منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t208136.html)

Rehana 03-07-21 10:05 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قالت راجية:
" لا تتركني لا تدعني اسقط ".
" لا تقلقي ".
فقالت هامسة قبالة عنقه:
" انني خائفة ".
" اعلم لكن انظري مايك هناك لمساعدتك ".
ظهر رجل آخر فوق الجدار مد نحوهما يده:
" ها قد وصلت تقريبا سوف اجذبك نحوي مدي لي يديك ".
حاولت آبي ان تفعل ذلك لكن لم يمكنها ارخاء قبضتي يديها .بدا الامر لها كما لو كان ينبغي عليها ان تترك الزورق مرة اخرى ولا يمكنها التخلي عنه بحال من الاحوال.
" ثقي به, ابسطي ذراعيك اليه وسيسير كل شيء على خير ما يرام ".
تشبثت بحاملها بقدر اكبر بحيث كاد قبضها على عنقه ان يصيبه بالاختناق.
" يا الهي انك تحولين دون ان اتنفس وتحكمين تطويق عنقي بقدر اكبر . هل تسمعيني؟ ".
فهمست قائلة وهي ترخي تطويقها عنقه بقدر طفيف:
" انني آسفة ".
وعلى نحو تلقائي احكمت تطويق وسطه بساقيها . ابتسم رغما عنه يا له من موقف .وفي اللحظة التي بدا يتضجر فيها ...
ينبغي عليه ان يتخلى عن قبضته لان الدماء التي سالت من يده المجروحة جعلت الحبل زلقا .عندما وصلا الى موضع على مسافة اقل عن متر واحد من القمة وضع مايك يديه تحت ابطيّ آبي ورفعها ثم وضعها فوق العشب ثم قفز بدوره الى ما فوق الضفة .
" يا إلهي يا جالاجار كم انت مضح حمول! ".
ابتسم جاك جالاجار لمايك:
" كان امامي حلان اما هذا او السباحة, كيف حال الفتاة ؟ ".
كانت جالسة فوق العشب واضعة جبينها فوق ركبتيها المرفوعتين. جلس جاك بجوارها . رفعت آبي رأسها وعندما التقت نظراتهما كبح انفاسه امام هذا اللقاء . قالت تخاطبه بنبرة رقيقة وهي تشرق عليه بابتسامة مرتعدة:
" اشكرك ظننت انني سوف اموت غرقا انت الذي انقذت حياتي ".
ثم حولت الفتاة نظراتها الى الاشجار وهي تمسح بهدوء الدموع التي سالت من عينيها . امسك بيدها واخذ يدلكها بقوة حتى تدفأ قليلا:
" لا بأس من ان تطلقي لنفسك العنان وتبكي سوف يريحك ذلك فيما بعد ".
" لو بدأت فلن يمكنني التوقف ".
استعادت يدها من يده ثم طوقت ركبتيها بذراعيها في محاولة لأن تهدئ نفسها . ارتعدت كتفاها بشدة. وبدون تفكير خلع قميصه الثاني واعطاها اياه قائلا:
" ارتديه ستشعرين بأنك اكثر جفافا . ينبغي ان تستأنف دماؤك دورتها وان تكوني قادرة على السير على قدميك .هل يمكنك ان تنهضي؟ ".
" لا ادري لكن...الجلوس يتعبني لست واثقة بانه يمكنني ان اظل واقفة ".
عاونها مايك وجاك على النهوض، طوق جاك خصرها بذراعه جاذبا اياها نحوه، لحظ ان رأس آبي كان عند كتفه تماما.
" يمكنني ان احملك لكن ينبغي عليك ان تمشي فهذا افضل لك .فيم تفكرين؟ ".

Rehana 03-07-21 10:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" اعتقد انني ...احب ان اتمدد واغمض عيني ثم استيقظ حتى اتبين ان كل هذا لم يكن سوى حلم مزعج قاس ".
" سوف تنامين فيما بعد لنحاول السير ".
تحدث معها بنبرة رقيقة
" انظري الى اشجار الصنوبر هذه. هل سبق لك ان رأيت غابة بمثل هذه الكثافة ؟ انظري! شجرة توت بري سرعان ما سوف تزهر والتوت من هذه النوعية يكون حلوا كالسكر اذا تم جنيه في الصباح الباكر ...".
ربتت اشعة شمس الظهيرة كتفي آبي مجففة اطراف شعرها الذهبي.
قال جاك بنبرته الحانية:
" نحن الآن فوق بقعة اثرية قديمة لصائدين هنود،كانوا منذ مائة عام يرتادون هذه المنطقة سعيا وراء الايائل والغزلان ".
نظرت آبي من حولها فرأت للمرة الاولى الضوء المتسلل من بين الاشجار المرتفعة وتلك القصيرة مثل تبر الذهب .
" انني من فلوريدا ولدينا ...لدينا اشجار صنوبر هناك ايضا, كثير من الناس لا يعرفونها ولدينا ايضا اشجار النخيل واشجار القرو واشجار البرتقال ...لا شيء اجمل من رؤية غيضة اشجار برتقال في ضوء الصباح ".
اختنق صوتها بالبكاء:
" ظننت انني...انني لن أرى كل ذلك ثانية ".
امسك يدها .امتد الطريق كثير المنحنيات بين اشجار الصنوبر العملاقة التي حجبت ضوء الشمس تماما.
" استندي عليّ ".
كانت قد تعثرت فوق جذر شجرة فشعر بأنها منهكة القوة ولا تزال ترتعد من الخوف.
" لقد وصلنا ".
تعثرت مرة اخرى عندما سمعت صوت خرير النهر الصاعد نحوهما لم يبد جدار المدفع مفاجئا في هذه البقعة الزاخرة بالصخور وبالاشجار الصغيرة الحاجبة للرؤية ومع ذلك احست آبي تلقائيا وكان النهر في انتظارها يتوعدها .
" لا لن انزل اليه ثانية لا ترغمني على ذلك ".
فقال جاك:
" لكن معسكرنا تحت هذه البقعة تماما ".
" لا! ".
التفتت حول نفسها حتى تصعد الى الطريق مرة اخرى ثم قالت دون ان تلتفت اليه
" لا اصدقكما! ".
تبادل الرجلان نظرة خاطفة .حملها جاك بعدها بين ذراعيه محتبسا اياها قبالة صدره وهو يقول:
" آسف ".
اخذت تقاومه بشراسة قطة متوحشة لكن جاك ضمها الى صدره بقوة وهبط في اتجاه النهر. يسير على قدميه تارة وينزلق تارة اخرى وجد مجموعة سياح تنتظر بالقرب من الزورق.اسرعوا يحيطون بهم وقد استبد بهم القلق والفضول متصورين ان احدهم كان من الممكن ان يكون مكان آبي.
" كيف حالها الآن ؟ اخبرنا! انظروا اليها! ".
فقال جاك بلهجة مطمئنة آمرة :
" انها بخير .سوف نتناول غداءنا الآن ".
ورفرفت ابتسامة شاحبة على شفتيه ادركتها آبي على الفور,
" لقد عرضت نفسي للسخرية ".

Rehana 03-07-21 10:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" يا إلهي .لا ! لقد تصرفت على افضل وجه ".
" حسنا! لقد كنت قليلة العزم متباكية كثيرة الصياح .اتمنى لو انكم لم تروني! ".
" لا اهمية لذلك الآن ".
احتفظ بها بين ذراعيه لحظة اخرى ثم انزلها الى الارض.
" سوف اذهب لأبحث لك عن طعام وعن ملابس جافة مناسبة ".
"اشكرك! سوف اقوم بذلك بنفسي اشعر بانني احسن حالا الآن ".
" هل انت واثقة من ذلك؟ ".
تأملته آبي بحق للمرة الاولى،كلن جماله غير عادي، تضافر فعل الشمس والريح والماء لإضفاء سمرة نادرة الجاذبية على ملامحه .كان له حاجبان قاتمان وشعر بني وعينان بلون الجرانيت الذي تشوبه انعكاسات قاتمة لا رخاوة فيه لكن ابتسامته طفولية لا تقاوم خففت من حدة قسمات وجهه.
قالت وهي تعض شفتها:
" شكرا لك على كل ما فعلته من اجلي ".
" لا شكر على واجب . وكل ما ارجوه منك هو ان تستريحي بقدر الامكان عصر هذا اليوم ".
"نعم سوف اتنزه في الغابات او اجلس تحت اشعة الشمس أقرا كتابا ".
"كنت افكر في كوب مشروب مهدئ وقدر من النوم ".
"لكني اصبحت على خير ما يرام، بحق...".
قاطعهما صوت حاد :
" آبي! كيف حالك الآن ؟ آبي لقد سببت لنا جزعا شديدا! ".
كانت تلك الين التي اسرعت الى ذراعيها وكان في اعقابها المرشد المسؤول عن الحادثة وشابان من ايست يارك.
" كيف نجحت في ان تخرجي من هناك؟ اعتقد جيف اننا سوف نضطر الى استدعاء طائرة مروحية ".
فقالت وهي تدير وجهها الشاحب صوب جاك:
" هذا انقذني! انني ...انني لا اعرف اسمك ".
" جاك جالاجار...".
ثم مدت نحوه يدا واستطردت تقول:
" اسمي آبي كلارك وهذه صديقتي الين شو ".
ترك جاك يدها حتى يمكنه مصافحة صديقتها التي قدمتها اليه ايضا . احس بالجوع لكنه فضل تسوية امر ما اولاً.
" استأذنكما لدي عمل ما .جيف .اريد ان اتحدث معك ".
تبعته آبي بنظراتها .بدا شعره البني متربا تماما وقميصه ممزقا احست وكأن الارض قد بدأت تميد بها حتى اصابها الغثيان .قالت تحدث نفسها، هذا راجع الى خطئي.
سألتها الين:
" هل انت بخير؟ اراهن بانك اصبت بخوف لم ولن تري مثله طوال حياتك . اما انا فكدت اموت! هل سمعتنا نناديك كي تتسلقي؟ ".
قالت آبي وهي تدقق النظر الى الين وتتأمل طيشها:
" شلت حركتي تماما ".
" لكن ما الذي فعلته بعد ذلك حتى تتسلقي ذلك الحاجز؟ ".
" هو....هو حملني ".
" الا تبالغين؟ ما كان يضايقني ان اضع يدي على هذا الرجل القوي ".

Rehana 03-07-21 10:07 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
اشاحت آبي بوجهها بعيدا عن الين وعن النهر وعن الشابين اللذين ارتديا بنطلونين قصيرين وقميصين تائيين.
" سوف اذهب لأستبدال ثيابي المبتلة الى لقاء عاجل ".
توجهت آبي الى السيارة للبحث عن مشط لتمشيط شعرها وملابس نظيفة لترتديها ثم توجهت الى كوخ صغير علقت عليه لافتة كتب عليها "خاص بالسيدات والآنسات ".
كان الجو خانقا بداخل الكوخ . احست مرة اخرى بألام في صدرها فغادرت الكوخ مترنحة. وجدت جاك في انتظارها جالسا فوق برميل مقلوب وبيده كأس مشروب غازي مثلج, قفز نحوها وامسك بها في اللحظة التي كادت ان تسقط فيها . طوقها بذراعه ضاما اياها برفق الى صدره .
" ايتها العنيدة الصغيرة! طلبت منك ان تستريحي ".
" كنت استبدل ثيابي فقط ".
" هنا بالداخل؟ لو كنت مكانك لقضيت فيه اقصر وقت ممكن ".
" لكن ...لكن ...".
حملها جاك من فوق الارض وسار بها الى خيمة منصوبة وسط اشجار الصنوبر .وضعها فوق حافة فراش معسكر ثم اختفى ليعود بعد بضع دقائق حاملا منشفة ودلو ماء .ذرت آبي الماء على وجهها وعنقها وصدرها ثم غسلت يديها وذراعيها.
" لن استعيد احساسي بالصحة ابدا ".
" بل سوف تستعيدينه صدقيني انا على علم بما اقول ".
" آه ,حسنا ,هل انت معتاد انقاذ الفتيات اللواتي يتعرضن للغرق؟ ".
" لا, بل ارتب لئلا يكون احد بحاجة الى من ينقذه ".
سكب سائلا اصفر اللون في كوب قائلا:
" خذي، اشربي هذا ".
شربت ما بالكأس دفعة واحدة فأحست بحرارة شديدة بحلقها. اخرج جاك لها قميصا قطنيا من صندوق سفره قائلا:
" ارتديه، سوف انتظر بالخارج ".
احست بجسدها ثقيلا مثل كتلة من رصاص لكنها لم تجرؤ على مخالفته.
ارتدت القميص فسترها حتى منتصف فخذيها وكان متسعا فضفاضا فوق صدرها وخصرها. كانت ساقاها متسختين متسلختين وركبتاها متورمتين عليها آثار الدماء .لا بد انها قد فقدت حذاءها وجوربها في النهر واصيبت قدماها بجراح لكنها لم تذكر شيئا عن ذلك كله.
وضعت آبي رأسها فوق الوسادة .احست بشوق شديد الى سريرها المصنوع من اخشاب الصنوبر والذي قام والدها بصقله والى غطاء فراشها المصنوع من فضلات النسيج والذي كانت احدى قطعه المربعة مأخوذة من قصاصة متبقية من تفصيل ثوب زفاف والدتها. حلمت الفتاة بتلك القصاصة المربعة من نسيج الساتان اللامع ناعم الملمس .احست بحاجة الى ان تحتضن وتحب، ظهرت قامة جاك بفتحة الباب :
" ينبغي عليك ان تنامي ".
ضحكت . اعجبها منه صراحته وحزمه. اخرج غطاء فراش دثرها به حتى عنقها .بدأت اسنانها تصطك.
" قلت لي انني ساكون افضل حالا ".
" فيما بعد. سوف احرص على العناية بك بعض الوقت ".
" لا داعي الى ذلك .سينتهي كل هذا .انني اشعر بشيء من البرد فحسب ".
فقال مزمجرا وهو يرقد بجوارها آخذا اياها بين ذراعيه :
" لا تعترضي يا صغيرتي العنيدة ".
حكت آبي وجهها في قميص جاك وتنهدت :
" ولو كان هذا حلما .واذا كنت لا ازال هناك ! انقذني! ارجوك ان تنقذني...ارجوك ".
شدد قبضه عليها واضعا ساقه فوق ساقيها حتى يمنعها من الارتعاش ومرر يده فوق شعرها كانت يده باردة وكان جسده دافئا قويا ذا حضور مدهش، قال هامسا في اذنها :
" سوف تمر هذه الازمة بسلام .سوف انقذك ".
ولم يتركها حتى استسلمت للنوم.

نهاية الفصل

Rehana 04-07-21 01:35 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الثاني

استيقظت آبي صباح اليوم التالي تشعر بألام شديدة بسائر اعضائها من شعرها حتى اخمص قدميها. علقت بذهنها ذكرى غامضة لجسد دافئ ممدد بجوارها. وبذراعين عضليتين تضمانها لكن الفراش كان خاليا الا منها. ترامت الى مسامعها اصوات تغريد الطيور وحفيف اوراق الاشجار.
نسيت كل اوجاعها, فهذا صباح غير عادي اكثر جمالا من العروس المصنوعة من بقايا النسيج التي وجدتها تحت شجرة عيد الميلاد عندما كانت في السادسة من عمرها. نسيت كل افراحها واحزانها, لم يصبح لديها ادنى اهتمام سوى بذرات الضوء المذهبة التي تراقصت بداخل الخيمة والتي كانت والدتها تطلق عليها "جنيات الغبار".
آمنت آبي في هذا الصباح بوجود الجنيات، امتدت يدها في محاولة لأن تقبض على الضوء لكنها سرعان ما اختلجت جزعا ابهر بصرها.


الساعة الآن 10:17 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية