منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t206966.html)

سيريناد 19-07-19 04:33 PM

327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...o02wizdsgiLZMg

رواية حلوة من أحلام الجديدة


حب وخط أحمر





ملخص الرواية :

- أريدك أن تكوني زوجتي.
هذا ببساطة كما لو أنه يسألها عن الوقت. ونظرت إليه ذاهلة: "أنت تمزح أو ربما جننت!".
-لا بل منطقي. أبي مريض ولن يعيش طويلاً، وأشهره الأخيرة ستكون أسهل كثيراً إذا تزوجت.
- ولكن لماذا أنا بالذات؟.
كان هذا شيئاً غير مفهوم. كان خافياً رجلاً من النوع الذي يمكنه أن يحصل على أي امرأة يريدها، وليس بحاجة إلى أن يبتز امراة لكي تتزوجه.
- أريد ترتيباً مفيداً دون أي ارتباط عاطفي. امرأة تدفئ حياتي، دون أن تظاهر بأنها تدفئ قلبي. وما أعرفه عنك، يجعلك مرشحة مثالية لهذا الدور.



سيريناد 19-07-19 04:39 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
١- ظل من الماضى


الفتى فى الرابعة والعشرين من عمره فقط ولايزال صغيرا على الزواج انه ابنك وبامكانك أن تقنعيه بالعدول عن هذه الفكرة
قال خافيار هذا وهو ينظر متهكما الى أخته تيريزا التى كانت مستلقية على الأريكة فهو واثق أن أخته الكبرى قادرة تماما على السيطرة على ابنها اذا شاءت كما سيطرت عليه هو عندما كانت امهما وكان فى الثامنة من عمره فقد كانت تكبره بعشر سنوات
استلمت دور الام فكانت اكثر صرامة من امه التى فقدها وبقدر ما كان يحبها تنفس الصعداء حين وقعت فى غرام دايفيد ايستربى وهى فى الرابعة والعشرين وكان الرجل الانجليزى قد زار مزرعة الدواجن التى يملكونها والتى تبعد عدة أميال شرق سيفيل لكى يشترى حصانا اسبانيا أندلسيا اصيلا لأصطحابه الى يوركشاير
لقد تزوجا منذ ذلك الحين كما اخذ خافيار يفكر متأملا فى الخمسة وعشرين عاما التى مضت عليهما ولم ينجبا أثنائها الا ولدا واحدا يريد أن يتزوج أما السبب فى زيارته للمزرعة فهو حضور حفلة عشاء على شرف الخطيبين فى فندق ريفى قريب لقد رتبت هذه الحفلة لتعارف الاسرتين وكان خافيار ضيفا على الرغم منه
وقاطعت تيريزا أفكاره المشكلة معك هى انك لم تعرف الحب قط
فقال ساخرا ببطء لكننى كنت متزوجا ويمكننى أن أؤكد لك يا تيريزا أن قلة من الناس فى هذا العالم يعيشون حياة منسجمة كالتى بينك وبين دايفيد
هراء انت مجرد رجل ساخر لا رجاء فيه وعلى كل حال انه قرار جيمى وانا ودايفيد مشاهده من دون شروط سيكونان هنا فى اى لحظة ولهذا أرجوك أن تحتفظ بارائك لنفسك وحاول أن تكون مهذبا مع خطيبته ووالديها
هذا عدا عن ابنة عمتها العانس

قال هذا رافعا حاجبيها بسخرية وكانت الحيرة قد تملكته منذ وصوله قبل ثلاث ساعات حين علم أن الدعوة إلى قضاء عطلة نهاية الأسبوع فى المزرعة لم تقتصر على الخطيبة ووالديها فقط وأنما هناك أيضا ابنة عمتها حذار يا تيريزا اذا كانت لديك اى مية فى التقريب بينى وبين تلك السيدة ..الافضل ان تنسى ذلك
وكأننا سأجرؤ على ذلك؟
قالت هذا يمطر وهى تنظر الى قامته التى تبلغ اكثر من ست اقدام واربع انشات وتقارنها بقامتها هى التى تبدو عادية للغاية يبدو خافيار رجلا منيعا من كل النواحى فهى ثرى مسيطر وذو وجه وسيم للغاية اما شعره فأسود كالليل وعيناه كستنائيتان أثناء فتواه كانت النساء تتهافت عليه وكان هو يستغلهن تماما ولكن خلال السنوات القليلة الماضية اصبحت نظراته باردة صلبة وهو نادرا ما يبتسم
أضافت تيريزا وفى عينيها لمحة عطف لا اظن احدا يجرؤ على أن يعترضك الان خافيار فى اى شأن كان
الطفل لهذا العطف الغير مرغوب فيه فى وجه أخته ورمقها بنظرة حانقة ثم استدار يجتاز غرفة الجلوس الأنيقة المريحة وعلى كل حال اذا كان ابن أخته يريد أن يتزوج فى مثل هذه السن الفتية فهذا ليس من شأنه . وقف امام النافذة واخذ ينظر الى الطريق المبلغ بالحصى والى الحديقة العامة خلفه من دون أن يرى شيئا فى الحقيقة راحت أفكاره تدور حول أبيه دون بابلو اورتيغا فالدزبينو البالغ من العمر التاسعة والسبعين وقلبه الضعيف الذى يمنعه من المجئ الى انجلترا ما جعله يصر على انابته عنه فى حفلة الخطبة هذه
نادرا ما كان خافيار وابوه يتفقان على شئ وخطوبة جيمى الوشيكة لم تكن مستثناة لم يوافق خافيار على الحضور الا عندما اخذ ابوه يعنفه لعدم إنجابه أولادا يحملون اسم العائلة عند ذلك فقط وافق أن ينوب عن أبيه فى هذه العطلة الأسبوعية فهو يكره الحفلات المنزلية الا تلك التى يقيمها فى بيته مع قليل من أصدقائه المختارين بعناية
فى الواقع لقد مضت عدة سنوات منذ أن أمضى عطلة أسبوعية خارج اسبانيا لسبب لا يتعلق بالعمل. ورأى خافيار أن الوقت حان لكى يوجه حقيقة انه اصبح مرهقا فالعمل هو كل حياته مع أنه يقوم من حين لآخر بزيارة صديقته. وعندما عاد بفكره الى الماضى وجد أن خمسة أشهر مضت منذ آخر زيارة منه لها.....

انتبه الى صوت وصول سيارة فنظر باهتمام ليرى سيارتين قادمتين نحو المنزل عرف منهما سيارة جيمى الفخمة فهو الذى اشتراها له كهدية فى عيد ميلاده الواحد والعشرين. لكن السيارة الثانية هى التى جذبت انتباهه.
انها سيارة سباق كلاسيكية من طراز جاغوار- اى يعود طرازها الى ستينات القرن الماضى. غطاء محرك السيارة المفرط الطول والأناقة لا يدع مجالا للشك فى ذلك.
لم يكن ثمة عيب فى هيكل السيارة الأخضر اللون الذى يتألق فى شمس العصر هذه الأناقة اضفت عليها بهجة خاصة وكان خافيار يعشق السيارات.
قفز ابن أخته جيمى من السيارة الأولى وفتح بابها الخلفى فنزل منها زوجان فى منتصف العمر ألقى خافيار عليهما نظرة قصيرة وكذلك على الفتاة السمراء الجميلة التى سارت الى جانب جيمى لا شك انها العروس المقبلة لكن السيارة الثانية هى التى أثارت اهتمامه قد لا تكون هذه العطلة الأسبوعية مجردة من التسلية رغم كل شئ إذ بشئ من الحظ يمكنه أن يتحدث لبعض الوقت عن السيارات مع متحمسة حقيقية لها . صاحبة السيارة الجاغوار- اى تهدف إلى الحصول على قلبه كما يبدو.
اجفل خافيار والتهبت عيناه اللتان تبدوان باردتين فى العادة بضوء متألق عندما نزل السائق ومسح بقعة من الغبار تكاد لا ترى عن مقدمة السيارة.
كان السائق امرأة واى امرأة!
طويلة القامة والساقين ذات شعر طويل مسرح الى الخلف ومربوط بوشاح حريرى أحمر.
استدارت نحو صندوق السيارة فرأى خافيار أن خصلات الشعر تصل حتى منتصف ظهرها تصاعدت الاصوات فى جو الربيع المنعش البرودة فقطب خافيار حاجبيه البنيتين الداكنتين بعبوس متوعد.
من أين جئت بهذه السيارة المحطمة العتيقة روز؟ أنها تشكل عبئا على البيئة.
ألقى جيمى هذا السؤال لكن الهزل كان يتراقص فى عينيه فيما ذراعه تلتف حول خصر خطيبته ما خفف من لهجته اللاذعة.
صفقت سائقة السيارة غطاء الصندوق وحملت حقيبة ملابسها فى يدها ثم نظرت الى الخطيبين حذار! كل من يهين برترام يهيننى!..انها حب حياتى وهى جديرة بالثقة اكثر من اى رجل.
تألقت العينان الخضروان هزلا واتسعت الشفتان المليئتان بابتسامة كبيرة فيما تقدمت المرأة المذهلة نحو الخطيبين الفتيين ولمعلوماتك الخاصة جيمى جاءتنى هذه السيارة من أبى ولطالما كانت مصدر متعته وزهوه وربما تساوى مرتين ما يساويه هذا الغول الذى تقوم أنت.
الحق معها فهى كلاسيكية ومازالت مرغوبة.
وسكت الرجل ذو الشعر الاشيب والتفت الى المرأة يا لها من مصادفة أن نلتقى فى الطريق بهذا الشكل ... ارجو انك لا تقودينها بسرعة بالغة يا عزيزتى روزالين
نعم يا لها من مصادفة ! لقد عرفت سيارة جيمى خارج ريتشموند بالضبط. ولكن لو تعلم كم تملكنى السرور حين التقيت هذين الاثنين فى المطار الأسبوع الماضى واطمئنك خالى اليكس اننى لم تتجاوز قط حدود السرعة طوال الطريق الى هنا .
وضحكت.
لم يسمع خافيار الحديث فقد اجتاحته موجة ساخنة لرؤيته جمال هذه المرأة وهتف بصوت خافت يا الهي!
لم يسبق أن تملكته مثل هذه المشاعر القوية نحو امرأة منذ اكثر من عشر سنوات صدمه هذا لكنه لم يدهشه فقد كان يفكر لتوه انه لم يزر صديقته منذ وقت طويل!
تراجع خطوة إلى الوراء فأخفته الستائر جزئيا اخذ يراقب وقد تصلبت كتفاه العريضتان وضاقت عيناه الداكنتين وهو ينظر الى تلك المرأة الضاحكة الحمراء الشعر وفى تلك اللحظة قرر شيئا هاما
ستصبح هذه المرأة له!

التهبت عيناه بتحد شيطانى وشعر بحيوية لم يعرفها منذ سنوات هذه العطلة الأسبوعية تعده بأشياء وأشياء لن ينساها ابدا واقسم أن هذه المرأة الضاحكة لن تنساها هى ايضا وشعر برغبة فى أن يضرب ابن أخته لا لشئ الا لانها ابتسمت له
رأى عيناها تنظران الى أعلى لقد اصبح مصيرها محتوما لكن لم يحن الاوان بعد أنه بحاجة إلى أن يضع خطة وفى تلك اللحظة اخذت يداه ترتجفان وكأنه عاد الى طور المراهقة
استدار الى الخلف وصل ضيوفك تيريزا أنا ذاهب لأتمشى قليلا سأقلبلهم أثناء العشاء
قال ذلك من دون أن يبدو اى اضطراب على وجهه الصلب الملامح ومن دون أن ينتظر جوابا اجتاز الغرفة بخطوات واسعة ثم خرج إلى المستنبت الزجاجى الملحق بها ومنه الى حديقة البيت الجانبية
*********
فعت روز بصرها الى المنزل وابتسامة تلوح على شفتيها بدا المنزل ودودا مرحبا بقرميده الاحمر والنوافذ الجميلة البارزة المحاطة بنباتات متسلقة تتخللها ازهار الياسمين الصغيرة يبدو أن العطلة الأسبوعية ستكون حسنة وسوت الطقم الكشمير الذى ترتديه وشددت قبضتها على الحقيبة وهى تتقدم الى الامام ثم وقفت وترددت للحظة قبل أن تنتبه المسير ارتجفت واقشعر جسمها وتملكها شعور لم تستطع تفسيره بأن هناك من يراقب كل حركة منها التفتت الى الخلف رافعة بصرها الى المبنى ولسبب ما لم تعد تراه ودودا لكنها حدثت نفسها بأن هذه فكرة سخيفة ثم اسرعت الخطى نحو الباب الامامى
مدير وكالة النجدة الطبية لما وراء البحار والذى اشتغلت معه خلال الثلاث سنوات الماضية كان قد نبهها الى انها بحاجة ماسة إلى الراحة فلقد أسرفت كثيرا فى العناية بمرضاها صغار السن ما سبب لها ارهاقا ولهذه الاسباب اصر عليها أن تعود الى انجلترا فى اجازة لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تصاب بالانهيار رفضت من قبل أن تصدقه ولكن ربما هو على صواب ما دامت تتخيل اعينا تراقبها فى كل مكان فهى حقا بحاجة إلى الراحة
انفتح الباب الامامى على اتساعه فنسيت روز مخاوفها حين بدأ التعارف بين الاسرتين تيريزا والدة جيمى بدت صغيرة الجسم سوداء الشعر وجذابة للغاية وفى اواخر الاربعينات من العمر اما أبوه فبدأ طويلا أشيب الشعر واكبر من زوجته بسنوات غير قليلة
الحديث الذى دار فى الردهة كالمعتاد شمل حالة الجو ورحلة القدوم نظرت روز الى خالها اليكس وزوجته جين واسعدها أن ترى الاطمئنان على وجهيهما اما ابنة خالها أن فقد كان خطيبها يشدها إليه كأنه يخاف أن تهرب منه النظرات التى كان الصمام يتبادلانها دلت بوضوح أنهما هائمان يحب بعضهما البعض
وقبل أن تدعو تيريزا الجميع للصعود الى غرفهم قالت لم يستطع أبى الحضور الى يوركشاير من بيتنا فى سيفيل بسبب قلبه المريض لكنه يرجو أن يتحسن قبل العرس فى أيلول
سيفيل؟
وخفق قلب روز انت اسبانية؟لكن ذلك لا يبدو عليك
قالت هذا بدون تفكير ثم سكتت فجأة والاحمرار يعلو وجهها حين سكت الجميع والتفتوا إليها
ضحكت تيريزا واسرعت تصلح الارتباك الذى ساد دوما يخبرنى زوجى اننى ابدو إنجليزية اكثر منه اظن ان الامر بسيط لقد عشت هنا خمسا وعشرين سنة
بدا الحديث عاديا بالنسبة للجميع إلا أنه شكل صدمة جهنمية لروز ولم تتضح من صدمتها حتى بعد أن تحرك الجميع صعودا الى غرفهم فقد ظل القلق يساورها
صعد خالها وزوجته الى غرفتهما فى مقدمة المنزل ودخلت أن الى الغرفة المجاورة بينما اصطحبت تيريزا روز الى اخر الردهة حيث أشارت إلى باب مغلق هذه غرفة اخى لقد وصل هذا الصباح لكنه ذهب يتمشى بين المروج ستتعرفيه إليه عند العشاء
ثم قادتها الى الباب المجاور وهذه غرفتك انت
دخلت روز الغرفة بحركة آلية اخوها! اقترن هذا الخبر بذكر سيفيل منذ قليل ارسل رعشة تحذير فى كيانها هزت كتفيها فى محاولة لصرف هذه الأفكار من ذهنها لا يدخل أن سكان سيفيل يبلغون مليونا او اكثر واحتمال أن يكون اخوها هذا هو ذلك الرجل الذى تعرفت عليه فى سيفيل منذ سنوات خلت هو احتمال ضعيف ومستبعد

مع ذلك لم يذكر لها احد شيئا عن هذا الأخ ولكنها فى الحقيقة بالكاد تحدثت مع أن طوال هذا الأسبوع الماضى فقد استقبلها الخطيبان فى المطار ثم احضراها الى شقتها فى شمال لندن وبعد أن فاجأها بخير خطبتهما طلبت منها أن تحضر حفلة العشاء للاحتفال بذلك اثناء العطلة الأسبوعية ثم غادرا فى اليوم التالى وفى الواقع أمضت روز معظم وقتها ذلك الأسبوع فى النوم
اجالت نظراتها فى انحاء غرفتها المريحة وتملكها الاغراء فى ان تستلقى على ذلك السرير الفسيح وتنام مرة اخرى لكن تيريزا طلبت منها ان تنزل عند الساعة السابعة لتناول الكوكتيل فتحت حقيبتها وراحت تخرج ملابسها لتعلقها او تضعها فى الادراج
اجالت بصرها فى انحاء الغرفة فبدت لها غرفة جميلة اثاثها مصنوع من خشب الصنوبر بدا كل ما فيها بديعا فتحت بابا فى احد نواحى الغرفة فوجدت حماما انيقا صغيرا مع حوض صغير
دخلت روز تحت مياه الدوش الدافئة وتنهدت بارتياح عندما عادت الى انجلترا الاسبوع الماضى اخبرتها ان مباشرة بانها مخطوبة وتساءلت روز عما اذا كانت ان لا تزال صغيرة على ذلك فهى لا تزال فى الواحدة والعشرين من سنها وانتابها ما يشبه الشعور بالذنب لانها كانت بشكل غير مباشر سببا لمعرفتها بجيمى
فاثناء سنوات غيابها قامت روز بتأجير شقتها لشابين هما جيمى ومايك ثم سمحت لان بالسكن فيها مجانا وبذلك شغلت غرف الشقة الثلاث فكان ان وقع جيمى وان بحب بعضهما البعض
كل شئ سيكون ممتازا !حدثت نفسها بذلك والماء الساخن ينساب على جسمها فيريحها ويزيل التوتر من عضلاتها
بعد عشرين دقيقة اغلقت روز باب الغرفة خلفها واسرعت تهبط السلم سمعت اصوات الثرثرة والضحك من باب غرفة الجلوس الموارب فاخذت نفسا عميقا ثم دفعت الباب ودخلت
الاخيرة كالعادة يا روزالين لكنك جميلة كشأنك على الدوام
قال الخال اليكس ذلك باسما وهو يقف بجانب المدفأة تقدمت روز نحوه واذا بتيريزا تتقدم من المستنبت الزجاجى وهى تقول انت تعرفين الجميع هنا روزالين ما عدا اخى اسمحى لى ان اقدم لك خافيار
عند سماع روز اسم هذا الرجل اضطربت خطوتها هذا غير ممكن! انها مصادفة فظيعة لا يمكن ان تحصل!
استدارت نحو تيريزا ببطء تمسح راحتيها المبللتين بالعرق بوركيها وقد تملكها التوتر
كان شقيق تيريزا يتبعها خارجا من المستنبت لا يمكن ان يكون القدر بهذه القسوة!
اخى خافيار فالدزبينو وهذه ابنة عمة ان الدكتورة روزالين ماى

حدق خافيار اليها وقد ظلل وجهه الاسمر نور الشمس القادم من خلال المستنبت الزجاجى خلفه ثم تقدم الى الامام وملامحه البرونزية اشبه بقناع يسرنى التعرف اليك يا دكتورة ... وتردد صوته العميق روزالين ماى ومد يده مصافحا تركت روز يدها له وقد خدرتها الصدمة وهى تشعر بقوة اصابعه الطويلة التى التفت حول اصابعها وهما تنظران فى عينيه لكن عينينه البنيتين الذهبيتين ابتسمتا لها ولم تبد فيهما اى اشارة الى معرفة سابقة تمتمت بأدب اهلا وسهلا لكن قلبها كان يقرع كطبول الادغال ان تراه مرة اخرى بعد عشر سنوات امر يتطلب منها كل تحكم فى النفس فحضوره بقامته الفارعة الطول وكتفيه العريضتين ينضح بنفس الرجولة التى اغرتها فى اول لقاء بينهما ولولا مرور كل تلك السنوات لما تمكنت من السيطرة على مشاعرها يسرنى التعرف اليك واحنى رأسه وقبل ان تدرك نيته رفع يدها الى شفتيه يطبع قبلة عليها لو جاء هذا التصرف من اى رجل اخر لبدا لها خارجا عن المألوف ولكن لأمر ما بدا منه طبيعيا تماما سرى فيها تيار كهربائى وابعدت يدها عنه بينما فتحت فمها واقفلته من دون ان تنبس ببنت شفة انى اوافق خالك تماما على كلامه فأنت تبدين جميلة للغاية ونزلت نظراته من شعرها الملتهب احمرارا الى وجهها حيث استقرت عليه لحظة نزلت بعدها الى ثوبها الحريرى الاخضر واخيرا الى ساقيها الطويلتين قبل ان تعود الى وجهها شعرت بالاحمرار يعلو فوق وجنتيها اكتسحت عيناها الخضراوان قامته الفارعة بنفس الدراسة الحادة كان ذا بنية متينة بالغة القوة يرتدى بذلة عشاء سوداء رائعة التفصيل مع قميص ابيض ناصع وربطة عنق سوداء على شكل فراشة ما اعطى انطباعا عن حقيقة شخصيته كأحد ملوك المال والاعمال الناجحين كان خافيار يمول فريقا خاصا به للمشاركة فى سباقات الفورمولا-وان ارضاءا لهوايته فى قيادة السيارات الرياضية اما الان فهو يلعب دور زير نساء انه كذلك بالطبع بغض النظر عن كونه متزوجا! شكرا قالت ذلك بهدوء وقد تمكنت من تمالك نفسها بعد الصدمة التى تلقتها عند تقديمها الى رجل لم تره منذ عشر سنوات وتمنت ألا تراه بعد ذلك فى حياتها ابدا ثم لاحظت ما جعلتها الصدمة تغفل عن ملاحظته من النظرة الاولى وهو ان الوجه البالغ الوسامة لم يعد كما تتذكره فثمة ندبة عميقة معقوفة كالمنجل تمتد من اذنه الى فكه من ناحية واحدة مشوهة بشرته السمراء الرائعة واستيقظ اهتمامها المهنى فلاحظت ان تلك الندبة هى اثار جراحة تجميلية اجريت ربما اثر حريق حيث ان الجلد الذى يحيط بالندبة كان اقل سمرة ويمتد الى اسفل ياقة قميصه اعتقد أننى سأكون رفيقك أثناء العشاء يا روزالين هل يمكننى ان اخاطبك باسمك الاول روزالين ؟ الا اذا كنت تفضلين اسما اخر حسنا اكثر الناس يدعوننى روز كذلك خالى وزوجته لكننى لا افضل اسما بشكل خاص اجابته روز بحذر وقد ضاقت عيناها لرؤية ملامحه الصلبة العنيدة أتراه عرفها رغم كل شئ؟ لا يمكنها ان تتأكد فقد كانت مراهقة عندما تعارفا للمرة الاولى كانت انحف قواما وشعرها قصير اكثر دكنة مما هو الان فخلال السنوات الثلاث الماضية خففن شمس افريقيا من لونه كثيرا اما هو فقد كان حينذاك رجلا ناضجا فى التاسعة والعشرين من عمره الا ان السنوات لم تغير شكله على الاطلاق ما عدا تلك الندبة
حدق خافيار اليها وقد ظلل وجهه الاسمر نور الشمس القادم من خلال المستنبت الزجاجى خلفه ثم تقدم الى الامام وملامحه البرونزية اشبه بقناع يسرنى التعرف اليك يا دكتورة ... وتردد صوته العميق روزالين ماى ومد يده مصافحا تركت روز يدها له وقد خدرتها الصدمة وهى تشعر بقوة اصابعه الطويلة التى التفت حول اصابعها وهما تنظران فى عينيه لكن عينينه البنيتين الذهبيتين ابتسمتا لها ولم تبد فيهما اى اشارة الى معرفة سابقة تمتمت بأدب اهلا وسهلا لكن قلبها كان يقرع كطبول الادغال ان تراه مرة اخرى بعد عشر سنوات امر يتطلب منها كل تحكم فى النفس فحضوره بقامته الفارعة الطول وكتفيه العريضتين ينضح بنفس الرجولة التى اغرتها فى اول لقاء بينهما ولولا مرور كل تلك السنوات لما تمكنت من السيطرة على مشاعرها يسرنى التعرف اليك واحنى رأسه وقبل ان تدرك نيته رفع يدها الى شفتيه يطبع قبلة عليها لو جاء هذا التصرف من اى رجل اخر لبدا لها خارجا عن المألوف ولكن لأمر ما بدا منه طبيعيا تماما سرى فيها تيار كهربائى وابعدت يدها عنه بينما فتحت فمها واقفلته من دون ان تنبس ببنت شفة انى اوافق خالك تماما على كلامه فأنت تبدين جميلة للغاية ونزلت نظراته من شعرها الملتهب احمرارا الى وجهها حيث استقرت عليه لحظة نزلت بعدها الى ثوبها الحريرى الاخضر واخيرا الى ساقيها الطويلتين قبل ان تعود الى وجهها شعرت بالاحمرار يعلو فوق وجنتيها اكتسحت عيناها الخضراوان قامته الفارعة بنفس الدراسة الحادة كان ذا بنية متينة بالغة القوة يرتدى بذلة عشاء سوداء رائعة التفصيل مع قميص ابيض ناصع وربطة عنق سوداء على شكل فراشة ما اعطى انطباعا عن حقيقة شخصيته كأحد ملوك المال والاعمال الناجحين كان خافيار يمول فريقا خاصا به للمشاركة فى سباقات الفورمولا-وان ارضاءا لهوايته فى قيادة السيارات الرياضية اما الان فهو يلعب دور زير نساء انه كذلك بالطبع بغض النظر عن كونه متزوجا! شكرا قالت ذلك بهدوء وقد تمكنت من تمالك نفسها بعد الصدمة التى تلقتها عند تقديمها الى رجل لم تره منذ عشر سنوات وتمنت ألا تراه بعد ذلك فى حياتها ابدا ثم لاحظت ما جعلتها الصدمة تغفل عن ملاحظته من النظرة الاولى وهو ان الوجه البالغ الوسامة لم يعد كما تتذكره فثمة ندبة عميقة معقوفة كالمنجل تمتد من اذنه الى فكه من ناحية واحدة مشوهة بشرته السمراء الرائعة واستيقظ اهتمامها المهنى فلاحظت ان تلك الندبة هى اثار جراحة تجميلية اجريت ربما اثر حريق حيث ان الجلد الذى يحيط بالندبة كان اقل سمرة ويمتد الى اسفل ياقة قميصه اعتقد أننى سأكون رفيقك أثناء العشاء يا روزالين هل يمكننى ان اخاطبك باسمك الاول روزالين ؟ الا اذا كنت تفضلين اسما اخر حسنا اكثر الناس يدعوننى روز كذلك خالى وزوجته لكننى لا افضل اسما بشكل خاص اجابته روز بحذر وقد ضاقت عيناها لرؤية ملامحه الصلبة العنيدة أتراه عرفها رغم كل شئ؟ لا يمكنها ان تتأكد فقد كانت مراهقة عندما تعارفا للمرة الاولى كانت انحف قواما وشعرها قصير اكثر دكنة مما هو الان فخلال السنوات الثلاث الماضية خففن شمس افريقيا من لونه كثيرا اما هو فقد كان حينذاك رجلا ناضجا فى التاسعة والعشرين من عمره الا ان السنوات لم تغير شكله على الاطلاق ما عدا تلك الندبة
اذا سأدعوك روزالين انه اسم ملئ بالأنوثة وهو يناسبك
قال هذا بصوت عميق لم يفقد شيئا من سحره لحسن الحظ لم يبد عليه انه عرفها ولكن لماذا يعرفها؟ فهى لم تكن بالنسبة له سوى مجرد فتاة عرفها لليلة واحدة وذلك بين الاف الفتيات اللواتى عرفهن
انه غرور منها ان تتصور لحظة انه ما زال يتذكرها او يتذكر الاسم الذى كانت تستعمله اثناء الفترة التى اشتغلت فيها كعارضة ازياء
كما تشاء
قالت ذلك بعفوية واعية تماما الى تفحصه الدقيق لها لكنها استبعدت ان يكون ذلك بسبب تذكره لها فليست الذكرى هى التى تثير اهتمامه بها وانما مجرد ردة فعل كرجل امام امرأة جذابة
والان يا خالى خافيار لا تكن انانيا الفتاة المسكينة تكاد تموت عطشا!
قال جيمى هذا وهو يظهر بجانبها فجأة عارضا عليها كأس عصير فأخذت منه الكأس باسمة وقد سرتها مقاطعته هذه
تصاعد الضحك والتهانى واغتنمت روز الفرصة لتنسل الى اخر الغرفة لتنضم الى زوجة خالها جين
لكن انتابها شعور غامض بأن عينين دامنتين مقيمتين كانتا تتابعان كل حركة من حركاتها
ربما كان عليها ان تعترف له بأنهما سبقا وتعارفا من قبل وان بامكانهما ان يتحدثا كصديقين قديمين .. لا لم يكونا صديقين قط .. بل حبيبين نعم!
اجفلت للذكرى وشعرت بوخزة من الالم فى قلبها ولم تستطع منع نفسها من النظر الى الرجل الذى سبب لها هذا الالم الشعر الاسود الجعد اصبح الان اطول وقد ظهرت بضع شعرات فضية فى سالفيه الغضون الدقيقة حول عينيه اصبحت اعمق وكذلك الخطين العميقين على جانبى فمه لكنه ما زال اكثر الرجال الذين عرفتهم جاذبية .. وفى هذه اللحظة رفع رأسه بعد حديث كان يتبادله مع زوج اخته فاخترقت عيناه الثاقبتان عينيها ونظرت اليه وهو يتقدم منها
بدت كأرنب سلط عليه اضواء سيارة بشكل مفاجئ كانت اضعف من ان تحول نظراتها بعيدا ما الذى يحدث لها؟ لقد تخلصت من هذا النوع من الهراء منذ وقت طويل لكن خيبة الامل تملكتها عندما اصبح قريبا منها فاذا به ينظر الى خلفها ليقول لخالها وزوجته اليكس جين ابلغنى دايفيد بوصول السيارات فاذا كنتما جاهزين الان سنتحرك
عند ذلك فقط نظر الى روز نحن الاربعة سنستقل سيارة واحدة اذا كان ذلك يناسبك يا روزالين
نعم طبعا
وماذا يمكنها ان تقول غير ذلك؟
فسألها بصوت منخفض هل انت واثقة ؟ يساورنى شعور بأنك متلهفة الى الابتعاد عنى وارجو ان اكون مخطئا
قال هذا بسخرية بطيئة وعيناه ما زالتا مشتبكتين بعينيها
شعرت روز باحمرار الغضب يتصاغد الى وجنتيها لكنها ابتلعت جوابا لاذعا ووقفت ببطء لتقول بمرح انت مخطئ فعلا هل نذهب؟ اكاد اموت جوعا
ومرة اخرى وبمزيد من عدم اللباقة اخذت نظراته تنحدر على قوامها المتناسق لتعود فتستقر اخيرا على وجهها البيضاوى ثم امسك بمرفقها قائلا اعرف هذا الشعور لأن جوعى انا ايضا قد تصاعد خلال دقيقة
القت عليه نظرة حذرة من تحت اهدابها الكثيفة ادركت انه يتعمد استفزازها اخر شئ تريده هو قضاء امسية مع خافيار كادت تتأوه عندما ادركت ان الامر لن يقتصر على هذه الامسية فقط بل سيشمل العطلة الاسبوعية بأكملها على الارجح وهى لن تستطيع الرحيل قبل صباح الاثنين مع خالها وزوجته حيث ستمكث معهما مدة اسبوع او اسبوعين
كانت حقيبتها الاخرى لا تزال فى سيارتها مع كومة من الكتب ابتاعتها منذ سنوات وهى تتلهف الى قراءتها
متى ستعود الى اسبانيا؟
سألته من دون تفكير فيما هما يخرجان معا من المنزل متوجهين الى السيارة الليموزين التى كانت فى انتظارهم دفء يده على ذراعها ذكرها بمشاعر ظنت انها اصبحت منسية منذ وقت طويل
انت لا ترضين غرور الرجال كثيرا روزالين لقد تعارفنا للتو واذا بك تسأليننى متى ارحل
قال ذلك ببطء فرأت السخرية فى عينيه
لا صدقنى! كل ما قصدته هو القيام بحديث مهذب
المعذرة فأنا غير متمكن من الحديث الاجتماعى بالانجليزية
وانحنى يهمس فى اذنها ربما بامكانك ان تعلمينى
وتركها فجأة متراجعا ليفسح المجال لخالها وزوجته بالصعود الى السيارة اولا وفكرت روز غاضبة ان عليها ان تحمد الله لأن المسافة الى الفندق لن تستغرق سوى عشر دقائق والقت نظرة جانبية عليه وهو يجلس بجانبها. راح يتحدث بسهولة تامة مع خالها وزوجته بينما هى تجاهد بتوتر لكى تبقى جسمها بعيدا عن جسمه. كانت كتفه تحتك بخفة بكتفها فى كل مرة ينعطف فيها السائق فى طرقات يوركشاير لكن لم يبد على خافيار انه يهتم لذلك فملامحه بقيت هادئة نائية.
روز زارت اسبانيا ذات مرة
اصطدمت كلمات زوجة الخال بأفكار روز الشاردة
لقد امضيت اجازة هناك
قالت روز هذا بسرعة فهى لا تريد ان تذكر جين انها كانت ذات يوم عارضة ازياء فذلك سينبه ذاكرة هذا المتغطرس


اذن فقد زرت بلادى يا روزالين ؟ اين كنت تقيمين ؟
لم تر فى ملامحه شيئا سوى السؤال المهذب وعنفت نفسها لمبالغتها فى ردة فعلها فالرجل لم يعرفها على الاطلاق اجابت ببرودة اه كنت فى برشلونة انها مدينة رائعة
اوافقك على ذلك فقد اعتدت ان ازور برشلونة كل عام لأجل السباق الكبير لكننى لم اذهب الى هناك منذ سنوات
نظرت روز اليه متأملة مع ان ملامحه حافظت على ذلك الاهتمام المهذب الا ان ضيقا بسيطا ظهر فى عينيه تساءلت روز للحظة اذا ما كان يبدى التهذيب اكثر مما ينبغى .. وكأنه يخفى شيئا تحته وفكرت بجفاء فى انها لا تريد العبث مع هذا الرجل
سأله اليكس بحماسة هل اعتدت المشاركة فى سباقات السيارات؟
لا بل اعتدت مساندة فريق ارضاءا لهوايتى فقط لكننى لسوء الحظ التزمت بأمور اخرى ولم يعد لدى الوقت الكافى لذلك لكننى ما زلت اعشق السيارات ولدى مجموعة جيدة منها فى بلدى
هل رأيت سيارة روزالين؟ انها رائعة عاد خافيار باهتمامه الى روز نعم رأيتها امام البيت .. انها جاغوار من طراز اى
واشتبكت عيناه بعينيها انها سيارة سريعة نوعا ما بالنسبة الى سيدة كما اظن
بل هذا رأى متعصب نوعا ما بالنسبة الى القرن الواحد والعشرين كما اظن
اجابته ذلك بعداء فهى تكره تعصب الرجل ضد المرأة مهما كان نوعه
لا اظنك احدى أولئك النساء الثائرات اللاتى يعتقدن ان الرجل لا يصلح الا لشئ واحد؟
كان الهزل والسخرية واضحين فى لهجته فسألته:
- وماذا لو كنت كذلك؟
- برأيى ان النساء الجميلات خلقن لكى يحميهن الرجل ويحبهن ويدللهن هذا عدا عن انجاب الاطفال من المؤسف ان يكون للمرأة التى تبدو كالملاك عقل كالفخ الفولاذى تلك خصلة شاردة!
ورفع يده يزيح خصلة من شعرها الاحمر ويضعها خلف أذنها.
التهبت عينا روز وصعد الدم الى وجهها غضبا انه يوتر اعصابها عمدا
- أليست أفضل من أولئك الذين لا يملكون عقلا على الاطلاق كبعض الرجال الذين عرفتهم؟
ردت عليه بذلك بغضب وقد غمرها احساس غريب للمسة يده وهو يزيح خصلة الشعر عن خدها
فقال بجفاء انما كنت امزح ظننته امرا مسليا ان اكتشف ما اذا كان طبعك يماثل شعرك الأحمر عنفا
**********


سيريناد 19-07-19 04:42 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
2- عندما يطبق الفخ


حملقت روز فى خافيار ثم دفعت رأسها الى الخلف لو كنت امضيت السنوات القليلة الماضية فى المناطق المتوترة فى العالم كما فعلت انا وكان عليك ان تصلح الضرر الذى يلحق بالفتيات الصغيرات لما وجدت هذا الموضوع مسليا؟
لوى خافيار فمه للطريقة التى كانت روز تنظر بها اليه ثم قال بهدوء يبدو اننى كدرتك ولم تكن هذه نيتى وانا اعتذر من كل قلبى
فقال اليكس لا تقلق لهذا خافيار فروز تملك طباعا حادة ومن سوء حظك انك طرقت موضوعا حساسا بالنسبة اليها لكنها ستنسى ذلك
ارجوك يا خالى يمكننى ان اتحدث عن نفسى
قالت هذا متجاهلة اعتذار خافيار فهى تكره الظلم مهما كان نوعه وخصوصا ظلم الاطفال وفى اعماقها ما زالت تشتعل غضبا وكراهية بسبب تصرف خافيار نحوها عندما كانت فى التاسعة عشرة من عمرها ولا تكبر الطفال كثيرا كانت تجاهد لوضع هذا الماضى خلفها لكن رؤيتها لخافيار مرة اخرى قد اعادت الى ذهنها كثيرا من الذكريات المرة اما هو فيبدو انه لم يتذكرها تبا له!
كانت روز تعرف الفندق الذى يقصدونه لتناول العشاء. فعندما كانت صبية صغيرة كانت تمضى معظم عطلاتها المدرسية فى بيت خالها فى مدينة يوركشاير وكثيرا ما كانت تتناول العشاء فيه . جلست تيريزا عند طرف المائدة المستطيلة بينما جلس زوجها عند الطرف الاخر وعندما رأت روز خالها وزوجته يجلسان اسرعت وجلست الى جانبهما فهى لم تشأ ان تجلس الى جانب خافيار لكن ارتياحها كان قصير الامد فما ان رفعت بصرها حتى اكتشفت ان خصمها يجلس قبالتها مباشرة مع ان وجيمى بجانبه.
اصطدمت نظراتها المجفلة بنظرات خافيار وللحظة خيل الى روز انها رأت شيئا قاتما شريرا يلمع فى اعماق عينيه فأسرعت تختبئ خلف قائمة الطعام لكنها لم تستطع ان تركز افكارها على الاطباق التى تحتويها فأفكارها كانت مشغولة للغاية بالرجل الصلب الساخر الذى يجلس أمامها
دارت فى ذهنها اسئلة كثيرة لماذا حضر خافيار الى هنا وحده؟ انها تعلم تماما انه متزوج فأين زوجته اذن؟ هل لديه أطفال؟ اخذت تتساءل وقد خفق قلبها.
القت على خالها نظرة جانبية فهو وزوجته وان اسرتها الوحيدة بعد ان قتل والداها فى حادث تحطم طائرة وهى فى السابعة عشرة من عمرها وعندما تتزوج ان من جيمى ما الذى سيحصل لها؟ انها لا تستطيع احتمال فكرة ان يكون خافيار عضوا من اسرتها. لن تستطيع ابدا ان تستمر فى التظاهر بعدم معرفتها به وفى الواقع يساورها الشك منذ الان فى قدرتها على قضاء العطلة الاسبوعية من دون ان تخبر الرجل بشعورها نحوه بالضبط وهو انه فظ كريه مراوغ متعصب. فهى تكرهه بعنف يتناقض مع طبيعتها المحبة ولم تكن مزهوة بهذا الشعور لكنها لم تستطع منع نفسها من ذلك . - هل قررت ما ستطلبينه من طعام روزالين أم أختار لك بنفسى؟ قاطع افكارها بصوته العذب الشجى جرأته على هذا الاقتراح جعلت اعصابها الحساسة تتوتر فأنزلت قائمة الطعام واخذت تتأمل وسامته الخشنة بعينيها العاصفتين. تلك الندبة ستبدو قبيحة فى وجه اى رجل اخر اما هو فقد منحته هالة من القرصنة وزادت من جمال ملامحه أدركت انه يتعمد مضايقتها بما عرضه عليها. القت قائمة الطعام على المائدة لست بحاجة الى عون منك أطلب سلطة قريدس وبطيخا أصفر. هل تتبعين ريجيما للحفاظ على قوامك؟ لست بحاجة الى ذلك صدقينى لأن قوامك متناسب بدقة بالغة لا بد ان الكثير من الرجال غيرى قد أخبروك بذلك. قال هذا رافعا حاجبه بهزل. لم يفقد شيئا من سحره الاسطورى نعم انه ماهر ! حسنا يمكنهما القيام بهذه اللعبة معا قالت روز تدعى الخجل وهى تنظر اليه مرفرفة بأهدابها أنت تتملقنى سنيور فالدزبينو قال لاويا شفتيه خافيار من فضلك. وانا لا اتملقك فأنت امرأة رائعة الجمال من كل النواحى. وسكت لحظة ثم عاد يقول وهو يتأملها انه جمال كامل من الاجرام ان تفسده رغبة حمقاء فى النحافة كلامه عن النحافة بدا مألوفا بشكل مخيف فقد قال الكلام نفسه تلك الليلة التى امضاها معها ضاقت عيناها وهى تنظر الى وجهه الاسمر بحذر لكن ملامحه لم تكشف لها شيئا فأجابت وهى ترغم نفسها على مواجهة نظراته الساحرة اه انا لا استعمل قط نظاما للنحافة كل ما فى الامر اننى احب السلطة وانا اراهن على انك ستطلب شرائح لحم بقر ثم اضافت وهى تفتح عينيها على اتساعهما بدهشة ساخرة اه ربما لا! فقد نسيت أنك ثور وارادت ان تضيف كلمة اخرى لكنها امسكت لسانها فى اللحظة الاخيرة. فقالت جين مؤنبة روزالين كيف تقولين هذا؟ كانت روز مستغرقة فى تبادل الكلام مع خافيار فلم تنتبه ان الاخرين قد سكتوا عن الكلام ليسمعوا حديثهما لكن الضحك فى عينى جيمى وان انبأها بأنهما سمعا ذلك. ماذا؟ القت روز هذا السؤال وهى تنظر الى المجتمعين حول المائدة ثم هزت كتفيها وتابعت تقول ما اعنيه ان خافيار اسبانى وكما فهمت فى اسبانيا يأكلون الكثير من لحم البقر وهذا ما يجعلهم يحبون مصارعة الثيران. قالت هذا متصنعة البراءة وتماكها الارتياح عندما رأت خالها وزوجته اقتنعا بذلك لكن نظرة منها الى وجه خافيار انبأتها بأنه لم يخدع . التوى فمه بابتسامة جافة فقد أدرك انها تقصد اهانته هذه الالفة الفورية بين غريبين هى امر محير تماما وكأنك قرأت أفكارى يا روزالين فأنا سأطلب سمك سلمون مدخن فى البداية ثم شرائح البقر ولن اتردد فى تناول لحم البقر الانجليزى مع ان كل الدول الاوروبية ترى ان من الافضل تجنبه لوقت طويل فأنا واثق انه لذيذ تماما كلحم الثور الاسبانى. قال ذلك بشئ من السخرية لم تفتها ملاحظتها وانقذها من الجواب قدوم النادل ليأخذ طلباتهم وصل اول نوع من الطعام فقررت روز ان تبقى رأسها منحنيا فلا تتحدث الا اذا تحدثوا اليها لكن ذلك لم يكن سهلا تماما اصر جيمى وقد برح به الحب على شرب نخب كل شخص بما فى ذلك روز لو انك لم تؤجرى بيتك فى لندن ربما ما كنت سأتعرف الى ان فقالت روز ضاحكة ارجو الا تندم على ذلك فأنا اعرف ان ان فتاة صعبة المراس. أتذكر يوم كانت فى العاشرة من عمرها وانا فى الثامنة عشرة وحاولت اقناعى بأن نذهب الى الصيد على حمارين كان خالى اليكس يحتفظ بهما حينذاك ما كنت لأمانع فى ركوب الحمار لكننى لم اوافقها على الصيد فأنا لا احب قتل الحيوان! مال خافيار الى الامام قليلا بعد ان ازاح طبقه جانبا فأصبح وجهه بمستوى وجه روز هذا حديث ممتع هل تحبين ركوب الخيل روزالين؟ سألها باسما فنظرت فى عينيه بجرأة وقد ادركت ان سؤاله لا صلة له بالصيد كان اللمعان الذهبى للصياد البدائى يتألق فى عينيه هذا الرجل اعتاد على ان يحصل على اى امرأة يريدها من دون بذل كثير من الجهد. اجابته بمرح وبلهجة واقعية متجاهلة التحدى الذى ظهر فى عينيه اعتدت ركوب الخيل عندما كنت احضر لزيارة بيت خالى ولكن لم تسنح لى فرصة لذلك منذ اعوام الا اذا كنت تعتبر الجلوس على ظهر جمل فى صحراء كالاهارى هو كركوب الخيل لكننى اشك كثيرا فى ان يعجب هذا الامر رجلا مثلك.. ذا وضع اجتماعى هام قد يتملكنى الاغراء لذلك اذا انت صحبتنى المرأة الجميلة حافز قوى لانجاز اى شئ.
قال هذا بصوت عميق مغر فنظرت اليه بهزل انه امر محير! حتى عندما يغازلها يبدو فى نظراته نوع من الشرود يتناقض مع المجاملات التى يبديها لكن روز لم تشأ ان تضيع الوقت سدى فى تحليله لم تكن تريد اى صلة معه. انت تضيع وقتك سدى يا سنيور فالدزبينو اه لا اظن ذلك وعلى كل حال ما زال الليل فى اوله. استند خافيار الى ظهر كرسيه ثم عاد ينظر اليها قائلا مع معرفتنا لبعضنا اكثر فأكثر من يعرف ماذا سيحدث يا عزيزتى روزالين نطق بكلمات الاغراء تلك ببطء يغيظها وضحك الجميع لقوله هذا من كل قلوبهم فيما ابتسم هو ابتسامة عريضة لكن روز وحدها لاحظت ان ابتسامته لم تصل الى عينيه فردت بحدة لا اظن ان زوجتك تجد قولك هذا مسليا راح يتفحصها من تحت اجفانه الثقيلة ثم سألها بنعومة وما الذى جعلك تظنين ان لى زوجة؟ انتبهت روز الى الصمت الشامل الذى استقبل به قولها هذا والتوتر المفاجئ الذى بدا على الرجل امامها وادركت انها كشفت تقريبا عن معرفتها السابقة به فكرت بسرعة محاولة ان تخفى اضطرابها بلومه على موقفه المتعصب السابق حسنا بالنسبة لرجل فى سنك مع وجهات نظرك تلك .. تصورت ان تكون متزوجا ولديك ثلاثة او اربعة اولاد عند قدميك وربما امرأة حبلى فى البيت قالت هذا وهى ترفع حاجبيها هازلة. - قوة الملاحظة لديك رائعة حقا حتى ليكاد المرء يظن اننا سبق وتعارفنا من قبل. تصلبت روز لقد عرفها! لكنه تابع يقول وصوته بعناد ملامحه نعم كنت متزوجا ولكن ليس لدى اولاد مع الاسف وقد ماتت زوجتى منذ سنتين - اسفة. تمتمت بذلك وقد احمر وجهها وتمنت لو ان الارض تنشق وتبتلعها. قفزت ان واقفة لتجنبها المزيد من الارتباك بقولها المعذرة ولكن على الذهاب الى الحمام هل تأتين معى روز؟ انتهزت روز هذه الفرصة للهرب فوقفت وسارت خارجة من الغرفة مع ابنة خالها يا الهى يا روز! ماذا تحاولين ان تفعلى؟ تنهين خطوبتى قبل أن تبدأ ؟ قالت ان هذا وهى تجرها من ذراعها - لا أدرى ماذا تعنين؟ اه لأجل الله روز! خافيار فالدزبينو هو رأس الاسرة لقد تقاعد ابوه الدون بابلو اورتيغا فالدزبينو وهو مريض جدا..وهكذا اذا صمم خافيار على منع زواجى من جيمى فيمكنه ذلك .. انا اعلم ان جيمى يحبنى لكن خاله هو الذى يدفع نفقاته واقساط الجامعة ومازال امامه سنة ليتخرج الغاية من هذه الحفلة ان تتوحد اسرتانا وانت لم تفعلى شيئا سوى اهانة خافيار منذ تعرفت اليه. ماذا حدث لك؟ انه رجل ساحر مهذب كبير السن قليلا لكنه ليس قبيح الشكل باستثناء الندبة .. هل هى الندبة؟ ونظرت ان اليها متسائلة بحيرة انت طبيبة! ولا اصدق ان امرا كهذا يؤثر على رأيك فيه لا لا كلا بالطبع!
انكرت روز هذا بعناد وقد تأثرت لفكرة ان تظن ان بها ذلك لم ادرك قط مبلغ اهميته بالنسبة اليك والى جيمى لا بد ان دايفيد وتيريزا ثريان ايضا المزرعة فسيحة ثم هناك اصطبلات خيول السباق ألا تظنين انك تولين رأى خال جيمى اهمية أكثر مما يستحق؟ سألتها هذا بوقاحة فعبست ان من الواضح ان غيابك لوقت طويل وراء البحار واستغراقك فى مهنتك جعلاك غافلة عما يدور فى بقية العالم فى السنوات القليلة الماضية تعطلت اعمال اصحاب مزارع البقر فى انجلترا فمرض جنون البقر وحظر اوروبا استيراد لحومها تسبب باقفال المئات منها. اما اصطبلات السباق فلا تكاد تفى بنفقاتها حسب قول جيمى ولولا مساندة خاله للمزرعة لأفلست وانهارت ولهذا لأجل الله حاولى ان تكونى لطيفة مع خافيار والا حطمت كل شئ ان جيمى يعتمد عليه ليمنحه المال لكى يبدأ عمله كطبيب بيطرى وذلك خلال سنتين او ثلاث - لم ادرك ذلك قط قالت روز ذلك مقطبة جبينها لقد انقطعت صلتها بآن مدة سنوات كما ادركت وقد ساورها شعور بالذنب الفتاة الصغيرة التى كانت تتبعها الى كل مكان وهى صغيرة اصبحت الان امرأة شابة جديرة بالثقة تعلم بالضبط ما تريده من الحياة وتنهدت الحق معك ربما طال غيابى عنكم فنسيت كيف اتصرف ولكن من الان فصاعدا سأكون فى منتهى العذوبة والمرح مع السنيور خافيار فالدزبينو هذا وعد. ونظرت الى انعكاس صورتها فى المرآة وسوت شعرها ثم اعتدلت فى وقفتها لن يكون لديه سبب للشكوى اؤكد لك يا آن - هذا مناسب اكثر
قالت ان هذا ضاحكة ثم نظرت باستحسان الى انعكاس صورة المرأة الطويلة بجانبها لقد عادت عارضة الازياء المتفوقة ولم لا؟ ستجدينه راكعا عند قدميك اذا عرف ذلك فأنا اراه مفتونا بك لا انا اعنى ذلك حقا يا آن لا اريد كلمة واحدة عن عرض الازياء لا بأس ولكن عليك ان تفى بوعدك كونى لطيفة مع الرجل لنه عريس ممتاز حتى لامرأة مثلك كرست نفسها لمهنتها صحيح انه سمكة باردة نوعا ما لكنه ثرى ومحنك واعزب ماذا تريدين اكثر من ذلك السمكة الباردة كانت تتجاوز الحد لكن روز ادركت تماما ما تعنيه آن فخافيار رجل مهم بالنسبة الى اسرته لما تميز به من يقظة واتزان اما بالنسبة الى ما تبقى من صفاته ... واعترفت روز بداخلها بأنها فى فترة ما كانت ستوافق آن على رأيها ولكن ليس الان قالت وهى تمسك بذراعها وتتجه بها نحو قاعة الطعام أتعلمين يا ابنة خالى؟ لقد ادركت لتوى ان لديك فى طبيعتك الرائعة نزعة مادية لا لكننى احب جيمى من كل قلبى وانا ببساطة اتصرف بشكل واقعى. لم تحاول روز ان تجيب فقد علمت ان آن على حق وعندما عادتا الى مكانيهما على المائدة قال جيمى كنا قد بدأنا نتساءل عما اذا كنتما تهتا فقال خافيار هذا ما يظنه الشباب فى مثل سنك اما نحن الاكبر سنا فنعلم من خبرتنا... وتبادل النظرات مع اليكس ودايفيد ان السيدات يذهبن دوما الى الحمام ازواجا وهناك يبدآن بتبادل الاحاديث عن الرجال فى حياتهم فيمزقنهم اربا بينما نحن الرجال المساكين ننتظرهن لساعات. قوبلت تعليقاته بالضحك والاستحسان ثم اصبح الحديث عاما.
تناولت روز الطعام الذى وضع امامها من دون شهية وحاولت جهدها ألا تنظر الى خافيار ولكن لسبب ما كانت عيناها تنجذبان اليه باستمرار انتهى طبق الطعام الرئيسى واحضرت الحلوى وبعد ذلك تطرق الحديث الى الاسفار.
اخبرتنى جين بأنك امضيت خارج البلاد ثلاث سنوات لا بد انك حصلت على بعض الخبرات الهامة.
خاطبها خافيار بذلك مباشرة لأول مرة منذ اكثر من ساعة واذ كانت مليئة الذهن بوعدها لآن ارغمت نفسها على الابتسام على قليل من ذلك فقد امضيت معظم الوقت بالعمل والمزيد من العمل هناك نقص بالغ فى الاطباء فى اكثر المناطق الافريقية خصوصا المناطق الريفية نحن فى الغرب تتوفر لدينا مختلف الخدمات بمجرد اتصال تليفونى تصل سيارة الاسعاف فنسى بعضنا ان معظم مناطق العالم ليست محظوظة بهذا الشكل.
توهج وجهها حماسة لهذا الموضوع ما فتن الرجل الذى كان يستمع اليها وبدت روز غافلة عن ذلك
قاطعت جين الحديث حقا يا روز هل يتوجب عليك انت الاهتمام بذلك؟
- انه عار علينا جميعا يا جين
والتهبت عيناها نحن فى القرن الواحد والعشرين وما زال هناك اماكن كثيرة فى العالم تسير فيها المرأة اياما وهى تحمل طفلا مريضا فقط لكى تصل الى عيادة طبيب ولا اقول مستشفى
انسى ذلك هذه الليلة على الاقل يا روز انت تعرفين ما قاله رئيسك فى العمل(ثلاثة اشهر من الراحة)
فأجابت هذا لن يمنعنى عن التعبير عن رأيى فى الموضوع
وسكتت فجأة لرؤية وجه آن العابس عبر المائدة
انت فى عطلة طويلة اذن؟ لم اعلم ذلك

اندفع خافيار يقول هذا مالئا بذلك الصمت المفاجئ فى هذا الحديث وقد ضاقت عيناه
وكيف لك ان تعلم؟
رفعت روز عينيها اليه واخذت نفسا سؤيعا لا اراديا رأت وميضا غريبا فى تينك العينين المتألقتين وميضا اسود وخطرا بشكل غامض وقالت كاذبة فقد تعارفنا لتونا.
وارتسمت فى ذهنها فجأة صورة كاسحة لقامته الطويلة البرونزية فتملكها شعور عنيف اذهلتها ردة فعلها هذه فمنذ سنوات طويلة لم يتجاوب جسمها امام سحر رجل تحديدا منذ عشر سنوات لم تشعر بأحاسيس مشابهة حتى لكادت تنسى وجودها فلماذا الآن؟
ربما عطفها على خافيار فالدزبينو لموت زوجته قد خفف من غضبها منه مما جعلها تشعر فجأة برجولته البالغة.
سلخت نظراتها عن نظراته وانحدرت بها الى فكه القوى وندبته البشعة لكن ذلك كان غلطة فقد زاد ذلك من اضطراب مشاعرها ابتلعت ريقها بصعوبة وحدثت نفسها بأن عليها ان تتعقل اغمضت عينيها لترد صور الماضى من ذهنها ثم عادت وفتحتهما ولم تدرك الا بعد لحظة ان خافيار لا يزال يتحدث اليها.
يجب ان تأتى غدا مع جيمى وآن أصر عليك
هزت رأسها باضطراب وعيناها الخضراوان مسمرتان بحذر على الرجل الذى يجلس امامها ما الذى كان يتحدث عنه؟ والى أين عليها ان تأتى مع جيمى وآن؟
انضمت آن الى الحديث انها فكرة عظيمة وهكذا لن اكون وحدى مع الرجلين بدون رفيقة أتسوق معها
فقال جيمى وهو يضحك موافقا يجب ان تأتى يا روز فحضورك ينقذنى من مرافقة آن الى التسوق
قالت زوجة خالها جين نعم ذلك سينفعك كثيرا.
ولكن ماذا اخذت روز تفكر وهى تنظر حولها الى الوجوه الباسمة
بدا ان الجميع يحبذون ان تخرج مع آن وجيمى غدا ونظرت الى وجه آن الباسم فرأت التوقع فى عينيها البنيتين فقالت نعم لا بأس ولكن الى اين سنذهب بالضبط؟
الى بيتى فى اسبانيا
قال خافيار هذا بهدوء وهو ينهض واقفا والان بعد ان استقر رأينا اعتقد ان القهوة تقدم فى البهو ولا شك ان هذين الفتيين يفضلان النزول الى المقصف ليقابلا اصدقاءهما.
قفزت روز واقفة
انتظر لحظة لا يمكننى ان اذهب الى اسبانيا ظننتكم تعنون نهارا فى ليدز للتسوق او ما شابه
كانت تهذر علمت ذلك على الفور ما الذى وافقت عليه ؟
ونظرت حولها بفزع والجميع يقفون معا وفجأة انصبت عليها سبعة ازواج من الاعين بدرجات مختلفة من التسلية وقالت جين زوجة خالها
طبعا يمكنك ذلك ستجدين من البهجة اكثر مما ستجدينه معى ومع اليكس
هل جواز سفرك معك؟
نعم ولكن ....
هذا حسن ليس ثمة مشكلة اذن
ولكن لا يمكننى الذهاب الى اسبانيا بهذه السهولة
ونظرت روز الى خافيار لكنها لم تجد اى عون لديه كانت عيناه تلمعان بتسلية شيطانية وهو يرى ارتباكها هذا
حسنا جيمى جدك مريض ولن يرغب باستضافة امرأة غريبة فى بيته
قالت هذا متوسلة بجيمى فقالت تيريزا بحزم
على العكس من ذلك ابى تقليدى للغاية وفى الحقيقة لن يكون مسرورا لاقامة آن فى مسكن واحد مع جيمى قبل الزواج بدون أن يكون لديها مرافقة
مرافقة ؟ لا بد انك تمزحين؟
قالت روز غير مصدقة ولكن لم يكن هناك من يضحك
كلام اختى صحيح.
قال خافيار هذا ببطء واشتبكت نظراته الهادئة بنظراتها الملتهبة وهو يجيب بهدوء:
تقضى التقاليد عندنا ان ترافق الفتاة التى ستصبح عروسا امرأة اكبر منها سنا بمجيئك معنا ستقدمين لى ولتيريزا خدمة كبرى وتمنحين ابى سكينة النفس اثناء مرضه الشديد هذا.
قالت آن وهى تسير لتقف بجانب روز وتضع يدها على ذراعها:
خافيار على صواب قولى انك ستأتين معنا ارجوك
حركت روز فمها ولكنها لم تنبس بكلمة وتوترت ملامحها وهى تنظر الى وجه خافيار التهكمى فقد بدا مستمتعا بما يجرى اما هى فقد شعرت بنفسها وكأنها عانس كبيرة فى السن عادت تنظر الى آن فرأت القلق فى عينيها البنيتين
نعم لا بأس.
لم يكن بامكانها القيام بخلاف ذلك ولكن كيف لها ان تتحمل العيش فى المنزل نفسه مع خافيار فالدزبينو؟
عانقتها ان وهى تقول
هذا عظيم سأراك فى الطابق الأسفل اذن
سنستمتع بوجودك معنا فى اسبانيا
ثم غمزتها وتركتها وقال لها خافيار وهو يضع يده على ظهرها
اسمحى لى ان ارافقك الى البهو تبدين شاحبة قليلا فأنت لم تتناولى الكثير من الطعام
كان يسخر منها انها تسمع هذا فى نبرة صوته هذا المتغطرس يعرف انها لا تريد الذهاب الى اسبانيا ما الذى جعلها تضع نفسها فى مأزق كهذا؟
قالت بجفاء
كيف يمكننى ان ارفض ازاء هذه الاسباب؟
دفء يده على ظهرها ارسل رجفة فى كيانها جاهدت بكل ما تملك من ارادة للسيطرة عليها يا لغبائها ! كان عليها ان ترفض
تملكها الارتياح عندما ابعد يده عن ظهرها ورأت روز ثلاث ارائك مرتبة حول منضدة قهوة منخفضة فتقدمت لتجلس مع خالها اليكس على احدى هذه الارائك وراحت تسوى تنورتها بيديها اللتين كان العرق ينضح منهما وجلس خافيار امامها مع اخته فيما جلست جين ودايفيد على الاريكة الثالثة ثم جئ بالقهوة ودار الحديث حول املاك فالدزبينو فى اسبانيا.
أعدك بألا يصيبك الملل
قال خافيار هذا بصفاء وعينان تحومان على وجهها الرائع الجمال
أبى يقطن فى منزلنا الذى فى المدينة حاليا فهكذا يكون قريبا من المستشفى اذا ما احتاج الى رعاية اثناء غيابى قد تتمكنان انت وآن من رؤية المدينة خلال اقامتنا هناك ثم نعود الى المزرعة وهذا يعتمد على ما قد يقوله الطبيب لأبى.
يبدو هذا حسنا جدا
قالت روز هذا موافقة بعد ان استطاعت كبح نبرة ساخرة فى صوتها
فكرة قضاء اسبوع فى صحبته بدت لها اشبه باجازة فى جهنم! والأسوأ من ذلك انها واثقة انه يعرف شعورها بالضبط! انها تراقب تصرفاته منذ نصف ساعة كان رجل الاعمال الدمث المهذب المحنك يدير الحديث بمهارة لم يوجه اهتمامه ولو مرة واحدة اليها اكثر مما كان يوجهه الى زوجة خالها او الى اخته.
ولكن كان هناك شئ ما ....وراء ثقته الهادئة الظاهرة بالنفس أحست بشئ بدائى ... رأته فى لمعان عينيه الداكنتين عندما كان يتنازل ويريحهما على وجهها.
رأت فيهما كل شئ ما عدا الهدوء.
هل تشعر بعقدة الارتياب بسبب غضبها منه ؟ هزت رأسها ثم نهضت عندما جاءت موظفة الاستقبال لتخبرهم بأن السيارات فى الانتظار. كانت تيريزا مستغرقة فى حديث طويل مع خافيار بلغتهما فالتفتت روز الى جين مغتنة الفرصة وتمتمت تقول: لن يكون الامر محنة كما اتصور اظن كل شئ سيسير بشكل حسن. استدارت روز على عقبيها لتجد خافيار واقفا على مسافة قريبة جدا منها بحيث بسطت يدها على صدره بحركة دفاع غريزية : لم أرك. شعرت بحرارة جسمه وبخفقان قلبه المنتظم من خلال قميصه الحريرى فأبعدت يدها شاعرة بأن أصابعها تحترق وكأنما لمست جمرا: ما كان لك ان تزحف نحو الناس بهذا الشكل. فقال ساخرا وعيناه تلمعان: أزحف...؟ لم يتهمنى احد قط من قبل بأننى ازحف أظن ان رئيسك فى العمل على حق فأنت متوترة للغاية وتحتاجين الى فترة تغيير فى حياتك فقالت جين: بالضبط والان انزلى مع خافيار الى المقصف واسدلى شعرك فقد امضيت مدة طويلة وانت تعملين بجد روزالين هيا انزلى وامرحى وانتبهى ايضا الى جيمى وآن من أجلنا؟ وهكذا وجدت روز نفسها بعد عشر دقائق فى مدخل ناد كثير الضجيج وهاج الاضواء تحت الارض ويد رجل قوية تضغط على ظهرها لتدفعها الى الامام: لا يمكنك بأية حال ان تبقى هنا.

رفعت بصرها الى رفيقها فرأت نظرة هزء باردة فى عينيه الداكنتين فتراجعت غريزيا منفلتة من يده.
آسف لا استطيع سماعك
وبسرعة مد يديه واخذها بين ذراعيه ثم احنى رأسه ليقول بالقرب من اذنها:
اظنك تجاوزت مرحلة التسليات البسيطة هذه روزالين
ولكن يمكننا ان نقوم برقصة واحدة
ثم نطمئن بسرعة على الخطيبين وهكذا نكون قد انهينا واجبنا ازاء ذويهم
فنستطيع بعد ذلك مغادرة هذا المكان
اتفقنا؟
قفز قلبها للدفء الذى كان يتسرب من انفاسه على اذنها فأومأت بموافقتها لاهثة.
ومن سوء حظها ان الفرقة اختارت هذه اللحظة بالذات لتعزف اغنية شعبية.
امسكها خافيار بسرعة فوضع يدا قوية فوق كتفها بينما طوق خصرها بيده الثانية وراح يحركها على انغام الموسيقى التى اخذت تثير فى كيانها احاسيس حاولت جهدها تجاهلها.

تصاعد توترها عليها ان تبتعد الان .... بهذا حدثها المنطق
خافيار فالدزبينو رجل بالغ الخطورة لكنها لم تفعل فخافيار قد جرحها بمضمون كلامه حين قال انها اكبر سنا من ان تستمتع بالرقص فى هذا المكان.
وهكذا عندما تغيرت الموسيقى قال بصوت أجش وعيناه تتراقصان:
هل تجيدين رقص السالسا؟
وبغباء اجابت:
نعم
ظنت انه سيبدو احمق فقد كان اكبر من اى رجل فى القاعة.
لكنه بدلا من ذلك بدا وكأنه أمنية كل امرأة.
راح جسم خافيار الكبير يتحرك برشاقة مثيرة
وادركت روز بسخرية ان الاختلاف بين شخصية هذا الرجل المتحفظة المسيطرة وقوة ارادته وبين ملامح الرجولة غير العادية التى تنضخ منه جعل كل امرأة فى المكان تكتسحه بنظرات جانبية تخلو من الذوق.
لم تعرف روز أهى اجواء الموسيقى الصاخبة ام الاحباط الغاضب الذى كان يجيش فى نفسها منذ لقائها بهذا الرجل ما جعلها تشعر باغراء لم تستطع مقاومته.
وهكذا راحت ترقص معه على سجيتها.
وعندما توقفت الموسيقى شدها خافيار اليه فضاع صوابها .
ورأت رأسه ينحنى .
هل سيعانقها؟
لكنه انتصب فى وقفته ويداه القويتان حول كتفيها
ثم تراجع بشكل عفوى
ثم اخذت نظراته تكتسحها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها , بملامح شاردة باردة .....
**********

سيريناد 19-07-19 04:48 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 


3-ملاك ونظرات شيطانية



تملك روز الاضطراب واخذت تحدق فى وجهه وقد دار رأسها
شكرا انت ترقصين بشكل جيد
قال هذا بتهذيب متكلف وقد نزلت يداه عن كتفيها
شكرا لك
تمتمت بذلك وقد التهب وجهها ارتباكا ماذا يحدث لها؟
هل بلغ بها الغباء حدا ظنت معه ان رجلا مثل خافيار فالدزبينو قد يعانقها فى حلبة الرقص المزدحمة؟
هل اخذت اجازة من عقلها ام ماذا؟
اشاحت بوجهها وتراجعت خطوة الى الخلف شكرا لك
كان هذا كل ما استطاعت التفكير به فهذه هى الحقيقة عليها ان تكون حذرة.
فهذا الرجل يملك كل المؤهلات التى تجعل المرأة تشعر بمشاعر جارفة.
تعالى اظننا قمنا بواجبنا
الخطيبان بأحسن حال ويمكنهما رعاية بعضهما البعض .
امسك بذراعها يقودها الى المخرج ثم صعدا السلالم الى البهو الهادئ نسبيا
سارت روز معه من دون ان تعترض بسبب اضطراب مشاعرها
طلب خافيار كوبين من عصير الليمون ثم دعا روز الى الجلوس على اريكة قائلا:
كثرة الرطعام والرقص من المحتمل ان تصيبنا بالاجهاد
ثم جلس بقربها على الاريكة التفتت اليه مرغمة نفسها على مواجهة عينيه :
انت محق فى هذا
احست بالضيق بسبب شعورها بالحر كما ان شعرها اخذ ينفلت ليصبح خصلات مشوشة بينما بدا خافيار هادئا منضبطا بشكل ملحوظ
ثم اخذ يتأملها من تحت جفنيه الثقيلين طبيبة انجليزية اصيلة ترقص كبنات اللاتين!
وابتسم وهو يرفع حاجبيه بذهول ساخر اخبرينى بسرك اين تعلمت رقص السالسا؟
بدا سؤاله عاديا فتمسكت روز بهذه الفرصة لتبدأ حديثا طبيعيا املة ان يخفف ذلك من التوتر الذى تملكها طوال الساعة الماضية وانبأتها ملامح خافيار المتغطرسة الشاردة انه لا يعانى من هذه المحنة مثلها.
فى افريقيا
اجابته بذلك بصدق ثم سكتت لحظة فجعلت الذكريات السعيدة عينيها الخضراوين تتألقان بذكريات الماضى الحافلة بالمرح
دومينيك وهو عالم آثار من الارجنتين جاء الى مستشفانا فى الصومال كان مسافرا بمفرده كما يبدو وتعرض للسلب لكن الحظ حالفه فنجا بحياته بدون نقود ولا ملابس بعين سوداء وجمجمة مشروخة ولكن من الغريب انه استطاع ان يحتفظ بشريط موسيقى السالسا راح يسمعنا ذلك الشريط فى المسكن ليلا ونهارا وعندما حان وقت رحيله بعد ذلك بثلاثة اشهر كنت قد تعلمت رقصة السالسا وكذلك التانغو والسامبا.
وابتسمت روز لقد هدأ توترها بعد تناول كوب العصير وكان الليل قد شارف على نهايته تقريبا وكان خافيار قد طلب سيارة اجرة حين طلب الشراب واصبح بامكانها ان تكون ودودا وتتخلى عن حذرها.
لم يكن لديها فكرة عن الاغراء الذى يشعر به الرجل الذى يجلس معها
فقد كان ينظر اليها بعينين سوداوين لامعتين وقد اطبق اسنانه باحكام.
كانت خصلات شعرها الاحمر تحيط بوجهها البيضاوى. وقد انزلقت فتحة عنق ثوبها الاخضر قليلا وبدا جسمها مثيرا وهى تضع ساقيها الطويلتين الواحدة فوق الاخرى لكن روز لم تكن واعية لذلك على الاطلاق.
لقد عاد الى البرازيل سمعت مؤخرا انه يزور جبال الانديز ليبحث عن مقبرة مقدسة.
اضافت روز ذلك ولمحة من الحزن تظلل عينيها الخضراوين الرائعتين.
كان دومينيك قد اغرم بها وحاول اغراءها فى احدى الليالى, وكادت غلطته تلك تفسد صداقة رائعة بينهما.
قال خافيار ساخرا: يبدو ان المقبرة هى احسن مكان له فسألته بدهشة: لم تقول ذلك؟ انه رجل لطيف رقيق لو انك عرفته لأحببته حتما بعد ان قالت هذا ادركت انه صحيح تماما فدومينيك هو رجل من نوع خافيار لكنه لا يملك نزعة خافيار الى القسوة وادركت فجأة ان هذا هو السبب الذى جعلها تختاره كصديق مميز لها طوال العشر سنوات الماضية فقد ذكرها بخافيار وقد ادرك دومينيك حقيقة انها لم تكن مغرمة به فانسحب من حياتها. اذا كان هذا رأيك..... قال هذا مبتسما بجفاء وهو يومئ الى شخص ما خلفها ثم يقف: يبدو ان سيارتنا وصلت ومد يده اليها يساعدها على الوقوف وقد بدا فى هيئته فى عينيه اللامعتين شئ منعها من مجادلته فوضعت يدها فى يده لم يكن مضطرا الى ان يرفعها لتقف بمثل هذا العنف كما اخذت تفكر بعد ان كادت تقع على وجهها عاثرة بكعب حذائها العالى هذا لكنه بنظرة استخفاف الى وجهها الجميل شدد قبضته على يدها ودفعها خلال ردهة الاستقبال ومن ثم الى الخارج حيث جو الليل البارد لم هذه السرعة؟ لم تستطع ان تمنع نفسها من طرح هذا السؤال سرت فى ظهرها رجفة خفيفة ولم تعلم ما اذا كان ذلك بسبب برودة الليل ام بسبب يده الضخمة التى كانت تقبض على يدها. ترك يدها قائلا ببرودة: اصعدى الى السيارة كان يوما مجهدا والليل لم يكن افضل حالا لقد نلت هذه المرة ما فيه الكفاية ويسرنى ان اعود الى الوطن غدا معك ومع جيمى وآن طبعا لماذا تشعر وكـأن الجملة الاخيرة قد دست وكأنها فكرة متأخرة ؟ عبست وهى تصعد الى السيارة جاء خافيار فالدزبينو الى يوركشاير ليقوم بواجب اسرى وقد ادى دوره بشكل رقيق محنك ساخر وهو الان متلهف للعودة الى بلده فلبس فى هذا ما يقاقها ستمضى اسبوعا فى اسبانيا مع جيمى وان ولا شك ان خافيار فالدزبينو سيكون مضيفا ممتازا اما خوفها من ان يتذكر تلك الفتاة الغبية التى كان تعرف اليها منذ عشر سنوات قلا داعى له على الاطلاق . بغد وصولهما الى البيت رفضت دعوة خافيار المختصرة الى فنجان القهوة الليلى وذهبت الى غرفتها مباشرة كانت ما تزال مستيقظة تماما. لا فائدة فهى ستبقى مستيقظة وبآهة مهزومة فتحت عينيها وتركت ذاكرتها تعود الى الماضى اذا هى واجهت شياطينها او بالأحرى شيطانها .... خافيار ربما تتمكن اخيرا من النوم
*********
دخلت عارضة الازياء على وقع الموسيقى رافعة الرأس متئدة الخطوات
ترفل فى ثوب من الحرير مكشوف الظهر مربوط عند كتفيها بحمالتين رفيعتين لا تكادان تقويان على حمل القسم الاعلى منه
اما تنورته قصيرة فتكشف عن معظم ساقيها.
بدا وجهها الرائع خاليا من اى تعبير وشعرها الاحمر قصير قومت تجاعيده بقسوة
كما كحات عيناها بشكل مبالغ فيه وقد بدت نظراتها شاردة....
فى السادسة عشرة من عمرها لفتت الانظار اثناء عرض للأزياء اقيم فى بيرمنغهام فعرض عليها ان تعمل كعارضة ازياء.
كان طولها مئة وثلاثة وسبعين سنتيمترا جسمها نحيف يتحلى بالرشاقة وهذا ما كانت تبحث عنه وكالة عرض الازياء
ناقشها والداها فى الامر وهما طبيبان ثم وافقا اخيرا على ذلك على ان تعمل فقط اثناء العطل المدرسية وان اسمها الحرفى مايلين وهو مأخوذ من اسمها الكامل روزالين ماى وقد اشار عليها بذلك والدها
فهى تريد ان تكمل تعليمها لتصبح طبيبة لذا من الافضل ألا تستعمل اسمها الحقيقى.

شملت مايلين المتفرجين حولها بنظراتها غافلة عن التصفيق الحماسى الذى قوبلت به
كان قلبها مليئا بالحزن لقرب رحيلها الى الوطن بعد مأساة مقتل والديها فى حادث تحطم طائرة فى وسط افريقيا منذ اكثر من عام فيما هما يقومان بمهمة انسانية هناك
وجدت روز بعد ذلك تفسها وحيدة مع بيغى التى كانت ترعاها منذ كانت فى الثانية من عمرها.
وبعد مناقشة الامر مع خالها وزوجته وهما كل ما بقى لها فى العالم من اقارب استقر الامر على ان تسكن روز مع بيغى فى بيت الاسرة فى لندن الى ان تنهى امتحاناتهاز
وقد انهتها بنجاح الصيف الماضى رغم الحزن الذى حل بها وكما تم قبولها فى جامعة لندن لدراسة الطب
لكنها قررت ارجاء دراسة الطب مدة عام ستزاول خلالها مهنة عرض الازياء وهكذا تجمع مبلغا من المال تنفقه على نفسها ودراستها فى كلية الطب.
خلال عيد الميلاد الاخير اعلنت بيغى انها ستتزوج خلال اشهر وهكذا عرضت روز بيت الاسرة الكبير للبيع ثم قررت ان تشترى شقة على بعد شارعين منه.
من سخرية القدر ان فقدها والديها نتج عنه فقدها الكثير من وزنها وهذا كان مناسبا تماما لمهنتها عارضة ازياء
وهكذا لم يعد المال مشكلة بالنسبة اليها.
وها هى الان فى برشلونة فى حفلة عرض ازياء خيرية بالاشتراك مع جائزة اسبانيا الكبرى فى شهر ايار
تمنت روز لو انها الان فى انجلترا لتحتفل بعيد ميلادها مع خالها وزوجته
فاليوم هو عيد ميلادها التاسع عشر
نظرت حولها الى المتفرجين فشعرت كأنها فى التسعين لكنها اخذت تعزى نفسها ان هذا الحفل لن يدوم طويلا.
وصلت مايلين عارضة الازياء الى اخر ممر العرض الضيق ثم استدارت لتعود ادراجها فانثنى الثوب الحريرى الرمادى اللون والضئيل الحجم حول جسمها باغراء
واذا بفكرة غادرة تخطر لها وهى ان ليس ثمة امرأة تتمتع بعقل سليم تحب ان تسير بين الناس مرتدية هذا الثوب
على كل حال ستتوقف بعد غد عن ممارسة هذه المهنة لن يراها احد بهذا الشكل بعد الان.
وابتسمت لهذه الفكرة من دون وعى
الاسبوع القادم سيكون لديها شقة جديدة واجازة طويلة وفى ايلول ستعود الى حياتها كطالبة مرة اخرى
عادت تسير الهوينا نحو خشبة العرض واذا بقشعريرة اثارة تتملكها وهى ترى فجأة رجلا طويلا جذابا يقف فى احد جوانب الصالة وعيناه مسمرتان على عينيها.
كانت هاتان العينان تتألقان بعنف كما التوت شفتاه بابتسامة خطيرة.
آه يا لجهنم
لقد ظنها تبتسم له !
كانت مايلين قد لمحته اثناء العرض امس وبالكاد تمكنت من ابعاد نظراتها عنه
وبعد انتهاء العرض دخل خلف الكواليس وتحدث اليها:
مايلين انا متلهف الى لقائك
كنت متألقة الليلة
بغطرسة الشباب وذكائه تجنبت مايلين كل الاشراك التى كانت توقع بعارضات الازياء الاخريات فهى لا تدخن كما انها لم تقابل بعد ذلك الرجل الذى يستطيع ان يغريها بالخروج معه
لكن نظرة واحدة الى هذا الغريب الاسمر جعلتها تضيع فى عينيه .
شعرت بالحرارة تسرى فى دمها وتصاعد الاحمرار الى وجهها.
لم تستطع ان تحول نظراتها عنه
وفى تلك اللحظة كل مبادئها السابقة عن الحب والاخلاق تبددت فى هبة من الدخان.
تعالى صوت فى اعماقها ينبهها بأن هذا الرجل خطر .
لكنها تجاهلت ذلك الصوت وابتسمت له
كان طوله يفوق الستة اقدام وقالت يصوت عاطفى اجش:
شكرا
قدم اليها الرجل سيجارة وعندما رفضتها قال لها ان بامكانه ان يقدم اليها شيئا اقوى كانت تعلم ان المخدرات تكثر فى عالم عرض الازياء ولكن لم يكن لها صلة بذلك فشعرت بالمرارة ظنا منها انه من تجار المخدرات. فما كان منها الا ان صفعته على وجهه وابتعدت عنه .... واذ تذكرت اين هى الان وما عليها ان تقوم به حولت نظراتها عن ذلك الشيطان الوسيم ثم اكملت العرض. صرخ مصمم الازياء الاسبانى فيها يغضب بالغ لما عادت الى خلف مسرح ال***: ما كان عليك ان تبتسمى كما اظنك بدأت تسمنين نظرت مايلين الى الرجل الاسمر المخنث الصغير الجسم وعادت تبتسم من عادة مصممى الازياء ان يقولوا لعارضات الازياء كذبا انهن يسمن وذلك لمجرد تنبيههن الى ضرورة الحفاظ على رشاقة قوامهن. لكن ذلك لم يعد يهمها فقالت ضاحكة اسفة يا سيرجيو لم استطع منع نفسى انت صعبة جدا يا مايلين جميلة لكنك صعبة حاولى ان تفعلى ما يقال لك ولو مرة فى حياتك ابقى هذا الثوب على جسمك واختلطى بالناس الحفلة اوشكت ان تبدأ وكل ابناء الطبقة الراقية فى اسبانيا سيحضرون الحفلة وكذلك اشهر سائقى سيارات السباق فى العالم ومن يساندهم .

فتأوهت :
هل انا مضطرة لذلك؟
نعم اذا شئت ان تحصلى على اجرك.
تناوات كأس صودا ثم شقت طريقها بين الجموع اخذت تجيب على نداءات باسمها لا تحصى بابتسامة مختصرة وايماءات.
واخيرا وجدت ما كانت تبحث عنه زاوية هادئة خلف نخلة كبيرة مغروسة فى اناء
استندت مايلين الى الجدار واخرجت احدى قدميها من فردة حذائها ذات الكعب العالى الى درجة سخيفة ثم تنهدت بارتياح
اذا ساعدها الحظ يمكنها ان تهرب خلال دقيقة الى فندقها
لم تشأ ان تشرب الصودا فنظرت حولها بحذر ثم افرغت كأسها فى انية النخلة.
يا للقسوة لقد قضيت على نبتة بريئة بنفس السهولة التى قضيت بها على املى امس.
القت الكأس فى الانية ثم التفتت مذهولة لترى فى الناحية الاخرى من النخلة ذلك الرجل الطويل الاسمر الذى لفت انتباهها فى قاعة العرض
احمر وجهها حتى جذور شعرها:
لم لكن اعنى.... لم أكن..
تلغثمت وتسارعت خفقات قلبها وهى تنظر اليه
بدا اكثر جاذبية مما تتذكر
فكرت مايلين مفتونة ان وجهه كالملاك فقد بدا وسيما بشكل لا يصدق بلونه الاسمر الذى يميز سكان حوض البحر المتوسط وحاجبيه الاسودين القاتمين اللذين يلمعان ببريق ذهبى
لم يكن انفه مستقيما تماما فقد بدا منخراه متسعين قليلا ووجنتاه عاليتين بالاضافة الى فم جميل واسع
بدت جاذبيته كاسحة ومدمرة
ومع ان مايلين طويلة القامة الا انه كان يفوقها بأكثر من عشرين سنتيمترا وقد بدت كتفاه عريضتين قويتى العضلات.
كان يرتدى قميصا من القطن الناعم وحزاما جلديا مزخرفا منخفضا حتى وركيه يشد بنطلونا بلون القشدة.
بدت ملابسه عفوية لكن مايلين لاحظت انها من افخر انواع الملابس اذ كان توقيع المصمم واضحا عليها.
استند الرجل الى الجدار بجانبها :
انا امزح معك فقط يا مايلين
زكل ما اريده هو ازالة سوء التفاهم بيننا
انا لا اتعامل بالمخدرات كما اظنك تصورتنى بالأمس
اردت التأكد فقط انك لا تتعاطين المخدرات
لأن رأيى فى عارضات الازياء ليس حسنا وانا اعتذر
وصدقته مايلين
وفى مقابلتها الثانية له بدا لها ارفع شأنا من ان يكون تاجر مخدرات
اطمئنك الى اننى اقوم بعمل شريف لأكسب عيشى وانا اريد ان اتحدث اليك مرة اخرى من دون ان انال صفعة.
وابتسم لها ونسيت مايلين كل ما تملكها من شكوك حول الرجل
لقد اسرها تمام بجماله الاسمر
تملكتها موجة من الارتياح وشعرت بقشعريرة من الاثارة ما جعلها تقول بابتسامة رائعة:
ما دام الامر كذلك لا بأس
قالت هذا بوقاحة فقال ببطء:
حسنا لدى ايضا فكرة اخرى فى ذهنى
انتابها احساس حقيقى بخيبة الامل
فانتصبت مايلين فى وقفتها ثم عادت تدخل قدمها فى فردة حذائها.
لم تعد تتذكر عدد الرجال الوسيمين الذين حاولوا اغراءها خلال العام المنصرم .
واملت ان يكون هذا الرجل مختلفا
لكن الامر لا يبدو كذلك
فقالت بهدوء:
لقد اخترت الفتاة غير المناسبة.
وهمت بالابتعاد
امسك الرجل بيديها
لا كنت اعنى فقط اننى لم آكل جيدا هذا المساء وسيشرفنى ان تتناولى العشاء معى
انا لا اعرف حتى اسمك
لكن الاغراء تملكها لأن تلبى دعوته
اصابعه التى كانت تمسك بذراعها ارسلت شعورا بالشوق فى كل كيانها
شعور لم تكن تعرف مثله فى حياتها
عيناه القاتمتان المليئتان بالحيوية كانتا تخترقان قناع عارضة الازياء الذى تضعه لتصلا الى الفتاة وراءه.
وشعرت مايلين بميل الى تصديق كلامه
رفع حاجبيه ساخرا:
بل اظنك تعلمين من ....
وسكت فى منتصف الجملة وعيناه تضيقان وهو ينظر الى وجهها
يبدو ان ما قرأه فى ذلك الوجه الفتى الصريح جعله يغير رأيه:
اسمحى لى ان اعرفك بنفسى.
خافيار فالدزبينو
انا فى التاسعة والعشرين من عمرى وانا اسبانى اعزب من مدينة سيفيل
اقيم حاليا فى برشلونة لكى احضر السباق.
صوته العميق الرخيم ذو اللكنة الخفيفة دغدغ مشاعر مايلين
وفكرت ان يضيف الى اوصافه انه يملك جسدا رائعا
وفى تلك اللحظة قررت ان تلقى بالحذر مع الريح وتقبل دعوته
وعلى كل حال انه عيد ميلادها....
مدت اليه يدها تقدم نفسها :
مايلين انا فى التاسعة عشرة وانا انجليزية عزباء ايضا وانا فى برشلونة لأجل عرض الازياء
قلدت طريقته فى التعارف وقد انفرجت شفتاها عن اسنانها الؤلؤية بابتسامة ارتياح.
- هل هذا يعنى انك ستتعشين معى؟
كانت يده لا تزال ممسكة بذراعها وفى تلك اللحظة انزلها لكى يطوق بها خصرها
شعرت مايلين بصدمة كهربائية تهز كيانها لكن عينيه اللتين كانتا تضحكان لها اعمتاها عن الخطر.
-نعم
قالت هذا وقد سمرتها روعة ابتسامته
فقال وهو يستعجلها للخروج من الغرفة:
سأتذكرك دوما كلما نظرت الى شجرة نخيل مغروسة فى انية
- قدمت الى مجاملات افضل.
قالت هذا ضاحكة وهى ترفع بصرها اليه من خلال اهدابها الكثيفة
فقال بجدية تامة:
ولكن ليس بهذا الصدق أؤكد لك.
والتقت عيونهما خضراء بريئة وبنية دنيوية وللحظة بدا كأن الحشد والضجيج قد تلاشيا وان الزمن قد توقف.
رفع اصبعه ومررها على ذقنها ووجنتها :
مايلين اسم جميل لفتاة جميلة.
خفق قلبها واكتسحتها موجة من السخونة صعقت لها لكن النظرة التى ظهرت فى عينيه جمدتها واشعرتها بشئ من الخوف
لم تعرف ما الذى يحدث لها ما عدا انه هام وخطير
فتحت فمها لتقول شيئا علها تخفف من التوتر الذى احاط بهما لكنه وضع اصبعه على فمها بحزم:
لا , لا تقولى شيئا لا حاجة بك لذلك.
واكتسحت نظراته الذهبية جسدها الفتى فتسارعت خفقات قلبها, واخذت تلهث وهى تنظر اليه بعجز فعاد يقول:
اعرف ما تريدين قوله
ووضع يده حول خصرها النحيف فجذبها اليه وعيناه تحترقان فأدركت مايلين انه سيعانقها
لكن رجلا نادى خافيار وخاطبه بلغته مال برأسه المتغطرس نحو الرجل الاخر واسرع يجيبه بابتسامة.
ثم اخذ يدفعها خلال الحشد
كان العديد من الاشخاص يوقفونه او يحيونه فيجيب التحية بتهذيب.
لكن مايلين لم تفهم معظم ما كان يقال من تعابير
لأن اكثرها كان بالاسبانية
عندما وصل الى باب الخروج تذكرت اين هى وماذا ترتدى
انتظر على ان ابدل ملابسى
انت رائعة بهذا الثوب
قال هذا بصوت اجش قرب اذنها
- لكنه ليس ثوبى.
وانفلتت من قبضته وتنفست بعمق
واذا بسيرجيو يظهر فجأة الى جانبها:
ها انت ذى يا مايلين اظننى طلبت منك ان تختلطى بالحشود
اريد ان يرى الناس هذا الثوب هل هذا كثير عليك ؟ لدى امل كبير فى ان ابيع بعض ازيائى فى السوق
ولهذا اختلطى بالناس يا عزيزتى لأجل الله.
عاد خافيار يحيط خصرها بذراعه وهو يلقى على سيرجيو نظرة قاسية:
ألا ترى انها معى ؟ اما بالنسبة الى الثوب ارسل الى فاتورته فأنا سآخذ مايلين الى العشاء
لا انتظر لحظة
لم يحدث من قبل ان اشترى رجل لها ملابس, وخصوصا رجل لا تكاد تعرفه.
مع ان هذا الرجل فتنها لكنها ليست معتوهة تماما اوشك سيرجيو ان يرفعها الى خارج الباب :
لم ادرك انك مع السنيور فالدزبينو يا عزيزتى
احتفظى بالثوب واذهبى اذهبى اذهبى استمتعى بالعشاء ولا تنسى ان هناك عرضا للأسرة المالكة غدا عند الظهر
ثم التفت الى خافيار:
انا بحاجة اليها عند الساعة الثانية عشرة من ظهر الغد.
وقبل ان تدرك ما يحدث لها كانت مايلين قد اصبحت فى سيارة رياضية سوداء فخمة
جلس خافيار خلف المقود وراحت السيارة تسرع بهما فى شوارع برشلونة
واخيرا وجدت صوتها:
لنا اعنى ما قلته بالنسبة الى تغيير ملابسى لا اريد ان اظهر بين الناس فى هذا الثوب
هذا ليس طرازى على الاطلاق
القى نظرة جانبية على وجهها المتمرد والضحك فى عينيه :
ليس ثمة مشكلة لدى حل ممتاز سنأكل فى بيتى
- ولكن .... ولكن ....
اخذت تغمغم مضطربة ولم تعد تجد الكلمات المناسبة , لا يمكنها ان تعترض بعد ان اعلنت انها لا تريد ان تبدو بين الناس فى هذا الثوب اللعين
امسك يدها بيده العريضة :
لا تقلقى يا مايلين انت آمنة معى
أعدك بذلك.
**********
تململت روز على سريرها بعدم ارتياح انه اول وعود خافيار لها منذ عشر سنوات. وكان زائفا بقدر الوعود التى تبعته. وادركت بعد فوات الاوان ان خافيار ادركها فى النقطة الفاصلة فى تغيير حياتها , بعد اكثر من سنة من الحزن على والديها والعمل بشكل آلى. كانت قد اوشكت على الشفاء من احزانها. فقد بيع بيت الاسرة وهى فى سبيل شراء شقة خاصة بها. فمربيتها بيغى ستتركها لتتزوج وروز اصبحت جاهزة لدخول عالم الراشدين ومغادرة عالم الازياء. كانت تتطلع الى دخول الجامعة لدراسة المهنة التى تريدها حقا. وهكذا سارت تلك الليلة على خشبة العرض الضيقة مليئة بالثقة . ولأول مرة منذ اكثر من عام ارتسمت على شفتيها ابتسامة عفوية. وكانت تلك غلطتها الكبرى. أخذت تتأمل خيوط الفجر وهى تبزغ عبرسماء الليل . تأوهت وهى تتقلب فى سريرها ودفنت وجهها فى الوسادة , محاولة ان تمتنع عن استعادة تلك الذكرى , لكنها لم تفلح. فذكريات تلك الليلة ظلت تعاود احلامها لسنوات وفى الحقيقة لقد اثرت على نظرتها الى كل الرجال منذ ذلك الحين فهى لم تتمكن من نسيانها لتتابع حياتها بشكل عادى الا بعد وقت طويل انها فى النهاية تريد زوجا واسرة لنفسها فهل تدع ذكريات الليلة الغبية تفسد حياتها الى الأبد؟ حتى ان خافيار الذى سبب لها تلك الصدمة لم يتذكرها. وحدثت نفسها تخفف عنها ان عليها مواجهة الأمر .... فهو بالتأكيد ليس رجلا صالحا.


************

سيريناد 19-07-19 04:51 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

4- النصف الآخر

وقفت مايلين وسط الغرفة الواسعة وهى تتساءل عما تفعله هنا
كانت الارض من الخشب المصقول اما النافذة فقد امتدت على طول الجدار وقد بدا من خلفها مشهد ليلى مذهل لبرشلونة
نظرت حولها فرأت ان الغرفة لا تحتوى الا على قطع قليلة من الاثاث
اريكتان ناصعتا البياض ومنضدة سوداء بالاضافة الى مدفأة رخامية انيقة وضعت على الرف الذى يعلوها صورة داخل اطار فضى
اقتربت منها ونظرت الى الصورة
بدا خافيار فيها مشبكا بذراع رجل اخر وقد وقفت بينهما فتاة جميلة سوداء الشعر
كانوا جميعا يضحكون اما الفتاة فكانت تضع خاتما كبيرا فى اصبعها
قالت وقد وجدت موضوعا للحديث
هل هما من اصدقائك؟
فأجاب خافيار باسما
نعم صديقان طيبان
بيتك جميل
وزادتها ابتسامته توترا
أتظنين ذلك؟
نظر فى انحاء الغرفة من دون حماسة ثم عادت نظراته لتستقر على قوامها المتوتر
رأى نظراتها الحذرة فقال:
لا تخافى فأنا لا انوى ايذاءك
ثم امسكها بذراعها وادارها اليه :
انا دعوتك الى العشاء وهذا كل شئ
هل يمكنك ان تطبخ ؟
سألته بارتياب مستعيدة مظهر الحنكة الزائف الذى تعلمته من خلال عملها فى عرض الازياء وهى تحاول فى الوقت نفسه ان تتجاهل قربه البالغ منها وتسارع دقات قلبها
طبعا فأنا رجل متعدد المواهب
هز كتفيه وبسط يديه ما جعل تأثيره عليها يتضاعف
أنا أصدقك.
ونظرت الى قامته الطويلة وثارت مخيلتها وهى تتصور مواهبه الاخرى
سألها وابتسامة راضية تلوى فمه الواسع :
ما رأيك فى عجة اسبانية حقيقية مع السلطة؟
جميل جدا شكرا
فانفجر ضاحكا:
أنت لا تقدرين بثمن يا مايلين
ونظرت عيناه الباسمتان فى عينيها ثم امسك بذراعها وقادها الى المطبخ:
هيا بنا يمكنك ان تعدى السلطة
اثناء ربع الساعة التالية اخذا يعملان معا سعيدين
وحبست مايلين انفاسها فيما هما يتحركان معا فى تلك المساحة الضيقة الا انها لم تظهر ردة فعلها
ولكن فيما بعد فاجأها شعور بالخزى وهى تجلس امامه حول المائدة الصغيرة وطبق الطعام امامها... لم يسبق لها قط ان كانت وحدها مع رجل فى شقته وصدمتها هذه الفكرة تماما
انها مع رجل غريب فى بلاد غريبة
لم تتصرف بهذا الطيش قط من قبل.
راحت عيناه السوداوان تتفحصان بكسل ثوب الحرير الناعم الذى يغطى جسمها
فشبكت ذراعيها على صدرها بخجل وقد شعرت بالصدمة لان نظرة واحدة منه جعلتها تتأثر بهذا الشكل
مد خافيار يده عبر المائدة وامسك بيدها
لا يا مايلين لا تخجلى
بينما القى خافيار برأسه الى الخلف وانفجر مقهقها: يا للبراءة! انا لا اصدق هذا لكنك انت على صواب بالنسبة لهذا الثوب مايلين انه لا يباسبك على الطلاق والآن انهى طعامك قبل ان يبرد اكلت لقمتين ثم دفعت بقية الطعام بشوكتها بعيدا لم تجرؤ على النظر اليه لأنها خشيت ان تحبس انفاسها اذا فعلت ذلك سألها باهتمام: ماذا حدث يا مايلين ؟ ألم تعجبك العجة؟ رفعت رأسها بسرعة وحاولت ان تبتسم: بل هى لذيذة ولكن يبدو اننى فقدت شهيتى انت عارضة ازياء واعرف انك تودين الحفاظ على قوامك لكنك ايضا فتاة رائعة الجمال ومن الاجرام افساد الجمال الكاامل بالرغبة الحمقاء فى تنحيف الجسم والآن كلى! قال هذا بحزم فعادت لمتابعة الطعام

اراح افكارها عندما انطلق فى الحديث عن حبه للسيارات, وعرفت انه يعمل فى حلبة السباق
وسرعان ما راحا يثرثران كصديقين قديمين
ونسيت ان اليوم هو عيد ميلادها
نسيت كل شئ ما عدا جاذبية هذا الرجل الساحقة ولكنها شعرت ان ما بينهما هو اكثر من مجرد جاذبية
تحدثا عن كل شئ ولا شئ , واخبرها انه لم يجلس قط من قبل لمدة ساعتين على كرسى المطبخ الصلبة كما جلس الان مقترحا عليها ان ينتقلا الى غرفة الجلوس.
استرخت مايلين بجانبه على الاريكة المخملية فى غرفة الجلوس, واخذا يشربان القهوة التى صنعها بيده
القت نظرة جانبية طويلة على جانب وجهه الوسيم, وفجأة ظهر عليها الارتباك وتصاعد الاحمرار الى وجنتيها.
لقد انتهى العشاء وكذلك القهوة تقريبا, وقد حان الوقت لتخرج , اما خافيار فقد تصرف كرجل مهذب طيلة الوقت تماما
بينما كانت هى تعانى من اضطراب مشاعرها نحوه.
لم تعرف ما الذى جرى لها .
لقد تعرفت الى عشرات الرجال الوسيمين اثناء حياتها العملية, ولكن لم يتمكن اى منهم من التأثير فيها كما اثر فيها خافيار.

كان يجلس باسترخاء بجانبها على الاريكة وساقاه الطويلتان ممدودتان امامه بعدم اكتراث فبدا مرتاحا بالغ الجاذبية. ورفعت بصرها بسرعة لكن ذلك لم يكن افضل كثيرا فقد استقرت نظراتها على صدره, وكانت ازرار قميصه العليا مفتوحة فقفزت واقفة , ثم قالت بصوت اجش وهى تحاول ان تسوى من حاشية ثوبها: الافضل ان اخرج الان فقد تأخر الوقت وعلى ان اعمل غدا وغامرت بالقاء نظرة عليه فذهلت لرؤية النار الذهبية المتقدة فى عينيه. مد خافيار يده وامسك بيدها وقبل ان تدرك ما يحدث كان قد جذبها نحوه -ألن تمنحينى عناقا قبل الوداع؟ - ارجوك انت ستتلف الثوب قالت اول فكرة خطرت ببالها: على ان اعيد الثوب سليما ادركت انها تتحدث بحماقة لكنه قال وذراعه تلتف حول خصرها بحزم بينما تمسك يده الاخرى بكتفها ما جعلها تشعر انها اشبه بقطيطة عاجزة. -اعتبريه هدية لك واقترب منها اكثر فاكتسحت جسدها احاسيس غريبة جعلتها تشعر بما يشبه الخدر - لا استطيع ان اقبل ولم تعرف مايلين هل قصدت بحديثها الثوب ام العناق فقال لها وعيناه اللامعتان تتفحصان وجهها ببطء: اعتبريه هدية عيد ميلادك يا حلوتى مايلين منحته ابتسامة متألقة ومالت قليلا مبتعدة عنه : وكيف عرفت ان اليوم هو عيد ميلادى؟ سألته ذلك وهى تحاول ان تخفى ارتباكها ضحك لقولها: لم أكن اعرف لكننا متناغمان مع بعضنا البعض الى حد يبدو ان بيننا حاسة سادسة.

ثم احتضنها بذراعيه بشدة :
عيد ميلاد سعيد يا جميلتى
ولكن لماذا لم تخبرينى؟
العجة ليست احتفالا لائقا لهذه المناسبة
لو كنت اعلم لاصطحبتك الى مطعم لتناول العشاء
ولكن ماذا بالنسبة الى والديك واصدقائك؟
ألا يرغبون فى مشاركتك عيدك؟
امتلأت عينا مايلين بالدموع
انه حقا رجل طيب يهتم بالآخرين:
مات والداى منذ سنة ونصف تقريبا
آه يا للمسكينة
وهذه المرة عانقها هناقا عذبا طويلا .... حمل لها العطف والمواساة.
لم تعرف مايلين ماذا جرى لها .
لحظة شعرت بالأمان والسلوان بين ذراعيه, وفى اللحظة التالية وجدت نفسها فى دوامة من الاحاسيس لم تفهمها تماما.
شعرت وكأن احدا لم يعانقها قط من قبل
فقد استجابت غريزيا وكأنها انتظرت هذه اللحظة طوال حياتها وارتجفت لقوة مشاعرها
وبرقة انزلقت يده الى كتفها ومال برأسه الى الخلف يحدق اليها:
انت رائعة مايلين ليتك تبقين معى
فنحن متناسبان تماما
ارتجفت وهى تنظر الى وجهه القوى الملامح بما يشبه الافتتنان وقد اشتبكت يداها الصغيرتان بشعره
لا يمكننى البقاء فلدى عمل اقوم به
اصبح الوقت متأخرا , ما رأيك لو تبقين هنا, وسوف اوصلك الى فندقك صباحا ساعة تشائين؟ اظنك تشعرين بالتعب
لم يكن التعب فقط ما جعلها تقبل اقتراحه, وانما رغبتها فى البقاء بقرب هذا الرجل الجذاب
ومضت لحظة تملكها فيها ما يشبه التعقل فقالت بصوت مرتجف:
لا , من الافضل ان اذهب.
وكأنما شعر خافيار بمخاوفها فقال يطمئنها:
اعدك بأن اتصرف كرجل شهم
سأنام فى غرفة الضيوف
نظرت اليه وقد تبدد كل شعور بالحذر لديها
فقد كانت رغبتها فى البقاء معه تفوق كل تصور
حسنا سأبقى اذا كنت تحترم وعدك حقا
يا الهى! لا يمكننى ان اسئ اليك مايلين
انا لم اتأثر بامرأة فى حياتى كما تأثرت بك
اريدك فى حياتى الى الابد
- حقا؟
تنهد خافيار وازاح خصلات شعرها عن حاجبها وعيناه تتفحصان وجهها الجميل:
غدا بعد ان تنهى عملك
سنخرج معا للاحتفال بعيد ميلادك
لماذا لم تخبرينى بذلك مايلين؟
لم اظن انك ستهتم للأمر.
ضمها الى صدره بقوة:
من الان فصاعدا سأهتم بكل ما يتعلق بك
لم يكن لديها فكرة عن كيفية التصرف فى مثل هذا الوضع
هل التقت حقا بحب حياتها؟
وصعدت الى حلقها ضحكة هيستيرية.
هذا ليس مضحكا يا مايلين
انا اتكلم بجدية
لست امزح فى هذا الامر
فقالت بفتور:
اسفة
فأنا لست معتادة على مثل هذه الامور
تأوه ثم رفع يده واخذ يسرح شعرها الى الخلف بحنان:
اشعر اننا خلقنا لبعضنا مايلين
لقد تأخر الوقت الان
ومن الافضل ان تنامى وسنتحدث بالأمر غدا, اتفقنا؟
ورفع ذقنها لينظر فى عينيها الخضراوين الكبيرتين:
احبك مايلين
لا ادرى كيف حصل لى ذلك
اشعر انك لى
لى وحدى والى الابد.
وانفرجت شفتاه بابتسامة وعيناه الداكنتان تتراقصان ببهجة جعلت قلبها فى صدرها يمتلئ بالحب
لكنها خشيت الاستسلام لمشاعرها فابتعدت عنه قليلا:
حسنا سأفكر بالأمر فيما بعد اما الان فأنا بحاجة الى الذهاب الى الحمام قبل الخلود الى النوم
عندما عادت الى الغرفة , بعد ان غسلت كل الزينة عن وجهها وحاولت ان تمشط شعرها وقفت عند الباب بالضبط.
كان خافيار مستلقيا على ظهره فوق الاريكة مغمض العينين وصدره يعلو ويهبط بانتظام.
وتملكها شعور قاهر بالحب.
ولم تعد تستطيع التنفس.
ومن دون ان يفتح عينيه قال بنعومة:
تعالى اجلسى بقربى مايلين
يمكننى ان اشعر بك واقفة هناك
فقالت وهى تسير نحوه ببطء:
وكيف عرفت اننى واقفة هناك؟
- انت نصفى الآخر.
فتح عينيه ونظر فى عينيها , وادار رأسها الدفء الذهبى فى عينيه
اخذت عيناه تجولان فوق جسدها, ثم عادتا الى وجهها الخالى من الزينة:
انت رائعة الجمال ومن دون تبرج عارضة الازياء انت اكثر جمالا.
تعالى.
ومد يده اليها فوضعت يدها فى يده بثقة واذا به يجذبها الى ما بين ذراعيه ليغرقها فى عناق طويل , حمل اليها احاسيس لم تعرف بوجودها من قبل.
وادركت مايلين ان هذا الرجل هو من كانت تنتظره طوال حياتها.
**********

رنين هاتف بعيد ايقظ مايلين من نوم عميق.
فتحت عينيها فوجدت انها ليست فى غرفتها فى الفندق
تشتت ذهنها للحظة ثم عادت وتذكرت انها فى غرفة خافيار
حملت الهاتف النقال ونزلت من السرير ثم توجهت الى الغرفة الاخرى تحمل اليه الهاتف
فتحت الباب بحذر راجية ان ترى فى عينيه هذا الصباح لمحة الحب التى رأتها فيهما ليلة امس
دخلت الى الغرفة وانفاسها تحتبس فى حلقها من التوتر
ما ان شعر خافيار بوجودها حتى تململ فى السرير:
مايلين
ذكر اسمها برقة وبصوت اجش عميق من تأثير النعاس
وبسرعة فتح عينيه جيدا ثم انارت وجهه ابتسامة عريضة عندما رآها تنظر اليه:
اذن ذلك لم يكن حلما
تبددت مخاوفها كما يتبدد الثلج فوق النار:
لا , ولا رنين الهاتف ايضا
اجابته بابتسامة وهى تناوله الهاتف
اخذه من يدها بعد ان استوى فى جلسته على السرير.
وقفت مايلين تتفحصه من خلال عينين ناعستين
وارادت ان تقرص نفسها لتتأكد ان ما يحصل معها حقيقة لا وهم, خافيار احبها , وهو يريدها ان تبقى معه
لقد طلب منها ان تتوقف عن عرض الازياء فوافقته على ذلك بسرور لأنها كانت ستفعل ذلك على كل حال , ولكن قبل ان تتمكن من الشرح عاد يحتضنها بشوق لم يعد للكلام معه اى معنى .
هذا لا يهم! لا شئ يهم هذا الصباح سوى مشاعرهما نحو بعضهما البعض.
رأت وجهه يظلم وهو يقطب جبينه بشراسة , ثم يبدو فجأة اكثر خشونة واكبر سنا, واذا باحساس غامض بالخوف يسرى فى كيانها
وضع سماعة الهاتف بعنف ثم هم بالنزول من السرير.
- ماذا جرى؟
سألته وقد شعرت بالقلق لرؤيته متجهما
فالتفت اليها وكأنه ادرك للتو انها موجودة
قال بابتسامة جافة وهو يقف بالقرب منها:
آسف يا حبيبتى
ولكن على ان اذهب الى ميدان السباق
ولا ادرى كم سأتأخر
وتأمل طويلا وجهها الفتى الغارق فى النعاس ثم ازاح شعرها عن حاجبيها الى الخلف وأضاف:
يا لفتاتى وعيد مولدها! الساعة ما زالت السادسة والنصف, عودى الى النوم وسأترك لك مفتاح الشقة على مائدة المطبخ وبطاقة مع العنوان
واحنى رأسه وعانقها عناقا سريعا, فاحتك شعر لحيته النابت حديثا ببشرتها الناعمة:
اذا انهيت عملى سأتوقف عند صالة عرض الازياء
آخر عرض لك.
قال جملته الاخيرة بشئ من الرضا :
او اتصل بك الى الفندق واذهب لاحضارك
واضاف وهو يتجه الى الحمام :
ولكن اذا لم اتصل بك قبل الخامسة احزمى امتعتك من الفندق وتعالى الى هنا
اتفقنا؟
ثم دخل الحمام.
عادت مايلين الى السرير ثم تنهدت حالمة
وبعد دقائق كانت قد استغرقت فى النوم مرة اخرى لم تر قط خافيار عندما دخل الى غرفتها ليبتسم لها حنان لكنها تحركت قليلا فى نومها عندما شعرت بقبلة ضعيفة ناعمة تحتك بجبينها بنعومة وتصورت فى احلامها انها سمعت صوته يقول : احبك
تأملت صورتها فى مرآة الحمام فى شقة خافيار وضحكت
بدت مختلفة فقد كست ملامحها البهجة والسعادة
انها عاشقة ارادت ان تصرخ باسم خافيار من فوق السطح
انه امير احلامها نفسه
لكنها بدلا من ذلك اخذت تهمهم بسعادة ثم توجهت الى المطبخ
سوف تتناول القهوة قبل ان تستدعى سيارة اجرة لتأخذها الى الفندق.
ملأت فنجانا من القهوة ثم احاطته بيديها
تشممت رائحة القهوة العابقة وتنهدت بسعادة بالغة
لم تنتبه قط من قبل الى مشاعرها هذه كل شئ فى عالمها اتخذ صورة اوضح واكثر حدة.
نظرت الى المفتاح الصغير الملقى على مائدة المطبخ مع البطاقة التى تحمل عنوانه.
كان المفتاح يتوهج كالذهب فى اشعة شمس الصباح انه مفتاح بقية حياتها... تراءى امامها مستقبل ذهبى رائع مع خافيار حبيبها
فمع انها لم تعرفه الا منذ يومين ولكن لم تتملكها اى شكوك انه توأم روحها
اخذت البطاقة ودستها فى حقيبة يدها ثم اطبقت يدها على المفتاح.
وبعد لحظات سمعت صوت الباب ينفتح فقفزت عن الكرسى
لقد عاد خافيار.
اسرعت الى غرفة الجلوس وقد تألقت عيناها بالتوقع وانصبت نظراتها على الرجل الذى دخل من الباب
فتحت فمها لتتكلم واذا بها تسكت مشدوهة فقد كان هذا الرجل غريبا تماما... بدا متوسط الطول, متين البنية وجذابا بشعره الاسود الجعد.
كان يرتدى بنطلون جينز ويحمل بيده حقيبة من القماش اسقطها عند قدميه.
انتصب الرجل فى وقفته واخذ ينظر اليها من رأسها حتى اخمص قدميها .
ثم قال شيئا بالاسبانية بدا لها اشبه بشتيمة.
سألته مجددا مدركة خطر وضعها:
ماذا تفعل هنا؟
لغتى الانجليزية ليست جيدة جدا لكننى سبستيان
لكن هذا غير ممكن! هذا بيت خافيار
آه , خافيار
هز رأسه وسار ليجلس على اريكة حيث اراح رأسه الى الخلف واغمض عينيه :
خافيار يشاركنى شقتى خلال اسبوع السباق وهذا ليس بيته مهما كان ما قاله لك.
وفتح عينيه لنظر لها ساخرا:
أين هو؟ أهو فى سريره ويجعلك تعدين القهوة؟
لا, لقد ذهب الى العمل
وتمنت لو انها ابقت فمها مغلقا , اذ ان اخباره بأنها وحدها فى الشقة , ليس فكرة حسنة
العمل!
ثم ضحك:
يا له من عذر! اسمعى يا سيدتى الصغيرة , انا متعب جدا فأنا قادم من رحلة استغرقت ساعات
أريد قهوة ونوما.
ونظر اليها بوقاحة ثم اضاف بغير تهذيب:
انا وخافيار نشترك فى كل شئ
كل شئ أفهمت؟
لكننى متعب جدا الان كما انه يبدو عليك الارهاق مثلى
وهو لن يعود , فلماذا لا ترحلين ؟
شحب وجهها لما يتضمنه كلامه من تلميحات: قولك هذا مثير للاشمئزاز وانا لا اصدق كلمة واحدة مما تقول خافيار يحبنى وهو ... هو يريدنى ان ابقى معه نظر اليها بازدراء ثم وكأنه ادرك انها جادة , انتصب فى جلسته: وهل قال لك ذلك؟ نعم انه سيقابلنى عندما ينتهى عمله فى ميدان السباق لقد وعدها خافيار بذلك ورفضت ان تصدق انه كذب عليها لم تشأ ان تصدق ذلك .... لكن صوتا هامسا ساخرا همس فى رأسها : ( ما الذى تعرفينه حقا عن خافيار غير كلامه المعسول ووعوده؟ ) وفجأة عرفت الرجل : انت الرجل الذى فى الصورة على رف المدفأة؟ نعم وخافيار فالدزبينو لا يعمل ليس العمل الذى نعرفه انا وانت. ورفع حاجبيه ساخرا: امواله تساند فريق السباق وهذه هواية معظم الرجال الاغنياء وهو يملك بنكا تجاريا ولديه بيوت فى سيفيل , ومدريد وبوينس ايريس كما انه يماك اراض واسعة. شعرت وكأن شيئا وخزها فى معدتها تحسست المفتاح فى يدها ثم أرته اياه وكأنه طلسم: لكنه اعطانى مفتاح الشفة تأمل سبستيان المفتاح طويلا مقطبا جبينه , ثم قال ساخرا وهو ينظر الى وجهها الشاحب: لقد اعطاك مفتاحا اذن ولكن هل جربته فى القفل يا صغيرة؟ انكمشت مايلين فى مكانها متمنية لو تموت فى تلك اللحظة لقد تحققت اسوأ كوابيسها نظرت الى المفتاح فى يدها بغباء وادركت انه لم يخطر ببالها قط ان تجربه فى القفل قبل ان تغادر المنزل خافيار يحتفظ بمجموعة من المفاتيح وهى خطة يفضلها كلما اراد الخلاص من امرأة , وهكذا يتركها بهدوء انا اعرفه جيدا فهو صديقى الحميم وخطيب اختى. اذا كنت لا تصدقينى فاذهبى وجربيه فى القفل. - خطيب اختك!
تساءلت برعب , وقد ادركت ان الصورة التى رأتها على رف المدفأة والتى سألت عنها خافيار الليلة الماضية هى له ولخطيبته.
وشعرت بالغثيان
ترنحت قليلا وصرخ ذهنها ان هذا لا يمكن ان يكون صحيحا
وفجأة امسك الرجل بذراعها:
هل انت بخير؟..... تبدين شاحبة
ونظر الى ثوبها الخفيف ثم عاد ينظر الى وجهها الشاحب الخالى من الزينة:
تعالى واجلسى
هل شعرت بالصدمة؟
تركته مايلين يقودها الى الاريكة بخنوع
اسمحى لى بأن اعتذر عن رجل من بلادى
آسف فأنا لم ادرك انك اصغر سنا من النساء اللاتى اعتاد ان يخدعهن بوعوده
كان سبستيان رقيقا , احاط كتفيها بذراعه وحاول ان يجلسها برفق:
أنت رأيت الصورة على رف المدفأة
اخذت هذه الصورة منذ ثلاثة اشهر
هل انا بحاجة الى قول المزيد؟
لكن اختك... حسنا , هل تعلم ان خافيار غير مخلص لها؟
قاطع سؤالها المتلعثم بضحكة عالية:
اسرة خافيار هى من اقدم الاسر فى سيفيل واجداده هم مزيج من العرب والاسبان
وهو ما زال تقليديا فى تفكيره... يريد ان تكون عروسه عذراء ليلة الزفاف.
الى ان يحين ذلك فهو يمضى اوقاته باللهو مع النساء.
وهذا لا يعنى انه غير مخلص , فالأمر لا يعنى شيئا بالنسبة اليه , وكاتيا خطيبته متفهمة لذلك, رغم اننى احيانا اشعر بالخزى من تصرفاته, كما يحصل الان.
اراك لست من نوع النساء العابثات وهكذا مرة اخرى انا آسف.
لم تستطع مايلين قول المزيد بسبب ما شعرت به من خدر نتيجة الفزع والصدمة.
وهكذا طلب سبستيان لها سيارة أوصلتها الى فندقها.
**********


بدا سيرجيو مسرورا من عرضها ظهر ذلك اليوم
- رائعة يا مايلين
هذا بالضبط ما كنت اتمناه.
اغرورقت عيناها الخضراوان بالدموع فغالبتها بغضب:
انا مسرورة لأن هناك من يرضى عنى
قالت هذا بصوت مرتجف, فأحاط كتفيها بذراعه وبدا العطف على وجهه وهو ينظر الى وجهها الشاحب:
آه يا الهى! انت وقعت فى غرام فالدزبينو.
كان على ان احذرك, فالاشاعات تقول انه نخطوب الى فتاة صغيرة تناسبه بالرغم مما يقال عنه بأنه زير نساء , ولكن الحق يقال هو كريم جدا مع النساء اللاتى يدخلن حياته.
انظرى الى الناحية الجيدة , اتصل بى احد مستخدميه هذا الصباح ورتب الامر لدفع ثمن الثوب.
وهكذا يمكنك الان ان تفخرى بأنك صاحبة الثوب الاسطورى الذى ابتكره سيرجيو.
فيما هى تصغى الى سيرجيو تلاشى كل امل لديها ان يكون الامر مجرد غلطة وان خافيار سيصل الى العرض ليراها او ربما يتصل بها الى الفندق , لقد تلاشت كل احلامها
واذا كان الثوب لم يعجبها من قبل , فقد كرهته الان.
عادت الى غرفتها فى الفندق وعلى الفور اتصلت بالمطار
ولحسن حظها تمكنت من الحصول على مقعد فى طائرة خاصة بالاجازات ستغادر فى الرابعة والنصف من بعد الظهر.
وبسرعة القت بثيابها فى الحقيبة والدموع تغسل وجهها ثم مزقت الثوب ورمته فى القمامة.
ولم تجرؤ على التفكير:
أهى تذرف الدموع لتحطم قلبها ام غضبا من غبائها لأنها صدقت ان المرء قد يقع فى الحب من النظرة الاولى؟
لقد تصرفت كطفلة حمقاء ساذجة اذ صدقت اكاذيب خافيار.
واقسمت, وهى تستدعى سيارة اجرة على الا يحدث لها هذا مرة اخرى
وصعت السماعة ثم اخذت حقيبة يدها.
وعندما اخذت تطمئن الى وجود جواز سفرها نظرت طويلا الى البطاقة التى طبع عليها ... اسم سبستيان غاردا وعنوانه ورقم هاتفه
وبدا لها ذلك اكبر برهان على ان خافيار كذب عليها ... حتى انه لم يعطها رقم هاتفه الخاص.
رن جرس الهاتف فرفعت السماعة
وجاءها صوت خافيار الغاضب:
مايلين ما هى لعبتك؟
لماذا تركت المفتاح؟
أنا لست بحاجة الى المفتاح ولا اليك.
الوداع
واقفلت السماعة مرة اخرى عندما كانت تتناول حقيبة ملابسها وتغادر الغرفة.
***************

سيريناد 19-07-19 04:55 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
5- عرفتك,منذ البداية


استيقظت روز على صوت صفق الباب
جلست وهى تغالب النعاس وادركت من طراز الغرفة الغريب انها ليست فى بيتها.
دعكت عينيها بيديها هل ما حدث امس حدث حقا؟
هل سيصبح خافيار فالدزبينو نسيبا لأسرتها؟
لا يمكنها احتمال مجرد التفكير فى ذلك
تأوهت بصوت مرتفع وتملكها اغراء للعودة الى تحت الاغطية
لكن آن كانت تسير نحوها وفى يدها فنجان قهوة:
آسفة يا روز ولكن عليك ان تنهضى
- كم الساعة؟
تمتمت روز بهذا وهى تنظر الى وجه ابنة خالها الجميل بعينين غائمتين
- الحادية عشرة والنصف اشربى هذا واستعدى
سوف نغادر بعد وقت قصير
ووضعت الفنجان على المنضدة فصرخت روز:
الحادية عشرة والنصف ؟ لماذا لم توقظينى قبل الآن؟
وجلست على حافة السرير وتناولت الفنجان
لأن خافيار ذكرنا بأن رئيسك اعادك الى انجلترا لترتاحى, واصر على ان نتركك نائمة
اظنك سلبت لبه! عليك ان تشكريه هو وليس انا.
وخرجت ضاحكة
وقفت روز تحت الدوش وهى تتأوه بخزى
يا للضيفة التى تبقى فى فراشها الى ما يقارب وقت الغداء! الذنب كله يقع على ذلك الرجل البغيض
خرجت من تحت الماء واسرعت تجفف جسدها ثم عادت الى غرفتها حيث غيرت ملابسها
ارتدت قميصا مرتفع العنق قصير الكمين فوق بنطلون رمادى
ثم خرجت من الحمام لتهبط السلم الى الطابق السفلى
- صباح الخير روزالين أظنك نمت جيدا!
قال خافيار ذلك ببطء, وهو ينظر اليها بدقة فيما هو يستند الى باب غرفة الجلوس
كانت تمشى مرفوعة الرأس فألقت عليه نظرة سريعة
كان يرتدى بنطلون جينز اسود وقميصا رياضيا اسود
بدا لها رجلا متفوقا
فقد ظهرت الغطرسة فى كل خط من خطوط جسمه.
قالت بجفاء رافضة ان يرهبها برجولته المدمرة:
نعم , شكرا لك
ما اخبرتها به آن جعلها تشعر بالاضطراب فهو الذى اوعز بألا يوقظها احد
- والآن هذه دعوة من المستحيل رفضها
يجب ان اتذكر هذا فى المرة القادمة التى تتأخرين فيها فى النوم
عندما ادركت ما قالته توهج وجهها احمرارا .
ثم اندفعت من جانبه هاربة الى خلف المنزل وامان المطبخ , وصوت ضحكته الخافتة يرن فى اذنيها.
فى المطبخ رأت روز آن وجين وتيريزا
ورأت على المائدة طبقا كبيرا من البيض واللحم فدعونها لأن تجلس وتتناول طعامها لأنهم سيغادرون بعد نصف ساعة.
اثناء تناولها الطعام حاولت ان تخبرهن انها لن تذهب الى اسبانيا:
انه القرن الحادى والعشرين ولم يعد هناك مرافقات للفتيات هذه الايام
فقالت آن بحدة:
ارجوك يا روز... كفى مراوغة وتضييعا للوقت!
سبق لخافيار ان استدعى طياره مرتين واخر موعد السفر.
مطار ايست ميدلاند يكون مشغولا جدا فى مثل هذا الوقت من السنة بطائرات العطلات الى كل بلاد البحر الابيض المتوسط
كادت روز تختنق وهى تتناول البيض
لديه طائرة خاصة؟
ولكن لماذا لا وهو الثرى الذى يملك كل شئ؟
وشعرت بمرارة
سألتها آن:
هل حزمت حقيبة أمتعتك؟
نعم .. لا... حقيبة العطلة الأسبوعية فى الغرفة وبقية حوائجى ما زالت فى السيارة
لكننى لا استطيع ان اترك "برترام"
قالت هذا بانتصار
جعلتها حركة عند العتبة تلتفت بصمت.
كان خافيار داخلا مع اليكس , ما جعل المطبخ يبدو ضيقا نوعا ما
كان اليكس فى اثره, لكن خافيار هو الذى اثار انتباهها.
فقد جمد مكانه وظهر التوتر فى كل انحاء جسمه فيما اخفت اهدابه المسبلة كل التعبير فى عينيه:
من المؤكد ان بامكان حبيبك ان يعيش اسبوعا على الذكريات فيما تقومين انت بمساندة اسرتك
سبق واضطررت انا لذلك.
قال خافيار هذا بصوت عميق وبنبرة تشير الى مشاعر قوية كان يسيطر عليها بحزم
ادركت روز معنى اخر تعليق له فى الوقت الذى انفجرت فيه آن واليكس بضحك ملأ المطبخ
بدا واضحا انه يشير الى انه يعيش على ذكريات زوجته الراحلة ولا بد انه كان يحبها كثيرا
ادركت روز هذا ما جعلها تتخطى وخزة الالم التى شعرت بها
القت بشوكتها ودفعت طبقها جانبا, شاعرة تقريبا بالأسى لأجله.
ربت اليكس على ظهر خافيار وهو ما زال يضحك :
كلا يا صديقى فأنت قد اسأت الفهم حقا
ليس لدى روزالين حبيب , فهى مشغولة جدا بخدمة الناس
"برترام" هى سيارتها وليس حبيبها

والتفت الى روز:
لا حاجة بك الى القلق بشأن السيارة
سأعتنى بها لأجلك, وستبقى عندنا حتى تعودى
وفى الواقع ستؤدين لى خدمة بذلك.
فأنا متلهف للجلوس خلف مقودها مرة أخرى.
اعتاد ابوك ان يتركنى اقودها احيانا... كم كنا نستمتع بذلك.
اشارة خالها اليكس الى ابيها وابتسامته الكئيبة لها اقنعت روز بأن ليس لديها خيار:
سأذهب لأحضر حقيبتى والمفتاح
قالت هذا مذعنة برقة وهى تنهض وتنظر الى خافيار اثناء مرورها بقربه
قال بابتسامة ازالت التوتر من ملامحه:
يا للفتاة الطيبة! وانا اعدك بالحصول على عطلة ممتعة
كادت تبادله ابتسامته لكن المنطق منعها
انها بحاجة الى وعد آخر من نوع آخر من خافيار فالدزبينو
ثم ما الذى يجعله يدعوها"فتاة", هذا المتغطرس المغرور؟
فكرت فى هذا بجفاء وهى تدخل الى غرفتها.
كان قلبها يخفق بشئ من السرعة وفسرت ذلك بصعودها السلم ركضا
لا تريد ان تعترف ولو للحظة بأن ابتسامة خافيار هى السبب فى تسارع خفقان قلبها
وقررت ان ليس لديها سوى وقت قصير لحزم امتعتها القليلة
وبعد قليل هرعت عائدة تهبط السلم الى الاسفل ثم الى الخارج
اسرعت الى سيارتها ثم فتحت الصندوق وامسكت بمقبض الحقيبة
- اسمحى لى
واخذت حقيبة الملابس من يدها يد ضخمة ووضعتها على الارض
ارتفع بصرها الى العينين الداكنتين:
انا لست عاجزة
فرفع احد حاجبيه بغطرسة:
وهل قلت انا ذلك؟
اى امرأة تقتنى هذه السيارة الرائعة "برترام" يجب ان تكون بالغة الثقة بالنفس
فليس من السهل قيادة سيارة كهذه والعناية بها
تألقت عيناه استحسانا لهذه السيارة الرياضية الفارهة ثم اخذ يدور حولها ببطء
ناولت المفاتيح لخالها, الذى عاد ليقف عند الباب حيث يقف بقية افراد الاسرة وهو يصفر بفمه مسرورا
غضنت روز انفها بخيبة امل عندما جلست على مقعدها فى الطائرة
وربطت الحزام حولها .
كان خافيار فى مقدمة الطائرة يتحدث مع الطيار .
وجيمى وآن يجلسان متلاصقين كالعادة
بدت روز مقطبة الجبين لهذه الرفاهية الظاهرة فى الطائرة الخاصة

فبعد الفقر الذى رأته اثناء عملها , شعرت ان من المعيب نوعا ما ان يمتلك رجل كل هذا.
- خذى جنيها واخبرينى بما تفكرين
بدا خافيارامامها فجأة ثم غاص فى المقعد الى جانبها لا يفصل بين كتفيهما سوى عدة انشات.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه الوسيم وفكرت بقنوط بأن مليون جنيها لا تكفى ثمنا لفضح افكارها نحوه
لماذا يستطيع هذا الرجل من بين كل الرجال ان يؤثر عليها هذا التأثير الكهربائى؟
هذا ليس عدلا.
ولكن هل فى الحياة الكثير من العدل؟
وجدت الفكرة الاخيرة مهربا تخبره به للتخلص من الاجابة الحقيقية على سؤاله وان بدا ذلك وجهة نظر مستهلكة.
من المدهش ان الوقت مر بسرعة عندما خاضا فى نقاش حول توزيع الثراء
بدا خافيار محدثا ذكيا للغاية, ووجدت روز انها فى الواقع مستمتعة بهذا الصراع بين ذكائيهما , وبحدة الجدل عن المصارف الغربية ومحو ديونها على دول العالم الثلاث الفقيرة , وكانت روز تناصر هذه الفكرة بينما يعارضها خافيار , بصفته صاحب مصرف.
وتغلبت قوة عقيدتها على ليونة طبعها فأخذت تصفه بأنه نموذج للرأسمالى النهم للتسلط والسيطرة وتدخل جيمى متوسطا بينهما:
"كفى يا روز
انه يثيرك ويوتر اعصابك ليس الا
فهو يمنح المبرات ودور الاحسان , وينفق على عشرات من الطلاب الافريقيين والله وحده يعلم ماذا ايضا"
رفعت روز وجهها الى خافيار وقد بدا الخزى عليه :
هل هذا صحيح ؟
فتمتم بابتسامة قصيرة:
انا مذنب حقا , لكنك تأخذين الطعم وتثورين بسرعة يا روزالين
فلم استطع المقاومة.
ابتلعت روز ريقها بصعوبة:
انا اسفة اذن لنعتى لك بتلك الالفاظ
تأملها خافيار بعينين لا يسبر غورهما ولم تسفر ملامحه القوية عن اى تعبير :
لا داعى للاعتذار
الحق معك جزئيا على الاقل
فأنا ( نهم للسيطرة والتسلط) حقا
اعترف بذلك بصوت عميق وبطء ساخر , ترك روز تحت تأثير تهديد غامض
أما لماذا؟ فلم تكن لديها فكرة...
وفى هذه اللحظة جاء صوت الطيار لينبئهم انهم على وشك الهبوط, فحول انتباهها عنه.
انتهت الاجراءات فى المطار ولم تعترض روز عندما اخبرها خافيار أن جيمى وآن سيذهبان فى سيارة الليموزين الى بيته , اما هما فسيذهبان فى الفيرارى الجاثمة فى المطار.
اما العذر فى هذا التفريق فهو ان الليموزين لا تتسع لكل الامتعة وبدا ذلك مقبولا
ولكن ما ان جلست فى سيارته الرياضية لا يفصل بينها وبينه سوى انشات قليلة , حتى ابتدأت تتساءل عن مدى الصواب فى وجودها معه بالسيارة من المطار الى الطريق الرئيسى , ثم قالت لتحطم التوتر الذى شحن الصمت بينهما:
كان على ان اتكهن انك تملك سيارة فيرارى
- انت تعرفيننى جيدا
تحول بصره اليها لحظة ثم عاد الى الطريق وعلى الفور ادركت انها تسئ التصرف مرة اخرى , فهزت كتفيها: حسنا يبدو انك تحب السيارات الرياضية
- هذا صحيح لدى مجموعة جيدة من السيارات الرياضية القديمة وهى فى مخزن خارج المدينة , سأريها لك ذات يوم ولكن لاستعمالى اليومى انا اعشق سيارتى الفيرارى الحمراء هذه
ولماذا حمراء؟
انه لون يعمى النظر قليلا فى الحر كما اظن
سألته بهدوء لانها كانت تسيطر على نفسها بصعوبة وجودها وحدها معه كان له تأثير كارثى على حواسها.
- انا تقليدى فالسيارة الفيرارى لا بد ان تكون حمراء فى نظرى
لم تعلق على كلامه بل التفتت تنظر خارج السيارة فقد اثبت لها ما كانت تعرفه من قبل لقد عرفت ذلك عندما كانت فى التاسعة عشرة بطريقة صعبة
فقد اخبرها سبستيان انه تقليدى اما لماذا شعرت بالكآبة لهذه الفكرة فهذا ما لم تعرفه.

ثم لم تلبث المناظر حولها ان اسرت انتباهها
كانت الطرق ضيقة متعرجة
وعرض عليها خافيار ان يأخذها فى جولة سريعة فى المدينة
فوافقت روز على ذلك
وسرعان ما ادركت انه وافر الاطلاع على تاريخ المدينة مسقط رأسه هذه
نظرت الى خافيار بأنفه الذى يشبه انف الصقر وعينيه السوداوين الملتهبتين وشعره الفاحم , وبدا لها بشكل قاطع الان انه عائد الى ارض اجداده
ارتجفت قليلا واخذت تنظر الى الخارج عبر النافذة
- لم اعرف قط ان هناك نهرا يجرى وسط مدينة سيفيل
هتفت بذلك مدهوشة عندما ادركت ان الطريق الذى كانا يسلكانه يسير بجانب نهر واسع.
"الوادى الكبير" نهر مشهور
ولكن ما تنظرين اليه بالضبط هو " قنال الفونسو الثالث عشر"
لقد حول مجرى النهر فى بداية القرن العشرين لمنع طوفانه عن المدينة ولتتمكن المدينة من الاستمرار بكونها مرفأ.
تركت السيارة الطريق ودخلت من تحت قنطرة حجرية الى فناء داخلى مبلط
شهقت روز بحيرة فهى لم تر مثل هذا المنزل من قبل على الاطلاق
كان يحيط به جدار ضخم مع جاراجات واصطبلات انشئت فى داخله واحاطت بالفناء من ثلاث جهات والمنزل فى الجهة الرابعة
رأت عددا من الدرجات على شكل نصف دائرة تؤدى الى باب ضخم من خشب السنديان المطوق بالحديد
كان الباب مفتوحا على اتساعه
وشاهدت رجلا اسمر صغير الحجم واقفا بصرامة وقفة انتباه وهو ينتظر وصولهما كما يبدو
نزل خافيار من السيارة ثم دار حولها وفتح لها الباب:
مرحبا بك فى بيتى, روزالين
ونزلت هى بسرعة اكثر مما يستلزمه الذوق
- انه يبدو جميلا
قالت هذا برقة
ثم تصلب جسمها عندما امسك بذراعها يساعدها على صعود الدرجات الحجرية
قال عدة كلمات بالاسبانية للخادم ثم قدمها اليه
يبدو ان ماكس يعمل رئيس خدم وسائقا فى آن معا وزوجته مارتا هى الطاهية.
بعد الحرارة فى الخارج بدا جو المنزل الداخلى منعشا باردا ورائع التأثير فقد كان مزيجا من الطابعين الاسبانى والعربى
ارض الردهة البالغة الاتساع مرصوفة بالموزاييك المتألق
اما القبة فكانت شاهدا على مهارة الحرفيين الذين بنوها ومثابرتهم.
كذلك بدت الاعمدة الرشيقة المحيطة بالممر وخلف ذلك الممر انتصب باب المدخل المظلل المؤدى الى غرف الاستقبال اما فى الوسط فهناك سلم رائع اسبانى الطراز.
- أبى يرتاح الان , وستقابلينه اثناء العشاء
اما الان فسآخذك الى غرفتك
وبدون ان يترك ذراعها قادها الى السلم
وفجأة بدا جيمى وآن عند قمة السلم:
نحن ذاهبان لاكتشاف المدينة سنراكما فى السابعة
قال جيمى هذا ببشاشة وهو يهبط السلم
وعندما مرا بهما صاحت آن بروز:
ألا يبدو هذا المكان خلابا؟
استدارت روز وصرخت:
انتظرى! ألم احضر الى هنا كمرافقة لك؟
لكنها قالت كلامها سدى , فقد توارى الشابان عن الانظار
وشد خافيار بأصابعه على ذراعها:
آه انا واثق ان بامكانى ان اشغل وقتك بشئ مفيد
تمتم بذلك وهو يستعجلها الى قمة السلم
ثم قادها عبر ممر اخر مر امامها ببابين ثم وقف امام الثالث :
مارتا منحتك جناح الزاوية وارجو ان يعجبك
ثم فتح الباب ودعاها الى الدخول
هتفت روز باعجاب
لم تر قط من قبل مثل هذا, فهناك سرير ذهبى ضخم ذو مظلة يتوسط الغرفة
وقد علقت ستائر حريرية فاخرة مربوطة بشرائط زرقاء فوق جوانبه
وكان فى الغرفة اربع نوافذ مقوسة انيقة قائمة فى جدارين
شهقت ذاهلة لهذا المشهد
من ناحية كان يطل على سطوح المنازل ويطل من الناحية الاخرى على مشهد رائع للنهر
اما الاثاث فكان من اللونين الازرق والذهبى.
استدارت ببطء
كان خافيار قد دخل معها ووقف بجانب السرير:
هذا السرير هدية من احد الشيوخ العرب, هل اعجبك؟
سألها ببساطة تامة , لكن بدت فى عينيه نظرة غريبة فهتفت وعيناها المفتونتان تدوران فى كل ناحية:
أعجبنى؟ وما الذى لم يعجبنى؟ لقد رأيت اسرا كاملة تعيش الواحدة منها فى خيمة باتساعه هذا السرير
ضحك بصوت خافت:
ترين هنا بابا يؤدى الى الحمام وغرفة الملابس وغرفة جلوس لها ايضا باب على الردهة
وسار الى باب اخر وهى فى اثره وفتحه فشهقت بصوت مرتفع
كانت الجدران مغطاة بطبقة رقيقة من الرخام الابيض المزخرف اما الباب ذو الاطار المذهب فيؤدى الى الحمام
كل ما فى الحمام من قطع كان ذهبى اللون
اما حوض الاستحمام فكان ضخما مستديرا ومصنوعا من الرخام الابيض.
- هذا انحلال
انها الكلمة الاولى التى تقفز الى الذهن
قالت هذا بجفاء وهى تعود الى غرفة النوم لتجد خافيار خلفها مباشرة
وضع يديه القويتين على كتفيها فحاولت ان تنفضهما
لم تكن تريده ان يلمسها لكنه ادارها نحوه ببطء:
انها تناسبك
غرفة منحلة لأجل سيدة منحلة ... يا ... مايلين
لجزء من الثانية , اعتقدت انها اخطأت السمع
رفعت اليه عينيها الذاهلتين
كانت عيناه السوداوان تلمعان باحتقار قاس
بينما الوعيد فى فمه الصلب والجمود فى ملامحه الاخاذة جعلاها تدرك انها لم تخطئ السمع
شحب وجهها ولم تعد تستطيع التنفس
انه يعلم... كان يعلم منذ البداية تنها مايلين! لقد تذكرها, وكان يعبث بها طوال العطلة الاسبوعية كأنه فهد ناعم الملمس يتربص للقفز , وها هو ذا الان ينتظر ردة فعلها
بعد لقائها الكارثى القصير به منذ عشر سنوات تعلمت كيف تخفى مشاعرها
سنوات من دراسة الطب وسنوات اخرى فى العناية بالمرضى والاموات جعلتها بارعة فى اخفاء تلك المشاعر
- الشخص الوحيد المنحل هنا هو انت.
قالت هذا بجفاء
وسلخت عينيها عن عينيه واخذت تحدق فبما يحيط بها:
وطالما انك عرفتنى لم لم تقل ذلك؟
وتراجعت خطوة الى الخلف وهى تنفلت منه لكنها ترنحت وكادت تسقط ارضا لأنه كان قد تركها هو ايضا
فقال ساخرا:
يمكننى ان اوجه لك السؤال نفسه لكننى اعرف الجواب
لقد رأيته فى وجهك عندما قدمتنا تيريزا الى بعضنا البعض
بدوت شاحبة الوجه ومذعورة للغاية
ما كانت المشكلة؟
هل خشيت ان اكشف للناس ان الطبيبة الجادة التى تكرس نفسها لخدمة المرضى كانت ذات يوم عارضة ازياء مستهترة
لم تستطع روز ان تجيب
لقد امضت الاربع والعشرين ساعة الماضية فى خوف دائم من ان يتذكرها
لا لم يكن ذلك مجرد خوف بل حالة من الرعب والتوتر العصبى
والان وقد عرفها أصابها الخرس.
- عند وصولك كنت اراقب من النافذة
ظننت اننى عرفتك لكن شعرك جعلنى اشك فى ذلك لحظة
كان قصيرا مستقيما فأصبح جعدا واقل دكنة
اجمل مما كنت عليه فى التاسعة عشرة من عمرك , اما قوامك....

ونظر الى جسمها ثم عاد ينظر الى وجهها:
وقد امتلأ جسمك قليلا ولكن بشكل مثير
اكتسحتها ذكريات مريرة للأشهر القليلة التى مرت بعد ان تركها
يومها تأخر جسمها فى النمو بسبب معاناتها
فقد امتلأ صدرها لكن خصرها بقى نحيفا
فقالت له بجمود:
أنت تعنى اننى سمينة
- لا
قال هذا وهو يرفع يده نحوها
فنهضت وضربته على يده تبعدها عنها وقد توتر الجو فجأة :
دع يديك لنفسك!
فضحك بنعومة:
يا لك من متأهبة للدفاع!
ثم قال فجأة بابتسامة متوعدة :
نعلم نحن الاثنان ان بامكانى ان اجعلك تستسلمين لى بدون وعى فى دقيقة
فبعد ان اظهرت لك حبى ورغبتى بك ذات مرة , قفزت الى السرير مع رجل اخر قابلته بعدى لأنك لم تستطيعى منع نفسك
شعرت بدمها يغلى لظلمه لها بهذا الشكل:
كيف لك ....
الغضب العنيف جعل يدها تندفع الى وجهه بقوة لكنه امسك بمعصمها بقبضة من قولاذ ولواه الى خلفها, وهو يجذبها اليه:
لا يا جميلتى , انا لن احضر العشاء ودمغة كفك على وجهى
ولكن علينا ان نتحدث مع بعضنا البعض
اغمضت روز عينيها وعدت بصوت خافت الى العشرة انها لن تحقر نفسها بالجدل حول الاخلاق او عدمها مع حقير متغطرس مثله
فهى تعلم انها اذا سمحت لنفسها بأن تتحداه بالنسبة الى معرفتها السابقة ستحل الكارثة وستنتهى هى بالعويل والبكاء
فقد كان جرحها بالغ العمق.
وببطء والم استطاعت ان تسيطر على نفسها ففتحت عينيها ورمقته بنظرة :
اذا اردت ان تتكلم تكلم اذن
لكننى شخصيا اظن ان ليس لدينا ما نقوله لبعضنا البعض
لقد تقابلنا مرة منذ وقت طويل ثم افترقنا
وسار كل منا فى طريقه
شعرت بالزهو لقدرتها على السيطرة على طبعها
ورغم ارتجافها من الداخل فقد تماسكت وهو يشدها اليه
لم تعرف ما هى لعبته لكن شعورا كريها تملكها بأن ما سيقوله لن يعجبها
هز كتفيه بخفة فارتفعت كتفاه القويتان تحت قميصه الناعم الاسود وعاد وجهه الوسيم الى جموده:
كما قلت كان ذلك منذ وقت طويل والماضى مضى
الحاضر هو الذى يهمنى
وجف فمها:
ماذا تريد؟
نظر اليها متأملا عينيها اللتين لم تمنحاه اى نظرة دافئة , والتوت شفتاه بابتسامة قصيرة قاسية افزعتها
واخيرا رفعت يدها الطليقة ودفعته من صدره ثم اخذت تقاومه
ولكن الاوان كان قد فات فقد طوقتها ذراعاه بقسوة ليعانقها عناقا لم تذق مثله اثناء السنوات الماضية
بدأ عناقه بشدة بقسوة وحشية صدمتها
ثم اخذ يخفف من ضغطه حتى اصبح العناق ناعما ... عذبا مخدرا
احس خافيار بانتصاره فأبعدها عنه برفق , عند ذلك ادركت روز ما معنى الخوف الحقيقى
كيف يخونها جسدها بهذه السرعة؟
لم تجرؤ على التفكير فى ذلك
"أظن من الافضل ان تذهب الان"
قالت هذا من دون ان تنظر اليه
فأمسك بذقنها وامال رأسها الى الخلف
واستقرت عيناه القاسيتان على عينيها الخائفتين بشئ من الرضا
- تسأليننى ماذا اريد ؟ انت تعرفين ما يريده اى رجل ينظر اليك
لكننى اريد اكثر من ذلك
قال هذا ساخرا فقالت بصوت فاتر خال من التعبير:
انت تثير اشمئزازى وانا اكرهك
ولا صلة لى بأى فكرة جنونية قد تخطر ببالك
لقد اهانها حين وصفها بأنها منحلة وكان يعنى انها اقامت علاقة مع عشرات من الرجال
رغم انه هو نفسه زير نساء يا له من وقح !
على العكس فأنت لك كل الصلة اريدك ان تكونى زوجتى
قال هذا بلهجة عادية وكأنه يسألها عن الوقت
فتحت فمها وشعرت بعينيها تكادان تخرجان من محجريهما وهى تحملق فيه مذهولة:
هل تمزح ام انك مجنون؟
- لا بل انا شخص منطقى
ابى مريض وقد اصبحت ايامه معدودة
الاشهر القليلة الاخيرة من حياته ستكون اسهل اذا اطمأن بأننى متزوج
- ليس منى!
وهزت رأسها بالنفى وهى تزيح يده عن ذقنها فهى لم تعد تلك المراهقة الحمقاء الغارقة فى الحب
انها الان امرأة ناضجة ذكية والامر لا يتطلب ان تكون بذكاء اينشتاين لكى تدرك انه يريد ان يعبث بها كما فعل من قبل
- هذا مؤسف! كنت اظن جيمى وآن مناسبين لبعضهما البعض
تحولت العينان الخصراوان مجفلتين الى وجهه القاسى فرأت التواء فمه الساخر:
بقليل من الاقناع سوف يتخلى جيمى عن فكرة الزواج فى ايلول
واظن انه سيقرر تأجيل ذلك الموعد الى مابعد تخرجه من الجامعة
واثناء ذلك سأحرص انا على ان اجعله يذوق طعم الحياة
لقد امضى فى الدراسة زمنا طويلا وآن له ان يستمتع بلذائذ الحياة لفترة
آسف لأجل ابنة خالك ولكن لا شك انها ستجد رجلا اخر تحبه.

- انت ..... انت...
لم تستطع ان تجد صفة من السفالة بحيث تصلح لأن تلصقها به:
لم تصدق انه قد يذهب فى محاولته الى ذلك الحد من السفالة بغية تحقيق غاياته
لكنها عادت وفكرت بوضوح ثم قالت:
لا! انهما يحبان بعضهما البعض
لن يسمحا لك بذلك
لن تتزحزح عن موقفها
اى نوع من الحمقى يظنها؟
- اذا اردت ان تغامرى بسعادة ابنة خالك .... هذا حسن اذن
لكننا, نحن الاثنين نعرف ان غرام الشباب متقلب.
قال هذا رافعا حاجبه بسخرية
اذا كان جيمى يشبه خاله خافيار فال أفضل لآن ان تتركه منذ الآن
كانت روز على وشك ان تقول هذا عندما تذكرت حديثها مع آن الليلة الماضية خلال حفلة العشاء
فقالت من دون تفكير:
أنت تعطيه مصروفه؟
- نعم
والقرار يعود اليك
اذا وافقت على الزواج منى يحتفظ جيمى بمصروفه ثم يزداد هذا المصروف ليناسب وضعه الزوجى القادم
اعرف ان ابنة خالك ستسر بذلك , والا....
وهز كتفيه مرة اخرى وكأنه يقول : ومن يهتم ؟
من المؤكد ان ذلك الرجل اسود القلب, الذى يحدق فى روز بعينين باردتين ساخرتين , لا يهتم على الاطلاق بمشاعر الآخرين.

********

سيريناد 19-07-19 04:57 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
6-سجن من ذهب


- ولكن لماذا أنا بالذات؟
تساءلت روز بصمت تقريبا, وعقلها الذكى يعمل بسرعة فائقة لم تجد الامر مفهوما
ذلك ان خافيار يمكنه ان يحصل على اى امرأة يريدها فهو اذن ليس بحاجة الى ان يبتز امرأة لكى تتزوجه :
لقد قلت بنفسك انك رجل تقليدى
فلماذا اذن لا تتزوج من فتاة اسبانية شابة ؟ انا واثقة ان هناك عشرات النساء اللواتى يتلهفن الى الحصول على حظ الزواج منك.
- لقد جربت ذلك مرة
هذه المرة اريد امرأة ناضجة لها اهتماماتها الخاصة وهكذا لن تصطدم اهتماماتها باهتماماتى
امرأة لديها اهدافها الخاصة
اريد ترتيبا يخدم المصلحة المشتركة بدون ارتباط عاطفى
امرأة تدفئ فراشى من دون ان تدعى بأنها تدفئ قلبى
ولأننى اعرفك جيدا هذا يجعلك فى نظرى اصلح النساء لذلك
انه لم يعرفها على الاطلاق
فهما لم يلتقيا سوى مرة واحدة
وكانت فتاة بريئة ساذجة
ومع ذلك لم يمنعه ضميره من ان يصفها بأنها امرأة منحلة خلقيا
لقد قال ذلك عدة مرات
اما لماذا فعل ذلك فهذا ما لم تعرفه بعد!
لقد جرحها فى العمق وفد اغضبها تجريحه لها, اغضبها من نفسها بالدرجة الاولى , كما جعلها تتميز غيظا وغضبا منه
ونظرت الى وجهه بعنف
تصريحه الوقح هذا وغطرسته غذيا عنف غضبها:
اذهب الى جهنم وخذ معك عرض الزواج الابله هذا
لن تتكرم عليه بجواب
ولكن تحت غضبها تحرك احساس بالخوف
ضحك خافيار بخشونة:
قد اذهب الى جهنم , كما قلت بلباقة
ولكن صدقينى ايتها السيدة , سوف آخذك معى
انت مدينة لى , وانا استرد دوما ديونى
كان قريبا منها .... اقرب مما يجب ...
-انا مدينة لك؟
هتفت بذلك غير مصدقة
هذا الرجل الذى سبب لها من الالم وتحطم القلب اكثر مما كانت تتصوره , لديه الوقاحة لأن يقول انها مدينة له ؟ لا بد انه مجنون ....
التوى فمه بابتسامة جمدت الدم فى عروقها , وقال ببطء بلهجة الوعيد:
- الافضل ان تصدقى ذلك .
لقد حدثنى سبستيان بكل شئ عن لقائكما , وكيف انك ارتميت بين ذراعيه بعد ان تركتك مباشرة
وفرى على نفسك تمثيل دور البراءة , فهذا الامر لا ينجح مرتين .
- حاول سبستيان ان يخفف عنى .
لم تدرك روز انها بقولها هذا قد اعترفت , ومن دون وعى منها , بأنها كانت بين ذراعى سبستيان , لم تدرك ذلك لشدة غضبها:
كان سبستيان صادقا معى على الاقل
اخبرنى بالحقيقة التى هى اقل ما يمكن ان يقال عنك
وهى انك ضيق الافق بالتزامك بالأعراف والتقاليد واخلاق قطط الازقة
فليساعد الله زوجتك المسكينة, لا بد انها كانت تعيش فى جهنم.
وسرعان ما ادركت انها تجاوزت الحد , فقد امتلأت عيناه بغضب بارد كالثلج:
ليس لك شأن بزوجتى الراحلة .
ولكن بصفتك زوجتى المستقبلية , الافضل لك ان تتعلمى شيئا من حسن السلوك
- فى احلامك !
قذفته بهذا الجواب ثم ارتجفت وهى ترى ملامحه الكئيبة الحاقدة :
فكرى فى الامر يا روزالين.
وضغط كتفيها بيديه بقوة آلمتها:
وانا واثق من انك ستوافقين
اخذت تنظر اليه وهو يزداد اقترابا منها , وقد سمرتها الصدمة
وانتابها شعور بدائى غادر
جاء عناقه متملكا وعنيفا تقريبا.... بعنف النار التى اشتعلت فى حواسها.
حاولت ان تبقى سلبية ازاء هذا الهجوم الضارى.
لكنها وشعرت بنفسها كمن يعود الى بيته بعد غياب عشر سنوات طوال ومال جسدها عليه , وبأنين أجش , احاطت رقبته بذراعيها.
رفع خافيار رأسه فأنزلت روز ذراعيها عن رقبته , وانكمشت خزيا لضعف ارادتها الذى جعلها تستسلم.
وضع يديه على كتفيها وابعدها عنه برفق وهو ينظر بعينين ضيقتين الى احمرار الخجل فى وجهها:
كما ظننت تماما
بعض الاشياء لا تتغير ابدا
سأعود اليك عند السابعة مساءا لآخذ الجواب ولأرافقك الى العشاء.
وابتسم ابتسامة ذات معنى:
ربما كنت تحبين ان تتحدثى قليلا مع آن اولا
ليس لدى شك فى انها ستحبذ ارتباطنا
شحب وجهها وشعرت بالمذلة.
انه على صواب من الناحيتين ؛ بعناق واحد سقطت ضحية رجولته الفائقة .
وآن مصممة على الزواج من جيمى...

نظرت روزالين اليه بعينين متسعتين عنيفتين مليئتين بالاحباط وهو يتوجه الى الباب
التفت يواجهها وقد سقط عن وجهه القناع الساخر النائى ليكشف عن غضب عنيف :
ولا تقترفى خطأ التبخيس من شأنى هذه المرة يا روزالين
انا اعنى كل كلمة اقولها
لم اكن جادا فة حياتى قط اكثر مما انا الآن
ثم غادر الغرفة بعد ان اغلق الباب خلفه بهدوء.
لم تعرف روز كم مضى من الوقت وهى تنظر الى الباب
لم يساورها الشك مطلقا فى انه ينوى تنفيذ تهديده بتدمير خطبة جيمى وآن
لكن الاسوأ هو معرفتها ان بامكانه ان يفعل ذلك
انها تحب جيمى وتعلم انه مغرم بآن.
لكنه صغير السن , فهو لا يزال فى الرابعة والعشرين من عمره , ولن يتمكن من مقاومة الاغراءات التى بامكان رجل محنك مثل خاله خافيار ان يوفرها له
التفريق بين الحبيبين لن يأخذ من خافيار وقتا طويلا , فالتهديد بقطع التمويل عنه جعل ميزان القوة فى يده.
نظرت فى انحاء الغرفة
ثم ارادت ان تبكى
وفى الواقع اغرورقت عيناها بالدموع , لكنها مسحتها بيدها بعنف .
ذات يوم كان الزواج من خافيار اغلى احلامها
لكنه لم يعد كذلك الآن....
لقد سارت فى ذلك الطريق مرة من قبل , فبعد عودتها الى انجلترا منذ عشر سنوات شعرت بالشوق اليه.
كانت صورته تملأ احلامها كل ليلة , وظهر الشحوب على وجهها
وفى قنوط الوحدة فكرت بأن تتصل به وذلك بعد ثلاثة اشهر تقريبا من عودتها
ابتلعت كبرياءها ثم اتصلت بالشقة فى برشلونة , فرد عليها سبستيان ووعدها بأن يخبر خافيار انها تريد ان تتحدث اليه.
لكن سبستيان عاد للاتصال بها بعد نصف ساعة ليخبرها بأن خافيار سيتزوج بعد اسبوع, وليس لديه ما يقوله لها.
وكان لدى سبستيان اوامر مباشرة بألا يعطيها عنوان خافيار او رقم هاتفه.
شعرت بالصدمة وخيبة الامل , وظل الالم يتملكها بسبب ذلك طوال تلك السنوات العشر.....
بدا الحزم فى عينيها .
تذكرها الماضى لن يحل مشكلتها.
دخلت الحمام , ومن نظرة سريعة الى غرفة الملابس ادركت ان هناك من اخرج امتعتها من الحقيبة
دخلت الحمام وفتحت الصنبور على الحوض ثم خلعت ملابسها وعقدت شعرها بالدبابيس عند قمة رأسها , ثم خطت الى الحوض الممتلئ بالماء , وما لبثت ان اسندت رأسها الى الخلف .
تذكرت مشاجرتها مع خافيار فى الطائرة وتذكرت اعترافه( نهم للسيطرة والتسلط) لم يكن يمزح اذا! عادت بذاكرتها الى الاربع والعشرين ساعة الماضية ,ولم تصدق كيفية احتياله عليها لتجد نفسها اخيرا فى هذا الوضع .
انه رجل حقير مخادع , لكن اطلاق النعوت عليه لن يحل المشكلة .
وببطء وقفت وخرجت من الحوض ثم تناولت منشفة لفت بها جسدها وهى ترتجف
تراءى لها وجه آن وهى تتوسل اليها لتبقى لطيفة مع هذا الرجل
لن تستطيع ان تجد مخرجا لمشكلتها الا اذا جارته فى لعبته وتصرفت معه بمثل القسوة التى يتصرف هو بها!
زمت شفتيها بصلابة ثم اخذت تجفف نفسها .
ومن غرفة الملابس اختارت ملابس داخلية سوداء وثوبا اسود
وابتسمت بجفاء
من مجموعة الملابس التى احضرتها معها بدا اللون الاسود اكثرها ملاءمة
بعد عشر دقائق , عادت الى غرفة النوم
ما ان دخلت حتى جمدت مكانها
كان خافيار واقفا عند النافذة, مرتديا سترة عشاء بيضاء وبنطلونا اسود وقميصا ابيض وربطة عنق حمراء على شكل فراشة.
بدا وسيما للغاية , لكنها حدقت فى جانب وجهه الخشن باشمئزاز ظاهر:
فى العادة يقرع الناس الباب قبل الدخول الى غرف الآخرين
- فعلت ذلك
قال ذلك وهو يستدير ليواجهها .
شملها بنظراته الغامضة
لقد تركت شعرها منسدلا على شكل خصلات كثيفة حمراء , اما قبة ثوبها الحريرى فكانت عبارة عن ربطة مطرزة بالخرز الاسود تشكل عصابة حول عنقها
كما كانت التنورة متسعة قليلا وتنتهى فوق ركبتيها بعدة انشات , وقد لبست حذاء اسود منخفض الكعب مظهرا اظافر اصابع قدميها المطلية .
وقد طلت اصابع يديها باللون نفسه وكذلك شفتيها الممتلئتين.
لقد استخدمت كل مهارتها القديمة فى الماكياج, التى اكتسبتها من عرض الازياء
فوضعت كريما مرطبا ملونا على بشرتها , فهى تحتاج الى بعض العون لكى تبدو متوهجة بالصحة.
كما وضعت شيئا من الكحل يزيد من جمال عينيها واتساعهما , بالاضافة الى ماسكارا لأهدابها .
وهكذا اصبحت جاهزة للمواجهة.
همت بالسير اماه الى الباب , لكنه وضع يده على ذراعها يستوقفها:
لا تسرعى
اريد جوابك اولا
هلى ستتزوجيننى؟
لكم توسلت الله ان تحدث معجزة تجعله يعتبر حديثهما السابق لم يكن سوى رؤيا او تخيلات
لكن توسلاتها لن تنفع
- اسمع , خافيار
حاولت ان تتكلم معه بينما لم تكن تتمنى فى الحقيقة , سوى البصق فى وجهه:
يمكننى ان افهم انك تريد ان تجعل اباك سعيدا , لكننى لا اريد ان اتزوج
انا طبيبة ولدى مهنة
- طبيبة من دون عمل حاليا
آسف روزالين لكن اعتراضاتك تافهة
انت ما زلت ترغبين بى
لقد عرفت ذلك فى اللحظة التى تحدثف فيها اليك فى منزل تيريزا
نظرت الى بعينين متسعتين والنبض فى عنقك يخفق
ووضع يده لعى ذلك النبض :
"نعم هذا ما كان يخفق كما يخفق الان
كما اننى اريد زوجة
و(نعم) هو الجواب الوحيد الذى اريده"
توهج الغضب والالم فى عينيها وهما تستقران على وجهه الاسمر, لكنها جاهدت للسيطرة على مشاعرها

- دعنى افهم جيدا ما تقوله
هل تعنى ان على ان امثل دور زوجتك لكى يكون ابوك سعيدا ولا شئ اكثر من ذلك
بينما تتكفل صديقتك برغباتك الاخرى؟
ونظرت اليه لكن عينيه لم تفصحا عن شئ.
انزل يده عن ذراعها
فحدقت فيه بصلابة مدة طويلة:
ولماذا لا تتزوجها هى؟
رفع حاجبه ساخرا:
انت لست ساذجة الى هذا الحد يا روزالين
تعلمين ان ذلك لا يتوافق مع تقاليدنا
لم تعرف روز لماذا لم تشعر بالدهشة لقسوته وعدم مراعاته للمشاعر
لقد عانقها ليخضعها له فقط ليثبت تفوق رجولته عليها بينما كانت هى تضلل نفسها بأنه يريدها حقا , فيا لحماقتها!
انه لم يرغب فيها وهى فى التاسعة عشرة , فكيف يرغب فيها بعد عشر سنوات ؟
ربما صديقته امرأة شابة مذهلة الجمال ومستعدة تماما لتلبية رغباته من دون اعتراض.
- هل وافقت ؟
قطع عليها افكارها بصوته العميق فنظرت اليه وكان هو ينظر الى ساعته بشئ من فروغ الصبر
فسألته وما زالت غير مقتنعة:
متى سيكون العرس؟
لم تستطع ان تفكر فى حل بديل لا يترك آن محطمة القلب.
- بعد اسبوعين او ثلاثة
فليكن تصرفك هذه الليلة نحوى وديا تماما كما هو نحو جيمى وآن
وبعد ايام سنبدأ بايهام الاخرين ان بيننا علاقة بتبادل العناق احيانا او بعض الملامسات
وسيرى ابى ذلك حتما
وفى اخر الاسبوع سأعلن عن زفافنا
يمكنك ان تتركى لى بقية التفاصيل
فسألته بجفاء:
هل لدى خيار؟
تأملها بعينيه الفولاذيتين من دون رحمة:
لا اذا كانت سعادة آن تهمك كما تريديننى ان اعتقد فأنت ماهرة فى التظاهر بمشاعر انت لا تشعرين بها حقا
لوت شفتيها بابتسامة مرة .
ان تتزوج رجلا مثل خافيار, يشك فى اخلاصها فى عقيدتها ومشاعرها هو شئ يدعو الى السخرية حقا
وقال بفتور:
لا بأس انا موافقة
وضع يده العريضة على ظهرها:
سيدة عاقلة
قال هذا بنبرة واضحة من الاعتزاز والرضى, وهو يستعجلها الى الخروج الى الطابق الاسفل

وعندما اقتربا من باب الصالون ابتعدت روز عنه
لقد وافقت على ابتزازه لها , لكنها لم تصبح جاهزة بعد لتمثيل دور الانثى المغرمة المتألقة العينين . انها غاضبة للغاية!
دخلت الى الصالون الفسيح امام خافيار رافعة الرأس ثم اومأت تحيي الخطيبين الشابين السعيدين اللذين يجلسان بجانب بعضهما البعض على الاريكة.
ثم تحول نظرها الى رجل وقف لرؤيتها , وقد كان جالسا على كرسى عالى الظهر.
امسك الرجل بعصا من الخيزران ذات مقبض من العاج ثم تقدم نحوها.
كان طويل القامة لكن كبر السن والمرض احنى كتفيه اللتين كانتا يوما ما مزهوتين.
كان يرتدى بذلة عشاء سوداء تبدو متهدلة على جسمه النحيل , نظرة واحدة اليه انبأت روز ان هذا الرجل مريض جدا, وان تهذيبا فائقا فقط هو الذى جعله يقف على قدميه ساعة دخولها.
وعلى الفور سارت نحوه وهى تمد له يدا نحيفة انيقة:
لا بد انك الدون بابلو فالدزبينو
الحمد لله انها تذكرت اسمه
هنأت نفسها لذلك:
انت جد جيمى
انا الدكتورة روزالين ماى
ابنة عمة آن ورفيقتها الحارسة لمدة اسبوع
تألقت فجأة العينان البنيتان الكئيبتان فى ذلك الوجه الذى غضنه الالم:
- المعذرة يا عزيزتى , لكنك اصغر واجمل من ان تكونى مرافقة حارسة
وفى الواقع على الامهات ان يخفن من ان تخطفى انت الخطيب.
أليس كذلك يا ولدى؟
وضحك بصوت خافت, وانتبهت روز فجأة الى ان خافيار كان قد تقدم ووقف بجانبها.
نظرت اليه فاذا به يبتسم لأبيه بحنان لم يدع لديها شكا فى مدى حبه له
رغم نفورها من فكرة ارغامها على هذا الزواج , تفهمت فجأة اسباب خافيار
لقد احبت هذا الرجل العجوز
فأجاب خافيار:
ربما انت على صواب يا ابى
ولكن اجلس من فضلك ودعنى احضر الشراب لضيوفنا
واتجه الى الجهة الاخرى من الغرفة وسأل روز عما تريد ان تشرب
فأجابت بنعومة ولكن من دون ان تحول عينيها عن الرجل العجوز:
عصير الاناناس من فضلك
عاد الدون بابلو ليجلس فى كرسيه ثم نظر الى روز:
انت طبيبة ولكنك لا تشبهين ايا من الاطباء الذين عرفتهم
صدقينى لقد عرفت العشرات منهم على مر السنين , وانا واثق اننى لو رأيت طبيبة مثلك لكنت سأشفى على الفور.
فقالت باسمة :
انت يا سيدى متملق للغاية
- هذا كل ما استطيع عمله الان
رد عليها الرجل العجوز بغمزة من عينيه انفجرت لها روز ضاحكة
فقال خافيار وهو يناولها كأسها:
انه مغازل رهيب
لا تشجعيه.
تناولت منه الكأس, واحتكت اصابعها بأصابعه بشكل خفيف, ما ارسل فى كيانها كله شوقا غير مرغوب به
عليها ان تتغلب على هذا الشعور الذى يتملكها لأقل لمسة من خافيار
حدثت بهذا نفسها بحزم, فقد قال لها بوضوح انه يريدها فقط زوجة ليسر والده .
وهكذا عادت تشارك بالحديث العام , وهذه الفكرة فى رأسها.
اعلن رئيس الخدم ابتداء العشاء فانتقلوا جميعا الى غرفة الطعام
نظرت روز حولها وقد تملكها شئ من الرهبة للترف والاناقة اللذين يحيطان بها
بدت الستائر واللوحات المعلقة على الجدران كأنها تنتمى الى عصر اخر , اما المائدة فمن الاتساع بحيث تكفلا لعشرين شخصا وقد وضع فوقها اوان من الخزف الصينى الى جانب ادوات المائدة الفضية.
احتل الدون بابلو كرسيه عند رأس المائدة , واشار الى ان تجلس آن الى يمينه وروز الى يساره وجيمى بجانب آن , ما ابقى لخافيار المقعد الى جانب روز.
مر العشاء على ما يرام
ساعدت خادمة فتية ماكس فى تقديم الطعام
سلطة طازجة من المكسرات تبعها لحم عجل مطبوخ على الطريقة الاندلسية مع زيت الزيتون والبندورة والبهارات والثوم والبصل.
كان الدون بابلو رجلا ذكيا سريع البديهة ذا معلومات واسعة عن التاريخ المحلى , ومضيفا ممتازا.
لم يتوقف الحديث بينهم حتى دخل ماكس فيما هم ينهون تناول الحلوى , فأخبر خافيار بأن هناك مكالمة هاتفية له
وقف خافيار وقبل ان يخرج من الغرفة اوقفه ابوه بكلمة واحدة.
تحدث الاب والابن باسبانية سريعة اخذت تزداد حرارة ثانية بعد الاخرى.
- اعتذر لسوء تصرف ابنى.
قال الدون بابلو هذا بكبرياء هادئة مخترقا الصمت السائد وقد تخضب وجهه الشاحب بالاحمرار.
فاندفعت روز تقول وقد ساءها ان يتكدر الرجل العجوز:
لا تقلق انه مجرد اتصال هاتفى
ان لديك بيتا رائع الجمال يا دون بابلو, ولا بد ان له تاريخا مجيدا

لقد تعمدت تغيير الموضوع, لكن ذلك كان اسوأ ما كان يمكن ان تقوله
- نعم
اسرة فالدزبينو امضت فى هذه البقعة خمسمائة سنة
لقد تغير المنزل ولكنه ظل دوما ملكا للاسرة
والآن لسوء الحظ وكأن اسم فالدزبينو سيموت.
عاد خافيار فى الوقت الذى كان فيه ابوه يتكلم , فألقى على العجوز نظرة كريهة , ثم قال :
ارجو المعذرة لأن على مع الاسف ان اخرج لفترة قصيرة
وجه كلماته هذه الى جيمى وآن , ولم يكد يلقى نظرة على روز ثم قال لأبيه سيئا بعنف وغادر المكان.
فقال الاب وهو يشير برأسه نحو الباب الذى خرج منه ابنه:
أترون ما كنت اعنيه؟ يتضح لى اكثر فأكثر ان ابنى لا يريد ان ينجب لى وريثا.
فى اول ليلة له فى البيت, يترك ضيوفه....
وسكت فجأة وكأنه ادرك انه قال اكثر مما يجب , ثم قرع الجرس لماكس.
وعندما جاء رئيس الخدم قال العجوز فيما كان ماكس يساعده على الوقوف:
آسف لاضطرارى الى ان اترككم الان.
انا متعب جدا , ولكننى ارجوكم ان تستمتعوا بسهرتكم
بعد خروجه قالت آن وهى تضحك بصوت خافت :
اوه .... يا لها من مأساة!
فقال جيمى :
انسى ذلك
طالما رأيت هذا من قبل.
جدى وخالى دوما يتجادلان
انهما متشابهان الى حد لا يمكنهما معه ان يتعايشا.
اما روز فقد تساءلت عما اذا كان بامكان اى شخص على الكرة الارضية ان يعيش مع خافيار... وسألت جيمى وقد تملكها الفضول لمعرفة ما حدث:
انت تتحدث الاسبانية يا جيمى
لماذا كانا يتجادلان؟
قثال جيمى ضاحكا:
غضب جدى لأن خالى ذهب ليقابل صديقته, فهى التى اتصلت به
قرصت آن جيمى وهى تقول مازحة:
الافضل لك ألا تتشبه بخالك والا خنقتك
كانت روز تدرك شعورها هذا , وقد تمنت فى تلك اللحظة لو ان بامكانها ان تخنق خافيار.
ؤاحت تتأمل الخطيبين , وادركت انها اصابت فى قرارها قبول الزواج من الرجل
ذلك ان جيمى يحب آن وهى لن تحتمل رؤية حيوان زاحف مثل خافيار يدمر الخطيبين الشابين.
بعد تناول القهوة, حيت روز الشابين تحية المساء وصعدت الى غرفتها بحجة اصابتها بالصداع.
لقد كان يوما جهنميا
لا شك ان خافيار يستلقى الان بارتياح بين ذراعى صديقته.
اما هى فلم تجد سبيلها الى الراحة وهى تستعد للنوم.
بعد ان رأت الدون بابلو ادركت جيدا لماذا يريد خافيار هذا الزواج
ولكن فليساعدها الله!
كيف يمكنها ان تعيش مع رجل لا يرغب باقامة علاقة معها بينما مجرد لمسة منه كفيلة باشعالها؟
ارتدت بيجاما قصيرة بيضاء اللون , واخذت تدور فى انحاء الغرفة الفسيحة بقلق , فقد منعتها شدة التوتر من النوم.
شعرت بأنها اشبه بطير فى قفص من ذهب
كان عليها ان تبقى فى الطابق الاسفل مع الخطيبين وهى على كل حال مرافقتهما الحارسة.
ويا لها من مزحة! فقد اوهمها خافيار بذلك ليحضرها الى اسبانيا.
وقفت بالقرب من النافذة ونظرت الى الاسفل نحو الفناء , فاذا بها ترى سيارة خافيار تدخل من خلال المدخل
لقد عاد باكرا من موعده مع صديقته
نزل من السيارة ورأسه مرفوع الى النافذة التى كانت تقف خلفها وكأنه احس بوجودها.
تراجعت روز بسرعة , ولكن ليس قبل ان ترى انه كان من دون سترة ولا ربطة عنق.

لم تكن عودته مبكرة فى الحقيقة
لقد خرج منذ ساعتين
وحدثت روز نفسها ان وجود صديقته فى حياته قد اراحها متجاهلة الشعور بالفراغ الذى تملكها
فذلك يؤكد ما قاله لها خافيار
انه يريد زوجة لا تتدخل فى حياته
زوجة لديها اهتماماتها الخاصة
وهى ستعود الى مهنتها مرة اخرى فى الوقت المناسب
بعد ان رأت الدون بابلو احزنها ان تعترف بأن الرجل لن يتمكن من العيش مدة ثلاثة اشهر اى حتى تنتهى اجازتها
حاولت ان تحمل نفسها على التفكير بشكل ايجابى
فالزواج من خافيار سيجعل ثلاثة اشخاص على الاقل سعداء , آن وجيمى والدون بابلو.
فكيف يكون هذا امرا سيئا؟
كما انها ستمضى عطلة طويلة فى اسبانيا, ولن تكون مضطرة الى النوم مع خافيار.... اغمضت عينيها وحاولت ان تنام.
تململت فى فراشها وهى تحاول ان تسترخى , لكن عضلاتها ظلت متوترة ولم تفهم سبب هذا التوتر
واخيرا دفنت رأسها فى الوسادة داعية الله ان يساعدها على النوم.
فى الصباح التالى قادتها الاصوات الى غرفة الافطار
بدا خافيار فياض الرجولة , وابتسمم لروز عندما دخلت :
صباح الخير روزالين
تبدين رائعة اليوم
واخذت نظراته تجرى بسرعة فوق جسدها المتناسب باعجاب الرجل الجرئ
وكانت تلبس ثوبا من القطن منقوشا بألوان زاهية
يبدو ان الغزل المكشوف قد بدأ الان , كما اخذت روز تفكر ساخرة , ولكن بما ان ذهنها كان مليئا بوعدها , ردت:
شكرا خافيار
رغم انها كادت تختنق لنطقها باسمه.
- بكل سرور , لكننى آسف لعدم امكانى قضاء الصباح معك
ثم التفتت الى جيمى وآن اللذين كانا قد جلسا الى المائدة:
ومعكما انتما الاثنين طبعا
انبأتها النبرة الساخرة فى صوته بأنه يشعر بغضبها الكامن:
بامكانكم ان تمضوا الصباح انتم الثلاثة فى التفرج على معالم المدينة, ولكن احرصوا على العودة فى الواحدة , لأننا سنذهب الى المزرعة بعد الغداء
كان هذا هو السبب الذى جعل روز الان تذوب تحت شمس الظهيرة
هى ضائعة تماما.
بدت سيفيل مدينة خلابة
القسم القديم منها مؤلف من خليط فوضوى من الشوارع الضيقة
وفيما هم يجوبون تلك الشوارع اختفى جيمى وآن فجأة , تاركين روز واقفة فى شارع تحفه اشجار البرتقال وهى تتساءل اين هى , واين ذهبا.
بقيت تبحث عنهما لأكثر من ساعة الى ان شعرت بالعطش وقد اشتد عليها الحر وتملكها الضجر
سارت فى شارع ضيق اخر حتى رأت اخيرا امرأة تجلس بمفردها خارج احد المقاهى
وقررت روز ان تفعل مثلها فجلست على كرسى ابيض من البلاستيك غير نظيف تماما
خرج من المقهى رجل خشن المظهر نوعا , فطلبت قهوة وكأس ماء.
بعد قليل جاء رجل غريب واخذ يتحدث اليها
ابتسمت له بسخافة من دون ان تكون لديها فكرة عما يتحدث عنه
ولكن عندما امسك بذراعها قفزت واقفة ونفضت يده عنها
ولم تنتظر النادل
بل اندفعت الى داخل المقهى المعتم ثم وقفت امام مكتب الدفع وفتحت حقيبة يدها.
كيف امكنها ان تكون بهذا الغباء ؟ وجدت فى حقيبتها عدة جنيهات انجليزية , ولكن لا نقود اسبانية.
حاولت ان تعطى المحاسب شيكا لكنه رفض ذلك
حاولت ان تفهمه ان ينتظر حتى تجد صرافا يبدل نقودها بنقود اسبانية , لكنه لم يدعها تخرج من المقهى
اخذ يصيح بها غاضبا بلغته , ولم تستطع ان تميز من كلامه سوى كلمة ( بوليسيا) فأدركت انها تعنى الشرطة
لقد اصبح الوضع مهددا.
وعندما شعرت باليأس ذكرت اسم خافيار فالدزبينو والدون بابلو وطلبت من الرجل بالاشارة ان يتصل بهما هاتفيا.
رمقها صاحب المقهى بنظرة ارتياب من اعلى الى اسفل وكرر متسائلا:
خافيار فالدزبينو؟
ثم اشار يطلب اسمها
الدكتورة روزالين ماى
تنهدت بارتياح وهى تراه يرفع سماعة الهاتف
تبع ذلك حديث سريع بالاسبانية , وبعد دقائق تغير الوضع بشكل اثار حيرتها
ابتسم الرجل وناولها السماعة.
- ما الذى تفعلينه يا روزالين؟ وأين آن وجيمى ؟
قال خافيار هذا هادرا , فأجابت بحدة وقد كرهت ان يصيح بها:
لقد فقدتهما
- يا الهى ! لا يؤتمن عليك فى الخروج انتظرينى حيث انت
لا تتحركى ولا تتحدثى مع اى انسان اخر
سيمدك صاحب المقهى بما تريدين.
أفهمت؟ ....
-نعم
قالت هذا بوداعة اذ لم يكن لديها خيار اخر.
- والآن دعى صاحب المقهى يكلمنى من جديد
ما ان انتهت المكالمة الهاتفية حتى دفعها صاحب المقهى الى العودة الى الخارج, حيث مسح لها المقعد واشار اليها بالجلوس عليه.
ثم تملكها الهلع وهى ترى صاحب المقهى يجلس على كرسى بقربها
فشعرت كأنها تحت المراقبة.
تنفست الصعداء عندما اندفعت الى الشارع بعد عشر دقائق سيارة فيرارى حمراء , ثم توقفت خارج المقهى وصرير عجلاتها يرتفع عاليا, وقد سدت الطريق الضيق
ابتسمت روز عندما انفتح باب السيارة بعنف ونزل منها خافيار.
الا ان ابتسامتها سرعان ما تلاشت عندما رأت التعبير المتصلب الذى ظهر على وجهه , فأخفضت بصرها
كان يرتدى بنطلونا تبنى اللون وقميصا اخضر قصير الكمين.
- روزالين
صرخ باسمها فرفعت بصرها اليه كارهة, فارتجفت لرؤية التعبير الذى بدا فى عينيه
كلمة " غضب عنيف " ليست كافية لوصفه.....
***********

سيريناد 19-07-19 05:00 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
7- سيد العالم


بخطوتين واسعتين كان يقف الى جانبها وعينات تلتهبان غضبا ثم هتف بها ثائرا:
ما هو العمل الذى تقومين به؟
- انا ...
ولم تستطع ان تكمل
- اخرسى.
راح يتحدث مع صاحب المقهى, ثم اخرج من جيبه رزمة من الاوراق المالية ناوله اياها
بدا ذلك لروز كرما سيئا للغاية
تنازل بأن نظر اليها مرة اخرى:
هل انت بخير؟
سألها هذا بخشونة , وعيناه تتفحصان جسمها الرشيق بامعان, فهزت كتفيها:
بأحسن حال ما عدا اننى ضللت طريقى وكدت اذوب من الحر
- انت محظوظة لأن هذا كل ما حدث لك
قال هذا ساخرا ببطء ثم قبض على ذراعها واوقفها:
هيا بنا نذهب
نظرت الى صاحب المقهى بابتسامة اكلت ان تبدو شاكرة , لكنها كانت ترتجف فى داخلها, فقد وقف خافيار كصقر يهم بالانقضاض
بدا وجهه صلبا جامد التعبير, لكن عينيه الضيقتين كانت تخترقان عينيها حتى الاعماق
كان قد اوقف سيارته فى وسط الشارع فتسببت بتوقف السير , وفى وسط الصياح الغاضب وجلبة ابواق السيارات دفعها الى مقعدها فى السيارة بقوة, وصفق الباب خلفها ثم جلس خلف المقود لتنطلق بهما السيارة بسرعة.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه باحثة عما تقوله
وهبطت عيناها الى فتحة قميصه عند العنق فأدهشها ان ترى اثر الجرح القديم فى فكه يصل الى عظمة الترقوة
لم ترها قط من قبل ثم ادركت انها بالرغم من حرارة الجو لم تر قميصه مفتوحا عند العنق طوال العطلة الاسبوعية.
- كيف حصلت لك هذه الندبة؟
خرجت هذه الكلمات من فمها قبل ان تستطيع منعها
فقال بصوت بدا عاليا منفجرا فى السيارة المقفلة:
بحق الله عليك, انت تعشقين المخاطرة
انت تعلمين جيدا سببها
واذا كانت حياتك تهمك اخرسى اذن
حتى نصل الى البيت
تعلم؟ ليس لديها ادنى فكرة
وهى قد سألته فقط لتخفف من هذا الجو المتوتر فى السيارة:
آسفة لأننى تكلمت
سلد بينهما صمت متوتر فيما السيارة تجتاز بهما الشوارع الضيقة
وشعرت روز بأن اعصابها المتوترة على وشك الانفجار
وقفت السيارة امام الباب, فسحبها من السيارة وعاد يجرها مرة اخرى صاعدا الدرجات الى حيث البرودة فى الداخل.
وقفت روز فى وسط الردهة وقد سئمت من معاملته لها وكأنها تلميذة متمردة:
اسمع , لا يمكنك ان تلومنى لأننى اضطررت الى الاتصال بك لأن ليس لدى نقود اسبانية
اشتدت اصابعه على ذراعها العارية وقد اصبحت عيناه باردتين شاردتين على وجهها المتمرد:
الى مكتبى
امرها بذلك من بين اسنانه المطبقة , وبعد ذلك بلحظة وجدت روز نفسها فى غرفة تغطى جدرانها الكتب , بينما اقفل خافيار الباب بحزم خلفها.
- نعم لقد ضللت طريقى وهذه ليست مشكلة كبرى
قالت ذلك وهى تحاول ان تخفف من توتر الوضع , لكن ضغط يده ازداد على ذراعها
ثم ادارها نحوه لتواجهه وقال باحتقار:
ضللت طريقك فى منطقة الضوء الاحمر , ام انك كالماء وجدت طريقك بسهولة الى حيث تنتمين؟
بدا صوته منخفضا خطرا , وكانت هى لا تزال مضطربة لذكره منطقة الضوء الاحمر عندما اضاف:
ماذا حدث؟ ألم يعجبك الرجل الذى اقترب منك؟
- وكيف عرفت ان رجلا اقترب منى؟
- كان من سرور صاحب المقهى ان يخبرنى بذلك وطلب منى ان ادفع اجر الوقت الذى امضيته انت فى اغواء الرجل فى المقهى عنده
اجابها بذلك بسخرية لاذعة وشحب وجهها:
- انت دفعت
اخذت تحدق فى ملامحه الخشنة لترى ان كان فيها اثر للمزاح:
لا , لا بد انك مخطئ لقد اخترت ذلك المقهى لأننى رأيت سيدة تجلس بمفردها وهكذا ....
وسكتت مذعورة من غبائها :
أتعنى ....
وشهقت ...
- كانت تلك السيدة تنتظر عملا بالضبط
وهى تدفع جزءا من اجرها لصاحب المقهى لسماحه لها باستعمال مقهاه, وهذا ينطبق عليك ايضا

- اه يا الهى!
ولم تستطع ان تمنع نفسها من الضحك بصوت خافت :
أتعنى انه كان يظننى اصطاد الرجال؟
ثم انفجرت ضاحكة
خافيار فالدزبينو العظيم كان عليه ان يدفع نقودا كأجر فى مكان ترتاده بنات الهوى؟ لا عجب لغضبه المبالغ هذا .
وزمجر هو قائلا:
لقد اضحكك الامر أليس كذلك ؟ اتساءل ان كنت سترينه مضحكا بهذا الشكل لو ان ذلك الرجل لم يقبل منك كلمة لا جوابا
وبحركة بارعة ترك يدها وجذب خصرها ليضمها اليه :
ماذا كنت ستفعلين ؟
وعندما فتحت فمها لتحتج شدها نحو صدره بقوة ما منعها من التفوه بكلمة.
اخبرها تعقلها ونضجها بأن تقاوم , فقد كان هذا مجرد هجوم لطفل كبير خشى ان يمس احدهم لعبته الجديدة ,الا ان جسدها تجاوب معه بنفس المشاعر التى كان عليها حين كانت فى سن التاسعة عشرة .
وارتفعت ذراعاها تحيطان بعنقه وتحركت نحوه وهى ترتجف حنينا.
لكنها استجمعت شجاعتها لتقول :
"دعنى"
- هل هذا احسن ما يمكنك القيام به؟
وابتسم ساخرا وهو يدفع رأسها الى الخلف
- حاولى مرة اخرى يا روزالين
- لا استطيع
تمتمت بذلك وهى تحنى رأسها وقد سقطت ذراعاها من حول عنقه مرتخية على جانبيها .
الحقيقة التى كانت تخز عقلها الباطن طوال الايام الثلاثة الماضية قد اسمعت صوتها اخيرا.
أتراها تحبه؟
انها لا تعلم
لكنه الرجل الوحيد الذى بامكانه ان يثير مشاعرها بلمسة واحدة منه
سواء مرت عشر سنوات ام مئة , لن يغير ذلك من تأثيره عليها وعلى حواسها كافة
سيبقى الامر كذلك الى حين مماتها, وافزعها ادراكها لذلك...
ابتعد خافيار عنها قليلا:
انت لا تستطيعين
ورمقها بنظرة احتقار:
انت حقا عبدة لأحاسيسك
حسنا!
ارى ان على حين تصبحين زوجتى ان اضع عليك حارسا يراقبك طيلة الوقت
تفجر غضبها خلال لحظة ضعفها هذه :
يمكننى رعاية نفسى خافيار
لقد قمت بذلك مدة طويلة
انه يظنها امرأة مستهترة تنساق وراء رغباتها
لكن من اين حصل على هذه الفكرة عنها , فهذا ما لم تعرفه
ولن تهتم بتوضيح الامر له
فلتدعه يظنها عاجزة امام اى رجل
فذلك سيبقى افضل بكثير من ان يعلم ان لمسته وحدها هى التى تشعل النار فيها:
اذن , انا اقترح عليك ان تبقى مع صديقتك وتدعنى وشأنى
تأملها بعينين قاسيتين , فحولت نظراتها بعيدا ثم قال ساخرا:
لا اظننى بحاجة اليها بعد الان , فتجاوبك معى يخبرنى بأنك ستكونين كافية تماما لى .... لفترة على الاقل
اضاف الجملة الاخيرة بهدوء
فرفعت رأسها بحدة لهذه الغطرسة السافرة منه, فقد كان مع صديقته الليلة الماضية , وهذا جعل عينيها الخضراوين تلتهبان غضبا.
ولكن مهما كان جوابها الذى اوشكت ان تقوله , فقد اوقفه قرع على باب المكتب وصوت جيمى يسأله:
هل يمكننى التكلم معك يا خالى ؟
سار خافيار الى الباب يفتحه وهو يقول بحدة :
وانا اريد ان اتكلم معك
قال هذا فيما دخل جيمى المكتب
نظر جيمى الى خاله ثم روز فاتسعت عيناه وهو يدرك ان هناك شيئا بينهما .
ذلك ان شعرها كان مشعثا وخداها متوردان
- حسنا , حسنا اذن فقد وجدت روز!
قال جيمى هذا لخاله بابتسامة عريضة :
ام انكما خططتما لقضاء الصباح وحدكما كما فعلنا انا وآن؟
واخذ يضحك
مد خافيار يده الى روز وامسك بذراعها بحزم:
اذهبى الى غرفتك واحزمى امتعتك ودعى جيمى لى
ولا حظت وهو يدفعها الى خارج المكتب ان صوته الناعم كان يكظم غضبا جياشا ينذر بالشؤم.
وما كاد الباب ينغلق حتى سمعت صوته الغاضب يلسع جيمى
شعرت بالأسف لأجل الفتى , ولكن ليس بقد ما شعرت به تجاه نفسها
فادراكها بأنها وقعت فى حب ذلك الطاغية حطم روحها , واصاب ثقتها بنفسها كأمرأة
هى , روز التى امضت سنوات تطالب بحقوق المرأة , تملكها القنوط كطبيبة , من النساء الخانعات اللاتى يقبلن بالعيش مع رجال يحكمونهن , تجد نفسها مستعبدة لأحاسيسها ؟ لم يكن ذلك امرا تجرؤ على التفكير به.
روز المغلوبة على امرها تلك كانت اخر من دخل غرفة الطعام لتناول الغداء.
هب خافيار واقفا على الفور وسحب لها كرسيا
وحاول الدون بابلو الوقوف لأن تهذيبه لم يكن يسمح له بغير ذلك , فقالت وهى تجلس:
لا حاجة بك لذلك ارجوك , فأنا وصلت متأخرة
- فى زمنى كان التهذيب مع السيدات ضروريا بالنسبة الى الرجل النبيل.
قال دون بابلو هذا ثم عاد يغوص فى كرسيه ملقيا نظرة جافة على جيمى الذى ظل جالسا:
لكن يبدو ان الشبان نسوا ذلك
- ليس هذا كل ما نسوه.
قال خافيار هذا وهو يجلس بقرب روز وهو يلقى على جيمة نظرة مظلمة
من الواضح ان الخطيبين الشابين ما زالا على اللائحة السوداء عنده بعد هربهما منها هذا الصباح
فقال جيمى بوقاحة:
لا ادرى ما الذى تلومنى عليه يا خالى خافيار
يبدو لى اننا ادينا لك خدمة , اذ امكنك بذلك ان تمثل دور الفارس المغوار لامرأة جميلة
ولسوء الحظ , اصر الدون بابلو على معرفة ما جرى
وتملك روز الذعر عندما اخذ جيمى يسرد بطريقة هزلية حماقة روز ذلك الصباح بكل تفاصيلها المثيرة البشعة
وارتسمت ابتسامة عريضة على وجه دون بابلو المغضن , ثم قال شيئا بالاسبانية جعل خافيار وجيمى ينظران اليها ثم انفجر الاثنان ضاحكين.
شعرت روز بالاحمرار يغزو وجهها
لم يعجبها ان تكون موضعا لهزء الرجال, خصوصا وهى لا تفهم ما يقولون.
كان الغداء فظيعا
فقد بدأ خافيار بلعب دور الرجل المتيم الذى سيتقدم لخطبتها بمهارة وحرارة اخرستها
فكانت عيناه الداكنتان الباردتان تصبحان فجأة دافئتين ناعستين فى كل مرة ينظر فيها اليها, بينما تناوبت مشاعر روز بين احمرار الخجل والغضب
********

- انه منزل رائع الجمال
قالت روز هذا لآن وهما جالستان خلف المبنى المستطيل المؤلف من طابق واحد , على مقعد مستدير يحيط بشجرة الجكرندة الاستوائية الضخمة القائمة وسط شرفة فسيحة.
امتدت تحتهما شرفة اخرى حتى تصل الى بحيرة صغيرة رائعة ترتطم بالشاطئ برفق.
كانت الرحلة الى المزرعة خالية من اى مشاكل.
فقد استقلت روز حافلة فسيحة خاصة مع الدون بابلو وماكس وزوجته وآن.
اما خافيار وجيمى فقد استقلا سيارة الفيرارى.
وتمتمت آن:
نعم , انه مريح لكنه هادئ قليلا بالنسبة الى ويفترض جيمى ان ليس هناك متجر او اى مكان للتسلية الا على بعد اميال
- يا لك من مسكينة!
قالت روز هذا ساخرة وقد بدأت تشعر بالاسترخاء لأول مرة خلال هذه الايام الثلاثة.
كان جيمى وخافيار فى الفناء الامامى يلعبان كرة القدم مع بعض العمال , اما الدون بابلو فقد ذهب للنوم فى وقت مبكر هذه الليلة لأن الرحلة اتعبته, وسيتناول عشاءه فى غرفته.
لهذا فان العشاء سيقدم فى وقت اندلسى هو العاشرة.
مالت ان الى الامام قليلا وعلى وجهها الجميل حذر وشئ من الجد:
يا لى من مسكينة .... لكننى لا اظن ان هناك ما على ان اقلق لأجله يا روز.
اما انت فانك فى خطر من اذى وشيك يصيبك ... انا اعرف اننى طلبت منك ان تكونى لطيفة مع خافيار, ولكن حسنا... لقد رأيت كيف كان ينظر اليك كما ان جيمى اخبرنى انه رآكما فى المكتب فيما كان الباب مقفلا , والله يعلم ما الذى كنتما تفعلانه
انا اعلم انك اكبر منى سنا , وخبرتك بالناس تفوق خبرتى
لكنك لم تعبثى بالرجال من قبل
وكيف يمكنك بعد سنوات امضيتها فى الخارج , سواء فى الصحراء ام فى امكنة اخرى , ان تكونى ضعيفة ازاء رجل مثل خافيار
- لا بأس فأنا اعرف ماذا افعل
قالت روز هذا برقة وقد تأثرت للغاية باهتمام آن بها , وشكرت الله لأن الظلام يحيط بهما , ولا يمكن لآن ان ترى عينيها المغرورقتين بالدموع.
وضعت ذراعها حول ابنة خالها تشدها اليها
آن تحبها , ولو كانت الادوار معكوسة لفعلت لأجلها الامر نفسه :
تعلمين اننى كبيرة ولست ساذجة كما قد تظنين.
فقالت آن ضاحكة:
الحمد لله على ذلك! كدنا انا وجيمى نتشاجر من اجل هذا
فهو يقول ان بامكانك ان تعتنى بنفسك
لكننى قلت له ان اى رجل لديه صديقة يجب ان لا يعبث مع امرأة اخرى.
اعنى ان خافيار هو ارمل , فلماذا لا يحضر صديقته الى منزله؟
ضحكت روز فجـأة بصوت خافت , شاعرة بأنها كبيرة فى السن نوعا ما
واحتضنت الفتاة مرة اخرى قبل ان تنظر الى ساعتها ثم تنهض واقفة :
- هيا بنا حان وقت العشاء
بدا خافيار اثناء العشاء مضيفا ممتازا
وفى غياب الدون بابلو بدا جو العشاء اقل تحفظا , ولم يكن ثمة ما هو افضل من ذلك بالنسبة الى جيمى وآن المغرمين ببعضهما البعض.
لم تتناول روز سوى القليل من الطعام معللة ضعف شهيتها بسبب حرارة الجو
لكن الحقيقة انه يتعلق بارهاب خافيار لها
فقد كان التوتر يتملكها.
بدا خافيار شديد البراعة فة ما يحاول التظاهر به
فقد كان تنظراته اليها حميمة دافئة طوال الوقت , وقد زاد ذلك من توترها وصعب عليها الاحتفاظ بجو من المودة والمتعة طيلة فترة العشاء .
وعندما وصل العشاء الى مرحلة تناول القهوة , كان الارهاق قد تملكها وامتلأ قلبها الما تعذر عليها تفسيره.
كان جيمى اول من نهض عن المائدة وآن بجانبه :
المعذرة نريد ان نخرج لنتمشى
فقالت روز ضاحكة وقد تملكها ما يشبه الدوار :
آه , لا , لا يمكنكما ذلك , أنسيتما اننى المرافقة الحارسة؟
ثم وقفت وهى تقول :
انا قادمة معكما
- غير ممكن
قال خافيار هذا وهو يضحك بصوت خافت , ثم يقف واضعا يده على ذراعها :
دعى عصافير الحب وشأنها يا روزالين
واسمحى لى بمرافقتك الى غرفة نومك
فألقت عليه نظرة جانبية:
الرجل الذى احضرنى معه الى اسبانيا بصفة مرافقة حارسة يقول ذلك ؟ يبدو انك غيرت مفهومك
- لا اننى فقط انحنى لما لا مناص منه كما ستفعلين انت ذلك ايضا
قال ذلك وهو يديرها لتواجهه
قربه الشديد منها ولمسة يده على ذراعها جعلا قلبها يخفق بعنف
رفع ذقنها باصبعه وقد ضاقت عيناه على وجهها الجميل , ولاحظت تحذيرا خفيفا فى اعماق عينيه .
وفجأة تملكها الوهن وبالكاد تمكنت من الابتسام وهى ترى جيمى يرافق آن الى الخارج , وهو يقول ضاحكا:
انا واثق يا خالى انك ستعتنى بروز
انها تبدو منهكة قليلا
لم تعترض عندما احاط خافيار كتفيها بذراعه:
الى السرير روزالين
بدت لمحة من الحذر على وجهها المعبر قبل ان تفلح فى تغطيتها
استيقظت روز فى الصباح التالى وهى تشعر بالصداع.
جاهدت للنزول من السرير ودخول الحمام
تركت المياه الباردة تنساب على جسمها الى ان شعرت بالانتعاش
جففت شعرها بمجفف الشعر المعلق على الجدار ثم غادرت الحمام.
فى غرفتها ارتدت بنطلونا ابيض وبلوزة زرقاء قصيرة الكمين , بهرها الضوء لحظة وما لبثت عيناها ان اعتادته فسحبت نفسا عميقا لتملأ رئتيها من الهواء النقى.
تقع غرفتها فى الناحية الخلفية من المنزل
تمتد امامها الحدائق التى تصل الى البحيرة
اخذت تنظر الى سرب من الطيور خرج من الماء لتوه, ثم نظم نفسه على شكل دائرة , منطلقا بعد ذلك الى التلال البعيدة
تنهدت روز وتمنت لو ان بامكانها الانضمام الى تلك الطيور المحلقة فى الفضاء.
عادت الى الداخل وجلست على حافة السرير.
حاولت ان تمشط شعرها المتسابك . عليها حقا ان تقصه , كما اخذت تفكر للمرة المئة , قبل ان تسمع قرعا على بابها
لا بد انها آن وقد جاءت لتخبرها بمبلغ خداعها لنفسها :
ادخلى ولا تقولى شيئا اعرفه ...
والتفتت ببطء اذا بها تفتح فمها ذاهلة
لم يكن القادم آن بل خافيار
سار نحوها حاملا صينية من الفضة فوقها ابريق من القهوة واخر من الحليب واناء للسكر وكوبان , لكن هيئته لم تبد كهيئة احد المستخدمين بل على العكس فقد بدا وكأنه سيد العالم
شعره الاسود بدا متألقا تحت اشعة الشمس الذهبية اما تقاسيم زجهه البرونزية فقد برزت بقوة.
استقرت عيناها على كتفيه العريضتين وصدره الفسيح الذى يبرز تحت قميصه الاسود المقفل, وراح نبضها يخفق بجنون فى كل انحاء جسمها
حولت نظراتها بعيدا وبللت شفتيها اللتين جفتا فجأة بلسانها :
ماذا تريد؟
لم يكن هذا سؤالا لائقا
وضع الصينية على منضدة السرير الجانبية ثم وقف ينظر اليها
بدت ملامحه بصلابة الحجر وظهرت على شفتيه ابتسامة عنيفة
كان يبدو رائع الرجولة , واشعرتها رجولته هذه بتيار كهربائى سمرها دون حراك.
ولم تستطع روز ان تمنع نفسا سريعا ورجفة لا ارادية فى يدها, ما جعل الفرشاة تسقط من يدها
وعندما انحنت لتلتقطها سبقها خافيار اليها:
آه اظنك تعلمين
قال ذلك وقد اتسعت ابتسامته
مال الى الامام ومر بيده على ذقنها
احرقتها لمسته كالنار
نظرت الى عينيه بثبات:
هل لك ان تعطينى الفرشاة من فضلك؟
- بهذه البرودة؟
رفع حاجبيه ثم انتصب واقفا وهو يتأمل وجهها المتكبر:
ربما هذا يكفى الان اسكبى القهوة وانا سأمشط شعرك
ارادت ان تعترض لكنه جلس بجانبها وراح يمشط شعرها المتشابك:
- شعرك رائع انه بلون الخمرة وفيه خصلات ذهبية اللون
بتأثير الشمس الحادة يصبح جافا وتضيع الوانه
وادركت انها تثرثر
كان خافيار يضع يده على كتفها كأنه يثبتها بينما راح يمشط بيده الاخرى
تمنت لو ان بامكانها ان تميل الى الخلف لتستلقى على صدره الواسع القوى ومضت لحظة كادت تفعل فيها ذلك
- هذا يكفى
قالت هذا بصوت خافت وهى ترفع رأسها الى الامام ثم اجفلت عندما جذبت هذه الحركة شعرها.
ضحك وادار وجهها اليه :
كلمة يكفى لا وجود لها فى قاموس علاقتنا يا روزالين
ثم انحنى وعانقها
غمرتها امواج من الاحاسيس حطمت تحكمها فى نفسها فأخذت تتململ
رفع خافيار رأسه مبتسما وشعلة من الرضى تلمع فى عينيه ثم عاد يعانقها
بدا ان مشاعرها قد هزمت عقلها منذ وقت طويل فمدت ذراعيها تطوق بهما عنقه
وغرقت فى حلاوة عناقه للحظات طويلة.
وفجأة تراجع الى الخلف ثم وقف :
"لا"
لا ... وماذا يعنى ب"لا"؟
جلست على السرير تنظر اليه
- اجلسى وسأسكب القهوة
جاهدت للجلوس وقد التهب وجهها
كان عليها ان توقفه عند حده منذ اول لمسة منه
شعرت بالاذلال لادراكها ان ليس لديها دفاعات ضد هذا الرجل , بينما هو محنك للغاية وذو خبرة واسعة فى العلاقات مع النساء
وجعلها تصميم عنيد تقف على قدميها , وهى تبدو شاحبة بشكل غير عادى:
لا تزعج نفسك لا بد انها بردت الآن
قالت هذا وهى تتوجه الى الباب برشاقة , محاولة ان تجاريه فى كلامه المهذب:
سأعد لك كوبا طازجا
- فكرة جيدة
قال هذا بنعومة ثم سبقها الى الباب يفتحه لها وهو ينحنى باحترام
تجاوزته خارجة , متجنبة النظر الى عينيه الداكنتين الساخرتين , وفجأة واذا به يمسك بخصرها يوقفها عن السير
- دعنى ....
فقاطعها:
انتظرى يا روزالين , شعرك ...
ومد يده يزيح خصلة شعر عن وجهها :
هذا يفضح الامر نوعا ما ...
اقترح ان تسويه بشكل ما قبل ان تقابلى بقية من فى البيت
لكن تحذيره جاء بعد فوات الاوان , ووقعت الكارثة ......
*********

سيريناد 19-07-19 05:14 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

8- وهل أملك الخيار؟


وقفا عند مدخل غرفة النوم وكان الدون بابلو على بعد اقل من مترين جالسا على كرسيه ذى العجلات وماكس خلفه يدفعها به فى الممر
القى نظرة ملؤها التعجب على روز وشعرها المشوش الاشعث المنسدل على كتفيها , ثم على ابنه الذى كان يمسك بمعصمها بيد , بينما يده الاخرى تعبث بشعرها
وصاح بصوت كخوار الثور لا يناسب رجلا مريضا يصارع الموت :
خافيار ! كيف تجرؤ على اغواء فتاة ... فتاة ضيفة فى بيتنا؟
واكمل حديثه بلغته ووجهه يتوهج غضبا فأمطره بوابل من الشتائم بدت شائنة حتى بالنسبة الى روز التى تجهل الاسبانية.
ارتدت روز الى شخصيتها المهنية , وادركت ما يمكن ان يفعله الانفعال البالغ بصحته , فتدخلت تقول :
ارجوك , دون بابلو .... لغا ترهق نفسك بالانفعال
الامر لا .....
واذا بأصابع خافيار تنغرز فى لحم معصمها فكبحت صرخة الم :
دعى الامر لى
قاطعها بذلك بحزم
ماذا يريدها ان تترك له؟
والقت عليه نظرة مرة
ألا يستطيع هذا العديم الاحساس ان يرى كم كدر اباه؟
لكنه تجنب عينيها وتابع قائلا:
ما كانت روز ستقوله يا ابى هو ان الامر ليس بهذا السوء , لأنها منحتنى شرف موافقتها على الزواج بى
نظرت روز اليه بذعر , وفتحت فمها لتنكر ذلك , ولكن ازدياد ضغط اليد على معصمها والعناد فى ملامحه اوقفا الكلمات فى حلقها.
اخذ الدون بابلو ينقل نظراته المجفلة بينها وبين ابنه , لتستقر اخيرا على وجه روز الذى كان يتوهج احمرارا : يا عزيزتى .... يا فتاتى العزيزة , انا مسرور للغاية
قال هذا بشعور صادق وفد اضاءت وجهه المغضن ابتسامة دهشة ولاحظت روز ان عينيه مغرورقتان بدموع الفرح :
لم اظن قط اننى سأعيش لأرى هذا اليوم
ومد اليها يدا معروقة :
تعالى لأعانقك
القت نظرة قاسية على خافيار , فالتوت شفتاه بابتسامة , كأنه يتحداها ان تجرؤ على رفض طلب الرجل العجوز
وعضت روز شفتها
أى خيار لديها؟
الان او الاسبوع القادم ليس هناك فرق كبير
عادت بانتباهها الى الرجل العجوز ,وانحنت لتمسك بيده التى كان يقدمها اليها , فضمها بيده الاخرى الواهنة اليه , فألقت روز خدها على خده المتعضن , مستسلمة الى ما لا مناص منه...
وبعد ان اندفع ماكس بالأب بسرعة بالغة الى هاتف لينشر النبأ , قال لها خافيار ساخرا:
والان هل وجدت الامر مؤلما جدا؟
- قد لا يكون كذلك اذا انت تركت معصمى.
لقد وقع الامر ولم يعد هناك داع للجدل , لكن يده العريضة التى كانت تدعك جلدها بكسل كانت تمثل عرضا مختلفا للزواج
فابتعدت عنه وهى تجاهد للسيطرة على حواسها الغادرة :
ما زلت بحاجة الى فنجان قهوة
- وبحاجة ايضا الى خاتم
- انا لست بحاجة الى خاتم
بعد ذلك بخمس دقائق , كانت لا تزال تجادل فى هذه النقطة , وهى تقف وسط غرفة مكتبه, وفى يدها فنجان قهوة يتصاعد منه البخار.
نظرت اليه روز وهو يخرج شيئا من خزنة فى الجدار , فاختلست النظر الى جسمه القوى وتأوهت.
التفت خافيار بدون انذار فرآها تحدق فيه , وبخطوة واحدة كان يقف الى جانبها .
قال وعيناه تلمعان هزلا:
الخاتم والعرس ضروريات لاتمام الزواج
فى محاولة للسيطرة على افكارها المشاكسة , رشفت محتويات فنجانها ببطء ثم وضعته بهدوء على المنضدة:
اسمع خافيار
دعنا نوضح هذا الموضوع
انها مجرد ترتيبات زواج لا اكثر
انا ... أنا...
وتلعثمت وكادت تفقد اعصابها:
انا لا اريد ان تتجاوز العلاقة بيننا ترتيبات الزواج
- لن اجادلك فى ذلك
كانت عيناه غامضتين فيهما وميض لم تستطع تحديد ماهيته
- هذا خاتم امى وانا اريدك ان تلبسيه
نظرت روز الى علبة الخاتم المفتوحة فى يده , وطالت نظرتها الزمردة المربعة المحاطة بغدد من الماسات, والمستكينة فى مخمل ياقوتى اللون
رفعت ذقنها قليلا ونظرت اليه بجرأة
بدا رائعا لكنها لن تخبره بذلك وسألته بخضونة:
هل اعجب هذا الخاتم زوجتك؟
فقال بنعومة:
زوجتى الراحلة اختارت خاتمها بنفسها, اما انت فليس لديك خيار
وامسك بيدها ووضع الخاتم فى اصبعها اليسرى :
مناسب تمام
سيسر أبى به
راح الغضب يفلى فى داخلها
انه على صواي مرة اخرى , تبا له ! فهى لا تملك الخيار.
نظرت الى الجوهرة فى اصبعها وادركت انها غير مستعدة لمناقشة الموضوع:
لا بأس
سألبسه لأجل ابيك وهذا سيقوى صحة ادعائنا كما اظن
قبلت ذلك كارهة فقال ضاحكا بسخرية:
انت سهلة القياد روزالين , واتساءل الى متى ستبقين كذلك
وقبل ان تتكهن بنيته , احاطها بذراعيه وعانقها وثار غضبها حتى لم يعد بامكانها التنفس حين اطلقها:
لماذا فعلت ذلك وليس هناك احد ليرانا؟
- ارجو المعذرة لقيامى ببعض التدريبات هنا, فأنت تصبحين جميلة جدا عندما تغضبين
جاءت ابتسامته العريضة تأنيبا سافرا لملامحها المتمردة
- لن نصل الى مرحلة الزفاف ابدا
قذفته بذلك بدون احتراس , وعيناها الغاضبتان تحومان فوق هذا الرجل القوى الرائع المتسلط , والذى لا تستطيع منع نفسها من تحديه.
ثم تابعت تقول :
وحتما سوف يدرك هذا شخص ما
- آه , أتظنين ان الاسرة سترانا متخشبين؟
ابتسمت فى داخلها
انها المرة الاولى التى تراه فيها مرتبكا وهو يسئ فهم تعبيرها بلغتها الانجليزية
وابتسمت فى داخلها:
"نعم"
شئ فى لكنته الاجنبية الخفيفة وهو يتحدث جعل شفتيها تلتويان
حاولت ان تخنق ضحكتها التى اخذت تغلى فى صدرها فلم تستطع , وهكذا انفجرت ضاحكة.
- انا مسرور لأننى اسليك
رنين ضحكتك هو تغير بهيج فى وجهك العابس الذى تواجهيننى به على الدوام.
واشرق وجهه بابتسامة تغضنت معها زوايا عينيه فبدا اصغر من سنه بعشر سنوات.
**********
بعد مضى اسبوعين , وقفت روز امام المرآة الطويلة فى الحمام
قررت انها فعلا تبدو عروسا بشعرها الاحمر الممشط الى الخلف بشكل كومة من الخصلات يحيط بها اكليل من الزهور
اما ثوبها وهو من الساتان العاجى فبدا ملائما تماما لطول قوامها , مبرزا خصرها النحيف ملتفا حول وركيها بأناقة.
بدا ثوبا تقليديا ببساطته , فالتنورة تنسدل بنعومة فوق الفخذين وساقيها لتنتهى عند القدمين
اما الحذاء فهو عبارة عن خفين من الساتان ايضا.
لم تشعر روز بأى من المشاعر التى تنتاب العروس عادة فى يوم زفافها, وانما الاستسلام الحذر هو ما رأته فى العينين الخصراوين اللتين كانتا تبادلانها النظر فى المرآة.

قالت آن :
تبدين رائعة الجمال
لم اعد استطيع الصبر على موعد عرسى انا
نظرت روز الى آن التى بدت جميلة بثوبها المشابه لثوب العروس ولكن بلون فستقى , وقالت لها برقة :
وكذلك انت
طرق الخال اليكس الباب الموارب بخشونة:
هيا حان وقت الذهاب
دست آن باقة ازهار رائعة فى يد العروس:
سأراك فى الكنيسة
بينما امسك اليكس بذراع روز وقادها الى حيث سيارة العرس:
- تبدين رائعة الجمال يا عزيزتى
سيكون والداك بالغى الزهو بك اليوم
شعرت روز برغبة فى البكاء عندما ساعدها خالها فى الصعود الى السيارة وجلس بجانبها
منذ ذلك اليوم المهلك الذى اخبر فيه خافيار أباه بأنهما سيتزوجان لم تكن روز ترى عريسها المفترض الا نادرا
مساء ذلك اليوم نفسه وفد الى المنزل العديد من المهنئين وتقبلت التهانى من الجميع
وفى اليوم التالى , عندما كانت روز وآن ترتاحان بجانب بركة السباحة سألتها آن عن سبب السرعة فى هذه الخطبة
نجحت فى اقناع ابنة خالها بأنها وقعت فى الغرام , ثم ما لبث جيمى وخافيار ان وصلا الى البحيرة فتركت آن الموضوع.
فى الواقع لم تر روز خافيار بمفرده منذ ذلك اليوم
وان كانت قد تمنت فى سرها ان يكون زواجهما حقيقيا , فقد تلاشى املها بذلك تماما.
كان خافيار يحضر لتناول الفطور ليختفى بعد ذلك فجأة , ثم يظهر من جديد عند العشاء ليتصرف كمضيف لبق وخطيب مشتاق فيخدع الجميع .
التعزية الوحيدة التى وجدتها فى ورطتها هذه كانت فى الدون بابلو , فقد كانت سعادته توحى بالسرور لمن يراها؛ لقد منحت العجوز فرصة جديدة للحياة.
ولم يكن قلب روز الرقيق يسمح لها بأن تبدد وهمه.
وبدلا من ذلك استغرقت فى عمل بالغ الاهمية , فقد ذهبت خلال العطلة الاسبوعية التى تلت هى والدون خافيار الى انجلترا بالطائرة الخاصة طبعا لتعود مع والدى آن وجيمى
وقد استلمت تيريزا مسئولية تنظيم العرس
كما قامت برحلات الى سيفيل للتسوق وزيارة صالونات التجميل
حتى لو ارادت روز ان تتحدث مع خافيار بمفرده ما كانت لتجد فرصة لذلك.
لم تكن بحاجة الى الكثير من الذكاء لتعلم انه كان يتجنبها
ما ان اذيع نبأ الخطبة حتى بدا خافيار متباعدا ولم تحصل منه على عناق, ما عدا بعض العناقات الباردة فى المناسبات وامام افراد الاسرة
وكان الاستنتاج واضحا؛ فهى ستكون بالضبط فى الموقع الذى وضعها فيه منذ البداية , زوجة مقبولة اجتماعيا لترضى أباه.
اما رغباته الجسدية فقد استقر امرها عند صديقته
وحدثت روز نفسها بأن هذا الامر لا يهمها , واوشكت ان تصدق ذلك ....
ايقظها من تأملاتها صغط خالها على يدها.
لقد وصلا! كانت الكنيسة قائمة فى الناحية الاخرى من البحيرة فى قرية فالدزبينو الصغيرة للغاية.
كان الطريق اليها قصيرا جدا بالنسبة الى روز .... راح قلبهل يخفق عاليا, ولو لم تكن متشبثة بذراع خالها , لما استطاعت ان تصعد الدرجات المؤدية الى باب الكنيسة.
استغرقت عيناها لحظة لتتعودا على جو الكنيسة المعتم .
وعندما حدث هذا حبست انفاسها
كان خافيار واقفا عند اسفل مذبح الكنيسة مراقبا كل خطوة تخطوها
بدا طويلا عريض الكتفين ووسيما الى حد لا يصدق فى بذلته الرمادية الانيقة
اشتبكت نظراتها المتوترة مع العينين السوداوين اللتين اشتعلتا فجأة بنار الابتهاج بالنصر فكادت نارهما تبتلعها.
وكادت روز تستدير لتهرب ....
تقدم خافيار الى الامام وامسك بيدها
شعرت برجفة فى جسمها لم تستطع تفسيرها , فجمدت مكانها.
ضاقت عيناه وكأن ترددها اغضبه , ثم جذبها لتقترب نحوه.
ثم حياها الكاهن وابتدأت مراسم الزواج.
فيما بعد لم تتذكر روز من الاحتفال سوى القليل ما عد الوجود المدمر لذلك الرجل الطويل العريض الكتفين بجانبها .
شعرت بخاتم الزواج وكأنه ختم بارد قاس بالتملك فى اصبعها , ولدهشتها اعطيت خاتما لتضعه فى اصبع خافيار
وعندما تلا الكاهن الكلمات:
يمكنك ان تعانق عروسك
لم تكد تفلح فى اخماد رجفة حتى اغتنم هو الفرصة واخذها بين ذراعيه واحنى رأسه المزهو وعانقها.
غاضبة متوهجة الوجه , رفعت روز بصرها الى وجهه الاسمر بعد ان تركها اخيرا, فتصارعت اعينهما للحظة.
لم تكن تريد عناقا مقنعا الى هذا الحد , بل لمسة مختصرة تتماشى مع التقاليد لا غير!
وابتسم خافيار بينما شعرت هى بارتجافة عندما تأبط ذراعها بشكل متملك وقادها عائدا بها الى ممر الكنيسة.
اخذت لهما الصور الفوتوغرافية وتنفست روز الصعداء عندما غاصت شاكرة فى المقعد الخلفى من سيارة العرس
كانت هذه هدنة قصيرة قبل ان تضطر الى مواجهة المدعوين مرة اخرى فى حفلة الاستقبال فى المنزل
-سارت الامور بأحسن حال كما اظن
قال خافيار هذا وهو يجلس بجانبها جسمه القوى قريب منها الى حد لا يبعث الراحة فى مشاعرها
- وانت تبدين رائعة الجمال يا زوجتى العزيزة
والتفت اليها لينظر الى جسمها الرشيق بعجرفة مثيرة للاشمئزاز بقدر ما هى وقحة
وقال ساخرا:
وعذراء طاهرة تماما
فقالت بحدة:
الثوب كان فكرة اختك
لا بد انها مجنونة لموافقتها على الزواج من هذا الرجل وتملكتها المرارة وهى تقابل عينيه السوداوين الباردتين.
لم يكن فى نظراته اى اثر للحنان
هناك فقط السخرية الباردة لرجل يفحص شيئا اقتناه حديثا مقيما ان كان يستحق ثمنه.
وعادت تقول :
انا شخصيا كنت افضل ثوبا اسود
رأت الغضب يتصاعد فى عينيه لكنها لم تهتم
فقد شعرت بأنها مجروحة بشكل غريب وهى تراه يسخر من الزواج بعد دقائق من خروجهما من الكنيسة
لكنها عادت فذكرت نفسها بأنه لم يكن زواجا حقيقيا.
اقيمت وليمة العرس والقيت الخطب التقليدية وتعالت اصوات الموسيقى والصحكات.
كما قدم العصير الفاخر بسخاء وانتشر الضيوف فى الغرف والحدائف
ابتسمت روز للجميع حتى آلمها خداها
واخيرا شعرت بخدر لم تعد تشعر بعده بشئ.
كانت ذراع خافيار تلتف بحزم حول خصرها طوال الوقت
احنى رأسه وهمس لها:
حان وقت رحيلنا الى شهر عسلنا, روزالين
هل تريديننى ان اساعدك فى تغيير ملابسك؟
- انت تمزح!
ورأت آن قريبة منهما فتابعت تقول:
وصيفة العروس هنا لهذا الغرض
ثم امسكت بالفتاة
عندما كانت روز تغير ملابسها راحت آن تحدثها وهى مليئة بالحماسة عن سخاء خافيار مع جيمى ومعها ما اثبت لروز ان خافيار قد وفى بتعهده فى الصفقة:
عريسك رائع
انا وجيمى مسروران للغاية للنفقة الجديدة التى خصصها لنا
- لكنك اخبرتنى بذلك امس
ارادت ان تسكتها
لم تكن تريد ان تسمع مرة اخرى ان خافيار رجل رائع , لكن آن تابعت الكلام بكل تفاصيله الدقيقة.
سوت حمالات ثوبها الغالى الثمن , ثم تناولت سترته الملائمة وحقيبة يدها
وكانت قد ازالت الازهار من شعرها وجعلته على شكل ضفيرة فرنسية .
ولم تلبث ان استعادت شيئا من ضبط النفس
لكنها كانت مرتاحة تقريبا للرحيل , فقد كان مزاج ان الطيب الفكه فوق احتمالها.

كان خافيار ينتظرها فى الردهة فانتصب واقفا لدى اقترابها والتوى فمه بابتسامة استحسان بالغ.
وحدثت روز نفسها بأن ذلك مجرد تمثيل لأجل الضيوف لكن ذلك لم يمنع تسارع النبض فى عنقها
وعندما اصبحت بجانبه كانت اعصابها قد بلغت اقصى درجات التوتر.
- هذا حسن جدا
قال ذلك وهو يحيط كتفيها بذراعه ويقودها بين حشود المدعوين الى حيث كان والده يجلس بين افراد اسرته.
قبل الدون بابلو وتيريزا روز , وكذلك جين واليكس وآن وجيمى
لكن آن تشبثت بها للحظات
يجب ان لا تعلم هذه الشابة الصغيرة ابدا ان كل هذا هو لمصلحتها.
حملتها السيارة الفيرارى الحمراء من طريق المنزل الفرعى الى الطريق العام
وضع خافيار قدمه على دواسة البنزين فاندفعت بهما السيارة ما جعل روز تسقط على مقعدها
فسألته :
لم هذه العجلة؟
- هممم... ؟
وشخر قائلا بعد ان القى عليها نظرة قصيرة , عاد بعدها لينظر الى الطريق:
انا محبط
نظرت اليه مجفلة
اذا كان يظن انه سيرضى رغباته الجسدية معها عليه ان يفكر مرة اخرى:
والآن , انتظر لحظة ...
فقال ساخرا:
سائق سباق محبط
اغمضت عينيها بارتباك , وتصنعت النوم واذا بآثار الليالى المؤرقة تدركها فتغرق فى النوم
- روزالين
داعب الصوت العاطفى الاجش احلامها
- نعم
وتنهدت وهى تفتح عينيها.
وتشابكت العينان الخضراوان الناعستان بالعينين الداكنتين.
ولم تستطع ان تمنع شهقة صدرت عنها.
كان خافيار منحنيا فوقها وملامحه صلبة كالحجر وفى عينيه لمعان بدائى متوحش
انسدلت اهدابه لتخفى اى لمحة من مشاعره , وهو يبتسم ابتسامة صغيرة مخيفة:
لقد وصلنا
قال هذا وذراعه تمتد حولها , واصابعه تفتح قفل حزام مقعدها
شعرت روز باحساس عنيفجعلها ترفع يدها بحركة لا ارادية نحو وجهه, لكنها ما لبثت ان ادركت فى الوقت المناسب ما كانت تفعله فاستعادت سيطرتها على احاسيسها الغادرة
اكملت حركة يدها بتوجيهها الى شعرها متظاهرة بأنها حركة عفوية-:
- هذا ما اراه
برز الى جانب السيارة رجل لم تره من قبل وفتح لها الباب
وعندما نزلت وقف خافيار بجانبها وقام بمهمة التعارف :
روزالين , هذا فرانكو
انه ماذا تسميه؟ رئيس خدمى
فقالت بفضول:
ومن هو ماكس اذن ؟
- ماكس ومارتا هما مرافقا ابى الدائمان.
يذهبان حيث اذهب .
فرانكو هو المسؤول عن هذا البيت وكان فى اجازة عندما اتيت انت الى هنا من قبل
اجتازت الردهة الفسيحة الانيقة وخافيار يتقدمها بخطوة فيما سار فرانكو خلفها حاملا حقيبة ملابسها واذا بها تشعر بدافع ملح الى الضحك بشكل عصبلا لم تستطع مقاومته
فقد كانوا يسيرون فى صف واحد على الارض المرصوفة بالموزاييك ما جعلها تتذكر فيلما هزليا كانت قد شاهدته من قبل
عضت باطن شفتها بشدة لتمنع نفسها من الانفجار بالضحك
ان يكون عريسان فى ليلة زفافهما بهذا التحفظ هو امر سخيف للغاية!
- هل هناك ما يسليك؟
وقف خافيار وامسك بذراعها وارغمها على مواجهته
احرقتها لمسته كالنار فنظرت الى اصابعه الطويلة على جلدها , واذا بكل ما تشعر به من تسلية يتلاشى .
رفعت اليه عينيها ورأت التحدى الخطر فى ابتسامته:
لا , لا شئ على الاطلاق
واين التسلية فى زواج من دون حب؟
كان العشاء راقيا متحضرا
واكلت روز عدة لقيمات من اللحم البارد ومع انها لم تشعر بنكهته مطلقا فقد ارغمت حلقها الجاف على ابتلاعه , كانت تشعر بتوترها يتصاعد طوال الوقت.
تبادلا كلمات لا معنى لها مثل:
سار العرس على ما يرام ... بدت تيريزا بصحة جيدة .... كان الجو متألقا .... وحاولت روز ان تبقى الحديث مهذبا , لكن اجوبة خافيار غدت مختصرة اكثر فأكثر مع مرور الوقت وجلس صامتا بكآبة ما بعث الاكتئاب فى نفسها
واخيرا دفعت كرسيها الى الخلف ووقفت.
_ أذاهبة الى مكان ما؟
ضاقت عيناه واخذ يحدق اليها لحظة طويلة وقد بدا فكه متوترا
تصلب جسمها :
لقد نلت ما فيه الكفاية
ولم تكن تتحدث فقط عن الطعام
فمن الواضح ان العرس قد انتهى, والمهمة قد انجزت بالنسبة الى خافيار, فماذا يمكن ان يقال بعد؟
- فكرت فى ان افرغ حقيبتى, فقد كان يوما مجهدا وانا متعبة نوعا ما.
فقال بنعومة:
كما تشائين
اظن ان فرانكو اعطاك الغرفة التى كانت لك فى المرة الماضية
هكذا اذن....؟ ما كان امرهما ليصبح اكثر وضوحا لو انه كتب ذلك فى عقد الزواج
- تصبح على خير
قالت روز هذا بفتور وخرجت من الغرفة , ولم يحاول خافيار منعها
بعد حوالى نصف ساعة كانت قد اغتسلت ولبست قميص النوم الوحيد الذى وجدته , وهو من الساتان والدانتيل , وكانت آن قد اختارته لها كهدية ليلة الزفاف
ثم صعدت الى السرير ذى المظلة
استلقت على ظهرها واخذت تنظر الى اشعة القمر الفضية
كان الجو شديد الحرارة , لكنها جذبت الملاءة كالعادة حتى عنقها ثم اغمضت عينيها , وسرعان ما راحت فى غيبوبة هى بين النوم واليقظة
لمسة خفيفة ناعمة من يد قوية على خدها جعلتها تتنهد مبتهجة وتتقلب فى هذا الدفء
وبوهن بالغ فتحت عينيها لكنها لم تر شيئا , فقد كان الظلام حالكا
لا شك بأنها تحلم!
رفعت ذراعيها وامسكت بطيف عاشقها , فأحاطت يداها بظهر رجل صلب .... وللحظة تجمدت يداها....
بعد ان اعتادت عيناها الظلام , ادركت ان الامر حقيقى:
خافيار
كان يرتدى بيجاما من الحرير الناعم:
ومن غيرى يا جميلتى روزالين
حاولت الذراعان اللتان امتدتا نحوه غريزيا ان تدفعاه عنها
فاشتبكت احدى يديها بسترة بيجامته بينما انبسطت الاخرى على صدره.
امسك بيديها بسهولة وهو يقربها منه:
نعم يا زوجتى
- ما الذى تظن انك تقوم به ؟
سألته بصوت يعوزه الاقتناع حتى فى اذنيها
لكن مع شعورها برائحته , غرقت مرة اخرى فى سحر رجولته
وكان الجواب ضحكة خافتة وعناق حميم الهب مشاعرها.

حاولت روز...حاولت ان تقاوم ... اغمضت عينيها كأنها لا تريد ان تشعر بشئ
ولكن ذلك لم يساعدها سوى فى اثارة حواسها الاخرى
شعرت بخفقان قلبه القوى فى صدره , واثارت لمساته فيها مشاعر لم تقو على انكارها
فاسترخت بين ذراعيه مستسلمة لأحاسيسها.
قال بصوت خشن وعيناه السوداوان تلمعان فى عينيها:
هذا ما كان يجب ان يحصل منذ عشر سنوات
اخذ قلبها ينبض فى اذنيها , وما هى الا لحظات حتى غرق كلاهما فى بحر من الاحاسيس المحمومة جعلتهما غافلين عن كل ما حولهما.
مضى بعض الوقت قبل ان تعى روز ما حولها .... خفقات قلبه المنتظمة على صدرها وصرير انفاسه , كانا الصوت الوحيد فى تلك الغرفة المظلمة.
ماذا فعلت؟
تهاوت بين يديه لدى اول لمسة كالمراهقات ؟
اخذت تعنف نفسها.
- يا حلوتى روزالين
انك رائعة حقا!
قال خافيار هذا هازلا بصوت اجش
وهو يحك انفه بعنقها , ثم يتركها.
وضعت يديها على كتفيه تريد ان تدفعه عنها بعيدا وهى تشعر فى اعماقها بالخزى من استسلامها العاجز هذا له.
وبدا ذلك , بشكل ما اسوأ عندما ادركت انه ما زال يرتدى سترة البيجاما!
**********

سيريناد 19-07-19 05:16 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

9- حب ... وخط أحمر

تركت روز ذراعيها تسقطان الى جانبيها
ومع انها حررت يديها, الا انها تعلم الان ان جسدها لن يتحرر ابدا من عبوديته لخافيار.
رفضت ان تدعو هذا حبا
بقيت مستلقية مدة طويلة تحدق فى الظلام وهى تشعر بالخزى للسهولة التى استسلمت بها اليه.
- تبدين هادئة تماما روزالين؟
اخترق الصمت بينهما صوت خافيار الاجش
كان يستلقى على جنبه ,
وجسده الذى اخفى الظلام معالمه يميل نحوها وقد ظهر الرضى فى عينيه,
وهو يمرر اصبعه على شفتها السفلى:
انت تثيرين دهشتى , فقد بدوت متشوقة للغاية , يبدو انك لم تحصلى على علاقة جسدية منذ وقت طويل
هبطت روز من ذروة الاحاسيس التى تدير الرأس , الى الحقيقة القاسية
فأخفت مشاعرها الممزقة وراء حنكة هادئة:
وماذا هناك لأقوله؟
انت عاشق عظيم
ولكن لا بد ان مئات من النساء اخبرنك بذلك
وعلى كل حال فقد حصلت على الكثير من التدريب ومن المؤسف ان ليس لديك نفس الحرارة فى المحافظة على الوعد
قالت هذا متهكمة , فقال خافيار ببرودة:
انت تدخلين ارضا خطرة
فأنا لم انس اساءتك ولم اصفح عن هروبك بعد ان تعاهدنا على البقاء معا
محاولتها للتمسك بالحنكة تلاشت عندما ذكرها بما اثار آلامها:
انا ايضا لم انس ولم اصفح
كما لم انس ابتزازك لى هذه المرة للقبول بهذا الزواج بعد ان وعدتنى انه لن يكون بيننا اة علاقة.
قالت له هذا بصوت كالفحيح , وقد غص حلقها بمرارة , بسبب كل ما عانته على يده من قهر واذلال:
انت حقير كذاب وانا اكرهك
- انا لم اعدك قط بزواج من دون علاقة جسدية بيننا
انت سمعت فقط ما تريدين ان تسمعيه
اما بالنسبة الى الكراهية , فانا اعتبرها اشبه بالاعتراف الزائف بالحب.
اذا كانت كراهيتك لى تجعلك تذوبين بين ذراعى فمن هو الكذاب بيننا اذا ؟
التمع شئ فى عينيه جعلها ترتجف ودفعته على صدره بشدة , لكنه لم يفعل سوى ان اطلق ضحكة قاسية خشنة , ثم ضمها اليه كم جديد
- لا , لا .....
وامسكت بشعره الذى اشتبك بأصابعها وهى حاولت ان تدفعه عنها.
- هل هى الكراهية التى تجعلك ترتمين بين ذراعى لدى اول لمسة؟
قال هذا ساخرا فيما هو يمرر يده بنعومة على كتفها
ثم رفع رأسه واخترقت عيناه المتألقتان عينيها بمشاعر محرقة.
بالرغم من جهودها لرفضه , لم تستطع ان تمنع رجفة البهجة التى فضحتها.
وعاد يعانقها ليغرقا من جديد فى بحر من المشاعر المحمومة.
استيقظت عند الصباح مشتتة الذهن تماما .
كانت الغرفة لا تزال مظلمة وذراعه الثقيلة مرمية على جسمها.
عادت الذكرى اليها ومعها شعور بالخزى لادراكها سهولة وقوعها بين ذراعى خافيار.
تمطت ثم حاولت ان تخرج من تحت ذراعيه اللتين كان يقيدها بهما.
تمتم خافيار بكلام غير مفهوم لكنه لم يستيقظ
تململ بعدم ارتياح ثم انقلب على ظهره, فتحررت منه ونزلت من السرير
واذا بها تجمد مكانها لسماعها قرعا على الباب وصوتا ينادى خافيار , ثم انفتح الباب مدخلا دفقة من الضوء معه
وسرعان ما ملأ الضوء الغرفة حين دخل فرانكو باسما وهو يحمل صينية القهوة.
عادت روز الى الاستلقاء فى السرير وسحبت الملاءة تغطى بها جسمها.
فتح خافيار عينيه وجلس فى السرير:
أى جهنم ؟
رفعت روز بصرها لترى ظهره العريض فشهقت:
آه يا الهى!
كانت الندبة تمتد من تحت ذراعه نزولا الى جنبه,وقدغطت اثارها نصف مساحة ظهره
سألته مضطربة :
ماذا حدث لك؟
لا يتطلب الامر ان تكون طبيبة لتدرك انه تعرض لحرق سئ جدا يوما ما
بدا واضحا ان هناك محاولة لجراحة تجميلية , لكن الاثر السئ المتبقى لا تخطئه العين.
تفكيرها بالعذاب الذى سببه له هذا الحرق جعلها توشك على البكاء.
انطلق صوت خافيار حادا كلذع السوط:
اخرج فرانكو
ولم ينتظر خروجه بل التفت اليها
بدت رائعة الجمال بغمامة من الشعر الاحمر الموشى بالذهب تحيط بوجهها على الوسادة , كما بدت عيناها الخضراوان دافئتين مليئتين بالعطف على وجهه الوسيم
لكنه لم يكن يريد شفقتها فهى متأخرة جدا:
ما الذى تتوقعينه من حادث سيارة؟ ندبة صغيرة انيقة؟ انت طبيبة ومن المؤكد ان بامكانك ان تميزى تأثير حروق البنزين
قال هذا ساخرا , فجلست فى السرير ومدت يدها بسرعة الى ظهره وراحت تتحسس الجلد المغضن بأصابعها الرقيقة:
لم اعرف قط , انا آسفة
قالت هذا بهدوء
وفجأة اذا بأشياء صغيرة تصبح مفهومة ؛ رفضه السباحة معهم فى البحر فى بيت المزرعة
ثم تذكرت ان ضوء القمر كان يملأ الغرفة حين دخلت الى النوم الليلة الماضية , ولا بد ان خافيار اسدل الستائر ليمنع اى ضوء قبل ان يلتحق بها الى السرير.
ثم البيجاما!
اخترقت نظراته عينيها:
بل تعرفين تماما
ونفض عنه يدها ونزل من السرير وهو ينظر اليها بعنف:
لديك وجه ملاك وتكذبين كالشيطان
تملك روز الذعر والاضطراب لقوله هذا
ليست هذه المرة الاولى التى ينعتها فيها بالكذابة
ولكن لماذا؟
هذا ما لم تكن تعرفه
حدقت اليه بصمت وقد اتسعت عيناها بعطف وحيرة
هل نشر خبر الحادث فى الصحف فافترض انها عرفت به؟
- لا اريد شفقتك ولا احتاجها.
قال هذا بخشونة وهو ينظر الى ملامح عينيها :
جسدك هو كل ما اريده
وكما لاحظت الليلة الماضية الامر ينطبق عليك ايضا فلا تزعجى نفسك بانكار ذلك
لم تصدق ان خافيار زوجها المتغطرس يعانى من ضعف ما فى شخصيته
لقد تعمد ان يخفى جسده عنها
تذكرت حرصه على ألا تلمس يداها ظهره
ما الذى حدث؟
وهل بلغت القسوة باحداهن حدا جعلها ترفضه بسبب اثار حروقه هذه؟
أتراها زوجته الراحلة؟
لم تعرف روز , لكن قلبها كاد يتمزق لأجله
شعرت برغبة بخنق تلك المرأة القاسية, عديمة الاحساس
وفى هذه اللحظة بالذات ادركت انها تحبه ... وربما احبته دوما!
اشتدت يداها على الملاءة
ستحبه من دون امل الى اخر حياتها.. وربما الى الابد
خنقتها المشاعر فابتلعت ريقها بصعوبة واسدلت اهدابها لتخفى مشاعرها عنه:
لم اكن سأنكر ذلك
فالتوت شفتاه بسخرية:
ربما لا ترغبين بأن تنظرى الىّ ولكن هذا غير مهم
تعرفين المثل القائل(كل القطط رمادية فى الليل)
تملكها الذعر لقوله هذا فقفزت من السرير ووقفت على بعد قدم منه:
- قولك هذا فظيع
أنا....
وعضت شفتها بقوة والفزع يتملكها لأنها اوشكت ان تعترف له بحبها... فاستدارت على عقبيها وهربت الى الحمام, بعد ان اغتسلت, شعرت بأنها اكثر سيطرة على مشاعرها
فتحت خزانتها واخرجت ثوبا قطنيا اخضر , ارتدته فى دقيقة , وسوت تنورتها على وركيها.
سارت الى صينية القهوة التى احضرها فرانكو وسكبت لنفسها كوبا , ثم سارت الى النافذة وابعدت الستائر
انه يوم مشمس آخر!
كانت افكارها مشغولة بكل شئ ما عدا النهار المشمس
رشفت القهوة ثم عبست اشمئزازا وهى تشعر ببرودتها
لكنها كانت بحاجة الى انعاش الكافيين لها لتعيد تنظيم دماغها المرتبك .
انهت القهوة ثم استدارت
عليها ان تخرج من هذا المكان لكنها توقفت فى منتصف الغرفة ورفعت رأسها بحدة عندما خرج خافيار من الحمام.
ابتلعت روز ريقها:
يكفى انك غزوت غرفتى
ولكن بامكانك على الاقل ان تستعمل حمام غرفتك
قالت هذا بحدة واذا بها تلاحظ الملابس التى كان يحملها
ونظر اليها مقطبا:
انها غرفتنا معا
والقى بالملابس على السرير المشعث
- لحظة واحدة
لقد قلت من قبل انها غرفتى
بعد وقوفها تحت مياه الدوش , تمكنت من اجلاء تفكيرها
اعترفت لنفسها بأسى بأنه مهما بلغ حبها لخافيار فهو لن يجعل زواجهما افضل
ذلك ان خافيار ما زال مراوغا
مع انه لا زال يتردد على صديقته تلك , لكن ذلك لم يمنعه من القدوم الى سريرها هى
هذا الى انه منذ عشر سنوات, تزوج خطيبته ,وهذا يثبت بأنه خدعها , وروز ليست غبية
انها تحبه لكنها لن ترضى بأن تكون ممسحة ارجل
فهى تتحلى بالكبرياء وتستحق افضل من ذلك.
كان يتناول بنطلونا ليلبسه عندما توقف قائلا لها بتهكم :
هذه الغرفة الذهبية هى الغرفة الرئيسية هنا يا روزالين
وسكت ليلقى بالمنشفة ليلبس البنطلون الكاكى اللون.
- ولكن عندما جئت الى هنا فى المرة الاولى , اخبرتنى انها غرفة الضيوف
والتهبت عيناها غضبا , وهما تعكسان غليانها الداخلى .
- ليس الامر كذلك يا روزالين
لقد سرنى فقط ان تنامى هنا منذ يوم وصولك , لانه كان فى نيتى تماما ان اتزوجك
شعرت لقوله هذا بالبرودة تسرى فى كيانها
واشتبكت نظراتها المجفلة بنظراته
- لقد اقسمت منذ عشر سنوات بأننى سأنتقم واننى يوما ما ,سأستعيدك
لكنك اختفبت عن النظر
منذ الدقيقة التى رايتك فيها تنزلين من سيارتك فى منزل تيريزا تقرر مصيرك
وقد نجحت يا عزيزتى بشكل اسهل مما كنت ارجو.
ومنحها ابتسامة فاترة فقد قال كلمته تلك بسخرية
تركها اعترافه هذا خرساء لحظة طويلة.
لقد تزوجها لأجل انتقام ملتو... لم تستطع روز ان تصدق ذلك
اذا كان هناك سبب للانتقام فهى من عليها ان تنتقم وليس هو! ارادت ان تضرب ابتسامته الساخرة هذه
لكنها بدلا من ذلك جاهدت للسيطرة على نفسها فنجحت:
ولكن لماذا؟
هل سبق وآذيتك قط؟
- آه انت لم تؤذنى؟ كما اتذكر, كانت اخر كلماتك لى منذ عشر سنوات:
انا لست بحاجة الى المفتاح ولا اليك
الوداع
ثم قطعت كلامى بوضع السماعة
- وهل هذا هو الامر ؟ لأننى نبذتك؟
لقد قلب حياتها رأسا على عقب فقط لأنها خدشت كبرياءه, وذلك باقفالها الهاتف وقطع كلامه
لقد اعتاد على نساء يتلهفن الى كل كلمة منه, فلم يعجبه ان تهجره احداهن , يا له من متغطرس!
وقالت ساخطة:
أم ربما توقعت ثمنا اكبر للثوب؟ انت حقير
ربما يظن ان الوقت الذى امضته معه لا يكفى ثمنا للثوب
اجاب وقد التهبت عيناه وتوترت ملامحه التى اصبحت فناعا لغضبه المكبوت:
ربما
لكنك هنا وانت زوجتى حسب الشرع والتقاليد
وعمليا كل عروس من آل فالدزبينو تمضى ليلة الزفاف فى هذا السرير
كيف امكنها ان تحب هذا الرجل؟ ظنت انه ضعيف وانه اصبح يهتم بها وهو يحاول الكثير لكى يخفى عنها تشوه جسده, بينما هو لا يهتم بها مثقال ذرة
وتملكتها المرارة فبالرغم مما يبدر منه من اهانات واتهامات فهى لا تزال تراه وسيما جذابا
انه جذاب الى حد ان مليون ندبة لن تستطيع ان تمحو قوة رجولته.
نظرت اليه وهو يرتدى بنطلونا كاكى اللون وقميصا قطنيا ابيض , ثم حزاما جلديا
- هل انتهيت؟
وانتبهت فجأة الى انها تحدق به
- لا لم انته بعد
اما بالنسبة اليك والى تقاليدك الضيقة البالية من المؤكد انها لم تنفع زوجتك الاولى كثيرا , لأنك لم تنجب اولادا او بالأحرى ليس اولادا شرعيين
لسعته بكلامها هذا قدر امكانها وهى تتذكر خيانته
فذكرى صديقته زادت المها وغضبها
بخطوتين واسعتين وصل الى جانبها
حاولت ان تتراجع عدة خطوات وهى ترتجف ازاء عينيه الجليدتين اللتين تخترقان عينيها , لكنها رفضت ان تستسلم للخوف وهى ترى جسمه الضخم مشرفا عليها
- انت لم تعرفى زوجتى الراحلة
ولن تتحدثى عنها مرة اخرى
هل فهمت؟
بدا وجهه الاسمر الخشن من دون تعبير , لكن صوته كان يحمل نبرة فولاذية واضحة.
نعم , لقد بدأت تفهم ؛ زوجته مقدسة لديه وهو يحبها لكن ذلك لم يمنعه من ان يخونها حين حاول اغواء روز منذ عشر سنوات
وفجأة تفجرت من داخلها كل مشاعر الغضب والاستياء والالم التى كبتتها طوال تلك السنوات:
آه نعم فهمت تماما
فأنت ايضا لم تتحدث عنها ولم تقل ان لديك خطيبة حين حاولت اغوائى منذ عشر سنوات
انت لم تتغير مقدار ذرة
ما زلت ذلك المحتال الذى كنته دوما
قالت هذا بحدة واذا به يمسك بكتفيها بيدين من فولاذ وهو يسمرها بعينين ثاقبتين ارسلتا الخوف فى نفسها:
هنا انت مخطئة روزالين
فلم يعد يخدعنى وجه جميل
ولم اكن قد تقدمت لخطبة اى امرأة حين قابلتك
هذا ادعاء منك اخترعته لتريحى ضميرك لأنك هربت منى
لا تستهن بذكائى , لقد رأيت الصورة على رف المدفأة , كما ان سبستيان....
- لا تذكرى اسمه فى حضورى....
فخرست ازاء صوته الثائر بينما انغرزت اصابعه فى لحم ذراعيها :
انا لا اريدك ان تطعنى فى سمعة صديقى لكى تريحى ضميرك المثقل
فهتفت وهى تقبض يديها على جانبيها:
ضميرى المثقل؟
- لقد صبرت عليك فلم اطلب منك تفسيرا لتصرفاتك الماضية
فالتهبت عيناها:
لديك جرأة غريبة
ام لعل ذاكرتك من صنع يدك؟
اشتد ما حول فمه بشكل غريب:
لا تخرجينى عن حدى يا روزالين
لقد كبحت طبعى , وكنت رجلا مهذبا معك ولكن ليس بعد الان
- انت رجل مهذب؟
لا تجعلنى اضحك
انت لم تفعل سوى الاحتيال والضغط علىّ ودفعى هنا وهناك منذ تعارفنا
- كفى!
قال هذا وفى ملامحه احتقار عنيف جعل روز تحاول التراجع
واذلها انه ابتعد عنها تاركا كتفيها:
لا جدوى من الجدل حول الماضى , روزالين
انت الان زوجتى
وبنظرة متزنة الى وجهها الغاضب المتكبر قال وقد تمكن من ضبط غضبه واعادة السيطرة على نفسه:
منذ الان عليك ان تتصرفى بلباقة مناسبة لمركزك هذا
لا شتائم ولا اتهامات, وانا مستعد لاسدال ستار على الماضى واعلان هدنة بيننا
بدا كأنه يخاطب اجتماع مجلس ادارة.... ففتحت فمها لتصيح به بعنف.
لقد تقززت نفسها من اعتبار هذا الشيطان المتغطرس لها امرأة ساذجة بليدة, لكنها عادت فسكتت وقد عضت شفتها.
وقف على بعد قدم منها:
انا لن احقق معك عن عشاقك السابقين دومينيك والاخرين ... وانا اريدك ان تعاملينى بالمثل
والتوت شفتاه المغريتان بشكل ساخر لم يصلح ليكون ابتسامة.
كانت تشعر بالذنب لكلامه هذا لكنها قاومت هذا الشعور فهى لم تقل شيئا تخجل منه
لقد كان دومينيك رجلا لطيفا حساسا وصديقا حسنا
حاول اقامة علاقة معها لكن الامر لم ينجح
لقد قال لها فيما بعد:
انت امرأة رجل واحد ولسوء حظى انا لست ذلك الرجل
ولكن كيف تكهن خافيار بأمر دومينيك؟ انها لم تتحدث عن الرجل سوى مرة واحدة
كانت فطنته مذهلة
نظرة واحدة الى ملامحه الاشبه بملامح الصقر , والى قوة مزاياه الفولاذية التى لم يستطع وجهه الوسيم ان يخفيها تماما , جعلتها تقر بأنه اكثر فطنة ودهاء من ان تضيع وقتها فى تحديه .
لماذا لا تستمتع بما هو مستعد لأن يمنحه لها من دون ان تطمع فى المزيد ؟ حقيقة انها تحبه وهو لا يحبها لم تكن بتلك الاهمية , فقد بلغت التاسعة والعشرين وهى كبيرة السن نوعا ما لتحلم بقصص الحب والورود وما شابه ....
- افهم من سكوتك انك موافقة
قال هذا فجأة وهو يرفع حاجبيه ساخرا:
واجهى الامر روزالين
نحن الاثنان ناضجان بما فيه الكفاية لندرك عبث مثل هذه الاعترافات
لديكم مثل انجليزى يقول: "هناك دوما مياه تحت الجسر هل انت موافقة؟"
فقالت بهدوء:
موافقة ولكن بشرط واحد
ونظرت الى عينيه من دون خوف:
انا اطلب منك اخلاصا كليا
انه لا يحبها وقد يتعلم ذلك مع مرور الزمن
ولكن هذا لن يتحقق اذا قبلت بأن تشاركه فيها صديقته تلك
انها ليست حمقاء كليا
ادهشها طلبه هذا
تقدم نحوها خطوة وقال ببطء ولمعان الهزل فى عينيه:
طبعا اغطيك كلمتى يا عزيزتى ولكن عليك ان تفهمى اننى لا اقبل منك بأقل من هذا
ومد يده اليها فتراجعت خطوة:
انتظر ألم تنس شيئا؟ ام ينبغى ان اقول احدا؟
ورأته يقطب حاجبيه بحيرة فقالت تذكره ساخرة:
صديقتك التى ذكرتها لى بكل تلك الفصاحة عندما طلبتنى للزواج
فقال عابسا:
انا فى الاربعين تقريبا
وقد بقيت وحيدا عدة سنوات
وسأكون احمق اذا ادعيت انه لم تكن لدى صديقة فى الماضى , ولكن ليس الان
الليلة الماضية كانت المرة الاولى التى اقيم فيها علاقة جسدية مع امرأة منذ اكثر من ستة اشهر
وقبل ان تتكهن بقصده وضع يده حول رقبتها وعانقها عناقا طويلا عنيفا
حاولت عبثا ان تتحرر منه لكنه احاط خصرها بذراعه الاخرى وجذبها اليه , وعندما رفع رأسه كانت عيناه مليئتين بالغضب والالم
فقالت له بجرأة:
هذا لن يحقق المطلوب خافيار لا يمكننى ان اعيش مع كذاب
فسألها غير مصدق وقد توتر الجو بينهما:
هل تشيرين الىّ؟
لم يحدث قط ان تشكك احد فى كلمتى
كيف يمكنك ان ...
فرفعت يدها:
كفى! اثناء عشاء الليلة الاولى فى سيفيل جاءك اتصال تليفونى هل هذا يذكرك بشئ؟
قالت هذا ساخرة , فلاحظت احمرار الشعور بالذنب فى وجنتيه:
من اخبرك بذلك ؟ ليس أبى
- جيمى اخذ يمزح بهذا الشأن عندما صعد ابوك الى غرفته لينام
- أحقا؟
قال هذا بصوت فاتر وهو يسير ليقف امامها:
ولكن يبدو انه لم يعطك القصة كاملة
لم تكن روز ترغب بسماع المزيد
وحاولت جاهدة ان تخفى مشاعرها المضطربة بالنظر الى مكان ما فوق كتفه وهو يتابع:
ليس من عادتى ان افسر تصرفاتى لأحد وخصوصا لامرأة
رفعت بصرها اليه وقالت ببلادة:
انا لست اى امرأة انا زوجتك
نظر الى وجهها المتوتر مفكرا:
نعم الحق معك
واسبل اهدابه مخفيا اى اثر للمشاعر فى عينيه:
عودى بذاكرتك الى الوراء يا روزالين
كان هناك مخابرة تليفونية عند العشاء , لكن ابى كان ثائر الغضب قبل ذلك
كان غاضبا لأن تلك السيدة اتصلت عدة مرات اثناء الاشهر القليلة الأخيرة, وكذلك عندما كنت فى انجلترا
وأبى يقول ان الصديقة يجب ألا تتصل مطلقا ببيت صديقها , فمن العار ان يسمع صوتها هناك
- يا الهى هذا قول قديم مهين
هتفت روز بذلك باشمئزاز , فأجاب:
ربما لكنه صحيح تلقيت تلك المكالمة يومها وقررت ان على ان انهى امرى معها على الفور
فقد اصبحت انت لدى الان
غطرسته البالغة حبست انفاسها:
ماذا فعلت؟ دفعت لها اجرها وصرفتها؟
- شئ كهذا
يكفى ان اقول ان الامر انتهى والسيدة التى نتحدث عنها كانت راضية تماما
ولوت فمه ابتسامة خطرة, ومد يده يمر بها على ذقنها قبل ان يحنى رأسه ليعانقها عناقا رقيقا مثيرا للغاية.
يمكنها ان تصدقه او لا تصدقه اذا شاءت
لكن لا شك ان وجوده يطغى عليها ويتحكم بحواسها.
قال بصوت أجش:
قررى امرك يا روزالين لأن الظهر قد اقترب وانا اموت من الجوع
وفى نفس اللحظة صدرت غمغمة تذمر من معدته , فضحك بشئ من الخجل:
كنت متوتر الاعصاب امس فلم اكد آكل شيئا طوال النهار
جعله اعترافه هذا يبدو بشرا اكثر من العادة... فبادلته الضحك:
-فلنأكل اذن
-أتحسنين الطهى؟
سألها ذلك وهو يسبقها الى الباب يفتحه لها
- وماذا لو قلت لا؟ هل هو اساس للطلاق؟
سألته هذا وهى تنسل من جانبه ملقية برأسها الى خلف بشكل مثير
شاعرة بخلو البال لأول مرة منذ اسابيع
وفجأة احاطت بخصرها ذراع ضخمة فأوقفها عن متابعة السير فى الردهة:
لا روزالين لن يكون هناك طلاق....
ظل ممسكا بها وعيناه تتأملانها:
أبدا
انا اريدك ام اولادى
توقف قلبها عن الخفقان
أتراه تكهن بأنها تحبه ؟
اخذت تتفحص ملامحه باحثة عن دليل مرئى يمنحها الجواب, وذلك بعينين واسعتين لا تطرفان لكنها لم تر شيئا
- فكرى فى ذلك
ومد يده يبعد خصلة شاردة من شعرها الى خلف اذنها وشفتاه تلتويان بابتسامة بطيئة:
اما بالنسبة الى الطهو فسأقوم به انا لأن فرانكو يذهب دوما فى الساعة الحادية عشرة الى قداس الكنيسة يوم الاحد ثم يأخذ عطلة لبقية النهار
- آه الان فهمت! انت تتوقع منى ان اصبح مستعبدة عند الموقد
قالت هذا مداعبة بينما اعترفت فى سرها بأن هذا هو الخيار الاسهل
مهما كان مقدار حبها له
سيبقى بينهما دوما حاجز
بعض المواضيع والاشخاص ممنوع التحدث عنهم.

************

سيريناد 20-07-19 09:30 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

10-ليلة فوق الغمام


افطار ام غداء! مهما كان نوع الوجبة فقد كانت مرحة بهيجة
ودهشت روز وهى ترى المطبخ فسيحا عصريا للغاية , لا ينسجم مع بقية اجواء المنزل وكما فى اول ليلة لهما معا كان خافيار طاهيا ممتازا
-الجامبون والبيض كانا لذيذين للغاية
قالت هذا وهى تضع اخر لقمة فى فمها فيما كانت تنظر عبر المائدة الى خافيار
اما هو فكان يراقب تلذذها الواضح ببعض الرضى.
- اذن دعينى ادهشك مرة اخرى
اذهبى واحضرى لك ثوب سباحة وسنذهب بعيدا لعدة ايام
- بعيدا؟ الى أين؟
- لدى فيلا فى ماربيلا
انها تبعد حوالى ساعتين بالسيارة
وفى الساحل الجو الطف مما هو عليه هنا
- ولكن لماذا؟
نحن وصلنا الليلة الماضية فقط
وفرانكو اخرج ملابسى لتوه من الحقيبة
وسيأخذ منى اعادتها الى الحقيبة وقتا طويلا
لمعت عيناه البنيتان بالتسلية:
فى الحقيقة يا روزالين, يمكن شراء اى شئ من ماربيلا
فهى عاصمة اوروبا, الا اذا كنت تريديننى ان آتى معك الى غرفتك لأساعدك , لكن لدى شعور بأن هذا ربما يؤخر ذهابنا وقتا غير محدود
وارتفع حاجبه ساخرا
بدا رجلا محنكا ومهذبا للغاية , وتساءلت روز ان كان يعلم مقدار ما فى عرضه العفوى هذا من اغراء بالنسبة اليها
- حان وقت القرار يا روزالين
صوته المداعب جعلها تقفز للعمل, ووقفت:
- امنحنى عشر دقائق
كانت الفيلا مبنية على فسحة تقع فوق التلال المطلة على ماربيلا ولدهشة روز كانت الفيلا حديثة تمام , اما الطريق اليها فبدا متعرجا تحف به الاشجار, اما الفيلا نفسها فبدت وكأنها مبنية على جرف
- هذا رائع
قالت روز هذا وهى تخرج من السيارة وتنظر حولها , ولم يكن هناك حديقة حولها
اوقف خافيار السيارة اما كاراج فى نفس المبنى
وراحا يصعدان الدرجات الخشبية العريضة التى تؤدى الى شرفة بعرض عشرة امتار تحيط بالفيلا
- انها خطرة لكنها ساحرة
جاء خافياؤ ليقف بقربها حاملا امتعتهما القليلة بيد واحدة , فأجاب:
- الحياة نفسها خطرة
ونحن نأخذ منها ما نستطيعه عندما نستطيعه
وتبعته عبر الباب الى الردهة المبلطة والمنعشة البرودة
كان فى الردهة بابان فتح خافيار احدهما ليدلها على المطبخ , ثم توارى من الباب الثانى.
تبعته مرة اخرى وهى تفكر بجفاء بأن هذه اصبحت عادة لديها.
اخذت تنظر الى كتفيه العريضتين وهو يجتاز الغرفة الفسيحة نحو باب فى الجانب الاقصى منها
وقفت ونظرت حولها وقد فتحت فمها مذهولة
اذ خلف الجدار الزجاجى كان هناك شرفة تطل على منظر لا يصدق
فتحت الباب الزجاجى وخركت
اى عمل هندسى مجيد جعل ذلك ممكنا!
لم تكن تعلم
رأت روز بركة سباحة مستطيلة , وعلى مسافة مترين منها حوض للماء الحار
سارت الى نهاية الشرفة واتكأت بذراعيها على السياج
اخذت تنظر... كان المشهد الرائع يأسر البصر
بيوت ماربيلا البيضاء , حوض السفن الكبير , ثم البحر الازرق الصافى الممتد الى الافق البعيد....

سيريناد 20-07-19 09:31 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 


- ربما ما كانت المدينة خيارا حسنا لقضاء شهر العسل
قال خافيار هذا من خلفها فاستدارت اليه:
لكننى لا استطيع مغادرة البلاد حاليا بسبب صحة ابى المتدهورة
- يمكننى تفهم ذلك
واشتبكت نظراتهما
وفجأة بدا السياج خلفها هشا للغاية , وسبحت ملامحه الكئيبة الساخرة امام عينيها.
بدا اشبه بصقر منتقم وبيته هو وكره , وبدت كأنها وقعت فى الفخ.
ودار رأسها
تقدمت نحوه خطوة فالتفت ذراعاه حولها
سألها مقطبا:
ماذا حدث روزالين؟
هزت رأسها لتبدد تلك الصورة ثم ارغمت نفسها على الابتسام:
لا شئ , انه الحر فقط كما اظن
سأنزل للسباحة
- فكرة جيدة
لدى عدة مكالمات سأقوم بها وانضم اليك فيما بعد
كان فى المنزل غرفة نوم واحدة تفصلها عن غرفة الجلوس ردهة صغيرة , ولها جدار زجاجى يطل على المنظر نفسه
اسرعت روز تخلع عنها ثيابها وتلبس ثوب سباحة اسود , ثم جعلت من شعرها ضفيرة طويلة لتفتح بعد ذلك الباب الزجاجى وتعود الى الشرفة
وكان خافيار قد خرج
نزلت الى البركة فأنعشتها البرودة
مشكلتها كما فكرت بحزن هى انها دوما تشعر بحرارة بالغة اثناء وجود زوجها بقربها , وذلك بصرف النظر عن حرارة الجو
ولم تعلم روز ما عليها ان تفعل بهذا الخصوص
اخذت تسبح وتسبح وهى تحاول ان تفهم افكارها المضطربة
كانت تعرف طبيعتها جيدا
انها تلتزم تماما بأى عمل تقوم به
عندما كانت عارضة ازياء كانت الافضل
وعندما اصبحت طبيبة عملت بجدية والتزام ايضا
وفيما هى تستلقى على ظهرها فى الماء تذكرت نصيحة رئيسها فى العمل لها بأن تذهب الى وطنها وتستريح:
(كان ابواك رائعين دوما . كانا يستجيبان الى اى نداء استغاثة لحالة طارئة فى اى مكان فى العالم, لكنكم كنتم يوما اسرة. انت امرأة ذكية رائعة الجمال وطبيبة جيدة وتهتمين دوما بأولئك الذين هم اقل حظا فى العالم , لكنك وحيدة دوما. لقد حان الوقت لأن تهتمى برغباتك الخاصة وتؤسسى لك اسرة)
اغمضت روز عينيها وقد نشرت ذراعيها على الماء محركة اصابعها بين الحين والاخر لتبقى طافية
انها متزوجة من الرجل الذى تحب وربما هى الان حامل , فها ثمة اهمية اذا كان خافيار قد تزوجها لهدف غبى هو الانتقام, لأنها المرأة الوحيدة التى هجرته؟ ان غرور الكبرياء فى الرجل هش للغاية , لكن خافيار هو الافضل
وفى الواقع ان زواجها به هو الفرصة الوحيدة التى توفرت لها لانشاء اسرة
لقد قال لها ان الطلاق ليس واردا فلماذا تخاف وترهق مشاعرها؟ شكواها هى عاطفية وليست عملية
الواقه هو انها متزوجة من رجل بالغ الثراء ومرتاحة فى بركة سباحة فى فيلا مترفة...
ثم اخذت تغرق.... امسكت بخصراها يدان عريضتان وجذبتاها الى تحت الماء
اخذت تجاهد بذراعيها وساقيها حتى طفت على سطح الماء
- لماذا فعلت ذلك؟
غمغمت بذلك باضطراب وهى تتشبث بكتفيه العريضتين بفزع لكى تمنع نفسها من الغرق مرة اخرى
- كنت اراقبك طوال العشر دقائق الماضية
صعد من البركة والماء ينساب عن جسده الاسمر ساحبا خلفه روز بيده
لم تجد روز وقتا للتفكير
وعاد يأخذها بين ذراعيه بشغف ويداه تتحركان بقوة فوق جسدها
بعد قليل فتحت روز عينيها ببطء لتحدق فى السماء الزرقاء الصاحية
كان خافيار مستلقيا بجانبها على بطنه
بدا اثر الحريق على ظهره لامعا تحت اشعة الشمس
فمدت يدها اليه واخذت تمررها على اللحم الخشن :
هل انت بخير؟
نظر الى حيث اراحت يدها
ثم نظر الى وجهها وضحك من دون بهجة:
ألا يزعجك منظر الندبة؟
- لا فقد رأيت اسوأ منها بكثير
ولكن ماذا تفعل؟
حملها بين ذراعيه دون ان يجيب ودخل بها البيت
رفعت بصرها اليه فرأت على ملامحه مشاعر جعلته مختلفا عن ذلك الرجل المتغطرس الذى كان
ثم ادركت انهما فر غرفتهما
وضعها على السرير برفق وجلس الى جانبها
راح يملس شعرها بيديه ثم احضر منشفة ونشفه من الماء
شعرت روز بالسعادة لهذا الدلال والاهتمام اللذين لم تعهدهما فيه
وما هى الا لحظات حتى غابا فى بعضهما من جديد ليغرقا فى بحر من المشاعر المحمومة.
*********

سيريناد 20-07-19 09:32 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

فتحت روز عينيها فاذا الظلام يملأ المكان
جلست فى السرير ونظرت الى النافذة
كان المنزل من الارتفاع بحيث لم تر من سريرها سوى السماء, فكانت كمن يعيش فى الغمام او فى ارض الهة الاساطير
- روزالين
وتحرك بجانبها ثم انتصب جالسا:
أما زلت هنا؟
وامسك بذراعها
نظرت اليه مدهوشة لخشونة لهجته:
طبعا وكنت افكر لتوى فى مبلغ الهدوء والسلام هنا
شعرت بقبضته على ذراعها ترتخى
وحركت انفاسه عدة خصلات من شعرها:
انا مسرور لأن المكان اعجبك
وبعد وقت قصير كانا فى السيارة متوجهين الى المدينة
اوقف خافيار السيارة , ثم امسك بيدها ينزلها منها:
سنسير فقط مسافة قصيرة الى المطعم
ووضع ذراعيه حول كتفيها , ثم اخترق بها مجموعة من الناس
كان رأسها يدور
ماربيلا مدينة جميلة جدا مليئة بالسياح المنتشرين فى كل مكان
وعندما مرا بحوض السفن , اتسعت عينا روز ونظرت اليه:
يا الهى , يمكنك ان تدفع ديون بلدان العالم الثالث كلها من النقود التى تنفق على هذه اليخوت
لمعت عيناه بالتسلية ومسح جبينه بيده:
تبا فقد نسيت آراءك حول تقسيم الثروة
هذا اخر مكان كان على ان احضرك اليه
- هنا معك حق
اشعر وكأننى البس اكثر مما ينبغى
لم اشاهد قط مثل هؤلاء الفتيات الرائعات فى مكان واحد
وتبعت عيناها شقراء طويلة الساقين تلبس تنورة قصيرة
واعادت ضحكة خافيار انتباهها اليه فقالت:
هذا ليس مضحكا فأنا لم احضر معى سوى هذا الثوب
- لا تقلقى يا عزيزتى
غدا سنذهب للتسوق
لكننا وصلنا
احاط خصرها بذراعه وقادها الى المطعم
كان الديكور انيقا غالى الثمن, كما لاحظت روز وهما يسيران الى مائدتهما
وبنظرة واحدة ادركت انهما محاطان بأناس احسن لباسا واكثر ثراءا
وعبست لثوبها الخضرالبسيط.
فقال خافيار وكأنه قرأ افكارها:
انت اجمل امرأة فى هذا المكان , فارتاحى
هل اطلب لك الطعام بنفسى؟
- نعم ارجوك
وابتسمت له شاكرة لمجاملته هذه , وقررت ان تستمتع بما هو موجود
كان الطعام رائعا
وعندما وصلا الى مرحلة تناول القهوة كانت روز تشعر باسترخاء كامل
واذا بامرأة جميلة متألقة صغيرة الحجم سوداء الشعر تقف عند مائدتهما
راحت المرأة تتحث الى خافيار بالاسبانية لمدة خمس دقائق
كان قوام المرأة جميل يرفل بثوب احمر من الساتان الغالى الثمن, والماس يلمع فى عنقها واذنيها
لكن الابتسامة التى وجهتها الى خافيار قبل ان تتركهما كسفت كل ذلك
وشعرت روز بطعنة مألوفة من الالم فى قلبها
لا يمكنها المنافسة فى عالم زوجها المتألق المحنك.

- بماذا تفكرين؟
فنظرت اليه مجفلة:
كنت اتساءل من تكون صديقتك هذه , انت لم تعرفنى بها
- ايزابيل ليست صديقتى كانت صديقة زوجتى الراحلة
تفحصت روز وجهه الاسمر ساخرة
كان هذا قولا غريبا
من المؤكد ان اى صديقة لزوجته هى صديقة له ايضا
- والان اخبرينى روزالين , متى قررت ان تصبحى طبيبة وذهبت الى كلية الطب؟
كان هذا تغييرا مفاجئا للموضوع فأجابت من دون تفكير:
كان ابواى طبيبين فأردت ان اكون مثلهما
دخلت الجامعة بعد ان بلغت التاسعة ... التاسعة عشرة .... فى ايلول....
وترددت .... فقد كان الماضى موضوعا محظورا.....
لكن صوته جاء هادئا مرحا ومضادا تماما للغضب الذى رأته فى عينيه:
اذن عندما تعارفنا لأول مرة كنت تعلمين انك ستدخلين الجامعة فى الخريف , ولم يكن فى نيتك مواصلة العمل فى عرض الازياء
- لا .... اعنى نعم
وابتسمت وهى تشعر بالتوتر:
نعم كنت اعلم اننى سأذهب الى الجامعة
لقد اخذت سنة كاجازة لأعمل فى عرض الازياء
لكن ألم نتفق على عدم التحدث فى الماضى؟ ألم يكن هذا اقتراحك؟
وقف خافيار ووضع بعض النقود على المائدة ثم امسك بيدها يساعدها على النهوض:
الحق معك لكننى كنت فضوليا
انسى ذلك ودعينا نخرج
بعد ايام قليلة من الشمس والبحر واللهو , وقفت روز امام المرآة ووضعت اللمسات النهائية على زينة وجهها
مسحة سريعة من الماسكارا واذا بالمظهر الغامض الذى كانت تنشده قد تحقق
ارتدت ثوبا رائعا, هو واحد من الاشياء الكثيرة التى اصر خافيار ان يشتريها لها اثناء الايام الماضية واخذت تتأمل صورتها وهى تدور امام المرآة: حمالة دقيقة كانت تثبت فتحة العنق اما التنورة فكانت تصل الى الارض
انتعلت حذاء اسود عالى الكعب يكمل مظهر الثوب , لتقف اخيرا مبتعدة عن المرآة مسرورة تماما من صورتها الانيقة .... ثم خرجت الى الشرفة
قال خافيار باسما وهو يستند الى السياج:
هل انت جاهزة؟
- نعم
ونظرت الى قامته الفارعة وقفز قلبها
بدا لها جذابا الى حد مدمر فى بذلة العشاء الانيقة
قال وعيناه تقيمان اناقتها:
تبدين مناسبة تمام للأكل
-اياك!
ومدت يدها مدافعة وقد تكهنت بنيته من عينيه المتألقتين:
لقد استغرق استعدادى للخروج دهرا فلا تفسد كل شئ
فقال ضاحكا :
ليس فى ذهنك سوى شئ واحد يا زوجتى
انا فقط اريد ان اعطيك هذا
ثم اخرج من جيبه علبة مخملية فتحها واخرج منها عقدا من الماس والزمرد هو اجمل ما رأته روز فى حياتها
ثم وقف خلفها ليضعه حول عنقها.
وبحركة لا ارادية مدت يدها تلمس الاحجار الباردة ثم نظرت اليه بعد ان رأت صورتها فى الباب الزجاجى
ولما كانت خصلات شعرها الطويلة مكومة على قمة رأسها فقد بدا العقد بكامل روعته:
هل هذا لى ؟ انه رائع الجمال ولكن لا بد انه كلف كثيرا
بدا على جانب فمه شبح ابتسامة:
انت ايضا رائعة الجمال روزالين
وهذا هدية الزفاف ولهذا ارجوك لا اريد اطروحة علمية عن الفقر العالمى
فالوقت لا يسمح لنا بذلك الان
اقيمت الحفلة فى فيلا خاصة يملكها اغنى زبائن بنك "فالدزبينو"
عندما شاع خبر وجود خافيار فى المدينة انهالت عشرات الدعوات عليهما
لكن حفلة الليلة هى الوحيدة التى قبلها , وغدا سيعودان الى المزرعة.
كانت الحفلة انيقة ضمت حوالى مئة مدعو وقد تضمنت عشاء فاخرا وحفلة راقصة
وسرعان ما ادركت روز انها اصبحت مدار الحديث فة الحفلة: زوجة خافيار فالدزبينو الجديدة
اخبرته بذلك عندما اخذها بين ذراعيه ودار بها فى حلبة الرقص مشكلين زوجين رائعى التناسب
التمعت عيناه فى عينيها:
ليس ذلك لأنك زوجتى بل لأنك اجمل النساء الموجودات هنا واكثرهن جاذبية
النساء يمتن من الحسد والرجال يتحرقون شوقا للرقص معك
قال هذا بسخرية جافة , ويده تتسلل على ظهرها ليحتضنها لحظة بعد صمت الموسيقى
اقترب مضيف الحفلة منهما مع زوجته, وهو رجل فى العقد السادس من عمره
بعد ان تحدث مع خافيار سألها بانجليزية ثقيلة اللكنة:
هل لديك مانع يا روزالين؟ اريد ان اسرق زوجك لحظة
زوجتى ستبقى بصحبتك
ابتسمت موافقة وهى تنظر الى خافيار:
العمل قبل اللهو, هممم؟
- ليس لوقت طويل
اؤكد لك
اخذت تنظر اليه وهو يسير مبتعدا بشبح ابتسامة على شفتيه
كان زواجهما يسير بشكل افضل بكثير مما كانت ترجوه منذ اسبوع
وتنهدت راضية
خافيار البارد الانعزالى الذى اصر على الزواج منها قد اصبح الان رجلا عطوفا دافئا ومرحا
ربما لم يحبها بعد لكنها واثقة من انه لن يمضى وقت طويل قبل ان يحبها.
حاولت المضيفة المسكينة ان تجرى حديثا معها لكن ايا منهما لم تفهم لغة الاخرى
وبعد لحظات تحول انتباه المضيفة الى امرأة اخرى فتنفست روز الصعداء وانسلت بهدوء بين الجموع
- حسنا لا بد ان هذه زوجة خافيار الجديدة

سيريناد 20-07-19 09:34 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
استدارت روز بسرعة فاشتبكت عيناها بعينين بنيتين ترمقانها بنظرات قاسية
كانت تلك ايزابيل المرأة التى رأتها فى المطعم
فقالت لها روز بأدب:
مساء الخير
- ليس خيرا لك ... ألم يهجرك خافيار بعد؟ استعدى لذلك لأنه يفعل ذلك مع كل نسائه
الحقد فى عينى المرأة جعل روز تنكمش
وعندما تراجعت مبتعدة اصطدمت بشخص كان يقف خلفها
كانت شاكرة لهذا العذر والتفتت اليه:
انا آسفة جدا
كان الرجل اقصر منها
لكنه جذاب وعيناه تلمعان بالضحك:
سأقبل اعتذارك اذا ما رقصت معى
كانت على وشك ان ترفض عندما عرفته:
سبستيان؟
- نعم
ثم احاطها بذراعه وقادها الى الحلبة بين الراقصين:
يؤلمنى يا سيدتى الجميلة اننى لم اتذكر اسمك
لمعت عينا روز دعابة
انه لم يعرفها:
انا روزالين
الدكتورة روزالين ماى
اه نعم تذكرتك الان
لا ادرى كيف نسيت
بعد ان قاما بدورة سريعة , اشتدت ذراعه حول خصرها
ثم سألها بنعومة:
والان اخبرينى يا روز ماذا كنت تفعلين منذ اخر لقاء بيننا؟
يا له من كذاب.... ارادت ان تنفجر بالضحك:
حسنا دعنى افكر
ومالت الى الخلف قليلا ويدها على ذراعه لكى تنظر الى وجهه:
لقد تزوجت منذ اسبوع
- لقد تحطم قلبى
كان يجب ان تنتظرينى
ولكن دعينى على الاقل اهنئ العروس
وقبل ان تدرك ما سيقوم به كان سبستيان قد ضمها اليه ليعانقها:
من هو الرجل المحظوظ لأقتله؟
واخذ يمثل دور العاشق المجروح كليا وعيناه الوقحتان تلمعان بالتسلية.
لم تستطع روز ان تمنع نفسها من الضحك:
سبستيان , انت لم تتذكرنى على الاطلاق
انا مايلين التقينا منذ عشر سنوات والان انا السيدة...
لم تتمكن من انهاء جملتها قط , اذ سقطت يداه عن خصرها وللحظة رأت نظرة ذعر بالغ فى عينيه قبل ان يبتسم لشخص خلفها
وفجأة وجدت نفسها تجذب بعنف الى الخلف الى جسد صلب, فالتفتت لتقع عيناها على وجه خافيار الغاضب.
- انها زوجتى الان , سبستيان
لم يكن ينظر الى روز
كل انتباهه كان منصبا على الرجل الاخر
- تهانى القلبية يا صديقى القديم
ارجو ان تكونا سعيدين وانا اسف لأن حضور العرس فاتنى
- لم اظن ان الامر يستحق ان تعود من بونيس ايريس قبل ان تكمل العمل
وفى الواقع لم اتوقع منك ان تعود بهذه السرعة
كيف سارت الامور؟
ثم تابعا الحديث بالاسبانية.
لا بد ان سبستيان ما زال يعمل عند خافيار, ويبدو انهما صديقان حميمان , حيث انهما تجاهلاها تماما
رفعت روز يدها تغطى بها يد خافيار التى تمسك بخصرها
وكان هو يشد عليه من دون ان يلاحظ ذلك
تسللت اصابعها تحت يده لكنه اعتصر يدها ثم رفعها الى فمه يقبل اناملها:
قولى الوداع لسبستيان يا حبيبتى لأننا سنخرج
رفعت بصرها الى خافيار, ولاحظت الواجهة التى لا تقهر.... الابتسامة الاجتماعية المهذبة التى لا تفصح عن شئ
وعادت تنظر الى سبستيان:
تصبح على خير كان جميلا ان نلتقى مرة اخرى
وهذا ما شعرت به فعلا كما ادركت عندما قادها خافيار وهو لا يزال ممسكا بيدها بين الحشود الى باب الخروج
لقد كان سبستيان شهما معها عندما كانت بحاجة الى ذلك
ولكن كما قال خافيار الماضى ذهب بكل ما فيه وكل ذلك لم يكن سوى " ماء تحت الجسر"
يمكنهم جميعا ان يكونوا اصدقاء.


ظهر الخادم الى جانب السيارة فأخذ خافيار منه المفاتيح واصعد روز الى مقعدها ثم احتل هو مقعده وتحرك بالسيارة التى انطلقت بهما وكأنها مندفعة الى جهنم
تمتمت وهى تنظر الى جانب وجهه الصوانى:
لم كل هذا الغضب؟
- اخرسى.
قال هذا باختصار من دون ان يرفع عينيه عن الطريق
وكان هذا افضل كما اخذت روز تفكر
عندما دارت بهما السيارة بسرعة عند احد المنعطفات شعرت روز بالخوف
فوضعت يدها على فخذه وهى تقول محاولة تهدئته:
ماذا حدث؟ هل نكث مضيفنا بالعهد بالنسبة لدفع اقساط الدين ام ان هناك شيئا اخر؟
نفض يدها عن فخذه ونظر اليها بعنف وقد تحجرت ملامحه:
هناك شئ اخر
- آه
اومأت وعيناها مسمرتان على وجهه
بدا فمه متوترا اما جانب وجهه الشبيه بوجه الصقر فقد بدا متصلب الملامح
انعطفت السيارة بعنف مرة اخرى ما دفعها بقوة على باب السيارة
كفت عن القلق بشأن خافيار وقد قفز قلبها وهى تلمح المنحدر فى جانب الطريق , فقد كان اهتمامها اكبر بالعودة الى البيت سليمة.
كانت رحلة مروعة للغاية!
تصاعد صرير السيارة وهى تقف على بعد انشات من باب الكاراج
فقفزت روز الى خارجها:
كنت تقود الى هنا كالمجنون
ماذا كنت تحاول ان تفعل؟ تقتلنا معا؟
صرخت به بعد ان شعرت بالارتياح لوقوفها اخيرا على ارض صلبة
ودار هو حول السيارة ليمسك بذراعها بقبضة حازمة يكاد يجرها على الدرجات نحو الباب جرا:
ادخلى الى البيت قبل ان القيك من على الشرفة
قال هذا بشدة ثم دفعها الى الردهة ومن ثم الى غرفة الجلوس
وبعد ان اشعل النور واغلق الباب خلفه عاد يدخل خلفها
نظرت روز الى وجهه ثم تراجعت مبتعدة عنه :
ما هذا ؟
وماذا حدث؟
همست بذلك وهى ترى التهاب الغضب فى عينيه
- أتجرؤين على أن تسألينى هذا؟
قال هذا وهو يصر على اسنانه ثم يقترب منها
ابتعدت روز عنه والخوف فى عينيها , اكنها كانت ابطأ مما يجب لأنه امسك بكتفيها ثم امسك بشعرها وجذب رأسها الى الخلف بشراسة:
نظرة واحدة منك الى سبستيان واذا بك لا تستطيعين ان تمنعى نفسك
كنت بين ذراعيه تعانقينه

سيريناد 20-07-19 09:35 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 

فهزت رأسها:
لا , لا
انت اسأت فهم الامر خافيار
لم يكن الامر بهذا الشكل
لا تكذبى علىّ
تبا لك!
ورفع يده فارتجفت واغمضت عينيها بانتظار الضربة
- يا الهى , الى اين تقوديننى
وببطء فتحت عينيها فرأت قبضته معلقة فى الهواء, وقد بدا عليه الفزع
وعندما رأت يده هذه هبطت الى جانبه.
لكن يده الاخرى بقيت تشد على لحم كتفها
التوى فمه بابتسامة باردة وقد بدت عيناه كالصوان:
لا
لا استطيع ان الومك
فى المرة الاولى التى تعارفنا فيها اندفعت الى سرير سبستيان ما ان تركتك
وكنت ستكررين الامر نفسه الليلة لو اتيحت لك الفرصة
وصؤف بأسنانه , ثم تركها فجأة بقوة جعلتها تترنح
رفعت رأسها وحدقت لحظة من دون ان تتحرك , فى عينيه المتهمتين الباردتين
لم تصدق انه ما زال يتهمها انها اقامت علاقة مع سبستيان!
واخيرا فهمت سبب تعليقاته الوضيعة عن اخلاقها, فتصلبت ملامحها بغضب عاصف:
نعم قابلت سبستيان مرة من قبل فى شقته , عند الصباح بعد ان تعاهدنا انا وانت على الحب
تلك الشقة التى جعلتنى اعتقد انها بيتك
فاندفع يقول:
لقد تركت لك المفتاح
هل نسيت؟
فقال بغضب:
وكيف انسى؟
لقد اخبرنى سبستيان انك تحتفظ بمجموعة من المفاتيح لتعطيها لصديقاتك, لكن تلك المفاتيح لا تتلاءم مع اى قفل
كما اخبرنى بأنك خطيب اخته وانك اعتدت ان تستعمل شقته لاقامة علاقات مع النساء, لأنك لا تريط ان تلطخ شرف خطيبتك البريئة.
ويبدو هذا تقليدا مقبولا فى عالمكم
هز رأسه ببطء نفيا:
لن انخدع بهذه السهولة
منذ فترة اخبرتنى انك رأيت صورة لخطيبتى المزعومة والان تقولين ان سبستيان اخبرك بذلك
لكى تكونى كذابة جيدة يا روزالين , انت بحاجة الى ذاكرة جيدة
ويبدو ان ذاكرتك ضعيفة بشكل خطير
اما انا فلا زلت اذكر انك اعترفت باقامة علاقة مع سبستيان حين اخبرتك بأننى سأتزوجك
هل هناك شئ اخر نسيته؟
ذعرت لظنونه هذه , وعادت بذهنها الى اليوم الذى عرض فيه عليها الزواج
حينذاك شعرت بالذهول لطلبه الزواج بها
تذكرت ان خافيار كان قد قال انها القت بنفسها بين ذراعى سبستيان ولكن لم يدر فى خلدها قط بأنه كان يقصد انها اقامت علاقة معه
وقالت بعناد:
انا لم اقم علاقة مع سبستيان على الاطلاق, وما كنت لأحلم قط بالقيام بعمل كهذا
عليه ان يعلم انها تخبره بالحقيقة:
يجب ان تصدقنى
لكن نظرة عينيه الصلبتين الساخرتين أنبأتها بأنه لم يصدقها
وتساءلت عما يجعلها تحاول ان تفسر له الامر:
سبستيان وضع ذراعه حولى ولكن على الاريكة فى غرفة الجلوس
سمعته يشخر غير مصدق فشعرت برغبة فى ضربه لتضع شيئا من العقل فى رأسه المتغطرس:
وذلك عندما اخذ يخفف عنى بعد ان شرح لى مبلغ حقارتك
- وبعد ذلك اكتشفتما معا ان لديكما مشاعر مشبوبة نحو بعضكما البعض
وشعرت روز بغضب مفاجئ وسأم من كل شئ:
لا تكن سخيفا! بالنسبة الىّ انت خدعتنى وهجرتنى
قالت هذا بمرارة ثم استدارت متجهة الى غرفة النوم , الى اى مكان , بعيدا عنه, قبل ان تنفجر بالبكاء
المساء الذى ابتدأ حسنا انتهى اسوأ مما كان يخطر لها ببال.
امسك بمعصمها وادارها نحوه :
سبستيان اخبرنى بذلك روزالين وهو لا يكذب
كما اخبرنى انه اتصل بك الى فندقك ليخبرك عن حادث السيارة فقلت له ان هذا الامر لا يهمك
والتوت شفتاه ازدراءا:
اين كانت الفتاة المحبة حينذاك؟ الفتاة التى اصبحت الان طبيبة؟
قالها متهكما فاتسعت عيناها برعب:
هل وقع لك الحادث يوم رحيلى ؟
لم اعلم قط بذلك
- تعنين انك لم تهتمى قط
- لا لا انت مخطئ
انا لم اتحدث الى سبستيان قط بعد ان تركت الشقة
لقد تركت الفندق الى المطار بعد ان اقفلت السماعة فى وجهك
وكنت فى تلك الليلة نفسها فى انجلترا
بحق الله! فلا يمكن ان يكون سبستيان قد اتصل بى حتى ولو شاء ذلك
صدقنى لم اعلم ان حادثا وقع لك
مهما كان ما ظننته او ما اخبرك به سبستيان فأنا لم اعلم
قالت هذا بعنف ثم تذكرت الذعر الذى بدا على وجه سبستيان الليلة عندما اكتشف اخيرا من تكون
وفجأة تبلجت لها الحقيقة... كان سبستيان يحمى مصلحة اخته منذ عشر سنوات
- لقد كذب عليك سبستيان يا خافيار




اشتد ضغطه على معصمها بقبضة حديدية:
وتتوقعين منى ان اصدقك؟
انا اعرف سبستان منذ سنوات طويلة انه صديق العمر
وما كان ليكذب علىّ قط
فقالت:
بل فعل
سبستيان لم يتصل بى هاتفيا قط
وانا لم اكن على علاقة معه قط
جربت ان تقول هذا لآخر مرة فابتسم ساخرا:
هذا قولك انت....
تهكمه هذا كان القشة التى قصمت ظهر البعير كما يقال, واشتد المها لعدم ثقته بها كليا , وهزت كتفيها متعبة:
صدّق ما تشاء
مهما كان خلافنا حول ذلك
ستصدقه هو على كل حال
والان اترك معصمى من فضلك فأنا سأذهب الى سريرى
- نعم
وترك معصمها وهو يضحك دون مرح:
انه احسن مكان لأمرأة مثلك
لا تقلقى روزالين
سواء صدقتك ام لا فهذا غير مهم , لأننا متزوجان
انا مستعد تماما لأن أنسى الماضى واستمر فى القيام بما بيننا على احسن وجه
ولكى يثبت قوله بالفعل امسك بخصرها وجذبها اليه
شهقت بصوت مختنق حين شدها الى جسمه الصلب بعناق قاس, ولم يتركها الا بعد ان استسلمت كليا.
وحدها فى غرفتها, خلعت روز ملابسها بعينين دامعتين
وفكت العقد الذى قدمه اليها منذ ساعات وهى تفكر بحزن فى انتقالها فى ليلة واحدة من النشوة الى المأساة.
اذا لم تكن هناك ثقة متبادلة بينهما فلن يكون لعلاقتهما حظ الاستمرار على الاطلاق , لأن خافيار لن يصدقها هى ابدا بدلا من صديقه
جعلها ادراكها ذاك تشعر بالغثيان
ما دام سبستيان قد كذب عليه لا بد انه كذب عليها ايضا
لو انها جربت المفتاح فى باب الشقة فى ذلك اليوم عندما اتصل بها فى الفندق .... وسألته بصراحة عما اذا كان خاطبا حقا , ولو انها وثقت به .... وانهمرت دموعها على خديها....
كان ذلك منذ عشر سنوات
لقد فات الاوان لكى يحبها خافيار كما كانت تحلم
الى متى ستتمكن من احتمال زواج مبنى على رغبة الجسد فقط؟
وصعدت الى سريرها لتدفن وجهها فى الوسادة تاركة دموعها تسيل.
بكت كما لم تبك قط منذ افتراقها للمرة الاولى عن خافيار.
وأخيرا , بعد ان جفت دموعها, دفعها الارهاق الى نوم عميق.
*************

سيريناد 20-07-19 09:36 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
11-أريدك , فهل تصفحين؟



تقدمت روز وعيناها مليئتان بالدموع , واهالت قبصة من التراب على النعش
كان الدون بابلو ملجأها الوحيد اثناء الاسابيع الخمسة الاخيرة
لكنه مات الان وهو يدفنونه.
بعد عودتهما من شهر عسلهما المزعوم انتقلا الى الجناح الرئيسى فى منزل المزرعة وعاد خافيار يعاملها بنفس الطريقة التى كان يعاملها بها قبل ان يتزوجا , ممثلا دور الزوج الحريص على ارضائها طوال النهار اذا امكنه ذلك
ولكن فى الليل فقط فى السرير الفسيح كان تحكمه الهائل فى نفسه يتلاشى ويستسلم الى الرغبات المشبوبة التى يثيرانها فى بعضهما البعض
الا ان ما بينهما لم يكن حبا ... واثناء الاسابيع الثلاثة الاخيرة عندما احتلا غرفتين منفصلين لم يعد يحدث بينهما شئ على الاطلاق
كانت تمضى معظم اوقاتها مع الدون بابلو تعتنى به وبالمقابل راح هو يعلمها الاسبانية
بعد اسبوعين من عودتهما الى المزرعة , ذهب خافيار لعدة ايام الى سيفيل تاركا اياها مع ابيه
ساءت حالة الدون بابلو اثناء غيابه , فطلب الدكتور سرفانتس منها ان تحقنه بالمورفين , وتستلم مسؤولية السيطرة على الام المريض العجوز
وعندما عاد من سيفيل اتخذ ذلك عذرا لكى يحتل غرفة منفصلة, قائلا انه لا يريد ان يقلق مقدار النوم القليل الذى تحصل عليه اثناء عنايتها بأبيه.
اما روز فقد اعتقدت انه عاد الى صديقته لكنها لم تسأله عن ذلك قط.
بدلا من ذلك اعتادت على رفقة الدون بابلو واحبته
فقد كان يبهجها بقصصه عن طفولة خافيار , وفى الليلة التى سبقت موته جعلها تعده بألا تترك ابنه ابدا
وكأنه احس بأن الامور بينهما ليست على ما يرام
ارتسمت على فمها ابتسامة حزينة وهى تمسح دموعها بيد مرتجفة
ستفتقد الرجل العجوز
لكنها شعرت بالرضى لعلمها انه مات بسلام بعد ان اطلعته على سرها
ابتعدت عن القبر ثم جاءت لتقف بجانب خافيار
ولكن لم يكن هناك ذراع حامية من زوجها حول خصرها
لقد وقف جامدا مسيطرا على مشاعره
بدت عيناه ببرودة القطب الشمالى عندما رمقها بنظرة سريعة ثم عاد يتأمل انزال النعش المغطى بالتراب الى تحت الارض
بعد ذلك استقل المشيعون سياراتهم عائدين من الكنيسة الى المنزل
بعد حوالى ساعة من موعد الدفن راحت روز تدور بين الضيوف
وادهشها ان ترى كثرة اصدقاء الدون بابلو , وما له من تقدير واعتبار, بحيث حضر الجنازة معظم اعضاء الحكومة
نظرت حول الحشد فرأت كل شئ بغاية النظام
اثارت انتباهها حركة الى يسارها فالتفتت واذا بها ترى زوجها خافيار واقفا وهو يبدو كئيبا فى بذلة سوداء بسيطة
ثم احنى رأسه نحو ايزابيل التى كانت ترتدى ثوبا اسود قصيرا للغاية , يكشف عن ساقيها وعن القسم الاعلى من صدرها
وكانت تبكى وهى تتعلق بذراع خافيار.
ارتسمت ابتسامة مرة على شفتى روز
كانت تعتقد ان خافيار عاد الى صديقته , ولكنها قد تكون مخطئة فربما ايزابيل هى صديقته الجديدة.
وفجأة رفع خافيار رأسه فرأى تحديقها بهما , فرفعت حاجبيها وشملته بنظراتها باحتقار لم تهتم باخفائه.



سيريناد 20-07-19 09:37 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 


رأت فمه يتوتر بغضب بالغ
حسنا ما الذى يتوقعه وهو يغازل صديقته اثناء جنازة ابيه؟ استدارت على عقبيها وسارت الى خلف المنزل
كانت بحاجة الى التفكير والهدوء
فخرجت الى الشرفة المطلة على الحديقة المستطيلة التى تؤدى الى البحيرة
جلست على المقعد الخشبى الذى كان المفضل عند الدون بابلو, ثم اخذت تتأمل المياه الزرقاء
تنهدت واخذت تسوى تنورتها القطنية السوداء الى اسفل ركبتيها
مالت برأسها الى الخلف واغمضت عينيها , ثم اخذت تدير رأسها حول كتفيها ببطء علها تخفف من التوتر الذى تشعر به فى اعلى عمودها الفقرى
لقد مرت عليها اسابيع مجهدة عصيبة وتأوهت
كان هذا الوصف تبخيسا لما عانته حقا...
- هل تسمحين بأن اجلس معك؟
فتحت روز عينيها:
سبستيان؟
انها لا تريد ان تتحدث الى هذا الرجل لكن التهذيب ارغمها على القبول:
كما تشاء
ابتسم بشئ من الحذر ثم جلس بجانبها وفجأة انتبه شئ فى داخلها بحدة
انها مرهقة وباتت تشعر بالغثيان لاضطرارها الى اصطناع التهذيب على الدوام, والقيام بالدور المطلوب منها
فقفزت واقفة ثم التفتت اليه بغضب:
نعم طبعا لدى مانع
عليك اللعنة!
كيف تجرؤ على ان تخبر خافيار بكل تلك الاكاذيب عنى؟
من اعطاك الحق بأن تتحكم فى حياة الاخرين؟
فأجفل:
اذن فقد اخبرك ؟
- وماذا تتوقع ؟ انه زوجى
قالت هذا وهى تكبح غضبها
فقد كانت تريد ان تعلم بالضبط ما الذى فعله سبستيان او لم يفعله منذ عشر سنوات:
قلت له فى الواقع اننى اقمت علاقة معك
كيف جرؤت على ذلك؟
- اعرف اعرف وانا آسف


لكنك كنت غريبة عنى
وانا وخافيار كنا صديقين منذ الطفولة , بالاصافة الى انه رئيسى فى العمل
لم افكر قط فى انكما قد تتقابلان مرة اخرى
كان بامكانه على الاقل ان يظهر بعض الندم, كما فكرت روز وهى تعود فتسأله :
ولكن لماذا؟
فقال بجفاء:
ألا يمكنك ان تتكهنى ؟ انت امرأة مذهلة الجمال
منذ اللحظة التى رأيتك فيها فى الشقة ادركت انك مختلفة عن كل النساء اللواتى عرفهن خافيار فمثلت تهديدا خطيرا
وانا كنت شغوفا بأختى كاتيا وكانت هى ترغب فى خافيار منذ سنوات
لكنك قلت انهما كانا خطيبين
واخبرتنى انها كانت عذراء وان ذلك كان تقليدا متبعا
وان خافيار يحترم براءتها
وسرعان ما ادركت مبلغ غباء قولها هذا
فضحك بخشونة:
يا ليتهما كانا كذلك! فقد كانت كاتيا على علاقة مع خافيار قبل ذلك بسنوات, لكنه لم يعتبرها قط مسألة جدية
لم يكن الاول ولا الاخير
وذلك الاسبوع فى برشلونة كانت ترجو ان تستعيده, وكان هو غير مرتبط حينذاك , وقد وعدتها بمساعدتها , ولكن عندما دخلت انت الغرفة واريتنى ذلك المفتاح, ادركت ان علىّ ان اتخلص منك, وهكذا اخبرتك كاذبا ان لديه مجموعة من المفاتيح يعطيها لصديقاته ليتخلص منهن, مغتنما فرصة انك كنت من الارتباك بحيث لا يمكنك ان تجربيه.
ونجحت فى ذلك.
هزت رأسها باشمئزاز:
وماذا عن الحادث الذى حصل لخافيار؟
- حدث له الحادث وهو فى طريقه الى فندقك , وكنت انا فى السيارة معه محاولا ان اقنعه بألا يزعج نفسه بك
اخبرته بأنك تركت المفتاح قائلة ببساطة:
(شكرا ووداعا) لكنه لم يصدقنى
ثم لم يعد الامر مهما لأن سائقا سكيرا اصطدم به من المضحك ان سيارة خافيار لم تكد تتأثر , لكنه اصيب بحروق وهو يخرج الرجل الاخر من سيارته
فهمست روز:
يا الهى! وعندما استيقظ اخبرته انت بأننى عرفت بحادث الاصطدام لكننى لم ارغب فى ان اراه
- نعم لأن اخر شئ قاله لى خافيار قبل ان يفقد وعيه هو ان اتصل بك فى الفندق
- وهل فعلت ذلك؟


- نعم واخبرونى بأنك تركت الفندق نهائيا
صدرت حركة خفيفة عن الاجمة جعلت سبستيان يلتفت :
ما هذا؟
فقالت روز بفروغ صبر:
لا شئ
ماذا فعلت بعد ذلك؟
- اخبرت خافيار بأنك لم تهتمى بالأمر
بينما كنت انت قد صدقت قصتى ورحلت
بقى خافيار اسابيع فى المستشفى , وبقيت كاتيا بجانبه تمثل دور الحبيبة المخلصة
وبعد ثلاثة اشهر فقط اتصلت بى واردت ان تتكلمى معه فتملكنى الذعر
كان قد شفى تماما واخذ يتحدث عن الاتصال بك ومواجهتك, فأخبرته بأنه يضيّع وقته سدى , وانك لا تستحقين جهده ذاك
ولكى اقنعه نهائيا اخبرته على كره منى بأنك اقمت علاقة معى فى شقتى ذلك الصباح بعد خروجه.
نظرت روز اليه بذعر, فعمق خداعه هذا افزعها.
امسك سبستيان بذراعها :
عليك ان تفهمى انه كان على ان افعل هذا لأحمى أختى , فقد كان خافيار اخر فرصة لكاتيا
لأن اقاويل الناس بدأت تتناولها
- اذن عندما اتصلت بك واخبرتنى ان خافيار سيتزوج فى الاسبوع التالى , كان ذلك كذبا ايضا
- نعم ولكن بعد ان اخبرته اننى اقمت علاقة معك , بدا وكأنه لم يعد يهتم بشئ
وبعد ذلك بشهرين تزوج كاتيا على كل حال
اغمضت عينيها لحظة ... وكل تلك الاكاذيب ... وكل تلك المعاناة... لماذا كل هذا؟ وعادت تنظر الى وجه سبستيان المضطرب, ثم سألته بمرارة:
لماذا تخبرنى الان بعد مرور عشر سنوات وبعد فوات الاوان؟ لا اصدق ان ضميرك يزعجك , فمن الواضح انه ليس لديك ضمير
- اريد ان اعلم جواب هذا بنفسى
استدارت روز مجفلة ورفعت بصرها الى وجه خافيار العاصف , وهتفت:
خافيار, ماذا تفعل هنا؟
نظر اليها بغضب:
عودى الى البيت واهتمى بضيوفنا , وانا سأهتم بهذا



سيريناد 20-07-19 09:38 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
اوشكت ان ترفض , واخذت تنقل بصرها بين الرجلين
بدا التمرد فى وجه سبستيان,كما بدا الاجرام فى وجه خافيار.
كانا كوعلين يدافعان كل عن نفسه او خنزيرين يتناحران , كما اخذت تفكر ساخرة وهما اللذان كادا فى ما بينهما ان يدمرا حياتها
وتملكها الاشمئزاز مما سمعت
وبصلابة لم تكن تعلم انها تملكها قررت ان تدعهما ليدمر كل منهما الاخر
لم عليها ان تهتم بذلك؟
وبهزة من كتفيها , تركتهما وعادت الى البيت
كانت مضطرة للتحلى بالقوة للاختلاط بالضيوف وتقبل التعازى من اصدقاء الدون بابلو الكثيرين
واوقفها الدكتور سرفانتس:
روزالين عزيزتى, انا خارج الان
لكننى لا استطيع الخروج قبل ان اعبر عن شكرى لك مرة اخرى
كان الدون بابلو رجلا محظوظا للغاية لعنايتك به
وكان يعلم هذا
ومع ان هذا اليوم حزين, فسوف يسعد به
رحمه الله لأنك جعلته فخورا
ابتسمت روز للرجل العجوز الذى بدت حالته سيئة بسبب حزنه على صديقه القديم , لكن عواطفه كانت صادقة.
وتمنت له ليلة سعيدة
وفى الساعة التالية كان معظم الضيوف قد غادروا
ورأت روز رأس خافيار فوق الرؤوس.
بدا طويلا متحفظا, لكنه تجنب نظراتها
كان قناع من الشرود الكئيب يكسو ملامحه.
وربما ظن اكثر الموجودين انه حزن على والده
لكن روز لم تكن تعتقد ذلك
كان غضبها قد هدأ نوعا ما
وكلما ازداد تفكيرها فى اعترافات سبستيان ازداد الامل فى قلبها
اذا تناقشا هى وخافيار بصدق وصراحة ربما يمكنهما انقاذ زواجهما
ثم رأت زوجها وهو يتمنى لايزابيل ليلة سعيدة, فأخذت تعنف نفسها لحماقتها.
لا شئ تغير .... رأته يودع المرأة بلطف جم ثم يقف وينظر حوله.



شعرت بألم هادئ فى قلبها واشتبكت عيناه بعينيها , ثم تقدم اليها وامسك بمرفقها:
روزالين
حان الوقت لتوديع ضيوفنا
نفضت يده عن ذراعها وقالت متهكمة:
أتعنى الان بعد ان خرجت صديقتك ايزابيل؟
ضاقت عيناه على وجهها الغاضب:
انها ليست صديقتى ولن تكون كذلك ابدا
وقد اخبرتك بذلك من قبل
والان هل لك ان تتأبطى ذراعى وتتصرفى كزوجة احتراما لذكرى والدى؟
لم تستطع روز ان ترفض فوقفت وسط القاعة الفسيحة شاعرة الى اقصى حد بجسمه الممتلئ بالحيوية والرجولة الى جانبها, ولمسته الخفيفة على ذراعها.
ما ان ودعا اخر الضيوف حتى تركت ذراعه واستدارت تواجهه بالسؤال الذى لم يبارح ذهنها منذ ساعتين:
ماذا حدث لسبستيان؟
حدق اليها بجمود:
لقد رحل ولم يعد مصدر اهمية لك
- فهمت , وهل هذا كل ما ستقوله؟
بدا مسيطرا على نفسه ببرودة , لكنها ما لبثت ان رأت يديه تنقبضان الى جانبيه
بدت سلاميات اصابع احدى يديه بيضاء من شدة التوتر فيما بدت قبضة يده الاخرى حمراء مسلوخة
فهتفت:
هل ضربته؟
- لا لقد كشطت جلد يدى فى الجدار
واضاف من دون ان ينظر اليها :
والان اذا سمحت , كان يوما شاقا وما زال هناك اشياء علىّ القيام بها
وكاد يصطدم بها لسرعته فى الابتعاد عنها
واخذت تنظر الى قفا رأسه ذى الشعر الاسود وكتفيه العريضتين فيما هو يدخل مكتبه ويصفق الباب خلفه , تاركا اياها وحدها
انه يعلم الحقيقة الان
يعلم ان سبستيان قد كذب عليهما معا , ومع ذلك ما زال مبتعدا عنها ... انه لا يهتم بها ... ولم يهتم بها قط ....
فكرت بماراة فى ان عليها ان تواجه الحقيقة , وهى ان خافيار لا يريدها
فقد بردت مشاعره نحوها
لم يلمسها منذ ثلاثة اسابيع
كان يغيب طوال النهار ليأتى فى الليل فيجلس مع ابيه قليلا , ثم يخرج عندما تدخل روز الى غرفة المريض
عاودتها ذكرى العطف الذى كان يبديه لايزابيل
ما الفرق ان كان يمضى اوقاته مع صديقته القديمة ام مع ايزابيل؟
لقد تعهد لها بأن يبقى مخلصا لكنه اخلف وعده
اخذت تغالب دموعها وهى تنظر فى انحاء الردهة التى اصبحت خالية
وفكرت بحزن فى ان عهدا من حياتها قد انتهى .... لقد رحل الدون بابلو , وقد ترحل روزالين فالدزبينو ايضا
وتمنت لو تعود الى شخصيتها الاولى الدكتورة ماى وتنسى ان الاشهر الخيرة قد حدثت قط
لكن الحياة ليست بهذه السهولة
وتذكرت وعدها للدون بابلو وهو على سرير الموت, هل اخلاف خافيار بوعده لها يبرر اخلافها بوعدها لأبيه؟
دخلت الى المطبخ والغم فى اعماقها
كان ماكس على وشك المغادرة بعد انتهاء عمله
حاول ان يبتسم لها وهى تحييه تحية المساء , لكن وجهه كان مغلفا بالحزن.
جلست على كرسى صلب الظهر واتكأت بذراعيها على المائدة محنية الرأس
كانت متعبة للغاية ومستنزفة عاطفيا , ما جعلها تشك فى قدرتها على الصعود الى سريرها
كما ان ليس لديها القوة على تحدى زوجها
ولم تكن لديها فكرة كم امضت فى جلستها هذه
واخيرا تنهدت طويلا ومسحت دموعها ثم عادت الى الردهة , و... هالتها الصرخة التى سمعتها!
كانت اشبه بصرخة حيوان يتألم تبعها صوت يشبه تحطم الزجاج
كان هذا الصوت اتيا من المكتب
ومن دون تفكير اندفعت الى المكتب وفتحت بابه
كان خافيار متهاويا على الاريكة الجلدية السوداء ورأسه بين يديه وكتفاه تهتزان
كانت سترته وربطة عنقه مرميتين على الارض الى جانب بقايا كأس محطمة
- خافيار!
لقد تصدع اخيرا تحكمه بنفسه
اندفعت روز لتجلس بجانبه على الاريكة ووضعت ذراعها حول كتفيه مؤاسية
القى برأسه الى الخلف وادار اليها عينين دامعتين :
انت ما زلت هنا و روزالين ؟ اما لعذابى هذا من نهاية؟
وتأوه وهو يتخلل شعره بأصابعه
- اهدأ .... أعلم ما تشعر به .... لا بأس فى ان تحزن
ابوك كان رجلا رائعا
تمتمت بذلك تخفف عنه , وقد امتلأ قلبها عطفا على هذا الرجل المتغطرس فى ضعفه غير العادى هذا , والذى هده موت ابيه
مد يده يزيح خصلة من شعرها عن جبينها:
عطفك يضعفنى, يفقدنى شعورى برجولتى
قال هذا بصوت خشن وهو يرفع ذقنها باصبعه وينظر الى وجهها:
ولا استطيع ان اكذب عليك
ليس موت ابى ما يعذبنى
بل انت
كيف يمكنك ان تنظرى الى بعد الطريقة التى تصرفت بها معك
لا بد انك تكرهيننى
- انا طبيبة وعملى هو الاهتمام بالناس...
حاولت ان تقول هذا بمرح لكن صوتها اهتز وكأن المشاعر خنقتها:
- ولا يمكننى ان اكرهك ابدا
وكان هذا اقصى ما جرؤت على كشفه من مشاعرها
نظرت اليه وهو يعود ليتنفس مرة اخرى
نظرت الى عينيه الداكنتين وهما تحومان على وجهها وعلى شعرها وعلى جسمها الرشيق ثم تعودان الى وجهها.
نظر اليها طويلا , والتوتر ينمو فى الجو بينهما , ويده تشتد على ذقنها بدون وعى منه.
ثم سألها بصوت أجش :
ولكن , هل يمكنك ان تتعلمى كيف تحبيننى يوما ما؟
ما لاحظته فى عينيه من خوف ووحدة جعلها تبدو كالمصعوقة
انها نفس المشاعر التى تملكتها, لذا لم تتمكن من الكلام

سيريناد 20-07-19 09:40 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 


واذا به يقفز واقفا ثم يستدير ليحدق فيها:
لا , انت طبعا لا تستطيعين.
فقد فقدت الحق فى طلب ذلك بعد ان صدقت اكاذيب سبستيان, وعندما ابتززتك للزواج منى
يا الهى!
يحيرنى انك ما زلت هنا
كنت مقتنعا بأنك سترحلين حالما تنتهى الجنازة ويخرج اخر ضيف
حبست نفسى هنا لكى لا اراك وانت ترحلين
لم استطع ان احصل حتى على هذا فقذفت بكأس ارضا
نهضت روز واقفة ببطء ووضعت يدها على ذراعه:
أتريدنى ان ارحل؟
سألته ذلك لأنها تريد ان تكوّن فكرة واضحة فيما راحت اصابعها تلامس بدون وعى منها ساعده العارى ونظرت الى عنقه وهو يتشنج حين ابتلع ريقه:
لا , لا تبا لذلك
فأنا احبك
لقد احببتك دوما
اخيرا سمعت روز الكلمات التى طالما اشتاقت الى سماعها فتوهج الالم فى قلبها بينما تابع خافيار:
مرت عشر سنوات طويلة موحشة تخللها زواج زائف من امرأة لم اكن احبها وما كان لى ان اتزوجها
والان بعد ان وجدتك كان الوقت قد فات ... انا احبك الى درجة اننى لا اريدك ان تبقى بالرغم منك
فتوترت روز:
ومن ستضع مكانى ؟ ايزابيل ام صديقتك الاخرى؟
كان عليها ان تسأل فقد تمزقت تماما اثناء الاسابيع الماضية وهى تتصوره بين ذراعى امرأة اخرى
اسرت عيناه عينيها بعنف:
ابدا, ما من امرأة على هذه الارض يمكنها ان تأخذ مكانك يا روزالين, يجب ان تعلمى هذا
يجب ان تشعرى به وانا معك
ضائع فيك , اشبعك حبا.
- ولكن ماذا بالنسبة للأسابيع القليلة الماضية التى ....

فقاطعها:
لقد عانيت من عذاب الحريق لأجلك , والشوق اليك من دون ان اجرؤ على لمسك
كان ابى متعلقا بك
لقد اخبرنى بذلك فى الليلة التى سبقت رحيلى الى سيفيل
كان سعيدا للغاية لأجلى لأننى وجدت اخيرا المرأة الكاملة .
لقد تمكن من معرفتك على حقيقتك فى ذلك الوقت القصير, وادرك شخصيتك الخيّرة الطيبة وحنانك وصدقك وكان يعتبرك قديسة تقريبا.
لقد استطاع رجل على فراش الموت ان يرى فيك ما رفضت انا ان اراه
بعد عرسنا شعرت بأننى احط من الانحطاط نفسه واننى لا استحق ان اكون التراب الذى تحت قدميك لأننى ادركت انه كان على حق
لم اكن بحاجة الى سماع اعترافات سبستيان بأكاذيبه.
فقد سبق وادركت ان الاشياء التى اتهمتك انا بها لا يمكن ان تكون صحيحة بأية حال
وشعرت بحب مدمر لك وانتابنى شعور فظيع بالذنب
هربت الى سيفيل لعدة ايام لأننى لم استطع ان اواجه ما فعلته بك
فهمست:
خافيار
- لا دعينى انهى كلامى
عندما عدت واخذت اراقب تصرفاتك مع ابى , حديثك معه تخفيفك عنه اهتمامك به , ملأنى شعور بالاشمئزاز من نفسى بحيث لم اجرؤ على ان المسك او اخبرك كم احبك
لم اكن استحقك لكننى كنت فى غاية الرعب من ان تهربى مرة اخرى
مع انه لم ينظر فى عينيها لكنه قال انه يحبها
وهى لن تدعه يستمر فى تمثيل دور الرجل النبيل:
انت لن ترانى هاربة الا الى غرفة النوم
القى برأسه الى الخلف ولمعت عيناه الكئيبتان بضوء ذهبى واشتبكتا بعينيها:
روزالين, اننى اضع قلبى هنا , فلا تمزحى
لا يمكننى احتمال ذلك.

والتوت شفتاه بشبح ابتسامة, فوضعت ذراعها حول عنقه واتكأت على جسمه الدافئ الصلب ثم القت برأسها الى الخلف وقد لمعت عيناها بنظرة قديمة من عهد حواء:
انا لا امزح فأنا احبك
طوقتها ذراعاه كعصابتين من فولاذ:
لا اصدق هذا , لكننى لن ادعك تغيرين رأيك
انا اتلهف اليك , روزالين
انا بحاجة الى لمساتك المعزية هذه الليلة
اريد ان افقد نفسى بين ذراعيك
ولن اهتم اذا كان كل هذا مجرد حلم.
قال هذا بصوت ممزق وعانقها عناقا عنيفا حمّله كل مشاعره المحمومة
ثم حملها بين ذراعيه وذهب بها الى غرفة النوم
واحاطت عنقه بذراعيها بحب بالغ وصدقها هذه المرة عندما قالت انها تحبه
بعد كل الحزن والم الفراق طوال النهار,جاء اتحادهما اثباتا للحب واستمرار الحياة
- ماذا حدث لسبستيان؟
سألته روز بعد وقت طويل وهى مسترخية بين ذراعيه وقد رفعت يده الجريحة الى فمها تمسحها بقبلاتها
فأجاب ساخرا:
اظنك تعلمين
رايتك تخرجين من البيت ورأيت سبستيان يلحق بك
فتبعته وسمعت كل ما قاله لك
كنت على الشرفة منذ البداية واردت ان اقتله
لقد كذب علينا نحن الاثنين
كلما فكرت فى السنوات التى ضاعت منا سدى.....
وشدد ذراعيه حولها ودعك ذقنه بقمة رأسها:
لكننى منعت نفسى من توجيه اكثر من لكمة واحدة اليه
ونحن لن نراه ابدا مرة اخرى
فتمتمت:
انه صديقك
وكان يرعى مصلحة اخته
فقال بلهجة حاسمة:
كان صديقى
لكن ثمة اشياء فى الحياة لا يمكن غفرانها
وادارها خافيار اليه وامسك بذقنها وعلى فمه ابتسامة جافة:
ومع ذلك فأنا لم اطلب منك الصفح بعد لسلوكى الحقير معك
ثم قطب لفكرة خطرت له:
وفى الواقع كان الامر كله ذنبى انا
كان يجب ان ابحث عنك
- لكنك اصبت بحادث فظيع كما انك حسب قول سبستيان كنت ما زلت تريد الذهاب للبحث عنى
وهذا يكفينى وخطيئتك مغفورة
وعلى كل حال كان ذلك ذنبى كما هو ذنبك
انا ايضا ما كان لى ان اصدق كذبه.
- كنت فقط فى التاسعة عشرة أما انا فأكبرك بسنوات
كان يفترض بى ان افكر بشكل افضل
قال هذا وابتسامة ندم تحل مكان التقطيب:
امر واحد فقط ما زال يحيرنى
ما الذى جعلك تتصلين بسبستيان بعد ثلاثة اشهر من تركك لى؟
وكانت تخاف من هذا السؤال لكنها لم تستطع تجنبه
وبان الالم فى عينيها:
لقد اكتشفت اننى تعذبت كثيرا من فراقك بعد ان عدت الى انجلترا
وضعفت صحتى وكدت اصاب بالانهيار
ففكرت بأن اتصل بك
وعندما مرت الاسابيع بدأ الاكتئاب يتملكنى
واخيرا اتصلت بالرقم الذى اعطيته لى وتكلمت مع سبستيان
اخبرته فقط اننى اود ان اتحدث اليك
على كل حال عاد فاتصل بى قائلا انك لم تشأ ان تتحدث معى وانك ستتزوج بعد اسبوع
وسكتت ونظرت الى خافيار وقد جمد وجهه:
استمرى
وتلعثمت... ما زال من الصعب عليها الحديث عن ذلك:
اثر الحزن على صحتى ونفسيتى معا فأصبت بانهيار عصبى .... ربما بسبب الضغط النفسى....
فصرخ:
يا الهى
لو كنت اعلم بذلك لقتلت ذلك النذل
لقد تلاعب بنا نحن الاثنين فسبب لنا الالم والمعاناة
رفعت يديها تحيط بهما وجهه:
لا بأس
كان ذلك منذ وقت طويل وقد انتهى الان
- لا لم ينته
نزف قلبها للعذاب الذى بدا فى وجهه:
انت لا تعلمين اننى تزوجت منذ ثمانى سنوات ونادرا ما استطعت ان اقترب من زوجتى لهذا السبب لم تحبل كاتيا قط
ولم اتمكن قط من القيام بذلك من اجل الانجاب فقط
وها انا اكتشف ان المرأة التى يمكننى ان التصق بها ليل نهار قد تم ابعادها عنى بسبب خيانة من صديقى
الجدل الوحيد الذى كان يدور بينى وبين ابى هو حول فشلى فى انجاب وريث....
- حسنا, اذا كان ابوك ينظر الينا من اعلى الان فلا شك ان ابتسامة عريضة ترتسم على وجهه الحبيب المغضن
ربما كان على ان اخبرك اولا, لكننى اخبرت اباك فى الليلة التى سبقت وفاته , بأننى حامل
وقد جعله ذلك سعيدا جدا
- أنت حامل بطفلى؟
كان صوته عميقا خشنا ونظراته المذهولة تكتسح جسدها واخذ يمر بيده على وجهها وعيناه تلمعان حبا:
هل انت واثقة ؟ متى....
فقالت ضاحكة:
انا طبيبة
ويبدو ان تقاليد آل فالدزبينو عن سرير الخصوبة ما زال فعالا
- منذ الليلة الاولى؟
وابتسم راضيا
ها قد استعادت روز زوجها الوسيم المتغطرس
مدت يديها تتخلل شعره, مسرورة لأنها ابعدت عن ذهنه فكرة فشله فى الانجاب
وجذبت رأسه نحو صدرها:
هل تريدنا ان نمثل دور الطبيب والممرضة؟
فقال هازلا:
واقوم انا بدور الممرضة؟
- هناك ممرضون من الرجال خافيار
هل ارى تعصبك لأبناء جنسك ينتعش مرة اخرى؟
- ليس هذا فقط
وضحك بصوت اجش وهو يتبع قوله بعناق طويل ملئ بالحنان.
ومشاعر الندم والصفح تنضح منهما معا.
وتتراقص حولهما وعود مشبوبة بمستقبل هانئ سعيد.

************

سيريناد 20-07-19 09:41 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
وانتهت الرواية ,,,
:lol:

Rehana 20-07-19 11:03 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
الله يعطيك العافية http://r19.imgfast.net/users/1913/13...les/976576.gif
أحب هذا الرواية
بانتظار تكملة من الرواية

سيريناد 25-07-19 08:28 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3718220)
الله يعطيك العافية http://r19.imgfast.net/users/1913/13...les/976576.gif
أحب هذا الرواية
بانتظار تكملة من الرواية

تسلمى يا غالية

هى الرواية كده كاملة 11 فصل

fadi azar 06-09-19 10:45 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
مشكورة على الرواية الرائعة

سيريناد 22-01-20 09:43 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3720460)
مشكورة على الرواية الرائعة

شكرا على المرور :congrats:

بدورمحمد 11-02-20 06:53 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
تجنن شكراا لكِ على النقل 👌

نجلاء عبد الوهاب 07-09-22 09:31 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
:congrats::congrats::congrats::congrats::welcome_pills3::wel come_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::congrats::congr ats::congrats::congrats::welcome_pills3::welcome_pills3::wel come_pills3::welcome_pills3::congrats::congrats::congrats::c ongrats::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::wel come_pills3::congrats::congrats::congrats:

الحالمة دائما 20-09-22 10:38 PM

رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد ( كاملة )
 
رواية روعه جميله جداً من اجمل ما قرات


الساعة الآن 03:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية