منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t206945.html)

سيريناد 12-07-19 12:39 AM

603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )
 


http://www.alkafeel.net/forums/attac...id=23381&stc=1

رواية حلوة ومكتوبة من عبير تبع دار النحاس

يائسة من الحب
_____

الملخص :

لا يبدو أن أحداً فى المدينة لا يعرف قصة حياتها ، فتاة محلية تلتقى رجلاً واثقاً من نفسه هرب بعيداً بكل أموالها ، الآن كل ما تريده هيلارى الإختباء من العالم ، من نفسها ومن ماضيها ، وكانت تفعل ذلك تماماً إلى أن انتقل ليو إلى جوارها .
البؤس رفقة جيدة ، خاصة إذا كان البديل هو الوقوع فقط مع غريب قاسٍ آخر .

هبدأ فى كتابتها من بكرة ان شاء الله

Rehana 12-07-19 11:26 AM

رد: يائسة من الحب _ روايات عبير مكتوبة
 
اهلا وسهلاً فيك في القسم
مبادرة جميلة 💖 اسعدتني
اتمنى لك القوة لحتى تكتبيها لنهايتها 🌹
تم تعديل عنوان الموضوع من قبلي

سيريناد 13-07-19 12:50 AM

رد: 603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس
 
الفصل الأول

***


" صباح الخير "
ردت تحيته بحقد " صباح الخير " وأخذت تلم غسيلها المنشور وترمى به فى سلة الغسيل القريبة من قدميها على الأرض
"الا تعتقدين أنها سوف تمطر ؟ "
لم ترد ، وصممت على ذلك لأنه مجرد دخيل ويفعل ذلك للازعاج فقط ، لتجد بعد ذلك أنها غير قادرة على أن تكون قاسية كما أردت .
تمتمت : " محتمل " مولية ظهرها له ، التقطت سله الغسيل عن الأرض لتبدأ بالعوده أدراجها إلى البيت ، وسمعته يضحك
التفتت ونظرت إليه ، وبحنق ابعدت نظراتها عندما ابتسمت عيناه الرماديتان الدافئتان لها ، انقبض قلبها ، هرعت إلى البيت وصفقت الباب ، ولكن تلك النظرة العابرة كانت أكثر من كافية لها لتنتبه إلى حقيقة أنه خلع سترته غير عابئ بالرياح القارسة التى تجعل أي إنسان يرتجف ، وكان يحفر فى قطعة أرض المزروعات الخاصة بالكولونيل ، وحركاته الرشيقة لو صدرت عن أى واحد عداه لكانت اعجبت بها .
وفى كل مرة تحاول الخروج من الباب ، يبدو أنه هناك ، واحياناً يكون داخل المنزل يحاول اغضابها بملاحظاته المغيظة ، لا تستطيع حتى تجاهله ، وهذا كان الشئ الانسب لتفعله ، وفى كل مرة يحاول الكلام ، تجد نفسها تتراجع ، لماذا لم يخبرها الكولونيل أنه سوف يؤجر منزله ، تساءلت بحنق ؟ من المؤكد أن هذا كان يبدو من باب المجاملة العادية ؟ ولكن أى مجاملة أعطتها هى له ؟ أو لأى شخص أخر؟
تسألت ببؤس ووضعت سلة الغسيل قرب لوح الكى ، احست بعينيها وقد أمتلأت بالدموع

.

قال صوت بلطف بينما كان يقف فى الباب الخلفى ببطء
" هذا لن ينفع "
رفعت رأسها مصدومة وهتفت بارتباك " أنا لم أكن .... لم أفعل .... أوه ، لماذا لا تذهب ؟ "
" أنا أسف لم اتوقف لأفكر ... هل يزعجك الأمر ؟ "
" كلا!" ولكنه كان يزعجها ، لقد كان ذو بنيه قوية ، لم يكن آسفا على الإطلاق ، فكرت بإنزعاج ، وأمرته بحده :
" وتوقف عن الابتسام لى هكذا ! فانت تتجول داخل وخارج بيتى وكانك تملك المكان ؟ لما لا تقرع الباب مثل أى إنسان أخر؟ "
سألها بنعومة " هل تريديننى ان اخرج من جديد ؟"
" كلا لا اريدك ان تخرج من جديد !"
" أه ، حسناً"
وتسلل الى الداخل ببطء ونظرة النادم بغباء تظهر على وجهه القوى وابتسم ببطء
تمتمت : " انا اكرهك "
بدا سخيفا ! فشعره الداكن بدا مبعثراً وغير مرتب ، وطويل جداً ، كان ضخماً جداً ، ومبالغ فى كل شئ ، لهجته الغريبه تضرب بقسوة على الأعصاب .
وبتنهيدة يائسة حدقت بالعينين العميقتين التى بدت لا يفوتها شئ ، عينان تشعرها كلما تنظران اليها بالغضب والارتباك ، لا يزال يصر على الوقوف قريبا منها او لان يلقى بيده على ذراعها ، ثم يراقبها بسرور وهى تحاول الابتعاد عنه ، ومع ذلك كيف يمكن لرجل واحد ان يشعرها انها مهدده الى هذه الدرجة ؟ كان هذا سخيفا وغير عقلانى .
سألها بلطف " ولكن ليس انا فقط ، اليس كذلك؟ فعلى ما يبدو انك تكرهين الجميع ولا تعتقدين أن ملاحقة عملك وكانك الآنسة القوية ، يجعلك تنسين انك تنتمين الى العنصر البشرى "
قالت بتبرم بعدما تمكنت اخيرا من ابعاد عينيها عن عينيه الرماديتين الدافئتين :"لا تكن سخيفا ، فانت لا تعرف شيئا عن مهنتى ، او اى شئ اخر ، واتمنى ان ترحل فعلى كى بعض الملابس "
ووقفت وراء لوح الكى ولم تتوقع ان تجرحها ملاحظته وقد انغمست سريعا فى عملها ، هل كانت فى خطر نسيان من تكون ؟ تسالت بكأبه فهى صادقة بما يكفى للاعتراف بانها اصبحت تفضل البقاء بفردها ولكن الانسه القوية ؟ هل هكذا يراها الناس ؟ لا يبدو الامر هكذا ، قطبت وهى تحاول ان ترى نفسها من الناحية الموضوعيه ، فلها وجه عادى ، لاشئ مميز ، وعيناها أخاذتان قليلاً ،ربما لانهما محاطتان باهداب داكنه ، ولكن شعرها بالتاكيد لا يعطى انطباع التصميم على عدم الشفقه ، فهو يتطاير فى كل مكان ، ربما الطبيعه لا تعكس نظرتها ، لو ربما بسبب مظرها المتمرد جعلت من الانسان داخلها لا واعية ، ماذا ؟ قوية ؟ وها انت يا هيلارى ، قد عدت الى تلك الكلمة من جديد ، وهذه خيبة امل جيدة
وعنفها عقلها ،ان هذا لا علاقه له بشكلك ، كما تعرفين تماما ، ولكن هذه الافكار كانت مزعجة جدا لتفكيرها ، لذا حاولت دفعها الى عقلها الباطن ، التقطت المكواه ، وحاولت التركيز بقوه على عملها وكأن كي ياقه البلوزه احتاجت لكل تركيزها
.

سيريناد 13-07-19 12:52 AM

رد: 603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس
 

انكرت بعنف : " كلا ، ولماذا يجب ان يكون ؟ اذا لا ابه لما يفكر الناس بى ، وخاصة انت "
" الاتهتمين الى ان القرويين يعتقدون انه لا يجب الاقتراب منك ؟"
" كلا " لقد كان هذا ما اردته ، الم تكن؟ ان تترك لوحدها ، ولكن ألا يستحقون أفضل من هذا ؟ لقد كانوا لطفاء معها إلى درجه لا تصدق ، وهذا ليس من شأنه ، فهو لم يكن من القرويين بل مجرد زائر
ودافعت عن نفسها قائلة : " على كل ، انا لست كذلك ولكن مكتفية فقط "
عارضها قائلاً" متعجرفه وكانك تنظرين الينا بغرور "
انكرت بشدة " انا لست كذلك ، وانا لا انظر الى احد بتعال "
شرح بصبر: "انا لم اقل انك فعلت ، قلت انك تبدين كذلك "
بدأت بالقول : " وكاننى لم اعد انتمى الى العنصر البشرى ، حسنا ، لقد كانت مجرد ...." وقطعت كلامها بسرعه وهى تعض شفتها .
سألها بنعومة : " سنة ؟"
صفقت المكواه على اللوح وحدقت فيه قائلة بغضب : " لا اصدق لقد مضى على وجودك هنا اسبوع فقط ، واصبحت ..."
اكمل عنها : " اعرف كل ما يجب ان اعرفه عنك ؟ انها قرية صغيره يا هيلارى ، والناس يتكلمون ."
اقرت بمرارة " تعنى الثرثرة ! "
اصر قائلاً : "حسنا ! الثرثرة ، ولكن لم تكن بقصد اذيتك ، فهم مهتمون بك ، نعم ، هم كذلك "
" حسنا ، وحتى اذا كانوا كذلك ، فهذا لا يعطيك الحق بان تحشر انفك فى حياتى !"
اعترف بلطف " حقا ؟"
اه ،الرأي ، فكرت مهمومة كيف يمكن ان تتفهم مع رجل يوافقك رأيك دائما ؟
توسلت اليه قائلة : " فقط ارحل ، هل يمكن ؟ أرجوك ؟ اريد فقط ان اترك بسلام ، انا أحتاج للوقت ...."
" لقد أخذت وقتك ، كم تحتاجين أكثر؟ فانت لا تستطيعين ارتداء الحزن دائما "
اجابته مدافعة عن باسها " انا لا ارتدى الحزن ! وهل يمكن ان تتوقف عن الادعاء بالاهتمام بى ؟ والعذر الوحيد لتدخلك غير المباح هو الضمير ! وما هو الفظيع في إرادتي البقاء وحيدة ؟ وإرادتي فى ان اصبح افضل انسانه لا تحب ان تفادى"
" لا شيء ولكنك فى خطر من ان تحولى حياتك الى نموذج فنى فلا تستطعين ان تمضى بقية حياتك محاولة الفرار من صداقه فاشلة ، الحياة تمضى يا هيلى "
" أعرف أنها كذلك ! وأنا أحياها ! أو أحاول ذلك ولكن لدى فرصه اكبر للنجاح اذا لم يحاول الناس ان يعرفوا المأساة كلها فى العلن ، اريد نسيانها وليس اعادة احياءها واذا ما كنت اشعر بالانزعاج ، اريد ان أفهم ، لماذا تصر على ملاحقتى ؟"
سألها بابتسامة مرحة : " هل باعتقادك لاننى احب تعذيب نفسى ؟ ولكن بما اننى فتحت الموضوع ...."
" أه ، والان ماذا ؟ حسنا ، هيا استمر ؟ " وعندما بقى صامتاً ، أصرت قائلة " ماذا ؟ "
" شعرك " وعندما رفعت هيلارى رأسها بتوسل ، كان يقول :
" عليك بتركه منسدلاً هكذا دائماً ، فهذا يجعلك تبدين أجمل أكثر ، وعندما ترفعينه الى قمة رأسك يجعلك مثل تلك المرأة من الجنوب الباسيفيك "
سألته : " لما لا أضع كيساً فوق رأسى ؟ عندها لن ينزعج من مظهرى أحد "
وافقها بحماس : " أه ، هذه فكرة جيدة "
ابتسمت هيلارى باشمئزاز : " هذا افضل "
قال ليو : " والان تبدين ...." اوما برأسه دون أن يكمل جملته بل قال : " فى الواقع ، من الصعب عليك تصديق ذلك ولكننى اتيت لسبب " وحرك يده من وراء ظهره ، واظهر وعاءاً صغيراً وسألها قائلاً : " سكر ؟ "
وبتعبير متهجم اومأت انه فى الخزانة ثم قالت : " كما تعرف تماماً "
فتح الجزء الاعلى من الخزانة القريبة منه ، وأخذ كيس السكر وعبأ الوعاء بانتباه قبل أن يعيد الكيس الى مكانه ، واحنى كتفيه العريضتين على اطار الباب ، فجاءة اعاد نظره الى هيلارى .
اخبرها : " ابن شقيقتى قادم "
سألته باستهزاء واضح : " كم هذا لطيف ، تحتاج السكر لصنع الحلوى ، اليس كذلك ؟ ، وانا افترض انه لايوجد لديك طحين ايضاً "
" أه ، نعم عندى طحين يا هيلى "
" هيلارى ، اسمى هيلارى "
فوافقها بهدوء :" هيلارى " بصوت مليئ بالمرح تابع :
" ولكن ، اذا استطعت تدبير القليل من بودرة الكاستر ....؟"
انفجرت بسخط " الا تشترى اى شئ ابدا ؟"
تمتم : " حسنا ، نعم " واستغرق بالتفكير وكأنه أخذ سؤالها على محمل الجد ، ثم قال :
" اشتريت بعض الاشياء "
صرخت غير قادرة على الصمت " لا تفعل ، لا تعطنى لائحة بمشترياتك ، لقد كان مجرد سؤال ! "
بدت عيناها تعكسان ارتباكها والمها ، وطالبته بيأس : " لا أريدك هنا "
اعترف برقه : " أعرف " حدقت به غير مصدقة
" اذا لماذا ؟
لماذا تفعل بى هذا ؟ " وحدقت بالعينين الرماديتين ، نسيت كل شئ عن اسباب بقاءه هناك ، نسيت كل شئ عن هذا المستفز الذى كان يدمر ببطء بالتاكيد سلام عقلها وزفرت " لماذا ؟"
" لانه .... " ونظر بسرعة الى اسفل وبدا انه غير رايه ، ومد يديه بيأس : " فقط بسبب ...."
سألته : " لا تشفق على ؟ "
" اشفق عليك ؟ كلا ! ، فما استطيع استنتاجه انك تخلصت جيداً من السافل ! "
تباً ، لقد عرف ذلك ! ولكن ان تتخلص منه جيدا وان تنساه امران مختلفان تماما.
ابعدت عينيها ، حدقت الى لوح الكى ، ثم ، ولأنه لم يكن امامها بديل اخر ، بدات تحرك المكواه على مهل فوق البلوزه ، وجهها ممتعض
.
شجعها بلطف : " هيا يا هيلى اخرجى من قوقعتك ، قبل ان يفوت الاوان "
انكرت بتبرم : " انا أريدك فقط ان تذهب يا سيد ، حسنا ، مهما يكن ....."
غص بضحكته قائلا ً : " ليو "
عندما رفعت نظرها متعجبه ، وجدته رافعا احدى حاجبيه بانتظار ان يصدر منها اى تعليق ساخر ، ولكنها لم تفعل ، وإلى جانب ذلك ، لم تستطع التفكير بشئ ، لو تعلم فقط لماذا هو مصمم الى هذه الدرجة على مواجهة فظاظتها ؟ هذا ما أرادت معرفته فقط .
بدون ان يقول اى شئ اخر ، ارخى منكبيه العريضتين ، على اطار الباب وكانه استقر عليه لبقية اليوم ، وفكرت انه ينظر اليها منتظراً اياها ان تتكلم مجددا
اطبقت شفتيها خائفة ان تتحركان بالرغم منها ، ووجدت عندها انها لا تستطيع تحمل هذا الصمت الان .
استفزته بغطرسة : " اذا لم يكن هناك اى شئ اخر ،متاكدة انه لديك الكثير من الاعمال اليوم لتقوم بها قبل وصول ابن شقيقتك "
ارتاب واندهاش قليلاً : " ابن شقيقتى ؟ ، نعم ، ابن شقيقتى "
ولمعت ضحكه فى عينيه ، وبابتسامة بطيئة اعطت لوجهه سحرا غير معقول حمل الوعاء ، ولوح بيد واهنة ، ثم استدار على عقبيه الى الحديقة ، اطلقت تنهيدة صغيرة ، واعادت المكواه الى مكانها بيد تهتز ، لماذا لا تستطيع ان تتجاهله ؟ ، استغربت بيأس ، لم تكن تريد تداخله المستمر بحياتها ، ولا معرفته بها ، وفصلت الكهرباء عن المكواه ، بغضب حيث انها شعرت بالتوتر والعصبية ولم تكن ترغب بالاستمرار فى الكى ، ربما عليها ان تذهب للتنزه ، وربما تبحث عن بعض قطع الاخشاب على ضفة النهر ، ان كان عليها تكملة بعض لعب الاطفال خلال فترة الثلاثة اسابيع التى تقضيها بعيداً عن وكالات السفر ، وهذه اللعب التى تصنعها هى قطع ناعمة الملمس من الخشب وصغيرة منحوته بلطف وتطليها بنفسها لتمسك براحة اليد بسهولة ،والتى كانت لدهشتها وسرورها قبلتها مستشفى اعادة التأهيل الكبيرة الخاصة بالمكفوفين والمختلين عقلياً.
فلطالما استمتعت هيلارى بالعمل اليدوى وحصلت على اكتفاء كبير من تشكيل اى مادة تقع بين يديها ، من خشب او صلصال او طين ، وبالصدفة استعملت خشب الصناديق وخشب الورد اللذان يسهلان العمل اكثر من اى نوع اخر من الخشب او الحجارة .
ولقد تحولت هذه السعادة البسيطة التى ساعدتها فى ابعاد تفكيرها عن مشاكلها ، الى طريق طويل يساعدها فى اعادة شتات كبرياؤها المجروحة الآن ، فكون هيلارى مفيدة للمجتمع ، ولو بطريقة بسيطة كان سند رائع لتدعيم ثقتها بنفسها .

سيريناد 13-07-19 12:55 AM

رد: 603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس
 

وابعدت ليو المزعج عن تفكيرها ، صعدت بخفة الى الطابق الاعلى لتجلب سترة سميكة من الصوف وتنتعل حذاءاً ثقيلاً قبل ان تمضى الى حقل المستنقعات وراء البيت فى اتجاه ضفة النهر ،
بينما هى تتجول على مهل وعينيها على الماء العكر ، رأت فجأة جزعا ثقيلاً بدا وكانه من البلوط ، التقطت بعض الجذوع لتتمسك بها وانحنت بانتباه لالتقاط ذلك الجذع ، وما ان لمسته حتى انزلقت احدى قدميها وافقدتها توازنها وبدون سابق انذار تعثرت ووقعت فى الماء الموحلة .
بتعبير قرف دفعت نفسها على ركبتيها ورمت بذلك الجذع ابعد ما استطاعت غاضبة من غبائها ، وزحفت الى الامام لان ذلك كان افضل من محاولة الوقوف على قدميها ،وبعينيها الجزعتين رأت قدمين ، رفعت رأسها الى الاعلى لترى ليو واقف يمد يده اليه تراجعت ثم تمتمت بالشكر وقالت له :
" اذا ما تجرأت على الضحك سوف اقتلك ! "
فابتسم لها ورفعها الى حافة النهر ، حاولت الوقوف بوهن على قدم واحده ، بينما حاولت البحث عن فردة حذاءها الاخرى ، ولم يكن باستطاعتها سوى مراقبتها وهى تغوص على مهل ، رائع فهى تشعر بالغباء والبؤس ومبتله تماما ، فسترتها الصوفيه تزن عشرة اضعاف وزنها بسبب ثقل المياه ، وحدقت امامها بليو يساعدها بطريقة رائعة للعوده الى اليابسه
لماذا ، لماذا يجب ان يكون هو من يجدها ؟ وحدقت براحتى يديها الملطحتين بالوحل ، فادركت فى الحال كيف تبدو اخذت تقهقه ، ادارت راسها وحدقت مباشرة بعينى ليو ، لم تعى كم بدت رائعة ، ولكن تدريجا عندما لاحظت عدم استجابته ، عادت الى وعيها وبدت عينيها مهمومتين من جديد ، وصرخت عندما رفعها عالياً بين يديه القويتين " انزلنى "
مانعها بقولة : " لا تكونى طفلة يا هيلارى ، فانت لا تستطيعين السير بحذاء واحد "
" طبعاً استطيع "
توقف محدقاً بوجهها الثائر ، وعينيه الرماديتين هادئتين وشرح لها بصبر : " ليس فقط بحقل ملئ بالزجاج المكسور والحاد ، بل صخور ايضاً ، ومن يدرى ماذا هناك ايضاُ ، هل تردين ان تجرحى قدمك "
" طبعا لا ، ولكن ...."
" ولكنك لاتحبين ان ألمسك ، أنا أعرف "
بسرعة أحنت رأسها ناظرة إلى الأسفل ، اذا فهو يعرف انها تكرهه ، وهل يعرف ايضا لماذا ؟، وان الشعور بيديه القويتين يجعلها صغيرة ؟ ، احست بالاحراج من الرائحة الكريهه التى تنبعث من ثيابها واغلقت عينيها بانهزام ، وفى تعاستها لم تلاحظ الى اين ياخذها ، الى ان وصلا الى عتبة باب بيته الخلفية .
عندما توقف وانزلها برفق تمتمت : " شكراً لك ، استطيع السير بسهولة الى البيت من هنا "
لم يوافقها قائلاً: " لا تكونى سخيفة ، سوف تموتين فليس عندك مياه ساخنه "
وقبل أن تستطيع إيقافه فتح الباب الخلفى ودفعها إلى الداخل نزع حذاؤه الوسخ ، ثم اتجه ناحية حمالة المناشف البعيدة فى المطبخ القديم الطراز ، وعاد بمنشفة كبيرة وبسطها على الارض ، ثم قال :
" لا داعى للقلق من ان تحدثى فوضى ، اخلعى حذاءك وقفى على المنشفه "
احتدت قائلة " لم اكن ...." ولكنها وجدت نفسها تتكلم من دون فائدة ، اذ انحى على الارض ونزع حذاءها ، وكانت مذعورة الى درجة انها وقفت كالبلهاء وبعدها ، وضع منشفة فى يدها وكانت فى منتصف الطريق الى البهو .
قال لها برزانه " غرفة الاستحمام بالاعلى ، لا تتاخرى سوف احضر الشاى " وبدفعه صغيرة اخرى اغلق باب المطبخ وراءها .
.
لم تكن تملك اى خيار ، وفكرت باكتئاب وللحظة ، فى ذلك الحقل حيث شعرت بنفسها على حقيقتها كما كانت من قبل الانسانه التى كانت قبل ان يدخل ريان الى حياتها ، هل سيتأذى ليو لو شاركها بضحكها ؟ ربما ابتسم ؟ ، ولكن للحظه فى المطبخ ظنت بانها اخذت انطباعا بالسرور مرسوماً على وجهه ، وكأن هناك شئ ابهجه ، ولكن لماذا عليه ان يفعل ؟
شعرت بالحنق من نفسها لانها حاولت تحليل سلوكه ، عندما وصلت الى اسفل السلم ترددت غير متاكدة للحظة ، ولكن بعد هزة من رأسها تقدمت ناحية النار الموقدة حيث كان ليو يجلس قبالتها ، وشعرت بانطباع القوة ، نوع من الغطرسة اللاواعية التى تبدو واضحة عليه ، فقط عندما يدير راسه . ونظرت بسرعة بعيداً عندما منحها ابتسامة صغيرة مرحة .
" تبدين مثل عليقة طفل صغير "
قالت مقطبة " عليقة طفل ؟ ، شكرا ، مع اننى افترض انه على ان اشكرك انك لم تشبهنى بالكيوى "
" انها من نيوزلندا "
" انا اعرف من اين هى يا ليو ! ، لا احتاج الى درس بالجغرافية "
اثارها قائلا " لست كذلك ؟ حسنا ، ولكننى اردت ان أشير أننى بالكاد أستطيع تشبيهك الى طير أو عصفور من نيوزلندا عندما أكون من استراليا "
رددت بتقطيب " استرالى ؟ ، ولكن فى محل السيد جرين ذكروا انك من اوكلاند ........"
اعتذر بخفة " حسنا ،انا اسف " وعيناه تلمعان بمرح
" ولكننى قطعا استرالى ، هل يهم ذلك ؟ ، الا تحبين النيوزلنديين ؟، هل هذا هو سبب شعورك بالتعاطف معى "
سالته وتقطيبتها تزيد على وجهها "ماذا ؟، كلا ، طبعا لا! ، لاتكن سخيفا فقط لم اكن اعرف ، هذا كل شئ "
ولكنه كان يهم ، اه ، لماذا كل مره تكون مع هذا الرجل تقفد صوابها ؟ ، ولكنه اذا كان استرالياً ....
أشار اليها قاطعا حبل افكارها " تعالى واجلسى قرب النار لتتدفئ "
بتنهيدة مهزومة ذهبت لتجلس على المقعد الجلدى المواجه للمدفأة
سألها بهدوء " كم يوم بقى من اجازتك ؟"
تمتمت بدون ان تنظر اليه " أقل من اسبوعين " وتسألت بتشكك لماذا اراد ان يعرف أدارت رأسها وسالته " لماذا ؟"
" لايوجد سبب معين ، مجرد فضول ، اوه يا هيلى ، هل من الصعب جداً التكلم معى "
احمر وجهها لشعورها بالذنب ، اعطته اعتذار هادئاً " انا اسفه ، لقد تخليت عن عادة الكلام مع الناس "
فشجعها بلطف " اذا هذه فرصة لكى تتخلى عن هذا الامر " وتابع بنفس الصوت الهادئ " اذا سوف تعودين الى العمل خلال اسبوعين او نحو ذلك ، وبعدها الى اين ؟"
سالته بدهشه " لماذا ؟"
"لقد قال الكولو نيل انك تعملين بوكالة سفر كمعاونة فى الاماكن الاجنبية انى اتساءل فقط الى اين ستذهبين بعد ذلك "
" أوه" لقد وثقت بالكولونيل لتعطيه كل تفاصيل حياتها ، ويقولون ان النساء تثرثر! " لست متاكدة تماما ، روما كما اعتقد ، فالوكالة تفكر بالبدء برحلات ثقافية – روما ، أثينا ، وعلى ان ادقق فى الفنادق وتسهيلات الرحلات فالايطاليين يحبون ادارة رحلاتهم الخاصة مثل دكان صغير ، لذا انا بحاجه الى ايجاد مستخدم يريد ان ياخد سياحا اكثر ، ومن الظاهر انها تزدحم فى منطقة ، مدرج روما الاثرى الكولوسيوم " وعندما ضحك استدارت وابتسمت
" حسنا ، طالما انه لن يرميك احد للأسود "
وافقته قائلة " كلا"
تابع بهدوء " وبعدها الى اثينا ؟"
" ربما لست متأكدة بعد – فالأمر مازال مجرد تجربة فقط ، ولقد طلبوا منى ذلك لأننى اعرف روما جيدا ، اما أثينا ، فلا أعرفها بتاتا "
قال لها " انها حفا تستحق الزيارة ولكن ليس فى منتصف فصل الصيف ، فهى حارة جدا "
" ومختلفة عن استراليا " وقد تورد خدها عندما نظر اليها نظره فضول
" الحرارة فى استراليا اعلى ، سوف أذهب لأسكب الشاى هل تريدين سكر ؟"
" قطعتان لو سمحت " ونظرت اليه وقد ارادت ان تغيظه بسبب السكر الذى استعاره قبلا ، ولكن لوفعلت ذلك فسوف يكون نوع من الاعتراف بانه كلن محقا بشأن سلوكها ، وبأبتسامة صغيرة اثبت انه عرف تماماً بماذا تفكر .
خرج من قاعة الجلوس ، فاخذت تؤنب نفسها وطالبتها بان تكون اكثر عفوية ولكن مضى وقت طويل منذ ان تحادثت مع احد ما ، وهى الان تشعر بالضعف والوهن منذ ان تكلمت ، وضحكت ،واغاظته ، وسألته من اين ياتى وماذا يفعل ، الان وجدت انه من الصعب جمع طاقاتها للهرب ، لقد ارادت فقط ان تفر الى بيتها ، ولوحدة وجودها ، وعندما عاد حاملا فنجانين ، اخذت فنجانها بطريقه اليه وحدقت فى السائل .
سألها بهدوء عندما جلس على المقعد ممسكا بفنجانه بين راحتيه الكبيرتين " اهلك وشقيقك فى استراليا ، اليس كذلك ؟"
شعرت برجفة الخشية تسرى فى عروقها ، حدقت به ، هل هذا هو اللغز فى الامر ؟ هل هذا ما كان يسعى اليه طوال الاسبوع ؟ ولكن مع ذلك كان وجهه يحكى تعبير فضول المعرفة .
اعترفت بصراحة " لقد انتقلوا منذ حوالى السنه عندما ذهبوا الى عرس شقيقى مارتن، وقرروا البقاء هناك " ولو انها لم تقابل ريان ، ريان ذو الابتسامة الحلوه ، كان الطبيب ، ربما لكانت معهم الان .
سألته بتشكك " لماذا ارادت ان تعرف ؟"
قال بسهولة وهو يرتشف الشاى " لا يوجد سبب " وكانت عيناه تراقبانها بانتباه من فوق حافة الفنجان وتابع " مجرد فضول ، احدهم ذكر ذلك ، هذا كل شئ "
سألته " من ؟ ، الكولونيل من جديد ؟ "
ذكر بلطف " لا اذكر ، ولكن إلى أى قسم ذهبوا ؟"
قالت بعدم اكتراث " الشمالى الغربى ، طريق يورث هيلاند ، لماذا ؟ هل تعرف المنطقة ؟"
تمتم بلا مبالاة ظاهرة " سمعت عنها ، تريدين المزيد من الشاى ؟"
قالت باختصار " كلا شكرا لك "
قال ليو " لقد جف شعرك "
هل انها تعانى من هوس الاضطهاد ؟ استراليا مكان كبير، وليس هناك من سبب حقيقى لافتراض انه يعرف اهلها ، ولكن مع ذلك ، لماذا لديها انطباع ان هناك يد خفيه تديرها ؟
" لكن حذاءك لا يزال مبتلا ..."
" حسنا لا يهم ، انها مجرد بضع ياردات واصل الى البيت "
قال برقه " ولكن لايوجد حاجه للازعاج اذا كان باستطاعتك تجنبها ، سوف اخرج السيارة "
كانت لاتزال تحدق فيه عندما سألته فجاءة " هل تعرف اهلى ؟"
سألها " اعرفهم ؟" وتقوس حاجباه باستغراب " لماذا على ان اعرفهم ؟"
تنهدت قائلة " لا اعرف "
سألها بلطف " انت مشتاقه اليهم ، الست كذك ؟" فأومات بابتسامه
" اذا لماذا لا تذهبين لزيارتهم ؟"
ردت مدافعة " سافعل " فى يوم ما حين تملك مالا كافيا ، والحقيقه انه لم يكن باستطاعتها الذهاب الى لندن فكيف الى استراليا
تابع بقصد " هل يعرفون عن ريان ؟، وانه قد احبك وهجرك اخذا معه كل مدخراتك ؟"
حدقت فيه مذعورة وانفجرت قائلة " لقد كان الكولونيل مشغولا بالثرثرة اليس كذلك ؟ هل تقوم القريه كلها باخبار اى غريب يأتى إلى هنا كل شئ عنى ؟ ويذكروننى وباننى شئ مستهجن "
امتلأت عيناها بالدموع ، وانتفضت مبتعده عندما حاول وضع يده بلطف على كتفها قائلة " أريد أن أذهب إلى البيت !" .


الساعة الآن 06:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية