منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى العام للقصص والروايات (https://www.liilas.com/vb3/f16/)
-   -   رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون (https://www.liilas.com/vb3/t207822.html)

شتات الكون 03-01-21 11:22 AM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 



.
.
تصارع الحياة ، تحاول التماسك والتناسي، ولكن تلعن ذاكرتها العصيّة في النسيان، تشتم قلبها الذي يضّخ عبثًا للإستمرار في حُب ربما تلتقيه يومًا وربما يحرقُها بالنيران وهفوات الإبتعاد.....كُل شيء بات رماديًا لا لون له......تشرب قهوتها على نوتات نبضات قلبها التي تخفق على ترنّم اسمه ، نوتات تَيتانيكيّة غارقة في سفينة إجبار الكيان على الوقوف أمام هذا الموج من الهُيام!،
تنظر للنّاس، كيف يتماشون مع الحياة، وكيف يمارسونها بحُب قريب ، وكيف افواههم تمتلأ بالحديث الكثير وتنفرج ابتساماتهم لتتلوها ضحكات صاخبة تنّم عن سعادتهم وسط حُزنها الرمادي

.
.
ركان
أنتَ قلبي
أنتَ لي وحدي
أنتَ كما أنا أريد
رجل بلهفة عُشق جميل
رجل بابتسامة حُب عميق
أنت ركان قلبي
وهذا يُعني فيما معنى اسمك
أنت ثبات قلبي ووقارهُ!
تحملّني على مراحل الحُب السبعة عابثًا
بكياني ونبضي
تحتضنُي على ريش الهوى
وتُغمض عينايّ على نوتات الصبابة
وعلى همسات اعترافاتُك الداخلية من الحُب
تُمسك يداي تجعلني ادور حول نفسي وتوقعني في حضن الشغف
تُدخل نفسك في قلبي هوسًا
وتُداعب شعري وجعًا من الكلف
تُعاتبني على عشقٍ عميق ارتفع ادرينالينهُ في قلبك
ليجعلك تحدّثني مطولًّا
لا يُكفيك هذا
بل
تُراقصني على أعزوفة كلاسيكية تنّم عن العشق
لتسحبني لمرحلة النجوى
لتسرق عقلي واصبح مجنونةً لك
وتُبكيني في ابعاد وجهك عنّي متلاعبًا في قلبي
تُكمل مسيرة هذه المراحل
لنقع نحن الاثنان دون ادراك في هيامٌ
عميق
اعلم انّك هائمٌ بي كما إنني هائمة بك
ولكن تُحميني بالابتعاد
بالإنسلاخ من صفات ركان العاطفي اكثر من ان يكون قاسي!
.
.
.
تنهدت ..ازدادت مرارة القهوة على لسانها كمرارة حُبها!
سحبت الهاتف
ارسلت له
(إن حاولت الإبتعاد على مبادىء الحماية، فأنا أعشق المخاطرة ولا أقوى على بُعدك، احبك ركان)!
.
.
.
وصل اصبح أمام بابها، قلبه يخفق قلقًا، حُزنًا، وألمًا وعقله لم يتخطّى اعترافها ولم يتخطّى مشهد استنجادها به، هو عالق في مضيق رحيل، عالق في ذكريات رحيل وفي اعتراف رحيل، وفي حياة رحيل، اليوم عليه ان يتماسك من أجل ألا يخوضا جولةً في الغضب، اليوم عليه ان يتنازل من أن يسألها عن حُبها المزعوم، وعن اخبارها بشرط جدّه، اليوم فقط عليه ان يخرجها من حبل الضيق، ويدعوها بالدخول لحبل الرحمة والسكينة، ويريها نور الحياة، والدنيا التي غابت عنها مطولًّا ، ارتجف جسده يخشى من ألا تصبر نفسه على إثارة الجدال في سؤاله عن الحبيب الخفي ، وعن تساؤلات كثيرة اخرى، يخشى من نفسه أن يبتدأ بها!
تقدّم خطوّة للأمام ازدرد ريقه وناول الورقة التي اعطاه إيّاها ركان للشرطي.....الذي سحبها وقرأها والتي تدل عن الافراج عن رحيل بختام رسمي من قبل مركز الشرطة لولاية ما ساتشوستس، ولكن اجرى اتصال سريع لم يأخذ ثوانٍ حتى به
امر ليث بالانتظار ثم دخل الشرطي وبقي الآخر خارجًا
.
.
.
اخذت ترتدي الحجاب الذي جلبه لها ليث في كل الاوقات ، لا شيء الآن يوقفها من ارتداؤه، قد جدلت شعرها وادخلته في ملابس المستشفى ولفّت على رأسها الحجاب، حالتها النفسية باتت متدمرّة مازالت تريد العودة إلى السجن ما زالت تريد ان تعود لذلك المكان الذي لملمت بها نفسها، لا تريد رؤية ليث ولا تريد أن تختلي معه في مكان واحد لا تريد أن يستنفذ طاقتها التي استفذها الزمان مطولًّا لا تريد أن يُهيمن عليها بسيطرته الذكورية عبثًا لعنادها ، هي قرأت في عيناه الكثير وهي التي درست لغة العيون مجانًّا داخل السجون، تفهم الرغبات ، والنوايّا من خلالها، كم سجينة نوت بها خُبثا؟ وكم سجينة نوّت بها شرًّا وفعلته طيلة سجنها اللئيم ، لا يصعب عليها أن تفهم رغبات ليث لا يصعب عليها ان تقرأ حتى افكاره فهي قرأت افكار الكثيرين ، سمعت الباب ينفتح ونظرت للشرطي الذي اقترب
منها

ثم قام بتحرير يدها اليسرى من الاصفاد
ثم اردف لها أنه تم إطلاق صراحها
في الواقع لم تفهم شيء
هل بهذه السهولة ينتهي الأمر؟
هل تصدّق ما قاله
بحلقت في ظهر الشرطي وهو يفتح الباب ويخرج ويتركه مفتوحًا بأمر ليث
سمعت صوته

هل اخذت الحريّة؟ ولكن الحريّة لا تُليق بها هي اعتادت على ذلك المكان الذي يُلملم ضياعها ، اعتادت على الوحدة، على البكاء مطولًّا دون حضن يخفف عنها ودون دموع تنساب على خديها لتريح قلبها!
كيف ستعيش ؟ كيف تجرّب العَيش بطريقة اخرى بعدما اعتادت على كيفية لئيمة جُبرت عليها دون رضا؟
.
.
لم تعي أمر انتهاء الحكم عليها، شعرت برغبتها الصارمة في البكاء، اخذت شفتيها ترتجفان على دخول ليث واغلاق الباب وراؤه نظرت إليه ونظر إليها
همست له : خلاص....انتهت محكوميّتي؟

يفهم شعورها الآن، شعور مخالط ما بين التصديق وعدم التصديق اقترب من سريرها
وهو يهز رأسه، وهي وضعت يديها على فمها لتنخرط بشكل مفاجأ في بكاء عميق، انتهت رحلة العناء، انتهت رحلة محاولات حفظ النّفس من وحوش يريدون بها شرًّا ومن نوايا خبيثة يريدون بها ذنبًا، هي حمت نفسها على مدار السنوات التي قضتها في السجن من التحرّشات ، سجينات مهوسات بالجنس ، سجينات مهوسات بالشغب، سجينات كارهات للمسلمين، سجينات كارهات للجنسيات العربية حاولوا وكثيرا في ايقاعها في المصائب، حاولنّ كثيرًا في سلب شرفها رغم انها امرأة مثلهنّ!، رسموا على جسدها جروح كُثر تقسم هذه الجروح انها نتجّت بسبب، دفاع رحيل عن نفسها، بكت السنين ومرّها

جلس ليث على طرف السرير تهجّد صوته: رحيل قولي الحمد لله.....قولي الحمد لله انها عدّت وانقضت....
اخذت تكرر الحمد بخشوع ، بعينين مغمضتين بقلب مضطرب ومشاعر جمّا ولكن هي غير مستوعبة

تذكر امور عدّده وكأنها حدثت بالأمس
كوقوفها في المحكمة
وصفعة والدها لها على وجهها
وتذكرت قوله: : ليتك متي بدل امّك!
زاد بكاؤها لأنها اشتاقت له، ولحنانه
نظرت لليث وهي تمسح دموعها قساوةً: خلاص.....كل شي انتهى....كل شي؟

ليث اقترب منها وضع يده على كفّي يدها تحدث: قولي كل شي بدا......رحيل.......انسى كل شيء....

سحبت كفيها منه ابتسمت بسخرية ووجهها محمر تحشرج صوتها بنبرة بكاء: انسى كل شي؟

تنسى واثر الجروح المتفرّعة على جسدها ستذكّرها بأيامها الصعبة، كيف تنسى وطعنت خصرها من الناحية اليُمنى في بعض الحين تتوهم وجعها؟
كيف ستعيش حُرّة وهي لا تعي معنى الحرية التي سلبوها منها في عمر مبكر؟

بكت قهرًا وهي تخبّا وجهها عن ليث الذي زاغ قلبه ألمًا عليها
سُعد انها بكت ، ربما لترتاح
اقترب منها اكثر، كان خائف من مبادرة الحضن من مبادرة لملمت الضيّاع.....
همس: رحيل.....
رفعت رأسها له ونظرت لحركة يده التي تدّل على رغبته في احتضانها
ضحكت في ضياع بكاءها وهي ترفض بهز رأسها وتبكي: اللي ابيه يحضني مو موجود مو موجود يا ليث!
.
..
.
.
.

انتهى







شتات الكون 03-01-21 11:23 AM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 



Part 8

.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
تُبهته بكلماتها، ونظراتها التّي تهتز
سحبتهُ للنقطة التي حاول جاهدًا ألّا يتقاطع معها ويُصبح موازيًّا لها بقدر الإمكان ولكن أعادتهُ بلا شعورٍ منها وبلا إحساس إليها؛ لِتُثير زوبعة مشاعرٍ جاهدها طوال الستةِ الأيّام التي مضت، اشتدّت عروق جبينه ليُظهر أمامها عصفور صغير على غُصن شجرةٍ في هدوء اللّيل الذي أعمى عَيْنيه مؤقتًا، افترس بقايا دموعها بجحود عينيه اللّتان أخذتا تتحوّلا إلى لمعان غضب وانهيار مُنبثق من ثُقب غيرتهُ الرجوليّة وفضوله في معرفة مَن المقصود على لسانها؟

لن ينتهي الأمر إلى هُنا يريد أن يعرف مَن تقصد قبل أن يعبث في الغرفة فسادًا بجنون أحاسيس جمّا انصبّت بقساوة عليه في غضون أيّام قليلة

كاد هذا الغضب يحرقهُ لو لا مُحاولاته في سد ذرائعهُ!

سحب جسدهُ قليلًا ليقترب منها مستعدًّا للهجوم! هُنا قرر أن يلفظ ذلك الغضب ما إن تنطق لهُ اعترافًا ملموس وبُرهانًا بتأكيد لسانها عليه سيُطبّق على غضبّه ليُهديها إيّاه، أما هي حينما شعرت بحركته
نظرت لتغلّبات وجهه

مسك كفّيها بقوّة لكي يُمنع نفسه عن الصّراخ وعن إلقاء العقوبة مبكرًا عليها، سينتظر ...لن يُشعل النّيران مبكرًّا يعلم أنها احترقت في وقت مبكر واصبحت رمادًا لن يحوّل ما تبقى منها إلى حُطام سيصبر!

اردف لكي يجّس نبض الشكوك التي بداخله: عمّي.....يحتاج وقت عشان يتجاوز الصدمة ......ويتجاوز كل شيء صار!

كان يُريد منها تلميحًا يُخرجه فقط من عثرات تفكيرهُ المُنحصر في اعترافها اللّئيم، كان يُريد فقط أن تؤكد لهُ إنّها تقصد والدها كما أنه يُريد أن تخفف من حدّت غضبه الذي استثار بغيض كلماتها الحادّه في الأيّام السابقة ، تُريد أن تمسح بيديها على الوحش الذي يُريد أن ينطلق من داخله لحرقها ، هذا كل ما يريدهُ الآن!


سحبّت يدّيها من يديه بقوّة بسبب شدّت ضغطه عليهُما في الواقع تنّرفز من عدم قبولها لمسكته وحتى لمسها ولكن الآن لا يهمّه سوى أن تُبرهن لهُ مقصدها
يُريد أن تخبره إنّها تُقصد والدها قبل أن يطيش بأفعالٍ غير مرغوبه...

أدارت عينيها للزاوية اليُمنى، ثم اظهرت ابتسامة سُخرية وهي تهز رأسها وكأنها تُنفي أمرًا استباح تفكيرها أمام حربهُ الخامدة!

تحدثت بصوت تدرّج لنبرة عالية ثم انخفض سريعًا: مرّت ثمان سنين ولا تجاوزها؟........هذا يعني عمره ولا راح بيتجاوزها....لأنه هو ما يبي يتجاوز هالشي.....هو نفى رحيل لمكان بعيد من سنوات .....عشان كذا أنت تشوفه ما تجاوزه..هو تجاوز صدمته اصلا بطريقته .....وخلص!


تنفّس الصعداء، إلى الآن يغلي ويخشى أن ينفجر ولكن سيحاول أنْ يوازن بين هذا الغلّيان إلى أن يحين موعد انفجاره،

تحدث بجدية: رحيل اللي صار ما هوب سهل.......ومكانتك عند عمّي الكل يعرفها....مو سهل عليه يتقبّل ومرر الأمر وكأنه شيء عادي....عطيه فرصة...والأيّام كفيلة تخليه....يعاملك مثل قبل واحسن......

سكتت نظرت إليه بضياع حُزنها، كيف تُهديه فُرصة تقبّلها بعد خروجها من ضياع عمرها؟
كيف تصبر على تلك الأيّام الكفيلة والتي ستكون ثقيلة وطويلة؟
كيف يا ليث؟ اخبرني؟

.
.
أنا الآن كاليقضة التي تُغرق صاحبها في سرابها المُخيف، تسحبك ثم تسحبك إلى أن توصلك للقاع الذي تخشاه، ثم تدخل بعدها في حلمٍ لا تستطيع أن تتجاوز صعوبته في فتح عينيك وبعدها وبشكل سريع كلمح البصر تختنّق في ضيق كابوسٍ وحشي يسرقُك من الحياة ببطء يشّد على عُنقك وكأنه يقسم انه لا يُريد افلاتك لتنجو ثم يعتصر جسدّك بجاثومٍ مخيف ، يضغط على قلبك ليوجعه، يهمس في أذنَيْك أنه على وشك التمكّن منّك لدرجة يشّل اطرافك عن الحركة ويلتهمّك بفحيح رغباته التي تسحبُك للموت!


هكذا هو شعوري، لا اشعر إنني سعيدة لأنّهُ فُرِّج عنّي وامتلكتُ بيداي حريّة لطالما صرخت باكية أريدها!
خمد بداخلي هذا الشعور، ودخل في سُباتهُ اللّعين ليسرق منّي
كل مشاعري...

ليس لحُريّتي طعمٌ أو حتّى لون فهي بعيدة عن والدّي وخالتي والجميع؟

بعيدة عن حُبٍ ارغمت نفسي في الدخول إليه بقوّة رغباتي في الهروب من واقعي في ظلمات السجن؟
حتى بهِ أوقعني في الإرتخاء على مقاعده بهدوء وانظر إليه دون أن أُبدي بردّاتٍ طبيعية تجاههُ
ذلك الحُب الذي استعمّر خلايا جسدّي مستحيلًا، وددت لو إنني اغيّر بيديّ كل الأحداث لكي اظفر بهِ يومًا ولكن كل الأمنيات والأحلام باتت مستحيلة

حتى رؤية والدي في محض هذه الظروف ليث لم يقصّر ختمها بالمستحيل وبالشيء الغير يسير؟
فكيف أُسعد بحريّة هكذا؟
إنْ أعادوني الآن في السجن ، لن اخاف...لن اصرخ في وجهه العالم أعيدوا لي حريّتي
بل سأدخلهُ بكل رحب ، وسألملم بين جنُباته ذاتي التي شتتوها عبثًا
وألتهم صمته ويلتهمني عُنفه دون مقاومات!
.
.
شعر بسرحانها، بسكون حالها، فهم حديثه ادخلها في لجّة من التساؤلات
وارعب قلبها من تخيّل التوقعات التي تطرأ على الإنسان في مثل هذا الموقف...
لينهي الأمر ولكي لا يُطيلا جلوسهما هُنا
نهض ثم قال: بروح اوقّع على اوراق الخروج....
وبعد أن تذكر: وراح انزّل شنطة ملابسك نسيتها في السيارة....
لم تُجيبه نظرت إليه بعنين باهتتين خرج وتركها
.
.
رحيل
وما هو الرحيل؟
هل رحيل الروح عن الجسد يعُد رحيلًا؟
أم افتقاد الذّات بين جوانب شتاتها رحيلًا متخفي خلف استار النّفس المذعورة؟

تنهّدت، في هذه اللّحظة تذكّرت المواقف التي تركت على جسدها آثارًا عدّة، ضاقت روحها على جسدها ، لا تنكر هي تشتاق لوالدها، اشتاقت لأخوّيها ، اشتاقت لفهد واشتاقت لأحاسيس الاهتمام الصّادر منه، اشتاقت لتدليلهُ لها، لتقبيل رأسها متأسفًا حينما يقسو عليها في لحظات الغضب، وتاقت عيناها لرؤية ريّان الذي يحتضنها بدفء أخوّته ويطبطب عليها في ضيقها بيد محبّته، اشتاقت لإهتمامه بها
اشتاقت لرؤيته يدخل لغرفتها يتساءل هل تريدين أن اجلب لكِ شيئًا؟ هل تحتاجين المساعدة في أداء واجباتك؟ ماذا بكِ اليوم؟
وجهك عابس *ضحكي لا تحرمينا من ضحكت امي!*
أنتِ ملاك قلبي هل تعلمين؟
*تدرين ساعات احسّك مثل بنتي؟*

كما إنها اشتاقت للتوأم وصايف ومناهل ، وتذكّرت أنّ مناهل توفيت ربما مضى على وفاتها سنتين أو ثلاث سنوات ذاكرتها لا تحبذ ان تركّز في العد الرقمي لكي لا تؤلم قلبها الذي يشدو موالّا حزينًا على وفاتها في سن مبكّر، لا تدري الآن تبكي أم تبقى هكذا تُبحلق في السقف وفي زوايا المكان بجنون الذكريّات وبجنون شعورها في الهروب راكضة من كل شعورٍ وشعور.

أتت صورته في وجهها ، حتى حُبها تذكرتهُ الآن ، الحُب الذي غذّت نفسها عليه لكي تمر أيّام السجن عليها بسلام، الحُب الذي لامس قلبها بيد بارده تُعاكس حرارة نبضاتها ، اشتاقت لهُ هو الآخر رغم الإشتياق لهُ لا يُجلب لها سوى التعب والإرهاق إلّا أنها تشتاق، تقسم إنّها لن تُلامسه في أرض الواقع ولكن يُكفيها إن تشعر بهِ من الداخل وإن قام بهدمها يومًا فهي ممنونة لهُ
فهو كان لها كالأمل ما بين طيّات السجون!
.
.
تذكرّت ماري ، تلك الفتاة التي احتضنت ضعفها وإنعواج اضطرابها بهدوء، كان لتلك الفتاة أثر على نفسيّة رحيل اخرجتها من كآبة عصرّت قلبها لشهور عدّة ، حاولت أن تُسحبها بعيدًا عن الموت وهي على قيد الحياة! وفعلت ذلك ...جعلتها تتقبّل الحياة وتتمسك بها ...جعلتها تُدافع عن نفسها وتصبح وحشًا أمام جميع من أرادوا بها ضرًا وشرًا

ابتسمت على تذكرها واخفيت بداخلها رغبة الذّهاب لزيارتها يومًا!
.
.
إعادة بناء شخص مبعثر صعبًا، شخصًا يواجّه صدمته بالتآكل على نفسه
رأى بعثرت حالها رأى ختم الحياة الصّارم على جبينها والذي ينّم عن تغيّر شخصيتها عمّا في السابق، يخشى من هذا التغيّر ومن هذا الاعتراف المبطّن ومن كل شيء يخصّها ، يشعر ببرودها لناحيته وكأنه لم يكن يومًا زوجًا لها!
.
.
ومن متى اصبحت لها زوج يا ليث؟ لماذا الآن تُخادع نفسك ؟
وتحاول لومها على شيء أنتَ السبب في تكوينه؟
.
.

عبث هُنا بشعره ليحرّكه مع صوته الداخلي الذي يعبث به
نفورها منه ما هو إلا دليل جازم على رغبتها في الطلّاق،

وكيف لا وهي في الواقع طلبتهُ؟

جعلتهُ يتخبّط في افكاره، وينقهر ويشتم كل الأشياء، جدّه أحاطه بقرار قاتل، لو يعلم جدّه بحقيقة جعله في التوقيع على وثيقة موتهما لتخلّى عن هذا القرار سريعًا ولكن وما يُدريه؟ وكيف تريد منه أن يشعر بذلك ؟

رحيل حقًّا رحلت وبقيَ رمادها، الذي سيحاول أن يُلملمه بحذر شديد،
مشى بخطوة فرح وخُطوة خوف من المجهول، حدّث طبيبها الذي أخذه بالإعترافات اللئيمة عن حالة رحيل، أخذ يُثرثر وكأنه حديثه مطرقة لتثبيت الخوف في فؤاده، أخذ يُسيطر على ليث بقوله الذي يُشعل نيران تأنيب الضمير رويدًا، حديثهُ مؤلم، يجعل من ليث شخصًا حائر ، ينظر إلى الطبيب بجمود، كل هذا في رحيل؟، كل هذا تتجرّعه ؟
اخبره أنّ
"النزيف سُيطر عليه
كما أنّ
رحيل بحاجة إلى اهتمام شديد لصحتها فهي تُعاني من نقص شديد في بعض الفيتامينات سأكتبها لك في هذه الورقة...وسأكتب أدويّة خاصة لتعويضها."
أطرق مُكملًا
"رحيل يا سيد ليث بسبب سوء الظروف التي عاشتها وبسبب نقص فيتامين دال وحمض الفوليك معرّضة وبشدّة للدخول في مراحل الاكتئاب .....واظن انها دخلت في هذهِ المرحلة ولكنها في بدايتها لذلك انصحك أن تراجعا لدى دكتور نفسي قبل أن تتخبّط."

كان يستمع لنصائح الطبيب، ويركّز على بعض الآثار السلبية وتساءل ماذا بعد؟ وهل فعلًا هذه (بعض) الآثار أم أنّ هُناك آثارًا خفيّة لم تظهر بعد ليتّم تشخيصها ، حديث الطبيب مازادهُ إلا كُرهًا في مواجهة كل الأشياء التي تخصّها!

لم يتبقى سوى أن يقول لهُ رحيل ستموت بعد عدّت أيّام!

تمتم بالإستغفار ثم سحب الورقة ليوقّع على خروجها من المستشفى
ثم خرج ....وهو يحمل بيده ورقة صرف الأدويّة قام بطيّها ووضعها في مخبأ الجاكيت....أكمل طريقهُ ليتجّه إلى اقرب مخرج للطوارىء ليوصله إلى الشارع بعيدًا عن رائحة المستشفى التي بدأت تخنقه ....وهذا ما فعله خرج


وبدأ يتنهّد حقًّا رحيل لم تعد رحيل الفتاة ذات السادسة عشر من عمرها ، في هذا العُمر المبكر تلقّت صدمات كان عليه أن يقف بجانبها ليخففها عنها حمل هذه الصدمات ولكن لم يقدر هو يتجاوز صدمته ليأخذ بيدها ويجعلها تتجاوز كل شيء، كان مصدوم لم يتوقّع أن تؤول الأمور على هذا النحو ، ولم يتوقع أن تكون خسارته كبيرة هكذا ، ويقسم أنّ الخسارة التي سببها ليست له فقط بل لعائلته كلّها، هو قام بمعاقبة الجميع ، أجل بتجاهله لكل التهديدات هو يقرّ أنه هو مُذنب وعاقب الجميع بلا وعِي منه، هدم كيان عمّه وافلق قلب والدته بطول غربته، وكرّه الجميع في رحيل!
هو المسؤول عن كل هذه الأمور يعلم، حتى تغيّر حال جدّه وإحالته إلى هذه الشخصية الشديدة والتي تخشى من كل غلطة وأخرى هو المسؤول عنها!

تركها تخوض صدمات كثيرة، صدمة الإقتحام، محاولة الإعتداء، الدخول في السجن لوحدها، تركها تجول في وسط معمعت اللاتصديق بأي شيء مما حدث!
يعلّم أشد الصدمات عليها كانت محاولة الإعتداء، رأى في عينيها ذلك اليوم حينما نظر إليها في المحكمة ذعر كفيل أن يوقف قلبها وهي واقفة أمام القاضي....لم تخفى عليه نظراتها لستيفن الذي حضر الجلسة الأخيرة والتي ثبّت فيها الحُكم، كانت نظراتها مُلهبة للحد الذي جعله ينظر إليها بصمت ويفرّك يديه ببعضهما البعض بألم عدم القدرة على فعل شيء يُعاكس الأحداث التي حدثت لها!

مسح على رأسه من جديد، ومشى لناحية المواقف متجهًا لناحية سيّارته فتحها وسحب الحقيبة التي جهّزها لها قبل يومين
كان متحمسًا للأمر والآن بدأ يخاف منه!، بدأ يستوعب المراحل التي سيمر فيها مع رحيل!

اغلق السيارة من جديد مشى بخُطى سريعة عائدًا للدخول إلى المستشفى
كان يركض، يريد ان يُسابق كل شيء متوقّع، يريد أن يخرجا من هُنا سريعًا فقد ضاقت روحه وتعب عقله من التفكير
سيترك كل شيء للأيّام التي ستكشف له حتمًا من هي رحيل؟
وصل الغرفة فتحها
نظر للمرضة التي تُزيح من على يدها الأبر الصغيرة ، تمنّت لها الشفاء ثم خرجت،
وتقدم لها : خذي قومي ألبسي عشان نطلع من المستشفى....
.
.

رحيل تشعر أنها في اللاواعي من التصديق، انقضت الثمان السنين وانقضى اسبوعًا كاملًا هُنا في المستشفى
والآن بكل بساطة تخرج تشعر انّ هُناك حلقة مفقودة في نصف الأحداث
تشعر بالاضطراب والخوف من مواجهة ما هو خلف السجون
الحياة الطبيعية التي اعتاد عليها النّاس الطبيعيون مخيفة بالنسبة لرحيل وجدًّا
لم تنطق كلمة واحدة كل ما فعلته ابعدت الحجاب عن رأسها ، ثم سحبت رجليها من على السرير وهي تحاول ان تُنزل ملابس المستشفى لتخبّأ وتستر نفسها قبل أن تُزيح "اللّحاف" من عليها
وفعلت كل هذا أمام ليث الذي بدأ يتوتر وبدأ يشعر أنّ الأمر أخذ يتطوّر
تنفس بعمق وهي تمشي بهدوء بعد أن سحبت الحقيبة معها للخلاء فتحت الباب ثم اغلقتهُ على نفسها!

.
.
رنّ هاتف ليث من جديد سحبهُ من مخبأ بنطاله رأى الشاشة تُضيء باسم ريّان تنهد
هم لو يعلمون أنّها بقِيت في المستشفى اسبوعًا كاملًا ماذا فعلوا؟ لو يعلمون أنها تجرّعت جروحًا كثيرة في السنوات الماضية تُرى هل تسابقوا في حجز التّذاكر للمجيء إليها؟

اجاب سريعًا
: هلا ريّان......

ريّان ينظر لخالته : طمنّا؟

ليث بلل شفتيه وراقب باب الحمام: طلعت من السجن وحنّأ في الطرق برّوح الشقة....
ريّان اغمض عينيه : الحمد لله .......
التفتت عليه خالته التي زاغت عينيها بالفرح
وفهد يطبطب على ظهرها
ريّان: ليث خالتي تبي تكلمها....

ليث وشعر أنه محاصر: ريّان الوقت مو مناسب اظن فاهم قصدي...
ريّان نظر لخالته ثم نظر لفهد: فاهمك......

ليث بهروب: اوعدك في اقرب فرصة اخليها تكلمك.....اعذرني بقفل الخط...
ريّان بهدوء: مع السلامة
.
.

اغلق الخط، ثم دار حول نفسه بضياع يسمع همهماتُها خلف باب الخلاء، يسمع عمق تنفّسها لغلق باب الوجع، ما زالت تتألم ولكن هل ما يؤلمها الآن جسدها أم نفسها التي لم تصدّق الخبر في الأصل؟
خائف من مواجهة الحياة الجديدة معها خائف من كونها تغيّرت ومن كونهُ يكظم غضبًا يحاول النفور منه في لحظات كثيرة، انتظر....ربما لسبع دقائق....وهو يجول في الغُرفة بأفكاره وبتوتره، كاره النّظر إلى وجهها الذي يُثير غليان جسدهُ بالفضول للتعرّف على كل ما هو جديد اخفتهُ عنه!
كالحُب الذي تُرتّله في صدرها بصمت، ككُرهٍ لفظتهُ لناحيتهُ بعنف
يُريد التعرّف عليها ويخشى من هذه المعرفة
هو عجول وهي في حال يضيّق عليه أبواب التعامل معها بلطف
وهذا الأمر يُقلقه!
.
.


شتات الكون 03-01-21 11:25 AM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 


خرجت من الحمام وهي ترتدي بنطالًا واسعًا أسود بقصّته الفرنسية وسترة طويلة بلونها الأسود ايضًا، لم تكن الملابس على قياسها المفروض، ولكن منُاسبة لها ليس واسعة للحد الذي يُظهرها بمظهرٍ مبعثر، مشت خطوتين وهي تُعيد تجديل شعرها الطويل أمام عَيْنيه إلى أن وصلت إلى السرير كانت تجدّل شعرها كلّه من ناحية اليمين ، ألتزم بالصّمت وهو يحدّق لشحوب وجهها واهدابها التي احتفظت بقطرات الماء بعد أن قامت برشح وجهها عدّت مرات ، نظر إلى بقايا الجروح التي تلتهم أرنبة أنفها واسفل حاجبيها جروح صغيرة ..ولكن كفيلة بأن يراها ليث بعين الضمير!
سحبت الحجاب بدأت بإخفاء شعرها
ثم نظرت إلى تحديقه لها
فقال : يلا...
.
.
مشت لناحيته ولم يتزحزح عن مكانه كان يُريد منها أن تتقدّم بخطواتها، فتقدمت وخرجت من الغرفة قبله، وشعرت بالإضطراب من ضوضاء النّاس من حولها نظرت لهم ولحركتهم التي ضيّقت من تنفّسها وروحها ، كيف ستعيش في ضوضاء جديد نستهُ مُنذ أن وطئت رجليها على أراضي السجون؟ كيف؟
.
.
ليث انتبه لوقوفها بِلا تحرّك : رحيل يلا
.
.
انتبهت لصوته نظرت إليه ثم مشت بمحاذاته، اختفت أصوات البشر وهي تفكّر كيف ستتأقلم على حياتها ؟ وكيف ستواجه الجميع في السعودية ؟ كيف ستعيش بِلا مستقبل؟ هي الآن تملك شهادة المرحلة المتوسطة فقط!
ماتت الطموح والأحلام ، مات كلّ شيء بداخلها، كل ما تريده الآن العودة للسعودية رغم إنها
تعلم والدها لا يُريد أن يراها حتمًا لا يريد لأنها وبكل بساطة أحدثت شرخًا في قلبه وفي عقله العصي على تجاهل أوجاعه! اشتاقت لأرض الوطن.....لطفلوتها .....لحياتها البسيطة....ولإهتمامتها التي يراها ريّان تافهه.......وإلى شكلها القديم.......ولغرفتها المتواضعة....اشتاقت لحضن أبيها....وطبطبت خالتها الحانية...اشتاقت لطعم الرّز....لطعم المكرونة لطعم الدجاج وحتّى اللّحم....لسُفرة رمضان......لجمعات العائلة في العيد.......لصوت الأذان.....لرائحة عود جدّتها ....اشتاقت لتوبيخ فهد لها حينما تعصيه على مبدأ الفكاهة والمزح....اشتاقت لأحاديث أصايل.....ولجنون هيلة.....ولهدوء دانة....ولفوضاوية عهود...اشتاقت للجميع....وبدأ الشوق يطرق كل جزء من جسدها الذي بدأ يعي معنى هذا الإفراج!

اشتاقت ورغبتها في العودة للوطن تزداد، هذا الشوق يفيض من داخل كأسه يفيض ليخنقها ، ليضعفها ليّلح عليها بالبكاء!

مشت ....وهي تتلفّت باحثة عن شيء يُهنىء صبرها الذي كُفيءَ بهذا الخروج الميسّر.....حاولت أن تبتسم...تفرح...لم تستطع.....نظرت لليث....الذي يسترق إليها النّظر وكأنه خائف عليها من الضيّاع.....تحّس بخوفه هو الآخر واضطرابه من وجودها معه ومن حقيقة خروجها من السجن .....تلاقت عيونهما في نقطة الشتات....
.
.
اقرأ عيونك
واعرف بلاويها يا ليث!
.
.
اعرف رغباتُك المُتدفقة نحو المجرى الخاطىء
اتهجأ هجوم مشاعرك واندفاعها
انا رحيل يا ليث
انا قادرة على القراءة والمراوغة لتجهيز هيمنّت السيطرة والإفتراس الغير متوقّع
خَف منّي يا ليث
فأنا في بعض الحين أخاف من نفسي التي تُركت في غياهيب السجون الحقيرة!
.
.
اشاحت بنظرها عنه ومشت خطوة والآخر مشى الخطوة نفسها دون أن يُزحزح بؤبؤ عينيه عنها رأى في عينها قسوة مخيفة يُحيطها الحُزن بشكل مأساوي عنيف ، رأى بداخلهما صمود رغم الإنهيارات التي تتدفّق من وسطهما بِلا توقف اصبحت ذات معنى في التناقض وهذا الأمر بدأ يُرعبه وبدأ يشكك من فهمه إيّاها.
مشى وهو لم يُدرك الزحمة المفاجأة من حوله لذلك اصطدم بشكل سريع في جسد الطبيب مشى من أمامه وكاد يتجاوزه ولكن ليث لم يكن عقله معه اصطدم به وجعله يترنّح خطوتين للأمام
خجل ليث وتقدم ثلاث خطوات لناحية الطبيب ليبتعد عن رحيل بمسافة قصيرة ولكن اصبحت رحيل في تلك الخطوات البسيطة خلفة تمامًا وانطفأت الكهرباء بشكل سريع وغير متوقّع!
رغم انّه وقت الظهيرة ولكن أُظلم الممر وأضيء جزء بسيط منه بسبب شُعاع الشمس المتسرّب من الأبواب والفتحات الأخرى.

ارتفعت الأصوات متساءلة وخائفة وباحثة عن تبرير منطقي لإنقطاع الكهرباء!

ضجُّوا الأطباء يركضون في كل مكان واشدّهم اهتمامًا توجّهوا لقسم الطوارىء وقسم العمليات ، بينما هناك موظفين بملابسهم الخاصة يتجّهون لناحية غرفة التحكم الإلكتروني بشكل يُثير الهلع...

تأسف ليث للرجل الذي اصطدم به على هذه الأثناء ثم رفع رأسه للسقف حينما انقطعت الكهرباء والتفت لجنبه ليردف: رحيـ...

لم يُكمل الإسم حينما لم يجدها ، دار حوله نفسه يُتمتم باسمها كالهمس
ولم يراها ، رحيل كالطفل الآن الذي لا يعي خطورة العالم والوحوش الذي تسكنه هكذا ينظر إليها ......في الواقع أتت في رأسه عدّت وساوس مخيفة ....ولكن قطعها وهو يمشي.....بخطوات عجلة لا يريد أن يلتفت لها وأخذ ينادي
بصوته الشبه عالي: رحيل....رحيل...
.
.
بينما حينما اصطدم في الرجل كلمح البصر وتقدم لناحيته معتذرًا ، تم سحب رحيل من خلفه بشكل خفيف وغير مُثير للشبُهات، سُحبت من يدها اليُسرى وهي في عالمها الخاص من التفكير ...ظنّت ليث هو من قام بسحبها رغم لو رغب في فعل ذلك من المفترض ان تُسحب من يدها اليُمنى ولكن هي في اللاواعي من عقلها ولم تعي ذلك.....وانقطعت الكهرباء وضاق تنفّسها هي على علاقة عكسية مع الظلام...والأماكن الشبه المُظلمة!....رغم الممر ليس مظلمًا تمامًا أشعّة الشمس تُنير بعضًا من جوانبه ولكن ذعُرت وهي تُسحب في زحمة هذه الفوضى
نطقت: ليـ..
وانقطع الحرف الأخير وهي تُسحب بحركه سريعة ليتجّه بها لناحية السلالم المؤدية إلى الممر الخاص لباب الطوارىء.....سُحبت عنوة وهما ينزلان من عتبات السلم بشكل سريع ....حاولت التفلّت منه ..ولكن ...حينما نزلا دفع جسدها على الجدار بشكل مؤلم .....أدركت الأمر.....وخطورته.....فتحت عيناها على الآخر حينما سقطت عيناها على وجهه، وابتسامته التي تنّم عن انتصاره لكل ما حدث لها، ارتجف قلبها وجسدها تذكّرت الموقف التي جاهدت على نُسيانه ولم تقدر

تذكّرت ركضها وانقطاع نفسها ، هل سيتجدد الأمر الآن؟
حرّكت رأسها بِلا تُنفي الواقع المرير وهمّت بالركض لتصعد على عتبات الدرج ولكن شدّها من يدها اليُمنى وثبّتها من جديد على الجدار ووضع السكين التي يحملها في يده اليُسرى على قلبها تمامًا
.
.
ما زالت عيناها شاخصتين ، تنظر لعينيه دون أن ترمش، قلبها بات يُسمع، نفسها بالكاد تلتقطه، تشعر أنها تموت
هل هذه الحريّة؟ أن تعود إلى النقطة ذاتها إلى الحَلقة التي حاولت أن تخرج منها
إلى الأيادي نفسها العابثة التي تُريد منها شرًّا؟
نست في هذه اللحظة كيف تكون المقاومة؟ كيف تطبّق ما علمّتها إيّاه ماري من دروس الملاكمة التي دُرّبت عليها لشهور أو ربما لسنة او اكثر لا تدري كم!

تخشّب جسدها ، تُبحلق لوجهه وكأنها تريد التأكد هل هو نفسه الرجل الذي طعنته في بطنه؟ هل هو؟
تغيّرت ملامحه ولكن ليس كثيرًا، النظرة نفسها ......مسكته لها نفسها.....
الموقف نفسه ولكن بجمود ردّت فعلها!
خرجت من طور الصّمت حينما تلّها من خاصرتها ليقرّبها إليه
شهقت بذعر وكادت تلفظ روحها بعيدًا عن هذا الجسد
صرخت في وجهه: وخررررررررر عني..

حينما صرخت دفعها من جديد ليصطدم ظهرها على الجدار بقوة وتأوّهت وكادت تنحني ولكن اقترب منها ليطوّق عنقها بيده الممسكة بالسكين يمررها على قلبها
قرّب وجه إلى وجهها ليردف (مترجم): اصبحتِ شهيّة اكثر مما في الماضي يا رهيل....
.
.
هكذا كان يُنطق اسمها
ابعدت وجهها عنه ، بدأت تعود للواعي من عقلها وبدأت تقاومه
بصقت في وجهه بعد أن انهى جملتهُ وهي تتنفّس بعمق وذعر.....حاولت أن تدفعه ولكن مسك فكّها ليضغط عليه

ويردف(مترجم): لا تُثيري جنوني وإلّا....

لم تتحمّل قُربه أيقظ عليها سُبات الذكريّات، رفعت يديها المرتجفتين حاولت أن تتماسك لتنقذ نفسها بطريقة لا تُدخلها إلى ابواب مغلقة مرةً اخرى، وضعت يديها بالقرب من عنقه ولم تترك لهُ مجالًا لتوقع حركتها التالية جذبتهُ إليها ولم تُبالي للسكين التي تشعر أنها بدأت تُلامس رويدًا جسدها! رفعت رجلها اليُمنى واثنتها قليلًا ثم قامت بركله بركبتها مرتين على بطنه تحرّكت يده التي تحمل السكين لتنزلق عن موقع قلبها قليلًا، لم تترك لهُ مجالًا للتمكّن منها ركلتهُ في الأخير فيما بين رجليه وانحنى متألمًا للأمام....واسقط السكّين من يده!

ابتسمت انها نجحت في إنقاذ نفسها
وهي تعتصر خوفًا ، وترتجف من مطاردتها بالذكريّات اللئيمة .....ابتعدت عنه....وركضت من جديد....ولكن لم تتبعد كثيرًا لذا سحبها إليه بعد أن استقامه في وقفته وتحامل على وجعه!
.
.
ليث
هل بدؤوا بسحبه إلى عمق الجحيم؟
هل ما زالوا مصرّين على مُعاقبته في زوجته؟
بحث في دورات المياه....يركض من غرفة إلى اخرى ....باحثًا عنها.....هل سينهون أمرها؟ الآن؟

هل سيجعلون عائلته يذوقون مرارة فقدها الأبدي، فتح الغرفة الآخرى وكانت لمريضة مسنّة اغلقها بعد أن تعذّر لها بالدخول عليها بلا استئذان.......نظر للنّاس.....تنفّس بعمق.....تذكّر وجه عمّه، نظرة ريّان المشتاق لها، ولغضب فهد منها وحنيّته التي يحاول إخفاؤها، تذكّر اهتمام جدّه في مسألتها بطريقته القاسية ، تذكر صوت خالتها وهي توصّيه عليها
.
.
ذعر ..خاف..الجميع سيلومه على موتها...الجميع سيكرهه....الجميع سيتمنّى موته.........مسح على شعره .......مشى إلى الممر ليعود لغرفتها .....التي تركوها قبل دقائق عدّه فتحها لم يرى فيها أحد.......رغب في البكاء......في الصراخ......في الشتم والسب وحتى اللّعن......

خرج من جديد يركض كالمجنون في الممر يصطدم بجسده في هذا وذاك، يهمس باسمها متكررًا يخرج الصوت على صدى ضميره ، اخذت اصوات النّاس تتضخّم في أذنيه، اخذ العجز يُطبّق على صدره من لُقياها
إما أن اخفوها أو قتلوها؟
ولكن كيف هكذا سريعًا في رمشت عين؟
هزّ رأسه واكمل باحثًا بجنون مشاعره، يركض هُنا وهناك كالمجنون....يفتح الابواب على المرضى بلا استئذان...ينظر إلى أي فتاة محجبة ناسيًا لون لبسها الذي لا يُشير على إنها رحيل!
.
.
بينما رحيل طُرحت أرضًا ، "صفقها" على خدها الأيمن والأيسر في الوقت نفسه دون أن يترك لها مجالًا للتألم؛ لأنها آلمته بضربها على منطقته الحساسة، صرخت تريد التحرر منه ولكن كمكم فمها بيده وضغط على فكّها اخذت تحاول رفسه ولكن رفع نفسه من عليها ليبتعد عن جنونها بتخبط رجليها على الأرض.....اصبح كل شيء مبعثر من الداخل والخارج....تُريد أن تتحقق أمنيتها تُغمض عينيها وترى نفسها على متن الطائرة للعودة إلى الوطن لا تريد أن تُطيل هذا الكابوس لا تُريد.....ضربته على صدره مرة ومرتين ....ولكن شعرت بحرارة انفاسه تقترب من وجهها وهُنا ادركت انّه فعلًا عاد لتكملت ما نقصهُ في الماضي التفتت يمينًا ويسارًا تبحث عن بصيص أملٍ ووجدتهُ ....تلك السكينة التي بيده اصبحت ساقطة على الأرض تبتعد عنها لمسافات بسيطة...
حاولت ان تُسحب نفسها مبتعدة عنه لتقترب من مكان السكّين تحرّكت بجزء بسيط ولكن صفعها من جديد وكأنه يُريد الإنتقام منها على ما فعلتهُ له في الماضي
نزف أنفها هُنا وبدأت تكح بقوة شعرت بالاختناق وهو شعر بالفرصة في التحدث ليخنقها اكثر
(مترجم): هل اخبرك....بشي....بسيط عنّي.....أنا موتك يا رهيل...اجل أنا موتك على هيأة ستيفن......موتك يُعني الألم لليث....يُعني الضعف....لغطرسته .......

لم تركّز على حديثه كل ما تحاول فعله أن تسحب السكين بينما هو اكمل
(مترجم): ظنناه ذكيًا....وعبقريًا...وقادر على فعل ما لا نستطيعه......وانا اؤمن انه كذلك...ولكن حينما رأى اللّطف منّا........ماذا فعل؟.....شمّر عن سواعده وكَشَرَ عن أنيابه......والآن.....يا عزيزتي.....انتي نقطة ضعفه التي ستفلق قلبه....

مررت اصابع يديها على طرف السكّين، سمعت حديثه بشكل فوضاوي في عقلها ...ِ..وبشكل غير متوقع لها شعرت بثقل على بطنها....ونظرت لوجهه وادركت وضعية هجومه عليها بوضع ركبته على بطنها والضغط عليه....ليثبّتها كليًّا على الأرض دون حركة!...تأوّهت دون أن تخرج الأنين من فاهها.....دار رأسها وشعرت إنها ستفقد وعيها في أي وقت
وأنفها ما زال ينزف ببطء.....كحّت من جديد وحاولت رفع رأسها من على الارض.....ولكن انحنى هو الآخر ليمنع رغبتها في النهوض...نظر في وجهها...بينما هي مسكت السكّين بيدها اليُسرى......

كانت تظن انهُ غافلًا عن حركتها ولكن كان يراقبها وتارك لها مجالًا للوصول إلى السكّين وهو يقلّب بعينيه عجزها من الحركة! ابتسم

أما هي اخذت ترتجف ، كلما حاولت التحرّك كان يضغط على بطنها بشكل يُثير ارتجاع معدتها، احمّر وجهها،

اردف(مترجم): انتهى عملي إلى هُنا يا رهيل....ولكن اخبري ليث.....لا يعبث بالنّار كثيرًا لأنها بدأت تكبر وترتفع فوق ....فوق يا رهيل...

وأشار للسقف....

هُنا بعد أن ابتعد قليلًا عنها همّت في طعنه في كتفه ولكن مسك يدها سريعًا واخذ يضحك
(مترجم): لالا .....هههههههههههههههه....هذه المرة لن يحصل هذا عزيزتي.....هذه المرة سيحصل ما اريده أنا....
.
.
غصّة هُنا في بكاؤها نظرت إليه وحاولت مقاومته الواهية في التحرر منه...ولكن ضغط على بطنها بقوّة ، هذه المرة .......انحنى تدريجيًا ليصل لمستوى وجهها...وضجّت بالصرّاخ......حينما ادركت انها لن تستطيع حماية نفسها ضجّت بالصراخ.....كُرهًا لحدث يتجدد عليها بعد خروجها من السجن وكان سببًا في دخولها في السجن!.....ولكن كتم نفسها من جديد ......واخذت تضربه على صدره لتبعده.....تتحرّك بعشوائية رغم الألم الذي حاوط بطنها ممتدًا إلى الأسفل ....شلّا هذا الألم حركتها لتصرخ متألمة من ضغط ركبته على أسفل بطنها..ولكن ما زالت تُقاوم.....صرخت دون أن يضج صدى صرختها في الأرجاء......

.
.
أنا رحيل *يبه*
أنا آسفة
لم أعد قادرة على مقاومة رجل ضخم يفوقني عشرات المرّات في قوتي
أنا آسفة
لأنني لم استطع بعد أن اطعنهُ من جديد لتلقينه درسًا آخر في محاولة حفظ الشرف
أنا آسفة
لأني *بوجعك يا يبه*
.
.
سُحِب ستيفن ورُميَ على الارض جانبًا، فتحت عيناها هُنا لتنظر له ساقطًا على ظهره بالقرب منها ، بحلقت في الرجل بشكل ضبابي
وهو يلكمه على وجهه ، نبرته ولكنته كانت عربيّة
سمعته يُخبره أنّ الوقت انتهى وسوف تعود الكهرباء تلقائيًا بعد ثلاث دقائق
نظر إليه يشدّه من ياقته وهو يقول
بالعربي: مو ناقصني إلا همجي مثلك يا حمار...ما تفوت الفرص!
سحبه كان يمشي ستيفن متذمرًا يشتمان بعضهما البعض
يحاول ستيفن التحرر وهو
يكرر (مترجم): اريد الانتقام منها على ما فعلته بي!

الآخر يحاول سحبه.....بينما هي جلست .....شعرها من الأمام مكشوف....والدم من انفها ينساب على شفتيها ..مسحته بظاهر كفيها اليسار...تحاول ان تصمد امام الغشاوة التي تحاول التمكّن من عينيها.....سحبت السكين الساقطة على الارض.....حاولت النهوض وهي تتأوّه من بطنها....ولكن وقفت وهي تترنّح...وترتجف...

والرجل يسحب ستيفن الذي حاول التفلّت منه وذلك يصرخ
: شارب شي...اقولك حرّك يا مجنون.......باقي دقيقة......


هل يفهم ستيفن العربية؟
كيف يحدّثه هكذا؟

دفعت جسدها المترنّح للتحرّك....تحرّكا الرجلان بالقرب من الباب...حرّكت رأسها لا...لا تريد أن تتركه دون أن تنتقم منه.........مشت بخطى متسارعة متحاملة على الألم...ترنّحت مرتين ووصلت إليهما...ثم رفعت السكّين صارخة ......غاضبة...متوحشة....دموعها اصبحت متناثرة على خديها....ما عاشتهُ لم يكن سهلًا...ان تعيش التجربة مرتين ....وتنجى من محاولة الاغتصاب في اللحظات الأخيرة امر افقدها عقلها تمامًا......انزلت وبلا تردد السكّين في كتف ستيفن من الخلف...الرجل العربي لم يستوعب سرعتها....وضعت ثقلها كله على هذه السكينه...ثم شدّتها للأسفل لتحرّكها بالقدر البسيط وبعدها سحبتها لتؤلمه...ولتضّج صرخته!

كان سيلتفت ستفين صارخًا بالوجع عليها، ولكن سحبه الرجل بقوّة وهو يدفعه للخارج لم يتبقى سوى ثوانٍ وتعود الكهرباء ليس وقتك يا ستيفن اخرجه رغمًا عنه.....وبقيت رحيل....تنظر للباب الذي أخذ يتحرّك يُغلق نفسه وتارة ينفتح.....بشكل متكرر ...لتدخل اشعّة الشّمس وتُنير وجهها المصعوق....جثلت على ركبتيها ،ارتجفت يديها.....ولكن ما زالت تشد على السكّين ....نظرت لها وللدماء التي انسابت منها على ملابسها وضعت يدها الاخرى تحت قطرات الدم......رمشت مرتين..... ثم...
.
.

بينما هو كذلك
يركض كالمجانين بلا جدوى...يبحث في كل زاوية واخرى انطلق إلى الخارج....فكّر انها خرجت للشارع...ذهب للمواقف......يبحث عنها....بصوت يناديها بنبرة الذعر.....
بلل شفتيه، واخذ يسأل المارة عنها وهو يصفها بقلب مفجوع، هو أيقن موتها ، اللورد لا يمزح في هذه الأمور ربما رفضه هذه المرّة اجبرهم على قتلها، لإضعافه وايقاعه في اشتباكات الخضوع لهم، خاف حقّا خاف...

مشى وابتعد قليلًا عن الرصيف التابع للمستشفى، يجول بنظره في الشارع بلا شعور....سمع رنين الهاتف

سحبه بخوف نظر للرقم المجهول
بدأت كل خلاياه ترتجف وتنشّد

ماذا سيفعل؟
ماتت؟
سيعودان للسعودية وهي في التابوت محمّله؟
هل سيدفنها في أراضي الوطن التي تاقت روحها لشم رائحة تُربته؟
هل سيبكي عليها لأنهٌ ظلمها؟ ولأنه متندم؟
هل سيذهب لقبرها يومًا ليخبرها انهُ هو السبب في سجنها؟ وتجرّع الآلام فيه؟
أم هل سيزورها كل يوم يقرأ على قبرها سورة الفاتحة ثم يعود للمنزل لينظر لصورتها وهي في ثوب زفافهما؟

دعك من كل هذا يا ليث؟ كيف ستخبر عمّك عن وفاتها؟ وهل ستخبر جدّك انك نقضت الشرط لأنّ لا وجود لرحيل بعد الآن؟

هل ستنتهي الكراهية التي وُلدت في عمق والدتك التي تريد منك التخلّي عنها؟

هل سيرتاح الجميع وستنطفي إنارات الفضول من النّاس المتساءلين عن عدم نزولها لسنوات لوطنها؟
هل .....

قاطعه الصوت الثخين: زوجتك في مخرج الطوارىء رقم خمسة!

طوط
طططططططططططوط
طوووووووووووووووووووووووووووووووووط

رمش مرّتين......
التفت للجهة المعاكسة للطريق
التهب قلبهُ على هذا الصوت الذي يعرفه
ركض بِلا شعور
.
.
هل أُعزّي نفسي
هل سأراها جثّة دامية على الأرض
بأي طريقة قتلوها؟
بطعنة سكين؟ أم برصاصة لعينة مستقرة على الجبين؟
.
.
أركض يا ليث
ألحق خطاياك
أتبع ذنوبك
أبكي آثامك
اركض يا ليث
لعلّك تظفر بها على نبض الحياة
أركض
هيّا أركض
.
.
ركض وهو يُصارع ألم صدره، ضجيج رأسه ، وأنين صوت خالتها،
ركض ودخل إلى المستشفى باحثًا بعينيه عن مخرج الطوارىء رقم خمسة
عُميّت عيناه لم يراه، تلفّت يمينًا ويسارًا ، اضاع نفسه، اضاع غيره
والآن اضاع خريطة نجاتها!

سأل احدهم واشار إلى الممر....ركض.....واصطدم كتفه في الجدار وهو يحاول التقدم .....لينزل من السلالم ، بخُطى سريعة وخائفة .....نزل وهو يقول: رحيلللللللللللللللللللللللللللللللل

عبر من خلال عتبات الدّرج ليصل....إلى الهدوء، إلى الماضي
وإلى العقوبة التي وجودها مُناسبة له!

سقطت عيناه عليها، تجثو على ركبتيها .....تهز بجذعها كالنخلة في يومٍ عاصف وممطر....تشدو بلسناها أنين موحش.....موليّة بظهرها عنه....لتخفي ملامحها الذي يخشى من أن تكون مشوّهة ، نظر إلى الحجاب الساقط على كتفيها كليًّا......مشى

وهو يقول: رحيل.....

لم تلتفت إليه....لم تُعيره أي اهتمام....كان اهتمامها منصبًّا في تذكّر آخر محاولته في التمكّن منها...ولكن أتى ذلك الرجل العربي ليسحبه عن ضعفها....لتنجو.....دون خسائر هذه المرة...حتى السكّين التي طعنتهُ بها في يدها الآن ليس له دليل ليشتكي عليها!





شتات الكون 03-01-21 11:26 AM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 


جثل امامها ليث، لينصعق بالمنظر الذي أمامه، نظر لأنفها المحمر ولبقايا الدم القريبة من شفتيها.......فهم انفها ينزف.....نظر لعينيها التي تاهت في النظر لعينيه، نظر للسكّين التي اراحتها في يدها وللدماء التي تخضّب يديها...
اقترب : رحيل.....

رحيل بنبرة باكية ما زالت تهتز: متى بنطلّق؟

ازردرد ريقه ، مسح على وجهه عدّت مرات.....اقترب منها ....سحب الحجاب ليلفّه بطريقه عشوائية على رأسها....حاول أن يسحب السكّين ولكن شدتها إليها
وهي تقول
: متى بنرجع السعودية؟

لم يتحمّل شعر بصدمتها، بجنون حديثها ونبرته الخالية من الحياة، احتضنها رغمًا عنها وهو يتمتم حامدًا الله على سلامتها، ثم نهض سريعًا وانهضها ليجذبها إليه من جانبها الأيسر...
وضعت رحيل يديها الملطختّين بالدماء في مخبأ السترة ، ومشت مجبورة مع ليث وهي تتنفّس بعمق.....حاولت ان تمسح الدم التي تشعر به يتسلل لينساب على شفتها العلوية بظاهر يدها اليسرى .....فتح ليث الباب الذي يؤدي للشارع...انكسرت عيناها من اشعة الشمس خجلًا مما حدث.....وخرجا هما الاثنان....وقلبهما يخفق.....ليعلنا عن خوفهما بهدوء!
.
.
.
لماذا لا يُجيب عليه ؟ هل رفضت هذه المرّة ؟ هل مصرّة على عدم القبول بهِ وخجل أخيها من زّف الخَبر إليه؟
.
.
لماذا باتت الأبواب مؤصدّة أمام هذا الحُب الذي نشأ في قلبهُ بحُب طفولة متمكّن من جعلهُ حُبٍ ناضج في قلبهُ وهو شاب يافع!
بدأت عهود حقًّا بالتلّاعب في أوتار قلبه، بدأت تمزّق تفكيره بخيبات طالت في عدم تصديقها، لم يعُد قادرًا على التمّاسك وعدم إبداء ما بداخله من شعور الخذلان وعدّم التقبّل،

نظر لوالدته ودّ لو يتجرّأ ويحدّثها هل حدّثتها خالته أم لا؟
صارم يتصدد عنه هذا ما لاحظهُ

نطقت والدته لتقطع تفكيره: اليوم وانا امّك أبيك توديني المستشفى...

انزل فنجان القهوة من يده وهو مهتمًا: خير يمه؟.....فيك شي؟

الشكوك بدأت تطرأ عليها مُنذ فترة ، رغم الأمر مستحيلًا بالنسبة إليها ولكن مُنذ عدّت أيّام وهي تشعر بالتعّب والإعياء، تريد أن تُبرهن هذه الشكوك بواقع ملموس، هي تعلم إلى الآن تستطيع الإنجاب ولكن الظروف التي تعيشها ربما لا تمكّنها من الإحتفاظ بالجنين ، فبعد هذه السنوات كيف يكون لها ان تنجب؟
لا يعجز على الله شيء جلّا علاه ، ولكن هي في سن الأربعين من عمرها وهي صغيره لم يثبت أي حمل، ولكن بقدرة الله عزّوجّل عاش لها ابنها ذياب....تخشى ان تكون حاملًا حقًّا وهي في هذا العُمر وتخسره او تُنجبه بأمراض لها اسبابها المتربطة بالعمر!؟

ابتسمت في وجهه ابنها: لا يمّك....بس ابي اسوي تحاليل.....اطمّن....

ذياب بشك مسك يدها بخوف: يعني فيك شيء؟

ام ذياب لا تريد أن تُخبره أنها تشك في مسألة الحمل وهي في هذا العُمر وهو في هذا السن وبعد كل هذه السنوات؟
الأمر مُحرج بالنسبة إليها ومخيف للعواقب التي تليه ببطأ شديد على تفكيرها
: لا.....بس امس دخت....وخفت يكون عندي ضغط ولا شي...وانا مادري ....فأروح اسوي تحاليل افضل ......
ذياب باهتمام قبّل يدها ثم نهض: أجل قومي نروح الحين.....ابوي يدري؟

هزت رأسها وهي تقول: قلت له....بروح مع وليدي.....
ذياب : أجل قومي يمه ....
نهضت وهي تبتسم في وجهه، وسمع رنين هاتفه على هذه الأثناء
سحبه من على الكنب واجاب: هلا صارم....
.
.
لا يُريد أن يبقى كهذا يتصدد عن اتصالاته دون أن يُريح قلبه ولا يريد أن يُخبره بشيء لا يضمن عقوبته في الواقع
نهض من جلستهم وخرج وهو يقول: هلا ذياب......ما رديت عليك لأني انشغلت.....فاعذرني....
ذياب مسح على رأسه، خفق قلبه: معذور...معذور......بس ...طمّني.....
صارم بجدية: ذياب....الاوضاع عندنا حبتين ما هيب مستقرة.....ولسّى ما فتحت الموضوع مع عهود....

ذياب واخذ يتشاغب: فيكم شي؟.....خالتي فيها شي؟؟؟

صارم شعر أنه متوهق وكما نقول*جاب العيد*: لالا....الكل بخير...
وبكذب: بس جدي اشوي صحته هالليّام لك عليها .....ولا كلمت لا عهود ولا ابوي....

ذياب بلل شفتيه: ما يشوف شر....تمام...انا انتظر....مانيب مستعجل....واعذرني لو ازعجتك باتصالاتي......

صارم ابتسم: ولا يهمّك....سلم لي على خالتك...فمان الله....

ذياب ابتسم : فمان الكريم.
.
.
صارم نظر إلى هاتفه ابتسم واطمئن قلبه ، يشعر انّ ذياب يكّن مشاعر لناحية عهود وما يجعله آمن للأمر رغبته الملحّة في الزواج بها دون أن يتخبّى وراء مشاعره ويفعل ما يفعله في الخفاء!
تنهّد ثم تذكر أمر ليث ورحيل
وأمر خروجها من السجن اليوم، يشعر بالحُزن على ابنت عمّه ويشعر بالغضب الذي يطرق رأسه عليها ، ليتها لم تبتعث مع ليث وبقيت هُنا بجوار عمّه وخالتها بدلًا من ضياع عُمرها هُناك في بقاع السجون
تنهد ثم دخل ليصطدم جسده بأخيه الذي خرج وهو عاقد الحاجبين ، ويزفر بضيق

امسكهُ من كتفه: ما بقيت تطلع من الغرفة؟.....معتكف فيها.....خير وش فيك...
نواف دون أن ينظر له: ما فيني شي...

صارم نظر إليه بتركيز ثم سحبه ليجبره على الخروج إلى واجهة منزلهم، نظر إليه
ثم قال: تكلم ....وش فيك ...مانت على بعضك.....صار لك اكثر من يوم وانت منطّق في غرفتك....وخلقك زفت.....متورّط في شي؟

نواف
نظر لأخيه ، حقًّا هو ليس في مزاج عالٍ لشكوك صارم.
يعلم شكوكه في مكانها المُناسب ولكن ينفيها وبشدّة لا يُريد أن يُبرهن لهُ أنه فعلًا ذو مصائب كثيرة ومشاكل متعددة
ارتفعت نبرة صوته: ليه دايم تحسسني إني بو المصايب؟

صارم ابتسم بسخرية: بعد اللي شفناه منك....اكيد أنت كذا......
نواف سحب نفس عميق: صارم ما فيني شي...والحين وخّر عني ابي اطلع اشم هوا....

صارم: طيب اذا ما فيه مصيبة....محتاج شي؟

نواف بدأ يبتعد عن أخيه زفر: محتاج أنك تبعد عني....
ثم خرج من المنزل تارك صارم ينظر إليه بشك: هيّن يا نواف ما ردني وبعرف وش وراك...
ثم دخل إلى صالة منزلهم
وسمع صوت اخته عهود تقول: والله فاتك يا دانة بس صدق عشنا لحظات رعب من غضب جدي بس جلست بنات العم ما تنتعوّض....وتمنينا تكونين معنا.....

دانة ابتسمت على مضض: الأيّام قدامنا.....وان شاء الله ترجع رحيل ونجمّع كلنا.....
صارم جلس بهدوء بالقرب من أخته عهود سحب من يدها صحن المكسرات، بينما والديه لم يكونا هُنا

عهود : اي والله اشتقنا لرحيل......
ثم اطرقت : أمانة دانة ما تحسين الموضوع مشكوك فيه....
صارم توقّف عن أكل المكسرات ودانة نظرت إليه لتلتقي عيونهما المتوترة مع بعضها البعض
فقالت: اي موضوع؟

عهود بدأت تتحمّس وجلست متربعة على الكنبة لتُقابل وجه دانة وتولّي بظهرها عن صارم: موضوع رحيل....ليش كلّه ليث ينزل وهي تبقى هناك بحجّة الاختبارات والدراسة؟.....معقول ولا مرة اتفقوا على وقت مُناسب لهم الاثنين...عشان ينزلون مع بعض؟
صارم بتدخل: تصير...عادي...
دانة مسحت على شعرها: ايوا تصير....ويمكن يكون ليث.....مستعجل وكذا....فينزل.....

عهود وهي تمضغ الكيكة ببطأ: اذا قلنا هو مستعجل ويشتاق لأهله ...وقول لها مابي اننتظرك بنزل....طيب....وهي ما تشتاق..ليش ما يعني.....ينتظر...و..
صارم سحب من يدها صحن الكيكة ليقاطعها : انا اقول اتركي الفضول عنك وهاتي صحن الكيكة...
عهود تنرفزت ونهضت: وجع وجع ...اي صحن آخذه سحبته مني يا بو بطن كبير....
صارم اشار لنفسه وارتاح من تشتيت ذهنها الآن عن أمر ليث ورحيل: أنا بطني كبير؟
عهود : اي......
ثم سحبت الصحن من يده: هات بس...هات...آخر قطعة ونفسي فيها....

دانة ضحكت: ههههههههههههه أظن فيه في الثلاجة عهود...
صارم ضحك ووقف ليسحب الصحن من يدها: والله ما تاكلها...
عهود بنرفزة: جعلك تغص فيها...
دانة ماتت ضحكًا على وجه عهود المتنرفز: ههههههههههههههههههه مو طبيعية عهود....
صارم واخذ يتلذذ في لقمته: كأنها بزر...اممممم....والله لذيذة....
عهود بصرخة: داااااااااااااااااااانة قولي له يعطيني....والله لا اتفل في الصحّن الحين....
صارم ابعد الصحن عنها حينما نظر لاستعدادها على تنفيذ ما قالته: صدق بزر......الحمد لله والشكر المشفوحة...
دانة بدأت تدمّع عيناها وكأنها نست امر الجد
امر محمد
واعتراف رعد ضحك قلبها الذي بكى ايامٍ طويلة ضحكت وكأنها تريد ان ترفرفر ما بين معاني السعادة واجواء العائلة

: خلاااااااص صارم....اترك لها اشوي...ولا وربي...بتخليك تطلع تشتري لها....لو صدق ما فيه.....بتجلس تحن لين تفقع قلبك...
صارم ضحك وناولها الصحن: انا اقول انتي اكليها لأنك ما كلتي شي...
وهنا اتت عهود بشكل سريع لتسحب الصحن الواقع ما بين يد صارم واختها
: هاتوها بس....
ثم ركضت بعيدًا عنهم
ضحك صارم: هههههههههههههه قسم بالله مجنونة.....مادري كيف قبل فيها ذياب....
دانة ابتسمت: حاصل لّه عاد.....
صارم ضحك هُنا: هههههههههههههههه والله انه بموت هالولد وهو ينتظر

دانة بجدية: خلاص كلّم ابوي...
صارم وهو يمضغ المكسرات: مو اليوم.
.
.

كيف لها ألّا تسمع صوتها الآن، كيف تُخرس شوقها الحارق؟
نظرت لأبن لأختها ريّان الذي يأخذ نفسهُ بعمق ، زوجها الجبان كما تقرّ في نفسها ما زال في غرفته وكأنه لا يُريد أن يُجابه الأمر برمّته
مُختبأ وراء غضبه وجحد أيام طفولتها التي تصرخ في وجهه ُتُنهيه عن هذا العِناد والتنّازل ولكن يكرر صارخًا أمام عواصفه ليس الآن ....
تحدثت : أمكم .....أختي.....عذبة...وصّتني عليها.....شدّت على يدي ....بقوّة.....قالت لي بنتي يا عذاب بنتي ماحد يربيها غيرك.....بنتي يا عذاب أمانه عندك لو صار فيني شي.....اخذيها وربيها في حضنك.....

فهد
يؤلمه الحديث عن والدته ، يجعله يتوه في غابات شوقهُ إليها ، اشتاق لها، لن ينسى تلك الليلة التي وُلدت فيها رحيل في الشتاء الثاني من شهر ديسمبر لن ينسى كيف ضجّوا فرحين بقدومها، وسُعدوا بذلك
ولكن هُدمت هذه السعادة سريعًا حينما ضجّ ذلك البيت بالصراخ معلنين عن فُقد أخرس لسانه عدّت أيام وادمع عين ريّان لشهور طويلة!

اشتاق لوالدتهُ
اشتاق لصوتها
لحنانها
ولحركتها في المنزل
تمتم مختنقًا: الله يرحمها....
ريّان عضّ على شفتيه ليُمنع مشاعر كثيرة ترجوه بأن يترك لها الفُرصة في التدفق على مجرى احزانهُ بهدوء، ولكن كان يعصيها
اكملت بعينين مهتزتين: ما حافظت ولا صنت هالأمانة....ما حافظت....
ريّان اقترب منها قبّل رأسها ثم يدها
تهجد صوته : خالتي......انتي كفيتي ووفيتي...واللي صار لرحيل.....مقدّر ومكتوب......

ام وصايف نظرت إليه اشارت له: كنت معارضة زواجها بشكل كبير...بس ابوك ما سمعني......كانت صغيرة.....لا هي قد مسؤولية بيت ولا زوج.......كنت خايفة عليها...وضاق صدري لم ليث قال بياخذها معه.....حسيت بالنار تمر على صدري وتحرقة في اليوم ألف مرة.....

فهد تزحزح من مكانه جثل على ركبتيه أمامها نطق: خالتي......اذكري الله.....رحيل الحين قطعت هالمسافات الطويلة...وما بقى إلّا القليل.....

ام وصايف تنهدت: آه...بس...آه....

فهد طبطب على يدها اليمين: اسم الله عليك من الآه يا يمه....

اغمضت عينيها هُنا بقوة على كلمته التي عبثّت بها كثيرًا ، هي نهتهم عن قول (يمه) لأنها خائفة تخشى من أن تسرقهم من أختها تمامًا ، في نظرها هي سرقت حياة اختها بطريقة جُبرت عليها لتعويض ما تلف من هذا الفُقد ، فهي تكتفي بمناداتها من قِبلهم بـ(خالتي) ، هذا اللّقب خاص بأختها، هي انجبت وصايف وتُكفيها الكلمة منها ، فحينما ينطقون تلك الكلمة تجاهها تشعر بتمزيق جسدها ، بخيانتها لأختها التي وصّتها عليهم ، بكت ، وهي تُخبأ وجهها بيدها عنهم جميعًا

ريّان احتضنها وفهد أخذ يطبطب على يديها
.
.
نزلت هُنا ابنتها وصايف التي نظرت للأوضاع التراجدية على فُقد خالتها وبُعد رحيل
ضجّ في فؤادها خوف وذعر، بحلقت بِهم تُريد تفسيرًا لدموع والدتها التي تبكي بحرقة
: يمه شصاير؟....شفيك تبكين؟
ألتفت فهد هُنا عليها بعينين محمرتين ثم نهض وهو يتجّه لناحيتها: ما في شي....بس خالتي اشوي تعبانة...
وصايف اقتربت منه بخوف: شفيها...
ثم ركضت لتجلس أمام والدتها وتضع يدها على ركبتي والدتها: يمه شفيك؟
مسحت هُنا ام وصايف دموعها بسرعة ازدردت ريقها : ما فيني شي...
وصايف نظرت لحزن ريّان الذي يشع من عينيه الواسعتين
وإلى توتر فهد الذي ينظر لها بصمت
: شلون ما فيك شي...وأنتي تبكين.....
ريّان تدخل: تعبانة اشوي.....تروح غرفتها ترتاح وبتخف...
نهضت هُنا سريعًا وكأنها تريد مخرجًا للهروب.....لِمُراعاة شعورها الذي يطفو على جنبات اشتياقُها اللّئيم ...هربت تحت ظّل دفء ذكريات أحاديث اختها، وصوت رحيل وهي طفلة ......تريد الهروب من كل شيء يُخنقها....بدءًا من وصيّة اختها لها وفقدها....وفقد نفسها بزواجها بـ عبد الرحمن ثم ظُلم رحيل.
.
.
وصايف: ريّان امي مو طبيعية شفيها ليش تبكي...وأنتوا ليش كذا...اشكالكم....

فهد بدأ مزاجه يتعكّر : ما فينا شي .....قلننننننننننا ما فينا شي.....

ريّان التفت على فهد ثم عليها
نهض واقترب منها طبطب عليها ثم ابتسم: تطمني والله ما في شي....بس خالتي تعبانة اشوي....اظن ارتفع ضغطها.......

وصايف نظرت لهما بشك ثم نهضت للتوجّه إلى المطبخ، وهي تفكر بكل شيء......ما زال نواف يتصل بها دون أن يصيبه الممل...دون أن يشعر بالخيبة من عدم ردها عليه، بدأت توزّها نفسها وزًّا .....لتوجّهها لمكالمته .....وحتى مسامحته ولكن الخوف من أن يتكرر الأمر يردعها.....نظرت لرسالته الأخيرة
(والله وصايف ما راح اسمح لنفسي مرة ثانية أأذيك.....تكفين جددي الثقة فيني.....لا تحسبيني بضرّك.....والله مستحيل اضرّك)

بكت هي الأخرى في المطبخ وهي تقرأ رسالته ، وشعرت بالحيرة وتذكرت مزون وحديثها وبهت كل شيء بداخلها وبقيت هكذا حائرة أمام هذا الحُب الذي يُفسد في بعض الحين نومها!
.
.
الصّمت أمام الإنهيارات لا يُعني السكون في الذات!
بل الصمت يعد انهيارًا من نوع آخر ، مستفز في بعض الحين ، ولكن ما إن يطبّق على الشخص ذاته يقتل بداخله ألف شعور.....
بلل شفتيه نظر إليه، والدته عثت في أمر رحيل فسادًا أمام ابيه الذي توضّح لهُ انهُ منهارًا ولكن يحاول لملمت نفسه وبعثرتها في الواقع !

وأخيه المبعثر أمامه يهز برجله بعنين سارحتين في وهم الحقائق
تحدّث: محمد روح فهّم أصايل كل شي.....أنا مابي اتكلم....

رفع نظره لأخيه تنهد: وش اقول لها؟ بالضبط؟
فيصل مسح على رأسه: قول لها انسجنت ظلم وبس....وانحكمت ثمان سنوات....
فجأة اتاهما صوتها حينما فُتحت الباب لتدخل عليهما بعد ان تصنّتت عليهما : هذاني سمعت....خلاص...ماحد مجبور يقول لي....شي
ثم دخلت الغرفة واغلقت الباب وهي تقترب
من اخويها بوجهٍ محمر وشاحب: يعني ليث يكذب علينا طولة هالسنين...وانتوا تدرون وساكتين؟

فيصل نظر إليها وببرود: وش بتفرق لو عرفتي بوقتها؟؟
أصايل بللت شفتيها: ما راح يفرق شي....بس على الأقل ما نصير مخدوعين ....
محمد نهض هُنا ثم التفت عليها: اصايل.....رحيل مظلومة....انسجنت ظلم .....
اصايل : بقضيّة شنو؟
فيصل نظر لأخيه وكأنه لا يريد منه ان يخبرها عن الأمر
محمد: قضية وبس....ما لازم تعرفين التفاصيل يا أصايل....
أصايل ابتسمت بسخرية: أي شلون بعد....حنّا بزران...مو كل شي المفروض نعرفه!

فيصل مسح على ذقنه بتوتر هُنا
محمد اشاح بنظره عنها ثم قال: بقضية الشروع بالقتل...
شهقت هُنا ووضعت يديها على فمها
تحدّق فيه مصعوقة هل ابنت عمها قاتلة؟
فيصل التفت عليها: في الواقع ......هي دفاع عن نفس...ولا مات الشخص......ولفقوا لها هالقضية وانحكمت ثمان سنين.....والحمد لله ما انحكمت مؤبّد!

اصايل: وليث؟
محمد نظر لها: شفيه؟

أصايل بغصة: كيف قدر...
قاطعها فيصل: كلنا كنّا معه ....يا اصايل.....
محمد بجدية: اصايل انتي الحين عرفتي كل شي......ولا يوصل شي لهيلة ولباقي بنات عمي....انتبهي.....
هزّت رأسها
فقال فيصل: وين امي....
اصايل بضيقة: في غرفتي....
محمد بهدوء: خليها الليلة تنام بغرفتك لا تروح غرفتهم....
اصايل مسحت دموعها : طيب.....عن اذنكم...
ثم خرجت من الغرفة
محمد نظر لفيصل: اتصل عليك ليث؟
فيصل تنهد: لا....بس رسل لي طلعت رحيل.....وبروحون الشقة...
محمد همس: الحمد لله

فيصل ابتعد عن اخيه ثم نظر إلى نفسه من خلال المرآة التي امامه ،
: محمد.......وش صار على موضوعك؟

محمد رفع رأسه لأخيه : ولا شي....جدّك مصّر على الزوّاج....

سحب فيصل علبة الدخّان من على الكمودينة واشعل سيجارته بعد ان سحبها من العلبة وهو يقول: يعني ما فيه مخرج؟

محمد نظرر للسيجارة ولأخيه ثم نهض: مو محمد اللي ينجبر على شي ما يبيه....
ثم تقدم لناحيته وسحب السيجارة من يد أخيه: لا عاد تدخّن قدامي لا اذبحك....
فيصل ضحك هنا وسحب سيجارة أخرى من العلبة: ههههههههههه والله يا حميد اعصابي تلفانه ولازّم اروّق...

محمد بعصبية: على أساس كنت منهار ........ما شفت أبرد منك...ثلج.....

فيصل اشعلها وغمز لأخيه: جربها ماراح تندم...
ثم سحب نفس من سيجارته ونفث دخانها في الهواء
محمد نظر للسيجارة التي بيده ثم رماها على ارضيّة السراميك وقام بدهسها
: قسم بالله انت مثل ابليس...اعوذ بالله منك!
فيصل استمر في الضحك...
محمد اشار له بغضب: مو طبيعي شكلك تحشش....

مات ضحكًا واخذ يكح
: كح كح هههههههههههههههه ياخوي هد اعصابك ترا الدنيا ما تسوى.......وبعدين لو بحشش على قولتك......كان الحين انسطّلت معي على الريحة....
محمد ابتسم رغمًا عنه هُنا: المهم....انا بطلع....وانت انتبه على الأجواء لا تتشربك زود...

فيصل : تامر امر انت....روح روّق بس...اطلع فكّني منك...
محمد بنظرت شك: تبيني اطلع عشان تطلّع من الدرج بعد مخدرات؟

فيصل: هههههههههههههههههههههههههه محمد.....هذا ظنّك فيني ......تراني اخاف الله....
محمد وهو يتجّه إلى الباب: اترك عنك التدخين لا يطيح عليك ابوي....ويجلدك مثل غيرك!
ثم خرج
ليردف مستفهمًا فيصل: مثل غيري؟!
.
.
وصلت شقتها ، عادت لم تتحمّل برودة الجو ، وبدأت الامطار تنهمل على المدينة بشكل مكثّف فعادت للشقة لم تذهب لشقة ركان تريد ان تبقى مع ذاتها قليلًا بعيد عن النّاس وقعت عيناها على صورة ليث في الإطار المعلّق على الجدار في غرفة نومهما، مشت لتصبح أمامه تمامًا ، نظرت إلى وجهه، ابتسامته، ووقفته وشموخه، ابتسمت بسخرية
.
ثم
.
تنهدّت بضيق تريد أن تسمع صوته ، بل تريد ان تقطع لحظاتهما معًا ، لا تريد أن تطبّق رحيل بيديها عليه لتبعده عنها تمامًا، لا تريد أن تبقى هي في الوسط خاسرة كل شيء، جنّت بتفكيرها، ثم
اتصلت عليه
.
.
لم يرد عليها في المرة الأولى

.
ولا حتى في الثانية
وفي الثالثة بعد مرور خمس ثوانٍ أتاها صوته الباهت: هلا أمل....؟

أمل لا تدري ماذا تقول في الواقع ولكن لم يُعجبها صوته : طمني ليث؟

ليث وكأنه فهم الأمر: كل شي بخير...
أمل جاهدت على ان تُنطق: شفتك الصباح مرا تحاتي ومتوتر...قلت اتصل اطمن....
ليث لينهي الاتصال: تطمني كل شي بخير...
وقبل ان يغلق: أمل...
أمل بهدوء: نعم....
ليث : روحي شقة ركان لا تروحين شقتنا.....

أمل ازدردت ريقها: طيب....

اغلقت الخط، ونظرت لبهوت وجهها في المرآة، اختنقّت في الواقع، عرفت الآن مدى قدرها لديه ، رغم أنها تعلم بذلك مُنذ وقت ، ولكن الآن رأت البراهين تُمزّق قلبها الذي بدأ ينفجر غيرةً من زوجته الأولى ، هي الآن اصبحت تكرهه وتحبه في الآن نفسه، مسحت على رأسها عدّت مرات ثم نهضت لتستحم!
.
.
بينما ليث، سحب كأس الماء ، وتقدّم لناحيتها وهي على الكنب، مُنذ وصولهما وهي تترجف، اجبرها على الجلوس رغم عنادها من الوقوف مع تكرار السؤال نفسه(متى بنرجع السعودية؟) خشي عليها في الواقع من فُقدان عقلها، سحب من على رأسها الحجاب واجبرها على ان تزيح السترة من على جسدها كانت تتعرّق وبشدّة ، تهز بجسدها بعمق، بلل شفتيه
جلس بالقُرب منها ثم قرّب الكأس من فاهها وهو يقول: شربي ماي...

مسكت الكأس شربت القليل ثم ابقتهُ ما بين يديها لتضغط عليه
نظرت لعينيه كررت: متى بنرجع السعودية؟

توتّره من تكرار سؤالها تُخيفه من صمت هدوؤها هذا، مسح على رأسه بلل شفتيه ليُزيح توتره
نظر لعينيها المحمرّتين : رحيل.....مضطّرين نجلس هنا لفترة.....

رحيل شدّت بقوّة على الكأس الزجاجي الذي بين يديها، حرّكت جسدها قليلًا لِتُصبح مقابلة له: فترة!.....يعني كم ؟

ليث نظر ليدَيها التي ألتصقت بِهما الدماء وكيفية شدّها على الكأس، تُثير في قلبهُ قلق ورعب من صدمتها التي لم تُخرج منها من الآن، لا يعلم هل حقًّا هي لم تتجاوز صدمتها أم اعتادت على الصدمّات لتُخيفه هكذا بردّات فعلها الجنونية
: يمكن نبقى هنا ...ثلاث شهور....

ابتعدّت عنه بضعًا من السنتيمترات ضحكت وهو يحدّق بها فاجأتهُ حينما رمّت الكأس على الأرض لتتبعثر شظاياه ويصدر صوتًا مزعجًا لآذانيها ، نهضت سريعًا وقابلتهُ وهي تصرخ
: ثلاااااااااث شهور؟!.....ثلااااااااااااااااااااااات شهور......يمدي ينعاد ويتكرر الموقف...يمدي يلاحقني لين.....يحقق غايته.......يمدي حتى يذبحني.....
ثم اقتربت منه وهي تمّد يديها إليه: شوف.....شوف...دمّه....قدرت هالمرة بعد انتقم منه على فعلته.......
ثم ابتعدت وهي تهّز رأسها: بس صدقيني المرة الثالثة ما راح اقدر انتقم ولا راح اقدر ادافع عن نفسي......فههههههههههههههمت......

صرخت واهتز جسدها هُنا: أنا ابي ارجع السعوووووووووودية.....أنت كيفك ابقى لين تخلص الفترة الللي تقول عنها .....أنا برجججججججع....

ليث نهض، اغمض عينيه ليهدّأ من ضجيج زوبعة شرط جدّه وغضبه مما يحدث لهُ بسبب ذنبه الذي استنفذ كُّل طاقته ، حقًّا اللورد بدأ يحّث ينابيع الغضب لتتفجّر منه على شكل حِمَم بركانية، ها هي انفجرت لتدع لهُ المجال في الانفجار الذي يُماثل انفجارها


صرخ الآخر: اذا بنرجع بنرجع اثنينااااااااااااااااا ما في شي اسمه انتي ترجعين وانا ابقى هنا.....

رحيل رمشت مرّتين مسحت على شعرها متناسية وجود الدّم في يديها
ابتسمت بسخرية، تذكّرت حديث ستيفن على ذبذبات متوشوشة غير واضحة
اشارت له: قال لي....اقولك....لا تلعب بالنّار....
ثم
اقتربت منه لتقف أمامه مُباشرة ، غمزّت له بعينيها اليسار المحمرّه اشارت لها بيدها اليمين ، ثم اخذت تضربه على صدره بعد ان نطقت وهي تشّد على الأحرف: تعرفه انت؟.......متوّرط معه...وورطّتني معك؟....صح؟......تكلللللللللللللم.......

ليث نظر لقوّتها ، لخوفها الذي يُترجم على شكل موجات تُراقص خلاياها لتدع جسدها يرتعش أمام قساوة وجهها وحديثها الذي لفظته على لسانها الملتهب بالنّيران: ما راح استبعد شيييييييييي عنك.....واحد دنيء مثلك...له سوابق.......ماستبعد أنّك شريك معه......ومتفق معه بعدددددددددددددد من انّه يتقرّب مني.....مو انت تكرررررررررهني....مو انت اللي تشوفني ثقيلة عليك.......وخاطرك في بنت عمّي........ماستبعد انّك بعتني لّه.....عشان تصير عندّك حجة وبرهان من أنّك تطلقننننننننننننننننننننننني!

ليث نشف الدّم في عروقه، اجمدّت مشاعر الرحمة في قلبهُ استفزّت رجولته، لتطغى على وجهه ملامح الغضب ، اقترب منها وهو يحدّق بها بشرر يتطاير من وكر قهره
رفع يده وازلقها على خدّها بقوّة ليجعلها تتهاوى على الارض وهو يخرسها عن الحديث: اشششششششششششش........جب ولا كلمة........مجنونة تقولين لي هالكلام.....مجنونة يا رحيييييييييييييييييل.......شكلك مستعجلة على موتك......تبيني اذبحك وانتي بعدّك ما شفتي الحياة؟!

لم تُبالي للألم الذي جدد عليها جراحاتُها القديمة ، نهضت لتقف أمامه بملامحها الغاضبة والخالية من الدموع
: طلققققققققققققققققني يا ليث.......طلققققققققققققني واتركني ارجع للسعودية.......ابي اشوف الحياة ....بس وهي بعيدة عنك........


ليث صرخ في وجهها وهو يقترب منها: طلاااااااااااااااااق ما نيب مطلّق فاهمة.....
رحيل ولّت بظهرها عنه لتسحب السترة ، وضعت يديها في المخبأ لتسحب السكّين وبكل جنون، وكأنها مُعتادة على الأمر ولم تُبالي لغضبه ، ولم تهتم لِم قد يعقب فعلتها ولكن تشعر بالحرقة ، تخرج من السجّن لتدخل في سجن الماضي بوجود ستيفن وحركته التي فعلها في مخرج الطوارىء والآن بدأت تستوعب حديثه الذي اوقع قلبها في الشّك من أن يكون ليث جزءًا مما حدث لها رغم انها كانت تحمّله مسؤولية كل شيء حدث قبل أن تسمع ويحدث لها كل هذا ، اقتربت منه رفعت السكين لتنزلها على قلبه ولكن مسك يدها قبل أن تصل وهو يصرخ
: جنّيتي؟.....عشتي دور البلطجّة ....والقتلة اشوف؟

نفض يديها بقوة لتسقط السكّين على الأرض ، ثم دفعها على الكنبة ليسقطها ثم انحنى
ليردف بغضب: لا طلعيني من جنوني....يكفي انّي أحاول اكتم غيظي ........لا تخلينا نشن حرب على بعض من أوّل يوم.....هجدي يا رحيل....واللي صار اليوم ما راح يتكرر....هجدي....

كانت ستصفقه على وجهه ولكن شدّ يدها المرتجفة ليمنعها من ضربه صارخًا: اقسممممممممممم بالله تمدين يدّك علي مرة ثانية.....بكسر يدينك الثّنتين!

جنّت رحيل، صرخت في وجهه: ابببببببببببببببي ارجع السعووووووووووووودية......

كان سيرد عليها ولكن سمع رنين هاتفه ......وضع يده على صدرها ليوقعها من جديد على الكنبة حينما نهضت صرخ: هجدددددددددددي مكانك.......
ثم سحب الهاتف نظر للاسم فقال: جدّي متصل......ودامك جنّيتي.......هالكثر......ومصّره على الرجعة للسعودية.......راح اخليه يفهمّك.....كل شي.....وكيف حنا ما نقدر نرجع......رغم اني راحمك ما ودّي كل شي تعرفين به وانتي توّك طالعة من السجن....

صرخت هنا: شدخله هوووووووووووو شدخله....

نظر للهاتف: انكتممممممممممممي....
ثم اجاب: هلا جدّي....


كان ممسكًا بعصاته ينظر لفراغ وحشيّة مجلسه الخالي من ابناؤه، يستشعر بهدوء المكان خوف الجميع من خروج رحيل ، ومن فكرة
خروج شيء يُعيق خروجها ولكن هو واثق تمامًا بحفيدة
اتصل عليه ليذكّره بشرطه: لا تنسى يا ليث....

ليث مازال غاضبًا حقًّا هو لا يرى الوقت مُناسبًا لتعلم بشرط جّدها ، كان مؤجّل كل الاشياء التي ستعصف بهما للأيّام القادمة ولكن جنونها اثار جنونه ، يريد أن يكسر هذه الصلابة قليلًا لتخمد نيران غضبه
: ما نسيت يا جدي بس ابيك تكرر علي الشرط.....عشان رحيل تسمعه ويمكن تصدقه لأنها ما هيب مصدقتني....

الجد سكت، هل اخبرها من أوّل يوم ؟





شتات الكون 03-01-21 11:31 AM

رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
 


ليث وضع الهاتف على (السبيكر) بينما رحيل كانت تنظر لهُ بحقد وتسمع حديثه بعقل فارغ ومشتت بقيت مسندة ظهرها على الكنبة وهي تتنفّس بعمق كآبة حياتها التي اصبحت واضحة أمامها ، ما دَخل جدّها في أمر العودة إلى السعودية الآن؟، نظرت لعَينيه
: جدي ...تسمعك الحين ...تكلّم...

الجد اغمض عينيه ، اهتزّت يده التي تُمسك بالعصا التي تُقوّيه على الوقوف واظهار الشمّوخ
شيء بداخله تحرّك، يُنهيه عن كسرها ولكن هذا القرار، هو من سيردع الألسن عن الحديث ، هو من سيظهر طبيعة علاقتها بليث على كل الأحوال!

هكذا كان يفكر
تحدث: ما ترجعون السعودية إلّا وعندكم ولد يشيل اسم عيلة السّامي!

ثم اغلق الخط ،وليث نظر لجمود وجهها وشتات عينيها
نهضت لتدفعه رغمًا عنه ليرجع خطوة للوراء هو مصدوم من ردّات فعلها من جُرأتها على مد يدها عليه والتعامل معه بهذه الطريقة الصّبيانية المتوحشّة!
تحدثت بصوت اشبه للهمس: شلون يعني؟

ليث ابتسم بسخرية كتّف يديه: سمعتي بأذانك اعتقد....ما نقدر نرجع إلّا لم يصير عندنا ولد ولا بنت ما تفرق عاد!

رحيل نظرت لعَينيه ، ازدرت ريقها : مستحيل....

ليث لم يخطط ابدًا على استفزازها ولكن هي من جبرتهُ
لذا اردف وهو يلوي شفتيه بمكر: اجل مستحيل نرجع.....

رحيل حكّت انفها : وين الحمام؟

ليث ضحك بسخرية: هههههههههههه بتننحرين؟

رحيل اغمضت عينيها حاولت أن تهدّأ نفسها أمام كل ما حدث لها اليوم : لا تستهبل على راسي وين الحمام؟

ليث سكت لوهلة ثم اقترب منها ليُشير إلى الممر: هناك امشي في هالممر بشوفينه بوجهك.....
دفعتهُ بقوّة لتضج ضحكته المستفزة لتتبعثر لمسامعها بينما هي اتجهت للممر ذاهبة للخلاء!
.
.
حينما اردف جملته على مسامع رحيل هي للتّو دخلت بثقلها عليه، فتحت عينيها الضيّقتين على وسعهما ، نظرت له وهو ينظر لها

تحدثت: اشهد انّك جنّيت يا بو عبد الرحمن....وش اللي سمعته؟

الجد نهض: ما سمعتي إلّا اللي في مصلحت الاثنين....

الجدّه احتدّت ملامحها: اللي تسويه غلط....تجبر ذا وذاك...على شي هم ما يبونه....

الجد : ليث يبيها ولا يبي يطلقها...ودامه يبيها .....يجيب منها ولد...ويسّد حلوق النّاس....جماعتنا كلّوا قلبي...

الجدّه: هالنّاس اللي مهتم فيهم .....فرّقوا عيالك....طالع عدل.....ماحد حولك......ويمكن وليدي ليث يبيها على قولتك....وهي.....يمكّنها ما تبيه....وشلون تشور عليه بذا الشور....بكرا يجبرها تجيب الولد.....غصب عنها...وش بصير؟....بعدها....

الجد وقف وهو يتهرب من الحديث معها: ما هوب صاير شي يا حسنا...ما هوب صاير شي....
ثم مشى ليخرج من أمامها وهي بقيت في المجلس لتردف: لا حول ولا قوة إلّا بالله.....
.
.
فقد وجودها اليوم، لم يراها
خشي من أن يكون اعترافه لها سببًا في الابتعاد عن المحيط الذي تُحبه
مسح على رأسه عدّت مرات
تقابل مع صديقتها يريد أن يتأكّد هل داومت اليوم أم لا فقال: لو سمحتي دكتورة موضي.....ممكن تعطين هالاوراق للدكتورة دانة...

موضي نظرت إلى الأوراق الممدودة إليها: اليوم ما داومت....

مّد الاوراق إليها لعبة لتزيل الشكوك من سؤاله عنها ، سحب يده الممدودة الخائبة
قال: طيب ......

الدكتورة موضي بهدوء: اذا في ضغط...عادي اخذ الاوراق اخلّص الشغل....

رعد لكي لا يُثير الظنون في فؤادها مد الاوراق لها مجددًا: بكون شاكر لك.....والله...

الدكتورة موضي سحبت الاوراق: بإذن الله بخلّصهم ......وبعطيك اياهم قبل نهاية دوامي....

رعد ابتسم: يعطيك العافية...
هزّت رأسها: الله يعافيك....
ثم مشت لتجعله يتنهّد بضيق من اعترافه ومن غيابها ومن نفسه!
.
.
ملّت من النظر إلى الجدران، إلى الجلوس لوحدها حقًّا ملّت من هذا الصّد والتحاشي من خلق حديث معها ، تنهدت ومسحت بيدها السليمة على وجهها، نهضت لتحاول أن تلبس بذلتها بيدها اليمين.....لم تستطع أن تُدخل يدها اليسار في الكِم بسبب ضِيقه، عضّت على شفتيها وهي تتململ من الأمر كلّه.....نزعت البذلة بقوّة لترميها على الارض ثم أخذت المنشفة لتضعها على جسدها، ارتدت البنطال الرياضي بسهولة قبل أن تجرّب ارتداء بذلتها ، ولكن اضطرّت أن تتجّه للدولاب لتبحث عن واحدة اخرى مسحت على شعرها الرطّب....نظرت لملابسها بحيرة...تأففت ثم ...تنهدت وبعدها مشت خطوة للوراء مقررة تعود لإرتداء البذلة نفسها .....قررت ان تقص الكِم....لذا توجّهت للدرج سحبته واخرجت المقص......مسكت البذلة وبدأت تقص الكِم الضيّق.......وحاولت توسّع من الفتحة بتمزيق جزء بسيط من اسفل الأبط....ثم عادت لترتديه

وانطرق الباب لتسمع صوت والدها: مزون .......اطلعي اكلي لك شي...واخذي دوّاك....

لم تُجيبه ولن تُجيبه تشعر بالقهر من صدّه عنها وهي في اشد الحاجة اليه ، أجل هي تعترف بغلطها ولكن صدّه هذا يؤلمها،
.
.
أعاد طرق الباب : مزون....نايمة؟

بدأت محاولتها في ادخال يدها المكسور الآن في مكانها المخصص واستطاعت.....وهي عابسة لوجهها ومتألّمة في الآن نفسه
سمعت مقبض الباب يتحرّك ولكن مقفل
اعاد طرق الباب: مزوووووووووووون.......جلسي...خذي دوّاك....
نهضت هُنا وحينما نهضت سمعت رنين هاتفها
سحبته ورأت (خالتي يتصل بك)
أجابت تاركه والدها يكرر الطرق: هلا خالتي....
ام وصايف بصوت مخنوق: اخبارك يمه؟
عاد الضرب
لذا قالت وهي تبعد الهاتف عن اذنها: طيب طيب ....
راشد: افتحي الباب.....
مزون نهضت وهي تقول: تمام خالتي انا بخير...
فتحت الباب لوالدها ودخل ونظر لبعثرة ملابسها على الارض وللدولاب المفتوح....
ولحال ابنته المبعثر، شعرها المبلول منساب على كتفيها ، وقعت عيناه على بذلتها عقد حاجبيه ولكن
هي ابتعدت لتكمل: لا لا تحاتيني والله انا بخير...اي خالتي بخير.....
ام وصايف: وابوك؟
مزون نظرت لوالدها وهي ترد: ما علامه بخير...هذا هو جنبي...خذي كلميه...
ومدّت يدها له
سحب الهاتف : هلا اختي...هلا بالغالية......اخبارك يا ام وصايف.....واخبار زوجك وبنتك...

ابتسمت على مضض: كلنا بخير يا خوي...جعلك تسلم....انت طمّني عليك وعلى مزون......
راشد نظر لأبنته ولبذلتها: كلنا بخير....لا تحاتين...ومزون الحمد لله عدّت مرحلة الخطر....ويدها بخير....
نظرت لوالدها ثم مسكت المشط لتسرّح به شعرها بصعوبة

ام وصايف: تدري اليوم فرجوا عن رحيل؟

راشد وشعر بلذعة قاسية على قلبه، سكت
فقالت: تكفى اخوي لا صير قاسي مثلهم....
راشد نهض وخرج من غرفة ابنته واغلق الباب ليبقى في الممر ويقول: موجوع من هالموضوع بالحيل يا عذاب...

وصايف عضّت على شفتيها : اشتقت لها يا راشد.....موجوعه من نفسي إني ما حافظت عليها...ما وفّيت بوصيّة اختي!

راشد مسح على رأسه اختلج صدره شيء من الحُزن
: كفيتي ووفيتي....يا عذاب....بس هذا قدرها....والحمد لله على كل حال....
ام وصايف مسحت دموعها: غابت عن احضاني سنين....
راشد ليخفف عنها: مرّت السنين ...ومرّد الغايب يرجع لأحضان اهله.....قولي الحمد لله ....

همست: الحمد لله.
ثم قالت: عليك الله يا خوي....حط بالك من مزون...ادري شيّبت براسك.....بس حطها بعيونك.....والحين هي تعبانه وبحاجتك.....وما عندها غيرك.....لا تقسي عليها كثير.....خاصة بهالفترة.....

راشد بهدوء وبسرحان: لا توصين حريص....
ام وصايف: فمان الله.....وبإذن الله بس تهدأ الامور بجي ازوركم.....
راشد : لا تحاتينا ويمكن حنّا نجيكم.....

فهمت ما يقصده وابتسمت لتردف: مع السلامة....

اغلق الخط ثم عاد ليفتح غرفة ابنته ورآها واقفة امام المرآه تضغط على المشط وهي تسرّح شعرها بقوّة ، و عاقدة على حاجبيها

اقترب منها واشار لبدلتها: لابستها بالمقلوب؟

مزون نظرت اليه باستفهام: شنو؟
مسك طرف بذلتها : شوفي...
نظرت لبذلتها لتستشكف حقيقة ارتداؤها العجل
ارتدتها بالمقلوب لتظهر الجزء الدّاخلي بخيوطه للخارج والجزء الخارجي للداخل!

تأففت: اف اف.....
راشد وكأنه رأف بحالها
وهي تردف: والله ما اعدّلها بالموت لبستها والزفته يدي توجعني....

راشد بهدوء سحب المشط من يدها: الحين تاكلين وتاخذين علاجاتك مع المسكن بتخف...
مزون ابتعدت عنه: بنزل الحين....خلاص سرّحت شعري....
ثم ابتعدت عنه لتخرج من الغرفة تاركته يفكّر بحديث اخته ويربطه بحال زوبعتها في الغرفة
تمتم: الله يهديك يا مزون
.
.
أمام ضغط العمل، والملفّات والاتصالات، ما زالت تتملّك جزء من تفكيره ولكن لم يجد الفرصة الكاملة للجلوس والتفكّير بأمرهما بشكل سوِ، تنهّد بضيق، ترك الملف من يده
.
.
ما زلتِ في ذاكرتي
وما زال عقلي الأيسر يعود بي
للوراء لتجرّع أجمل الذكريات معكِ
لا أنسى تلك الأيّام التي قضيناها معًا
كانت مُمتعة وددت لو تعود يومًا
لتمحي موقف الفُقد الذي اجبر كِلانا على البكاء
ما زلت احّس برجفة جسدك ما بين يديّ
اعلم الآن تظنيني إنني نسيْتك بتجاهل اتصالاتك المتكررة التي تعبث بقلبي لتجعله يبكي شوقًا لرؤياك
ولكني أخشى من لحظة ضعفي
اخشى من ان اسحبك للهاوية
وتغرقين بعيدًا عنّي للأبد
أحبك سوزان
اظن إنني هُمت بكِ لدرجة موجعة لقلبي
لا ادري كيف آلت بنا المواقف إلى هذا المنحدر
كُنت اظن أنا وأنتِ سنشيخ على وسادة واحدة دون لحظات افتراق
سنبقى متماسكين دون ان نُراعي وجود الريّاح
لأنني وبكل بساطة كُنت مؤمنًا بها
رياح عابرة لن تعثو فسادًا في علاقتنا
ولكن ماذا حدث؟
افترقنا
بكينا
ابتعدنا
وعصينا!
.
.
نظر لشاشة الحاسوب، اغلق الموقع ثم نهض يجول في مكتبه لا شيء يهدّأ من رتابة نبضاته حينما تلوذ ذاكرته بتكرار صورتها في ذهنه
اشتاق لها، واتصالاتها المتكررة تُضعفه
تُسلب منه الراحة وتُثير بداخله القلق

سمع رنين هاتفه وابتسم ، ودّ لو يصرخ
.
.
أنا لستُ إلا دمية صغيرة يتلاعبون بها كما يشاءون
يا سوزان
اقطعي الاتصال
قلبي الآن ضعيف
ورغبة الإستماع لصوتكِ تزداد صرامة من جعلي ألتفت إلى هاتفي
للرد عليكِ
.
.
ارجوكِ اقطعي الإتصال
لا قدرة لي على التماسك اكثر
فروحي تاقت لتلقي بروحكِ الناعمة في عالم آخر
.
.
مسح على رأسه ووجهه
تأفف ، من الوضع.....يشعر بضعفه الآن وعجزه.....ويخشى من ان تصاب بمكروه .....ويخشى من نفسه وعصيانها على عدم التماسك....

ذهب لناحية الهاتف...سحبه نظر للاسم
اقشعر جسده حينما سمع صوت رجولي يميّزه بين ألف رجل ورجل
: لا ترد عليها...
رفع رأسه لتسقط انظاره عليه
كيف دخل إلى الشقة دون ان يشعر به؟
كيف؟

: كيف دخلت الشقة....

تحدث وهو يجلس على الكنبة الجانبية: وايد سهل الموضوع....
ثم اخرج من مخبأ جاكيته بطاقة: كلّمت الحارس على إني ابوك....
ثم رمى عليه البطاقة المزوّرة والتي تثبت ابوّة ذلك الشخص له
ليكمل: قلت له ولدي تعبان ابي مفتاح شقته.....ولا رفض....بعد ما وريته بطاقتي....
ركان بمزاج عكر : شتبي جايني....
وضع رجله اليمين على اليسرى: ياي(جاي) اعطيك هدية بسيطة على مساعدتك في قضيّة رحيل...

وكأن فهم الأمر سكت
ثم قال بصوت مرتفع: اظن ما سويت شي يخص او يهز شغلكم لأنه اللي سويته تابع لشغلي....وانا مو منكم....

نهض الآخر : بالضبط مو منّا........واحمد ربّك أنك مو منّا......بس انت شسويت ....حشرت روحك في مسألة رحيل وايد...ووقفت مع ليث...طول فترة محكوميّتها.....

ركان كتّف يديه : واجبي.....وهذا شغلي....ما اظنّك غشيم بالمُحاماة....
اقترب منه ليردف: لا لا تخاف...مو غشيم...وافهم بالأمور هذي......بس ما كان المفروض تسوي جذيه......زعّلت صاحبنا....وشفكّك منه عاد......بس لا تحاتي....

ثم ابتسم بخبث: كلّمته....قلت بس نعطيه هدية بسيطة وخلاص ما ندّخل فيه....ما تهون علي يا ركان....انت رفيج ولدي الله يرحمه......رفيج سلمان....اللي دمرتوه...
ركان ضحك بسخرية هُنا : هههههههههههههههه ما ندري منو اللي دمّره صدق...
ثم اقترب منه: بالله ما تستحي على دمّك؟......قاتلين ولدك ومستمر تشتغل معاهم....؟
لم يُعيره اي اهتمام تحدث: على فكرة تنازلك وخضوعك لرغبتهم ....وطلاقك من سوزان حفظ دم ناس وايد ابرياء......زين ما سويت....اشهد انك كفو وفيك عقل.....

ركان شد على اعصابه : لا تجلس تستفزني.....قول اللي عندك وانقلع من هنا.....
بو سلمان : هم كلمتين يا ركان.......دامك مو عضو بالمجموعة...لا تسوي نفسك شجاع وتوقف ضدنا.....وقوفك مع ليث في قضيّة رحيل شببّت النّيران في اللورد........وما قدرت اخلّيه يتنازل من انه يشيلك من باله....
ركان بانفعال: لا تجلس تمثل علي دور المهتم فيني....لو انك لو صدق مهتم كان اهتمّيت في سلمان الله يرحمه.....
بو سلمان سكت ثم ابتسم: هالهدية تعتبر مكافأة بسيطة على وقفتك مع ليث ورحيل......ومحاولاتك الفاشلة في تخفيف حكمها.....والناجحة من محاولات حمايتها في المستشفى وغيره.........

ركان : هات هديّتك وفكني.....
بو سلمان ضحك: ههههههههههه بتعورّك وايد بس لا تخاف.....ما راح تمّوتّك.......وصدقني هذي اول وآخر هدية راح تاخذها منّا.....
ركان اغمض عينيه ، بملل: هاتها هاتها وفكنا.....
بو سلمان: وايد متشوّق لها؟
ركان نظر إليه والآخر خرج من المكتب....متوجّه لصالة الشقة، نظر للرجل المسلّح غمز له....ثم خرج من الشقة باكملها
ليدخل الرجل المسلّح على ركان بطريقة همجية جعلت من ركان يلتفت عليه ولكن لم يُعطيه أي مجال للتحدث او التحرّك
ضجّت صوت الرصاصة في المكان لتطرحه ارضًا وخرج الرّجل المسلّح راكضًا ليخرج من الشقة
بينما ركان تاهت عيناه في السقف،
.
وجع الحُب سيبقى أكثر وجعًا في هذا العالم
سوزان
هذا الوجع لم آلفه ولكن وجع بُعدك رغم أنه موجع إلّا إنني احببته
ولكن هذا موجع للحد الذي يجعلني...
.
شهق، ابتلع ريقه ،،،
سمع ضجيج في اذنيه ليصدّع ألم الرصاصة في كل خلايا جسده
شعر بالغثيان
واغمض عينيه بعدها بهدوء!
.
.
.

انتهى





الساعة الآن 05:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية