منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى العام للقصص والروايات (https://www.liilas.com/vb3/f16/)
-   -   رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون (https://www.liilas.com/vb3/t207822.html)

شتات الكون 15-02-21 02:47 PM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 


: اعرف اسم المستشفى نروح فيه عشان تتأكد كنت امس هناك....
ارتفع صدرها وهي تتحدّث بوجع: ليث.....والله .....انا لو ابي اقهرك......ما ارمي نفسي بالنّار...لأنك ولا شي بالنسبة لي...اقهرك وانت قدامي...وانا قادرة على هالشي......مستحيل اخون على مبدأ اقهررررررررك.....الخيانة تركتها للنّاس للي ما تحلل ولا تحرم انا اقدر اقهرك بدون ما اخون!


وصل أمامها تمامًا واصبحت هي خلف الجدار، ضحك بقهر على جُملتها" ما تحلل ولا تحرّم" شعر للمرة الألف أنّ ذاكرته تعود بهِ للوراء، ما تصفه وما تقوله يُشابه ما حدث لأمل
انقاذ
وحماية
ثم إنقضاض بِلا رحمة!
ودّ لو يصرخ، ولكن بدل الصّراخ ضحك على حديثها وعلى نفسه وعلى المجازاه من جنس العمل لو كان الأمر حقيقة ولم يكن من تُرهات عقلها في تبريّة نفسها من الخيانة!
بدأ يفكّر هل اغتصبها؟ لتقف أمامه بقوّتها هكذا، واثقة من نفسها لا تخاف منه ولا تخشاه، تردف الحديث مطولّا وعينيها ثابتتين في عينه ، شدّ على شعرها وألصق ظهرها في الجدار وبيده اليُسرى ضرب على صدرها وهو يتذكّر امرًا آخر، إن لم يكن الموضوع اغتصابًا سيكون.....غصّ فيها ولكن وقوفها هكذا يُعني الرّضا بين الطرفين.
غضب
: هذا انتي حللّتي على نفسك ما حرّمه الله!.....بديتي بخيانتك من هنا!

مسكت كف يده ونظرت لعينيه بعينيها الجاحظتين
وبهمسها: ما اعتبرها خيانة.......دامني ما حبيتك....ودامني ما اعتبرتك زوج لي رغم عقد النكّاح اللي بينا!....أنا ما اؤمن إني خنتك.......مشاعري هذي قبل لا ازوّجك يا ليث...تركتها معي تكبر...والظروف اجبرتني اتمسك فيها....رغم إنها مستحيلة......والإجتماع مع هالحُب صعب......بس لا تجلس تعاقبني على شيء مالي دخل فيه........قلبي هو اللي اختار......بس الظروف استحلّت مشاعري وبعثرته!

قويّة، تُثير بهِ ألف غضب وشعور، تعترف أنها مؤمنة بحبها ومخلصة له
تعترف أنها لم تراه بعين الزوج يومًا، تعترف انها تكره، سكت، ينظر لها بثبات كُرهه الذي وُلد في هذه اللّحظة
اقترب منها ليدفعها على الجدار ويصطدم قلبها فيه!، حاول ألّا يصدّق معادلة " كما تُدين تُدان" شدّ بكف يده الأيسر على فكّها

: منو هذا؟.....لا تحاولين تألفين علي قصص.....ولا تحاولين تماطلين معي.....منو هذا اللي تحبينه وركضتي وراه......منو اللي خنتيني معاه.......منو اللي اعتبرتيه زوج لك.......منو هذا اللي يسكن قلبك؟

نظرت لعينه اليُسرى التي تضج بالقهر بللت شفتيها وهي تبتسم بخُذلان الحياة لها، من المستحيل الإعتراف، ليس سهلًا.....الأمر سيكون اصعب من وطء الخيانة نفسها، اغمضت عينيها، تخيّلت لو اردفت باسمه....حتمًا وإن كانت بريئة لن يتقبل الأمر وسيقتلها وربما سيقتل الآخر.....هي ليست أنانية لِتُثير العداوة بينهما....هي تريد فقط الحريّة والعودة إلى حيثما كانت....تريد اطمئنان......يكفيها حربًا......طاقتها نفذت من مواجهة الحروب!

تحدثت ببطء شديد: الحُب اللي اتكلم عنه يا ليث......بعيد....عن العين لكنه .....قريب من القلب.....بعيد مثل بُعد المسافات اللي بيني وبينك!....ما هوب هنا يا ليث....والله ما هوب هنا....وأنا ما خنتك بهالجسد....والله ما خنتك!


تُقيس بعده عنها ببُعده"هو" رغم قُربه إليها، وكأنها تقول رغم" قربي لك..والله ما تطولني..ورغم بُعده أطلت حُبّه" صرخ في وجهها لا يتحمل أن تتحدّث عن مشاعرها الجيّاشة نحو رجلًا غيره،هو ليس جدارًا لا يحس، يختنق من اعترافاتها ومن قوّة تبرئتها من الخيانة
تقهره، وتُثير رغبته من الإقتصاص منها، بُعده عنها ....كمقصد بُعد الجسد عن الجسد.....ولكن بُعدها عن ذلك الرجل كمقصد بُعد الروح عن الجسد الأمر يختلفان ولكن كلاهما في النقطة التي تستفزّان من رجولته الشيء الكثير، وها هي قد عبثت على اوتاره التي لا تتقبّل هذه الكلمات القاسية،
: تعترفين لي بخيانة قلبك لي؟......جالسة تستفزيني.....جالسة تهَيئيني لسرد خيانتك الجسدية ولا تبيني اقتنع بس بخيانتك القلبية؟

صرخ في وجهها: ليت ابببببببوك يجي يشوف بنته....كيف فصخت عقلها...ودينها....كيف تشاطر الأحكام على مزاجها وكيف تحط لها مسميّات بكيفها.....ليته يجي يشوف كيف تقسمين الخيانة على هواك وكيفك!

رحيل ببرود وهي تحاول ابعاد يده عنها رغم الانكسار الذي حدث بداخلها بعد رؤيتها للصورة: ما شاطرت الأحكام....ولا فصخت ديني......روح تأكد قبل من الصورة.....وتعال بعدها حاسبني.....يا ليث....

ليث بفحيح وهو يطبّق على عنقها من جديد: أنا لو بحاسبك الحين.....حطي ببالك باحسابك على اعترافاتك الواطية!

ثم ابعدها عن الجدار واعادها عليه بدفعه القوي حتى بها اغمضت عينيها صرخ: منو هذا؟......قولي لي اسمه لا والله يا رحيل اذوقّك المُر!

رحيل سحبت هواء عميق لرئتيها لتُسكت الألم
وضعت يديها على صدره تحاول ان تُبعده عنها ولكن شدّ على يدها اليُسرى وألواها قهرًا لتصرخ
وهو يندفع بسؤاله: قوووووووووووولي لي مَن هو؟
رحيل
.
.
الحُب ليس اختياريًّا، هكذا قرأت يومًا في بعض الكُتب
ولكن انا اقول في بعض الحين نختار الحُب على حسب الظروف، أجل لم يكن اختياريًّا وانا فتاة الرابعة عشر من عمري، حُب من تُرهات المُراهقة التي تضّج بمُختلف المشاعر قد يزعلن المراهقات الآن حينما اسميت حُبهن بالتُرهات ولكن اقسم لكّن الشعور ليس نفسه!
شعوري أنا الآن مُختلف تمامًا عن شعوري وانا مراهقة تحلم بحبها بحالميّة رقيقة، أنا احببتهُ حقًّا وانا في السجن ....الحُب لا يتطلّب لقاء.....أو اتصال سمعي أو حتّى جسدي!....إنّما الحُب شعور....من اعماق القلب ينبت....ويتفرّع في جذوره....اخترتهُ أنا ليصبح أؤنسي وأنيسي بين طيّات السجون، خبأتهُ في صدري ....وحلمت بهِ مرارًا وتكرارًا .....كُنت احدّثه ما بين نفسي .....احدّثه في اوقات فُقداني لمعاني الثبات......اخبره بكل ما حدث...حتى ظننتُ إنني اصبت بعلل في عقلي.....تمسكّت به....لأنني شعرت بقيمتي...أجل اردت العيش من اجل هذا الشعور.....اتناقض واتأرجح بين الفينة والأخرى ولكن دعكن من تناقضاتي .....ودعوني اخبركن فقط عن ثباتي في هذا الشعور.....انا ثابتة أمامه رغم إيماني الشديد في عدم لُقياه اصلًا، ولكن هل سمعتن يومًا عن شخص يعذّب نفسه بمشاعره؟ ربما أنا هكذا ولكن أنا اتخبط بين ألم الحُب وبين أمله! لذلك لا تنتابني الرهبة من فكرة تعذيب نفسي بهذا الشعور أبدًا.
.
.
اغمضت عيناها: اسمه ما بسوّي شي!....لأنه حبي من طرف واحد ....وحبي مستحيل....وحُبي ناقص.....هو ماله ذنب بمشاعري.....ما يكفيك هالشي؟....ما يسّر خاطرك؟.....هو ولا درى عنّي....ويمكن تزوّج ....بس انا عاجبني الشعور....يحسسني بقيمتي في الحياة...يحسسني إني اعيش يا ليث...وإني ما فقدت كل احاسيسي وانا في السجن!

فتحت عينيها لتنظر لوجهه القريب منها: كلكم كنتم وما زلتم بعيدين عنّي.....إلّا هو كان قريب منّي بالحيل....رغم بُعد مسافاته!
سحب نفس عميق، ولم يتردد في صفعها على وجهها من جديد حتى انحنت للجهة الأخرى، ارتفع صوت ضحكها وانسابت دموع عينيها.
.
أنا اريد البكاء اصفعني يا ليث
اريد ان أتالم من صفعاتك بدلًا من فكرة الإنخداع من قبل ذلك الوحش
اصفعني!
.
مالت بشكل يهيّأ لسقوط جسدها الهزيل ولكن ردفه باليد الأخرى ليهزها وهي تضحك ودموعها تنساب بكثافة لم يعهدها يومًا، ثبتها على الجدار ثم سحبها إليه وعاد يدفعها على الجدار من جديد كررّ الأمر ربما اربع مرّات يريد أن يُخرس ضحكاتها التي تستفز شعور غضبه بمقابل انتصارها عليه ولكن هي استمرت
تضحك ودموعها تُغرق وجهها لتصل إلى كفّي يديه
سحبها من جديد لتضرب بجسدها على صدره ليصرخ ينهيها عن الضحك بسؤاله: وش اكككككثر شي تخافين منه؟
نظرت لعينيه وهي تحرّك اكتافها بابتسامتها البلهاء وسط احمرار وجهها وانسياب دموعها
اكمل بغضب: أنك ما تشوفين وجهه صح؟

عادت تضحك من جديد وكأنها تستهزأ بهِ فسحبها من يدها اليُسرى وهي تتخبّط في مشيها ، حاولت ألّا تسقط وإلّا سحبها دون ان يرف له جفنًا على الارض، بينما هو قلبه تآكل ولم يبقى منه شيء، سحبها من عضدها في الممر، وهي تتنفّس بصوت مسموع اخيرًا توقفت عن الضحك والجنون، وصل إلى الغرفة فتحها ورماها على الأرض، لم يتحدث ولم ينبس بكلمة واحدة سحب المفتاح ثم اغلق عليها الباب واقفله
صرخ: عيشيييييييييييييييييي شعور السجن مرة ثانية يا رححححححححححححيل....انا ما نيب عاجز ادمر حبّك اللي توسّط في قلبك ولا نيب عاجز من إني اذبحك....بس بتركك تعيشين معنى السجن من جديد بطعم ثاني .....والله لا اقهرك مثل ما قهرتيني!

ثم ذهب للجهة الأخرى هُناك واقف أمام زر الكهرباء التّابع للشقة بأكملها، اغلقه، وهو يتنفّس بعمق شديد، ثم دخل غرفته لا يريد البقاء هُنا.. أخذ هاتفه ومفتاح سيارته ثم خرج من الشقة
.
.
.
اعدمت بداخلي ألف شعور وشعور، أجل ....أنا لم احرّك بداخلها سكون المشاعر...تلك المشاعر تحرّكت مع حُبّها المزعوم، ايقظتها مع تخيلّاتها اللعينة
ركنت وجودي في زاوية المهملات، لم تقدّر هذا الزوّاج ولم تحترمه!
وإن كان حقًّا ما حدث لها تخطيطًا من قِبل ستيفن سيتبيّن الأمر سريعًا...ولكن ما جعلني اختنق حديثها واعترافها بحُبٍ استوطن قلبها لسنوات....لعقلٍ يشرد إليه هروبًا من الواقع!
احرقتني رحيل.....احرقتني بحرارة رمادها....جعلتني اختنق واتوقّف عن خنقها.....لا اريد منها الموت....سأجعلها تموت قهرًا....ولكن ليس الآن....لا اريد ان تُحرق مخططاتي من العودة للسعودية.
.
.
ركب سيارته واسند جبينه على المقود، يتلاشى بحديثها ويغرق ولا يطفو منه، لمست جزءًا كبيرًا من رجولته، هي تراه لا شيء مجرّد كائن زائد في حضرت حياتُها رغم مافعله لها، لا يهدّأ بهِ عواصف كثيرة تحثّه على العودة لقتلها، ولكن سيجعل الظلام يقتلها والحبس يطوّق خصرها ليعتصره ويفتت عظامه بصمت، تنفس بعمق واخذ يزفر الهواء ببطء شديد، انقبض قلبه وشعر بوجعه، ارجع نفسه للوراء اسند رأسه على المقعد نظر للشارع ببهوت
.
.
.
الخيانة لا يشترط أن تكون بالجسد، ربما تقع بوقوع الروح والقلب....بينما الخيانة تأكل من الرجل الشيء الكثير وتبعثر تُبعاتها حياته على طُرق متفرقة ومقصودة في التدمير.
رحيل ....اقبلتِ عليّ بأعاصيرك المُلهبة ...ألهبتي قلبي وعقلي.....لم تجعلي مني شيئًا سليمًا ولكن اقسم
إن تبقى منكِ وجودًا أنا من سيعدم هذا الوجود!
.
.
.
سحب هاتفه اتصل على أمل
اجابته الأخرى : هلا ليث
ليث بصوت تعب: وينك فيه؟
أمل وهي تقود سيارتها وتنظر لركان: رحت لركان خلصت اجراءات الخروج والحين بروح للشقة!
ليث زمّ شفتيه: مو المفروض يطلع الظهر؟
أمل : اي بس جا الدكتور على غير الموعد....والحمد لله انهينا الإجراءات....
ليث لينهي المكالمة: راح اجيكم أنا بالطريق...
أمل : طيب...
اغلق هاتفه وقاد سيارته مُبتعدًا عن ألسن النّار الناطقة من رحيل.
.
.
.
قامت بطٍّي جزء من (طرف الجينز) الذي ترتديه لتكشف عن ساقيها، والأخرى رافعة جزء بسيط من (تنورتها) إلى للأعلى فقط من اجل ألّا تتسّخ ولا تترطب بالماء، وأخرى في زاويتها تُمسك بعصا(المكنسة) وترقص على ضجيج الأغنية التي قامت بتشغيلها، فجأة دخلت عليهن الأخرى، وهي تهز بخصرها وتتمايل بشعرها يمينًا ويسارًا...
تقدّمت لها هيلة وهي تحرّك يديها بكل حذر من أن تنزلق رجلها في الأرضية الرّطبة
ألتفتت عليهما: سكّنهم في مساكنهم ....الحمد لله والشكر بس....
ألتفتت عليها أختها هيلة وهي ترفع صوتها وتردف مع كلمات الأغنية
وصايف اخذت ترقص مع عصا(المنشفة) تدور معها، ترقص على نغماتها برّقة وفجأة ابتعدت خطوتين للوراء وانزلقت رجلها اليسار وسقطت على جانبها الأيمن.
عهود: هههههههههههههههههههههههههههههههه.......قلعة اتركي الرومنسية الحين تفيدك ....
اصايل ابتسمت رغمًا عنها اقتربت منها وساعدتها على النهوض: قومي يا غبية...تعوّرتي؟
وصايف عقدت حاجبيها وضحكت في الآن نفسه: ههههههههههههههه وربي انطحنت عظام خصرتي.......
اصايل بجديّة: نظفوا المطبخ.....خلاص عاد بسكم لعب... نشفوا الماي لا تدخل جدّتي وتطيح...بروح انا زيّنت القهوة والشاهي بجلس مع جدتي وجدي .......انتوا نظفوا وتعالوا بسرعة.
ثم التفتت على هيلة: قصري على الصوت وربي جدّي بيشب علينا ترا...ما يحب الإزعاج...
هيلة نظرت لها: اطلعي انتي وما عليك...بنسكر الباب....
اصايل بتنهد تشعر أنّ مزاجها لم يعود كما كان خاصة بعد معرفتها بالحقائق التي تخص رحيل هزّت رأسها ثم خرجت
وصايف: بالله دامها طلعت خلونا نسوي ملعب صابوني هنا....
عهود بجدية: لالا....بالموت نشّفنا الارضية.....
هيلة: انا تقطعوا ايديني من التنظيف....حنا جايين نستانس ولا ننظف...
عهود: هههههههههه الاثنين...
وصايف نظرت لملابسها المبللة: اقسم بالله مادري وش الحكمة لجينا جدتي تعفي الشغّالة من الشغل...وتحّك وجهنا حنّا....
عهود وضعت يديها على خصرها: ما عرفتي جدّتي يعني؟......تبي ترفع علومك حبيبتي....
ضحكت هيلة هُنا: هههههههههههههههههههه تخاف نصير رفلات.....على قولتها
وحاولت ان تُنطق بنفس نبرتها: يوم امك كبرك تزوجت وكانت تعرف العلوم الزّينة ليتك ماخذه من سنعها بس...
ثم كشّت بيدها على وجههما...
عهود: زين منها ما اجحدت....
وصايف : ههههههههههههههه لا الحلو في جدّتي ما تبخص حق احد.....المهم بطلّع الزبالة.....خلاص نطفتوا الزبايل ولا لسى؟
هيلة هزت رأسها: لا باقي.....بروح اشوف الحمامات...
وصايف نفخت: اااااااااف انتي بطيئة....
هيلة : لا تنافخين....لا اكوفنك....
عهود: ههههههههههههههههه فصلت....
وصايف: ملاحظة اخلاقها قفلت......المهم بروح غرفة جدّتي بكنسها على ما تخلصين .....
عهود: طيب
.
.
ابتسم في وجهها وهو يرتشف من القهوة الشيء الكثير
: والله يا بنتي ....قهوتك وش زينها....
الجدّه بتشجيع: وريحتها ما شاء الله تبارك الرحمن ترّد الروح.....
اصايل ابتسمت بخجل: والله ما في مثل قهوتك يا أميمتي....
الجدّه ابتسمت لها: لا الواضح قهوتك بتغطّي على قهوتي...ولا شقلت يا بو عبد الرحمن....
الجد نظر لها وضحك بخفة: لا عاد...ما على قهوتك زود......قهوة بنيّتي اصايل زينه لكن قهوتك ازين...وتذكّرني بأيام الدّيرة....
ضحكت اصايل هُنا
لتردف جدّتها: إلا ما خلّصوا هالرفلات؟
اصايل تعلم نصف ساعات التنظيف اصبحت للّعب والضحك والسخرية لهذا اطالوا الأمر
: لا باقي ....اشوي ...بس انا قلت ازيّن لكم القهوة والشاهي وارجع لهم....
الجد وضع يده على فخذها: لا أجلسي....من زمان عنك يا عيني انتي...
الجدّه ابتسمت لها بحنيّة: اي والله من زمان عن هالوجه الحسن....
الجد نظر لها: طمنيني على ابوك...اليوم ما مر علي.....
ثم همس: شكله شايل علي بخاطره...
الجدّه لم تردف بأي حرف
اصايل: بخير ....
الجدّه بهدوء: وامّك ان شاء الله انها بخير....
اصايل: اي بخير.....كلنا بخير يا جدّه...
الجد التفت على حسنا: إلّا صدق....نسيت اكلّم ريان....
الجدّه ضيّقت عينيها: وانا قول ورا ما جا...وانا قايلة لك كلّمه منذ مبطي.....
اصايل بضياع: محتاجين شي يا أميمتي؟
الجدّه: نبيه يجيب لنا من العسل الطيّب.....وين صار لي اسبوعين اذكّر جدّك بس جدّك لاهي ...
الجد بتنهد: يبه اصايل جيبي التليفون وازهمي عليه....
اصايل نهضت : طيب...
.
.
لم يتبقى سوى القليل، اخذت تنشّف الأرضية باجتهاد مبالغ فيه لا تريد أن تبقى قطرة ماء على الأرض لكي لا تتسبب في انزلاق رجلي جدّتها أو جدّها، وحينما انتهت اتجهت لناحية هاتفها وضج رنينه
نظرت للاسم اجابت: هلا نواف...
نواف يأكل في نفسه، يؤلمه أن يصفعه أبيه وهو في هذا العُمر، ويؤلمه أن تحدّثه أخته دانة بكل شرر وترفع يدها الأخرى عليه
اخطاؤه كثيرة ولكن لا يهمه، علم بتجمّع الفتيات في بيت الجدّه
وشيء بداخله يحثّه على رؤيتها رغم أنه وعدها لن يفعل شيء جنوني لابعادها عنه!
وهو كما وعدها لن يضرّها ولكن يريد أن يراها حتى لو من بعيد
فقال: بتجين البيت اليوم؟
عهود: لا متفقين ننام ببيت جدّتي....ليش تسأل؟
نواف بارتباك: لا بس ...كذا.....
وبكذب: كان عندي واجب ابيك تساعديني فيه....
عهود بهدوء: السبت اشوفه لك......
نواف: طيب باي...
كان يريد منها مخرجًا غير مُباشر لمعرفة هل يستطيع فيه لُقيا وصايف أم لا ولكن لم يستطع ان يسترسل في اسالته شعر أنه سيُفضح!
ها هو دخل من الباب الداخلي لمنزلهم والمطّل على منزل جدّه مشى من الجهة الخلفية بحذر بعد أن اغلق باب منزلهم بخفة لكي لا يصدر صوتًا إلّا انه اصدر ولكن صوت خفيف ربما لن يسمعه احد
اكمل خطواته ودخل في المخزن الخارجي، سيراقب الأمر، لن يذهب قبل أن يراها، لا يدري بهِ شعور يدفعه للأمر الجنوني هذا يريد ان يرى وجهها أو حتى يلمحها
يُريد أن يُطفأ هذا الغضب من الجميع، برؤيتها
ويريد أن يهدّأ بحسن النظر إلى براءتها!
.
ازاحت الأوراق الممزّقة من تحت السرير وكانت نشرات طبيّة ابتسمت هل جدّتها تمزقهم وترميهم هُنا؟
رمتهم في القُمامة وتابعت التنظيف، رفعت رأسها، ونظرت لصورة تُجمع جدّها وجدّتها حاملة في حضنها أختها رحيل ربما رحيل وهي في هذه الصّورة تبلغ من العمر اربع سنوات، تنظر للكاميرا بوجه مبتسم، جدّتها تنظر لرحيل والجد ثابت أمام الكاميرا وكأنه لا يريد أن يُرمش، توجّهت لناحية الصورة ، شعرت بشيء بداخلها يدفعها للنّظر لأختها، هُناك حنين لا تجرؤ على اظهاره لأنها تعلم والدها يختبص حينما يسمع اسم رحيل وتظن تؤلمه هي بذلك ربما اشتياقه لرحيل جعله لا يريد ان يذكر اسمها في حضرته لكي لا يتوجّع!

رحيل مربوطة في ذهنها بتذكّر مناهل، اجتمعت الدّموع في عينيها اشتاقت لمناهل واشتاقت لرحيل ومحبّتها لهما، مناهل رحلت سريعًا وفي وقت قياسي من غياب رحيل، لم تتخيّل يومًا ان تنفصل عنها تموت قبلها ترحل هكذا بشكل مفاجأ وهما اللّتان خططا خططًا بريئة سويّا، خططا على أن تُكملان الدراسة معًا...كانتا تطمحان في دراسة الطب.....وكانت رحيل تُدعم فكرتهما بشكل كبير....شرت لهما ألعاب كُثر ليطبّقا بها الناحية العملية من تخصص الطب!
...وكانت هي المريضة...ومناهل الدكتورة....ووصايف مساعدتها في المجال....تلعب معهما ولا تنفصل إلّا عند مجيء ريّان.....في الواقع ريّان هو من يسحبها عنهما
بقوله"ما عدتي بزر تلعبين مع بزرات" ثم يضحك على تجهّم وجه مناهل وانفعال وصايف، بكت
تريد مناهل ورحيل، تريد حياتهم السابقة تعود، اشتاقت وكثيرًا اشتاقت لتلك الأيّام.
بللت شفتيها، سحبت نفسها من الغرفة على نزول هيلة التي تقول: جمّعت الزبايل...وطلعتهم برا ...خلاص روحي سبحي وبدلي ملابسك...
دون ان تلتفت عليها اردفت: طيب...بس بودّي المنكسة في المخزن ......
هيلة بتذكر: اي تذكرت ...اجمعي المكانس الخشبية كلهم ووديهم عشان جدّي لا يخليهم يرقصون على ظهورنا......ما يحب الزحمة في المطبخ...يحب كل شي في مكانه.

وصايف بللت شفتيها: طيب...
ثم هربت عن انظار هيلة التي ارتفع صوتها وهي تدخل للغرفة في الجهة الأخرى: ارحبببببببببببببببببب حيّ هاللّحية الغانمة......
جدتها نظرت لها: خذ لك جاتنا المرجوجة....اقصري صوتك جالس يكلم ولد عمّك...
هيلة اشارت على فمها بمعنى (صمت)
الجد: خلاص يا بوي...اي تعال الحين دامه معك .....اي انتظرك....فمان الله.
اغلق الخط ثم
رفع يديه لها: اقبلي يا زينك ويا زين حكيك...
هيلة وهي تلعب بحاجبيها: اخاف حسنا تلسب(تضرب بقوة) ظهري بالخيزران....
الجد: ههههههههههه والله ما تضربك وانا هنيّا...
هيلة مشت وانحنت على رأسه لتقبل رأسه ويده: يا بعد حيي...
ثم انحنت على رجليه لتتقدم بجذعها لناحية جدّتها قبلّت رأسها: لا تزعلين علي .....
الجده اضحكت: هههههههههههه ما منه زعل يا هيلوه.....إلّا وين غدت فيه اصايل.....جابت الجوّال وطلعت.....
هيلة : راحت تتروّش....
رفعت نفسها وجلست بالقُرب من جدّها تربّعت وهي تشد على يده: إلّا جدّي ما ودّك تجدد شبابك؟؟
الجدّه هزّت نفسها للجهة اليمنى وهي ترمق هيلة بنظرات: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.....
هيلة ضحكت: هههههههههههههههههه
الجد نظر لهيلة: ماحنا بطمّاعين...حنّا خذنا زمانا ...وزودن عليه هالأيّام ...ما نطلب من ربي إلّا حسن الخاتمة يا بنيتي....
هيلة بانفعال: الله يطوّل بعمركم لنا يا جدي....الله يقص لساني اللي خلاك تقول كذا....
الجدّه بغضب: الله لا يسمع منك يا المرجوجة......اسم الله عليك.....
هيلة ضحكت بخفة: دوم لجيت ابي اونّسكم اجيب العيد!
الجد قبّل رأس حفيدته: هههههههههههههه الله يونسك بالعافية يا بنيتي ....اشهد إني لشفتك وشفت بنات عمّك.....قلبي يطرب بالوناسة وتزيل همومي
هيلة قبلّت يده وهي تقول: ما قدر على هالحكي...انا...
الجدّه ضحكت هنا بخفة مما لفتت انتباه هيلة
: إلّا جدّتي باسالك...؟
الجده نظرت لها بعينيها المتجعدتين: اسالي....
هيلة بعبط: الحين لم تزوجتي كم كان عمرك...؟
الجدّه: يمكنّي اصغر منك...بخمس سنوات...
هيلة : الله.....حيل صغيرة...
الجد بهدوء: وانا صغير...بعد....ترا ما بيني وبينها إلا سنة...
الجدّه بانفعال: الله اكبر عليك يا عبد العزيز....سنة؟.....لا بالله غلطان....

هيلة : ههههههههههههههههههههه خلاص عاد لا تتهاوشون بسبتّي....
الجدّه منفعلة: تشببين الفتن بعدين تقولون لا تتهاوشون...
الجد: ههههههههههههههه اتركي عنك تراني اكبر منها بسنة...
هيلة همست له: واضح جدي...واضح...
الجدّه لوت وجهها عنهما وهي تتمتم بالاستغفار.
.
.
فهمتُ الآن أشياء كُثر، صدّ الكثير عن ذُكر رحيل جعلني استرجع بعض المواقف التي تحدث بيننا أنا وجدتي وحتّى جدّي
كُنت اقول لماذا كل هذا الغضب؟
ربما هما يظننّان أنهما قادران على إخفاؤه ولكن كان واضحًا لنا جميعًا
بشكل غير مفهوم لذلك لا نُبالي به.
ولكن الآن اشعر بالحرقة على رحيل...رغم ما حدث كما اخبرني فيصل "قضيّة دفاع عن نفس" وتم تلفيق قضيّة أُخرى ولكن الجميع
فهمتُ ذلك الجميع غاضب وحانق ربما لأنها فتاة السّامي...كيف لها أن تدخل في اوساع السجون.
حقًّا الأمر في أوج الصعوبة ولكن التخلّي عنها هكذا...وإسناد الثّقل كُلّه على ليث يعّد ظلمًا منهم لها ولِـ ليث!
كيف تحمّل ليث هذه الصّراعات لوحده؟
كيف استطاع أن يتجاوز فكرة ظُلم زوجته؟
كيف لهُ تحمّل العيش هُناك في ظّل هذه الظروف غربة بائسة؟
طيلة هذه الأيّام لم استطع أن اهنىء بنومي، ولم استطع تجاوّز ما سمعتهُ من والدي ووالدتي.

تنهّدت بضيق، وحنان جدي عليّ ذكّرني بأشياء أُخرى....سحبت ملابسي ثم دخلت الخلاء لأستحم، لا اريد اثارة الشكوك في رأس هيلة فهي من الآخر تشّك بأنني منطويّة تحت قلق الأختبارات الدراسيّة تنظر لي بمبالغة في الأمر ولكن لو علمت بالواقع....لاشعلت النّيران باسألتها!

.
.
هي الأخرى ذهبت لتبديل ملابسها على عجل، تريد أن تذهب في مكان مكيّف، تشعر بحرارة جسدها وتعبها، ستغيّر ملابسها وقبل النّوم ستستحم سريعًا، الآن تُريد تهدأت ضجيج التّعب الذي استحوذ عليها، دخلت عليهم تُلقي السّلام بهدوء
فقالت الجدّه: علام وجهك مصفوق؟
عهود : والله تعبت يا جدّه.....
هيلة نظرت لها بنصف عين: كأنك عجوز....تتعبين بسرعة؟
الجد: انشهد هي اللي قامت بالبيت...ولّا انتم اتركت عليكم الخفايف...
عهود ابتسمت: جاك الرّد اللي يسنّعك...
الجدّه : هههههههههههه يا بعد حيي انتي.....الله يعطيك العافية.....جعلك تنظيف بيتك.....قولي آمين...
خجلت عهود وتذكرت أمر ذيّاب وحديث دانة وصارم قبل مجيئها هُنا ستفكّر هُنا بالأمر وستخبر الفتيات عنه لكي تأخذ رأيهن فيه ولكن ستؤجّل الحديث إلى قُبيل النّوم!
هيلة رفعت كفّيها: آمين يا جدتي....آمين....ملّينا والله....نبي اجواء فرح.....نبي طق...نبي عرس...ماحد معرّس....ياخي نبي نرقص!
الجدّه بغضب : والله إنك ما تستحين....
هيلة ابتعدت ولصقت في جدّها خشيةّ من وصول الخيزران لجسدها!: وش قلت؟
الجد ضحك هُنا: هههههههههههههههههههه وش رايك ازوّجك يا هيلوه؟

هُنا ابتعدت عنه وكأن كهرباء سرت سريعًا لعقلها، تخشى الآن من تحيير اسمها لأي شخص
صارم
او فهد
او ريّان
انفعلت: لااااااااااااااااااااا جدّي وين....توني صغيرة؟
الجدّه بضحك: هههههههههههههههه خوّفت البنت .....
عهود بضحكة: هههههههههههههههه جدّي شوف وجهها كيف صار....
الجد : ههههههههههههههه.....هذا انتم لجبنا طاري الزوّاج انخطف لونكم......
هيلة بحرج: ابي افرح بس مو لي انا...يعني افرح ببنات عمّي...عيّال عمّي...أنا بدري...علي....ولا كيف يا جدّه؟
الجده هزت رأسها: اي بدري بدري....لا تخافين جدّتس ما هوب مزوجتّس لأحد....
عهود غمزت لها: يا حبي لحكيتس يوم يا تقلبين....
هيلة تريد أن تخرجهم من أمر الزواج: أي والله ......لقلبت للهجة الثانية....احسني جالسة في البر...وفيه خيمة....وخرفان وريحة ....بول بعارين...
عهود ماتت ضحكًا
والجد اردف: بيجي يوم اودّيك للديرة....لزوم تحبّين اصلك ...يا اللي ما نيب قايل....
هيلة : والله جدّي احب اصلي بس ما احب لا الحر ولا الذبّان ولا روايح الغنم والبعارين....
عهود : مدلّعة من الآخر....
الجدّه بتنهد: والله ما شفت وحده تحب العيشة البسيطة وتحب الديرة كثر رحيل....يا جعلني ما ابكيها...وترجع لنا سالمتن غانمة....
الجد سكت ونظر لزوجته....
وهيلة نطقت: والله لها وحشة ....
عهود شعرت بضيق الجدّه: ما ودّك اهمّز لك رجيلاتك؟
الجد: انتي بحاجة من يهمزهم لك....قومي هيلة همزي رجيلات بنت عمّك...
هيلة بهياط: تخسسسسسسسسسسسسسسي إلّا هي...وش اهمّز...

استطاعت الجدّه هُنا من ضربها بطرف الخيزران لتنهض وتنقز هيلة بعيدًا عنهما وهي تحك مكان الضربة: يمه يمه ...كيف وصلّتيها لي...؟
عهود ماتت ضحكًا
الجد ابتسم: هالمرة بتجي منّي.....اذا ما همّزتيها...
عهود رحمت حالها: مالها لزوم يا جدي والله اني متعودة لشتغلت كثير كل شي يعوّرني...
هيلة ذهبت لناحيتها وقبّلت خدّها بقوة : طلعتي رحيمة ...يا ام قلب عطوف.....
ثم نظرت لهما: بالله شفيكم قلبتوا علي فجأة؟
الجدّه: قومي جيبي علاجاتي من الغرفة ولا تكثرين هرج...
هيلة نهضت وقبّلت انف جدتها: على هالخشم.....
ثم خرجت من الغرفة تحت ضحك الجد: الله يحفظها يارب.....هبّت ريح.....يا جعلني افرح فيها وفي الباقي كلهم.
.
.
.



شتات الكون 15-02-21 02:57 PM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 




.
.
.
خرجت من الباب الخلفي للمطبخ اغلقت باب المطبخ خلفها وذهبت لناحية اليمين تمشي ببطء، الصورة علقت برأسها، اشتياقها لمناهل يزداد وذكرياتها معها لا تتجلّى من أمام عينها لربما سبب ذلك هذا الشهر هو نفسه الذي توفيّت فيه، تنهدت بضيق واصبحت أمام "المخزن" رأت المزلاج مفتوحًا، عقدت حاجبيها، دفعته للخلف، ليصطدم في جسد نحيل نوعًا ما
صرخت: يممممممممممممه...

بينما هو كان يُراقبها من فتحت الباب الصغيرة علم إنّها وصايف، لم يُبدي بأي حركة تردد من فكرة الخروج أمامها وهي بِلا عباءة تستر بها جسدها وتردد ما بين غضبها منه لو خرج هكذا وكأنه أرنب سحري خرج من قبعة السّاحر الخفي ربما ستضربه!
فتحت الباب وكان هو في مواجهتها حينما صرخت خرج لكي يُريها نفسه
كمكم فمها ثم ابتعدت: اشششششششش انا نواف.....
وصايف وضعت يدها على قلبها واغمضت عينيها لتمتص طاقة جديدة لتنهمل عليه بالحديث الهامس وهي تتلفّت يمينًا ويسارًا مُحرجة من الوقوف أمامه هكذا
: انت شفيك؟....استخفّيت...جلدك يحكّك؟
نواف ضحك على شكلها وبهذلت ملابسها التي من الواضح إنها مبللة
نظر لعسليّة عينيها ووسعهما: اشتقت لك.
رفعت إحدى عصا المكانس واخذت تضربه على كتفه وبهمس وهي مازالت حانقة: شوقك هذا بودّرنا(سيجلب لنا المصائب)...
ثم شدّت على اسنانها: وش قلنا حنّا؟.....إلّا تبي يطيحون علينا......إلّا تبي ننجلد؟
نواف اقترب منها خطوة: تبالغين؟
وصايف اقتربت خطوة للأمام نسيت نفسها وهي تضربه على كتفه: وش اللي ابالغ؟.....نواف تكفى روح....الحين البنات يطلعون فجأة وشوفونا...غير كذا جدّي هنا......وربي يقطع راسي!
نواف مشى خطوة وخطوتين وهي تجاريه بهذه الخطوات للمضي للوراء حتى التصق ظهرها في الجدار
اغمضت عينيها وكتمت انفاسها شدّت على اعصابها بشكل ظاهري لمرأة العين
همس: ليش خايفة؟
اخيرًا جرأّت نفسها ودفعته: اقسم بالله صرت اخاف منك......انت مهما قلت احبك...ومهما قلت مابي اضرّك...إلّا انك جالس تضرني...تكفى روح...
نواف انهار امامها منفعلًا: اقسممممممم بالله ما راح اسوي لك شي....اللي صار في ذاك اليوم اقسم لك بالله ما يتكرر....

وصايف اجتمعت الدموع في عينيها زفرت بضيق: صاير تضايقني!
نواف مسح على وجهه وولّى بظهره عنها ثم عاد التفت عليها بشكل سريع: وانتي صايرة جبّانة وخوّافة....ومتغيرّة علي.
وصايف نزلت دموعها على خدّيها وبدأت ساقيها ترتجفان
تخشى من خروج إحدى بنات عمها على حين غفلة وتراهما
تخشى من الفضيحة حقًّا
: وانت صاير ما تحسب حساب لأحد.....بالله اذا جا احد وشافنا....
نواف : ماحد بيجي ماححححد بيجي...
وصايف بقلق نظرت للمين واليسار: قصّر حسّك.....
نواف سحب منها المكانس وتوجّه بهم إلى المخزن وضعهما ثم اغلقه
وعاد ينظر لها لتقول: خلاص امش...تكفى....
نواف برجاء: خمس دقايق تكفين...
وصايف شعرت بالتورّط في هذا الحُب لا تنكر إنها تحبّه ولكن هو مندفع بشكل مُخيف لناحيتها، غير ذلك روحه طائشة لا تدري ماذا سيفعل إن بقيت معه لدقائق، والأهم هي تقف أمامه دون استحياء منه! كاشفة عن شعرها وجسدها تخشى من قدوم أحدهم ورؤيتها معه هكذا ولكن لم تخشى من مراقبة الله لها!
طيش في طيش...على مسميّات متفرّعة...تنطوي تحت لسان الحُب الغشيم....وربما حُب الشهوة!
اقترب منها ليقول: كنت بس ابي اشوفك وامشي...
وصايف بحذر ابتعدت عنه: هذا انت شفتني يلا امشي...
وقبل أن يُردف حرفًا واحدًا
سمعا صوت الباب الرئيسي للمنزل ينفتح وخطوات قادمة لمسامع آذانيهما
وصايف وقع قلبها في الارض همست: يا ويلي...
نواف اتجّه لناحيتها سريعًا مسك يديها : اششششششش....بروح وانتي ادخلي في المخزن.....
هزّت رأسها له ، والآخر تردد من العبور للناحية الأخرى يخشى من ان يتواجه مع من دخل فبقي في مكانه ينظر ويراقب ووصايف دخلت في المخزن تراقبه من الفتحة الصغيرة وهي تقضم اظافرها!
.
.
قبل نصف ساعة من مجيئة إلى منزل جدّه، كان في غرفة فهد الذي اطبق على نفسه الباب، ومنعه من الدخول لمدة ثلاث دقائق ولكن اصراره جعله يستسلم ادخله في الغرفة
نظر له والآخر نظر إليه يقسم فهد ليس على ما يُرام يُخفي شيئًا عظيمًا عنّي، محاولة التحاشي والتصدد تُعني الأمر بالنسبة إليّ خطيرًا
غير احتضانه المفاجأ لوصايف هذا أمر يُدهش العقل وتفكيره
: يعني مصر ما تقول؟
فهد بملل: وأنت مصّر تخلّي في ام السالفة شي ...
ريّان ابتسم رغمًا عنه: متوتر.....ومرتبك......وعليك تصرفات عمرك ما سويتها...
فهد مسك ياقة بدلته وبغضب: الله يلعـ
قاطعه ريّان بانفعال: لا تلعن......انا عارف في شي.....بس قولي....هالشي له خص برحيل...
فهد نظر له: لا....
ريّان مسح على وجهه: طيب....
فهد تعجّب من استسلام ريّان، ولكن حمد لله وشكره جلس على طرف السرير،
ريّان: هالشي كيف خلّاك تتحوّل لحنون وتحضن وصايف؟
فهد ألتفت عليه سريعًا لم ينتهي؟ من اسالته بل سيأخذ منحنيات أخرى لحث فهد للتحدث.
فهد: هالشهر يصادف وفاة المرحومة مناهل....
ريّان بتذكر: اوه صدق.....كيف كذا راح عن بالي....
فهد بحده: لأنه بالك مشغول بس في رحيل....
ريّان نظر له : ثنتينهم بنفس الأولويّة....
فهد باستنكار: متأكّد؟
اخيرًا استطاع قلب الطاولة على ريّان لمصلحته وليس مصلحة نفسه يريد ان يشغله بشيء آخر، كي يُشيح بنظره عن أمره
ريّان: كأنك تعاتب؟
فهد ابتسم بسخرية: ما عاتبت بس مستغرّب أنك نسيت...
ريّان باندفاع في الحديث جعل فهد يشعر بالحرقة ويشعر بتأنيب الضمير: عمري ما نسيت....بس يمكن سالفة التنّاسي اشغلتني من اني اركّز على حنّا في اي يوم....وفي اي شهر وفي اي سنة!.....كم تمنيت نسيان اشياء واشياء وعجزت من نسيانها!
.
.
.
مُجبر على اللّعب في اوتارك يا ريّان أنا مُجبر لكي لا افلق قلبك إلى نصفّين.
.
.
اخذ طريق آخر في الحديث: ومن ضمن هالاشياء المشاعر العاطفية؟

سكت ريّان وكأنّه فهم دوّامة أخيه يُخرجه من قوقعة ويدخله في أخرى
لن يترك لهُ مجالًا في اللّعب معه على هذا المنطلق: جالس تخلط الحابل بالنابل بس عشان تدوّهني وتخلّيني اغض البصر عنك....
وبانفعال: قدااااامك النقيب ريّان امثالك مرّوا علي كثير...يحاولون يهربون من الاسالة.....عشان نجاتهم...وانت تهرب عشان ايش يا فهد؟


فهد ضحك رغمًا عنه: ههههههههههههههههه.......تراني ما نيب مجرم.....
ريّان بنبرة ذات مغزى: جالس تطلّع روحك وتشتتني وانت تحرقني.....
فهد نهض: اخسي يا ريّان.....احرق نفسي ولا احرقك....بس ما ابي اوجعك....
ريّان بانفعال شديد: يعني في شي...
فهد هز رأسه: وما اقدر اقوله.....
ريّان سكت ونظر لفهد،
بلل شفتيه ثم اردفت: بالنسبة للمشاعر العاطفية......انت تحب مزون.....وللعلم...
فهد نظر إليه شعر وكأن ريّان ينتقم لنفسه بسبب عدم معرفته بذلك الشيء الذي قلب حاله إلى حال آخر
نظر له وهو يُكمل: أنا ما اشوفها إلا بعين الاخوّة....هي حالها حال وصايف...ورحيل.....عن اذنك...

ثم خرج من الغرفة تارك فهد في بركانه، يغوص ويطفو بهِ اطلق زفير غاضبًا على نفسه وعلى حديثه مع ريّان بينما ريّان خرج لينظر لخالته التي استقبلته بقولها: ريّان....
التفت عليها: آمري...
ام وصايف تفرك بيديها بشدّة: اتصل لي على ليث....
ريّان سحب هواء عميق ولم يزفره هز رأسه: ان شاء الله......بتروش وبنزل وبتصل عليه...
ام وصايف ابتسمت على مضض ثم ذهبت لغرفتها
وريّان اغلق على نفسه في غرفته،
.
.
ارجوك يا الله ألطف بحال رحيل
إن كانت في مصيبة ففرّجها عنها يا الله
أنا لا اتحمّل تجرّع غصّات رحيل برحيل نفسي
يُصعب عليّ تخيّل الأمر الذي طوّق فهد ليجعله يلتفت وراء معنى "الأخت"
هو يعي المعنى ولكن لا يُظهره واظهاره بهذه الطريقة في هذا اليوم جعل قلبي يغص في ألحان الرحّيل...
هو ضربني بأسواطه ليُقلق عقلي في أماكن مجهولة
وانا ضربته لأعلّقه ما بين التصديق واللاتصديق!
.
.
سمع رنين هاتفه وكان جدّه هو المتصل اجاب عليه بهدوء: هلا جدّي.
.
.
تجد من ثُقب ألمها أملًا يظهر بسبب شهادتها وخبراتها التي أمتدّت إلى ما يُقارب السنتين من عملها، هذه نُقطة إجابيّة تمكّنها من العمل رغم صعوبة الحصول على عمل في وقتنا الحاضر، قدّمت اوراقها وسيرتها الذاتية.

قرؤوا وجهات عملها التي عملت بداخلها سابقًا والتي بدأت مسيرتها في العمل في مدينة الرّباط في إحدى المستشفيات الحكوميّة الشهيرة عملت هُناك لمدة سنة ثم انتقلت إلى ولاية ماساتشوستس وعملت في مستشفيات خاصة واخرى حكومية لمدة تُعتبر طويلة ، غير الأعمال التطوعيّة والخيريّة والتي كانت على مستوى شبه عالمي ساعدّاها في كسب خبرة ليست هيّنة لذلك هي استطاعت في الواقع مساعدة رحيل دون الخوض في مسائل قد تُجلب لها جُلبة لا تستطيع الخلاص منها، اتفقت معهم سيكون اوّل شهر تجريبي ومن ثم يقررّا على التوظيف الرسمي لها، سيتم إيداع نصف الراتب لها خلال هذا الشهر، تكره العمل في المستشفيات الخّاصة ولكن تحمد لله انهم استقبلوها فلن ترفض هذه الشروط، جلست تتنهّد بضيق
والأفكار تأخذها في منحنيات كُثر، تذكّرت أمرها...وضاق صدرها تمامًا حينما شربت ذلك السّم اكتشفت أمر لم تستطع أن تصدّقه، وودّت لو حرقت نفسها بدلّا من استيعابها على فعلتها تلك!
ومُنذ ذلك اليوم وهي تُعيد حساباتها من جديد، مكالمتها مع ركان بمزاجها العكر كان بسبب ضيق روحها عليها ولكن كان هذا قبل معرفتها بالأمر فظنّت إنّها انسلخت كليًّا من ركان ولكن رأت نفسها تعود إليه من جديد، هي لا تجهل بالحُكم الشرعي ما زالت على ذمّته إجراءات الطّلاق طويلة ولم تنتهي بعد وباستطاعتهما العودة .

فهي في العدّة ولكن الآن العدّة اصبحت اطول!

اليوم أجرت تحليل دم لتؤكّد الشكوك، مسحت على شعرها، سمعت رنين هاتفها نظرت للأسم وكان والدها
ستُجيبه يُكفيها صدًّا عنه بعدت خصلات شعرها: الو...
قال بنبرة غضب: كدا تعملي فيني يا بنت...مترديش على اتصالاتي.....ولا تطمنّي ئلبي عليكي......
سوزان حقًا هي في مزاج متوتر، هو لا يُريد الإطمئنان هُناك أمر آخر يدعوه للإتصال بها
اعتادت على اسلوب والدها وحفظته
: أنا بخير....
قال بعد صمت وكأنه يُكافح غضبه: متى عاوزة ترقعي على مِصر؟
سوزان حّكت رقبتها: في حاجة يا بابا......أنا مش راقعه دي الوئتي....عاوزة أبقى لوحدي!
سكت، ثم اردف: حاب أولك انا راح اتجوّز....الاسبوع القاي.....وحابب ترقعي وتحضري الفرح.....بس واضح ما ليش خاطر ليكي...

بللت شفيتها اغمضت عينيها وسمعت طرق الباب ازدردت ريقها وظنّت الممرضة اتت بأوراق التحاليل التي عملتها في الصبّاح الباكر ولكن كان الدكتور فاون هو من دخل، كاد يخرج ولكن اشارت له بأن يدخل ويجلس

ولكي تُنهي المكالمة : مبروك يا بابا....مش حأَدر (اقدر) ارجع بالوئت دا....وآسفة انا مشغولة بالوئتي.....مع السلامة.

اغلقت الخط قبل أن تسمع ردّه ثم ابتسمت لوجه الطبيب الفرنسي(فاون) ليردف الآخر لها: bonjour
ثم قال(مترجم): اتمنى أتيت في وقت مُناسب...
هزّت رأسها لتؤكد له:اجل....هل هُناك أمر طارىء؟

مدّ لها الملف(مترجم): الدكتور جوسف...معجب حقًا بسيرتك الذاتية والتي اخبرتهُ برغم موجزها عن خبراتك....وودّ أن يضعك في أختبار ليؤكّد مهاراتك ويبرهنها على الواقع!

سوزان شعرت بالغثيان ولكن حاولت ان تسيطر على نفسها بسحب هواء عميق لرئتيها(مترجم): هذا الأمر يدعوني للفخر....
الدكتور فاون(مترجم): لهذا فهو يدعوكِ لحضور المؤتمر الصحي في مدينة فرساي لتنوبي عن حضوره!

الأمر ثقيل وصعب، وأتى بشكل مفاجأ لها نظرت له بدهشة
حتى به ضحك(مترجم): هههههههه اعلم غريب!.....ولكن وجد بكِ ما اثّر به....من الناحية العلمية....اخبرتك سيرتك الذاتية حافلة بالإنجازات والاغراءات الطبيّة التي تُنم عن مدى تمكنّك....في هذا المجال!

سوزان مسحت على شعرها ولتختصر عليه الحديث(مترجم): يود منّي أن أعّد خطابًا؟
الدكتور فاون(مترجم): اجل....خطابًا يتمحوّر حول أمراض الدم الوراثية ومختومًا بإظهار مجهودنا هُنا من بحوث وغيرها.

ثم اخذ نفس (مترجم): لا عليك سأكون معكِ خطوة بخطوة....من اجل اطلاعك على كل شي.....
سوزان نظرت له بحيرة لا تريد ان ترفض لكي لا تخسر العمل ولا حتّى ثقتهم بها!
(مترجم): ومتى سيكون؟

الدكتور فاون نهض(مترجم): بعد ثلاثة ايّام....بالمناسبة مدينة فارساي مدينة جميلة.....جدًا ستستمتعين هُناك...وغير ذلك فهي تبعد عن باريس بما يقارب التسعةَ عشر كلوميتر....ولكِ أحقية البقاء هُناك اسبوعًا كاملًا كمكافأة على قبولك بالحضور في المؤتمر.
نهضت مبتسمة: jolis (جميل)

ثم صافحته: اشركم على مدى ثقتكم بي.....اتمنى ان اكون عند حسن ظنكم.....
الدكتور فاون صافحها: Je vous en prie.

هزت رأسها باحترام له ثم خرج من المكتب ودخلت سريعًا الممرضة اعطتها الملف بعد أن القت عليها السلام ثم خرجت
شعرت روحها ستخرج، هي تعلم النتيجة واحدة رغم إجراؤها للعديد من التحاليل المنزلية، صُعقت اصلًا كيف؟ وفي فترة قصيرة مثل تلك
الأمر طبيعي جدًا، ولكن تخاف...هما مبتعدان على مبدأ الحماية
هما اصلًا تطلّقا....ولكن الإجراءات باتت معلّقة حتّى يومنا هذا!
.
لا مجال للهروب يا ركان....ربما نحن الاثنان مجبران على ان نعيش الخوف معًا بدلًا من الهروب منه على سبيل الحماية.
.
نظرت لورقة التحاليل، عقدت حاجبيها حينما تأكدّت الشكوك، يُعني انها كانت حامل قبل أن تُغادر تلك اللّحظة التي افلقت قلبها واعجزت خيالاتُها من التوقف عن ربط الاحتمالات المُخيفة، ها هو حملها أتّم شهرًا وهي لم تشعر، ربما الظروف جعلتها لا تهتم بتلك الإشارات التي ظنّتها بسبب الإرهاق والأرق....ورغم ما حدث ...حينما تعرضّوا للصدمات....وحينما ركضت لمسافات لتنجو بعد خروجها من المطار....ورغم شربها للكحول ما زال باقيًّا ومستمسكًا بها، خارت قواها وجلست على الكرسي بندم على ما فعلتهُ وعلى شربها كادت تقتل طفلها بسبب الهموم!
بكت بدموع وبللت شفتيها ،ماذا تفعل؟
هي اعلنت انسحابها من حياة ركان، وركان يجدد حمايته باتصاله في ذلك اليوم
رنّ هاتفها ونظرت للاسم
وبكت هُنا بصوت!
.
.
.
وصلا إلى الشقة يمشي بخطوات هادئة وبطيئة تنهاه أُخته بمبالغتها في الاهتمام به عن المشي السريع بقولها" وش هالعجلة ....بشويش على نفسك" يبتسم لها، ثم طوّق رأسها لناحية صدره قبّله وهو يقول
: جعلني ما افقد هالإهتمام.
رفعت رأسها له وهي تبتسم وتفتح باب غرفته: من يوم يومي اهتم فيك حتى بعد زواجي من ليث...
ركان ازاح يده عنها ومشى بِخُطى اسرع من ذي قبل وجلس على طرف السرير: لا والله ليث سرقك منّي...
ضحكت هُنا وانحنت لكي تُزيح حذاؤه فقال باحترام: قدرك أعلى من كذا!
أمل ابتسمت في وجهه: ترا عادي اخوي ما فيها شي....وبعدين اخاف تنحني وتفتح خيوط جرحك....
ركان: سمحت لك تلبسيني اياهم ....بس خلاص...عاد....ترا الجرح مو في بطني في كتفي....شفيك.....بسيطة....
أمل لم تُعيره اي اهتمام ازاحت الحذاء عن قدميه، ثم وقفت لتسحب وسادة اخرى لتضعها خلف الوسادة الأساسية لكي يستلقي عليهما!
: ارتاح.... بروح اتروّش وبطلع اسوي لك اكل....
ثم قالت بهدوء: صدق ليث بيجي هو في الطريق...
ركان سحب نفسه قليلًا وهو يتألم ولكن لم يُظهر ألمه لكي لا يقلقها: سمعتك وانتي تكلمينه....

أمل: ارتاح على ما يجي...هو عنده مفتاح الشقة يعني لا تخاف ما راح تقوم تفتح له....
ثم وضعت هاتفه على الكومدينة بعد ان اخرجته من حقيبتها: هذا جوّالك
ركان ابتسم لها بحنان: خلاص روحي ربي يعطيك العافية...
ابتسمت له ثم خرجت، وتذكر سوزان، خائف من جنونها، ومن عنادها الذي سمعه في مكالمته لها يشعر بِها أمر، امر مزعج لهُ، سحب الهاتف
اتصل عليها، يريد ان يشدد عليها بصرامة العودة للقاهرة ...وإلّا هو من سيسافر ليثنيها عن بقاؤها هُناك
.
نظرت للشاشة....ما زال يتصل
.
وهو ما زال ينتظر
.
.
سحبت نفس عميق وبللت شفتيها اجابته: هلا ركان...
ركان بغضب: اسمعيني زين سوزان...اقسم بالله اذا ما رجعتي القاهرة....أنا اللي بجي لك...ارجعك بنفسي...
سوزان مسحت ارنبة انفها بطريقة سريعة: مالك داعي.....
ركان بانفعال: سوزان ...اقسم بالله انك في خطر....انا ما ودّي اقولك بس انتي جالسة تضغطيني وانا تعبان.....
سكتت ورنّت في مسامعها كلمته "تعبان" خافت وبلهفة اردفت: إيه اللي حصل؟
ركان اغمض عينيه: صوّبوني بالمسدس...
نهضت من على الكرسي وبصوت منفعل: ايشششششششش؟
ركان سريعًا اردف: انا بخير....الرصاصة ما جات في مكان خطير.....
ثم بصوت رجاء: ارجوك سوزان ....يرحم لي والديك ارجعي للقاهرة.....ارجعي....ما اضمن ايش ممكن يسوون لك...وانتي برا ما عندك الحصانة القويّة اللي تحميك....

سوزان سكتت ونزلت دموعها لتنساب على خدّيها ،لا تريد خُسران هذا الحُب لا تريد أن تتجرّعه ولا حتّى تخيّله، يا الله ماذا تفعل؟ الظروف تُجبر حبّهما على أن يكون عصيًّا لا يتماشى مع ما يُريدانه، يجعلهما يخضان في جبهات حربيّة لا قُدرة لهما على مجابهة جنودها المخيفة، والآن عليها أن تحميه من جنونها ومن ضغطها الذي انبتتهُ في فؤاده، عليها أن تكون لهُ درعًا في هذه الحرب العاصفة لقلبيهما!

: أنا بحاجة اجلس لوحدي...مش عاوزة ارقع للقاهرة.....
ركان ارتفع صوته: تبين تتتتتذبحيني انتي؟

سوزان عضّت على شفتها السفلية،هي لا تريد ذبحك ولا ذبح نفسها بل تُريد مخرجًا تستطيع من خلالهُ إحداث شرخ في عالم آخر يجعلها تعيش معك بهدوء دون خوفٍ ولا قلق

: في حاقات حصلت وما فينيش اسيبها وهيّا في النص....
ركان بشك: مثل ايش؟
سوزان: شغلي.....
وبكذب: وقّعت على عقد مع مستشفى خاص مدّته ستة اشهر واذا بسيبه لازم ادفع لهم مبلغ وقدره...
ركان اطلق شتيمة مقهورة من قلبه، مسح على جبينهُ يُدرك كل الأبواب مُغلقة في وجهه هو عاجز من ردعها من هذا الجنون وعاجز من النهوض والسّفر لها في ظّل هذه الظروف

: كم المبلغ؟
سوزان لا تريد ان يكشفها: ركان بليز...
ركان : متغيرة ....والله متغيّرة علي يا سوزان.....ما هوب هامّك خوفي...ولا قلقي عليك....
سوزان بنبرة ضعف: مشتاقة يا ركان....مشتاقة وخايفة وقلقانة من إني اخسرك!

ركان خانهُ التعبير
ارتطم في أمواج حُبه، اخذ يستمع لنبضات قلبهُ التي تُهديه أهازيج عُشقه السرمدي،
.
ركان هي تحبّك وأنت لستُ جاهلًا بهذا الأمر لا تضغط عليها استمع لها الآن فقط، أرح مسامعك لنبرة صوتها الأنثوي اللّذيذ والذي لهُ قدره على سلب روحك المُتعبة لتُمسك بها من غضاريف الألم إلى اغصان الإسترخاء والهدوء، استمع لكلماتها وإن كانت لا تُرضيك انت على يقين من إنّها ستُهدّأ من اعصابك وستأخذ من انفعالاتك لتُلغيها بعيدًا عن خلاياك المُهتزّه على اثر اوتار صوتها الحانّي، اغمضك عينيك اهدّأ لا تُردف حرفًا قد يُجرح قلبها المجروح اصلًا!
.

سكت ثم قالت: شوف.....اجراءات الطلاق مستمرة...وهم عرفوا حنّا نفذنا اللي طلبوه....يعني ما في شي يخوّف...
ركان بقلق: ما اضمنهم....
سوزان ازدردت ريقها: اوعدك شهر وحرجع القاهرة....واوعدك احمي نفسي وإن تطلّب الأمر حملت في شنطتي سلاح!

ركان
ألتمس نبرتها، وتغيّر صوتها عن اوّل مكالمه له
التمس قبولها للمضي في علاقتهما بدلًا من قطعها ففهم
ففي المكالمة الأولى كانت تُعاتبه وكانت في مرحلة انهيار مسيطر على كيانها وانفعالاتها
أما الآن شعر وكأنها هادئة، كم ألتمس لهفتها لسماع صوته، تُريده أجل هي تُريده ولكن تتألم من هذا البُعد!

: إن اوجعتي قلبي والله ما راح اسامحك!
سوزان مسحت على بطنها وهي تزدرد ريقها: اوعدك ما راح اوجعه....
ثم بحذر قالت: لا عاد تتصل....ما حضغط عليك بجنون حبي ليك....افضل حاقة نعملها نتواصل مع بعضينا عن طريق الأيميل كدا...راح نضمن....حمايتنا لبعض!

ركان: سوزان....
سوزان اغمضت عينها لتنساب الدموع : نعم...
ركان بشك: فيك شي؟
سوزان فهمت تغلّب مزاجها عن مكالمتها الأولى : لا بس انت صدق على حق.....انت تبي تحميني وانا مش جالسة اساعدك في الحماية.....مجبورين نتألم اشوي عشان.....عشان...نحمي بعض...
ركان بتدقيق وتركيز عالي في حديثها: نحمي بعض!؟
سوزان جلست على الكرسي بخذلان رجليها من الوقوف: مابي الفت الانظار حوليك باتصالاتي.....انا استوعبت اني جالسة اضغط عليك...
ركان بتنهد: ان شاء الله تنتهي هالفترة وارجعك قبل ما تخلّص العدّة...
اردفت بوجع: العدّة مطولة يا ركان!
ركان ظنّ أنها لا تفقه في هذا الأمر وظن انها تسأله
فقال: عدّة المرأة المطلقة الغير حامل ثلاث شهور..
ثم اتلى عليها الآية الكريمة: (وَالمُطَلَّقَاتُ يَترَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).

ابعدت عن اذنها الهاتف وبكت بِلا صوت، اختلج صدرها بالدموع، تريد نزف هذه الدموع وإلّا ستختنق!
هل ظن انها لا تعلم بهذا الحُكم؟في الواقع لم يُوجعها أمر التشكيك بعدم فقهِها في هذا الأمر الشرعي اكثر من عدم انتباهه لِم تقصده!

هو مستبعد تمامًا من أن تكون حاملًا كما هي استبعدت لن تضغط عليه خاصة بعد علمها بإصابته والآن هو في حالة مرضية تُجبرها على التماسك وعدم الإنهيار واظهار ذلك له.
هي الآن فهمت إلى أيّ مدى ركان يحبّها استيقظت من سُبات حُبّها الثقيل لتعي ثقل الظروف التي تعيشها من زاوية أخرى معه!

هزّت رأسها وهي تّرجع الهاتف لتقول: ايوا صح....نسيت.....ركان....انتبه لنفسك مضطرّة اسكّر....عندي شغل...
ركان بخوف: تكفين لا تكثرين خروج برا....تكفين سوزان...لا توجعيني....والله لو يصير لك شي..اموت....
سوزان غصّة لا تدري ماذا تقول
: اوعدك ما راح يصير لي شي.....باي...
اغلقت الهاتف بعد سماع كلمة "استودعتك ربي"
.
.
شعرت وكأن العالم كلّه ينتهز الفُرص لتضييق عليها امر السعادة
بكت لا تجرؤ على نُطق الحروف بقولها "أنا حامل" ستُثقله وستضع على اعتاقه اطنانًا من الحمول، هو ابتعد من أجل حمايتها وهي ستبتعد من أجل حمايته وحماية جنينها، شعور متضارب ومتداخل في بعضه، لا تجرؤ على نُطق سعادتها من حَمل قطعة صغيره بداخلها منه، مسحت على بطنها وبكت وكأنها تُعزّي نفسها على ثقل هذه الظروف التّي استحلّت غُددها الدمعيّة، واستحلّت ضربها بسوط عذابها الثكّل على قلبها الضعيف.
.
.
يا الله
ماذا فعلت؟
لا أجد حسن التّصرف وأنا في أوّج شتاتي
بدأت حقًّا بالتّخبط أنا لا ادري لِم قُلت ذلك؟
ولكن اعلم جيّدًا إنني لا أملك الشجاعة في حُب احدهم
أنا عذراء في مشاعري....لم يسبق لي حُب أحدهم حتّى ليث
ولكن فكرة التخلّي والخُذلان وربما الشعور بالإحراج من ردّت فعله في رفض الزواج مني هو من جعلني اتقوقع على هذه النّاحية التي يرونها على مبادىء مُغايرة منّي!
أنا ضحيّتهم ....الجميع يهتف ويصفق بكفّيه صارخًا انتما لبعض....انتما مُناسبين ولكن ماذا حدث؟
أحدث ليث في حياتي شرخًا من الخجل، لا اعلم ماهيّة رفضه في مثل ذلك اليوم ...لماذا لم يرفضني قبل أوانها؟
علّقوني...وعلّقوا آمالي....اصبحت ارفض الجميع لكي لا أُخذل....هل انا لا أملك المميّزات التي تجعلني أُنثى متكاملة لكي يرفضني؟
ولكن ها هو رعد ....احبّني دون رؤية تلك المعالم الجسدية الأنثوية.....ربما اخلاقي كانت سببًا في جذبه....أنا حقًّا مُحتشمة لا ألفت الأنظار...ولكن....لا أدري بدأت حقًّا بالهذيان والضيّاع في الأسباب!

هذياني هذا.....
جنون من نوع آخر...كًّل شيء مُرتبط بالماضي.....حلمت كثيرًا...ووقعت على واقع مُخالف لسراب أحلامي...حققّت طموحًا واسعًا في دراستي....ولكن ما زُلت اشعر بالكآبة.....ربما حديث جدّي كان لاذعًا بما يكفي....كان يصرخ في وجهي قائلًا" بجيبين لنا العار" ولم اجلبه إلى الآن ولكن يخشى من إنني اجلبه يومًا...اشعر وكأنه ينتظر هذا اليوم....لا ادري هل خوفه بسبب قلّة ثقته بتربيّة ابنه لي...أم بوالدتي؟
أهذي.....أتذبذب....انحني...وانكسر...كالغُصن اليبس!

اشعر بانكسار عزيمتي في مواجهة الظروف التي تُجبر كياني على قبول أشياء كُثر لا أحبّذها...
اخشى من جنون رعد....في نشر كذبتي على مسامع الطابق الطبّي كلّه...اخشى من ان أًصبح فضيحة يتداولها موظفات وموظفون المستشفى كخبر عاجل مُثير للإهتمام.
ماذا اصنع يا ربي؟
ادخلت نفسي في متاهات أنا لا اقوى على مواجهتها....هل اذهب واخبره بأنني لستُ مرتبطة بأحد ولكن لا اريدك؟
كيف انقذ نفسي من حبل الموت؟ أجل رعد من الواضح متمسك بي
وانا كسرت عُوده قبل أن يشتّد...ماذا اصنع؟
همومي كثر ولكنني لا أُبيح بِها خشيةً من سوء الفهم، أنا حقًّا لستُ مستعدة بالإرتباط بأحد....لا اريد لا رعد...ولا محمدًا!
وامري في رفض محمد غريب....لا اريد أن ارتبط به وكُنت يومًا مخطوبةً لأخيه.....ليست خطبة رسمية ولكن تداولها الأهل بكلمة"دانة محيّرة لولد عمها ليث" اغلقُ باب رزقي في لُقيا زوج افضل من ليث!
أغلقوا افواه كُثر ودّت لو تتقدم لرؤية كياني الأنثوي من أجل الخُطبة....لن اقول قطعوا رزقي بالمعنى الصّريح الثابّت!...ولكن أمّلوني كثيرًا بليث!
أنا اقسم للجميع لا أحبّه ولكن ....ِشوّهوني....جعلوني سخرية للجميع....كيف غيّر وبدّل رأيه من دانة لرحيل...ماذا رأى في رحيل لكي يترك دانة؟
ألم تكوني مخطوبة؟
نعم...
ولكن افل قمر العريس وتجلّى في سماء الرّحيل.
وبقيتُ أنا ما بين النجوم اختطف شهابًا ليُنير دربي ....ولكن لم ارى سوى انعواج ظلّي يا أنا!
وقتها الجميع بدأ يسأل ألم يكن ليث "محيّرًا" لدانة ماذا حصل؟
يجيبون ببرود "الأفكار والرغبات تتبدّل" ما بال رغباتي أنا
وما بال افكاري لماذا لا أحد يُعيرها أي اهتمام؟
دعوكم من هذا ....أنا احزن على نفسي ليس على ليث....الجميع بدأ ينظر لي بشفقة تجعل قلبي يخفق بشدّة.....اعلم والدي كُسر في لحظتها ولكن لم يُبدي بانكساره لكي لا يخسر أخوّته مع عميّ "علي"....والدتي اصبحت تردد وتهتفت تظنّ إنني اُغرمت به لدرجة لن استطيع نُسيانه كانت تجرحني بقولها" الله يرزقك باللي احسن منه ويمسح على قلبك وذاكرتك وتنسينه!" الجميع واثق من قبولي بهِ وبحبي العذري الذي يظنون زرعوه بداخلي ولكن لم يفكرُّوا يومًا إنني خجلة من هذا الرفض لا من حبي له......اخجلوني من ردّت فعلهم ...وانكسارهم الجَلل منه...لأنه لم يكن هُناك حب في الأصل بل كان هُناك قبول لدرجة التكيّف والإستعداد على الخوض في الحياة معه فقط لا غير.

والآن تدور السنين لأجد نفسي.....مُجبرة على خطوبة أخيه...
يا الله ....
دانة استجمعي قوّاكِ...اعترفي لرعد بكذبتك اعترفي!
.
.
مسحت على شعرها، أجل ازاحت من على رأسها الحجاب واغلقت مكتبها، صلّت المغرب......وبقيت بعدها تُمارس مهنتها على اكمل وجه، إلى ان أتت استراحتها الرسمية والتي كانت مع دخول وقت صلاة العشاء...صلّت وبقيت في المكتب لم تخرج...لا تريد ان تواجه بكذبتها....لا تريد....سمعت رنين هاتفها....
تنهّدت ثم اجابت: هلا موضي...
موضي بصوت مخنوق يدّل على تعبها وجهدها كما انّ نبرتها المبحوحة تدّل على بكاء اخيها لفترات طويلة: اخبارك دانة؟

دانة"لستُ بخير ولكن أحاول التأقلم على هذا الوضع...لكي اصبح بخير مشروط!"
: الحمد لله بخير....
موضي سكتت، ثم قالت: دانة....صدق اللي سمعته؟
دانة وقع قلبها هُنا: شنو؟
موضي بتنهد: دكتور رعد اتصل علي...وبصراحة خفت عندي استدعاء للمستشفى بسبب العجز...وانا مالي خلق اداوم...ولكن فاجأني...متصل بس عشان يسأل عن شي خارج ميعاد الدوام......واللي زاد دهشتي كيف تجرّأ واتصل على رقمي الخاص!

دانة وكأنها فهمت: اي؟
موضي: يسالني انتي صدق مخطوبة ولالا....انا اختبصت......
دانة ازدردت ريقها : وش قلتي له؟
موضي بتردد: انا عارفة سالفة جدّك.....وسالفة انه يبيك لمحمد.....هو صار بينكم شي؟
دانة جلست على الكرسي: لا..
موضي: والله احترت فكّرت صار شي....
دانة بخوف: وش قلتي له؟
موضي بهدوء: قلت له.....لا....
ابتسمت بسخرية، ولكن اطمأنت قليلًا: طيب...
موضي: شنو طيب؟....الرجال ما سأل إلّا انه ..
قاطعتها دانة: موضي مشغولة ......انتهت استراحتي...
موضي ألتمست هروبها: بينا اتصال بعدين...
دانة : ان شاء الله...
اغلقت الخط....واتكأت بيدها على المكتب لينتثر شعرها للأمام، اصبحت كاذبة مع مرتبة الشرف سينظر لها بعين انكسار لمشاعره وبعين الكاذبة، لا يهم أن يراها هكذا ولكن الأهم انها تخلّصت من ضجيجه، نهضت سريعًا لفّت حجابها ولبست نقابها ، ستخرج لتشتري قهوة تُعيد بِها اتزان تفكيرها ، لن تبقى هُنا لكي لا تجن!
.
.
وصل....فتح الباب...روحه ليست معه...وقلبه ينبض سمفونيات حُزن كثيرة....هُناك بالقُرب من أذنه اليُمنى أهازيج تُعزّيه على وقع النّاي وفي وفي اليُسرى يستمع لكلمات جوقة بوتيرة حزينة تكرر بلا إنسانية
" أحزن..اشدو بحُزنك للعالم ألحان..ألتهب بعين أثمك دون وجدان..أحزن يا ليث..أحزن..لأنك تستحق الحُزن والعناء"
يمشي بثقل، والصورة تنبثق من جديد في ذاكرته، لعقت من خلاياه مساحة كبيرة ، وإن كان الأمر مدبّرًا كيف يُشيح بنظره عن نظرتها له، عن حُبّها العميق الذي يُخالج صدرها، كيف يتقبّل إزاحة مشاعرها لشخص آخر وهي على ذمّته؟ كيف تجرّأت على الإعتراف بذلك أصلًا؟
.
.
آه رحيل، الجميع تمنّى رحيلك بينما كُنت وقتها لا أتمنى سوى خروجك من السجن لتعويضك، لغسل ضميري، لأجعلك تنظرين للعالم من زاوية أخرى ولكن ماذا فعلتي بي اليوم؟
جعلتيني حقًا انظر للعالم بزاوية أخرى، بعثرتي بداخلي مشاعر حُقد، وكُره ومشاعر أخرى لا تستفيض بنورها إليكِ!
أنا اصبحتُ حُطامك يا رحيل من بعد اليوم.....انتِ رمادي...وأنا حُطامك.
كسرتني....هشمتني....ألقيتِ بي على شاطىء الأشواك....لم يبقى منّي شيء
استهلكتني وكثيرًا!
.
.
مشى....اغلق الباب من خلفه....وربما سمع صداه ركان وهو في غرفته لأنه انطق
:للللللللللليث...تعال...
تنهد يحاول الصمّود واخفاء الغضب من معالم وجهه ولكن مجاهدته في ذلك عقيمة.
توجّه لغرفة ركان
الذي نظر إليه بهدوء
: الحمد لله على سلامتك...ما بغيت تطلع من المستشفى...
ابتسم ركان : الله يسلمك....
ليث جلس على طرف السرير وضع يده على ساق ركان: بكرا طيّارتكم على الساعة تسع الصبح....
ركان بخوف وقلق: متأكد انك قد هالخطوة؟
ليث ببهوت: بإذن الله....بس لا تحرمني من دعواتك...
ركان سكت، ثم نظر له: سوزان راحت فرنسا...
ليث عقد حاجبيه: قلت لها لا تسافر....ليش سافرت اصلا ...ابوها في شي هاللي سافرت؟

ركان بضيق: مادري هي تعاند ولّا تحاول تهرب من نفسها ومن مشاعرها ناحيتي؟
ليث سكت، ثم نظر لعينين ركان: تدري عاد.... حبّك غلطة يا ركان.

ركان ابتسم وهو يتنهد: واجمل غلطة وربّك.....اول مرة احس بهالشعور...ليث الحُب حلو.....بس يوم يصير بظروف تبن مثل ظروفنا.....يقطّع من قلبك اشياء واجد!

ضحك على نُطق"تبن" ليهز رأسه: طيب كلّمتها؟

ركان: كلمتها ترجع بس تقول ما تقدر....عندها شغل وموقعة على عقد ما تقدر تترك كل شي بسرعة....بتحاول تبقى هناك شهر....
ليث ليبث الاطمئنان بداخله: الله يحفظها...
ركان رفع نفسه من على الوسادة: فكّرت اسافر لها
ليث شخصت عيناه: لا تفكّر!.....الوضع كلّش ما يسمح...فكّر بنفسك اشوي وبأمل على الأقل.......مانكر هي جالسة تعرّض نفسها للخطر بس الخطر الي بجيها ولا شي قدام اللي بجيك لو رحت .....ابتعد عشان لا تلفت الانظار .....ودام اجراءات الطلاق خذت مجراها...بإذن الله ما بصير شي....

ركان ازدرد ريقه: قلبي....مو مطمن.....مابي اخسرها .....عليها اخطاء اوك ما انكر.....تصرفّاتها غربيّة بحته.....بس حبّيتها ليث.....ما هوب ذنب إني حبيت...عشان كذا......مابي يجي يوم وتكون فيه وجع قلبي....ابي اعيش بسلام وهدوء معها ياخوي!

هزّتهُ كلمة " يا خوي" وشعر وكأنه السبب في جلب المشاكل على رأس ركان، رغم أنه نصحه في الإبتعاد عنهما، وحتّى سلمان صرخ في وجهه " لا دّخل نفسك فينا...اسلم على يلدك(جلدك)" ولكن ابى ذلك بقيا معهما، يساعدهما من خلف الكواليس، وحينما شعر ليث بحاجته بعد تخرجه من كليّة الحقوق، ولّاه قضيّة رحيل ولكن بعد اصرار كبير من ركان نفسه، وهنا اقحم ركان رأسه في المصائب.

اقترب منه اكثر طبطب على كف يده: ما بصير إلّا اللي ربك كاتبة.....لا صير سلبي....بإذن الله ما راح يصير لها شي....وإن بقيتني اسافر انا هناك واحميها بنفسي والله لأسافر بس انت آمرني وانا بنفّذ.

ركان ابتسم وهو يطبطب فوق يد ليث التي تشد على يده: ما تقصّر يا ليث......بس مابي احملك فوق طاقتك كافي همومك.....انت انهي الأمر مع هالكلاب....وبإذن الله انا بقدر اتصرّف بعدها....

ليث ابتسم بوجه باهت وشاحب: وانا معاك يا ركان....بس تكفى...الحين ابعد عن الشر.....اهتم بصحتك.....وترى امل بتركها أمانه عندك....
ركان: لا توصيني على اختي...
ليث: لو حصل وصار لي شي.....أمل أمانه عندك.....ورحيل
قاطعه : ليييييث شالكلام.....
ليث ارتفع صوته قليلًا: توقّع اي شي...مانيب ملاك...يمكن خطّتي تفشل...ويمكن موتي دنا...
ركان بنرفزة: بدينا بهالحكي ...ليث.....اقسم بالله إن ما سكت عن موّال التوصيّة لأجلس هنا ولا ارجع السعودية...
ضحك ليث بخفة: خلاص طيب....بس ما اوصيك أمل ورحيل أمانة عندك.....رحيل وصّلها لأهلها....وبكذا تنتهي الأمانة!

يوصّيه حتّى على رحيل، خاف حقًا
: ليث من الآخر قولها صاير شي؟....الحمير اكشفوك...
ليث ابتسم: ما سويت شي عشان يكشفوني....
ركان ضرب كتف ليث بقوة: أجل كل تبن....ولا عاد تطري الموت...
ضحك الآخر ليقف: وين أمل؟
ركان نظر له بنظره: لا طيّر قلبها بكلامك الشين...
ليث: هههههههههههه طيب وينها...
ركان: راحت تتروّش بس اظنها خلصت والحين بغرفتها....
ليث غمز له ولكي يغيّر من مزاجه الذي تعكّر بسببه: بروح لأختك!
ركان حدّق به بعصبية: أختي زوجتك لا تقولها كأنك..
قاطعه ليث: ههههههههههههههه خلاص آسف.....علامك معصّب.....
ركان بانفعال: انقللللللللع...
ليث اشار لأنفه" على هالخشم" وهو يضحك بخفة ثم خرج، لينظر لأمل التي خرجت واتت بالقرب من غرفة اخيها ولكن ليث أمسك بمعصم يدها
وهو يقول: تعالي ابي اكلمك...
أمل نظرت لعينيه: بشوف ركان...
ركان سمعها : ترا ركان ما هوب بزررررررررر يا أمل.....مانيب محتاج لا حليب ولا حفايض!

ليث ضحك بصوت عالٍ وأمل ضحكت ورفعت صوتها: شفييييييييييه؟؟
ليث نظر له: مقهووووووووور مني....
ركان : ترا اسمعكم....
أمل ابتسمت ومشت خطوة "لتطل" عليه برأسها: علامك......شكل الجوع ضرب فيوزاتك؟
ركان: لا زوجك غاثني...
ليث اصبح خلف أمل هو الآخر "طل" على ركان ليصبح رأسه فوق رأس أمل ولكن بينهما مسافة بسبب فارق الطول: افا ...
ركان نظر له: انقلللللللللللع...
أمل ابتعدت وهي تضحك والتفتت على ليث: وش قايل له...
ليث : اتركيه عنك وتعالي...
ثم سحبها معه لناحية غرفتها، دخلا....واغلق الباب خلفه
أمل نظرت لوجهه، كيف رغم ابتسامته وضحكته إلّا أنه حزين و شاحب
ازدردت ريقها من نظراتها التفحصيّة لها
: اي شنو فيه؟....وش بقول لي؟
ليث تقدم لها: بكرا طيّارتكم بإذن الله على الساعة تسع الصبح...
أمل هزّت رأسها: تمام......
ليث: جهّزتي اغراضك؟
أمل بنفس عميق: باقي اغراضي اللّي هنا...
ليث بجدية: اخذي اي شي مهم .....ما عاد لكم رجعه لهنا ابد!
أمل سكتت ثم قالت: يدري ركان بذا الشي؟
هز رأسه وهو يقول: اي.....
اقترب اكثر: أمل....
نظرت له، ولخطواته التي تقرّبه منها همهمت بمعنى "نعم"
ليقول: ركان أمانتك......لو جا وقالك بسافر....امسكيه بدينك ورجلينك واسنانك.....امنعيه من انه يسافر .....
أمل نظرت له، يخيفها مرةً أخرى، شعرت بجديّته في الحديث
ازدردت ريقها وانعقد حاجبها الايسر، : ليث لا تخوّفني...
ليث مسك كفّي يديها: ما اخوفك بس امنعيه....لو حصل وعاندك وسافر....اتصلي علي فورًا!
أمل اجتمعت الدموع في عينها: طيب....

ليث نظر لوجهها، تمعّن كثيرًا به
تصّد عن نظراته، تحاول مُجارات دموعها من النزول على خدّيها، يكره النّظر إليها هكذا ، تذكّره بتلك اللّحظة التي قلبت حياته رأسهًا على عقب، يشعر وكأنه ينظر لذنبه ولمعصيته، ازدرد ريقه وشدّ على كفيها ليقترب اكثر
ويقبّل جبينها مطولًا لتغمض عينيها وتنساب دموعها بهدوء
: ما اوصيك على نفسك...وبإذن الله ايام قليلة وبكون عندكم....
ترك كفّيها سيخرج


شتات الكون 15-02-21 02:59 PM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 






ولكن مسكت يده اليسرى، ألتفت عليها
أمل مسحت دموعها وبصوت متزن: ليث.....لرجعنا.....أنا قررت....ابي ننفصل....اقصد نطلّق!
ليث سكت، سحب هواء عميق لرئتيه: قلتها لك وبكررها ماحد بيفصلنا غير الموت.

أمل بنظرة رجاء: بس أنا ما اقدر اعيش....
فهم ما تُرمقه إليه فقاطعها: اوعدك .....والله اوعدك يا أمل....ما عاد اقول شي يضايقك....
أمل باختناق: ماقدر اعيش معاك وانت ما تحمل ولا ذرّة مشاعر تجاهي...ما اقدر اتكيّف ووضعنا مو طبيعي كلّش.
ليث اقترب منها، نظر لعيناها: مو مهم الحُب في العلاقة الزوجية ..الإحترام اهم.....بالنسبة لي!

وقبل ان تُردف حرفًا واحدًا: اوعدك .....بنعيش باحترام وبدون ما نأذي بعض.....
ثم أكّد عليها: حنّا لبعض ما في شي اسمه ننفصل!

أمل قبل أن يتحرك : عشان ركان؟

سكت، ولم ينطق بكلمة لن يؤذي قلبها اكثر، هو اليوم تجرّع معنى الأذيّة على معانٍ قاسية سيرحم حالها ابتسم وهو يمسح دمعه سقطت على خدها
الأيمن همس لها: وعشان أمل!

لم تتحدث تتبعثر أمامه، هي تحبّه، ولكن لا تحب سطوة كلماته القاسية
وسطوة تذكيرها بالماضي، لا احد قادر على فهم هذا النّوع من الحُب
ولكن هي تُجزم أنه حُب من باب الإنتقام من النّفس هي تُجزم لا مجال لها من أن تحب شخصًا آخر، تشعر انها ستخدعه لو فعلت ذلك.
لذك ستصرف بمشاعرها جبرًا لليث، ليث هو من اعتدى وهي من رمت بنفسها في ظلامه!
لن تجد شخصًا آخر في تسويّة الأمور طبيعيًا دون فضائح غيره، لن تستطع ان تتزوّج شخصًا لتُهديه حبًّا طبيعيًا تجاهه
لذا هربت من احلامها لتسبق ظلامه وتلتصق به بالزواج، فاسهبت بكل مشاعرها التي تُدرك لا مجال من ان تُعطيها أحدًا غيره.
تفهم وضعها جيّدًا وهذا ما يجعلها بائسة أكثر.
وإن احبّته فهي تكره قُربه الحميمي اصلًا فهي طبيعية من جانب، ليست مجنونة كما ظنّت...دامها تخشى طرفًا منه
فهذا لا يدعو جنونًا!

شعرت به يحضتنها حينما لم تُجيب عليه بكلمه ، اعاد يقبّل جبينها بهدوء ثم قال: استودعتك الله.....فمان الله... بطلع عندي شغل!

وخرج من غرفتها، ليترك لها مجالًا في التفكير في جنونها الطبيعي...لم تُطيل الأمر مسحت دموعها وخرجت من أجل إعداد الطعام لركان!
.
.
.
الخوف...يركض...يلتهب ويضرب....
كيف انتشر هذا المقطع؟
مَن نشره؟
والأهم من صوّره؟
إلى الآن....لم يقع تحت انظار والدها...ها هو امامها يتناول العشاء معها بهدوء.....عقلها شّل....هل يعقل....رهف؟.....ولكن كيف لم تشعر بذلك؟
"يا الله استرني بسترك العظيم" لم تأكل شيء....كيف تنجو من الفضيحة عليها ان تقدم بلاغًا ....من خلال...الشرطة الإلكترونية.....أجل هذه الخطوة ستحل امور كُثر
نهضت
تحدث والدها: وين؟...ما اكلتي شي؟
ابتسمت في وجهه على مضض: كل هالأكل ولا اكلت...يبه شوف صحني....بس باقي هو ما أكلته!
نظر لصحنها لم تحرّك شيء، ومن الواضح انها لم تُلاحظ ذلك: بالله انتي طالعي صحنك؟
مزون انزلت رأسها للصحن لتنصدم: يؤؤؤ...كيف كذا....شكل الأكل يتكاثر عن طريق الهواء!
راشد ضحك : هههههههههههههه عندك ردود لكل شي...الله لا يضرك....
مزون ضحكت رغمًا عنها لكي لا تُثير الشبهات: ههههههه طالعه عليك يا الغالي....اسمحلي...بروح ابدّل وبنزل ابثرك...
ضحك بخفة ثم قال: ههههههههههه انتظرك...إلّا صدق ترا بكرا موعدك....
مزون : ايوا..الساعة عشر؟
هز رأسه: اي....
مزون ابتسمت له، ثم انسحبت، لتولّي بظهرها راكضة على عتبات الدرج وتسابق خوفها من انتشار الفيديو بشكل اوسع ومخيف، ستقدم بلاغًا، لتنتهي المسألة ...صعدت ....ووصلت الغرفة فتحت الباب وسحبت الهاتف....نظرت لعدد اتصالات فائتة من رهف!
وقع قلبها ....واتضحت الصورة ...لم تتردد اتصلت عليها لتقول
بشكل منفعل: رهف......بسألك سؤال واحد وجاوبيني بصراحة!
تلك الأخرى كانت تبكي، اجابتها دون أن تسمع السؤال: انا اي انا....والله مو قصدي مزون اضرّك....والله هو هكّر جوالي...وكنت مصورة لك المقطع ...وكنت بحذفه ونسيت......صار يبتزني...وقال اذا ما طلعت معه بينشر كل اللي في الجوال....وامس نشر الفيديو حقك....واليوم نشر صورتي!

ودخلت في نوبة بكاء عميقة
فصرخت مزون: حسبي الله عليك وعليه....الله ياخذك يا الحقييييييييرة....ليش اصلا تصوريني بدون اذني؟....هااااااا....انا الخبلة اللي فزعت لك....وهربت معك...وخذت ضربة على عقلي ورحت معك تقابلينه....وش جنّيت من خبالك غير كسر بيدي وفضيحة....تبين اهلي يموتوني؟؟؟؟

رهف ببكاء وشهقات متتالية: والله ....والله ما ظنيته خسيس...والله العظيم.......ما دريت بسوي فيني كذا....انا اهلي لو شافوا صورتي والله يذبحوني....
مزون بانفعال: تستاهلين يا عساك في هالحالة واردى.......
رهف بشهقة
اردفت مزون: سوي بلاغ عليه.....الله ياخذك قدمي بلاغ عشان يوقّف ابتزاز......
رهف بدموع كثيفة: اخاففففففف...هددني....لو
قاطعتها: الله ياخذذذذذذذذك....الله ياخذذذذذذذذك هذا اللي اقدر اقول...ارسلي لي رقم جوّاله.....ارسلي لي اياه الحييييييييين باي...
ثم اغلقت الخط في وجهها، مسحت على وجهها بقهر وهي تشتم نفسها حينما قبلت الهروب معها!
دارت حول نفسها، ضاق عليها النفس، الامر ابتزاز اذًا
هل تقدم الشكوى أم تحدّث فهد ام ريّان للتدخّل
تأففت، لأوّل مرة تشعر بشناعة تهورها، ليتها لم تهرب من المدرسة
تقسم راشد لو علم سيقتلها حتمًا تقسم بذلك سيفعل دون تردد إلّا الشرف والفضيحة لا تستطيع مجاراته فيها!
، ماذا تفعل؟ الأمر يفوق تفكيرها يفوق عدم اتزانها؟
تتصل بمن وبمَن تستنجد؟
تتصل بريّان كونه عسكري؟ ام تتصل بفهد؟
يا الله ....ماذا تفعل....نظرت لشاشة هاتفها....رهف رسلت لها رقمه...
تحدثت: ياربي الموضوع اكبر مني...اكبر مني...ِشسوي....شسوي...؟
ضربت على فخذيها بقوّة واحتارت ثم

بكت بصمت، وزادت حيرتها حينما توقعت الأسوأ من رهف!
هل تبلغ عنه، ولكن ماذا لو فعل شيئًا لرهف؟
تخشى من ان تحدثه فيبتزها هي الأخرى
اذا تُخبر والدها بكل شي؟
حرّكت رأسها بضيق
وبكت من جديد........ليس هناك خيارًا ستُدخل فهدًا ام ريّان في الأمر؟
ستدخل احداهما للتصرف برجولة وحكمة اكثر منها!
نظرت للجوال قررت ان تتصل عليه ويديها ترتجفان ...ثم ترددت ورمت الهاتف بعيدًا عنها
جلست على طرف السرير: اهدي مزون....اهدي بعدين قرري بمين تتصلين...اهدي!
.
.
حينما رأت إنه لم يتزحزح من مكانه خرجت من المخزن وقلبها يشدو ألحان الخوف على طُرق متفرقة ألتفت عليها
شد على اسنانه بذعر: رجعي....
وصايف سمعت الخطوات تزداد قُربًا من جهتهما: شنسوي؟
نواف مفجوع حقًّا من الوضع: بركض وانتي دخلي المخزن....
وصايف هزّت رأسها بالموافقة
والآخر اغمض عينيه، ارتجفت ساقيها
همست له: روح خلاص...
نواف بغضب التفت عليها: تدرين انك خوّافة مرا...ليتك مثل مناهل!

لم يُدرك جملته تلك ولم يُدرك اثرها على وصايف، يُقارنها بمناهل بتوأم روحها ونصفها الآخر، اوجعتها تلك المُقارنه وتمنّيه لتكون مناهل
ماذا يقصد؟ هل يُريد أن يوجعها للتو تذكرتها وتذكرت رحيل، اجتمعت الدموع في عينيها التفت عليها، وادرك شناعة جملته طوّق وجهها: وصايف...

ابعدت يديه عنها وركضت للمخزن، لتغلقه عليها بقوة،هل هو يعرف مناهل لكي يُقارنها بها؟ وكيف يُردف باسمها وهي تتجرّع ذكرياتها خلال هذه الأيّام التي سرقتها منها، آلامتها المُقارنة وآلمها الشوق لمناهل، والأشد وجعًا تمنّيه لأن تكون مناهل لا تدري كيف عبثت هذه الجُملة بغبار الماضي لتُبعده وتتذكر اختها الآن...

صوت اغلاق باب المخزن لفت سمع ريّان الذي قال: في أحد؟
نواف طار عقله وركض هُنا ليسابق الريح متجهًا لباب منزلهم المتصل بمنزل جدّه وصل وسحب الباب واغلقه من خلفه ليصطدم بالحديدة التي احالت بينه وبين الفتحه لتمنعه من ردفه ليرتد ويبقى منه جزء مفتوح واحدث صوت صرير مسموع...
ريّان ركض للخلف...ونظر لباب المخزن المغلق...ولكن الضوء متسلل من الفتحة الصغيرة من تحته....
ذهب...وكانت وصايف خلفه تتنفّس بعمق......اشعلت الضوء سريعًا حينما دخلت....مسحت دموعها بعنف
اغمضت عينيها حينما سمعت وطء قدم ريّان يقترب من الباب
لم يأخذ ثوانٍ حتّى فتحه
التفتت عليه سريعًا بوجه محمر
عقد حاجبيه: شسوين هنا؟
وصايف نظرت له بضياع وبعينين محمرتين وبلعثمة: جاية ارجّع ذول...
واشارت للمكانس الخشبية
ثم اطرقت سريعًا: سمعت صوت وخفت وسكرت علي الباب....
لا تريد ان يشك بها ، فاردفت بتلك الكذبة التي لم تعي ستكون كارثة على نواف لو لم يهرب الآن!

ريّان بشك: وانا سمعت....
اشار لها: اطلعي ودخلي داخل وخذي هذا ودّيه لجدي... بشوف الجهة الثانية يمكن فيه احد...

هزّت رأسها وسحبت من يده الكيس ثم توجّهت للباب الخلفي من المطبخ والآخر ينظر لها بنظرات الريبة، مشى بخطواته البطيئة إلى ان وصل الوجهة المعاكسة، نظر لباب عمّه وكان مفتوح تقدم إليه عقد حاجبيه
بهِ شكوك كثيرة ويخشى من ان تتحقق، سحب هاتفه ليتصل على صارم
: الو صارم...
صارم كان في المجلس، يتابع المباراة لوحدة وبعيدًا عن ضجيج اهله في الدّاخل
رأى شاشة هاتفه تُضيء ونظر لأسم ابن عمه
اجاب: هلا ريّان...
ريّان بجدية: صارم....انت في بيتكم؟
صارم: اي...
ريّان: اطلع على جهة الباب اللي يطلعك على بيت جدي...اظن في حرامي خطر بيت جدي لبيتكم....
صارم نهض منفعلًا: لا تقولها!
ريّان لا يريد أن يأوّل الأمور إلى اسوأ حال
فقال: مانيب متأكد بس اطلع ....شوف حوشكم...تأكد....وانا انتظرك قدام الباب...
صارم خرج من المجلس: ازهلها....بشوف الوضع وبجيك....
ريّان بنظرة مقوّسة: وشوف نوّاف في البيت ولا؟...يمكن بعد هو اللي فتح الباب...ما نيب متأكد....
صارم عندما خرج ونظر يمينًا ويسارًا: كل شيء جايز...بسكر الحين بتأكد وبجيك....
اغلق الخط وبقي ريّان ينظر يمينًا ويسارًا ....ويتنفّس ببطء شديد وبعقله موّال يتمنّى ألّا يُصيب بهِ، اعاد ينظر للوجهة الرئيسية بحذر...ودخل المجلس ليتأكد من خلوّة من اي احد .....ثم عاد ينتظر صارم أمام الباب!
.
.
ركب الطيّارة شعر، بعودة روحه في جسده ، حقًّا هو قلق من أمر افتضاح الأمر وتماشيه على خُطى تُنهي حياته، لو لم يتدخّل ستيفن لمشت الخطّة في افضل حال.....ولكن هو تخلّص من ثقلها ابتدأها وانهاها سريعًا لذا يرجو الله على أن تتحقق النتائج كما يريدها اللورد....
اسند رأسه للوراء، تذكّر الأمر...
.
.
وضعها على السرير كان جسدها مرتخيًّا كليًّا ينظر للهالات التي تُحيط عينيها، ينظر لاستسلام جسدها للمنوّم بشكل فضيع هي مُتعبة والمنوّم أتى بمفعول جيّد لإسكات ضجيج عقلها، ابتسم بسخرية
مسكينة، تدفع ثمنًا لا دخل لها فيه، اشعل الإضاءة الخافتة، لينظر لملامح وجهها، جميلة ليس بِها ما قد ينفّر الرّجل ويبعده ....رغم التعب .....إلّا ....إنها ما زالت تحتفظ بمعالم جميلة ....ومثيرة ايضًا!
خرج الذئب من داخله.....ولكن ولّى بظهره عنها ليشد على شعره
: بتّال لا تفكر......لا تفكر كذا.....الوضع بكون ادمر.....
تنهّد....اخذ يجر انفاسًا لتهدأت الضجيج وتهدأت رغباته، أخذ يجول للأمام والخلف
نظر لها من جديد ليهمس: والله ستيفن ما كذب لم قال جميلة!

اشاح بنظره عنها، لن يُقبل على الأمر إلّا بعد ان يُطفأ لواهيب رغباته، اخذ يجول أمامها يسترق النظر تارة وتارة اخرى، يغمض عينيه ويستل نفسًا عميقًا ليُشيح بأفكاره الخبيثة بعيدًا عنها، يشعر وكأنّ هنُاك مغنطيسًا يملك جانبًا اجابيًا وهو سالبًا في الأصل ليجذبه بقوة، وهو يحاول الإنفصال ليبقى في الجانب الإجابي ليصبح متنافرًا مع رغباته ولكن الأمر لم يكن سهلًا
هو في الواقع اعتاد على اللّهو، على الضيّاع في مغناطيس ذنبه والآن يحاول الهروب من مغناطيسهُ المُعتاد ليس من أجل ألّا يحظى بالذنب
بل من أجل حقن دمه وروحه!
اقترب منها انحنى لينظر لوجهها، انفاسها منتظمة وانفاسه عشوائية يحاول بها تسكين قلبه وهيجان وحشه الذي يُريد الإنقضاض عليها، سحب هواء عميق من زفيرها الرّاكد....اغمض عينيه.....ثم فتحهما لينظر لخدها الأيمن المحتفظ بالنُدمة الشهيرة، علّقت عيناه على رموشها المبللة بالدّموع، لم يتوانى عن لمس حاجبها الأيمن المعقود قليلًا ليقترب من عُقدة انفها الشامخ، حتّى وهي نائمة تتألم!
ألتمس ذلك، مرر سبابته على انفها وكأنه يُرسمه في خياله لا يريد أن ينسى هذه الملامح المحرّمة عليه، استقرّت سبابته على نُدمتها، ليضج بداخله صوت الضمير فابتعد،
شتم نفسه ، سينهي الأمر سريعًا قبل أن يفقد سيطرته على الأمركلّه، سينهي الأمر نهض واتجهة للجانب الآخر من السرير خفف الإضاءة اكثر!
.
.
فسمع صوت المضيفة التي تسأله هل يريد شيئًا ولكن فتح عينيه ببطء وهو يقول: No…..thanks
نجى من نفسه في تلك اللّيلة، ونجّاها من خزعبلات رغباته.....ولكن كيف سينجو من عقاب ربه...هو لم يفكر بذلك اصلًا...ولكن جُلَّا همّه كيف سينجو من اللورد لو فشل عمله...تنهد وعاد اغمض عينيه وهذه المرة وضع السماعات في أذانه ليخرسه ضجيج افكاره!
.
.
.
جالس ينتظره، حينما أتى اسمعهُ التسجيل ولكن هرب قائلًا" بتروّش وبجي اوضّح لك كل شيء" ولكن بعدها لا يدري اين ذهب وكأنه يتهرّب من لُقياه أتى وقت صلاة المغرب وكذلك العشاء ولم يراه
والآن دخل الغرفة ليجده
ضحك: ههههههههههههههه شفيك انزرعت في غرفتي....
محمد وقف منفعلًا: تهرّب بعد....روح شوف يمكن ابوي يبي شي...
فيصل اقترب منه: والله ما اتهرب امي قالت لي اروح اشتري اشياء ضرورية ما تنتأجل.....
ثم غمز له ليأخذ محمد الوسادة ليرميها عليه: احر ما عندي ابرد ما عندك......يا الوسخ!

فيصل انحنى لتضرب الوسادة في الهواء وتسقط ارضًا قهقه بشكل مستفز لمحمد الذي اقترب منه واعاد تشغيل التسجيل الصوتي ولكن فيصل خرج عن طوره مسك الجهاز واغلقه
: خلاص فهمت....
محمد : عشان كذا كنت تشك فيه؟
لم يردف فيصل حرفًا واحدًا بينما محمد وجهه مُحتقن بشكل يُظهر لأي مدى وصل غضبه
محمد بانفعال: لهدرجة تكره اخوك عشان تجلس تأذّيه؟
فيصل اندفع: ما اذيته يا محمد......الله يهديك لا تجلس تفلّم على راسي.....
محمد اشار للتسجيل: اجل هذا وش؟.....واختراقك لحساباته ....ايش اسميها؟....بقول فضول؟
فيصل شتت نظره عن اخيه، ألتمس جديّة محمد في الحديث عن الأمر، وشعر أنّ امره سيُفضح
: اي فضووووول....لم حسيت ليث مو على بعضه.....فجأة لقيت نفسي انبّش من وراه....
محمد بعصبية: تطفلك عليه بهالطريقة الوقحة مالها دخل بالفضول....
فيصل سكت لوى لسانه داخل فمه ثم بلل شفتيه: إلّا فضول....انا اكثر من مرا اسمعه يتكلّم بالجوال صدد....
قاطعه محمد بنبرة مرتفعة: مو صدفة.....انت وقتها تبي تسمع وجلست تصنّت عليه...
فيصل سحب نفس عميق لا يريد ان يخرج من طور هدوءه: محممممممممممد.......لا تكبّر السالفة هو سالفة فضول...وما قدرت اواجه ليث واساله وحطيت هذا....و
قاطعه محمد هُنا: على اللي يسويه لك....انت من وراه شتسوي؟.....تطفّل عليه.....تخترق....تسجل...مدري شنو...ولو فضول وراح.....ليش محتفظ بالتسجيل لحد الحين.؟؟
فيصل ولّى بظهره عنه توجّه للكمودينة اخرج علبة السجائر، سحب سجارة واحدة واشعلها وجلس على طرف السرير، أخذ انفاسًا عميقة منها واخرج الدخان بشكل فوضاوي مستفز
لمحمد الذي يُكمل: بالله قول تصرفك صح؟
فيصل نظر له تحدث والدخان يخرج من فمه وانفه: لا......
ثم نهض واخذ الجهاز ورماه على الارض لينكسر: هااا عساك ارتحت.....
محمد دفعه من صدره: مو هنا المشكلة.....
اشار له: المشكلة فيك.....وش الدافع الل يتركك تسوي كذا.....ليش تكره ليث؟
فيصل صرخ في وجهه بغضب بعد ان رمى السيجارة ودعسها بقدمه: ما اكرهه شفيككك انت......فضول...مثل ما فضولي تركني اعرف زواجاتك المسيار........تركني.....اشوف وش وراء ليث.....
محمد كاد يتكلم ولكن انفتح الباب على حين فجأة ودخل والدهما
الذي نظر لهما بشك: وراء تصارخون؟
فيصل مسح على وجهه وشتت ناظريه عن ابيه
بينما محمد نظر لأبيه: ما فيه شي....بس كنّا نتناقش على موضوع وتحمسنا...
بو ليث تقدم لناحيتهما عقد حاجبيه: في شي اسمه اسلوب.....
ثم شم رائحة يبغتها كثيرًا: تدخنون يا الملاعين؟
رغمًا عن فيصل ابتسم جانبًا
ومحمد رمق فيصل بوعيد وعاد ينظر لأبيه: لا وش ندخّن....
بو ليث ارتفع صوته: ما فقدت حاسة الشم اظن....والريحة فايحة هنا.....

ثم حوّل انظاره على الارض ليجد اثر رماد السيجارة
والأخرى مُلقاه بالقُرب من رجل محمد
: وهذا شنو؟
وبسخرية: بسكوت؟
فيصل ضحك بخفة: ههههههههه يبه...
محمد تدخل سريعًا لينهي الأمر: الصدق يبه ما زلت ادخّن...
فيصل نظر لمحمد بدهشة من اعترافه من انه "ما زال..." ولا يدري لماذا دافع عنه والقى التُهمة عليه
تحدث والده: ما نيب قايل لك تترك هالدمّار.....وراك ما تفهم.....هذا وانت من رجال الصحة...واخبر بهالأمور....
محمد شتت نظراته عن ابيه وعن فيصل : عجزت اتركه....
بو ليث بغضب شديد: بتتركككه غصبن عنك.....طس تعالج يا المدمن.....
واشار له: ولا عاد تدخن بهالبيت....ولا تدخّن قدام اخوك......ولا تسحبه لطريقك...ولا والله.....بجيك مثل ما جا ليث!
فيصل ازدرد ريقه هُنا، ونظر لمحمد الذي خُطِف لونه
: تامر يبه...
بو ليث: اتركوا عنكم الصراخ......عندكم موضوع تكلموا فيه بهدوء......والله لو سمعتكم امكم كان طاح قلبها........شباب طايش مابه خير....وش هالجيل الدمّار...عوذه!

ثم ولّى بظهره وخرج واغلق الباب بقوّة...
محمد مسح على وجهه عدّت مرّات، وفيصل رحم حاله
تحدث بهدوء: والله يا محمد نيتي ما هيب نيّة ابتزاز ولا كره ولا حتى اني اذل فيها ليث ....الوضع كلّش مو كذا...
محمد مسح على لحيته، التفت على اخيه سريعًا
: اسكت....
فيصل علم محمد خرج عن طورة، فسكت ومشى لناحية علبة السجائر سحب اثنتان واشعل واحدة بعد ان وضعها تتراقص ما بين شفتيه
: وطلعت تدخّن!
مد يده: خذ روّق....وبعدها نتفاهم....

محمد سحب هواء لرئتيه مشى ليضرب صدره في يد اخيه الممدودة جلس على طرف السرير
ليضحك فيصل: هههههههههههههه طلعنا كلّنا دشير.....وندخّن واضح حتى ليث من ضمن الفريق....خذ عاد...
مد يده من جديد
محمد نظر له قوّس حاجبيه: مادخن مثلك بجنون....وتدري لو ابوي عرف انك تدخّن.....وش بسوي؟
فيصل بلا مبالاة: وش بسوي؟
محمد: بسحبك مثل ليث ووديك مكافحة التدخين....عشان تخضع للعلاج وتلتزم فيه ........وهو يطمّن انك مجبر على اتباع النصايح والارشادات والتوجيهات منهم.....
فيصل بصدمة: أمّا عاد....كلّها دخان ما هوب مخدرات....وبعدين هم ما خبري يحتجزون احد؟
محمد : على وقت ليث لا واظن حتى الحين....بس توعية وارشادات....عاد تخيّل ابوي يمسك يدك وروح فيك هناك كأنك بزر.......
فيصل: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه.......ماب ي اتخيّل....واضح ذّل ليث ذل....
محمد ابتسم رغمًا عنه: وجيت الحين انت تذلّه....
فيصل تعكّر مزاجه هنا: إلا تعكّر الكيف....
محمد: اترك الكيف عنك.....وقولي ليش تراقبنا...يلا جمعت....عشان لا تاخذ الوضع شخصي!

فيصل بتلاعب: عشان آخذ خبرة حياتية منكم....بس طلعتوا دمار....
محمد بملل: لا حول ولا قوّة إلّا بالله.
فيصل بهدوء: لا تكبّر الموضوع هو طيش مني لا أقل ولا اكثر...بس زواجاتك....ومعرفتي عنك تراها بسيطة.....
وبخبث: اخر اخبارك مستقرة ......وما عندك زوجه.....
محمد سكت، ونظر لأخيه
فجأة ابتسم ورفع حاجبه الأيمن: ولا عاد بكون لي.....حياة السنقل ...ما فيه احلى منها....
فيصل جلس بالقرب منه اطفأ السيجارة: ودانة؟
محمد ألتفت عليه باستنكار: ما هيب من نصيبي...
فيصل بجدية وعقلانية : شوف الله حق...اشوفها تناسبك...نفس الفكر....ونفس الطموح....ونفس الهوايات......
محمد ابتسم بسخرية: وش دراك انت.....
ثم قلّد صوته: نفس الهوايات..
ضحك الآخر: هههههههههههههههههههه والله الظاهر يقول كذا.....بعدين تعال....صدق جدّي طريقته غلط ويمكن هالشي مأثر عليك وعليها من قبول فكرة الزواج من بعض....بس اترك هالجانب ....وشوف الجانب الثاني....دانة بنت ذربة ...ما شاء الله طموحة وقوية.........والله انها كفو.....خاصة لم عاندت جدّي في دراستها....ماحد كسر كلمته من البنات إلّا هي....
محمد نهض وبانفعال: خلااااااااااص دامك معجب فيها خذها روح كلّم جدي قول أبي دانة......وفكني من هالسالفة اللي تبي تطلع من خشمي!

فيصل نهض معه سكت قليلًا ثم قال: احميد....اهجد وقصّر صوتك لا تدخل علينا امي بدل ابوي.....ما قلت شي.....مو مدحتها يعني ابيها......
وبخبث: لا تغار...ترا عيني ما هيب طويلة!

محمد صفق كفّي يديه في بعضهما البعض: جنّيت الحمد لله والشكر تدخل هذا في ذاك.....خبل...جايك في موضوعك...فجأة قلبته موضوعي....ولا تأوّل كلامي على كيفك...مسطول؟

فيصل ضحك: هههههههههههه حبيت انصحك وانت معصّب عاد كيفك......تبي تاخذ النصيحة كان بها ما تبي ......بالطقاق...
وبنبرة خبث: حط ببالك ما هيب واقفة عليك حبيبي.....دانة بنت الكل يتمناها......واسمع من صارم الخطّاب يجونها لكنها ترفض.....بإذن الله بتلاقي اللي يطشرك وخليك صفر على الشمال....
محمد بنرفزة ذهب لناحية الباب وهو يردف: الله يهنّيها
ثم خرج واغلق الباب وبقي فيصل ينظر للباب وهو يهتز من الضحك، ثم سحب هواء عميق ونظر للجهاز الذي تحطّم مسح على رأسه
: كيف ما اتلفته....والله كنت بنفضح!
.
.

.
.


انتهى




شتات الكون 25-02-21 12:19 PM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 





Part14
.
.
.
.
.
.





قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.





.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.


.
الشّر والغضب يشتركان في تحفيز الروح على الإنتقام من اللّاشيء ربما، في بعض الحين الشّخص نفسه يبحث عن متنفّس لكي يُظهر فيه سلبيّة روحه لينجو من الكُتمان الثقيل والذي يهوي بهِ في أسفل الأراضي القاحلة، لذا يهرب...يركض....يحاول الإختفاء من سبب هذا الغضب الذي يَحرقهُ من الدّاخل ...يريد النّجاة منه لكي يستمر في العَيش فقط....لا يريد أن يرتكب حماقات تترك أثرًا غدًا؛ ينظر لها ويندم!
لا يريد أن يصرخ بضجيجهُ ويُسمع العالم خسارته الذي جاهد على ألّا يتجرّعُها يومًا....لذا يحاول ويجاهد ألّا يتآكل على نفسه بل سيسلّط كل ما بداخله من جنون على تلك الأفكار التي دارت أمام عينيه....عليه ألّا يصبح ساذجًا أو دُمية خشبيّة من الصنوبر ذات خيوط حريريّة ومشابيك أخرى لتحريكها حيثما يشاء المرء!
ولا يريد أن يُصبح رجل آلي....يتحكّمون بعقله يُبرمجونه على أهواؤهم الخبيثة.....لم يعد بعد الآن يرغب في السكوت عن الشر....ودّ لو كان ميزارو الذي يُغطي عينيه لكي لا يرى الشّر....ودّ لو كان مثل كيكازارو الذي غطّى أُذنيه لكي لا يسمع الشر.....ولكن اجبر على أن يرى ويسمع الشّر ليدخل في قوقعة عدم التحدّث بهِ كـ إيوازارو....تلك القرود الثلاثة الحكيمة ذات المعنى العميق.....الآن ادرك المعنى الحقيقي لها....كانت تُشير على عدم إعطاء فرصة للشّر للتمكّن من الإنسان والتأثير عليه هذا آخر ما توصّل إليه الفلاسفة ولكن هو الآن شعر وكأنه في التفسير الأوّل لمعانيها.....هو سكت عنهم وكأنه جبانًا كما ادرك البعض الفهم المغلوط...ولكن هو نفسه يرا ما حدث لهُ كتلك القرود...ولكن على معاني الجُبن...والآن اهتزّ لينجلّي الجدار ويُعكس التفسير الآخر ليجعل الشّر متمكنًّا منه.....بطريقة قاسيّة!
الشّر بدأ يستحوذ على قلبه...الحقائق بدأت تُلوّي عقله عن التفكير بمنطقيّة.
يشعر بلذعة عقرب ذنبه في الماضي...هو الآخر استحوذ عليه...ليذوّقه من العذاب ذاته ما ذوّقهُ لغيره....إن كان الأمر مُدبّرًا لا يُعني أن الشعور سيختلف...هي خائنة...وهو الآن هارب لكي ينجو من جنونه!

ولكن هُناك شيء يُخرس كل خلاياه عن النّطق كيف يتقبّل اضطجاعُها بجانب ذلك الغريب، او كيف يُخرس حماقات تفكيره من قتلها اصلًا؟
بكى....وكأنهُ ينتظر هذه اللّحظة لكي ينهار فيها....

الرّجال يبكون أجل يبكون خفاءًا وخفيّةً عن الأنظار...يتأرجحون بألمهم كالبندول....يختفون في كهوفهم مُتحاشين تلك الكلمات التي تُطبطب على اكتافهم خوفًا عليهم من الإنهيار.....يبكون ولكن بصمت عيونهم....فهم يبكون حسرةً وقهرًا بأفئدتهم المعتّلة بالأوجاع...
.
.
ومالي لا أبكي...أبكي حسرةً على ضياع عُمري أم ابكي تندمًا على اتّباع صاحبي الذي لا ذنب لهُ في الأصل؟
أم ابكي على كبرياء عظيم نشأ من بؤس روحي المُظلمة التي سحبت رحيل في وحل السجون؟
ومالي لا أبكي؟
وأنا ضائع ما بين هفوة خيّانة .....وشعوري بالإنكسار.....ابكي أجل...أبكي على تلك الأيّام التي طوّقت عُنقي عُنوةً لتجرّع أصنافًا من الآلام......بل أبكي على نفسي وعلى خُدعتهم التي طوّت أيّامي بالتهديد والعجز!
فمالي لا أبكي؟....أبكي ضُعفًا....أبكي خوفًا من نفسي....بل ابكي لعدم حُسن تصرّفي في هذه الأيّام.....ومالي لا أبكي....وأنا الآن مكبّلًا بأغلال ظنوني....أبكي لأنني عاجز من تكذيب خيانتها أم ابكي لأنني اظنُ في تلك النّفوس الضعيفة؟
.
.
رفع رأسهُ عن مقود السيّارة، نظر لساحة حربهم قبل سنوات...هُناك طُرِح سلمان أرضًا بعد إصابته....وهُناك وقف ركان صارخًا بعد زعزعة طمأنينة فؤادة....الشّارع يُضيء بالأنوار على عكس قلبه.....ضرب بكفّيه على المقود وكأنه يضرب على ذكرياته ليُفقدها وعيها، سيعود ليترك لهم ضربة موجعة ....ولكن يرجو الله أن يقوّيه على فعل هذه الضربة....
اشتدّ نظره....حينما نظر لستيفن وابا سلمان واقفان....أمام بعض....ابا سلمان يحرّك كفّيه أمام وجه ستيفن بوجه مُكفهر...والآخر من الواضح أنه يصرخ....
ها هي الفُرصة أتت إليك يا ليث.....اخرج من قوقعة استسلامُك مع حديث النّفس وقاتل من أجل شرفك....فتح باب السيارة التي أركنها على بُعد متر من المعمل....اغلق بابها بقوّة واخذ يركض وهو يصرخ" ستيفن"، وكأنه يُريد أن يقطع بصرخته نقاشهما الحاد.

ابا سلمان ألتفت على ليث وضجّت خلايّاه بالقلق، ترك ستيفن وراؤه وفهم هيجان ليث الذي يركض....وصل إليهما ولكن تخبّط في صدر ابا سلمان الذي تصدّاه ليصرخ حينما شتم ليث ستيفن وحاول الإنقضاض عليه
: ليييييث......عن الينون......
ستيفن وكأنه الآن أدرك خطورة حديث ابيه، وكأنه فهم الأمر سيَخرب بسببه وها هو الآن يُدرك ذلك على انفعاليّة ليث أمامه ومُحاولة التطبيق عليه، هو مقهور من رحيل شعر وكأنها رجل قوي، فهي اقوى من رغباته تُحاربه وتترك اثرًا على جسده وليس أي اثر...بل اثر قوي لا ينمحي ابدًا عن مخطوطة جسده!
ودّ لو وكّلِت إليه الخُطة بدلًا من بتّال....هو تحدّث مع ابيه قبل قليل يُعاتبه على عدم ثقته به في تسليمه لهذه الخطّة...ولكن والده خرج عن طورة ليصفعه على وجه طاردًا إياه ومهددًا بقوله في ترجمة لغته
"اخرج لا أريد أن أرى وجهك يُكفيني عبثًا وجنون، ليث ليس غبيًّا سيفهم كل شيء بسببك، لا اريد ان اراك، ستُسافر رغمًا عنك بتواجد عدد من الرجال لمراقبة افعالك أيها الأحمق"
شعر بالإستنقاص، وفهم فكرة ابعاده هذه ربما من العقل المُدبّر ابا سلمان فأتى إليه شاتمًا إيّاه ودخل معه في نقاش حاد، ولكن اقسم ابا سلمان هذه المرّة فكرة ابعاده عن البلد ليست فكرته بل فكرة اللورد، خبّأ بقيّة خطّة اللورد في نفسه لو علم بها وهو على هذا الحال لقتل ستيفن ابا سلمان في الواقع.

كان ينظر لليث باستمتاع شديد ويبحلّق في محاولة التفلّت من يدين ابا سلمان لينقض عليه ابتسم، هُناك شيء بداخله استيقظ وجعله يرضى بكل ما يحدث له
غمز لليث، وابا سلمان ألتفت على ستيفن يصرخ به ليذهب
ولكن ستيفن اخذ موقفًا من والده والجميع والآن يُريد توريط المجموعة في الواقع، هو سيُبعد عن دائرة السوء والخطر
سيكون على متن الطائرة بعد ساعة سيُسافر إلى (فِييَنَّا) لذا ليث لن يستطيع ايجاده، ولكن ابيه وابا سلمان هما من سيتوهقا به
لذا اقترب خطوة للأمام ولكي يبّث السّم في العسل تحدث بنشوة الانتصار وبنشوة الانتقام من ابيه
وبِلا تردد قال(مترجم): استمتعت بزوجتك بالأمس....أجل هي حمقاء حينما وثقت بذلك الرجل في مساعدته لها....في الواقع اوّد ان اخبرك.....جلبها لي واستمتعت في لحظات انتقام الثمان سنوات!
ارتخت يدين ابا سلمان، وشخصت عيناه حمد الله كثيرًا لأنه لم يُردف باسم بتّال، اي خُبث بثّهُ في نفس ليث، برّأ رحيل من الخيانة في دقيقة، وأوقع على اعتاقهم ثُقل ليث وغضبه، ابتسم ستيفن لليث وغمز لهُ بعينه اليُسرى ومشى بخطوات الخُيلاء لناحية سيّارته!
وابا سلمان ضجّ فؤاده فهم خطّة اللورد على اي اساس قائمة؟
قائمة على اساس خُبث ابنه، وفهم خوفه عليه حينما اعفاه عن امور كُثر تُبرّئهُ من زوبعة اعماله، فهم الآن ...وبدأ يخاف من كل شيء هو الآخر!

ستيفن لوّح بكف يده وركب سيارته واختفى في غضون دقيقة، وليث ضجّ قلبه، تمكّنوا منها؟ عصفوا بها من جديد؟ اوقعوا الشك في قلبه عبثًا....والآن تخرج براءةً من خيانة الجسد لتدخل في مسألة الخديعة؟

بردت اطرافهُ، هي مخدوعة؟ تم اغتصابها على مبدأ الإنتقام؟ هل خدعوه؟
لماذا هو الآن مصدوم؟ هل لأنه ادرك ما دار في عقله؟ ام لأنه يتألم من خيانة قلبها وخديعتهم له ؟ بأي حُزن يبتدي في غضبه؟
بحلق في وجه ابا سلمان ولم يتردد في ان يشد على ياقته
صرخ: تخدعوووووووني......حتّى بعد موافقتي على رجوعي للمعمل تخدعونيييييييي يا كلابببببببب؟

أتى موقف الإنسحاب....موقف تلميع وجهتهم....ووضع حدّ لهذا الغضب...ربما الأمر لن يُخمد النيران المستعيرة ولكن عليهم أن يُلقوا بألسنتهم السليطة في تبريئة اوضاعهم المشبوهة....وضع يديه على كفّي ليث
: والله ما خدعناك....والله!

يحلف كذبًا، دون استحياء ....دون الخوف من الله....يكرر حلفهِ وكأن الأمر هيّن...وهو عند الله شديد!

أخذ يهزّه ويثبّته على الجدار....لا أحد هُنا لكي يُنقذ ابا سلمان....فهم لا ينشرون حرّاستهم علنًا أمام باب المعمل لكي لا يثيرون الظنون ....فهم يعملون دون وضع حُرّاس أمام الملأ....خاصة على الأبواب.....خشيةً من افتضاح حقيقة عملهم وألتفات النّاس من حولهم وجلب انظار الصحافة والتي تنتظر فقط ضوءًا ليستدلّوا بهِ لنشر الأخبار .....ولكن في تلك الليلة .....حينما هجم ليث وصاحبيه على المعمل....كانوا مراقبين في الواقع.....ارشقوا وامطروا عليهم الرصاص واختفوا بسرعة....

لم يُبالي لكبر سن ابا سلمان، لكمه على وجهه لينحني الآخر غضبانًا، كيف للورد أن يحمّله تلك المسألة.....ليُصبح في وجه المدفع دون حرّاسة؟ شتم اللورد في نفسه ...وحقده عليه يزداد يومًا بعد يوم!

استطاع ان يستقيم بجذعه ويشد ليث إليه بقول: عطني فرصة اوضّح لك كل شي...
ثم لم يُمهل ليث في الهجوم أو في نطق حرفًا واحدًا سحبه وادخله في المعمل واغلق الباب خلفهما

صرخ: مينون انت....تضربني....احترم سني على الأقل....
ليث تقدم له وامسكه من ياقته وصرخ: كككككككككككل تبن....منو انت يا الخسيس عشان احترمك......والحين قولي...وش اسوي فيك؟....تبي احرقك في هالمعمل؟
ابا سلمان هاجمه في الحديث: اللي سوّاه ستيفن في زوجتك احنا مالنا دخل فيه......هو سوّا كل شي من نفسه...واليوم عرفنا.....واللورد......طلّع شهادة وفاته!
ليث صرخ سحب من على الطاولة قارورة صغيره بِها محلول حمضي قوّي، ألقاه بِلا تردد على ابا سلمان ولكن الآخر ابتعد لتصطدم القارورة على الجدار ثم تستقر على الأرض!

بحلق بعينيه في وجه ليث الغاضب...ها هو ليث يأخذ منه اسمه الكثير...تحوّل إلى اسد يُريد الانقضاض والانتقام وكأنه خرج من قوقعة الصدمة...ليترجمها بأفعال التخريب!

صرخ ابا سلمان: انتبه حنّا في المعمل....وكل بَطّل(قارورة).....أهنيه خطر .....ويمكن يسبب انفجار كبير....فحط عقلك في راسك واتزن في افعالك يا ليث...

ليث تقدم لناحيته لكمه من جديد، سحبه إليه ليضربه بركبته على بطنه ليجعله يسعل بعد ذلك دمًا....

ينتقم من السنين من اعترافات قلبيّة حطّمت بداخله الكثير، ينتقم من فعلته في السنين الماضية التي تُترجم الآن قضيّة اعادة الحق لأصحابها بطريقة غير مُنصفة ومُظلمة لـِ رحيل، لم يتردد في سحب لوح خشبي مثقّب ومن الواضح عليه بقايا محلول كيميائي ذو رائحة نتنة، رفعها وهوى بها على ابا سلمان الذي يتلوّى ألمًا ويحاول النهوض بصعوبة
ثم تصدّى الضربة بيديه وبعدها نهض ليدفع باللّوح ليث للوراء

صرخ: قسسسسسسسسسسم بالله وهذاني احلف لو ما هدّيت نفسك بأخلّص عليك اهنيه......ترا سلاحي في ييبي(جيبي)...والله ما يردني عنك أحد!

صرخ ليث والعرق بدأ يتصبّب على وجهه، تحدث وهو يلهث: ما تنعطون وجهه قلت لكم برجع....تروحون تعتدون على شرفي....على عرضي؟!
ابا سلمان
يعلم انّ القضيّة صعبة، والآخر اوهمه باغتصاب رحيل لا يستطيع نفي شي مما قاله ستيفن لكي لا يؤكّد قضيّة اشتراكهم معه، لذا مسح على وجهه وبصق الدّماء التي تجمّعت في فضاء فاهه، ثم نظر لليث

اشار له: والله ادري صعب....بس احلف لك بالله......احنا ما لنا دخل....اللورد قال بعد موافقته على شغلك في المعمل اللي يتعرّض لك له الموت......ستيفن يظن نفسه نجا....بس هو الحين مشى ووراه الحرس.....بيذبحونه على خيانته.....بيذبحونه على تجرّأه في كسر كلمة اللورد....

ليث بصرخة تقدم لناحية ابا سلمان شده من ياقته من جديد ثم دفعه على الطاولة الخشبية والتي بها العديد من الأدوات الكيميائية كالكؤوس الزجاجية المدرجة، و المخبار المدرج وغيرها التي حُطمت سريعًا مع ارتداد جسد ابا سلمان عليها صرخ: أنا ذبّاححححححححححة.....قوووووووولي وين بروح؟ وييييييييين؟...ابي اشوف كذبك لوين ومتى بينتهي ؟

اغمض عينيه ابا سلمان وشعر بالألم في ظهره، يقسم لو لم يهدده اللورد من احداث ضرر لليث لقتله هُنا، انحنى ونهض ثم اشار له: اللي ماسكني عنك الاتفاق...ولا كان ذبحتك أهنيه في مكانك.
ثم سكت
وتذكر اللورد، وكيف كان يشرح لهُ الخطّة، وكيف بيّن لهُ طريق الهروب من أجواء ليث المختلطة بالغضب والابتعاد عن زفرات جنونه، اللورد كان متوّقع الاسوأ لردّات فعل ليث.
ثم اقترب منه وبنبرة حادة
:.....اللورد ما يوكّلني امر القتل.....هالموضوع مالي يد فيه...يوكّل ناس.....قتلة مأجورين.....عشان الفضيحة....بس اقدر اثبت لك...ستيفن خاين.....ولقى عقابه.....

ليث بتخبط اشار لأبا سلمان: كذاااااااب.........كذاااااااااااب.....
صرخ الآخر: قلتتتتتتتتتت لك بثبت خيانته لك......
ثم ابتعد واجرى اتصال سريع
تحدث دون ان يُثير الظنون في نفس ليث
(مترجم): هل قتلوه؟
ضحك الآخر بقوة واغمض عينيه وفهم ما يُرمقه إليه ابا سلمان ،
تحدث(مترجم): ههههههههههههههههههه..... سنبرّأ انفسنا دون ألحاق الضرر بستيفن....
ثم بأهميّة قال(مترجم): ابا سلمان....سأرسل الصّور لك......وعليك بقيّة الأمر...اقنعه...وإلّا.....
قاطعه بصوت هامس: انتظرك يا اللورد....

اغلق الخط، ألتفت على ليث الذي يسحب انفاسًا بأطنانٍ من غضبه، ابتعد عنهُ بمقدار بسيط لكي لا يُفاجئة بانفعال غير متوقّعة، ولكن ليث ولّى بظهره عنه لتُصبح الأرفف التي وضعت عليها القوارير الكيميائية أمامه مُباشرة ، سحب أحد القوارير، ولكن ابا سلمان كان ينظر لهُ بحذر ودقّة ونظر للعلامة التي أُلصقت على القارورة والتي تُعني" مادة سامة جدًا" ازدرد ريقه ولكن ليث لم يُمهله في التولّي عنه خطوة للوراء سحب القارورة ثم ألتفت عليه وطبّق على كفّه وهو يقرّب يده أمامه

: انتهى زمن التنّازل يا بو سلمان...انتهى زمن الذّل والتهديد....

ابا سلمان شخصت عيناه حينما قام بتحريك الغطاء بأصبعه الإبهاء بشكل دائري ليفتح الغطاء ونجح في ذلك وقرّب ليث القارورة من فاهه
فانفعل: حتّى لموّتني يا ليث....ما راح تستفيد شي.....
وبصرخة بعد أن فقد صبره من ايقاف جنون ليث: ستتتتتتتتيفن خاااااااااين........خااااااااااااااين اقولك......افهم ابعد الشّك عن قلبك....لو بس مرة ثق فينا!

ليث صرخ هُنا وشدّ على فكّه: اثق فيكم؟....وثقت وش شفت منكم؟.......غير انكم تفردون عضلاتكم على عرضي وشرفي؟.....تضربوني على المكان اللي يموّتني؟......ما كفاكم الثمان سنوات...ما كفاكم؟

ابا سلمان سحب نفس عميق ونظر للقارورة: ليث....متفهم شكوكك حولنا.....بس انت مجبور الحين تصدّقني عشان ما تخرّب على نفسك الصُلح!
ليث، نظر له باستنكار شديد صرخ: صُللللللللح؟.........معتبرين دخولي المعمل صُلح...ومن وراي تعثون فساد ......اي صلح...اي بطيخ...يا المنافقين....انفضحتوا وطلعتوا على وجهكم الحقيقي ناقصكم الإعلام بس ينشر غسيلكم وبعدها طيّاري على السجن!

سمع ابا سلمان رنين هاتفه : الدليل وصل....وخّر ايدينك عنّي......شوفه اذا ما اقتنعت.....انا ما راح اطير...هذاني واقف قدّامك...

ثم وضع يده على على القارورة ليسحبها بحذر بعد ان ارتخت يد ليث من القبض عليها وهو يزفر بحنق شديد
بدأ يتبعثر وبدأ يتذبذب، والشّك يطرق رأسه وخلاياه كلّها، هو واثق من انهم كاذبون....ولكن ترك ابا سلمان لكي يرى إلى أي ركن سيركن هذا الأمر؟
...وابا سلمان زفر بضيق فتح هاتفه....نظر للصور .....صور ستيفن وهو مُلقي على الأرض بدمه،
وجهه واضح... انه ستيفن ولكن في الواقع لم يكن إلّا وجه اصطناعي له، من يراه لا يشك ابدًا أنّ هذا الرجل ليس ستيفن....هل سيقتنع ليث؟

لو كان يعلم أنّ ستيفن ابن اللورد ربما لارتفع احتمال عدم التصديق ولكن الآن....ماذا سيفعل؟
تقدم ابا سلمان له مد الهاتف أمام وجهه: شف....بعينك.....
ليث نظر للهاتف، كبّر الصورة باصبعه على وجهه اخذ يتأمّل، مسح على رأسه، الدماء من حولة كثيفة، عينيه مفتوحتان لتحدّق في السماء لتُضفي وصفًا عن مدى الألم الذي تجرّعه، شتات.....عقله بات مُشتت.....لا ينجو من صفير الشّر لا ينجو.....تنهّد بشكلٍ متتالٍ، عقله لا يفكّر فقط ينظر للأشياء على ما هيّتها دون تحليل ودون إبداء توقعّات....

نظر لأبا سلمان: وش الخيانة اللي سوّاها غير انه
قاطعه ابا سلمان: حاول يفضح اللورد.....وكان بنزّل مقال في إحدى الجرايد باجر....بس اللورد ما يخفي عليه شي من هالأمور...

وكأنه يهدد ليث بطريفة مُبطنة، سكت ليث وكأنه هو الآخر يُبدي علامةً للإقتناع،

ابا سلمان طبطب على كتف ليث: ليث انا بقول لك شي....المفروض ما اصرّح فيه....بس ترا حتّى لم قالوا يا ستيفن روح وخوّف زوجة ليث واظهر بالصورة اللي تخلّيك تبي تعتدي عليها...حذّر اللورد من انه يعتدي.......النيّة عمرها ما كنت اغتصاب على كثر ما هي تهديد....

ليث نظر له وبفحيح مقهور: لا تلّمع لنفسكم....تم الاعتداء بدون اغتصاب عشان القانون لا يصير ضدكم وهي تربح القضية!
ابا سلمان ابتسم: هذا من احد الاسباب المهمة.....
ليث بقهر : وقدرتوا تقلبون على راسها الطاولة....
ابا سلمان بجدية: وليته نفع....هذا انت جبل ما يهزّك ريح...مرّت الثمان سنوات ولا قدرنا عليك....
ثم تمشّق، ومسح أنفه بطرف كفه اليُسرى
ليث: ولا راح تقدرون....

ابا سلمان بلل شفتيه: روح بيتكم....اليوم لا تسوي شي....ارجع باجر الصبح أهنيه....عشان تسوي المفروض عليك......وها...
اشار له بتهديد: اذا سويت شي مُخالف لقوانين اللورد....اقسم بالله وهذا احلف....بصير مصيرك مثل هالستيفن.....والحين اطلع....

وقف ينظر إليه وجفن عينيه الأيمن يهتّز بحقده، قتلوه بعد أن سلب منه الحياة، قتلوه قبل أن يأخذ حقّهُ منه....ولكن ما زال مقهور من ابا سلمان واللورد....أحاطوه بمخالبهم ومزقّوا أنياط قلبه....قتلوا روحه....وقتلوا اشياء أُخرى!

تحدث ابا سلمان ليخرجه من عمق تفكيره: أطلع يا ليث....وانت بهالوضع ما تقدر جذيه تسوّي ولا تجربة!

هز رأسه ثم خرج....ضعيف ومُنكسر....بهِ شعور الخُذلان...بهِ شعور لا يُحكى.....تمت خديعتها لتسقط على أوتار الأوجاع....تظّن لم يحدث لها شيء....وبالأمس حدث كلّ شيء ....مسح على وجهه لا يُريد أن يبكي.....يصرخ....يضج بأنينه....سلبوا منه شرفه ...عرضه....سلبوا منه الحياة......من أين يجد مخرجًا من حبل ضيقه؟ من أين؟
مشى بخُذلان عظيم.....متجهًا لسيارته بكل انكسار....وخلفه ابا سلمان الذي شعر وقع في فّخ عظيم هو الآخر....شعر وكأنّ الموت دنى منه.....هو اليد اليُمنى للورد ولكن اللّورد يضغط عليه من أجل هذه الاعمال....يبدو هو الآخر سيعجّل بالأمر الذي يدور في رأسه......سعل ثم بصق دمه على الأرض..... وبحلق لشاشة هاتفه ثم ارسل رسالته واغلق الهاتف وعاد ليدخل في المعمل.
.
.
ركب السيارة.....يزفر زفرات مُلتهبة من أعماق صدره.....ينظر للشارع بضجيج افكاره واهتزاز عينيه....ٍمع رنين هاتفه
نظر للاسم
"ريّان يتصل بك" تركه يضج بالرنين دون إجابة، بحلق بعينيه لسقف السيارة بعد ان اسند رأسه للوراء، ماذا يفعل؟ يودّ لو يحطّم كل شيء.....بهِ شعور يدفعه للجنون....وربما لخُسران ما تبقى منه!
اغمض عينيه، كيف يهتكون عرضه بكل بساطة؟ كيف لم يردعوه قبل فوات الأوان؟
فوضى.....في الشّق الأيسر من دماغه فوضى عارمة تقتل كل الاحتمالات.....سحب هاتفه ....اتصل على اخيه......
موجوع....
كان نائمًا فالوقت متأخر....أنقلب على يمينه ومدّ يده لسحب هاتفه من تحت مخدّته ثم اجابه بصوت مبحوح: الو...
ليث لم يستطع ان يزن صوته ليخرجه طبيعيًّا: محمد....
محمد فتح عينيه ومسح على شعره ثم ابعد اللّحاف عنه ليجلس على السرير : هلا ليث...اخبارك ياخوي؟


شتات الكون 25-02-21 12:21 PM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 



سكت، لا يدري لماذا اتصل عليه، ولكن ها هو الآن يتخّذ قرار سريع لا يدري ما هي تُبعاته، ولكن يقسم انه غير قادر على مواجهتها، على النّظر لها، فهو اعدم كيانها كلّه
: تعبان يا محمد...موجوع بالحيل....احس روحي ضايقة على جسمي كلّه.....مو قادر اخذ حتّى النّفس!
محمد وقف هُنا واقشعرّ جسده كلّه، شعر من خلال صوت ليث هُناك مصيبة يمهّد لكي يلفظها
: ليث....وش صاير؟...فيك شي؟.....رحيل فيها شي؟
لم يُجيبه، ولكن وصل صوت مُجاهدته في إخراج صوت بكاؤه، أجل ليث اجهش في البكاء .....ابعد الهاتف عن اذنه ومسح على وجهه وضغط عليه بقوّة وكأنه يُمنع الهواء عن الوصول إلى مجرى تنفسّه، اكثر من هذا الإختناق، شعر بعجزه وقهره يتجدد بصورة لئيمة تضغط على وتينه بكل قوّة

محمد انفعل: لللللللليث......علامك.....انطق وش فيك؟

ليث، ألصق جبينه على راحة يده اليسرى وكوع يده متكأ على فخذه، حاول ان يهدّأ من عواصفه ليُجيب اخيه
: ما فيني شي....بس مخنوق...
محمد جّن هُنا: شلون ما فيك شي؟...تستهبل؟.....قولي وش صاير؟.....عمرك ما بكيت كذا...وعمرك ما نهزيت.......علامك يا ليث؟.....بنت عمي فيها شي؟

ليث سكت، سحب هواء عميق لرئتيه، شتت ناظريه عن هذه الدُنيا الفانية....لم يرد الوصول إلى هذه النقطة ولكن ....وصل إليها مجبرًّا!

: طلبتك محمد تساعدني....
محمد بخوف اخذ يتآكل: لك ما طلبت...بس قولي وش فيك؟
ليث مخنوق: بترك رحيل ترجع للسعودية ....وانا بظل بامريكا كم يوم عشان الشغل.....
محمد سكت ثم قال: ورا ما تنزل معها؟....ليث حلّفتك بالله تقول وش صاير؟
ليث بدأ بالقيادة بعقله اللاواعي: حياة رحيل بخطر.....ما اقدر احميها اكثر من كذا....ضروري ترجع السعودية....
محمد وكأنه فهم: عشان القضية؟
سكت ليث...لا يدري ماذا يقول
فقال محمد: خلاص....طيب انزل انت ويّاها...
ليث بصوت مبحوح: أنا ما اقدر....عشان كذا.....ابيك انت تستقبلها بالمطار......وتأجّر لها شقة بعيدة عن الانظار ...ولا تقول لأحد انها رجعت إلّا لين انا ارجع!
محمد بصدمة: انهبلت ليث؟
ليث بصوت مرتفع ومنفعل: ما نهبلت يا محمد......لسى ما نهبلت.....تكفى سو اللي قلت لك عليه...تكفى....أنا بوجهك يا محمد لا تردني!
سكت، شعر بالحيرة وبالعجز في الآن نفسه، هو لم يتخلّص من أمر فيصل ، والآن سينشغل بأمر ليث... يا الله
انتابتهُ الحيرة ولكن لن يضيّق عليه الأبواب...سيُبقيها مشرّعة له...لكن من الصعب فعل هذا الأمر....خاصة امر الشقة....أخذ يفكّر قليلًا ثم استطرد إلى عقله....شقتّه التي استأجرها......من أجل آخر زيجة دفع قيمة عقد الأجار فيها لمدة سنة وستة اشهر...مضت الستة اشهر...وتبقيّت السنة كاملة وطلّق زوجته بعد اجهاضها مُباشرة......الأمر الآن بات محلولًا...
: خلاص....بس قولي....متى بتنزل واي وقت؟
ليث بتنهد: برسلك التفاصيل كاملة......
محمد: انتظرك....
ليث: فمان الله....

اغلق الخط، يحترق.....قلبه لا يهدأ... مضطرب.....خائف من كلّ شيء...سيعود لها مُجبر....ٍسيعود ولكن قبل أن يعود وفي هذا الوقت سيحجز لها غدًا على اقرب موعد للعودة إلى الوطن....يعلم لا يستطيع ان يجعلها تعود مع ركان بسبب اكتفاء عدد الركّاب يذكر آخر مقعد كان لأمل.....اوقف السيارة جانبًا دخل للتطبيق ...سيحجز الآن...لا مجال للتفكير...فعقله مُتعب...ومُثخّن بأطنان قهره....كانت يديه ترتجفان وهما تمسكا بالهاتف.....لن يُحطّمها اكثر لن يجعل من رمادها رماد آخر....لا يريد أن يرى وجهها بعد الآن....نظر للأوقات...وكان اقرب موعد على الساعة الحادي عشر صباحًا...حجز......والقى هاتفه جانبًا....سيذهب أولًا لشقته (هو وأمل) سيأخذ عباءة لكي يُعطيها رحيل لتتمكن من ارتداؤها في النزول للبلد.....ذهب...وعقله شرد...يرتجف....تذكّر لوهلة هي بحاجة شديدة "للجوال"...ولكن سيشتريه لها غدًا في الصبّاح الباكر...
.
.
محمد اغلق الهاتف....ولم يستطع العودة للنوم...صوت ليث وبكاؤه وكأنّ عزيزًا فارقه اجلب في فؤاده جُلبة الضيق.....هزّه من الدّاخل وعزّ عليه أن يسمع صوت اخيه وهو يبكي وكأنه مفجوع بخبر سيّء....ماذا حدث يا ترى لرحيل ....ليبكي ليث هكذا.......دار حول نفسه بالأفكار...ثم خرج للذهاب للخلاء ليتوضأ ويُقيم الليل بدلًا من التفكير.
.
.
اخاف الظلام.....اخاف من البرد.....اسمع صوت صرير الفئران...اسمع صوت تخبّط الأغلال في بعضها البعض....لا نور غير نور القمر وانوار الشوارع المتسللة من نافذة الغُرفة....اختنق من افكاري...ومن فكرة اغتصابي بالأمس...انا لا أقدر على تخيّل بشاعة الأمر وحدوثه.....هل بتّال حقًّا فعلها؟ كيف اتأكد من ذلك؟
.
.
يُخرسها صوت الظلام وفحيحه.....تسترق نظرها لأرجاء الغُرفة المظلمة وهُنا بدأت التخيّلات تُطبّق على عُنقها بشدّة كتطبيق ليث عليه قبل ساعات، اشاحت بنظرها عن الظّل الذي رأته واضحًا .....هي تتخيّل....ولكن يؤلمها هذا الخوف!

فهي لا تستطيع ان تتجرّع اصنافًا مختلفة منه في اللّحظة الواحدة....نظرت للنافذة من جديد....لم لا تتذكر شيء....لا تشعر بالتغيير، لا تحس إنها مُغتصبة....هل فقدت احاسيسُها كلّها في دفعة الصدمة؟

لم يغتصبها....أجل...لن تفكّر بسوداوية....ولكن لماذا ارسل تلك الصورة؟......وكيف استطاع ان يحملها ما بين يديه ليضعها على السرير دون ان تحس به ؟
ربما ليس هو من رسل الصورة...ربما ستيفن....لعب بالصور عن طريق الفبركة لكي يوقعها في افواه الخيانة؟ ولكن كيف حملها ما بين يديه؟
كيف.....
ضربت بجبينها على الجدار تطرقه بقوة: خلاااااص رحيل...خلاااااااص.....انتي ضعتي من زمان.....ضعتي بدون لا احد يلمسك...شنو اللي بيتغيّر بعد الحين؟...ما راح يتغيّر شي....النتيجة وحدة...الكل يكرهك.....وبتعيشين في غربتك حتّى وانتي في الوطن!

تنفّست بصعوبة بعد ان ألصقت رأسها في الجدار....لا حُب باقٍ ولا شعور يلد الحياة مرةً أخرى!
لا أنانيّة تختلج صدرها ولا تفكير من العودة في تخيّل بطلها الخارق ليخرجها من ضوضاء التفكير......هي الآن خسرت كلّ شيء.......خسرت ما تبقى منها من حياة....في تلك اللّحظة التي عزمت خلالها الخروج للإنتقام لكل مسببات ألمها خسرت فيها الثقّة وألبستها سواد الشتات والظنون......ولكن تثق لم يغتصبها بل ربما تتخيّل!
لن تتقبّل الفكرة اصلًا......تهز برأسها...تنفي هذا الأمر بعنف وقسوة.....شعرت بانتفاخ بطنها قليلًا....تريد الذهاب للخلاء...لا تستطيع ان تصبر اكثر....فبدأ جُرحها يؤلمها ايضًا....اخذت تضغط على انفاسها.....لتصبر اكثر....هي تجرّعت هذا الشعور وهي في السجن...تجرّعته ولكن لا تريد النهاية تُشابه ما حدث لها في ذلك اليوم .....في يوم العِراك الذي احدثته مع السجينة لينتهي بها الأمر في السجن الإنفرادي...مع سطوة التعذيب ومنع الأكل والماء والذهاب للخلاء....لم تتحمل وتبولّت على نفسها آنذاك......وبكت بذّل....وشعرت بالإهانة.....الآن لا تريد أن يحدث لها هذا الأمر...اخذت تتمشى....تُشغل تفكيرها...بأشياء اخرى غير رغبتها في الذهاب للخلاء وغير تفكيرها في فكرة الاغتصاب!
.
.
أمي.....لم ارى وجهكِ إلّا في الصور...جُبِل قلبي على حُبك.....وجُبلت روحي على الإطمئنان في حضرت ذكرك....أنا يا أمي لم ارد لكِ ما حدث....اجل سمعت من ريّان كُنتِ تتمنّين فتاة تأتي لتُشارككِ الحياة، ولكنني أتيت لأسرق منكِ الحياة....ولأصبح بعدها مُعاقبة طوال حياتي....ليتني مت معكِ في صقيع تلك المشاعر...ليتني لم أأتي لسُرقتك....
أمي حتّى ابي حينما خذلته تمنّى مّوتي بقوله
" ليتك متي بدل امّك!"
هزّتني كلمتهُ أوجعتني...واقعت بثُقلي في جُنبات سكرات الموت البطيء...
جعلتني ابكي وانزف ندمًا لموافقتي على ليث والمجيء هُنا، أمي أنا خذلت الجميع حتّى نفسي خذلتها ......وابكيت عيونًا لا ذنب لها بعقابي!
.
.
مشت بخطى سريعة متناسية ألم ساقها....تشد على بطنها....تدخل في الظلام مُبتعدة عن النافذة الذي يتسلل منها النّور...تستسلم لكل مخاوفها....تهوي بداخلها لتحظى بالقليل من المواجهة.....عضّت على شفتيها....رأسها يؤلمها....جسدها....قلبها....يرتجفان...تشعر بوخز في كل مكان من مواضع جسدها...وخز يُشبه وخز الأبرة.....عضّت على شفتيها.....اخذت تمشي....لا تريد الجلوس لكي لا ينخدع عقلها الواعي...في الاستسلام في محاربة رغبتها في الدخول للخلاء.....
روحها ستخرج من ضجيج الظلام....من حفيف الريّاح الذي تسمع صوته من خلال النافذة المشرّعة على مصرعيها.......ضربت بكفّي يديها على الجدار تتألم
من جرح بطنها
: ياررررررربي.....
.
.
ربما ليث سيعاقبني لأيّام طويلة، من أجل اعترافاتي التي لا ادري كيف لفظتها دون شعور، أنا لا احب ليث....ولن اسمح لنفسي في تبديل شعوري هذا....اعلم انني اوجعته لستُ غبية في فهم الشعور...فأنا اصبحت ماهرة في استيعاب ذلك....ولكن ما ذوّقته جزءًا بسيطًا بقدر الأنملة من شعوري المؤلم الذي طبقّ على خاصرتي ليذكّرني بتلك اللّحظة....لحظة تطبيق الشّر على الخير....لحظّة محاربتي للبقاء بشرف.....اوجعته....ولكنني الآن اوجعتُ نفسي!
.
.
مشت.....مضت ربع ساعة وهي تجول ذهابًا وإيّابًا ...لن ترقد.....ستبقى تُصارع ألف شعور وشعور بداخلها....ستبقى متيقظّة هذه اللّيلة....خطت خطواتها لناحية السرير ....بخطى بطيئة وحذرية....خشيةً من السقوط على الارض ...قفزت مرتين على رجلها السليمة....ثم اقتربت من السرير و جلست على حافته.....
لتُهمس: متى تطلع الشمس....متى...متى....
اخذت تكررها بجنون.....ثم رفعت رأسها وحبست انفاسها حينما سمعت وطء اقدام احدهم، بقيّت ساكنة تترقّب ظهور الوحش على حين غفلةً منها ....في عُتمة هذا اللّيل .....لم تتحمّل عذابها النّفسي....نهضت ....لتبتعد عن تخيّلاتها.....لتقف بعد ان مشت بصعوبة أمام النافذة...تنظر للقمر من خلالها...تكرر

: اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

اقشعر جسدها حينما سمعت الوطء يقترب من غرفتها ولكن اختفى سريعًا، شهقت وكتمت انفاسها، تخاف الليل....تخاف من الظلام...يُرعبها صوت وطىء الأقدام....ليست قويّة لدرجة المواجهة....لم تنسى التعذيب النفسي ولا الجسدي الذي عايشتهُ اغمضت عينيها

اخذت تكرر بصوت مسموع: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

شدّت كفّيها أمام صدرها وهي تكرر بخشوع وخوف: هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ....... هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ......هُو...

فجأة اضاءت انوار الغرفة
فتحت عينيها ببطء وحذر.....حينما نظرت للأنوار المضيئة لأرجاء الغرفة زفرت براحة...ووضعت يدها اليُمنى على قلبها.... أخذت تتنفّس بعمق....ثم.....توجّهت لناحية المرآة لتنظر لتعرّق جبينها...رغم برودة الغرفة....تنظر لشحوب وجهها واصفرارة......نظرت لرجفة جسدها الملحوظة...رفعت طرف البذلة....ونظرت لغرز الجرح....لم تنفتح تلك الخيوط...شكرت الله بهمس...وانفتح الباب
وألتفتت سريعًا ثم
مشت خطوتين للأمام حينما دخل ليث وهو في حال يُرثى لها....لم تنظر له تريد الذهاب للخلاء.....صبرها نفذ....اخذت تعرج وهي تُسارع خطواتها لتمر من جانبه
مسك يدها دون النّظر إليها ونفضت يدها منه ودفعته قليلًا لتخرج....لم تترك لهُ مجالًا في الإمساك بها من جديد، أما هو تركها ومسح على وجهه وهو يزفر زفرات حارقة .....سمع "رقع" باب الخلاء....وانشدّت خلاياه....مشى بالقرب من السرير ثم جلس على طرفه.....هزّ رجله....المصائب تُقذف عليه من كل جانب...لا يدري أيّهما يلتفت عليها وأيّهما ينشد بنحيبه لها....حقًّا هذه المرّة زرعوا مخالبهم في حلقه.....اشعل شمعته ليجعلوه يحترق وينطفأ منها ببطأ شديد.....قلبه موجوع....كيف استباحوا شرفه؟......كيف لم يمنعوه؟.....لمعت عيناه قهرًا وشدّ على قبضة يده......نظر للغرفة لم تكن مبعثرة كل شيء في مكانه...إذًا رحيل تعدّت مرحلة الانهيارات الخارجية....فهي تنهار وترمم هذا الانهيار من الدّاخل......انتظر خمس دقائق...ثم سمع صوت الباب من جديد....اتت وهي تعكز على رجلها......ويديها وجهها وحتّى ملابسها مبللة فهم إنّها توضّأت...
وقف: رحيل...

رحيل دون ان تنظر إليه سحبت سجادتها وضعتها على الأرض ثم فتحت الدولاب لتسحبت بذلة اخرى : وفّر كلامك لين اخلّص صلواتي اللي فاتتني بسببك!

ثم ولّت بظهرها عنه، وسحبت الجاكيت المعلّق خلف الباب وضعته على جسدها انحنت قليلًا للأمام ولم تُبالي لوجوده اصلًا سحبت من على جسدها البذلة الصوفية بشكل ادهش ليث على هذه الفعلة الغير متوقعة مما جعلته يبعد ناظريه عنها سريعًا رغم أنها خبّأت جسدها عن انظاره بالجاكيت التي جاهدت على ألّا يسقط من على اكتافها وهي تسحب البذلة بطريقة حذره ثم ارتدت البذلة النظيفة كلمح البصر.....هل جنّت على هذه التصرّفات.....لماذا لا يجد بِها حياء ولا حياة!

تمتم بالاستغفار، بينما هي لبست جلال الصلاة التي وفّره لها ليث
رفعت يديها: الله أكبر.

عاد ينظر لها من جديد....افعالها غير متزنة أم غير مبالية؟....لا يفهم رحيل...ولا يفهم كيف يُترجم شعوره الآن!....عاد يجلس على طرف سريرها
يُراقب تحرّكاتها.....تمتماتها في الذّكر...ركوعها وسجودها بصعوبة....تذكّر جُرح بطنها....حينما انهت صلاة المغرب...ودّ لو اخبرها تستطيع الصلاة جلوسًا بدلًا من تعذيب نفسها في الوقوف وجرح بطنها للتو حدث!، ولكن سكت....لا يظن انها تجهل في أمور الدين ...ولكن هي تُكابر على ألمها ايضًا....إن انفتحت الخيوط....سيُخيطها لها هُنا وفي هذه الساعات ايضًا!

أطالت الصلاة....كم صلاة تُصلي؟....لا يدري....ربما تُصلي صلوات الأمس التي فاتتها....ربما....

مضت ثلث ساعة وهو ينظر لسجودها وركوعها.....وهو يتنفّس بعمق شديد.....حينما انتهت...
وقف
أما هي طوت سجادتها ووضعتها على الكومدينة
ثم أتت أمامه وبنظرات حادة: خييييير؟....شنو تبي؟
ليث بصوت مُتعب وحاد ايضًا هذه الحدّة نتجت من نظراتها وحدّتها
: بكرا طيّارتك للسعودية على الساعة احدعش الصبح....جهزي نفسك....

سكتت، نظرت له....احنت رقبتها للجانب الأيسر...أخذت تُبحلق في وجهه بطريقة جنونية وتفحصيّة...ضيّقت عينيها
لتصرخ: يعني كذاااااااا تبي تحقق ظنّك.......
ثم دفعتهُ للخلف: من إني شريت تذكرة عودتي بالخيانة؟!

لم يتحرّك من مكانه على دفعها كان صلبًا وجامحًا في وقفته ونظراته، تتظاهر بالقوّة التي اكتسبتها من حُزنها......مسكينة.....لا تدري بِم يجول حولها.....لا يُطيق النّظر لوجهها.....لأنها تُشعره بالخيبة!....ولا يستحسن تصرّفاتها التي تُثير بهِ ضجيج لا يهدأ

صرخ: قققققققققققلت لك بترجعين.....مو هذا اللي تبينه؟

ضحكت، اسمعتهُ تلك الضحكة المجنونة التي تُشعره بمدى جنونها وبمدى سخريتها به،
ثم غمزت لهُ بطرف عينها اليُمنى وكأنها تذكّره: وشرط جدّك؟

اندفع بالحديث معها: مالك شغل......بكرا طيّارتك......وراح يستقبلك اخوي محمد.....راح اورّيك صورته عشان بس توصلين المطار تعرفين شكله.......اكيد تغيّر عليك...
ثم اقترب منها لتنطق: لالا....مابي اشوف منهم احد....
تحدث بقساوة: ولا احد منهم يبي يشوفك!....لا تخافين....حاسب حساب هالشي.....محمد بياخذك الشقة ويحطّك فيها لين ارجع.....ولا راح يقول لأحد أنّك نزلتي....انا يومين ثلاث بالكثير وراح ارجع.....
رحيل اقتربت من وجهه وبفحيح: وتطلّقني!؟
نظر لعينيها ابتسم بسخرية، ثم ابتعدت ليحّك انفه، بهِ قهر عميق وهي الآن تستفزّه بطريقتها لذا فالتتحمّل لسانه السلّيط
: واذا طلّقتك وين بتروحين؟
بلل شفتيه ونظر لرجفة جسدها الذي انتابتها بشكل مفاجأ وكأنه ضربها على مواطن الألم من جسدها
: بتروحين عند ابوك؟....ولا عند جدي عبد العزيز؟
زمّت شفتيها ثم انفعلت: مالك دخل....جعلني اروح المحرقة مالك دخل....
ليث اشار لها بسبابتّه: محرقتك عندي.....عندي يا رحيل....طلاق ما راح اطلّق.....اصلًا ما عندك احد تروحين له......فأنا تفضلًّا منّي بخليك على ذمتي.....وانتي مثل ما شفتي...انا الحمد لله تزوّجت وعندي امل....وعندي حياتي!.....وراضي بقسمتي ونصيبي .....وما عندي مشكلة يكون عندي زوجتين.....فأنتي عليك التقبّل أما أنا فخالص من هالشي....مرحّب فيك بحياتي!

يُهرس ويُخرس ويُلجم قلبها....يجدد عليها انكسارات عدّة من كبرياء حديثه.....ضربته بقبضة يدها على كتفه
: ما راح اسافر!
ضحك هُنا: هههههههههههههه يعني تعانديني؟
سكت ثم اقترب منها ولكي يُرعبها: اوك......لا تسافرين.....بس حطّي ببالك....جلوسك هنا.....راح يتركني أعاملك كزوجة لي....حقوقي منك باخذها مثل ما تاخذين حقوقك مني من صرف ومعيشة وغيرها....

رمشت مرّتين، مالت برأسها للأمام وامسكتّه بكفّيها حينما شعرت بدوران صارم من سحبها لظلامه، خطت خطوتين للوراء وشعر بِها
ولكن لم يُبدي بأي ردت فعل......كان فقط ينظر لحقيقة رمادها الضعيف والخفيف.......هي مُنهزمة لا يريد بقاؤها لكي لا يُشعرها بهزيمة نفسها!
ألتفتت عليه بعد ان انجلى الظلام من عينيها: تبي تذّلني؟
هز رأسه سريعًا: لا.....بس محروم ومشتاق...
ثم غمز لها: وودّي اجرّب....

قاطعته حينما اطلقت الرّيح لساقيها لتعكز ربما خمس خطوات سريعة محاولة فيها صفعة ولكن مسك يدها قبل ان تصل لِـ خدّه....وتهاوى جسدها بألم على صدره بعد ان خانتها ساقها المتضررة....وضعت يدها الاخرى على صدره لترفع نفسها من عليه ولكن هو طوّق ظهرها بيده ليشدّها إليه
حانقًا: يدّك لو أنمدّت علي مرة ثانية.....راح احرقك يا رحيل....وقد وحذّرتك المرة الجاية ما راح احذّر انتبهي منّي!

ثم انزل يدها المرفوعة ونظر لوجهها الغاضب....اقترب وانحنى ليحتضنها بشكل مُدهش لها وغريب!
وهو يردف بسخرية: اعتبريه حضن وداع.....

وقفت دون أن تُرمش.....تصلّب جسدها ما بين يديه....تشعر بالضيّاع....بالخوف.....تنظر لزاوية حياتها في السابق وكيف آلت إلى ما هي عليه الآن.....لا شعور في حضرت ليث.....وتظن إنها فقدت شعورها كلّه......لن تشعر بشيء لا في حضرته ولا في حضرت غيره......كل ما تشعر به ذبول روحها وبهوت رغبتها في الاستمرار في العيش.....رمشت للمرّة الأولى........ستعود هُناك....ولكن ستبقى في غربتها....وفي سجنها.....لن يفرق الأمر....هي بحاجة لحضن....ولكن الآن ايقنت رغبتها تلك ما هي إلّا شتات....ها هو ليث يحتضنها ولكن لم يُلملم شيئًا منها....ولم يحرّك بِها ساكنًا ولم يمتص منها الأوجاع....
ابعدها عنه ونظر لوجهها الباهت...شعر بشتاتها...وضياعها....تنفّسها مسموع......الفتاة تختنق...تسحب اطنانًا من الهواء بصوت مسموع
اقترب منها قبّل جبينها....
ثم قال: تصبحين على خير....
ولّى بظهره عنها لم يُبالي لحالتها بل تظاهر بعدم اهتمامه بها
لم يلبث إلّا ثانية حتى سمع صوت ارتطام جسدها على الارض، لم تتحمّل تصديقهُ لكونها خائنة...ولا تريد أن تستوعب انّه متفضّل عليها بالعَيش معه....كما أنها مجروحة من اهلها ومن رغبتهم الصّارمة فعدم رؤيتها....ستعود ولكن بجسدها دون روحها التي تُرفرف شوقًا لهم!

ألتفت : رححححححححيل
.
.
..
.
تُمسد على شعرها عاقدة لحاجبيها لِتُظهر تجاعيد كبر سنّها لهنّ بشكل مُخيف، تنظر لهن وهي تُشير
: من اللّي مزعّلها؟....هااا....
فركّت يديها هيلة لتُردف: والله يا جدتي ماحد....هي شكلها أخذت برد...
عهود اقتربت من جدّتها: عنك يمه عطيني...عنك....انا بحط لها الكمادات....
سحبت عهود من يد جدّتها المنشفة المبللة، والإناء
اصايل نظرت لوصايف وهي نائمة بوجهها المنتفخ اثر البكاء دخلت عليهن فجأة تبكي ومرتعبة، لم يفهموا منها شيء سوى البكاء والرجفة التي انتشلت جسدّها لتشلّه عن الحركة، بينما ريّان ما زال في المجلس هو وصارم مع جدّهن.
نهضت الجدّه: عينكم عليها......بروح اشوف وليدي افتهم منه السالفة......كود شافها وهي تدخل وتبكي...
واشارت لهنّ بحذر: ...ولا تسهرون...ناموا...
هزُّوا رؤوسهن ثم وقفت ليظهر انحناء ظهرها كالقوس المُرتسم مع الزمّان، حاولت ان تستقيم في وقفتها قليلًا إلّا انّ شكله كان واضحًا
ثم خرجت...
فهمست اصايل وهي تمسح على شعرها: اظنها شافت شي....
هيلة بخوف: شقصدكككك ست اصايلووووه يعني بيت جدّي مسكون؟
عهود قرصت فخذها: قصري حسّك ....ما تشوفين البنت نايمة!
هيلة فركّت مكان القرصة: ما سمعتي شنو تقول...عاد انا خلقة خوّافة....
اصايل نظرت لها من طرف جفنها: والله انّك تخوفّين بلد....
عهود هزّت رأسها بأسى : طيب سكتوا بقول لكم شي....اتركوا عنكم وصايف الحين.....وسمعوني...

ثم نهضت لتغلق باب الغرفة سريعًا وعادت تجلس، غيّرت الكمادات لوصايف النائمة بعمق والتي تُظهر ما بين شفتيها شهقات لا إرادية مع تنفّسها.
: بقول لكم شي....بس مابي ردّات فعل غبية
واشارت لهيلة: خاصة انتي...
هيلة بتأفف: زين.....زين...قولي.....إن شاء الله عاد سالفة تَسوى!

اصايل: خير عهود شصاير بعد......هاللّيام ذي ما تجيب إلّا اخبار سودة....
هيلة ضربتها على كتفها: ترا ما يجوز التطيّر....
اصايل اعادت الضربة على ظهرها: ما تطيّرت!
هيلة بصوت مرتفع: لااااا واللي قلتيه..
عهود رفعت من نبرة صوتها: تكفون بس....سمعوني....ولد خالتي ذياب خطبني....
هيلة ألتفت لها بابتسامة: قولي والله!
اصايل نظرت لأختها رمقتها بنظرات ثم ألتفت على عهود: مو تقولين عمي رافضة...
عهود:هالمرة موافق....وكلّموني يبوني افكّر...
هيلة بحماس: اي موافقة ولا؟....تكفين وافقي يا بنت....نبي نفرح ونرقص....
اصايل: استخيري......
ثم قالت بتساءل:ولا استخرتي؟
هزّت رأسها "لا" ثم قالت: مو قادرة افكّر وآخذ قراري.....
هيلة ضربّت كفّيها ببعضهما البعض: وليش يا حسرة؟
اصايل وضعت يدها على فخذ عهود التي وضعت يديها على جبين وصايف لتتحسس حرارتها: عهود.....ليش تقولين كذا.....في شي مأثّر عليك؟
عهود نظرت لها: اختي دانة....مابي اتزوّج قبلها....
هيلة: أُولّا لاء......
واخذت تلحّنها وهي تحرّك يديها بملل: عليك تفكير...قسم بالله مادري كيف.....الحين وش دخّل دانة....ماظنتي دانة متخلفة مثلك....ولّا راح تقول....لك رفضيه عشاني ما تزوّجت.....
اصايل اشارت لأختها: والله كلام هيلة صح......اكيد دانة مو كذا....
عهود: بالضبط هي مو كذا....وقد قالتها لي...فكّري بدون ما تدخليني في السالفة بس أنا
واشارت لنفسها: ما احس اني موافقة ....عشانها...وعشان رفض ابوي المتكرر....وفجأة ويا سبحان الله غيّر رايه ووافق....احس اني مشتتة...
هيلة بجدية: اتركي عنك.....الكلام الفاضي استخيري وشوفي وضعك......ذكر الله يطمئن القلوب.....
اصايل نظرت لأختها: لفصلت كذا.....احسها امي.
ضحكت عهود بخفّة: هههههههههههه
وضربتها هيلة على فخذها ثم استلقت على ظهرها: انا اقول ناموا بس....وانتي...طسي توضّي واستخيري ....
واصايل اكملت: والخيره فيما اختاره الله....
عهود تنهدّت: والنعم بالله.
.
.
يهز برجله، ينظر لزاوية شكّه اخبره صارم نوّاف لم يكن في المنزل، إذًا صوت وطء الأقدام ممّن؟
اكمل صارم: اي يا جدّي الافضل نرفع السور اكثر ما نضمن الوضع.......ريّان يقول سمع صوت....وعيال الحرام موجودين.
الجد : لا حول ولا قوّة إلّا بالله........وش تبيني ارفعه زود؟....تبيح يناطح السماء...
ثم تمتم : استغفر الله.
ضحك هُنا صارم: هههههههههه....علامك جدّي عصّبت....
ثم نظر لريّان: ما تقنعه يا ريّان...
لم يتحدّث، ودخلت هُنا الجدّه وهي تستغفر وتذكر الله
ثم نظرت لزوجها: يا عوينتي يا وصايف.....فجأة شبّت عليها الحرارة...بكت لين انتفخ راسها ونامت....
الجد نظر لها ببهوت: علامها؟
ريّان نظر لجدّته وسمع حديثها، هل يترك الشّك الآن ويدفعهُ باليقين
قام بفرقعة اصبعه السبابة من يده اليُمنى
الجدّه جلست: علمي علمك يا بو عبد الرحمن....تقول هيلة طلعت تودّي المكانس في المخزن ورجعت تبكي....ومرعوبة...
ثم ألتفتت على ريّان: ما شفتها وأنت داخل وانا أمّك؟
صارم نظر لريّان حينما قال: اظنها سمعت الصوت وخافت...
الجدّه: اي صوت؟
صارم هنا تحدث لا يريد ان يُرعبها: اظن قطوة نزلت من على السور للارض....
الجد قاطعه: عيال ولدك شاكّين حرامي نازل ببيتنا....
الجدّه ضربت على صدرها: عوذه.....
نظرت لريّان: شفته بعينك؟
هز رأسه واخيرًا نطق: لا.....بس يا جدّي....مثل ما قال صارم الأفضل ...نرفّع السور.....للإطمئنان...
الجد اشار باهمال لهم: سو اللي تبي...
الجدّه: بقوم ذالحين احط لكم عشا...
صارم : لا يجدّه....اكرمك الله.....انا واحد بروح اكمّل المباراة...
وريّان تحدث بهروب: وانا بمشي....خيرك سابق يا الغالية....
الجد بعتب: تجون لي وكأنكم على نار.....ربع ساعة ما تجلسون......نعنبوكم لهدرجة مجلسي ثقيل؟
ريّان ابتسم رغمًا عنه: حاشاك يا جدّي...بس مابي اثقّل عليك والحين اكيد تبي ترتاح....
صارم : هههههههههههههه .....ما فيه احسن من مجلسك بس ما ابي عن نفسي اصدّعك بالمباراة هنا...
الجدّة ابتسمت: خذ راحتك يا وليدي هذا هو التلفزيون حط اللي تبي.....وانت يا ريّان اذا مشغول.....قم رح تيسّر...
الجد بانفعال: وش هالشغل اللي بانصاف الليّول...
صارم نظرت لريّان وهو يضحك: ههههههه غراميّات يا جدي!
ريّان بحلق في عين صارم ليهمس: والله يصدّقك الحين....
ليقهقه الآخربضحكته
فيقول الجد: احميد ما شفنا من اشغاله غير النسّاوين...وانت وش بنشوف من اشغالك؟
صارم: بزارين....
ثم قهقه بضحكته من جديد
فقال ريّان: ما عندنا هالخرابيط حنّا...
ثم ألتفت على جدّه:خلاص بنجلس الليل عندك....اصلا لو مشيت ما راح اتطمن...
الجدّه نهضت: بروح اجيب لكم عشا.....
الجد: لا توسوس يا ريّان على قول صارم يمكن قطوة نازلة من على السور....
ريّان هز رأسه وصارم سحب الـ"ريموت" ليضع القناة التي تبث المباراة
.
.
مضت ثلاثة ايّام ثقيلة عليها، هُناك ثقل لا تستطيع ان تُحدده هل هو ثقل روحها على جسدها أم ثقل حملها الذي بدأ يضيّق عليها شهيّتها في الأكل؟
اليوم سيُقام المؤتمر الصحي....بالأمس وصلت لفارساي....لم تنم جيّدًا افكارها تسحبها لناحية ركان تشتاقهُ ...وبات القلق الآن يُشاركها مشاعر الحُب بشكل مُخيف ومُثير لمعدتها آلام الغثيان....ركضت للخلاء....افرقت ما في جوفها ثم سحبت المنشفة لتنشّف وجهها عن الماء....عادت للغرفة من جديد....نظرت لملابسها تحمد لله انها لم تتسّخ.....اصبحت امام المرآة.....لبست لبس رسمي مُناسب ويعتبر مُحتشم بالنّسبةِ لها...
نظرت لوجهها...اخفت التعب....والشحوب بالمساحيق التجميلية....رمشت مرّتين....وسحبت شعرها على اكتفاها من الأمام.....للتو استوعبت طول شعرها .....هي لا تحبّذ الشعر الطويل دومًا ما تقصّره ليُصبح فوق اكتافها تمامًا...ولكن الأمر بات مختلفًا بعد ان ارتبط قلبها بقلب ركان الذي يعشق الشعر الطويل...تركت شعرها ليُصبح متدليًّا إلى اسفل اكتافها....زفرت بضيق.....تغلّصات بطنها تُرهق روحها في كبحه...أخذت نفس عميق...ومسحت على أسفل بطنها....هكذا يحدث بعد استفراغها....اغمضت عينيها لثانيتين ثم فتحتهما...قامت بتعديل هندامها.....ثم التقطت صورة لها...وهي تغتصب ابتسامة عريضة على وجهها....دخلت ايميلها كتبت تحتها
" أنا بخير لا تحاتي.....الحين بطلع المؤتمر اللي تكلّمت لك عنه في الايميل أمس"
ارسلتها له، وسحبت حقيبتها لتخرج من الغرفة، ستذهب إلى المقر الآن.....خرجت إلى الشّارع وسيّارة الأجرة تنتظرها أمام الباب ركبت لتتوجّه إلى المقر....
.
.




الساعة الآن 05:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية