منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات مصرية للجيب (https://www.liilas.com/vb3/f207/)
-   -   العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق (https://www.liilas.com/vb3/t207709.html)

SHELL 09-08-20 12:17 PM

العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...4005134426.gif

الملخص
=======

الزمن .. البعد الرابع للمادة , كما وصفه اينشتاين ...

فماذا لو استطعنا عبور ذلك البعد الرابع , والتجوّل فيه جيئة وذهابا ؟!

ماذا لو سيطرنا على الزمن , وصار الماضى والحاضر والمستقبل مجرّد دائرة واحدة ؟!

أية قوة يمكن أن نمتلكها حينئذ ؟!

بل أية سطوة ؟! ...

هل سنصير قادرين على تغيير مسار التاريخ , واعادة توزيعه لصالحنا ؟! ...

أم ستدور علينا نحن أيضا , تلك الدائرة ؟!

دائرة الزمن.

SHELL 09-08-20 12:19 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
:waves:


" الماضى مثل المستقبل , لا نهائى , وموجود فقط كنطاق ممتد من الاحتمالات "

ستيفن هوكينج

SHELL 09-08-20 12:22 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 

الفصل الأول

https://www.montadamahdi.net/uploade...siqa/00728.gif

* القاهرة أوَّل يوليو 1945م:

هزَّ ذلك الموظف الحكومى رأسه فى حيرة، وهو يتطلَّع إلى الرمال، الممتدَّة أمامه، إلى آفاق البصر، ثم عاد يهَّز رأسه، وهو يلتفت إلى الرجل طويل القامة، أبيض البشرة، الذى يقف هادئاً، فى حلته الأنيقة السوداء، وطربوشه الأحمر الزاهى المفرود، وشاربه الكث، الذى يجمع بين شعيرات سوداء وحمراء، واتجه نحوه خطوتين، وهو يسأله، فى صوت ولهجة، شفتا بكل وضوح، عما يعتمل فى نفسه، من حيرة ودهشة:

- ولكن لماذا ؟!

ابتسم الرجل ابتسامة هادئة، وهو يستند إلى سيارته الفاخرة، من طراز العام نفسه، مجيباً:

- لدى أسبابى.

أشار الموظف بيده، إلى بحر الرمال مترامى الأطراف، وهو يقول، دن أن تفارقه دهشته أو حيرته:

- ولكنها مجَّرد صحراء، وبعيدة كل البعد عن العمران.

ثم مال نحوه، مستطرداً:

- ولو أردت نصيحتى، فهى لا ولن تساوى شيئاً، ولو حتى بعد قرون من الآن.

وربَّت على كتفه، مضيفاً:

- وفَّر نقودك يا بك، وأختر منطقة أخرى ... فى (مصر الجديدة) أو العباسية مثلاً.

أزاح الرجل يد الموظف عن كتفه، وهو يقول بكل صرامة:

- هذه المنطقة تروق لى .

تردَد الموظف بضع لحظات، ثم عاد يهز رأسه فى توتر:

- لست أدرى حتى ما إذا كانت متاحة للبيع، أم ...

قاطعه الرجل فى صرامة أكثر:

- عندى تصريح بشرائها، من دولة الباشا رئيس وزراء جلالة الملك.

تنهَّد الموظف، وهو يهز رأسه للمرة الألف، مغمغماً:

- فليكن ... سنعود إلى المكتب لاستكمال الإجراءات.

قالها، واتجه إلى حيث سيارة الرجل، ثم توَّقف قبل أن يدخلها، ملوَّحاً بسبَّابته فى تحذير:

- ثمن المساحة التى طلبتها، لن يقل عن ألف جنيه مصرى.

غمغم الرجل، وهو يحتل مقعد قيادة السيارة:

- أعلم هذا.

وانطلق بالسيارة فوق الرمال، التى تطلَّع إليها الموظف مرة أخرى، وعاد يهز رأسه، مغمغماً:

- للناس فيما يعشقون مذاهب.

ومع انطلاق السيارة، ظل السؤال حائراً فى نفسه ...

ما الذى يمكن أن تساويه تلك الصحراء ؟!

ماذا ؟!...

***

SHELL 09-08-20 12:23 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* الاسكندرية منتصف سبتمبر 2018م:

" الزمن ... ذلك البعد الرابع، الذى اعتمدت عليه كل معادلات (ألبرت أينشتين) تقريباً ..."

نطق الدكتور (طارق سليمان)، أستاذ الفيزياء التجريبية، فى جامعة (القاهرة)، تلك العبارة، فى تلك الندوة، التى استضافته فيها مكتبة (الأسكندرية)، وراح يشير بيديه كعادته، وهو يواصل، مديراً عينيه فى الحاضرين:

- ووفقاً لنظريته، فالزمن بعد، مثل الطول والعرض والإرتفاع، وباعتباره بعداً، فالتحرَّك فيه إلى الأمام، أو الخلف، ممكن تماماً نظرياً.

رفع أحد الحاضرين يده، متسائلاً:

- أيعنى هذا أنك تؤيد فكرة السفر عبر الزمن ؟!

صمت الدكتور (طارق) لحظات مفكّراً، قبل أن يجيب:

- (أينشتاين) يقول إن هذا ممكن .

سأله الرجل:

- وما رأيك انت ؟!

أشار بيديه كعادته:

- وفقاً لحسابات (أينشتاين)، فالسفر عبر الزمن ممكن، ولكنه يحتاج إلى طاقة هائلة، تفوق ما تستهلكه مدينة كبيرة فى شهر كامل.

تساءل الرجل:

- لو أفترضنا جدلاً، أن تلك الطاقة، توَّفرت، فهل يمكننا عندئذ، السفر إلى الماضى أو المستقبل؟!

أجابه الدكتور (طارق) فى سرعة:

- العالم الروسى (تشيرنوبروف)، قال عام 1977م، أنه قد صنع بالفعل آلة زمن، يمكنها السفر إلى المستقبل، وهو لم يعط تفاصيل دقيقة، عن آلته، وكيفية عملها، ولكن بعض الوثائق تقول: إن بعض التجارب الإيجابة قد نتجت عن آلته

تساءل آخر، وقد أثار الأمر شغفه:

- وماذا عن الماضى؟!

هزَّ الدكتور (طارق) كتفيه، وأشار بيده:

- (أينشتاين) قال إننا نحتاج إلى طاقة هائلة أيضاً للسفر إلى الماضى، وهى بقدر الطاقة اللازمة للسفر إلى المستقبل، مع فارق جوهرى للغاية.

استند بكفيه على منصة الندوة، ومال إلى الأمام ، مضيفاً:

- أنها طاقة سلبية

سألته واحدة من الحاضرات فى دهشة:

- وما هى تلك الطاقة السلبية ؟!

ابتسم معتدلاً:

- سلى (اينشتاين).

ضجت القاعة بالضحك، فالتقط مشرف الندوة الميكروفون، وقال:

- سنعتبر هذا آخر أسئلة الندوة ... لقد تجاوزت موعدها بنصف ساعة كاملة.

قضى الدكتور (طارق) بعدها ما يقرب من نصف ساعة أخرى، فى توقيع نسخ كتابه الجديد (الفيزياء والحياة)، وبينما يوَّقع إحدى النسخ، سمع أحدهم يسأله، فى لهجة شديدة الهدوء، وشديدة الحزم فى الوقت ذاته:

- وماذا لو أنه هناك سبل أخرى، بخلاف تلك الطاقة السلبية المزعومة ؟!

غمغم، دون أن يرفع نظره إليه:

- مثل ماذا ؟!

أدهشه الجواب:

- باستخدام المجال الموَّحد.

رفع عينيه، يتطلَّع إلى صاحب السؤال ...

كان رجلاً أبيض البشرة، طويل القامة، شديد الأناقة، له شارب ضخم، لا يتناسب مع طبيعة الزمن، فتطلَّع إليه لحظة، قبل أن يسأله فى اهتمام:

- وماذا تعرف، عن نظرية المجال الموَّحد ؟!

ابتسم الرجل ابتسامة هادئة، وهو يلتقط النسخة من يد الدكتور (طارق)، مجيباً:

- الكثير.

ثم تراجع ليختفى وسط الحشد، الملتف حول الدكتور (طارق)، الذى نهض ليتابعه ببصره، ولكن، ولدهشته الكبيرة، لم يجد له أثراً ...

أى أثر ...

* * *


SHELL 09-08-20 12:24 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* الجيزة أغسطس 2014م:

" ليس هناك من شك ..."...

قالها الدكتور (طه عبد الودود) الأثرى المعروف، وهو يطالع شاشة ذلك السونار الأرضى الرقمى الحديث، قبل أن يستطرد، فى انفعال شديد:

- هناك فراغ كبير، أسفل (أبى الهول).

غمغم مساعده (مسعد) فى لهفة:

- مخزن الحكمة.

صمت الدكتور (طه) لحظات، ثم هزَّ رأسه، وهو يجفَّف عرقه:

- أسطورة قديمة، لا تستند إلا لروايات، تناقلها الأقدمون.

تراجع (مسعد)، قائلاً فى شبه شرود، كما لو أنه يستعيد ذكرى جميلة:

- مازلت أذكر ما سمعته منذ طفولتى، عن سكان (أطلانتس)، تلك القارة الغارقة، الذين نجوا من الكارثة، وأتوا إلى (مصر)، وأودعوا كل أسرار علومهم وحكمتهم، فى مخزن سرى، أسفل (أبى الهول).

عاد الدكتور (طه) يهز رأسه:

- مجرَّد خيالات، لم يثبتها العلم قط ... (أطلانتس) نفسها لم يثبت وجودها أبداً، حتى هذه اللحظة ... كل ما لدينا عنها محاورتين مسجلتين لـ( أفلاطون)، وهما (تيمابوس) و(كريتياس)، اللتين يروى فيهما حكاية قارة افتراضية حكمت العالم، قبل الميلاد بآلاف السنين، وبلغت شأناً عظيماً من التطوَّر والحضارة، قبل أن تتعرَّض لكارثة، أغرقتها كلها، والمؤمنون بوجودهما، مازالوا يبحثون عن موقعهما، حتى يومنا هذا.

اعتدل (مسعد) فى حماس:

- لو أننى منهم لفعلت المثل.

ابتسم الدكتور (طه)، وهو يجفَّف عرقه مرة أخرى:

- حقاً.

واصل (مسعد) بنفس الحماس:

- لقد تصوَّر الكل لعقود، أن (طروادة) كانت مجّرد أسطورة، ثم جاء الألمانى

(هنريك شيلمان) وكشف أطلالها، وأثبت أن الأسطورة حقيقة، فى نهايات القرن الثامن عشر

صمت الدكتور (طه) لحظات مفكراً، ثم هزَّ رأسه مغمغماً:

- من يدرى !!

فاجأهما صوت هادئ، يقول فى رصانة:

- ربما يكون هذا قريباً.

التفت الإثنان إليه فى دهشة ...

كان رجلاً طويل القامة، أبيض البشرة، أنيق الملبس، على نحو يتعارض مع موقع حفر أثرى، وكانت لهجته تجمع بين الهدوء والحزم معاً، على نحو يوحى بأنه اعتاد دوماً، أن يكون فى موقع القيادة ...

وفى دهشة متوترة، هتف الدكتور (طه)

- كيف دخلت إلى هنا ؟!

أجابه الرجل بنفس اللهجة، التى اكتست بالكثير من الثقة:

- لا يوجد ما يمكنه أن يمنعنى.

العجيب أن مظهره، واللهجة التى تحَّدث بها، جعلتهما يكتفيان بهذه الإجابة، ويكتفيان بتبادل نظرة قلقة، قبل أن يتساءل (مسعد):

- إلى ماذا تستند، فى أن الكشف سيكتمل قريباً ؟!

ظهر شبح ابتسامة واثقة، عى ركن شفتى الرجل، وهو يقول:

- لو راجعت صور هذا السونار البدائى، ستجد الظلال أكثر فى الجزء السفلى على الجانبين، وهذا يوحى بوجود ممر، يقود إلى تلك الحجرة الكبيرة، أسفل التمثال.

نقل كلاهما بصره، بين الشاشة، والرجل، وغمغم (مسعد):

- هذا صحيح بالفعل ؟!

أما الدكتور (طه)، فلم ينبس ببنت شفة، وقد أمتلأ دهشة ...

ولسببين ...

فالرجل وصف أحدث سونار أرضى رقمى، أبدعته عقول العلماء، بأنه بدائى ...

ثم أنه وصف المشهد على الشاشة بدقة ...

على الرغم من أنه لم يلق نظرة واحدة إليها ...

تضاعفت دهشته، عندما تابع الرجل، فى ثقة بدت له مخيفة:

- سيلمع اسمك كثيراً، مع نهايات العقد الثانى، من القرن الحادى والعشرين يا دكتور (طه) ...

غمغم الدكتور (طه) فى دهشة:

- كيف يمكنك أن تتنبأ بأمر كهذا ؟!

بدا الرجل أكثر حزماً، وهو يجيب:

- ليست نبؤة.

جاء دور (مسعد)؛ لينقل بصره بين وجهى الرجل والدكتور (طه)، الذى حمل صوته لمحة من العصبية، وهو يسأل:

- من أ ين إذن ...

قاطعه الرجل فى صرامة:

- سأجيب كل أسئلتك وتساؤلاتك، عندما نلتقى غداً يا دكتور (طه).

لم يذكر أبداً أن الرجل كان يحمل شيئاً فى يده، إلا عندما مدَّ تلك اليد إليه، حاملاً بطاقة ذهبية صغيرة، وهو يضيف:

- فى الموعد والمكان المحددين هنا.

التقط الدكتور (طه) البطاقة، فى شئ من الحذر، وقرأ عليها اسم فندق شهير، ثم رفع عينيه، إلى حيث يقف الرجل، متسائلاً فى عصبية:

- وهل تفترض ...

بتر عبارته فى دهشة، وتلفَّت حوله فى توتر، وهو يسأل (مسعد):

- أين ذهب ؟!

أجابه (مسعد)، وهو ينهض:

- ترك لك البطاقة، وانصرف على الفور.

اندفع الدكتور (طه)، خارج خيمته، وهو يهتف فى غضب:

- من يتصوَّر نفسه هذا الـ ...

مرة أخرى، بتر عبارته، بكل دهشته البالغة ...

فمن حوله، كان عمال البعثة الأثرية يعملون، والصحراء من خلفهم ممتدَّة، ولا أثر لذلك الرجل ...

على الإطلاق ...

* * *

SHELL 09-08-20 12:25 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* كاليفورنيا يناير 2019م:

الدكتور (رياض يوسف)، واحد من أبرز علماء الكيمياء، فى العالم كله تقريباً ... من أصول مصرية، ويحمل الجنسية البريطانية، ويقيم فى ولاية (كاليفورنيا)، فى الولايات المتحدة الأمريكية ...

والدكتور (رياض) أشبه بالعلماء، الذي يطالعوننا، فى أفلام سينما الستينات؛ فهو منشغل بالعلم حتى النخاع، لديه منزل أنيق، فى مدينة (سانتا دومنيكا)، ولكنه قلما يذهب إ ليه، فهو شبه مقيم فى معمله، الذى يعزله عن العالم كله، والذى وضع فراشاً صغيراً فى ركنه، يأوى إليه، عندما يرهقه التعب ...

لا يدخن ولا يشرب الخمر، ولا يهتم كثيراً بملبسه، أو نوعية غذائه، ولكن هناك اكثر من ثمانية عشر ابتكاراً، مسجَّلة باسمه، فى الولايات المتحدة و كندا، عشرة منها يمتد تسجيلها إلى العالم أجمع، مما يدر عليه الملايين سنوياً، وعلى الرغم من هذا، فهو لا يمتلك سيارة واحدة، ولم يحصل على إجازة ليوم واحد، منذ أكثر من عشرة أعوام ...

فى ذلك اليوم، كان يشعر بتوتر شديد، وهو يجلس أمام الجنرال (جاكوب)، رئيس وحدة الأبحاث العسكرية الأمريكية، والذى يواصل زيارته فى إلحاح، فى الآونة الأخيرة ...

" ماذا هذه المرة ؟!..."

قالها الدكتور (رياض) فى ضجر، جعل الجنرال (جاكوب) يجيب فى صرامة:

- نفس ما أ تيت من أجله، فى المرة السابقة.

زفر فى توتر، ومال إلى الأمام، يقول فى حدة:

- والإجابة هى نفسها أيضاً ... لن أعمل فى الأبحاث العسكرية، حتى ولو عرضتم مليار دولار.

بدا الجنرال بارداً، وهو يقول:

- وماذا عن مليارين ؟!

حدَّق الدكتور (رياض) فى وجهه فى دهشة، هاتفاً:

- ملياران ؟!

أضاف الجنرال:

- مع احدث معمل كيميائى فى البلاد، وكل ما ستطلبه، سيجاب بإشارة واحدة من سبَّابتك.

غمغم الدكتور (رياض)، وهو يتراجع فى مقعده:

- هل أساوى كل هذا ؟!

فاجأه الجواب الصارم القاسى:

- كلا.

تراجع فى دهشة، فى حين استدرك الجنرال:

- ولكن أبحاثك تسا وى، ما هو أكثر.

غمغم فى عصبية:

- ابحاثى كلها ليست عسكرية ... إنها لخدمة البشرية فحسب.

أشار الجنرال بيده فى حزم:

- كل الأبحاث يمكن ا ستخدامها عسكرياً.

تزايدت عصبيته:

- ما اعمل عليه، هو عقــار يزيد من قدرة الخلية البشرية، على مقاومة المرض.

حرَّك الجنرال سبَّابته، على المائدة الصغيرة التى تفصلهما، وكأنه يدحرج شيئاً أمامه:

- بدفعه قليلة، يمكن أن يتحوَّل هذا، إلى إنتاج الجندى الخارق.

فغر الدكتور (رياض) فاه، وهو يغمغم:

- جندى خارق ؟!

رفع الجنرال سبَّابته، مضيفاً:

- جندى يمتلك خلايا فائقة متطوَّرة، يمكنها مقاومة العوامل الجوية، والبيئية ... جندى يمكنه أن يتلقى الرصاصات فى صدره، ويظل قادراً على القتال والنزال.

ظل الدكتور (رياض) فاغر الفاه لحظات، قبل أن يقول فى عصبية:

- وهل تتوَّقع منى أن أفعل هذا ؟!

أشار الجنرال بيده:

- أنت تقوم به بالفعل، وكل ما تحتاجه هو دفعة قوية، من جهة تملك أكبر قوة دفع فى العالم.

تراجع الدكتور (رياض) فى مقعده الخشبى، وراح يحدَّق فى وجه الجنرال لحظات، قبل أن يعتدل، قائلاً فى صرامة:

- آسف.

كررَّ الجنرال، فى دهشة مستنكرة:

- آسف ؟!

نهض الدكتور (رياض) فى حزم، وهو يلوَّح بيده، هاتفاً:

- لن أشارك فى هذا أبداً ... لن أقدَّم المزيد من الدماء والضحايا، لآلة الحرب المسعورة هذه.

صاح به الجنرال فى حدة صارمة:

- كشفك سيقلل الضحايا بين صفوفنا، وسيحقن دماء الكثير من جنودنا.

صرخ الدكتور (رياض) فى ثورة:

- وسيريق أنهاراً من دماء الضحايا الآخرين.

نهض الجنرال فى صرامة قاسية:

- وماذا لو أخبرتك أنه أمر ؟!

صاح (رياض):

- لست جندياً يعمل فى صفوفكم، حتى أتلقى أوامركم.

شدَّ الجنرال قامته، فى وقفة عسكرية صارمة، وبدا شديد القسوة، وهو يقول:

- فى هذه الحالة، أنت عدو.

غمغم (رياض) مذعوراً:

- عدو.

شدَّ الجنرال قامته أكثر، واكتسب صوته المزيد من القسوة:

- عدو للولايات المتحدة الأمريكية.

ثم مال نحوه، على نحو أجبر الدكتور (رياض) على التراجع، مع استطرادته:

- و (أمريكا) لا تتسامح مع أعدائها أبداً.

جف حلق الدكتور (رياض)، وهو يغمغم:

- هل ستعملون على تصفيتى ؟!

اعتدل الجنرال، مجيباً:

- كلا.

ثم عاد يميل نحوه فى حدة، مستدركاً:

- سنجعلك تتمنى لو نفعل.

اختطف كابه، واندفع نحو باب المعمل الكبير، وهو يضيف، فى قسوة شديدة، زادت من شحوب الدكتور (رياض) وارتجافته:

- انتظر جوابك يا دكتور (يوسف) ... بعد نصف ساعة فقط.

وعند الباب، توَّقف، ثم التفت إليه، مضيفاً فى صرامة قاسية:

- وحتى أحصل عليه، لن يدخل أحداً أو يخرج، من هذا المعمل،وإذا كان جوابك بالإصرار على الرفض، فسيدوم هذا، حتى آخر حياتك.

ارتجف جسد الدكتور (رياض) كله فى شدة، وامتقع كيانه كله، مع ذلك التهديد المباشر من جنرال (جاكوب) ...

كان كيانه كله يرتجف، حتى أنه انتفض فى قوة، وأطلق شهقة مذعورة عنيفة، عندما سمع صوتاً من ركن معمله، يقول بالعربية:

- لا تخشاهم.

استدار بكل ذعره، إلى مصدر الصوت، وتراجع فى حركة حادة، مع مرأى ذلك الرجل، الذى يتجه نحوه، من ركن المعمل ...

الرجل طويل القامة، أبيض البشرة، شديد الأناقة، الذى راح يتقدَّم نحوه، وهو يستطرد:

- لن يمكنهم أن يؤذوا حتى خنصرك.

تراجع الدكتور (رياض) أكثر، وهو يهتف فى رعب:

- من أين أتيت ؟!... هذا المعمل ليس له سوى باب واحد !!

أومأ الرجل برأسه، قائلاً فى هدوء شديد:

- وسنخرج منه معاً.

هتف (رياض) فى رعب:

- أنت منهم ؟!

هزَّ الرجل رأسه نفياً، وابتسم ابتسامة شاحبة، وهو يقول:

- كَّلا ... منك أنت.

قبل حتى أن تمضى نصف الساعة، اندفع الجنرال (جاكوب) إلى داخل المعمل، وهو يقول بكل قسوة وصرامة:

- جوابك يا دكتور ...

بتر عبارته دفعة واحدة، واتسعت عيناه عن آخرهما، وعلى الرغم من خلفيته العسكرية الطويلة، انتفض جسده كله فى رعب ذاهل ...

ففى هذه المرة، لم يختف الرجل وحده ...

ولا حتى الدكتور (رياض) ...

لقد اختفى المعمل الضخم، بكل أجهزته وأدواته ...

تماماً .

* * *

SHELL 10-08-20 10:32 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
الفصل الثانى

https://www.crezeup.com/vb/crazy/image/5504img.gif

* القاهرة 7 مارس 2025م:

انعقد حاجبا الصحفى المعروف ابراهيم عيسوى وهو يطالع ذلك الخبر الذى أتى به أحد مراسلى جريدته ورفع عينيه اليه فى دهشة :
-أهذا الخبر حقيقى أم مجرد مزحة ؟
أجابه المراسل فى حماس :
-حقيقى مائة فى المائة .. مصرى يحمل الجمسية الأمريكية أقام دعوى امام القضاء المصرى يطالب فيها الحكومة المصرية بتعويض قدره خمسة مليارات دولار ثمنا لمنطقة مدينة نصر كلها !!
أومأ المراسل برأسه :
-ويمتلك الوثائق التى تؤكد هذا أيضا
غمغم ابراهيم ودهشته لم تفارقه بعد :
-مدينة نصر كلها ؟!
أشار المراسل بيده :
-يؤكد أن جده قد ابتاعها من الدولة , عام 1945م ولديه وثائق رسمية بهذا
هز ابراهيم رأسه :
-من يمكن أن يصدق هذا !!
هتف المراسل فى حماس :
-انه خبر الموسم
ثم تحوّل الحماس الى تساؤل وهو يميل نحو ابراهيم :
-ولكن هل سيقبل القضاء المصرى بهذه القضية ؟!
فكّر ابراهيم قليلا , ثم هز رأسه فى بطء:
-لست أعتقد هذا
فاجأهما معا صوت هادئ من ناحية باب الحجرة يقول فى ثقة :
-ليس أمامهم سوى هذا
التفت الاثنان فى دهشة الى مصدر الصوت , وتضاعفت دهشتهما مع مرأى ذلك الرجل طويل القامى أبيض البشرة أنيق الملبس الذى يقف عند باب الحجرة مستطردا :
-لو لم يفعلوا , سألجأ الى تحكيم اقتصادى دولى , وعندئذ سأطالب بتعويض اضافى أيضا
هتف به ابراهيم :
-من أنت ؟! .. وكيف دخلت الى هنا , متجاوزا السكرتارية ؟!
تجاهل الرجل السؤالين تماما , وهو يتجه نحو مكتب ابراهيم ويضع أمامه صورة مستنسخة من اصل قديم :
-تصوّرت أن حس الصحفى لديك , سيسعده الفوز بسبق كهذا
حدّق ابراهيم فى الورقة مغمغما :
-ما هذا بالضبط ؟!
أجابه بكل هدوء :
-صورة من العقد , الذى ابتاع به جدى تلك المساحة من الأرض
جرت عينا ابراهيم على صورة العقد فى سرعة , قبل أن يرفع عينيه الى الرجل قائلا :
-ألف جنيه ؟! .. جدك ابتاع مدينة نصر بألف جنيه ؟!
اعتدل الرجل مجيبا فى حزم :
-كانت عندئذ مجرد صحراء
غمغم المراسل :
-جدك دفع الف جنيه , وأنت تطالب بخمسة مليارات ؟!
أجابه فى هدوء اقرب الى البرود :
-وربما تزيد الى الضعف , لو لجأت الى التحكيم الدولى
تبادل المراسل نظرة مع ابراهيم الذى سأل الرجل فى اهتمام حقيقى :
-هل يمكننا ان نلتقط صورة لك نرفقها بصورة العقد على موقع الجريدة ؟
بدا الرجل شديد الصرامة وهو يجيب :
-كلا
قال المراسل فى لهفة :
-ولكن هذا سوف ..
بتر عبارته فجأة عندما استدار الرجل دون كلمة اضافية وغادر المكتب ..
ولثانية او ثانيتين ظل الاثنان صامتين فى دهشة قبل ان يغمغم المراسل :
-لم يخبرنا حتى عن اسمه
نهض ابراهيم فى غضب واندفع نحو الباب :
-اريد ان اعلم كيف سمحت له السكرتيرة بالدخول ؟!
لم يكد يلقى نظرة على سكرتيرته حتى تحوّل غضبه كله الى دهشة .. كانت تجلس فى نفس الوضع الذى اعتاده منها ولكنها شاردة جامدة كما لو انها تغط فى نوم عميق !!
وعندما ناداها انتفض جسدها كله وكأنها تفيق من حلم بالفعل والتفتت اليه بنظرة مذعورة جعلته يسألها فى قلق :
-ماذا بك ؟!
حدّقت فيه فى دهشة مذعورة وكأن وجوده قد فاجأها ثم لهثت وهى تغمغم :
-لست أدرى .. فقد شعرت بـ .. بـ ..
قال يعاونها على المواصلة :
-بماذا ؟!
بهثت مرة أخرى وهى تهز رأسها فى قوة وكأنها تحاول الاستيقاظ :
-لست أدرى ؟! .. لا يمكننى وصف هذا !!
استعاد غضبه وهو يهتف :
-كنت نائمة حتما , ولهذا استطاع هذا الرجل الدخول
سألته فى دهشة :
-أى رجل ؟!
وانعقد حاجباه فى شدة ..
فعلى الرغم من غرابة سؤالها الا أنه طرحه على نفسه :
أى رجل هذا ؟!
أى رجل ؟! ..
***

SHELL 10-08-20 10:36 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة أكتوبر 2018م :

وضعت زوجة الدكتور طارق فنجان قهوة أمامه وهو غارق فى مطالعة مراجعه وغمغمت فى قلق :
-هذا خامس فتجان قهوة !! .. كيف تتوقع أن يغمض لك جفن ؟!
تنهّد وهو يرفع عينيه اليها :
-اجلسى يا سلمى
غمغمت فى دهشة :
-أجلس !!
أومأ برأسه ايجابا :
-أنت خريجة علوم مثلى
جلست فى حيرة :
-وهل لهذا شأن بجلوسى ؟!
غمغم وكأنه لم يسمع سؤالها :
-كنت من أنجب تلامذتى فى الفيزياء
ابتسمت :
-عندما التقينا أول مرة , كنت المشرف على رسالة الماجستير الخاصة بى.
مرة أخرى بدا وكأنه لم يسمعها وهو يسألها :
-هل تذكرين نظرية المجال الموّحد ؟!
بدت الدهشة على وجهها ؛ لأنها لم تكن تتوقع هذا السؤال فغمغمت :
-المجال الموّحد ؟!
سألها فى اهتمام :
-هل تذكرينها ؟!
غمغمت ودهشتها تتزايد :
-بالبطع .. لقد وضع أسسها البرت اينشتاين فى محاولة منه لدمج نظريته النسبية العامة , مع الكهرومغناطيسية.
أكمل وكأنه لم يكن ينتظر اجابتها :
-لخلق مجال موّحد له صيغة واحدة تنطبق على مجموع طاقة كل القوى.
اعتدلت وقد شاب حيرتها بعض الاهتمام :
-ولكن تلك النظرية لم تثبت ابدا , أو لم توضع لها صيغة مقبولة , حتى لحظتنا هذه (*)
ربّت على مراجعه , قائلا فى شبه شرود وكأنه يحدث نفسه :
-تلك المراجع تزعم أنه فى عام 1943م حاولوا استخدام المجال الموّحد فى اخفاء سفينة حربية أمريكيه هى ( يو اس اس ألدريدج ) وتقول أن الاخفاء حدث ولكن بحارة السفينة أصيبوا بهلوسات , ومتاعب عقلية عديدة (**).

(*) حقيقة علمية
(**) تتحدث بعض المراجع العلمية عن التجربة باعتبارها حقيقية فى حين تنكرها مراجع أخرى تماما


تطلّعت اليه سلمى لحظات فى قلق , قبل أن تربّت على كتفه قائلة :
-طارق .. أأنت غارق وسط كتبك منذ شهر تقريبا من أجل هذا ؟
حملت شفتاه ابتسامة شاحبة وهو يرمئ برأسه فى بطء فغمغمت منزعجة :
-أأنت بخير ؟!
زفر فى حرارة وأغلق المرجع الذى بين يديه والتقط فنجان القهوة , قائلا :
-أليس هذا مجالى ؟!
أمسكت يده فى حزم :
-لا .. لن تشربها
تطلّع اليها فى دهشة , فسحبت الفنجان من يده :
-انك تحتاج الى النوم.
حملت شفتاه ابتسامة شاحبة وهو يصحبها الى حجرة النوم ..
ولكنه لم ينم ..
لقد ظل مفتوح العينين طول الليل , وذهنه يدور كله حول أمر واحد ..
نظرية المجال الموّحد ..
***


SHELL 10-08-20 10:38 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة أغسطس 2014م :
فى صعوبة كتم وزير الآثار المصرى ابتسامته وهو يتطلّع الى الدكتور طه قائلا :
-اذن فقد اختفى , دون أن يترك خلفه أى أثر ؟!
غمغم الدكتور طه فى توتر :
-هذا ما حدث
تطلّع اليه الوزير لخظات قبل أن يميل نحوه :
-دكتور طه .. هل تحتاج الى اجازة ؟
ارتفع حاجبا طه فى دهشة :
-اجازة ؟! .. لماذا ؟!
تراجع الوزير :
-أنت تعمل تحت حر الصيف , منذ أكثر من شهرين , لا بد وأنك تحتاج الى بعض الراحة.
انعقد حاجبا الدكتور طه فى غضب وهو يقول :
-لم أكن واهما يا سيادة الوزير .. مساعدى مسعد أيضا رأى ذلك الرجل وتحدّث اليه.
هز الوزير كتفيه وهو يقول :
-ولكن احدا غيركما لم يره
غمغم طه فى توتر :
-ولست أدرى كيف ؟!
تنهّد الوزير , وهو يتطلّع اليه ولاذ بالصمت بضع لحظات ثم قال :
-دكتور طه .. لا أحد يمكنه دخول الموقع دون تصريح من الوزارة وآخر من الأمن , فما بالك بالخروج منه دون أن يراه أحد ؟!
وضع طه يده على جبهته وكأنما يرهقه الأمر كله , وغمغم دون أن يرفع عينيه الى الوزير :
-لقد قرأ صور السونار الأرضى , دون أن ينظر اليها وكأنه ..
بتر عبارته دفعة واحدة فعاد يميل الوزير نحوه :
-وكأنه ماذا ؟!
زفر طه قبل أن يكمل :
-وكأنه يحفظها عن ظهر قلب.
تراجع الوزير بحركة حادة :
-يحفظها ؟!
ثم اكتسب صوته صرامة مع استطرادته :
-كلانا يعلم أنها أول مرة , نكشف فيها هذا
أجابه فى عصبية :
-ولكنه يحفظها
تطلّع اليه الوزير لحظات طويلة وهو يعتدل مكررا :
-سأمنحك أسبوعا اجازة يا دكتور طه
قال معترضا :
-ولكننى ...
قاطعه الوزير فى صرامة :
-بدءا من الآن
عندما غادر طه مكتب الوزير كان كيانه كله يشعر بالغضب ..
وربما من نفسه ..
انه عالم آثار , فكيف يهيمن غموض ذلك الرجل على ذهنه , وهو على وشك كشف أحد أهم ألغاز أبى الهول ؟! ..
حتى وصل الى سيارته , لم تفارق تلك الفكرة ذهنه ..
ولكن , وقبل أن يدير محركها , توقف يفكر ..
ثم التقط تلك البطاقة الذهبية من جيبه ..
وبرزت فى ذهنه فكرة جديدة ..
ما دام اللغز كله يدور حول ذلك الأبيض الأنيق الطويل , فلماذا لا يخوض المواجهة مباشرة ويذهب للقائه ؟! ..
أدار محرك السيارة واتجه بها مباشرة الى ذلك الفندق ..
الى حيث يلتقى بذلك الرجل ..
الرجل الغامض ..
جدا ..
***

SHELL 10-08-20 10:40 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* نيويورك فبراير 1978م :
ابتسم سمسار البورصة فى وول ستريت , شارع المال والاقتصاد , فى الولايات المتحدة الأمريكية , وهو يطالع طلب الشراء الذى قدمه اليه العميل الجديد , ورفع عينيه اليه قائلا :
-( أبل ) ؟! .. انها مجرد شركة صغيرة , كثيرون لا يتوقعون لها النجاح , كيف تغامر بشراء كل هذا العدد من أسهمها ؟!
أجابه الرجل فى هدوء بارد :
-لدى رؤية
هز السمسار رأسه وقال :
-ما رأيك فى ( زيروكس ) ؟! .. أسهمها مضمونة أكثر.
غمغم الرجل :
-أعشق المغامرة
تراجع السمسار وهو يهز كتفيه :
-ليس بأموالك
بدا الرجل صارما وهو يقول :
-أنت قلتها
تساءل السمسار فى حيرة :
-قلت ماذا ؟!
مال نحوه فى حدة صارمة :
-أنها أموالى , وأنا حر فيما أنفقها.
امتقع وجه السمسار وهو يغمغم فى اضطراب :
-معذرة يا سيدى , ولكننى كنت أحاول اسداء النصح فحسب
أجابه بنفس الصارمة :
-ولقد أبديته
ارتبك السمسار أكثر :
-فليكن .. كم سهما ترغب فى شرائه يا سيدى ؟!
أجابه فى حزم :
-كل المتاح
رفع الرجل عينيه اليه بكل الدهشة ثم عاد بهما الى أوراقه فى توتر :
-كما تشاء يا سيدى .. كما تشاء
لم يستطع استيعاب هذا الأمر أبدا , حتى انه ما ان غادره الرجل حتى التفت الى زميل له قائلا فى توتر :
-ذلك الرجل يعرف شيئا لا نعرفه
وافقه زميله بايماءة من رأسه :
-كنت أشعر بهذا
نهض السمسار يتطلّع عبر النافذة , لالقاء نظرة على ذلك الرجل , وهو يغادر المبنى والشمس على وشك المغيب ..
رآه يغادر المبنى , فى خطوات واسعة واثقة , ثم اتجه مباشرة الى كابينة هاتف قديمة ودخلها وأغلق بابها خلفه ..
وبدون مقدمات , ظهر وميض عجيب , له لون أزرق باهت , داخل كابينة الهاتف ..
وميض استغرق ثانية واحدة , ثم تلاشى على الفور ..
ولم يغادر الرجل كابينة الهاتف ..
مضى دقائق طويلة , دون ان يغادرها ..
وفى حيرة تساءل السمسار : ماذا يمكن ان يفعل ذلك الرجل هناك , طوال هذا الوقت ؟!
ثم مرت حافلة عامة , واضاءت مصابيحها تلك الكابينة القديمة ..
وتراجع السمسار فى دهشة عارمة ..
فعلى ضوء الحافلة بدا من الواضح أم كابينة الهاتف خالية ..
تماما ..

***

SHELL 10-08-20 10:42 AM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* مكان ما .. وزمان ما :
انتفض جسد الدكتور رياض وهو يستعيد وعيه , وينهض جالسا على طرف فراش معمله فى حركة حادة ..
وفى توتر تطلّع الى كل ما حوله ..
الى معمله ..
معمله الذى اعتاد رؤيته منذ سنورات طوال ..
كل شئ فى موضعه كما اعتاده ..
كل شئ ..
وعلى الرغم من هذا , فأنه يشعر أن هناك أمرا مختلفا ..
لم يستطع ذهنه , الذى لم يستيقظ بعد استيعابه ..
كان يشعر بارهاق شديد دفعه للعودة الى الاستلقاء على الفراش الصغير واغماض عينيه محاولا استعادة ما حدث ..
حاول ..
وحاول ..
وحاول ..
ولكنه لم يستطع ..
ضباب كثيف كان يحيط بعقله ويحول بينه وبين استعادة ما حدث ..
اصابه هذا بتوتر شديد جعله يغمغم :
-كيف ؟! .. كيف ؟!
(( أنا منك .. )) ..
قفزت الكلمة فجأة الى ذهنه وانقشع معها بعض الضباب ..
استعاد فجأة مرأى ذلك الطويل الأبيض الأنيق , الذى ظهر فجأة فى معمله ..
كان هذا آخر ما سمعه منه ..
ثم كان ذلك الضوء ..
الضوء المبهر , الذى أغشى بصره ..
والذى فعل به ما فعله ..
لقد كان واثقا من أن قدميه ثابتتان على الأرض , وعلى الرغم من هذا فقد ضعر أن جسده ..
كله يدور ..
ويدور ..
ويدور ..
لحظتها دار كيانه كله حول نفسه ::
وفقد للحظات شعوره بالزمان والمكان ..
لم يعد يدرى , أيدور حول نفسه منذ دقائق ؟! ..
أم ساعات ؟! ..
أم قرون !!!
ولقد حاول أن يقول شيئا ..
أى شئ ..
ولكنه لم يستطع ..
ابدا لم يستطع ..
ثم فجأة تحوّل الضوء الساطع الى ظلام دامس ..
ثم استيقظ ..
فتح عينيه فى هذه اللحظة محدقا فى السقف ومتسائلا :
-أهذا حلم ؟!
استعاد مواجهته الأخيرة مع الجنرال جاكوب فتابع متوترا :
-أم هى وسيلتهم لتعذيبى ؟!
جال ذلك الخاطر فى ذهنه وتغلغل فى أعماقه قبل أن ينتبه الى أمر آخر ..
هذا السقف ..
أنه ليس سقف معمله المعتاد ..
انعقد حاجباه فى شدة وتوترت كل خلية فى جسده ..
كيف هذا ؟!
كل شئ فى معمله كما يذكره تمام ..
ولكن السقف يختلف ..
سقف معمله المعتاد فيه خمسة مصابيح قوية ..
أما هذا السقف فكله مضاء تقريبا ..
كيف فعلوا هذا ؟! ..
كيف ؟! ..
اعتدل جالسا مرة أخرى , يدير عينيه فى معمله ..
كل شئ كما هو ..
فيما عدا أمرا آخر ..
النافذة , المجاورة للمنضدة , التى يضع عليها اللاب توب الخاص به ..
لم تكن هناك أبدا نافذة هناك ! ..
أين هو ؟! ..
الى أين نقلوه , مع كل شئ ؟! ..
وكيف ؟! ..
تردد لحظات , ثم نهض واتجه فى خطوات متوترة مترددة نحو تلك النافذة ..
وعندما بلغها , اتسعت عيناه عن آخرهما ..
فما رآه عبر تلك النافذة , كان مذهلا ..
بكل المقاييس.
***

SHELL 12-08-20 02:32 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
الفصل الثالث

* الجيزة سبتمبر 2014م :
طويلا تطلّع الدكتور طه الى ذلك الرجل , الذى بدا هادئا يبتسم ابتسامة باردة ويتطلّع اليه بدوره وكأنه ينتظر منه أن يبدأ بالكلام ..
ولكنه لم يبدأ ..
لقد ظل صامتا يتطلّع الى ذلك الرجل وكأنه لا يجد فى ذهنه ما يقوله على الرغم من عشرات الاسئلة التى يذخر بها كيانه ..
ولما طال صمته ألقى الرجل نظرة على ساعته التى بدت عجيبة التكوين ثم قال فى هدوء لا يخلو من لمحة صارمة :
-لن ابقى هنا طويلا يا دكتور طه
اجابه طه فى توتر :
-انت من طلب اللقاء
بدت ابتسامة الرجل شديدة الشحوب وهو يتمتم :
-انت على حق
بحركة انيقة سريعة اخرج من جيبه خارطة وضعها امامه وهو يقول :
-هذه منطقة ابحاثكم .. أليس كذلك ؟!
حدّق طه فى الخارطة لحظات , ثم رفع عينيه اليه :
-من أين حصلت عليها ؟!
تجاهل الرجل سؤاله تماما , وهو يخرج ورقة أخرى شفافة فى نفس حجم الخارطة ووضعها فوقها فبدت عليها ظلال باهتة وهو يقول :
-وهذه صورة السونار الأرضى كما حصلتم عليها
تفجّرت اسئلة جديدة فى ذهن الدكتور طه وهو يمد يده ليتحسّس تلك الورقة الشفافة مغمغا فى توتر :
-من اين تحصل على كل هذا ؟!
لم يكد يلمس الورقة حتى تراجع فى حركة عصبية ورفع يده عنها فى شئ من الذعر ! ..
فعلى الرغم من شكلها العادى لم تكن مجرد ورقة شفافة عادية ..
لقد شعر وهو يلمسها أن هناك تيارا كهربيا ضعيفا قد سرى منها الى أصابعه ..
وفى عصبية هتف :
-ما هذا ؟
رفع ذلك الرجل عينيه اليه فى صرامة :
-تلقى الكثير من الأسئلة.
هتف به :
-وأنت لديك الكثير من العجائب !!
تطلّع الرجل الى ساعته العجيبة مرة أخرى , وبدا عصبيا الى حد ما وهو يقول :
-هل سنضيع الوقت فى هذا , ام انك تود الافادة من اللقاء ؟!
تراجع طه فى مقعده والتوتر يملأ كل كيانه مغمغما وحلقه يجف , على نحو عجيب :
-من أنت ؟!
مرة أخرى تجاهل الرجل الاجابة وهو يشير الى نقطة على مزيج الخارطة والنسخة الشفافة وقال فى صرامة :
-ابدأ البحث هنا
تساءل الدكتور طه بكل فضول الباحث :
-البحث عن ماذا ؟!
القى الرجل نظرة ثالثة على ساعته العجيبة وهو ينهض قائلا :
-عن الممر
تساءل رجل الآثار بكل الشغف :
-أى ممر ؟!
لم يجبه الرجل , هذه المرة واندفع مبتعدا عنه فهتف به :
-الى أين ؟!
ولكن الرجل واصل ابتعاده فى خطوات طويلة واسعة وانعقد حاجبا الدكتور طه فى شدة وهو يتابعه ..
فلوهلة خيّل اليه أن كفى الرجل قد ومضا , بضوء أزرق باهت ظهر واختفى , خلال ثانية واحدة , قبل أن يختفى الرجل خارج بهو الفندق الفاخر المطل على نيل القاهرة ! ..
ولثوانٍ تجمّد الدكتور طه فى مكانه وهو مبهور بما حدث ..
وراحت كل الأسئلة التى لم يطرحها بعد تتدفق على ذهنه ..
لماذا يبدو هذا الرجل غريبا ؟! ..
من أين يأتى بكل هذه المعلومات ؟!
وما هذا الضوء الأزرق الباهت , الذى ومضت به كفاه ؟!
ماهيته ؟! ..
وماذا يعنيه ؟! ..
مع تساؤلاته , خفض عينيه الى تلك الورقة الشفافة العجيبة التى تركها ذلك الغامض خلفه ..
الورقة التى تبدو كالورقة ..
ولكنها حتما ليست كذلك ..
بكل تأكيد ..

***

SHELL 12-08-20 02:33 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* كاليفورنيا يناير 2019م :
تراجع الجنرال رون فى مقعده , وهو يتطلّع بنظرة قاسية صارمة الى الجنرال جاكوب قبل أن يقول فى بطء حاد :
-اختفى ؟!
لوّح جاكوب بذراعيه فى عصبية شديدة وهو يقول :
-ليس وحده .. معمله كله اختفى .. تلاشى .. ضاع !!
قال الجنرال رون بنفس البطء :
-هكذا ؟!
ثم اعتدل بحركة حادة وهو يهتف فى حدة :
-أى قول أخرق هذا يا جنرال ؟! .. لسنا فى واحدة من قصص ( ليالٍ عربية ) (*) .. نحن فى الولايات المتحدة الأمريكية , فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين , حيث لا وجود للجن والعفاريت , وبالتأكيد ليس مصباح ( علاء الدين ).
هز الجنرال جاكوب رأسه فى قوة هاتفا :
-أقسم بقبور آبائى وأجدادى , ان هذا ما حدث.
أطلق الجنرال رون زفرة قوية قبل أن يسأله بكل صرامة :
-وكيف سنورد هذا فى تقريرنا ؟!

(*)يطلق الغرب على كتاب ( ألف ليلة وليلة ) , اسم ( ليالٍ عربية)
( Arabian Nights )
عاد جاكوب يهز رأسه :
-لست أدرى , ولكن هذا ما حدث .. تركته لنصف ساعة الا قليلا وأحطت معمله برجالى , وعندما عدت , كان المكان خاليا تماما !
ضرب الجنرال رون سطه مكتبه براحته و وهو يقول فى حدة :
-وهل يمكن أن يشهد رجال بهذا ؟!
أجابه فى سرعة :
-بالتأكيد
صمت الجنرال رون طويلا هذه المرة , وهو يتطلّع اليه بنظرة عجيبة قبل أن يلتقط سماعة هاتف خاص أحمر اللون , وهو يقول فى مزيج عجيب من الصرامة والعصبية :
-فلنر ماذا ستقول واشنطن فى هذا ؟!
ومط شفتيه فى حدة وهو يستطرد :
-بخلاف احالة كلينا الى المستشفى النفسى.
تراجع الجنرال جاكوب فى مقعده , وامتقع وجهه وتوتره يتضاعف ..
ألف مرة ..

***


SHELL 12-08-20 02:35 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة مارس 2025م :
" هذا صحيح يا استاذ ابراهيم .. "
نطق وزير العدل العبارة دون أية انفعالات شخصية فتراجع ابراهيم عيسوى فى مقعده , وهو يقول فى دهشة :
-ولماذا لم يظهر ذلك العقد , من عام 1945م , حتى الآن ؟!
قلّب وزير العدل كفيه وهو يجيب :
-خطأ ادارى , ولكنه لا يسقط حق الرجل
هتف ابراهيم :
-خطأ ادارى يا سيادة الوزير .. خمسة مليارات دولار , تعتبرونها مجرد نتيجة خطأ ادارى ؟!
صمت الوزير لحظات ثم قال :
-النائب العام أمر باجراء تحقيق فى هذا الشأن , وهناك من يبدون دهشتهم البالغة , ويؤكدون أن ذلك العقد لم يكن له وجود فى السجلات , عندما تسلموها لأول مرة.
اعتدل ابراهيم فى لهفة :
-أيعنى هذا أنه عقد زائف ؟!
هز الوزير رأسه مجيبا :
-العجيب أنه عقد سليم مائة فى المائة , ولقد تم العثور على أصله فى سجل المحفوظات فى القلعة.
تساءل ابراهيم فى حيرة :
-كيف يؤكد الجميع عدم وجوده فى السابق اذن ؟!
صمت الوزير لحظة اخرى ثم أجاب :
-هذا ما يجرى النائب العام تحقيقه بشأنه
هز ابراهيم رأسه متفهما قبل أن يتساءل :
-ولكن هل يسمح القانون المصرى , بدفع مثل هذا التعويض ؟!
زفر الوزير وقال :
-هذا أمر يتجاوز حدود البنود القانونية
سأله :
-لماذا اذن ؟!
مال الوزير نحوه قائلا بلهجة تشف عن أهمية الأمر :
-اما أن نتخذ اجراءا استثنائيا , أو سيلجأ الرجل الى تحكيم دولى
غمغم ابراهيم :
-وسيحصل على مليار اضافى
تراجع الوزير مغمغا :
-على الأقل
كصحفى قديم مخضرم , لم يستطع ابراهيم الاكتفاء بهذا الجواب ..
لا يمكن أن يكون هذا كل شئ ..
هناك أمر غامض خلف كل ما يحدث ..
أمر لا يمكن لصحفى محترف أن يتجاهله ..

أبدا ..
***


SHELL 12-08-20 02:37 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* القاهرة مارس 2021م :
هز الدكتور محمد على - العالم الفيزيائى المعروف - رأسه فى استمتاع , وهو يطالع بحث الدكتور طارق قبل أن يرفع عينيه اليه قائلا بابتسامة عريضة :
-أظننا سنهنئك بجائزة نوبل قريبا يا دكتور طارق .. هذا البحث مذهل بحق
غمغم الدكتور طارق :
-لقد استغرقت ثلاث سنوات قى دراسة مكثفة ؛ للتوصل اليه يا دكتور محمد.
لوّح الدكتور محمد بيده :
-ولكن من أين أتتك هذه الفكرة العبقرية ؟! .. آلاف حاولوا وضع معادلات للمجال الموّحد , ولكن احدهم لم يتوصّل الى ما توصلت اليه.
تنهّد طارق وهو يتراجع فى مقعده :
-كثيرون ألهمونى بالأمر
وافقه الدكتور محمد بايماءة من رأسه وهو يقول :
-لقد قرأت ما كتبته عن تشيرنوبروف , وآلته الزمنية.
أشار طارق بيده :
-تشيرنوبروف اعتمد على الطاقة الكهرومغناطيسية فى عمل آلته الزمنية.
أجابه الدكتور محمد فى سرعة :
-وحقّق بعض النتائج المحدودة
هز كارق كتفيه :
-محدودة أكثر مما ينبغى .. لقد راجعتها كلها , وتبينت أنها تعتمد على نقل مواد صلبة أحادية كقطع النقد الى مسافة زمنية محدودة , لم تزد عن الدقيقتين على أقصى تقدير.
قال الدكتور محمد قى شغف :
-ولهذا مزجت أبحاثه بالنظرية النسبية العامةز
أومأ طارق برأسه :
-أدخلت كل عوامل الطاقة الأخرى فى المعادلات .. الجاذبية وميكانيكية الكم وحتى تأثيرات الأشعة الكونية .
ابتسم الدكتور محمد :
-قرأت هذا
اعتدل الدكتور طارق مكملا :
-وبهذا يمكن ان تكون لدينا آلة زمن حقيقية.
ربّت الدكتور محمد على البحث :
-نظريا.
عاد الدكتور طارق يتراجع فى مقعده :
-هذا ما أتيتك من أجله يا دكتور محمد
تطلّع اليه الدكتور محمد لحظات فى صمت , قبل أن يقول فى بطء :
-تريد تحويل النظرية الى تطبيق عملى.
هتف طارق فى لهفة :
-بالضبط
تنهّد الدكتور محمد وهز رأسه :
-هل تعلم كم يمكن أن يتكلف هذا ؟!
تنهّد طارق بدوره وهو يومئ برأسه :
-الكثير
قال الدكتور محمد فى بطء :
-عبارة غير صحيحة
ثم استدرك فى حزم :
-أنه الكثير .. جدا.
قلّب الدكتور طارق كفيه , دلالة على قلة الحيلة , وأطلق من أعمق أعماق صدره تنهيدة حارة , دون أن ينبس ببنت شفة , فهز الدكتور محمد رأسه مغمغما :
-يمكننا أن نحاول على الأقل
رفع اليه طارق عينين بائستين مغمغا :
-وهل ..
لم يتم عبارته , ولكن المعنى بدا واضحا , فابتسم الدكتور محمد ابتسامة باهتة وقلّب كفيه بدوره , فنهض طارق يهم بالانصراف :
-كان علىّ أن أحاول
غمغم الدكتور محمد :
-حسنا فعلت
ثم استدرك فى سرعة :
-بالمناسبة .. هل طلبت من الوزارة أن ..
قاطعه طارق باشارة من يده :
-بالطبع
سأله فى شغف :
-وماذا ؟!
ابتسم طارق ابتسامة شاحبة :
-سخروا من الفكرة
هز الدكتور محمد رأسه :
-هذا طبيعى .. آلة زمن ؟! .. عقولهم لن تبلغ هذه المرحلة.
لوّح طارق بيده :
-أمر طبيعى .. يبدو أننى سأكتفى بتقديمها كنظرية فحسب
تنهّد مرة أخرى قبل أن يضيف :
-أشكرك كثيرا يا دكتور محمد ؛ لاستماعك الىّ
لوّح بيده وهو يغادر المكان ,فصمت الدكتور محمد بعده لحظات وهو يحك ذقته مفكرا , ثم جذب درج مكتبه والتقط منه بطاقة ذهبية , راح يتطلّع اليها وذهته يفكر فى احتمال جديد ..
وصدفة عجيبة ..
للغاية ..

***

SHELL 12-08-20 02:38 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* واشنطن يناير 2019م :

" كلام فارغ "
قالها المستشار العلمى للرئيس الأمريكى , وهو يطالع التقري العاجل الذى أرسله الجنرال رون من كاليفورنيا وألقى الورقة , التى تحمل فى ركنها عبارة ( سرى للغاية ) , على سطح مكتب الرئيس وهو يستطرد :
-لا يمكن حتى لطفل , أن يصدق هذا الهراء !
قال الرئيس الأمريكى فى هدوء :
-بغض النظر عن غرابة الأمر , فالكل يؤكدونه
لوّح المستشار بذراعه كلها وهو يقول :
-مؤامرة .. جهة ما اختطفت الدكتور يوسف هذا , وجنودك يحاولون التملص من المسئولية يا سيادة الرئيس.
واصل الرئيس الحفاظ على هدوئه وهو يقول :
-وماذا لو أنه سلاح جديد ؟!
انهقد حاجبا المستشار :
-سلاح جديد ؟! .. سلاح يمكنه اخفاء قاعة كاملة , بكل ما فيها ومن فيها !!
هز الرئيس كتفيه وقلب كفيه , على نحو ازداد معه انعقاد حاجبى مستشاره :
-لا يمكن الجزم بوجود شئ كهذا.
أجابه الرئيس فى حزم :
-ولا يمكن نفيه ايضا.
غرق المستشار فى تفكير شديد العمق , وهو يكرر :
-لا يمكن نفيه
ثم عاد الى صمته وتفكيره لحظات أخرى , قبل أن يقول :
-على الرغم من أنه احتمال بعيد
تراجع الرئيس فى مقعده واكتسب صوته لهجة صارمة :
-لهذا فقد أمرت بتكليف فريق علمى , على ارفع مستوى بالسفر فورا الى كاليفورنيا ؛ لعمل كل ما يلزم , مع كل الصلاحيات المتاحة ؛ لكشف هذا اللغز.
غمغم المستشار :
-فريق علمى ؟!
أشار اليه الرئيس فى حزم :
-أعد حقيبتك بسرعة , فستكون على رأس الفريق , وطائرتكم ستقلع بعد أقل من نصف الساعة من الآن.
ارتفع حاجبا المستشار العلمى فى دهشة , ثم عادا ينعقدان فى توتر ..
فلو صح ما قرأه , فهم فعلا أمام لغز ..
لغز غامض وعميق ..
عميق جدا ..

***

SHELL 12-08-20 02:49 PM

رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
 
* مكان ما .. وزمان ما :
ما هذا الذى يمتد أمامه ؟!
والى أفاق البصر !!! ..
فراغ ..
فراغ لا نهائى ..
أو هو ضباب ..
ضباب كثيف فى تكوينه ..
ولكنه كثيف فى انتشاره ..
أو هو مزيج من هذا وذاك ..
الفراغ ..
والضباب ..
ما هذا ؟! ..
ما هو ؟! ..
وأين هو الآن ؟! ..
" أسئلة عديدة , تدور فى رأسك , يا دكتور رياض .. "
انتفض فى شدة , عندما سمع ذلك الصوت الهادئ من خلفه , والتفت الى صاحبه بحركة حادة , واتسعت عيناه عن آخرهما , هو يحدّق فيه ..
انه نفس الرجل ..
طويل , أبيض , أنيق , هادئ ..
وكما فعل عندما ظهر فى معمله من قبل , كان يتقدم نحوه فى بطء وبابتسامة هادئة ولكنها لا تثير فى نفسك سوى القلق والخوف ..
وبذلك الهدوء استطرد :
-عالم مثلك لا بد وأن يشعر بحيرة شديدة وبفضول أشد
تراجع الدكتور رياض وهو يقول فى عصبية :
-من أنت ؟!
أجابه الرجل وهو يواصل تقدمه نحوه فى هدوء :
-بشرى مثلك .. لا تقلق
غمغم رياض وكآنما لم يكن يتوقع الجواب :
-بشرى مثلى ؟!
تطلّع اليه مرة اخرى وكأنما يتيقن من الجواب ثم سأله فى عصبية :
-أين نحن بالضبط ؟
توقف الرجل وأشار الى ما حوله :
-معملك كله هنا , لا ينقصه شئ
كرر رياض فى عناد :
-أين نحن ؟!
قال الرجل متجاهلا السؤال :
-لم يعد هناك من يمكنه أن يجبرك على فعل ما لا تحب
هتف الدكتور رياض فى حدة :
-أين نحن يا هذا ؟!
أجابه فى هدوء شديد :
-فى آخر مكان يمكن أن يصلوا فيه اليك
صرخ الدكتور رياض :
-أين نحن ؟! .. أهذا سؤال عسير الى هذا الحد ؟!
تطلّع اليه الرجل لحظات بنظرة ثاقبة ثم اتجه الى النافذة واشار عبرها فى صرامة :
-انظر الى هذا ..انه شئ لم تره فى حياتك مطلقا , ولست أظن أن بشريا قد رآه.
ارتجف جسده وهو يغمغم :
-بشرى ؟!
قال الرجل فى برود صارم :
-تريد أن تعرف ما هذا ؟!
جفّ حلقه فى شدة وهو يغمغم :
-بالتأكيد.
وعندما منحه الجواب , انتفض كيان رياض كله , من قمة رأسه , وحتى أخمص قدميه ..
وبمنتهى العنف.

***


الساعة الآن 12:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية