منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات غادة (https://www.liilas.com/vb3/f264/)
-   -   حصري قدرنا معا - لي استافورد - روايات غادة المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/t207155.html)

Rehana 07-10-19 06:09 PM

قدرنا معا - لي استافورد - روايات غادة المكتوبة
 
https://2.top4top.net/p_1375blz1d1.jpg

اليوم راح انزل اليكم رواية جديدة اتمنى تنال اعجابكم

الملخص

في طريقها الى جزيرة سيلان , كانت كاميلا تفكر بخطيبها الغني صاحب الأراضي الواسعة الذي لم تره من قبل...
لكن جافيه لم يكن في استقبالها لدى وصولها , كما وان جو منزله كان خانقا وغامضا . لكن يجب ان تتشجع , لقد خلق جافيه لها وخلقت له . انها تشعر بذلك وستقاوم بكل قواها لتكسب حب زوجها .

لا احلل نقل رواية خارج المنتدى بدون ذكر اسمي ريحانة واسم المنتدى

Rehana 07-10-19 06:24 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
صباح احد ايام شهر شباط 1877 كانت كاميلا تقف على متن الباخرة التي تنقلها من انكلترا تنظر بشرود الى البحر المترامي حولها . أليس القدر هو الذي شاء ان تكون جزيرة سيلان موطنها الثاني ؟ بين ساعة واخرى لترى ولأول مرة الرجل الذي ستصبح زوجته.
منذ طفولتهما اعتادت كاميلا على فكرة ان القدر ربط مصيرها بمصير جافيه دي سيلفا بلانتاين . انه بالنسبة لها أمير الاسطورة ابن الأب الانكليزي والأم الربتغالية الذي تحيط به هالة رومانسية .

Rehana 07-10-19 06:25 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
سيلان ! هذا البلد الذي استعمرته قبائل هند اوروبية قبل المسيح بخمسة قرون يعرف بالسنسكريتية باسم سيريلانكا أي الجريرة الرائعة.
كانت والدة كاميلا قد توفيت اثناء ولادتها ثم تبعها والدها الصناعي الثري اثر حادث صيد فنشأت كاميلا عند جديها لأمها الكولونيل واللايدي سامتر.منتديات ليلاس
كانت كاميلا قد نشأت في الهند وتنقلت بين البنغال ومداراس وأسام , فكانت الهند موطنها الأول الذي احبته وقد ذرفت الدموع الحارة عندما اعلنت لها جدتها انها سترسلها الى انكلترا لتنهي هناك دروسها ولتعتاد على حياة المجتمع الراقي.
لقد كانت عائلتا سامتر وبلانتاين على علاقة صداقة متينة . فالسيد ادغار بلانتاين كان يملك المغامرة فأنشأ مزارع الشاي الشهيرة في سيلان ثم تزوج من وريثة برتغالية ثرية وانجب منها ثلاثة اولاد : الكبير جافيه والأوسط فيليب والصغيرة هيلين .
أتمت كاميلا دروسها في انكلترا ثم انخرطت في المجتمع الراقي بمساعدة جدتها بانتظار ان يحصل جدها على تقاعد من الخدمة العسكرية في الهند ويجتمع شمل العائلة من جديد.
اخذت الفتاة تتذكر كلام جدتها فانهمرت الدموع على خديها " لو تعليمن يا جدتي كم أتشوق لرؤية جدي وللعودة الى الهند!"
"افهمك يا عزيزتي , ولكن يجب ان تستغلي إقامتك هنا للتعرف جيدا على واجب الفتاة الراقية قبل ان تلتقي بزوج المستقبل . لقد وصلت رسالة منذ يومين من ادغار بلانتاين . ان أغلى أمنياته هي في رؤية ابنه جافيه يتزوج منك, وهذه أغلى أمنياتنا ايضا "
كانت كاميلا قد قامت بجولة على كل المدن الأوروبية الكبيرة وحيثما ذهبت كانت تتلقى عروض الزواج لكنها كانت تعتبر نفسها مخطوبة لجافيه بلانتاين فتقطع أمل كل طالبي الزواج منها وخاصة اولئك اللاهثين وراء ميراثها الكبير .ريحانة
قبل سفرها ببضعة أيام, جلست مع جدتها تتحدثان .منتديات ليلاس
" اذا تمكن والده من التخلي عنه لبضعة أيام ولم يكن بحاجة اليه في المزارع , قد ندعو جافيه للقائنا في مداراس "
" وماذا لو لم أعجبه ؟"
" بجمالك هذا كيف تسألين ؟ لا تنسي يا عزيزتي ان الزواج ليس طريقاً مزروعاً بالأزهار فقط ولا نزهة رومنسية تحت ضوء القمر . إنه اتحاد مخلوقين من اجل حياة مشتركة . بالنسبة للمرأة , الزواج رمز التضحية "

Rehana 07-10-19 06:26 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" وهل تجد المرأة مكافأة على التضحية في الحب؟"
" الحب لا يأتي دائما قبل الزواج يا ابنتي . انه يولد مع الحياة المشتركة بأفراحها وهموها ومع انجاب الأولاد "
في اليوم التالي زارت كاميلا صديقتها وقضت معها وقتا طويلا في الثرثرة , لكن ما ان عادت ودخلت المنزل حتى شعرت بانقباض في قلبها وكأن شيئا اسود يهدد مستقبلها .
" اوه , آنسة كاميلا !"
انها مربيتها فاني .
" ماذا هنالك , فاني ؟" سألتها بقلق.
" الطبيب هنا , يريد التحدث اليك"
" ما الذي جاء بالطبيب ؟ لقد تركت جدتي بخير , ما بها ؟"
" إنها الصدمة آنستي ! ها هو الطبيب"
تأملت كاميلا الطبيب بقلق بينما انسحبت فاني الى المطبخ .ريحانة
" الأمر يتعلق بجدك " قال الطبيب باتز بعد تردد قصير" لقد وصلت برقية اثناء غيابك , لقد توفي بالسكتة القلبية , تأثرت جدتك كثيرا بالخبر فاضطررت لإعطائها منوماً , انها نائمة الآن . عندما ستستيقظ ستكون بحاجة لك . صحتها متدهورة "
ظلت كاميلا بجانب سرير جدتها طوال الليل تبكي بصمت لفقدان جدها الحنون . عندما استيقظت الجدة , حاولت كاميلا مؤاساتها .
" اوه , جدتي لو انك بقيت الى جانبه !"
" ولكن ياعزيزتي جدك يعاني من قلبه منذ زمن طويل"
" كان يجب ان نعود اليه ! هل كنت بحاجة لحضور كل هذه الحفلات وللقيام بكل هذه الجولات بين المدن الأوروبية ؟"
" هيا , كاميلا , الفتاة ابنة العائلة العريقة يجب عليها ان تتعرف على العالم وتقاليده , أنا وجدك لم نشأ التقصير بواجبنا هذا تجاهك , يجب ان نفكر بمستقبلك "
من غرائب القدر ان يوحد الموت ايضا بين عائلتي سامتر وبلانتاين , لأن خبر وفاة ادغار بلانتاين سبب ازمة قلبية لجدها . ولقد كانت آخر امنية لإدغار كما كتبت زوجته في رسالتها بعد ايام هي في رؤية ابنه البكر جافيه يتزوج من حفيدة صديقه ريشاد سامتر .
مع الرسالة , وصلت هدية لكاميلا هي عبارة عن عقد من اللؤلؤ الثمين وعبارة عن طلب للزواج .

Rehana 07-10-19 06:26 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لماذا لم يكتب جافيه رسالة لي ؟" سألت الفتاة جدتها .ريحانة
" لو كانت الظروف مختلفة لجاء جافيه بنفسه وقدم لك هذه الهدية وطلبك للزواج . لكن والدته تقول في رسالتها انه الوحيد القادر على إدارة المزارع بعد وفاة والده ويتمنى ان تذهبي الى سيلان لتتزوجا هناك"
" ولكن يا جدتي أنت لست قادرة على مرافقتي بهذه الرحلة الطويلة, ولا يمكنني ان اتركك !"
" اسمعي يا ابنتي لطالما رغبنا بهذا الزواج أنا وجدك. ولكن لا شيء يجبرك على ذلك. اذا كنت تريدين الزواج من جافيه وتلبية رغبتنا لا تنهمك بصحتي . فأنا سأقضي في لندن ما تبقى لي من حياة . سأكون مطمئنة أكثر عندما أعلم انك سعيدة بزواجك"
كل هذه الذكريات عادت الى رأسها وهي تتأمل حركة المرفأ . كانت فاني مربيتها ترافقها وقد اقفلت الحقائب استعدادا لمغادرة السفينة .
" آنسة كاميلا , هناك رجل يسأل عنك"
انتفضت كاميلا عند سماعها صوت مربيتها , ثم التفتت الى الخلف .. انه هنا ... تمالكت نفسها واخذت نفسا عميقا وابتسمت بهدوء ظاهري.
" آنسة مارش ؟ آنسة كاميلا مارش؟"
الرجل الشاب الذي انحنى يقبل يدها طويل وقد لوحت الشمس البلاد الموسمية بشرته , عنياه رماديتان ويداه ناعمتان وبدلته البيضاء ناصعة تدل على انه عاطل عن العمل ولا يشبه ابداً مدير المزارع الشاسعة .منتديات ليلاس
ابتسم الشاب لها بإعجاب ساخر فشعرت فجأة بخيبة كبيرة واحست بغريزتها ان هذا الشاب لا يمكنه ان يكون زوجها الذي كانت تحلم به.
" سيد بلانتاين ؟"
" هو نفسه " اجابها بمرح : أنا فيليب بلانتاين يسعدني التعرف اليك . هل كانت رحلتك مريحة؟"
جحظت عينا الفتاة اللوزيتان . فيليب ؟ ولكنها ....منتديات ليلاس
" اذاً انت لست جافيه ؟"
" لا , لكن , قولي لي , هل اعتقدت ..."
" كيف يمكنني ان أعرف ؟" قاطعته بحدة " فأنا لم أرك ولم أره من قبل . بالطبع كنت اعتقد انه هو "
" كنت تعتقدين ان الخطيب السعيد هو من سينتظرك شخصيا؟" قال ضاحكا " انت لا تعرفين شقيقي آنسة مارش . يؤسفني ان اخبرك بأنك امام منافس كبير , ان مئات الهكتارات من مزارع الشاي ستنافسك دائما على قلبه "
شعرت الفتاة بخيبة كبيرة . بعد كل هذا السفر الشاق يؤسفها ان تكتشف ان زوج المستقبل لم يكلف نفسه عناء المجيء لاستقبالها .
" إن كلامك صدمني يا سيد" قالت له ببرود .

Rehana 07-10-19 06:27 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" يؤسفني ذلك , لكن كان من المستحيل على شقيقي ان يتغيب لبضعة ايام عن راتنغالا. ان اعماله كثيرة . بينما أنا وقتي ملكي ولا يلاحظ احد غيابي"
" الا تساعد شقيقك في ادارة اعماله ؟" سألته بفضول .
" هذا النوع من الاعمال لا يناسبني " اجابها ضاحكا " أنا بالكاد استطيع التمييز بين أنواع الشاي . باختصار أنا بدون فائدة ! لا يلجأون اليّ الا في المهام السخيفة "
المهام السخيفة! أي ان الذهاب لاستقبال خطيبة اخيه مهمة سخيفة !
رافقته كاميلا تتبعها فاني الى العربة . ظلت الفتاة صامتة تفكر بخيبتها وتتأمل السلاسل الجبلية المترامية والأودية والتلال الكثيفة والاشجار.منتديات ليلاس
" نحن هنا في وسط سيلان " قال فيليب .
بعد قليل عبرت العربة حقولا واسعة مغطاة بأشجار اوراقها الذابلة ....
" انها حقول البن . بعد الأرز الذي كان المحصول الزراعي الرئيسي , بعض الاشجار اصيبت بنوع من الديدان الذي يقضي على محاصيل كاملة مما اضطر عددا كبيرا من المزراعين لبيع أراضيهم , لكن والدي ادخل زراعة الشاي مجازفا بماله وبإنتاجه حتى اطلقوا عليه اسم المجنون بلانتاين "
ثم اخذ فيليب الضحك دون ان ان يبدو عليه الاكتراث لما اصاب المزراعين من افلاس .
بعد الغروب وصلوا الى نوارا إليا ونزلوا في فندق صغير لكنه مبني على الطريقة الأوروبية .
ما ان دخلت كاميلا الى غرفتها حتى لاحظت ان فاني منزعجة جدا من فيليب هذا الذي لم تستلطفه ابدا .
" أنت لا تستلطفينه على ما يبدو !"
" انه لا يوحي لي بالثقة بالرغم من إرادته الحديدية"
" لحسن الحظ , لن اتزوج منه " قالت لها كاميلا مبتسمة " لقد جئت من اجل شقيقه الاكبر"
" أتساءل كيف هو جافيه هذا ؟"
" أنت تلومينه لأنه لم يأت لاستقبالي بنفسه ؟ ألم تسمعي بأن اعمال المزارع تشغله ؟"
" لا يمكنني ان اعطي رأيي به قبل ان أتعرف عليه"
تابعت العربة طريقها في صباح اليوم التالي فدهشت كاميلا بكل هذه المناظر الطبيعية الخلابة وخاصة هذه القرية الجميلة ببساطتها .منتديات ليلاس
" يالها من قرية خلابة!"

Rehana 07-10-19 06:28 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" اوه!" قال فيليب باحتقار " هؤلاء السنغاليون يرفضون العمل في المزراع مما يضطرنا لإحضار الأيدي العاملة من الهند فنؤمن لهم المسكن والمأكل, لقد اوشكنا على الوصول , بعد قليل ستشاهدين المنزل"
ازداد اضطراب الفتاة وهي تقترب أكثر وأكثر من قدرها , اخذ فيليب يحدثها بأمور كثيرة وهي تحاول الاصغاء اليه باهتمام . علمت ان والدته لا تزال تحتفظ باسم عائلتها البرتغالي وان شقيقته هيلين ليس لديها سوى رغبة واحدة هي الزواج.
ما ان اقتربت العربة حتى دهشت كاميلا امام هذا المنزل الكبير المؤلف من طابقين والذي تلمع نوافذه تحت اشعة الشمس , وهو ينتصب وسط حديقة واسعة مزروعة بأنواع رائعة ومختلفة من الازهار المنسقة بعناية بالغة.منتديات ليلاس
" اذاً , ما رأيك ؟" سألها فيليب وهو يساعدها على النزول من العربة , بينما أسرع خادم يحمل الحقائب .
" موقع المنزل جميل جدا , يا إلهي ! لم يسبق لي ان رأيت حديقة جميلة كهذا !"
" آه , الحديقة , انها اختصاص أمي. انها تهوى الزهور " ثم قدم لها ذراعه وصعدا الى الشرفة الأمامية.
دخلت كاميلا البهو الكبير بخطى حازمة مع ان قلبها يدق بسرعة كبيرة . لكن الصمت السائد في المنزل زاد من توترها .ريحانة
" أمي!" صرخ فيليب بفارغ الصبر " لقد وصلنا , اين أنت ؟"
فتح احد الأبواب المطلة على البهو بهدوء وخرجت منه فتاة نحيفة تشبه فيليب كثيرا .
" صه " قالت وهي ترفع يدها الى فمها " والدتي مصابه بالصداع"
" ولكن يجب ان نهتم بكا ... بالآنسة مارش بدلا منها . آنسة كاميلا , أقدم لك شقيقتي هيلين "
تأملتها هيلين بجفاف من رأسها حتى اخمص قدميها فمدت كاميلا لها يدها .
" نادني كاميلا " قالت لها بمودة " سنصبح شقيقتين , اتمنى ايضا ان نصبح صديقتين "
" لم أكن ادري ان الزي الامازوني موضة هذه الايام . هنا , لا نرى آخر ازياء الموضة كما في انكلترا" اجابتها هيلين بجفاف ايضا .
" عندما ارتاح سأريك كل ما احضرته معي من ملابس , بإمكان خياطتك ان تنقل الموديلات اذا اعجبتك"
" اوه , هيلين !" تدخل فيليب " لقد قطعنا كليو مترات طويلة , لا تنسي هذا ! ستتحدثان بأمور الموضة فيما بعد ! الآن , اعتقد ان كاميلا بحاجة للراحة قبل موعد العشاء"

Rehana 07-10-19 06:28 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" قلت لك ان أمي مصابة بالصداع , فهلا اخفضت صوتك؟" قالت هيلين ثم التفتت نحو كاميلا" تعالي معي لو سمحت "
صعدت الفتاتان الدرج تتبعهما فاني واحد الخدم يحملان الحقائب .
" ستكون هذه غرفتك حالياً ريثما تنتقلين الى جناح سيد المنزل" قالت لها هيلين وهي تسبقها الى غرفة واسعة تطل على مزارع الشاي المترامية .
" هل اعجبتك الغرفة ؟"
" انها جميلة , شكرا . اتمنى ان يزول صداع السيدة لوسيا بسرعة "
" انها تعاني من الصداع باستمرار " اجابتها هيلين باختصار جاف " نحن نتناول العشاء في الساعة السابعة عندما يعود جافيه من المزارع , ربما يمكنك الانضمام الينا في الصالون قبل ذلك بقليل "
ساعدتها فاني على تبديل ملابسها وتركتها لترتاح قليلا . اغمضت كاميلا عينيها وهي تفكر بلقائها الوشيك مع زوج المستقبل الذي لطالما حلمت به منذ طفولتها.ريحانة
في الساعة السادسة ارتدت كاميلا ثوبها الرمادي الضيق عند صدره والطويل بتنورته الواسعة . سرحت لها فاني شعرها وساعدتها على وضع العقد اللؤلؤ حول جيدها .
" أنت رائعة يا ابنتي . اتمنى ان يكون هذا الزواج يستحق كل هذا الجمال . آه, اشعر بوجود شيء غريب في هذه العائلة , لكني لا استطيع تمييزه بعد"
كانت كاميلا تقف امام النافذة , فصرخت فجأة " يا الهي ! لابد انه هو !"
كان هناك رجل قد نزل عن حصانه ويتجه بخطوات سريعة نحو المنزل . بالنظر الى حذائه الطويل المغبر والى جاكيته المتسخة , تدرك على الفور انه من المزراع . كان يحمل بيده قبعة قديمة . اما وجهه فيبدو عليه التعب الشديد . لابد انه جافيه بلانتاين .
" يا له من رجل وسيم " تمتمت فاني " لكنه يبدو متسلطا , اعتقد انه من الافضل لك عدم اغضابه "
ما ان اقترب الرجل اكثر حتى توقف لحظة ورفع نظره لأنه النافذة التي تقف كاميلا خلفها . ارتعشت الفتاة لأنه فاجأها وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة ما لبث بعدها ان أدار رأسه بلا مبالاة ودخل المنزل.
تنفست الفتاة بعمق استعدادا للمواجهة . ان ابتسامة الرجل كانت خالية من اي احساس وتعكس لا مبالاة مطلقة , ولكنها ما ان رأته حتى اهتز وتر في قلبها واحست احساساً غريباً بأنها تعرفه منذ مدة طويلة نظرت الى نفسها مرة اخيرة في المرآة .

Rehana 07-10-19 06:29 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"سأنزل "
" ولكن لا يزال الوقت باكراً" اعترضت فاني .
" قالت هيلين ان انضم اليهم قبل السابعة بقليل"
نزلت كاميلا الدرج وعندما وصلت الى الاسفل كان باب الصالون نصف مفتوح فوصل اليها همسات من الداخل.منتديات ليلاس
" ولكن جافيه على الاقل بدل ملابسك!" قال صوت انثوي ضعيف.
" لا أرى سببا لذلك أمي , كل مساء , في هذه الساعة أعود من المزارع فأشرب كأساً استحقه بعد ساعات العمل الطويلة . متزوجا كنت أم عازبا , لماذا أغير عاداتي؟"
حبست كاميلا انفاسها وتسمرت مكانها على الدرج . هذا الصوت الرجولي الساخر لابد انه صوت جافيه .
" أعلم ان زوجة مزارع عليها ان تعتاد على روتين العمل ومتطلباته " قال الصوت الانثوي بمرارة " ولكن هذه الفتاة وصلت لتوها , أنا لم اقابلها حتى الآن , واتمنى ان يكون استقبالك لها جيداً"
" لا تقلقي أمي , أنا لم أنس واجباتي كرجل نبيل . الآن , بعد ان شربت كأسي سأصعد لأبدل ملابسي"
عندئذ فتح الباب على وسعه وكاميلا لا تزال واقفة مكانها فوجدت نفسها امامه وجهاً لوجه , انه رجل طويل أسمر , رفع حاجبيه وتأملها بجفاف .
" آسفة لأنني سمعت حديثكما " اعترفت بخجل وارتباك " اتمنى ان لا تكون مضطرا لتغيير عاداتك بسببي"
" في هذه الحالة اعتقد اننا سنتفاهم جيدا , اعذريني " قال دون ان يبعد نظره عنها ثم صعد الدرج مسرعاً.منتديات ليلاس
هذا اللقاء القصير كان خاليا من أي رومنسية , يبدو ان جافيه لم يكن متحمسا للقاء زوجة المستقبل , كما يبدو انه يحاول ان يكون لطيفاً معها فقط ارضاءً لوالدته.
" تفضلي معي الى الصالون " دعتها سيدة المنزل " لا يزال الوقت باكراً لتناول العشاء , هذا يمنحنا متسعاً من الوقت للتعارف "
لابد ان السيدة بلانتاين كانت جميلة جدا في شبابها , انها تملك نفس الثقة بالنفس كجافيه , سمراء البشرة , شعرها قصير أسود تتخلله خصل بيضاء, لكن رغم محافظتها على جمالها يبدو عليها التوتر.منتديات ليلاس
" اتمنى ان يكون صداعك قد زال سيدتي"
" الصداع يلازمني , وعندما يشتد احبس نفسي في الظلام واحتاج الى الهدوء التام"

Rehana 07-10-19 06:29 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" سأحاول ان لا أنسى هذا , للحقيقة اعجبتني حديقتك كثيرا"
أشرق وجه سيدة المنزل واخذت تحدثها بإسهاب حول زراعة الأزهار وطريقة العناية بها . بعد قليل انضم اليهما فيليب الانيق في بدلته الرمادية , ثم تبعه جافيه الذي كان قد بدل ملابسه وحلق ذقنه , دقائق اخرى ثم نزلت هيلين وقد بدلت ملابسها ايضا وبدت أقل جفاء.
"أترغبين بمرافقتي الى الشرفة لرؤية مغيب الشمس؟" اقترح عليها جافيه بلطف.
"بكل سرور " اجابته وسارت الى جانبه.
جلسا على الشرفة على كنبة مريحة وحمل لهما احد الخدم شرابا منعشا.
" الغروب هو افضل اللحظات بالنسبة للمزراعين " قال بسخرية خفيفة وانطلق يحدثها عن حرارة الشمس في النهار.
انه حتى لم يسألها عن صحتها ولا عن اخبار عائلتها ولا عن رحلتها . كان يكلمها وكأنه يعرفها منذ مدة طويلة .ريحانة
" أحب منظر الغروب كثيرا " قال جافيه متنهدا " لكنني أفضل الخروج مع الفجر عندما يكون الجميع لا يزالون نياماً" وتابع حديثه عن مزراع الشاي.
عند سماعه يتحدث عن المزراع تشعر بأنه ينظم قصائد شعرية , فأدركت كاميلا حبه للأرض وللعمل وفهمت ما قاله فيليب عن هذه المنافسة بينها وبين الأرض.
كاميلا فتاة ذكية عرفت على الفور انه عليها كي تكسب حبه ان تثبت له حبها للأرض والزراعة , على كل حال لقد وقعت هي ايضا تحت سحر هذه الأرض.
" كان العشاء لذيذا فعلا "
" لدينا طباخ ماهر احضره زوجي من أسام" شرحت لها السيدة لوسيا بعد العشاء " اخشى ان يسرقوه منا"
" لال لا يتركنا ابدا" أكد لها جافيه بكل ثقة " لا تنسي ان والدي اهتم كثيرا بابنته موهيني وهو لا يعرف كيف يرد الجميل "
" لست ادري ما فائدة ارسال فتاة من الأهالي البلديين الى مدرسة ارسالية" قالت هيلين باحتقار .
" موهيني ابنة لال الوحيدة " اضاف جافيه موجها كلامه الى كاميلا " لقد توفيت والدتها وهي طفلة فأرسلها والدي الى مدرسة ارسالية لتتعلم . ولقد عادت مؤخرا وهي تعمل هنا في المنزل. هذا مؤسف حقا لأنها فتاة موهوبة ولا يوجد عمل يناسبها في هذه الجزيرة "

Rehana 07-10-19 06:30 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لو لم تكن متعالية لتزوجت وانجبت اطفالا ككل التاماليين " قالت هيلين باحتقار واستخفاف.
" لا تنسي انها بنغالية والبنغاليين يحتقرون التاماليين " قال جافيه .منتديات ليلاس
" آه " تدخلت كاميلا باهتمام " اذاً هناك خلافات بين المجتمعين ؟"
" نعم , ولكنها خلافات محدودة الآن . التاماليون يقيمون في المزارع مع عائلاتهم بينما يعيش السنغاليون في القرى . اعترف ان اشياء كثيرة تفرق بينهما فالسنغاليون يتكلمون الهندو اوروبية المنحدرة من السنسكريتية بينما يتكلم التاماليون لغة الهند الجنوبية .كما وان السنغاليون يدينون بالبودية بينما التاماليون هندوس"
" لكني أصر على انه لم يكن من الضروري انفاق كل هذا المال على هذه الفتاة " قالت هيلين بحدة
" فكروا بي أنا , فأنا حتى الآن لم اذهب الى اوروبا !"
" اعلمي هيلين ان اوروبا لا تقدم ما هو اجمل مما هو في سيلان !" قالت كاميلا.
" أنا لا اتكلم عن جمال الطبيعة . ان كل ما يهمني هو الأمل بالعثور هناك على زوج . ولكن ما يدهشني, هو رؤيتك تأتين الى هنا لتجدي زوجا لك. أتساءل .."
قطعت هيلين كلامها عندما لاحظت انزعاج والدتها , وفضلت كاميلا ان لا تجيب على تهكمها كي لا تزيد من هوة الكره بينهما.
في اليوم التالي , استيقظت كاميلا على صوت طرقات على بابها .
" تفضل " قالت معتقدة انها فاني.منتديات ليلاس
لكن الفتاة التي دخلت تحمل لها كوب الشاي كانت هندية ترتدي ملابس اوروبية . انها نحيفة لكن وجهها جميل وعيناها واسعتان .
" الشاي آنسة "
" لابد انك موهيني ابنة لال؟"
" نعم آنسة "
" اخبرني السيد بلانتاين انك درست في كولومبو "
" نعم , وهناك اعتدت على ارتداء هذه الملابس , للحقيقة لا أرتاح بارتداء الساري , الملابس الهندية التقليدية لا تريحني"
" أصدقك " قالت لها كاميلا بكل طيبة .ريحانة
" لقد احببت المدرسة كثيرا , احب المطالعة . لقد اصبحت اعتنق الديانة المسيحية " اعترفت بفخر " لكن والدي لا يزال معارضا . بالنسبة له أنا مرتدة عن الدين "
وضعت الصينية امام كاميلا ثم اضافت بأسف " يجب ان اتركك الآن , لدي عمل في المطبخ "

Rehana 07-10-19 06:30 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كانت كاميلا تدرك ان موهيني ذكية وجميلة , لكن ليس لديها اي مستقبل لإبراز مواهبها . اشفقت كاميلا عليها ووعدت نفسها انها ستولي هذه الفتاة كل عناية واهتمام .
ما ان شربت الشاي , حتى نهضت من السرير وبدلت ملابسها ونزلت لتقوم بنزهة في الجوار . كانت دهشة الخادم الذي رآها كبيرة جدا , لأن الساعة لا تزال مبكرة جدا واخبرها ان الجميع لا يزالون نائمين ولم يستيقظ إلا السيد جافيه الذي يتناول فطوره على الشرفة .
كانت كاميلا سعيدة جدا لأنها تعلمت اللغة الهندية في طفولتها , هذا يساعدها في التفاهم مع الخدم . اتجهت نحو الشرفة فوجدت جافيه على وشك التوجه الى المزارع . ما ان رآها حتى رفع حاجبيه بدهشة .منتديات ليلاس
" يا الهي ! أدائما تستيقظين باكراً ؟ عادة أنا الوحيد في هذا المنزل الذي يستيقظ باكراً "
" الطقس جميل , والمناظر أجمل, فلماذا نضيع الوقت في السرير؟"
" والدتي وشقيقتي لا تستيقظان قبل الحادية عشرة , اما فيليب فلا يستيقظ باكرا إلا اذا كان يريد القيام بنزهة على حصانه . بإمكانك مرافقته اذا اردت "
" افضل مرافقتك أنت " قالت بهدوء.
" هذا مستحيل " اجابها بجفاف " فأنا اخرج باكراً الى الحقول ثم اذهب الى المصنع ثم الى المكتب . لدي اعمال كثيرة ليس لدي دقيقة واحدة اضيعها في النزهات"
عضت كاميلا على شفتيها . فهي لا تريد ان تكون عبئا عليه . كل ماكانت تريده هوان ترافقه في جولته لتتعرف على حياة وعمل مزارع الشاي .
" يجب ان اذهب الآن " قال وهو يحمل قبعته " الى اللقاء مساء , اتمنى لك نهارا جيدا"
اخذت تنظر اليه وهو يبتعد مسرعا . منذ وصولها وهو يرفض ان يمنحها القليل من وقته الثمين ليتعرفا على بعضهما , الأمر ليس مشجعا ابدا .
تفاجأ فيليب برؤيتها في مثل هذا الوقت المبكر وعرض عليها مرافقته بنزهة على الجياد , فوافقت على الفور. ان فيليب لطيف جدا معها لكن دهشتها ازدادت أكثر عندما لاحظت انه لا يلعب أي دور في إدارة اعمال العائلة.
" اوه, أنا لا اتحمل أي شيء يمت الى الزراعة بصلة . فقط لو ان جافيه يبيع الأراضي ! كم كنت اتمنى لو اعيش في لندن!"
" أهناك أمل في ان يبيع ؟"
" ابداً, للأسف . بالنسبة له راتنغالا أغلى من كل العالم , ولا يمكنه ان يرحل عن سيلان. لقد سئمت الحياة هنا , وأتوق للعيش كرجل نبيل في لندن . مع الأسف توفي أبي المستبد الأول ونقل حبه للأرض لابنة البكر الذي يفني فيها حياته "

Rehana 09-10-19 06:26 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" ولكن ألست حراً في الرحيل ؟ هل يمنعك جافيه ؟"
" انه هو من يمسك بالإدارة المالية ويرفض اعطائي المال ويحثني على العمل. اما والدتي فهي مثله ترفض اعطائي مليما واحدا مع انها ثرية ورثت الكثير عن أهلها .. اوه , كاميلا , ما رأيك لو تزوجت مني أنا بدل جافيه ؟" سألها بلهجة المزاح , لكن سؤاله لم يعجب الفتاة التي اعتبرته كالفخ . يجب بأي ثمن ان تعيد هذا الشاب الى مكانه.
" اياك ان تتفوه بمثل هذه الحماقات مرة اخرى, فيليب" قالت له بلهجة حازمة " هيا بنا نعود الى المنزل"
بعد الغداء دعتها السيدة لوسيا لشرب الشاي معها في صالونها الخاص.منتديات ليلاس
" " يجب ان نتحدث بأمر الزواج يا ابنتي . أنت هنا لتتزوجي من جافيه , ولا أرى سببا للانتظار طويلا "
" نعم , ولكن الا تعتقدين انه من الافضل ان تتركي لي ولجافيه بعض الوقت للتعارف أكثر؟" اجابتها بلطف وأدب.
" بعض الوقت ؟ لماذا ؟ ماذا تريدين ان تعرفي ؟"
سألتها السيدة لوسيا بحدة وقد بدأت يداها ترتجفان " انتما مخطوبان منذ طفولة , أم ان الفكرة جديدة عليك؟"
" أنت محقة , سيدتي , فأنا اعتبر نفسي خطيبته منذ الطفولة ولكن هذا لا يمنع من أن ..."
" ابني مستعد للزواج منك على الفور " قاطعتها لوسيا " اعلمي ان سيلان تعج بالفتيات اللواتي يرغبن بالزواج منه "
" لا أشك بذلك " اجابتها بهدوء , رغم جرح كبريائها " اعذريني , كلانا يرغب بالشيء نفسه وأنا جئت فقط للزواج منه"
" لقد بدأت أشعر بالصداع " قالت السيدة وهي تضع يدها على جبينها " لن تتعرفي على ابني إلا بعد الزواج, فهو مشغول جدا وليس لديه وقت للغزل. على كل حال في بلادنا البرتغال يحصل كثيرا مثل هذا الزواج. الحب يأتي عادة بعد الزواج . لابد ان جدتك كشفت لك عن بعض نواحي الحياة الزوجية . انت تفهمينني , اليس كذلك ؟ تزوجي جافيه كاميلا , تزوجيه بسرعة , هذا هو الحل الوحيد"منتديات ليلاس
فكرت كاميلا بصمت , لوسيا ليست على خطأ , على كل حال فابنها مشغول جدا , كما وانها سمعته يعلن انه ليس مستعدا لتبديل عاداته من اجلها . انها تعرف ان قدرها معروف منذ الطفولة ومكتوب لها ان تتزوج من جافيه , وهي ليست مستعدة لتغيير رأيها .ريحانة

Rehana 09-10-19 06:28 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
فعندما يتزوجان لن يتمكن من تجاهلها , احمر وجهها لهذه الفكرة . فهي تعرف انها جميلة وان جافيه ككل الرجال . كل كبريائه سيذوب بين ذراعي زوجة مستعدة لتهبه كل شيء .
" حسنا , سأتزوج جافيه عندما تقررين , سأتركك الآن ترتاحين "
في المساء , وقبل العشاء , قال لها جافيه " اشعر انني أسأت التعبير عندما رفضت اصطحابك الى المزارع صباحاً"
" لا , لكني أنا أسأت التعبير . لم أكن أنوي إلهاءك عن اهتماماتك . كنت أرغب فقط بالتعرف على اعمال زراعة الشاي "
" أهذا يهمك حقاً؟" سألها بدهشة " الشمس حارقة في المزارع , كما وان المصنع يعج بالضجيج"
" أتجد انه من الغريب ان ارغب بمعرفة مهنة الرجل الذي سأشاركه بحياته قريبا؟"
" بل اجد غريبا فكرة اهتمام امرأة بهده الاعمال ولكن اذا كنت تريدين القيام بجولة على المزارع , فأنا مستعد لاصطحابك بكل سرور كوني جاهزة باكراً صباح غداً, لكن لا ترتدي ملابس أنيقة , المهم حذاء طويل وقبعة واسعة "
" حسناً" قالت بسرور كبير وهي تحلم بأن يبدأ جافيه بالاقتناع بأنها ليست مجرد فتاة بلهاء لا يهمها سوى اختلاس النظر خلف النوافذ واستراق السمع خلف الأبواب .
في الساعة السادسة تماما ظهرت كاميلا على الشرفة وهي تشعر بالاثارة وتحاول اخفاءها . واخيرا ستزور المزارع والأهم انها ستكتشف شيئا عن هذا الرجل الذي ستتزوجه قريبا .
أبدى جافيه اعجابه ببساطة ملابسها رغم أناقتها وبعد تناول الفطور اصطحبها الى الاسطبل حيث ينتظرهما جوادان مسرجان .منتديات ليلاس
دهشت كاميلا بأبعاد الممتلكات المترامية امامهما كبساط أخضر . كان العمال ينتشرون في الحقول , رجالاً ونساءً واطفالاً يعملون جماعات جماعات تحت اشراف الوكلاء.
كان جافيه يتحدث مع العمال بلغتهم ويصدر الأوامر هنا وهناك واخيراً, ساعدها على النزول عن جوادها ليشرح لها كيفية عمل المزارعين على القطاف .
" الأمر ليس بسيطا كما يبدو لأول وهلة . القطاف يتطلب سرعة وبراعة , كما ترين انهم يختارون فقط البراعم والورقتين الاخيرتين بين السبابة والايهام"

Rehana 09-10-19 06:30 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
تأملت كاميلا باهتمام حركات العمال السريعة , وهم يرمون بما يقطفونه في سلالهم المعلقة على ظهورهم .
" العمل شاق لكنه الوسيلة الوحيدة لإنقاذهم من الفقر والبؤس السائد في جنوب الهند . بعد قليل سأصطحبك الى قريتهم "
وجدت كاميلا صعوبة باللحاق به واخذت تلهث . فتوقف مبتسما ومد يده نحوها وقد رقت نظراته فاعتقدت الفتاة انها قرأت فيها نوعا من الاعجاب .منتديات ليلاس
" أنت لا تفتقدين للنشاط , كاميلا , هذا لا يدهشني , فلطالما سمعت عن جدك وحيويته , يؤسفني جدا انني لم أتعرف عليه "
" حدثني عن والدك"
" كان أبي مغامراً بكل ما لهذه الكلمة من معنى . كان دائما ينطلق الى الأمام غير مكترث بالعوائق والصعوبات . كان مقتنعا بأن مستقبل سيلان يعتمد على الشاي , وأنا ايضا متأكد ان اقتصاد الجزيرة كله سيقتصر على انتاج وتصدير الشاي"
" كيف توفي ؟"منتديات ليلاس
" لا أحد يعلم , لقد كان قوياً كالصخر, لم يعرف المرض ابداً في حياته . ذات صباح وجدناه متوفيا في غرفته على سريره . ولكن ارجوك لا تفتحي هذا الموضوع امام أمي , لا ضرورة لإثارة احزانها "
" حسنا , جافيه , لن افعل "
" لا أشك بذلك. ولكني فضلت ان احذرك , لابد انك لاحظت توترها " ثم ودون ان ينتظر ردها غير الموضوع بسرعة .
سرت كاميلا كثيرا بزيارة المصنع المؤلف من طابقين , ولقد شرح لها جافيه كل تفاصيل العمل فيه .
" إن مختاف عمليات التيبيس واللف والتجفيف والغربلة تدوم اربع وعشرين ساعة . بعد التجفيف لمدة ليلة واحدة على الحصير , تُلف الأوراق ثم توضف في غرفة التخمير قبل ان تجفف مرة اخرى وتسحب عن طريق النخل . هكذا نحصل على اصناف عديدة من البروكن الذي يفضله الانكليز حتى مختلف انواع الدوتس الناعم "
" الا تتوقف النوعية الجيدة على ارتفاع الأرض؟"
" بلى , وكذلك على رطوبة التربة والآن هيا بنا لنرى سير عمل الجهاز الجديد"
اتجها نحو رجل متوسط السن مغطى بالشحم يعمل حول آلة ضخمة تصدر ضجيجا يصم الآذان .
" انها اليوم حاردة كالبغال " قال الرجل بيأس.
" دعها ترتاح قليلاً " نصحه جافيه بصوت مرتفع كي يتمكن من سماعه " اريد ان أقدم لك الآنسة مارش "

Rehana 09-10-19 06:31 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
اوقف العامل الآلة وابتسم بلطف وهو ينحني امام كاميلا .منتديات ليلاس
" صباح الخير آنسة مارش" قال بلهجة شمال انكلترا " تسعدني زيارة الجنس اللطيف الى المصنع"
" سأحاول اقناع السيد بلانتاين باصطحابي معه دائما " اجابت كاميلا بمرح.
" كانت الآنسة تريد التعرف على سير العمل , الآن وبعد ان عرفت لا اعتقد بأنها ستتردد غالباً على المصنع"
اختفت ابتسامة الفتاة امام لهجته الصارمة وظلت صامتة بينما انحنى الرجلان يفحصان الآلة . بعد دقائق كانا قد وجدا العطل وعملا على اصلاحه . فدعاها جافيه الى مكتبته لشرب كوب من الشاي.
تبعته كاميلا الى مكتبه الذي يغص بالملفات على الرفوف.
"لم أكن أتخيل اهمية هذه الاعمال . انها مثيرة حقا . شكرا لك لأنك اصطحبتني بهذه الزيارة " قالت له كاميلا وهي تشرب الشاي.
اخذ جافيه يضحك من كل قلبه . ولأول مرة لم يكن في ملامحه أي أثر للسخرية .
" ولكنك لم تري الا نصف الممتلكات , لدينا ايضا مزارع بعيدة لا يمكنك حتى الوقوف فيها !"
" كم من الوقت يدوم موسم القطاف؟"
" من المنطقة , يقطفون الشاي طوال العام .هذا دون ان نتكلم عن العمليات الأخرى . اعتقد انك تفهمين الآن بأنني لست اجتماعيا كما يجب"
" كيف يمكنك القيام وحدك بكل هذه المسؤوليات؟" سألته بدهشة.
" لحسن الحظ , لست وحدي. لدي ماك الذي راقب سير العمل في المصنع . ولدي أيضا مراقبون ممتازون ومعاون. لكن المعاون في اجازة الآن , لهذا ليس لدي متسع من الوقت لـ .." ثم قطع كلامه وتأمل وجهها الجميل.منتديات ليلاس
" أنت لا تزالين صغيرة, كاميلا . أتعتقدين انك قادة على العيش في راتنغالا؟ الحياة هنا ليست سهلة ولا يوجد وسائل للترفيه "
" لقد عرفت كل انواع الترفيه في انكلترا , لكن الطفولة لا تستمر وأنا لا ارغب بالحياة الصاخبة بالحفلات والسهر "
"ماذا تتمنين اذا؟" سألها بسرعة.
" ان اعيش حياة مستقرة وان أكون مفيدة لمن هم حولي"
"بإمكان راتنغالا ان تقدم لك ما ترغبين به. كما لاحظت , الأمور تسير في المنزل على ما يرام وذلك بفضل لال بصورة خاصة . ولكن المنزل بحاجة لسيدة إن صحة والدتي للأسف ..اخيرا .. ليست جيدة , كما وان اعصابها تخونها احيانا , فأرجو منك ان تكوني صبورة ومتعقلة"

Rehana 09-10-19 06:32 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" سأبذل قصارى جهدي" وعدته بصدق.
" الآن اذا انتهيت من شرب الشاي لنذهب . اريد ان اصطحبك لزيارة التاماليين"
بعد عودتها الى المنزل دخلت كاميلا المطبخ وتعرفت على الطباخ لال . كانت قد رأت من قبل عند جديها طباخين هنود , لهذا لم تندهش عندما رأت طريقته الغريبة بإعداد الطعام. استقبلها الطباخ بتحفظ وصمت.منتديات ليلاسمنتديات ليلاس
" لقد سبق وتعرفت على ابنتك موهيني . انها هي من حمل لي كوب الشاي في الصباح "
" انها فتاة جيدة , ولكن للأسف , تفتقد للحكمة"
"اجدها لطيفة وذكية . هذا الصباح تحدثنا مطولا أنا وهي حول عدة كتب"
" الثقافة الغربية" تمتم الطباخ " لم يكن يجب عليّ ان اسمح لها بالتعلم في كولوميو. كل ماكنت اريده هو ان تتعلم القراءة والكتابة فقط, لا ان تترك دين آبائها"
يبدو انه حقا غير راض عن تعليم ابنته ولا عن تغييرها لدينها ولا عن تبديل عاداتها في اختيار الملابس.
"نحن من الهندوس آنسة مارش. ديننا هو الدين الوحيد الحقيقي . المسيحيون في الارسالية جعلوا ابنتي تفقد هويتها . لقد اصبحت عجوزا , فمن سيهتم بها بعد موتي؟"
" أنا . لال" أكدت له كاميلا" اعدك بذلك" لمحت على الفور في عيني الرجل شعاع ما ولد الثقة بينهما.
هذا المساء انسحب جافيه لبعض الوقت مع امه الى غرفتها . لكن السيدة لوسيا لم تظهر بعد هذا الاجتماع . اما جافيه فقد عاد الى الصالون حيث كانت كاميلا برفقة هيلين.
" الامسية جميلة اليوم . أترغبين كاميلا بالتنزه معي قليلاً في الحديقة ؟"
نهضت كاميلا وقلبها يطير من الفرح ورمت شالاً على كتفيها .
كانت النجوم تتلألأ في السماء والهواء يحمل معه عطر ازهار الحديقة الفواحة , ومع ذلك لم تجرؤ على رفع نظرها نحو جافيه.ريحانة
" اريد ان نتكلم عن الزواج" قال اخيرا.
هزت رأسها دون ان تجيبه

Rehana 09-10-19 06:33 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لقد تحدثت مع والدتي بأمر زواجنا , فاقترحت ان يكون الموعد بعد اسبوعين, هل يناسبك الأمر؟"
بلعت ريقها بصعوبة . ماذا! انه يتحدث عن زواجهما, عن اتحادهما المقدس جسدا وروحا. لكن يبدو من حديثه وكأنه يتكلم عن صفقة شاي يشحنها الى مولومبو!
"نعم " اجابته بصوت ضعيف.
"حسنا, اتمانعين اذا كان زواجنا بسيطاً؟ عقد القران في كنيسة نوارا إليا سيكون متعبا جدا لوالدتي . سنطلب من الكاهن فيلدنغ ان يأتي ليزوجنا في راتنغالا. كانت والدتي تريد ان تحضر كاهنا من كولومبو, لكني كنت متأكدا من انك تفضلين كاهنا انجليكانيا"
" انت محق , وبما ان جدتي ليست موجودة لا بأس من زواج بسيط"
تقدما ببطء في ممر ضيق بين الازهار تفكر بهذا الزواج السريع . حتى ان جافيه لم يقل اية كلمة تظهر رغبته بالزواج منها . توقف فجأة وتأملها بنظرات جعلت قلبها يرتجف في صدرها.
" حتى الآن لم نتكلم إلا في التفاصيل الغير مهمة . ولكن يجب ان اقول لك بصراحة كاميلا كي لا أكون مخادعاً. أنت تتزوجينني فقط تلبية لرغبة جديك . ويبدو لي ايضا ان سحر الشرق جذبك , هل أنا مخطئ؟"
" لا" اجابته بعد ان اخذت نفسا عميقا , لكنها للحقيقة لا تستطيع ان تعترف له الآن بما بدأت تشعر به نحوه من احاسيس عميقة .منتديات ليلاس
" ان اسبابي هي نفس اسبابك , بالاضافة الى ان صحة والدتي متأرجحة والمنزل بحاجة لسيدة شابة وكفؤة"
" أفهم ..."
"هل أنت متأكدة؟" اضاف وهو ينظر الى عينيها مباشرة " ان زواجنا سيكون زواج عقل , كاميلا , زواجا عمليا . انا لن انتظر منك دلائل حب. من غير المفيد ان نتظاهر بأحاسيس لا يشعر بها احدنا تجاه الآخر. لكن تفاهمنا واتفاقنا سيسمح لنا على الأقل بالعيش دون صدامات تحت سقف واحد . هل هذا واضح؟"
"تماما" كذبت عليه لأنها كانت متأكدة انه فور زواجهما ستتبدد برودة جافيه وسيذوب حباً وحناناً.
على كل حال ان قبولها بهذه الشروط ليس خسارة , ففي الحب , الحيلة مطلوبة لكسب المعركة, ستعرف كيف تجعله يحبها طالما انها منحته قلبها منذ ان رأته .
اخذ الجميع يشاركون بالتحضيرات للزفاف , ولقد اصرت الدونا لوسيا على رؤية العروس مرتدية نفس ثوب الزفاف الذي توارثته عدة اجيال قبلها.

Rehana 09-10-19 06:34 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
انه بحاجة لبعض التعديلات البسيطة" قالت وهي تدور حول الفتاة" لقد كنت نحيفة مثلك في الماضي ... اوه , انتبهي لكل هذه الدبابيس" قالت لموهيني التي تجيد فن الخياطة والتي كانت تجلس على ركبتيها امام كاميلا.منتديات ليلاس
تأملت كاميلا نفسها في المرآة صحيح ان الثوب قديم لكنه يضفي عليها مسحة رومنسية . فوافقت على ارتدائه يوم زفافها كي تتمكن من اسعاد دونا لوسيا.
" أنت رائعة, آنستي" اعلنت موهيني وهي تتأمل نتيجة عملها .
اما هيلين التي ساعدت بوضع التاج اللؤلؤي الصغير على شعرها , فكانت تشعر بالغيرة والحسد.
"عند زواجي سنضطر لإعادة توسيع هذا الثوب" قالت بلهجة جافة.
" لم نصل الى ذلك اليوم بعد" اجابتها والدتها.منتديات ليلاس
" لماذا لا يحين دوري قريباً؟ على كل حال , كاميلا ليست أكبر مني بكثير"
" اسمعي هيلين , أنا حالياً مشغولة بزفاف شقيقك , حتى يحين موعد زواجك سنفكر بأمر الثوب"
ساعدت فاني سيدتها على خلع ثوب الزفاف وارتداء ملابسها العادية . لكنها اعلنت لها عن عدم ارتياحها لهذا الزواج البسيط في كنيسة صغيرة وبدون مدعويين.
"هذا الزواج لا يليق بك آنستي "
" ولكن الكاهن الانجليكاني هو الذي سيقوم بتزويجنا . نحن نحاول قدر الامكان عدم تعريض السيدة لوسيا لتعب السفر . المهم انني سأتزوج من جافيه"
"آه , افضل ان لا تتزوجي منه آنستي!" قالت مربيتها بيأس " تخلي عن هذه الفكرة وعودي الى جدتك . ستفهمك بالتأكيد , فهي لا تتمنى تعاستك ابدا "
" لماذا تعتقدين انني سأكون تعيسة معه؟" سألتها وقد نفذ صبرها.
" صحيح انه رجل اعمال ناجح ووسيم , ولكنه لا يحبك واذا كنت أنت تحبينه فهو سيدمرك . كان يجب ان احتفظ برأيي لنفسي لكنني أغار على مصلحتك"
لم تجبها كاميلا على الفور لأنها تعلم انها محقة بأقوالها هذه نعم , جافيه لا يحبها , واذا , لسوء الحظ لم يحبها ايضا بعد الزواج , فإن لامبالاته نحوها ستدمرها شيئا فشيئا . ومع ذلك, فإنها لن تفسخ الخطوبة لأن هذا باعتبارها اعتراف بالفشل حتى قبل ان تجرب وتحاول . لا, لن ترحل عن هذا البلد الذي تعلقت به ولا عن هذا الرجل الذي اصبح الآن يملك قلبها وكل أحاسيسها .

Rehana 09-10-19 06:35 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"تعجبني صراحتك , فاني , كما وان كلامك صحيحا, لكن نصحيتك جاءت متأخرة , أنا احب جافيه وسأتزوج منه "
حل يوم الزفاف اخيراً وكان يوماً مشرقاً , فاستيقظت وهي تشعر بالاثارة وتنتظر بفارغ الصبر وصول موهيني مع فنجان الشاي الصباحي .
سمعت جافيه يرحل على حصانه باكراً كالمعتاد . اليوم عيد بالنسبة لراتنغالا , لكن لا يزال امام جافيه بعض المهام للقيام بها .منتديات ليلاس
تنهدت وتقلبت في سريرها وهي تفكر بالغد في نفس الساعة , ستكون في الغرفة الأخرى نائمة بجانب زوجها...انتابها رعشة هزت كل اوصالها وتخيلت نفسها بين ذراعيه ... ان خلف ملامحه الخارجية الحازمة لجافيه يخفي طبيعة حنونة , هذا ما تشعر به ولهذا ليست خائفة , بل تحلم بأن تمنح نفسها للرجل الذي تحبه وكلها ثقة بأن علاقتهما ستتخذ منحنى مختلفاً.
بعد تناول الفطور , انهمكت فاني وموهيني بمساعدة العروس على ارتداء ملابسها .
" انظري الي جيداً وتعلمي كيف أسرح شعر كاميلا"
راقبت موهيني حركات فاني بكل انتباه.
" انت رائعة اليوم آنستي " قالت لها فاني والدموع تتلألأ في عينيها " لو كان بإمكان جدتك ان تراك الآن لكانت فخورة جدا بك"
نزلت كاميلا الدرج بكل حذر في ثوبها الأبيض المنتفخ بالجيبون وأكثر أناقة من أي يوم سابق وشعرها الذهبي مسرح بعناية الى الخلف. كان فيليب ينتظرها بالأسفل وقدم لها ذراعه بينما استقبلتها هيلين بابتسامة غير معتادة واسرعت ترفع ذيل ثوبها .
" أنت رائعة جدا يا عزيزتي " قال فيليب بإعجاب حقيقي " ان أخي محظوظ حقاً"
كانت السيدة لوسيا تنتظرها مع الكاهن, لكن من خلف المنديل لم تكن عينا كاميلا ترى إلا قامة جافيه الواقف خلف المذبح في الكنيسة الصغيرة . التقت نظراتهما للحظة فاعتقدت انها رأت رقة في نظراته المنصبة عليها . لكن وبسرعة استعاد وجهه المتعالي وحزمه.
تمت مراسم الزواج كما في الأحلام .
" على الانسان ان لا يفرق ما وحده الله " ردد الكاهن بينما كان جافيه يدس الخاتم الالماس في اصبع عروسه .منتديات ليلاس
عاد الجميع ليشربوا الشمبانيا في المنزل بصحة العروسين ويقدموا لهما التهاني .
" أتشعرين بأنك اصبحت مختلفة ؟" سألتها هيلين بفضول.

Rehana 09-10-19 06:36 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" بالتأكيد لا" اجابتها كاميلا مبتسمة" حتى انني لا اشعر بأنني متزوجة . أنا ..."
" اجلي طرح هذا السؤال عليها للغد " تدخل فيليب مبتسماً.
احمر وجه كاميلا فأدارته متجنبة النظر الى زوجها . ضحك فيليب ووجه ملاحظة للعريس الذي لم يقبل زوجته الآن .
" كفى!" اجابه جافيه بصوت جمد الدم في عروق كاميلا ونجح في الزام فيليب بالصمت .
" عند وصولي الى راتنغالا " قالت السيدة لوسيا فجأة " أصر والدك على ان نقوم بجولة وأنا لا ازال بثوب الزفاف على حي التاماليين كي يتمكن جميع العمال من رؤيتي . وعندما سألته اذا كانت هذه عادة متبعة عند المزارعين قال : ستكون ابتداءً من هذا اليوم "
مد جافيه يده نحو كاميلا " حسناً, لنحترم هذه العادة , أتريدين ؟"
هكذا جابت العروس بثوبها الدانتيل الأبيض أزقة القرية متأبطة ذراع زوجها , فتجمهر الأطفال والنساء والرجال حولهما ليروا هذه المخلوقة القادمة من بلاد الاحلام.ريحانة
في المساء كان العشاء مميزا وقد بذل لال اقصى جهوده لإعداد وليمة الزفاف . لم يسبق لكاميلا ان رأت درنا لوسيا بهذا المرح , فكانت بكل فرح تروي لقاءها الأول بادغار بلانتاين والحفلة التي تبعت زفافهما .منتديات ليلاس
تساءلت كاميلا وهي تصغي اليها كيف كانت العلاقة الزوجية بين ادغار ولوسيا ؟ كان فيليب قد لمح ان والده كان قد تزوج من امه زواج مصلحة مادية, فعائلة السيدة لوسيا كانت ثرية ثراء فاحشا. ولكن هل احبها بعد الزواج ؟ العكس صحيح ويبدو واضحا من كلام السيدة عنه بعد وفاته.
اوشك هذا النهار الطويل على نهايته فانسحبت كاميلا الى غرفة الزوجية الواسعة التي يتوسطها سرير كبير صنع في كولومبو .
ساعدتها فاني على خلع ثوبها الأبيض ثم انسحبت بعد ان لاحظت شحوب وجه سيدتها المفاجئ.
ارتدت كاميلا قميص نوم ابيض رقيق ووقفت امام النافذة تتأمل أنوار القرية المجاورة حيث لا يزال العمال يحتفلون بزفاف سيدهم.
وقع خطوات خلفها جعلها تنتفض , لقد دخل جافيه الغرفة .
" أنا آسف لأنني فاجأتك " قال بلطف وهو يغلق الباب وراءه " لقد طرقت الباب لكنك لم تسمعي"

Rehana 09-10-19 06:36 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
اضطربت ورغم ذلك ابتسمت له.
" كنت استمع الى موسيقى التاميلا ..." ثم سكتتت لتسيطر على توترها . لم تكن تدري ماذا تقول وقد اصبحا وحدهما في غرفتهما لأول مرة , لابد انه سيضمها بين ذراعيه القويين ويحملها الى سرير الزوجية . واخيرا ستستسلم بدون تحفظ لقبلاته ولمساته , سيجعلها امرأته بعد قليل , احمر وجهها فأغمضت عينيها .
" جئت لأتمنى لك ليلة هادئة " قال جافيه بكل هدوء.
فتحت عينيها وتأملته بدهشة " ولكن " قالت بصوت ضعيف " أنا لا افهم ..."
أشار بيده الى باب في الزواية يفصل بين غرفتين " انها غرفة تابعة لهذا الجناح , في تلك الغرفة سأنام أنا . لها باب آخر على الممر , لكنني كل مساء سأدخل من هذا الباب الأساسي حفاظاً على المظاهر"
" المظاهر ؟" رددت بذهول وخيبة .ريحانة
" سبق وتكلمنا بهذا الامر كاميلا واتفقنا على ان زواجنا زواج عقل , ام انك نسيت ؟"
" لا " قالت ببطء محاولة تمالك نفسها " لم أنسى , ولكن هل يجب ان افهم ان علاقتنا ستبقى دائما سطحية ؟"
" نعم " اجاب بابتسامة مريرة " لا تشتكي كاميلا , أنت تملكين الآن كل ما تحسدك عليه كل النساء , الاسم المحترم والأمان المادي والزوج لن يطالبك بأي شيء"
ثم امسك يدها ورفعها الى شفتيه وكأنها غريبة امامه . احست كاميلا برغبة قوية كي تضمه اليها , لكن نظراته الباردة منعتها .
نظر اليها مرة اخيرة دون ان ينظق بأية كلمة ثم دخل الى الغرفة المجاورة واقفل بابها وراءه .
في البداية , لم تشعر كاميلا بشيء , لقد شلتها الصدمة . ثم فجأة اعمتها الحقيقة , لقد تبدد حلمها الجميل . جافيه لا يحبها ولا يفكر بإمكانية ذلك.ريحانة
هل ستتمكن من العيش معه على هذا الشكل؟ كيف يمكنها ان تعيش بدون الحب الذي يملأ قلبها ؟ تذكرت حديثهما ذلك المساء " زواج عقل " . " لن اطالبك بأية دلائل حب وعاطفة , لا ضرورة للتظاهر بعواطف لا يكنها احدنا للآخر"
هذا واضح تماماً. لكنها لم تكن تريد ان تفهم , ولم تكن تستمع إلا الى قلبها , لقد خدعت نفسها وهاهي الآن تدفع ثمن جنونها.

Rehana 11-10-19 07:27 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
رمت نفسها على السرير وقد انقبض قلبها وشعرت بأنها ضائعة بعيدا عن جافيه محرومة من حبه ومن لمساته. زوجها لا يحبها , وكذلك لا يرغب بها . وبينما كانت الموسيقى لا تزال مرتفعة في القرية المجاورة احتفالا بليلة عرس كاميلا بلانتاين , كانت العروس غارقة في يأسها عاجزة عن النوم.
استيقظت في الصباح فوجدت صينية الشاي بجانب السرير . لابد ان موهيني احضرتها ولم تشأ ايقاظ سيدتها .
جلست كاميلا تشرب الشاي وتتأمل اشعة الشمس في غرفتها الجديدة وتتذكر ليلة الأمس . لا , لن تستسلم للتشاؤم , فأمامها الوقت وشبابها وجمالها . لن تعتبر ان كلام جافيه يعبر عن موقف نهائي, فهي تحبه وستسحره بكل اسلحتها التي وهبتها اياها الطبيعة حتى يفتح لها قلبه وروحه .
لم تشأ اضاعة الوقت بالوحدة , فرنت على الجرس طالبة فاني , لكن بدون جدوى , رنت من جديد لكن احداً لم يأت . بعد لحظات دخلت موهيني .
" آه , موهيني ! اين فاني , هل رأيتها هذا الصباح ؟"
" لا , لكني سأذهب للبحث عنها في غرفتها "
" نعم , لو سمحت "
بعد دقائق قليلة عادت موهيني مقطعة الأنفاس " تعالي بسرعة سيدتي , يبدو ان فاني مريضة, مريضة جداً" رمت كاميلا روبا خفيفا على كتفيها وركضت بسرعة خلف موهيني.
كانت فاني ممددة على سريرها تتنفس بصعوبة , تفتح عينيها وكأنها لم تعرفها , حرارتها مرتفعة جدا.
" انها تشتعل " قالت كاميلا بقلق كبير" ارجوك , موهيني احضري لي الماء البارد وقطعة قماش, سأحاول ان اخفض حرارتها , اطلبي من الخدم ان لا يدخلوا هذه الغرفة , قد يكون مرضها معدياً. سأهتم بها بنفسي"
احضرت موهيني ما طلبته منها كاميلا ثم قالت لها بأن السيدة لوسيا تريدها على الفور .
" لن اترك فاني الآن , لتنتظر السيدة الكبيرة "
" انزلي أنت وقابلي السيدة كي لا تثيري غضبها , وأنا ساهتم بفاني شخصيا"
اسرعت كاميلا لمقابلة حماتها التي كانت متوترة جدا وفيليب يحاول تهدأتها . يبدو ان خبر مرض فاني انتشر بسرعة في المنزل.منتديات ليلاس
" كاميلا , ما هذه الملابس؟" سألتها لوسيا بدهشة وحدة.
" اوه , أنا ... لم يتسع لي الوقت لتبديل ملابسي !" قالت كاميلا متلعثمة امام نظرات فيليب .
" لا يجب ان تتجولي في المنزل بهذه الملابس "

Rehana 11-10-19 07:30 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
أنبتها حماتها بحدة " والآن , ماذا سمعت ؟ هل حقا مربيتك مريضة؟"
" نعم , ارجو ان تعذريني , يجب ان أعود اليها "
" ابداً " صرخت حماتها " لا اريد ان تلتقط زوجة ابني العدوى "
" هذا واجبي, لطالما تفانت فاني في خدمتي , لن اتركها تتعذب دون ان احاول مساعدتها"
" لقد ارسلت بطالب جافيه , انتظري عودته على الأقل"
استسلمت كاميلا رغم اصرارها على عدم اهمال مربيتها , بالرغم من مشهد ليلة الامس بينهما , شعرت بالراحة عند وصول جافيه . ان وجوده يطمئنها , استمع جافيه لكاميلا وهي تصف له عوارض فاني , فطمأنها وطلب من فيليب ان يذهب الى المدينة لإحضار الطبيب بأسرع وقت ممكن .
" اوه , جافيه , ولكني شربت كثيرا ليلة امس ولا يمكنني الخروج الآن , يجب ان استحم اولاً ثم اتناول فطوري"
" لا تتعب نفسك" رماه جافيه بحدة واحتقار " سأذهب بنفسي" ثم التفت نحو كاميلا " حاولي ان تخففي حرارتها , لن اتأخر , ارجوك لا تقلقي" قال مبتسما بحنان وهو يضم يدها بين يديه ثم اختفى بسرعة .منتديات ليلاس
ظلت كاميلا وموهيني بجانب المربية طوال النهار الى ان هبط الليل , فخفت انفاس فاني واغمضت عينيها . اسرعت موهيني تفتح الانجيل وتقرأ بعض الفصول .
" لا " اعترضت كاميلا " لن تموت , لن تموت"
ابتسمت موهيني بحزن وربتت على كتف سيدتها " لقد توفيت " قالت عندما لاحظت توقف انفاس فاني " لم يعد بإمكاننا القيام بشيء من اجلها"
كانت كاميلا في غرفتها عندما عاد جافيه . كانت تجلس على سريرها والدموع تنهمر على وجهها .
" أنا آسف " قال جافيه " يبدو اننا وصلنا بعد فوات الأوان "
" الذنب ليس ذنبك جافيه , على كل حال شكرا لأنك حاولت "
" نحن ندفع غاليا ثمن عزلتنا وبعدنا عن المدينة , على كل حال أكد لي الطبيب ان مرضها غريبا ولم يعرف مثله . ربما يكون نوعا من انواع الحمى الموسمية " تأمل حزنها قليلا وبدا متردداً.منتديات ليلاس
"ارتاحي كاميلا , سيمر الطبيب لرؤيتك صباح غد"

Rehana 11-10-19 07:31 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
في اليومين التاليين ظلت كاميلا منزعجة من فيليب الذي رفض الذهاب لإحضار طبيب لفاني على الفور, وقررت ان لا تكلمه إلا بما هو ضروري. في اليوم الثالث, أعلنت هيلين عن استيائها عندما اخبرتها كاميلا بأنها ستتخذ موهيني خادمة لها مكان فاني. فهي تشعر بمودة نحو هذه الفتاة الهندية, وخاصة بعد مجازفتها بالعناية بفاني اثناء مرضها . كما وانها كانت قد وعدت لال بالاهتمام بابنته , ولقد جاءت الفرصة لتؤكد له ذلك.
" ولكن ..." أرادت هيلين الاعتراض مجدداً.
" لقد قررت ان تكون في خدمتي وانتهى الأمر" قالت كاميلا بحزم.ريحانة
" لا اعتقد ان والدتي ستوافق"
" اوه بالمناسبة اين هي السيدة لوسيا؟"
" إنها ليست بخير , الصداع مجدداً. لقد تأثرت بموت فاني وليست ..."
بعد الغداء , قررت كاميلا رؤية حماتها كي تسليها قليلا, فنزلت الحديقة وقطفت لها باقة من ازهارها المفضلة .
" من؟" سألتها مديرة المنزل لولا عندما طرقت باب غرفة السيدة الكبيرة .
" اوه, سيدة كاميلا ... ولكن سيدتي لا ترغب برؤية احد"
"لتدخل " تدخلت السيدة لوسيا وهي ترفع رأسها عن الوسادة . ثم اخذت تتحدث بسرعة بأمور عديدة امام دهشة كاميلا .
" الافضل ان تخرجي" همست المربية لولا بخجل.منتديات ليلاس
يبدو ان السيدة الكبيرة تعاني من أكثر من مجرد صداع , نهضت كاميلا لتخرج لكن السيدة لوسيا صرخت بها فجأة " انتظري , من سمح لك بقطف الازهار من حديقتي ؟كيف تجرأت ؟"
" اوه , عفوا " قالت كاميلا متعلثمة " اعتقدت انني اسعدك بذلك"
اخذت السيدة لوسيا ترتجف بشدة " آه , لقد اخطأت بمجيئك الى هنا , لن تتمكني من الوقوف بوجهها . اعتقدت ان انيلا سترحل فور وصولك , لكنها لا تزال هنا , أنا اشعر بذلك!"
ثم رمت نفسها على السرير تبكي بحدة فأسرعت لولا لتدأتها . ادركت كاميلا ان وجودها يزيد من توتر حماتها فانسحبت راكضة الى غرفتها وتشعر بحاجة كبيرة لفاني التي شعرت منذ اليوم الاول ان هناك شيئا غريبا في هذا المنزل .

Rehana 11-10-19 07:32 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كانت كاميلا تعرف ان حماتها متوترة ومتبدلة المزاج , لكنها لم تفهم موقفها وتصرفها اليوم . ومن تكون أنيلا التي كان يجب ان تختفي فور وصولها هي؟ انها لا تفهم شيئا . ربما بإمكان موهيني ان تشرح لها .منتديات ليلاس
عندما دخلت موهيني لمساعدتها بارتداء ملابسها استعداداً للعشاء سألتها كاميلا عن أنيلا هذه . تفاجأت موهيني بهذا السؤال.
" انها مخلوقة شريرة وخطرة . لقد اصطحبها معه اراهاما , لكن بعد رحيله ظلت هنا , تعيش في التلال في معبد شيفا وسط الأطلال , كثيرا ما يراها الأهالي . العمال يخافون منها ويعتبرونها تتقمص روح بارفاتي زوجة الرب شيفا" استغفر الله .
كانت كاميلا قد سمعت كثيرا عن خرافات الديانة الهندية , لكنها لم تفهم شيئا من هذه القصة وعلاقتها بها .ريحانة
" المزارعون كلهم جاهلون " اضافت موهيني " اما أنا فلا أصدق هذه الخرافات "
" يبدو ان أنيلا استغلت سذاجتهم لتمارس سلطتها عليهم "
" في الليل , من عادتها ان تخرج وترقص امام المعبد عارية من الملابس لا تضع إلا الأساور والعقود . ثم ذات يوم رحلت"
" ولكن ما علاقتها بدونا لوسيا ؟ انها متأكدة انها لا تزال في المنطقة "
" لا يمكنني الكلام "
" تكلمي , لن اخبر احداً انك اخبرتني "
" السيدة لوسيا لا تدري ما تقوله دائما , فهي تصاب بالهلوسة غالباً وتضطر لحبس نفسها في غرفتها , احياناً لبضعة ايام "
" تقصدين انها ... شبه مجنونة ؟"
" نعم , لطالما كانت تصاب بالهلوسة , لكن ازمات الصداع والاضطراب اصبحت تستمر مدة اطول . السيدة تفقد عقلها بالتأكيد , لكن احدا لا يتكلم بصراحة"
لقد فهمت كاميلا الآن لماذا كان جافيه بحاجة لسيدة للمنزل . صحيح ان السيدة لوسيا تكون عادة بكامل وعيها , لكن المنزل كله مهدد بإمكانية جنونها التام بين يوم وآخر.
لابد ان السيدة لوسيا سمعت عن أنيلا , فازداد اضطراب عقلها . ولكن, ما علاقة أنيلا بها.
في الايام التالية اخذت كاميلا على عاتقها امور الادارة في المنزل, يساعدها لال الذي كان ممتناً لها لاهتمامها بابنته.

Rehana 11-10-19 07:32 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
بالمقابل علاقتها مع جافيه كانت لا تزال على حالها فهو ينام في غرفة وهي في غرفة, لكنه امام العائلة والخدم يعاملها بكل لطف, اما في الليل فيتجاهلها تماماً. كان كل مساء يدخل ويرمي عليها تحية المساء , فتحاول عبثاً ان تؤخره بالحديث, لكنه كان يبدو مستعجلاً للهروب منها, مع انها كانت تعتني كثيراً بجمالها وأناقتها . لكن جافيه لم يكن ليتأثر بسحرها ابداً.
امام لا مبالاته , كان حب الفتاة له يزداد يوماً بعد يوم رغماً عنها! الى متى ستتحمل؟
بعد ظهر احد الايام عاد جافيه ساعة الشاي برفقة ماك ومعهما شاب وسيم جداً.
" كاميلا أقدم لك بيات مان دير فرت مساعدي . لقد عاد لتوه من اجازته في امستردام"
" تشرفت بمعرفتك سيدتي" قال الشاب وهو ينحني امامها " لقد سمعت الكثير عن جمال السيدة بلانتاين لكنهم لم يصفوا جمالك بدقة!"
شكرته كاميلا على لطفه ودعتهم الى الشرفة . كانت سعيدة بهذا الاطراء على جمالها الذي يتجاهله زوجها .ريحانة
" بما انك عدت بيات بإمكاني ان أتحرر قليلاً من العمل , سأذهب غداً الى هاز لغروف " ثم التفت نحو كاميلا " انها مزرعة بن قريبة من هنا , يفكر صاحبها ببيعها اذا اعجبني السعر ربما اشتريتها , أترغبين بمرافقتي؟"
"اوه نعم, بكل سرور " صرخت بحماس كبير.
واخيراً ستقضي نهاراً بكامله مع زوجها بعيداً عن اضطرابات لوسيا العصبية وعن عبوس هيلين واطراءات فيليب , بالتأكيد هي لا تنتظر معجزة بشأن جافيه , لكن هذا لا يمنعها من الامل.
انطلقا في اليوم التالي مع الفجر كي يتمكنا من الذهاب والعودة قبل الليل , كان كل شيء صامتاً حولهما . لم يتكلم احد منهما . بالنسبة لكاميلا وجود جافيه الى جانبها يكفي لإسعادها . ثم ألا يتشاركان كلاهما حب هذا البلد وأراضيه.
ما ان رأت اشجار البن الذابلة حتى ادركت انهما وصلا الى هاز لغروف . انحنى جافيه وقطف ورقة وأشار الى بقعها الحمراء الغامقة .
" انه مرض الهيميليا الذي يصيب البن ويعجز المزارعون عن مكافحته , ولهذا السبب قرر كارستار صاحب هذه الأرض بيعها "
" ولكنهم يقطعون الأشجار الصغيرة " قالت مشيرة الى الافيال المحملة بالخشب والى العمال المنهمكين بقطع الشجيرات .
" نعم , فهذه الاغصان تنظف وتشحن الى انكلترا ليصنعوا منها قوائم الطاولات . هذه وسيلة للتقليل من حجم الخسارة "

Rehana 11-10-19 07:33 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
عند وصولهما وجدا آل كارستار بانتظارهما على الشرفة المغطاة بالنباتات المتسلقة , المنزل صغير لكنه جميل جدا ومريح.منتديات ليلاس
" لابد انكما متألمان لمغادرة هذه الجنة الصغيرة " قالت كاميلا لمضيفيها بلطف اثناء تناول الغداء.
" لقد اخذنا نعتاد على هذه الفكرة " اجابتها السيدة كار ستار " منذ اجتياح هذه الجرثومة ارضنا ونحن نعيش مكتفي الايدي , نشهد بعجز على افلاسنا , واخيراً البيع سيريحنا"
" نفكر بالرحيل الى ماليزيا " اضاف زوجها " يبدو ان هناك احتمالات كثيرة للكسب"
بعد تناول القهوة انسحب الرجلان ليتناقشا بالأعمال , بينما اصطحبت السيدة كارستار كاميلا للقيام بجولة على المنزل والحديقة.
" أنا اعترف انني آسفة للرحيل عن هذا المنزل " قالت السيدة كارستار متنهدة " وكنت اتمنى ان يعيش فيه زوجان سعيدان مثلنا "
صحيح ان المنزل صغير جدا بالمقارنة مع منزل آل بلانتاين , لكن كاميلا ارتاحت فيه وشعرت برغبة قوية للسكن فيه . واخذت تفكر كم ستكون سعيدة فيه مع جافيه بعيدا عن الجو الخانق في منزل العائلة . وتخيلت نفسها تسمع صراخ اطفالهما , الاطفال الذين لم تنجبهم فاجتاحها اليأس فجأة .
لاحظت السيدة كارستار شحوبها , فأمسكت يدها بحنان.
" أنت لست بخير ؟ ربما أنت حامل !"
" لا اعتقد ذلك . على كل حال , أنا بخير" اجابتها كاميلا بسرعة كي لا تفهم المرأة ان زواجهما مجرد مظاهر مخادعة فقط.
بعد قليل عاد الرجلان مشرقي الوجهين ودعاهما السيد كارستار لقضاء الليل عنده.
" شكراً لكما " قال جافيه بإصرار " ولكن يجب ان نعود على الفور , لقد عاد مساعدي لتوه من اجازته , ولم يطلع بعد على كل الامور "
فهمت كاميلا ان جافيه يريد بأي ثمن ان يتجنب مشاركتها نفس الغرفة , فأدارت وجهها كي لا يلاحظ خيبتها.ريحانة
هبط الظلام بسرعة مع ان القمر كان ينير طريقهما , بدأ طريقهما بصمت وكاميلا تتأمل هذه الطبيعة الساحرة. بعد قليل, اخذ جافيه يحدثها عن تاريخ الجزيرة وعن الاساطير التي تدور حولها .منتديات ليلاس
" أنا آسف اذا كنت جعلتك تملين من كل هذه الروايات!" قال جافيه فجأة .
" ابداً!" اجابته بسرعة " حديثك مثير , بإمكاني ان اصغي اليك لساعات بدون ملل"

Rehana 11-10-19 07:34 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" الافضل ان نراقب طريقنا بصمت " قال بجفاف مفاجئ " الليل عادة خطر"
سرت كاميلا كثيراً لأنها اكتشفت شيئاً جديداً في زوجها . انه رجل مثقف جداً ولا تطلب إلا التعرف اليه أكثر. ولكن كل مرة ينفتح فيها قليلاً امامها يعود على الفور لينكمش على ذاته ويلوذ بالصمت.
ما ان اقتربا من منزلهما في منتصف الليل , حتى لاحظت كاميلا بيات مان دير فرت الهولندي مختبئاً تحت الشرفة الامامية . على بعد امتار منه , رأت امرأة ترتدي الملابس الأوروبية تتجه نحوه , ثم ترمي نفسها بين ذراعيه . لكن كاميلا تعرفت بسرعة على هيلين . نعم , انها هيلين تقابل سراً مساعد شقيقها الهولندي.منتديات ليلاس
لو علمت دونا لوسيا بالأمر لجن جنونها , فهذه المرأة النبيلة البرتغالية سترفض بالتأكيد زواج ابنتها الوحيدة من مجرد موظف عندهم لا لقب لديه ولا ثروة .
مسكينة هيلين التي تموت من الرغبة بالزواج ! مع الحياة المعزولة التي تحياها هنا , كيف يمكنها ان تلتقي برجل نبيل وثري؟ فكيف تلومها اذا تعلقت بأول شخص تراه ؟ على كل حال قررت الاحتفاظ بهذا السر لنفسها .
كما كانت تخشى , لم يغير هذا النهار الذي قضياه معاً شيئاً من علاقتها مع زوجها . الآن , بدأ املها بأن يحبها يضيع شيئاً فشيئاً .
منذ بداية زواجهما , تحققت نبؤة فاني! ان جافيه سيدمرها شيئاً فشيئاً وسنتزع منها تلك الثقة بالنفس القوية التي جاءت متسلحة بها . ماذا سيحل بها , هي الفتاة الذكية المشرفة والمغامرة عندما يقضي عليها الزمن ولا مبالاة زوجها ؟
لكنها تشعر انه احيانا عندما يتحدث اليها , يتحدث بكل ثقة لا يظهرها لأي شخص آخر. هناك اشياء كثيرة مشتركة بينهما : الايمان بالوجود , الايمان بقيمة الجهد, حبهما للأرض وللزراعة , لديهما كل شيء لنجاح زواجهما , كل شيء , ما عدا الشيء الأساسي.
آه , فقط لو ان جافيه لا ينسحب بسرعة كل ليلة الى برجه العاجي ! فكرت كاميلا بمرارة وهي تراقب زوجها جالساً على الشرفة في مساء اليوم التالي وهو ينظر بشرود الى البعيد , آه , لو اننا ننجب اطفالاً !
فكرت بحزن وشعرت بيأس كبير زاده توتر السيدة لوسيا هذا المساء ومنظر فيليب الذي يشرب الكأس تلو الآخر ورؤية نظرات هيلين الخاطفة الى ساعتها , لابد انها تنتظر موعدها لملاقاة حبيبها , تظاهرت كاميلا بصداع في رأسها وصعدت الى غرفتها.منتديات ليلاس

Rehana 11-10-19 07:34 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لا يزال الوقت مبكراً" قالت لها موهيني وهي تساعدها على خلع ملابسها " أنت لا تبدين بخير"
" اشعر بالصداع وبالتعب. سأقرأ قليلاً قبل ان أنام بإمكانك الذهاب, لست بحاجة لأي شيء"
في الواقع , لم تكن كاميلا متعبة , ولم تكن ايضا ترغب بالقراءة , كانت فقط متوترة من هذا الوجود القاتم الذي ينتظرها . وقفت قليلا امام النافذة , فإذا بها تسمع دقات على بابها.
" تفضل " قالت بسرعة اعتقاداً منها انه جافيه. لكن دهشتها كانت كبيرة عندما رأت فيليب يدخل مترنحاً.
" ماذا جئت تفعل هنا؟" سألته بجفاف " ألم تسمعني عندما قلت بأنني متعبة ؟"
" سمعتك , لكنني لم اصدقك , وفكرت انك قد تفضلين رفقتي"
" هل فقدت عقلك ؟ كيف تدخل هكذا الى غرفة امرأة متزوجة ؟ ماذا لو دخل جافيه ورآك هنا؟"
" لن يصعد الآن , على كل حال, لن نفعل شيئاً, سنتسلى بالثرثرة فقط, ما الضرر في ذلك؟"
" اخرج من هنا , فيليب" رمته بغضب.
كانت ترتدي ثوب النوم الرقيق فزادت نظراته من غضبها , فاتجهت نحو الباب وفتحته.
" اخرج , فليب"
هز فيليب كتفيه واتجه نحو الباب , فتنهدت براحة امام فكرة ان هذا المشهد المزعج سينتهي . لكن بدل ان يختفي , اغلق فيليب الباب بسرعة وحبس كاميلا بين صدره وبين الحائط.منتديات ليلاس
" هيا , كاميلا لا تتلاعبي معي, انت رائعة وأنا لست مملاً كأخي , على كل حال , أنا لا أفضل الهنديات مثله!"
" الهنديات؟" سألته بقلق وهي تحاول ابعاده عنها .
" الا تعلمين ؟" قال بدهشة وهو ينظر اليها بمكر .
" اسأليه اذاً عن الحسناء التاميلية التي يصاحبها . هذا الا اذا كنت مثل بقية النساء المتزوجات, يفضلن التغاضي عن مثل هذه العلاقات لأزواجهن"
" أتقصد أنيلا ؟" تمتمت بذهول وغضب وكأن الحقيقة أعمتها.ريحانة
" ها أنت تعلمين !" قال بسخرية " انها فاتنة جداً, ولكن بالنسبة لي أنا أفضلك أنت كاميلا!"
ثم ضمها اليه أكثر وحاول تقبيلها فأبعدت وجهها وحاولت التخلص منه عبثاً. في هذه اللحظة فتح الباب ودخل جافيه ونظر اليهما والشرر يتطاير من عينيه على الفور, ابتعد فيليب فاستندت على الحائط وقلبها يدق بسرعة .

Rehana 11-10-19 07:35 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لم أكن اريد ايذاءها " قال فيليب متلعثما امام نظرات اخيه .
" اذا حاولت مرة ثانية ان تمس شعرة من زوجتي "صرخ جافيه وهو يمسك شقيقه من عنقه " سألقنك درساً لن تنساه طيلة حياتك , أتفهم ؟ والآن , اغرب عن وجهي ايها الحقير!"
ما ان صفق الباب وراء شقيقه حتى عاد الى كاميلا . همت كاميلا بأن تشكره لأنه خلصها من قبضة فيليب لكن ملامحه القاسية المليئة بالاحتقار جمدت الكلمات على شفتيها .
" اطلب منك من الآن وصاعداً ان لا تستقبلي شقيقي في غرفتك مهما كان الأمر"
" ولكن ... أنا ... لم اطلب منه المجيء!" تلعثمت بصوت لاهث , تقدم نحوها , فأخذت ترتجف من الرعب.
" لا تكذبي , لوسمحت, من الواضح انك شجعته . في منزلي , وامام عيني ! حسناً , اذا كان هذا ما تريدينه "
وقبل ان يسمح لها الوقت لمعرفة نواياه , امسك ذراعها بيد وبيده الاخرى مزق قميص نومها , صرخت من الخوف وهو يحملها بين ذراعيه ويرميها على السرير . بعد ذلك خنق صيحاتها بشفتيه بكل عنف وبدون أي أثر للحنان . فجأة نسيت كاميلا اهانته ولم تعد تفكر الا بشيء واحد , انه هنا , وهي بين ذراعيه , ولأول مرة يظهر لها شيئا آخر غير اللا مبالاة. احاطت عنقه بيديها واستسلمت بدون تحفظ لقبلاته التي رقت شيئاً فشيئاً.
فجأة , ابتعد عنها وصرخ بحدة " لا, لتذهبي الى الشيطان !" ثم وقف امام النافذة مديراً لها ظهره , وهو يلهث كأنه يتألم بشكل لا يحتمل.
" جافيه " قالت بصوت مخنوق, ماذا يجري ؟"
انه يرغب بها , انها متأكدة من ذلك الآن .ريحانة
" ما يجري اننا متفاهمان حول زواجنا الصوري"
" نعم , أعلم , ولكن اخيراً جافيه أنت ترغب بي , اعترف بالأمر , فأنا زوجتك"
" لا تكوني واهمة كاميلا . كنت غاضباً جداً لرؤيتك بين ذراعي فيليب , هذا كل مافي الأمر "
" انت مخطئ جافيه "صرخت والدموع تتلألأ في عينيها من الغضب " كنت احاول يائسة ان اتخلص منه!"
"حسناً , لاحظت ذلك, وأرجو ان تعذري ردة فعلي .. أنا آسف , أيكفي هذا ؟"
" لا, هذا ليس كافياً , بأي حق تدخل غرفتي كالزوج الغيور؟ بأي حق تلومني على تصرفاتي لو كنت قد دعوت فيليب الى غرفتي بملئ ارادتي؟ أنت ترفض القيام بواجبك الزوجي نحوي, وترفض منحي اولاداً" اضافت بمرارة " ولكنك بالمقابل , تبحث عن ارضاء نزواتك الحقيرة مع عشيقتك التاميلية"

Rehana 13-10-19 07:57 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" من قال لك ذلك؟" سألها بدهشة " فيليب , أليس كذلك ؟"
" ليس مهماً من اخبرني ولكن ..."
" اسمعي , اذا كنت تجدين انه لا يمكنك تحمل الوضع على حاله , فأنا لا امنعك من العودة الى جدتك. ولكن اذا قررت البقاء هنا , عليك ان تحترمي اتفاقنا . والآن تصبحين على خير, لقد طالت هذه المهزلة"
دخل غرفته وتركها وحدها , فأجهشت بالبكاء المرير من الهم والغيرة . الآن هي تعلم لماذا لا يرغب جافيه بها . ذلك لأنه مغرم بأمرأة اخرى , امرأة لا يمكنه الزواج منها ... تلك الراقصة التاميلية , حتى ان والدته على علم بعلاقته مع هذه الهندية. منتديات ليلاس
كانت والدته تأمل ان زواجه سيبعده عن عشيقته , لكنها كانت مخطئة : لا تزال انيلا تسحر جافيه , ان فكرة لقاءاته مع عشيقته تعذبها كثيراً ولكنها لن تستسلم , يجب ان تتعلم كيف تتحمل هذا الوضع , لأنها لن تتمكن من العيش بعيداً عنه مع كل ما حصل ستدوس كبريائها وستناضل من اجل الرجل الذي تحبه. نهضت فجأة ونزعت قميص نومها الممزق ورمته جانباً , لن تتمكن من البقاء في السرير وإلا ستختنق .منتديات ليلاس
ارتدت ملابسها بسرعة وخرجت من المنزل دون ان يراها احد . قصدت الاسطبل حيث اسرجت حصانها وانطلقت في الظلام بين الحقول . لكن بدل ان تتابع سيرها نحو التلة , اتجهت يميناً وسط الاشجار الكثيفة ولم تتوقف الا عندما وصلت الى منطقة الأطلال. حدقت حولها بشيء من الخوف. لابد ان هذه بقايا المعبد الذي حدثتها عنه موهيني .
ربطت كاميلا حصانها عند جذع شجرة وتوقفت هنا وهناك تتأمل المنحوتات الحجرية التي تمثل الآلهة والجنيات متعانقين حول الأعمدة .
لاحظت اخيراً معبد شيفا وهو الوحيد الذي لا يزال سليماً واعمدته البيضاء تلمع تحت ضوء القمر المكتمل . كانت تقترب من المعبد ببطء عندما احست بأنها ليست وحدها . هناك امرأة جالسة تعقد ساقيها بوضع التأمل على احدى درجات السلم.منتديات ليلاس
تسمرت كاميلا مكانها . هل رأتها هذه المرأة أم لا ؟ مستحيل ان تعرف لأن المرأة نهضت بهذه اللحظة ببطء وبدأت بالرقص . كانت هذه المرأة عارية تماماً , لا تضع إلا الأساور الضخمة في معصميها وقدميها وشعرها الطويل الاسود مسترسل حتى اسفل ظهرها .هل هي جنية للإله شيفا؟

Rehana 13-10-19 07:58 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
احست كاميلا برعشة برد فأغمضت عينيها للحظات من شدة خوفها . عندما فتحت عينيها , لم تعد ترى تلك المرأة , اين اختفت؟ لابد انها أنيلا التي تسحر العمال التاماليين برقصها . ليس من المدهش اذاً ان يقع جافيه ايضاً تحت سحرها .
اتجهت كاميلا مسرعة نحو حصانها , فامتطته وعادت ادراجها لاهثة, حتى وصلت الى المزرعة . لكن يبدو ان نهارها لم ينته بعد من المفاجآت , لانها بعد ان اعادت حصانها الى الاسطبل اصطدمت بهيلين تحت الشرفة.منتديات ليلاس
" يا الهي! لقد اخفتني!" صرخت هيلين غاضبة " ماذا تفعلين في الخارج بمثل هذه الساعة ؟"
" لم أتمكن من النوم" اجابتها كاميلا " فخرجت بنزهة على الحصان "
" هل أنت مجنونة؟ ماذا سيظن جافيه اذا علم بنزهاتك الليلية ؟"
" لن يعلم شيئاً , فهو نائم"
" لا اصدق اية كلمة من كل هذه القصة" قالت هيلين بنبرة هستيرية " كنت تتجسسين عليّ, أليس كذلك؟ هيا , اعترفي!"
" اخفضي صوتك " امرتها كاميلا " وإلا ستوقظين الجميع! لم أكن أتجسس عليك هيلين , لا ضرورة لذلك, فأنا على علم بعلاقتك مع بيات مان دير فرت . رأيتكما معاً مساء عودتي مع جافيه من هاز لغروف"
" يا إلهي !"
" ولكن لا تقلقي" طمأنتها كاميلا " لا احد غيري يعلم بالأمر"
" ولا جافيه , ولا والدتي؟"
" لا , ربما أكون مخطئة بعدم اخبارهما , لكني لا أريد التدخل بأمورك . عليك أنت , هيلين ان تتساءلي اذا كنت تسيرين على طريق الصواب"
" وبعد!" انفجرت هيلين بحدة " انظري اليّ ... أنا لم أعد صغيرة , ولست جميلة جداً مثلك . أكاد أموت من الملل في هذا المنزل المنعزل عن العالم , فكيف سأجد زوجاً مناسباً . كما وان والدتي تعارض زواجي حتماً , هذا لأنها لا تحبني كما يجب منذ صغرنا وهي تفضل جافيه علينا. اعتقد انها سعيدة بالتخلص مني, ومع ذلك ترفض ان توفر لي الفرص للقاء بالشبان"
" غريب! مع انني اقترحت عليها ان تقيم حفل عشاء او اثنين من اجلك , ولكن ..."
"اجابتك بأنها لا تحب الضجيج الذي يشعرها بالصداع و..."

Rehana 13-10-19 08:00 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" نعم , فاقترحت عليها ان تصطحبك لقضاء بضعة ايام في كولومبو . لكنها فضلت ان ننتظر نهاية موسم الرياح الموسمية كي لا تعيقنا الطرقات الموحلة "
" لو لم يكن موسم الرياح الموسمية قريباً, لوجدت أمي حتماً عذراً آخر ... ولكن , يدهشني اهتمامك بي, مع انني ... لم أكن لطيفة معك.."
"لننسى الأمر, هيلين , ولكن اخبريني , هل تحبين بيات؟"
"ليس حباً عميقاً, ولكنه لامرأة اوروبية فلم اجد سبباً لرد تحرشاته بي"
في اليوم التالي كان الجو خانقاً في المنزل . فهي برغم تأكيدات كاميلا ظلت تخشى افتضاح سرها. اما فيليب فلم يجرؤ على النظر الى كاميلا وجهاً لوجه, كما وان والدته كانت متوترة أكثر من العادة .
هذا النهار لم تر كاميلا زوجها لأنه خرج باكراً . ولكنه دخل غرفتها فجأة عندما كانت موهيني تساعدها على ارتداء ملابسها قبل النزول العشاء ما ان رأته موهيني يدخل حتى انسحبت بهدوء.منتديات ليلاس
" لننزل الآن لتناول العشاء معاً" قال جافيه وهو يمد يده نحوها.
" لست جاهزة بعد, علي ان اضع عقد اللؤلؤ"
" سأفعل بنفسي " قال وهو يمسك العقد عن الطاولة ليضعه حول عنقها .ريحانة
" دع عنك هذا , بإمكاني ان افعل ذلك بنفسي"
" هيا, كاميلا , لا تتحركي , اعدك بأن مشهد الأمس لن يتكرر ابداً ولكني لا أزال أفكر به " اضاف بصوت ساخر وهو يداعب كتفيها " ربما تريدين أنت ان لا ألمسك؟"
لماذا يعذبها هكذا ؟ تساءلت بيأس وهي تتذكر رقصات أنيلا في المعبد , هل قضى جافيه فترة بعد الظهر مع تلك المرأة وبعد ان شبع رغباته جاء ليجد لذة بتعذيب زوجته؟
رفعت رأسها نحوه انها تحبه ولكنها اكتفت من هذه المهزلة .
" بما انك فتحت الموضوع , أفضل فعلاً ان لا تقترب مني . واتمنى من اليوم وصاعداً ان لا تدخل من باب غرفتي لأنني سأقفله بالمفتاح "
" اوه , ولكن , ماذا سيظن الخدم عندما يرونني ادخل من باب الممر الى غرفتي؟"
"ليظنوا بما يشاؤون" اجابته باحتقار " زواجنا مسألة تخصنا نحن فقط , والآن , أنا مستعدة للنزول"
لقد قطعت لتوها آخر صلة بينها وبين جافيه . لن يلتقيا بعد اليوم وحدهما , الأمر يجرح كبريائها كزوجة مهملة . نعم , لقد كسبت أنيلا ولا تملك كاميلا أي سلاح لمواجهتها.

Rehana 13-10-19 08:02 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
في الأيام التالية , كانت كاميلا تقضي وقتاً طويلاً في التنزه على حصانها فالأفطار لن تتأخر وستمنعها من مزاولة رياضتها المفضلة بين الحقول وستحبسها داخل المنزل. ان فكرة سجنها داخل المنزل لأيام واسابيع تقلقها , فأرادت ان تستغل هذه الأيام بالخروج .
كان موقع الأطلال يجذبها كالمغناطيس, فعادت اليه عدة مرات , لكنها لم تر ابداً جنية المعبد مرة ثانية.منتديات ليلاس
ذات صباح سمعت اصواتاً مرتفعة صادرة من غرفة السيدة لوسيا فأسرعت على الفور لترى حماتها وتطمئن عنها . كانت السيدة لوسيا تتلفظ بعبارات غير مفهومة بينما لولا الخادمة تحاول تهدأتها وفيليب يفرك يديه بعصبية دون ان يدري ماذا يفعل .
" ماذا يجري؟" سألته كاميلا.
" انها شقيقتي المجنونة! لقد هربت مع بيات مان دير فرت"
عندما حملت لها موهيني الشاي الى غرفتها لم تجدها. لم تقلق على الفور , لكن فيما بعد, اكتشفوا انها اختفت مع ملابسها واغراضها الشخصية وكل مجوهراتها.
"تركت فقط هذه الرسالة الصغيرة, لقد رحلت مع بيات , لا تحاولوا اللحاق بي, لن اعود عن قراري سامحوني, ولكن ليس هناك حل آخر"
ساعدتهم كاميلا على وضعع الوالدة في السرير وغادرت الغرفة مع فيليب.ريحانة
" ماذا سيقول الناس عنا عندما يعلموا انها هربت مع احد عمال جافيه؟" تمتم فيليب.
" هذا كل ما يهمك ؟ الا تفكر ابدا بسعادة شقيقتك؟" سألته باحتقار.
"سعادتها مع شاب معدم؟"
" ربما فهمت هيلين ان هذه فرصة لسعادتها يجب ان لا تفوتها ابداً"
" آه, يا للنساء العاطفيات ! تعتقد شقيقتي ان الحياة تشبه تلك القصص العاطفية التي تقرأها "
كما في كل مرة يحدث فيها أمر طارئ, تم استدعاء جافيه من عمله فجاء على الفور واستمع الى القصة من فيليب.
" كنت على موعد مع بيات هذا الصباح فتفاجأت بعدم مجيئه , لكنني لم اتوقع ابداً انه قد يكون قد رحل مع هيلين, يبدو انه كان بينهما علاقة منذ مدة "
" بالفعل " تدخلت كاميلا .
التفت الشقيقان نحوها بذهول .
" ماذا! كنت تعلمين ؟" سألها فيليب غاضباً " واغضمت عينيك عنهما ؟"

Rehana 13-10-19 08:02 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" أمنعك من الكلام مع كاميلا بهذه اللهجة " أمره جافيه " اريد أكلمها على انفراد" اضاف وهو يقود زوجته الى الصالون ثم اقفل الباب وراءهما .
" والآن , قولي لي ما تعرفينه ..."
" لا اعرف الكثير , كنت اجهل خطة هربهما , أؤكد لك . بالمقابل, كنت اعرف فقط بعلاقتهما "
"ولم تقولي ايه كلمة! شقيقتي على علاقة مع احد عمالي وأنت ارتأيت الاحتفاظ بالصمت ؟ أهذا منطقي؟"
" لم أشأ الكشف عما اكتشفته صدفة . هذه خيانة من جهتي . كيف يطيعني قلبي يرفض قليل من السعادة التي وجدتها شقيقتك؟"
" ألم يخطر ببالك ان تكلميني بالأمر؟"
"لا, أنا آسفة , جافيه . فعلاقتي معك منعتني من مصارحتك"
" أفهم , ولكن لو كنت حذرتني لكان بإمكاني ان اجنب الجميع مثل هذا الموقف . لا احد يعلم اذا كان بإمكان هيلين ان تتزوج من بيات , فهو منفصل عن زوجته التي ترفض منحه الطلاق"
"اوه , مسكينة هيلين !" قالت كاميلا بأسف " ماذا سنفعل؟"
" سأذهب للبحث عنها كي اردعها عن جنونها . خلال هذا الوقت , تبقين أنت هنا تندمين على اخفائك هذا السر عني "
ثم تركها وحدها وخرج .منتديات ليلاس
" يا إلهي كاميلا! في أي منزل وقعت !" قالت لنفسها بندم شديد.
جافيه سيتغيب لبضعة ايام , فكيف ستسير الأعمال بدونه وبدون بيات ؟ لا بد ان العمال قادرون على متابعة القطاف ولكن يجب ان لا يشعروا بغياب السيد. قررت كاميلا ان لا تبقى ساكنة اثناء غياب جافيه, ويجب عليها هي وفيليب ان ينسيا خلافاتهما كي تسير امور العمل بأي ثمن . ولكن عندما اقترحت هذه الفكرة على فيليب , رفض بإصرار .منتديات ليلاسمنتديات ليلاس
" أنا لا ارفض لمجرد كوني كسولاً , لكن العمال والمراقبين يعلمون انني اجهل كل شيء عن هذه الأعمال ! على كل حال ما نفع مراقبتهم , فهم يعرفون عملهم جيداً"
" ماذا لو ذهبنا الى هاز لغروف وطلبنا من السيد كارستار ان يمد لنا يد المساعدة؟"
" كيف سيساعدنا وهو لا يعرف غير زراعة البن ؟" سألها هازاً كتفيه بلا مبالاة .
قررت كاميلا تنفيذ فكرتها وهكذا اقنعت فيليب بمرافقتها الى هاز لغروف , فرحلا في الصباح الباكر.

Rehana 13-10-19 08:03 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"اياك ان تتصرف معي بحماقة فيليب . اذا اقتربت مني سيقتلك جافيه فور عودته , اعدك بذلك"
" لا تقلقي كاميلا , لقد فهمت الدرس الأول جيداً, لا ارغب بإغضابه , فأنا حريص على حياتي ولكن ألا تعلمين ان والدتي تكره رؤية الغرباء في راتنغالا؟"
" يجب ان ترضخ للأمر . على كل حال , ومع حالتها هذه ستلزم غرفتها"
" يبدو انك تعرفين الكثير عن مرض أمي"
" اسمع فيليب , لست عمياء . كما وانني الآن جزء من هذا المنزل , ويعنيني كل شيء فيه "
وصلا بعد الظهر الى هاز لغروف , فاستقبلتهم آل كارستار بالترحيب , فشرحت لهما كاميلا باختصار سبب زيارتها . قالت بأن جافيه اضطر للتغيب بضعة ايام لتسوية بعض المسائل العائلية , كما وان مساعده مسافر وليس هناك من هو كفؤ لإدارة الأعمال الزراعية , لهذا ارتأت طلب المساعدة من السيد كارستار .
" يسعدني ان ألبي طلبكما " قال السيد كار ستار بحماس " لقد سبق وان عملت في حقول الشاي منذ زمن طويل ولكن الأراضي لم تكن بمثل مساحة ارضكم الكبيرة"
" انها مسألة ايام قليلة فقط, وأنا متأكدة انك ستتمكن من القيام بهذه المهمة " شجعته كاميلا وكذلك زوجته.
وهكذا, انطلق السيد كارستار معهما وفور وصولهم رافقته كاميلا بجولة على الحقول وشرحت الوضع للمراقبين الذي أبدوا استعدادهم للتعاون معه.
في الايام التالية , لم تجد كاميلا وقتاً للراحة , كان عليها امر إدارة المنزل. ولحسن الحظ كانت لولا موجودة ووفية في عملها . اما دونالد كارستار , فقد انهمك بمراقبة الأعمال الزراعية مما سمح لكاميلا بقضاء جزء من وقتها في المكتب.
لقد بذلت جهداً كبيراً في تنظيم الأعمال المكتبية والحسابية بمساعدة ماك الذي ساعد بالرد على الرسائل المستعجلة .منتديات ليلاس
لم يسبق لكاميلا ان قامت بمثل هذا العمل, ولكن عقلها كان واضحا وحماسها كان كبيراً . ثم, كان لجافيه طريقة منظمة في العمل , سهلت عليها مهمتها فاتبعت طريقته .
اعتاد المهندس والعمال في المصنع على رؤية المرأة الشابة التي تفيض بالأنوثة تتجول بينهم وكانوا يتأملونها وهي منحنية على أوراقها كان ماك يحضر لها الشاي بانتظام ويطمئن عليها كل ربع ساعة. عندما كانت تعود في المساء الى المنزل كانت تستحم وتتناول عشاءها وترمي نفسها على السرير من شدة التعب, لكن حماسها كان كبيراً وسعادتها كانت أكثر لأن جافيه سيعود ولن يلاحظ أي أثر لغيابه .

Rehana 13-10-19 08:03 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" آه , هذه هي السيدة الحسناء بعد يوم عمل مرهق" قال فيليب ممازحاً بلطف ولكن ببعض الغيرة عندما عادت بالأمس.
" انها تقوم بأعمال رائعة " تدخل دونالد كارستار " سيكون السيد بلانتاين فخوراً جداً بزوجته"
عاد جافيه بعد عشرة ايام وفاجأ كاميلا في المكتب في نهاية فترة بعد الظهر . اعتقدت كاميلا انه احد العمال يحمل اليها كوب الشاي, فلم ترفع رأسها لدى دخوله .منتديات ليلاس
"ضعه على الطاولة "
" لو سمحت ِ, سأسكبه لك" قال بصوت جافيه العذب.منتديات ليلاس
انتفضت كاميلا بعنف ووقعة الريشة من يدها " اوه جافيه , لقد اخفتني!"
جلس على المقعد المواجه واخذ يتأمل وجهها الذي اصبح احمر من شدة الانفعال.
" حسنا , كمفاجأة , انها مفاجأة كبيرة لي ! انت هنا في المصنع وعلمت بأنك استدعيت السيد كارستار من مزرعته , انها فكرة جيدة كاميلا , لقد نجحت بالامساك بدفة الادارة جيداً"
" لم يكن بإمكاني البقاء مكتفة اليدين " اجابته بخجل " ولكن , قل لي هل وجدت شقيقتك ؟"
" للأسف لا . لقد كانا قد سبقانا باثنتي عشرة ساعة على الاقل . لابد انهما رحلا قبل منتصف الليل , حتى انه قبل معرفتنا بهربهما كانا قد استقلا القطار الى كولومبو ومن هناك استقلا مركبا الى جاوا . هناك جالية هولندية كبيرة"
" ماذا فعلت ؟"
" لم يكن بإمكاني اللحاق بشقيقتي الى جاوا , كتبت لها رسالة , تركتها في الوكالة البحرية . شرحت لها فيها انه ليس بإمكانها الزواج من بيات وان المنزل مفتوح لها ساعة عودتها "
" هل اخبرت والدتك؟"
" نعم , اخبرتها لتوي , انها في غرفتها والستائر مسدلة ولولا تساعدها على استنشاق الملح . لم اخبر احداً غيرك بأن بيات متزوج. من الأفضل ان نجعل والدتي تعتقد بأن هيلين متزوجة ولا تعيش مع بيات بدون رابط مقدس"
شرب كوب الشاي دفعة واحدة ونهض " أتريدين ان نعود معاً الى المنزل؟ يجب ان أبدل ملابسي وأرافق السيد كارستار بجولته الأخيرة على المزارع . يا إلهي ! كم افتقد لراتنغالا!"

Rehana 13-10-19 08:04 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
لو تعلم انت ايضاً كم افتقد اليك ! اضافت بصمت ونهضت لتسير معه جنباً الى جنب. دونالد كارستار سيرحل غداً الى منزله وسيمسك جافيه من جديد إدارة اعماله.ريحانة
" سأبحث عن مساعد آخر ينوب مكان بيات" قال لها اثناء تناول الفطور في صباح اليوم التالي.
" هل انت حقا بحاجة لمساعد؟" سألته مبتسمة " لديك أنا"
" أنت لا يمكنك البقاء طوال النهار على صهوة جوادك تراقبين سير العمل, كما واننا مقبلون على فترات حرجة , الــ ..."
" لا" قاطعته كاميلا " ولكن بإمكاني القيام بالأعمال الادارية, بالتأكيد لا املك كفاءتك ولكني سأنجح , لقد سبق وتعلمت بعض الاشياء , أنت تعلم"
" أنا لا اتكلم عن كفاءتك, لقد قمت اثناء غيابي بعمل جيد وأنا ممتن لك. ولكنه كان عملاً مؤقتا, ام انك تفكرين جدياً بالعمل بدوام كامل؟"
" لم لا؟" اعترضت كاميلا " لال ولولا يهتمان بالمنزل, ومهما فعلت تنزعج والدتك , كما وانني لست حقاً زوجتك, ليس لدي اولاد اهتم بهم ولن يكون لي أولاد, يجب ان اجد شيئاً آخر يشغلني"
" ليس لدي الوقت الآن لمناقشة هذه المشكلة معك" قال بنفاذ صبر وهو ينهض.
" أنت تفضل عدم النظر الى الحقيقة من وجهها , اعترف بذلك!" قالت له بتحد وغضب , بدون اية كلمة , نزل الدرج وابتعد . تأملته كاميلا وهو يبتعد بعينيها الحزينتين . آه, الهدنة لم تدم بينهما طويلاً! وها هما يعودان الى نقطة البداية ...
في منتصف الليل . استيقظت كاميلا على صوت المطر الغزير. يبدو ان موسم الرياح الموسمية قد بدأ.
في صباح اليوم التالي , استمر هطول المطر وقد غطى الضباب المنطقة وانخفضت الحرارة بضع درجات .منتديات ليلاس
ساعة بعد ساعة ويوم بعد يوم , استمر هطول المطر . احياناً كان الضباب ينقشع ويتوقف المطر وتشرق الشمس على التلال , ولكن سرعان ما يعود المطر مصحوباً بالرياح من جديد.
عندما تهب العاصفة لم يكن العمال يخرجون الى الحقول الا نادراً. في مثل هذه الساعات كانوا ينهمكون في العمل في المزراع وجافيه يتنقل بينهم على حصانه طوال الوقت .
" اذا كنت لا تزالين مصممة على مساعدتي " قال لها ذات يوم " بإمكانك ان تقضي ساعة او ساعتين يومياً في المكتب بعد الظهر , يجب ان نتصرف وحدنا لأنني لن أتمكن من ايجاد مساعد قبل نهاية هذا الموسم العاصف"

Rehana 13-10-19 08:04 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" يسعدني كثيراً ان اقدم لك هذه الخدمة المتواضعة " أكدت له بحماس .
" لكنه تدبير مؤقت فقط" قال لها مبتسماً.
" حسنا , موافقة" اجابته ووعدت نفسها ان تبذل جهدها لتستمر بعملها .
" أنا لا امزح كاميلا" ألح جافيه الذي ادرك نواياها " لن اعود عن قرارتي "
دونا لوسيا التي تعافت من الصدمة التي سببتها لها اختفاء هيلين عارضت هذه الفكرة .
" المرأة المصونة لا تنزل على مستوى هذه الاعمال" قالت بحدة " ولا أرى ضرورة لذلك , لطالما كان جافيه قادراً على التصرف وحده"
" انت تعلمين انني سأكون سعيدة بالتخفيف عن كاهله"
" المسألة ليست هنا. ان مكانك ليس في المصنع , بل هنا, يجب ان تنجبي الاطفال لابني "
لم تكن كاميلا تريد أكثر من ذلك , ولكن لا يمكنها الاعتراف للسيدة لوسيا بأن ابنها يرفض القيام بواجباته الزوجية نحوها .
مر الوقت والمطر لم يتوقف, واصبحت كاميلا تقدم معونة ممتازة لزوجها في المكتب وسرعان ما تأقلمت مع العمل على تنظيم عمليات نقل وتصدير الشاي واثناء وقت فراغها كانت تقرأ الكتب عن الشاي ومواطن زراعته الاصلية في الصين.منتديات ليلاس
" اسم شجرة الشاي الأصلي كاميليا" قالت ذات يوم لزوجها الذي جاء ليتحقق من احدى الفواتير " يدهشني ان اسمي مشتق من زهرة الكاميليا ايضاً"
" وكأن والديك قد قررا منذ ولادتك ان تصبحي زوجة مزارع للشاي "قال بسخرية خفيفة " أهذا ما تقصدين قوله ؟"
" لقد توفيت والدتي اثناء ولادتي ولم يكن لديها أدنى فكرة عن اسمي , لقد قرأت هذا في احد الكتب , والمصادفة ادهشتني"
" لا تبدأي برؤية اشارات وتنبؤات , فهذه عادة خطيرة "
" الا تعتقد انت بالقدر وتنبؤاته ؟"
تأملها جافيه للحظات بإعجاب. فمنذ رحيل هيلين ومشاركة كاميلا في الادارة اكتسبت زوجته مزيداً من الثقة بالنفس والنضوج يزيدان من سحر نظراتها . تردد لحظة ثم قال " بالنسبة لي , ليس القدر جمعنا , ولا شيء يرغمنا على البقاء معا .. لا شيء... أتفهمينني ؟"
" ولكننا متزوجان" اعترضت وقلبها يدق بسرعة .منتديات ليلاس

Rehana 13-10-19 08:05 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" زواج ليس كاملا بالامكان دائماً الغاؤه" قال دون ان يرفع نظره عنها .
" تريدني اذاً ان أرحل؟" سألته بقلق وحزن ظاهرين " أتريد ان ترسلني الى انكلترا كأية آلة ليست مناسبة لمصنعك ؟"
" لا, ولكن كامرأة قيمة تستحق الافضل " قال بحزم فأخذت كاميلا ترتجف.
" لدي حياتي هنا " قالت بعناد.
" هذه ليست حياة , أنت اعترفت بذلك , الا تذكرين ؟"
" كان ذلك منذ زمن بعيد. اما الآن , فأنا أقبل بواقعي"
" أيمكنك ان تقسمي بذلك؟"
هزت رأسها بعجز.ريحانة
" لقد اخطأت بحقك كاميلا عندما وافقت الزواج منك . أنت امرأة مميزة جدا. لن أسامح نفسي . قبل ان أتعرف اليك, كنت مقتنعاً بقليل من أهمية هذا الزواج المدبر. لم أكن أشك بقدرتك على الانثناء مع ارادتي اردت اسعاد والدتي ومتابعة عملي الذي احبه , لكنني نسيت ان ادخل مشاعرك عملي الذي احبه , لكنني نسيت ان ادخل مشاعرك في حساباتي . اما الآن , فقد تعرفت اليك جيداً وبدأ تصرفي معك يرعبني . أنت امرأة رائعة , كاميلا , تستحقين حياة افضل وتستحقين انجاب الاولاد , لا يمكنني الاحتفاظ بك هنا لأنني أكن لك اعجاباً كبيراً"
" أنا لا اريد اعجابك " صرخت غاضبة وانهمرت دموعها لطالما حبستها " اريد حبك جافيه!"
" لست حراً لمنحك حبي"
ساد صمت طويل قطعته كاميلا " اعذرني , يجب ان أننهي من هذه الحسابات قبل عودتي الى المنزل"
نهض جافيه وتركها وحدها فأنهت عملها ثم اخذت تفكر بمادار بينهما. ان زوجها صادق معها , يعترف بصراحة انه ليس حراً بحبها , قلبه مشغول , صحيح انه لا يستطيع الزواج من أنيلا , لكنه يبقى مخلصاً لها , فكيف يمكن لكاميلا ان تلومه ؟
عادت الى المنزل ولقد اصبحت متأكدة من ان جافيه سيعيدها الى انكلترا لأنه سبق وأكد لها انه لا يعود عن قراراته " لكنني لن اتوقف عن حبه , لن يتمكن شيء في هذا العالم من تغيير مشاعري نحوه "
وقفت خلف نافذتها تتأمل هطول الامطار , ما ان يتحسن الطقس حتى يطلب منها جافيه الرحيل . عندما يطلب منها ذلك , لن تتوسل اليه البقاء , ستجمع حقائبها وترحل رافعة الرأس بدون دموع وبدون لوم وعتاب , بانتظار ذلك , هي ممتنة للموسم والعواصف لأنه يؤخر انفصالهما النهائي.

Rehana 13-10-19 08:05 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كانت راتنغالا معزولة منذ بضعة ايام عندما جاء احد العمال وطرق باب المنزل بطريقة مفاجئة وملحة . بعد ان تبادل بضع كلمات معه , ارتدي جافيه جاكيتته الواقية وخرج مع الرجل.ريحانةمنتديات ليلاس
اعتقدت كاميلا ان نزاعاً عادياً شب بين العمال , لكنها بعد عودة جافيه ان المسألة أخطر من ذلك.
"هناك عاملان مريضان جداً . انتابتهما حرارة مرتفعة وتقيوء وآلام في المعدة . عزلتهما في الغرفة التي نعتبرها كمستشفى مؤقت. اتمنى ان لا تتضاعف هذه الحالة"
" لكنك لا تبدو متفائلاً, ماذا تخشى ؟"
" ان تكون هذه عوارض الكوليرا. اتمنى ان أكون مخطئاً"
في المساء عاد جافيه الى القرية .
" لا تزال حالتهما كما هي . امرت بأن يغلي الجميع الماء والحليب قبل شربه وان يأكلوا شيئا نيئا ووضعت منخلا على نوافذ المستشفى كي لا تنقل الحشرات المرض. لا نستطيع الآن احضار طبيب من المدينة بسبب حالة الطقس والطرقات "
في اليوم التالي ظهرت ثلاث حالات اخرى .
" انها الكوليرا , أليس كذلك؟" سألته كاميلا عندما رأت شحوب وجهه.
" للأسف نعم , أتعرفين شيئاً عن هذا المرض؟"
" اوه , نعم . كنت صغيرة عندما هاجم هذا المرض كالكوتا . حتى انني أنا اصبت بهذا المرض, لابد انني اصبحت محصنة "
" هذا أفضل , لأنني سأكون بحاجة لكل الارادات الطبية "
"نعم , يجب ان نعالج هؤلاء القوم المساكين , اعتبرني تحت تصرفك جافيه"
" هذا المرض مخيف ومعد, حتى انه مميت , كما وان معالجة المرضى المتألمين والمصابون بالقيء والاسهال لن يكون سهلاً, نحن بحاجة للكثير من الشجاعة"
" قلت لك انني سأساعدك , وكذلك موهيني , أنا متأكدة "
" موهيني بنغالية وتعالج تاماليين ؟ أنت لا تفكرين بالأمر جدياً!"
"هؤلاء التاماليون مريضون , فتزول الفوراق الاجتماعية امام المرض. أنا متأكدة ان موهيني لن تعارض , سأبحث عنها "
لم تتردد موهيني لحظة واحدة ورحلت مع سيدتها وسيدها الى الحي التاميلي.

Rehana 16-10-19 07:33 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" من قال لك ذلك؟" سألها بدهشة " فيليب , أليس كذلك ؟"
" ليس مهماً من اخبرني ولكن ..."
" اسمعي , اذا كنت تجدين انه لا يمكنك تحمل الوضع على حاله , فأنا لا امنعك من العودة الى جدتك. ولكن اذا قررت البقاء هنا , عليك ان تحترمي اتفاقنا . والآن تصبحين على خير, لقد طالت هذه المهزلة"
دخل غرفته وتركها وحدها , فأجهشت بالبكاء المرير من الهم والغيرة . الآن هي تعلم لماذا لا يرغب جافيه بها . ذلك لأنه مغرم بأمرأة اخرى , امرأة لا يمكنه الزواج منها ... تلك الراقصة التاميلية , حتى ان والدته على علم بعلاقته مع هذه الهندية. منتديات ليلاس
كانت والدته تأمل ان زواجه سيبعده عن عشيقته , لكنها كانت مخطئة : لا تزال انيلا تسحر جافيه , ان فكرة لقاءاته مع عشيقته تعذبها كثيراً ولكنها لن تستسلم , يجب ان تتعلم كيف تتحمل هذا الوضع , لأنها لن تتمكن من العيش بعيداً عنه مع كل ما حصل ستدوس كبريائها وستناضل من اجل الرجل الذي تحبه. نهضت فجأة ونزعت قميص نومها الممزق ورمته جانباً , لن تتمكن من البقاء في السرير وإلا ستختنق .منتديات ليلاس
ارتدت ملابسها بسرعة وخرجت من المنزل دون ان يراها احد . قصدت الاسطبل حيث اسرجت حصانها وانطلقت في الظلام بين الحقول . لكن بدل ان تتابع سيرها نحو التلة , اتجهت يميناً وسط الاشجار الكثيفة ولم تتوقف الا عندما وصلت الى منطقة الأطلال. حدقت حولها بشيء من الخوف. لابد ان هذه بقايا المعبد الذي حدثتها عنه موهيني .
ربطت كاميلا حصانها عند جذع شجرة وتوقفت هنا وهناك تتأمل المنحوتات الحجرية التي تمثل الآلهة والجنيات متعانقين حول الأعمدة .
لاحظت اخيراً معبد شيفا وهو الوحيد الذي لا يزال سليماً واعمدته البيضاء تلمع تحت ضوء القمر المكتمل . كانت تقترب من المعبد ببطء عندما احست بأنها ليست وحدها . هناك امرأة جالسة تعقد ساقيها بوضع التأمل على احدى درجات السلم.منتديات ليلاس
تسمرت كاميلا مكانها . هل رأتها هذه المرأة أم لا ؟ مستحيل ان تعرف لأن المرأة نهضت بهذه اللحظة ببطء وبدأت بالرقص . كانت هذه المرأة عارية تماماً , لا تضع إلا الأساور الضخمة في معصميها وقدميها وشعرها الطويل الاسود مسترسل حتى اسفل ظهرها .هل هي جنية للإله شيفا؟

Rehana 16-10-19 07:34 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
احست كاميلا برعشة برد فأغمضت عينيها للحظات من شدة خوفها . عندما فتحت عينيها , لم تعد ترى تلك المرأة , اين اختفت؟ لابد انها أنيلا التي تسحر العمال التاماليين برقصها . ليس من المدهش اذاً ان يقع جافيه ايضاً تحت سحرها .
اتجهت كاميلا مسرعة نحو حصانها , فامتطته وعادت ادراجها لاهثة, حتى وصلت الى المزرعة . لكن يبدو ان نهارها لم ينته بعد من المفاجآت , لانها بعد ان اعادت حصانها الى الاسطبل اصطدمت بهيلين تحت الشرفة.منتديات ليلاس
" يا الهي! لقد اخفتني!" صرخت هيلين غاضبة " ماذا تفعلين في الخارج بمثل هذه الساعة ؟"
" لم أتمكن من النوم" اجابتها كاميلا " فخرجت بنزهة على الحصان "
" هل أنت مجنونة؟ ماذا سيظن جافيه اذا علم بنزهاتك الليلية ؟"
" لن يعلم شيئاً , فهو نائم"
" لا اصدق اية كلمة من كل هذه القصة" قالت هيلين بنبرة هستيرية " كنت تتجسسين عليّ, أليس كذلك؟ هيا , اعترفي!"
" اخفضي صوتك " امرتها كاميلا " وإلا ستوقظين الجميع! لم أكن أتجسس عليك هيلين , لا ضرورة لذلك, فأنا على علم بعلاقتك مع بيات مان دير فرت . رأيتكما معاً مساء عودتي مع جافيه من هاز لغروف"
" يا إلهي !"
" ولكن لا تقلقي" طمأنتها كاميلا " لا احد غيري يعلم بالأمر"
" ولا جافيه , ولا والدتي؟"
" لا , ربما أكون مخطئة بعدم اخبارهما , لكني لا أريد التدخل بأمورك . عليك أنت , هيلين ان تتساءلي اذا كنت تسيرين على طريق الصواب"
" وبعد!" انفجرت هيلين بحدة " انظري اليّ ... أنا لم أعد صغيرة , ولست جميلة جداً مثلك . أكاد أموت من الملل في هذا المنزل المنعزل عن العالم , فكيف سأجد زوجاً مناسباً . كما وان والدتي تعارض زواجي حتماً , هذا لأنها لا تحبني كما يجب منذ صغرنا وهي تفضل جافيه علينا. اعتقد انها سعيدة بالتخلص مني, ومع ذلك ترفض ان توفر لي الفرص للقاء بالشبان"
" غريب! مع انني اقترحت عليها ان تقيم حفل عشاء او اثنين من اجلك , ولكن ..."
"اجابتك بأنها لا تحب الضجيج الذي يشعرها بالصداع و..."

Rehana 16-10-19 07:35 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" نعم , فاقترحت عليها ان تصطحبك لقضاء بضعة ايام في كولومبو . لكنها فضلت ان ننتظر نهاية موسم الرياح الموسمية كي لا تعيقنا الطرقات الموحلة "
" لو لم يكن موسم الرياح الموسمية قريباً, لوجدت أمي حتماً عذراً آخر ... ولكن , يدهشني اهتمامك بي, مع انني ... لم أكن لطيفة معك.."
"لننسى الأمر, هيلين , ولكن اخبريني , هل تحبين بيات؟"
"ليس حباً عميقاً, ولكنه لامرأة اوروبية فلم اجد سبباً لرد تحرشاته بي"
في اليوم التالي كان الجو خانقاً في المنزل . فهي برغم تأكيدات كاميلا ظلت تخشى افتضاح سرها. اما فيليب فلم يجرؤ على النظر الى كاميلا وجهاً لوجه, كما وان والدته كانت متوترة أكثر من العادة .
هذا النهار لم تر كاميلا زوجها لأنه خرج باكراً . ولكنه دخل غرفتها فجأة عندما كانت موهيني تساعدها على ارتداء ملابسها قبل النزول العشاء ما ان رأته موهيني يدخل حتى انسحبت بهدوء.منتديات ليلاس
" لننزل الآن لتناول العشاء معاً" قال جافيه وهو يمد يده نحوها.
" لست جاهزة بعد, علي ان اضع عقد اللؤلؤ"
" سأفعل بنفسي " قال وهو يمسك العقد عن الطاولة ليضعه حول عنقها .ريحانة
" دع عنك هذا , بإمكاني ان افعل ذلك بنفسي"
" هيا, كاميلا , لا تتحركي , اعدك بأن مشهد الأمس لن يتكرر ابداً ولكني لا أزال أفكر به " اضاف بصوت ساخر وهو يداعب كتفيها " ربما تريدين أنت ان لا ألمسك؟"
لماذا يعذبها هكذا ؟ تساءلت بيأس وهي تتذكر رقصات أنيلا في المعبد , هل قضى جافيه فترة بعد الظهر مع تلك المرأة وبعد ان شبع رغباته جاء ليجد لذة بتعذيب زوجته؟
رفعت رأسها نحوه انها تحبه ولكنها اكتفت من هذه المهزلة .
" بما انك فتحت الموضوع , أفضل فعلاً ان لا تقترب مني . واتمنى من اليوم وصاعداً ان لا تدخل من باب غرفتي لأنني سأقفله بالمفتاح "
" اوه , ولكن , ماذا سيظن الخدم عندما يرونني ادخل من باب الممر الى غرفتي؟"
"ليظنوا بما يشاؤون" اجابته باحتقار " زواجنا مسألة تخصنا نحن فقط , والآن , أنا مستعدة للنزول"
لقد قطعت لتوها آخر صلة بينها وبين جافيه . لن يلتقيا بعد اليوم وحدهما , الأمر يجرح كبريائها كزوجة مهملة . نعم , لقد كسبت أنيلا ولا تملك كاميلا أي سلاح لمواجهتها.

Rehana 16-10-19 07:36 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
في الأيام التالية , كانت كاميلا تقضي وقتاً طويلاً في التنزه على حصانها فالأفطار لن تتأخر وستمنعها من مزاولة رياضتها المفضلة بين الحقول وستحبسها داخل المنزل. ان فكرة سجنها داخل المنزل لأيام واسابيع تقلقها , فأرادت ان تستغل هذه الأيام بالخروج .
كان موقع الأطلال يجذبها كالمغناطيس, فعادت اليه عدة مرات , لكنها لم تر ابداً جنية المعبد مرة ثانية.منتديات ليلاس
ذات صباح سمعت اصواتاً مرتفعة صادرة من غرفة السيدة لوسيا فأسرعت على الفور لترى حماتها وتطمئن عنها . كانت السيدة لوسيا تتلفظ بعبارات غير مفهومة بينما لولا الخادمة تحاول تهدأتها وفيليب يفرك يديه بعصبية دون ان يدري ماذا يفعل .
" ماذا يجري؟" سألته كاميلا.
" انها شقيقتي المجنونة! لقد هربت مع بيات مان دير فرت"
عندما حملت لها موهيني الشاي الى غرفتها لم تجدها. لم تقلق على الفور , لكن فيما بعد, اكتشفوا انها اختفت مع ملابسها واغراضها الشخصية وكل مجوهراتها.
"تركت فقط هذه الرسالة الصغيرة, لقد رحلت مع بيات , لا تحاولوا اللحاق بي, لن اعود عن قراري سامحوني, ولكن ليس هناك حل آخر"
ساعدتهم كاميلا على وضعع الوالدة في السرير وغادرت الغرفة مع فيليب.ريحانة
" ماذا سيقول الناس عنا عندما يعلموا انها هربت مع احد عمال جافيه؟" تمتم فيليب.
" هذا كل ما يهمك ؟ الا تفكر ابدا بسعادة شقيقتك؟" سألته باحتقار.
"سعادتها مع شاب معدم؟"
" ربما فهمت هيلين ان هذه فرصة لسعادتها يجب ان لا تفوتها ابداً"
" آه, يا للنساء العاطفيات ! تعتقد شقيقتي ان الحياة تشبه تلك القصص العاطفية التي تقرأها "
كما في كل مرة يحدث فيها أمر طارئ, تم استدعاء جافيه من عمله فجاء على الفور واستمع الى القصة من فيليب.
" كنت على موعد مع بيات هذا الصباح فتفاجأت بعدم مجيئه , لكنني لم اتوقع ابداً انه قد يكون قد رحل مع هيلين, يبدو انه كان بينهما علاقة منذ مدة "
" بالفعل " تدخلت كاميلا .
التفت الشقيقان نحوها بذهول .
" ماذا! كنت تعلمين ؟" سألها فيليب غاضباً " واغضمت عينيك عنهما ؟"

Rehana 16-10-19 07:37 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" أمنعك من الكلام مع كاميلا بهذه اللهجة " أمره جافيه " اريد أكلمها على انفراد" اضاف وهو يقود زوجته الى الصالون ثم اقفل الباب وراءهما .
" والآن , قولي لي ما تعرفينه ..."
" لا اعرف الكثير , كنت اجهل خطة هربهما , أؤكد لك . بالمقابل, كنت اعرف فقط بعلاقتهما "
"ولم تقولي ايه كلمة! شقيقتي على علاقة مع احد عمالي وأنت ارتأيت الاحتفاظ بالصمت ؟ أهذا منطقي؟"
" لم أشأ الكشف عما اكتشفته صدفة . هذه خيانة من جهتي . كيف يطيعني قلبي يرفض قليل من السعادة التي وجدتها شقيقتك؟"
" ألم يخطر ببالك ان تكلميني بالأمر؟"
"لا, أنا آسفة , جافيه . فعلاقتي معك منعتني من مصارحتك"
" أفهم , ولكن لو كنت حذرتني لكان بإمكاني ان اجنب الجميع مثل هذا الموقف . لا احد يعلم اذا كان بإمكان هيلين ان تتزوج من بيات , فهو منفصل عن زوجته التي ترفض منحه الطلاق"
"اوه , مسكينة هيلين !" قالت كاميلا بأسف " ماذا سنفعل؟"
" سأذهب للبحث عنها كي اردعها عن جنونها . خلال هذا الوقت , تبقين أنت هنا تندمين على اخفائك هذا السر عني "
ثم تركها وحدها وخرج .منتديات ليلاس
" يا إلهي كاميلا! في أي منزل وقعت !" قالت لنفسها بندم شديد.
جافيه سيتغيب لبضعة ايام , فكيف ستسير الأعمال بدونه وبدون بيات ؟ لا بد ان العمال قادرون على متابعة القطاف ولكن يجب ان لا يشعروا بغياب السيد. قررت كاميلا ان لا تبقى ساكنة اثناء غياب جافيه, ويجب عليها هي وفيليب ان ينسيا خلافاتهما كي تسير امور العمل بأي ثمن . ولكن عندما اقترحت هذه الفكرة على فيليب , رفض بإصرار .منتديات ليلاسمنتديات ليلاس
" أنا لا ارفض لمجرد كوني كسولاً , لكن العمال والمراقبين يعلمون انني اجهل كل شيء عن هذه الأعمال ! على كل حال ما نفع مراقبتهم , فهم يعرفون عملهم جيداً"
" ماذا لو ذهبنا الى هاز لغروف وطلبنا من السيد كارستار ان يمد لنا يد المساعدة؟"
" كيف سيساعدنا وهو لا يعرف غير زراعة البن ؟" سألها هازاً كتفيه بلا مبالاة .
قررت كاميلا تنفيذ فكرتها وهكذا اقنعت فيليب بمرافقتها الى هاز لغروف , فرحلا في الصباح الباكر.

Rehana 16-10-19 07:45 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"اياك ان تتصرف معي بحماقة فيليب . اذا اقتربت مني سيقتلك جافيه فور عودته , اعدك بذلك"
" لا تقلقي كاميلا , لقد فهمت الدرس الأول جيداً, لا ارغب بإغضابه , فأنا حريص على حياتي ولكن ألا تعلمين ان والدتي تكره رؤية الغرباء في راتنغالا؟"
" يجب ان ترضخ للأمر . على كل حال , ومع حالتها هذه ستلزم غرفتها"
" يبدو انك تعرفين الكثير عن مرض أمي"
" اسمع فيليب , لست عمياء . كما وانني الآن جزء من هذا المنزل , ويعنيني كل شيء فيه "
وصلا بعد الظهر الى هاز لغروف , فاستقبلتهم آل كارستار بالترحيب , فشرحت لهما كاميلا باختصار سبب زيارتها . قالت بأن جافيه اضطر للتغيب بضعة ايام لتسوية بعض المسائل العائلية , كما وان مساعده مسافر وليس هناك من هو كفؤ لإدارة الأعمال الزراعية , لهذا ارتأت طلب المساعدة من السيد كارستار .
" يسعدني ان ألبي طلبكما " قال السيد كار ستار بحماس " لقد سبق وان عملت في حقول الشاي منذ زمن طويل ولكن الأراضي لم تكن بمثل مساحة ارضكم الكبيرة"
" انها مسألة ايام قليلة فقط, وأنا متأكدة انك ستتمكن من القيام بهذه المهمة " شجعته كاميلا وكذلك زوجته.
وهكذا, انطلق السيد كارستار معهما وفور وصولهم رافقته كاميلا بجولة على الحقول وشرحت الوضع للمراقبين الذي أبدوا استعدادهم للتعاون معه.
في الايام التالية , لم تجد كاميلا وقتاً للراحة , كان عليها امر إدارة المنزل. ولحسن الحظ كانت لولا موجودة ووفية في عملها . اما دونالد كارستار , فقد انهمك بمراقبة الأعمال الزراعية مما سمح لكاميلا بقضاء جزء من وقتها في المكتب.
لقد بذلت جهداً كبيراً في تنظيم الأعمال المكتبية والحسابية بمساعدة ماك الذي ساعد بالرد على الرسائل المستعجلة .منتديات ليلاس
لم يسبق لكاميلا ان قامت بمثل هذا العمل, ولكن عقلها كان واضحا وحماسها كان كبيراً . ثم, كان لجافيه طريقة منظمة في العمل , سهلت عليها مهمتها فاتبعت طريقته .
اعتاد المهندس والعمال في المصنع على رؤية المرأة الشابة التي تفيض بالأنوثة تتجول بينهم وكانوا يتأملونها وهي منحنية على أوراقها كان ماك يحضر لها الشاي بانتظام ويطمئن عليها كل ربع ساعة. عندما كانت تعود في المساء الى المنزل كانت تستحم وتتناول عشاءها وترمي نفسها على السرير من شدة التعب, لكن حماسها كان كبيراً وسعادتها كانت أكثر لأن جافيه سيعود ولن يلاحظ أي أثر لغيابه .

Rehana 16-10-19 07:45 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" آه , هذه هي السيدة الحسناء بعد يوم عمل مرهق" قال فيليب ممازحاً بلطف ولكن ببعض الغيرة عندما عادت بالأمس.
" انها تقوم بأعمال رائعة " تدخل دونالد كارستار " سيكون السيد بلانتاين فخوراً جداً بزوجته"
عاد جافيه بعد عشرة ايام وفاجأ كاميلا في المكتب في نهاية فترة بعد الظهر . اعتقدت كاميلا انه احد العمال يحمل اليها كوب الشاي, فلم ترفع رأسها لدى دخوله .منتديات ليلاس
"ضعه على الطاولة "
" لو سمحت ِ, سأسكبه لك" قال بصوت جافيه العذب.
انتفضت كاميلا بعنف ووقعة الريشة من يدها " اوه جافيه , لقد اخفتني!"
جلس على المقعد المواجه واخذ يتأمل وجهها الذي اصبح احمر من شدة الانفعال.
" حسنا , كمفاجأة , انها مفاجأة كبيرة لي ! انت هنا في المصنع وعلمت بأنك استدعيت السيد كارستار من مزرعته , انها فكرة جيدة كاميلا , لقد نجحت بالامساك بدفة الادارة جيداً"
" لم يكن بإمكاني البقاء مكتفة اليدين " اجابته بخجل " ولكن , قل لي هل وجدت شقيقتك ؟"
" للأسف لا . لقد كانا قد سبقانا باثنتي عشرة ساعة على الاقل . لابد انهما رحلا قبل منتصف الليل , حتى انه قبل معرفتنا بهربهما كانا قد استقلا القطار الى كولومبو ومن هناك استقلا مركبا الى جاوا . هناك جالية هولندية كبيرة"
" ماذا فعلت ؟"
" لم يكن بإمكاني اللحاق بشقيقتي الى جاوا , كتبت لها رسالة , تركتها في الوكالة البحرية . شرحت لها فيها انه ليس بإمكانها الزواج من بيات وان المنزل مفتوح لها ساعة عودتها "
" هل اخبرت والدتك؟"
" نعم , اخبرتها لتوي , انها في غرفتها والستائر مسدلة ولولا تساعدها على استنشاق الملح . لم اخبر احداً غيرك بأن بيات متزوج. من الأفضل ان نجعل والدتي تعتقد بأن هيلين متزوجة ولا تعيش مع بيات بدون رابط مقدس"
شرب كوب الشاي دفعة واحدة ونهض " أتريدين ان نعود معاً الى المنزل؟ يجب ان أبدل ملابسي وأرافق السيد كارستار بجولته الأخيرة على المزارع . يا إلهي ! كم افتقد لراتنغالا!".منتديات ليلاس

Rehana 16-10-19 07:46 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
لو تعلم انت ايضاً كم افتقد اليك ! اضافت بصمت ونهضت لتسير معه جنباً الى جنب. دونالد كارستار سيرحل غداً الى منزله وسيمسك جافيه من جديد إدارة اعماله.ريحانة
" سأبحث عن مساعد آخر ينوب مكان بيات" قال لها اثناء تناول الفطور في صباح اليوم التالي.
" هل انت حقا بحاجة لمساعد؟" سألته مبتسمة " لديك أنا"
" أنت لا يمكنك البقاء طوال النهار على صهوة جوادك تراقبين سير العمل, كما واننا مقبلون على فترات حرجة , الــ ..."
" لا" قاطعته كاميلا " ولكن بإمكاني القيام بالأعمال الادارية, بالتأكيد لا املك كفاءتك ولكني سأنجح , لقد سبق وتعلمت بعض الاشياء , أنت تعلم"
" أنا لا اتكلم عن كفاءتك, لقد قمت اثناء غيابي بعمل جيد وأنا ممتن لك. ولكنه كان عملاً مؤقتا, ام انك تفكرين جدياً بالعمل بدوام كامل؟"
" لم لا؟" اعترضت كاميلا " لال ولولا يهتمان بالمنزل, ومهما فعلت تنزعج والدتك , كما وانني لست حقاً زوجتك, ليس لدي اولاد اهتم بهم ولن يكون لي أولاد, يجب ان اجد شيئاً آخر يشغلني"
" ليس لدي الوقت الآن لمناقشة هذه المشكلة معك" قال بنفاذ صبر وهو ينهض.
" أنت تفضل عدم النظر الى الحقيقة من وجهها , اعترف بذلك!" قالت له بتحد وغضب , بدون اية كلمة , نزل الدرج وابتعد . تأملته كاميلا وهو يبتعد بعينيها الحزينتين . آه, الهدنة لم تدم بينهما طويلاً! وها هما يعودان الى نقطة البداية ...
في منتصف الليل . استيقظت كاميلا على صوت المطر الغزير. يبدو ان موسم الرياح الموسمية قد بدأ.
في صباح اليوم التالي , استمر هطول المطر وقد غطى الضباب المنطقة وانخفضت الحرارة بضع درجات .منتديات ليلاس
ساعة بعد ساعة ويوم بعد يوم , استمر هطول المطر . احياناً كان الضباب ينقشع ويتوقف المطر وتشرق الشمس على التلال , ولكن سرعان ما يعود المطر مصحوباً بالرياح من جديد.
عندما تهب العاصفة لم يكن العمال يخرجون الى الحقول الا نادراً. في مثل هذه الساعات كانوا ينهمكون في العمل في المزراع وجافيه يتنقل بينهم على حصانه طوال الوقت .
" اذا كنت لا تزالين مصممة على مساعدتي " قال لها ذات يوم " بإمكانك ان تقضي ساعة او ساعتين يومياً في المكتب بعد الظهر , يجب ان نتصرف وحدنا لأنني لن أتمكن من ايجاد مساعد قبل نهاية هذا الموسم العاصف"

Rehana 16-10-19 07:46 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" يسعدني كثيراً ان اقدم لك هذه الخدمة المتواضعة " أكدت له بحماس .
" لكنه تدبير مؤقت فقط" قال لها مبتسماً.منتديات ليلاس
" حسنا , موافقة" اجابته ووعدت نفسها ان تبذل جهدها لتستمر بعملها .
" أنا لا امزح كاميلا" ألح جافيه الذي ادرك نواياها " لن اعود عن قرارتي "
دونا لوسيا التي تعافت من الصدمة التي سببتها لها اختفاء هيلين عارضت هذه الفكرة .
" المرأة المصونة لا تنزل على مستوى هذه الاعمال" قالت بحدة " ولا أرى ضرورة لذلك , لطالما كان جافيه قادراً على التصرف وحده"
" انت تعلمين انني سأكون سعيدة بالتخفيف عن كاهله"
" المسألة ليست هنا. ان مكانك ليس في المصنع , بل هنا, يجب ان تنجبي الاطفال لابني "
لم تكن كاميلا تريد أكثر من ذلك , ولكن لا يمكنها الاعتراف للسيدة لوسيا بأن ابنها يرفض القيام بواجباته الزوجية نحوها .
مر الوقت والمطر لم يتوقف, واصبحت كاميلا تقدم معونة ممتازة لزوجها في المكتب وسرعان ما تأقلمت مع العمل على تنظيم عمليات نقل وتصدير الشاي واثناء وقت فراغها كانت تقرأ الكتب عن الشاي ومواطن زراعته الاصلية في الصين.منتديات ليلاس
" اسم شجرة الشاي الأصلي كاميليا" قالت ذات يوم لزوجها الذي جاء ليتحقق من احدى الفواتير " يدهشني ان اسمي مشتق من زهرة الكاميليا ايضاً"
" وكأن والديك قد قررا منذ ولادتك ان تصبحي زوجة مزارع للشاي "قال بسخرية خفيفة " أهذا ما تقصدين قوله ؟"
" لقد توفيت والدتي اثناء ولادتي ولم يكن لديها أدنى فكرة عن اسمي , لقد قرأت هذا في احد الكتب , والمصادفة ادهشتني"
" لا تبدأي برؤية اشارات وتنبؤات , فهذه عادة خطيرة "
" الا تعتقد انت بالقدر وتنبؤاته ؟"
تأملها جافيه للحظات بإعجاب. فمنذ رحيل هيلين ومشاركة كاميلا في الادارة اكتسبت زوجته مزيداً من الثقة بالنفس والنضوج يزيدان من سحر نظراتها . تردد لحظة ثم قال " بالنسبة لي , ليس القدر جمعنا , ولا شيء يرغمنا على البقاء معا .. لا شيء... أتفهمينني ؟"
" ولكننا متزوجان" اعترضت وقلبها يدق بسرعة .

Rehana 16-10-19 07:46 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" زواج ليس كاملا بالامكان دائماً الغاؤه" قال دون ان يرفع نظره عنها .
" تريدني اذاً ان أرحل؟" سألته بقلق وحزن ظاهرين " أتريد ان ترسلني الى انكلترا كأية آلة ليست مناسبة لمصنعك ؟"
" لا, ولكن كامرأة قيمة تستحق الافضل " قال بحزم فأخذت كاميلا ترتجف.
" لدي حياتي هنا " قالت بعناد.
" هذه ليست حياة , أنت اعترفت بذلك , الا تذكرين ؟"
" كان ذلك منذ زمن بعيد. اما الآن , فأنا أقبل بواقعي"
" أيمكنك ان تقسمي بذلك؟"
هزت رأسها بعجز.ريحانة
" لقد اخطأت بحقك كاميلا عندما وافقت الزواج منك . أنت امرأة مميزة جدا. لن أسامح نفسي . قبل ان أتعرف اليك, كنت مقتنعاً بقليل من أهمية هذا الزواج المدبر. لم أكن أشك بقدرتك على الانثناء مع ارادتي اردت اسعاد والدتي ومتابعة عملي الذي احبه , لكنني نسيت ان ادخل مشاعرك عملي الذي احبه , لكنني نسيت ان ادخل مشاعرك في حساباتي . اما الآن , فقد تعرفت اليك جيداً وبدأ تصرفي معك يرعبني . أنت امرأة رائعة , كاميلا , تستحقين حياة افضل وتستحقين انجاب الاولاد , لا يمكنني الاحتفاظ بك هنا لأنني أكن لك اعجاباً كبيراً"
" أنا لا اريد اعجابك " صرخت غاضبة وانهمرت دموعها لطالما حبستها " اريد حبك جافيه!"
" لست حراً لمنحك حبي"
ساد صمت طويل قطعته كاميلا " اعذرني , يجب ان أننهي من هذه الحسابات قبل عودتي الى المنزل"
نهض جافيه وتركها وحدها فأنهت عملها ثم اخذت تفكر بمادار بينهما. ان زوجها صادق معها , يعترف بصراحة انه ليس حراً بحبها , قلبه مشغول , صحيح انه لا يستطيع الزواج من أنيلا , لكنه يبقى مخلصاً لها , فكيف يمكن لكاميلا ان تلومه ؟
عادت الى المنزل ولقد اصبحت متأكدة من ان جافيه سيعيدها الى انكلترا لأنه سبق وأكد لها انه لا يعود عن قراراته " لكنني لن اتوقف عن حبه , لن يتمكن شيء في هذا العالم من تغيير مشاعري نحوه "
وقفت خلف نافذتها تتأمل هطول الامطار , ما ان يتحسن الطقس حتى يطلب منها جافيه الرحيل . عندما يطلب منها ذلك , لن تتوسل اليه البقاء , ستجمع حقائبها وترحل رافعة الرأس بدون دموع وبدون لوم وعتاب , بانتظار ذلك , هي ممتنة للموسم والعواصف لأنه يؤخر انفصالهما النهائي.

Rehana 19-10-19 09:21 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كانت راتنغالا معزولة منذ بضعة ايام عندما جاء احد العمال وطرق باب المنزل بطريقة مفاجئة وملحة . بعد ان تبادل بضع كلمات معه , ارتدي جافيه جاكيتته الواقية وخرج مع الرجل.ريحانة
اعتقدت كاميلا ان نزاعاً عادياً شب بين العمال , لكنها بعد عودة جافيه ان المسألة أخطر من ذلك.
"هناك عاملان مريضان جداً . انتابتهما حرارة مرتفعة وتقيوء وآلام في المعدة . عزلتهما في الغرفة التي نعتبرها كمستشفى مؤقت. اتمنى ان لا تتضاعف هذه الحالة"
" لكنك لا تبدو متفائلاً, ماذا تخشى ؟"
" ان تكون هذه عوارض الكوليرا. اتمنى ان أكون مخطئاً"
في المساء عاد جافيه الى القرية .منتديات ليلاس
" لا تزال حالتهما كما هي . امرت بأن يغلي الجميع الماء والحليب قبل شربه وان يأكلوا شيئا نيئا ووضعت منخلا على نوافذ المستشفى كي لا تنقل الحشرات المرض. لا نستطيع الآن احضار طبيب من المدينة بسبب حالة الطقس والطرقات "
في اليوم التالي ظهرت ثلاث حالات اخرى .
" انها الكوليرا , أليس كذلك؟" سألته كاميلا عندما رأت شحوب وجهه.
" للأسف نعم , أتعرفين شيئاً عن هذا المرض؟"
" اوه , نعم . كنت صغيرة عندما هاجم هذا المرض كالكوتا . حتى انني أنا اصبت بهذا المرض, لابد انني اصبحت محصنة "
" هذا أفضل , لأنني سأكون بحاجة لكل الارادات الطبية "
"نعم , يجب ان نعالج هؤلاء القوم المساكين , اعتبرني تحت تصرفك جافيه"
" هذا المرض مخيف ومعد, حتى انه مميت , كما وان معالجة المرضى المتألمين والمصابون بالقيء والاسهال لن يكون سهلاً, نحن بحاجة للكثير من الشجاعة"
" قلت لك انني سأساعدك , وكذلك موهيني , أنا متأكدة "
" موهيني بنغالية وتعالج تاماليين ؟ أنت لا تفكرين بالأمر جدياً!"
"هؤلاء التاماليون مريضون , فتزول الفوراق الاجتماعية امام المرض. أنا متأكدة ان موهيني لن تعارض , سأبحث عنها "
لم تتردد موهيني لحظة واحدة ورحلت مع سيدتها وسيدها الى الحي التاميلي.

Rehana 19-10-19 09:22 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
المستشفى مؤلفة من مبنى صغير يضم عدة اسرة, كانت كاميلا تعلم ان أفضل طبيب لا يمكنه شيء امام هذا المرض , الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله هو ان يحد من انتشار الوباء . لكن كان من بين المصابين الجدد اطفال ولا يمكن عزلهم عن والداتهم . وافق جافيه على هذه الفكرة لكنه أصر على عدم السماح لهذه الأمهات بالعودة الى القرية كي لا ينشرن الوباء أكثر , كما وانهن قادرات على مد يد المساعدة.منتديات ليلاس
امتلأت كل الأسرة بسرعة , يبدو ان الوباء ينتشر كانتشار اللهب في القش.
طوال النهار , لم يتوقفوا عن تنظيف المرضى والأسرة والأرض بالمياه الساخنة المضاف اليها مادة الفينول . وكانوا يغلون المياه ويسقونها للمرضى كي يقاوموا التجفاف . في البداية كان الجو العام لا يحتمل , لكنهم اعتادوا عليه شيئاً فشيئاً .
بعد الظهر, جاءت السيدة لوسيا تحمل زجاجة كبيرة تحت ذراعها . عرضت خدماتها على ابنها الذي رفض بحدة.
" يجب ان تعود الى عملك في المصنع يا بني , مكانك ليس هنا , بإمكاني أنا ان اقوم بما تقوم به هنا"
بعد ان خرج رغماً عنه , سألتها كاميلا عن هذه الزجاجة , فأخبرتها انها دواء للكوليرا كان قد تركه د. دايفس ذات يوم وانه مؤلف من مزيج من الأملاح والمنتجات المعدنية لمقاومة التجفاف.
" ليس لدينا غير هذه الزجاجة, فمن غير المفيد ان نضيعها على من حالتهم ميؤس منها"
وزعت كاميلا الدواء على المرضى وهي تفكر بمبادرة حماتها التي يملأها الحماس.
بعد ساعة ظهر فيليب متردداً امام باب المستشفى مبللاً بالأمطار.
" ادخل , فيليب , لا تبق تحت المطر"
" لا , كاميلا , الأمر أقوى مني , لا يمكنني رؤية الناس المتألمين , اذا كان بإمكاني القيام بشيء آخر"
ابتسمت كاميلا لأنها تعلم ان الناس ليس كلهم سواء , ويصعب على بعضهم تحمل النظر الى المتألمين , بالنسبة لجافيه , كان شجاعاً جداً لأنه صاحب روح مهمة نقل المياه الساخنة والشاي بين المنزل والمستشفى .منتديات ليلاس
لم يكن احد في ملجأ من العدوى , لكن هذه الفكرة لم تكن تخيف كاميلا . كانت تعلم ان جافيه مصمم على ارسالها الى انكلترا , فكل شيء لديها سيان الآن , حتى الموت , فأخذت تهتم بالمرضى بكل تقان ولطف وصبر طيلة اليومين التاليين حتى بدا التعب عليها .

Rehana 19-10-19 09:23 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كان قد توفي حتى الآن ثلاثة مرضى وطفل. بينما كانت كاميلا تحاول مؤاساة والدته , سمعت صوت جافيه خلفها .
" لا يمكنكن المتباعة على هذا الشكل, يجب ان ترتاح واحدة بدورها " قال للممرضات المتطوعات .
" أرسل زوجتك لترتاح اولاً" نصحته والدته " إنها تقتل نفسها من شدة التعب"
"توقفي كاميلا " أمرها جافيه على الفور" اذهبي الى المنزل , بدلي ملابسك وتمددي قليلاً"
اعترضت كاميلا , لكنه امام عنادها دفعها الى الخارج تحت المطر الشديد ثم امسك ذراعها وقادها نحو المنزل رغماً عنها . لم تكن تدرك مدى تعبها الى ان استحمت وبدلت ملابسها وتمددت على السرير فنامت على الفور .ريحانة
"كاميلا "
تململت في فراشها ولم تفتح عينيها .منتديات ليلاس
"كاميلا افتحي عينيك!"
انتفضت فجأة مذعورة فوجدت يتأملها بنظرات غريبة .
" لقد حان موعد العشاء , لابد انك جائعة , لقد تعبت كثيراً هذين اليومين "
" لا يمكنني ان اضع شيئاً في فمي " وأبعدت نظرها عن صينية الطعام .
"يجب ان ترغمي نفسك على ذلك كاميلا وإلا لن تتمكني من الاستمرار بعملك. الطعام لذيذ , كلي , وإلا سيغضب لال كثيراً" واخيراً نجح جافيه بإطعامها طبقها كله.
" يجب ان أعود الى المستشفى كي ترتاح والدتك, لقد ادهشتني بتفانيها "
كانت كاميلا تعلم مدى حبه لوالدته , ألم يتزوج منها فقط إرضاً لها ؟
" لا يمكنني القول بأنك كنت محظوظة في هذا المنزل كاميلا " قال جافيه وهو ينظر اليها بحنان " لقد أساءت شقيقتي استقبالك , وأخي حاول اغراءك , اما مع والدتي , فأنت لا تعرفين كيف تحصلين على رضاها . ولتتويج كل ذلك , توفيت مربيتك فجأة , وأنا... لا استجيب لآمالك"
" أنا لا ألوم احداً في هذه العائلة " اجابته بمحبة وصدق " فجميعهم كانوا ضحية للظروف"
" أنت متسامحة جداً, كاميلا , هل يمتد تسامحك ليطالني أنا ايضاً ؟"
" نعم " اجابته بدون تردد " أنا لا أكن لك أي حقد , أنت لا تستطيع منع نفسك من حب أنيلا , ولن أعارض رغبتك في ان تكون حراً"

Rehana 19-10-19 09:24 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"رغبتي الوحيدة هي في ان تكوني أنت حرة . الا تفهمين ذلك؟" قال بحدة .
" لا , ليس أنا , بل أنت من يحب امرأة اخرى "
" حان الوقت لتعرفي الحقيقة كاميلا " قال بيأس وهو ينهض متجها نحو النافذة ثم عاد اليها " أنيلا ليست سبباً في زواجنا الصوري , وأنا لم احبها ابداً"
" لكنها عشيقتك "
" في البداية كانت عشيقة والدي. غضبت والدتي كثيراً واجبرته على قطع علاقته بها . فقطع كل علاقة له بها , لكن والدتي ومع حالتها العصبية ظلت تشك به الى ان اقنعتها أنا بأنني أنا عشيق أنيلا وليس أبي"
" لكنها لا تزال مقتنعة بذلك , وفيليب ايضاً وأنا "
" لكنني طردت أنيلا من المنطقة منذ مدة طويلة"
"طردتها؟ لكنها لا تزال هنا, لقد رأيتها بأم عيني "
" متى , واين " سألها بدهشة " لقد سمعت وتأكدت بأنها رحلت الى كالومبوا"
هكذا اضطرت كاميلا لإخباره بنزهتها الليلية الى المعبد.منتديات ليلاس
" انه من الجنون خروجك وحدك ليلاً الى الغابة " لامها بحدة.
" لكنني لم أصب بأي مكروه "
" كفاك حماقة كاميلا , اذا كنت أرفض مشاركتك غرفتك فهذا لا يعني ان سلامتك لا تهمني"
"حقاً؟" سألته بسخرية" لكنك ترفض بعناد حبي لك, لماذا لأنني لست فاتنة كأنيلا؟"
"كاميلا , لا يمكنني ان أعرض فتاة جميلة وبريئة مثلك لمخاطر ان تصبحي زوجتي بكل معنى الكلمة"
" مخاطر . اية مخاطر؟"
" تلك المخاطر التي تهدد سلالة العائلة منذ عدة اجيال" اجابها وقد شحب وجهه فجأة " انه الجنون , كاميلا . أنا لا اتكلم فقط عن التوتر والعصبية التي تلاحظينها احياناً عند والدتي , ولكنها مجرد بدايات لهذا المرض . منذ مئتي عام , وفي كل جيل يظهر احد أفراد العائلة لجهة أمي كضحية للجنون. انتهت ايام جدتي لأمي في مأوى المجانين , والدتي تعرف انها عاجلاً أم آجلا ستلقي نفس المصير " تردد لحظة ثم أضاف " كما وان هيلين ظهرت لديها عوارض مماثلة في طفولتها . لهذا السبب لا يمكنني ان امنحك طفلاً قد يرث الجنون الذي تتناقله العائلة "
ساد صمت بينهما , وكاميلا تفكر بكل ما سمعته " ولكن والدك جازف بإنجابك أنت وأشقاءك "

Rehana 19-10-19 09:25 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" هذا بسبب طبيعته المغامرة . كما وانه كان بحاجة لمال والدتي , والدتي لا تزال مصممة على استمرار نسل العائلة وكنت اعتقد انني اريد ذلك ايضاً. لكن ما ان رأيتك بجمالك وذكائك ادركت على الفور انه لا يمكنني ان اجازف هذه المجازفة . شخصياً يؤسفني ان احد من نسل العائلة . ان ثروتي لا تهمني كثيراً . كان يجب ان اعيدك فوراً الى انكلترا, لكنني لم افعل , وألوم نفسي على ذلك , سامحيني كاميلا "
ورمى نفسه على الكرسي ووضع رأسه بين يديه , يبدو منهاراً بعدما كشفه لزوجته من حقائق. تأثرت كاميلا كثيراً برؤيته على هذا الحال, انها تحبه كثيراً , وبدون أي تردد , نهضت واقتربت منه وضمته اليها " اوه , حبيبي!" تمتمت بصوت مخنوق.ريحانة
ظل بين ذراعيها للحظات قبل ان يدفعها عنه بهدوء ولكن بحزم .
" لا تكرري ذلك مرة اخرى " قال بلهجة مليئة بالعذاب " ابداً , أتفهمين؟"
" اوه , جافيه قل لي شيئاً واحداً ثم لن نتكلم بهذا مرة اخرى , اعدك, قل لي فقط انك تستطيع ان تحبني اذا ..."
نظر الى قامتها الرشيقة ووجهها الجميل المحاط بشعرها الناعم والى عينيها اللوزيتين المتوسلتين.
" نعم " اجابها بابتسامة حزينة .منتديات ليلاس
عندئذ , تركته وخرجت من المنزل وعادت تحت المطر الى المستشفى .
مرت الأيام ولم تلاحظ كاميلا مرور الوقت , كانت منهمكة جداً بمقاومة الوباء المتفشي في القرية . كل الاسرة ظلت مليئة في المستشفى والاعمال شبه معلقة في المزراع . اما المحارق فقد اشتعلت على ضفاف النهر , فالعمال يرافقون موتاهم ببطء قبل ان يرموهم في النيران المطهرة .
كانت كاميلا تقف امام النافذة تحدق بالدخان المتصاعد من المحارق عندما دنا منها فيليب.
" يا لهذه العادات القاسية ! لم يعد بإمكاني التحمل أكثر , اذا خرجت سليماً من هذا الجحيم , سأنخرط في الجيش واتخلص من البطالة"
" إنها فكرة ممتازة, فيليب . المهم , لا تكن متشائماً ,فالوباء لا يصيب الجميع"
" ما الذي يؤكد ان المرض لن يصيبني أنا ايضاً. الموت سيهاجمنا بين يوم وآخر. يعجبني هدوءك وصفاءك كاميلا "
منذ ذلك اليوم الذي اعترف لها جافيه بتلك الحقيقة المخيفة عن عائلته من جهة امه, لم يأت على ذكر هذا الموضوع مرة ثانية . من جهتها , كاميلا وفت بوعدها ولم تثر الموضوع من جديد وحاولت ان لا تفكر به حتى . ان مشاغلها تشغل كل وقتها . ولكنها احياناً, عندما كانت تنظر الى دونا لوسيا تتجول بين المرضى , كانت تتساءل اذا كان بإمكانها هي ان تتحمل هذا المرض وهي تعلم انه يقضي ببطء على عقلها .منتديات ليلاس

Rehana 19-10-19 09:26 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
كم تعذبت هذه الام وهي تراقب ابنائها مع الخوف من رؤية دلائل هذا المرض عليهم !
الأمر صعب جداً, ولكن لو كان جافيه منحها حرية الاختيار, لكانت كاميلا واقفت على هذه المجازفة بدون تردد. لكنه لم يترك لها أي أمل. لكنها بالوقت نفسه كانت تشعر بشيء من الراحة لأنها علمت انه لولا هذا السبب الذي يهدد نسل العائلة بالجنون , لكان الحب أزهر بينهما .ريحانة
امام كل هذه الآلام والأحزان , واجهت كاميلا مخاطر المرضى بشجاعة والى جانبها دونا لوسيا تبذل كل جهد ولا تهتم بتعبها . لكن موهيني هي التي انهارت اولاً, فاليوم وقع منها وعاء الماء المغلي الذي كانت تحمله لأحد المرضى, فتجهم وجهها وارتجفت يدها وانهمرت الدموع على وجهها.
" لا بأس موهيني " قالت لها كاميلا محاولة تهدأتها " أنت تعبة فقط"
لكن الفتاة الهندوسية بدت وكأنها لا تسمع فأجهشت بالبكاء المرير.
" اخرجيها من هنا, يجب ان ترتاح " قال السيدة لوسيا وطلبت من احدى النساء تنظيف الأرض. ولكن ما أن وصلتا الى الشرفة حتى وقعت موهيني على الارض.
" آه , لم أتمنى ان يحصل امر مماثل , أقسم لك"
" اصدقك موهيني , انه القدر وإرادة الله"
" ولكن الآلهة تتصرف احيانا بناءا على إرادة البشر , وبعض البشر يمكلون قدرات كبيرة على السحر"
" تقصدين القدرة على السحر , ولكن من هنا يمارس السحر ويسمح بتدخل الأرواح الشريرة؟."
" أنا " اجابتها موهيني ببساطة " ولكني لست أنا من تسبب بانتشار هذا الوباء , اقسم لك!"
" هيا موهيني , ان كلامك غريب. أنا اعرفك جيداً, فهل كان بإمكانك ممارسة هذا النوع من السحر دون ان ألاحظ؟"
" انت تعتقدين انك تعرفينني . انت تعرفين فقط تلك الفتاة التي أحاول جهدي ان أكونها . ولكن هذا ليس سوى قناع "
اخذت كاميلا تتأملها بدهشة وإشفاق , فأضافت الهندوسية .
" هل اخبروك كيف مات السيد بلانتاين ؟"
" نعم , وجدوه ذات صباح ميتاً في غرفته و ..."

Rehana 19-10-19 09:28 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" أنا من قتله .. صحيح انني لم استعمل العنف معه , لكني فقط تمنيت موته . فمات , الا تصدقينني ؟"
" لا, لقد تعبت كثيراً في الايام الأخيرة , موهيني , يجب ان ترتاحي , هيا بنا"
" أنا قتلته, أكرر لك. لقد دفع تكاليف تعليمي وإقامتي في كولومبو التي عدت منها وأنا مختلفة , ارتدي الملابس الأوروبية واختلف عمن هم ولي. لكن علمي لم ينفعني هنا , اردت ان افتح مدرسة صغيرة لأولاد القرية واعلمهم القراءة والكتابة والدين , لكن السيد بلانتاين الكبير لم يرد الاصغاء اليّ. وقال بأن التاماليين ليسوا بحاجة لثقافتنا , هكذا لم يعد بإمكاني الا العمل في المطبخ مع والدي بعد كل ما تعلمته "
" كان يجب ان تحدثيني عن هذه المدرسة , موهيني . ربما اخطأ السيد بلانتاين برفض الفكرة لأن العلم لا يضر احداً, ولكن مع ذلك, أرفض تصديق فكرة انك السبب وراء موته"
" رغبت بموته , فمات وإلا كيف تشرحين وفاة مربيتك فاني ايضاً؟"
" فاني ؟" سألتها كاميلا بدهشة كبيرة " ما علاقتها بالأمر كنت تحبينها , على اعتقد , لن تتهمي نفسك الآن بأنك المسؤولة عن وفاتها!".منتديات ليلاس
" بلى " أكدت موهيني " نعم , كنت احبها , ولكني بالوقت نفسه كنت احسدها على وضعها المميز بجانبك . يوم زواجك , قلت لنفسي , لو حصل لها مكروه فإني سأحتل مكانها "
" انت تتوهمين , موهيني ! عندما ترتاحين , سترين الامور بمنظار آخر "
" أنا أرى الأمور كما هي! " صرخت موهيني غاضبة " لأنك أنت ترفضين رؤية الحقيقة ولا تقبلين بالأمور الغامضة , لهذا السبب ذهبت تلك الليلة الى معبد شيفا"
" وما الذي ادراك , أنت ؟" سألتها كاميلا بدهشة " هل كنت قد تبعتني؟"
" لا, كنت هناك قبلك . كنا هناك وحدنا بين تلك الأطلال "
ارتعشت كاميلا عندما تذكرت تلك الليلة ولمعت فكرة في رأسها .منتديات ليلاس
" اذاً هذه أنت ؟ انت هي الراقصة وليست أنيلا كما كنت اعتقد ؟ كيف لم افهم ؟"
على الفور حلت موهيني عقدة شعرها الاسود الطويل وغير ملامحها وجلست كما كانت تجلس تلك الليلة .منتديات ليلاس

Rehana 19-10-19 09:29 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" اتفهمين الآن؟ انت رأيتني عن بعد وكنت تتوقعين رؤية أنيلا . أنا من وضع هذه الفكرة في رأسك وفي رؤوس كل العمال في القرية . في الواقع , أنيلا لم ترقص ابداً في المعبد ولم تزره منذ رحيلها . كانت تهتم فقط ببيع جسدها , لهذا كنت أكرهها فجعلتها ترحل"
" ولكن جافيه هو الذي طردها , اخبرني ذلك بنفسه"
" أردت أنا ان ترحل , فرحلت , الأمر ذاته"
" ولكن لماذا تكرهينها لهذه الدرجة ؟"
" لأنني اعبد زوجك سيدتي , احببته بعمق منذ طفولتي وعند عودتي من كولومبو , زاد حبي له. لكنه لم يكن يعيرني أي اهتمام , علمت بأنه يحب أنيلا ولا يرى غيرها . ولكن بعد رحيلها , جئت أنت .. فأدركت انه لن يكون لي ابداً" واجهشت بالبكاء " اذا كنت للأسف املك القدرة على تدميره, لكنني لا أملك القدرة على جعله يحبني . لكنني لم افكر ابداً بإيذائه , لا هو , ولا أنت "
" أفهم شعورك موهيني " قالت كاميلا محاولة تهدأتها .
" ألست غاضبة مني؟ لا يحق لي ان احب زوجك "
" اسمعيني موهيني , انت تتهمين نفسك بأحداث لا دخل لك بها "
" لا, انت تحاولين ايجاد الاعذار لتصرفاتي , هذا مستحيل!"
" لقد نجحت , موهيني بإقناع اهل القرية بوجود أنيلا . ربما تملكين بعض المقدرة , ولكن لا أصدق انك استعملت هذه القدرة لأغراض شريرة . والآن يجب ان ترتاحي , ما ان ننتهي من هذا الوباء , سأبذل جهدي لإنشاء المدرسة التي كنت تحلمين بها "
" لن تطرديني؟ " صرخت الفتاة بذهول.ريحانة
" لا , أنت هنا في منزلك , والقرار يعود دائماً لك. هيا , الآن , أنا آمرك بالذهاب الى المنزل لترتاحي"
ابتعدت موهيني فعادت كاميلا لتهتم بالمرضى , في هذا اليوم لم تظهر علامات المرض على آخرين , ولم يتوف احد المرضى . فقررت كاميلا ان تنام هذه الليلة في منزلها , يبدو ان الوباء بدأ ينحسر.
في صباح اليوم التالي , كان المطر قد توقف فانطلق المزارعون الى الحقول , وغادر بعض المرضى المستشفى . تفاجأت كاميلا عندما لم تجد موهيني في المستشفى , فطلبت من فيليب ان يذهب الى المنزل ويبحث عنها , لكن فيليب عاد مسرعاً ولكن وحده.
" ليست في المنزل , كما وان سريرها لا يزال على حاله, أي انها لم تبت ليلتها في المنزل. حتى ان والدها لم يرها منذ صباح الأمس"
" اسأل عنها مجدداً , لابد ان احدهم رآها " الحت كاميلا , فهز فيليب حاجبيه ثم انطلق للبحث عن الهندوسية , لكن ابحاثه لم تجد نفعاً, لقد اختفت موهيني .

Rehana 19-10-19 09:29 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لا يمكن ان تختفي هكذا !" صرخت كاميلا بقلق كبير " يجب ان ننظم حملة للبحث عنها "
" لا تطلبي مني هذا " اعترض فيليب " كما وأننا بحاجة لكل يد عاملة في المزارع "
" سأرى ما يمكنني فعله " قالت بحزم واتجهت نحو المصنع لتقابل زوجها.
استقبلها العمال بالترحيب , لكنها قصدت مكتب جافيه مباشرة.
" صباح الخير, كاميلا " قال بدهشة " ما الذي جاء بك؟ كنت اعتقد ان المرضى يتحسنون !"
" هذا صحيح, ولكن لدينا مشكلة اخرى , لقد اختفت موهيني"
" اختفت؟"
" نعم , لم تنم في غرفتها ولم يرها احد منذ الأمس"
" أتريدين ان نقوم بالبحث عنها ؟"
بدت السعادة فجأة على وجهها القلق .منتديات ليلاس
" اوه , أحقاً ستفعل ؟ أنت تفتقد للرجال, أعلم ذلك, لكنني قلقة جداً عليها !"
" أنا لست بدون قلب كاميلا " قال بحنان وهو ينظر الى قلقها " كيف يمكنني ان أرفض لك طلباً بعد تفانيك في معالجة العمال؟ أعلم مدى تعلقك بموهيني "
طيبته أثرت عليها كثيراً وكادت ترمي نفسها على صدره لكنها تذكرت تحذيره السابق.
جاب العمال المزارع حتى فترة بعد ظهر بحثاً عن موهيني ولكن بدون نجاح .
" يجب ان نجدها اليوم!" صرخت كاميلا في قمة قلقها " سيحل الظلام واذا انتظرنا حتى الغد..."
تأملها جافيه طويلا ثم قال " اشعر انك تخفين شيئاً عني, كاميلا ربما تخفين السبب الحقيقي لهربها "
اخفضت كاميلا رأسها . كانت قد وعدت نفسها ان لا تخبر احداً بما دار بينها وبين موهيني , وخاصة جافيه.منتديات ليلاس
" بالأمس اصيبت موهيني بالانهيار . كانت بحالة عصبية متوترة جداً, فأمرتها بالذهاب الى غرفتها لترتاح . لكني أخطأت لأنني لم اتحقق من طاعتها لي"
" لا تلومي نفسك, كاميلا. أنت ايضاً كنت متعبة . لنفكر قليلاً قبل ان نرسل الرجال للبحث عنها مجدداً .اذا كانت منهارة لهذه الدرجة فإلى اين ذهبت ؟ لنحاول ان نضع انفسنا في مكانها "
نظرت كاميلا اليه بدهشة .

Rehana 19-10-19 09:30 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" أنا شخصياً عندما أكون أمام صعوبات أصعد الى التلال . اما فيليب فيذهب للصيد , اما أمي فتنسحب الى غرفتها , أنا أعلم ان موهيني مؤمنة , ولكن لا وجود لكنيسة هنا يمكنها ان تلجأ اليها "
" اوه , كيف لم افكر بذلك؟ لابد انها ذهبت الى معبد شيفا "
" لماذا تذهب الى هناك ؟" سألها بدهشة .ريحانة
" لأن جذورها الهندوسية أعمق بكثير مما يبدو . انها هناك, جافيه أنا اشعر بذلك!"
" لا يمكننا ان نهمل هذا الاحتمال " قال وهو ينهض " لن أرسل احداً للبحث عنها هناك, سأذهب بنفسي"
" سأرافقك "
" لا ضرورة لذلك, كاميلا , لا تزال الأرض رطبة و ..."
" جافيه , ارجوك , دعني اذهب معك, اشعر بالمسؤولية تجاه موهيني , ارجوك"
" حسناً" وافق جافيه امام ملامح الحزن على وجهها " ارتدي ملابس واقية , سأسرج جوادين ولكن اسرعي , يجب ان نعود قبل حلول الظلام"
بعد دقائق قليلة غادرا المنزل على صهوة جواديهما . كما حذرها جافيه , كانت الطريق شاقة بعد ان زرعتها الامطار والسيول بالحفر . لكن قبل وصولهما , هبط الظلام. فوضع جافيه قدميه على الأرض وساعد كاميلا لتفعل مثله ثم ربط الجوادين .
" لم يعد المكان بعيداً. سنتابع طريقنا سيراً على الأقدام. اعطني يدك " كان نور القمر ضعيفاً هذه الليلة وقد عاد المطر ينهمر خفيفاً.
تلفتت كاميلا حولها بقلق كبير . في الظلام , لا شيء يتحرك, عندما اقتربا من المعبد , ركضت كاميلا غير عابئة بالاشواك التي علقت بأطراف ثوبها . لكن جافيه امسكها.
" لا , كاميلا , دعيني ادخل أنا اولاً"
" يجب ان اجدها " قالت معترضة وهي تحاول التخلص من قبضته.
" اذا كانت هنا سنجدها"
في هذه اللحظة لمع البرق فرأيا بوضوح قامة ممددة عند اقدام المعبد. سرع جافيه خطاه , عندما انضمت كاميلا اليه لاهثة , كان جالساً على ركبتيه قريباً من موهيني يجس نبضها.
رمت كاميلا نفسها الى جانبه . كانت موهيني لا تزال مرتدية ملابس الأمس وشعرها الاسود الطويل مسترسلاً حول وجهها . كلها مبللة بالمياه , عيناها مغمضتان ووجهها شاحب . انها اشبه بهذه الآلهة الحجرية المنحوتة على الاعمدة .منتديات ليلاس

Rehana 19-10-19 09:31 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" يجب ان نعيدها الى المنزل بأقصى سرعة " قالت كاميلا " سأنزع معطفي واغطيها به"
" لا فائدة من ذلك" تمتم جافيه " إنها ميتة " وأدار وجه موهيني الى الجهة الاخرى . فرأيا خلف أذنها جرحاً عميقاً يختفي تحت شعرها الطويل الكثيف .
" لابد انها وقعت على احد هذه الحجارة المسننة" قال جافيه ملتفتا نحو زوجته.
امسكت كاميلا جسد موهيني بين ذراعيها واخذت تبكي على قدر هذه الفتاة .
نهض جافيه وتركها وحدها مع حزنها ليعود بعد لحظات ويضع يده على كتفها " هيا بنا الآن كاميلا , يجب ان نعيدها الى المنزل " ثم انحنى ورفع موهيني بين ذراعيه وحملها الى المكان حيث تركا الحصانين.
كم كانت ستكون سعيدة لو علمت موهيني انها بين ذراعي الرجل الذي احبته منذ طفولتها! فكرت كاميلا بحزن , واخيراً هي هنا , حيث تمنت ان تكون ...
وضعها جافيه على حصانه بهدوء وربطها جيداً . ثم قاد الحصان فتبعته كاميلا على حصانها وسارا بصمت وحزن.
عند اقترابهما , خرج العمال التاماليون من منازلهم واخذوا يتأملون المشهد بصمت . يبدو ان الخبر انتشر بسرعة , لأن فور وصولهما المنزل كان كل الخدم بانتظارهما امام الباب .منتديات ليلاس
عندما تلقى لال جثة ابنته بين ذراعيه, لم تذرف عيناه اية دمعة , ظل وجهه حاداً. لكن كتفيه بديا مثقلين من الهم والحزن.منتديات ليلاس
اقتربت كاميلا منه ببطء " أنا آسفة لال , وعدتك بالسهر عليها , لكن يبدو انني فشلت في هذه المهمة " قالت والدموع في عينيها .
" هذا قدرها " قال الرجل متمالكاً احزانه .
اذا كانت هذه الفتاة الهندية التعيسة تمزقت في حياتها الدنيا بين ديانتين, ففي الموت ينتزع منها هذا الخيار لأن لال اعد لها المحرقة التقليدية كما اعتاد قومه على توديع موتاهم . وهكذا في اليوم التالي , تم احراق الجثة على ضفة النهر .
" لست ادري اذا كانت سترضى عن هذا ؟" قالت كاميلا بلهجة العتاب وهي تنظر من خلف النافذة الى الدخان المتصاعد من المحرقة .

Rehana 21-10-19 05:32 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
رماها جافيه بنظرة خالية من المودة " ليس مهماً ما تريده هي او أنت . المهم هي إرادة لال , هو الذي قرر وعلينا احترام قراره . كما وانني .." أضاف وهو ينظر اليها بمرارة " لا استطيع ان أكون فكرة عن الموضوع , فأنت وحدك التي تعرفين الحقيقة كاميلا , اشعر بذلك. أنت وحدك تعلمين ما الذي دفع موهيني الى تلك الأطلال حيث كان حتفها ينتظرها ولكن , كالعادة أنت لا ترين انه من الضروري توضيح الأمور لي ".منتديات ليلاس
نظرت اليه كاميلا بغضب " هذا السر لا يخصني , ولو قدر لنا ان نعيش معاً مئة عام اخرى , فلن تستطيع ان تنتزع مني هذا السر"
" من الأفضل اذاً ان لا نعيش معاً" قال بجفاف " لن أعبأ بامرأة تخفي عني أسراراً"
" أنت لا تعبأ بي ابدا " اجابته بحدة وقد احست بجرح في كبريائها " ما ان اطمئن الى التخلص من داء الكوليرا وتصبح الطريق الى نواراً إليا آمنة , سأرحل بكل سرور"
نظر اليها بهدوء , ثم قال " طالما اننا مهددون بالتقاط الكوليرا ونقلها ستبقين هنا. في المصنع , لدي صناديق كثيرة مليئة بالشاي بانتظار تصديرها . لكنك لن تغادري راتنغالا قبل ان يتبدد المرض نهائياً"
" أنا لست صندوق شاي في مصنعك " اجابته بانفعال شديد " أنا كائن بشري"
"اذاً , تصرفي بتعقل " اجابها بجفاف " صدقيني أنا أشاركك رغبتك بانتهاء هذه المهزلة التي لا تطاق , ولكن حالياً لدي اهتمامات اخرى أكثر خطورة "
لحسن الحظ, لم يكن لدى كاميلا متسعاً من الوقت لمواجهة جافيه , فقد بدأ المرضى يتماثلون للشفاء , لكن حالتهم تتطلب بعض العناية . كما وان دونا لوسيا انهارت هذا الصباح تحت وطأة التعب.منتديات ليلاس
" أنا لم أعد شابة " قالت دونا لوسيا بأسف " في سني ليس من السهل قضاء الليالي بالسهر والنهار بالتعب "
" لقد بذلت جهوداً كبيرة في المدة الاخيرة " اعلنت كاميلا وهي تنظر الى وجه حماتها الشاحب " يجب ان ترتاحي , وسأتصرف أنا وحدي , لا تقلقي"
في المساء, تناولت كاميلا العشاء وحدها مع فيليب, بينما حملوا العشاء لدونا لوسيا الى غرفتها وتناول جافيه وجبته في المكتب.منتديات ليلاس
كانت الرياح الموسمية قد خفت واصبح بإمكان العمال العودة بشكل شبه طبيعي الى القطاف. هكذا كان جافيه مشغولاً بالتنقل بين المزراع والمصنع يحاول تعويض الأيام الماضية , ولهذا لم يكن لديه متسع من الوقت ليتناول العشاء في المنزل.
رغم موقفه منها , لم تتمكن كاميلا من ان تمنع نفسها من التفكير به وكان شيء يحدثها بأنه لا يتجنبها بملء إرادته , لكنه مقتنع انه من الأفضل ان لا يجتمعا وحدهما , ربما هو على حق, وربما عليها ان تكون ممتنة له . إلا انها كانت ممتنة له . إلا انها كانت تفتقده كثيراً.

Rehana 21-10-19 05:33 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
قبل ان تأوي الى غرفتها , طرقت باب غرفة حماتها لتطمئن عليها . فتحت لولا لها الباب وهمست بأذنها " السيدة لوسيا نائمة "
بعد ان استحمت , سرحت كاميلا شعرها وجلست امام المرآة تتأمل نفسها وتفكر بموهيني وقدرها المأساوي , تنهدت بعمق . اين ذهب اشراق شبابها ؟ انها ترى امامها وجهاً شاحباً لامرأة نضجت كثيراً بفعل التجارب الأخيرة التي شهدتها . ان عينيها تعبران عن كآبة كبيرة .فجأة انتفضت عند سماعها طرقات على بابها .
" كاميلا "
انه صوت جافيه .
" أيمكنني الدخول ؟ للحظات فقط "
" نعم , بالتأكيد " اجابته محاولة تمالك مشاعرها .
كان جافيه لا يزال مرتدياً ملابس العمل يبدو انه عاد لتوه من المصنع . كانت ملامح التعب بادية على وجهه.
" لا يجب ان ترهق نفسك هكذا , جافيه!" قالت بدون تفكير " اذا استمريت على هذا النحو, ستذبل وتفقد قواك!"
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه .ريحانة
"انت محقة كاميلا , سأذهب للنوم. لقد مررت على المستشفى , الحمد لله , ليس هناك اصابات جديدة "
" نعم , لقد انحسر الوباء , على ما يبدو"
" على كل حال , لا يزال الوقت مبكراً لنتأكد من ذلك. ولكن , اخيراً , هذا أمر مشجع"
اقترب من المرآة والتقت نظراته بنظرات زوجته .
" كاميلا , أنا ... كنت اريد ان اعتذر عما بدر مني , فمنذ انتشار الوباء , لم يفعل احد ما فعلته انت . والله يعلم اذا كنت مصيبة لو كرهتنا جميعا. كان يجب علي ان افكر بتعبك وتوترك العصبي وحزنك على وفاة موهيني وان لا اتفوه بما تفوهت به. ارجو ان تسامحيني"
" أسامحك , جافيه , وأنا لا احقد عليك ابداً. أنا ايضاً ألو م نفسي لاندفاعي وتسرعي , لقد تكلمت بدون تفكير . لننسى كل هذا , أتريد ؟ ربما يمكننا الانفصال احباباً وان يترك كل واحد في نفس الآخر ذكرى طيبة من الاحترام والمحبة "
" احترام ومحبة؟ "ردد جافيه دون ان يرفع نظره عنها " أتعتقدين ان هذا ممكناً؟"
لشدة تعبه , جلس على السرير , وقبل ان تتمكن كاميلا من الرد على كلامه , اخذه التعب , فتمدد على السرير واغمض عينيه ونام.

Rehana 21-10-19 05:35 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
ابتسمت كاميلا بحنان وهي تتأمله للحظات , ثم انحنت وبكل حذر , نزعت حذاءه ودست وسادة تحت رأسه وعادت تتأمله من جديد.منتديات ليلاس
بعد وقت طويل , اطفأت المصباح وجلست الى جانبه , كانت تشعر بفرح مؤلم وهي تتأمله وتراقب انفاسه المنتظمة . ستكون هذه اول وآخر ليلة يقضياها معاً.
بعد قليل , شعرت بثقل جفونها , فتمددت بجانبه , اغمضت عينيها وغرقت في نوم عميق.
استيقظت كاميلا على احساس جميل رقيق , لمسة خفيفة كجناح فراشة تداعب جبينها , خدها , حنجرتها . تنهدت بلذة . يا إلهي ! يا له من حلم جميل ! ليته يطول!
ولكن فجأة , ادركت انه ليس حلماً, ففتحت عينيها .
لا يزال الوقت ليلاً , النور الوحيد آت من اشعة القمر التي دخلت عبر دفتي النافذة . ولكن بإمكانها مع ذلك ان ترى جافيه, نعم جافيه منحنٍ فوقها وملامحه تشع بالحنان والحب والشوق والرغبة التي لم تلمحها في عينيه من قبل.
لم تقل شيئاً , فالكلمات كلها تعجز عن التعبير . نظرته هذه تكشف لها عن كل ما ترغب بمعرفته . امسكت يده بيدها ورفعتها الى شفتيها.
التقت نظراتهما طويلاً وكأنهما يكتشفان احدهما الآخر. ثم, وبكل رغبة ضمها بين ذراعيه وغطى وجهها بقبلاته الحنونة قبل ان يتناول شفتيها .
لم يكن جافيه يملك القوة على المقاومة ضد رغبته وتلك الرغبة التي لمحها تلمع في عيني زوجته .
اطلق كل واحد منهما العنان لانفعالاته التي لطالما كبتها . داعبت يداه المرتجفتان جسد كاميلا وأطفأت يداه المحترقتان النار التي تلتهمها واختفت كل إرادة واستسلما لموجة اللذة تحملهما الى عالمها .منتديات ليلاس
بعد لحظات الثمل التي عرفتها بين ذراعيه , رفعت نحوه وجهها الشمرق فلاحظت انه يتأملها بفرح يخالطه شيء من الكآبة .
" أنت تعرفين كل شيء الآن , يا حبيبتي " تمتم بابتسامة واهية " لم يعد بإمكاني ان اخفي مشاعري عنك, احبك كاميلا "
تلألأت دموع الفرح في عينيها , فدست رأسها في كتفه . اية سعادة مطلقة في سماعه يلفظ هذه الكلمات التي لم تكن تأمل بها !
لكن خلف رقة هذه , هناك مرارة جعلت قلبها ينقبض .
" أنا أحبك ايضاً , جافيه , احببتك من اليوم الاول " همست بذلك بكل جوارحها .

Rehana 21-10-19 05:36 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" وأنا ايضاً, احببتك من اليوم الأول , لكنني حاولت ان أكتم العواطف التي أكنها لك " وقبل عنقها بحنان.منتديات ليلاس
" من النظرة الاول , علمت انك قدري . ولكنني اضطررت ان أكون فظاً معك كي ابعدك عني" وقبل يديها "قاومت بيأس تجاه سحرك وجمالك وذكائك . لكن احياناً , تعود الطبيعة البشرية وتفرض نفسها . تصوري انني عندما رأيتك بين ذراعي فيليب , اعتقدت انني سأجن من الغيرة !"
" لا يمكن مقاومة حب قوي كحبنا " أكدت له كاميلا.
" اعتقد ذلك" قال بمرارة " اكتشفت انني اضعف مما كنت اتخيل . اوه , يا حبيبتي ,أنت جميلة جداً, وأنت نائمة وشعرك على الوسادة! لم استطيع مقاومة ان اتحسسك , لم أكن اريد ايقاظك. فكرت انني سأداعبك ولن تدري ابداً طالما انني كنت مصمماً على الاستمرار بالكذب عليك. ثم, عندما فتحت عينيك ونظرت إليّ, نسيت كل شيء , إلا الرغبة التي تدفعني نحوك. آه, فقط لو يمكنني ان أمحو ..."
" لا تقل هذا " قاطعته واضعة اصبعها على شفتيه " لست نادمة , هذه اللحظات الرائعة التي عشناها لتونا , كانت اجمل لحظات حياتي كلها "
" وكذلك بالنسبة لي ايضاً " اعترف جافيه " لكن سيكون من الصعب علينا الآن الغاء زواجنا, لن تتمكني من ايجاد رجل يمكنك ان تعيشي معه حياة طبيعية بعد ما حصل بيننا "
" الا تزال تريد اعادتي الى انكلترا؟ حتى الآن؟"
" يجب ذلك. لم يتغير شيء, الا اذا فكرنا جيداً بما سنفقده, لكن , كاميلا , لا يمكنني العيش معك وأنا أتساءل يومياً اذا كنت قد وهبتك جنيناً يحمل ذلك المرض الوراثي, كما اتساءل الآن اذا كنت قد فعلت".منتديات ليلاس
ابتسمت كاميلا في الظلام دون ان يراها . انها تفهم معاناة جافيه, لكنها كأمرأة ترى الامور من منظار آخر. اذا كانت هذه اللحظات الرائعة التي قضتها معه قد جعلتها تحمل بطفل الرجل الذي تحبه كل هذا الحب, ستنجبه بكل فرح وسعادة ولن يجعلها أي شيء في العالم تتخلى عن سعادتها بكونها أماً.
ضمت زوجها بين ذراعيها تستمع الى دقات قلبه المتسارعة , فاستولت عليهما الرغبة من جديد.
" ربما فات الأوان" همست بصوت مرتجف " لكن المستقبل لا يخيفني جافيه , لا اطلب منك الا شيئاً واحداً, امنحني هذه الليلة , هذه الليلة فقط"
كان الفجر الزهري يلون التلال المجاورة عندما ناما اخيراً. مهما حصل , قالت لنفسها وهي تغفر بين ذراعي زوجها, ستواجه الأمر بشجاعة .

Rehana 21-10-19 05:36 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
فإذا طلب منها الرحيل, ستطيع أوامره بدون نقاش , فهي مثله , مسؤولة تماماً عن لحظات ضياعهما في عالم اللذة هذا. ستقبل قراره دون ان تلجأ لابتزازه عاطفياً مستغلة هذه الليلة التي قضياها معاً كوسيلة لإجباره على الاحتفاظ بها في منزله. اذا طلقها او اذا كرس زواجهما , لن تهتم ابداً. يكفي انها تعلم بأنه يحبها كثيراً . لا شيء يغير من حبهما لبعضهما.ريحانة
في وقت متأخر من الصباح, استيقظا مرعوبين على طرقات عنيفة على الباب.
" من؟" تمتمت كاميلا بصوت أضعفه النعاس.منتديات ليلاس
" أنا , لولا .. يجب ان اكلمك"
ارتدت كاميلا قميص نومها بسرعة ونهضت لتفتح الباب بقلق شديد.
" انها السيدة الكبيرة " قالت مدبرة المنزل والدموع على وجهها " انها مريضة جداً منذ ليلة امس"
" لماذا لم تخبريني ليلاً؟"
" منعتني من اخبارك . ولكن , ليسامحني الله! لا استطيع البقاء صامتى . تعالي , ارجوك"
" ماذا يجري , لولا ؟" سألها جافيه بقلق وقد ظهر خلف كاميلا يلف جسده بشرشف السرير.
" حرارتها مرتفعة جداً سيدي , وتشعر بألم شديد في بطنها , اوه , يا الهي , اخشى ان تكون اصيبت بعدوى الكوليرا!"
" عودي اليها " امرها جافيه بحزم " احتفظي بهدوئك. سنلحق بك بعد دقائق قليلة"
ارتديا ملابسهما بصمت كلاهما وقد نسي مشاكلهم الشخصية ولم يعودا يفكران الا بهذه المصيبة الجديدة.
" جافيه , لماذا لم تكن تريد والدتك ان تعلم بمرضها ؟" سألته كاميلا وهي تتبعه في الممر بين الغرف.
" لسبب بسيط" اجابها بحدة " وضعت في رأسها فكرة انها تريد ان تموت وحدها"
كالعادة, كانت غرفة دونا لوسيا غارقة في الظلام, لكن جو الغرفة ورائحتها لم يترك لهما أي شك بطبيعة مرضها.
كان وجهها يعبر عن مدى ألمها وجسدها يرتجف من شدة الحرارة , وهذا ما يؤكد تشخيصهما للمرض. انه الكوليرا.منتديات ليلاس
يا إلهي! فكرت كاميلا بيأس , اعتقدنا ان الوباء انحسر, لكن يبدو انه يطرق بابنا من جديد.
" لم أكن اريد ان تعلما بمرضي" همست الوالدة وهي تضغط بيديها على بطنها وتحبس آلامها . ثم التفتت نحو لولا وصرخت بها " لولا , كيف تجرأت على تخطي أوامري ؟"

Rehana 21-10-19 05:37 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
" لولا محقة بتحذيرنا أمي" قال جافيه وهو يضع يده على جبين والدته المشتعل " لم يكن هناك سبب لإخفاء مرضك عنا. أنت تعلمين أننا نواجهه بكل شجاعة"
ثم التفت نحو مديرة المنزل " لولا , هيا , اذهبي واحضري زجاجة الدواء واغلي لها ماء للشرب"
نجحت كاميلا بإقناع حماتها بأن تشرب قليلاً من الماء المغلي , الأهم بهذه الفترة من المرض محاربة التجفاف . ولكن بإخفائها عنهما امر مرضها اربع وعشرين ساعة, جازفت دون لوسيا مجازفة كبيرة .
عندما أرادت كاميلا اعطاءها الدواء, ادارت حماتها وجهها رافضة بحزم.
" لا ضرورة لتبديد هذا الدواء الثمين" تمتمت بضعف " لقد فات الأوان"
نظرت كاميلا الى جافيه وقرأت في عينيه عجزاً كبيراً " ألا يمكنك احضار دكتور دايفيس ؟" سألته بصوت منخفض.
لكن دونا لوسيا سمعتها " أنت لطيفة جدا كاميلا , لكن الدكتور لا يمكنه ان يفعل شيئاً لأجلي . لا يوجد دواء غير ما قمنا به في المستشفى طوال هذه الاسابيع . كما وانه يجب وبأي ثمن ان نجازف بنقل العدوى الى منطقة اخرى"
جلس جافيه على حافة السرير وامسك يد والدته بحنان وقلق " يجب ان تسمحي لنا بمعالجتك وان تشربي الدواء , أمي" قال متوسلاً " يجب عليك ان تقاومي المرض"
" لماذا؟" سألته وهي تنظر الى عينيه مباشرة " كي اموت بعد عدة اعوام في مستشفى المجانين مقيدة كما توفيت والدتي ؟ احقاً تتمنى لي مثل هذه النهاية جافيه؟"
" لا , أمي ... لا ... لا أتمنى لك ذلك ابداً" قال بعد لحظات من التفكير .
"اذاً دعني أموت بسلام , لقد وصل المرض بي الى درجة كبيرة "
قضت كاميلا بقية النهار تهتم بدونا لوسيا قدر الامكان ولكن دونا لوسيا لم تكن تقاوم المرض الذي اخذ يكتسح كل جسدها بسرعة كبيرة .
" اذا استمر الحال هكذا , لن ترى والدك في الصباح " تمتمت كاميلا لجافيه الذي كان يقف خلف الباب.منتديات ليلاس
كانت دونا لوسيا قد أصرت على ان يغادر ولداها غرفتها , لم تكن تريد ان يرياها في هذه الحالة المثيرة للشفقة . لم يعارض فيليب طلبها وشعر ببعض الراحة وجلس في الصالون يروح ويجيء احياناً ويشرب بين الحين والآخر كأس كونياك.اما جافيه فلم يشأ مغادرة الممر حيث بقي على مرمى صوت كاميلا.

Rehana 21-10-19 05:37 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
عند هبوط الليل, شعرت كاميلا ان حماتها تعيش آخر مرحلة من المرض. لقد توقف القيء وانخفضت حرارتها وتباطأ نبضها, بينما اصبحت يداها وقدماها باردة جدا.
مع ذلك , ظلت واعية جدا وكأن اقتراب اجلها منحها قوة ادراك كاملة , فأرسلت تطلب رؤية فيليب.
عندما دخل فيليب الغرفة, خرجت كاميلا وتركت الأم وحدها مع ابنها. بقي فيليب مع والدته نصف ساعة خرج بعدها منهاراً.منتديات ليلاس
" من المؤلم جداً ان نتركها تموت هكذا " قال بصوت يقطعه الحزن " مع انها مؤمنة جداً, لكنها منعتني من الذهاب لإحضار الكاهن. انها تخشى من انتقال العدوى . أتعتقد ان عقلها لا يزال يعمل؟"
" اوه, نعم !" أكدت له كاميلا " انها واعية تماماً وتنتظر الموت بشجاعة كبيرة"
" سأعود الى الصالون . اخبراني اذا دعت الحاجة انها تريد الآن رؤيتك انت وجافيه"
تبادل جافيه نظرات الحزن مع زوجته ثم دخل غرفة المريضة وجلسا الى جانبيها .
اخذت الوالدة تنظر اليهما طويلا " انتما تعلمان " قالت اخيراً بصوت متعب" ان أغلى امنياتي ان تنجبا حفيداً" وحطت نظراتها على وجه كاميلا الشاحب " سأموت سعيدة اذا علمت ان امنيتي ستتحقق"
ترددت كاميلا للحظات , لكن لم يكن بإمكانها ان تكذب على المرأة المحتضرة " لا...لا يمكنني ان أؤكد ..." قالت متلعثمة .والتقت نظراتها بنظرات جافيه وقرأت في عينيه رعباً امام مثل هذا الاحتمال.
يبدو ان دونا لوسيا لاحظت تبادل نظراتهما وانهما يخفيان عنها امراً.
" جافيه , اذا لم تنجب يا بني . من سيرث راتنغالا من بعدك؟ هل بني والدك هذه الامبراطورية الواسعة كي تؤول الى الغرباء؟ الا ترى اين يكمن واجبك؟" قالت الوالدة بحزن وامسكت يد ابنها منتظرة جوابه بقلق. منتديات ليلاس
فهمت كاميلا مدى عذاب زوجها وادركت انه لا يمكنه ان يطمئنها بالكذب عليها .
" اذا كان خوفك من ... مرضك الوراثي جعلك تفضلين الموت بالكوليرا" قال بانفعال " فكيف يمكنك ان تطلبي مني ان أنقله لأبنائي ؟ لا , أمي . لا اعتقد ان واجبي نقل هذا المرض اليهم"

Rehana 21-10-19 05:38 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
ساد صمت طويل . ولم تجرؤ كاميلا على النظر الى حماتها . عندما قرر الوالدة الكلام , ابتسمت وقالت بهدوء" اذاً, يجب ان اعترف بما كنت اخفيه عنك طوال هذه السنوات " قالت بحزم " جافيه , أنت لا تملك ولا قطرة دم واحدة من دمائي , أنت لست ابني"
" يا إلهي!" صرخت كاميلا بذهول.
" مستحيل!" قال جافيه غير مصدق لما سمعه .
" بعد زواجنا " بدأت دونا لوسيا الكلام " ذهبنا أنا ووالدك في رحلة الى أوروبا . بعد ان زرنا فرنسا وانكلترا, أقمنا لفترة في البرتغال . كنت أرغب بالتعرف على بلد اجدادي " قطعت كلامها للحظة لتستعيد انفاسها.ريحانة
" لقد تزوجني والدك من اجل ثروتي , كنت أعلم ذلك. فوالدتي توفيت قبل عام وكنت اخشى ان لا أجد عريساً , ثم أحببته بعد الزواج وسرعان ما اكتشفت انه لا يمل المغامرات العاطفية في البرتغال, أقام علاقة مع فتاة جميلة جداً. كان بإمكاني تجاهل الامر لو لم تحمل تلك الفتاة منه. علمت بالأمر عندما اقتحم والدها منزلنا مهدداً بقتل ادغار , نجحنا بتهدئة غضبه خاصة وانه كان يخشى الفضيحة , ووعدته أنا بأن أتبنى الطفل فور ولادته وأن أربيه كأبن لي في سيلان حيث لن يشك احد بالحقيقة , الفتاة حبسن نفسها في الدير , هناك ولدت أنت جافيه "
من جديد , عاد الصمت يخيم على الغرفة. فكر جافيه بهذا الاعتراف الغريب الذي قلب وجوده كلياً.
" وماذا حل بها؟" أراد ان يعرف " ماذا أصابها؟"
" والدتك الحقيقية ؟ بقيت في الدير وتوفيت فيه بعد بعد عدة اعوام , لن اخبرك باسمها لأنني اقسمت لوالدها أن لا يعرف احد هذه الحقيقة . المهم فقط ان تعلم انها ابنة عائلة نبيلة يشرفك الانتساب اليها "
" لا اريد معرفة أكثر من ذلك" أكد لها جافيه " ان أمي الحقيقة هي أنت . ولكنك الآن ,نزعت عن قلبي حملاً كبيراً بكشفك عن هذه الحقيقة , وسأكون ممتناً لك طوال حياتي"
" لا ضرورة للإمتنان يا بني . لقد احببتك منذ اللحظة التي حملتك بين ذراعي . لطالما كنت ابني المفضل . غريب كيف انني لطالما كنت اشعر بأنك أقرب اليّ من ولدي . مع الوقت, سيبدأ الناس بالاعتقاد بأن دم عائلتي اصبح نقياً لا يحمل إرث الجنون , لقد أخطأت بالاحتفاظ بهذا السر طويلاً , لكن كبريائي كان يمنعني , أنت تفهم , أليس كذلك؟"
كان نظرها قد بدأ يتشوش وصوتها يضعف .منتديات ليلاس

Rehana 21-10-19 05:38 PM

رد: قدرنا معا - دجون هاردي - روايات غادة المكتوبة
 
"سنحتفظ بالسر, أمي , أنا وكاميلا , ولن يعرف أحد به, الا اذا عاند احد ابنائنا في المستقبل وامتنع عن الاقتران بزوجته كما فعلت أنا . في هذه الحالة فقط سأقول الحقيقة . لن اسمح لابني ابداً , مهما كان الثمن ان يعذب زوجته كما عذبت أنا زوجتي وتعذبت "
عضت كاميلا على شفتيها كي لا تبكي , بالتأكيد جافيه جرح كبريائها وعذبها , لكن كان ذلك بدافع الحب ولا يمكنها ان تلومه . ثم, ألم تعش معه لحظات الحب الرائعة ؟
" اشعر بالبرد" تمتمت دونا لوسيا بضعف" جافيه ناد على لولا لتشعل النار في المدفأة "
وضعت كاميلا يدها على يد زوجها " لا يمكننا ان نفعل لها شيئاً آخر . اذهب جافيه , دعني معها . سأطلبك اذا لزم الأمر"
سهرت كاميلا ولولا على المرأة المحتضرة طوال الليل, كانت دونا لوسيا قد غرقت في الغيبوية حتى طلع الصباح فلفظت انفاسها الاخيرة .خرجت كاميلا من الغرفة تاركة لولا تبكي سيدتها بحرقة وألم .
كان فيليب نائماً بعمق في الصالون وزجاجة الكونياك الفارغة الى جانبه . لا ضرورة لإيقاظه الآن , قالت كاميلا لنفسها. من الأفضل ان يكون قد عاد لوعيه عند ابلاغه بالخبر التعيس. منتديات ليلاس
وجدت كاميلا زوجها على الشرفة . كان المطر قد توقف والشمس تشرق خجولة فوق التلال. انضمت إلى زوجها ووضعت يدها على كتفه بهدوء. التفت بسرعة نحوها ونظر اليها متسائلاً.ريحانة
" نعم , يا عزيزي , توفيت بسلام"
" كانت هذه رغبتها " قال متنهداً " كيف لا نسعد من أجلها "
وقفا معاً ينظران الى شروق يوم جديد على هذه المزارع وعلى حياتهما الجديدة . فجأة امتلأ قلب كاميلا بهذه الأرض وهذا الرجل الذي عرف كيف يفتح لها ابواب الجنة الأرضية . رفعت عينيها نحوه . كأن جافيه ادرك افكارها , فضمها بين ذراعيه بقوة .
" اوه , يا حبيبتي " قال بصوت تقطعه الرغبة " كاميلا , يا كنزي الثمين ! الآن , اصبحت حراً , واصبح بإمكاني ان أحبك بدون خوف. لم يعد هناك ما يمنع من ان تكوني زوجتي قولاً وفعلاً"
" لكنني زوجتك جافيه " قالت بابتسامة مشرقة " أنا لك دائماً"
بسعادة كبيرة حمل جافيه سيدة المنزل الجديدة بين ذراعيه ودخل غرفتهما ليغلق الباب وراءه بكتفه ولينفذ وصية دونا لوسيا .

تمت

نجلاء عبد الوهاب 17-06-23 06:32 PM

رد: قدرنا معا - لي استافورد - روايات غادة المكتوبة
 
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55: :55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:


الساعة الآن 02:54 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية