منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t208136.html)

Rehana 03-07-21 09:48 PM

478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...0791639671.gif

راح انزل اليكم هذا الرواية
واتمنى تعجبكم
رواية منقولة للأمانة ولكن تم تدقيقها من قبلي

الملخص


توجهت آبي كلارك إلى كولورادو لقضاء رحلة في رحاب الطبيعة مع بعض الأصدقاء لكن ما لبثت أن تعرضت لحادثة كادت تودي بحياتها.
في اللحظة الحرجة امتدت نحوها يد منقذها... أصبحت مدينة له بحياتها كما تقضي ذلك أساطير الهنود.
تبعها الشاب المغامر إلى بلدها واتصل بها هاتفيا يطلب منها الذهاب إليه بمطار ذلك البلد لاستقباله والترحيب به ضيفا عليها... لكنها لامته على مجيئه...

Rehana 03-07-21 09:49 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
روابط فصول الرواية

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عشر

الفصل الثاني عشر

Rehana 03-07-21 09:51 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
شخصيات الرواية

آبي كلارك :فتاة عصامية بطلة الرواية.
جانيت كلارك :شقيقتها.
جاك جالاجار :بطل الرواية, مغامر يعمل في مجال الغطس والانقاذ.
بابي ستاوت :صديقه العجوز صاحب الفندق .
بير دمبسي :معاون جاك وصديقه.

الغلاف الأمامي

سمعت آبي رنين الهاتف. جففت يديها في مئزرها ثم رفعت السماعة واجابت بصوتها المغرد: آلو؟ .
" آبي؟".
كاد قلبها أن يتوقف عن النبض. وضعت يدها في الجزء المستقبل من السماعة آملة ألا يكون قد سمع ارتياحها على أثر سماع صوته فأدرك لهفتها عليه.
قالت:"جاك؟".
سمعت على الطرف الآخر من الخط ضحكة جشاء صارمة:"نعم.كيف حالك؟".
أجابته بنبرة حادة:"حسن".
ملأت الدموع عينيها واحتقن حلقها:"ماكان واجبا عليك أن تتصل بي...هذه حماقة. لماذا تطلبني؟".
"لأنني أفتقدك بشدة واريد ان آراك".
"هذا أمر مستحيل!".
"ليس كذلك. إنني هنا. تعالي لتأخذيني".
"انت...أين؟".
"بمطار أورلاندو الدولي إذا صدقت اللافتات التي هنا. هل تأتين لتأخذيني أم استقل سيارة أجرة؟".
أجابته بصوت يغالبه الاختناق:"لا هذا ولا ذاك...استقل طائرتك وعد إلى كولورادو...

Rehana 03-07-21 10:03 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 

الفصل الاول


" اتركي الزورق! "
ضاعت الصيحات من خلفها في خرير المياه المتلاطمة بالمجداف والذي كانت تدفع به مسرعة نحو انحدار النهر.
" اتركي الزورق! "
سمعت صيحات في المرة الثانية . لكنها شددت مع ذلك قبضتها على الحافة المطاطية السميكة عندما حملتها تيارات النهر معها اثارت في نفسها مشاعر ماسوية واحساسا بالمخاطر المحلقة وهي الموت والخوف والضياع والحزن ...لم تودع والديها ولن تعود الى منزلها
ثانية سوف تموت في دوامات المياه العنيفة الباردة .
بدأت الفتاة تصيح:
" النجدة! النجدة "
احست وكان النهر ينتفخ ورأت ستار قطرات المياه مشيرا الى بدء مزيد من التيارات المتعاقبة ولم تمض ثانية واحدة حتى كانت قد ابتلعتها بدت ظلال الصخور من تحت المياه الثائرة سوداء مخيفة . التوت ذراعاها تحت قوة جذب الزورق الذي اخذ يقفز مع حركة المياه جاذبا اياها بسرعة متزايدة، سمعت احدهم يصيح من خلف ظهرها وللمرة الثالثة بصوت امر ملح!
" اتركي الزورق! "
تذكر ذلك الجزء من ذهنها . الذي لم يكن قد تاثر بشدة برودة الماء تلك التعليمات التي كان المرشد قد اصدرها اليهم قبل الابحار وتتلخص في ثلاث قواعد حذرهم من الاخلال بها لدى سقوط احدهم في الماء وهي: تصويب القدمين نحو الامام والمحافظة على قميص النجاة وترك الزورق اذا طلب منه ذلك.
ولم تستطع الفتاة ترك الزورق لانه كان بمثابة الملاذ الوحيد والامل الاوحد لم يمكنها الاقتناع بتركه .
" اتركي الزورق! الآن! "
تركت آبي الزورق المطاطي وحمله التيار فاندفع بشدة مثل مخلوق اصابه الجنون يسرع خطاه الى الجحيم .
تدافعت المياه حول وجهها وكادت ان تصيبها بالاختناق وبدلا من ان تصطدم قدماها بالجدار المذكور ارتطمتا بكاوتشوك الزورق الممزق فقفزت الفتاة بعيدا عن الصخور والى وسط النهر.
ظلت ساكنة بعض الوقت في احدى تلك البرك المائية التي تتولد من جوف التيار وتتميز بهدوء مخادع حاولت بعد ذلك ان تستخدم قدميها في السباحة لكن الشلل كان قد اصابها وهنا احست آبي بيد الموت البارد تمتد اليها .

Rehana 03-07-21 10:04 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
عندما حملها التيار من جديد رأت قمم اشجار الصنوبر من فوق صخور الشاطئ المنحدرة ومن المياه البيضاء الثائرة، نبه الجذع ساقيها دافعا اياها الى السباحة في عكس اتجاه التيار .
ظهر وبطريقة معجزة زورق آخر يقوده مرشد قوي البنية بني الشعر رأت عضلات ذراعيه تبرز تحت وطأة المجهود الذي بذله وسائر اجزاء جسده من يديه وعنق وحقوين تجاهد جميعها في سبيل انقاذ حياتها أبطأ الزورق عندما وصل اليها بحيث يمكنها محاولة التشبث باليد
التي امتدت اليها . اخذ يقاوم شدة التيار وهو يصيح بذلك الصوت المبحوح الملح الذي كان قد طلب منها – به فيما قبل – ان تترك الزورق.
" اسبحي! يا الهي! اسبحي! ".
حاولت آبي لكنها كانت تشعر ببرودة شديدة تحول دون ان يطيعها جسدها وكانت امواج النهر عاتية في ذلك اليوم . اختفى الزورق وسط تلك الدوامات وغاصت هي تحت الماء فاصطدمت باحدى الصخور فاحست وكانها قد طعنت بخنجر .
فقدت كل امل في النجاة وفي اللحظة التي توقفت فيها عن التفكير وعن التوسل الى الله وعن التنفس وجدت نفسها محاصرة وسط فروع اشجار متشابكة غطت صفحة النهر مثل شبكة محكمة .
لمست خشب تلك الفروع وتبينت انه صلب بدرجة معقولة فتولت غريزتها القيادة مملية عليها ان ترفع نفسها الى خارج الماء. هبطت فروع الشجرة اليابسة تحت ثقل جسدها لكنها نجحت من خلال مجهود غير عادي في الوصول الى اقرب الصخور منها .
بدأت آبي ترتعد بردا وخوفا دون قدرة على التوقف اصطكت اسنانها ولم تقدر على الوصول الى ذلك التشابك العشبي الذي يعلوها حتى يمكنها التسلق الى اعلى ولا على الاستغاثة وطلب النجدة.
عندئذ وضع يده على كتفيها:
"لا تخافي سينتهي كل شيء على خير ".
وامتدت اصابع قوية الى وجهها تنزع من عليه الطحالب وتغسل الوحل العالق بوجنتيها .
"هل اصبت بأية جراح؟ اخبريني بمواضع الألم ".
ارتعدت آبي بشدة لم يمكنها معها الاجابة عن سؤاله تحسس الرجل ذراعيها وجبينها برفق ثم جثا فوق ركبتيه ومرر يده فوق ساقيها المصابتين بالخدوش .
كانت شبه متجمدة بفعل برودة الماء وتركزت نظراتها المتسائلة عليه.
"ستكونين بخير لا كسور بك سوف اعتني بك وستغادرين هذا المكان .سوف تقبضين على هذا الحبل وتجذبينه بينما ادفعك انا ".
كانت مضطربة الى حد لا يمكنها من بذل اي جهد او اتيان اية حركة تنهدت يأسا. علمت انه يتعين عليه اخراجها مما هي فيه وباسرع ما يمكن بعد ما ثبت الحبل حول احد معصميه انحنى فوقها في وضع قريب جدا بحيث ارتعش شعر آبي تحت انفاسه.
" ليس عليك سوى ان تطوقي عنقي بذراعيك وسوف احملك ".
اطاعت امره فالتصقت به بينما التفت ساقاها حول وسطه كانت آبي على الرغم من ابتلالها في مثل وزن ريشة جافة تساءل هل جرحت بحق؟ استبدت به الرغبة في معاقبة ذلك المرشد الهاوي الاحمق . ضاعف الغضب قوته فاندفع نحو الجدار .
لم ترغب آبي في تلك اللحظة سوى شيء واحد ان تزداد قربا من جسده الدافئ القوي النشيط فقد كان قوي البنية موفور العافية طغى صوته على خرير المياه وبدت عضلاته اكثر صلابة من الصخور ودفؤه اقوى اشعاعا من سطوع الشمس . يتضاءل الكون باسره امام لمس
جسده وتموج عضلاته وعبير عرقه.

Rehana 03-07-21 10:05 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قالت راجية:
" لا تتركني لا تدعني اسقط ".
" لا تقلقي ".
فقالت هامسة قبالة عنقه:
" انني خائفة ".
" اعلم لكن انظري مايك هناك لمساعدتك ".
ظهر رجل آخر فوق الجدار مد نحوهما يده:
" ها قد وصلت تقريبا سوف اجذبك نحوي مدي لي يديك ".
حاولت آبي ان تفعل ذلك لكن لم يمكنها ارخاء قبضتي يديها .بدا الامر لها كما لو كان ينبغي عليها ان تترك الزورق مرة اخرى ولا يمكنها التخلي عنه بحال من الاحوال.
" ثقي به, ابسطي ذراعيك اليه وسيسير كل شيء على خير ما يرام ".
تشبثت بحاملها بقدر اكبر بحيث كاد قبضها على عنقه ان يصيبه بالاختناق.
" يا الهي انك تحولين دون ان اتنفس وتحكمين تطويق عنقي بقدر اكبر . هل تسمعيني؟ ".
فهمست قائلة وهي ترخي تطويقها عنقه بقدر طفيف:
" انني آسفة ".
وعلى نحو تلقائي احكمت تطويق وسطه بساقيها . ابتسم رغما عنه يا له من موقف .وفي اللحظة التي بدا يتضجر فيها ...
ينبغي عليه ان يتخلى عن قبضته لان الدماء التي سالت من يده المجروحة جعلت الحبل زلقا .عندما وصلا الى موضع على مسافة اقل عن متر واحد من القمة وضع مايك يديه تحت ابطيّ آبي ورفعها ثم وضعها فوق العشب ثم قفز بدوره الى ما فوق الضفة .
" يا إلهي يا جالاجار كم انت مضح حمول! ".
ابتسم جاك جالاجار لمايك:
" كان امامي حلان اما هذا او السباحة, كيف حال الفتاة ؟ ".
كانت جالسة فوق العشب واضعة جبينها فوق ركبتيها المرفوعتين. جلس جاك بجوارها . رفعت آبي رأسها وعندما التقت نظراتهما كبح انفاسه امام هذا اللقاء . قالت تخاطبه بنبرة رقيقة وهي تشرق عليه بابتسامة مرتعدة:
" اشكرك ظننت انني سوف اموت غرقا انت الذي انقذت حياتي ".
ثم حولت الفتاة نظراتها الى الاشجار وهي تمسح بهدوء الدموع التي سالت من عينيها . امسك بيدها واخذ يدلكها بقوة حتى تدفأ قليلا:
" لا بأس من ان تطلقي لنفسك العنان وتبكي سوف يريحك ذلك فيما بعد ".
" لو بدأت فلن يمكنني التوقف ".
استعادت يدها من يده ثم طوقت ركبتيها بذراعيها في محاولة لأن تهدئ نفسها . ارتعدت كتفاها بشدة. وبدون تفكير خلع قميصه الثاني واعطاها اياه قائلا:
" ارتديه ستشعرين بأنك اكثر جفافا . ينبغي ان تستأنف دماؤك دورتها وان تكوني قادرة على السير على قدميك .هل يمكنك ان تنهضي؟ ".
" لا ادري لكن...الجلوس يتعبني لست واثقة بانه يمكنني ان اظل واقفة ".
عاونها مايك وجاك على النهوض، طوق جاك خصرها بذراعه جاذبا اياها نحوه، لحظ ان رأس آبي كان عند كتفه تماما.
" يمكنني ان احملك لكن ينبغي عليك ان تمشي فهذا افضل لك .فيم تفكرين؟ ".

Rehana 03-07-21 10:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" اعتقد انني ...احب ان اتمدد واغمض عيني ثم استيقظ حتى اتبين ان كل هذا لم يكن سوى حلم مزعج قاس ".
" سوف تنامين فيما بعد لنحاول السير ".
تحدث معها بنبرة رقيقة
" انظري الى اشجار الصنوبر هذه. هل سبق لك ان رأيت غابة بمثل هذه الكثافة ؟ انظري! شجرة توت بري سرعان ما سوف تزهر والتوت من هذه النوعية يكون حلوا كالسكر اذا تم جنيه في الصباح الباكر ...".
ربتت اشعة شمس الظهيرة كتفي آبي مجففة اطراف شعرها الذهبي.
قال جاك بنبرته الحانية:
" نحن الآن فوق بقعة اثرية قديمة لصائدين هنود،كانوا منذ مائة عام يرتادون هذه المنطقة سعيا وراء الايائل والغزلان ".
نظرت آبي من حولها فرأت للمرة الاولى الضوء المتسلل من بين الاشجار المرتفعة وتلك القصيرة مثل تبر الذهب .
" انني من فلوريدا ولدينا ...لدينا اشجار صنوبر هناك ايضا, كثير من الناس لا يعرفونها ولدينا ايضا اشجار النخيل واشجار القرو واشجار البرتقال ...لا شيء اجمل من رؤية غيضة اشجار برتقال في ضوء الصباح ".
اختنق صوتها بالبكاء:
" ظننت انني...انني لن أرى كل ذلك ثانية ".
امسك يدها .امتد الطريق كثير المنحنيات بين اشجار الصنوبر العملاقة التي حجبت ضوء الشمس تماما.
" استندي عليّ ".
كانت قد تعثرت فوق جذر شجرة فشعر بأنها منهكة القوة ولا تزال ترتعد من الخوف.
" لقد وصلنا ".
تعثرت مرة اخرى عندما سمعت صوت خرير النهر الصاعد نحوهما لم يبد جدار المدفع مفاجئا في هذه البقعة الزاخرة بالصخور وبالاشجار الصغيرة الحاجبة للرؤية ومع ذلك احست آبي تلقائيا وكان النهر في انتظارها يتوعدها .
" لا لن انزل اليه ثانية لا ترغمني على ذلك ".
فقال جاك:
" لكن معسكرنا تحت هذه البقعة تماما ".
" لا! ".
التفتت حول نفسها حتى تصعد الى الطريق مرة اخرى ثم قالت دون ان تلتفت اليه
" لا اصدقكما! ".
تبادل الرجلان نظرة خاطفة .حملها جاك بعدها بين ذراعيه محتبسا اياها قبالة صدره وهو يقول:
" آسف ".
اخذت تقاومه بشراسة قطة متوحشة لكن جاك ضمها الى صدره بقوة وهبط في اتجاه النهر. يسير على قدميه تارة وينزلق تارة اخرى وجد مجموعة سياح تنتظر بالقرب من الزورق.اسرعوا يحيطون بهم وقد استبد بهم القلق والفضول متصورين ان احدهم كان من الممكن ان يكون مكان آبي.
" كيف حالها الآن ؟ اخبرنا! انظروا اليها! ".
فقال جاك بلهجة مطمئنة آمرة :
" انها بخير .سوف نتناول غداءنا الآن ".
ورفرفت ابتسامة شاحبة على شفتيه ادركتها آبي على الفور,
" لقد عرضت نفسي للسخرية ".

Rehana 03-07-21 10:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" يا إلهي .لا ! لقد تصرفت على افضل وجه ".
" حسنا! لقد كنت قليلة العزم متباكية كثيرة الصياح .اتمنى لو انكم لم تروني! ".
" لا اهمية لذلك الآن ".
احتفظ بها بين ذراعيه لحظة اخرى ثم انزلها الى الارض.
" سوف اذهب لأبحث لك عن طعام وعن ملابس جافة مناسبة ".
"اشكرك! سوف اقوم بذلك بنفسي اشعر بانني احسن حالا الآن ".
" هل انت واثقة من ذلك؟ ".
تأملته آبي بحق للمرة الاولى،كلن جماله غير عادي، تضافر فعل الشمس والريح والماء لإضفاء سمرة نادرة الجاذبية على ملامحه .كان له حاجبان قاتمان وشعر بني وعينان بلون الجرانيت الذي تشوبه انعكاسات قاتمة لا رخاوة فيه لكن ابتسامته طفولية لا تقاوم خففت من حدة قسمات وجهه.
قالت وهي تعض شفتها:
" شكرا لك على كل ما فعلته من اجلي ".
" لا شكر على واجب . وكل ما ارجوه منك هو ان تستريحي بقدر الامكان عصر هذا اليوم ".
"نعم سوف اتنزه في الغابات او اجلس تحت اشعة الشمس أقرا كتابا ".
"كنت افكر في كوب مشروب مهدئ وقدر من النوم ".
"لكني اصبحت على خير ما يرام، بحق...".
قاطعهما صوت حاد :
" آبي! كيف حالك الآن ؟ آبي لقد سببت لنا جزعا شديدا! ".
كانت تلك الين التي اسرعت الى ذراعيها وكان في اعقابها المرشد المسؤول عن الحادثة وشابان من ايست يارك.
" كيف نجحت في ان تخرجي من هناك؟ اعتقد جيف اننا سوف نضطر الى استدعاء طائرة مروحية ".
فقالت وهي تدير وجهها الشاحب صوب جاك:
" هذا انقذني! انني ...انني لا اعرف اسمك ".
" جاك جالاجار...".
ثم مدت نحوه يدا واستطردت تقول:
" اسمي آبي كلارك وهذه صديقتي الين شو ".
ترك جاك يدها حتى يمكنه مصافحة صديقتها التي قدمتها اليه ايضا . احس بالجوع لكنه فضل تسوية امر ما اولاً.
" استأذنكما لدي عمل ما .جيف .اريد ان اتحدث معك ".
تبعته آبي بنظراتها .بدا شعره البني متربا تماما وقميصه ممزقا احست وكأن الارض قد بدأت تميد بها حتى اصابها الغثيان .قالت تحدث نفسها، هذا راجع الى خطئي.
سألتها الين:
" هل انت بخير؟ اراهن بانك اصبت بخوف لم ولن تري مثله طوال حياتك . اما انا فكدت اموت! هل سمعتنا نناديك كي تتسلقي؟ ".
قالت آبي وهي تدقق النظر الى الين وتتأمل طيشها:
" شلت حركتي تماما ".
" لكن ما الذي فعلته بعد ذلك حتى تتسلقي ذلك الحاجز؟ ".
" هو....هو حملني ".
" الا تبالغين؟ ما كان يضايقني ان اضع يدي على هذا الرجل القوي ".

Rehana 03-07-21 10:07 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
اشاحت آبي بوجهها بعيدا عن الين وعن النهر وعن الشابين اللذين ارتديا بنطلونين قصيرين وقميصين تائيين.
" سوف اذهب لأستبدال ثيابي المبتلة الى لقاء عاجل ".
توجهت آبي الى السيارة للبحث عن مشط لتمشيط شعرها وملابس نظيفة لترتديها ثم توجهت الى كوخ صغير علقت عليه لافتة كتب عليها "خاص بالسيدات والآنسات ".
كان الجو خانقا بداخل الكوخ . احست مرة اخرى بألام في صدرها فغادرت الكوخ مترنحة. وجدت جاك في انتظارها جالسا فوق برميل مقلوب وبيده كأس مشروب غازي مثلج, قفز نحوها وامسك بها في اللحظة التي كادت ان تسقط فيها . طوقها بذراعه ضاما اياها برفق الى صدره .
" ايتها العنيدة الصغيرة! طلبت منك ان تستريحي ".
" كنت استبدل ثيابي فقط ".
" هنا بالداخل؟ لو كنت مكانك لقضيت فيه اقصر وقت ممكن ".
" لكن ...لكن ...".
حملها جاك من فوق الارض وسار بها الى خيمة منصوبة وسط اشجار الصنوبر .وضعها فوق حافة فراش معسكر ثم اختفى ليعود بعد بضع دقائق حاملا منشفة ودلو ماء .ذرت آبي الماء على وجهها وعنقها وصدرها ثم غسلت يديها وذراعيها.
" لن استعيد احساسي بالصحة ابدا ".
" بل سوف تستعيدينه صدقيني انا على علم بما اقول ".
" آه ,حسنا ,هل انت معتاد انقاذ الفتيات اللواتي يتعرضن للغرق؟ ".
" لا, بل ارتب لئلا يكون احد بحاجة الى من ينقذه ".
سكب سائلا اصفر اللون في كوب قائلا:
" خذي، اشربي هذا ".
شربت ما بالكأس دفعة واحدة فأحست بحرارة شديدة بحلقها. اخرج جاك لها قميصا قطنيا من صندوق سفره قائلا:
" ارتديه، سوف انتظر بالخارج ".
احست بجسدها ثقيلا مثل كتلة من رصاص لكنها لم تجرؤ على مخالفته.
ارتدت القميص فسترها حتى منتصف فخذيها وكان متسعا فضفاضا فوق صدرها وخصرها. كانت ساقاها متسختين متسلختين وركبتاها متورمتين عليها آثار الدماء .لا بد انها قد فقدت حذاءها وجوربها في النهر واصيبت قدماها بجراح لكنها لم تذكر شيئا عن ذلك كله.
وضعت آبي رأسها فوق الوسادة .احست بشوق شديد الى سريرها المصنوع من اخشاب الصنوبر والذي قام والدها بصقله والى غطاء فراشها المصنوع من فضلات النسيج والذي كانت احدى قطعه المربعة مأخوذة من قصاصة متبقية من تفصيل ثوب زفاف والدتها. حلمت الفتاة بتلك القصاصة المربعة من نسيج الساتان اللامع ناعم الملمس .احست بحاجة الى ان تحتضن وتحب، ظهرت قامة جاك بفتحة الباب :
" ينبغي عليك ان تنامي ".
ضحكت . اعجبها منه صراحته وحزمه. اخرج غطاء فراش دثرها به حتى عنقها .بدأت اسنانها تصطك.
" قلت لي انني ساكون افضل حالا ".
" فيما بعد. سوف احرص على العناية بك بعض الوقت ".
" لا داعي الى ذلك .سينتهي كل هذا .انني اشعر بشيء من البرد فحسب ".
فقال مزمجرا وهو يرقد بجوارها آخذا اياها بين ذراعيه :
" لا تعترضي يا صغيرتي العنيدة ".
حكت آبي وجهها في قميص جاك وتنهدت :
" ولو كان هذا حلما .واذا كنت لا ازال هناك ! انقذني! ارجوك ان تنقذني...ارجوك ".
شدد قبضه عليها واضعا ساقه فوق ساقيها حتى يمنعها من الارتعاش ومرر يده فوق شعرها كانت يده باردة وكان جسده دافئا قويا ذا حضور مدهش، قال هامسا في اذنها :
" سوف تمر هذه الازمة بسلام .سوف انقذك ".
ولم يتركها حتى استسلمت للنوم.

نهاية الفصل

Rehana 04-07-21 01:35 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الثاني

استيقظت آبي صباح اليوم التالي تشعر بألام شديدة بسائر اعضائها من شعرها حتى اخمص قدميها. علقت بذهنها ذكرى غامضة لجسد دافئ ممدد بجوارها. وبذراعين عضليتين تضمانها لكن الفراش كان خاليا الا منها. ترامت الى مسامعها اصوات تغريد الطيور وحفيف اوراق الاشجار.
نسيت كل اوجاعها, فهذا صباح غير عادي اكثر جمالا من العروس المصنوعة من بقايا النسيج التي وجدتها تحت شجرة عيد الميلاد عندما كانت في السادسة من عمرها. نسيت كل افراحها واحزانها, لم يصبح لديها ادنى اهتمام سوى بذرات الضوء المذهبة التي تراقصت بداخل الخيمة والتي كانت والدتها تطلق عليها "جنيات الغبار".
آمنت آبي في هذا الصباح بوجود الجنيات، امتدت يدها في محاولة لأن تقبض على الضوء لكنها سرعان ما اختلجت جزعا ابهر بصرها.

Rehana 04-07-21 01:36 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
اغمضت آبي عينيها وعدت حتى عشرة في محاولتها لأن تقاوم الدوار بكل ما لها من قوة ارادة.
قالت الفتاة تحدث نفسها سوف يتحسن حالي لكنها أسوأ حالا في واقع الامر اذا كانت متسخة وساقاها وذراعاها تغطيها الخدوش والسحجات واحدى ركبتيها متورمة. عاودتها ذكريات الأمس المؤسفة ، الماء والصخور والبرد والأسى خفق قلبها بشدة واختنق حلقها بالرغبة في البكاء. لا احد يضمها الى صدره ويبعث في نفسها الطمأنينة فهي وحيدة هنا.
امتدت اصابعها المرتعدة الى حقيبة الاوراق الصغيرة التي احتفظت بها بداخل الحقيبة التي تحملها على ظهرها واخرجت منها بعض الصور .استقت قوة من تأمل وجه والدتها الحازم رغم الارهاق من نظرة والدها الحانية.
ورفعت هامتها وارتدت بنطلونا قصيرا مع قميص مناسب وفتحت باب الخيمة. ارتفع الجبل امامها قبالة سماء زرقاء صافية بينما جلس جاك جالاجار فوق جذع شجرة يتدارس خريطة ما. خفق قلبها بشدة اكبر وهي تحدث نفسها في صمت. لست وحيدة هنا لانه ينتظرك.
رفع منقذ حياتها عينيه نحوها ثم ابتسم ونهض ليقترب منها عندما رات آبي ثبات خطاه وقوته ونظرات عينيه الرماديتين الباعثة على الطمأنينة. احست بارتعاد يسري في ظهرها فهذا الرجل
قوي التأثير كبير الحجم مختلف تماما عن جميع من عرفتهم من قبل ويصيبها باضطراب شديد.
صاحت بحماس دون ان تنظر اليه:
"صباح الخير! ".
على الرغم من انها كانت متسخة ومغطاة بالسحجات وتبدو وكأنها شبه نائمة اختلج جاك جالاجار من جديد لرؤيتها. ظن ان تلك الافكار الحمقاء التي راودت ذهنه راجعة الى اضطراب آبي والى حاجتها إليه, لكن الليل لم يمحها وكانت نظرة واحدة كافية لأن تبعثها من جديد.
قال وهو يتوقف على بعد مسافة كافية منها لأن رغبة قد استبدت به في ان يلمسها:
" صباح الخير! كيف حالك اليوم؟ ".
فقالت وعيناها ناظرتان في عينيه:
" حمدالله! يا له من صباح بديع! لم أرى في حياتي اشجارا بهذا الارتفاع ولم اسمع تغريد طيور بهذا الجمال ولم...".
" ولم تكوني اسعد حالا بالحياة؟ ".
" هذا ما اريد ان اقوله حماقة , اليست كذلك؟ ".
" اطلاقا ،انني متفهم ما تعنيه ".
انه يعلم ، كانت تريد ان تقول هذا ما احسه على وجه التحديد ، انك تقرأ افكاري لكن آبي كانت متحفظة الى حد يمنعها من التبسط مع رجل غريب. حولت مجرى الحديث:
" سأكون افضل حالا ايضا بعد ان اغتسل ".
فقال:
" اتبعيني! ".
" انتظر ، سوف اخذ معي بعض الملابس النظيفة ".
ان جاك قد قطع بعض المسافة على الطريق بحيث اضطرت آبي الى اللحاق به عدوا بعد ذلك.اصطدمت قدمها الحافية بنتوء في احدى الصخور فاطلقت صيحة جذع خافتة.
التفت جاك نحوها ،لام نفسه في صمت وعاد ادراجه كي يمسك بذراعها, ابتسمت الفتاة على نحو مبكي:
" لا بد انني مملوءة بالقرح والاورام, كم امقت هذا النهر ".

Rehana 04-07-21 01:37 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
طوق كتفيها المرتعدتين بذراعه:
" لا ذنب للنهر في ما اصابك. اخطأت الاستعداد واخطأت اختيار المرشد ".
" واخطأت في القيام بهذه الاجازة كان ينبغي علي ان اذهب لمشاهدة الطيور في إفرجليد او الاستمتاع بحمامات الشمس بشواطئ ديتونا ".
" يبدو هذا ممللا لي للغاية ".
فقالت آبي بنبرة رقيقة:
" لماذا؟ انه لا ينطوي على اية مخاطر لذلك هو معقول جدا. انني شخصية متعقلة ولا اميل لخوض المخاطر ولا يمكنني ان اسمح لنفسي بأن اكون غير ذلك ".
قطب جاك حاجبيه وبدون ان ينطق بكلمة واحدة قادها الى مكان بدائي للاغتسال اقيم على شاطئ النهر.
قالت دهشة وقد اتسعت عيناها حتى اقصاهما:
" هنا؟ ".
"اي نعم! هيلتون جوركانيون ، تغتسلين وانا اضخ لك الماء ".
ارتفع الجدار حتى كتفيها ولم يكن هناك سقف.
" لن تصابي بصدمة على الاقل ".
وانفجرت آبي ضاحكة للمرة الاولى, دوت ضحكتها عالية حتى وصلت الى قمة الاشجار.
" انني فتاة ريفية وبذلك اكون قد اغتسلت مرات عديدة في طست من الصاج موضوع وسط المطبخ ".
بدأت تخلع ثيابها وهي تقول له:
" لا خداع, لا تحاول ان تنظر إليّ ".
فقال مؤكدا:
" اقسم بشرف الكشافة ".
اقشعر جسد الفتاة فكانت واثقة بأمر ما ،ان لا وجه شبه بينه وبين فرد من الكشافة. اشارت عليها غريزتها بسرعة الاغتسال وارتداء ملابسها على الفور.
" اني مستعدة ".
سمعت صرير مقبض المضخة وتلقت على اثره دفعة من المياه شديدة البرودة فوق جسدها العاري.
اكدت لها نظرة سريعة القت بها من فوق الجدار ان جاك يحترم وعده. اذ لم يقف بوجهه قبالتها لكن وقف مشيحا وجهه بعيدا عنها ومع كل ذلك تصورت آبي انها قد رأت شبح ابتسامة يرفرف على شفتيه.
استخدمت الفتاة صابونتها بسخاء غير متجاهلة اي عضو في جسدها ثم اغتسلت بالماء البارد. لم يسبق لها الاغتسال بمثل هذه السرعة قط غادرت مكان الاغتسال تدندن بلحن مرح...كم كان الاحساس بالقرب منه ممتعا!
اتسعت عينا جاك دهشة رأى امامه الفتاة المثالية المتسقة مع الوان الطيف.كانت بشرتها ذهبية وخصلات شعرها شقراء بفعل اشعة الشمس ومتطايرة اذعانا لحركة الرياح ولمسة مرجانية فوق
الوجنتين والشفتين وعيناها بمثل لون السماء الزرقاء الصافية. قال من بين اسنان صارة:
" انني سعيد جدا بأن ليس بك سوى عدد قليل من الكدمات الزرقاء وان النهر قد تركك سليمة تماما عدا ذلك! ".
صعدت الدماء مسرعة الى وجنتي آبي بحيث اصابها دوار مفاجئ, لمس جاك يدها:
" اسف فقد نسيت ما عانيته. ليس تماما يدعو الى القلق فلست سوى احد فئران النهر المتواضعة ".

Rehana 04-07-21 01:38 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
اجابته آبي بحماس:
" لكنك فأر متميز انقذ حياتي ".
ثم مدت يدها نحو ذقنه غير الحليق فسرت ما يشبه شحنة كهربائية في كليهما. اتجه تفكير جاك لحظة الى ان يغتنم فرصة ضعفها اذ راودته رغبة شديدة في ان ياخذها بين ذراعيه ويضم جسدها النحيل الذي يشع دفئا الى صدره ثم يحملها الى داخل الخيمة بالعنف المناسب لكنه سرعان ما رأى الاضطراب في عينيها الواسعتين المعبرتين فكبح رغبته وتراجع عن فكرته. وغيرت آبي مجرى الحديث تهربا من الاضطراب الذي عانته :
" ما رأيك في ان نتناول فطورنا الآن؟ ".
سقط عنها ذلك التحفظ الطبيعي الذي اتسمت به حيث اجترفته الشمس المشرقة والارض تحت قدميها وحضور هذا الرجل. قال جاك مبتسما:
" هيا بنا! سوف نبحث لك عن ضمادة لركبتك ثم اقدمك لبقية الصحبة ".
كانت بقية الصحبة.كما تراءى له ان يطلق عليها. مجتمعة في بقعة خالية من الاشجار بالقرب من الشاطئ وقد جلس بعضهم فوق جذوع الاشجار بينما جلس البعض الآخر فوق البراميل يتناولون القهوة او يلعبون الورق او يدرسون ملخصات عن وصف الانهار.
رآهما شاب قوي البنية يخرجان من الغابة فنادى المجموعة:
" هاي...فئران النهر! ها هو الرئيس وليس بمفرده، آبي كلارك ،زميلي بيردمبسي ".
فقالت آبي سعيدة بأن يدها قد اختفت تماما في كف الرجل العملاق.
"سعيدة بلقائك ".
وبينما ذهب جاك بحثا عن حقيبة الاسعافات وعن القهوة الساخنة قام بير بتقديم بقية افراد الصحبة إليها : رجل يبلغ من العمر بضعا وستين سنة, تعترض وجنته آثار جرح قديم وامرأتين رياضيتين سمراوين بفعل التعرض لأشعة الشمس وعدد كبير من الشباب من فئران النهر يرتدون البنطلونات الجينز والقمصان التائية.
رفعوا رؤوسهم لحظة حيث حيوها بأدب ذاكرين لها اسماءهم او القابهم قبل ان يستأنفوا ما كانوا بصدده.
سرت آبي بهذا المحيط البسيط التلقائي فجلست فوق جذع احدى الاشجار لتتناول قهوتها. سمعت مقتطفات من الحوارات من حولها اصابتها بالرعب.
" نهر دولوريس...تيارات الاسنان الجوفاء...الحمل...".
سمعت جاك يعلق بنبرة مرحة بقوله:
" انه احدى حالات حمى التيارات ".
سألته آبي :
" ماذا تعني بقولك حمى التيارات؟ ".
" اعني به عندما يشعر المرء بأن معدته تنقلب لمجرد رؤيتها افضل ما يتعين علينا عمله في هذه الحالة هو إجراء عملية حمل ".
" حمل الزورق؟ ".
" اذا شعرت بأنني بحالة تسمح بذلك. وهذا متوقف على عمق الماء وسرعة التيار ".
فقالت آبي :
" انا شخصيا لن اشعر قط بأن حالتي تسمح بمثل هذا الاجراء ولا يبقى لي سوى المشي والمقعد المريح ".
"والتسلق؟ ".

Rehana 04-07-21 01:38 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" تسلق الجبال! باستعمال الحبال فوق صخور تتساقط كما حدث بالأمس؟لا شكرا وانت؟ ".
" لدي الاستعداد لذلك مع الأسف ".
فقالت هامسة :
"اشك في ذلك فهو حماقة ".
اضحكه ذلك فقال بنبرة آمرة :
" لا تتحركي فسوف اضع لك بعض الميكروكروم فوق ركبتك واضمدها لك ".
قدم اليها احدهم فطيرة صغيرة التهمتها على ثلاث قضمات فلم تكن آبي قد تناولت منذ الأمس شيئا سوى بعض مياه النهر.آه!
تمنّت لو انها تجلس في ظل شجرة المانوليا تستمتع بمخبوزات وفطائر جدتها...
فاجأها جاك وهي تلعق اصابعها وقد غامت عيناها ، طالت ملامسة يده فخذ آبي العارية فاتقدت عيناها رغبة ، قررت ان تغير مجرى الحديث مرة اخرى :
" رأيت الين هذا الصباح؟ ".
" نعم اصطحبها احد المرشدين الخاضعين لقيادتي مع صديقتك في رحلة بقارب ".
قالت متعجبة بشدة بحيث اختنقت فلفظت قدرا من القهوة فوق قميصها:
" ماذا ؟ وتركتهم يمضون على صفحة هذا النهر الغادر؟ ".
تبع حديثها صمت تام.امسك جاك بذراعها وقادها الى الطريق.
" لكن...ما الذي تفعله؟ ".
" اخرجك من هنا قبل ان يمزقك احدهم ".
" انا ؟ لكن ما الذي اقترفته؟ ".
علم جاك انه من الافضل ان يتركها ترحل في فترة بعد الظهيرة وان ينساها تماما ما جدوى ان يحدثها بما في نفسه انها راحلة بأية حال.
طوق كتفيها بذراعه واستقرت نظرته على شعرها الاشقر الذهبي وعينيها الزرقاوين الزاهيتين والفم الجميل شديد الجاذبية والتلقائية.
" لا اعلم اذا كانت لديك الرغبة في الاصغاء الي ام لا. لكنني على استعداد لأن اوضح لك الأمر ، هؤلاء الشباب وانا نحب تلك الانهار ومجاري المياه الاخرى التي يطلقون عليها اسماء كولورادو او بامبا او دولوريس .نحب ايضا اسماءها العنيفة : الدمار والشلالات والجبال فهي تمثل لنا الرياضة والمغامرة والمخاطر المرئية. فتملؤنا بالحماس فنخاطر بحياتنا بنزولنا تلك الانهار. وانت يا آبي ما الذي يستهويك؟ ".
ثم رفع ذقنها برفق مستطردا:
" ما الذي تحبينه وتولعين به؟ ".
قالت متمتمة:
"انك احمق ،لا تعلم من انا ولا اي شيء آخر عني ".
صمتت تماما تحت تأثير ملامسة اصابعه التي كان له فعل المغناطيسية وتدفقت الذكريات في ذهنها. مزارع البرتقال الشاسعة بعبيرها النفاذ والكوخ المتواضع الذي عاشت فيه طفولتها ووالدها وكلب شارد فوق درب مترب...ما الذي يمكنها ان تحدثه عنه؟ كل هذه الاشياء شخصية للغاية وبحيث لا يمكنها ان تطلع احدا عليها. ثم لاحت لها صورة مطعمها الصغير الظريف بمصراعيه الصفراوين واللافتة المكتوب عليها "مفتوح "الموضوعة بنافذة العرض.
رأى جاك ابتسامة تتولد فوق شفتي الفتاة...امتدت ابهامه الى وجنتها النضرة ترسم عليها دوائر متداخلة.

Rehana 04-07-21 01:39 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قالت بثقة بالغة بذاتها:
" مطعمي ".
قال مرددا بنبرة المرتاب:
" مطعم؟ ".
فقالت بتصميم:
" مطعمي, انه ملك لي, كان حلما, اما الآن فيقصده اناس من اماكن بعيدة جدا ومن جهات لا تعرفها ,لكنني اعرفها. لا شيء غيره يعتبر ذا قيمة في نظري ولا اتوقع منك ان تتفهم ما عني ".
" انت لا تتركين لي الفرصة. يا إلهي! يا لها من عادة قبيحة ".
" قيل لي ذلك من قبل ".
" حاولي ان تشرحي لي الأمر ".
قالت رافعة كتفيها:
" ولماذا؟ ".
" لأنك مدينة لي بذلك. تقول اسطورة هندية قديمة انه اذا انقذت حياة شخص ما فإن قدرا من ذلك الشخص يبقى معك الى الابد. ولا احب ان اعيش حياتي حتى نهايتها حاملا في قلبي شخصية امرأة مجهولة. وانت؟ ".
اختنق حلق آبي جلست على احدى الصخور مطوقة ركبتيها بذراعيها:
" امتلك مطعما في جبل دورا بالقرب من عالم والت ديزني بوسط فلوريدا, انه مكان هادئ دافئ يبعث السرور في النفس بحق. اطلقت عليه اسم "مقهى الفردوس" , انا طاهية متميزة...افتتحت هذا المطعم منذ اربعة اعوام واقترضت نفقات انشائه بالكامل. تغيرت تماما منذ ان نجح المشروع وتعاقدت في الآونة الاخيرة مع شريك لديه مال يرغب في استثماره بهدف توسيع المشروع واعادة تصميم ديكوراته وتنفيذها سوف تكون اعادة الافتتاح في بداية الصيف وستكون حدثا رائعا, هذا ما يمكنني ان اقوله عن نفسي ".
واتقدت عيناها اعتزازا بذاتها, قال:
" يبدو ذلك رائعا , سوف احرص على ألا اقول شيئا سيئا عن مطعمك ".
مررت آبي يدا فوق شعرها محولة انظارها الى الطريق:
" فهمت ما تعنيه نهركم ليس سيئا لنقل إنه مقبول ".
انفجر جاك ضاحكا من اعماقه وما كان منه إلا ان جثا بالقرب منها:
" الا يمكنك القول بأنه مذهل؟ ".
ومد لها يدا:
" هيا ساعمل على مصالحتك مع الصحبة ".
" لا داعي الى ذلك جاك لم ارغب في ان اغضب احداً ومع ذلك لن يجدي ما ابديه من اعذار لن ارى احداً منهم ثانية بأي حال من الاحوال, ولهم ان يظنوا بي كما يتراءى لهم ".
احتقن حلق جاك الى حد غريب:
" لماذا لا تبقين يوماً آخر حتى تتحسن حالة ركبتك؟ ".
فقالت وهي تهز رأسها نفياً:
" وحتى اجلب لنفسي متاعب اخرى؟ ".
" لكن تبدو على صديقتك الرغبة في ان تبقى بيننا فترة اطول ".
" هذا افضل بالنسبة اليها لسنا صديقتين حميمتين جداً، إلين تعمل بأحد المحال الصغيرة المجاورة وقد اقنعتني بالقيام بهذه الرحلة عندما علمت بأمر إغلاق المطعم مؤقتاً لإجراء تلك التعديلات, لم اقم بمثل هذه الرحلات من قبل وكان حديث الين لي عن كولورادو مشوقاً بحيث اذعنت لرأيها. لكن كما سبق ان قلت لك لست شخصية مغامرة ".

Rehana 04-07-21 01:39 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
انحنى جاك نحوها وهمس لها بصوته الاجش:
" انني مدين لها بالشكر ".
توردت وجنتا الفتاة, فرمقته بنظرة من عينيها الواسعتين.علمت انه سوف يقبلها وإن قبلته تختلف عن جميع ما تذوقته من قبلات طوال حياتها.كبحت انفاسها, انتظرت ثانية قبل ان يتولى عقلها القيادة: تلك القبلة تنطوي على المخاطر وعلى الخطورة وعلى حماقة حقيقية. دفعت صدر جاك بيدها باصرار قائلة" من الأفضل ان اذهب واستلقي قليلاً, اشعر ببعض الدوار"
لم يحاول مناقشتها في ذلك فقد علمه ارتياد الانهار ان التصدي للتيار يدفع به الى البعيد بينما السير في اتجاه التيار بمثابة رحلة الى الفردوس .كان الوقت والصبر في جانبه. يريدها من قبل أن يعرف شيئاً عنها وهو الرجل الذي دائماً ما يحصل على ما يريد.
كانت آبي قد ابتعدت بالفعل وهي تتساءل:
" يمكنني استعارة فراشك بعض الوقت؟ ركبتاي بسبيلهما الى ان تخورا ".
ودون ان تنتظر اجابته ودون نظرة الى الخلف دخلت الخيمة بينما ظل هو مستمراً في مكانه.
***
بعد سنة قصيرة من النعاس قضت آبي ما تبقى من الفترة الصباحية وقدراً من فترة ما بعد الظهيرة في احدى المناطق الخالية من الاشجار بالغابة. ترامى الى سمعها خرير النهر ولمحت خيالات على الشاطئ, لكنها حرصت على ألا تلقي ادنى نظرة على جاك جالاجار لأنه لا فائدة من ذلك. الاشياء المهمة وتلك التي يمكنها تحقيقها تنتظرها في فلوريدا ، ما جدوى ان تكسر قلبها طلباً لهذا المستحيل الأشبه بموضوع الدراجة الحمراء ذات السرعات التي كانت تحلم بها وهي صغيرة؟.
جلست مستندة الى احدى اشجار الصنوبر واضعة فوق ركبتيها كراسة رسم تخطيطي وفي يدها قصة بوليسية مشوقة, كانت هذه وسائل معقولة لشغل الوقت في وحدة تامة.
تسللت الشمس من بين الفروع لتحل محل الظلام تدريجياً.توقفت ضربات قلبها المحمومة وبدأت عضلاتها المتالمة تعرف الاسترخاء.
سمعت آبي فجأة ضوضاء السيارة التي كانت تسير في الطريق غير الممهد المتعرج المؤدي الى المعسكر. نهضت بحذر متوجهة نحو الطريق وفي ذات الاتجاه.حيث لحقت بصديقتها الين وصديقيها وكانوا يتناولون المشروبات المثلجة وتدوي ضحكاتهم في ارجاء المكان وعيونهم تتقد سعادة.
كانت إلين تضع وشاحاً احمر اللون حول عنقها وعندما رأت آبي صاحت فيها:
" يا عزيزتي...فاتتك اجمل الرحلات! لم تكن لديك رغبة في صحبتنا؟ فارسك هنا معنا اخبرنا بعدم وجود رغبة أكيدة منك في المجيء معنا وانك كنت لا تزالين مستغرقة في النوم وقت انصرافنا ".
توردت وجنتا آبي خجلاً:
" حسناً ما فعله. اردت ان اقضي اليوم في الاسترخاء لكنني مغتبطة بانكم قد قضيتم وقتا ممتعا ".
" يريد توم وبوبي اصطحابنا غداً في نزهة اخرى يعرفان بقعة اثرية مدهشة في المنتزه القومي بجبال روشيسس, هل تأتين معنا؟ ".

Rehana 04-07-21 01:40 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فاجابتها آبي:
" لا ، اعتزم السفر بأول طائرة متجهة الى فلوريدا ".
كان سائق السيارة متاهباً للانطلاق وتسلق الجميع الى داخل السيارة الكبيرة بينما اتخذت آبي خطاها على الطريق لكنها شعرت فجأة بيد تستقرفوق كتفها ، التفتت الى الخلف لتصطدم بصدره العضلي وتلتقي عيناها بعيني جاك الذي بادرها هامساً:
" لماذا لا تغيرين رأيك وتتخلين عن فكرة الرحيل؟ ".
خفق قلب آبي بشدة بين ضلوعها وقالت متنهدة:
" لا يمكنني...لا يمكنني ذلك ".
" ليس هذا من العدل ، اصبحت اعرف عنك قدراً ضئيلاً جداً بينما انت لا تعرفين عني شيئاً ".
" اعرف انك قد انقذت حياتي وسوف احمل لك هذا الجميل ما حييت ".
" لا اريد منك ان تحملي لي جميلاً, اسمعيني جيداً...طولي متر وتسعون سنتيمتراً ووزني خمسة وثمانون كيلو جراماً, سني خمسة وثلاثون عاماً, اعزب, كنت اعتقد انني لن اتزوج قط لكنني رأيتك نائمة في الليلة الماضية وقلت لنفسي : ماذا يا ترى يكون أثر زواجي بهذه المرأة عليّ. ستمكثين معنا يوماً آخر اذن؟ ".
هزت آبي رأسها نفياً, غير قادرة على ان تنطق بكلمة واحدة:
" ولماذا لا؟ ".
" لأن...لا معنى لذلك. امكث يوماً آخر...امر مستحيل ".
" احب ان اخوض المستحيل ".
" اما انا فلا. ينبغي علي ان اعود ".
" ابقي ,خوضي هذه المغامرة ".
" لا احب المغامرة...الحياة صعبة بطبيعتها...وإنني فتاة ميالة الى تحكيم العقل ".
ومع ذلك اطاحت ابتسامة جاك بكل ما لديها من عقل ومنطق.
تنهدت آبي, باسطة كلتا يديها على صدر جاك بهدف ابعاده عنها لكنها لم تفلح في ان تدفعه قيد انملة. احست خفقان قلبه من تحت راحتيها ودفأه يتسرب الى يديها.
"دعني ارحل يا جاك ارجوك ".
"حسناً, لكن اذا غيرت رأيك...فسأقضي كل يوم غد بالمدينة بفندق الصنوبر العملاق ".

نهاية الفصل

Rehana 05-07-21 08:13 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الثالث

كان فندق الصنوبر العملاق مقاماً فوق سفح إحدى الروابي المكسوة بأشجار الشوح والتي وقفت الجبال شامخة من خلفها.
جزعت آبي أمام ارتفاعها وضخامتها. اختلط كل شيء في رأسها الجبال و جاك جالاجار وتلك الجاذبية التي أثارتها فيها هذه الطبيعة البكر.
قالت تحدث نفسها وهي ترفع زجاج نافذة سيارة الأجرة التي استقلتها:
" شيء من التعقل والحقي بالطائرة ".
" لقد غيرت قراري. أرجوكِ أن توصلني إلى المطار ".
" اي مطار يا آنسة؟ ".
" مطار دنفر , أسرع. أريد اللحاق بالطائرة ".
" حسناً. إنه مالك الذي ينفق سُدى ".
وسرعان ما صاحت فيه:
" انتظر! ما المبلغ الذي ينبغي عليّ أن أدفعه نظير انتقالي إلى هناك ".
" سبعة عشر دولاراً يا آنسة وسوف يصل إلى ما لا يقل عن خمسين دولارا إذا توجهنا إلى دنفر ".
لم تنتظر الفتاة لتسمع المزيد:
" سبعة عشر دولاراً! لكن هذا المبلغ يفوق ثمن صندوق خوخ محفوظ وثلاثة كيلو جرامات من الأسماء الطازجة وعشرين علبة صلصة طماطم ".
" اسمعيني يا سيدتي الصغيرة. سوف أتصل بك إذا قررت العمل في مجال التجارة الجملة. والآن هل نتوجه إلى دنفر أو لا نتوجه؟ ".
فقالت آبي :
" لن نذهب بالتأكيد! ".
فتحت باب السيارة فجأة ونزلت منها ثم اخرجت من كيس نقودها ورقة من فئة عشرة الدولارات أعطت السائق إياها رغماً عنها:
" شكراً جزيلاً ".
" أرجو لك عطلة سعيدة! ".
سمعت صفير الرياح بين الأشجار وزقزقة الطيور فوق أغصانها وفجأة سمعت صوت جاك يحييها وهو يغلق باب الشرفة:
" صباح الخير! كنت أتساءل: هل ستأتين أم ترحلين؟ ".
فأسرعت تجيبه:
" سوف أرحل ".
نظرة واحدة إليه جعلت قلبها يخفق بشدة. ارتدى بنطلوناً من الجينز مع قميص, شمركميه حتى مرفقيه وابتسم إليها بدلال. فقالت وهي تدير ظهرها إليه:
" ما كان ينبغي عليّ أن آتي في الواقع, هناك طائرة تقلع في الساعة السابعة أعتزم السفر على متنها. أشكرك ثانية ".

Rehana 05-07-21 08:14 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أحست آبي بنظرات جاك على صفحة عنقها ولم يمكنها مقاومة الإلتفات نحوه.
" هيا ادخلي سوف أعرفك بـ بابي, سوف نعد طعام الغداء ثم نخرج للنزهة. ربما أصطحبك في المساء إلى المطعم ".
" موافقة بالنسبة للغداء ولا شيء غير ذلك ".
كانت الفتاة متوترة مضطربة. رأت من الأفضل لها أن تنصرف وعلى الفور. لأنه من الممكن أن تقضي يومها وفقاً لتلك الخطة مع أي رجل لكن جاك جالاجار لم يكن مثل أي رجل عادي.
لم تتفق ديكورات الفندق مع ما كانت قد تخيلته, فلم تكن هناك قرون غزلان ولا رأس حيوان ولا رف لأدوات الصيد لكن كانت هناك الكتل الخشبية الضخمة والرفوف الزاخرة بالأدوات والتحف المصنوعة من البلور النقي البراق وزينت الجدران البيضاء المطلية بالجص بالخرائط والصور الفوتوغرافية ذوات الأطر الجميلة. أطلت نوافذ الفندق على منظر ريفي رائع يفوق في جماله أية لوحة فنية اياً كان اسم مبدعها. شاهدت قمم الأشجار الشامخة التي تجاوبت مع مداعبات النسيم.
انتقدت عينا آبي إعجاباً. قالت:
" كم إن المنظر رائع. كان يمكنني أن أبقى هنا وأتصور أنني قد رأيت كل ما يتعين علي مشاهدته في كولورادو ".
" لست بعيدة عن الحقيقة في ذلك...".
كان ذلك صوت عجوز شديد النحول ينهض من فوق الاريكة يمد إليها يده وقد جعدت نظرات السعادة ما حول عينيه الزرقاوين.
" أنتِ الفتاة صاحبة المطعم القريب من عالم ديزني ؟ إنني سعيد جداً بلقائك ".
لم تحتو اليد التي صافحتها آبي على أكثر من أصبعين.
" وأنا ايضاً يا سيد جالاجار سعيدة بلقائك ".
"جالاجار هل هناك شخص آخر مثل جالاجار في هذه الغابات؟ اسمي ستاوت أي ضخم , ناثانيال ستاوت يضحكني هذ الإسم في كل مرة أفكر فيه. يمكنك أن تناديني بابي ينبغي أن أبدأ بإعداد الغداء. فاليوم عطلة الطاهية ".
وابتعد عنها متوجهاً إلى المطبخ وهو يعرج. فصاحت به:
" إنتظر! سأقوم أنا بعمل الطاهية اليوم من قبيل الاعتذار والوفاء ببعض ما أنا مدينة به ".
فأجابها جاك :
" من ناحيتي أعتبر أننا خالصون من أي دين يكفيني وجودك هنا ".
تنهدت بإحباط ثم استطردت بصوت رقيق حالم، فجأة:
" لا معنى لذلك يا جاك إطلاقا ً".
" ما الذي تريدينه؟ أن أكف عن النظر إليك والتفكير فيك؟ ألا تصبح لدي الرغبة في أن أضمك بين ذراعي؟ لا تخافي, سأفعل ذلك في القريب العاجل ".
فقالت آبي بإصرار:
" سوف أعد الغداء ".
تبعها جاك إلى المطبخ ثم توقف عند عتبة الباب وشاهدها تربط مئزراً حول خصرها الأنيق ثم تقول:
" إنني على أهبة الإستعداد يا بابي ".
" حسناً, يمكنك أن تصنعي السلطة. الخبز بداخل الفرن والمربى المنزلي التي أعددتها بداخل هذا البرطمان ". ووضع جاك سمكة فوق المشواة.
" في فلوريدا نصف هذه الوجبة بأنها طبق سمك أو طبق فاصوليا ".

Rehana 05-07-21 08:16 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" تقدمين مثل هذه الأصناف بمطعمك؟ ".
" نعم، وأطباق الكرنب والأسماك الأخرى ".
ضحكت آبي أمام الدهشة التي علت وجهيهما.
" إنها الأصناف التي يطلبها الزبائن وهي معروفة في أرقى مطاعم فلوريدا منذ بداية القرن. أما أنا فأحاول تقديم الأصناف الجديدة, هل لديك سكين؟ ".
قدم جاك إليها قطاعة حادة وتميز أداء آبي بالسرعة والدقة معاً وانطلقت أفكارها.
" الأنواع المتعددة من الأسماك وفواكه البحر التي تجلبها قوارب الصيد معها تفوق كل تصور البوري والقرش والجمبري وغيرها من الأصناف المتميزة الأخرى. أجيد عمل أنواع المرق باستعمال الليمون والبرتقال والأفوكادو والباباز والبطيخ. جميع أنوع هذه الفاكهة شبه الاستوائية موجودة في فلوريدا بكثرة. وقد فكر أحد جيراني في زراعة بعض أنواع الزهورالصالحة للاستهلاك الآدمي لاستخدامها في تجميل هذه الأطباق. إنها زهور جميلة يمكن تناولها مع بعض أصناف الطعام, فكرة مدهشة, أليست كذلك؟ ".
فقال جاك مازحاً:
" بلى، بشرط أن نكون من معشر الأغنام، تحبين عملك هذا بحق؟ ".
" إنه الحياة بأسرها بالنسبة إليّ ".
قرأ في عينيها اعتزازاً بنفسها مشوباً بالإصرار وإن اتسمت ابتسامتها بقدر من الندم الذي أصاب فؤاده بألم مبرح. بدت نظراتها مبهمة فجأة وخيم ظل من الكآبة على وجهها.
سألها بابي بهدف أن يضع نهاية للتوتر المخيم عليها:
" حسنا يا صغيرتي. هل والدتك هي التي علمتك فنون الطهي؟ "
كان أبعد ما يكون عن الحقيقة مما حال دون أن تكبح ضحكة مدوية:
" لا. لم يتسع وقت والدتي لأكثر من إعداد طبق من الفاصوليا في الصباح قبل ذهابها إلى العمل. اكتشفت وجود كتب الطهي بمكتبة المدرسة كنت أقرؤها في المساء تبعث في أحلاماً سعيدة مثلها في ذلك مثل الروايات الغرامية والخيالية. ربما كان ذلك راجعاً إلى تعطشي الدائم إلى شيء جديد مبهر ممتع ".
كاد جاك أن يرى تلك التلميذة ذات الشعر الأشقر المتدفق فوق كتفيها تحلم بمستقبلها.
" قررتِ إذن أن تصبحي طاهية مشهورة على مستوى العالم ".
فقالت آبي راجية وهي تضع أصبعاً فوق شفتيه:
" أرجوك لا تسخر مني ".
فقال قبالة أصبعها:
" لست ساخراً ".
صعد نفس جاك الدافئ من أصبعها إلى ذراعها ومنه إلى قلبها. استردت يدها حيث اخفتها في جيب مئزرها.
" حصلت على مجانية تعليم. نلت منها دبلوم الدراسة التجارية وأنا أعمل ليلاً وفي أثناء الإجازات بمحال دنكن المشهورة بأصنافها المتميزة خاصة في مجال الفطائر والمخبوزات. عملت بعد ذلك طاهية معاونة بفندق هوليداي إن ونجحت من خلال عملي هناك إلى أن أتبوأ وظيفة مدير مطعم ".
قال جاك معلقاً:
" لا بد أن ذلك كان صعباً جداً عليك ".
" بالتأكيد! منذ متى كان الحصول على لقمة العيش والترقي سهلاً؟ ".
أجابها جاك بصوته الهادئ الأجش الذي كاد أن يذهب بصوابها:
" هذا متوقف على ما تعنيه بالترقي. فإذا كان ما نعنيه هو الرغبة في امتلاك المزيد من الأشياء طوال الوقت فهذا أمر عسير بالتأكيد ".

Rehana 05-07-21 08:17 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" ما أعنيه هو الرغبة في الحياة الأفضل يا جاك . أن يكون لي بيت أمتلكه وأن يكون لي المال الذي أعيش به. وليس هذا بالشيء الكثير وليس سهلاً أيضاً. فلا أراك تعيش في خيمة أو في كوخ فالمكان مريح للغاية هنا، أليس كذلك؟ ".
وضع جاك يده خلف ظهرها وقادها إلى أحد الأركان.
" إنني واثق بأن ذلك كان صعباً ".
لم تصبح قادرة على إجابته أو التماسك. كان صدر جاك العضلي القوي بمثابة جدار يمكنها الاستناد عليه. والإحساس بالراحة وأثار دفؤه فيها إحساساً بالإنصهار والارتعاش.
" أرجوك أن تكون حانياً عليّ ومتفهماً ظروفي. لأن الأمر بدون ذلك صعب بالفعل ".
فقال هامسا في شعرها بينما أسندت هي راسها بين كتفه وعنقه.
" لماذا؟ ".
" لأنك بذلك تجعلني أحس أشياء لا أستطيع ولا ارغب في الإحساس بها. لن أراك ثانية وسيكون الأمر أيسر عليّ بكثير لو أننا افترقنا ونحن غاضبان ".
" وإذا لم أتعاون معك في ذلك؟ ".
فقالت آبي وهي تبتعد:
" سأتدبر ذلك بمفردي ".
قال بابي مقاطعاً:
" سوف ينزل المضيفون بالأجر في غضون بضع دقائق ".
ثم طوق كتفي آبي بذراعه مصطحباً إياها إلى حجرة الطعام. جلس إلى الموائد زوجان من كانساس سيتي وبعض الأزواج الشبان من دنفر وقد بدت على وجوههم السعادة والجوع معاً. أما بقية نزلاء الفندق فكانوا قد خرجوا للنزهة بالحديقة الأهلية حاملين معهم الوجبات المناسبة.
تناولت آبي قدراً من جميع الأصناف. أملت عليها نظرات جاك أن تحول بصرها عنه شعرت وكأنها شفافة تماماً تحت نظراته وخفق قلبها بشدة على الرغم من محاولاتها الإبقاء على هدوئها.
ومع ذلك سمحت الفتاة لنفسها بأن يجتذبها سحر المطبخ إذ اسعدها تذوق تلك الأصناف الجديدة التي قدمها هذا الفندق لنزلائه والتي سجلت في ذهنها مقادير وطرق إعدادها كي يضمها كتاب الطهي الجديد الذي تعتزم إعداده والاحتفاظ به لنفسها.
استقرت نظرات جاك المتهبة طويلا ًعلى شعرها وعلى وجنتيها وعلى شفتيها فاستطاعت بصعوبة أن تبتلع طعامها أو أن تتنفس.
ذكر بابي الحمقاء التي استقلت الزورق، ورجت آبي وجاك أن يروي لها قصتها.
" مضى على هذه القصة ما يربو على قرن من الزمان ".
وانفجر العجوز ضاحكاً:
" جاك ينجز الأعمال إرضاء لذاته وليس من أجل أن يتحدث عنها ".
" نحن متشابهان. كلانا ثائر متمرد. كنت أهوى الطيران. غيرت مساري اخترت السير على أجنحة. حلقت فوق أسواق الولاية لم أفكر إلا في الطيران أما الآن فقد تحطمت أصابعي أولاً ثم هذه الساق العتيقة ".
وقرع ساقه بالملعقة مما جعل آبي تقفز.

Rehana 05-07-21 08:18 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" إنها ساق خشبية! ليس هناك ما يدعو إلى الإحساس بالحزن يا صغيرتي. عشت حياتي بالأسلوب الذي أعجبني وعندما بدأت أطعن في السن التقيت بـ جاك في ويومينج .كان حديث التخرج في الجامعة وكان في ذلك الوقت يقوم بأبحاث غريبة في مجال الجيولوجيا . علمت على الفور أننا متشابهان في الكثير. كان مصاباً بكسر في عظمة
الترقوة في أثناء نزوله أحد الأنهار في قارب فقلت له: إنه لو أراد أن يرى أنهاراً بمعنى الكلمة فعليه أن يأتي إلى كولورادو قبل أن يعرض نفسه لحادثة تنهي حياته, فهم جاك أنني بحاجة إلى مساعدته لكنني لم أجرؤ على أن أطلب منه ذلك صراحة بسبب كبريائي. هو الذي حول كوخي العتيق إلى هذا الفندق وبيديه هو حتى أعيش أخيراً في مكان مناسب يعتني بي. وهذا المكان بالنسبة لي افضل من أي ابن لو كنت قد أنجبت أبناء ". خفض جاك رأسه تواضعاً.
" ما أريد أن أقوله هو أن جاك يهوى الأنهار قدر ما أحببت أنا الطائرات. اطلبي منه أن يطلعك على خرائطه المبينة لها ".
تغلب جاك على الشجون التي أثارها حديث بابي فيه وانحنى نحو الأمام مؤكداً:
" لا رغبة لـ آبي في أن تطلع على تلك الخرائط. بل إنها تكره الأنهار أيضاً ".
فاعترضت الفتاة قائلة:
" أنهار كولورادو مليئة بالدوامات والتيارات النهرية والحمقى وحدهم الذين ينزلون إليها فوق عوامات مطاطية صغيرة أو في قوارب لا يزيد حجمها على حجم علبة ثقاب ".
" تعرفين أنهارا أخرى؟ ".
" نعم. بعض الأنهار الخاملة مثل السواني أو الوكيو فهما يخترقان المستنقعات التي تنمو فيها أشجار أم الشعور ثم تتعرج وسط شعب الطحالب الإسبانية التي تتدلى من أشجار الفرو ألا تريان أن اسميهما جميلان على الرغم من التماسيح التي ترتاد شاطئيهما طلباً للدفء تحت أشعة الشمس؟ ".
غمزت لهما بعينها فانفجرا ضاحكين أمام فتنتها.
أصر بابي على رفع الأدوات من فوق المائدة بعد أن انتهوا من تناول الوجبة فما كان من آبي إلا أن تبعت جاك إلى الخارج.
جلست فوق درج الشرفة وهب ريح خفيف داعب خصلات شعرها المتموج دافعاً بها إلى وجهها, قالت راجية وقد توردت وجنتاها خجلاً:
" لا ترمقني بهذه النظرات ".
" ماذا تعنين؟ ".
" تعرف جيداً ماذا أعني. كف عن ذلك ".
" وكيف لي أن أتذكر وجهك يا آبي؟ ".حول جاك بصره إلى الجبال" انظري إلى هذه القمم وإلى تلك الكيلو مترات من المياه المتدفقة بذات الاسلوب. شيء ما فيها يتجاوب معي وكأنه يحدث قلبي ".
" أرجوك يا جاك كف عن هذا الحديث. كلمني عن شيء آخر عن هذا المنزل عن القوارب والعوامات. عن قصة لقائك بـ بيردمبسي عن عدد السائحين الذي يسقطون في الماء...حدثني عن الجبال التي هناك والتي أشعر بأنك تنتمي إليها وتعتز بها...".
" لست رجل الثلوج بل شاب متحضر ".
" نعم. لكنك تخوض المخاطر وقد تلقى حتفك في سبيل ذلك. لا أرى أنك تعيش خارج هذا الإطار ".
" أمر غريب. كنت افكر بالفعل في القيام برحلة إلى فلوريدا ".
ابتسمت آبي على نحو أضاف عذوبة إلى شفتيها:
" إنك كبير جداً على ارتياد الجنوب. فأنت بحاجة إلى جبال تناطح النجوم وسوف تهجر طيور البشروش الوردية الولاية إذا وقع بصرها عليك ".

Rehana 05-07-21 08:19 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قال وهو يعبث بشعرها:
" قول غريب جداً ! كنت أظن أنك سترحبين بالفكرة وتنظرين إلى الأمر بعين الاعتبار ".
" لكنني صادقة! ستظل في نظري دائماً أكبر من الطبيعة ذاتها ".
أمعنت في إخفاء وجهها بين يديها بحيث جذبها جاك إليه وطوق كتفيها المرتعدتين بذراعه.
" ماذا بك؟ أخبريني يا آبي ".
" معك هنا أصبحت لا أدري من أنا. الهو وأمزح مثل طالبة جامعية بينما أنا امرأة في التاسعة والعشرين من عمري عليّ مسؤوليات وعلى كاهلي مشروع يتطلب الكثير من الجهد والعمل علما بأنني جادة مجدة ".
" ربما تكونين شيئاً آخر أيضاً ".
" ربما لكن لا الوقت ولا المكان مناسبان لاكتشافه. بعد أربع ساعات سأكون في الطائرة سألحق بمطعمي وتبقى أنت هنا مع قواربك وعواماتك ".
ضمها إليه بشدة بحيث احتك صدرها الرقيق بصدره العضلي.
" يا له من أسلوب غريب للحوار يا جاك! ".
" ولديّ الكثير مما أقوله فلا أهوى الثرثرة ".
ولمس فمه القوي النضر شفتيها اللتين في مثل نعومة المخمل.
" لن أدعك تمضين... هذا مستحيل! ".
خففت موجة من الرغبة أحزان الفتاة التي قبلت كل موضع من وجه جاك .
" لن تستطيع عمل أي شيء في هذا الشأن."
" سوف أنسيك فلوريدا وكل ما بها ".
مدت آبي يدها نحو السماء قائلة:
" هل ترى هذه السماء؟ في فلوريدا تمتد إلى ما لا نهاية وتنتشر فيها الغيوم العملاقة مثل جبال شاهقة تتراكم فوق بعضها البعض مكونة ما يشبه الخلجان. هل تسمع هذا العصفور؟ عندي عصفور ساخر يقطن إحدى أشجار البرتقال ويعزف جميع أغاريد عصافير العالم ". طوقت آبي عنقه بذراعيها:
" هل تشتم رائحة هذا الهواء؟ في فلوريدا الهواء رقيق ومحمل بعبير الرياحين والياسمين يهز أشجار النخيل القزمة ويربت بشرتك مثل عاشق ".
قبل جاك فاهها وربت وجنتيها برقة وشوق وردت آبي قبلته إليه بحرارة. التصق فمه بشفتيها بلهفة يتذوق قبلاتها ودفاها ورقتها. اشتدت قبلته ضراوة فاحتوتها موجة من الرغبة.
قالت على نحو مفاجئ وهي تبتعد عن ذراعيه:
" كفى يا جاك أرجوك. لا ينبغي علينا أن...".
" لماذا؟ جسدي كله يقول عكس ذلك ".
فقالت هامسة وهي تلتصق به بقدر أكبر:
" وجسدي أيضاً. من أجل هذا لا ينبغي علينا أن نواصل, لأن رغبتي تشتد إلى...".
" مستحيل! أي نوع من متبعي قوانين السلوك أنت؟ ألا تنامين ايضاً على فراش من المسامير أحياناً ؟ ".
أجابته آبي وهي ترتعش بقدر قليل:
" لن أخبرك اين أنام ولا كيف أنام؟ ".
ثم استطردت بعد ذلك تقول بصوت أكثر هدوءاً:
"جاك لماذا لا تطلعني على تلك الخرائط التي تحدث بابي عنها؟ ".
" لانها لن تعجبك ".
" هذا على وجه التحديد ما أنا بحاجة إليه الآن. شيء لا يعجبني, ألا تفضل صحبتي على الاقل؟ ".

Rehana 05-07-21 08:20 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أخذ يدها دون أن ينطق بكلمة واحدة حيث اصطحبها إلى حجرته المحتوية على سرير وعلى خزانة ملابس كبيرة مصنوعة من أخشاب القرو.
أطلت نوافذ تلك الحجرة على قمم أشجار عملاقة وتعرفت آبي على خرائط الأنهار التي غطت أحد الجدران وكانت شبيهة بتلك التي كان فئران النهر يتدارسونها في معسكرهم.
" وإلى ماذا ترمز الدبابيس؟ ".
" تحدد الأنهار التي سبق لي نزولها ".
" والألوان؟ ".
" مستويات خطورة التيارات وصعوبة مواجهتها. اللون الأخضر يشير إلى أولى الدرجات المرحلة الابتدائية والأمواج المنخفضة والممرات السهلة ".
" لا يوجد منه الكثير. واللون الأحمر؟ ".
وتحولت نبرتها إلى التهكم وهي تستطرد:
" يوجد منه الكثير ".
قطب حاجبيه إزاء أسلوبها قائلاً :
" سبق أن قلت لك: إن هذه الخرائط لن تستهويك ".
" لا تقلق من هذه الناحية ".
" اللون الأحمر هو خامس الدرجات: التخصص. تيارات طويلة متنهاية العنف. إنحدار شديد صعوبات كبيرة ".
ثم استطردت تقول ونظراتها تنطق بالتحدي وهي تقبض على أحد الدبابيس بين إبهامها وسبابتها:
" وهذا؟ ".
" الدرجة السادسة: صعوبات متناهية تكاد أن تكون مستحيلة وغاية في الخطورة ".
" سوف أفكر في هذه الأمور: انتهى كل شيء بالنسبة لي ".
أشارت بأصبعها إلى عدد من الصور الفوتوغرافية باللونين الأبيض والأسود وكانت مثبتة على الجدار بالدبابيس.
" أطلعني على هذه الصور أيضاً ! ابتسامات النصر على وجهك في جميعها على الرغم من الإصابات والجراح! ".
فقال مزمجراً وهو يجذبها إليه:
" كفي عن ذلك! إنني لا أزال على قيد الحياة. ألست كذلك؟ ".
جذب وجه آبي إلى وجهه ومرر يده في شعرها المتوج الكثيف وسرى في جسدها ما يشبه تياراً كهربائياً عندما ربتت يده صفحة عنقها. دلكت يده ظهرها وكتفيها برقة وأحست دفء جسده من خلال قميصه.
" أرجوك أن تنتبه لنفسك ".
" إبقي وسوف أفعل ذلك ".
فقالت متعجبة بكل ما لديها من جدية:
" ماذا؟ ".
" إبقي هنا! ".
" لا يمكنني ذلك, يتعين عليّ أن أعود إلى بيتي يا جاك , لا تعلم عني شيئاً. لي أحلامي الخاصة بي. أحلام معقولة اريد أن أحققها من خلال العمل الدؤوب. وعلي ّ مسؤوليات أيضاً. والدان وأخت أساهم في نفقات تربيتها ".
فقال بنبرة مقتبضة صارمة:
" من الأفضل ان نفترق إذن ".

Rehana 05-07-21 08:22 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
لم يتبادلا داخل السيارة سوى كلمات محددة. كانت هناك ظبية وقرينها يقفزان ويلهوان على حافة الطريق فأوقف جاك السيارة حتّى تتمكن آبي من مشاهدتهما عن قرب. كانت لهما عيون سوداء واسعة وسيقان رشيقة دهشت آبي لها. ضغط جاك على آلة التنبيه برفق فابتعدا معا وقفزا برشاقة متناهية وبينما هو يوقف السيارة أمام الأوتيل. سألها:
" هي يمكنني اصطحابك إلى المطار غداً ؟ ".
" من الأفضل ألا تفعل ".
خشيت آبي من أن يرى دموعها فأشاحت بوجهها بعيداً عنه وجدت صعوبة كبيرة في الحديث:
" لا أعتقد ذلك, لديك أنهار تخوضها ولدي مطعم أديره. لكننا قضينا معاً وقتاً طيباً ".
غادرت السيارة الجيب وأغلقت الباب من خلفها. فقال جاك محتجاً وقد ثبت في مكانه:
" لا. لم يكن ممتعاً ".
استقرت يده فوق المسند الخلفي للمقعد. الذي نهضت آبي من فوقه وقبضت يده الأخرى بكل قوتها على عجلة القيادة.
دقق النظر إليها ثم أشار إليها بيده وانطلق مسرعاً ليختفي عن نظرها تماماً في غضون ثانية واحدة.

نهاية الفصل

Rehana 06-07-21 08:46 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الرابع

ليمون أفوكادو برتقال جاك ... استندت آبي إلى خزانة المطبخ . جاك ... أحست و كأن معدتها تعتصر بقوة بينما مزق قلبها أسى شديد افتقدته بشدة.
قبل أسبوع واحد من إعادة افتتاح مقهى الفردوس كانت ذراعا الفتاة مثقلتين بما حملتا من مؤن بينما ظل قلبها خاوياً قالت تحدث نفسها واضعة وجنتها على الجدار حديث الطلاء :
" كان ينبغي علي أن أقطع معه شوط الحب كاملاً نعم كان ينبغي علي ذلك لو فعلت ذلك لما ندمت أكثر مما انا نادمة الآن و كانت ستبقى لي ذكرى على الأقل ".
سأل شريكها مزمجراً :
" ماذا سمعت ذكرى ؟ لا تقولي إنك قد نسيت شيئاً ما فهذا مستحيل لأنك اشتريت مالا يقل عن نصف المعروض بالسوق بالإضافة إلى معلبات تكفي كتيبة بأسرها ".

Rehana 06-07-21 08:47 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أجابته آبي بقولها :
" سيمون تتطلب إدارة المطعم كماً من المؤن ".
" بل و تتطلب أكثر من هذا عزيزتي تتطلب الجهد و لحسن الحظ انه متوفر لدي لأنك تبدين لي منهكة القوى بهذه الهالات الزرقاء التي تحيط بعينيك و التجاعيد التي ألمت بفمك الجميل, كنت أتصور أن الرحلات قد جعلت من أجل الراحة و الاسترخاء بينما عدت من رحلتك مجهدة متوترة ".
" اكتشفت لدى عودتي أنك لم تنجز نصف ما وعدتني به من أعمال لهذا أرهق نفسي في العمل كي أعوض هذا التأخير و التقصير ".
ضحك سيمون متهكماً :
" بذلت كل ما بوسعي كما ترين ألا ترين أنه قد أصبح لدينا أفضل قبو للمشروبات في ليك كنتري ؟ ".
تنهدت آبي :
" لكنا لسنا بحاجة إلى أن يكون لنا مثل هذا القبو إذ أننا بحاجة ماسة إلى أغطية موائد و مناشف للمطبخ و مهمات من هذا القبيل, لا أريد مجادلتك يا سيمون كل ما أرجوه هو أن يسير العمل بالمطعم على الوجه المطلوب ".
فأجابها سيمون و هو يطوق كتفيها بذراعه بحنان :
" سيكون كل شيء على خير ما يرام, لدي بعد الظهر اليوم حفل في ميامي, ما رأيك في أن تغلقي المقهى و تأتي معي ؟ يمكننا أن نذهب إلى مكان ما نتعشى فيه بعد الحفل ".
تأملته آبي غير مصدقة ما سمعت :
" لكنني ذكرت لك حالاً انني مثقلة بالعمل, ألن تبقى هنا لمساعدتي ؟ ".
أجابها على الفور و هو يصلح وضع رباط عنقه:
" لا مجال لذلك, إنني الممول ألا تذكرين سبق أن تفاهمنا على ذلك ".
و تركها غير مبال و قد ارتسمت على شفتيه ابتسامة واهية.
اقسمت آبي في صمت ثم جمعت بقية المؤن و دخلت المطبخ الذي تم تجديده بالكامل فبدا رائعاً مما بعث في نفسها قدراً من الراحة قالت :
" ينبغي علي ان أتعلم عدم الاعتماد عليه في شيء و عدم الأخذ برأيه في أي من الأمور ".
لأن واقع الأمر أنه بدون أموال سيمون ما استطاعت آبي قط الحصول على هذا المطبخ الجديد الذي كان بمثابة المدخل إلى تحقيق أحلامها التي تتلخص في نجاح مطعمها و كسب المال الذي يمكنها من سداد التزاماتها المالية الخاصة بها و بوالديها على حد سواء و اقتصاد قدر منه إذا تيسر لها ذلك.
فتحت باب الثلاجة العملاقة و اخرجت منها بعض الأصناف و بدأت العمل على الفور بحيث لم تمض سوى دقائق معدودة إلا و قد استغرقت في العمل تماماً و حلت ابتسامة رضا محل تجاعيد القلق التي كانت قد أحاطت بفمها الأنيق, بدأت تدندن بلحن شعبي ضابطة إيقاعاته بالملعقة الخشبية التي بيدها.
اخترقت اشعة الشمس السحب البيضاء و سقط بعضها بداخل المطبخ من خلال النافذة كما لو كانت الطبيعة تشارك آبي ذلك السلام الداخلي الذي أحست به أخيراً.
قالت تحدث نفسها :
" لست ثرية و لا واحدة من الشخصيات المرموقة, حياتي خالية تماماً من كل مقومات الإبهار ,لكنني أجيد الطهي و أعشق العمل بالمطبخ ".

Rehana 06-07-21 08:48 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
سمعت صوت الباب الخلفي يغلق وسرعان ما دخلت إليها بالمطبخ فتاة دون العشرين ترتدي بنطلوناً من الجينز مع قميص ثاني وردي اللون.
" سلام لك يا شقيقتي الكبرى ! كيف حالك ؟ لم أرك أكثر من خمس دقائق بعد عودتك ,مطبخك رائع حقاً! ".
قالت آبي ضاحكة :
"جانيت ارتداء بنطلون بمثل هذا الضيق ضار جداً بالدورة الدموية ".
فقالت الفتاة محتجة :
" مهلاً يا آبي تتحدثين مثل أمي لكن للأسف أنت من ينبغي عليها أن ترتدي مثل هذا البنطلون الضيق, لأنك نحيلة القوام وان تستمتعي بحياتك قليلاً ".
" لكنني مستمتعة بحياتي ...باستثناء أن الطعام الذي فوق النار بحاجة إلى التقليب المستمر ".
" إنها حياتك بأسرها التي سوف تنقلب رأساً على عقب إذا لم تتوقفي عن العمل بعض الوقت ".
" و بهذه المناسبة ...سيمون ليس هنا ؟ ".
"سيمون ؟ ".
" يثير أعصابي, لا يكف عن النظر إلي و هو قابع في ركنه, لا يمكنني احتماله شريكاً لك ".
" لم يقم بمغازلتك على الأقل ؟ ".
" إنه يلوي لي وجهه لكنني واثقة بأنه يخشاك ".
ترامى إلى سمعيهما صوت آلة تنبيه سيارة فأسرعت جانيت إلى النافذة تطل منها :
" سآتي على الفور ! ".
" ظننتك بمفردك ".
" لا سوف أخرج للنزهة بصحبة نيج و ويلي ".
" و امتحاناتك ؟ هل اجتزتها بنجاح ؟ ".
" أعتقد ذلك, في الحقيقة إنني قد مررت بك لأسألك هل بإمكانك إقراضي مبلغاً صغيراً ؟ ".
" ظننت أنك قد وجدت عملاً ".
فقالت مبتسمة :
" حتى الآن لم أجد عملاً ,تقدمت إلى ماك دونالد و بيرجر كينج, لا أفضل أيا منهما على الآخر ".
تنهدت آبي أمام لا مبالاة شقيقتها, أخرجت من جيبها ورقة نقد أعطتها إياها قائلة :
" ألن تعرفيني بصديقتيك ؟ ".
" بلى بالتأكيد سوف يحوزان إعجابك ".
أدخلت جانيت رفيقيها اللذين كانا بشعريهما الطويلين و بنطلونيهما الجينز و ابتسامتهما العريضتين المشرقتين وسحرهما النسخة الذكرية لها. قالت آبي :
" إنني سعيدة بلقائك يا نيج ".
ضغط الشاب ذو الشعر الأشقر الأفتح لوناً بينهما على يد آبي إلى حد اعتصارها تقريباً و فعل الآخر مثله.
" أنا ويلي, كثيراً ما يتناول والداي العشاء هنا, لا يصحبانني معهما بحجة انني أكول جداً, لكنهما يعتقدان أنك طاهية متميزة ".
فأجابته آبي مغتبطة :
" أخبرهما بأن إعادة الافتتاح ستكون يوم الجمعة القادم و أنني سأكون سعيدة بلقائهما ".
" حسناً ,من الأفضل ان نمضي ".

Rehana 06-07-21 08:48 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
و هنا قالت جانيت :
" في الواقع إن أمي تريدك ان تأتي لتناول العشاء معنا أو الفطور ترى أنك تجهدين نفسك في العمل ".
فقالت آبي وهي تغلق الباب خلفهم :
" أخبريها بأنني سوف أحاول ".
انقضت ساعتان على ذلك, سمعت آبي بعدهما رنين الهاتف جففت يديها في مئزرها رفعت السماعة قائلة بصوتها :
" ألو ؟ ".
" آبي ؟ ".
كاد قلبها أن يتوقف عن النبض, وضعت يدها على الجزء المستقبل من السماعة آملة في ألا يكون قد سمع تنهد ارتياحها لدى سماع صوته فيدرك لهفتها عليه, قالت بتنهد أمل وخشية :
" جاك ؟ ".
سمعت على الطرف الآخر من الخط ضحكة صارمة :
" نعم, كيف حالك ؟ ".
" حسن ".
كانت نبرة آبي حادة ملأت الدموع عينيها واحتقن حلقها :
" ما كان واجباً ان تتصل بي إنها ... إنها حماقة لماذا تطلبني ؟ ".
" لأنني افتقدتك بشدة وأريد أن أراك ثانية ".
" أمر مستحيل ".
" ليس كذلك إنني هنا تعالي إلي لتأخذيني ".
" أنت ... أين ؟ ".
" بمطار أورلاندو الدولي إذا صدقت اللافتات التي هنا, هل ستأتين لتأخذيني أم أستقل سيارة أجرة ؟ ".
أجابته بصوت يغالبه الاختناق :
" لا هذا و لا ذاك استقل طائرتك و عد إلى كولورادو يا جاك عد إلى أنهارك و إلى أصدقائك و إلى بابي ".
" أنت من أريدها ".
اصابها عمق المشاعر بالدوار ,كيف يمكنها أن تفكر بذهن صاف بينما تشعر وكأن الأرض تميد تحت قدميها ؟
" لا مجال للمناقشة لن أعود قبل أن أراك, إذا أتيت إليك سيراً على القدمين أصل عندك في غضون سبع ساعات تقريباً ".
أسرعت تقول :
" لا تغادر المطار سوف آتي إليك, أين أنت بالتحديد ؟ ".
" عند خطوط كونتينينتال الجوية مدخل 47 ".
ارتعشت آبي بمزيج من مشاعر الاضطراب والرضا ,جاك هنا و سوف تراه في غضون ساعة من الزمن سوف تلمسه وتتذوق قبلاته .ولتلق بمواعيدها إلى الجحيم, لم تصبح هناك أدنى أهمية لأي شيء سواه, قالت و هي تقسم :
" جاك سوف تدفع الثمن غالياً ".
دوت عبارتها هذه في أرجاء المطبخ كما لو كانت سخرية منها ومع ذلك كان قلبها يلح عليها بسرعة الذهاب إلى هذا الرجل.
امتد الطريق السريع مثل شريط ابيض في ضوء الشمس ما بعد الظهيرة المشرقة , اجتازت في طريقها إلى المطار بقعة كثرت فيها البحيرات وتخللتها التلال المتموجة المتبانية الارتفاع التي نمت على سفوحها الأشجار المنخفضة النضرة أو الغياض المهملة التي وقفت بهياكلها الجافة السوداء .
سلكت آبي ذلك الجزء من الطريق المؤدي إلى صالات الوصول وفي اللحظة التي اهتدت فيها إلى مكان للانتظار فتح جاك الباب المزدوج وخرج منه. رأته يرفع ذراعه ليقي عينيه من شدة ضوء الشمس الساقط عليه وعندما رآها ابتسم.

Rehana 06-07-21 08:49 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
كاد قلبها أن يتوقف عن نبضه ثم هدأ بعد ذلك, اتخذ جاك طريقه حول السيارة تاركاً الحقيبة تسقط من يده حيث فتح الباب وأخذ الفتاة بين ذراعيه.
اقتربت منه بأقصى ما أمكنها دافعة برأسها نحو الأمام ترحيباً بقبلاته التي انتقلت بحرارة إلى كل موضع من وجهها حتى استقرت على شفتيها في النهاية قبضت يداه بقوة على كتفي الفتاة التي وقفت على أطراف أصابع قدميها بينما اختفى الكون بأسره بالنسبة إليها.
استسلمت لبهجة قبلاته وهي تربت عنقه وكتفيه وظهره المبتل بالعرق و تلجأ إلى صدره العضلي القوي.
ترك كل منهما الآخر و تبادلا نظرات التأمل التي اختلطت فيها الرغبة بمشاعر الدهشة
" حبيبتي هذا يستحق العناء الذي تكبدته في سبيل قطع مسافة الثلاثة الآلاف كيلو متر هذه ".
فقالت لاهثة :
" ويستحق قطع المسافة و إن بلغت ثلاثة ملايين كيلو متراً فهو رائع جداً ".
تأملت عينا جاك وجهها بتأن:
" أمامنا مشكلة عويصة ...".
فأومأت آبي برأسها :
" أدرك ما تريد أن تقوله يا جاك ".
" آه حسناً, إنك تقرئين أفكاري ".
" نعم, كان ذلك أيسر وقعاً لو أنك نزلت من الطائرة ولو أنك قبلتني ولو أنه لم يكن هناك أي احتمال للأقاويل ".
" لكن هذا لم يحدث, إن قلبي يرتعد كما حدث في المرة الأخيرة... قلبك أيضاً, لا يمكنك أن تنكري ذلك".
قالت هامسة وعلى وجهها ابتسامة عابثة :
" سمي ذلك نصيباً أو قدراً ...كما يحلو لك ".
فقالت :
" ما رأيك في أن أطلق عليه حماقة عابرة ؟ جاك أكاد ألا أصدق لا ينبغي عليك أن تكون هنا, ولا أنا أيضاً, لقد تأخرت عن كل شيء الآن ".
قال وهو يضع حقيبته فوق المقعد الخلفي للسيارة الدودج:
" انسي انني هنا ".
بدت السيارة صغيرة جداً على نحو مفاجىء استند إلى بابها مكاتفاً يديه من خلف رأسه
" هيا إلى الأمام وانا رهن إشارتك ".
قالت آبي :
" تأمل هذه البقعة جيداً, نحن الآن في وسط فلوريدا ,عالم ديزني إلى الجنوب ".
" عندما رأيت ميكي وميني بجميع نوافذ العرض بالمطار ظننت أن الطائرة قد هبطت بي في عالم ديزني ,هل كل أورلاندو على هذا النظام ؟ ".
" لا ، إنها مدينة كبيرة كثيرة الضوضاء زاخرة بناطحات السحاب والضواحي التي لا تعرف لها نهاية ولا حدوداً لكن في البقعة التي أعيش فيها المدن صغيرة ومزارع البرتقال شاسعة وتوجد بها حوالي ألف بحيرة فضلاً عن المزارع التي تربى فيها الخيول ".

Rehana 06-07-21 08:49 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال جاك مازحاً :
" أشكرك على هذه المعلومات النادرة يا سيدتي الغرفة التجارية ".
" جاك إنني أعمل ... جميع أيام الأسبوع تقريباً وطوال اليوم ".
" ألا يمكنك توفير لحظة من وقتك لزائر عابر ؟ ".
ارتجفت لتلك الفكرة الجريئة واضطرت إلى تغيير مجرى الحديث:
" أين تعتزم الإقامة ؟ ".
فأجابها بلا مبالاة :
" عندك ".
تركت قدم آبي بدال الوقود :
" ماذا؟ ,لا مجال لذلك بأي من الأحوال, أقطن مدينة صغيرة يعرفني فيها الجميع ويعلمون أنني أعيش بمفردي ".
" ليس أمامك سوى أن تخبريهم بأني ابن خالتك أو عمك أو ابن شقيقتك شيء من هذا القبيل ".
" يالك من أحمق ! جميع أفراد أسرتي يعيشون في قرية صغيرة لا يزيد تعدادها عن مائتين و سبع عشرة نسمة, وكل واحد منهم يعلم كل شيء عن جاره بل ويصل علمه عنه إلى حد معرفة ما قد تناوله على مائدة الإفطار ".
" ألا يمكنك إجراء بعض التجاوزات ! هذا الوضع سوف يحطمنا ".
توترت أعصاب آبي :
" هل تقدر أبعاد ما تريد مني أن أفعله ؟ لنتوخ التعقل, سوف أصحبك إلى المطار مرة أخرى و لن يكون أمامك سوى زيارة عالم ديزني"
انعطفت الفتاة في الطريق لتدخل في سيل السيارات المتجهة إلى الجنوب . ربتت أصابعها عجلة القيادة مركزة اهتمامها على الطريق من أمامها.
" حاول أن تجد لك مكاناً مناسباً بأحد الفنادق وإذا لم ترحل عائداً إلى كولورادو فسوف أراك يوم الاثنين ".
تحدث جاك بنبرة حادة فجأة :
" اسمعيني لا يمكنني البقاء هنا طويلاً الموسم يبدأ قريباً جداً ,وإجازتي قصيرة يتولى بير مسؤولية الزوارق والعوامات وقد قمت بتعيين اثنين من الطلبة للعمل بالفندق لكنني لا أستطيع الابتعاد عن بابي طويلاً ,دعينا لا نفسد هذه الأيام القليلة ".
أحست بأن جميع قراراتها قد ذهبت أدراج الرياح وذابت في مهدها كما يذوب الجليد تحت أشعة الشمس.
قال :
" أعدك بحسن السير والسلوك وسوف أبحث لنفسي عن نهر أو نهرين لمساعدتي على قضاء الوقت في أثناء انشغالك بعملك ".
" تعدني بذلك ؟ ".
فأقسم قائلاً :
" أعدك ".
لحسن حظ جاك ان لم تتمكن آبي من رؤية نظرات عينيه الرماديتين, فبعد بضع ثواني من التردد انعطفت في الطريق مرة أخرى متوجهه إلى مونت دورا ومقهى الفردوس.
كان المكان مزدحماً جداً بالنسبة لمطعم لا يزال تحت الإعداد للافتتاح . وقف تاجر الأسماك مستنداً إلى سيارته المحملة بالأقفاص المغطاة بالثلج الذي أخذ يذوب متساقطاً قطرة تلو الأخرى يدخن سيجارة بصحبة عامل الطلاء بينما وقفت بيتي هوجان مندوبة الغرفة التجارية تبدي إعجابها بأنواع الزهور المزروعة حول المقهى وبجمال اللوحات الفنية التي زينت الجدران وكانت بصحبتها كاندي ميسلاب مندوبة مجلس التنمية الإقتصادية.

Rehana 06-07-21 08:49 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
ارتبكت آبي لرؤيتهما فأسرعت تقول :
" جاك بودي أن أقتلك! خذ السيارة, ابحث لك عن حجرة واتصل بي غداً ".
اعتذرت الفتاة لكل من كانوا في انتظارها واستقبلتهم جميعاً بداخل المطعم ولم تمض لحظات حتى قدمت إليهم مشروب عصير الليمون الذي اشتهرت به.
قالت للمندوبتين :
" استأذنكما لأخبر هاري بطلبيتي قبل أن تطهو أشعة الشمس أسماكه ".
في اللحظة التي أغلقت باب المطبخ فيها خلفها، دخل جاك جالاجار مقهى الفردوس عن طريق الباب الرئيسي للدخول, توقفت الأحاديث فجأة وبدأ جميع من بالمطعم ينظرون إليه وكأنه طائر غريب قد اقتحم منطقة مونت دورا. كان وجهه جميلاً يتصبب منه العرق وقميصه أنيقاً يكاد أن يلتصق بعضلات ظهره وكتفيه البارزتين كاد أن يسد الباب بطول قامته وقوة بنيته. ارتسمت على شفتي جاك ابتسامة رضا بينما وقف يمسح الحجرة ومن بداخلها بنظراته قبل أن يقترب منهم.
بادرته كاندي بقولها وقد سحقتها ابتسامته :
" أنا ... نحن ... المطعم لم يتم افتتاحه بعد يا سيدي ".
اتخذ جاك مقعداً وهو يجيبها :
" أعلم كنت أريد كوباً من الماء فقط ".
فقالت بيتي وهي تهب ناهضة من فوق مقعدها :
" سوف أذهب و آتيك به ".
تبادلت السيدتان نظرات الاستحسان كابحتين انفاسهما لم يسبق لمثل هذا الرجل أن وطىء أرض مونت دورا، قال جاك :
" شكراً لك, جئت من كولورادو ,إنني صديق آبي اسمي جاك جالاجار ".
فتحت آبي باب المطبخ وابتلعت لعابها ثم اقتربت من المجموعة:
" إنني سعيدة بأنك قد عرفت صديقتي بنفسك, كنت أود أن أقدمك إليهما لكنني ظننت أنك كنت متعجلاً في الانصراف حتى تعود إلى الموتيل الذي تنزل فيه ".
أجابها مركزاً بصره عليها :
" هذا صحيح, لكنك أفلت مني بسرعة جداً بحيث لم يتوفر لديك الوقت لتخبريني بمكان ذلك الموتيل ".
رفعت آبي ذقنها قائلة :
" سيكون الأمر أيسر بكثير لو انني أطلعتك على الخريطة, توجد لدي نسخة منها بصندوق القفاز بالسيارة ".
تبعها إلى ساحة الانتظار حيث اشتدت حرارة الشمس فوق الأسفلت وكان الهواء حاراً مثل الحساء الذي فرغت لتوها من إعداده، قالت آبي :
" أود أن تسقط الأمطار الآن فهي تنقي الجو وتنعش كل شيء ".
" لم تذكري لي شيئاً عن شدة حرارة الجو يا حبيبتي ".
" ولماذا كنت أفعل ذلك ؟ لم أتوقع أن أراك ثانية ".
جفف جاك العرق المتصبب من جبين الفتاة بلفتة تفيض وداً و حناناً.
" أية جريمة وقعت ! ".
" أرجوك يا جاك ينبغي علي أن أعود إليهم الآن ".
" أعلم وسوف أذهب من هنا ,هل يمكنني أن أراك في وقت لاحق ؟ ".
" لا أعلم ينبغي أن أمر على والدي لكن السيارة معك ".
قبض على معصمها برقة ولم يتركها.
" اطمئني يا آبي لم آت للإضرار بك ... وإذا كنت تريدين بحق أن أعود إلى كولورادو فأخبريني بذلك الآن وسوف أعود على الفور ".
فقالت هامسة وقد قتم لون عينيها بفعل الرغبة :
" لا ليس هذا ما أريد ".
" حسناً إذن سوف أراك قريباً جداً ".
" غداً ".
" كما ترغبين ".
صعد إلى السيارة و عندما ابتعد بها عادت آبي إلى عملها.

نهاية الفصل

Rehana 07-07-21 09:33 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الخامس

اغلقت آبي باب الدخول الرئيسي للمطعم بالمزلاج في اللحظة التي القت فيها المصابيح الامامية لسيارة الاجرة التي كانت قد طلبتها باضوائها على ساحة الانتظار .صاحت الفتاة دهشة وهي تلتفت حولها لأنها رأت السعادة تطل عليها مثل سمكة ذهبية خارجة من وسط الامواج الهائجة :رأت سيارتها الدودج واقفة تنتظر بوسط الساحة ومن خلف عجلة قيادتها خيال مظلم ينتظر .
اشارت آبي الى سيارة الاجرة بالعودة ادراجها بينما اسرعت هي الى سيارتها .
القت بنظرة الى داخل ,فرأت جاك نائماً ورأسه مستند نحو الامام وقد سقط شعاع ضوء من احد مصابيح الشارع على جزء من رأسه لينعكس فوق خصلة من شعره وزاوية فكه . بدا على قدر من الجمال كبحت امامه انفاسها .ودون تفكير لمست الفتاة وجنته بأطراف اصابعها فقفز على الفور وارتطم رأسه بسقف المركبة .

Rehana 07-07-21 09:34 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قال مزمجراً:
" ماذا؟ , ألم يمكنك إيقاظي؟ ".
فقالت ضاحكة وسعيدة بإحساسها بالذنب:
" آسفة ؟ماذا تفعل هنا؟ ظننت انك نائم بأحد الموتيلات او جالس امام التليفزيون تشاهد برنامجاً ما ".
وقع بصرها في تلك اللحظة على الجرح الذي بجبينه وعلى الدماء المتجلطة في حاجبيه والكدمة التي وجنته وقد تحولت الى اللون البنفسجي .احتقن حلقها خوفاً عليه .
" يا الهي, ما الذي اصابك؟ ".
رمقها بابتسامة عابثة :
" جرح بسيط, اصعدي الى السيارة وسوف اقص عليك مغامرات يومي الاول في فلوريدا ".
" لا اعتقد انني على استعداد لسماعها ".
" لا عليك, ولم اكن انا على استعداد لأن القى مالقيته ايضاً ".
" تحرك الى المقعد الآخر يا جاك ,سأقوم انا بقيادة السيارة ".
انتقل الى المقعد الآخر ومع ذلك شعرت آبي بأن فخذه العضلية تضغط عليها, اصابتها شدة قربه منها بالخجل.
" ما الذي حدث ؟ اهتديت الى حجرة..؟ ".
" اكتشفت نهراً ".
" جاك؟ ".
" اهتديت في بحثي عن حجرة الى بحيرة بوستين شديدة الهدوء وبالغة العمق ...رأيت طيوراً ذوات سوق طويلة تتمشى على الشاطىء على قيد خطوتين من الطريق ".
فقالت آبي هامسة بينما اتخذت السيارة اتجاه السير في الطريق العام .
" انها طيور البلاشون ".
" اعلم طرحت بعض الاسئلة على عدد من الصيادين بشأن البحيرة واحوال الصيد فيها وعن الانهار ووجدت نفسي دون ان ادري انزل قناة دورا في زورق رجل لا اعرفه آبي, كان المشهد رائعاً بتلك الاشجار الكثيفة بحيث تحجب الضوء الساقط فوق صفحة النهر ".
" انها أشجار القرو ".
" نعم اغصانها مكسوة بالطحالب بالشكل الذي نراه في افلام طرزان وضوء الشمس يجعل صفحة الماء متألقة مثل المرايا ".
ثم استطرد قائلاً وعيناه تنطقان مكراً :
" ثم...".
" ثم ماذا؟ ".
" رأيت تمساحاً بهرت به الى حد انني رفعت نفسي حتى أراه بصورة اوضح فارتطم رأسي بأحد فروع الاشجار وسقطت في النهر ".
"جاك ! بحق السماء ! لوكان تمساحاً بالفعل لإلتهمك ".
" كان تمساحاً بالفعل لكن انا الذي اثرت فيه الرعب .فعندما وقع بصره على فأر النهر .هذا ذي العضلات القوية المفزعة الذي اتجه نحوه ضرب الماء بذيله عائداً الى حيث كان ".
مرر اصابعه في شعر آبي , ثم اضاف ضاحكاً :
" لاداعي لأن تقلقي بشأني, لم يحدث لي شيء اكثر من هذا وقد تغلبت عليه بمنتهى السهولة ".
امتدت اصابعه الى ماتحت ياقة ثوبها :
" والآن هل ترين انه يمكنك احتمال صحبتي هذه الليلة ؟ ".
فسألته آبي وهي تنعطف الى طريق غير ممهد تماماً مؤد الى ساحة وقوف الكرافانات البيوت المنطقة على عجلات وتبتسم في الظلام :
" هل لي خيار ؟ ".

Rehana 07-07-21 09:34 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
ثم قالت بعد بضع لحظات :
" ها قد وصلنا ادخل, لأن جيراني لا يحبون الضوضاء, لكنهم مولعون بلعب الورق ولا اريد ان اتيح لهم اسباباً للثرثرة ".
توقف في وسط حجرة المعيشة الضيقة ثم رفع ذراعه ولمس سقفها .
قال وهو ينظر حوله:
" بيتك جميل جداً ".
بدا المكان لها الآن محدوداً جداً, لأنها كانت تراه من خلال عيني جاك.
" اشكرك, اتيحت امامي فرصة تحينتها .اذ كان هذا الكرافان لأحد الصيادين وقد قرر الرحيل بقاربه الى جزر الكاريبي. كنت انذاك اقطن حجرة صغيرة فوق احدى الصيدليات وعندما علمت بالثمن المطلوب اسرعت بسداده والحصول على هذا المنزل الذي ترك صاحبه فيه بعض المتعلقات المتمثلة في عدد من صنارات صيد الاسماك وبعض الادوات المنزلية الاخرى ".
" فرصة العمر لو كان تقديري صحيحاً ".
تأملها جاك بمزيج من المرح والاعجاب وقد هالته مهارتها.
قبض عليها بيديه الكبيرتين جاذباً إياها اليه مستشعراً نعومة جسدها فرفعت الفتاة وجهها نحوه حتى يستطيع تقبيلها قبلها بحرارة لم تعرفها من قبل استسلمت لها فتلاشت معها متاعبها.
قاطعهما صوت مواء ملح واستقرت قطتان صغيرتان عند قدمي آبي.
" احب ان اقدم لك كوكان وشينابان لايحبان ان نتجاهلهما ".
" سوف اذكرهما دائماً ".
" هدوءاً ياعزيزتي, إنني هنا واحبكما ,سوف اعد لكما طعامكما ".
" وانت يا جاك ,هل انت جائع؟ ".
" لاشكراً لك، تناولت شريحة لحم منذ وقت قصير ".
راقبها بداخل مطبخها الصغير ذاهلاً امام حركتها السريعة المتقنة وفتنة وجهها جاد الملامح, قال بنبرة حانية :
" يخيل إلي انني احبك يا آبي ".
فقالت مزمجرة بدلال :
" كلمة شكراً تكفيك ويخيل إلي انني اكثر صرامة مما ابدو عليه ".
لم يجيبها جاك على ذلك إلا بابتسامة عريضة جعلتها تعترض.
" كفى يا جاك, سوف ابحث عن شيء اضمد لك به جرحك ثم نذهب بعد ذلك الى الفراش حيث يستقل كل منا فراشه انتظرني لحظة ".
ثم اختفت بالحمام لتعود حاملة قفازاً طبياً وبعض الضمادات وزجاجة ميكروكروم ,سألته بنبرة جافة :
" تعتني بهذا الجرح بنفسك ام تريد ان اساعدك ؟ ".
" اضع قدري بين يديك حبيبتي ".
بعد ما وضعت الضمادة فوق الجرح اسندت يديها على كتفي جاك طابعة قبلة خفيفة على رأسه فتحين هو الفرصة واخذها بين ذراعية اصابت البهجة رأس آبي بالدوران ومع ذلك استطاعت ان تحرر نفسها من قبضته وهي تضحك وترتعش في ذات الوقت.
اخرجت من احدى الخزائن اغطية فراش ناولته اياها وهي تهمس له قائلة:
" تصبح على خير يا جاك".
ثم دخلت حجرتها . قرع بابها بعد بضع دقائق فأجابته مزمجرة:
" ماذا تريد؟ ".

Rehana 07-07-21 09:35 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال وهو يدخل عليها الحجرة .
" الأريكة صغيرة جداً, لا تتسع لي بحال من الاحوال واذا رقدت بالخارج فسوف اثير تساؤلات الجيران ,ومن ناحية اخرى لا ارى عدلاً في هذه المعاملة .اعتنيت بك عندما جرحت فلا اقل من ان تعامليني بالمثل ".
ترددت آبي برهة بين الرغبة وبين ما تبقى لديها من قبيل التعقل:
" كنت آنذاك اعلم ان شيئاً لن يحدث ".
" آه, حسناً, وكيف؟ ".
" لأن... لأنني كنت واثقة بنفسي ".
" يمكنك ان تثقي بي الآن اؤكد لك ذلك ".
" حسناً, اوافق بشرط ان تكون حسن السلوك ".
ثم جذبت الغطاء حتى عنقها وانتقلت الى حافة الفراش, خلع بنطلونه وقميصه ورقد قريباً منها جداً.
" ابق على جانبك من الفراش! ".
" سمعاً وطاعة يا آنستي ".
سألها قلقاً :
" متى تريدين ان اوقظك ؟ دائماً ما استيقظ قبل مطلع الفجر ".
" في الساعة السابعة .اهم ما في الامر ألا تنسى ذلك, يتعين علي ان اتناول فطوري مع والدي ".
" لاداعي للقلق سأتولى انا هذا الامر ".
اقترب جاك من آبي وطوقها بذراعه مستمتعاً برحيق عطرها الجذاب واستغرقت في النوم على الفور.
استيقظت الفتاة قبل مطلع الفجر بقليل وسمعته يتجول في الحديقة اسرعت الى الخارج حافية القدمين بصوت خافت:
" جاك؟ ".
" آبي, حرصت على ألا اوقظك ".
" لا عليك, الجو جميل اليس كذلك ؟ ".
فقال وهو يتراءى لها وقد ارتدى بنطلونه الجينز ولا شيء غير ذلك:
" وحار ! ".
ثم استطرد بنبرة استعطاف قائلاً :
" النوم بجوارك لم يكن بالأمر اليسير علي ".
ثم جلس بجوارها فوق درجات سلم البيت ولمس وجنتها باصابعه, فاتقدت عينا آبي ببريق اشبه بلمعان النجوم.
" لم يسبق ان جذبني احد الى خارج البيت في مثل هذه الساعة المبكرة ".
قبل عنقها هامساً :
" تجيدين دقة التعبير ".
فأجابته ببراءة :
" وهذه هي المرة الأولى في هذا المجال ايضاً ".
التقت شفاههما في قبلة حارة, احست آبي بعدها وكأنها في مثل وزن الهواء وبرغبة في ان تحلق في الاجواء كما لو كانت في حلم سعيد.
طبع على وجنتيها مزيداً من القبلات وفي اللحظة التي استسلمت فيها آبي له تماماً وارتعد جسدها رغبة وانطلقت من حلقها ضحكة مقتضبة اضاء شخص ما مصباحاً بالمنزل المجاور .
" لقد جانبنا الصواب فيما فعلنا كان جيراننا يتحاورون في موضوع مهم ".

Rehana 07-07-21 09:35 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال جاك مزمجراً بصوت اثقلته شدة الرغبة :
" و ماذا إذن ؟ و ما شأن ذلك بك ؟ ".
" لكنهم جيراني يعرفون من أين اتيت وكيف نشأت في بيت والديّ ومن أجل ذلك فهم معجبون بي ".
" لا أفهم لذلك أدنى معنى يا آبي ".
تساءلت كيف يمكنها أن تقنعه ؟ لم تفكر في ذلك من قبل, أكسبتها تلك السنوات الطويلة من العمل والصراع احترامهم وإعجابهم بها وهذا ما لا يمكنها الاستهانة به.
و بدافع الرغبة في أن يضع حداً لهذا الصمت الرهيب الذي خيم عليهما مد جاك يده إلى ذقنها حيث رفعه برفق ليرمق وجهها بنظراته الحانية وللمرة الأولى في حياتها تمنت لو أنه يمكنها أن تكشف له عن سريرة نفسها لكن بدا ذلك لها مستحيلاً.
وفي ضوء النهار الذي بدا يشرق وبدأت ملامح المنازل المطلية باللون الأبيض الناصع تظهر شيئاً فشيئاً . كان هناك سياج صغير أمام كل من أبوابها وتناثرت الدراجات حول الجدران و مضارب الكرة فوق العشب الأخضر المحيط بالمنطقة بدت البحيرة لامعة مثل دائرة من الحرير الأزرق وأخذ أحد طيور البلاشون يرقص ببطء وكبرياء فوق صفحة الماء فظهرت الدوائر البراقة من حوله ,غمر منقاره في الماء فجأة وأخرجه من الماء حاملاً فيه سمكة تتلوى.
بادرته آبي بسؤالها :
" تشعر بالجوع ؟ ".
" نعم, لكن لا بأس ".
" حسناً ,لأن في بيت والديّ يتناولون الفطور في وقت مبكر جداً هيا بنا إلى هناك ".
لوحت آبي بيدها عندما اقتربا من إحدى القرى قائلة :
" لقد وصلنا عندما كنت صغيرة لم يكن بالمنطقة أكثر من اثني عشر منزلاً وكانت الطرق من تراب وأشجار البرتقال شديدة الخضرة بحيث يظن من يراها أن شخصاً ما قد طلى أوراقها بالشمع, كان ابي يعمل بمزرعة أحد أثرياء جاكسو نفيل, كنا أول من كان لهم صندوق طرد مياه بالمنزل وكنت أتقاضى أجراً من جميع أطفال المنطقة الراغبين في جذبه! ".
" فتاة أعمال حقيقية منذ نشأتك ".
" كنت أعلم أن المال هو المفتاح ".
" مفتاح ماذا ؟ ".
" مفتاح كل شيء, لم يكن متوفراً لوالديّ أو لي: الأمان والوجبات على المائدة والرعاية الطبية لأسنان شقيقتي ".
سألها جاك و هو يمرر يده في شعر آبي الأشقر :
" و ماذا عنك ؟ لقد وهبت أسناناً صحيحة ناصعة البياض وأنفاً جميلاً وعينين زرقاوين فاتنتين وفماً ممتلئاً رقيقاً...".
قالت مقاطعة اياه :
" جاك كنت على وشك أن أحدثك عن هوبر هذه هي كنيسة القرية والبنك ومحل البقالة الوحيد بها وهذا مخزن الأدوية حيث يمكن الحصول على عصير الليمون الصافي الذي يحرق الحلق ويعيد النشاط في أيام الصيف شديدة الحرارة ".
هدأت السرعة لتنعطف في طريق فرعي إلى اليمين تحفه أشجار النخيل القزمة وشجيرات الدخان ,قالت وهي تهبط من السيارة :
" مسكينة هذه الأشجار ,إنها بحاجة ماسة إلى الماء . هل تأتي ؟ ".

Rehana 07-07-21 09:35 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
توجهت آبي متوردة الوجنتين مرتعدة الأوصال نحو باب المطبخ، في اللحظة التي اندفعت فيها فتاة ترتدي البيكيني إلى الخارج. قالت الفتاة دهشة:
" اخيراً وصلت، آه لكن من أنت ؟ ".
سكنت في مكانها تتأمل جاك بعينين ذاهلتين بينما جاء صوت من الداخل يتساءل :
" ما مصدر هذه الضوضاء؟ ".
" أبي ... أمي ! اصطحبت آبي معها صديقاً ".
لم يكن إدخال جاك ذلك المطبخ الصغير أكثر صعوبة من تقديم أسد إلى قطيع من الغزلان, كان والدا آبي صغيري الحجم, نحيفي القوام, أحرقتهما الشمس, لحظت آبي حيرتهما و توترهما أحاطتهما علماً بإيجاز انها قد التقت بجاك في كولورادو لكنها لم تخبرهما بالظروف التي جمعتها به ,وكان ذلك من قبيل العمل على تهدئة أعصابهما واشترك جاك معها في الحديث حيث تحدث عن حياته في الغرب وعن الجبال وعن فندق الصنوبر العملاق.
و تحدثت جانيت بسرعة مائة كلمة في الدقيقة :
" تمارس رياضة التزحلق على الماء ؟ وأنا أيضاً ,هل أخبرتك آبي أنها تتزحلق حافية القدمين ؟ "
" كفى يا جانيت لا اهتمام لديه بمثل هذه الأمور ".
فأجابها جاك و هو يغمز لها بعينه :
" بل إني مهتم بها جداً ".
" لحسن الحظ تعلم أنها تجيد أشياء كثيرة أخرى إلى جانب أعمال المطبخ ؟ ".
تبددت حدة التوتر التي كانت قد سادت الجو ونهض والد آبي :
" ما رأيكم في أن نتناول القهوة في الشرفة ؟ هناك مكان مناسب جداً بين أشجار الصنوبر ".
أشار العجوز إلى جاك بالجلوس فوق مقعد خشبي ثم أمسك بنظارته المعظمة موجهاً إياها نحو الغابة. وضع بعد ذلك يديه فوق ركبتيه وانتظر الجميع القهوة في إبريق كبير تحيط به الأقداح الأنيقة.
سأله السيد كلارك بأسلوب ينم عن عدم سابق حديثه في مثل هذه الموضوعات :
" تحب ابنتي إذن ؟ ".
صاحت به آبي وقد كاد الانفعال أن يقتلها :
" أبي!".
و مع ذلك استطرد الوالد محدثاً جاك :
" هل حدثتك عن نفسها ؟ هذا ما يحيرني إنها فتاة غير عادية. بدونها كنا سنعيش في كوخ حقير بين الأشواك , لقد أخفقت في كل شيء لكن آبي حققت نجاحاً من أجلي ".
صاحت آبي راجية مرة أخرى ويدها فوق ذراع والدها، بينما تلقت عيناها نظرات جاك :
" أبي! ".
" ابنتي, أريد أن يعرف هذا الشاب من تكونين لعلمك إنها لا تصحب رجالاً كثيرين إلى هنا, أتريد قدراً آخر من القهوة ؟ ".
فقالت آبي :
" سأذهب لإحضار المزيد منها ".
تبعها جاك إلى داخل المطبخ , استند إلى الحائط وأخذ يمسح قوام الفتاة النحيل بعيني المتيم قائلاً:
" لا تتضايقي ".
" هذا مستحيل, بل فظيع كيف أمكنه وهو الرجل المتحفظ عادة ".

Rehana 07-07-21 09:36 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال جاك مازحاً :
" إنه خطئي بالتأكيد لابد أن والدك قد رأى البريق الساخر الذي لاح في عيني عند وجودك بقربي ".
وانفجرت آبي ضاحكة :
" حسناً ,إنه خطؤك لا تلق بالاً لما يقولون خاصة جانيت ".
" أراها صغيرة الحجم لكن لا تقلقي سوف تكبر في الوقت المناسب, من المؤكد أن كنت مثلها وأنت في مثل عمرها ".
فأجابت آبي بصدق :
" لا ".
فقال وهو يحتبسها بين ذراعيه :
" إنه من الجيد إذن أن أدخل حياتك ".
أحست مرة أخرى وكأن الأرض تميد تحت قدميها نعم من المناسب أن تتخلى عن الجدية و المسؤولية لحظة تتجاذب فيها أطراف حديث دافىء ممتع مع هذا الرجل الوسيم وتضحك معه وتستمتع بلمساته.
اتقدت عينا آبي الزرقاوان بوميض البهجة :
" ربما كنت محقاً يا سيد جالاجار ".

نهاية الفصل

Moubel 08-07-21 10:17 AM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
في انتظار التكملة

Rehana 08-07-21 01:46 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل السادس

ومع ذلك نسيت آبي أن تستمتع بوقتها على مدى الأيام التالية. لم يبق سوى أقل من أسبوع على إعادة الافتتاح، لذا كان عليها أن تراجع كل الترتيبات المتعلقة بهذا الموضوع مما تطلب منها العمل بأسلوب محموم. سألت جاك ذات يوم:
" لماذا لا تذهب إلى النهر لتستقل زورقاً أو لتصارع تمساحاً؟ ".
فأجابها وهو يدلك وجنتها الرقيقة بذقنه النابت:
" لأن ذلك يبعدني عنك بمسافة كبيرة جداً ".
" اتركني لعملي! ينبغي علي أن أطلب كماً من أسماك البوري واستخدام نادل مساعد والتأكد من أن إعلاناتنا تحقق الغرض المطلوب ".
فقال جاك وعلى شفتيه تلك الابتسامة التي كانت تذوب أمامها وترتجف:
" لا بأس، لكني سأعود في المساء وأدعوك إلى العشاء معي " .

Rehana 08-07-21 01:46 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
اصطحبته جانيت وتيج يوم الثلاثاء لممارسة رياضة التزحلق معهما. ذهب معهما ضاحكاً وعاد ضاحكاً أيضاً لكن بعد أن ظهرت الكدمات الزرقاء بأجزاء مختلفة من جسده وتوترت أعضاؤه وتوجعت.
" يا له من تمرين رياضي، لابد أنني قد طعنت في السن ".
" لكن يا جاك لا يخرج احد من الماء بقفزة واحدة في المرة الأولى التي يمارس فيها هذه الرياضة "
" آبي، كان ينبغي عليك أن تري تيج. يرى أن جاك نابغة ,ظل يتعقبه أينما ذهب مثل كلب صغير ولم يكف عن محاكاته في كل شيء فعله ".
قالت آبي متوسلة:
" إنكما تعطلانني عن القيام بعملي ".
احتضنتها جانيت بحرارة قائلة:
" ألم تشعري بالغيرة, لأنه كان ينبغي عليك أن تواصلي العمل بينما كنا نلهو؟ ".
" تتحدثين عن اللهو! من يسمعك يعتقد أنك وتيج تعتبران جاك بطلاً في طريقه إلى الاختفاء. لا، إنني سعيدة ببقائي هنا والانتهاء من إنجاز حصتي من العمل ".
" كنت محقة، إنها غيور ".
وهنا تدخل جاك حيث وقف بين الشقيقتين قائلاً:
" كفى، تحياتي لك جانيت، وشكراً على الدرس ".
وعندما مضت جانيت وضع يديه بداخل جيب مئزر آبي قائلاً:
" حسناً يا حبيبتي، توافقين على أن تأتي معي إلى قصر البيتزا؟ ".
اسمرت بشرته بفعل التعرض إلى أشعة الشمس فأوحى مظهره بصحة وقوة تكادان أن تكونا محسوستين.
قالت وعيناها ناظرتان في عينيه:
" لست سيئاً إلى هذا الحد ".
طوق خصرها بذراعيه:
" وأنت أيضاً لست سيئة على الإطلاق، وما رأيك في البيتزا؟ ".
فقالت مقترحة:
" يمكنني أن أصنعها بنفسي ".
" لا، من الأفضل أن نتباع واحدة ثم نصنع واحدة فيما بعد في بيتك ".
حملقت فيه دهشة:
" يعن لي في بعض الأحيان أن أتوجه إلى الخارج وألاكم إحدى الأشجار. إنك تبطئين جداً في الاعتراف بأنك تريدينني وإلى أي مدى بحيث تدفعين بي إلى رغبة محمومة ".
أحست آبي بأن مشاعر الحب قد سيطرت عليها، ضغطت جبينها فوق كتف جاك، هل هو صادق فيما يقول؟ لم يسبق لها أن حصلت على أي شيء بمثل هذه السهولة وهذا ما ملأ قلبها تخوفاً.
لم يظهر على مدى الأيام الثلاثة التالية بناء على رغبتها وبحيث يسمح لها بإجراء الترتيبات النهائية ووضع اللمسات الأخيرة. شكرته أثناء اتصاله الهاتفي بها ,لكنها كانت تفتقده إلى حد بعيد بحيث لم يمكنها احتمال آلام فراقه مما أفقدها القدرة على التركيز فسقط من يديها كوبان في إحدى المرات وطبق كبير مملؤ بالسمك في مرة أخرى.
حققت إعادة افتتاح مقهى الفردوس نجاحاً ساحقاً. فتح سيمون وهو مرتد حلته الرسمية وحذاءه الأبيض عشرين زجاجة من أرقى أنواع المشروبات احتفالاً بهذه المناسبة. وقدمت آبي بعض أطباق الفردوس الشهية التي استحوذت على إعجاب الحاضرين مما حدا بهم إلى حجز الموائد على مدى عطلات نهاية الأسابيع التالية.

Rehana 08-07-21 01:47 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
تنقلت آبي مسرعة من مكان إلى مكان تستقبل الأصدقاء وترحب بالزبائن وفضلاً عن إشرافها على لينا وآرشي بالمطبخ تولت بنفسها إعداد الأصناف التي تقدم قبل الطبق الرئيسي. إن النهوض مع مطلع الفجر والأيام التي بدت وكأنها لا نهاية لها وذلك الحجم الجبار من العمل الذي أنجز خلال الأيام الأخيرة، كل ذلك تطلب جهداً جباراً منها ومع ذلك لم تر جاك وكان الوقت يمضي والأيام تنقضي.
أحست آبي بعدم رضا غير عادي واحتوتها رغبة شديدة تفوق مشاعر الجوع والعطش التي استبدت بها " هل هذا هو كل ما أتطلع إليه؟ وهل هذا يكفي؟ " ورددت كل من نبضات قلبها كلمة " لا ... لا! "
أحست بدوار شديد فتشبثت بإحدى المناضد وأخذت تهوي لنفسها بمنشفة.
سألها سيمون:
" ماذا أنت فاعلة هنا يا آبي؟ ينبغي عليك أن تكوني في القاعة تتألقين جمالاً في ثوبك الأخضر الجميل تحاولين إغواء زبائنك؟! ".
فأجابته بنبرة تنم عن محاولة لئلا تغضب منه:
" أفعل ما ينبغي علي أن أفعله، اذهب أنت إلى هناك وأخبرني كيف تسير الأمور؟ ".
" تسير على أفضل وجه ممكن. أعلن ذلك جيداً، واقع الأمر أن أسرتك قد وصلت حالاً ".
احتوتها موجة من السعادة الغامرة. خلعت مئزرها وأسرعت إلى قاعة الطعام كي ترحب بوالديها اللذين كانت علامات الاعتزاز والكبرياء مرتسمة على وجهيهما وقد ارتديا أفضل ثيابهما.
فاضت عيناها بالدموع عند رؤيتهما ضمتهما إلى صدرها ثم همست في أذن جانيت قائلة:
" وماذا عن جاك؟ ظننت أنه سوف يأتي معكم ".
فأجابتها جانيت مبتسمة:
" إنه في مكان ما هناك ".
وقال والدها مداعباً:
" ربما قد اضطر إلى السفر إلى ليزبرج حتى يجد مكاناً لانتظار السيارة. أرى أناساً كثيرين قد حضروا من أماكن متفرقة لتناول العشاء في مطعمك الصغير. إننا ... أنا وأمك وجانيت فخورون بك إلى أقصى الحدود يا ابنتي العزيزة ".
اصطحبتهم آبي إلى منضدة محجوزة لهم بالقرب من النافذة ووضعت أمامهم قائمة أصناف الطعام ثم نصحتهم بتناول بعض المشروبات وتذوق جميع الأصناف المقدمة تلك الليلة، ثم أضافت قولها:
" سوف أعود بأقصى سرعة ممكنة ".
وأسرعت عائدة إلى المطبخ حيث كانت مفاجأة تنتظرها هناك، وجدت جاك ينتظرها بالمطبخ فأسرعت تلقي بنفسها بين ذراعيه:
" لماذا دخلت من الباب الخلفي يا سيدي الغريب؟ ".
" أردت أن أكون معك بمفردي وأن أعطيك هذه ".
وأظهر لها باقة الورود الصفراء التي كان يخفيها خلف ظهره.
" مع خالص تمنياتي بالتوفيق، أحبك آبي ".
جذبته إلى الداخل بالمخزن هامسة:
" ليس أمام مستخدمي ".
ثم وقفت على أطراف أصابعها وقبلت فمه فرد إليها قبلتها محملة بمشاعر رغبة جامحة في اللحظة التي حدث فيها قرع على الباب جعلهما يقفزان.
سألتها لينا:
" تحبين أن أقوم أنا بإعداد الأطباق حتى تتاح لك لحظة فراغ؟ ".

Rehana 08-07-21 01:47 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" لا، إني آتية ".
وطبعت قبلة سريعة على شفتي جاك قائلة:
" أشكرك على كل شيء. سوف يتاح لنا بعض الوقت على الفور ".
فقال:
" نعم، على الفور ".
ونظرة إلى بريق عينيه القاتمتين جعلت قلب آبي يخفق بضربات عنيفة
" افتقدتك بشدة! ".
فأجابته وقد امتقعت وجنتاها:
" وأنا أيضاً افتقدتك ".
دخل سيمون المطبخ وألقى نظرة من حوله. تبادل الرجلان تحية فاترة. كانا قد التقيا مصادفة خلال الأسبوع, لكن كان عدم حب أي منهما للآخر واضحاً ولم يبذلا أدنى جهد لإخفاء هذا العداء.
طلب سيمون من آرشي أن تحضر له صندوق زجاجات مشروبات آخر. ثم التفت إلى جاك مخاطبا إياه:
" حسنا، وما رأيك في حفل إعادة الافتتاح؟ ".
" رائع جهد محمود! أتمنى التوفيق لكليكما ".
" شكراً ,إنك رجل مسالم ."
كان بريق الغضب الذي لاح في عيني جاك واضحاً لكل من يعرفونه، لكن سيمون اكتفى بحمل زجاجتين من الصندوق الذي أحضرته آرشي إليه والعودة إلى قاعة الطعام.
صرت آبي على أسنانها وهي تقول:
" يا له من شريك! ".
أملى جاك على نفسه أن يخفي التوتر الذي لاح جلياً على ملامح وجهه وإن جاء صوته صارماً وهو يهمس لها:
" من الأفضل التظاهر بعدم الفهم لأن ذلك من شأنه أن يحميك ".
ثم ربت وجنة آبي بإصبعه قائلاً:
" لا تسمحي بأن يفسد تصرفه لك هذه الأمسية، الأمر لا يستحق كل ذلك ".
تصرفت الفتاة وفقاً لنصيحته مستمتعة بما تبقى من الأمسية. راود آبي إحساس بأن الفردوس قد فتح أمامها وأن جاك قد دخله معها. وعند منتصف الليل بعد ما ودعا آخر الرواد، استندت آبي على الباب بعد إغلاقه وعيناها تتوهجان سعادة.
" لقد حققنا نجاحاً كبيراً. الجميع يحبوننا ".
كانت مرهقة قليلاً، لكن مشرقة سعادة. فتحت المذياع وافتتحت رقصة هادئة على أنغام الموسيقى حول الموائد. عكست عينا جاك القاتمتان صورة فتاة ساحرة في ثوب أخضر فيروزي سقطت حمالتاه كاشفتين عن كتفين جميلتين. لم يستطع مقاومة رغبته في أن يأخذها بين ذراعيه ويراقصها برشاقة مذهلة تتنافى مع كبر حجمه وقوة بنيته.
وبدا وجه سيمون مثل كتاب مفتوح كتبت الغيرة فيه بكل معانيها ومقاييسها. قال متنهداً:
" إذا لم تصبح لك حاجة إليّ فسأمضي لأنني مرهق ".
فأجابته آبي وجاك على الفور وكانا قد استسلما للرقص على أنغام مقطوعة موسيقية حالمة وعينا كل منهما تنظران في عمق عيني الآخر.

Rehana 08-07-21 01:47 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" تصبح على خير ".
سمع قرع مفاجئ على الباب أجابته آبي على الفور بقولها:
" المطعم مغلق الآن، تعالوا غداً لتناول الغداء ".
زاد القرع حدة وإلحاحاً. تبادلت مع جاك نظرة استفهام توجهت على إثرها إلى الباب حيث فتحته.
وقف بعتبة الباب رجلان يرتديان ثياباً من أرقى محال الولاية على الإطلاق ومع ذلك لم يكن مظهرهما مريحاً جداً.
بادرتهما آبي بقولها:
" إنني آسفة، فالمطعم مغلق الآن ".
وتراجعت نحو الخلف بمقدار خطوة.
فقال أكبرهما سنا ًبنبرة معسولة:
" لكننا مدعوان إلى الحفل وقد أتينا للقاء سيمون ".
خرج جاك من الإضاءة الخافتة حيث وقف بين آبي والرجلين:
" انصرف سيمون وبوسعكما أن تتركا له رسالة ".
" لا مانع من ذلك، أبلغه بأن شريكيه قد قطعا المسافة من ميامي إلى هنا حتى يحضرا لرؤيته وأنهما غير مسرورين لأن الحفل قد فاتهما ".
" سوف أبلغه ذلك ".
" آه ... هل أنت المرأة الصغيرة التي يشاركها المشروع؟ ".
اشتد غضب جاك لكنه اكتفى بأن أخرج يديه من جيبيه وان يثبت نظرته على الرجلين اللذين لم يصمما على موقفهما:
" لا داعي إلى ذلك يا صديق, إننا شريكاه كما أنها شريكته وهذا يوجد نوعاً من العلاقة والروابط بيننا. كل ما نرجوه هو أن نكون أصدقاء ".
" شعور جميل من جانبك ".
فقال الرجل الأكبر سناً وهما يعودان إلى سيارتهما المرسيدس الفضية:
" نعم، إننا رجلان متفاهمان ".
تساءلت آبي:
" يا للفزع! من أين خرجا؟ ".
سألها جاك متحيراً:
" ما الذي تعرفينه عن سيمون؟ ".
" لا اعرف عنه الكثير، عندما اقترح علي مشاركتي طلبت من محامي الاستقصاء عنه، إنه ثري. استثمر أموالاً كثيرة في مجال العقارات ويمتلك مقهى على مستوى رفيع في كي لارجو بدا عرضه لي سخياً فضلاً عن موافقته على أن يترك لي أمر إدارة شؤون المطبخ ".
" وإذا الحال كذلك، فلماذا تسمحين له بالتدخل دائماً فيما تصدرينه من تعليمات، وفي قوائم أصناف الطعام وفي شؤون مستخدميك؟ ".
أحست آبي باضطراب شديد:
" لأنه لا يحترم هذا الجانب من عقد شركتنا ".
فقال جاك بنبرة حادة:
" ينبغي عليك أن تخبريه بأنه إذا استمر في زج انفه فيما لا يعنيه، يعتبر العقد منتهياً بينكما ".
بدأت الفتاة ترتعد:
" أنا من ستكون منتهية! بدون ماله لن يكون لي دولار واحد علماً بأني غارقة في الديون حتى عنقي. من المؤكد أنه ما كان من الواجب أن أقوم بكل أعمال الديكور هذه. لكن ذلك ما كنت أحلم به دائماً و ...".
" اهدئي يا حبيبتي، لا أعني إخافتك...".
وبدأ يمسح الدموع من على وجهها.
" يا إلهي! هذا ما لا يشبهني من قريب أو بعيد. معك أتصرف مثل طفلة صغيرة ".

Rehana 08-07-21 01:48 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال جاك هامساً:
" أعشق فيك طفولتك قبل أنوثتك. دعيني اعتني بك، ذراعاي قويتان بدرجة كافية لأن ادرأ عنك كل خطر يهددك، وهذا من دواعي سروري ".
" إنك شهم يا جاك ".
" لا، لست شهماً بل أناني. ليس أمامي متسع من الوقت يا حبيبتي. سوف اضطر إلى العودة بصفة مؤقتة على الأقل ".
فقالت متعجبة بشدة:
" لا، لا تقل لي ذلك. ليس الليلة على الأقل. هذا ظلم شديد. اضطررت إلى العمل طوال الأسبوع، وحرمت نفسي من الاستمتاع بوجودك هنا. أرفض الحديث في أمر رحيلك. هذا كل ما في الأمر ".
لم تبد أثار الصراع الدائر بداخل جاك إلا على عضلات فكيه التي توترت على نحو واضح.
تظاهرت آبي بأنها لم تلحظ شيئاً بل قالت بنبرة دعابة:
" عطلتي يوم الأحد. ألا يهمك هذا في شيء؟ ".
فقال هامساً وفكاه يعبثان بحلمة أذنها:
" على نحو غامض ".
ضحكت واقتربت منه بقدر أكبر وقد احتوتها واحدة من موجات الرغبة العنيفة التي أصبحت مألوفة لها الآن. قالت هامسة:
" لنطفئ جميع المصابيح، ونعد إلى البيت ".
" على أن نعود إلى بيتي ".
" بيتك انت؟! تعني إلى الموتيل؟ ".
" لا، استأجرت زورقاً مدة بضعة أيام على نهر سانت جونز وسيارة جيب للتنقل بها ".
فقالت ضاحكة:
" لن تتغير أبداً ".
" هل تريدين أن أتغير؟ ".
" لا، لا إطلاقاً ".
أغلقا الفردوس وخرجا إلى ظلمة الليل. قال جاك هامساً:
" أشعر وكأن رئتي مملوءتان بالقطن ".
قالت آبي مؤكدة:
" سوف يتحسن كل ذلك مع سقوط الأمطار ".
جلست بجانبه في السيارة مستمتعة بدفء جسده القوي العضلي الذي بعث فيها الطمأنينة والهدوء. وضعت رأسها على كتفه ولم تكد تحس أنه حملها بين ذراعيه مثل طفلة صغيرة.
فتحت آبي عينيها على حجرة غير مألوفة. كانت بمفردها فيها بينما تسللت بعض أشعة الشمس من خلال النافذة سبحت فيها آلاف ذرات الغبار واهتز الفراش بقدر طفيف.
وإذ تنبهت الفتاة إلى أنها في زورق غادرت الحجرة بحثاً عن جاك. وجدته جالسا إلى منضدة المطبخ يتناول قهوته وهو يقرأ عدداً قديماً من مجلة الرياضة في صور .
بادرته بنبرة رقيقة وعلى شفتيها ابتسامة استحياء:
" صباح الخير ".
كان جاك عاري الصدر لا يرتدي سوى البنطلون الجينز، أشعث الشعر له مظهر من لم ينم على مدى بضعة أسابيع.استقرت نظرته المتعطشة فوق صدرها وخصرها وشعرها الأشقر الكثيف.
جلست آبي قبالته:
" غريب، لم أتبين مدى إرهاقي، استغرقت في النوم في الحال، أليس كذلك؟ ".
ثم عضت شفتها واستطردت تقول:
" حسناً! ما الذي حدث؟ ".
" كالمعتاد يا حبيبتي، لم يحدث أي شيء على الإطلاق ".
لم يكن جاك مازحاً تماماً، فقد أصبح هذا الأمر غاية في الصعوبة عليه. تصاعدت حدة التوتر بداخله إلى حد الانفجار. لم يصبح قادراً على مشاهدة ذلك الفم الذي حال دون أن يرغب غيره ولا هاتين العينين اللتين عكستا له الصورة الوحيدة لتلك التي يحبها قلبه.
قال بإحباط شديد وهو يقذف بقدحه بعيداً عنها:
" ماذا؟ ألا تسقط الأمطار هنا أبداً؟ ".

نهاية الفصل

Rehana 09-07-21 08:01 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل السابع

كان يوم السبت شديد الحرارة والأحد قيظ بحيث كان من الممكن قلي بيضة فوق رصيف مقهى الفردوس .
قرع جاك باب آبي بلحن موسيقى في السادسة صباحاً وبإصرار شديد حتى أيقظها من نومها فزعة صاحت وهي تفتح الباب بقدر طفيف:
" من بالباب ؟ و ماذا تريد ؟ جاك! لكن ما الذى أتى بك إلى هنا الآن ؟ انه يوم راحتي الوحيد والفجر لم يطلع بعد إنك مجنون . اتركني انام ".
دخل البيت واحتواها بين ذراعيه.
" سوف تنامين في السيارة اسرعي بارتداء لباس السباحة سوف نذهب إلى الشاطئ ".
" يوم الأحد ؟ سوف يتهمنا الناس بالجنون لماذا لا نبقى هنا للإسترخاء ؟ ".

Rehana 09-07-21 08:02 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
وقفت على اطراف اصابع قدميها وطبعت قبلة على شفتيه اعادها إليها بحرارة قبل ان يتلقى منها تشجيعاً في صورة ربتة فوق ظهره.
" أتعدينني بذلك ؟ تعدينني! لا يا حبيبتي لو بقينا هنا فسوف تنامين أو تعملين كعادتك بينما لدي مشروعات أخرى " .
لم تمض دقائق معدودة حتى كانا يطويان الطريق متجهين إلى خليج المكسيك . بدد نسيم الصباح الدافئ الرطب ما تبقى من آثار رغبة آبي في النوم والصق قميصها القطني الخفيف الذي طبعت عليه كلمة الحياة شاطئ بجسدها .
عندما ارتدت آبي هذا القميص لم يستطع جاك أن يقاوم رغبة في ان يمرر اصبعه ببطء فوق حروف الكتابة البارزة فصاحت فيه بين نوبتين من الضحك العميق:
" كفى! ".
" لا يمكننى بالتأكيد! ".
وقبل ان تتمكن من ان تقول المزيد كان قد جذبها إليه كي يقبلها عندما تذكرت آبي ذلك احتوتها موجة رغبة تولدت بداخلها وغمرت كل قطعة من كيانها إذا كانت قبلة قد كفت لإثارة كل هذه المشاعر فيها و إذا انتهى هذا اليوم وفقاً لرغبتها فلن يمكنها أن تعود إلى حالتها الأولى أبداً .
بدت آبي مثل ملاك سقطت أولى أشعة شمس الصباح على شعرها الذهبي الكثيف فأكسبته لمعاناً غير عادي مؤكدة نحولة كتفيها ودقة قسمات ذقنها وفكيها بدت عيناها أكثر زرقة من سماء الصيف وأكثر زرقة من جميع الأنهار التى أرتادها جاك . قبض على عجلة القيادة يقاوم رغبة جامحة محمومة في أن يوقف السيارة على الطريق وأن يضمها إليه وسط أشجار النخيل القزمة وأن يمارس معها الحب حتى الموت .
وضعت على كتفيه يداً رطبة:
" ماذا بك ؟ ".
" لا شيء ومع ذلك تحدثي معي ".
" حسناً ... كانت الصالة بأسرها محجوزة أمس و...
"لا, ليس في العمل ".
" حسناً, أقنعت جانيت بالأشتراك في دورتين دراسيتين صيفيتين ".
" لا, ولا عن جانيت ولا عن والديك ولا عن قططك ولا عن شريكك " .
" لم يبق شيء تقريبا ً ".
“ بلى يا آبي العالم بأسره " .
فكرت لحظة ثم التفتت إليه مبتسمة رأت انه محق فيما قال . حدثته عن مذاق البرتقال الطازج حديث القطف وعن شتلات البرتقال التي تعطي ثمرها في غضون عامين إذا تم تطعيمها وتشذيبها على الوجه الصحيح وحدثته عن الصقيع الذي يرغم المرء على إخراج الجرارات ورش المياه فوق الأشجار لحمايتها من تراكم الجليد فوق فروعها وأوراقها وكيف انه لم يعد عدد الرجال القائمين على تشغيل المضخات ليلاً أو نهاراً كافياً مما يترتب عليه موت أشجار البرتقال لكن إذا قدر لهذه الأشجار أن تعيش فلن تعرف آبي شيئاً يفوقها جمالاً في الوجود بأسره, عندما اقتربا من تامبا حدثته الفتاة عن قوارب القراصنة التي كانت تغزو الخليج في شهر فبراير من كل عام لمهاجمة المدينة وعندما توجها نحو تاريون سبرنجز تناول حديثها مطاعم قرية الصيادين اليونانيين باطباقها اللذيذة الشهية .
وطئت أقدامهما رمال الشاطئ قبل التاسعة بسط جاك غطاء فوق الأرض وخلع حذاءه و قميصه.

Rehana 09-07-21 08:02 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
كان جمال صدره الأسمر لا يقاوم بحيث أحست آبي برغبة في ان تمرر أصابعها على هذا الكيان العضلى النادر وهاتين الكتفين العظيمتين وذلك الظهر الإنسيابي الكبير .
أثارت الرغبة في كفيها إحساساً بالحذر بحيث أصبحت ضحية دوار شديد سألها جاك:
" هل انت بخير ؟ ".
" نعم . أرى ان أجلس قليلاً " .
" هذا من تأثير الشمس وفضلاً عن ذلك إنني لم ادع لك الفرصة لتتناولي فطورك. خذي ".
أخرج بعض المخبوزات وبرتقالاً وبعض أصابع الشيكولاتة من حقيبة ظهر كان قد وضعها فوق الرمال .
أكلت آبي كعكة قرفة وقد سعدت بأن رأته قلقاً عليها والذى لم يكن له أساس حقيقي يتعلق بصحتها قالت:
" أؤكد لك أنني سأكون بخير . ماذا أحضرت أيضاً ؟ ".
" قبعتين ونظارتي شمس وزيتاً للوقاية من الشمس " .
" عظيم! من الأفضل أن أدهن لك كتفيك وصدرك قبل أن تصاب بضربة شمس ". تمدد.
رمقها جاك بنظراته طويلاً ثم قال:
" يالها من فكرة عظيمة يا حبيبتي! ".
بدأت آبي أولاً بمسح منطقة الكليتين ثم العمود الفقرى بطوله ثم عظام الكتفين من تحت جلده الانسيابي الدافئ قاومت عضلاته القوية قبل أن تذعن لضغط يديها المرتعشتين قليلاً .
تقلب ليرقد على ظهره ثم قال مازحاً:
" بدأ هذا الجانب يشعر بالوحدة ".
اضطر في ظل حرارة الشمس ووهجها إلى أن يخفض بصره و ع ذلك لمحت آبي بريق الرغبة في حدقتيه. احتفظ بهدوئه واضعاً كلتا يديه أسفل رأسه .
" لاحاجة بك إلى مبررات كي تلمسيني كما تعلمين يكفي ان تتوفر لديك الرغبة في ذلك ".
سكبت آبي قليلاً من الزيت فوق صدره وغاصت أصابعها في الشعر الغزير الذي كسا الجزء الأوسط منه أحست الفتاة بأن قواها تخور وقد حاصرتها حرارة الشمس الساقطة على كتفيها و على رأسها من جهة ودفء جسد جاك من جهة أخرى شعرت وكأنها قطعة من جليد أخذة في الذوبان الذي سوف يكشف عن قلبها الجريح .
نهضت واقفة على قدميها وهي تقول:
" لا تتوفر لدي القدرة الكافية لإتمام عملي " .
فقال جاك هامساً:
" أيتها الحمقاء الصغيرة إنني واثق بأن لديك من القوة ما يكفي لإنجاز هذه المهمة " .
جذبها لترقد فوقه مطوقاً إياها بذراعيه وساقيه حتى يمكنه شل حركتها حتى يقبل فمها الناعم المرحب .
" أحبك ... وأنا واثق بأنك تعلمين ذلك " .
قفز قلب آبي بضراوة بداخل ضلوعها قالت مؤكدة وقد أشرق وجهها سعادة.
" و أنا أيضاً أحبك يا جاك " .
" أعلم ذلك يا حبيبتي وسوف أبذل كل ما بوسعي لإسعادك مدى الحياة " .
تفجر ما يشبه الألعاب النارية بداخل قلب آبي ملأت الفرحة قلبها بحيث لم تعلم كيف تتصرف خلعت قميصها وبنطلونها القصير بأقصى سرعة أمكنتها وأسرعت إلى حافة الماء .

Rehana 09-07-21 08:03 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" هيا! من يصل أولاً يكون الفائز " .
سبحا معاً وقذفا بعضهما البعض بالماء وتبادلا القبلات بمذاق المياه المالحة طوت المياه رغبتهما الجامحة بعد بضع دقائق من السباحة وتظاهرا بالرغبة في اللهو فحسب عندما وضع جاك يديه على خصرها كان ذلك ليحول دون انزلاقها وعندما أطلقت هي بعض الصيحات المتقطعة كان ذلك بسبب احتكاك بعض الأسماك بجسدها وعندما تلامس جسداهما تحت الماء لم تشعر بشيء آخر في الوجود إلا بذلك الجسد العضلي القوي .
تشبثت الفتاة به متخوفة ومبتهجة إزاء شدة رغبتها أحست برغبة موجعة فيه تخلصت من قبضته وقد فاضت عيناها بالدموع ثم قالت متلعثمة:
" سوف ... أخرج إنني بحاجة إلى الهواء " .
" إننا بحاجة إلى أن نمارس الحب يا حبيبتي فذلك شيء طبيعي كصعود المد وشروق الشمس " .
" نعم, نعم رغبتي في ذلك شديدة الآن وعلى الفور ".
ثم أمسكت آبي بذراعيه حتى تخرجه من الماء وهي تقول:
" لنسرع فى البحث عن أحد الموتيلات!"
قاومها قليلاً وهو يضحك من اعماقه:
" من الأفضل أن أسبح قليلاً حتى أستعيد السيطرة على ذاتي ".
دفع برأسه تحت سطح الماء وبينما هو يبتعد تأملت آبي حركته السريعة وقوة ذراعيه اللتين أملتهما رغبته الجسدية .
ارتجفت آبي مسبقاً وهي تتوجه إلى الشاطئ حيث جمعت متعلقاتهما استعداداً للرحيل .
مسحا المنطقة كلها بحثاً عن طلبهما حتى اهتديا إلى موتيل مزود برصيف من أجل الصيادين وعدد من القوارب للإيجار غادر جاك مكتب الإستقبال وبيده مفتاح أظهره إلى آبي عن بعد و على وجهه ابتسامة شيطانية .
" حصلت لنا على غرفة تطل على البحر لأنني أريد لهذا الحدث ألا ينسى ".
أراحت آبي وجنتها على كتفه وبدأت ترتجف فتحول حماس جاك الشديد إلى رقة بالغة .
" هيا حبيبتي و لا تخافي " .
" لست خائفة . إنني مبهورة فحسب ".
قبل جاك مقدمة أنفها واضعاً المفتاح في القفل. فتح الباب فحملها بذراعيه إلى الداخل و إلى الفراش .
***

استيقظا الواحد تلو الآخر بفارق لا يزيد على ثوان معدودة كما لو كان هناك رابط سحرى يؤلف بينهما .
تخلص جاك من قبضتها الرقيقة الناعمة وتوجه إلى النافذة يطل منها . رأى زرقة السماء في مثل صفاء لون عيني آبي وعلى صفحة البحر المتموجة تتبادل الألوان الفيروزي مع الأزرق و الأخضر الباهت ورأى القوارب الطافية بأشرعتها متعددة الألوان فقال مقترحاً:
" هيا بنا آبي لنأخذ جولة في البحر " .
فأجابته آبي متكاسلة:
" عد إلى الفراش ونم قليلاً " .
اتقدت عينا جاك بوميض شيطاني .
" هل مارست الحب على ظهر قارب شراعي من قبل ؟ ".
رفعت حاجبيها:
" أكاد ألا أكون قد مارست الحب من قبل وخاصة على ظهر مركب شراعي " .

Rehana 09-07-21 08:03 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" مادام الأمر كذلك فهيا بنا إلى أحد هذه القوارب ".
فقالت آبي:
" لندخر شيئاً للغد " .
" لا سوف نستهلك كل شيء اليوم " .
لم تمض بضع دقائق حتى كانت تستند إلى حقيبة لوازمها بينما اتخذ جاك مكانه عند دفة القارب ذي الشراع الأحمر الذي استأجراه .
قالت متعجبة:
" إنك فاقد الصواب! ".
فأجابها وهو يطبع قبلة على فمها:
" ومن أجل هذا تحبينني ".
تبعته حيث جلست بالقرب منه مطوقة خصره القوي بذراعها, قبل جاك أذنها وعنقها قائلاً بنبرة استحسان .
" أنت ألذ نساء العالم " .
فأجابته بنبرة مرحة:
" ملوحة الجو هي التي تفتح الشهية " .
أبحرا على طول الساحل على مدى ساعة كاملة تمددت آبي على بطنها فوق مقدمة القارب منتشية بتلك السعادة الغامرة التي احتوتها, لامسها جسد جاك و سمعت أنفاسه المتقطعة واشتمت عبيره الممتزج برائحة البحر وبالعرق وبالزيت الواقي من الشمس لم تشعر من قبل بمثل هذا الإسترخاء والتفتح والنشاط .
" أين نحن ؟ ".
" في عرض البحر مقدماً القارب إلى الشمال, فهمت لماذا تحبين هذه البقعة يا آبي إنها جميلة حقاً ".
" واضح ان الحب الذي تقاسمناه قد فتح لك آفاقاً جديدة وبمناسبة الحديث عن الأفق هل لي أن أهتم بشأن هذه الأمواج " .
تقلبت آبي على أحد جنبيها ثم هبت جالسة فجأة:
" إن الجو ينذر بهبوب عاصفة عاتية من الأفضل لنا ان نسلك طريق العودة " .
" وأنت التي وعدتني بسقوط الأمطار منذ لحظة وصولي " .
" وها هي لايمكنك أن تتصور سرعة وضراوة العواصف التي تجتاح الخليج ثم تنكسر على شبه الجزيرة عائدة إلى المحيط بعد جميع أيام الصيف وفي ذات الوقت لنسرع إلى الشاطئ " .
" لا تقلقي " .
وجه جاك مقدمة القارب نحو الشاطئ بينما تأملت آبي الأمواج القاتمة بعينين مدربتين ومع ذلك كان القارب يندفع مسافة مترين نحو عرض البحر في كل مرة يتقدم فيها مسافة متر واحد في اتجاه اليابسة قال جاك وهو يعيد توجيه القارب:
" يبدو أننا لن ننجح في السير في هذا الإتجاه لذا أرى أنه من الأفضل ان نتوجه إلى تلك الجزيرة ".
بدأت أولى قطرات تتساقط على رأسيهما وأكتافهما انطلق القارب مسرعاً فوق صفحة الماء واقتربت الجزيرة شيئاً فشيئاً وعندما لمس مقدم القارب الشاطئ قفز جاك إلى الأرض جاذباً القارب إلى الرمال حملت آبي حقيبة المستلزمات وعدوا في اتجاه صحبة من أشجار النخيل التي اتاحت لهما الملاذ الوحيد الذي يمكن الحصول عليه هبطت الأمطار غزيرة متخللة سقف النخيل لكنهما لم يصابا بالبلل.

Rehana 09-07-21 08:03 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
استند جاك إلى احد جذوع تلك الأشجار ثم فتح ذراعيه قائلاً:
" لقد نجحنا! تعالي إلى هنا " .
" لا أريد أن أتي إلى هنا بل أريد أن أعود إلى هناك إلى حجرتنا الجميلة مكيفة الهواء إلى فراشنا الفسيح. لا أريد أن أتي إلى هنا أو ابتل حتى عظامي في وسط هذه العاصفة " .
" اقنعي نفسك بأننا نعيش إحدى المغامرات يا حبيبتي " .
" لكننى عشت واحدة منها تواً " .
" إذا كنت تعنين بذلك الحب الذي تقاسمناه فهو مغامرة من نوع آخر " .
سرت فيها موجة ارتعاد من قدميها إلى رأسها لكنها لم تكن متأهبة لها بعد .
" من الذي تحدث عن الحب ؟ ".
" أنا, تعالي لنمارس الحب تحت وابل المطار " .
دوت ضحكة آبي وخارت ركبتاها فتركت نفسها بين ذراعي جاك قائلة:
" افعل بي ما تريد ".
" حسناً ما رأيك لنمارس الحب تحت وابل الأمطار ؟ ".
" كانت المطار ممتعة لكن الرمال لم تكن كذلك ".
فقال هامساً:
" لا تقلقي بشأن الرمال, سأكون لك الغطاء والفراش والبيت ".
وقف هطول الأمطار بعد برهة فذهبا للسباحة في البحر وعندما مالت الشمس للغروب عند الأفق اعادا قاربهما الصغير إلى الماء طوقت آبي عنق جاك وغطى جسدها النحيل جسده .
" أي شيء في الوجود أكثر رومانسية من نزهة في الغسق ؟ أسلوب أمثل لختام يوم مكتمل السعادة " .
قالت ذلك ثم قبلت ذقنه استطردت تقول عندما اقتربا من الموتيل:
" كم ابغض فكرة مغادرة هذه البقعة " .
احتوى جاك وجه الفتاة بين راحتيه مقبلاً شفتيها:
" لن نغادرها بعد يا عزيزتي سوف نبقى هنا الليلة. إنني بحاجة إلى أن اقضي يوماً آخر معك و ليلة حب طويلة وفترة صباحية مريحة وبعد ظهيرة مبهجة ".
" إنني سعيدة إلى أقصى الحدود لكن يتعين على أن أعود ".
" سوف تذهب جانيت إلى السوق بدلاً منك هذه المرة ".
عضت آبي شفتيها حيث كانت تتنازعها مشاعر متضاربة:
" لكن... ".
طبع قبلة على عنقها قائلاً بإصرار:
" لا شيء غيرنا يهم ".
ثم حرك الدفة كي يغير اتجاه القارب توجها نحو العمق مبتعدين عن الموتيل من خلفهما.
" لكن ما الذي تفعله! ".
" من الأفضل لك أن توافقي على طلبي إذا كنت تريدين رؤية الشاطئ ثانية ".
" هذا ابتزاز يا جاك لن يمكنك الإستحواز على قلبي باللجوء إلى مثل هذه الأساليب " .
" جميع الأساليب جائزة لي, ما قرارك ؟ ".
تأملت نظرته الثاقبة وعرض منكبيه ودفء ابتسامته الذي لا يقاوم :
" إنك مستحيل وصلب الرأي ومع ذلك أرى أنني أستحق يوماً آخر بشرط أن تعدني بأن يكون يوم غد مدهشاً مثل اليوم ".
فأجابها جاك بنبرة حانية وهو يوجه مقدم القارب إلى الشاطئ:
" أعدك بذلك " .
و عندما عادا إلى حجرتهما توجه إلى الفراش الكبير حيث رفع عنه الأغطية وغمز بعينه إلى الفتاة قائلاً:
" تعالي إلى هنا! ".

نهاية الفصل

Rehana 10-07-21 06:28 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الثامن

" انظر ذلك الذي فعلته بي يا جاك للمرةالأولى في حياتي لا أرغب في العودة إلى العمل لا أريد أن أرى مقهى الفردوس ثانية فالفردوس هنا...".
ارتسمت على شفتى آبي ابتسامتها العذبة المألوفة وهي تندفع إلى ذراعي جاك الذي أخذ يربت ظهرها الحريري بحنان.
" لن أناقشك في هذا الشأن ياحبيبتي كل ما أريد قوله هو أنني رجل سعيد".
طافت شفتا آبى بعظم ترقوته وطبعتا العديد من القبلات على صدره العاري:
"ظننت أنني لن أعرف اللذة ابداً. خُيِل إليّ أنني سوف أقضي عمري كله في العمل وفي الرغبة في المزيد منه لكن ماعرفته معك شيء رائع لم أكن لأعلم عنه شيئاً ".

Rehana 10-07-21 06:28 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
استندت إلى مرفقها ومررت أصبعاً فوق فكه:
"تعلم أنكَ جميل الطلعة؟".
"أنا ؟ لا ,كبير الحجم أكثر من المألوف وقوي جداً, أما أنت فأشبه بالصيف ببشرتك البرونزية وعينيك الزرقاوين ووجنتيك الخمريتين".
فقالت آبي وقد استبدت الرغبة بها:
"مزيداً...مزيداً...".
أشعلت في جسده نيران الشهوة التي سعى لإطفائها, قبلها بتأن ودفء وعندما ارتويا وضع ذراعه تحت رأسها وربت جسدها بحنان قائلاً:
"اعتقدُ انه من الواجب أن نعود".
فقالت "آبى" هامسة تخفى رأسها تحت الوسادة :
"لا أريد ذلك "
" ولا أنا. لكن ينبغي علي أن أعود إلى بابي و بير, كذلك أعرف شخصاً ما ينبغي عليه التوجه إلى عمله غداً ".
غادر الفراش باسطاً نحوها يداً لكن آبي جذبت الغطاء عليها حتى ذقنها وهي ترمقه بنظرات التحدي:
"لن أرحل من هنا!".
"هيا يا آبي, سوف تمزقيني إرباً صباح غد إذا لم تعودي إلى عملك في الموعد المحدد".
"أعدك بألا أفعل ذلك وكف عن التفكير في كولورادو, لأنني سوف لا أفكر في المطعم. سوف نقضي الوقت في الاستمتاع بحمامات الشمس وممارسةالحب تحت أشعتها ".
لقد أصبحت آبي مختلفة تماماً.
"لكنني كنت سعيداً بـ آبي الأولى..".
"حقيقة ؟ كنت أظن أن لا سحر بها, دائماً في قمة المشاغل مثقلة بكثرة الهموم بحيث لم تفكر لحظة في الاستمتاع بحياتها ".
نطقت عينا آبي المبهورتان بالعديد من التساؤلات فقال جاك غامزاً بعينه:
" لا أقول إنها ليست بحاجة إلى الإسترخاء قليلاً لكنني أحب تلك الفتاة ".
أشرقت آبي عليه بابتسامة عذبة:
" هل هذا صحيح؟ من الأفضل أن أبقى عليها إذن وإنك محق فيما قلت ينبغي عليها أن تعود إلى عملها في السابعة من صباح غد وسيكون من دواعي التعقل أن تعود انت إلى بيتك هذه الليلة حتى تترك لها فرصة للنوم ".
قبل أن يصطحب آبي في طريق عودتهما حملها مرة أخيرة بين ذراعيه وطبع على وجهها قبلاته الحارة.
عاد معها إلى بيتها لكنه تركها تنام في سلام وفي صباح اليوم التالي جلس يراقبها وهي ترتدي ثيابها وتصفف شعرها متيماً بجميع حركاتها ولفتاتها.
قبلته آبي بحنان قبل أن تغادر البيت قائلة:
" استمتع بقدر آخر من النوم. أحبك "
جذبها جاك إليه حيث طبع على وجنتها قبلة أخيرة وتركها تمضي وهو يقول:
"وأنا أيضاً أحبك".
عندما لحق جاك بها فى الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم كانت الفتاة بالعمل لكن عندما رأته فى ذلك القميص المبتل الذى التصق بصدره نسيت أمر السباك وتاجر السماك وأسرعت إلى ذراعيه:
" إنني سعيدة جداً برؤيتك؟ كيف قضيت يومك؟ ".
" ذهبت للقاء ديف وهو حارس مكلف برعاية بعض أنواع الحيوانات فقمنا معاً بمعاونة تمساح ضال يبلغ طوله أربعة امتار على العودة إلى بحيرة دورا ".

Rehana 10-07-21 06:28 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" لكن هذا العمل ينطوي على خطورة جسيمة. لماذا لم تذهب لزيارة عالم ديزني كما يفعل سائر السائحين؟".
فقال مازحاً:
" لأنني لو كنت مثل سائر الناس لما أحببتني إلى حد الجنون إلى لقاء قريب يا حبيبتي ".
" لكنك تعرج يا حبيبي إنك تعرج لن أسمح لك بأن تمضي من هنا قبل أن تروي لي ماحدث ".
" لا شيء على الإطلاق".
وجاءهما صوت سيمون متهكماً:
" ياله من تواضع! يالها من شجاعة! أراهن على أنها سوف تعوضك عنها بقبلة منها ".
اندفع جاك نحوه قابضاً كفيه وكبحت آبي صيحة لهذا اكتفى بأنه ترك قبضته الحديدية تسقط فوق كتف سيمون الذي صاح قائلاً:
" ابتعد عني! إنك تفسد مظهر حلتي وسوف تندم على ذلك, لي أصدقاء لن يسعدك لقاؤهم ".
فضحك جاك في وجهه قائلاً:
" لا غرابة في ذلك لقاؤك ايضاً لا يسعدني, انتبه لنفسك ".
انصرف سيمون من خلال الباب الخلفي وهو يترنح قائلاً:
" يمكنك أن تنتظريني حتى أعاونك في إعداد العشاء ".
فماكان من جاك إلا أن خاطب الفتاة قائلاً:
" معذرة إذا كنت بحاجة إلى أية مساعدة هذا المساء فأنا على استعداد لأن أعود إليك ".
صدرت من آبي ضحكة متوترة مقتضبة:
" لاشكراً لك. غيابه يجعل الأمور أكثر يسراً".
قاطعهما صوت لشخص غير معروف:
"يا آنسة كلارك أحمل إليك طلبية الطماطم هلا ألقيت نظرة عليها؟ ".
قبض جاك على كتفيها:
" اذهبي لمعاينة الطماطم واتصلي بي في حالة الحاجة إلىّ إلى لقاء عاجل ".
رفعت آبي عينيها نحو السماء ثم توجهت إلى عملها سعيدة بأنها تركز على شيء آخر سواه. عندما وصلت إلى بيتها عند منتصف الليل رأت ضوءاً خافتاً ينبعث من حجرة المعيشة, وجدت جاك ينتظرها مستغلاً الوقت في قراءة نبذة عن التماسيح وقد تسربت حرارة الجو إلى الحجرة من خلال إحدى النوافذ المفتوحة.
سألها وقد بدا عليه القلق واضحاً:
" كل شيء على مايرام؟ ".
"نعم وإن كنت قد نسيت مدى صعوبته, لقد أسرفت في تدليلي في هذين اليومين ".
" تعالي إلى هنا. اجلسي أعطيني قدميكِ ".
استسلمت مغمضة العينين للذة تدليك عنيف بدد ارهاقها, بعدما انتهى من تدليك قدميها امتدت يداه إلى ركبتيها ثم إلى جسدها ثم تمدد فوق الأريكة مغطياً إياها بجسده. فقالت بنبرة تنطق سعادة:
" هذا أفضل من أي غطاء ".
وانقضى اسبوع آخر وذات مساء وجدت آبي لدى عودتها ان جاك يجرى اتصالاً هاتفياً بـ بابي.

Rehana 10-07-21 06:29 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أعدت مشروباً ساخناً ثم جلست وبيدها كتاب لكن الذعر استبد بها عندما انهى المكالمة تسللت إلى ذراعيه:
" حسناً ما الأخبار؟ ".
أجابها بصوت متوتر:
" لقد تغيبت أكثر مما كان ينبغي سوف اضطر إلى العودة".
قالت متوسلة وهي تخفي رأسها في صدره:
"لا ترحل الآن ياحبيبي, لا ترحل الآن أرجوك ".
" حسناً يا حبيبتي لاتنزعجي ".
اصطحبها مساء السبت إلى الزورق مرة أخرى وتأخرا في مغادرة الفراش صباح الأحد, قال جاك وهو يقبل عينيها:
" كفي عن أن تزعجي نفسك بشأن سيمون ".
" ليتنى أستطيع ذلك! لكنني في موقف حرج جداً ".
" سوف اتحدث معه في الأمر ".
فصاحت مذعورة:
" لا يا جاك! ما أريده أن يكون مؤدباً دون ضغوط من أحد, لا أطلب موته ".
" لكنني لن أمسه بسوء ".
" الأمر لا يستحق منك كل ذلك يكفيك أن تقطب حاجبيك نحوه فيموت خوفاً. ما من شك في انني سوف اهتدي إلى وسيلة أخرج بها من هذه الورطة بأي شكل ".
" حسناً وما دمت تقولين ذلك...".
التقط نفساً عميقاً:
" آبي ينبغي عليّ أن أعود إلى كولورادو ".
تشبثت الفتاة بعنقه:
" لا, لا , لا أريد ذلك".
احتوى جاك وجه الفتاة بين يديه برفق وقبل فاها .
" ينبغي عليّ أن أرحل يا آبي, هناك طائرة تقلع في الساعة الخامسة وأريد ان استقلها ".
أحست وكأن ثقلاً كبيراً قد جثم فوق صدرها:
" ألا يمكنك البقاء مدة أطول بحق؟".
" إنهما بحاجة إلىّ ".
" وأنا مثلهما أيضاً. انت الذي تبعتني إلى هنا وأصبحت بحاجة إليك الآن, من غير العدل أن تتركني وترحل".
وكفت عن الكلام فجأة عندما استشعرت أنانيتها ثم عادت تقول:
"اعلم انه ينبغي عليك أن ترحل إننى مقدرة ذلك لكن لايمكنك إرغامى على تقبل هذه الفكرة برضا تام ".
أملى جاك على نفسه أن يبتسم:
" أنا نفسي غير متقبل هذه الفكرة لكنني أعدك بالعودة بأسرع ما يمكنني".
صحبته آبي في ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي إلى المطار كبحت دموعها عندما قبلها مودعاً واستطاعت ان تبتسم له أيضاً لكن عندما اختفى عن بصرها اتخذت مقعداً مغطى بالبلاستيك وانخرطت في البكاء دون ان تدرك ان جميع الحاضرين يرون ما يجري وفي وسط نشيجها تقدم شخص ما ينهضها من مقعدها:
" لايمكنني الرحيل ياحبيبتي, سوف يتصرفون بدوني فترة اخرى ".
واصطحبها جاك نحو باب مغادرة المطار. طهت له في مساء ذلك اليوم بعض الأصناف المحببة إليه وتناولا حلو ما بعد العشاء فوق الفراش وكان أحد الأصناف التي تعتمد في اعدادها على الفراولة.
" كم إنني سعيدة ببقائك معي يا جاك تعتقد بحق أن بابي وبير سوف يجتازان الظروف بنجاح؟".

Rehana 10-07-21 06:29 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
"رتبت جميع الأمور هاتفياً هناك بعض الأشخاص من كانساس سيتي ممن استهواهم الفندق سوف يمكثون به شهراً آخر مجاناً مقابل مساعدة بابي فى استقبال وخدمة العملاء".
قالت هامسة وقد استبد بها الندم:
" إنني واثقة بأنهما يفتقدانك ".
" هذا صحيح لكنني كنت سوف أفتقدك بقدر أكبر ".
" وماذا عن بير؟ "
" يقول إن كل شيء يجري بدوني على الوجه المطلوب والأكثر من هذا ان سباق رماث سوف يقام في عطلة نهاية هذا الأسبوع وإذا لم اشترك فيه فسوف يصل هو قبل الجميع إنه واثق بذلك الفوز وهذا يجعله سعيداً للغاية ".
اقتربت آبي بقدرأكبر منه.
" وأنت, هل أنت سعيد؟ ".
" نعم ".
" سعيد إلى أي مدى؟ "
استقرت قبلات آبي فوق وجهه وصدره مثل فراشات رقيقة:
" سعيد جداً فحسب؟ ".
" إنني مغمور في السعادة ".
قرر جاك في مساء اليوم التالي الذهاب لمطاردة أحد التماسيح مع صديقه ديف, كان ذلك الحيوان قد عثر عليه بإحدى البحيرات القريبة من أورلاند حاولت آبي إقناعه بالعدول عن هذا القرار لكنها اضطرت إلى الإذعان لرغبته في أن تذهب بصحبته.
قال جاك وهو يوقف السيارة الجيب بالقرب من سيارة النقل الصغيرة التى أتى بها ديف:
" مكان غريب لأن يوجد فيه تمساح! ".
كان في ساحة الإنتظار بإحدى القرى الصغيرة الجميلة المطلة على البحيرة أجابته آبي يقولها:
" كانت التماسيح أول ما وصل إلى هذا المكان يوجد واحد منها بكل مستنقع في فلوريدا تخرج التماسيح منها للتزاوج في نهاية الربيع وبداية الصيف وفي هذه الفترة وتلك الظروف يصطدم السكان بها".
" الخطأ راجع إلى الحب إذن! وكيف عرفت كل هذه المعلومات عن التماسيح؟ ".
" أنسيت أنني من مواليد هذا البلد؟ ".
ابتسم جاك واقترب منها مطوقاً كتفيها بذراعه. سألته آبي مقدمة إليه شفتيها:
" أهذا آخر مايطلبه المحكوم عليه بالإعدام؟ ".
انفجر ضاحكاً فقالت:
" كل ما أرجوه منك هو أن تتذكر أنك لست بحاجة إلى أن تسبح بسرعة تفوق سرعة التمساح ولا سرعة رفيقك وهذا يكفي لضمان سلامتك "
" غريب جداً! ".
قالت بنبرة أكثر جدية:
" توخ الحذر يا جاك ".
" أهلاً جاك كيف حالك؟ ".
كان ذلك ديف ارتدى زياً باللون الكاكي واضعاً مسدساً عند خصره ومصباحاً مضيئاً فوق جبهته حمل معه أيضاً بندقية صغيرة ولفة حبال.
" ديف... أقدم لك آبي سوف تشاهدنا نعمل ".
" حسناً جداً وهناك جمع كبير من الناس أيضاً ".

Rehana 10-07-21 06:30 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
ظهر في الظلام جمع من الناس من جميع الأعمار التفوا حول حافة المياه متأهبين للمعاونة في عملية القبض على التمساح. قال ديف محذراً:
" سوف نتصرف بسرعة وحكمة، التماسيح من الحيوانات الخطرة فهي ماكرة، سريعة الحركة ومن الممكن أن يبلغ طول هذا التمساح الذي نحن بصدده الآن أربعة أمتار كاملة وأن يزن مائتين وخمسين جراماً ".
أحست آبي بالإحباط وإذ استشعر جاك ذلك قال:
" لا تخافي قمت بمثل هذه العملية ما يزيد على المرات العشر ولا زلتُ سليماً معافى ".
اتقدت عينا جاك بوميض يعكس نفاد صبره سأله ديف بنبرة عصبية:
" مستعد؟ هيا بنا؟ ".
شاهدت آبي القارب يبتعد فوق صفحة مياه البحيرة المُعتمة مُخلفاً وراءه خطاً فِضياً .كادت الفتاة أن تموت خوفاً. سمعت صوت شق المجاديف المنتظم للمياه, خيم صمت تام لم يظهر فيه سوى نقيق الضفادع بين الحين والحين. انتقل القارب إلى موقع كثر فيه الغاب والأعشاب الكثيفة المرتفعة والنباتات المائية الأخرى.
ظل ضوء مصباح جاك ينتقل من مكان إلى آخر أشبه بدورة عملاقة، دوى صوت طلق ناري مفاجئ تبعته صيحة ثم خيم صمت تام. ونقيق الضفادع.عاد القارب إلى الظهور بعد ذلك ورأت آبي التمساح الكبير مقيداً كماقيد فك التمساح بواسطة حبل.صاح ديف في الجميع:
" تراجعوا نحو الخلف جميعاً! "
بينما جذب جاك وديف الحبل بكل ما أوتيا من قوة لإخراج التمساح من الماء وبعد جهود مضنية نجحا في رفعه إلى سيارة النقل. استندت آبي إلى السيارة الجيب وقد هزها ما رأت. لم تعرف إذا كان ينبغى عليها أن تسعد وتهلل أم أن تجلس وتنخرط في البكاء؟ اقترب جاك منها حيث رمقها بإحدى إبتساماته الطفولية التي لايقاوم سحرها.
" أخبرتك من البداية أن كل شيء سوف ينتهى على خير ما يرام كان تمساحاً عملاقاً "
" إنك أحمق ياجاك ولايمكننى احتمال كل هذا ".
وهنا قال ديف:
" إيه ياروميو من الأفضل أن تعجل بالإهتمام بساقك, أقرب مستشفى بشارع 436 ".
تسمرت آبي في موضعها وقد فغرت فاهها واتسعت عيناها تساءلت جزعة:
"هل عضك التمساح؟ ".
" الأمر غاية في البساطة, تولي القيادة ولننطلق الآن ".
عادت الفتاة بالسيارة إلى الخلف حيث سلكت الطريق.
" من الأفضل أن تخبرني بما حدث قبل أن أخنقك ".
ولم يجب جاك ثورتها سوى بإبتسامة هادئة وهو يقول:
" لم يلمسني التمساح قط, اعتقد أن ثعباناً قد لدغني, لكن لاداعي لأن تقلقي فأمامنا متسع من الوقت للوصول إلى المستشفى ".
فأجابته متأثرة:
" لماذا لم نبق بمنزلنا بهدوء وسلام نشاهد مسلسل دلاس مثل جميع الناس؟ ".

Rehana 10-07-21 06:30 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
انطلقت بسرعة كبيرة مكنتها من أن تسبق جميع المركبات التي كانت على الطريق وهي تلقي نظرة عليه بين لحظة وأخرى. رأت قطرات العرق تتكاثر فوق جبينه وشفته العليا:
" هل أنت بخير؟ ".
أجابها متمتماً من خلال أسنان صارة:
" نعم ".
ربت ركبة آبي قبل أن يريح قبضته فوق فخذها .تحول لون وجهه إلى الأخضر وقاوم بصعوبة رغبة في القيء فقالت آبي وهي توقف السيارة أمام مدخل استقبال الحوادث والحالات الطارئة وتستخدم آلة التنبيه على نحو متكرر:
" لقد وصلنا, تحمل قليلاً ".
خرج الطبيب بعد فحص جاك وإجراء ما لزم له ليخبر الفتاة بأنه يتعين حجز جاك بالمستشفى مدة ثلاثة أيام حتى يكون تحت الملاحظة الدقيقة من أطباء المستشفى. اشتد غضبها منه بحيث لم تذرف دمعة واحدة لدى مغادرته قسم الحوادث محمولاً فوق نقالة, أشار إلى الممرضة بالتوقف قليلاً حيث أخبر آبي بنبرة رقيقة:
" إنني بخير حقنوني بمصل مضاد للتسمم وتم عمل كل ما يلزمني من إسعافات وانتهى كل شيء ".
كتفت آبي يديها فوق صدرها وظلت تنظر إليه غاضبة:
" لم ينته شيء جاك, إنك تتصرف بغباء لا يمكنني أن أصدق أنك تخوض مثل هذه المخاطر ".
قال وهو يمد يده نحوها:
" إنني آسف اقتربي مني ".
ادارت آبي ظهرها إليه وأسرعت نحو باب الخروج وعيناها تنطقان بشدة الغيظ صاح جاك من خلفها.
" أحبك! ".
وبدا له أن كلمته هذه قد بلغت قلبها.عندما استقلت آبي السيارة هبطت فوق مقعدها واضعة رأسها على عجلة القيادة وانخرطت في البكاء والنشيج حتى محت الدموع كل حزن وغضب وإشفاق على نفسها, نظرت آبي إلى وجهها في مرآة السيارة وقالت متمتمة:
" حمقاء لم تجيبيه بأنك تحبينه أيضاً وإذا حدث شيء له هذه الليلة؟ وإذا...وإذا... وهناك العديد من الإفتراضات! لماذا لا يتصرف مثل جميع الناس؟ لماذا هو مختلف عن الآخرين؟ ".
وإذ كادت الدموع تحجب رؤية عينيها عادت إلى بيتها بعد قيادة بطيئة للغاية حيث أغلقت الباب من خلفها وأبعدت قطتيها عنها وارتمت فوق الفراش.
استسلمت بعد بضع دقائق لنوم قلق متقطع.

نهاية الفصل

Rehana 11-07-21 08:12 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل التاسع

أيقظتها مواء قطتيها المتواصل. قفزت إلى خارج الفراش واغتسلت ثم اعدت طعام الهرتين ولبست حذائها وأخذت حقيبة يدها ومفاتيحها وأسرعت إلى الخارج تزرر صدر ثوبها.
وصل أول الزبائن إلى مقهى الفردوس قبل أن يتاح لها الوقت الكافي لإعداد وجبة الغداء فقدمت لهم مشروب الليمونادة اللذيذ مع قدر من الفول السوداني المملح.
"أسرعي يا أرشي".
"آه ,لا ,لا داعي لهذه المشاهد! حضرت إلى هنا في موعد وليس خطئي أن الجميع لم يلتزموا! ولم يحترموا مواعيد الحضور المقررة ".
" لست على استعداد للجدال".
"لا أجادل بل أذكر الحقائق".
قالت أرشي ذلك وانصرفت لتختفي في قاعة الطعام. حضر سيمون بعد الغداء:
"حسناً, ما المبلغ الذي تم تحصيله ظهراً ؟".
صرت آبي أسنانها وقالت بنبرة ضيق:
"ليست لدي أدنى فكرة.كل ما أعلمه أنني قد قضيت فترة الصباح كلها في الترتيب والتنظيم والطهي وتقديم الوجبات وأنني بحاجة إلى من يعاونني ,إننا شريكان...ألسنا كذلك؟".
رمقها بابتسامة ماكرة:
" تعتبريننا كذلك. لكن المال مالي وحدي ولا تمثلين أكثر من سبرناقل في هذه العملية. أبديت رغبة في أن يكون المطبخ تحت إدارتك وكانت لك ذلك, لكنني أشعرالآن أن الفردوس لم يصبح له أهمية كبيرة عندك...".
" سيمون لست رجلاً شهماً ".
أمتقع وجهه وشحبت شفتاه.
"ربما لا أكون رتشارد قلب الأسد مثل رجل الثلوج صديقك ولكنني رجل واقعي يا صغيرتي. إنني الواقع والحقيقة! وينبغي عليك أن تعلمي ذلك بدلاً من أن تضيعي في احلامكِ".
رفعت آبي ذقنها إلى أعلى:
"لا شأن لك بذلك".
" أردت مساعدتك فحسب ".
" إنك كاذب! كنت مصمماً على عدم معاونتي وعليك أن تساعدني "
" سوف أعاونك إذا رأيت ذلك. وسوف أقضي بالمطعم الوقت الذي أرى أن أقضيه فيه وليس من حقك أن تعترضي على أي شيء ".
" كيف تقول ذلك؟ هذا المكان ملكي على حد معرفتي.وعلى أي مظهر كنت تبدو وهذا المطعم خاو بلا أي شيء فوق الموقد وبلا عميل يلوح في الأفق؟ ".

Rehana 11-07-21 08:14 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" هذا الوضع أقل من سخرية من موقفك وأنت واقفة على باب مطعمك الصغير مقهى الفردوس إنني أهزأ من هذا المكان ومن مطبخك ومن مشروعاتك التافهة. وليكن في علمك أن لو اغلق فستجدين نفسك امام كوخ حقير تبيعين الفول السوداني ".
شحب وجه آبي تماماً إذا أحست وكأنه قد لطمها. أسكتها الذهول فتجاهلت وجود سيمون دون أن تغادر المكان ولا أن تبدي أي حركة. وعلى الرغم من محاولاتها المضنية للإبقاء على هدوء أعصابها أنخرطت الفتاة في البكاء والنشيج طويلاً مخفية وجهها في منديل مائدة.
كيف سمحت لنفسها بأن ترتكب هذا الخطأ الجسيم؟ لماذا لم يحذرها أحد من هذه العاقبة؟ ولماذا لم يتقدم إنسان لمعاونتها؟ لماذا لا تجد جاك قريباً منها في الأوقات التي
تحتاج إليه فيها؟ وكما لو كان مطلبها قد أجيب فتح باب المدخل في تلك اللحظة فقالت:
"جاك؟ ".
رغم علمها بأنه من المستحيل أن يكون هو ومع ذلك هذا ما تمنته على الرغم من أي إعتبار. أجابتها شقيقتها:
" إنني جانيت ".
مسحت آبي دموعها وأمسكت بإحدى أواني المطبخ وبدأت تغسلها.
" يمكنني مساعدتك؟ ".
" نعم, إذا أردت".
حرصت آبي على أن تولي شقيقتها ظهرها لكن هذه الأخيرة تنبهت إلى ذلك فإقتربت منها قائلة:
" لكنك تبكين! ".
وأجابتها آبي كاذبة:
" إنه البصل ".
" ليس صحيحاً. ما الذي حدث؟ تشاجرت مع جاك؟ ".
" لا, مع سيمون خلاف بسيط ".
سألتها جانيت متنهدة بإرتياح:
" هذا كل ما في الأمر؟ قليل من تدليل جاك لك يمحو آثاركل هذا ".
أغمضت آبي عينيها ومررت جبينها المتصبب عرقاً.
" ليس التدليل ما أنا بحاجة إليه ".
وعندما رأت جانيت عيني شقيقتها تتسعان دهشة إزاء ما سمعت منها استطردت تقول:
" هذا على الأقل ما رأيته في الأفلام السنمائية آبي عليك أن تعترفي بأنه لا يمكنك أن تفعلي كل شيء بمفردك وأنك بحاجة إلى من يقف بجانبك. إذهبي إلى جاك وسوف أتولى مسؤولية المطبخ في تلك الأثناء ".
" إنه بالمستشفى. إشترك في مطاردة أحد التماسيح فلدغه ثعبان ".
صاحت جانت:
" مستحيل! الحالة خطيرة؟ لايمكنني احتمال مجرد فكرة أن يصيبه مكروه. رجل مدهش حقاً ! لا تبكي يا آبي سوف أطلبه لك هاتفياً ".
أوصلتها عاملة السويتش بحجرة جاك:
" ألو جاك؟ لا, إنني جانيت, آبي بجانبي لقد كدت أن أسقط فاقدة الحياة عندما أخبرتني بما حدث. هل أنت متألم جداً؟ سوف أعطيها السماعة ".
وامسكت آبي بالسماعة:
" كيف حالك الآن؟ لا تقلق علي يا جاك. هل يمكنك السيرالآن؟ متى تعود إلى البيت؟ ".

Rehana 11-07-21 08:15 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أسرها صوت كما توضع صدفة فوق الأذن جاك الخافت الأبح. جعلها تهتز من رأسها حتى قدميها. أختفى كل شيء آخر من ذهنها كما توضع صدفة فوق الأذن فيمحوا صوت البحر كل ماعداه من ضوضاء. أحست وكأنها تذوب فيه فتستعيد نشاطها وحيويتها.
" ماذا تقول؟ يوم بعد غد؟ من المؤكد أنني سوف آتي إليك. وربما أمكنني أيضاً المرور عليك قبل موعد العشاء. إنني ايضاً بحاجة شديدة إلى أن آراك! ".
ثم تورد وجهها إزاء إجابة جاك, وقالت متمتمة قبل أن تنتهي المكالمة:
" وأنا أيضاً أحبك ".
راقبتها جانيت مبتسمة فرحة:
" مالذي قلته لك عن التدليل؟ ".
" أصبت مرة في حياتك يا شقيقتي الصغيرة. لكن لا تغتري بذلك. تريدين مساعدتي؟ كما تعلمين يا جانيت اعتقد أن الأمور سوف تعود إلى نصابها ".
غسلت آبي شعرها صباح الخميس وجففته أمام المرآة التي عكست صورة مشرقة لوجهها. تسارعت دقات قلبها منشدة جاك..جاك..جاك..في غضون دقائق معدودة سوف يكون ملء نظرها ولمسها. الإنطلاق بعد كل هذه السنوات من الأمور الصعبة عليها سوف تشعره بحبها له وتؤكد له بالدليل. وسوف يقدر كل مشاعرها وظروفها.
سمعت قرعاً شديداً على الباب ولشدة دهشتها أن وجدت نفسها مواجهة هاري و م.ويلر متعهديها الرئيسيين. سألاها:
" يمكننا أن نتحدث معك دقيقة؟ ".
" إنني...مضطرة إلى الخروج الآن ".
أجابها هاري بإصرار:
" الأمر مهم ونود لو أنك تسمحين لنا بدقيقة واحدة ".
" بالتأكيد, تفظلا بالدخول. أجلسا, تريدان قهوة؟ ".
فأجاباها خافضين نظراتهما:
" لا, شكراً ".
وبدا من م.ويلر بالحديث:
" نريد أن نعرف أسباب إلغائك جميع طلبياتك دون إخطار مسبق بعد كل هذه السنوات من التعامل معا ".
هزت آبي رأسها غير مصدقة:
" أنا ألغيت طلباتي؟ ماذا تعنيان بذلك؟ لا يمكنني أن أواصل العمل بمقهى الفردوس بدون كميات الدجاج ولأسماك التي أتلقاها منكما؟ مالذي حدث على وجه التحديد؟ ".
قال هاري واجماً:
" تلقينا خطاباً بالأمس يفيدنا بأنك توقفت عن الحصول على توريدات منا لأنك اهتديت إلى أسعار أفضل لدى الآخرين. وما كنا لنتوقع معاملة كهذه من قبل صديقة لنا ".
" لكنني لا أزال صديقة لكما ولم ألغي شيئاً. تعلمان جيداً أنني لا أقدم أبداً على فعل كهذا".
" شريكك هو الذي أرسل لنا خطاباً ومعه شيك يغطي كل ما أنت مدينة به لنا ".
فقالت آبي بنبرة المغتاظة:
" أعتبر هذا الخطاب وكأنه لم يكن, عليك اللعنة يا سيمون ".
قابلت نظراتهما بعين التصميم.

Rehana 11-07-21 08:15 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" أنني آسفةجداً, بوسعكما الاستمرار في توريداتكما لي. وسوف أتولى أمر سوء الفهم الذي حدث. وأشكركما على الحضور إليَ في بيتي ".
قال ويلر الذي كان متضايقاً لإضطراره إلى أن يحبطها علماً بما يجري حول تشغيل مطعمها:
" لسنا الوحيدين اللذين تسلما هذا الخطاب ".
كادت آبي أن تموت خجلاً. من هذان الرجلان صديقان لها. رأياها تنشئ الفردوس من لا شيء تقريباً ويحترمانها. رفعت رأسها متوجهة إلى الهاتف وبيدها قلم وإضمامة أوراق. سألتهما:
" بمن ينبغي علي أن أتصل؟ ".
أجرت آبي سبعة إتصالات هاتفية للإعتذار وإيضاح الموقف.كان صوتها صامداً على الرغم من إرتعاش جسدها. وبعدما تركت رسالة غاضبة على آلة الاستقبال الذاتي الملحقة بهاتف سايمون. إنهارت جالسة فوق أحد المقاعد. يا له من صباح فظيع.
تذكرت جاك! جاوزت الساعة الحادية عشرة ولم تذهب إليه. لقد نسيت أمره ببساطة تامة. أية حماقة تلك التي استبدت بها حتى تترك هذا الرجل الرائع الجميل الذي يتميز بكل هذا القدر من الشجاعة والإقدام منتظراً على قارعة الطريق.
أسرعت الفتاة إلى المستشفى ولم يمكنها العثور على جاك به لكنها التقت بلورين جربي تلك الممرضة التي عاونت جانيت على الخروج إلى الحياة منذ ستة عشر عاماً والتي بادرتها بقولها:
"آه , وصلت أخيراً آبي. لم يمكنك اللحاق بالسيد جالاجار ".
" أين هو الآن؟ ".
" حضرت جانيت وأنصرف معها. لم يمكنه الاتصال بك... ".
فقاطعتها آبي بقولها:
" مشاغل العمل ".
وكانت متوترة بحيث لم يمكنها من الاحتفاظ بتحفظها المعتاد.
"هذا ما ظناه. انصرفا منذ برهة طويلة. حدثيني عنه. إنه رجل رائع عالى نحو غير عادي صديقك هذا! ".
حدقت آبي النظر إليها بينما استطردت السيدة تقول:
" تزوجت منذ سبعة وثلاثين عاماً ولا زلت حادة الإبصار. من المستحيل أن يخطئ رجلاً مثله. حقيقة أن طول أهل كلورادو يفوق متوسط الأطوال هنا! ".
أكدت الممرضة حديثها هذا بضحكة ذات مغزى قبل أن تنصرف قاصدة غرفة العمليات.
***
نادت آبي وهي واقفة على الجسر المؤدي إلى القارب.
" جاك؟ ".
ظهر على عتبة الباب مستنداً إلى عكازين أشعث الشعر عاري الصدر.
" صباح الخير! ".
ترددت آبي بين الضحك والدموع.
" صباح الخير ياجاك. يبدو عليك التحسن, سامحني..وقعت لي مضايقات جسيمة في اللحظة التي تأهبت فيها للخروج للقائك صباح اليوم ولم يمكني المجيء إليك بناء على ذلك ".
" لا بأس, إدخلي ".
كان وجهه نتطية الظلال بالكامل بحيث لم يمكنها قراءة عينيه. لكن صوته كان فاتراً للغاية! لابد أن يكون غاضباً.
تبعته إلى الداخل وفي اللحظة التي استدار فيها ليواجهها اصطدم احد عكازيه بمنضدة صغيرة فسقطت زهرية على الأرض, صاح قائلاً:
" يا إلهي ".

Rehana 11-07-21 08:16 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" بالتأكيد. لم تمضي أربع وعشرون ساعة على استعمالي هذين العكازين. وقد حطمت المنضدة المجاورة للفراش وشماعة المظلة وهذه الزهرية أصبحت أشعر وكأنني دب بداخل حظيرة للدواجن ".
" إنني آسفة بحق يا جاك ".
" لماذا؟ أنت من يحمل السعادة في هذا اليوم المعتم. أقتربي مني ".
ثم مد يده إلى وجنتيها يربتها وأسندت آبي رأسها على صدره قائلة:
" اشعر بأن لا أهمية لي على الإطلاق! اخفقت في المجيء إليك في وقت مناسب هذا الصباح وفي ذلك المساء الذي أصبحت فيه لم أخبرك إلى أي مدى أحبك ".
" لاحظت ذلك ".
" بدا الأمر وكأنني قد أردت أن أعاقبك لأنك سببت لي كل هذا الانزعاج والخوف عليك. لكن لو كان شيء قد أصابك لاقدر الله ...".
" لم يصيبني أي مكروه ولن يصيبني ".
"سوف تصيبك التعاسة إذا واصلت خوض المزيد من المخاطر ولا يمكنني احتمال ذلك. كما لا يمكنني احتمال كل هذا الحب الذي أكنه لك ".
استحوذ جاك على فم آبي في قبلة حارة ضمها إلى صره بقوة موجعة. لكن عندما بدا يبتعد عنها قليلاً قبلته ثم عضت ذقنه قبل أن تدلك وجنتها بلحيته النامية. قالت هامسة له:
" إنس ما قلته لك.أحبك إلى حد الجنون ".
" وأنا أيضاً .لكنني سوف أسقط... ".
ثم استند إلى المنضدة. اضجع على أرضية الحجرة وجذبها فوقه.
" والآن إروي لي كل شيء ".
اخفت آبي رأسها في دفء جسده القوي الذي طالما أمدها بالطمأنينة مطوقة عنقه بذراعيها قائلة:
" ضمني إليك يقوة. اخبرتني جانيت بأنني بحاجة إلى ذلك وأنه معاون جيد في مثل هذه الظروف "
" تريدين أن أعاونك فيما؟ "
" لا شيء. لارغبة لي في الحديث. ضمني إليك بشدة. هذا كل ما أطلبه منك ".
وعندما أحس جاك بأن أعصابها قد ارتخت قليلاً همس في إذنها قائلاً:
" حدثيني عما بك".
شعرت الفتاة وكأنها على قدر كبير من الشفافية.
" أريد ان أحدثك فيما جرى خلال هذه الأيام الماضية ".
"إنه لا شيء وقد نسيته تماماً. ماذا هناك غير ذلك؟ ".
" من الصعوبة أن أحدثك فيه ".
" دعيني أحاول أن أشاركك متاعبك يا آبي, تنظمين كل شيء في أطر محددة: أسرتك وعملك وعلاقتك بي. لكن الحياة ليست بهذه البساطة يمكنني أن أعطيك حبي وقوتي. وبوسعي مساعدتك "
" أخشى ألا أتستطيع أبداً أن أقف بمفردي بعد ذلك وأعتمد عليك في كل شيء تقول :إنك ستعود. لكن ما الذي أفعله إذا استعادك الجبل والأنهار مني؟ إنك لا تفتقد بآبي بقدر كبير لأنك تعلم في قرارة نفسك إنك سوف تعود إليه لكن لا يمكنك تتركه, ومن ناحية أخرى لن يمكنني قط أحتمال فكرة أن تتخلى عنه ".

Rehana 11-07-21 08:16 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قبل جاك طرف أنفها:
" حبيبتي...أحب بآبي وأحب جبالي. هذاصحيح لكنني أحبك أكثر منهما وإنني على استعداد للمغامرة بكل شيء من أجل ذلك ".
" لم أكن متأهبة لقائك. لم يحدثني احد قط مثلك. أحبك لكنني لا أعلم.كيف يمكنك احتمال امرأة هذا القدر من صلابة الرأي وسرعة الغضب مثلي؟".
" لديك مشكلات أخرى؟ ".
" سيمون وأنا تشاجرنا معا. وتبينت مؤخراً أنه يتخذ القرارات دون علمي كما لو كنت بلهاء مشهوداً لي لذلك ".
اتقدت عينا جاك غضباً وإن ضل صوته هادئاً:
" هذا ليس صحيحاً, فأنت أكثر من إلتقيت بهن تصميماً وشجاعة. جميع أصدقائك وجميع جيرانك يعلمون ذلك. سوف اتولى شأنه وأسوي لك جميع مشكلاتك معه ".
قال هذه العباراة بنبرة حادة متوعدة جعلت آبي ترتجف:
" لا أرجوك! سبق أن قلت لك. إنه ينبغي أن أتخلص بنفسي من هذه المشكلات. ينبغي علي أن أثبت لنفسي أني قادرةعلى ذلك ".
" لا بأس يا آنسة عناد ".
" والآن ينبغي علي أن أنصرف. أتركني! ".
تقلب جاك ليرقد على إحدى جانبيه مستنداً على مرفقه.
" ينبغي علي أن أكون فاقد الصواب حتى أتركك تمضين. إنك صعبة المراس جداً !".
نهضت آبي عن غير رضا حقيقي ثم قالت مؤكدة وهي تفكر في القرارات التي كانت قد اتخذتها صباح ذلك اليوم.
" سأحاول أن أكون أقل صعوبة. وسوف ترى إنه يمكنني أن أتغير,خذني إلى الشاطئ في عطلة هذا الإسبوع ".
لاح في عيني جاك وميض من عدم التصديق ممتزجاً بالرغبة.
" أواثقة أنت بذلك؟ ".
" نعم. ينبغي علي ان أعود يوم الإثنين للذهاب إلى السوق لكنني بحاجة لقضاء عطلة نهاية هذا الإسبوع معك. على الأقل إذا شعرت بانك بحالة صحية تسمح بذلك ".
فأجابها جاك وقد انفجر ضاحكاً:
" لا تقلقي من هذه الناحية. سوف اعد نفسي لقضاء هذه العطلة كما ينبغي ".

نهاية الفصل

Rehana 12-07-21 12:02 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل العاشر

سألها جاك وهو يستقل مقعده من خلف عجلة القيادة:
" إلى أين نذهب اليوم؟ ".
" إلى كوكوبيتش لو ارتأيت ذلك، إنه على المحيط الأطلنطي الشواطئ ممتازة هناك ويمكننا أيضاً عمل جولة بحرية عندما تنشط الرياح ".
" حسناً جداً، ويمكننا التوقف عند المتجر الذي هناك والذي لا تكف شقيقتك عن الحديث عنه لشراء بعض القمصان التائبة ونظارة شمس، نتصرف وكأننا سائحان ".
ابتسمت آبي له، بدت عيناها الزرقاوان أقل قتامة وتنفس جاك الصعداء.
عندما سلكت السيارة الجيب الطريق المختصر المؤدي إلى كيب كينيدي و تيتوسفيل اشرأب بعنقه بغية استطلاع الموقع ورؤية رصيف السفن، قال:
" ينبغي علينا أن نذهب أيضاً إلى نادي الرماية القريب، أريد أن أشعر بالقوة وبالأرض تهتز من تحت قدمي ".
مررت آبي يدها فوق فخذه قائلة:
" هيا، اشعر بالأرض تهتز من تحت قدميك ".
فقبض بدوره على قدمها محتبساً إياها:
" كف عن ذلك يا جاك، لا يمكنك قيادة السيارة واللهو في آن واحد ".
" أنت التي بدأت، سوف نعود إلى اللهو حالاً، لكن يمكننا القيادة والحديث معاً، أليس كذلك؟ ".
فقالت:
" يبدو ذلك ممكناً ".
استطرد يقول:
" اتصل بابي بي هاتفياً، سقط وأصيب بالتواء بعقبه ورضوض بأجزاء من جسده في أثناء البحث عن البلور، ويقول أنه اهتدى إلى واحدة ممتازة لحظة سقوطه ".
" وكيف حاله؟ ".
" لا بأس، توجه إلى المستشفى بمفرده والآن تقوم تلك المرأة التي من كانساس سيتي والتي سبق أن حدثتك عنها برعايته والعناية به على الوجه المطلوب. لحسن الحظ أنها هناك ".
" تحب أنت أيضاً أن تكون معه هناك؟ ".
قطب جاك حاجبيه وأولى نظراته إلى أشجار النخيل القزمة والمستنقعات الموجودة على الطريق.
" نعم، كان دائماً هناك من أجلي وأنا متغيب عنه الآن وهو بحاجة إليّ. هذا ما يسبب لي ضيقاً وحيرة خاصة في ظل هذه المشكلات التي تواجهينها. لكن من الواجب أن أذهب إليه ".
" ألا يمكنك البقاء هنا أسبوعاً آخر؟ أود لو أنك لا تتركني بمفردي ".

Rehana 12-07-21 12:03 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
فقال جاك وقد فهم مدى الجهد المضني الذي تبذله في سبيل الاحتفاظ بهدوئها:
" موافق ".
أحست آبي بالارتياح. ثم قال لها جاك:
" لا حديث عما يضايقنا ولا عن أي إنسان. تعدينني بذلك؟ ".
" أعدك ".
سقط ضوء الشمس على حاجب الرياح وعلى مقدمة السيارة وعلى طول شريط الطريق. عبرا فوق نهر بانانا وأصبحا في مواجهة المحيط.
لم يكن أكبر محال المنطقة سوى فوضى من الألوان الزاهية ارتادها عدد كبير من الزبائن الذي فاحت منهم رائحة زيت جوز الهند والزيوت والواقية من ضربة الشمس والعرق.
وقبل ان تدرك آبي الذي كان يجري أخذ جاك لوح تزحلق وطلب من البائع الشاب بعض المهمات فأحضر له نظارتين شمسيتين.
أسرعت آبي نحوهما قائلة بنبرة توسل:
" لا تشتر هذا اللوح جاك. أرجوك تذكر إصابة ساقك وذلك الثعبان والتمساح. ومن ناحية أخرى...".
واستطردت تقول بنبرة رقيقة وهي ترمش بأهدابها:
" كنت أظن أنك مشغول بأمور أخرى اليوم يا حبيبي ".
سعد جاك بما سمع فالتفت إلى الشاب رافعاً كتفيه:
" سنشتري المرة القادمة. شكراً لك ".
" تضطرني إلى أن أقول أشياء غير معقولة يا جاك. إنني في غاية الخجل ".
ثم أضافت متهكمة:
" ظننت أننا قد أتينا إلى هنا لشراء قمصان تائبة ".
اشترى لها ثلاثة قمصان تائبة مزينة بالرسوم التي تمثل سباع البحر وأسماك القرش تتزحلق على الجليد أو ترتدي نظارة أو تتزحلق على الماء. أحست آبي بسعادة عامرة وهي تتصور نفسها مرتدية هذه القمصان المزركشة .
نزلا بفندق وردي اللون مكون من خمسة طوابق واقع على حافة الشاطئ وارتديا على الفور لباس السباحة وفي اللحظة التي ارتدت فيها آبي أحد تلك القمصان التائبة أدركت أن جاك يرمقها بتلك النظرة التي تعني أنه لن يمكنه الانتظار دقيقة واحدة ليصحبها إلى الفراش. تلاحقت ضربات قلبها وبدات تحس وخزاً بجسدها.
" أعلم فيما تفكر فيه يا جاك ".
" لا يمكنني ضبط نفسي، إنك جميلة جداً ".
ابتلعت لعابها بصعوبة بالغة:
" كنت أعلم أن هذه الثياب سوف ترفع روحي المعنوية. لكن إلى أين ذهبت قوة شخصيتي؟ ".
فقال جاك وهو يطبع قبلة على شفتيها:
" لا أعلم شيئاً عن ذلك, لكنني آمل أن تكون قد فارقتك لتتخلى عنك برهة ".
كانت الشمس في قبة السماء عندما توجها إلى الشاطئ أخيراً واستأجرا مقعدين طويلين ومظلة باللون الأصفر غرسها جاك في الرمال وفتحها على الفور، ولجأت آبي إلى تلك الواحة من الظلال.
استسلمت الفتاة إلى استرخاء كاد أن يكون نوماً غمرته رتابة ألحان الأمواج المتلاحقة فوق الرمال وصيحات النوارس المحلقة فوق رأسها وأنفاس جاك وضوضاء تقليب الريح صفحات كتابها. ربما كان كل ذلك حلماً جميلاً. دعت الله ألا تستيقظ منه.

Rehana 12-07-21 12:05 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
سقطت قطرة ماء على أنفها. ثم أخرى فوق صدرها تبعهما سيل فوق ساقيها. هبت قافزة تعدو خلف جاك الذي أخذ يعدو نحو المحيط وهي تصيح:
" جاك سوف تدفع ثمن هذا غالياً ".
أسرعت إلى الماء فالتقت بموجة مرتفعة ضربت صدرها وجعلتها تتراجع تحت نظرات جاك العاتية. اقتربت موجة عملاقة أخرى نحو الفتاة التي كبحت أنفاسها وغاصت تحت الماء.
خرجت آبي إلى السطح وهي تضحك وتهز رأسها لتقذف بشعرها نحو الخلف. سبحت نحوه بعد ذلك بحركات رشيقة متناسقة منتظمة اصطدمت ساقاها بجسد جاك. وكانت الشمس ساطعة بحيث لم يسعها سوى أن تغمض عينيها تماماً ومع ذلك كانت تراه وهي على هذه الحال. حملها المحيط وكأنه مهد الريح وجذبها جاك إليه ليطبع على شفتيها قبلة ملحة.
بدأ يسبح نحو الشاطئ ووصله مسرعاً بينما ظلت آبي في الماء حيث سبحت على ظهرها ببطء وتراخ. تقلبت مرة أخرى حيث غاصت في الماء النقي الشفاف وفجأة مر من تحت جسدها جسم معتم سريع الحركة. كان ذلك جاك لكنه سبب لها ذعراً شديداً.
التقت شفتاهما فوق سطح الماء وامتدت يده تربت جسدها. غالبت الدوار الذي احتواها قائلة:
" إنك غريب جداً يا جاك, هناك أناس يحيطون بنا من كل جهة ".
" لا بأس، إنها مجرد نوارس ".
التفت حول نفسها مركزة بصرها على صفحة الماء.
" سوف أخرج من الماء إذا أنه لا يزال هناك وقت كاف لذلك. تعال معي، ليس من الجيد أن تعوم بمفردك ".
رفرفت ابتسامة عابثة على شفتي جاك حيث قال:
" إنني باقٍ في الماء ".
غضبت آبي إلى حد الثورة فانطلقت سابحة نحو الشاطئ لكن موجة عالية عاقت وصولها إلى هناك. كان الماء عميقاً في تلك البقعة بحيث لم تصل قدماها إلى الأرض في الوقت الذي لم يمكنها فيه السباحة. ظلت تحرك ذراعيها في انتظار أن تحملها الموجة التالية إلى مكان قريب من الشاطئ. لكن الفتاة التفتت نحو عرض البحر ورأت رأس جاك القاتم، رأته متسلقاً قمة إحدى الأمواج تاركاً إياها تحمله إلى حافة الماء. قال:
" ليس هذا النهر مثل أنهار كولورادو لكنه ليس سيئاً أيضاً. ألا ترين أنني أتأقلم، كلمة منك جعلتني أخرج من الماء على الفور ".
في الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم اشتدت الرياح بحيث اقتلعت المظلة. ظللت آبي عينيها بإحدى يديها وهي تراقب جاك يعدو خلف المظلة ويمسك بها ثم يأتي ويضعها أسفل أحد المقاعد.
أدركت آبي وجود فاصل من الأمواج القاتمة المتراكمة عند خط الأفق. قالت:
" هناك عاصفة عاتية تتجمع. أيمكنك أن تحضر لي مشروباً مثلجاً من مشرب الشاطئ ".
" يسعدني ذلك جداً ".
كان سقف المشرب مصنوعاً من القش وبه نادلة ذات رسوم على يديها تتحرك مثل سلحفاة. رمقت جاك بنظرات إعجاب سافر وتعمدت ملامسة أصابعه وهي تعطيه كوب مشروبه.
كان المشهد غير عادي بحيث انفجرت آبي ضاحكة ولم يمكنها التوقف. استعادت جديتها وهي تقول:
" هذه الأيام التي قضيتها معك يا جاك تعد حلماً جميلاً. أود ان اهتدي إلى وسيلة تكفل لي سعادة دائمة على هذا المستوى وتجعل من حياتي شيئاً متكاملاً. لأنه في غالبية الأحيان أشعر وكأنني أقصد أكثر من اتجاه واحد في ذات الوقت ".

Rehana 12-07-21 12:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" إنك تبالغين قليلاً في ظنونك هذه. ربما لأنك تطالبين نفسك بما هو فوق طاقتك. ينبغي عليك مساعدة الأسرة لاشك في ذلك. لكن هل ينبغي أن يكونوا محور حياتك؟ وهذا ينطبق أيضاً على عملك ".
" لن تفهمني أبداً. انس أنني قلت لك ذلك ".
فقال جاك مزمجراً:
" لا يمكنني نسيانه، فهو دائماً فيما بيني وبينك ".
فصاحت آبي فجأة:
" يا لها من ملاحظة غير سارة! أشعر أحياناً بانك تصدني كما لو كنت لا أعطيك...".
" لا صلة لذلك بما وددت أن أقوله ".
" ماذا تريد ان تقول إذن؟ هل ترى أن مطعمي وشقيقتي ووالدي يشغلونني بأكثر مما ينبغي؟ ".
حرص جاك على الإبقاء على هدوء أعصابه مما كاد أن يفقده صوابه، قال:
" لا، إنني أتساءل ببساطة كيف أجدك وسط كل هذه المشاغل؟ أريد أن أكون محور حياتك ".
اتسعت عينا آبي دهشة:
" المحور!".
ثم استطردت تقول:
" ألا تصدقني؟ ".
" أريد بحق أن أتمكن من ذلك ".
نهض جاك وقد نطقت عيناه بما يشبه الضيق ثم استدار متوجهاً نحو الدرابزين. سكبت آبي مشروبها وهي تهب ناهضة بقفزة:
" جاك، أرجوك لا تغضب! ".
قطب حاجبيه القاتمين:
" لست غاضباً كما تقولين، أبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً وعشت حياتي بأسلوب مرضي قبل أن التقي بك. كنت سعيداً في وحدتي بالأنهار والجبال. أما الآن فأحبك كما لم أحب أحداً من قبل. أصبحت محور وجودي لكنني لست واثقاً بكوني محور حياتك. ولا يمكنني الانتظار طويلاً حتى أتيقن من ذلك ".
فقالت هامسة:
" إنني آسفة ".
" لست مطالبة بالاعتذار لكن يتعين عليك أن تتخذي قرارك. لا يمكنني البقاء هنا مدى الحياة ".
هدأت نظراته القاتمة الثاقبة فجأة وابتسم لها:
" لكن ليس على الفور. لأنك تبدين في هذه اللحظة مثل كركدنة مشوية ".
قالت:
" سوف اصعد إلى الفندق للاغتسال والتجمل، ما رأيك في ذلك؟ ".
رفع جاك ذقنها والتقت شفاهما في قبلة بالغة الحرارة.
" فكرة رائعة وسوف الحق بك ".
استندت آبي إلى جوار المصعد وأخذت تهوي بقبعتها وهي تحدث نفسها في صمت " قرص أسبرين إنني على استعداد لأن أضحي بأي شيء في مقابل قرص أسبرين " تناولت قرصين من الأسبرين في وقت لاحق وارتدت روباً وعلقت ملابسها المبتلة فوق درابزين الشرفة ثم ألقت بنفسها فوق الفراش " غفوة نوم وسيصبح كل شيء على خير ما يرام " وأغمضت عينيها.

Rehana 12-07-21 12:06 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
أيقظها صوت قرع متواصل. نادت وهي تسرع إلى الباب:
" جاك؟ ".
لكنها لم تجد أحداً بالباب. ألقت في حيرتها بنظرة إلى ساعة يدها فوجدت أنها تشير إلى السادسة. لقد نامت طويلاً، بدأ القرع وكأنه آت من الشرفة. ربما يكون جاك قد اضطر إلى الصعود إلى هناك في أثناء نومها؟
لم يكن ذلك سوى ضربة منشفة مبتلة على الزجاج. فتحت الفتاة الباب المؤدي إلى الشرفة فاجتاحت الرياح الحجرة واعتمت الغيوم القاتمة التي تسبق العاصفة الجو. لم تمطر السماء بعد لكن رأت السحب الممطرة من بعيد فوق المحيط.
لفت انتباهها على نحو مفاجئ ظل رجل وحيد على الشاطئ.
" جاك؟ ".
لكن صيحاتها ذهبت مع الرياح.
أسرعت ترتدي بنطلوناً قصيراً مع قميص تائي وقطعت المسافة عدواً إليه وقد التصق شعرها بوجهها بفعل الرياح.
كان جاك في بادئ الأمر عند حافة المياه وقد غطت المياه قدميه حتى سمانتي ساقيه. مما أوحى لها بأنه قد ظل ثابتاً في مكانه على مدى فترة طويلة يتأمل البحر.
رأت آبي عضلتا فخذيه تنقبض عندما اندفعت موجة نحوه بعنف. قاوم للاحتفاظ بتوازنه وللاستعداد لمواجهة الموجة التالية.
احتوى آبي خوف مجهول السبب. صاحت وهي تقترب منه:
" جاك، جاك، ماذا تفعل؟ ".
وإذ قطعت تفكيره خفض بصره نحوها ثم ابتسم وجذبها إليه وقد بدأ ينظر إلى البحر من جديد. قال:
" أفتقد هذا بحق ".
" تعني أنه لا يوجد في فلوريدا بأسرها مياه شبيهة بهذا البحر؟ ".
فأجابها ونظراته متوجهة نحو العاصفة القادمة نحوهما:
" تعلمين ما أريد أن أقوله، أحب الأشياء المثيرة ".
طوقت آبي خصر جاك بذراعيها ضاغطة جسدها عليه بشدة:
" سوف تتركنني، أليس هذا ما تعتزمه؟ ".
" ينبغي علي أن أرحل، لي أيضاً عمل بحاجة أن أديره، كما يتعين علي معاونة بابي في تشغيل الفندق ثم إنني افتقد الجبال والصخور والوديان المتوحشة. إنني افتقد الرمال والدفء والهواء. فكيف اترك كل ذلك؟ إنني احن إلى هواء الجبال النقي ".
" لن تعود إذن! سوف تنساني، وربما تقتل في مغامرة بأحد الأنهار ".
ابتسم جاك رابتاً وجنة الفتاة:
" هذا ما تريدينه لي؟ ".
" لا تسخر مني ".
" إنك غريبة جداً! قلت لك إنني أحبك ".
" القول ليس كافياً دائماً ".
" كيف تعرفين ذلك آبي؟ لا خبرة لك بهذا المجال ".
ازدحمت قاعة الفندق بالرواد لدى توجههما إلى المصعد وسمعت آبي لدى مرورها كلمات مثل الزوبعة والعاصفة. قال جاك لها بنبرة آمرة عندما بلغا حجرتهما:
" استرخي واصغي إلى نصائح فأر النهر القديم الذي هو أنا، من الأفضل مواجهة الصعاب بهدوء ".
فتحا جهاز التليفزيون وسمعا النشرة الجوية حيث أعلنت هيئة الأرصاد الجوية تأكيدها بأن أولى عواصف الموسم على استعداد للهبوب وأنه من المتوقع أن تكون هناك ثلاثة أيام من الأمطار المتواصلة.

Rehana 12-07-21 12:07 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
قالت آبي:
" سوف اتصل بالبيت حتى أطمئن على أن كل شيء يجري على الوجه المطلوب ".
خلع جاك حذاءه ولباس السباحة:
" حسناً، سوف ادخل للاغتسال ".
بدا جسده من الجمال والفتوة بحيث أخطأت آبي في طلب رقم الهاتف، جلس بجوارها يشاهد التليفزيون. فأثار تلامس جسده لها إحساساً بالرغبة الموجعة. طلبت الرقم من جديد عندما توجه إلى الحمام.
عندما انتهى من الاغتسال وجد آبي مستندة إلى حوض غسيل الوجه تنتظره.قالت:
" هل يمكنني أن أطلب منك خدمة؟ ".
قتم لون وجه جاك ليحاكي سحب ذلك اليوم:
" تريدين أن تعودي؟ ".
" لم يكف سيمون عن طلبي بالبيت، يريد أن يتحدث معي على الفور، تقول جانيت إنه يبدو في مظهر أكثر غرابة من المعتاد و ...".
" ألا يمكن لذلك أن ينتظر حتى صباح الغد؟ ".
" في جميع الأحوال سوف يسقط المطر، ولن نتمكن من الذهاب إلى الشاطئ ".
اقترب جاك منها وأسند جسده العاري المبتل على جسد آبي التي امتقع وجهها خجلاً.
" لم أكن لأفكر في الشاطئ ".
" أعلم أنني اطلب منك الكثير ".
" هذا صحيح، على أية حال أسرعي بإعداد حقيبتك وسوف انتظرك أسفل الفندق ".
غادرا الفندق تحت وابل من الأمطار. سألها جاك بنبرة جافة:
" تفضلين أن أوصلك إلى بيتك أم إلى المطعم؟ ".
" إلى المطعم، طلبت من جانيت أن تخبر سيمون بأنني سأكون هناك حوالي الساعة السادسة. إذا لم نجده هناك يمكننا الذهاب إلى منزلي ونتناول العشاء معاً هناك ".
قالت عبارتها الأخيرة هذه بابتسامة مفعمة بالأمل.
" موافق ".
كانت هناك سيارتان تنتظران بساحة الانتظار الملحقة بـ مقهى الفردوس .
سيارة سيمون وسيارة أخرى لم يعرفا صاحبها. قالت آبي متنهدة:
" أتمنى ألا يكون أصحاب هذه السيارة هم أفراد عصابته القادمين من ميامي ".
فقال جاك وهو يفتح باب السيارة ليتوجه للقاء سيمون:
" ليست هذه سيارتهم. سوف نرى انتظريني هنا ".
غادر السيارة الأخرى رجلان متوسطا العمر في ملابس وسيمة ومظهر جذاب.
" يبدو الأمر وكأنه مهم! ".
فأجابه سيمون:
" إنه مهم بالتأكيد. هل تخرج آبي من السيارة أم نعقد اجتماعنا هنا في ساحة الانتظار؟ ".
التفت جاك نحو الرجلين الآخرين:
" ألا يمكن تأجيل هذا الموضوع حتى صباح الغد؟ ".
تبادل الرجلان النظرات وقد نطق وجهاهما بالدهشة والتوتر:
" أخبرنا سيمون أن الآنسة كلارك تأمل لقاءنا هذا المساء. هل ينطوي هذا على أية مشكلة؟ ".

Rehana 12-07-21 12:08 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
صر جاك أسنانه. أجابهما بلهجة آمرة بينما توجه صوب سيارة آبي. ثم خاطبها قائلاً:
" آبي يمكنك أن تأتي. هذان الرجلان ليسا خطيرين ".
دخل خمستهم المطعم. جلست آبي فوق أحد المقاعد وهي ترمقهما بنظرات الاستفهام ثم قالت:
" تفضلوا بالجلوس، ما الموضوع يا سيمون؟ ".
فأجابها سيمون وهو يتأرجح فوق مقعده:
" بعت نصيبي من المطعم لهذين السيدين ويردان شراء نصيبك أيضاً ".
قبض جاك على كتفه وجعله يتأرجح نحو الأمام:
" تقول ماذا فعلت؟ ".
" بعت نصيبي، وهذا أمر قانوني تماماً. وحصلت على أموالي, تم اتخاذ كافة الإجراءات بمعرفة المحامي ".
نهضت آبي وقد اتسعت عيناها ذهولاً:
" لكن كيف أمكنك أن تفعل ذلك؟ إنه مطعمي وليست لدي أدنى نية لبيعه لأي شخص مهما كان ".
نهض الرجلان مسرعين:
" آنسة كلارك، لقد أوحى إلينا بأنك راغبة في البيع ".
" لقد كذب عليكما. ولن يمكنكما إرغامي على ذلك ".
فهمس جاك لها قائلاً وهو يطوق كتفيها:
" اهدئي ".
لكنها تخلصت من قبضته بعنف وصاحت في الرجلين:
" لا حق لكما في الشراء. وإذا بدرت منكما أدنى محاولة فسوف ألجأ إلى القضاء ".
انتابها ارتعاد واختنق صوتها.
فقال سيمون بأسلوب غائظ:
" اهدئي، أصبحت شرسة مشاكسة جداً ".
أبعد جاك آبي بإحدى يديه وسدد بالأخرى لكمة مباشرة إلى فك سيمون فهوى إلى الأرض مثل جوال مملوء بالبطاطس.
سأله اكبر الرجلين حجماً:
" ما اسمك؟ ".
" جالاجار ".
" حسنا يا سيد جالاجار، لا نريد مشاكل، نريد إنهاء هذه العملية فحسب ".
" حسناً جداً، لماذا إذن لم تطلبا من محاميكما أن يقوم بإعداد عرض شراء مكتوب يرسله إلى محامي الآنسة كلارك؟ ".
" موافقان على هذا الاقتراح، وهذا ما سوف نقوم بتنفيذه. نرجو لكما أمسية سعيدة ".

نهاية الفصل

Rehana 13-07-21 08:50 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الحادي عشر

" كم الساعة الآن؟ "
" لقد سألتني عنها تواً يا آبي . إنها الثالثة صباحاً ولا يمكن الاتصال بمحاميك الآن. ما رأيك في أن نذهب إلى الفراش وننام؟ ".
ظلت آبي تذرع الحجرة بخطاها طولاً وعرضاً.
" اذهب أنت. أما أنا فلا يمكنني أن أنام ".
قال مقترحاً عليها :
" هل تحبين أن أدلكك؟ ".
أجابته بنبرة حادة :
" ليس هذا ما أنا بحاجة إليه ".
" لا تبالغي في تقييم الأمور ".
التفتت نحوه فجأة.
" لأنك لا ترى أهمية لهذه المشكلة. واضح أنه لا يمكننا مقارنة هذا الموضوع بنزول أحمق في أحد الأنهار الضحلة في قارب ".
صرّ جاك أسنانه والتقط نفساً عميقاً:
" آبي ما دمت لم تتسلمي أوراقاً رسمية فإنكِ لا تعلمين ما الذي ينتظرك ".
فقالت بنبرة ضيق :
" ضياع الفردوس هو ما ينتظرني ".
" لا يمكنهم أن يطردوك منه بالقوة ".
انفجرت آبي غاضبة إلى حد مجانبة الصواب :
" حقيقة ؟ لا أعلم لك بهذه الأمور. من المؤسف أن دباً ما لم يهاجم المطعم أو أن زورقاً ما لم تتم إعادته إلى ساحة الانتظار الملحقة به؟ يمكنك بحق أن تناقش الموضوع كخبير ".
شحب وجه جاك تماماً :
" آسف, أعلم أنك منزعجة وأنك بحاجة أن تنفثي غضبك في شخص ما ".
" يالك من نبيل كريم الخلق! ".
" لماذا أنت متحاملة عليّ إلى هذا الحد؟ ".
" لأنك لو كنت موجوداً هنا معي لكنت قد انتبهت إلى ما يجري من حولي. لكنت قد رأيت ما يدبره سيمون لي ".
" هذا ليس صحيحاً! كل ما في الأمر أنك لم تحسني اختيار الشريك ".
فانفجرت آبي تقول :
" إنه خطئي إذن؟ وبسبب حماقتي؟ ".

Rehana 13-07-21 08:51 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" يا إلهي! ليس هذا ما قصدت قوله ".
صاحت وهي تدفعه بكل قواها.
" بلى! وهذا ما يقوله الآخرون. أعتقد أنك كنت تتوقع حدوث ما قد وقع وأن الدهشة كانت من نصيبي وحدي! ".
" آبي لا تسمحي لهذه الواقعة بالإضرار بصحتك. فإن الأمر لا يتعدى كونه مطعماً في رأيي الخاص...".
" لا ! إنه كل ما أمتلك في هذه الحياة ".
اندفع رأس جاك في حركة تراجع كما لو كانت قد لطمته على وجهه :
" آه, نعم؟ ماذا أنتظر ايضاً هنا؟ ".
أدار كعبيه وأغلق الباب بجلبة من خلفه واختفى في صمت الليل، تناولت آبي ثلاثة أقراص أسبرين ولم يمكنها مع ذلك التفكير في أي شيء. لم يصبح هناك أهمية لأي شيء. ظلت تنتظر طلوع النهار حتى يمكنها الاتصال بمحاميها الذي سوف يعاونها ويتم حل المشكلة. أما جاك فسوف يعود. ينبغي عليه أن يعلم أنها لم تعنِ كلمة واحدة مما وجهتها إليه.
وعاد بالفعل في الساعة العاشرة صباحاً. وجدها مستلقية فوق الأريكة ولا تزال مرتدية معطف المطر المبتل الذي كانت قد ارتدته عند مغادرتها المنزل متوجهة إلى المحامي.
جثا جاك بالقرب منها. بدا الشحوب واضحاً عليه لكن عينيه القاتمتين توهجتا بمجرد أن استقرتا عليها.
قال هامساً بنبرة حانية :
" آبي... ".
تمتمت بشيء ما في نومها ثم فتحت عينيها دون أن تتعرف عليه, تنبهت فجأة فصاحت :
" آه, إنني مبتلة تماماً. أتذكر الآن. كانت الأمطار تهطل بغزارة عندما توجهت إلى مكتب المحامي ".
أعطاها جاك منشفة وأخرج لها ثوباً من خزانة الملابس .
" خذي واذهبي لتجفيف نفسك ".
نظرت آبي إليه وابتسامة واهنة على شفتيها.
" ألا أجد لديك أحد قمصانك بمحض المصادفة؟ ".
لاح على وجه جاك شعاع معاناة.
" كنت... كنت أفكر في المرة الأولى ".
" أعلم ما تفكرين فيه ".
وقبل أن تتاح لها الفرصة لأن تنطق بكلمة واحدة أخذها بين ذراعيه وأخذ يستنشق عبير شعرها الرطب.
" أحبك جداً ! ".
ثم دفعها برفق بعيداً عنه. بدت على حالة من الضعف اعتصر لها قلبه لكنه أحجم عن ملاطفتها.
" حسناً. وماذا قال المحامي؟ ".
" إنه سوف يتصل بمحاميهما اليوم. وأن البيع الذي تعاقد سيمون عليه معهما قانوني بكل المقاييس. قال : إنه من الممكن دراسة الموقف لدى تسلمنا صور الأوراق وأنه سوف يعاود الاتصال بي ".
جذبها جاك إليه ثانية.

Rehana 13-07-21 08:52 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" كان بودي أن أتمكن من مساعدتك! ".
تنهدت آبي ولجأت إلى صدره فلمس قمة رأسها بشفتيه.
" سامحني عما بدر مني مساء أمس يا جاك ".
" سوف أرجئ هذا الموضوع ".
" ألم ينته بعد؟ ".
رمقها بابتسامة معبرة.
" ليس بالكامل. لكني سوف أظل على قيد الحياة. وأنتِ. ماذا ستفعلين الآن؟ ".
" لا شيء وها هو أسوأ ما في الأمر. لا يسعني سوى الانتظار والتوجه إلى المطعم ومواصلة العمل وكأن شيئاً لم يحدث ".
ثم استطردت تقول وهي تضرب المنضدة بقدمها :
" يخيل إلي أنني سوف أفقد صوابي ".
" كفي عن التفكير في هذا الموضوع. إنه يوم الاثنين وسوف نتوجه إلى السوق. أمامك عشر دقائق للاستعداد ".
دق ناقوس الهاتف لحظة مغادرتها الحمام بعد الاغتسال. قالت وهي تسرع إلى السماعة :
" سوف أجيبه. ربما يكون المحامي ".
أصغت وقد بدت عليها الدهشة ثم قدمت السماعة إلى جاك :
" المكالمة لك. إنها امرأة ".
قطب جاك حاجبيه وهو يستمع إلى محدثته وقد شحب تماماً، أجاب أخيراً بصوت أبح:
" حسناً. والآن أنهي المكالمة حتى يمكنني الاتصال بالمطار ".
سكن في مكانه لحظة زائغ العينين ثم قال بصوت خافت:
" الأمر يتعلق بـ بابي , دخل المستشفى من جديد بسبب النزيف الداخلي الذي لم يمكن تحديد موضعه في المرة السابقة. أعطيني الدليل. أسرعي! ينبغي علي أن أرحل على الفور. تفهمين, بابي هو كل من لي من قبيل الأسرة ".
ثم اختنق صوته فقالت آبي :
" دعني أطلب الرقم لك ".
" لا, إذهبي مسرعة وأعدي الحقيبة ".
واستند بثقله إلى الجدار وقد تصبب وجهه عرقاً واتسعت الدوائر القاتمة حول عينيه.
" آلو, أريد أن أحجز على أول طائرة متجهة إلى دنفر, الثانية عشرة والنصف. هذه مبكرة جداً. ما موعد الطائرة التالية ساعديني يا سيدتي إنه ظرف طارئ ".
" لكن لماذا لا يمكنك قبول هذا الحجز؟ ".
" أعطيني الرقم... أشكرك ".
وقعت عيناه على آبي وهو يعيد السماعة إلى موضعها وتركز بصره عليها كما لو كانت هي وحدها التي يمكنها معاونته في التغلب على أحزانه.
قال بنبرة آمرة وهو يلتفت نحو الهاتف مرة ثانية:
" اذهبي وأعدي الحقائب! ".

Rehana 13-07-21 08:52 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" آلو, أريد تذكرتين على الطائرة رقم 10 أورلاندو دنفر اليوم...".
ثم كرر هذا الطلب بصوت خافت, لكن آبي ظلت ساكنة في مكانها غير قادرة على أن تتنفس.
أصبحت ملامح جاك في مثل صلابة وجود الحجر. رمقها بنظرة أخرى ثم التقط نفساً عميقاً:
" حسناً, يا آبي ,فهمت ".
فقالت :
" لا يمكنني الرحيل الآن. المطعم والمحاميان ".
" فهمـت ".
ارتسم الجزع واضحاً على ملامح تلك المرأة التي رأى جاك إنها قد غدرت به. قال محدثاً نفسه بأنه لن يطلب منها أبداً بعد الآن ذلك الذي يمكنها أن تعطيه إياه وإذا كان يأمل منها في المزيد فهذه هي مشكلته وحده.
" في النهاية يا سيدتي لا أريد سوى تذكرة واحدة فقط ".
لزمت آبي الصمت التام وهي تراقبه يطلب رقماً آخر.
" إنني بحاجة إلى سيارة أجرى تقلني إلى المطار مطار أورلاندو ".
" حالاً ".
قالت له مقترحة.
" سوف أقوم بتوصيلك ".
" لا , ليس ليست هذه فكرة جيدة من الأفضل لك أن تظلي قريبة من الهاتف ".
تحدث بنبرة متحشرجة على إثر المجهود الذي بذله في سبيل السيطرة على أعصابه. ربت وجنة آبي برقة ثم أضاف :
" سوف أعود عندما يمكنني ذلك ".
وقالت آبي راجية :
" اسمح لي بتوصيلك إلى المطار ".
" لا يا عزيزتي. أنصاف الحلول لن تجدي أياً منا ".

نهاية الفصل

Moubel 13-07-21 10:20 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
في انتظار التكملة

Rehana 14-07-21 10:22 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
الفصل الثاني عشر

إلى اي مكان غير مقهى الفردوس يمكنها أن تذهب؟ لا مكان غيره له مثل مكانته من نفسها. لكن عندما وصلت إلى هناك انقلبت أفكارها رأساً على عقب. لم يصبح كل ذلك في نظرها سوى مطبخ في مطعم صغير أنيق ببلدة صغيرة جميلة من بلدان ومدن فلوريدا ولا شيء غير ذلك. أحست آبي بأنها تفيق من حلم ظلت تلاحقه على مدى سنوات.
حلم لا محل فيه للفقر ولا للخوف باستثناء أنه لم يصبح الخوف بل الحب هو الذي يملأ قلبها. لم تصبح هناك أدنى أهمية في الوجود إلا لـ جاك . فهو كل شيء بالنسبة إليها.
لم يصبح هناك أحد يمكنها أن تتصل به سوى أسرتها. أحست بأنها بحاجة شديدة إليهم على الفور.
عندما وصلوا عانقتهم الفتاة بحرارة شديدة وصلت إلى حد العنف أثارت في نفوسهم جزعاً وقلقاً قائلين. سألتها جانيت :
" ما الذي حدث؟ ".
" كارثة! باع سيمون نصيبه دون علمي ولا أدري هل سوف يمكنني ان أمنع عملية الشراء هذه؟ بابي بالمستشفى وسافر جاك إلى كولورادو من أجله ".
سألت والدتها بنبرة متحيرة:
" ولم تسافري معه؟ ".
هزت آبي رأسها نافية وابتسمت بخجل:
" لست دائماً على مستوى الذكاء الذي افترضه في نفسي يا أمي ".
وقالت جانيت :
" وربما أن هذا راجعاً إلى شدة انشغالك بنا وقلقك علينا فأخبرينا كيف يمكننا مساعدتك ".
فقالت آبي متمتمة:
" شكراً ".
وفي لمح البصر كلفت كلا منهم بعمل معين. أرسلت جانيت إلى السوق. وتولى والدها مسؤولية دفاتر الحجز واستقبال الزبائن. ووالدتها. الهاتف وبعض الأقارب مسؤولية التعامل مع الموردين.
" إذا اتصل المحامي فقولي له: إنني سوف أعود قريباً. لأن هذا الموضوع يتعلق بالعمل وليس بحياتي يا أمي ".

Rehana 14-07-21 10:23 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
وإذ تركت آبي جميع الأمور في أيد أمينة محبة أسرعت إلى بيتها حيث وضعت بعض الملابس بحقيبة صغيرة. واسرعت إلى المطار.
لم تبق سوى رحلة واحدة إلى دنقر في ذلك اليوم. هنأت نفسها على حصولها على آخر مكان بهذه الرحلة ثم بدأت تفكر في جاك بكل قواها. لكن الأمور لم تجر طبقاً لما كان مقرراً لها. توجهت الطائرة إلى الممر لكن لم يمكنها الإقلاع بسبب عطل ميكانيكي بسيط. بدأت حرارة الجو تشتد بداخل الطائرة بحيث توتر الجالس بجانبها وبدا طفل صغير في البكاء. أما آبي فتصبب من وجهها العرق البارد.
" يا ترى هل جاك بالمستشفى أم بالفندق؟ وكيف حال بابي ؟ ".
أقلعت الطائرة بعد ساعة تأخير وعجزت في دالاس عن مواصلة رحلتها فاضطرت آبي إلى قضاء ليلتها فوق مقعد من البلاستيك في صالة الانتظار. كانت أولى الطائرات المتوجهة إلى دنفر كاملة العدد, لكن آبي تمكنت من الحصول على مكان على متن الطائرة التالية.
تعقد شعرها واحتقنت عيناها والتصقت ملابسها بجسدها. استأجرت سيارة في مطار دنفر وسلكت الطريق السريع.
شعرت بالطمأنينة لرؤية الجبال لأنها بدت واقعية وقريبة منها جداً كما سوف يكون جاك في القريب العاجل.
مسحت الفتاة منطقة آستيس بارك بحثاً عن المستشفى ونظراتها تتابع أسماء شوارع غير معروفة لها. اشتدت سرعة ضربات قلبها وهي تتوقف في طريقها أمام مقهى كي تستفسر عن الطريق وتتناول مشروباً غازياً سريعاً. كان المستشفى على قيد خطوتين من ذلك المقهى.
سألت مسؤول الاستقبال:
" السيد ستاوت بابي ارجوك... الأمر مهم، أريد أن أراه ثانية واحدة. إنني إحدى صديقاته وقد وصلت من فلوريدا حالاً ".
" ليس هناك ما يدعو إلى التوتر يا آنستي. السيد ستاوت بالحجرة رقم 17 وإنني واثق بأنه سيكون سعيداً بأن تكون له صحبة ".
سألته آبي بصوت قلق مرتعد:
" هل تعني أنه بخير وأنه يمكنني رؤيته؟ ".
فقال:
" بالتأكيد, إطمئني ".
صعدت آبي الدرج وقرعت باب الحجرة رقم 17.
" السيد ستاوت ؟ بابي؟ أتسمح لي بأن أدخل؟ ".
بذل الرجل المسن جهد مضنياً كي يرفع رأسه ثم لوح بيده الواهنة.
" آبي ! يا لها من مفاجأة. إنها مفاجأة بحق ".
فهمست له وقد احتقن حلقها:
" بابي, آسفة إنني قد تأخرت جداً في المجيء, هل أنت بخير؟ ".
" سوف يكون كل شيء على ما يرام يا صغيرتي. كل ما في الأمر أن أحد الضلوع قد اخترق رئتي وسبب لي جزعاً شديداً. لكن لا تقلقي لم يزل أمامي أشياء كثيرة لأنجزها وأماكن عديدة لأراها ".
رمقته بنظرة خاطفة, قال:
" لا أعلم لماذا يبدو زائري بحالة اسوأ مني. تفهمين ما أعنيه؟ ".
فقالت خافضة بصرها:
" ربما ".

Rehana 14-07-21 10:29 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
" حضر جاك إلى هنا أمس وصباح اليوم. بدا مكتئباً للغاية. أصابني سوء حاله بتوتر شديد دفعني إلى أن أطلب منه أن يتركني ويمضي. إذا كان يهمك أن تعلمي... فقد ارسلته إلى أحد الأنهار. هذا هو المكان الوحيد المحبب بالنسبة إليه ".
فقالت آبي متنهدة:
" لا ليس النهر. إلى أي نهر أرسلته يا بابي ؟ ".
" ينبغي عليكِ أن تسألي بير عنه ".
فقالت متنهدة وهي تتذكر ذلك اللقاء به:
" بير ؟ ".
" إنني قلق جداً. لا شيء سهل في هذا العالم. اليس كذلك يا صغيرتي؟ ".
صافحت بابي :
" لا. لكنني صلبة جداً. والآن وقد عرفت ما أريد لن يستطيع شيء أن يعوقني ".
ضحك بابي وهو يراقبها تبتعد قائلاً بصوت خافت:
" يا لهما من قرينين مدهشين! ".
تركت آبي سيارتها تنتظر أمام محال زورق المياه البيضاء وكان مزدحماً بالسائحين. لمحها بير وهي تقترب من المنضدة.
" صباح الخير يا بير , إنني أبحث عن جاك ".
" إنه غير موجود ".
" أعلم, على اي نهر أجده؟ ".
فأجابها وهو يلتفت إلى العميل التالي:
" لا أعلم ".
أمسكت آبي بقميصه دهشة من جرأتها أكثر منه.
" بل تعلم جيداً, وسوف تخبرني حالاً وإلا فسوف أحدث جلبة شديدة يتم إخلاء هذا المكان على إثرها في غضون ثوان معدودة ".
" إنكِ فتاة شديدة التوتر ".
" بل يائسة ملحة ".
" حقيقة؟ لست الوحيدة. لكن جاك صديقي ولا أدري. هل يريد أن تعرفي مكانه أم لا؟ ".
ارتعد صوت آبي وهي تجيبه:
" لا أنا ولا بير يعرف ذلك لكنني واثقة بأنني أريده وينبغي علي أن أبذل محاولة للاهتداء إليه. وعليك أن تعاونني في ذلك ".
تأمل وجهها بحثاً عن أية علامة أو إشارة كما اعتاد أن يفعل في تكهنه بحالة الجو أو البحر. قال:
" سوف نذهب إليه. استقلي السيارة الجيب ".
سألته:
" إلى أين نحن ذاهبون؟ ".
" إلى بولدر كريك, لا تزال هناك فرص لنزول الماء ".
وقفت مجموعة من الرياضيين يحتسون المشروبات المثلجة عند حافة الماء في انتظار النزول التالي, لكن جاك لم يكن بينهم.
" هل رأى أحدكم جالاجار ؟ ".
" لقد انصرف تواً. ويسعدنا أننا قد تخلصنا منه, إنه شديد الغضب والاكتئاب ".

Rehana 14-07-21 10:31 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
 
سأل وهو يشير إلى آبي :
" هل يريد أحدكم نزول النهر مع هذه المرأة؟ ".
قالت آبي مذهولة:
" ماذا ؟ ماذا ؟ ألحق به على صفحة الماء؟ "
" لا بديل عن ذلك ما دمت تريدين أن تريه الآن ".
أغمضت آبي عينيها ورفعت قلبها نحو السماء مستسلمة لهذه الفكرة, قالت:
" في أي قارب أذهب؟ ".
عندما غادر القارب الشاطئ أغمضت الفتاة عينيها بكل قوتها.
" لا داعي للتوتر الرحلة سهلة ".
لكنها اندفعت إلى عمق القارب تطلق الصيحات المكبوحة مع كل اهتزازة. وبعد فترة قصيرة قال المرشد:
" يمكنني أن أراه ".
دققت آبي النظر نحو الأمام. فرأت ذلك الرأس القاتم والكتفين والظهر القوي. صاحت متجاهلة كل شيء آخر.
" جاك ؟ ".
استدار وقد أخفق في ترك مجدافيه. قرأت آبي على شفتيه كلمة " يا إلهي "! ولم تتمكن من أن تكبح ضحكها.
" جاك أريد أن أتحدث معك ".
برزت عضلات ظهره وكتفيه تحت وطأة الجهد الذي بذله في سبيل تهدئة سرعة القارب كما حدث في المرة الأولى التي رأته فيها، اقترب قارباهما كل من الآخر. صاح متسائلاً:
" ماذا تفعلين هنا؟ ".
" أحبك ".
وقاطعهما المرشد بقوله:
" دقيقة واحدة! لا أريد أن يكون لي أي شأن بما يدور بينكما. جالاجار سوف أقترب ويمكنها أن تنتقل إلى قاربك ".
" هذا مستحيل, سوف تموت جزعا ً".
فصاحت آبي وقد نهضت وقفزت إلى القارب الآخر حيث تشبثت بساقي جاك :
" بماذا تراهن؟ كما ترى يمكنني أن أنجح في عمل أي شيء كذلك يمكنني أن أتغير. كان يكفيني أن أفكر في أنني لن أراك أبداً ".
لم تظل عضلة واحدة في وجه جاك بدون حركة, لكن آبي أدركت تلك المشاعر الساكنة في عمق عينيه القاتمتين. قدمت إليه وجهها المشرق سعادة ثم قالت:
" والداي وشقيقتي والفردوس ..ستظل لجميعهم مكانة في نفسي لكنك أنت محور حياتي ولن يمكنني أبداً أن أعيش بدونك ".
رمقها جاك بابتسامة ابتهاج غامر، وجّه قاربه نحو شاطئ فرعي صغير حيث أخذها بين ذراعيه إلى صدره في عناق كاد أن يكون خانقاً.
" يستحق هذا الصبر الذي تكبدته والمعاناة التي تحملتها. هل تحدث بابي معك عن مشروعاتنا؟ ".
" أية مشروعات؟ ".
" قرر بابي الاعتزال والسفر إلى فلوريدا , على ذلك تم بيع الفندق لزوجين من كانساس سيتي . سوف يكون لك شركاء جدد وسوف يؤول الفردوس إليك بحق. أما أنا فأعتزم أن أفتتح معسكراً لصيد الاسماك على أحد أنهاركم الخاملة ".
" جاك . أحبك. أحبك. أحبك وسوف أظل أحبك مدى الحياة ".
" انتظري لم تستمعي إلى بقية الشروط: أولاً : أتوقع منكِ مهراً ".
" مهراً ؟ ".
" نعم, أعتقد أنني قد فهمت أن عندك مجموعة كبيرة جميلة من صنارات صيد الأسماك ".
" جميعها لك! ".
" ثانياً: سوف يكون بير المسؤول عن الزوارق لكنني سوف أنزل النهر مرة واحدة في كل عام على الأقل. هل ترين أن هذا مناسب؟ ".
" وإذا كنت أرى أنه مناسب؟ ربما أنزل تلك المرات معك الآن. وقد عرفت أنك فأر نهر مدهش! ".
طوقت عنق جاك بذراعيها وقبلت فمه بحرارة قائلة:
" السؤال الحقيقي هو أن أعرف: هل سوف يمكنني أن أتأقلم معك؟ ".
" الحياة أمامنا بطولها من أجل هذا يا حبيبتي ".


تمت بحمد الله

Moubel 15-07-21 02:41 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة )
 
شكرا لك 😘😘😘

نجلاء عبد الوهاب 14-08-21 09:56 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة )
 
:liilas::dancingmonkeyff8::mo2::yellow::0041::0041::0041:

هتونا 10-11-22 03:22 PM

رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك ( كاملة )
 
حلوة احلا تحية واحلا شكر


الساعة الآن 04:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية