منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   قصص من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f257/)
-   -   (رواية) رواية المتحول الوسيم (https://www.liilas.com/vb3/t208417.html)

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:01 PM

رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الأول
توقفت الحياة فى عيناه عندما سمع كلام الطبيب ،وهو يمسك بطفله الصغير مستقبلا اياه بين يديه وعيناه مليئه بدموع الفرحة ، التى لم تستمر طويلا ...
_ يعنى ايه ...أنا مش فاهم يادكتور ... معلشي أنا عقلى على قدى ...
_ ياحاج ... إبنك عنده جهزين ، بنسميه بالحالة الطبية خنثي ...
_* إيه ؟؟؟؟؟ يعنى* بنت ....!!!
_ .. للاسف مش هنقدر نحدد* ابنك ايه بالظبط الا لما يوصل للبلوغ ، ساعتها هنشوف اذا كان ينفع يبقي بنت ، او ولد ....
ضم الرجل الطفل الى صدره بقوة وعيناه بها لمعة الكسرة، ورجع فى طريقه* وهو يتمتم بدون وعى ...
_ ولد ...، أنا جبت ولد ....
وما إن وصل الى البيت مع زوجته ، وقد تحول كل شئ فى عيناه الى ظلام قاتم يصب فى فيه بالمرارة ...
جلس على اريكته ومازال الطفل بين يديه ، وأذناه لا تسمع صراخ زوجته الحزين ...، بل تسمع وتتخيل معايرة الناس له ...
وضع الطفل على الاريكه ، وأمسك زوجته من كتفيها يهزها بعنف* ، وقال وعيناه جاحظه ..
_ أسمعى ، إللى سمعناه من الدكتور ميطلعش بره ولا أخواتى* ولا حتى أهلك ...أنت فاهمه ...
أحنا جبنا ..إسلام ... اسلام اكرم ....ذكر ...ذكر .... فهمتى ....فهمتى ولا لاء ..
.... أنا هدفع فلوس الدنيا دى كلها عشان يبقي ولد ، حتى لو هسرق .... ولا انى أسمع أن جبت بعد العمر دا كله خنثي ..
_ ماشي ... حاضر ... قالتها الزوجه بحزن مؤلم وعيناها تائهه لا ترى من دموعها المالحة سوي* الجروح الدامية...
تعلم أن هذا الطفل أتى بعد ثلاثة عشر سنه ، لم ترى سوي العذاب والمعايرة ، من الجميع ... بأنها عقيم ... ولم يسلم زوجها بعد الدفاع عنها أمام أهله ..من لسانهم السليط ... والان بعد* ان جاء الطفل ... لن يسمحوا لاى شخص ... بمعرفة مابه ... سوي أنه رجل ... من سيد الرجال ...
* * * * * * * * * * * ** ***
مرت ثلاث سنوات على عيناها وجسدها بالثقل الشديد، كلما تنظر الى طفلها وعيناه الزرقاء التي ورثها من جدتها ...تشعر بالالم يدوي بداخلها كالصدي ، عيون ليست كأى عينان زرقاء... فلونها يدل على الصفاء والجمال ، كأن بهما عالم كاملا من البرائة واللطافة ...
تحدثه بانه هو .... لكن ... دائما كانت تراه هى ...
اقنعت نفسها الاف المرات أنه ولد ... لكن لما قلبها وعيناها تكذبها* ...
بل ...لما تراه فتاة صغيرة ...
شردت بذاكرتها للوراء
عندما كانت* طفلة تحدث الجميع أنها ترغب* عندما تتزوج بطفلة صغيرة ، تسميها (زهرة الياسمين) ... لشده حبها لزهور..*
شفتاها دائما ماتريد أن تنطق بهذا الاسم** لكن* ....
تململت فى الفراش بجانب زوجها ، وهمست له والخوف يسري داخلها وقد بقي لسنوات ...
_ أكرم ... أنت لسه صاحي ...
_ همممم
_ أكرم ... لو مثلا ....
.....مثلا ....
_ أييه خلصي ....
_ لو مثلا إسلام كبر ووقت العملية قالوا أنه مش هينفع غير بنت ... بصراحه ...
التفت اليها* وعيناه مليئه بكيد سنوات يكتمه ... حتى أصبح مخزونا على وشك الخروج عليها كالطوفان* ...
قام بالاقتراب منها ومد يده يطوق رقبتها .. حتى توقفت عن التنفس* ...
_ ازاى تفكرى فى حاجه زى دى ...
....* .. إسلام راجل ...
كان يلفظ بها وعيناه مشتته بغل السنيين ، يريد تصديق ماينطق به ...* فكيف تحدثه على أكثر* شئ* يقلقه ....
فقدت السيدة وعيهاوهى بين يديه ، فابعد يديه عن رقبتها* ... وقام بافاقتها.. ويبكى بكسرة لم يعرف طعمها ابدا الا* عندما رأى هذا الطفل ..
وبعد ان* عاد اليه ادراكه ....
وندم على فعلته .....
أحتضنها وهو يبكى بحرقه على حياته ، التى انقلبت رأسا على عقب ، حتى أنه تمنى لولم يأتى اليه طفلا ....
... الخوف من المستقبل ، ينهش بانيابه فى جسده دون رحمه ...
لم يرد أى شئ فى حياته سوي طفلا ... رجلا يحمل اسمه ...
دائما ماينظر الى أخوته الخمسة* ، كل رجل منهم يمتلك اربع رجال ... إذا لما هو من يحدث معه هذه المتاعب* ... ومع طفله الوحيد الذي أتى بعد عذاب طويل ... ومن المرور على كافه الاطباء ..
.... فى نهاية الامر ...استعاذ بالله ، وقد أستعان به ، وصبر بكلمة ... أنه خير ... وأن القادم أفضل ....*
* * * * * * * * ** ****
_ أيه ياست ام اسلام* ، مبتجبيش اسلام وتيجي تعدى معانا ليه ... حتى يلعب مع الولاد عشان يعرفوا ابن عمهم برضه ...قالتها سيده فى منتصف العقد الرابع ..
فردت عليها ام اسلام بتوتر.
_ قريب إن شاء الله ياست نجوة ..
فقال اكرم مقاطعا ..
_ أشعال يانجوة ...أشغال* ...
ردت نجوة وهى تلوى شفتها
_ ماشي ياحج أكرم ... ربنا يعنكم على اشغالكم ..
وبعد أن صعد الاثنان على السلم ودخلوا الى شقتهم فى الطابق الثالث ...
قال ..
_ خليك دايما فى حالك دى ست شرانية ، وبتدو على اللى مستخبي عند الناس ..
_ عارفه يابو اسلام ...* انت هتقولى ....
بقولك .. هو أخوك ناجى مكلمكش ..
_ لسه برضه ..... أنت مستعجله على دخول الواد* المدرسة ليه ...
زفرت بقوة وقامت بحمل أسلام من على كتفه الى أحضانها ووضعته فى الفراش ... داخل غرفته .
وأقبلت تمسح على شعره الاملس بنعومه .... فتمتمت وهى تبتسم وتنظر الى ولدها ..
_ شعرك طول ياسلام ياحبيبي عاوز يتقص.
شعر اسلام بهمسات والدته فانفتحت عينه قليلا ... وقام بعناقها ..
شعرت الام بحنان من لمسه طفلها ، لم تشعر بها من اى أحدا من قبل ... فتساقطت قطرات الدموع على رموش ولدها* ... تفصح عن الالم الذي استوطن قلبها ...
فعدل الصغير من جلسته ، وقال باهتمام ..
_ ماما حبيبتي ... أنت بتعيطي ...
قامت الام بسرعه بمسح دموعها ، ومالت رأسها بنفى ... فقالت مغيره للحديث** ...
_ اسلام ياحته من قلبي ، تعرف أنك هتدخل المدرسة قريب.... عوزاك بقي تبقي شاطر وترفع راسنا ... وتنسي بقي ايام الحضانه ، وانك تعيط عشان انا مش جنبك ... أنت كبرت وبقيت ..راج...
فى تلك اللحظه شعرت أن تلك الكلمه غريبه عن تلك العينان التى تنظر اليهما .. فتلك العينان تنسب اليهما الزهور فقط ..
_* ...أنا عارف .. بابا قالى ...
.. متقلقيش ياماما .. أنا معتش هعيط تانى .. وهسمع كلامك ... بس متعيطيش تانى ...
مالت الام رأسها بايجاب وعيناها لم تتخلى عن الدموع فقد اصبحت صديقه دائمه تزورها بين الحين والاخر* ...
* * * * * * * * * * ****
كانت يدها ترتعش وهى تقرب المقص من شعرات ابنها ، ومع كل خصله تسقط على الارض ، ينخدش قلبها بألم ...
وبعد ان انتهت وقدمت له الملابس هتفت بمرح مصتنع
_ها ايه رايك بقي فى طقم المدرسة الجديد ..
_ حلو أووى ياماما ...عجبني ...
_ بص يااسلام ياحبيبي المدرسة دى بتاعه عمك ناجى أنت عارفه طبعا ...، يعن لو اى حد قالك حاجة تروح تقول لأدم ابن عمك .. وخليك معاه على طول ، هو هيبقي معاك فى نفس الفصل ..
_ ماشي ياماما .
قامت الام بتقبيل ابنها على جبهته ، وخرجت من الشقه لتوصله الى السيارة الخاصه بالمدرسة .. وقامت بتوديعه بعد أن تأكدت من جلوسه فى مكان أمن ...
وقلبها يخفق بالخوف ....
* * * * * * * * * * * * * ** ****
بعد مرور خمس سنوات ...
أصبح عمر إسلام لم يتجاوز الحادية عشر* ..
طوال بقائه فى المدرسه ... لم يصادق أحد ..، برغم وجود أولاد عمه فى المدرسة ... لكن يعاملونه معامله الغريب ... بل يتهربون منه، فى بعض الاحيان .
عرف اسلام فى فصله الدراسي بأنه التلميذ الموهوب .... دائما ماتراقبه الفتيات ، ودائما ما يراقب الفتيات ..
وفى بداية الفصل الدراسي الثاني ، جاء طالب جديد الى المدرسة يظهر عليه الثراء الفاحش ..
من أول يوم أمتلك مجموعه من الاصدقاء ، يتهافتون عليه الشباب .. لكن الفتيات عيناها تتهاتف على شخصا أخر ....
فى نهايه الامر انتبه هذا الفتى الثري الى هذا الفتى الوحيد الذي لم يقترب منه، والذي يجعل الفتيات تنظر اليه فقط ....
اقترب منه وقال وهو يمد له ذراعه ليصافحه.
_ ازيك ... أنا رامي ... وانت ...
شعر اسلام بالخوف عندما تلاقت أعينهم فعين هذا الفتى الثري الزيتونية مليئه بالجرائة متناقضة تماما لعيناه الزرقاء الناعمة ..
لم يمد اسلام يده ليصافحه ... واكتفى بقول ..
_ الحمد لله ....
رفع رامي احدي حاجبيه وقام بسؤاله مرة أخرى.
_ اسمك ايه ...؟
_ اس ...اسلام ....
عندما تلاقت أعينهما لبرهة عن قرب أكثر ، علم رامي أن هذا الفتي الجميل* أضعفهم هنا ... فالتمعت عينيه بخباثه ....
وقال ...
_ أيه رايك تكون صحبي ..
_ مش عاوز أصاحب حد ....
دهش رامي من تصريح إسلام فكتم غيظه وتوعد له بشئ سئ ..
وذهب الى مقعده ...، وبعد ترحيب المعلم له ..، وبدأت الدراسه ... علم أن اسلام ليس هينا وأنه متفوق فى كافه المواد الدراسية ....
شعر بالحقد .. والغيرة ... فكل من فى الفصل يهتم به ... وهو لا يعطى لهم اى اهتمام ....
وبعد مرور الايام ...
قام أحد التلاميذ باستدراج اسلام داخل الحمام الخاص بالاولاد ... بأمرا من* رامي ...
وبالفعل اقترب منه رامي ... حتى لكمه فى وجنتيه ... وعيناه ... وكامل جسده .... وهو فقط صامت يتحمل الالم ...
.... وأستمر اسلام يهرب من والدته فى المنزل* بدخوله الى غرفته ... وان سأله أحد يخبره أنه اصطدم بلوح خشبي ... فى المدرسه ..
لكن لم تصدقه والدته ...
أصبح اسلام العلكة التى بفيه رامي ، يلكمه ويعنفه دائما ، ولا يبدي اى ردة فعل ،* فوضع شرط له حتى يتوقف عن لكمه ، بأن* يتوقف عن كونه المجتهد .... لكن اسلام لم يعطي له سوي العند ....
* * * * * * * * * ** ***
تململ على الفراشه بجانب والدته ، وعلى وجهه العبوس وهو يقوم بعناقها بزراعيه الصغيرة ... وينظر اليها بعيناه الزرقاء الناعمة.
واقبل يربط عليها وقال بحنان
_ متعيطيش ياماما عشان خطرى ، انا بكره بابا اوى وبتمني انه يموت عشان معتش يضربك تانى* ...
انا نفسي اكبر وابقي راجل قوى عشان احميكي منه ...
مسحت الام دموعها ،وابتلعت شهقاتها بألم ، والتفتت اليه فى الفراش وسحبته الى احضانها الدافئة تضمه بقوة والدموع تهرب من مقلتيها* ..وقالت بتماسك...
_* اسمع ....... اسمعي ....
ياسمين ..... انت ياسمين .... انت فاهمه .... انتى مش ولد ....* أنت بنت ...
لازم تعرفي كدا ....* انا عارفه انك مخك كبير وذكيه وهتفهميني ....
..... قريب اوى هعملك العملية* ....
لم يستوعب اسلام اى شئ مما تقوله والدته ، سوي أنها تحدثه بصيغه المؤنت.....
كان الاب يستمع الى كل حرف يخرج منهما وهو خلف* الباب ،فدخل يركل الباب بقدميه بقوة ، ليقوم الاثنان بفزع ....
هتف الاب وهو يهجم على* الام ويصفعها على وجهها عدة صفعات تحت صرخاتها التى تدوى فى كل غرفه فى المنزل* ...
_ بتسممي أفكاره الواد* بايه يامجنونة* ....
قالها ثم القها على الارض بعنف** وهتف وهو يمسك ابنه* من كتفيه ويقوم بهزه* بقوة
_أنت اسلام ... انت فاهم .....* اسلام ابن أكرم* ...... انت راجل .... رااااجل .....*
... قولى انت مين ....؟
امتلئت عيناه بالدمووع ،وقد أيقن انه هو السبب الذي يجعل والده عنيفا بقسوة* مع والدته
فقال الصغير ردا على والده وعيناه غارقه بالدموع ....
_ اسلام ....
* * * * * * * * * * ** *****
اصبحت الايام تجرى بشريطها المعتاد ، يدور ويدور بنفس
الاتجاه ....
حتى أتي ذلك اليوم ....الذي غير من اتجاهه ....
_ اخلع هدومك ؟؟؟؟
هتف بها اربع شباب فى نفس واحد الى ذلك الفتي صاحب العيون الزرقاء ....
......يتبع .....

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:03 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الثاني
اراد ان يكسر نظرته وجعله عبرة لمن فى المدرسة ، حتى يتوقف عن كونه المجتهد الوسيم ..
وأتفق مع أربع طلاب أن يستهدفونه فى الحمام الخاص بالطلاب المدرسة* ..
وبالفعل تم الامساك به ،بين نظراتهم الحادة، وكأنه فريسه صغيرة وقعت بيد ثلاث ذئاب ضخمة يتوسطهم ذئب بري جائع
_ أخلع هدومك ....
هتف بها رامي بعيون شرسة ... ويستعد للقبض على فريسته ..
ضحك الثلاث طلاب الاخرين بسخرية
فهتف أحدهم بسخرية ألقت المرارة فى قلب اسلام الصغير .
_ تخيلوا هيبقي منظره ايه لما يمشي عريان قدام بنات المدرسة ...هاهاها
أقترب رامي من إسلام ودفعه بعنف من صدره حتى سقط على الارض ...
حياته التى لاتعرف سوي الحب الذي يتلقاه من والدته ،عيناه التى لا ترى خبثا ...بل حزنا على مايحدث من مشاجرات العائلة وبكاء والدته .. الذي جعل عقله الطفولى يعتقد أن الشرير الوحيد الذي يهدد حياته بالخطر هو والده بضرب والدته الدائم لها* ... كان يعتقد أن العالم سيكون رحيم بهم ...
لكن عندما رأى تلك النظرات الحاقدة، جعلت قلبه الذي لايعرف سوي البراءة يتولد داخله الغضب** يتلون داخل عينيه الزرقاء .. لتكون عين فهد واهجة بالشراسة .... ولسان يتحول الى أفعى مليئه بالسم ...
كز على أسنانه وقام من وقعته ، كالضامن حقه الذي يوجد بفهم الذئاب .....
تحت عيونهم الساخرة التى محت منها وألقت الرعب فى قلوبهم ... وهم يروا أمامهم
عينان لا تعرف الهزيمه ..عينان تريد أن تنقض حتى تنفث سمها داخل دمائهم الكريه ....عينان بها كلمات* تردد كلمه واحده ....
......لما ....
_إنت إنسان جبان ..، متفتكرش أنك هتخوفنى بالكلمتين دوول ...
.....أنا ميهمنيش أقلع هدومى ... قدام الناس* اللى يهمنى فعلا* انى أخليك تندم على انك تفكر تجبرني اعمل حاجه على هواك* ..أنت وشوية الصيع اللى معاك ...
أطلق ضحكة ساخرة .... وأردف
_ مكنتش أعرف أنى قوى لدرجه أنك تستعين بشوية عيال ...عشان تنال منى ...
شعر رامي ومن معه بصغر حجمهم أمام إسلام وأن من يحدثهم شخص .. أكبر منهم أعواما.... برغم عينيه الناريه الا أنه يتحدث بثقه ويتقن خروج أنفاسه بهدوء ...
كأنهم هم الفريسة فى حضرة الشرس ...
وكأنه ليس نفس الشخص الذين يسحبونهم كل يوم لكي يتلقى الضرب ...
حاول رامي ان يخفى توتره ..فقد شعر أنه لاشئ أمامه فقال ... ساخرا ..
_ أنت هتخليني أندم ..يا ...
فقال إسلام مقاطعا ....*
_ شوية لعب الاطفال دا ... مايجيش معايا ...
... لو أنت راجل فعلا ... أستنانى بعد المدرسة ... فى حوش الملعب ...
وأنا هعلمك أزاى تعرف تتكلم معايا بالطريقة دى ...
وبالفعل عرف إسلام أن يلعب بانفعال رامي ، وعقله المغرور ...
وطلب منه قتالا .. لم يستطع رامي أن يرفض ... حتى لا يتم أهانته أكثر .... فأقسم على جعله يذهب الى البيت زاحفا ...
خرج إسلام من الحمام أمامهم تحت عيونهم التى تقطر خبثا ...* حتى جعلهم يتسألون من أين يأتى* بتلك الثقه ...
هتف أحدهم أمام رامي ..
_ هنبقي معاك .... الواد دا مش هيروح غير وهو متكسر ....
هتف الاخر ..
_ عيل مغرور .... أنا مش هرجع غير لما أكسر رقبته ...
التفت اليهم رامي وقام بضرب ثلاثتهم حتى سقطوا على الارض ... وأصبح يركلهم* فى بطونهم بقوة .. وهو يقول ....
_ محدش يجي جنبه أنا اللى هشرب من دمه ...
طوال اليوم ورامي ينظر الي إسلام* وعيناه لاتفارقه ..، وعقله يحدثه أنه أهان نفسه عندما أستعان بطلاب أخريين ...
... وعن أهانت اسلام له بتلك الطريقه .... جعلته طوال اليوم يكز على أسنانه بعنف ...
وما جعله ينفعل أكثر ويستشاط غضبا ، أن أسلام يقضي وقته كالعاده متفوق ... لا يشغله أى شئ عن الجواب عن الاسئلة العبقرية التى يتفاخربها المعلمين ...
وعندما حان وقت الذهاب من المدرسة* ... وقف رامى ينتظره ساعه كاملة تحت الشمس الحارقة* فى حوش الملعب ... مرت عليه الدقائق والثوانى توخز جسده بالغضب وتشعله بها ....
حتى دخل عليه سائق السيارة الخاص به، يحدثه أن والدته تريده أن يذهب الى البيت الان ...
لم يوافق رامي* ... لكن السائق فعل الامر الذي طلبته منه السيده بأن يحضره غصبا...
وبعد أن أمسك السائق برامي ... ركله فى بطنه وهرب منه ... حتى وصل الى خارج المدسة ....
وهرول من سائقه حتى وصل الى الطريق العام ،ووقف* بمنتصف الطريق ....
لمح إسلام يقف على الجانب الاخر وينظر اليه ... بقوة ....
فجرى اليه بدون أن يراقب السيارات المارة على الطريق ...
دهش السائق الخاص به من السيارة التى كادت تطيح برامى على الرصيف لكنه كان أسرع .. ، فحمد الله ، وجرى خلفه ....
أما رامي انتفض مسرعا الى اسلام حتى يفتعل الشجار الخاص بهم ... لكن العجيب أن إسلام هرب منه بأقصي سرعته* ...
لم يستسلم رامى وهو يرى أن إسلام يجرى بسرعه* ... فدمه الحار لايجعله يشعر بالتعب الذي* بقدمه ... مع تجمع العرق الذي أغرق* جسده بالكامل ....
توقف عن الجرى فجأه وهو لايري اسلام أمامه .... نظر يمينا ويسارا ...
منطقه مليئه بالبيوت .... لم يراها من قبل ..، ولد الامل من جديد عندما لمحه يجرى فى نهايه الطريق الاخر .... حتى تقابلت اعينهما من بعيد ..
لا يفهم .. لما يهرب الان بعد كلامه* بتلك الشجاعة ... هل كان يقوم بالتمثيل ... كل تلك الاسئله تتهاتف الى عقله ..
ولا يعطى له جوابا ...قابل للتصديق ...
وما ان* اقترب منه وجد نفسه وصل الى رصيف ... خالى من السيارات ....
لا يوجد أى شخص ... وعندما التفت* الى الجانب الاخر ... وجده ينظر اليه بتوجس* ومع أول خطوة للجرى صدر صوت لسيارة تأتى مسرعه مباغتا...
وكأنه قد شلت قداماه .... وهو ينظر الى تلك السياره ....
لم يشعر اسلام بنفسه وهو يجرى اليه الان ،بعد الخوف الذي طوق رقبته مع أنفاسه الذاهبة تخبره نبضاته أنها لن تعود ....
لكن ... عادت فجأه ....وخفقت بقوة وهو يهرع اليه ....
يري السيارة تأتى مسرعه ...لكن لما المشهد يسير ببطئ شديدة .... ونبضاته.... مسرعه ....
توقفت الانفاس* .... وبقي نفسا واحدا يجرى على قسماته بعد أن سحبه من أمام السيارة بقوة .... ليبتعد الاثنان من أمام الرصيف* ....
......عقله يخبره ان الزمن قد توقف عند رؤية تلك العينان الغريبه عن قرب ...التى تملأها الكلمات الحزينة ...
عاد الواقع اليه عندما هتف به سائق السيارة المسرعة* ... يسبه بأسوء الالفاظ ....
لينتبه كلا منهم أنا احدهم فوق الاخر .. كانه عناق حار... ... وليس هذا الامر فحسب .......
* * * * * * * * * * * ** *****

تقلب إسلام طوال الليل على الفراش ..، بجانب والدته .... التى مالت عيناها الى الكسرة الدائمه ....
_ مالك ياإسلام ... حاطط أيدك على شفتك ليه ... وجعاك ياقلبي ..
_ هااه ... لا .. لا مفيش حاجه ياماما
_ بص يااسلام .. أنت مش عجبني اليومين دوول ... فيك حاجه غريبه أحكيلي ياحبيبي لو فيه حاجه ...
شعر اسلام بالتردد فى أخبار والدته ... لكن شئ داخلى يخبره أن مافى حياتها يكفى ...لما يخبرها باشياء تزيد ألامها أكثر ...
فقال مغيرا لمسار الحديث
_ ماما أنا المدرب* بتاع الرياضه أخترنى ألعب فى فريق المدرسة ... عشان أنا بسبقهم كلهم ... وكل شويه يقولى ... ايه رايك ..
_ أدم بيلعب فى الفريق ...؟؟
_ مش عارف ....
حارب عقلها عاطفتها ...، لا تريد الموافقه ..، لكن عيناه المتحمسة ... لا تريد أن تغلقها ... ألا يكفى مايوجد ... به ...
فقالت وهى تبتلع ريقها بصعوبة ..
_ أنت عاوز تلعب ...
_ أأأه ..
وافقت الام برغم رفضها الذي يلح عليها ، فهى تريد أن تراه سعيدا ....
فقالت تحدث نفسها .. وهى تنظر الى قدميه .. الصغيرة ...
هذه الاقدام تليق بأحذيه البالية ، ليست لاحذيه الراكلة للكرة ....
أبتلعت الالم بمرارة .. وقد أيقنت فى كل يوم يمر عليها تراه* ... أنها فتاة .... فتاة بريئة ...* انولدت لأب من مجتمع غريب ....
أقنعت نفسها أن تصمت الان ، وحينما يأتى الوقت .. سترتدي درع المحارب لأجل أبنتها ....
* * * * * * * * * * * * * ****
مر الوقت سريعا ... حتى وصل اسلام الى نهاية المتوسط
أصبحت حياة إسلام* تتمحور حول الدراسة ولعب كرة القدم ...
يعرفه الجميع بعلامة المدرسة المميزة .. غرفته مليئة بوسام الشرف .... وشهادات التفوق .... لكن ....
تنظر اليهم والدته تحت ابتسامتها الكاذبة المليئه بالالم ...
لايهمها التفوق ...، وتلك الشهادات .... وهى ترى حياة طفلها ... يملك إسم لشخصية وهميه .... مغلفة بجسد فتاة* ... ليس مكتملا ...
وقفت الام كعادتها أمام زوجها كل ليلة تصب فيه بنارها التى لا تنطفئ ... ولكن تلك الليله رأت دلالة على تأكيدها ...
_ انا عارفه ابني .... هيبقي ايه .... كل حاجه فيه بتبين انها بنت .... انت ليه مش قادر تصدق حاجه زي دي ... مهما اوريك مبتصدقش* .... ازاى هيكون ولد وعنده رحم ...
عض على شفته بألم* وهو يري بالفعل تغيرات ابنه حتى أصبح قلبه يخفق بنار البؤس* فقال بعنف ...
_ انت عاوزة تاخدي الامور على كيفك ...* طبيعي كل اللى بيحصل* ، بس مش اكيد انها بنت* ... وبعدين لو اتكلمت فى الموضوع دا تانى يبقي مفيش بينا غير الطلاق ، وعمرك ماهخليكي تشوفى اسلام تاني ... حطها حلقه فى ودنك ... ....اسلام راجل ....*
دموع تجرى كالطوفان على خديها لا تهدأ أبدا ،أصبحت حياتها كالجحيم ، فصولها تتضمن فصلا واحدا الصيف الحارق ... ربما لا تصدقون أن الخوف والرعب من المستقبل أصبح يلحف جسدها بالنار فى فصل الشتاء فلا تشعر بالبرودة ابدا* ...
عجزت الام أمام زوجها ..... تعلم أنه يعرف ... لكن فقط ... يريد أن يفعل مابرأسه... وان جمع الماء مع النار فى قنينه واحدة
* * * * * * * * * * * * * * * ****
عزم الاب على الذهاب الى طبيب ، فكل شئ يؤرقه ، جانب يوجد به باب الامل والجانب الاخر به باب الكسرة ...
ترى اى باب سيفتح له ...
.... الشئ الوحيد الذي يعرفه ، انه لن يترك نفسه عرضه لاى كلمه ....
وقف أمام الطبيب يتحدث عن احوال ولده ومابه ، فجاءه رد الطبيب بجدية
_ انت شايف ان اهتماماته وميوله تشبه الولد ولا البنت ...
_ يادكتور* هو بيلعب كورة وممتاز وطويل اطول واحد فى اولاد اعمامه .. بس ساعات ...يعنى بيحصل تغيرات ... يعنى امه بتقول ان الظروف النسائية تجيله شهر مرة وخمس شهور لا...
_ عموما يااستاذ اكرم ... لازم اشوف الحاله .. عشان اقدر اشوف ظروفها ...
_هو احتمال يادكتور يعني ....يبقي.... بنت ؟؟
_ بصراحه احتمال كبير يبقي بنت من كلامك دا ... وممكن برضه يبقي ولد ...
صدم الاب من كلمه الطبيب ... ووقع الرعب فى اوصاله* فشعر ببروده فى اطرافه .... فقال بتوتر
_ مثلا يادكتور لو يعني شوفته وطلعت* حالته ...بنت .... فى احتمال يبقي ولد ....
_ فى الزمن دا ممكن تعمل اى حاجه* ياأستاذ اكرم ... طلما فيه فلوس ....
ابتلع الاب ريقه بصعوبه ... لكن قد اطمئن قليلا ....
وذهب فى طريقه ... وعزم على احضار اسلام معه المرة المقبلة ....
* * * * * * * * * * * * ** ****
وفى صباح اليوم التالي
كان اليوم الاول للاجازة الصيفية ، أستيقظ الجميع ... فى الصباح الباكر .... وكا كل يوم جمعة تجتمع العائلة باكملها ...و لم يكن اكرم يذهب لكن... ذهب هذا اليوم* وأخذ* ابنه معه ، الان يريد أن يجعل ابنه يتحدث مع اولاد عمه ويلعب معهم حتى يأخذ طباع الرجال ... ويذهب الصمت من فمه ... والبراءة من عيناه ...
مرت عين أكرم بحسرة* على اولاد اشقائه الذين هم فى عمر اسلام ...
نعم يمتلك قامه مرتفعه عن البعض ... لكن
صوته لم يخشن .... ملامحه تزداد برائه وجمال ... وجنتيه دائما حمراء بلون الزهور .... عينيه رطبة ... بها نعومة ....
هتف اكرم موجها كلامه لابن اخيه الاكبر* (ناجي)*
_ أدم ... مابتخدش اسلام يلعب معاكم ليه بليل كورة ...
....
انتبه اسلام الى كلام ابيه، فزاد من توتره أكثر* خاصة وادم ينظر اليه بضيق ....
رد أدم
_ هو اللى مش بيحب يلعب معانا ....
دهش اسلام من طريقه ادم وطريقه كذبه* فهو دائما يتهرب منه .. ولايريد ان يتحدث معه فى اى شئ ....*
فقال الاب ضاحكا ... وهو يربط على كتف اسلام
_ دا هو بس عشان. مش متعود عليكم ... بس ابقي تعالى فوت عليه .. لما تلعبوا ... ماشي ياحبيبي
ظهر على ادم الغضب ... والضيق وهو يوجهه انظاره الى اسلام
... فأردف الاب لاسلام وهو يقوم بأخذه الى ادم واولاد عمه ....
_ روح العب معاهم يلا ياسلام ....
* كان التوتر يزداد بقسامته أكثر ... فوقف صامتا معهم وعينه فى الارض ....* حتى لعبوا الكرة
لعب جميعا مع بعضهم ... كلما يمسك ادم الكرة* لايوجها الى اسلام ... مهما يجري* امامه ... فادم كان مصمما على ادخال الكرة فى الشبكة بمفرده ....
وما ان لمح ادم ابنة عمه لبني تقف قى الشرفه تراقبهم التمعت عيناه بهذا الشعور الغريب الذي يستحوذ عليه كلما يراها* ... فأرد أن يظهر لها أنه فتوه ...
فانتظر ان تكون الكرة مع اسلام ... حتى يسحبها منه ويدخلها فى المرمى* ....
ومع اقتراب ادم من اسلام .... الذي كان ينظر الى الكرة فقط ويطير كالفراشة .... وكأن الكرة ملتصقه بقدمه ...* اصطدم به أدم فقوقع على الارض ، ولم تتحرك شعره من اسلام وسجل هدفا .....*
هتف الجميع له وخاصة لبني ....
فى تلك اللحظه .. اشتعل الغضب فى قلبه أكثر ....* فقام من الارض بدون كلمه واحده ينفض التراب من ملابسه وذهب الى البيت* ....والغضب يرسم داخله الكره الشديد لاسلام ...
* * * * * * * * * * * * ******
أجتمع الجميع فى هذا الاحتفال ، يكرمون اللاعبين الذين شرفوا المدرسة ... بمهارتهم فى مجالات الرياضه المختلفة ...
تحت إشراف شركاء المدرسة ...
وقف رئيس الخاص بفريق كرة القدم ... يعلن ... عن اسماء الفائزين ....
وكالعاده غرفة إسلام تستقبل جائزة أخرى لم يعد لها مكان .... فهو اللاعب المهاجم صاحب رقم عشرة ... المميز ...
وبعد الانتهاء من فقرات الحفل ... قال الرئيس معلنا ..
_ فريق المدرسة* تحت سن 15 سنه هيستقبل لاعب جديد ...* صاحب رقم عشرة .... ( رامى الامام ) ...
صمت الجميع وعينهم مليئة بالدهشة ، يتسألون فيما بينهم ... أليس رقم عشرة هو إسلام أكرم ... كيف يتم التبديل ...ولما ....
نظرات الشفقه تلقى اليه كالشحاز.....
.... وقف رئيس النادى أمام* اسلام بعد ماانتهى الحفل .... يقول له بأسف ...
_ أنا أسف يااسلام أنت عارف انت غالى عندى قد ايه ... بس كان الطلب من إمام بيه ... وانت عارف هو ممول الفريق والمدرسة ....*
رقم* 11 حلو برضه ... قالها وهو يربط على كتفيه
لم يشعر إسلام باى دهشه عندما سحب منه رقمه المفضل ، بل كان دهشته فى أنضمام رامى .. إلى الفريق ....
فقال .. دون وعى ..وهو يهم بالخروج ...
_ عادى ....
جلس إسلام فى ساحة النادى المقابل للمدرسة نائما على ارضيه الملعب الناعمه بمفرده... ينظر الى السماء متفقدا اياها وكم من القلق ينهش بقلبه الرقيق ... لايعرف ان كان ولدا ام فتاه .....
دائما ما ينتبه الى ملابس الفتيات وحياتهم .... ويشعر بالفضول اكثر اتجاهم ، يشعر دائما بالغرابة ... ولايجد شئ يتجسد فيه .... دائما مايخبره والده انه رجل ... لكن تلك الكلمه مع انها تترد كثيرا .. الا انه يشعر بالغرابة اتجاهها ...
.. جاء الليل مزينا السماء بالقمر ومزينا عيناه بالسحر الخاص بها** ....
رن جرس الهاتف المحمول ..معلنا عن اسم والدته .، فوقف من فوره ليذهب فى طريقه الى البيت فلم يشعر بالوقت الذي مر** ...
_ إسلام ........
...... انت يا منحرف* ..... يابتاع البنات ....
هتف بها زيتون العينان برموشه الطويلة ينفض بهما غبار سحر العيون الزرقاء* ...
التفت اسلام ليرى من يتحدث وعلى وجهه الدهشه وهوا يري أكثر وجهه يبغضه ....
ودهش اكثر لان هذا كان اول حديث يجرى بينهم بعد الحادثة ، وبعد نظراتهم الخاطفه الغامضه لبعض طوال تلك السنوات ...
فرد اسلام عليه بضيق
_ منحرف ؟؟؟؟؟ ..... ايه قله الادب دي ...
_* مالك زعلان من الكلمه كدا* اوى* .....* يابني انا كل لما اشوفك* الاقيك بتبص* على البنات .... وبعدين انت نسيت عملت فيا ايه يوم الحادثه* قالها وهو يقترب منه ينظر اليه بسخرية التى انقلبت بشئ غريب ... وهو يرى وجهه يتلون خجلا ....
.........يتبع .......

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:04 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الثالث
باد وجهه كالبركان ينفجر على وجنتيه بالحُمرة، تسأل ماهذا الشعورالذي يوخز قلبه بالالم ، حتى يخفق لهذه الدرجه ، ولما يشعر بالتشتت والحيرة ...
حاول أن يتماسك أكثر ... لكن عصف التوتر شفتاه ... فتلعثم وهو يقول ...
_ حادثة .!! أنامعنديش فكرة انت بتتكلم عن ايه .. قالها وهو يلتفت ليذهب فى طريقه مسرعا ...
يريد أن يهرب من أمامه بسرعه ومن نظرات رامي الغامضه له ، ومن شعوره بالخوف .. كأن معه شئ يريد أ
حد... وإن كان لايعرف ماهو !!...
_ أنت يابنى رايح فين ...مش بكلمك ...
قالها رامي وهو يهم بمتابعته ..، لكن اسلام هرب بسرعه منه ...
فأردف رامي ..
_ أنت سريع كدا ليه .. أنت يلا...
لم يستطع اللحاق به فقد كان مسرعا للغاية .
ولأن رامي يعشق الالغاز والغموض ، كان يري أن إسلام عباره عن لغز محير ..، يريد أن يعرف شخصيته ويكتشفه أكثر .
لم يكن ليعتقد أبدا أن اسلام سينقذه من أمام السيارة ، بعد أن رأى الموت امامه .. ليظهر هو من اللا مكان ليبعده فى تلك اللحظه ...
تسأل كثيرا لما ينقذه بهذه الجرائة ولما لم يخشي على نفسه من السيارة ، وينقذ من ؟الذي يريد أن يأذيه ...؟؟
أخبر رامي نفسه مرار، أنه لم يكن ليفعل ذلك أبدا .. فتولد داخله الفضول ...
طوال الاربع سنوات ينظر اليه ويتابعه ، حتى أنه اراد ان* يدخل* نفس الفصل الدراسي* الذي يوجد به اسلام* فى المتوسط* ..حتى* توصل الى...... أن اسلام، صبي وسيم ، مجتهد للغاية ، عاقل ولايتحدث مع أى أحد الا نادرا، وشجاع .. وصاحب لسان واثق ... شخص كهذا أجدر بأن يكون صديق له ، وليس هؤلاء الكسلالة ..
لذا عزم رامي على دخول نفس الفريق واخذ رقمه المفضل ، ليري ردة فعله .. التى* كانت مثل ماتوقعها تماما ..
_ ماشي يااسلام ...
قالها رامي وهو يتابع اسلام وهو يجرى مسرعا ...من بعيد
* * * * * * * * * ** ****
نظرت الى أظافرها التى انكسرت من فرط توترها ، ومن الهواجس التى تصاحبها فى المنام ، لتنتفض من نومها مفزعه ... بدموع الخوف على فلذه كبدها .
فلا يشغل عقلها سواه ، تريد أن تنقذه من فم الفريسة .. ومن من ؟؟ من زوجها ..أباه .. الذي أثقل همه هو كلام الناس ... عن رجولته ... عن إبنه ... يعمل ليل نهار ... يأكل من حديد حتى يرمرم عظم ابنه بالرجوله ... يريد أن يراه ببذله العرس
وهى ..!!!
تنهيدة أطلقتها تملك صرخه إن سمع صوتها لأصَمْت الاذن من الوجع الذي بداخلها . لكن ...
عيناها كفيلة بترجمه حزنها ...
_ أتأخرت ليه يااسلام ياحبيبي ...* قالتها وهى تراه يدخل من باب الشقة.
_ مفيش ياماما كنت بتهوى شويه ..
_ متتأخرش عليا تانى ياحبيبي
فى تلك اللحظه دخل الاب من باب المنزل ، وعلى وجهه أبتسامه غامضة ألقت الرعب فى عروق قلبها ... احان وقت كسر عينها ، وتحطيم أحلامها ...
_ إسلام ... بكره ان شاء الله تيجي معايه مشوار مهم
هتف بها الاب وهو يقف أمام إسلام ، وينظر اليه بقوة ... يريد أن يكتشف لغة عينه ... التى كانت منكسرة . وتائهة ..
_ أنا هاجى معاكم ..
_ لا خليكِ أنتِ هنا ...
_ ليه مش لازم أجى عشان أطمن على بنتى ....
تلك الكلمة ... خرجت من أنفاسها المتألمة .. لتخرج قدرا من حزنها ... لطلما أرادت أن تهتف بالجميع أنها طفلتها ... تريد أن تحررها من قيود الجميع ..
وان كانت مجرد كلمات ، الا أنها مرت على أذانهم كالضربة القوية** ...
هناك من تألم بحيرة وهو لم يعرف بعد ... اصل جنسه* .. وهناك من استشاط غضبا كمن ألقى الماء على كومه نار ... فما حدث سوى أنها تبخرت ورجعت النار تشتعل أكثر .
عضد الاب على شفتيه ... وحاول كتم غيظه ، ولكن تصربت دموع هائجه .. وكأن موسم الحزن الخاص بها لم ينتهى بعد ، بل بدأ بالخوف والتوتر .. من مستقبله ..
أردفت الام .. تهتف بعصبيه صارخه عن مكنونها ..
_ مش هسيبك أبدا ...، تعمل اللى فى دماخك ... إسلام بنت ... بنت ...
قالو أن لا أحد يتألم سوي صاحب الوجع ، لكن لم يرى أمامه الان أن عائلته من تغرق فى معزوفة الحزن والضياع ... أكانو قبلا يحملون هذا القدر الكبير.. ويخفونه عن عينيه...
نعم كان يري ... الحزن .. لكن لم يعتقد أبدا أنه كبير لدرجة ان جبال الدنيا تدعس قلبوهم ...
ألم يكن الوحيد الذي يبكى طويلا
الم يكن الوحيد الذي ينظر الى كل انثى وذكر ... ولا يعرف من هو ...
ألم يكن الوحيد الذي يريد أن يصيح بأعلا صوته باكيا ...
لم يستطع الاب ان يكتم غيظه* أكثر وزوجته تهتف بكلمه يخشي بقائها ... أبعد ان ربا رجلا أمام الجميع ... يخبرهم أنه مخنث ...
مرت هذه الكلمه على عقله كالسيف القاطع ، فأقترب من زوجته يصب غضبه طويل المدى عليها ... بيده الطويلة التى اخذت مهمه الكرباج على جسدها ...
لكن يد أخرى منعته ...، فبقت النظرات تتلاقى ...* عيون زرقاء براقه تغوض فى بياض عينه الذي أصبح دماء.. شعر أملس يغطي مقدمه رأسه يطير مع كله حركه .. ...
_ مش هسمحلك تضرب أمى تانى .. حتى لو أنت ابويا ...
تساقطت الدموع على خد الاب بمرارة ...وهو يراه بهذا الجمال ...* ومن صوته الرطب .. فخرجت شهقاته ... وما أدراكم بدموع الرجال ...
فسحب يده منه بقوة وأمسك معصمه ، وأخذه الى الحمام ... تحت صرخات أمه التى تدوى .. داخل قلبه المفطور ...
دفعه الاب ليجلس امام مرأة الحمام ، وأخرج جهاز لحلق الرأس ..*
كأنه يزيل الزهور البيضاء التى بالحديقه الخضراء* .
جفت الدموع فلم يبقي سوي الشهقات .
* * * * * * * * * ** ***
فى اليوم التالى ..
ذهب الاب الى الطبيب وسحب معه اسلام الذي اصبح جسدا بلا روح ...
نظر اليه الطبيب طويلا ، وطلب ان يجلس معه بمفرده ...
_ قولى يااسلام أنت بتحب ايه ... مثلا بتحب فستاتين البنات ولا المسدسات ... بتحب تصاحب البنات ولا الولاد .
شعر إسلام بالوضاعه التى يعامله بها الطبيب ، فنفر منه ومن طريقته فرد عليه اسلام
_ معرفش ...
_ لا أنا عوزك تركز معايا كويس .. ياجميل .. وبعد خمس دقائق ،طلب منه الطبيب أن يخلع ملابسه حتى يتم الكشف ....
أراد أن يموت ألف مرة ، ولا ينظر اليه هذا الطبيب ..
ومن خشيته من والده ، استسلم للأمر .. وهو يشعر بأن سيوف تطعنه تحت ملامسه يد الطبيب له ..
خرج إسلام يجلس فى غرفه الاستقبال بمفرده جسدا خاليا من الروح .وان كان يستنشق الهواء فلا يشعر به ابدا .... بقي ينظر فى الارض طويلا ...
حتى سمع همسات بجانبه لشابين ... يتحدث ويشيرَ الى موظفة الاستقبال ..
_ البت الى واقفه هناك دى مخنث ، كان ولد تخيل ..حتى لسه فى البطاقه مكتوبه ذكر .. واسمه أحمد .
_ بتتكلم بجد ... هاهاهها* يلاهوى .. دا ... تيييت .. لسه شاكله زي الرجاله ... الناس دى بتقضي طول عمرها .. محدش بيرضي يبصلها ولا حتى يتكلم معاها ...
كانت الاصوات تصل الى الجميع ، حتى الي الفتاه ..* الجميع أفواههم تضحك ، تسخر ... الا واحدا ... كان ينظر الى الفتاه ..بنظرات متشابهه ،بنفس طعم المرارة* .
الفتاه تهرب من أمامهم وهى تبكي ...!!! والجميع .. فقط يضحك ..
* * * * * * * * * * * ** ****
_ خير يادكتور طمنى* ....التحاليل اهى ...
_ خير أن شاء الله ياأكرم بيه .. الحاله ينفع تعملها من دلوقتى تحويل لبنت .. ودا بنسبه 70 فى الميه ... بس للأسف هيحتاج تظبيط شوية ... وخاصا الجزء العلوى ..
وهتبقي زي الفل ... وتعيش وتخلف زي اى ست .
وقعت تلك الكلمات على قلبه كالصقيع البارد ... جحظت عيناه ... وتساقطت الدموع بغزارة .. وقال ...
_ بنت ...!! يعنى اللى كنت خايف منه اتحقق ...
... مينفعش ولد ....
تنهد الطبيب وقال ..
_ طبعا ينفع ....
عاد وجهه الى لونه ... وقال بلهفه
_ بجد* يادكتور
_ قولت لحضرتك كل حاجه تنفع ، بس فيه مشكله ...
... دلوقتى لو ولد مش هيعرف يخلف .. لأن للأسف .. عنده ضمور فى الجهاز التناسلي الذكرى .. بس ممكن الحلول ... تظهر بعدها ..
... لو هتحوله ذكر يبقي لازم ننتظر لسن* 21
عشان نقدم له هرمونات ذكورة عشان تساوي هرمونات الانوثة ...* ولما يحصل تعادل نحوله لذكر ...
... ظل أكرم صامتا .. ولأنه كان يتوقع الاسوء* أرتاح بعض الشئ فهدفه الاساسي أن لايكون فتاه .. حتى وانا لم يستطع أن ينجب أطفال .
* * * * * * * * * * ** ****
مرت الايام على شاكلتها ، لاشئ جديد ... فقط الزهور السوداء تطبع أكثر تحت عيناه ...
ولا يستطيع أن ينسي رؤية تلك الفتاة وما مرت به .
دائم الحيرة* .. لما لم يشعر بالراحة عندما قال والده أن الطبيب أخبره أنه يميل الى الذكور أكثر ... وأنه سيكون طبيعيا عندما يصل الى سن 21، و لما ذلك الخوف لا يذهب ....
تنهد وهو ينظر الى الفريق وهما يلعبو كرة القدم ، حتى جاء من خلفه يخفى عينيه عن الرؤية ...
_ أنا مين ...!!!
هتفت بها فتاة .... فأصاب إسلام الخوف والتوتر ..
فقام بإزاحه يدها ، وقام يقف أمامها... بطوله المرتفع ...
_ لبني ..!!
_ ازيك يااسلام ... وحشتيني ...
هتفت بها لبني* وهى تقترب منه أكثر حتى يراها... هذا الشخص الذي تحاول جذب أنتباه ... وإشعال الغيرة فى قلبه أكثر ..
ونجحت بالفعل ... فأقترب منهم وفى عينيه الغضب ، وقام بدفع اسلام من صدره فرجع خطوتين الى الوراء أمام نظرات الفريق ...
_ ايه اللى جابك هنا ..
_ وانت مالك ياادم* ....
هكون جايه لمين يعني غير* اسلام ... قالتها بدلال .. لتثير الغيرة أكثرفى قلبه الثائر ..
فالتفت ينظر الى اسلام* بغضب، الذي أهتاجت وجنتاه من الغضب والضيق ، حتى التمعت الدموع فى عينيه ،حاول كتمها .. وابتعد من أمامهم ...
كان لاعبوا الفريق يتابعونهم تحت تظراتهم الساخرة والمعجبه ... فقال احدهم
_ بص البت لبني دى صاروخ .. ايه دا ياعم .. مشفتش فى الحلاوة دى ..
هتف الاخر ...
_ الواد اسلام واقف جنبها ... ومغطي جمالها خالص ... شوف عنيه بتسرج ازاى من بعيد ... تخيل لو كان بنت .. كان هيفلق البنات دى كلها ...
ضحك الجميع .... وكان أكثرهم رامي ...
قال المدرب ... يصيح باسلام .. حتى لا يبتعد .. ويأتى .. فحان وقت التدريب ...
وعندما ذهب واجتمع الجميع .. تحت اشعه الشمس اللطيفه .. والنمسات . البديعه ...
هتف المدرب ...
_ يارجاله طبعا أحنا لازم ندرب .. عشان الماتش اللى بينا وبين المدرسه التانيه ..، لازم تفوقو شويه ، وأقطعوا علاقاتكم بالبنات ... أنا بنبهه أهو ... عشان لو شفت بنت تيجي هنا لحد هنزله لاعب احتياط ... واعرفوا الكورة متحبش البنات ... عوزين قوة يرجاله ...
ضحك الشباب بسخرية ... فاردف المدرب .. لاسلام ..
_ ايه ياسلام حلقت شعرك ليه ...
هز رأسه وقال
_ عادي ..
فضجك الشباب بسخرية أكثر ... لم يشعر إسلام بالراحه مع هذا التجمع أبدا ،* ولأنه يكرهم جميعا .. وخاصة هذا الشابين .
انقسم الفريق الى شطرين ، ينافسون بعضهم ... فى التدريب ، طلب المدرب من اسلام أن يكون بالفريق الابيض .. ومن حظه السئ دخل معه رامي ... فكان هو* المهاجم الايسر ... ورامي* المهاج الايمن .
ضد الفريق الاصفر الذي يوجد به أدم أكثر من يبغضه ...
أطلقت الصفارة وبدأ الماتش فى التحرك ... بين الفريقين ...
كان اسلام ينسي كل شئ عندما يري الكرة ... ويبقي ينظر اليها كالصياد .... الذي يترقب أن تكون الفريسه بقدمه ...
اكثرهم مهارة ، سرعه ... برغم ضعف جسده عنهم ..ونحافته المقبولة ..
لعب أسلام على أن الجميع خصمه ... لم يلتزم بقواعد الفريق ..فكلما تكون الكرة مع اسلام* لا يعطيها الى رامي مهما أشار اليه ... ويحاول ان يسدد هو فى المرمي* ...
أما ادم كان يجرى ويحارب هذا السياف الكروى .. لكن أن تأخذ الكرة من اسلام .. الذي يلقب بسونيك الكرة ... أمرا صعبا ...
فهو يرى أن الكرة هى الامل الذي يهرب منه فى هذه الحياه فتزيد قوته كلما يراها مع أحد يريد أن يخطفها .. لنفسه ...
أنتهى الماتش ... 5/6 فكانت أخر تسدية من قدم اسلام فى أخر دقيقه ..* وتم هزم الفريق الاصفر
وبرغم أعجاب المدرب الشديد باسلام .. الا أنه دائما ما يوبخه حتى يتعاون مع زملاءه ... وكالعادة لم يكن اسلام ينصت .
* * * * * * * * ** ***
مرت سنه كامله بمرها الشديد يتجرع منه المتألم* ، دخل اسلام الى الثانوى ... لم ينزل من قدره فهو مازال المجتهد الوسيم البارع فى الكرة ، الذي تتهاتف عليه الفتيات ...
ومازال يلعب بمفرده ولا يشارك زملاءه ، فاستشاط غضبا هذا اللاعب الجديد ... الذي انضم اليهم حديثا ، فكان هو العدو اللدود بينهم ...
_ اسلام دايما بيلعب لوحده ، كانه عاوز يظهر أنه أحسن مننا ... وناسي اننا فريق.* .
هتف اللاعب الجديد بحنق
_ أنا بقي هعرفه قيمته كويس أووى .
فى تلك اللحظة دخل أسلام .. فكان ينتظر خروجهم .. حتى يغيروا ثيابهم .. ويتجنب النظر الى اجسادهم ... ولم يعلم أنهم ينظروه فى الداخل* ...
التفتت بسرعه ليخرج بعد أن لمح أن اللاعب الجديد عارى الصدر .. وباقى الفريق ...
لكن .. أسرع اللاعب الجديد ..* وقام بسحبه من كتفيه فكان القوة له ... ودفعه بقوة من صدره حتى أرتطم بالجدار فتأوه ... وقام بركله فى مؤخرته بقوة ....
فسقط اسلام على الارض ... من شده الالم ...
فقام اللاعب الجديد بمسكه ورفعه حتى يقف مقابلا له ...* واقترب منه بقوة ...* ينظر اليه بغضب هادر ...
حتى لثم منه رائحة العرق ... التى كانت تملك رائحه غريبة ... تركت فى قلبه أثرا غامضا
_ نزل ايدك ياسيف بدل ماكسرهالك ...!!
هتف بها من سكن بعينه أوراق الشجر... المتناثرة فى الخريف ... فى ظل الاضاءه الخافضه ... وعلى وجهه تزين الوان الغضب قسماته ..
......يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:11 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الرابع
تقابلت عيون اللاعب الجديد المليئة بالغضب والجراءة التى تملك سواد الليل ،* مع نظرات إسلام التى التمعت بالدموع بها و رأت الطريق مفتوح امامها فاسرعت تلتمس الحرية بعد حبسها طويلا* .
ملأ الرعب قلبه بالخوف،بجريان أنفاس هذا الشاب الغاضبة على وجهه،لا يعرف كيف يتصرف وهو يقترب منه بتلك الطريقة بعد ان لكمه وعنفه بقسوة .
.داخله يحدثه بألا تبكي ايتها العيون ارجوك .
حاول بأقصي قوته ان يدفعه من صدره حتى يبتعد عنه ، لكن هيهات ... فكان ضحية لأكثرهم عرضا وطولا ...
كلما ينظر اليه اللاعب الجديد ويرى خوفه* يزداد قوة ، يريد أن يكسر ثقته ، ورجولته التى يتفاخر بها فى لعب الكرة .
فمن هو حتى يخطف الكرة من أمام سيف الامام ويسرق منه الاضواء .
توقفت انفاسه الداهشة عندما لثم تلك الرائحة الغريبة التى تفوح منه حتى تركت أثرا غريبا داخله* ، وعيناه التى غرقت فى دموعها .... وشهقاته التى بدأت ...
تابعته ضحكات الشباب ، وسخريتهم الحاقدة على بكائه أمام سيف ،التى أنتهت بدخول رامى وهو يهتف بغضب.
_ نزل ايدك ياسيف* بدل مااكسرهالك
أنتبه سيف لرامي الذي يتحدث معه بطريقه مهينه أمام الجميع ، ونسي أنه قائد الفريق ، وأخيه الأكبر .
فابتعد سيف وتقدم نحوا أخيه بعينان غاضبه ، أيقن الجميع أنه بدأ شجار بين الاخوة .
فى تلك اللحظه ظهر صوت بكاء مرتفع جدا ، هز أذن الجميع بصدمة ...
يعرفه جيدا من ذاق طعم المرارة فى كأس الحزن مرات عدة ..* ويترجمه من يقرأ القلوب من دفتر العيون المنكسرة
صوتا يطلب نجاة
صوتا بنغمات حزينة رنانة لا ترى أمامها سوي تعقدات الحياة.
وكأنه ميعاد انفطار القلب بالضعف الذي يعلنه القوى أمام الذئاب ..
التفت الجميع الى إسلام وهو يبكى ، بهذا الصوت الذي صدم الجميع ، وعند طريقته وهو يضم ركبتيه الى صدره .
ضحك الغالب على رؤيته بتلك الطريقه ، والبعض الاخر مشفقا...
هنا
دخل المدرب ليري هذا المشهد ،ويأمر الجميع بالانصراف ...
_ قولتلك قبل كدا ، كنت حاسس إن دا هيحصل ، ونبهت عليك ، بس أعرف يااسلام ان دى نتيجه طمعك .
استمر المدرب على الكلام ، تحت شهقات إسلام ، الذي لا يسمع ولايري سوي ذكريات بكاء والدته ، ودموع أبيه ... وحياته التى لا تمتلك وجها ثابتا ...لكى يتعرف على نفسه ...
مرت ساعتين، ولم تذهب الدموع ، وكأنها فرصتها فى الهروب حتى لا تسجن ثانيا .
فتلك الدموعةالثائرة لا تعرف أن أصلها لغه القلب المفطور ...
ولن تستطيع الهرب الا برجوع دماء الحياة الى هذا القلب العليل ..
_* عيل ، جبان ....
هتف بها أدم ، بعد أن بعثه المدرب حتى يخبره أنه حان وقت الانصراف ، بحجه أنهم أقارب .
لكن لم تتوقف الشهقات ، وذهب أدم من فوره فبداخله* السعادة ، لان رجولته انكسرت ببكاءه الضعيف* وخاصة بعد أن كسر غروره .
* * * * * * * * * * * * * ***
_ هنفضل مستنين كدا كتير ياحضرت . قالها سائق الاتوبيس الخاص بفريق المدرسة .
_ ابن عمه ، هيجيبه من هناك أهو استني بس يااسطي .. قالها المدرب برجاء* ...
ثم التفت الى اللاعبين وهم جالسون فى الاتوبيس ...وأردف
_ ينفع اللى حصل دا ياسيف ، دا أنت قائد الفريق يعني لو حصل مشكله بينهم انت اللى تحلها* ..
_ يعنى ينفع اللى عمله ، دا خبطني ووقعنى على الارض عشان ياخد الكورة منى وأحنا اصلا معاه فى الفريق* مش خصم .
_ مهما كان ، هو أصغر منكم برضه .
_ عشان أصغر مننا يحترمنا
...وبعدين الواد دا مايلعبش معنا .. انا هخليه يخرج
فقال بقيه الفريق بنفس واحد يوافقون على كلام قائدهم ..
تنهد المدرب، وهو يفقد السيطرة على جميع اللاعبين فكلما يكبرون ، تتعقد الامور اكثر ،
ولكن يعرف أن كلامه صحيح، فاسلام هو من بدا ، وتمرد عليهم .
فجأة خرج رامي من الاتوبيس..، وهو يري أن أدم قادم بمفرده .
تلاقت نظراتهم ببعض .. بشئ من الغموض ...
دخل رامي على اسلام وهو يراه فى نفس موضعه ، بشهقاته ... فقال
_ الرجاله مبتعيطش ... ولا أنت شايف أيه ..
مرت الكلمه على مسمعيه ،فطبعت بملمس خشن داخله .
رفع رأسه له ... بنظرات غاضبه أكثر* وعيناه حمراء كالدماء . وقال بدون وعى .. غاضب ..
_ ليه مش أنسان ... كل واحد عنده عيون من حقه يعيط زي ماهو عايز .
_ طب قوم ياعم عشان نمشي ، وابقي عيط براحتك .
قالها رامي وهوي يقترب منه .. ويمد يده له ...
فقال اسلام بغضب ..
_ كلكم شبه بعض ....
لا يعرف لما تلك الكلمه ظهرت من* فمه ، ايعتبر نفسه غريبا عن الرجال ...
فأبتلع ريقه بصعوبه ، وقد توتر قليلا .. وبدأ وعيه فى استيعاب أن تصرفاته تشبه ...!
فقام من جلسته* بدون أن يقترب من يد رامي ، الذي كان يتابعه بزهول ..
وأغرق رأسه تحت سنبور المياة ،لتخفى أثار دموعه .. وسخونة وجهه من الانفعال .
ورفع راسه بقوة* الى الوراء ، لتتناثر قطرات المياة على رامي ...
_ ايه دا ... غرقتنى .. يا تيييييت .
أنا أصلا غلطان أنى ....
تقطعت كلماته وهو يرى شعره الرطب مطروحا للخلف ، ليظهر وجهه كاملا ، بعد أن كان يخفيه بغرته...
فتصلبت شفتاه وهو يراه بشكل مختلف ... تحت عبوس وجهه
... شفاة وخدود وردية ، بشرة بيضاء .. عينان واسعه زرقااء بها نعومة ..
حتى مر بخاطره... كيف لرجل أن يمتلك هذا الجمال ، حتى يتأثر به ... حاول طرد تلك الفكرة من رأسه ...
وخطى بجانبه حتى وصلا الى الاتوبيس ..
وصعد اليه الاثنان .
الجميع يرنوا اليه ، بغرابة ... وعلى وجهه حمرة شديدة الفتنة ..
مقعده الذي يجلس به بالجانب الاخر من هذا الاحمق الذي اصبح يخشاه .
كتم خوفه داخل صدره ، وجلس تحت نظراته التى تشبه الذئاب .
طوال الطريق يري بطرف عينه انه ينظر اليه ويراقب كافة تحركاته .
حاول أن يبعد شعور النوم من عيناه ، لكنه استسلم لأمره .
وغفى .. فى أسارير خوفه ...
وكما الذئب يراقب فريسته ، كان سيف يراقبه وبعقله علمات الاستفهام ، كيف يمكن لرجل أن تكون رائحته مثل النساء .
لابد أن تكون غليظه نافرة . أوليس رجل ...عاد اليه ذلك الشعور وهو ينظر اليه وهو نائما ... وشعره الذي مازال رطبا ..* بعض من أطرافه على رقبته ...
....رقبته !!! البيضاء الناعمة ... !!!
* * * * * * * * ** ****
تعلم أن زوجها كاذبا ، وانه يفعل المستحيل لكى يجعل طفلها رجلا ، تعلم أن خوفه من البشر قد جعله أعمى البصيرة .. بل أعمي القلب ...
لا تتوقف عن البحث وراءه وعن أى وثيقه تثبت صحه كلامها. لكن البحث وراء الثعلب كان عبثا .
_ انت ازاى مؤمن وبتصلى زينا كدا ، متفتكرش انى مبفهمش أنا عارفه نوياك كلها .
....أنت لو حصلك حاجه بعد اللى هتفذه هتقف قدام ربنا تقوله ايه ...
.... فوق حرام عليك ، مش عشانا حتى ، عشان ربنا .
تمر الايام والشهور تلو الاخر ، ويظل يسمع هذا الكلام منها ولا يتاثر به* ... ويهمل حق الله ... كل ذلك لأجل مكانته أمام* البشر .
معاملة جافة للغاية تخرج منه لعائلته ، لم تستسلم الام فى المحاولة ، ولم يستسلم الاب ...
طوال تلك السنوات يجد بعمله ، ويثمر المال ويضعه محفوظا .. برغم الجوع ، برغم قطع الكهرباء دائما ، لم يتحدث ففى اوقات الجوع ، تصب داخل بطونهم المرارة والالم ..
لطلما كان الظلام داخل أوصالهم ، فلم يكن لنور طريقا الى أعينهم ..
ولقد اقترب الموعد ...
أصبح عمر إسلام .. ثامنة عشر وقد أنتهى موسم الامتحانات ...
وظهر مجموع الثانوية العامة .. الذي لم يحمل همه أحد ... ولم يسأله أى شخص عن مجموعه الرقمي* ...
_ إسلام انت هتشتغل مع عمك ناجى ، أنسي أنك تدخل كليه .
دهش اسلام من تصريح والده ،فقال
_ بس انا نفسي ادخل هندسة حرام عليك يابابا متحرمنيش انى ادخل الجامعه .
_ مينفعش انت لازم تشتغل عشان تجيب حق العملية معايا ... انا مش هقدر اكون المبلغ دا لوحدي .
رأى أكرم الحزن فى عين ابنه والكسرة ، كأنه قد خسر كل شئ فى حياته ...* ولم يعد لديه شئ .
فأردف الاب بعد ان تنهد ...
_ بص يااسلام ، بعد مانظبط امورك كلها هقدملك فى الجامعه ، ماشي ياحبيبي . صدقني يابني انا عاوز مصلحتك .
متفتكرش انى عاوز اذيك ، انا نفسي تكون احسن واحد ، شوفت أمك مش حاسة بحاجه ،عوزة تغلبني وخلاص .
يابني الدنيا دي مبترحمش حد .
فى تلك الكلمه تذكر اسلام رؤية الفتاة (الخنثي) وكلام الناس المؤلم لها ..
فسكت وهو ينصت الى والده ... وبعقله رياح شديدة تتقابل مع نار والدته البائسه ...وحديثها الدائم لها بأنها فتاة !!!!
... تسأل فى نفسه ...
لما لا يسألوه ماذا يريد ....
ابتسم بسخرية ... على نفسه وهو يعلم انه حتى لا يعرف مايريده . فاعتقد والده انه يسخر منه.
فكتم غيظه ... وربط على كتفه .. وقال
_ بكرة هتروح لعمك ناجي ... الساعة عشرة ... قالها وهو يهيم بالخروج من المنزل فأوقفه اسلام وهو يقول
_ بابا مسألتنيش ليه جبت مجموع كام
وقف الاب وزفر بقوة زفرة خرجت من جسد متعب مثقل بالهموم ... فرد عليه
_ عشان يابني ... الدنيا دي عمرها ماهتقف فى صفك ولا هتاخد بايدك مهما كنت ناجح ... وانا مش عاوز اتوجع .. بيك أكتر من كدا .
مجرد كلمات القت داخله بحبال تطوق يديه وجسده عن الحركة ، وتنقل شفتاه الى عالم الصمت ...
* كانت والدته تتابعه من الغرفه الاخرى ،* فاقتربت منه عندما ذهب زوجها الى الخارج.
فأصبحت تخطو على قدماها بصعوبة ..
بسبب مرض السكر الذي ظهر مفأجاً مهلكا لجسدها وعيناه* الضعيفة . مما جعلها تكبر أكثر من عمرها سنوات .
_ ياسمين ، ياضي عيني ، عملتى ايه ياحبيبتي ..
هتفت بها والدته وهو تمسك بحيطان المنزل حتى تقترب منه ...
لو أخبركم ان الم حياته أختفى دفعه واحدة يوم* هلك جسد أمه .. أمامه واستوطن الخوف قلبه عليها فقط .. هل ستصدقون ... انه نسي* نفسه ..
اقترب منها مسرعا يمسك بيدها ، ويجلسها على الاريكه ، وقال ..
_ اخيرا سألتيني ياماما ...* جبت ...
.... مرة كلمه والده على أذنه ( مش عاوز اتوجع بيك يابني أكتر من كدا )
فأردف لامه ...
_ هتفرحي ياماما ...
_ طبعا ياحبيبتي انا ليا مين غيرك .. ياضنايا .... بس بصراحه انا عارفه انك طلعت الاول زي كل سنه ...
تنهد وقال
_ بصراحه طلعت الثالث ...
قامت الام بلهفه تقبل كامل وجهه ... فكيف لها ان تنسي ان ابنها ينتظر مجموعه . فعندما سمعت حواره مع والده . جرى الالم داخلها أكثر ..وربطت على ظهره ...
فأردفت
_ ربنا يحميكي يابنتي ، وتبقي أحسن واحدة فى الدنيا ...
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بشئ من الحزن
_ماما ،انا اسلام ،وهفضل اسلام طول عمرى ...* ياريت معتيش تقوليلي ياسمين ..
_ لايابنتي متقوليش كدا حرام عليك ...، انت ياسمين ... انا عارفه وحاسة بيك ... ابوكِ كذاب .. وانت عارفة هو بيعمل كدا ليه ....
_ بابا عنده حق ... الناس وحشه ومش هيرحمونى ...
_ يعني أنت كمان حاسة ... انك ....
_ مش عارف... بجد انا مش عارف... انا بس نفسي اشوفك مبسوطة ... وتضحكي ...*
نفسي اشوفك مبتعيطيش .... انا حاسس انى السبب فى كل دا ...
_ لا ياحبيبتي انت ملكيش ذنب ..انت بس ... كل دا بسبب ابوكي الظالم ... منه لله .... منه لله .... دمرنا كلنا ...
..... انت ياسمين ...
_ متقوليش ياسمين ياماما كفايه ..
_ نفسي اقولها قبل مااموت ياحبيبتي ...
بكي الاثنان سويا ، كل منهم يريد ان يسعد الاخر برغم الدموع التى تسكن مقلتيهما ، ولا يعرف كيف يبدأ .. او كيف تاتى السعادة ... ام انها قطعت الوصال بينهم واصبح الحزن يعرف طريقها فقط .
* * * * * * * * * * * * * * ****
توقف اسلام عن الدراسة ولم يذهب الى الجامعه وبقي يعمل محاسب مالى فى المول الخاص بعمه ناجى ... لمدة عامين
كلما يراه عمه يشفق عليه ،ان هذا الصبي كان نابغة ، والان يعمل محاسب (كاشير) ، ومهما تكلم مع اخيه أكرم على ان يجعل اسلام يذهب الى الجامعه ويقوم هو بتحمل التكلفة ،لكن* لايوافق ابدا .. ولا يعطى له سببا مقنعا .
وبرغم بُعد اسلام عن الدراسة الا انه كان قريبا من كرة القدم ، يذهب دائما الى النادي الخاص بمركز بلدته ...
يخرج طاقته السلبيه بها ...
يرى زملاءه كثيرا هناك ولايتحدث معهم* ، وخاصة رامي الذي يذهب اليه دائما .
_ تعالا نلعب مع بعض .. انت يلا .. يامغرور ... ياعيوطة .
اعتقد رامي ان اسلام* يتجنب حضوره ولا يعطى له ردا .. ويستمر بلعب الكرة منفردا .
ولا يعلم انه تائها مشتتا فى عالمه المظلم...
فدخل يسرق منه الكرة* ،وقال
_ اللعب لوحدك مش حلو .. تعالا نلعب مع بعض .. يارخم.
لم يرد اسلام اللعب معه ابدا ،كان يريد ان يبقي* فى صومعته لنفسه بعيدا عن اى احد . لكن رامي اخترق صومعته .*
وبقي يلاحقه فى النادي الرياضي كل يوم وبشكل متواصل ، ...مهما عامله اسلام* بنفور وبرود .
ولان اسلام كان وحيدا ،يلعب بمفرده ، استسلم لقرب رامي منه ، واصبحت العادة ان يكونو سويا ، يلعبون مع بعضهم كرة القدم .
_ قولى يااسلام مكملتش ليه ودخلت الجامعه...
.....* ماتقول يلا انا بشحت منك الكلمه ..
_ خليك فى نفسك ....
_ اففف عليك دا انت عيل رخم ......
توقف رامي عن اللعب فجأة عندما رأى* تلك الفتاة ، التى تجرى فى الملعب المقابل للكرة الخاص بالجرى .
_ ..... اوبا ... شوف البت الصاروخ دي يلا .... ايه دا .
فى تلك اللحظه اندفعت الكرة بقوة لتصدم* بوجهه رامي ... حتى نزل الدم من أنفه ...
_* .......يا تيييت ....* ... ياخى يبقي* ... تيت ... اللى يلعب معاك ...
التفت رامي ليأخذ الكرة ويضربها فى وجهه،لكن صوت فتاة ظهر من خلفه وهى تقول بدلال
_ انت كويس ...؟
سقطت الكرة من يد رامي وهو ينظر الى هذه الفتاة الجميلة ،برقتها .. وقد لانت ملامحه وابتسم وقال
_ بخير ....
فقال اسلام مقاطعا لكلام رامي
_ متتعبيش نفسك ، ماشي مع ظ،ظ¥ بنت ،وساقط سنتين ...فى الجامعه .
التفت رامي ينظر اليه بغضب شديد ويجز على اسنانه منه ويشير اليه انا يصمت لكن* اسلام لم يتوقف عن السخرية ... حتى ابتعدت الفتاة بعد ان نظرت اليهم باستحقار .
هرول اليه رامي بغضب وهو يمسك الكرةحتى يضربه ....* لكنه لم يستطع اللحاق به .. فاستسلم لأمره* وأقبل يضحك على تصرفاته الطفولية .
ولم يتوقفوا عن لعب الكرة حتى جاء الليل ...
_انا سمعت ان فرح أدم النهاردة ،* بصراحه البت لبني دي .... هاااه ... ابن عمك دا حظه نااار ...
.... عيلتكم كلها حلوة كدا ، انت ليك اخت يااسلام .. ؟
انتبه لتلك الكلمه* وقد لمست داخله شيئا ،فنظر اليه طويلا وقال
_ اشمعنا ...
_ هاااه. ولا حاجه ... هتروح امتى*
_ مش رايح ..
_ليه ماتيجي ... عشان نظبط ... هه
_ لا
_ انت كئيب يلا . ومنكد .. احسن متروحش . بمنظرك دا
_ طيب ..
نظر اليه رامي باستحقار ساخر ، وقال
_ قوم تعالى مااوصلك* ، صحيح انت بيتك فين
_ لا ...
_ انا غلطان اصلا انى عبرتك يا تيييت .
فجأة ،رن هاتفهم الاثنان فى نفس الوقت ...نظر رامي الى هاتفه* ....
_ اففف البارد دا عاوز ايه هو كمان .
.......هاااه ... نعم .....
_ إلحق يارامي خسرنا كتتير ، البنك اتسرق ...
ثقلت انفاس رامي وهو يستمع الى مدربه الذي يعرفه على طبيعة العمل فى شركه والده .
اما اسلام نظر الى الهاتف ولا يعلم لما دق قلبه بهذا العنف .
_ ياسمين ابوك مابيردش عليا ... تعالى شوفيه ماله ...
هرول اسلام بسرعه يركب فى سيارة رامي .. وهو لايعى مايحدث ،تمني لو كان خيرا ،فلم يعد به صبرا لكي ينكسر مرة أخرى .
* اخبر رامي بعنوان بيته ،وذهبا مسرعا بالسيارة* اليه ، فقد رأى رامي داخل عيناه خوفا وتوتر** ، خشي لو تركه بمفرده يحدث له شيئا .
وما ان وصلا الى المنزل ....
كان الصراخ يأتى من كل مكان ... فتبعه رامي حتى يطمئن عليه .
وما ان رأى* اسلام والدته
هتفت له ...
_ ابوك ماات ياسمين .. ماااات
..يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:12 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الخامس والسادس
توقف الزمن عندما مرت تلك الكلمة على أذناه ، فقد تمناها كثيرا ، لكن ، لما يشعر بطعنة تخترق قلبه وتترك له الألم .. الذي غطى عيناه عن العالم أجمع ...وترك له رؤية دموع والدته فقط ... تسير ..بغزارة ... أهى دموع الحسرة ..أم الفرحة .
تركت الطعنة فى نفس الوقت ، ألما شديدا لم يستمر سوى دقائق ،ومن ثم تلاشي ... افقده الاحساس بكل شئ ؟
أم أن قلبه انفطر كثيرا ولم يعد به أحساس بالدنيا .
تجمعت العائلة امامهم* بملابس سهرة ، وعلى وجههم مساحيق التجميل ، يهتف البعض بعدم التصديق ،ولما ، والاخرون يضربون أيديهم فوق بعضها بزهول* .
لم يرى ولا دمعة تسقط على جفونهم ، ولا حزنا ، ولما هو مندهشا منهم ، فهو الاخر لم تسقط منه ولا دمعه واحده . فقط هذا الشعور الغريب، الذي ينقل الى عالم لا تعرفه ورياح داخل قلبه تمر ذهابا وايابا،
الاشد غرابة أنها تشعره بالراحة* ..
مازال جالسا على الارض وأمه بأحضانه دافنة وجهها فى صدره ، وهو ..ينظر حوله لاولئك الناس...يراقبهم .
وخاصة صاحب العيون الرماديه (أدم) ، الذي ينظر اليه بضيق وكأنه يريد أن يحطم وجهه .
وهل له ذنب ان أباه توفى فى يوم زفافه ، وأنقلاب الفرح الضخم الذى كان يصمم داخله بأحدث مدخلات الزفاف* لأكثر من ثلاث شهور ... الى مأتم .
لن ينسي أبدا الدمعة الوحيده التى عبرت على خد عمه ناجى حتى شعر بمرارتها .. وكميه ألمها ..
وعن دمعة هذا الشخص الذي أمسكه واقامه من الارض وأجلسه على كرسيا .. ينظر اليه بشفقه .. ودموعه تجرى على خديه .
وهو* يراقبه عن قرب ، العينان التي راى فيهما الرعب وعدم الامان طويلا ، الان يراهم تزرف الدموع
... دموع صادقة ، حزينة . لأجله !!!!
_ خليك قوى ياصحبي ، انت مسؤل دلوقتى عن أمك .. متضعفش قدامها عشان متتكسرش اكتر ، وأنا معاك لو أحتاجت أى حاجة ..
فى تلك اللحظة نزلت دمعة من عيناه الزرقاء ،وهو يرى لأول مرة يد اخرى تربط عليه ، وتقوم باحتضانه ...
اهو مرغوب بأن يكون صديقا لأحد ، اسيجد أحد يقف بجانبه .. أسيكون بين هاتين الزراعين فى كل مرة يحتاج اليهما .
* * * * * * * * * ** ****
اسبوعا كاملا ينام فقط فى أحضان والدته ، لايفارقها ولا تفارقه ، لايتحدثون مع بعضهم سوي قطرات دموعها التى أثارت عيناه بدموع الحزن عليها .. وعلى حالتها التى تدهورت ...
_ تعرفي ياسمين ، مكنتش أعرف أن هزعل عليه كدا يابنتي ، قلبي وجعنى عشانه .. مكنتش أعرف أنى هفتكر الحلو كله ..
...... الحاجه الوحيدة اللى مصبراني ، أنه مات قبل مايأذيك ويغضب ربنا يابنتي ... ساعتها كان ..... ظلم نفسه وظلمك معاه...
.... يلا* ربنا يغفرله .....
_ عشان خاطرى متعمليش كدا فى نفسك ، معتيش تعيطي ... أنت بقالك فترة سخنة أوووى ومش بتبطلى تكحي ...* أنت ختى الدوى ...ولا أجيبه ليك ..
_ خته ، خته ياحبيبتي ، أنا كويسة .... قالتها الام وهى تربط على كتفى إسلام ، وكلما تنظر اليه تسقط الدموع ، تريد أن تخبره أنها تبكى لأجله هو ، وعلى حياتها التى جرت مسرعه ، وطفولتها التى كانت بقبضت والدها المحكمة ...
لكن الان تحررت ، هتنهدت ... وقالت
_ ياسمين ...أنا هقول لعمك ناجي على كل حاجه ، وهو هيساعدنا ...
_ ابوس ايدك ياماما بلاش ، سبيني أختار حياتي
_ أنت .... قالتهاالام لتنفعل ببكاء ، ترك أثر فى قلبه هو الاخر .
علا صوت الجرس يدوى ،* مسحت دموعها وقامت لتفتح الباب مسرعة.
تغيرت قسامتها وهى تنظر الى نجوة وزوجها عم اسلام الكبير .فكانت تعتقد أنه أخ زوجها( ناجى) ..
وبعد أن جلسوا أمام بعضهم .. قالت نجوة ..
_ منجلكيش فى وحش أبدا ياست رحمة ، البقاء لله يااسلام يابني ...
هتف العم
_ أنا بقول ليه يااكرم تزعل نفسك ، ايه ياعني لما خسرت 500 الف ، دا حتى الرجال اللى اسمه .....أأأه .... الإمام دا شريك ناجى أخويا خسر من البنك 50 مليون .. والراجل زي الفل ..
لايعرف أن بكلامه هذا فتح عمق الالم من جديد فى جسديهما* ، تذكرت رحمة زوجها قبل وفاته ،عندما كان جالسا على فراشه يبكي ويصيح أن تعب عمره الذي أكل صحته ، ضاع فى ثوان .* ووجع قلبها الذي نمي عندما* وجدته غارق فى دموعه يتمتم بكلمه (ابني ) (اسلام ) ،و لا يستجيب لصوت صياحها ... ليصمت للأبد ،وتنقطع أنفاسه بحسرته ...
قالت نجوة
_ شهيد لقمه العيش ياحبة قلبي ، كان يطلع من الشغل بتاعه على شغله التانى والثالث ..
مضي وقت على صمتهم الطويل ، وعلى شهقات رحمة المتواصلة .. على حال زوجها وابنتها .. التى قطفها بصحته وعمره ، واردا أن يقتلع أوراقها ... لكنه مات زليلا ، متألما ..
قطع صمتهما العم وهو يقول ..بعد أن لكزته زوجته عدة مرات فى قدميه حتى يتكلم
_ ياست رحمة ... المرحوم قبل مايموت ، باع* الشقة دى وقالى أنه محتاج الفلوس ضرورى ، وأنا أعطتله الفلوس لأن كنت ساعتها بدور على شقه لابني عشان يتجوز فيها .. وزى ماأنت شايفه أبنى لقى عروسة وعاوز يوضب شقته .
فلو ... يعني ...
لاحظ العم تغير قسمات زوجة أخيه رحمة الى الاحمرار الشديد ...
فأردف
_ هو أكرم مقلش ليكى ولا ايه ..؟
فجأة علا صوت شهقاتها تطالب بالهواء ، انخلع قلب اسلام عليها .. وهو يراها بتلك الحالة وهى تفقد وعيها تماما ...
* * * * * * * * * * * ****
عض على شفتيه حتى نزفت بالدماء، يحاول التماسك فهو الأخر يشعر أن اخر نفس سينهى حياته قريبا وهو ينتظر الطبيب ..
_ للاسف الحالة دخلت فى غيبوبة سكر ، وبنحاول على قد مانقدر ،الامر بيد الله ادعولها ..
_ ونعم بالله يادكتور ،ياعيني عليكي يارحمة ياحبيبتي ، هتروحي فيها وجوزك لسة ميت من كام يوم ..
هتفت بها نجوة ....
فرد عليها زوجها
_ اخرصي ياولية .... الست فى غيبوبة ... ان شاء الله تفوق ....
لم يشعر اسلام* بقدماه وهى تسقط على الارض ، وعلى صوت صياحه بالبكاء يدوى فى ارجاء المشفي . فلم تعطيه الدنيا السعادة ، بل سحبت منه أوصاله التى كانت سبب فى الحياة ..
داخله يناجى ربه ..وشفتاه ترتعش بالخوف ، وقلبه يتمزق مع كل نبضة..
_ يارب مليش غيرها ، احفظهالى ليا .. أنا ممكن اموت بعدها .. مش هستحمل فراقها ابدا ...
...يارب ... يار ب...
تمضي الايام ، تاركه أوجعها تزداد، داخل كيانه تمزقة مع كل شهيق يدخل رئتيه .
يظل فى المشفي ولا يخرج .. منها الا عندما يأتى الامن ليخرجه ... يطلب رؤيتها ،ولو دقيقه واحدة ... لكن الرفض يأتى فى كل مرة ..
وبصعوبة تامه سمح له بالدخول لعدة دقائق ، تحت توصية كبيرة من عمه ناجى الذي أشفق على حالته ...
_ ماما ..متسبنيش .. أنا محتاجلك ... انت وعدتنى تفضلى معايا .. قالها وهو يمسك بيديها وتتساقط الدموع على تغطيته المعقمه ...
يراها كالبدر المضئ فى ليلة ظالمة ، تكون هى وجه السعادة تلطف بضوئها الساحر الممزوج بالامان ... برغم تدهور حالتها الصحية ، الا أنها فقط تزداد جمالا ، تطرق ذكرياته لها وهى تمنع والده من ضربه .. وتتلقى هى الضرب .. وعن أخبارها الدائم له .. أنها فتاة جميلة ..
فيتحطم قلبه أكثر ، وهو يخبره أنه لو لم يأتى لم تكن التعاسة حظها .، ولم يكن المرض يحوطها ...
تمنى لو يعود الزمن وتخرج روحه فى وقت ولادته ، كانت لتكون سعيده مع أبيه الان ...
* * * * * * * * * * * ***
طوال النهار والليل يبقي معها ، وفى جنون الليل يذهب الى غرفته المظلمه التى فرشت الدموع داخلها باشواك الماضي .. وبقي اثارها فى كل شئ .
فتح هاتفه المحمول ليري 100 رساله نصيه و300 اتصال لم يصله ..
كلها من شخصا واحد (رامى ).
(إنت فين يابني ، مختفى ليه )
(جتلك البيت ميه مرة ، وانت مش موجود )
(أدم قالى على والدتك ، أنا أسف ، هتخف وهتبقي كويسة متقلقش* )
(روحتلك المستشفي ومش عارف أوصلك )
أغلق هاتفه ، وألقاه فى الجدار فتحطم ...
فى تلك اللحظة رن جرس المنزل عده مرات ،لايريد مقابلة أحد ، لكن ، يستمر الطارق فى النقر عليه ...
أقترب من الباب ، وبعيناه شعله ، لن تنطفئ أبدا ..
_ أنت فين يا اسلام ، أنتوا كويسين يابني . قالتها نجوة .. وعلى وجهها الخبث ، يحمل كلمات يعرفها جيدا .
_ لا مش كويسين ، نعم ..
انقلبت قسماتها الى الضيق وهتفت .. بص يااسلام ، أحنا مش مجبرين ننتظر أكتر من كدا أبني عريس وعاوز يفرح ...
رد عليها اسلام مقاطعا
_ أنا هسبلكم الدنيا أنا وامى عشان تفرحوا أكتر .
قالها وهو يلقي بمفتاح الشقه على الارض ، ويمشي بسرعة من أمامها تاركا البيت بالكامل .
مشي على الطريق العام ، لايري لايسمع .. فقط ذكريات حياته تمر عليه مرارا وتكرار ، لاشئ سعيد ..لم تفرح والدته ،* بل لم يجد الفرح طريقها ابدا ،فقط أبتسامات كاذبة .. تعطيها له ... كيف لم يعرف أن وراء تلك الابتسامه الم ينذف بالوجع .
وصل الى البحر ، نظر اليه طويلا، حتى مر الليل باكمله على عيناه المستيقظة الغارقة بهالاتها السوداء* ،حتى ارتفعت الشمس تخاطب قلبه الحزين .. بأن يصمد .. لأجل والدته .
رجع الى شقته ليري ان محتويات البيت كلها بالخارج* .
والعمال يخرجون باقى الحاجات ، تسأل ما بال حقدها وسوادها ليجعلها تخرج كل أثاث البيت طوال الليل .
هل سمعت الكلمات التى قالها لها ولم ترى الوجع بكل حرف .
اتجهه الى خزانة والدته واخذ ملابسها فقط واتجهه فى طريقه ... لايعرف الى اين ...فقط يمشي عده ساعات ،* ليري أنه وافقا أمام منزل عمه ناجى ..
_ ملقتيش الا هو ، تروحى عند الأسد برجلك ... هاهاه ، بس عندك حق ماانت ملكيش حد غيره .
قالها اسلام مخاطبا قدميه التى أتت به عند منزل عمه .
تنهد وهو يصعد الى المنزل ليقابل عمه ناجى ، الذي رحب به كثيرا .
_ والله كنت جايلك ، لسه من شوي عمك قالى أنك سبت الشقه وبعتها ليه استغربت جدا وقولت لازم أشوفك ..
_ هو قالك كدا ياعمي؟ ، ابويا اللى باعها له ، وانا دلوقتى معنديش حته أعد فيها .
شعر ناجي بالم الذي بحروف اسلام ، فتنهد بحزن وقال
_* بيت عمك هو بيتك الاول مش التانى كمان، أنت زي أدم عندى* والله ، ومتقلقش الدكتور طمني على والدتك .. حالات كتير بيحصل كدا وبيقوموا على طول ..* ادعيلها انت بس ياحبيبي
قالها ناجي وهو يربط على كتف اسلام ، الذي فاضت عيناه بالدموع الكسرة ..
فأردف ناجى
_ الواد أدم أتجوز وأوضته القديمه فاضيه .. خدها أنت وارتاح فيها ..
واى حاجه تعوزها قولى ....
...ياعم توفيق ....تعالا خد اسلام وديه اوضه ادم ..
... أنا ياحبيبي دلوقتى رايح شغل ضرورى ...
..... صحيح ... نسيت اقولك ...
أدم فتح صيدلية جديده ، فى منطقة المهندسين ، قولتله محدش هيمسك الحسابات غير اسلام ...
... أطلع أطلع لما أجى بينا كلام كتيير ...
...يلا ياحبيبي مع السلامه ....
لم يستطع اسلام الرد على كلام عمه ناجي ، فالفرق بينه وبين أبيه وأخوته كالسماء والارض .
وعيناه التى تنبعث منها الحنان الابوى ، الذي لم يشعر به أبدا ألقى فى قلبه الراحة ، وأن زاد خوفه من أدم الذي يقطن فى الاعلى مع زوجته لبني* ..
حدث نفسه* بأن ذهابه الى الصيدلية أفضل له وأن كان أدم بها، مع البقاء مع أعمامه الحاقدين الذين يراقبونه ليلا ونهارا ..
خرجت من فمه ضحكه ساخرة وهو يقول
_ الضباع مستنياني فى كل مكان أروحه ...
تنهد وأردف
...يارب أنا مش عاوز حاجه من الدنيا دي ، غير أمى تكون بصحتها ، هستحمل أى حاجه بس أمى ترجعلى ...
وفى الليل تقلب اسلام طويلا على الفراش ، ينتظر غبار النوم ينتشر داخل عيناه ،فلم ينم منذ شهر كاملا ، وبالفعل جاء النوم يملا جسده بالانهاك مع ثقل الليل .
وضاع منه فرصه ان يستمع* الى المشاحنات التى تأتى من الدور العلوى بالصياح وتكسير الاثاث ،حتى انه لم يشعر بذلك الذي يقفز من شرفته العلوية الى شرفته بغرفته القديمة .... ويزفر بقوة ..
أستلقى على فراشه الكبير يتقلب فيه ويسب كل شئ .. حتى أنهكه التفكير ونام لتذهب روحه الى عالم الاحلام ...
تسللت شمس الصباح الى شرفته ترتسم على عضلات بطنه السداسيه ..
فاستيقظ قليلا .. يتقلب فى اتجاه اليمين . ليلمس جسدا نائما يمتلك رائحة نالت من قلبه وصبت داخله* بالحنين ..
_ لبنى .... ياوحشه ... مش هسامحك برضه .. قالها وهو يقترب منه ويدخله فى احضانه وينفث على رقبته بهوائه الدافئ.. ويمرر يده على جسده ..
..... أيه دا أنت طولتى أمتى ...
فجأه أنفتح عيناه ، وقام من جلسته منتفضا بصدمه .. وهو ينظر الى أكثر وجهه يكره ....
_ ماما متسبنيش .... متسبنيش .. ماما ..
تمتم بها اسلام وهو نائما ...* لتمر على أذن ادم كالضربه القاضية .، فنبض قلبه بجنون ، وأنتفض مسرعا الى شقته فى الدور العلوى ... وهو يكز على أسنانه ....بضيق حاد ...
* * * * * * * * * * * * ***
تمضي الايام على عهدتها لا شئ جديد .. حتى
جاء اليوم الذي يذهب فيه اسلام الى صيدلية أدم .
كان الاستقبال مثل ماتوقعه اسلام بالظبط ، فنظرات أدم المشتعلة بالضيق ماتزال تسكن عيناه ، نظرات تخبره أن يخرج قبل أن يطعنه ، لكنه فقط يبقي تحت حصن عمه ناجى ، الذي يمنع ادم من التكلم ...
ولا يختلف شعورهم عن بعض ،فالقلوب عند بعضها ،تقرأ من هم احبابها واعدائها ، فغالبا مايشعر اسلام بالحقد أتجاه أدم فهو مايزال فى السنه الثالثه فى الجامعة* وقد تزوج ، وفتح له ابيه صيدلية طبية ضخمة... ويكفى ان والده ناجى يحبه ويحتضنه كلما يراه ...
دائما ماتأتى* لبني الى زوجها ادم* .. وطبيعتها فى أثارة غيرته لم تتوقف الى الان* .. فكان اسلام ضحيتهما ، مجرد علكة تمضغها لبني بدرسها يمينا ويسارا ..
حتى تشعل عين أدم ..
تضايق اسلام بشدة وهو يرى نفسله مجرد لعبه فى يديها ، وأن مابه يكفى ..* فأراد أن يجعلها تندم فذهب الى* مكتب أدم وهتف
_ قول لمراتك تبعد عنى كل لما تشوفنى تتلزق فيا ، وأنا مش طايقها أساسا
لم يعرف أسلام أن تلك الكلمه خرجت الى أدم لتطعنه فى شرف زوجته** ... فاقترب منه يمسكه من قميصه ولايفرق بينهم سوي النفس .. وينظر اليه .. يريد ان يحطم عظامه بالكامل ...
_ متضربني .. ياجبان ... اضرب ، بدل ماتروح تربي مراتك ...التيييت .....
رفع يده يوجه اليه لكمه بأقصي قوته ، ومن قوة دفعه ، سقط على الارض بعيدا على كرسيا تحطم* بمجرد وقعه عليه ... فانكسرت يداه ...
حدث اسلام نفسه ...
_ مش مهم ايدي تتكسر المهم اللى بينهم هما يتكسر .. ربنا ينتقم منك يالبني أنت وامك نجوة الحرباية وابوك* مش مكفيكم انكم السبب فى اللى حصل لامى ... وكمان عاوزة تكشحيني من الشغل ....أنا بقي اللى هوريك مين هيمشي ...
* * * * * * * * * ** ****
كلما يراه أدم ينتفض قلبه بالسم الغاضب ، يريد أن يبرحه ضربا حتى يكسر عظامه ، لكن والده يقف فى كل شئ ، لا يصدق أن أباه يقف فى صفه الى تلك الدرجة ... حتى أنه يريد أن يجعله يكمل دراسته ، ويجعله يمسك بعض مشاريعه ...
وقف أمامه يراقبه بضيق وهو يأخذ اموال الحساب* ، حتى لمح صديقه رامي يأتى اليه فى الصيدلية* ليشترى منه ... وبعد أن تكلموا كثيرا .
نظر رامي بدهشة الى اسلام فهتف به ..
_ أنت يا تيييت ... مش عارف أوصلك ... تبقي أنت هنا .... ليه يا أدم مقولتليش ...
كز ادم على أسنانه عندما تقابلت عيناه مع اسلام الذي ينظر اليه باستحقار ...
لكن رامي سحب اسلام* الى الخارج.. وقال
_ أنت تيييت ياض .. كل الفترة دي متكلمنيش ... وأنا قاعد أدور عليك ....
_ يعن أنت مش عارف اللى أنا فيه ...
_ مامتك أخبارها ايه صحيح ..
_ لسة فى غيبوبة ..
_ ربنا يشفيها .. معليش ياحبيبي ... بكرة تبقي تمام ... شد حيلك أنت بس ... عشان لو شافتك بمنظرك دا هتتعب أكتر .
أنتبه أسلام الى كلمه حبيبي ..، فنظر اليه طويلا ... وصاد الصمت لحظات ...
فأردف رامي ...
_ بكره هاجى أفوت عليك ... عندى ليك مفاجأة .
_ مش هعرف ...
_ يييه عليك .. اسمع الكلام ...
قالها رامي وهو يهم بالانصراف الى سيارته ، وبقي اسلام ينظر اليه وهو يمشي من أمامه ويطلق بوق السيارة بطريقة مضحكه ، حتى أبتسم* اسلام له* ...فقابله أدم بضحكة من السيارة
جعلت قلبه يرتاح لدقائق ...* حتى رأى يد فتاة* تخرج من الشباك الاخر فانقلبت الابتسامه الى عبوس ..
* * * * * * * * * ** ****
فى اليوم التالى
ذهب اسلام مع رامي الى منزله بعد ألح عليه ، فكان يخشي من وجود سيف هناك، ولكن استسلم بإلحاح رامي ، ولأن فضوله ينهكه بالتفكير، أراد أن يعرف بأمر الفتاة التى كانت معه البارحة ...
دهش اسلام وهو ينظر الى هذا القصر الكبير ، ينظر يمينا ويسارا وأعلا وأسفل .. ويد رامي تسحبه الى غرفته ...
_ شوفوا مين هنا ....يااااه وحشتيني يااسلام .. قالها سيف وعلى وجهه ابتسامه ساخرة ...
تصلب اسلام كالرمح وهو يسمع هذا الصوت الممزوج بصوت الافعى .. الذي يخشاه،* فالتفت له وهو يزدرد ريقه بصعوبة ...
فقال رامي بسخرية .
_ مش وقتك ياسيف ، روح كمل لعب مع البنات بتوعك دلوقتى .
_ لا بنات ايه دلوقتى ...* وإسلام موجود* ...
نظراته الخبيثة وعيناه التى تشع بالحقد ، تشعره أنه يعرف بأمره ..، بسره الذي يخفيه عن العالم . ...
_ رامي أنت جيبني هنا اتهزق . قالها اسلام بتماسك .
_ سيبك منه ياعم ...تعالا* ....قالها رامي وهو يمسك بيد اسلام يدخله غرفته ويغلق الباب، فقد تضايق رامي من أخيه سيف وتصرفاته المحرجه .
نظر اسلام الى الغرفة بعجب* فيوجد بها الكثير .. من الامور التى يتمناه الجميع ..
شاشه عرض كبيرة موضوعة على حائط الغرفة ، العاب الفديو فى كل مكان ..
قام رامي بفتح الشاشة الكبيرة ، وقام بتوصيل لعبه به FIFA تحت عينان اسلام المندهشه بعجب كبير ...
_ ايه دا FIFA 2019 جبتها ازاى أنا سامع أن صعب تبقي مع اى حد ...
_ مفيس صعب يلا، مع رامي الامام ..
ضحك اسلام بسخريه وقال
_ هختار برشلونه .. وانت الريال ..
_ لا ياحبيبي انت الريال ..
_ خلاص مش لاعب .
_ياساتر* عليك .. خلاص ياعم انت برشلونه
_اوبا .. دا3D ... طول عمرك محظوظ ..
_شغل الأر دا مبحبوش ..
استمر اللعب بينهم ثلاث ساعات كامله ، وتنتهى اللعبه دائما* بفوز اسلام ... حتى تضايق رامي منه ، وقام بلكمه فى صدره ..
فانقلبت قسمات اسلام الى الضيق، واحمر وجهه .. وقام من مجلسه والقى درع اللعبه على الارض .. وذهب الى الباب .. ليمشي ..
تابعه رامي .. وعلى وجهه السخرية ..
_* أنت قموصة يلا ، خلاص ياعم ... أنا اسف ...
قالها رامي وهو يمنع اسلام من الخروج من الغرفة ... ويمسكه بقوة من كامل جسده* ...
أراد أسلام أن يخرج بسرعه حتى لا يري دموعه التى تعافر على الخروج ...
_* عشان خاطرى خلاص يااعم بقي ... . حقك عليا ..
فدفعه اسلام لكى يبتعد عنه .. وجلس وهو يكتم شهقاته ...التى* ترجمها رامي على أنه بسبب ظروفه الصعبة .. وندم على فعلته .. التى لم يكن يقصد منها سوي المرح .. كما يفعل ذلك مع باقى* أصدقائه .
_ رامي..... مين البنت اللى كانت معاك فى العربية امبارح ...
فى تلك اللحظه دخل أحد العاملين بالقصر ، يخبر رامي
_ يا رامى بيه ، أصحابك موجدين تحت فى الحديقه ...
_ ماشي ياعم حسين ، قولهم جاي اهو .
_ هتعرف كل حاجه ... لما ننزل ..
_ أصحابك مين ... أنا مش عاوز أشوف حد ..
_ يابني متقلقش .. عشان اقولك على المفاجأة .
ولأن اسلام يريد أشباع فضوله ، وافق على أن ينزل مع* رامي ... فى الحديقه ...
* * * * * * * * * * ****
هبت نسمات الرياح على أشجار الصفصاف تتراقص مع زهور الحديقه الملونة* ،تحت ضوء القمر يتناغم مع أصوات ضحكات الشباب وهمسهم* وهم يجلسون فى مقاعد ذهبية* اللون وسط أشجار حديقه القصر .
_ هو لسة رامي مصاحب اسلام* ، محدش قالى ليه يارجالة ان* الواد دا جاى .. هتف بها أدم وعلى وجهه الغضب ..وهو يقوم من مجلسه ..
فقال أحدهم
_ أعد ياعم ملناش دعوة* ، وبعدين أنته حاطه فى دماخك ليه ...أعد أعد ..
فأردف شابا أخر
_ شوف حتى لما شافك هو كمان* مرداش يدخل ولف الجهه التانية ..
وأنا كمان مبقبلوش تحسه غريب كدا ،وحركات وشه مش عجباني ..
قال الاخر
_ فاكرين يارجاله لما كنا فى الثانوى* ومسكنا فيه وسيف ضربه ، وقعد يعيط ، كنت حاسس ان بنت اللى بتعيط ...* حتى حركات عنيه* وهو بيتكلم* بتخل* جسمي يقشعر .
_ بنت ايه ياعم ، فى بنت طولها 180 ، دا شكل واحد أستغفر الله حركات عيال تيييت مدلعة مشفوش قطم ظهر الرجاله .
تعالات ضحكات الشباب الا أدم الذي كان يريد أن ينقض عليه ويذيقه من الضرب مايكفى لإخماد ناره .
_ماتيجي يابني ... قالها رامي وهو ينظر لاسلام برجاء
_ لا مش عاوز أعد مع الاشكال دى ..، أنت نسيت عملوا فيا ايه ..أخر مرة ...
_ دا أدم معاهم .. ابن عمك ...
_ دا أكتر واحد تيييت فيهم ...
_ طب خلاص خمس دقايق بس ... عشان بس اقول اللى عندى وهنمشي على طول ..
تنهد أسلام ، فرامي كثير الحاح عليه ، ولن يتوقف حتى ينفذ مابعقله ... وطريقته تزيد فضول اسلام أكثر ...
فدخل عليهم وهو ينظر الى كل شخص منهم باستحقار ..
فقال رامي معلنا أمامهم ..
_ يارجاله ..أنا عندى ليكم مفاجأة ...
لم يشعر أحد بدهشة ، الا عينان اسلام التى كانت مشتعله بالفضول ، وأذناه التى تترقب كل حرف يخرج..
_ طبعا أنتوا عرفين ، أن إمام بيه ممول نادى مركز البلد ...* وزى ماانتوا شايفين ..أنا بحب الكرة قد أيه ...قررت أنى اكون مسؤل عن النادى .. وهو أعطانى الموافقة ...
... وطبعا أنا هرجع ألعب تاني ... وملقتش أحسن منكم تمثلوا فريق النادي ..
_ طب واللاعبين اللى فيه ..هتف بها أحدهم ..
_ هيفضلوا موجدين بس أحنا الاساس ...
هااه مين معايا ... إسلام ..؟
وافق الجميع على الدخول الا اثنان .. أحدهما يبدو عليه التررد والاخر غامض ..
هتف أدم ..
_ أنا دلوقتى متجوز وبشتغل ، ومش فاضي ، خرجونى منها ...
اردف رامي .. وهو يرى أسلام متردد ...
_ أنت كدا كدا .. معانا على فكرة ..
... تمام يارجاله ... معادنا بكرة ... الساعه 10
هتف أحدهم ..
_ هى دى المفاجأة ؟؟؟...، دا أنا قولت .. أن فى أحتفاليه جديدة ...
_ ما انت ناصح اهو* يابرنس ...قالها رامي ويبدو علية السعاده
انتبه أسلام وقد نبض قلبه بجنون ... وهو ينظر الى رامي وعيناه جاحظة ..
_ انا هتجوز ... هتف بها رامي .. أمامهم ... وعيناه تتابع أسلام الذي كانت ألوان الدنيا يختفى بريقها من عيناه بل تلاشت .. وبقي غمامة تمطر بغزارة عليه بمفرده .
...يتبع ...

سارة منصور دوار الشمس 17-01-22 11:14 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل السابع
زاد خفقان قلبه بجنون ، وعادت أطراف الحزن الى اوصاله ، وهو يستمع الى ماكان يخشاه .
الشئ الذي يقتله أكثر هو هذا الشعور القاتم الذي يخدش قلبه بأنيابه . أهو بسبب ان صديقه الوحيد سيبتعد عنه هو الاخر . أم لأنه سيذهب لإمرأة ..؟
وقف من فوره ومشي بخطوات مسرعة ، يهرب من الجميع ،* الذين يتابعونه بغرابة ، تمنى لو يهرب من نفسه ، التى لا تعرف ماذا تريد ..، بل لاتعرف من هى، وما هى حقيقتها* ..!
وصل الى مبني المشفي الضخم ، نظر اليه طويلا حتى مرت الدقائق ، والدموع أصبحت تعرف طريقها الى عيناه بسهولة .
حدث نفسه ..
_ أنت زعلان ليه يااسلام ؟؟
.... ماكله هيعيش حياته وهيتجوز ادم ،لبني ، رامى ، وكمان زمايلك كلهم ، أنت اللى هتفضل كدا ... وحيد .. وأمك ..!!!
عندما جاء بخاطره والدته دخل مسرعا الى المبنى ، يقف أمام غرفة والدته الخاصة بالعناية المركزة . يراقبها من الحائط الزجاجى ..
_ ماما ..، لو خسرت كل حاجه فى الدنيا دى ، مش هيهمنى ، انا محتاجلك أنت . خليك معايا .
.. انا لوحدى .. من غيرك ...نفسي تخديني فى حضنك .. ماما ..
فى تلك اللحظة ظهر صوت صفير من جهاز ضربات القلب . فجاء صوت رنين بكامل المشفي ، فأجتمع الاطباء والممرضين بسرعة . امام عيناه ... فانتفض يدخل ورائهم الى الغرفة ، وينظر الى والدته ، الكل يتحرك ، الكل يصيح ، لم يسمع هتفاتهم، فقط* ينظر الى تلك العينان التى تتابعه وتبتسم ...وتمتم .. بحروف ..وصلت الى عروق قلبه قبل أذناه ..*
_ زهرة الياسمين ...............
توقف كل شئ و صاد الصمت وأنعدمت رؤياه عن الجميع ، فقط يرى والدته تبتسم بوجها المضئ كالبدر* وتنظر اليه ... وهذا الهواء البارد الذي يعصف و يحيط جسده وقلبه ..
الجميع يربط علي كتفيه ، وهو واقفا كالرمح لايتحرك ،عيناه تذرف الدموع ولا تتوقف وتنقله الى ذكريات الماضي . وصوتها يردد فى أذناه.
( أنت عارفة ياياسمين ، انت أحلا حاجه فى حياتي ، أنت عاملة زى النجمة اللى جتلى من السما ، برغم أن باباكى وحش فى حقي* ، بس بستحمله عشان جابك ليا .. )
( أنت طالعه حلوة لجدتك الكبيرة ، كانت تمشي فى الشارع الناس كلها تقف عشان تبصلها ، ويااه لما تتكلم .. حنان الدنيا كله بيبقي على لسانها .. )
( هفضل طول عمرى معاكى ، ومش هسيبك أبدا ، حتى لو أتجوزتى ، هاجى عشان أنيمك فى حضني، هتفضلى طول عمرك مهما تكبرى بنتى الصغيرة* )
صرخة صامته ، صدرت من قلبه ،وهو يراها* لاتتحرك ...
وما أن أقترب منها الطبيب يغلق عيناها التى جف منها بريق الحياة* ، صرخ به ودفعه بعيدا* .. واقترب منها واحتضنها بقوة ويقول
_ ماما ..، ردى عليا ...، يلا عشان نمشي ، أنا بردان ... دفيني ياماما ..
...ردى عليا ...أنت قولتى انك مش هتسبيني ...
لم يتوقف عن الصراخ ، وهو يهز جسدها بقوة ..
طلب الطبيب رجال الامن لكى يأخذوه بعيدا .
... لكنه قاومهم بقوة وأقبل بتحطيم* كل شئ امامه ...وهو لايتوقف عن الصياح ...حتى سقط على الارض وفقد وعيه ...
* * * * * * * * * * * ****
استيقظ من نومه وهو يتذكر والدته ليري انه فى شقتهم* ، فقام من فوره يبحث عنها فى البيت ، حتى وجدها تقف وهى توليه ظهرها ، فانتفض مسرعا اليها يعانقها بقوة .. ويقول ..
_ ماما ، كنت خايف أوي عليك الحمد لله أنه حلم ... أوعى تسبيني ..ابدا ...
انزلت والدته يداه برقه والتفتت تنظر اليه بعيناها الطيبة التى تملك حنانا رطبا بهما .. وتقول وهى تبسط يدها الى وجنتيه تمسح دموعه* ..
_ياسمين ...، سمحيني يابنتي .. أنا وقتى خلص فى الدنيا دي* .
...أنا وجعنى قلبي عليك أوووى يابنتي ، وروحى هتفضل تعبانه ... عليك ، كان نفسي أموت بعد مااطمن عليك* ... سمحيني ...
_ لا ... لا .... ماما ...
تلاشت الام بعد أن عانقها اسلام ... وهو يصيح بألم بالأ تتركه ...
فجاه استيقظ وهو على فراش المشفي ، وعمه ناجى .. ينظر اليه بحزن ...
بدأت الشهقات والبكاء ... وسكن الحزن داخل عيناه* المنكسرة ..التى تفيض بالدموع المؤلمة ...
ربط عمه عليه .. وقد سقطت الدموع من عيناه الاخر...
_* شد حيلك يابني .. الاعمار بيد الله .... وانا معاك يااسلام أنت مش لوحدك.
* * * * * * * * * * *****
وتمضي الايام ،و لا تأخذ من الحزن قدرا لكى تجعل العينان تجف ، بل تمر وتترك من الالم ما يزيد من وجع القلوب ...
شهرا كاملا ،لا يأكل ولايشرب ، وان لم يأتى عمه لكى يطعمه بصعوبة لا يتناول الطعام أبدا ...
يدعو الله دائما أن يسحب روحه حتى يذهب الى والدته ، فهو لا يرغب فى العيش ، فالحياة تمزق قلبه وجسده بمرور الايام ..
دخل اليه عمه ناجى فى ذلك اليوم الذي ترك بصمة داخله ، يخبره أن والدته تركت وصية* مع جيرانها .. واخبرتهم أن تعطيها له أن حدث لها أى شئ ...
اخذ اسلام* الرساله بسرعه وقام بفتحها* ودموعه تبللها ، خرج عمه ناجي من الغرفة ...لكى يترك له مساحة كافية ..
وبدأ يقرأ كل حرف ...بعيناه واذناه تتذكر همسها وصوتها الحنون
( أبنتي الغالية ياسمين
.....زهرة الياسمين ....
طول عمرى كنت حاسة ، أنى هموت قبل ماأشوفك ياضي عيني وأنت مغيرة أسمك فى البطاقة ...
لو سبتك ومشيت ، أوعى تفتكرى أنك لوحدك ، لا يابنتي أنت معاك واحد مفيش أحن منه ، عمك ناجى ،من صغرك وهو يقول اسلام دا ابني ، ومرداش اننا ندخلك مدرسة عادية ، وقال انك تدخلى مدرسة نضيفة اللى ممول فيها* وكان هو اللى بيدفع كل قرش مع ان مصاريفها كتير بس كان على قلبه زي العسل .* ابوك يابنتى الله يسامحه كان مش عاوز يدخلك المدرسة ، بس هو صمم ، ولما موفقش أنك تدخى الكلية عمك ناجى وقف قصاده .. وقاطعه فترة ميكلموش ، يارتني قولته زمان ، كان هو اللى ساعدك . ووقف فى وش ابوكي
الماضي فات ومات ... والحاضر أنت اللى هترسميه .. وتخططي ..وأنا واثقه فيكِ
ياسمين ... انا عارفة انك* تايهه عن نفسك ولسة معرفتهاش ، وانا أمك وأعرفك أكتر من نفسك عشان كدا بقولك انك وأنت صغيرة وبتكبرى قدامى ، كنت بتأكد يوم عن يوم* أنك ياسمين مش اسلام . انسي كلام ابوكي اللى كان بيسمم عقلنا بيه ،كلامه كله كان كذب ...وسامحيه عشان ربنا يغفر له .
اوعى تزعلي مني يابنتي فى يوم من الايام ،انى سرقت منك حياتك ، انا كنت بعافر عشان ابنيلك حياة خاصة تليق بيك زي باقي البنات* بس ابوكي كان بيكسرها ...
و لو كنت بتحبيني يابنتى وعاوزة* ان روحى ترتاح* ، خل عمك ناجى يساعدك* وقوليله عن كل حاجه ، صدقيني هيساعدك وعمره ماهيتغير نظرته فيكي أبدا ، عشان أنا عرفاكى خايفة من نظرات الناس ليك ، بس اعرفى أنك ملكيش ذنب فى كل اللى حصلك دا قدر ومكتوب .
وأن كان ربنا خلقك كدا فمحدش كامل يابنتي ، كل واحد فينا فيه عيب ، وكل واحد بايده يصلحه ، أبوك* كان عيبه أنه بيخاف من* كلام الناس وتأذينا بسببه ، وضيع طفولتك فى كيان مش ليكِ ، كان ممكن يصلح عيبه ويسمع لينا ، بس كان أنانى ...
والعيب الجسدي سهل تصليحه* يابنتي ، أنما العيب اللى فى وحاشة وسواد القلب ، عمره مابيتغير ...
وأعرفى أن الانسان هو اللى بيختار مصار حياته* وهو اللى بيجبر اللى قدامه يعمل ليه شأن ..
عيشي طول عمرك رافعه رأسك لأنك مغلطيش* ، ودوسي على اللى يحاول يقلل منك ، صدقيني هيتكسر ولا عمره تانى هيقف قدامك ...
انا عارفة أنك بنت قوية ، وذكية .
أنت فيكي كل حاجه حلوة ياسمين ، انا طول عمرى فخورة بيكي قبل أى حاجه أنك بنتى .
..أنت الحاجه الحلوة اللى طلعت بيها من الدنيا دى .
وانا وصيتي ليك أنك تعيشي زي باقى البنات
تتجوزى ويبقي ليك زوج ، ويبقي عندك ولاد.. واعرفى أن دا حقك .. وانك مبتخديش حاجه من حد .
وفى الاخر هقولك
خليك فكرانى ، وفاكرة كلامى ... وفاكرة انى كنت بقولك دايما يا
زهرة الياسمين ... )
تلك الكلمات لمست وترا حساس للغاية ، مما زداته ألما ، وبكاءا على حاله ..أكثر ... فكيف لها ان تقول الا ينساها
وهو يقتله الاشتياق بسيفه القاطع ،وصوتها وضمتها الحانية ومايزال يتردد كالصدي داخله .
* * * * * * * * ** ****
أفترشت دائرة سوداء حول عيناه الزرقاء ، لم تؤثر فى جمالها الناعم بل زادت من سحر عيناه أكثر ..وان أمتلكت الكثير من الدموع والكلمات الحزينة ..
وبعض مضي أكثر من شهر أخر، لا يفارق غرفته ، عزم على الذهاب الى طبيب بعد تفكير طويل ، وقراءة رساله والدته أكثر من مرة ..
بحث على الانترنت على السيرة الذاتية لأشهر الاطباء ..يقلب هنا وهناك ... حتى أرتاح الى هذا الطبيب الذي يظهر على وجهه الوقار ..
ازدرد ريقه بصعوبة ، وقلبه يخفق بجنون ، وهو ينظر الى المبنى الخاص بالطبيب..
كل يوم يذهب ... ينظر اليه طويلا ومن ثم يعود الى غرفته ...
وبعد الحاح نفسه عليه بأن يذهب ، أنتظر فى دوره .. ساعتين كاملين من تعذيب النفس ... بأن يهرب ... وهو يرى تلك العائلات .. وينظر الى أطفالهم ..وبعض الشباب والبنات ... لا يعرف ماهى جنسيتهم ..
وما أن حان دوره فى الكشف... ذهب هاربا* الى البيت ...
وتكرر الامر مرتان ، حتى جائت اليه قوة ...
ودخل .. وجسده يرتعش... ولا يستطيع أن ينظر الى الطبيب .
_ أهلا ياأستاذ أسلام ...
_ أهلا ...
_ مالك خايف كدا ... متقلقش يابني ... أنا شايف أن مفيش حد من أهلك موجود معاك ...
رفع أسلام يده لكى يمسح تلك الدمعه التى هربت على وجنتيه ..
_ أنا عندى ولد فى نفس سنك مغلبني ..اقوله يمين يقولى شمال .. مبسمعش الكلام خالص .. حتى أقوله شمال على اساس يتظبط يقولى يمين ...
ابتسم اسلام وقد ارتاح الى الطبيب بعض الشي .. فهو يحاول جاهدا ان يزرع داخله الطمئنينة
فقال الطبيب بهدوء
_ بص ياحبيبي أنا هعتبرك ابني* ،* اتكلم برحتك خالص* ...
صاد الصمت بينهم للحظات ، وانتظر الطبيب اسلام يتحدث ...
رفع اسلام عيناه الى الطبيب ليراه هادئ وقورا جدا ... فاقبل يتحدث ... مع ارتعاشه شفتاه بتوتر ...
_ أنا عملت التحاليل دى عشان لوتشوف ..
_ ماأنت شاطر أهو يااسلام ...واضح أنك عملت بحث عن الموضوع قبل ماتيجي ..
مال اسلام رأسه بايجاب ... ونظر الطبيب الى التحاليل ... وهو يميل رأسه ... وطلب منه ان يجلس على فراش* الكشف .. تحت بعض الاجهزة ...
وبعد قضاء الوقت .... قال الطبيب ...
_ حالتك كانت ممكن أتعالجت من زمان أوى يااسلام ... بس مش هسألك ليه أتاخرت ... اكيد كان فية ظروف .
أبتلع اسلام ريقه بصعوبة ... وانتظر الطبيب أن يكمل كلامه ..
_ بصى ياأنسة أنت محتاجة عملية صغيرة ، تصحيح ... جسدي ..
دهش اسلام من تصريح الطبيب ، وتحدثه معه على انه أنثي .
لا يعلم لما هذا الشعور المريح وصل الى عروقه ينبض داخله بالحماس ...* فأردف الطبيب
_ أنتِ أزاى مكنتيش عارفه أنك أنسة ، مع أن فيه دلائل كتير ...المهم ....هتيجي أمتى تعملى العملية ....
* * * * * * * * * * ** ****
وقف أمام المرآة ينظر الى نفسه طويلا وطرح شعره الى الوراء
وهو يحدث نفسه
_ كنت صح ياماما ...كنت حاسة بيا ياحبيبتي ... ربنا يرحمك يارب ....
قالها اسلام* وهو يبكي* ثم زفر بقوة* واخذت شهيقا واردف بثقه
_ انا ميهمنيش نفسي ،انا هعمل كل دا عشانك ياماما ، عشان ترتاحي فى قبرك .
وبعد مرور اسبوعا كاملا ، حاول أسلام أن يخبر عمه ، لكن فى كل مرة يفشل ،وكلما يراه يحاول أن يجلس معه يأتى أدم ولا يجعله بمفرده أبدا .
حتى ذهب اليه أدم فى غرفته ... واغلقها باحكام
و اقبل يصيح به ..
_لو اللى فى دماخى دا حقيقي ،انسي انك تاخد من ابويا ولا مليم مش مكفيك الاكل اللى بتاكله ، والفلوس اللى كان بيرميها لابوك وامك .
اقترب منه ادم يريد ان يقتله ،ولكن لم هذا الشعور يعود اليه ثانياً...
شعر اسلام بالخوف منه ،ومن تصرف ادم، حاول ان يدفعه بقوة لكنه اقترب منه اكثر يطوق رقبته حتى سعل اسلام بشدة* ،ومرت ثوانى* ثم ابتعد* عنه فجأة .... بعد ان ألقاه على الارض ...
* * * * * * * * * ****
عيناه تمر على كامل جسده ، وملابسه ..
وقد عزم على الذهاب الى .. من جاء بخاطره ...
فى تلك اللحظة ، طرق الباب ، يعلن العامل فى المنزل** أن أحد يريد أن يقابله* ...
فذهب الى غرفة الجلوس ليري من كان يفكر فيه ..
_ بقالى كتير بدور عليك لولا أدم قال....
أنتبه رامي الى اسلام الذي كان يطرح شعره الى الخلف ، فدهش من مظهره ... فأردف ..
_ ايه دا حلقت شنب المراهقين بتاعك ...هاهاها ....
لم يبدي اسلام اى ردة فعل ، فشعر رامي بالاحراج فأردف*
... البقاء لله ياصحبي .. زعلت جدا والله وكان نفسي أبقي معاك ... روحت الشقه بتاعتك قالولى أنك بعتها ...
_ رامى ...خلاص أسكت .
...أنا .. أنا محتاج ...محتاج
_ هاااه فلوس ...؟
دهش اسلام من رامي ..* فرد عليه باحراج
_ أاه
_ كم ..؟؟
_ 500 الف ..
_ اييييه ...500 الف ... ليييه ...أنا قولت أخرك 10 الاف ...
_ مش بتقول فى عقد تبع الفريق .. أكيد فيه فلوس ..
_ أيوة بس مش لدرجة دى ...
_ خلاص* هاتلى الفلوس والزياده ..، هرجعهم ليك .. بعدين ..
لمح اسلام تردد رامي فاردف
_ أنت غنى ومعاكم فلوس كتير ..، وأنا قولتلك هرجعهم ..
_ يابني انا هتجوز ، اهو ... ومش هعرف اعطيك ..حاجه وبعدين ماعمك ناجي معاه فلوس كتير .
عض اسلام على شفتيه بضيق ..وقال
_ خلاص مش عاوز منك حاجه ...
حاتلى فلوس النادي ..هما كام* اصلا..
_ 30 الف ..
_ على كم سنه
_ سنتين ..
صاد الصمت بيهم ... لحظات فأردف رامي
على فكرة أنا فرحي بعد اسبوع ، خد الدعوة ...* ومتنساش تيجي .
خرج اسلام من شروده وبسط يده اليه* وأخذها منه وعلى وجهه الضيق ..
فاردف رامي* بعد ان ذهب الى الباب ليمشي
_ بس هفكر برضه ..وارد عليك ..
_ لا ياعم مش عاوز خلاص ..
_ هنتعازم على بعض ..ولا ايه
_ ماشي تمتم بها اسلام* وقد تضايق أكثر* فكان يعتقد ان رامي سيعطي له المال بسهولة ... وشعر بتغير فى شكله وملابسه .. علم ان تلك الفتاة زوجته المستقبلية قامت بتغيره بالفعل . فزفر بقوة وقام بإغلاق الباب فى وجهه رامي .
وبعد اسبوعين كاملين من التفكير وكيف له ان يحصل على المال. جاء اتصال من رامي مباغتةً ، أخبره أنه يوافق ، لكن عليه أولا* أن يمضي على وصل أمانه بينهم ..
تحمس اسلام وبالفعل أخذ منه المبلغ ... وقام بامضاء العقد .
_الفرح بكرة هتيجي .. قالها رامي وهو يعطي اسلام حقيبة ظهر المليئة بالمال ..الذي اتفقا عليه
_طبعا ...
* * * * * * * * * * * * * ** ****
(العيادة النفسية لتأهيل المرضي النفسيين )
_ بحس باحساس غريب لما اشوفه قدامى* ، بيخليني افكر بتفكير مش من طبيعتي ، ودا بيتعبني اكتر .
انا بحب مراتى وبحب انى اكون جنبها ، لكن الولد دا .... انا كنت بكره. ... دلوقتى...* بقيت معرفش مالى ...
ياريت تساعدني يادكتور .
كان الطبيب ينظر الى صورة هذا الشاب ... فى الهاتف* ويستمع الى كلام الرجل* فتنهد وهو يقول
_هو فيه شبه من البنات فعلا* ودا يأكدلى ان حضرتك سليم ،* ممكن تكون انتبهت ليه عشان فيه من الجمال والبراءة اللى فى الاناث ، بس دا مايمنعش انه ولد ،ودا خطر عليك تكون معاه فى نفس المكان ...
* * * * * * * * * * * ** ***
_ جاهزة... قالها الطبيب وهو يربط على كتفيها وهى نائمة على فراش الجراحة ، ومن حولها ثلاث ممرضات يعطينها حقنة بنج* ...
.....يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 19-01-22 01:48 AM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
اتمني يكون فى تفاعل

سارة منصور دوار الشمس 19-01-22 01:49 AM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الثامن
اغمضت العينان الزرقاء الناعمة ، تحت تأثير البنج الطبي ، لياخذها الى بحيرة الذكريات الخاصة بعالمها الصغير الذي تأسس بخيوط الوجع منذ الصغر حتى سنوات الشباب .
يعيد ترميم هيكله الهش الضعيف ، بهيكل اعطتها لها الايام البائسة ، بعروق الدموع ، تسدل لها درعا حديدي لعيناها التى لن تنظر للأسفل بعد الان .
مر أسبوعا كاملا* بعد نجاح عملية التصحيح الجسدي وإزالة الاعضاء الذائدة .
نائمة على ظهرها تتألم قليلا ، لكن عقلها يفكر ولايتوقف أبدا .
قلبها ينبض بالحماس ، لكن ، كيف ستواجهه عمها ناجى والجميع** .
ماذا سيحدث ؟ هل سيفرحون لأجلها ، أم يطعنونها بنظرات تخشاها الى* حد الموت .
الشئ الوحيد الذي يجعلها تتنفس الصعداء براحة ، هو كلام والدتها . التى تزورها كثيرا فى الاحلام .
دخل الطبيب عليها بابتسامة ، وهو يقول .
_ ها أخبار الأنسة ياسمين ايه ..
_ قولت لحضرتك يادكتور (زهرة الياسمين )
_ ماشي ياستي ، ها ،جيبلك معايا مفاجاة ،
* التصريح من الازهر أهو ، زى ماوعدتك بالضبط .
_ شكرا يادكتور ..
_ العفو ، يابنتي ، بصي ياسمين أنا عجبني الثقة دى أتمنى ألقيها مرسومة على وشك على طول .
..... وأضاف الطبيب كلمته وهو يقوم بالاطمئنان على جسدها بعد أن دخلت الى عمليات التجميل.
_ لو فى يوم حسيتي بالضغط و حبيتي تفضفضي مع حد* ، فأنا أرشحلك الدكتور لبيب ..
وانا بشجعك أنك تروحى فى البداية تجنبا لاى ضغط* .
قالها وهو يعطيها الكرت الخاص بعنوان هذا الطبيب النفسي* .
ترددت ياسمين قليلا وأقبلت تنظر اليه طويلا ، ثم بسطت يدها اليه تأخذ العنوان . وتقول
_ حاضر.
قام الطبيب يربط على كتفيها ، مشجعا إياها، فهو يشعر بالشفقة بعد أن وجد شهادة الوفاة الخاصة بوالدها ووالدتها معها .
فأسرع بأن يحصل على تصريح خاص من الازهر الشريف لها بتقديم حالتها لهم والحصول على الختم المثبت* .
_ ها ... ساكته ليه ، أحنا بقينا تمام أوى أهو ، بس ناقص حاجه واحدة .
شعرت ياسمين بالخوف ، ورفعت رأسها تنظر الي الطبيب بعد أن كانت شاردة فى تصريح الازهر .
فأردف الطبيب ..
_ أنك تضحكي ...
فابتسمت ياسمين بألم ، وقالت وقد تجمعت الدموع فى عيناها .
_ حاضر .
يعلم الطبيب كمية الحزن الخاص بها ، وان كانت صامته الى ان عيناها بها الكثير والكثير من الكلمات .. التى تنذف وجعا .
_ قدامى قد أيه وأخرج ، يادكتور .
_ مستعجلة أوى على الخروج ، لسة قدامك بالضبط عشرين يوم وتخرجي بقي ومعدناش نشوفك تانى .
* * * * * * * * * ** ****
وتمضي الايام ولا تفارق المرآة ، تنظر الى غرتها التى نمت حتى غطت عيناها ،تبلل شعرها وتطرحه الى الوراء ، و* تخرج من الغرفة الخاصة بالعناية الصحية ، وتجلس فى الحديقة الصغيرة الخاصة بالمشفي* ، ينظر اليها الجميع .
لا تعلم كيف يروها ، تريد أن تسأل أحدهم ،وتخبره بما يرى فيها .
فما تزال لا تعرف من هى .
وجاء اليوم الموعود ، الذي أنتظرته كثيرا ، وبنفس الوقت ترجوا أن يتأخر قليلا ، فهى ليست مستعدة بعد .
أرتدت ملابسها التى أتت بها الى هنا ، لم تتغير كثيرا وان كانت معالم الانوثة ظهرت ، الا أن ملابسها الواسعة تدارى القليل .
طوال الطريق تنظر الى المارة ، والمارة ينظرون اليها .
شعور غريب احتل كيانها ، جعلها تضم يدها الى صدرها ، حتى تخفى نفسها عنهم .
نطق قلبها بكلمة (خائفة ) جعل جسدها بالكامل يرتعش لتنتفض مسرعة من أمام الناس* ، وأوقفت سيارة اجرة. وعيناها لا تتوقف عن سكب الدموع .
عقلها يحدثها بالهرب حتى تنجو ، فصاحت ببكاء ووضعت يدها على عيناها ، حتى لا ينظر اليها احد أو ترى احد منهم .
صدم السائق من فعلها وأوقف السيارة وقال .
_ مالك يا أنسة فيه حاجه ..أنت كويسة
تلك الكلمة مرت على أذناها ، فرفعت رأسها اليه تنظر بغرابة والدموع تغرق وجهها .
فصمتت قليلا، شفتاها فقط ترتعش ، لكن عيناها لم تتوقف عن التحدث .
(انت شيفني بنت ) ( أرجوك رد عليا* )
تحركت السيارة مرة أخرى ، وجفت دموعها عن وجهها وعندما لمحت محل تجاريا خاص بالملابس ، أخبرت السائق أن يقف .
ونزلت مسرعة اليه ، وقفت أمام الجزء الخاص بالرجال ، والجزء الخاص بالنساء .
تنظر اليهم بألم طويلا ، لاتزال .. لا تزال لا تعرف ، هذا الشعور يقتلها ..
دخلت الى المحل الخاص بالرجال بعد أستسلامها الذى ذبح فوئدها .
قامت بسحب الجواكت الجينز الواسعه ...
_ حضرتك بتدور على على حاجة معينه ، قالها هذا الشاب* البائع لتلتفت اليه بطولها ، وتقول
_ اااه دا ..
صدم الشاب عند رؤيتها ... فقال ..بتوتر
_ أحم احم .. اسف ، لو بتدورى مثلا على حاجه* .
ثم صمت قليلا وعيناه تبحث فى يدها على خاتم* فلم يرى .
فاردف ..
_ لحبيبك ... ممكن تشوفى الجزء دا ، فيه* استيلات تجنن ..
اتسعت حدقة عيناها وهى تراه يتحدث معها كفتاة* .
فلمح الشاب فى عيناها دموع .. فقال ..
_ حد يبقي معاه القمر دا ويزعله .
.... وأردف متمتم
... عيل مابيقدرش النعمة ....
أحم أحم ..
كانت ياسمين تنظر اليه بغرابة ، وفجأة* أبتسمت ، واطلقت ضحكة ... عفوية ، لا تعرف كيف خرجت منها ... فقال الشاب بعد أن رأى ضحكتها ..
_ هيييح أنت أزاى حلوة كدا .. ، لا بجد كدا كتير .
_ أنت .....فعلا ، شايفني ...بنت .
دهش الشاب من طريقه كلامها ، لكن لم يلتفت الى ذلك وحاول ان يغازلها قليلا ..
_ وست البنات كمان ..
كان الشاب ينظر اليها باعجاب ، وعندما قالت هذه الكلمة ، لم يعرف أن من أمامه أنتظرت تلك الكلمة شهرا كاملا ، بل عمرا ، وعندما مرت الكلمة على أذناها ، تسبب فى بركان فى مشاعرها المعقودة ، التى تنفجر بعدة احاسيس (( خوف ، رهبة ، سعادة )
ابتسمت له أكثر ، حتى تساقطت الدموع من عيناها بغزارة ، ودخلت فى دوامة بكاء .. متواصل .
قال الشاب ..
_ أنت زعلتى بجد أنا أسف ، طب خدى الوردة دى ومتعيطيش ..
كيف لأنسان أن يبكي ويضحك فى نفس الوقت
وكيف لعين تبكي بدموع الفرحة ، والالم فى نفس الوقت ..* اهذا مايحدث معها الان ...!!!
_ انا كويسة .. قالتها وهى تمسح دموعها . وقد تحول وجهها الى الاحمر .
_ فراولة .. والله فراولة ..
قالها هذا الشاب وهو يعطي لها باقى المال بعد أن حاسبت على الملابس التى أخذتها .
وبعد أن صعدت الى السيارة ، كانت تنظر الى الوردة التى قدمها لها هذا الشاب البائع ، ولا تتوقف عن الضحك بصوت مرتفع ... طوال الطريق ،وعينها لم تتوقف عن سكب الدموع .
علم السائق أنها أمرأة مجنونة ، وقد عرفت من نظرته الخائفة منها .
وعقلها يحدثها، وما المانع من الجنون ، أن كان يقدم لها الضحك ، الذي لم يأتى اليها يوما .
* * * * * * * * * * * ** ****
وبعد عدة ساعات وصلت الى وجهتها فى بيت عمها .
أحان وقت المواجهة ?.؟
كلها تسأولات داخلها كالبرق والرعد فى قلبها.
أرتدت جاكت جينز واسعا ، ودخلت الى بيت عمها ناجى الضخم ، اخبرت البواب* وقام بفتح البوابة الخاص بها ، لاتعرف هذا البرود الذي أحتل كيانها ، ألم تكن تأكل فى شفتيها طوال شهر كامل عندما تفكر فى أخبار عمها ، أم أن كلام هذا الشاب أعطاها قوة .
وعندما دخلت وجدت عمها يقف أمامها ، ويشير اليها بأن تذهب وراءه .
_ أنت ازاى تعمل كدا يااسلام تمشي من البيت شهر كامل من غير ماتقولى ، ولا أنت عشان أمك وابوك ماتوا يبقي معندكش حد ، وتعمل اللى عوزه .طول ما أنت هنا تحترم راجل البيت . أنت هنا طفل ، وأنا ابوك ...
أنت فاهم .
لم يعرف العم أن بكلامه هذا قد جعلها تطمئن ، بأن هناك من كان ينتظرها .
لمح العم الدموع فى عينها فاقترب وربط على كتفها ، وقال
_ ياسلام ياحبيبي أنا خايف عليك ، وأنا بصراحه ، بضعف ، معرفش أنا فى جو العصبية وكدا ، فقولى ياحبيبي أنت كنت فين .
ابتسم اسلام وهو يرى لهجه عمه الشرسة تتحول الى حنان .
_* يا عمى .كنت بدور على نفسي الضايعة* من سنين .
_ ولقيتها ...؟
_ الحمد الله ، المشكله مش فى كدا ، المشكلة فى أن حضرتك هتتقبلها ، ولا لاء ..
_ بس يااسلام ياحبيبي أنا معاك فى مصلحتك أنت وبس .
فى تلك اللحظة ، دخل ادم ، لينظر اليه بغضب ، وهو يصيح فيه* بعد أن اقترب منه وأمسكه من لياقة معطفه الجينز .
_فين الفلوس اللى سرقتها ...
صاح العم ناجى فى ابنه وقال وهو يبعده عنها .
_ أنت لسة برضه ، قولتك اسلام مايسرقش ابدا ، اجرى شوف أنت ضيعتهم فين .
_ أنت دايما معاه وفى صفه ..هو حرامي ، وسرقهم .. لازم يمشي من البيت .
كانت تنظر اليه ، ولا تعلم بما يقول . ولما يهاجمها .. ولما فى ذلك الوقت بالتحديد ..
هل تهاجمها الحياة مرة أخرى ..
_ مسرقتش حاجه* بجد ياعمي ،أنا معرفش هو بيتكلم عن ايه .
فهتف أدم به
_ لا سرقتهم أومال هربت ليه .
_ مهربتش ... مهربتش .
صاح العم فى ولده
_ لو مطلعتش فى شقتك دلوقتى ، لا انت أبني ولا أعرفك .. يلا ... امشي .
وبعد أن تأكد العم من ذهاب أدم ، التفت اليها* وقال
....أهدى يااسلام ياحبيبي. .. أطلع ارتاح .. فى أوضتك ...
_ أنا محتاج أتكلم معاك .
_ وأنا ياحبيبي كمان .. بليل نتكلم ... ارتاح بس دلوقتى .
تنهدت وهى تقصد غرفتها ، وتفكر فى كلام أدم وتمتم
_ دى خطتك الجديدة يالبني ، أنت وامك.
.... هو أنا فيا حيل ليكم كمان .... صبرني يارب .
ومن ثم تسألت كيف لهذا الشاب والسائق أن يروا أنها فتاة ، ولم ينتبه عمها الى أى شئ .
فتنهدت أكثر .. ودخلت غرفتها ، وقامت بألقاء محتوياتها فوق الفراش .
* * * * * * * * * * ****
مر أسبوع كامل ، كلما تذهب الى عمها لتتحدث معه ، تجد نفسها تتحدث فى موضوع أخر ، وتبكي على جُبنها .
الشئ الذي تخشاه هو خسارة عمها .
تخشي ان يكون أعتقاده مثل والدها ، ويقف ضدها بأنها اختارت أن تكون أنثي .
هى لا تريد خسارته ، فقد أعتادت على حنانه ، والتحدث معها فى الليل ، لن تتحمل أبدا أن تخسره .
_ يارب أنا مش عارفه أعمل أيه ، ساعدني .
قالتها وهى تشعر بالالم ، وترتدي ملابسها لكى تغادر فلا تستطيع أن تبقي محبوسة فى البيت أكثر من ذلك .
أختارت أن تذهب لرامي* ، فلا تعرف غيره .
فتذكرت أنه قد تزوج ، فزفرت بشدة ، وقالت بضيق
_ يعني كان لازم يارامي تتجوز دلوقتى ؟؟ أفف .
ياترى مين* اللى وقعت فيه* أكيد حظها وحش ، مع بتاع البنات دا .
تلاشي ضوء الشمس من السماء ، ليأخذ القمر مهمته* بضوءه الهادي ..
خطت على الطريق تحت ضوء القمر ، وتنظر الى القصور فى الحى الخاص بالاثرياء .
_ ايه الرصيف النضيف دا ، مفيش ولا طوبة أحط غيلى فيها ...
تمتمت بها ياسمين* لترى حجر صغير ، فأسرعت اليه وقامت بركله عاليا بقوة ... ليطير الى وجهه هذا الشاب . الذي يتابعها على بعد خطوتان .
أطلق صيحة مؤلمة ، حتى جرى الرعب داخلها ، واستعدت للهروب ، لكن ...
_ سيف ...؟
_ ياتيييييييت* ، أنت قاصدها ... والله ماهسيبك ...
_ مكنتش أقصد .. والله ... قالتها وهى تهرب بسرعه .
فتذكرت أيام الثانوي ، عندما قام بضربها أمام زملاءه وجعلها تبكي .. فتوقفت فجأة ..
وهى تنظر اليه بغضب . حتى أستمر طولا .. وهو فقط ينظر اليه والى شجاعته التى لايرى بها الخوف مثل كل مرة يقابله ، شعر أن به شئ مختلف .. هذه المرة ..
_ ايه الشجاعة دى يلا .. واقف قدامى ومش خايف....
قالها سيف وهو يضع يده على عيناه التى تورمت من الحجر ...
وفجأة ... أرتفعت قدمها لتركل مؤخرته بقوة ، ليصرخ .. ويهتف بالوعيد ... له ... وهو يسقط على ركبته يأن من الالم ، حتى* افترش على الارض* .
_أول خطوة فى حياتي أعملها صح وراضية عنها .
قالتها ياسمين وهى تهرول الى داخل القصر ..
وبعد أن أنتظرت رامي الذي أتى لها مسرعا .. وهو يقول
_ أنت عيل ... تييتتت .. مجيتش الفرح .. يا ....تيييت
_ هبقي احكيلك ، بس تعالى دلوقتى عشان سيف ...
فقال رامي مقاطعا ..
_ لا تعال ما اعرفك على مراتي ..
_ هممم ، خليها مرة تانية ..
قام رامي بسحبه بقوة الى داخل غرفة الجلوس ، وذهب الى زوجته ..
وبعد مرور دقائق .. كانت ياسمين تنتظر وقدماها تنتفض من التوتر ... خوفا من عودة سيف ...
_ اسلام .. هتف بها رامي وهو ينزل من السلم الكبير ويمسك بيد زوجته ..
التفت اسلام وهو جالسا فى غرفه الجلوس ينظر اليهم ، فبقي ينظر طويلا صامتا ، شئ ما غاص داخل قلبه بمرارة ، ألمته أكثر وهو يراهما ثنائى جميل . مثل أبطال المسلسلات .
ابتلعت ريقها بصعوبة وهى تنظر اليها عن قرب ، فهى تمتلك من الجمال ماعلا وزاد .
تشبه الاميرات ... فابتسمت لها ياسمين ، وقلبها ينذف وجعا .. ولا تعرف لما .
لكن ،لم تحب زوجته .. أبدا .
وبعد أن سلم كل منهما على الاخر .
وصعدت الزوجة الى غرفتها الزوجية ...
وبقت ياسمين مع رامي ... فى غرفه الجلوس ، وتتذكر أنها كانت تدخل غرفته وتلعب معه العاب الفديو ، والان مكانها فى غرفه الجلوس .
_ قاعد ساكت ليه .
_ عادي
_ شوفت مراتى حلوة أزاى ..تعرف أنت تجيب واحده زيها .
انتبهت اليه رافعه رأسها بعد ان كانت تنظر الى الجانب الاخر وهو يقول هذه الكلمه ، فتسرب الالم داخل عروقها حتى نزلت دمعة من عيناها ، فحاولت مسحها بسرعه قبل أن يراها .
أخبرها قلبها عن بعض الاشياء ، التى أرادت أن تكذبها.
بل لم تسطع البوح بها .
لكن الان لما باح بمكنونه ، فلن يكون امامها سوي طريق يفتح جرحا جديد .
وهل بقي مكان لم يجرح به ..
تنهدت وهى تستمع الى كلامه عن طيبه زوجته ، وسماحتها . وأنه لم يجد أبدا مثلها .
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وهى تحاول كتم دموعها الحزينة.
وبعد عدة دقائق
طلب رامي أن يذهبو الى الخارج ، لكى يخرجوا ، فقد أخبره أنه لم يخرج من المنزل منذ شهر كامل من غرفته حتى يبقي مع زوجته الحبيبة .
كزت على أسنانها وهى تراه يتحدث بتلك الطريقه ، وفى النهايه وافقت .
وذهبو الى مكان يعم بالشباب والبنات الخاص بالاثرياء .
شعر رامي أن الجميع ينظر اليه بغرابه ،حتى ظهر له انهم* ينظرون الى اسلام ، فقد كان اسلام يضم يده الى صدره ، ويظهر عليه التوتر ...
_ ايه يابني انت عامل كدا ليه ماتفك ايدك ..
وأعد كويس ...
_ رامي أنت مش شايف فيا حاجه اتغيرت .
_ طولت شوية* ياعني .... خلاص ياعم أنت هتزلنى ، عشان أطول منى بثلاثه سنتي .
_ أنت تافه أوووى ، لا أقصد حاجه تانيه ..
_ ممممم ، طلعلك بنچات شوية... بتشيل كام .
أنا بشيل ... 50 .. قالها رامي وهو يقوم بعرض بعضلات صدره يحركها يمينا ويسارا ..
شعرت ياسمين بالحرج فضمت يدها الى صدرها بسرعه .. وتنحنحت وهى تقول بتوتر ...
_ اللى يشوف الثقه وانت بتتكلم يقول ظ¥ظ*ظ*
شعر رامي بشعور غريب وهو يتابع اسلام* يضحك بتلك الطريقه ...
فلمحت ياسمين* انه ينظر اليها* .. فبقت تنظر اليه الاخرى ... حتى رأت عيناه تجرى على شئ أخر ...*
فالتفت تنظر الى الذي ينظر اليه بشرود
لتجد فتيات ...!!!
صدمت وهى تراه يهتف لهم ...
_ اقسم بالله عسل ، اية الحلاوة دي ....* قالها رامي بعد ان مرت الفتيات بجانبه ، وهن ينظر اليه باعجاب .
فأردف لاسلام
_ هاااح ، ايه يابني الحريم دا ...
جحظت عيناها بصدمة وهى تراه ينظر الي الفتيات ، ويقوم بالصفير لهم ... فتناقض تصرفاته فى عقلها ..فانقلب وجهها الى العبوس* أيخبرها أنه يحب زوجته ثم يقوم بمعاكسه الفتيات ... لم تشعر بيدها وهى تقوم بصفعه على رقبته بقوة ...
حتى صدم رامي من فعلتها .. فصاح
_ اسلام ياتييييت ...
* * * * * * * * * * * * ****
كان الضيق ينهش داخله بالغضب ، يعلم أنه سرق أمواله ، التى كان يخفيها فى غرفته ، ولايعلم أحد عنها سوي زوجته ..
ولا يوجد أحد فى البيت سواه ، هل سرقها لانه قام بتعنيفه لكى لا يأخد مال من والده ...
كل تلك الاسئله تحوط عقله* ، ولا تجعله يهدأ حتى ينتقم منه ، وايضا لكى يختفى هذا الشعور ايضا الذي يعذبه ..
فدخل الى غرفه اسلام ، يبحث فيها عن المال ، فلا بد من وجوده ، وبعد أن قام بتفتيش كل شئ .
نظر* تحت الفراش ... فانحنى جالسا على ركبتيه ،* ليري حقيبة سوداء كبيرة ،فقام* بفتحها ، ليجد الكثير من المال داخلها ... وأوراق تحمل رأئحة المشفي ... ففتح ورقة منهم .. وقرأها. بغرابة
( ينص الازهر الشريف
بعد أن رأى التقرير الطبي والنفسي الخاص بالمدعو* إسلام أكرم ....
أنه خنثي ، تميل الى الاناث ،وقد تم تصحح جسدها ، حتى تكون أنثي كاملة .. بأسم زهرة الياسمين .. تطبق عليها كافة حقوق الانثي . من أمور حياتها الدينية ، والحياتية .)
قرأ الورقه أكثر من عشرن مرة ، ولم يستوعب بعد ... عيناه جاحظة من الصدمة* .
وشريط حياته يعيده الى الطفولة ،* أن اسلام طوال فترة حياته مبتعدا عنهم ، الا عند سن الخامسة عشر أراد عمه ناجى أن يقربه منهم ..
يتذكر وجهه عن قرب
جسده الضعيف ،
عيناه ، شفتاه ، بشرته ...
كل شئ ... يميل الى الاناث .. كيف له الا يعرف ...
حاول أن يقف على قدميه التى ترتعش ، لكنها مالت* على الارض .
فى تلك اللحظة ، دخلت ياسمين الى غرفتها ، ولم تراه ، ولم ترى غرفتها بشكل جيد ، أنها ليست مرتبة .
فقط تقف أمام المرآة ، وتنزع ثيابها ...* وتهتف بضيق ...
_* ... طول عمره .. بتاع بنات ، صدعنى ساعة كاملة عن مراته* ، وفى الاخر .. يعاكس بنات ... هو الخيانه بالسهولة كدا ...
يارب* مراتك تعرف يارامي ...انك تيييت*
نظرت الى المرآة والى ذلك الرباط الذي* تحيطه حول صدرها حتى تخفيه . تنهدت
وعندما* بدأت فى خلع الرباط* ،لتلتقط عيناها* وهجا منعكسا فى المرآه
فالتفتت بزعر* وقلبها يخفق بجنون ، لترى* تلك العينان البرية تراقبها بصدمة* من وراء اريكتها..

.....يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:48 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل التاسع
قام من الارض والدهشة تتوج عيناه الرمادية ، اقترب منها بخطوات متثاقلة ينظر اليها متفحصا ، فكيف له أن يصدق ماتراه عيناه الان ، فالشخص الذي كان يغار منه طوال عمره ، ويتمنى ان يذقه من العذاب ، كان خنثي !!
أحاطت يدها على صدها ، وعيناها جاحظة برعب أثار قلبها بجعله يخفق بجنون ، لم تستطع أن تكتم دموعها ، وهى تراه ينظر اليها بتلك الطريقه .
الطريقه التى كانت تخشاها من الجميع ، لم تعرف أنها مؤلمة الى هذا الحد ، حتى تشعر بالانكسار أمامه .
_ كنت خنثي ...
قالها أدم وهو يطلق ضحكة ساخرة ، قتلت قلبها بعدة طعنات،حتى تلاشت ثقتها التى كانت تبني فيها شهرا ، وتعززها .
خرجت شهقه من ثغرها ، تظهر كافة آلامها ، وهو يدور حولها ينظر اليها متفحصا بسخرية .
فاسرعت تأخذ القميص الذي بجانبها ترتدية
_
...إسلام أكرم ،هاهاهاها ...، خنثي .
أول مرة أشوف حد بالحالة دى ، حاجه عجيبة ،
الله !!! بتعيط ليه بس يااسلام ...أوبس .. أقصد يا ياسمين ..
قال أسمها هامسا فى أذناها ، لتبتعد وجسدها لايتوقف عن الارتعاش ، فكل كلمه ينطقها ، ترى أنعاكسها داخل عيناه ينبأ بالشر الماكر .
عندما راها تبتعد عنه ، حتى لايضع يده عليها ، أقترب منها وأمسكها من زراعيها ساحبا اياها ، عند مكتب والده .
لم تشفع دموعها ولا شهقاتها له ، فقد كان الغل داخل عيناه ، يذكره أنه ظل يعانى بسببها ، حتى ذهب الى طبيب .
فكيف له أن ينظر اليه ام اليها ، أم لتلك الخنثى .
دخل على والده فى غرفة المكتب بدون أن يطرق الباب ، ليجد أنه جالسا على المكتب ينظر الى بعض الصور ويبكي !!!
_ أنت أزاى تدخل عليا كدا ، أسلام ، أنت أزاى ماسكه كدا ، نزل ايدك ..
ضحك أدم بسخرية على والده بصوت يدوى فى ارجاء المنزل وقال وهو يلقي اليه الورقة طبية ..
_ إسلام هااه ، تقصد ياسمين .
أنتبه العم ناجى الى هذا الرباط الذي كانت تحيطه ياسمين على صدرها من القميص الذي لم تغلقه جيدا ..
فتح الورقة بغرابة يقرأ مابداخلها .
أرتعشت يداه وهو يقرا كل كلمه بعناية عدة مرات .
_ شوفت اللى كنت بتحاربني عشان كان خنثي .
قالها أدم بسخرية ليعم الصمت دقائق ، حتى ظهر صوت اباه يئن من الألم ، وهو يرفع بصره الى ياسمين ، التى كانت تبلل وجنتيها الحمراء بالدموعها الحارقة .
لم يستطع أن يقف على قدميه ، فسقط على كرسيه وهو مايزال ينظر اليها ، لتسقط الدموع من عيناه الاخر، وهو يقرأ لغه عيناها البائسة ..
فقال بصوت باكى منكسر
_ مقولتليش ليه ، محدش عرفنى فيكم ،
..عشان كدا أخويا مات لما خسر الفلوس ، كان عاوز يعملك العملية .
طب ليه ، ليه معرفنيش دا أنا أخوه ، كنت بشوف وشه يوميا .. ليه عذبك وعذب نفسه ...
...وأنت ، ليه مقولتيش ليه ...
... ليييه
قام العم ناجى من جلوسه وخطى اليها بتعب وأمسكها من كتفيها وهو ينهرها..
_ ليه ليه ، ليه روحتى لوحدك ، مكنتيش خايفه ، لو كان حصلك حاجه ، مفكرتيش فيا .
أنت قلبك قاسي زي أبوك .
_ كفايا ...حرام عليك ..كفايا .. ارحمونى .
قالتها ياسمين وهى تصيح ، لتقع على الارض بحسرة وعمها يمسك يدها.فنزل على الارض مقابلا لها ..ينصت اليها بألم .
_ كلكم شبه بعض ، أيوة أنا بعترف أنى خنثى ، فيه ايه يعني ، حرام؟ . هدخل النار؟ . بتعملونى كدا ليه .. كنت عيزنى أجى أقولك عشان تخليني راجل ، عشان مفضحكوش .. أنا معملتش حاجه غلط . أنا بس كنت عاوزة أمى ترتاح .
محدش فيكم له حق عليا ، أنا هعمل اللى عوزاه .
فى تلك اللحظة شعر أدم بوخز داخل قلبه ، أعتقد أن تصرف معها بعنف سيرتاح من هذا الشعور الذي يقتله ، لكن لما الان يشعر أن كل كلمه تخرج منها كالصفعه على وجهه .
قامت ياسمين من الارض وسحبت يدها من عمها الذي كان يبكي عليها وعلى كل مامرت به ، فعندما مرت تلك الكلمه على مسمعه ، أنه سيجعلها رجل ،علم مأساتها والسبب فى اخفاء تشخيصها ، أن أخاه كان يريد جعلها ولد . برغم أنها فتاة .
هرولت ياسمين الى غرفتها ، وأغلقت الباب على نفسها ، تصرخ بأقصي قوتها حتى سمعها كل من فى الحى .
لم تتوقف حتى وهى تسمع صوت عمها ، يطرق الباب ويتوسل لها أن تفتح .
ظلت فى غرفتها اسبوعا كاملا ، لايراها أحد .
لاتفتح باب غرفتها الا لدخول طعام ، فقد عقد معها عمها إن لم تريد أن يأتى اليها ويتحدث معها عليها أن تتناول الطعام ، والا لن يتوقف عن المجئ وطرق الباب .
***
لم يتوقف أدم عن المرور امام غرفتها ، ووضع أذناه على غرفتها حتى يسمع أن كانت تبكي أم لا ، فشعور الندم قد سيطر عليه ، وهو يراها بتلك الحالة .
ولم يتوقف عن العبور من الشرفة فى الظلام ، حتى يراها وهى نائمه ويظل يراقبها ، وهو يسمع شهقاتها وهى نائمة كطفل الصغير .
تذكر عندما كان فى المتوسط ، وتبكي بعد أن تعرضت لضرب من سيف ، كم كان سعيدا ذلك اليوم ، وهو يراها بتلك الطريقة .
جاء بخاطره
أن كان يعلم بحالها ، هل كان سيساعدها أم يتركها .
كلما يراها نائمه تبدو كالطفل الصغير الذي تركته أمه يبكي بمفرده ، فيشعر بالشفقة عليها أكثر ، فكم كان أنانيا معها ، لما أراد فى تلك اللحظة الذي علم ضعفها ، أن يكسرها أكثر .
الم يفكر فى مرضه الذي جاءه بسببها ، ويظل يذهب الى الطبيب معتقدا أن به علة ، ألا يجب عليه أن يسعد الان لأنه كان طبيعيا منذ البداية ، وأن قلبه السقيم كان يرى حقيقتها بدون أن ترها عيناه .
مرر يده على خصلات شعرها ، فلامست وجنتياها الدافئة ، فتسلل اليه هذا الشعور مرة أخرى . بجعل قلبه يخفق كقرع الطبول الثائر ..
يصب داخل عروقه بنقاء نسيمها عبر انفه ، فاستسلم لوجهها الذي أخذ يديه وسادة.
أحس بأنها على وشك الاستيقاظ ، عندما تقلبت بجسدها الى الجهه الاخرى ، فخرج مسرعا يعود الى شقته فى الدور العلوي .
****
جاء الصباح مصاحبا لأصوات العصافير ، تزقزق داخل شرفتها ، لتستيقظ وهى تتنهد على صوت طرق الباب .
_ ياسمين ، أفتحى ، أنا عمك ... هقولك بس حاجه وامشي على طول .
قلبها ينذف وجعا ، لكن يعترف لها أنه سامحه ، فيكفي أنه أعترف بأنوثتها .
فاقتربت من باب غرفتها بتوتر ، وفتحت الباب بيد مرتعشه .
عندما رأها عمها أحطها بين زراعيه ، يربت على ظهرها ، ويعتذر كثيرا .
_ أنا يابنتي ، أسف ، أنت برضه لازم تحسي بيا ، أنا لما روحت لدكتور قالى حاجات كتير أووى لحد دلوقتى مش قادر أستوعب ، بس قلبي شايف أنك ياسمين .
سامحيني يابنتي ، أنا مش هاين عليا أسامح اخويا ، لما الدكتور قالى حالتك كانت ممكن أتعالجت من زمان زعلت ، وقلت أزاى أنت اسحملتى كل دا .
.. أنا عاوزة أقولك حاجه ...
أنت بطلة ياياسمين ، بطلة ,انا والله ليا الشرف انك تكون بنت أخويا ، بدون أى حاجه ، عارفه ليه ..
لأنك كنت عارفه اللى فيك ، وكنت عايشة وبتنجحي ، شاطرة فى كرة القدم ، والدراسة ، وجايبه مجموع كبير مش اى حد يجيبه .
قالها العم ناجى وهو يربت على كتفيها ويحاول كتم الدموع .. فهو يريد أن يكون قويا لكى يكون داعما لها ، فلم يكن لها ذنبا فى أى شئ .
فعض على شفتيه وهو يراها تبكي بدون توقف .
فأردف ..
_ أنا معاك فاللى تختاريه ، بس بشرط ..
رفعت ياسمين رأسها اليه وعيناها تسبح فى غيوم ضبابية ...
فابتسم .. وهو يقول
_ تعرفي امبارح عملت ايه ..
روحت قدمت ليك فى كلية الهندسة،
بدون ليه ولا لا ، أنت هتكملى تعليمك ..و هعوضك عن كل حاجه شوفتيها ..
_ بس ياعمي ،
_ بدون بس .
_ طب سبني وقت أفكر ..
ربت العم على كتفيها وهو يبتسم ويميل رأسه بايجاب ، وخرج من الغرفه ويرمقها بنظرات تؤلمه أكثر .
فحينما عرف بهذا الامر ، شعر أن صخور الدنيا حطمت جسده ، وهلكته .. فما يخشاه تقبل المجتمع لها ، ومستقبلها المجهول .

****
أرتفع القمر يضئ خلايا وجنتيها الحمراء ، ويرطب عيناها الزرقاء ، وهى تمشي على الطريق بمفردها ، ذاهبه الى بيت رامي بعد تسللت من وراء عمها .
تفكر دائما
ماذا ستكون رده فعله ، هل سيبتعد عنها ، أم يشفق عليها ، أن تخيرت بين هذين الامرين لاختارت الشفقة .
وبعد أن وجدت رامي فى المنزل ، وقد باد عليه الحزن هو الاخر ..
_ انا جتلك البيت كتير ، كل لما اروح يقولولى انك مش موجود ، بجد زهقت منك ، انت ضاع من اول ماتش ..
_ معليش يارامي كنت تعبان والله ..
_انت مش عجبني اليومين دوول ..
تنهدت ياسمين وهى تميل رأسها بايجاب ..
و طلبت منه الخروج فى نزهه ، فوافق فورا ، لكنه ذهب واخذها معه الى جده بسيارته ...
مرت ساعه كامله فى الطريق ... فدهشت وهى تنظر الى خريطه السيارة
_ انت رايح فين ... بقالنا كتير ، وبعدين الخريطه دي جايبه على ساحل البحر ليه
_انت رغاي اووى النهاردة ليه ، وبعدين لسه قدامنا ست ساعات ...
_نعم ..... وقف العربيه ... وقف اصل انط منها ...
قام رامي بزيادة سرعه السيارة بجنون ،وقال
_لو مسكتش هزود .. انا بقولك اهو ..
_ خلاص يخربيتك هتموتنا ...
عضت ياسمين على شفتياها بضيق ، تفكر بعمها ،فقد تأخر الوقت كثيرا .
مرت سبع ساعات حتى اشرقت الشمس ، فلم تستطيع ان تطرد النوم من عيناها فاستسلمت له ..
طوال الطريق ورامي يقوم بمراقبتها ... ويتصفح وجهها بغرابة ،حتى جاءت سيارة كانت ستطيح بهم لولا انتباه رامي فى اخر دقيقة .
فاستيقظت ياسمين تتأوه ، اثر اصطدام رأسها بالباب ، ولكنها اكملت نومها مرة اخرى ، بسبب الارهاق الشديد.
وعند الوصول الى منزل الجد
كانت الشمس وصلت لمنتصف السماء تخفيها السحب تارة ،وتظهر اشعتها تارة اخرى .. وصل صوت الشاطئ الى اذناها لتستيقظ داهشة انها نامت كل ذلك الوقت .
كان المنزل صغيرا بلون اللبني ،يوجد على ساحل البحر ، يملك فناء واسعا وارضيته بالعشب الاخضر ، وشجرتان أحدهما موز ، والاخرى تفاح .
وشرفه كبيرة فى المدخل .
كانت ياسمين تنظر الي البيت بعجب ، فالشمس بقرصها الكبير تنعكس داخل عيناها ونسمات البحر تأتى اليها مسرعه بنعومة على كافة جسدها أمام المنزل،مما يمرر داخلها بالهدوء والراحة ، فالنسمات تحتضن جفونها التى انتفخت من كثرة البكاء ، تشعرها بالاسترخاء .
_ ازيك ياكبير ، ايه الاخبار .
هتف بها رامي وهو يحتضن جده بعناق اشتياق فرد علي الجد
_ ياوحش ياواد ياوحش ، لسه فاكر جدك .
_ ماانت عارف بقي اللى فيها يا كوكو،
دا اسلام صحبي .
_ اهلا وسهلا بيك ياحبيبي أنيست وشرفت .قالها الجد لياسمين وهو يقوم بمصافحتها ، وينظر اليها بغرابة .
وبعد أن جلست ياسمين فى حديقه المنزل تتصفح الزهور والاشجار وتنصت الى صوت البحر ، سحب الجد رامي الى الداخل ، وقال له
_ جايب ياخويا الولد الحلو دا منين ، مش عارف تجيبه لتوفى أختك .
_توفى ايه ياجدي دلوقتى .....أأأأأه صحيح توفى ، الواد اسلام دا مفيش زيه، أزاى أنا مفكرتش فى حاجه زي دى.
_ عيل أهبل..، زي ابوك . المهم ... شكلك مش عجبني ، انت مبتجيش ليا غير فى المصايب .
ايه المصيبه اللى عملتها ...
_ ليه ياجدو تقول كدا ، أنا جايا اطمن عليك
_ اهى نبرتك دى بتقلقنى .. أصلك ندل .. متعرفش حد غير فى المصلحة .
تنهد رامي وهو ينظر الى جده ، فجده قادر على قراءة مابداخله بنظر واحده .. لكن هل يخبره بما لا يستطيع أن ينطق به .
تنهد رامي وقال ، بعدين خلينا دلوقتى نهوى نفسنا .
_ ماشي ياخويا ، أنا طالع أنادى توفى .
ابتسم رامي وهو يتابع جده ، وفكر فى توفى فى أخته الصغيرة التى أنجبها والده من زوجة اخرى ، ومن ثم تخلت عنها والدتها ، لتقتن معهم ، لم تحب توفى والدة رامي والحياة معهم ، وبقت مع جدها .. ولأنها كانت تكره المدرسه فتوقفت فى المحله المتوسطه .
رجع رامي الى اسلام وهو ينظر اليه بخباثة ، ويرقص حاجبيه ذهابا وايابا .
فابتسمت ياسمين واطلقت ضحكة وهى تراه بهذه الطريقة ، ومن ثم جلس مقابلا لها .
_ ها ايه رايك .
_ المكان هنا جنة ، أنا لو مكانك أجى هنا على طول .
تنهد رامى وهو ينظر اليه طويلا ، وقال
_ شكلك مكتئب زيى ، يترى ايه اللى عامل فيك كدا .
انفتح ثغرها تريد أن تخبره بما يحدث معها ، لكن الخوف من رده فعله ، وخاصة بعد ردة فعل أدم جعلتها تخشاه أكثر ، فان نفر منها أيضا ، الى اين ستذهب . فلا يوجد لديها أى أصدقاء .
فأردف رامي وهو يتابع صمته ، ونظرات عيناه المريبة .
_ قولى يااسلام ، لو مثلا أنت اتجوزت ومراتك مش بتخلف ، هتعمل ايه ..
هتعيش معاها ، ولاتسيبها ، ولا تتجوز عليها .
أطلقت ياسمين تنهيدة طويلة ومن ثم قالت
_ لو انت مثلا اللى مبتخلفش هتحب انها تختار ايه ؟؟
شعر رامي بالتوتر ولم يستطع أن يجيب ، فأردفت ياسمين .
_ هاه ، سبحان الله مافيش حاجه كامله ..فعلا كل واحد عنده حاجة بتخليه يحس بالنقص .
وكأن ماقاله رامي وما أجابت عليه ياسمين كان ردا لها ، على حزنها . بأن الجميع لديه حفرة . يخشي أن يسقط فيها ، وينفر منه الجميع .
فى تلك اللحظة دخلت فتاة ترتدي فستانا بينك ولديها شعر طويل وعيون واسعه تنبض بالعشب الاخضر .
دهشت ياسمين وهى تنظر الى تلك الفتاة الجميلة الرقيقه ، وخاصة بعد أن وقف رامي بجانبها ويضع يده على كتفيها ...
_ دى بقي توفى أختى الصغيرة .
أبتسمت ياسمين وقامت مرحبه بها ، ونست تماما ، أنها أمامهم شابا ، يريدون أصطياده لتلك الفتاة .
جلس الجميع أمام بعضهما وقدمت لهم العصائر الملونه ، والفاكهه وخاصة الموز بكمية كثيرة .
_ توفى معتيش تاكلى موز ، هتبقي قردة ..
قالها رامي وهو يغمز لها ، وينظر الى اسلام ، بنظرات لم يفهما هو ..
كانت أصواتهم تعلو بالضحك تمتزج مع صوت البحر والطيور .. التى تذهب الى عشها مودعة النهار .
ومع دخول الليل ، اخذ رامى اسلام الى البيت المجاور لبيت جده .
_ البيت دا كنت بعد ألعب فيه مع البنات . منساش ابدا ،بنت اسمها تونة ، كانت بتحبني أووى وكل شوية تمسك فى ايدي والعيال يعدو يذفونا زى العرسان .. أأأه كانت ايام .. الواحد مكنش بيشيل هم اى حاجه .
مطت ياسمين شفتيها بضيق وتنظر اليه باستحقار وتمتمت
_ تيييييت همه البنات .
لم ينتبه رامي الى تمتمت ياسمين فقد لمح أكثر شئ يستمتع به ، فانتفض مسرعا الى تلك الارجوحة القديمة ..
وهتف الى ياسمين
_ تعالا زوقنى .. بسرعه ..
_ يعني بتاع بنات وتافه كمان .
قالتها ياسمين وهى تسرع اليه ، وتقوم بدفع الارجوحة .
_ زوق حلو .. يابني عملى فيها راجل ، وعضلات صدر .. وأنت ..
فى تلك اللحظة قامت ياسمين بدفعه بقوة ، فأردف
_ ايوة كدا ..
أأأه ... تعرف يااسلام أنا أول ماشوفتك واحنا صغيرين ،،قولت فى نفسي الولد دا نايتي ، وكنت بتستفزنى أوى وانت بتتكلم . كنت شبه ...
يلا بلاش ...عشان متزعلش .
شردت ياسمين الى الوراء ، فتذكرت الماضي كله .. فارتسمت ابتسامه على وجهها بألم ، وقالت
_ ودلوقتى لسه شبهم ...
_ مممم شوية .. انا بحب اقولك الصراحة دايما
تنهد رامي وقد باد عليه الحزن وقال ..
_ تعرف يااسلام أبويا ، حرمني من الورث ، وبيقولى هيعطي كل حاجه لسيف .
_ أكيد زعلته ، هتلاقيه لحظة نرفزة .
_ تعرف اللى وجعنى أووى ، ..
.. حياتي كلها بقت صعبه ، ومراتى شيلانى أووى ..
.. تعرف يااسلام لما عرفت ،أنى أنا ...
.... أنا ..
أنتبهت ياسمين الى تغير نبرة رامي الى الحزن ، فكانت تعتقد أن رامي حياته كلها سعادة ولايوجد به أى شئ يجعله يحزن ، أنتظرت كلمته الاخيرة ، بأذن صاغية .. وهى ماتزال تدفع الارجوحه ..
فأردف رامي
_ أنى مبخلفش ...
علمت أن الدموع تسقط من عيناه وان كان يدير ظهره ، فنبرته تكشف مكنونها .
فتساقطت الدموع من عيناها اثر صدمتها ، فأشفقت عليه .. حاولت أن تقول بعض الكلمات لتجعله يهدأ ، لكن شعرت أنها هى من تحتاج ..
فارتعشت شفتاها ، ولم تستطع ان تتحدث .
_ تعرف مراتي قالتلى ايه لما عرفت ،..
هتستغرب اووى ...
... أنها مش بتحب الولاد ، وانى أنا عندها أحسن من اى طفل ..، صعبت عليا ،أووى أن أنا حكمت عليه بحاجه زي دى ، بس بجد غصب عنى .
أنا مكسور أوووى يااسلام ، ومش عارف أعمل ايه .
_الطب اتقدم دلوقتى وبقي فيه علاج ، متعلمش بكرة هيبقي فيه ايه ...
تنهد رامي تنهيدة طويلة .... ومن ثم قال .
_ ماتزق كويس يابني ، دا لو جبت فرخه هتزقنى حلو .
_ لو سمحت تعرفوا ألاقي أى سوبر مركت قريب من هنا .
هتفت بها فتاة من أمام المنزل المجاور ، لينظر رامي واسلام اليها ليروا أنهم فتاتان يتمشان على البحر .
فتوقفت ياسمين عن دفع الارجوحه ليصل اليها همس رامي .. وهو يقول .
_ أنا البنت الشقرا وأنت التانية ... ولا أقولك سبهوملى ، عشان أنا حجزك لاختى ..
وقفت ياسمين كالرمح الصادم ،تنظر اليه بدهشه ، فكزت على أسنانها ، مما زاد دفعها للأرجوحة بقوة حتى سقط على الارض مباغتةً ،ويئن من الالم .
***
_ بابا أنا فكرت فى الموضوع دا كتير قبل ماأجى. ياريت تتفهمه .
_ خير ياادم ، اتمنى ميكونش خاص بياسيمن ، عشان مش هسمحلك تأذي البنت ..كفاية
فقال مقاطعا
_ متقلقش ، دا فى صالحها ، هى بنت عمى برضه .
..أنا شايف الاصلح ليها أنها تسافر بره ..
_ أزاى يابني ... ونسبها لوحدها ، هى محتاجة فترة نقاهة وأننا نكون جنبها .
_ مش هتكون لوحدها ، هنشوفلها حد تتجوزه .
_ مالك كدا بتتكلم بثقه ، طريقتك دي مش عجبانى ، كمان صعب جدا ان حد يوافق بحالتها ، متوجعش قلبي أكتر .
_ ماهو عشان كدا أنا فكرت كويس أووى فى النقطه دى ،
...أنا هتجوزها ..

...يتبع...

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:49 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل العاشر
انتفض قائما من مجلسه ، واتسعت حدقة عيناه ،وهو ينظر اليه بصدمة ، فلم يكن يتوقع أن تخرج تلك الكلمات من فِيه، بل لم يتوقع أن ادم ينظر الى ياسمين بتلك الطريقة .
فعندما رأها وهو يمسكها بتلك الطريقة ويسخر منها أمامه، تسرب الخوف الى أضلاعه ، حتى أنه خشي أن تأتى المنية مباغتةً ، حتى لا تقبع تحت رحمة أبنه بمفردها.
_ أنت فكرنى مش عارفك ولا تائه عن تصرفاتك ، دا أنت أخر واحد ممكن أجوزها ليه .
... بطل يا أدم الكره اللى فى قلبك ، أوعى تكون فاكر أنى معرفش أنك طول عمرك بتغير منها وهى صغيرة ، نسيت انك كنت تيجي تقولى ايه ، كل يوم بعد المدرسة .
أبتلع أدم ريقه بصعوبة وهو يرى نظرة والده الصارمة ، التى تشع غضبا ونفورا ، كأنه هو الغريب الذى يطلب شيئا ، ليس من حقه حتى ان ينظر اليه .
_ نسيت كل يوم تعد تزن عليا عشان ابعدها من فصلك ، ولا أنقلها من المدرسة .
كنت بستغرب فيك ، أزاى ولد عنده 8 سنين يبقي فى قلبه الغل دا ، وطريقة الكلام اللى كلها غيرة .
مكنتش أتخيل أن ابني أكتر واحد بحبه فى أخواته ، يبقي واخد غل أمه وحقدها .
عض أدم على شفتيه وهو يخرج من مكتب والده مهزوما ، وقد تركت كلماته فى نفسه أثرا مؤلما ، فلم يكن أباه يعلم، لما كان يفعل ذلك ، فقد كان يرى اسلام سكينا على وشك قتله ، هو فقط اراد ان يحمي نفسه .
تنهد وهو يتذكر الماضي ، عندما رأها للمرة الاولى فى حياته عندما كان فى عامه السادس .
فتاة قصيرة الشعر بيضاء البشرة ، زرقاء العينان ،وفتاة أخرى ترتدي فستانا قصير بشعر طويل. يجلس الاثنان بالقرب من سيدة لايعرفها يتحدثان مع والده فى حديقة المنزل .
ظلت الفتاتين الصغيرتان يراقبونه ، حتى لمح أن أباه اشار اليهما أن تذهب ليلعبوا معه ومع أصدقائه .
اسرعت الفتاه ذات الفستان القصير اليهم ، والفتاة الاخرى تتابعها بالخطى لكن ببطئ ،حتى وصلت اليهم ووقفت تنظر بدون كلمه واحدة .
كانت عيناه لاتترك صاحبة الشعر القصير ، وينظر اليها فقط ، حتى أنه لم ينتبه الى هذا الحجر الكبير الذي جعله يقع على الارض ويصطدم به .
كتم الوجع داخله ، حتى لايصدر صوتا ، لكن صوت الفتاة صاحبة الفستان ظهر عاليا تضحك وتضع يدها على شفتاها .
والفتاة الاخرى ذهبت مسرعة تطمئن عليه وتربت على ظهره ، وتمسك بيديه حتى يقف على قدميه .
_ معلشي ، أنت كويس ...
مال رأسه بايجاب وهو ينظر الى تعبير وجهها الساحرة وعيناها النابضة بالبراءة ، رغم صمتها وعبوس وجهها الدائم الا أنها جميلة خلابة ، جعلت قلب الصغير يخفق بحرارة .
أمسكها من يديها برقة ، أمام الجميع ، وخطى الى والده وعندما وقف أمامه ابتسم بسعادة وهو يقول .
_ بابا .... أنا عاوزها عرو ....
_ أدم ياحبيبي شوفت اسلام ابن عمك أكرم .
قالها والده مقاطعا لكلماته ..لتنقلب معالم أدم الى الصدمة ، فنظر الي تلك الفتاة مرة أخرى ، لينتبه أن تلك الفتاة ترتدي لباس أولاد ، ولا تضع قرط فى أذناها .
_ ولد ... هتف بها أدم بدون تصديق ..وغضب وهو يبعد يداه عن يده ، وقام بدفعه من صدره ، حتى سقط اسلام على الارض يبكي ..
_ انت ياولد تعالا اعتذر حالا من ابن عمك .....
....انا اسف يااسلام ياحبيبي....... ، هعقبه بس لما يرجع ،
الصغير اللى فيهم بس اللى مغلبني بتصرفاته معلشي ياست رحمة .
عاد أدم مسرعا الى الفتاة الاخرى .. وهو ينظر اليها بضيق ويقول ..
_ أنت بنت وحشة ..مش حلوة .
_ لا أنا حلوة .. قالتها تلك الصغيرة بدلال .. ثم أردفت .
أنت أدم ابن عمه ناجى ، أنت شكل مامتك خالص ،... أنا اسمي لبني .
_ اسمك وحش ، معتيش تيجي عندنا ، أنت ولا الولد اللى هناك دا ..
****
تنهد وهو يتقلب على الفراش بجانب زوجته ، ويتذكر ايضا وهو ينظر الى ملامحها وهى نائمة ، أنها كانت تجيد التعامل معه فى سنوات الشباب ، حتى نجحت فى الوصول اليه بسهولة .
وأنه طوال حياته لم يفعل سوي الهروب من تلك المشاعر التى كان يخشاها ،ويبقي بالقرب من زوجته لبني لعلها تتركه.
_ لبني ..
همس بها وهو يتذكر البارحة عندما وجد هاتفها ينبه باشعار رساله تظهر على الشاشة ، بان حسابها البنكى زاد سبعمائة الف .
العدد نفسه الذي أتهمت به ياسمين بسرقته،
هو لم يجعلها بحاجة الى المال أبدا ، فلما تسرق منه .
رأسه يضغ بكل شئ ، لكن يسيطر عليه شئ واحد فقط ، يريد الفوز به .
قام من فراشه وخرج من شرفتة بهدوء ، الى الشرفه التى بالاسفل .
صدم عندما رأى الفراش فارغا ، والساعه تتجاوز الواحدة صباحا ، نظر يميا ويسارا ، وبحديقه المنزل .
لايوجد أثر لها فى أى مكان ، جاء فى خاطره أنها ربما هربت .
فهرول الى خزانه ملابسها يتصفح ان كانت فارغة ، لكن ، كل شئ فى مكانه ، قلب الفراش ليبحث عن المال مرة أخرى ، ليراه كما هو .
فى تلك اللحظة تسرب الي تفكيره
(جبتي الفلوس دي منين ياياسمين )
زفر طويلا واردف
( اكيد من رامى هو الوحيد ، اللى بتمشي معاه )
انارت بعيناه شعلة زادت وهجها أكثر ، فاخرج هاتفه ، وعقله ينسج له ردة فعل رامي عندما تخبره أنها فتاة .
تنهد بغضب وهو يري هاتفه خاليا من رقمها ، فاسرع بطلب رامي ، عدة مرات ، ولم يجيب .
( ياريتك كنت سرقتى الفلوس منى)
****
_ خييير فى حاجه ؟؟
قالها رامي وهو يقود سيارته ، فهو يرى من مرآته الجانبية أن اسلام يراقبه طوال الطريق بنظرات خاطفة .
فقالت ياسمين وهى تتنهد .
_ مكنش ينفع اللى حصل دا يارامي ، عمى هيقول عليا ايه ، لو عرف .
_ مالك يابني خايف كدا ليه ، وعمك هيقول ايه يعني ، غير أنك مع صحابك .
تنهدت ياسمين وهى تنظر من شباك السيارة ،وهى تشعر بالقلق تمنت لو لم يشعر بغيابها احد .
لم تتوقف عن أكل شفتاها من القلق ، والنظر فى عقارب الساعه فى شاشة السيارة ،حتى تسرب اليها شعور النوم .
لم يتوقف رامى عن مراقبته ، وهو ينظر الى رقبته البيضاء ، وهو نائم على باب السيارة ، حتى أقترب يلمس وجنتيه الدافئة .
لترتعش يداه وهو يمررها عليه ، ويري ان بشرته ناعمه !!!!! مثل الاطفال .
تلاشي اعتقاده بأنها الحلاقة الجيدة مثل ماكان يعتقد ، الى شئ غريب ، لم يستطع أن يكتم فضوله عن ملمس جسده ، فمرر يده على زراعيه ليراه رطبا لينا بعض الشئ .
فسارت الرعشة داخل جسده بالكامل ، وهو ينظر اليه بغرابة، فكيف لشاب أن يكون هكذا ، أعتقد أن هناك شئ ماخاطئ .
وبعد عدة ساعات
زادت الرياح الخريف تهب مع شروق الشمس تحمل انتعاش رطبا ، يمتزج مع رائحة الصباح ، تتداعب أنفها الصغير من شباك السيارة ، حتى أستيقظت لتتسلل اليها اشعه الشمس تنير بؤبؤ عيناها أكثر .
_ اخيرا وصلنا مش هتحصل تانى ، أنت فاهم . هتفت بها ياسمين . الى رامي الذي كان ينظر اليها صامتا .. حتى قال وهو يخرج علبة صغيرة من جيب سيارته .
_ أمسك التلفون دا ، عشان اعرف اوصلك .
_ ايه دا ، لا طبعا ، مش عاوز ، أنا كنت هشترى اساسا .
_ بس بقي ياعم ، أمسك . ويلا اطلع طمن عمك اللى شيلتني همه .
ابتسمت ياسمين وهى تنظر اليه ، وتميل رأسها بايجاب .
وبعد أن خرجت من السيارة ، تابعها رامي بغرابة ، وهو يقول .
_ أمرك عجيب يااسلام ، بس لازم عيوبك دي تتصلح .
هتف بكلمته الاخيرة وهو يدير مقود سيارته .
صعدت ياسمين الى غرفتها وقد علمت أن عمها خرج الى عمله ، فدخلت غرفتها وهى تتنهد براحة وتنظر الى علبة الهاتف الجديد وهى تبتسم .
جلست على فراشها وبدأت تفتح علبة الهاتف، ولم تنتبه الى الذي يجلس على الفراش مقابلا لها .
_ مشفتش حد متسامح مع نفسه أكتر منك .
مرت الكلمات على اذناها بصدمة لتلتفت برعب اليه ، حتى خرجت شهقة من ثغرها وهى تراه جالسا على فراشها باريحيه .
_ أنت هنا ليه ، أطلع بره حالا .
_ أنت نسيت ان دا بيتي ، وانت مجرد لاجئ هنا ، جبت الجراءة دى منين ، ولا عشان فاكر لما اعرف بحالتك دي هشفقك عليك . دا أنا ...
ردت ياسمين مقاطعة
- مش هسمحلك تكلمنى بالاسلوب دا أنت فاهم .
فى تلك اللحظة علا صوت رنين الهاتف الخاص بأدم فنظر الى المتصل . فقال
_ حظك حلو انى مش فاضيلك ، اسمع لازم ترجع الفلوس دي لرامي ، ايوة رامي ..مالك مصدومة كدا ، فكراني مش هعرف .
ولمى نفسك ومعتيش تروحي هنا ولا هنا ، انسي بقي انك كنت راجل .... اقصد خنثي... عشان رامي لو عرف هيقرف منك .
قالها وهو ينظر اليها بضيق ساخر ، وهى فقط تنظر اليه باستحقار . وتقول
_ أنت فاكر رامي زيك ..
التمعت عيناه عند تلك الكلمة ليتأكد مما كان خائفا منه ، فقال هامسا بسخرية..وهو يقترب من أذناها
_ وانا منتظر اشوف ردة فعله .
عشان تعرفي مين الاسوء قال جملته الاخيرة ، وسحب الهاتف الخاص بها من يدها بقوة ، وضغط على عدة أزار به ، حتى وصل اليه رنين فى هاتفه . وهى تتابعه بغرابة ،
ثم ألقى الهاتف على الفراش . وأردف
_ الدكتورة ريهام مرات عمك هتيجي قريب ،هى واخواتى ، بمعني
تعملى حسابك تفضلي فى الاوضه دي متخرجيش منها ، غير بإذني ..
قالها وهو يشير بهاتفه اليها .. ويخرج من الغرفة ويغلق الباب بقوة.
زفرت ياسمين بشدة وهى تراه بهذه الطريقة ، تريد أن تعيش حياة سعيدة ، لكن الواضح لها أن حياتها ستكون بها عدة عوائق .
ارتمت على فراشها وهى تتنهد ،لم تتوقف عن التقلب ، شعور الارهاق يغزو جسدها بثقل رهيب .
طوال اليوم لم يأتى اليها النوم ، برغم التعب الذي بها والخمول .
كل زفير يخرج على هيئة تنهيدة مؤلمة تصيح بتعب قلبها .
لا تعرف ماهذا الشعور الغريب ، ولما تشعر بهذا المرض .
أستمر الالم اسبوعا كاملا يزداد فى دخول الليل ، تتقيئ ، لاتستطيع التحدث مع أحد ، تنام على الفراش ولا تتحرك ، عيناها مغلقة وجسدها ساكن عن الحركة ،لكن حواسها كلها تنصت لما حولها .
تشعر بخطوات خفيفة تدور حولها دائما فى الليل الثقيل، لكن لم تستطع أن تفتح عيناها من شدة التعب .
الشئ الوحيد الذي تعم فيه الحياة هى عيناها التى تتنفس بالدموع المؤلمة التى تخرج الكلمات من قلبها ويبقي التعب ساكن بين أضلاعها يذقها بالمرارة .
وفى اليوم الثانى مع مرور شمس الصباح بدا يوم جديد ، قامت من فراشها بصعوبة من كثرة رنين الهاتف ..لتلتقطه ، وتقوم بالرد عليه بصوت نائم
_ مين .
_ ايه اللى مين انت مش مسجل رقمي ، لازم تيجي النهاردة فى تدريب مهم .
_ مش هقدر يارامي ، أنا تعبان اووى .
_ أنت بتهزر يااسلام بقالك اسبوع غايب ، هو أنا بقلك تعالا نلعب ، دا شغل... فريق ، ولازم تيجي .
_ خلاص خلاص هاجي .
قامت من الفراش بصعوبة بالغة ، ونظرت فى مرآتها لترى أن دموعها رسمت ممر عابر على وجهها يظهر أثر أوجاعها .
زفرت وهى تبحث عن عنوان هذا الطبيب النفسي الذي أخبرها عنه الطبيب المعالج لحالتها .
فلم تعد تحتمل وجع قلبها الدائم ، ولم تعد تتحكم فيه، فقط يزداد أكثر مع مرور الايام .
قامت بالاتصال بالمشرفة الخاصة بالطبيب لتحدد موعد بأسرع وقت ممكن .
أرتدت ملابسها بعد أن أخذت استحماما باردا ، جعلها تفيق قليلا ، وذهبت الى النادي .
لترى كل شخص تكره فى حياتها موجود ، لكن حمدت الله ان سيف ليس معهم . فرؤيته ليست محمودة وخاصة الان .
دخلت الى غرفة تغير الملابس، لتراها فارغه ، تنهدت براحة وهى تغلق الباب الرئيسي .
وتدخل الى غرفة محكمة الغلق ، وتغير ملابسها الى ملابس كرة القدم .
وما أن دخلت الى أرضيه الملعب ، كانت تشعر أنها فى حالة غائبة عن الوعي ، فى عالم أخر .
تجرى أمام الجميع ولاترى اين هى كرة القدم ، تجرى فقط مع الفريق ، وتارة اخرى مع الفريق المعاكس .
حتى أوقفها رامي وقام بتوبيخها ، فلم تفعل سوي أن تضع يدها على كتفيه تستند عليه، وتلتقط أنفاسها بصعوبة .
_ حاجة مسكرة ، عاوزة حاجة مسكرة .
شعر رامي بالغضب منه وهو يراه ضعيفا هشا يتشبه بالنساء ، لكن ، فى نهاية الامر اشفق عليه من رؤيته ينهج بتلك الطريقة ، ويظهر عليه التعب والتعرق الشديد .
فقام ببعث أحد العاملين الخاص بتنظيف النادى ، ليشترى بعض العصائر الى الفريق .
وما أن قامت ياسمين من ارضية الملعب ،لتذهب الى الحمام ، رأت اكثر من تخشي وجوده أمامها .
والاسوء انه ينظر اليها بضيق ، وخاصةً بعد أن خلع بذلته الانيقة فى ارضيه الملعب ، وارتدى ملابس رياضيه ، ويشير اليه بأنه يتحداه فى مباراة .
لكنها ذهبت مسرعة الى الحمام وبيديها علبه عصير وبعض السكاكر .
حمدت الله عندما وجدت الحمام الخاص بالرجال فارغا وأعتبرته حظا وفيرا .
أغلقت الباب الرئيسي ، ودخلت الى غرفة منهم وجلست على الحمام ، وخلعت القميص الرياضي حتى يأتى اليها الهواء .
_ ايه الحر دا هموووت ...!!
هتفت بها ياسمين وهى تقوم بتحريك قميصها يمينا ويسارا حتى يمرر اليها الهواء .
ثم أقبلت تشرب قنينة العصير ، وبعض السكاكر بنهم .
حتى سمعت صوت يطرق الباب بقوة ، وصوتا قويا يهتف
_ أفتح يااسلام ياجبان بتهرب منى ، والله ماهسيبك غير لما اعلمك ازاى ...تيييييتتت..
بعد تلك الكلمة وصل صفير الى اذناها مع خفقان شديد .
فقامت من على المقعد بصدمة مرعبة حتى سقط منها القميص فى مجرى المياة .
_ ياحظك الهباب .. أعمل ايه ... بسرعه فكرى .. قالتها ياسمين وهى تضع أذناها على الباب تسمع إن ذهب أم لا فقد عم الصمت لثوان .
هنا سمعت تحطيم الباب الرئيسي من ركله واحدة ، ليجرى الخوف فى قلبها بسرعة ، ويقل الهوا فى رئتيها .
نظرت الى القميص الذي امتلأ بالماء .. وما أن انحنت حتى تلتقطه .. تم ركل بابها الخاص بدورة المياة ..
التفتت بسرعة وتقوم بمسك مقود الباب ، حتى لايستطيع ان يفتحه ..
فهتف سيف لها بغضب
_ مش هسيبك النهارده ، غير لما أربيك . لو راجل افتح .
فردت ياسمين عليه بتوتر
_ ياعم أنا مش راجل ،.... اقصد.. راجل ومش هفتح ..
ارتعشت شفتاها وجسدها بالرعب ، لاتعرف كيف تتصرف ، عقلها يسرد لها ان علم الجميع بأمرها ، ستكون فضيحة لها .. خاصة رامي ، هى لا تريده ان يعرف بأمرها ، ليست مستعدة بعد ، الا يكفى ما فعله أدم معها .
وصل اليها هتاف سيف بغضب ...
_ كدا ...طيب
قالها سيف ليقوم بتحطيم الباب بركله ، جعلتها ترجع الى الوراء حتى سقطت على دورة المياة بقوة .
_ مفيش حد جاله اليوم اللى يقف قدامى ...
هتف بها رامي وهو يمسك الباب المحطم فى يده اليسري و ينظر اليه بغضب حتى سقطت عيناه على الرباط الذي يحيط به صدره ليردف بصياح ..
...ايه الرباط دا ربطه هنا ليه ......
قالها بعد أن اقترب منها وعيناه لاتستوعب ماتراه ، هل ما كان يشك به كان حقيقيا ؟، لكن كيف ؟ كل تلك التساؤلات تخوض داخل عقله حربا .
أمسكها من معصمها يجذبها اليه ، وعندما بسط يده حتى يزيح الرباط ،قامت بعض يده بقسوة ، ورفعت قدمها بسرعة لتركله فى مؤخرته بأقصي قوتها .
حتى سقط على الارض يئن من الالم ، وعيناه جاحظه مما يراه ..
واستغلت سقوطه على الارض وقامت بازاحه قميصه عن جسده بسرعه وهى ترتعش ، لترتديه وهى تهرب ..
....يتبع ...

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:54 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الحادى عشر
خرجت مسرعة إلى النادى وهى ترتدي قميص سيف الذي يبدو كالبحر الشاسع تعوم بداخله بجسدها النحيل .
حمدت الله عندما وجدت باقى الفريق يتحدث فيما بينهم فى وضع دائرة ، فأسرعت أكثر حتى خرجت من الباب الرئيسي .
أما الاخر كان ملقى على الارض ، يشعر بالألم بجسده ، وعيناه شاردة فيما رأته من غرابة .
فعندما رأه للمرة الاولى يلعب الكرة فى المتوسط دار الشك حول عقله ، لذا أراد أن يتأكد ، فقام بضربه بقسوة ذلك اليوم أمام الجميع .
نعم تأكد أنه ولد ، لكن ، يوجد شئ بداخله يخبره دائما أنها فتاة .
أما الان يريد ان يكتشف ماحقيقة الشئ الذي رأه ، تنهد وهو يرفع نفسه لكى يقوم من الارض .
فى تلك اللحظة دخل عليه رامي وعيناه جاحظة، يرمقه بنظرات غريبة ، وسيف ينظر اليه طويلا يحاول أن يكتشف أن كان يعرف أم لا .
لكن الضباب يملأ المكان بالغموض فقال سيف وهو يقف على قدميه وهو عرى الصدر .
_ أن تعرف أن إسلام ..
وقفت شفتاه عن الكلام فرفع ببصره الى رامي ليرى عيناه متلهفة لتنصت الى كلماته ، لا يعرف لما اراد أن يخفى ما رأه وأردف مغيرا للموضوع .
_ لو شوفته هقطعه ، ميهمنيش إن كان صحبك ولا لا .
صاد الصمت بينهم للحظات ومن ثم خرج رامي من أمامه بدون كلمه واحدة.
متجها الى غرفة تغير الملابس ، وقف أمام حزانة الملابس الخاصة باسلام ، وقام بفتحها بصعوبة بسبب غلقها المشيد عليها ، ليري حقيبة اسلام بداخلها .
****
أسرعت الى المنزل ، وقلبها يرتجف بجنون تشعر أن الحياة تميل عليها بكل ثقل الايام دفعة واحدة ولا ترحمها بيوم تسترح فيه من كل الآمها .
دخلت الى البيت وهى تشعر بالإرهاق الشديد ، والعرق يملأ جسدها حتى تجمعت الأتربة حول وجهها ، تخفى بياض وحمرة وجنتيها .
صعدت الى غرفتها وهى تنهج بصعوبة على السلم الخشبي ، وتلتقط الهواء بصعوبة حتى يملأ رئتيها ، وما إن وصلت ، وجدت لبني تقف أمامها بعيناها الغاضبة .
_ لبني !!
_ تعرف لما عمى جمعنا أمبارح عشان يقولنا عليك أنا مصدقتش ، أنت ليه كلك مشاكل ، متعيش بهدوء وحل عننا ، مش كفاية سرقت الفلوس وهربت .
ياريت بقي تخرج من هنا ومعتش أشوف خلقتك تانى .
برغم تعبها الشديد حاولت ان تتماسك وترفع ظهرها مستقيما وتقوم بمسح حبات العرق . وتقول
_ دا بيت عمى ، وأعد فيه زى ما أنا عاوزة ، لو بتفكرى يالبني أنك تطرديني زى ما أبوك وأمك عملوا يبقي أنت عايشة فى الوهم ، روحى شوفى مصلحتك إجرى ..
...اااه صحيح ... ولمى جوزك عليك ، مبقتش حباه يجيلي الاوضه كل شوية .
_ إإإيه .....صدقت أمى لما قالت عليك ، عيل ناقص ، بس فعلا ..، خنثي ..لايق عليك .
_ قصدك تقولى بنت ، ولا عقلك غايب عن مخك زى ماغايب عن جوزك .
كزت لبني على أسنانها بالغل ،فاقتربت من ياسمين حتى تعنفها بإمساكها من شعرها ، لكن ياسمين ابتعدت برشاقه عن يدها ، ودفعتها من صدرها لترتمي على الارض وهى تتآوه وتصدر صوت بكاء برعت فى تمثيله .
دخلت ياسمين الى غرفتها وأوصدت الباب بقوة فى وجهه لبني .
كل تلك القوة التى بادت على وجهها ليست سوي قناع ، سريع التلاشي فى صومعتها ليظهر الوجهه الحقيقي لها من بكائها القهرى .
وبعد مرور يومين بدون مغادرة غرفتها ، جاءها أتصال من عيادة الطبيب النفسي ، تخبرها المشرفة أن المعاد هو اليوم .
تنهدت وهى تقوم من الفراش وقد عاد اليها الثقل فى جسدها ، لا تعرف لما ، لكن ، تمنت عندما تذهب الى الطبيب أن تطيب نفسها وتستريح .
وعندما ذهبت الى العيادة ، وجدتها ممتلئة يجلس المرضي فى مقاعدهم الخشبية، والعجيب الذي ثار دهشتها أن العيادة تطل على حديقة خضراء مليئة بزهور الكاسليا التى تفضلها .
يدخلون تلك الحديقة بشرط خلع حذائهم ، والجلوس فى أى مكان سواء على العشب بالأخضر أم تلك المقاعد الخشبية المريحة .
أنتظرت دورها بجانب تلك الزهور ، طوال الوقت تلثم عطرها .
وما إن حان دخولها عند الطبيب ، خطت بخطوات أريحيه فقدمها العارية تمشي على هذا الرخام البارد مما يزيد أنتعاش رئتيها .
جلست أمام الطبيب ، ونظرت اليه طويلا ، كان رجلا شديد البياض ذا وجه حسن طيب الملامح ، بشوش العينان .
_ أخيرا جيتي ياياسمين ، دا الدكتور كامل كل شوية يتصل بيا يعرف أنك جيتي ولا لاء .
_ ااه دكتور كامل هو لسة فكرني .
_ طبعا . المهم ياياسمين أخبارك أيه .
ردت ياسمين على الطبيب ، وقصت عليه كل شئ ، فكان الطبيب معها حكيما فى رده ، دائما يخبرها ان تتمسك بنفسها وأن تتعرف عليها من جديد .
واستمر ذهابها الى الطبيب كل ثلاثة أيام فى الاسبوع ،حتى قال لها فى هذا اليوم .
_ ياسمين ، أعرفِ أنى مجرد طبيب ، بيسمع ليك فقط ، مش بايدى أقدم ليك غير الكلام ، اللى ممكن يساهم فى شخصيتك بنسبة ثلاثين فى المئة ، والسبعين التانين دول هيجوا منك ومن إرادتك ، لازم تبحثي عن نفسك ، وتحبيها ، أنت لحد الأن معرفتيش إذا كنت ياسمين أو إسلام .
أنت بتقوليلي أن مفيش أى تقدم عندك ، بسبب أنك مستسلمة لتعب اللى بيجيلك ، كل دا نفسي ، أنتِ سليمة مفكيش حاجة .
أمالت ياسمين برأسها الى الطبيب إيجابًا وهى تتنهد .
فأردف الطبيب
_ أنا بكلمك زي بنتي ، ان من البداية بعرفك مش هعطيك أى علاج ، لان العلاج دا بينيم بس ، مش هيساهم فى حاجة ، وممكن يقلب بالسلب عليكِ.
بس هعطيكِ علاج روحاني .
دايما أقرئ قرآن عشان روحك تبقى خفيفة ، إصحي بدرى وامشي قدام البحر ، وعنيك دايما تشوف الزهور والشجر.
الحاجات البسيطة دي ، بتقوى روحك أتجاه اى حاجة....
اهو أنا مبخدش منك غير انك تميلي رأسك بس ، وتيجي تقوليلي أنا مبتحسنش .
بصي متنسيش بكرة هيبقي فيه تجمع ، ولازم تيجي . قالها الطبيب مودعًا ياسمين وهى تخرج من العيادة .
****
وفى اليوم التالي
زفرت ياسمين بشدة وهى تنظر الى إتصالات رامي التى لاحصر لها ، فقامت ترتدى ملابسها الرياضية لتشهق وهى تتذكر حقيبتها التى قامت بنسيانها بسبب سيف .
عزمت على الذهاب الى النادى ، وهى تشعر بالخوف من سيف ، وهل أخبر رامي أم لا ؟
لكنها لن تصمت وستجد حل لتلك الأزمة بسبب بعض الحجج التى فكرت بها طويلا .
وما إن لمحت رامي يلعب الكرة ، وينظر اليها بضيق ، فطمئنت من نظراته لها فهى لم تتغير .
فأخبرت نفسها انه لايعلم بأمرها فتنهدت براحة .
_ يلا روح اجرى شوف هتعمل ايه .
_ لا أنا جاهز ، بقولك يارامى ، كنت نسيت شنطتى هنا .
_ مشفتش شنط أبقي أسأل عليها فى المكتب .
أملت ياسمين برأسها إيجابًا، وذهبت لتستعد للعب الكرة .
أستمر التدريب ساعة كاملة ، كلما تنظر ياسمين الى رامي ، ترى الضيق على وجهه ، حتى أنه يلعب بالكرة بعنف .
حاولت أن ترطب الجو قليلا ، فأقتربت منه لتأخذ الكرة ، لم يعطيها لها ، كلما تشير اليه ، لا يستجيب ، فتولد الحماس داخلها للعب ، وأقتربت منه مسرعة لتخطف الكرة ، لكن رامي لم يتركها ، وأسرع حتى أخذها منها بقوة مما ادى الى سقوطها على الارض فلتوت قدمها .
كتمت الصرخة داخلها برغم قوة الوجع ، الذي أدى الى أنفجار عيناها بالدموع .
_ أنا أسف يااسلام ، مكنش قاصدي .
قالها رامي ، لتبسط ياسمين يدها وتدفعه بعيدا عنها بغضب .
وقامت بمفردها من على سطح الملعب بصعوبة رافضة أن تأخذ يد المساعدة .
ولم ترد على رامي الذي أعتذر عدة مرات ،وطلب منها الذهاب إلى الطبيب وظلت ترفض وتخبره أن يبتعد عنها ، فأخذ الفريق راحة لمدة ساعه كامله .
جلست ياسمين فى أرضية الملعب تفرد قدمها أمامها وتنظر اليها شاخصة البصر ، لا تريد أن تجلس معهم حتى لايروا دموعها وشهقاتها التى كانت كالقنبلة على وشك الانفجار ، وأنفجرت فى وقت غير مناسب أبدا ..
وظل رامي يراقبها ويرمقها بنظرات غريبة ، وهو جالسًا على المقاعد الخاصة بالنادي .
تنهدت وحاولت أن تتماسك حتى تكمل بقية اللعب ، وعندما وقفت بصعوبة ، لمحت سيف ينظر اليها من بعيد ، ويمسك كرة قدم ويركلها بأقصي قوته لتتجه اليها .
كانت تتابع الكرة وهى قادمة بسرعة رهيبة اليها ،وقد تركت الدموع أثرا على وجنتيها ، فأغلقت عيناها بسرعة لعدة ثوانى .
لتشعر أنها بين زراع أحدهم ويتآوه ، فتحت عيناها بسرعة ، لترى أنه .... رامى !!!
فقد منع الكرة من الوصول اليها ، لـتأتى مندفعة فى ظهره .
لم ترى عيناه من قبل بهذا القرب ، زيتونية ، بداخلها عسلا رطبا ، تحت رموش كثيفة .
شعرت بالتوتر أكثر من إقترابه ، فقامت بدفعه بعيدا عنها.
لم يعطي لها كلمة واحدة ، وذهب مسرعًا الى أخيه ، يدفعه من صدره العريض ، ليرجع سيف عدة خطوات الى الوراء .
_ أنت كمان عارف ، وأنا بقول أنت مقرب منه كدا ليه دايما . هتف بها سيف بنظرات خبيثة
_ بطل بلطجة وابعد عنه .
_ متحولش تعيش دور الغبي ، عشان عنيك كشفاك .
لمح رامي إقتراب بقية الفريق منهم ، فترك سيف بدون كلمة وابتعد من أمامه .
ليخطوا إلي إسلام ويتذكر ما رأه مؤخرا ، عندما وجد سيف يسرع وراءه منذ أيام، فتابعه خوفا عليه .
ليري عندما يصل إليهما رباطًا ملفوفا حول صدر ه ، وعندما قام اسلام بعض سيف ، وركله ، درا هو الى الخلف متخفيا حتى لايراه اسلام وهو يهرب ويرتدي قميص أخيه ، ولم ينتبه الى مفتاح خزانته الذي سقط منه .
تساءل ما سر هذا الرباط ، فقرر أن يذهب الى الحزانة ليبحث فى محتوياتها ، فلم يجد سوى ملابسه .
_ عاوز أتكلم معك هتف بها رامي لياسمين ، وهى ترمقه بنظرات خائفة تارة ، والى سيف تارة أخرى .
لا تعلم أن بتوترها هذا وارتعاش شفتاها ، يلقى داخله افتراضات غير معقولة .
أنتظرت رامي عدة ساعات وقلبها يرتجف بخوف من أشياء كثيرة تؤرقها مؤخرا.
مالت الشمس الى الغروب ، وأقبل الظلام تحت ضوء البدر، والاضاءة التى بعمود أنارة الملعب تسير الى رأسها.
جلست على الارض حتى أفترشت أرضية الملعب تريح جسدها ، وعندما سمعت صوت خطواته جلست مسرعة تترقبه .
تنهد وهو يجلس على الارض بجانبه ويرجع يديه الى الوراء ، ويرفع بصره الى السماء .
_ عملت إيه بالفلوس اللى أخدتها يا إسلام .
التفتت اليه بوجهها منتبهة له وتقول بتوتر بعد صمت دام عدة ثوانى
_ أيه !!! ... إشتريت حاجة كنت محتاجها ، ليه ؟
_ أشتريت ايه؟ قالها رامي وهو يدير رأسه اليه يتفحص لغه عيناه المتوترة .
أدارت ياسمين وجهها الى الامام بسرعة حتى لا يرى ضعفها الذي سكن عيناها .
_ هقولك فى الوقت المناسب .
_ أتمنى ميكونش حاجه ، تخسرنا بعض .
ازدردت ريقها بصعوبة ، وقد بدأت يديها ترتعش ، فوضعتها على عشب الملعب تمررها ببطئ .وهى تقول .
_ اااه .
أنتفض رامي واقفا بخطوات مسرعة الى نهاية الملعب ، بعد ان اخبره ان ينتظره ، فوقفت ياسمين تتابعه وهو يذهب الى نهاية الملعب .
وعندما رجع وجدته يمسك بكرة قدم ، ويأتى اليها مسرعا . وعندما بقي بينهم عدة خطوات ، قام رامي بركل الكرة الى ياسمين ،متستغلا عدم تركيزها ، فجاءت الكرة فى أسفل بطنها بقوة .
_ ايه يابنى ، مش تاخد بالك وأنا بشوحلك الكرة .
_ مختش بالي .
صدم رامي منه وهو لايرى أنه يشعر بأى ألم ، فالطبيعي أن يشعر مثل الرجال .
ابتلع رامي ريقه وقد تقين ، من بعض الاشياء التى تسمح له بالشك .
صاد الصمت بينهم لدقائق ،حتى قتله بكلمة
_ مراتى اللى كنت بحبها ، وكانت بتحبيني ، زى ماكانت بتقول. سمعتها بتكلم راجل فى الموبايل .
التفتت ياسمين تنظر اليه مرة أخرى بصدمة فنبرته تغيرت الى الحزن .
_ تعرف كانت بتقوله ايه ..
....أنى مش مكفيها ، وأنى وأنى ...
حاجات كتير أوووى يا اسلا...
زفر بشدة وأردف .
_ رميتها فى الشارع ، وطلقتها ..
تعرف العجيب ايه ، أنى أهلى عرفوا ، وعوزين يرجعوها ، اللى قهرني أكتر عاوزين يرجعوها بعد ماعرفوا أنها زورت فى الاختبار الخاص بيا، وقالت أنى مبخلفش .
محدش بص لصدمتى ، كله همه الصفقة بتاعت الشركة ، كانوا مجوزينى ليها عشان المصلحة ، حتى هى قالتها ، بس أنا أتجوزتها عشان بحبها .
أنا بكره الكذب ، وبكره اللى واخدينه كدرع حماية ..
قال رامي كلمته الاخيرة ، لتنتشل ياسمين من الصدمة الى حياتها التى كانت عبارة عن كذبة .
وضعها والدها فيها ، وتركها ، وهى فقط لا تستطيع أن تكشف حقيقتها ، للخوف من ردة الفعل .
فقالت بتوتر
_ الكذب ساعات بيبقي غصب عن الواحد ، يمكن خافت تطلقها لما تعرف أنها مش بتخلف .
_ ومين قالك أنها مش بتخلف .
قالها رامي وهو يتفحص عيناه
فدهشت ياسمين عندما وصل اليها أنها لاتريد أن تحمل منه ، فصمت .. لاتعرف ماذا تقول فى تلك الحالة .
بقت تبحث عن بعض الكلمات ، لكن لاشئ يجول بخاطرها
فأردف رامي وهو يتابع صمته .
_ أنت ايه رايك ، أرجعها ، ولا اطلقها ..
...رد عليا يااسلام ... اطلقها ، ولا أرجعها .
وقفت ياسمين على قدميها وقد شعرت بالآلم فيها ، فوقف رامي مقابلا لها .. وهو يقول .
_ اللى هتقول عليه هنفذه ...
رد عليا متبصليش كدا ..
_ دى حياتك وأنت حر مدخلنيش فيها .
_ ايه ...؟؟؟
رجعت ياسمين الى الوراء وهى تراه ينظر اليها بغرابة ، حتى شعرت بالخوف منه ، نظرت حولها لتجد أن النادى فارغا ، فالتفتت مسرعة تخرج .
لكن رامي أمسكها بيدها وجذبها اليه ، حتى اصبحت بين يديه وفى أحضانه ، حاولت أن تدفعه لكن ، هيهات ..
فكان متمسكًا بها بكامل قوته ، وتخرج منه شهقات بكاء جعلتها تستلم لعناقه فهى كانت الأخرى بحاجة الي ضمة تذكرها بعناق والدتها الدائم لها ..
_ لو فى حاجه ، قولى متخبيش عليا .. إحنا مش أصحاب يأاسلام .
شعرت ياسمين باقتراب وجهه رامي الى رقبتها أكثر فتسلل اليها شعورا غريبا ..
فدفعته من صدره بقوة ، وهربت من أمامه .
***
بدأ يوم جديد محملا بالهموم ، قامت من الفراش لتقف على قدمها ، لتصيح بألم منها .
فقد تورمت كثيرا ، من تأثير الوقعة ، مررت يدها عليها لتشعر بألم أكثر ، وعقلها يذكرها بما حدث البارحة من فعل رامي .
تسألت مع نفسها
_ سيف قاله ... انا حساه عرف ... ولا أنا اللى مكبرة الموضوع ، ممكن اقوله أنه رباط لوجع الظهر .
تنهدت ومن ثم جحظت عيناها ، وهى تتذكر تلك الكرة التى دفعها رامي اليها لتصيب أسفل بطنها ، وضعت يدها على فمها ، وتتذكر أنها لم تبدي أى ردة فعل . فشهقت ، وأقبلت تصيح ...
_ زمانه عرف ...أنا غبية ... ازاى مخدتش بالي ، طول عمرك أصفر يا رامي .
فى تلك اللحظة علا صوت رنين الهاتف ، ينبأ برقم رامي ...
فرجعت على الفراش تتقلب من الخوف والتوتر ..
_ أقوله ... أيه ... فكري ...
زفرت بشدة وقامت بفتح الاتصال ..
_ الو .. نعم ... أأأه ...
_ انت كويس .
عضت على شفتياها وهى تسب نفسها وقالت بسرعه .. مش كويس ابدا .. أنا تعبان جدا ... من كل اللى حصل امبارح .
_ بجد ؟؟
_ ايوة بجد ..
قامت ياسمن بغلق الاتصال ، لتسب كل شئ ، حتى وقفت امام الباب لترى أن اليوم هو يوم الاجتماع عند طبيب النفسي ، وأنها تأخرت ساعتين .
ذهبت وهى تتسأل هل هذا الاجتماع سيترك أثر أيجابي مثل ماقال الطبيب أم لا .
وعندما دخلت الى تلك الغرفة الكبيرة ، وجدت تسع فتيات وشاب يجلسون مقابلا لبعضهم .
أشار اليها الطبيب أن تأتى وتجلس معهم .
يظهر أنها جلسة تعارف .
وكان الدور على هذا الشاب .. فوقف يقول ..
_ أنا هالة عندى عشرين سنة ، طلعت من المدرسة وانا عندى 15 ،
طبعا زمانكم مستغربين منى عشان شكلى زي الولد ، وصوتى مش ناعم زيكم ، بس أنا مريضة باضطراب الشخصية ، ولو محدش يعرفه ، فأنا هقولكم ..
أنا عندى هرمون الذكورة أعلى بكتير من الأنوثة ، برغم أن جسمي بنت واعضائى كلها صحيحة ، الا أن شايفه نفسي ولد مش بنت ، وزي ما أنتو شايفيني أنا خفية نفسي بالبس دا .
وأنا جيت هنا ، عشان عاوزة أتعالج وأعيش طبيعي زي بقيت البنات ، أنا نفسي أخف بجد عشان تعبت، وتعبت من كل الناس اللى ضدي ، ومش عرفين أن دا مش بايدى ، وأن زيادة الهرمونات دا بيبقي عيب خلقي ، كان نفسي أهلى يكونوا معايا هنا عشان يشجعونى ، بس للأسف أهلى أتبروا منى . محتاجة منكم تدعمونى ، عشان أكون كويسة .
كان الجميع ينظر الى تلك الفتاة بعجب ، الا ياسمين كانت تنظر اليها بألم .
وعندما جاء الدور الى ياسمين ، توترت كثيرا ..
وابتلعت ريقها ، وقصت عليهم حياتها بالكامل والدموع تظهر لهم الدليل .
وبعد انتهاء التعرف على كل شخصية منهم
كان كل شخص منهم يخبرهم باموره وحياته المعقدة والاخرين يعطوا لهم حلا ، والطبيب يصفق .
كانت ياسمين تضحك وتبكي مع كل كلمة تخرج من أحدهم ، شعرت أنهم عاشت معهم وشعرت بالآمهم . من جلسة واحدة فقط .
وعندما خرجت من هذا الاجتماع ، وعلمت أن الجميع لديهم فجوة وأن كانت تتفاوت فى أحجامها الا أن الجميع يحزن ويبكي .
وأن السعادة تأتى وتذهب كما الحزن تماما .
كانت ياسمين الأكثر تأثرًا بحاله هالة ، فهى وحيدة مثلها ، تتشابهم ظروفهم .
قصدت ياسمين الموقف الخاص بالحافلة، حتى تذهب الى البيت ، فصعدت الى أخر كرسي، تميل برأسها الى الشباك وتفكر فى كلمات الفتيات لها ، بأنها يجب أن تعطي نفسها فرصة .
فهى تستحق أن تكون فتاة ،وليست كأى فتاة فهى تملك قدرا من الجمال والبراءة فى عيناها تجعل الجميع يعترف بأنها أميرة .
كانت تتابع أشعه الشمس والمارة ، حتى وقفت الحافلة ، لترى فتاة تعرفها جيدًا ولم تنسي ملامحها ، فهى تشبهها ، فقد رأتها منذ عدة سنوات عندما ذهبت مع والدها الى الطبيب .
تذكرت سخرية الشباب من تلك الفتاة ،بأنها تشبه الرجال وانها وان صححت العيب بجسدها ستظل رجلا .
نظرت ياسمين لها عن قرب ، لترى أنها ليست سوي فتاة جميلة رقيقة، رأت أيضا بجانبها رجلا ، وفتى صغيرا .
يظهر أنهم كانوا فى نزهة .
تتابعتهم بعيناها وهم يجلسون فى الحافلة ،وتتابع نظرات هذا الرجل الي تلك الفتاة التى تقطر حبا ، الذي عرفت أنه زوجها من خاتمه الذي يتشابه مع خاتمها .
وعند نزولهم الى الطريق نزلت وراءهم ياسمين ، واستمرت تتابعهم فى الخطى .
حتى شعرت تلك الفتاة بأن ياسمين تتابعها ، فالتفتت تذهب اليها ، فوقفت ياسمين كالرمح تنظر الى تلك الفتاة وهى تأتى اليها .
_ فى حاجة ..
مالت ياسمين رأسها بالنفي
_ أومال ماشية ورانا ليه ..لو سمحتى روحي لحالك .
صمتت ياسمين لدقائق ، ثم ذهبت اليها توقفها .. وتقول بتوتر ...
_ أنا زيك
_ زي ازاى يعني مش فاهمه ..
أخذت الفتاة وقتا وهى تنظر الى عين ياسمين التى تتشابه كثيرا مع عيناها فى الماضى بالحزن والانكسار .
فأردفت ياسمين .
_ عاوز اسالك حاجة واحده بس .
أمالت الفتاة رأسها اليها وهى تبتسم ... فقالت ياسمين .
_ أنت سعيدة ..
ابتسمت الفتاة وقالت و يدها تربت على كتف ياسمين
_ جدا ...
...أنا معرفتش السعادة غير لما وجهت كل اللى حوليا بحقيقتي ، وحسيت بيها أكثر لما أديت فرصة لنفسي وحبتها ..
... أحفرى حياتك وشكليها بالطريقة اللى أنت عوزاها ، لان لو سكتى هتتشكل غلط ، وهتندمى .
هتندمي على عمرك اللى ضاع ،...و على فكرة اللى واقف هناك دا جوزى رجل اعمال كبير ، ودا ابني ..
وصلت الي ياسمين لغة عين الفتاة وتشجيعها لها .
بأنها أنسانه مثل كل البشر ، وعليها أن تتقبل ماضيها بكل مافيه وترسم حاضرها ومستقبلها بيدها .
***
ذهبت ياسمين الى البيت وجلست بغرفتها صامتة ، تنظر الى السقف .
حتى جاءها عمها ناجي يخبرها أنه أنتهى من كافة الامور ، وان كان سيتأخر كتابة أنثي فى بطاقتها الشخصية ، إلا أن فى يوم من الايام سيكتب .
وأعطاها ورقة مغلفة تظهر بها هويتها وأنها أنثي ،بديلة عن بطاقتها الشخصية .
وأخبرها عن بدأ الدراسة فى الجامعة فى الغد ، لم تشعر بنفسها وهى تخبره أنها ستذهب .
ربت العم على كتفيها وهو يكتم دموعه الثأئره .
وخرج مسرعا ..
بقت طوال الليل تفكر وتفكر ، حتى قامت من الفراش .. وهى تقول
_ أنا عاوزة أعيش ، عاوزة... أتجوز ،... وأخلف .
...أنا ..أنا عاوز أفرح ...
وفى الصباح الباكر
ذهبت مسرعة الى صالون التجميل الخاص بالنساء ، واخبرت مصففة الشعر وهى تشير الى صورة العارضة
_عاوزة الاستايل دا .......
... واصبغيه كله أحمر ...
وبعد أن قامت المصففة بتجهيزها ، نظرت الى المرآة بعدم تصديق ...
فقالت مصففة الشعر
_ انت حلوة اوى ... والاجمل ان جمالك طبيعي من النوع البريئ ..
ضحكت ياسمين بعفوية .. فكانت تلك الكلمات البسيطة تزيد حماسها أكثر .
...
أخبرتها المصففة بالمبلغ المستحق فقالت
_ ٥٠٠ جنية ....... عشان صبغته بس ،... طب انا هاروح اجبلك الباقي ... وارجعلك .
قامت العاملة الخاصة بالحساب بأخذ ساعتها كرهان ..
وذهبت ياسمين الى البيت ، تبحث عن حقيبة المال كثيرا فلم تجد اى شئ ..
سمعت صوت خطوات تقترب من الغرفة ...وفجأة فتح باب الغرفة ...
_ كنت فين ....
التفتت اليه بشعرها الاحمر القصير ، ليزيد وهج عيناها الزرقاء مع حمرة خديها ...
نظر اليها طويلا وهو يعض على شفتاه ...ويردف
.... لو شوفتك تروحي النادي ، يبقي اعرفي انه اخر يوم فى عمرك هتخرجي من البيت .
واية اللون التيتت دا ...
هتف بها صاحب العينان الرمادية اللامعة تحت ضوء الغرفة الخافت وهو ويقترب منها ....
...يتبع...

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:56 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الثانى عشر
إقترب منها وحدقة عيناه تتسع وهى ترى هذا الجمال الساحر ،وضي شعرها الأحمر الذي أنعكس داخل عيناها بالوهج الفاتن ، مما يزيد دفء وجنتيها باللون الوردي .
فكيف له ألايعرف منذ البداية أن تلك العينان الثائرة ، تنسب فقط لزهرة بيضاء فى بستان الزهور .
مرت عيناه يمينًا ويسارًا على كامل وجهها تلتمع بلمعة تكشف لها كم سهرت حالمة بلمس دفئها ، لكن ، أبت أن تصدق ، أن هذا الفهد الذي يتربص بها يملك لها مشاعر ، فرمشت بعيناها لعلها ترفض أعتقاد ما تراه ، وما أستنتج عقلها .
ولم تعلم أن مع كل رمشة من عيناها ، كانت تُلقى فتنة أكثر فى قلبه .
هل شعرت بتلك الرعشة التى حدث داخل قلبه تُحي حربا .
هل سمعت إلحاح قلبه عليه ، وهو يطلب منه عناق عيناها ولو للحظة .
_ بتبصلى كدا ليه ..
تنحنح وقد شعر بالإحراج من وقفته كالأحمق أمامها ، ومن تجمع لعابه على شفتاه .
أبتلع ريقه وقال وهو ينظر الى جهة الأخرى .
_ طلما أنتِ فى البيت دا ، لازم تحترمي كل القواعد ، اللى فيه
مفيش خروج بدون سبب وجيه من البيت
قبل الشمس ماتغرب بساعة تكونى فى أوضتك ونايمة
موضوع الجامعة دا مكنتش موافق عليه ، بس عشان كليه الهندسة جنب صيدلة ممكن أفكر فى الموضوع ، وغيرو ، لو حصل ووفقت هتروحي يوم فى الأسبوع فقط .
_ وأنت مين أصلا عشان تفرض عليا نظام حياتي . ملكش دعوة بأى حاجة ، وروح أجرى شوف مراتك ، أنا مش فاضيالك .
_ متنسيش أنك واكله شاربة نايمة فى بيتى ، وبيتصرف عليك من فلوسى
_ أنا عايشة هنا فى خير عمى ، ومحدش له فضل عليا غيره .
_ لو مسمعتيش الكلام هحطك فى دماخى .
_ ميلزمنيش .
قالتها وهى تنظر إليه باستحقار ..
فرفع يده مسرعا خاطفا منها هاتفها المحمول ، وأسرع بالخروج من غرفتها وأوصد الغرفة بالمفتاح عليها .
تحت نظراتها الصادمة .
_ أبقي خل كلامك ينفعك ، هنشوف بقي هتخرجي من هنا إزاى .
جرت الى باب الغرفة ، وطرقت عليه بقوة ، لكى يفتح الباب وتصيح
_ أدم يا تييييت ، أنتم كلكم عليا بالدور ، أفتح بدل ما تييييت ..أععععع ..
أبتسم أدم وهو يرى أنه تغلب عليها ،وما شجعه أكثر أن أباه قد سافر من اجل أعماله .
ذهب الى غرفة المكتب وجلس عليه رافعا قدميه الى المنضدة الصغيرة ، ويقوم بتصفح هاتفها ، ليري أن سجل مكالمتها مع رامي فقط ، أنقلب وجهه الى العبوس ، فأخرج شريحة الإتصال وقام بتحطيمها .
_ عم عبده ... تعالى ...
..... خد الموبايل دا أديه لعيالك .. ولا لأى حد .
_ تشكر يابيه .. ربنا يعزك
وبعد أن ابتعد عنه عم عبده البواب ، قال أدم وهو يتنهد
_ ماشي يا ياسمين ، أنا هعرفك تسمعي الكلام كويس .
ثم قام بفتح حاسوبه الخاص وقام بتصفح الجدول الخاص بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة ، ثم قام بفتح موقع كلية الهندسة ، يبحث عن الجدول الخاص بالفرقة الأولى .
أبتسم وهو يري أن الأوقات تتماثل مع أوقات دراسته .
وبعد مرور ثلاث ساعات ، قام من مكتبه ليذهب اليها ، ليري إن كانت تفعل شيئا أم لا .
فى تلك اللحظة قام العم عبده يصيح
_ يابيه ، الدكتور ريهام جيت ،يابيه .
_ حاضر ، بتصوت ليه كدا .
نزل أدم الى فناء بيته يرحب بزوجة أبيه ( الدكتور ريهام ) وأشقائه.
_ أزيك يا أدم ... أومال فين ناجى .
_ سافر لشغل وهيجي بعد أسبوع .
أنقلب وجهه الدكتورة ريهام وقالت بضيق
_ عمرك ماهتتغير ياناجي .
كان أدم يُسلم على شقيقه الأكبر بعناقات ، وأسئلة متلهفة ..
_ أومال فين نادر ، مجاش معاكم ليه يا رامز .
_ هيجي بعد يومين . قالتها الدكتورة ريهام باقتضاب .
****
فى تلك الأثناء كانت ياسمين تأكل فى شفتاها من الغضب ، تخرج ذهابًا وإيابًا إلى شرفتها ، تريد أن تخرج بأى طريقة حتى تكسر كلامه ، فمن هو حتى يفعل معها ذلك ، لن تجعله أبدا يفوز عليها .
خطر فى بالها فكرة ، فقامت بإزالة الستائر من الحائط ، وقامت بربطهما ببعض .
وقامت بإنزالها من شرفتها ، فلمحت أناس غريبة تقف فى فناء المنزل ، ففرحت وهى ترى البوابة الرئيسية منفتحة .
نزلت على الستائر المنسدلة على الارض من شرفتها رويدا رويدا .
_ بتعمل ايه هنا . هتف بها شابا يظهر أنه فى بداية العقد الثالث ، يرتدي ملابس رياضية ، وحقيبة ظهر .
فتوترت بعد أن نظرت الى الأسفل ، ولم تعيره أى أهتمام ، وفجأة سقطت الستائر ، وسقطت معها ، وهى تغلق عيناها بقوة و تصيح ..
أنتبه لها الجميع .. بنظرات صادمة ، وخاصةً بعد أن سقطت بين زراع هذا الشاب . الذي كان ينظر اليها وهو يضحك بسخرية على ردة فعلها العفوية .
فتحت عيناها وهى تراه يحملها ، فتوردت وجنتاها ، وطلبت منه بغضب أن ينزلها ..
_ ياسميييييين قالها أدم وهو يكز على أسنانه بغضب، ويهرول إليها .
فجرت بأقصي قوتها ، وبخ نفسه وهو يراها تسبقه بسهولة ،فلم يلعب منذ فترة طويلة . ولم يستطع اللحاق بها ، بسبب سرعتها الطائرة .
ظل يجرى وراءها وقد تقطعت أنفاسه ، وهو يراها تركب سيارة أجرة ، وتختفى من أمامه .
***
حاولت أن تلتقط أنفاسها من شباك السيارة ، وهى تلهث بقوة ..
_ يا أبلة ... على فين ....
_ كلية ..... كلية ........الهندسة ...
تابعت المارة فى شباك السيارة تنظر اليهم ، حتى أقتربت من الجامعة ، لتراها لأول مرة فى حياتها ، مدينة كبيرة .. تشمل عدة مباني خاصة بالكليات والأقسام .
ظلت ساعة كاملة تنظر الى الجامعة على بعد خطوات من البوابة الرئيسية ، وتنظر الى الطلاب بغرابة ، وإلى هذا الكم الكبير من الفتيات .
شعرت بالخوف من نظرات الناس لها ، قدمها ترجع الى الوراء ، تريد أن تدخل ، لكن الخوف قيد صدرها ، وكلمات تجول بخاطرها أكثر من مرة.
( هيعرفوا إنى ...)
( مش عارفة هعمل ايه لو شوفت حد يعرفنى )
( أنا خايفة )
ظلت قدماها ترجع الى الوراء ولم تنتبه الى السيارة التى تقف خلفها ، وتطلق البوق حتى تبتعد .
_ أنت يا تيييت إبعد ...
أكل الرعب قلبها ، تلك النبرة تعرفها جيدا ....
( رامي ) ...
ربما لم يعرفها من ظهرها بسبب لون شعرها المختلف .
رفعت الجاكت الجينز الواسع الى وجهها تخفيه، ولم تشعر بنفسها وهى تدخل من البوابة مسرعة من طريق السيارات ، تبعها أحد رجال الأمن يصيح بها ، لكنها لم تتوقف وهربت .
حتى وجدت نفسها بداخل الجامعة وسط عدد هائل من الطلاب، يتحركون بسرعة .
ضمت يدها الى صدرها ، وهى تراهم ينظرون اليها ..وكلماتهم تمر عبر أذناها ..
( أيه البت الحلوة دي )
(ياحمر ياجامد )
( طول عمرى بحب الاحمر)
(ايه البت دي شوفى عاملة فى نفسها ايه )
( شوف يلا البت دي هييييح كان نفسي أبقي بالطول دا )
(هى فاكرة نفسها حلوة عشان شعرها أحمر ، دا فلاحة )
أطلقت صرخة صامتة متألمة وهى تضع يدها على وجهها ، وتجرى إلى المبني الذي أمامها .
حتى وصلت الى مكان هادئ ، تنظر خلفها كل ثانية كأن أحد على وشك الإمساك بها متلبسة بجريمة .
ولم تنتبه إلى هذا الشاب الذي يرتدي بذلة أنيقة باللون الأسود وفى يده اليسري حقيبة ، واليد الأخرى كوبا من القهوة .
أرتطمت به حتى دخل رأسها فى أنفه بقوة ، فرجع الى الوراء ساقطا على الارض ، متأوها أيضا من حرارة كوب القهوة الذي سقط على يده .
حاول أن يكتم غضبه ، فقام متألما وهو يعض على شفتيه بغضب . والدم ينسكب من أنفه ..
_ فى حد يمشي بالهمجية دى فى الجامعة ...!!
صاح بها وهو يقف على قدميه وينفض التراب الذي ملأ بذلته ..
رفع بصره اليه لينظر و عيناه جاحظه وهو يراه صابغا شعره بالاحمر ، وترتعش شفتاه ...
...إسلام ....
صاحت بأعلى صوتها ، وهى ترى أنه سيف ..
فانتفضت مسرعة تهرب ، لكنه تابعه بالجرى وأمسك بقميصه الجينز .. وقام بسحبه الى الغرفه المقابلة .
_بتعمل إيه هنا .. هتف بها سيف وهو ينظر اليه متفحصا ، ليري ... أنه مختلفا ..
ويظهر ان الاختلاف بجسده أيضًا ..
قامت ياسمين بدفعه بقوة ، وابتعدت عنه ..
وعقله تائها يحاول جاهدا بتركيب بعض الأحداث ..
فقام يخطوا وراءه متسائلا بصدمة والحروف تتطاير من شفتاه متقطعة ، ليجد شئ ما سقط منه .
فرفع هذا الشئ أمام عينه .. تبدوا كالبطاقة الشخصية بها طبعة طبية ،قرأ مابداخله .لتحلق الطيور فوق رأسه بعدم فهم
(ياسمين أكرم ...
..أنثى ..)
أتسعت حدقة عيناه عندما وجد صورة إسلام وبجانبه إسم ياسمين ، وكلمة أنثي ...
أسرع قلبه بضخ الدم ، حتى زادت ضرباته ، وقل الهواء فى رئتيه .
لم تستطع التصديق أنها رأته فى هذا المكان ، وفى هذا الوقت بالتحديد ، قامت بالذهاب الى البيت بسيارة أجرة ، بعد أن جرت الى بوابة الخروج بصعوبة .
_اللى بمر بيه صعب أوووى كل دا هستحمله ازاى .
قالتها وهى تتنهد ... وتخرج رأسها من شباك السيارة.
وعندما وصلت الى المنزل ،رأت ان أدم يجلس فى فناء المنزل ينتظرها ، ويمسك كتابا يقرأ به .
_ كنت عارف أنك هترجعي بالمنظر دا .
لم تستمع اليه وقصدت غرفتها ، وقلبها ينبض بقوة .أشياء كثيرة تجول بخاطرها
( رامي فى الجامعة ، وكمان سيف .. ، إيه الغلب دا ياربي )
( بس سيف كبير ، مفروض أنه خلص ، ولا سقط زي أخوه ..)
( معتش هاروح )
( لا هاروح أنا مالى ) (مش هستفاد حاجه لو أتعلمت كدا كدا مش هشتغل )
( بس أنا عاوزة أعيش مش عاوزة أبقي حابسة نفسي)
(هو ليه أنا دايما جبانة ).
طوال الليل جالسة فى شرفتها ، شاخصة البصر ، تفكر وتفكر ، حتى جاء الصباح ، يرتسم على وجهها بنسماته المريحة .
****
وبعد مرور أسبوعا كاملا ، قضته فى غرفتها ، عرفت أنها إن بقت على هذا الحال ستموت عاجلًا .
فكرت أن ترجع الى الطبيب النفسي ، فلم تذهب منذ أسبوع.
ظلت تبحث عن حقيبة المال ، ولم تجدها .
فكرت فى أن أدم قام بأخذها ، فتنهدت وقامت لتقف فى شرفتها ، لتسمع صوت رامي من فناء المنزل ، وأدم معه.
فذهبت مسرعة تنزل من السلم الخشي ، وفجأة وقفت وهى تنظر الي نفسها فرجعت الى غرفتها حتى تعدل من ملابسها ، وتخفى نفسها جيدا .
وما إن انتهت ، خرجت مسرعة، لترى أدم واقفا أمام غرفتها ..
_ رجعتى الفلوس لرامي ..
دهشت ياسمين وهى تراه ينظر اليها بغضب ، ويتكلم عن المال. فقد اعتقدت انه من أخذه، لم تشعر بنفسها وهى تجيبه بتوتر .
_ أأه ..
نظر اليها بغرابة ممزوجة بحيرة ، وهو يتفحص ملابسها ، وقال
_ هه ، وانت فاكرة لما تخفى نفسك كدا ، مش هيبان من قصة شعرك ، ولونه دا ...،
... اسمعي اللى هقولك عليه ، أنسي انك تعرفي رامي دا تانى ، دا عشان مصلحتك .
كانت ياسمين تنصت اليه وعلى وجهها الضيق ، فقامت باغلاق الباب فى وجهه بعنف ، وعلى وجهها علامات الحيرة، فان لم يكن ادم من أخذ المال ، اذا من هو ..؟؟؟
حاولت ان تبحث مرة أخرى فى أرجاء غرفتها ، لكن الحقيبة مختفية تماما.
بقت تتنهد وهى تتقلب على فراشها ، حتى ساعات طويلة الى أن سحبها النوم الى طيات أحلامها .
وفى الصباح الباكر ، أستيقظت مبكرا ، بسبب طرق الباب المستمر .
وعندما قامت بفتح الباب وجدت عمها ناجي أمامها ، يطمئن عليها .
_ روحتى الجامعة ياياسمين
_ هاااه ، ااااه روحت ياعمى
_ وايه رايك ؟؟
توترت ياسمين ، فعين عمها تنظر اليها بترقب ، شعرت أنه يريد أن يطمئن عليها ويرى أنها سعيدة فأرادت أن تخفى مابها فقالت
_عجبتني ... اوى
_ كويس ياحبيبتي ... كويس ..
وبعد ان اطمئن العم ناجي على ياسمين ، خرج الى عمله
مبكرا بدون حتى ان يرى زوجته او ابنه .
وبقت ياسمين تنظر الى سقف غرفتها ، فلم تعد تطيق المكوث فى تلك الحجرة .
زفرت بقوة
وانتفضت تقف على قدمها ، وذهبت تتفحص ملابسها .
لايوجد ملابس ، مال ، اى شئ .
أرتدت ملابسها الخاصة بالرجال ، وخرجت من غرفتها بتوجس على أطراف أقدامها ، حتى وصلت الى بوابة المنزل .
دهشت عندما وجدت سيارة أدم تقف أمام بوابة المنزل ويشير اليها أن تدخل الى السيارة .
انقلبت قسمات وجهها وهى تنظر الى لبني وهى تجلس بجانب أدم ،و ترنوا اليها بسخرية .
هنا ،جاء بخاطرها وهى تراقب تصرفات لبني الساخرة ، أنها هى من أخذت المال .
كزت على أسنانها متوعدة لها .
ودارت بظهرها تخطوا الى الطريق ، بدون أن تعير أى إهتمام الى أدم .
فخرج ادم من سيارته وهو يبتلع غضبه بصعوبة ، وأمسكها من كم ملابسها ساحبا إياها الى السيارة ، فرفضت وحاولت أن تهرب منه ، فقام بحملها على ظهره وأدخلها سيارته ، تحت نظرات لبني المشتعلة .
_ ازاى تعمل كدا ، أنت نسيت . دي خنثي .
.....مينفعش ياحبيبي... .ممكن هى تفهم غلط .
هتفت بها لبني وقد وصل بها الحال الى البكاء ، فقد نهشت الغيرة قلبها بالأنياب الحادة ، حتى نزف بنيران حارقة .
لم يعطي أدم لها بالا فقد كانت عيناه تائهة عن العالم ، لاتعرف سوي طريق العيون الزرقاء .
وبرغم الضيق الذي يدور حول رأس ياسمين من أدم ، تلاشي بسرعة وهى ترى لبني مشتعلة من الغضب ، حتى إرتسمت على شفتاها بسمة خفيفة وأسرعت فى إختفائها .
شعرت ياسمين بطول الطريق وثقله ، وبدأت تختنق من تصرفات لبني وهى تتدلل وتفرد رأسها على كتف أدم .
_أففف
خرجت من ثغرها بدون قصد ،فانتبه لها أدم بعيناه التى تتسلل اليها شمس الصباح تزيد لمعتها ، وترتسم شفتاه بابتسامة تكشف أسنانه اللؤلؤية تعكسها أشعة الشمس ببياضها الناصع .
وقفت سيارة أدم الفارهة أمام الجامعة بجانب سيارات فخمة من الجيل الأجنبي .
نزلت ياسمين من السيارة منبهرة من هذا المدخل الفخم ، الذي يطل على البحر من الجانب الشمالى، كانت النسمات تمر الى شعرها القصير تجعله يتطاير حتى يخفى وجهها .
_ أستني ... عشان اوديكِ
_ ياأدم احنا مالنا ، هو اكيد هيعرف الطريق ويسأل اى حد.
قالتها لبني وهى تجذب أدم من جاكت بذلته الزرقاء .
فأمسك ادم يديها بقوة حتى يمنعها من جذبه .
وقال أسمها ياسمين ... بلاش تقولى هو دي تاني .
وروحي على المدرج انا جاي وراكِ .
قالها أدم للبني ، وهو يشير الى ياسمين ، حتى تذهب خلفه .
كانت ياسمين تنظر اليه باستحقار ، وتتنهد وهى تخطوا خلفه .. فى هذا الطريق الكبير ..
كلما كان يخطو خطوة كان ينظر اليها من الخلف ، حتى يرى ان كانت تخطو وراءه أم لا .
قام بالمشي ببطئ حتى يكون بجانبها ويتابع نظراتها الداهشة وهى ترنوا الى مبني الكليات داخل الجامعة والى الطلاب .
صدم وهو يراها بهذا الهدوء ، فقد كان خائفا إن كانت ستشعر بالزعر من وجود هذا الكم الهائل وخاصةً وهى تبدو فتاة .
وبعد ان قام بتوصيلها الى المبني ، قال لها
_ الساعة ثلاثة بالدقيقة تكونى واقفه هنا ، انت فاهمة ،
واعرفى،... تصرفاتك هتحدد ، حياتك هتبقي مريحة ولا صعبة معايا.
فى تلك اللحظه سمع صوت يهتف باسمه .،، فالتفت ينظر والرعب يغزو اضلاعه .
_ أدم ، كنت فين ياعم كل دا عشان ....
...... إسلام ....
...... أنت عامل كدا ليه ...
حاولت ياسمين أن تهرب فقد ملأ التوتر جوفها، وهى ترى زميل لها .. الشاب الذي يسخر منها دائما ، والذي هو رفيق أدم المقرب منذ الطفولة .
مسك ادم يدها حتى لا تهرب ، فأقبل هذا الشاب ينظر اليها بغرابة . وهو يقول
دا لما قالولى الاسبوع اللى فات انهم شافوك فى الجامعة ، وصابغ شعرك مصدقتش .
.. متسترجل بقي يلا ...
هتف أدم بغضب به ..
_ ياسمين ياسيد ، مش إسلام . ومتشغلش بالك بيها .
_ انت بتقول ايه يابني .. .فى تلك اللحظة هربت ياسمين ،بعد أن أبعدت يد أدم عنها بصعوبة .
وذهبت الى داخل المبني الذي أمامها .
حاولت أن تبتلع دموعها ،ولا تجعلها تهرب من عيناها ، حدثت نفسها
( دي البداية ، متعيطيش ، أنت قوية )
حاولت أن تعطي نفسها قدر كبير من الكلمات التى قامت بحفظها طوال الاسبوع .
لتقف قدماها بصدمة وهى ترى سيف أمامها .
أدارت ظهرها بسرعة وعندما تحركت قدماها لتهرب
(الى حد أمتي هتهربي ياسمين ، واجهي الناس كلها ، نسيتي حلمك ، نسيتي كنت بتقولى ايه ، هتعشي حياتك ازاى وانت بتهربي ومش قادرة تواجهي اى حد ، اقفى، اقفى )
_ عاوز اتكلم معاك ... تعال قالها سيف وهو يقف أمامها وينظر الى داخل عيناها .
_ مش عاوز اتكلم ، سبني لوحدي ،وابعد .
قام سيف برفع يده بتلك البطاقة أمام عيناها ، التى سقطت منها منذ أخر مقابلة بينهما .
شهقت وهى تنظر اليها ، فرفعت يدها مسرعة تسحبها منه ، لكن ، قام بخفيها فى جيب بذلته بجانب صدره .
ابتلعت ريقها وهى تخطو خلفه ، حتى وصل الى المبني الخاص بطلاب كلية تجارة .
أشار اليها وهو يقف أمام تلك الغرفة ، بلافتة المعيدين والاساتذة .
_ أعدى
رفعت بصرها اليه وهى تراه يتحدث معها كا أنثى .
فأردف بلهجة لم تسمعها منه من قبل .
_ أنت كنت بنت ، بصراحة فى البداية اتصدمت من حاجة زي دي ، هتصدقيني لو قولتلك أنى كنت بشوفك بنت ، مش عارف ليه .
..... كنت بحسك غريب ... ، دلوقتى ، حاسس انكِ طبيعية .
معرفش ظروفك كانت ايه ، بس متهربيش من حد تاني .
لا تعلم ماذا تقول فى هذا الموقف ، فرفعت عيناها اليه لترى أن نظرته لها متغيرة تماما عن السابق .
شعورا غريبا أحتل كيانها وهى تنصت الى كلامه ..
_ انت.. أقصد ياسمين ، انت فيك كل حاجة حلوة ياياسمين ، بس فية حاجة شغلاني ومستغرب منها .
لييه كل ماتشوفيني تضربيني ، لا بتكلم معاك بجد .
.....قالها وهو يبتسم ... ثم أخرج من جيبه تلك البطاقة الطبية وقدمها لها ..
_أنا اسف .. على كل حاجة
وعندما بسطت يدها لتأخذها قام بسحبها مرة أخرى
وأردف وهو يبتسم
_ اتمني تنسي اللى فات ، ونفتح صفحة جديدة ... هاااه ... ماشي .. ياياسمين .. ؟
كان ينطق حروف اسمها متلذذا بكل حرف ، بطريقة جعلت وجهها يتورد خجلا .
فاقتربت منه حتى تأخذ البطاقة لكنه ابعدها عنها، كأنه يريدها ان تقترب منه .... فقال لها
_ بنت زيك مفروض تلبس زي الاميرة ، ولا إيه ..
... نجحت فى المرة الثالثة بسحب بطاقتها من يديه ، وخرجت مسرعة من أمامه .. فقال مودعا وقد شعر بالتوتر من اقترابها منه ...
_ لو احتاجتي حاجه فى الكلية تعالي .. هساعدك ...
كان يتابعها وهى تجرى من أمامه، ويتذكر عندما ذهب الى اسم المشفى المذكور فى بطاقتها ، ويسأل عن معلومات تلك البطاقة ..
لا ينكر الصدمة التى تركته بها الممرضة بعد أن أخذت المال لكي تعطيه معلومات عنها ، بأنها كانت خنثي .
لكن أختفت الصدمة وهو يتذكر أن عيناها كانت دائما منكسرة حزينة .
أشفق عليها كثيرا فقد كان دائما عنيف معها ، وشعر بالراحة أيضا من هذا الشعور ، وسخر من نفسه وهو يرى أن عيناه كانت تشعر بها .. وتعرف ماتراه .
لكن عقله كان غبيا.
***
لايعلم بأن كلماته تركت أثرا طيبًا داخلها ، جعلها تتقوى بها ، جعلها تبتسم ... لأول مرة تهرب من عيناها دموع السعادة ..
بأن يعترف رجلا بأنوثتها .. وليس هذا فحسب . ومن سيف ، الشاب الأكثر بغضا ..
تساءلت هل سيكون رد فعل رامي مثله ... ؟
ذهبت مسرعة الى مبني جامعتها ، لأول مرة تشعر بحماس ، لأول مرة ترفع رأسها .
تنظر الى الجميع ، لترى نظرات الجميع لها ،التى كانت تخشاها ، ماهى الا نظرات إعجاب .
دخلت الى المحاضرة الاولى ، الثانية ، الثالثة ، ونست تماما ان الساعة تجاوزت الخامسة مساءًا
خرجت من مدرج المحاضرة لترى أن الشمس تذهب مودعة ، ويظهر القمر على سطح السماء .
قصدت موقف الحافلة ، والبسمة تعلو شفتاها ، وبعد ان وصلت الى البيت .
بقت فى غرفتها أربع ساعات من السعادة والهدوء أمام مرآتها .
ظهر صوت طرق الباب مباغتةً بعنف ، قامت تفتح الباب ، لتجد أدم بعيناه الغاضبة ..
_روحت فييين
...... أنطقى .... كنت فين ....
شعرت ياسمين بالخوف من عيناه ومن صوته المرتفع .. فقالت بتوتر
_ كنت .. فى الجامعة ..
_ انا قولت لك ايه ...
_ ما أنا ملقتكش ... فروحت
_ كذابة .... يعني عاوزة تفهميني أنك ركبت اتوبيس ...
ركبت فين ... وجنب مين ...
كان أدم يتحدث بسرعة وغضب ،حتى شعرت ياسمين بالخوف من أن يقوم بتعنيفها . فابتعدت عنه تدخل الى غرفتها وتوصد الباب خلفها ، لكنه، دخل وراءها ..
وعندما شعر أدم بخوفها وارتعاشة شفتاها .
حاول كتم غضبه ، وخرج مبتعدا عنها .وهو يزفر بشدة .
*****
ظلت ياسمين تبكي طوال الليل ،على مابدر من أدم ، وشعورها أنها تحت رحمته ، فعمها أكثر الأوقات خارج المنزل .
وتمضي الايام
كلما تريد أن تخرج من البيت يتأسف لها العم عبده ولا يفتح لها بوابة المنزل .
واستمر أسبوعا كاملا على هذا الحال .
حتى جاء العم عبده يخبرها أن هناك رجلا يريد رؤيتها ، فذهبت مسرعة إليه لتجد انه رجلا غريبا يعطي لها صندوقا كبيرا أبيض بشريط ذهبي وباقة ورود زرقاء يخرج منها عطر فواح ينعش القلوب ، ويخبرها أن تقوم بالتوقيع على استلامه فى ورقة .
أخذت الصندوق الكبير تحمله بصعوبة ، وترفعه الى يدها. ، فلمحت أدم وهذا الشاب الذي يرتدي ملابس رياضية ينظروا اليها .
فأسرعت بالذهاب الى غرفتها حتى لايتبعها أدم .
وضعت باقة الزهور على فراشها بعد ان لثمت عطرها ، وتعجبت من جمالها .
وأسرعت بازالة الشريط الذهبي بصعوبة من الصندوق ،فضولها يشعل قلبها وعقلها .
رفعت غطاء الصندوق بفارغ صبر ، لينعكس داخل عيناها ، فستانا ورديا مع نقشة ورود حمراء صغيرةعلى طرفيه ، وفستانا أبيض هادئ .
اخرجتهما من الصندوق الكبير بعيون مسحورة لهذا الجمال ، وضعت الملابس على جسدها لترى انهما يتناسبان مع طولها وجسدها ، ذهبت مسرعة لتنظر الى باقي الحاجات فى الصندوق ، لترى علبة حمراء على شكل قلب ، فتحتها مسرعة ، لتجحظ عيناها وهى ترى ملابس داخلية شفافة بلون الابيض ، شعرت بسخونة وجنتيها تلتهب بحمرة الخجل .
أقبلت تفرغ محتويات الصندوق ، اكسسوارات نسائية براقة ، زهور حمراء فى كل مكان ، وفى نهاية الصندوق ، وجدت جواب ..بجانب حذاء أحمر لامع .
رفعته بسرعة أمام عيناها تقرأ مافيه
( الزهور لا تعيش الا فى مكان رطبًا بالمحبة يملك رائحتها ، وهذا المكان فى قلبك فقط ، فهل تقبلي ياأميرتي )
_ معقول ... يكون .... سيف
...... لا مش ممكن .... بس هو قال.. انى ...... لا لا
أومال مين ....
قالتها والابتسامة على وشك ان تمزق وجهها من كثرة السعادة ...
_ ياتيييت ياسيف ... هدوم داخلية ..
.... لا وكمان على قدى ..... لازم أحذر من الولد دا ...
لم تستطع أن تغلق عيناها من فرط السعادة ، وخاصةً من عطر الزهور الزرقاء .
كلما يمر بعض الوقت ،تذهب وتبحث عن الملابس تخشي من أن يكون حلما جميلا وتستيقظ على أختفاء كل شئ .
كانت الابتسامة تتوج شفتاها ،وترسم داخل عيناها بخيوط السعادة .
_ أول مرة فى حياتي أكون سعيدة كدا ... انا بجد فرحانة .
غلب النوم عيناها وفى أحضانها الزهور الزرقاء ، ليأتى الصباح مصاحبا لزقزقة العصافير التى تقف على شرفتها ، فكان عطر الزهور مناديا لها .
تثآبت وهى تشعر بخفة جسدها ، وقامت على خزانة ملابسها تنظر الى الاكسسوارات ..
جاء العم عبدو يخبرها ، أن تهيئ نفسها لذهاب الى الجامعة ، وان أدم سينتظرها فى الخارج .
مرت ساعتين كاملين تنظر الى مرآتها ، التى أصبحت تعشقها أكثر وهى تنظر الى نفسها .
كانت المرة الأولى التى ترى فيها جمال عيناها ، وشفتاها ،وقوامها ، وضحكتها ..
وضعت زهرة زرقاء داخل شعرها القصير الاحمر ، وارتدت قرط الاذن الطويل ، حمدت الله انه من النوع المضغوط فهى لم تثقبهم أذناها بعد .
اختارت اليوم الفستان الأبيض بأكمام واسعة . وارتدت حذائها الاحمر الخفيف .
خرجت من بوابة المنزل ،لتهب إليها نسمات الخريف ترحب بها حتى جعلت ملابسها تتطاير مع شعرها ..
نظرت اليه بعبوس وهو ينتظرها فى سيارته فتمتمت
_ كويس ان لبني مجتش ، هفففف هحاول اتجنب اي نقاش معاه ، انا عاوزة احافظ على شوية الفرح اللى فيا .
لو تم سحره من كافة ساحرات الدنيا ،لن يتم سحرة بتلك الطريقة التى ينظر بها اليها .
كأن عيناها عالمًا شاسعًا ،يرحب به ليسكن داخلها .
كأن عبيرها يعانق أنفه بنعومة ،يسمح لقلبه باستنشاقه رويدا ... حتى يزف داخل عروقه بمشاعر لم يعد يستطيع أن يُخفيها .
خرج من سيارته ، يخطوا اليها، ليأتى صوت ينتشله من رسم عالمه الخاص معها ، ويتلطخ ألوان أحلامه
_ إسلام ...
هتف بها صاحب العينان المتمردة الزيتونية ،ليصب داخلها بالرعب وهى تلتفت اليه ...
...يتبع .....

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:57 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الثالث عشر
ارتفع صوت قلبها ينبض بقوة ، لاتسمع سوي خفقانها ، ولا ترى عيناها سوي الضباب ،التفتت إليه وفكها السفلي يتدلى لأسفل .
عيناه المتصفحة الجريئة تجعلها تخجل من نفسها ، حتى شعرت بأن ثقتها أهتزت .
_ يعنى اللى سمعته صحيح . قالها رامي بجدية ، وعيناه تنظر اليها بجرائة .
نفسها تبرر داخلها ربما تملى عليها الكلمات حتى تصل الى شفتاها ، لكن ، توقفت بل شلت عن الحركة ، لم تُرد أبدا ان يعرف من أحد سوي منها ، بطريقة متدرجة .
لكنها تأخرت .
_ مخنث ..!
هتف بها رامي وعلى وجهه نظرة إستحقار ، ومن ثم أدار ظهره ومشي فى طريقه ، فاقترب أدم من ياسمين يمسك بيدها ،فكانت باردة ، شبه ضائعة ، فقد مرت الكلمة على أذناها كالصاعقة التى ألقت رعدها على كافة أنحاء جسدها .
أطمئن أدم وهو ينظر الى رامي وقسماته العنيفة ، وبرغم كلماته المؤذية لياسمين إلا أنها تركت فى نفسه الراحة ، فما كان يخشاه ويؤرقه طوال الأيام الماضية لن يعود ، بل ، اختفى الطريق الوعر من أمامه بسهولة .
وبعد ثوانى من الصمت والضياع ، رفعت بصرها الى أدم ، لتره يرنوا اليها بنظرات أخفاها الضباب عن عيناها ، دارت لتذهب الى البيت مسرعه ، ولم تشعر باليد التى تقيد يداها بعروق قلبه تمنعها عن الذهاب .
_ ابعد أيدك ، مش راحة ، ابعد .
هتفت بها ياسمين بعنف ، والدموع على وشك الهروب من عيناها ، لم يرد أن يترك يدها أبدا ، يرد فقط أن يبقي معها ، لكن عيناه وهى ترى حزنها البأس على رامي يجعله يغضب وينحرق بلذعة الغيرة النازفة .
فتركها .

مخنث !! الكلمة لا تترك أذناها عن التردد كالصدى داخلها ،فقد كان رامى أكثر ماكانت تخشي ردة فعله ، وبالفعل كانت الأسوء ، فقد وجهه اليها كلمة ، كانت تخشاها كثيرا من الأخرين ، ولم يأتى فى بالها أنها ستخرج من شفتاه يوما .
عاد اليها ثقل جسدها ، لا تستطيع النوم سوى ساعة أو ساعتين ، لم تتوقف تلك الخيالات عن الاتيان إليها .
الشئ الوحيد الذي يجعلها تستمر فى الحياة هى أحلامها، التى تأتى فيها والدتها ، تشعر بلمساتها ، حنانها .
كما كانت تفعل دائما ، قبل أن تذهب الى جوار ربها.
قامت من الفراش وهي تشعر بالمرض ،جلست فى شرفتها تنظر الى السماء والنجوم .. ثم ذهبت تجلس بجانب طاولة وأقبلت تخرج مشاعرها فى ورقة صغيرة...
(تعالت اصوات قلبي بالاشتياق
فكان مؤلما لى بوحدتي الصماء
التمعت عيني بقطرات الحب
تشتهى عناق تشتهى نبضات
أنّ لبشر يرى مابداخلي
من البوس والحزن ضاع عقلي
.... والمؤلم
طارت سنوات عمرى هباء
فى خلية الحياة وحيدة ...
أترانى ، ام انى لا أراك
هل تسمع نبضات قلبي
أم علتي وصلت لحد السماء )

..... وتمضي الايام ....
كانت تجرى بسرعة على الجميع، لكن تمر على قلبها بخطوات السلحفاة العجوز .
شعرت بحاجة ماسة بالذهاب الى الطبيب، لكن ، لم يكن معها أى مال ، فاختارت أن تذهب الى عمها فى الليل الثقيل ، وقفت أمام غرفته الرئيسية ، ليتسرب اليها همسات بإسمها ، فاقتربت أكثر من الباب تلتقط الكلمات .
_ هتفضل قاعدة معانا هنا إزاى ، وفيه ثلاث رجالة .
... متقوليش انها فى محنة ، حاول تأجرلها شقة .....
...إتصرف ...
_ وطى صوتك ياريهام العيال هتسمع .
_ البت اللى اسمها ياسمين دى تطلع مين هنا ، لإما أنا اللى هتطلع .
وضعت ياسمين يدها على ثغرها بخوف ، وهربت الى غرفتها تبكي ، فكيف لها أن تخرج من البيت ، والى أين ، فهى لا تملك من حطام الدنيا سوي عمها .
****
وفى الصباح الباكر ..
وصل اليها طرق الباب لترتعد مما تخشاه وهى تنظر الي عمها بعيون راجية ألا يتركها ..
جلس كل منهما أمام الأخر ، الكل منهما لديه كلمات ، عالقة داخله ، ينتظر الأخر أن يفصح ، لكن الصمت كان سيد الموقف، حتى بدأ عمها ناجى عن التحدث وسؤالها بالإطمئنان عليها .
_ خدي يابنتي الفلوس دى ، لو محتاجة تشترى ،أى حاجة.
شعرت. ياسمين بالخوف وهى تنظر الى المال ، فهى لا تريد أن تكون حملا ثقيلا عليه ، وخاصة ً بعدما سمعت كلام زوجة عمها .
فقالت
_ أنا معايا ياعمي ، خليهم بعدين
وأصرت ألا تأخذ المال ...
تنهد عمها ناجي وهو ينظر اليها ، ويربت على ظهرها فقد فهم من كلامها أن المبلغ الذي سرقته من أدم لا يزال معها .
فعندما ذهب الى الطبيب ، أخبره أنها أجرت كل الفحوصات ، وقامت بدفع مبلغ كبير .
فعلم حينئذ أنها هى من سرقت المال من أدم ، وخشي أن يواجهها بالأمر ، كى لا تشعر بالاحراج من نفسها .
شعرت ياسمين بالراحة وعمها يخبرها أنه سيقوم بدفع تكلفة تعليمها حتى تتخرج ، والى ان تحصل على عمل ، وأنه يجب عليها فقط أن تتفوق فى دراستها .. فقالت ياسمين.
_حاضر ياعمي ، هسمع الكلام ، بس خلينى معاك وجنبكم هنا .
أنخلع قلبه وهو يرى الدموع تتساقط من عيناها ، فعلم أنها سمعت بحديثه مع زوجته البارحة ، فبكي على تلك الصغيرة التى تحملت كثيرا فقال وهو يحتضنها ...مشفقا عليها أكثر
_ أنا قولتلك أنك بنتى ، فى حد يسيب بنته .متقوليش كدا تانى ، أنا عمرى ما هسيبك ابدا أنسي كل اللى سمعتيه .
شعرت ياسمين أن أدم هو السبب فى ذلك الكلام الذي خرج من ثغر زوجة عمها .
فبقت أسبوعا كاملا فى غرفتها حتى جاءها العم عبده يخبرها ، بأمر هذا الرجل مرة أخرى ، فأسرعت إليه .
لترى صندوقا أصغر قليلا من الصندوق الضخم الذي وصل اليها مسبقا وباقة من زهور الياسمين .
حملته وهى تدخل الى غرفتها ، ويتولد داخلها بعض السعادة البسيطة ، قامت بفتح الصندوق بعد عدة محولات فقد كان مؤصدا بقوة ، وكانت تقطع الشريط بعنف حتى تعرف مابه.
وعندما قامت بفتحه ، وجدت سلوبيت ابيض بخطوط سوداء بقماش من الشيفون .
وحذاء رياضيا بلون الابيض مع شريط لامع . وحقيبة زرقاء صغيرة
كلما تأخذ شيئا منه تجد شئ أخر بالاسفل ، حتى وصلت الى النهاية ، لترى ورقة مع جواب بداخله بعض المال .
( ربما تتسألين لما أرسل اليك الكتير من الزهور ، لا تتعبي نفسك فى تلك الاسئلة ، دعى الزهور فقط على أنفك وستخبرك ما تركت داخلى من قطرات الحب حتى وصلت اليها )
ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتاها الناعمة باللون الوردى ، فأقربت الزهور من انفها ، ليصل اليها رائحتها الجميلة ..
فقالت
_ مجنون ...!!
فأغلقت الورقة بطيها عده طبقات ، ونظرت الى المال وهى تتنهد ، فيدها تشعر بالعجز برغم الخجل ..
_ هرد جمايلك دى كلها ازاى ياسيف ..
ليه رامي مش زيك ...
شعرت بألم فى قلبها ، فأخرجت زفرة طويلة ، ثم وقفت أمام المرآة ، وهى تمسك بهذا السلوبيت .
ارتدته وهى تنظر الى المرآة باعجاب ، فجرى اليها الحماس ، فخرجت فى فناء المنزل . تشم عطر الهواء الذي كان مليئ براحة الياسمين .
وبعد إمضاء بعض الوقت مع الزهور ، قررت أن تذهب الى الطبيب الخاص بها ، فرجعت لتأخذ المال من غرفتها ، وما إن عادت ، لترى دراجة تمسكها لبني ، يظهر أنها قامت بشرائها ..، فالتمعت عين ياسمين بالخبث ، وأنتظرت لبني أن تصعد لأعلى ، وقامت بخطفها ، وذهبت مسرعة بها .
لم تتوقف عن الابتسام والضحك ، وهى تتخيل ردة فعل لبني .
فقد فكرت كثيرا أن تذهب اليها وتخبرها عن المال الذي تشك بأنها أخذته ، فخافت فى اللحظة الاخيرة أن تذهب وتخبر أدم ، فيأتى اليها من جديد ويوبخها بأنها لم تعد المال الى رامي ...
_ أأأأه ، يارمي .. طلعت نااار وأنانى .. نسيت أننا صحاب فى ثانية ، وحرقت دمى .
أنقلب وجهها الى العبوس وهى تتذكر ما مرت به معه منذ الصغر .
حاولت أن تطرد تلك الأفكار ، وتخبر نفسها أنها ملت من الحزن ..
وما إن وصلت الى الطبيب ، وجدت هالة تجلس على العشب وتقطف الزهور . أسرعت اليها ، وقاما بالترحيب ببعضهما .
_ كويس أنك غيرتي من نفسك ياياسمين .
_ أأه الحمد لله ، التغير مكنش سهل ، بس أديت لنفسي فرصة .
_ بصراحة أنت بنت جميلة ورقيقة .
نظرت ياسمين اليها طويلا وقالت .
_ وأنت كمان ياهالة .. جميلة ، ليه مابتديش لنفسك فرصة .
_ أديت كتير ، روحت لدكاترة فوق ماتتخيلي بس فشلت ، تعرفي ساعات بفكر أحول نفسي لراجل ، أنا بجد حاسه أنى فى جسم غلط، أنا بحب البنات ، وبنجذب ليهم .
_ وليه متقوليش أن الدكاترة هما اللى فشلوا ، وبعدين ياهالة التغير فى الخلقة حرام ، وبعدين هو الدكتور لبيب لسه مخلكيش تبدئ العلاج .
_ ماأنا باخد علاج ، بدأت فى العلاج الهرمونى ، ومفيش أى تحسن .
_ أكيد التحسن بيجي مع الوقت ، بس أنا حاسة أن صوتك بقي ناعم شوية عن الأول .
_ صوتى ايه ، أنا عاوزة نفسي من جوه اللى تتغير ..
_ اللى يشوف عزيمتك وأنت بتتكلمى أول مرة ، ميشفكيش دلوقتى .
_ فوكك ، خلينا فيك .
_ لا فيا ولا فيك ، خلينا نفرح شوية من النكد .
بقت ياسمين وهالة يقصون على بعضهما ما حدث فى الفترات الاخيرة ، يحكون ساخرين على حياتهم وما فيها من متاعب . فقالت هالة ..
_ تفتكرى ياياسمين هنبقي طبيعين في يوم من الايام .
_ مش عارفة ، بس الدكتور بيقول ، ان لازم اقنع نفسي أنى طبيعية .
_ بيقولى كدا برضه ، بصي استنيني لما أخلص عند الدكتور ونروح نلف مع بعض ، ماشي .
وبعد مرور الساعات وأنتهاء كلا من ياسمين وهاله من زيارة الطبيب ، أختاروا أن يذهبوا الى أحد المطاعم .
وعندما أنتهوا
جلست هالة خلف ياسيمن وهى تقود الدراجة ،ولم تتركها ،، وأخبرتها أن تُعرفها اين طريق بيتها .. حتى تقوم بزيارتها
وفى الطريق شعرت ياسمين بالإجهاد ، فأخبرتها هالة أنها من ستقود الدراجة .
وبقت ياسمين تعرفها الاتجاهات ، وفجأة تعطلت المكابح ولم تتوقف الدراجة عند النزول من المنحدر ، بقت الإثنتان يصرخا وياسمين تصيح بأنها عين لبني .. وهالة تخبرها من هى ..
وفجأة ظهر شاب يرتدي ملابس رياضية يقف فى منتصف المنحدر ، فازاد الصياح أكثر .
أشارت هالة لشاب لكى يبتعد ، فاسرع الشاب يبتعد عنهما ، لكن عاد مرة أخرى ووقف أمامهما ، فاصطدم بهم . وطارت أحدى عجلات الدراجة على الرصيف .
_ إيه دا ..إبعد يامنحرف ... هتفت بها هالة على قارعة الطريق وهى فى أحضان هذا الشاب الذي قام بإمساكها حتى لا تسقطت على الرصيف .
أما ياسمين فقد ألقت نفسها على الرصيف قبل الارتطام .
وبقت تنظر اليهما وتضحك ، على موقف هالة .. وهى تصيح فى وجهه الشاب .
فوقف الشاب امامها ، وقال
_ مكنش ينفع أسيب بنتين حلوين يقعوا على الارض .
_ بنت فى عينك أنا راجل ياض ، صدقيني ياسمين أنا فاهمه حركاتهم دى دا هو ما صدق ..
هتفت بها هالة وهى تشير الى الشاب بعيناها المستديرة التى تشبه لطافة الارنب ، ثم قامت بسحب ياسمين التى كانت تضحك برغم خدوش يدها التى تنذف . ويمشون فى الطريق ، وما أن ابتعدوا عدة خطوات ، علا صوت ضحكاتهم الساخرة ..
_ حتت موقف .. عيل تييييت .
_ اللى ضحكني أنك بتقوليله أنك راجل وصوتك كان مسرسع .
منظر الولد يضحك وهو بيبص لينا ..
_ اتنين بيتعالجوا نفسيا يعني تتوقعى ايه ، وبعدين ايه العجلة الخربانه دي .
لم يتوقف الاثنان عن الضحك حتى وصلت ياسمين الى المنزل ، فدخلت معها هالة تنظر الى المنزل بتفحص ، حتى وجدت شابا طويلا بعيون رمادية ، يهرع الى ياسمين .. ويمسكها من زراعيها ويقوم بتوبيخها .
_ كنت فيين كل دا ، أنا مش قولتلك .. مفيش خروج قبل المغرب بساعة .
_ ايه دا ... مين دا ياسمين ، وبيكلمك كدا ليه ، وبعدين ايه شغل الحضانة دا مغرب مين يابابا .. .
أنتبه أدم إلى تلك الفتاة التى ترتدي ملابس شباب ، فنظر اليها باستحقار ..وهى تتحدث معه بغضب ساخر.
_ عم عبده ... مين اللى دخل البنت دى هنا .
قامت ياسمين بسحب هالة من أمام أدم ، وذهبت مسرعة الى غرفتها ..
فقالت هالة
_ مين الولد دا ..فاكر نفسه مين عشان يكلمك بالاسلوب التييت دا
_ ابن عمى ، اللى حكتلك عنه ..
_ أدم ...بتهزرى ..، والله خسارة فيه الحلاوة اللى فيها ، أنا تخيلته من كلامك ضبع جربان .
ضحكت ياسمين على كلام هالة الساخر ، وجلس الاثنان مع بعضهما ، حتى أرتها ياسمين الملابس التى تأتى اليها ، والزهور .
_ شكلهم حلو أووى ياسمين ، شكل الواد دا هيموت عليك ، أنا لو منك أتجوزه .
_ ههههههه مش لدرجادي ، أنا حاسه أنه بيشجعنى ، أما من نحية الحب ، بصي هو مجرد ...هااا مش عارفة اقولك ايه .
بعد مرور الساعات وقفت هالة تستعد للمغادرة ، فأخذتها ياسمين تودعها عند فناء المنزل ، لترى أن أدم جالسا على مقعدا فى الحديقة ، وينظر اليهما بنظرات خاطفة .
فى تلك اللحظة.
ظهر نفس الشاب الذي اصطدم بهما ، فأشاوا الي بعضهم بصدمة ..
_ أنت ...؟؟؟ ايه اللى جاب هنا ..
_ مش دا بيت ناجى ...
مالو برأسهما بايجاب .، فقالت .
_ يبقي بيتي ..
نظر الاثنان له بغرابة ، فوقف أدم ينظر اليه بشوق جارف ويهتف
_ نادر ....!!
ابتعدت ياسمين وهالة عند بوابة المنزل ، وهى تقول ..
_ أأأه أنا دلوقتى افتكرت ، دا بن عمى... نادر ، أنا كنت بقول شوفته فين قبل كدا.
_ هو أنتوا كلكم حلوين ازاى كدا ...
ابتسمت ياسمين ، وجاء فى خاطرها فى تلك اللحظة كلمة رامي لها ..( أنتم كلكم حلوين كدا ، معندكش أخت بنت )
تنهدت بحزن .. فأخبرتها هالة أنها ستذهب وقاموا بتوديع بعضهما ...
رجعت ياسمين وهى تنظر الى الاخين وهما يتعانقان بحرارة .
فقال نادر وهو يشير اليها
_ هى دى ياسمين اللى حكتلى عليها ، ازيك ياياسمين ..أنا نادر .. فاكرانى .
شعرت ياسمين بالاحراج وهى تنظر الى أدم ، اعتقدت بأنه اخبره باشياء مخجلة ، فلم ترد عليهما وصعدت الى غرفتها .
***
جاء الصباح محملا برياح مملوءة بالاتربة ، قررت أن تذهب الى الجامعة ، فحاولت الخروج مبكرا بدون علم ادم ، وتسللت بدون أن يراها العم عبده أيضا .
وخاصةً ان طوال الليل كانت لبني ، تطرق الباب بعنف ، بسبب دراجتها التى رأتها محطمة .
وبعد ان وصلت الى الجامعة ، جلست أمام المبني الخاص بكلية الهندسة ، تنتظر موعد المحاضرة ، مرت ثلاث ساعات عليها وهى تنظر الى العشب والورود الحمراء التى تزين مدخل الجامعة .
لمحها سيف وهو يمر على الطريق المؤدي الى مبناه ، فاقترب منها والجميع ينظر اليه .. وما أن رأته أنتفضت واقفة ووجها يتلون خجلا .
فقال لها وهو يرنوا اليها باعجاب
_ زهرة الياسمين ...
....تعرفي انك أحلا من الزهور نفسي اقول كدا لشخص اللى اختر اسمك
ابتسمت وهى تراه ينظر اليها باعجاب ، فأردف
_ هتخلصي امتى محاضرات .
_ على الساعه ثلاثة .
_ بصي ساعة ماتخلصي ، انتظريني هنا ، هوريك حاجة مهمة .
لا يعلم انه قام بايقاظ فضولها ، فبقت طوال اليوم شاردة ، تتسأل بما يريد أن يريها . لكن تلك التسؤلات كلها تلاشت وهى تجلس فى المحاضرة فى المدرج السابع وترى رامي يدخل أمامها ، ويرمقها بنظرات لا تختلف عنها .
جلس فى المدرج الأخير فبقي مقابلا لظهرها ، يراقب كل تصرفاتها ، ولكن جلس وراءها بعض الشباب يحجبون الرؤية عنه ..
صدمت ياسمين وهى ترى زملاءها الشباب والبنات من ايام المتوسط ،ممن هم فى فرق أخرى وجامعات مختلفة عنها ، يجلسون خلفها ، يهمسون ، ويضحكون بصوت هامس يصل اليها واضحا .
تنصت لكلمات تذبحها لكن بقت تحاول أن تركز مع المحاضرة .
كلما يتحدث الأستاذ الدكتور ، ترفع يدها وتسأل وتجاوب ، وتظهر لهم أنها لا تعيرهم أى أهتمام
_ اسمك ايه ، ياطالبة.
هتف بها الاستاذ الدكتور أمام الطلاب وهو يرى أن ياسمين تملك عقلا كبيرا بتفوق وتتجاوب معه ، بأسئلة ذكية للغاية .
هتفت بأعلا صوتها الذي ينبع بداخله الثقة ،حتى هى لم تصدق نفسها وجرائتها
_ زهرة الياسمين ...
هنا ظهر صوت زملاءها الذين يجلسون خلفها يضحكون بأعلا صوت بسخرية مريرة ، جعلتها تغمض عينها بألم ، وتطلب القوة من الرحمن .
فهتف الدكتور ..
_ اللى بيضحك وراء .. قم ياخويا أنت وهو تعالوا هنا ، منشوف بتضحكوا علي ايه ..
وقف الشباب يرمقون ياسمين ويهمسون لها بافظع الكلمات ، وهم يذهبون الى الدكتور .
_ اكتب اسم أنت وهو هنا ..
فى تلك اللحظة وقفت ياسمين وهتفت ،.
_ مش فى القسم هنا يادكتر ، فى جامعات تانية، واسمهم ....
أقبلت ياسمين تهتف بكل أسم لديهم ..
فانفعل الدكتور وامتلئ وجهه بالغضب وقام باحراجهم وقام بطردهم شر طرده . وأردف ..
_ أى حد مش فى القسم يخرج بكرة ..
وقفت الفتيات زملاءها ، وقاموا باطلاق السباب لها وخرجوا من القسم . وقال الدكتور .
_ .... زهرة الياسمين ... بعد كدا تعدى فى الدسك الاول لانك هتكون القائد فى الفرقة الاولى .. اى حد عاوز يوصل ليا حاجه هى هتكون المسؤلة ، ماشي ياسمين ، متغبيش بقي .
أمالت ياسمين رأسها بايجاب ، وقد نبض الحماس داخلها ، وهى ترى أن باقى الفرقة يتهافتون عليها بالتعريف عن نفسهم ، ويطلبون صدقاتها .
لمحت ياسمين نظرة خاطفة رمقها بها رامي وهو يخرج من المدرج ، لم تعرف أن تترجمها .
***
خرجت ياسمين من المدرج وخطت فى الطريق ذاهبة الى المكان الذي اخبرها سيف أن تنتظره فيه ، وفى الطريق تجمع عليها الشبان والفتيات زملاءها ، فقامت فتاة منهم بلكزها فى كتفها ، والاخرى بلكمها فى وجهها ، وبقت تنظر اليهم ياسمين ولا تعرف كيف تتصرف بتجمعهم حولها .. ليظهر صوت ذلك الشاب الذي هو صديق أدم ... وهو يقول أمام الجميع ، من طلاب فرقتها و بعض الطلاب الاخرين .
_ متحول .... مش رادي برجولتك تقوم محول نفسك لبنت ، عمرك ماهتتغير هتفضل طول عمرك ولد . بس .... مخنث
تعالا صوت الجميع بالضحك أمامها ساخرين ، متفاجئين ، مصدومين .
وهى .... فقط تائهة لا تصدق ماتراه ، من خبث القلوب ، ووحاشة صدورهم بالغل .
تسألت مع نفسها ..
( ليه .، بتعملوا كدا ...) ( أنا مخترتش أكون ..) (أنا مش متحول أنا مش مخنث ) أنا أنا ...ياسمين . ( ليه ياأدم عملت كدا ، واتفقت معاهم ) ( دا أنا بنت عمك ) ( ليه كلكم وحشين )
من ينظر اليها يراها قوية صامدة تنظر اليهم بجراءة ، لا يرى الصراع الذي بداخلها ، لا يسمع صرخاتها الصامتة، لايشعر بانياب حقدهم تذبح قلبها ، حتى نزف ولم يعد يحتمل ..
لم تتوقف الفتيات عن وكزها فى كتفيها وباقى جسدها ، وشد شعرها ، اقترب هذا الشاب الساخر ، يرفع يده أمامها ويصفعها على وجهها .
تلك الصفعه لم تكن مؤلمة ، ولم تكسرها ،بل كانت مداوية ، جعلتها تفق وتنظر الى تلك الذئاب التى تريد نهش عظامها ، رفعت ببصرها الى هذا الشاب بنظرات غاضبة ، لتركله بسرعة خاطفة فى مؤخرتة حتى أنحنى ظهره من الألم ، فتجمعت الفتيات عليها يعنفوها بالضرب .
وإقترب منها الشاب مرة أخرى يرفع يده عليها ، لتقوم بايقافه يد اجتمع فيها غضب العالم كله حتى قامت بلوي يده وكسرها ، فلم يصرخ من الالم بل من الصدمة وهو يري صديق عمره أدم واقفا أمامه بعينان فهد على وشك افتراس جسده .
سدد له أدم لكمات قوية بسرعة خاطفة فى كامل وجهه، ولم يشفع لقطرات الدماء التى تتسرب من أنفه ووجهه ، ولم يكتفى أدم بذلك ، فجعله يسقط على الارض و يركله فى بطنه.
أقتربت فتاة جريئة تضرب ياسمين على وجهها ، معتقدة ان أدم لن يقترب منها لانها فتاة ، فكان الاسوء لها انه قام بكسر يدها الاخرى .
خلع أدم معطفه ووضعه علي ياسمين ، وقام بسحبها الى سيارته .
كانت تنظر اليه بغرابة وعيناها مليئة بالضباب ، من هو هذا الذي أنقذها ،من هو الذي قام بتحريرها من أيديهم .
لم تعرفه الا وهو يجلس فى السيارة يخرج منديلا ، ويقوم بمسح وجهها وترتيب شعرها بلمسات ليست غريبة عنها .
ويقول بنبرته التى جعلت جسدها ينتفض ..
_ متخفيش ، أنا معاك .
تلاشي الضباب لتصفى الرؤية تدريجيا على عيناها ، لترى أدم ينظر اليها بتلك العينان الغاضبة ..
جاء الليل بعلو القمر يرتسم داخل السماء بضوءه الشديد ، التى أخفته السحب عن عيناها ،واخفت النجوم عن رؤيتها ، لمحت ذلك الرجل الذي يأتى اليها بالصناديق يقف أمام بوابة المنزل ، لكن فى تلك المرة لم يكن معه أى صناديق ،
أعطها ورقة صغيرة ...
ذهبت الى غرفتها .. وقامت بفتحها ... تقرأ مابداخلها
(عيناك سرابا لبئر يسحبني
اخطو اليك وارادتى ليست ملكي
فى الدنيا قالوا ان لكل داء دواء
فكان حبي لك دائى وانت لى كنت دوائى
قالوا ان الحواس خمس
وانا اخبرهم ان الحواس سبع
فالحب فى اذني ينصت لهمسك
الحب فى قلبي يخفقك باسمك
الحب فى عيني يرى سحرك
الحب فى انفاسي يلثم رائحتك
الحب فى شفتاى تعانق شفاهك
الهواء فى رئتي يمتلأ بحبك
الحب فى يدي يشعر بخفقك)
كانت تعيد قراءة الرسالة أكثر من عشرات المرات وتترك فى قلبها أثرا .. ، حتى شعرت ان الرسالة ليست لها ...
_معقول كل الحاجات دي متكونش جاية ليا ، وجيت هنا غلط . بس كاتب زهرة الياسمين ..
ممكن تكون كناية ...
تنهدت وهى تنظر الى الرسالة ... وتردف ..
_ لازم اتكلم مع سيف ..

****
مر يومين كاملين لم يتحدث معها أدم ، يقوم بتوصيلها الى جامعتها ، أمام الجميع ، ولم تأتى الجراءة لأحد حتى يرفع عيناه فى عيناها .
قدم اليها هاتفا جولا بدون كلمة واحدة .
نظرت اليه لتراه انه ليس الهاتف الذي سحبه منها منذ أخر مرة ،بل هاتف جديد .
أخذته مرغمة فقد كانت بحاجه الى جوال معها .
باقى الطلاب كانوا مصعوقين مما سمعوه، لكن ، كلما ينظرون اليها ، يروا فتاة جميلة مثل الأميرات فكانت الغالبية معها يحترمونها ويقدرونها ، وفئة قليله بقت حاقدة بنظراتها فقط، لا تعلم أهو بسبب جمالها أم تفوقها عليهم أم بسبب انها كانت ....
لم تعد تشعر بالخوف ، لم تعد تخشي من نظرات الناس ، بقت تمشي رافعة الرأس ، لا تعرف كيف تغيرت ..
. لا تعلم كيف أصبحت تريد أن تتفوق على الجميع، لا تعلم كيف أصبحت تحب نفسها أمام مرآتها .
لم يتوقف رامي عن الذهاب الى الجامعة ، ولم يتوقف عن النظر اليها ، علمت فيما بعد أنه لم يحضر ماحدث لها من تعنيف ، بسبب عرض كاميرات المراقبة على الشرطة ، لأن عمها أثر على سجن الطلاب الذين قاموا بمهاجمتها . وبالفعل لم يتركهم حتى جعلهم قامو بدفع الثمن غاليا هم وعائلاتهم .
استمرت الايام تجرى كالخيل ، أصبح هدفها هو دراستها حتى صار التفوق مركزها ، وبقي اسمها يلمع فى دفعتها .
اقترب الامتحان وبقت ايام قليلا على الاختبار .
وعند أخر محاضرة قام رامي بايقافها وهى تسير خارج المدرج ، وطلب منها أن يتحدث معها ، ارادت أن ترفض لكن ، لم تستطع بسبب ......
فوقف الاثنان فى مواجهة بعضهما
_ حولت نفسك ليه ، ليه دخلت العالم دا .
_ أسمع يرامي ، أولا أن محولتش نفسي ، أنا أتولدت بعيب خلقى ، وبسبب الظروف ، بقيت اسلام ، وبعدين صلحت نفسي . ومتحولش تحاسبني على حاجة مش بايدي ...
_ مخنث !!!
التفتت ياسمين وابتعدت عنه ،بعد ان قام برمى تلك الكلمة ، لكن أوقفها وهو يقول
_ عاوز فلوسي .
توقفت عن الخطى .. والتفتت اليه .. وقد تحقق تخوفها
_ هرجعهم ليك فى اقرب وقت . اصبر عليا شوية
_ لا مش هصبر ..
_ أنا معيش فلوس دلوقتى ، وبصراحة مش هعرف أكون المبلغ دا غير بعد فتره . ياريت تعمل اعتبار لصحوبية اللى كانت بينا قبل كدا .
التمعت عين رامي بالخبث فقال .. وهو يرفع حاجبا عن الاخر .
_ انا عارف تردهولى بسرعة ازاى
ضيقت عيناها وهى تنظر الي عيناه الزيتونية ، وتتنبأ بشئ لن يعجبها .
....يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 09:59 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الرابع عشر
إبتسم وهو يرى نظراتها له المتحفظة ، التى تجيد قراءة عيناه الخبيثة وتلاعبه بالحروف .ظهرت منه ضحكة خفيفة ساخرة وهو يقول
_ مالك بتبصيلي كدا .
أنت أخر واحد ممكن أبصلك يا مخنث .
انتبهت له بنظراتها المتفاجاة تنتظر كل كلمة تخرج من شفتاه السميكة ، تريد أن تفك شفرة عيناه وما بها من نوايا ، تعلم أنه سيد الخبث يتلوى كالأفعى عندما يريد شيئًا .
فاردف رامي بعيون جدية
_ تيجي تشرح ليا المواد لو أنا نجحت مش هطلب منك اى فلوس .
لم تتوقع ابدا صدور تلك الكلمات من رامي ، خاصةً أنه شخص غير محب لدراسة ، فكثير ماكان يهرب من الفصول الدراسية ،ولا يذهب الى الدروس الخاصة ، فبدأ الشك يجول داخل عقلها بتساؤلات غامضة .
فقالت ..له وهى ترفع حاجبا وتنزل الأخر بغرور .
_ هفكر .
_ بكرة الساعة أتنين ، هستناك فى كافية الجامعة .
عضت شفتاها بضيق ، فدائما مايضعها أمام الأمر الواقع بدون شروط.فردت عليه معترضة .
_ نعم ، دا معاد محاضرة .
_ لو مجتش فى المعاد دا ، هاروح لعمك أطلب الفلوس .
_ خلاص .. خلاص . بكرة الساعة أتنين ، بس بشرط
... متقوليش مُخنث دي تاني ولا متحول ، انا مش كدا .. . انا كنت فى الماضي خُنثي ، لكن دلوقتى ياسمين ،و مش هسمحلك تكلمنى بصيغة المذكر ، أنت فاهم .
_ وهى تفرق إيه ..
_ تفرق كتير
رد عليها رامي
_ خلاص يامهندسة ياسمين . قال حروف إسمها بطريقة تعطى لكل حرف حقه من السخرية .
فنظرت اليه باستحقار وذهبت فى طريقها تحت نظراته المتفحصة الجريئة .
***
كان يشعر بالضيق من تصرفاتها العدوانية معه ، وخاصة ً بعد أختفاء بعض بزلاته الانيقة ، لكن زاد أكثر عند ملاحظته لإختفاء ساعته الذهبية التى أحضرتها له أمه فى أول وأخر لقاء جمعهما ، وكان يحتفظ بها يلثم رائحتها كل ليلة .
لم يعد يحتمل ماتفعله به وقد انعدم الامان بينهما ، فقد كان يخفى ما مر به طويلا بسبب صغر سنها ودخولها الى عش الزوجية فى سن صغير ، لكن نضجت الان ، ولم تتغير برغم صبره عليها .
فأنتظرها فى غرفتهما يمشي بغضب ، وعندما ودخلت عليه وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة .. هتف بغيظ
_ مش ملاحظة أنك زودتيها حبتين يالبني ، طب مش خايفه من أنى أعرف أنك ..(تنهيدة ) ..
_ بتكلمنى كدا ليه ياأدم ، وبعدين متتكلمش بالألغاز ، خليك واضح وصريح .
أطلق زفرة طويلة ، وقال بغضب .
_ يعني مش عارفة أنا بتكلم عن إيه .. قالها وهو يلقي بجانبها صندوقا فارغا الخاص بساعته الرقمية .
لمح نظراتها المترددة وتشتت كلماتها المبهمة فأردف .
_ لو كنت طلبتي منى فلوس مكنتش أتاخرت عنك ، وأنت عارفة كدا كويس لييه تسرقي ، لييه ،وكمان تتهمي البت اليتيمة الغلبانة ، أنت ليه بتعملى كدا .
وقفت لبني وقد أنقلبت قسماتها للغضب وتهتف به
_ يتيمة وغلابة ...!!! قولى بقي الحرباية ضحكت عليك بكلمتين ، وجاي تطلعهم عليا ، أنت عمرك ماهتتغير يا أدم ، هتفصل حطيتني بدور المتهم ، فى حين أنك مش عاوز تعترف أنك اللى غلطان .
_ غلطان !!
.. ليه دايما شايفه أن مشاكلنا فيها غلط وصح ، مشكلتك يالبني أنك دايما بتحكمي ، ونسيتي أن الغلط فينا إحنا الاتنين ، وكان غلطى أنا الأكبر ، بداية من سكوتى عليك وصبري انى اسيبك طول اليوم عند أهلك بعيده عنى ومترجعيش غير بليل ، وأجى أوجهك تقولى أهلى وأهلى ... طب وأنا مليش نسيب فى اى حاجة سيباني لوحدى .. أكل لوحدى ، أكلم نفسي .
تعرفي ...أنت الخسارنة ... أنا أدتلك فرص كتير ، وأنت استغلتيني .
خل أهلك بقي ينفعوك ، وخليك قاعده فى حجر أمك . وأقسم بالله الساعة لو مرجعتش وهدومى ، مش هبلغ فيك صحيح ، بس هبلغ فى اهلك .
ومن ناحية الفلوس إشبعي بيها .
جحظت عين لبني بخوف وهى ترى أن أدم كشف أمرها وان عيناه لم تعد تنظر اليها ، بل فقدت بريقها الذي كان ينير لها فى الماضي ، ... ، فقالت
_ يعني ايه كلامك دا .. عاوز تطلقنى ياأدم .. بعد كل دا ..
فرد أدم مقاطعا ..
_ أنا بقي عاوز أعرف( كل دا ) اللى بتقولى عليه هو ايه ،(زفرة )
أنت أنتهيتي بالنسبة ليا . وقلبي معدش شايفك انا طول عمرى عشت بعيد عن أمى ، عمرها محضنتنى ، كان نفسى حضن زوجتي يعوضني ، لكن الدفى اللى أنتظرته منك ملقتوش ، أنت كنت بعيده عنى يالبني فى أشد وقت أحتياجي ليك، ، كنت أرجع من الشغل بدرى واستني تقوليلي عملت إيه فى الشغل إحكيلي زى ما أى زوجة بتقول لجوزها مكنتش بلاقيك .
وجعتيني يوم ماشوفتك بتفتشي ورايا وفى هدومى ، كنت بسأل نفسي أنا قصرت معاك فى ايه .
كل حاجه قدامك ، مش ناقصك حاجة...
كانت لبني تنصت الى كلماته ، وتتذكر كلمات والدتها لها بأنه سيأتى يوم ويتغير كأى رجل وينظر الى غيرها ، فأخبرت نفسها ( كان عندك حق ياماما ) .
فاقتربت من أدم تعانقه وبقلبها شعلة غضب وهى تقول ..
_ أنا اسفة ياأدم سامحني ياحبيبي ، غصب عني ، أنا لسه صغيرة وكنت بتعلم لسه ، وأنت عارف ، أرجوك سامحني مش هقدر أعيش بعيد عنك ، وأنا معتش هقرب من فلوسك تاني ، أنا غلطت ، وهعوضك عن كل حاجة .
رفع ادم عيناه فى عينها وهو ينتهد وقال بجديه
_ ماشي يالبني هعطيك فرصة ، بس ترجعي كل الفلوس وكل حاجه أخذتيها ، وتعتذرى لياسمين ..
_ إيييه ؟؟؟ مستحيل ، أعتذي للحقيرة دي ..
فقال أدم مقاطعا .. وهو يزيح يدها عن وجهه ..
_ لو عاوزة يالبني حياتنا تمشي فى السليم تسمعي كلامي اللى هقولك عليه بالحرف ، متخليش امك تلعب فى دماخك ، ياسمين هتكون زوجتى قريب ، يعني درتك.
تنسي تروحي لأمك خالص غير مرة واحده فى الاسبوع ساعة وهاجي أخدك .
هتفضلي قاعدة قدامى فى البيت ، اوضتك هنا وهى أوضته ياسمين هناك ، ولو صدر منك أى حاجه معجبتنيش أعرفى أنك هتندمي.
كانت لبني تنصت إليه بعدم تصديق ، وقد شل لسانها عن الحركة ، وبقت عيناها جاحظة وقدمها تنساب لأسفل، حتى وقعت جالسة على فراشها وهو يخرج من الغرفة .
***
وفى اليوم التالى ..
بعد أنتهاء المحاضرة الأولى ، ذهبت ياسمين الى الكافية الخاص بالجامعة كما أخبرها رامي ، وفى الطريق إليه قابلت سيف ينظر اليها مبتسما بمرح .
فتوردت وجنتها واقبلت عيناها ترمش من كثرة الخجل ، فاقترب منها وقال مبتسما ..
_ تعرفي أستنيتك كتير ياياسمين زعلت جدا ، مجتيش ليه .
تنهدت ياسمين وهى تتذكر ماحدث فى ذلك اليوم ، ومن ثم مالت رأسها يمينا ويسارا تنفض تلك الذكريات ..
فاردف سيف
_ بتعملى كدا ليه ، ...شكلك لطيف أووى .
بصي أنا مش هأجل الحاجة المهمة اللى قولتلك عليها .
وما إن خرج حرفا من ثغر ياسمين قال سيف مقاطعا
_ مش هقبل اى أعذار أو حجج... تعالي ..
أمسك سيف بيد ياسمين ، وقام بأخذها الى سيارته ، وهى فقط تبتسم له ، وعقلها يخبرها ، بأن تتحدث معه بخصوص الرسائل .
نظرت ياسمين الى الطريق تظهر له أنها تراقب الطريق وهى فى السيارة ، حتى تخفى سخونة وجنتيها ، التى تفضح خجلها الزائد . وتنفض كلمات يرسلها لها قلبها بأن سيف عاشقًا الى حد الجنون ويعطيها دليلا برسائل الحب التى تصل اليها .
وقفت السيارة فجأة لتخرج ياسمين من شرودها وتتابع سيف وهو يخرج من سيارته مسرعا ويفتح لها الباب ، خرجت لترى أنها أمام مبني كبير مصمم بالزجاج الشفاف واللون البينك ،يضم كافة أحتياجات المرأة ومسجل عليه لافتة الماركة المطبوعة على كل ملابسها وهداياها .

فرانت اليه بغرابة وقالت
_ لا .. لا ... كدا كتير
_ هو ايه اللى لا ... وكتير ايه ..بصي مسمعش صوتك خالص دلوقتى ، خلينى أوريك المفاجأة ، ونصيحة خل اليوم يعدى على خير .
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تنظر الي يديه الممسكة بساعدها .. وتسحبها الى الداخل .
أقتربت العاملات الخاصة بالمبني من سيف وهو يشير الى قطع من الملابس بأنه يريدها ، ولم يترك محلا الا وقد أشترى منه الكثير ، ولم يترك شيئا الا وقد أتى به اليها ، حتى وصل الى مستحضرات التجميل .
و أمسك السلة الكبيرة وأقبل يعبء بداخلها الكريمات ، البرفانات ، وكافة مستحضرات التجميل )
وعند الانتهاء وقف أمامها ينظر اليها باعجاب ، وهو يقول
_ أنا النهاردة الجني الخاص بيك كل أمنتياتك مجابة ، ها يااميرة ياسمين تطلبي ايه ،
بصي السكوت بتاعك دا مش هينفع ، لو عاوزة تروحي البيت بدرى يبقي لازم تتكلمى ... ولا اقولك أنا عرفت خلاص ..
قام سيف بسحب ياسمين بسعادة ، وهى لا تعرف ماذا تقول .. وتشعر بشعور غريب داخلها ينعش صدرها ... وهى تراقب وجهه الوسيم ..
فى تلك اللحظة علا صوت الهاتف باتصال ..
جحظت عيناها وهى ترى رقم أدم يتصل وتنظر الى الساعة لترى أنها تأخرت كثيرا ، طلبت من سيف أن ينتظر قليلا وابتعدت خطوتان ، وقلبها ينبض بعنف .
تنحنحت وهى تجيب ..ليخرج صوته المرتفع
_ أنتِ فين ...
_ أنا ... انا ...روحت .. البيت .
_ لوحدك!! أنا مش قولتلك متمشيش ل.... ( تنهيدة ) ... ماشي أقفلي دلوقتى أنا جاى ..
ذهبت مسرعة الى سيف تخبره بأنها تريد أن تذهب الي المنزل وأنها تأخرت كثيرا ، لكن سيف أعترض بشدة ، وسحبها الى المحل الخاص بالاكسسوارات، ومر الوقت سريعا ولم تشعر بالوقت الذي مر ...
وعند ذهبهما الى الخارج ، بقت تنظر اليه نظرات خاطفة
وتخبر نفسها أنه شخص طيب للغاية .
وقعت عيناها وهى تمشي بجانب سيف على المحل الخاص بالشيلان ، شالا يشبه شال والدتها ، فاقتربت تنظر الي المحل عن قرب ، لتجحظ عيناها برعب وهى ترى أدم يقف مع العاملة ويشير الى بعض الشيلان ..
صار الرعب داخلها وابتعدت خطوات كثيرا وهى تمسك بيد سيف الذي كان يراقب عينها وهى تراقب الأشياء حتى تسرب اليه شعورا جميلا أحب مذاقة .... .
_ أنا ..أتأخرت أأووى ، لازم اروح ....
_ طب استني هوصلك ... أهدى كدا مالك .
_ مفييش بس ..
_ خلاص ماشي ،،تعالي ... الحاجات هتوصلك بكرة .. بس العنوان اللى أعطتيه ليا .. دا مش بيت الأستاذ ناجى ...
أأه صح أنت بنت عم أدم ... خلاص تماما ..
قام سيف بتوصيل ياسمين ، وطلبت منه أنا يقف مبتعدا عن المنزل بعدة خطوات .
وقالت وهى تجلس بجانبه فى السيارة .
_ شكرا ياسيف على كل حاجة ، أنت ساعدتني جامد .
_ مساعدة ... بجد ؟؟؟ لو بتعتبرى الحاجات البسيطة دي مساعدة ، فدا مش نيتي خالص .
_ نيتك .... اللى هى ايه ...؟
_ هتعرفي قريب .. بس عاوزك تعرفي ......
....أنك أجمل بنت شافتها عنيا طول حياتي .
_ بس ياسيف أنا ...
لم تستطع ياسمين أن تخبره بحقيقة ماتشعر بيه أمامه فهى تراه صديقا عزيزا، ولأنها تشعر بالخجل أكتفت بقول .
_ سيف ، أتمنى متتعبش نفسك وتبعتلي الصناديق دى تاني ..
_ صناديق ايه ؟... تقصدي الحاجات اللى هتجيلك ..بصي .
_ قالت ياسمين مقاطعة .
_ انا هقبل الحاجت دي وبعد كدا ، مش هقدر أخدها فياريت بلاش ..
تابع سيف وهج عيناها الزرقاء ، فأغمض عيناه بحركة ظهرت لها كموافقة على كلامها ولم تعلم أنه ضائع بالتشتت أمام سحرها الخلاب .
****
_ هاه أكيد أدم كان هناك بيشترى للبني الحرمية طرحة .. قالتها ياسمين بغضب وهى تنام بغرفتها .. وتكز على أسنانها وهى تفكر كيف تأخذ من لبني المال ، حتى دار النوم داخل عيناها بغباره ...
وفى الصباح الباكر ..
أختارت أن تأتى اليها الحاجات فى ميعاد ، لا يكون به أحد بالمنزل وتكون هالة معها فقط ، وقامت بإخبار العم عبده بأن تلك الاشياء تخص هالة صديقتها .
وبالفعل قامت هالة بأخذ بعض الاشياء معها وهى ذاهبة .
وعند الذهاب الى الجامعة فى اليوم التالي ،رأت رامي ينتظرها فى مقعدها الدائم ، طوال المحاضرة يمهس اليها بكلمات متقطعة تصل اليها بوضوح ، ويعطي اليها ورقة بها عدة طيات ،فرانت الى يده لتراها فارغة من خاتم زواجه الماسي .
وبعد المحاضرة تنهدت وهى تقرأ المكتوب بها ، لترى عنوانا وانها يجب أن تذهب اليه الان .
ركبت سيارة أجرة لتصل الى العنوان ، لتراه واقفا فى الاسفل المبني ينتظرها ..
_ أنت مجنون عاوز تدخلنى شقة .. أذكرلك فيها أنت فاكر أنى معرفش نيتك السودة .
_ قولتلك قبل كدا أنك أخر واحد ممكن ابصلك ...
تابع رامي نظراتها الغاضبة ، فقال مصححًا لكلامه ..
_ مش قصدي حاجه يامهندسة ، وبعيدين دى مش شقة دا كافيه مفتوح على السطح .
زفرت ياسمين بقوة وهى تنظر الى المبني ولمحت لافتة الكافية ... وقالت .
_ خلينا نخلص أنا لازم أروح بعد شوية ..
وبعد أن صعدت ياسمين الى سطح ذلك المبني ، رأت أن الكافيه يملك منظرا خلابا من ارتفاعه الشاهق ورائحة رياحه العطرة التى تشرح الصدور ،ومنظر الشمس الغائبة تحت السحب الخفيفة .
ذكرت ياسمين القواعد الخاص بالمادة المتيسرة له ، وكلما تشرح لا ينتبه الى إشارة يدها ، فقط ينظر ا الى عيناها الناعمة تحت ضوء الشمس البرتقالية .
فقام من مجلسه الذي هو أمامها ، وجلس بقربها .. متحججا ...
_ عشان أفهم أنت بتقولى ايه ..كملى كملى ..
فتنهدت ياسمين .. تريد ان تنتهى من شرح المادة له ، خاصة أن الامتحان على الابواب .
فقال رامي مقاطعا لها وهو يضع يده على وجنتيه
_ بتعملى شنبك بإيه ..... ولا حلاقة .
زفرت ياسمين بقوة منه ومن جراءته ، وما إن جاءت لتسبه لفظيا ، رأت أن عيناه متسلطة على شفتاها ،فشعرت بالتوتر ..وقامت باخراج مرآة صغيرة من حقيبتها ..تنظر الى وجهها .
_ مش مفروض أنك بنت بقي تعملى زي الستات بلاش الحلاقة عشان الزرع نبت قبل أوانه ...
فقالت ياسمين بدون وعى
_ مستحيل ...
عضت على شفتيها بسبب هروب الكلمة من فمها . فذهبت الى الحمام وعلى وجهها العبوس ...
وعندما عادت اليه ..
لم يتوقف رامي عن الضحك وهو يشير الي شفتاها ،
_ روحتي حلقتيه هاهاها .. مش قادر بجد ، مضحكتش كدا من زمان يا اسلام ...
أحم أحم أقصد ياسمين ..
لم تعيره ياسمين أى أنتباه وأقبلت تتحدث عن المادة والأرقام وتقوم بعرض الاسئلة عليه وتنتظر إجابته بالرقم الناتج ، فظل صامت يتفقد عيناها .
فاجابت هى بالرقم الناتج .. فقال مقاطعا
_دا رقم .... بتاعتك صح ؟ هو السلكون دا عبارة عن ايه ، بيبقي طبيعي ..؟
_ مشفتش فى بجاحتك وقلة أدبك ياأخى .. أنا بجد عاوزة أعرف أنت دخلت هندسة أزاى ..
أقترب منها وهو يتنهد ويخرج أنفاسه الساخنة فى وجهها ، لتبتعد عنه قليلا وملامحها بالكامل تطلق السباب له .. الذي أجاد فهمه على الفور ..
_ أبويا اللى حكم عليا ان ادخلها ، أنا كان نفسي أدخل فنون جميلة ، تعرف انى مدخلتش امتحان الثانوى اصلا .
شعرت ياسمين بالشفقة عليه وقد تذكرت كلماته بشأن والده ، وعلى شدته معه فقالت بسخرية
_ تستاهل .. أحسن ..
_ ياسمين ..
هتف بها رامي لتنظر اليه ياسمين متفاجأة بأنه نطق اسمها لأول مرة بتلك الطريقة الرطبة ..
فأردف رامي
_ فاكرة لما شدتيني من قدام العربية ... فاكرة ...
... بقولك .....
ماتجبي بوسة ، عاوز اعرف هحس بايه أنك بنت فعلا ولا ولد أنا عندى فضول .
همس بها بالقرب من أذناها ...لتقف بغضب ، وتقول
_ أنت هتفضل تييييت كدا طول عمرك .. مش هتتغير بقي .
أرحم نفسك .
قالتها ومن ثم خرجت من أمامه مسرعة وعيناه تنظر اليها بغرابة ..
***
طلّ القمر بدرًا برياح الخريف التى تعشقها أنفها ، جلست فى شرفتها تتابع النجوم ، وتترك الرياح تحتضن وجنتيها الحمراء ترطبها بنسماتها .
سمعت هتاف العم عبده وهو يشير اليها من فناء المنزل ، لترى أن الساعي أتى اليها بصندوق ، لكن أقل حجما .من المرات السابقة .
ذهبت اليه مسرعة ، واقبلت تتفقد محتوي هذ الصندوق وهى تحدث نفسها
_ أنا مش قولت ياسيف متجبليش حاجة ... انا بدات أحس انى تقيله عليك ..
فتحت الصندوق وهى تمرر يدها داخله لترى زهور حمراء ، تترك اثر بالحمرة على يدها كلما تلمسها ..
وتملك رائحة لعطر تعرفه جيدا ..
_ لو مكنش بس عليه العطر دا ...
جحظت عيناها وهى تنظر الي ذلك الشال الشيفون الابيض المخطط بلون الاسود ، فقد كان بيد ادم عندما رأته وهو واقفا داخل هذا المحل .
( يعني يوم ماتجبلي ياسيف طرحة ، تبقي شبه اللى فى ايد التيييت أفففف مكنتش عاوزة افتكرهم ) .
قالتها وهى تتنهد .. ومن ثم أدخلت يدها بعمق داخل الصندوق لترى جوابا وعلبة حمراء صغيرة ..
دخلت الى شرفتها وفتحت الجواب وبدأت تقرأ كل حرف حتى توقفت شفتاها عن التحدث ،وأخذ القلب مهمة سرد باقى الكلمات
( الا يمكنك أن تعطيني حبك وتمحي دموعى وتعطيني الحنان ، لا تجعلنى أراه صعب المنال ، وارجوك لا تتركني بحيرتي غرقان ، رغم كل شئ أحببتك من أعماق قلبي والوجدان .
أحبت أن أكون أسيرك الوحيد أغزو قلبك الولهان ، حقا ...
عشقت عبير أنفاسك وعلقت فى غابات الشتان ، أنقذني وأشفق على حبي الذي بات تائه فى الاركان .
ضمنى وأكسو ضلوعى ، وتصدق علي.. فحبي لك غلبان ، ولن يغني إلا بعطفك وأنت بقربي ، فأنت الذهب وقلبك المرجان .
وما فى اليد حيلة فقلبي جائع ، يلح بطل المزيد فكن منان
ضمنى ..
ضمنى ..
ولا تعتق حبي أبدا حتى أكون سجين لديك ، فلا حرية ولا حياة بدونك ....)
شعرت بقلبها ينبض بجنون كأنه يوافق على كل حرف مكتوب ، يتمني لو تلك الكلمات تكون له حقا .. حتى لو بقي الكاتب مجهولا .. فمذاق الكلمات تفيح داخل قلبها بمشاعر صاحبها .
وما إن اقبلت تكمل قراءة الرسالة ، وقعت عيناها على العلبة الحمراء الصغيرة ،فاستيقظ فضولها و قامت بفتحها مسرعة ، لترى سلسة ذهبية تحمل قلبًا مستديرًا بشكل راقي يسحر العين ، حاولت أن تفتح القلب ، لكن لم تعرف ، فارتدتها وذهبت الى المرآة حتى تراها ...
هنا سمعت صوت طرق الباب ، فذهبت تفتح الباب وهى تزفر بشدة عندما وصل اليها صوت أدم .
_ نعم ...!!
هتفت بها ياسمين وهى تفتح الباب وتجعله مواربا وتنظر اليه ..
فقام أدم بسحبها من يدها .. وينظر اليها عن قرب ... متفحصا ..
فلانت ملامحه وهو يري جمال السلسلة التى تطوق رقبتها البيضاء الناعمة وتعطي بريقها الذهبي مع لون عيناها الزاهى.
قام بسحبها بداخل صدره يعانقها بحرارة واصوات نبضه تردد داخل أذناها ... تحت أنفاسها المتفاجئة ...
_ تتجوزيني ...
...... يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 10:00 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل الخامس عشر
صاد الصمت بينهما للحظة لاتعلم ما يحدث أمامها أهو حقيقة أم خيال ، يُخيل إليها أنه حلمًا صعب التصديق ، بل كابوس كريه .
قطع الصمت بنبضاته العاشقة يريد أن يستشفى آلامه بنبضاتها ، ولم يعلم أن الإستشفاء القلبي لا يأتى من نبضات متفاجأة ، كاره .
_ عمرك ماهتندمي على إختيارك يا ياسمين .
إختفى الصفير من أذناها لترى أنها بأحضان أدم بين يديه داخل صدره الذي يضغط على أنفاسها بقوة ، حتى تلامس وجهها بذقنه المليئة بالشعر .
حاولت أن ترفع يدها حتى تدفعه من صدره لكي يبتعد ، لكن ، لا يوجد أى فسحة لها حتى تبسط زراعيها ، وبدأ الهواء يختفى تدريجيًا من رئتيها بسبب قوة عناقه .
_ تتجوزيني ..؟
مرت تلك الكلمة على أذناها لتصعق قلبها بالكهرباء ، فتسللت القوة داخل زراعيها لتدفعه بضيق وعلى قسماتها الغيظ .
فهتفت وهى تلهث إثر قلة الهواء فى رئتيها
_ تي إيه ...! ... أنت بتعمل فيا كدا ليه ، مش خايف من ربنا إرحمني وإبعد عنى ، خليني أعيش حياتي بدون مشاكل .
كان ينصت وعلائم الدهشة ترتسم على شفتاه الصامتة وعلى عيناه التى مالت الى الحزن ، فقد توقع ان تشعر بما أوصله من دفئ مشاعره لها فى قلمه . فقال
_ يعني ايه ، بترفضيني ياسمين ، بعد كل اللى عملته عشانك ؟
_ عملت ايه ، غير أنك تتنمر عليا أنت والتيييت مراتك .
_ طب لبستى السلسلة ليه ؟
رفعت بصرها اليه بدهشة ، فكيف له أن ينسب اليه هذا السؤال ، فقالت ..
_ وأنت مالك ..
شعر بالضيق منها ومن كلماتها المستهترة التى تحارب بها مشاعره الكبيرة لها .. فقال بثقه وهو يقوم بمسك معصم يدها ويضغط عليه ويقترب منها .
_ أسمعي الكلمة دى لأن مش هكررها تانى
(تنهيدة حارة )
-أنا بحبك ياسمين
شهر بالظبط وهتكونى مراتي ، وهعتبر لبسك لسلسلة موافقة
انا عارف كويس أووى أنك بتحبيني ، وبتموتى فيا، فحركات التقل بتاعتك دى مش هتنفع معايا
السلسة دى لو أتقلعت يبقي أنت بتسرعي فى معاد جوازنا ، ودا هيكون من حظي عشان معتش قادر ، وتعبااااان .
كانت الكلمات تلقى الى مسامعها كالقذيفة المشتعلة تنفجر داخل أذناها ، وكلما تنصدم بكلمة تأتى الكلمة الأخرى لتصعقها أكثر .
بداخلها الكثير من الرصاص تريد أن تقذفه اليه حتى يتوقف ، لكن ، الصدمة شلت لسانها .
فبقت كالحمقاء تنصت إليه بعيون جاحظة ،وفكها السفلي يتدلى لأسفل .
بقي ينظر الي عيناها بجراءة مليئة برغبات مشتعلة ، وهى ، تنظر اليه بصدمة ، التفت ليخطوا من أمامه الى خارج المنزل .
****
دخلت الى غرفتها مسرعة تبحث عن الرسائل فعقلها هائم مشتت بكلماته التى تتعارض مع اعتقادها بأن سيف من كان يرسل اليها الهدايا .
وعندما وجدت الرسالة ، هرعت اليها لتفتحها وتكمل باقي الكلمات ..
( تلك السلسة وضعت بها قلبي ليكون قريب من نبضاتك ، فهل لزهرة الياسمين أن تقبل بي ؟ )
(لو لبستي السلسة هعتبرها موافقة أنك تكونى شريكة حياتي يا ياسمين ، أتمنى متكسريش قلبي اللى بيحبك وبينبض ليك إنتِ بس
من عاشق الياسمين أدم. )
وعندما إنتهت من قراءة الرسالة قامت بإطلاق صيحة غاضبة ، وكزت على اسنانها وهى تقول
_ أدم ياتيييييت ، أنا عارفه أنت بتعمل كل دا ليه ، عاوز تخليني تحت رحمتك ، مش هخليك أبدا تنتصر عليا .
قامت بسحب السلسة من رقبتها وقذفتها بعنف لتصطدم بمرآتها وتقوم بتحطيمها .
لم تتوقف عن إطلاق زفرة غاضبة وهى تتقلب على الفراش ، فقامت بغضب إلي خزانة ملابسها ،وتقارن بين ملابس سيف وأدم التى جاءتها كهدية .
رأت أن ملابس سيف وذوقه تختلف تماما عن الملابس التى أختارها أدم ، فسيف يختار ملابس كاشفة بعض الشئ ، لذا تجد صعوبة فى إرتداءها ، فهى تخجل من ظهور جسدها ، أما عن زوق أدم كانت ملابس واسعة تخفى جسدها ومعالمه .
لذا قد وجدت راحة فى إرتدءها .
تضايقت من نفسها كثيرا وهى ترى أن عقلها يستنتج لها أنه كان جيد فى اختياراته ، فى تلك اللحظة تذكرت الملابس الداخلية فخرج شهقة من ثغرها وهى تقوم بتصفحها مرة أخرى وتنظر اليهم عن قرب ..
_ يعني أدم التييييت هو اللى كان جيبهم ..
.... طبعا عرف مقاسي ، لما كشفنى يوميها ..
بكرهك
قالت الكلمة الاخيرة بغضب وهى تمزق قطعة من الملابس العلوية ، وتأتى بالأخرى لتمزقها ،حتى توقفت وهى تقول بضيق
_ هقطعهم بكرة لما أشترى جديد ...
أنا بجد مش طايقه نفسي وأنا لبساهم .
ذهبت الى فراشها مرة أخرى وهى تشعر بالتعب ، ولم تتوقف عن التملل فى الفراش يمينًا ويسارًا وعقلها يذكرها بكلماته الشاعرية التى كان يبعثها لها فى الرسائل ، فبقت ضحية التفكير طوال الليل ولم تغمض عيناها .
_ مطلعتش سهل يا أدم .. فيك خبث مش فى حد .
****
وفى اليوم التالى ..
بعث العم ناجى العم عبده إلى ياسمين يخبرها أن تأتى لكى تتناول الفطور معهم ، فكان أول تجمع للعائلة على طاولة الطعام .
وافقت ياسمين على الذهاب لكى تشغل عقلها قليلا عن التفكير ، إعتقدت أن أدم فى ذلك الوقت نائما بجانب زوجته ، وبالفعل لم يكن على الطاولة سوي العم ناجى وزوجته وإبناه الاثنان الأخرين .
ومع أول لقمة تضعها فى فمها ، قال لها العم ناجي
_ ياسمين طبعا أنت تعرفي نادر ابني الكبير
_ أأه عرفاه ، قالتها وهى تميل برأسها مرحبة به فقال العم ناجي مردفًا
_ نادر متخرج من جامعة أمريكية . فى قسم الطب نفسي .
مالت ياسمين رأسها بايجاب له ..
وعند رفعت أول لقمة لتتناولها ، ظهر أدم يخطوا الى الكرسي المقابل لطاولة .. ولم تتحرك عيناه عنها وهو يبتسم .
فلمحت أنها لا ترتدي السلسة .. فشعرت بالتوتر لأنها تعرف أن أدم رجلا لا يتنبأ بتصرفاته .
فحاولت أن تظهر أنها طبيعية وتخفى التوتر بتناولها المفرط فى الطعام .
_ أدم .. مامتك قابلتك ؟ هتفت بها زوجة العم الدكتور ريهام
فانتبه لها الجميع ...وإلى إنقلاب قسمات أدم وهو يقول .
_ مشفتهاش من سنين تقريبا ، ليه
_ شفتها فى المطار هى وجوزها وإحنا جين .
ظهر الحزن على وجهه أدم ، ولم يكن الوحيد فقد كان العم ناجي به نظرة حنين الى الماضي جعلت ملامحه الهادئة تلين .
وبقى الصمت على طاولة الطعام ، وكانت ياسمين الوحيدة التى تتناول الطعام بشهية كبيرة ، ولايعلم أحد أنها تخفى مابها من توتر .
وما إن إنتهت من تناول الطعام ذهبت مسرعة الى غرفتها ، تستلقى على الفراش ، ومعدتها ممتلئة بالطعام ، فتسرب اليها النوم لتذهب الى عالم الاحلام .
***
وفى عصر اليوم
كانت الشمس هادئة بدفئها تحمل نسمات لطيفة تمر عبر شرفتها ، فجأة ظهر صوت العم عبده يصيح بصوت مرتفع أسفل غرفة ياسمين
_ ياست ياسمين ، صحبتك هنا ..
_ هالة .. قولها هالة . هتفت بها هالة الى العم عبده وهى تقف بجانبه تحت شرفه ياسمين ، تنتظر أن تأتى اليها .
فلم تأتى اى استجابة فأخبرها العم عبده أنه سيصعد الى باب غرفتها ينبأها بقدومها .
فأنتظرته هالة فى فناء المنزل تجلس على كرسيا خشبي مريح ، فرأت شابا تتذكره جيدًا يتمشي أمامها وينظر الي السماء يتفقد أحوالها .
_ الجو حلو أووى النهاردة ...
إإيه دا هو أنتِ ...
مطت شفتاها وهى ترى أنه يمثل انه متفاجًا بقدومها ..فقالت بسخرية
_ ياسلام ...
_ وحياة السلام ، هتف بها وهى يبسط زراعيه لها حتى تصافحه ..
فنظرت اليه باستحقار من أعلا وأسفل ..وقالت
_ أنت بارد أووى على فكرة ، روح شفلك حد تانى ،، احنا بنتعالج ياخويا ..مش ناقصين .
وما أن جاء نادر يتحدث ... رأى ياسمين تأتى وهى تتثائب .. الى هالة وتقوم بالقاء السلام ،فتذكر كلام والده عنها ، بأنه يجب أن يتقرب منها ، حتى تكون صديقته ، ويقوم بعلاجها نفسيًا وجعلها تتقرب منهم فى المنزل ، بدون أن تعرف أى شئ .
فإن نجح فى تلك المهمة سيفتتح له والده عيادة ضخمة .

فوالده يشعر بالقلق كثيرا عليها ، وخاصةً أن الطبيب المعالج لها كان يخبره أنها يجب أن تعرض على طبيب نفسيًا فمن الخطأ ان تبقي هكذا ، فكان يخشي أن يخبرها بالذهاب فتحزن على نظرته لها بأنها مريضة .
فهتف نادر أمامها ليخرجهما من كلامهما ..
_ ياسمين ، أنا معايا تذكرة لملاهي هتفتتح جديد النهارده ، تحبي تاخذي تذكرة تروح مع صحبتك .
فهتفت هالة مسرعة
_ أاااه تعالى ياياسمين نروح ، نفسي أتفسح أأووى .
تنهدت ياسمين فهى الاخرى تريد أن تهرب قليلا ، من ضغط قرب الامتحانات ، وضغط أدم .. وتفكيرها الزائد .
فمالت رأسها بايجاب ..
_ خلاص تعالو أوصلكم ..
كزت هالة على أسنانها وهى تراه يتلزق بهما كالغراء .. فقالت ..
_ لا هنروح موصلات ..
_ خليه ياهالة يوصلنا ، قالتها ياسمين واقتربت من هالة تخبرها ..
_ خلينا نوفر الفلوس ..
فارتاح نادر لسماع ياسمين ، فقد وفرت عليه عناء .
وبعد إنتهاء الجميع من تجهيز الاشياء ، قاموا بالتجمع مرة أخرى ، وجلست ياسمين وهالة فى السيارة فى المقعد الخلفي ..
همست هالة فى أذن ياسمين .
_ الولد دا بارد ، مبقبلوش ...
....لم تعلق ياسمين عليها فقد كانت شاردة فأردفت هالة _صحيح أنت روحتي للبيب ، أنا فلوسي خلصت .
_ وأنا كمان ...
وصل همسهم الى نادر فهتف بحماس وهو يشير خارج السيارة الى مكان فى الطريق .
_ على فكرة أنا هفتح عيادتي قريب جدا فى المكان اللى هناك دا .
فهمست ياسمين الى هالة ..
_ تعرف انه دكتور نفساني ..
_ دا أنا لو بموت مستحيل اروح للبارد دا .
_ وأنا كمان مستحيل ..
لم يعرفوا أن نادر ينصت الى همسهم بالكامل ..
وبعد أن وصلوا الى مدينة الالعاب ..
أشار إليهم نادر ان يتناولوا الايس كريم من هذا الرجل الذي يقف على بوابة المدينة .
_ ايه دا أنت هتيجي معانا .. قالتها هالة وهى تراه يمشي خلفهما .
_ مينفعش اسيب بنتين حلوين لوحدهم هنا
.... بصوا أنا هعزمكم أنتوا وملكوش دعوة ، أوك .
ابتسمت هاله بخبث وقالت ..
_ على حسابك يعني ..
فابتسم لها بطيب ، ومال رأسه بايجاب .
كلما كان يمر على شئ يلفت النظر يأتى به اليهما تحت أنظار هالة الداهشة فكانت تريد أن تستغله لكن كان يصرف ببزغ عليهما .
ولم يترك لعبة واحدة حتى جعلهم يركبوها ، حتى بقوا طوال الليل فى المدينة يصرخون، ويلعبون بمرح .
وبرغم صعوبة بعض الالعاب ، كانت ياسمين تعتزل ركوبها ، وخاصةً بيت الرعب ، فبقت هالة مع نادر ، تمسك بكم ملابسه عند شعورها بالخوف .
وعند الوصول الى أخر مرحلة ، ظهر أمامهم شئ مخيف جدا بأصوات مرعبة ، فقامت فجأة باحتضانه من الرعب الذي بها ، فشعرت بالاحراج منه ، وما إن جاءت لتبتعد عنه قام هو بالتربيت على ظهرها ، تحت نبضاتها المتفاجأة .
_ يابنتي هتروحي إزاى ، تعالى نامى هنا والصبح روحي .
هتفت بها ياسمين الى هالة وهى تقف أمام منزلها وتقوم بسحبها حتى لا تذهب بمفردها، فاستسلمت هالة .
كان البيت فارغا يعمه الظلام ، صعدت ياسمين مع هالة الى غرفتها ، يتحدثون مع بعضهما ليأتى طرق الباب فجأة .
_ أنا قولت مينفعش تناموا من غير عشا .
قالها نادر وهو يمسك الطعام بيده ، ويدخل الغرفة الخاصة بياسمين ، فرد ياسمين عليه ..
_ بس انت أكلتنا كتير.
_ بصي كلى وملكيش دعوة ، تعالي ياهالة كلى .
كان نادر يدخل الغرفة وعيناها تمر على كل جزء بها ويتفقدها تحت أنظار هالة .
وما إن خرج نادر من الغرفة .. قالت هالة ..
_ شكلنا ظلمناه ياياسمين ، باين عليه طيب خالص .
_ أأأه عندك حق ... قالتها ياسمين وهى تنصت الى صوت السيارة التى تدخل الى فناء المنزل ، فاقتربت من الشرفة تتوارى خلف الستار ، لترى أدم يدخل الى البيت .
فرجعت الى هالة لتناول الطعام ،وكلمات الرسائل تتردد فى أذناها ، وبقت تتناول الطعام لتحارب تفكيرها ،وما ان ثقلت معدتها جاءها غبار النوم .
وبقت هالة مستيقظة بجانبها ، تتملل على الفراش وتتذكر عائلتها التى تخلت عنها .
فقامت تقف فى الشرفة قليلا تستنشق الهواء البارد ، لترى نادر مستلقى على الارض فى فناء المنزل ، وينظر الى السماء .
فذهبت اليه .. وهى تنظر اليه طويلا ..
_ مستعد تسمع قصتي ..
إنتبه نادر اليها وهى تنظر اليه وبعيناها حزن مثقل ..
_ أتفصلي ..
نزلت هالة تستلقي على الارض وتنظر الى السماء بجانبه ..تنهدت وهى تقول ..
- أسفه عشان كلمه بارد ، أنا عارفه أنك أخذت ياسمين عشان تهوى عنها شوية ، عشان ظروفها .
كان نفسي حد يعمل كدا عشانى ،
أنا اهلى اتخلو عنى ، لما عرفوا بمرضي ، ياترى لو كان جالى مرض مهلك ، كانوا سبونى برضوا ،
أنا نفسي أعيش مع أهلى ويحبونى ويشيلوا همى ، بس للأسف مليش حد
قولى أنا ذنبي ايه أنى اتولدت كدا ،انا داخليا رافضة أنى بنت ، لانى مش حاسة بكدا نهائى ، حاسة أنى ولد ، وانى فى جسم غلط ، بس عندي رغبة انى اعيش زي بقيت البنات وطبعا بدأت أتعالج ومفيش أى تأثير ، لسة زى ما أنا .
كان ينصت الى كلامها بانتباه وعيناها تغوص داخل السماء الزرقاء ببريقها ونجومها ، فقال بهدوء
_ تعرفي ياهالة ، أكتر حاجه عجبتني فيك ، أنك بتعترفى أن دا مرض ،ومجرد فكرتك دي يبقي اكيد عارفه انه له علاج ، وحتت انك عاوزة تتعالجى دي خطوة حلوة ، وكمان لسة بتعترفى باهلك وعاوزة ترجعلهم ، برغم أنهم إتبروا منك ،واضح أن عزمتك قوية .
يمكن اللى حوليك مش قدرين يصدقوا ميولك عشان شيفينك بنت حلوة وزى القمر ومش واعين بمشكلتك ومش كل الناس عندهم وعى برضه .
من نحية العلاج ...أدى فرصة أكيد أى علاج بياخد وقت عشان يعطي مفعول ..
ردت هالة . وقد أراحتها كلماته
_بس أنا تعبت ونفسي اعيش طبيعية
_ طلما أنت نفسك، يبقي هيتحقق كل اللى عوزاه .
بس شوية الامل الى بيلمعوا فى عنيك دول حافظى عليهم .
أنا هعتبرك أول زبونة عندى وهحاول أساعدك وابقي معاك ، على طول ، بس أنت تساعديني برضه ، وتسمعي الكلام .
ابتسمت له وهى تشعر بالامان من حديثه الهادئ فمالت رأسها بايجاب .
****
وتمضي الايام
ودائما ماتأتى هالة الى ياسمين ، وتقابل نادر الذي يجلس معهما دائما ، حتى أصبحوا يتقابلون خارج المنزل ..
وبقت ياسمين تذهب الى رامي فى الكافية فى اوقات المحاضرات حتى تشرح له الدروس ، وتتغاضي عن كلماته البذيئة ، حتى تنتهى من أمر المال .
_ تعرفى ان البوسة من غير شنب زي الاكل من غير ملح .
_ إرحمني بقي يارامي ، كل دا تنمر .. أأف بجد أنت مفيش فيك فايدة ...
_تعرفي ... إنى مابوستش من زمان أوووى ..
تنهدت وهى تنظر اليه بغضب ولا تعطي بالا لكلماته وتقول
_طب قولى ياناصح اجابة المسألة دى ..
_ مش ملاحظة أنك عماله تتخني وتتدور هاهاهاهه
قالها ساخرا وهو يبسطت زراعيه ويقوم بقرص وجنتيها .
_ خدودك دي بتستفزنى عاوزة تتعض .
شعرت بالضيق منه فقامت بالقبض على يديه وهو يقوم بقرصها وقامت بعضه بقوة حتى تركت أسنانها أثرا .
فتأوهه بألم ..
_ يعني عضاضة وكمان بشنب ... بس تعرفي هقبلها منك قالها وهو يقوم بتقبيل يده مكان العضة بطريقة أخجلتها .
كزت على أسنانها وألقت أمامه عدة أوراق حتى يكتب إجابة المسألة فيها ، فبقي نصف ساعه كاملة .. يقوم بحلها ومن ثم أعطاها اليها ..
لمس قلبها شعورا لطيفًا يداعب عيناها بوهجها الفاتن ، فارتسمت ابتسامة خفيفة وهى ترى أنه قام برسمها .. بطريقة خلابة هادئة ، حتى أنها لم تعرف أنها جميلة بهذا القدر .
_ باين على وشك انها عجبتك ..
.. وريني كدا ... ...ايه دا نسيت حاجة مهمة ..
قام بسحب الورق منها مجددا وبقي يضع لمساته الأخيرة ..
_ خدي . كدا كملت .
قامت بأخذ الورق منه بقوة وهى تنظر اليه بعلامات الاستحقار ، لتنقلب قسماتها وتطلق شهقة من ثغرها وهى ترى أنه رسم شاربا على شفتاها..
_ رااااااميييييي ، أنت تيييييت واحد شوفته فى حياتي .. وهتسقط السنة دي .. وهتضيع تعبي على الفاضي . (تنهيدة )
فى تلك اللحظة دخلت مجموعة فتيات صارخات الجمال بملابسهم الكاشفة الى الكافيه ..
دارت بعيناها إليه لتراه ينظر اليهم بطريقة صدمتها .
والاغرب انها نظرة عابرة لم تأخذ وقتا .
هنا وقعت عيناه فى عينها وهو يلتفت اليها بعيناه الزيتونية المضيئة بشعلات لا تعرف مكنونها ..
.. فهل لها أن تعلم أن تلك العينان التائهة قد تشبعت بعيناها ولم تعد ترى سواها ، حتى أن قلبه لا ينبض لغيرها ويؤرقه فى الليل شاغلا بذكرياتها ، وأنه لم يعد هناك مكانًا خاليًا فى غرفته من نقوش رسم وجهها عليه .
حاولت أن تكمل شرحها له ، وتنظر اليه بنظرات خاطفة ، لترى أن عيناه متسلطة عليها فقط .
جاء أحد العاملين بالكافيه بكوبًا من العصير مع ورقة صغيرة ، ويعطيها الى رامي ويشير الي فتاة تجلس بالقرب منهما .
هبقي الفضول ينهش داخلها بما هو مكتوب داخل الورقة .
وبعد ثانية واحده امسك رامي الورقة وقام بقراءتها وما ان إنتهي حتى قام برميها داخل سلة القمامة التى بالجانب ، وأمسك بكوب العصير ويقدمه الى ياسمين ..
_ إيه .....اللى مكتوب فى الورقة ..
_ ملكيش دعوة ..
وبعد إنتهاء الوقت وخرجوا من الكافية ، وقفت أمام باب الدخول وأستأذنته لترجع لدخول الحمام ، وعادت مسرعة الى السلة تبحث عن الورقة .. وتقرأ مابداخلها . لتجد داخلها رقم الفتاة مع عنوانها .
_ زمانه هحفظه ، هه بيلعب على مين دا أنا اكتر واحدة فهماه .
وبعد أن عادت اليه ، وقفوا أمام المبني بجانب طريق السيارات فقالت له مودعة
_ بكرة أخر امتحان ، حل بقي وانجح خلينا نخلص .
_ هحاول .. بس متحطيش أمل
فى تلك اللحظة وقعت عيناها على زوجته وهى تمشي فى الجانب الاخر من الطريق ويدها ممسكة بيد رجلا أخر ..
فحاولت أن تشغله ببعض الكلمات حتى لا ينظر الي الجانب الاخر ، لكن توترها جعله يلتفت ويرى وهو يضحك بسخرية ويقول ..
_ أنت هبلة ، بتعملى كدا ليه ، هو أنتِ متعرفيش أنى طلقتها .
_ طلقتها ؟؟
_ أأه عوزانى اعيش مع واحده خاينة إزااى .. (تنهيدة)
ياسمين ....
.... لو أتقدمت ليك توافقي ...
_ اييه ؟؟
_ فكرى ... قالها رامي وهو يدير رأسه الى ناحية سيارته ، ويمشي من أمامها وعيناه لا تفارقها .
****
تململت ياسمين على الفراش ، لا يأتى النوم إليها أبدا مهما حاولت ، فكان عقلها ضحية التفكير ..
شعرت بقله الهواء داخل رئتيها وقلبها ينبض بقوة ،و تلتقط أنفاسها بصعوبة ، ويبقي التفكير يدور حول عقلها بسيوف توخز قلبها .
قامت من الفراش تبحث عن تلك السلسة التى ألقتها فى ذلك اليوم على مرآتها حتى أنكسرت ..
بحثت عنها ساعة كاملة حتى وجدتها وراء المرآة .
رفعتها الى عيناها تنظر بضيق ، وبحثت عن رسائله .. وجمعتهم على الفراش ..
تقرأ كل كلمة بسخرية ،حتى إحتلها شعورا غريب يتسلل داخلها ..
أمسكت السلسة مرة أخرى ، وحاولت أن تفتح القلب الذهبي بأقصي قوتها برغم الألم الذي أتى من قفله الحامي حتى جرحت أناملها ..
أنفتح القلب بعد عدة محاولات ، لترى بداخله كلمات مطبوعة بارزة بالذهب .
وضعته تحت إضاءة قوية .. وأقبلت تنظر الى الحروف ... وتقرأها
( أنا حبيبة أدم )
_ إإإإيه ...؟؟ حَبِيتك التيييت ... إتفووو . هتفت بها ياسمين بغضب ،وقامت بإلقاء السلسة مرة أخرى الى حائط الغرفة ..
ولم تستطع النوم طوال الليل ..
وفى الصباح الباكر تجمعت الهالات السوداء حول عيناها البراقة ، فبقي جمالها طاغى ومثبتًا على الفتنة الناعمة .
ذهبت الى الإمتحان صباحا متسللة بوقت باكر جدا حتى لا تقابل أدم ..
وبالفعل .. نجحت فى الهروب .. وذهبت إلى الإمتحان ولم يتوقف أدم عن الإتصال بها .. فأغلقت الهاتف حتى تتجنب مقابلته .
ودخلت الى قاعة الامتحان ، بحثت عن رامى كثيرا ، ولم تراه فى أى مكان ، فلم تتوقف عن السب ، وما إن انتهت من حل الامتحان خرجت فى منتصف الوقت مسرعة حتى تذهب الى البيت و لا تركب مع أدم ، فهى تريد أن تتجنبه .
فوقفت تنتظر سيارة أجرة وتتذكر الكلمات المكتوبة داخل القلب . وتقول بسخرية
_ هاهه حبيبة أدم ... تيييييييييت .. تييييييت .
فى تلك اللحظة وقعت عيناها على رجلا تعرفه جيدًا ، فدارت بظهرها الى الوجهة الأخرى فكانت حركتها مساعدة له بما يريد فعله..
فاقترب منها كثيرا من الخلف وما إن جاءت لتهرب شعرت بشئ حادا يلمس جانب جسدها .
_ أدخلى فى العربية قبل ما أخلص عليك .
...يتبع ..

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 10:01 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل السادس عشر
شهقت وهى ترى هذا السكين الحاد موضوعًا بالقرب من كبدها حتى شعرت بتمزق ملابسها أثر الضغط على جسدها .
_ أدخلى ....يلا .. يا تييت.
لم تتخيل أبدا أن إبن عمها الثاني شقيق لبني قد يفعل ذلك ، ولما ..
دخلت الى السيارة والرعب يسري داخلها بامواج ترعد وتبرق حتى نزلت الدموع وعادت بطوفان من جديد . وزادت حينما رأت اشقاءه بالداخل ينظرون إليها كالذئاب الجائعة التى تريد نهش الفريسة من عنقها .
وما إن جاءت لتتحدث بين شهقاتها ، وضع الأخ الأكبر حول فمها شريطا لاصق يمنعها عن التحدث . وقام بإمساك وجها بقوة مقربا من وجهه ينظر اليها بتفقد ساخر ، مرعب ، من عيناه الصفراء .
وأنهال عليها بالصفع على وجنتيها الحمراء ،لتلتهب أكثر .
نظرت اليهم بخوف والأصعب أن عيناهم بها الإجابة على كل تساؤلاتها .
يضحكون بسخرية وهم يرواشقيقهم الأكبر يقوم بمسكها من شعرها وجذبه بقوة .
أنينها الصادر من بكائها وحسرتها ،يبدوا كا نغمة طرب تصل الى أذنهم حتى يظهر إستمتاعهم بها بهذا القدر .
ودموعها تبدوا كابئر ينفجر منه المياه ، التى انتظرها أهل قرية جف منها الماء اعواما ، حتى يفرحون بهذا القدر وهم يروا إنكسارها بشلالات دموعها .
_ مش مكفيك أنك طلعت تتييييت ، لا وكمان عاوز تخطف جوز اختنا ، دا أنت جريئ أوووى
قالها الاخ المتوسط وهو يقود السيارة وينظر من مرآته الأمامية التى تصل صورتها بها .
فهتف الأخ الأصغر وهو يمسك بشعراتها الحمراء ويلثمه بأنفه .
_بس اللى عمل العملية دى شاكله شاطر .
_ هنعرف كلنا لما نوصل ، أنا عندى فضول ، شال أجهزته وركب الحاجات التانية دى إزاى . قالها الاخ الاكبر وهو يقوم بتمرير يده على جسدها ، تحت أنين صرختها المكتوم .. التى تشبع غريزتهم السيئة .
ضحك ثلاثتهم بقوة داخل السيارة وعيونهم تلمع بخبث حاقد .
تميل برأسها بالنفى ووجها غارق بماء دموعها المالحة حتى إبتلت يد الرجل التى تمسك وجهها وتمر عليه بشهوة .
لم يشفع لها الحزن الكاسر الذي طبع على عيناها ، ولا ترجيها لهم الذي لم يتوقف برغم تكميم ثغرها .
مرت ساعتين فى الطريق كانوا كالجحيم عليها ، دعت الله كثيرا أن تسحب روحها ولا تبقي فى حضنهما
. أغلقت عيناها لا تريد أن ترى نظراتهم الشهوانية فهى تذبحها ببطئ .
وقفت السيارة فى مكان صحراوى لا يوجد به عشب ولا حياة ، فقط سيارات مسرعة تمشي على الرصيف بسرعة هائلة ومخزن كبير مغلق بأبواب حديدية .
خرجوا من السيارة بحذر وراء المخزن ، وقام الأخ الأكبر بسحب ياسمين وحملها على ظهره .
كان جسدها يرتعش وينتفض من الرعب حتى فقدت قواها ولا تستطيع المقاومة كأن جسدها قد شل من الصدمة .
دخلوا ثلاثتهم المخزن وألقاها على الارض ، فسقطت على رأسها مغشيا عليها .
_ كل دا بتجبوها .
هتفت بها لبني من وراء ظهورهم ، ليلتفتوا اليها جميعا بدهشةوهو يروها مع والدتهم.
فقال الاخ الاكبر
_ ايه اللى جابكم هنا ، عاوزين تودونا فى داهية .
_ مش لازم أكون هنا ، عشان أشوف البلوة السودة لاخر مرة .
فى تلك اللحظة فاقت ياسمين على تلك الجملة ، فاقتربت لبني تنظر اليها وتنزل على ركبتيها لتكون مقابلة لها .
وتزيح عن فمها اللاصق وهى تضحك بسعادة غامرة وهى ترى دموعها وآلامها .
_ شوفتى دى أخره الطمع ، كنت فاكرة إيه ، أنك هتعرفي توقعى جوزى فى أيدك وتستولى على مركزى ،و نسيتى ان ورايا رجاله ، وإنك ياعيني لوحدك .. هاهاههاها.
هسبهالكم بقي يارجاله...هه على أتفاقنا .
قالتها وهى تقوم بإعطاء الأخ الأكبر قنينة متوسطة الحجم ، ممتلئة بسائل شفاف .
_ منك لله ... منك لله هتفت بها ياسمين بصعوبة بالغة .
فقالت لبني بعد ضحكاتها الرفيعة التى تدوى فى المكان .
_ يلا ياماما ياحبيبتي ، إحنا قلبنا ضعيف ومش هنستحمل .
أقتربت والدة لبني ... وقامت بالبثق على ياسمين وسبتها سبة بأمها بعدم الشرف .
فاهتزرت لها كيانها فحاولت ياسمين أن تقف على اقدامها لكنها فشلت بسبب الثقل الذي أحاط جسدها فاقترب من لبني وهى تزحف .. لكن الأخ الاكبر حملها من خصرها ومنعها عن الحركة .
خرجت لبني مع والدتها بخطوات دلال وسعادة ، ودارت من الجانب الاخر تركب سيارتها .
بقي الثلاث رجال ينظرون الى ياسمين طوال الساعتين وهى ممددة على الارض لا تستطيع التحرك .
فقال الاخ الثاني وهما ينظرون الى بعضهم بشغف ماكر .
_ أنا الأول .. يابوالسيد .
_ لا ياسطا أنا الأول أنا اللى جازفت وجبتها من وسط الناس .
_ لا أنت ولا هو .. أنا الوحيد اللى فيك مجربتش ، أنت متجوز ، وهو بايت فى بيوت لمؤخذة .
وقف الأخان الإثتان مواجها لبعض ، وقد أنقلبت قسماتهم الى الضيق ، من يراهم يتنبأ بحدوث مشاجرة عنيفة .
***
وصل أدم الى غرفته بعد عذاب فقد كان يوما طويلا من التعب ، بسبب تأجيل بعض الأشغال حتى تراكمت عليه ، وكان اليوم لا بد من أن ينتهي من كل أموره .
تسأل فى نفسه عن حال ياسمين وعن حال الامتحان ، فوجئ بزوجته وهى تدخل عليه بملابس كاشفة ، لم ترتديها منذ زمن طويل ، وليس هذا فحسب بل تمسك بيدها مائدة متحركة بالطعام مع ضوء الشموع .
أغلقت الأنوار وجلست بجانبه تتفقد ملامحه بشغف وهى تقول .
_ وحشتيني ياأدم .
_ ياااه لسه فاكرة تقوليها يالبني .
مش أنا اللى جبتلك القميص دا من سنة ، لسة فاكرة تلبسيه ، ياترى ايه المناسبة .
_ لية يا أدم بتقول كدا .
_ عشان مبتعمليش كدا الا ما تعوزى حاجة .
_ لا ياحبيبي مش عاوزة غير أنك تدلعني النهادرة .
قالتها وهى تبسط يدها على ربطه عنقه حتى تزيحها .
فأمسك يدها برقة وقال معتذرا .
_ أنا بجد مش قادر يالبني خليها بكرة .
_ لا النهاردة
لم يعلق على كلامها ، ولم يعيرها بالا فوقف من الفراش وهو يزيح ربطة عنقة . هنا صدر صوت ينبأ باتصال .
فرفع الهاتف الى اذنه ويجيب .
_ ايوة ياأدم انت فين يابني .. وقافل تلفونك الخاص ليه .
_ كنت مشغول ليه فى حاجه ؟
_ الولد الزفت اللى سجنته عشان سرق فلوس الصيدليه رجعته تاني ليه .. أهو ولع فيها .. والمطافى ..
_ ااايه...
أسرع رامي باخراج هاتفه الخاص ، وقام بفتحه واسرع الي سيارته ، شعر بالندم لترك الصيدلية لفترة طويلة ، واهمالها بسبب تراكم شغل شركة والده .
قاد السيارة مسرعا ونظر الي الهاتف الخاص به ، ليري أن مؤشر المراقبه الخاصة بهاتف ياسمين معلق ، فقام بتشغيل الهاتف مجددا ، ليجد أن موقع مراقبه الخاص بياسمين الذي قد وضعه فى الهاتف الذي أتى به اليه بعيدا جدا عن المنزل .
فتوقفت السيارة فجأة ، وأمسك بهاتفه مقربا منه يتفحصه بعصبيه ويداه ترتعش من الخوف .
أوصل الموقع بسيارته واسرع فى الذهاب الى الموقع الخاص بياسمين بسرعة هائلة وقلبه يخفق بجنون .
قلبه يتمني لو كان خيرا ، ويتسأل هل هربت خوفا منه ؟؟
مرت ساعتين كاملين على قلبه بالثقل الشديد ، والرعب يوخز قلبه باأشياء مخيفة ، تسرب العرق من وجنتيه من الخوف ورئتيه تقل بالهواء وهو يري ان الطريق صحراويا يعمه الظلام .
وعند الوصل الى الموقع رأى مخزن ضخما ، خطى اليه بتوجس وأخرج هاتفه ليتصل بالشرطة ،ففرغت البطارية وانطفء الهاتف .
سمع صوت مبهم ، لصرخات جعلته ينتفض مسرعا اليه .
عادت الأصوات مرة اخرى الى اذناه ، لتصعقه أكثر وهو يقترب من الباب الحديدي و يسمع صوتها تطلب العفو .
دار حول المخزن يضرب فى الابواب الحديدية كالمجنون ولا بأبي ليده التى نذفت بالدم من أثر العنف الذي يطرق به .
وما إن ذهب خلف المخزن جحظت عيناه عندما وجد سيارة تشبه سيارة زوجته القديمة التى ابتاعتها لأشقائها ، وجد باب الحديد فى الخلف مفتوحا ، دخل مسرعا ليجد بابا خشبيا أخر .
حاول أن يطرقه باقصي قوته لكي يحطمه . ..وهو يقول
_ ياسمين ... ياسمين .
****
وبعد جدال طويل بين الإخوة الثلاث إتفقا على أن يبدأ الأخ الثانى بالإعتداء على ياسمين .
فقد كان الأخ الثاني أقواهم ، فلم يقف أحد بوجهه عندما أراد مواجهتهم بالقتال .
فأقبل الاخ الثاني على خلع معطفه وملابسه وهو يضحك بخبث ويتفقد جسد ياسمين الملقى على الارض .
خطى اليها ونزل على ركبته وأمسكها من كتفيها ليجعلها تستند على الحائط .
وقف الأخان يراقبنه بسخرية حاقدة قبل خروجهما من الباب .
_ اسلام .. يابن عمى ، مكنش اتوقع فى يوم من الايام أنى تييييت معاك .
متخافش مش هعورك .. أنا بس هعرفك دورك كويس أوى .
قالها الاخ الثانى وهو ينظر الي ياسمين بشهوة ويقرب يده من ملابسها .
كانت ياسمين شبه تائهة عيناها ترى ضباب حولها ،و عقلها نصف غائب عن الوعي ، الشئ الوحيد الذي مستيقظ هى دموعها .
لكن عندما إقترب منها ويزيح ملابسها ، خرجت من شهقة منها برعب ، فلم تكن تتوقع أن يفعلون ذلك ، فقد كان اعتقادها أنهم يريدون قتلها .
فبكت أكثر وتقول برجاء
_ حرام عليك ، أقتلنى بشرفي ، ابعد .. أنا ...
أنا .. عملت ايه ..
صدرت ضحكة عالية ساخرة منه وهو يردد كلمة (شرف )
_ أنتو عيلة تيييت متعرفش الشرف اصلا .
بدأت تشعر أنها تفيق تدريجيا وتتضح رؤية عيناها .
خرجت منها صرخة مؤلمة وهى تراه عاري الصدر ، وأقبلت تطلب العفو والرجاء وهو يزيح ملابسها .
_ البتاع دا بيتقلع ازاى ... دا قطعة واحدة ..
هتف بها .. لتبسط ياسمين زراعها تمنعه ، فقام الرجل بصفعها .
وأقبل يزيح ملابسها وهو يقول ..
_ كل دى هدوم لابسها ..
فأردف بصخب وهو يري هاتف محمول يسقط من جيب البنطلون الذي كانت ترتديه تحت السلوبيت .
_ الله يخربيتك ، التلفون بيعمل ايه هنا .
قالها ثم التفت لير أن اخواته لم يخرجا الى الخارج ، بل يراقبنه ، فهتف بهم بغضب
_ أنت يلا مشفتش الموبايل دا ، هنروح فى داهيه .
اقترب منه الأخان بصدمة ، وهما يقولا ..
_ هى كانت حطاه فى هدمها دا انا قعت افتش الشنطة ملقتش فيها حاجة .
_ الله يخربتك أنا ازاى اعتمدت عليك ازاى .. خد التييت دا من هنا واطلعوا بره .
عاد الاخ الثاني إلى ياسمين ، واقترب منها حتى جرت أنفاسه على وجهها ..
حاولت بكافة الطرق أن تبعده عنها لكن قوتها تتلاشي بخوفها ، فهتفت بأقصي قوتها بالنجدة ..
ولم تعلم أن نجدتها كانت عبارة عن اسم لم تعرف كيف خرج من ثغرها ..
_ أأأدم ..
اتسعت حدقة عيناها وهى تستمع الى حروفها التى خرجت بدون سابق انظار ...
تهتف باسمه ، برغم قوة الضرب التى أنهالت عليها من ابن عمها ..
_ وكمان بتقوليه فى وشي ......
...أنتو لسه هنا اطلعوا بره.. قالها الاخ الثاني وهو يلتفت ليري ان اشقاءه لايزالون داخل المحزن .
شعر الاخان بالخوف من شقيقهم فذهبَ الى الباب الخلفى بسرعة ، وما إن وضع الاخ الاكبر يده على مقود الباب ، ليجد الباب بطوله يسقط عليهم الاثنان .. وشخص يدوس بقدمه عليهم مسرعا الى الداخل .
شهقوا جميعا وهم يروا زوج شقيقتهم أدم واقفا ، والصدمة تتوجه عيناه ..
علا الدم الى وجهه بالغضب وهو يري أنها بين يد أخ زوجته لبني ويحاول تقبيلها ،وملابسها ممزق ..
هرع اليها بسرعة تحت أنظارها المتفاجأة التى تبكي ، ران اليها بتفقد ليظهر أنها تعرضت لتعنيف ..
ذهب الى الأخ الثاني والغضب يشحن داخله بتنبأت كانت صحيحة .
_ انت طلعت تيييت وملكش امان ، عاوز تتجوز على أختى .. أنت اللى خليتنا وصلنا لكدا .
كز على اسنانه بصوت مهيب ويده العريضة تعرف جهتها جيدا .. بلكمته العنيفة لتجعله يرجع للوراء خطوات .
اقترب الأخان منه يحاولون جذب يده ، لكن ، دفعهم بعيدا عنهم بقوة ،
لم يتوقف عن ضربه الثلاث حتى أسقطهم على الارض ويضرب بهم بعنف ، ولا يستطيعون أن يقفون أمامه فقد كان لايري ولايتحدث سوي بالضرب المبرح .. هرب منه الاخ الاكبر والاصغر بصعوبة. ليكون الاخ الثاني هو ضحية غضبه القاتم ..
_ هدمركم كلكم واحد واحد ياولا التييييت
وبقت ياسمين تراقبه بنظرات باردة وقد جفت دموعها وكلمة لبني تردد داخل أذناها
( مفيش وراكِ رجاله ، أنت لوحدك )
كلمة واحدة أخرجتها من شرودها ، وأوقفت أدم عن الضرب ..
_ أعرف أنك اللى بدأت ... يوم ماتخني يبقي مع خنثي .
هتفت بها لبني ببرود وهى تقف بالخلف بالقرب من ياسمين ، وبيدها قنينة صغيرها .
- اخرسي ،دي ستك وست البنات .. والله يالبني لندمك
فى تلك اللحظة هتفت لبني بغضب وهى تقذف القنينة على ياسيمن تحت أنظار أدم الصادمة والخائفة عليها .
_اشبع بيها ..
إنتفض أدم مسرعا الى ياسمين .. لكن لم يصل .. فى الوقت المناسب فاصطدمت القنينة فى اتجاه يدها ليخرج منها سائلا شفافا ينتشر على زراعها الايمن ويحرقها لدرجه التشوه تحت صرخاتها القوية ..
تضايقت لبني من عدم وصلولها الى هدفها بحرق وجهه ياسمين فقامت بأخذ قنينة أخرى تقذفها عن قرب من وجهه ياسمين ، لكن أدم كان قد وصل اليها ويقوم بعناقها ، ليقع السائل منتشرا على ظهره العريض ، وينحرق ظهره بالكامل مع ملابسه العلوية ..
شهقت لبني وهو ترى ادم ينحرق أمامها بسببها من ماء النار .
فهرعت اليه تصرخ باسمه ..
وهو فقط يكتم آلام ياسمين بزيادة قوة عناقه معها. تحت صرخاتها الباكية بآلم بسبب يدها ..
وقف على قدمه مواجها للبني التى كانت تبكي وهى تنظر اليه ، والى ووجهه وعيناه الحمراء الى درجه كبيرة .
_ أدم ... حبيبي ..
هتفت بها لبني ببكاء وهى تقترب من أدم ، ليقوم بدفعها بعيدا وهو يقوم بصفعها على وجهها ، ويقول
_ أنت طالق .. طالق طالق بالثلاثة.
نزل على قدميه جاثيا على ركبته وقام بحمل ياسمين التى فقدت الوعي تماما من شدة الوجع .
خطى الى الخارج تحت صرخات لبني التى لم تتوقف وهى تقول
_ هقتلها ... هتقتلكم كلكم ... أدم ياخايين بكرة ترجعلي زي التيييت .. أنا مراتك مش هي ..
أما أدم كان ينظر الى ياسمين التى كانت فاقدة الوعي وعيناه لم تتوقف عن سكب الدموع مشفقا عليها وعلى معناتها معه.
ادخلها الى سيارته وهو يراقب شهقاتها وينظر الى زراعها المشوه بالكامل ...
لم يأبي الى ظهره الذي أنحرق بالكامل ، فقط كان همه الأكبر ان يحمي ياسمين ..
نزلت الدموع من عيناه وهى يقود سيارته أكثر عليها .
ويتذكر ذكرياتها معه ، بداية منذ الصغر حتى موت والدها ، وكم كان شخصا سئ
والأن لبني .. وماء النار ، وفعلتها التى لن يغفرها لها أبدا ، فهل لها ذنب فى اى شئ ..
إن كان حدث لها شئ لم يكن ليسامح نفسه ابدا .
***
وتمضي الأيام
لمدة أسبوع كامل لم تخرج ياسمين من المشفي ، ولم يخرج من ثغرها كلمة واحدة مهما بكى لها عمها ناجي مترجيا بأى كلمة .
فقط تنظر الى زراعها ولا تتوقف عن البكاء .
وجسدها يرتعش بالكامل .
حتى فقدت الوزن مع بريق عيناها .
وباتت كاللوحة الباهتة التى أختفت الوانها بل لم يعد لها الصلاحية لتتلون مجددا .
استسلمت للحياة ولأحلامها ، لم تملك سوي حلم صغيرا وتلاشي بسبب قسوة الايام عليها .
ألم تكفى معاناتها وثقل الايام التى تصب داخل فمها بمرارة ،والان زراعها بالكامل تشوه .
تسألت مئة مرة مالذي فعلته لحتى تأذيها لبني الى هذا الحد وكان الجواب واحد . ( أدم ) .
كلما تتذكر كل كلمة قام بكتابتها لها ، يصيبها صداع يجعل نبضاتها تضعف ، أنفاسها تقل وعيناها تعم بالضباب .
_ أدم خرج من المستشفي اليوم ، تعرفي أنا كنت مبرتحلوش ، بس لما نادر قالى أنه ظهره أتحرق عشان يحمي وشك من مايه النار ، احترمته .
ياسمين أتكلمى عاوزة أسمع صوتك .. أرجوك
هتفت بها هالة الى ياسمين بحزن ، وبقت تأتى لزيارتها فى المشفي ولم تتوقف عن التحدث لا عن نادر ولا عن أدم .
وياسمين تجلس بملامحها الباردة تنظر أمامها فقط .
****
وتمر الايام ..
أخبرهم الطبيب أنها بأحسن حال ، لكن ياسمين لا تريد الخروج من المشفى كما أنها لا تتحدث مع أى أحد.
_ هتفضلي متتكلميش لحد امته ، زعلانة على دراعك؟ ، هنعملك عملية تجميل وهتبقي كويسة .
بطلى دلع بقي ..
قالها أدم وهى يجلس بالقرب منها على فراش المشفي ويقرب وجهه منها يرنوا الى ملامحها الباردة .
فأردف ..
_ ها الفرح الاسبوع الجاى ..؟
كان يتابع ملامحها الهادئة ، يريد أن يجعلها تخرج عن شعورها ..
فاردف
_ تعرفي أن الجواز مفيد جدا للحالتك النفسية
وأنا نفسي أعالجك يعني مثلا ... تيييييت تييييت هتبقى كويسة ...
إبتسم وهو يري عيناها تتحرك اليه بغضب .
ولكن تلك البسمة اختفت مسرعة، وهو يراها تبصق على وجهه وتقوم بصفعة بقوة .
فبقي عيناه مسلطة عليها بغضب ، وهى !! تقابله بنظرات غضب مشتعلة أكثر .
فوقف من مجلسه وابتعد عنها ذاهبا الى الخارج ، فدارت وجهها الى الجهة الاخرى ، لتفاجأ به يعود مرة أخرى ممسكا بها من ظهرها مقيدا يدها ،ويضع شفتاه على شفتاها ويقوم بتقبيلها بحرارة .. حتى نفد الهواء من رئتيها .
حاولت أن تعض شفتاه لكن كان ذكيا بحركاته الحذرة ..
_ قولى بحبك ياادم وأنا ابعد ..
لهثت وهى تلتقط أنفاسها ، وهى تكز على اسنانها ، تريد أن تهرب من قيده المحكم، لكن هيهات .. فكانت الغلبه له ..
فواصل تقبيلها .. تحت غضبها الذي شجعه على إستفزازها ..
ولم يتركها حتى هتفت ..
_ بكرهك يا تييييت ..
ابتعد عنها وهو يراها تبكي بصياح ، فقال لها ساخرا
_ ماكنت أتكلمتى من البداية ،كان لازم يعني تتباسي خمس مرات وتقطعي نفسي ، طلعتى طماعة ياياسمين .
اطلقت صايحة غاضبة وهى تراه ينظر اليها بجراءة ويتهمها بانها كانت مستمتعة .
ولم تتوقف عن البثق عليه .
_ بكرة أجيلك ..
_ معتش تيجي هنا ياتييتيت غور من خلقتى .
_ وأنا اللى زعلان عشانك قولت ياعيني زمانها جالها حالة نفسية ، وهتعد سنه متتكلمش .
طلعتى سوسة ..
قالها مودعا وهو يخرج لسانه ويمرره على شفتاه بتلذذ ، ويعطي اليها اشارات انه قد احب طعمها .. فرمي اليها عدة قبلات طائرة .
وبقت تبثق وتمحي أثار القبلة من فمها ، وتطلق السباب .
***
وعند أخر يوم للخروج من المشفي ، جهزت ياسمين اشيائها وما ان انتهت ،صدمت وهى ترى رامي يدخل عليها فى غرفة المشفي ويرنوا اليها بقلق ..
_ ياسمين إيه اللى حصلك ؟ قالاها رامي وهو يجلس أمامها على فراشها ممسكا يدها بقلق .
_ أنت عرفت منين أنى هنا ..؟
_ سألت عمك ..؟ أنت كويسة ..
زفرت ياسمين بقوة وهى تقوم بالكشف عن زراعها الذي تشوهه تماما ..
فاقترب منها رامي وقد باد عليه الحزن أكثر .. وقام بعناقها .... ، دهشت ياسمين من نفسها وهى لا تشعر بأى شئ وهو يعانقها ...
فاردف
_ أنا اسف على كل حاجة ياسمين ..سامحيني كنت وحش فى حقك ، بس غصب عني ، كنت فاكر اللى بينا هيخليك تقولى على اسرارك.
لما عرفت باللى حصل وأنك مقلتيش ليا حسيت أنى غريب عنك ، برغم أنى اخذت الفلوس من بابا بصعوبة ، بس كان عشانك ممكن أعمل اى حاجه ،
أنت غالية عندى ياياسمين والله
لو خيرونى بالدنيا ، هختارك ، أنت عشان خسارتك مش هقدر استحملها .
أنت أحسن حاجه فى حياتي .
كانت تنصت الى كلامه الذي كان فى يوم ما حلما صعب الوصول ليه ، لكن ، الأن عندما تحقق لما لا تشعر بأى شئ .
_ أنت فكرتي فى عرضي ..
لمح رامي ترددها والتفات وجهها الى الجهة الاخرى بتوتر فقال
_ ياسمين ، أنا فعلا بحبك أنت حياتي اللى هعيش ليها وبس .
عارفة ...هاخدك ونروح نعيش مع جدي وتوفى على البحر ، أنا عارف انك بتحبي البيت دا .
وهشيلك جوا عنيا ، وهنبقي بعيد عن كل الناس .
...أتمنى توافقي ، أنت بقيتي محتلة كل تفكيري ، ومعتش بشوف غيرك ، أنا بوعدك من دلوقتى عمرك ماهتشوفى أو تسمعي حاجة تزعلك .. أنا هحافظ عليك .
قال جملته الأخيرة وهو يقوم بعناقها .
فابعدته عنها برقه ..
وتنهدت وهى تقول بابتسام ..
_ رامي .. أنت كنت احسن صديق ليا ، وكنت سعيدة جدا معاك ، عشان أنت الوحيد اللى وقفت جنبي ...
_ كنت .؟؟
_ للأسف يارامي .. أنت بقيت مجرد صديق .
_ متتسرعيش ... انا هديلك الوقت اللى عوزاه ..
_ أنا استنيتك كتير يارامي مستعجلتش بالعكس ، أنت اللى أتأخرت .. أوى .. يوم ما تسرعت فى الحكم عليا وكنت محتجالك ..
_ ياسمين انا بحبك ..
_ أانا .......أسفة ..
_ تبقي متعرفنيش ...... انا لايمكن أضيعك من ايدي ابدا
****
وتمضي الايام ..
وينمو الشوق داخل قلبه بالاشتياق رويدا رويدا ، حتى تضخم داخله وبقي الحنين يقتله ويلح عليه بأن يستوطن قلبها فى أحضانها وينصت الى نبضاتها ...ولو لثانية
تململ على الفراش الواسع ،وعقله يرسم خيالات له معها ، فطرق الاشتياق قلبة بلوعة ... فقام من فراشة ذاهبا الى شرفته ومن ثم نزل الى شرفتها بتوجس ، ليراها نائمة فى الفراش ، فاقترب مسرعا منها ، يجث على ركبتيه ، ويتأمل ملامحها الهادئة .
بسط يده الى شعراتها الحمراء يمررها داخل خصلاتها الرطبة ، جحظت عيناه وهو يستمع الى اضطراب انفاسها ،ليعلم انها ليست نائمة ،فابتسم بخبث .
واقترب منها كثيرا ،حتى طبع قبلة صغيرة على جبهتها ..
وبقي بجانبها ... يراقب مجهودها الكبير فى تمثيلها لنوم ..

ومرت الساعات وهو ينظر اليها فقط ...
حتى قام بسحب ورقة من مكتبها وأقبل يكتب عليها ..
وما إن انتهى خرج من الغرفة وهو يقول ..
_ انا دلوقتي ،اتأكدت من حاجات كتير شغلاني ..
اغلق الباب خلفه لتفتح عيناها الزرقاء تحت ضوء الغرفة الخافت ... وهى تراقب الورقة وهى تتحرك مع نسمات الهواء التى تهب من الشرفة .
قامت وسحبت الورقة بغضب ... وقرأت مابداخلها ، لتذهب الى عالم أخر ...

(تعالى وخذني من هذا الجحيم ، يحب أغرقني ولم اعد للحين ،لامسني عبير أنفاسك.. ،دعني اتذوق كل جميل .
يا حب نمي لعنان السماء ، ااتعلم اني بك غنيم......؟
اكنت تغمرتي بعيناك وتشتتني لاكون مهزوم جريح؟
اكرمني بحبك ....،يالك من بخيل
فانا طامع بك ، ورغبتي غلبت كل حبيب.
لاحدود لحب عرف، من سرقه ونبت فيه الحنين.
قبلني.. واشعلني
دعني انسي الماضي حزين
أرني شغف حبك ، لا أريد ان اكون تائه وحيد )
شئ ما تحرك داخل قلبها وهى تقرأ تلك الكلمات ، يجعلها تفقد برودة جسدها ، وانتظام أنفاسها ..؟؟؟
فكيف لمجرد كلمات أن تحمل هذا القدر من المشاعر ...
****
ذهب التعب عن صدره الذي كان يؤرقه لسنوات ، وتأكد من فراغ قلبها ، فلم يجد وقتا أفضل من الأن .. لتقدم لها ..
فاختار إجتماع العائلة على المائدة .. الطعام ..
وإختار قميصا يكشف جزءا من رقبته التى شوها ماء النار ..
وبقي ينظر اليها ... والى هدوءها الغريب ،حتى وقف فجأة معلنا أمام الجميع ..
_ بابا .. أنا بطلب أيد ياسمين ..
نظر اليه الجميع بدهشة .. وخاصة ياسمين التى سعلت بقوة بسبب سمعها الخبر وهى تشرب الماء .
_انت كويسة يابنتي
_ كويسة ...قالت بها ياسمين وهى ترنوا الى أدم بغضب أمام نظراته التى تخترق عيناها طوال الوقت ،فقال العم ناجي ..
_ وهى مش عوزاك ياأدم.
فنظرت ياسمين الى عمها بدهشة متفاجأة .....
فأردف العم وهو يرى نظرات ياسمين ..
_ ولا ايه رأيك ياسمين.
فقال أدم مسرعا مقاطعا لحروفها .
_ هى موافقة .
_ حتى لو هى موفقة ... لا .. مستحيل أجوزك بنتي .. وغير كدا جيلها عريس أحسن منك أساسا
.جنتل مان ، وابن ناس ، ومتجوزش قبل كدا ..وبصراحة أتمنى ياسمين مضيعهوش من ايدها .
كانت الشرارة تخرج من عين أدم لوالده ولياسمين التى كانت تنتظر أن تعرف من هو .. وهل ماتعتقده صحيحا .
_ ايه رأيك بسيف الإمام ياياسمين ..
طبعا لوهتساليني على رأي هقولك وافقى .
_ ايه سيف ... ؟؟؟؟
... بس بقي ....
عشان تعرفو كلكم ...
أنا مابخدش رأى حد فيكم ، واللى فى دماخى هيمشي .
... أنسي انك تفكرى فى الواد دا ..
... وماتنسيش اللى حصل بينا ... هاااه ..
...أنا ظهرى أتشوه بسببك ...
_ أخرس .... أتشوهه بسبب بمراتك، ياسمين ملهاش ذنب . هتف بها العم ناجي بغضب لأدم ...
فوقفت ياسمين من مجلسها بجانب المائدة
_ أنا موافقة بسيف ياعمي ..
هتفت بها لتجعل العيون الرمادية تهتاج أكثر وهى تخرج عن شعورها وهدوء لونها الى عواصف رمادية مشتعلة بالغيرة ..
ولم يكتفى بصاحبها أن يمسك الإبريق الذي أمامه ويحطمه على الأرض ..
بل قام بالاقتراب منها أكثر ..وهو ..

.....يتبع ....

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 10:02 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
الفصل السابع عشر
وقف مقابلا لها بطوله الذي يناسب مع طولها ومع كل نظرة مشتعلة بنيران الغيرة لم تجد عائق فى الوصل الى عيناها الهادئة الباردة من أى مشاعر ، مما جعله يهيج أكثر بالضيق ، فبعد كل ما فعله من اجلها تتركه وتذهب الى شخص أخر
هل ستبتعد هكذا فقط بعد أن ملء أنفاسه بحبه لها .
_ مش معنى أنى بتكلم بهدوء معاكِ ، يبقي تأخدى عليا ، وبعدين فين السلسة انت نسيتي اتفاقنا ..؟
تنصت اليه بملامح باردة ، وتحيط يدها حول صدرها مربعة اياها .
التفت أدم ينظر الى والده ويردف
_ يعني أنت عارف أنا عملت ايه عشانها ، وفى الأخر تقول كدا .
قالها ثم التفت اليها ويردف
عمرك ماهتلاقى حد يحافظ عليك زيي ، أنت عندك فكرة عن أهل سيف ، دول مرضي فلوس ، والمظهر اهم حاجة. لو امه عرفت أنك كنت ..خنثي .
عض على شفتيه ليصمت وهو يرى إنقلاب قسماتها الى الغضب من خروج تلك الكلمة من فمه . فهتفت به غاضبة
_ وأنت ايه اللى يخليك تتجوز واحدة كانت خنثي .
_ ....عشان بحبها .
_ أنت أخر واحد ممكن أفكر اتجوزه فى حياتي .
هتفت بها وهى توليه ظهرها وتخرج من أمام الجميع الى غرفتها ،فأوقفتها كلمات أدم وهو يقول .
_ محدش طلب رأيك ، واعرفي كويس محدش يقدر يبعدك عنى هاااه ، حطيها فى دماخك كويس أووى ، أنت خلاص فى حكم مراتي .
أكملت خطواتها الى غرفتها مسرعة ، وهى تشعر أن قلبها سيخرج من باطنها من كثر الخفق .
تسألت أهو بسبب الخوف ..؟؟
حقا لا تعرف أى شئ .
تعلم ان داخلها غابة رطبة هادئة لايوجد بها أى حركة حتى تعرف طبيعة شعورها .
لكن الشعور المترصد لها هو الخوف من المستقبل .
***
شعرت بالأرق يحيط جسدها ، ولا يزورها غبار النوم ، فقامت تذهب الى الثلاجة بتوعك لكى تبلل ريقها قليلا .
ضغطت على ذر الإضاءة ، لكن ، لا يعمل فتحسست المكان حتى وصلت الى الثلاجة وأخرجت قنينة ماء ، ووضعتها على ثغرها وعقلها يتذكر كلمه خنثي التى خرجت من فم أدم فسبته فى نفسها وهى تشرب الماء ،وفجأة أشتغلت الإضاءة... لتراه واقفا أمامها يراقبها ، صعقت من رؤيته ، لتنفجر الماء من ثغرها كالنافورة على وجهه بالكامل وتسعل بقوة .
فقال وهو يمسح الماء من على وجهه
_ هتقبلها منك ، بس المرة الجاية مش هعتقك .. تعرفى هعمل إيه ..
تنظر اليه بصدمة وهى تحاول أن توقف السعال ، لكنه توقف فجأة عندما مرت كلماته عليها
_ تعرفي هعمل إيه ...
هخطف شفايفك .. جوا ..تيييييت ..
وأقبل يتحدث بكلمات خارجة ، تحت نظراتها الصادمة ، فلم تتوقع أنه سئ الى هذه الدرجة .
_ يا تيييت إزاى تكلمنى كدا ..أنت قليل الأدب .
_ كلام إيه بس دي مشاااعر ....ومالك زعلانه أووى كدا دا أنا بوستي حلوة وإنت عارفة كويس .. همس بها بطريقة إهتز لها قلبها حتى توردت وجنتيها .
عضت على شفتياها تحاول قطع الحديث معه ، فالكلام معه لن يفيد بل سيجعله يتحدث أكثر .
فنظرت اليه باستحقار ، ودارت بظهرها تخرج من أمامه وعيناها تنظر اليه من طرفها ،تخشي أن يقدم على فعل شئ سئ معها . فقال ساخرا
_ متخافيش مش هعمل غير برضاكِ .
لم تعلق على كلماته وذهبت مسرعة الى السلم الخشبي لتصعد الى غرفتها .. ليوقفها بالهتاف باسمها (ياسمين )
فالتفت اليه وهى فى منتصف السلم ..
_ بحبك ..
قالها بطريقة بطيئة متلذذا بكل حرف ، حتى شعرت أنه قالها بقلبه وبعيناه المليئة بالرغبة .
هربت مسرعة الى غرفتها وأوصدت الباب بقوة ..
تحت نبضاتها التى تخفق بجنون .
وضعت يدها على قلبها تلتقط أنفاسها بصعوبة .
وألقت بجسدها على الفراش ، ونظرت الى السقف غرفتها طويلا ، حتى وصل اليها نسمات شرفتها ، جحظت عيناها وهى تتذكر دخوله من شرفتها ، فانتفضت مسرعة اليها حتى وقعت على الارض متأوهة .
قامت بصعوبة واغلق ابواب الشرفة بعنف ، ومرت بعيناها على أثاث غرفتها لتسحب مرآتها بصعوبة وتضعها على باب شرفتها .
تنهدت وهى تجلس على الفراش وترى صورتها فى المرآة ، التى كانت تعكس وهج عينها الامع ووجنتها الملتهبة بحمرتها .
***
(بدأ الفصل الدراسي الثاني )
وفى أول يوم ذهبت ياسمين الى الجامعة هاربة من أدم الذي أصبح يجلس بكثرة فى المنزل ، ويترقب خروجها .
ويخبرها دائما كلما يراها بكلمة .(بحبك)
وعندما تسمعها تهرب من أمامه ، خشية من أن يقدم على فعل شئ معها فإن كانت عيناه تبدو كذئب وديع ، الا أن بريقها غير مطمئن أبدا ، فهى تراه رجلا لا يتنبأ بتصرفاته .
دخلت الى المدرج الخاص بفرقتها ، لترى رامي جالسًا فى المقعد الخاص بها ينتظر قدومها .
تابعها بعيناه وهى تدخل وتجلس بقربه وتقول
_ محضرتش الإمتحان ليه ؟
لم يسمع كلماتها بل لم تمر عبر اذناه فعيناه الشاردة تتذكر كلمات سيف فى أخر لقاء جمعهما وتتردد داخل أذناه .
فقد آلمته كلماته لم يعتقد أبدا أن أخاه الأكبر يكن مشاعر لها ..
فعندما أخبره سيف عندما ذهب اليه فى مكتبه الخاص ( فاكر يا رامي ، ايام الثانوي ، لما دخلت معاكم الفريق وشوفت اسلام ، استغربت جدا ، ولد جميل بالشكل دا بيجرى ويلعب بالمهارة دي ، ومنظره وهو بيجرى وشعره القصير بيطير على رقبته بطريقه جميلة ، هااااحح..
فاكر لما ضربته فى اليوم دا صعب عليا أووى .. بس كنت عاوز أتأكد أنه بنت ولا لا .
بس شوفت سبحان الله ، طلعت بنت فعلا وزى القمر .. اللى زيها كدا تتحط فى لوحة فنية ، محدش هيشبع أبدا مهما يبص عليها .
أنا روحت أتقدمت ليها على فكرة .. أنا بعرفك .. عشان متقولش أنى خبيت عليكم )
أستيقظ من شروده على صياح الدكتور المعلم به فى المحاضرة ..
_ أنت يا أستاذ ياللى مش فايق خالص، ايه رقبتك موجعتكش .. كل دا بتبص جنبك ...
حد يشوفه ياجماعة ليكون أطرش ولا مابيشوفش .
_ رامي .. فوق لدكتور .. بينادي عليك .. قالتها ياسمين وهى تشير الى رامي الذي كان تائها داخل عيناها ..
_ هااه ...
_ الواحد بيقابل عينات فى الجامعة دي ، قالها الدكتور المعلم وهو يضرب على كفه يده تحسرًا على مايراه من طلاب ، فضحك الطلاب جميعا وأصبح أصواتهم تعلو داخل المدرج .
وبعد إنتهاء المحاضرة .. طلب رامي من ياسمين الذهاب الى الكافيه ، وبعد إلحاح طويل ذهبت فهى لا تريد أن تعطي أمل فارغ الى رامي ، حتى لا يتألم أكثر .
_ بص ، دى أخر مرة ممكن أقابلك هنا .
مال رامي رأسه بايجاب وهو يذهب الى النادل لكى يحضر لهم المشروبات .
تنهدت ياسمين وهى تقلب فى صفحات الكتاب الخاص بها وتتذكر .. ما أخبرها به أدم على عائلة رامي أنهم يهتمون بالمظهر والأموال .
شعرت بالحزن على رامي ،فكانت زيجته من أجل المال والمصلحة .. حتى انقلبت بالسلب عليه .
عاد رامي ليجلس أمامها وهو يمسك كوبا من العصير .. ويقول لها .
_ ياسمين أنت بتحبي سيف ، أخويا .
أحست ياسمين بالتوتر حتى إحمرت وجنتيها ، فقامت بأخذ العصير من أمامه وشربته دفعة واحدة .
حاولت أن تتقنى فى إختيار الكلمات ، وما إن جاءت لتتحدث شعرت أنها تريد النوم بشدة وعيناها ترى خيال متعدد لرامي .. فقالت بصوت متعب جدا
_ أنت حطيت فى العصير .. إي...
نظر اليها رامي طويلا وهو يقوم باإمساك يدها ، وحملها أمام من فى الكافية الى الخارج .
وضعها داخل سيارته وهى غائبة عن الوعي تماما . فقال وهو يضع حولها حزام الامان .
_ أنت اللى خلتيني اعمل كدا ..
مستحيل أضيعك من إيدي ..
ضغط على الفرامل الخاص بالسيارة ليقودها مسرعا بعصبية ..
***
إلتقطت أنفاسها بصعوبة وهى تتأوه ، حاولت أن تحرك رأسها قليلا ، وعينيها مضيقة بتعب ، لترى انها بداخل السيارة وبجانب رامى .
صاد الصمت لدقائق ، فعقلها مايزال تائها لا يتذكر أى شئ ..
وفجأة وقفت السيارة .. نظرت حولها يميا ويسارا ..
نسمات البحر تخطف عيناها ، حتى تذكرت هذا المكان ..
خرجت كلمات بصعوبة من ثغرها .. وهى تتذكر أخر شئ ..أنها تناولت العصير ..
_ رامى أنت عملت ايه ... وليه ..
_ كنت عوزانى أسيبك تتجوزى اخويا ، وترميني ، وأنا اللى وقفت جنبك كتير .
.. ليه بتصعبيها عليا ..وأنت عارفه أنى بحبك ..
قال جملته الاخيرة وهو مقربا منها ويضع يده على كتفيها ، وضي عيناه يزداد بلمعة الدموع .
عقلها يعود تدريجيا الى العمل ، وجسدها يبدأ فى إستعادة نشاطه ..
أنزلت يده بهدوء .. وقالت ..
_ انا مابحبش سيف يارامي ..
جحظت عيناه وقد عاد اليها بريق الأمل وهو يقول .
_ طب ليه رفضتيني ..
_ أنت صديق يارامي ،وقلبي مش شايفك .
لم يعلق على كلمتها بسبب الألم الذي سببته كلماتها داخله .. فاستمر يقود السيارة مسرعًا..
ولم ينصت الى كلماتها وهى تخبره بأن يوقف السيارة .
مرت دقائق حتى توقفت السيارة أمام هذا المنزل الذي تعرفه جيدا ، فشعرت بالأمان ..
_ أسبوع واحد... أديني فرصة .. أخليك تحبيني .
مالت ياسمين رأسها يمينا ويسارا بالنفى. تريد أن تخبره أن قلبها لم يعد يراه ليحبه ، لكن تخشي على مشاعره، من التحطم أكثر .
فأردف .
_ فرصة واحدة ... توفى وجدي .. معانا . متخفيش منى ياسمين ..أنا أحميكي .. مأذكيش أبدا ...
أنت قلبي .. فى حد يأذي قلبه ..
أستسلمت ياسمين لأمرها ..، فهو لن يصمت حتى توافق.. ولأن هذا الطريق يصل اليه فى خمس ساعات ، ومن الصعب الرجوع اليوم الى منزلها .
دخلت الى البيت معه ، لينظر اليها الجد بعجب .. فقال الجد لرامي وهو يقوم بسحبه الى جانب أخر .
_ هى حصلت ياولد تجيب بنت معاك هنا ...
_ دى مش مجرد بنت ياجدي ، دى حياتي ..
تابعه الجد وهو ينظر الى عيناه الحزينة التى لم يراها من قبل .
فأمال رأسه بايجاب وهو يربط عليه ..
جلست ياسمين مع توفى فى غرفتها تتفقد محتوياتها الرقيقة والجذابة ، فقالت لها توفى ..
_ أنت اسلام صح .. ؟؟
_ عرفتي إزاى ..!!
_ من عنيك .. وكمان من نظرات أخويا ليك ..
نظرت اليها ياسمين متعجبة ، فأردفت توفى .
_ بصراحة لما شوفتك أول مرة وأنت لابسة زى الولاد أفتكرتك بنت ورامي خلاكي تتنكرى كدا عشان معرفش أنا ولا جدي ، بس أنا قولت لجد .. ولرامي .. وهو أكد أنك ولد ... فأنا اتصدمت ..
وبعدين كنت خايفة على أخويا لانه بيبصلك زي ماتكونى حبيبته .. وأنت ولد ..فا ... دلوقتى .
مفهمتيش حاجه أنا عارفه ..بس أنا كدا أرتحت ...
قالتها توفى وهى تريح جسدها على الفراش .
طوال الليل لم تنم تتقلب على الفراش ، وعقلها يذكرها بأدم وعمها .. شيئا داخلها يخبرها أن تصمت ولا تخبرهم عن مكانها ..
فأحبت تلك الفكرة ...
***
وصل عقرب الساعة الى الثانية عشر ليلا ، يهيم فى أنحاء المشفى وأنحاء المدينة و فى الشوارع الضيقة ، ولا يجد لها أثرا ، قلبه ينبض بخوف قاتل ، وعقله يخبره ..بأنها هربت منه ..
_ زعلان على ايه ، ما أنت السبب ، بتقرفها ليه ، هى واحده مش عوزاك ليه بتغصب عليها .. أهى هربت وسبتلك البيت ..
يهتف بها والده أمامه وهو يراه جالسا فى غرفتها على الارض يبكي .
لا يعلم أن كلماته كالسكين الحاد يمر على قلبه العاشق حتى ينذف دما ،اشتياقا ،وخوفا.
كان يريد فقط أن يجعلها بين يديه دائما ،يستنشق انفاسها وعطرها صباحا ومساءا ، لم يتوقع أبدا أن تهرب منه .. بسبب اظهار مشاعره لها .
أنهمرت عيناه بالدموع وهو يرى السلسة ملقاه على الارض ، فأمسكها واقبل ينظر اليها بحزن ..
وكأن الدنيا أخذت من حياته الكثير ، ولم يعد بها شئ سوي فراغ قاتل ..
_ مش هسيبك ياسمين تضيعي مني ..ابدا ياحبيبتي ...
***
وفى الصباح الباكر ..
أخبرها رامي أن تتصل بعائلتها وتخبرهم انها فى رحلة مع إحدي صديقاتها .. لكنها رفضت تماما .
لا تعلم لما رفضت لكن أرادت أن لا يعلم أدم عن مكانها ..
فوافق رامي على كلامها ..واخذها الى طريق البحر ..
لم تسقط عيناه عنها طول الطريق ، فى جبعته كثير من الكلمات والمشاعر ..لو بقي طوال عمره يحكي لها كم يحبها لن يكون فى العمر مايكفى ... فواصل التحدث لها بعيناه التى تصرخ بحبها ...
_ ياسمين ..!!
تعرفي أمنيتى إيه ..
...إن أنا وأنت نعيش هنا ، بعيد عن الناس كلها ، مع توفى وجده . ومحدش يعرف عننا أى حاجه ..
طول ما إنتِ معايا مش هعوز من الدنيا أى حاجة .
أنا بحبك جدا .
تلك المشاعر لم تصل الى أذناها التى كانت شاردة فى كلمات أدم لها ولمساته مع صوت البحر ..
مر اسبوع كاملا بالليال الصاخبة الثقيلة التى جعلتها تشتاق الى كلماته التى تمر داخل أذناها برعدها ، حتى جعلت قلبها يلين الى رائحته ،ونبضاته .
لأول مرة تشعر بهذا الشعور الغامر وهى ترى قلبها يفتح لها طريقا خصبا بعيدا عن الطريق الوعر الذي كانت تخطو فيه طوال حياتها .
قلبها أصبح ينبض فقط متألما بذكرياته ، ألما لذيذ المذاق ينعش كيانها .
علمت أن هذا الاسبوع داوى جراحها ، وجعلها تتعرف على مايريده حقا .
وقفت ياسمين أمام رامي ،عند ذلك البيت المجاور بأرضيته المليئة بالعشب الباهت الذي تدهور بسبب عوامل الجو ، وأمام الأرجوحة الخشبية التى تحمل ذكرياتهما وتحت ضوء الشمس البرتقالية التى تسبح فى أنحاء السماء وتطبع بلونها على السحب الخفيفة .
_ أنا أسفه يارامي ..أنا مش هقدر أقبل مشاعرك .
كل لحظة اتمنيتك تبقي قدامي ، كنت بلاقي .. شخص تاني .. دايما ماسبنيش .. فى كل لحظة وقف جنبي بدون حتى ما أسال عليه أو لأطلب منه ، اقتحم حياتي بدون كلمة . أنا كل حاجه فرحتني كانت منه .. واهتمامه .. إهتمامه حتى بأدق الامور .. عشان بس يسعدني ..
انا فعلا مكنش اتخيل انه يعمل عشاني كدا ...
وكان ...
أنت كان بينك وبينه خطوة واحدة بس ..
الفرق بينكم أنه دخل حياتي بدون حتى ما أسمحله ، بالعكس أنا كنت بقفلها فى وشه دايما
عمرى ماحسيت معاه بالنقص ..
أنا بمشي معاه مبكونش خايفة .. من حد .
مرت الكلمات الى أذناه بصدمة ،وخوف وهو يرى حبه يضيع من أمامه .. فهتف .. بغضب مقاطعا لكلامها ودموعهما تهرب من عيناهما بغزارة
_ مين ..؟ هو مين .. أنطقى ..
_ مش مهم هو مين . المهم أنك تنساني . أنا قلبي مش ليك ، قلبي لحد تانى . لشخص يستاهلنى ، وتعب عشانى كتير ..
_ كفايا ..أنت بتوجعيني .. قالها وهو يشعر بأنه يفقد أنفاسه الأخيرة ، وشعور الندم يحيطه من كل مكان ..
ظلت تلقى اليه كلمات تعلم أنها تذبح قلبه ، فزادت أكثر حتى تجعله يكرها وينسي أمرها ..
لكنها أخطات بتقديرها ..
طلبت منه أن يعيدها الى المنزل الأن بأقصي سرعة، لكنه رفض ...
وفى الصباح الباكر تسللت الى الخارج المنزل ، وكلما ترى شخص تسأله عن أماكن مواقف السيارات ..
قلبها شغوف مليء بمشاعر دافئة تذكرها بكافة كلمات أدم الشاعرية التى تذوقت منها وبات داخلها حلاوة مشاعر الكلمات ،و هداياه التى كانت سببا فى حب نفسها .
فكيف لقلبها أن يكفر عن حبه الكبير لها ..
ام انها كانت....
طوال الطريق لايرحمها عقلها عن التفكير به ..ولا من لمساته ...
***
مرت خمس ساعات كاملة حتى وصلت الى المنزل ، لتدخله بحماس .. تبحث بعيناها عنه فى ارجاء المنزل .. لكن المنزل فارغا ..
جلست فى حديقة المنزل تنتظر قدومهم ، وعلى وجهها الندم يسطو عليها ،فرؤيه المنزل خاليا أمر أرعبها حقا..
خافت من تفكيرهم .. ومن رؤيتهم لها بنظرة سيئة .. والأكثر ، إعتقاد أدم بها..
رأت سيارة تقف أمام المنزل فأسرعت اليها ، لترى نادر يخرج من السيارة ويهرع اليها ..
_ ياسمين .. كنت فين .. قلقتينا عليك ..أسبوع كامل بره البيت ..
_ أنا كويسة ... فين عمى و ... أدم .
_ بابا ياعيني هو أدم .. مسبوش مكان غير لما دوروا عليك فيه ، وبالذات أدم . مكنش بينام فى البيت .
حرام عليك اللى عملتيه فيه، يعني مش عارفه أنه بيحبك .. مفكرتش فيه ..
حتى كنت تقولى لعمك ..
_ أنا أسفه ...
رفع نادر هاتفه يتصل بوالده ويطمئنه على ياسمين .. ويتصل با أدم ..
لم تمر نصف ساعة حتى ووصل عمها وهو يبكي ويضعها فى أحضانه ، حتى ندمت ياسمين بشدة ... على فعلتها ..
واخبرت عمها أنها كانت برحلة مع أحدى صديقاتها ..
_ أنا غلطت .. سامحني ياعمي ..
لم يعلق عمها على كلماتها فقد اعتقد انها هربت لتذهق روحها بسبب مامرت به ، وعندما رأها اطمئن .. فقال
_ يابنتي أنا مسمحك بس ، إزاى .. تقلقينا بالشكل دا .. إزاى مفكرتيش فينا .
ولا إنت مش شيفانا أهلك ..
_ أنا أسفه ...أسفة ...
هنا دخل أدم الى المنزل وهو يوصد باب المخرج وراءه .
تقابلت أعينهم لوهلة ،لكل منهما لغة خاصة مختلفة عن الأخرى ..
دهشت من نظراته الصلبة المريرة فكيف لهذا الغضب الكبير أن يسكن عيناه ويلقيه اليها .. فقط بنظرة واحدة .
حتى شعرت بالخوف ..
مضي شهر كامل بدون كلمة واحدة من أدم ، كلما تراه تقف وتنظر اليه ، تنتظر منه كلمة أى أى شئ ، لكن ، لا يعطي لها بالا .
كزت على أسنانها وهى تراه بهذا البرود .. فقالت هامسة الى نفسها ..
_ ماشي يا أدم ..أنت اللى خسران .. هنشوف مين اللى هيستحمل يبعد عن التاني.
***
وتمضي الأيام ...
وإنتهت السنة الدراسية ، وبدأت الأجازة الكبرى ، إختارت أن تذهب الى عمها وهو جالس مع أدم فى مكتبه .
قامت بطرق الباب ثم دخلت .. شعرت بالضيق من أدم ومن عيناه الباردة ..
فقالت بثقة
_ عمى ، أنا هاروح أعيش مع صحبتي .. بيتها جنب الجامعة ..
قام أدم من مجلسه ليقول بنبرة حادة قاطعا لكلمة والده ..
_ معدناش بنات تبات برة البيت ، ولا أنت ختى على كدا ..
_ ملكش دعوة أنا بتكلم مع عمي ..
_ تعالى ياياسمين يابنتي أعدى .، وروح أنت أعمل اللى قولتلك عليه ..
كز على اسنانه ليعود بريق عيناه مرة أخرى بمشاعره الذي أخفاها طويلا.
لم تعرف أن قلبها سيرفرف من السعادة وهو ينهرها بتلك الطريقة .
فذهبت الى عمها تجلس بقربه .. ليعطي لها بطاقة تبدو كبطاقة شخصية ..
_ شوفتى .. بطاقتك الجديدة أهى ..، أدم فضل وراهم لحد ماجبها ... كانت هتعد كم سنة عشان تيجي .. دلوقتي تنسي الماضي بحزافيره ..وتبدئ من جديد ..
كلمة واحدة لمست قلبها ، لتغمره بالحب والسعادة ، فالتفت تنظر الي أدم بطريقة جعلته يندهش .. فأزاح عيناه عنها بسرعة .. ونظر الى الجانب الاخر .. وخطى خارج المنزل .
فأردف العم
_ العنوان فين اللى عاوزة تسكني فيه .
_ جنب الجامعة فى شارع ....
_ حلو أوى ، جنب الشغل بتاعك الجديد ..
دهشت ياسمين من كلام عمها ، فهى أرادت فقط أن تشعل غيرة أدم بأمر خروجها من المنزل.. لم يأتى فى خاطرها ابدا ان عمها سيوافق ..
فقالت متعجبة ..
_ شغل جديد ..؟؟
_ هااه عندك مانع ..،
اعتبريه تدريب ليك ، ودا مكتب مهندسة كانت صحبت ادم .. وشاطرة .. وهو قالها عليك ..وهتاخد بالها منك .
_ صحبت أدم ..!! .. لا ياعمى مش عاوزة اشتغل ..
***
صعدت الى غرفتها وهى تدب على الارض بكعب قدمها من الغيظ ، جلست على فراشها تتفقد السقف وهى تكز على اسنانها بسبب أدم ..
لمحت مرآتها ماتزال مركونه على باب شرفتها ، فازفرت بقوة ، وقامت بغضب تسحبها وتضعها فى مكانها الأساسي .
بقت تتقلب على الفراش ، حتى زار قلبها الأرق فبقت مستيقظة طوال الليل ينهش داخلها الغضب .
أرتفع قرص الشمس فى ناحية الشرق ، يتسلل داخل شرفتها ، تحت عيناها الزرقاء وهى تتابع العصافير التى تزقزق بقوة على سور شرفتها ..
ذهبت الى المطبخ بهالات عيناها السوداء ، تبحث عن طعام للعصافير .
فلمحت العم ناجي مع أدم يخرجون من المنزل .. فى هذا الصباح الباكر ..
رجعت الي العصافير .. وقلبها يزقزق معهم يتمني الحصول على إهتمام أو حتى نبض ينصت اليه .
وعند غروب الشمس بقت مستيقظة ، تأكل فى شفتاها .. حتى جاءها العم عبده يخبرها أن هناك من يريدها .. ذهبت مسرعة وعلى وجهها الفرح وتتسأل أهو ساعي الهدايا ..
دهشت عندما رأت لبني وامها وأبيها يقفون أمامها متوسلين أن تغفر لقضية خطفها التى رفعها عمها على ابناءها .
_ سامحينا يابنتي .. سامحينا .. أحنا بنعترف اننا غلطنا ودول ولاد عمك برضه .. وأنت عارفه عمك مابيشتغلش وهما اللى بيصرفوا علينا ، وكمان ياحبه عينى مرات الكبير لسة والدة ، ولسة مدفعناش فلوس الولادة ..
وصل الغضب الي أوصالها وهى ترى من كانت سبب فى تشويه زراعيها واقفة أمامها ولم توضع فى السجن .. بل تقف بكبرياءها الذي لم ينكسر .
لم تتحدث ياسمين باى كلمة لهم فبقت صامتة. جاحظة عيناها بغضب ،حتى جلست والدة لبني على الارض بجانب أقدامها ، وهى على وشك تقبيل قدمها توسلا .
لكن ،وقفت أم لبني .. وهى ترى ياسمين صامتة ، لا يتحرك قلبها أمام صُفرة وجوههم فبصقت على وجهه ياسمين .. وطلبت لبني منهم ان يخرجوا ..وقالت لبني
_ طبعا بتستغربي أن أدم مسجنيش ليه ، تبقي هابلة لو فاكرة أنه هيعاقبني ، أنا مهما كان مراته .. وأم إبنه اللى فى بطني ..وكدا كدا هيرجعني .. حتى لو أتجوزك هفضل على قلبك ومش هسيبك غير لما تتدمرى .
رمت اليها الكلام بدلال حاقد ، وتركت ياسمين مع نفسها بكلماتها التى حطمتها من الداخل .
***
مر اسبوعا كاملا ..
تجلس معظم الوقت فى غرفتها ولا تريد أن ترى أحد ، تأتى اليها هالة معظم الأوقات ، تجلس معها وتتحدث فى أمور حياتها التى تتغير ...
_ تخيلي ماما أتصلت بيا ياسمين عوزانى أرجع أعيش معاهم تانى .
_ دى حاجة كويسة جدا ،هى فجأة كدا أتصلت بيك .
_ أأأه .. أنا فرحانه أووى .
_ وانا كمان فرحانة ليك أووى .
مرت ياسمين عيناها على هالة التى تغيرت كثيرا ، فدائما تأتى لتأخذ منها الفساتين ومساحيق التجميل .
وما إن جاءت ياسمين لتتحدث معها بخصوص علاجها ... قالت هالة مقاطعة ..
_ تعرفي نادر من ساعة ماعرفته وكل حاجة أتصلحت معايا ، أول حاجه أهلى .. وبقيت بعرف أنام .. ومش بيسبني غير لما يخليني مبسوطة .. بجد أنا بحبه أووى .
عضت هالة على شفتياها بخروج تلك الكلمة بعفوية من ثغرها ، وياسمين تنظر اليها وتضحك ... ساخرة .. منها .. وتقول بسخرية وديعة
_ بس أنت والد .. مينفعش ..
_ لييه هى الفستاين دى مش مخلياني بنت ..؟
_ هالة أنت عارفة أنت بتقولى ايه ..؟
_ طبعا عارفة .... بس
هو ممكن نادر يوافق بيا ؟
ابتلعت ياسمين ريقها وهى ترى هذا التغير الكبير بهالة فقالت باسمة ..
_ وأنت يعني قليلة .. حاولى كدا .. وشوفى هيقول ايه .
مالت هالة رأسها بايجاب .. وهى تقرا عيون ياسمين السعيدة لأجلها بأنها كانت على حق ... وأن حالتها فقط كانت تحتاج الى وقت مناسب وايجاد شخص مناسب حتى يدق قلبها بالاعتراف بمهيتها وبالشئ الذي تريده .
***
قامت ياسمين بتجهيز حاجاتها كاملة التى كانت عبارة عن الملابس التى أهداها اليها أدم ..
شعرت بالضيق وهى تمسك كل قطعة وتقوم بارتداها ، حتى أنها بحثت طويلا على تلك السلسة ذات القلب الذهبي ، فلم تجدها ..
سحبت حقيبها لكى تخرج من المنزل ، لتجد أدم بانتظارها أمام الغرفة ...وعلى وجهه الضيق .
أمكسها من كتفيها بنظرات غاضبة وهو يهتف بها بعنف
_ أتنازلتى عن المحضر والقضية ليه ؟
ابتلعت ياسمين ريقها بصعوبة وهتفت به بغضب ..
_ وانت ما تهمتش لبني ليه ؟ مش هي برضو السبب فى كل دا ..
_ أنت مجنونة عاوزة أسجن بنت عمى ..
أ... مهما كان هى بنت ولازم أحافظ عليها ..
عضت على شفتيها والغضب يفوح منها ،ولت ظهرها له وخطت خارج المنزل .
فخطى وراءها وهو يقول بغضب ..ويمسك معصمها بقوة حتى لا تتحرك .
_ مش هسيبك تنامى بره البيت .
_ أبعد ..أيدك ..
لم يرد عليها وأقبل يسحبها داخل المنزل بكل قوته ..
_ مش هتبعد ..؟
التفت اليها ينظر مقربا من وجهها متحديا وهو يقول
_ لا .
وقام بسحبها داخل غرفتها .. فهتفت
_ إسجن لبني ..هى السبب فى كل اللى حصلي، وحصلك .. شوف ظهرك باظ إزاى .
ولا أنت بتحبها ومش قادر ..
_ لا مش بحبها ...
هتفت به بصياح قوى وهى تقترب منه بشدة
_ كذاب بتحبها
شعر بالضيق منها ، فنظر اليها بغضب أكثر وما ان جاء ليتحدث بعنف ...
حروف قليلا خرجت من فمه لتلمع عيناه الرمادية وهى تنعكس ضوءها داخل عيناها الناعمة ببريق المشاعر وهى تقوم بخطف شفتاه السميكة داخل شفتاها الصغيرة .
وتلتهمها بحرارة ....
ولم ترى من يقف خلفهما ويشاهدهما بصدمة ..
يتبع ...

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 10:05 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
هذه الرواية كتبت بقلم سارة منصور ، جميع الحقوق محفوظة لدى .

جميع الأشعار والخواطر فى هذه الرواية كتبت بواسطتي .

هذه الرواية كتبتها بقلبي وحروفها بدمي (بكيت فيها كتير ، وضحكت ، وفرحت ، إتأثرت بكل شخصية ) .. عشان كدا تعبت فيها لدرجة كبيرة جدا .

لذا أهدي هذا الرواية بكل حرف بها الى أجمل شخص بحياتي أمى الغالية ( تاج راسي )


(الفصل الأخير)

إشباع لهيب شوقها لم يكتمل مهما تحتضن شفتاه داخل ثغرها الصغير ، ومهما تملأ أنفاسها بحبه، رئتيها لا تتوقف عن طلب المزيد .

إبتعدت عن شفتاه تدريجيا ، لتراه يفتتح عيناه بنظرة جعلتها تشعر بالخجل من نفسها ، مرت ثوانى بدون كلمة ، فقط ينظرون إلى بعضهما نظرات حب ، خوف ، دفعته بايديها الرقيقة من صدره وهى لا تراه يتكلم ،لكن يداه كانت محيطة بخصرها .

- إبعد ...

قالتها وهى تخفى نظرات عيناها عنه بالنظر الى الجهة الأخرى ، فكيف ألا يتحدث فى ذلك الموقف .

عيناه المليئة بالرغبة وقلبه النابض بالحب يلح عليه أن يرتمي فى أحضان عيناها وشفتاها اللذيذة ، لكن عقله يوقفه عن فعل أى شئ خوفًا من أن تبتعد وتهرب مرة أخرى.

خرجت ياسمين من شرودها بعيناه الرمادية بصدمة على نحنحت هالة التى كانت تقف أمام غرفتها وتنظر اليهما بدهشة وتحاول جاهدا كتم ضحكاتها .

قلبها يخفق بجنون شعرت انها عارية أمام صديقتها ، فقامت برفع يدها تصفع أدم وتدفعه من صدره الذي كان تائها عن الدنيا بعيناها الناعمة .

وقامت بأخذ حقيبتها من أمامه والخروج وهى تهتف بكلمة ...

_ سافل .. !

تابعتها هالة بالخطى وراءها ليرتفع صوتها تدريجيا بالضحك الصاخب ، وهى تقول ..

_ سافل ... ..؟ ... قالتها وهى تسرع لتقف أمام ياسمين وتقوم بالغمز لها التى كانت وجنتيها ملتهبة بالحمرة..

فقالت ياسمين وهى ترتسم اللا مبالة ..

_ أنت هنا من أمتى ..

_ لما قولتى أنت بتحب لبني .... هاهاهاها .... الحمد لله لحقت الموقف من البداية ... هههه.

بس إيه ...!! طلعتى شقية .. صدمتيني ..

قالت ياسمين مقاطعة .

_ لو علقتى على أي حاجة لانتِ صحبتي ولا أعرفك ، وهاروح أقول لنادر ..أنك بتحبيه ...

_ خلاص خلاص ياساتر ..

مضت ياسمين وهالة الى شقتهم التى فى حى الجامعة ..، وقامت بإخراج حاجاتها وترتيبها داخل خزانتها الجديدة.. ، وبدأت تشعر بالضيق والندم من فعلتها .. فقالت فى نفسها بصوت ظاهر ..

_ يعني هو مش مفروض يفرح ويطلب منى نتجوز ! .. زى ماكان بيقول ... ولا هو غير رأيه؟ ... أفف ياريتني ماعملت كدا ..

لم تلاحظ ياسمين هالة وهى تقف خلفها ممسكة بكون من العصير .. وتضحك ..

_ انا كمان أستنانيت يعبرك ...بحاجة . هاها. هتلاقيه مش مصدق ياعيني ..

تنصت الى كلامها بعيون جاحظة وتهتفت بها

_ هو أنا كدا على طول مفضوحة قدامك ...

_ هو يعني أنا حد غريب ..، إحمدي ربنا أن محدش شافك غيري .

شردت ياسمين بتوتر ، وهى تتخيل إن رأها عمها أو أى شخص أخر كانت لتموت من الإحراج .

ومن ثم صعقت من تخيلها لأدم وهو يذهب الى عمها ناجى ويخبره بما حدث حتى يوافق على الزواج ، فبقت تأكل فى شفتيها بخوف وتقوم بفرك يدها ..

*

كانت تجرى الأيام على قلبها بصعوبة ، إنتظرت أن يتحدث معها لكن لم تراه منذ تلك الواقعة .

تذهب الى عمها متحججة بالإشتياق إليه ولا تراه فى المنزل ، بل لا يوجد لديه أثر ..

اصبحت حياتها عبارة عن الجامعة والمكوث فى غرفتها ، لا شئ جديد ..، حتى إقترب موعد إمتحان الفصل الدراسي الأول ، لأول مرة تجد رامي يأتى الى الجامعة .. فى أخر يوم ..

حاولت أن تتجنبه برغم الشفقة التى إكتسحت قلبها..لكن هو أيضا لا يتحدث معها ويتجنبها .

إقترب منها بعض الطلاب يتساءلون عن حل مسألة معينة ،

.... فطلبت منهم أن يجلسَ بقربها، ولأن ياسمين دائما ما كان الدكتور المعلم يطلب منها أن تقوم بتحضير بعض الدروس ، وتقوم بشرحها فى المحاضرة أمام زملائها ، كاختبار لها ، فلم تجد أى صعوبة فى حل المسألة ،.. تحت أنظار زميلها المتفوق الذي يجلس دائما بجانبها ، ويتابع الأسئلة الذكية والأجوبة التى تعطيها للمعيدين ..

فذهب إليها هذا الزميل وقام بالتعريف عن نفسه .. وأخبرها بأشياء أسعدتها وجعلت الحماس ينمو داخلها ..

_ إيه رأيك ياسمين نفتح سنتر ونعلم الدفعة اللى أصغر مننا ..أنا شايف أنك متفوقة جدا ، ولو تعاونا مع بعض هنعمل فريق جامد ..

كم شعرت بالحماس بهذا الكلام .. وخاصة انها تعشق كافة المواد الهندسية .. وتجد السعادة .. عند الإطلاع عليها فوافقته على كلامه فورا ..

وبالفعل .. كانت الدفعة الأصغر منها سنا .. تتهاتف على ياسمين وزميلها .. وأصبح لديهما عملا بدخل كبير ..

ولم تكتفى بذلك .. قامت بفتح قناة على التواصل الإجتماعى تقوم فيه بشرح المواد الخاصة بفرقتها ..

كل ذلك لأجل رامي ، حتى وإن كانت تتجنبه .. إلا أن بدخلها أنه صديقا عزيزا عليها تريد أن تقدم له يد المساعدة وإن كانت بطريقة غير مباشرة ..

تردد إسم ياسمين فى الجامعة بأنها الطالبة النبيه .. الجميلة التى تساعد الجميع بشرح المسائل الصعبة..

وبقي الدكاترة المعلمين يطلبون منها أن تذهب وتعمل معهم فى مكتبهم الهندسي .. بسبب دخلوها الى القسم المدنى .

الذي كان يغلب فيه عدد الرجال عن النساء بكثير .

توالت الايام فى المرور ، بتحقيق حلمها .. والتذوق منه ..

لكن هناك شئ كبيرا ناقصا فى حياتها ، فلا يمر يوما الا والحزن يملأ جوفها بسبب الإشتياق ..وقلبها يلح برؤيته ..

ومهما تذهب الى منزل عمها لا تراه ..

لا تملك رقمه الجوال .. وتخشي من الذهاب اليه .. والتحدث معه .. والخجل يدور داخل عيناها يخبرها أنها لن تتمكن من النظر اليه ..

**

_ ياسمين ..... أنا مش فاهم ايه اللى مش عاجبك فيا .. على طول تيجي تعدي فى مكتبي .. وتجبيلي سندوتشات .. واجى أقولك بحبك تهربي .. طب ايه السبب . وحتى لما اروح لعمك يقولى لسة ياسمين مردتش عليا

_ أنت أخويا الكبير ياسيف .. اللى بيشجعني دايما .. وبيساعدني .. وبعدين ياعم ..أنت أى واحده تتمناك .. عندك بنات زي القمر فى الجامعة .. شوفلك واحدة فيهم ولا اقولك شوفت البنت الحلوة اللى هناك دي ، كل لما أجيلك ألقيها بتبصلك ..

_ ..، لا لا وبعدين ياسمين أنت غيرهم كلهم ..

أنت زهرتي الحلوة ..

_ كدا هزعل ومعتش هجيلك تانى والله.

_ خلاص .. خلينا إخوات ياستى على الأقل عشان أشوفك .. ويمكن تغيري رأيك فى يوم من الأيام .

_ صحيح ياسيف ...رامي عمل إيه ..؟

_ مش هتصدقى ، نجح أخيرا بعد سقوط خمس سنين ، وبابا مش مصدق وعمله أحتفاليه كبيرة ..

_ انت بتتكلم بجد ..

أقبل سيف يتحدث عن رامي ،وعن تغيره الكامل ، وعدم ذهابه الى النوادي ورؤية الفتيات كما الماضي ...

حتى أصبح أباه يخشي أنه حدث شئ له

إبتسمت ياسمين .. وشعرت بالسعادة لأجله ، فكثيرا ماكانت تحمل همه وهم كره والده له ،لكن إطمئنت عندما سمعت كلام شيف عن قلق والده .

**

_ أستاذة ياسمين تتجوزيني ...؟؟ قالها إحدى الطلاب فى القاعة المخصصة بالقاء الدروس ..، وهو يجث على ركبتيه أمام زملائه ..

توترت ياسمين وهى تتعرض لهذا الموقف فاختارت الصمت .. لا تريد أن تحرج هذا الطالب الذي تقوم باعطائه الدروس ..

مرت بعيناه على الحاضرين .. حاولت أن تختار كلمات ليست جارحة .

_أنا .... أنا

هنا وقف شابا بطوله المرتفع حليق الرأس والذقن، يضع نظارة شمسية ،يخطوا أمام الطلاب .. حتى وقف أمام الطالب المنحنى على الارض وممسك بخاتما ذهبيا ، فاقترب هذا الشاب ، وقام برفع هذا الطالب من الارض ، ووقف أمام ياسمين ..

وخلع النظارة الشمسية .. لتجحظ عيناها وهى ترى عيناه الرمادية التى إشتاقت إليها والتى تزورها فى الأحلام طويلا ..

فنبض قلبها بجنون ، وأصبحت رؤياها ضبابية .. وهو يقوم بالاقتراب منها ووضع القلادة ذات القلب الذهبي حول عنقها ..

ويقول لهذا الطالب ..وهو يحيط بيده حول كتف ياسمين ..

_ مراتي ..

إنحرج الطالب بشدة تحت عيناه الصادمة وعاد الى مجلسه فى القاعة مطأ طأ الرأس أمام هتفاف الطلاب لاستاذتهم ياسمين .

التى لا تتحرك عيناها عن أدم .. فكم إشتاقت الى نبرته ، وتحدثه بأنها ملكه ، كل ذلك يعيد ترطيب قلبها بزهور الحب الناعمة . التى تطبع بريقها داخل عيناها .

**

وبعد إنتهاء وقت الدرس ..

إنتظر أن يخرج الجميع ، ليقف أمامها بعيناه التى تفصح عن مكنون قلبه وتخرج كلمات تحمل قدرا هائل من مشاعر الحب التى لا تسطيع أن تحملها الشفاة ،والذي أجاد قلب ياسمين أن يترجم كل حرف .

إبتلعت ريقها وهى تنظر إليه عن قرب وهو يبدو بشكل غريب عن كل مرة ، فقد كانت تتساءل بشأن هذا الشاب الذي يجلس فى نهاية القاعة الدراسية ويرتدي النظارة الشمسية دائما .. .

_ مقولتش ليه أنه إنت .. ولا فاكر انك هتفضل مستخبي كدا .. ومش هعرفك عشان قصيت شعرك وشلت دقنك .

_ كنت خايف تهربي منى ؟

_ ممم

صاد الصمت بينهم .. حتى لمعت فى عقلها ذكرة مريرة عن لبني وإبنها الذي فى أحشائها .. فقالت

_ طبعا رجعت للبني ، وإبنك ..!!

_ إبنى ؟ هاهاهاها هى عملتها معاك ..!!

_ مش عارف هي هتستفاد ايه بالكذب ...

انسي لبني دي خالص انا شوفت شغلي معاه كويس

وخدت مؤخرها عشر أضعاف ..وعمرها ماهتدخل حياتي تاني .

قالها ..ثم همس بالقرب منها

لأن حياتي بقت ليك أنت وبس

لم تصدق ياسمين كلماته ، لكن عيناها وشفتاها لم تستطع أن تخفى شعورها بالسعادة ، فارتسمت الابتسامة عليها ... فاردف ..

ياسمين .؟ أنا لو حضنتك دلوقتي .. هتهربي تانى منى ..

_ أنت خت عليا ولا إيه ..؟

... هو بالسهل كدا .. مش أنت بتحبني روح بقي كلم باباك ..!!

عم الصمت لدقيقة كاملة ...

_ أأأأأهههه

تصيح بها بألم ياسمين بعد أن قام أدم بقرصها فى زراعها بقوة .. ويبدو عليه الصدمة بعيناه الجاحظة ..

_ أنت بتقرصني ... ؟

_ خايف يكون حلم ...؟؟ أنا مش مصدق يياسمين مرة تبوسيني ومرة تقوليلي اتجوزني .. كدا كتير هيحصلى حاجة ...

_ أنت مجنون ... !!! مش مفروض تقرص نفسك أنت..أنا ذنبي إيه ..

تنهد أدم بسعادة وعيناه تتحول الى خبث، تعلم هى نوياه جيدا..

فالتفت يدنو الى باب غرفة القاعة ويقوم بغلقها ، ثم يعود اليها ...

فاقتربت منه أيضا وهى تقول ..

_ غمض عنيك ...

شعر بسعادة غامرة ، وقام باغلاق عيناه بحماس وهو يمط شفتاه لها .. ليأتى صوتها تهتف ..

_ لا أنت دلوقتى بتحلم فعلا .. ..!!

قالتها وهى تهرب منه خارج القاعة .

** *

وقفت أمام المرآة تنظر الي قلادتها وعلى وجهها الفرحة ، رفعت أحمر الشفاه الى ثغرها ، وقامت بوضع مساحيق التجميل فوق عيناها .

دخلت عليها هالة الغرفة مفاجأة ، فشعرت ياسمين بالحرج ، فابتسمت هالة وهى تقول ...

_ تعالى وأنا هظبطك ... بس إيه المناسبة ..؟

_ هاروح لعمى ..أدم هيطلبني منه ؟؟

ابتسمت هالة وهى تقوم بوضع مساحيق التجميل على وجهه ياسمين ..وهى تقول

_ أخيرا .... ياشيخة دا أنا هبطلكم والله .. كل دا تأخير .. بس يلا المهم نخلص ...أحم أحم أقصد نفرح ..ههه.

صاد الصمت للحظات فأردفت هالة ..

تخيلي يياسمين لما روحت لأهلى وقعت معاهم شوية .. لقيتهم إتغيروا خالص ... فبتكلم مع ماما لقيتها بتحكيلي على نادر ..!!

أنا لما أفكر فى كل حاجة عملها عشانى ، ببكي أن ربنا عوضني عن كل حاجة فى الإنسان دا ..

عشان كدا عمرى ما هضيعة من إيدي ..

وقفت ياسمين من مجلسها ،وقامت بالتربط على ظهر هالة التى كانت وجنتيها غارقة بدموعها ..

فقالت ياسمين ..

_ خلاص ياهالة ..إهدي ياحبيبتي ..

_ أنا خايفة لنادر ... .. قالتها هالة وهى ترفع رأسها الى ياسمين .. وتنظر بعجب الذي انقلب لسخرية ... بضحكات عفوية ..

فى تلك اللحظة علا صوت الجرس يدوى داخل الشقة ..

فذهبت ياسمين مسرعة الى الباب الرئيسي .. وقامت بفتحه ...

لترى أدم .. الذي كان ينظر اليها متفحصا ..، حتى علم أنها ياسمين .. فقال .. ساخرا ..وهو يكتم ضحكاته ..

_ إيه الجمال دا ..

خجلت ياسمين وتوردت وجنتيها تحت مقدار المساحيق الهائل على وجهها ومع حمرة شعرها جعل مظهرها شديد السخرية ..

فأردف ادم ..

_ يلا تعالى بسرعة بابا مستنينا ..

_ طب استني بس أشوف نفسي فى المراية ..

_ لا كدا حلو أوى ..

سحب أدم ياسمين التى كانت السعادة تجعل قلبها يتراقص مع نغمات الحب بداخلها ..

وحين وصلت الى عمها . فى غرفه المكتب .. نظر اليها طويلا وقال بعجب ..

_ مين دي ..

قالت ياسمين

_ أنا ياعمي ..

_ هاهاها عاملة فى نفسك كدا ليه يابنتي .. أنت جميلة من غير العك دا كله ..

فقال أدم ..

_ شوفت تعبت قد إيه فى الميك أب .. ياريت بقي .. توافق على جوازنا ...

تنهد العم ناجي وهو ينظر الي ياسمين وهو يقول ..

_ بصي ياسمين .. ياحبيبتي .. لو أنت عاوزة مشورتي .. بلاش أدم .. دا بذات .. صدقيني هيقرفك .. وهيطلع عينك ..

قال أدم مقاطعا ..

_ فى إيه يابابا ..أنت بتخرب عليا ...

فقالت ياسمين .. لعمها ..

_ حتى لو زفت ..ياعمى هو برضه طيب ..

_ المفروض دلوقتى أنى افرح يعني بكلمتك دى ..إنت بتهزقيني يياسمين ..

_ أهو شوفتى ...؟؟ سبحان الله ربنا بيحبك ..ظهر على حقيقته ..

_ هو فيه إيه ..؟ يهتف بها أدم وهو ينظر بتعجب الى أبيه وياسمين .. التى كانت تطلق الضحكات .. السعيدة ..

وبعد أن إستسلم العم لنظرات ياسمين التى كانت عيناها تخرج القلوب المحبة الى ادم والى سعادتها التى لم يراها فى عيناها من قبل ..قال لولده أدم ..

_ انا موافق ... بس إسمع الكلام دا يا أدم ..

ياسمين دى بنتي . وأنت ولا حاجة عندي .. انت عيل دلوقتى جاى تخطف بنتي منى .. فا والله العظيم لو زعلتها .. لأخدها منك وما عت أرجعها ليك ابدا..واسيبك مرمي ..

مال أدم رأسه بايجاب الى والده وهو يقول ..

_ ياسمين قبل ماتكون بنتك ، هى عنيا وقلبي . اللى هحافظ عليهم .. ومستحيل أخلي اى حد يخاف عليها أكتر منى ..

_ أنت بتعاندني ياواد ... طب أجرى معندناش بنات للجواز ..

شعرت ياسمين لأول مرة أنها بين عائلتها وأنا عمها هو الأب الحنون الذي يخاف عليها ويريد أن تكون السعادة من نصيبها .

علمت أن عوض الله يأتى لا محالة .. وفى أجمل الأوقات المناسبة .

فكم رأت من الحزن .. وكم خسرت... من وجود والدتها العزيزة وأحضانها الدافئة و التى كان حبها يسكن قلبها ويشعرها أنها موجودة معها طوال الوقت .

والأن عمها ناجى و أدم .. هم كل حياتها

انهمرت الدموع من عيناها بغزارة وهى ترى حب عمها الخائف عليها من ادم إبنه فلذة كبده ..

وأدم الذي كانت عيناه بها حب العالم بأكمله و الذي يدفئ برودة جسدها بعناقه ولمساته الحنونة ..

فقال العم .. وقد أشفق على ياسمين ..من رؤيتها تبكي بهذه الطريقة

_ خلاص ياياسمين يابنتي . هجوزهولك ....ياقلبي .. حقك عليا ..

أما أدم كان يعانقها ويربت على ظهرها حتى تتوقف عن البكاء .. ولم يعلما أنها دموع السعادة ...

وبعد شهرا كاملا ..

لم تريد ياسمين أن يكون لها فرحا كبيرا

فتم تجهيز لها زفافا نهاريا على شاطئ البحر .. فى قاعة صغيرة على رمال البحر ..

تخطو فيه بفستانها الابيض البسيط مع حمرة شعرها ..

وعينيها البراقه التى تخرج وهجا يشبه إنعكاس السماء فى البحر ..

مع أدم الذي كان يرتدي ملابس الشاطئ ..

_ كدا يا أدم .. تخلى منظرى وحش قدام هالة .. فيها ايه لما تلبس بدلة مش فرحك برضه ..

_ معلشي ياحبيبتي .. أنا بخاف على بِدلى .. وكمان دا رمل هلبس جزمة إزاى ..

_ هاااه يعني كمان مش لابس جزمة .. انت عاوز تحرق دمي وخلاص ..

قام أدم بحملها على ظهره وأدخلها الى البحر ويقوم بتقبيلها داخل الماء .

ولم تتوقف ياسمين عن إطلاق السب ...وتقوم بعض كتفه ..غيظًا

فقد تبلل الفستان تماما وتدمرت مساحيق التجميل .

تحت أنظار هالة ونادر الذين كانوا يتابعونهما من بعيد ..

فقالت هالة لنادر بجدية الذي كان يتناول العصير . ويراقب البحر .

_ اية اللى إنت لابسه دا ، حد يلبس ترنج فى فرح ...

_ ياسلام ... على أساس أنك لابسة فستان .. ما إنت لابسة ترنج وإسود كمان ...

_اااه صحيح ... الله يكون فى عونك ياياسمين مش عارفه هى مستحملانا إزاى ...

الحمد لله أن باباك اللى لابس ومظبط نفسه .. (تنهيدة )

نادر بقولك إيه .....تتجوزنى ؟؟

دهش نادر من كلمتها المفاجأة فخرج من فمه العصير على وجهها ..مندفعا بغزارة ...

فانقلب وجهها الى العبوس .. وهى مغلقة العينان .

فأخرج نادر منديلا يمسح به وجها وهو يقول ..

_ هفكر ..

_ إبعد .. ياتيييت ....

....حات المنديل دا ...

... بص ياحبيبي أنا مش فاضية .. إيه هفكر دي ..

.. بالغصب بالرضي هتوافق ... وأنت عارف انى على قلبك ..

إبتسم نادر لها .. وهو ينظر الى إنفعلات وجهها اللطيفة فكم يحب أن يجعلها تغضب ..

***

دخلا الى غرفة النوم والسعادة ستمزق شفتاه من الابتسام .. فقال وهو يقبل يدها على الفراش ... حتى وصل الى زراعها

_ مش مصدق ياياسمين أخيرا اتجوزنا وهبوسك برحتى ..

وأعمل كل اللى عاوزه ... موواة

فقالت ياسمين ..

_ إهدى بس يا أدم عاوز أقولك على حاجة مهمة ..

مش مفروض أصلا تقولى كلام حلو .. الأول .

توقف أدم عن تقبيل زراعيها وقال وهو ينظر الي عيناها ...بتأمل وهو يتنهد أمام جمالها وسحر عيناها الامعة ..

( جميلة .....كالقمر ، تملك رائحة الغسق ، لون وجنتيها حليب بكرز .

ينبثق من فاها العسل ، يغار منها الزهر .

هرب البحر الى عيناها وطل الورد على شعر تلك القمر ، سرقت غرتها كل من نظر ، تملك من الجمال مابين الشمس والقمر ، ترى الفضاء فى عيناها شاسعا، فزهرتي ليست من البشر )

قالها ثم وضعها فى احضانه ويمسح على ظهرها بحنان ..

فقالت له ..

_ أدم .. أنا بالنسبة ليك إيه

إقترب من شفتياها ينظر الي عيناها بشغف وهو يهمس بجانب أذنها

_حته من قلبي

فاقتربت ياسمين تهمس بجانب أذناه هى الأخرى وقد فاضت به رغبته فى الاقتراب منها أكثر

_أدم ...؟

_ ايه ياحبيبي ..

_ عندى ظروف ..

نظر اليها طويلا بدهشة حتى صاد الصمت للحظات وهى تجلس بجانبه فى الفراش ...

تنهد وهو يضعها داخل صدره مجددا .. ويقوم بالمسح على ظهرها .. وهو يكز على اسنانه ويقول ..

_ الف سلامه ياحبيبتي ... بس ...قدامك كم يوم ..

_ سبعة ..

_ إيه ؟؟؟؟

وبعد عدة دقائق ...

نظر الي يديها التى تتشابك مع يده ،ويتذكر أول يوم ذهب فيه المدرسة ،عندما دخل إسلام الأتوبيس الخاص بالمدرسة يجلس بقربه وهو يبتسم بعيناه اللطيفة ، ويقوم بمسك يده .. وهو يقول ..

(ماما قالتلى ابقي معاك على طول ،واروح معاك ياأدم .)

نزلت من عيناه دمعة وهو يقول لياسمين ..

_ تعرفي أنا بحبك من أمتي ..يازهرة الياسمين .

شعرت ياسمين بتلك الدمعة التى سقطت على يدها من عيناه .. فرفعت بصرها اليه من أحضانه وهى تقول

_ من أمتى ياحبيبي ؟

_أول مرة شوفتك فيها .. ولحد دلوقتى ..

فاكرة لما كنا صغيرين ولما انت مسكت ايدي فى الباص ،وانا لويت دراعك عشان تبعدى وانتِ عيطت ...

فى لحظة دي انا ندمت جدا .. وكان نفسي أحضن واطبطب عليك .

أنت كنت عاملة فى حياتي زى الحاجة الحلوة ، اللى قدامى ومش عارف أطولها ، عشان كدا على طول كنت بحس بالنقص .

حياتى مكملتش غير بيك يياسمين ، أنت كل حياتي .

تعرفي أنى قعت فترة كبيرة أروح لأكتر من دكتور نفساني عشان أتعالج ..

لو كنت أعرف بحالتك من بدرى ، كان زمانك بين إيدي من زمان .

وما إن جاءت ياسمين لتخبره عن مقدار حبها له ، كانت شفتاها الصغيرة داخل فم أدم .. تحكي لها عن إشتياقها الطويل وأنها أصبحت جزء من قلبه وحلما كبيرا .. إنفتح أبوابه أمامه .

وفى الصباح الباكر ..

إستيقظ أدم .. ليرى الفراش بجانبه خاليا من ياسمين .. وبداخل يده ورقة معطرة ..

فتحها ..وقام بقراءة كل حرف بقلبه قبل عيناه .

(دعنى أسبح فى سحب عيناك ، لعلى أطير إليها وأسكن .

لا توقظنى من شرودي ، أخشي أن يكون حلما حسن .

عانقنى بجفونك فأنا عاشقة ، تريد أن تتذوق حبك لتأمن .

قيدني ..وأسرق دموعى فى أحضانك فقلبك كان لى وطن .

علمنى .. كيف أشعر بنكهة حبك بين شفتاى لأتزن .

....عانقنى أكثر

وإصغى لنبضات قلبي تعترف بحبك .

تكفى أمواج عيناك فى إشعال رغبة قلبى حتى أُجن .

سأسرق الحب من شفتاك طوال عمرى ، لكى أصل لعمق الحب وأرهن .

ولأملا أنفاسي بعشقك ، وبقلبك أحفى وأدفن )

وما إن أنتهى من قراءتها حتى غامره الشوق ، فأقبل يبحث عنها فى أنحاء الغرفة ، ليراها تخرج من الحمام ، وترتدي ملابس قصيرة .. وتقف مائلة وهى تضع يدها فى خصرها . وتقول ..

_ لو قولتلك إنى ضحكت عليك إمبارح ..هتزعل .

حجظت عيناه .. وهو يرتسم الغضب بوجهه بصعوبة .. فلا يستطيع أبدا ان يحزن منها فقال .. وهو يقترب منها ويحملها على ظهره ..

_ كدا ياسمين .. طب والله ماهسيبك ..تعالى .. بقي ..ياوحشة ..

وبعد مرور سبع سنوات ..

خطت الى غرفة عمها وهى تمسك بيدها اليمني إبنها الصغير ، واليد اليسرى إبنتها ..الصغيرة .

قامت بطرق الباب .. ليفتح لها عمها وهو يقول ..

_ أدخلى يابنتي .. تعالوا ياروح جده ..

هااه ياسمين خير .. قالها العم ناجي وهو يجلس على الكرسي وبيديه الطفلين

_ ياعمي أدم ... مطلع عيني .. شوف عمل فيا إيه ..

قعدت أعمل فى المشروع بتاعي للمسابقه سنة كاملة .. والشركة تتصل بيه .. ويضحك عليا ويقولى معاد إستلام الجائزة بكرة وهو كان من يومين .

ويروح هو ياخدها قدام الناس ... قال ايه!! أزاى أروح وأسلم على رجالة .. وأنا بستلمها ..

أنا كان نفسي اخدها وأتصور واحطها فى مكتبي ..

حتى شوف جيبلي صورته وهو بيستلمها مكانى .

أنا بجد هيجرالى حاجة ..

وكمان بيقرص عليا بالولاد عشان أصلحه .

راح يقول للوجى .. أنه مش هيوديهم الساحل طلما أنا مخصماه ..

_ أنا قولتلك بلاش أدم ... وإنت صممتي عليه ..؟

بس هاروح أعلمه الأدب .. دا تييييت ..تيييت .

هبوظله المشروع بتاعه ..

دهشت ياسمبن من إنفعال عمها فقالت ...مطيبة الخاطر

_ لا مش لدرجة دي .... ياعمي .. هو برضه مش وحش دا أدم غلبان ... يعني قوله بس متغرش أوى على مراتك خليك فاكك شوية ..

وخليه يوديني حفلة الشركة أنا نفسي أروح ..

_ خلاص ماشي بس برضه هعلمه الأدب ..

_ ملكش بركة الإ هو ياعمي هو ابنك برضه ..

_ أنت اللى بنتى وروح قلبي ..أنت والكتاكيت دوول ..

ينفع يالوجى بابا يزعل ماما ...

_ أأاه بابا حبيبي .. ماما هى اللى بتزعله ..

_ لوجين .!!!

**

_ خلاص بقي ياحبيبتي متزعليش ...

قالها أدم وهو يقوم باحتضان ياسمين من الخلف ويقوم بقبيل رقبتها بحرارة ... لكى تسامحه ..

فالتفتت اليه وهى تقول

_ هسامحك بشرط توديني الحفلة ...

_ حفلة ...!! تقصدي حفلة الشركة ...

... مممم خلاص ماشي ... من عنيا ياقلبي .

فالها وهو يأخذها بين أضلاعه .. وقلبه ينبض ويطرق داخل صدرها .

وما إن جاء يوم الحفلة قام أدم بأخذ ياسمين .. وابنائهما الى الحفل ...

فوضعها فى جناح الخاص بالأطفال فى المناسبات .. فتضايقت ياسمين وهى تقول له

_ كان لازم أعرف إنك هتعمل كدا ... يا أدم .

_ ثوانى ياحبيبتي مش هتأخر عليك هشوف حاجة هناك ولما الناس تخف شوية هنزلك للحفلة.

ذهب أدم وترك ياسمين مع أبنائها فى القسم الخاص بالأطفال .. فبقت تنظر الى أولادها وهم يلعبون مع الأطفال الأخرين ..

_العيلة دي شبه بعض .. كدا ليه ..

تهتف بها هالة وهى تدخل على ياسمين.. وممسكة بطفل صغير ..

فضحكت ياسمين وهى ترى أن حالها لا يختلف عن هالة فهى أيضا تعاني من غيرة نادر عليها ...فردت عليها ياسمين ..

_أخيرا شوفتك ... ياهالة وشوفت الصغنون بتاعكم ..

_هه عملالى مهتمة أووى ما إنت نستيني خالص ..

بس إيه رأيك فى الانتاج ... شكلى صح ..?

_شكلك أووى ..

_تعرفي ياسين كمان اللى نسخة منك ،، بس مش شخصيتك دي أبدا فيه طبع العند زي أبوه ...

_أنت هتقولليلي .. ..

_صحيح مبروك الإسكارف .. شكله جميل عليك ..

_ بجد دا أدم بيتريق عليا ،ويقولى ياعم عبده ..

عوزني البس الطرحة وانا بصراحة مش متعودة بتخنق، فجبلي دي اتعود عليه الاول .

_ ما أنا بقولك عيله شبه بعض .. بصي خدي بالك من الولد لما أروح الحمام ..

مالت ياسمين رأسها بايجاب ،وراقبت هالة وهى تخطو الى دورة المياة بعيناها

فرأت هذا الشخص يأتى اليها وهو يبتسم ..، فدهشت وهى تنظر اليه بعجب ..

فارتسمت الابتسامة على وجهها .. تلقائيا .. فلم تراه منذ سنوات طويلة ..

_ رامي ؟؟

_ ياسمين ..؟ إزيك .. ؟

مالت ياسمين رأسها بايجاب وهى تنظر اليه والى الطفلة التى بيده ..

فقال وهو ينظر الى الطفلة التى معه

_ دى حبيبة قلبي ... ياسمين ..

فرفعت بصرها اليه بدهشة .. فأردف ..

_ بنتي .. !!

قام رامي بإنزال إبنته لكى تلعب مع الأطفال الأخرين ، وقال لياسمين

مالك مستغربة كدا .. كنت فاكرة .. أنى هفضل سنجل وأبكي عليك ..

انا أتجوزت .. قبلك .. على فكرة .. بشهر ..

إبتسمت ياسمين وهى تنظر اليه بفرحه والى إبنته التى تشبهه الى حد كبير .. و تتذكر ذكراتهما معا ..

فقالت ..باسمة بتحفظ

_ شبهك خالص ..!!

تنهد وهو ينظر الي عيناها فكم إشتاق اليهما والى سماع صوتها الهادئ ..

_ وحشتيني ..

تعرفي ياسمين أنا كنت فاكر لما أتجوز هنساكي .. لكن فشلت .

ولو أنت ...كنت سبتيني فى الواقع فإنتى مسبتنيش فى أحلامي لحظة ..

أنت كنت أحلا حاجة فى حياتي

كل تلك الكلمات تخرج من قلبه لها لكي تسير الى شفتاه الحزينة التى أوصدت الباب عليها فهى لم تعد له فأكتفى بقول

ياسمين بنتى أحسن حاجة فى حياتي ..

المهم ..أنت عاملة ايه فى حياتك ..طمنيني

كل نظرة اليها تصرخ داخله بكلمات الإشتياق التى وصلت اليها بعيناه الحزينة التى تلمع بلمعة الدموع البائسة ..

فشعرت بالألم لأجله فرامي كان شخصا عزيزا عليها جدا شخصا صادقها فى حين أن الجميع كان يكرها ،ويبتعد عنها ، استمع اليها ولعب معها ،وبقي بينهم ذكريات جميلة ووقف بجانبها كثيرا .. كم تشعر بالإمتنان له .. كم تشعر أنها كانت محظوظة حقا بالتعرف على شخص مثله ..

لكن هو فقط صديقا غاليا، فقلبها مغمورا بحب أدم فقط ...

فقالت وهى تبتسم ..

_ بخير الحمد لله معايا دلوقتى ..لوجى ووياسين

_ أأه شوفتهم مع أدم..

فى تلك اللحظة دخل أدم وهو يهتف بإسمها .. بغضب

فالتفتت اليه وقد شعرت بالتوتر من زوجها ..ومن غيرته ..

فاقترب أدم من ياسمين ويحيط كتفيها وهو يقول ..

_ رامي .. بتعمل ايه هنا ..

مالت عين رامي الى يد أدم والى كتف ياسمين .. فتلك أمنيته التى كان يموت كل ليلة وهو يريد تحقيقها والأن بين يد شخص أخر ..

_ بحتفل بالمشروع الجديد .. مع إمام بيه .. ومعاكم

_ أأأه سمعت انك دخل بكام سهم ..

فرفعت ياسمين بصرها الى أدم بتعجب ، فكانت تعتقد أن والد رامي لن يشاركه فى شركته .. لكن تبين عكس ذلك .. فسعدت لأجله أكثر ..

هنا ظهرت فتاة تخطوا إلى جانب رامي ، حتى دهش كل من ياسمين وأدم فتلك الفتاة بها شبه كبير منها .. طولها .. عيناها . جسدها ..الإختلاف بينهما بسيط ..

_ دى مراتي .. ؟ يهتف بها رامي أمامهما .. تحت عيونهم المتفاجأة ..

فى تلك اللحظة ظهرت هالة وخلفها نادر..

فقام بالتعرف على بعضهم.. وجلسوا أمام أطفالهم .. يتحدثون .. فى أمور العمل ..

فاقترب ياسين إبن أدم يخطو الي أبيه وهو ممسك بيد ياسمين إبنة رامي ويقول لوالده أمام الجميع ..

_ بابا أنا عاوز أتجوز ياسمين ..؟؟
```
تمت بحمد الله
```

هذه الرواية كتبت بقلم سارة منصور ، جميع الحقوق محفوظة لدى .

.....

شكرا على متابعة رواية المتحول الوسيم .. فى إنتظار أرائكم احبائى

ياريت كل واحد قرأ الرواية يقول رأيه فيها .. ���� عرض أقل

سارة منصور دوار الشمس 22-11-22 10:06 PM

رد: رواية المتحول الوسيم
 
سيتم نشر الفصل الثاني ولكن بقصة مختلفة بها نفس المعاناة مع اختلاف الشخصيات ستعجبكم جدا ����
اسم الجزء الثانى "لم تكن انثى"


الساعة الآن 08:26 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية