منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207237.html)

Rehana 20-11-19 09:11 PM

440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( كاملة )
 
https://2.top4top.net/p_1419vr4k81.gif

راح انزل اليكم رواية كانت موجودة في القسم
بس العضوة توقفت عن كتابتها لظروف خاصة بها

اتمنى ان تنال اعجابكم

المخلص

كان نيك مورغان من الرجال الذين بامكان الواحد منهم ان يحصل على المرأة التي يريد ..انه بالغ الرجولة والوسامة وثري لكن عندما سيبحث عن زوجة فهي لن تكون عادية المظهر مثل كوري فلماذا عرض عليها تناول الغداء معه اذن كانت كوري تريد ان تقول نعم لكنها بدلا من ذلك ردت بعنف قلت لك انا لا اخرج مع الشبان هذا ليس موعدا غراميا انا فقط اسدد لك دينا علي وانا لن اتراجع ياكوري..


لا احلل نقل رواية الى اي مكان ابدا , طفح الكيل من السارقين والنقل بدون ذمة او ضمير

Rehana 20-11-19 09:14 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
روابط فصول الرواية

1 - هجوم ودعوة

2 - أنا لا اعجبك

3 - لا أحسن الكذب

4 - الدرب الطويل

5 - وداع مؤجل

6- سأحلم بك

7 - حمراء الشعر

8- لا أريد دموعاً

9- شمسي وقمري ونجومي

Rehana 20-11-19 09:15 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
الغلاف الاصلي للرواية

https://f.top4top.net/p_944bkmap2.jpg

Rehana 20-11-19 09:28 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
* الفصل الاول من كتابة العضوة هس عدن , وتدقيق Rehana *



1- هجوم ودعوة

ما ان اطلقت كوري روفوس حتى ادركت انها ارتكبت غلطة كبرى فقد انطلق كلب الصيد الضخم بسرعة فائقة يعبر حديقة هايد بارك، فسارعت الامهات الى ابعاد اطفالهن الصغار عن طريقه وقفزت النسوه المسنات برشاقة ربما ظنن لسنوات مضت انها فارقتهن. حتى ان مجموعة الشبان والشابات التي منتدى ليلاس كانت تتنزه بهدوء تفرقت فركضوا ذات يمين وذات يسار ضاحكين ماجعلها تحمد الله.
في البداية كانت كوري تصيح باعتذاراتها لمن حولها. وعندما يبدُ ان الكلب روفوس سيخفف وتيرته احتفظت بانفاسها لتساعدها على الركض.
لماذا لم تستمع الى عمتها؟ وعنفت نفسها بصمت وهي تركض في أثر الكلب صارخة منادية باسمه. لطالما كان روفوس مطيعاً كلما اخذته للنزهة من بيت عمتها, فهو يجلس في الوقت المناسب من دون ان يامره احد بذلك، او يسير خلفها كالتابع الامين. وقد بدا التوسل العينين البنيتين العميقتين وهما يدخلان المنتزه العام مما جعلها تشعر كانها ساحرة شريرة.منتديات ليلاس
قالت لها عمتها جوان التي كسرت ساقها إثر وقوعها مند اسبوعين: لا تطلقيه يا كوري. انا نفسي أكاد لا اثق بأنه سيعود الآن, لكنني لا ادري كيف سيتصرف مع شخص آخر .همس عدن اخر انه بالغ المودة وشغوف بالاولاد والكلاب الاخرى, لكن اصحابه الاوائل كانوا يبقونه مسجوناً ومقيداً طوال الوقت، كما انهم اهملوا هذا العزيز المسكين من عدة نواح كما تعلمين.

Rehana 20-11-19 09:29 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
وخطر لكوري ان العزيز المسكين ليس بالوصف المناسب الذي تطلقه على الكلب في هذه اللحظة. شعرت وكان رئتيها ستنفجران, وحلقها وصدرها يلتهبان. لقد خطرت لها القاب واوصاف عديدة يمكنها ان تطلقها على هذا الكلب حاليا منتدى ليلاس . لكن العزيز المسكين لم تكن ضمنها.
بعد ان توقف روفوس اكثر من مرة ليتشمم محيطه همس عدن استجمعت كوري قواها كلها وصاحت به غاضبه : "قف يا روفوس"
وكان هذا في اللحظة التي استعد فيها روفوس لمرافقة كلبة صغيرة الحجم, فالتفت لنظر اليها بعينيه البنيتين بشيء من الحيرة وكأنه لا يفهم لما لا تشارك في هذه اللعبة الرائعة التي نظمها. واغتنمت هذه الفرصة فزمجرت" قف ياروفوس،تعال"
وكانت مسافة قصيرة تفصلهما ,لكنها لم تعد تستطيع الركض، لشعورها بالم حاد في جنبها.ولم تعرف ما إذا كان صوتها الشرس ام توقفها عن الركض جعله يدرك فجأة ,ان الامر ليس على مايرام ليلاس، وبعد لحظة من التردد عاد يحث السير نحوها مباشرة ،مصمماً على ان يوثر فيها بطاعته, بحيث لم يلاحظ الرجل الطويل الانيق الذي يهم بعبور الطريق ، مرت لحظة طويلة تواجه فيها الرجل والكلب، واذا بعضلات الكلب الضخمة توقع الرجل السيء الحظ ارضاً.
طارت حقيبة الاوراق الجلدية الفاخرة من ناحية، والسترة الانيقة المعلقة على ذراع الرجل من ناحية اخرى،وكل ما استطاعت كوري ان تفعله هو ان تنظر الى ما يجري برعب بالغ. استقر الرجل على ظهره بقوة هزت الارض ما جعل روفوس يدرك فظاعة غلطته، فتسلل خلسة من خلف منتديات ليلاس الرجل الطريح على العشب.وعندما وصلت كوري اليهما كانت اذناه منسدلتين على وجهه وفكه متدلياً وكأنه يهم بالبكاء.
- انا آسفة, انا اسفة جدا جدا.
وركعت بجانب الرجل بسروالها الجينز الازرق وقميصها الوردي وشعرها البني الذي يصل الى كتفيها.
بقي الرجل جامداً لحظة اخرى، ثم مالبث ان اخد نفساً عميقاً بآهة معذبة .ربما لم تكن اللحظة المناسبة لملاحظة قامته الرائعة. كان طويلاً قوياً ذا رجولة مثيرة للغاية , يبرزها شعره الفاحم.
ابتلعت كوري ريقها قبل ان تقول: "هل من كسر في جسدك أو أي إصابات اخرى؟"
تلاقت عيناها بعينيه العميقتي الزرقة ،كانتامهلكتين فنظرتهما الحادة تقول اكثر مما يمكن للكلمات ان تعبر عنه، وعندما جلس مدت يديها تحاول ان تساعده فأبعدهما بحركة عنيفة، ولسوء الحظ اختار روفوس تلك اللحظة ليقدم اعتذاره بان يلعق وجنته،جمد الرجل لحظة, لكنه بقي صامتاً الى ان وقف على قدميه.
كان طويلا للغاية وغاضباً جداً.
- هل هذا كلبك؟
- آسفة.
كانت قد وقفت هي ايضاً, واخدت تنظر إليه رافعة الرأس وقد جمدتها نظراته الملتهبة غضباً والقسوة التي اسبغها فمه المتصلب على ملامحه الوسيمة ,وتشتت ذهنها.
قال بغضب وهو ينظر الى روفوس "هكذا اذن ؟يا الهي! ماهذا الذي يأكله؟"
كلا... هذا غير ممكن. واخرجت الهاتف الخلوي من بين شدقي الكلب, لكنه كان قد تحطم. لم يلاحظ اي منهما الكلب وهو يدس أنفه في جيوب الستره المطروحة على الارض.
سألته بصوت خافت رغم انها تعرف الجواب سلفاً: "هل...هل كان باهظ الثمن ؟"
تجاهل يدها الممدودة ببقايا الهاتف وتنفس بعمق ولم يجب وهو يستعيد حقيبة اوراقه وسترته مجفلاً قليلاً.

Rehana 20-11-19 09:29 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
لقد تأذى, لكن هذا طبيعي. فمواجهة قطار سريع وسط الحديقة العامة صباح يوم سبت امر صعب حتى بالنسبة إلى سوبر مان. وعادت تقول: "آسفة ماكان لي أن أطلقه."
فنظر إليها ساخراً: "أحقاً؟"
لم يكن مهذباً تماماً لكنها لا تلومه. واخدت نفساً عميقاً: "سأدفع لك ثمن الهاتف طبعاً، وكلفة تنظيف السترة.. وأي ضرر آخر..."
تكلمت بطريقة عرجاء, فرفع حاجبيه وقال بنبرة ناعمة: "هل يفترض بي أن أشكرك؟"
يا له من شخص كريه! وشعرت كوري بتأثير جمال عينيه الزرقاوين يمحى من نفسها. لم يكن ماقاله سيئاً في حدّ ذاته بل لهجته.
واجابت وقد تصلب جسدها: "لا, ابداً،إني احاول معالجة الموضوع وحسب".
وكان الكلب قد جلس بجانب الرجل وكأنه نبذها مطيعاً، ورأسه الكبير ينتقل باهتمام بينهما وهما يتحدثان،تمنت لو تخنقه وقالت له وهي تستعد لإعادة لجامه: "تعال يا روفوس"
عندئذ ,ظهرت الكلبه المولعة بالمغازلة التي رآها منذ فترة تجول في الحديقة: "لا ,ياروفوس"
وضاع نداؤها اليائس وهو يقفز أعمى أصم لا يحركه سوى هرموناته.
كان قد ابتعد اقداماً قليلة عندما أوققته كلمة "اجلس" عميقة حادة فجلس ثم سارع ليضغط نفسه متودداً على ساق الرجل, وعندما مدّ هذا يده إلى الفتاة يطلب اللجام وضعته في يده، وفي الدقيقة التالية كان الكلب ومقوده في يدها.
قالت بنفور بالغ: "شكراً"
فقال ببرودة مزعجة: "إنه لا يفعل ماتطلبينه منه فذلك يعتمد على اللهجة."
فأجابت ساخرة من دون تفكير: "هل لديك خبرة بالكلاب؟"
فقال متمهلا ًبلهجة تكاد تكون مهينة: "لا ,بل لدي خبرة في أن أكون مطاعاً"
لم يساورها بذلك بينما تابع هو بتنازل لا يطاق: "من المفيد دخول مدرسة تعلم الطاعة".
لم يفتها ان تلاحظ ان الكلام موجه إليها وليس الى الكلب. ورؤية بعض الاعشاب العالقة في شعره الكث جعلتها تشمت به.
قالت: "إنه ليس كلبي. احضرته عمتي مؤخراً من ملجأ للكلاب. إنهم يظنون أنه كان محجوزاً في مكان مقفل مند صغره. كانت تخرج للنزهة, لكنها كسرت قدمها مؤخراً فتبرعت أنا بأن أنزهه" .منتديات ليلاس
حول نظره عنها الى الكلب الذهبي اللون، وقال له فيما هو يهز ذيله بعنف: "يا للفتى المسكين."
وفقد صوته رقته المؤقتة وعادت إليه برودته وهو ينظر إليها مجدداً قائلاً: "أبقي لجامه طالما عمتك طريحة الفراش من فضلك".
عضت شفتها بقوة تمنع فيض الكلمات التي تبادرت إلى ذهنها، ثم عدّت إلى العشرة قبل ان تقول: "لقد توصلت الى هذا القرار بنفسي"
- هذا حسن.
بدا وكأنه سيتابع طريقه, فقالت بسرعة: "هاتفك, كنت اعني تماماً ماقلته عن استعدادي لشراء واحد جديد. أتريد عنواني ورقم هاتفي؟"
فرفع حاجبيه: "هل أنت دوماً بهذا الكرم فتعطين الغرباء تفاصيل عن حياتك الخاصة؟."
ادركت أنه يهينها عمداً بكلامه ، فقالت: "لست مسؤولة عن كلب يطرح الناس أرضاً كل يوم"
تمتم بكلام لم تسمعه, قبل ان يقول بصوت عالٍ: "لا تهتمي بمسالة الهاتف يا آنسة...؟"

Rehana 20-11-19 09:31 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
فقالت: "اسمي كوري جايمس".
ونظرت إليه بعينيها البنيتين الناعمتين : "وأنا أصّر على شراء هاتف جديد لك يا سيد...؟"
- اسمي نيك مورغان. وأكرر ان تنسي مسألة الهاتف.
وأخذه من يدها ووضعه في جيبه دون اكتراث.
- لا استطيع ان افعل هذا. لقد حطمه روفوس، وأنا لن ارتاح إلا إذا عوضتك عنه.
فتوتر فكه : "هذا ليس ضرورياً"
- أشعر بأنه كذلك.
- هل أنت دوماً...
وتردد جزءاً من الثانية، وعندما عاد يكمل جملته قال: "بهذه العزيمة ؟"
شعرت بأن هذه الكلمة ليست ما كان ينوي قوله. وتمتمت من دون ان تبتسم :"دوما "
شبك ذراعيه على صدره وأخذ يتأملها لحظات عدة بصمت. وبالرغم منها, أخذ قلبها يخفق. رجولته الساحقة جعلت دمها يتسارع في عروقها . فكرهت تأثيره فيها . إنها ليست ليست جاذبية. لا , ليست كذلك. واخذت تكرر ذلك وكأن هناك من يتحداها ان تحاول إثبات ذلك. ماذا عن طوله الفارع...؟ كان ... حسناً.
لم تستطع أن تجد كلمة تصف بها مظهر نيك مورغان ،فتخلت عن المحاولة عندما عاد يقول : "حال وصولي إلى المكتب سأجد هاتفاً جديداً, ولكن اذا كنت تريدين حقاً ان تعوضي عليّ؟"
- طبعاً أريد .
ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة وكأنه وجد ما يسليه . وسرعان ما أدركت أنه ينتظر باستمتاع رد فعلها على كلامه : "أنا بحاجة الى من ترافقني إلى مناسبة اجتماعية الليلة، لأن مرافقتي المفترضة اضطرت للسفر إلى نيويورك.هل تتكرمين عليّ بذلك ؟."
ورمقها بنظرة ثاقبة .
مضت لحظة تمالكت فيها همس عدن كوري نفسها.لم تفاجأ قط من قبل كما حصل معها الآن .أتراه يمزح ؟
لابد ان أفكارها ارتسمت على وجهها ،لأ ابتسامته اتسعت: "أنا جاد في كلامي هذا.فإذا كان لديك منتديات ليلاس صديق أو زوج أو خطيب قد يعترض..."
ولم يكمل لكن نظراته لم تتحول عن وجهها.
يمكنها ان تكذب...ولكن لا ...لايمكنها هذا... لأنه سيكتشف الكذب بكل بساطة. همس عدن ،ونظرت إليه بثباث: "أنا لا اريد أي علاقة. ما الذي سيحدث الليلة بالضبط؟"
- كوكتيل. عشاء. رقص.
لم يكن هذا تفسيراً واضحاً, فانتظرت المزيد وبعد ثوانٍ توترت خلالها أعصابها قال: "لقد استلمت مؤخراً شركة جديدة, وهذه الحفلة هي بادرة حسن نية تجاه المدراء القدماء وشركائهم. مجرد عشاء في تامبغليت حيت نتعارف جميعاً على مستوى اجتماعي."
حدقت فيه ورأسها يدور. عشاء في تامبغليت؟.هذا سيكلفه الكثير الكثير. لم تتسن لها قط فرصة الدخول الى أشهر نوادي لندن, لكنه النادي الذي يرتاده الشبان والشابات الأغنياء. كما تحفل مجلات الأزياء بصور المشاهير الذين يمضون الليالي في الرقص هناك .همس عدن
سألته وهي تغص بريقها : "حفلة لكم شخص؟"
- ستة عشر شخصاً أو خمسة عشر .لقد طلب من مرافقتي عرض ازياء وهذه مهنتها فلم تستطع الرفض.
هل صديقته عارضة ازياء؟ ولكن هذا طبيعي, أليس كذلك؟ يبدو أنه غني وناجح للغاية. كما انه وسيم ما يجعل منه العريس المثالي, ويضمن له تهافت النساء عليه.

Rehana 20-11-19 09:32 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
هذه الفكره الاخيرة جعلتها تقول: "لكن لابد ان ثمة فتاة اخرى تطلب منها مرافقتك؟"
فقال متهكماً: "لابد ؟"
- حسناً, أليس كذلك؟
لم يجب بشكل مباشر بل قال: "أنت أردت ان تعوضي عما فعله الكلب ,فاقترحت عليك ما يصلح منتديات ليلاس لذلك. إذا لم يعجبك هذا ،فلا بأس"
لم يعجبها هذا ؟إنه طبعاً لم يعجبها. ملابس النساء اللاتي يذهبن إلى نادي تامبغليت لا تحلم أمثالها بها.إن ثمن حذاء الواحد منهن يعادل راتبها لشهرين. كما أن تمضية السهرة مع هذا الغريب الذي يستضيف غرباء آخرين سيكون عذاباً لها. اولاً , سيتملكها الرعب من أن تخطئ التصرف ثم ماذا لو كانوا مترفعين او متعالين أو مجرد متحفظين؟
القت نظرة سريعة على نواحي الحديقة الغارقة في اشعة شمس حزيران, وكأن هذا سيساعدها على التفكير ,قبل أن تعود بنظراتها إلى العينين الزرقاوين المنتظرتين. ولم تصدق أذنيها حين سمعت نفسها تقول: "لابأس, إذاكان هذا ماتريده، رغم أني افضل أن أدفع ثمن الهاتف وأنتهي من هذا كله".
- هذا ليس أفضل رد تلقيته في حياتي, على دعوة وجهتها لامرأة.
ومد يده يفتح حقيبة اوراقه، والتسلية لا تزال واضحة على وجهه وناولها بطاقة مذهبة.
نظرت كوري إليها متوقعة بطاقة عمل عادية, لكن البطاقة لم تكن تحمل سوى اسمه تليه اربعة ارقام هاتفية وقال: "انسي الرقم الاول فهو لبيتي في بارنستايل. الرقم الثاني هو لهاتف شقتي في لندن،منتديات ليلاس
والثالث لخطي الخاص في المكتب. يبدو ان رقم الهاتف الخلوي لن ينفع الآن."
وألقى على روفوس نظرة حادة , فتململ الكلب عند قدميها شاعراً بالذنب. لوى نيك شفتيه ونظر إلى ساعة معصمه ثم قطب حاجبيه وبدا فروغ الصبر في نبرته وهو يقول: "لقد تأخرت في اجتماع هام يا انسة جايمس.اتصلي بعد الساعة السادسة لتعطيني عنوانك،أو على رقم المكتب إذا احتجتني قبل ذلك.المائدة محجوزة للساعة الثامنة والنصف، لكننا سنشرب الكوكتيل في الثامنة.لا أريد ان أتأخر بعد السابعة والنصف, فهل هذا يناسبك؟"
عادت عيناه الزرقاوان المليئتان بالحيوية لتستقرا على وجهها، فخفق قلبها. استطاعت ان تومئ وهي تتنفس بعمق،ثم قالت: "اسمع .. انني مجرد فتاة عاملة ،وغير معتادة على الذهاب إلى أماكن مثل نادي تامبغليت ,واذا وجدت فتاة مناسبة أكثر مني خلال النهار فأنت حر ّفي ان تعلمني بذلك عندما أتصل بك مساءً, سأتفهم الأمر."
هم بالابتعاد عنها، لكنه التفت إليها ليقيمها بسرعة من قمة رأسها حتى أخمص قدميها, ولم تتغير ملامحه نبرة صوته حين قال: "لن أغير رأيي يا آنسة جايمس, وداعاً"
حسناً! التهب وجه كوري وهي تنظر إليه يبتعد بخطوات واسعة جعلته يغيب بخطوات واسعة جعلته يغيب عن النظر سريعاً. لقد نظر إليها يقيمها وكأنها فرس يريد أن يشتريها!
بقيت لحظات واقفة ساهمة إلى ان أعادها من أفكارها المضطربة أنين تعالى من عند قدميها فنظرت إلى روفوس وقالت له مؤنبة بعنف: "إياك أن تفعل هذا مرة اخرى. كل هذا بسببك."
فتح روفوس فمه بابتسامة عريضة وهو يقفز واقفاً بشدة مقوده بينما اخد انفه يختلج عندما مرّت بهما كلبة ظريفة على رأسها شريطة معقودة بشكل فراشة كبيرة وردية.
قالت كوري متذمرة بينما عادت عيناها تحدقان في المسافة البعيدة : "أرى أنك بحاجة إلى عملية صغيرة".

Rehana 20-11-19 09:32 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
لكن وبعد ان ظللت عينيها بكفها من وهج الشمس لحظة، اقتنعت بأنه توارى فعلاً عن الانظار.
وعادت مشاهد يوم السبت المعتادة تأخذ مكانها حولها...ألعاب الأولاد, أسر تتنزه متمهلة. الشبان والفتيات مستلقون على العشب يقرأون أو يأخذون حمام شمس. أناس ينزهون كلابهم , مجموعات من المراهقين تلعب كرة القدم او الكريكيت . لكنها شعرت فجأة بأنها معزولة عن هذا كله. أصبح التنزه في الحديقة العامة أمراً غير عادي . لكن بعد أن ذهب , أصبح لديها الوقت الكافي كي تفكر في ما حدث . وشعرت بالذعر .
لابد أنها مجنونة... مجنونة للغاية لأنها وافقت على مرافقته إلى نادي تامبغليت هذه الليلة، ليس عليها مرافقته وحسب بل التصرف.وكأنها المضيفة لأناس لم ترهم في حياتها قط . لماذا لم ترفض؟
لماذا لم تقنع بما عرضه عليها فندع هذا الأمر ؟ ما الذي دفعها إلى القبول بهذا العرض المثير للسخرية ؟
طردت من ذهنها صورة وجهه البالغ الوسامة، وجسمه الفولاذي .وحدثث نفسها بحزم بأن الأمر لا يتعلق به كشخص، وهي تتابع سيرها في الحديقة. لم تهتم مطلقاً بنيك مورغان لأن هذا جنون خالص. على أي حال لديه صديقة ,وآخر شيء تريده هو علاقة من أي نوع .لا ,لقد شعرت بأنها مضطرة لتعويضه . عن خسارته, وهذا كل مافي الأمر.
نظرت إلى روفوس وهو يسير بجانبها سعيداً, وتأهت في اعماقها . لماذا أفتته؟ كانت نصيحة عمتها صريحة واضحة في هذا الشأن لكنها تجاهلتها , وهذه ليست المرة الأولى في حياتها . لكنها لم تفكر الآن في وليام وباترسن فلديها ما يكفيها من المشاكل حالياً . القضية الآن هي ماذا عليها ان تلبس هذا المساء؟ عليها ان تذهب للتسوق إذ ليس لديها ما يصلح لنادي تامبلغيت الشهير.
عندما سرعت خطواتها والجوع يظنيها, سار روفوس بجانبها بحيوية لم تعرفها فيه منذ وقت طويل. وعندما وصلا إلى منزل عمتها،كانا يلهثان هما الاثنين.
سألتها عمتها وهي تفتح لها الباب: "هل أنت بخير، ياعزيزتي؟ وجهك يبدو احمر."
فأجاتها كوري بتعاسة وهي تدخل الى الردهة المنعشة البرودة : "لقد ارتكبت خطأ،أدى في ما بعد إلى خطأ اكبر."
- أحقاً؟
فأومأت .وقالت عمتها بسعادة: "هذا جميل, أنا ارتكبت الأخطاء دوماً ، ويعزيني كثيراً ان أجد من هي مثلك ترتكب الاخطاء هي ايضا. القهوة جاهزة"
استقر روفوس في سلته وأخد ينهش بانفعال عظمة ضخمة. وساعد إبريق القهوة مع طبق الشوكلاتة كوري على ان تروي لعمتها كل ما حدث لها هذا الصباح .
كانت تشعر بإلفة وراحة بالغتين وهي تجلس بهذا الشكل في مطبخ عمتها في منزلها الريفي الطراز والكلب عند قدميها وأشعة الشمس تتسلل من خلال باقة ازهار في زهرية على عتبة النافذة .
عندما انتهت من رواية قصتها ارتسمت على فم عمتها ابتسامة واسعة وهي تقول بحماسة: "لكن هذا رائع .ستتناولين وجبة رائعة في مطعم رائع. ويبدو ان هذا الرجل..."
قاطعت كوري عمتها بجفاء: "رائع؟ "وتملكها الذعر، وهي ترى عمتها تتصرف وكأنها ربحت جائزة.
قالت عمتها بمودة: "سأقول كلاماً منطقياً. كان بإمكانه أن يصيح بك منتديات ليلاس و يفتعل همس عدن مشكلة.كما يفعل معظم الناس بسبب أمر كهذا. وفي هذه الايام يقاضي الناس بعضهم البعض لأتفه الأسباب...لكن كل ما فعله السيد مورغان هذا هو انه دعاك على العشاء في افخم نوادي المدينة. أعني ما المشكلة؟"

Rehana 20-11-19 09:33 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
عرض الأمر بهذا الشكل لا يتضمن اية مشكلة ... لكن عمتها لم ترى السيد نيك مورغان هذا،وابتلعت كوري ريقها: "ليس لدي ما ألبسه. أعني ليس لدي ملابس كملابس من لديه مليون دولار "
- أهذا هو كل مافي الأمر؟
واتسعت ابتسامة العمة : "اذهبي ياحبيبتي لرؤية صديقة لي، شانتال ليموان.ستتدبر أمرك"
لم تجد في قولها ما يريحها .إنها شغوف بعمتها فمنذ توفي والدها وهي في الجامعة،لم يعد لديها سواها في العالم . لكن عمتها جوان لم تتزوج قط وجعلت مهنتها محور حياتها كلها قبل ان تتقاعد في الخمسين من عمرها إثر نوبة قلبية. وكانت قد كونت لنفسها اسماً في عالم الأزياء , من دون ان تدفع يوماً ملبغاً كبيراً لقاء تنورة او بلوزة .كما ان كوري رغبت منذ تركت الجامعة منذ اربعة اعوام في العمل في مجال الشؤون الإجتماعية , وهذا العمل يشغلها ساعات طويلة فيما تتقاضى راتباً لا يغطي سوى نفقاتها .
لم تكن كوري متأكدة من أن عمتها قرأت أفكارها هذه. لكن عمتها رفعت سماعة الهاتف قائلة: "ساتصل بشانتال.عيد ميلادك بعد اسابيع قليلة ولا ادري ما الذي يليق بك. اذهبي واختاري فستاناً غالي الثمن لقد كنت رائعة معي منذ سقطت واريد ان اعبرّ عن شكري."
احمر وجه كوري: "لا استطيع ياعمتي" .منتديات ليلاس
- بل تستطيعين وستفعلين هذا .
لم يتغير صوت جوان وتعابير وجهها وهي تقول برقة " أرجوك . يا حبيبتي , افعلي هذا من أجلي. أنت الأبنة التي لم أرزق بها , أنت لم تسمحي لي ابداً بأن أدللك , فاسمحي لي بذلك هذه المرة فقط"
تململت كوري بعدم ارتياح . صحيح أنها اعتنت بعمتها وكأنها أمها . فبالرغم من أنها وحيدة أبويها, إلا ان علاقتها بهما لم تكن قوية . فعلاقتهما ببعضهما البعض كانت من القوة بحيث لم يحتاجا إلى أي شخص آخر , ولا حتى ابنتهما . لهذا , كانت طفولتها منعزلة وموحشة من نواح كبيرة .
ولطالما شكلت عمتها الواحة في الصحراء بالنسبة إليها, سواء بسبب طفولتها أم بسبب تركيبتها النفسية . فهي متحفظة وكتزمة ومستقلة الشخصية , تفضل ان تسعد الآخرين على ان تطلب مساعدتهم , وأن تعطي بدلاً من ان تأخذ .
- مرحباً , هل يمكنني ان أتحدث إلى الآنسة ليموان؟
لقد اعتبرت عمتها ترددها موافقة. وعندما همت كوري بأن تتكلم , أشارت إليها عمتها بأن تسكت :" شانتال ؟ كيف حالك يا حبيبتي ؟ أنا جوان "
لحظة صمت ثم اجابت: "نعم ,علينا ان نلتقي, ولكن حالما تشفى ساقي هذه . ربما نتناول الغداء في مطعم روبرتو. اسمعي.انا اتصل بك لأطلب خدمة منك . سأرسل إليك كوري. أنت تتذكرينها أليس كذلك ؟إنها ابنة أخي. لديها مناسبة غير ليلاس عادية الليلة...في تامبغليت. نعم أعرف, هذا مثير جداً. في الواقع, إنها بحاجة إلى شيء رائع حقاً, فرأيت أن بإمكانك ان تساعديني. هل يمكنك ان تشرفي على ذلك شخصياً فتنصحيها بما يلائمها؟ كنت لأرافقها بنفسي, ولكن مع هذه الساق . الساعة الثانية مناسبة جداًَ. شكراً جزيلاً يا عزيزتي . وسجلي الثمن في حسابي . إنها هدية عيد ميلادها . إلى اللقاء يا شانتال"
وضعت السماعة وهي تبتسم لكوري ابتسامة عريضة: "حسم الأمر إذن ياحبيبتي. ستستمتعين بوقتك وستبدين غاية في الجمال. ستضمن لك ذلك."
ابتسمت كوري لكنها لم تتكلم. لن يمرّ هذا النهار حسب ماخططت له ابداً.

نهاية الفصل

Rehana 22-11-19 09:04 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
2 - أنا لا اعجبك

كانت السابعة إلا خمس دقائق, وشعرت كوري بذعر بالغ, لاسيما وهي لا تكاد تعرف الفتاة التي تبادلها النظر من المرآة. همس عدن عندما تركت شانتال عصر هذا اليوم، ودعتها المرأة الفرنسية بقولها مشجعة: "عزيزتي قرري ان تستمتعي بأمسيتك. ستبدين فاتنة."
كان ثوباً رائع الجمال.حولت كوري نظراتها عن العينين المخيفتين في المرآة. أحقاً مايقال عن ان الثوب يصنع المرأة؟
كان الثوب من الحرير الكحلي القاتم مع فتحة عنق واسعة بشكل جميل, وكمين أشبه بجناحين مرفيرفين. وكأن هذا كله ليس كافياً ليلفت النظر , فأضيف إليه شقان طويلان على جانبي التنورة ما جعل كوري ترفض الثوب قبل ان تجربه. ولكن عندما رفعت شانتال السحاب ,اعترفت بأن هذا ترك تاثيراً في قوامها يلفت الانتباه.
وهتفت المرأة الفرنسية: "هذا هو المناسب. هذا هو الثوب الذي يجعلك تبدين ملاكاً".
صفة الملاك مبالغ فيها نوعاً ما. هذا ما خطر لكوري فيما نظراتها تعود إلى تفحص زينة وجهها للمرة...
المئة؟ همس عدن ربما. لكن الثوب احدث فيها تغييراً محيراً. وخافت من التفكير الذي تكلفته عمتها.
لم يكن هناك في المتجرماهو أسوأ من البطاقة التي تحمل الثمن. عندما اصرت على معرفة الثمن، ربتت شانتال على أنفها ثم هزت رأسها وقالت معنفة: "هذه هدية، أليس كذلك؟ عمتك ستعرف هذا يكفي, الآن..."
شعرت بخجل بالغ. ونصحتها شانتال بالذهاب إلى متجرين آخرين حيت يمكنها شراء ملحقات الثوب إلا انها كانت تعلم أنها لا تستطيع أن تجتاز بابيهما. فالحقائب والأحذية التي يتجاوز ثمنها مئات الدولارات التي لا تناسب راتبها.
وبدلاً من ذلك, اخذت تستعرض واجهات المتاجر في ذلك الشارع حتى عثرت اخيراً على حذاء خفيف بأربطة يتناسب لونه مع لون حقيبة يد صغيرة، وهكذا أسرعت عائدة إلى شقتها التي دفعت فيها آخر قرش من ميراثها , فاستحمت وغسلت شعرها ثم جلست تجففه وتعطره في انتظار سهرة الليلة.
هل عليها ان تدع شعرها مسترسلاً ؟ وعادت تتأمل( الشينيون )الحريري الذي رفعته على رأسها. بدا لها معقداً أكثر مما ينبغي. بدا الثوب مذهلاً للغاية. لكنها غيرت تسريحة شعرها ثلات مرات قبل ان تقرر .
همست لنفسها: كفى، ماهذا سوى نادٍ ليلي، وهم مجرد اناس كغيرهم, وهو مجرد رجل.ل كنه أثر فيها الى حد جعلها تتحدث إلى نفسها بعد ذاك اللقاء العابر.
تعالى رنين الجرس عند مدخل المبنى فأجفلت فزعة،فاجفلت فزعة، لكنها ما لبثت ان تمالكت نفسها وضغطت الزر بجانب البيت الامامي قبل أن تسأل لاهثة: "نعم ,من القادم؟" .
"نيك مورغان"
"سأنزل حالاً ياسيد مورغان فتفضل بالجلوس في قاعة الانتظار .
وهرعت إلى غرفة نومها وهي تترنح مانبهها إلى ان حذاءها الخفيف لم يصنع الا للسير باتزان ووقار ,إلا إذا ارادت ان تقع على موخرتها امام نيك وهو امر لا يمكن التفكير به.

Rehana 22-11-19 09:06 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
اختطفت حقيبة يدها الصغيرة منتديات ليلاس، التي لا تتسع لسوى مفاتيحها،و إصبع أحمر الشفاه وبعض المال للطوارئ.. .في حال لم يشأ أن يعيدها بنفسه إلى بيتها مثلاً...وأخذت تسير بحذر الى بابها الخارجي ومن ثم اتجهت إلى السلم العريض المؤدي الى صالة الانتظار.
كان المنزل الفكيتوري القديم قد تحول الى ثلاث شقق متوسطة الاتساع، واحدة في كل طابق. الشقة الأرضية يملكها زوجان متقاعدان وهي أكبر الشقق, إذ تحوي ثلاث غرف, بالإضافة إلى الحديقة الصغيرة .أما شقة كوري فتتألف من غرفتي نوم وشرفة واسعة, ونوافد فرنسية. وقد حول الزوجان الشابان فوقها شرفتهما الى حديقة صغيرة، أما كوري فقد وضعت في شرفتها طاولة صغيرة وكرسيين وشجيرة نخيل صناعية وإناء كبير.كان عملها يتطلب ساعات طويلة احياناً. وآخر ما يشغل بالها هو ري النباتات.
كانت تركز اهتمامها على السير برشاقة واتزان بسبب حذائها ذي الكعب الدقيق والعالي، مماجعلها لا تستطيع رفع رأسها إلا بعد ان وصلت إلى الصالة.
- واو...
هذا الصوت جعلها تلتفت.كان نيك مورغان متكئاً إلى الجدار البعيد واضعاً يديه في جيبيه وشعره الأسود مسرّح إلى الخلف. بدا نمودجاً للرجل الذي ترغب فيه أيّ امرأة من سن السادسة عشرة حتى الستين.
كان يضع سترة العشاء السوداء على كتفه العريض إلى حد يرضي أكثر النساء طمعاً .كما بدت الابتسامة التي تنير عينيه الزرقاوين مثيرة للغاية.
عندما تقدم من كوري نسيت ان تتنفس...واستطاعت فقط ان تلقي عليه التحية في آخر لحظة .
- تبدين مثيرة.منتديات ليلاس
- أحقاً...؟
هيا...يمكنها أن تقول ماهو أفضل من هذا فهي سريعة البديهة في المجتمعات. وتمالكت نفسها وأضافت ببرودة, راجية ألا يدرك زيفها: "شكراً. وأنت ايضاً تبدو غاية في الأناقة ".
تأمل شعرها وعينيها اللتين بدتا كبيرتين بسبب الكحل, وشفتيها المصبوغتين بدقة , ثم قال بنبرة خفيفة من الدهشة: "ستطلقين العنان للألسنة هذه الليلة. الكل سيرغب في أن يعرف أين وجدتك".
كلامه جعلها تبدو وكأنها جروة تائهة أدخلها ليحميها من البرد فأرغمت نفسها على الابتسام قائلة بمرح: "أظن أن الأمر معكوس, أليس كذلك؟ أو بالأحرى, روفوس هو سبب عثورك عليّ".
وبما أن ملاحظته هذخ جرحت شعورها أضافت بعذوبة مصطنعة: "ربما من الأفضل ألا أقول كيف رفعتك عن الارض".همس عدن
طرف بجفنيه، فأدركت أنها فاجأته بقولها هذا. وخبت ابتسامته قليلاً وهو يقول ممسكاً بمرفقها: "تماماً، هل نذهب؟"
سؤاله هذا وضع حداً لحديثهما او هذا ما كانت ترجوه . لن تدع هذا الرجل يتعالى عليها حتى لو كان قادراً على ان يستضيف نصف سكان لندن في نادي تامبلغيت . لم يكن المال يوازي السلطة في رأيها.
وعندما أصبحا في الخارج , نظرت من حولها . حتى جو المدينة النثقل بالغاز والدخان لم يستطع ان يخفي جمال هذه الأمسية من حزيران . كان النسيم رقيقاً دافئاً وضجيج المدينة كسولاً يثير الحنين.
داعبت مشاعر كوري نشوة التوقع وهذا ما لم تكن تظنه ممكناً منذ دقائق.
وبدلاً من سيارة الأجرة , وجدت نفسها تصعد إلى سيارة مرسيدس يقودها سائق خاص. وبعد ان استقرت في المقعد الخلفي، جلس نيك مورغان بجانبها وقال للسائق ببساطة: "نادي تامبغليت من فضلك ياجورج."

Rehana 22-11-19 09:08 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
شعرت بفخذه يكاد يلامسها فلم تجرؤ على الحركة. لم تشأ ان يظن أنه يؤثر فيها بأي شكل...
انتبهت إلى انه قال شيئا لم تسمعه فسألته بأدب: "أرجو المعذرة؟".
قال بجمود خفيف وكأن شعوره جرح لسبب ما: "سألت إن كان قد سبق لك الذهاب إلى نادي تامبغليت."
تسأءلت فجأة عما إذا كان يكرر كلامه عندما يصحب امرأة للسهر معها , لكنها شككت في ذلك .وجعلها فيض مشاعرها تقول بمرح: "لا، لم أذهب رغم سماعي عن هذا المكان طبعاً. أعلم أن الناس يذهبون إليه للتفرج وأستعراض أنفسهم، أليس كذلك؟"
- هذا ما لا أعرفه.
لايعرفه ؟ لا بأس.وعاد هو يقول: "الطاهي هناك لا مثيل له".
ونظر إليها بقوة، ما أرغمها على مبادلته النظر.كانت زرقة عينيه بعمق البحر.
كان التوتر يتملكها لقربه البالغ منها , لا سيما وأن ثوبها مكشوف للغاية . وأخذت تنظر من النافذة إلى الخارج.
ساد صمت طويل فيما فاحت رائحة محلول بعد الحلاقة المثيرة التي يضعها.
- ارتاحي ياكوري .
كانت هذه هي المرة منتديات ليلاس الأولى التي يناديها فيها باسمها ما أثر في أعصابها المتوترة.
نظرت إليه بسرعة: "أرتاح؟ لا أدري ماذا تعني، فأنا مرتاحة تماماً".
- أحقاً؟.
وألقى نظرة ذات معنى على حجرها, فنظرت بدورها وأدركت لأول مرة أن يديها منقبضتان بشدة.
قال بهدوء: "اسمعي، لا أطلب منك أن تفعلي شيئاً الليلة. استمتعي بوقتك فقط. ما من عمل يستوجب مضيفة إذا كان هذا ما يقلقك."
لم تكن تعلم بالضبط مايقلقها, لكن تمثيلها دور منتديات ليلاس المضيفة جزء من ذلك. أومأت برأسها وقالت: "ماذا عن رفيقتك؟ ألن يزعجها هذا الأمر ؟."
قطب جبينه: "رفيقتي؟ أنت تعنين ميراندا؟ عارضة الأزياء؟، ستكون على ما يرام. وبالمناسبة إنها مجرد صديقة عادية وليست رفيقة اذا فهمت ما أعنيه".
وفهمت. وكنها لم تعرف إذا كان هذا يجعل شعورها أفضل أم أسوأ. لعلها تجمع كل من الصفتين، وهذا يناسب منتديات ليلاس جنون هذه السهرة.
قال: "يُفترض أن نكون رفيقين، لهذا..."
أسرعت مرة أخرى تنظر همس عدن إليه ،فابتسم ببراءة: "على الاقل, بالنسبة إلى ضيوفي، علي أن أعرف عنك شيئا...أليس كذلك؟ عملك، هواياتك، أمور كهذه."
بدا هذا منطقياً. كان منطقياً لو أن الرجل ليس نيك مورغان. فهي لا تعرفه , وقد يكون شخصاً حسناً للغاية رغم غطرسته ووسامته وثرائه . كان وليام يتمتع بكل هذه الصفات هو ايضاً ما جعلها تثق به لأنها لم تر فيه أي صفة سيئة ... هي الحمقاء.
ابتسمت باختصار: "أنا همس عدن عاملة اجتماعية، أعمل مع الأسر العاطلة عن العمل بوجه عام. ساعات العمل طويلة، ولكن حين لا أعمل فإما أتناول الطعام وإما أنام وإما أقوم بشي ما. هل هذا يكفي؟"
لم يعلق بل راح يتفحصها بينما السيارة تشق طريقها بين الزحام . تملكها الانزعاج وهي تجد نفسها أول من حول نظراته.
لم تفهم لماذا كرهت ان تكشف شيئاً عن نفسها وعن حياتها الخاصة لهذا الرجل . كان لديها . في الواقع , اصدقاء كثيرون يملأون حياتها الاجتماعية , لكنها راحت تمط ساعات عملها بحيث لا يبقى لديها وقت لرؤية أحد .

Rehana 22-11-19 09:09 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
مضت دقيقتان قبل أن يتكلم مرة اخرى, قائلاً بتهكم: "لا وقت لديك للمتعة, اذن؟"
- لا, ليس كثيراً.
- هذا مؤسف. منتديات ليلاس
- لا أظن ذلك, فأنا أحب عملي كثيراً.
بدأ يضايقها حقاً الآن. ليس بما قاله، بل باللهجة التي استخدمها. وإذا كان الأسف قد تملكه لأجلها، فالذنب في ذلك ذنبها.
- أنا أحب عملي ولكن ما زال لدي حياة خارجاً.
فسألته بشيء من التهكم: "كهذه الليلة؟".
- أعترف بأنني الليلة أجمع بين العمل واللهو.
لم يبادلها هجوماً بهجوم فوجدت نفسها تشعر بالخجل.إنها تتصرف بشكل بغيض ولم تعرف السبب.
وفجأة, أغلق الزجاج الذي يفصل بينهما وبين السائق, ثم مال نحوها قائلاً بلطف: "هل أنت تحبين المشادات بهذا الشكل أم الذنب في ذلك ذنبي؟هل فعلت ما يجرح شعورك ياكوري؟"منتديات ليلاس
تمنت لو انه لا يلفظ اسمها بهذا الشكل وحدثت نفسها بأن عليها أن تتصرف بشكل ما لإنهاء هذا الأمر. لكنها لا تستطيع. ويبدو أن ذهنها كفّ عن التفكير .
تنحنت , وبللت شفتيها بلسانها , ثم تمنت لو أنها لم تفعل ذلك. وأخيراً قالت: "أظن أن أعصابي متوترة قليلاً, لأني سأتعرف إلى ضيوفك وماشابه".
قال بجفاء: "أنت أفضل منهم."
ولم تعرف ما إذا كان قوله هذا مجرد مجاملة له .
لابد أن أفكارها ارتسمت على وجهها لأنه تأملها ثم ابتسم: "وجهك معبر للغاية. ولابد أن هذا يشكل عائقاً لك اثناء العمل"
فرفعت حاجبها وقالت ببساطة: "يمكنني أن أكون جادة للغاية حين أشاء."
لكن هذه المقدرة لم تنجح مع نيك مورغان. إلا أنها لم تعترف له بهذا فيشمت بها.
استند إلى الخلف في مقعده فتنفست الصعداء عندما اتسع الفاصل بينهما .
وسألها بعد فترة : "هاجس العمل إذن هو سبب حياتك المنعزلة."
لم تجب على سؤاله هذا مباشرة، بل قالت: "ليس لدي ليلاس هاجس عمل."
فسألها بلطف: "ماذا تسمين إذن حال امرأة جميلة تأكل وتشرب وتنام وظيفتها؟."
لم تتذكر آخر مرة شعرت فيها بالجنون من شخص ما وقالت: "مهنة!." منتديات ليلاس
- المهنة لا تمنع تكوين الصداقات .منتديات ليلاس
- لديّ اصدقاء.
وتابع يقول وكأنه لم يسمع ردها: "أو الخروج في مواعيد غرامية."
- اسمع يا سيد مورغان.....
- نيك.ناديني نيك وإلا ظن ضيوفي أنني استأجرتك لقضاء السهرة. همس عدن
كان هذا صحيحاً بشكل ما. وضعت هذه الحقيقة جانباً لتركز على خطة الهجوم الريئسية: "أنا آسفة لكنني لا أفهم حقاً لماذا تعتبر أسلوب حياتي من شأنك.أنت طلبت مني أن ألعب دور رفيقتك..."
*انها ليست رفيقتي..ظننت انه سبق وتفاهمنا على ذلك....
فقالت بغير اهتمام :مهما يكن، طلبت مني ان العب دورها ففعلت. لا اعتقد ان ذلك يستحق ميدالية.
- أتظنين أن لعب دور اجتماعي مهذب لفترة قصيرة يستحق ميدالية؟ همس عدن

Rehana 22-11-19 09:12 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
ابتلعت الكلمات التي أوشكت ان تنطق بها. مازالت السهرة امامهما، والادعاء بأن علاقتهما حميمة مطلوب. من ناحية أخرى ماذا سيفيدها التهجم عليه؟ منتديات ليلاس
تنفست بعمق, وعدت إلى العشرة ثم قالت بعذوبة : "معنى التهذيب يختلف من شخص إلى آخر , ألا تظن هذا وذلك يعتمد على خلفيات الشخص, والتربية، وعلى كياسة البعض."
عرف بالضبط ماذا عنته بقولها هذا، والتقت عيناه بعينيها المتمردتين لحظة, وإذا به يُرجع برأسه إلى الخلف مقهقهاً ما ملأها دهشة.
- أنت امرأة عنيدة يصعب التغلب عليها، يا آنسة كوري جايمس. لطالما عجبت كيف يمكن لشابة نحيلة مثلك ان تتحدى اباً ضخماً جباراً او غيره، صارخة تطالب بحقوقها. وقد عرفت الآن.منتديات ليلاس
قطبت كوري جبينها: "هل تصنف الناس عادة بمثل هذه الخشونة و القسوة؟ معظم عملائي أناس رائعون كافحوا في سبيل أسرهم بعد بداية سيئة في الحياة, وهم يستحقون كل عون وسند يمكنهم الحصول عليه مهما كان ضئيلاً. الناس من امثالك..."
وسكتت فجأة. ستُلغى السهرة حتماً إذا ما أخبرته رأيها في أمثاله. وبعد المبلغ الذي دفعته عمتها ثمناً لهذا الثوب, والساعات الطويلة التي أمضتها في الاستعداد, لابد من أن ترى التامبغليت هذا من الداخل!
وساد هدوء بالغ في السيارة ثم قال نيك: "أنا لا أعجبك, أليس كذلك؟"
كان هذا بياناً وليس سوالاً, وفضلت هي ألا تجيب, لكن صمتها هذا نطق بالحقيقة, على أي حال. وتساءل متأملأً: "عجباً, لماذا؟"همس عدن
كم من الوقت بقي صامتاً متأملاً؟ وتشجعت ونظرت إليه وهي تتذكر قول عمتها أنه تصرف بشكل معقول بعد ما فعله روفوس وقالت له مراوغة: "أنا لا أعرفك فلماذا أشعر بعدم الميل لك؟" منتديات ليلاس
- لو وضعت ذرة من الحماسة في قولك هذا, لأغراني هذا بأن أقنع نفسي بتصديقك. هل ستدوم حالة العداء هذه طوال السهرة؟ لأنني أخشى أن يصاب ضيوفي بمغص مؤلم في النهاية.
فحملقت فيه: "وعدتك بأن أرافقك. ولا يمكن أن أظهر غير الدماثة والتهذيب لضيوفك."
- أعرف هذا .خشيت فقط أن يجدوا السهرة مقيتة إذا رأوك تهاجمين مضيفهم كلما سنحت لك فرصة.
التهكم خلف قوله هذاجعلها تتمنى لو تضربه لكنها تمالكت أعصابها وقالت بهدوء: "هذا مستحيل، فأنا لن أقول أو أفعل مايحرجهم".ليلاس
- هل يمكنني إذن أن أعتمد عليك في أن تعطيهم انطباعاً بأننا رفيقان ممتازان؟.منتديات ليلاس
فأجابت بلسعة من التهكم: "بشكل مطلق." همس عدن
قال متكاسلاً: "حتى في الأحلام الغرامية؟."
حركة حاجبيه، ورفضه المطلق لأن يكون محط مزاجها الساخر, أرغامها على الابتسام .يا له من رجل صعب!
- هذا أفضل.
وابتسم ابتسامة عريضة أحدثث تغييراً مدهشاً في ملامحه ذات الوسامة القاسية, ماجعل قلبها يخفق وأضاف: والآن ,دعيني أعطيك فكرة سريعة عن عدد ضيوفي الليلة.إنهم مجموعة ظريفة إجمالاً, لكن واحداً او اثنين ما زالا حساسين بسبب انتقال ملكية الشركة, وهذا مفهوم ولكنه لا يساعد على إقامة علاقات مهنية جيدة. ولهذا نظمت هذه السهرة."
أومأت وتحولت لهجته على الفور إلى لهجة عملية ما ناسبها تماماً.
وفي هذه الاثناء, كانت المرسيدس قد توقفت أمام مبنى الكروم والزجاج هو نادي تامبلغيت ما جعلها تستوعب سريعاً المعلومات التي زودها بها نيك .

Rehana 22-11-19 09:13 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
* هنا يوجد بعض الفقرات الناقصة من كتابتي *

كانت تعلم ان خمسة من العاملين متزوجون , بمن فيهم رئيس الطهاة مارتن يريدون وان مارتن وزوجته رزقا مؤخراً بأول حفيد . وقال نيك بهدوء : "موضوع جيد للحديث. الناس يفرحون بأحفادهم دوماً".
الأربعة الباقون هم زوجان يعملان في الشركة، ومدعو آخر يدعى دافيد ماكويل ومعه رفيقته.
فتح السائق باب السيارة لهما لكن نيك هو من ساعدها على الترجل قبل ان يقول "أحضر السيارة عند الثالثة , إلا إذا اتصلت بك قبل ذلك "
ثم تابط ذراعها وسار بها إلى داخل المبنى.
الساعة الثالثة ؟ستكون هذه السهرة طويلة.بعدئذ, خلا ذهن كوري من كل شيء ما عدا ما يحيط حالياً.كان المكان من الفخامة والترف ماتوقعت, كما كان بالغ الاتساع. لكن عندما قادها نيك إلى الاستراحة حيث ينبعث ضجيج خافت , ميزت ثلاثة مشاهير على الأقل .
أطبقت فمها بعد أن أدركت أنها فتحته ذهولاً، وحاولت ان تبدو وكأنها في بيئتها المعتادة. وجلست على المقعد الذي سحبه نيك لها عند مائدة تشرف على النادي الفسيح في الأسفل
سألها نيك بهدوء: "إذا كنت مترددة, فما رأيك بكوكتيل خاص؟"
فقالت بابتسامة مشرقة: "هذا جميل."
وعندما سار إلى المشرب الدائري الفسيح الذي يحتل ثلاثة أرباع القاعة, أخذت كوري تدرس محيطها.
عندما عاد نيك، تناولت منه الكأس بابتسامة شكر، ثم رفعتها وهي تقول: "نخب سهرة ناجحة."
- نخب سهرة ناجحة ورفيقتي الرائعة الجمال.منتديات ليلاس
ابتسمت مرة اخرى قبل ان تأخذ رشفة من الشراب.
قال: "حسناً، هذا حديت مهذب للغاية"
يفترض بهذا أن يكون تعليقاً اجتماعياً مرحاً ،لكنها رأت المكر يلمع في عينيه فأدركت أنه يشير إلى ذلك الخصام في السيارة.
وقررت أن تتجاهل ما يرمي إليه وتأخذ الكلمات بظاهرها, فقالت: "نعم, أليس كذلك؟ ثم، يا لهذا المكان! إنه أشبه بمكان لتصوير فيلم."
- صاحب النادي شغوف بعهد فريد أستير وجنجر روجرز وهو يسعى دوماً إلى اجتذاب الأغنياء والمشاهير وقد نجح في ذلك. إن المتر المربع هنا يحوي نجوم سينما وعارضي أزياء ولاعبي كرة قدم أكثر من أي مكان آخر في العالم .
شيء ما, شيء ضئيل للغاية في صوته دل على انه غير موافق تماماً على هذا. وحدقت فيه بفضول قائلة: "إنك هنا, وهذا يعني أنك أنت ايضاً مستمتع بكل ذلك".
- هل يفترض بي ذلك؟
وعندما استمرت في النظر إليه. قال: "يسليني أن أحضر إلى هنا من وقت لآخر وحضورنا الليلة مفيد حتماً".
- لكنك لا تحب ذلك.منتديات ليلاس
- أنا لم أقل هذا. لكني وجدت ان الثراء والشهرة لا يتامشيان دوماً مع الأخلاق الجيدة والسلوك المقبول. الرغبة في أن يشعر المرء بالإثارة وبأنه محبوب يمكن ان يصبح هاجساً بشعاً . لقد كسب أليكس ثروة من وراء تامبغليت. وهو يعرف كيف يرضي زبائنه المشهورين . يمكنه أ يهدئ الغاضب ويواسي المتكدر منهم , وهذا ما أستطيعه أنا .
لم يساورها الشك في ذلك وسألته: "ماذا عن اليكس؟أنت تعرف المالك إذن."
- كان زميلي في الجامعة.
وسكت لحظة ثم سألها: "أتريدين كأساً آخر؟"
- هذا يكفي.
بعد أن طلب من النادل ما يريد, أشار إلى سياسي معروف دخل لتوه متأبطاً ذراع امرأة تكاد تكون بسن ابنته، إن لم تكن حفيدته. وراح يشير إلى وجوه أخرى معروفة, ولم تدرك إلا بعد وقت طويل أنه نجح في تحويل الحديث عن نفسه بمهارة بالغة.

Rehana 22-11-19 09:14 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
عندما حضر الآخرون ,توتر الجو قليلاً.لكن خوف كوري من أن يكون ضيوف نيك متعالين تبدد سريعاً, باستتناء دافيد باكويل, الرجل الذي حضر برفقة شقراء طويلة رشيقة كثيرة الابتسام وقليلة الحديث.
بعد الكوكتيل, سارا إلى مائدتهما في القسم الرئيسي من النادي ولم يدهشها أن تكون في موقع رئيسي عند طرف ساحة الرقص. كان الطعام ممتازاً , وكذلك العرض, وبالثوب الغالي الثمن الذي ترتديه شعرت بالرضى نفسه الذي تشعر به أي من السيدات الأخريات اللواتي يرتدين أفخر ملابس السهرة .
شكل المائدة المستدير دفعهم إلى تبادل احاديث يمكن للكل أن يشارك فيها . وسرعان ما أدركت أن نيك ساحر ومسلٍ . وخطر لها انه كسب ود الجميع فيما هي تتناول آخر ملعقة من الحولى الرائعة المذاق. وتملكها أسف حقيقي ليس لأنها تمنت مزيداً منها , ولكن لأن مذاق كل ملعقة من تلك الحلوى كان رائعاً.ريحانة
ما أن انتهى العرض، وجئ بالقهوة إلى المائدة حتى لاحظت كوري التعبير الذي بدا على ملامح دافيد بلاكويل. كان دافيد على بعد أقدام منهم قادماً من استراحة الرجال عندما التفتت نظرتها إليه فصدمها التعبير المر الذي ارتسم على ملامحه وذلك قبل أن ينتبه إلى نظراتها فيرسم على فمه ابتسامة على الفور .
لمَ هذا كله ؟ أخذت تتساءل وهي تبادل دافيد ابتسامته باختصار قبل أن تتحول إلى مارتن العجوز إلى يمنيها الذي كان يتحدث إليها . ريحانة
ما الذي يجعل دافيد بلا كويل يشعر بهذه المرارة ؟ لكنها ما لبثت أن نبذت هذه الأفكار من ذهنها, محدثة نفسها بأن هذا ليس من شأنها فهي لن ترى أي منهما بعد هذه الليلة . وبالتالي لن يهمها أي مشاكل تحدث بينهما. إنها هنا بديلة لامرأة أخرى وهذا كل مافي الأمر .
وكأن نيك قرأ ما تفكر فيه ،إذ مد يده وغطى بها يدها. وعندما أجفلت سألها برقة :"هل تستمتعين بوقتك هنا بالرغم من السبب الذي جعلك توافقين على المجيء؟"
كانت يده دافئة فجرى الدم ساخناً في عروقها, لكنها حدثت نفسها بأن من السخافة أن يساورها هذا الشعور تجاه رجل لا تعرفه ولا تريد أن تعرفه. وأجابت بأدب وهي تسحب يدها من تحت يده بحجة رفع الفوطة إلى فمها لتمسحه: "نعم،شكرا."
- هذا حسنا, فلنرقص إذن .منتديات ليلاس
- ماذا؟
وقبل ان تجد أي فرصة للاحتجاج, أوقفها على قدميها، فيما ابتسامته الهادئة توثر في الآخرين وهو يقول : "الليل في أوله يا اصحاب فاستمتعوا به". منتديات ليلاس
وجدت كوري نفسها بين ذراعيه في ساحة الرقص،لم تكن تحوي إلا القليل من الراقصين الذين راحوا يتمايلون على انغام موسيقى الجاز البطيئة التي تعزفها الفرقة. لكن الموسيقى لم تكن سبب ذلك التوتر المفاجئ الذي سرى في اعصابها وعضلاتها. كان جسمه قوياً صلباً , وقد ضمها إليها بشكل جعلها تبدو كأنثى هشة . كان هذا شعوراً جميلاً, بينما لم تشأ أن يتملكها شعور جميل بقرب نيك مورغان , كما لم تشأ أ تعترف بتأثير عطر بعد الحلاقة المثير في هدوء أعصابها . ريحانة
رفعت رأسها مصممة أن تقول ما يبدد هذا السحر الغريب الذي أحاط بهما. كانت عيناه تنتظرانها ولفتت زرقتهما انتباهها ماجعل الكلمات تموت في حلقها.
- أنت امرأة مثيرة ورائعة الجمال ياكوري جايمس.
سرى في جسدها الإثارة والشوق .كان هذا تحذيراً وقد عرفت ذلك . فقد قال وليام لها كل هذه الكلمات. ووقعت في غرامه قبل أن تدرك زيفها. لن تدع هذا يحدث لها مرة اخرى، قالت بحذر ,متعمدة استخدام لهجة فاترة: "الثوب هو جميل وليس أنا."

Rehana 22-11-19 09:19 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
استمر ينظر إليها, فدعت الله ألا تنتقل الرجفة في قلبها إلى جسمها . عرض كتفيه غير العادي , والرجولة في ذقنه المربعة , ووسامته الخشنة , تكشف عن رجولة فائقة وساحقة .
قال بلطف وقد بدت الحدة في نظراته : "لا ,إنه ليس الثوب ، رغم انه مذهل".
لعله مذهل حقاً, لكنها ندمت لأنها ارتدته الآن . لا , لا , لم تندم . فهي تريد أن تبدو جميلة ومثيرة . لكنها عادت فرأت مرة اخرى أن هذا آخر ما تريده . وبقيت أنظارهما متشابكة فأرغمت نفسها على أن تحول عينيها لتنظر من حولها قائلة: "هذا الثوب هدية. لم يكن لدي مايصلح لهذه المكان."
أرادت ان تريه مقدار الفرق بينهما.
- من أين أتيت به؟
- ماذا؟
سألها بهدوء وفي عينيه نظرة لم تستطع أن تفهمها: "من أهداك إياه؟"
- من عمتي جوان.
كانت الموسيقى قد تغيرت فجذبت حيويتها مزيداً من الراقصين إلى الباحة.
ولاحظت هي أنهما الراقصان الوحيدان اللذان مازالا متعانقين, فحاولت أن تحرر نفسها من بين ذراعيه لكنه شدهما حولها.
- من عمتك جوان وليس من معجب لك؟
نظرت إليه بمزيج من الغضب والدهشة: "معجب؟كلا بالطبع. أتراني أقبل هدية كهذه من رجل؟"
- هذا يحدث.
فحملقت فيه: "لكنه لا يحدث معي".
- يسرني سماع هذا.
إنه يسخر منها, ليس بشكل واضح لكنها سمعت التهكم في صوته والطريقة التي يبتسم بها. وقالت له ببرودة: "دعني أذهب. هذه الرقصة..."منتديات ليلاس
- لعلي لا اريدك ان تذهبي.
- الناس ينظرون إلينا.
- دعيهم ينظرون.منتديات ليلاس
وأحنى رأسه يعانقها وهو يقول: "هذا سيعطيهم موضوعاً يتحدثون عنه".همس عدن. ليلاس
دارت بها القاعة, كانت هذه الملامسة أسرع من أن تسمى عناقاً .. لكنها شعرت بالرعشة تصل إلى أخمص قدميها . وطرفت بعينيها ثم قالت بقدر ما أمكنها من الحزم: "أرجوك ألا تفعل ذلك. فهذا ليس جزء من الاتفاقية." منتديات ليلاس
- لم نناقش التفاصيل الصغيرة بحسب ما أذكر.
تجاهلت النار التي اشتعلت في أعماقها وقالت عابسة :"ربما لأنني ظننت أن هذا غير ضروري وأنك سيد مهذب." همس عدن
فابتسم من دون خجل , وقال بسرور : "يا لهذه الغلطة الكبرى."
يفترض بها ان تثور غضباً لغطرسته هذه, لكنها بدلاً من ذلك, وجدت نفسها تقاوم الابتسام. لكنها لم تدعه يشعر بذلك: "هل أوضح لك الأمر إذن؟".
قال بأدب والمرح في عينيه: "نعم, من فضلك."منتديات ليلاس
- لقد وافقت على مرافقتك الليلة لانني مدينة لك بسبب روفوس... ولكن علي أن أتصرف وكأنني....
- وكأنك رفيقتي؟.
- على ألا يحدث بيننا أي اتصال جسدي سوى الضروري منه .
بدا وكأنه يستمتع بذلك" أوضحي معنى كلامك ". همس عدن

Rehana 22-11-19 09:24 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
وراحت يده تداعب بشرة ظهرها . بذهن غائب تقريبا.فتنفست بثبات: "هذا يعني الحد الأدنى"
أمال رأسه جانباً وكأنه يفكر في كلامها هذا, ورقصت عيناه على وجهها المتوهج: "آسف، لأنني لا استطيع أن أوافق على هذا.فأنت رفيقتي هذا المساء, وأنا لست بالرجل الذي يسعده الحد الأدنى"
وما ان توقفت الموسيقى, حتى لاحظت كوري ان دافيد ورفيقته الشقراء يحدقان في وجيهيهما بنهم .
وكان هذا كافياً لتعطيل السحر الذي يغمرهما بين ذراعي نيك , فقفزت مبتعدة عنه , قائلة: "أريد أن أجلس قليلاً ,من فضلك."
- بكل تأكيد .
وأمسك بيدها يشق معها الطريق بين الراقصين حتى وصلا إلى مائدتهما.
هل كان دافيد يستمع إلى نقاشهما ؟ وأخذت تفكر في ما قالاه بالضبط وفي الانطباع الذي تكون لدي مسترق السمع . لكن هذا كان صعباً بسبب الأحاديث والضجة التي تحيط بهما . نهضت من كرسيها بحجة الذهاب إلى غرفة استراحة السيدات ثم سارت مدركة ان نظرات نيك تتبعها رغم أنها لم تنظر إلى ناحيته.
عندما اصبحت في بحو الاستقبال الهادئ نسبياً, وجدت استراحة السيدات المزينة بالمرايا والرخام , فجلست على احد المقاعد لكي تصلح حمرة شفتيها . وعندما أخذ ذهنها يستعرض كل ما قيل على باحة الرقص , منعت نفسها من التأوه بصوت مرتفع . قد تبدو كمجرد مرافقة مستأجرة في نظر أي شخص لا يعرف الحقيقة .

*من هنا بداية إكمال رواية من قبلي*

سوت شعرها بينما هي تفكر بسرعة . ما فكرت فيه من قبل لا يزال صحيحاً, فهي لن ترى أياً من هؤلاء الناس مرة اخرى , لهذا لا يهم رأيهم فيها . لكنها لا تريد ان يأخذ رجل مثل دافيد بلا كويل فكرة سيئة عنها . صحيح أنها لا تعرفه لكنه يخيفها .
انتصبت في جلستها وضاقت عيناها وهي تتفحص نفسها في المرآة . لن تخاف دافيد بلا كويل ولا أي رجل آخر من تلك الناحية. لقد نفذت ما التزمت به الليلة , ستحرص على العودة إلى بيتها وحدها في سيارة أجرة . لم تكن واثقة من انه ليس من الغباء بحيث يحاول التحرش بها رغم أنها اوضحت له شعورها . لكنها لن تمنحه فرصة لذلك. إنه رجل رهيب ... ولم تشأ ان تعترف بأن تجاوبها معه عاطفياً جعله رهيباً! فهي لا تريد ان تعقد حياتها حالياً.
وما ان خرجت من غرفة الاستراحة وتقدمت خطوتين حتى أمسك دافيد بمعصمها . اجفلت وهي تراه يلحق لها لكنها جذبت يدها من يده وقالت بحدة " لا تفعل هذا , ارجوك"
فقال باسماً وإن كانت لاحظت من قبل ان ابتسامته لا تصل إلى عينيه " آسف, آسف. أريد فقط التحدث إليك"
- أما كان بإمكانك ان تنتظر حتى أصل إلى المائدة ؟
فقال بصوت منخفض " أريد التحدث إليك على انفراد يا كوري"
لم تعجبها لهجته المتآمرة نسبياً , وبدا ذلك في صوتها وهي تقول " أنا لا أعرفك, فلم نتحدث على انفراد؟
- اسمعي , سأوضح لك كل شيء .
كان من القرب منها بحيث شعرت بالغثيان من رائحة محلول بعد الحلاقة الذي يضعه , والتي كانت حادة للغاية.
- لم استطع أن أمنع نفسي من سماع ما كنتما تقولانه أنت ونيك في باحة الرقص وفهمت أنك لست رفيقته الحقيقية .
حدقت في ملامحه المراوغة الماكرة , هل هذا استدراج لها للاعتراف , حتى إذا كان ما يظنه صحيحاً فما الذي يريده ؟
وعندما لم تؤكد أو تنكر هذا , تابع يقول " أظنك تعلمين انه استلم الشركة لتوه , وبكل ما فيها . كثير من الناس ساءهم ذلك في البداية لكنهم ما لبثوا ان هدأوا وأظنهم تلقوا مكافآت"

Rehana 22-11-19 09:25 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
نطق الجملة الأخيرة بمرارة .
إلى اين سيصل بكلامه هذا ؟ وقالت " ليس لي علاقة بهذا الأمر "
- أعرف هذا ولكن ... إسمعي , بدا واضحاً مما قاله أنه معجب بك وأنك لا تهتمين به . معظم النساء يتهافتن على قدميه.
ومرة اخرى بدا الاستياء واضحاً في لهجته وهو يتابع " هذه هي القضية , سأكافئك إذا عرفت أمرين يهمانني"
حدقت فيه بحيرة بالغة " ماذا؟"
- إذا كنت مرحة ولطيفة معه , فأنا واثق من انه سيتحدث إليك ... أنت تعلمين ( حديث الوسادة! ) يمكنك أن تسأليه عن استلام الشركة وكيف تصرف الموظفون , وعما إذا دفع سراً لمارتن لكي يتعاون معه ... او ما شابه . أظنني الوحيد الذي لم يحصل على شيء وهذا ليس إنصافاً.
أيريد مكافأة ؟ ستمنحه واحدة وهي صفعة على وجهه القذر إذا أضاف كلمة اخرى . ( حديث الوسادة ؟ ) كيف يجرؤ ؟ وقالت له بلهجة باردة كالثلج " إذا أردت أن تعرف أي شيء عن معاملات السيد مورغان , فعليك ان تسأله بنفسك , اتفقنا ؟"
ضاقت عيناه للهجتها , لكنه عاد يقول مداهناً" لن ينفع هذا . السيدات فقط هن نقطة ضعفه. بالتودد يمكنك الحصول على الكثير منه , أكثر مما أستطيع أن أحصل عليه أنا في شهور, لن يشتبه بشيء إذا كان هذا ما يقلقك إذ تعود على ان تلقي النساء أنفسهن عليه طول الوقت "
- أحقاً؟
لو كانت في أي مكان آخر عدا هذا المكان للكمته على فكه . وتابعت " أتساءل عن السبب ؟ عل لأنه رجل حقيقي وليس رجلاً دائم الشكوى؟ أنت تطلب المساعدة لتنفيذ عملك القذر هذا من المرأة غير المناسبة يا سيد بلاكويل . وما أن أعود إلى الغرفة حتى أخبر السيد مورغان عن عرضك هذا . هل هذا حسن؟"
- لن يكون هذا ضرورياً.
قفز الاثنان لسماعهما هذا الصوت العميق الهادئ خلفهما , وجدت كوري نفسها تترنح على كعبي حذائها العاليين فيما هي تحبس الأنفاس فقد دارت مثل دافيد بسرعة ومن دون حذر . وعندما استقامت في وقفتها , رأت نيك رجلاً يختلف عن ذلك الثري الذي عرفته طوال السهرة , بدا لها مخيفاً.
قال دافيد بصوت ذليل إلى حد يثير الغثيان " نيك الأمر ليس كما تظن "
كانت عينا نيك كأنما قدتا من صوان " وفر كلامك. هذا ليس الوقت أو المكان المناسبين , تعال إلى مكتبي الاثنين صباحا في الثامنة تماما"
- ولكن دعني أشرح الأمر ...
- ما من وقت لذلك , لأنك ستغادر المكان.منتديات ليلاس
ورفع يده وإذا بموظف بجانبه وكأنما بسحر ساحر " هل لك أن تخبر الآنسة ميلر على المائدة رقم اثني عشر ان السيد بركويل ينتظرها هنا؟ من فضلك ؟"
عندما أسرع الرجل بالذهاب , حاول دافيد ان يتكلم مرة اخرى , وشعرت كوري وكأنها تريد ان تخبره بعبثية ذلك.
قاطع نيك اعتذار دافيد الذليل " قد ينتهي الأمر بشكل مهذب اذا تواريت فوراً. ولكن لا تغامر بحظك يا دافيد . ليس الليلة , آه فيونا ..."
عندما ظهرت الشقراء والحيرة تعلو وجهها الجميل, أشار نيك إلى دافيد قائلا " اخشى ان يكون دافيد متوعكاً صحياً, لكنني واثق من انه يستطيع أن يوصلك إلى بيتك سالمة. تصبحين على خير"

Rehana 22-11-19 09:26 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الأول )
 
وعندما أمسك بذراع كوري ليبتعدا معاً, تمتم يقول" هل أنت بحاجة إلى بضع دقائق لتتمالكي نفسك قبل ان ننضم إلى الآخرين؟"
كان رأسها يدور , فأومأت . وفي اللحظة التالية وجدت نفسها في البهو الذي اصبح خالياً تقريباً. جلست على مقعد وقالت وهي تشعر بالدوار " ماذا ستفعل به ؟"
- لا تقلقي بشأن دافيد بلاكويل.
وعندما جاء النادل سألها " أتريدين كأس كوكتيل؟"
سألت وهي تشعر بالخدر " هل يمكنني أن أحصل على فنجان قهوة ؟"
- أحضر فنجانين من فضلك .
بدا على النادل وكأنه يهم بالاحتجاج, ولكن نظرة منه إلى وجه نيك جعلته يقول بسرعة " حاضر سيدي"
وتوارى فنظر نيك في عينيها مباشرة " لمعلوماتك, لم يكن هناك مكافآت . صحيح أن مارتن لم يشأ ان يتخلى عن القيادة , لكننا توصلنا إلى تسوية جعلتنا نحن الاثنين راضين. لسوء الحظ, كان الرجل رقيق القلب أكثر مما ينبغي بالنسبة إلى مصلحته فاستبقى كثيرين ممن لا خير فيهم لسنوات , مثل دافيد بلاكويل . ولهذا , ستحصل تغييرات . وأنا واثق من أن دافيد اشتم رائحة ذلك فشعر بأنه مهدد"
- أظنه يشعر الآن بما هو أكثر من التهديد.
- ولسبب جيد.
وفجأة , طرأ عليه تغيير جعلها تحبس أنفاسها إذ تغير وجهه وقال بصوت رقيق للغاية " شكراً لأنك وقفت إلى جانبي هناك"
لم تعرف ما عليها ان تقول وشعرت بالضيق . لو سمع شيئاً عن المكافآت , فهذا يعني انه بقي وقتاً أطول ما تحب. وبدا كالعادة انه قرأ أفكارها , فقال هازلاً " لقد اعجبني كلامك , خاصة قولك عني إنني رجل حقيقي"
فقالت وقد احمر وجهها " الرجل المهذب لا يذكر انه سمع ذلك "
- أظننا اتفقنا على انني لست مهذباً.
واشعلت ابتسامته النار في داخلها مرة اخرى, وبشكل أقوى . وعندما وصلت القهوة بعد لحظات , تملكها سرور بالغ.

نهاية الفصل

Rehana 24-11-19 08:19 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
3 - لا أحسن الكذب

عندما عادا إلى المائدة , قال نيك باختصار إن دافيد شعر بتوعك فاضطر للمغادرة مبكراً , وهذا صحيح إلى حد ما, نظراً لما بدا عليه حين تركاه.
لم يهتم أحد برحيل دافيد وفيونا . وفي الواقع , رأت كوري أن الارتياح بدا على الآخرين حين غادر ذلك الشاب.بدا من التعليقات ان استياء دافيد من نيك هو لشخصه بقدر ما هو لوضعه .منتديات ليلاس
سهر الجميع حتى الثالثة صباحاً وأعلنوا انها سهرة لن ينسوها أبداً. وافقتهم كوري الرأي بعد ان أمضت قسماً كبيراً من السهرة بين ذراعي نيك في باحة الرقص.
أزاحت جانباً فكرة العودة إلى البيت في سيارة أجرة , فتلك الحادثة مع دافيد جعلتها هي ونيك يتجاوزان خلافاتهما . والآن , وفيما الكل يودع بعضهم البعض بالمصاحفة والعناق, شغلتها إمكانية ان يتوقع منها نيك أكثر من عبارة ( تصبح على خير ) . هذه الفكرة أثارتها بقدر ما أخافتها , فهي لا تستطيع التورط مع نيك , لقد حدثها بذلك كل عصب وكل عظمة في جسدها, فهو يبعد عن مستواها اميالاً.
لعله لن يرغب في رؤيتها مرة اخرى على أي حال . يبدو ان الرجال في كافة أنحاء العالم يحبون التنقل من امرأة إلى أخرى ولك تكن تنقص نيك صحبة النساء كما قال دافيد.
لكنها تستبق الأحداث الآن , فهو لم يأت قط على ذكر العلاقة . لم يطلب منها أي شيء.
نبهت نفسها إلى ضرورة ان تهدأ وتخفف من ذعرها . فهي امرأة ناضجة في الخامسة والعشرين من عمرها ويمكنها رعاية نفسها وصونها , وليست تلميذة في الخامسة عشرة.
انتظرا حتى غادر جميع الضيوف بأمان ثم قادها إلى سيارته المرسيدس وسألها " هل تحبين ان تأتي إلى شقتي لتناول القهوة ؟"
درت سلباً على الفور لكنها ما لبثت ان لطفت من لهجتها بابتسامة وهي تقول " أنا مرهقة , فقد كانت سهرة طويلة "
أومأ يرأسه ثم صعد إلى جانبها وأنزل الحاجز الزجاجي الذي يفصل بينهما وبين السائق وقال " عد بنا إلى بيت الآنسة جايمس من فضلك, يا جورج"
تكلم بهدوء ثم أعاد الحاجز وأرخى الستارة ليصبحا في عزلة تامة.
تملك كوري اضطراب لم تعرف مثله في حياتها فوجدت نفسها تقول " تساءلت عما إذ كنا سنرى صديقك أليكس هذه الليلة , لكنه لم يحضر"
- إنه في الولايات المتحدة .
- أحقاً؟ هل هي عطلة أو رحلة عمل؟
- عطلة .
- في أي ولاية ؟ أميركا بلاد واسعة للغاية , أليس كذلك؟ وخلابة ايضاً , كما أظن أن ...
لم تخبره قط بما تظنه لأنه عانقها . نعم, عانقها . وكان عناقه كما تصورته بالضبط ... حاراً , مذهل الحلاوة وينسف الدماغ. وادركت انه ذو خبرة كبيرة, وانه يعرف مواطن الضعف في المرأة ما يمكنه من أن يستغلها في إغرائها . كان التحذير في ذهنها لكنه لم يؤثر فيها ذراعاه تضمانها بشدة.
اخذ قلبها يخفق بعنف فيما هي تبادله العناق باستسلام كليّ.

Rehana 24-11-19 08:24 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
هذا جنون .. وغير معقول, هي تعلم ذلك. تعلم أن عليها أن تتوقف قبل أن يخرج الأمر عن السيطرة, لكن هذا مستحيل ودمها يجري في عروقها حاراً.
استسلمت لعناقه كلياً, مدركة خطر الاستسلام لهذا الرجل , لكنها عاجزة عن المقاومة .كان عناقه رائعاً. لم يعانقها أحد قط بهذا الشكل من قبل فهو لم يستعجل الأمور بل استمتع بدفئها بقدر ما استمتعت هي بقربه.
وسمعته يهمس باسمها بصوت أجش , فأدركت ما يريده . بدا أن المكان غير مهم او ماذا يفعل بقية العالم.
كان هذا التفكير كافياً ليعيدها فجأة إلى رشدها. لقد ظهر وليام باترسون مرة اخرى. كانا يتمتعان بالمقدرة والإحساس نفسيهما اللذين يجعلان المرأة تركع أمامهما . لقد لاحقها , مستعملاً ثروته للتأثير فيها حتى فقدت القدرة على التمييز . كانت حذرة في البداية . لم يهتم بفتاة تافهة تخرجت حديثاً من الجامعة , رجل بالغ الثراء يكبرها بخمسة عشر عاماً مثل وليام ؟ كانت محقة في حذرها , وكان عليها ان تستمر في حذرها .
توقفت عن مبادلة نيك العناق, وتصلب جسدها من دون وعي عندما عاودتها الذكريات . وعندما شعر بانسحابها تراجع هو بدوره.
سألها بهدوء لكن من دون انزعاج او ضيق " هل من خطب ما ؟"
ردت " أنا ... أنا لا أفعل هذا .. خصوصاً في أول موعد"
رغم ان هذا ليس موعداً, كما ذكرته هذا المساء ما جعل الأمر أسوأ مئة مرة .
- ألا تحبين العناق؟.
بقي صوته غير معبر, ولم تستطع ان ترى وجهه سوى للحظات على ضوء مصابيح الشارع المتعاقبة . لم تستطع أن تعلم إن كان غاضباً أم لا. لم تستطع ان تعرف كيف تجيبه . كيف تستطيع ان تقول إن ما حدث بينهما كان أكثر من مجرد عناق, بالنسبة إليها على الأقل ؟ سيفسركلامها تفسيراً خاطئاً. لن تعترف بأنها افترضت أن العناق مقدمة لما هو أكبر , فهذا سيكون أسوأ.
وابتلعت ريقها " ليس بهذا الشكل. لا"
- بهذا الشكل ؟
- أعني في المقعد الخلفي للسيارة . تحية المساء على عتبة الباب شيء آخر اما هذا ...
- أكثر حميمية ؟
- نعم .
- لكنه أحلى .
كان في صوته دفء , سورها ان يخفي الظلام تورد وجنتيها . وساد صمت قال من بعده " لا بأس , لا مزيد من العناق إلى أن أوصلك إلى عتبة بابك"
وربت على وجنتيها وهو يضيف برقة " ارتاحي . اغمضي عينيك وفكري في عتبة الباب"
- نيك.
- لا مزيد من الكلام إلا إذا اردتني أن أتذكر أنني لست رجلاً مهذباً.
طلب منها أن ترتاح بينما كل عصب في جسمها متوتر وقلبها يوشك أن ينفجر لقربه منها.
مر الوقت طويلاً قبل ان تتوقف السيارة . وقال الصوت العميق بمرح " عتبة بيتك تنتظر , يا سيدتي "
استطاعت كوري ان تتظاهر بالعناس وهي ترفع رأسها وتتمتم متطهرة بالتثاؤب " هل وصلنا ؟ لابد أنني غفوت "
لم يعلق على كذبتها هذه لكن السخرية ارتسمت على شفتيه وهو ينزل من السيارة ليساعدها على النزول . لم يكن هواء الليل بارداً .

Rehana 24-11-19 08:25 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
في الواقع, كان الهواء يحمل رطوبة تنبئ بيوم آخر من شهر حزيران . لكن كوري ارتجفت حين اطبقت يده الكبيرة على اصابعها. وعندما وقفت على الرصيف , حاولت ان تبتعد عنه بلطف لكنها لم تستطع . وبجلاً من ذلك جرها إلى الباب الأمامي وهو يقول بهدوء" هيا بنا , سندخل معاً"
فقالت بسرعة " لا حاجة بك إلى الصعود. شكراً على هذه الأمسية الجميلة جداً"
قال بجد بالغ ولهجة لا تقبل المعارضة " سأودعك عند باب شقتك . لن أغفر أبداً لنفسي إذا ما تحرش بك رجل ثمل"
- لا أظن هذا ممكناً.منتديات ليلاس
فقال ببشاشة " لا, عليك أن تقرأي الصحف أكثر مما تفعلين حالياً. السلب والاغتصاب والتشويه والتخريب جزء من العالم الذي نعيش فيه . أتريدينني أن أفتح الباب؟"
- أنا قادرة تماماً على ذلك , شكراً.
وكانت المفاتيح قد انزلقت إلى بطانة حقيبة يدها بشكل ما, فمضت لحظات قبل ان تتمكن من سحبها وفتح الباب تحت نظراته الهازئة.
عندما أصبحا داخل الردهة , همست تقول " عليك أن تكون هادئاً تماماً. السكان في الطابق الأرضي لديهم كلب حاد السمع, سينبح بما يكفي ليوقظ الموتى"
فتمتم ساخراً " هذا رائع"
- في الواقع إنه يجعل الجميع يشرون بالأمان.
- ألم يسمعوا بجرس الإنذار ضد اللصوص؟
الزمجرة الخفيفة التي انطلقت من الردهة أقنعت كوري بألا تجادل. خلعت حذراءها استعداداً لصعود السلم, فهمس يقول " لقد نقص طولك الآن حوالي خمسة عشر سنتيمتراً . على ماذا كنت تسيرين طوال السهرة ؟ على عمودين ؟"
لم تستطع ان تمنع نفسها من القهقهة بصوت خافت " انتظر حتى ترى عيني الزجاجية وساقي الخشبية "
- أنا متلهف لرؤية هذا كله.
عندما وصلا إلى شقتها , فارقها الهزل. أتراه يتوقع منها أن تدعوه للدخول لتناول فنجان قهوة؟ أتراه يتوقع ان تدعوه لسبب آخر ؟ او أو للسببين ؟ سبق وأوضحت له شعورها في السيارة .. لكن إذا عانقها مرة اخرى ...
وشرعت تقول " شكراً على هذه السهرة الجميلة ..."
- سبق وشكرتني من قبل.
كان عليه أن ينحني أكثر هذه المرة لكي يعانقها . وعاودتها كل المشاعر التي أثارها فيها في السيارة . وما أن التفت ذراعاها حول كتفيه حتى اطلقها وهو يقول هازئاً برقة " تصبحين على خير , يا كوري"
تصبحين على خير؟ وحدقت فيه وقد فوجئت تماماً, ثم تمالكت نفسها وقالت بسرعة " تصبح على خير . كنت أعني ما أقول حين قلت إنها سهرة جميلة "
فقال باسماً" وهذا رأيي"
ومد يده يلامس خدها . لم تكن تعلم من قبل ان اعصابها الحساسة تتركز في مكان واحد. هل تدعوه للدخول , لكنه استدار ووقف عند أعلى السلم " أجو لك نوماً هانئاً"
لن يراها مرة اخرى . حسناً, كانت واثقة من ذلك. ولو أراد ذلك لرفضت على أي حال .
- أتحبين أن نتناول الغداء معاً غداً؟
تسارعت خفقات قلبها , فهذه لحظة الحقيقة . تذكري وليام ! لكنها لا تريد ان تتذكر وليام. أرادت ان تقبل الدعوة ولهذا السبب عليها ألا تذهب.
وكررت بضعف " الغداء؟"

Rehana 24-11-19 08:28 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
- أنت تعلمين ماهو الغداء؟ تلك الوجبة بين الفطور والعشاء؟
الأمر يصبح سهلاً عندما يتهكم واجابت " لا أظن ذلك. شكراً"
- لماذا لا ؟
أراح ذراعيه على الحافة منتظراً جوابها , فترددت . هل تكذب عليه فتقول إن لديها موعداً سابقاً ؟ لكن قد يقترح وقتاً آخر , وأخيراً قالت " لأنني لا أخرج مع الشبان حالياً"
هز رأسه "بحجة العمل. هذا ليس سبباً كافياً بعد أن كاد كلبك اللعين يكسر ظهري"
- لقد عوضتك عن ذلك. كما أن روفوس ليس كلبي.
فقال بابتسامة عريضة " لكنك المسؤولة عنه. أتريدين رؤية الرضوض في جسدي؟"
- هذا ليس مهماً.
لقد عاد إلى استعمال سحره, وكان هذا مهلكاً. من حسن الحظ ان وليام جعلها منيعة إزاء هذه الاساليب.
- ثمة نساء يتلهفن للحصول على امتياز كهذا.
فقالت مصممة على عدم الابتسام " لا أشك في ذلك"
- سأعود في منتصف النهار . أعرف مطعماً شعبياً صغيراً رائعاً حيث اللحم المشوي يذوب في الفم .
فقالت بحزم " قلت لك إني لا أخرج في مواعيد"
- وأنا قلت لك إن هذا ليس موعداً ولكن إيفاء لما عليك من دين. لا أحب أن أتناول الغداء وحدي يوم الأحد , اتفقنا؟
وانتصب واقفاً وهم بنزول السلم .
لا , لم نتفق , لم نتفق. لكن هذا أشبه بقول لا لجدار من الآخر, وتبتعه إلى قمة السلم ثم قالت بصوت كالفحيح " لن أتناول الغداء معك يوم الأحد يا نيك"
- في الثانية عشرة تماماً. لن أتراجع يا كوري , ولهذا عليك ان تقبلي عن طيب خاطر.
والتفت إليها فلم تر منه سوى لمعان أسنانه في الظلمة .
- نيك!
كان قد وصل إلى الردهة الآن , فقال بصوت منخفض لكنه مسموع " تكلمي بهدوء . تذكري الكلب"
تمتمت بكلمات فظة للغاية عن الكلب فيما خرج هو وأغلق الباب خلفه.
بعد ان استحمت كوري ومسحت زينة وجهها , عجزت عن النوم , كانت احداث الليلة الماضية تدور في ذهنها أشبه بفيلم سريع كما جافاها النوم. بقيت ساعة تتقلب في فراشها قبل أن تنزل من السرير وتتوجه إلى المطبخ.
بعد فنجان من الحليب الساخن والبسكويت , حاولت أن تراجع مجرى حياتها التي انقلبت رأساً على عقب في أقل من أربع وعشرين ساعة .
حدثت نفسها بضيق بأن هذا الرجل هو بلدوزر بشري . وهو يستحق ألا يجدها غداً في بيتها إذا ما جاء.
لكن هذا لن يحدث. وتنهدت . هذا جنون ! أن تتورط مع رجل مثل نيك مورغان هو كالبحث عن المتاعب . وعاودتها ذكرى وليام . ولأول مرة منعها الإرهاق من أن تقصيها.
عندما عرفته, كانت قد تركت الجامعة , وتتدرب على عملها الحالي . كانت قد رافقت زملاءها إلى مطعم فخم ليتناولوا وجبة الميلاد , فاصطدمت به هناك. وكان اصطداماً فعلياً لأن كعب حذائها انكسر فجأة فوقعت عليه.
وتناولت البسكويت , تريد أن تزيل بحلاوتها مرارة الذكريات .
ادركت منذ البداية ان وليام لا يناسبها وانه من الرجال الذين لا يستقرون مع امرأة واحدة لكنه أخذ يلاحقها . ربما لأنها شكلت تحدياً فالنساء كن يتساقطن في احضانه كالثمار الناضجة .

Rehana 24-11-19 08:31 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
لقد لعب دور الصياد لأول مرة وهذا أمر جديد عليه. كانت تعرف هذا كله ومع ذلك وقعت في غرامه . لكن البقية من عقلها هي التي انتصرت في النهاية ومنعتها من أن تستسلم له كلياً رغم جهوده . بعدئذ , طلب منها أن تتزوجه .
كانت علبة البسكويت قد قاربت على الانتهاء الآن . غضبت من نفسها لأنها اطلقت العنان لشهيتها فأخذت ما تبقى إلى المطبخ , ثم أطفأت الأنوار وصعدت إلى سريرها .
عرض الزواج الذي تقدم به وليام جعلها تشعر بنفسها طائرة فوق السحاب. فهذا يعني أنه يريدها حقاً, يريدها فعلاً وليس لمجرد نزوة جنسية . ولأول مرة في حياتها شعرت بأنها محبوبة , وأن الشعور بالوحدة الذي خلفته في داخلها منذ الطفولة والمراهقة ذهب مع الريح.
اقترح إقامة العرس في باريس حيث يحتفلان اولاً بالخطبة , وأعلن أنه يعرف متجراً للمجوهرات في منتهى الروعة يمكنه أن يشتري لها منه خاتم الخطوبة. ووافقت , ولم لا ؟ كانت تعرف طبعاً ان الخطوبة تعني الانتقال إلى مرحلة أكثر جدية , لا بأس , فهما سيتزوجان .
أما لما قصدت وكالة الإعلانات التي يملكها وليام من دون إنذار سابق , في الليلة السابقة لسفرهما إلى باريس , فهذا ما لا تعرفه . كانت تعمل على حل مشكلة عائلية في حي سوهو . وبدلاً من أن نعود إلى بيتها مباشرة , قررت ان تسير قليلاً حتى وكالة الإعلانات . وفي وقت لاحق , بدا ان هذا أسوأ وأفضل عمل قامت به .
عند وصولها كان الكل قد غادر المكان تقريباً . بعد أن طمأنت سكرتيرة وليم التي صادفتها عند الباب , إلى تريد مفاجأته فعلاً, مع الشقراء نصف العارية التي كان يتقلب معها على الاريكة .منتديات ليلاس
كان المشهد الذي تبع هذا الحادث بشعاً للغاية , فقد اتهمها بالبرودة وانعدام المشاعر وبأمور فظيعة أخرى في معرض الدفاع عن نفسه. بعدئذ , خرجت ولم تره قط. هذه هي النهاية السيئة المضطربة للغاية لعلاقة ما كان لها ان تحدث منذ البداية .
تنهدت وهي تتقلب في الفراش وتضرب رأسها على الوسادة التي بدت وكأنها محشوة بالحجارة . عليها أن تنام قليلاً, وإلا سيبدو مظهرها فظيعاً في الصباح. وهكذا راحت تمارس ما تعلمته اثناء الأشهر التي تلت خيانة وليام لها , فسعت إلى ترخية عضلاتها ابتداءً من اصابع قدميها إلى قمة رأسها . وبعد نصف ساعة , استيقظت تماماً. لكن هذه المرة , كان نيك مورغان هو المسيطر على ذهنها.
لابد ان النوم غلبها عند بزوغ الفجر, فعندما أيقظها المنبه عند الساعة التاسعة كانت في منتصف حلم جعلها تحمر خجلاً عند التفكير فيه. كيف أمكنها أن تتصور ههذ التصرفات مع رجل لم تعرفه إلا أمس؟ طرحت على نفسها هذا السؤال وهي تقف تحت الماء في الحمام .
ولم يكن للحرارة التي سرت في جسدها علاقة بالماء الساخن الذي ينزل عليها . هذا جنون! وفتحت الماء البارد , لكن هذا لم ينفعها كثيراً.
أبكر في الحضور وبما أن كوري أمضت الساعتين الماضيتين تفكر في ما عليها أن تلبس , فقد كانت جاهزة . بدت غرفتها وكأن إعصاراً ضربها , إذ تنافر كل ما تملكه من ملابس تقريباً على السرير والأرض. لكن نيك لن يدخل إلى هذه الغرفة بالذات ولهذا لم تهتم .
أغلقت بابها . كانت , في الواقع , مصممة على ألا تدعه يضع قدمه في الشقة فكيف بغرفة النوم؟ سيكون هذا الغداء نهاية الطريق. ما أصابها وهي تبحث عما عليها ان تلبس أقنعها بذلك.

Rehana 24-11-19 08:34 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
بعد انفصالها عن وليام , رفضت أن تخرج مع أي رجل . لكن عندما شعرت بأنها مستعدة للخروج مجدداً حرصت على أن يعلم المعنى أن ما ستقدمه له محدود. المرح, الصداقة ليس إلا. لم يكن في نيتها أن تدع رجلاً يدخل حياتها أو رأسها أو يلمس جسدها. عليها أن تتحكم بأي علاقة وذلك منذ البداية . وإذا لم يتقيد أي رجل بهذه القواعد فستنهي علاقتها به على الفور. فهي لا تريد أن تعاني من الآلام مرة اخرى .
عندما ضغطت زر جهاز الاتصال الداخلي واخبرته انها قادمة , كان فمها متوتراً. لم يكن والداها قادرين على أن يحباها كما يحب الآباء ابناءهم عادة, وجاء وليام ليثبت أن شيئاً ما فيها يجعل الناس غير قادرين على أن يبادلوها حباً بحب. ولهذا ركزت اهتمامها على عملها , وسعت تغير الأمور في منطقة يحتاجونها فيها .
لم تفتح له الباب الأمامي هذه المرة . عندما خرجت إلى النهار الحار, وجدت نيك متكئاً على سيارة رياضية صغيرة سوداء . بدا ...مشوشاً للذهن بقميصه الباهت الزرقة المفتوح.
بدا بالغ الرجولة بخصره الضيق . وتملكتها الرهبة فأزعجها هذا الشعور الذي لم تكن تريده فهو يعرض خطتها للفشل رغم أنه لا يعرف شعورها .
- مرحباً.
وتقدم منها وقد بدا الاستحسان في عينيه الزرقاوين اللتين تظلهما اهداب سوداء كثة وهو يراها في سروال وردي اللون وبلوزة وردية من دون كمين . كان شعرها منسدلاً اليوم , ولم تضع من زينة على وجهها سوى لمسة من الكحل ومن احمر الشفاه . أما القرطان الفضيان الكبيران في أذنيها فكانا يتممان صورة الأناقة العفوية لهذا النهار الصيفي الحار.
كانت قد صممت على ألا تسرف في التأنق. كما لم تشأ أن يعتقد أنها تبذل جهداً لتبدو جميلة رغم أنها أمضت أكثر من ساعتين في اختيار ما ستلبسه .
- مرحباً.
كانت تعلم ان وجنتيها بلون قميصها , لكنها لم تستطع منع ذلك.
قال برقة " أنا مسرور لأنك رضيت بالمجيء"
رضيت بالمجيء ؟ لقد أمرها بذلك خبير ماهر يعلم ذلك . وكبحت نفساً مرتجفاً لكن صوتها بدا ثابتاً حين قالت " ما أتذكره هو انه لم يكن لدي أي خيار"
قال متظاهراً بالإجفال " يفترض بك أن تقولي بابتسامة حلوة , إنك مسرورة لدعوتي هذه وإنك كنت تتطلعين بشوق إليها "
- أحقاً؟ لكنني لا أحسن الكذب.
ورسمت على شفتيها ابتسامة حلوة . منحها ابتسامة عريضة من دون أي خجل" عليّ إذن أن أبذل جهداً اليوم لأتأكد من أنك ستتطلعين بشوق إلى موعدنا التالي , أليس كذلك؟"
لا فائدة , لابد أن كلمة الظرف ابتدعت لوصف نيك مورغان . جاهدت لتتجاهل تسارع قلبها وهي تقول" لابد أن موعد عودة رفيقتك عارضة الأزياء من الولايات المتحدة قد اقترب"
كانا قد وصلا إلى السيارة فتوقف وأمسك بكتفيها وأدارها إليه وهو ينظر إليها بصرامة قائلاً" أولاً, ميراندا لا تعني لي شيئاً . ثانياً, ليس لدي أي فكرة عن موعد عودتها لأنها ليست مضطرة لإعلامي , ثالثاً..."
وتحول عبوسه إلى سخرية تثير الغيظ " ثالثاً , هل لديك فكرة عما يفعله مظهر كتفيك بي؟"
اعتمدت كوري طريقة الجبناء وقالت مراوغة بمرح راجية ألا يلاحظ التهدج البسيط في صوتها " لا مرسيدس اليوم ؟ هل هذه سيارتك ايضاً ؟"
- إنها للتجوال اثناء العطل الأسبوعية وذلك للتأثير في جيش النساء الذي عندي.

Rehana 24-11-19 08:35 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
قررت ان تتجاهل تهكمه هذا . وعندما جلست في السيارة شبكت يديها في حجرها لئلا يصيبها أي ارتجاف أو توتر كما حدث تلك الليلة .
عندما جلس بقربها , بذلت جهدها كي تحافظ على وضعها هذا . قربهما الحميم من بعضهما البعض في السيارة كان مغرياً للغاية.
عندما انطلق بالسيارة نظرت إليه " إلى أين نحن ذاهبان ؟"
- إنها مفاجأة .
- لا أحب المفاجآت.
نظر إليها " هذا مؤسف , ولكن لا تقلقي . أنا لم أتعود اختطاف النساء ثم فرض إراداتي الشريرة عليهن . ليس أثناء وقت الغداء يوم الأحد على أي حال"
أضاف الجملة الأخيرة بتكاسل , فقالت بترفع " لم أفكر قط في ذلك"
- أحقاً؟ كدت تخدعينني . لدي انطباع غريزي وهو أنك ترينني وكأنني دون جوان .
قالت بجفاء " كلا , أبداً"
قال بدون اهتمام " هذا حسن "
وعندما نظرت إليه رأت ابتسامة خفيفة على شفتيه وهو يتابع قليلاً " والآن , حدثيني عن نفسك . فهمت أن لديك عمة ساقها مكسورة تعيش في مكان قريب منك. هل لديك أقارب آخرون ؟ أقارب يتحملون مسؤولية روفوس الرهيب؟"
تسارعت دقاق قلبها . لم تشأ أن تتحدث عن نفسها لا سيما معه . لديها شعور بأنه كلما قلت معرفته بها , كلما كان ذلك أفضل . ومع ذلك , لا يمكنها أن ترفض أن تخبره بالأمور الأساسية .
قالت بفتور " مات أبواي منذ سنوات . وليس لدي أخوة أو أخوات , وعمتي جوان هي أقرب اقربائي"
- وهل أنت منسجمة معها ؟
- نعم .
لم تدرك الحرارة المفاجئة في صوتها لكن الرجل الضخم بجانبها لاحظها . وتابعت تقول " لطالما كانت أكثر من عمة لي . أما أبواي... حسناً , كانا دوماً مشغولين . لم يكن لديهما وقت كافٍ..."
وسكتت واعية إلى أنها تكشف أكثر مما ينبغي .منتديات ليلاس
- هل كانت طفولتك هادئة مسالمة مع اصدقاء كثيرين يعوضون عليك عدم وجود الأخوة والأخوات .
اصدقاء كثيرون ؟ لم يكن مسموحاً لها أن تحضر اصدقاء إلى البيت , او تدعو احداً لاحتساء الشاي او ان تذهب إلى بيوت أولاد آخرين عندما يدعونها . كان هذا يزعج والديها للغاية إذ يؤثر في جدول أعمالهما ومخططاتهما . كان القانون الذي سارت عليه طوال طفولتها وصياها هو أن تذهب إلى غرفتها لكتابة فروضها حالما تنتهي من احتساء الشاي . بعدئذ , يسمح لها بالقراءة او مشاهدة التلفاز . لكنهما لم يشجعاها ابداً على النزول إلى الطابق السفلي إلا لإلقاء تحية المساء.
كانت غرفتها فسيحة مجهزة بحمام خاص وتلفاز وأمور أخرى . كانت من أفضل الغرف لكنها بقيت تعتبرها سجناً.
انقبض قلبها فأشاحت بوجهها لئلا يرى ملامحها , واجابته " كانت طفولتي بالغة الهدوء في البيت"
إذا ما لاحظ أنها لم تجب على سؤاله إلا جزئياص , فهذا لم يبدو عليه إذ سألها " هل كان لديك حيوان تحبينه؟"
في منزل أمها حيث النظافة والأناقة ؟ واجابت " لا , وماذا عنك ؟ هل لديك أسرة تعيش قربك؟"
- هذا إذا رأيت أن بارنستايل قريبة. لقد نشأت هناك وأمي ما زالت تعيش هناك رغم أن أبي مات منذ خمس سنوات.

Rehana 24-11-19 08:35 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
كان في صوته نبرة جعلتها تقول " آسفة . هل كانت علاقتكما حميمة؟"
- جداً . كان رجلاً رائعاً. لكن لدى أمي شقيقتي وأسرتيهما وهم يشغلونها على الدوام . إنهما تعيشان قرب البيت القديم. أنا غالباً بعيد عن البيت ولهذا أملك شقة في لندن.
سألته بفضول وقد دفعها إلى ذلك العطف البادي في صوته وهو يتحدث عن أسرته " كانت طفولتك سعيدة إذن؟"
- للغاية.
كانت السيارة قد توقفت بسبب إشارة المرور , فعاد يتفحص وجهها ثم قال بهدوء" من هنا جاء هذا الشخص المنضبط والمتكيف مع محيطه الذي ترينه أمامك"
تغيرت أضواء الإشارة الآن , وعادت السيارة تتحرك , لكن مضمون كلماته بقي في ذهن كوري. هل يلمح إلى انها لا تمتلك تلك الصفات ؟ أم أنها حساسة أكثر مما ينبغي ؟ اخذت تتساءل بصمت وقد توتر فمها من دون وعي منها. إذا كان التلميح صحيحاً فهذه وقاحة منه, لأنها ممتازة تماماً كما ينبغي أن تكون , لكن من الممكن أن يكون التحليل الثاني...
جازفت بإلقاء نظرة أخرى جانبية عليه من خلال اهدابها . ربما هذا ليس الوقت المناسب لملاحظة الشعر الجعد عند رقبته . لم يكن طويلاً أو قصيراً لكنه يناسبه تماماً. وتساءلت عما ستشعر به لو أنها دست اصابعها في خصلاته الناعمة ثم نبذت الأفكار بسرعة وسمرت نظراتها أمامها قبل أن يلاحظ أنها تتأمله.
إنه تفقد عقلها . ما هذه التصورات عن هذا الرجل؟ في الواقع , ما الذي جعلها تجلس معه هنا منذ البداية ؟ عليها ان تفحص دماغها.
عندما وصلا إلى المطعم الشعبي القريب من هاميستيد هيث , كانت كوري متلهفة للنزول من السيارة , لم يسبق لها أن كانت واعية هكذا لكل حركة يقوم بها شخص آخر فيما بدا على نيك الارتياح البالغ وهو يثرثر في حديث غير شخصي على الإطلاق.
عندما أصبحا داخل المطعم , قادها مباشرة إلى حديقة صغيرة خلفية تنتشر فيه أحواض الأزهار, ثم أشار إلى مائدة بقرب نافذة تتسلق عليها ورود تعطر الجو , وقال " هذه مائدتنا"
- وما أدراك ؟
كان المطعم الشعبي مزدحماً في الداخل لكنه مد يده وأزاح شارة الحجز عن المائدة وهو يقول باسماً" ثقي بي, فأنا أعرف صاحب المطعم"
- هل هو زميل آخر في الجامعة؟
- إنه زميل الصبا هذه المرة. لقد نشأنا أنا وجول معاً.
- وهل يحتفظ بهذه المائدة لك دوماً؟
- إذا اتصلت به وطلبت منه ذلك. وهذا أول ما فعلته هذا الصباح .
وسحب لها كرسياً جلست عليه. كان عطر الزهور ودفء أشعة الشمس على بشرتها رائعين .
قال وهو لا يزال واقفاً " إنهم يحضرون طبق برونيلو بشكل جيد . أتحبين الصودا؟"
- بل اعشقها .
- سأحضر زجاجة . هل أطلب الشمويات طالما أنا هنا؟
- فكرة حسنة جداً جداً.
وتمتمت وهي تأكل متلذذة " هذا رائع "
قال وهو يجلس أمامها وعيناه مغمضتان قليلاً إزاء الشمس وساقاه ممدودتان أمامه " لا تخبريني بأنني وجدت الطريق إلى قلبك"
رفعت حاجبها وقالت بجيبه " بعد لقمة واحدة؟ لا اظن ذلك"
- الطعام أمامك فخذي حريتك.
ابتسمت " أنا أؤمن بالاعتدال في كل شيء"

Rehana 24-11-19 08:36 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
فقال بمكر " في كل شيء ؟"
قالت بحزم , رافضة الاعتراف بأنها فهمت تلميحه الماكر هذا " في كل شيء "
- هذا ما ظننته.منتديات ليلاس
وأضاف برضى واضح عن النفس " ثقافتك في مجالات معينة مهملة بشكل محزن وأرى أن عليّ إصلاح الأمور. ما عليك أن تفعليه ابتداء من الآن يا كوري , هو أن تنظري إلي وكأنني أستاذك الذي سيقودك في درب المستقبل . اتفقنا؟"
ضحكت . في الواقع, لم يكن ثمة شيء آخر تفعله , لأنها لا تستطيع أن تأخذه على محمل الجد, بالرغم من الرعشة التي تملكتها .
وأردف بلطف وهو يضع كأسه من يده ويمسك بيدها " وأنا أكثر من مستعد لهذه المهمة " ليرفع يدها , بعدئذ إلى شفته .
انتزعت يدها من يده فكادت توقع زجاجة الصودا على الارض " إياك , ان تفعل هذا "
فقال وعيناه في عينيها " لما لا ؟ لم أفعل شيئاً"
لم يفعل شيئاً فعلاً, ومع ذلك تصرفه هذا كان يعني الكثير . لقد عرفت بالضبط ما يحاول أن يفعل , وهزت كتفيها " أنا لا أحب هذا النوع من الألاعيب"
لم تكن على شفتيه حتى لمحة من ابتسامة وهو يقول " ومن الذي يمارس الألاعيب؟"

نهاية الفصل

Rehana 26-11-19 08:07 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثالث )
 
4- الدرب الطويل

كادت كوري تقبل الفتاة التي حملت إليهما الغداء فيما هو ينهي حديثه , فركزت اهتمامها على طعامها وحاولت تناسي الجواب.
كان شواء يوم الأحد لذيذاً . وكذلك البندق وفطائر الكرز التي تلت .
احضر صديق نيك القهوة وانضم إليهما ليحتسيها معهما . قال نيك " أصرت كوري على أنها أكثرت من الطعام "
كان جون رجلاً أشقر , وقال لكوري ضاحكاً " أنا أحرص دوماً على أن أقدم الأفضل لنيك عندما يأتي صدفة "
وقرص نيك في كتفه " لا يمكنني البقاء أكثر من دقيقة او اثنتين لأن لوسيندا زوجتي ستقطعني إرباً إذا رأتني خاملاً"
فسأله نيك " هل أنت رجل أم فأرة ؟"
- بالنسبة إلى لوسيندا , أنا حيوان قارض حتماً.
وكان يروي حادثة وقعت في طفولتهما حيث قبض عليهما هو نيك وهما سرقان الفاكهة من احد البساتين, عندما ظهرت زوجته لوسيندا , وهي حسناء ضخمة وإيطالية بكل تأكيد . تقدما مباشرة إلى مائدتهما وعانقت نيك ثم اخذت توبخه لغيابه الطويل, قل ان تمسك بأذن زوجها وهي تقول مستنكرة " أتتسلل إلى هنا من دون أن تخبرني ثم تشرب قهوة نيك ؟ أنت رجل لا يطاق"
والتفتت إلى نيك " أترى ما عليّ أن أتحمل ؟ ثم من هذه المرأة الجميلة التي معك؟"

Rehana 26-11-19 08:24 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
وراحت تنظر إلى كوري الذاهلة بابتسامة عريضة فقال نيك بصوت ضاحك " أقدم لك لوسيندا روبنسون يا كوري جايمس . وصياحها أسوأ من الضرب"
فقال جون وهو يدعك أذنه " من قال هذا ؟ حين كانت نحيفة بحجم كوري, كان بإمكاني أن أواجهها . أما الآن وبعد أن اصبحت بهذا الحجم ..."
عانقت لوسيندا زوجها وهي تقول " آه , يا لك من رجل ! ألا أدفئك في الليالي ؟"
- نعم هذا صحيح .منتديات ليلاس
وابتسم لزوجته , وبعثت النظرة التي تبادلاها غصة في حلق كوري. هذا هو الحب , الحب الحقيقي . إنه يضيء وجيهيهما , وشعرت بأنها تحسد هذه المرأة .
وبعد دقائق حصلت لوسيندا من نيك على وعد بحضور حفل عيد ميلادها الخامس والثلاثين في أواسط تموز, بينما قالت كوري مراوغة بأن عليها أن تراجع مواعيدها قبل ان تقبل الدعوة . عاد بعدئذ , الاثنان إلى داخل المطعم وتركاهما بمفردها . اصبحا الآن آخر الزوار في الحديقة , باستثناء عصفور صغير انشغل بالتقاط فتات الحلوى الاقتراب من مكانه .
سألت نيك وهي تنهي قهوتها التي بردت " منذ متى تزوجا؟"
- منذ عشر سنوات .
- هل لديهما أولاد ؟
- لوسيندا عاقر. لقد جربا كل شيء , ولكن ...
وهز كتفيه ونظر في عينيها وهو يضيف " مرا بوقت عصيب . إنها من إحدى العائلات الكبيرة التي تنجب الابنة فيها طفلاً كل عام حينذاك , كانا يعيشان في إيطاليا , لكن عندما انهارت اعصابها , احضرها إلى هنا لبعض الوقت لترتاح . حصل هذا منذ خمس سنوات , ومنذ ذلك الحين لميعودا إلى إيطاليا"
- ولم يمانع جون في عدم إنجاب أطفال ؟
- إنه يتمنى ذلك من كل قلبه . لك يرى أنه لم يتزوج لسيندا لإنجاب الأطفال بل لأنه يحبها . لقد أحبها منذ وقعت عيناه عليها لأول مرة .
حدقت كوري فيه . أرادت ان تبكي لكنه سيظنها مجنونة . ومع ذلك كان صوتها متهدجاً حين قالت " كم هنا محظوظان . أعني حبهما لبعضهما البعض"
- نعم , هذا صحيح , لكنهما ليسا الوحيدين في العالم.
واشتبكت نظراته بنظراتها , وحاولت ان تحول عينيها عنه فلم تستطع , بينما تابع يقول " هذا ما كنت تظنينه , أليس كذلك ؟ إنهما فريدان في هذا الحب؟ هذا يبدو على وجهك"
أرادت أن تنكر ذلك لكنه سيعلم أنها تكذب , فقالت مراوغة " ليسا فريدين لكنهما غير عاديين"
- لماذا تفكرين بهذا الشكل؟
كان سؤاله صريحاً , لكنها اصبحت تدرك أنها عادته . لم تستطع أن تجيب , وتركت شعرها بنسدل فيغطي وجهها " لا أريد الاستمارا في هذا الحديث"
اجابها على الفور ومن دون اكتراث وبنبرة اهتزت لها " لا بأس "
وحدثت نفسها غاضبة بأن ما تفعله مثير للسخرية فهي لا تريده أن يتابع الخوض في الموضوع وتشعر بالخذلان لأنه بدا غير مهتم .
وعندما رفعت رأسها , قال " دعينا نتمشى على ضفة النهر لكي نهضم طعام الغداء ثم نستعد للعشاء"
العشاء ؟ من قال شيئاً عن العشاء؟
وقالت " لا أظن"

Rehana 26-11-19 08:25 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
فقاطعها " حسناً , لا تظني شيئاً . أنت تعجبيني أكثر بهذا الشكل"
- والآن , اسمع ...
ثم لاحظت ابتسامته فتابعت بضعف " أنت تحاول أن توتر اعصابي"
وقف ومال يلامس أنفها " أنا ؟ هذا غير صحيح . أنهي قهوتك بينما اذهب وأتحدث إلى جون . سنترك السيارة حالياً في موقف سيارات المطعم "
وتوارى عن الأنظار قبل ان تعترض. أرادت كوري أن تبقى بعيدة عنه على ضفة النهر , لكنها لم تستطع إذ اختار معظم اللندنيين هذا اليوم ليخرجوا من بيوتهم إلى الهواء النقي . كانت السماء الزرقاء فوقهم أجمل من أن يمضوا النهار بين الجدران .
سارا يداً بيد وهما يتبادلان الحديث. وجدت نفسها راضية مرتاحة أكثر مما كانت عليه في حديقة المطعم .
- بدأت تحترقين .
وجذبها إلى ظل شجرة حيث جلسا على العشب الكثيف والدافئ . وعلى ماسفة منهما , راح غلامان يلاعبان كلباً بإلقاء الكرة له فركض خلفها وهو ينبح دون حماسة .
التفتت كوري إلى نيك الذي تمدد على العشب بجانبها , شابكاً يديه تحت رأسها وقد أغمض عينيه . لكنه ما لبث أن أفتح عيناً واحدة وهو يقول " لقد تمشينا , وحان الآن وقت القيلولة "
كان هذا مغرياً للغاية " أنت تجعلنا نبدو كزوجين متقاعدين . كما أنني لا آخذ قيلولة أثناء النهار"
- حاولي.
ومد يده يجذبها إلى جانبه , واضعاً رأسها على صدره , واخذ يمرر يده على شعرها , قائلاً " حتى الوسادة موجودة , والآن نامي كالبنت العاقلة "
بقيت لحظات متوترة , لكن عندما لم يحاول أن يعانقها شعرت بالارتياح . حرارة النهار, الظل الذي وفرته أوراق الشجرة , والصمت الذي يسود في المكان , اجتمعت لتزيل توتر اعصابها وتبعث النعاس إلى اجفانها . لم تنم الليلة الماضية أكثر من ساعتين او ثلاث , كما أن الغداء جعلها تشعر بالنعاس.
عندما فتحت عينيها , كان نيك ينظر إليها , متكئاً على مرفقه بينما رأسها مرتاح على وسطه . قال برقة بالغة " مرحباً"
فأجابت " مرحباً"
وعندما انحنى وعانقها بدا لها طبيعياً ان تحيط عنقه بذراعيها . ما زالت غير مسنيقظة تماماً لتقاوم فكرة أنها كانت تنتظر هذه اللحظة طوال النهار. اللحظة التي يعامقها فيها مرة اخرى .
لم يحاول ان يتمادى , ومع ذلك انتعش كل عصب فيها , وأخذ يئز بالأحاسيس. عندما ابتعد عنها , كان يتنفس بصعوبة , وهو يقول " المزيد من هذا سيجعلني أنسى أين أنا . ونحن لا نريد ان نخيف الأولاد الصغار , أليس كذلك؟"
ابتسمت كما أرادها أن تفعل , لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من التساؤل عما إذا تصورت نبرة الدهشة في صوته . على أي حال , أثبت ظنونها بقوله " لا أدري ما الذي فعلته بي يا كوري جايمس , لكنه غريب "
قالت متفكهة بشيء من الحيرة " هل هو جيد أم سيء ؟"
فأجاب وهو يمر بإصبعه على وجنتها " هذا يعتمد ..."
- على ماذا ؟
- كم مرة عليّ أن أحدد ما أريد.

Rehana 26-11-19 08:26 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
هذا يكفي . وجلست وهي ترد شعرها عن جبينها قائلة " أخبرتك أنني لا..."
فقاطعها " لا تريدين ان تخرجي مع رجل . نعم , أتذكر هذا , وهكذا , متى سيتغير هذا ؟"
- ماذا؟
- لابد أنك تريدين ان تستقري يوماً ما . ولكن كيف ستتمكنين من العثور على الرجل المناسب إذا كان محظوراً على الجنس الآخر التقرب منك؟
رأت هذا الكلام مثيراً للغيظ , وسألته " ولم عليّ أن استقر ؟ هل لأنني امرأة ؟"
حدق فيها بعينين لا تفصحان عن أفكاره , وقال " معظم بنات جنسك يرغبن في الزواج والإنجاب وما إلى ذلك "
فقالت بحزم " حسناً , أنا لست مثلهن "
- ألا تريدين أن يكون لط أطفال يوماً ما ؟
- لا , نعم , أعني ... الاطفال ليسوا جزءاً من مستقبلي.
فسألها بسلاسة " أليس في هذا شيء من الخشونة ؟"
- لا , مادام هذا يمنعهم من أن يكونوا مجرد احداث ثانوية طارئة في حياة شخص آخر.
تكلمت بسرعة ومن أعماق قلبها من دون أن تفكر في كلماتها , لكن الندم تملكها وهي ترى عينيه تضيفان " أحداث طارئة ثانوية ؟ هل هكذا ترين نفسك في حياة والديك ؟"
جاهدت كوري لكي تتمالك نفسها . ولم تستطع أن تصدق أنهما وصلا إلى حديث كهذا . لديها اصدقاء منذ سنوات وسنوات لكنهم لم يتطرقوا إلى مثل هذه المواضيع الحميمة يوماً. وهي لم تعرف نيك إلا من يومين وها هو يحاول الوصول إلى الأعماق فقالت بجفاء " فلتغير الموضوع "
- بل دعينا نناقشه.
ووقف وجذبها لتقف بدورها , ثم أبقاها في حدود دائرة ذراعيه عندما حاولت ان تبتعد عنه " كوري , معظم الأولاد ينشأون وهم يعلمون أنهم أغني ما منحه الله لوالديهم . أنا آسف , آسف من كل قلبي إذا كان الوضع مغايراً بالنسبة إليك. ولكن لا تدعي أخطاء أي شخص آخر تدفعك إلى حيث لا تريدين حقاً"
- وكيف تعرف ما أريد؟
قد أحرقت كلماته أعماق قلبها, وتابعت تقول" أنت لا تعرفني , كما أنك لم تعرف أبويّ فلا تطلق احكامك عليهما أو عليّ جزافاً"
جمد مكانه لحظى ثم قال " من العار أن تعزل فتاة حساسة ورائعة الجمال مثلك نفسها عن الحياة , ألا ترين هذا؟"
- هل الحياة تعني الجنس؟ وأظن أن الجنس يعني سريرك؟
- من المؤكد أن سريري يتسع لنا معاً. لكني لم أشر إليه بالضرورة .يمكنني في الواقع أن أتحدث عن شيء مختلف احياناً.
- أنت إذن , احد الرجال القلائل الذين يمكنهم ذلك.منتديات ليلاس
ومرة اخرى ندمت على كلامها. ما الذي تفعله ؟ عليها أن تهدأ فهو بالغ الفطنة. حاولت أن تبعد ذراعيه عنها , لكنهما اشتدتا حولها .
- ماذا كان اسمه ؟
غصت بريقها " اسم من ؟"
- الرجل الذي خذلك. فثمة من خذلك , أليس كذلك يا كوري؟ هل حدث ذلك منذ وقت قريب؟
جمدت في مكانها وكأنها فوجئت بأضواء سيارة .
وأضاف عابساً" يمكنك أن تخبرينني بأن اذهب إلى جهنم . لكنني أفضل ان اسمع ان تلك العلاقة انتهت حقاً, من جانبك على الاقل "
ردت بفتور " لقد انتهى الأمر"
- من قلبك أم من عقلك ؟

Rehana 26-11-19 08:27 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
إنه لا يعرف متى يتوقف عن الكلام, وحاولت أن تتملص منه وتتراجع خطوة ثم قالت بحدة وجفاء" من الاثنين , هل رضيت ؟ من الاثنين . هل هذا ما تريد أن تسمعه ؟"
قال من دون أي اعتذار على تطفله هذا " نعم , هذا ما أريده "
- اسمه وليام باترسون وكان غنياً ووسيماً وواثقاً من نفسه . طلب مني الزواج , وإذا بي أجده يمارس الحب مع امرأة أخرى . هل تكفيك هذه المعلومات ؟ وقد مر على هذا كله ثلاث سنوات.
حملت صوتها الكثير من التهكم لتمنعه من الارتجاف فيما بقي هو صامتاً لفترة بدت لأعصابها المتوترة للغاية . بعدئذ, دس يديه في جيبيه وعيناه عليها , ثم قال بهدوء " اسمها جوانا وكنا متزوجين . وقد قتلت على الفور عندما صدم سيارتها سائق ثمل ليلة عيد الميلاد. كانت قد خرجت لتشتري الزينة لشجرة العيد لتكون جاهزة عندما أعود من العمل, اما السائق الثمل فلم يصب إلا ببعض الرضوض"
- آه , يا نيك.
- حصل هذا من زمن بعيد يا كوري , منذ ثلاثة عشر عاماً . وكنا قد تخرجنا من الجامعة منذ ستة أشهر فقط . كنا ولدين نلعب لعبة الزوج والزوجة لكننا نستمتع بكل لحظة . كنت في الثانية والعشرين لكنني كبرت تلك الليلة بسرعة بالغة , بعدئذ, أغرقت نفسي في العمل. وفي السنة التالية أسست عملي الخاص فأصبح لدي هدف أعمل من أجله.
- ولم تجد ... أعني امرأة اخرى .. أردت أن ...
وسكتت فجأة وقد أدركت أنها أساءت التعبير .
- منذ رحلت جوانا , أقمت عدة علاقات . وإذا كنت تسألين عما إذا فكرت في الزواج مرة أخرة , فالجواب هو لا .
أومأت كوري إذ لم تعرف ما عليها أن تقول , لقد عرفت أنه من النوع الذي يحب ويترك , لكنها تعترف الآن بأنها لم تفكر في السبب الذي جعله كذلك . وأخيراً قالت " لابد أن الأمر كان صعباً عليك "
فهز كتفيه " لبعض الوقت . الفتى الذي عرفته جوانا مختلف جداً عن الرجل الذي اصبحته الآن , كما أظن . من يعلم ما إذ كنا سنبقى معاً حتى الآن لو عاشت ؟ اولاً . كنا شابين , وطالبين مثاليين . تزوجنا في عصر يوم أحد ماطر, وكانت هي ترتدي تنورة وكنزة بينما ارتديت أنا بنطلون جينز وقميصاً مقفلاً"
- بوهيميان !
- شيئاً كهذا .
وابتسم لها وهو يمسك بيدها . وتركته يجذبها إلى جانبه ومن ثم تابعا السير معاً.
رأيها فيه اختلف تماماً أثناء عودتهما إلى المطعم . كان نيك يرسخ وضعه في حياتها الآن وهذا ما أخافها . كانت واثقة من أنه لم يؤلف تلك القصة عن زوجته , لكن هل أخبرها عن جوانا على أمل ان يلين موقفها منه ؟ كان وليام يمارس خدعاً مثل هذه . في الواقع , عندما انتهت علاقتهما ادركت أن وليام أظهر لها نفسه وكأنه مثال العفة والطهارة . وقطبت جبينها.
- عدت إلى التفكير.
- ماذا؟
ورفعت نظرها وقد خلا وجهها من كل تعبير .
- أراهن على أنني أشغل تفكيرك لكن ليس بشكل إيجابي . هل هذا صحيح؟
التهبت وجنتاها " لا تكن سخيفاً"
- أنت تتساءلين عما إذا كنت ألفق لك حكايات زائفة . هل هذا صحيح؟
فأجابت بلهجة التذمر" لا , أنا أصدق ما تخبرني به. أعلم أنك لن تلفق شيئاً كهذا "

Rehana 26-11-19 08:27 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
تساءلت حتى وهي تتكلم من أين علمت ذلك؟ لكنها تعلم بالتأكيد . وقررت أن تفكر في ذلك في ما بعد.
- أنت إذن تتساءلين عما جعلني أخبرك بكل ذلك ؟
تباً له والتفتت تتظاهر بالنظر إلى طفلين صغيرين يصرخان بينما أمهما تحاول أن تقنعهما بالعودة إلى عربتهما المزدوجة. وقالت له " لا ادري عم تتحدث"
- يا للكاذبة الصغيرة.
قررت ان تتحدث بصراحة فوقفت وواجهته قائلة " لا بأس اذن . لماذا أخبرتني بذلك كله ؟"
- لا أدري.
لم يطرف له جفن, كما بدا العجز على وجهه بشكل غريب . لم يعجبها تأثير ذلك في قلبها الغادر . ثم, وبابتسامة جافة أضاف " هذا ليس بالأمر الذي أتحدث عنه"
كيف يمكن لرجل بهذا الحجم والرجولة والأهمية ان يبدو للحظة صبيانياً بهذا الشكل؟ وحدثت نفسها بأنها ذاقت ما يكفي من التوتر ووجع القلب لهذا اليوم وبادلته ابتسامته بابتسامة وهي تقول " يبدو وكأننا نحن الاثنين نسير في الظلام . كما أننا لسنا في موعد غرامي الآن , فهذه كفارتي بعد ما تسبب به روفوس "
قهقه بصوت خافت فخفق قلبها سروراً لتمكنها من إضحاكه حتى وإن قرع مئة جرس إنذار في رأسها . إنه أكثر الرجال الذي عرفتهم إثارة . لقد عرفت ذلك أمس , لكنها ادركت اليوم أن نيك يعني لها أكثر بكثير من مجرد لقاء عابر. لعله يفكر في بعض الغزل المرح وبعض العبث حتى تأتي المرأة التالية , امرأة مناسبة مزاجه وشخصيته الفاتنة . لكنها ليست بهذا الشكل .
تابعا السير . كان هواء المساء الدافئ محملاً برائحة الحطب المشتعل في مكان ما. لكن ذهن كوري كان مشغولاً .
كيف تخبر رجلاً مجرباً, بالغ الحنكة مثل نيك مورغان , رجلاً اعترف بلسانه أنه عاشر أكثر من امرأة واحدة في حياته ... أكثر بكثير ... مثل هذا الرجل كيف تخبره أنها ما زالت ... لا تعرف الرجال ...
وتأوهت في داخلها . سيسخر منها ... وبشكل ما ... لا تستطيع احتمال التفكير في ذلك.
افترضت أنها كانت تنتظر الرجل المناسب الذي سبق وتحدث نيك عنه . والتوت شفتاها لسذاجتها , رغم أنها لطالما شكت في ان تجد من قد يتملكه شعور كهذا نحوها .
وصلا إلى المطعم خلال دقائق , وبعد أن ودعا جون ولوسيندا توجها إلى السيارة . وأثناء رحلة العودة قالت كوري " أحضرت معي بعض الأوراق للعمل في البيت . عليّ أن أتفحصها قبل الغد. فأرجو أن تنزلني عند شقتي , إذا لم يكن لديك مانع"
- بل لديّ مانع .منتديات ليلاس
وألقى عليها نافذة قبل أن يتابع " سنتناول العشاء معاً يا كوري. ارتاحي إذن واستمتعي بذلك"
- إلى أين سنذهب؟
- إلى مكان جميل صغير أعرفه .
- أنت تعرف الكثير من الأماكن الجميلة الصغيرة .
كان في صوتها جفاء تجاهله وهو يقول " هذا صحيح . ولكن هذا مكان غير عادي . صدقيني "
ستكون هذه غلطة خطرة ! لابد أن ملامحها نطقت بما تفكر فيه لأنه ضحك برقة . وعندما نظرت إليه كانت عيناه تتألقان مرحاً وتمتم يقول " أنت لا تقدرين بثمن , أتعرفين هذا ؟ وماهرة جداً في تحطيم غروري"
قالت وهي تفكر في كل النساء اللاتي عرفهن " لا أظنني سأشعر بالأسف على غرورك "

Rehana 26-11-19 08:28 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
شعرت بالغيرة بشكل سخيف وهذا أظهر مدى حماقتها.
استمر المزاح بينهما طوال رحلتهما ولكن عندما توقفا في شارع قريب من حديقة ريتشموند العامة , اخذت كوري تنظر من حولها ثم قالت بلهجة اتهام " هذا ليس مطعماً"
- ومن ذكر أي مطعم ؟
كان الغروب قد بدأ يحب عندما نزل من السيارة ودار من حولها ليفتح الباب.
بقيت كوري جالسة . وعندما رفعت حاجبيها بادلها ببراءة , فقالت " حسناً! أين نحن ؟"
- أمام شقتي اللندنية
كانت قد وصلت إلى هذا الاستنتاج بنفسها , لكنها أرادته ان يقوله بنفسه. فتحت فمها لتتكلم لكنه سبقها قائلاً" قبل أن تتكلمي , لن يحدث شيء سوى العشاء . أعرف أنك سترغبين في أن تضعي يديك على جسدي , ولكن يتوجب عليك أن تتحكمي بنفسك"
حملقت فيه " هذا ليس مضحكاً يا نيك "
خفض رأسه حتى أصبح بمستوى رأسها " إنه مجرد عشاء يا كوري , رأيت ان تناول الطعام في البيت أمر حسن , هذا كل ما في الأمر"
فسألته مشككة " أتحسن الطهي؟"
- من المعروف أن الفطائر التي أحضرها تجعل النساء يغمى عليهم . لم تستطع أن تمنع نفسها من الضحك بصوت خافت وعادت تلح عليه بالسؤال " أتحسن الطهي حقاً؟"
فابتسم " سنبدأ الليلة بسلطة الدجاج بالبهارات مع الأفوكادو . جهزت الطعام قبل أن أخرج صباحاً . الطبق الرئيسي هو لحم مقلي مع الزنجبيل والقريدس, أما الحلوى فهي ..."
سال لعابها " ماهي الحلوى ؟"
- هذه هي المفاجأة .
وانتصب واقفاً يمد لها يده فأخذتها مترددة غير واثقة مما عليها أن تفعله .
عندما وقفت على الرصيف نظرت اليه بحذر . كان مليئاً بالمفاجأت بكل تأكيد, وهي لا تعني بهذا الحلوى ! من كان يظن أنه يحس الطهي ؟ فهو رجل ... وبكل كعنى الكلمة .
- هيا بنا .
وقادها إلى بيت فسيح بشرفة أرضية . وحالما فتح الباب الأمامي, أدركت كوري ان شقته رائعة بردهتها الرخامية الفخمة مع المصعد .
كانت شقة نيك في أعلى المنزل. وبعد أن تنحى جانباً عند الباب لديعها تمر , نظرت من حولها باهتمام لتدرك على الفور انها كانت على صواب . كانت الشقة رائعة , ولكن ليس بشكل لا يقاوم . كانت ذكورية الذوق بشكل كامل , فلا إضافات ولا زوائد للزينة .
كانت جدران الردهة بلون الردهة بلون القشدة وكذلك السجادة . غياب الأبواب بينها وبين غرفة الطعام يمنح المرء شعوراً باتساع المكان البالغ .
ثلاث أرائك منجدة بالجلد الأسود تتسع كل منها لشخصين , ومناضد عدة ملمعة تنتشر في الردهة , وساد اللون الواحد في غرفة الطعام ايضاً مع مائدة وكراسي مدهونة باللون الأسود .
بعض القطع الفنية الرائعة المعلقة على الجدران اضفت جمالاً على الجو الجاد المتصلب . ما من نباتات او تماثيل صغيرة او زهريات ان صور فوتوغرافية , لا شيء يعطي فكرة عن شخصية صاحب البيت .
التفتت كوري إلى نيك الذي كان يراقبها بحدة , وسألته " هل بيتك في بارنستايل كهذا ؟"
فابتسم " لا , فذلك هو بيتي الأساسي اما هذا فجزء من عملي . أحضر إلى هنا زملائي وعملائي والناس الذين أريد التأثير فيهم "

Rehana 26-11-19 08:28 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
أومأت كوري . كانت تعلم أن الشركة التي يملكها نيك ضخمة وفي نمو مستمر . إنه رجل ذكي ناجح للغاية, وهذه الشقة تعكس شخصيته . ومع ذلك ما كانت لتختار أن تعيش فيها .
- تعالي إلى المطبخ.
التوت شفتاه ما يدل على أنه قرأ أفكارها مرة أخرى " إلى حيث أمضى معظم وقتي أثناء وجودي هنا, فضلاً عن غرفة النوم . أحب أن أحضر إلى هنا متأخراً وأخرج مبكراً إلا إذا كنت أستضيف أحداً"
كان المطبخ مزيجاً أنيقاً من الفولاذ والخشب وقد أزيل السقف ليظهر هيكل البناء الأساسي المطلي بالبياض . رأت طاولة صغيرة مع كرسيين مرتفعين منجدين فسحب لها كرسياً وقال " اجلسي بينما أجهز العشاء"
توقعت أن يأخذها في جولة في انحاء الشقة بما في ذلك غرفة النوم . لكن , الآن وبعد أن جلست على الكرسي , اعترفت بأنها شعرت بشيء من خيبة الأمل . كانت تود أن ترى اين ينام لكي تستطيع أن تتخيله أثناء الليل . (خطر )... ترددت هذه الكلمة في ذهنها وكأنها صراخ في أذنها . ليست بحاجة لأن تتصوره في أي مكان فهو ليس جزءاً من حياتها . هذه عطلة نهاية أسبوع غير عادية وستبقى كذلك. حدث سار لكنه مزعج , وسرعان ما سيمحى من الذاكرة , إذا حاولت ذلك.
أحقاً؟ تحداها بذلك بصوت خفي في أعماقها ...
- هل أستطيع أن أساعدك .
طرحت عليه السؤال فيما كان يقطع اللحك بمهارة قبل ان يغطيه ويضعه مع بقية المكونات التي أخرجها من الثلاجة والتي سبق وجهزها للطهي. إنه رجل يفكر في كل شيء.
شرب جرعة من العصير قبل ان يقول " يمكنك أن تعدي المائدة في غرفة الطعام لشخصي , إذا احببت "
- ألن نأكل هنا؟
كانت مائدة الطعام فسيحة بالنسبة لشخصين , كما أن الجلوس يبعدهما عن الرومانسية إذ تحبط بهما أدوات الطهي المختلفة واجهزة المطبخ . وسألها " هل هذا ما تريدينه ؟"
وعندما أومأت قال " وهذا ما سيكون . أدوات الطعان وكل ما ستحتاجينه في الخزنة التي إلى يسارك "
تناولا النوع الأول من الطعام على الفور وكان لذيذاً لغاية . وبدا نيك مصمماً على أن يكون مضيفاً ممتازاً , فراح يضحكها بقصصه ونكاته من دون ان يأتي على ذكر ما قد يربكها او يزعجها .
لم يدعها تساعده في إعداد الطعام, فجلست ترشف شرابها وتنظر إليه وهو يقلي شرائح اللحم حتى اصبحت بنية اللون , فأضاف إليها الثوم والزنجبيل والبصل والأناناس ومكونات أخرى .منتديات ليلاس
كان يعمل في المطبخ بكل راحة واسترخاء , مضيفاً صلصلة المحار بيده , ومحركاً المعكرونة بالقريدس باليد الأخرى , بينما هو يتحدث عن أمور تافهة لا علاقة لها بالطهي . كان إعجابها به لا حد له . كانت تجيد الطهي عندما تركز لكنها لا تحب المتفرجين , وخصوصاً نيك .
أكلت كوري المعكرونة مع القريدس , واللحم المقلي اللذيذ مع الزنجبيل بمزاج طيب رغم احتجاجها الخفيف عندما كان نيك يعيد ملء طبقها .
قالت وهي تتناول المعكرونة بالقريدس " هذا الطعام للغاية . لا استطيع أن أطهي طعامي بهذا الشكل "
فابتسم بكسل " اسلر يكمن في استعمال مكونات طازجة مثل الثوم والزنجبيل , أنا لا أشتري قط الأعشاب والبهارات المعلبة "
قهقهت كوري واصيبت بالفواق معاً, فوضعت شوكتها من يدها لتشرب بعض الماء .
قال بلطف " ما المضحك ؟"
جاهدت في التحكم في نفسها " لم أتصور أننا سنجلس تتحدث عن الأعشاب والبهارات . لم أكن أظن أنك من هذا النوع من الرجال عندما عرفتك . هذا كل ما في الأمر"

Rehana 26-11-19 08:30 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
فسألها بمرح " أي نوع من الرجال بدوت لك حينذاك ؟"
اخذت تفكر في ما عليها ان تجيبه , ثم نظرت إليه بعينين حالمتين واجابت " نوع الرجل الرجل "
- وهذا النوع لا يطهي الطعام ؟
- لا أدري.
كان الرضا يتملكها , وشعرت بأمان زائف ما جعلها تنسى الحذر , فقالت " لعلع يطهي الطعام . أنت تفعل ذلك, وغيرك , كما أظن "
فسألها بلطف " وماذا عن وليام ؟ ألم يدللك بتحضير الفطور لك؟"
- لم أتناول الفطور مع وليام قط . لم اتناول الفطور مع أي رجل.
تناولت المزيد من الطعام ثم تحدثت بما يجول في رأسها من دون أن تفكر بما تكشفه " أظن أن على الشخص أن ينام مع الآخر لكي يتناول الفطور معه "
تردد لحظة قبل أن يقول " هذا صحيح نوعاً ما "
كان في صوته معنى نزل على كوري كدلو مليء بماء بارد . وبعد وقت طويل , أدركت أنه كان بإمكانها أن تنقذ الوضع لو لم تفقد سرعة بديهتها وتركيزها .
حملقت فيه بعينين مذعورتين , وهتفت قبل أن تدرك أن هذا سيزيد الأمور سوء " لكن هذا لا يعني أنني لم لم أتلق الكثير من العروض"
وقفزت واقفة ثم خرجت كالجبناء " أين الحمام من فضلك ؟"
- أول باب إلى يمينك .
انطلقت هاربة . وفي الحمام وقفت ثوان عدة شاعرة بالتعاسة , قبل ان تلاحظ ما حولها رغم الدوامة الهائلة التي تطبق عليها . وتملكتها الرهبة . كان لون الأرض والجدران الأبيض قد امتزج باللون الأزرق الداكن. ورأت تمثالين من الغرانيت يقفان على جانبي حوض الاستحمام فضلاً عن رخارف بيضاء وزرقاء تعلوه . كان السقف مؤلفاً من الزجاج ما جعل هذا الحمام بعيداً عن الاعتدال.
غسلت يديها وجففتهما وهي تنظر إلى السقف مرة اخرى , ثم انتقلت عيناها إلى حوض الاستحمام الذي يتسع بسهولة لاثنين , إن لم يكن أكثر. لا شك في أن هذا الحمام صمم لأمور أخرى وليس لمجرد الاستحمام . وضعت كفيها على خديها الساختين . ما أفضت به إلى نيك مذل, فهولن يفهم شعورها .
بقيت في الحمام قد إمكانها , لكنها انتصبت واقفة ورفعت رأسها أخيراً . عليها ان تذهب وتواجهه , لتنتهي من الأمر. وتنفست بعمق . لا مزيد من الطعان أو من الأحاديث الطويلة , أو أي شيء آخر.
وجدته جالساً حيث تركته لكن الأطباق المتسخة أزيلت وحلت مكانها أطباق الحلوى . وعندما جلست ابتسم بسهولة " الحوى هي آيس كريم مع كريما الشوكولا"
نسيت كوري ارتباكها وهي تحدق في طبق الحلوى أمامها وسألته بحيرة " هل حضرت هذا بنفسك ؟"
- تقريباً . لقد ساعدني صاحب المتجر المجاور.
وتوترت ابتسامتها. لم تشأ أن تأكل معه الحلوى في هذا المطبخ المتألق بل أرادت أن تذهب إلى بيتها وتعالج جراحها .
حالما أنهت الحلوى , نزلت عن كرسيها قائلة " عليّ أن أذهب البيت وأنجز ذلك العمل . شكراً على هذا اليوم الجميل . سأستأجر سيارة أجرة عند زواية الشارع "
- لا تكوني غبية , سأرافقك.
- لا حاجة لذلك .
فوقف وهو يتنفس " أنا قادم معك"
بدا صوته كمن يحاول ان يقنع صبياً عنيداً مزعجاً , فنظرت إليه لكنه بادلها النظر بثبات . بدا لها ضخماً بالغ السمرة فلم تستطع أن تمنع نفسها من النظر إلى فمه عندما سكت .

Rehana 26-11-19 08:30 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
ابتلعت ريقها وهزت كتفيها وقالت وهي تبتعد " كما تريد "
في اللحظة التالية كانت يداه القويتان تمسكانها من كتفيها وتديرانها إليه ليقول بنعومة " وأنا أريد ذلك "
دس وجهها في عنقه ثم احتضنها بقوة بالغة فيما وقفت هي جامدة تماماً. كان قلبها يخفق عالياً وقد انحبست أنفاسها. عواطفها المشبوبة التي تشتعل كلما لمسها هذا الرجل اخذتها على حين غرة مرة اخرى .ومالبثت ان اندفعت شكوكها ومخاوفها عائدة إليها .
حدثت نفسها بصمت بأن تتصرف بعدم اكتراث وان تنهي هذا الأمر بمقدار من احترام النفس , عله يتذكرها كالفتاة التي لم تستسلم له .
انتصبت واقفة , واخذت تسوي شعرها ضاحكة بمرح قبل أن تقول " طعام لذيذ , وحلوى شهية , أنت شخص سيء التأثير"
- هذا ما أرجوه . ولكن ما زال أمامنا مشوار طويل .
الدفء الواضح في عينيه جعل وجنتيها تحمران .
نظرت إليه بحذر , لكنها لم تحب . المكان الوحيد الذي ستذهب إليه الآن هو بيتها . ومن الليلة فصاعداً, ستحرص على أن ترفض أي دعوة من نيك مورغان , هذا إذا طلب منها أن يراها مرة اخرى .
قالت بوجه مشرق " هل نبحث عن سيارة أجرة الآن ؟"
في الطريق إلى شقة كوري لم يتكلما كثيراً, لكن الجو في المقعد الخلفي من السيارة بدا مشحوناً بالكهرباء , بالنسبة إليها على الأقل . أما نيك فجلس وذراعه حولها ويده الملقاة على كتفها بشعرها , بينا مدّ ساقيه الطويلتين أمامه.
لم يكن عناقه يعني شيئاً , وازداد التراجع في ذهنها وهي تحاول إقناع نفسها بتفاهة ما يحصل بينهما , وبأن عناق امرأة بالنسبة إلى رجل مثل نيك هو عادة اجتماعية .
لماذا ابتعد عنها ؟ هذه الفكرة التي راودتها عندما غادرا شقته , بقيت تخزها فهي ليست من ابتعد اولاً. واعترفت بتعاسة بأن هذا ما كان ينبغي ان يحدث , لكنه لم يحدث . هل السبب يعود إلى ما كتشفت عنه من دون وعي؟ إلى حقيقة أنها لم تعاشر أي رجل ؟ هل هذا ما جعله يتجنبها ؟
هل شعر بأنه لا يريد أن يزعج نفسه بامرأة عديمة الخبرة مثلها ؟ أو لعله رآها عنيفة المشاعر , سرعة التأثر , و... غريبة الأطوار نوعاً ما ؟
استمرت أفكارها تدور وتدور حتى توقفت سيارة الأجرة أمام المنزل. وإذا بالذعر يتملكها لفكرة أنها لن تراه مرة اخرى . ذعرها هذا سخافة بالغة ... لكنه , ومع ذلك كان موجوداً.
- سأوصلك إلى بابك.منتديات ليلاس
هذه المرة لم تعترض. وطلب من سائق السايرة أن ينتظر , ثم رافقها على الرصيف وتبعها إلى داخل المبنى بعد أن فتحت الباب الأمامي.
عندما وقفا أخيراً أمام باب شقتها , رفعت بصرها إليه . كيف استطاع أن يصبح جزءاً من حياتها في يومين ؟ هذا مخيف , مخيف جداً.
قال بخشونة " لا تنظري إليّ بهذا الشكل"
سألته وقد جرحت كبرياؤها كبرياؤها لنبرته الغاضبة " أي شكل ؟"
- كأنك تعتقدين أني سأعاملك بعنف , وأؤلمك .
لقد توقعت فعلاً أن يؤلمها إذا تورطت معه , ولكن ليس جسدياً.
- يا لجهنم , يا كوري.
وثار غضبه فجأة , ويان ذلك عليه .
- امنحيني فرصة , أرجوك . لا أدري كيف تصرف وليام معك, لكنني لست هو . قد يبدو هذا واضحاً لكنني أرغب في أن أقوله .
فقالت وهي ترتعش " أعرف أنك لست هو "
- أحقاً ؟ لا أظن ذلك. لم يحدث هذا بعد .

Rehana 26-11-19 08:31 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الرابع )
 
ثم أضاف ما فكرت فيه من قبل " إنهما يومان فقط , لكني أشعر وكأنني أعرفك منذ مدة أطول بكثير ... بكثير . هل تشعرين بذلك أنت أيضاً ؟"
أرادت أن تنطق بتعليق ذكي ثم تتركه يذهب في طريقه , أو أن تهز رأسها نفياً على الأقل . لكنها وبدلاً من ذلك, أومأت إيجاباً.
- وهل تعتبرين فوق العمر مشكلة .
- ماذا ؟
كان هذا آخر ما توقعت أن يقوله .
فسألها برقة " أنا أكبرك بعشر سنوات , فهل يزعجك هذا ؟"
لم تعرف ماذا تقول . ثمة ما يحدث هنا , أمر لا يمكنها التحكم فيه . هزت رأسها لأنها لم تستطع الكلام حتى ولو لإنقاذ حياتها .
فتابع يقول " ستقولين إننا نعيش في عالمين مختلفين , أليس كذلك؟"
لم تكن تنوي أن تقول هذا , لكنها رأته صحيحاً الآن بعد أن ذكره .
قال بهدوء " وأنت على حق . في السنوات الثلاثة عشرة الأخيرة عملت دون هوادة وأحببت كل دقيقة من ذلك . وكل امرأة عاشرتها عرفت الهدف. في البداية كنت من الحزن على جوانا بحيث حرصت على إبقاء علاقاتي النسائية في حدود حسية . مرح, صداقة , لكن من دون التزام عاطفي. ومع مرور الوقت , وجدت أني ابتدأت أحب هذا النوع من الحياة , ولم أعد أعتمده لجوانا . كانت رغبتي في الحرية , والاستقلال الذاتي , عنيفة وقوية "
حدقت فيه بعينين متسعتين . أتراه أصبح بهذه القسوة والعنف ؟ أتراه يعني أن أي علاقة بينهما ستقتصر على ما أورده وتدوم ما شاء لها هو أن تدوم ؟ يبدو أن نساءه الأخريات كن سعيدات بذلك.
وإذا به يمحو هذه الفكرة من ذهنها بقوله " لعلك امرأة عاملة , لكنك لست مثلهن , أليس كذلك ؟ أنت تفكرين بشكل مختلف "
كل هذا بسبب ما أخبرته به سهواً قبل تناول الحلوى . وهو أنها عديمة الخبرة , هل هذه هي طريقته في إخبارها أنه لن يراها بعد الآن لأنها ليست كالأخريات ؟ وبالتالي ليست ما يريده ؟
رفعت رأسها وقالت " نيك ..."
لكنه أسكتها بوضعه إصبعه على شفتيها " جئنا نحن الاثنين من بيئتين مختلفتين , لكنك تعلمين كما أعلم أنا أن ثمة شرارة بيننا . إنها موجودة عندما ألمسك وموجودة عندما لا ألمسك , وأنا أحب ذلك . إنها تجعلني أشعر بأنني حبي . لم أدرك أنني في طريقي إلى الذبول حتى عرفتك . لذا . ما رأيك في أن نتقابل من وقت لآخر ... ونرى كيف تسير الأمور بيننا ؟ سنجد حواجز بكل تأكيد , لكننا سنزيلها تدريجياًونرى ما سيحدث , ما رأيك؟"
كل خلية في كيانها طلبت منها أن تقول كلا , فهذا هو المعقول والتصرف الآمن. لقد سارت في هذا الطريق من قبل مع وليام فانتهى بكارثة وهذا ما سيحدث الآن ايضاً. إنها تدرك ذلك من كل قلبها . سيتملك نيك الضجر منها , وهذا ما لا يمكن تجنيه مع رجل مثله , لذا , فكلمة كلا هي الجواب الوحيد.
لكنها لم تستطع أن تقول ذلك . لم تستطع أن تطلب منه أن يرحل ويبتعد عنها . ليس الآن .
لم تدرك كوري أن مشاعرها هذه على ملامحها ترتسم. لكن عندما جذبها إليه , أدركت أنه تكهن بما تشعر به . وسألها " وهكذا , هل نبدأ ونرى ؟ ما رأيك ؟"
نظرت في أعماق العينين الزرقاوين , ومن مكان ما وجدت القوة لتكون هادئة مثله وتقول " أظن أنه من الأفضل أن نجرب ذلك لفترة ولو لنحول دون ذبولك "

نهاية الفصل

Rehana 29-11-19 08:09 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
5 - وداع مؤجل

- آه , يا حبيبتي , هذا رائع للغاية . كم أنا مسرورة , ألم أقل لك إنك بحاجة إلى حبيب , ولو لإغاظة وليام ؟
ابتسمت كوري لعمتها . وقالت بلطف كيلا تخيب أمل عمتها " أولاً, نيك ليس حبيبي . نحن فقط سنخرج معاً احياناً , وهذا كل ما في الأمر . وبما أنني لم أر منذ ثلاث سنوات , لا أظن أن ما أقوم به سيؤثر فيه مقدار ذرة . لم يهتم بي عندما كنا معاً. كما أثبت جيداً ولا أظنه يهتم الآن "
- ماذا تعنين بقولك إن نيك ليس حبيبك ؟ قلت إنه يريد أن يراك . هل هذه إحدى تلك العادات تلك العادات العصرية حيث يفعل هو ما يريد وكذلك أنت ؟
- ليس بالضبط.
في الحقيقة , لم تكن واثقة من الصفة التي يمكن أن أتطلق على هذا الأمر لكنها لم تستطع أن تعترف بذلك . وقالت العمة بحزم " أحب أن أتعرف إليه "
توترت اعصاب كوري . لم تقابل جوان وليام سوى مرة واحدة ثم حدثت تلك المصيبة ما جعلهما لا يكرران هذا اللقاء . وقالت بتذمر " أنا نفسي لم أره سوى مرتين , فكيف اطلب منه أن يأتي إلى هنا ؟"
سمرتها جوان بنظرة تعني أنها لن تغير رأيها " إنها مجرد دعوة على العشاء"
فقالت كوري بحزم " ليس الآن "
ربما لن يحدث هذا أبداً. إنها تتوقع أن ترافقه إلى المسرح في منتصف الأسبوع , وقد سبق وأعدت نفسها لإمكانية أن تتغير الأمور بينهما حتى ذلك الحين. العطلة الأسبوعية التي أمضياها معاً كانت جيدة . لكنها لن تسمح لنفسها بالاستسلام للحماسة . لن تتوقع شيئاً من هذه العلاقة التي ليست علاقة في الحقيقة . فهي فتاة عادية .
أمضت معظم النهار في بيت أسرة ليس لديها فكرة عن النظافة الشخصية أو اللياقة الاجتماعية , في محاولة منها لأن تتأكد مما إذا كان الوالدان قد أهملا الأولاد عمداً أم أنهما يفتقران إلى الحد الأدنى من المعرفة في مجال العناية بالاطفال .
كانت قد عادت إلى البيت منهكة تفوح منها رائحة غير عادية تغللت في ملابسها وشعرها وأظافرها . وبعد أن غسلت شعرها واغتسلت , ذهبت إلى عمتها لتتناول العشاء كما تفعل كل يوم اثنين.
يمكنها أن تتصور رد فعل نيك لو رآها قبل قيلي . وكادت تضحك في سرها . نيك, صاحب تلك الشقة الفخمة, والسيارات , والملابس المصممة له خصيصاً , والأناقة التي لا تشوبها شائبة . لا ... إنهما بعيدان جداً عن بعضهما البعض , ولن يكون لتجربتهما تلك أي نتيجة . إنه أشبه بنجم يتألق في السماء بينما هي أشبه بمفرقعة خامدة.
وقالت عمتها ترد عليها " ليس الآن ؟"
وأصرت جوان " متى إذن ؟ أنا المسؤولة عنك في غياب والديك"
قهقهت كوري ثم قالت بشيء من المرارة " أنت تعلمين كما أعلم أنا أن أبويّ بالكاد كانا ينتبهان لوجودي . وما كانا ليطلبا مقابلته "
- تباً لهما.منتديات ليلاس
وتنهدت جوان وهي تتأمل وجه الفتاة الجميل متسائلة كيف يمكن لشخصين ذكيين مثل والدي كوري ألا يريا احتياجات ابنتهما.
وعادت تقول " لكنني أشعر بالقلق عليك بالرغم مني. أعرف أنك امرأة عصرية يمكنها التحكم في حياتها ومصيرها ... ومع ذلك ..."

Rehana 29-11-19 08:09 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
لم تكن كوري واثقة من مسألة التحكم في حياتها هذه . وقالت بهدوء تسترضيها " ربما خلال شهرين "
إذا كانا لا يزالان يتقابلان حيذاك , وهذا ما تشك فيه . وتسارعت خفقات قلبها بعد قولها هذا ما أقلقها . وقالت جوان برضى بالغ " سأذكرك بوعدك . والآن , تناولي مع قهوتك قطعة من الكعك الذي حضرته عصر هذا اليوم . لقد تعلمت حقاً طريقة طهي القبّرة, أليس كذلك يا روفوس؟"
فقالت كوري ساخرة " ستجدان أنت ونيك الكثير لتتحدثا عنه"
وهذا ما حدث بعد شهرين حيث كانت هي ونيك يتقابلان كل ليلة تقريباً ... وجدت كوري نفسها تراقبه وهو يكتسب مودة عمتها بظرفه .
وصل إلى البيت حاملاً معه مجموعة ضخمة من الأعشاب في أوان صغيرة للزرع , متمتماً لكوري التي سبقته لتساعد عمتها في إعداد العشاء " فكرت في أن هذا أفضل بكثير من الأزهار "
وكان روفوس قد قفز يستقبل نيك وكأنه صديقه الشخصي , فجلس عند قدميه طوال العشاء , ثم تمدد بجانب كرسي عندما قصد الجميع مستنبت جوان ليطلا منه على حديقتها الصغيرة البديعة.
كانت الأبواب مفتوحة على أمسية من أمسيات شهر آب الدافئة . وعندما ابدأ نيك وعمتها حديثاً مطولاً عن بعض الأعشاب التي تضاف إلى أطباق معينة , وجدت كوري نفسها وقد ابتدأت تنعس . كان العمل هذا الاسبوع شاقاً , مع حالة مؤلمة بشكل خاص. والآن , هذه الوجبة والكرسي المريح وأشعة شمس المساء الناعمة والإحساس العام بالسعادة , كانت مغرية للغاية.
أيقظتها لمسة على خدها . فتحت عينيها ولم تجد عمتها فسألت نيك عنها بصوت ناعس.
- عمتك أخذت روفوس للتمشي قليلاً في الحديقة العامة . لقد تعرف روفوس إلى أوسكار وهي كلبة إنجليزية وإلى بيرينويكل وهو كلب ألماني.
وتغير لهجته وسألها برقة " هل تملكك الضجر؟"
- الضجر ؟
وحملقت في هذا الوجه الوسيم الصلب الملامح وتساءلت إن كان يعرف مقدار جاذبيته . واجابت " كميف يمكن لأحد ان يشعر بالضجر وهو يصغي إلى حديث عن الزعتر والحبق أو الجبن المخثر والزبدة "
كان معتاداً على سخريتها هذه . وكانت قد قررت منذ بداية صداقتهما , انه من الأفضل لها أن تتماسك كيلا تقع أسيرة جاذبيته .
ضحك لها فحبست أنفاسها لرؤية عينيه الضاحكتين المثيرتين , وقال برضى بالغ" لكن هذا نجح . اصبحت عمتك عجينة طرية بين يدي"
وهي ايضاً , لكنها لن تجعله يعلم هذا . وقالت بجفاء " سأصحح معلوماتها في المرة القادمة "
- تعالي.
وجذبها فوقفت واخذها بين ذراعيه قائلاً بصوت أجش " أردت أن أفعل هذا طوال السهرة "
وكان عناقه عنيفاً جائعاً مثل عناقها . إن حالهما كذلك دوماً . لم يكن هذا حالها مع وليام.
وقفا متعانقين يترنحان قليلاً فيما قلبها يخفق عالياً , إنه يعلم تماماً أي زر عليه أن يضغط وكيف. كانت تعلم أن أي علاقة مع هذا الرجل تجربة لن تنساها , وستجعلها رهينته إلى الأبد.
- من المؤسف أن وقت عودة عمتك حان .
كانت عيناه قد استحالتا إلى زرقة أعمق من العادة فابتسمت له وقد تملكتها الإثارة والبهجة وهي تدرك مقدار رغبته فيها .
مر بإصبعه على خدها فارتجفت .
- أنا أريدك يا كوري . وأنت تريدينني . ولكن ليس للحظات خاطفة أو أمسية هنا وهناك.

Rehana 29-11-19 08:11 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
كلمة أريد خطرة , وأحتاج إليك أكثر خطورة . وحدقت فيه بعينين متسعتين , فقال برقة بالغة " أنا أحبك . هل تحبينني ؟"
كانت تعلم أنهما سيصلان إلى هذا يوماً ما . كان الصيف رائعاً . وكل يوم يمر بمثابة شرك معقد يلصقهما ببعضهما البعض لكن الهوة التي بينهما ما زالت بالاتساع نفسه . لقد تحدث عن الحب ولكن ما يعنيه حقاً هو أنه يرغب فيها , ليس جسدياً فقط, فهي تعلم أنه ليس بغباء وليام وهو يستمتع حقاً برفقتها . لكن استمرار ذلك ...
وتراجعت بين ذراعيه قليلاً إلى الخلف , لتنظر إليه . عليها أن تكون صادقة هنا فهذا هو السبيل الوحيد , لكنها خشيت أن تجعله يضجر منها . وقالت بحذر " أنا لست واثقة من أنني أعرف ما هو الحب . عرف أبويّ هذا الشعور الي سمياه حباً. لكنه , بالنسبة إليّ كان أقرب إلى الهاجس . لقد جعلهما قاسيين على ... الآخرين حتى من دون وعي منهما "
- عليك ؟
لم يطلقها من بين ذراعيه وضاقت عيناه وهو ينظر إلى وجهها الشاحب من فيض المشاعر فأومأت وقالت " إحدى صديقاتي في اجامعة قالت لي أنه مقدر عليّ منذ الولادة أن أكون عدم جديرة بالاحترام وغير محبوبة ابداً. حينذاك , كرهتها لما قالته . لم تكن صديقة جيدة وقد اعتادت أن تحلل شخصية الكل لأنها تدرس علم النفس. لكن , لعلها كانت على حق"
شتم نيك لكن بدا واضحاً انه صدمها . وقال بخشونة " طردي هذا من ذهنك . هذه تفاهة وتلك المرأة تستحق أن تسجن "
- لقد حصلت على الدرجة الاولى .
- وستكون مثاراً للسخرية إذا وضعت يديّ عليها . اصغي إليّ يا كوري. أنت من يصنع الحياة . انظر ي إلى لوسيندا , جسم تلك المرأة خلف للإنجاب... إنجاب اطفال إيطاليين أصحاء وكبيري الحجم ... ولكن هل بإمكانك أن تقولي إنها تمضي حياتها بالتعاسة والحزن؟ انظري إليها في حفلة عيد ميلادها , كانت سعيدة وأسعدت الآخرين .
وكانا قد امضيا وقتاً طويلاً في الحفلة .لكن كوري قالت " إنها لا تعاني من أي تشوش في المفاهيم أو كبت . إنها تثق به"
- هذا صحيح تماماً. ولكن إذا استطاعا إنجاب اطفال فسيفيض حبهما ليشمل كل طفل . أنت تدركين هذا أليس كذلك ؟ لأن حبهما حقيقي , وليس أنانياً او مقيداً. أنت قلت بنفسك إن ما كان بين والديك مجرد هاجس وليس حباً . لذا, ما الذي يجعلك تهتمين بكل ما قالاه او فعلاه ؟ أنت محبوبة طبعاً . تباً ! بإمكاني أكلك حية.
لم تبادله ابتسامته . كيف يمكنها أن تفسر له أنها تعلم في اعماقها أنه يوماً ما سيفقد رغبته فيها ؟
ليس لديها القوة لتلهم احداً حباً حقيقياً . إذا لم تستطع أن تلهم والديها الحب فلم يحبها أحد آخر؟ وقالت بفتور " قال لي وليام إنه يحبني "
- كان وليام رجلاً قذراً.منتديات ليلاس
فرفعت إليه عينين معذبتين " لا يمكنك أن تقول هذا فأنت لم تقابله قط"
- دعينا نرجو ألا أقابله , وذلك لمصلحته . كوري , ذلك الرجل كان يسعى خلف علاقة جنسية فخدعك . ثمة كثيرون مثله , لكننا لسنا جميعاً بهذا الشكل . أنا لم ولن أكذب عليك قط.
هذا صحيح , لكن هذا لن يخفف من وطأة الأمر عليها عندما يمل منها . يمكنه أن يحصل على أي امرأة تعجبه , فما الذي يجعله يبقى معها ؟
- أنت تظنين أنني سأعاملك كما عاملك وليام , إذا سمحت لنفسك بأن تحبيني , أليس كذلك ؟

Rehana 29-11-19 08:11 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
شعرت به يكافح ليحافظ على هدوئه فلم تستطع أن تلومه . تمنت لو يطلق سراحها من بين ذراعيه لكي تستطيع أن تفكر بوضوح وهزت رأسها " أخبرتك بأنني لا أظنك مثله . ربما في البداية , ولكن ليس بعد أن عرفتك"
- وما هي المشكلة إذن ؟
- أنا هي المشكلة .
قدوم رفوس المفاجئ , تتبعه جوان وهي تنادي بأنها عادت, جعلها تقفل هذا الموضوع . نالت كوري ما تمنت لأن نيك أطلق سراحها . انحنت تمر بيدها على رأس روفوس بينما دخلت جوان مسرعة " آسفة لأنني تأخرت . والآن , القهوة أليس كذلك ؟ أريدك أن تتذوق الكعك الذي حضرته يا نيك"
اعتذرت كوري وتركتهم يتحدثان , وعندما وصلت إلى حمام عمتها الأنيق بلونيه الوردي والتبني , اقفلت الباب خلفها وجلست على حافة الحوض. كانت ترتجف دون توقف . لقد قال إنه يحبها , لكن لعله قال هذا لكل النساء اللاتي عرفهن في الماضي . والحب لا يعني دوماً الوفاء او البقاء معاً, أو الثقة .
تخللت شعرها بأصابعها وهي تئن . أتراها تتصرف الآن بتملك أكثر مما ينبغي ؟ آلاف النسوة في العالم يسعدهن أن يقدمن أنفسهن له من دون أي وعود او عهود , فإذا ساءت الأمور بينهما , يكفكف كل منهما دموعه , وينهض من كبوته , ثم يستأنف مسيرته.
نهضت وسارت إلى المغسلة حيث غسلت يديها بصابون ذي رائحة عطرة ثم نشفتهما بمنشفة وردية مطرزة , وفي أذنيها طنين.
عندما تركها وليام بذلك الشكل , لم تتحطم . لعلها بكت في داخلها , لكنها صرفت بأسنانها وواجهت العالم كله بشخصية كوري الطبيعية . وحدها عمتها أدركت الجرح الذي خلفته خيانته.
لم تسلم نفسها لوليام طبعاً لكنها إذا بقيت مع نيك فقد تفعل ذلك . رفعت رأسها وحدقت في الفتاة الواسعة العينين التي نظر إليها في المرآة . إنها تحبه , وواجهت هذا الواقع لأول مرة . لقد كذبت عليه في الطابق الأسفل إذ عرفت ما هو الحب منذ دخل نيك حياتها . والشعور الذي ظنته حباً لوليام لم يكن سوى نسخة باهتة عن شعورها الحالي نحو نيك . عندما عاملها وليام بذلك الشكل , جرح كبرياءها واحترامها لنفسها , لكن قلبها لم يتحطم .
عادت تجلس على حافة الحوض , ومضت تنظر إلى الجدار الوردي من دون أن تراه فعلاً . حسناً... إلى اين سينتهي بها الأمر ؟ لقد قال في الطابق السفلي إنه لا يريدها للحظات قصيرة أو أمسية متفرقة , ويمكن ان ينتهي أمرهما بالعيش معاص. ماذا سيحدث لها إذا... افترقا؟
سرت البرودة في عروقها بالرغم من دفء ليلة شهر آب , وارتجفت . أي نوع من الآلام ستعانيها حينذاك ؟ كيف ستتمكن من لملمة حطام قلبها لكي تتابع طريقها ؟ صحيح أنه سيكون لديها عملها , لكن هذا بدا لها غير هام على الإطلاق.
اغمضت عينيها بشدة , وحاولت أن تفكر إنها تخشى أن تهتم بأحد او أن يهتم بها أحد, وهذا ما سيسفر عنه هذا الغليان كله . نيك سيتوقع منها أن تثق به وهي كذلك . لن يخونها اثناء وجوده هذا الغليان كله . نيك سيتوقع منها أن تثق به وهي كذلك . لن يخونها اثناء وجوه معها فهو ليس من هذا النوع . لكن ماذا لو لم يعد يحبها وأحب امرأة رائعة مثيرة من النساء اللوتي يراهن يومياً.
واخذت نفساً مرتجفاً. لم تتوقع أن تستمر علاقتهما فترة طويلة . بدا جلياً منذ بداية تعارفهما أن عمله هوحياته , وللنساء مكانهن المناسب الذي قرره لهن . إنه بحاجة إلى استقلال ذاتي , من دون أي تعقيدات في حياته العاطفية .
ازدياد الضغط في مكان ما من صدرها , جعل تنفسها صعباً. لقد أدركت منذ البداية أن عليها أن تتركه منذ أول عطلة أمضياها معاً. لكنها اخطأت التصرف. ظنت أن نيك هو الخطر , بينما شعورها نحوه هو الذي كان كذلك.

Rehana 29-11-19 08:13 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
لا يمكنها أن تكون كما يريد. نهضت واخذت تتمشى ذهاباً وإياباً . لن تستطيع أن تدعه يذهب على الإطلاق فستستحيل الأمور مشوشة كريهة مخيفة . فهذا ما يحدث يوماً.
وتوقفت عن السير وجمدت مكانها . لن تسمح لذلك بأنه يحدث وعليها ان تتمالك نفسها الآن . وابتسمت باكتئاب.
كان نيك وعمتها جالسين يأكلان الكعك ويشربان القهوة حين انضمت إليهما . قالت عمتها وهي تنظر إليها " سامحينا إذ لم ننتظرك يا حبيبتي , لكنك تأخرت "
وما لبثت أن عقدت حاجبيها بقلق مضيفة " هل أنت بخير يا كوري ؟ تبدين شاحبة للغاية"
- لدي صداع .
وكان هذا صحيحاً إذ كان رأسها ينفجر من الألم . هبت عمتها واقفة " أنا آسفة يا حبيبتي . سأحضر لك الأسبرين "
عندما توارت جوان في المنزل , مال نيك إلى الأمام وأمسك بيديها ثم قال بهدوء " يداك باردتان . لابد أنك منزعجة من شيء ما . أتريدينني أن آخذك إلى بيتك؟"
ما تريده هو أن تدير عقارب الساعة إلى الوراء إلى ما قبل أن تعرفه . إلى وقت لم يكن قلبها يخفق فيه بشكل جنوني بل اعتادت أن تسير بخطوات ثابتة في الحياة . أومأت ثم اجفلت حين أثارت هذه الحركة ألماً في عينيها . إنه داء الشقيقة الذي لم يصبها منذ سنوات . عندما ابتلعت الأسبرين وودعا عمتها , كانت الاضواء ابراقة تومض في مقلتيها . كانت كوري تعرف هذه الأعراض , فقد عانت من هذا الداء في الجامعة وقد رده الطبيب إلى ضغط نفسي مفرط . سيتملكها الغثيان , فهي تشعر بجيشان في معدتها .
تعثرت عندما ساعدها نيك على الصعود إلى السيارة , ولم تعترض حين وضع لها حزام الأمان .
- أنت بحاجة إلى طبيب.
بدا لها صوته مرتفعاً وكأنه يصيح فقد أصبح سمعها مرهفاً للغاية .
همست من بين شفتين خدرتين , وهي تدعو الله ألا تتقيأ في سيارته الجميلة " إنها مجرد شقيقة "
- هل تصابين بها غالباً؟
كان صوت محرك السيارة خفيفاً في العادة , لكنه بدا لها الآن وكأنه صوت محرك طائرة تستعد للإقلاع. وأجابت " لا , ليس غالباً"
وتمنت بصمت ألا يجعلها تتكلم. ولابد انه سمع توسلها الصامت فسكت , وخرج من طريق منزل عمتها نحو الطريق العام, بهدوء وبطء. حتى في غمرة ألمها , شعرت بالامتنان لقيادته هذه . عندما وصلا إلى شقتها , هرعت إلى الحمام حيث تقيأت الطعام اللذيذ الذي تناولته عند عمتها . وشعرت بنيك يساعدها على الوقوف ثم يستخدم منشفة مبللة يمسح بها وجهها .منتديات ليلاس
وهمست بألم " سأتحسن . شكراً أنا أتقيأ سوى مرة واحدة . عليّ فقط أن أخلد إلى النوم مدة أربع وعشرين ساعة "
لم يجب بل أمسك بذراعها يقودها إلى السرير وكأنها سيدة عجوز ضعيفة . وهذا ما شعرت به كوري.
وعندما جلست في سريرها , قالت " أنا بخير الآن . اذهب أنت "
- أنت لست بخير أبداً. وأنا واثق من أن هذه ليست أعراض داء الشقيقة . ماذا لو كان هذا تسمماً أو ما شابه .

Rehana 29-11-19 08:15 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
- ستعشق عمتي قولك هذا.
- لا علاقة لهذا بطعامها لأننا أنا وعمتك لم نتأثر بالطعام . ماذا تناولت على الغداء ؟
لم تشأ أن تتكلم حالياً لكنها أرغمت نفسها على أن تجيب همساً " همبرغر , وكان ممتازاً . لقد قلت لك إنه داء الشقيقة . والآن , إذا لم يكن لديك مانع , أريد أن أذهب إلى السرير "
- سأساعدك , أين ملابس نومك؟
فتحت عينيها وسرعان ما تمنت لو أنها لم تفعل هذا لأن إشعاعاً قوياً ضرب دماغها . وقالت بضيق , مجفلة عندما ضاعف صوتها قرع الطبول في رأسها " أنا قادرة تماماً على خلع ملابسي بنفسي . والآن اخرج ودعني أنام"
- سأنتظر في الخارج حتى تصبحي في السرير.
بعد أن انغلق الباب , خلعت كوري ملابسها من دون أن تفتح عينيها . لم تبحث عن ملابس النوم الموضوعة في الخزنة بجانب السرير الصيفي وهي تتنهد ارتياحاً.
بعد لحظات سمعت الباب ينفتح ثم صوتاً عميقاً بجانب سريرها يقول " ثمة كأس ماء بجانبك إذا عطشت "
- شكراً , اذهب الآن وحسب .
- هل تشعرين بما يكفي من الدفء؟ كان جسمك بارداًمنذ قليل .
في الواقع , كانت لا تزال تشعر بالبرد . ودار جدال في رأسها عما إذا عليها أن تعترف له بذلك أم تدعه يذهب إلى بيته . وأخيراً , قالت وعيناها مغمضتان " ثمة زجاجة ماء ساخن في درج الخزانة "
ساد الصمت لحظة قال بعدها " وجدتها "
وسرعان ما عاد , فمدت له يدها من تحت الغطاء " شكراً"
شعرت بحالتها تزداد سوءاً , فأسبرين عمتها لم ينفعها أبداً.
- أيمكنني القيام بشيء آخر؟
فقالت وقد ادركت أنها كانت خشنة معه " لا , شكراً"
- سأتركك إذن لتنامي .
وسمعت الباب ينغلق .
استلقت جامدة لأن أقل حركة تزعجها جداً. وبعد دقائق عدة سمعت صوت الباب الأمامي للشقة يغلق . لقد ذهب واسترخت عضلاتها المتوترة . إذا تقيأت مرة اخرى . فستفعل ذلك من دون متفرجين !وعنفت نفسها لأنها كانت كريهة معه بينما هو يحاول أن يساعدها . لكنها كذبت عليه عندما قالت له إن الغثيان يحدث مرة واحدة فقط , إذ غالباً ما يتكرر مرتين أو ثلاث . وأن تتقيأ أمامه لم تكن الصورة التي تريده ان يحملها معه إلى بيته .
لابد أن مفعول الأسبرين كان محدوداً , لأنها أخذت تهوم ناعسة فترة . ولم تدرك كم أمضت في السرير حين شعرت برغبة في الذهاب إلى الحمام .
ألقت بالغطاء جانباً وحاولت الوقوف على قدميها , لكنها ارتكبت غلطة حين فتحت عينيها . لم تحاول مرة اخرى , ووصلت إلى الحمام من دون حادث , وشعرت بموجات الغثيان تهدأ. تحسست خلفها بحذر بحثاً عن حوض الاستحمام ثم جلست على حافته لتقرر ما إذا كانت تجرؤ على العودة إلى السرير.
- ماذا تفعلين ؟
فاجأها سماع صوت نيك ففتحت عينيها ما جعل آلاف الخناجر تخترق دماغها , وقالت غاضبة بصوت أجش " ماذا ... أفعل ؟"
سوت ملابسها , وهي تتابع " ماذا تفعل هنا؟ سمعتك تذهب منذ اجيال"

Rehana 29-11-19 08:15 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
راحت تحملق فيه ووجهها متوهج, فقال برباطة جأش وثقة بالغة بالنفس " ذهبت إلى الصيدلية لإحضار دواء أشد فعالية من الأسبرين . وكنت سأعطيك حبتين منه عندما تستيقظين "
- هل كنت هنا طوال الوقت ؟
وعادت تغمض عينيها , اولاً لأن الألم عاودها أقوى من أن يحتمل , وثانياً لأنها لم تجرؤ على النظر إليه لحظة أخرى . لقد رآها في شكل غير جميل أو شاعري , بل بدت وكأنها تشارف على الموت . كما أنه أضاء النور عندما دخل إلى الحمام.
- كنت جالساً على كرسي في غرفة الجلوس.
ليته بقي هناك!
قال بكل راحة وكأنه لم يجعلها منذ لحظات تمر في أسوأ لحظة في حياتها " هيا , عودي إلى سريرك وسأحضر لك شراباً ساخناًكي تبتلعي حبتين من هذه الحبوب "
حملقت فيه وفوجئت حين رأت لحيته النابتة السوداء التي جعلته يبدو جذاباً أكثر من العادة.
- إنها الثالثة صباحاً. إذا تناولت الدواء الآن فستشعرين بالتحسن قرابة وقت الغداء . أنا واثق من أن هذه الحبوب ستتغلب على المرض بسرعة البرق.
وقفت على قدميها وهي ترتجف , وسمحت له بأن يقودها عائداً بها إلى سريرها لأن هذا أسهلمن الجدل. وفي فراشها استلقت تصغي إلى الأصوات الآتية من المطبخ . لكن الألم عاد مرة اخرى بعد ان زال شعورها بالحرج لكنها تأكدت من التفاف غطاء السرير حولها جيداً عندما جلست لتتناول الحليب الساخن والحبوب من نيك.
قالت بنبرة فظة " شكراً "
- بكل سرور .منتديات ليلاس
ابتلعت الدواء وشربت الحليب ثم اندست في السرير تحت الغطاء شاعرة بالمرارة لأنه لم يضف مثل البنت العاقلة كما اعتاد أن يقول لها ممازحاً , لابد أن مظهرها لم يشعره بأي إثارة . وعندما سمعته يسير نحو الباب قالت " يمكنك حقاً ان تذهب الآن . أنت قلت بنفسك إنني سأنام حتى الظهر "
لم يجب بل أغلق الباب خلفه بلطف , وهذا أكثر إثارة للغضب من أي جدل.
عندما فتحت كوري عينيها , كان شعاع من أشعة الشمس يتسلل من الستائر المسدلة لكنها شعرت بأن الضوء لم يزعجها . كانت تشعر بالتعب والضعف , لكن وخزات الألم اصبحت من الماضي ولم يبق سوى صداع خفيف.
حولت عينيها بحذر إلى الساعة الموضوعة بجانب السرير , إذ كانت تعلم أن أي حركة مفاجئة يمكن أن تحيي الألم . إنها الساعة الواحدة؟ لقد نامت حقاً حتى الظهر , وتملكتها الحيرة . لكنها من دون شك تشعر بتحسن كبير.
هل ما زال نيك هنا؟ يمكنها الآن أن تفتح عينيها من دون خوف . جلست ببطء ثم مدت يدها لتتناول عباءتها . ارتدتها رغم تلهفها إلى الاستحمام .
لم تحلم قط أن يبقى طوال الليلة الماضية. واحمر وجهها وهي تتذكر ما حدث في الحمام . لكنها تقدر له أنه يظهر كل ذلك الاهتمام فلم تكن تتوقع ذلك.
نزلت من السرير , فوخزها رأسها قليلاً لكن حالتها لم تكن سيئة . مشطت شعرها قليلاً أمام منضدة الزينة وتأوهت لمنظر وجهها الشاحب. بدت مريعة , إنما لابد أنها كانت أسوأ الليلة الماضي.
سارت إلى الحمام فنظفت وجهها , وغسلت اسنانها واعدة نفسها بحمام طويل في الحوض فيما بعد. وبعد خمس دقائق , كانت في المطبخ تنظر إلى نيك الذي انشغل بالطهي . وابتسم لدخولها وقال " كنت سأحمل إليك الصينية , لكن بما أنك جئت فسنأكل هنا"

Rehana 29-11-19 08:16 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الخامس )
 
لم يكن مطبخها الصغير ليقارن بمطبخه , والمائدة فيه تكاد لا تتسع لاثنين , لكنها لم تشر إلى ذلك, وجلست على الكرسي وهي تترنح . لم تكن قد استعادت صحتها تماماً.
- كيف حالك اليوم ؟
التقت عيناهما , فبللت شفتيها الجافتين بلسانها قبل أن تجيبه . كانت لحيته النابتة التي رأتها عند الساعة الخامسة قد اختفت الآن , وإذا خطر لها حينذاك أنها تبدو جذابة ومثيرة , فهي لا تقارن بما اصبحت عليه الآن . واجابت بصوت أجش " أحسن بكثير , وشكراً لبقائك هنا وللدواء ولكل شيء "
- هذا جزء من خدمات نيك مورغان . تناولي عصير البرتقال واسكبي لي كأساً منه , من فضلك.
حدقت في ظهره, وهي تفكر في ما صممت عليه الليلة الماضية في حمام عمتها . أن يتصرف نيك هنا وكأنه في بيته ليست بالفكرة الحسنة فهو يتحدث عن أمور لن تحدث أبداً . وعندما يحين وقت خروجه من حياتها , ستجد ذلك قاسياً ومؤلماً للغاية . لكنها لا تستطيع ان تطلب منه الخروج الآن بعد أن أمضي الليلة على أريكتها لأنه كان قلقاً عليها . لو كان لديها غرفة للضيوف لطلبت منه أن ينام فيها , لكنها جعلت من غرفتها الثانية مكتباً لها .
استدار ووضع طبق الروستو على الطاولة أمامها قبل أن يعود إلى إكمال الطهي وهو يتمتم " نعناع "
- ماذا ؟
- رائحتك هذا الصباح . إنه نعناع .
- لقد غسلت أسناني , علينا أن نتحدث يا نيك , عما كنا نتحدث عنه أمس في بيت عمتي ... لا أدري...
وسكتت لا تدري كيف تتابع كلامها.
توترت عضلات ظهره , لكن صوته بقي طبيعياً تماماً حين قال " ليس قبل الطعام . أنا جائع للغاية ولا استطيع أن اتحدث ومعدتي خاوية . كما أنك عليك ان تتناولي الدواء الآن . حبة واحدة هذه المرة إنما بعد الأكل "
- لست جائعة .
عاد إلى المائدة يصحنين فوضع احدهما امامها ثم جلس ليأكل وهو يقول بلطف " كلي يا كوري. يمكننا أن نتحدث في وقت لاحق. لا تقلقي "
غامرت بإلقاء نظرة عليه ثم تمنت لو لم تفعل . إنها تريده , إنها ترغب فيه للغاية.
ومدت يدها لتتناول شريحة من الخبز المحمص وابتدأت تأكل بحركة آلية . قال إنهما سيتحدثان في وقت لاحق . لذا, ليس عليها أن تقول له الآن وداعاً . وهذا يستحق داء الشقيقة .

نهاية الفصل

Rehana 01-12-19 05:59 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
6- سأحلم بك

جلست كوري تحدق في الملفات الموضوعة أمامها على المكتب , فيما ذهنها بعيد عنها اميالاً. هل كان عليها أن تقول شيئاً قبل أن يغادر نيك شقتها أمس؟ سنحت لها فرص عديدة لأنه بقي معظم فترة العصر.منتديات ليلاس
تململت في كرسيها وتأوهت بصمت . لقد استلقت على الأريكة واضعة رأسها في حضنه ويده تمر على شعرها بينما هما يتحدثان قليلاً .
كان رفيقاً حنوناً مسترخياً . إنها مرة من المرات القلائل التي تمضيها معه من دون أن تهاجمها عشرات المشاعر المزعجة .وفكرت بشعور رائع من الألم والبهجة في أنه اعتنى بها من دون أن يفكر في إرضاء رغباته. لقد تفرغ فقط للعناية بها .
تعالى رنين الهاتف من على مكتبها فرفعته بحركة آلية , وهي تفكر في نيك.
- آنسة جايمس . هل يمكنني أن أقدم لك أي مساعدة ؟
- نيك؟
شعرت بالحرارة في صوتها لكنها حاولت التخفيف منها وهي تتابع " ما هذا الاتصال في العاشرة صباحاً؟"
- لأسأل عن حال فتاتي المفضلة .
أغمضت عينيها . تخيلته جالساً إلى مكتبه حليق اللحية وشعره الأسود مسرح إلى الخلف. ولعله خلع سترته حال وصوله إلى المكتب وأرخى ربطة عنقه , فهو يكره القيود . وتنفست بعمق " اصبحت طبيعية تقريباً , ما عدا هذا الشعور السخيف بالتعب . ولكن بضع ليالٍ من النوم باكراً ستساعدني "
وتساءلت إن كان فهم تلميحها إلى أنها لن تراه الليلة . لقد ادركت وهي تلوح له مودعة ليلة أمس , أن عليها أن تهدئ الأمور بينهما بسرعة . لقد حان الوقت لكي تتراجع خطوة كبيرة , فربما إذا فعلت ذلك فعل هو الشيء نفسه . إذا أمكن لهذه العلاقة أن تضعف وتخبو بشكل طبيعي , ألن يكون هذا أفضل ؟
وقال موافقاً " هذا أكيد , هذا أفضل "
عبست . لم يكن يفترض فيه أن يقول هذا . ثم تداركت نفسها , واستاءت لهذا التناقض , فهي تريده أن يخرج من حياتها بكل لياقة من جهة , ومن جهة أخرى تريده أن يكافح لكي يراها في كل ثانية . إنها مجموعة من التناقضات وستوصل نفسها إلى الجنون.
وقالت بهدوء " هذا ما ظننته "
- السبب الآخر لاتصالي بك هو أنني سأغادر المدينة عصر هذا اليوم لبضعة أيام. ثمة رحلة إلأ المانيا سبق وأرجأتها منذ أيام , لكن أسباباً معينة حتمت عليّ أن أذهب هذا الأسبوع .
- حسناً.
وفجأة بهت شعاع الشمس المتسرب إلى غرفة المكتب , واصبحت السماء أقل زرقة . وقالت بصوت خافت " أرجو .. أرجو أن تنجح أمورك "
- ستنجح .
بدا صوته قوياً واضحاً وكأنه مهتم بأن هذه هي المرة الأولى التي يفترقان فيها منذ تعرفا إلى بعضهما البعض .
شعرت بغضب مفاجئ منه . إنها تعلم أن هذا غير منطقي لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها . وادركت أيضاً أن عليها أ تنتظر لحظة قبل أن تتكلم لأن آخر ما تريده هو أن يتكهن بشعورها .
- كوري ؟ هل ما زلت معي؟

Rehana 01-12-19 06:01 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
فأجابت بكذبة سريعة " آسفة لكن شخصاً كان يناولني ملفاً"
- من الأفضل ألا أعطلك عن عملك إذن . اهتمي بنفسك ولا تتعبي نفسك . سأتصل بك.
- نعم . لا بأس , وداعاً.
- وداعاً يا حبيبتي .
وضع السماعة , لكن كوري أبقتها في يدها لسبب ما , قبل أن تعيدها ببطء إلى مكانها . حبيبتي ! لا تتذكر أنه دعاها بهذه الكلمة من قبل. كما بدا صوته مختلفاً عندما قالها . كان دافئاً , ناعماً وكأنه يعني هذه الكلمة فعلاً.
كفى ... إنها تفكر مرة اخرى أكثر مما يلزم . لقد رأت الابتعاد هو الحل الوحيد لهذه العقدة التي أوقعت نفسها فيها لكنها لم تتوقع أن يكون نيك هو الذي يبتعد . لكن هذا حسن جداً . نعم , إنه حسن. يفترض أن يكون كذلك .
اتصل بها نيك في الوقت الذي لجأت فيه إلى سر يرها تلك الليلة " كوري ؟ أنا نيك. كيف حالك؟ هل ما زلت متحكمة بالصداع ؟"
جلست على حافة السرير بغباء , تفتح فمها وتغلقه فيما قلبها يخفق لسماعها صوته . لم تكن تتوقع منه أن يتصل . واخيراً اجابت " أنا بخير"
حمدت الله على أن صوتها أكثر ثباتاً من شعورها . وعندما سمعت ضحكاً عالياً في الطرف الآخر سألته " أين أنت ؟"
- أتناول العشاء مع بعض الاصدقاء . آسف , فالمكان صاخب قليلاً , لكنها أول فرصة سنحت لي للاتصال بك.
- ما كان لك أن تزعج نفسك. لديك الكثير لتفكر فيه بدلاً من القلق عليّ.
قال بلطف , أو بقدر اللطف الذي يسمح له الجو الصاخب عنده " لعلي أريد أن أقلق عليك"
وصمت لحظة ثم قال " عل كل حال , قد لا أتمكن من الاتصال بك غداً أو نحوه , لكني أريد أن أعلمك بألا تضعي أي مخططات لعطلة نهاية الاسبوع , فسآخذك إلى مكان ما"
- تأخذني إلى مكان ما ؟
كانت من الدهشة بحيث نسيت أن تختلق أي عذر لئلا ترافقه .
- إلى مكان جميل .
- مكان جميل ؟
- كوري , أنت تكررين كل ما أقوله . اسمعي , عليّ أن أذهب . سأراك مساء الجمعة , جهزي حقيبتك واحلمي بي.
- نيك ..
- لأنني سأحلم بك , خصوصاً الآن وأنا أرى بالضبط ما ينقصني.
سمعت شخصاً ينادية باسمه , وكان صوت أنثى . فقال بسرعة " اسمعي , عليّ أن أذهب . لقد خرجنا لتناول العشاء بعد اجتماع دام اربع ساعات . إنهم مضيافون للغاية "
معم , لا بد أنهم كذلك . ولماذا لا ؟ إنها تراهن على أنهم أياً كانوا , ومن المؤكد أن بينهم امرأة على الأقل , لا يستقبلون زواراً كثيرين مثل نيك مورغت , وقالت " بالنسبة إلى العطلة الأسبوعية "
- وداعاً يا حبيبتي .
وانقطع الخط.
مرتان كلمة حبيبتي . وأخذت كوري تحدق في السجادة . مرتان كلمة حبيبتي ثم عطلة نهاية الاسبوع في مكان ما . وهذا انتقال إلى مشهد إغراء كبير . هل خطط لهذه الرحلة إلى ألمانيا لكي يجعلها تفتقده فتحتفي به حين يعود ؟
ونفت هذه افكرة على الفور , محدثة نفسها بأن نيك لا يتبع مثل هذه الأساليب كما كان وليان يفعل .

Rehana 01-12-19 06:02 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
لكن لا يمكنها أن ترافقه إلى أي مكان . لا يمكن أن تذهب إلى فندق فخم وما شابه , ثم تخبره بأنها تريد أن تنهي علاقتهما . عليها أن تتفاهم معه حالما يعود إلى انكلترا. وإذا ما فشلت في ذلك , ستفعل ذلك عندما يأتي مساء الجمعة , هذا إذا لم يتصل بها مرة أخرى .
مسحت دموعها التي انهمرت على خديها . كيف ستحتمل عدم رؤيته مرة اخرى ؟ كييف ستقو له وداعاً؟ لكن من الأفضل أن تقولها الآن على أن يحصل ذلك بعد أشهر أو سنة حين تصل إلى مرحلة تعجز معها عن أن تعيش بدونه .
مع حلول مساء الجمعة , كانت أعصاب كوري قد تحطمت . ورغم علمها بأنها لن تذهب إلى أي مكان مع نيك, وجدت نفسها اجهز حقيبة صغيرة لليلة واحدة , استعداداً لأي احتمال . نظرت الى الساعة فوجدتها السادسة . يعلم نيك أنها تعود من العمل قرابة الخامسة والنصف , وهذا يعني انه سيصل في أي لحظة , وانقلبت معدتها , فجلست فجأة .
لقد افتقدته هذا الاسبوع أكثر مما توقعت . كانت تحلم به أثناء النوم واليقظة معاً فترتكب أخطاء أثناء العمل ما جعلها تراجعه مرة بعد مرة . لم تشعر بالجوع طوال الاسبوع , وهذه هي النعمة الوحيدة من وراء تعاستها لأنها جعلتها تخسر كليو ونصفاً من وزنها .
كانت قد اتصلت بمكتبه فأخبرتها سكرتيرته انه سيصل عند العصر , وهي لا تعرف ما إذا كان السيد مورغان سيأتي إلى مكتبه مباشرة أم إلى بيته . ولم تعرف كوري إن كان عليها أن تصدق هذا كله , لكن السكرتيرة تقول بالضبط ما يأمرها به نيك . لابد أنه لمس عدم الحماسة في صوتها عندما اتصل بها من ألمانيا ليحدثها عن رحلة نهاية الاسبوع . وأدرك بذكائه الفائق انه سينجح أكثر في إقناعها عندما يصبح أمامها شخصياً.
وتأوهت بصوت مسموع . كانت تستيقظ من أحرمها شاعرة برغبة جامحة في عناقه والشعور بذراعيه حولها .
عندما رن جرس الباب بعد لحظة , قفزن كوري بعنف كادت معه ان تقع عن كرسيها , ثم سارت إلى حيث جهاز الاتصال في الردهة وهي تحدث نفسها " مرحباً . اصعد "
مالت تفتح الباب الأمامي بينما ساقاها تهددان بالانهيار . وبقيت جامدة في مكانها حتى قرع الباب , وراحت تحدث نفسها بحزم بأن بإمكانها تنفيذ خطتها تلك, متجاهلة تسارع خفقات قلبها . عليها فقط ان تهدأ. لا دموع أو توتر أو صراخ.
فتحت الباب لتجد نيك مستنداً إلى دعامته وفي يده باقة ضخمة من الأزهار . لم يكن مبتسماً بل ارتسم على وجهه تعبير لم تره من قبل. وفي اللحظة التالية كانت بين ذراعيه , بعد أن ألقى بالأزهار على السجادة من دون اهتمام .
ضمها بين ذراعيه في عناق متفجر ما جعل العالم يتوقف ... او عالم كوري على الاقل . لقد سبق وعانقها وبمشاعر محموعة حتى وهنت ساقاها وتشتت ذهنها , ولكن ما من شيء .. ما من شيء كهذا.منتديات ليلاس
احاطت خصره بذراعيها تريد ان تشترب حرارته وقوته , وأن تنصهر معه بحيث لا يعلم أي منهما أين ينتهي جسده ويبد جسد الآخر . رفع رأسها لينظر إلى وجهها " لقد اشتقت إليك . ليس لديك فكرة ..."
بل لديها فكرة , آه , لديها! وتابع هو يقول " كنت احلم بهذا في كل لحظة من كل ليلة لعينة "
وأحنى رأسه مرى اخرى يهمس لها " قولي إنك اشتقت إليّ. قولي هذا "

Rehana 01-12-19 06:04 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
ارتعشت وقال " اشتقت إليك ... كثيراً"
حملها بين ذراعيه , وهو يبتسم ابتسامة بطيئة طافحة بالرجولة , ويقول برقة " ملمسك رائع , رائحتم رائعة ... أنت رائعة "
- وأنت ايضاً.
ضحك وفمه على رأسها " عليك أن تمدحيني بما لديك ... لا أن تسرقي ما لديّ"
كانت عيناها ثقيلتين , تمتمت ورأسها يدور " أنت محير. هل هذا ينفع ؟"
- كخطوة أولى . نعم .
وانحنى ليلتقط باقة الأزهار الملقاة على الأرض , ثم قال بهدوء " ضعيها في الماء قبل أن نذهب"
لو لم تلاحظ ارتجاف يده لظنت انه يتحكم بنفسه . وكانت هي ايضا ترتجف بشدة , عالمة انه يرى ذلك. اخذت الأزهار منه دون أن تتكلم , وتوجهت إلى المطبخ حيث دفنت وجهها الأحمر في الازهار تتنشق عبيرها من دون أن تفكر او تسمح لأي فكرة بأن تشغل ذهنها .
وضعتها في الزهرية من دون أي تنظيم مؤجلة ذلك إلى حين عودتها .فه يذاهبة , ذاهبة لتمضي عطلة نهاية الأسبوع على الاقل . قد يكون هذا أكثر ما ستفعله في حياتها حماقة , فهذا يشكل انتحاراً عاطفياً. لكنها لم تهتم لذلك فجأة . إنه هنا ... هنا معها , وللحظة اكتفت بذلك.
- إلى أي ن نحن ذاهبان ؟
قطعا اميالاً عدة قبل أن تطرح عليه هذا السؤال بصوت أجش منخفض. كانت لا تزال تفكر في المشاعر التي تملكتها في الشقة , وكيف تعانقا بشدة والبهجة التي تبادلاها , وروعة عالم المشاعر الحارة التي حملها إليه .
منحها ابتسامة سريعة " خمني . لقد سمعت بهذا المكان لكنك لم تذهبي إليه قط"
- كمعظم الأماكن في إنكلترا . أنا لست مغرمة بالأسفار.
غضنت أنفها وأبقت عينيها عليه وهي تتحدث . ورغم أنه كان يركز نظراته على الطريق أمامه , إلا أنه بدا صلباً خطيراً وجذاباً للغاية .
كانت ملابسه أكثر نفوية مما اعتاد وأدركت أنه ذهب إلى بيته من دون شك قبل أن يأتي إليها إذ استبدل ملابسه الرسمية بسروال جينز ضيق وقميص أسود مفتوح يبرز رجولته الصارخة .
وفجأة , تجلت لها الحقيقة , فقالت " إننا ذاهبان إلى بيتكم في بارنستايل "
- هذا صحيح.
وأمسك بيدها يرفعها إلى فمه ويقبل أصابعها " فكرت في أن الوقت حان لكي تري أين أعيش"
- أنت تعيش في شقتك.
- لا , أنا أسكن فيها فقك , وثمة فرق.
نظرت إلى جانب وجهه الأسمر, كان على ذقنه أثر جرح خفيف . وأخافها دفق العواطف التي أثارها هذا في نفسها .
وتابع يقول بعفوية " خطر لي أنك قد ترغبين في أن تتعرفي إلى بعض أفراد أسرتي "
- أسرتك ؟
فقال بتهكم رقيق " كنت أفكر في الجيران . أسرتي طبعاً . لماذا ؟ هل يزعجك هذا ؟ إنهم أناس طبيعيون "
لم تعرف كوري بما تجيب , أرادت أن تسأله إن كان يأخذ صديقاته عادة إلى بيته للتعرف إلى أٍرته لكنها لم تجرؤ . من المحتمل جداً أن يفعل لكن قلبها الخائن أخذ يخفق بسرعة . وأضاف " بدا الوقت مناسباً بما أن عيد ميلاد أمي يوم الأحد "
- عيد ميلاد أمك ؟

Rehana 01-12-19 06:07 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
وانتصبت في جلستها ثم تابعت " إنه عيد ميلاد أمك وأنت لم تخبرني ؟ لم أحضر لها أي بطاقة أو هدية "
قال بنظرة ذكورية محضة إلى مثل هذه المناسبات السارة " إنها لا تتوقع ذلك "
- لا بل تتوقع ذلك . أم تشتر لها شيئاً؟
طرحت سؤالها الأخير برعب , فأجاب بهدوء" سأشتري هديتها غداً بعد أن أسألها عما ترغب فيه . لعلها ستختار شيئاً للمنزل "
يا للرجال ! وأغمضت عينيها لحظة " ربما مكنسة كهربائية جديدة "
بدا غافلاً تماماً عن لهجتها التهكمية . وقالت بهدوء" نيك. أمك امرأة , إذا كنت لم تلاحظ . هل اشتريت لها يوماً شيئاً لنفسها ؟ شوكولا ؟ ازهار , كتاب ؟ ملابس؟"
- ملابس؟
وبدا الاشمئزاز على وجهه وكأنها قالت كلاماً بذيئاً " كلا طبعاً. لكنني كنت أشتري لها الشوكولا والأزهار من قبل"
لاح لها بعض الأمل الآن " أراهن على انها عشقت ذلك, أليس كذلك؟"
بدا في صوته نبرة تذكر الآن " أمي تعشق كل ما أشتريه لها . أن تفكر في الآخر هي المسألة الأهم , أليس كذلك؟"
هذا ما يقولونه . ولابد أن من اخترع هذه الجملة رجل . وقال " سنخرج غداً للستوق . سنشتري لك هدية , وأخرى أنا . كيف تبدو . صفها لي"
التوى فمه بابتسامة " أمي ؟ إنها امرأة رائعة "
لابد أنها كذلك لتنجب ولداً مثلك .
- أبي وأمي يتجادلان في لحظة, وفي اللحظة التالية يرتميان بين ذراعي بعضهما البعض. إلن عقليهما قويان مستقلان , لكننا لم نشك يوماً في مقدار حبهما لبعضهما البعض . أبي هو الأكثر رزانة ورباطة جأش وهو تقليدي للغاية , إنه النموذج الحقيقي للمحامي كما اظن .
- هل هذا كان أبوك محامياً؟
كانت تظنه رجل اعمال كابنه .
قال هذا بصوت مثقل بالمشاعر والزهو فتأثرت حتى الأعماق ثم تابع باسماً " أما أمي ... فهي ذات شخصية مستقلة جرئية وشجاعة . اعتاد أبي أن يقول إن الله أرسلها إليه لترويضه.
- هل تعمل؟
- عندما تعرف إليها أبي كانت تعمل في جمعية الرفق بالحيوان. لكنها اختارت دور ربة المنزل في صغرنا , وعندما راحت أصغر شقيقاتي ترتاد المدرسة , ابتدأت تمارس هوايتها المفضلة , وهي الرسم. كما عادت تعمل مع جمعية الرفق بالحيوان . وهي تتطوع احياناً للمشاركة في اعمال الكنيسة . أما في ما يتعلق بالرسم ...وسكت للحظة ثم تابع كلامه " رسومها ناجحة جداً, وهي تعرضها الآن في كافة انحاء البلاد"
كان توتر كوري يزداد مع قرب تعرفها إلى هذه المرأة الناجحة .منتديات ليلاس
- وماذا عن أخواتك؟
طرحت هذا السؤال بضعف , شاعرة بأنها لا تريد حقاً ان تسمع الجواب.
- روزي في الثلاثين من عمرها , تزوجت وهي في الثامنة عشر من حبيب طفولتها , ولها ولدان , هما روبرت وكارولين . وهي راضية تماماً بدور الزوجة والأم , وطبيعتها نسخة عن طباع والدنا. جيني في الثامنة والعشرين , قامت برحلة حول العالم حاملة حقيبة على ظهرها وقد تزوجت من فنان , ولها منه ابنان توأم انجبتهما بعد اربعة اشهر من الزفاف. حصل هذا بعد وفاة أبي. ولعل هذا أفضل وإلا لأطبق السماء على الأرض.

Rehana 01-12-19 06:08 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
ضحكت كوري بصوت خافت , ثم سألته " التوأم في الثالثة من عمرهما , إذن ؟"
- ولدتا قبل عيد الميلاد بأسابيع قليلة .
- يبدو من كلامك أنكم أسرة متحابة .
التوت شفتاه بابتسامة " عندما أطلقت جيني وزوجها رود , على التوأم اسمي بيتش ويبرز أي خوخة إجاصة , وجدت أمي ذلك رائعاً, بينما رأت روزي وزوجها أن هذا مفزع"
- وماذا عن رأيك أنت .
- نجت جيني أثناء الولادة من الموت إذ تعرضت إلى نزيف كاد يودي بها بينما كانت التوأمتان بصحة جيدة. لهذا , يفترض أن يطلق على إحداهما اسم الغافلة وعلى الثانية اسم الغبية بحسب رأيي.
ابتسمت كوري " لقد اعجبني الاسمان . لا ادري لما يتمسك الناس بالتقاليد بالنسبة إلى الأسماء . إنهم يعتبرون اسماء الأزهار مقبولة ما لا ينطبق على اسماء الفاطهة او خلافها "
- هل اشعر بنفحة من البوهيمية قادمة ؟ هل من الممكن ان تطلقي في المستقبل اسم أرضي شوكي أو ملفوف او حتى نيويورك على طفل سيء الحظ ولدته امه بعيداً عن وطنه ؟
تلاشت ابتسامتها , ولم تجب للحظة ثم قالت بفتور " أنا لا أنوي أن أنجب اطفالاً"
قال باسماً بمرح " ربما هذا أفضل إذا كنت ستطلقين على احدهم اسم ملفوف مثلاً"
لكن الشعور الدافئ بالمودة تلاشى , وقد شعرا بذلك. وشعرت كوري بندم عميق لإفسادها جو المودة ذاك.
انطلقت السيارة الرياضية الصغيرة تطوي المسافة عندما تركا لندن . ولسبب ما , شعرت كوري بذعر غير منطقي وهي تفكر في أنها سترى منزل نيك. لم تستطع أن تعرف سبب خوفها . فهل ستتخذ بعد هذه العطلة أي خطوة جريئة , أم أن هذا المنزل, وهو بيته الحقيقي , سيكشف من شخصيته مالم تكشفه الشقة ؟ ماذا لو لم تحب ما سيكشفه البيت؟
من المؤكد أن شقته , ورغم روعتها , لم تؤثر فيها . لكنه قال إنه لا يعيش في شقته , بل يسكن فيها فقط؟
كانت نجمة الصباح قد ارتفعت في السماء عندما انعطفت سيارتهما اخيراً من الطريق الواسع الذي تحف به الأشجار إلى طريق أصغر حيث تجاوزا بيوتاً عدة . وبعد مئات الأمتار لم تعد ترى سوى جدار عالٍ إلى يمينها وحقل ترعى فيه الأغنام إلى يسارهما . وعندما انتهى الجدار الحجري أوقف السيارة ثم فتح البوابة الحديدية بجاهز التحكم عن بعد .
لابد ان هذه املاك خاصة! قاد السيارة في الطريق الطويل المرصوف بين احواض الزهور والأشجار الباسقة , فيما كوري تعد نفسها لرؤية منزل نيك لأول مرة , وها هو ذا أمامها . مبنى فسيح من الحجر الناعم تحيط به أشجار كستناء رائعة الجمال , فيما الضوء يتسرب من نوافذ الطابق الأرضي .
قال وهو يتوقف أما درجات حجرية ضخمة تؤدي إلى الباب الأمامي " هذا حسن , لقد تذكرت روزي أن تترك المصابيح مضاءة . إنها تأتي لتملأ الثلاجة حين تعلم أنني قادم إلى البيت "
نظرت كوري مبهورة لحظة ثم هتفت " نيك ... هذا رائع ... رائع للغاية "
ابتسم لها وعيناه تلمعان " لقد وقعت في غرام هذا المكان منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها . تاريخ بنائه يعود إلى العام 1703 . ادخلي وألقي نظرة "

Rehana 01-12-19 06:12 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
ما أن دخلت الى الردهة الفسيحة الرائعة , حتى ادركت أن داخل المنزل يضاهي خارجه . أرضية من خشب السنديان في كل الغرف في الطابق الأرضي , تعلوها قطع من السجاد . غرفة الجلوس الفسيحة تحتوي على أرائك كبيرة برتقالية اللون فيما أحد جدرانها مغطى برفوف من الكتب, هذا إلى مدفأة واسعة بجانبها كومن من الحطب. أما مكتب نيك والمطبخ الريفي الطراز فمجهزان بشكل رائع .
قرب البهو , رأت سلماً خشبياً يؤدي إلى أربع غرف نوم فسيحة بأسرة مزدوجة , ولكل منها حمامها الخاص فضلاً من غرفة النوم الرئيسية الواسعة . هذه الغرفة جعلت كوري تحبس أنفاسها فغرفة الملابس فيها أكثر اتساعاً من غرفة جلوسها في لندن , وحمامها أكثر ترفاً من الحمام في شقة نيك في لندن , فيما السرير لا يشبه أي سرير رأته كوري في حياتها . في الواقع , كان أشبه ببحر متلاطم الأمواج.
بدا واضحاً في ابتسامته المنهكمة أنه يتوقع هذا الارتباك منها وقال " لعلك توقعت أن يكون سريري مميزاً . أنا طويل القامة ولهذا أحب المساحات الواسعة "
قالت بضعف , متسائلة عن عدد النساء اللاتي شاركنه سريره هذا " وقد حصلت على ذلك بكل تأكيد"
كان سريره أمام النوافذ البالغة الاتساع التي تطل على المنظر نفسه الذي تطل عليه غرفة الجلوس في الأسفل . كان الغطاء والوسائد الموضوعة عليه باللونين الرمادي والبني كحال الجناح كله.
تنحنحت قبل أن تقول " الأراضي في الخارج تبدو جميلة مما يمكنني أن أرى في ظلمة الليل"
كان نيك قد أضاء بعض المصابيح في الخارج قبل ان تبدأ معها الجولة في البيت .
وقال جاداً " إنها جميلة يا كوري"
إنه جاد أكثر مما ينبغي , ونظرت إليه بحدة . كان يسخر منها . إنها تعرف هذا لكنها ايضاً أنها بحاجة إلى الكثير لتتمكن من الاسترخاء بما يكفي لتتأمل هذا السرير بشيء من الثقة .منتديات ليلاس
يمكنها أن تتصور جميلات كعارضات الأزياء وهن يزين ... وتملكتها التعاسة . وفجأة شعرت بعيونها تتضخم إلى حد بالغ . سألته " ماذا يوجد في الخارج بالضبط؟"
- بالضبط؟
وابتسم ابتسامته الواسعة المثيرة تلك فارتبكت كوري.
- ثمة بركة سباحة مغطاة , وحمام بخار يمكن الوصول إليه من باب بجانب المطبخ . سأريك ذلك عندما تنزل إلى الطابق السفلي وتجدي ملعباً للتنس وآخر للكروكيت , وبستان فاكهة وحديقة قديمة لكنها جميلة جدا.
حملقت فيه " هذا يعني أن الأرض كبيرة "
- نعم , لكن لدي بستانياً يأتي مرة في الأسبوع ليعتني بها .
أومأت . هذا عالم آخر حقاً. لم يكن أبواها فقيرين , لكن هذا النوع من الثراء تجربة جديدة . إنها تعلم طبعاً أن اعماله ناجحة , لكن رؤية هذا البيت الجميل عكسك مدى ثرائه لأول مرة .
انتبهت إلى انه يتفحص وجهها , وقد اختفى التهكم من عينيه ثم قال برقة " ارتاحي , ياكوري . أنا نيك ولست وليام . هل نسيت ؟ يمكنك ان تغادري هذه الغرفة إذا شئت . أردتك ان تري بيتي , وهذا كل ما في الأمر.
كانت هذه نصف الحقيقة وقد أدركت ذلك . لن يكون بشراً إذا لم يحلم بالمزيد من وراء الأسبوع هذه ... كان صبوراً, ومتسامحاً معها. لكن لا يمكنهما ان يستمرا على هذا الحال . على علاقتهما أن تنتهي او أن تنتقل إلى المرحلة التالية.
وفجأة , امسك بيدها وقال بصوت طبيعي " تعالي لتتفرجي على بركة السباحة ثم نقرر بالنسبة إلى العشاء . إنها ليلة رائعة فما رأيك في تناوله في الخارج ؟"
- هذا حسن .

Rehana 01-12-19 06:14 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السادس )
 
كان ارتياحها جلياً. لا شك أن صديقاته السابقات شابات خاليات البال جميلات واثقات من أنفسهن . إنها تحسدهن . كم تحسدهن !
وجدت البركة رائعة لكنهما لم يبقيا قربها . كانت روزي قد ملأت الثلاجة بكل ما يحتاجانه لعشاء شاعري . وبعد قليل, جلسا إلى مائدة في الفناء حفلت بكل ما لذ وطاب.
كانت ليلة صيف رائعة تألقت فيها النجوم فيما اختزنت الأحجار تحت أقدامهما حرارة النهار وسبحت الحديقة في ضوء القمر الساحر. كما فحت في الهواء روائح الأزهار المرزوعة في إصص حول الفناء .
تنفست كوري بعمق , وقالت " أعجب كيف تستطيع أن تغادر هذا المكان إلى المدينة "
- تماماً كما أفعل أنا هذه الليلة .
كان صوته أجش. واشتبكت عيناه بعينيها في وهج الشموع التي أضاءها بعد إطفاء الأنوار الخارجية . بدا وكأنهما الشخصان الوحيدان في العالم في دائرة الضوء المرتعش.
وفجأة , ارتجفت كوري لكن البرودة كانت من الداخل وليس من الخارج . تمنت لو أنه رجل عادي . رجل يعمل يومياً من التاسعة حتى الخامسة , رجل بدين نوعاً ما . عندئذ , ربما يساورها الأمل في ألا يمل منها لاحقاً.
لكن تفكيرها هذا احمق فهو لن يكون نيك حينذاك. وهي ما كانت لحبه إذا ما اختلفت شخصيته او شخصه . لكنها تجاهلت الضوء المحذر الذي كتب بأحرف كبيرة" لا تدعيه يدخل قليك او حياتك " . نعم تجاهلت , ولن تلوم في المستقبل سوى نفسها .
لكنها لن تفكر الآن في هذا كله بل ستستمتع بهذه الحديقة الخلابة ونيك. وسرت السخونة في دمها , فأخذ يغني في عروقها . إذا كانت هذه العطلة كل ما ستحصل عليه من نيك , فهذا يكفي .

نهاية الفصل

Rehana 04-12-19 05:45 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
7 - حمراء الشعر

عندما أنهيا الحلوى التي أحضرتها روزي , توجه نيك إلى المطبخ حاملاً الأطباق الفارغة , لكي يحضر القهوة . رفض ان يسمح لكوري بأن تساعده وعانقها طويلاً قبل ان يذهب ويتركها غارقة في المشاعر.
جلست هادئة في تلك الحديقة تستنشق نسيمها العطر مستغرقة في مشاعرها التي لم تهدأ إللا بعد عودته . وعندما وضع الصينية طوقت عنقه بذراعيها " اشتقت اليك"
عانقها مرة اخرى ثم قال " عليّ أن أتركك غالباً إذن . والآن , تناولي قهوتك . إنها أحد انجازاتي الخاصة"
- الخاصة ؟
ورفت كوبها تتذوق رغوة القهوة حالمة . كان مذاقها رائعاً. وقالت " لم أكن أعرف ان ثمة قهوة بهذا المذاق . ماذا وضعت فيها ؟"
- قلت لك إنها إنجازي الخاص .هذه القهوة محضرة من البهارات والقشدة المخفوقة , فضلاً عن شراب حلو المذاق ومعطر, مصنوع خصوصاً للقهوة, يحضره لي صديقي من البرازيل .
وجلس على كرسيه مسترخياً بكل ارتياح . نظرت اليه من تحت اهدابها وهي ترشف الشراب المعطر, وقد زاد البنطلون الاسود من جاذبيته ما جعل ساقيها ترتعشان .
تحدثا من امور تافهة , فيما الشموع تذوب ببطء والنجوم ترصع السماء فوقهما . وعندما نهض نيك اخيراً وهو يجذبها معه لتقف , تملك كوري شعور بالذعر.

Rehana 04-12-19 05:57 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
وعندما احاط خصرها بذراعه ارتجفت فشدها إلى جسده الدافئ وهو يسألها " أتشعرين بالبرد ؟"
كانت لمسته خفيفة لا تهدد , فاسترخت ببطء ومال رأسها على كتفه . وأطبق جفناها حين التقت اعينهما .
قادها الى داخل البيت وهولا يزال يطوقها بذراعه ثم صعدا السلم. وعندما وصلا إلى فسحة السلم , لم تدرك للوهلة الأولى إلى اين يقودها . لكن عندما فتح باب غرفة النوم ونظرت إلى الغرفة الجميلة اتسعت عيناها " لكنني ظننت ..."
فسألها برقة " ماذا ظننت يا حبيبتي ؟"
حدقت فيه وقد فوجئت , ولم تعرف ما تقول , وتابع هو يقول " ظننت ان مرافقتك لي لقضاء هذه العطلة هو نوع من الابتزاز ؟ سبق وقلت لك إني لست وليام"
همست " أعرف هذا "
وازداد وجهه حناناً وهو يقول " لا . أنت لا تعرفين . لا تقترفي أي غلطة يا كوري. أنا أريدك , أريدك بشدة , لكنك جاهزة بعد. أتظنين أني قلت لك إنني أحبك قبل سفري إلى المانيا , كي أعدك لهذه العطلة الأسبوعية؟"
بعد أن قال هذا بوضوح ادركت ان هذا ما شغل ذهنها فعلاً طوال الوقت, لكنها هزت رأسها " لا, طبعاً لا "
قال بابتسامة خفيفة وهو يتفحص وجهها " سبق وقلت لك من قبل أنك لا تحسنين الكذب"
وتابع " أنا أريد ثقتك بقدر ما أريدك يا كوري . هل يمكنك أن تصدقي هذا ؟ ما حقل الألغام الذي هو ماضيك فيجب ان تفكك ألغامه قبل أن يحدث بيننا شيء . الطريقة الوحيدة التي اعرفها وقد تساعد هي أن أريك من أنا . إذا لم تثقفي بي , فكل ما سنحصل عليه سيكون مبنياً على الرمال وأول عاصفة تهب عليه ستهدمه "
غصت كوري بالكلمات فلم تستطع النطق . لم تشعر قط بمثل هذا الارتباك والتشوش من قبل .
- إن من يتحكم بك هو الخوف , أليس كذلك؟
- الخوف ؟ أنا لا أخاف .منتديات ليلاس
- بل تخافين . كنت أظنك تختفين مني , لكن كلما ازدادت معرفتي بك, أرى أن الأمر ليس كذلك . إن كوري جايمس هي من تخيف كوري جايمس.
ابتعدت عنه خطوة وقالت ويه تتراجع إلى داخل غرفة النوم " لا ادري ما الذي تتحدث عنه "
- أنت تخشين ألا تكوني صالحة بما فيه الكفاية او ألا تستحقي شيئاً ما شابه .
وبد الغضب في صوته لأول مرة" وهذا ما أورثك إياه والداك وهو هراء, يا كوري . أتعلمين ؟ أشعر احياناً بالشفقة على وليام لو لم يكن غبياً للغاية "
- ماذا ؟ ولماذا ؟
وتملكها غضب بالغ , والتهبت مشاعرها , إذ أصاب منها وتراً حساساً. فأجاب " لأنك كنت تنتظرين منه ان يخذلك , أليس كذلك ؟ وعندما حدث هذا اخيراً , أثبت لك أنك محقة . لقد حقق ظنونك واتبع حدث هذا أخيراً , أثبت لك أنك محقة . لقد حقق ظنونك , واتبع النموذج الذي كان لك دور في وصوله إليه "
- هذا غير صحيح !
وحملقت فيه وقد توهج وجهها, بينما انقبضت يداها إلى جانبيها " كيف تجرؤ على قول هذا ؟"
- فكري في ذلك . اخترت رجلاً اعتاد ان يعامل النساء بشكل شيء للغاية, وكان يخطط لذلك معك. هذا أشبه بتقديم النفس كأضحية .
- أضحية ؟

Rehana 04-12-19 05:58 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
من حسن الحظ أن نيك أحضرها إلى بيته ولم يأخذها إلى الفندق لأن ضراخها الهائج كان كفيلاً بأن يوقظ كل نزيل في الفندق .
لم تحتج لأن تفكر في ما عليها أن تفعله بعد هذا فقد اطلقت يدها بسرعة ادهشتهما معاً. لكن دهشة نيك كانت أكبر , لأن آخر ما رأته هو مشهده وهو يقفز إلى الخلف بعد ان صفقت الباب خلفها بقوة كافية لتكسر أنفه لولا تراجعه السريع.
يا لجرأته ! كيف يجرؤ على قول هذا لها !
انهالت عليه بكل الشتائم التي تعرفها . لن تغفر له هذا قط. ولو أن الوقت لم يكن منتصف الليل لاندفعت إلى أقرب محطة قطار .
وقفت وهي تتنفس بصعوبة وراحت تحملق في الباب متوقعة منه أن يقرعه ,او على الأقل أن يحاول التحدث إليها. لكنها لم تسمع أي صوت .. إنه لا يريد ان يعتذر. وعندما أدركت هذا ازدادت جنوناً.
استدرات تتأمل غرفة النوم . كانت حقيبتها موجودة على كرسي بجانب السرير ما يعني انه أرادها أن تنام وحدها منذ ان وصلا إلى البيت . توهجت وجنتاها لكن الغضب امتزج الآن بالإذلال . لابد انه يسخر منها الآن .
سارت إلى الحمام الملحق بالغرفة وفتحت الباب واخذت تتأمل طلاء الجدران الذي يتماشى مع طلاء جدران غرفة النوم. وسرها أن ترى حماماً كبيراً يحتوي على حوض.
اخذ هياج كوري يهدأ ليحل محله شعور بالرثاء لنفسها . وبعد نصف ساعة ابتدأت تتساءل عما إذا كان ثمة ذرة من الحقيقة في اتهام نيك لها . وفي الثالثة صباحاً, وبعد ساعتين امضتهما في حوض الحمام اعترفت اخيراً لنفسها بأن كلامه معقول .
لكنها كرهته. وجففت نفسها ولفت حول جسدها منشفة كبيرة ثم خرجت إلى غرفة النوم وشعرها يقطر ماء . ما كان له أن يشعر بأن كرامته مجروحة إلى هذا الحد . أما بالنسبة إلى قوله إنه يشعر بالأسف على وليام ...!
في الواقع , لم يقل إنه يشعر بالأسف على وليام ... ذكرها بذلك صوت صغير في اهماقها , لكنها اجابت مكابرة إنه كمن قال ذلك. إنها على الاقل تعرف موقعها الآن . يبدو انه يراها غريبة الأطوار . ليته أوضح لها ذلك قبل أن يدعوها إلى هنا فيوفر عليهما الكثير من الإزعاج والعناء . لكنها لا تهتم لرأيه مثقال ذرة , على أي حال.
انهمرت دموعها حوالي الساعة الرابعة , لكنها ما لبثت ان استسلمت للنوم وبقيت نائمة حتى أيقظها نقر على باب الغرفة ففتحت عينيها على غرفة تغمرها أشعة الشمس . وبقيت للحظة مشوشة لا تدري اين هي . ثم تذكرت . وعندما عاد النقر على الباب نظرت من حولها بفزع وكأن حفرة ستفتح أمامها . وعندما شعرت بقلبها يقفز يكاد يقفز من حلقها , اخذت تهدئ مخاوفها , مرغمة نفسها على التنفس بعمق .
ستعامله باحتقار تام هذا الصباح ثم تستعد للخروج من حياته حالما تنهض وترتدي ثيابها . ورفضت ان تفكر في مظرها المشعث ووجها الخالي من الزيمة وعينيها المنتفختين من البكاء اثناء الليل , وشعرها الذي اصبح متشابكاً.
نادت بتوتر وهي تسوي غطاء السرير تحت إبطيها وتشبك يديها " ادخل "
- صباح اليخر.
لاحظت أن لديه الجرأة الكافية لكي يبتسم لها وهو يدخل الغرفة حاملاً صينية عليها كوب شاي وصحن صغير يحتوي على بسكويت . كما لاحظت انه يلبس عباءة سوداء من القطن فيما بدا شعره مبللاً وذقنه غير حليقة . بدا جذاباً إلى حد مدمر. وردت عليه عابسة " صباح الخير"
- هل نمت جيداً؟
يا له من نغل ! واجابت " جيد جداً . شكراً"

Rehana 04-12-19 05:59 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
- سيكون الفطور جاهزاً بعد نصف ساعة تقريباً . لكنني فكرت في انك قد ترغبين في فنجان شاي. أظنك تشربين الشاي في الصباح وليس القهوة .
حملقت فيه . إنها تشرب دوماً فنجانين من الشاي قبل أن تبدأ اعمال الصباح , لكنها لن تعترف له بذلك اليوم . هزت كتفيها وهي تتناول الصينية مع ايماءة شكر وقالت كاذبة بهدوء " لا ... لا فرق لدي"
- هذا غريب . كنت اعتبرك فتاة الشاي .منتديات ليلاس
اطلق عليها صفات كثيرة لما أوضح الليلة الماضية . وعندما اخذ الصينية منها لم تشأ ان تنظر اليه بل ابقت نظرها على الفنجان . واجابت محاولة إظهار ما أمكنها من عدم الاهتمام " أحقا؟"
- أنت غاضبة مني للغاية .
ذكرت نفسها بأن عليها أن تتمسك بنظرة الاحتقار , ورفعت بصرها إليه " ولماذا أغضب منك ؟"
- لا أدري , ربما لأنني جعلتك تواجهين بعض الحقائق.
غطرسته البالغة جعلتها تحبس انفاسها وكذلك الشعر الاسود الجعد على صدره العريض . وقالت بجفاء " هذا غير صحيح"
- عبوسك رائع الجمال.
بدت التسلية في نبرة صوته وفي التواء فمه . وتلهفت لسكب الشاي عليه لكنها قررت التمسك بالترفع الهادئ.
وسألته " أين أقرب محطة قطارات ؟"
فسألها بهدوء " لماذا؟"
- أليس السبب واضحاً؟
- ليس بالنسبة إلي .
قالت متهكمة " حسناً , لا أريد أن أزعجك بإعادتي الى لندن بعد ان وصلت لتوك "
فقال " هذا حسن "
وجلس على السرير فاشتعلت مشاعر كوري بينما قال " لكنك لن تذهبي إلى أي مكان سوى للتسوق معي اليوم. وهكذا دعي عنك هذا الغضب الصبياني وأنهي الشاي"
ثم عليها يلامس خدها قبل ان يقف ويتجه إلى الباب مضيفاً " أنا أعني هذا يا كوري"
تكلم بعفوية وقد زال التهكم عن وجهه وهو يتابع " ستمضين عطلة الأسبوع هنا , وستتعرفين إلأى أسرتي . انتهى الحديث"
حملقت فيه وقد توهجت وجنتها . كيف استطاع ان يجعلها تشعر وكأنها صبي متمرد بينما هو المذنب ؟ وقالت بصوت متوتر " لا يمكنك ان ترغمني على البقاء هنا"
- هذا صحيح . استطيع كما لا أريد ذلك.
ووقف ويده على قبضة الباب وعيناه تخترقان عينيها حتى الأعماق " كنت قاسياً معك الليلة الماضية من أجل مصلحتك . ألا يمكنك أن تدركي ذلك ؟"
- أظن أن هذا هو العذر الذي يلتمسه الناس عادة عندما يسيئون معاملة أحد .
- أظنك مخطئة في هذه القضية على الأقل . لقد قلت ما قلته لأني أهتم بك يا كوري . فكري في ذلك .
وفتح الباب وخرج قبل أن تجيبه . جلست محاولة ان تتجاهل الألم الكئيب الذي جلبته كلماته الأخيرة على قلبها . أرادت ان تبقى غاضبة منه فهي بحاجة ماسة لأن تبقى كذلك . لقد اعترف بنفسه بأن كان قاسياً معها الليلة الماضية . كيف يقول إنه فعل ذلك لأنه يهتم بها ؟
صدمتها هذه الفكرة بقوة . لم تستطع ان تتذكر مرة واحدة ركزا فيها اهتمامهما عليها او غضبا منها كما فعل نيك الليلة الماضية .

Rehana 04-12-19 06:00 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
أخذت تفكر في ذلك وقد تملكها الغثيان . لقد تكلما معها بحدة مرات كثيرة , يطالبانها بأن تعود إلى غرفتها خاصة إذا طلبت منهما مشاركتهما بشيء ما . لكنهما لم يفكرا فيها او يقلقا عليها او حتى تساءلا عن السبب الذي جعلها تتصرف بتلك الطريقة . لم يهتما بها بما يكفي.
جمدت في مكانها , وبرد الشاي في يدها . قال نيك إنه يهتم بها كما سبق وقال إنه يحبها قبل سفره إلى المانيا . ولكن ما الذي عناه بالضبط ؟ وكم ... كم يهمه أمرها ؟
بعد أن يرد الشاي تماماً, سارت إلى الحمام حيث سكبته في الحوض. وعندما رفعت رأسها وقع نظرها على صورتها في المرآة وسرعان ما تبددت هذه الافكار من ذهنها وهي ترى المرأة المفزعة التي تنظر اليها . كان وجهها شاحباً فيما احمرت عيناها وانتفختا قليلاً.
ماذا جرى لها ؟ وتأوهت ... لم تبد بهذا الشكل حتى في أسوأ أيامها في بيتها.
بعد أن استحمت ووضعت على وجهها كريماً مرطباً , تزينت بحذر ما أضفى بعض التحسن على مظهرها , ثم سرحت شعرها على شكل ذيل حصان .
هذا أحسن , تفحصت النتيجة ويه ترش العطر على معصميها ورقبتها . أحسن بكثير !
وعادت إلى غرفة النوم حيث ارتدت بسرعة ثوباً من دون كمين , ووضعت في أذنيها قرطين فضيين . نظرت في المرآة الطويلة بجانب السرير فرأت أنها تبدو بسيطة , وهادئة . أخذت نفساً عميقاً , ثم استدارت لتواجه نيك في الطابق السفلي .
وجدته جالساً في غرفة الفطور المطلة على الحديقة العطرة , فيما الأطباق المغطاة أمامه على المائدة . رفع بصره حين دخلت ثم ألأقى الصحيفة التي كان يقرأها جانباً ونهض واقفاً.
لقد انتظر ليأكل معها , وغمرها السرور لتصرفه المهذب هذا .
قال بهدوء بالغ " مرحباً , ماذا لو فتحنا صفحة جديدة ؟"
حدقت فيه " نعم من فضلك "
- هل هذا يعني التسوق والغداء في الخارج؟
أومأت فابتسم لها " هذا حين, ظننتني سأخوض معركة . ما كنت لأدعك تذهبين , كما تعلمين "
أرادت أن تسأله عن السبب لكنها لم تجرؤ . وقالت مصممة على أن تعبر عن رأيها قبل أن يطويا صفحة هذا الموضوع " ما زلت أظنك لم تشرح الأمر جيداً . وتلك الملاحظة عن وليان لم تكن ضرورية . ولكن بشكل إجمالي..."
- إجمالي؟
اتسعت ابتسامته " شكراً . الاعتراف بهذا صعب عليك, أليس كذلك؟"
تكلم بعطف لكنها لم تثق بعطفه هذا مثلما لا تثق بضعفها أمام سحره . وقالت موافقة باختصار لا تريد ان تبتسم " نعم كان صعباً. هل بإمكاني أن احصل على بعض العصير من فضلك؟"
فأشار إلى المائدة " خذي ما تريدين "
كان بجانب الأطباق المغطاة , جبل من الخبز المحمص , وإبريق من عصير البرتقال الطازج . وفجأة وجدت نفسها جائعةوسعيدة أكثر مما حلمت بأن تكون عليه منذ ساعة واحدة . ملأت صحنها بالبيض المخفوق المقلي , وشرائح اللحم والفطر ثم جلست وبدأت تأكل. كانت قد وضعت لقمة من الفطر في فمها عندما أحست بنظراته عليها , فرفعت بصرها " ماذا ؟"
- أنا مسرور جداً لأنك لست من أولائك النسوة اللاتي يعبئن بطعامهن لنصف ساعة او يتحدثن من دون انقطاع وقد غرزن الشوكة في شيء ما دون ان يأملن , حتى ألفت نظرهن إلى ضرورة أن يكملن طعامهن .

Rehana 04-12-19 06:13 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
فقطبت جبينها " يا لقلة الأدب"
ضحك بصوت خافت " لم يحدث أن ادعيت يوماً ان الصبر من فضائلي"
ومع ذلك كان صبوراً جداً معها منذ تعرفهما قبل شهرين. لابد ان ملامحها عكست أفكارها , لأن نيك سألها باهتمام " ماذا ؟"
- لا شيء.
لن تقدم له أي مديح بعد الليلة الماضية . لعله على حق في الجوهر بالنسبة إلى وليام , لكن لن تصفح عنه تماماً لإشارته إلى ذلك بتلك الفظاظة . كما لا توافقه كلياً على وصفها بالأضحية .منتديات ليلاس
لم تعتد كوري ان تذهب للتسوق مع رجل وقد أعجبها ذلك للغاية , ربما لأن الرجل هو نيك , كما اعترفت لنفسها بحسرة .
اشترت بطاقة معايدة لوالدة نيك, ثم اخذت تنظر بحيرة إلى نيك وهو يمعن النظر في الجمل على البطاقات المعروضة ليختار اخيراً واحدة عاطفية جداً. وعند خروجهما من المتجر قال يفسر تصرفه " إنها تولي أهمية للكلمات , وهي تحتفظ بأفضل البطاقات التي صنعناها بأنفسنا عندما كنا اولاداً"
ابتسمت كوري وتمتمت مستحسنة , لكن كلماته آلمتها . إنها تفع أي ثمن لتظفر بأم كهذه . لم تسمح له بأن يتصل بأمه من قبل خروجهما من المنزل لكي يسألها عما تريد , قائلة بحزم " إنها تحب المفجآت ككل النساء"
وها هما الآن , وبعد ساعة فقط, يشتريان كرسياً من طراز لويس الخامس عشر مع مسند للقدمين , منجداً بقماش تبني اللون . وأكد نيك أن أمه ستجن فرحاً بالكرسي, وقد دفع مبلغاً كبيراً للمتجر لكي يشحنوع في أسرع وقت .
- منذ سنوات وهي تتحدث عن كرسي كهذا لغرفة نومها . ستحبه كثيراً . صدقيني .
كانت كوري سعيدة لأن الكرسي سيشكل مفاجأة على الأقل . أما هي فاختارت قرطين فضيين بديعين للغاية من متجر صغير للمجواهرات في قلب بارنستايل . وكانا بشكل دمعتين ومصنوعتين من الياقوت اليماني . وقد بدا هذا الياقوت رائعاً مع الفضة .
وافقها نيك على اختيارها هذا بشيء من التحفظ, كما فعلت هي مع هديته.
وفي عصر ذلك اليوم , فجر مفاجأته وهي أنهما مدعوان إلى حفل عيد ميلاد الأم الستين . كانا جالسين يستمتعان بكوب من القهوة في المقهى , فسارع يقول عندما تغيرت ملامحها " إنها حفلة غير رسمية مجرد اجتماع عفوي لأفراد الأسرة هذا المساء"
فسألته وقد أخذ ذهنها على الفور يراجع ما أحضرته معها من ملابس " عفوي , إلى أي حد ؟"
- رقص , مقبلات , حلوى .
- أين ؟
- في فندق محلي.
تساءلت بينها وبين نفسها عما إذا وجد اصحاب هذا المقهى رجلاً مشنوقاً في مقهاهم ذات يوم .
وهكذا , امضيا الساعة التالية في التفتيش بشكل محموم ليجدا ثوباً أسود وفضياً تلاءم تماماً مع حذاء خفيف برباط أسود عند الكاحل وضعته في كيسها في آخر لحظة.
عادا إلى المنزل في السادسة والنصف , وكان يتوقع منهما ان يكونا في الفندق للقاء عائلي قبل أن يبدأ المدعوون بالنوافذ في الساعة السابعة والدقيقة الخامسة والأربعين .

Rehana 04-12-19 06:15 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
اندفعت كوري إلى غرفتها كالمجنونة, فلديها أقل من ساعة لتحول نفسها إلى فتاة أنيقة رشيقة كالفتيات اللاتي يظهرن عادة متأبطات ذراع نيك.
عادت إلى الطابق السفلي في السابعة والربع وقد تزينت وسرحت شعرها , شاعرة بالثقة بنفسها في ثوبها الحريري الأسود والفضي أكثر مما لو ارتدت الثوب الأنيق العادي الذي احضرته معها .
حبست انفاسها حين رأت مظهر نيك الذي ارتدى بذلة السهرة وربطة العنق السوداوين . كان ينتظرها في الردهة فوقف عند اقترابها وهو ينظر إليها بطريقة أرسلت الحرارة في عروقها .
قال بلطف " تبدين صالحة لأن تؤكلي . لكن سيارة الأجرة وصلت . عليّ أن أتحكم في نفسي "
فقالت بابتسامة متألقة " هذا مؤسف . لكننا لا نريد ان تجعل أسرتك تنتظر , أليس كذلك؟"
كانت قد قررت أن تتصرف على غرار الأخريات هذه الليلة أي بحنكة وحيوية وخلو بال . لقد كلفها الثوب أكثر مما تدفع عادة لكن شكلها تغير عندما ارتدته , إذ تعبت من شخصيتها المعتادة , وهي تريد أن تكون شخصاً آخر من باب التغيير . ذات مرة اتهمها نيك بأنها صبيانية في تفكيرها وآلمها ذلك, ستريه هذه الليلة انها امرأة كاملة .
سألها وهو يفتح الباب " هل تذكرت ان تحضري الهدية ؟"
- إنها حقيبتي .
- فلنخرج إذن .
قال هذا باسماً وهو يتأبط ذراعها . وللحظة , شعرت بأنهما كما يراهما الآخرون , رجل ثري وسيم ترافقه امرأة أنيقة متألقة . شخصان لديهما كل ما يرغب فيه المرء. كم يختلف ظاهر الأمور عن حقيقتها .
عندما صعدا إلى سيارة الأجرة , جذبها إليه محيطاً كتفيها بذراعه , فاشتمت رائحة الذكر البدائية تحت رائحة عطر بعد الحلاقة الحاد الذي يضعه . لابد أنه أعجب بعطرها لأنه قال بعد دقائق بصوت أجش " ما اسم العطر الذي تضعينه ؟"
وكان هذا العطر من عمتها جوان , وهي لا تستعمله كثيراً , فالتفتت إليه " لماذا ؟ ألم يعجبك ؟"
جذبها إليه يحتضنها بشدة " هل أنت بحاجة إلى جواب أفصح من هذا ؟"
- نيك.
كان هذا أكثر مما تحتمله الحنكة الهادئة . ضحك بصوت خافت فأدركت أنه حصل على النتيجة التي يريدها .وقال برقة " أنت رائعة الجمال يا كوري , خارجاً وباطناً, والغريب أنك لا تدركين ذلك"
- أنا لست رائعة الجمال .
فعانقها " بل أنت كذلك , كزنبقة نادرة او حجر كريم او شهاب في السماء يخلف وراءه ذيلاً فضياً . أنت كزهرة الصبار التي لا تزهر سوى مرة كل بضع سنوات "
غضنت أنفها " الصبار شائك"
فابتسم بلطف " اعرف هذا . لكن الزهرة تستحق ان ينتظرها الشخص "
وعانقها بشكل جعل ركبتيها تضعفان . وعندما استعادت أنفاسها , قالت " أتظن انني سأعجب أمك يا نيك؟"
لم تشأ ان تسأله لكن هذا الأمر شغل بالها طوال النهار, تساءلت كم من النساء قدم إلى أمه , وما إذا اعجبت بأي منهن بشكل خاص. فقال بلطف " لا, لن تعجب بك بل ستحبك, كما أحبك . كلهن سيحيبنك "

Rehana 04-12-19 06:16 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
حدقت فيه بعينين متسعتين , واشتبكت نظراتهما ثم قال بهدوء " أتصدقين ذلك ؟ أنني أحبك ؟"
لم تكن تتوقع هذا الآن وفي هذا المكان . لكن نيك كان رجلاً مليئاً بالمفاجآت . لم تستطع ان تتحدث لسرعة خفقات قلبها فأومأت برأسها إيماءة خفيفة .
- هذا تحسن منذ قلت هذا الكلام آخر مرة لكنه ليس الجواب الذي أريد. لكنه تحين على أي حال .
وفي هذه اللحظة , مرت السيارة فوق حفرة في الطريق , ملقية احدهما على الآخر , فاشتدت ذراعاه وهمس في أذنها " أتظنينهم سيفتقدوننا إذا طلبنا من السائق ان يطوف بنا طوال الليل؟"
- هذا ممكن.منتديات ليلاس
لكنها كانت تمزح مثله . وعندما توقفت سيارة الأجرة أمام الفندق الفخم توترت اعصاب كوري وفجأة
بدا لها التعرف إلى أسرته عذاباً . ووجدت نفسها تتشبش بذراع نيك بقوة ما جعله يجفل , فتركته قائلة " آسفة "
- سيكونون في المقهى الذي في الردهة .
وبعد أن دفع الأجرة , تأبط ذراعها " والآن عليك أن تسترخي . أليس كذلك؟"
- لا أظن أن بإمكاني ذلك .
- هذا ليس صعباً .
والتفت يواجهها ويداه على كتفيها " سيحبونك جميعا يا كوري. أنا واثق من ذلك. لكن حتى لو لم يحبوك , فهذا لن يؤثر علينا . إنني ولد كبير الآن إذا لم تلاحظي ذلك , وليس عليّ أن أنال موافقة أهلي بالنسبة إلى صديقاتي "
كانت تعلم هذا لكنها تريديهم ان يحبوها . رفعت رأسها ثم تأبطت ذراعه وقالت " هيا بنا , لا اريد أن نتأخر "
عندما دخلا إلى الردهة , لاحظا مكان الأسرة على الفور إذ استقبلوهما بالتلويح بأيديهم . وعندما وصلا إليهم , قال نيك يقدمها " هذه كوري"
ابتسمت للوجوه الغائمة أمامها فبادلوها جميعاً الابتسام , ثم قبل نيك أمه وشقيقته قبل أن يبدأ التعارف . لم تكن والدة نيك كما توقعتها كوري فبدلاً من الأمرأة العنيفة نوعاً ما , وجدت امرأة صغيرة الجسم بالغة الرقة والجمال تبتسم لها وتقبل وجنتيها ثم تقول " ما أجمل أن أتعرف إليك يا كوري , أنا مسرورة جداً لتمكنك من المجيء"
وجاء ترحيب شقيقاته بها حاراً. كانت جيني نسخة عن أمها , بينما بدت روزي طويلة القامة هادئة الطباع . أما زوجها فطويل القامة أشقر متورد الوجنتين , بينما كان زوج جيني نحيفاً متهدل الكتفين دائم الابتسام .
الشخص الوحيد الذي لم يظهر عليه السرور لرؤية كوري , هو امرأة حمراء الشعر قدمتها والدة نيك على انها مرغريت , ابنتها بالعمادة .وتعمل محاضرة في جامعة ليدز وهي ناجحة جداً.
صافحتها مرغريت ببرودة , مع ابتسامة أكثر برودة . لكن كوري لاحظت أن حرارتها اودادت عندما حولت عينيها الخضراوين الجميلتين إلى نيك, وقالت له بصوت يعكس انتماءها إلى طبقة اجتماعية راقية, صوت منغم ودافئ... دافئ جداً " نيك يا حبيبي . لماذا لم تتصل بي مؤخراً ؟ ايها الغلام الشقي؟"
جاهدت كوري كي تحتفظ بابتسامتها . هكذا إذن! هذه المرأة تميل إلى نيك. ادركت كوري هذا من الطريقة التي تلتهمه بها عينيها ونظرت إلى نيك وهو يقبل المرأة على خدها من دون اكتراث قبل أن يصافح صهريه.
- حبيبي , لقد عشت الكرسي الجميل مع مسند القدمين . إنهما رائعان . لم أصدق عندما قال الرجل إنهما لي أنا .
وتقدمت منه أمه وقبلته وعيناها تلمعان . كان فرحها واضحاً.

Rehana 04-12-19 06:32 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
كان وجه نيك مليئاً بالحب وهو ينظر إلى المرأة الصغيرة التي امامه , ليقول برقة " أنا مسرور لأنهما اعجباك . ولكن فكرة المفاجأة هي فكرة كوري لأني اردت ان أتصل بك لأسألك عما تودين أن اقدمه لك"
- عيد ميلاد سعيد يا سيدة مورغان.
واخرجت كوري من حقيبة يدها علبة القرطين الصغيرة وبطاقة المعايدة وأعطتههما لوالدة نيك. قالت المرأة وهي تلمس ذراع كوري بمودة قبل أن تأخذ هديتها " ادعيني كاترين "
وتأملت العلبة قبل أن تسأله " هل يمكنني أن أفتحها الآن ؟"
اجابتها كوري وهي تتمنى لو تنتظر حتى تصبح وحدها " نعم , افعلي"
لكن ما أت فتحت والدة نيك العلبة ورأت ما تحويه حتى تملكها السرور وقالت بحرارة " هذا بالضبط ما كنت سأختاره . كيف عرفت ؟ لطالما شعرت وكأنني غجرية بعض الشيء"
وتابعت بصوت منخفض لكوري" أنا اعشق الأقراط المتدلية . هذان القرطان يتلاءمان تماماً مع ما أرتديه الليلة "
وخلعت قرطيها ثم وضعت القرطين اللذين احضرتهما كوري , وراحت تحرك رأسها بخفة ليتأرجح القرطان على خطي فكها .
وبعد دقيقتين همس نيك في أذن كوري" يبدو وكأن خياراتنا كانا جيدين "
أومأت كوري وهي تقول بهدوء " أمك رائعة , إنك محظوظ جداً يا نيك "
قال وهو ينظر في عينيها فيما خرج صوته عميقاً رقيقاً " أعلم ذلك"
وفي اللحظة التالية انتبهت كوري إلى أن مرغريت تقف بجانبهما . وكان الآخرون قد جلسوا عندما مدت روزي يدها ولمست ذراع كوري وسألتها إذا ما جاءت إلى بارنستايل قبل الآن , وذلك في محاولة واضحة للتودد إليها . وبم يكن أمام كوري من خيار سوى ان تبتسم لشقيقة نيك وتجلس على المقعد الذي ربتت عليه بجانبها .
وفيما هي تتحدث إلى روزي , بقيت واعية إلى الشخصين اللذين وقفا على مسافة متر منها . بدا نيك على طبيعته فيما راحت مرغريت تتحدث بحدة بالغة . كان صوتها منخفضاً , لكن حركات جسدها دلت على أن حديثها ليس عادياً.
وبعد دقائق , احتل نيك الكرسي إلى جانب كوري, واضعاً ذراعه حول كتفيها , حانياً رأسه لشترك في الحديث الذي يدور بين روزي وكوري . رحبت كوري بجلوسه بجانبها بعد أن شعرت بعدم الارتياح لحديثها مع روزي بينما نيك ومرغريت يختليان ببعضهما البعض .
وعندما انتقلوا إلى القاعة الكبرى حيث تقام الحفلة وبدأ الضيوف الآخرون بالنوافذ , أدركت كوري أنها أحبت أسرة نيك كثيراً . كانت الشقيقتان مختلفتين في الطباع . لكنها احست برباط لا يمكن فصمه وراء هذا الاختلاف .
كانت كاترين مورغان هي الأم المتسلطة لكن بألطف طريقة ممكنة . واحترامها لأولادها ولشخصية كل واحد منهم كان واضحاً. بدا جلياً كون كل واحد منهم شغوفاً بأمه . وعندما لاحظت كوري العلاقة السلسة بين كاترين وصهريها ادركت أن والدة نيك امرأة حكيمة بقدر ما هي محبة لأولادها.
بدا الكل راضياً , كما كانت الفرقة الموسيقية ممتازة. أما كوري فسرها أن تعود إلى ما بين ذراعي نيك في باحة الرقص.
رقصت مع صهري نيك, كما رقص هو مع شقيقتيه وأمه . لكن كوري لاحظت انه لم يرقص مع مرغريت التي التصقت بمائدتهما كالصمغ , محتلة مقعداً بجانبه عندما أذخ المدعوون يحتلون الموائد المتناثرة حول باحة الرقص.

Rehana 04-12-19 06:33 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
كانت الساعة قرابة الواحدة صباحاً عندما رقص نيك مع امه آخر رقصة . وكانت الأم قد اعلنت انها استدعت سيارة أجرة لنقلها إلى البيت على ان يتابع بقية الحضور استمتاعهم بالحفلة . وهكذا وجدت كوري نفسها تتحدث مع جيني عن مرغريت.
قالت جيني بصوت خافت وبرقتها المعهودة " انظري إلى مرغريت, لا تستطيع ان تقاوم الرغبة في أن تجذب أي رجل يصادفها . رود المكسين يبدو خائفاً حتى الموت فهو لم يتعود الرقص مع امثالها . أنا التي طلبت منه ان يدعوها إلى الرقص بعد أن رأيتها من دون مرافق. لن يغفر لي هذا قط"
لم تستطع كوري أن تمنع نفسها من الضحك. كانت ملامح الفريسة على وجهه . وقالت " لماذا لم تحضر معها مرافقاً؟ لا اظن أن لديها مشكلة في العثور على صديق"
- بسبب نيك, طبعاً.منتديات ليلاس
وسرعان ما وضعت جيني يدها على فمها " آسفة, هذه عدم لباقة مني"
استطاعت كوري ان تتمالك نفسها لتقول " لا بأس في ذلك. لقد ادركت أنها تميل إليه "
نظرت جيني إليها متجهمة " تميل إليه ؟ إنها كالعلقة مع أي أسرة تجد فيها ما يناسبها . وبما أن والديها صديقان جميمان لأسرتنا , فهي تتردد علينا دوماً. الغريب ان والديها غاية في اللطف واللباقة , ومحبوبان من الجميع لكنهما حالياً مسافران "
أومأت كوري. لم يكن يهمها أمر والدي مرغريت. وامسكت جيني بذراعها وقادتها إلى زواية وهي تقول "دعيني أشرح لك شيئاً . سيقتلني نيك إذا علم أنني أتحدث بهذا الشكل ولهذا لا تخبريه , لكن من الأفضل أن تعرفي كيلا تفهمي الأمر بشكل خاطئ"
ابقت كوري وجهها جامداً رغم اعتصار قلبها . ما ستسمعه لن يعجبها مهما كان.
- لطالما مالت مرغريت إلى نيك منذ كنا أولاداً. إنها من عمر روزي , وبما أن عائلتينا تجمعهما الصداقة, كانت تزورنا دوماً, لتلعب مع روزي ومعي. لكنها في الحقيقة كانت تتسكع خلف نيك ورفاقه. وتزوج نيك جوانا ... حسناً...
وسكتت جيني وكأنها لم تعرف كيف تتابع , فقالت كوري " ألم يعجب هذا مرغريت؟"
- هذا تخفيف للواقع. كانت في الثامنة عشرة عندما سمعنا أن نيك وجوانا تزوجا بشكل مفاجئ . لكن حتى في عمرها ذاك, كانت تظن انها موضع الاهتمام . لا اظن أنه خطر في بالها قط أن نيك قد لا يريدها . ثم قتلت جوانا , وكان وقتاً عصيباً.
وهزت رأيها " أتصور ذلك"
لابد أن صدمته وحزنه كانا فظيعين .
- عاد نيك ليمضي فترة في البيت , ليفكر في كيفية متابعة حياته بعد ما حدث, لكن مرغريت لم تترك عتبة المنزل . ولاشك ان ذلك جنته , وهو ما أبعده بكل تأكيد.
اضافت كلماتها الأخيرة بمرارة , فقالت كوري " يا له من أمر مخجل"
وفكرت في انه كان في أمس الحاجة إلى أسرته حينذاك .
- وفجأة , ذهبت إلى الجامعة وبدأت تعاشر هذا الفتى وذاك ثم تزوجت وعادت فتطلقت. ظننا جميعاً أنها نسيت نيك. ومنذ سنتين , امضت مع نيك وقتاً قصيراً ممتعاً اثناء الصيف . كانت علاقة لا ارتباط فيها . لقد اخبرتني بنفسها ان هذا ما اتفقا عليه . لقد حصلت على هذه الوظيفة الممتازة في الجامعة ... أعني أنها ذكية جداً ولطالما أوضح نيك أنه لا يريد الالتزام .

Rehana 04-12-19 06:34 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل السابع )
 
وسكتت جيني فجأة وهي تنظر إلى كوري بقلق , فأرغمت هذه نفسها على الابتسام وهي تقول " لا بأس , لقد أوضح ذلك لي ايضاً"
فتنهدت جيني " ولكنها اصبحت منذ الحين ... غير طبيعية . إنها تريد استعادته . أقسم على ذلك . راقبيها وحسب, هذا كل ما أريد قوله . لا تثقي بها مثقال ذرة"
- لا أراك تحبينها .
- أنا أشمئز منها وأكرهها . لكنها ابنة أمي بالعماد وأمي تحبها . وتأسف لأجلها قليلاً كما أظن.
عظيم . إذا كانت والدة نيك تتمنى أن يتزوج مرغريت , فهي إذن ترى كل صدثقاته عوائق.
عندما انتهى الرقص تحركت جيني بسرعة لتنقذ زوجها . اخذت كوري تنظر إلى جيني وهي تنضم إلى زوجها ومرغريت اللذين غادرا حلبة الرقص مع نيك وأمه التي تأبطت ذراع مرغريت من ناحية وذراع ابنها من الناحية الاخرى. بدت أسرة سعيدة وطبيعية .
كانت عينا نيك تبحثان في القاعة , وعندما رآها رفع يده لها تاركاً المرأتين . لم تستطع ان ترى مىمح أمه إذ مر أمامها شابان فحجباها عن الأنظار. لكن مرغريت نظرت إليها مباشرة وفي عينيها نظرة مهلكة .
وفي طريقهما إلى البيت , سألها نيك عما جعلها هادئة بهذا الشكل فتظاهرت بأنها مرهقة ثم رفضت تناول فنجان قهوة . وذهبت مباشرة إلى غرفتها . لكن ما ان دخلتها حتى عادت وندمت بمرارة لأنها لم تبق معه .
جلست على السرير وهي تتنهد, شاعرة بالكآبة. لكنها اعتبرت هذا جنوناً لأن شيئاً لم يتغير . لقد قال لها نيك إنه يحبها . وهذا حسن , ولعله أحب كل نسائه , او من امضين معه وقتاً طويلاً على الاقل . ما الفرق إذن لو انه عاشر مرغريت ذات صيف منذ سنتين , وان أمه تريد أن تصبح ابنتها بالمعمودية كنة لها ايضاً؟ انه لا يريد ان يتزوج مرغريت أكثر مما يريد أن يتزوجها هي . لذا, هذا الشعور بالكدر والغيرة والهجران ما هو إلا حماقة خالصة.
لا يهم إذا شكلت مرغريت جزءاً من حياة نيك فترة أطول بكثير من الفترة التي أمضتها هي معه . حتى أنه لا يهم إذا ما شاركت مرغريت في حفل الغداء في منزل نيك غداً حيث ستلتصق به طوال الوقت . لا شيء من هذا يهم . وانفجرت باكية .
بكت طويلاً , ثم غسلت وجهها وأسنانها , وعندما صعدت الى سريرها , كان الارهاق الذي تحدثت عنه قد أصبح حقيقياً . كان يوماً مجهداً فعلاً لا سيما وأنها لم تدق النوم الليلة الماضية . واستغرقت في النوم حالما لمس رأسها الوسادة .

نهاية الفصل

Rehana 07-12-19 06:24 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
8- لا أريد دموعاً

ليلة من النوم العميق فعلت العجائب فاستيقظت كوري مليئة بالنشاط والحيوية , ولم يكن هذا معتاداً بالنسبة إليها في الساعة التاسعة صباحاً.
نزلت من سريرها وسارت إلى النافذة حيث أزاحت الستائر فتدفقت أشعة الشمس إلى الغرفة . إنه يوم رائع . فتحت النافذة على اتساعها ثم اتكأت على عتبتها ةمضت تتنشق رائحة الورود المتسلقة على الجدار. وكانت هذه الرائحة افتتاحاً بديعاً لهذا النهار.
لن تدع مرغريت تؤثر فيها . تركت النافذة واخذت تنظر إلى الغرفة . تمنت لو أنها بقيت مع نيك في الطابق السفلي الليلة الماضية . وتنهدت . لا فائدة من البكاء والندم , لكن هذا اليوم سيكون مختلفاً فهي هنا في بيته بينما مرغريت ليست هنا.منتديات ليلاس
عندئذ , خطرت لها فكرة . لقد احضر نيك صينية الشاي إلى سريرها صباح أمس . فلماذا لا ترد له هذه المجاملة ؟
أسرعت إلى الحمام حيث استحمت بسرعة ثم سرحت شعرها ووضعت زينة سريعة على وجهها وعطراً خلف أذنيها , آملة ألا يكون قد استيقظ بعد . لكنهما تأخرا جداً الليلة الماضية كما أن اليوم هو يوم أحد, وبالتالي لابد انه ما زال مستغرقاً في النوم .
كانت ملابس نومها خفيفة وقصيرة وهي هدية اخرى من عمتها منذ عيدين . كانت تعلم أنها من تنفيذ أولئك المصممين المعروفين فلم تلبسها قط قبل هذه العلطة الأسبوعية . نظرت إلى نفسها في المرآة متفحصة : التغيير الذي احدثته هذه الملابس يكفي عمتها طوال الحياة .
سارعت إلى المطبخ , آملة ألا يكون نيك قد سبقها إليه . ولم تجده فحضرت إبريق الشاي , وجهزت صينية عليها فنجانين مع الحليب والسكر وصحن صغير من البسكويت .
كانت قد وصلت إلى باب النوم الرئيسية عندما توقفت فجأة . ما الذي تفعله ؟ هل ههذ فكرة حسنة؟ إنها تتصرف هنا بخلاف أي منطق. ألن تقل لنفسها مرة إذا تورطت مع نيك , فسيكون في ذلك انتحاراً عاطفياً؟ ماذا ستفعل إذا ما تركها ؟ وهو سيتركها يوماً ما .
كان الأوان قد فات على أي حال . فقد اعترفت بصدق كليّ بأنها تحبه إلى أبلغ حد, وهي تريد أن تبقى معه بقدر ما يريدها أن تبقى . كان الأمر بهذه البساطة. ولعل هذه أكبر غلطة تقترفها لأنها لا تعرف كيف ستعود حياتها إلى طبيعتها عندما تصبح وحيدة . لكن هذا سيكون في المستقبل , أما الآن فهو حاضر . والحاضر هو كل ما يهمها .
فتحت باب غرفة النوم بهدوء بالغ , ثم سارت نحو السرير الضخم على أطراف أصابعها . كان خالياً. حدقت فيه وقد وقد فوجئت كلياً ثم سمعت صفيراً من الحمام.
وضعت الصينية على منضدة صغيرة وسارت إلى باب الحمام الذي كان مفتوحاً قليلاً. لم تفكر في ما تفعله إنما شدها إلى ذلك حبل غير منظور .
كان نيك قد أنهى حمامه واخذ يجفف جسده , وقفز قلبها بقوة . كان مظهره يحبس الأنفاس . إنه الوصف الوحيد له , فصدره عريض وكتفاه قويتان للغاية.
تراجعت إلى الخلف ثم وقفت ترتجف شاعرة بالضعف , وقد توهج وجهها. عليها أن تخرج من هنا وإلا ستموت . ستموت حيث هي لو رآها تحملق فيه بنظرات عاشقة مراهقة .
عندما توقف الصفير, اندفعت نحو الباب هاربة , بأسرع ما تستطيع . توجهت إلى غرفتها حيث خلعت ملابس التوم وتناولت أول ما وقعت عليه يدها , وكان سروالاً من الجينز وقميصاً مقفلاً .

Rehana 07-12-19 06:25 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
بعدئذ, وقفت لحظة لتسرح شعرها إلى الخلف على شكل ذيل حصان ثم تسرع عائدة إلى المطبخ. كانت تعد الفطور عندما دخل. ليته يظن أنها وضعت الصينية في غرفته ثم عادت إلى المطبخ , وتأوهت , لكنها وضعت فنجانين على الصينية . لا بأس !
أغمضت عينيها بشدة . سيظنها مجنونة لكن هذا أفضل من أن يظنها مكبوتة .
تشاغلت بكسر البيض في صفحة ووضع البندورة في المقلاة مع شريحتي لحم وجدتهما في الثلاجة . الخبز في المحمصة والقهوة تغلي والعصير الطازج على المائدة. فارتاحت لحظة ويداها ترتجفان .
ما الذي جعلها تتوجه إلى غرفته ؟ هذه ليست عادتها , وهي ليست بهذا الشكل . ولكن تلك هي المشكلة , فهي لم تعد تعرف نفسها . انقلب عالمها رأساً على عقب منذ عرفت نيك. وتأوهت بخفة.
- ما بك؟ هل أنت مريضة؟
دارت إلى الخلف فاصطدمت ببعض الخبز المحمص الذي وقع على الأرض . وقالت وقد انقطعت أنفاسها " لقد أفزعتني"
- آسف , ولكنك تأوهت وكأنك ...
- كنت أفكر في قضية في العمل أحاول أن أجد لها حلاً.
ازداد ميلها إلى الكذب منذ عرفته , لكنها ليست ماهرة في ذلك وهذا ما بدا على ملامحه . لم يصر لحسن الحظ, بل قال " لا بأس , أتريدينني أن أقلي البيض ؟ لأن اللحم يحترق"
وعندما جلسا لتناول الطعام مد نيك يده وامسك بيدها " فكرة احتساء الشاي في السرير لفتة لطيفة منك . لكنني أملت أن يكون الفنجان الآخر لك"
ابتسمت ابتسامة مختصرة " ليس لي طبعاً "
كانت تعلم أن وجنتيها ملتهبتان , لكنها تمنت أن يظن سبب ذلك حرارة نار الطهي . وتابعت " أردت أن اجهز لك الفطور . أنت فعلت هذا أمس , هل نسيت ؟"
- نعم , فعلت هذا .
- فكرت في ألا نؤخر الفطور إذا كنا سنتناول الغداء عند أمك في الثانية عشرة والنصف .
- هذا صحيح .
- ولهذا انشغلت بإعداد الطعام.
- نعم , لست مضطرة لأن تقولي هذه كله . فهمت الفكرة .
كانت تثرثر فدست لقمة من الطعام في فمها لتمنع نفسها من إضافة أي كلمة أخرى . وكان الطعام ساخناً محرقاً , فبصقته من فمها بعد أن احترق لسانها وقالت " آسفة , هذا فظيع , لكنه كان ساخناً و .."
- كوري . هل فاتي شيء هذا الصباح؟
حملقت فيه بفزع " ماذا ؟ ماذا تعني ؟"
- أنت كقطة على صفيح ساخن .
فارتاحت قليلاً " إنه النوم في سرير غريب "
ارتجلت هذا الجواب بسرعة , وتاعبت " أنا لا أنام جيداً فير سرير غريب , وعندما أصحو أصبح متوترة قليلاً"
- فهمت .
وأخذ يمضغ طعامه ببطء قبل أن يقول بكسل " ظننت ان السبب هو أنك رأيتني في الحمام "
حملقت فيه خرساء تماماً فأضاف بهدوء وهو يتناول قطعة خبز " لم أهتم لذلك. في الواقع كنت أستمتع به . كنت أفضل طبعا لو بقيت . لكن عندما عدت إلى الغرفة كنت قد خرجت "

Rehana 07-12-19 06:26 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
لقد عرف الحقيقة . وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها أو لو تستطيع على الأقل أن تقول شيئاً بدلاً من الجلوس والتحديق فيه فاتحة فمها كسمكة في صنارة . واخيراً , قالت بصوت متهدج " ليس الأمر كما تظن"
- أنا لم أظن شيئاً.منتديات ليلاس
وتعلقت عيناه بعينيها وكانتا تلمعان بضحك مكتوم " هذا اللحم رائع , فقد قليته كما أحبه تماماً"
أهملت موضوع اللحم وابتلعت ريقها , قائلة " فكرت في أن أحمل لك كوب الشاي إلى السرير كما فعلت بالأمس . وعندما كنت أغادر الغرفة , وجدت باب الحمام موارباً, وحدث أن ..."
- هذا ما ظننته حصل.
فحملقت فيه " أنت لم ترني إذن؟"
فقال بابتسامة صافية " طبعاً لا . أتظنين أني لو رأيتك ما كنت لأسحبك من يدك لتنضمي إلي؟"
- كيف إذن ...
- كشف الأمر فنجانا الشاي , فحسبتها منطقياً.
نعتته كوري بصفة لا تتلفظ بها النساء . فنظر إليها وكأنها جرحت كرامته " ماذا حدث ؟ أنا من كان عارياً وليس أنت ؟"
فقالت وهي تصرف بأسنانها " أعرف هذا "
- لماذا إذن أنت من يتذمر ؟
فقالت ببرودة بالغة بعكس وجنتيها الملتهبتين " أنا لا أتذمر . لكني لا أحب أن يستدرجني أحد بالخداع , وهذا كل ما في الأمر "
- لكن لو لم استخلص الحقيقة منك لأمضيت النهار كله تعانين من الشعور بالذنب. الآن قد صفا الجو بيننا وعادت الأمور إلى طبيعتها .
حملقت فيه لكنه ابتسم ومد يده يلامس خدها وهو يقول " لا بأس , انتهى الحديث . أحب أن أراك تحمرين خجلاً فهذا مفقود , كما تعلمين . هذه الأيام , معظم النساء لا يعرفن شيئاً اسمه الخجل"
ومعظم النساء النساء لا يهربن كأرنب مذعور من غرفة رجل يحببنه . واخذت جرعة من العصير لأن ذلك أسهل من الكلام, وقال هو باسماً" بدوت رائعة الليلة الماضية , وقد جنت شقيقتاي بك"
- وما رأي أمك؟
خرج هذا السؤال من بين شفتيها قبل أن تمنعه . ولا بد ان شيئاً ما في لهجتها نبهه إلى أن الأمر ليس على ما يرام فنظر إليها بعينيه النافذتين " وأمي أيضاً "
فقالت بفتور "و هذا حسن "
رفع يدها إلى فمه وهو يتابع " في الواقع , لقد أحبتك أمي . ولابد أنك شعرت بذلك"
فأومأت " وأنا أحببتها ايضاً"
فقال بصوت هادئ فيه تسلية " ماذا حدث؟ هل قيل لك شيء لم أعرف به؟"
لا تستطيع أ تخذل جيني فأرغمت نفسها على الابتسام وقالت بسرعة " لا تهتم بي . أظن أني أشعر بأني غريبة بين الجميع "
- لكنك تصرفت بشكل رائع . كوري , عليك أن تخبريني إذا حصل خطب ما , وعما إذا أساء إليك أحد.
كيف يمكنها أن تقول إنها تعلم بأنها غر مرغوب فيها , بالنسبة إلى أمه على الأقل ؟ وأن مرغريت له؟ ستبدو وكأنها تنتقد أمه , وهي لا تريد أن تفعل ذلك. إنها لا تلوم أمه لرغبتها بالأفضل لابنها ومرغريت بمظهرها الاخاذ وذكائها الحاد , لديها ما تقدمه أكثر مما لديها هي .
وأجابت محاولة أن تخفف من توتره " ما من خطب. لقد أمضيت وقتاً جميلاً الليلة الماضية وكان لقائي بأسرتك رائعاً"

Rehana 07-12-19 06:27 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
لشدة ما تحبه! إنها لا تحتمل أن تصبح بالنسبة إليه , بعد عدة سنوات مجرد سفينة مرت ذات ليلة . لم تستطع أن تحتمل النظر اليه من دون أن تقول شيئاً قد يندمان عليه هما الاثنين.
رفعت فنجان قهوتها ترتشف منه وهي تتحدث عن شقيقتيه وأولادهما . وجاراها هو في مزاجها وجعلها تضحك على بعض تصرفات التوأم على الأخص.
بعد الفطور , مسحت المائدة ثم ذهبا يتمشيان حول المنزل ليهضما طعامهما . كان ملعت التنس والكريكيت رائعاً وأشجار البستان تتألق في شمس الصيف . وعندما أخذها إلى الحديقة المسورة, بلغ افتتانها حداً بالغاً إذ بدت قديمة للغاية بجدرانها الأثرية . فتح نيك البوابة التي تصاعد صريرها ثم وقفت كوري تحدق في ما حولها لحظة. كانت الجدران الحجرية تتألق بالنباتات المتعرشة ذات الأزهار القرمزية والحمراء والبيضاء, التي تداخلت مع أزهار اللبلاب الخضراء والبيضاء . كان الجو يعبق بالأريج في الممرات المتعرجة التي تمتد بين أحواض الزهور والأشجار القديمة .
- نيك , هذا أروع منظر في العالم.
تمسكت بذراعه وهي تتكلم , متابعة الاستمتاع بالمنظر الذي أمامها .
ابتسم وقال بصوت رقيق" عندما اشتريت المنزل كان مهملاً لكن جميل للغاية. البستاني الذي لدي كبير في السن لكنه بالغ الحيوية وقد أعاد إلى الحديقة روعتها بعد أن جعلها تخبره بما تحتاج"
نظرت إليه بدهشة إذ بدا شاعرياً تقريباً. ورأى هو نظرتها فاتسعت ابتسامته " هذا ما يقوله هو , على أي حال ادخلي وقومي بجولة "
مرا في طريقهما بأشجار قصيرة عطرة , كما مرا بتمثال قديم لفتاة صغيرة تجر جروها . ورأت نافورتان تصبان مياههما في حوض مستطيل أثري من الحجر وطاولات حجرية تعلوها بذور للطيور . وعندما رآها نيك تنظر إلى البذور قال " ألبرت يحب الطيور "
- ألبرت يعجبني .
كانت الحديقة واحة من السلام والسكينة , لا يعكر جوها سوى طنين النحل وتغريد الطيور حياتها . وقالت حالمة " لو كان لي مكان كهذا , لأمضيت ساعات جالسة هنا , تاركة الحديقة تتحدث إلي"
- ستنسجمين مع ألبرت تماماً. إنه يعتبر عدم سكني في هذا المكان على مدار الساعة إهانة شخصية له .
- كم مرة تزور هذا المكان عندما تأتي إلى موطنك ؟
فهز كتفيه " ليس كثيراً"
وعندما استمرت تنظر إليه عاد يقول " نادراً"
- يا للخسارة !
- لكن ألبرت يستمتع به .
كانا قد وصلا إلى البوابة بعد أن أنهيا جولتهما فوقفا ينظران إلى الألوان التي أمامهما .
- غرقت في العمل في السنوات الماضية , وبالتالي لم يكن وقتي يسمح لي بالجلوس والاستماع إلى ألبرت.
فقالت بهدوء " يا للخسارة ! أنت تمضي أيامك في عملك الشاق ذاك بينما يستمتع الآخرون بما تملك"
حدق فيها وقد فوجئ " لن يبقى الأمر على هذا الشكل دوماً"
- متى سينتهي ؟ متى تظن أنك ستكتفي ؟ ولكن هذا لا يخصني طبعاً.
واستدارت مبتعدة بينما بقي هو لحظة صامتاً , قال بعدها " أنت وحدك , من بين كل الناس عليك أن تفهمي كيف كانت الأمور معي . أنت قلت بنفسك إن مهنتك تمثل حياتك كلها وإنك لا تريدين لأي شيء آخر أن يتقدم عليها "

Rehana 07-12-19 06:28 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
أتراها قالت هذا حقاً؟ افترضت أنها قالته . ولكن هذا ذهب مع الريح منذ عرفت هذا الرجل الواقف بجانبها . اصبحت الآن تريد أموراً أخرى بجانب مهنتها . أمور ستتقدم في النهاية على العمل . وفجأة , شعرت بأنها كانت نائمة طوال الخمسة والعشرين عاماً الماضية واستيقظت الآن فقط.
ركزت عينيها على فراشة تقف على زهرة , وهي تقول بلطف " لعلي كنت مخطئة "
لعلها أخطأت في أمور كثيرة . ربما كانت تبدو واثقة من هدفها في الحياة وماتريده منها , لكن تحليلها لحالها الذي أجرته منذ عرفت نيك, أراها أنها ما زالت تلك الفتاة الصغيرة الخجول المتوترة التي كتب لها ألا ترتبط بأحد . ولم تشأ أن تتابع حياتها الماضية . وكان اكتشافها لذاتها هذا مفجأة مروعة .
لمس فمها بإصبعه بحنان وهو يقول بصوت عميق فيه نبرة لم تفهمها تماماً" نعم , ربما كنت مخطئة "
نظرت إليه وقد ضاقت عيناها بسبب أشعة الشمس الساطعة , لكن وقبل أن تنطق بكلمة , استدار يجرها معه حتى خرجا من البوابة , وهو يقول " الساعة الآن الثانية عشرة . لدينا نصف ساعة نستعيد فيها للذهاب إلى حفلة أمي"
- آه , يا إلهي !
لم تكن قد ادركت مدى تأخرها . فهي دوماً تتأخر حين تكون مع نيك . لكن وبدلاً من أن يستعجلها أخذها بين ذراعيه وعانقها بقوة ثم قال وهو يرفع رأسه " أريد أن نتحدث معاً حين نعود. لا يمكننا أن نستمر بهذا الشكل . أنت تدركين هذا , أليس كذلك ؟"
نظرت اليه وقد اسودت عيناها من فيض المشاعر , وتملكتها رعشة باردة لسماعها كلمته . أتراه تعب منها أخيراً ؟ هل رؤيته لمرغريت جعلته يدرك أنه لم يعد بوسعه ان يتعامل مع فتاة معقدة مثلها ؟ فتاة مضطربة المشاعر ؟ ها هي تفعلها مرة اخرى . ها هي تستعيد تلك الفتاة الصغيرة القلقة غير الواثقة من نفسها . أومأت وهي تحاول ان تمحو أي أثر للخوف من صوتها وقالت " نعم , أدرك ذلك"
- هذا حسن , لا جدال إذن ؟
وعلقت هذه الكلمات في الهواء بينهما مع ابتسامته . حاولت أن تبادله الابتسام لكنها لم تستطع , وقالت بضعف " لا جدال "
- أنت معرضة لأن تصبحي منطقية . سأضطر لأن أحضرك إلى الحديقة المسورة مرة اخرى ما دام لها هذا التأثير فيك.
السخرية في صوته كانت كافية لتطرد هذا الشعور بالبكاء وتجعلها قادرة على أن تقول نصف مازحة ونصف جادة " لا تتعلاعب بحظك يا نيك "
- وكأنني سأفعل ذلك. ما زلت أتذكر آخر مرة فعلت فيها ذلك حيث كدت أخسر شيئاً من كرامتي.
ابتسمت بعذوبة مصطنعة " لا تبالغ , فلدي ثقة كبرى في ذكائك ونشاطك"
تابعا الحديث وهما عائدان إلى المنزل وذراعه حول كتفيها وفخذه الصلب يحتك بفخذها . وتساءلت عما سيقوله لو أنها وقفت فجأة وأخبرته أنها تحبه, وأنه لن تعرف رجلاً آخر في حياتها وأنه أصبح محور عالمها .
واجابت نفسها ساخرة وهما يدخلان المنزل أنه قد لا يقول شيئاً . لقد قالت جيني الليلة الماضية إن الالتزام ليس خيار نيك , ليس إلى الأبد على أي حال , فالحب شيء, والوفاء شيء آخر.منتديات ليلاس

Rehana 07-12-19 06:30 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
وفي غرفتها , ارتدت كوري ثوباً بني اللون من دون كمين رسمت عليه خطوط غير متوازنة بنية اللون بلون شعرها . هذا هو الثوب الذي احضرته معها للأمسية وهو مناسب تماماً لغذاء يوم الأحد الذي ستحضره مرغريت . راحت تتمايل أمام المرآة . كان يناسبها بأناقته البالغة خصوصاً ليوم كهذا.
بعد أن زينت وجهها بعناية فائقة لتبرز عينيها , رفعت شعرها إلى أعلى وعقدته بشكل عفوي تاركة بضع خصلات تنسدل حول وجهها . وقفت ثم مالت إلى الخلف تتأمل مظهرها كله. وقطبت جبينها . هل عليها أن تظهر نفسها أكثر إثارة ودفئاً مما هي عليه الآن ؟ لكنها لا تستطيع أن تنافس مرغريت وقوامها الجميل ذي المفاتن المنيرة! ها هي ذي كوري جايمس , ولن تكون قط فتاة غلاف.
انتصبت واقفة , وحملت حقيبة يدها ثم ألقت على صورتها في المرآة نظرة أخيرة تقول إنها مستعدة للحرب مرة اخرى . ستعلم مرغريت , الأبنة المحبوبة , المحاضرة الذكية واللهب القديم ... أنها أخذت حذرها هذه المرة . الحذر يعني التشمير عن الساعدين .
كان منزل والدة نيك مكاناً قديماً ومؤثثاً بشكل رائع ببعض القطع الأثرية. لكن السجاد بدا مهترئاً في مكانه والأرائك من النوع الذي لا تقلق من إسقاط فتات الكعك عليه . ألوان نابضة بالحياة , لوحات رائعة على الجدران, بعضها من رسم كاثرين . كان نيك قد أخبرها أن أمه ناجحة في الرسم وأباه ماهر في الاستثمار ما يعني أن كاترين امرأة ثرية للغاية. لكن بدا ان المادة لا تعني لها الكثير. أما الألولويات لديها فهي كلابها السبعة وقططها الخمسة .
- كلما ظهر كلب أو قط لا يريده أحد , توجه إلى بيتنا لينضم إلى العصابة المجنونة .
هذا ما قاله نيك وهما يربتان على جيش الحيوانات التي انتشرت حول أقدامهما وهما يدخلان البيت . بعدئذ , توجها إلى الحديقة حيث قررت أمه أن تقيم حفل شواء.
- العصابة المجنونة ؟
كانت كوري تجلس ويدها في يد نيك وهما يتأرجحان تحت المظلة الكبيرة, فيما جلست كاترين أمامهما على كرسي. لم يكن أي من الضيوف الآخرين قد وصل بعد .
- هذا هو الاسم الذي يطلقه الأولاد على أطفالي.
وألقت نظرة صارمة على ابنها متابعة " حيواناتي ليست مجنونة على الإطلاق. واحد او اثنان كانا ... منزعجين قليلاً حين جاءا , ولكن مع الترويض والمحبة اعتدلت امورهما "
فقال نيك وهو يشير إلى كلب مستلق بجانب كرسيها " هذا برتي . اعتاد ان يأكل الصحف , أليس كذلك يا أمي ؟ الجرائد والمجلات والكتب . كان يبتلعها ثم يهضمها . وهو يأخذ عادة كتاباً من خزانة الكتب حين يريد أن يتسلى "
- لقد اعتادوا أن يتركزه وحده وهو جرو. كان يشعر بالضجر . لكنه سرعان ما توقف عن ذلك.
فقال " وتلك القطة السوداء هناك. إنها لا تسير سوى بشكل جانبي"
قال الأم وقد ازدادت حدتها " لقد صدمتها سيارة فأصيب مخها , وفيما عدا طريقة سيرها , هي بأحسن حال"
فقال وهو يشير إى كلب صغير خشن الشعر يبدو وكأنه يضحك ضحكة عريضة " وذلك الكلب ذو الضحكة العريضة , الذي يبدأ بالنباح كلما سمع موسيقى مهما كان نوعها ؟"
- نعم , حسناً . لا أدري لماذا يفعل ذلك؟ أنا أعترف بذلك. لكنني اعتدت عليه الآن .
- أمي , إنها جميعاً حيوانات غير طبيعية .
وأضاف بشيء من السخط " اسم العصابة المجنونة اسم لطيف . يمكنني أن أجد لها اسماً ملاءماً أكثر , خاصة ذاك "

Rehana 07-12-19 06:31 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
وأشار إلى كلب بثلاث قوائم فقط ومع ذلك يماثل الآخرين سرعة الحركة . هذا الكلب كاد يوقعه أرضاً حين دخلا البيت . وقال لكوري " تعلمين أن الأمر لم يكن مصادفة بل هي خدعة يقوم بها دوماً. إنه يظن أن طرحك على ظهرك حالما تدخلين البيت أمر مضحك"
فقالت الأم تدافع عنه " لكنه لا يفعل ذلك مع النساء قط بل مع الرجال فقط "
- عظيم . أتريدين أن تخبريني بأنه مهذب؟
قالت كوري وهي تبتسم للأم " أظنها جميعاً جميلة "
بادلتها أمه الابتسام بينما تابعت كوري" أن تضمي إليك من يحتاج إليك أمر رائع . كنت أفعل الشيء نفسه لو أني في وضع يسمح لي بالعمل في البيت"
هتف نيك عابساً" لا تشجيعها "
وفجأة , قفزت قطة سمينة كبيرة الحجم إلى حضنه حيث استقرت وتصاعد خريرها الرقيق فأخذ يمر بيده على فروها بذهن غائب.
نظرت المرأتان إلى بعضهما البعض ثم تبادلتا ابتسامة . وبعد دقائق , وصلت روزي وزوجها جيف ووالداهما روبرت وكارولين اللذان توجها إلى آخر الحديقة ليلعبا بالكرة مع والدهما .منتديات ليلاس
ووصلت جيني وزوجها رود مع ابنتيهما بيرس وبيتش الفتاتين اللتين تبدوان كملاكين بأعينهما الزرقاء الكبيرة تحت غرتيهما الشقراوين , وبفميهما الصغيرين كبرعمين .
شخرت جيني وهي تجيب كوري " ملاكان ؟ لا تصدقي ذلك , فهما قردتان . لا يمكنني أن أغفلهما دقيقة واحدة "
وتعالت الضجة في الحديقة خلال ثوان فابتسمت جيني لكوري من فوق كأس شرابها " أرأيت ما أعنيه ؟ هكذا هما أينما ذهبنا "
مضت نصف ساعة اخرى قبل أن تصل مرغريت وادركت كوري على الفور أن المرأة تأخرت عمداً لتحقق التأثير المطلوب , علمة أن الجميع سيكونون حاضرين .
بدت مذهلة بقوامها الذي يبرزه الطقم الأسود الذي ترتديه, وشعرها الاحمر الذي يحيط بوجهها . وكانت شفتاها الحمراوين تكملان صورة سيدة جاهزة للعمل.
كان الرجال منشغلين بالمشاوي , اما النساء فجهزن السلطات والخبز الفرنسي , وجلسن يحتسين الشراب, عندما دخلت مرغريت إلى الحديقة من بوابة جانبية .
كانت جيني تجلس بجانب كوري الآن , فاتسعت عيناها " أوووه ... رائعة . هذا أكثر مما يلزم وخالٍ من الذوق , لكنها رائعة "
كانت الأم قد هبت واقفة عند قدوم ابنتها بالعمادة , وأسرعت الملاقاتها , ثم صحبتها إلى كرسي واحضرت لها كأس عصير. وعندما نظرت مرغريت نحو كوري , رسمت هذه ابتسامة على وجهها , لكنها صدمت ويه ترى مرغريت تتجاهلها .
لم تتأكد كوري ما إذا كانت جيني قد لا حظت ما حدث , لكن صوت أخت نيك جاء حاداً متوتراً وهي تقول ببطء " ألا تشعرين بالحر في هذا الطقم الأسود , يا مرغريت ؟ اللون الاسود ليس مناسباً عندما يكون الجو حاراً"
نظرت إليها مرغريت ببرودة " لا أشعر بالحرارة "
فقالت جيني عابسة " يا لك من محظوظة ! ومع ذلك قد تجد لك ماما سترة صوف قديمة أو ما شابه إذا ابتدأت تشعرين بالاحتراق"
رفعت مرغريت حاجبيها قبل أن تتحول إلى كاترين لتتحدث إليها , لكن كوري لاحظت ان نظرات حمراء الشعر كانتا مركزتين على الرجال عند المشاوي , أو على واحد منهم بالذات.
مرت فترة بعد الظهر بشكل مرضي. الكل أكل جيداً فيما لعب الأولاد مع الكلاب حتى طردتهم الأم إلى داخل المنزل. شربوا عصيراً من صنع البيت لذيذلً للغاية وتحدثوا . كانت الأمور مريحة تدعو إلى الاسترخاء لو أن كوري لم تلاحظ كل نظرة كانت مرغريت ترمق بها نيك .. وهي كثيرة .

Rehana 07-12-19 06:32 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
لكن , والحق يقال كان نيك غافلاً تماماً عن تلك المرأة ومحاولاتها للفت انتباهه. وحتى عندما نجحت حمراء الشعر في أن تحتك به وهي تتظاهر بأنها تحضر مزيداً من الطعام من حيث وقف نيك , لم يكد يتحدث إليها. كان مهذباً لكن بارداً , كما لاحظت كوري. ولم تعرف ما إذا كان هذا أمراً حسناً أم سيئاً؟ هل هو دليل على شعور لم يمت ؟ شيء يغلي تحت السطح ؟ خصام بين عاشقين؟
غادرت جيني وأسرتها بعد شرب الشاي مباشرة , وقالت وهي تعانق كوري مودعة " إنهما شغوفتان بروبرت وكارولين , لكنهما متحمستان للغاية"
ثم خفضت صوتها وهي تتابع " أنا مسرورة بالتعرف إليك يا كوري. أنت مناسبة جداً لنيك . لم أره قط من قبل سعيداً بهذا الشكل"
حملقت كوري فيها وقد فوجئت " شكراً"
ولم تعرف ما تقول غير هذا.
رافقوا الأسرة الصغيرة إلى حيث سيارة رود ولوحوا لهم مودعين . وعندما عادوا إلى المنزل , تركت كوري الآخرين يكملون الطريق إلى الحديقة , فيما نزلت هي إلى استراحة السيدات في الطابق السفلي . وعندما همت بمغادرة المكان , جمدت مكانها وهي تسمع صوت مرغريت من مكان قريب " أرجوك يا نيك . عليك أن تصغير إليّ. لا أستطيع احتمال الفراق. سآتي إلى لندن . سأفعل أي شيء فقط لكي أكون معك"
- لا تأتي على ذكر هذا مرة أخرى , يا مرغريت.
- أعرف أنك لا تريد أن تتزوج او أن ترتبط, وأنا راضية بذلك. ليس علينا أن نعيش معاً إذا لم تشأ ذلك.
فقال بصوت صلب بارد " ابحثي عن رفيق آخر , يا مرغريت . لقد فعلت أنا ذلك"
- لا أراك تعني تلك البلهاء التي أحضرتها معك؟ ستضجر منها خلال شهر أو نحوه . أنا أضمن لك ذلك يا عزيزي.
- دعي كوري خارج هذا الحديث. أنا تحدث عن أن لا شيء يجمعنا يا مرغريت , وليس عن كوري أو أي شخض آخر. مهما كان ما تبحثين عنه , فهو ليس أنا , ولم يكن كذلك قط. أنت تريدينني فقط لأنني لم أجثُ عند قدميك كالرجال الذين عرفتهم . حتى عندما كنت طفلة أردت أن تشكلي محط الاهتمام .
لكنك رغبت بي مرة .
- تعشينا مع بعضنا البعض مرات عدة وتسلينا معاً وهذا كل ما في الأمر , واجي ذلك.
فقالت بصوت مرتجف " ألأنني قلت إنني أحبك؟ لأنني أردت أن نكون معاً دوماً. هذا ما جعلك تهرب خوفاً"
سمعت كوري نيك يتنهد بفروغ صبر" مرغريت , عندما ذهبت إلى الجامعة وجدت الكثير من الرجال , فلم تنظري إلى الخلف قط. لقد نسيت عدد الرجال الذين عرفتهم قبل زواجك وأثناءه وبعده , ليس لديك فكرة عن ماهية الحب ما عدا حبك لصورتك في المرآة . وأنت تعلمين أن هذا صحيح, حتى أنك اعترفت به في ساعة صفاء. أنا مجرد تحدٍ بالنسبة إليك, وهذا كل ما في الأمر . والآن دعي عنك تمثيل دور ذات القلب المحطم لأنه لن يفيدك"
ساد صمت عميق لثوانٍ حبست فيها كوري أنفاسها , ثم قالت مرغريت وفي صوتها نبرة مختلفة " نحن الاثنان من نوع واحد يا نيك. أن لن تستقر أبداً مع امرأة واحدة كما أني لن أستقر مع رجل واحد, لكن بإمكاننا ان نستمتع معاً لفترة "
- لا , وشكراً.
فقالت بنكد " هل هذا بسببها ؟"

Rehana 07-12-19 06:33 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
- بل لأنني لا أريدك , وانتهت القصة . والآن , اذهبي وودعي أمي بصفتك ابنة صالحة . طلبت من روز وزوجها ان يغادرا هما ايضاً . لعلك لم تلاحظي , لكن أمي تكبر في السن , وعطلة كهذه تجهدها , وإن كانت لا تعترف بهذا ابداً.
- سأكون دوماً موجودة عندما تتعب من آنستك الكاملة الصفات . ليس عليك سوت أن ترفع سماعة الهاتف وتتصل بي فألقي بكل شيء.
قال ساخراً " مرغريت . أنت دوماً تلقين بكل شيء عندما يتصل بك رجل"
كان المعنى المبطن واضحاً فانتظرت كوري ان تسمع جواب حمراء الشعر, لكن أدهشها أن تسمع قهقهة خافتة قبل ان تتمتمت مرغريت " يا لك من رجل خبيث يا نيك مورغان. ولكن لا يمكن مقاومتك , سأعيش على الأمل"
لم تسمع جواب نيك لأنهما ابتعدا إلى الحديق على الأغلب. ووقفت كوري جامداً تماماً. إنه لا يريد مرغريت وقد عرفت ذلك الآن على الأقل. ولكن مما سمعته كانت حمراء الشعر بين النساء مثله بين الرجال . الاثنان من نوع واحد. الاثنان لا يحبان الالتزام عاطفياً أو الاكتفاء بأمرأة واحدة .
كان قلبها يخفق بعنف, فوضعت يدها على صدرها . لكنها طالما علمت أن نيك بهذا الشكل, فلم هذا الشعور بالحزن والكدر الآن ؟ إذا ما دخلت حياته إلى حد ما , وكان حنوناً ومتفهماً, فهذا لا يعني أنه غير نظرته إلى هذه المسائل . إنه ليس رجلاً قاسياً محتالاً مثل وليام , ومن الطبيعي أن يكون حنوناً عاطفياً مع المرأة التي تخرج معه .
وقفت لدقائق, عالمة أن عليها أن تتحكم بمشاعرها قبل ان تنضم إلى الآخرين . وعندما لم تعد تستطيع أن تتأخر خرجت من الاستراحة الى الحديقة . وعندما دخلت إلى الفناء , وقف نيك مرحبا " مرحبا , ابتدأت أتساءل عما إذا كنت على ما يرام"
ابتسمت في عينيه الداكنتي الزرقة اللتين جعلتاها تحلم احلاماً لا تطاق وتتشوق إلى ما لا يمكن الحصول عليه. رغبات لم تعرفها قط قبل أن تتعرف إليه , كالالتزام , الزواج, الأطفال , وإلى الأبد. ولكن هذا لن يحصل.منتديات ليلاس
واجابت بلطف " كما ترى , أنا بخير"
إنها تحبه ومع ذلك عليها أن تتركه. عندما سمعت مرغريت تؤكد مخاوفها , أدركت أنها كانت تخدع نفسها . لن تستطيع أن تستمر في مقابلة نيك ثم تعود إلى حياتها العادية حين ينتهي هذا كله . سيحطمها هذا وستتعذب . عليها أن تنهي علاقتهما من دون أن تتحول في النهاية إلى شيء كريه منفر بالنسبة إليه , ومعيب بالنسبة إليها . لا تريده أن يتذكرها وهي تتوسل إليه ألا يتركها , ثم يتركها محطمة , وهذا ما سيحدث إذا استمرت هذه العلاقة .
وبعد وقت قصير غادرت روزي وأسرتها المنزل مع مرغريت التي قبلت وجنتي كاترين , ومنحت نيك قبلة سريعة على شفتيه قبل أن يتمكن من أن يتجنبها , ثم منحت كوري ابتسامة متوترة متصلبة قصيرة.
لم تبادلها كوري الابتسام بل قالت بلهجة مؤدبة ونظرت ثابتة هادئة " وداعاً يا مارغريت "
نظرت كوري خلفها إلى الفوضى العامة صم نظرت إلى والدة نيك . بدت كاترين متعبة فقالت لها بهدوء " لم لا أحضر لك كوب شاي ثم ترفعين قدميك بينما نقوم أنا ونيك بالتنظيف والترتيب؟"
احتجت كاترين قليلاً, ولكن ليس طويلاً . وبعد أن اطعمت كلابها وقططها دخلت إلى غرفة الجلوس حاملة فنجان الشاي بينما بدأ نيك وكوري العمل.
أخذا يعيدان النظام إلى الحديقة فغسلا الموائد والكراسي التي أراق عليها الأطفال العصير, ثم وضعا الألعاب في الخزانة الخارجية الصغيرة التي تستعملها كاترين لهذا الغرض.

Rehana 07-12-19 06:34 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
- إننا نمثل فريقاً جيداً.
ودخل نيك المطبخ وأحاطها بذراعيه داساً وجهه في رقبتها بينما وقفت هي أمام النافذة تنظر إلى الخارج , متأملة الغروب . وشعرت كوري بحزن لا يوصف.
التفتت إليه مسندة رأسها إلى عنقه من دون أن تنطق بكلمة , فأشتدت ذراعاه حولها . وقفا معاً في هدوء هذا المنزل القديم بعض الوقت قبل أن تقول كوري بصوت أجش " علينا ان نذهب ةنترك أمك بسلام"
الغريب أنها اثناء المواقف العاطفية الحميمة التي حدثت بينهما لم تشعر قط بهذه الصلة القوية بينهما التي تشعر بها الآن .
عندما دخلا إلى غرفة الجلوس , بدت كاترين ناعسة , قالت لها كوري باسمة " لا تنهضي , لا داعي لأن ترافقينا إلى الباب . سنذهب وحدنا"
وانحنت وقبلت الأم على خديها . وسألتها الأم " هل ستأتين قريباً مرة اخرى ؟ تعاليا انتما الاثنين فقط لتناول العشاء لنستطيع ان نتحدث قليلاً"
جاهدت كوري للحفاظ على ابتسامتها فيما ازداد حزنها . ودت لو تأتي مرة اخرى لتتعرف إلى هذه المرأة التي شعرت غريزياً أنها قد تحبها . وقالت " شكراً . لقد استمتعت جداً اليوم "
وقد استمتعت فعلاً بشكل ما .
وفي طريقهما إلى بيت نيك لكي يحضرا أغراضهما , قال نيك بحرارة " كان لطفاً منك أن تقترحي البقاء لتنظيم المكان . أقدر لك هذا "
- لا بأس.
وشعرت بفراغ فظيع يملأها . قال إنه يريد أن يتحدث إليها وعرفت ما يريد أن يقوله . أراد أن يعرف رأيها في علاقتهما , وإلى أين سينتهي بهما الأمر, وماذا سيحدث برأيه بينهما أثناء الأسابيع أو الأشهر التالية . وله الحق في ذلك. الحق في أن يتوقع بعض الأجوبة بعد كل تلك الأسابيع .
- هل من خطب ما يا كوري؟
ألقى عليها نظرة قلقة , لكنها بقيت لحظة لا تجيب.
- كوري؟
فقالت بفتور " قلت إنك تريد أن تتحدث إليّ"
- ماذا ؟ نعم . لكن من غير الضروري أن نتحدث اليوم . أمامنا رحلة إلى لندن . يمكننا أن نتحدث غداً.
- أفضل أن نتحدث الليلة .
كانا قد اقتربا من الطريق المؤدي إلى بيته , فقال " أهذا ما تريدينه ؟ لا بأس . لم لا تجمعين حاجياتك وتضعينها في السيارة , بينما أحضر أنا القهوة ؟ بعدئذ , يمكننا أن نتحدث"
لم تصبر حتي يفتح لها الباب عندما توقفت السيارة أمام البيت , فقفزت منها بسرعة كادت معها أن تقع على ظهرها. لاحظت النظرة الساخرة التي رمقها بها فتجاهلتها . وحالما فتح الباب اندفعت صاعدة إلى غرفتها حيث وضعت أغراضها في كيس ثم عادت تهبط إلى الطابق السفلي.
- هل حزمت أغراضك كلها ؟
ناداها من عند الباب فأرخت عينيها . بدا لها أسمر , عظيم الجثة وهو يقف في الظل . وفي الضوء الخافت لم تستطع أن ترى التعبير البادي على ملامحه .
قالت وهي تسير إليه وتمسك باليد التى مدها إليها " نعم , كلها "
سألها برقة فائقة وهما يذهبان إلى غرفة الجلوس " كوري . هل من خطب ما ؟ كنت على مايرام طوال النهار لكنك تغيرت "
- كنت على حق هذا الصباح .

Rehana 07-12-19 06:35 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
فسألها بحيرة " على حق؟"
- علينا أن نتحدث . هذا صحيح .منتديات ليلاس
وغاصت في إحدى الأرائك واخذت تنظر إليه وهو يسكب القهوة . أضافت إلى فنجانها قشدة وسكر فيما جلس بجانبها وفنجانه بيده . تمنت لو يجلس أمامها . لم تشأ أن تقول ما ينبغي أن يقال , شاعرة بفخذه ملاصقاً لفخذها .
- أنت موافقة إذن على أن نتحدث. لماذا أشعر بأنني لن أحب ذلك؟
لاحظت أن صوت قد تغير إذ ذهبت منه الرقة وأصبح جافاً بارداً حذراً.
- لا أظن أن علينا أن نستمر في علاقتنا هذه . لا أظنها تؤدي إلى نتيجة .
لم تشأ أن تفاجئة بذلك , لكنها لم تجد طريقة أخرى .
ساد صمت عميق ثم سألها " هل لي أن أسأل عن السبب ؟"
- أخبرتك منذ البداية أنني لا أخرج مع الرجال .
كان قد قررت وهما عائدان إلى البيت ألا تخبره بما تناهى إليها من حديثه مع مرغريت . خافت أن يظنها تحاول أن تدفعه إلى ان يقول شيئاً لا يريد قوله, إلى أن يخبرها أنه يريدها بطريقة مختلفة عن طريقته مع مرغريت , وأنه مستعد لتقديم المزيد. لكنها لن تطالبه بهذا ابداً. وستتابع الخطة كما قررتها " كانت الأسابيع الماضية جيدة , لكنني أتأخر في عملي والأمور تفلت من يدي . لا ... لا استطيع مواجهة ذلك"
قال بنعومة " وهل عليّ أن أكون الضحية على مذبح وظيفتك؟"
لم تخدعها لهجته فقد تصلب جسمه بجانبها وأجفل عندما تابعت كلامها بعد أن تنتحنحت " الأمر ليس بهذا الشكل "
تهدج صوتها عند الكلمة الأخيرة , فأخذت رشفة من فنجانها .
- بأي شكل تصفينه إذن ؟
- نحن شخصان مختلفان في الطباع , ونريد من الحياة أموراً غير متشابهة .
للمرة الأولى تقول الحقيقة , ولسبب لا تعرفه , أصبح لسانها ثقيلاً" ما بيننا رائع , وإذا استمر بنا الحال على هذا النحو فسنفقده "
شتم مرة واحدة ولكن بوضوح " هذا هراء, أنا لا أقبل هذا . هل هذا كله لأنني أخبرتك تلك الليلة ببعض الحقائق ؟ لأنني أصبحت قريباً منك؟ هل هذا هو السبب؟ لأنه أصبح لي تأثير فيك فآلمك ذلك؟"
وضعت فنجان القهوة على الطاولة , ثم وقفت علها تضع مسافة بينهما . ثم التفتت تواجهه " آسفة لظنك هذا لكنه غير صحيح "
- ولا الكلام التافه الذي تحديثنني به .
ونهض ببطء من دون أن يحول نظره عن وجهها الشاحب.
- تباً ! لقد احتضنتك وشعرت بك ترتجفين بين ذراعي.
وأضاف عندما حاولت أن تقاطعه " كان جسدك يقول ما لم يتعرف به لسانك. لسنا مختلفين يا كوري"
- مهما كان ما بيننا , لا أريد أن استمر فيه .
وحدقت فيه بيأس , وقلبها يتحطم . عليها أن تنهي الأمر . إنها الطريقة الوحيدة , فلماذا تشعر بأنها مخطئة ؟ وقاسية ؟ ولم تتوقع منه أن ينظر إليها كما ينظر إليها الآن . لقد جعلها هذا تشعر بالذنب بشكل فظيع .
سألها غاضباً لأول مرة " وما معنى كلامك ذاك في الحديقة المسورة , إذن ؟ عندما قلت إنك مخطئة حين ظننت أن وظيفتك هي حياتك كلها ؟"
- لم أقل هذا بالضبط . قلت ( ربما ) كنت مخطئة . لكن بعد التفكير ملياً , لم أعد أظن ذلك. فكرت عصر هذا اليوم في كل ما جرى وأنا الآن أعرف ما أريد.
وهو من تريد, وإلى الأبد . وهذا مستحيل !
ألقى عليها نظرة جعلتها تنكمش . إنه يحتقرها , ويشمئز منها ... ويكرهها.
- ظننت ... ظننتم ستحاول على الاقل أن ترى الأمور كما أراها .
فقال بمرارة " آسف إذ أخيب أملك "
- نيك , لا أريد أن ننتهي بهذا الشكل.
كانت شفتها ترتجف , لكنه جعلها تقفز من مكانها عندما صرخ بها " لا أريد دموعاً.تباً ! ستكون هذه هي القشة الأخيرة . اشربي قهوتك "
غادر الغرفة من دون أن ينظر إليها مرة اخرى . وسمعته يصعد السلم , ربما إلى غرفته . وبعد دقيقة عاد وهو يقول جامد الوجه " هل أنت جاهزة للرحيل ؟"
أومأت إيجاباً ثم خرجت إلى السيارة . عندما جلس بقربها شعرت بأنها تنكمش , والفكرة الوحيدة التي شغلت ذهنها هي كيف يمكنها أن تمضي الساعات الثلاث القادمة حتى تصل إلى بيتها ؟

نهاية الفصل

لبني سرالختم 09-12-19 09:08 AM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل الثامن )
 
موفقة بإذن الله


لكي حبي 🌷

Rehana 09-12-19 06:17 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل التاسع والاخير )
 
9- شمسي وقمري ونجومي

رحلة العودة إلى لندن كانت كابوساً لا تتمناه كوري حتى لأسوأ أعدائها ... ولا حتى لمرغريت .
وعندما وصلا إلى شقتها , نزل من السيارة ثم اخرج كيسها من الصندوق ورافقها إلى الباب الأمامي " سأقف في الردهة حتى تصعدي إلى شقتك وتفتحي بابك"
- لست مضطراً لذلك.
كانت تقاوم دموعها طوال الطريق, فبدا صوتها همساً أجش.
- افتحي الباب اللعين فقط.
اخذت تبحث عن المفتاح بعصبية من دون أن ترى لأن عينيها اغروقتا بالدموع . واخيراً انفتح الباب ودخلت إلى الردهة وهو خلفها " خذي"وناولها كيسها والبرودة في وجهه .
سارت إلى السلم , ثم توقفت عند الدرجة السفلى والتفتت إليه تواجهه . لم تستطع ان تدعه يذهب بهذا الشكل . لا تستطيع . وقالت والفجيعة في وجهها " آسفة . آسفة حقاً. صدقني "
فقال بفتور " تابعي صعودك يا كوري"
- نيك أرجوك ...
قال مزمجراً " ماذا تريدين مني بحق جهنم , يا امرأة ؟"
وإذا بزمجرة اخرى تجيبه من ناحية الشقة السفلى .
كلا ... رجاءاً ... ليس الآن .ونظرت كوري بذعر ناحية شقة وورد عندما تعالى نباح آرني , ذاك الكلب الضخم المتوحش الذي أخذ يهدر في الليل بشكل مريع .

Rehana 09-12-19 06:20 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل التاسع والاخير )
 
سمعت نيك يشتم رغم الضجيج الذي احدثه الكلب. لكن وقبل أن تتكلم , فتح باب الشقة ووقف السيد وورد على العتبة , كما ظهرت السيدة وورد خلفه .
ورأت كوري نيك يغمض عينيه فترة قصيرة . صاح السيد وورد من الردهة وقد بدت عيناه كبيرتان للغاية نظاراته" كوري , أهذا أنت؟ هل كل شيء على ما يرام ؟"
فصاحت بأعلى صوتها لكي يسمعاها " كل شيء بأحسن حال يا سيد وورد "
فصاحت السيدة وورد " هل أنت واثقة يا عزيزتي ؟"
- واثقة تماماً. منتديات ليلاس
احتال الزوجان لإدخال الكلب إلى شقتهما ثم اقفلا الباب . ووقف نيك ينظر إليهما وكأنه لا يصدق عينيه , وقد شبك ذراعيه على صدره.
وفجأة , ارتفع صوت خجول فوق كوري يقول " هل كل شيء على ما يرام؟"
استدارت كوري وحدقت في وجهي الزوجين الشابين في الطابق العلوي. وقالت مرة اخرى " كل شيء على مايرام "
وتمنت لو ترسل هذين الزوجين الطيبين إلى آخر الدنيا , لكنها أضافت مرة اخرى " عودا الى السرير"
لابد أن شيئاً في صوتها أقمعهما بألا يطيلا حديثهما لأنهما اختفيا على الفور .
عادت تلتفت إلى نيك الذي لم تتحرك فيه عضلة , وقالت له لا أريد أن نفترق بهذا الشكل "
وحدقت فيه لكن الوجه الوسيم الصلب لم يتغير وهي تتابع " ظننت أن بإمكاننا أن نكون ..."
- لا اقولي صديقين .
- أردت أن أقول متحضرين .
- أنا لست متحضراً في ما يتعلق بك يا كوري . ظننتك تعرفين هذا .
بقيت لحظة لا تستطيع الكلام , فقال بصوت نهائي جامد " اذهبي إلى السرير "
فتحت فمها لتجادله لكنها رأت غضباً شديداً على وجهه فعادت تقفله . ورأته يسعة لأن يتحكم في غضبه " أنا أعني ما أقول , يا كوري . قبل أن أقول أو أفعل شيئاً أندم عليه "
وعندما فتحت بابها واشعلت الضوء وقف لحظة ثم سمعت الباب الأمامي للمبنى يفتح ويغلق , لقد رحل.
كم من الوقت بقيت جالسة على الأريكة وحقيبة يدها عند قدميها , فهذا ما لا تعرفه . وأخيراً نهضت وسارت إلى المطبخ على ساقين مرتجفين فحضرت فنجان قهوة , ثم عادا به إلى غرفة الجلوس .
لقد انتهت علاقتهما وهي لن تراه مرة اخرى . انتهى الأمر . لماذا فعلت هذا ؟ لماذا ؟ لقد اقترفت أكبر غلطة في حياتها .
اخذت تتمايل وقد جفت عيناها الآن بعد أن أصبح بإمكانها أن تبكي أخيراً . وفجأة , وجدت الفراغ الذي تراءى أكثر هولاً من أن تمحوه الدموع .
لو بقيت معه , فمن يعلم ما الذي سيحمله لها المستقبل ؟ ربما لأحبها كما تحبه . ربما , فالناس يتغيرون وهو نفسه أنيس , لين المعشر. ولعله قرر اثناء رحلة العودة أنه يريد حياة يكون فيها أكثر من مجرد نصف أعزب. ربما سيأتي يوماً يرى فيه الزواج , وحتى الأطفال أموراً جذابة .
أنهت قهوتها ثم وقفت واخذت تذرع الغرفة ذهاباً وإياباً كامرأة مخبولة . لقد أحرقت الجسور كلها الليلة لأن نيك رجل ذو كبرياء ولن يغفر لها هذا قط حتى لو توسلت إليه فهو لن يعود إليها الآن .

Rehana 09-12-19 06:21 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل التاسع والاخير )
 
كيف أمكنها أن تفعل هذا ؟ كيف تصرفت بهذا الغباء ؟ بقدر ما بدا تصرفها هذا معقولاً بعد ان سمعت حديثه مع مرغريت , رأت الآن أنه خطأ بالغ . لم تفهم نفسها . لم تفهم نفسها على الإطلاق . لقد قال إنه يحبها . لا بأس! قد لا تعني مشاعره وضع خاتم في إصبعها لكنها بداية . اما الآن ...
بعد فترة , أرغمت نفسها على التوجه إلى غرفة نومها , لتخلع ملابسها . وقفت تحت الماء الدافئ لبعض الوقت , لكن هذا لم يساعد على تخفيف الألم الساحق في قلبها . وبعد أن غسلت أسنانها , ارتدت ملابس نوم قديمة دافئة ثم صعدت إلى السرير . وبعد نصف ساعة عادت إلى غرفة الجلوس , لا تعرف ماذا تفعل .
ستذهب إليه في الصباح , وتتجرع كأس المذلة , ستزحف على الأرض عند الضرورة . نظرت إلى الساعة . إنها الثالثة صباحاً. كيف ستحتمل الساعات المتبقية من دون ان تجن؟
اتسعت عيناها حين سمعت صوت جهاز الاتصال الداخلي وخفق قلبها . وتصورت على الفور شرطياً يقف عند الباب الخارجي يحمل لها خبر اصطدام سيارة نيك وموته .
اندفعت إلى الردهة , وضغطت على زر الجهاز بيد مرتجفة " نعم , من هناك ؟"
- كوري؟
كاد يغمى عليها ويه تسمع صوت نيك. واخيراً استطاعت أن تتكلم " نيك؟ لماذا عدت "
قال ساخراً , من دون أي أُر لغضبه الماضي " طرحت على نفسي السؤال نفسه . أيمكنني أن أصعد ؟"
- ماذا ؟ نعم , نعم .
وفتحت الباب الأمامي وهي لا تصدق أنه هنا. لقد عاد إليها . عليها أن تخبره . هذه هي فرصتها . لا تدري ما الذي أعاده لكنها لن تفوت الفرصة مرة أخرى .
فتحت باب الشقة وخرجت في الوقت الذي وصل هو فيه إلى قمة السلم " نيك"
وألقت بنفسها عليه بقوة كادت معها أن تلقيهما معاً إلى أسفل السلم, لولا أنه تمالك نفسه في آخر لحظة " نيك ... نيك . لم أكن أعني ذلك. كنت غبية ومجنونة . لا أريد أن تنتهي علاقتنا , لا أريد"
وسالت دموعها التي بقيت تحبسها طوال الليل كسيل جارف , وراحت تنوح باكية .
شعرت به يحملها فبقيت متشبثة به . أدخلها إلى الشقة وأغلق الباب خلفه ثم سار إلى الأريكة حيث جلس وهي على ركبتيه . وكانت ذراعاها حول عنقه, وقد تملكها الرعب من أن يتركها قبل أن تتمكن من أن تقول ما تريد قوله . لكنها وجدت صعوبة في أن تتكلم بينما الدموع تخنقها وأنفها يسيل.
تركها تشهق فترة على صدره قبل أن يزيح ذراعيها ويخرج من جيبه منديلاً مسح به عينيها وأنفها .
وراحت تردد " نيك , آه نيك "
- مهما كان ما توقعته , لكنه ليس هذا.
كان في صوته تسلية لكنها لم تهتم . إنه هنا وهذا يكفي " كم كنت غبية "
وجاهدت لكي تكف عن البكاء , لكنها لم تستطع أن تسيطر على دموعها " لم أكن أعني ذلك . كل ما في الأمر هو أنك لا ترغب في الالتزام , فظننت أن ما قررته هو الأفضل , لكنه ليس كذلك"
- أهدأي يا حبيبتي , اهدأي.
حبيبتي . دعاها حبيبته . وفجأة , رأت نوراً في نهاية النفق .

Rehana 09-12-19 06:22 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل التاسع والاخير )
 
قال لها بلطف وهو يمسح أنفها مرة اخرى " ما كل هذا الكلام عن أنني لا أريد الالتزام ؟"
لابد أن مظهرها مخيف فالدموع تلطخ وجهها وأنفها يسيل كما أنها ترتدي أقل الثياب إثارة في العالم . قالت وهي ترتجف " أنا أبدو بشعة للغاية في هذه الملابس . أراهن على أن أياً من رفيقاتك لم تلبس شيئاً كهذا , أليس كذلك؟"
- كوري , ما من واحدة من رفيقاتي مثلك , لم ترفض أي واحدة منهن توددي حتى جعلتني ألجأ إلى التهديد والابتزاز لكي أحصل على موعد . لم تنظر إليّ أي منهن بتشكك ونفور واضح . لم تستطع أي منهم ان تجعلني أسير في انحاء الغرفة طوال الليل مثل تلك التي ترتدي الثياب القديمة . ولم تصفق أي منهن الباب في بيتي بوجهي حتى كادت تقتلع أنفي حين قلت ...
وأزاح شعرها عن وجهها الملطخ بالدموع " لم تكن أي منهن بمثل حلاوة العسل من دون أي أثر للحقد في نفسها . لم تكن أي منهن تهتم بالأسر المكافحة ولم تفكر واحدة منهن بالتأكيد في تنظيف المكان بدلاً من امرأة عجوز متعبة بحاجة إلى أن ترفع قدميها لتستريح "
فقالت وهي ترتجف " أمك ليست عجوزاً وهي ستقتلك إذا سمعتك تقول ذلك"
- إمرأة متعبة إذن .منتديات ليلاس
ومنحها ابتسامة ثم قال " ما من واحدة منهن عاملتني بمراوغة مثلك فتبعدني عنها نهائياً, لتستقبلني بعد ذلك بلهفة وترحاب يحبسان الأنفاس"
نظرت إليه غير واثقة من أنه يعني كلامه حقاً. وعاد يقول بلطف " وأعود الآن فأكرر , ما هذا الذي قلته من عدم الالتزام ؟"
فحدقت فيه بجد " لأنك لا تلتزم ولم تلتزم قك . أنت أخبرتني بذلك. وعندما كنت تتحدث مع مرغريت اليوم ..."
وسكتت . هذا ما قادها إليه الصدق.
- هل سمعت حديثنا؟
وشدها إليه بقوة قبل أن يقول" ليس بيني وبين مرغريت أي شيء على الإطلاق . ولم يكن بيننا شيء جاد . منذ صيفين خرجنا معاً لتناول العشاء , وإلى المسرح وهذا كل مافي الأمر"
- ألم تعاشرها ؟
عانقها مرة اخرى " أفضل الموت على هذا "
وأضاف بعد لحظات صمت " لم يكن هذا ليحدث قط خصوصاً مع مرغريت , وهي تعرف ذلك منذ البداية . لكنها امرأة حقيرة قليلاً , وهذا ذنبها . في قضية طلاقها لقبتها الصحف بالمرأة الفاسقة , وقد قدمت لها كتفي لتبكي عليه . هذا كل ما في الأمر "
فابتسمت " أنا مسرورة لأنك لم تنم معها "
- وأنا مسرور لسرورك . أما بانسبة إلى مسألة أنني لا أريد الالتزام فهذا هراء كنت أقوله قبل أن اعرفك . ألا تعلمين ذلك؟
هزت رأسها لا تجرؤ على تصديقه فتأوه " انظري إلي يا امرأة , أنا رجل عصبي . أتظنين أنني أتحمل ما تحملته لو أنني لست غارقاً في غرامك ؟ لم أصبر على امرأة قط كما صبرت عليك , لم أضطر إلى ذلك قط"
يمكنها الآن فقط أن تصدق , فالنساء يقفن بالصف بانتظار نيل رضا نيك مورغان .
سألها وهو ينظر إلى ملابس النوم بكراهية " مم تصنع هذه الأشياء؟"
- لا أدري , من الصوف.
- لن ترتدي أي شيء كهذا في شهر عسلنا.
فاتسعت عيناها " ماذا ؟"
- أنا أطلب منك أن تتزوجيني يا حبيبتي كوري.

Rehana 09-12-19 06:23 PM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( الفصل التاسع والاخير )
 
وفجأة أصبح جاداً للغاية " أنا أحبك , أريد أن امضي بقية حياتي معك , أريد أن أملأ بيتنا في بارنستايل بالكثير من الأولاد . أريد أن اعوضك عما فعله بك أبواك وأن أقنعك بأنك محبوبة أكثر مما تتصورين . أريد أن أخبرك كم أحبك في كل صباح من حياتنا"
ولمس جبينها بلطف " وأملأه بالفرح, هل ستدعيني أفعل ذلك؟"
أومأت من دون كلام, غير قادرة على إخراج أي صوت بينما تابع هو " أردت أن أخبرك هذا كله ونحن نتحدث في الحديقة المسورة . لكنني أردت أن تسير الأمور فالدمار الذي احدثه والداك في نفسيتك ..."
وهز رأسه وتابع " لقد حدث هذا كله بسرعة بالنسبة إليك , أليس كذلك ؟"
حيرتها بصيرته , فما قاله كان صحيحاً . وأومأت مرة اخرى . واخيراً , نطقت بما كان ينتظره " أنا أحبك من كل قلبي "
- وأنا كذلك يا حبيبتي . إياك أن تشكي في ذلك . أنت شمسي وقمري ونجومي . حبيبتي كوري , جميلتي التي لا تضاهيها امرأة .
- وأنت حبيبي نيك.
ووضعت ذراعيها حوله فابتسمت لها العينان الزرقاوان .

تمت

paatee 16-12-19 03:16 AM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( كاملة )
 
تسلم الانامل ياعسل ننتظر جديدك اختيار رائع

هتونا 09-02-22 12:34 AM

رد: 440 - ابحت عن قلبي - هيلين بركوس ( كاملة )
 
حلوة احلا تحية للجميع ودمتم في قلبي سكنه

tota z 16-02-22 08:44 PM

شكرااااااااااااااااا


الساعة الآن 05:06 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية