رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
توقفت أفكارها , مع توقف السيارة امام الفندق , فغادرتها مع الفتاتين وقالت لابنتها , وهى تتجه معها الى الفندق :
-سأنتظرك مع سماح فى الكافيتيريا , فمن الأفضل أن تسألى عنه وتلتقى به بمفردك , فسيكون هذا أفضل. ترددت مديحة فى البداية , ثم لم تلبث أن استعادت ثقتها بنفسها , فاتجهت نحو موظف الاستقبال , على حين ذهبت أمها وسماح الى الكافيتيريا وسألت هى الموظف فى حياء : -هل عاد السيد حسين من رحلته بالخارج ؟ ابتسم موظف الاستقبال وهو يقول : -آه !! أنت الآنسة التى جاءت للسؤال عنه من قبل .. أليس كذلك ؟ ضايقتها تلك المقدمة التى لا معنى لها , فهى تريد اجابة سريعة ومحدودة , تنتزع منها هذا التوتر , ولقد بدا لها موظف الاستقبال بطيئا وهو يقول : -فى الواقع , ان السيد حسين ..... قبل أن يكمل عبارته , رقض قلبها طربا , على صوت يهتف : -مديحة ؟! التفتت تتطلع الى حسين , وملأت الفرحة قلبها ووجهها .. لم تكن فرحتها العارمة لرؤيته , وانما لأن وجوده قد أعاد اليها ثقتها فى انوثتها وفتنتها , وهى كونه أضعف من أن يقاوم حبه لها .. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
وبأداء تمثيلى رائع لا يُقاوم , اندفعت تتناول يده بين يديها هاتفة :
-حسين !! .. لست أصدق نفسى ! .. بعد كل هذه السنوات !! .. كم افتقدتك. ولكن حسين بدا أكثر رصانة وتماسكا , وتحكما فى مشاعره , وهو يقول : -وأنا ايضا .. لقد أخبرونى أنك قد حضرت للسؤال عنى من قبل. رمقته بنظرة عتاب ودلال وهى تقول : -هذا صحيح , ولقد قيل لنا انك قد غادرت تونس. أجابها فى هدوء : -نعم .. كانت لدى بعض الأعمال فى الخارج. زاد العتاب والدلال فى نظراتها وهى تقول : -ليس هناك ما يدعوك الى الكذب .. فأنا أعلم أنك لم تغادر تونس قط , وأنها كانت محاولة منك لتجنب مقابلتى. بدا الغضب فى ملامحه وهو يقول : -من أخبرك بذلك ؟ أجابته فى دلال : -لم يخبرنى أحد .. لقد رأيت سماح تغادر سيارتك أمام فندقنا. انفرجت أساريره , ودوت فى أعماقه صيحة : -ما دامت سماح لم تخن ثقتك , فلا يهم ما اذا كانت مديحة قد عرفت بوجودك أم لا .. وقالت هى , وكانها تضع الجواب على لسانه خشية أن يصدمها جواب آخر : -سأخبرك انا لماذا خشيت مقابلتى .. لأنك ناقم علىَ , وتتصور أننى قد غدرت بك , وخنت حبنا , ولك كل الحق , لو كان هذا شعورك نحوى. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
حسين :
-ليس هناك ما يدعو لمثل هذا القول . مديحة : -بل لا بد أن تمنحنى فرصة شرح موقفى. رمقها بنظرة تجمع ما بين السخرية والمرارة وهو يقول : -أى موقف ؟ .. موقفك عندما تخلّيت عن حبنا , وانصعت فى سلاسة لقرار أمك , أم موقفك عندما جئتك فى الاسكندرية , متوسلا أن تمنحينى دقائق من وقتك , مناشدا قلبك ألا يتخلى عن حبنا الكبير , الذى تعاهدنا فيه على الاخلاص والوفاء , فرفضت بكل غطرسة أن تلتقى بى , وارسلت مع ابنة خالتك ردا قصيرا , تنهى به كل شئ فى لحظة , وتقولين فيه انك ترفضين مجرد مقابلتى. امتزج الغضب بالسخرية والمرارة فى صوته وهو يستطرد : -انك لا تدركين حجم الاحباط والمرارة والمهانة , التى شعرت بها فى ذلك اليوم. لم تجد مديحة أمامها سوى أن تلجأ الى أشهر وأقوى أسلحة المرأة , فترقرقت فى عينيها دموع زائفة وهى تقول: -حسين .. اننى ....... |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
ولكنه قاطعها دون أن يبدى لمحة تأثر: -لا تبريرات جديدة يا مديحة .. لقد كان التبرير أيامها واضحا , فلقد خسر حسين , ابن الثرى المعروف - آنذاك - تلك التركة المتخمة . وتلك الثروة والاموال والعـقارات , عشيّة وفاة ابيه , عندما تبيّن له أنها تركة مثقلة بالديون , ووجد نفسه بين ليلة وضحاها فقيرا , لا يملك سوى قدر من المال لا يشبع الهانم وابنتها , وهكذا لم يعد حسين زوجا مناسبا للأميرة الصغيرة , فوداعا اذن لكل عهود الوفاء والاخلاص , وليذهب الحب الى الجحيم. وأضاف فى سخرية : -الحب الذى لم تعرفيه أبدا. بكت بدموع التماسيح وهى تقول : -لا تظلمنى يا حسين , اننى لم احب يوما سواك. -هذا واضح .. بدليل أنك قد تزوجت بعد رحيلى الى تونس بشهر واحد. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
-كنت مرغمة على ذلك , فلقد كانت أمى مريضة , وتعرضت لعدة أزمات قلبية بعد وفاة ابى , الذى بدد ثروته كلها فى مشروع فاشل قبل وفاته , وأصبح الفقر يهددنا بعد حياة البذخ والثراء , ولو أن الأمر بيدى لتساوى الفقر والثراء , ما دمت سأحيا فى كنف رجل أحبه , ولكن كيف أتخلّى عن أمى فى مثل هذه الظروف , وأتركها للفقر والمرض , وهى التى ذاقت طعم الرفاهية يوما ؟ . وهكذا التقت أسوأ ظروفنا .. كنت أنا أقف عقبة فى طريق طموحك , ,ارفض أن احملك عبء فتاة فقيرة وأم مريضة , لذا فقد ضحيت بحبى لك فى سبيل أمى , وفى سبيل أن أحقق لك ما تحتاج اليه من الحرية والانطلاق لتحقيق نجاحك .. هل عرفت الآن لماذا رفضاك أمى , ولماذا رفضت أنا مقابلتك فى الاسكندرية ؟ .. لقد خشيت أن أضعف أمامك , وأتخلّى عن قرارى وتضحيتى .. ولعلك تدرك الآن لماذا وافقت على الزواج من رجل ثرى .. وليتنى ما فعلت , فلم اذق من هذه الزيجة سوى البؤس والعذاب.
-وما الذى تغيّر الآن ؟ -لا شئ .. لم آتِ هنا لأذرف الدمع أمامك , بل جئت فقط لرؤيتك وتحيتك , ولأطلب الصفح منك , ثم أنصرف على الفور , وسماح وأمى ينتظراننى فى الكافيتيريا , لننصرف معا .. لم يدرِ لحظتها أيصدقها أم لا , ولكنه قرر أن يستسلم مؤقتا .. يستسلم لها .. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...7fb9809155.gif |
الساعة الآن 04:16 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية