منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات مصرية للجيب (https://www.liilas.com/vb3/f207/)
-   -   العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق (https://www.liilas.com/vb3/t207709.html)

SHELL 09-08-20 12:25 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* كاليفورنيا يناير 2019م:

الدكتور (رياض يوسف)، واحد من أبرز علماء الكيمياء، فى العالم كله تقريباً ... من أصول مصرية، ويحمل الجنسية البريطانية، ويقيم فى ولاية (كاليفورنيا)، فى الولايات المتحدة الأمريكية ...

والدكتور (رياض) أشبه بالعلماء، الذي يطالعوننا، فى أفلام سينما الستينات؛ فهو منشغل بالعلم حتى النخاع، لديه منزل أنيق، فى مدينة (سانتا دومنيكا)، ولكنه قلما يذهب إ ليه، فهو شبه مقيم فى معمله، الذى يعزله عن العالم كله، والذى وضع فراشاً صغيراً فى ركنه، يأوى إليه، عندما يرهقه التعب ...

لا يدخن ولا يشرب الخمر، ولا يهتم كثيراً بملبسه، أو نوعية غذائه، ولكن هناك اكثر من ثمانية عشر ابتكاراً، مسجَّلة باسمه، فى الولايات المتحدة و كندا، عشرة منها يمتد تسجيلها إلى العالم أجمع، مما يدر عليه الملايين سنوياً، وعلى الرغم من هذا، فهو لا يمتلك سيارة واحدة، ولم يحصل على إجازة ليوم واحد، منذ أكثر من عشرة أعوام ...

فى ذلك اليوم، كان يشعر بتوتر شديد، وهو يجلس أمام الجنرال (جاكوب)، رئيس وحدة الأبحاث العسكرية الأمريكية، والذى يواصل زيارته فى إلحاح، فى الآونة الأخيرة ...

" ماذا هذه المرة ؟!..."

قالها الدكتور (رياض) فى ضجر، جعل الجنرال (جاكوب) يجيب فى صرامة:

- نفس ما أ تيت من أجله، فى المرة السابقة.

زفر فى توتر، ومال إلى الأمام، يقول فى حدة:

- والإجابة هى نفسها أيضاً ... لن أعمل فى الأبحاث العسكرية، حتى ولو عرضتم مليار دولار.

بدا الجنرال بارداً، وهو يقول:

- وماذا عن مليارين ؟!

حدَّق الدكتور (رياض) فى وجهه فى دهشة، هاتفاً:

- ملياران ؟!

أضاف الجنرال:

- مع احدث معمل كيميائى فى البلاد، وكل ما ستطلبه، سيجاب بإشارة واحدة من سبَّابتك.

غمغم الدكتور (رياض)، وهو يتراجع فى مقعده:

- هل أساوى كل هذا ؟!

فاجأه الجواب الصارم القاسى:

- كلا.

تراجع فى دهشة، فى حين استدرك الجنرال:

- ولكن أبحاثك تسا وى، ما هو أكثر.

غمغم فى عصبية:

- ابحاثى كلها ليست عسكرية ... إنها لخدمة البشرية فحسب.

أشار الجنرال بيده فى حزم:

- كل الأبحاث يمكن ا ستخدامها عسكرياً.

تزايدت عصبيته:

- ما اعمل عليه، هو عقــار يزيد من قدرة الخلية البشرية، على مقاومة المرض.

حرَّك الجنرال سبَّابته، على المائدة الصغيرة التى تفصلهما، وكأنه يدحرج شيئاً أمامه:

- بدفعه قليلة، يمكن أن يتحوَّل هذا، إلى إنتاج الجندى الخارق.

فغر الدكتور (رياض) فاه، وهو يغمغم:

- جندى خارق ؟!

رفع الجنرال سبَّابته، مضيفاً:

- جندى يمتلك خلايا فائقة متطوَّرة، يمكنها مقاومة العوامل الجوية، والبيئية ... جندى يمكنه أن يتلقى الرصاصات فى صدره، ويظل قادراً على القتال والنزال.

ظل الدكتور (رياض) فاغر الفاه لحظات، قبل أن يقول فى عصبية:

- وهل تتوَّقع منى أن أفعل هذا ؟!

أشار الجنرال بيده:

- أنت تقوم به بالفعل، وكل ما تحتاجه هو دفعة قوية، من جهة تملك أكبر قوة دفع فى العالم.

تراجع الدكتور (رياض) فى مقعده الخشبى، وراح يحدَّق فى وجه الجنرال لحظات، قبل أن يعتدل، قائلاً فى صرامة:

- آسف.

كررَّ الجنرال، فى دهشة مستنكرة:

- آسف ؟!

نهض الدكتور (رياض) فى حزم، وهو يلوَّح بيده، هاتفاً:

- لن أشارك فى هذا أبداً ... لن أقدَّم المزيد من الدماء والضحايا، لآلة الحرب المسعورة هذه.

صاح به الجنرال فى حدة صارمة:

- كشفك سيقلل الضحايا بين صفوفنا، وسيحقن دماء الكثير من جنودنا.

صرخ الدكتور (رياض) فى ثورة:

- وسيريق أنهاراً من دماء الضحايا الآخرين.

نهض الجنرال فى صرامة قاسية:

- وماذا لو أخبرتك أنه أمر ؟!

صاح (رياض):

- لست جندياً يعمل فى صفوفكم، حتى أتلقى أوامركم.

شدَّ الجنرال قامته، فى وقفة عسكرية صارمة، وبدا شديد القسوة، وهو يقول:

- فى هذه الحالة، أنت عدو.

غمغم (رياض) مذعوراً:

- عدو.

شدَّ الجنرال قامته أكثر، واكتسب صوته المزيد من القسوة:

- عدو للولايات المتحدة الأمريكية.

ثم مال نحوه، على نحو أجبر الدكتور (رياض) على التراجع، مع استطرادته:

- و (أمريكا) لا تتسامح مع أعدائها أبداً.

جف حلق الدكتور (رياض)، وهو يغمغم:

- هل ستعملون على تصفيتى ؟!

اعتدل الجنرال، مجيباً:

- كلا.

ثم عاد يميل نحوه فى حدة، مستدركاً:

- سنجعلك تتمنى لو نفعل.

اختطف كابه، واندفع نحو باب المعمل الكبير، وهو يضيف، فى قسوة شديدة، زادت من شحوب الدكتور (رياض) وارتجافته:

- انتظر جوابك يا دكتور (يوسف) ... بعد نصف ساعة فقط.

وعند الباب، توَّقف، ثم التفت إليه، مضيفاً فى صرامة قاسية:

- وحتى أحصل عليه، لن يدخل أحداً أو يخرج، من هذا المعمل،وإذا كان جوابك بالإصرار على الرفض، فسيدوم هذا، حتى آخر حياتك.

ارتجف جسد الدكتور (رياض) كله فى شدة، وامتقع كيانه كله، مع ذلك التهديد المباشر من جنرال (جاكوب) ...

كان كيانه كله يرتجف، حتى أنه انتفض فى قوة، وأطلق شهقة مذعورة عنيفة، عندما سمع صوتاً من ركن معمله، يقول بالعربية:

- لا تخشاهم.

استدار بكل ذعره، إلى مصدر الصوت، وتراجع فى حركة حادة، مع مرأى ذلك الرجل، الذى يتجه نحوه، من ركن المعمل ...

الرجل طويل القامة، أبيض البشرة، شديد الأناقة، الذى راح يتقدَّم نحوه، وهو يستطرد:

- لن يمكنهم أن يؤذوا حتى خنصرك.

تراجع الدكتور (رياض) أكثر، وهو يهتف فى رعب:

- من أين أتيت ؟!... هذا المعمل ليس له سوى باب واحد !!

أومأ الرجل برأسه، قائلاً فى هدوء شديد:

- وسنخرج منه معاً.

هتف (رياض) فى رعب:

- أنت منهم ؟!

هزَّ الرجل رأسه نفياً، وابتسم ابتسامة شاحبة، وهو يقول:

- كَّلا ... منك أنت.

قبل حتى أن تمضى نصف الساعة، اندفع الجنرال (جاكوب) إلى داخل المعمل، وهو يقول بكل قسوة وصرامة:

- جوابك يا دكتور ...

بتر عبارته دفعة واحدة، واتسعت عيناه عن آخرهما، وعلى الرغم من خلفيته العسكرية الطويلة، انتفض جسده كله فى رعب ذاهل ...

ففى هذه المرة، لم يختف الرجل وحده ...

ولا حتى الدكتور (رياض) ...

لقد اختفى المعمل الضخم، بكل أجهزته وأدواته ...

تماماً .

* * *

SHELL 10-08-20 10:32 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
الفصل الثانى

https://www.crezeup.com/vb/crazy/image/5504img.gif

* القاهرة 7 مارس 2025م:

انعقد حاجبا الصحفى المعروف ابراهيم عيسوى وهو يطالع ذلك الخبر الذى أتى به أحد مراسلى جريدته ورفع عينيه اليه فى دهشة :
-أهذا الخبر حقيقى أم مجرد مزحة ؟
أجابه المراسل فى حماس :
-حقيقى مائة فى المائة .. مصرى يحمل الجمسية الأمريكية أقام دعوى امام القضاء المصرى يطالب فيها الحكومة المصرية بتعويض قدره خمسة مليارات دولار ثمنا لمنطقة مدينة نصر كلها !!
أومأ المراسل برأسه :
-ويمتلك الوثائق التى تؤكد هذا أيضا
غمغم ابراهيم ودهشته لم تفارقه بعد :
-مدينة نصر كلها ؟!
أشار المراسل بيده :
-يؤكد أن جده قد ابتاعها من الدولة , عام 1945م ولديه وثائق رسمية بهذا
هز ابراهيم رأسه :
-من يمكن أن يصدق هذا !!
هتف المراسل فى حماس :
-انه خبر الموسم
ثم تحوّل الحماس الى تساؤل وهو يميل نحو ابراهيم :
-ولكن هل سيقبل القضاء المصرى بهذه القضية ؟!
فكّر ابراهيم قليلا , ثم هز رأسه فى بطء:
-لست أعتقد هذا
فاجأهما معا صوت هادئ من ناحية باب الحجرة يقول فى ثقة :
-ليس أمامهم سوى هذا
التفت الاثنان فى دهشة الى مصدر الصوت , وتضاعفت دهشتهما مع مرأى ذلك الرجل طويل القامى أبيض البشرة أنيق الملبس الذى يقف عند باب الحجرة مستطردا :
-لو لم يفعلوا , سألجأ الى تحكيم اقتصادى دولى , وعندئذ سأطالب بتعويض اضافى أيضا
هتف به ابراهيم :
-من أنت ؟! .. وكيف دخلت الى هنا , متجاوزا السكرتارية ؟!
تجاهل الرجل السؤالين تماما , وهو يتجه نحو مكتب ابراهيم ويضع أمامه صورة مستنسخة من اصل قديم :
-تصوّرت أن حس الصحفى لديك , سيسعده الفوز بسبق كهذا
حدّق ابراهيم فى الورقة مغمغما :
-ما هذا بالضبط ؟!
أجابه بكل هدوء :
-صورة من العقد , الذى ابتاع به جدى تلك المساحة من الأرض
جرت عينا ابراهيم على صورة العقد فى سرعة , قبل أن يرفع عينيه الى الرجل قائلا :
-ألف جنيه ؟! .. جدك ابتاع مدينة نصر بألف جنيه ؟!
اعتدل الرجل مجيبا فى حزم :
-كانت عندئذ مجرد صحراء
غمغم المراسل :
-جدك دفع الف جنيه , وأنت تطالب بخمسة مليارات ؟!
أجابه فى هدوء اقرب الى البرود :
-وربما تزيد الى الضعف , لو لجأت الى التحكيم الدولى
تبادل المراسل نظرة مع ابراهيم الذى سأل الرجل فى اهتمام حقيقى :
-هل يمكننا ان نلتقط صورة لك نرفقها بصورة العقد على موقع الجريدة ؟
بدا الرجل شديد الصرامة وهو يجيب :
-كلا
قال المراسل فى لهفة :
-ولكن هذا سوف ..
بتر عبارته فجأة عندما استدار الرجل دون كلمة اضافية وغادر المكتب ..
ولثانية او ثانيتين ظل الاثنان صامتين فى دهشة قبل ان يغمغم المراسل :
-لم يخبرنا حتى عن اسمه
نهض ابراهيم فى غضب واندفع نحو الباب :
-اريد ان اعلم كيف سمحت له السكرتيرة بالدخول ؟!
لم يكد يلقى نظرة على سكرتيرته حتى تحوّل غضبه كله الى دهشة .. كانت تجلس فى نفس الوضع الذى اعتاده منها ولكنها شاردة جامدة كما لو انها تغط فى نوم عميق !!
وعندما ناداها انتفض جسدها كله وكأنها تفيق من حلم بالفعل والتفتت اليه بنظرة مذعورة جعلته يسألها فى قلق :
-ماذا بك ؟!
حدّقت فيه فى دهشة مذعورة وكأن وجوده قد فاجأها ثم لهثت وهى تغمغم :
-لست أدرى .. فقد شعرت بـ .. بـ ..
قال يعاونها على المواصلة :
-بماذا ؟!
بهثت مرة أخرى وهى تهز رأسها فى قوة وكأنها تحاول الاستيقاظ :
-لست أدرى ؟! .. لا يمكننى وصف هذا !!
استعاد غضبه وهو يهتف :
-كنت نائمة حتما , ولهذا استطاع هذا الرجل الدخول
سألته فى دهشة :
-أى رجل ؟!
وانعقد حاجباه فى شدة ..
فعلى الرغم من غرابة سؤالها الا أنه طرحه على نفسه :
أى رجل هذا ؟!
أى رجل ؟! ..
***

SHELL 10-08-20 10:36 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة أكتوبر 2018م :

وضعت زوجة الدكتور طارق فنجان قهوة أمامه وهو غارق فى مطالعة مراجعه وغمغمت فى قلق :
-هذا خامس فتجان قهوة !! .. كيف تتوقع أن يغمض لك جفن ؟!
تنهّد وهو يرفع عينيه اليها :
-اجلسى يا سلمى
غمغمت فى دهشة :
-أجلس !!
أومأ برأسه ايجابا :
-أنت خريجة علوم مثلى
جلست فى حيرة :
-وهل لهذا شأن بجلوسى ؟!
غمغم وكأنه لم يسمع سؤالها :
-كنت من أنجب تلامذتى فى الفيزياء
ابتسمت :
-عندما التقينا أول مرة , كنت المشرف على رسالة الماجستير الخاصة بى.
مرة أخرى بدا وكأنه لم يسمعها وهو يسألها :
-هل تذكرين نظرية المجال الموّحد ؟!
بدت الدهشة على وجهها ؛ لأنها لم تكن تتوقع هذا السؤال فغمغمت :
-المجال الموّحد ؟!
سألها فى اهتمام :
-هل تذكرينها ؟!
غمغمت ودهشتها تتزايد :
-بالبطع .. لقد وضع أسسها البرت اينشتاين فى محاولة منه لدمج نظريته النسبية العامة , مع الكهرومغناطيسية.
أكمل وكأنه لم يكن ينتظر اجابتها :
-لخلق مجال موّحد له صيغة واحدة تنطبق على مجموع طاقة كل القوى.
اعتدلت وقد شاب حيرتها بعض الاهتمام :
-ولكن تلك النظرية لم تثبت ابدا , أو لم توضع لها صيغة مقبولة , حتى لحظتنا هذه (*)
ربّت على مراجعه , قائلا فى شبه شرود وكأنه يحدث نفسه :
-تلك المراجع تزعم أنه فى عام 1943م حاولوا استخدام المجال الموّحد فى اخفاء سفينة حربية أمريكيه هى ( يو اس اس ألدريدج ) وتقول أن الاخفاء حدث ولكن بحارة السفينة أصيبوا بهلوسات , ومتاعب عقلية عديدة (**).

(*) حقيقة علمية
(**) تتحدث بعض المراجع العلمية عن التجربة باعتبارها حقيقية فى حين تنكرها مراجع أخرى تماما


تطلّعت اليه سلمى لحظات فى قلق , قبل أن تربّت على كتفه قائلة :
-طارق .. أأنت غارق وسط كتبك منذ شهر تقريبا من أجل هذا ؟
حملت شفتاه ابتسامة شاحبة وهو يرمئ برأسه فى بطء فغمغمت منزعجة :
-أأنت بخير ؟!
زفر فى حرارة وأغلق المرجع الذى بين يديه والتقط فنجان القهوة , قائلا :
-أليس هذا مجالى ؟!
أمسكت يده فى حزم :
-لا .. لن تشربها
تطلّع اليها فى دهشة , فسحبت الفنجان من يده :
-انك تحتاج الى النوم.
حملت شفتاه ابتسامة شاحبة وهو يصحبها الى حجرة النوم ..
ولكنه لم ينم ..
لقد ظل مفتوح العينين طول الليل , وذهنه يدور كله حول أمر واحد ..
نظرية المجال الموّحد ..
***


SHELL 10-08-20 10:38 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة أغسطس 2014م :
فى صعوبة كتم وزير الآثار المصرى ابتسامته وهو يتطلّع الى الدكتور طه قائلا :
-اذن فقد اختفى , دون أن يترك خلفه أى أثر ؟!
غمغم الدكتور طه فى توتر :
-هذا ما حدث
تطلّع اليه الوزير لخظات قبل أن يميل نحوه :
-دكتور طه .. هل تحتاج الى اجازة ؟
ارتفع حاجبا طه فى دهشة :
-اجازة ؟! .. لماذا ؟!
تراجع الوزير :
-أنت تعمل تحت حر الصيف , منذ أكثر من شهرين , لا بد وأنك تحتاج الى بعض الراحة.
انعقد حاجبا الدكتور طه فى غضب وهو يقول :
-لم أكن واهما يا سيادة الوزير .. مساعدى مسعد أيضا رأى ذلك الرجل وتحدّث اليه.
هز الوزير كتفيه وهو يقول :
-ولكن احدا غيركما لم يره
غمغم طه فى توتر :
-ولست أدرى كيف ؟!
تنهّد الوزير , وهو يتطلّع اليه ولاذ بالصمت بضع لحظات ثم قال :
-دكتور طه .. لا أحد يمكنه دخول الموقع دون تصريح من الوزارة وآخر من الأمن , فما بالك بالخروج منه دون أن يراه أحد ؟!
وضع طه يده على جبهته وكأنما يرهقه الأمر كله , وغمغم دون أن يرفع عينيه الى الوزير :
-لقد قرأ صور السونار الأرضى , دون أن ينظر اليها وكأنه ..
بتر عبارته دفعة واحدة فعاد يميل الوزير نحوه :
-وكأنه ماذا ؟!
زفر طه قبل أن يكمل :
-وكأنه يحفظها عن ظهر قلب.
تراجع الوزير بحركة حادة :
-يحفظها ؟!
ثم اكتسب صوته صرامة مع استطرادته :
-كلانا يعلم أنها أول مرة , نكشف فيها هذا
أجابه فى عصبية :
-ولكنه يحفظها
تطلّع اليه الوزير لحظات طويلة وهو يعتدل مكررا :
-سأمنحك أسبوعا اجازة يا دكتور طه
قال معترضا :
-ولكننى ...
قاطعه الوزير فى صرامة :
-بدءا من الآن
عندما غادر طه مكتب الوزير كان كيانه كله يشعر بالغضب ..
وربما من نفسه ..
انه عالم آثار , فكيف يهيمن غموض ذلك الرجل على ذهنه , وهو على وشك كشف أحد أهم ألغاز أبى الهول ؟! ..
حتى وصل الى سيارته , لم تفارق تلك الفكرة ذهنه ..
ولكن , وقبل أن يدير محركها , توقف يفكر ..
ثم التقط تلك البطاقة الذهبية من جيبه ..
وبرزت فى ذهنه فكرة جديدة ..
ما دام اللغز كله يدور حول ذلك الأبيض الأنيق الطويل , فلماذا لا يخوض المواجهة مباشرة ويذهب للقائه ؟! ..
أدار محرك السيارة واتجه بها مباشرة الى ذلك الفندق ..
الى حيث يلتقى بذلك الرجل ..
الرجل الغامض ..
جدا ..
***

SHELL 10-08-20 10:40 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* نيويورك فبراير 1978م :
ابتسم سمسار البورصة فى وول ستريت , شارع المال والاقتصاد , فى الولايات المتحدة الأمريكية , وهو يطالع طلب الشراء الذى قدمه اليه العميل الجديد , ورفع عينيه اليه قائلا :
-( أبل ) ؟! .. انها مجرد شركة صغيرة , كثيرون لا يتوقعون لها النجاح , كيف تغامر بشراء كل هذا العدد من أسهمها ؟!
أجابه الرجل فى هدوء بارد :
-لدى رؤية
هز السمسار رأسه وقال :
-ما رأيك فى ( زيروكس ) ؟! .. أسهمها مضمونة أكثر.
غمغم الرجل :
-أعشق المغامرة
تراجع السمسار وهو يهز كتفيه :
-ليس بأموالك
بدا الرجل صارما وهو يقول :
-أنت قلتها
تساءل السمسار فى حيرة :
-قلت ماذا ؟!
مال نحوه فى حدة صارمة :
-أنها أموالى , وأنا حر فيما أنفقها.
امتقع وجه السمسار وهو يغمغم فى اضطراب :
-معذرة يا سيدى , ولكننى كنت أحاول اسداء النصح فحسب
أجابه بنفس الصارمة :
-ولقد أبديته
ارتبك السمسار أكثر :
-فليكن .. كم سهما ترغب فى شرائه يا سيدى ؟!
أجابه فى حزم :
-كل المتاح
رفع الرجل عينيه اليه بكل الدهشة ثم عاد بهما الى أوراقه فى توتر :
-كما تشاء يا سيدى .. كما تشاء
لم يستطع استيعاب هذا الأمر أبدا , حتى انه ما ان غادره الرجل حتى التفت الى زميل له قائلا فى توتر :
-ذلك الرجل يعرف شيئا لا نعرفه
وافقه زميله بايماءة من رأسه :
-كنت أشعر بهذا
نهض السمسار يتطلّع عبر النافذة , لالقاء نظرة على ذلك الرجل , وهو يغادر المبنى والشمس على وشك المغيب ..
رآه يغادر المبنى , فى خطوات واسعة واثقة , ثم اتجه مباشرة الى كابينة هاتف قديمة ودخلها وأغلق بابها خلفه ..
وبدون مقدمات , ظهر وميض عجيب , له لون أزرق باهت , داخل كابينة الهاتف ..
وميض استغرق ثانية واحدة , ثم تلاشى على الفور ..
ولم يغادر الرجل كابينة الهاتف ..
مضى دقائق طويلة , دون ان يغادرها ..
وفى حيرة تساءل السمسار : ماذا يمكن ان يفعل ذلك الرجل هناك , طوال هذا الوقت ؟!
ثم مرت حافلة عامة , واضاءت مصابيحها تلك الكابينة القديمة ..
وتراجع السمسار فى دهشة عارمة ..
فعلى ضوء الحافلة بدا من الواضح أم كابينة الهاتف خالية ..
تماما ..

***


الساعة الآن 09:57 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية