منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f484/)
-   -   الدمية ...(الواسطة وقتل الاحلام)...قلمي (https://www.liilas.com/vb3/t207611.html)

حنايا القلوب 23-07-20 01:54 AM

الدمية ...(الواسطة وقتل الاحلام)...قلمي
 
وقف خلف الزجاج في ذلك المحل وهو ينظر لتلك الدمية
وذلك الرقم المدون تحتها
مجرد رقم صغير لكنه يعني له الكثير
تذكر طفلته الصغير حين تشبثت بيده بقوة وهي تقول :
اريد هذة الدمية
بلع غصته بحلقه وهو ينظر لذلك الرقم ..
وكأن طفلته ذات ال٤ سنوات قد فهمت فصمتت ..
ثم غادرا المحل التجاري وعيناها على تلك اللعبة حتى غابت عن ناظريها ..
مرت ليال عدة وهو يسمع صوتها تهذي يالها من دمية ..
دمعت عيناه وهو يتذكر تلك الدمية لاشك انها تحلم بها...
صوت الرياح يضرب منزلهم بقوة ...
ينظر الى والديه
وهما يتضرعان ليتها لاتمطر فنصيب منزلهم القديم
من المطر اكثر منه من الخارج...
لان تلك الشقوق في سقف المنزل لاتنسى ان تسقط المياه ليوم وليلة
حتى بعد ان يتوقف المطر ..
تجعل المنزل اكثر برودة وجسدهما لم يعد يحتمل البرد مع تقدم سنهما ..
لم يترك امجد باب عمل الا وطرقه ولكن في كل مره يعود صفر اليدين ..
امجد الابن الوحيد لوالدية واللذان اصرا على ان يكمل تعليمه الجامعي بالهندسة
ومع هذا لم يحالفه الحظ في وظيفه للان ..
لقد عمل بكل مجال وهو الان يعمل حمالا للسفن في احدى الموانيء كي يوفر
لقمة العيش لاسرته الصغيرة ...
والتي تتكون من والديه
وزوجته التي زفت له دون عرس او مصاغ او حتى مهر ..
فقد اصرا والديه على تزويجه ابنة عمه اليتيمه والتي مع فقره ...
قد رضيت به ورفضت الكثير غيره ممن هم اكثر حظا ومالا لان قلبيهما ارتبطا ببعض منذ ان كانا طفلين ..وطفلته الصغير ..
حين كان يحمل بعض البضائع في الميناء هذا اليوم ..
وكان يتحدث مع صاحب البضاعة ..
قال له: ارى لك لسانا فهميما فماهو تعليمك؟
صمت امجد وابتسم !
قال له: لما لا تجيب
فقال: مهندس .
فغر فاه محدثه اندهاشا وهو يقول: مهندسا وتعمل حمالا ؟
اجابه؛ نعم وماذا اصنع وقد سدت الابواب بوجهي !
قال له الرجل: تعال ياامجد .
تحدث معه طويلا وعلم بكامل قصته ..
بعد ايام اعطاه ورقة صغيرة وقال له :اذهب الى هذا العنوان
ستجد هناك وظيفة تليق بشهادتك ..
يااااه كم كانت سعادة امجد وهو يعود للمنزل ويخبر والديه
وزوجته ..
لم يستطع امجد النوم ..سابني منزلا جديدا لعائلتي ..
وساضع مدفاة حتى لايشعرا والدي بالبرد ...
وساشتري لهما معاطف شتوية ..
ساشتري ثوب زفاف لزوجتي الحبيبه ونقيم زفافا بديلا ..
ساشتري لها مصاغا وثيابا جميلة وكل ماتريد ..
واخيرا ساشتري تلك الدمية لفرح صغيرتي فرح
ساشتري لها الدمية ..
وكثير من الدمى ..
لبس ثيابه المهترئة القديمه وذهب وهو يشاهد نظرات الفرح في عيون اسرته ..
سيتحقق الحلم لان هذة المره لدية واسطة..
تلك الواسطة التي كانت سببا في فقده للكثير من فرص العمل التي ذهبت لغيره
ممن هم اقل خبرة وشهادة واعلا مكانة وواسطة ..
ذهب الى هناك وبقي بالانتظار
وحين تقدم لطلب الوظيفه ..
نظر اليه المدير والى ثيابه القديمه وهو يساله: ماذا تريد؟
ناوله تلك الورقة ..
بانت الدهشة بعيني المدير وهو يردد لزميله :فلان التاجر العملاق يوصي به ..هل فهمت؟
اجاب: نعم ..
قدم امجد شهادته التي تحمل تقديرا عاليا ..
لم يكلف احدهم نفسه بالنظر اليها
فالشهادة ليست مهمه ولا الخبرات .
بقدر تلك الورقة الموصى بها كما فهم امجد ..
مر شهر وامجد يبذل جهده ..
حتى حاز على اعجاب وحب كل رؤسائه بالعمل ..
لصدقه وامانته واخلاصه ..
غدا ساقبض راتبي وساشتري الدمية لفرح..هكذا كان يردد ..
صوت العاصفة بالخارج جعل النوم يجفو عيونهم ..
همس لوالديه مطمئنا: غدا ساقبض راتبي واعطي العربون لفلان صاحب العقار ..
صحيح انه منزل مستاجر ..لكن سنقيم فيه لفترة مؤقته حتى استطيع شراء منزل اخر..
ما ان اذن الفجر حتى ذهب امجد لعمله ..كان مبكرا جدا ..
وما ان اكمل يومه...وقبض راتبه ...
حتى سمع صوتا يقول له: المدير يريدك..
اتجه لغرفة المدير وكان هناك شابا يجلس امامه ..
فقال له المدير: هذا ملفك وشهادة خبرة !
تلعثم امجد وهو يقول :مااااذا ماااذا تقصد ؟
لقد انتهى عملك لان هناك شخصا اجدر منك بالوظيفة!
امجد: ماذا تقول ايها المدير؟ ماذا حدث؟ ولماذا ؟
اووووه يا امجد انتهى الامر هذه شهادة خبرة وحسن سيرة وسلوك ..!
صرخ امجد :وماذا افادتني تلك الشهادات منذ سنين ..
وانتم لا تتعاملون سوى بالواسطات والمجاملات ..
لم يكن امجد يعي مايصنع حين كان يصرخ ويحطم كل شي امامه ..
اجتمع الموظفون وهم يوقعون على ذلك التقرير بان امجد مصاب بلوثة عقلية
وانه قد اعتدى على المسؤولين بالضرب ..
خرج امجد ودمووعه تنساب على وجهة تلك الدموع التي هي اغلى مايتنازل عنه الرجل ..
سار نحو ذلك المحل ..ناول البائع بعض الاوراق النقدية وتناول الدمية ..
ثم احتضنها وهو يتذكر وجه فرح ..انهارت دموعه بقوووة ..
وخرج ليرتاح على الرصيف وكانت راحته الابدية ..!!
اجتمع المارة على ذلك الرجل الممدد على الرصيف
ذو الجثة الهامدة وهم يرددون
لاحول ولاقوة الا بالله
لقد فارق الحياة..!
قلم رند
رند حمود القحطاني
الاحد
١٩ يوليو ٢٠٢٠ ميلادي
الساعة ١١ونص صباحا



الساعة الآن 10:59 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية