
نظرت (ساكورا) نحو (رانمارو) , كانت عينها تقول الكثير , كانت تقول له أنه لا يهمها حياتها مادامت بجانبه , إنها مستعدة للموت في سبيل أن يحيا هو , إن لحظة معه أفضل عندها من العمر بدونه , و لكن لسانها أبى أن يتحرك , صوتها أبى أن يصدر , كل ما فعلته هو التحديق فقط.
-كلا رانمارو , إنني أعترض معك في ذلك.
قال (كايتو) ذلك و هو يشبك ساعديه في بعضهما أمام صدره و هو مغمض لعينه و ينظر لأسفل بكل أسى , و أكمل :
-انظر رانمارو , إن من حاول قتلك لهم مهرة , و هو ليس شخص واحد بل العديد منهم , من المؤكد أنهم سيبحثون عن ساكورا , كلا , لو كانوا بمثل المهارة التي أتصورها , فمن المؤكد أنهم قد عثروا على بيتها الآن , و اكتشفوا أنها ليست موجودة به , إني أرى رانمارو أن أكثر الأماكن أمنا لها و هي بجانبك , و لا تحزن من كونك ضعيف الآن , فغدا ستصبح من أقوى الأشخاص.
عم صمت تام علي المكان , كان يبدو أن (رانمارو) يزن ما قيل له في عقله , ثم بعد فترة بسيطة من التفكير قال:
-حسنا , ساكورا أنتي تعلمين كم المخاطر التي سوف أواجهها , أليس كذلك؟! - نعم أعلم.
-حسنا إذا , و هل أنتي مستعدة لكي تتحملي كل هذه المخاطر معي؟!!
نظرت (ساكورا) إليه , و بعينها دمعة خفيفة أبت أن تجعلها تسقط , و قالت :
-نعم إنني مستعدة لأن أظل معك للنهاية , و أشهد معك لحظة إعلان برائتك.
ابتسم (رانمارو) , ابتسم (كايتو) , ابتسمت (ساكورا) , ابتسم الجميع , لقد سوي الأمر إذا , ستظل (ساكورا) مع (رانمارو) في طريقه المظلم الشائك حتى النهاية.
-الآن سأذهب , اعتنِ بنفسك جيدا رانمارو , و راقبيه جيدا ساكورا حتى لا يندفع في أي عمل أحمق , أتمنى لكما التوفيق .
أشار بيده مودعا لهما و قد ردا له السلام أيضا , ثم رفع العصا و قال :
-كاي!
فتحولت إلى شكلها المعتاد , ثم تابع :
-مانسيو موشو !
و هنا ومض طرف العصا ثم ظهرت آشعة مضيئة بلون فضي مالبثت أن أحاطت (بكايتو) على شكل نصف دائرة كبيرة , ثم اختفى و هو يودعهم بيده و هم يبادلونه ذلك حتى هدأ المكان و رجع الظلام يكتنفهم مرة أخرى , هنا نظر (رانمارو) إلى (ساكورا) , و قبض على يدها , و قال لها :
-هيا بنا نحن أيضا فلنغادر هذا المكان .
تحرك الاثنان بعد أن أخذ (رانمارو) الحقيبة على ظهره مرة أخرى و أمسك بعصاته الغالية معه , أخذت (ساكورا) الجعبة على ظهرها , و أمسكت القوس بيدها اليسرى , ثم تابعت (رانمارو) في سيره نحو الطريق المؤدي بهم إلى خارج المقابر , نحو طريقهم نحو المجهول.
يتــــــــــــــــــــــــــــــبع................

اماريج 01-08-10 06:14 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثامن


قريه اليوشيكومو


مشت (ساكورا) بجانب (رانمارو) وهي صامتة حتى أنهوا الطريق المؤدي إلى مقبرة والديه , ثم خرجوا من البوابة الرئيسية , عندها تكلمت (ساكورا) لأول مرة قائلة :

-ممم , رانمارو!
توقف (رانمارو) و التفت اليها وقال لها:
-ماذا هناك؟!!
صمتت قليلا و هي تنظر نحو الأرض حول قدميها و هي تشبك يديها معا , ثم قالت و هي تلتفت إلى جانبها خشية اصطدام عينها بعينه :
-ألديك أي فكرة عما سوف نفعله الآن؟!
نظر إليها ثم ابتسم ابتسامة خفيفة , و ذهب إليها و أمسك يدها بيديه , و هنا احمرت وجنتاها خجلا , واتسعت عيناها و هي تنظر نحوه , فقال لها :
-ساكورا , لا تحملي هم أي شيء مادمتي معي , فلقد ساعدتيني وأنا وحدي , و حمتيني وأنا ضعيف , فلا تحملي هم أي شيء من الآن , فأنا سأصبح أقوى من أي شخص آخر , أقوى و أقوى و أقوى حتى لا يستطيع أي شخص أن يتفوق علي , و حتى أستطيع أن أظهر برائتي.
نظرت إليه و هي غير مدركة لأي كلمة قالها , ففي داخلها كان قلبها يقوم بثورة عليها , كانت دقاته سريعة جدا , هي لم تعرف هذا من قبل , كانت تشعر أن العالم كله لو وقف أمامها في هذه اللحظة لما حملت أي هم على الإطلاق , لقد أدركت هنا حقيقة واحدة ...إنها تحب رانمارو.
-انظري ساكورا , لا نستطيع أن ندخل على أي فرد الآن هكذا , لابد و أن تحدث بعض التغييرات , اسمعي و احفظي جيدا ما سأقوله لك ...
تكلم (رانمارو) قليلا , ثم فتحت (ساكورا) فمها و هي مندهشة و تقول له :
-كلا , لا يمكنني , هذا خداع!!
-نحن لا يمكن أن ندخل على أي شخص و نقول له حقيقتنا , و إلا ماذا تعتقدين؟!
نظرت إليه للحظة , ثم نظرت إلى الأرض و قالت:
-أنا آسفة , هذا هو الصواب فعلا , إن عرف الناس حقيقتنا فمن الممكن أن ندخل في مشاكل لا حصر لها .
رفعت رأسها و كأنها تذكرت شيئا هاما وقالت :
-صحيح , ماذا سنفعل الآن؟ لم تجاوبني رانمارو.
-حسنا , أولا و قبل أي شيء لابد و أن نرمي ماضينا خلفنا إلى الأبد , نحن لم نعد أطفال مدارس بعد اليوم , لابد لنا أن نعمل و نحصل على قوت يومنا , ثم بعدها نفكر في التدريب وأي شيء آخر.
-ولكن كيف لنا أن نحصل على ذلك ؟!
-انجدوووووووونـــــــي...لص , لص!!
نظر (رانمارو) و(ساكورا) إلى الطريق المقابل فوجدوا شخصا يجري و معه حقيبة سوداء و خلفه سيارة حديثة الطراز و إمرأه تصرخ و هي خارجها :
-انجدووووووونـــــــي ...لص ...لص !!
فجأه و بدون مقدمات جرى (رانمارو) بأقصى سرعته , كان لا يعرف لماذا جرى , نعم إنه يكره السارقين , لكنه ليس من هذا النوع الذي يعرض حياته للخطر من أجل شخص آخر لا يعرفه , و لكنه جرى , و جرى , و جرى , حتى وصل إلى اللص , و هنا كان بجانبه , نظر إلى اللص , و نظر اللص إليه , و هنا فعل شيئا لم يتخيل أنه قد يفعله , لقد قفز إلى أعلى , و لف حول نفسه , و مد رجله اليسرى و هو يلف فاصطدمت برأس السارق فطار إلى الخلف في الهواء قليلا ثم تدحرج على الأرض حتى وصل إلى الحائط الفاصل بين الإتجاهين, كانت ركلة قوية و غير متوقعة , (رانمارو) نفسه لم يكن مصدق كم الثقة و القوة التي كانت به , وقف اللص و هو ينهج من شدة الضربة و يمسك برأسه بيده اليسرى , و الحقيبة بيده اليمنى , عندها جرى ناحيته (رانمارو) , فقذف اللص بالحقيبة ثم قفز فوق السور الحاجز بين الطريقين ثم اندفع في الظلام , قفز (رانمارو) خلفه محاولا اللحاق به .
-رانمارو !!
صاحت (ساكورا) عليه , فوقف فجأة , فمال جسمه إلى الأمام , و حاول أن ينقذ نفسه من السقوط بتحريك يديه في الهواء , نجح في ذلك , فالتفت نحوها و صاح فيها غاضبا:
-ماذا تريدين مني الآن؟! لقد جعلتيه يهرب.
-لقد رمى الحقيبة , فلا شأن لنا معه الآن , هيا فلنعد الحقيبة لصاحبتها .
هدأ (رانمارو) هو ينظر إليها , ثم أخذ نفسا عميقا و أغمض عينيه ونظر نحو (ساكورا) و قال:
-حسنا .
تحرك إلى الحقيبة و التقطتها , ثم سار هو و (ساكورا) حتى وصلا إلى السيارة التي كانت واقفة , فهرولت صاحبة الحقيبة إليهما , و اختطفت الحقيبة منهما , و ضمتها إلى صدرها و تنهدت بارتياح , ثم نظرت إليهما و قالت لهما :
-شكرا جزيلا , هذه الحقيبة ميراثا غاليا لأمي , أنا لا أتصور أن أفقدها أبدا !
نظر (رانمارو) إليها بشك , ثم قال :
-حسنا , لقد اطمئننا على أن حقيبتك قد عادت لصاحبتها , هيا بنا ساكورا.
قالها و استدار مستعدا ليمشي بعيدا , فاستوقفته السيدة قائلة :
-إلى أين ستذهبون؟! أستطيع أن أوصلكم إلى أي مكان تريدونه , و اعتبروه كرد للجميل , فأنا الآن أدين لكما بشيء ثمين.
نظرت (ساكورا) إلى (رانمارو) ثم قالت بحزن:
-للأسف نحن لا نملك مكانا نذهب إليه , لقد مات أبوانا و لا يوجد لدينا أي فرد من أقاربنا على قيد الحياة , فنحن الآن وحيدان !
قالتها (ساكورا) و نظرت تجاه (رانمارو) , كانت بعينيها ابتسامة خفيفة , ابتسامة انتصار , حيث اندفعت المرأة و قالت :
-حسنا إذا , أنا عندي مكانا للعمل و المبيت , أنا اسكن في قرية (اليوشيكومو) , أمتلك مزرعة و أحتاج إلى نجارين و طباخات , هل يمكنكما أن تعملا عندي.
قالت الجمله الأخيرة و هي تبتسم , نظر (رانمارو) و(ساكورا) إليها , ثم قال (رانمارو) :
-كلا , نحن لا نقبل شفقة من أحد , لقد ساعدناكي لأنكي كنتي تحتاجي مساعدة فقط , نحن...
-لا تكمل , أنتما ستعملان عندي , وسوف تأخذان أجوركما , و طعامكما و إقامتكما متوفرة عندي في المزرعة , و أهل القرية عندي طيبين , و سوف تتعودان على المعيشة هناك , فلتأتيا معي هناك , و إذا لم تستريحا فأنتما ستظلان تحت رعايتي حتى تجدان عمل جديد.
نظر (رانمارو) و (ساكورا) لبعضهما , ثم قال (رانمارو) :
-حسنا إذا , لقد سوي الأمر , لكن هلا تخبريننا باسمك على الأقل ؟!
-حسنا , تفضلا اركبا معي , و اسمي هو كاجومي , وأنت رانمارو , أليس كذلك ؟!
نظر إليها (رانمارو) ثم قال لها :
-نعم , و هذه هي ساكورا !
ابتسمت السيدة ل(ساكورا) و قالت لها :
-مرحبا بكي عزيزتي !
ردت (ساكورا) الابتسامة بابتسامة أخرى , ثم ركبوا السيارة جميعا ,استغرقت الرحلة حوالي الساعة , تحدثا فيها كثيرا , أفهماها أنهما أخ و أخت ,و أن أبواهما قد توفيا , وصلا إلى قرية هادئة بعيدة عن المدينة , كانت (كاجومي) هي التي تقود السيارة , كانت سيدة تبلغ من العمر حوالي ثلاثون عاما , كانت جميلة , شعرها أسود داكن و ناعم و لكنه متوسط الطول , كان يبدو عليها عدم الاهتمام بأي تسريحة أو موضة , كانت ثيابها عادية , أما عينيها فكان لون بؤبؤها أزرق صافي.
-تفضلا هنا , يا ساشيو.
هنا خرج كهل عجوز يبلغ عمره حوالي السبعين عاما , كان شعره قد تطاير معظمه و الباقي تلون باللون الأبيض , كان يتوكز على عصاته , جاءها , وقال لها :
-نعم يا سيدتي , كل شيء على ما يرام.
-حسنا فعلت ساشيو , و الآن أرِ ضيوفي مقر نومهم الجديد , فرانمارو و ساكورا سوف يقيمان هنا معنا و يعملان كنجار و كطابخه , هيا ساشيو و لا تضع الوقت , أرهم المكان ثم عد إلي سريعا .
قالت ذلك ثم استدارت لتواجه (رانمارو) و (ساكورا) , ثم أردفت :
-و الآن أستاذنكما , فإنني متعبة جدا , و سأترككما في رعاية ساشيو , و هو سيريكما مكان إقامتكما , استريحا الآن فمن الغد سوف تعملان .
-حسنا يا سيدة كاجومي.
قالها (رانمارو) , فارتسمت شبه ابتسامة رضا على وجهها , ثم اتجهت نحو سلم القصر الموجود بالقرية و صعدت إليه , فقال (ساشيو) لهما في حدة :
-هيا أيها الكسالى , لا وقت لدي لأرى صعود السيدة إلى آخر السلم , هيا فلدي أعمال كثيرة .
قالها و هو يدير ظهره إليهما و يعتمد على عكازه في السير , فتابعوه و هما ينظران إلى بعضهما و ينظران إليه دون أن يتفوها بأي كلمة , ظلا هكذا حتى وصلا إلى منزل خشبي من طابق واحد و كبير نسبيا , يحتوي على حجرتين للنوم و صالة على الأقل , و به حديقة صغيرة تحيط به من الخارج , كان يبدو أن منظره سيكون بديعا في الصباح .
-خذا , هذا هو مفتاح البيت , البيت به كل شيء تقريبا , إذا احتجتما إلى شيء نادياني , و لكن لا تتجولا في الليل بمفردكما , هذا ممنوع منعا باتا هنا و له عواقب وخيمة إذا فعلتما ذلك , أنتما ستتحملان عواقب ذلك من السيدة كاجومي , نظر كل منهما إلى الآخر بشك , ثم تكلم (رانمارو) قائلا :
-حسنا , نحن لا نحب المشاكل , و لن نضع أنفسنا فيها أبدا , هيا بنا ساكورا فإني متعب أريد النوم.
تحركت (ساكورا) بسرعة إلى داخل البيت تتبع (رانمارو) الذي قد دخله , في نفس الوقت الذي رحل فيه (ساشيو) , و لكن (رانمارو) لم يغلق الباب فورا , بل واربه و هو يراقب (ساشيو) , كان يشك بشيء ما , و فجأة وجد ضالته في سلوك (ساشيو) الغريب , ثم أقفل الباب , و دخل إلى داخل البيت مع (ساكورا).
يتبـــــــــــــــــــــع........

اماريج 01-08-10 06:15 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل التاسع


المـــــــــــــــــــــــــــــأزق


استدار (رانمارو) بعد أن أغلق الباب خلف (ساشيرو) , ونظر في عيني (ساكورا) و قال :

-إن هذا لا يبدو لي سليما.
اتجه إلى حجرة النوم المقابلة للباب بعد أن مر بالردهة , و تبعته (ساكورا) , و عندما دخلت الغرفة كان (رانمارو) بالفعل قد أوقد الإضاءة فيها و جلس على الفراش و هو يسند رأسه على ذراعيه و ينظر إلى الأرض , اقتربت منه (ساكورا) و جلست بجانبه و بادرت بالتساؤل قائلة:
-هلا شرحت لي ما تفكر فيه ؟
-أوه , حسنا!
قالها و اتجه إلى مقدمة الفراش , و عدل من وضع وسائده حتى يستطيع أن يركن ظهره مستقيما عليها و هو يريح جسده , و شبك يديه خلف رأسه و استراح على الوسائد و أغلق عينيه و قال:
-أولا أنا أشك في كايتو !
بدت الدهشة واضحة على (ساكورا) , التي رفعت يدها اليمنى إلى أعلى أمام فمها و عينيها متسعة , ثم قالت :
-كلا , لا يمكن !
قالتها و هي تهز رأسها في قوة و ساعديها مضمومين بجانب بعضهما بالطول على صدرها ثم تابعت :
-لو ...لو كان كايتو عدو لقتلنا على الفور , أليس كذلك؟!!
-نعم , هذا صحيح , و هذا ما يؤرقني , فلم أجد له تفسيرا إلى الآن.
-و لكن ....و لكن لماذا تشك في كايتو ؟ لقد كان لطيفا معنا , و لم أشك به لحظة واحدة !
-ممممممم , نعم , حتي أنا لم أشك فيه طوال فترة جلوسي معه , و لكنه قال شيئا انتبهت إلى خطورته و زرع الشك في نفسي من ناحيته.
-ماذا قال؟!!
-ألم يقل أنه تعرف عليكي بأنكي بشرية عادية بعدم وجود الطوق على رأسك؟! كما أنه لم يتعرف علي إلا كإنسان عادي نظرا لأني لست ساحرا بعد , و الأجناس الأخرى خلاف البشر العاديين يمكنهم رؤية الأطواق هذه و التعرف على بعضهم البعض.
شبكت (ساكورا) ساعديها أمام صدرها , و همهمت و هي ترفع رأسها إلى أعلى مغمضة العينين , و كأنها تفكر فيما قاله (رانمارو) , ثم فتحتهما و قالت :
-أنا لا أرى فيه أي شيء يدعو للريبة .
-أوه , ساكورا , ركزي معي من فضلك , الآن أنا ساحر متهم بقتل والداي , و أنا آخر فرد في عائلتي , و هذا يعني كوني مستهدف لكي أشارك أي شخص قواي , و بالطبع هذا لأنني ضعيف جدا و لا أعلم شيئا , لكن المعضلة الكبرى هي كيف سيجدني من يريد قتلي ؟! هل فهمتي ما أعنيه , كوني إنسان بشري عادي يعني أنني في أمان , و لن يجدني أي شخص إلا بصعوبة بالغة و بعد زمن مثل ما حدث معي مع الساحر الذي قتلتيه , و لكن إذا نشطت قواي الآن , و استخدمت أول تعويذة في حياتي , فسوف يتكون طوق مميز خاص بعائلتي معروف جيدا لأعدائي حول رأسي , هذا يعني أنني سوف أواجه الكثير و الكثير , و هذا طبعا في الوقت الذي لن أستطيع فيه التدريب بشكل كاف , كايتو لم ينبهني إلى تلك النقطة على الرغم من بساطتها و أهميتها , لكنه أغفل ذكرها لي , و هذا ما يقلقني , لقد علمني كل شيء عن حياتي ,و عن التدريب , بل و أعطاني موعدا و مكانا لألقاه إذا احتجته , أعطاني موعدا بدون أن يفكر أو يتردد , و كأنه كان مستعدا لسؤالي هذا , لو كان كايتو فعلا صديق لوالدي , فكان اتخذ أحد طريقين , أن يساعدني في طريقي , أو يبتعد عن طريقي للأبد , و لكنه اختار طريق وسطا , طريق المراقب من بعيد , إنني لأشعر أنه يدبر لي شيئا , و أن كل ما حدث إلى الآن لم يكن مجرد صدفة , و لكن هذا احساسي فقط , و لا أملك عليه الدليل.
شردت (ساكورا) و هي تنظر تجاه الحائط المقابل , و صمت (رانمارو) قليلا , ثم أكمل قائلا:
-و الآن نحن موضوعون في مأزق كبير , فأنا أظن أن القرية التي نحن فيها ليست عادية , أهلها أحس و كأنهم ليسوا بشرا عاديين , هذا المدعو (ساشيرو) كان به شيئا يحيرني منذ أن رأيته أول مرة , و عندما استدار ليسير بعيدا راجعا إلى سيدته , رأيت يديه , كانت يديه تبدو ناعمة و طرية , في حين أن أي شخص كبير في السن لابد وأن يكون جلده مجعد , هذا إضافة إلى أنه كان يتوكز على عصاه , و يمشي ببطء منحنيا , و لكنه حين استدار ليعود أدراجه , استدار و هو يقف , و كان ظهره سليما و لا تبدو عليه انحناءات , و كذلك لم يضع يده على ظهره بعدها و هذا هو المفترض إذا كان عجوزا حقا.
اتسعت عينا (ساكورا) من الرعب , و لمست بأطراف أصابع يدها اليسرى شفتها السفلى و هي فاتحة فمها من الخوف و تهتز من الفزع , و نظرت إلى (رانمارو) الذي كان يبدو هادئا و صاحت :
-ماذا سنفعل رانمارو؟!
-لا شيء , أنتي لن تفعلي شيئا الآن , أما أنا فسأخوض غمار التدريب مع معلمي الجديد طوال الليل , يجب ألا تنامي الليلة , أريدك أن تمسكي القوس و تدافعي عن نفسك إذا حدث شيئا , أما أنا فسأكون مخفيا عنهم , و إذا حدث شيء أول ما تفعلينه هو أن تنبهيني بخبطة على جسدي , أنت ستعرفين مكان تدريبي , و ستجلسين بجانبي , فإذا حدث شيئا نبهيني فقط و سأقطع التدريب لإنقذك.
-كلا , إذا تدربت سوف...
-وإذا لم أتدرب سوف نموت , ألم أقل لك أننا في مأزق , إذا لم أتدرب هناك خطر كبير أننا سنهاجم بواسطة من في هذه القرية و الأعداء خارجها الذين يبحثون عنا , وإذا تدربت فسوف نواجه مخاطر كبيرة , و لكن فلنواجهها و نحن أقوياء و لنا أمل في النجاة على أن نواجهها و نحن في هذه الحالة التي يرثى لها , و إلا فما رأيك؟!
صمتت (ساكورا) عن الكلام و هي لازالت تنظر محدقة إليه , ثم نظرت إلى أسفل و هي تقول في حزن :
-أنا أعلم أنني سأكون عقبة في طريقك , أنت تريد أن تتدرب و تصبح قويا , أما أنا فلا أملك سوى هذا القوس و أنا بشرية عادية , فعدني أنني إذا أصبحت عبئا علــ...
لم تكمل (ساكورا) , بل الأحرى أن نقول أن لسانها و عقلها و قلبها قد توقفا عن أي شيء كانت تريد أن تقوله , و تفكر فيه , و تشعر به , فلقد أصبحت فجأة في حضن (رانمارو) , لقد اجتذب يداها في منتصف حديثها إليه , استقرت في حضنه وصمتت و عيناها تمتلئ بالدموع , و هنا تحدث (رانمارو) :
-ألم أقل لك أيتها العنيدة أنني سأحميك إلى آخر قطرة في دمي ؟! كيف تقولين على نفسك ضعيفة و لا حول لك و أنتي التي استطعتي انقاذي من هذا الساحر ؟! أستصبحين عبئا علي ...يا للغباء ساكورا , طالما أنا بجوارك أنا الذي سأصبح عبئا عليكي , فلولاي لما كان لك دخل بأي حدث هنا , إنني لازلت ألوم نفسي على تعريضك للخطر بسببي.
-را...نما....رو!!!
قالتها (ساكورا) بصوت ضعيف رقيق جدا , ووجنتاها قد احمرتا خجلا , ثم أمسك (رانمارو) بكتفها و هو يبعدها عن حضنه ببطء و نظر في عينيها وقال:
-هل نبدأ الآن ما اتفقنا عليه ؟! أنتي ستجلسين هنا مكاني و أنا سأجلس بجوارك و أدخل إلى عالم التدريب , لا تقلقي عزيزتي طالما أنا موجود !
لم تدر ما تقول , لم تجد ما تفعله سوى أن تهز رأسها إيماءا بالموافقة , عقلها قد توقف عن التفكير , قلبها كان يدق بشدة و كأنه يريد الخروج من قفصها الصدري , جلست مكانه بدون أن تنطق بأي كلمة , أحضر لها القوس و الجعبة , ثم جلس هو بجانبها القرفصاء , ونظر إليها و قال :
-أراكي بعد التمرين , اعتني بنفسك .
استعد (رانمارو) للدخول إلى التدريب لأول مرة في حياته , جلس القرفصاء , وضع يديه في الوضع الخاص بالتدريب و أمسك بالعصا في موضعها السليم , ثم أخذ نفسا عميقا هدأ به نفسه المضطربة , و فرغ عقله من أي تفكير سوى تفكير واحد ...ضرورة التدريب حتى يكون قويا ...قويا إلى الدرجة التي تكفيه لإخراج (ساكورا) من هذا المأزق حية على الأقل إن لم يستطع أن ينقذ نفسه هو الآخر, أغمض عينيه, ثم قال :
-كايتـــــــــــــــــو!
حتى هذه اللحظة كان (رانمارو) يعتقد أنه بعد أن يقول هذه الكلمة سيفقد وعيه و سيتدرب مع الوحش و هو نائم , و لكنه كان مخطئ , بعدما قال التعويذة , وجد ضوء ساطع قد أحاط به , ساطع إلى الدرجة التي أغمض فيها عينيه ووضع ساعد يده اليمنى أمام عينه كاسرا الوضع الذي كان عليه , و لكن يبدو أنه لم يكن هناك تأثير على التعويذة حيث استمر الضوء في السطوع , ثم فجأة أحس (رانمارو) و كأنه في ظلام دامس , أغمض عينيه قليلا حتى تعتاد على الظلام ثم فتحهما , في البداية لم يرَ شيئا , ثم تدريجيا أخذت الصورة تتضح , هذا منخفض , و هذا تل , و هذه صخرة ضخمة , و هذا و هذه و ذاك و تلك , إلى أن استطاع رؤية كل شيء حوله , أيقن أنه في حلم , لقد كان خارج مكان أشبه ما يكون بكهف كبير تحت الأرض , و هو يقف في بداية طريق لولبي طويل مرتفع عن الأرض المظلمة لا يبدو له نهاية في هذا الظلام الدامس .
-رانمارو!
صدر هذا الصوت الرخيم الذي سمعه (رانمارو) من قبل , و لكنه لم يبد انفعاله السابق , كان يقف متماسكا و هو ينظر إلى الأمام من حيث سمع الصوت , حينها ظهر , كان تنينا هائلا جدا أكبر من الذي قد رآه من قبل , و لكنه كان يقف و كأنه في نهاية الكهف , كان وحشا لونه أحمرا , كانت النيران تصدر من كل جسمه , كان له جناحان هائلان , كانا مثنيان على ظهره , و لكنه لو كان فردهما على آخرهما لكان قد أسقط الكهف عليهما .
-أين أنا؟
تكلم (رانمارو) بحزم , كان لا يملك شيئا يخسره سوى الوقت الثمين , فعليه أن يدرك كيفية التدريب و يتدرب حتى يخرج من المأزق هذا.
-هل انعدم الاحترام من آخر فرد من عائلتي ؟!!
نظر (رانمارو) إليه و هو لا يرمش له جفن , سادت فترة من الصمت , أنهاها (رانمارو) عندما أحني ظهره , و هو يقول:
-آسف جدا سيدي على ما حدث مني , و أرجو أن تتقبل اعتذاري , فأنا كنت في حالة نفسية سيئة جدا.
صمت المكان مرة أخرى , و هنا تحدث الوحش بعد فترة قائلا :
-حسنا رانمارو ,إنني لأعرف ما تشعر به , فلا تنس كوني مرتبط بك عن طريق عصاتك , كما أعلم كل ظروفك , ولكني لن أدربك.
أحس (رانمارو) و كأن صاعقة قد سقطت عليه , لم يدر ماذا يقول , اعتدل من انحنائته , و نظر إلى الأرض و هو يقول :
-أتقول لي الآن أن أتركك و أرحل ؟! أبعد كل هذه المشقة تقول لي أن أرحل ؟! أبعد كم الأعداء في انتظاري تريدني أن أستسلم !
-لقد قلت كلمتي ,أنت ضعيف و أنا لا أحب الضعفاء , أنا لن أدر...
-اصمت !!!
صرخ (رانمارو) بأعلي صوته , و هو ينظر تجاه الوحش , لم تكن تلك عيني (رانمارو) , بل كانتا كقطعتين من نار , نظر الوحش إليهما و قال بغضب :
-احترم نفسك أيها الصبي الصغير واعرف مكانتك جيدا و إلا فستموت هنا أمامي , أنت لا تملك شيئا تفعله , إن قلت لن أدربك فلن أدربك!
هنا أحس (رانمارو) بأن كل خلية من جسده تشتعل , أحس أن قلبه مليء بنار الغضب , أحس بأن كراهيته لما حدث له قد اندمجتا مع إصراره على تحقيق برائته , تلفت حوله فوجد سيفا مرميا بجانب مدخل الكهف , انقض عليه و رفعه بيده اليمنى , كان يبدو أن السيف ثقيل , لكن (رانمارو) لم يشعر بوزنه , رفعه عاليا موجها إياه نحو الوحش و قال :
-إذا لم تكن تريد أن تتدربني بإراداتك أيها اللعين , فسوف أحملك على تدريبي !
قالها و اندفع تجاه الوحش , كان يبدو أحمقا , كيف سيحمل وحش أن يفعل ما يريده , كان يبدو مستحيلا , بعد لحظات قليلة كان (رانمارو) قد تخطى بوابة الكهف التي كان يقف خارجها , و عندما أصبح داخلها ,
-توقف , فسأقوم بتدريبك.
تكلم الوحش إلى (رانمارو) , قالها فجأة , توقف (رانمارو) و هو مندهش من سلوك الوحش الغريب , لم يستوعب ما حدث , فمنذ لحظات كان الوحش نفسه لا يريد أن يدربه , و الآن قرر فجأة أن يدربه , فصاح (رانمارو):
-أتمزح معي أم ماذا ؟!!
كان غاضبا جدا , و ما أحنقه أكثر هو ضحكة الوحش بصوت عال , كان يبدو أنه يريده أن يغضب أكثر و أكثر , جز (رانمارو) على أسنانه بقوة , ثم هدأ الوحش عن الضحك قليلا و قال :
-إن جنس البشر غير صبور على الاطلاق , كما توقعت تماما !
صمت الوحش و هو يتبادل النظرات مع (رانمارو) الغاضب , ثم أكمل :
-حسنا سأشرح لك ما حدث , أنت بالتأكيد تعلم مقدار قوتي , و تعلم إنني لست بوحش عادي قد تقابله و أنت تسير في الطرقات , أنا من أقوى الوحوش و مصنف في الفئة الأولى , إضافة إلى كوني وحش عائلتي النبيلة , ماحدث معك الآن لم يكن شيئا شخصي , إنه اختبار صغير , اختبار أعرف به من هو جدير بأن أمد له كل قوتي كاملة و من غير جدير بأن أمد له و لو قدر ضئيل منها.
كان يبدو على (رانمارو) عدم الفهم على الاطلاق , فتمتم:
-اختبار.....جدير و غير جدير .....قوتك الكاملة....أنا لا أفهم شيئا.
-أولا اجلس على الأرض فالوقت أمامنا طويل , نعم هكذا , و الآن سأشرح لك ما أعنيه , انظر رانمارو , ما الذي يميز شخص عن آخر في الرتب في العائلة ؟ إنها قوته , هل يكون سليما أن يكون الأشخاص كلهم بنفس القوة ؟! بالطبع شيء سخيف و غير طبيعي على الاطلاق , هذا هو اختباري , فأنا أمتلك القدرة على أن أجعل الشخص الذي أمامي قويا جدا أو ضعيفا , أنا لا أحمل ضغينة لأي شخص و لأي فرد من عائلتي , على النقيض تماما , أنا أريدهم أقوياء جدا , و لكني في الوقت نفسه أخاف عليهم , هل تتصور ماذا يمكن أن يحدث لو أن شخصا ضعيفا امتلك قوة هائلة تفوق قدراته ؟ ببساطة لن يستطيع أن يتحكم فيها هذا الشخص , بالعكس , سوف تتحكم القوة فيه إلى أن تدمره , أنا لا أريد هذا , أنا أريد جميع أفراد العائلة أقوياء و في نفس الوقت أصحاء , و لكن كيف سأفعل ذلك ؟ إنني لن أعطي طاقتي إلا لمن يستطيع أن يتغلب عليها , أنا لا أقصد طبعا القوة الجسدية لأنه من المحال أن يتفوق أي شخص و لو علي قدر ضئيل من قوتي أو قوة أي وحش آخر مهما بلغ ضعفه , و لكني قصدت قوته الروحية.
تمتم (رانمارو) و هو مأخوذ بكلام الوحش :
-قوته الروحية؟!!

اماريج 01-08-10 06:16 PM

-نعم رانمارو , قوته الروحية , انظر , أنا أعرف أنك لم تترب في مجتمع السحرة فربما ستجد هذا صعبا قليلا و لكن اسمعني جيدا , حتى يقوم الساحر بأي تعويذة يحتاج قوتان , قوتي أنا الوحش و يستمدها من العصا , و قوته الروحية , أما الأولى فأنا الذي أعطيها له و أحدد كميتها , و قوتها , و أما الأخرى فالذي يحددها هو قوة قلبه , فمثلا لو شخص بلا أي آمال أو طموحات , بلا أي انفعالات أو مشاعر قوية جياشة , هذا الشخص يصبح قلبه ضعيف , و تصبح قوته الروحية ضعيفة , أما من يملك الحافز و الدافع ,و من يملك الآمال و الطموحات , و من لديه عواطف قوية جياشة , هذا الشخص قوته الروحية قوية جدا , فبالنسبة إلى قوتي , أنا أريد شخصا قوته الروحيى تستطيع أن تتغلب علي , شخصا لديه المقدرة على أن يتحكم في قوتي الكبيرة المدمرة , و بهذا فإنني أقوم بهذا الاختبار البسيط في بداية تعارفي مع الشخص , فإذا جاء إلي الشخص يطلب مني تدريبه , فأقول له أني لا أريد ذلك , فإذا رجع عن طريقه أنادي عليه و أدربه و لكن أعطيه قوة ضئيلة من قوتي , ذلك لأن الشخص هذا قوته الروحية ضعيفة , و هذا جيد لسلامته , أما إذا تحداني الشخص فإنني أهدده بقوتي كما فعلت و أن صرخت فيك بأن تعرف مكانتك , و هنا جميع الأشخاص بلا استثناء يتجمدون من الخوف , و لكني أكون قد عرفت أن قوتهم الروحية قوية جدا فأعطيهم قدر كبير من قوتي , و لكن في حالتك أنت كان هناك شيء غريب , لم أجد شخصا طوال حياتي الطويلة السابقة قد اندفع يريد أن يرغمني على شيء لا أريده , لم أقابل شخصا لم يخف من قوتي و لا من تهديدي و اندفع إلي , لم أجد شخصا لديه القدرة على أن يفعل ذلك , كلا , بل لم تحدث مثل تلك الحادثة مع أي وحش آخر على الاطلاق من قبل , أنا لا أعلم كيف و لكن قوتك الروحية قوية جدا , أقوى قوة رأيتها في حياتي , و أقوى قوة سمعت بها طوال فترة معيشتي , إنني أعترف باندهاشي لما فعلته , فعلا أنت ولد غريب .
صمت (رانمارو) , و ابتسم , ابتسم لأنه شعر أنه فعلا قوي و لأول مرة في حياته , أحس أنه مميز جدا , نعم كان متفوق , نعم كان متميزا في أخلاقه و سلوكه , ولكنه لم يكن بمثل هذا التميز من قبل , أحس بشعور غريب , شعر أنه يقدر على فعل أي شيء الآن , لكن كانت هناك ملايين و ملايين من الاستفسارات في عقله يريد لها أجوبه , رفع رأسه لينظر إلى الوحش وسأله :
-ولكن ماذا تعني بقوتك الكاملة ؟! و ماذا تعني بأنك ستمدني بقوتك , أنا لا أفهم , هل يعني هذا أنني سأفعل التعاويذ القوية بسهولة؟
-كلا رانمارو , انظر , إن أي تعويذة من الممكن أن تكون مميتة و من الممكن أن تكون بلاي أي تأثير , سأضرب لك مثالا صغيرا حتى تفهمني , إذا جاء طفل صغير و لطمك على وجهك بيده , هل تؤثر فيك هذه الضربة ؟ فماذا لو جاء رجل كبير مفتول العضلات ؟ فماذا لو جئت أنا و ضربتك؟ أفهمت ما أعنيه , كل هذه لكمات , و لكن واحدة بلا أي تأثير , و الأخري تأثيرها أقوى , أما الأخيرة فستقتلك , هذا هو الحال مع التعاويذ , مبدأيا قوة التعويذة تتوقف على مقدار القوة الروحية و قوة الوحش , فإذا كبر إحداهما قويت التعويذة , أما في حالتك , فأنت تستطيع أن تمتلك قوتي كاملة بالقدر الذي يجعل أضعف التعاويذ أقواها على الاطلاق , و لكن هذا ليس كل شيء , إن ما أعنيه بأنني سأقدم قوتي أو بعض منها لتلاميذي من عائلتي , فهذا لا يقتصر على أداء التعاويذ فقط , هناك طريقة يمكن بها أن تستحضر كمية الطاقة التي تتحكم فيها من وحشك إلى الواقع , بمعنى كمية طاقة الوحش التي يمدها لك , بالطبع تتجسد الطاقة على شكل الوحش ذاته , فإذا كانت طاقتك الروحية ضعيفة فأنت تستطيع إحضار وحشك في صورة مصغرة جدا و ضعيفة , أما إذا كنت قوي فأنت تستطيع إحضار وحشك في صورة قوية و كبيرة , و كلما كبر وحشك كلما كانت قوتك الروحية أقوى , و لكن هنا معك يا رانمارو فأنت لن تستطيع أن تستحضر هذا الشكل مني فقط , بل تستطيع استحضاري كاملا إلى الواقع , عملية لم يفعل مثلها أي شخص على الاطلاق , ستكون الأول من نوعك في هذا , هذا إضافة إلى أن طبيعتي غير التي تراها , فهذه صورة أضعف قليلا من قوتي و ذلك حتى لا تؤثر قوتي الضخمة على أتباعي من عائلتي .
-ماذا؟!!
قالها (رانمارو) و هو مندهش جدا , لم يكن يتصور أن هذا الوحش إنما صورة أضعف من حقيقته , و أنه يستطيع أن يحضره بصورته الحقيقة إلى الأرض في أي وقت شاء .
-هل يمكنك أن تريني صورتك الحقيقية؟!
-بالطبع , فأنا لا أخاف عليك , و لكني لن أكون بها معك أبدا , سأستخدم صورتي الضعيفة في التدريب معك و ذلك حتى لا تؤثر عليك قوتي تأثيرا مزمنا لا يظهر إلا بعد فترة طويلة , و الآن فسأريك شكلي الحقيقي.
فجأة أضاء جسد التنين بضوء أحمر كبير , و هنا رأى (رانمارو) ما كان يعنيه الوحش بخوفه على حياة أتباعه , فأمامه تحول التنين إلى تنين يبلغ من الضخامة ثلاثة أمثال ما كان عليه , و ظهر له ثلاثة رؤوس , و ذيل كبير جدا و ضخم , و بدلا من جناحيه ظهر أربعة صفوف من الأجنحة متوازيين بالطول في كل جانب , يبدأ كل جناح من مكان ما خلف الرقبة و ينتهي إلى مكان عند مستوى الذيل أو أعلى منه بقليل , كانت الأربعة أجنحة مليئة بالريش الأحمر اللامع , و كأنها مصنوعة من البللور , أما عن جسمه فبدلا من النار التي كانت تظهر مشتعلة منه , كانت موجات النيران تندفع من جسمه إلى ماحوله في شكل دوائر تتسع تدريجيا و مع اتساع الدائرة تخمد النيران إلى أن تصل إلى مدى تنطفئ تماما , و لكن الريح الناتجة عن الدائرة تستمر في الاتساع , عندما كانت تصل أي حلقة منهم إلى (رانمارو) , كان يشعر و كأن يد قوية صفعته على وجهه و ألقته بعيدا , و لكنه أمسك بصخرة في الأرض و صرخ :
-يكفي هذا لقد فهمت ما تعنيه جيدا !
هدأ كل شيء حيث تحول الوحش إلى شكله الأول مرة أخرى , و هنا وقف (رانمارو) وهو ينهج من شدة التعب , لقد أحس وكأنه كان يُضرب بشدة , و أن هذه لكمات و ليس لفحات من الهواء , نظر تجاه الوحش و هو يجلس على الأرض و قال :
-هل تعني أنني أستطيع أن أستحضر هذه الصورة منك الآن ؟!
أجابه الوحش و هو يبتسم ابتسامة مكر و خبث:
-نعم و لا !
تعجب (رانمارو) من هذه الإجابة , و أحس في نفسه أن التعامل مع هذا الوحش لن يكون سهلا , فسأله:
-ماذا تعني؟!
- أعني أنك نعم تستطيع أن تستحضر هذه الصورة , و كلا لا تستطيع استحضارها الآن.
-ولم لا أستطيع الآن؟!
-نعم أنت لديك قوة روحية كبيرة , و لكنك لا تعلم بعد كيفية استخدامها , بل أنت لا تعلم ما هي استخداماتها أصلا .
-نعم؟!! إنني أستخدمها لأداء التعاويذ , أليس كذلك؟!
-نعم و لكن هذا استخدام واحد فقط , انظر , إنك عندما تستخدم طاقتك الروحية فأنت تحاول أن تستجمع أقوى مشاعرك , فبدل من أن تشعر بغليان في دمك كما يحدث مع الناس البشريين العاديين , فستشعر بوجود حرارة في قلبك , هذا يعني أن طاقتك الروحية موجودة , وجاهزة للاستخدام , اسمعني جيدا رانمارو , إن الأوعية التي تسير فيها الطاقة هي شرايينك و أوردتك الدموية , إن الطاقة تخرج من قلبك و تتجه إلى أنحاء الجسم ثم تعود مرة أخرى , هذا لكي تزداد طاقتك في قوتها , فالحركة تعطي طاقة , هذا هو القانون المعروف , و الآن أنت مؤكد تعرف أنه بجلدك توجد فتحات صغيرة دقيقة يخرج منها العرق إلى الخارج , هذه المسام الموجودة لديك و لدي أي ساحر أو جنس آخر بخلاف الجنس البشري العادي تستطيع الطاقة الروحية أن تخرج منها , لا تبدُ مندهشا هكذا , إن طاقتك تلف إلى جميع أنحاء الجسم مع الدم , و عندما تصل إلى الجلد فإنها تستطيع الخروج على هيئة قطرات غير محسوسة , أنت نفسك لا تدرك هذا , فعندما تكون واقف أو جالس أو مستريح , تخرج الطاقة الروحية باستمرار منك , و هنا تتخذ شكلا مميزا و لونا خاص بعائلتك فقط , و هو الطوق الذي يكون محيطا برأسك , و هو هالة على شكل دائرة تحيط برأس أي فرد من أجناس أخرى غير البشر العاديين , و هذا نتيجة إلى خروج طاقة الفرد الروحية باستمرار بدون أن يشعر الشخص بها و اتخاذها هذا الشكل المميز , و لكن على الرغم من هذا , فإن لهذا الأمر فوائد عظيمة , فمثلا تستطيع أن تحدد قوة شخص ما بكمية الطاقة التي يستطيع اطلاقها للخارج من جسمه , مثلا أنت تواجه أعدائك الآن , و أنت تريد أن تريهم مقدار قوتك , فأنت تخرج قوتك الروحية من فتحات جلدك عن طريق إرادتك , فتستطيع أن تخرج كمية كبيرة جدا , و الطاقة الروحية تظل متصلة بإراده صاحبها حتى و هي خارج جسمه , فأنت تستطيع أن توزع الطاقة في أي مكان و في أي اتجاه , فإذا كنت قوي فأنت ستخرج كمية هائلة من الطاقة , تحتاج هذه الطاقة إلى شغل حيز كبير من المكان الذي توجد فيه , فإذا أردت إثبات قوتك , فأنت ستخرج كمية كبيرة من الطاقة دفعة واحدة , و ستتحكم فيها بالقدر الذي يجعلها تضغط إلى أسفل , أي أن الطاقة الجديدة التي ستخرج من جسمك سوف تصعد إلى أعلى الغرفة مثلا و تقوم بالضغط على ما يوجد أسفلها و هكذا , فكلما أخرجت كمية أكبر من الطاقة , كلما ازدادت قوة الضغط على أعدائك , قوة قد تصل في بعض الأحيان إلى الدرجة التي لا يستطيع الشخص الحركة تحت وطئتها حتى وإن جرى بأقصى طاقته أو تصل للدرجة التي قد يختنق فيها الشخص من تأثير ضغط الطاقة على صدره و منعه من التنفس , و هنا يخر ساقطا و من الممكن أن يموت , ولكن إذا كان هناك من يمتلك طاقة روحية قوية هو الآخر فسيقوم بإخراج كمية كبيرة منها و يجعلها تحيط به في شكل كرة تحميه , و هنا لن يتأثر بتأثير طاقتك الروحية , و هنا تدرك أن هناك شخص مثير للإهتمام , و إذا كان هذا الشخص أقوى منك فربما عكس الوضع و تتغلب قوته الروحية على قواك و من الممكن أن يهزمك , أفهمت ما عنيته؟!!
-هذا يبدو معقدا تماما , و لكني قد فهمت مغزاه العام , و لكن ما علاقة هذا كله بكون عدم مقدرتي على إستحضارك بصورتك الكاملة الآن؟
ابتسم الوحش و قال :
-انظر رانمارو , لقد قلت لك مسبقا إنني أخاف على صحة أفراد عائلتي الأعزاء , فأنا لن أعطي لفرد قوة هو لا يستطيع التحكم فيها و هذا طبعا حتى لا تستولي القوة عليه و تدمره , الحال ينطبق عليك أنت أيضا , نعم أنت تمتلك قوة روحية كبيرة و لكنك لا تستخدم إلا قدر ضئيل منها , أنت لكي تستطيع أن تستحضرني كاملا يجب أن تكون قوتك الروحية مماثلة على أقل تقدير لقوتك عندما هممت بالهجوم علي هنا , أي هذا يعني أن شعورك يجب أن يكون مثل ما كان في هذه الفترة , أنت طبعا من الممكن أن تحضر مثل هذه القوة و لكن إلى أي فترة من الزمن تستطيع أن تجعل احساسك و شعورك و تركيزك و بالتالي قوتك الروحية تصمد في هذا المستوى ؟ ثانية ؟! ثانيتان ؟! كلا رانمارو , إن الشخص حتى يستطيع أن يتحكم بالقوة يجب أن تكون قوته مستمرة , أنت نعم لديك المقدرة على ذلك , لكنك يجب أن تتدرب حتى تقصر المدة المطلوبة لوصولك إلى قوتك الروحية القصوى , و كذلك إطالة المدة التي تبقى فيها محافظا على تلك القوة و لا تضعف , عندها فقط سوف تستطيع أن تستحضرني وقتما شئت , إن العبرة رانمارو ليست بمقدار القوة فقط , اعلم هذا جيدا , إنما أيضا بمقدار الزمن الذي يستطيع الشخص أن يحافظ على قوته بنفس المقدار دون أن تضعف , و لهذا فأنت تحتاج إلى كمية من التدريب قوية و كبيرة حتى تنمي قوتك الروحية .
-حسنا , و لكن قبل أن نبدا هل تقول لي كيف تعرف كمية الطاقة التي ستعطيها لأي شخص؟!
-هذا سهل جدا , فأنا أطلب من الشخص أن يخرج طاقته الروحية حوله على هيئة كرة نصف قطرها عشرة أمتار في جميع الإتجاهات , ثم أقوم بإخراج طاقتي الروحية في كل إتجاه , و أستمر بالضغط على طاقته , فإذا صمد أقوم بزيادة طاقتي , و أستمر هكذا حتى يصغر نصف قطر الكرة عن 5 أمتار , عندها أتوقف عن زيادة قوتي و الكمية التي استخدمتها هي التي سوف أمدها للشخص ليستخدمها و هكذا إذا زادت قوته الروحية تزداد معها أيضا قوتي الممنوحة إليه , و هكذا , أفهمت هذا واستوعبته جيدا ؟!
-نعم و لكن إذا استطاعت قوتك التغلب عليه إلى الحد الذي جعل الكرة الروحية المحيطة به يصغر حجمها إلى نصف حجمها الأصلي , ألا تُعتَبر هذه الطاقة كبيرة عليه نسبيا؟!!
-كلا , فأنت يجب ألا تستهين بقوة الإنسان الروحية , فهو في لحظة من الممكن أن يكون قويا جدا , أنت يجب أن تضع هذا في الحسبان , و من خبرتي الطويلة أستطيع أن أؤكد أنه لا يوجد شخص لا تقوى قوته الروحية مع كل صراع يخوضه ,و لهذا فأنا أستعد مسبقا بزيادة طاقتي إليه من الأساس حتى يستخدمها في قتاله , أفهمت ؟!
-نعم سيدي !
-حسنا , و الآن سنبدأ أول درس , كيفية التحكم في طاقتك الروحية , أأنت مستعد؟!!
-مستعد تماما يا سيدي !
-حسنا فلنبدأ إذا !

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــع.............. .....


الساعة الآن 05:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية