منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان (https://www.liilas.com/vb3/t206496.html)

SHELL 08-07-20 08:37 PM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
انتهى الفصل السادس

قراءة ممتعة

https://static.wixstatic.com/media/9...22d7d3d1f1.gif

SHELL 04-08-20 10:07 PM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
الفصل السابع

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...9c55f6f2b1.gif

-اشش .. توقفى عن هذا الهذر .. سوف يصل صوتك الى الجميع .. تعالى معى .
أنذرها بلهجة حادة وهو يمسك بمرفقها يقودها الى ركن قصىّ بعيدا عن المنزل .. حيث بدأ الظلام يعم المكان فقط الانارة الخافتة التى تنطلق من مصباح قديم شاحب تنير دربهما حيث يستطيع أن يحادثها فى خصوصية ودونما مجازفة بأن يعرف أهل البيت جميعهم بهذا اللقاء شبه المستحيل .. أدركت أنها أقدمت على تصرف طائش غير معلوم النتائج وان كان عقلها قد أصابه الخدر من جراء اتصاله الغير متوقع فأعاد لها ذكريات أليمة ,جعلتها تتجاهل آلاف الاشارات المحذرة بأنها سوف تندم لاحقا على استسلامها لنداء القلب .. وقفت فجأة وقد شعرت بالخطر المحدّق بها فلماذا تصدّق ادّعائه على الهاتف ولماذا تركت نفسها تنساق وراء تلك النزوة المدمرة ؟ قالت بترفع وهى تنظر له بتعالٍ:
-اترك يدى .. يا سيف .. ماذا تريد منى ؟ ولماذا طلبت رؤيتى ؟
أشار لها أن تهدأ وهو يواجهها بذات الهيئة المتكبرة بينما عيناه تدوران فيما حولهما ليتأكد من أنه لا أحد بالجوار .. ثم تنهّد ببطء وهو يحادثها ببرود:
-لأمر هام جدا .. لن أضع نفسى بهذا الموقف لولا الضرورة ,اسمعينى حتى النهاية ولا تقاطعيننى مهما حدث .. فما سأخبرك به لهو العجب بعينه .. تتذكرين فى حفل خطبتك على ذاك المدعو خالد حينما تقدمت أنا وزوجتى لتقديم التهنئة لكما ولم يتمالك خطيبك نفسه من ابداء الدهشة لرؤية مها وهى الأخرى ارتبكت بشدة .. مما أثار ريبتى فتساءلت عن الصلة بينهما وقالا بأنهما جيران ,, لا , لا انتظرى حتى أكشف لكِ ما توصلّت اليه .. كان يمكن للموضوع أن ينتهى عند هذا الحد لولا ... أن هاتفا داخليا تصاعد ليلقى بظلال الشك حول هذه القصة .. فان كان الأمر يقتصر على مجرد الجيرة فمن الطبيعى أن يتبادلا التهانئ بصورة عادية بدون توتر ,الا أن كلا منهما كان يتفادى النظر مباشرة الى الآخر ..
قاطعته بشكل مستفز بالرغم من تحذيره السابق لها وقالت مترقبة وهى تتلفت الى ما حولها بقلق:
-سيف .. صراحة أنا لست مهتمة ... لم أعد أشعر بفضول تجاه أى شئ يتعلّق بك أنت أو زوجتك ,كما أننى أخشى أن يفتقدوننى بالبيت فيأتى من يبحث عنى هنا.
واشارت بيدها نحوهما بالتتابع لتضيف بمرارة:
-ويرانا سويا هكذا ..
قال بهمس كالفحيح وهو يطالبها بالصبر:
-الأمر يخصك ويخص خطيبك المحترم أيضا .. فلم أخاطر بالمجئ الى هنا ومتخفيّا حتى أكلمك كالمراهقين تحت ظلال الأشجار .. رجاءا لا تقاطعيننى مجددا .. اتفقنا ؟

أومأت له ايجابا وقد شعرت بأنها وقعت فى ورطة كبيرة اذ وافقته على اقتراحه المريب بأن يتقابلا بعيدا عن المنزل لأمر طارئ وتنهدت بقلة حيلة وهى تنصت له حينما استطرد بانفعال:
-كان للأمر أن يمر بسلام حتى تناهى الىّ كلمات متناثرة من حديث يدور بين امرأة ّورجل تكهّنت أنهما يمتان بصلة الى عريسك المستقبلىّ ... كانت تنظر الى زوجتى وتشير اليها بذهول قائلة:
-مها ... هنا فى الحفل ؟
-مها من ؟
-مها ابنة كمال وسهام .. جيراننا يا رجل ,ألا تذكر بأن خالد كان على وشك أن يخطبها ؟
-ما الذى جاء بها الى هنا ؟ هل يمكن أن .. أنها جاءت لتفسد حفل الخطبة ؟
ووجدتنى دون وعى منى أتسمّع لحديثهما البعيد .. فقد قالت المرأة الأخرى بشماتة:
-لا أعرف ولكنها بصحبة زوجها .. ذلك الشاب وريث عائلة الشرقاوى التى تنتمى لها حماة ابنك.
-يا لها من مصادفة !
-أهى مصادفة ؟ هذا الأمر لا يصدّقه عقل.
استطرد سيف مقرّرا:
-ثم أننى لم أكتفِ بهذا بل سعيت وتوصلت لبعض التحريّات التى أكّدت ظنونى, والآن ما رأيك ؟ أما زلتِ غير مهتمة على الاطلاق بمعرفة ما توصلّت اليه ؟
سألها متهكّما وهو يرمقها بنظرات مقيّمة ليرى مدى تأثير كلماته عليها فرآها تقف واجمة مطرقة برأسها أرضا وهى تسأله بصوت مرتجف:
-وهل أتيت فقط الى هنا لتبلّغنى بأن زوجتك وخطيبى كانا على علاقة سابقة ؟
تراجع للخلف مذهولا وهو يهتف بها :
-ألا يستحق الأمر ؟ هل .. هل كنتِ تعرفين مسبقا ؟ وأنا الوحيد المغفّل فى هذه القصة ؟
أجابت بتسرّع:
-كلا , لم يكن لدىّ علم بما تقول .. ولكن .. ألا ترى معى أن الأمر يتكرّر ؟
-ماذا تعنين يا ليلى ؟ لقد أخفيا الأمر عنّا بتعمّد.
استدارت بجسدها لتخفى عنه عبرات عينيها اللاتى تترقرق منذرة بالنزول وهى تجاهد لجعل صوتها طبيعيا وهى تقول :
-ألا يذكّرك هذا بشئ نعرفه نحن الاثنين ونخفيه مثلهما ؟أم تراك أصبت بمرض النسيان ؟ ألم نكن يوما عاشقين حتى قرّرت أنت أنهاء الأمر .. بدافع الملل.
أصابته فى الصميم باتهامها المبطّن فلم يتمالك نفسه من الغضب فأجبرها على مواجهة نظرات عينيه الحارقة وهو يهتف بها:
-انظرى الى عينىّ يا ليلى .. لا لا تحلمى حتى بالهروب , أتجرؤين على اتهامى .. بعد .. بعد أن .. رأيتك بنفسى .. معه .. مع ذلك الرجل البغيض .. وتأتين الآن لتلقى باتهامك الحقير فى وجهى .. أتجرؤين يا ليلى ؟
وانغرزت أصابعه فى لحمها يذيقها الأمرين .. الألم الجسدى والنفسى .. صاحت منتفضة بعنف وهى تحاول التملّص من قبضته التى تؤلمها وتثيرها بذات الوقت:
-أيها .. الدنئ .. كيف تجرؤ وتلفّق لى اتهاما باطلا كهذا ؟ عن أى رجل تتحدث ؟ من هذا الذى رأيتنى برفقته ؟ ومتى كان ذلك ؟
أفلتها بحركة مفاجئة ليزفر بحنق وهو يركل صخرة صغيرة بقدمه تنفيسا عن غضبه الحارق قبل ان يقول بصوت خافت:
-كان هذا فى اليوم الذى اتفقنا فيه على اللقاء كما اعتدنا بعد أن تفرغى من عملك , الا أننى ولشدة شوقى ولهفتى لرؤياكِ لم استطع صبرا فاستسلمت لرغبة حمقاء بأن أذهب الى مقر عملك لأوفّر عليكِ عناء المشوار وأختصر المسافات حتى لا أضيّع ثانية فى انتظارك .. فوجئت بكِ تنزلين برفقة رجل أكبر منك فى السن .. تتأبّطين ذراعه بمودة وهو يهمس فى أذنيك بكلمات احمرّت لها وجنتيك .. ولم تكتفيا بذلك بل قمتِ بمرافقته حتى سيارته الفارهة وقد اتخذتِ المقعد المجاور له ثم انطلقتما سويّا ... لا يمكنك أن تتصوّرى شعورى بهذه اللحظة .. بحياتى لم أنسَ ما شاهدته فى ذلك اليوم ..
نظرت له مصعوقة وهى تبكى منهارة لتسأله بمرارة:
-أتركتنى من أجل هذا الرجل ؟ هل عرفت من هو ؟
قال ببساطة وكأنه اعتاد الألم:
-نعم , لم اهدأ حتى عرفت هويته , وهذا لم يخفّف وطأة الشعور بالخيانة أبدا ..أنه مديرك بالعمل .. صاحب المكتب الذى تعملين سكرتيرة به .. لماذا ؟ ألأنه ثرىّ ؟ ألأنه يملك النفوذ والسطوة ؟ أكان هذا كافيا لترمى بحبى وعشقى لكِ ؟ أتدرين كم من ليالٍ سهرتها أعيد التفكير مرارا وتكرارا .. أتساءل لمَ خنتِ ثقتى بكِ وفضلّتِ رفقته علىّ .. كنتِ تعرفين بأننى أفوقه ثراءا ونفوذا اضافة الى تمتعى بالشباب والوسامة التى يفتقر هو اليها ..
رفعت رأسها عاليا بكبرياء أثار تعجبّه فهى لم تشعر بأدنى خجل وهى تعترف متبجحة:
-وهل عرفت الاجابة أيها الذكىّ ؟
-لم أجد اجابة تشفى غليلى سوى بأنكِ مجرد انسانة وصولية انتهازية تسعين الى جمع المعجبين حولك .. لا تفوّتين الفرصة أبدا ,فما المانع من حصد كافة الجوائز وان كان هذا على حساب اثنين وليس واحدا فقط ؟
هدرت به صارخة ولم تنتبه أنها بهذا قد تلفت الأنظار اليهما:
-اخرس ... اخرس .. أنت لست فقط أحمق وغبىّ بل منحطّ التفكير .. نعم أوصلنى السيد فهمى .. وهو رئيسى بالعمل فى ذلك اليوم .. هل تريد أن تعرف لماذا ؟ لأننى أخبرته بموعدى معك وكنت على عجلة من أمرى فعرض علىّ توصيلى فى طريقه حتى لا أقف فى انتظار سيارة أجرة .. وكان يهمس لى بأنك لا بد محظوظ بحبى لك فهو كان على علم بعلاقتنا ..
-هراء ! ولماذا اصدّق أن رجلا لا تربطك به أدنى صلة سوى العمل تسمحين له بمرافقتك بل وتعترفين له بخصوصيات علاقتنا ؟ أى رجل ذو كرامة يقبل بهذا ؟
رمت باعترافها بوجهه كأنها تبصق :
-لأن السيد فهمى .. ليس مجرد رب عمل .. أنه .. صديق لجدّى و ... وزوج عمتى.
وكانت مفاجأة مذهلة بحق أو لنقل صدمة قاتلة .. لم تترك له ليلى فرصة ليستجمع شتات عقله فأضافت بسخرية:
-وان كنت ما زلت لا تصدقنى يمكنك أن تسأل جدى بنفسك .. أنه بالداخل .. اذهب اليه أم أنك ستتهمه هو الآخر بالكذب ؟
-ليلى .. أنا ..
وكان سيف قد أصيب بالوجوم لبرهة فأخذ يتأتئ بحروف متناثرة غير قادر على استيعاب تفسيرها بينما حاول أن يمد لها يدها فضربتها بقوة تمنعه من ملامستها حينما سمعا صوتا آخر قلقا :
-ليلى .. ليلى .. اين أنتِ ؟
وتبعه صوت رجولى آخر يهتف مناديا:
-ليلى .... ياااااا ليلى.
وجدها الرجلان اللذان كان يجدّان فى التفتيش عنها اثر سماعهما لصراخها تقف منكّسة الرأس الى جوراها سيف ينظر لهما بتحدٍ سافر.
هجم عليه خالد محاولا شلّ حركته بينما يندفع سيل من الشتائم من بين شفتيه صائحا:
-ايها الحقير ... ماذا فعلت بها ؟
تراجع سيف للوراء بصورة غير متوقعة وصد لكمة كانت موجهة الى فكه بحركة دفاعية متمرسة ثم اندفع بدوره يلوى ذراع مهاجمه قبل أن يعيد المحاولة ,نظرت اليهما ليلى بذهول تتجمّد الكلمات على شفتيها المرتجفتين , بينما قام جاسر بمنعهما من مواصلة القتال حيث وقف بجسده الفارع الطول حائلا بينهما وهو يسحب صديقه بعيدا عن قبضة سيف المتكوّرة تأهبّا لأية ضربة جديدة وهو يصيح مغضبا :

-توقّفا على الفور .. ابتعد عنه يا سيف أننى أحذرك ..
وقف سيف شامخا يرمق جاسر بنظرات محتقرة قبل ان يقول ساخرا:
-هو من بدأ .. أنا فقط كنت أحاول الدفاع عن نفسى فى حال أنك كنت أعمى البصر .. والبصيرة.
كادت ثورته تفلت من عقالها اثر سخريته الواضحة الا أنه آثر الحلم والصبر فرماه بنظرة مستاءة ثم التفت الى ابنة خالته يسألها باهتمام:
-ليلى ,, ماذا جرى ؟ هل آذاكِ ؟
هزّت رأسها نفيا ولمحها خالد تبكى بصمت فاقترب منها محاولا أن يطمئن عليها مواسيا فما أن شعرت به الى جانبها حتى حدّجته بنظرة لوم واضحة سمّرته مكانه تخبره بألا يتقدم أكثر .. كانت وحيدة وسط ثلاثة رجال تربطها بكل منهم علاقة مختلفة فالأول ابن خالتها والثانى خطيبها والثالث حبيبها السابق .. موقفها عصيب وهناك من ينتظر تبريرها لتواجدها مع سيف بهذا الوقت فى هذا الجزء المنعزل بالحديقة .. قال خالد متراجعا بحدة وقد أدهشه موقفها الغريب منه فقد بدت وكأنها تتهمّه على الرغم من شعوره بالعكس .. لديه كل الحق فى أن يحصل على تفسير ملائم لانفرادها بهذا الرجل .. والذى يكن له عداءا واضحا .. تزوّج بمن دقّ قلبه لها والآن هل يحاول الاستيلاء على قلب خطيبته ؟
أدار جاسر دفة الحوار من جديد متسائلا بصبر وأناة:
-ما الذى يدعوك الى المجئ الى هنا دون دعوة صريحة بل وتتخفّى عن أعين اصحاب المنزل .. أمن أجل اختلاس لقاء ليس من حقك ؟
وضع سيف يديه فى جيبى بنطاله ينظر بكبرياء شامخ للرجلين المشحونين بالغضب والاستياء وان بدا على محياهما الهدوء الظاهرىّ ثم ألقى نظرة عابرة على تلك الواقفة بعيدا عنه .. يبدو على ملامحها دلائل الارهاق والتعب .. يخشى من انهيارها فى هذه اللحظة , لن يمكنه التغلّب على عاطفة قديمة ربما ظنّها قد ماتت وجاءت الصدفة لتحيى ذكراها فى نفسه .. تنفّس بعمق وهو يتمتم بصوت خفيض:
-فقط اردت أن اخبر ليلى بشئ ما .. ظننت أنه ضرورىّ .. يبدو أننى كنت مخطئا .. لا يهم .. أعتذرعن ازعاجكم .. وتقبّلى اسفى يا ليلى عمّا صار من قبل .. حقا .. كنت غبيّا .. أسأت تفسير الأمر ولم أترك لكِ فرصة للشرح .. أتمنى لكما السعادة فى حياتكما المشتركة .. والآن اعذرونى فعلىّ ان أغادر فورا .. جاسر .. بلّغ تحياتى لجدّى وجميع أفراد الاسرة .. سنلتقى فى القريب العاجل ان شاء الله.
-أنت لا شك تحاول التورّط بأمور تفوق قدرتك يا هذا .. ماذا تقصد من هذيانك بأنه كان عليك اخبار خطيبتى بأمر ما .. لماذا لا تفصح عنه أمامنا ؟ ولماذا لم تقوله على مرأى ومسمع من الجميع ؟ بل لا أفهم كيف تسمحين لنفسك أن تقابلينه على هذا النحو المريب ؟
قاطعه الاثنان ليلى وسيف بذات التوقيت بانفعال تام:
-كيف تجرؤ !
ولم تقوَ الفتاة على أن تتفوّه بكلمة أخرى بينما استطرد سيف باحتقار وهو يرمقه بنظراته المتعالية:
-لا تحلم بأن تفلت من فعلتك أنت وتأتى الآن بكل وقاحة لتقف متشدّقا بنزاهة لا تملك منها ذرة واحدة ..
سأل خالد والشرر يتطاير من عينيه :
-لست أنا من يتسلل من وراء ظهر العائلة لأنفرد بفتاة .. لا حق لى بالمساس بها لأنها ببساطة قريبتى وخطيبة لرجل آخر .. أليس كذلك ايها السيد المهذب ؟
شخر سيف ساخرا وهو يمط شفتيه ازدراءا:
-حسنا انت تسعى وراء الفضائح ,لا تريد الستر من الله .. على الأقل لا ألهث سعيا وراء امرأة متزوجة .. وهذه الفتاة التى تشير لها على أنها خطيبة رجل آخر .. ربما جئت أنقذها من خداعه لها .. فما أدراك أنت ؟
أشار جاسر بيده للجميع بالتزام الصمت فهو على دراية بما يمكن أن تؤول اليه الأحداث اذا ما تطوّرت الى حد خطير بانكشاف الكثير من الاسرار والتى من شأنها أن تعكّر صفو العلاقة بين الخطيبين ثم قال بحكمة:
-أيها السادة .. ليس هذا مكانا مناسب للحوار .. سيف لماذا لا تذهب الآن ونستأنف الحديث فى وقت لاحق ؟
ابتسم له سيف باستهزاء قبل أن يقول بصوت بارد كالصقيع:
-لا .. لا حاجة لذلك .. لم يعد لدىّ ما أضيفه , سأرحل تاركا لكم حرية النقاش سويا كما يحلو لكم .. الى اللقاء.
وغادر بخطوات سريعة متعجّلة وشيّعته ليلى بنظراتها المتحسّرة حتى اختفى طيفه تماما .. رمى بقنبلة موقوتة فى وجهها وأدار جهاز التحكم عن بعد ثم تخلّى عنها ببساطة لتواجه هى العد التنازلىّ وحدها .. وخطيبها على صفيح ساخن لم يمهلها ثانية واحدة لاستجماع أفكارها فسألها باتهام صريح:
-كيف تتصرفين بهذا الاستهتار؟ كنت على أتم استعداد لاقتلاع عينىّ من محجريهما فداءا لتصديقهما لرؤيتك بصحبة هذا الرجل .
صرخت كالمجنونة تضع اصبعها فى وجهه:
-وأنا لم أكن لأصدّق لولا ان سيف يملك من الكبرياء وعزة النفس ما يجعله غير قادر على الاعتراف لأيا كان بأن زوجته العزيزة على علاقة وطيدة بخطيبى المحترم ,فهل هذا محض افتراء وأكاذيب أم أنها مها تلك من كنت مدلّها بحبها الى أن رفضت الارتباط بك وفضلّته عليك ؟
تنقّل جاسر ببصره بينهما ثم استقرّ على وجه صديقه الشاحب ولسان حاله يقول : ألم أنصحك ان تخبرها من قبل ؟
لازم خالد الصمت غير قادر على تكذيب خطيبته .. وأطرق برأسه الى الاسفل فتحقّقت هى من صدق رواية سيف .. لم يكن ليخاطر بالحضور الى هنا ولقائها على هذا النحو ان لم يكن واثقا من صدق حديثه .. غمغمت وهى تستقيم بوقفتها فى استعداد للمغادرة بدورها:
-الصمت خير دليل على الاعتراف ..
حاول خالد أن يستوقفها بحركة واهنة متوسلّا بذلّ:
-انتظرى يا ليلى .. سأشرح لكِ .. أقسم ..
فرمته بنظرة حقود مشيحة بوجهها نحو ابن خالتها قائلة:
-لم يعد هناك ما يُقال .. جاسر سأذهب لأتحدث الى جدى .. هناك بعض الأمور التى يجب أن توضع فى نصابها الحقيقى.
وغادرت لا تلوى على شئ ,بينما اكتفى الصديقان بمراقبتها تسير بكبرياء شامخ وهى تدّعى التماسك حتى لا تفقد ماء وجهها.
أمسك جاسر بذراع صديقه يقوده نحو الداخل ,رافضا السماح له بالاعتراض وهو يقول بتأثر:
-هيا بنّا يا خالد فليس بأيدينا الآن شئ سوى انتظار قرارها هى وقرار جدى فيما بعد.

*****************

SHELL 04-08-20 10:09 PM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
ظل الجميع على وجومهم الصامت يتبادلون النظرات المختلفة ما بين حيرة وارتباك وضيق حتى هديل لم تجرؤ على تفسير وجودها بهذا الوقت فى المنزل الخاص بمرؤوسيها فى العمل ,كان يمكنها أن تخبره بالحقيقة بيسر وسهولة لولا نظرات عينيه الفضيتين واللتين تشبهان عينىّ المحققين البوليسيين فكأنما شعرت بأنها فى قفص للاتهام وعليها أن تدافع عن جريمة نكراء ارتكبتها .. زادت حدة نظرات رفيق الموجهة اليها هى بالذات فتلعثمت مجددا وهى تتمتم بشبه اعتذار:
-آسفة على الازعاج .. يا سيد رفيق كنت فى طريقى للانصراف قبل حضورك .. ريم .. وداعا.
سارعت ريم باحتضانها لتودّعها هامسة:
-بل الى اللقاء يا عزيزتى .. منذ الغد سأراكِ بالشركة.
ابتعدت هديل قليلا لتلتقط أنفاسها المتسارعة وهى ترمق رفيقتها بفضول ملحّ تسألها:
-حقا ؟ هل تعملين بالشركة ؟
قهقه كريم عاليا وهو يقلّدها بمرح:
-تعملين بالشركة يا ريم ؟
تخضّب وجهها باللون الأحمر وقد شعرت بها يسخر منها فأردفت تصحّح خطأها:
-ما أقصده فعليا أنك تتولّين عملا ما هناك ؟
أومأت ريم برأسها ايجابا وقد أشفقت على الفتاة من تنمّر ابن عمها الواضح تجاهها وقالت تغيظه باسهاب:
-نعم ,وسوف أطالب بضمّك لاحقا الى فريق العمل الخاص بى ,فلن أجد من هى أكثر منك ذكاءا وتفانيا كما أننا نعرف بعضنا جيدا فلن نحتاج لوقت طويل حتى نتآلف وننسجم معا.
-وهل أملك الاعتراض ؟
بادلتها المزاح بأريحية تامة وقد منحتها أميرة ابتسامة تشجيع خاصة فهى تميل كثيرا لمنح الفتيات فرصة أكبر لاظهار طاقتهن بالعمل ,على عكس زوجها الذى يتحيّز ضدهن كما رأت من قبل.
-حسنا .. أستأذن أنا بالانصراف.
وهمّت بالمغادرة الفعلية حينما رأت ظلا عملاقا يتبعها لم تجرؤ على الالتفات نحوه ,تشعر بوجوده بكل كيانها حتى ولو لم تره مباشرة .. سمعته يعتذر للآخرين قائلا :
-سوف أقوم بتوصيلها الى الخارج وأعود فورا.
تعجبّت من تصرفه البالغ التطرّف ماذا سيظنون بها وهم على علم بأنها لم تعد تعمل كسكرتيرة خاصة له , هى مجرد موظفة بقسم آخر وليس من واجبه أن يقوم بما يفعله الآن.
تصاعد توترها الداخلى الى أقصى حد فحتى لو كان يتبعها دون أن يلمس شعرة منها كل خلية فى جسدها تئن وتصرخ معلنة الاحتجاج على هذا العذاب .. وصلت الى الطابق الأرضى وقبل أن تتجه نحو الباب الخارجى حدث ما لم تكن تتوقعه على الاطلاق .. وجدت نفسها وجها لوجه مع السيدة هناء التى عادت لتوها من الخارج .. رمقتها والدة كريم بمزيج من الذهول والمحبة ثم استوقفتها باسمة وهى تقول بترحاب:
-أهلا .. أهلا .. هديل .. يا لها من مفاجأة لم تكن تخطر على البال .. أنتِ هنا .. مرحبا بكِ يا ابنتى.
ثم جذبتها الى أحضانها تعتصر جسدها الهزيل وقد بادلتها الفتاة مشاعرها الفيّاضة وان شابها بعض الخجل فقالت مغمغمة:
-مرحبا .. كيف حالك يا سيدتى ؟
قطبّت جبينها باستياء مصطنع وهى تنهرها بلطف:
-سيدتى ؟؟ ما هذا الكلام ؟ لا أحب أن تتعاملى معى برسمية شديدة !
ارتبكت الفتاة ونظرت الى الرجل الضخم الذى كان يراقبهما متسليّا وكانها تستنجد به لمساعدتها فمط شفتيه بلا أعلم وبقى على حاله فأردفت متلعثمة:
-ولكننى .. أعنى لا يمكن .. لا يصح فأنا أعمل موظفة لديكم بالشركة ,و...
جذبتها هناء هذه المرة بقوة وقرصتها من أذنها بلمسة حنون تزجرها كأم لها:
-هاااا ما هذا الكلام الفارغ ! من أقنعك بهذا اللغو ؟ أأنت يا كريم من أدخل برأسها هذا المفهوم ؟
هز رأسه نفيا وهو على صمته ثم اشار الى رأس هديل وقال ممازحا:
-رأسها عنيد كالصلب ,, واذا آمنت باعتقاد ما فلا شئ أو شخص يستطيع أن يجعلها تقتنع بالعكس.
حذرتها هناء مجددا وهى تتقمّص دور المعلمة:
-حسنا سيكون علىّ تعليمك من أول وجديد .. تنادينى بخالتى فقط .. نعم ولا أريد سماع أية اعتراضات فأنا ووالدك صرنا شريكين وعليكِ أن تعتادى على وجودى دائما.
أجابتها هديل بخنوع هذه المرة:
-حسنا كما تشائين يا سيدت .. ى .. أقصد .. خالتى .
-عظيم , الى أين أنت ذاهب يا كريم ؟ هل ستخرج ككل ليلة ؟
-لن أبرح مكانى الليلة يا ست الكل فقط سأقوم بايصال هديل وأعود من أجلك.
لم تعقّب السيدة هناء بكلمة فقط اكتفت بهزة من رأسها وأكملت طريقها مباشرة ,الا أنها وبعد لحظات اختلست النظر اليهما يسيران جنبا الى جنب فقامت برفع ابهامها الى أعلى تهنّئ نفسها على ما أسمته ( عودة المياه الى مجاريها ).
-لا ضرورة لأن ترافقنى الى الخارج فأنا أعرف طريقى جيدا دون الحاجة الى ارشاد.
وقفت هديل بغتة والتفتت لتودّع مرافقها فكاد أن يصطدم بها الا أن تفادى هذا فى اللحظة الأخيرة بسرعة بديهة وذهن حاضر فقال وهو مستاء:
-أنا مضطر للعودة فعلا ولو لم أكن قد وعدت أمى بعدم خروجى الليلة لأوصلتك بنفسى الى المنزل ...
ودون سابق انذار استدعى السائق الخاص هاتفا:
-عم رياض ..
أتى السائق العجوز مهرولا استجابة لنداء كريم وهو يقول بابتسامة عريضة:
-تحت أمرك يا استاذ كريم.
-عم رياض من فضلك سوف تصحب الآنسة هديل الى منزلها ..
-على الرحب والسعة .. اين يقع المنزل ؟
-سوف تبلغك الآنسة بالعنوان وأنت فى الطريق , اذهب لتعد السيارة.
-حالا.
حاولت هى أن تعارض رغبته فقط لتعاكسه وهى تردّد بلا توقف:
-لا يوجد داعٍ ,, أنا جئت فى سيارة أجرة وسأغادر بذات الطريقة .. لا تعذّبه معى.
صاح كريم بغضب:
-هديل .. لا تناقشى أوامرى .. فلست على استعداد لأن أتركك تغادرين فى مثل هذا الوقت من الليل وحيدة فى مثل هذه البقعة الهادئة من الحى ..
-ولماذا لا ؟ انا لست قاصرا واستطيع الاعتناء بنفسى ,ولا أحب أن أفرض نفسى على الآخرين وأمر آخر .. هذه تعد توصيلة مجانية أنا لا أقبل بالاحسان.
اجابتها كانت تفوح بالكبرياء والاعتزاز بالنفس مما أشعره بالفخر تجاهها ولكنه أخفى سعادته تلك بمهارة وقام باسكات آخر اعتراضاتها بعبارته التى نطقها بحزم شديد:
-اعرف أنكِ فتاة عنيدة وحرة الارادة وتمتلكين استقلالا ذاتيا .. وهذا لا يمنع أن يصيبنى القلق عليكِ اذا ما سمحت لكِ بالانصراف وحدك .. امنحينى بعض المهادنة .. أتوق الى الراحة والهدوء بعد طول عناء ,, فأرجوكِ أن تتقبّلى هذه التوصيلة المجانية لأجل خاطرى هذه المرة فقط واذا كنتِ قلقة على راحة عم رياض فيمكنك دعوته على فنجان ساخن من الشاى عندها سينسى كافة همومه ومتاعبه ويدعو لكِ من قلبه.
اجابته المرحة البسيطة الخالية من كافة التعقيدات التى تملأ علاقتهما منذ البداية أشعرتها بقلة الحيلة فى مواجهة حجته القوية فخضعت مستسلمة غير راغبة بارهاقه أكثر خاصة وأنه طالبها بالمهادنة .. أوقف السائق السيارة أمام المنزل على بعد خطوات قليلة من الدرج الصغير وقبل أن تعى هى ما يحصل معها دفعها كريم بلفتة بالغة الرقة والتهذيب للأمام ثم توقّف ليفتح لها باب السيارة الخلفى قبل السائق الذى وقف على قيد خطوات يتأمل المشهد بحبور وعاد على الفور الى مكانه خلف عجلة القيادة باشارة انطلقت من يد كريم الذى دعاها للصعود ممازحا:
-تفضلى آنستى ..
رنّت له بنظرة تائهة محمّلة باستفسارات وتساؤلات بلا نهاية ثم قالت بامتنان:
-شكرا لك يا سيدى .
كانت تحاول مجاراته فى المزاح الا أن صوتها خرج جديّا وبلهجة حادة أدهشتها هى نفسها قبله فاعتدل وهو يصفق الباب بقوة خلفها ثم أضاف بنبرة رسمية:
-لا تنسى غدا .. فى الصباح الباكر أريدك فى مكتبى .. قبل أن تطأ قدماكِ أى مكان آخر .. مفهوم ؟
اضطرت الى أن تقدّم له تحية عسكرية وهى تهتف بصوت هامس:
-تمام يا أفندم.
وانطلق بها السائق العجوز لتغادر فيلا الشرقاوى .. وبعقلها تتصارع الأفكار والخيالات .. ترى ماذا يريد منها غدا ؟


*************

SHELL 04-08-20 10:14 PM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
عاد كريم ادراجه نحو الفيلا التى ترك بابها مواربا فأغلقه بدفعة من قدمه حينما أتاه اتصالا هاتفيا من صديقه فأجاب بلهفة عاجلة:
-أحمد .. اين اختفيت الايام الماضية يا رجل ؟
أتاه صوت رجولى خشن بالرد الصاعق على الجانب الآخر:
-كنت أعمل يا ابن الذوات فكما تعلم أننى أسعى وراء لقمة عيشى فلم ..
قاطعه كريم ضجرا وهو يحاول تقليد أسلوبه الساخر:
- فلم تولد وفى فمك ملعقة من ذهب مثلى .. الخ الخ .. فلتلخّص فى حوارك .. فأنا الآخر لدىّ بعض الأعمال الغير منتهية ولا وقت لدىّ لاضاعته مع أمثالك من عامة الشعب.
تناهى الى مسامعه قهقهة عالية أعقبها الرد الذى أثلج صدره:
-حسنا حسنا أفحمتنى يا كيمو .. أقصد يا سيد كريم .. لقد وجدت ضآلتك المنشودة أخيرا .. بذات المواصفات التى طلبتها كما يقول الكتاب تماما .. هه ما رأيك ؟ هل أتفاوض مع المالك لشرائها ؟
أفلتت صيحة انتصار من كريم وهو يجيبه بنشوة:
-وماذا تنتظر ؟ طبعا قم بالاجراءات اللازمة وعلى جناح السرعة.
تململ أحمد قليلا قبل ان يقول بتخاذل:
-ولكن .. السعر .. أنه يطلب رقما خياليا.
-كم ؟
وسمّى أحمد المبلغ المطلوب بتردد فقاطعه كريم سريعا ليسأل من جديد:
-وهل تقع فى مكان راقٍ كما أردت ؟
أملى عليه أحمد كافة التفاصيل دون أن يهمل أى جزئية ولو ضئيلة فظهرت على وجه كريم دلائل الرضا والراحة وهتف منشرحا:
-حسنا يا ميدو .. توكّل على الله يا بنى ولا تخش شيئا .. اسمع سأهاتفك لاحقا فأنا مشغول الآن ... الى اللقاء.
كان ينهب الدرج صاعدا الى أعلى وقد انزاح عن كاهله همّا كبيرا وعاد ليجتمع بالثلاثة الآخرين الذين كانوا فى انتظاره على أحر من الجمر وما أن لمحه رفيق يبتسم ملء فيه حتى بادره بالسؤال:
-ما لى أراك سعيدا هكذا كأنك كسبت لتوك ورقة اليانصيب الرابحة ؟
أخذ كريم يتمشى على مهل مطلقا صفيرا منغوما للحن شهير قبل أن يتخذ مقعدا مجاورا لابن عمه ويقول متخليّا عن وقاره كاملا:
-يمكنك التخمين منذ الآن وحتى مطلع الفجر ولن أرضى فضولك أبدا يا عزيزى.
-يا للهول !
صاح رفيق مقلّدا لهجة ممثل مسرحى اشتهر بأدائه المبالغ فيه ثم تظاهر بالألم وهو يمسك بصدره فى توجع متنهدا:
-ياه قلبى لم يعد يحتمل , يا لقسوتك المتعمّدة يا كريم.
أغرقت الفتاتان فى الضحم على هذا المشهد التمثيلى للثنائى وبالنهاية قامت ريم بالتصفيق الحاد لهما هاتفة بجزل:
-تستحقان نيل جائزة اسوأ أداء تراجيدى .. أف لكما ! ما رأيك أنتِ يا أميرة ؟
غمز رفيق لزوجته بحب وهو يشير بيده للأعلى متشدقا:
-لا أميرة اليوم فى عالم آخر تحلّق فى سماء السعادة .. لن تنالى منها على الاطلاق ..
تساءلت ريم بفضول وهى تقوّس حاجبيها لأعلى:
-ولماذا اليوم بالذات ؟
خبطها كريم على جبهتها وهو يقول مذكّرا:
-أصبحت تعانين من داء النسيان يا ريرى .. لا بد أنها منتشية لأنها قضت اليوم بأكمله فى صحبة عمتنا الغالية .. بالتأكيد أوحشتك للغاية يا أميرة.
قالت أميرة تؤيد رأيه بحماس:
-نعم ولكن ليس هذا هو السر يا ابن خالى.
-ما هو اذن ؟ تكلمى يا أميرة فقد نجحتِ باثارة فضولنا الى حد بعيد.
كانت هذه هى ريم التى أخذت تلّح بشكل طفولى اثار رغبة الجميع بالضحك وأميرة التى تبادلت نظرات ذات مغزى خاص مع زوجها قبل أن تقول بعناد:
-هل أخبرهما يا رفيق ؟ ام أنتظر حتى يقتلهما الفضول كالقط ؟
-هيا هيا .. تحدثى.
هتفت بها ريم وهى تقضم أظافر يدها من فرط انفعالها الى أن جاءهم صوت سيف المتهكّم يرن بآذانهم:
-ما هو الشئ الهام الذى جمعكم هنا ؟ باذن الله مجتمعون فى زيارة النبى ( صلّى الله عليه وسلّم ).
ردّد الجميع فى صوت واحد :
-عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
دعته أميرة لمشاركتهم الجلوس وهى تقول بغموض:
-اجلس يا سيف ,فلدىّ خبر سارّ أعلنه لكم.
نفّذ سيف طلبها دون مناقشة وجلس متجهما الى جوار ريم التى تجاهلت وجوده تماما .. وانطلق كريم يستحثها على الحديث وهو يقول بملل:
-هيا ... هاتِ ما فى جعبتك فأنا لن أقضى الليل بأكمله هنا فى انتظارك.
رمقه رفيق بنظرة سوداء وقال بلهجة تحذيرية:
-ايّاك وأن تضايق أميرتى بكلمة واحدة , اترك لها مساحة كافية لتلتقط أنفاسها فالخبر مفاجأة بحد ذاته.
ثم التفت الى زوجته مشجّعا بلطف وقال:
-هيّا عزيزتى ,, الجميع على نار متشوقون لسماع الخبر.
هبّت أميرة واقفة على قدميها وأخذت تراقب الجميع الذين سكنوا وكأن على رؤوسهم الطير ,وحينما عمّ الصمت المكان حتى لتسمع رنين الابرة أن القيت أرضا فتحدثت قائلة:
-لن اطيل انتظاركم أكثر من هذا ... المفاجأة هى أننا على وشك استقبال مولود جديد فى العائلة ...
قاطعتها ريم متحمسة:
-هل تعنين بأنكما .. ستصبحان عن قريب ..
واشارت بيدها بيأس الى الزوجين غير قادرة على انتقاء الكلمات المناسبة الا أن أميرة هزت رأسها بأسف وهى تقول:
-كلا تخمينك خاطئ يا ريم ,, لسنا نحن المقصودين بهذا الخبر.
اتجهت الأنظار تلقائيا الى سيف الذى كان يتظاهر بالانشغال بالنظر الى الجهة الأخرى حتى لا تلتقى عيناه مصادفة بعينى تلك الجالسة على يساره ,الى أن شعر بأنه قد أصبح محط أنظار الجميع فرفع بصره اليهم ببطء متسائلا بجرأة:
-ما لكم ؟ لماذا تحدّقون بى ؟ آه فهمت ,, تظنون أننى المعنى بالأمر .. آسف لأن أخيّب آمالكم , على حد علمى لست أنا من أنتظر طفلا.
قال كريم وقد اصابه الذهول:
-من اذن ؟ لم يتبقّ سواى أنا وريم .. وكلانا على ما أتذكّر غير متزوج .. فهل هو اللهو الخفىّ ؟ أن ماذا ؟
تبادلت أميرة النظرات الضاحكة مع زوجها حتى أعلن رفيق بالنهاية مخلّصا الجميع من حيرتهم البالغة:
-اسمعوا وعوا .. ما سأقوله ذكرى للتاريخ .. أنه حدث فى مثل هذا اليوم أننى .. عرفت أن حماتى ستنجب لزوجتى أخا أو أختا ...
هتفت ريم غير مصدّقة:
-لاااا رفيق أميرة انتما تمزحان بلا شك .. عمتى ؟؟؟ فريال !!
قهقه رفيق بمرح وهو يردّد:
-نعم عمتك فريال وهل هناك غيرها ؟ ولماذا التعجب أليست متزوجة من مجدى ؟
قالت ريم ثانية :
-ولكن .. أعنى السن ..
واخفقت فى اكمال عبارتها احراجا من وجود أميرة التى استطردت حتى ترفع عنها هذا الحاجز:
-تقصدين السن .. نعم يا ريم يمكنها أن تحمل بهذا العمر فأمى لم تتجاوز منتصف الاربعينات بعد .. ما زالت لديها الفرصة للانجاب مرة ثانية , الحمد لله على نعمته .. طبعا كان لدى الطبيب مخاوفه الخاصة وقد أعرب عن قلقه فنصحها بالتزام الراحة التامة مع التوصيّة ببعض العقاقير فى فترة لاحقة من الحمل ..
أطلق كريم صفيرا طويلا وهو يقول بوقاحة:
-لا بد أن مجدى يطير الآن سعادة بهذا الخبر .. وهذا ما يؤكد نظرية ( الدهن فى العتاقى ) .
تلاعب سيف بحاجبيه وقد انتقلت اليه عدوى المرح ليهتف بدوره:
-سيصبح لدينا ابن عمة .. ونحن بعمر الثلاثين .. حتى أنتِ بنفسك يا اميرة تصلحين لأن تكونى أمه لا أخته .. شئ مدهش !
سألتها ريم بحالميتها القديمة وقد عادت للعب دورها المرح بعد أن غلب الطبع التطبّع:
-أنتِ فرحة من أجلها ,, أليس كذلك ؟
هتفت أميرة بسعادة جمة:
-بالتأكيد , لا تسعنى الدنيا فرحا ,, أمى ظُلمت كثيرا وحُرمت من فرحتها بى والآن يعوّضها القدر بفرحة جديدة لها مذاق خاص .. وانا الى جانبها أتلقّى معها هذه السعادة فكأنى كما قال سيف أما لهذا الجنين الذى لم يولد بعد .. لن تصدقوا اذا ما أخبرتكم أننى أنوى أن أتقاسم معها رعايته والعناية به بعد الولادة.
ربت رفيق على كتفيها بحنان ثم أردف بخبث قائلا:
-ولكن يا حبيبتى ما أدراكِ الا تكونى أنتِ الأخرى حاملا فى وقت قريب جدا .. وبهذا لن تكونى قادرة على العناية بطفلين فى آن واحد.
تخضبت وجنتيها احمرارا لتلميحه المبطّن الا أنها نجحت فى أن تهمس بخجل:
-ربما من يدرى ! حينها سأضطر الى البقاء مع أمى وأتركك وحيدا.
اشار لها بأصبعه نفيا وهو يتوعدها قائلا:
-لا تحلمى قط بالتفكير فى هذا فما بالك فى الابتعاد عنّى .
وقف سيف فجأة قاطعا عليهما تغريدهما المنفرد وهو يقول بحدة:
-حسنا بعد سماع الأخبار الجيدة أود أن ابارك لكما ,, يتعيّن علىّ الذهاب الى غرفتى .. فأنا أشعر بارهاق فظيع .. طاب مساؤكم.
استوقفه رفيق وقد شعر بتغيّر مزاجه الملحوظ قائلا:
-هل أنت بخير ؟
أومأ برأسه ايجابا وغادر موقعه بدون اضافة كلمة أخرى.
بعد انصرافه مباشرة تساءلت أميرة باهتمام:
-ما به سيف ؟ لدى شعور بأنه يخفى شيئا ما ,كان مرحا يبادلنا المزاح ثم تبدّل حاله فجأة الى النقيض.
هتف كريم ورفيق بذات النفس:
-بالتأكيد هى السبب.
قطبت أميرة جبينها بصورة لا ارادية مغمغمة:
-من هى ؟
قالت ريم بصوت شبه هامس وهى تشير للغرفة البعيدة المغلقة:
-زوجته ... السيدة مها.
-أما زالا على خصام ؟
-وما شأننا بهما يا حبيبتى ؟ دعى الخلق للخالق وهيا بنا نحن الى جناحنا فأنا الآخر اشعر بحاجة ماسة للراحة.
ثم تصنّع التثاؤب وهو يضع يده على فمه ثم قال بصوت خافت:
-تصبحان على خير .. هيا حبيبتى.
وأمسك بذراعها يتأبطها بينما ذراعه الأخرى تستقر بأريحية حول خصرها فألقت بدورها تحية المساء بابتسامة خالصة.
-لم يبقّ هنا سوانا .. أنا وأنتِ يا ريم ,, ماذا ترين ؟
نهضت هى الاخرى مؤشرة بيدها الى غرفتها لتقول بفتور:
-لا أرى شيئا على الاطلاق .. أنا ذاهبة لأنام .. وغدا لنا حوار خاص.
-بخصوص ماذا ؟
-الأمر يتعلّق بك وبهديل .. يا عزيزى.
وألقت له بقبلة فى الهواء بأطراف اناملها غامزة ايّاه بجرأة ثم اختفت عن نظره قبل أن يجد ردا مناسبا .
فلم يجد بدّا من اللجوء الى غرفة والدته تلبية لمشيئتها وهو على يقين من انها لن تفوّت تلك الفرصة السانحة للحديث عن الموضوع الأكثر شعبية الآن فى البيت ... هديل .. آه , عجلة الزمن تدور .. انتهى دور مها ,, وحلّ الدور على ملاكه البرئ.


****************

SHELL 04-08-20 10:16 PM

رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان
 
بعد أن أقلّها عم رياض السائق الخاص بعائلة الشرقاوى الى منزلها وطبّق تعليمات كريم بحذافيرها حتى أنه انتظر لعدة دقائق بعد صعودها قبل أن يعود أدراجه الى حى جاردن سيتى , ولم تنس هديل قبل مغادرتها للسيارة الفارهة التى شعرت بداخلها أنها ملكة متوّجة أن تشكره بلباقة على ايصاله لها .. وما أن فتحت باب الشقة حتى طالعها وجه أبيها الغاضب .. صاح فى وجهها وربما لأول مرة منذ ان تخطّت مرحلة المراهقة :
-أين كنتِ يا هديل ؟ ولماذا بالله عليكِ لا تجيبين على اتصالاتى ؟
ارتبكت للغاية وهى تشاهد نظرات عينيه الزائغتين قلقا عليها ,أخرجت هاتفها المحمول لتجد أن هناك العديد من المكالمات الفائتة .. لماذا لم ترد على اتصاله ؟ الاجابة ابسط مما يتخيّل .. قالت بصوت خفيض وهى تعتذر له:
-آسفة حقا أنك انشغلت علىّ ,, لم أسمع صوت الهاتف لأنه كان فى الوضع الصامت.
لم يتزحزح والدها من مكانه متربصا بابنته وهو يكمل بصرامة:
-ولماذا من الأساس حضرتك خرجتِ من البيت دون اعلامى ؟ ولأين ذهبتِ حتى هذه الساعة ؟
اقتربت بخطوات مهزوزة من أبيها وقد جاهدت لتقف على أصابع قدميها حتى تصل الى رأسه الشامخة تقبّلها بحب ومودة قبل أن تتمتم:
-أعتذر منك يا بابا ,حقا أخطأت التقدير حينما ظننت أننى سأعود قبل رجوعك ,سرقنى الوقت فلم أشعر بمضيّه.
نظر لها معاتبا قبل أن يسألها بحدة:
-كل هذا اللف والدوران من أجل ماذا يا هديل ؟ لم تجيبى بعد عن سؤالى ؟ هل علىّ أن أعيده للمرة الثالثة ؟
أمسكت بيده تقوده الى غرفة الجلوس وهى تقول:
-أيمكن أن نجلس حتى أستطيع اخبارك بكافة التفاصيل , اشعر بأننى سأقع أرضا من شدة الارهاق.
كانت لهجتها أقرب الى التوسل والتضرع وقد أحس صلاح بصدقها فرق لها قلبه خوفا على صحتها وامتثل لرغبتها حتى اذ جلست الى جواره أعارها كامل انتباهه وهى تقول بصوت مرتجف:
-قبل أن أتحدث عليك أن تعدنى بالصبر حتى النهاية يا أبا هديل.
لم تكن تناديه بكنيته تلك الا حينما تقع فى مصيبة وتحاول استدرار عطفه عليها لتفلت من العقاب أو التأنيب الشديد ,فأوجس خيفة فى نفسه مما هى مقدمة على حكايته الا أنه التزم الهدوء التام واشار لها بيده أن تتكلم فانصاعت لأمره قائلة:
-هاتفتنى مها وكانت بحالة مريعة من القلق والتوتر .. كان صوتها حزينا ,, طالبتنى بالذهاب اليها .. كانت بأمس الحاجة لوجود صديقة .. لم أستطع رفض طلبها .. كيف أخذلها فى وقت الشدة ؟ أو ليس الصديق وقت الضيق ؟
وصمتت لتلتقط أنفاسها بينما والدها محافظ على وعده بالانصات لها قبل أن تستطرد فى السرد:
-ذهبت وأنا آسفة أننى لم أتصل بك لأخبرك أو أترك لك ملاحظة حتى .. ظننت أن الأمر لن يستغرق وقتا طويلا .. كانت بحاجة لأن تفرغ ما بداخلها واستمعت لها .. ثم .. ثم عدت الى هنا على الفور.
ظل الصمت مخيما على جو الغرفة بعد أن اختصرت هديل الكثير مما حدث فى الواقع بل أسقطت العديد من المواقف الهامة .. وبقى صلاح مكفهر الوجه يدير الأمر فى رأسه قبل أن يتحدث معلنا عن رأيه فيما حدث ,فتذكّرت الابنة أنه عليها اخباره برؤيتها لهناء .. يمكن لهذه السيدة وهى التى صارت شريكة لأبيها ويلتقيان بصفة مستمرة أن تقص عليه الحكاية من وجهة نظرها الخاصة فارتأت أن تسبقها بخطوة فأضافت وجلة:
-بالمناسبة .. وأنا فى طريقى للمغادرة رأيت السيد ..ة أعنى الخالة هناء و..
قاطعها حانقا:
-ماذا ؟ التقيتيها هناك ؟ والخالة هناء ؟ ما الذى فاتنى هنا ؟
-أبى أرجوك لا تنفعل .. لا أريد أن يرتفع ضغط دمك فنحن بالكاد نسيطر عليه .. سامحنى .. أنا المخطئة فى كل ذلك ,وعلى كل حال هى من طالبتنى بأن اناديها بالخالة هناء لم تكن فكرتى مطلقا.
تصوّرت هديل ان مرد غضب ابيها يرجع الى هذا السبب الا أنه كظم غيظه بجهد وهو يتطلّع اليها بحسرة قائلا بأسف:
-أنتِ ذهبتِ بقدميك الى منزل عائلة الشرقاوى ؟ ابنتى أنا تقدم على التصرف الطائش ؟ كيف تجرؤين على اذلالى بهذا الشكل ؟
تراجعت الفتاة مصعوقة وهى تهتف بذهول:
-أنا يا بابا لا عشت ولا كنت .. يا ليتنى أموت قبل أن تنسب لى تهمة كهذه .. لا أعرف بمَ أخطأت ,ذهبت الى هناك من أجل مساندة صديقتى ..
-اعتقدت حينما أخبرتنى باتصالها أنها كانت موجودة ببيتها .. بيت عائلتها .. لم أدرك أن ابنتى يمكنها أن تكون بهذه الحماقة والتهور .. تذهبين اليهم فى عقر دارهم , أبعد كل ما قصصته عليكِ فى السابق وبعد معرفتك للماضى الذى يجمع بينى وبينهم .. تطأ قدماكِ أرضهم .
اسرعت تدافع عن نفسها فقالت:
-أنا أعمل فى شركتهم يا بابا وانت لم تعترض ابدا حتى مع وجود الماضى بكل تعقيداته وآثاره .. ما الفارق ؟
أجابها صلاح بحزم:
-الفارق كبير .. هذا عمل .. علاقة شغل .. تختلف تماما عن زيارة ودية فى منزل العائلة الكريمة.
لم تقتنع هديل بمبررات والدها فاستطردت تقول بعناد:
-لم اقم بزيارة لأفراد العائلة .. ذهبت من أجل مها فقط ..
اشار صلاح بيده دلالة انهاء النقاش وهو يقول حاسما:
-انتهى الموضوع يا هديل .. فلتقسمى أمامى أنكِ لن تعيديها مرة أخرى .. هيا .
زفرت بحرقة وهى تلبّى رغبته:
-حسنا اذا كانت هذه هى رغبتك ..
استعاد الاب بعضا من هدوء أعصابه وهو يسألها عن مها:
-وكيف يعاملها حمواها ؟ اقصد هل ضايقها أحدهما بأى تصرف ؟
هزت هديل كتفيها النحيلتين وهى تقول:
-لا أعرف لم نتطرق لهذه النقطة وان كانت قد اشتكت من سوء معاملة الآخرين لها .. كما أنها .. تريد منك أن تسدى لها خدمة يا أبى .
-منى أنا ؟
وانعقد حاجباه بشدة قبل ان يضيف متعجبا:
-وان كنت لا أميل لهم على الاطلاق ومع ذلك لا يمكن لومهم ازاء هذه المعاملة ,ما زلت لا اصدّق أنهم تقبّلوا وجودها بينهم ككنّة بهذه البساطة !
عادت هديل تلح على أبيها من أجل معرفة بعض من أسرار الماضى الدفينة فسألته مباشرة:
-بابا هل تعرف ما هى طبيعة العلاقة التى كانت تربط بين والد مها وهذه العائلة ؟
أطلق تنهيدة حارة من صدره وهو يتهرّب من ملاقاة عينى ابنته الباحثتين عن الحقيقة والتى حتما لن تكون لصالح صديقتها ,ولمّا لم يجد مفرا من الاجابة قال وهو منكس الرأس:
-أنتما تنبشان الماضى بحثا عن الحقيقة ,,حسنا سأخبرك بها ولكننى أحذرك لن يعجبك ما سوف تسمعينه لا أنتِ ولا هى.
وأعاد على مسامعها القصة القديمة بحذافيرها كاملة دون اقصاء أى جزء منها .. فشعرت هديل بالندم يجتاحها وقالت فى نفسها : يا ليتنى ما سعيت لمعرفة الماضى ,ربما كان ينبغى له أن يُترك كما هو مدفونا تحت الأرض , اذا هى شعرت بأنها تتقلّب فوق فراش من جمر فما بال صديقتها اذا عرفت بالحقيقة ؟


**************


الساعة الآن 04:15 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية