منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان (https://www.liilas.com/vb3/t206496.html)

SHELL 02-09-20 02:17 AM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
الفصل الثامن

https://new-girls.ws/images/img_1/fd...f1bf8c44a5.gif

لم تكن السيدة شريفة قد تخلّت عن عزلتها الاختيارية بعد أن شعرت باستتباب الأمن فى جوانب منزلها ,منذ أن هبّت تلك العاصفة الهوجاء بخصوص زوجة حفيدها المفضّل سيف ومعرفتهم لحقيقة نسبها الى عائلة الراوى .. شكّل الأمر صدمة للجميع وخاصة لابنها البكرىّ محمد ,فُزعت حين تذكّرت ثورتة العارمة وهو يلقى باللوم على عاتق حفيديها .. لا تعلم الى الآن مدى توّرط رفيق بهذا الأمر ,بيد أنه ربما كان مظلوما ,تعرف مقدار تحمّله للمسؤولية الملقاة على كتفه فلم يصدر عنه أى تصرّف طائش ,دوما كان شديد الحذر فيما يخص عائلته والعمل ,عادت للموضوع الذى يشغل بالها ويؤرقها كثيرا .. مها .. تلك الفتاة الرقيقة ذات الملامح البريئة والمظهر الهادئ .. سلكت طريقا الى قلبها بدون واسطة فقط حينما عرفت أن والدها هو كمال .. شريك زوجها السابق .. الذى اصابه الطمع فى مقتل فكتب نهايته بيده .. كل ما تعرفه عمّا حدث وقتها أنه حاول التلاعب بشأن صفقة مشتركة فقرّر عبد العظيم ألا يمرّر الأمر ببساطة ,ليتعلّم مع من يتعامل .. اذا تركته بلا عقاب فسوف يتمادى .. هذه الكلمات تردد صداها فى اذنيها بصوت زوجها الصارم ,هى من عاشرته لعشرات السنوات ربما لم يكن شخصا رؤوفا أو متفهما ولكن فيما يتعلّق بعمله كان طاغية بحق .. لا يتهاون بشأن امبراطوريته ويذود عنها باستماتة .. أخبرها مرة تلو الأخرى أن اسم الشرقاوى اللامع لا بد أن يظل محافظا على رونقه وبهائه ,تركة متوارثة منذ عهد أبيه الراحل الذى وضع حجر الأساس ولتنصف زوجها فقد ازدهرت هذه الأعمال على يديه لتتضاعف الى حد مرعب .. ومع تصاعد أرصدته البنكية توطدت صلاته بذوى النفوذ والسلطة .. ما أوصله لمكانة فريدة فى عالم الأثرياء ,لكم عانت من رفاهية حياتها الخالية من أبسط المشاعر الانسانية بين اى زوجين .. لن تسمح لنفسها بالانزلاق لعقد المقارنة بين حياتها الفعلية وما كانت لتصبح عليه حياتها اذا ما تزوجت رجلا غيره ..ليس رجلا بعينه .. لم تعد قادرة على الذهاب الى أبعد من هذه النقطة .. هى أرملة لرجل رحل عن دنياها بينما يبقى كل شبر يذكّرها به .. بسطوته وصلابته التى لم تهتز ولا مرة واحدة ,ربما لم تحصل على الرجل الذى تحبه كما تحلم أى امرأة بزوج رومانسى يدللها حتى النخاع ويسمعها أحلى كلمات الغزل ولكنها اقترنت برجل حقيقىّ .. عصامىّ .. لم يفرّط بحق من حقوقها يوما وان لم يشعرها بأنها ملكة الاناث على عرش قلبه فصرّحت بالحقيقة لنفسها بأنها هى أيضا لم تمنحه أكثر مما تمنحه المرأة لزوجها فقط وليس لحبيبها ومالك قلبها.
تنهّدت ارتياحا وهى تبدأ فصلا جديدا فى حياة عائلتها .. نعم .. كانت تتحدث الى زوجها الغائب وكأنه ما زال موجودا .. اثنين من الاحفاد تزوجوا .. و .. رن جرس الهاتف بغرفتها الفسيحة يشق الهدوء السائد فى المكان لينزعها من تسلسل أحلامها فالتقطت السمّاعة مدركة تماما بأن المكالمة لها , وكان هذا خطّا منفصلا عن الخط الأساسى بالفيلا .. كما سبق وطالبت زوجها به حتى تشعر ببعض الخصوصية فى حياتها .. قالت بصوتها الدافئ:
-آلو .. مرحبا.
أتاها الصوت الرجولى النافذ قائلا:
-مرحبا .. شريفة كيف حالك اليوم ؟
من المستحيل أن تخطئ معرفة هذا الصوت الذى لم يفارق مخيلتها لأيام عديدة حتى بعد رحيل صاحبه واختفائه من حياتها ,ارتجفت لأنها عادت الى صندوق ذكرياتها المغلق فأدركت أنه مفتوح على مصراعيه ينبعث منه الحنين للماضى وأغمضت عينيها تستمد بعضا من القوة الخائرة فتمسّكت بأصابعها بالسمّاعة ,جاءها صوت عبد الله قلقا هذه المرة يتساءل بجموح:
-شريفة .. هل ما زلتِ على الخط ؟
أجابت ببطء:
-نعم .. نعم .. كيف حالك أنت يا .. عبد الله ؟
خيّل اليها أنه يبتسم فى هذه اللحظة لأنه صوته انساب مشبوبا بالسعادة :
-بخير طالما سمعت صوتك الشجىّ .. وماذا أتمنى أكثر من هذا.
هتفت بتمنّع:
-عبد الله .. أرجوك لا يجوز أن تحادثنى بهذه الطريقة.
قاطعها بدوره متسائلا ببراءة:
-وماذا يعيبها طريقتى فى الحديث ؟ على كل حال أردت أن أقول أننى سعيد لسماع صوتك ,يبدو أن صحتك تحسّنت كثيرا , أليس كذلك ؟
جلست على المقعد القريب من الهاتف وقد انتبهت من شرودها على أنها ما زالت على وقفتها منذ تلقّت اتصاله ثم مدّدت قدميها أمامها وهى تقول برضا:
-الحمد لله على كل شئ .. أود الاطمئنان عليك وعلى العائلة .. ابنتاك وليلى وجاسر .. كيف حال الجميع ؟
أجابها بتصميم:
-جميعهم بخير ,,شريفة وفريدة .. أحوالهما على ما يرام ,وقد سمحت لنفسى باجراء الاتصال بكِ فى هذا الوقت المبكّر من أجل أمر يخص جاسر .. وريم.
-خيرا ان شاء الله ؟
تجاهلت ذكره المتعمّد لاسمى ابنتيه ليؤكد عليها أنها قد أطلق على ابنته الكبرى اسمها هى ,أنها تعرف وبذات الوقت تحاول أن تتصنّع عدم المبالاة ,فقال عبد الله يائسا من ردة فعلها المبتورة:
-حسنا .. هاتفنى محمد لاعلامى بتحديد موعد مناسب من أجل زيارتنا لكم حتى نطلب يد حفيدتك المصونة لحفيدى الغالى بصورة رسمية ..
علت شفتيها ابتسامة بسيطة معبّرة عن سعادتها الداخلية بهذا الأمر وهى تقول بحبور:
-مبارك لهما ان شاء الله .. هذا أفضل خبر سمعته منذ زمن .. ومتى الموعد ؟
تساءل مندهشا:
-أيعنى هذا أنكِ لستِ على علم بالموعد ؟
أجابت ببساطة:
-كلا , محمد أخبرنى بأنه قد فاتح ريم فى الأمر وحصل على موافقتها الضمنية ولم نتطرق للموعد ..
-ألا يشعرك هذا بالسعادة ؟ أقصد ارتباط جاسر بريم.
رقّ صوتها وأجابته:
-اذا كان هذا اختيارهما الخاص فلا أملك سوى أن أدعو لهما بالتوفيق والهداية .
-أتصدقين بأننى أغبط جاسر لأنه استطاع النجاح حيث فشلت أنا ؟
أغمضت عينيها مرة أخرى تعى تماما مقدار الاحباط والمعاناة فى صوته وتشعر بالمثل فحفيدتها الأثيرة ستتزوج من حفيده .. استفاقت من عالم أحلامها لتقول بعزيمة واصرار:
-عبد الله .. اذا أردنا لهذه الزيجة أن تنجح وتدوم فعلينا أن ننسى الماضى بحلوه ومره ,لا يمكننا أن نجازف بتحطيم أحلامهما البريئة .. أنت تفهم ما أعنيه ؟
سكت عبد الله وقد لطمته عبارتها بقوة على وجهه فأدرك ما ترمى اليه تحاول أن تجنّبه وايّاها الاحراج بمجرد أن يأتى ذكر الماضى يراها تتقوقع على نفسها تنأى عنه وكأنها بعيدة بآلاف الأميال .. غريبة لا يعرفها .. تتحوّل لهجتها أقرب الى الرسمية منها الى الطريقة المألوفة التى اعتادت محادثته بها ,تضع مئات الحدود والسدود فى وجهه لتخبره بلا كلمات أنه لم يعد يشغل ذات المكانة فى قلبها وحياتها كما فى السابق .. هو مجرد عم لأولادها لا أكثر ولا أقل ,ابتلع غصة فى حلقه وهو يجاهد لتخرج الكلمات من فمه واضحة ثابتة بلا توجع:
-أفهمك تماما.
أضافت شريفة بعد جهد جهيد عليها أن تقتلع آماله من جذورها:
-وآمل أن تتفهّم رغبتى بألّا تهاتفنى على الخاص ثانية ,فاذا أردت اخبارنا بأى شئ يمكنك أن تتحدث الى ابنى محمد أو أحد أحفادى .. رجاءا.
جاءها صوته قويا وهو يتصنّع رباطة الجأش:
-أوافقك الرأى مجددا يا شريفة .. هانم , وأعدك بألّا أزعجك باتصالاتى ,سوف أنتبه لمراعاة الحدود بيننا من الآن فصاعدا ,أعتذر عن خطئى الفادح .. وداعا يا سيدتى.
وضعت سمّاعة الهاتف بعد لحظات تشبثت بها وكأنها طوق لنجاتها ثم أخذت تقول بعقلانية لتقنع نفسها : كان لا بد أن أفعلها بذلك الدم البارد .. هكذا أفضل لكلينا وللجميع , ما الفائدة من ارجاء الأمر لما بعد الا أن نزيد عذابنا ووجع قلوبنا .. نعم أحسنتِ التصرف يا شريفة ... هانم ,لسعتها الكلمة كأنها اهانة لاذعة .. وأطلقت زفيرا عميقا علّها تهدئ ضربات قلبها الموشكة على القفز كعدّاد السرعات بسيارة حديثة انطلق بها سائقها فى سباق لانقاذ حياته.



*************

SHELL 02-09-20 02:18 AM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
ذهبت ريم برفقة أخيها وزوجته الى الشركة ليستأنفوا عملهم بعد فترة انقطاع طويلة عن الحضور ,ولم تكن هى بأقل حماسة منهما لمباشرة التصرف بجد فى شؤون الأعمال المتراكمة وقد نالت بعضا من الخبرة فى الشهرين الماضيين على يدى سيف وكريم اللذين لم يبخلا عليها بأية معلومة أو استشارة , فى غياب رفيق كانت عونا كبيرا لهما باعتراف كليهما ,ورغما عن تباعدهما الملحوظ فى الآونة الأخيرة الا أنهما كانا يتعاملان بمهنية واحتراف فى نطاق ادارة العمل .. لاحظت هى الأسلوب البارد الجاف فى أحاديثما المشتركة التى يفرضها سير العمل .. وما أن تدير لهما ظهرها حتى يسود الصمت بينهما كأنما هما مجرد غريبين لا صديقين تربطهما أواصر القربى .. لم تحتج الى كثير من الذكاء لتستنبط أن الأمر له علاقة وثيقة بزواج سيف من مها ,لا بد أن تكون تلك الفتاة هى منبع الشرور التى تتعرّض لها عائلتها .. وبينما اشار لهما رفيق أن تسبقاه حتى يصف سيارته فأطاعته ريم باذعان بينما اعتذرت لها أميرة برقة عن مرافقتها متعلّلة برغبتها فى انتظار زوجها قالت ريم بلا مبالاة:
-كما تشائين , سأذهب أنا وأراكما لاحقا بالمكتب.
فى الطابق الثانى اصطدمت بلقاء هديل الذى جعل الفتاة الاخرى تعتذر بهدوء وهى تقول:
-هل أنتِ ذاهبة الى مكتب ك.. السيد كريم ؟
-لا ,أنا فى طريقى الى مكتب رفيق.
شعرت بأنها مبهوتة لرؤيتها مما اثار تعجبها فارتأت أن تسألها لتروى فضولها:
-لماذا أشعر بأنكِ تستغربين وجودى أو ربما لا تميلين الى رؤيتى هنا ؟
-على العكس تماما , أنتِ صاحبة الحق بالتواجد هنا أما أنا فمجرد موظفة تعمل بالشركة ,كل ما فى الأمر أننى لم أراكِ من قبل بالشركة.
شعرت باتهام مبطّن فى لكنتها الغريبة فأصرّت على انتزاع الحقيقة منها ولكن بلطف فتساءلت تتصنّع المزاح:
-لماذا ظننتِ فى البداية أننى متوجهة الى مكتب كريم ؟
أجابتها هديل بارتباك واضح:
-لأن مكتبه يقع بهذه الجهة ف.. أعتقدت .. آسفة على التطفّل ولكن بدا لى منطقيا أن .. أنكما لا بد ستلتقيان ..
- لماذا يبدو منطقيا ؟ ولماذا لم تفكّرى بأننى ربما أرغب برؤية سيف مثلا ؟
-لأنه .. لأنكِ مخطوبة ..
تراجعت ريم مندهشة وهى تقاطعها بانفعال:
-ما دخل خطبتى بالأمر من أصله ؟ أيمكنك أن تفسّرى لى أكثر ؟
قالت هديل تنفض عن كاهلها هذا الحمل الجاثم:
-لأنه من الطبيعى أن تذهب المرأة للقاء خطيبها خاصة اذا كانا يعملان بنفس المكان ..
فجأة انقشعت الغيوم من عقل ريم فهتفت باستخفاف:
-آه .. هل تعنين أنكِ ظننتِ أننى وكريم مخطوبان ؟ يا الله ! يا لخيالك الواسع يا عزيزتى .. وهكذا فهمت لماذا تضطربين لرؤيتى بهذه الصورة المفزعة.
توقفت عن متابعة حديثها لترى مدى تأثير كلماتها على هديل التى كانت ممتقعة الوجه بشكل رهيب ثم استطردت بجدية أكبر:
-اسمعى يا هديل لو لم تكونى زميلتى سابقا وأودّ أن أجدد أواصر صداقتنا من جديد لكان لى تصرفا آخر بشأنك .. أنتِ .. ساذجة لدرجة فظيعة .. حسنا , لو أخبرتك بأننى لست مخطوبة لكريم ولا هو ينوى أبدا الزواج منى هل تقبلين بالعمل معى ؟
-ولماذا انا بالذات ؟ أعنى أنه توجد الكثيرات ممن تمتلكن خبرة أكثر منى ..
-تستطيعين القول بأننى أميل الى الانصاف والعدل ولم يعجبنى تصرف كريم تجاهك بابعادك عن عملك السابق.
فتحت هديل عينيها على اتساعهما لتقول بدهشة:
-أكنتِ على علم بما فعله ؟
-للأسف كنت متواجدة يومها وفشلت فى منعه من هذا الاجراء الذى أراه مجحفا بحقك .. ماذا تقولين .. يتعامل الرجال بحماقة بالغة حينما يمس الأمر كبرياءهم الذكورى ,ويمتلك رجال عائلة الشرقاوى الفيض الغزير منه .. اسأليننى أنا التى عاشرتهم دهرا من الزمان .. والآن ما رأيك فى عرضى ؟
أجابتها هديل بغمغمة بينما تتصارع الأحاسيس المختلفة بداخلها من سعادة غامرة لمعرفتها بأن كريم ليس خاطبا وخوف ووجوم من قبولها بهذا العرض :
-أيمكن أن تتركى لى فرصة للتفكير بالعرض ؟ أم أنه أمرا مباشرا ؟
-لا طبعا , ماذا تظنين بى ؟ أتشبهيننى بهؤلاء الطغاة المتكبرين .. الذين يتعاملون بكل غطرسة مع الآخرين , لا يا هديل أنا سوف أنتظر قرارك وسأحترمه فى كل الأحوال سواء قبلتِ أم رفضتِ وهذا حقك المطلق.
منحتها ابتسامة هزيلة وهى تستأذنها للانصراف بينما هى تستدير لتنطلق فى طريقها فوجدته على بعد أمتار قليلة منها يراقبها بتأنٍ ونظراتها متلهفة تتعطّش لملامح وجهها الرقيقة يحاول أن يسكن صوت قلبه الذى ينهش بصدره مطالبا باللقاء بعد حرمان طويل .. أنه هو جاسر بشحمه ولحمه .. واقفا يضع يديه فى جيبى بنطلونه بينما يرمقها بنظرات تفيض حبا ,لا يمكنها أن تخطئ تفسير هذه المشاعر الواضحة كالشمس .. لماذا لا يقترب منها ؟ أينتظر منها أن تقدم على الخطوة الأولى ؟ أنه واهم اذا اعتقد أنها ستفعلها ,والأهم ماذا يفعل هنا ؟ الاجابة بسيطة .. أتى لرؤيتها هى .. توقفت وهى تضع يديها على خصرها تنظر له بتحدٍ أن يتخطّاها الا أنه تقبّل المخاطرة فأخذ يسير نحوها قاطعا المسافة الفاصلة بينهما فى خطوات سريعة حتى لم يعد باقيا الا خطوتين فتسمّر فى موقعه رافضا الكشف عن شوق يهدد بالاكتساح فى لمحة خاطفة ,بادرت بالحوار تسأله بتمهل:
-يا لها من مفاجأة ! جاسر بنفسه هنا فى شركتنا.
أخذت نظراته تتعلّق أكثر بها وهو يقول مشدّدا على حروف كلماته:
-أهى مفاجأة سارة ؟ أم ..
مطت شفتيها وهى تقول بعد أن هزت كتفيها:
-هذا يتوقف على سبب مجيئك .. الى هنا.
قال بصراحة مطلقة دون تفكير:
-أتيت لرؤيتك طبعا .. اشتقت لكِ حد الموت ..
-وما الذى منعك فى السابق من المجئ لرؤيتى ؟ أتذكرت هذا بعد كل هذا الوقت ؟
كانت تؤنبه بهدوء معلنة عن رفضها الاقتناع ببساطة مغلّفة بالانكار فقال ويداه تعبثان بخصلات شعره كعادته كلما شعر بتوتر:
-فضّلت أن أبرّ بقسمى لتجنب رؤيتك أو الاتصال بكِ حتى عودة والديكِ من السفر ,, رغم أن هذا كان يقتلنى من الداخل ..
-فهمت .. والآن ترى أن الامور تغيّرت وصار من حقك أن تأتى الى هنا وقتما تشاء ..
ضاقت عيناه من استقبالها الخالى من الترحاب وهو الذى كان يظن أنها ستفرح لرؤيته , لم يبدُ على ملامح وجهها الشوق ولا كان للحنين اثرا بصوتها الجاف .. قال بضيق لم يستطع اخفائه:
-أترانى جئت بوقت غير مناسب ؟
-بل أرى أنه لم يجدر بك المجئ الى هنا من الاساس ,ماذا تظن نفسك فاعلا لتجرؤ على التعرّض لشقيقتى بهذه الصورة الحقيرة ؟
لطمه صوتا قويا لرجل ذى ملامح حادة ووجه أسمر يحدّق فيه بعداء واضح بينما يضع ذراعا متملكة يحمى بها زوجته التى كانت ترتعش مرتجفة لدى ادراكها بهوية الزائر المفاجئة .. استطرد رفيق قائلا بثورة:
-ما لك تقف واجما هكذا ؟ لا تحرك ساكنا .. هل تحاول مضايقة ريم ؟ لأننى أقسم بأنك لو آذيتها مقدار شعرة ل...
قاطعته ريم بدون وعى خائفة من ردة فعله المتشددة:
-لم يحدث شئ يا رفيق , لم يضايقنى بوجوده أبدا.
ساورته الشكوك لدفاع أخته عن هذا الرجل ,ترى لماذا تهتم بانقاذه من بين براثن غضبه ؟ فأضاف متوعّدا:
-أعتقد بأنك أخطات العنوان يا جاسر , فموقع شركتك ليس بهذه الناحية الا اذا كنت تعانى من اختلاط بالاتجاهات .. هذا مكان محظور عليك تخطّيه.
جاء الآن دور ريم لتصيبها الدهشة وهى ترى العداء والكراهية تنبعث من حديثهما اذ اندفع جاسر يقول بصرامة :
-لم أخطئ يا رفيق فأنا قادم لرؤية خطيبتى .. فما العيب فى ذلك ؟
-خطيبتك !!
هتف به الاثنان رفيق واميرة فى نفس الوقت فتمطى هذا قليلا فى وقفته وهو يمسك بكف ريم اليمنى برقة متناهية يرفع أصابعها ليتلألأ خاتمه الماسى فى خنصرها ببريق لامع يخطف الانظار قبل أن يطبع قبلة حانية خفيفة على باطن يدها ليردف قائلا دون أن يتركها:
-نعم ,, فقد سبق وطلبت من شقيقتك الزواج وهى شرفتنى بالقبول , ألم تخبريه بعد يا عزيزتى ؟
ونظر بعمق الى عينى الفتاة الذاهلة من هذا العرض لا تدرِ ما الغرض منه ؟ فاشاحت بوجهها بعيدا تبتلع ريقها وهى تتلعثم باجابتها :
-لم .. لم أجد فرصة مناسبة لاخباره بعد.
تجهّم وجه رفيق وهتف مرددا بحنق بالغ:
-لا يمكن أن يكون هذا صحيحا .. لا يمكن .. انت تخطب أختى .. لا .. لن يصير الا على جثتى.
ثم وبنزعة غيورة قفز يهجم على جاسر ليبعده عن شقيقته التى فوجئت بهذا التصرف العنيف من جهة أخيها وأمسك بتلابيبه يهزه بعنف وهو يتوعّد هادرا:
-الا ريم .. افهمت يا جاسر ؟ لن أسمح لك أن تمس شعرة منها .. على جثتى ... سوف اقتلك.
حاولت أميرة أن تتدخل لتحول بينهما وهى تجاهد لتجذب زوجها بعيدا عن الرجل الذى يكاد يتسبّب فى انهيار عالمها الوردى بهذه البساطة بينما تتراقص على شفتيه ابتسامة واثقة وهو يزيح غريمه جانبا بحركة حادة ويعيد ترتيب ثيابه من أثر قبضته القوية هاتفا ببرود:
-لا , لا أفهمك يا رفيق ,ولا يعنينى ماذا تظن بى , جل ما يهمنى هو ريم فقط .. ورأيها وحده يعنينى ..
-ايها الحقير ! ابتعد عنها ,لن أتركك تحقق انتقامك مرورا بقلبها وحياتها.
فطنت ريم فى هذه اللحظة الى أن غضب أخيها موجها نحو شخص جاسر بالذات وليس لجهله بموضوع الخطبة كما كانت تعتقد ,فآثرت التماسك لمعرفة الحقيقة حول هذا الأمر الغامض ,فاقتربت بتردد من أخيها تسأله:
-رفيق .. لماذا تقول هذا الكلام ؟ ماذا تعنى بانتقامه ؟
نظر رفيق الى جاسر شذرا وهو يدمدم:
-يريد الانتقام منى على حسابك .
قطبت جبينها بشدة وهى تتساءل برعب:
-منك ؟ لماذا تظن أنه يريد الانتفام منك ؟
وقف جاسر متحديا بقوة وعيناه ترسلان انذارا رادعا لرفيق بأنه لن يتجرأ لاخبار شقيقته فتراجع هذا يشعر ببعض الضعف يعترى مشاعره نحو شقيقته فتمتم :
-لا تنسى موضوع الميراث .. لا بد أنه ما زال ناقما علينا.
-لا يمكن الموضوع تم حله مند عاد الحق الى اصحابه , فما الجدوى من مثل هذا الانتقام اذن ؟
حاول رفيق أن يخفف الصدمة قليلا عليها كما أنه لن يكن مستعدا للاعتراف بالحقيقة فصاح باندفاع:
-كما أننى أعرف أنه كان على وشك أن يخطب فتاة أخرى لكنه أدرك أنها متزوجة .. فليس معقولا أن يأتى فجأة ليعلن عن رغبته بالاقتران بكِ.
-لا,هذا ليس صحيحا , أليس كذلك ؟ لماذا تقف صامتا يا جاسر ؟ تصلّبت ملامح جاسر وكأن وجهه قدّ من صخر بعد أن حدّج رفيق بنظرة قاتلة تفيض كرها وهو يحاول أن يتهرّب من مواجهة نظرات حبيبته الملتاعة وقد انقسم قلبه شطرين لتوجعها وألمها ,يستحق هو كل هذا العذاب ,أما هى فلم يحتمل أن يكون مصدر حزنها وانكسارها .. غطّت ريم فمها بيديها تكتم شهقة كادت تفلت من حلقها بينما يتأكد لها أن ما يحدث لها ليس مجرد كابوس ليلى سوف تفيق من نومها لتجده سرابا ,, أنه حقيقة واقعة وملموسة .. لهذا الغرض تعرّف عليها واراد التقرّب منها لم يكن بهدف الانتقام من عائلتها لحرمان جده من حقه بالميراث ,كان لسبب آخر ..ارادها بديلة عن حبيبة سابقة .. لا يا ريم .. لقد تلاعب بكِ الجميع .. وأرادت فجأة الهروب من المواجهة .. الاختفاء .. تود لو تنشق الأرض لتبتلعها فى باطنها ,حتى قرّر جاسر انه قد اكتفى بلعب دور المدافع وتشجّع ليقترب منها مجددا وهو يهمس بأسى:
-هذا ليس صحيحا تماما .. أنا .. لم أكن .. أحب ..ها
نظرت له غير عابئة بما قد يراه فى عينيها من ألم مشبّع بالحزن وقالت باتهام:
-ولكنك فعلا أردت الاقتران بتلك الفتاة.
-حسنا , الأمر معقّد يا حبيبتى ولو منحتنى الفرصة لأرشح لكِ.
ومد يده ليلتقط كفها فى راحته فقاطعه رفيق وهو يقف حائلا بينهما:
-اتركها فورا , لا تلمسها.
انفجر هذا فى وجهه بغضب لاذع وهو يشير الى رأسه:
-فلتتعقّل يا هذا قليلا , الا يمكنك أن ترى مدى الأذى الذى تسبّبت فيه لها .. أنت تحاول تحطيمى فليكن ولكن ما ذنبها هى ؟
احمرّ وجه رفيق بشدة وهو يقول بصوت أقل حدة:
-أنت الذى تسأل بكل صفاقة عن ذنبها .. ويداك ملوّثة بدماء قلبها النازف ..سأكون ملعونا لو تركتك تتلاعب بها وبعواطفها.
سحبه جاسر بعيدا عن مرمى سمع الفتاتين وقال بصوت هامس:
-ثأرك عندى أنا , فلتفعل بى ما شئت .. أما ريم فابتعد عنها ,لا تجرحها بحديث قديم دُفن فى الماضى ولم يعد له اية أهمية فى الحاضر .. ما الذى ستفيده من مثل هذا الاعتراف ؟
-أتريد أن تقنعنى بأنك تهتم فعلا لأمرها ولا تريد لها الأذى ؟
-صدّق أو لا تصدّق فأنا أعشق أختك الى حد الجنون وأريد الاقتران بها دونا عن أية امرأة أخرى بالكون واذا اقتضى الأمر ازاحتك من الحياة بأسرها لأنال رضاها فهنئيا لك بما سوف أفعله.
-كيف تريد منى التصديق بزعم حبك لها ؟ وأنت الذى .. كان ..
ولم يتم عبارته فقال جاسر ساخرا:
-هيا فلتقلها .. كنت .. فى الماضى .. وربما كانت لى اسبابى الخاصة التى لن أفصح عنها الآن ,ولكن ما أريدك أن تفهمه جيدا اننى لم أحب ولن أحب سوى ريم حتى آخر عمرى.
-وتريدنى أن أقبل بك صهرا لنا ؟
-هذا أقل ما يمكنك أن تقدمه من أجل حبك لشقيقتك كما تدّعى أم أنها لا ترقى لمستوى حبك لزوجتك ؟
وضع رفيق سبابته فى وجه الرجل الآخر مهددا وهو يحذره بصرامة:
-ايّاك والحديث عن زوجتى ,, ابتعد عنها فهذا أفضل للجميع.
هز جاسر كتفيه بلا مبالاة وقال ببرود:
-ومن قال أننى أهتم لأمرها .. وليكن معلوما لك أننى لن أتسامح اذا ما راودك عقلك أن تخبر ريم بما تظنّه أنت الحقيقة ..دع لى الأمر برمته فأنا قادر على التعاطى مع هذه المسألة.
التزم الرجلان الصمت بعد هذا الاعلان عن هدنة أجبر الاثنان على القبول بها من أجل صالح فتاة واحدة .. ريم.


*****************

SHELL 02-09-20 02:20 AM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
تمهّلت هديل كثيرا فى خطواتها وهى تتجه نحو مكتب كريم كما أشار لها بمنتهى الدقة .. أرادت أن تعاند ارادته ورغباته هذه المرة ,لماذا لا تجرؤ على مخالفة أوامره بالرغم من أنه لم يعد يملك سلطة فعلية على قرارها ,وعادت لتذكّر نفسها بأنه ما زال مالكا لقلبها الذى يدق نابضا باسمه وله وحده ,حسنا لا تجد فى نفسها القوة الكافية لمقاومة مشاعرها فى هذا الصباح المشرق الذى يبعث على التفاؤل والأمل كما أنها لمحت بريقا خاصا مختلفا بعينيه فى الأمس ,لتنتظر ريثما تلتقى به لتنتهى من حيرتها الواقعة فيها ,دلفت الى الحجرة التى كانت تشغلها هى فى السابق لترى السكرتيرة الجديدة تحتل موقعها خلف المكتب بثقة وتملّك ,لأول مرة منذ غادرت هذا المكتب تواجه بديلتها الفائقة الجمال .. أنها من ذات الطراز المتأنق كطاووس متفاخر .. تختنق فى وجودها وكأنما تسحب الهواء من الغرفة بأناقتها المفرطة وزينتها الكثيفة على وجهها كأنما هى لوحة ألوان غير متناسقة .. ألقت عليها التحية بصوت خافت فلم تعرها تلك أى انتباه مما أشعل غضبها فاضطرت الى تكرار ما تفوّهت به بنبرة عالية وأكثر حدة مما أرادت:
-صباح الخير .. أودّ مقابلة السيد كريم.
للحظات ظنّت ان تلك المرأة الفخورة بنفسها لن تلتفت لها ,لكنها خالفت كافة توقعاتها لتمسحها بنظرات متعالية من قمة رأسها الى أخمص قدميها قبل أن تمط شفتيها استياءا وهى تتساءل بلهجة رسمية متجاهلة رد التحية:
-من أنتِ ؟
غرست هديل أظافرها فى راحة يدها تحاول السيطرة على براكين ثورتها قبل أن تقول بصوت متحشرج:
-لدىّ موعد معه هذا الصباح.
رفعت الفتاة الأخرى حاجبا رفيعا تتظاهر بدهشة غير حقيقية وهى تقول بتكلّف:
-حقا ؟ لم يخبرنى السيد كريم بهذا الموعد.
تأففت هديل وهى تشعر بأنها على وشك أن ترتكب جريمة فما بال هذه الفتاة السخيفة تحاول اغاظتها ثم هتفت بحنق:
-فقط اذهبى لتخبريه بأننى فى الخارج ..
قالت لها بذات اللهجة الممطوطة:
-أنا لا أتلقّى أوامرا منكِ .. وسبق أن أخبرتك بأنه لو كنتِ على موعد معه لأخبرنى ,, الأفضل لكِ أن ترحلى من هنا قبل أن تتسببى فى مشكلة لنفسك.
عدّت هديل الى الرقم خمسة فقط ببطء فلم تستطع أن تكمل وقالت بصوت مهدد :
-اسمعى أيتها الحمقاء اذا لم تذهبى حالا لتفعلى كما أشرت لكِ سوف يغضب منك السيد كريم جدا لأننى أؤكد لكِ أنه على علم بحضورى فى هذا الوقت المبكّر واذا أخبرته بأنكِ السبب فى تعطيلى عن موعده لن يغفر لكِ ولن يرحمك مطلقا .. أنصحك بأن تدخلى لتعطيه خبرا بقدومى.
شيئا ما فى لهجتها أثار القلق فى نفس السكرتيرة فربما تكون على حق .. هبّت من مقعدها لتتوّجه الى الغرفة الداخلية ثم اخرج بعد ثوانٍ معدودة وهى تشير لهديل أن تتقدّم بصمت فمنحتها الأخيرة ابتسامة ظافرة قبل أن تقول بشماتة:
-ألم أقل لكِ ؟ وعلى فكرة أنا كنت بمحلك ذات يوم لذا فنصيحة منى هو لا يحب ابدا طراز الفتيات الغبيات واللاتى تضعن الأولوية لمظهرهن على تفكيرهن .
وتركتها تغلى غاضبة من اهانتها الواضحة لتدلف الى الغرفة وتغلق الباب خلفها بصوت مسموع ,توجهت نحو مكتبه مباشرة لتجده مشغولا بمحادثة هاتفية فأشار لها حتى تجلس ريثما ينتهى .. كان يقول بمرح:
-حسنا فلتقم باللازم .. لا .. لا يهم التكاليف ,ها ماذا تقول ؟ طبعا أتوق لفنجان قهوة من صنع يديها .. أخبرها أننى بحياتى لم أتذوّق نكهة لذيذة ومنعشة بهذا الشكل .. اتفقنا .. سوف آتى قريبا لأجعلها تفى بعهدها.
تململت هديل فى كرسيها وقد تملكّها الفضول لمعرفة هوية محدثه على الطرف الآخر .. ومن هى تلك التى تصنع قهوة لذيذة لدرجة أنه يتوق لاحتسائها من يديها ,وعضّت على شفتها السفلى بقوة حتى كادت تدميها أتشتم رائحة غزل بالموضوع ؟ وهتفت بداخلها : ايها الخائن الناكر للجميل .. أعدّ قهوتك الخاصة منذ سنوات ولم أسمع منك كلمة اطراء واحدة كتلك التى تمطرها بوابل منها .. أنك كالقطط تأكل ثم تنكر ... يا للرجال !
لم تنتبه أنه أنهى محادثته وظلّ صامتا يراقبها بشغف واهتمام بينما هى تنظر لما حولها بملل وفجأة صاح ممازحا ليخرجها من شرودها:
-كفى بالله عليكِ ! فلترحميهما قليلا.
-هه ؟ آسفة ماذا كنت تقول ؟
أشار لفمها بجرأة وهو يعود بمقعده للخلف بينما يقول بجدية:
-شفتيك .. اللتين تأكلينهما بنهم ,هذه عادة غير صحية على الاطلاق .. وتنم عن توتر وقلق ,لماذا أنتِ كذلك ؟
كفّت بسرعة عمّا كانت تفعله شاعرة بخجل لا حدود له من ملاحظته الدقيقة وقالت بنزق لتدارى احراجها:
-طلبت منى الحضور مبكرا لأمر ضرورى فلننهِ هذه المسألة على جناح السرعة لأننى لا أريد أن أتأخر عن مباشرة عملى يا سيد كريم.
فوجئ بلهجتها الحادة وهجومها المباشر فارتفع حاجباه لا اراديا وهو يقول مقلّدا:
-بالتأكيد ما أريده منكِ يتعلّق بالعمل الذى عليكِ القيام به ولا تظنّى أننى أتساهل بوقت العمل فلدىّ ايضا مشاغل أنا الآخر يا آنسة هديل.
أطرقت برأسها خجلا فأضاف موبخّا بلطف:
-أم انكِ قد نسيتِ أننى أقدّس عملى مثلما تناسيتِ أشياءا أخرى ؟
رفعت وجهها نحوه تنظر اليه وقالت باستنكار:
-أنا ؟؟ لا أفهم بما اخطأت.
أشار بيده بحركة قاطعة هاتفا:
-لا عليكِ , لا يهم الآن .. اسمعينى .. سوف تعودين الى عملك السابق .. فلتذهبى على الفور وتلملمى اشياءك الخاصة حتى تنتقلى الى مكتبك بالخارج كما كنتِ.
فغرت فاها بدهشة وهى تتلقّى منه الاوامر الخاصة بنقلها الى عملها السابق ,كيف يجرؤ على معاملتها بهذه الاستهانة بمشاعرها والتلاعب بمصيرها ببساطة .. يوما اذهبى لا اريدك ,فى اليوم التالى عودى لقد صفحت عنكِ .. وهى ألا يهمه رأيها ؟ لقد أزاحها جانبا بجرة قلم ودون أن تهتز شعرة من رأسه لألمها ,لا لن تعود .. قالت تناطحه بقوة:
-ولكننى لا اريد أن أترك عملى , أحب جدا هذا القسم الجديد, و ..
قاطعها كريم بغير تصديق:
-ماذا تقولين ؟ أنتِ لا تدركين خطورة رفضك هذا , ثم أنا الذى اقرر هنا اين تعملين يا هديل ؟ فلا تتجاوزى الحدود لمجرد اننى صابر على اسلوبك هذا ..
-وماذا ان رفضت يا سيد كريم ؟ أستفصلنى من العمل ؟
-لا لن أفصلك ,ولكنك لن تعودى لهذا القسم اللعين فقد أصدرت أمرا وحالما تعودين الى هناك فلن تجدى لكِ مكانا ..
-وهكذا أصبح مضطرة للقبول بهذا الموقع بدلا عنه ؟
نظر لها ظافرا وهو يقول بثقة تامة:
-شيئا من هذا القبيل ..
قفزت هديل على قدميها وهى تجاهد لتقف بثبات فى مواجهة نظراته المتسلطة:
-وماذا عن سكرتيرتك المتبخترة كالطاووس فى الخارج ؟
-ستعود لموقع عملها السابق.
قالت هديل تتهمّه بقسوة وهى تشير لتبادل المواقع:
-وهكذا تتلاعب بنا كقطع الشطرنج .. نزيح هذا ونستبدل ذاك ونعيد تلك الى هنا .. بمنتهى اليسر والسهولة.
-ماذا دهاكِ يا هديل ؟ أجننتِ ؟ كيف تحدثيننى بهذه الطريقة ؟
-لا لم أجن بعد ولكنى فى طريقى الى الجنون حتما اذا استمرت محادثتنا لوقت أطول , لعلمك يا سيد كريم فلقد سبقتك ريم الى عرض للعمل معها وأنا .. قررت القبول به .. عليك أن تواجهها هى لا أنا ,ولتضع نصب عينيك أن المرأة قد تحررت منذ أمد بعيد فلا جدوى من محاولة اعادتها للقمقم .. عن اذنك , لا أريد أن أعطّلك عن أعمالك .. وداعا يا سيدى.
ثم غادرت برشاقة وخفة دون أن يجد الفرصة للرد عليها وهو يضرب كفا بكف متسائلا بغيظ عمّا حل بالحمل الوديع ؟ وكيف تحولت الى قطة شرسة تنشب انيابها بوجهه محاولة تمزيقه اربا .. لم يعد الامر سهلا كما اعتقدت يا كريم .. سيكون عليك أن تقاتل باستماتة لتكسبها الى صفك مجددا ,, والمعركة الآن فى الساحة .. معركة ارادات بينه وبين ريم التى لم تعد بذات الوداعة هى الأخرى وبدا له الأمر مثيرا للسخرية : لم تعد الفتيات خانعات مستسلمات كما فى الماضى , تبا لك يا محرر المرأة !.


****************

SHELL 02-09-20 02:21 AM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
استسلمت مها لهذا الاحساس الجميل الذى يدغدغ مشاعرها بكونها دافئة فى حماية ذراعين قويتين ,وشعرت لأول مرة منذ وطئت قدماها أرض الفيلا بأنها استغرقت فى نوم عميق هدائ بلا أحلام مزعجة أو خواطر مقلقة تنتابها لتعكّر صفو ليلها .. انفتحت عيناها فجأة بفزع مدركة أنها كانت فى أحضان زوجها الوسيم بينما أنفاسه الدافئة تلفح وجهها وعنقها لتذيب كيانها الى حد خطير .. أفلتت الشهفة من حلقها قبل أن تستطيع كتمانها فعلى ما يبدو أنها أيقظته بهذه الحركة , فتمطّى سيف بأريحية وهو ما زال على وضعه الملاصق لها وتثاءب ملء فيه قبل أن يتظر الى الضوء القوى المتسلل من زجاج النافذة معلنا ميلاد يوم جديد فصاح لاعنا بنعومة:
-يا الله ! كم الساعة الآن ؟
أخذ يفرك عينيه بقوة يحاول ازالة آثار النوم العالقة بجفونه المتثاقلة وهو يهب جالسا على حافة الفراش ينظر الى المنبه الصغير الموضوع على الكومود الى جواره فأكمل بحدة قائلا:
-أنها العاشرة , أف .. لم أشعر بتاتا بمضى الوقت ,ألم يرن جرس المنبه أم أننا كما قتلى فى عالم آخر ؟
ورمق زوجته التى نهضت بدورها واقفة على الجانب الآخر تراقبه بنظرات قلقة فأيقنت أن الحديث موّجه اليها هى بالذات فهزت كتفيها بقلة حيلة وهى تتمتم باعتذار لم تدرِ ما سببه:
-آسفة حقا , انا أيضا نمت بعمق ولم أكن على علم بأنك تود الاستيقاظ باكرا والّا كنت ...
قاطعها متسليا بعد أن راق له حوارهما الصباحىّ الذى اتخذ منحى جديدا بعد تجاهل رهيب دام بينهما لأيام عديدة:
-كنت ماذا يا مها ؟ كنت ايقظتنى أنتِ ..يا للعجب !
أومأت له برأسها وهى تقول مذهولة:
-وماذا فى ذلك ؟ أليس من الطبيعى أن تقوم المرأة بهذا الواجب تجاه زوجها ؟
ابتسم بحرارة مما جعل دقات قلبها تزداد وهو يقول مشاكسا:
-حسنا ,, حسنا ,, بدأتِ تعترفين بأننا زوجين وأنه قد آن الأوان لتقومى بواجباتك نحوى .. هذا رائع حقا.
دارت حول الفراش لتقف ازائه تمنعه من التقدم نحو الحمام وهى تلف ذراعيها أمام صدرها لتقول بانزعاج واضح:
-لماذا تسخر منى .. من محاولاتى لتقبّل هذه الحياة التى نتقاسمها ,كلما حاولت أن أقوم بأية بادرة للصلح والمهادنة أجدك تقف لى بالمرصاد ..
ارتفع حاجباه عاليا قبل أن يمد ذراعيه اليها ليشدها الى حضنه وطبع قبلة رقيقة ملحّة على شفتيها مما جعلها تجفل انها لم تتوقع منه هذا الرد الصامت فأغمضت عينيها بصورة حالمة ,وارتخت كافة دفاعاتها لتستسلم بمنتهى البساطة .. هى متعبة من الحركة فى دائرة مفرغة ,وربما تترك له دفة القيادة بكامل ارادتها .. تركها فجأة ولكن ببطء فنظرت له مصدومة فتعالت ضحكاته بمرح هاتفا:
-أيعنى هذا أنكِ تراجعتِ عن مخططاتك السابقة ام أنها مجرد مناورة لكسب المزيد من الوقت ؟
-لا طبعا ..
ارتبكت وهى تحاول نفى التهمة عن نفسها فعاد الى ضمها وقد أسعده نجاحه الساحق فى هجومه الذى شنّه ضدها فتقوقعت بدون أن تبدى اعتراضا وهى تتنشق رائحته الرجولية الفذة ,ثم عادت لتبعده عنها بهلع وهى تهتف:
-ألست متأخرا جدا على العمل ؟ أوه , عليك بالاسراع حتى تلحق بموعدك.
نظر لها متفكها وهو يقول بعنجهية واضحة بينما يقترب منها :
-وان يكن ؟ حتما انكشف أمرى لا بد أنهم الآن يحللون سبب تخلّفى عن الذهاب باكرا ..
ثم انحنى يهمس لها باغراء:
-وعرفوا أن لزوجتى يد بالموضوع ..
غمزها بجرأة بينما خطواته تتابع ثابتة متمهلة نحو الحمام أما هى فقد احمرّ وجهها حتى جذور شعرها بعد تلميحه الوقح فأسرعت تحاول الهروب من مرمى بصره وان أيقنت أنه قد اختفى بالداخل .. رمت بنفسها على المقعد متهالكة وهى تؤنب نفسها : أنا من تسببت لنفسى بهذا .. لو أبقيت فمى مغلقا , ترى هل لاحظ ؟
وظلّت هكذا غارقة بحيرتها الى أن سمعت وقع خطواته بالقرب منها ويداه تتسللان نحو خصرها من الخلف هامسا برقة غير معتادة:
-أيمكنك أن تحضرى لى ثيابى من أجل الخروج ؟
ردّت بسرعة:
-آه .. طبعا .. طبعا
وقامت لتعد له ثيابا من خزانة الملابس فلم يتركها لحالها بل وقف خلفها يراقبها بمتعة جديدة عليه وهو يراها تفكر فى اختياراتها بعمق وفى النهاية أخرجت له بنطلونا أسود اللون وقميصا بلون التبن .. رفعت الثياب أمامه لتأخذ رأيه فصفّر برضا تام ثم التقطها من بين يديها وهو يشير لها باستعجال:
-هيا .. لا وقت لدينا .. اغتسلى سريعا وارتدى ثيابك.
وقفت فاغرة فاها بينما ذراعاها وقعا الى جوارها ترمقه ببلاهة فأعاد عليها الأمر مجددا:
-هااا .. ماذا تنتظرين يا مها ؟ أأصابك الصمم حبيبتى ؟
-أذهب الى أين ؟ هل قررت التخلص منى ؟
غمغمت برعب ظاهر فيما قطّب جبينه بقوة وهو يتعجب منها:
-يا لخيالك الخصب ! هيا يا امرأة تقدمى سريعا , سوف أصطحبك معى الى الشركة ... مهاااااا ..
انتبهت على صيحته الهادرة الأخيرة لتهرع بعدها فى استجابة لأمره النافذ دون أن تحاول مناقشته وان شعرت بقلق يكتنفها .. ما السبب وراء قراره بمرافقتها له الى العمل ؟
وقفت تنظر الى انعكاس صورتها بمرآة الحمام الكبيرة بينما تجفف وجهها بالمنشفة القطنية فوجدت عينين غريبتين تطلان عليها .. ملونتين بعشق .. وهيام .. أين توارت رغبتها الملحّة بالانتقام ؟
بينما كان سيف يقوم باغلاق أزرار قميصه بعناية وعقله يعمل كخلية نحل .. ماذا دهاه حتى يقرر اصطحابها الى الشركة ؟ كان قراره مفاجئ جدا لها .. وله هو أيضا ,بيد أنه تيقن من عدم قدرته على تركها وحيدة بالمنزل كل يوم فهى قلما تغادر غرفتهما المشتركة ,متجنّبة الاصطدام بأيا كان فى غيابه .. رق قلبه لسجنها الاختيارى فاتخذ قرارا متهورا لتنعم ببعض الحرية بعيدا عن جو التوتر السائد بالمنزل .. أين المفر ؟ على كل حال فالمواجهة آتية لا محالة .. بعد عودة والديه من سفرهما الذى امتد وطال كثيرا .. والعواقب ستكون وخيمة .. سينهار سقف المعبد فوق رؤوس الجميع بلا استثناء ..


*****************

SHELL 02-09-20 02:23 AM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
-هديل .. هديل .. انتظرى.
هتاف صديقتها المباغت صدمها فلم تكن لتحلم بسماع صوتها وهنا ,, فى الشركة .. انعقد حاجباها بذهول وهى تلتفت لتطالع مها تسير نحوها بلهفة متأنقة للغاية فى ثوب طويل ذى اكمام وبحذائها العالى الكعبين حتى أصبحت أمامها مباشرة فقالت تنبهها بصوت مرتفع:
-هااى .. أنتِ ما بكِ ؟ ألا ترحبين بصديقتك ؟
وانحنت نحوها تعانقها بشوق فكانما هذه الواقفة أمامها لا تمت بصلة لذات الفتاة التى كانت تولول بالأمس منتحبة على كتفها بينما هى تواسيها , يبدو الآن أن الاوضاع قد انقلبت وعليها هى أن تتلقّى المواساة من صديقتها الحميمة .. قالت مها بينما نظراتها تدور هنا وهناك:
-لن تصدقى مبلغ اشتياقى للشركة بكل ما فيها.
هتفت هديل بصوت متكّسر:
-لا أصدق عيناى .. كيف جئتِ الى هنا ؟
وقفت مها بطريقة استعراضية وهى تشير نحو مكتب سيف البعيد ثم قررت بانتصار:
-أتيت معه .. مع زوجى فى سيارته , هل أجبت عن سؤالك.
تراجعت هديل الى الوراء وهى تطلق تكشيرة واضحة بينما لسانها انزلق دون وعى منها قائلة:
-زوجك ! هل هذا الصفيق هو من أتى بكِ الى هنا , كيف يجرؤ بعد كل ما فعله بكِ .. ألا يمتلك ولو قدرا ضئيلا من الاحساس ؟
نظرت صديقتها اليها وهى فى قمة اندهاشها من الأوصاف اللاذعة التى نعتت بها سيف ,فسحبتها من ذراعها الى جانب الحائط بعيدا عن الأعين مستترتين بنبتة صناعية طويلة بداخل اصيص فى الركن ثم سألتها محتدة:
-لماذا تهاجمينه بهذا الشكل ؟ هل ضايقك بشئ ما ؟
نظرت لها هديل كأنها تهذى فابتلعت ريقها بصعوبة لتتمتم بحقد:
-لم يفعل لى أنا شيئا .. لكنه آذاكِ أنتِ كثيرا .. كما .. أنه .. أعنى ابن عمه المتغطرس .. يظن أنه باشارة من يده سأخر مصعوقة تنفيذا لطلبه المشين .. يا لهم من رجال فظيعين .
-ابن عمه .. أيهما تقصدين .. آه بالتأكيد ابن العم الأصغر سنا والأكثر تأثيرا عليكِ ..
وابتسمت مها بحلاوة وهى تستحث صديقتها على الكلام:
-ماذا طلب المتغطرس منكِ ؟ قلتِ انه شي مشين .. هل طلب منك زواجا سريا ؟
واعترتها فجأة رغبة بالانفجار فى الضحك رغما عن همومها ,فلم تستطع مقاومتها كثيرا حتى دمعت عيناها وقالت بصوت متهدّج بعد محاولات جهيدة للتوقف عن الضحك:
-يريدنى أن أعود للعمل معه .. كسكرتيرة له .. تصوّرى يطالبنى بهذا بعد أن ألقانى بعيدا كأننى كرة مطاطية يتلاعب بها بين يديه كطفل صغير لاهٍ ..
-وبماذا أجبته ؟ لا تقولى أنكِ قد رفضتِ ..
رفعت تلك رأسها عاليا بكبرياء مصطنع وهى تقول بتأفف:
-رفضت وباصرار .. فقد سبقته احداهن بعرض عمل مغرٍ .. وقبلت به.
-هو يعرف ذلك , ثم من تلك التى استطاعت الصمود فى وجه عاصفته الهوجاء ؟
-ريم .. ابنة عمه.
-ريم ؟؟ تبا لها هذه الفتاة , هل مكتوبا أن ألقاها كلما تلفّت حولى.
-لماذا تتحدثين عنها بصورة غير لائقة ؟
-لا أعرف لا أطيق رؤيتها بالمنزل وعلى كل فهى تبادلنى هذا الشعور.
- لا حق لكِ يا مها ,أنها شخصية محترمة جدا ومتواضعة وأنا أعرفها منذ كنا زميلتين بالكلية.
أشاحت مها برأسها فى ضيق مغمغمة:
-ربما !
-لم تخبريننى كيف أقنعتِ هذا الغول باصطحابك معه ؟
حدّجتها مها بنظرة قاتلة وهى تنهرها:
-كفّة عن نعته بهذه الصفات السيئة , فهو بالنهاية زوجى .. ولعلمك هو من قرر ولست أنا .. ,واحزرى أيضا .. سوف أعود لممارسة العمل بالشركة ..
هتفت هديل وهى تكتم فرحتها:
-لا ,, هذه أخبار جيدة جدا ..
-وحصرية جدا .. أنتِ اول من يعرف ..
-هل تعنين بأن السيد رفيق ليس لديه علم بأنكِ ستصبحين سكرتيرته من جديد؟
ضربتها مها بخفة على رأسها وهى تقول ممازحة:
-أيتها البلهاء .. لن أعود للعمل مع رفيق .. سأظل الى جوار زوجى .. سأعمل برفقته هو .. هو فقط ولا أحد سواه.
لاقت نظرت استحسان من صديقتها الفخورة بها ولكنها عادت لتعبس مقطبة حينما سألتها بفضول:
-صحيح .. هل تحدثتِ مع عمى صلاح بخصوص الموضوع الذى طلبته منك ؟
لم تشعر هديل بالخوف والتوتر فى حياتها مثلما أحست فى هذه اللحظة الفاصلة حتى خلال فترة مرض والدها العصيبة كانت مؤمنة بالقضاء والقدر قانعة بأن أباها بين يدى الله .. تضرعت الى الله أن يشمل مها برحمته ورعايته حينما تسمع منها ما لن يسعدها .. ترددن للحظات بينما مها تمسك بمرفقها تتوسلها بنظرات مليئة بالأمل والرجاء:
-تكلمى يا هديل .. مهما يكن سوف أتحمّله .. أعدك.
قالت هديل باشفاق وتعاطف:
-لنرجئ حوارنا الآن .. بنهاية اليوم سيكون لدينا متسع من الوقت.
-كلا .. سوف تخبريننى الآن بكل كلمة نطق بها والدك كما هى ولا تخفى عنى شيئا مهما بدا لكِ بسيطا .. أريد الحقيقة كاملة وبدون تجميل.. كفى خداعا.
كفى خداعا .. ظلّت تتردد فى اذنيها صدى كلماتها هى بعد أن انطلقت هديل تقص على مسامعها الحوار الذى دار بينها وبين والدها بحذافيره دون أن تغفل ذكر أى واردة أو شاردة بناءا على رغبتها .. وبالنهاية هى لم تعد قادرة على سماع المزيد .. ساقاها لم تعودا قادرتين على حملها .. ارتج كيانها بزلزال الواقع .. أيعقل انها كانت مخدوعة تعيش بوهم كبير ؟ ولماذا كذبت أمها عليها ؟ ظلّ هذا السؤال يدور ويدور بذهنها وان كان من المستحيل ادراك اجابته فالشخص المنوط بالرد أصبح فى ذمة الله .. تلقّت فى ذهول وانعدام توازن النبأ الذى قضى على آخر قصور أوهامها الباطلة بضربة واحدة كان بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير ... شعرت بغثيان رهيب يسيطر على معدتها ,فوضعت يدها لا اراديا على فمها تمنع آهة نابعة من أعماقها .. لمحت ذعر صديقتها .. سمعت صيحاتها البعيدة تستنجد بمن حولها .. ومادت الدنيا بها .


*****************


الساعة الآن 12:56 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية