منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t206868.html)

Rehana 05-06-19 09:37 PM

498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( كاملة )
 
https://3.top4top.net/p_1251qyiam1.gif

بمناسبة عيد الفطر السعيد
أقدم اليكم آخر عدد من روايات احلام
واتمنى تنال اعجابكم

الملخص


تأثرت جوزي لأن إخواتها نظموا لها عطلة كانت بأمس الحاجة إليها . ولكن المشكلة الوحيدة أن مكان العطلة لم يكن في كوخ يقع في مكان معزول هادئ في أستراليا .
وكان جارها الوحيد رجلاً كتوماً وجذاباً بشكل كبير اسمه كينت بلايك. بسبب مأساة عائلية عزل "كينت" نفسه عن العالم . لم يكن بإمكان جوزي المساعدة ولكن هذا الرجل الوحيد أثار اهتمامها وبسبب شخصيتها الدافئة الحيوية عزمت على نزع القفل الحديدي الذي يحيط بقلبه


رواية خاصة وحصرية لشبكة منتديات ليلاس الثقافية
ولا احلل نقل الرواية على اي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي بدون ذكر اسمي Rehana , واسم المنتدى

Rehana 05-06-19 09:39 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس
 
الغلاف الاصلي للرواية

https://1.top4top.net/p_12519zknz2.jpg

Rehana 05-06-19 09:40 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس
 

1-عطلة في لا مكان

2 - من دون مقابل

3- لست زميلك

4 - مشاريع جديدة

5 - المهرجان

6 - إنها نقطة البداية

7 - المريضة الجميلة

8 - هل هذه هي الحقيقة ؟

9 - كنت طبيباً

10 - هل أنت مجنونة ؟

11- إلى الأبد

ducb 07-06-19 12:38 AM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس
 
:55::55:شكررا

زينوبة 07-06-19 03:04 PM

merci كثير وشكرا على الرواية

Rehana 07-06-19 07:55 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس
 
1 - عطلة في لا مكان

- مرحبا؟
انحنت جوزي بيترسون ونادت من النافذة المفتوحة جزئياً قبل ان تطرق مجدداً الباب.
مامن حركة او صوت بل صمت مطبق.
تراجعت الى الخلف وهي تعض شفتيها وراحت تتأمل واجهة المنزل الريفي. الواح خشبية مطلية بلون ابيض ناصع، وقد علقت على نوافذ ستائر قطنية مخططة بلون الرمادي. منتديات ليلاس
رمادي؟ وتصاعدت تنهيدة من اعماقها فقد ملت اللون الرمادي وهي تريد كشاكش والوان. ارادت مرحا و خيالا.
شعرت باللون الرمادي وهو يحاول ان يثقل كاهلها فانتفضت وابتعدت محاولة استيعاب المشهد من حولها. كانت الممرات مكنسة، والمرجات مشذبة ومعني بها، لكنها لم ترى اي مساكب تخفف رتابة المنظر وتناسقه ولا حتى حوض ازهار. تاقت جوزي في هذه اللحظة لرؤية وردة زاهية واحدة.
قامت ستة اكواخ خشبية بمحاذاة المنحدر بعيداً عن المنزل. لم تلاحظ اي حركة ولم يطالعها ما يؤشر الى وجود سكان هنا. فما من سيارات، و مامن مناشف معلقة على الشرفات، وما من دراجات هوائية.
مامن اناس هنا.

Rehana 07-06-19 08:02 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
كان العشب حول الاكواخ اخضر ومجزوزا مايعني ان شخصاً ما تكبد عناء صيانته والحفاظ عليه.
ليتها تجد هذا الشخص او الاشخاص!
كان المشهد الممتد امامها خليطا رائعا من العشب الذهبي اللون، واشجار المطاط الخضراء الداكنة وميض نهر فضي اللون احاطه نور شمس بعد الظهيرة بهالة ناعمة، واضطرت جوزي لان تقاوم رغبتها السخيفة في ان تبكي. ريحانة
ما الذي خطر لمارتي وفرانك بحق السماء؟
وذكرت نفسها وهي تنهار على أعلى درجات السلم وتسند ذقنها براحتيها بأنها من قال إنه من يحتاج لشيء من السكون والسلام.
لم تلاحظ وجود أي مساكن اخرى من حيث جلست على الشرفة الامامية للمنزل، وخبأت وجهها بين راحتيها. إن مارتي وفرانك يعرفانها بما يكفي ليدركا انها لم تكن تعني هذا بكلامها. منتديات ليلاس
لم تكن ترغب في هذا نوع من السلام والسكينة الذي يجعل المرء بعيداً عن الحضارة الى حد انعدم معه إرسال الهاتف الخلوي.
ارادت ان ترى اناسا، ارادت ان تستند إلى الخلف وتغمض عينيها وتسمع الناس من حولها يضحكون ويعيشون...
هذا يكفي! إنه الشيء الوحيد اللطيف الذي اقدمه لها مارتي وفرانكي منذ...
وحاولت ان تتذكر لكن ذهنها أبى ان يسعفها، حسنا لعل اخيها ليسا من النوع الذي يعبر عن مشاعره، لكن ارسالها في إجازة مبادرة لطيفة منهما. فهل تنوي إفساد هذه الإجازة بالانتقادات ونكران الجميل؟
قد يقدم البعض على ارتكاب جريمة ليكونوا مكانها. وكثيرون هم من قد يرغبون في تمضية شهر في هذا الوادي الرائع من ريف نيو ساوث وايلز دون عمل.
تلفتت من حولها بحزن و كآبة وتمنت لو يغطي هؤلاء الناس تلال هذا الوادي في الحال.
نفضت الغبار عن يديها وهبت واقفة. ستستفيد من هذه الفرصة إلى اقصى حد. تشير خارطتها إلى وجود مدينة على بعد بضعة كليو مترات، ويمكنها ان تزورها متى شاءت. ستقيم صداقات لكنها متعبة الآن، وهذا جل ما في الامر. الوصول إلى هنا تطلب منها الكثير من الوقت، وربما هذا ما جعل مالك الارض يتخلى عنها.منتديات ليلاس
تساءلت أي نوع من الناس يختار ان يعيش وحيدا في مثل هذا المكان. وتمنت ان يكونوا من النوع الذي يحب أن يتحدث حول فنجان من الشاي وطبق من البسكويت.
ستؤمن جوزي البسكويت.
واعتمل نفاذ الصبر في داخلها، فهزت كتفيها وضربت الارض بقدميها واخذت نفسا عميقا لتملأ رئتيها من هواء هذا الوقت المتأخر من العصر. لم تتمكن من تحديد هذه الروائح الجافة والمحملة بالغبار التي دخلت الى رئتيها والتي تختلف تماماً عن الهواء الرطب والمثقل بالملح الذي اعتادته في موطنها. وتقلصت معدتها مجدداً بسبب هذا الاحساس الجديد غير المألوف.
إنها لا تنتمي إلى هذا المكان.
- هذا هراء.

Rehana 07-06-19 08:03 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
وحاولت ان تضحك لتطرد هذه الفكرة الغريبة، لكن شوقاً عظيماً الى موطنها ومنزلها تفجر في داخلها. وعادت الكآبة تكتسحها اكثر فاكثر فنزلت الدرجات الثلاث وسارت في الممر المرصوف. استدارت عند اول منعطف ثم مرة اخرى. وافترضت انها تستطيع أن تتحقق من الجهة الخلفية للمنزل، فلعل مالك الارض يعمل في.. سقيفة او خيمة مزروعات او ما شابه.
في لهفتها في رؤية وجه ودود، سارعت جوزي الخطى لتفتح البوابة. تلمست اصابعها المزلاج وقد تصاعدت الحاجة في داخلها ، الحاجة إلى رفقة، الحاجة إلى التواصل مع شخص ما. واخيراً، انفتحت البوابة لتكشف عن حديقة مرتبة، وهنا ايضاً لم تر احواض زهور او مساكب تكسر الرتابة، لكن العشب الاخضر كان مجزوزا وقصيرا واطرافه محددة.ريحانة
كان السياج مطليا باللون الأبيض ليتماشى مع المنزل فيما انتصب منشر الغسيل في وسط المكان، منشر من حديد، قديم الطراز كذاك الذي تملكه جوزي في منزلها. هذا المشهد الواقعي المألوف طمأنها، فحدقت في سروال الجينز الباهت اللون، و القميص الازرق والسروال القصير الكحلي وأدركت ان مالك المكان رجل.
لم تعرف اسمه من مارتي او فرانك؟ علما ان الامور سارت بسرعة فائقة. فاجآها بعرضه هذا الليلة الماضية واصرا على ان تنطلق مع بزوغ فجر هذا اليوم. ماحصل للسيدة بنغلي حسم مسألة الانطلاق باكراً ايضاً. وعضت جوزي شفتيها. ربما ما كان عليها ان ترحل بل ان تبقى و..
هرير منخفض وشرير جعلها تجمد مكانها، وسرت قشعريرة باردة على طول عامودها الفقري وفي فروة رأسها.
ارجوك يا إلهي، لا!.
لم تر يافطة ( احذر الكلب ) على البوابة حين دخلت. كانت لتراها لو وجدت فهي تنتبه لمثل هذه التفاصيل، تنتبه إليها انتباها شديداً.
وتعالى الهرير مجدداً، فنتفض قلب جوزي بشدة بين ضلوعها حتى خيل إليها انه قد يتمزق قطعاً قبل ان يقترب الكلب منها. وراحت ركبتاها ترتعدان.
- كلب لطيف.
حاولت أن تتكلم لكن لسانها التصق بأعلى فمها، ما جعل كلماته غير مفهومة.
ورد عليها الكلب بالهرير مجدداً. لا هذا ليس بكلب لطيف رغم انه ليس ضخما جدا لكنه كبير بما يكفي وقد كشر عن انياب شريرة. واستطاعت ان تتخيل كيف يمكن لهذه الانياب ان تمزق اللحم بسهولة.منتديات ليلاس
تراجعت خطوة فتقدم الكلب خطوة.
وتوقفت فتوقف.
راح قلبها يتخبط بقوة آلمتها. شعرت بأنها ستنهار ارضا لكنها رفضت أن تزيح عينيها عن الكلب الذي يحدق فيها. احنى رأسه وكشر عن انيابه مجدداً واقشعر شعر ظهره كله تأهبا.
كل مافي داخل جوزي صبا نحو البوابة والحرية ولكنها ادركت انها لن تتمكن من الوصول إليها قبل ان تقطع نصف المسافة. وتلك الانياب...
ابتلعت بريقها وتراجعت خطوة اخرى الى الخلف. وبقي الكلب مسمرا في مكانه.

Rehana 07-06-19 08:05 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
تراجعت خطوة اخرى ولم يتحرك الكلب لكن شعر ظهره ظل مقشعرا.
واندفعت جوزي جانبا وهي تطلق صوتاً كالنشيج وتمكنت بطريقة ما من ان ترفع نفسها وتتسلق حتى وصلت إلى أعلى منشر الغسيل الدوار.
صاحت بأعلى صوتها " النجدة!"
ودغدغ شيئاً ما وجهها فرفعت يدها للتخلص منه. شبكة عنكبوت! حاولت أن تزيلها لكنها التصقت بوجهها وعنقها، وكانت هذه هي القطرة التي جعلت الكأس تفيض، فانفجرت جوزي بالبكاء.
اتخذ الكلب له موقعاً تحتها مباشرة، ورفع رأسه نحوها واخذ ينبح، ماجعل جوزي تبكي أكثر فأكثر.
- ما الذي يجري؟
انه إنسان، الحمد لله! واخيراً، وجه ودود. التفتت نحو الصوت فكادت تقع عن منشر الغسيل من شدة ارتياحها. ريحانة
وراحت تحدق فيه.
كاد قلبها ان يتوقف عن النبض. ثم سقط من صدرها وانبطح ارضا لاهثا، متخبطا اشبه بسمكة تلفظ انفاسها. اهذا هو الوجه الودود؟
لا! منتديات ليلاس
وهزتها موجة جديدة من الدموع، وعاود الكلب نباحه الحزين.
- حبا بالله...
حملق الرجل فيها، وغير وقفته واضعا يديه على وركيه النحيلين كما لاحظت هي رغماً عنها.
- لم بحق السماء تبكين؟
كانت لتتخلى عن المشهد هذين الوركين النحيلين وهذه القامة الرجولية لقاء بسمة واحدة. لكنه لم يبتسم.
حدقت في وجهه القاسي الذي يبدو وكأنه منحوت من الصخر وشكت في قدرة هذا الرجل على الابتسام. لم تجد في تعابير وجهه اي تفاصيل ودود، ولم ترى عينيه أي ذرة دفء او رقة.
لتساعدها السماء، فهذا ليس بالرجل الذي يمكن أن يأخذها تحت جناحه. وتصاعد خرير هستيري في حنجرتها.
- هل انت مالك المكان؟
ضاقت عيناه و اجابها بسؤال "هل انت جوزفين بيترسون؟"
وأومات برأسها إيجاباً فعبس وقال"نعم، انا كينت بلاك"
لم يمد يده ليصافحها، لكنها اقرت ان المسألة قد تكون صعبة نظرا لأنها عالقة على منشر الغسيل.
- سألتك لما تبكين؟
كان السؤال ليكون ودياً لو طرحه شخص آخر، إنما ليس كينت بلاك. على أي حال، خطر لها ان السؤال الأكثر إلحاحاً هو ماذا تفعلين على منشر غسيلي بحق السماء ؟
- حسناً.
وتململ مجدداً وبدل وقفته على تلك الساقين الطويلتبن والنحليتين .منتديات ليلاس
فانفجرت تقول بصوت هستيري "لم ابكي؟"
انفتحت شفتاه لتخرجا كلمة واحدة قبل ان تطبقا مجدداً "نعم"
وارتفع صوتها مجدداً "لم ابكي؟. سأخبرك لما ابكي، انا ابكي بسبب.. حسناً انظر إلى هذا المكان"

Rehana 07-06-19 08:06 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
وحدقت فيه ما منعها من البكاء مجدداً ثم اردفت "كيف امكن لمارتي وفرانك ان ايظنا اني ارغب في المجيء إلى هنا؟"
- اسمعي يا آنسة بيترسون، اعتقد ان عليك أن تهدئي..
- آه، لا، لا تعتقد! طرحت السؤال وطالبت بإجابة فعليك أن تستمع إليها. ريحانة
واشارت اليه بإصبعها وكأنه مسؤول شخصياً عن كل ماجرى معها اليوم.
- لست عالقة هنا في اقاصي الأرض وحسب بل.. بل انا عالقة على منشر غسيل في اقاصي الأرض. ومايزيد الطين بلة هو اني تهت فيما انا ابحث عن هذا المكان العفن لينتهي بي الامر في بقعة ثانية حيث ثقب إطار سيارتي. بعدئذ، طاردني كلبك حتى صعدت إلى أعلى منشر الغسيل ووجدت شباك العنكبوت في كل مكان!
ارتفع صوتها مع كل كلمة تلفظت بها بطريقة ارعبتها لكنها لم تستطع ان تسيطر عليه كما اعتادت ان تفعل. وتابعت أن تقول " كما أن السيدة بيترسون اصيبت بعارض صحي هذا صباح و واضطرت لطلب الإسعاف و.. فقدت والدي قبل اسبوعين و.."
وذاب غضبها بسحر ساحر، فاغمضت عينيها واخفضت رأسها ثم انهت كلامها هامسة بنعومة " وانا افتقده"
عليه اللعنة! فتحت عينا واحدة على مضض فوجدته يحدق فيها وكأنها امرأة مجنونة. وعلى الرغم من ثورتها العاطفية هذه، إلا انها تشعر بأنها ترغب في الاعتذار، فوجهه لا يدعو إلى الاعتذار ولا يوحي به. اخذت نفسا عميقا وقابلت نظرته.
- هل خفت من كلبي؟
رفعت حاجبها استغرابا. هل يظن أنها جلست على منشر الغسيل بدافع التسلية، وردت "عليك أن تضع بوابتك لافتة تحذر من وجود الكلب حتى وإن كنت تعيش في اقاصي الأرض"
بقي يراقبها بتلك النظرة القاسية فشعرت بوجهها يحمر من وطأتها. منتديات ليلاس
وما كان منها إلا أن تنهدت ورفعت قميصها قليلاً. لم تكن بحاجة لأن تنظر إلى الأسفل لترى الندبة البيضاء الخشنة التي تمتد على طول جانبها الايمن مروراً ببطنها. كانت قادرة على رسمها في مخيلتها.
- كم كان عمرك؟
- اثنتا عشرة سنة.
- وانت خائفة من مولي الآن ؟
ألا يبدو هذا جلياً؟
ورمقت الكلب بنظرة. مولي؟ بدا لها الاسم من مكانها في الأعلى غير متناسب مع ما خطر لها من اسماء كالقاتل او الوحش او الساحق؟ وبعد أن وقف الى جانب كينت بلاك لم يعد الكلب يبدو لها مرعبا وضخما كما كان الحال قبل دقائق. ازدرت جوزي بريقها وسألت " أهي انثى؟ "
- نعم.
الكلب الذي هاجمها كان ذكراً من نوع دوبرمان، وقالت "لكنها نبحت علي"
- لقد اخفتها.
- أنا؟
وكادت تقع عن منشر الغسيل بينما قال " لو صفقت بيديك وصحت قليلاً في وجهها لهربت "
لم تصدق كلامه هذا والتوت شفتاه لكنه لم يبتسم ونادى "مول"

Rehana 07-06-19 08:09 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
مشت الكلبة بتثاقل نحوه وهي تهز ذيلها، فلمس على رأسها و اردف" تقلبي يا فتاة "
كان صوته خفيضا ورقيقا فعلق في اعماق جوزي. وانقلبت مولي على ظهرها فلم تلمها جوزي كثيراً. فلو تحدث اليها بهذه الطريقة لفعلت مثل فعلها.
سمعت في داخلها صوتا يأمرها بألا تكون سخيفة. ابعد الفراء عن بطن الحيوان بيدين عريضتين غيرت عوامل الطقس لونهما. واستطاعت أن ترى حتى من موقعها عند أعلى منشر الغسيل الجلد المتصلب الخشن الذي يغطي اصابعه.
امرها قائلاً "انظري"
ونظرت لترى صورة طبق الأصل عن جرحها مطبوعة على لحم الكلبة ، رأت ندبة بيضاء قبيحة تمتد على طول بطن مولي واضلعها.
- تسبب بهذا الجرح رجل يحمل خشبة طويلة مزودة بمسامير طويلة.
اكتسحها شعور بالتعاطف والرعب في آن معا، كيف لأحدهم ان يؤذي حيوانا ضعيفا كهذا؟ هذا تصرف غير انساني.
نزلت عن منشر الغسيل وجثت على ركبتيها عند قاعدته ثم فتحت ذراعيها قائلة " ايتها المسكينة "
فاتجهت مولي نحو ذراعيها مباشرة. منتديات ليلاس
لم يرى كينت مثل هذا المشهد على مدى سنوات عمره الاثنتين والثلاثين، فمولي تخشى الغرباء وتختبئ منهم. عندما يفاجئها احدهم كما فعلت جوزفين بيترسون على مايبدو، كانت تحاول أن تخدعه عبر النباح عليه ومطاردته. بعدئذ تعود وتختبئ. الامر الوحيد الذي لا تسمح به هو ان يلاطفها الغرباء وهي لا تسمح بالتأكيد ان يعانقوها.
وجد كينت نفسه راغبا في الابتسام وذلك للمرة الأولى منذ زمن بعيد ثم تذكر صرخة جوزفين بيترسون المدوية حين طلبت النجدة فاستعاد مظهره البارد مجدداً، لم يكن بحاجة لامرأة كهذه في ايغل ريتش . امرأة عاجزة عن الاهتمام بنفسها.
وزم شفتيه , إنها فأرة , ان شعرها بني كالفئران, وعينيها بنيتان كالفئران , وجسدها ضيئل كالفأرة. يبدو وكأنها ترزح تحت عبء حمل من الحطب, حتى ابتسامتها كانت ابتسامة فأرة , خجولة ومترددة . وجهتها نحوه الآن لكنه رفض ان يبادلها الابتسام.منتديات ليلاس
ارتجفت الابتسامة على شفتيها , فتملكه الشعور بالذنب ما جعله يطلق شتيمة.
وقفت على قدميها وألقت نظرة خائفة على الجهة الخلفية للمنزل وهي تسأل " هل ... هل لديك كلاب اخرى؟"
- لا.منتديات ليلاس
وعاودته ذكرى الندبة على جسدها فكور قبضتيه . عندما رفعت قميصها لتريه الندبة, لم يشعر بالحنان او الر غبة لكن شعوراً قريباً منهما اكتسحه , شعور ما بين الاثنين, شعور لا يملك اسماً له .
ما عرفه هو انه لا يريد جوزفين بيترسون هنا على تلته فهي لا تنتمي إلى هذا المكان. إنها ابنة مدينة , ابنة الحضارة , يكفي ان ينظر المرء إلى اظافرها , اظافر طويلة ومصبوغة باللون الزهري الفاقع. كانت اظافرها مربعة عند الأعلى بشكل منسق الى حدّ جعله يدرك انها مزيفة.
هذه البلاد ليست بلاد اظافرها مزيفة.

Rehana 07-06-19 08:11 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
إنها بلاد خشونة وقساوة . ولم ير يوماً شخصاً اقل ميلاً إلى الخشونة والقساوة بقدر جوزفين بيترسون.
عندما التفت إليها مجدداً , حاولت ان تبتسم له وسألت " هل انت متزوج؟"
كان سؤالها الناعم أشبه بضربة سددت إليه بقوة فاقت ما توقعه . ما كان عليها ان تنظر اليه ايضاً!
التفت الى وجهها الذي ارتسم عليه الامل فاستعرت الرغبة في جسده على الرغم من الجهد الذي بذله , وتدفق الدم بسرعة في جسده على الرغم من الجهد الذي بذله , وتدفق الدم بسرعة في عروقه ما ذكره بكل ما ادار ظهره له وحاول ان ينساه . الآن , وبعد ان وقفت قبالته بدلاً من ان تبقى عالقة على منشر الغسيل او راكعة على الأرض وهي تدفن وجهها في فراء مولي, استطاع ان يرى النقاط الذهبية في حدقتي عينيها البنيتين اللتين بدا لونهما اشبه بلون الشوكولا اللذيذ الذي يذوب في الفم. لم تعد تشبه الفأرة.منتديات ليلاس
تمالك نفسك! مهما كان لون عينيها فهذا لن يغير واقع انها ليست من النوع الذي يعجبه . لقد امضى وقتاً طويلاً هنا بعيداً عن الناس. ولطالما احب الشقراوات , ذوات القامات الطويلة والمفاتن البارزة , نساء يقضي معهن وقتاً طيباً ليس إلا. ولم تكن جوزفين بيترسون طويلة او شقراء او ذات مفاتن بارزة. وهي تبدو أكثر جدية من ان تتورط في علاقة عابرة كالعلاقات التي يسمح لنفسه بها احياناً.
بقيت تحدق فيه بأمل فيما رد بحدة واقتضاب" لا , لست متزوجاً"
لم يكن ينوي ان يتزوج. وكلما ادركت هذه المرأة هذا أسرع كان أفضل. وبدلاً من ان تظهر على وجهها إمارات الاهتمام والتخطيط , بدت عليها الخيبة ما فاجأه , وتركه عاجزاً للحظات عن القيام بأي رد فعل.
- هذا مؤسف. كان يسرني ان اجد هنا امرأة اتبادل معها الحديث.
كان ليضحك عالياً للخطأ الذي ارتكبه لكنه فقد روح النكتة .
- هل من احد هنا غيرك؟
رد بفظاظة " لا , سأحضر مفتاح كوخك"
رمشت لفظاظته وسألت " أي كوخ لي؟"
- كلها فارغة.
واتجه مسرعاً نحو الجهة الخلفية للمنزل فاضطرت لأن تركض كي تجاريه . لكنه عاد وخفف من سرعته بعد ان بذل جهداً جباراً وقال " يمكنك ان تختاري"
- سأختار هذ ا .ريحانة
اشارت إلى اقرب الأكواخ ووجد كينت نفسه يعض شفته لئلا يطلق شتيمة اخرى. تباً لها ! لِمَ لم يضعها في الكوخ الأبعد وينتهي من الأمر؟ غاب داخل المنزل حيث التقط المفتاح وعاد إلى الخارج ليسلمها إياه .
- شكراً .. شكراً لك . امممممم...
وتمايلت في وقفتها قبل ان تردف " هل من هاتف في الكوخ؟"
زم شفتيه فهو يكره اهل المدن إذ يقصدون هذا المكان مدعين انهم يريدون الفرارا من حياة المدينة وما تتضمنه والعودة الى الطبيعة , لكنهم يفقدون صوابهم عندما يكتشفون ان عليهم ان يحبوا من دون وسائل الرفاهية التي اعتادوها . هذا الأمر يقززه .
وتذكر كلماتها فخرجت من حنجرته ضحكة صغيرة قبل ان يجيب" هذه آخر الدنيا , ألا تذكرين ؟ فما رأيك ؟"

Rehana 07-06-19 08:13 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
نظرت اليه بقلق فيما التمع الذهب في عينيها وقالت " اظن ان الجواب هو لا"
- ظنك في محله.
لن تحتمل شهراً. وستكون محظوظة إذا ما احتملت العيش هنا ليومين . ما الذي دهاها لتحجز الكوخ لأربعة اسابيع كاملة ؟ فالإعلان الذي وضعه في الصحيفة المحلية التي تُعني بالسياحة لا يقدم اي وعود كاذبة . وهو ليس بالإعلان المصمم ليجذب امثالها .
- اسمعي يا آنسة بيترسون , يبدو جلياً ان الوضع هنا لا يناسبك.لِمَ لا تتوجهين إلى غلوسستر ؟ فهي لا تبعد سوى نصف ساعة عن هذا المكان كما ستجدين فيها اماكن إقامة تتناسب مع ذوقك .
وراح يدعو الرب كي توافق قبل ان يردف " يمكنني حتى أن اعيد لك المبلغ الذي دفعته "
- ناديني جوزي من فضلك.ريحانة
وصمتت للحظة وكأنها تنتظر منه ان يعاملها بالمثل ويطلب منها ان تناديه كينت لكنه لم يكن ينوي ان يقيم اي صداقات بل ارادها ان ترحل. ولما بقي صامتاً تنهدت وقالت " عليّ ان ابقى . لقد نظم اخواي هذه الإقامة على نفقتهما "
وعاودته ذكرى حديثها الصاخب وغير المترابط حين كانت عالقة عند اعلى منشر الغسيل "مارتي وفرانك, أليس كذلك؟ هل يحبان اللهو والمزاح؟"
- يا إلهي , لا .منتديات ليلاس
وبدا للحظة وكأنها ستضحك, لكن الضحكة ذوت سريعا ً واردفت " ولهذا السبب عليّ ان ابقى. فلن أرضى بأن اجرح مشاعرهما وسنزعجان إذا علما اني اقمت في مكان آخر"
وابتسمت فلاحظ الجهد الذي تبذله . وتركت شجاعتها البسيطة هذا اثراً غريباً . اراد ان يقاوم هذا الشعور بعد ان حذرته غريزته من مصادقة هذه المرأة .
- هل غلوسستر هي المكان الأقر ب الذي اجد فيه هاتفاً؟ في الواقع ... ما من تغطية للهاتف الخلوي هنا.
وهذا سبب آخر يجعله يحب هذه التلة .
وتابعت تقول " اود ان اطمئن على جارتي السيدة بنغلي"
إنها قادرة على ان تجعله يشعر وكأنه رجل مزعج وشرير , قال وهو يومئ برأسه ناحية المنزل " ثمة هاتف في الداخل"
أشرق وجه جوزي وسألت " هل استطيع ...؟"
- إنه في المطبخ.
سارعت الى الداخل وكأنها تخشى ان يتراجع عن العرض الذي قدمه. ارتمى على درجة في السلم محنياً كتفيه, وحاول ألا يسترق السمع إلى حديثها, حاول ألا يسمع كيف أكدت لمن اجاب على الاتصال ان وادي غلوسستر جميل, وان المشهد من كوخها بهي ّ وان كوخها رائع.ريحانة
هبّ واقفاً وبدأ يسير بخطى موزونة . اثنان من اصل ثلاثة ليس بالحصيلة السيئة فوادي غلوسستر جميل والمشهد من كوخها بهيّ فعلاً. وتملكه شعور بأنها ستتخلى عن الاثنين من اجل الكوخ الرائع .
طرف بعينيه عندما ظهرت امامه بعد دقائق إذ توقع ان تتحدث عبر الهاتف لساعات . أليست هذه عادة النساء؟
زلت قدمها وهي تنزل الدرج قائلة " شكراً لك , أنا ..."
وتحركت بشكل بدت معه على وشك ان تمسك بذراعه لكنها عادت وتراجعت وكأنها اعادت التفكير في المسألة واردفت " شكراً لك"

Rehana 07-06-19 08:13 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
تسارع نبضه وسأل" كيف حال صديقتك السيدة بنغلي؟"
لم يصدق انه طرح هذا السؤال , لعل الوقت حان كي يأخذ إجازة.
اضاءت البسمة وجهها وردت " جاء ابنها جاكوب من بريسين وهو يقول إنها ستكون بخير. يبدو ان داء السكري ظهر لديها مؤخراً"
- ستكون بخير ما إن يستقر معدل السكر في دمها وتواظب على تناول ادويتها .
خرجت الكلمات من فمه بسهولة اذهلته .
- نعم .
التمع الذهب في عينيها حشرية واضافت" تبدو وكأنك تعرف الكثير عن هذا الموضوع "
- هذا صحيح .
لكنه لم يكن مستعداً لإعطائها المزيد من المعلومات , فقد اعطى ما يكفي . تقدم منها واخذ المفتاح من بين اصابعها قائلا " لنساعدك على الاستقرار "
بدت كلمات كينت في مسامع جوزي وكأنه يقول " دعينا نتخلص منك" لا, هذا الرجل لا يملك أي ذرة من الدفء والود في جسمه .مع ان جسده جميل, فكتفاه عريضتان ووركاه نحيلتان وبنيته رياضية . وهو ليس بالرجل السيء تماماً, فقد سمح لها بأن تستخدم هاتفه وسأل عن حال السيدة بنغلي.
سارعت الخطى فلاحظت خط فمه الذي يشير إلى انه عنيد. لعل وضعه جعله على هذا الحال , فهو يعيش وحده ما لا يتيح له فرصة التحدث إلى الآخرين. على اي حال, كانت مصممة على ان تعتبره بريئاً حتى تثبت إدانته لأن البديل هو وقت كئيب...حيث ستعلق هنا في اقاصي الأرض مع رجل غير مستعد لأن يمنحها حتى القليل من وقته.منتديات ليلاس
لا, لا . وكبحت موجة من الذعر هددت باكتساحها . فخلف سلوكه الفظ يخفي كينت قلباً طيباً.
وتناهى اليها صوت غير مصدق في رأسها يسألها " علام استندت في افتراضك هذا؟"
ابتلعت بريقها . لقد سألها عن امرأة عجوز كما ... كما ان لديه كلباً . وعاد الصوت نفسه يقول بمنطق يثير السخط والجنون " هذا ليس بكثير , أليس كثير ؟"
لا, هذا ليس بكثير كما خطر لها. واكتسحها الذعر مجدداً فسألت " هل عالجت مولي حتى شفيت؟"
- نعم .
كلمة لا تورطه بشيء, لكنها رفعت عبثاً عن كاهلها . أرأيت؟ إن قلبه طيب تجاه الكلاب. لا بأس فهذه بداية جيدة.
صعد كينت وثباً إلى الشرفة الصغيرة امام الكوخ ووضع المفتاح في الباب . تبعته جوزي ثم ابتلعت ريقها بصعوبة . بدت الأكواخ صغيرة جداً . كانت تأمل...
انفتح الباب فغصت بموجة من خيبة الأمل عندما قال مارتي وفرانك كوخاً ظنت .. حسن, لم تتوقع ترفاً خمس نجوم , لكنها املت براحة ورفاهية ثلاث نجوم.
وهاهي تجد نفسها في مكان بالكاد يكون بنجمة واحدة . وهي متساهلة بتوصيفها هذا .

Rehana 07-06-19 08:14 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
تصلب كتفا كينت بعد ان شعر بحكمها وامتعض منه . أشار " تجدين هنا كل ما تحتاجينه . يمكن فتح الأريكة لتتحول إلى سرير"
خطت خطوة مترددة إلى داخل الغرفة وراحت تتأمل ما حولها . اين الأزهار ؟ اين طبق الفواكه؟ لم تر أي سجادة على الأرض او لوحة على الجدار كما لم تر اي غطاء ملون على الاريكة . في الواقع , لم تر اي غطاء حتى رمادي اللون.
إنما كان عليها ان تعترف بأن المكان بدا نظيفاً ومرتباً إلى أقصى حد. والتمعت تحت ضوء المصباح الوحيدة المتدلية من السقف طاولة وكرسيين بشكل ممل . هل وضع غطاء ملون على الطاولة ووسائد على الكرسيين يتطلب الكثير من الجهد؟
- المطبخ مجهز بكل ما يلزم.منتديات ليلاس
وكان كذلك, إذ وجدت فرناً وإبريقاً يعمل على الكهرباء ومحمصة للخبز, لكنها لم تجد أي اكياس شاي او قهوة لتكمل المشهد. لم يكن المطبخ مجهزاً بغسالة صحون. لم تكن تطلب الكثير , إنما ...
وخطرت لها فكرة مريعة فسألت " هل من حمام ؟"
لم يجبها كينت بل تقدم وفتح باباً لم تلحظه من قبل في الجهة البعيدة من الجدار, لم تكن واثقة من انها ترغب في إلقاء نظرة.
امرت ساقيها بالتحرك والقت نظرة عجلى ثم اطلقت النفس الذي حبسته , فثمة كرسي حمام ورشاش للاستحمام. لن تستفيد من الشموع وزيوت الاسحمام المعطرة التي وضعتها في حقيبتها وحملتها معها.
- ما رأيك؟
التفتت جوزي اليه فاغرة فمها . وقد بدا السؤال في غير محله إلى حدّ جعلها تنطق بانطباعها الاول بعد ان عجزت عن كبحه " إنه مريع"
تشنج وكأنها سددت صفعة إلى وجهه.
- أنا آسفة . لم أشأ ان اتكلم بفظاظة لكن المكان أشبه بوجار لكلب.منتديات ليلاس
في الواقع , كانت تراهن على ان مولي تقيم في مكان افضل من هذا . وتابعت " إنه .. هل الألوان هي نفسها في الأكواخ كلها ؟"
انتفض النبض في اسفل حنكه " ما عيب الألوان ؟"
- استعملت اللون الرمادي!
ألم يلاحظ هذا ؟ هل يظن فعلاً ان اللون الرمادي يخلق جواً مرحبا وملهماً؟ جو عطلة ؟
ثنى ذراعيه والتمعت عيناه قبل ان يقول " الأكواخ كلها متشابهة "
إذن , فقد علقت في هذا المكان.
- اسمعي , اعلم ان هذا المكان لا يرقى على الأرجح الى المستوى الذي اعتدته.
ثم فتح ذراعيه قبل ان يردف" لكني وعدت بتقديم المقومات الأسياسية للإقامة و ..."
- هذا ليس مهماً.منتديات ليلاس
وتملكها التعب. أهذا كل ما رأى مارتي وفرانك انها تستحقه ؟ وابتلعت الغصة التي علقت في حلقها .
- الكوخ يحوي كل ما احتاجه تماماً كما قلت .
واغشى اللون الرمادي بصرها .

Rehana 07-06-19 08:16 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
غادر كينت بخطى واسعة متجهاً نحو ظلال ما بعد الظهر, وقد تصلب ظهره واطبق حنكه بإحكام . كانت هذه المرة الأولى التي لا يلاحظ فيها ألوان الغسق التي تراوحت ما بين الذهبي والارجواني والاخضر . توقف فجأة والتفت إلى الخلف ثم ضرب بيده على فخذه قائلا" هيا يا مول "
انتصبت أذنا مولي وضربت ذيلها بألواح شرفة الكوخ غير المصقولة لكنها لم تغادر موقعها عند باب جوزي.
دمدم " كما لو كنت اهتم "
وأكمل طريقه مبتعداً عن الكوخ . كانت الوحدة الوضع المفضل لديه. لقد رحبت كلبته بجوزي بيترسون وهذا حسن لكن مولي لا تستطيع ان تخيف ذبابة . إن الطيور على اشكالها تقع.
توقف كينت للحظة ثم استدار على عقبيه ووضع يديه على وركيه وقد تملكه الاحباط.
لم تكن هذه الأكواخ معدة لأمثالها بل لأمثاله من الرجال , للرجال الذي يعيشون في المدن ويتوقون للفرار من صخبها من حين إلى آخر, ولو لتمضية نهاية اسبوع طويلة . إنها للرجال الذين يرغبون في ان يخلفوا رائحة الدخان الذي تطلقه السيارات والضباب والازدحام وزحمة السير وراءهم. رجال يسعدهم ان يكتفوا بالخبز المحمص والشاي مدة ثلاثة ايام.ريحانة
لم يكن هذا ما تبحث عنه جوزي, فهي ارادت منتجعاً تستفيد فيه من حمامات المياه المعدنية واسرة من ماء . ارادت اطباقاً من ثمار البحار ولحم العجل والخضار الطرية, الطازجة.
وهو لا يلومها . إذا فقدت والدها للتو فهي تستحق على الأرجح ان تذلل , وان تحسن ضيافتها, لا ان تحصل على هذا الغراغ الفظ والجلف, لابد ان اخويها غبيان.
وركل حجراً صادفه, لا يمكنه ان يقدم لها خدمات المتجعات من حمامات واطباق فاخرة . وطالعته صورة جوزي بيترسون الضئيلة الحجم وهي تستلقي في حوض استحمام مليء بفقاقيع الصابون فاقشعر بدنه. لم تبدُ له ضئيلة كالفأرة في هذا الحلم.
مرر يده في شعره . إنه غبي . راح يتأمل الكوخ وهو يضع يديه على وركيه فلم يلحظ أي حركة فيه. وتلاشى المشهد الأول الذي تخيله ليحل مشهدها وهي مستلقية تدفن رأسها في الأريكة وتبكي . وخطا خطوة نحو الكوخ . وتوقف للحظة. إنه لا يحتمل رؤية امرأة تبكي او لم يعد يحتمل .
شهر , شهر بأكمله.
والتفت نحو سيارتها . لم يكن حمالاً لكن هذا لم يمنعه من التقدم نحو السيارة ورفع حقيبتين وعلبة من البقالة او من التوجه نحو المنزل ليختار زجاجة من الشراب ويضعها في وعاء من الثلج ويضيفهما إلى الأغراض التي كدسها امام بابها الأمامي.منتديات ليلاس
انحنى وحك ما بين أذني مولي قائلا لها " احرسيها يا فتاة ولا تغفلي عنها "
هذا يكفي لليوم . تقضي اللياقة بأن يتفقدها في الصباح لتنتهي واجباته كجار لها عند هذا الحد .
لو لم تصب بنوبة بكاء معلقة على منشر الغسيل لبكت الآن لكنها رأت انها بكت بما يكفي ليوم واحد .
شهر بأكمله . إنها عالقة هنا مدة شهر كامل حيث ستبقى وحدها .

Rehana 07-06-19 08:19 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
حاولت ان تكبت رعدة, وحاولت ان تخبر نفسها على الابتسام فيما هي تتأمل محتويات الكوخ من جديد , لقد قرأت ذات مرة أن الابتسام يرفع المعنويات . إلا ان هذه التقنية لم تنجح .
فركت وجهها بيديها . حسنا, إن لم يكن لديها ما تفعله خلال هذه الفترة فلديها على الاقل الكثير من الوقت لتفكر في ما ستفعله لما تبقى من عمرها . وهذا هو الهدف من عطلتها هذه على اي حال .
احست بانكماش غريب وحريق في داخلها فلفت ذراعيها حول خصرها . لم تكن مؤهلة إلا للعناية بالمرضى وهي لم تعد ترغب في ان تفعل هذا. وتزاحم الشك والقلق المألوفان في داخلها فأبعدتهما. ستتعامل معهما لاحقاً, نعم في وقت لاحق.
تهاوت على الاريكة وهي تنتهد ثم عاد وأنّت. كانت الأريكة صلبة كالصخر وأقسى من كينت بلاك نفسه . هذا لا يبشر بالخير. وتلوت عليها محاولة ان تتخذ وضعية مريحة. لم تكن بحاجة لذكاء خارق لتدرك ان كينت لا يرغب في وجودها هنا . لم تر في ذاك الجسد الضخم أي ذرة من التعاطف مع ضعفها لكن عليها ان تعترف بأنه جسم جميل وعريض, زاد من جماله كتفان رائعتان . إذا ما تجاهلت أي فتاة تلك التقطيبة لخطرت لها آلاف الأفكار الغريبة , العجيبة و...
لا , لا يمكنهما ! كما ان جوزي لا تستطيع ابداً ان تتجاهل التقطيبة . يرى كينت انها لا تنتمي إلى هذا المكان وهو محق في ذلك مئة بالمئة.ريحانة
شهر بأكمله .
- توقفي!
تردد صدى صوتها مخيفاً في الكوخ فذكرها بمدى وحدتها . وكبحت رعدة اخرى. إنها متعبة وحسب والجلوس هنا وهي تنوح اشفاقاً على ذاتها لن يفيد في شيء. حمام, هذا ما تحتاجه الآن فسيفخ فيها الحيوية والنشاط . بعدئذ , ستحضر اغراضها من السيارة وتحضر كوباً من الشاي.
وساعدها الاستحمام , فخرجت إلى الغرفة الرئيسية وهي تجفف شعرها بحيوية ثم جمدت في مكانها .
ثمة شيء ما على شرفتها !
هاهو مجدداً . صوت قدمين , وصرير وشخير امام بابها الأمامي الذي لم تقفله!
جف فمها , ورفعت المنشفة لتغطي بها وجهها . آه , رجاءً! مهما كان ما يقف امام بابها , صلت لئلا يكون قادراً على الوصول إلى قبضة الباب وفتحه.
يكفي ان تصفقي بيديك وتقولي بوو!
كادت النصيحة التي اسداها كينت لها في وقت سابق من هذا اليوم تجعلها تقهقه بصوت عال . هذا ليس مضحكاً ابداً, وتراجعت نحو الحمام . شكت في ان تتمكن من التلفظ بكلمة بوو في هذه اللحظة .منتديات ليلاس
- كينت؟منتديات ليلاس
لعله في الخارج . لعله عاد من اجل ... لم تستطع ان تفكر في أي سبب منطقي يدفعه للعودة. إلا انها مستعدة لأن تدفع الغالي والنفيس كي يكون هو في الخارج الآن.
- سيد بلاك؟
اجابها انين خافت تلاه خربشة على بابها وعواء.

Rehana 07-06-19 08:22 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
- مولي؟
تقدمت جوزي متعثرة فيما قلبها يخفق في حلقها وفتحت الباب بسرعة ثم ارتمت على ركبتيها واحتضنت الكلبة وهي توبخها قائلة " لقد اخفتني وكدت تفقديني صوابي"
فاكتفت مولي بأن لعقت وجهها رداً على كلامها هذا . حمدت الله لأن كينت لم يكن شاهداً على ذعرها وهلعها . كان ليسخر منها ويلوي شفته سخرية وازدراء.
وألقت نظرة عجلى على الظلمة وغصت فقد ارخى الليل سدوله . لم تستطع ان تتذكر ليلة بهذه الظلمة ولم تر ضوءاً واحداً يشق ستار السواد الحالك . كانت واجهة كوخها معاكسة لمنزل كينت ما حال دون وصول أي ضوء من المنزل إليه . لم يكن القمر قد طلع بعد لكن النجوم رسمت قوساً في قبة السماء في مشهد خطف انفاسها .
كان عليها ان تفرغ سيارتها قبل ان يحل الظلام فهي لا تهوي التجول في مثل هذا الوقت . وابعدت عينيها عن عظمة مشهد سماء هذه الليلة والتفتت لتجد حقيبتها عند آخر الشرفة . فغرت فمها . هل افرغ كينت سيارتها بدلاً منها ؟
هذا تصرف لطيف منه , وودود ايضاً. وكافحت لتقف على قدميها.
مدت يدها نحو الحقيبة الأقرب ثم جمدت مكانها . والتفتت نحو اليمين لترفع دلواً من الثلج في داخله زجاجة من الشراب.
رمشت بعينيها غير مصدقة وضمته إلى صدرها . حسناً , هذا تصرف ودود فعلاً.
***
تأوهت جوزي ووضعت الوسادة فوق رأسها في محاولة منها لتحجب الأصوات المتنافرة التي تعالت في الخارج. راحت مولي تئن وتخربش مطالبة بالخروج بعد ان امضت الليلة عند اسفل السرير فيما رحبت جوزي بهذه الصحبة . فوجود مولي خفف من وحدتها , وهذا ما كانت تحتاجه الليلة الفائتة. لكنها تحتاج الآن لأن تنام.
عوت مولي مجدداً فمدت جوزي يدها إلى ساعتها وهي تتذمر . إنها السادسة صباحاً ! نزلت عن سريرها رغماً عنها وفتحت الباب . ريحانة
ضحكت طيور القاوند الضحّاكة وكأن رؤيتها جعلتها تشعر بالمرح وصاحت الطيور الببغاء فوق رأسها فيما اضافت ثلاثة غربان نعيقها الأجش إلى السمفونية . ويضاف إلى هذا الصخب كله سقسقة وصأصأة وتغريد لم تفلح في تحديد مصدرها. ما هذا المكان ...ملاذ للطيور؟
ومرت امام عينيها مباشرة ومضات حمراء وخضراء استقرت على الورود القريبة مغردة بسعادة فيما هي تمتص رحيق الأزهار الحمراء . إنها طيور الروزيلا وهي تعشق هذا النوع من الطيور.
عادت راكضة إلى الداخل حيث شغلت إبريق تسخين الماء الذي يعمل على الكهرباء وارتدت سروالاً من الجينز وقميصاً ثم هرولت مجدداً إلى الشرفة وقد غمرتها السعادة وهي ترشف قهوتها وتراقب العالم فيما هو يستيقظ من حولها .منتديات ليلاس
حسناً, لعل ايغل ريتش تقع عند طرف الأرض لكنها لا تستطيع إنكار جمال هذا المكان . رأت إلى يسارها صفاً من الزهور التي لا تزال مغطاة بالندى , ازهار انتشرت بين اشجار المطاط والبنقسية . اما إلى يمينها فامتدت الأكواخ الخمسة الأخرى حتى المنحدر , والتمع العشب الأخضر الذي غطى التلة تحت نور شمس الصباح.

Rehana 07-06-19 08:23 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
رمشت بعينيها امام هذا النور المتألق وهذه النضارة وفاحت في المكان رائحة التربة الرطبة والعشب الذي ادفأته اشعة الشمس وعطر الاوكاليبتوس النافذ فاستنشقتهما بجشع.
وفي البعيد , شق نهر غلوسستر الذي امتدت على جانبيه اشجار الصمغية والصفصاف طريقه على طول سفح التلة ليختفي وراء منحدر مجاور . كانت جوزي تعلم انها لو تبعت مجرى النهر فستصل إلى مدينة مارتين غولي الصغيرة ومن بعدها إلى مدينة غلوسستر الأكبر نفسها .
وفجأة , ارتفعت الطيور في السماء دفعة واحدة فوجدت جوزي نفسها وحيدة من جديد. ابتلعت ريقها . هل ستجد ما تفعله طيلة النهار؟ لا سيما على ضوء القرار الذي اتخذته ليلة امس.منتديات ليلاس
فركت يديها . ستفكر في شيء ما. ستبقى في ايغل ريتش طيلة النهار حتى لو قتلها هذا , لن تتوجه إلى مارتين غولي او غلوسستر . لابد ان كينت بلاك يتوقع منها ان تفعل هذا. ولسبب ما , وجدت نفسها ترغب في تحطيم توقعاته .
وعند الساعة الثامنة , تساءلت جوزي مجدداً عن معنى هذا القرار الذي اتخذته. لقد تناولت الفطور , ورتبت الكوخ والآن ... لا شيء.
حضرت كوب قهوة آخر وعادت للجلوس على شرفتها. تحققت من ساعتها . إنها الثامنة وخمس دقائق . حتى لو خلدت إلى النوم باكراً جداً يبقى امامها اثنتا عشرة ساعة من الفراغ. بدأت كتفاها ترتخيان وفقد عمودها الفقري الابتاهج الذي شهده في الصباح الباكر فيما اكتسحتها مجدداً كآبة الأسى والحزن.
ما كان عليها ان تأتي إلى هذا المكان فالوقت ما زال مبكراً كي تأخذ إجازة, أي إجازة. لقد فقدت والدها قبل اسابيع قليلة وكان عليها ان تبقى في المنزل. كان عليها ان تبقى مع عائلتها واصدقائها. وربما كان عليها في هذه اللحظات بالذات ان تشدد اواصر علاقتها بمارتي وفرانك . هذا بالتأكيد اهم من ...
- صباح الخير!
هبت جوزي مذعورة فانسكبت القهوة على جانب فنجانها وعلى قدميها . كينت بلاك! راح قلبها ينبض بقوة بين اضلعها رغم انها حاولت ان تقنع نفسها بأن هذا من نفسير الخوف وليس بسبب جسده الضخم الذي بدا رائعاً في سروال الجينز الباهت اللون والقميص الكحلي اللون.
- انا آسف , لم اتعمد إخافتك .
لم يبدُ آسفاً على الاطلاق. وإذا لم يشأ ان يخيف الناس فعليه ألا يلقي التحية كضابط يقوم بجولة تفتيش مفاجئة.
- ما من مشكلة.ريحانة
وحاولت ان تبتسم قبل ان تضيف " صباح الخير"
لم يقترب منها أكثر ولم يتقدم ليجلس معها على الشرفة. كبحت خيبة املها وحاولت ان تقنع نفسها بأنها لا تكترث .
- هل نمت جيداً؟
خرجت الكلمات من حنجرة بدت صدئة وغير مستعملة.
وردت كاذبة " نمت نوماً عميقاً"
لقد رأت انها كانت فظة بما يكفي الليلة الماضية حين تحدثت عن وسائل الراحة او غيابها. لا يمكنها ان تكرر فعلتها اليوم .

Rehana 07-06-19 08:26 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
فهمست وهي ترفع يدها إلى حلقها " جوزي , ارجو ان تناديني باسمي جوزي "
ارخى حافة قبعته على عينيه وقال " السير في الدغل" .
- آه , حسنا.
إنها تحب المشي . كانت تسير على طول الشاطئ لتعود إلى المنزل إلا انها لا تعرف المنطقة . ماذا لو تاهت؟ من سيعرف انها مفقودة؟ ليست واثقة من ان كينت بلاك سيلاحظ غيابها.
وأشار إلى غابة اشجار الصمغ قائلاً " ثمة ممرات جميلة هناك وهي تقود مباشرة الى النهر"
ممرات ؟ وابتهجت . يمكنها ان تتبع ممراً من دون ان تتوه.
- اصطحبي مولي معك.
صرخت في إثره " حسناً , شكرا ً لك "
لكنها شكت في انه يكون قد سمعها فساقاه الطويلان وضعتا مسافة مخبفة بينهما في وقت قصير للغاية.
التفتت نحو عمق غابة الأوكاليبتوس التي تكثر فيها الظلال واكتشفت بداية ممر . أتسير ؟ ووثبت وقد سرها ان تجد هدفاً لها.
استدار كينت حين سمع صرخة عالية من الغابة وارتفعت الطيور من بين الاشجار وحلقت عالياً. ألقى نظرة على ساعته وهز رأسه. خمس عشرة دقيقة . احتملت خمس عشرة دقيقة . لم يتعمد ان يلحق بها طبعا, لا لم يفعل بل سجل لحظة انطلاقها ووجهتها , هذا كل مافي الأمر.
لقد اختار درباً آخر , درباً موازية . ولا يعني هذا انه يراقبها بعناية او يهتم لأمرها بل لديه عمل هذه الناحية.منتديات ليلاس
وسخر منه صوت في داخله قائلاً : نعم , لكن ليس قبل وقت متأخر من بعد ظهر هذا اليوم . لكنه تجاهل هذا الصوت.
لم يسمع المزيد من الصراخ او الصياح او أي نداء استغاثة . لابد انها صادفت شبكة عنكوبت او شيئاً من هذا القبيل. ثم راحت مولي تطلق نباحها الخافت, الحزين. ثنى كينت ذراعه وحملق ثم اطلق شتيمة ومرر اصابعه في شعره القصير قبل ان يتجه نحو الصوت .
وكاد يقهقه بصوت عال عندما وصل إليهما. كانت جوزي ملتصقة بغصن شجرة صمغ قريبة فيما التصق غوانا بجذع الشجرة نفسها ما منعها في الواقع من الفرار .
جلست مولي تراقب هذا المشهد, مكتفية بالنباح . ضحك ضحكة خافتة ثم ادرك ما فعله .
- أتستمتعين بنزهتك يا آنسة بيترسون ؟
ادارت رأسها لتحدق فيه من فوق كتفها وترنح الغصن بشكل خطر فحضر نفسه ليلتقطها إذا ما فقدت توازنها .ريحانة
ردت بحدة " ما رأيك؟"
- اظن انك تستمتعين بإخافة الحياة البرية في جهتي من التلة .
- أخيف؟ أنا ؟
وفتحت فمها واطبقته من دون ان يخرج منه أي صوت . وأشارت بإصبع اتهام إلى الغوانا ثم عادت وتمسكت بالغصن مجدداً حين راح يتمايل قبل ان تقول " أبعده "
حدق فيه وقال " لا , لن ألمسه "
فعلت باستهجان" إذن , أنت خائف ايضاً؟"
- لنقل إني افضل ان اعامل الحياة البرية بكثير من الاحترام.

Rehana 07-06-19 08:27 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
- آه, هذا عظيم. من بين كل الحياة البرية في هذا المكان اللعين, صادفت .. دينا صوراً بدلاً من ان اصادف حيوان كوالا لطيف وجميل؟ هل من مناضلين من اجل الحفاظ على الحياة البرية في الجوار يا ترى ؟
- ما من داع لوجودهم هنا.
- كيف سأنزل؟
لاحظ الخوف الذي اخفته خلف خداعها . شعر أن الخوف لم يفارقها منذ نزلت عن منشر بالأمس , امرها " اقفزي وسألتقطك"
لم تكن على علو مرتفع. في الواقع , لو تعلقت بذراعيها بهذا الغصن , لما تعدى ارتفاعها عن الأرض اربعة او خمسة اقدام عن الأرض . لكنه ادرك ان وجهة نظرها ستكون مغايرة تماماً لوجهة نظره.
وتمنى لو انها ليست ظريفة إلى هذا الحد.منتديات ليلاس
هذه الفكرة مرت في ذهنه وخرجت منه طرفة عين. قال متذمراً " اوقفي هذه الجلبة يا مولي"
في الواقع, لم تكف الكلبة عن العواء طيلة هذا الوقت, فمولي تحب سماع صوتها شأنها في ذلك شأن كافة النساء اللواتي عرفهن في حياته.
عضت جوزي شفتها وألقت نظرة على الغوانا قبل ان تسأل "هل سيقفز ايضاً ؟ او يطاردني ؟"
- لا , فهذه شجرته حيث يشعر بالأمان .
عادت تحدق فيه مجدداً " إذن , ومن يين اشجار الغابة كلها , اخترت هذه ؟"
- نعم .منتديات ليلاس
- أنا سعيدة جداً بهذا.
ولم تنتظر حتى يحثها مجدداً لتبدل وضعيتها وتدلي نفسها مستعينة بيديها لتصبح اقرب إلى الأرض . وثب كينت إلى الأمام ولف ذراعيه حول أعلى فخذيها .
- لا احتاج...
وضاعت كلمات جملتها المتبقية حين انزلقت يداها وحطتا على صدره بصوت مكتوم.
لم يتمكن كينت من السيطرة على الوضع ايضاً بعد سقط الجزء العلوي من جسدها عليه ووجد وجهه ملتصقاً بصدرها . وزاد الطين بلة تلك الانزلاقة الطويلة واللذيذة لجسدها على جسده.
وراح كلاهما يتنفس بصعوبة عندما لامست قدماها الأرض اخيراً.ريحانة
وقفا جامدين للحظات قبل ان يفترقا على عجل. قالت جوزي متلعثمة وهي تملس شعرها " شكراً لك , أنا ... ربما لم يكن هناك داعٍ لأن تهب لنجدتي بهذا الشكل, لكن ... شكراً لك على أي حال"
رد بحدة " هل ستجعلين من هذا عادة؟"
- هذا ليس جزءاً من خططي.
ارادها ان تبتعد عن جبله , وسريعاً . رفع يديه وسأل " ألا يثبت هذا كم أن هذا المكان لا يناسبك ؟"
رفعت ذقنها رغم ان كتفاها بقيا منحيين وسألته " ألاني خفت من الغوانا؟"
- لأنك تخافين من كل شيء .
- أنا لا اخشى مولي.

Rehana 07-06-19 08:28 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاول )
 
وصمتت لحظة ثم صوبت كلامها " لم أعد اخشاها الآن . في الواقع , لم اعرف ماذا عليّ ان افعل حين تقدم هذا الشيء نحوي "
رد على كلامها بشكل آلي " اهربي من الزواية الواقعة إلى يمينه"
- سأتذكر هذا.
لم يشأ ان تتذكر بل أرادها ان ترحل فقال " أنت لا تعرفين كيف تحمين نفسك هنا"
- حسناً... لم أمت بعد .
- ماذا ستفعلين لو انقض عليك رجل ضخم البنية وفظ؟
وليثبت وجهة نظره , اندفع نحوها بقوة . وسرعان ما وجد نفسه مستلقياً على ظهره يحدق في السماء الزرقاء الصافية التي بدت عبر اوراق الأشجار . لم يكن لديه أي فكرة كيف وصل إلى هذا الحال.
لاح وجه جوزي امام ناظريه وهي تنحني فوقه " هل يجيب هذا عن سؤالك ؟"
هل اسقطته ارضاً؟ إنه يستحق هذه الابتسامة الصغيرة التي تعكس اعتدادها بنفسها . ولسبب ما شعر بأنه يريد ان يضحك مجدداً. وقطب . لا لم يشأ ان يضحك بل ارادها ان ترحل عن جبله .
- لعلي يائسة لكني لست عاجزة. يمكنني ان ادافع عن نفسي ضد الرجال لكني اعاني من مشكلة مع الكلاب والغوانا.منتديات ليلاس
انقلب على بطنه ليراقبها وهي تمشي الهويني مبتعدة عنه. وتمنى لو لم يلاحظ مدى جمال قامتها في سروال الجينز . لعقت مولي وجهه وكأنها تُظهر تعاطفها معه ثم هرولت خلف صديقتها الجديدة.

نهاية الفصل

Rehana 08-06-19 07:43 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
2- من دون مقابل

عادت جوزي إلى كوخها قرابة الساعة العاشرة .
إذن , لم يبق امامها سوى عشر ساعات لتضيعها . تمنت لو أنها تعلمت كيف ترسم او تصور او حتى تحيك بالصنارة . إن ما تحتاجه فعلاً هو مشروع حرفي . وسجلت في ذهنها ان عليها ان تبحث عن متجر للأدوات الحرفية عندما تقصد غلاسكو في الغد.
حسناً , ما الضير لو ذهبت اليوم و... ؟ وعاودتها ذكرى شفتي كينت الهازئتين . لا ! لقد تمكنت من البقاء هنا ليوم كامل , وبطريقة ما .
كتب! ستشتري بعض الكتب وجهاز راديو في الغد.
اعادت ترتيب مشترياتها على رفوف المطبخ وقد تطلب هذا اقل من عشر دقائق . وضعت لائحة بما ستشتريه في الغد . وتطلب هذا عشر دقائق اخرى لكن فقط لأنها ضيعت الكثير من الوقت. تلفتت من حولها وصفقت بيديها وتساءلت عما يمكن ان تفعله تالياً.ريحانة
قالت متذمرة بصوت عالٍ وقد نفذ صبرها فجأة " آه , يا إلهي"
وامسكت بقلم ومفكرة وجلست إلى الطاولة. لو انها حددت ما تريد ان تفعله بما تبقى من حياتها بدلاً من ان تؤجل النظر في الأمر لتمكنت من ان تكمل مسيرة حياتها وتغادر هذا المكان المريع . سيسامحها مارتي وفرانك لأنها قلصت فترة عطلتها إذا ما وضعت لنفسها خطة محددة.

Rehana 08-06-19 07:44 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
كتبت في أعلى الصفحة " ما الذي اريد ان افعله بحياتي ؟" وشعرت بأن ذهنها تحول إلى صفحة بيضاء .
مرت في خاطرها الشكوك والمخاوف المألوفة . ابتلعت بريقها وحاولت ألا تصاب بالذعر . ستقسم المسألة إلى اقسام اصغر وأكثر قابلية للحل . المهارات, ستعدد مهاراتها .
1 - شهادة مساعدة ممرضة , يمكنها ان تعطي حماماً في السرير للمرضى, 3 - يمكنها ان تحدد مقادير الأدوية , 4 - يمكنها ان تلاطف المريض الذي يرفض تناول الطعام وتتملقه , 5 - لا , لا , لا ,لا.
ورمت القلم على الطاولة فهي لم تعد ترغب في ان تقوم بهذه الأعمال. لابد من وجود امور تفعلها . لابد من انها تتمتع بموهبة واحدة على الأقل من شأنها ان تدفعها نحو مهنة جديدة. ها هما اخويها . ففرانك بارع في التعامل مع الأرقام ما جعل منه محاسباً ناجحاً في حين ان مارك يتمتع بقدرات رائعة في ما يتعلق بالمساحة وهو مهندس معماري ناجح. لديها ...؟ لا شيء .
هبط كتفاها بعد ان عجزت عن إيجاد موهبة واحدة تبرع فيها , باستثناء الاهتمام بالأشخاص الذين يعانون من المرض او الذين ينازعون . وسدّ الخوف حنجرتها . لا يمكنها ان تفعل هذا بعد اليوم . لقد احبت والدها كثيراً وهي تفتقده للغاية كما انها لا تندم على يوم واحد امضته في الاعتناء به . لكن ...
لايمكنها ان تحتمل مريضاً آخر غريب الأطوار ولا يمكنها ان تراقب شخصاً آخر يذوي ويموت.
هبت واقفة وراحت تذرع أرض الغرفة. احست باللون الرمادي الذي غطى جدران الكوخ يضغط على اعصابها بعد ان غابت الألوان عن المكان باستثناء الورق الذي يلف مشترياتها . نقلت نظرها من عبوة إلى اخرى وتوقفت عند علبة مزيج الكيك التي اضافتها إلى مشترياتها لسبب ما . ماذا؟ هل ظنت انها ستقيم حفلات شاي؟ وعلت ضحكتها تدريجياً ما جعل مولي تنبح بصوت خافت .ريحانة
ليتها تستطيع ان تقيم حفل شاي. وتصاعدت من اعماقها تنهيدة قبل ان تعضّ شفتها وتلقي نظرة اخرى على علبة الكيك. يمكنها ان تحضرها من اجل كينت كعربون شكر الذي قدمه لها الليلة الماضية .
وعادت تعض شفتها من جديد . ارادت ان تكتشف ما يدفعه للتصرف على هذا النحو, ما الذي يجعله قويا إلى هذا الحد. ارادت ان تصبح مثله . ووضعت لاءحتها جانباً ومدت يدها لتحضر وعاءاً كبيراً .منتديات ليلاس
فرك كينت يديه ببعضهما فيما هو ينتظر الشاي ليتخمر . يمكنه الآن وبعد ان انهى عمله ان يسترخي ويستمتع بنور فترة بعد الظهر الذهبي الذابل, وهو الوقت المفضل لديه.
لقد أمن الطعام والماء للماشية , فهو يربي قطيعاً صغيراً بما يكفي ليتمكن من الاهتمام به بنفسه. كان الاهتمام بالماشية والأكواخ يكفي لإبقائه مشغولاً طيلة اليوم .
اما الليالي... لا شيء ابداً!
وتناهى اليه صوت قرع على باب المنزل الخلفي فاستدار . جوزي؟ لابد انها هي فنادراً ما يقصده الزوار , وهذا مايرغب فيه. لم يكن رجلاً اجتماعياً وظن انه اوضح لها هذا في الصباح.

Rehana 08-06-19 07:45 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
وساوره شعور بالذنب فقطب وهو يلتفت إلى ابريق الشاي. ربما جاءت لتعيد له المفتاح وتبلغه بأنها راحلة . حسناً! يمكنها ان ترحل مع مغيب الشمس فالأمر لا يعنيه ولا يهمه حتى .
وعادت تدق الباب " كينت ؟"
ابتلع سيلاً من الشتائم واتجه نحو الباب ليفتحه . وماتت الملاحظة الحادة على شفتيه عندما رآها واقفة عند عتبة بابه وهي تحمل في يديها قالب حلوى بالشوكولا وقد ارتسم في عينيها اللتين تلتمع فيهما شرارات ذهبية تعبير مفعم بالأمل.ريحانة
- مرحباً.
وابتسمت او على الأقل ارتفعت شفتاها بشكل طفيف.
دمدم رداً عليها . اختلطت الأمور في داخله ورفضت ان تعود إلى نصابها .
كانت قد استحمت منذ بعض الوقت فتجعد شعرها الرطب عند كتفيها والتمع في ضوء آخر شعاع ارسلته شمس بعد الظهر. استطاع ان يلاحظ تدرجات من اللون البني تفوق ما ظن انه من الممكن ان يراه لدى شخص واحد, ألوان تراوحت بين العسلي الفاتح وصولاً إلى اللون الجوزي.
فاحت منها رائحة زكية , رائحة الصابون المعطر بعطر الفواكه . أهي رائحة أناناس و ... خيار؟ كانت رائحتها ليالي الصيف على شاطئ البحر . لم يستطع ان يتذكر متى جلس على شاطئ البحر لآخر مرة او متى رغب في ذلك آخر مرة, كما لم يتذكر متى كانت آخر مرة أكل فيها الكيك بالشوكولا. واراد ان يمنع لعابه من ان يسيل.
دفعت قالب الحلوى نحو قائلة " هذا لك"
لم يكن امامه أي خيار سوى ان يأخذه لكنه سألها " لماذا؟"
لم يستطع ان يثق بالأحاسيس التي تملكته كما لم يكن يثق بها . تجاوزته نظراتها نحو داخل المنزل . ورطبت شفتيها عندما التقت عيونهما مجدداً وقالت " أنا , مممممم..."
- أتريدين استعمال الهاتف مجدداً؟
إنه سلوك انثوي بامتياز . لا يمكن ان يتصرفن من دو ...
- لا, إنه عربون شكر على زجاجة الشراب التي قدمتها لي الليلة الماضية.
كان يعلم انه سيندم على تقديمه الشراب له . وحدق فيها . كانت ذقنها الدقيقة الصغيرة تبرز عند شعورها بالسخط. واراد ان يمد يه ليرسم بإصبعه خط وجنتها الناعم.
من الأفضل ألا يفعل! اعاد إليها قالب الحلوى قائلاً" لا اريده "
تراجعت إلى الخلف خطوة ثم ضحكت ضحكة اذهلته وقالت " جواب خاطئ يا سيد بلاك إذ يفترض بك ان تقول شكراً"
اكتسحه شعور بالخزي, فثمة فرق شاسع بين ان يكون المرء غير اجتماعي وان يكون فظاً. فقال " انت محقة , انا آسف"
واخذ نفساً ثم حاول ان يبتلع كلمات متسرعة تدافعت لتخرج من فمه " من الأفضل ان تناديني كينت "
ولم يتمكن ايضاً من كبح ما تبقى من كلماته " اعددت للتو إبريقا من الشاي , فهل ترغبين في الانضمام إليّ ؟"
التمعت الشرارات الذهبية في عينيها " نعم من فضلك"
ارادت جوزي ان تهرب من عبوس كينت ثم تذكرت ان المكان الوحيد الذي يمكن ان تلتجئ إليه هو كوخها , كوخها الكئيب , المعزول فابتلعت ذعرها وتبعته إلى المطبخ.ريحانة

Rehana 08-06-19 07:45 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
غضنت انفها وهي تتأمل المكان من حولها . إنه منزل رجل عازب فعلاً إذ غابت الألوان ووسائل الراحة, لا يمكن لامرأة ان تحتمل هذا . رمقت كينت بنظرة وتملكها شعور بأنه لا يأبه البتة برأي أي امرأة .
شغلت طاولة خشبية مساحة كبيرة من الغرفة , وهذا تقريباً كل ما لاحظته بالأمس حين اجرت اتصالها الهاتفي . وتساءلت عما إذا كان لديه غرفة طعام مستقلة ثم طردت الفكرة . لم يكن المنزل كبيراً بما يكفي لذلك.
ألقت نظرة باتجاه الباب الذي يؤدي إلى ما تبقى من المنزل . لابد ان الغرفة المجاورة هي غرفة الجلوس ويأتي من بعدها ممر يقود على الأرجح الى غرفة نوم في الجهة الأمامية للمنزل.منتديات ليلاس
خمنت ايضاً انها لن تتجاوز يوماً بابا هذا المطبخ . واجتاحتها فجأة نيران مستعرة . افكارها هذه لا تعني انها تود ان تصل إلى غرفة نومه . يا إلهي , بالطبع لا .
وسألها صوت مزعج في داخلها " هل أنت واثقة من ذلك ؟"
حسناً ...
طوت صفحة هذه الأفكار سريعاً واستدارت لتجد نفسها في مواجهة خطوط ظهر كينت المشدودة والنحيلة , ظهره الذي برز وهو يمد يده ليحضر فنجانين فوق الحوض.
يا إلهي , شاحت بوجهها ثم استدارت دورة كاملة اخرى. لم تشأ ان تتأمل نقاط قوته .
راحت تجول بعينيها في ارجاء الغرفة بحثاً عما يمكن ان يلهيها . وحط نظرها على لعبة شطرنج , رقعة جميلة مصنوعة يدوياً. منتديات ليلاس
تردد صدى شهقتها المتحفظة في صمت الغرفة , فاستدار كينت ليواجهها سائلاً " ما الأمر ؟"
تلقت بحثاً عن عنكبوت او سحلية او أي حشرة قد تكون اخافتها . أشارت بإصبعها وهي تسأل " أنا .. هل أنت من صنع هذه ؟"
شخر وهز كتفيه بلا مبالاة . فأردفت وهي تحدق فيه محاولة ان تجد صانع هذه القطعة الفتية في الرجل القاسي, العبوس الذي يقف امامها " إنها رائعة , إنها اجمل ما رأيت في حياتي"
- إذن عليك ان تخرجي أكثر.منتديات ليلاس
كانت لتضحك لجوابه هذا لو لم تغرق في تأمل هذه القطعة الفنية الفريدة. كانت كل قطعة من قطع اللعبة محفورة على شكل شجرة .وقد خطفت المهارة والحرفية في تنفيذ هذا العمل انفاسها. اتخذ الملكان شكل شجرتي سنديان , والملكتان شكل شجرتي صفصفاف والوزيران شكل شجرتي حور . يا له من عمل يديوي!
حبست انفاسها وتقدمت لترفع بيدقاً اتخذ شكل شجرة بنقسية مصغرة فأذهلتها التفاصيل. استطاعت ان ترى كل وردة اسطوانية الشكل على الأغصان الرقيقة . كيف امكنه ان يفعل هذا , بحق السماء؟
- هل تلعبين ؟
انتفضت وقد فاجآه قربه منها إذ داعبت انفاسه خصل الشعر عند صدغها حين انحنى ليراقب الحجر الذي تحمل في يدها " أنا "
تراجع خطوة إلى الوراء فوجدت انها استعادت قدرتها على التنفس مجدداً " ليس كثيراً "
واعادت البيدق إلى مكانه على الرقعة وقد تملكها الحزن . حاولت ان تبتسم وهي تضيف " حاول أبي ان يعلمني قبل ان يمرض"
بدا كينت بلاك قاسياً وصلباً كالحجر باستثناء عينيه اللتين اصبحتا أرق فتحولتا من عاصفة شتوية إلى نسيم ربيعي عليل في لمحة بصر . وراح قلب جوزي يخفق كالمجنون بين ضلوعها .

Rehana 08-06-19 07:49 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
- أنا آسف بشأن والدك يا جوزي.
- شكراً لك.
لقد ناداها جوزي.
- وآسف لأن الفرصة لم تتسن له كي ينهي تعليمك لعب الشطرنج.
- وأنا ايضاً.
لم تستطع ان تشيح بنظرها عنه.ريحانة
- سأعلمك إذا شئت .
تساءلت عما إذا فاجأها عرضه هذا بقدر ما فاجأه هو نفسه , لكنها لا تنوي ان تدعه يفلت من الشرك فردت " أود ذلك كثيراً"
همهم وتراجع خطوة إلى الخلف , وبغمضة عين عادت عيناه وكأنهما نحتتا من الصخر القاسي كملامحه الأخرى كلها .
وأصرت عليه " متى ؟ الآن ؟"
- لا .
وتوجه نحو الطاولة ثم اضاف بعد لحظة صمت " بعد ظهر يوم الاثنين في مثل هذا الوقت "
اليوم هو الثلاثاء ما يعني ستة ايام كاملة وطويلة تفصلها عن نهار الاثنين . كانت واثقة من انه تعمد هذا. لقد فوتت اصلاً احد الدروس إذا ما احتسبنا البارحة .
ارادت ان تضرب الأرض بقدمها لشدة شعورها بالاحباط. والبريق الذي ظهر فجأة في عينيه جعلها تدرك انه قرأ افكارها ما دفعها لأن ترغم نفسها على رسم ابتسامة وقالت " إني اتطلع إلى ذلك"
لا يحق للشحاذ ان يختار وعليها الآن ان تجد ما تفعله لتملأ فراغ ستة ايام . لم تشأ ان يتراجع عن عرضه , وتساءلت إن كانت قادرة على اقناعه بأن يخصص لها يومين في الأسبوع ؟ لكن نظرة واحدة إلى وجهه كانت كافية لتعلمها ان عليها ان تدع المناقشة الآن .
- لِمَ لا نحتسي الشاي في الخارج؟
وحمل صينية وضع عليها ما يحتاجه لتقديم الشاي فلم يبق امام جوزي أي خيار سوى اللحاق به إلى الخارج.
قطعت قطعتين من قالب الحلوى فيما سكب الشاي في كوبين كبيرين . لم يحاول ان يتحدث إليها والغريب في الأمر ان جوزي لم تمانع إذ راحت تتأمل بدلاً من ذلك. التهم قطعة الحلوى بنوع من الجوع ترك اثراً غريباً في داخلها , اثراً دافئاً غامضاً ومشوشاً.
واضطرت لأن تشيح بنظرها عنه عندما راح يلعق الشوكولا عن اصابعه. قدمت له قطعة اخرى ثم قالت " هل ترعرعت في هذه الانحاء؟"
- لا.
تراجع في كرسيه , وعاد وجهه إلى انغلاقه السابق فتسللت خيبة الأمل إلى اعماقها . إنه لا يرغب في ان تتحرى عن ماضيه وخلفيته . إلا انها تعلم على الأقل ان سمة قوته الفريدة ليست شيئاً فطرياً تأصل في داخله لأنه ترعرع هنا في ايغل ريتش . إذن , ثمة أمل لها.ريحانة
رمقها بنظرة حذرة فابتسمت له وقالت مشيرة إلى قالب الحلوى " إنه مجرد خليط معد مسبقاً . يمكنني ان احضر أفضل منه "
- إنه جيد .
لقد تحسن سلوكه لكن الحذر لم يفارق عينيه ما جعلها تشعر بالغرابة . ولم تحب هذا الاحساس فبحثت عن شيء غير هام تقوله. حدقت في قالب الحلوى وارتعشت شفتاها " شعرت بالأسف لأني لم اجلب معي زينة ارشها على سطحه "
غص كينت بالحلوى التي يتناولها .

Rehana 08-06-19 07:52 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثاني )
 
- ثم خطر لي انك لست من النوع الذي يهوى الزينة . لعلك من النوع الذي يفضل قطع الشوكولا الصغيرة على قالب الحلوى .
حدق كينت فيها ثم تلاشى حذره فرد رأسه إلى الخلف وضحك . هذه الضحكة غيرته كلياً وخطفت انفاس جوزي.
وفجأة , اتضحت لها الصورة بشكل متألق ورائع . واصبح بإمكانها ان تتخيل كينت هذا وهو يقبل امرأة . رأت ذلك بألوان مشرقة وزاهية . لقد رأت الصورة لكن هذا لا يعني انها ترغب في رؤيتها تتحقق في الواقع .ريحانة
حرك كينت كتفيه ماطاً عضلاته المتيبسة . لقد قضى معظم يومه في إصلاح سياج مكسور وهو يتوق لاحتساء كوب من الشاي كما اعتاد ان يفعل بعد ظهر كل يوم وسيتناول ما تبقى من قالب الحلوى الذي خبزته جوزي بالأمس . لا يتذكر متى كانت آخر مرة تناول فيها شيئاً لذيذاً بهذا القدر . واصدرت معدته صوتاً خافتاً لتعبر عن تذمرها فيما سال لعابه . ومد يده ليفتح البوابة الخلفية لكنه جمد مكانه.
- كينت؟
جوزي .منتديات ليلاس
أنعم النظر من فوق السياج ووجدها تقف على الدرجة العليا لمنزله وقد رفعت يدها لتطرق بابه الخلفي . وكانت تحمل في يدها الأخرى طبقاً لما بدا له كبسكويت خبز للتو.
تذمرت معدته . لم يصدق ابداً انه شبهها ذات يوم بالفأرة , وتحرك في صدره شعور بالتوقع فمد يده ليفتح البوابة عندما تجلت له الحقيقة الساطعة . لا يمكن لهذا ان يحصل . إنه لا يقيم حفلات شاي بعد الظهر.
وذكره صوت ساخر في رأسه : أنت لا تعطي دروساً في الشطرنج ايضاً.
- كينت؟
صوتها الناعم شده إليها .والتفتت لتراقب المكان بحثاً عنه فأطلق شتيمة خافتة وانحنى بسرعة مختبئاً خلف السياج.
الرجال الناضجون لا يختبئون خلف الأسيجة . بالله عليكم ما الضير في احتساء كوب آخر من الشاي معها؟
وقطب بشدة . إنه يعلم تماماً كيف يمكن لهذا ان يؤذي , فقد رأى الوحدة في عينيها. إذا احتسى الشاي معها مجدداً اليوم فسيصبح الأمر عادة, روتيناً يومياً . وستبدأ بالاعتماد عليه. وعبس وهو يتأمل يديه اللتين اصبحتا خشنتين بسبب العمل الشاق. لن يدع هذا يحصل.منتديات ليلاس
لقد رأى بريق الإدارك في عينيها بالأمس وهو يعلم إلى اين يمكن ان يقود هذا . إذا ما جالس جوزي بيترسون واحتسى معها الشاي بعد ظهر هذا اليوم فستصبح في سريره مع نهاية الأسبوع. لكنه يعلم ان امرأة مثل جوزي لا تتورط في علاقات عابرة. ورجل مثله ليس لديه المزيد ليقدمه.
ابتعد عن السياج وعاد من الطريق التي قدم منها وقد تملكه مزيج من الشعور بالرغبة والشعور بالذنب , حاول ان يقنع نفسه بأن هذا أفضل لكليهما إلا ان الشعور بدا كاذباً وأجوف بطريقة ما .
وتدفق الغضب ليكتسحه كلياً ما جعله يسرع الخطى . تباً لها لأنها اجتاحت مكانه! تباً لها لأنها اجتاحت ملجأه!

نهاية الفصل

Rehana 10-06-19 10:28 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
3- لست زميلك

استيقظت جوزي صباح الخميس على صوت المطر المتساقط. جلست على شرفتها الصغيرة في الكرسي التي اشترته من غلاسكو في الأمس وقد امسكت بفنجان القهوة بين يديها وراحت تحدق في
السماء الرمادية الكئيبة . وخشيت ان تجتاحها الكآبة إذا ما افسحت لها المجال.
انزلت يدها لتداعب رأس مولي وقالت " يبدو أننا لن نتمكن من القيام بنزهة اليوم "
هذا ما كانت تخطط له .. نزهة طويلة , لا سيما بعد أن أكد لها كينت ان الغواتا ليس حيواناً مفترساً. وجاء المطر ليزيد الطين بلة.منتديات ليلاس
تساءلت عما إذا اثر المطر في عمل كينت . وتساءلت عما إذا كانت ستجده في المنزل إن طرقت بابه بعد ظهر اليوم حاملة معها الحلوى. هل هو بخير يا ترى؟. إذ لم تقع عيناها عليه من بعد ظهر يوم الثلاثاء. ماذا لو وقع في أخدود ما وكسر ساقه؟ ماذا لو لدغته أفعى؟
توقفي ! إنه يعيش في هذا المكان منذ سنوات طوال , ولن يبدأ بكسر ساقه او التعرض للدغات الأفاعي لمجرد انها ظهرت في حياته. كما ان مولي كانت لتعلم لو انه ثمة خطب ما. التفتت جوزي نحو الكلبة وعضت شفتها . ستعلم , أليس كذلك؟
واجهي الأمر . كينت لا يحتاج الناس كما تحتاجهم هي . لقد جلست بالأمس في مقهيين مخنلفين في شارع غلاسكو الرئيسي , ترتشف الضجيج والنشاط والصخب مع قهوتها. بعد بضعة ايام, وعندما تفوق العزلة حدها, ستكرر التجربة.
لكنها لن تفعل هذا اليوم. ستبدأ اليوم مشروعها الحرفي: الوسائد المطرزة او السجاد المعلق على الجدران او تصنيع الشموع. او يمكنها ان تنتهي من قراءة الصحف بعد ان اشترت كافة الصحف المتوفرة بالأمس ولم تتمكن من قراءة نصفها بعد. او قد تبدأ بقراءة إحدى الروايات الست التي اشترتها.
انهت قهوتها واتجهت إلى داخل الكوخ عازمة على اتخاذ قرار لكن كآبة ورتابة داخل الكوخ امتصتا طاقتها كلها. كان الداخل فظيعاً , بشعاً.
عندما لم تجد كينت في المنزل بالأمس , عادت إلى هنا وجلست في كرسي وراحت تحدق في احد الجدران حتى لفها الظلام. اخافتها الظلمة عندما عادت اخيراً إلى ارض الواقع ولم تشأ ان يحصل هذا مجدداً.
- أتعلمين ماذا يا مولي؟
ضرب ذيل مولي الأرضية في رد سريع فيما تابعت جوزي كلامها " إذا اردت ألا أجن خلال الشهر الذي سأمضيه هنا فسنقضي يومنا هذا في تحويل هذا الكوخ إلى مكان يحلو العيش فيه"
وفتحت حقيبتها وراحت تعبث بمحتوياتها بحثاً عن الالهام . وفجأة انفجرت ضاحكة . سارنغ! احضرت معها لباس السارنغ!
فعلت هذا حين خُيل إليها أن الأكواخ تعني أكواخاً صغيرة جميلة تنتشر في حدائق غناء تحيط بحوض سباحة يتخذ شكل بحيرة استوائية.

Rehana 10-06-19 10:29 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
فعلت هذا عندما نخيلت أرائك وأراجيح وعصائر غريبة تقدم في ثمرات جوز الهند تزينها مظلات ملونة توضع بشكل أنيق.
تخيلت راحة ورفاهية واسترخاءاً. ولم يخطر لها ان ترى أراضي معزولة تمتد بعيداً بقدر الأماكن الفارغة في داخلها.ريحانة
سحبت لباس السارنغ بسرعة ثم شغلت جهاز الراديو الجديد حيث بحثت عن محطة تبث أغانٍ مرحة. ستتخلص من الكآبة وتدفعها بعيداً بطريقة ما. وستفي الموسيقى المرحة والتافهة بالغرض الآن , شكراً.
اخذت جوزي نفساً وقالت " حسناً, هل أنت مستعدة للاختبار الكبير؟"
هزت مولي ذيلها. ارتشفت جوزي ما تبقى من شاي في فنجانها وهبت واقفة على قدميها وهي ترجو ان تنجح . لقد عملت لساعات على داخل الكوخ. والآن حان وقت الاختبار , ستدخل من الباب وترى إن كان الجو في الداخل ما زال يمتص منها الحياة .
اجتازت جوزي العتبة من دون ان تمنح نفسها فرصة إعادة التفكير ودخلت إلى الكوخ, حبست انفاسها وقامت بدورة كاملة ببطء . تنهدت بارتياح ثم ركعت على ركبتيها واحتضنت مولي بقوة قائلة " هذا مكان يمكنني ان اعيش فيه خلال هذا الشهر , فما رأيك؟"
اجابتها مولي بأن لعقت جانب وجهها. انتفضت جوزي وهي تضحك . حسناً, ماذا يمكن ان تفعل لما تبقى من يومها ؟
ووقع نظرها على المفكرة الموضوعة على الطاولة , مفكرة: ما هي المهارات التي اتمتع بها؟ واعتصر قلبها فيما انخفض كتفاها وابتلعت كرة الذعر القاسية التي تشكلت في حلقها.منتديات ليلاس
- حلوى .
خرج صوتها عالياً ما جعل مولي تتوقف عن تحريك ذيلها. وعادت جوزي تسألها " ما الذي يفضله سيدك ؟ التمر والبندق أم التفاح والقرفة ؟
اطلق كينت شتيمة عندما تناهى إليه صوت الطرق على بابه الخلفي. وضع من يده قطعة الشطرنج التي يحفرها وألقى نظرة على ساعته . إنها الثانية بعد الظهر.
جاءت في الساعة الرابعة يوم الثلاثاء , ثم في الساعة الثالثة بالأمس . لن تحتمل اسبوعاً على هذا المعدل.منتديات ليلاس
هذا حسناً. اطبق اسنانه بإحكام , اصبحت جوزي بترسون مزعجة بقدر بعوضة صغيرة, كما انها تصرّ بقدرها . يمكنه ان يتسلل من الجهة الأمامية ولن تدرك هذا ابداً.
لا. لن يطردها من منزله . وتعالى الطرق مجدداً فصرف بأسنانه , لكنه لن يسمح لها بأن تتسلل إليه . اندفع نحو الباب الخلفي وفتحه بقوة . كانت جوزي تقف هناك تماماً كما توقع , لقد توقف المطر عن الانهمار واشرقت الشمس لكن شعرها بقي يلمع كخشب الصندل المصقول ما أثار حفيظته لسبب ما.
صاح بها " ما الأمر؟"
لم يتظاهر بالصداقة, لم يدعي التهذيب.
بدت الهزيمة على وجه جوزي , فقسى قلبه وكره نفسه لأنه فعل هذا. ريحانة
- أنا , حسناً...
ورطبت شفتيها مردفة " حضرت بعض الحلوى لكن الكمية كبيرة لشخص واحد . ومن المؤسف ان اضيعها سدى فخطر لي انك قد ترغب في تناول البعض منها "

Rehana 10-06-19 10:30 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
اختلطت رائحة الحلوى المخبوزة للتو مع شذى عطرها الزكي. لم يستطع ان يتذكر متى كانت آخر مرة تعرض فيها لمثل هذا الاغراء. لكنه قال في حدة " اخطأت في التقدير"
متماسك. يجب ان يبقى متماسكاً وقوياً.
تباً! تبدو الحلوى لذيذة . لذيذة إلى حد خطر, مثلها تماماً. وتملكه شعور بأنه قد يعتاد طهيها . والحق يقال إنه قد يعتاد عليها ولا يمكن لهذا ان يحصل , سيخذلها .. كما خذل...
التمع الذهب في عينيها فجأة . وارتعش ذقنها وهي تقول " لم تمانع حين تناولت الكيك بالشوكولا ذاك اليوم. امضينا نصف ساعة سارة جداً حول قالب الحلوى ذلك "
هذا ما حصل تحديداً. ولهذا السبب يجب ألا يتكرر الأمر مجدداً .
- اسمعي يا آنسة بيترسون .
- جوزي.
- أنا لست ممرضة زميلة لك ولست صديقك . أنا الرجل الذي استأجرت منه كوخاً مدة شهر وهذا كل ما يجمعنا معاً. هل فهمت؟
اتسعت عيناها لفظاظته وتحرك فمها لتتمكن اخيراً من ان تقول من دون تفكير" ألا تشعر ابداً بالوحدة؟"
- لا.
لم يعد يشعر بالوحدة , معظم الوقت على أي حال.
- إذن كيف يمكنك ذلك؟
ورفعت الطبق وكأن الحلوى ستعطيها الرد الذي تحتاجه" كيف يمكنك ان تعيش وحدك هنا طيلة الوقت ولا تمانع؟"
لاحظ ان سؤالها ليس مجرد سؤال نابع عن فضولية تافهة, فقد ارادت ان تعرف. ولعلها تحتاج لأن تعرف . وافترض انه بدأ مسيرته تماماً مثلها الآن.
لم يكن يبحث عن التواصل الانساني طبعاً إذ نأى بنفسه عن ذلك منذ البداية . لكنه حفر الخشب وصقله تماماً كما تحضر هي الحلوى. شغل نفسه بالماشية والأكواخ والحفر حتى اتخذت الأيام شكلاً خاصاً بها.
لذا, لم يكن بحاجة لأن يأتي امثالها الآن ويعكرون صفو ايامه, ويجعلنه يتوق إلى امور لا يمكن ان تحصل.
هزت رأسها وقالت " لا يمكن ان تكون من البشر"
تمنى لو كان هذا صحيحاً.منتديات ليلاس
- كلنا نحتاج الناس.
- صدقيني العلاقات العابرة والفقيرة ليست ضرورية لراحتي.
شحب وجهها عند سماع كلماته هذه فاشمأز من نفسه أكثر. وقال لها بحدة " ما الذي يجري بيننا برأيك ؟ سترحلين بعد شهر"
همست " صديقان "
ضحك مصدراً صوتاً خشناً جرح حلقه وتركه جافاً. يجب ان يتخلص منها. يمكنها ان تأسر أي رجل بعينيها الحزينتين والذهبيتين. سينتهي الأمر بدموع منهمرة , دموعها هي. وعندئذ سيكره نفسه أكثر.
تراجعت خطوة إلى الخلف ومن ثم خطوة اخرى فيما شحب وجهها أكثر . وقالت " أنت رجل كريه, لا تطاق , أتعلم هذا؟"
نعم , هذا ليس بجديد عليه لكن جوزي لم تكن مهيئة لهذا.ريحانة
- جربي المتجر الكبير في مارتين غولي.
وأشار برأسه إلى الطبق الذي تحمله في يديها قبل ان يردف " قد يرغبون في طلبية او اثنتين "

Rehana 10-06-19 10:31 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
قد تأخذ ليز ببركينز جوزي تحت جناحها الحنون, وهذا سيفيدهما معاً. وعند هذه الفكرة, صفق الباب في وجه جوزي قبل ان يتغلب الشعور بالذنب عليه ويدخلها إلى المنزل ويحاول ان يقدم لها ترضية.منتديات ليلاس
عادت جوزي إلى كوخها وهي ترتجف من الغضب والشعور بالإهانة . وراحت تتحدث بعصبية وصخب إلى مولي.
- يا لها من افتراضات متغطرسة ! علاقات عابرة؟ من يظن نفسه؟
رمت الطبق على طاولة المطبخ وراحت تذرع المكان ذهاباً وإياباً. لقد تخلصت على الأقل من حضوره الرمادي في كوخها . وتملكها شعور بالرضا حين تأملت التغييرات التي احدثتها.
- ولايظن اني سأجلس هنا طيلة فترة بعد الظهر لأنوح بسبب ما حصل.
عوت مولي ودست أنفها في يد جوزي , فركعت هذه الاخيرة على ركبتيها وحكت أذني مولي قائلة " أنا آسفة يا فتاة. الذنب ليس ذنبك . أنت جميلة ووفية ولطيفة وأفضل من ان تكوني مع شخص مثله. ليس ذنبك إن كان سوء حظك جعل منه سيدك"
استدارت مولي وزمجرت مستمتعة حين حكت جوزي بطنها " أنت رائعة وجميلة "
مررت اصابعها على الندبة التي امتدت على بطن مولي وجمدت قبل ان تضيف " أنا لا افهمه"
إلا انها ستعمل بنصيحته.
تطلب الوصول إلى بلدة مارتين غولي اثنتي عشرة دقيقة ونصف تماماً. لم تكن مدينة متألقة لكنها ليست معدومة كلياً. لم يكن عدد منازلها يتعدى الدزينتين لكنها تملك كنيستها الخشبية الخاصة. واكتمل المشهد بمركز البريد الذي تشير اليافطة عند نافذته إلى انه يفتح ابوابه يومين ونصف في الاسبوع وبمتجر بركنز الكبير.ريحانة
دفعت جوزي باب المتجر وانتظرت للحظات حتى تعتاد عيناها على العتمة. رمشت بعينيها عندما طالعها حجم المتجر من الداخل.
تنافست أكياس العلف مع المعدات على شغل المساحة على الأرض إلى يسارها فيما علقت معدات اخرى بمسامير إلى الجدران . وامتدت إلى يمينها رفوف مليئة بالمعلبات وكافة مواد البقالة المعروفة. وشغلت المساحة في الوسط ثلاجة قديمة الطراز.
نادتها امرأة نحيلة , في متوسط العمر, من خلف منضدة البيع في مؤخرة المتجر " هل استطيع مساعدتك؟"
شخص مبتسم. سارعت جوزي الخطى نحوها وقالت " مرحبا, أنا جوزي بيترسون وسأقضي الأسابيع القليلة القادمة في ايغل ريتش"
- بريدجت أندرسون.
وضاقت عيناها وهي تصافح يد جوزي الممدودة قبل ان تضيف " ايغل ريتش هو منزل كينت بلاك , أليس كذلك؟"
أومأت جوزي برأسها . ظنت ان كل واحد في مارتين غولي يعرف اخبار غيره. لعل كينت بلاك يضع حدوداً غير ودودة لعلاقته بسكان المدينة الآخرين ايضاً؟
انحنت المرأة الاخرى إلى الأمام وكأنها قرأت افكارها " هذا متجر اختي وأنا اساعدها قليلاً "
هل هي زائرة جديدة مثلها ؟ وتملكت جوزي مشاعر الرفقة والمودة .
- توفي تيد , زوج ليزي, في شهر تشرين الثاني الماضي.
- آه , هذا مريع .
- وهي ترفض ان يقول احدهم كلمة سيئة عن كينت بلاك.

Rehana 10-06-19 10:34 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
حقاً؟ حاولت جوزي ان تمنع حاجبيها من الارتفاع ليصلا إلى خط شعرها . إذن , لكينت بلاك صديق واحد على الأقل في المدينة؟.منتديات ليلاس
وأظلم وجه بريدجت وهي تضيف " اما أنا فأجده ..."
وصمتت للحظة فأختارت جوزي كلمة أرادتها ان تكون لبقة" رجل يحب الوحدة والعزلة"
شخرت بريدجت قبل ان تقول " لقلت غير ودود وحتى عدائي إذا ما سألتني رأيي"
وتذكرت نظرة كينت بلاك . نعم, إنها توافقها الرأي , لكنها لن تقول هذا في العلن بالطبع.
- لكن يمكن للمرء ان يفهم سلوكه نظراً للمأساة التي عاشها في الماضي وما إلى ذلك.
- مأساة؟
خرجت الكلمة من بين شفتيها قبل ان تتمكن من كبحها .
- حاول والده ان يقتل العائلة كلها فيما هم نيام فأضرم النار في المنزل مع ساعات الفجر الأولى . وحده كينت تمكن من النجاة . لكن الحادثة قضت على امه واخته ووالده ايضاً.
فغرت جوزي فمها ودارت الغرفة من حولها فتمسكت بأعلى المنضدة " هذا .. لم أسمع في حياتي شيئاً مريعاً كهذا "
- كان الأب رجلاً عنيفاً من كافة النواحي.
أي نواحي؟
- أتريدين ان تسمعي الجزء الأسوأ؟
- لا . لم تشأ فقد سمعت ما يكفي حتى الآن . لكنها عجزت عن ان تهز رأسها بعد ان تحولت إلى قطعة من جليد.منتديات ليلاس
- كان كينت قد اخذ والدته وشقيقته لتعيشا معه كي يتمكن من حمايتهما إلا ان الأمر لم ينجح.
احست جوزي بغصة في حلقها . لا عجب في ان يقطب كينت ويتذمر وينعزل عن الناس كما يفعل . ان يخسر عائلته كلها بهذه الطريقة المريعة لأمر فظيع.
وسامحته على الفور على كل تقطيبة عدائية , وعلى كل كلمة قاسية وعلى كل الأوقات التي أدار فيها ظهره ومشى من دون ان يرمقها بنظرة. لكن, هل دفن نفسه بعيداً عن البشر كلهم هو الحل؟
وتذكرت كيف التهم قالب الحلوى الذي اعدته.
فتحت بريدجت فمها لتضيف ما خيل لجوزي انه مزيد من التفاصيل الرهيبة , فسارعت إلى رفع غطاء العلبة التي تحملها وقدمتها لها قائلة في محاولة منها لتغيير الموضوع " كنت اتساءل عن إمكانية تسويق حلويات معدة في المنزل هنا؟"
ارتعش أنف بريدجت تقديراً ومدت يدها لتأخذ قطعة حلوى وتلتهمها بنهم " يمكننا ان نرى كيف تباع "
ولحست ما سال على اصابعها قبل ان تردف " لا يمكننا ان نتنبأ بما قد يحدث عندما يشيع الخبر"
وضاقت عيناها وهي تتابع كلامها سائلة " لكن , إن كنت في إجازة هنا , فلم تتعبين نفسك بإعداد الحلويات ؟"
غصت جوزي إذ لم تشأ ان تصبح موضوع ثرثرة بريدجت . واختارت ان تكذب " إنها هواية . اردت ان اجرب وصفات جديدة طالما لديّ الوقت . هذا كل ما في الأمر "
اخذت بريدجت قطعة حلوى اخرى وسألت " ما الأنواع الأخرى التي تحضرينها؟"

Rehana 10-06-19 10:39 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثالث )
 
- ما الأنواع التي يمكن ان تلقي رواجاً وتباع هنا؟
- قطع الكراميل , الغريبة , فطيرة الليمون.
تساءلت جوزي ما إذا كانت بريدجت تعدد الأنواع التي تفضلها هي.ريحانة
- سيقام مهرجان الكنيسة يوم الاحد ونحن نبحث دوماً عن سلع نبيعها . لَمِ لا تعدين كمية من الحلوى لنرى كيف يكون الإقبال عليها ؟
مهرجان الكنيسة ؟ هذا الاحد؟ اصبح لديها ما يشغلها خلال نهاية الاسبوع . وفجأة لم يعد الوقت يمر ثقيلا وقالت " يبدو هذا ممتعاً"
- لدينا أنا وليزي كشك خاص, فهل ترغبين في الانضمام إلينا يا عزيزتي ؟
- هذا لطف منكما .منتديات ليلاس
- هل حضرت يوماً قطع الشوكولا بالكراميل؟
هزت جوزي رأسها بالنفي فنصحتها " جربي . ولن تندمي ابداً"
زمت جوزي شفتيها عندما مدت بريدجت يدها لتأخذ قطعة حلوى اخرى . رأت ان الإقبال على ما تحضره سيكون جيداً مما تشاهده الآن لكن المشكلة تكمن في انه لن يتبقى على هذا المعدل أي حلوى كي يتذوقها سكان المدينة . لا بأس , فستحضر كمية أكبر ليوم الأحد.
لكن, وفيما هي تقود سيارتها عائدة الى ايغل ريتش , لم يكن مهرجان الكنيسة او الحلوى او الوصفات ما شغل بالها بل القصة الفظيعة التي روتها لها بريدجت عن كينت. ووجدت نفسها تتمنى لو تستطيع ان تفعل شيئاً من اجله, شيئاً أكثر من الحلوى بالشوكولا .

نهاية الفصل

Rehana 12-06-19 05:36 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
4 - مشاريع جديدة

توجهت جوزي صباح يوم الجمعة إلى غلوستر حيث اشترت كمية كبيرة من السلع التي تحتاجها وكتاباً لإعداد الحلويات .
وبعد ظهر اليوم نفسه , قامت بنزهة طويلة مع مولي. كان كينت محقاً فالممرات التي تقود إلى النهر جميلة جداً. لكن هذا لا يعني ان الفرصة اتيحت لها لتخبره إذ لم يقع نظرها عليه ابداً.
مساء الجمعة , اعدت صنفين من الحلوى. وصباح السبت , اعدت المافين والكراميل وكيك الشوكولا .وبعد ظهر السبت وجدت قرادة على خصرها .منتديات ليلاس
فجلست على الفور واخذت نفساً عميقاً وحاولت ان تتذكر دروس الإسعافات الأولية . لكن عقلها أبى ان يعمل فما تعلمته لا يشمل القرادة بل مراقبة والدها وهو يموت بين يديها .
أرخت خصر سروالها القصير وعادت تتأمل القرادة مجدداً. لابد انها التقطتها اثناء نزهتها بالأمس. واعادت القماش إلى مكانه على عجل . ماذا لو كان هناك المزيد؟ وتملكتها رغبة في حك جلدها كله.
قالت بصوت عالٍ " لا تكوني سخيفة "
لكن الذعر والأدرينالين تدفقا في داخلها . هل يؤثر الأدرينالين في القرادة ؟ وعضت . لعله يحولها إلى قرادة خارقة او شيء من هذا القبيل .

Rehana 12-06-19 05:39 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
- تمالكي نفسك!
عوت مولي واسندت رأسها إلى فخذ جوزي التي حدقت في العينين البنيتين وتشنجت. ماذا لو ان حال مولي كحالها ؟ كيف يمكن لنا ان نخلص كلباً من القرادة ؟ وهبت واقفة . عليها ان تسأل كينت.
شعرت جوزي بأنها فخورة بنفسها لأنها لم تركض بأسرع ما يمكنها الى باب كينت الخلفي لتقرعه بقيضتيها الاثنتين , وعندما وصلت رفعت يدها وطرقت الباب مرتين.ريحانة
تقطيبته كانت اول ما طالعها. ورفعت يدها قبل ان يتمكن من ان يقول أي كلام حاد او جارح " اود فقط ان اطرح سؤالاً سريعاً هذا كل ما في الأمر ولن تتطلب المسألة طويلاً "
سألها بنبرة حادة حين انهت كلامها " ما الأمر؟"
- ما .. ماهو علاج القرادة ؟
حدق فيها كينت للحظة , وأثارت العينان الزرقاوان مشاعر غريبة في داخلها فيما هو يتأمل وجهها . بعدئذ , امسك بها من مرافقها وشدها إلى الداخل بعد ان اطلق شتيمة بصوت خافت .منتديات ليلاس
سألها بعد ان اطلق سراحها ووضع يديه على وركيه " اين ؟"
- ارجوك , افحص مولي اولا فهي اصغر مني وقد سمعت ان القرادة تؤذي الكلاب كثيراً.
- وهي تؤذي البشر ايضاً.
وعندما وضعت جوزي يديها على بطنها ولم تنطق بكلمة, اضاف " ستكون مولي بخير , فأنا اعطيها دواءً شهرياً خاصاً"
استرخت جوزي وقالت " الحمد لله ظننت .."
لكن جملتها علقت في حلقها الذي جف .
- اين هذه القرادة ؟
وتراءت لها فجأة صورة اصابعه القوية التي صبغتها الشمس على جسمها فتسارع نبضها " لو قلت لي وحسب ما عليّ ان افعله فسأتولى الأمر. لا اريد ان ازعجك او ما شابه"
لم تشأ ان يلمسها كينت . وشعرت بأنه من الأفضل لها ولراحة بالها ألا يفعل . زم شفتيه وكأنه يعرف تحديداً ما تفكر فيه فتسارعت دقات قلبها وشعرت بها في حلقها المشدود .ريحانة
- ما عليك ان تفعله يا جوزي هو ان تشيري إلى مكان القرادة .
وتحول التواء شفتيه إلى شبه تكشيرة وهو يقول " ثقي بي"
هز اصابعه قبل ان يضيف " أنا طبيب"
- نعم , هذا صحيح.
الأمر الوحيد الذي كانت واثقة منه هو انه يستمتع بانزعاجها . وتذكرت ما قالته بريدجت قبل يومين فاستسلمت متنهدة " هنا "وأزاحت حزام الخصر لتريه المكان.
جلس القرفصاء بجانبها وادارها نحو الضوء باصابع شعرت بها ناعمة على بشرتها . بعدئذ استقام وامسك بعلبة فازلين ثم عاد وجلس القرفصاء إلى جانبها ومسح جسم القرادة بكمية كبيرة من المرهم.
سألته بصوت ترافق مع انفاسها المسموعة " فازلين ؟"
وتساءلت إن كان قد احس بجريان دمها السريع تحت انامله .
- تتنفس القرادة عبر طرفها الخلفي . ولن تتمكن من ان تتنفس عبر الفازلين لذا ستعمل على الخروج . عندئذ, سأمسك بها بواسطة هذه .
ورفع ملقطاً صغيراً قبل ان يردف " هذا يعني ان ثمة احتمال في ان ينفصل الرأس عن الجسم"

Rehana 12-06-19 05:41 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
غصت وقالت " جيد "
لم تكن ترغب في ان تترك القرادة أي جزء من جسمها فيها .
- هل من قرادت اخرى؟
شقت كلماته طريقها عبر الضباب الذي لف دماغها فسألته " قرادات اخرى ؟"
التوت شفتاه مجدداً واجاب " نعم "
- آه , يممممم...
وهزت كتفيها قبل ان تضيف " لا اعلم "
- قومي بدورة امامي .
وهذا مافعلته . فمرر اصابعه على خصرها فيما هي تدور ما جعل انفاسها تتقطع .منتديات ليلاس
- ما من شيء هنا . والآن , اجلسي.
ودفعها نحو كرسي المطبخ وهو يضيف " القرادة كمعظم الكائنات الحية الاخرى تختار الاماكن الدافئة والمحمية لتعيش فيها "
- اوووو.. ها ههههههه.
هذا كل ما تمكنت من قوله .
- كخلف الأذنين ومؤخرة العنق.
ازاح شعرها إلى جهة واحدة فيما اصابعه تتنقل من جهة إلى اخرى . عندما اقترب منها إلى هذا الحد , صدمتها حرارته فضلاً عن رائحة رجولته وهي مزيج من الخشب ودخان الخشب والعشب المقطوع حديثاً . وتشنجت اعصابها كلها .منتديات ليلاس
- اشكرك على النصيحة التي اسديتها لي بشأن عرض الحلوى التي احضرها في المتجر .
ارادت ان تلهي نفسها بطريقة ما وبدا لها الحديث غير مؤذ نسبيا إذ يمنح فكرها ما يشغله .
- هل التقيت ليز بركينز؟
تلقفت السؤال كحيل نجاة فأجابت " اممممم, لا "
اغمضت عينيها وابتلعت همهمة كادت تخرج من بين شفتيها .
- لم تكن ليز موجودة.منتديات ليلاس
وامرت نفسها بأن تركز على الحديث قبل ان تردف " التقيت شقيقتها بريدجت "
كان رد فعل كينت ابلغ من الكلام وعكس لها بدقة رأيه ببريدجت . لم تلمه لاسيما حين تذكرت كم كانت بريدجت تواقة لاطلاعها على المعلومات التي تحملها . وتلوى الشعور بالذنب في احشائها , فقد استمعت إليها . ألم تفعل ؟ وسارعت تقول له " سأشارك في مهرجان الكنيسة نهار الاحد أي في الغد"
ذكرت نفسها بأن الغد هو يوم الاحد , لكنها لم تستطع ان تجزم بذلك مع وقوف كينت على هذه المسافة القريبة منها . كما لم تستطع ان تجزم بأي شيء آخر إذ قلب مقاييسها ووضعها رأساً على عقب.
جمد تماماً وسألها " ألهذا كنت تعدين حلويات متنوعة رائعة ؟"
حسناً , كيف علم انها كانت تعد حلويات متنوعة ؟ قال وكأنها طرحت السؤال بصوت عالٍ " كانت الروائح تفوح في انحاء التلة كلها "
وتحركت اصابعه على عنقها مجدداً وهو يتابع " الرائحة زكية "
- ما الحلوى المفضلة لديك؟

Rehana 12-06-19 05:42 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
إذا اخبرها فستعد له ما يحب كعربون شكر ليس إلا. لن ترتكب الخطأ نفسه مجدداً وتتوقع منه المشاركة .
- لماذا؟
اجفلت عند سماعها النبرة الخشنة في صوته , فأجابت كاذبة " ما من سبب. احاول ان استلهم وحسب "
انهى التحقق من عنقها وتنفست ارتياحاً حين ابتعد عنها . لكن ارتياحها لم يدم طويلا إذا ما لبث ان جلس القرفصاء بجانبها لتفحص الإصابة عند خصرها مجدداً.
- تحتاج لبضع دقائق إضافية .
وفجأة , ابتعد عنها وجلس على كرسي قبالتها فافتقدت جوزي دفء راحتيه وحرارة انفاسه .
ضاقت عيناه وهو يتأمل وجهها " هل أنت بخير ؟ هل تشعرين بغثيان او بدوار؟
- لا.
لعل لمسته افقدتها توازنها , لكنها شعرت بأن هذا ليس ما قصده بسؤاله .ريحانة
- إذن, ورطتك بريدجيت بهذه التحضيرات كلها؟
- لا.
ورفعت ذقنها , واردفت " تدير هي وليز كشكاً وسأساعدهما"
ضحك ضحكة قصيرة وقال " إنها استغلالية . اعترف لها بذلك"
- لكني اردت ان أشارك.
لكنها عادت وتذكرت كيف قالت بريدجت إن المزيد من الحلوى ستفيدهم . كما طلبت منها ان تصل باكراً إن كان لديها الوقت لتساعدهما في ترتيب الطاولة للعرض.
هزت رأسها بنفاذ صبر . هذا غير مهم فهي تريد ان تساعد , وسيكون الأمر ممتعاً. إلا ان التواء شفتيه ضايقها " هل ستحضر؟"
- أنا ؟ لابد انك تمزحين ؟
-لِمَ لا ؟
ورفعت يديها مضيفة " إنه مجتمع صغير وعليك ان تدعمه"
- بجعل كل بريدجت في المدينة تنشب مخالبها فيّ؟ لا , شكراً جزيلاً . لديّ اعمال اقوم بها يوم الاحد افضل من التورط في تركيب الأكشاك وتحريك دولاب الشوكولا.
ارادت ان تسأله عن هذه الاعمال التي ذكرها إلا انها لم تفعل بل لم تجرؤ على ذلك.
- اظن ان الأمر سيكون ممتعاً. ليس عليك ان تفعل شيئاً . فقط .ريحانة
سخر منها قائلاً" فقط , ماذا ؟"
اجابتها بحدة " شارك وحسب"
عادت وتمنت لو انها لم تتكلم عندما استعادت في ذهنها ما عرفته بالأمس عن كينت . وشعرت بمعدتها تتشنج قبل ان تقول " انت محق. بريدجت امرأة ثرثارة لكن هذا لا يعني حكماً انها شخص سيء . والناس في مارتين غولي ليسوا كلهم مثلها , أليس كذلك؟"
اظلمت عيناه وضاقتا وهما وهما تنظران إليها . فاحمرت جوزي وراحت تلوي يديها معاً . وادركت تماماً كم تبدو مذنبة فقالت من دون تفكير " اخبرتني بريدجت بما حصل لأمك واختك "
تراجع كينت الى الوراء وكأن الكلمات صفعته على وجهه الذي شحب , وظهر خطان حمراوان على عظمتي خديه " ليس من حقها ..."

Rehana 12-06-19 05:44 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
فوافقته الرأي على عجل " لا , لا يحق لها , لا يحق لها ابداً"
ارادت ان تمد يدها وتلمسه لكنها خشيت ان تفعل ذلك . وتابعت كلامها " أنا آسفة . ما حصل لهما ..."
ورفعت يديها مجدداً قبل ان تردف " لابد انه كان الوضع الأكثر ترويعاً في الوجود"
التمعت عيناه بشكل خطر فيما كررت " أنا آسفة "ارادت ان تقول اكثر لكنها لم تجد كلاماً مناسباً يقال .منتديات ليلاس
حدق فيها وكأنه لا يعرف ما عليه ان يقول . ولم تعرف هي ايضاً ما عليها ان تقول. وانزلقت نظرته الى خصرها قائلاً " لابد ان القرادة اصبحت جاهزة للخروج الآن"
وتخرجها قبل ان تدرك ذلك .
- شكرا لك.منتديات ليلاس
انقطعت انفاسها لشدة قربه منها . وقفت وتراجعت بسرعة إلى الوراء قائلة " هل ترغب في ان احضر لك شيئا ما من المهرجان ؟"
- مثل ماذا ؟
- لا أعلم.
تملكها شعور بأنها ستعود للتلعثم مجدداً " لعلك تتوق سراً لتناول صلصلة الطماطم التي تعدها السيدة ايلوود او عسل سميث ؟"
- ما من سيدة يلوود في مارتين غولي.
- هل من سيد سميث؟
- العديد من منهم, لكن احداً منهم لا يربي النحل.
اتجهت نحو الباب الخلفي وهي تسأل " إذن , لا تريد صلصلة طماطم او عسل ؟"
- لا , شكراً لك.
- حسناً.
وكادت تقع عن السلم الخلفي " إذن , تصبح على خير"
- جوزي.
استدارت وقلبها يتخبط بين ضلوعها .
- أنا ....
حبست انفاسها لكنها لم تعرف ما الذي كانت تنتظره .
- عليك ان تستحمي . عليك ان تفتشي تحت إبطيك وخلف ركبتيك . في أي مكان يمكن للقرادة ان تصل اليه .
- حسناً.
وانتظرت لكن عندما لم يضف أي كلمة اخرى , لوحت له بيدها وابتعدت مسرعة .ريحانة
غادرت جوزي في وقت مبكر من صباح اليوم التالي , وقد علم كينت بذلك لانه كان يراقبها . إذن, تمكنت بريدجت اندرسون من إلزام جوزي بتوضيب الكشك؟
تذكر شعوره بمفاتن جسدها حين انزلقت عن تلك الشجرة واستندت اليه . هز رأسه وراح يطلق على نفسه كافة نعوت الغباء التي يعرفها . يمكن لجوزي بيترسون ان تعتني بنفسها وهي ليست من مسؤوليته.
قال لنفسه بصوت عالٍ " اذهب وتفقد القطيع"
وهذا لا يعني ان تفقد الماشية يتطلب الكثير من الجهد, فيكفي ان يتحقق من مستويات المياه في الاجران ومن السياج وان يتأكد من ان العجول الصغيرة لم تتعرض لأي إصابة او تبدو عليها إمارات المرض.

Rehana 12-06-19 05:45 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
تطلب تفقد الماشية اقل من ساعة . وتساءل كيف وجدت جوزي الاحتفال, وراهن على ان حلوياتها بيعت بسرعة. كما راهن على ان بريدجت ابقتها عالقة خلف طاولة البيع طيلة النهار وان الفرصة لم تتسن لها لتشتري تذكرة لدولاب الشوكولا. ستحب جوزي دولاب الشوكولا.
- اذهب ونظف الأكواخ .
امسك بالدلو وبأدوات التنظيف وبالمكنسة الخشبية القديمة. واشاح بنظره فيما هو يتجاوزكوخ جوزي . لكن منخاريه ارتعشا وكأنه تخيل انه لو اخذ نفساً عميقاً بما يكفي فستملأ رائحتها العطرة والزكية رئتيه .
حبس انفاسه وحاول ان يطردها من ذهنه . ومع حلول موعد الغداء, كان قد انتهى من تنظيف الأكواخ فراحت الأسطح كلها تلمع من شدة الفرك تماماً كحالها قبل ان يبدأ حملة التنظيف هذه.
حول بصره مجدداً وهو يمر امام كوخها لكنه تذكر كيف امتلأت عيناها بنور ناعم عندما عبرت له عن أسفها لما حصل لأمه واخته . اراد ان يغضب وان يضرب الأرض بقدمه وان يرمي ما تقع عليه يداه, إلا ان ذاك اللمعان الناعم في عينيها جعله يقف جامداً.منتديات ليلاس
لم يجرؤ احد في مارتين غولي , ولا حتى ليز باركينز على ذكر ماضيه , وهو لم يشجعهم على ذلك . لم يأتمن شخصاً واحداً على اسراره ولم يثق يوماً بأحد لكن الكل يعرف ما جرى وقد تجنب الجميع الخوض في الموضوع كما تجنبوا التحدث إليه مباشرة . إلا ان جوزي لم تفعل . ولم يستطع إلا ان يعجب بصدقها وامانتها فضلاً عن شجاعتها . وكرمها!
كرم كان واثقاً من ان بريدجت اندرسون تستغله حالياً. ابعد المكنسة والدلو ثم ألقى نظرة من حوله . تباً! اعتمر قبعته وامسك بمفاتيح سيارته . احس برغبة مفاجئة في تناول صلصلة الطماطم والعسل, ورفض الاعتراف بأكثر من ذلك.
حدد كينت موقع جوزي على الفور حيث وجدها تجلس وحيدة عند طرف صف من الطاولات الخشبية . كان شعرها يلمع لكن كتفيها انخفضتا . ورأى ابناء المدينة كلهم مجتمعين حول عربة مسطحة في الطرف المقابل من الحقل حيث يقام المزاد العلني التقليدي . اطلق شتيمة وعدل طرف قبعته ثم اتجه نحوها .منتديات ليلاس
اتسعت عيناها حين رأته يقترب منها وسألت مدهوشة " كينت! ما الذي تفعله هنا؟ أعني..."
واشاحت ببصرها ثم عادت إليه مجدداً كما لو انها تحاول ان تخفف من دهشتها " لم يخطر لي أن مثل هذه الاعمال تهمك"
همهم " لم يعد لديّ أي صلصلة بندورة كما نفد العسل ايضاً"
ابتسمت فشعر وكأنها سددت إلى احشائه ضربة . واشارت بيدها إلى الطاولة قبل ان تقول " هل يمكنني ان اغريك بتناول أي من منتجاتنا؟"
منتجاتنا؟ عرف فطائر ليز التقليدية والمخلل الذي تحضره , لكنه راهن على ان جوزي اعدت ما تبقى . سألها " منذ متى وأنت عالقة هنا؟"
ذوت ابتسامتها وردت " لايهم . أنا واثقة من ان بريدجت ستعود ما إن ينتهي المزاد العلني و ..."

Rehana 12-06-19 05:46 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
- لم تتحركي من مكانك منذ وصولك في الصباح , أليس كذلك ؟ كما لم تسنح لك الفرصة لتلقي نظرة على المعروضات , أليس كذلك؟
- ما زال امامي الكثير من الوقت .
- هل تناولت الغداء؟
راحت تضحك وردت " أنا أُعاقب لأني لم اتناول الفطور. أتشم هذه الرائحة ؟"
واخذت نفساً عميقاً ولاحظ ان لعابها بدأ يسيل قبل ان تضيف "إنهم يعدون النقانق خلف قاعة الكنسية وجل ما استطيع ان اشمه هو رائحة البصل المقلي . إنه عذاب خالص"
لاحظ انها تمازحه وحسب لكن الغضب تملكه رغماً عنه . تباً لبريدجت ووقاحتها!
- اين ليز؟
- مريضة.
لا بد انها سئمت من اختها . كانت بشرة جوزي فاتحة اللون فلاحظ انها بدأت تكتسب لوناً زهرياً بسبب تعرضها للشمس . وكانت قد وضعت ظلة لحماية المأكولات لكنها لم تفكر في حماية نفسها.
- تعالي.منتديات ليلاس
واشار بيده يأمرها بالخروج من خلف الطاولة الخشبية .منتديات ليلاس
- لا يمكنني ان اغادر المكان.
-لِمَ لا ؟ فلكل فعل.
- لكن , لكني قلت لبريدجت إني سأراقب المكان و .. وهناك علبة المال و...
- اعطني إياها .
- لكن ...
مد يده واخذ العلبة ليضعها بعزم وسط الطاولة قائلاً " والآن , يبد لي انك قمت بواجبك وبحصتك من العمل . إذا ارادت بريدجت ان تبيع فستعود إلى هنا حين تلاحظ ان المكان فارغ . إذن , اترين شجرة الصفصاف تلك عند ضفة النهر؟"
وأشار بيده فأومأت برأسها فيما تابع كلامه " اختاري لنا ما نأكله ووافيني إلى هناك"
- لا يمكنني ان آخذ من السلع المعروضة .ريحانة
-لِمَ لا ؟ فأنت من حضرها .
وقفت وردت " إنها للأعمال الخيرية !"
ضحك لرؤية تعابير الاستهجان على وجهها وكأنه وجه اليها إساءة . جوزي بيترسون تجعله يشعر وكأنه اصغر بسنوات , سحب ورقة عشرين دولار من جيبه ورفعها كي تراها ثم وضعها في علبة المال. فغرت فمها ثم قالت "هذا كثير"
- إنه عمل خيري , أليس كذلك؟
حدقت فيه ثم ضحكت فتغلغلت ضحكتها فيه .
- إذن , أنت جائع . أليس كذلك؟
- اتضور جوعاً.
وهو يحتاج إلى اكثر من السكر بكثير ليشبع جوعه.
- شجرة الصفصاف ؟
- نعم , شجرة الصفصاف.
استدار وعبر الحقل متجهاً مباشرة إلى الشجرة قبل ان تسول له نفسه ان يرفع جوزي من خلف الطاولة ويعانقها..

Rehana 12-06-19 05:47 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
عندما وصلت إلى الشجرة كان على جوزي ان تعترف بأن كينت اختار مكاناً رائعاً لتناول الطعام إذ جرى النهر بالقرب منهما فضياً , صامتاً, فسكن الأماكن المتألمة والمجروحة في داخلها .وتساءلت ما إذا كان حال كينت مثل حالها.
جلسا على العشب تحت الشجرة فرحبت بالظل وبالنسيم العليل الذي جعل الأوراق تتمايل يكاد يفعل فعل التنويم المغنطيسي.منتديات ليلاس
ظهر كينت حاملاً معه سندويشات النقانق وشراب الليموناضة فتغلب جوع جوزي المؤقت على همومها الاخرى. اغمضت عينيها وتلذذت بأول قضمة قائلة " هذا مذهل "
وعندما فتحتهما مجدداً رأت كينت يحدق فيها بطريقة غريبة. وفجأة تذكرت اصول وآداب حسن التصرف فقالت " شكراً لك "
- اهلاً وسهلاً.
ابرز لون قميصه الأزرق الباهت زرقة عينيه اللامعة كما ابرز سروال الجينز الضيق الذي يرتديه صلابة جسمه المشدود العضلات.
- أنا , يممممم!
ورفعت نظرها إلى الأعلى قبل ان تضيف " اشكرك على إنقاذي .. مجدداً"
- ما من مشكلة .
حولت نظرها نحو النهر وحاولت ان تعيد خلق السكون الذي شعرت به منذ دقائق فقط عند وصولها إلى المكان . واكلت ما تبقى من سندويش النقانق بصمت.
مرت بهما ثلاث بطات صغيرة , بنية اللون ومنقطة , وراحت الطيور تتنقل بخفة على الضفة الاخرى . اخذت نفساً عميقاً فبدأ توترها يزول لكنها بقيت تشعر بحضور الرجل الجالس قبالتها .
اشارت إلى النهر وقالت " عندما انظر إلى هذا كله , ادرك لما اخترت ان تقيم هنا. هذا جميل "
- نعم .منتديات ليلاس
وصمت لحظة قبل ان يضيف " لا يمكنك انت ان تعيشي هنا , أليس كذلك؟"
- لا .
لم تستطع ان تتخيل نفسها وهي تقضي عمرها هنا , فالكثير من هذا يخيفها وإن كانت معجبة بجمال المنطقة الصارخ .ريحانة
- انت فتاة مدينة بامتياز؟
سددت إليه نظرة حادة لكن صفاء عينيه الزرقاوين لم تعكره أي سخرية او نقد . وردت " لا , لست فتاة مدينة"
رغم انها تجد سهولة أكبر في تخيل نفسها في المدينة منها في ايغل ريتش . وتابعت تقول " اعيش في مدينة صغيرة هادئة على الساحل, على بعد ثلاث ساعات نحو الشمال"
واشرق وجهها كله وهي تفكر في مدينتها " المكان جميل لاسيما في هذا الوقت من السنة"
عندما يختلط الصيف بالخريف حيث تبقى الأيام دافئة فيما تكون الليالي باردة .
- إن كان المكان جميلاً هناك , فماذا تفعلين هنا؟
تحرك في داخلها الحزن الذي اختلط بشعور آخر اكثر إيلاماً . أهو الغضب ؟ قمعت مشاعرها هذه وردت " توفي والدي بعد ان عانى لسنوات من الجنون. كنت ممرضته طوال الوقت فاحتجت للابتعاد قليلاً"

Rehana 12-06-19 05:50 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
إنما إلى مكان لطيف, مكان يمكنها ان تغمض فيه عينيها وتتنفس بحرية أكبر . لم تشأ ان تأتي إلى مكان يجعل الرعب يدب في اوصالها حيناً ويخطف انفاسها بسحره وجماله احياناً اخرى . مد كينت يده ليغطي بها يدها قائلاً " لابد ان الوضع كان صعباً"
اومأت برأسها وقد غصت بدموع لم تذرفها لرؤية اللطف في عينيه الزرقاوين العميقتين. واستطاعت ان ترى انه فهم ألمها !
عادت تنظر إلى النهر مصممة على ألا تبكي لكن قلبها راح يتخبط بين ضلوعها مع تغلغل حرارة يده إلى اعماقها . رفعت نظرها إليه فجف فمها . هل شعر بهذا هو ايضاً؟
اشتدت يده على يدها وكأنه يجيب عن سؤالها . وتسارع الابتهاج في داخلها عندما ضاقت عيناه وهما تتأملان شفتيها . ثلاث خطوات تفصل بينهما وهي تريد ردم هذه الهوة سريعاً. إنها تحتاج إلى ذلك . لم تشعر يوماً بهذا التوق لأن يلمسها رجل. ارادت ان تغرق في احضانه وألا تخرج لتلتقط انفاسها.
مالت دجوزي نحوه وقد انفرجت شفتاها تدفعها إلى ذلك قوى اعظم من المنطق . وجمد الزمن من حولهما وفقد أي معنى له باستثناء قدرته على جعل حواسها أكثر تيقضاً. ارادت ان تتنفس عطره الرجولي الحار ورغبت في ان تلف ذراعيها حول عنقه وان تمرر اناملها في شعره الداكن.
لكنه ما لبث ان هز رأسه وابعد يده وتراجع إلى الوراء فيما تحول فمه إلى خط متجهم وهو يحدق في النهر. غمرتها خيبة الأمل وملأت فمها بطعم المرارة اللاذع .منتديات ليلاس
خبت خيبة الأمل ليحل محلها الارتباك سريعاً "أنا ... حسناً ... هل ترغب في تحلية ؟"
امسكت بكيس الحلويات وكأنه طوق نجاة واضافت " لم اعرف ما الذي ترغب في تناوله فاخترت بضع قطع من الكاراميل , ونصف دزينة من بسكويت الشوفان وقطة من فطيرة الليمون واخرى من كيك الشوكولا"
واخرجت كل نوع من انواع الحلوى فيما هي تسميه ووضعتها بينهما . كان مبلغ العشرين دولار الذي دفعه يستحق أكثر من هذا بكثير لكنها لم تستطع ان تحمل المزيد . واضافت متلعثمة وهي تكور الكيس الكبير وتضغطه لتحوله إلى كرة صغيرة " أعني , كان يمكن ان تحصل على كيك الجزر او المافن . لكن إن كنت تفضل نوعاًَ آخر فأنا واثقة "
مد يده واوقف حركتها فجفت الكلمات المتبقية من جملتها في حلقها . وتسارع نبضها الأحمق في عنقها .
- لم تكن بالفكرة الجيدة.
ادركت انه لم يكن يتحدث عن الحلوى بل عن معانقتها فأومأت برأسها فيما تشنجت حنجرتها وهي تجيب " أعلم هذا"
تراجع الى الخلف وسألها مشيراً إلى الاطباق " ما الذي ترغبين فيه؟"
اختارت قطعة من البسكويت ليس لأنها تشعر بالجوع بل لأنها ارادت ان تجد ما تفعله . في الواقع , لم تعد تشعر بالجوع ابداً, او على الاقل بالجوع للطعام .
القت نظرة من فوق كتفها , بحثاً عن شخص ما او شيء ما وفغرت فمها حين رأت حجم الحشد الذي يتناول الطعام في الحقل خلفها " من اين جاء هؤلاء كلهم ؟"

Rehana 12-06-19 05:52 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
التفت كينت ثم هز كتفيه وتمدد على جانبه قبل ان يجيب " سمعت ان السوق ينشط في فترة بعد الظهر . وقد بلغ مسامع سكان غلوسستر في السنوات الاخيرة "
نظرت اليه وحاولت ألا تلاحظ كيف مد جسده في ما يشبه الدعوة وسألته " لماذا ؟"
رد وهو ينزع الورقة الشفافة عن كيك الشوكولا " بدأ صيت بعض المنتجات المحلية يشيع"
انتصبت أذناها وسألت " مثل ماذا ؟"
ركعت على ركبتيها لتراقب الجموع .منتديات ليلاس
- أتعنين غير صلصلة الطماطم والعسل؟
التفتت إليه ثم ضحكت . إذن , يمكن لكينت العبوس الذي يرفع راية لا تقتربوا مني كثيراً , ان يطلق نكتة .. وان يبتسم فيما هو يفعل هذا. يمكن ان تعجب به مع الوقت , ان تعجب به كثيراً.منتديات ليلاس
- إذن , كنت محقة في تخميني , أليس كذلك؟
- نعم اذا استبدلت الصلصلة بمخلل الشوكولاتة الذي تعده ليز.
غضنت ابتسامته الخطوط حول عينيه فرفضت معدتها ان تهدأ.
- هذا المخلل شهير ولسبب وجيه , فما من شيء يضاهي سندويش سمك الهفّ مع مخلل الشوكورت.
سجلت كلامه هذا في ذهنها لتعود اليه لاحقاً.منتديات ليلاس
- باستثناء هذه ربما !
ولمعت عيناه فيما هو يمضغ كيك الشوكولا " يا إلهي يا جوزي"
وحدق فيها بشيء من الإعجاب ومن الرعب معاً قبل ان يضيف " هذا .."
- جيد ؟
- بل أكثر من جيد.
- اخبرتك اني اعد وصفة ألذ إذا ما توفرت لديّ المكونات .
ضحك عندما رفعت رأسها في حركة اعتداد بالنفس.
- ما الذي عليّ ان ابحث عنه ايضاً؟
- صابون كلويه المعد في المنزل . رأي الجماهير منقسم بين الصابون برائحة الفراولة والصابون الناعم برائحة الحامض والآس.
- آه , حسناً . سأشتري النوعين .
وأشارت اليه بإصبع الاتهام قائلة " هذا ما عليك ان تضعه في الأكواخ , فالناس سيحبون ذلك"
ورمقته بنظرة ماكرة قبل ان تسأله " ماذا عن العسل ؟ هل هو مشهور ايضاً؟"
تناول ما تبقى من الكيك وابتسم قبل ان يجيب " سأعرفك الى مربي النحل المحلي, فرايزر تود العجوز . سيبيعك بعض العسل من القفير مباشرة مع قطعة من الشهد فيه . لن تتذوقي عسلاً مثله ابداً"
سأل لعابها ودفعت طبق البسكويت نحوه فمن الأفضل ان تحافظ على شهيتها لتتذوق الأنواع التي تحدث عنها .منتديات ليلاس
- أتظنين أن عليّ ان اكسب المزيد من الوزن؟
- أنت من قال إنه جائع . ما زال عليك ان تتناول قطعة فطيرة الليمون وبعض قطع الكراميل .
- سأحتفظ بها إلى وقت لاحق.
وأشار برأسه نحو الاكشاك التي تجمعت حولها الحشود وأردف" ظننت انك تتوقين إلى جعلنا نختلط بهم فنكافح للحصول على السلع التي نريد قبل ان تنفد"

Rehana 12-06-19 05:53 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 
احبت طريقته في استخدام صيغة الجمع فهذا يعني انه ينوي البقاء هنا لبعض الوقت . تراقص الدم في عروقها , ورفعت يداً طوقت المشهد الممتد امامهما كله " سأستمتع بهذا اولاً"
- بم ستستمتعين ؟
- بمراقبة الناس وهم يمرحون , بسماع ضحكاتهم . هذا ما عنيته حين قلت لمارتي وفرانك إني احتاج إلى استراحة.
جمد كينت في منتصف عملية المضغ. وبعد لحظات , راح يمضغ ببطء ما تبقي من قطعة البسكويت ثم ابتلعها قبل ان يسأل " ألا ترغبين في ان تكوني جزءاً من ذلك؟"
- ربما.
لم ترفع نظرها عن الحشد وكأنها تحاول ان تشبع جوعها " اود ان استمتع بهذا اولاً. آه , ثمة فنان يضع ادواته"
- إنها احد اسرارنا الخفية .
جمع كينت ما تبقى من طعام واعاده إلى الكيس ثم مد يده إلى جوزي وقد بدا اللطف على ملامحه " تعالي, لِمَ لا أريك افضل ما تقدمه المدينة ؟"
كانت جوزي أكثر من سعيدة حين وضعت يدها في يد كينت السمراء والقادرة وتركته يشدها لتقف على قدميها واكثر من مستعدة لتختلط بالحشد الضاحك السعيد وتصبح جزءاً منه .

نهاية الفصل

Rehana 14-06-19 06:39 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الرابع )
 

5- المهرجان


وبعد بضع ساعات , وبخته جوزي وهي ترتمي على احدى الطاولات " يجب ان تخجل من نفسك"
- اخجل من نفسي ؟
ما الذي ...؟ لقد بذل جهداً جباراً ليلعب دور الرفيق الاجتماعي لجوزي طيلة فترة بعد الظهر , وظن انه نجح في ذلك.منتديات ليلاس
لم يتطلب ذلك جهداً فعلياً او حتى أي جهد إنما كلفه أكثر من نظرة تأملية رمقه بها السكان المحليين . لكن هذا لا يهمه فثرثرتهم لا يمكن ان تمسه ولن تؤذي جوزي ايضاً لأنها سترحل بعد ثلاثة اسابيع .
ثلاثة اسابيع , وإياك ان تنسى هذا ! مد ساقيه الطويلتين تحت الطاولة ليجلس قبالتها في حين شعر ان ما عليه ان يفعله هو ان يقف على قدميه ويفر في الاتجاه المعاكس.
لكنه لم يستطع. عندما صرحت جوزي عما ارادته فعلاً في عطلتها , فيما عيناها الجائعتان تتأملان الحشد ويداها مسترخيتان بشكل غريب وغصن صغير من شجرة الصفصاف يداعب كتفها ويعلق بشعرها, كون فكرة واضحة عما تخلت عنه عندما اختارت ان تتولى رعاية والدها .

Rehana 14-06-19 06:42 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الخامس )
 
لم تكن بحاجة إلى عطلة تقضيها معزولة في أعلى الجبال بل تحتاج لرؤية الناس ولتشعر بالتواصل مجدداً. تحتاج لصوت حياة وضحك لتساعدها على طرد صور المرض والموت التي عايشتها مؤخراً.
لا يمكنه ان يغير واقع انها عالقة بعيداً عن الحضارة في الجبل , لكنه اخذ عهداً على نفسه ان يجعلها تستمتع بهذا اليوم وان يمنع أي شخص , بما في ذلك تلك الشريرة بريدجت اندرسون , من استغلال كرمها . وهاهي الآن , تقول له إن عليه ان يخجل من نفسه؟
سألها وقد شعر بأنه متضايق اكثر مما اراد ان يعترف " لماذا؟"
فتحت ذراعيها على اتساعهما ووجد نفسه يرغب في الارتماء بينهما . وقطب سائلاً " ماذا؟"
- انظر إلى هذه المنتوجات المحلية .
قدّر انها اشترت من كل منتج وجدته , ما جعله يبتسم .منتديات ليلاس
- مع وجود كل هذه المنتجات في متناول يدك, كيف امكنك ان تبقي الأكواخ بهذه الحالة؟
- بهذه الحالة !
واخذ نفساً عميقاً قبل ان يردف" أعلم ان ايغل ريتش ليس فندق الريتز , لكن ..."
قاطعته بشخرة وقالت "يمكنك ان تقول هذا"
- اسمعي ! انت لست من نوعية الزبائن التي اعتدت استقبالها.
مالت إلى الأمام وقالت " اعلم انك تردد ان الأكواخ تستقطب الرجال الخشنين الذين يهوون الطبيعة لكن ...."
واستقامت في جلستها وقد فتحت ذراعيها مجدداً.
تمنى لو انها تتوقف عن فعل هذا . وسألها " ماذا ؟"
- هل يتطلب تحويلها إلى امكنة اكثر جاذبية الكثير من الجهد؟ لابد انها تمازحه.
- حتى الرجال الخشنين , الذين يهوون العيش في الطبيعة والهواء الطلق , يحبون ان يجدوا جواً لطيفاً في المنزل بعد عودتهم من التسلق او صيد السمك او اي نشاط آخر خشن وقاسٍ يقومون به .
فدمدم " إذن .. إذن , انت تريدين مني ان اضع صابوناً بعطر الفراولة في الحمام وشموعاً بعطر الخزامي في غرفة الجلوس ؟"
سيجعل منه هذا محط سخرية واستهزاء.
- ربما لا تستطيع ان تضع صابوناً بعطر الفراولة فهذا لن يعجب رجالك الخشنين لكن ماذا عن الصابون برائحة النعناع والأوكاليبتوس ؟ سيضفي هذا لمسة محلية ولن يهدد رجولية أيّ منهم . ما العيب في هذا ؟
ثنت ذراعها وحدقت فيه, فثنى ذراعيه على صدره وبادلها التحديق.ريحانة
- دثاران من صنع السيدة غور سيفيان بالغرض ايضاً.
دثار؟منتديات ليلاس
- فضلاً عن لوحة او اثنتين . أعلم انك لست من النوع الذي يقدم الفواكه والأزهار...
جاء دوره ليشخر " يمكنك ان تقولي هذا"
لكنها تابعت كلامها بإصرار " لكن تقديم القليل من عسل السيد تود ومخلل ليز لفتة ودودة تفيد المدينة والضيوف في آن "
تمنى لو يستطيع ان يتجاهل كيف تتراقص الشرارات الذهبية في عينيها وتلتمع عندما تتحمس.

Rehana 14-06-19 06:42 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الخامس )
 
هذه ليست إشارة جيدة . عليه ألا يفكر في معانقتها . شبك يديه تحت الطاولة ليمنعهما من ان تمتدا وتمسكا بتلك الذقن الجميلة ليقربها منه .
- أتعلم ماذا ؟
- ماذا ؟
خرجت هذه الكلمة الصغيرة من بين اسنانه المطبقة , لكن فظاظته لم تعد عينيها تطرقان.
- اعتقد انك تخشى ان تجعل هذه الاكواخ تبدو كمنازل مأهولة . تراجع إلى الخلف بسرعة .
- اظن انك تخشى ان تجعل اي مكان يشبه المنزل.
شيء ما راح يتحرك في صدره بشكل مؤلم . حاول ان ينكر ما قالته لكنه وجد نفسه عاجزاً عن ذلك , فسألها بحدة " كل هذا لأني احب البساطة ولا أهوى الزخرفة ؟"
بالكاد طرفت عيناها وهي تجيب " إما هذا وإما انك تخشى ان تجعل الأكواخ تبدو جميلة بحيث تضطر لأن تتشارك جبلك مع الزوار الذين سيعتادون العودة في كل مرة والذين سيتزايد عددهم "
تحول الحراك في صدره إلى ألم.منتديات ليلاس
- لعلك محقة في هذا يا فتاة . فكينت لا يحب ان يشاركه احد وحدته.
هب كينت واقفاً وقد التمعت عيناه سروراً عند رؤية عيني كلانسي وايتهول الداكنتين والمتراقصتين والشعر الأبيض الذي يكلل رأسه . ساعد العجوز على الجلوس قائلاً" كلانسي , هذه جوزي بيترسون وهي ستبقى في ايغل ريتش لبضعة اسابيع"
قدم نفسه قبل ان تسنح الفرصة لكينت ليفعل ذلك " تشرفت بلقائك . انا كلانسي وايتهول "
وتأملت عيناه الداكنتان وجه جوزي ملياً فيما هو يصافحها واضاف " لديّ امتياز مشكوك فيه وهو اني اقدم سكان مارتين غولي"
ابتسمت جوزي إحدى تلك الابتسامات التي تصيب كينت في الصميم وقالت " سرني التعرف إليك يا سيد وايتهول "
- ناديني كلانسي رجاءً, فالسيد وايتهول كان والدي.
ضحكت جوزي والتفتت إلى كينت لتشاركه سرورها . وكاد كينت يتأوه بصوت عال عندما تبع كلانسي حركتها . كان الرجل العجوز حاد الذهن ولم يحب كينت التخمينات التي ظهرت فجأة في عينيه كما لم يحب الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه.
- هل عشت طيلة حياتك في مارتين غولي يا كلانسي؟
- اجل يا فتاتي .
- أراهن على ان لديك بعض القصص لترويها.منتديات ليلاس
- بالطبع لديّ.
ونقل كلانسي نظره بين جوزي وكينت قبل ان يسألها " كيف تجدين الإقامة في ايغل ريتش؟"
ارتعشت شفتا جوزي والتقت نظراتها نظرات كينت مجدداً" تتحسن "
رفع كلانسي حاجبيه متسائلاً تماماً كما توقع كينت الذي وجد نفسه يهب واقفاً على قدميه . لم يكن يأبه برأي امرأة ثرثارة مثل بريدجت اندرسون لكن ما يفكر فيه كلانسي يهمه , وهو يريد ألا يفكر كلانسي في شيء الآن .
- كينت ؟
همسة جوزي اعادته إلى ارض الواقع فقال " حان الوقت كي ارحل"

Rehana 14-06-19 06:42 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الخامس )
 
وشد طرف قبعته بحيث غطت جبهته واضاف " اريد ان اتفقد ليز قبل ان اعود إلى المنزل"
- سمعت انها مريضة . بلغها سلامي.
عندئذ , اومأ كينت برأسه وابتعد. لكنه لم يعرف نظرة من تلك التي احرقته أكثر , أهي نظرة كلانسي أم نظرة جوزي؟
أشاحت جوزي بنظرها عن ظهر كينت الصلب وابتسمت مجدداً لكلانسي. كانت عينا كلانسي ذكيتين , فأومأ برأسه نحو كينت قائلاً" إنه فتى طيب "
طيب ؟ فتى؟ بل رجل يثير الجنون. ولا يعني هذا انها تفي الصخب الذي يثيره كينت في داخلها حقه , لكنها اومأت موافقة.ريحانة
- لقد انقذني من يوم عمل شاق خلف إحدى الطاولات .
ضحك كلانسي وسألها " تمكنت بريدحت اندرسون منك. أليس كذلك؟ تلك المرأة من النوع الذي يحب الإدارة وهي تحب السيطرة . كان عليها ان تعمل في حقل السياسة"
ضحكت جوزي لهذه الفكرة التي وجدتها ممتازة. وتساءلت إن كان كلانسي قادراً على تحديد ما يمكن ان تبرع فيه هي؟
- هل تستمتعين بعطلتك في ايغل ريتش؟
خانها ترددها وفضح امرها " أنا ... المكان معزول نسبياً"
وهزت كتفيها قبل ان " اعني انه جميل... الأجمل, النهر كما لم أر قط في حياتي السماء كما تراها هنا ليلاً"
لم تشأ ان يظن كلانسي انها لا تقدر المكان واردفت قائلة " لكني ... لا اظن اني خلقت من اجل هذا القدر من الوحدة "
اومأ كلانسي برأسه قائلا "حسناً. هذا ينطبق على كينت ايضاً"
تراجعت إلى الخلف بسرعة كبيرة بحيث كادت تقع ارضاً. وسألته " هل انت جاد؟"
التمعت عيناه للحظة وهو يجيب " نعم يا فتاتي "
- لكن ...
تلعثمت وهي تحاول التعبير عن افكارها " إنه خشن وقوي للغاية و ... قاسٍ. ولا يبدو عليه ان الوحدة تزعجه "
وقطبت وهي تضيف " في الواقع , يبدو حريصاً عليها ولا يريد ان يتعدى عليها احد"
خصوصاً هي.منتديات ليلاس
- اههه...
لكن كلانسي لم يتابع كلامه. راقبها الرجل العجوز بإمعان بعينين امتلأتا بالتخمينات فأدركت فجأة لما غادر كينت على عجل. وشعرت برغبة سرعان ما اختفت .ريحانة
كان كلانسي الشخص الوحيد الذي التقته في مارتين غولي ووجدته يأبه لأمر كينت , فصداقتهما واحترامهما المتبادل لبعضهما البعض بديا جليين منذ اللحظة اولالى. مدت يدها عبر الطاولة ولمست يد الرجل العجوز قائلة " سأرحل عن هذا المكان بعد ثلاثة اسابيع , وكينت يظنني امرأة ضعيفة . يسره ان يتخلص مني, صدقني"
ضحك كلانسي وقال " هذا ما يريدك ان تظنيه "
وربت على يدها مضيفا " والآن, لِمَ لا تأتين لزيارة هذا الرجل العجوز عند عودتك إلى المدينة مجدداً؟"
- اود ذلك.

Rehana 14-06-19 06:43 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الخامس )
 
- ذاك هو منزلي.
واشار الى منزل رائع قريب فابتسمت جوزي ابتهاجاً. بدأت الاسابيع الثلاثة القادمة تبدو اكثر إشراقاً.
حاولت جوزي ان تخفف من سرعة دقات قلبها وهي ترفع يدها لتدق الباب الخلفي لمنزل كينت .
قالت عندما ظهر امامها " مرحباً"
حاولت ان تبتسم لكنها وجدت ان شفتيها اصبحتا كالمطاط , حالها في ذلك حال ساقيها .
تأملها للحظة ثم اجاب " مرحباً"
لم يعبس ولم يقطب حاجبيه بل رمقها بنظرة حذرة . تملكها الارتياح واملت ان يكون كينت الفظ والعدائي قد رحل الى الابد , إذ احبت اكثر كينت الذي يضحك ويمازحها .ريحانة
نظر وراءها وسأل " هل كل شيء على ما يرام ؟"
- نعم , طبعا, أنا ...
لقد نسي . ارادت ان تضرب الأرض بقدمها احتجاجاً وارادت ان تصفعه . ارادت ان تبكي من شدة خيبة املها. كانت تتطلع إلى هذا طيلة النهار و... وقد نسي .
لكنها لم تضرب الأرض بقدمها ولم تصفعه كما لم تبك بل تابعت محاولاتها لرسم ابتسامة على وجهها وقالت " اليوم هو يوم الاثنين"
ضاقت عيناه وتجولتا على وجهها وكأنه يبحث عن آثار ضربة شمس ما , ثم قال بتمهل وكأنه يوافق طفلاً على كلامه " هذا صحيح "
ولم يساعدها تصرفه هذا على التخلص من رغباتها الطفولية , فأخذت نفساً وعدت حتى ثلاثة قبل ان تقول " وعدت بإعطائي دروساً في الشطرنج "
ضرب جبينه بكفه وقطب فتراجعت جوزي خطوتين إلى الخلف وصاحت به وهي تكبح جماح قدمها التي تاقت لتضرب الارض ويديها اللتين ارادتا ان تسددا له صفعة " لا تفعل هذا "
ازداد تقطيبه وسألها " افعل ماذا؟"
- نبدو على هذا النحو, تعود إلى لعبة الرجل ذي الشخصيتين .
ودفعها الكبرياء الى رفع ذقنها قبل ان تضيف " اعرف انك لست زميلاً لي في العمل , واعلم حتى انك لست صديقي , لكن يمكننا على الاقل ان نتصرف بطريقة حضارية مع بعضنا البعض ونستمتع بلعب الشطرنج سرياً, ألا يمكننا ذلك؟"
- يمكننا ذلك بالتأكيد.منتديات ليلاس
- امضينا وقتاً بالأمس.
- نعم .
تمنت لو يظهر المزيد من الحماسة . وجرجر قدميه سائلاً" اما من كيك بالشوكولا ؟"
ابتسم لكن الابتسامة لم تصل إلى عينيه . تلعثمت وترددت طويلاً قبل ان تجيبه بالنفي ثم تذكرت رد فعله في آخر مرة احضرت فيها الحلوى وسألته " ألم يكفك ما أكلته بالأمس ؟"
- لا , ابداً.
هذه المرة شقت الابتسامة طريقها إلى عينيه فوجدت جوزي نفسها تتنفس بسهولة أكبر ووعدته " الاثنين المقبل "
كان عليه ان يجد طريقة للتملص من وعده هذا.

Rehana 14-06-19 06:44 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الخامس )
 
وقفت جوزي امامه وقد ارتدت سروالا ابيض اللون وقميصا اخضر فبدت افضل من قالب الحلوى بالشوكولا . بدت افضل من أي شيء آخر رآه منذ زمن بعيد , بعيد. وتملكه شعور بأنه كلما قل الوقت الذي يمضيه معها كلما كان ذلك افضل فهي تجعله يرغب في امور اجبر نفسه على نسيانها . لكن , عندما نظر إلى الوجه الذي جمع الأمل والخوف معا لم يستطع ان يخذلها . لقد وعدها وسيفي بوعده.
- لِمَ لا نجلس هنا في الخارج ؟
وأشار برأسه إلى المقاعد الموضوعة على الشرفة . لم يشأ ان يجلس في المطبخ, ولم يشأ ان يتغلغل عطرها في حواسه ويتسلل إلى منزله بحيث يصبح اول ما يشتمه عندما يستيقط في الصباح.
تنهدت وهي تجلس ثم حدقت فيه بعينيها اللتين تلمتع فيهما شرارات الذهب ووضعت ساقا فوق الاخرى. يا إلهي ! لم يكن طولها يتجاوز المتر وستين سنتيمترا لكن ساقيها تمتدان إلى الابد . استدار وتوجه إلى الداخل , وألقى نظرة ناقدة على المطبخ حيث وقف ثم قطب.منتديات ليلاس
امرت نفسها حين عاد للظهور حاملاً رقعة الشطرنج " ابتسمي "
بذل قصارى جهده كي يحول وجهه إلى قناع لطيف. في الأمس , وجد سهولة كبرى في الابتسام لجوزي وسهولة كبرى في مشاركتها الضحك , ولم تكن هذه عادة ينوي تكريسها.
- إلى أيّ مدى تجيدين اللعب؟
وتنهد حين حدقت فيه بانشداه ثم اضاف " ما الذي تعرفينه عن اللعبة ؟"
- اعرف كيف تتحرك الاحجار.منتديات ليلاس

نهاية الفصل

Rehana 15-06-19 06:07 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
6 - إنها نقطة البداية

وبعد اربعين دقيقة , استنتج كينت ان جوزي لاعبة شطرنج رهيبة . يبدو انها تبغض الاستيلاء على احجار خصمها بغضاً شديداً كما تبغض في الوقت عينه ان تتخلى عن احجارها . كان يهاجم فتتراجع محاولة ان تجد طريقة لتنقذ كل حجر من احجارها . لم تكن تفهم مفهوم التضحية بحجر من اجل الربح الأكبر. لم يكن لديها ذرة هجوم في جيدها . وهو جسد جميل في الواقع.
توقف . ركز على الشطرنج . لا تبدأ بملاحظة ... امور اخرى. لكن المشكلة تكمن في انه امضى درس الشطرنج كله في ملاحظة الأمور الاخرى. لاحظ كيف تجمد يداها بين حركة واخرى وكيف تبدوان صغيرتين وجميلتين , ولاحظ كيف تعض على شفتها السفلى فيما هي تحاول تحل عقد اللعبة, وتنبه إلى اللون الذهبي اللامع الذي بدأت بشرتها تكتسبه بعد تمضية اسبوع في الهواء الطلق وتحت اشعة الشمس.
تعمد ان يضع كرسيه بشكل يحول دون رؤية ساقيها , إلا انه كان يعلم انهما موجودتان على مقربة منه . وتساءل إن كان يستطيع ان يطلب منها ان ترتدي في المرة المقبلة قميصا بكمين ولا يبرز جسمها , وان تضع كيسا في رأسها .

Rehana 15-06-19 06:08 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
تململ في كرسيه , لكن هذا لم ينفعه كثيراً. لا يهم كم طبقة من الملابس سترتدي فهي لن تخفي الرشاقة غير المتعمدة لحركة يديها . وحتى عندما يغمض عينيه لئلا يلاحظ جسدها , تلاحقه رائحتها الزكية.منتديات ليلاس
لم تثرثر وتلغو وهذا مؤسف لأن الثرثرة التافهة تثير اعصابه. وإذا ما اثارت اعصابه فقد يتلهى عنها أكثر ... ويتلهى عن امور اخرى. لكن لا , لم تمنحه حتى خشبة الخلاص هذه إذ جلست هناك, واضعة يديها على الطاولة , مركزة نظرها على اللعبة , وقد بدت مسترخية تماماً ومرتاحة كلياً.
وبتنهيدة اختلط فيها الاحباط بالارتياح , حرك كينت ملكته ووضعها في مواجهة ملكها قائلاً " مات الشاه "
وضعت جوزي بنعومة فائقة ملكها المحفور من الخشب على جنبه ثم نظرت إلى قطعها المصفوفة من ناحية كينت وقالت " قد لا اعرف الكثير عن الشطرنج , لكنك تغلبت عليّ للتو , أليس كذلك؟"
- نعم .منتديات ليلاس
- أنا فاشلة جداً, ألست كذلك؟
- نعم.
إن كان محظوظاً فستتخلى عن محاولات التعلم , لاسيما إن لم يشجعها هو .
- سيتحسن ادائي مع الوقت والتمرين.
تباً!
رفعت نحوه ذقنها الجميلة ما جعله يطلق شتيمة جديدة في سره . وأشارت الى لوحة الشطرنج سائلة " هل تحتاج إلى أي مساعدة في ترتيبها ؟"
- لا .
- حسناً , شكراً على اللعبة .ريحانة
هبت واقفة وسارت الهويني , ولو لم يكن كينت يعرف نفسه لأقسم ان الغضب والاستياء يسيطران عليه وليس الشعور بالارتياح . فتح فمه ليناديها لكنه عاد واطبقه .
امسك بلوحة الشطرنج وعاد إلى الداخل وقد تيبست كتفاه كإحدى قطع لعبة الشطرنج .
- في اي اتجاه يا مولي ؟
لهثت مولي والتصقت بساقي جوزي حين توقفت هذه الاخيرة عند مفترق طرق, لكنها لم تشر إلى الاتجاه الذي تفضله .
زمت جوزي شفتيها . لقد استكشفتا جنوب النهر في الاسبوع الماضي فهل عليهما اجتياز النهر ام استكشاف أعلى النهر ؟ رفعت وجهها نحو الشمس لتجد متعة فائقة في دفئها , ولاحظت الطيف عند الجهة الاخرى من النهر فاتخذت قرارها على عجل " سنتوجه اليوم نحو أعلى النهر يا مولي , فما رأيك؟"
اهتز ذيل مولي بقوة أكبر ما جعل جوزي تضحك. إذا ما سمعها احدهم وهي تتحدث بهذه الطريقة إلى الكلب لظن انها مجنونة . إلا انها بدأت تتطلع إلى نزهتها اليومية . لعلها بدأت نزهاتها كطريقة لتمضية الوقت وطرد الملل لكنها بدأت تشعر بأن جسدها يستفيد من منافع الحركة اليومية . وبما انها لم تغادر المنزل إلا نادراً في الاشهر القليلة الماضية, افادها ان تحرك عضلاتها وان تملأ رئتيها بالهواء النقي . ستستمر في ممارسة رياضة المشي حتى بعد عودتها إلى منزلها .وستشتري كلباً ايضاً.

Rehana 15-06-19 06:09 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
سارت برفقة مولي لما يقارب العشر دقائق قبل ان تصبح الاشجار متفرقة والنهر متسعاً وضحلاً اكثر ما جعل الخوض فيه اسهل. رذاذ المياه ولؤلؤ النهر الحمراء والبنية الجميلة سلكت مشهداً اسرها.
ثم سمعت صوت تناثر مياه اعمق في مكان قريب خلف مجموعة اخرى من الصخور.
لم تكن تحب الاصوات القوية, وهذا الصوت يشير إلى حيوان بحجم مولي على الأقل .هل من خنازير برية في هذه الانحاء؟ لم تشأ ان تكتشف ذلك. وبدأت تتراجع قائلة " هيا يا مولي , حان وقت ..."
ولم يتسن لها الوقت لتنهي جملتها لأن مولي نبحت وراحت تعدو إلى الامام . يا إلهي ! ! غمغمت جوزي ولحقت بها . ما الذي يمكن ان تقوله لكينت لو حل بمولي اي مكروه ؟.
تسلقت جوزي إلى أعلى الصخور , آملة ان تستفيد من فارق العلو, ومستعدة لأن تلوح بيديها وتصرخ عالياً لتبدو ضخمة ومخيفة بقدر ما ينتظرها في الاسفل . منتديات ليلاس
- مرحبا جوزي.
كادت جوزي ان تقع في النهر " كينت !"
في الاسفل , كان كينت يحرك قدميه في مياه بركة طبيعية شكلتها الصخور , وقد ارتسم على وجهه تعبير ما بين التقطيب والتكشير. انزلقت المياه على شعره وعلى كتفيه العريضتين اللتين اكتسبتا سمرة جميلة , فراح قلب جوزي يتخبط بين اضلعها . كانت المياه صافية لكن ظل الصخور اخفى الجزء السفلي من جسده.منتديات ليلاس
الحمد لله!
وعندما لم تجبه جوزي , ظل كينت عينيه بيده ورفع نظره نحوها. لابد انه لاحظ كيف احمرت وجنتاها , وكيف جحظت عيناها إذ رفعت ابتسامة بطيئة زواية فمه وقال " الأرض تنادي جوزي , حول"
سارعت لإخفاء ارتباكها وقالت " أنا , حسناً , سمعت صوت شيء يسقط في الماء"
- وقررت ان تتحري عن الأمر؟
- اممممم, لا .
وانزلقت عن الصخرة قبل ان تسقط عنها. جذبت نفسها إلى الخلف وسارعت إلى الجلوس على صخرة ثم لفت ذراعيها حول ركبتيها لتمنعهما من الارتجاف وعادت تقول " لا "
بذلت قصارى جهدها كي تستجمع افكارها, وتمكنت اخيراً من ذلك " بدا الصوت قوياً فقررت ان اعود من حيث اتيت"
ووجهت له ابتسامة اعتذار قبل ان تضيف " اخشى اني لست مهتمة بلقاء أي فرس نهر او دب قطبي او ما شابه "
تحولت ابتسامته إلى تكشيرة وهو يقول " آخر معلومات لديّ تشير إلى ان هذه الحيوانات لا تعيش في البرية الاسترالية "
كانت تكشيرته معدية إذ بادلته التكشير وقالت "اظنك فهمت ما اعنيه , خنزير بري او ما شابه"

Rehana 15-06-19 06:09 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
- أنت في امان هنا , لكن فكري في تسلق اقرب شجرة إذا ما صادفت احدها . اتفقنا؟
- حسناً.
وسجلت المعلومة في ذهنها .
- إذن , لِمَ قررت ان تتحققي مما يجري ؟
- مولي اتجهت إلى هنا.
- وظننت ان المكان آمن ؟
ارادت ان تضرب جبينها بكفها . لابد ان المكان آمن فمولي أكثر جبناً من جوزي. لابد انها اشتمت رائحة كينت او شيء من هذا القبيل. وفجأة , شعرت جوزي بأنها أغبى مخلوق على وجه الأرض , فرطبت شفتيها ورددت " هذا صحيح "
ارجع كينت رأسه إلى الخلف وضحك قبل ان يقول " كاذبة . ظننت ان مولي تحتاج إلى حماية , أليس كذلك؟"
رفعت ذقنها واجابت " وما العيب في ذلك؟"
هز رأسه وابتسم لها قائلاً" انت حالة ميئوس منها يا جوزي , أتعلمين هذا ؟"
قال هذا بلطف كبير فلم تنزعج .منتديات ليلاس
- هذا المكان جميل.
ورفعت وجهها نحو الشمس والتفتت من حولها فلاحظت الثياب المكومة على صخرة قريبة : السروال , القميص ... الملابس الداخلية , اتسعت عيناها وسألته " هل انت عارٍ يا سيد بلاك ؟"منتديات ليلاس
- انا فعلا كذلك يا آنسة بيترسون.
راهنت على ان الشعور بالماء البارد , الحريري على الجسد من دون قيود, امر رائع , إنها الحرية.
- لم أسبح يوماً عارية .
ابتسم لها بتحد وحرك حاجبيه " هل تريدين ان تجربي ؟"
عليه ان يفعل هذا غالباً , ان يبتسم. فالابتسامة تخفف الخطوط البارزة في وجهه وتجعله يبدو كرجل يمكن لها ان ...
هراء! يا لها من فكرة مجنونة . ابتسمت وعادت تجلس مستقيمة على صخرتها الدافئة " لا , شكراً لك "
واتسعت ابتسامتها وهي تضيف " إلا انني سأكتفي بلعب دور المشاهد"
نعم , ثمة مشهد مغر هنا . كانت عضلاته قادرة على جعل دقات قلب أي فتاة تتجاوز الحد المعقول .
- إذ لم تتوقفي عن النظر إليّ بهذه الطريقة فسأضطر إلى سحبك إلى هنا لتخفيف حرارتك.
دمدم كلماته دمدمة فاختفى لهوهما السابق ومزاحهما ليحل محملهما إدراك ساخن وثقيل للآخر . واكتسحتها الحرارة ... ولم تقتصر على خديها .منتديات ليلاس
إنها فكرة اخرى مجنونة . إذا ما جذبها إلى البحيرة حيث يسبح فلن تخف حرارة أي منهما . حاولت ان تتحكم بملامح وجهها وقالت " آسفة "
- سأخرج الآن .
تلعثمت وهي تجيبه " آه , حسناً"
- هلا استدرت من فضلك ؟
ارتعشت شفتاها عند سماع سؤاله وسألته " لِمَ يا كينت , أتشعر بالإحراج ؟"
نظر في عينيها واجاب " لا , لكني ظننت انك من سيشعر بالإحراج "

Rehana 15-06-19 06:10 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
وهم بالوقوف , فاطلقت صيحة وقفزت عن صخرتها واستدارت فيما قلبها يتخبط . وتعالت قهقته ما جعلها تجد صعوبة في عدم الاستدارة . واجبرت نفسها على ان تخطو بضع خوات نحو أعلى النهر , بعيداً عن الإغراء.ريحانة
تخبط قلبها بين اضلعها وكاد يخرج من صدرها, وارح عقلها يدور في دوامة . ألم تكن ترغب في ان تغير مسار حياتها ؟ لعل هذا يعني ان عليها ان تخاطر قليلاً.
لم تعد التفكير في الامر بل استدارت على الفور لتواجهه . آه يا إلهي ! لم تستطع ان تشيح بنظرها عن رجولته الواضحة . حاولت ان تمنع قلبها من ان يقفز من صدرها . آه يا إلهي ! هذا الرجل وسيم . وبدا الهواء امام عينيها مثقلاً بالحرارة.
خطت خطوة نحوه قائلة " اود ان اجرب السباحة عارية"
سدد إصبعاً نحوها وحدق فيها قائلاً " ابقي حيث انت "
واظلمت عيناه حين تجاهلته واقتربت منه الى حدّ استطاعت معه ملاحظة النبض المتسارع عند اسفل حنجرته .
- انت لا تعرفين ما الذي تفعلينه.
خرج صوته خشناً من حنجرته وارتفع صدره وهبط .
- انا اعرف تماماً ما افعله .
ومدت يدها ووضعتها على قلبه . تصلب لكنه لم يتراجع .ريحانة
- فكري يا جوزي , فكري!
خرجت الكلمات من فمه بقوة وكأنها حجر . واردف قائلا " أنت لست من النوع الذي يتورط في علاقة عابرة . لا يمكنك ان تدعي ان الأمر لن يعني لك الكثير . التقيت نساء مثلك من قبل "
لكنه ... لم يبتعد .
- ستخنقينني , وسأكافح لاستعيد حريتي .
وازدادت خشونة صوته وهو يضيف " سنتجادل وستبكين "
واخذ نفساً عميقاً قبل ان يتابع " ستتعقد حياتي وأنا لا احب التعقيدات "
- تتعقد ؟ كيف ؟
- قلت إنك لا تستطيعين العيش هنا وأنا لا استطيع ان اعيش إلا هنا.
لا يستطيع ام لا يرغب ؟ لكنها لم تعلق . وتحت راحتها اخذ قلبه يدق بشكل أقوى وأسرع .
وعاد يكرر " المسألة معقدة جداً"
لكنها لاحظت ارتعاش ذقنه .ريحانة
- بل على العكس من ذلك , المسألة في غاية البساطة.
ومدت يدها وامسكت بيده اليمنى ووضعتها على صدرها كي يتمكن من ان يشعر بدقات قلبها المتسارعة . وقالت " ما المعقد في هذا ؟"
بالكاد انهت جملتها اذا امتدت ذراع كينت واحاطت بخصرها ليضمها اليه بقوة . وتجاوبت معه بجوع لم تكن تعلم انها تملكه , لم تكن تعلم حتى بوجوده في الحياة .
حملتها المشاعر كتيار جارف يزيل ما يقف في طريقه , كرياح عاتية تحني رؤوس الأشجار . وشعرت بأنها متهورة وجامحة وحرة , ومدللة . شعرت ...
- لا !

Rehana 15-06-19 06:10 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السادس )
 
تراجع كينت إلى الخلف وحدق فيها . ورأت الألم والعذاب في عينيه. امسكت اصابعه بكتفيها وهزها , لكنها شعرت بأنه يرغب في ان يهز نفسه . تحركت في محاولة منها للامساك بيده علها تمحو الألم الذي اكتسح وجهه , لكنه اسقط يديه وتراجع بعيداً عنها.منتديات ليلاس
دمدم قائلاً" لن اسمح بحصول هذا "
شعرت بذراعيها محرومتين, باردتين همست " اين اخطأت يا ترى ؟"
خرجت الضحكة من حنجرة كينت خشنة فجرحتها . وضع يديه تحت إبطيه وشد قبضتيه وكأنه يتشبث بالحياة ثم قال " لا تلعبي دور الفتاة الساذجة . لا يمكنك ان تتجاهلي الأثر الذي تتركينه في الرجال "
الاثر الذي تتركه في ...
ماذا ؟ هي ؟ وفجأة اتسعت ابتسامتها . تراجع كينت وكأنه رأى الومضة في عينيها وادرك معناها . امسك بقميصه في يده ثم انحنى لينتعل حذاءه .
دمدم لكنها لم تستطع ان تكتشف ما قاله . بدا لها وكأنه قال " افكار مجنونة " وشيئاً ما عن فأرة , وهذا كلام غير منطقي ابداً.
امسك بقبعته ثم ابتعد من دون ان ينطق بأي كلمة اخرى . راقبته جوزي حتى اختفى بين الاشجار ثم سقطت على ركبتيها ودفنت وجهها في فراء مولي وهي تهمس " إنه يرغب فيّ"منتديات ليلاس
لم تستطع ان تخفف الابتهاج الذي سرى في جسمها ولم تحاول ان تفعل . ما يحتاجه هو بعض الوقت ليعتاد على الفكرة . هذا كل ما في الأمر .

نهاية الفصل

Rehana 16-06-19 07:50 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
7 - المريضة الجميلة

لم تقع عينا جوزي على كينت مجدداً قبل يوم الجمعة. مضت ثلاثة ايام كاملة منذ ذاك العناق على ضفة النهر . َِولا يعني هذا انها لم تحاول ان تراه , فقد ابقت عينيها شاخصتين علها تراه فيما نشطت مخيلتها واخذت الأحلام تراودها. منتديات ليلاس
ثلاثة ايام . حاولت ان تكبح نفاد صبرها وان تذكر نفسها بأنه يحتاج إلى وقت .
وفي يوم الجمعة , وفيما هي تترجل من سيارتها بعد زيارة لكلانسي , رأت كينت يتوجه بخطى واسعة نحو كوخها وقد بدت امارات التصميم على وجهه ما جعل قلبها يتخبط بين ضلوعها . هل عاد إلى صوابه اخيراً؟ نزلت من سيارتها على عجل وركبتاها تكادان لا تحملانها .
وعندئذ رأت الدلو والمكنسة في يده فهبط قلبها . لم يكن يبحث عنها , كما لم يكن في نيته ان يحملها بين ذراعيه ويعانقها عناقاً مجنوناً. وعلى مسافة ليست بطويلة , توقفا وحدقا في بعضهما البعض كخصمين في نزال قديم , كل واحد منهما ينتظر كي يقوم الآخر بخطوة .
ابتلعت خيبة املها , وعدم صبرها , واستعادت عناقهما ووضعته نصب عينيها ثم ابتسمت .

Rehana 16-06-19 07:51 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
يمكن لكينت ان يتصرف بتحفظ وبرودة حين يشاء . لكنها تعرفه وهي لا تنوي ان تسهل الأمور عليه. لوحت له بمرح وقالت " مرحباً كينت . أترغب في احتساء القهوة ؟"
مس طرف قبعته برفق وابتعد بسرعة . اغروقت عيناها فجأة بالدموع حين احست بطعنة ألم تمزق احشاءها . وفي هذه اللحظة , رأت بوضوح ما رفضت ان تراه من قبل. كان كينت محقاً. إن لم تستطع ان تحول دون ان يعني لها عناق بسيط الكثير , فكيف اذا ما تورطت أكثر؟ واستندت إلى غطاء سيارتها . كيف يمكن لها ان ترحل في نهاية عطلتها اذا ما تورطت اكثر ؟
لن تتمكن من الرجل , وهذه هي الحقيقة التي ادركها كينت . ستتعلق به فينتفض ويثور . ستبكي وسيكره نفسه. وشعرت برعشة هزت اوصالها . يا إلهي , ما الذي كانت تفكر فيه .منتديات ليلاس
اسست الايام الثلاثة الماضية لوتيرة ناعمة في حياة جوزي اليومية . فكانت تستفيق باكراً, تحتسي كوب القهوة الاول على الشرفة مع مولي والطيور ثم تحضر بعض الحلويات او بعض البسكويت والفطائر ثم تقود سيارتها إلى مارتين غولي حيث المتجر الكبير.
التقت نهار الاثنين ليز التي شفيت من الزكام الحاد وانسجمت على الفور مع هذه المرأة . وفهمت لما كينت يقدرها إلى هذا الحد. كانت ليز باركنز صاحبة قلب طيب, ترفض الثرثرة او ذكر أي شخص بالسوء. وهكذا, تناولت جوزي وليز وبريدجت الفطور معاً حيث اجتمعن حول طبق من الحلويات وابريق من الشاي.ريحانة
بعدئذ كانت تعود إلى المنزل لتغسل اطباقها وتنظف كوخها وترتبه وتقرأ الجريدة. وكلما خطرت لها اي فكرة مقلقة تعمد إلى طردها من ذهنها . ورأت ان مسألة ما ستفعله بما تبقى من حياتها يمكن ان تنتظر حتى منتصف الاسبوع المقبل. حينذاك , ستعمل على ايجاد جواب على هذا السؤال الذي يشغلها , لكنها صممت اولاً ان تستفيد من اسبوعين من إجازتها لتسترخي تماماً.
كانت تعود إلى مارتين غولي عند الظهر لتتناول الغداء مع كلانسي . وعندما تعود إلى المنزل مجدداً , كانت تقوم بنزهتها اليومية مع مولي .
كانت جوزي تتمكن في معظم الاحيان , خلال النهار من إبعاد كينت عن فكرها . ومما لاشك فيه ان هذا يتطلب منها جهوداً جبارة لكنها كانت تنجح في ذلك.
استيقظت جوزي نهار السبت وهي تعاني من السعال ومن ألم خلف عينيها فتجاهلت ألمها وامضت يومها كالمعتاد.
في صباح يوم الاحد , اجبرت نفسها على النهوض من سريرها , واخرجت الأدوات والمقادير اللازمة لإعدار الحلوى قبل ان تتذكر انه يوم الاحد وليس عليها ان تحضر الحلوى اليوم. فتحت الباب كي تتمكن مولي من الخروج ثم عادت بخطى بطيئة إلى سريرها وشدت الأغطية حتى غطت رأسها . ستقضي يومها في السرير.
استيقظ كينت في الثانية صباحاً على صوت انين وخدش بالأظافر تحت نافذة غرفة نومه . بعدئذ اطلقت مولي نباحاً قوياً. أبعد اغطيته وهو يطلق الشتائم ثم اتجه نحو الباب الامامي وفتحه على اتساعه . هل سمع احد يوماً بكلب يخشى الظلام ؟ دمدم " هيا ادخلي !"
لم تحاول مولي ان تطرحه ارضاً لتشق طريقها بابتهاج إلى الداخل كما اعتادت ان تفعل بل نبحت باتجاهه ثم ادارت رأسها نحو الاكواخ. باتجاه كوخ جوزي .

Rehana 16-06-19 07:52 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
لعل الساعة هي الثانية بعد منتصف الليل , ولعل كينت مشوش بفعل النعاس , لكنه لم يحتج لإشارة ثانية . اجتاز عتبة الباب بسرعة ثم ادرك انه لا يرتدي سوى القليل فعاد إلى الداخل وارتدى سروالا وقميصاً على عجل وانتعل حذاءه قبل ان يصفق الباب ويتبع مولي.
اجتاحته موجة من الخوف . وتضخم قلبه بحيث ضغط على رئتيه ما جعله يكافح ليتمكن من ان يتنفس. ارجوا ان تكون بخير! اتمنى ان تكون بخير ! ترددت هذه الكلمات في رأسه مع كل خطوة يخطوها.منتديات ليلاس
كان كوخها مضاء كله ولم يتردد حتى ليلتقط انفاسه . لم يتردد ابداً. انقض على بابها فتحه فوجده مقفلاً . نظر خلال النافذة لكن الستائر حجبت الرؤية, وعاد الى الباب مجدداً. حرك قبضة الباب مراراً وتكراراً وهو يصيح باسمها . إذا لم تجبه فسيحطم هذا الباب اللعين .
- جوزي!
صيحته هذه كانت لتوقظ الموتى . وتناهي اليه من الداخل همهمة استنكار وجرجة قدمين ناعمة , ثم فتح الباب. ألقى نظرة واحدة على وجهها فتملكته مشاعر متنوعة جمعت بين الشفقة والحنان والقلق. بدت هيئتها فظيعة , لا بل أسوأ من ذلك.
طرفت بعينيها وتمسكت بإطار الباب " كيف يمكنني ان اخدمك؟"
ألا تدرك ان هذه ليست زيارة اجتماعية ؟ وانها الثانية بعد منتصف الليل ؟ واكتسحته موجة من الحنان على حين غرة وقال " عزيزتي , اظن انك لست على ما يرام "
ترنحت فتقدم منها على عجل واحاط خصرها بذراعه ووجهها لتجلس على طرف السرير . شعر بها صغيرة وضعيفة تحت يديه , وببشرتها رطبة وحارة . كانت حرارتها مرتفعة .
قالت " ربما لهذا السبب اشعر اني لست بحال جيدة "
حاولت ان تستلقي مجدداً لكنه منعها من ذلك فاستندت اليه بدلاً من ذلك. كانت رائحتها جميلة حتى وهي مريضة.ريحانة
- اعدك بأن ادعك تنامين بعد ان تجيبي على بعض الاسئلة .
لم يبدُ عليها ما يشير إلى انها سمعته فوضع إصبعاً تحت ذقنها ورفع وجهها نحوه " جوزي؟"
- انا ارتدي ملابس نوم سخيفة.
وزمت فمها قبل ان تضيف " عليّ ان ارتدي ثوبي"
شعر بأنها اكثر ضعفاً وتعباً من ان تهتم بالثوب لكنه تمنى لو لم تلفت انتباهه إلى ما ترتديه فقد بذل قصارى جهده لئلا يلاحظ . كانت ملابسها تتألف من سروال قصير زهري اللون وبلوزة بيضاء ذات كمين واسعين .
ملابس سخيفة , ظريفة ومثيرة جداً في ظروف مغايرة . وسعى لكبت الشعور الذي احتاجه فجأة قال " اعدك بأن اسخر منك بشأن ملابسك عندما تتعافين"
ارتعشت شفتاها في محاولة منها للابتسام فيما اردف " والآن , اخبريني اين تشعرين بالألم "
ردت وهي تتنفس بجهد " صدري , اجد صعوبة في التنفس "
- هل تعانين من الربو؟
هزت رأسها نفياً واستندت إليه أكثر حتى أراحت رأسها كلياً على كتفه . ورفعت وجهها نحوه وقد اغمضت عينيها .

Rehana 16-06-19 07:53 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
- جوزي .
احاط وجهها بيديه فشعر بغدتيها متورمتين فأضاف " اريدك ان تفتحي فمك وتمدي لسانك"
فتحت إحدى عينيها ثم رفعت يدها وهزت إصبعها في وجهه " ثقي بي , أليس كذلك ؟ أنا طبيب"
ابتسم . لم يستطع ان يمنع نفسه . لم يصدق انها حاولت ان تمازحه وتطلق النكات فيما هي في هذه الحالة السيئة . وكافح الرغبة التي تملكته في تقبيل جبينها " احسنت "
فعلت ما طلبه منها فأدار وجهها باتجاه الضوء . نظرة سريعة إلى حنجرتها اكدت ظنونه . إنها مصابة بالتهاب في النجرة والرئتين وتعاني من الحمى . لابد من ان تتناول ادوية للالتهاب , كما ينبغي ان تشرب الكثير من السؤال وان تنام . ساعدها على ان تعود للاستلقاء تحت الأغطية .
- متى أكلت آخر مرة ؟
لكنها استسلمت للنوم وادرك انه لن يتمكن من معرفة المزيد منها هذه الليلة . سكب كوباً من الماء ولاحظ وجود طبق من الحساء بالكاد لمسته فوصل إلى استنتاجه الخاصة .ريحانة منتديات ليلاس
امر مولي التي استلقت على بساط عند اسفل السرير بالبقاء إلى جانبها . بساط؟ ابعد هذه الفكرة عن ذهنه واتجه عائداً إلى منزله حيث اخذ علبة دواء مضاد للالتهاب من حقيبته والمصباح الصغير من على الطاولة إلى جانب سريره ثم عاد إلى الكوخ .
جعلها تتناول قرصين من الدواء وبضع جرعات من الماء قبل ان يبرد رأسها بقطعة قماش مبللة . بعدئذ, وضع المصباح على الطاولة واطفأ النور القوي المضاء فوق رأسها ثم جلس ليراقبها .
حلمت جوزي الحلم نفسه مجدداً, ذاك الحلم الجميل حيث ترى كينت منحنياً فوقها , وقد بدت تعابير وجهه قلقة . هذه المرة , كانت الغرفة تسبح في ضوء خافت , ناعم بدلاً من ذاك الضوء القوي فوق رأسها . حاولت ان تبتسم له , ان تقول له إنها تجده وسيماً , رائعاً ومثيراً لكنها شعرت وكأن جسدها غارق في وحل سميك ولا تستطيع تحريكه .منتديات ليلاس
بعدئذ , هزت موجة من السعال جسدها كله وشعرت وكأن زجاجاً مكسوراً يجرح صدرها مع كل نفس تنفسته واجتاحت لتركيزها كله كي تتمكن من التنفس . وللحظة, اقسمت ان ذراعين قويتين رفعتاها واسندتاها, لكن السواد الحالك عاد ليلفها بعد ان تغلب عليها النوم.
عندما انسل كينت مرة ثانية الى احلامها , ارادته ان يخرج منها على الفور . لِمَ لا تستطيع ان تحلم بما ترغب فيه من احلام ؟ لِمَ لا يمكنها ان تحلم بأنهما يطفوان في عوامة على سطح نهر واسع او يستلقيان في حقل من الزهور البرية , يتأملان السماء الزرقاء الصافية فوق رأسيهما ؟
هو لا يزال مثيراً كحاله دوماً بابتسامته لكنه مزعج ايضاً. فهي لا تريد تناول الأقراص وشرب الماء. لِمَ لا يتوقف عن إجبارها على ذلك ؟ إلا انها لا تستطيع تجنبه . وهو لن يسمح لها بذلك فيداه الكبيرتان وقوته التي تفوق قوتها سخرت من جهودها للتملص منه .

Rehana 16-06-19 07:58 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
وبدا لها الحلم مزعجاً ايضاً لأنها كانت فيه اضعف من هرة صغيرة ودماغها مشوشاً إلى حّد حال دون قدرتها على استعمال تقنيات الدفاع عن النفس التي تعلمتها. فعندما تمكنت اخيراً من ان تتذكر الحركة المناسبة , وجدت نفسها مستلقية على الوسادة فيما يدان لطيفتان تمسحان جبينها ولم تعد تتذكر ما الذي ارادت ان تقاتله .ريحانة
فتحت جوزي إحدى عينيها ولاحظت الضوء الناعم الذي يتسلل من النافذة فأدركت انها نامت لوقت متأخر او على الأقل لوقت اطول مما اعتادت . حاولت ان تأخذ نفساً عميقاً , فشعرت بألم في صدرها لكنه لم يعد حاداً بل تحول إلى ألم خفيف. وهذا تحسن ملحوظ .
استقامت في جلستها على مهل, وردت شعرها عن وجهها ثم جمدت مكانها . رأت كينت يجلس وهو شبه مسترخٍ على إحدى الكراسي الموضوعة إلى طاولة المطبخ وقد اغمض عينيه واستغرق في نوم عميق . ما الذي يفعله هنا؟ ثم تذكرت مشاهد من احلامها وتساءلت عما اذا كانت احلاماً فعلاً. وقطبت تذكرت بشكل غامض انها فتحت الليلة الفائتة له الباب في لحظة من اللحظات .
تحركت مولي ووقفت بتثاقل على قوائمها ثم مطت جسدها وأنّت. وعندما رأت جوزي قد استفاقت اطلقت نباحاً عبر عن سرورها , وماهي إلا ثوان حتى هب كينت واقفاً على قدميه . لم تر جوزي قط في حياتها احداً يتحرك بهذه السرعة , إذ انتقل من النوم الى اليقظة في لحظة.
سرعان ما اصبح إلى جانبها فوضع راحته على جبينه وراح يراقب وجهها بعينين حادتين " كيف حالك ؟"
- سيئة للغاية.
ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة فدمدمت " يسرني ان تجد هذا مسلياً"
وابعدت الغطاء ومدت يدها لتأخذ عباءتها فزالت الابتسامة عن وجهه على الفور وسألها " ماذا تظنين نفسك فاعلة ؟"
ردت وهي تتنفس بجهد " عليّ تحضير الحلوى "
لابد ان ليز تتوقع وصولها .
- لا لن تفعلي .
امسك بقدميها ورفعهما إلى السرير ووجدت جوزي نفسها اضعف على ان تواجهه . في الواقع , وجدت ان التنفس وحده تطلب معظم طاقتها . رتب الأغطية من حولها وجلس عند طرف السرير. ولحسن الحظ انها لم تكن تملك الطاقة ايضاً لتشده نحوها وتعانقه .
- لن تغادري السرير اليوم ابداً.منتديات ليلاس
- لكن ...
- هذه اوامر الطبيب.
اطبقت فمها ثم قطبت " هل جاء الطبيب لمعاينتي ؟"
تردد ثم اومأ برأسه " نعم "
لا تتذكر هذا ابداً, وقالت مترددة " هل يمكنك ...؟"
حركت يديها مرتبكة فهي تكره ان تزعجه وتستغله " هل يمكنك ان تتصل بليز وتشرح لها ان ..."
- لقد فعلت.
أحقاً؟ والقت نظرة على النور المتسلل من بين الستائر وقالت " لكن الساعة لم تبلغ الثامنة بعد"
ألقى نظرة على ساعته وأكد لها " إنها الثامنة إلا عشرين دقيقة "
- يا إلهي ! متى اتصلت بها ؟

Rehana 16-06-19 07:59 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
وتملكها شعور بالسخط . ما الذي منحه حق التدخل في حياتها وتولي مسؤولية شؤونها ؟ ثم تذكرت انه يتبع وحسب اوامر الطبيب فقالت " أنا ... شكراً لك "
تقطيبة عميقة جعلت حاجبيه يغطيان عينيه الزرقاوين اللامعتين .وازداد انقباض صدرها المنقبض اصلاً حتى ادركت ان تقطيبته ليست موجهة إليها بل إلى الجدار من خلفها . وسألها " في أي يوم من ايام الاسبوع نحن برأيك؟"
هزها حدس داخلي مريع وردت " اليوم هو الاثنين بالطبع "
لكنها ادركت فجأة ان ما من شيء مؤكد هنا . إذا لم تستطع ان تتذكر زيارة الطبيب لها . ثم ...
- كنت مريضة جداً يا جوزي.ريحانة
- ماذا تعني بمريضة ؟
ثنى ذراعيه وحدق باتجاه الحوض في المطبخ . ولم تمانع طالما انه لا يحدق فيها .
- كنت تعانين من التهاب في الصدر .
- وفي أي يوم نحن؟
فرك عنقه من الخلف ثم رمقها بنظرة عبر خصلة الشعر التي نزلت على جبينه قبل ان يجيب " الخميس "
- الخميس .منتديات ليلاس
استقامت في جلستها ووجدت مجدداً صعوبة في ان تتنفس فعادت تستند إلى الوسادات خلفها . كيف امكنها ان تضيع ثلاثة ايام سدى ؟ وخطرت لها فكرة اخرى فجف فمها وهي تسأله " هل اعتنيت بي طيلة هذه الفترة ؟"
اومأ برأسه ايجاباً فرغبت في ان تغطي وجهها بيديها وتتكور تحت الأغطية " أنا آسفة "
- المسألة ليست مهمة .
المسألة ليست مهمة . لابد انه يمزح , فالمسألة مهمة للغاية. هل كانت تهذي؟ ساورتها هذه الفكرة ورغبت في ان تموت . لكنها قالت له فجأة بحدة " انت تستحق ذلك بعد حديثك الاسبوع الماضي على انك لست ممرضة زميلة "
طرف بعينيه ثم كشر قائلاً " هل ستكونين من اولئك المرضى الكثيري التذمر والشكوى ؟"
غطت فمها بيدها وقالت " أنا آسفة "
- لا , انا استحق ذلك.
هزت رأسها وقالت " انا آسفة لأني سببت لك هذا الإزعاج كله . ما كنت لأرغب ابداً في مضايقتك"
مد يده وربت على يدها وهو ينظر إليها بعينين لطيفتين ثم قال " أنا واثق تماماً من انك كنت تفضلين ان تبقي بصحة جيدة "
وتراجع إلى الخلف فيما الابتسامة لم تفارق وجهه ما جعلها تجد فجأة صعوبة في ان تلتقط انفاسها فاستندت الى الوسائد خلف ظهرها .
- إذن , وكعقاب لي سأضطر لأن اقضي الايام الثلاثة القادمة في لعب الشطرنج مع أسوأ لاعبة عرفها التاريخ.
حملقت فيه جوزي ثم ضحكت ضحكة بنوبة سعال حاد. احاطها كينت بذراعيه وساعدها على البقاء جامدة حتى انتهت النوبة. بعدئذ تراجعت بما يكفي لتحدق في وجهه. كانت ذقنه بحاجة للحلاقة وتساءلت عما ستشعر به اذا ما مررت راحة يدها على طول خده.
اطلق كينت سراحها وهب واقفاً على قدميه , واضعاً يديه في جيبي سرواله قبل ان يقول " عليك ان تستريحي الآن "

Rehana 16-06-19 08:01 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
عندئذ تذكرت كيف فر منها ذاك اليوم عند النهر وكيف تجنبها منذ ذاك الحين, وكيف انه لا يرغب في وجودها هنا على جبله .
- هل هذه هي اوامر الطبيب ؟
- ثلاثة ايام ؟
- كحد ادنى .
لا يمكنها ان تبقى عبئاً عليه لثلاثة ايام اخرى لكنها وجدت صعوبة في ان تركز على هذه الفكرة فيما عيناها تقاومان النعاس الذي غلبها فجأة " لا يمكنني ان ابقى هنا "
- بل يمكنك ذلك طبعاً.منتديات ليلاس
لا , لا يمكنها . لكن عينيها اطبقتا ووجدت انها لا تملك القوة اللازمة لتدفع الكلمات خارج حنجرتها .
مرر كينت يده على وجهه . لقد واجه ما يكفي من الصعوبة وهو يتعامل مع جوزي الواعية, لكن ان يضطر للمسها والامساك بها فيما هو يعطيها الأدوية ويجعلها تشرب الماء , وان يضطر لأن يحصن نفسه ضد المشاعر التي اكتسحته كلما مسح جبينها وغير الأغطية , وكلما تجرأ على النظر اليها وتأملها . وان يضطر لمقاومة الرغبة في ان يعانقها حين راحت تهذي وتخبره عن احلامها التي شكل جزءاً منها .
كره نفسه لضعفه وعدم قدرته على اعتبارها كأي مريض آخر . وعاد يمسح وجهه بيده . جوزي النائمة استنزفت قدراته على ضبط نفسه لكن جوزي أقوى بكثير. ولم يعرف كيف سيتمكن من تمضية الايام القليلة القادمة .
سألته جوزي حين عاد مجدداً ليجلس عند طرف سريرها " ماذا عن ابقارك؟"
صحح لها كلامها " عجول"
لم يدرك انها مستيقظة ولم يشأ ان يوقظها لكن الوقت حان كي تتناول بعض الطعام. واتخذت وضعية الجلوس فرتب الوسائد خلفها.ريحانة
- من الذي يعتني بها ؟
كان عليه ان يعلم ان الأمر لن يطول قبل ان تبدأ بطرح الاسئلة . واجابها "سمايلي ماكدونالد وهو جاري . توصلنا إلى اتفاق"
نظرت اليه نظرة تشكيك وسألته " أحقاً؟"
فأجاب وهو يضع صينية تحمل قصعة حساء وبعض الخبز المحمص في حجرها " نعم "
- وما هو هذا الاتفاق؟
وضع الملعقة في يدها واجاب " يلقي سمايلي نظرة من فوق السياج الذي يفصل بين املاكي واملاكه ويتحقق من قطيعي فإذا وجد اي مشكلة يعالجها او يبلغني بذلك. وسأرد له معروفه في الشهر القادم حين يسافر إلى اديلايد لحضور زفاف شقيقته"
شرعت تأكل فيما انتقل هو الى الكرسي. وعندما انهت طعامها , رفع الصينية وحملها الى المطبخ ثم عاد حاملاً بيده كوباً من الماء وقرص دواء . قال حين لاحظ ترددها " مضاد للالتهاب "
- شكرا لك.
تناولت الدواء من دون تذمر ثم اردفت " اشكرك على الغداء واشكرك على اعتنائك بي"
وابتسمت , فأقسم في تلك اللحظة ان الا مر يستحق العناء " ما من مشكلة "
وانسحب نحو الحوض بعيداً عن الغواية للحظات .

Rehana 16-06-19 08:04 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
- بل إنها مشكلة . قلت إن عليّ ان ابقى في الفراش لثلاثة ايام اخرى .
استدار على عجل إذ لم تعجبه نبرة صوتها " لن تتمكني من بذل الكثير من الجهد دفعة واحدة "
لم يشأ ان تجهد نفسها . وتابع كلامه قائلاً " عليك ان تأخذي الأمور بروية لبضعة اسابيع "
- لكن ...
- ما من اعتراضات , إلا إذا اردت ان تتعرضي لنكسة .
استندت مجدداً إلى الوسائد وعضت شفتها . اراد ان يأخذها بين ذراعيه ويخبرها ان الأمور ستسير على ما يرام . كل ما تحتاجه هو ألا تجهد نفسها وحسب. وراهن على انها لم تعتد ألا تجهد نفسها . تملكه شعور بأنها اعتنت بوالدها خلال الأشهر القليلة الماضية على حساب صحتها . ولم يرق له هذه الفكرة, لِمَ لم يهتم بها اخواها ؟ جلس على الكرسي وحاول ألا يعبس. سيحرص على ألا تجهد نفسها .
- لا يمكنني ان استغل لطفك أكثر.
- بل يمكنك ذلك.منتديات ليلاس
- هذا ليس عادلاً بالنسبة اليك . فلديك عملك ومسؤولياتك مثل الحرص على ان يتماثل شخص مريض للشفاء .
لقد نسي هذا الشعور ... وافتقده كثيراً . أبعد هذه الفكرة عن ذهنه إذ اختار دربه.
- ثمة امور كثيرة غير عادلة في الحياة .
فليس عدلاً ان تبقى في هذا المكان, في عطلة لم تخترها حتى .
- عليّ ان اعود إلى المنزل.
خرج صوتها خفيضاً وكأنها تقرر امراً واقعاً عن كرسيه لكنه لم يعرف ماذا اراد ان يفعل . وتملكه القلق حين شحب وجهها فجأة .
قطع المسافة التي تفصلهما في غمضة عين وتحسس جبينها فوجوده بارداً وجافاً . لم تعاودها الحمى فغمره الارتياح وقال لها " جوزي, انت لست قوية بما يكفي حتى تقودي سيارتك "
التقت نظراتهما لكنها عادت واخفضت عينيها نحو اصابعها التي كانت تعبث بالغطاء ثم قالت " اعلم هذا , لكن اذا ما تصلت بمارتي وفرانك فيمكن ان يأتيا لاصطحابي"
لا يمكن لمارتي وفرانك ان يعتنيا بها كما يفعل هو . لو كانا شقيقين جيدين فعلاً فلِمَ ارسلاها إلى هذا المكان المعزول منذ البداية ؟ لم يشأ ان تغيب جوزي عن ناظريه قبل ان يتأكد من انها تماثلت الى الشفاء تماماً.منتديات ليلاس
سألها بحدة " هل سيتمكنان من الاعتناء بك؟"
- بالطبع .
- كما يجب؟
- نعم.منتديات ليلاس
وضحكت لكنه لاحظ التوتر الذي حاولت ان تخفيه ثم اضافت " اظن ان هذا افضل للجميع , ألا توافقني الرأي ؟"
كلماتها الرقيقة هذه طعنته في الصميم واراد ان يجيبها بلا . لكن تباً ! ما الذي يمكنه ان يقدمه لها سوى هذا المكان وهي في صحة جيدة فلِمَ تبقى وهي مريضة ؟ إنها تستحق وسائل الراحة كلها وهي لن تحظى بها هنا حتى لو نقلها إلى منزله . يجب ان تحظى بالرعاية والدلال من اسرتها واصدقائها , والأناس الذين يحبونها . وهذه الحلقة لا تشمله هو .

Rehana 16-06-19 08:04 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
إن كان هذا ما تريده فسيحرص على ان يحققه لها , فوعدها " سأفعل كل ماتطلبينه مني . هل انت واثقة من انك لا تفضلين البقاء هنا؟"
ابتسمت له ابتسامة لم تصل إلى عينيها وردت " انت لست مربيتي , اتذكر هذا ؟"
لم تقل هذا بطريقة لئيمة ما زاد الامر سوءاً " لكن ..."
- كلانا يعلم اني شخص اضطررت لتحمله .ريحانة
- هذا ليس صحيحاً.
تمنى لو انه تصرف معها بلطف أكبر بعد صولها . وحول نظره بعيداً عنها قبل ان يقول بارتباك " ستخلفين وراءك فراغاً"
رفعت حاجبيها استغراباً فوجد نفسه يهز كتفه ويضيف " ليز تستمتع بشرب القهوة معك في الصباح ولم أر كلانسي نشيطاً وانيقاً إلى هذا الحد منذ زمن طويل"
ابتسمت ابتسامة ضعيفة وباهتة .
- وكنت اتطلع لتسجيل انتصارات اخرى عليك في لعبة الشطرنج .
منحته شبه ابتسامة اضعف واكثر حزناً قبل ان تقول " لا اصدقك"
لو عانقها لصدقته . با لله عليك! إنها مريضة ايها الاحمق . بعد إعادة التفكير, بدت له فكرة ان تعود إلى منزلها جيدة على الارجح .
ركز جيداً ثم امسك بمفكرة وقلم وقدمهما لها قائلاً" إذا كتبت رقمي هاتفيهما فسأتصل بهما "
واستدار متجهاً نحو الباب حيث استند إلى اطاره وراح يحدق في المشهد الذي امامه . اراد ان يخرج من الكوخ الضيق ويبتعد عنها الآن . انه يحتاج لأن يسير تحت السماء الواسعة ولأن يتنفس الهواء المنعش.
عندما التفت نحوها مجدداً, وجد جوزي شاحبة ترتجف . اصبح الى جانبها في طرفة عين لكنها رفضت ان تتخلى عن المفكرة حين حاول ان يأخذها من يدها . امرها وهو يلعن نفسه لأنه لم يبقيها تحت مراقبته " استريحي . سنعالج هذه المسألة لاحقا"
كانت قد كتبت الارقام على عجل ومن دون عناية , فمزقت الصفحة وسلمته إياها " سأستريح فيما انت تتولى الاتصال بهما "
استلقت مجدداً تحت الاغطية وادرات ظهرها له . لقد كتبت اربعة ارقام , رقما مارتي في المنزل وفي العمل ورقما فرانك في المنزل وفي العمل. اراد ان يكونرالورقة ويرميها بعيداً. وعندما تستفيق سيقول لها إن ما حصل مجرد حلم وإنها ستبقى هنا حتى تستعيد عافيتها كلياً. لكنه ادرك ان هذا لن ينجح فجوزي لم تعد تهذي وهي تميز الحقيقة من الخيال . إنها تعرف ما تريد . وهي تريد العودة إلى منزلها .منتديات ليلاس
اندفع إلى داخل المنزل الذي بدا له كئيباً بشكل غريب بعد الألوان التي اضافتها جوزي إلى كوخها . رفع سماعة الهاتف من دون ان يمنح نفسه الوقت ليفكر وطلب الرقم الاول , رقم مارتي في العمل . وبعد عشر دقائق , وضع السماعة بعنف فتردد صدى الضربة في الصمت المطبق.

Rehana 16-06-19 08:20 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل السابع )
 
بعد ان اكتشف ان حالها لا تتطلب دخول المستشفى, ادعى مارتي بيترسون انه لا يستطيع ان يأتي لاصطحاب جوزي قبل نهار الثلاثاء من الاسبوع التالي على اقرب تقدير.
نهار الثلاثاء أي بعد خمسة ايام . وابدى اسفه على الازعاج الذي تسببت به لكنه سيحرص على يتم التعويض على السيد كينت .
إزعاج! وشخر كينت ! جوزي لا تحتاج شخصاً ابله يرمي المال ذات يمين وذات يسار بل تحتاج عائلة واصدقاء وبعض الدلال الذي تستحقه تماماً. ما لا تحتاجه هو هذا الأخ الذي لا يستطيع ان يأتي لاصطحابها لأن لديه عمل هام يقوم به .منتديات ليلاس
سيعطيه كينت عملاً هاماً يقوم به. إذا ما وقع ناظراه على مارتي بيترسون فسيضربه ويطرحه ارضاً.
انتقل إلى رقم فرانك, الشقيق الآخر. لا يمكن ان يكون الاثنان من حثالة المجتمع . فجوزي رقيقة وطيبة القلب ولابد ان احد شقيقيها على الاقل يشاركها بعض هذه الصفات التي تميز شخصيتها .منتديات ليلاس
وطالعه رنين رقم مشغول. اشتدت قبضته على السماعة بحيث كاد يحطمها ثم وضعها بعنف وهو يشتم بصوت عالٍ. هل اتصل الأخ الاول التافه بالأخ التافه الثاني ليحذره ؟
راح يذرع الغرفة ذهاباً وإياباً . هل هذان هما الر جلان اللذان لم تشأ جوزي ان تجرح مشاعرهما فبقيت هنا ولم تتذمر ؟
بقي الخط مشغولاً مدة سبع واربعين دقيقة لكنه لم يكن ينوي الاستسلام. وفي نهاية المطاف , اجابت السكرتيرة وابلغته آسفة ان السيد بيترسون خارج البلاد في رحلة عمل وسألته إن كان يرغب في ترك رسالة له . الرسالة التي اراد ان يتركها يمكن ان تلذع اذنيها . وذكر نفسه بأن المرأة لا ذنب لها فاكتفي بكلمة لا موجزة واقفل الحظ .
ما الذي سيقوله لجوزي بحق السماء؟
وراح يتخيل نفسه وهو يضرب الرجلين ويسحقهما سحقاً . فرك عنقه من الخلف فيما عقله يعمل بسرعة قياسية . يمكنه ان يوصل جوزي إلى منزلها بنفسه . ستتطلب الرحلة ذهاباً وإياباً معظم يومه . لكن لا بأس , سيقود سيارتها ثم يستأجر سيارة ليعود إلى منزله سيطمئن بهذه الطريقة إلى انها وصلت سالمة . تستغرق رحلة الذهاب ثلاث ساعات , وسيبقى معها قليلاً ليطمئن إلى انها استقرت وارتاحت ثم يمضي ثلاث ساعات اخريات في رحلة العودة.
لكن لِمَ ستعود إلى منزلها ؟ لا يمكنه ان يعتمد على اخويها المشغولين باعمالهما المهمة جداً كي يعتنيا بها . كما ان جارتها مريضة , ولا يمكنه ان يعتمد على جوزي كي تعتني بنفسها كما يجب إّن ما شعرت ان احدهم يحتاج إليها.منتديات ليلاس
لا , لن يأخذها إلى منزلها . لعله لا يستطيع ان يقدم لها سوى كوخ بدائي لكنه سيحرص على ان تحظى بالرعاية التي تحتاجها . فهذا على الاقل ما يمكن ان يقدمه . مد يده نحو الهاتف واجرى اتصالين آخرين , فجاءا مرضيين اكثر من الاتصالين السابقين . في الواقع , وجد نفسه يبتسم عندما انهاهما .

نهاية الفصل

Rehana 17-06-19 06:46 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
8- هل هذه هي الحقيقة ؟

لابد ان النعاس غلب جوزي فعندما فتحت عينيها مجددا, وجدت ان الشمس تحركت في كبد السماء وان الظلال خارج كوخها طالت . مدت يدها بحثاً عن ساعتها.
قال كينت " إنها الرابعة تقريبا "
لم تصدق انها نامت كل هذه المدة . لكن سرعان ما نسيت هذه الفكرة عندما جلست ونظرت اليه . كان يجلس إلى الطاولة وقد وضع احد كتب الكلمات المتقاطعة امامه وقد بدا وسيماً الى حد جعل جسدها يرتعش. كلما غادرت المكان سريعاً كان ذلك افضل ومن اجل ملصحتيهما معاً. ازدردت ريقها وحاولت ان تجعل نفسها تصدق ما تراه " هل قمت ...؟"
- كلمة من اربعة احرف لإضفاء نكهة على الطعام ؟ الحرف الثالث هو ت .
حاولت ان تتخيل الكلمة وسألته " للنكهة ؟ اما من حروف اخرى ؟"
- اظن ان الكلمة العمودية هي رائع , ما يعني ان الحرف الثاني هو ع "
- شيء ما و ع ثم شيء ما و ت ؟ لا احب هذا .
مدت يدها لتأخذ الكتاب وهي تقول " أراهن على انك اخطأت في مكان ما "
اعطاها الكتاب ثم مد ساقيه بعد ان جلس عند اسفل سريرها . تثاءب وسأل " حسناً؟"
- لا استطيع إيجاد الكلمة .
تثاءب مجدداً فاكتسحها الشعور بالذنب. وتساءلت إذا ما استطاع ان يحصل على قسط من الراحة في الايام القليلة الماضية.منتديات ليلاس
ارادت ان تتكور على ذاتها وتختبئ. فتحت فمها لتسأله متى سيصل مارتي وفرانك لكن شعوراً هو ابعد من الكآبة بكثير اجتاحها حين خطرت لها فكرة الرحيل .
وصاحت فجأة " صعتر . يستخدم الصعتر لإضفاء نكهة على الطعام "
ابتسم لها كينت فانقشع جزء من غمامة الكآبة . ستسأل عن مارتي وفرانك بعد ان تنهي هي وكينت الكلمات المتقاطعة. لكن ما إن انهياها حتى وقف كينت وتمطى وتلفت من حوله .منتديات ليلاس
- هل تحب ما فعلته ؟
لم يدع انه لم يفهم ما عنته بل اجاب " اني لي ألا احبه ؟ لقد غيرت المكان كلياً"
قالت " هراء"
فأصرّ قائلاً" بل فعلت , فالجو هنا مختلف تماماً"
وتلفت من حوله مجدداً وقد تغضن جبينه ثم اضاف " لا استطيع حتى ان اكتشف ما فعلته تحديداً "
- كل ما فعلته هو اني وضعت بساطاً على الارض وغطاءً على الطاولة وعلقت اشياء فرحة على النوافذ .
- ماذا عن هذا ؟

Rehana 17-06-19 06:46 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
هزت كتفيها وردت " علقت لوحة . وهذا لا يشكل تغييراً مزلزلاً"
- وماذا عن هذه ؟
- إنها بعض الشموع التي اشتريتها . يفترض ان تفوح منها رائحة الشوكولا عند إضاءتها .
التزم الصمت للحظات ثم قال " أتعلمين , لعلك محقة . ربما عليّ ان .. اعمل قليلاً على هذه الأكواخ "
فغرت فمها ورغبت في ان تحتضنه بين ذراعيها . سيئة , إنها فكرة سيئة . ما عليها ان تفعله هو ان تسأله عما إذا اتصل بمارتي . لكنها وجدت نفسها عاجزة عن إخراج الكلمات من فمها . إنما وفي نهاية الماطف , اثار كينت نفسه الموضوع اولاً إذ سألها " هل علاقتك وطيدة بشقيقيك يا جوزي؟"
تشنجت جوزي على الفور وصفقت كتاب الكلمات المتقاطعة قبل ان تسأله " لماذا ؟ ما الذي يجعلك تطرح هذا السؤال؟"
تراجع إلى الخلف مجيباً" ما من سبب , إنه مجرد سؤال "
امرت نفسها بألا تظهر حساسية مفرطة على الموضوع .ريحانة
- لكنهما ارسلاك الى هذا المكان المعزول , ألم يفعلا ؟
كان صوت ساخراً بعض الشيء وكأنه يحاول ان يجعلها تسترخي وترتاح ما زاد من شكوكها .
- لماذا ؟ ماذا قالا ؟ هل تحدثت إليهما ؟
هز كتفيه واجاب " تحدثت إلى مارتي فقط "
- وماذا؟
- مرحباً.
وقف كلانسي في الباب وهو يحمل في إحدى يديه باقة من الزهور وفي الاخرى اغراضاً اخرى متنوعة .
- كيف حالك يا فتاتي؟
ووضع الزهور بين ذراعيها فقالت " آه , كلانسي , إنها جميلة "
- عرفت انك ستحبينها . إنها رشوة .
- رشوة ؟
- إذ لم تكوني قادرة على زيارتي لنتناول الغداء معاً فعليّ ان ازورك .منتديات ليلاس
والتمعت عيناه الداكنتان قبل ان يضيف " إن وجدت لي مكاناً في جدول اعمالك"
لم تكن تعلم اذا ما سيجدها هنا في الغد عند موعد الغداء, فقد تكون في طريقها إلى منزلها " آه , كلانسي , أنا ..."
هز كينت رأسه بقوة من خلف كلانسي فابتلعت جوزي ما تبقى من جملتها وابتسمت ثم قالت " حسناً , تبدو لي فكرة جيدة "
اشرق وجه كلانسي سروراً فتملكها الشعور بالذنب وبالأسف , ستفتقده عندما ترحل.
اقمست في سرها على ان تتناول الغداء معه في الغد وإن لم يرق لمارتي وفرانك ان تؤخرهما إذا ما وصلا إلى هنا قبل موعد الغداء. في الواقع , سيكرهان ذلك . حصنت نفسها ضد الشجار الذي لا مفر منه في الغد وعادت تركز مجدداً على كلانسي قائلة " علماً انك تأخرت قليلاً عن موعد الغداء اليوم "
وافقها الرأي قبل ان يضع طاولة صغيرة قرب سريرها ويأخذ الزهور من يدها ليعطيها لكينت قائلا " قم بعمل مفيد يا فتى , وضع هذه في الماء"
واختفى في الخارج . بدا كينت مرتبكاً إلى حد جعل جوزي تضحك . لكن الزهور لم تقلل من رجولته البتة .منتديات ليلاس

Rehana 17-06-19 06:47 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
قال كلانسي الذي عاد إلى الكوخ حاملاً معه كرسيها المريح " اردت ان آتي باكراً واحدد موعداً بيننا لما تبقى من الاسبوع قبل ان يختطفك شخص آخر "
ووضع الكرسي قرب الطاولة " تلك الكراسي قاسية جدا على عظام عجوز مثلي"
اخذ يعد إبريقاً كبيراً من الشاي في كوخها وكأنه في منزله الذي ولد فيه . وتمكن من ان يوزع الزهور بين إناء وحيد وبعض الأباريق ففاح اريجها في المكان.
- كلانسي لست بحاجة لأن ترشوني كي اتناول الغداء معك.
- ليست من اجل الغداء يا عزيزتي , بل من اجل هذه.
ورفع كيساً من قطع الدومينو مضيفاً " شعرت بالملل في الايام القليلة الماضية واحتاج لجولة او اثنتين لأستعيد حيويتي ونشاطي"
هذا غير منطقي. اراد ان يعيد لها حيويتها ويبعد عنها هي الملل . أثر فيها لطفه لكنها لم تستطع ان تنكر السرور الذي جعل خديه يتلونان وعينيه تلتمعان فيما هو يسكب الشاي ويقطع الحلوى التي احضرها معه ويجهز احجار الدومينو .
رفع احد حاجبيه باتجاه كينت الذي راح يحوم حولهما وقال " أنا قادر تماما على الاعتناء بالمريضة. أليس لديك عمل ما او ما تفعله ؟"
ورفع طبق الحلوى نحوه قبل ان يردف " خذ قطعة من هذه وارحل عنا "
كبحت جوزي ضحكتها فيما كشر كينت وقال " أنا افهم من الإشارة "
تراقص شعر كلانسي الابيض واجاب " رجل ذكي "
تبع جزء من جوزي كينت إلى الخارج , يرغب في السير على خطاه فيما هو يغادر . لكن جزءاً أكبر منها اراد ان يعانق كلانسي ويشكره , فكينت يحتاج على الارجح إلى استراحة .
بقي كلانسي لأكثر من ساعة ثم غادر وهو يعدها بأن يعود في الغد لتناول الغداء معها , حتى انه ترك طاولته الصغيرة القابلة للطي وكيس احجار الدومينو. حدقت في الأغراض وغصت . عليها ان تعرف علاما اتفق كينت مع شقيقيها .منتديات ليلاس
مد كينت رأسه من الباب وسألها " هل انت مرهقة ؟"
- أنا بخير.منتديات ليلاس
واخذت نفساً عميقا قبل ان تضيف " كينت , ما الذي ...."
" هذا تصرف لطيف ".
رمشت بعينيها وسألته " أتعني انه لطفاً من كلانسي ان يأتي لزيارتي ؟"
واشرق وجهها وهي تضيف " بالطبع كان كذلك و ..."
- لقد عنيت تماماً ما قلته .
وثني ذراعيه فاشتد قماش قميصه على كتفيه وعضلات ذراعيه .
- لديه قريب واحد حيّ. ابن أخت يعيش في سكوتلندا , إنه وحيد وزيارتك جعلته يشعر بأن ثمة شخص يحتاج اليه .
لم تجد جوزي ما تقوله لكنها تمكنت اخير اً من ان تتكلم " أنا ... انا استمتع برفقته "
- هذا ما أشرت إليه بالتحديد.
- هذا ليس لطفاً بل سلوكاً انسانياً.
تراجع كينت خطوة إلى الوراء فشعرت بالإحباط .
- اسمع يا كينت , ما الذي ...

Rehana 17-06-19 06:47 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
- مرحباً
وتناهى إليهما وقع خطى على الشرفة ثم اطلت ليز برأسها من الباب وهي تحمل سلة في يدها .
دعتها جوزي للدخول حين لاحظت ترددها .ريحانة
- هل انت واثقة ؟ هل قاطعتكما ؟
لاحظت جوزي النظرة التي رمقها بها كينت " انت لم تقاطعينا , كما أننا نرحب بالضيوف دوماً"
ورفضت ان تنظر اليه فيما دخلت ليز وهي تقول " بصراحة اردت الابتعاد عن بريدجت قليلاً . انت تفهمين ما أعنيه , أليس كذلك؟"
رمشت جوزي بعينيها حين اخرجت ليز قدراً صغيرة من سلتها ووضعتها على الفرن .
- قلت لبريدجت إني سأتناول العشاء في الخارج الليلة فأرجوا ألا تمانعي .
هزت جوزي رأسها وقالت " لا , ابداً"
جلست ليز في كرسي كلانسي وقالت " لا تؤاخذني يا كينت لكن اليخنة التي اعدها ألذ وأشهى من حساء العلب الذي تحضره أنت "
جرّ كينت إحدى الكراسي القاسية وقال " لا بأس"
سال لعاب جوزي حين ملأت الرائحة الزكية التي فاحت من القدر جو الغرفة . وادركت ان حال كينت من حالها بعد ان لاحظت انه يسترق النظر نحو الفرن.
اذنت ليز كرسيها من السرير وقالت " ستكون جاهزة بعد ثلاثين او اربعين دقيقة ما يتيح لنا فرصة تبادل الاحاديث النسائية"
هبّ كينت واقفاً على قدميه وقال " حسناً, عليّ ان اقوم ببعض الاعمال"
إلا ان جوزي لم تستطع إلا ان تلاحظ النظرة الكئيبة التي رمقهما بها . وتذكرت تعليق كلانسي يوم المهرجان عن ان كينت لم يخلق من اجل هذه الوحدة كلها . وارادت ان تسأله عن ماهية الاعمال التي يتوجب عليه القيام بها .
ارادات ان تطلب منه ان يبقى. ثم تذكرت انها عبء على كاهله وانه لا يتوق إلى الرفقة , او على الأقل رفقتها هي. إنه يريد الطعام وهي لا تلومه على ذلك إذ فاحت من القدر رائحة يسيل لها اللعاب .
- سأقدم الطعام بعد اربعين دقيقة , فإن لم تشأ ان تفوت الفرصة ...
ابتسم كينت ما أثار مشاعر غريبة في احشاء جوزي .
- سأعود.
وضع قبعته على رأسه ولمس طرفها في حركة وداع ثم خرج . منتديات ليلاس
انحنت ليز إلى الامام ولمست ذراع جوزي التي استطاعت ان ترى التوتر والإجهاد على وجهها .
- سيبدو ما اقوله مريعاً لكن مرضك جاء بمثابة هبة من الله. لا تسيئي فهمي يا عزيزتي.
وربتت على كف جوزي قبل ان تضيف" انا آسفة لأنك لست على ما يرام "
لم تشك جوزي في كلامها ابداً.
- لكن هذا يمنحني حجة كي اخرج من المنزل .
جلست جوزي مستقيمة وسألتها " هل الأمر بهذا السوء ؟"
اومأت ليز برأسها " ساعدني ان تتناولي الفطور معنا على التعامل معها وحرف انتباهها عني قليلاً"
وصمتت لحظة ثم اضافت " احببت تيد وأنا افتقده كثيراً لكن خسارته لا تعني اني عاجزة من الاعتناء بنفسي"

Rehana 17-06-19 06:48 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
- بالطبع لا .
- حاولي ان تقولي هذا لبريدجت وان تقنعيها .
كانت بريدجت مستبدة جدا" إن نواياها حسنة "
- اعلم هذا يا حبيبتي . ولو لم تكن كذلك لأمسكت بها من اذنها وطردتها منذ وقت طويل. لكن القدوم لرؤيتك لا يمنحني فرصة للابتعاد عنها وحسب بل يجعلني اشعر مجدداً بأني مفيدة .منتديات ليلاس
بدأت حنجرة جوزي تنقبض.
- اصبح لدي سبب لأعد العشاء من جديد , إن كنت تفهمين ما أعنيه.
كانت جوزي تعرف تماماً ما تعنيه . ففي الاسبوع الاول بعد وفاة والدها , لم تر مبرراً لأن تحضر الطعام لشخص واحد . كما لم تشعر برغبة في تناول الطعام.ريحانة
- لذا , اود ان امدد فترة مرضك لأسبوع على الأقل إن كنت لا تمانعين . بعدئذ, عليّ ان افكر في حل آخر لأني لا اعرف صراحة ما الذي سأفعله بعد رحيلك.
ازدردت جوزي بريقها . الكذب يبقى كذباً مهما كانت النية حسنة وهي لا تستطيع ان تفعل هذا بليز . فقالت " ليز , قد اعود إلى المنزل في الغد. طلبت من كينت ان يتصل بأخويّ ليأتيا ويصطحباني "
تصلبت ليز وقالت " اطلبي منه ان يعيد الاتصال بهما ويبلغهما انك بدلت رأيك . انت لا تريدين ان تقطعي إجازتك . أليس كذلك؟"
- أنا ... لكن ... لا يمكنني ان ابقى عبئاً على كينت .
- هذا كلام فارغ . فأنت تفيدينه .
أحقاً؟ كيف؟ وقبل ان تتمكن من طرح السؤال , سارعت ليز تكمل حديثها " كيف يمكن ان تكوني عبئاً؟ الأسوأ قد مر وانتهى . لا يحتاج كينت الآن لأن يسهر عليك طوال الليل , وستصبحين بألف خير بعد ان تستريحي لبعض الوقت في السرير. ماذا عليه ان يفعل ؟ سأحضر لك العشاء و ..."
وثنت ذراعيها قبل ان تضيف " اعرف كم يتطلع كلانسي للاهتمام بوجبة غدائك . مرّ بالمتجر وهو يبدو متحمساً جداً لهذه الفكرة "
عضت جوزي شفتها .
- كل ما على كينت ان يفعله هو ان يحمص لك الخبز في الصباح ويطل برأسه من الباب بين الحين والآخر ليحرص على ألا تحتاجي شيئاً.
عندما تُتعرض المسألة بهذا الشكل ...
- في الواقع , سيكسب من هذه الترتيبات ولن يخسر لأنه يستطيع تناول العشاء معنا بدلاً من ان يعده بنفسه.
هذا صحيح.
- واريدك ان تساعديني حتى اجد حلاً لمسألة بريدجت .منتديات ليلاس
دنت ليز منها أكثر ثم ربتت على يد جوزي قبل ان تردف " ارجوك"
انفتحت بوابة من الشوق العظيم في داخلها , وقالت " حسناً , إن كان هذا يناسب كينت "
استقامت ليز في جلستها وابتسمت قبل ان تقول " كينت لن يمانع "
فقال كينت وهو يدخل إلى الكوخ " لن امانع بشأن ماذا؟
- اذا ما بدلت جوزي رأيها وقررت البقاء.
التفت نحوها وسألها " هل بدلت رأيك؟"

Rehana 17-06-19 06:48 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
اومأت برأسها وقد عجزت في تلك اللحظة عن ان تتلفظ بحرف واحد , لكنها ابقت نظرها على وجهه , لكنها لم تر أي أثر لأي تقطيب او عبوس او حتى تغضن . بل على العكس من ذلك إذ ابتسم لها وقال " أنا لا امانع ابداً هذا القرار رائعاً"
وأشار برأسه نحو الفرن مضيفاً " الرائحة زكية جداً . كم سيطول ...؟"
- بما يكفي كي تتصل بشقيقي جوزي وتخبرهما انها ستبقى هنا .ريحانة
- ما من مشكلة .
غادر مبتسماً ووجدت جوزي انها عاجزة تماماً عن فهم كينت بلاك. وقالت وهي تعود بانتباهها إلى ليز " نادي كرة المضرب. تحتاج بريدجت مشروعاً آخر تنظمه غيرك . هل تحب كرة المضرب؟"
- اجل!
اراد كينت ان يلكم الهواء احتفاءً بهذا الانتصار . جوزي لن ترحل. ذكر نفسه بأن إقامتها لن تطول إلى الابد بل حتى نهاية الاسبوع المقبل لكنه وقت كافٍ كي يساعدها على ان تستعيد عافيتها ونشاطها . اراد ان يحتفل . فتح الثلاجة واخرج منها عبوات عدة من المشروب . سيكتفي بهذه الليلة وسيحتفلان بشكل مناسب حين تتعافى تماماً.
إلا ان الاحتفال لن يقتصر عليه وعلى جوزي. لا , وطالعته صورة جلسة حميمة على ضوء الشموع فيما جوزي ترتدي ملابس نومها الفاتنة و ...
وشعر بالحرارة تجتاح جسده وتلهب حواسه فأطلق شتيمة وحاول ان يستبدل الصورة التي تخيلها بأخرى ... هو وليز وكلانسي يقيمون حفلة لجوزي. ستكون حفلة ممتعة. لكنها ليست ممتعة بقدر الصورة الاولى.
استعاد تركيزه وامسك بسماعة الهاتف ليطلب رقم مارتي في العمل . صاح عندما طالعه المجيب الآلي " أنا كينت بلاك . ستبقى جوزي هنا حتى نهاية الاسبوع المقبل كما هو مقرر"
ثم وضع السماعة بعنف.
لم يطلع ليز على الحوار الذي جرى بينه وبين مارثي, بل اكتفى بالقول إن جوزي طلبت منه ان يتصل بشقيقيها ليحضرا ويعيداها إلى المنزل . وفاجأه مدى الاستياء والرعب اللذاين اظهرهما كلانسي وليز عند سماع الخبر . وقد قاما بجهد رائع لإقناعها بالبقاء وإقناعها بأنهما يحتاجانها . ما كان لينجح وحده في هذا .منتديات ليلاس
الطريقة التي دخلا بها إلى كوخها المليء بالألوان والمرح والابتسام والمتمتع بالدفء والراحة , هذه الراحة التي ابدياها والطاقة الكسول التي تعكس الود والصداقة اللذان اظهراهما جعلاه يدرك ما تفتقر إليه حياته , ومنحاه لمحة خاطفة عما يمكن ان تكون عليه الحياة مع امرأة مثل جوزي.
سيفتقدها ليز وكلانسي عندما ترحل. ولن ينكر انه سيفتقدها هو ايضاً. إلا ان رجلاً مثله لا يحق له ان يتلاعب بحياة امرأة مثل جوزي.
ابعد هذه الفكرة عن ذهنه . لقد حان الوقت ليعود ويستمتع بالعشاء مع جوزي . ومع ليز فهو لم ينسى ليز.
بعد رحيل ليز, راح كينت يرتب المكان . وظن ان جوزي غفت إلا انه وجدها تحدق فيه عندما استدار نحوها . ارخى كتفيه ونقل وزنه من باطن قدميه إلى كعبيه ثم عاد إلى الوضعية الأولى وتساءل عما إذا شعرت بكرهه لترك دفء كوخها . سألها " هل أنت متعبة ؟"

Rehana 17-06-19 06:49 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
- اشعر بكسل. انا سعيدة لأنك رفضت ان اساعدك في التنظيف.
صدقها جعله يبتسم ويشعر بالراحة . اعادت ترتيب الوسائد خلف ظهرها ثم قالت " اخبرني عن اختك"
لم تصل الكلمات اليه على الفور, وعندما فعلت بدت أشبه بسكين يمزق احشاءه بعنف. تراجع خطوة إلى الخلف واراد ان يصرخ بكلمة لا إلا انه عض شفته .
كان الليل بارداً لكنه لا يقارن بالبرودة التي اجتاحت جسمه وسألها " لماذا ؟"
خرجت الكلمة حادة في الصمت الذي ساد الكوخ لكن جوزي بدت غافلة عن ردّ فعله وعن الصعوبة التي يواجهها في التقاط انفاسه.
- لأنني لطالما اردت اختاً.ريحانة
فكر في شقيقيها , وسجل تعبير وجهها الحزين وفهم السبب.
- ما كان اسمها ؟ ما الذي كانت تحب ان تفعله؟
حاول ان يتجاوز ألمه من اجل جوزي واجاب " كان اسمها ريبيكا واعتدت ان اناديها بيك فيما الآخرون ينادونها بيكي"
تكلم بصوت متقطع فيما صورة وجه بيك وهي تلتفت نحوه وتضحك في مركبها تتراءى له.
- لطالما احببت هذا الاسم.
وغطت عينيها براحتها لتحميها من الضوء القوي الموضوع فوقها قبل ان تسأله "هل يمكننا ان نستخدم المصباح الجانبي فقط؟"
اضاء المصباح ثم اطفأ الضوء فانتشر النور الخافت والدافئ في الغرفة . ربتت جوزي على السرير بقربها فيما ارتسمت على وجهها ابتسامة ناعمة تمنى لو يذوب فيها . لكنه فضل ان يجلس في كرسي كلانسي فهو لا يثق بنفسه لو اقترب منها اكثر لاسيما وان الظلام ارخى بسدوله خلف النافذة .
- هل كانت بيكي تحب لعب البنات ام العاب الصبيان ؟
سؤالها هذا جعله يضحك واجاب " كانت مثال التهذيب والسلوك الحسن في حضور الآخرين . لكن عندما نكون وحيدين تتبدل وتحاول ان تلعب معي بخشونة وتسقطني ارضاً"
ابتسمت جوزي وسألته " هل كانت تنجح؟"
ابتسم بدوره ورد " مستحيل, كانت اصغر مني بسنتين وقامتها توازي قامتك تقريباً"
- ماذا كانت تحب ان تفعل ؟منتديات ليلاس
اخبرها عن حب بيكي للإبحار , وعن عملها كأخصائية في علم الامراض وعن ادمانها على الحلوى بالزنجبيل , وعن المرة التي صبغت فيها شعرها بلون ارجواني داكن وهي في الخامسة عشرة من عمرها فأمضوا فترة الميلاد كلها وهم يناودنها الآنسة خوخة. وكلما طال الحديث عنها كلما اصبح الامر اسهل. واخيراً , توقف عن الكلام فشعر ولسبب ما يجهله وكأن عبئاً زال عن كاهله.
تنهدت جوزي وقالت " أنا احسدك . ليس على فقدان بيكي بالطبع فهذا مريع "
تملكه الحزن لكن ثقل هذا الشعور لم يعد يضغط عليه كما في السابق .
- بل على العلاقة التي جمعتكما .. كانت جميلة جميلة فعلاً.ريحانة
اومأ برأسه . إنه يتعرض لخطر النسيان . وتأمل جوزي للحظة قبل ان يسألها " أليس الأمر مماثلاً بينك وبين اخويك ؟"
توقع منها ان تتوتر لكنها لم تفعل بل ردت " إنهما يكبراني بأكثر من عشر سنوات . لم نترعرع معاً فهما شقيقاي من زواج أبي الأول "

Rehana 17-06-19 06:49 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
كلماتها هذه فسرت الكثير من الأمور . ورأى كينت فجأة الصورة بوضوح مع ما يظن ان مارتي وفرانك يشعران به من غيرة وحقد على شقيقتهما الصغرى .منتديات ليلاس
اضافت وكأنها قد قرأت افكاره " كانت حياتهما اقسى من حياتي فقد عاشا مع والدتهما وهي امرأة قاسية وعنيفة"
قاطعها ليقول بلطف " هذا ليس ذنبك"
- لا , لكني اريد مدّ جسور التواصل معهما بقدر ما استطيع إذ وعدت والدي بأن احاول.
ورمقته بنظرة حادة قبل ان تسأله " ما الذي قاله مارتي حين تحدثت اليه ؟"
اجاب بلهجة مطاطية " تركت رسالة على المجيب الآلي"
- لم أكن اسأل عن الليلة بل حين تحدثت إليه للمرة الاولى.
لم يشأ ان يضايقها إنما لم يشأ ان يكذب عليها ايضاً. ارادها ان تأخذ حذرها من مارتي وفرانك فقال " قال إن لديه الكثير من العمل وسيجد صعوبة في الحضور قبل نهار الثلاثاء القادم"
- آه !
عندما رأى التعبير الذي ارتسم على وجهها , اراد ان يسحق مارتي ويحطم انفه , وتنهدت قائلة " إنهما مشغولان دوماً اعتقد انهما يختبئان خلف عملهما "ولوت الغطاء بين اصابعها وهي تضيف " اظن انهما يخشيان ان يحباني "
انفجر قائلاً" ما هذا الهراء !"
قابلت نظرتها نظرته وقالت " اظنه النوع نفسه من الهراء الذي تلجأ إليه كينت "
هب واقفاً وراح يفرك عنقه من الخلف " لقد تأخر الوقت وعليك ان ترتاحي قليلاً"
همست " جبان "
لكنها استلقت من دون اعتراض فيما سوى كينت الأغطية حول كتفيها .
- تصبحين على خير يا جوزي.
- تصبح على خير يا كينت .
تردد للحظة وقد شعر بحاجة لأن يطبع قبلة على جبينها لكنه عاد وتراجع في اللحظة الاخيرة . رافقه توبيخها الساخر حتى وصل إلى المنزل وعذبه في منامه وكأنه كلب شارد يتغذى على احلامه.
بعد ان رحل كلانسي بعد ظهر يوم الجمعة , شعرت جوزي بالملل من التحديق في جدران غرفتها الاربعة . في الواقع , تملكها الملل منذ البارحة لكن جلوسها من دون عمل اضحى بغيضاً اليوم . تشاجرت مع كينت هذا الصباح بشأن استبدال ملابس النوم بملابس عادية وخسرت المعركة . لفت دثارها حول كتفيها جيداً وربطته على خصرها ثم طوت الكرسي وحملته إلى الشرفة حيث فتحته مجدداً وجلست عليه وهي تتنفس بحدة . كرهت شعورها بالتعب والضعف عند بذلها أي جهد مهما كان بسيطاً. كما كرهت ان تتشاجر مع كينت .منتديات ليلاس
وخطر لها انه لا ينظر اليها حتى كامرأة الآن . قطبت . نعم , لقد اظهر اهتماماً ودوداً بها وهزأ من مهاراتها في لعب الشطرنج واشاد ببراعتها في حل الكلمات المتاقطعة . وادركت ان معنوياتها في ادنى درك حين وجدت نفسها تتمسك بما قاله عن براعتها في حل الكلمات المتقاطعة .

Rehana 17-06-19 06:50 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الثامن )
 
وزداد تقطيبها عمقاً . لعلها ليست من نوعه المفضل من النساء . تلك الحميمية الجديدة التي نمت بينهما منذ تحدثا عن اقاربهما اختفت ايضاً. كان كينت يبتعد عنها بشكل تدريجي ولم تعرف كيف تمنعه عن ذلك.
وصدر عنها صوت نم عن نفاد صبرها . لم تأتي في عطلة إلى هذا المكان لتصبح مهووسة برجل. إذا اراد ان يبتعد عنها فهذا شأنه . لقد اتت الى هذا المكان لتضع خطة لمستقبلها , ألم يكن هذا هدفها ؟ لكن الحال لم يتغير عما كان عليه عند وصولها . ريحانة
لم يبق امامها سوى اسبوع واحد. ويتوقع مارتي وفرانك رداً منها بشأن ما ستفعله عند انتهاء العطلة . واستطاعت ان تتخيل تقطيبهما الجاد, وان تسمع ضرب قدميهما تعبيراً عن نفاد صبرهما .منتديات ليلاس
يا إلهي ! وما شأنهما بذلك ؟ فهما لن يدعماها مالياً او ما شابه ...
- مرحباً ! من ذا الذي اثار غضبك وترغبين في قتله ؟
إنه كينت . ومررت يدها على ذقنها في حركة وعيد.
- اما زلت تتخيلين انك تسلخين جلدي انتقاماً لشجارنا في الصباح ؟
اعلمتها ابتسامته انه لا يكن لها أي ضغينة ووجدت نفسها تبادله الابتسام وتجيب " لا , لكني اجد نفسي منكمشة كلما تذكرت "
جلس على درجة السلم الوحيدة وقد اتسعت ابتسامته " لا , لا تشعري بالاستياء . انتظر الصبر ان ترتدي مجدداً ملابس النوم القصيرة الزهرية اللون "
ممازحته لها بهذا الشكل اضرمت النيران في عروقها رغم انها تعلم انه لم يتعمد ذلك " ملابس مضحكة , أليس كذلك ؟"
- لا بل تثيرني وتزعجني حين يجمح خيالي نحو صور غريبة .
ابتلعت جوزي ريقها بصعوبة وتدفقت الدماء حارة في عروقها حتى ظنت ان الحمى عاودتها. تراجع كينت إلى الخلف وكأنه لا يصدق انه تلفظ بهذه الكلمات . وهكذا , لفهما التوتر.
هب واقفاً وهو يطبق شتيمة ثم ابتعد بضع خطوات عنها . توقعت جوزي ان يتجه نحو الاشجار ويتابع المسير حتى يختفي عن ناظريها ومن دون ان يلتفت إلى الخلف. لكن عندما لم يفعل , تأملته عيناها الظمآنتان لرؤيته وسجلت في الذاكرة كل قطعة وكل زواية من جسده الرشيق.
التفت ليواجهها فلاحظت انه يكافح ليحول دون ظهور التقطيب على وجهه . وقال لها بحدة " أنا آسف. من الأفضل ان تنسي ما قلته "
لم تشأ ان تنسى . ارادت ...
- لقد قررنا من قبل ان مثل هذا الكلام او السلوك ليس مقبولاً ولا منطقياً.
هل فعلا ؟ متى؟ ودمدمت متذمرة " مللت من القبول والمنطقي"
اظلمت عيناه ثم ابتسم وقال " على أي حال , انت لست مؤهلة يا جوزفين بيترسون للقيام بأي جهد"
وجلس مجدداً على الدرجة مضيفاً" لذا , وبانتظار ان تستعيدي عافيتك, لماذا لا تخبريني لِمَ كنت تحدقين في هذا المشهد الرائع وكأنك تريدين ان تلحقي به الأذى ؟"

نهاية الفصل

Rehana 18-06-19 08:22 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
9 - كنت طبيباً

قلبت جوزي شفتيها وارخت كتفيها فودّ كينت لو يضعها في حجره ويضع رأسها على كتفه ويلف ذراعيه حول جسمها النحيل حتى تختفي هذه الكآبة عن وجهها.منتديات ليلاس
هذه ليست بالفكرة جيدة , فهو لا يحتضن احداً مواسياً . وكان واثقاً من ان جوزي ستسيء فهمه إذا ما اخذها بين ذراعيه . لا يمكنه ان يدع هذا يحصل , ولا يمكنه ان يدعها تعتمد عليه .منتديات ليلاس
لولا شقيقاها اللعينان لما فعل لكنها تحتاج إلى من يعتني بها . وقد وقع الخيار عليه ليقوم بهذه المهمة , علماً ان كلانسي وليز يمكنهما ان يلعبا هذا الدور بنجاح.
- هل قال مارتي أي شيء آخر حين تحدثت اليه ؟ وهل اتصل فرانك؟
- لا ولا .
حاول ألا يعكس صوته الغضب الذي يشعر به .
تدلت شفتاها اكثر فأضاف " أعني انه بدا قلقاً على صحتك طبعاً. وشعر بالارتياح حين اخبرته انك ستكونين بخير "
ولا يعني هذا انه اتصل في اليومين الماضيين ليطمئن عليها . بقيت هذه الفكرة عالقة في الصمت بينهما . وسألها " لماذا ؟"
رفعت احد كتفيها وردت " ما من سبب "
- هل هما سبب ذاك التعبير الذي بدا على وجهك وكأنك ترغبين في قتل احدهم؟
إنه يفهم شعورها هذا . وهو مستعد في الواقع لأن يمد لها يد العون إذا ما ارادت ذلك.
- آه , لا !
وهزت رأسها بسرعة فتطايرت الخصلات البنية والنحاسية والخمرية حول وجهها قبل ان تعود وتستقر على كتفيها .ريحانة
- أتعلم ؟ لم احدد بعد ما سأفعله بما تبقى من حياتي ولهذا السبب اخذت هذه العطلة اصلاً.
لفتته نبرة الذعر في كلماتها فاستدار في جلسته ليواجهها تماماً. وقال " دعينا نستعيد الموضوع من البداية . لِمَ لا تستمرين في العمل الذي كنت تمارسينه قبل قدومك إلى ايغل ريتش ؟"
ابتسمت ابتسامة حزينة اصابته في الصميم قبل ان تجيب " اعتنيت بوالدي طيلة السنتين الماضيتين . وهذا العمل لم يعد موجوداً"
غص كينت وقال " أنا آسف , أنا ...."
قاطعته ملوحة بيدها " الذنب ليس ذنبك . لم اشأ ان اضع والدي في دار رعاية لذا تابعت دراستي كمساعدة في التمريض . لست نادمة على ذلك واقدر الوقت الذي امضيته معه "
- لكنك لا ترغبين في ان تقومي بهذا العمل بعد اليوم ؟
- لا , لم اعد ارغب في ممارسة هذا العمل.
ومر ظل على وجهها قبل ان تضيف " ليس بعد الآن "
فهمها , فمراقبة شخص وهو يذوي ويموت من اصعب التجارب في الحياة , لا سيما إن كان هذا الشخص إنساناً تحبه.
- ما كان نوع عملك يا كينت قبل ان تقرر ان تغيره وتأتي إلى هنا ؟

Rehana 18-06-19 08:23 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
طرحت عليه هذا السؤال على حين غرة فأدرك انها لم تصدقه حين اخبرها في السابق .
- كنت طبيباً.
كرس حياته لإنقاذ حياة الناس, لكنه ابتعد سريعاً عن المجتمع بعد ان ادرك انه موهوب أكثر في تدمير العالم من حوله . ولو كان يتمتع بذرة من الحياء لترك جوزي وشأنها ايضاً.
- أنت طبيب ؟
اندفعت جوزي إلى الامام بسرعة اوشكت معها ان تقع ارضاً لو لم يسارع كينت إلى اسنادها . التفت اصابعه حول ذراعها دافئة ونابضة بالحياة , وتملكتها رغبة لا تقاوم في ان تقع بين ذراعيه لكنه ابعد يده قبل ان تقدم على اي تصرف سخيف.منتديات ليلاس
- كنت طبيب صحة عامة .
يفترض ألا يكون كلامه منطقياً لكنه بدا لها منطقياً بطريقة ما . وارادت ان تبكي " ولماذا ..؟"
لكنها ابتلعت ما تبقى من كلامها بعد ان لاحظت نظرته .
- وجدت اني غير مناسب لهذه المهنة.
لم تصدق كلامه ابداً.
- إذن , تعليمات الطبيب التي اتبعتها هي تعليماتك أنت ؟
- نعم .
وهزتها موجة من الدوار. هل توقف عن ممارسة مهنته بسبب اخته وامه .
- يمكنك طبعا ان تستشيري طبيباً آخر . الدكتور جنكيز لا يمانع في معاينة المرضى في منازلهم . يمكنني ان اتصل به إذا رغبت في ذلك و ...
- لا .
وحملقت فيه مروعة قبل ان تضيف " أنا اثق بتشخيصك"
غاب العبوس عن وجهه لكنه لم يترك عينيها فتابعت " لقد ساعدت مولي على الشفاء, أليس كذلك؟"
عند سماع اسمها , رفعت مولي رأسها وهزت ذيلها .منتديات ليلاس
- وكانت في حال أسوأ من حالي.
التوت شفتاه في ابتسامة مثقلة بالمرارة وقال " أكره ان اذكرك يا جوزي بأن مولي مجرد كلب"
- مولي ليست مجرد أي شيء . إنها محبة وظريفة وقد جعلتها تتعافى كما ساعدتني انا كي اشفى . لا اظن ابداً انك غير مناسب لمهنتك.
إلا انها لم تشأ ان تراه يعبس مجدداً فلم تضف المزيد . استندت مجدداً إلى ظهر كرسيها واردفت" وهذا لا يعني انني استفدت كثيراً"
ارتفع حاجباه فضحكت وقد ادركت ما قالته للتو " عنيت على صعيد الإلهام والنصيحة . لم يساعدني هذا على تحديد ما اريد ان افعله في المستقبل"
انتصب وجها مارتي وفرانك امامها فتبخر مزاجها المرح على الفور وبخت نفسها على عبثها . اسبوع واحد . التفتت نحو المشهد الممتد امامها ولم تستطع ان تكبح تنهيدتها . وانتقلت عيناها نحو الرجل الجالس على درجة السلم .
- ما الذي كنت تفعلينه قبل ان تتولي رعاية والدك؟
- كنت اتابع دراستي الجامعية لنيل شهادة في التعليم.
رفع احد حاجبيه لكنها هزت رأسها " فكرة الدراسة لا تثير فيّ اي حماسة . كما اني لا ارغب في ترك بوشانن بوينت وما من فرص كثيرة للمدرسين في المنطقة "

Rehana 18-06-19 08:25 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
- لِمَ لا تريدين ترك المكان ؟
- إنه المكان الذي انتمي اليه . وهناك البيت ايضاً وهو متوارث في العائلة منذ اجيال . لا يمكنني ان اتركه وحسب.
- ألا يمكن لأخويك ان يهتما به ؟
واضحت السماء كئيبة على الرغم من عدم وجود اي غيمة فيها .منتديات ليلاس
- المنزل لوالدتي وقد عاشت عائلتها فيه منذ بنائه قبل اكثر من مئة عام .
وهي لن تبيعه . حدق كينت فيها للحظة ثم ابتسم ابتسامة عريضة تنم عن رضا وقال " إن كنت تملكين منزلاً يا جوزي فلديك على الاقل سقف فوق رأسك"
- لدي بيت .منتديات ليلاس
بدت الرقة في عينيه وقال " اخبريني عنه "
هزت كتفيها . من اين تبدأ ؟ لكن ابتسامتها اتسعت وهي تفكر في بيتها " إنه جميل ويحمل اسم جيرالدين غاردنز . وهو المنزل الوحيد على الجرف ويشرف على المدينة والشاطئ . ثمة درب صغيرة تفضي إلى شاطئ خاص. إنه صغير إنما جميل"
استقام في جلسته وسألها " ماذا عن البيت ؟"
" إنه جميل ايضاً. تحيط به الشرفات وهو مزخرف بشكل رائع " واعترفت قائلة " إنه أكبر من ان يعيش فيه شخص وحيد , لكن ... من يعلم ما يخبئه المستقبل؟"
كانت تحلم بأن تملأه بعائلتها الخاصة .
- هل هو كبير جداً؟
وضاقت عيناه قبل ان يسأل مجدداً "كم يبلغ عدد غرف النوم ؟"
ترددت قبل ان تجيب " ثمانية "
- ثمانية !.
وهب كينت واقفاً وهو يقول " أنا ..."
- نعم , إنه كبير.
وتنظيفه يتطلب الكثير من الجهد لكنه يستحق العناء وهي لن تبيعه .ريحانة
- جوزي ؟ ألا يمانع مارتي وفرانك إذا ما احتفظت بالمنزل ؟
- يريدان مني ان ابيعه . إنهما يريان انه كبير عليّ.
عقد كينت حاجبيه .
- لكن المنزل أشبه بإرث عائلي .
وابتسمت له إذ ادركت بالغريزة انه سيفهمها " احتاج لأن احافظ عليه لأورثه للجيل القادم "
لامس خدها بأطراف اصابعه وقال " احسدك على بيتك يا جوزي بيترسون "
تخبط قلبها كالمجنون بين اضلعها وقالت " إذن عليك ان تأتي لزيارتي يوماً ما . لن نعاني من ضيق المكان بالتأكيد . إذا ما مررت من هناك "
كانت تعلم انه أمل كاذب وانها تثرثر ايضاً .منتديات ليلاس
ابعد اصابعه عن وجهها بسرعة قائلاً " حان الوقت كي تعودي إلى فراشك"
- لكني لا ابذل أي جهد , أنا جالسة وحسب.
واختفت رغبتها في الجدال حين انحنى ورفعها بين ذراعيه . خفق قلبها بقوة "أنا . يممممممم..."
علق لسانها في أعلى حلقها لكنها تمكنت من ان تقول اخيراً " أتعلم , يمكنني ان اسير "

Rehana 18-06-19 08:26 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
وهذا لا يعني انها ترغب في السير, بل ارادت ان تبقى حيث هي الآن . وضعت ذراعها حول كتفيه , كتفيه العريضتين والجميلتين .
التقت عيناه بعينيه ثم انتقلتا الى شفتيها . انفرجت شفتاها وانقطعت انفاسها ثم هز تينك الحاجبين الرائعين وقال " اريدك ان تحافظي على كامل طاقتك . إنها اوامر الطبيب"
الا انه لم يأت بأي حركة باتجاه باب الكوخ . وملأت رائحته الرجولية الحارة منخاريها .
- أنا ...
تمنت لو تستطيع ان تتكلم كما ينبغي . وضحكت ضحكة مرتعشة قبل ان تضيف " اظن اني سأحافظ على طاقة أكبر إذا ما وضعتني ارضاً من جديد"
ابتسم لها وسألها " أحقاً؟"
كانت تحب مزاجهما .
- إن تأثيرك على معدل نبضات قلبي غريب وخطير يا كينت بلاك .
هز رأسه وقال " هذا ليس جيداً للحفاظ على الطاقة , عليك ان تجدي حلاً لهذه المسألة "
- أقلت إنها اوامر الطبيب؟
- من دون شك .
انحبست انفاسه عندما مررت راحتها على ذقنه النامية فيما تسارعت انفاسها هي .واستحال لون عينيه ازرق داكناً وعميقاً " جوزي"
خرجت هذه الكلمة اليتيمة خشنة من حنجرته لكنه لم يقم بأي خطوة توحي بأنه سيضعها ارضاً فشعرت بنشوة النصر تتملكها.
- أتعلم ؟
ورسمت خط شفتيه بأصابعها قبل ان تكمل كلامها " انا اخشى الكلاب الضالة والغوانا والوحدة التي تعني ألا يقع نظري على إنسان آخر على مدى ثلاثة ايام متواصلة , لكني لا اخشى هذا "
ومدت يدها وطوقت عنقه . اشتدت ذراعا كينت حولها لكنه حافظ على صلابته , رافضاً التجاوب معها أكثر.
عدم تجاوب كينت أثار موجة من الإحباط في داخلها . إلا ان التصميم انتصر , تصميم على ان تجبره على التجاوب.منتديات ليلاس
وفجأة , سقطت الحواجز وانزلقت يداها لتحيطا بخصرها تقربها منه . عانقها بقوة وكأنه ينتقم لكل الإحباط السابق ولكل ما كبته من مشاعر, فردت رأسها إلى الوراء وغرقت في بحر من الأحاسيس .
وفجأة , انتابتها نوبة سعال حاد. استندت إليه بعد ان انتهت النوبة , محاولة ان تستعيد انفاسها وان تستمد القوة منه . امسكت يداه بكتفيها , يثبتها , يدعمها لكنها احست به ينسحب بعيداً عنها.
يا له من عناق! لم تستطع ان تكبت الشعور بالنشوة الذي اجتاح جسدها . إلا ان نظرة واحدة إلى وجه كينت اعلمتها ان التجربة لن تتكرر اليوم . ولعل التجربة لن تتكرر غداً ايضاً بحسب ما يوحي عبوسه .
حسناً , سيمنحها هذا فرصة كي تستعيد قواها . وبتنهيدة أسف , ابتعدت عنه وشرعت تقول بمرح " حسناً , كان هذا..."
ماتت الكلمات في حنجرتها للمرة الثانية عندما رفعها عن الأرض وحملها بين ذراعيه متجهاً إلى داخل الكوخ . عندما يحملها كينت بين ذراعيه تشعر وكأنها عادت إلى بيتها وموطنها. وهي تشعر بحنين عميق إلى البيت , فقد حان الوقت . ربما بقي وجهه متجهماً لكنه وضعها في السرير بلطف ونعومة .

Rehana 18-06-19 08:27 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
رمشت بعنف عندما تراجع الى الخلف على عجل وكبتت رغبة في ان تئن لشعورها بالخسارة .
حدق فيها وهي تجلس مستندة إلى الوسائد وقال " كان هذا ..."
- أشبه بالنعيم , متى يمكننا ان نعيد الكرة ؟
فغر فمه ثم استدار وسار إلى خارج الكوخ .منتديات ليلاس
***
- مات الشاه .
دفعت جوزي لوحة الشطرنج بعيداً وهي تتنهد " أدائي لا يتحسن "
وبخها كينت " انت لا تركزين "
كيف يمكن لفتاة ان تركز فيما كينت يجلس قبالتها ولا يفصل بينهما سوى لعبة الشطرنج , كينت الذي يثير في داخلها احلاماً مغرية وعجيبة ؟
اليوم هو الأحد , وقد مر يومان على عناقهما ذلك . لكن ذاك العناق هو كل ما استطاعت ان تفكر فيه جوزي خلال يومين الماضيين . مضت الايام الثلاثة التي كان يفترض بها ان تقضيها في السرير لتستعيد عافيتها لكن كينت لا يرى انها شفيت بما يكفي ليعانقها مجدداً؟
- ماذا عن إعداد الولائم ؟
جملته هذه اعادتها مؤقتاً إلى الواقع بعيداً عن افكارها السابقة .
- يمكنك ان تؤسسي شركة خاصة بك كمتعهدة حفلات .
إذن, هذه هي القضية , لكنها افترضت ان الحديث في هذا الموضوع افضل من عدم الحديث. فقد توقعت منه ان يغادر المكان ما إن يهزمها بلعبة الشطرنج , تماماً كما فعل بالأمس.
- لا يمكنني ان اعمل كمتعهدة حفلات .
كانت قد فكرت في هذا الخيار من قبل واستبعدته .
-لِمَ لا ؟.منتديات ليلاس
- تحتكر سوزانا دوفريتز السوق في بوشنان بوينت وفي القرى والمناطق المجاورة .
- اتخشين بعض المنافسة ؟
كشرت عند سماعها نبرة السخرية في صوته . وردت " مقبلاتها أفضل من مقبلاتي"
- أراهن على انها لا تجيد تحضير كيك الشوكولا مثلك.
في الواقع بدا وكأنه يعني ما يقول . وعاودتها فكرة معانقته إلا انها هزت رأسها وقالت " سوزانا تربي وحدها ثلاثة اطفال يرتادون المدرسة . كما انها تكدّ في عملها ولن اسوق منها زبائنها "
- ولا حتى لتنقذي البيت ... بيتك ؟
- الناس اهم من الحجارة والطين .
وتابعت تقول " افضل ان اهتم بمريض مصاب بالجنون على ان افعل هذا "
ربما ما كانت لتبدو هذه الفكرة سيئة لو لم تعتن بوالدها ؟ وانقبضت معدتها عندما راودتها الفكرة .
- لا تفعلي هذا .
ربما لن تجد امامها أي خيار آخر . وتملكها الإحباط .منتديات ليلاس
- آه , ايها الصياد الضخم .
وانكشمت على كرسيها ثم اشارت إلى جدار المطبخ .
وقف كينت على قدميه ولف صحيفة اليوم السابق وتقدم نحو العنكبوت القليل الحظ. سارعت جوزي خلفه وانتزعت الصحيفة من يده قائلة " ما الذي تظن نفسك فاعل ؟"

Rehana 18-06-19 08:28 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
حدق فيها واجاب " سأسحقه "
اتسعت عيناها وقالت " لكنك أكبر منه بمليون مرة "
وسددت ضربة إلى ذراعه بالصحيفة المفتولة قبل ان تضيف" إنه مجرد عنكبوت "
- انت من قال ...
- لم اطلب منك ان تقتله !
وضربته مجدداً وهي تردف " كوني انثى لا يعني انني سأركض وأنا اولول بسبب عنكبوت "
- لكنك فعلت هذا بسبب كلب وغوانا .
- سأدعي اني لم اسمع كلامك هذا .
وحملقت فيه مضيفة " ابتعد عن طريقي "
فتحت جوزي الصحيفة , وطوتها عند الوسط ثم وضعتها تحت سيقان العنكبوت ببطء شديد , شديد حتى استقرت الحشرة عند طرفها .بعدئذ , عبرت الغرفة واتجهت إلى الخارج من دون ان ترفع عينيها عن العنكبوت. وكانت قد وصلت إلى منتصف الطريق بين كوخها واقرب مجموعة من الاشجار , حين وقف العنكبوت على سيقانه وسار على الصحيفة متجهاً نحوها. اسقطت الصحيفة من يدها بعد ان اطلقت صيحة وتراجعت إلى الخلف.منتديات ليلاس
ومن موقعه على الشرفة , ضحك كينت إلى حدّ اضطر معه للجلوس.
- لم أقل إني اريده عليّ !
وحدقت فيه لكن هذا زاده , ضحكاً وقال " وجدت لك مهنة المستقبل يا جوزي "
دمدمت فيما شفتاه ترتعشان " من الأفضل ان يكون هذا جيداً"
- ممثلة كوميدية .
- ها ها ها , مضحك جداً.
وارتمت على الشرفة بجانبه ثم راحت تتلفت من حولها بقلق قبل ان تسأل " اين اختفى ؟"
- لا تخشين العناكب , صحيح ؟
رفعت ذقنها وردت " لا اخشاها إلى حدّ قتلها "
ابتسم لها وهز رأسه ثم حاول ان يشيح بنظره عنها لكنه لم يفعل بل عانقها بقوة .
غطت عينيها غشاوة . وعندما انقشعت اخيراً , استطاعت ان تلاحظ انه ندم على تصرفه العفوي هذا . واقسمت على ان تأخذ الأمر ببساطة وتبقي الجو بينهما خفيفاً . فقالت " مع هذا النوع من التشجيع الايجابي لن اخشى العناكب بعد اليوم "
وجعلها دافع ما تضيف " إنما سأحتاج جلستين او ثلاث من العلاج نفسه قبل ان اشفى تماماً"
عندما ارتسمت على وجهه ابتسامة , كانت ابتسامة بطيئة , طويلة , جعلت قلبها ينفجر .
- انت امرأة غريبة , أتعلمين هذا ؟
هزت كتفيها وردت " إذا كنت الكوميديا مستقبلي فمن الافضل ان ابدأ التدريبات "
لكن مسألة الكوميديا كانت مجرد مزحة وكلاهما يعرف ذلك. ريحانة
- ماذا لديك من مشاريع للساعتين القادمتين ؟
ضاقت عيناه وسألها " لماذا ؟"
استندت إلى الخلف ورفعت احد حاجبيها " هذا السؤال يتطلب جواباً لاذعاً"

Rehana 18-06-19 08:28 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
واشفقت عليه حين مرر يداً على وجهه فأردفت " اودّ ان احضر الكيك بالشوكولا"
ارادت ان تهب واقفة لكن يده على ذراعها اوقفتها " يفترض بك ألا ترهقي نفسك "
- لا تقلق.
وابتسمت له ابتسامة وقحة مضيفة " انت من سيقوم بالعمل الشاق كله "
لا يعلم كينت كيف تمكنت جوزي من ذلك , لكنها حولت تحضير الكيك الى عمل مسل وممتع . حاول ان يقنع نفسه بأنه بقي ليمنعها وحسب من ان ترهق نفسها لكن هذه مجرد كذبة . بقي هنا لأنه لا يستطيع الابتعاد .
عندما ابتسمت جوزي خف الضيق في داخله . استمتع برؤية يديها الرشيقتين تقيسان المقادير . واستمتع بسخريتها من عدم لباقته في استخدام المعلقة الخشبية , كما استمتع بمراقبة اللون وهو يعود الى وجنتيها .ريحانة
وضعت جوزي قالب الحلوى في الفرن قبل ان تعود نحو الوعاء الذي اعدت فيه المزيج فمررت إصبعها على جوانبه ثم وضعت إصبعها في فمها واغمضت عينيها تتلذذ بالطعم.
فتحت عينيها وكأنها ادركت انه يراقبها ثم رفعت المعلقة الخشبية نحوه وحثته عندما لاحظت تردده " هيا , أراهن على انك انت وبيكي لطالما تشاجرتما للحصول على المعلقة الخشبية عندما كانت والدتكما تحضر الكيك في طفولتكما "
تراجع الى الخلف منتظراً ان تملأ المرارة معدته لذكرها عائلته , إنما هذا لم يحصل فمد يده ليأخذ المعلقة قائلاً " لم تكن من النوع الذي يكثر من تحضير الحلوى . كانت بارعة في تحضير الحساء"
في الشتاء , كان يسارع الى المنزل بعد المدرسة ولعابه يسيل لفكرة ما ينتظره في المنزل لدى وصوله .
لم يفكر في هذا منذ زمن بعيد.منتديات ليلاس
- حساء !
حدقت فيه جوزي باستنكار ساخر واردفت " اعتادت امك ان تحضر ألذا اطباق الحساء , إلا انك تجرأت على إطعامي الحساء المعلب؟"
كشر لكنه تمنى في سره لو أعدّ لها قدراً كبيرة من الحساء المنزلي " سأكون صادقاً معك . ظننت انك لن تلاحظي ... او تكترثي "
- أتريد الصدق ؟
ودنت منه اكثر تفشي له سرا " أنت محق فعلاً"
اراد ان يعانقها مجدداً فتراجع نحو الطاولة وجلس وهو يلعق الملعقة. حولت جوزي هذا الكوخ إلى المكان الأكثر دفئاً وجمالاً في هذه الناحية من الجبل, ولعله المكان الأكثر دفئاً في الجبل كله .منتديات ليلاس
وجعله هذا يفكر ايضا. يمكنه ان يدخل تحسينات على كافة الاكواخ كما فعلت جوزي وان يحسن المنزل ايضاً. ربما عليها ان تعمل في عالم الديكور . وتساءل إن كان على المرء ان يتمتع بمؤهلات معينة او ما إن ...
تململ في كرسيه عندما تراءى له الحل لمشكلة جوزي وسألها " كم غرفة نوم لديك فير جيرالدسن غاردنز ؟"
اجابت من دون ان تلتفت إليه من حيث وقفت عند الحوض تغسل الاطباق" ثمانية "

Rehana 18-06-19 08:29 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
- وكم غرفة جلوس؟
رمقته بنظرة من فوق كتفها ثم عادت إلى غسل الاطباق مجدداً " الغرفة الرسمية وتلك غير الرسمية , وغرفة العائلة والغرفة الشمسية , وغرفة الفطور والمكتبة , وهناك غرفة الرقص"
كم يبلغ حجم هذا المنزل؟
- جوزي ...
حاول ان يبقي صوته متوازناً , حاول ان يبعد الإثارة عن صوته وهو يضيف " لِمَ لا تحولين جيرالدين غاردنز إلى فندق للمنامة والفطور؟
اسقطت القصعة التي كانت في يديها والتفتت لتواجهه. وتساقط الصابون عن اصابعها فيما فغرت فمها فرغب كينت في معانقتها مجدداً.
لم تتمكن جوزي من كبت إثارتها فسارعت نحو الطاولة ثم امسكت بيديه وسألته " هل تظن فعلاً اني استطيع ان افعل هذا ؟"
- يمكنك ذلك طبعاً.
شد على يديها قبل ان يتركهما بلطف ويتراجع إلى الخلف ليراقبها . بادلته التحديق وحبست انفاسها واملت ان يعجبه ما رآه.
- أعني , انظري ما الذي فعلته بهذا المكان .
ادركت ان ابتسامتها واسعة بشكل يثير السخرية . إن مظهر كينت جميل إلى حدّ يجعل نبضها يتراقص لا بل أكثر من ذلك. كان يتمتع باللطف والكرم ومهما حاول ان يخفي ذلك, كانت صفتاه هاتان تظهران على السطح وبوضوح .منتديات ليلاس
ادركت الآن ما عناه كلانسي , فكينت لا تناسبه هذه الوحدة وهذه العزلة مثلها تماماً . إن دفن نفسه بهذه الطريقة في هذا المكان جريمة . وتناهى اليها صوت في اعماقها يذكرها بأن هذا الامر لا يعنيها ابداً. لن يستمع كينت إليها . سيقطب ويبتعد عنها ويسره ان يراها ترحل .
وتابع كلامه " إذا استطعت ان تفعلي هذا كله هنا, فما الذي يمكن ان تفعليه في جيرالدين غاردنز؟"
تملكته الإثارة " أراهن ان بوشنان بوينت غنية بالاعمال الحرفية المحلية التي يمكنك تقديمها للضيوف."
يمكنها ان تجعل كل غرفة مميزة وتزينها بحسب موضوع محدد . كما يمكنها ان تضع اعلاناً في الكتيبات السياحية الخاصة بالمنطقة . ربما تتمكن ايضاً من تنظيم جولة او اثنتين في الكروم المجاورة او المستعمرة التي اعيد إنشاؤها على مسافة اقل من ساعة .
- كما يمكنك ان تعرضي المنتجات المحلية.منتديات ليلاس
إنه محق. فسوزانا تعدّ افضل الفواكه المحفوظة كما ان النساء من جمعية المرأة سيسرهن ان يزودنها بما ينتجنه من مخلل ومربيات .
واضاف " ولعل الاهم هو انك تجيدين التعامل مع الناس, لا بل انت رائعة معهم يا جوزي . ستكونين مضيفة مميزة"
وجدت انها بدأت تغوص في العالم الذي يرسمه , لكنها تجلس مستقيمة وقد ارتخت كتفاها وقالت " ثمة المئات من المدن الصغيرة التي تمتد على طول الشاطئ في نيو ساوث وايلز وهي تشبه بوشنان بوينت. ودعنا لا ننسى المدن الكبيرة التي تقدم للزوار الحياة الليلية والمطاعم والنشاطات اللافتة . كيف يمكنني ان انافس هذا كله ؟ ما الذي يمكنني ان اقدمه غير الإقامة في منزل جميل؟"

Rehana 18-06-19 08:29 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
- تحتاجين إلى نقطة قوة تميز الفندق.منتديات ليلاس
وراح يقرع على الطاولة باصابعه قبل ان يضيف " كم كنت تكرهين النواحي التمريضية من العناية بوالدك؟"
حدقت فيه مستغربة سؤاله.
- أعني الحمام والطعام, والحرص على ان يتناول ادويته , الخ ...
- لم يكن هذا يزعجني ابداً.
ما كرهته هو ان تراقبه وهو يموت بين يديها . ريحانة
- إذن , لِمَ لا تجلعين الإقامة للمعوقين ومن يرافقونهم للاعتناء بهم ؟ إنّ نسبة المتقدمين في السن كبيرة في هذه البلاد ووهي في تزايد مستمر . إن مؤهلاتك مفيدة لاسيما إذا استطعت ان تمنحي المرافقين بعض الوقت الحر يومياً ليخصصوه لأنفسهم.
فغرت فمها . مرت ايام تمنت فيها لو تحظى ببعض الوقت لنفسها . لم تكن تحلم بهذا الوقت الحر لتقوم بشيء مميز بل لتقص شعرها او لتتجول في المكتبة المحلية او حتى لتجلس وترتشف كوباً من القهوة لن تعده بنفسها . كان هذا ليساعدها . لم يكن لدى مارتي وفرانك متسع من الوقت ليجالسا والدهما فهما شديدا الانشغال .
- هل لديك اي مدخرات ؟
- البعض منها . لماذا ؟
- لأنك ستحتاجين بعض المال لتلبية حاجياتك حتى يبدأ المال بالتدفق.
إنه محق. واجرت عملية حسابية سريعة في رأسها . اذا ما اقتصدت فستتمكن من تدبر امرها لبضعة اشهر .
- ستنفقين بشكل اساسي على الاعلانات .
آه, لم تدرج هذا ضمن حساباتها .
- دعيني استثمر في المشروع يا جوزي.
فغرت فمها فأضاف" لا تقلقي . أنا لا اتصرف بشهامة ونكران للذات "
لكن ابتسامته اوحت بعكس ذلك وتابع " تركت الكثير من المال جانباً واشعر بأن المشروع سيدر عليّ الارباح الطائلة "
هل يؤمن بها وبقدراتها إلى هذا الحد؟ اشاحت بنظرها عنه واجبرت نفسها على التفكير في العرض جيداً. هبط قلبها وحاولت ان تبتلع المرارة التي تصاعدت إلى حلقها وقالت بصوت متهدج " لا "
تراجع الى الخلف وكأنها صفعته وسألها " لِمَ لا ؟"
لأنه اوضح لها جلياً انه لا يريد اي التزام شخصي. إذا ما استثمر في مشروعها فسيبقى ضمن إطار حياتها لفترة طويلة , يعانقها ومن ثم يهرب مبتعداً. ولن تتمكن من منع نفسها من بناء احلام أكبر وأوسع حوله . ولن تمضي قدماً في حياتها .منتديات ليلاس
حدقت في خطوط وجهه النحيلة والقاسية فجف فمها . في الاسابيع الثلاثة الماضية , تهورت واقدمت على اغبى شيء في العالم . لقد وقعت في حب كينت بلاك .
متى ؟ عندما كان يعتني بها فيما هي مصابة بالحمى ؟ أم قبل ذلك , حين انقذها من الغوانا ربما او حين لعبا الشطرنج لأول مرة ؟ ربما حصل هذا يوم رأته يسبح في النهر او ...

Rehana 18-06-19 08:30 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل التاسع )
 
لن يبادلها الحب يوماً . واستولى عليها الذعر . إنها تخشى الكلاب والغوانا والقرادات والعناكب . كما انها تخشى بريدجت اندرسون قليلاً فهي لا يمكن ان تحب امرأة كهذه.
وحتى لو حصلت معجزة ما واحبها , لا يمكنها ان تعيش معه هنا في هذه العزلة التامة فهذا يتعارض كلياً مع طبيعتها وحقيقتها . وهو لن يتخلى عن هذا المكان . يا لها من ورطة !
انحنى كينت الى الامام وامسك بذقنها بيده وراح يتأمل وجهها عن كثب " انت شاحبة . عليك ان تستريحي. سنناقش الموضوع لاحقاً"
ارادت جوزي ان تضحك . ليس لأنها تجد كلامه مضحكاً بل لأن اهتمام كينت بالتهابها الرئوي بدا لها فجأة تافهاً فيما قلبها مفطور . إلا انها لم تعترض بل صعدت إلى سريرها ودفنت وجهها في الوسادة .
بدت لها الدقائق كساعات فيما هي تنتظر كي ينتهي كينت من غسل آخر الاطباق وتجفيفها ومن ثم إخراج الحلوى من الفرن . وتمنت لو تستطيع ان تصرخ عالياً حين بدأ بترتيب الكوخ . شعرت به يدور من حيث دفنته في الوسادة .
ولم تترك الدموع الحارة تنهمر على خديها إلا بعد ان سمعته يغادر على رؤوس اصابعه لئلا يزعجها.


نهاية الفصل

Rehana 19-06-19 07:48 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
10 - هل أنت مجنونة ؟

- لِمَ لا تدعيني استثمر في مشروعك ؟
طرح عليها هذا السؤال بعد ظهر يوم الاثنين بعد ان غادر كلانسي . منذ البارحة دارت هي وكينت حول بعضهما البعض بحرص , مع التركيز على الحذر الشديد والتهذيب الفائق .ريحانة منتديات ليلاس
ولم تعرف جوزي كيف يمكنها ان تعيش الاسبوع القادم إذا ما استمرت الأمور على هذا المنزل . ولم تعرف كيف ستعيشه إذا لم تستمر على هذا النحو . ما تعرفه هو انها لا تريد الخوض في هذا الحوار .
جر كينت احدى الكراسي ومدّ ذراعيه على ظهرها, فبرزتا في قميصه الضيق , وارتسمت كل عضلة بوضوح عبر القماش الأزرق الفاتح. تقوقعت جوزي على نفسها في إحدى زوايا الأريكة وحاولت ان تحول دون تلفظها بكلام لا معنى له .
كانت تكره المواجهات وتتجنبها كلما امكنها هذا. لكن لغة جسد كينت اعلمتها انها لن تتمكن من تجنب هذه المواجهة بالذات . يمكنهما ان يحافظا على حوار سار ومهذب. اخذت نفساً . ليس على الحوار ان ينحدر إلى مستوى الشجار او النزاع .
- لِمَ ترفضين مالي ؟
- في الواقع . أنا اقدر عرضك يا كينت إنما لن اجازف بمالك فيما أنا أعلم إذا ما كنت سأحصد ارباحاً.

Rehana 19-06-19 07:49 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
- ستنجحين . اعلم انك ستفعلين.
كادت ابتسامته تغريها.
- اذا ما استثمرت في مشروعك فأحصد ارباحاً.
لا يمكنها ان تدعه يعتقد انه قادر على جعلها تبدل رأيها فقالت " لِمَ تريد المزيد من المال؟ فليس لديك ما تنفقه عليه هنا "
بدا عليه الضيق وكرهت نفسها لكنها تابعت " ما الدور الذي تتوقع ان تضطلع به اذا استثمرت في جيرالدين غاردنز ؟"
- لا شيء . القرارات المتعلقة بالعمل تعود لك وحدك.منتديات ليلاس
كان صادقاً في كلامه وقد استطاعت ان ترى ذلك بوضوح . وسدت كتلة حلقها لكنها استطاعت ان تقول اخيراً " أنا لا اريد صدقتك "
انحنى إلى الأمام قائلاً" من اين ستحصلين على المال من اجل المصاريف الأولية ؟"
يمكنهالا على الاقل ان تجيب عن هذا السؤال . اجبرت ابتسامتها على الاتساع وردت " من مارتي وفران . هذا هو المشروع الذي من شأنه ان يقوي اواصر علاقتنا"
إنهم اشقاء . وهذا سيساعدهم . إنها خطة مثالية . عقدت اصابعها وصلت كي تكون محقة لأنها شعرت بأنها ستحتاج دعمهما عند عودتها إلى المنزل . وتحتاج هذا الدعم في أكثر من ناحية .
هب كينت واقفاً فيما سقط الكرسي على الارض محدث ضجة قوية , وصاح بها " مارتي وفرانك !"
رفعت كفيها حتى أذنيها . يفترض ان يبقى الحوار حضارياً.
- هل انت مجنونة ؟
لا , لكنه كذلك. مجنون جداً. ولم تفهم . فقالت " إنهما عائلتي . وهما من ينبغي ان التجئ إليهما "
واذا ما سارت الأمور كما هو مخطط لها فستصبح الحياة مثالية . مثالية إلا ان كينت لن يكون جزءاً منها.منتديات ليلاس
- إذن, هل تظنين فعلاً انهما سيساعدانك؟
حدق فيها بالطريقة نفسها التي حدق فيها في تلك القرادة التي اختبأت في لحمها . تشنج فكها وسألته " ولِمَ لا يفعلان؟"
- لقد أرسلاك إلى هذا المكان , ألم يفعلا؟
- ما يثبت انهما يراعياني ويهتمان لأمري و ...
- هراء. تصرفهما هذا يظهر انهما لا يعرفانك جيداً.
كرهت الحقيقة التي شقت طريقها من بين كلماته .
حملق فيها قائلاً " بالله عليك . هذه فكرتك عن عطلة في الجحيم "
كان هذا في الماضي . لكنها ستعود إلى هذا المكان . ستعود لزيارة كلانسي وليز إنما لن تنزل في إيغل ريتش . تملكها شعور بأن زيارتها لن تكون مرحباً بها . وجادلته " تبين ان المكان لا بأس به "
- لقد مرضت .
- كان يمكن لهذا ان يحصل في أي مكان آخر.
تراجع إلى الخلف ومرر يديه في شعره ثم دنا منها مجدداً " لا يمكنك ان تثقي بهما "
حملقت فيه . لم تصدق انه تلفظ بهذا الكلام , لم تستطع ان تصدق انه يحاول الإطاحة بكافة آمالها دفعة واحدة .
هبت واقفة وهي ترتجف وقالت " أنت لا تعرف اخويّ حتى . لقد تحدثت عبر الهاتف إلى مارتي لدقيقتين و ..."
وفجأة , خطرت لها فكرة مروعة " إلا اذا لم تخبرني بكل ما جرى . هل هناك ما ينبغي ان اعرفه ؟"
ما الذي قاله مارتي كي يأتي رد فعل كينت على هذا النحو ؟

Rehana 19-06-19 07:51 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
حدق كينت فيها وهز كتفيه ثم دس يديه في جيبه وأشاح بنظره بعيداً قبل ان يجيب " لا "
تحرك فمها من دون ان يخرج منه للحظة أي صوت .ريحانة
- إذن , انت تستند في افتراضك هذا على ما تعرفه مني. تعتقد انهما سيستغلاني لأني لا استطيع الاعتناء بنفسي. انت تعتقد ان من السهل التلاعب بي.
وخطت خطوتين إلى الامام وفرقعت اصابعها تحت انفه مضيفة " انت تظن اني افتقر الى العزيمة وقوة الشخصية "
ولهذا السبب لن يحبها يوماً.
- لن اناقشك في هذا الموضوع.
كبحت الغثيان المفاجئ الذي انتابها وتمنت لو لم تر نفسها ابداً في عينيه . وازداد إحباطها ولفها ضباب احمر اللون.
- اني لك ان تلقي عليّ محاضرة عن العزيمة فيما أنت من يدفن نفسه في هذا المكان النائي , في طرف العالم كطفل مذعور؟
الصمت الذي تردد صداه في الغرفة جعلها تتراجع خطوة إلى الخلف. ازدردت بريقها ثم رفعت ذقنها وبقيت ثابتة في مكانها .
- لايهمني لما تظن نفسك مسؤولاً عن وفاة أمك وأختك, لكنك لست كذلك.
- إياك ...منتديات ليلاس
لم يكمل جملته بل لوح بإصبعه تحت انفها لكنها ابعدته وقالت " لم تكن الشخص الذي اشعل النار واحرق المنزل . أنت تعاقب نفسك على جريمة لم ترتكبها "
رد رأسه إلى الخلف وقال " كان عليّ ان ابقيهما سالمتين . فهذه مهمتي ومسؤوليتي "
وعلى الرغم من شرارات الغضب التي تطايرت من عينيه , استطاعت جوزي ان ترى في اعماقهما الوحدة والأسى .منتديات ليلاس
- كان ينبغي ان اعرف ما قد يفعله .
خرجت هذه الكلمات من حلقة خشنة وقاسية . وارادت جوزي ان تبكي كما ودت لو تضمه إليها . لكن هذا لن يجدي نفعاً فكبتت اندفاعها وحملقت فيه قبل ان تسأله " لماذا ؟ لِمَ ينبغي ان تتمتع بالقدرة على قراءة الأفكار فيما الناس لا يمتلكون هذه القدرة ؟ لِمَ كان عليك ان تعرف أنت ما قد يفعله فيما اختك وامك لم تتوقعا ذلك ؟"
رمش بعينيه فيما تابعت كلامها " أعلم انك كنت لتنقذهما لو استطعت ذلك. أعلم انك لتبدل المواقع معهما لو قُدر لك ذلك, لكن هذا مستحيل"
اشتدت الخطوط حول فمه وبرزت بوضوح في وجهه المسمر . بعدئذ , بدا وكأن اللون زال عن وجهه الذي بقي رمادياً وخالياً من اي حيوية . توجع قلبها وتخبط إلى حدّ ان ركبتيها هددتا بالانثناء .
- أنت تلوم نفسك وتختبئ هنا لأن هذا اسهل من ان تخاطر بكل ما لديك وتتعلم كيف تعيش من جديد.
التمع الغضب في عينيه لكنها ولسبب ما لم تشعر بالخوف منه .
- لذا, وحتى تصبح مستعداً للالتحاق بأرض الاحياء يا كينت بلاك , لا تلقي عليّ محاضرات عن قوة الشخصية والعزيمة .
واضطرت بعدئذ لأن تجلس.منتديات ليلاس
زم شفتيه وقال " يمكنك ان تفعلي ما يحلو لك إنما لا تحاولي ان تعلميني كيف اعيش حياتي "
الغضب في عينيه تزاحم مع جليد انسحابه وابتعاده عنها .

Rehana 19-06-19 07:52 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
- ماذا ؟ أهذا حق تحتفظ به لنفسك ؟
ارادته ان يغضب مجدداً فتابعت " ثقي بي يا جوزي لكن لا تثقي بأخويك ؟"
اصبحت عيناه أكثر برودة . ضحكت ضحكة مرتجفة وقالت " انت تعلم بقدر ما أعلم ان عليك ان تكون بين الناس تنقذ حياة من يحتاج مساعدتك . هذا ما تريد ان تفعله وما ولدت لتفعله "
راقبته وهو ينغلق على نفسه ويصبح الغريب الذي التقته في اليوم الاول لوصولها إلى ايغل ريتش ولا يمكنها ان تفعل شيئاً بهذا الخصوص. لم يبق لديها كلمات تقولها باستثناء بعض التعابير الطفولية مثل انضج او ارجوك احبني .
لا يمكنها ان تبوح له بحبها فسيكره هذا اكثر من كلامها له. رفعت نظرها الى الاعلى فالتقت عيونهما وقالت " سأقبل بمساعدتك إذا ما رضيت بالعودة الى ممارسة الطب"
انتفض فكه وقال " صفقة مرفوضة "
هبط قلبها من شدة برودته . لقد بردت آخر آمالها وماتت. إنه محق بألا يحبها . لكن وقبل ن تتمكن من الاعتذار , وتجد سبيلاً لإصلاح الأمور , استدار كينت وخرج من الكوخ .
انّت مولي فتنهدت جوزي وقالت " لقد افسدت الأمر يا مولي "
تقدمت منها مولي وأراحت رأسها على ركبة جوزي التي اضافت " لن يحبني وحسب بل على الارجح لن يتحدث إليّ مجدداً"
يا له من اسبوع اخير من الذكريات الغالية والعزيزة!
لم تر جوزي كينت لما تبقى من اليوم كما لم تره في اليوم التالي او في اليوم الذي تلاه. قامت هي ومولي بنزهات نحو النهر حيث كانت تجلس على ضفته وترفع وجهها نحو الشمس التي بدا انها عاجزة من خرق البرودة التي لفت قلبها . كانت تصلي كي ترى كينت ولو من بعيد.
واعتادت ان تعود في الوقت المناسب لتتناول الغداء مع كلينسي وتلعب معه الدومينو . وفي فترة بعد الظهر , كانت تعد الحلويات او تقرأ . كما حلت الكلمات المتقاطعة وحدها.
كانت تتناول العشاء مع ليز وتصعد إلى سريرها وتسحب الغطاء إلى ما فوق رأسها ما إن تغادر هذه الأخيرة .
هل هذا ما سيتضمنه ما تبقى من حياتها , الاشتياق إلى كينت ؟ وحاولت ان تحصن نفسها وتقسيها . وكاد الامر ينجح خلال النهار, اما في المساء فتسقط الادعاءات .ريحانة
عادت نهار الخميس من نزهتها مع مولي لتجد ملاحظة معلقة على بابها وتعرفت على خط كينت القوي فتسارعت ضربات قلبها . نزعت الورقة وفتحتها .
" اتصل جاكوب بنغلي ويرجو ان تعاودي الاتصال به "
هذا كل ما كتبه . ما من عزيزتي جوزي. ومامن تحيات. لا شيء . بقي قلبها يتخبط في صدرها لأنه ادرك ان هذا العذر المثالي لتقصد المنزل وتراه . حملت الملاحظة واتجهت نحو المنزل . لم تنتظر حتى تأخذ نفساً قبل ان تدق بابه . وتعمدت ان تستدير لتتأمل خضرة الغابة الممتدة خلف السياج الخلفي لمنزله.
ادركت على الفور انه خلفها إذ استطاعت ان تشم رائحته, ذاك المزيج الفريد من رائحة الخشب ورائحة الرجل المثير . اغمضت عينيها واخذت نفساً عميقاً لينحفر عطره في ذاكرتها قبل ان تستدير.

Rehana 19-06-19 07:53 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
ابقاه الباب ضمن الظلمة جزئياً إلا ان هذا لم يمنع قلبها من التخبط بقوة . حاولت ان تبتسم وقالت " مرحباً"
لم يرد سلامها فرفعت الملاحظة مضيفة " وصلتني الرسالة . شكراً لك "
لم ينطق بأي حرف , لم يبدُ عليه حتى انه سمعها . ردت خصلة شعر عن عينيها وسألته " هل يمكنني ان استخدم الهاتف ؟"
توقعت منه ان يقول لها ان تذهب إلى الجحيم . مرت ثانية ... اثنتان , ثلاث . وفيما هي على وشك ان تستسلم وتعود ادراجها , فتح الباب على مصراعيه . وخشيت جوزي ان يغير رأيه فتجاوزته على عجل.منتديات ليلاس
أشار كينت الذي التزم الصمت التام إلى الهاتف فاتجهت نحوه وتوقفت ثم استدارت لتسأله " هل أنت بخير ؟"
وعادت لتتأمل وجهه قبل ان تضيف " هل انت مريض او ما شابه ؟"
- لا , لماذا؟
لأنه بقي صامتاً , هذا هو السبب.منتديات ليلاس
- ما من سبب.
وعادت نحو الهاتف . بقي يحدق فيها فهزت كتفيها وقالت " لم أرك في الجوار منذ بضعة ايام . وخطر لي فجأة انك لربما تعاني مما اصابني أنا "
- لا.منتديات ليلاس
- هذا جيد.
اقتربت أكثر من الهاتف إنما تساءلت عما قد يفعله إذا ما اصيب بالمرض . كم سيطول الوقت قبل ان يجده احدهم ؟ ارادت ان تسأله إن كان لديه خطة في حال حصول مثل هذا الامر , لكنها ادركت انه سيطلب منها ألا تتدخل في ما لا يعنيها . ولهذا , لم تفعل بل اكتفت برفع سماعة الهاتف.
وسرعان ما اسقطت السماعة مجدداً من يدها .
- هل من خطب ما ؟
- لا .
وعضت شفتها ثم حدقت في الملاحظة قبل ان تضيف " لا أعلم لما قد يتصل بي بي جاكوب"
إلا اذا حدث امر طارئ.
- ومن يكون ؟
- جار.
وهزت رأسها مردفة " في الواقع , إنه ابن جارتي . الجارة التي مرضت , أتتذكر اني اخبرتك عنها ؟"
- اتذكر . كان عليك ان تتصلي بها . واسترخت شفتاه قبل ان يضيف " ما إن انزلتك عن منشر الغسيل"
- إنه يعمل في بريسبان حالياً . آمل ان تكون امه بخير. ارجو ألا يكون هناك مشكلة في جيرالدين غاردنز ارجو ...
كان مارتي وفرانك ليتصلا بها في حال حدوث أمر طارئ . إلا إذا تعلق الأمر الطارئ بهما !
اطلق كينت شتيمة واتجه نحوها قائلاً " ثمة طريقة واحدة لمعرفة ذلك "

Rehana 19-06-19 07:54 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
اخذ منها الملاحظة وطلب الرقم المسجل في اسفلها ثم وضع المساعة في يدها مضيفاً " اسأليه "
نبرته الحادة تركت الامر الأثر المطلوب, وقبل ان تقدم على اي تصرف متهور , رفع جاكوب السماعة في الطرف الآخر وقال " آلو؟"
- جاكوب , أنا جوزي بيترسون , وصلتني رسالتك.
وتخلت عن المزاح لتضيف " ارجوك قل لي إن الجميع بخير "
- إنهم بخير . صدقيني . لم اقصد ان اثير قلقك يا جوزي .
تنفست الصعداء والتفتت نحو كينت مبتسمة , فهز رأسه .
- هذه اخبار جيدة . هل والدتك تتعافى ؟
- نعم . اسمعي يا جوزي , لم أعرف ما إذا كان عليّ ان اتصل بك أم لا , لكن المسألة ...
- نعم ؟
- استقدم مارتي وفرانك فريقاً من المساحين إلى جيرالدين غادرنز.
رمشت بعينيها . هل فعلا هذا ؟
- كما احضرا مهندساً من شركة لتطوير الممتلكات من المدينة .منتديات ليلاس
فغرت فمها . استطاعت ان تشعر بكينت يراقبها فتمالكت نفسها إذ لا يمكنها ان تحتمل المزيد في هذه اللحظة بالذات.
- لا اعرف ما الذي يخططان له لكنه لا يعجبني . اعتقد ان عليك ان تعودي إلى المنزل لتكتشفي ما يجري.
وهذا ما ستفعله .ريحانة
- سأغادر بعد الظهر.
- حسناً.
- شكراً لأنك اعلمتني يا جاكوب.
- هذا اقل ما يمكنني ان افعله بعد كل ما فعلته لأمي . إذا استطعنا ان نساعدك في اي شيء . آخر.
- اشكرك لكني واثقة ان مامن داع للقلق.
مارتي وفرانك شقيقاها . لابد من وجود تفسير منطقي . لكن مجدداً , لا يمكنك ان تثقي بهما . تردد صدى هذا الاتهام الذي اطلقه كينت في داخلها .
- هل من مشكلة ؟
بعد ما قاله عنها وعن شقيقيها , لا تنوي ان تأتمنه على اسرارها فأجابت " لا شيء اعجز عن مواجهته "
وضمت يديها معاً تعتصرهما قبل ان تردف " إنما اخشى اني سأضطر لقطع عطلتي "
- سمعت ما قلته .
ابتلعت ريقها وقالت " اظن ان العطلة ستصبح أقصر بثلاثة ايام "
ارادته ان يقول شيئاً ما , أي شيء لكنه هز كتفيه واستدار مبتعداً . وبقلب يتخبط ألماً , تجاوزته جوزي وغادرت .
وبعد ساعتين , اصبحت جاهزة للرحيل . وضبت حقائبها وقررت ان تقود سيارتها إلى مارتين غولي لتودع كلانسي وليز اللذين جعلاها تعدهما بأن تتصل لتطمئنهما انها وصلت إلى المنزل بخير. كما جعلاها تعد بأن تعود لزيارتهما .
جلّ ما تبقى الآن هو ان تخرج حقائبها لتضعها في السيارة وتسلم مفتاح الكوخ لكينت وتعانق مولي مودعة .

Rehana 19-06-19 07:56 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
لم تكن ترغب في أي من هذا . ارادت ان تستلقي في السرير وتختبئ تحت الأغطية , لكنها لم تفعل . إذا ما رأى جاكوب المساحين والمهندسين في جيرالدين غاردنز فهذا يعني ان سكان بوشنان بوينت فعلوا ايضاً. ستنتشر التكهنات , وهي لا تلومهم على ذلك. فعقلها هي ايضاً لم يكف عن العمل.
ما الذي يخطط له فرانك ومارتي يا ترى ؟
مهندس لتطوير الملكيات ؟ وغصت . لن يرغب سكان بوشنان بوينت في ان تتحول قريتهم الواقعة على شاطئ البحر إلى مكان مترف يقصده السواح , مع ما يعنيه هذا من زحمة سير وارتفاع في الأجور.منتديات ليلاس
إنّ صك ملكية جيرالدين غاردنز باسمها على الاقل ولا يمكن لمارتي وفرانك ان يبيعا المكان من دون موافقتها . ولا يمكنهما ايضاً ان يجبراها على توقيع أي ورقة رغم إرادتها.
اطلقت مولي انيناً حاداً والتصقت بساقيها فركعت جوزي على ركبتيها ودفنت وجهها في فراشها هامسة " انت على الاقل ستفتقديني"
إلا انها لا تستطيع ان تؤجل لحظة الوداع أكثر, خاصة إذا ما ارادت ان تصل إلى المنزل قبل حلول الظلام .
تنهدت ثم استقامت واتجهت نحو حقائبها . حملتها ثم وضعتها في الخارج . قفز كينت من حيث جلس عند طرف الشرفة.
منذ متى وهو هنا؟ ازدردت جوزي بريقها وسعلت ووجدت صعوبة فائقة في ان تتنفس " أنا ..."
قطب ثم قال " خطر لي انك قد تحتاجين لبعض المساعدة في حمل حقائبك "
عظيم . هل يرافقها ليحرص على مغادرتها المكان؟ راهنت انه سيحضر معدات التنظيف قبل ان تصل سيارتها إلى آخر الدرب . وهي لا تلومه بعد الكلام الذي تفوهت به يوم الاثنين . بدا لها من غير المناسب ان تنتهي الامور على هذا النحو .
- شكراً لك . أقدر لك مساعدتك .
لم تبتسم إذ عجزت عن ذلك. وهذا لا يعني ان الامر مهم فكينت لم يتكبد عناء النظر اليها وهو يرفع الحقيبتين ويتجه بهما نحو السيارة . إنها علامة كينت الفارقة , ما من نظرة إلى الوراء.منتديات ليلاس
قطعت ساقاه الممشوقتان المسافة بسهولة , وتمنت لو تستطيع ان تجمد الوقت لتملأ نظرها منه . ليس منه وحسب بل من إيغل ريتش ايضاً. ارادت ان تتأمله من دون حذر وتجمد صورته في ذهنها إلى الابد . لكنه محفور اصلاً في داخلها .منتديات ليلاس
استدارت وعادت متعثرة إلى الكوخ فداست على مولي من غير عمد فقالت لها " آسفة يا فتاة "
ربتت على رأس مولي تستمد الراحة من دفئها . وتأملت الغرفة للمرة الاخيرة فاغرورقت عيناه بالدموع . إلا انها تجاهلت الدموع ورفعت بعزم الحقيبة الصغيرة ووضعتها على كتفها ثم دست مفتاح الكوخ في جيبها ورفعت صندوق مشترياتها قائلة " هيا يا مولي "
حاولت ان تقلد كينت , في عدم الإلتفات إلى الخلف لكنها عجزت عن ذلك. تأملت الغرفة مطولاً قبل ان تغلق الباب خلفها . وقع طيف كينت عليها فيما هي تبتعد عن الكوخ فتوقفت وحدقت في صدره وتمنت لو يلفها هو شخصياً وليس طيفه . وللحظة, ظنت انه سيفعل ليتبين لها انه تقدم نحو السيارة . مشى بمحاذاتها فالتفت رائحة الخشب والدخان والرجل حولها وتمنت لو تدوم الى الابد .

Rehana 19-06-19 07:58 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
ولم تحاول ان تشيح بنظرها عندما انحنى ليضع الصندوق في المقعد الخلفي. استقام مجدداً فيما راحت مولي تنبح وتئن وهي تدور حول ساقي جوزي وتلتصق بهما . وفقدت قدرتها على الاحتمال فركعت على ركبتيها واحتضنتها بقوة . بعدئذ تراجعت قائلة " سأفتقدك "
حاولت مولي ان تقفز الى حجرها لكن جوزي هبت واقفة قبل ان تفقد رابطة جأشها وتجهش بالبكاء.
بدت عينا كينت داكنتين للغاية وقد تناقضتا مع لون قميصه الشاحب. اخرجت المفتاح من جيبها ووضعته في يده قائلة " شكراً لك "
حدق في المفتاح للحظة طويلة ثم اطبقت اصابعه عليه مشكلة قبضة واجاب " اهلاً وسهلاً"
حبست انفاسها وصلت كي يرفعها بين ذراعيه ويعانقها حتى تشتعل النار في دمها وتحرقها . لم تكن غبية إلى حدّ ان تحلم بنهاية سعيدة لعلاقتهما وجلّ ما ارادته هو عناق صاعق وطويل. لن يحصل هذا لكن انفاسها تقطعت لمجرد التفكير في الموضوع .ريحانة
رمت حقيبتها على مقعد الراكب المجاور واغلقت الباب ثم مسحت يديها الرطبتين على سروالها الجينز . ما زال امام كينت بعض الوقت ليرفعها بين ذراعيه ...
استدار حول السيارة وفتح لها باب السائق فلم يبق امامها سوى ان تتبعه . صعقتها خيبة الامل بقوة . وشرعت مولي تنبح نباحاً طويلاً كيئباً . صعدت جوزي في السيارة ثم عادت وترجلت منها قائلة من دون تفكير وهي تداعب مولي " هذا مر يع"
ما زال امامهما بعض الوقت لعناق . سترضى بعناق يتيم وإن فصل بابا السيارة بينهما . سوف ...
- سأعتني بها .
بالطبع سيفعل . حدقت في فكه القاسي وقالت في سرها إن عليها ان تعود إلى أرض الواقع وتترك جزيرة الاحلام . إنما ...
- آسفة لأننا تشاجرنا.
وتطاولت لتلامس خده قبل ان تضيف " الوداع يا كينت "
عندما صعدت الى السيارة هذه المرة لم تترجل منها مجدداً بل اغلقت الباب وشغلت المحرك. انزلت الزجاج من دون ان تلتفت إليه فانحنى ولامس خدها قائلاً" اتمنى لك رحلة آمنة يا جوزي"
ثم تراجع الى الخلف.منتديات ليلاس
ابتلع كينت العقدة التي تشكلت في معدته عندما تحركت جوزي بسيارتها وانطلقت بعيداً. واحس بضربة أكبر تسدد إلى صدره لكنه تجاهلها ايضاً. إلا انه رفع يده ملوحا عندما استدارت خارجة من درب المنزل واتجهت نحو الطريق العام لكنها لم تلوح له مودعة . لا شيء . وهذا يعني انه يستحق ان تعامله جيداً بعد طريقة معاملته لها منذ شجارهما السخيف ذاك. ولفته رائحتها الحلوة , التي تذكره بعطر الفواكه. من السخافة والبلاهة ان يعظم اموره بهذا الشكل وألا يهدأ ويتنازل بعد فوات الأوان. فات الأوان على ماذا؟

Rehana 19-06-19 08:00 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
ليكونا صديقين . هذا ما أراد ان يصرخ به لذلك الصوت الذي يتردد في رأسه والذي لا يصدقه . كان بالامكان ان يصبحا صديقين . ومافائدة الاصدقاء ؟
إنها في حال افضل من دونه. وهو في حال افضل من دون مصدر الالهاء الذي تشكله , فهي تغريه بحياة اقسم على ألا يعود إليها ابداً.
فك طوق مولي فانطلقت تعدو على الدرب لكن سيارة جوزي كانت قد اختفت عن الانظار. نبحت مولي ثم راحت تقفز مراراً وتكراراً وكأنها تحاول ان ترى جوزي لمرة اخيرة . وعندما لم تستطع ان تراها , التفتت نحوه وقد اخفضت رأسها فأدرك معنى ان يثير المرء الشفقة .
- هيا مولي .منتديات ليلاس
وربت على فخذه لكنها تجاهلته واتجهت نحو كوخ جوزي . استدار وتوجه نحو منزله ثم اطلق شتيمة وانحرف ليلحق بها . وجدها مستلقية عند المدخل, وقد اسندت رأسها إلى قائمتيها الأماميتين واسبلت عينيها الكبيرتين , فقال لها " هي ايضاً ستفتقدك يا مولي "
لم تحرك مولي ذيلها ولو بشكل طفيف. وشعر كينت برغبة ملحة في ان يستلقي بجانبها إلا انه فتح باب كوخ جوزي وحدق في الغرفة.منتديات ليلاس
كان الكوخ خالياً تماماً. لم تترك خلفها أي أثر , لم تنسى أي جوارب او حتى صحيفة . لم يبق من جوزي سوى أثر من عطرها في جو الغرفة.
اندفعت مولي إلى الغرفة وقفزت على الاريكة وكأنها صلة الوصل مع جوزي . ومنعه قلبه ان ينزلها فجلس على الكرسي وملأ رئتيه من هواء الكوخ الحلو.

نهاية الفصل

paatee 20-06-19 09:36 AM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
ننتظر التكمله

مشاعر عاصفة 21-06-19 12:30 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
رووعة اشكرك على النشر

مشاعر عاصفة 21-06-19 12:32 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
أين بقية الرواية؟؟؟

Rehana 22-06-19 08:43 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل العاشر )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشاعر عاصفة (المشاركة 3716836)
أين بقية الرواية؟؟؟

عزيزتي لما نكتب كاملة في نهاية العنوان فهي كاملة , واذا مكتوب اسم الفصل المتوقفة عندها فهي غير كاملة
شكرا لحضورك وتعليقك

Rehana 22-06-19 11:21 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
11- إلى الأبد

عند دخولها من بوابة جيرالدين غاردنز, وجدت جوزي سيارتي مارتي وفرانك مركونتين عند الممر الدائري . لم يبتهج قلبها عند رؤية بيتها بل بدت الأمسية كئيبة , تفتقر إلى البهجة على الرغم من الاضواء المتلألئة في المنزل. خرج مارتي وفرانك مسرعين من الباب الامامي وكأنهما كانا يتوقعان وصولها ثم توقفا مذهولين في اللحظة نفسها .
ترجلت من سيارتها . ودخلت من البوابة شاحنة صغيرة , فأعمتها اضواءها العالية وهي تتوقف خلف سيارتها . لم يتقدم أي من اخويها فوجدت جوزي نفسها مجبرة على الترحيب بالرجل الذي ترجل من الشاحنة وسألته " هل لي ان اساعدك؟"
قال وهو يمد يده " أنا تيد اولاري من شركة اولاري لنقل الاثاث"
صافحته جوزي وقالت " اظن ان ثمة خطأ ما "
تحقق من الأوراق التي يحملها وسأل " أهذه جيرالدين غاردنز؟"
- نعم .
- إذن ما من خطأ يا آنسة . لدينا تعليمات من السيد مارتي بيترسون تقضي بإفراغ المنزل مع حلول الصباح .منتديات ليلاس

Rehana 22-06-19 11:23 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
- وإلى اين ستأخذون الاثاث بحسب التعليمات ؟
تحقق من أوراقه مجدداً واجاب "إلى المخزن "
نزل مارتي السلم اخيراً لينضم إليهما . ابتسم ابتسامة مشرقة لكن العرق المتصبب منه التمع عند أعلى شفته وقال " يفترض ان تكون هذه مفاجأة لك يا جوزي "
نبرته المرحة المزيفة زادت مرارتها لكنها ابتلعت غضبها وعادت تتكلم بذاك الصوت الهادئ نفسه " إنها كذلك فعلاً . اظن انه من الأفضل ان تخبر السيد انك اضعت وقته وان خدماته ليست مطلوبة اليوم "
استدارت من دون ان تضيف أي كلمة اخرى وصعدت الى الشرفة ثم اتجهت نحو الباب .
اعترض فرانك طريقها وقال بحدة " لا داعي لأن تأخذي المسألة بحساسية , عليك ان تسمعي ..."
تجاوزته متجاهلة نبرته الرتيبة ويديه المرتجفتين وقالت بحزم " غداً , سأتحدث إليكما في الغد"
بعدئذ اغلقت الباب في وجهه المذهول .
رفضت مولي الخروج من كوخ جوزي . وبدا انها ستبقى في مكانها لا تبارحه إلا اذا رفعها كينت رغماً عنها . وهو لا يريد ان يرفعها رغماً عنها بل لا يريد ان يفعل شيئاً .
ورفضت مولي ان تمس طعامها . كما ان شهية كينت على الطعام بدت معدومة . لم يتناول أي منهما الطعام. وفي نهاية الامر ناما في كوخ جوزي.منتديات ليلاس
فتح كينت الأريكة السرير , واحضر غطاء ثم استلقى هو ومولي جنباً الى جنب على سرير جوزي . لم يكن الظلام قد حل بعد .وراح يحدق في السقف وهو يتساءل عما إذا وصلت الى بيتها سالمة . لِمَ لم يطلب منها ان تتصل به .
أنّت مولي فأخذ يحك أذنيها . كان الضوء خلف الستائر قد ذوي إنما ما تبقى من نور كان كافياً يفتقد اللون والحيوية اللذين اوجدتهما جوزي في هذا المكان واللذين اخذتهما معها حين رحلت .منتديات ليلاس
في الغد ! سيتوجه إلى مارتين غولي غداً ليشتري أقمشة زاهية من متجر ليز. وسيطلب من ثلما غوير ان تزوده ببعض البسط. وسيتوقف عند مشغل راشيل ستانتون ليختار من الألوان المائية لديها . بعدئذ , سيتناول الغداء مع كلانسي . لابد ان جوزي اتصلت بكلانسي لأن هذا الاخير جعلها من دون شك تعده بأن تتصل به عند وصولها . وعبس كينت وهو يتأمل السقف . كلانسي رجل ذكي.
فتحت جوزي الباب وقالت " يا إلهي ّ ما هذه الخدمة السريعة . انا آسفة لأني اتصلت بك في مثل هذا الوقت يا ستيف"
عندما دخلت إلى منزلها , وجدت جوزي انها محظوظة لأنها تمكنت من ذلك بعد ان لاحظت الاقفال الجيدة اللامعة . فلو وصلت في غياب مارتي وفرانك لما تمكنت من الدخول .
- ما من مشكلة يا جوزي.
وضع عدته قرب الباب الرئيسي ورمقها عن دهاء قبل ان يضيف " عندما يتعلق الامر بالأمان وبامرأة وحيدة لا تأبه نحن في المؤسسة بالوقت , سواء أكان ليلاً أم نهاراً "
ابتسمت له " هل لديكم قسم مهني او ما شابه ؟"

Rehana 22-06-19 11:23 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
- بالتأكيد . تسرني عودتك يا جوزي إذ ساد القلق في البلدة .
- أعلم هذا فقد اتصل بي جاكوب.
رفع ستيف مفك البراغي وهو يقول " صوتت البلدة وابلغته ان عليه ان يتصل بك"
لم يفاجئها الخبر, فبوشنان بوينت مجتمع مغلق يسود التكافل والتعاضد بين ابنائه . لم يكن مارتي وفرانك يوماً جزءاً من هذا المجتمع فالكل يعتبرهما من ابناء المدينة.
كان ستيف الشخص الوحيد في المدينة الذي يعمل في مجال تغيير الاقفال . وقد ارتادا المدرسة معاً ولعبا سوياً. يمكنها ان تثق به .ريحانة
- هل غيرت الاقفال بناءً على طلب مارتي وفرانك؟
- لا .
ارادت ان تعرف ما الحجة التي استخدماها لتبرير فعلتهما , وهي تعلم ان ستيف كان ليسألهما عن السبب . وربما لهذا لم يستخدماه للقيام بهذه المهمة .
- استخدما زميلاً لي من دايموند . قال لهما إني اقرب وستكون الكلفة أقل عليهما لكنهما أصرا على ان يقوم هو بالعمل.
هذا الامر أثار شكوكها هي ايضاً فجلست القرفصاء بجانبه . وسألته " هل اكتشف لما اراد تغيير الاقفال ؟."
- قال مارتي إنه فقد المفتاح الاحتياطي ويخشى ان يجده غيره فيستخدمه ليدخل إلى المنزل ويسرق محتوياته فقرر تغيير الاقفال .
عضت شفتها مجدداً ثم قالت " لعلها الحقيقة "
- نعم , ربما .
لكنها ادركت ان ستيف لم يصدق رواية مارتي كما لم تصدقها هي. هبت واقفة وراحت تذرع ارض الغرفة. لقد حذرها كينت من هذا. وتساءلت إن كان ليقفل السماعة في وجهها إذا ما اتصلت واخبرته انه كان محقاً وإذا ما اعتذرت منه.منتديات ليلاس
ألقت جوزي نظرة على الساعة التي تشير إلى تمام الواحدة . رفعت سماعة الهاتف واعادت طلب الرقم.
- مكتب السيد بيترسون .
- مرحبا ريتا . أنا جوزي مجدداً.
- انا آسفة يا جوزي فما زال مجتمعاً بزبون .
- هذا اتصالي الخامس.
إنها تتصل به منذ الساعة التاسعة .
- أعلم هذا وأنا آسفة.
ابتلعت إحباطها فالذنب ليس ذنب ريتا إذا لم يعاود مارتي الاتصال بها .
- اقسم على ان يتصل بك الليلة او في الغد على أبعد تقدير . هذا الكلام غير مرضٍ لكن جوزي لم تقل هذا بل اكتفت بشكر المرأة ووضع السماعة.
راحت تنقر على ذراع كرسيها بأصابعها ثم رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقماً آخر فطالعها صوت المجيب الآلي " أنا آسف, هذا الهاتف خارج التغطية حالياً او ..."
وضعت السماعة وهي تشعر بالاشمئزاز . شكت في ان يكون فرانك قد تعمد إطفاء هاتفه الخلوي لئلا تتمكن من الاتصال به . راحت تدلك صدغيها . ربما لو نامت بشكل أفضل الليلة الفائتة لتمكنت من مواجهة هذا الوضع والتعامل معه بشكل أفضل . إنما كلما اغمضت عينيها طالعتها صورة كينت وانتصبت قبالتها ما جعل النوم يجافيها .

Rehana 22-06-19 11:24 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
تمنت لو طلب منها كينت ان تتصل به كما فعل كلانسي وليز. وتملكها توق شديد لسماع صوته مرة ثانية . لم تعد تحصي المرات التي رفعت فيها السماعة لتتصل به وتخبره انها وصلت بسلام وانه كان محقاً بشأن اخويها . لكنها كانت تشعر بالجبن في النهاية وتضع السماعة من يدها.
إذا ارادت ان تكون منصفة بحقه لاعترفت بأنه يسخر منها على الارجح لكنها راهنت على انه سيرغب في ذلك. وهي لا تريد ذلك.منتديات ليلاس
تراجع كينت إلى الخلف ليتأمل عمله لكنه ما لبث ان اطلق شتيمة. التف القماش على حبال الستارة ورفض ان يتدلى في ثنيات ناعمة كما رتبته جوزي . وضع غطاء على الطاولة ووزع بعض الزهور بشكل عشوائي في زهرية ليكتشف ان تنسيق الزهور يتطلب مهارات أكثر مما تملك اصابعه . وضع وسادات ملونة بشكل مبعثر , وعلق لوحات جميلة , ووزع على الارض قطع البسط لكن الأمر لم ينجح .
لم يبدُ المكان دافئاً ومرحباً بل بدا غريباً. عندئذ , جن جنونه فطرد مولي عن الاريكة . طردها إلى الخارج واقفل الباب خلفهما لكن مولي رفضت الذهاب إلى ما هو أبعد من الشرفة.
صاح بها " ما الفائدة ؟ لقد رحلت "
ولن تعود . لكنه علم على الاقل انها وصلت سالمة إذ اتصلت بكل من كلانسي وليز. وقطب . ومابين الأمس واليوم تبخرت آخر آثار عطرها . اختفت بكل بساطة . ولم يصدق كم يفتقد هذا العطر . هذه الحقيقة زادت من غضبه . وبدأ يسير مبتعداً ثم استدار ليواجه الكلب قائلاً " إذا بقيت مضربة عن الطعام في الغد فسآخذك إلى الطبيب البيطري"
اعتادت مولي ان تفر هاربة كلما أتى على ذكر الطبيب البيطري لكنها هذه المرة لم تحرك أذنيها حتى فشخر كينت وسار مبتعداً عنها . إلا انه حمل مولي ذاك المساء إلى المنزل وحاول ان يجبرها على تناول الطعام . بذلت جهداً لتشرب بعض الماء إنما رفضت أن تلمس طعامها. وعندما حل موعد النوم , حملها إلى غرفة نومه ووضعها على غطائها المعتاد او على الاقل الذي اعتادت ان تنام عليه قبل وصول جوزي الى ايغل ريتش.
امضت مولي الليل وهي تخمش الباب بأظافرها وتعوي . واراد ان ينضم إليها . وعند انتصاف الليل تملكه اليأس فأطلق سراحها . وتساءل إن كانت الكلاب تموت بسبب انفطار قلبها . منتديات ليلاس
ومع حلول موعد الغداء نهار السبت, ادرك ان مولي لم تعد له بل لجوزي فقد ارتبطتا ببعضهما البعض منذ اللحظة الأولى للقائهما. تقريباً منذ اللحظة الاولى . وكشر حين تذكر منظر جوزي وهي معلقة على منشر غسيله.منتديات ليلاس
تملكه شعور غريب بالارتياح وهو يوضب حقيبة صغيرة صغيرة تكفيه لليلة واحدة . بعدئذ اتصل سريعاً بسمايلي ماكدونالد ووضع مولي في سيارته التي قادها إلى مارتن غولي.

Rehana 22-06-19 11:24 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
ترجل من السيارة عند متجر ليز ليجد هذه الاخيرة واقفة بجانب كلانسي في جلسة مشاورات . لم يضيع كينت وقته فقال " أنا متوجه لرؤية جوزي واردت ان تعلما هذا "
- هذا جيد.
واشار كلانسي إلى حقيبة على الارض مضيفاً" يمكنك ان تقلني إذن "
- وأنا ايضاً.
ورفعت ليز حقيبتها لتضعها على كتفها . حدق فيهما وسأل بحدة " لماذا ؟ هل حصل ما يستدعي ذهابكما؟ هل هي بخير ؟"
- إنها بخير .
وامسكت ليز بذراعه قبل ان تضيف " سنشرح لك ونحن في الطريق"
لم ينطق بأي كلمة بل أمسك بحقيبتيهما ووضعهما في صندوق سيارته الرباعية الدفع فيما تجهم وجهه وهو ينتظر صعودهما إليها .منتديات ليلاس
رفعت جوزي فنجان السيدة بنغلي وصحنها من على ذراع كرسيها عندما بدأ رأس المرأة العجوز يتدلى . قرع جرس الباب مرتين فرمقت ضيفتها بنظرة ثم قطعت الممر نحو الباب الرئيسي على رؤوس اصابعها . فتحت الباب وهي تضع إصبعها على شفتيها ثم تراجعت إلى الخلف وثنت ذراعيها .
رفع مارتي إصبعاً مرتجفاً في وجهها وقال وقد احمر وجهه " أنت .. أنت غيرت الاقفال "
- نعم , فعلت , فلم يترك لي أي منكما مفتاحاً احتياطياً ولم يجب أيّ منكما على اتصالاتي في الامس ما لم يترك امامي أي خيار آخر.
صاح لها فرانك وهو يتجاوزها " ما من خيار ؟ هراء"
- لديّ مهام اقوم بها ولا يمكنني ان أترك جيرالدين غاردنز من دون اقفال.
- لكن .. لكن ..
وتبعها مارتي فرفعت احد حاجبيها وسألته فيما حرصت على الحفاظ على ابتسامة مشرقة " نعم ؟"
رمقها بنظرة حذرة ثم رسم على وجهه ابتسامة وشدها لتتوقف وهو يقول بتلك النبرة المرحة المزيفة مجدداً " لدينا اخبار رائعة "
شعرت بهما يتبادلان النظرات من فوق كتفيها . وعندما استدارت ابتسم لها فرانك بدوره ابتسامة عريضة. سألتهما " اخبار جيدة؟"
اومأ برأسيهما بحماسة فأردفت " هذا حسناً , أنا احب الأخبار الجيدة. من الأفضل ان نتجه إلى الغرفة الرسمية "
على أي حال , هذه هي الغرفة التي يفضلانها " السيدة بنغلي تغط بالنوم في الغرفة العائلية "
اختفت ابتسامة مارتي وسألها " ماذا تفعل هنا ؟"
- إنها صديقتي . وهذا ما تفعله هنا.
اغلقت باب الغرفة الرسمية وصلت في سرها كي يكون نوم السيدة بنغلي ثقيلاً . وعادت تسأله " هل من مشكلة في هذا ؟"
- لا , لا .
وتراجع ثم اتجه مباشرة إلى كرسي والدها.منتديات ليلاس

Rehana 22-06-19 11:25 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
تمتم فرانك بكلام غير مفهوم وارتمى في الكرسي المقابل له , ذاك الذي تشغله هي عادة.
جلست عند طرف الأريكة وقالت " هذا ما أحبه في هذا المكان . الكل يهتم بالكل"
تبادل مارتي وفرانك النظرات واعتصر قلب جوزي. لقد ادركت وحسب انها لن تحب اخبارهما الجيدة.
أرادها ان تبيع بيتها. هذا الخبر لم يفاجئها فمنذ سنوات وهما يخبرانها ان المكان كبير جداً بالنسبة لشخص واحد وان من الصعب الاهتمام به . جزء منها وافقهما الرأي لكن هذا لا يعني ...منتديات ليلاس
مع مرور الوقت ستملأه بالناس , بطريقة ما .
لكنهما تدبرا الشاري وهو شخص يعمل في مجال العقارات كما يحملان معهما عقداً جاهزاً للتوقيع .منتديات ليلاس
وضع مارتي قلمه المغطى بالفضة والذهب في يدها , هذا القلم الذي يدافع عنه عادة بحياته وأشار إلى نقطة محددة " وقعي هنا وهناك "
- لكني اريد ان افكر في الموضوع اولاً .
شرع الرجلان يتحدثان في وقت واحد, ويحركان ايديهما امام وجهها فتملكها الذعر وارتفع كتفاها نحو اذنيها .
- إنها فرصة لا تتكرر مرتين في العمر يا جوزي.
وضرب مارتي العقد بيده مضيفاً " لن تحصلي على سعر جيد كهذا "
لعله محق فالمبلغ المعروض مذهل . واضاف فرانك " ولن تضطري للعمل مجدداً إذا لم ترغبي في ذلك. كما ستساعدين البلدة "
وضع مارتي يده الثانية على العقد وقال " هذا صحيح . فالبلدة تموت على مهل"
روعها هذا الكلام فقالت " هذا هراء"
سارع فرانك يقول وهو يرمق مارتي بنظرة حذرة " هذا المشروع يضمن ألا تموت "
عضت شفتها . لعله محق . فهما لا يقترحان هدم جيرالدين غاردنز وتشييد مبنى شاهق بدلاً منه . تحدثا عن منتجع خاص ومميز. منتجع أنيق جدا , مع المنزل والأراضي مدرجة ضمن التصميم العام . لقد عرضا عليها التصاميم ولم تستطع ان تنكر جمال المشروع . لكن ...
- سيكون مفيداً لك, ومفيدا للمجتمع ومفيداً لنا .
- وكيف سيعود عليكما بالفائدة ؟
- اولاً , سنشعر براحة الضمير لأننا اهتممنا بك , فأنت تستحقين ذلك بعد رعايتك لوالدنا.
اصابت كلمات فرانك هذه نقطة حساسة , جزءاً من قلبها .
ربت مارتي على يدها وقال " انت اختنا الصغرى . ونريد ان نراك مستقرة في حياتك "
غصت . جلّ ما عليها ان تفعله هو ان توقع العقد ومن ثم ...
- وما كانت الغاية من شاحنة نقل الاثاث؟
- اراد الشاري ان يبدأ العمل على الفور. اردنا ان نرتب الأغراض كي تنتقلي سريعاً ما إن تعودي وتوقعي العقد.
مد مارتي يديه لكنه بقي ممسكاً بالعقد في إحداهما " ظننا انك لن تمانعي . نحن نحاول ان نرعاك وحسب يا جوز "

Rehana 22-06-19 11:25 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
الشخص الوحيد في العالم الذي اعتاد ان يناديها بهذا الاسم هو والدها. هبت واقفة واعادت لمارتي قلمه قائلة "حان الوقت كي تأخذ السيدة بنغلي ادويتها "
وفرت من الغرفة. استندت إلى الجدار خارج الغرفة وحاولت ان تلتقط انفاسها . كل ما عليها ان تفعله هو ان توقع ثم تشكل هي ومارتي وفرانك عائلة كبيرة سعيدة . لكن ولسبب ما لم تقتتنع بالمشهد .
متى رتبا هذه الامور كلها ؟ قبل عطلتها ؟ وللمرة المئة اليوم , تمنت لو ان كينت إلى جانبها فقط لتمتع نظرها برؤيته.ريحانة
ادوية السيدة بنغلي . تمالكت نفسها ورسمت على وجهها ابتسامة مشرقة ثم دخلت إلى غرفة العائلة لتجد كرسي السيدة بنغلي خالية . وقرع جرس الباب.
نادت السيدة بنغلي عندما رأت جوزي " ارجو ألا تمانعي فقد طلبت تعزيزات لمؤزرتي "
فتحت السيدة بنغلي الباب ففغرت جوزي فمها وهي ترى مجموعة متنوعة من سكان بوشانن بوينت تتجاوزها متجهة إلى الغرفة الرسمية .
صاح مارتي " ما الذي... ؟ هذه مسألة خاصة. ما الذي تفعلونه هنا؟"
ابتسم جاكوب ابتسامة مشجعة لجوزي وقال " اردنا فقط ان تتخذ جوزي قرارها بناء على معطيات واضحة وبعد ان تحصل على كافة الوقائع . هذا كل مافي الامر "
ونادى السيد ييبر من الخلف" وهذه بلدتنا . قرار جوزي سيؤثر فينا كلنا"
عندئذ, صرخ مارتي " جوزي! عليك ان تتخلصي ..."
- هؤلاء هم اصدقائي يا مارتي واريدهم هنا. ريحانة
لم تنتظر رده بل استدارت نحو الجمع واضافت سائلة " هل الكل على علم بالعرض؟"
اومأ جاكوب برأسه " نعم "
لم يفاجئها هذا , فلابد ان ابن عم خال احدهم عضو في لجنة ما في مكان ما .لكنها قالت على اي حال كي يكونوا على علم وحسب " لن يكون مبنى شاهقاً بل منتجعاً انيقاً وخاصاً "
شخر جاكوب ولم يبدُ مرتاحاً في الدور الذي أوكل اليه , دور الناطق باسم البلدة " الآراء منقسمة في البلدة . لكن هذا غير مهم "
وتدخلت السيدة بنغلي قائلة " يجب ان تسمعوا ما وضعته جوزي من خطة للمكان . ستقدم المنامة والفطور . هذا رائع "
التفت فرانك نحوها وسألها " منامة وفطور؟"
- إنها فكرة وحسب و ...
وعلى الفور , تدخل جاكوب " نحن نحيد عن الموضوع الرئيسي . ما تقررينه بالنسبة إلى جيرالدين غاردنز هو شأنك الخاص يا جوزي . فهذا المكان ملك لك. ما نريده هو ان تعرفي كافة الوقائع "
إنها المرة الثانية التي يشير فيها إلى الموضوع نفسه فسألته " أي وقائع ؟"
- ان شركة مارتي ستتولى عقد التأمين على عمل الشاري إذا ما نجحت الصفقة , وان شركة فرانك ستحصل على عقد البناء.منتديات ليلاس
قال فرانك متوجهاً إلى الحشد " هذا ليس سراً . كنا نطلع جوزي للتو على كافة الفوائد التي نجنيها من إتمام هذا المشروع "
ها! كان عليها ان تعلم . لكنها لم تستطع إلا ان تتساءل عما اذا اراد فرانك ان يكون صادقاً معها بقدر ما يدعي الآن .

Rehana 22-06-19 11:26 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
والتفت مارتي إليها قائلاً" هذا يضمن ان نكون أنا وفرانك شريكين بشركتينا "
وتملكها السأم . لقد عملا بجد لتحقيق هذه الشراكة . لا يمكنها ان تنكر ذلك. هل يمكنها ان تقف في طريقهما الآن .
حثها جاكوب على الكلام " جوزي؟"
- أنا...منتديات ليلاس
لم تجد ما تقوله . فأصّر " ما الذي تريدينه ؟"
لم يتسن لها ان تجيب . ففي هذه اللحظة بالذات , اندفع كلب شديد الحماسة من الباب وطرحها ارضاً.
- مولي !
وعانقت كتلة الفرو التي تلوت بين ذراعيها . بعدئذ رفعت ناظريها وتلاشى تعبها وسأمها " كينت !"
- أنا آسف فقد هربت مني.منتديات ليلاس
وجمد في مكانه حين لاحظ الحشد المجتمع في الغرفة. مدّ كلانسي وليز رأسيهما من خلف كينت ولوحا لها . عانقت جوزي مولي وراحت تبتسم كالبلهاء.
صرخ مارتي فجأة بصوت محبط " ومن هذا ؟"
فعادت جوزي إلى رشدها وإن بقيت عاجزة بعض الشيء عن التنفس.
هبت واقفة وقالت " اعرفكم باصدقائي من مارتين غولي : كينت , كلانسي وليز "
ولوحت بيدها نحو الجمع مضيفة " وهؤلاء هم اصدقائي في البلدة "
شعرت برأسها يدور ويدور . وتعالت من حولها اصوات تهمس ترحيباً لكنها لم تستطع ان تفهم ما يجري . وفجأة , امر واحد بدا لها واضحاً فالتفتت نحو اخويها وقالت " لا يمكنني ان اتخذ قراراً الليلة مارتي وفرانك"
فغر اخواها فميهما واستحال وجه مارتي إلى احمر إلى حدّ انها اقسمت ان احد عروقه سينفجر وقال " أتفعلين هذا لأني رفضت ان اقصد ذاك المكان المهجور لأعيدك إلى المنزل ؟ أتردين لي الصفعة ؟"
كلماته هذه لفتت انتباهها بشكل كلي . إن صوتها خرج من حنجرتها هادئاً بشكل فاجأها " كنت تعلم انه مكان مهجور ؟"
- بالطبع , أتظنين اني احمق؟
لا , فهي الحمقاء . وضربتها موجات الغضب الحمراء. لقد خططا لإبعادها ليتمكنا من إتمام صفقتهما ولم يتكبدا حتى عناء تقديم عطلة مناسبة لها لشدة انانيتهما التافهة .
- إذن , تلاعبتما بي؟
لم يجب أي من اخويها فأضافت " وقد جعلتما المسألة بادعائكما انكما تهتمان لأمري؟"
حدق مارتي في الأرض فيما حدق فرانك في السقف.
- آه , أنا صدّقتكما , واقتنعت بكلامكما ووقعت في الشباك , أليس كذلك ؟ لابد انكما تعتبراني غبية.
توقعت منهما ان يعترضا , ان يخبراها انهما يقدران فعلاً اهتمامها بوالدهم وانهما يحبانها فعلاً . لكنهما لم يتكلما . ريحانة
- اخرج من هنا.
وامسكت بالعقد وصفقته على صدر مارتي ثم صرخت بفرانك " وانت ايضاً . خذا عقدكما وارحلا . لا اريد ان أرى اياً منكما مجدداً"

Rehana 22-06-19 11:26 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
شحب وجه مارتي وقال " لا يمكن ان تكوني جادة في ما تقولينه"
وشرع فرانك يقول وهو يرتجف بشكل واضح " لكنك شقيقتنا "
وتقدم مارتي نحوها خطوة لكن مولي وقفت حاجزاً بينهما وقد نفشت وبر عنقها ما أذهل جوزي ثم كشرت عن انيابها كلها . اشارت جوزي إلى الباب قائلة " ارحلا"
حدق كينت في جوزي مندهشاً ولم يستطع ان يتذكر انه افتخر بأحدهم يوماً بقدر ما افتخر بها في هذه اللحظة . اراد ان يأخذها بين ذراعيه ويدور ويدور بها . اراد ان يعانقها . اراد ان يحملها إلى ... اراد ان يبقى إلى جانبها !
إدراكه لهذه الحقيقة كان اشبه بلكمة قوية سددت إلى احشائه لكن هذه الضربة لم تطرحه ارضاً بل مدته بقوة غريبة . اراد ان يبقى ولا علاقة لمولي او كلانسي او ليز او لرغبته في مساندة جوزي ضد اخويها بالأمر.
الأمر يتعلق كلياً به.. وبها . ولهذا السبب أتى حتى لو حاول ان يختبئ خلف الكثير من الاسباب الاخرى .
دس يديه في جيبيه وراح يتأملها بقدر ما أمكنه من التكتم في غرفة امتلأت باشخاص يتأملونه بدورهم . التمعت خصلات شعرها التي تلونت بلون خشب الصندل تحت اضواء الثريا فيما بقي الشرر يتطاير من عينيها بعد ثورة الغضب المفاجئة تلك. لم تثر أي امرأة رغباته بقدرها قط من قبل. لكن , ماذا لو لم ترغب في جوده هنا ؟ ماذا لو لم ترغب فيه؟ عندئذ, سيصبح الرجل الذي تريد , الرجل الذي ترغب فيه في حياتها .
هزت جوزي نفسها وحاولت ان تفكر بشكل واضح. التفتت نحو كينت وليز وكلانسي سائلة " ما الذي تفعلونه هنا؟"
لم تصدق كم شعرت بالارتياح والسرور لرؤيتهم . حاولت ألا تركز نظرها على كينت فيما اندفع ليز وكلانسي في الوقت عينه ليحتضناها , وبادلتهما العناق بدورها. اما كينت فبقي في مكانه, واضعا يديه في جيبي سرواله ومحدقا بعبوس في الارض.منتديات ليلاس
- كنا قلقين مما يخطط له اخواك يا فتاتي.
التمعت عينا ليز وقالت " إنما يبدو انك لم تكوني بحاجة إلى فرسان لإنقاذك"
ضحكت جوزي ضحكة مرتجفة فيه لا تزال مصدومة من جرأتها في الدفاع عن مصالحها . رمقت كينت بنظرة. هل أتى لإنقاذها ايضاً؟
جرجر قدميه وحرك كتفيه قبل ان يقول " رفضت مولي ان تتناول الطعام منذ رحيلك . بالتالي , لابد ان تعيش معك"
فغرت فمها فقطب واضاف " إنها تفتقدك"
ليتها تسمعه يقول هذه الكلمات نفسها لها !
وتدخلت ليز قائلة " كلنا اشتقنا إليك . وإذا ما قررت المضي قدماً في مشروعك المتعلق بالمنامة والفطور فستحتاجين الى مساعدة. وبما ان تيد توفي فأنا احتاج إلى بعض التغيير كما انني ماهرة في الطهي"

Rehana 22-06-19 11:27 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
دنا منها كلانسي أكثر وقال " أعلم اني اتقدم في السن لكني مازلت اجيد اعمال البستنة "
ثنت ليز ذراعيها وقالت " ستحتاجين إلى طاهٍ"
واضاف كلانسي " وستحتاجين إلى بستاني "
سدت الغصة حلقها ورمقت كينت بنظرة . كان يحدق في ليز وكلانسي كما لو انهما فقدا عقليهما للتو.
بعدئذ, استدار نحوها مقطباً وقال " وستحتاجين إلى زوج!"
كلماته هذه ازالت الغصة من حلقها فيما توقفت الاحاديث في الغرفة وساد الصمت المبطق.
- ماذا؟
ازداد تقطيبه وهو يتلفت من حوله متأملاً الوجوه الفضولية في الغرفة الصامتة . هز كتفيه مجدداً وهمهم " لعل كلمة تحتاجين غير مناسبة. لعلك لا تحتاجين احداً . لكني ..."
وتأمل مجدداً وجوه الحشد في الغرفة ثم امسك بيدها وجرها إلى خارج الغرفة ومن ثم اخرجها من الباب الرئيس حيث اوقفها عند جانب المنزل . بعدئذ, اطلق سراحها فيما بقي يحملق فيها .
هزت جوزي رأسها . لابد انها لم تسمعه جيداً. لم يقل زوجاً بالتأكيد؟ هذا مستحيل !
قالت متلعثمة " طبيب . احتاج طبيباً"
- حسناً , سأكون الطبيب.منتديات ليلاس
ارادت ان ترتمي بين ذراعيه إلا انها دلكت صدغيها وسألته " هل قلت إني احتاج زوجاً؟"
- نعم .منتديات ليلاس
- هل لهذا علاقة بحاجتي إلى شخص يعتني بي وماشابه ؟
- تراجعت عن كلمة تحتاجين.
واجتاحتها موجة من الامل فسألته " هل من شخص معين في بالك؟"
لم يجب على الفور لكنه قام بتصرف لم يخيل لها يوماً انه سيفعله ... ركع على ركبتيه واحاط خصرها بذراعيه ثم دفن وجهه في ثوبها وهو يدمدم " احبك يا جوزي. انا ومولي لايمكن ان نستمر من دونك. اشتقت إلى ضحكتك . اشتقت إلى رائحتك . اشتقت إليك"
ورفع رأسه وحدق في عينيها " لم أر في بادئ الامر القوة التي تختزنينها . ثمة قوة أكبر في المجتمع , في مساعدة الناس وفي بناء الجسور . اريد بناء هذا المجتمع معك "
ارجعت الشعر عن جبينه , ورسمت خطوط وجهه الحادة بأناملها . هذا الرجل يحبها ؟ وغشي نظرها وسألت " أتحبني ؟ حقاً؟"
تراقصت حواسها كلها فرحاً عندما رأته يومئ برأسه.ريحانة
- وأنت لا تستطيع ان تستمر دوني؟
هز رأسه واجاب " هذا صحيح "
كانت تعلم طبيعة هذا الشعور وتفهمه فقالت " سأطلعك على سر صغير , لا يمكنني ان استمر من دونك ايضاً"
هب كينت واقفاً على قدميه وحملها بين ذراعيه ثم راح يدور بها . لفت ذراعيها حول عنقه فيما تعالت ضحكتها سعادة. عندما انزلها اخيراً, مدت يديها ولامست وجهه " احبك يا كينت بلاك . ولا يمكنني ان اتخيل امراً أكثر مثالية من ان أكون زوجتك "
لامس خدها وقال " قولي هذا مجدداً"

Rehana 22-06-19 11:27 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
بدأت الحرارة تتدفق في عروقها وودت لو تذوب فيه وتنسى العالم بأسره .
- أنا ...
حبست انفاسها في صدرها حين عانقها بقوة وقال " رائحتك رائعة يا جوزي بيترسون "
شعرت بأنها ستموت بين ذراعيه فتراجعت لتتمكن من التقاط انفاسها وقالت " احبك"
قرأت في وجهه انه يشكك في كلامها فكررت " احبك"
لن تتعب يوماً من تكرار هذه العبارة . ارتفعت يداه لتمسكا بوجهها " ظننت اني قضيت على اي أمل لي معك. ظننت اني ابعدتك كثيراً إلى حدّ ان ... وعندما ادركت اني احبك كثيراً إلى حدّ اني لا استطيع ان اعيش من دونك ..."
مدت يدها وضغطت اصابعها على شفتيه , تكبح دفق الكلمات " احبك يا كينت وإلى الابد"
- إلى الابد .
اومأت برأسها ثم ابعدت يدها ودنت منه اكثر ليتعانقا عناقاً أكدا به عهدهما هذا.

تمت

paatee 23-06-19 01:02 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
:55::55::55:تسلم الانا:peace:مل ياعسل ننتظر جديدك اختيار رائع

Rehana 23-06-19 01:14 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( الفصل الاخير )
 
الله يسلمك
وشكرا لحضورك ومتابعتك 😊

ام نوارا 23-07-19 12:42 AM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس
 
حلوه جداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا شكرااااااااااااااااااااااااااااااااا

fadi azar 26-07-19 04:06 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( كاملة )
 
مشكورة على الرواية

نجلاء عبد الوهاب 03-09-21 03:56 PM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( كاملة )
 
:liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::lii las::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas: :liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::lii las::liilas::liilas::liilas:

هتونا 07-10-21 01:31 AM

رد: 498 - من اجل قلب وحيد - ميشيل دوغلاس ( كاملة )
 
وااااااااااااو حماااااس جدا رااااائعة احلا تحية وتقدير للجميع ودمتم في قلبي سكنة


الساعة الآن 11:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية