منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   [قصة مكتملة] > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي .. (https://www.liilas.com/vb3/t206340.html)

وطن نورة ،، 06-10-18 09:11 PM

> أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
.
.
.
.


" اِعتزلْ مَـايؤذِيـكْ "

.
.
.
.

وطن نورة ،، 06-10-18 09:12 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
،
،
،
،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولى مشاركاتي ولكنها ليست أولى كتاباتي ..
آمل أن تنال على استحسانكم ،
والعذر منكم في حال وجود أي خلل أو زله ❤

اترككم مع الفصل الأول ..

،
،
،
،

وطن نورة ،، 06-10-18 09:16 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (١) الفصل الأول ،،
°
°


ليلة حالكة السواد وطريق صحراوي طويل..
الساعة تشير للتاسعة مساءً و لا أثر لأي سيارة في
الطريق فيما عدى من صوت عجلات السيارة السوداء
حديثة الطراز و القادم من أوله.
تمشي في الظلام بتخفي دون أن تستعمل الإنارة الأمامية..
تمشي مسرعة وصوت محركها يشق سكون الليل..
وقف صاحبها جانباً..
رفع كفيه المرتجفين لوجهه يمسحه بتعب ..
الرائحة لازالت عالقة بين أصابعه فأبعدها بسرعة لتمتد ذراعه حيث زجاجة العطر في الدرج الأمامي..
رش منه حتى اختنق..
يرن هاتفه فجأة ليفزعه..
أخرجه من جيب بنطاله بصعوبة وما إن رأى اسم المتصل حتى أجاب بلهفه : بشر؟
الصوت من الطرف الآخر كان أشبه بالفحيح : تم.
زفر براحه : و الولد اللي.. ؟
قاطعه بهدوء : لحق أهله.. تطمن مابقى منهم أحد .

.
.

أغلق الهاتف وهو يضعه ببرود في جيب ثوبه العلوي..
ينظر للمنزل المشتعل أمامه ولهيب النيران يتراقص انعكاسه على بؤبؤة وينير المكان المظلم ..
وصله الصوت القلق للجالس بجواره : لو درى إنك كذبت عليه يا ويلك .
هتف بعد فترة : ما كذبت حنا خلصنا على كل اللي موجودين بالبيت ومابقى أحد حي وآخرهم كان الولد اللي جابه ورماه علينا عشان ننظف من وراه. صح ولا لأ؟
بتردد : لا صح، صادق..
بس..
التفت عليه يقاطعه بحده ونظره أكثر حده : دام إني صادق أجل لا أسمعك تفتح فمك بكلمة.. اترك عنك حركات النسوان واسترجل لا تخليني أندم إني اخترتك تكون معي .
فرك وجهه بقوة : يا ليتك ما اخترتني.. يا ليتك ما اخترتني.
رمش بهدوء وهو ينظر له يأنب نفسه على وشك البكاء حتى عاد ينظر أمامة بسرعة عندما وصل لمسمعه صوت سيارة الإطفاء قادمة من بعيد .

.
.

.. قبل ٣٤ يوم ..
×
×

وقعت الملعقة الخشبية من يدها وهي تسمع صراخة الغاضب يهز أركان المنزل.
رفعت قميصها وركضت خارجه من المطبخ لغرفة الجلوس حيث زوجها يتحدث بهاتفه يصرخ بوجه انتفخ من العصبية بكلام غير مفهوم .
وضعت يدها على صدرها بهلع عندما رمى هاتفه على الأرض بقوة ليتناثر قطعاً في المكان ..
برجفة : بسم الله يا رجّال وش جاك؟
جلس على الأريكة خلفة يفرك جوانب رأسه أنفاسه تتعالى : الله ياخذه.. الله ياخذه هذا كيف وصل لي؟؟
بقلق : مين ذا اللي كيف وصل لك؟ تكلم وش صاير خرعتني.
نظر لها بتوهان بعد أن دار ببصره في المكان : العيال وين؟
مشت حتى جلست بجواره بخوف تجلى في نبرتها بسبب الخوف الذي ينطق من عيني زوجها : كلهم فوق،، سند نايم وخطاب وأحمد عند خولة.. خوفتني فواز والله صبت عظامي. تكلم..
ابتلع ريقه بصعوبة بعد فترة : اللي هربت منه دل طريقي و وصل لي . وصل لي بعد أربع سنوات .
وصل لي..

.
.

لم تكن تلك المره الأولى التي يصرخ زوجها بهذا الشكل ليبث الرعب في أوصال كل من في المنزل ..
في أحد الليالي وبعد أيام من أول اتصال تفاجأت بأكبر أبنائها سند يتحدث بتردد وبعد صمت كأنه كان يراجع ماينوي قوله : يمه أبوي زعلان من صديقه؟
باستنكار : أي صديق؟
سند : صديقة اللي يزورنا يوم كنا ساكنين بالرياض .. منيف .
ارتعبت فقالت بتوتر : وأنت وش عرفك بمنيف؟
سند باستغراب : شلون وش عرفني ؟ نسيتي أنه كان صديق أبوي وكان يزورنا ؟
اقتربت منه لتمسك ذراعه تنفضه بتهديد : لا عاد اسمعك تجيب اسم الزفت ذا على لسانك فاهم!
سند بألم بعد أن حرر نفسه منها : ليه؟
عادت تمسكه تنفضه بقوه وتوتر هذه المره : من غير ليه.. خلاص انسى إنك تعرف واحد اسمه منيف ولا قسم بالله أتصرف معك تصرف ثاني. فاهم؟؟

تركته لتتجه لزوجها تخبره بما سأل سند ليعود هو الآخر يمسكه وينفضه بتهديد : سند لا تخليني أزعل منك إن سمعتك تذكر اسمه مره ثانيه يا ويلك. والله ما تلوم إلا نفسك سااامع؟.

.
.

السبت الساعة الرابعة عصراً .
على بُعد شارعين من منزل سند وعائلته..
.
" سند "
التفت سند ليجد الصديق القديم 'منيف' يقف بجانب سيارته ينظر له بابتسامه .
تحدث شقيقه الأصغر الواقف بجواره بقلق : هذا عمي منيف؟
سند بتفحص يتأمل الرجل الأنيق في هندامه كالعادة : مم..
عاد منيف يتحدث بود كبير وصوت شبه عالي : شلون يا عيال مابتسلمون علي يعني؟
تحرك سند خطوة لتمنعه يد الصغير الذي نطق بخوف : وين بتروح؟
سند : بسلم عليه ماتسمعه يتشره؟ إمش معي عيب.
هز رأسه برعب : لالا أخاف.
ضحك : تخاف من وش يا بزر؟ تراه عمي منيف موب غريب مايمديك تنساه!
بهمس ورجاء : الله يخليك لا تروح.. ماسمعت أبوي وش قال؟
ولا أمي؟؟ والله إن دروا لا يزعلون وأبوي بيعصب مره .
سحب يده : إذا ماتبي تجي بكيفك بس أنا بروح له أشوف وش بينه وبين أبوي .. أنا أحب عمي منيف ولا أبي أبوي يقطعه بدون لا يعلمني السبب على الأقل.. أنا كبير وأهلك للحين يعاملوني كأني بزر..
عاد يتشبث ذراعه بكلتا يديه : و أبوي ؟
سند بعجل وصوت منيف ينادي من جديد يتداخل مع صوته : و أبوي شلون بيدري؟ أنت ارجع البيت وانتظرني لا تدخل عشان لا يسألون عني وأنا برجع على طول منيب مبطي.. إن قلت لأحد إني رحت معه ولا كلمته والله والله ما عاد أكلمك مره ثانيه لو تموت..

ركض لمنزله بخوف بعد أن رأى سيارة منيف حديثة الطراز تمشي مبتعده تحمل داخلها سند الذي لاقى ترحيباً لا مثيل له من صديق والده القديم.

.
.

ذات السبت،، الساعة السادسة والنصف مساءً..
يتمدد على السرير بتعب، يشعر بأن الحمى تذيب عقله وخلاياه..
ينظر بنصف عين مفتوحه للتي تجلس جواره تبدل الكمادة بأخرى جديده تضعها على جبينه..
القلق واضح عليها إستطاع أن يشعر به ويراه حتى مع شدة تعبه : وش .. فيك يامرَه؟
بقلق بعد أن تحسست خده المشتعل بكفها : العيال أرسلتهم الصيدلية العصر وللحين مارجعوا..
أغمض عينيه وهو يتمتم ببعض الكلمات لا يعلم ماهيتها ليشعر بنفسه بعدها يسبح في دوامه..

.
.

فتح عينيه بهلع أنفاسه تتسارع.. لا يعلم ما الذي حدث هل غفى أم غاب عن الوعي .. لكنه هتف بصوت بالكاد خرج : يا سلمى..
وصله صوتها بعيداً كأنها تقف في آخر الغرفة ..
عاد ينادي بصعوبة وهو يغمض عينيه : سلمى..
شعر بثقل جسدها جواره.. مسكت يده برجفه واضحه : سم.
نطق بتعب : العيال رجعوا؟
بنبرة باكية : للحين ؟
ارتفع جفناه قليلاً لينظر لوجهها ضبابياً أمامه : كم الساعة ؟
بكت : قدها سبع. الشمس غابت وعيالي للحين مارجعوا..

.
.

يسند ظهره على سور منزلهم. مبتعداً عن المدخل الرئيسي خوفاً من أن يراه والده المتعب ويسأله عن سند الذي لم يعد بعد فيعاقب ويغضب منه شقيقه الأكبر..
يدفن وجهه في ركبتيه المضمومات لصدره .. يرتعش ويبكي بخوف فالشمس غابت تماماً وحل الليل وسند لم يعد بعد..
رفع رأسه بلهفه عندما سمع صوت محرك سيارة يقترب..
وقف يميل برأسه من آخر السور يسترق النظر للسيارة الواقفة أمام باب منزلهم..
ابتسم براحة بعد أن تعرف على هويتها فهي سيارة منيف السوداء حديثة الطراز..
مسح دموعة بذراعه وحرك قدميه بصعوبة كي يعود للبيت أخيراً لكن خطواته توقفت عندما رأى منيف يغلق بابه بقوه ويقف بجواره يلف شماغه بطريقة غريبة ليغطي ملامحه..
وسند لم ينزل بعد!
يتقدم رجلان أحدهما واثق لا يلتفت والآخر متخبط في خطواته يتلفت حوله بخوف..
الشارع هادئ تماماً .. يخلو من الماره كالعادة فمنزلهم يعتبر ثامن منزل يُبنى في منطقة شبه نائية كهذه يتجنب الناس السكن فيها لبعدها عن مركز المدينة الأساسي..
يتحدثون بصوت منخفض وصله بوضوح في سكون المكان : وين الولد؟
منيف يشير بابهامه للخلف بعد أن ضم باقي أصابعه: ورى .
ضحك الواثق بهدوء : خبري فيك تبت عن هالسوالف؟
منيف بتنهيده : جددت توبتي بعده .. المهم تراه حي ما مات بس ماتحمل وأغمى عليه..
ثم بصرامة وهو يشير عليهما بسبابته : حمد ،، ياسر .. لا أوصيكم أبي أسمع خبرهم الليلة. مثل مادمرني فواز وغدر فيني ابيكم تدمرون كل شي يخصه أبيه ينمحي عن وجه الأرض ولا عاد يبقى من طرفه أحد.. مفهوم؟

كان ينظر للمشهد أمامه بهلع.. عيناه تتسع مع كل خطوة لمن هم أمامه يعجز عن الحركة أو حتى الصراخ يشعر بأن أطرافه تجمدت.
يُفتح الباب الخلفي للسيارة حديثة الطراز ، ينحني الرجل الواثق بكلامه ومشيته ليدخل جزأه العلوي ويختفي داخلها.. يقف منيف والرجل المرتعب بجواره ينظرون للواثق يسحب نفسه وجسد سند محمولٌ بين يديه ليقف باستقامه..
خارت قوته وجلس بقوة على الأرض ينظر لسند الدماء تغطي ثوبة الأبيض بلا أي قوة وكأنه قطعة قماش باليه..
ابتعد منيف بسيارته بعد أن ركبها ليختفي عن أنظاره..
ومشى الرجلان حتى باب منزله..
يُقرع الجرس بكل ثقه ليصله صوت فواز بعد مده يصرخ بصوت مبحوح بعد أن فتح الباب : وش فيه سند ؟
تكلم الواثق بثبات : ممكن ندخل ونفهمك كل شي. والحمدلله اللي لحقنا عليه حي ما مات .
اختفوا من أمامه ليقف على صوت إغلاق الباب المعدني ..
مشى بتخبط وقد بلل ملابسه دون أن يشعر من شدة الخوف..
ثواني كانت مدة اختفائهم من أمامه حتى خرجوا من جديد قبل أن يصل لعتبة منزله ..
النار بدأت تشتعل خلفهم بلمح البصر فصرخ برعب ينادي بأسماء من هم بالداخل ، يحاول أن يركض للنار لكن ما إن رأوه وصرخ احدهم محاولاً التقدم باتجاهه بثوبه الملطخ بدماء سند حتى ركض مبتعداً لا يرى شيئاً من شدة هلعه..

.
.

بعد الحادثة ب٣٥ يوماً..

.
.

خرجت من غرفته بضيق الحزن يرسم مخطوطات على ملامح وجهها..

تتبعتها بعينيها حيث مكانها في الجلسة الأرضية حتى جلست تزفر بتعب : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بتوجس وهي ترى العاملة المنزلية تبتعد و بين يديها ملاءات السرير في كيس شفاف : للحين يسويها على نفسه؟
هزت رأسها بضيق : للحين.. صاحي ونايم ماعاد يقدر يمسك نفسه.
الولد نفسيته دمرانه واللي يصير ذا قاعد يدمرها زود.
بتعاطف : لا تلومينه ياخيتي اللي صار مو بسيط.. خسر أهله كلهم في ليلة وحدة الله العالم وش يدور في باله الحين. الله يرحمهم ويتقبلهم شهداء عنده .
تجمعت الدموع في عينيها وبرجفة : اللهم آمين ..
بس الولد ماكان كذا يا العنود والله ماكان كذا .. عجزنا فيه نبيه ينطق يتكلم يقول شي يفضي من الهم اللي في قلبه لكن مافيه فايده .. من أيام العزا والولد ساكت ماينطق بحرف لا ياكل ولا يشرب ولا ينام.. وإن غفت عينه فز متروع يصارخ بصوته كله ..
وضعت يدها على قلبها وبكت : ولد أختي ماكان كذا.. والله ماكان كذا..
سكتت قليلاً تبلل شفتيها قبل أن تنطق بتردد : أقول سلوى،، وش رايك تودينه لطبيب نفسي؟
نظرت لها بصدمه : ليه شايفته مجنون؟ والله ماهقيتها منك يالعنود.
العنود بسرعة : الله يصلحك لا تقوليني شي ما قلته . من جاب طاري الجنون الحين؟
الولد تعرض لصدمه قوية ولولا رحمة الله ثم الشايب اللي لقاه مغمى عليه قدام باب بيته وبلغ عنه كان للحين ماتدرين وينه.. مابقى له شي ويدخل ٩ سنين وسالفة إنه يسويها على نفسه صاحي ونايم مهيب عدله غير انه ماعاد تكلم من صحى أبد.
ربي رحمه وكتب له عمر جديد يوم انه ماكان في بيتهم ساعة الحريق مهما كان سبب طلعته.. وديه عند دكتور يشوفه ويساعده شوي شوي إلى أن يرجع لوضعه الطبيعي ويكمل حياته مثل باقي خلق الله ولا أنتي عاجبك وضعه وهو مقفل على نفسه ولا يختلط بأحد؟ شلون بينسى إذا أستمر كذا؟ ولا تبينه يلحقهم من الحسره؟

.
.

صرخ بقهر : كم مره قلت لك أمي وصتني أروح أجيب أعراض من الصيدلية القريبة لأن أبوي كان تعبان وبعدها ما أدري وش صار.
سلوى بخوف من صراخة : طيب حبيبي والله مصدقتك لا تعصب.
جلس على سريره يهتف بتعب ويأس تشبع به صوته : انا مو معصب . بس تعبت من كثر ما تسألوني وش صار وكيف صار وليه صار؟ مو يكفي إني حي وكلهم ماتوا؟ ليتني أنا اللي مت مو هم.. ليتني أنا اللي مت..
قالها يبكي يضرب رأسه بكفيه.. ارتعبت وهي ترى نحيبه لتقترب منه تحتضنه بشده لتشاركه انهياره الذي اعتادت عليه..
فبعد أن كان صامتاً بدون صوت أو ردة فعل،، أصبح الآن يائساً بائساً بكّاءً..
عاد طفلاً يبكي وينتحب أمام الجميع دون خجل وفي كل وقت ..

مسحت دموعها بكفيها الصغيرين وهي ترى والدتها تحاول السيطرة على انهيار ابن شقيقتها المتوفاه..
قلبها الصغير يكاد ينشطر فهي لم تعتد على رؤيته هكذا.
ركضت مبتعده حتى دفنت نفسها في حضن والدها الذي هتف بقلق عندما سمع صوت بكائها : افاا وش فيها هلو تصيح؟ مين عليك؟
ابتعدت ليخرج صوتها ثقيلاً من بين شهقاتها : توبي.
باهتمام وهو يمسح وجنتيها بكفيه : وش فيه توبي؟
عادت تدفن وجهها في صدره : يبكي.. توبي صاير يبكي كثير كأنه بيبي.
تنهد بيأس وهو يمسح على ظهرها : ماعليه يا أمي توبي تعبان شوي. والتعبان عادي يبكي مافيها شي.
هزت رأسها بالنفي : لأ.. توبي يبكي لأن خاله سلمى ماعاد هي موجودة خلاص ..

.
.

مضت السنوات ثقيلة عليه.. تأخذ من عمره وسعادته حتى وإن حاول إظهار عكس ذلك..
الأموات يلاحقونه حتى في منامه إلى أن بات يعتزل النوم..
ثلاثة رجال أشكالهم واضحة جداً لم تغب ذكرى فعلتهم عن باله ثانية واحدة ..
العذاب النفسي يكاد يمزقه وضميره يكرر دائماً (لو ما تركتهم وراك وانحشت كان قدرت تساعدهم.. أو على الأقل تكون معهم)

.
.

ابتسمت بحنان وهي ترى ابن شقيقتها وقد أصبح شاباً وصل الثامنة عشر من عمره ..
يجلس أمامها بجانب ابنها الذي يتكلم فوق رأسه دون أن يكترث إن كان مهتماً بسماع حديثه أم لا..
ينظر للأرض بسرحان فنجاله فارغٌ في يده..
لا يخفى عليها حزنه.. نظرة الانكسار في عينيه..
بكاؤه ليلاً حتى وإن حاول أن يكتم أنفاسه بوسادته ..
كل شيءٍ يبدو جلياً واضحاً على ملامحه..
تعلم أنه يعلم شيئاً.. لكنها توقفت عن سؤاله بعد أن انهار عليها يوماً ليأخذ حاجياته ويترك المنزل مهدداً..
(الفتى حزين.. وحزين جداً)
هذا مارددته في نفسها وهي تضع يدها على قلبها ..
تراه يرفع عينيه ويبتسم ابتسامه صغيره لابنتها هلا التي تقف أمامه تأخذ من بين أصابعه فنجاله لتسكب له القهوة ..
دارت على الموجودين حتى وصلت لوالدتها تجلس بجوارها وتنظر له بحب واضح حتى بعد أن عاد ينظر للأرض بسرحان..
اقتربت منها وهمست : شغلك بعدين.
هلا بانشغال تنظر له : ليه وش سويت يمه ؟
همست بغضب : ماتستحين على وجهك؟ كم مره قلت لك لا عاد تدخلين عليه الولد كبر وأنتي بعد كبرتي خلاص تغطي... ماتخافين من ربك؟
التفتت لها بهلع : حرام عليك يمه وش اتغطى؟ توني ١٥ سنة .
بوعيد من بين أسنانها : حرمت عليك عيشتك ياقليلة الحيا.. مابوجهك دم أنتي شوفي الولد كيف مستحي وأنتي خبر خير ؟
قومي من قدامه أشوف لا اجلدك..
هلا بنبرة باكية وصوت شبه مرتفع : يمممه ..
صرخت بها غاضبة : و صمة تصمك إن شاءالله .
قومي اذلفي عن وجهي .. قومي.
وقفت لتضرب قدمها الأرض معترضه تهتف ببكاء : والله ظلم حرام عليك .
قالتها لتبتعد راكضة حتى اختفت عنهم ..
ضحك شقيقها : أخيرا يمه تحررتي من قيودك وقويتي على دلع بنتك الماصخ!
أجابت بضيق وعينيها تقع عليه تتابع تحركاته منذ أن رفع عينيه حتى انعقاد حاجبيه مستفسراً : زيدوه اسكت عني لا تخليني أحط الباقي من حرتي فيك.

.
.

يتمدد على سريره والساعة قد عدت منتصف الليل بكثير .. ينظر للسقف يتخيل دوائراً سوداء تتحرك بشكل متداخل..
اغمض عينيه وهو يسمع قرعاً هادئا على الباب ..
ظن أنه يتوهم لكن صوتها المتوتر الذي وصله جعله يقفز جالساً : توبي نمت؟
نظر لها مستنكراً حضورها لغرفته هذا الوقت ،، هتف بقلق : خير هلا وش صاير؟؟ فيك شي؟
انشطر قلبها وهي ترى أثر الدموع واضحاً على خده..
كرر سؤاله عليها لتستفيق وتقترب منه تاركة الباب خلفها مفتوحاً : أمي لو شافتني بتذبحني.
بتوتر وهو ينظر خلفها : طيب اطلعي قبل لا يجي أحد.
هزت رأسها : أبطلع.. بس بقول لك إن ذي بتكون آخر مره تشوفني فيها.
بردت ملامحه : ليه؟ وين بتروحين؟
التمعت عينيها بشدة وبنبرة باكية : أمي تقول خلاص لازم أتغطى عنك.
بتوهان : ليش؟
رفعت كتفيها بيأس وهي تضغط على شفتها بأسنانها كي لا تنفجر باكية في وجهه..
سكت قليلا عابساً ضائقاً وهو يراها. حتى استوعب ليقول بنبرة حاول من خلالها أن يخفف عنها : اهاا،، عشان كذا طلعتي زعلانة ومعصبة اليوم من الصالة؟
هزت رأسها تؤكد قوله .. انطلقت دموعها وكذلك نحيبها عندما قالت : توبي أنا أحبك.. دايماً تذكر هالشي،، لا تنسى.
قالتها وخرجت تركض من المكان صوت بكائها يسبقها ..
ارتخت ملامحه بصدمه بعد الذي قالت.. أسند ظهره أنفاسه تتسارع ،
وكذلك نبضات قلبه بعد اعترافها بشيءٍ كهذا ..

.
.

من نافذة غرفتها في الطابق الثاني بعد أن أزاحت الستارة قليلاً تختبيء خلفها ، وقفت تتأمل الواقف في ساحة منزلهم مع اخوتها وبقية أبناء عمومتها..
تبتسم بحب مصفى وهي تراه يضحك لشيء قاله أحدهم..
أصبح رجلاً في الثانية والعشرون من عمره الآن..
رجلاً حقاً لم يبقى له سوى القليل حتى يتخرج مهندساً بمعدل يناطح السحاب..
" ترى حمّود يسلم عليك "
وصلها صوت ابنة عمها المتمدده خلفها على السرير -والتي نست وجودها حقاً- تتلهى بهاتفها لتجيبها بسرحان : مم الله يسلمك.
.. : من قلبك عاد؟
التفتت لها بحاجبين معقودين وبتشتت : وش تقولين ؟
جلست بغيض : داريه إنك موب حولي ولا حول اللي قلته..
وش اللي مشغلك وش قاعده تشوفين.
نطقت آخر كلمة بجوارها تقف خلف النافذة تنظر للمجموعة الواقفة في الأسفل.. ابتسمت بخبث : ماشاءالله.. هذا اللي مشغلك هاه.
بتوتر : شف التفكير التعبان بس. ماطقيت للي تقولين خبر.
عادت تبتسم : ياعمري يا حمّود.. آآه لو يدري أخيي انك واقفة ورى القزاز وتناظرين كان ماشال عينه. رزه بسم الله عليه شوفي شلون واقف كأنه حاس بعيونك.
بنرفزه : سلامات نجود وش هالكلام؟
منع صوت الضحكات العالي القادم من الخارج نجود من أن تتحدث.
نظرت كلتا الفتاتين للخارج ليجدن الجميع يضحك بشدة فيما عدى محمد شقيق نجود والذي كان ينظر بازدراء لزيد ابن عمه.
نجود بحاجب مرفوع : عجيب والله من متى النفسية يضحك؟؟
هلا وعينيها مثبته على الذي يرمي رأسه للخلف يضحك من أعماق قلبه لتشعر بأن قلبها سيتوقف : مين النفسية؟
نجود ببرود : ولد خالتك مين يعني؟
التفتت لها بحده : و ليه نفسيه إن شاءالله؟
عيب عليك نجود و إحمدي ربك على النعمة وإنك ماذقتي اللي ذاقه..
والله إن سمعتك أمي بتزعل.
نجود بملل : اوه العذر والسموحة منك نسينا وتكلمنا قدامك يا محامي الدفاع ..
ما علينا نرجع للي كنا فيه..
شوفي محمد أخوي بسم الله عليه .. أمانة مو وسيم؟
وش رايك فيه؟
هلا بإنفعال : ترى اشغلتيني باخوك كأني ما أعرفه!!
تراه ولد عمي ربيت أنا وإياه مع بعض.
نجود بتردد : طيب وش رايك فيه كزوج ؟
اشتعل وجهها بحياء واضح : لا أنتي أكيد انهبلتي وش هالسؤال؟
نجود : سؤال عادي ومحمد يبي يسمع جوابك..
هو طلب مني اسألك قبل لا يكلم أبوي وعمي.
بإنفعال وهي تبتعد : لا تسأليني ولا اسألك محمد مثل زيد و خالد عندي وما أشوفه غير كذا..
والله يخليك جودي لا عاد تفتحين هالموضوع معي مره ثانية عشان مانزعل من بعض .
نجود: أقول الولد جاد يحبك الخبل يعني غير محمد ولد سالم و العنود لا تفكرين تاخذين..
بغضب هذه المره : لا صار شوري بيدك ويد أخوك ذيك الساعة تحكموا.. وذي آخر مره أحذرك يا نجود اسكتي عن هالموضوع أحسن لي ولك.

.
.

كان قد دخل عامه السابع والعشرون البارحه ..
سنة جديدة تضاف لسنين عمره الثمانية عشر الماضية..
لا جديد سوى أنه يزداد وحدة يوماً بعد يوم وشيء في قلبه يتضخم حتى بات ينتظر انفجاره في أي لحظة..
في كل مره يزداد عمره عاماً،، يجد نفسه يحسب كم عاماً مضى على الموجودين في قبورهم.. وكم عاماً سيمضي حتى يلحق بهم..
فكر بكل هذا وهو يصعد درجات سلم العمارة التي يسكنها صديقة فارس.
قد اتصل عليه باكراً : وينك فيه؟
بملل : أدوج بذا الشوارع الله وكيلك.
ضحك : غريبة وينه زيد عنك؟
ابتسم لطاريه : زيزو عنده استلام ولا ماعمره تركني لحالي أبو تركي.
فارس : أجل زين إني داق ... تعال عندي البيت نلعب لنا شوط فيفا ونوسع صدورنا تحت المكيف أحسن من حر الشوارع أعوذ بالله.
بتردد : ما ودي اكلف عليك قدها قريب ١٢.
فارس : اقول اترك عنك البربرة وتعال انتظرك..
وينك بعيد؟
لم يكن بعيداً حقاً لكنه أجاب : يعني. طريق أبو نص ساعة ، ساعة الا ربع بالكثير..
فارس : حلو أجل أنتظرك.. بترك لك باب المجلس مفتوح إن جيت ادخل مو تقعد واقف تنتظر اعرف حركاتك الماصخة..

وها هو الآن يسبق الموعد بربع ساعة . يقف أمام باب المجلس الذي كان مردوداً بالفعل..
فتحه وما إن حطت قدمه بالداخل حتى و وصل لمسمعه صوت من الغرفة خلف الباب المغلق أمامه والملحقة بالمجلس يفصل بينهم باب (مقلط) ..
الأصوات كانت شبه عاليه تصله بوضوح..
صوت زجاج يصطدم بخفه بزجاج آخر ثم صوت أنثوي بحت : ترى مصختها أنت وخويك ذا كل شوي ناط بيتنا.
وصله صوت فارس الغاضب : أقول حطي الفناجيل وأنتي ساكته لا أكسر راسك .
عاد الصوت الناعم : هذا اللي ناقص تكسر راسي مو كافي قاعده أخدمك وأخدم هالزفت اللي ٢٤ ساعة ناقع عندنا تقل خلفناه ونسيناه..
والله كله عند أبوي خليه يصحى الفجر إن ماقلت له يافويرس إنك مصحيني نص الليل من عز نومي عشان أسوي لك شاهي ما أكون بنت أبوي..
سامع إني اشتغل عندك ولا عند ضيو...
صرخ بها مقاطعاً : رواااان ..

كان هذا آخر ماسمعه قبل أن يعيد الباب كما كان وينزل الدرج مسرعاً..
ارسل لفارس يعتذر عن قدومه متحججاً بعمل طارئ دخل ليخرب المخطط دون أن يذكر له أي شيء مما سمع..

عاد لمنزل خالته الذي يسكنه منذ أن كان بالتاسعة..
مضى وقتاً يجلس في سيارته يلفه الهدوء وبعض الأصوات في عقله تذكره بالموت والحريق وأنه قد هرب كالجبان ليتركهم خلفه النار تأكل أجسادهم..
لا بأس فاليوم هو ابن السابعة والعشرين أصبح معتاداً على كل هذا ..
فتح باب المنزل المعدني بمفتاحه وساقت به قدماه حيث الملحق الخارجي الذي أصبح غرفته لصعوبة بقائه داخل المنزل كالسابق..
ما إن وصل للباب حتى لفته الكيس الصغير لأحد محلات الساعات الراقية والمعلق بمقبضه..
رفع حاجباً وهو يمسكه بين يديه يدخل يده يبحث داخله عن شيء يدله عن هوية مرسلها مع أنه في قرارة نفسه يعلم..
وجد كرتاً صغيراً ما إن فتحه حتى وجد توقيعاً مميزاً بحرف الهاء..
ابتسم ورفع عينيه تلقائياً حيث نافذتها.

قلبها يسوقها نحوه دون حولٍ منها ولا قوة..
هذا ما شعرت به عندما رفع بصره حيث نافذتها التي تختبيء خلف ستارها تسترق النظر من خلفها.. تضع يداً على فمها تمنع ابتسامتها من أن تظهر و الأخرى على قلبها الذي قد خرج من مكانه وانتهى .
(وتقول نجود مالك غير محمد..
ليه؟
و.... خطّاب ،،، وين راح؟)

.
.

ما إن استيقظت في اليوم التالي حتى و زف لها شقيقها خالد خبر خطبة محمد ابن عمها لها وأن والدها قد أعطاه الموافقة المبدئية..
ليتلاشى كل إحساسٍ جميل شعرت به البارحة .. ولم يتبقى سوى وجه خطاب يبتسم لها بامتنان وشيءٍ آخر لم تفهمه..


.
.
.
.

# نهاية الفصل الأول ♡.
أستغفرالله العظيم من كلِ ذنبٍ عظيم وأتوبُ إليه ..

فيتامين سي 09-10-18 02:12 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدايه رااااائعه
وأسلوب مميز ومشوق
الأحداث بما أننا في الفصل الأول مازال فيها الكثير من الغموض

منيف لما أراد الإنتقام من والد سند والقضاء على كل عائلته
هل هي مسألة ثأر أو كان السبب في كشف مايقوم به من عمل سيء لأنه اللي معه
قال له أنت ماتبت فما هو الشيء اللي بيتوب عنه

خطاب فقده لأهله واحساسه بالذنب لهربه وعدم مساعدتهم أثر على نفسيته
والظاهرحتى بعد ماكبر مازال يعاني من بعض الأعراض بسبب الماضي
أعتقد إنه حتى هو يحب بنت خالته لكن فكره مشغول بأشياء
أخرى أهله واللي حصل لهم أتوقع أنه ماراح يترك الأمر يعدي
وبيحاول ينتقم من منيف واللي معه خاصه إنه مازال يذكر أشكالهم

منيف يبدوا أنه مطمئن وهو يظن أنه قضى على كل العائله
ولم يعرف بكذب من أوكل لهم مهمة القضاء على العائله
وهرب خطاب منهم وهو لم يبلغوه ربما خوفا منه وتجنبا
لعقابه لهم لأنه تركوا الطفل يهرب منهم

هلا أتوقع ترفض محمد لكن هل يترك أهلها لها حرية الرأي

تسلم يمينك وطن نوره وياليت تكبرين الخط ويكون اللون غامق
وتوسطين الخط
أريح للعين وأتمنى تحددين موعد لتنزيل البارت وتكملين
مابدأتيه وما تتركينا لأنك تملكين قلم يستحق الإستمرار والمتابعه
منتظرين بقية الأحداث بفارغ الصبر



شبيهة القمر 10-10-18 08:06 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
بدايه موفقه اختي والله يحييك بوطنك الثاني ليلاس 😍
الروايه جميله واسلوبك سهل وممتع
اتمنى من الاعماااق انك تكملينها وماتقطعين ... فيس تعقد من الروايات الغير مكتمله 🤕😭
نجي لابطالنا .. اتوقع هلا تتزوج محمد وخطاب اذا بتمشي الكاتبه على احساسي انه راح يطيح بغرام بنت منيف 🙄 وش رايكم بالفكره هههه
طبعا منيف اتمنى مو تدوسه تريله الا تنزل عليه صاعقه تقصه نصفين انسان عديم الانسانيه والضمير ياشيخ لو انه ذابح ولدك ماسويت كذا فيه وفي عايلته مانقول الا الله يعجل بانتقام خطاب منك

وطن نوره ... حيالله وطني 😜 تسلم الايادي وبانتظار الفصل الثاني بفارغ الصبر . ..

وطن نورة ،، 11-10-18 02:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3706801)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدايه رااااائعه
وأسلوب مميز ومشوق
الأحداث بما أننا في الفصل الأول مازال فيها الكثير من الغموض

منيف لما أراد الإنتقام من والد سند والقضاء على كل عائلته
هل هي مسألة ثأر أو كان السبب في كشف مايقوم به من عمل سيء لأنه اللي معه
قال له أنت ماتبت فما هو الشيء اللي بيتوب عنه

خطاب فقده لأهله واحساسه بالذنب لهربه وعدم مساعدتهم أثر على نفسيته
والظاهرحتى بعد ماكبر مازال يعاني من بعض الأعراض بسبب الماضي
أعتقد إنه حتى هو يحب بنت خالته لكن فكره مشغول بأشياء
أخرى أهله واللي حصل لهم أتوقع أنه ماراح يترك الأمر يعدي
وبيحاول ينتقم من منيف واللي معه خاصه إنه مازال يذكر أشكالهم

منيف يبدوا أنه مطمئن وهو يظن أنه قضى على كل العائله
ولم يعرف بكذب من أوكل لهم مهمة القضاء على العائله
وهرب خطاب منهم وهو لم يبلغوه ربما خوفا منه وتجنبا
لعقابه لهم لأنه تركوا الطفل يهرب منهم

هلا أتوقع ترفض محمد لكن هل يترك أهلها لها حرية الرأي

تسلم يمينك وطن نوره وياليت تكبرين الخط ويكون اللون غامق
وتوسطين الخط
أريح للعين وأتمنى تحددين موعد لتنزيل البارت وتكملين
مابدأتيه وما تتركينا لأنك تملكين قلم يستحق الإستمرار والمتابعه
منتظرين بقية الأحداث بفارغ الصبر



يا هلا والله وعليكم السلام 💕
منيف شخص مجرم أباد عائلة كامله دون رحمه عشان شخص واحد بدون لا يرف له رمش :(
هلا متيمة بخطاب هذا شيء واضح حتى لامها لكن خطاب مثل ماقلتي باله مشغول بالماضي وقلبه مشغول بالحزن وهلا عالقه بينهم في الزحام.
ابشري ولا يهمك وملاحظاتك محل اهتمامنا يا عيني:)
نورتيني وأسعدني ردك جدا كوني بالقرب دائما 💕💕

وطن نورة ،، 11-10-18 02:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3706837)
السلام عليكم
بدايه موفقه اختي والله يحييك بوطنك الثاني ليلاس 😍
الروايه جميله واسلوبك سهل وممتع
اتمنى من الاعماااق انك تكملينها وماتقطعين ... فيس تعقد من الروايات الغير مكتمله 🤕😭
نجي لابطالنا .. اتوقع هلا تتزوج محمد وخطاب اذا بتمشي الكاتبه على احساسي انه راح يطيح بغرام بنت منيف 🙄 وش رايكم بالفكره هههه
طبعا منيف اتمنى مو تدوسه تريله الا تنزل عليه صاعقه تقصه نصفين انسان عديم الانسانيه والضمير ياشيخ لو انه ذابح ولدك ماسويت كذا فيه وفي عايلته مانقول الا الله يعجل بانتقام خطاب منك

وطن نوره ... حيالله وطني 😜 تسلم الايادي وبانتظار الفصل الثاني بفارغ الصبر . ..

يا هلا والله والله يحيك ياعيني 🙈
بإذن الله انها راح تكتمل بدعمكم وتشجيعكم ومتابعتكم ♡♡..
خطاب يطيح بغرام بنت منيف ؟؟.. هممممم 🤔 < فيس يطير للخطة باء هههههه..
الله يسعدك مثل ما أسعدني ردك وانتظر تعليقك بفارغ الصبر على الجزء الثاني اذا نزل 💕💕

وطن نورة ،، 11-10-18 02:08 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
الفصل الثاني راح يكون يوم السبت ان شاءالله ..
لا تحرموني متابعتكم ♡♡

وطن نورة ،، 13-10-18 12:03 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٢) الفصل الثاني ،،
°
°
♧ لم يكن الغصن هزيلاً ، بل كانت الريح قوية ♧
.


خرج من دورة مياه شقته الصغيرة يلف فوطته على خصره ..
مطبخ صغير يُفتح على صالة متوسطة الحجم بأربع أرائك وغرفتين و دورة مياه واحدة .
لم تكن أقصى طموحه لكنها تقنن من وحدته التي استحلت قلبه حتى أصبح يشعر بأنها مرض مزمن لن يحل عنه إلا إذا مات.
رفيقة فارس يتمدد على الأريكة يعبث بهاتفه . ما إن رآه حتى صفّر يهتف ممازحاً : لبيه يالعضلات..
جلس على الأريكة الأخرى يمسح شعره بفوطة حول رقبته ، يضحك : اعقل..
فارس بعد أن فتح كاميرا جواله : ممكن صورة؟ أعطيني وضعية لو سمحت.
خطاب بجدية: فويرس اعقل أقول .. يا ويلك تصور .
مانزل خالد من الغرفة ؟
بتعجب : خالد هنا؟ وش عنده ؟
خطاب : عنده مشكله و يبيني القى لها حل.
فارس بسخرية : مشكلة عاطفية؟
ابتسم نصف ابتسامه : بالضبط..
ضحك : موب بسيط والله يا طبيب القلوب أنت..
حل مشاكلك أول شي ولا هات أنا احلها لك .
خطاب بحاجب مرفوع : وش مشاكلي؟
ماعندي مشاكل اللهم لك الحمد ، خالي من الهموم والغموم ..
لم يعلق فارس فقد شعر بكمية السخرية والتهكم في صوته..
وقف متجهاً للمطبخ يتهرب من هذا الحوار الذي كان سيوقعه في شبكة أحزان خطاب .. هتف بصوت عالي وهو يفتح الثلاجة : زيد وينه بالله؟
خطاب بهدوء : عند عياله.
خرج من المطبخ يحمل بيده علبة عصير يشرب منها : وش فيه ولد خالتك خفيف تقل ما صدق يصير أبو؟ من ولدت حرمته وهو مختفي.
ابتسم : خل الولد يستانس وش حارق رزك أنت؟
تذكر بس يوم جاك محمد كيف اختفيت وإن حصل وشفناك لقيناك شايل معك يا علبة حليب يا كيس حفايض؟
فارس بحاجبين معقودين : الكلام ذا من سنة يالظالم وكنت مستانس بالورع..
ما أقول غير الله يبلغني شوفتك تراكض في الصيدليات تلقّط قرابيع عيالك.
وقف متجاهلاً ماسمع متجهاً لغرفته يمر من أمام فارس الذي بدأ يشرب مما في يده يتابع مشي خطاب الهادئ بعينيه حتى اختفى من أمامه بعد أن هتف من فوق كتفهx : بحط ملابسي علي وبرجع لك.

دخل غرفته بنفسٍ ضائقة ليجد خالد يتمدد على سريره هاتفه بين يديه وسحابة سوداء تظلل رأسهx ..
رفع حاجبه : يوم إنك صاحي ليه ما طلعت الصالة؟
بملل دون أن يُحرك ساكناً : مالي خلق أقابل أحد.
اتجه حيث خزانة ملابسه فتحها وهتف بجدية : خالد خلاص يكفي زعل تلاقي أمك منشغل بالها عليك .
خالد : يمه منك اللي يسمعك ما يقول تكلمها يومياً تعطيها أخباري؟
غير إني توني مكلمها قبل شوي والأمور طيبة الحمدلله.
التفت له مبتسماً : أجل اسمع ، تراني يومياً بعد ما أكلمها
أكلم أبوك.. يعني نحشتك ذي ما منها فايدة.
رفع بصره عن شاشته.. ينظر لخطّاب ينوي قول شيءٍ ما لكنه عوضا عن ذلك نظر له بتفحص ابتداءً من كتفيه وانتهاءً بطرف فوطته ومروراً بعضلات بطنه المقسمه فأطلق صفيراً بإعجاب وحرك حاجبيه بخبث ..
حذف القميص الذي بين يديه على وشك أن يرتديه ليستقر على رأسه : ولد غض البصر .
خالد بضحكة وهو يبعد ماحجب الرؤية عنه : فتنة يا توبي فتنة.
سكت قليلاً ثم أردف بجديه : خالد أبوك منشغل باله عليك وما أظن أن الموضوع اللي مزعلك منه يسوى .
بضيق : اووه وأنا كل ما جيت أصرّف السالفة تقوم ترجع لها؟
يرحم والديك عن الغثى عاد.
لازال يتحدث بجدية فحال الشاب هذا لن يجدي هكذا : طيب إلى متى؟
نظر له : أنت متضايق من قعدتي عندك؟ إذا متضايق قول.
بوجه خالي من التعابير : إيه متضايق.
اتسعت عينيه باستنكار وعدم تصديق : خطاااب!!
ببرود بعد أن عاد لدولابه يبحث بين ثيابه: اكذب عليك يعني؟
صار لك ثلاث أيام هنا و خالتي ماشافتك وضايق صدرها والبلى ليته على شي يسوى!
خالد بإنفعال : أنت وش فيك علي يااخي؟
بإنفعال أكبر: مو عاجبني حالك قاعد هنا وتندب حظك.. الموضوع انتهى خلاص انسى وعيش حياتك ولا تصير بزر.
خالد بقهر: لا ما إنتهى . عندي أنا ما إنتهى، أنت تدري إني أقدر أمنع المهزلة ذي من إنها تصير وأقول بنت عمي لي وتحرم على غيري وهذا حقي وما لأحد علي كلمه ساعتها ..
بس إن أبوي حلف أيمان مغلظة إن سويتها أنا بطريق وهو بطريق.
أنا الغبي اللي قلت له المفروض احطه قدام الأمر الواقع.
خطاب بإنفعال : لا يا شيخ!! والله المهزلة هي كلامك ذا..
حق وش اللي قاعد تتكلم عنه؟ البنت مهيب من أملاكك عشان تحجرها لك وتاخذها بالطريقة ذي بدون حتى لا تهتم أنك تسمع رايها..
بإنفعال وهو يضرب على صدره بقوة :x أنت ماجربت القهر اللي قاعد أحس فيه الحين ولا كان ما قلت كذا.
سكت عنه خطاب .. ذاكرته تعود لعامين قد مضت ..
كيف لم يجرب القهر وهو الذي عاش أغلب حياته مقهوراً ؟
رمش أكثر من مره يبعد خيال ذكرى قديمة عنه .
لم يعد لخالد أثر في الغرفة لذا بدأ يرتدي ثيابه بهدوء وعندما خرج الصالة تفاجأ بأنها خاليه .
نظر لساعته التي تشير للحادية عشر ليلاً ..
السكون يلف المكان الصغير ليزيده كآبة..
ليته لم يزد العيار على خالد.. أقلها كان وجودة طيلة الأيام الماضية
مؤنساً.. لا يريد أن يكون وحيداً الليلة..

#
هناك حيث توقف الزمن عليها ..
قبل عامين ،،
حيث هلا تجلس على سريرها تنظر للفراغ بلا وعي ..
تحديداً بعد أن زف شقيقها الأصغر خالد خبر خطبة ابن عمها لها..
كل شيء تلاشى واختفى ..
كل احساس جميل نامت عليه البارحة تطاير رذاذاً حتى اختفى..
كيف لمحمد أن يخطبها وهي قالتها صريحة في وجه شقيقته أنها لا ترغب به؟
والأدهى من ذلك كيف لوالدها أن يوافق على طلبه دون حتى أن يرجع لها بالقرار؟
وقفت تجر خطواتها حيث دورة المياه .
توضأت وكبرت لتصلي صلاة الظهر .. لن تتسرع فربما خالد أساء الفهم ..
ربما ..
يارب .

لم يمهلها والدها كثيرا من الوقت كي تحتار بصحة ما سمعت، لتستفيق بعدها على صدمة الخبر . وأنه حقيقة ..
كل شيء حقيقة أكدتها ابتسامة والدها المرتسمه على شفتيه التي نطقت بفرح : محمد ولد عمك سالم خطبك مني وأنا وافقت.
هلا بضيق : بس أنا منيب موافقه يبه..
تلاشت ابتسامته وانعقد حاجبيه بصدمه : أفاا.. وش تقولين أنتي يابنت؟
هلا والعبرة تقف بمنتصف حلقها : ما أبيه يبه.. تكفى لا تجبرني.
تأمل وجهها وبضيق : ليه؟ شايفه على ولد عمك شي؟
هلا بسرعة : لا والله. بس ما أبيه تكفى.x والله أنه مثل زيد و خالد عندي .. تكفى لا تجبرني.
زاد انعقاد حاجبيه : بس أنا قد أعطيته كلمه.. وأعطيت أخوي كلمه.
هلا ودموعها سقطت بأمل فوالدها ليّن وحنون هي تعلم ذلك جيداً لن يجبرها على شيءٍ لا تريده : إذا منحرج من عمي أنا أكلمه وأقول له.. تكفى يبه لا تجبرني.
تنهد يستغفر تحت أنفاسه.. ارخى بصره عنها : ويرضيك تصغريني قدام أخوي و ولده يابنتي وأنا قد قلت كلمتي؟
برجاء : أبوي.. الله يخليك.
قلبه لا يقوى رؤية دموعها وسماع رجاءاتها دون أن يرضخ. لكنه قال بثبات : محمد ولد أخوي كبر قدام عيني أعرفه وأعرف أخلاقه لو
إني شايف عليه شي مو زين كان رديته قبل حتى لا يكمل جملته.. لكني أعرفه ومافيه أحسن من إن الوحده تاخذ ولد عمها منها وفيها
يخاف عليها ويداري خاطرها..
يا بنتي تعوذي من إبليس واللي فيك تردد وخوف طبيعي لا تخلينه يأثر عليك .
الله يرضى عليك يا هلا مثل ما أنتي ترضيني طول عمرك ..
ابتعدت عنه تكتم شهقاتها بيدها .. فجملته الأخيرة دلالة على انتهاء النقاش.
*
عقد حاجبيه بتشتت : كيف؟
ابتسم : وش اللي كيف؟ أقولك محمد خطب هلا وأبوي وافق .
أصلا من أول هي له الكل يعرف .
رمش أكثر من مره وهو يشعر بدماغه يذوب في رأسه ليذيب معه ماقال زيد..
ينظر له بنصف وعي يراه يتناقش بحماس مع خالد يشرح له مقصده من جملته التي قالها ..
أنزل بصره حيث ساعته التي أهدته البارحه.. يتتبع بسبابته إطارها الدائري الفضي .. لا بأس، هذه ليست أولى خساراته وبالتأكيد ليست أكبرها..
يبتسم ابتسامه لا معنى لها على صوت زيد يهتف : من جات على الدنيا وعمي قايل إنها لولده محمد.. عاد محمد رجّال والله وماينعاب.. ولّا خطاب وش رايك؟
.. : هاه؟
نطق بها بسرعة يرفع بصره لزيد ويسحب كم ثوبه ليغطي ساعته .
زيد : أقول وش رايك في محمد؟
ابتسم مجددا لكن هذه المره بتهكمٍ على حاله : رجّال.

حتى وإن كان مختلفاً معه، لن يبخسه حقه أبدا..
محمد ونعم الرجل على مشارف الثلاثين موظف في أحد شركات النفط الكبرى .. قليل الكلام صامت أغلب الوقت وجديٌّ جداً.
لا يحتاج لأن ينظر في الموضوع مرتين حتى يعلم أنه لا يكُن له أي موده خصوصاً وأنه لا يتلقى منه سوى النظرات الحادة و الكلمات الجافة.

.
.

تقف خلف النافذة تتأمل ساحة منزلهم بذهن شارد ..
للتو أنهت حياتها بيدها .. كتبت على نفسها حياة مع شخص آخر لا شيء يشدها نحوه..
قبل أسبوعين جاء خبر خطبتها.. حاولت وقاتلت باستماته أن تمنع هذه الكارثة من أن تحدث لكن دون جدوى .
في كل مرة تنهار في أول المعركة عندما يهتف والدها بحنو : الله يرضى عليك يا هلا مثل ما أنتي ترضيني طول عمرك ..
كانت قد رفعت رأيتها البيضاء واستسلمت ..
تنتظر انقاذاً من الجهة الأخرى ..
تنتظر خطّاب ..
لكن خطاب اختفى لتنشغل بالقلق عليه عن أي موضوع آخر ..
حتى موضوع ارتباطها بغيره.
اختفى وعاد البارحه لتكتشف أنه كان في دورة عمل في جده .. وأن الجميع يعلم بذلك عداها.
تضحك على نفسها عندما تتذكر بأن نوعاً من الأمل داعب قلبها عندما علمت بعودته.
لا أحد يستطيع انقاذها سواه.. مع ذلك لم يتحرك ساكناً فوضعت له عذراً يشفع له .
انتهى الأمل وتبدد وأصبح مجرد ذكرى مؤلمة..
والواقع الآن أنها صارت زوجة محمد ..
.: هلا.
وصلها صوت نجود بتردد .. صوتها قريب جداً كأنها تقف خلفها مباشرة..
أجابت على ندائها الثاني بشرود وعينها مثبته على ساحة المنزل : مم؟
عادت تنادي بإصرار : هلا؟
لترمش أكثر من مره تبعد حرقة الدموع في عينيها وتلتفت لها بضيق: وش تبين؟
نجود بقلق : مبروك؟
زفرت بأسى : الله يبارك فيك .x عقبالك.
مررت لسانها على شفتيها : زعلانة مني؟
رفعت بصرها عن الأرض لتنظر لها باستفسار : ليه؟
رفعت كتفيها بيأس لا تدري لتردف هلا بابتسامه ذابله : ما سويتي شي يزعل . وما صار شي عشان أزعل عليه..
مسكت ذراعها : والله محمد مو سيء .. بالعكس، وما أمدحه لأنه اخوي ،، والله .. أعطيه فرصة و لا تضيقين صدرك .. ومبروك مره ثانية .
قالتها بسرعة بعد أن احتضنتها بقوة لتخرج من الغرفة.
تلاشت ابتسامتها تماماً وذبلت عينيها بحزن يكاد يفتت قلبها..
وعادت تقف خلف النافذة تنتظر خروجه.

.

يجلس معهم يسمع لأحاديثهم وبصره مركزٌ على محمد الذي أصبح الآن زوج ابنة خالته..
ينظر له مستنكراً أفعاله -ونظراته- هذه اللحظة..
خصوصاً وأن الرجل - والذي كان يجلس أمامه مباشرة في صدر المجلس - ينظر له بتشفي وكأن بينهما ثأر قد أخذه منه للتو..
وضع يده على معصمه يتأكد من أن الساعة يغطيها كم ثوبه ..
هل علم بموضوع الهدية أم ماذا؟

أفعاله الليلة غريبة كان أولها عندما طلب المملك بطائق الشهود.. فأخرج كلاً من زيد و خالد أشقاء العروس هوياتهم..
محمد بابتسامه : خالد إذا تسمح بس أبي خطّاب يكون الشاهد الثاني على زواجي .
خالد بهدوء وهو يسحب بطاقته : أبشر ، أنا وخطّاب واحد .
ابتلع ريقه ليقول بثبات : خالد أخوها ويبي يكون الشاهد وأظن من حقه.. هو أولى مني.. رجع بطاقتك خالد.
محمد لازال مبتسماً : أفا عليك بس ؛ تردني وأنا طالبك؟
ليضع بعد جملته تلك ، بطاقته مكرهاً ..

أبعد بصره يحاول أن يشتت تفكيره ويخرجه من عقله ..
لكنه لم يستطع.. عاد ينظر له بشك ليجد محمد لازال ينظر له بتشفي وابتسامه ترتسم على شفتيه..

.
.

ابتسم بحنو وهو يرى خالته قادمه من بعيد تحمل بيدها صينية القهوة. يشتاق لها حقاً ويفتقد قربها مع أنه حتى بعد انتقاله لسكن مستقل لازال يحرص على زيارتها يومياً..
وقف ليأخذها منها ويسكب لها فنجالاً يمده لها : سمي يا قلبي.
أخذته بفرحه تشع من عينيها : سم الله عدوك يا عين أبوي أنت.
ضحك بخفوت وهو يراها تكاد تقفز من فرط سعادتها : وش العلم فرحيني معك.
وضعت فنجالها على الطاولة الجانبية .. استدارت لتواجهه بحماس : هلا بنيتي توها مكلمتني تبشرني إنها حامل..
مرت الكلمات على مسمعه فكان وقعها على قلبه كجبلٍ من جليد..
أخرجها من تفكيره بعد أن تزوجت ويقسم على ذلك لكن لا يعلم مالذي حلّ بفؤاده هذه المره ..
ارتشف من فنجاله ليبعده ويقول بهدوء وجمود : ماشاءالله مبروك الله يتمم لها وتقوم بالسلامة..
ثم ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : كبرتي يا خالة و بتصيرين جْدِيدَة .
ضحكت وعينيها تلتمع بالدموع على حاله وقبلها على حال ابنتها التي أبلغتها الخبر وهي تبكي منهارة منه..
.
بقلق والعبرة تجمعت في حلقها : وش فيك تبكين يابنت؟ الدكتورة قالت لك شي؟
هلا بصوت بالكاد خرج من بين شهقاتها : خايفه يمه خايفه.
بضيق : لا تخافين كل الحريم تحمل و تولد والموضوع هين بقدرة الله ورحمتهx .. احمدي ربك واشكريه على هالنعمة واعطيني محمد أكلمه و أبارك له.
.
تعلم أن لا رغبة لها بمحمد وأنها غير سعيدة بحياتها معه حتى وإن كانت تظهر العكس وتحاول أن تبين سعادة زائفة ..
لكنها تعلم أن ابنتها تنطفئ يوماً بعد يوم.
سكتت تتأمل تفاصيل ابن شقيقتها يتلهى بقهوته وقد انطفأت شعلته التي أتاها بها الليلة بعد أن أخبرته.. ليتها لم تخبره..
تنحنحت وقالت بهدوء : زيد حدد موعد عرسه..
ابتسم لها بتعب : ايه قال لي ، بيتشقق من الوناسة على قولته .. الله يوفقه ويسعده ويتمم فرحته.
تنهدت : وأنت إلى متى بتقعد تدعي للناس وتبارك لهم؟
عقد حاجبيه باستنكار : هاه أجل ، أدعي عليهم يعني؟
مررت لسانها على شفتيها لتعتدل جالسة : ولد.. أنت فاهم قصدي.
ضحك : لا والله موب فاهم.
نظرت له بجدية : كل اللي بعمرك وأصغر منك أعرسوا. صديقك فارس قبل شهرين و زيد بعد شهر.. باقي أنت.
أشار بسبابته يهتف بمرح : وخالد لا تنسين.
ضحكت لا إرادياً : لا خالد الله يستر عليه توه خليه يتخرج ويشتغل ويكّون نفسه ثم لاحق .. تكفى يرحم والديك لا تسمعه الطاري قسم إن يغثني.
ثم بسرعة وهي تمسكه من معصمه بقوة عندما هم بالوقوف : ولد.. اقعد..
ضحك يعتدل بجلسته بعد أن كان على وشك السقوط : هاه وش تبين؟
ابتسمت له : اقعد مابعد أخلص كلامي .
خطاب : بروح الحمام و أرجع لك.
رفعت حاجباً متهكمة : تلعب على مين أعرفك بتنحاش..
اسمعني .. أنت تدري إني للحين ماخذه بخاطري على طلعتك وقعدتك في بيت لحالك.
هز رأسه : وموب مرضيك إلا... ؟
ضحكت وهي تكمل جملته : إلا إني أخطب لك .. هاه وش رايك؟
سكت يقلب كلامها في عقله . امرأة في حياته ؟
لا يبدو اقتراحاً سيئاً.. يحتاج لعنصر نسائي في حياته يجددها، يحتاج لأسره ينشغل بتكوينها علها تشغل تفكيره وتسلّي خاطره.
هتف بهدوء : فيه أحد في بالك؟
كادت تنشطر من فرحتها.. قالت بلهفه : اووه فيه وش كثر ..
ثم أردفت بمرح وهي تغمز له : والله يا إن عندي لك تشكيلة.. شي فاخر من الآخر..
ضحك من قلبه : يا حبي لك يا خاله.. ها سمعيني كلي آذان صاغية ..
سلوى بعد تفكير بسيط: أول وحده هي أخت صديقك فارس ..
وش ملحها تهبل .
كاد قلبه يتوقف .. تغيرت ملامحه عندما تبادر لذهنه الصوت الأنثوي لصاحبة اللسان السليط : لا يرحم والديك.. هاتي غيرها .
استنكرت رد فعله لكنها تجنبت أن تعلق خوفاً من أن ينفعل -وهي ما صدقت أنه وافق وقاعد يناقشها ويتجاوب معها الحين- : والله فيه كثير.. أنت تبي وحده معينه؟ لك مواصفات معينه ؟
قال بضحكة : وش هالسؤال؟ والله أستحي أقول لك مواصفاتي بصراحة.
بحسرة : خلف الله علي ليت ربي أعطى زيد مثل ما أعطاك..
ماترك شي في خاطره من مواصفات وآخرها قال يعني يمه أبي نجود بنت عمي أثاريه من أول حاط عينه عليها الهيس.
شعر بالإحراج لا يعلم لماذا : الخيار لك يا خاله أثق بذوقك.
التمعت عينيها بحماس : خلاص تم بكرة بعده بالكثير ويكون اسم عروستك عندك.

.
.

تنظر للفاتنة أمامها بحقد واضح.. تبدو في قمة أنوثتها وجمالها بفستان زفافها الأبيض..
زفافها على فارس أحلامها هي منذ أن كانت طفلة.. سرقته منها وستنعم بقربه الليلة، ستنعم بعذوبة كلماته وهمساته الليلة..
وضعت يدها على بطنها المنتفخ أمامها تتأوه بعد أن شعرت بألم بسيط فيها ..
وكأن ابنها المزروع بين احشائها يذكرها بوالده، وأن ما تفعله الآن لا يجوز..
..: هلا فيك شي؟
التقت عينها بعين نجود ابنة عمها، شقيقة زوجها .. و زوجة شقيقها..
وقبل كل هذا صديقتها الأقرب .. زفرت بتعب : لأ.. بس متوجعه شوي..
نجود بقلق : طيب تبين أدق على محمد ترجعين البيت؟ وجهك تغير لونه .
ابتلعت ريقاً جافاً بدى وكأنها تبتلع موساً : لا مايحتاج.. مابقى شي ويخلص العرس ونمشي كلنا.
نجود بمرح : انتبهي على صحتك ترى إن صار بولي العهد ولا فيك شي محمد بينهبل..
ابتسمت لها بضيق ابتسامة تجمع كل شيء عدا التأييد بما قالت .

.
.

ابتسم بهدوء ورضى وهو ينظر لها تجلس أمامه..
فتنة ، هي ما يليق أن يطلق عليها..
فاتنة بكل شي .. جسد يصرخ أنوثه.. وجه بملامح مصقوله وشعر طويل مسترسل ..
هذا ما يبحث عنه وهذا مايحتاجه.. امرأة كاملة يسرقه جمالها من عالمه ..
يغرق في عالمها يفكر بإبداع الخالق في ملامحها لينسى عالمه .
ينسى الوقت والمكان.. ينسى الماضي والحاضر ولا يشغله شيء سوى التي بين يديه ..

هذا ماتمناه..
أو ما كان يظنه..
#
.
.

قطعه من ذكريات الماضي التي لا تفارقه صوت الباب يفتح ويغلق.
التفت فوجد خالد يخلع حذاءه بالقرب من كومة الأحذية و بيده كيس أحد المطاعم .
نظر لساعته فوجدها قد قاربت الواحدة بعد منتصف الليل : وش رجعك؟
خالد بضيق بعد أن وضع الكيس على الطاولة الصغيرة التي تنتصف الصالة أمامهم ليرتمي بعدها على الأريكة بتعب : خطاب والله موب وقت ظرافتك يالسخيف . لا تمزح معي..
ببرود وهو يراه يفرك صدغيه بألم : من قال أمزح؟ توقعتك رجعت بيتكم؟
تنهد : كنت برجع بس فكرت فيك ، ما ينفع اتركك فجأة لازم بالتدريج.
بشبح ابتسامه : الحين مين اللي سخيف وموب وقت ظرافته؟
ثم أردف باهتمام عندما لم يبدي خالد أي رد فعل : ولد!
سلامات وش فيك؟ صاير شي؟
خالد بعد فترة وبهدوء : بنت عمي ملكتها نهاية الأسبوع.
رفع حاجباً : طيب؟ الله يوفقها ويتمم على خير.
هذا اللي مكدرك؟
خالد بيأس : خطّاب.
مد يده لكيس المطعم أمامه : أقول بس وش جايب معك؟

مرت عشر دقايق يلفهم صمت موتّر.. تخللته تنهيدات خالد المكتومة وصوت مضغ خطاب لطعامه والذي رفض خالد أن يشاركه إياه : عليك بالعافية، ما اشتهي..
ما إن انتهى حتى هتف بهدوء : خالد من جدك ضايق صدرك؟
خالد ونظره مثبت على السقف : لا يالغالي، بس إني شفت نفسي مستانس قلت أغير جو وأجرب الضيقة ..
ثم رفع رأسه بسرعة مستنكراً عندما سمع ضحكة خطاب المرتفعة ..
يضحك من أعماق قلبه كما لم يضحك من قبل .
زفر وعاد لوضعه السابق .. يسند رأسه وينظر للسقف بيأس ..
خطاب وصوته لازال متأثراً من ضحكته : وين اختفيت انت وفارس فجأة؟ طلعت مالقيت أحد.
خالد : يرحم والديك اسكت عني مالي خلق أتنفس حتى.
ضحك بخفوت : صدق إنك بزر..
خالد بهدوء بعد فترة : خطاب أنت ماقد جربت ينوخذ منك شي كنت تتمناه طول عمرك . عشان كذا لا تستهين باللي قاعد أحسه يرحم أمك.
ليجيبه خطاب بعد فترة ببرود : صادق .
" أنا اللي جربته أدهى وأمر " نطقها بينه وبين نفسه .. لا داعي لنثر أحزانه أمام خالد والذي يبدو متضايقاً بالفعل .. خالد لازال صغيراً ، للتو دخل عامه الرابع والعشرين قلبه لازال غضاً يتأثر بسرعة ، لا يجب أن يسقط من أول عثرة تواجهه فحياة كهذه يجب أن تكون فيها مقاتلاً..
مقاتلاً تسقط وتقف حتى وإن كانت جميع جروحك مفتوحةً تنزف.
تعايش مع حزنك ، لا بأس إن شعرت به يكبر معك يوماً بعد يوم..
لا بأس إن كنت تتذوق مرارته يومياً حتى اعتدت عليه وأصبح روتيناً.
تعايش مع حزنك .. كي تعيش.
وضع يده على صدره، يشعر بقبضة من حديد تعصر قلبه..
" تعايش مع حزنك " هذا ما يقوله ويكرره يومياً.. يحاول إقناع نفسه بذلك لكن دون جدوى..
فحزنه قد عاش فيه حتى استوطن كيانه لدرجة أن جميع الأحزان أصبحت لديه هيِّنه.. فلا حزن يضاهي حزنه القديم الجديد..
لازال حزيناً وكأنه عالق في عمر الثامنة، ثلاثة رجال يقفون أمامه.. بين يدي أحدهم يُحمل أخاه الدماء تلطخ ثيابه..
يسمعهم يتفقون على كيفية قتل أهله .
يراهم يفعلون ذلك.. ليهرب بعدها ببساطة..
" أنا اللي جربته أدهى وأمر ، والله أدهى وأمر "
لم ينطق بها بل قال عوضاً عن ذلك بنبرة حاول تلطيفها : والله ماتوقعتك حساس كذا يا خويلد.. توقعته عناد وحب تملك بس .
رفع رأسه ينظر له بحده : ليه شايفني بزر؟
ليبادله خطاب بنظرة مفادها "ايه؟".. قال بعدها بابتسامه عندما عبس خالد باعتراض : يا حبيبي أنت. ربي مو كاتب لك نصيب معها.. خلاص تأقلم مع الوضع وعيش حياتك و إفرح لبنت عمك وأطلع من مود قيس بن الملوح اللي مهوب لايق عليك .
أنت توك صغير والبنت أكبر منك بخمس سنوات يعني موضوعك منتهي من قبل لا تفكر فيه حتى. لو كانت داريه عن هوى دارك كان رفضت اللي تقدم لها وانتظرتك لكنها وافقت وبتعقد عليه يعني اختارت حياتها وانتهت.
الحياة ما توقف على حرمه يا خالد. والله يجعلها أكبر المصايب إن اللي تبيها ماحصلتها ولا يوريك اللي أكبر منها..

.
.

يتمدد على سريره ينظر للسقف بوجع يمزق روحه بعد أن كان نائماً واستفاق على صوت الصراخ والبكاء القادم من غرفة خطاب المجاورة لغرفته.
لم تكن هذا المرة الأولى.. فقد سمعه يبكي ويصرخ يوماً ليهرع لغرفته بهلع وخوف ظناً منه أن مكروهاً حلّ به، ليتفاجأ بأن الرجل نائم لكنه يبكي ويصرخ في منامه كأنه يرى كابوساً..
ظن أنها ليلة عابرة ستمضي.. ربما كابوسٌ عابر وسيمضي..
لكن الليالي تكررت .. والكوابيس لم تكن عابرة لدرجة أنه اعتاد على بكائه وصراخه..
لم يتحرك من مكانه يخاف من غضب خطاب عليه كما فعل أول مرة أيقظه فيها ليسأله بخوف : خطاب وش فيك؟

أغمض عينيه وجدران صدره تضيق حول قلبه..
سلسلة الأحزان في حياة خطاب لا تخفى عنه ..
قد علم عندما كبر قليلاً فجيعة فقده لأهله - ويحمد الله أنه وقتها كان ابن الثالثة لا يميز ولا يدرك شيئاً - ثم زواجه الذي انتهى بسرعة وانهار في ظرف أشهر، والبلبلة التي أحدثتها طليقته حوله والأحاديث التي نشرتها عنه ، ذلك.. وأحزان أخرى يعلم أنها مرت به لتنقش آثارها على روحه ..
لك الله ياخطاب .. لك الله.

.
.

ذات الليلة .. والساعة اقتربت من الثالثة فجراً..
شعرت بدخوله الغرفه. أغمضت عينيها بقوة تتصنع النوم ..
تشعر بحركته في المكان يبدل ثيابه مصدراً ضوضاء كأنه يتعمد إزعاجها بها.. تتمنى فقط ألا يستفيق بسببها سالم الصغير النائم في سريره..
سكنت الضوضاء وأُغلِقت الأضواء واستقر جسده بجوارها .
تعطيه ظهرها تتمدد بأطراف السرير حيث أبعد نقطة عن مكانه .. شعرت بحركته يقترب منها يُديرها نحوه ويشدها حتى التصقت به ليلف يده حولها بتملك قاتل..
لازالت تغمض عينيها بقوة .. تمثل النوم باستماته..
لا رغبة لها به.. ولا بمقابلته.. ولا حتى سماع صوته..
حاولت أن تتحكم بأنفاسها التي بدأت تهيج عندما تجمعت عبرتها في حلقها ..
تشعر بالقرف من قربه.. والقرف من نفسها لأنها بقربه.
والقرف كل القرف من رائحة عطر فيرزاتشي النسائي الفواح التي تلتصق رائحته به وتنبعث منه بقوة..


[COLOR="rgb(25, 25, 112)"].
.
.

# نهاية الفصل الثاني ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..[/COLOR]

وطن نورة ،، 13-10-18 12:05 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير
كيف أصبحتم جميعا :yjg04972: ؟
أتمنى ينال الفصل على إعجابكم ولقاءنا يوم الثلاثاء إن شاءالله مع الفصل الثالث.
لا تحرموني تعليقاتكم ودعمكم :6trfdc:

فيتامين سي 13-10-18 03:24 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك حبيبتي ومشكوره

بارت راااائع تسارعت فيه الأحداث بشكل صدمني

زواج هلا من محمد وزواج خطاب وطلاقه

هلا المفروض بعد ماتزوجت محمد خلاص تشيل خطاب من راسها وترضى

بالأمر الواقع وتحاول تسعد زوجها

محمد الظاهر كان حاس بحب هلا لخطاب أو كان خايف من خطاب يسبقه ويخطب هلا

وهذا سبب نظراته لخطاب وحرصه على أن خطاب يكون الشاهد على زواجه

محمد هل راااائحة العطر النسائي معه لأن له علاقه نسائيه أو متزوج غير هلا

ربما لأنه يبحث عن الشيء اللي ماوجده عند هلا الحب والإهتمام

ما أستبعد أنه متزوج غيرها هههههه مع سرعة الأحداث

ربما تنتهي علاقة محمد بهلا اللي منتهيه أصلا لكن ربما من أجل طفلهم

والأهل استمر زواجهم

لكن الى متى وهل ممكن يكون لهلا نصيب مع خطاب مستقبلا

زوجة خطاب ربما بسبب مايعانيه من أحلام لم تستحمل وأطلقت عليه الشائعات

شكرا على البارت الراااائع يعطيك العافيه

ومنتظرينك يوم الثلاثاء لا خلا ولا عدم منك يارب

bluemay 13-10-18 09:28 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


وينننننننك من زمان يا قمر ...

بسم الله ما شاء الله

روعة وعظمة على عظمة ...


ربنا يوفقك وتكمليها للنهاية السعيدة إن شاء الله


تقبلي مروري وخالص ودي

وطن نورة ،، 15-10-18 08:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3706926)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك حبيبتي ومشكوره

بارت راااائع تسارعت فيه الأحداث بشكل صدمني

زواج هلا من محمد وزواج خطاب وطلاقه

هلا المفروض بعد ماتزوجت محمد خلاص تشيل خطاب من راسها وترضى

بالأمر الواقع وتحاول تسعد زوجها

محمد الظاهر كان حاس بحب هلا لخطاب أو كان خايف من خطاب يسبقه ويخطب هلا

وهذا سبب نظراته لخطاب وحرصه على أن خطاب يكون الشاهد على زواجه

محمد هل راااائحة العطر النسائي معه لأن له علاقه نسائيه أو متزوج غير هلا

ربما لأنه يبحث عن الشيء اللي ماوجده عند هلا الحب والإهتمام

ما أستبعد أنه متزوج غيرها هههههه مع سرعة الأحداث

ربما تنتهي علاقة محمد بهلا اللي منتهيه أصلا لكن ربما من أجل طفلهم

والأهل استمر زواجهم

لكن الى متى وهل ممكن يكون لهلا نصيب مع خطاب مستقبلا

زوجة خطاب ربما بسبب مايعانيه من أحلام لم تستحمل وأطلقت عليه الشائعات

شكرا على البارت الراااائع يعطيك العافيه

ومنتظرينك يوم الثلاثاء لا خلا ولا عدم منك يارب

هلا والله وعليكم السلام ورحمة الله💖
ههههههه حنا إلى الحين ما دخلنا في القصة كل هذا مقدمات =]
هلا مشكلتها تعلقت بخطاب حتى انها رسمت حياة كاملة معه عجزت تتقبل انها تكون مع غيره وهذا غلط وسبب لانهيار علاقه وحياة كاملة ساعدها فيها محمد .. لذلك الخطأ على الاثنين .


والله يسلمك وشكرا لك على ردك وتعليقك اللي اسعدني♡
لا تحرميني متابعتك ♡♡♡

وطن نورة ،، 15-10-18 08:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3706948)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


وينننننننك من زمان يا قمر ...

بسم الله ما شاء الله

روعة وعظمة على عظمة ...


ربنا يوفقك وتكمليها للنهاية السعيدة إن شاء الله


تقبلي مروري وخالص ودي

اهلا وسهلا وعليكم السلام ♡♡
حياك الله وباذن الله مكملين :)♡

وطن نورة ،، 16-10-18 08:26 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير .. كيف حالكم ؟
الفصل الثالث أتمنى ينال على رضاكم والعذر منكم في حال
القصور أو الخلل .. القصة لم تبدأ بعد لازلنا في البداية وماهي إلا مقدمة بسيطة :biggrin:
لا تحرموني ردودكم :)

وطن نورة ،، 16-10-18 08:31 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٣) الفصل الثالث ،،
°
°

لا أشعر أن روحي مكتملة..
ثمة خطبٌ ما ،،،
وكأن شيئاً ما ينقصني ، أو قد غادرني.
فجوةٌ بداخلي تلتهم سعادتي ..
تعكر عليّ صفو لحظاتي السعيدة..
تشوه وجه الأيام فلا أكاد استسيغها.. وأنفر منها..

.

تنهدت بضيق وهي تنظر لساعة يدها..
العقارب تشير للثالثة عصراً أي ساعه كاملة بعد موعد الخروج الأصلي والفتى الجالس أمامها بكل يأس -بعبرة- لم يذهب بعد..
اتصلت بذويه أكثر من ثلاث مرات لتجيبها والدته بقلق في الرابعة : الحين جايه ..
عادت تزفر من جديد ولم تمر سوى دقائق حتى يفتح باب المدرسة الداخلي وتدخل امرأة متوسطة الطول تمشي بسرعة: السلام عليكم .
وقفت لها و وقف معها الفتى ليتجه مسرعاً نحوها : وعليكم السلام ..
والدة سيف؟
نزعت نقابها وهي تحاول إبعاد سيف الذي التصق بجسدها يدفن وجهه بخصرها : آسفه على التأخير حبيبتي..
ابتسمت بتكلف : مافيه مشكلة.. بس ياليت تعطيني اثباتك.
بعجل وهي تبحث في حقيبتها : أبشري.
ناولتها بطاقتها ونزلت بجسدها لسيف الذي بدأ يبكي بصمت..
حنين بنت حمد بن صالح الصايغ.
تأملت وجهها في البطاقة لتعاود مدها مجدداً تبتسم بمهنية وتودعها وتودع معها سيف الذي بدأ يبكي فعلياً هذه المره ..
ارتدت عباءتها وخرجت من المدرسة الأهلية التي تعمل بها كمرشدة طلابية ..
فبعد انفصالها فضلت أن تنشغل بشيء يبعد عنها التفكير ويشغل عقلها ووقتها ..

نصف ساعة هي المسافة الفاصلة بين المدرسة والمنزل .. ما إن دخلت منزلها حتى واستقبلها سالم بغضب ، يبلغ من العمر الآن قرابة الخامسة..
الحسنة الوحيدة من ارتباطها بمحمد وماعدى ذلك فهو من أبشع الأشياء التي مرت عليها معه ..
ضربها بخفه على بطنها وبطريقة كلامة الغير واضحة : ليش تأخرتي؟
نزلت لمستواه تمسك قبضة يده من أن توجه لها لكمة أخرى: كان عندي شغل . وبعدين أنا كم مره قلت عيب تضرب ماما؟
بعبرة: بس أنتي تأخرتي .
ابتسمت له برحمه وحملته بصعوبة : آسفه حبيبي آخر مره.. وعد.
رأت تركي ابن شقيقها زيد يمشي بصعوبة من خلفه والدته تحرص على ألا يقع ..
نجود بابتسامة مشرقة : أخيرا جيتي .. وش فيك تأخرتي؟
سلمت عليها وابتعدت مبتسمه : اليوم أنا المناوبة وكان فيه تأخير..
وش هالمفاجأة الحلوة؟
ونزلت لمستوى تركي تقبله ليبادلها القبلات والعناق بحب واضح.
تأملتها نجود بعطف : زيد اشتهى يتغدا مع عمي اليوم.. وأنا وتركي نجي طقم معه .
ضحكت وهي تقف : حياكم الله البيت بيتكم.. أعطيني دقايق أطلع أبدل ثيابي وأنزل لك..
هزت رأسها تتابع ابتعادها بعينيها لتزفر بعد أن اختفت من أمامها على حالها فهلا تغيرت وتغيرت كثيراً حتى باتت امرأة أخرى، وانفصالها عن محمد الذي قرر الهرب سبب شرخاً في علاقتها معها حتى وإن كانت هلا تحاول إظهار عكس ذلك وأن علاقتهن لم تتأثر أبداً .. هتفت تحت أنفاسها وهي تأخذ الطفلين معها : الله يعوضك خير ويسامحك يامحمد.

كعادتها بعد عودتها من عملها مرت على والدها لتجده يجلس في الصالة يرافقه هذه المره زيد الذي ما إن رآها حتى وقف يسلم عليها يسألها عن حالها وأخبارها باهتمام ..
انتبهت لنظرات والدها يخالطها شيء غريب .. شفقة ، ربما . حسرة عميقة ، أكيد.
حاولت أن تتلهى عنها وتنشغل بالحديث مع زيد بمواضيع متفرقه لكنها لم تستطع تجاهله.. التفتت له لتلتقي عينها بعينه وتبتسم له بتودد فبادلها الابتسامة وبنبرة صادقة : الله يرضى عليك يا هلا دنيا و آخره .
اتسعت ابتسامتها وهي تحارب عبرة واضحة لهم من أن تخرج، أستاذنت منهم وتعللت بمساعدة والدتها لتسمع قبل خروجها زيد بعتب وصوت منخفض : يبه الله يهديك .
وقفت عندما سمعت والدها يهتف بانكسار : أنا اللي جبته لبنتي يوم إني جبرتها تاخذه وهي ماتبيه.. والله إن هلا ما عادت مثل أول.
زيد : يبه الله يصلحك وش له داعي الكلام ذا الحين؟ خلاص كلٍ راح بطريقة والله بيعوضها باللي أخير منه .
أبو زيد بضيق : هو تزوج وشاف حياته حتى ما سأل عن ولده وبنتي هنا أشوفها قدام عيني مكسورة، والله إني ساعات احسها تعاتبني بنظراتها وتحملني كل اللي صار له...
ابتعدت عن المكان مسرعة لا رغبة لها بسماع المزيد..
هي ليست مكسورة ولا معاتبه.. هي كل شيء إلا أن تكون مكسورة..
ليست مكسورة أبداً ففراق محمد كان أشبه بليلة العيد وانفصالها عنه كان فرحاً لا حد له..

*
قبل ثلاث سنوات ..
والمشكلة لا زالت في أوجها.
كانت للتو تخاصمت معه .. والآن هي تقف أمام غسالة الملابس تفرز ثيابه لتغسلها.
أي حياة بائسة وصلت لها وإلى أي مستوى من البؤس ستصل؟
بالأمس عاد متأخراً كعادته تفوح منه رائحة العطور النسائية يشدها نحوه بتملك وكأنه يريد منها أن تختنق بها. يريدها أن تعلم أنه على علاقة بغيرها.. ربما واحدة أو أكثر.. هي أجبن من أن تسأل تأكيداً لشكوكها..
بدأ كل شيء عندما رن هاتفه يوماً.. أجاب بارتباك وتلعثم ولم تدم المكالمة طويلاً حيث أغلق الخط بسرعة ..
تكررت الاتصالات بعدها فأصبح يأخذ هاتفه ويخرج وما إن ينهي مكالمته حتى يعود بمزاجٍ عليل وابتسامه لا تكاد تفارق ثغره..
ثمة شيء ما يحدث. شيء يحدث في الظل هي غافلة عنه..
محمد في بادئ الأمر لم يكن سيئاً.. مع ذلك تمنت لو أن والدها أعاد النظر بموافقته المبدئية عليه..
حياتهم كانت روتينية قاتله يأتيها ليلاً ويختفي بقية اليوم وإن تفضل عليها ببعض الساعات من يومه ، يكون هاتفه ثالثهما لا يفارقه..
حاولت أن تصلح الموضوع ، أن تجد حلاً ينقذ هذه العلاقة من الإنهيار -فهي على الرغم من عدم تقبلها له لا تريد أن تنفصل عنه وتسبب شرخاً بعلاقتها في عمها وأسرته- لكن لا جدوى.. تباعدهم زاد و إزداد أكثر بعد انجابها سالم الذي عقدت عليه الآمال بأن يكون طوق النجاة الذي سينقذ هذه العلاقة من الغرق ..
لا جدوى ..
لا جدوى ..
لا جدوى ..
تجمعت الدموع في عينيها وهي تلقي بثوبه الأبيض وآثار ملمع شفاه فوشي تلطخ كمّه.. القته بغيض وهي تكتم شهقاتها من أن تخرج .
لا جدوى ..
لا جدوى ..
لا جدوى ..
*

في ليلة من ليالي الأربعين -النفاس- و التي قضتها في منزل أهلها..
وصلتها رساله نصية منه .. استنكرتها لندرتها منه وما أن فتحتها حتى زاد استنكارها :
[ بجيك اليوم حاولي تفضين المكان أبيك بجلسة خاصة ..
انتظريني على الساعة ١١ الليل ]
اعتلت الحمرة وجهها عندما فهمت مغزى حديثه فهي لازالت نفاساً وبقي الكثير حتى تنتهي..
كانت استعدت وتجهزت وتأنقت ببساطة وبما يسمح لها وضعها الصحي وطلبت بخجل من والدتها أن تجعل سالم يقضي الليلة معها : يمه محمد بيجي اليوم الليل وأنا من زمان ماقعدت معه لحالنا عادي تأخذين سلومي معك ؟
ضحكت : إن شاءالله. سالم هين بس انتبهي لا يدخل عليكم خالد.
بإحراج : يمه والله ولا شي من اللي في بالك.. بنقعد نسولف بس..
ابتسمت بدفىء ترجو من الله أن تنصلح الأحوال بينهما فالآن يوجد طفل في المنتصف : وأنا ما جا في بالي غير السواليف .. ولا أوصيك يا بنتي ترى محمد ولد عمك وأبو ولدك إن شد معك إرخي له والحياة ماهي على وتيرة وحده و لازم تنازلات.
هزت رأسها بضيق هل علاقتها مع محمد سيئة لهذا الحد حتى بات الجميع يلاحظ؟

أتت الساعة الحادية عشر.. ودارت عقارب الساعة حتى أصبحت الواحدة ومحمد لم يأتي.. قلقت ظنت أن مكروهاً قد حل به لذا اتصلت عليه .. وكررت الإتصال حتى أجاب بإنفعال: نعم؟
وضعت يدها على قلبها من صرخته في إذنها : محمد بسم الله عليك وش فيك تأخرت؟
محمد لازال منفعلاً : تأخرت على وشو؟
ابتلعت ريقها : على إنك تجي.. أنت أرسلت مسج تقول إنك بتجيني على الساعة ١١..
وضح الاستنكار بصوته : أنا أرسلت لك؟ متى؟؟
أغمضت عينيها تأخذ أنفاسها كي لا تموت : محمد مو وقت مزحك والله العظيم ..
صرخ : أنتي تشوفيني فاضي لك يا حرمه؟؟
انا ما أرسلت لك شي ولا قلت إني بجي.. ولا عاد تدقين أشغلتيني..
قالها وأغلق الإتصال في وجهها ..
.
.

كان المسمار الأخير في نعش هذه العلاقة الميتة عندما عاد يوماً من أحد سفراته.. فتحت حقيبته تفرغ ثيابه لتتفاجأ بقميص نوم قصير يعتلي حاجياته.. شعرت بلهيبٍ يستعر في جوفها وتكاد تجزم أن هذه المره ليست كسابقاتها.. هي تعلم أنه خائن.. تأثرت وتألمت وسكتت عن ذلك طيلة الأشهر الماضية لكن ثمة شيءٌ مختلف هذه الليلة..
رفعت القميص لتستنشق رائحته فوجدته لازال محملاً بنفس رائحة العطر التي تشمها منه كل ليلة.
خرج من دورة المياه لتلتفت له بغضب وصوت مملوء بالعبرة وهي تشير لما بين يديها : وش ذا؟
نظر لما ترفعه ليتجه مسرعاً يسحبه من يدها : مين سمح لك تفتشين بأغراضي؟
لم تستطع حبس عبرتها أكثر فبكت : محمد وش ذا؟ حق مين؟
أدخل مابيده بين ثيابه ليغلق حقيبته وينزلها من على السرير : موب شغلك.
بإنفعال : كيف موب شغلي؟؟ محمد أنت تعرف غيري؟
محمد بازدراء : ماشاءالله هذا أنتي ذكية ولقطتيها على الطاير!
زاد نحيبها : حرام عليك أنا وش سويت لك؟ ليه؟
محمد بانفعال : يرحم والديك لا تسوين فيها تأثرتي وتوجعين راسي..
اعتبري المره ذي نفس المرات اللي قبل وكلي تراب مثل دايم وانكتمي..
تراني جاي مصدع وبالموت طايق نفسي ..
هلا بأنفاس متسارعه وحده وكلامه حول الحزن لغضب : وش تطلع؟ زوجتك؟ حبيبتك؟ خويتك؟ وش؟؟؟
بحاجبين ارتفعا ببرود لينطق الحروف ببطء : ما يخصك..
صرخت في وجهه بصوت اختلط بدموعها توجه لكمات موجعة لصدره : شلون مايخصني؟ شلون؟؟ فهمني وش تطلع كلبتك ذي وش نوع العلاقة اللي تجمعك فيها؟ إن كنت ما تبيني وتبي غيري ليه اخذتني من البداية طيب؟
مسك معصمها بقوة قبل أن تسدد له لكمة أخرى .. نطق بغضب من بين أسنانه : حبٍّ في راسي وطحنته.. ولا عاد تمدين يدك لا أكسرها لك .
ما إن انهى جملته حتى والقى بيدها بعيداً عنه لتهتف بوجع وصوت متعب قد تخللته بحة البكاء : حرام عليك أنا بنت عمك.. ليه تسوي فيني كذا؟ والله ما استاهل كل ذا منك حرام عليك.
محمد بقرف : لاصرتي حرمه مثل باقي الحريم ذيك الساعة تشرّهي..
أما الحين لا أسمع لك نفس ..
التفت ليبتعد من أمامها لكنها أمسكت بذراعه تديره نحوها مجدداً ، هتفت بحقد وقهر تود إيجاعه كما أوجعها : لا صرت أنت مثل باقي الرجال ساعتها عاتب.
ابتسم ببرود : داري إنك ماكنتي تبيني وفي بالك غيري.. بس وش رايك؟ أخذتك طرقٍ على خشمك وخشمه..
ثم أردف وهو يربت على خدها المخضب بالدموع : سلام يا حلوة أنا طالع..
حسبي الله عليك من مرَه سديتي نفسي ..

ليلتها لم تبقى في بيته ثانية واحدة .. اخذت ابنها وخرجت لمنزل والدها تبكي عند قدميه تطلب منه تخليصها من ابن شقيقه الذي دمرها تماماً..
هو خائن .. وربما كانت تشاركة الخطأ - بل هي تشاركة الخطأ حتماً وتعترف بذلك بينها وبين نفسها- لم يكن عليها أن تصمت منذ البداية حتى أمنها واستوطاها هكذا..
كان يجب عليها أن تثور وتنفعل وتغضب.. تهدده وتبتعد عنه وتفضحه إن استدعى الأمر إلى أن يعود لصوابه..
لكنها أخطأت عندما أرخصت نفسها بهذا الشكل وصمتت .
.
.
لم يكن طلب الطلاق مستساغاً وهيناً فرفض الجميع وعلى رأسهم محمد الذي تنكر لفعلته معها محاولاً استعطاف الجميع بتليين رأسها، فهو على حد قوله يحبها ولازال يرغب بها .
حاولت جميع الأطراف أن تتدخل وتصلح ما بينهم ظناً منهم أنه زعل عادي ولم يعلموا كمية الخراب بينهم، فلا هي التي أخبرت ولا هو الذي تحدث.. فبمجرد قولها أنه يخونها مع امرأة أخرى فهذا إعتراف منها على فشلها.. هي فشلت ويكفيها أن تعرف هذه الحقيقة بينها وبين نفسها و لا داعي لأن تعلن ذلك على الملأ..

استمر خصامهم شهرين حتى صعب حالها على والدها و تدخل أخيراً وطلب منه أن يطلقها ودياً فابنته كارهه له لا ترغب برؤيته أو حتى سماع اسمه..
بعدها بأسبوع كان الفرج والتحرر من القيود والعودة لبر الأمان حتى وإن كانت مليئة بالجروح.. فلا مأمن لها سوى في بيت والدها..
ضمت ورقتها وبدأت تبكي. تبكي من أعماق قلبها تبعدها عنها تقرأ المكتوب ثم تعاود ضمها لصدرها بعدم تصديق وفرحة : يمه تطلقت.. أخيرا تطلقت.. طلقني.. أخيراً طلقني.. أخيراً..
سلوى بهلع بعد أن ضربت صدرها على حال التي تبكي وتضحك في نفس الوقت : يمه بنتي انهبلت ..

بعدها بأسبوعين أحضر محمد زوجته -سراً- معه لمنزل والده يعلن للجميع أنه قد ارتبط بها قبل سنة تقريباً -هكذا بكل بساطة- ويسافر معها لأمريكا حيث ابتعثه عمله تاركاً ابنه خلفه دون أن يكترث للعلاقة التي أصبحت متوترة نوعاً ما بين العائلتين حتى وإن حاولوا إظهار العكس.. ولتبقى هي وحدها محطمة تماماً ليس لفراقه بل من نظرات الشفقة ظناً منهم أنه استغفلها.. وبين المؤيد والمشجع لطلبها الطلاق منه ثأراً لكرامتها بعد أن علمت بزواجه وبين الناقد والمعاتب لعدم صبرها عليه من أجل ابنها ، لا أحد يعلم بأنها كانت تعلم أنه يخونها وكانت تعيش مع خيانته لأكثر من سنة دون أن تتكلم..

*

الآن.. وبعد مرور ثلاث سنوات على انفصالها ، أصبحت في التاسعة والعشرين من عمرها..
لازالت كما كانت حتى مع قول من حولها أنها تغيرت.. لازالت عاطفتها تغلب على كل شيء، لازالت مشاعرها للشخص القديم كما هي.. لازالت متأملة به وبعودته يطلبها بعد أن تحررت من قيدها..
لازالت تشعر وكأنه فارس أحلامها الذي حلمت به حتى وإن تأخر قليلاً.. لازالت تثق به..
ومتأكدة أنه لن يخذلها..

لاحظت نظرات نجود التي تتهرب منها وكأنها تمنع نفسها من شيء ما . هتفت : خير نجود فيه شي؟
نجود : لا أبد.. سلامتك..
رفعت حاجب : والله إن وجهك يوحي بمصيبة،، تكلمي خير؟
سكتت نجود تراجع ماتود قوله.. لتهتف بتردد : والله مدري إذا ينفع أقول لك أو لا.. بس زوجة محمد حامل .
إرتفع كلا حاجبيها هذه المره لترد ببرود : طيب؟ مبروك الله يرزقه بالذرية الصالحة . هذا موضوعك الحين؟
نجود بزفره : هلا والله إن حالك مو عاجبني.. راجعي نفس..
قاطعتها : حالي من أحسن ما يكون وعاجبني.. نجود لا تخليني اغلط في اخوك خلاص اللي كان بيني وبينه انتهى ولا أحب اذكره والله يستر عليه وعلي .
ثم بنرفزه وهي تخرج من المكان : امشي ننزل لأبوي تحت .

.
.

في أحد المقاهي كان يجلس على هاتفه بملل ..
فالجميع منشغل إما بعائلته -ويقصد بذلك زيد وفارس- أو بعمله -ويقصد بذلك خالد- الذي أصبح طياراً في الخطوط السعودية..
كوب قهوته فارغ أمامه والضجيج حوله بدأ يستنزف صبره..

" منيف "

ما إن وصل لمسمعه الاسم حتى ورفع رأسه بسرعه.. يتلفت حوله بترقب ولهفه يبحث عن صاحب الاسم .. هل هو منيف الذي يبحث عنه منذ الأزل؟ هل لقاءه به والذي طال سيكون هنا في هذا المكان وهذه اللحظة؟
عاد الاسم يُنادى به مره أخرى من العامل العربي الذي يقف خلف صندوق البيع يحمل بيده كوب القهوة الخاص بمنيف.
ليقف كالمقروص يتلفت بعينيه وكم يتمنى أن يكون منيف هذا هو منيف الذي يبحث عنه.
في المرة الثالثة ظهر منيف من بين الأفواج يتجه لصاحب الصوت يبتسم له ويأخذ طلبه ويبتعد .. شاب عشريني بملابس غريبة وقصة شعر أغرب ..
جلس بخيبة يزفر بيأس وهذا حاله في كل مره يسمع بها اسم منيف ويصدم بشخص لا يمت لمنيف بصلة ..
سيجده يوماً ما.. أو على الأقل شخصٌ له علاقة به.. سيتعرف عليه.. سينتقم منه..
يقسم بأنه سينتقم شر انتقام ويأخذ بثأرة من بين عينيه.. وسيدفع ثمن فعلته غالياً .

.
.

ابتسمت بتودد لوالد زوجها صاحب الوجه السمح بتقاسيمه الحزينة وكأنه يحمل قصة أسى بين تجاعيده..
تحبه أكثر من والدها.. وأكثر من زوجها الذي هو ابنه..
رجل استثنائي عطوف ويرحم ضعفها وقلة حيلتها.. يمسح دمعتها في كل مرة تنزل قهراً من أفعال ابنه.. يواسيها و تواسيه فكلاهما تجرعا منه الأذى..
وصله صوتها : عمي بدر ماكلمك؟ صار له أسبوع غايب عن البيت وأدق عليه جواله يعطي مغلق.
حاول أن يتحكم بنبرته : قال لك أنه مسافر سفرة عمل..
زفرت : قال لي، بس حتى لو يرد علي على الأقل اتطمن إنه بخير مو كذا قلبي معلق.
بنبرة حاول أن يخفف بها من ضيقتها : لا تشغلين بالك أعطيه أيام ويرجع ماتعودتي على شغله وسفراته يعني..؟ من يومه يغط ويرجع ولا أحد يعرف متى راح ومتى رجع..
هزت رأسها لتستأذنه تأخذ أبناءها معها وتبتعد متعللة بموعد نومهم وهي تعلم أن ماقاله ماهو إلا أعذار واهيه..

زفر بيأس بعد أن فرغ المكان ولم يتبقى سواه.. رفع هاتفه واتصل على الذي بكل تأكيد يعلم مكان ابنه.. ثواني حتى أتاه صوت رخيم : الو..
عاد يزفر أنفاسه بضيق : هلا حمد.
حمد بنرفزه : ياخوي ماعندك ساعة أنت؟ فيه أحد يتصل على الأوادم الساعة ١٠ الليل؟
بتهكم : وش وراك عاد؟ مادقيت شفقان على صوتك داق اسألك عن بدر ..
حمد بإنفعال بسيط : وش فيه بدر بعد اشغلتني بولدك الله يشغلك أنت وياه.
ياسر بحده : أقول لا تاخذني بالصوت .. الولد صار له أسبوع ماله حس.
ببرود : طيب وش المطلوب مني يعني؟
أخذ نفساً كي لا ينفجر : أقول حمد أخلص علي الولد صار له شهر مايترك مكانك.. وش بينك وبينه؟
ضحك باستغراب : يزورني أنا يا أبو زوجته فيها شي ذي بعد؟
بإنفعال: حمد لا ترفع ضغطي.. ولدي وينه؟ أنا أدري إنك أنت اللي مرسله.
ببرود : أرسلته لأبو جابر.
اتسعت عينيه بهلع : وليه ترسله؟ أنا قايل لك وحذرتك ولدي طلعه من هالسوالف يكفي أنا..
حمد : جزاي هالحين أبي له الخير والرزق؟
بغضب : الله لا يعطيك عافية ياشيخ ..
بقهر : اترك عنك بس معرفته بمنيف بتفيده مثل مافادتني وفادتك قبلي .. ولا أنت ناسي وين كنت وكيف صرت؟
وضع يده على رأسه من هول المصيبة : حمد معرفتي بمنيف ضرتني أكثر من إنها فادتني وهذاني قاعد أدفع نتايجها في عيالي ..
الله لا يسامحك على فعلتك.. دق على الزفت خليه يجي على أول طيارة .
حمد ببرود : دق عليه أنت وكلم منيف مره وحده الرجّال يسأل عنك وفاقدك..
بغضب : جعلني أفقدك انت واياه في ليلة وحدة.. دق على بدر خليه يرجع أقولك.
بدأت نبرة حمد تُعلى فناكر الجميل هذا قد تمادى : يويسر تبي ولدك أظنك تعرف رقمه دق عليه لا تشغلني..
بقهر : مقفل جواله ولد ال*لب .
ضحك : أجل مالك إلا منيف .. و إذا ماعندك رقمه برسله لك ولا يهمك.
يلا سلام اشغلتني عن الحرمه الله يشغلك بنفسك ياشيخ..

أغلق الإتصال ليرمي بعدها ياسر هاتفه بغضب على الرخام أمامه..
ما حدث معه قديماً وعاش بسببه سنوات من تأنيب الضمير والخوف لا يجب أن يحدث لبدر فلا خيراً سيأتي من معرفة منيف وقربه.. مستحيل .

.
.

مضى أسبوع كان رتيباً بأيامه وأحداثه على الجميع عداها..
فاليوم بعد صلاة المغرب طلبها والدها، لتذهب له كعادتها مبتسمة الابتسامة التي يحب ..
استقبلتها عينيه تنظر لها بخجل كأنه مذنب..
لازال يشعر في قرارة نفسه أنه جنى عليها عندما ارغمها على الزواج بمحمد الذي صُدم به.. لم يتوقع فعلاً كهذا منه أبداً.. فلم يحشمها كإبنة عمه ولم يحشم عمه ليفعل فعلته ويأخذ عليها امرأة سراً..
" ما كانت الهقوه يا محمد .. والله ما كانت الهقوه " كان قد هتف بها بكل خيبة في وجه ابن شقيقه عندما علم بما فعل.

جلست بجواره : هلا أبوي.. آمرني ياقلبي؟
ضم كفها بين أصابعه .. ينظر لاصابعها الطويلة يتجنب النظر لوجهها : سالم وينه؟
هلا بهدوء : مع خالد طلع به شوي. خير أبوي فيه شي؟
نظر لها ثم أنزل عينه بسرعة : والله يا بنتي منيب عارف وش أقول بس الله يرضى عليك مثل ما أنتي مرضيتني طول عمرك ..
قبلت يده بحب مصفى : ويرضى عليك مثل ما انت معيشني برضى طول عمري ويخليك لي يا تاج راسي..
تنهد : منيب كاذب عليك يا هلا.. والله إن حرّة اللي سويته فيك للحين بقلبي .. عجزت أسامح نفسي .
ابتلعت ريقها : يبه الله يسامحك ليه تتعمد تضيق صدري ؟ قد قلت لي من قبل وقلت لك الموضوع قسمة ونصيب وانت مالك ذنب فيه.. تكفى شيل فكرة انك السبب من بالك ..
عاد يتنهد يشعر بشرايين قلبه تضيق : لو أني طعتك ولا جبرتك عليه كان ما صار اللي صار .. عجزت انام مرتاح يا بنتي.. توقعته بيصونك ماهقيت إن ذي فعوله..
التمعت عينيها بالدموع من نبرته المليئة بالهم : الحمدلله على كل حال يالغالي وإن ربي عوضني و رزقني بسالم.. تكفى وسع صدرك ولا عاد تخليني اشوف النظرة ذي بعيونك مره ثانية .
ابتسم لها وقبّل كفها قبل أن يهتف بتودد : المره ذي القرار بيدك ولا عاد بجبرك على شي.. تقدم لك واحد ولد حلال أعرف أبوه والله أنه من نسل طيب ويخاف الله ومن خيرة الشباب.
بضيق : الله يخليه لأهله ويوفقه مع بنت الحلال اللي تسعده..
بحنان : طيب فكري .. أعطي نفسك فرصة كم يوم وردي لي.
هلا بثقة : مايحتاج أفكر يبه خلاص هذا قراري الله يرضى عليك .
هز رأسه بضيق : على هواك يا أمي.. الله يعوضك باللي أخير منه ..
استأذنت منه وابتعدت مسرعة إلى أن استقر جسدها المشحون على سريرها .. تنظر للفراغ وأفكار مجنونة تضرب خلايا عقلها ..
لا يمكن أن تتزوج غيره.. تعرف نفسها لن تستطيع أن تدخل بأي علاقة لا يكون هو الطرف الثاني فيها فغير هذا معناه فشل آخر يسجل في حياتها و وقتها لن تتحمل ذلك..
لن يمشي مركبها سوى إن كان هو من يجدف معها..
أي حياة مع غيره مستحيلة كانت قد جربت مره ولم تنجح ولن تسمح لنفسها أن تجرب مره أخرى لتخرج بضحية أخرى من زواج فاشل..
تنهدت تطرد ما يدور في عقلها الآن، تحاول أن تفكر بعقلانية فما تنوي القيام به غير لائق سيهوي بها للقاع حيث لا أحد سواها - ربما تجد محمد و زوجته فالقاع هو انسب مكان لهما- ولن تستطيع وقتها أن تتحمل مكاناً يجمعها بهما..
تعوذت من إبليس الذي يهمس بالقرب من اذنها يزين لها ماتنوي فعله . لن تخسر شيئاً فهي تعرفه جيداً .. لن يخذلها..
رفعت هاتفها .. فتحت على الرسائل تكتب وتمسح بأصابع مرتجفه..
لن تندم .. تثق به هو الوحيد القادر على ترميم قلبها وإعادة حياتها لمسارها الصحيح.. تثق به بشدة .. أغمضت عينيها بقوة بعد أن أرسلت وقلبها يكاد يتوقف .

.
.

بعد أسبوع،، في شقته التي اعتكف فيها لا يخرج إلا صباحاً لعمله، وعندما يعود يبقى فيها لا يتحرك حتى وقت عمله في اليوم التالي . يشعر بالخمول وأن لا طاقة له لمواجهة الحياة ..

رفع هاتفه الذي بدأ بالرنين وما إن رأى اسم خالته حتى واعتدل جالساً بعد أن كان متمدداً مخفضاً مع جلوسه صوت التلفاز .. بقلق فالساعة الآن تشير للعاشرة مساءً : الو..
وصله صوت بكائها : خطاب يابوي الحق علي ..

خرج من شقته مسرعا بعد أن وضع ثوبه عليه .. انطلق بسيارته نحو مستشفى الملك فهد الجامعي و الذي أخبرته خالته بنقل أبو زيد لها بسيارة الإسعاف بعد أن رفض أن يستفيق..
دخل الطوارئ يتلفت بضياع فلم يجد أحداً..
رفع هاتفه طالباً رقمها وماهي إلا دقائق حتى و وجدها حيث أخبرته ..
ما إن رأته حتى اتجهت له مسرعة ليلف ذراعه حولها ويحتضنها بشدة يحاول أن يبدد خوفها وخوفه على حياة الرجل الذي يدين له بالكثير ..
بهدوء وهو يقبل رأسها: إن شاءالله إنها بسيطة لا تخافين.. وش قالوا لك؟
ابتعدت عنه الدموع تملئ عينيها : من جبناه دخلوه ولا عاد حد طلع يطمنّا.. اعذرني يا قلب خالتك طلعتك من بيتك تالي الليل بس زيد مستلم و خالد مسافر.
بعتب : وأنا منيب ولدك يعني عشان تقولين هالكلام؟
اختنقت بعبرتها: والله إنك أعز.. الله لا يحرمني منك.
ابتسم لها بتودد يحاول تبديد خوفها لكنه لم يستطع فهي قد وجدت زوجها في فراشة دون حركة ..
ارتفعت عيناه للتي تقف خلف والدتها تستند على الحائط خلفها بيأس تجلى في طريقة وقوفها ..
جسدها يهتز بشكل واضح ونحيبها يُسمع حتى مع وضعها يدها على فمها..
مال قلبه وشعر به ينتفخ في صدره.. هذه الحزينة هي هلا التي خذلها قبل أيام.. كثيرٌ عليها كل هذا..
هلا أرق من أن تتحمل الخذلان و الحزن بهذا الشكل ، لا يعلم إن كانت تكره وجوده الآن في نفس المكان الذي تتواجد به..
أو إن كانت تشعر بدناءته وقلة مروءته لرفضه طلبها .. ما يعرفه حقا هو انه خذلها كما لم تُخذل من قبل.
هتف بهدوء : هلا .
لم تلتفت له وهي التي شعرت بحضوره من أول ثانية حطت قدمه محيطها.. تود لو تختفي من أمامه فجرحها منه لازال طرياً.. ورفضه طلبها لم ينسى بعد.. مع ذلك هي لم تكرهه ابداً، ولم تغضب منه أبداً.. بل هي غاضبة من نفسها وناقمة ومحرجة من فعلتها التي لا تفعلها امرأة عاقلة.. هي لازالت طائشة متسرعة تسيرها عواطفها حتى بعد أن اصبحت أماً اقتربت من الثلاثين.. لاتزال مراهقة لا تحسب لتصرفاتها حساب ولم تتعلم من تقريع والدتها لها عندما كانت صغيرة..
هي من تتحمل نتيجة أفعالها وهي التي تستحق كل نظرة استنقاص ونقد تأتيها منه .. خطاب لم يخطئ في شيءٍ أبداً. كعادتها وضعت له عذراً يشفع له .. ليست طموحه فهي الآن مطلقه لديها طفل من غيره -عذره معه وش يبي بوحده كانت على ذمة غيره؟ لااا ومعها منه بقايا؟ -
عادت تسمع صوته رقيقاً هادئاً كما عهدته : لا تخافين الوالد مافيه إلا العافية إن شاءالله.. والحين بيطلع الدكتور ونتطمن عليه.
هزت رأسها بتجاوب وتكاد تقسم أنها قادرة على سماع صوت قلبها يتمزق..

مرت ربع ساعة .. هلا لا زالت واقفة ترفض أي دعوة للجلوس.. أصبحت الآن أكثر هدوءاً..
خطاب يجلس على الكراسي المنتشرة بالممر تجلس بجواره خالته التي هدأت هي الأخرى لكن الخوف أكل قلبها ولسانها يلهج بالدعاء.
تلفت حوله ثم التفت لها : وينه سالم من جيت ماشفته؟
تنهدت من أعماق قلبها عل الضيقة تختفي : مع الخرشه تركناه نايم .
عقد حاجبيه: أحد معه؟
هزت رأسها بالنفي لتجيبه قبل أن يتحدث : ما حوله شر إن شاءالله..
ليسكت بعد أن شعر بعدم رغبتها في الحديث..
مرت الدقائق ثقيلة حتى خرج الطبيب يسحب كمامه ويبتسم لهم بتودد بعد أن اقتربوا منه بلهفه : أعذرونا أبطينا عليكم..
تطمنوا الوالد بخير الله يخليه لكم ، جلطة خفيفة وسوينا له قسطرة والحمد لله عدت على خير..
وصل لمسمعه النحيب الحاد الذي خرج من هلا وكأنها كانت تنتظر هذه الكلمة لتطلق العنان لضيقتها..
نظر لها وما حدث قبل أسبوع هو ما طرأ على باله..
عندما وصلته رساله ..
فتحها عاقداً حاجبيه من الرقم الغريب الذي يعتلي الشاشه..
ونص الرسالة الأغرب [ ممكن اتصل عليك الحين؟ ]
اتصل قبل أن يجيب كتابياً ففضوله لم يسمح له بكتابة أي شيء..
انتهى الاتصال دون رد من الطرف الآخر ليعاود الكرة مره أخرى.

أبعد الهاتف عاقداً حاجبيه مستنكراً..
الصوت ناعم وأنثوي جداً.. استحالة أن يكون صوت المدعوة هند ..
شتان بين الصوتين فتلك تمتلك نبرة فتى على وشك البلوغ.
نبرة غليظة لا أنوثة فيها مع أنها من أجمل النساء اللاتي رآهن في حياته وأكثرهن أنوثه.. : الو؟
وصله الصوت مجدداً يرتجف : الو خطاب .
اعتدل جالساً كان على وشك أن ينام استعداداً لدوامه غداً : سمي، من معي؟
توتر من شدة التوتر في نبرتها : أنا هلا..
يعلم أي هلا تقصد ففي حياته هلا واحدة لكنه قال بتأكيد لصعوبة فكرة اتصالها به في هذا الوقت : هلا؟ هلا بنت تركي؟
بنفس مقطوع : إيه.
بقلق : خير هلا وش فيك داقه؟ صاير شي؟. خالتي فيها شي؟
قالت بعد فترة وبتردد : كلنا بخير.. بس أنا داقه أبيك بموضوع شخصي.. ممكن؟
ارتفع حاجبيه : موضوع شخصي؟ سمي!!
يكاد يقسم بأن أنفاسها المتسارعة تكاد تصمه من ارتفاعها .. قالت بعد تردد وبصعوبة : خطاب أنت تعرفني زين صح؟
لم يفهم : إيه؟
أكملت : ما أبيك تظن فيني الشينة ولا أبيك تفهمني غلط.. بس أنا.
إن درت أمي بتذبحني والله العظيم.. بس أنا..
قالت جملتها الاخيره بصوت مهزوز فارتعب ليقول بانفعال : هلا تكلمي وش السالفة صبّت عظامي.. فيكم شي؟
بعبرة وبنفس واحد : خطاب تتزوجني؟
بهت لونه واتسعت عيناه بفجعه لا يعلم ولكن شكك فيما سمعه : وشو؟
وصله صوتها مخنوقاً مقطوعاً : تتز..وجني؟
سكت.. وسكتت معه تصله أنفاسها سريعة كأنها على وشك الاختناق.. ما تطلبه مستحيل كيف لامرأة -كاملة- مثلها أن تطلب شيئاً كهذا؟ أي جنون ضرب عقلك يا هلا؟؟ هتف بضيق : أنا ما أصلح أكون شريك حياة يا هلا. أنا شخص محطم فيني مشاكل الدنيا وفيني ماضي عجزت أطلع منه.
هلا بصوت شعر به يمزق روحه : أنت مو غريب عني .. أعرفك وأعرف اللي فيك.
خطاب أنت ماتتخيل وش كثر أنا مستحقره نفسي على اللي قاعدة أسويه الحين.. وأدري إنك ناقد تصرفي.
بس ...
والله ما أدري وش اقول مافيه شي يشفع للي قاعده اسويه أبد.
بس.. أنا..
قطع صوتها شهيقٌ من أعماق قلبها : خطاب أنا ما أبي أطيح من عينك. و ما أبي تشوفني رخيصة لدرجة إني أعرض عليك تتزوجني..
قاطعها بهدوء : محشومة يا بنت تركي .
أردفت بيأس : أنا خسرتك مره وفكرة إني ممكن أخسرك مره ثانية تعذبني..
شد على قبضة يده يحاول التحكم بنبرة صوته : تطمني هلا، قلت لك أنا ما أصلح أكون شريك أحد.. يكفي زواجي الأول والفشل اللي صار فيه مو مستعد أخوض تجربة ثانية.. أنا أحتاج أنسى ما أحتاج أضيف عقده لمجموعة العقد اللي فيني.
هلا بعبرة : و أنا أحتاجك بحياتي خطاب.
لم يرد أبداً.. زفر بضيق قلبه يأكله عليها لكنه يعلم أن دخوله في حياتها ماهو إلا معاناة لن تنتهي..
هلا بصوت بالكاد خرج : خلاص فهمت ..
أنا أسفه على اتصالي خطاب..
إعذرني والله يخليك انسى فعلتي ذي.. ما أدري وش جاني ومافيه عذر يشفع لي بس الأكيد إني مو بوعيي!
مع السلامة.

ثم أغلقت الخط.
ويكاد يقسم بأنه شعر وكأنها أغلقت شيئاً على قلبه..

.
.
.


# نهاية الفصل الثالث ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..


فيتامين سي 17-10-18 02:58 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك على البارت الراااائع

هلا غلطت وسكتت لمحمد اللي استضعفها وزاد في أذيته لها
وأظنه كان متعمد أنها تعرف عن علاقته زياده في اهانتها لأنها

رفضت وهو حقود وعارف بحبها لخطاب وهم صغار ومانسي هذا

ومثل ماذكرت لهذا حب خطاب يكون شاهد

والحقير ماكفاه اللي سواه بدل مايحمد ربه ويحسن معاملتها العكس

أعتقد اصراره على الزواج منها ماهو حب كله حقد وغيره من خطاب


هلا تحملت وصبرت وعملت حسب للقرابه كالعاده في زواج الأقارب

غالبا يتحمل الزوجان بعض والسبب حرصا على صلة القرابه ويدارون

بعض ألا في حالات قليله يصعب عليهم التحمل مهما كان السبب ويحصل الطلاق

هلا تمنيت أنها كانت صريحه مع أهلها وأخبرتهم بعمايل محمد هي فضلت عدم فضحه

وهو مارحمها ربي يعوضها بخطاب

أتوقع وضع والد هلا بيرغم خطاب على الزواج من هلا ممكن والد هلا يطلب منه

لأنه يحب يطمن على بنته وأعتقد خطاب ماراح يرفض لأنه يعزه وشايل جميله

وهو أصلا يحب هلا لكن بسبب وضعه رفض طلبها

أو ممكن والدها يبين له خوفه على هلا وأنه نفسه يطمن عليها في حياته ويشوفها

سعيده مع زوجها وندمه لأنه أجبرها على محمد عاد خطاب بيطلبها منه لأجل
يريحه


حمد هذا عقاب من ربي أن ولده بيمشي في الطريق اللي مشى فيه وما أظن بيستمع له

ويبتعد عن منيف

خطاب مثل ماذكرت سابقا يبحث عن منيف وكله أمل يجده وينتقم منه أتمنى أنتقامه

ما يتسبب لنفسه بمصيبه ليته يحكم عقله ويعرف كيف ينتقم منه بغير مايضر نفسه

يعطيك العافيه ومنتظرين بقية الأحداث بفارغ الصبر


وطن نورة ،، 20-10-18 08:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3707065)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك على البارت الراااائع

هلا غلطت وسكتت لمحمد اللي استضعفها وزاد في أذيته لها
وأظنه كان متعمد أنها تعرف عن علاقته زياده في اهانتها لأنها

رفضت وهو حقود وعارف بحبها لخطاب وهم صغار ومانسي هذا

ومثل ماذكرت لهذا حب خطاب يكون شاهد

والحقير ماكفاه اللي سواه بدل مايحمد ربه ويحسن معاملتها العكس

أعتقد اصراره على الزواج منها ماهو حب كله حقد وغيره من خطاب


هلا تحملت وصبرت وعملت حسب للقرابه كالعاده في زواج الأقارب

غالبا يتحمل الزوجان بعض والسبب حرصا على صلة القرابه ويدارون

بعض ألا في حالات قليله يصعب عليهم التحمل مهما كان السبب ويحصل الطلاق

هلا تمنيت أنها كانت صريحه مع أهلها وأخبرتهم بعمايل محمد هي فضلت عدم فضحه

وهو مارحمها ربي يعوضها بخطاب

أتوقع وضع والد هلا بيرغم خطاب على الزواج من هلا ممكن والد هلا يطلب منه

لأنه يحب يطمن على بنته وأعتقد خطاب ماراح يرفض لأنه يعزه وشايل جميله

وهو أصلا يحب هلا لكن بسبب وضعه رفض طلبها

أو ممكن والدها يبين له خوفه على هلا وأنه نفسه يطمن عليها في حياته ويشوفها

سعيده مع زوجها وندمه لأنه أجبرها على محمد عاد خطاب بيطلبها منه لأجل
يريحه


حمد هذا عقاب من ربي أن ولده بيمشي في الطريق اللي مشى فيه وما أظن بيستمع له

ويبتعد عن منيف

خطاب مثل ماذكرت سابقا يبحث عن منيف وكله أمل يجده وينتقم منه أتمنى أنتقامه

ما يتسبب لنفسه بمصيبه ليته يحكم عقله ويعرف كيف ينتقم منه بغير مايضر نفسه

يعطيك العافيه ومنتظرين بقية الأحداث بفارغ الصبر



هلا والله وسهلا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ♡
الله يسلمك ويسعدك يارب*
محمد مثل ماقلتي الموضوع كان اقرب للعناد وحب التملك وممكن غيرة*
وهلا غلطت انها سكتت لاغلاطه مما ضعّف من موقفها*
واذا أكرمت اللئيم تمرد*
خطاب مشكلته الخوف والتردد وصوت في داخله يقول ان حياته مأساوية وأنه سبب أي مشكلة لذلك رفضه لهلا كان لمصلحتها لكن هل بيستمر علة موقفه 8d؟

حمد وياسر وقبلهم منيف باكر على الظالم تدور الدواير..
الفرق ان ياسر تحسف قد شعر رأسه على الجريمة اللي سواها وحمد لازال في غفلته..
الله يسعدك ويفرحك على قد ما ردودك تسعدني وتفرحني ♡
شكرا لك من الأعماق وخليك دائما قريبة

وطن نورة ،، 20-10-18 08:48 PM

.
.
أسعد الله مساءكم بكل خير ..
لقاءنا سيكون غداً ان شاءالله مع الفصل الرابع ..
كونوا بالقرب =)❤.

وطن نورة ،، 21-10-18 05:27 PM

◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٤) الفصل الرابع ،،
°
°

{ وسط كل هذه العزلة.. أخشى أن يصاب قلبي بالجفاف
فلا أعود قادراً على الحب والمغفرة وتقبل الآخرين،
أخشى أن أكون دائماً في جهة الضد..
أخشى أن أفقد الشعور تجاه كل الأشياء..
،، ولا ينتهي من رأسي هاجس الخشية. }
.
.


انتهت ليلتهم الطويلة في أروقة المستشفى بعد أن طلب منهم الطبيب بجدية أن يعودوا للمنزل فلا فائدة من بقائهم..
سيارته تطوي الطريق أمامه في عتمة الليل.. الصمت يلف المكان فلا خالته الجالسة بجواره تتحدث ولا الحزينة الجالسة في الخلف تصدر أي ضوضاء ..
صوت نياحها لازال في أذنه يشعر به يمزق روحه فالأحزان تجمعت عليها حتى تراكمت..
رفع بصره للمرآه ليجدها تسند رأسها للخلف تنظر له وما أن وقعت عينه بصميم عينها حتى أبعدتها بسرعة ولم يخفى عليه بريقها..

فتحت باب السيارة بسرعة عندما توقفت لتمشي بخطى واسعة لباب المنزل تفتحه بمفتاحها وتنطلق للداخل .
فتح الباب لخالته يساعدها على صوتها يهتف بحنو : حياك حبيبي.
خطاب بابتسامه : تحملوني اليوم بصير ضيف ثقيل و أنام عندكم.
سلوى بحب وتعب: أعز من ينام عندنا والله.. البيت بيتك يا عين خالتك ..
هذا ما قرره بينه وبين نفسه فمن الصعب أن يتركهن لوحدهن والبيت يخلو من الرجال .. فكما فهم من خالته أن زيد سيستلم لساعات الظهر الأولى وخالد لن يعود من رحلته قبل العصر في اليوم التالي..

أراح ظهره على الأريكة وهو يرفع الغطاء لمنتصف صدره ويقرر في نفسه أن لا عمل ليوم الغد، تنهد بتعب ولم يلبث أن يغمض عينيه حتى نام.
.
.
صحى قبل صلاة الظهر بنصف ساعة مع أنه لم ينم بعد أن صلى الفجر إلا في وقت متأخر.. لبس ثوبه وانطلق للمستشفى حيث زوج خالته قد استفاق وخرج من الملاحظة..
دخل عليه ليرى التعب واضحاً متوسماً ملامحه.. ابتسم له يقبل رأسه باحترام : الف لا باس عليك ياعم.
انتبه له يتجنب النظر لوجهه.. هتف بتعب : الله يسلمك يابوي. مافيني شي الحمد لله.
سحب الكرسي القريب وجلس عليه : الله يمتعك بصحتك وعافيتك بس شلون مافيك شي؟ انت ما شفت كيف كان حال حريمك أمس زين ماوقفت قلوبهم من الروعه..
ثم تابع بموده : وش جاك ياعم وأنت راعي قلب؟ خبري بك حريص على أدويتك وتهتم بأكلك؟ سمعت شي ضيق صدرك؟ صار شي زعلك ؟
ابتسم له بتعب : الهموم لا جاتك من كل جهة يا خطّاب تقتلك.
بقلق : بسم الله عليك من الهموم ياعمي.. وش فيك وش في خاطرك وش اللي همّك؟
أخفض بصره يراجع مايود قوله ليهتف به مبحوحاً : كل شي.. الحياة ماهي على الكيف وأنا عمك والحين وأنا بذا العمر أشوف أحفادي حولي و الكل فرحان بحياته وعياله إلا هي.. أنا أدري إنها بتزعل لا سمعت اللي أقوله بس الحرّة بصدري ما طاعت تبرد ..
تنهد وهو يعلم عن من يتحدث بكل حزن وحسرة هكذا : صار اللي صار ياعم ماعاد يفيد الحكي ذا الحين.. الله بيوفقها وبيعوضها خير..
التمعت عينيه بشدة : أنا أدري إنه كسرها بفعلته.. بس ماهقيت للدرجة ذي.
ثم أخذ أنفاساً ثقيلة قبل أن يردف بصعوبة : خطاب.. أنا.. سمعت هلا ..بنتي .. وهي... تطلبك. تتزوجها.. سمعت.. بنتي. تطلبك.
خرجت آخر كلمه منه مهزوزة وهو يختنق بعبرته مما آل إليه حال ابنته.. ومرّت كلماته على مسمع خطاب كالسهم المسموم .
اتسعت عينيه بهلع تلخبط كيانه بردت أطرافه وتوقف قلبه.. حرفياً شعر به يتوقف.
ابتلع ريقه.. مرر لسانه على شفتيه يحاول بصوته أن يخرج لكن دون جدوى : ا..
بتعب وهو يبتلع ريقه بصعوبة وضحت لخطاب : ياولدي ا..
قاطعه بسرعة وضياع لا يعلم كيف يبرر أو يتصرف لكن يجب أن يتكلم لا يمكنه ترك الموقف عائماً هكذا : ياعمي لا تفهم غلط.. الموضوع م .
ليقاطعه مبتسماً ابتسامه لم تصل لعينيه أبداً.. فابنته قد عرضت نفسها والشاب الذي أمامه رفضها : أنا ما قلت لك أعاتبك أو أبي منك تبرر .. أنت سألتني وش اللي همّك وأنا قلت لك.. ليلتها بلغتها إن فيه واحد تقدم لها وهي رفضت وشفت الضيقة بعينها، لحقتها بطيّب خاطرها وأقولها إن مابغت تتزوج مهوب لازم لأن بيت أبوها مفتوح لها طول العمر ومافيه أحد بيجبرها على شي ماتبيه حتى لو كان أنا. و.. وسمعتها تطلبك.. عجزت أنام من يومها ولا عاد قدرت أرفع عيني فيها . همي بنتي اللي أرخصتها لولد أخوي وظنيت فيه خير بس إنه كسر ظهري.. لو كان أحد غيره كان هانت بس لأنها منه هدت حيلي وأنا اللي جبرتها عليه وفزعت له وهي ماتبيه.
بيأس وضيق يشعر بعقله يتوقف ولسانه يثقل : لا تزعل مني ياعم ولا تاخذ بخاطرك.. المشكلة فيني أنا ولا هلا ماتنعاب وهي بنت تركي .
ابتلع غصته : حصل خير وأنا عمك.. حصل خير .
ويشهد الله إنك عزيز وغالي ياخطّاب.

عم الصمت الثقيل دقائق حتى اخترقه دخول زيد بوجهه المخطوف والنساء خلفه..
اتجه لوالده ينكب على رأسه يقبله لينزل لكتفه وكفه الخوف ينطق من عينيه يسأل والده عن حاله ليُطمئن قلبه الآخر بابتسامه وتربيته على الكف : وش بلاك ياولد ماتشوفني قدامك مافيني إلا العافية؟
زيد بقلق وعينه تتبع الأجهزة حوله : أجر وعافية يابوي.. الله يطول بعمرك يا تاج راسي ولا يوريني فيك مكروه.
ابتسم له يتأمل زيّه العسكري يزّين قامته ويزيده هيبة : أنت توك جاي من دوامك؟
زيد : إيه ولو أدري باللي صار لك كان تركت كل شي وجيت بس الله يسامح اللي كان السبب.
قالها مبتسماً بعتب لخطاب الذي بادله الابتسامه بتعب وضيق وكأن قلبه هو الذي يحتضر.
ما إن ابتعد زيد حتى وتقدمت هي ليقف خطاب ويبتعد لآخر الغرفة كي لا يضايقها .
نزلت بجسدها تقبل رأسه ويده تبكي من أعماق قلبها: الحمدلله على سلامتك يابوي.
ابتسم لها بتودد : الله يسلمك.. ليه الصياح الحين؟ والله مافيني إلا العافية.
خرج صوتها بصعوبة :x الله يخليك لي والله إن مالي أحد غيرك .
التمعت عينيه حاول أن يبتسم لكنه لم يستطع.. هتف بحنان بالغ وصوت مثقل بالعبرة بعد أن وضع يده على رأسها : الدنيا مهيب واقفه علي ياعين أبوك .. فيه أخوانك عزوتك زيد و خالد.. وعندك سالم الله يبلغك فيه و ربي بيرزقك ولد الحلال الله يستاهلك وتستاهلينه..

استأذن خطاب وخرج من المكان غير قادر على تحمل الضغط النفسي أكثر.. يشعر بجدران صدره تضيق على قلبه والخجل كل الخجل من والد هلا وما سمِع.
لم تخفى عليه نظرة الإنكسار في عينيه وهو يخبره بكل الذي سمعه. رجل آخر سيرفض النظر لوجهه لكن تركي مختلف هو من احتواه في عز أزمته فتح له منزله وعامله كرابع أبنائه دون أي تفرقه حتى أصبح رجلاً يقف على أقدامه.. وعندما قرر الزواج هو من تحدث وقام بزفافه كاملاً كما فعل في زفاف ابنه زيد دون أي تقصير..
يقتله تعبه ويقتله أكثر أن يكون هو سبباً في ذلك..

قبل أن يبتعد عن باب الغرفة انتبه لقدوم عاملة منزل خالته برفقتها الصغير سالم يحمل كيساً بيده قد امتلأ بالحلويات .
اقترب منهم مبتسماً ليبادله سالم الابتسامه عندما تعرف عليه .
نزل لمستواه يقبله ويسأل عن أحواله ليجيب الصغير بثقة بعد أن ترك يد العاملة..
خطاب بابتسامه بعد أن اخذ الكيس من يده : وش شريت ماشاءالله؟
سالم وعينه تأكله على ما بداخل الكيس خوفاً من أن يأخذه: أشياء كثيرة ؟
رفع حلوى بالتوفي وأشار بها : ممكن آخذ وحده ؟
تقلبت ملامحه بضيق وتردد طفولي.. رفع رأسه للعاملة التي تراقب الموقف بجمود ثم عاد ينظر لخطاب الذي تلاشت ابتسامته وهو يتأمل ملامحه المستنسخه من والده وكأنه اثبات على وجوده في حياتها واضعا بصمته بعنفوان.
أخرجه من تأمله صوت سالم اليائس : خلاص طيب، خذ واحده. واحده بس.
ضحك: وحدة بس يالبخيل؟ أمك كريمة وجدك كريم أنت طالع بخيل على مين؟
سالم بثقة رغم انه لم يفهم كثيراً مما قال : على أبوي.
لينفجر يضحك كما لم يضحك من قبل.. يهتف من بين ضحكته : صدقت..

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تتأمل الجالس أمامها يحادث ابنها..
استبطته لذلك خرجت تبحث عنه لتتفاجأ به يقف مع خطاب صاحب الضحكة الأعذب..
انتبهت لابنها يرفع رأسه ويبتسم عندما لمحها ليركض لها يهتف بسعادة : ماما ..
وضعت يدها على رأسه عندما لف يديه حول خصرها: ليه تأخرت؟
ابتعد عنها راكضاً لمكانه السابق حيث خطاب أصبح واقفاً، بصره مثبت على الأرض.. سحب الكيس من يده بقوه وعاد لوالدته : ماما شوفي وش جبت.
وصلها صوت خطاب هادئاً تتخلله ضحكه مجاملة قبل أن تتحدث : افاا مسرع ماجحدتني ياولد محمد.
تسارعت أنفاسها تبتلع عبرتها وتحاول أن تتجاوب مع سالم الذي بدأ باستعراض مشترياته..
عاد صوته هادئاً يصل لمسمعها: الحمدلله على سلامة الوالد.
هزت رأسها وخرج صوتها مرتعشاً : الله يسلمك. ما قصرت أتعبناك معنا.
يشعر بقلبه يتمزق من رجفة يديها الواضحة لا يصدق أن التي أمامه هي هلا ابنة خالته وقد أصبحت أماً الآن تحدثه برسميه وهي التي قضت نصف عمرها معه وبجانبه دون قيود حتى اجبرتها والدتها أن تتوقف عن ذلك، اعترفت بحبها له دون خجل عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها طالبةً منه ألا ينسى ذلك وحتى الأسبوع الماضي كانت قوية تطلب منه أن يتزوجها .. تقف الآن أمامه تتجنب النظر له كأنها تعاتبه ولا تشتهي النظر لوجهه. هتف بعتب : افا عليك هلا. أنا مو غريب عشان تقولين هالكلام. عمي تركي أبونا كلنا.
أنتم أهلي وأنا مالي غيركم.
هزت رأسهاx وقد تجمعت الدموع في عينيها بشكل لاحظه.. هتف بتردد : .... ليكون شايله بخاطرك علي؟
خروج زيد من الغرفة منعها من الرد وتشكر الله على خروجه حيث أن لا رد لسؤاله ..
زيد بقلق: وش فيك تأخرتي؟
مسكت ابنها من ذراعه ودخلت الغرفة : على مالقيته.
رفع زيد بصره ليجد خطاب واقفاً : وأنت الثاني وين اختفيت؟
ابتعدت العاملة عندما اقترب زيد وتكلم خطاب بهدوء : أبد طلعت أسوي اتصال .. بشر كيف شفت أبوك؟
تنهد : الله يعافيه وجهه تعبان.. ليه مادقيت علي أول مانقلتوه المستشفى؟
خطاب : وإن دقيت وش بتسوي يعني بتترك شغلك وتجي؟
أنا موجود وبإذن الله إني موب مقصر.
بعتب : مو هذا قصدي يالنفسية.. ياحبك لتفسير الأمور على هواك.
خطاب على مضض: خويلد درى؟
ابتسم : لأ ولا بيدري إلا إذا جا .
رفع حاجبه : بيسوي سالفة عاد تعرفه أنت .
زيد : ماعليك منه.

استأذن منه خطاب وذهب في طريقة حتى مع إصرار زيد على بقائه..
مشى في أروقة المستشفى بضيقٍ واضح يفتح أول أزرار ثوبة..
قبل خروجه وصل لمسمعه صوت يعرفه جيداً.. توقف ثم التفت ليجدها تقف بجانب رجل لا يعرفه.. يدها على بروز بطنها الواضح وعينها على الفتى المتمدد على الأرض معترضاً..
تسارعت أنفاسه وهو ينظر لوجهها المكشوف.. كيف لا يعرفها وهي التي ظن أنها خلاصة من أحزانه لكنها خرجت من حياته مسببة أحزاناً أخرى.
كيف لزوجها أن يكون راضياً بها تمشي بجواره هكذا دون أن تسدل غطاءً على وجهها؟ فتنة كهذه لا يجب أن يراها أحد.
ابتلع ريقه يسمعها تكلم المتمدد على الأرض بوهن : خلاص حسومي قوم و اوديك أنا.. يلا يا ماما والله إني تعبانة .
لم يستوعب انه كان يتأمل المنظر أمامه إلا عندما وصله صوت الواقف بجوارها غاضباً : نعم يا أخ فيه شي؟
خطاب بهدوء مبتعداً بعد أن لمح وجهها يشحب ويتغير بعد أن رأته: سلامتك..
وصله صوتها مع أنها كانت تهمس : وش تبي فيه خليه.
ليصرخ زوجها بغضب واضح : ليه يناظرك كذا تعرفينه؟

ابتعد عن محيطهم مسرعاً يهرب من باقي الحوار وخوفا من مشكلة قد يقع فيها هو في غنى عنها ..
يقود سيارته مبتعداً عن المكان أفكاره تحاصره من جميع الجهات دون رحمة..
الجميع مضى بحياته وكوّن أسرة يحتويها وتحتويه ، تكون ملاذاً له في أسعد اللحظات و اتعسها..
إلا هو لازال وحيداً وكأن هذا قدره حتى يموت..

.
.

في قارة أخرى..
دخلت لمنزلهم بضيق تخلع حجابها وتلقي به أرضاً لتتركه خلفها وتصعد درجات السلم بغضب..
لمح دخولها الغاضب والذي ليس من عادتها أبداً وراقبها بعينيه حتى اختفت..
التفت عندما وصله صوت بعيد : ياولد!
رفع حاجباً يربط الأحداث ببعضها والصورة أصبحت شبه واضحة..: تعال..
دخل مبتسماً بلباسه شديد الاناقة بابتسامه زادته وسامةً فوق وسامته..
تابعه ببصره حتى اقترب وجلس بالكرسي الملكي بجواره : مساك الله بالخير.
لازال حاجبه مرفوعاً : هلا! وش جابك هالوقت؟
ضحك بتوتر: أفا وش هالاستقبال؟
بجدية : ولد! الحركات ذي ماتمشي علي.
قلت لك دانة خط أحمر تقرب منها أذبحك وأخفي نسلك كله وصدقني مهيب صعبة علي وأسأل أبوك وهو يثبت لك.
ابتلع ريقه : وش دانته يابو جابر؟ صدقني انا مو فاهم و..
صرخ به : بدر.. انا منيب ولد امس عشان تاخذني على قد عقلي..
دانة خط أحمر تتعداه اذبحك فاهم؟
ابتلع ريقه بارتباك : والله انك ظالمني.
انا جاي ابيك بموضوع وشفتها نازلة من سيارة واحد ولا هان علي اشوف المنظر قدامي واسكت.. أخذتني الحميّة وق..
انبترت كلمته عندما شعر بيده تسحبه من أعلى قميصه. يقربه منه ليهتف بغضب من بين أسنانه : اقص لسانك واعلقه برقبتك لا سمعتك تطريها بالشينة.. هالكلام ماينقال على الدانة يا ولد يويسر..
بدر بهلع : ط..ان ان شاءالله.. آسف.
دفعه عنه بقرف : اخلص علي وش جابك؟
بدر بمحاولة لتلطيف الجو : هو موضوع شخصي شوي..
أبي منك القرب وابي دانتك على سنة الله ورسوله..
مرر نظراته الباردة عليه ليهتف مستحقراً : أنت؟
بدر بجدية : إيه أنا.
ابتسم بتهكم : تخسى .. مابقى إلا هي.
تغير لون وجهه : افاا.. وش فيك علي يابو جابر؟
سامع عني شي أنت؟
بلا أي تعبير : الدانة مهيب لأي أحد.. وأنت أي أحد.
ثم عقد حاجبيه بتفكير : غير إني أخبرك ماخذ بنت حمد ولك منها عيال.
بدون نفس وقرف وضح بصوته : إيه.. و عندي منها سيف و سارة.
ضحك : وش جاك يوم إنك أخذت بنت حمد؟ صاحي أنت؟
أبوها مايتناسب أعوذ بالله.
بدر بضحكة وتودد : وش نسوي عاد نصيب! وحاولنا نصلحه ونناسبك بس أنت مدري وش مزعلك علينا يالغالي.
بتهكم : مهوب أنا اللي اناسب واحد مثل ياسر ..
صحصح يا بدر إن كنت تبي المصلحة اللي بيني وبينك تتم.
ضغط على نفسه وكبريائه وهو يتمنى لو يستطيع أن يفجر رأسه، لكن لا بأس فقد قالها حمد والد زوجته قبل أن يرسله له "أنتبه ترى منيف خسيس ولعبه وصخ واللي يأمن له بايع عمره برخص التراب. خذ مصلحتك منه وعبي جيوبك وخليه بصفك لأنه إن حطك في باله أعتبر نفسك منتهي.. وعلى ما قالوا لا صارت حاجتك عند الكلب قل له ياسيدي.. ومنيف كلب"
لازال يستنكر نوع العلاقة التي جمعت والده وحمد بشخص كمنيف؟ فمن الواضح أن لا أحداً منهم يطيق الآخر ومع ذلك فعلاقتهم لازالت مستمرة والمصلحة بينهم (لسى دايره)..
.. لفته غطاءها الملقى بالقرب من الدرج ليشتعل صدره غضباً وهو يشعر بأثر لكمتها على بطنه.. هتف بقهر : أبشر.
سكت ينظر له لفتره قال بعدها : خلصت اللي طلبته منك؟
بدر بضيق : ايه،، مثل ماتبي وأحسن بعد . وحجزت لكم بالموعد.
ابتسم : كفو.. أرجع السعودية على أول طيارة ولا تجي هنا إلا قبل رجعتي بكم يوم ابيك تخلص بعض الأمور ..
بدر مجاملاً : تامر أمر .
لينطق الجالس أمامه وهو يشير بيده : والحين قم فارقني ولا عاد أشوفك حول بيتي إلا لا طلبتك.

في الطابق الثاني تقف خلف النافذة الطويلة تنظر بكل حقد للخارج من منزلهم يركب سيارته وينطلق مبتعداً..
أي حقير هذا ؟ كيف لأعظم رجل في حياتها أن يستأمنه هكذا ويدخله بيته والخبث وقلة المروءة تنطق من عينيه بكل وضوح؟

.
.

تجلس معه في صالة منزلهم الواسع. أبناءها يفترشون الأرض وكتبهم متناثرة حولهم..
انتبهت لسرحانه وتعلم يقيناً أن تفكيره عند ذلك الابن اللامبالي..
أصبح غائباً عنهم قرابة العشرة أيام ولم يكلف نفسه عناء الاتصال..
حاولت ألا تضغط على والده أكثر وألا تلح عليه بكثرة الأسئلة لكنها لم تستطع : ياعمي ماجاك خبر من بدر؟
وعى من سرحانه ليحرك الملعقة في فنجان الشاي الذي أصبح بارداً : كلمته أمس يقول رحلته بعد يومين الفجر..
تنهدت : الحمدلله أنه بخير.. يوصل بالسلامة.
ابتسم لها بحنو : وأنتي إلى متى بتقعدين شايله همه وتحرقين أعصابك ؟
قلت لك مع بدر حطي أعصابك بالثلاجة ولدي وانا أعرف فيه مو كفو اهتمام.
قال آخر كلامه ضاحكاً وكأنه يمازحها به لكن كلاهما يعلمان انه حقيقة.. ابتسمت له بحزن واضح : على إني ما شفت معه يوم حلو ياعمي بس وش أسوي؟ بدر زوجي وابو عيالي و.. أحبه!
ضحك وهو يراها تداري خجلها عنه بعد اعترافها : هذا بلى أبوك يا عقاب!
شاركته ضحكته التي لاتمت للكوميديا بأي صلة: إيه والله هذا البلى.
هو مهوب سيء للأمانة..
ياسر بابتسامة : والله اللي غرّك زين وجهه يابنت حمد..
ولدي واعرفه ما اقول غير الله يصلحه ويهديه.
تراقص قلبها بين اضلاعها شوقاً له ولوجهه الذي يتحدث عنه : آمين.. والله إني مشتاقة له مع اني ادري ما جاب خبر شوقي.
ياسر : والله انه أعمى ومهوب حاس بالنعمة اللي بين يدينه.
اصبري عليه عشاني انا مهوب عشانه.. انا مو متحمل قعدتي بهالبيت إلا لأنك فيه ولولا الله ثم وجودك كان من زمان سمعتوا خبر موتي. والله إنك أحن علي من ولدي.
قالها يتصدد بعينيه للتلفاز.. يخفي لمعة حزن غزت عيناه ..
تأملته بحب و رحمة..
مامر به هذا الرجل يهد الجبال لكنه لازال صامداً.. كان لديه من الأبناء أربعة أكبرهم بدر..
توفى اثنان منهم في حادث شنيع على طريق الطائف والثالث شهِد والده سقوط رأسه على الأرض أمامه في ساحة القصاص بعد أن تم الحكم عليه بسبب قتله صديقة في لحظة غضب أعمته..
لم يتبقى منهم سوى بدر -الله يخليه لي وله- حتى وإن كان جلموداً متجبراً.. فرحيله دون أدنى شك سيكون القشة التي تقسم ظهر البعير.
رمشت لتلتفت لابنها بعد أن نادى باسمها تردد بينها وبين نفسها
" وأنت بعد، أحن علي من أبوي "

.
.

يجتمع هو وأبناء خالته في شقته الصغيرة وقد قرروا أن يسهروا سوياً فغداً يوم الجمعة ولا أعمال تعيق السهرة..
خالد ولازال يمضغ لقمته : لو مافزع لكم ابوي وقال سامحهم كان للحين زعلان.
زيد بملل : اشغلتنا عاد. ما صارت ترى حتى أنا ما دريت إلا يوم رجعت . الرجال طلع صار له يومين وأنت للحين تتحلطم.
خطّاب : وثاني مره لا تتكلم وفمك مليان أكل اعدمتنا ياخي..
تجاهل ماقاله وتابع تناول مابيده حتى انتهى..
لملم الفوضى التي تسبب بها ليقول بنبرة حاول أن تكون عادية : زيد توقع مين شفت يوم كنت بنيويورك آخر رحلة ؟
بدون اهتمام وعينه على ما بالتلفاز : مين؟
..: محمد ولد عمك.
قالها ليشرب بعدها مباشرة من علبة البيبسي التي بين يديه..
شد عرق في رقبة خطاب على عكس زيد الذي هتف ببرود لازال ينظر للشاشة أمامه : طيب؟
خالد بإحباط فتوقع حماساً أكبر من زيد : بس أقولك.. عاد الصدق يوم صادفني اختبص حرمته كانت معه.
مالت عليه وعليها..
قالها بصوت منخفض تحت أنفاسه قبل أن يعاود الشرب من علبته..
لم يسمعه سوى خطاب الذي كان مركزا في حديثه لينفجر ضاحكاً : صدق بزر.
خالد بقهر : والله ياهو غابنّي.. لو علي شطفته ولا سلمت عليه بس مهيب حلوة في حقي.
زيد بجدية : تراه ولد عمك من قبل ليكون زوج أختك.
خالد بحسرة موجهاً حديثه لخطاب : شف البرود كيف..
بس لأنه أخو المدام مايرضى عليه ولا لو كان واحد ثاني كان ولع فيه.
زيد بإنفعال : خويلد!!
خطاب بضحكة : الحب كفاك الله شرّه يا خالد.
خالد بسرعة ومرح : تف من بؤك أعوذ بالله من فالك.. خليني اجرب الحب ياخي مليييت أبي أحب و أنحب أبي اجيب عيال أبي منتخب أبي ذريتي يعيثون في الأرض الفساد .
زيد بامتعاض وهو يرى خطاب يضحك : ما أقول غير الله يخلف على بنت الناس كان أمها دعت عليها.
خالد بابتسامه واسعه : إلا يابختها وهناها خل عنك بس.
عاد أنا حالف ما أتزوج إلا بعد ما ازوج خطاب و أفرح فيه.
نظر زيد بتهديد لشقيقه فهو يعلم حساسية الموضوع بالنسبة لخطاب ثم التفت ينظر لخطاب يترقب الضيق وردة الفعل المبالغ بها.
لكنه لم يجد سوى ابتسامه صغيرة زينت ثغره ونبره هادئة : ان شاءالله ليه لأ .
اتسعت عينا خالد بذهول والتصق بخطاب الجالس بجواره يهزه بعدم تصديق : أنت مين؟ مستحيل تكون خطاب اللي أعرفه..
ضحك : ورع وخر عني.
نظر لزيد الذي ينظر لخطاب وكأنه برأسين : ناظر حتى أخوي طارت بوهته.. ياعمري ياخيي مابيفك روعته غير العصفر.
ضحك يدفعه للخلف : سلامات!
خالد : والله ماينلام أنا قلت جملتي وأنا خايف على نفسي.
خطاب بابتسامه : عن المبالغة عاد!
زيد نطق أخيرا: والله ما نبالغ .. أنت ماتشوف كيف ينقلب حالك من نطري العرس.. تصكك الغلقة.
خطاب بعتب : تلومني؟
تنهد : لا والله ما عمري لمتك على شي.. بس تضيّق صدري لا شفتك تضايقت.
خالد يحرك حاجبيه بمرح : وش غير رايك عاد؟ أكيد شفت لك شوفه جابت راسك .
خطاب بجدية : زيد خذ أخوك عن وجهي.. سلامات خويلد وش هالكلام؟
خالد : لا تصرف.. وش غير رايك؟
خطاب ورؤيته لهند وأسرتها الصغيرة التي كونتها أعادت ترتيب بعض المفاهيم في عقله ، ذلك وشيءٌ آخر خالط نظرة انكسارٍ في عيني رجل يحترمه وذكرى لصغيرة تعترف له وتهرب من أمامه تبكي : رؤيا جاتني وأنا نايم قالت لي يا خطاب تزوج.x نسل خالد وذريته متوقفين عليك.
استوت ملامح خالد بخط مستقيم بعد أن سمع ضحكة زيد التي شاركه بها خطاب بعد الذي قاله : ياثقل دمك يا شيخ.. الله يعين بنت الناس صدق.
خطاب ونظرة خبث برزت في عينيه : سقى الله يا خويلد يوم تجيني زعلان لأن بنت عمك بتتزوج. تذكر؟
ضحك : لا تذكرني ياشيخ والله يا إني كنت بزر . البنت قدها أم الله يستر عليها.
زيد بحاجبين معقودين : وش هالسالفة أول مره اسمعها؟
أي من بنات أعمامي ذي؟
خالد بفشلة : لا يرحم والديك لا تدري أحسن قسم إن أصير مصخرتك عشر سنين قدام.

.
.

لم تكن تتوقع أن اللقاء بعد عودته سيكون هكذا..
هي تعلم أنه صخري.. قاسي لا رحمة في قلبه وتعلم أنه لا يحبها، تعلم ذلك وتحاول إنكاره باستماته فهي حقيقة لا تسعد بمعرفتها أبداً..
وعلى الرغم من قسوته وحقارة كلماته وتصرفاته فهي تحبه.. على الرغم من أنها لم تجد جانباً ليناً فيه.. لازالت تحبه قلبها ينبض شوقاً منذ أن عرفت بقدومه..
يجلس أمامها واضعاً قدماً على الأخرى وتركيزه منصب على هاتفه بين يديه متجاهلاً بذلك وجودها و وجود والده الذي كان ينظر له بنظرة هي خليط من الحسرة والخوف..
كانت قد خرجت لساحة المنزل عندما سمعت صوت سيارته.. انتظرت بلهفه عند المدخل تريد أن تسلم عليه سلاماً خاصاً بقدر شوقها له..
رأته يخرج من سيارته يتقدم باتجاهها يسحب حقيبته خلفه لتبتسم له ابتسامه جمّلت ثغرها..
توقف أمامها لتندفع نحوه تحتضنه بقوة : اشتقت لك.
ليتكلم ببرود صقيعي دون أن يتحرك : هلا!
ابتعدت عنه تنظر لوجهه بولهٍ واضح : الحمدلله على سلامتك.. نورت السعودية برجعتك.
ليتعداها ببساطة متجهاً للداخل : الله يسلمك.. هاتي الشنطة معك.
نظرت لحقيبته أمامها حيث كان يقف.. لم يكن تصرفاً جديداً عليها لذلك ابتلعت غصتها لتتبعه تسحب حقيبته خلفها..

رمشت أكثر من مره تبعد حرارةً غزت عينيها و وقفت تسكب الشاي .
تكلم ياسر بغموض : خلصت شغلك مع منيف؟
اعتدل بدر جالساً يأخذ الفنجان منها : إيه.
ياسر بنبرة : وشغلك خلّص خلّص ولا للحين؟
ابتسم : لا مطولين.. منيف هذا داهيه وبير ذهب.
ياسر بضيق إستشعرته في صوته بعد أن جلست بجواره : بير ماله قاع إن طحت فيه انسى تطلع منه .
أتركه عنك وحلالي كله لك لو تبي بكرة أروح وأسجل كل شي باسمك.. بس اترك منيف وبلاويه عنك.
تجاهل بدر حديثه لينظر لحنين المتأنقة جوار والده: وين العيال ؟
بضيق بعد أن سمعت والده يتنهد بيأس : انتظروك بس يوم شافوك تأخرت ناموا..

هز رأسه على مضض ليعم الصمت المكان بعد أن أمسك هاتفه يتشاغل به.

جلست على السرير بتحفز بعد أن ارتدت أجمل ما لديها..
تنتظر خروجه من دورة المياة.. ما إن توقف صوت الماء حتى وشعرت بالتوتر يضرب قلبها لتتسارع دقاته..
فُتح الباب ليظهر لها بدر.. طويلاً، أنيقاً -ببجامته- و وسيماً جداً.. لا شيء جديد عليه فهو يهتم بمظهره وأناقته حتى في المنزل ..
وقف في خطاه بعد أن انتبه لها .. رفع حاجباً ينظر لها من رأسها لأخمص قدميها نظرةً تقييميه زادت من توترها : أوف!
ابتسمت بتوتر ترفع يدها المرتجفه لتعيد بعض الخصلات من شعرها --المصبوغ حديثاً- خلف اذنها.. اقترب منها لتقف لاقترابه وتبتسم حتى أصبحت غمازتيها تُرى من بعيد..


انسلت دمعه من عينها دون أن تشعر . تنظر لظهر النائم أمامها دون أن يكترث للعاصفة التي أحدثها في قلبها ..
انسلت أخرى شعرت بها لتمسحها بكفها تعض شفتها بكل قوة كي لا يخرج صوتٌ لبكائها فيستيقظ.
الأفكار تعبث بها وهي بين المصدق والمكذب.. يستحيل أن تظن به ظناً كهذا فهو إن أراد خيانتها سيفعل ذلك أمامها وعلى الملأ دون أن يضع لها أو لأحد أي اعتبار .. فهو قوي لا يخاف من أحد وإن نوى على شيءٍ سيفعله، حتى لو وقف العالم كله بوجهه..
"بدر مو خاين.. مايحبني صح، بس مو خاين"
كررتها بينها وبين نفسها تحاول بها أن تمحي صوت همساته التي تُعاد على مسمعها.. صوته يهمس لها قبل أكثر من ساعة دون وعي منه : أنتي لي دانة.. والله لي.

.
.

رائحة العود تفوح في أرجاء المنزل .. فاليوم هو الجمعة ولهذا اليوم طقوس خاصة في منزل أبو زيد..
كان قد خرج من المستشفى صحته جيدة فالذي تعرض له كان بسيطاً تجاوزه بقسطرة بسيطة مع ذلك حذر الطبيب من الانفعال و الأكل المشبع بالزيوت..
لازال يتجنب النظر لخطاب وكأنه محرج منه.. شعر بذلك خطاب المحرج أساساً من فعلته..
اليوم سيصلح كل شيء.. لن يبدأ صفحةً جديدة فهو يعلم أنه عالق في كتابٍ يخلو من الصفحات.. لكنه سيصلح شيئاً شعر به قد انكسر بينه وبين زوج خالته.. وشيئاً آخر ناحية هلا ابنة خالته..
يعلم أنها مغامرة فبعد زواجه من هند -اللئيمة- كره النساء جميعاً ومحى فكرة الارتباط من قاموس حياته..
لكن الانكسار الذي سببه لنفسه ولغيره لا يُحتمل.. لن يستطيع أن يدخل منزل خالته مجدداً وهو يرى زوجها يتجنب النظر لوجهه كالمذنب كما يفعل الآن..
دار بصره على الموجودين.. لم يكن هنالك أحد سوى أبناء خالته و والدهم..
زيد يتحدث مع والده بهدوء وخالد عينه مثبته على هاتفه يتابع مقاطعاً دون أن يضع سماعته .
ابتلع ريقه متوتراً من خطوته القادمة. قضى وقته بعد الفجر يستخير يدعو الله بتسهيل الأمر إن كان خيراً له.. وصرفه وتهوينه إن كان شراً..
تسارعت نبضات قلبه عندما خرج زيد ليبقى خالد و والده الذي ينظر للتلفاز. يرتدي ثوبه وشماغه على رأسه ينتظر قدوم إخوته لزيارته بعد الغداء.
خطاب بتردد : خالد قم شف سناباتك داخل.. ازعجتنا.
خالد ولم يرف له جفن : آسف..
خطاب بصوت حاد نتيجة توتره : خالد.
لينظر له خالد ويلتفت والده باهتمام..
خالد مستنكراً وهو يرى وجهه وتعابيره : وش بلاك أنت؟
خطاب بتوتر : قم اطلع.. أبي عمي بموضوع خاص بيني وبينه.
ارتفع طرف فمه بابتسامه : مواضيع خاصة من وراي؟ افااا!!
ليقاطع والده خطاب قبل أن يتكلم وبعد أن لاحظ توتره : خالد قم قل لأختك تجدد القهوة أخواني على وصول.. وصك الباب وراك.
ليقف مكرهاً يأخذ الدلة معه يقول بتهكم لخطاب : مواضيع خاصة أجل! هيّن..

أخذ نفساً ثقيلاً على صدره وهو يسمع صوت إغلاق الباب..
الهدوء عم المجلس مما زاد من ارتباكه..
كان قاب قوسين أو أدنى من أن يتراجع عما ينوي فعله..
فهو ليس قوي بما يكفي ليعيد تجربة شيء يعلم بفشله المسبق فيه.
لكن صوت تركي الحاني بعثر أوراقه : آمرني ياولدي؟.
ابتلع ريقه يشد على كفه حتى أبيضت مفاصله..
لا يعلم كيف يبدأ حديثه ففي المرة الأولى الرجل الجالس أمامه هو من تكفل بالمهمة ..
أخذ نفساً آخر قبل أن يقول بثبات: ياعم أنا قررت أتزوج.
لاحظ تغير وجهه ولكنه مع ذلك قال بمودة وابتسامه لم تصل لعينيه : يازينه من قرار يابوي.. وابشر بسعدك والله مايخطب لك ويقوم بعرسك غيري ..
ابتسم : الله يكثر خيرك ويطول بعمرك .. ماتقصر.
لازال يحافظ على ابتسامته.. ينظر لكل شي عدا وجه خطاب : قلت لخالتك تدور لك ولا للحين؟
خطاب بهدوء : أنا قد اخترت خلاص.
ارتفع حاجبيه بتساؤل ليكمل خطاب بعد أن أخفض بصره : أبي بنتك هلا على سنة الله ورسوله.

لا يصدق أنه نطق بها.. أن كلاماً كهذا خرج منه.. شعر وكأن ثقل الجبال وقع من على كتفيه.. و بضربات قلبه تتسارع أكثر حتى صمّت مسمعه..
ازداد توتره عندما لم يسمع رداً من والدها. رفع بصره بتوجس ليتفاجأ بوجهه شاحباً وكأنه رأى شبحاً.. لكن ما فاجأه حقاً هو الدموع التي تكدست في عينيه..
هتف بقلق : عم!؟؟.
ارتعب عندما رآه يغطي عينيه بطرف شماغه وينخرط في بكاءٍ مرير وكأنه للتو فقد أحداً..
تحرك من مكانه بسرعة وهلع ليستقر جالساً جواره.
يهتف بتأثر وعبرة من بكاء الرجل أمامه : عم وش فيك؟
أنا آسف إن كنت قلت شي المفروض ماينقال. عم؟؟
أبعد مايغطي عينيه ليهتف بوجع حقيقي : أنا مغبون..
مغبوون..
والله مغبون.
مسك قبضة يده التي تضرب صدره بقوة.. ليقول بتأثر : بسم الله عليك من الغبنه عساها بعدوك.
أذكر الله ياعمي الله يخليك..

تركه يهدأ ينظر له بتوجس وخوف..
مسح وجهه بكفه المجعد ليقول بعدها بتنهيده تخللتها ضحكة كئيبة: استر ماواجهت.
صمت لا رد لديه. قلبه يكاد يتفطر من انفجار بحر الدموع في عيني الرجل أمامه.. فلا شيء أصعب من رجل يرى رجلاً آخر يبكي أمامه مغبوناً..
خطاب برحمه : عمي...
قاطعه دون أن ينظر له : أنا أدري إن اللي سوته بنيتي ماتسويه عاقل.. وإنها أحرجتك بفعلتها واحرجتني قبلك..
وكانك تظن إن فيه شي بخاطري عليك ياولدي يشهد الله إني ما اعتبرك غير ولد لي وغلاك من غلا عيالي إن ماكنت تزود عليهم .
ثم أخذ نفساً ثقيلاً ليقول بعده بصوت أثقلته العبره : وإن كانك بتاخذها لجل تداري سواتها.. فأنت معفي ولا أنت بمجبور.
اغمض عينيه يتمنى أن يغيب عن العالم لدقائق.. الضوضاء في عقله ستقتله..
عاد يفتحها من جديد ينظر لجانب وجه تركي الذي ينظر لكفيه المشدودين وكأنه ينتظر قراراً مصيرياً..
هو جبان، جبانٌ كبير.. هو أكبر جبان شهدته البشرية -وهذه حقيقة يعرفها جيداً منذ أن كان في الثامنة من عمره- مع ذلك لا يستطيع أن يكون جباناً الآن..x ليس هنا.. ليس مع رجل مثل تركي..
لا يستطيع أن يكسره في ابنته مدللته كما فعل ابن شقيقه.. لن يتحمل انكساراً جديداً ، قلبه المعتل لن يتحمل ..
حاول أن يصفي صوته من بحته ويقول بمرح وخفه -لكن صوته خرج بنبرة فيها كل شيء عدا المرح- : شكلك ماتبي تناسبني ياعم!
نظر له بسرعة وعدم تصديق : خطاب قلت لك ما أنت مجبور يا ولدي..x ان كان هالشي عشان..
قاطعه بأدب : ياعمي أنا أبي بنتك على سنة الله ورسوله ويشهد الله إني كنت أبيها من قبل لا ياخذها....
ثم أخذ نفساً لينطق مكرهاً : من قبل لا ياخذها ولد عمها.. بس إنه سبقني وخطبها..
هلا بنت خالتي وقربها مطلبي عشانها هي وعشاني ، مو عشان شي ثاني.
ابتلع عبرته : بنتي ماعادها مثل أول، بنتي الحين مطلقة وعندها ولد .
زفر بقهر : أدري.. ولازلت أبيها..
سكت قليلاً يجبر نفسه على قول مايجب قوله :x وأنت موب غريب عني يا عمي.x و لا هي غريبة..و.. وصل لكم الكلام مثل ما وصل غيركم عشان كذا شاورها ، وخذ رايها وبشرني بالأخبار اللي تسرني.
التمعت عينيه بامتنان وهو ينظر لخطاب الذي وبالرغم مع علمه المسبق بموافقتها -فهي التي عرضت عليه الزواج- أشعره وكأن شيئاً لم يحدث وأنه سينتظر مترقباً ردها .

.
.

اجتمع بها وزوجته وخالد بعد المغرب في صالة المنزل.. لازال متردداً من طلب خطاب يخشى أن يكون بدافع الشفقة على حاله.. ندم أشد الندم أنه أخبره بعلمه عما حدث في تلك المكالمة فهو بقوله ذلك كأنه يطلب منه أن يتزوجها بشكلٍ غير مباشر..
تنهد بأسى وضيق وهو يراها تجلس ابنها في حضنها تنظر لشاشة جهازه اللوحي الذي يلعب به..
ابتلع ريقه ليهتف بهدوء : أقول سلوى.
تجاهلت خالد الذي كان يخبرها شيئاً حدث معه لتلتفت له بلهفه : سم.
نظر لهلا السارحه تماماً : اليوم جا لهلا عريس.
عرف كيف يخرجها من عالمها.. نطقت بسرعة واستنكار : يبه أنت تعرف رايي بموضوع العرس..
خالد بضيق : وليه منفعله طيب؟ شوفي حياتك يا أختي غيرك عايش حياته ومتهني.
بعبره فهي تعرف من يقصد : يبه أنت وعدتني ماتجبرني على شيء.
سلوى بأسى: لا حول ولا قوة إلا بالله.. طيب اصبري نسمع من ولده يمكن يطلع ن..
لتقاطعها بصوت مرتعش تنظر برجاء لوالدها الذي ينظر لها بنظرة لم تفهمها : يبه..
نطق بعد صمت : خطاب ولد أختك يا سلوى هو من خطبها..
شعرت وكأن ماساً كهربائياً ضربها.. اتسعت عينيها في ذهول وهي تنظر للموجودين بصدمة..
خالد يصرخ ضاحكاً متوعداً خطاب : أثاري هذا موضوعك يوم تصرفني يالمخيس.
و والدتها تسأل بعبرة تريد تأكيدا من زوجها..
ابتسم بشفقه على حالها وهو يرى الدموع تلتمع في عينيها تتلفت حولها بضياع وكأنها طيرٌ اُقتطع رأسه. ليقول بهدوء يشق الضوضاء حوله : الرجّال طلب يسمع رايك . وش قلتي يابنتي؟ وأنا عند وعدي مستحيل أجبرك على شي ماتبينه .
خالد : يبه من جدك تسأل؟ أكيد موافقة خطاب ماينرد.
سلوى بفرحة تخللت نبرتها : الحين أنا خالته ولا يقول لي!!!.. هين يا خطاب شغلك بعدين هههه..
ليعاود تركي سؤاله : ها يا هلا وش قلتي؟
تبينه ولا نرده مثل غيره؟

تمنت لو يمكنها أن تصرخ بموافقتها.. " الله يلوم اللي يلومني فيك ياخطاب"
شدت من احتضانها للصغير في حضنها حتى تضايق من قوتها المفرطه..
ابتلعت ريقها بخجل والحمره تعتلي وجهها: ما أدري.. يبه.. اللي تشوفه.

لترفع بعدها والدتها الزغاريط..

ابتعد خالد عن المكان محاولاً الاتصال بخطاب لكن لم يجد رداً.. فأرسل له عوضاً عن ذلك [ كان طلبتها مني ياخي منيب قايل لأ - مع ايموجي يغمز أكثر من مرة - ]

.
.

ضحك زيد من أعماق قلبه بعد أن انهى اتصالاً مع والده..
نظرت له تبتسم لضحكته : فرحني معك. اسمعك تبارك؟
خالد خطب؟
نظر لها عينه تلمع بحماس : لأ.x خطاب.
خفت ابتسامتها لتقول بعدم اهتمام : لااه صدق؟ ماشاءالله ومين سعيدة الحظ؟
شعر بتهكمها ليقول متعمداً : بنت خالته.
باستنكار : مين بنت خالته؟
زيد : وخطاب كم خاله عنده؟
رمشت أكثر من مره تحاول ان تستوعب قوله حتى قالت بصدمه : هلا؟؟؟
ابتسم : عليك نور.. هلا أختي..
نجود بدون تصديق : مستحيل ..
عقد حاجبيه : وش اللي مستحيل؟
توترت من نبرته : أقصد و.. ما أدري زيد بس،، أحس محمد لازم يدري؟
استشاط غضباً : ومحمد يدري ليه؟؟ ولي أمرها ولازم موافقته؟
بهلع فهذه المره الاولى التي يصرخ عليها هكذا : زيد لا تصارخ خلعتني حرام عليك.
سكت عنها يشيح ببصره لابنه الذي شده الصراخ لينظر لهم بخوف..
نجود بعبرة : زيد يا قلبي لا تفهم كلامي غلط.. والله ما اقصد شي بس محمد كان زوجها وأبو ولدها من حقه يدري..
بإنفعال : نجود الله يرضى عليك اسكتي لا تخليني أقول شي أندم عليه.
سكتت.. لكنها قالت بعد ثواني : زيد،، أخوي يحبها يمكن لا درى انها بتتزوج يصحى على نفسه ويرجع لها.. زيد بينهم ولد حرام يعيش متشتت ومحمد م...
ليقاطعها بغضب مدمر : وقلعتن تقلع محمد الله لا يرده..
دورها لتغضب هذه المره : زيد لا تنسى إنه أخوي.. لا تدعي عليه لو سمحت.
لم يكترث بما قالت ليصرخ مجدداً وهذه المره تركي لم يحتمل فبدأ يبكي : أخوك قليل الخاتمة لو ماكان ولد عمي كان ما جلست في مجلس هو فيه. لو يبيها كان ماتركها واخذ غيرها وأبشرك تراه طلقها بالثلاث والحمد لله إن ربي عوضها باللي يسواه ويسوى عشر مثله..

قالها وخرج من المكان تاركها ترتعد بخوف من صراخة وغضبه عليها لأول مره منذ أن تزوجته ..

.
.

وعى من غفوته -الغير مخطط لها- على طرقات الباب المرتفعة..
كان قد غفى دون أن يشعر بعد أن كان يتابع مباراة معادة من مباريات الدوري..
وصله صوت الطارق : خطاب أفتح الباب ناسي المفاتيح في البيت ياولد..
جلس بكسل يحك كوعه ينظر للباب بتوهان.. ولكن عندما تكرر القرع يشاركه صوت الجرس قفز من مكانه يفتحه متنرفزا : خير؟
خالد بابتسامه كادت تشق وجهه : نايم يالنسيب ؟
عقد حاجبيه بعدم وعي يتابع دخول خالد للشقة بعد أن دفعه عن طريقه : يالييل وش جابك أنت ؟
جلس على أحد الارائك مبتسماً يضع قدماً على الأخرى ويمد ذراعيه على حدود الكنب : قول اللي تقوله أنا اليوم مستانس وعندي رحله بعد ست ساعات لذلك جيت اسلم عليك قبل أمشي.
ابتسم بعد أن أغلق الباب: على وين المره ذي؟
خالد : قرّيب،، امستردام.
جلس جواره : درب السلامة.
لازال مبتسماً : الله يسلمك..
ثم اعتدل جالساً بحماس : والله إني مو قادر أمسك نفسي أكثر..
ليردف بعد أن لكم كتفه : يا النذل ليه ماقلت لي؟
عقد حاجبيه غير مدرك ما يقول: وش قاعد تهذر أنت؟
خالد بامتعاض: سايق الثقل مضبوط ماشاءالله عليك..
بس وش أسوي منيب قادر لساني يحكني أبي أقول لك..
ثم ابتسم وبجديه : والله إنك أخوي الكبير مو ولد خالتي بس يا خطاب وأنت تدري بغلاك وقدرك عندي..
خطاب بعينين اتسعت : ولد أنت رايح امستردام ولا مكان ثاني؟
وش فيك تتكلم كأنك مودّع؟
خالد لازال مبتسماً : هلا وافقت .
رمش ببلاهه يحاول أن يربط المواضيع المشتته في عقله ببعضها حتى اتصلت واتضحت الصورة .. إذاً لم يكن حلماً أو خيالاً مر به.. هو قد خطب هلا فعلاً.. قال ببلاهه: تقوله صادق؟
ضحك : يمين بالله صادق.. مبروك.
ابتسم لا إرادياً ابتسامه خجولة خرجت رغماً عنه عندما شعر بإحساسٍ جميل يلامس قلبه لأول مره،، فهلا ليست كغيرها. يشعر بها مختلفة بكل شيء حتى بإحساسه ناحيتها : الله يبارك فيك.
خالد بسعادة : وزينووه المستحي..
خطاب بضحكة عالية لا يعلم كيف خرجت منه : ورع أصغر عيالك أنا؟

.
.

مرت ثلاث أسابيع سريعة.. شعرت بها هلا أنها عروس هذه المرة حقاً..
سعادتها واضحة للكل و انعكس ذلك على كل شيء فيها..
لا تعلم عن خطاب شيئاً فاليوم سيكون عقد القران وحفل بسيط عائلي في منزل أهلها ليأخذها بعد ذلك لشقته التي حاول أن يضع لمسة حياة فيها..
شعور غريب يخالط الألف شعور في صدره .. لم يشعر به حتى في زواجه الأول..
يتذكر هلا صغيرة فعلاً تسامره كل ليلة تضحك معك وتحاول اضحاكه عندما تراه حزيناً..
هو لا يحتاج امرأة جميلة تنسيه عالمه بجمالها..
هو يحتاج هلا..
وهذا كان نتاج أفكاره طيلة الأسابيع التي مضت..
لم يكن زواجاً مبهرجاً كزواجة الأول أو زواجها -وتلك هي الحقيقة التي تزاحم سعادته الليلة، أنها كانت مع رجلٍ قبله- يحاول تجاهل ذلك رغم صعوبة التجاهل خصوصًا وأنه يرى سالم أمامه يرتدي ثوباً وخالد يحاول إصلاح شماغه..
تم عقد القران ليشهد على ذلك زيد وخالد بفرحة واضحة للجميع فخطاب شقيق الروح وصديق العمر قبل أن يكون ابن خالتهم ولا يمكن لأحد أن يجادلهم به..
فارس بابتسامه يمسك ابنه محمد من يده : شد حيلك يابطل وجيب عروسة ولدي.
خطاب بتوتر فلم يبقى على رحيلهم شيء : تقلّع أقول .
فارس بتكشيره : يحصل لك عاد أنت وبنتك يالتعبان..

ودعت أهلها بابتسامه تعتلي ثغرها .. سلمت على نجود بحرارة فلم تستطع نجود أن تتحمل ذلك فبكت. ابعدتها عنها تنظر لها بقلق: جودي وش فيك ؟
تصددت بوجهها : فرحانة لك.
أدارت وجهها ناحيتها لتهتف بجدية : نجود وش فيك؟
نجود بعبرة وصدق : أبكي على حظ أخوي المايل ولا مين اللي يفرط فيك؟
احتضنتها مجدداً تحبس عبرتها : نجود ليه تتعمدين تضايقيني؟
نجود بصوت باكي : والله مو قصدي بس ا..
قاطعتها تشد عليها بقوة : لا ينكسر خاطرك على حياة أخوك من غيري.. محمد من أول مايبيني ومع إني وعدت نفسي إن اللي كان بيني وبينه مايدري عنه أحد بس لازم أقولك يمكن تصدقيني وترتاحين..
أخذت نفساً شق روحها : محمد كان يخونّي لأكثر من سنه،، يخوني ويتعمد يخليني أعرف أنه كان مع غيري قبل لا يجيني..
عشان كذا إذا تحبيني صدق ادعي لي.. أخوك صفحة طويتها من زمان مستحيل أرجع لها أو أفكر فيها..
أنا ماعندي خوات بس أنتي أختي.. انتبهي لسالم اليومين ذي إلى إن آخذه بيتي وتحمليه لا بكى يسأل عني تراه مايدري إن الحفلة ذي عرس أمه ..
قالتها تهمس بها في أذن نجود التي تصنمت من هول ماسمعت.. تراقب ابتعاد هلا عنها بفستانها الذهبي الهادئ بتفاصيله لتضع يدها على قلبها الدموع مجتمعه في عينها تأبى أن تسقط..
"يارب وش المصيبة اللي سويتها.. يارب وش سويت أنا"
فتحت هاتفها بسرعة على برنامج الواتساب.. ترجو ألا يكون قد فتح المحادثة وقرأ ما أرسلت له في بداية اليوم فهي تعلم أن لا أحد أبلغه بموضوع الزواج .. تتمنى ألا يكون قرأ حرفاً مما كتبت كي تحذف كلامها وكأن شيئاً لم يكن..
لكن هلعها وصل ذروته عندما تلوّن -الصحين- باللون الأزرق دلالة على أن ما كتبت قد تمت قراءته وأنها حرفياً انتهت..
[ محمد اليوم زواج هلا على ولد خالتها خطاب!! ]

.


خرج من الغرفة عندما استبطىء قدومها.. فقد مضت ساعة منذ أن قالت له بأنها ذاهبه لغرفة تركي تتأكد من نوم الصغار ولم تعد..
وقف بالقرب من الباب الموارب ينظر لها تجلس على حدود السرير الذي ينام عليه سالم وتركي.. تضع رأسها بين يديها وتأخذ انفاساً سريعة كأنها ستختنق.
همس مرتعبا وهو يقترب منها : نجود بسم الله عليك وش فيك؟
رفعت رأسها بخوف لتتدافع شهقاتها عندما رأته..
مسكها من ذراعها وسحبها معه للخارج..
أردف الباب خلفه بهدوء ثم التفت ينظر لها بقلق : نجود يا قلبي وش صاير؟ ليه كل هالصياح؟
مسحت دموعها بكفها : أنا.... اسفه..
ابتسم بدفئ يحتضنها بحنان فهو يظن أن اعتذارها لما حصل بينهم عندما أخبرها بخطوبة شقيقته، فمنذ ذلك اليوم والعلاقة بينهم شبه متوترة : يا قلبي أنتي والله إني موب زعلان و راضي عليك من ساعتها..
هزت رأسها بالنفي وبكاؤها بازدياد فهي تعلم حجم المصيبة التي ستقع : أنا آسفة زيد.. سامحني..
ضحك بهدوء : والله مسامحك .. خلاص عاد بلا دلع خوفتيني عليك..
ثم ابعدها ينظر لوجهها المتورم من شدة البكاء : بسم الله الرحمن الرحيم أنتي مين؟ نجود زوجتي ولا أخوها راكان؟
ضحكت من بين شهقاتها تمسح دموعها بيدها وبالأخرى تضرب صدره بخفه و زعل : زييييد..

.
.

يقف أمامها لا يفصله عنها شيء سوى الهواء الذي بينهم.. تنظر لعينيه التي تنظر لها .. هكذا تنظر دون خجل -وكم تتمنى لو تقرع نفسها على ذلك- لكنها لا تستطيع.. تشعر معه أنها طائر حر.. لا قيود ولا قفص ولا خجل. تشعر أنها تعرفه أكثر من نفسها فلا يمكن أن يظن بها ظناً سيئاً أو أن يلومها.
تشعر وكأنه شيءٌ يخصها قد غاب عنها والآن للتو عاد.. لا عتب ولا ملامه.. تشعر بأن روحها التائهة أخيراً وجدت مسكنها الذي تنتمي له.
ابتسم لها ببريقٍ في عينيه زاد من دفئها.
يتأمل وجهها وملامحها الهادئة. لم تكن فائقة الجمال كهند، أو حتى قريبة منها .. ولكن لملامحها تأثير خاص.. تأثير سحري وعمق أثيري شعر به يتوغل فيه..
تنظر له وكأنها تفتقده.. نظرة شوق في عينيها عجز عن تخطيها..
اقترب منها أكثر حتى أصبحت بين يديه. يريد أن يتحرر من قيدٍ يحبسه..
هتف بهدوء بالقرب من اذنها ونبرة صدق عندما شعر بارتعاشها في حضنه ليس كأنها التي كانت تنظر له بلا تردد : ليكون.. للحين شايلة بخاطرك علي؟
لم يشعر سوى بذراعيها يلتفان حول عنقه .. تشده نحوها تهمس له برجفه أنفاسها اللاهثه من شدة ارتباكها تكاد أن تصّم مسمعه: أنت للحين... شكلك ماعرفتني زين ياخطاب!
ابتعدت عنه تنظر لوجهه وهذه المره بوجهٍ مشتعل وخجل حقيقي عجزت أن تتغلب عليه : أنا مستحيل أشيل بخاطري عليك.
ابتسم لها بتودد. قلبه سينفجر وألفُ شعورٍ يستوطنه..
قلبٌ واحد وألفُ شعورٍ لا يقال!
كثيرٌ عليه ما يدور حوله.. وكثيرٌ على هلا التي لا تستحق ماستعيشه معه.. والتي لا تدرك في أي جحيم قد ألقت بنفسها..

.
.
.

# نهاية الفصل الرابع ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

شبيهة القمر 22-10-18 12:08 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ماشاءالله كل هالاحداث مقدمات ..تحمممممست للروايه ..يعني بتكون هناك احداث اكبر بين ابطالنا خاصه انهم الى الان مابعد اجتمعوا
عندك خطاب مابعد عرف منيف وعندك هلا مابعد عرفت ام سيف واتوقع من خلالها راح يعرف خطاب بمنيف وشركاه .. وبتكون الحسنه الوحيده في حياته هو زواجه من هلا
نجود ودي اكسر راسك يعني اخوك مطلق البنت وماتبيه وسبق وقالت لك انها ماتبييييه ..ليه حاشره نفسك بينهم والله مادواك الا خيزرانه على ظهرك علشان تعرفين ان الله حق ..قاااهرتني هالخبله يوم ارسلت لاخوها ..الله يستر لايقول ابي ولدي وتبدأ حياة الشقى ل هلا الله يعين

دانه ..توقعت انها بتكون من نصيب خطاب بس يوم فكرت فيها حسيتها ماتنفع لان الماضي بيوقف بينهم .. اتوقع تكون من نصيب خويلد مع اني اتمنى انها ماتحتك بهالعائله ابددددد

وطن نوره ..تسلم الايادي احداث جميله بأنتظاار ماندخل بقلب القصة ... فيس الحماااس

وطن نورة ،، 25-10-18 11:27 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3707196)
السلام عليكم
ماشاءالله كل هالاحداث مقدمات ..تحمممممست للروايه ..يعني بتكون هناك احداث اكبر بين ابطالنا خاصه انهم الى الان مابعد اجتمعوا
عندك خطاب مابعد عرف منيف وعندك هلا مابعد عرفت ام سيف واتوقع من خلالها راح يعرف خطاب بمنيف وشركاه .. وبتكون الحسنه الوحيده في حياته هو زواجه من هلا
نجود ودي اكسر راسك يعني اخوك مطلق البنت وماتبيه وسبق وقالت لك انها ماتبييييه ..ليه حاشره نفسك بينهم والله مادواك الا خيزرانه على ظهرك علشان تعرفين ان الله حق ..قاااهرتني هالخبله يوم ارسلت لاخوها ..الله يستر لايقول ابي ولدي وتبدأ حياة الشقى ل هلا الله يعين

دانه ..توقعت انها بتكون من نصيب خطاب بس يوم فكرت فيها حسيتها ماتنفع لان الماضي بيوقف بينهم .. اتوقع تكون من نصيب خويلد مع اني اتمنى انها ماتحتك بهالعائله ابددددد

وطن نوره ..تسلم الايادي احداث جميله بأنتظاار ماندخل بقلب القصة ... فيس الحماااس

يا أهلاً وسهلاً هلا بك :flowers2:
أكيد فيه أحداث خليك قريبة انتي بس وماراح تندمين ان شاءالله :AaZ04485: < فيس كأنه بدا يقمط شوي خخخ.
ااه عليك يا هلا والله انها كلها على بعضها حسنه خلي عنك بس:EWx04511: خطاب حياته ناشفه تحتاج هلا ترطبها وتنعشها :46:
نجود الملقوفة كان مقصدها شريف بس أساءت التصرف لكن ان شاءالله تكون العواقب سليمة =)

أما بالنسبة لدانة :ekS05142::ekS05142::ekS05142:
حياك الله نورتي والله يشهد اني فقدتك بعد ردك على أول جزء :EWx04511:
لا تحرميني من ردودك ياعيوني والله انها تسعدني :342:

وطن نورة ،، 25-10-18 11:28 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٥) الفصل الخامس ،،
°
°

◇ ولو سألتني عنْ الحبِّ..
لحدثتُك كيف يحولُ شخصٌ واحدٌ فقط ،،
برسالةٍ واحدةٍ فقط ،،
بكلمةٍ واحدةٍ فقط ،،
حياةَ شخصٍ آخر .. من العدم إلى الوجود ..
كيف يعيدُ إليهِ..
رئتيه ،،
وملامحه ،،
وضحكته ،،
وشعوره بالرغبة في الحياة أكثر.. ◇

.
.

يكاد قلبها يخرج من مكانه.. تشعر بضرباته السريعة تضرب رأسها من قوتها..
تتمنى لو كان بيدها السيطرة على ابتسامتها.. أو مثلاً السعادة الواضحة من عينيها.. لكن لا قدرة لها على ذلك..
لا تستطيع إخفاء شعورٍ صادق لشيءٍ تمنته منذ سنوات..
أعادت خصلاً من شعرها خلف اذنها بحياء واضح من نظراته المبتسمه.. لا ضير في معرفتة شعورها وفرحتها به من أول دقيقة جمعتهما سوياً.. هو قد عانى كثيراً يستحق من يضحي بكل شيء لأجله..
رفعت بصرها حيث كان يجلس أمامها على الطاولة التي أصبحت قريبة منها حيث جسدها يستقر مرتعشاً على الأريكة ..
لا تستطيع أن تبعد عينيها عنه أبداً..

انتهى الزفاف وها هي الآن يجمعها به مكان واحد.. الارتباك يكاد يقتلها ونظراته لها لا تفعل شيئاً سوى أنها تزيد من خجلها وكأن كل ماقامت به سابقاً من اتصال وطلب زواج لم يكن سوى خيالاً ..
يجلس على الطاولة ذات الأرجل القصيرة أمامها، بشته ملقى بجانبه ينظر لها بابتسامه وكأنها كفيلة بشرح كل شيء .
ترى مشاعراً تقفز من عينيه حتى أصبحت جليةً واضحةً في صوته : هلا.
همست وهي تخفض بصرها ولا تعلم إن كان صوتها تعدى مسمعها ليصل له أم لا : سم.
عاد ينادي بنبرته الرجولية التي ينفرد بها عن غيره.. تضرب أوتار قلبها مباشرة : هلا.
فأجابته محاولة رفع نبرتها قليلاً : سم.
شيئاً يشبه الابتسامه خالط صوته : هلا؟
رفعت عينها له هذه المره وأجابت بخجلٍ بالغ : لبيه؟
اتسعت ابتسامته فشعرت وكأن شعاع الشمس يخرج من عينيه ليقول بهدوء : تدرين إن اليوم هو أول يوم يمر علي من و.. من يوم ما توفّوا أهلي وأحس فيه إني فرحان صدق ؟
ضحكت تهرب من عبرتها.. يتحدث بهدوء و رقة عينه تلتمع بجنون .. تابع بتنهيدة وتردد واضح : أبي أقول لك شي.. بس افهميني صح الله يخليك. ما أبيك تفهميني غلط..
رمشت أكثر من مره بتوجس لتهمس : وشو؟.
أغمض عينيه يزفر بهدوء : الشقة ذي فيها غرفتين.. أثثتهم من جديد عشان تكون وح.. وحدة لي.. و وحدة لك.

تسارعت أنفاسه لازال مغمضاً عينيه ينتظر ردة فعلها..
عندما شعر بأن صمتها قد طال فتح عينه بقلق ليجدها تبتسم له ابتسامه لم يفهمها وطبقة من الدموع غطت سطح عينيها..
باندفاع وتبرير : العيب مو فيك أنتي.. صدقيني المشكلة تخصني أنا.. والله شي خاص فيني أنا ماله علاقة فيك.. هلا أنا ..انت..ي.. هلا..
نطق اسمها بيأس يُرجع شعره للخلف بكل قوة. صدره يعلو ويهبط كأنه يحارب شيئاً.. شتت نظره بعيداً عن وجهها مبتلعاً ريقه بصعوبة : المشكلة فيني،، والله فيني.. أنا أبيك.x بس فيه شي يمنعني.
شي داخلي يمنعني.. اعطيني وقت .. اصبري علي شوي واوعدك ما أخذلك.. بس اصبري علي..
سحبت ذراعه بيد مرتجفه تحتضن كفه الأيمن بين كفيها..
ترفعها تقبلها بنعومة.. مرّه،، مرتين،، ثلاث..
عادت تمسكها بقوة ترفع رأسها والدموع سالت من عينها بهدوء وهي تراه ضائعاً تائهاً هكذا..
تتأمل ملامحه المبهوته من حركتها.. حاجبيه مقوسان بانكسار ينظر لها بكل أسى.. ابتسمت له ابتسامه وصلت لعينيها تهتف بصدق : أنت تعرف وش يعني إنك..
خطّاب ،، أنت تعرف وش يعني إنك تكون تنتظر شي طول عمرك وما تصدق يجيك؟

هو من يعلم ولا أحد غيره يعلم كيف يكون الانتظار حقاً ..

هلا بهدوء وهي تضع يده على خدها تميل برأسها عليها بعذوبة : خطاب أنا قضيت عمري كله انتظر عشان لحظة مثل ذي تجمعني فيك.. تتوقع بيكون صعب علي أنتظر أكثر؟
دامك جنبي أنا مستعدة أسوي كل شي،، وأي شي .. مستحيل أخليك، ومستحيل اسمح لك تتخلى عني. توبي أنا أحبك،، دايماً تذكر هالشي لا تنسى.
وتراني نشبه الله يعينك علي.

قالت آخر جملة وهي تضحك له.. ليشاركها ضحكة تخللتها الراحة بشكل واضح بعد الذي قالت لتبتسم أثراً لذلك عينيه اللامعتين..

لن تتخلى عنه .. لن تتركه ستساعد قلبه المثقل بالأحزان أن يتخلى عن أحزانه.. تعلم أنه لازال يعيش بهاجس مرعب.. يتوشح بالسواد يخيفه ولا يجعله يهنأ بشيء..
خطاب لم ينسى شيئاً من أحزان الماضي لكنها هي التي ستنسيه كل ماهمّ قلبه.. هو يستحق السعادة.. ولا أحد يستحقها غيره ..

تعرف مايمر به من أحلام.. فقد أخبرها خالد يوماً بعد ليلة قضاها في بيت خطاب .. عاد مهموماً ضائقاً لتسأله ويخبرها بعد اصرارها عن حال خطاب إذا حلّ المساء .. ليلتها لم تنم أبدا.. ظلت تفكر به حتى بكت ..
تعلم السبب وراء طلبه.. هو سبب من عدة أسباب قيلت عنه من التي كان من المفترض أن تكون الأقرب إليه وقتها..
أحدها كان قد قالته المدعوه -طليقته- يومًا في أحد مجالس النساء: دخلت مره غرفته بصحيه لقيته مبلل فراشه..

آه ياخطاب آه.

.

ليلتها لم ينم خطاب إلا متأخراً.. عاد بعد أن صلى الفجر يتمدد على فراشه بتعب يحاول أن يهرب بطاقته بعيداً حتى تختفي وبعدها ينام دون أن يشعر كي لا يرى مايفزع الأخرى النائمة في الغرفة المجاورة..

لم يكن يعلم أنها لم تنم أصلاً.. تجلس على سريرها تنظر للمكان حولها.. تنتظر بترقب صوت صراخة وبكائه حتى غلبها النوم دون أن تشعر بنفسها.. ودون أن تسمع شيئاً..

.

سمع طرقاً على الباب جعله يستيقظ واشعة الشمس المتسلله من بين الستائر هي أول مارحب به .. ثم صوتها يهتف من خلف الباب : خطاب الفطور.
ثم تختفي هي وصوتها وطرقاتها.
عقد حاجبيه مستنكراً الصوت حتى تذكر أنها هلا.. وأنها الآن زوجته تسكن معه في نفس المنزل ..
ابتسم ابتسامه خرجت رغماً عنه وتحرك من مكانه ينظر لساعة هاتفه الموصول بالشاحن ليجدها قد قاربت من الحادية عشر ظهراً .
اعتدل جالساً يُنزل قدميه التي لامست الأرض الباردة..
لازال مبتسماً ابتسامة بلهاء لا يعلم كيف يمحيها..

خرج من دورة المياة يبحث عنها بعينيه في المكان الصغير ولم يجدها..
اتجه لغرفته يقف أمام المرآة يمسح على شعره يعيد ترتيبه قليلاً -لازال مبتسماً- يأخذ عطره ذو الرائحة النفاذه يرش منه القليل ويخرج متجهاً للمطبخ حيث يتوقع أن تكون ..

أعادت ترتيب الأطباق البسيطة في صينية لم تتوقع أن تجد مثلها في منزل أعزب كخطاب..
التفتت تحملها لترتعب عندما وجدته يقف متكئاً متكتفاً عند إطار الباب..زفرت : بسم الله خرعتني.
اتسعت ابتسامته ليعتدل واقفاً.. يقترب منها مقبّلاً جبينها برقه همس بعدها : بسم الله عليك.

وأخذ من يدها الصينية وابتعد خارجاً من المطبخ تاركاً قلبها يخفق بشده من حركته البسيطة..
سيطرت على أنفاسها وتبعته.. لتجده يجلس على الأرض الصينية أمامه ينتظرها..
اقتربت تجلس تفصلها عنه الصينية ونظرت له نظرة أولى أنزلت بعدها بصرها للأرض بحياء واضح فهي لم تعتد أن ترى خطاب هكذا.. يرتدي بنطالاً قصيراً وتيشيرت قطني..
رائحة عطره الرجولية تزاحم الأكسجين في رئتها..
ملامحه جميعها مبتسمه لازال أثر النوم واضحاً عليها..
خطّاب لم يكن شديد الوسامة.. لكنه يتميز بملامح دافئة محببة للقلب حتى يدمنه . عينين واسعتين بنيّة اللون بأهداب طويلة .. تلمع أغلب الوقت وفي نظرته شيءٌ عميق يزيدها دفئاً.. أنف قصير مدبب وشفاه متوسطة الامتلاء.
شعره الأسود الكثيف بتموجاته الناعمة يتطاير فوق رأسه -بالرغم من أنه حاول تسريحه- وعوارضه الكثيفة لم تستطع إخفاء التجويف الواضح بخدّيه الأيمن والأيسر .
يكاد قلبها يتوقف من شدة عذوبة الحلم الذي تحقق بعد هذا العمر..
بهدوء وصوت ثقيل من أثر النوم : صباح الخير..
رفعت عينها تفرك كفيها بقوة لترى ابتسامته : صباح النور .
ابتسم باتساع : كيف أصبحتي؟
ابتلعت ريقها لتبادله الابتسامه : الحمدلله..
لا يبرد الفطور خطاب تراه جاهز من مبطي.
رفع حاجباً يتأمل الموجود : تدرين إن آخر مره فطرت فيها يوم كنت ساكن في بيتكم؟
ضحكت بهدوء تمد له كوب الشاي : سقى الله ذيك الأيام.x
خلاص من اليوم ورايح انسى تطلع من البيت بدون لا تاكل شي.
ثم تابعت بتوتر : أقول خطاب..
بهمس : سمّي .
هلا : اليوم عزيمة بيت أهلي.. وأكيد سالم إن شافني مستحيل يتركني خصوصاً إني أمس ماكنت معه.
خطاب بهدوء يرتشف من كوبه : طيب؟
وضعت مابيدها : إن بكى اسمح لي بجيبه معي هنا..
قلبي مايقوى اتركه وراي وأطلع.
خطاب : هلا هذي مافيها استئذان..x البيت ذا بيته وبيت أمه يدخل ويطلع متى مايبي .
أدري الشقة صغيرة عليكم لكن انتظري شوي وننقل لغيرها ..
هلا بعتب : خطاب أنا لو عشّه تجمعني فيك بشوفها قصر..

سكت يتأملها تتحدث عن حياتها معه وكأنها ملكت الدنيا وما فيها..
لا يعلم ماذا رأت فيه كي تسعد بقربه هكذا؟
حتى موقفة الجبان معها بالأمس تعاملت معه بكل عذوبة وها هي الآن تجلس أمامه تتحدث معه وتبتسم من أعماق قلبها..

.

جلس على الأريكة يرتدي حذاءه ويستعجلها..
سمع صوت باب غرفتها يُفتح : جيت جيت..
وش فيك مستعجل؟
بانشغال وهو يرتدي الفرده الأخرى : خالتي دقت تقول تعالوا قبل النا..
رفع رأسه ولم يستطع أن يكمل باقي كلمته.. اتسعت عينه بذهول واضح وهو يتأملها وكأنه يراها لأول مره.. شكلها يختلف تماماً عن الأمس.. شيء مختلف الليلة رغم بساطته إلا أنه كان أكثر سحراً وعذوبة..
تقف تلبس قرط أذنها اليمنى ..عقدت حاجبيها باستنكار وهي تراه يقف يقترب منها : خطاب؟
وقف أمامها مباشرة.. يتأمل وجهها حتى تورد..
خطاب بهدوء وابتسامه زينت وجهه : أنا أدري إني متأخر فيها بس ما لقيت وقت مناسب اقدر اعطيك فيه..
ابتلعت ريقها تعتدل واقفه : وش؟
مد يده لجيبه يخرج علبة مخملية مربعة سوداء اللون ..
هلا بهمس : خطاب..
فتحها ليظهر مابداخلها. دبلة بألماسة متوسطة الحجم بريقها يخطف الأنفاس : تستاهلين أحسن من كذا.. ولا هي بقدرك يابنت تركي.
بعبرة : خطاب ليه تكلف على نفسك؟
والله ما يحتاج كل ذا ..
مسك كفها المرتعش ليدخله باصبعها ثم يقبل يدها برقه.. ابعدها عنه ينظر لعينيها تلمع بحب واضح..

.

ابتسم وهو يرى سالم يلتصق بوالداته الجالسة بجواره يعاتبها على اختفائها البارحة تارة ؛ ويوجه له نظرات مستنكرة تارة أخرى.

يجلس في صالة منزل خالته.. عاد مع أبنائها و زوجها من المسجد بعد الصلاة ليجلس الجميع في الصالة قبل أن يأتي أحد للعشاء المقام لأجلهم..
سالم بهمس مسموع بعد أن قتله الفضول : ماما ؟
وأشار باصبعه لخطاب .
ابتسمت : هذا خطاب .
هز رأسه : أعرف.. بس ليه قاعد يشوفك؟
خالد بضحكة : يالله عاد الحين إبلش بالأسئلة.
خطاب بحاجب مرفوع واستمتاع بعد أن أسند ظهره ليلتصق كتفه بكتف هلا : و ليه ما أشوفها؟
سالم باندفاع : كيف تشوفها؟ أنت موب زيد ولا خالد.
اتسعت عينا خالد : خالك خالد تخلخلت ضروسك.
سالم بتجاهل تام والحاح فالمنظر أمامه مستنكر بالنسبة له : ماما؟
هلا بربكة فالتصاق خطاب بها هكذا أمام الجميع لخبط مشاعرها : عادي حبيبي.. صار يقدر يشوفني الحين .
نقل بصرة على الموجودين بحيرة ليقفز من حضنها ويذهب حيث سلوى فتحت له ذراعيها تضحك : شككتوه بنفسه الضعيف .
خطاب بعد أن ارتشف من فنجاله : موب هين والله ماتوقعته يلاحظ.
خالد بابتسامه وخبث : حبيبي غصب عنه يلاحظ شف شلون لاصق بأمه..
خطاب بتحدي : زوجتي؟.
خالد : ماشاءالله، مستقوي أشوف يا توبي .
أبو زيد براحه وضحت بنبرته : ياثقل دمك يا خالد.
ارتفع ضحك خطاب من نظرة خالد الناقمة لتشاركه هلا لمجرد ضحكته فقط..
شدت سلوى من احتضان سالم الذي لازال ينظر باستنكار و وجهت ابتسامه لتركي مفادها "شف العيال كيف مبسوطين" ..

.
.

يجلس أمامها منذ ربع ساعة.. يضع قدماً على الأخرى وينظر لها بهدوء وبرود وارتباكها وتوترها يتضح من عدم ثبات جسدها على الأريكة الجالسة عليها: أجل تزوجّت؟
وأنا آخر من يعلم!
نجود ولو عليها لبكت : محمد لا تخليني أندم إني ارسلت لك.
محمد بابتسامه : لا مايحتاج تندمين.. بنت عمك ذي ماعاد لي حاجه فيها..
نجود بزفره : ليه جيت طيب؟
محمد : جاي أسلم على أهلي وابارك للعرسان مره وحده.
تكاد تلطم من الخوف فنبرته هادئة غريبة وكأنه يحيك مكيدة : محمد يا خوي تكفى لا تخرب بيتي.. لو أحد درى إني ارسلت لك بي..
احتدت نبرته : قلت لك منيب مسوي شي.. وش شايفتني بزر؟
غير إن مافيه شي يسوى ..
رجلك وينه؟
فرقعت أصابعها بقلق : الحين جاي.. راح يودي سالم بيت عمي.
عقد حاجبيه بعد أن مرر لسانه على شفتيه : و.. سالم وش أخباره ؟
ابتسمت بعطف : بسم الله عليه كبر وتغير.. صار يشبه لك نسخة منك...

سكتت عما كانت تنوي قوله عندما سرحت نظرته في تفكير عميق..
يكاد قلبها يتفطر على حاله.. محمد أخوها لم يكن سيئا أبدا -بالعكس-
لا تعلم مالذي غير حاله حتى أصبح هكذا .. شخصاً مكروهاً من الجميع وغير مبالي..
هتفت بتردد : محمد..
رفع بصره لها بتساؤل لتردف : وش صار لك ياخوي؟
ماخبرتك كذا؟ آخر شي توقعته في حياتي إن يطلع منك تصرف مثل كذا.. أذكر قد قلت لي أنك تحب هلا! وقلتها صادق ماكنت تكذب.
وش اللي صار بينك وبينها عشان يقلب حياتكم بالشكل هذا؟.
احتدت أنفاسه بضيق : الكلام في الفايت نقصان في العقل ولا بيفيدني ولا بيفيدها بشي .. بنت عمك من يوم ما قالت لك محمد مثل أخوي وأنا أدري وش اللي وراها.. ومين اللي في خاطرها..
بس أخذتها قلت مع العشرة بتتغير وبتتعود علي وبتعرف إن مشاعرها هذاك الوقت مشاعر وقتيه.. بس اللي صار العكس من أول يوم وهي تحاول تبين لي بنظراتها وبرودها إنها ماتبيني.. وإنها مجبورة علي..
سكت قليلاً يتنفس بعمق : نجود مافيه شي أصعب من إن الرجّال يحس إن حرمته قاعده معه وبالها مع غيره..
اليوم اللي كانت تعطيني فيه ريق حلو يكون أسعد يوم بحياتي وأقول خلاص حياتنا بتتصلح لكن يجي بكرة وترجع أردى من قبل.. حتى بعد ماجابت سالم كانت تحاول تبين أنها متقبلتني وتبتسم وتضحك بس ولا شي من اللي كانت تسويه كان يوصل لي.. أدري فيها تتصنعه واضح من نظرتها..
نجود بتعاطف : حرام عليك كان واجهتها سمعت منها يمكن تكون ظالمها...
محمد بحده : نجود أنا موب خبل.. هلا ماكانت تبيني وكانت صابره علي تمشّي حياتنا بالبركة وأكبر دليل إنها قعدت سنة ساكته وهي تشم مني ريحة مرَه غيرها ..
ابتلعت ريقها بقرف من هذه الفكرة التي عجزت عن تخطيها منذ البارحة..
محمد بضيق : يوم شفت انها موب طايقتني تزوجت.. وأخفيت هالموضوع قلت يمكن تتصلح الأمور بيني وبينها ولا فاد..
قلت يمكن إنها تصير مثل باقي الحريم وتغار وتصحى على نفسها ولا فاد.. حتى الشعور الطبيعي المخلوق في كل البشر استكثرته علي ولا حتى حسستني إني شي مهم بحياتها وإن حرمه ثانيه بحياتي معناها كارثه!
رمش أكثر من مره يشد على يده حتى أبيضّت مفاصله: هلا ما كانت طايقتني.. وأنا من زمان أدري أنها تميل لخطاب .. وأنه ممكن يكون هو بعد يبيها وهي اللي كبرت قدام عينه.. انغبنت يانجود إنها رفضتني عشانه وقلت دلع بنات بس ما دريت إن حياتي معها بتكون ماتنطاق كذا..
نجود : وأنت كيف عرفت إنها تبي خطاب؟
ضحك : حتى أنتي كنتي تعرفين ..
نجود بتوتر: لا أنا...
قاطعها : كل شي كان واضح.. وشوفيها الحين أخذته.
انكسر شيء في قلبها من لمعة الحسرة التي غزت عينه: طيب وشx بتسوي الحين؟
وقف : منيب مسوي شي.. مع إن ودي أحسّر بها بس مو هاين علي عمي تركي..
تنهد : الله يوفقها مهما كان هذي أم سالم.
ارتجف فكها واختنق صوتها : الله يسعدك يا محمد..
تنهد يحاول أن يبتسم ولكنه لم يستطع..
خرج من منزل شقيقته ليصادف زيد يوقف سيارته وما أن رآه حتى شحب وجهه كأنه رأى شبحاً : هلا محمد.. متى جيت؟
سلم عليه ببرود لم يكن بينهم فيما مضى.. : ما صار لي وقت من وصلت.. مبروك ،،، ل..أختك و ولد خالتك.
زيد بارتباك : الله يبارك فيك.. ويبلغك بسالم.
ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : نشوفك ان شاءالله على خير.
زيد باستنكار : بتمشي؟
ضحك بتعب : لا وييين يابوي.. رجعتي بعد ثلاث أيام..
بروح أنام مهدود حيلي.. سلام.
هتف بها وابتعد دون أن ينتظر رداً من زيد الذي قال بتردد : اقول أبو سالم.. حياك في بيت أبوي على العشاء .
ركب سيارته وقبل أن يغلق بابه : كثر الله خيرك..
سلم على الجميع وبكرة ان شاءالله بمر على عمي ..

وانطلق في طريقة الأفكار تكاد تفتك بعقله..

.
.

منذ أن وصلها خبر وصوله والخوف يعصف بقلبها. تمسك يد سالم بكل قوة حتى وإن حاول أن يبتعد عنها تنهره ليعود وتمسك به باستماته مجدداً..
تعلم أن لنجود يد في ذلك من نظرة الارتباك والتأنيب التي تنظر لها بها.. يستحيل أن يكون وجود محمد بهذه السرعه بعد زواجها محض صدفة..

انتهى العشاء وها هي الآن تصعد درجات العمارة خلف خطاب الذي يحمل سالم النائم..
لا تعلم إن كان قد علم بعودة والد الذي بين يديه أم لا.
تتمنى فقط ألا يحدث شيء يبدد السعادة التي عاشتها في اليوم السابق وكانت كفيلة عن عمرٍ كامل..
فتحت الباب لخطاب بعد أن اخذت مفاتيحه من جيبه..
سبقها لغرفتها ليضع سالم وخرج لها ليجدها تجلس على الأريكة تضع رأسها بين يديها..
خلع شماغه وفتح أول زرين من أزرار ثوبه واتجه لها.. جلس على الطاولة أمامها وابتسم وهو يرى الخاتم يزين كفها : شكلهم صكوك بعين..
رفعت رأسها تعقد حاجبيها مستنكرة ماقاله.. فأردف : وش فيك من طلعتي وانتي متضايقة؟ وش صار!
أخذت أنفاسها بتثاقل وبصرها يتجول على ملامحه وابتسامته وشعره الذي تبعثر بعد أن أبعد طاقيته..
لو كلفها الأمر أن تحارب العالم كله لتبقى معه .. ستحارب ولن ترضى بأقل من النصر .
تلاشت ابتسامته بقلق : وش فيك؟ صاير شي؟
بصعوبة : محمد رجع ؟
تغير وجهه : طيب؟ وش المشكلة طبيعي يرجع .
هلا بخوف : خطاب أخاف ياخذ ولدي مني..
ثم ارتجف فكها : لو أخذ سالم مني أنا ممكن أموت .

زفر بقهر.. علم بعودته من شقيقه راكان عندما أخبر والده و وقتها شعر بأن بركاناً ثار في صدره..
لدرجة أن زيد شعر بذلك ليهمس له: كلها ثلاث أيام وبيرجع يسافر.

حاول أن يركز على القلقة المنهارة أمامة.. قضيتها أكبر من قضية الغيرة التي يشعر بأنها ستقتله.. : أنا أعرف محمد.. مو نذل عشان يسويها..
أجابته نظراتها المشككه.. فمحمد خيب ظن الجميع به مسبقاً..
خطاب بيأس لا يعرف كيف يخفف عنها حقاً : محمد متزوج وباني حياته برى لو بيسوي خطوة مثل كذا لازم يشوف زوجته أول.. وما أظن بنت الناس الله يستر عليها توافق تربي ولد حرمه غيرها..
هلا بأمل : تهقى؟
ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : إلا متأكد.. وفي حال طالب بولده أعطيه إياه ولا تجادلينه لأنه إن شافك متمسكه فيه بيعرف نقطة ضعفك وبيستغلها..
ثم تابع عندما لاحظ السخط يعتلي وجهها : وإن شافك مو مهتمة بيتركه.. اذكري الله وقومي نامي وفكري لنا بجواب لسؤال سالم بكرة لا شافني معك في نفس البيت ولا معنا أحد..

.
.

مضت الثلاث أيام ثقيلة طويلة على قلب هلا.. تنتظر بترقب ماسيحدث.. في اليوم الثاني اتصل شقيقها زيد بها يطلب منها أن يأخذ سالم لمحمد الذي يريد السلام عليه..
هلا بهلع : لا زيد ما أبي .
زيد بصبر : وش اللي ماتبين؟ مو على كيفك الرجال يبي يشوف ولده ومن حقه.
هلا بخوف: ما أبي زيد.. أخاف إن شافه ياخذه معه..
بحده: لعب عيال هو؟ هلا الله يرضى عليك خليه ينزل لي مع خطاب أنا تحت..
هلا بعبرة : زيد وإن أخذه؟
ذكر الله تحت أنفاسه ثم قال بتودد : ماتثقين فيني يعني؟
والله العظيم لا أرجعه لك وتراه بيروح يقابل أبوه موب الحرامي عشان تخافين كذا..

أغلقت منه ونظرت لخطاب الصامت ينظر لها نظرة لم تفهمها..
وقفت : زيد تحت يبي سالم .
خطاب بهدوء : جهزيه وانزله.

طرق نافذة زيد الذي فتح بابه يحمل سالم يضعه في المقعد جواره : ما بغت تسلمنا البضاعة.
خطاب بضحكة باردة : لا أوصيك عاد، يرجع مثل ما أخذته لو سمحت.
شوف كيف ممشطة شعره ترى هذا كمين إن صار شعره بالجهه الثانية يا ويلك.
ضحك وهو يرى سالم يحاول سحب حزام الامان لربطه وشعره مسرح على الجانب الأيمن : أختي انهبلت..
وش بيسوي فيه أبوه يعني؟ ولازم تحط في بالها إنه إذا كان يبي ياخذه بيقدر حتى لو خبتّه عنه..
خطاب بجدية : زيد ، سالم يرجع تكفى..
بملل: جانا الثاني ..
أقول بس ما ودك تجي؟ مجتمعين في بيت أبوي.
ابتعد عن سيارته : توكل على الله صاحي تبيني أشوف محمد ؟؟

ليلتها لم تجلس هلا في مكانها.. كانت تتحرك في المكان كالاعصار باعصاب مشدودة تتصل على زيد كل عشر دقائق ولم تتوقف إلا عندما عاد سالم في وقت متأخر من الليل نائماً يحمله زيد الذي هتف بضيق وهو يناولها إياه: فضحتينا وأنتي تتصلين.. شوفيه هه هذاني رجعته مثل ما أخذته..
.

لا ينكر خطاب أنه فقد هلا التي قابلها في أول يوم من زواجه بها..
هذه الهلا لا يعرفها.. قلقه أغلب الوقت وصامتة.. تتشبث بسالم وكأنه سيطير منها حتى بدأ الصغير يعرب عن ضيقه منها..

ولكنه التزم الصمت.. لا يستطيع أن يواسيها بشيء وهو بداخله يشعر بالقلق والترقب.. يخاف من أن يصادف محمد ويرى في عينيه نظرة تبعد هلا مليون خطوة عنه..

انقشعت الغمامة عندما استقرت طائرة محمد المتجهه لأمريكا في وسط السماء.. ليلتها شعر بأنها ليلة الزفاف يعيشها من جديد ..
هلا عادت القديمة؛ تضحك وتتحدث معه.. تغرقه بالنظرات والكلمات العذبة التي تجدد شيئاً منسياً في قلبه ..

.
.

يجتمع هو و والد زوجته في منزله . الحديث شيق بينهم عن خطط يتمنى حمد لو تتحقق.
حمد باستغراب شديد : متى بيرجع؟
ابتسم بدر وهو يعد الأيام عدّاً للقائها : بعد شهر رحلته..
حمد : غريبة بيرجع توقعته خلاص نسى السعودية واللي فيها .
بدر يشرب من فنجان قهوته: وليه مايرجع؟ هو عنده تجاره هنا وثروة وبيستقر خلاص.
حمد باستنكار : عجيب!
بدر : ليه مستغرب؟
حمد بسرحان : لأن واحد مثل منيف مايحفر في نفس المكان مرتين.
أنت تعرف كم صار له مهاجر؟
بدر بعد سكوت دام لثواني: أنت و أبوي من وين تعرفتوا عليه؟ وش كان بينكم ؟
تجاهل كل شيء ليهتف بخبث : أنت تدري إني أعرف عن منيف أشياء ممكن تطير راسه؟ بس البلا إني لا قلتها معناها إني أدين نفسي وأجيب السيف وأحطه على رقبتي.
بحماس : وش تعرف؟؟ أبي شي أكسر فيه عينه .
حمد بضحكة : خبل أنت؟ تبي تكسر عين مين؟
هذا منيف انتبه لا يودينا كلنا في داهيه ..
بتردد وهو يعتدل جالساً : وش كنت بقولك ياعم..
بنته اللي معه .. دانه..ااا
باستنكار : وش دانته؟ منيف ماعنده بنات!
بدر: إلا بنته .. كبيرة شفتها في بيته..
حمد : ولد لا تفر راسي.. حمد ماعنده بنات أبد.. وماتزوج بعد ماتركته حرمته .
وإن كان تزوج بعد ماسافر مابيمدي بنته تكبر مره.
تعجب من ذلك : أجل مين اللي شفتها عنده؟ ويحذر ويهدد إن قربت منها يا ويلك؟
بدون اهتمام : يمكن زوجته.
اتسعت عيناه بضيق: لا مستحييل. وش يحدها تاخذ شايب؟
عاد يضحك باستغراب من سؤاله : الفلوس؟ ..
استبعد الفكرة وهو يتذكر الحوار بعد أن طلبها منه : لا لا مستحيل.
حمد بخبث : أجل وحده ولف عليها يونس عمره.

سكت بدر يفكر بضيق.. يحاول ألا يشتم نفسه لعدم قراءته اسمها كاملاً في الجواز عندما ذهب لإنهاء حجوزاتهم.. أو ربما كان قد قرأه ونسى..
ثم تذكر أنه لم يمسك جوازها أصلاً بل كان بحوزة مساعد منيف الشخصي الذي أرسله معه وكأنه لا يثق به.

وعى من تقريعة لنفسه وظنونه على صوت رنّات الكعب على الأرض الرخامية.. رفع رأسه والتفت حيث المصدر ليجد زوجة حمد ترتدي فستاناً لمنتصف ساقها تضع شالاً على كتفها وكأنه كفيل بتغطية مفاتنها الظاهرة له..
ابتسمت له ونطقت بغنج واضح بعد أن جلست جوار حمد: مساء الخير..
حمد بلهفه : مساء الورد يا قلبي .
على عكسه رد بدر ببرود يتأملها وفي باله يفكر بموضوع آخر : هلا.
عادت بظهرها للخلف تضع قدماً على الأخرى : كيفك بدر؟
أخرج هاتفه من جيبه بعد أن رن ليجد اسم حنين.. أصمته ورفع عينيه لها يبتسم: بخير.. ماشاءالله وش مسوية لعمي صار أصغر من عمره مابغيت أعرفه.
نظرت لحمد تغمز له : سر ..
ثم قربت فمها المصبوغ بملمع شفاه أحمر من أذن حمد تهمس له شيئاً.. ابتعدت عنه لتقول بغمزة : تمام ياقلبي؟
هز رأسه وابتسامه واسعة تعتلي ثغرة.
وقفت : عن اذنكم.

قالتها مبتعده تمشي بتمايل ..
حمد بحده وهو يرى لحاق عيني بدر بجسدها : ولد.
ضحك وهو يعتدل جالساً يتنحنح : افا تغار عليها مني ياعمي؟
تراها بحسبة أم زوجتي.
لم يعجبه كلامه أبدا .. عن أي أمx زوجة يتحدث و -بدور- زوجته أصغر من ابنته حنين ..
بدر بابتسامه : بس بصراحة أجدت الاختيار واضح مهتمه فيك وشكل عملية استئصال الرحم اللي سوتها ناس..
قاطعه بنرفزه : وأنت وش دراك انها سوت عمليه ؟
رفع حاجبيه مستنكراً : شدعوة كنت ناوي تخبي علي يعني؟
لا تنسى أن بنتك زوجتي وهي قالت لي.
حمد بغيض : بنت الكلب .
ضحك : محشوم يالغالي، و عذرا على التطفل بس وش جاك وخليتها تستأصله مره وحده؟ وكيف رضت؟
بضيق : مو شغلك. اهتم بأمور بيتك أزين.
بدر بتفكير : لو اقول لحنين تستأصل...
صرخ بغضب فنبرة بدر كريهه : بدير وبعدين معك؟
انكتم ولا قم انقلع عن وجهي..
لينفجر بعدها بدر بضحكة عالية فقد نجح في استفزازه..

.
.

عبست بضيق في نومها وهي تسمع أصوات بكاء وصراخ مرتفعه وكأن أحداً مرتعباً يستنجد..
فتحت عينيها بذعر أنفاسها تتسارع تنظر لسالم النائم بجوارها..
قفزت من مكانها تخرج من غرفتها وتركض لغرفة خطاب والذي ما إن فتحت بابه حتى وأتاها الصوت واضحاً..
مر على زواجها منه ٥ أيام لم تسمع خلالها صوتاً ولكن اليوم كان مختلفاً..
اقتربت بخطى سريعة ترى وجهه مخضباً بالدموع وملامحه مرعوبة وكأنه شخصٌ واعي يرى رعباً حقيقياً أمامه..
هزته بقوة تنادي باسمه ولم يستيقظ.. كان يحاربها يحاول دفع يديها بعيداً عن جسده حتى سحبته بقوة جالساً..
صرخت بخوف : خطاب..
فتح عينيه على اتساعها أنفاسه تتسارع وكأنها انقذته من الغرق..
تلفت حوله بتوهان وتشتت ونظر لها لازالت اهدابه متلاصقه..
دفعها عنه بقوة يتصدد بوجهه وبصوت مقطوع من أثر الصراخ : خلاص صحيت.. اطلعي.
يكاد قلبها يخرج من مكانه من شدة الرعب.. كانت قد سمعت أن صراخة مرتفع، وأن صوت بكائه مخيف.. لكن لم تتوقع إلى هذا الحد..
الحقيقة كانت أكثر رعباً..
هلا بلعثمه : وش صار لك؟
ابتلع ريقه يمسح وجهه بكفه : ما صار شي.. اطلعي.
حاولت أن تتحكم بنبرة صوتها : منيب طالعة.. فهمني وش هالصراخ كله؟
يريدها أن تخرج فكمية الرعب التي سببها لها والواضحة بوجهها تقتله.. يخشى أن تهرب منه وتخاف كما فعلت زوجته الأولى.. زفر وهتف بصراحه : ماتخافين من الجنية اللي فيني تطلع لك؟
عبست: جنية ايش اعوذ بالله ؟..
خطاب بضحكة باردة : ماجاك من الكلام شي أجل؟ لا صعبة صعبة ما أظن ماوصلك شي..
سكتت تنظر لجانب وجهه.. قلبها يكاد يتفطر من منظره.. كثير عليه كل هذا.. خطاب لا يستحق كل هذا.. ما الذي رآه كي يصرخ مفزوعاً في نومه هكذا..
تعلم مايقصد وقد وصلها كما وصل لغيرها .. بل أن النسوة تناقلنه فيما بينهن.. فوالدة هند حرصت أن تخبر الجميع بأنه لم يقترب من ابنتها أبداً ، بل أنه عزلها في غرفة لوحدها حتى بات الأغلب يشكك في رجولته تارة والبعض يشكك بوجود من يسكن جسده تارة أخرى ..
هلا بعد صمت : أنا أشوف بعيني مو بإذني.. غير إن هذيك هند. وأنا هلا وفيه فرق..
وبعدين لو سمحت ممكن تبطل تجيب سيرتها قدامي؟ لأنها أبغض مخلوق حي عرفته في حياتي ..
بابتسامة الدموع لازالت تبلل أهدابه : هذي غيره الحين؟ بعدين أنا ما جبت سيرة أحد.
هلا بغيض : سميها مثل ماتبي.. وحتى لو المهم إنك ماتذكرها قدامي أبد.
خطاب بهدوءx : ماتوقعتك غيورة كذا.
هلا بنبرة صادقة : للأسف إنه طبع فيني عجزت أغيره..
اي شي يخصني ما أحب أحد يشاركني فيه.
ابتسم لها ينزل بصره مخجلاً من كل شيء حدث معه الليلة.
يكره الليالي التي يصرخ فيها مُفزعاً بها من حوله.. يكره بكاءه ويكره نظرة الشفقة التي يراها في عينها في هذه اللحظة..

إن كان هو فسرها كذلك.. فهي كانت النقيض عند هلا.. لم تكن نظرتها سوى حبٌ مصفى كم تتمنى أن تهدي له من خلالها سعادتها وراحتها..
يقتلها بريق عينيه ونظرة الخجل التي تنطق بها..
بهدوء : ممكن أسألك سؤال؟
نظر لها بأسى، لتردف : وش تشوف وأنت نايم؟
خطاب بهدوء : كابوس!
هلا : في مين؟
بعد فترة وفمه تقوس للأسفل : أمي..
ثم ارتعش صوته وصورة عندما كان بالثامنة تتشكل أمامة : و..سند!
ارتجف فكها وهي تقترب منه تجلس أمامه وتمسح بأصابعها دموعه التي بدأت تسقط بهدوء : ليش تصيح طيب؟
ثم بكت، فشكل فمه متقوساً لأسفل بحزن و وجهه مخضباً بالدموع نحرها : حبيبي خطاب لا تبكي.. أنت أقوى من كذا..
هز رأسه مؤيداً ماقالت دون أن يعنيه. فدموعه لازالت تسقط بكل هدوء وضعف ..
تنهدت وهي تمسح دموعها بكتفها : طيب ممكن أطلب منك طلب؟
أدري إني مصختها بس تحملني.
نظر لابتسامتها الهادئة ليبادلها أخرى دون أن تصل لعينيه .
هلا بثبات : ممكن تسمح لي أنام عندك؟
ثم أردفت بسرعة عندما تغير وجهه : بس أنام..
والله ما أسوي شي.

لم تنتظر إجابته.. وقفت تجلس في الجهة الأخرى وعينه تتابعها.. قلبه يكاد يخرج من مكانه وهو يراها تتمدد تضع وسادة بينها وبينه لتقول بنبرة مرحة : هاه شوف هذي المخدة بيني وبينك أشوفك تسوي حركات كيني ميني..
ضحك لها ولنظرتها ونبرتها والأمان الذي سكنه عندما شعر بيدها تمسك يده بقوة من تحت الوسادة..

.
.

دخل غرفتها بعد أن طرق الباب ليراها تجلس وسط أغراضها وحقائبها الكبيرة مفتوحة أمامها.. تركت مابيدها لتقفز وتتجه نحوه تقبل خده : هلا والله بقلبي.
ابتسم يمسك يدها بقوة : وش مسوية بغرفتك أنتي؟
بهدوء كعادتها عندما تحادثه : خلاص مابقى شي على رجعتنا وأنا اعترف إني غلطت يوم تأخرت بترتيب اغراضي.. صراحة انصدمت ما توقعت ان عندي اشياء كثيرة كذا.
بحنان بالغ وهو يجلس على اريكتها ويسحبها تجلس جواره : حبيبتي نادي العاملة تساعدك.. لا تتعبين عمرك..
احتضنت كفه بين يديها: جاتني مسكينة تعرض خدماتها بس تعرف أنت ما أحب أحد يلمس اغراضي غيري . متى يجي بعد بكرة متحمسة أشوف السعودية بشكل ماتتصوره.
خفت ابتسامته : لا تتأملين كثير عشان لا تنصدمين.
دانه : بالعكس والله كل شي حلو ينتظرني هناك..
رفع حاجبيه مستنكراً : غير الوظيفة اللي تنتظرك وشو ؟
ابتلعت ريقها ترتب كلماتها وهي تعلم أنه سيغضب : يعني...
والله إني متحمسة أشوف أبوي ..
ارتخت ملامحه : إيه.. أبوك.
دانه بسرعة وتبرير : أدري إنه ماطق لي خبر...
بس غصب عني أشتاق له آخر مره شفته يوم كان عمري ١٠ سنوات وللحين صورته في بالي..
سكتت لتردف بعد ثواني بتنهيدة : أنت كلمته؟ درى برجعتك؟
بضيق من هذا الموضوع: ايه. ولا تتأملين شي منه عشان لا تنصدمين..
تعلم ما الذي عكر مزاجه ومحى ابتسامته. عادت تقبل خده تميل برأسها على كتفه : حبيبي أنت حياتي كلها ويكفيني وجودك فيها.
ابتسم بضيق يربت على فخذها دون اجابه..
دانه بتنهيدة : لميت اغراضك ولا ألمها لك؟
منيف : عاد أنا موب مثلك قلت للعاملات يسوون المهمة عني .
بس اذا تبين اساعدك تراني فاضي .
قبلت كتفه لتقف وتسحبه من يده : لا تسوي شي بس تعال جنبي وسولف علي..
لم يتحرك بل سحبها قبل أن تبتعد.. قال بتردد وقلق : دانة إن رجعنا بتروحين له تسكنين معه ؟
شدت على كفه تهتف بصدق : أنا مستحيل اتركك.. مستحيل حتى لو أبوي طلب مني اترك كل شي عشانه.. انا مالي غيرك وأنت مالك غيري.. للأبد.
قالتها وغمزت له ليضحك براحه بعد أن شبكت أصابعها بأصابعه..

.
.

خرج من مواقف المطار مستقلاً سيارته.. يضع حاجياته في المقعد جواره ويزفر بتعب من بعد رحلة قضاها في السماء مدتها تزيد عن سبع ساعات..
يشعر بالنعاس يداعب عينيه فمد يده للمسجل يقلب فيه بين المحطات عله يجد شيئاً يلهيه حتى يصل لمنزله الذي يبعد قرابة الساعة عن مطار الملك فهد.

.

الصمت يعم السيارة فقد حاول بدر أن يبدأ حواراً وأسكته منيف الجالس جواره بملل : أنتبه للطريق.
ابتلع ريقه وسيارته تطوي الطريق الطويل أمامه..
للتو وصلوا من أستراليا التعب يكاد ينهش جسده.. رحلة متعبة عقلياً أكثر من كونها متعبة جسدياً، تفكيره لم يتوقف عن الذهاب لها حيث كانت تجلس بجوار منيف على بُعد عدد لا بأس به من المقاعد..

رفع بصره للمرآه الأمامية ينظر لها حيث تجلس خلفه تصد بوجهها تنظر من النافذة للخارج.

ذهبت به ذاكرته عندما رآها لأول مره في منزل منيف .. لم تكن تعلم بوجوده لتدخل عليهم المكتب مبتسمة وتتلاشى ابتسامتها برعب وهلعx عندما رأته وصرخ منيف : بنت اطلعي ..
اغلقت الباب خلفها بذعر ليبقى مبهوتاً من التي كانت تقف أمامه لأقل من ثانيه تنادي منيف بغنج وصوتٍ عذب..
ليلتها سمع تهديداتٍ من منيف شاب منها رأسه..

بعدها بأيام دخل ساحة منزل منيف الواسعة ليراها تجلس على أحد الكراسي تتحدث بالهاتف بانشغال.. حجابها على رأسها وتحرك بين أصابعها الكمام الذي تغطي به وجهها عندما تخرج..

ظل ينظر لها بافتتان واضح تضحك وتتحدث حتى رفعت رأسها و وقعت عينها بعينه..
ارتعبت وأغلقت الهاتف لتقف مبتعده باتجاه مدخل المنزل لكنه لحق بها وأمسكها من ذراعها : دقيقة ياحلوة،، انتظري..
برعب وهي تحاول تحرير يدها : اترك يدي. وخر عني يا حيوان.
حاول سحبها ولكنها فاجأته بلكمة في منتصف بطنه بيدها الأخرى ليكتم صرخته بألم ينظر لها بحقد تبتعد لداخل المنزل بسرعة.

زفر بقهر وهو يشعر بنارٍ تلتهم معدته.. لن يتركها أبداً حتى وإن دفع حياته لأجل ذلك..
ليلة واحدة مع كتلة الدلال هذه تسوى عمراً كاملاً..

لم يدرك بأنه كان سارحاً يحيك الخطط إلا بعد صرخة منيف تتبعها صرخة دانة وأصوات مرتفعه تلاها ارتطام قوي شعر به من جهته.

.
.

تحرك في فراشه بضيق قلقاً بعد أن رن هاتفه فالساعة الآن قرابة الثانية بعد منتصف الليل..
التقطه ورأى اسم خالد ليجيب بتوجس : الو؟؟
وصله صوت خالد لاهثاً : خطاب الحقني.. تعال مستشفى التعليمي.. بسرعة تكفى.
وقف بخوف : وش فيك؟ متى وصلت أنت؟
خالد بصوت مرتجف : سويت حادث وأنعدمت السيارة الثانية ..
تكفى تعال .. الحقني..
خطاب وقد بدأ بخلع ثيابه بسرعة بعد أن شغّل الأنوار ليلمح هلا تنظر له بخوف -وقد نسى انها أصبحت تنام بجواره من تلك الليلة - : طيب جاك شي ان..
لكن خالد المرعوب أغلق الخط..

.
.
.

# نهاية الفصل الخامس ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

شبيهة القمر 26-10-18 06:36 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
وطن نوره ..وانا اسعد والله .. يكفينا وجودك وهذي الرائعه الي بين يدينا ..الله يسعدك💕
واخييييييراااا بيلتقي خطاب بمنيف .. سبحان الله من اول يوم له بالسعوديه .. اتوقع منيف يحتاج تبرع بالدم بسبب الحادث وبيتبرع له خطاب قبل يعرف اسمه ومن هنا بتكبر العلاقه بينهم ..وبيعرف خطاب ان القدر ساق له عدوه بطبق من ذهب بس الي ابي اعرفه كيف بيثبت خطاب الجريمه على منيف !! هو مجرد شاهد فقط بس مافيه دليل يثبت هالشي ..
محمد ... ياصبر الارض لا انت ولا اختك مدري وش مصبر زيد عليها 🤕
دانه .. الحين هذي ماخذها مربيها والا زوجته والا ايش !!ولييه يخاف انها تروح لابوها ؟؟هل هي متزوجته غصب عن ابوها !!اتوقع ابوها واحد من ربعه في الجريمه ..ويمكن هدده يايعطيه بنته ياانه بيبلغ عنه

وطني ..تسلم الايادي الجزء اليوم احسه بداية القصة وبداية احداث جديده ..باقي ماعرفنا سبب مقتل منيف لابو خطاب وليش ابو خطاب كان هربان منه وايش العلاقه بينهم !!!
وان شاءالله اكون متواجده بكل جزء ..
ننتظر الجزء القادم بكل حمااااااس 🕺🕺🕺

فيتامين سي 26-10-18 03:31 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارت رااااااااائع وطن نوره تسلم يمينك حبيبتي والله يسعدك مثل ماتسعديننا
والمعذره لو ماساعدتنا الظروف للرد على البارت

نأتي للأبطال
محمد وماظلمناهم ولكن كانو أنفسهم يظلمون المفروض لما عرف برفض هلا له مايصمم
على إنه يتزوجها وخاصه إنه عارف بحبها لخطاب لكن هو نفذ اللي براسه ماهو كله حب
لا عناد وتحدي وحقد على خطاب وبعد ماتمم الزواج حس ببرود هلا معه لكن هي ماقصرت
معه ولا خانته لكن هذا كل اللي تقدر تقدمه له وهو ماساعدها حتى تحبه لأنه حاط براسه إنها
تحب خطاب وأصبح يستفزها بتصرفاته لإثارة غيرتها وإنتقام منها وهذا أدى لنتيجه عكسيه
أفضل شيء سواه محمد إنه ماحاول يأخذ سالم من هلا وهذا أفضل يمكن له هو لأن مانعرف زوجته تتقبل سالم أولا فريح راسه وتركه عند أمه


هلا وخطاب
هلا بحبها الكبير لخطاب ومعرفتها بالظروف اللي مر بها راح تحتويه وتكون هي بلسم جروحه وهي
اللي بتساعده للشفاء من كوابيسه وراح تكسر الحواجز اللي وضعها خطاب بينها وبينه واحد تلو الآخر
خطاب كل مايمر وقت تكبر هلا في عينه زياده بالرغم من أنها كبيره من أول ويحبها لكن هو راحمها
من الوضع اللي هو يعيشه

الحادث اللي وقع لخالد هو اللي راح يوصل خطاب لمنيف والله يستر من خطاب ومايتهور أو تشتد حالته بعد رؤيته لمنيف اللي بيجسد الماضي أمامه
أتمنى أنه ينتقم منه بطريقه ماتظره ممكن يبحث وراه ويبلغ عن مصايبه

دانه ومنيف مانوع العلاقه بينها وبينه أعتقد إنها زوجته وأظن حياتها مع أبوها سيئه لدرجة تفضل
حياتها مع منيف عنها فما الذي فعله والدها لها والى أي مدى هو سيء
منيف لما خبأ زواجه من دانه إذا هو متزوجها خاصه بعد كلام بدر له هنا خلاني أشك إنه ماتزوجها
وإذا ماهو متزوجها ماصلته بها هل يقرب لها

حمد مازال على حاله سبحان الله اللي حنين بنته حقير وماعنده غيره ولا رجوله كيف يسمح لزوجته اللي ماتستحي تظهر كذا أمام بدر النذل مثله

بدر والله مايستاهل حنين واضح إن ماعنده أي مانع يمشي ورى منيف ويعمل أي شيء يطلبه منه منيف أبو عين زايغه نهايته سوداء أظن

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه



وطن نورة ،، 31-10-18 05:52 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3707342)
السلام عليكم
وطن نوره ..وانا اسعد والله .. يكفينا وجودك وهذي الرائعه الي بين يدينا ..الله يسعدك💕
واخييييييراااا بيلتقي خطاب بمنيف .. سبحان الله من اول يوم له بالسعوديه .. اتوقع منيف يحتاج تبرع بالدم بسبب الحادث وبيتبرع له خطاب قبل يعرف اسمه ومن هنا بتكبر العلاقه بينهم ..وبيعرف خطاب ان القدر ساق له عدوه بطبق من ذهب بس الي ابي اعرفه كيف بيثبت خطاب الجريمه على منيف !! هو مجرد شاهد فقط بس مافيه دليل يثبت هالشي ..
محمد ... ياصبر الارض لا انت ولا اختك مدري وش مصبر زيد عليها 🤕
دانه .. الحين هذي ماخذها مربيها والا زوجته والا ايش !!ولييه يخاف انها تروح لابوها ؟؟هل هي متزوجته غصب عن ابوها !!اتوقع ابوها واحد من ربعه في الجريمه ..ويمكن هدده يايعطيه بنته ياانه بيبلغ عنه

وطني ..تسلم الايادي الجزء اليوم احسه بداية القصة وبداية احداث جديده ..باقي ماعرفنا سبب مقتل منيف لابو خطاب وليش ابو خطاب كان هربان منه وايش العلاقه بينهم !!!
وان شاءالله اكون متواجده بكل جزء ..
ننتظر الجزء القادم بكل حمااااااس 🕺🕺🕺

ياهلا والله وسهلا :flowers2:
حبيبة قلبي الله يسعدك على إطرائك :flowers2:
خطاب ومنيف لسى الطريق طويل قدامهم ويمكن اللقاء الأول مايكون مثل ماتمنى خطاب لكن أكيد فيه لقاءات ثانية :rolleyes:
ههههههههههه حرام عليك محمد وأخته صحيح بثرين بس تراهم مو سيئين للدرجة ذي
علاقة دانه ومنيف في هالجزء ياعيوني

حبيبتي الله يسعدك والله إن مرورك يسعدني فوق ماتتصورين ويشرفني وجود قارئه رائعة مثلك لكتاباتي المتواضعة ♥
نورتي والله وبإذن الله تلاقين أجوبه لتساؤلاتك في الفصول القادمة ♥

وطن نورة ،، 31-10-18 05:54 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3707352)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارت رااااااااائع وطن نوره تسلم يمينك حبيبتي والله يسعدك مثل ماتسعديننا
والمعذره لو ماساعدتنا الظروف للرد على البارت

نأتي للأبطال
محمد وماظلمناهم ولكن كانو أنفسهم يظلمون المفروض لما عرف برفض هلا له مايصمم
على إنه يتزوجها وخاصه إنه عارف بحبها لخطاب لكن هو نفذ اللي براسه ماهو كله حب
لا عناد وتحدي وحقد على خطاب وبعد ماتمم الزواج حس ببرود هلا معه لكن هي ماقصرت
معه ولا خانته لكن هذا كل اللي تقدر تقدمه له وهو ماساعدها حتى تحبه لأنه حاط براسه إنها
تحب خطاب وأصبح يستفزها بتصرفاته لإثارة غيرتها وإنتقام منها وهذا أدى لنتيجه عكسيه
أفضل شيء سواه محمد إنه ماحاول يأخذ سالم من هلا وهذا أفضل يمكن له هو لأن مانعرف زوجته تتقبل سالم أولا فريح راسه وتركه عند أمه


هلا وخطاب
هلا بحبها الكبير لخطاب ومعرفتها بالظروف اللي مر بها راح تحتويه وتكون هي بلسم جروحه وهي
اللي بتساعده للشفاء من كوابيسه وراح تكسر الحواجز اللي وضعها خطاب بينها وبينه واحد تلو الآخر
خطاب كل مايمر وقت تكبر هلا في عينه زياده بالرغم من أنها كبيره من أول ويحبها لكن هو راحمها
من الوضع اللي هو يعيشه

الحادث اللي وقع لخالد هو اللي راح يوصل خطاب لمنيف والله يستر من خطاب ومايتهور أو تشتد حالته بعد رؤيته لمنيف اللي بيجسد الماضي أمامه
أتمنى أنه ينتقم منه بطريقه ماتظره ممكن يبحث وراه ويبلغ عن مصايبه

دانه ومنيف مانوع العلاقه بينها وبينه أعتقد إنها زوجته وأظن حياتها مع أبوها سيئه لدرجة تفضل
حياتها مع منيف عنها فما الذي فعله والدها لها والى أي مدى هو سيء
منيف لما خبأ زواجه من دانه إذا هو متزوجها خاصه بعد كلام بدر له هنا خلاني أشك إنه ماتزوجها
وإذا ماهو متزوجها ماصلته بها هل يقرب لها

حمد مازال على حاله سبحان الله اللي حنين بنته حقير وماعنده غيره ولا رجوله كيف يسمح لزوجته اللي ماتستحي تظهر كذا أمام بدر النذل مثله

بدر والله مايستاهل حنين واضح إن ماعنده أي مانع يمشي ورى منيف ويعمل أي شيء يطلبه منه منيف أبو عين زايغه نهايته سوداء أظن

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه





ياهلا وسهلا فيتامين سي والله اني فقدتك واشتقت لك ولردودك والحمدلله على عودتك ومعذورة ياقلبي أهم شي انك بخير ♥♥

محمد رد فعل طبيعي انه يطنقر واخذ ولده لكن الموضوع يبي له ترتيب ةتحمل مسؤولية طفل شاله من حضن أمه ورماه في حضن زوجة أب مهما كانت طيبة لذلك الأسلم يتركه لها ..
غير ان زواجه من هلا كان مبني على أمال وطموحات انها ممكن تتغير مع العشرة الطيبة وتتقبله مثل أي بنت تكون رافضه وهو شخص مو سيء مثل ماذكرنا لكن مشت سفينته عكس مايشتهي..

خطاب طفل في جسد رجل يحتاج أحد يحتويه يخليه يفضفض عن اللي يخفيه من يوم كان طفل ومافيه غير هلا اللي مستعده تفني حياتها لسعادته ♥

فيه بعض الرجال يحتاجون حرمه تكون صارمه توقف في وجيههم ماتسمح لهم يتمادون وحنين للأسف ضعيفة واستغل بدر هالنقطة فيها لكن لابد يجي يوم تنتفض في وجهه وتطلع بوجه ثاني

الله يسعدك فيتامين سي فعلا إنتي فيتاميني بردودك ومرورك ♥♥
لا تحرميني ردودك اللي أنتظرها بفارغ الصبر ♥♥

وطن نورة ،، 31-10-18 06:03 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٦) الفصل السادس ،،
°
°


أتمنى لو أنّي أستطيع أن أخبرك أني أخاف عليك
من الحزن ومن الخسارات.. ويؤلمني أن تضعف..
أخاف عليك من حزن الدُنيا ومن فجائعها الصغيرة..
أخاف على قلبك أن ينكسر ..
أخاف على صدرك أن يشعر بالضيق ..
وأخاف ألا يكفيك قلبي ،، لتكون بخير ..

،،،

يتمدد بخمول وهو يشعر بأن طاقته سُحبت منه عنوه.. كان قد وصل قبل ساعتين لطوارئ المستشفى ليجد خالد يجلس واضعاً رأسه بين يديه..
قميصه مشقوق ملطخ بالدماء وشعره اشعث..
اقترب منه بلهفه : خالد .
قفز واقفاً ما إن رآه ليرى وجهه مرعوباً وحاجبه الأيمن قد اختفى تماماً تحت الشاش الأبيض المثبت باللاصق..
أمسك بكتفيه يتفحصه : جاك شي؟
خالد بخوف : لا لا أنا بخير .. بس السيارة الثانية خطاب.. انعدمت..
خطاب بتوتر أجلسه : إهدى وفهمني شلون صار الحادث؟
اخذ أنفاسه يحاول أن يجمع شتات نفسه : ما أدري.. كنت أسوق عادي ويمكن غفيت أو السيارة الثانية مالت علي... ما أدري،، خطاب كل شي صار بسرعة وصدمت فيها وتقلبت.. أكثر من مره..
تسارعت أنفاس خطاب بتوتر واضح : طيب.. الحمدلله إنك بخير.
خالد بقلق واضعاً كفيه على رأسه يمسح شعره ينظر للمكان حوله كأنه يبحث عن شيء : لا خطاب لا.. السيارة الثانية انعدمت.. أنا ما أدري كيف طّلعوا الحرمه والرجالين اللي فيها.. ومن جينا هنا وهم داخل ما طلع أحد يعلمني وش صار.
ابتلع خطاب ريقه وهو يرى الشرطي يقف خلف خالد بمسافة مسنداً ظهره على الحائط خلفه وكأنه ينتظر ..
خطاب بهمس : الخطأ عليك ولا عليهم ؟
خالد بتوهان : ما أدري .. ما أدري ما أذكر شي.
همس بقلق : إن شاءالله خير.. هد نفسك أنت وان شاءالله خير.

بعدها بوقت أعلنت المستشفى حالة الطوارئ وحاجة بنك الدم لفصيلة (O-) للمصابة التي تعاني من نزيف حاد ،، دانه الوهّاج..
ليقف متوجهاً نحو بنك الدم في نفس الوقت الذي مر من جانبه رجلان احدهما يركض والآخر يتبعه على مهل وكأنه أتى مجبراً.. يسأل الشرطي بلهفه وخوف : ولدي بدر وينه؟؟

زفر بتعب يشعر بأن المكان يدور به وكأن عروقه قد جفت بعد كمية الدماء التي سُحبت منه .. لا بأس.. المهم أن يكون الجميع بخير من أجل خالد الذي تركه يضرب أخماساً بأسداسٍ خارجاً..
جاء الممرض يتأكد من وضعه الصحي بعد -الدوخة- التي حدثت له عندما انتهى من التبرع.. ابتسم له بتودد : أفاا ما خلصت العصير!
خطاب بتعب : خلاص مايحتاج أحس إني أحسن..
وش صار على البنت؟
ابتسم له يسحب كرسياً ويجلس : لا أبشرك وضعها صار مستقر..
خطاب بزفره : واللي معها؟
عقد حاجبيه بتفكير : الشايب ماجاه شي غير شق بالراس وتمت خياطته والرجّال الثاني كسور و رضوض ونزيف بالرئه لكن الحمدلله تمت السيطرة عليه والحين تحت الملاحظة.. من حسن حظ خويك..
أغمض عينيه يتنهد غير مصدق لما سمع: الحمدلله..
ظن أنه يهذي عندما سمع أصوات صراخ في الخارج من بينها كان صوت خالد .
لكن الممرض الذي وقف بقلق أثبت بأن ما سمعه حقيقة..
تحرك من مكانه بسرعة ليميل جسده للأمام بعد أن شعر بالدوار فأمسكه الممرض: إنتبه .
أبعده عنه وخرج مسرعاً حيث الأصوات القريبة جداً من المكان الذي كان يرتاح به ليرى ما افزعه..
رجلان يتقدمهم واحد برأس ملفوف بشاش ومقوي حول رقبته يمسك بمقدمة قميص خالد يصرخ بوجهه مهدداً..
ولا أثر للشرطي..
ركض بسرعة على صراخه مهدداً بغضب : والله العظيم ما اخليك.. لو صار في بنتي شي والله ما ارحمك والله لا أطلع روحك بيدي يال*..
حاول خالد بشكل مستميت أن يحرر نفسه لكن لا جدوى ولم يشعر سوى بجسد خطاب يحول بينه وبين من يحاول خنقه ليدفعه للخلف بمساعدة من الممرض الذي ما إن رأى وجهه الغاضب حتى وانطلق يطلب المساعدة من الأمن .
بصراخ وهو يحاول أن يحرر نفسه من الأيدي التي تسحبه للخلف : .. ياسر اتركني.. والله ما ارحمكم يا عيال ال* ..
والله يا عياااال ال* ما اخليكم.
احتدت أنفاس خطاب برعب بعد أن أمسك مقدمة ثوبه .. وجهه يكاد ينفجر من شدة الغضب ..
تكلم من يقف خلفه يحاول سحبه : منيف اتركه عنك بتذبحه..
منيف بصراخ : ياسر اتركني .. وخر عني أحسن لك.. وخر أقولك..
وخررر.
ياسر بصعوبة من شدة مقاومة منيف له. : حمد روح ناد أحد ماعاد اقدر أمسكه.. ولا تعال ساعدني لا توقف تتفرج كذا..
ليمشي حمد ببرود وصمت مبتعداً عنهم..

وقعت عيني خطاب بعين الذي يدعى ب"منيف" بعد أن سحبه ناحيته..
في صميم عينه الغاضبة وشعر بأنه يختنق بأنفاسه.. اتسعت عيناه بهلع ولم يستطع أن يرمش حتى بعد أن دفع خالد منيف بعيداً عن خطاب ليقيده من يقف خلفه مرجعاً يديه للخلف..
لم يرمش حتى بعد اندفاع الهواء لصدره عندما تحرر عنقه من اليدين التي تحاول خنقه..
ولم يرمش - بل شعر بأن قلبه سيتوقف - عندما لمح الوحمة الحمراء الكبيرة في خده الأيمن..
وحمة حمراء كبيرة وداكنة تبدأ من أطراف وجهه الأمرد الخالي من الشعر..
وحمه حمراء كبيرة وكأنها كرة ملتهبه في بياض وجهه..
وحمة حمراء كبيرة كان قد رآها لرجلٍ قد عرّفه والده لهم بأنه "الصديق منيف" .. صديق العائلة الجديد..
وحمة حمراء كبيرة يتذكر بأنها قد افزعته في أول مرة رآها فيها مستنكراً وجودها ظناً منه بأنها دماء تلطخ وجهه..
وحمة حمراء كبيرة يتذكرها جيداً في ليلة حالكة السواد .

كان كالثور الهائج يحارب بكل قوته كي يتحرر.. يشتم المدعو ياسر ويهدده.. يتوعد بخالد الذي يحاول دفعه كلما اقترب منهم ويحلف بقتله..
بدأ ياسر بالصراخ مستعجلاً القادمين نحوه يركضون.. لم يكن يتخيل بأن منيف لايزال قوي البنية حتى بعد هذا العمر..

لازال يقف مكانه يشعر بالأرض هلامية تحته.... عيناه لازالت تنظر لعيني منيف الذي حاول الجميع تثبيته من شدة قوته المفرطه.. وكأن إصابته ماهي إلا وقود يزيد من قوته.. لا يرى أحداً سواه وكأن المكان أصبح رقعة بيضاء والبقية ظلال تتحرك حولهما..
وقف خالد أمامه بخوف ليحجب الرؤية عنه.. يحاول أن يستنطقه بعد الصمت الرهيب الذي لفه.. يسأله إن كان على ما يرام والإجابة وضحت له عندما رآه يلتفت للممرض يناديه ليقف الآخر أمام خطاب..
نقل بصره عليهما.. يرى شفاههم تتحرك يحادثونه وعلامات الخوف تعتلي وجوههم لكن لم يصل له شيء مما يقولون..
رفع بصره ليقع على منيف مجدداً و الذي أصبح الآن يفترش الأرض يرفس بأقدامه يحاول التحرر من الجميع.. يصرخ بأسمائهم حتى بحّ صوته.
الأصوات حوله أصبحت عائمه..

منيف .. حمد .. ياسر
منيف .. حمد .. ياسر
منيف .. حمد .. ياسر
ترددت الاسماء في عقله..
تدور حول رأسه..
قد سمعها مراراً قبل هذه المره وفي كل مره يكاد قلبه يتوقف من شدة الترقب لرؤية أصحابها عله يجد ضالته.
لكن هذه المره مختلفه..
لأول مره يسمعها مجتمعه لثلاثة رجال يعرفون بعضهم يقفون أمامه -ويستحيل أن تكون صدفة- ..
"يارب مو صدفة.. يارب مو صدفة.. يارب مو صدفة "..

عاد به خياله للماضي.. حيث منيف يناديهم للسلام عليه ليأخذ معه سند ويرحل..
ثم بثلاث رجال يقفون على بُعد مسافة منه يتناقشون .
ثم بصوت يهدد بصرامة : حمد ،،x ياسر .. لا أوصيكم أبي أسمع خبرهم الليلة.
يتوه عن جميع الأصوات إلا هذا الصوت.. يعرفه حقاً ،، حقيقةً وحلماً..
اتسعت عينيه عندما وقعت بعيني منيف الحاقده من جديد والذي خارت قوته بعد المجهود الذي بذله واستسلم للذين اجلسوه.. أحدهم يهدد فوق رأسه..

كانت مجرد دقائق.. ثواني ربما..
لكنها كانت كفيلة بأن تسلب منه كل شيء حتى يقع غائباً عن الوعي ..

.

كان يشعر بضربات قلبه السريعة حتى أثناء نومه.. فتح عينيه بقوة وكأنه وعى من كابوس ليداهمه ضوء الإنارات الساطع من السقف فوقه..
وصله صوت مُتعب : صح النوم .
ثم أردف عندما لم يصله رد منه : جوالك فضخنا وهو يدق واسمح لي رديت لأن المتصل أختي..
التفت برأسه ليجد خالد يبتسم له بعد الذي قاله.. يجلس على كرسي بلاستيكي بالقرب منه..
لازال حاجبه الأيمن يختفي تحت الشاش الأبيض.. لازال قميصه مشقوقاً ملطخاً بالدماء.. ولازال شعره أشعثاً..
لم يكن يحلم مثل كل مره.. حاول أن يجلس بسرعة لكن صداعاً قوياً ضرب رأسه ليعاود وضعه على الوسادة يتأوه بألم ..
خالد بقلق : تبي أنادي لك الدكتور؟
وضع يده على رأسه حيث الألم يكاد يفتت جمجمته : وش صار؟
خالد : صار لي حادث و..
ليقاطعه بانفاس متسارعة : أقصد منيف.. وش صار عليه؟
خالد باستنكار : منيف مين ؟
خطاب بألم : آه خالد منيب ناقصك.. منيف اللي بغى يذبحك..
خالد بغيض وهو يتحسس عنقه : الله لا يوفقه.. من جد بغى يذبحني..
خطاب محاولاً النهوض : وينه؟ أنا لازم أشوفه..
فز من جلسته ليعيد خطاب مكانه : تشوفه وين؟ ارتاح ..
خطاب بنرفزه : أنا لازم أشوفه.. وخر عني..
خالد : وش تبي فيه راح باللي مايرده إن شاءالله ..
بخوف : وين راح؟
خالد بحقد : أخذ بنته ونقلها مستشفى ثاني مع إن حالتها مستقرة.. بس خسيس ويحب المشاكل و..
بحدة : أنت شلون تخليه يروح؟
باستنكار : وليه ما اخليه وأنا ما صدقت أفتك من شره؟
حتى اللي معه شالوا مريضهم ونقلوه الله لا يبارك فيهم كلهم..
وضع يديه على رأسه بحسره : يالله يا خالد أنت وش سويت؟؟
ثم بدأ يضرب رأسه بغضب : كيف ضاع من يدي؟؟.. كيف؟؟
ليه سمحت له يروح؟ حرام عليك .. حرااام عليك..
خالد بهلع من حالته : خطاب وش السالفة؟ أنت تعرفه؟
ثم بتوتر وهو يحاول أن يمسك بذراعي خطاب الغاضبين : والله ما دريت إنك تبيه ولا كان مسكته لك..
خطاب فهمني وش السالفة؟
خطاب لا تسفهني تكفى تكلم..

لكن خطاب لم يتكلم بل ظل يصرخ غاضباً متحسراً على وشك البكاء من خسارته التي لا تعوض..

.
.

ابتسم والدموع تغزو عينه عندما رآها تفتح عينيها بوهن و ألم بعد ثلاثة أيامٍ قضتها بالمسكنات.
تنظر للسقف ثم تغلقها من جديد..
شد على كفها بين كفيه : دانه.
تحرك حاجبيها بضيق حتى كادا يلتصقا ببعضهما ..
عاد يهتف بحنو : دنِّي.
ارتخت ملامح وجهها المشدودة لتعاود فتح عينيها.. بؤبؤها يتحرك ببطئ وكأنها تبحث عن مصدر الصوت ..
تحشرج صوته عندما شعر بها تضغط على يده وتأن بألم : ألف لا باس عليك ياروحي.. ليته فيني ولا فيك..
همست بنبرة تشوبها العبرة : جدي..
قبّل يدها ثم اقترب منها يقبل جانب رأسها : سمّي..
بكت وهي تشعر بقبلاته الحانيه على شعرها : جدي..
بخوف : سمي يا روح جدك.. فيه شي يوجعك؟ ليه تبكين؟
دانه بألم : أنت بخير؟ صار لك شي؟
قبّل رأسها مجدداً يضحك لها ولخوفها عليه : جعل عيني ماتبكيك يا دانه.. والله حسيت روحي بتطلع من الخوف.
أغمضت عينيها تبكي من الألم الذي تشعر به يعتصر قلبها بعد الرعب الذي عاشته..
بدأ يمسح دموعها بأصابع يده يحاول تهدأتها وسؤالها عن علتها لتجيبه برجفه : والله خفت.. والله خفت..

حاول أن يحارب دموعه وهو يتأمل وجهها المحبب لقلبه والذي أصبح مبللاً تماماً بدموعها.. متورماً بكدمات داكنة.. الكدمة تحت عينها اليمنى والأخرى القريبة من فمها هما الأبرز .. رأسها الملفوف بالشاش.. يدها اليسرى والجبيرة التي تحتضنها..
جسدها المرتجف وكأنها ستتجمد من البرد.. خرجت من الموت بإعجوبة مع أنها كانت أكثرهم ضرراً..

يذكر حاله بالثلاثة أيام الماضية عندما كانت تستفيق تبكي من شدة الألم فيطلب منهم حقنها وتسكين وجعها.. فعل أي شيء يحول بينها وبين الألم..
يصرخ بالأطباء يكيل الشتائم : أنا ماجبتها مستشفى خاص عشان تتركونها تتوجع..

كان يشعر بألمها يفتك بعظامه ويدمي قلبه..
قوته تلين لأجلها.. لا يضعف إلا أمامها.. دائماً في صفها حتى وإن كانت ضدّه..
هي من آنست وحدته لسنين طويلة وتغلغلت لأعماق روحه حتى بات لا يرى سواها..

يذكرها طفلة رضيعة بين يديه.. تنظر له تبتسم مع أنها لا تعرفه..
تكبر قليلاً تضع يدها على وحمته.. تلعقها ظناً منها بأنها حلوى..
تقول له بعد عدة سنوات وقد بلغت السادسة عشر من عمرهاx : تدري إني بحثت في الإنترنت عن الوحمة اللي بخدك؟
ليبتسم لها وللمعة الفضول في عينيها : صدق؟ وش طلع معك؟
بجدية : وحمة دموية وعند ناس كثير.. وممكن تشيلها لو تبي..
رفع حاجبه مستمتعاً : إذا تبيني أشيلها، شلتها.
ابتسمت له تغمز بمرح : لأ طبعاً ، عاجبتني ومعطيتك كاركتر ماحصلش ..

مسح على وجنتها بعد أن خارت قوتها ونامت..
ابتسامه هادئة تعتلي ثغرة.. والإتصال الذي أتاه وغير حياته قبل أكثر من أربعةٍ وعشرين عاماً هو ما يدور في عقله..

*

بصدمة بعد أن وصله صوت المتصل : جابر؟
جابر ببرود وجمود ولم تخفى عن منيف نبرة القرف بصوته : إيه جابر.
بعدم تصديق : وش أخبارك؟ أنت من وين جبت رقمي؟
بضحكة : أنت سافرت صح بس كلابك للحين هنا .
منيف وكل شيء في عقله أختفى.. حاول أن يقوي صوته فهو بعد كل شيء منيف القوي لا يهزه شيء ولا يؤثر به شيء.. بغضب : أجيك لو إني بآخر الدنيا و أقص لسانك ياللي ماتستحي. خير وش عندك داق؟ توك تذكر أن عندك أبو ياولد أمك؟
جابر بنبرة مشابهه لنبرة والده : لا تجيب طاري الشريفات على لسانك أحسن لك..
صرخ به : جابر.
جابر بتهكم : مبروك صرت جد.
عقد حاجبيه مستنكراً : وشو؟
جابر : جاتني بنت .
ارتفع حاجبيه بعدم تصديق : جاتك بنت؟ متى تزوجت أنت؟
ومين اللي زوجك وأنت مابعد تكمل عشرين سنة؟
جابر بجمود : زواج أبو شهر وكان مشروط وبعدها تم الطلاق بس بنت ال* غدرت فيني وحملت..
منيف بغضب : أنت أكيد انهبلت.. شلون تسوي كذا؟ تحسب الموضوع لعبه؟
جابر بدون نفس : اسمعني، انا مادقيت أبشرك ولا دقيت آخذ منك نصايح.. أنا داق اسألك، تبي البنت؟
يكاد يفقد عقله مما يسمع : شلون يعني أبي البنت؟
بعدم صبر : اللي قلته ماله تفسير ثاني.. تبيها بجيبها لك أنا ماتلزمني.. توني صغيّر ولا لي بالبزارين وتربيتهم.. أمها وأهلها حذفوها علي وأمي ماتدري بسالفة الزواج ذي من الأساس ومستحيل أقول لها.
وبالأول والأخير هي بنتّي مستحيل أرميها وبنفس الوقت ما أقدر أخليها عندي..
ثم أردف ببرود : تبيها؟

يذكر أنه في ذلك اليوم لم يدع شتيمة في قاموسه إلا وقالها لابنه.. وبخه وصرخ به وشتم والدته التي لم تربي سوى فتى لا مبالي دللتهx بالمال حتى أفسدته ليقول جابر بعد كل ذلك ببرود: يعني تبيها ولا شلون ؟
*

.
.

يتمدد على سريره بجوار سالم الذي يلعب بجهازه اللوحي بما يزيد عن الساعة.. يضع يده تحت خده ينظر للشاشة بخمول ويتابع حركة أصابع الصغير الممتلئة بشرود.. في عقله معركة ستقتله.. هاجسٌ تسلط عليه سيقتله وكأن هذا ماينقصه..

الذي حدث في الاسبوع المنصرم كان كالجاثوم يتكئ على صدره ويستمتع بخنقه.. لازال في مرحلة اللاوعي ، بين المصدق بأنه رآهم وبين المكذب لاستحالة حدوث شيء كهذا بعد مايقارب ربع قرنٍ من عمره..
ليدخل بعدها في هذيان الحمى التي أصابته بعد عودته من المستشفى في ذلك اليوم.. كأن جسده لم يتحمل ما وجد وما فقد بسرعة..
من ليلتها وهو يضع الفرضيات .. والذي كان سيفعله إن لم يذهب منيف والذين معه من بين يديه..
حرارة و مرارة تغزوه تنفض جسده بقسوة وكأنها تلقي عليه اللوم بتركهم يرحلون دون أن يأخذ ثأره منهم كما يجب.. دون أن يبصق عليهم حتى..

وعى على صوت سالم ينادي بانسجام : خطّاب.
بضيق : نعم حبيبي؟
سالم بتفكير : وش أحط شعر؟
رمش أكثر من مره عاقداً حاجبيه ينظر للشاشة حيث سالم منخرط في لعبة الحلاق.. خطاب بتركيز: جرب هذا.
وأشار بأصبعه للشعر الوردي.
ضحك سالم ضحكات متتالية بعد أن وضع ما اقترح عليه ليرفع حاجبيه مستنكراً : وش؟
سالم واضعاً كفه على فمه وصوت ضحكته المرتفع يقاطع كلمته : يضحّك ..

نظر له مطولاً ولم يلبث حتى بدأ يشاركه الضحك بهدوء : ولد خلاص .
لكن سالم لازال يضحك على شيء يجهله.. حتى بعد أن أغلق جهازه ليلقيه جانباً يهتف بنعاس بعد أن أغلق عينيه لازالت الضحكة تشوب صوته : تعبت، بنام .

أغلق خطاب عينيه يشعر بالسكينة تغزو قلبه بعد أن اقترب منه سالم يدفن نفسه في حضنه..

لم يدرك بأنه قد شارك سالم غفوته إلا بعد أن وعى على صوت الذي يناديه، يهز كتفه برفق : خطاب.. خطاب.
فتح عينه وشعر سالم ملتصق برقبته نتيجة تعرق رأسه الصغير أثناء النوم .. التفت برأسه ليجد خالد : وش ذا الخيسة ليه نايمين بالحر؟
خطاب بخمول عاد يضع رأسه على وسادته : هلا تقول .
خالد باهتمام : للحين تعبان أنت؟ سألتها تقول صار لك يومين اشوى.
خطاب مغمضاً عينيه : مم..
سكت خالد يتأمله.. ثم قال بجدية : اجلس واسمعني بقول لك شي.
لازال على وضعه : والله مالي خلق خالد.. أتركني بحالي.
خالد : انت وش فيك ؟؟ اسأل هلا عنك تقول من الشغل للبيت ومن البيت للشغل وطول الوقت ساكت وحابس نفسك بالغرفة؟ وش صاير؟
خطاب بزفرة بعد أن شعر بثقل خالد يجلس على السرير : تعبان.
خالد : تعبان ولا اللي صار بالمستشفى حاسك حوس؟ خطاب اقعد زين وفهمني أنت للحين متضايق ؟
اشتدت أنفاسه : السالفة انتهت لا تقعد تعيد وتزيد فيها.. خلاص!
خالد بعد صمت : عاد تدري من يومها وأنا قلبي موب مرتاح من انفعالك واحس إن ودك تذبحني.. عشان كذا سويت اللي أقدر عليه وجبت اسماء اللي معي بالحادث .
لم يجد أي تجاوب من خطاب ليتابع باستنكار : البنت اللي تبرعت لها اسمها دانه جابر الوهّاج والشايب العايب اسمه منيف سلمان الوهّاج..
اما الثالث اسمه بدر ياسر البدر..

مرت الاسماء على مسمع خطاب وكأنها لا شيء.. لازال يغمض عينيه يظهر اللامبالاة مع أن قلبه يحترق من القهر..
خالد بحاجبين انعقدا : سمعتني؟
تنهد واعتدل جالساً بحرص كي لا يوقظ سالم : سمعتك..
خالد بتعجب : وعادي؟ قبل أسبوع بغيت تذبحني والحين خبر خير ؟
خطاب بمرارة : وش بتفيدني اسماءهم فيه يا خالد؟
خالد : أقلها تعرف وين تلاقيهم.. زيد شرطي وبضغطة زر يقدر يجيب لك كل اللي تبي تعرفه.. استغل معارفك ياخي فرصتك ذي.
خطاب : زيد تعرفه مثالي بزيادة ولا يحب يدخل العلاقات الخاصة بشغله .. عشان كذا لا احرجه ولا احرج نفسي.x
خالد بعد فترة : طيب سؤال..
ابتسم له بضيق : وش طاقة السواليف ذي اللي عندك اليوم؟
خالد بجدية : من وين تعرفه أنت؟
خطاب بجمود : معرفة قديمة.
عقد حاجبيه مستفسراً : طيب وش بينك وبينه؟
سكت قليلاً ليقول بتفكير يبعد نظره عن خالد : تدري يا خالد لو ماراح منّي ذيك الليلة هو واللي معه.. كان يمكن اخنقهم بيديني الثنتين لين أشوف أرواحهم تطلع من عيونهم، أو يمكن أحرقهم واسمع أصواتهم يستنجدون لين يموتون.
هذا اللي بيني وبينه..
قال آخر جملته ورفع بصره ينظر لخالد المبهوت تماماً بعد الذي سمعه..
حاول أن يضحك على خيبته : بس خلاص ماعاد له فايده الكلام ذا الحين.
يمكن خيرَه.
خالد بسرعة : إلا أكيد خيره.. أعوذ بالله خطاب وش هالكلام؟
ناوي تنهي حياتك أنت؟ ماهقيت إن تفكيرك إجرامي للدرجة ذي.
خطاب يرفع كفه -وكأنه يكشر عن مخالبه- : اررر انتبه مني..
رمش خالد أكثر من مره باستنكار لينفجر بعدها ضاحكاً : الله يقلع عدوك تستهبل وأنا على بالي صادق.. خلعتني ياشيخ..
ابتسم بحزن ولمعة عينيه تعبر عن كل شيء عجز عن قوله : أنا أدري عنك.. تعرفني أنا يالله أذبح نمله..
خالد لازالت الضحكة في صوته، وربما هماً وقع عن كتفيه : أعرفك ياقلبي حنون .. بس صدق عاد من وين تعرفه؟
حاول أن ينهي الحوار بأي شكل فما هو إلا تجديد لخيبته : كان صديق أبوي فواز الله يرحمه..
خالد بتفهم : الله يرحمه .. بس يعني انفعالك ي..
خطاب بضيق : خلاص عاد خالد عليتني.. انسى الموضوع.

.
.

تجلس عند إقدام زوجها المجبره والممدودة على السرير..
بصرها يتنقل بين والدها و والد زوجها ليستقر أخيراً على زوجها الذي كان صامتاً طوال اليوم..
لا تصدق بأنه لازال حياً بعد حادثٍ كاد أن يودي بحياته..
ليلتها لم تنم من شدة خوفها أن تستفيق على خبر وفاته..
بكت على صدره كثيراً تعبر له عن خوفها ولم تجد منه سوى الصمت و البرود كعادته.. لا بأس.. المهم أنه بخير.
منذ خروجه من المستشفى كان يتكل عليها بكل شيء حتى دخوله الحمام وخروجه منه خصوصاً مع أطرافه المجبره التي تحد من اعتماده على نفسه .. وكانت هي أكثر من سعيدة لتلبية احتياجاته واعتماده عليها في ذلك حتى وإن كان يلقي أوامره عليها وكأنه يتفضل عليها بذلك..
لا بأس.. المهم انه بخير.
نظرت لوالدها والذي لم تره منذ شهر يتحدث مع ياسر.. ملامح وجهه كعادتها جامده باردة وكأن الذي يدور حوله لا يعجبه.. على عكس ملامح ياسر التي تتسم بالحنان والعطف والاهتمام حتى وإن كان الموضوع لا يستهويه..

ادرات وجهها حيث يجلس بدر لترى عينيه موجهه لها.. ينظر بتمعن..
ابتسمت له بموده ولكنها لم تجد منه سوى ملامح جامده..
مع ذلك همست : تبي شي حبيبي؟
بدر بجمود وعبوس : ليه قاعده عند رجلي ؟
حنين لازالت مبتسمه :x عشان لا بغيت شي أكون قريبه منك يا قلبي .
بدر بحده : لابغيت شي بناديك.. قومي،، ضايقتيني..
ابتلعت ريقها بإحراج بعد أن شعرت بأنظار الموجودين ناحيتها بعد أن قطع صوت بدر حديثهم..
بهمس ورجاء وهي تشير بعينها للجالسين : بدر؟.
لازال صوته حاداً : قومي اقعدي هناك..
ولا اطلعي..
أنقذها من الموقف المحرج صوت والد بدر يهتف بعدم رضا : والله انك مو وجه أحد يرزك.. حنين وأنا عمك تعالي اقعدي جنبي وسعي خاطري اتركيك من عديم النظر ذا.
تحركت من مكانها بسرعة باتجاه ياسر وقبل أن تجلس بجواره وقعت عينها على والدها.. تمنت لو ترى القليل من الغضب يعتلي ملامحه لارتفاع صوت بدر عليها.. لمعاملته السيئه لها و بوجودة.. لكن خابت أمنياتها فلم تجد شيئاً على وجهه سوى البرود ونظرة وكأنها لا تعنيه تتابعها حتى جلست..
ياسر بموده وهو يلف يده حول كتفها : حد يحصل له هالوجه يقابله ويقول لأ؟ مير من يومك وجه فقر يا بدر.
ابتسمت له الدموع تكاد تنفجر من مقلتيها..
عادت تنظر لبدر بعتب لكنه كان قد أغلق عينيه واسند رأسه على وسادته..
كيف له أن يبدو بكل هذا الجبروت وكل هذا الضعف في نفس الوقت..
تشعر به ضعيفاً وهو لا يتحرك إلا بمساعدتها.. شيئاً ما يدور في عقله يجعل منه هشاً نظرته كسيره.. تتمنى لو تحتضنه تجعله ينسى ما يشغل عقله قليلاً.. يعبر لها عن أهميتها في حياته.. كيف أن وجودها أنقذه من أن يتذلل للغرباء لمساعدته في إنجاز أبسط أموره.. بالرغم من قسوته لكنّ قلبها يصبح هشاً رقيقاً في كل مرة تنظر له فيها..

رفعت حاجبيها مستنكرة ردة فعله عندما رفع رأسه فجأة والتفت لحمد وياسر الذين بدأوا يتحدثون عن شخص يدعى منيف ..
حمد : البنيّه اللي نقلها منيف.. دانه، طلعت بنت جابر؟
ماخبرت جابر عنده بنات كبار ؟؟
ياسر بضيقx : الله يستر عليه وعلى بنته.. وش تبي فيهم يا رجّال أعوذ بالله. أنا من شفته وأنا كأني شايف الموت قدامي ما صدقت يسافر عشان يرجع من جديد..
حمد بتجاهل تام نظر لبدر : أثرك صادق يوم قلت عنده وحده..
ظنيتها شيء مؤقت ماهقيت إنها حفيدته!
ابتلعت ريقها عندما ربطت الاسم بما سمعت من بدر سابقاً..
وشعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما برز الاهتمام في عيني بدر الذي ناداها بانشغال : حنين تعالي أبي أجلس.
اتجهت نحوه.. ساعدته يجلس و تأكدت من أن ظهره بوضعية صحيحة.. كعادتها تهتم بأدق تفاصيله عله يوماً يلحظ ذلك ويطري عليها حرصها ..
بدر دون أن ينظر لها : خلاص روحي..
عادت تجلس جوار ياسر تجد نفسها تسمع بكل انكسار حواراً يُذكر فيه اسم فتاة غيرها قد شغلت بال زوجها ..

.
.

تتمدد في فراشها تتظاهر بالنوم كي يكون عذراً إن فتح جدها الباب يريد الجلوس معها كعادته مساءً.
قلبها يؤلمها لذلك وتشعر بدناءتها وهي تتعذر عن رؤية،، الشخص الثابت والوحيد في حياتها..
سعادتها وبهجة أيامها دون منازع... لا تعرف أحداً غيره وتعلم أنه يعرف غيرها الكثير ولكنه اكتفى بها حتى عن أبناءه..
أغمضت عينيها بقوة عندما شعرت بالباب يفتح ليتسلل الضوء لداخل الغرفة ..
سمعت صوته هادئاً : دنِّي نمتي؟
ابتلعت ريقها بمرارة عندما أغلق الباب بتنهيدة يأسٍ سمعتها عندما لم يجد رداً منها.
توبخ نفسها لفعلتها فهو لا يستحق التجاهل الذي لقيه منها الليلة.. (جدي منيف هو حياتي كلها.. وأنا من غيره مالي حياة)
جلست وأنزلت أقدامها على الأرض الباردة.. لتخرج من غرفتها بيدها المشدودة لصدرها تتجه حيث مكانه المفضل ليلاً في منزلهم الجديد..
وما إن رأت ترحيبه الحار لها والفرحة التي التمعت في عينيه حتى نست كل ماكان يغم قلبها من أحداث حدثت قبل ليلتين..
(والله إنه حياتي كلها).
*
قبل ليلتين،،،
كان كعادته يلازمها مكوثها في المستشفى متجاهلاً تعبه..
بشرّها بأن اليوم هو اليوم الأخير الذي ستنام به بين جدران هذا المكان وأنها من الغد ستكون بين أحضان غرفتها..
تبادلا الأحاديث المطولة كعادتهما دون الشعور ببطء الوقت حتى فُتح الباب ودخل آخر شخص توقع منيف رؤيته..
عقدت حاجبيها بعد أن شعرت ببرودة كف جدها الذي كان يمسك يدها..
تنظر للذي دخل عليهم للتو وهي التي تعرفه كما تعرف ملامح وجهها.. تتابعه في -تويتر- تتأمل صورة وتتلهف لمعرفة آخر أخباره..
رجف قلبها بلهفه وشوق غامر وهي تراه يقترب من سريرها نظرات جدها تتبعه..
جلس على الأريكة السوداء ذات الجلد اللامع.. يهتف ببساطة : مساء الخير.
نهرت نفسها على توقعاتها التي خابت وهتفت بمودة : هلا مساء النور.
ثم نظرت لجدها الذي كان ينظر لابنه بنظراتٍ غريبة..
اعتدلت وسحبت يدها من يد جدها ترتب شعرها بتوتر تحاول السيطرة بيدٍ واحدة على جميع الشعرات المتطايره وتعيد ترتيب زي المستشفى من الأعلى فهذه المره الأولى التي يراها فيها والدها وهي امرأة ناضجة تختلف تماماً عن الطفلة في عامها العاشر..
جابر : الحمدلله على السلامة .
منيف بأنفاس حاده : بدري طال عمرك .. لو مت كان ما دريت .
ضحك : أعرفك قط بسبع أرواح بسم الله عليك.
غير إني ما دريت إلا من العاملة في بيتكم يوم مريته اليوم ..
منيف : واخوانك وينهم؟ ولا لازم يمرون بيتي عشان يعرفون..
جابر ببرود : أخواني إنسى.. أنا لأني تربيتك ماهان علي اسمع انكم بالمستشفى ولا أجي .
منيف بنرفزة : الله لا يضرك يا تربيتي..
أمك ما قصرت حشت راسك وراسهم..
جابر بضحكة: أمي مالها دخل .. أظن كنا موجودين بالدنيا يوم طلع خياسك..
صرخ به صرخة افزعت دانه التي كانت تراقب تراشقهم بالكلمات والنظرات برعب : جابر لا تنسى إني أبوك.
وإن نسيت حط في بالك إني منيف ولا بغيت أنهيك،، أنهيتك حتى لو إنك ولدي..
جابر بغمزة : ماتسويها ..
بجديه : جربني..
عاد يغمز وبضحكة هذه المره: تؤ،، ماتسويها..
بيني وبينك مصلحة..
قالها وأشار برأسه لدانه..
منيف بغضب : لا عاد تشوفك عيني ياجابر أحسن لك .
انقلع عن وجهي.. انقلع.
وقف وببرود : إن شاءالله أجيك زيارة في بيتك الجديد..
التصميم جبار على فكرة..

قال جملته وخرج من المكان بهدوء كما دخله بهدوء لزيارة لم تدم سوى دقائق ..
ليترك منيف يفور كالإبريق خلفه ودانه غارقة في دوامه بسبب الكلمات المبطنة بينهما.. و الخيبة والخذلان من والدها الذي لم ينظر لها بنظرة خاطفة حتى ..
*
.
.

خرج خالد من غرفة خطاب ليجد هلا تدور في الصالة بقلق ..
ما إن رأته حتى اتجهت له : عن وش تكلمتوا؟
خالد بنبرة حالمه : عن الحب.
عقدت حاجبيها باشمئزاز : نعم؟
خالد باستمتاع : الحب في حياة الرجل.. أمور ماتعنيك يعني .
قلبت ملامحها : خالد عن ثقل الدم الحين والله موب رايقة لك..
خطاب من بعد مارجع من ذاك اليوم وهو مكتّم ولا عاد يكلمني مثل أول..
خالد : يمكن انك غاثته بسواليفك يختي.
هلا بنفاذ صبر : خاالد.
ضحك متجهاً للباب : مافيه شي رجلّك يتدلع.
بضيق : ما أدري،، إن شاءالله..
بتروح؟
خالد باهتمام وجديه بعد أن لاحظ وجهها : ايه خلاص وراي رحله.. وسعي صدرك والله إن مافيه شي بس شاف صديق عمي فواز وشكله حن..
بس مع ذلك راجعي نفسك بموضوع الهذرة الزايدة تراني جاد فيها.
قالها وضحك لتضحك معه بتعب وهي تدفعه و تغلق الباب خلفه : أقول يلااا بس..

وها هي الآن عــقــارب الساعة تشير للحادية عشر مساءً ..
خطاب لا يزال يعتكف الغرفه.. لم يعد كما السابق أبداً. أصبح يجلس وحيداً يتعذر بالتعب وحاجته للنوم ..
لم تشأ أن تخترق عزلته فأصبحت تدعه كما يحب.. وحيداً لا توجه له سوى بعض الكلمات(تبي عشا؟ بتنام؟ احط الغدا) ولا شيء سوى ذلك..
تشعر بقلبها يتفطر لرؤيته يقصيها من حياته هكذا.
حتى عدم رغبته بها جاءت رقيقة دون أن تجرحها فكان جوابه دائماً على أسئلتها الرسمية (تسلمين... ايه تصبحين على خير... تغديت عليك بالعافية)

تذهب يومياً لعملها برفقته صباحاً ، الطريق طويل ومع صمتهم يزداد طولاً وكأنه يعاقبها حتى باتت تتعذر بنومها في السيارة ليوقظها برقه مربتاً على كفها : هلا وصلنا.
هناك خطأ.. خطأ بعثر أوراقهم وأضاع الطريق بينهم و لا يجب أن تسكت عنه أبداً..
شعرت بثقل على الأريكة جوارها أخرجها من سرحانها فالتفتت لتجد خطاب يجلس جوارها.x يسند رأسه على ظهر الأريكة مغمضاً عينيه..

شعر بيدها تتحسس وجهه.. ليقول بهدوء : صار لي يومين متعافي وأنتي للحين تتأكدين إذا الحرارة خفت أو لا!
هلا بهدوء مشابه : أطمن قلبي عليك.
ابتسم لازال مغمضاً عينيه .. استغلت هلا الفرصة لتتأمل وجهه الذي لم ترى وجهاً مثله . يتفرد بتفاصيله وتقاسيمه عن أي شخص آخر..
تنظر له بحنين تتمنى لو كان باستطاعته الشعور به ..

شعر بأصابعها تمشي على ملامحه.. تتّبع حاجبيه وكأنها تعيد رسمها..
لمستها ناعمه و رقيقة شعر بها تذيب قلبه..
وصله همسها بعذوبة : توبي.
ابتسم للاسم الذي لم يسمع سواه منها فيما مضى حتى عندما كان يأمرها بأن تناديه باسمه دون تدليل .. اجابها بخدر : مم؟
لازالت تهمس وكأنها تحادث نفسها : وش فيك حبيبي؟.. ليه زعلان؟..
مين مضايقك؟...... أنا؟
فتح عينيه عندما استقر كفها على خده.. لا اناره سوى إنارة الأباجورة الصفراء الخافته خلفها.. تجلس تواجهه تميل عليه وهالة عجيبة تحيط بها..
ملامحها بين الصحوة والغفوة وكأنها تحارب النوم وتقاومه.. شعرها ينسدل على اكتافها بنعومه عدى بعض الشعرات المتطايره لتعطيها سحراً مختلفاً.. ابتسامه ناعمه وصادقة ترتسم على فمها.. عينيها الناعسه تحاول أن تحكي له شيئاً لم يروى لغيره أبداً..
هلا مختلفه.. هذا مايؤمن به حقاً..
هلا هي منقذته من غمرة الأحزان التي أغرق نفسه بها..
هلا هي خلاصه وكل حكاية يتمنى أي رجلٌ أن يعيشها..

ابتسم لها يسحب كفها الذي أصبح دافئاً على خده.. قبّل باطنه ليردف بهدوء : هلا تدرين كيف أهلي ماتوا؟
ابتلعت ريقها تهز رأسها من تغير الحوار فجأة .
حرر يدها من يده.. ينزل بصره يهتف بذات الهدوء : تدرين إني شفتهم يموتون قدامي؟
رمشت أكثر من مره غير مستوعبه : وش؟
ابتسم بأسى: شفتهم يموتون قدامي.. شفت النار تاكل بيتنا وأنا واقف وكأن المنظر عاجبني.. بعدين هربت.. تركتهم يحترقون وراي وركضت بعيد عنهم متمسك بالحياة..
وما أدري وش الحياة اللي كنت متوقع أعيشها بدونهم..
تدرين وش أكثر شي يجي على بالي من يومها..
أمي وين كانت؟ و أحمد الصغير؟ وخوله اللي ما كملت السنة؟
قدرت أمي تشيلها ولا احترقت بسريرها؟
ساعات أنسى إن بحياتي كان فيه أخ اسمه أحمد.. وإن خوله كانت أختي الوحيدة.. وأكره نفسي مليون مره فوق ما أنا أكرهها .
هلا بعبرة تشعر بثورة من المشاعر تضربها بكل قوة. صدمة وهلع ورعب : شلون صار كل ذا؟ وليه ما قلت لأحد؟
ليه سكتت عن موضوع مثل كذا؟
خطاب بابتسامه لم تصل لعينيه وهو يرى الدموع تتجمع في عينيها : أنا ما قلت لك إلا لأني أبيك تعذريني.. وعشان تعرفين إن المشكلة فيني صار لها أكثر من عشرين سنة.. تكبر معي وتقاسمني كل شي حتى صحتي..
مشكلتي مالها حل إلا برجعة اللي راحوا يا هلا.
هلا أنا حزين..
أحس قلبي مات من الحزن من يوم كان عمري ثمان سنوات.. من يوم ما تركت أمي واخواني يحترقون وراي وهربت .

قال ما لديه لازال محافظاً على ابتسامة ليس لها معنى.. في عينيه ذبولٌ رهيب أذاب قلبها..
كيف لخطاب الصغير أن يتحمل كل هذا لوحده..
كيف قالها مكسوراً هكذا؟ كيف اختار الكلمة لينطق بها (حزين) حزيناً هكذا؟ وكأن بين الحاء والنون قصة حياته كاملة..

ابتسمت له بأسى عندما رأت أن عينه لازالت تنظر لها.. مسحت حاجبه بإبهامها بنعومه تهمس بصوت أثقلته العبرة : وش فيك ؟
رفع كتفيه بقل حيلة لازال محافظاً على ابتسامته..
حتى وإن لم تصل لعينيه، لازالت تجمّل وجهه..
هذا ماهتفت به لنفسها وهي تقترب منه بهدوء ..
قبّلته..
المرة الأولى برقه وهدوء وكأنها تخاف من أن تجرحه.. بالكاد لمسته.. ولم يتجاوب معها تحت دهشته وصدمته من فعلتها..
لم تبتعد كثيراً لتعود وتقبله مجدداً للمرة الثانية.. هذه المره جعلته يشعر بها لتشعر بأنفاسه تتسارع باضطراب..
الثالثة كانت منه . عندما حاولت أن تبتعد لكنه وضع يده خلف عنقها يمنعها..
يضع كل عواطفه ومشاعره في قبله.. يستودعها كل أحزانه وقصة الماضي التي تقيده.. يستودعها كل مخاوفه وكأنه يخبرها بأنه لا يستطيع أن يتقدم بهذه العلاقة مهما حاول ذلك.. يستودعها كل القيود التي تربطه وتثبط عزيمته وتبدد كل أماله بحياةٍ طبيعية ..
وكيف لقبلةٍ أن تكون كافيةً لتنسيه الزمان والمكان.

شعر بها تبعده برقه عندما ضاق تنفسها.. هز رأسه نافياً مغلقاً عينيه لا يريد للحظة عذبة كهذه أن تنتهي .. توقع منها أن تبتعد لكن صدره زاد في علوه وهبوطه عندما شعر بصوتها يهمس بالقرب من أذنه بيأس وضعف وحزن شعر به يبعثرُه : أنت بس لو ترضى تسلمني قلبك يا خطاب..


.
.
.

# نهاية الفصل السادس ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
أتمنى لكم قراءة ممتعة وعذراً مقدماً على أي تقصير :)

شبيهة القمر 02-11-18 06:04 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ماشاءالله ابداااااع ياوطن
الوصف التعمق التعبير ابدعتي بهالجزء خااصه بوصف حالة خطاب أول ماتعرف على منيف .. اهنيك
بالنسبة لاختفاء منيف مثل مايشوفه خطاب امره سهل بإمكانه يسأل المستشفيات الكبيره عنه او يساعده زيد بهالشي ويقوله صديق قديم وابي اتطمن عليه ..
اما شخصية جابر هههه ابد ماراح نية نسخة ابوه لاإنسانية ولاخوف من الله
خطاب وهلا احس علاقتهم في تقدم وخاصه ان خطاب بدأ يشاركها احزانه

الحين الشي الي ابي اعرفه كيف خطاب ممكن يثبت الجريمه على منيف وشركاه .. هذي يبيلها مخ وتخطيط ..اتوقع خطاب راح يحاول يدخل حياة منيف وممكن منيف يثق فيه ويسلمه مفاتيح مكتبه وهناك راح يلقى اوراق او اي شي يثبت جريمتهم
او ان الله ياخذ حقه منهم بعد مايعرفون ابن من خطاب بحادث او حريق او اي شي ثاني ...

وطن ... تسلم يمينك جزء اقل مايقال عنه راااااااائع الله يحرم يدك عن النار ..بانتظاار الجزء القادم بكل شووووق 💕💞💕💞💕💞

فيتامين سي 06-11-18 02:36 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماشاء الله بارت رااااائع جدا ومشبع

تسلم يمينك حبيبتي

دانه إذا حفيدة منيف من شبيهه جابر وضعها محزن رفضها والديها لكن منيف عوضها عنهما

منيف لابارك الله فيه مازال الظاهر ماشي في طريقه السيء
ومازال الغموض في قصة حياته مع زوجته وأولاده ومع والد خطاب إذا فيه شيء حلو في حياته اهتمامه وحبه لحفيدته

جابر من شابه أباه فما ظلم واضح إنه مثل أبوه ويمكن أسوأ منه
كيف يرمي بنته وهي صغيره والظاهر زوجته بعد ما اكتشفت حقيقته ماتحملت حتى تربي بنته رمتها عليه

خطاب أبدعتي في وصف حالته توقعت انتكاسه له بعد رؤيته لمن كان السبب في ماوصلت له حالته النفسيه والحمد لله إنه بدأ يفضفض لهلا بما كتمه في داخله لسنوات وهذا راح يخفف عنه غير وقوف هلا بطيبتها وحنيتها وحبها له بجانبه وإن شاء الله تقدر تساعده وتخرجه من الحال اللي هو يمر به

أتوقع ممكن يسأل عن منيف في المستشفيات أو ممكن يتقابل معه
مره ثانيه صدفه

بدر نذل وحقير مايستاهل حنين وأتوقع حنين صبرها له حدود
كل شيء ممكن تتحمله الا إنها تعرف إنه يحب غيرها أو يرغب في الزواج بغيرها هذه راح تكون الشعر ه اللي قصمت ظهر البعير وراح تنفجر ومثل مايقولون أتقي شر الحليم إذا غضب
والله يقويها على بدر

منتظرين باقي الأحداث
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك ياعسل



وطن نورة ،، 08-11-18 02:09 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3707514)
السلام عليكم
ماشاءالله ابداااااع ياوطن
الوصف التعمق التعبير ابدعتي بهالجزء خااصه بوصف حالة خطاب أول ماتعرف على منيف .. اهنيك
بالنسبة لاختفاء منيف مثل مايشوفه خطاب امره سهل بإمكانه يسأل المستشفيات الكبيره عنه او يساعده زيد بهالشي ويقوله صديق قديم وابي اتطمن عليه ..
اما شخصية جابر هههه ابد ماراح نية نسخة ابوه لاإنسانية ولاخوف من الله
خطاب وهلا احس علاقتهم في تقدم وخاصه ان خطاب بدأ يشاركها احزانه

الحين الشي الي ابي اعرفه كيف خطاب ممكن يثبت الجريمه على منيف وشركاه .. هذي يبيلها مخ وتخطيط ..اتوقع خطاب راح يحاول يدخل حياة منيف وممكن منيف يثق فيه ويسلمه مفاتيح مكتبه وهناك راح يلقى اوراق او اي شي يثبت جريمتهم
او ان الله ياخذ حقه منهم بعد مايعرفون ابن من خطاب بحادث او حريق او اي شي ثاني ...

وطن ... تسلم يمينك جزء اقل مايقال عنه راااااااائع الله يحرم يدك عن النار ..بانتظاار الجزء القادم بكل شووووق 💕💞💕💞💕💞

ياهلا والله وسهلا بالقمر ❤❤
الله يسعدك على إطراءك والله شهادة أعتز فيها جدا ❤
خطاب وهلا لو ماهلا تحب خطاب فعلا كان سحبت عليه بس يحمد ربه انها تحبه خخخ
خطاب مايحتاج إلا إحتواء وهالشي لقاه عند هلا وأكيد مواجهة منيف عشان يشفي غليله :wookie:

خطاب ومنيف وكيف يثبت تابعي معي ياعيني إن شاءالله ما أخيب تساؤلاتك ❤

شكرا لك الله يسعدك والله انك اسعدتيني بردك بشكل ماتتخيلينه ❤❤❤❤

وطن نورة ،، 08-11-18 02:15 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3707672)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماشاء الله بارت رااااائع جدا ومشبع

تسلم يمينك حبيبتي

دانه إذا حفيدة منيف من شبيهه جابر وضعها محزن رفضها والديها لكن منيف عوضها عنهما

منيف لابارك الله فيه مازال الظاهر ماشي في طريقه السيء
ومازال الغموض في قصة حياته مع زوجته وأولاده ومع والد خطاب إذا فيه شيء حلو في حياته اهتمامه وحبه لحفيدته

جابر من شابه أباه فما ظلم واضح إنه مثل أبوه ويمكن أسوأ منه
كيف يرمي بنته وهي صغيره والظاهر زوجته بعد ما اكتشفت حقيقته ماتحملت حتى تربي بنته رمتها عليه

خطاب أبدعتي في وصف حالته توقعت انتكاسه له بعد رؤيته لمن كان السبب في ماوصلت له حالته النفسيه والحمد لله إنه بدأ يفضفض لهلا بما كتمه في داخله لسنوات وهذا راح يخفف عنه غير وقوف هلا بطيبتها وحنيتها وحبها له بجانبه وإن شاء الله تقدر تساعده وتخرجه من الحال اللي هو يمر به

أتوقع ممكن يسأل عن منيف في المستشفيات أو ممكن يتقابل معه
مره ثانيه صدفه

بدر نذل وحقير مايستاهل حنين وأتوقع حنين صبرها له حدود
كل شيء ممكن تتحمله الا إنها تعرف إنه يحب غيرها أو يرغب في الزواج بغيرها هذه راح تكون الشعر ه اللي قصمت ظهر البعير وراح تنفجر ومثل مايقولون أتقي شر الحليم إذا غضب
والله يقويها على بدر

منتظرين باقي الأحداث
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك ياعسل



ياهلا والله فيتامين ❤
الله يسعدك ويسلمك يارب

منيف واهتمامه بدانة لأنها جات في وقت كان وحيد ومستبعد من حياة الكل يمكن لو كانت بوقت ثاني كان ما اعطاها اهتمام
جابر كان مراهق هذاك الوقت ودانة كانت غلطة مايقدر عليها خصوصا وانها جات من زواج أبو شهر يعني ماكان فيه أي نيه لأن يكون أب

حنين ضعيفة وبدر مستغل هالشي فيها يمكن لو كانت وقفته عند حده من أول مره كان ماتمادى معها بكل شي ..
لكن مصيرها تقوى وتنفجر في يوم

حياك الله نورتيني وأسعدتيني بتعليقك جدا جدا ❤❤

وطن نورة ،، 08-11-18 02:18 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
فصل اليوم هادي وخفيف وتمهيد للقادم،،
قراءة ممتعة وأتمنى يعجبكم :


◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٧) الفصل السابع ،،
°
°


قد تبكي ،،
وهذا حقك ..
قد تحزن ،،
وهذا حقك ..
لكن إيّاك ،،
ثم إيّاك ،،
ثم إيّاك ،،
أن تنكسر .

.
.


وعت من نومها على صوت إغلاق باب خزانة الملابس بغضب لترفع رأسها وترى خطّاب يخرج من الغرفة ويبدو أن -شورته- القطني الواسع فاتح اللون قد تبلل..

اتسعت عيناها بذهول وهي تستعدل جالسة.. ترفع الغطاء من جهته لترى مكانه مبللاً أيضاً..
تسارعت أنفاسها وهي تضع يدها على رأسها..
لا تعلم كيف ستكون ردة فعل خطاب هذه المرة.. منذ أن تزوجته وحتى هذا اليوم كانت تستيقظ صباحاً تنظر له بقلق تخشى أن يكون ماقالت طليقته حدث بالفعل..
صراخه ليلاً لم يعد كالسابق.. يفزعها أحياناً لكن ليس كالسابق..
توقظُه بسرعة قبل أن ينتصف في كابوسه أنفاسها تتسارع من نظرة الرعب في عينيه ليعطيها ظهره يهتف بضيق : آسف صحيتك من نومك..

"يارب وش أسوي"
لم تمهل نفسها وقتاً لتفكر. قفزت من مكانها وخرجت تتجه لدورة المياة بخطى سريعة..
وقفت بالقرب من الباب تستمع لصوت المياة لتسند ظهرها على الحائط بجوار الباب تضع يديها خلفها تنتظر خروجه..
عقلها توقف عن العمل تريد أن تجد تصرفاً لائقاً لهذا الموقف والذي تعلم أنه سيدمر خطّاب خصوصاً بوجودها..
حاولت أن تبلع العبرة التي تجمعت في حلقها فهذا آخر شيء يحتاجه خطّاب في هذه اللحظة.. حاولت أن تمحي نظرة الشفقة التي هي متأكدة بأنها واضحة في عينيها.. لكن قلبها يتفطر عليه..
واللهِ إنّ قلبها يتفطر عليه وهي تعلم مايغزوه من إحراج وتأنيب الآن..
ارتعبت عندما سمعت صوت شيء يُكسر يتبعها صوت صرخه مكتومه..
وضعت يدها على قلبها وهي تسمع نفس الصرخة مراراً وتكراراً..
لا تعلم كم مضى من الوقت على بقائه في الداخل.. لكنها مع ذلك انتظرته حتى فتح الباب لتتحرك واقفةً أمامه بسرعة.. لفت ذراعيها حول كتفيه تحتضنه بكل قوتها.. شعرت بأنفاسه تتسارع وبصدره يعلو ويهبط وكأنه سيختنق.. حاول أن يبتعد لكنها لم تدع له مجالاً لذلك..
لم ولن تدع له مجالاً لذلك..
شدت عليه أكثر تشعر بشعره المبلل يبلل أكتافها..
برجفه وصوت مبحوح : هلا وخرّي عني..
همست في أذنه بعطف : لا تسوي بنفسك كذا خطّاب..
عادي..
والله عادي..
عادي.. ما صار شي..
والله عاد..

بُتر الباقي من جملتها عندما شعرت بذراعيه يلتفان حولها..
يسند جبينه على كتفها..
يبكي.
جسده يهتز بقوة وكأن روحه تخرج منه..
شعرت بانكساره يكسرها يحطم قلبها ويحرقها عندما بدأ يهمس بيأس وصوت معذب : تعبت..
والله العظيم تعبت.. أبي أرتاح..
متى برتاح؟ متى؟
وضعت يدها على رأسه.. مسحت عليه بحنو : حبيبي ما صار شي .
لا تقسى على نفسك..
حبيبي أنت لا تبكي.
أنت أقوى من كذا. والله أقوى من كذا.
شعرت به يهز رأسه بالنفي هذه المره.. اليأس وقلة الحيلة قد قتلاه حقاً.. لا فائدة من نكرانه لحقيقته.. فالحقيقة تبقى حقيقة مهما حاول تكذيبها.. هو خطّاب،، لم يبقى له سوى القليل كي يدخل عامه الثالث والثلاثون.. لازال يخشى من النار. لازال يرى أحلاماً وكوابيساً تبكيه في منامه وتفزع من حوله .. لازال -وبكل أسى- يبلل فراشه وهذه الحقيقة هي ماقتلت الباقي منه.. هي التي ترعبه أكثر شيء.. وتقلق نومه أكثر شي.. أن ينام ويستيقظ وقد فعلها نائماَ دون أن يشعر..
ابعدته عنها .. عيناها تمتلئ بالدموع وهي تراه يهرب ببصره عنها بخجل.. تقوس فمها بحزن..
آه يا خطاب.x آه..
بصوت أثقلته العبرة : خطاب طالع فيني..
ثم أردفت عندما لم يتجاوب معها : ناظرني حبيبي..
لكنه أغمض عينيه عنها عندما حاولت أن ترفع رأسه توجهه ناحيتها ..
من بين دموعها وهي تمسح خده بكم بيجامتها : معليش حبيبي ، والله ما صار شي .
ناظرني..
فتح عينيه ينظر لها ،، فبكت عندما رأت ذبولها واحمرار حدودها من أثر البكاء.. قالت بحدة : ليه تبكي؟
شوف عيونك كيف صارت..
أنت مو دايم يصير فيك كذا.. صح؟
هز رأسه.
تابعت بصعوبة وهذه المره مسحت أنفها : طيب وش شفت عشان.. أقصد وش شفت هالمره عشان تبلل فراشك؟
لم يجب عن سؤالها لتنزل بعينيها حيث ينظر.. لكفّه التي تنزف وقد صبغت باللون الأحمر ..
ارتعبت وهي تتجه لغرفة سالم : اقعد خطاب بجيب لصقه وأجي..

بحثت بين حاجياتها ولم تجد ماتبحث عنه فاضطرت لأخذ عدد لا نهائي من المناديل وتخرج له مسرعه تفرك عينيها بقوة فخطاب لا يحتاج من يضعفه فوق ضعفه.

كان يجلس على الأريكة، يده المجروحة بدمائها أمامه والأخرى يسند بها جبينه وكأن حمول الدنيا كلها فوق ظهره..
شعر بثقلها جواره.. تمسك يده من المعصم بنعومة خوفاً من أن تؤلمه وتبدأ بمسح الدماء لتهتف بهدوء : مالقيت لصقه..

شد على أسنانه بضيق و في قلبه ألم يكاد ينهي حياته.. كل شيء رأته وعاشته معه من أول يوم تزوجته فيه وحتى اليوم يهون عند ماحدث معه الآن..
كل شيء يهون إلا ماحدث اليوم..x
حتى وإن كانت هلا.. ابنة خالته.. زوجته.. الأقرب له الآن.. يثق بها ويثق بأن ما يحدث بين جدران منزله مهما كان نوعه لا يخرج لأحدٍ أبداً فكيف بشيء -يفشل- كهذا؟.x مع ذلك لم يكن يجب عليها رؤية شيء مثل هذا يحدث معه..
شيء في داخله ينزوي.. يجعله يتمنى لو يستطيع الهرب..
التخلي عن كل شيء والهرب..

نظفت يده جيداً حتى وصلت للشق العرضي في جانب كفه. لازال مفتوحاً ينزف.. بألم من شكله : الله يهديك ليه تسوي بنفسك كذا؟

لم يتجاوب معها ولم يبدي أي ردة فعل حتى عندما بدأت تضغط على الجرح كي يتوقف عن النزيف.. مع أنه يتألم ويتضح ذلك من شدّهِ لكفه الآخر وانعقاد حاجبيه لكنه لم يتأوه حتى!!

شعرت بالعبرة تتجمع في حلقها تكاد تختنق بها وما زاد عليها حقاً هو صوت خطاب الذي قال بهدوء : ترى انكسرت مراية الحمام.
لم تستطع أن تحبس دموعها أكثر، فبكت : يبي لنا نشتري مراية جديدة.. حرام عليك كسرت ذي..
ليه؟ والله كانت عاجبتني..
خطاب بنفس النبرة الهادئة.. الميته.. ينظر ليدها تضغط على يده يتجنب النظر لوجهها : آسف.
هلا برجاء : خطاب وش شفت عشان يصير اللي صار؟
ابتلع ريقه مكرهاً : أبوي..
عقدت حاجبيها : أبوك ؟
خطاب بصوت مخنوق : مو أبوي سعد..
أقصد أبوي فواز، زوج أمي.
هلا : وش شفت؟
خطاب بعد صمت : شفته يحترق ويحرقني معه. حسيت بالنار تحرقني أنا وكأنها حقيقة..
حسيت بحرارتها وأنا نايم وكنت مرعوب.. كنت خايف وأنا أسمعه يصرخ وأحس فيها،، كأنها حقيقة..
رفع بصره ينظر لوجهها الغائم بعد أن تكدست الدموع بعينيه : هلا أنا ما أعرف أب غير فواز.. أبوي سعد توفى وأنا في بطن أمي ويوم تزوجها فواز عاملني أنا وسند كأننا عياله لدرجة صدقنا هالشي ومحد من اللي حولنا شك أننا مجرد عيال زوجته.. فواز أبوي وشوفته يصرخ والنار تحرقه ت.. تخوفني...
وتوجع..توجعني.

سكتت تنظر له.. لوجهه وآخر آثار النوم العالقة به.. حاجبيه.. شعره الرطب وبعض الخصل المتموجة على جبينه.. ذبولٌ في عينيه الواسعة كأنه طفل أضاع طريق العودة للمنزل وفقد الأمل بإيجاده..
باتت تعرف جيداً ماهو السبب وراء رعبه وأحلامه.. ولا تلومه أبداً..
أبداً لا تلومه.. : الله يرحمهم ويغفر لهم ويجعلهم من الضاحكين المستبشرين في الجنّة..
اللقاء بالجنّة أجمل بإذن الله يا خطاب.. أجمل،، وأبدي.. ماله نهاية.... لا تلوم نفسك على شيء ماكان بيدك ..
خطاب بنبرة غريبة خالطت صوته : مهما تكلمت مستحيل أحد يحس باللي أحسه في داخلي..
هلا بعذوبة وحزن : أنا حاسه فيك حتى من قبل لا تتكلم.. وأعرف اللي يدور في بالك الحين.. وأعرف اللي كان يدور في بالك قبل.. وما ألومك.. وما لأحد أي حق إنه يلومك.. بس أنت ماكان بيدك شي لأنك لو كنت تقدر تسوي شي كان سويته بدون تردد.. ورحمة ربك فيك وفيهم هي اللي أنقذتك عشان تكون الولد الصالح اللي يذكرهم ويدعي لهم لا انقطعت أعمالهم عن الدنيا..
ثم أردفت بحنانٍ بالغ وعطف ليّن قلبه : صح؟

هز رأسه مؤيداً لما قالت.. حتى وإن كان لليوم فقط . يريد أن يقتنع،، أن ينسى،، أن يرتاح ولو قليلاً..
يغرق في نبرتها الهادئة ولمستها الحانية على كفه لدرجة أن إحساسه بالألم تشتت ولم يبقى في عقله سوى الشعور بملمس أصابعها على يده..
خطاب بابتسامه بعد أن لاحظ سرحانها في وجهه : آسف على كمية النكد اللي عيشتك فيها.
ابتسمت من بين دموعها : ليه تقول هالكلام؟
خطاب بصدق : لأن اللحظات اللي بكيت فيها قدامك أكثر من اللحظات اللي ضحكتّك فيها..
هلا بابتسامه زادت من سحر نواعسها : البكى مافيه شي،، بالعكس تطهير للقلب والعين..
ولا ليكون أنت من نوعية الرجّال عيب يبكي؟
خطاب بتنهيدة أسى : لو إني من هالنوعية كان ما شفتي دموعي كل ماطق عود بحصى نزلت.. أنا تعديت هالمرحلة خلاص..
هلا بعذوبة همست : هذا لأن قلبك..
ثم تابعت وهي تضغط بسبابتها على صدره، لازالت باليد الأخرى تشد على جرحه : طيّب..
ثم بالوسطى : و رقيق ..
ثم بالبنصر : و حنون..
قالت كل صفه وهي تضغط بكل اصبع على حدى تعددها على صدره..
ليذوب كل إحساسٍ مُر في داخله..
رفع يدها يقبل أصابعها يهتف بعد كل إصبع : والله أنتي اللي
طيبة..
ورقيقة..
وحنونة..
هلا بخجل حاولت أن تخفيه بنبرة مرحه : على فكرة ممكن أنا وأنت نجتمع ونبكي ونسوي بحيرة من الدموع.. ممكن يشاركنا سالم إذا تبي..
ضحك : تطقطقين على أحزاني يابنت تركي؟
بسرعة وتبربر: لا والله مو قصدي.. دُعابه جات في غير وقتها..
آسفة..
ابتسم وبهدوء وهو يتأمل وجهها الأحمر : أمزح معك..
هلا بإحراج وقلق : جد اسفه..
خطاب بهدوء شديد : والله عادي يا قلبي..

تصنمت من كلمته.. لأول مره ينطق بها منذ أن تزوجته.. أول مره وكان وقعها عليها شديد الروعة وكأنها أجمل شيءٍ سمعته في حياتها..
خطّاب باستمتاع من نظرة الذهول التي اعتلت وجهها : قلبي وش فيك؟
بدأ بؤبؤها يتحرك في المكان وكأنها تبحث عن شيء : أنت تقول قلبي ولا يتهيأ لي؟
ابتسم : لا يا قلبي ما يتهيأ لك..
سمعتي صح يا قلبي ...
قلبي.. قلبي.. قلبي.

ضحكت له تداري عبرتها تضربه بخفه على صدره : تتريق؟
امسك بمعصمها يتنهد براحه حقيقية والخجل الذي يأكل وجهها يعجبه، يهتف بهدوء وكأنه يعيش كل حرف ينطق به : والله إنك قلبي فعلاً..
حتى لو ما قلتها.. المفروض تعرفين هالشي.
هلا وصوتها بالكاد خرج : وأنت بعد قلبي.. وكل حياتي يا خطّاب .
ثم وقفت كالمقروصة فبعد تلك القبلة -التي بدأتها هي ذلك اليوم- أصبحت تخجل منه وعينها لا إرادياً تسقط على شفتيه : بروح أجهز لنا الفطور عشان تلحق على الخطبة..

.
.

بهدوء كعادتها وعادته.. جففت شعره جيداً وبدأت بتمشيطه بعناية كما يفعل دائماً ثم بدأت تلبسه ثيابه بحذر استعداداً لصلاة الجمعة،، يتجاهل النظر لوجهها و يبدو هادئاً وديعاً على غير العادة..
هتفت بهدوء : بدر.
نظر لها يتساءل لتكمل بذات النبرة : وش رايك لو أحمل؟
عقد حاجبيه : وش طرى عليك فجأة؟
ابتلعت ريقها لا تعلم كيف بدأت حواراً كهذا معه : سارة صار عمرها ٤ سنوات.. كبرت خلاص وأنا خاطري بطفل يشغل وقتي..
بهدوء صارم : لأ ..
باستعطاف وهي ترتب تيشيرته على اكتافه لصعوبة ارتدائه ثوب -خصوصا وأن أغلب ثيابة مخصرة على جسده- : ليه حبيبي؟ والله خاطري ا..
قاطعها : حنين قلت لأ يعني لأ.. يكفي اللي عندنا غير إني قايل لك من أول ما أحب الأطفال..
وإن فكرتي مجرد تفكير تتركين الحبوب ياويلك.
حنين بضيق : بدر أنت مو حاس؟ الحياة بيني وبينك ميته.. نحت..
بدر بجمود مقاطعاً كلامها مجدداً: إذا ميته ننهيها أفضل .
عادت برأسها للخلف بصدمة : ببساطة كذا؟ ننهيها؟
بدر : هاه أجل؟ إذا موب طايقة الوضع للدرجة ذي الله معك.. أنا ما اتمسك بأحد ..
حنين بحزن واضح والرجفة التي سرت بجسدها تكاد توقعها أرضاً من قوتها :x توقعت لي مكانة بقلبك..
بدر توقعت تحسب حساب للعشرة اللي بيني وبينك على الأقل..
سكت بدر يتأملها ببرود رهيب.. لينطق بعد فترة : حياتي مابتوقف عليك..
لكن حياتك أنتي هي اللي متوقفه علي..
حنين مالك خيار ثاني غير قعدتك في بيتي.. وين بتروحين؟
أبوك وزوجته عصافير الحب ما أظن وجودك بينهم مرحب فيه..
و أمك وعيالها و زوجها ما أظن يحتاجون شخص زيادة يكمل الأسرة الكبيرة.. أنا خيارك الوحيد.
حنين بضعف : وأنت عندك خيار ثاني غيري؟
ابتسم : عندي ثلاث خيارات غيرك..
لكن أنا ما أحب أجمّع فالحريم..
أحب أصفي العداد أول بأول.

قال جملته وضحك وكأنه قال نكته..
لتبتئس وبدى هذا الشيء واضحاً جلياً عليها : ماتوقعتك قاسي كذا يا بدر..
أنا أدري إنك ما وصلت معي لدرجة الحب اللي تخليك ماتستغني عني.
بس ماتوقعت هالشي منك..
بدر : أنا واقعي حنين.. أنا ما أقول إني أكرهك.. لكن بنفس الوقت،، أنا مو متيّم بك.. إن لقيت البديل،، راح أبدلك..
زفرت بضيق والحوار كالعادة انقلب عليها : وش اللي فيني ما أرضاك طيب؟ ما أظن إني قصرت معك بشي أبد حتى بالوقت اللي كنت تعاملني فيه بشكل سيء كنت أعاملك بأحسن ماعندي وما أظن بتلاقي وحده تسوي هالشي سواء كان وراها سند كفو أو لأ ..
بدر ببساطة : أنتي ماكنتي إختياري..
لا تنسين..

سكت بعد الذي قاله لتسكت لا رد لديها لجملته.. فعلاً لم تكن اختياره فهي قُدمت له (عطيّه) من والدها.. أو بمعنى أصح -ببلاش- عندما قال له وكأنه يتمنى الخلاص منها بأي شكل : خذها ومهرها علي.. بس خذها..
لم تستغرب حديثاً كهذا من بدر.. ولم تستغرب تقبلها حديثاً كهذا منه حتى وإن كان أدمى قلبها فهي تشبعت منه حتى ارتفعت مناعتها..
" على الأقل تجاوب معي وكان هادي مافشلني.."
هذا مارددته في نفسها وهي تتأمل وجهه المحبب لقلبها، تداري خيبتها تقنع نفسها بأنه شيء إيجابي على غير العادة.. وتحاول بذلك أن تخمد ناراً غاضبة بدأت تتأجج في صدرها..

.
.

نزلت عتبات الدرج بكسل والصمت الرهيب الذي يلف المنزل يشعرها بنوعٍ من الغربة..
وجدته يجلس في الصالة يضع قدماً على الأخرى وينظر لشيء غير مرئي أمامه بسرحان..
تنحنحت كي لا تفزعه ولم ينتبه لها إلا عندما قبلت رأسه : صباح الخير..
ابتسم لها عينه تراقبها تجلس جواره : صباح الورد يا قلبي.. الساعة ١٢ ونص غريبة نايمة للحين؟
بكسل : ما أدري وش فيني عجزت أرفع راسي من على المخدة..
ثم بأمل : رحت صليت؟
هز رأسه بالإيجاب وهي تعلم أنه يكذب من نظرة عينية.. زفرت بيأس: جدي الله يخليك انتبه لصلاتك.. والله يوجعني قلبي يوم أشوفك ماتصلي.
على مضض : إن شاءالله الجمعة الجاية أصحى بدري و ألحق عليها..
دانة بهدوء : فيه صلوات غير الجمعة الله يهديك.. مو معقول بتقعد سبع أيام بدون صلاة وماتركعها إلا من جمعة لجمعة..
الله يخليك والله إني أخاف عليك من عقوبة الله..
منيف بزمرة : خلاص دانة قلت إن شاءالله..
استوى فمها بخط مستقيم وهي تنظر لجانب وجهه.. يبدو عليه الانشغال بالتفكير في شيءٍ ما..
صمتت تسرح بوجهه وكم يحزنها إهماله لصلاته بهذا الشكل.. مهما نصحت وتكلمت قلبه لا يلين وكأن بينه وبين الصلاة عداوه..
وصلها صوته هادئاً : كيف يدك ؟
زفرت : الحمدلله..
شعر بضيقتها من زمرته عليها لكنه مع ذلك قال بتودد : متى يبدأ دوامك؟
ابتسمت له ابتسامة بالكاد استطاع رؤيتها : بعد اسبوعين..
عقد حاجبيه بتفكير : الجبيرة بتكون بيدك بعد اسبوعين...
مددي إجازتك..
دانة بسرعة : لا جدي الله يخليك أنا لو علي داومت بكرة..
طقّت روحي من قعدة البيت مليت.. ويدي ماحولها شر ان شاءالله..
منيف : أنا وصيت معارفي بمكان عملك لكن برجع أأكد عليهم ينتبهون عليك.
دانة بضيق : قلت لك ماله داعي أنا أعرف أعتمد على نفسي..
منيف بود : أدري.. لكن عشان قلبي يتطمن أكثر!
هزت رأسها وعدم الرضا واضح على ملامحها..
تأملها قليلاً قبل أن يقول بتفكير : تهقين أبوك قال لأمه وزوجته عنك؟
دانة بضيق : خليه يعترف بوجودي أول..

ابتسم محاولاً تجاهل ضيقتها من هذا الموضوع ومكيدة خبيثة تحاك في عقله..(هيّن)

.
.

جال ببصره على الموجودين في المكان بابتسامه هادئه..
صالة منزل خالته في مغرب الجمعة يحيطها دفئ أسري فضيع يشعر به يتوغل لقلبه يحتضنه ويمسح على رأسه بحنو..
اتسعت ابتسامته يأخذ فنجالاً مدته له هلا.. تتبسم ليلحق بها بعينيه يتأملها حتى جلست جوار والدتها في الجهة المقابلة له ..
كانت تتحدث معها بهمس في موضوع ما تصب كل اهتمامها فيه ليستغل انشغالها يتأملها تهز رأسها وتشرب من فنجالها بتركيز..
ترتدي فستاناً ناعماً أزرق اللون يتناغم مع لون بشرتها الفاتح وكأنه صنع لها لتلبسه ولم تضع على وجهها ذو الملامح الدافئة سوى (ماسكرا) وملمع شفاه فاتح اللون..
كانت تتوهج..
حرفياً!!
عيونٌ بأطرافٍ ناعسة وأنف بعظمة مستقيمة وشفاه مكتنزة بوضوح في وجه دائري يحيط به شعرها أسود اللون يتموج بنعومة ليصل لمنتصف ظهرها . مع أنها لم تكن ذات جمالٍ صارخ أبداً لكن ملامحها ساحرة بطريقةٍ ما..

انتبهت له ولنظراته لتبتسم ابتسامة واسعة جعلته يغمز لها دون أن يشعر..
سمع نحنحة جواره ليلتفت ويجد زيد ينظر له بحاجب مرفوع ..
خطاب بضحكة : نعم وش مقعدك جنبي؟
زيد بخفوت واستمتاع : إحمد ربك أنا اللي قفطتك موب خالد ولا وش بيفكك من بثارته؟
ضحك ينظر لخالد المنشغل بهاتفه تماماً وكأنه في المكان لوحده..
عاد ينظر لهلا التي انشغلت هي الأخرى بسالم يشتكي لها شيئاً بنبرة شخصٍ على وشك البكاء..

اعتدل جالساً على صوت زيد يهتف بسعادة : أقولكم عندي لكم بشارة.. أم تركي حامل ..

تعالت التبريكات والفرحة طغت على وجه خالته بشكل واضح.
خطاب بهدوء وعينه على هلا : ماشاءالله مبروك.. والله إنها بشارة تسعد صدق مافيه مثل الأطفال في البيت..
زيد بمودة : الله يبارك فيك وعقبال تبشرني بأول عيالك.
ابتسم لهلا بأسى ابتسامة صغيرة لم تصل لعينيه لتبادله هي بأخرى : آمين .. الله كريم..

قالها صادقاً وهو يؤمن داخله بأنه حلم.. لكن هل لهذا الحلم أملٌ بأن يحدث؟ هل سيحصل؟
كم يتمنى أن تكون له أسره كبيرة تعوضه عما مضى.. حتى مع احتواء خالته وزوجها له في صغره.. لكنه لازال يشعر بالفراغ داخله وكأنه خارج حدود الصورة مهما حاولوا ادخاله بها.
يريد أن يكون أباً لعدد كبير من الأطفال. ربما أكثر من خمسة..
حلم جميل يراوده.. وأن تكون والدتهم هلا هو الجزء المفضل لديه من هذا الحلم..

انتبه لملامح زوجته التي سرحت بشيءٍ ما تنظر للأرض.. لا يعلم إلى أي حد ستصبر قبل أن تنفجر وتطلب أن تتحرر منه ومن حياته البائسة؟
يحرمها من أن تعيش كزوجة طبيعية معه يرعبها يومياً بأحلامه ويبكي أمامها أكثر من ابنها سالم.. مع ذلك لا تتردد بأن تحتويه وأن تسبل عليه ستائر الحب الذي يراه واضحاً جليّاً في عينيها.. وكم يخشى أن تصل لمرحلة لا يصبح للحب فيها معنى أو فائدة مقارنة بحريتها ..

وعى من وساوسة على صوت خالته سلوى تحاول دفع خالد عنها بعد أن جلس جوارها : قم عني ذبحتني..
خالد بضحكة وهو يحاول تقبيل رأسها رغم تمنعها : يمه الكل قاعد ينتج إلا أنا تكفين اخطبي لي.
سلوى : اعقل واخطب لك.
خالد بامتعاض : يمه والله لو اني قاعد بالزاوية أكلم نفسي . والله إني عاقل خلاص مليت أبي أعرس.. ما تبين تشوفين ذريتي يعني؟
هلا بضحكة : يا ذا الذرية اللي لجيتنا بها..
خالد : لا والله صدق ..دوري لي هلا دام أمي جاحدتني.
أشوف زيد ما صدقت يقول أبي أتزوج من بكرة دقت وأنا نبت براسي نخل ولا هي معبرتني.
سلوى باستنكار : والله مادريت إنك صادق عاد.. ماينعرف مزحك من جدك أنت..
خالد بحلطمة : يعني شلون؟
تركي باستمتاع : صامل تبي تعرس؟ بكرة أدق على عمك صالح ونخطب لك وحده من بناته ماشاءالله مافيه مثلهن.
تقاطعت نظرات خالد بنظرات خطاب الذي رفع حاجبه يذكره بحكاية قديمة حدثت وهو ابن الرابعة والعشرين عندما كان يريد أكبر بنات عمه صالح ليهتف خالد بسرعة : لا تكفى.. موب قصور في عمي وبناته بس ما أبي من العائلة.. أبي دماء جديدة خلاص كلنا ندور في نفس الدائرة حتى عيالنا صاروا سحنه وحدة من كثر الشبه..


انتهوا من العشاء ولم يبعد خطاب عينه عنها .. كان يلاحظ صمتها في ذلك الوقت وصمتها طول الطريق الآن و إن تحدثت كان رداً عليه لتعاود الصمت بعدها ..
لم يعتد أن تكون هلا هكذا فهي بالعادة تختلق أحاديثاً من تحت الأرض حتى لا يبقى في عقله سوى صوتها..

أوقف سيارته واغلقها تحت عمارتهم. ولم يتحرك منهم أحد حتى سالم كان نائماً في المقعد الخلفي من شدة الهدوء..
التفت لها : وش فيك؟
لتهتف لازالت تنظر للامام : والله فيني الضحكة..
ابتسم : ليه؟
نظرت له : ما أدري ! بس ضحكني خالد.
خطاب بابتسامه ناعسة : دام إنه يبي العرس المفروض خالتي تخطب له..
هلا : أمي ناوية أصلاً بس تبي تلعب بأعصابة.. عاد والله يا بختها اللي بتاخذ خالد حبيب و وسيع صدر.
خطاب بضحكة لا يعلم سببها : أنا أشهد..

عم الصمت السيارة مجدداً.. هدوء لطيف لا يتخلله سوى صوت أنفاس سالم العالية من وقت لآخر وخطاب متحفز يتوقع منها أن تذكر موضوع الحمل و الأطفال وتكوين أسرة وأن تسأله: إلى متى؟

حتى أنه قام بوضع عدد من الإجابات في عقله لسؤالها ويتمنى أن تكون مقنعة بما يكفي..
لكن الوقت مر وهي صامته وعندما نطقت قالت بكسل : ما ودك ننزل؟

تسارع نبض قلبه وكأنه كان يحبس أنفاسه تحت الماء وللتو طلع للسطح.. التفت برأسه ناحيتها ليراها تسند رأسها تغمض عينيها وطول اهدابها مع الإنارة القادمه من الخارج يعطيها ألقاً لامثيل له..
تدافعت الكلمات في حنجرته يتمنى أن يقول الكثير ولكنه في نهاية المطاف هتف بهدوء : تدرين وش اللي قاعد أحس فيه الحين؟
نظرت له بعينين مبتسمه بعد أن اعتدلت بجلستها : وش؟
خطاب بهدوء وصدق وضح بنبرته : أحس وكأن فيه نور دافي قاعد يتسلل لصدري.
شفتي يوم السما تكون سودا وفجأة من بين السواد يطلع ضو؟
هذا إحساسي الحين وأنتي جالسة جنبي..
أحسك ضوّي،، قاعدة تنورين قلبي..
حرفياً تنورينه..
تجمعت عبرتها في حلقها وكي تمنعها من أن تخرج بدأت تضحك كما لم تضحك من قبل ..
خطاب بابتسامه نظر لها ورنّة ضحكتها المهزوزة هزت قلبه : أعتذر على الكلام المبتذل جداً..
مسحت دموعها التي تسللت من عينيها رغماً عنها : بالعكس.. كلامك حلو...
مبتذل،،،، بس حلو..
قالتها وغمزت ليضحك لها.
من أعماق قلبه.. بصوت مرتفع لدرجة أن سالم صحى من نومه مرعوباً..

.
.

دخل منزل والدته بعد أن طلبته على وجه السرعة حتى بعد أن تعذر بأن لديه مايشغله في هذه اللحظة.. لكنها قالت بصرامة : جابر قلت تجي الحين يعني تجي.. لا تخليني أجيك أنا..

ما إن حطت اقدامه الدور العلوي حيث مكانهم المعتاد في الصالة حتى ورفع حاجبيه مستنكراً وجود الجميع.
والدته تجلس بكل عنفوان على كرسيها الملكي تضع قدماً على الأخرى.. شيء غريب في ملامحها ربما زادت من حجم شفتيها أو شدّت تجاعيدها أكثر من اللازم هذه المره. أنيقه حتى في يوم اعتيادي هادئ داخل المنزل..
على أحد الأرائك يجلس شقيقه الأصغر عامر يتعبث بهاتفه وبجواره يجلس شقيقه الآخر فارس بوجهٍ متجهم وغاضب جداً..
باستنكار : وش فيه يمه جايبتني على وجهي؟ وش صاير؟
رفعت حاجباً حاداً : اقعد.. أخوك شوي ويجي..
مشى يزفر يكتم كلاماً يعلم انه سيغضبها إن قاله.. جلس بجوار عامر يهمس : وش السالفة ؟ اجتماع ذا ولا وش؟ وفارس ليه معصب؟
عامر بملل : علمي علمك.. بس أكيد السالفة تخصه لأن يوم جيت كانت تهديه.

خمس دقايق الصمت يلف المكان إلى أن ظهر شقيقة منصور.. يأتي في الترتيب بعده مباشرة يسكن هو وزوجته وابناءه مع والدته في منزلها..
الأقرب لها والمدلل حتى وإن كان يأتي بعده فارس وعامر..
يمشي بتكاسل قادم من جهة جناحه هو و زوجته..
قبّل رأس والدته وجلس على الكرسي المفرد جوارها يهتف بصوت مثقل بالنوم : هذاني صحيت يمه! وش فيك قلبي؟
باقتضاب : مو أنا حبيبي.. أخوك فارس..
توجهت الأنظار لفارس الذي انفجر غاضباً : فصلوني من شغلي..
لتهتف بعده بغضب هي الأخرى تنظر لعامر يضع يده على أذنه بعد صرخة شقيقه : فصلوه من شغله.. أخوكم فصلوه من شغله.
جابر باستنكار خصوصاً وأن فارس أكثر أشقائه انضباطاً يعمل كالساعة ويهمه ما يقال عنه لذلك فهو نادراً مايغلط : وش مسوي عشان يفصلونك؟
فارس بقهر : ما أدري.. سألته ولا رضى يعلمني..
عامر : ارفع تظلم.. ماله حق..
فارس وهو يمسح شعره بقوة : فيني حرّه أحس إني بموت..
منصور : موب معقول يفصلك من الباب للطاقة.. شف وش مهبب..
نطقت والدتهم بحقد : وأنا عشان كذا جمعتكم .. أكيد إن أبوكم هالتسلب اللي لا يحلل ولا يحرم هو السبب..
جابر بضيق : و أبوي وش دخله؟ وش يعرفه بمكان شغل فارس من الاساس ؟
فارس : شلون وش يعرفه؟ أبوك ذا مابيرتاح إلا لا ذبحني..
وأنا متأكد إن له يد بالموضوع لأنه أرسل لي لوكيشن بيته يقول خليني أشوفك صار لي شهر من جيت ولا شفتك.. انا ابي اعرف وش يبي فيني؟ الله ياخذه ياشيخ ..
منصور بضيق : ياليل ذا وش رجعه؟ كنا مرتاحين..
جابر : خلوني أنا أتفاهم معه . مايعرف له غيري..
تكلمت والدته كارهه جداً تتمنى لو أن تقطع المدعو منيف إرباً : خليه يرجع ولدي مثل مافصله.. وفهمه يا جابر لا يحلم يحتك بأحد فيكم أنا أعرف حركاته النذل يبي يستفزني..
بس لا يحلم.

لكن فارس لم يقتنع ولن يرتاح إلا إن ذهب له بنفسه.. كم يتمنى أن ينفيه من حياته للأبد كي يرتاح منه ومن أفعاله التي يمقتها..
متأكد بأن والده لا يستهان به أبداً ولم يفعل فعلته إلا لغرضٍ ما..
آخر مره رآه فيها كان قبل سفره بخمس سنوات عندما كان بالعاشرة من عمره. لا يذكره جيداً وكم يتمنى لو باستطاعته محي ملامحه من ذاكرته ولكن لا يستطيع خصوصا مع وجود كره ملتهبه حمراء في وجهه تظهر له في سواد ذكرياته مع والده..

وقفت سيارته أمام منزل كبير بتصميم راقي، زفر أنفاسه بغضب حقيقي يشعر بأن داخله يشتعل وبالقرف من فكرة أنه مضطر لمقابلة المدعو والده..
اتصل على الرقم الذي يترأس المحادثه وثواني مرت ليصله صوته. بث في أوصاله برودة شديدة ليضع يده على فمه عندما شعر بأنه سيتقيأ من مجرد سماع صوته فكيف برؤية وجهه : أنا برى..
تخلل نبرته شيء ساخر : وش أسوي لك طيب؟
فارس بحنق : لا تستهبل علي.. أبي أشوفك.
سكت قليلاً ليردف بعدها باستمتاع : طيب دق الجرس وبيفتحون لك.
ثم أغلق في وجهه..

منيف موجهاً حديثه لدانة : خليك جنبي لا تطلعين.. وخليك معي باللي اقوله.
دانة بحاجبين معقودين : مافهمت! ومين كنت تكلم؟
لكنه لم يجبها.. اعتدل جالساً شيءٌ في نفسه يتحفز لرؤية ابنه وجهاً لوجه بعد هذا العمر.. كان من السهل عليه أن يحصل على رقمه.. ومن السهل أن يستفزه بفصله من عمله.. بدون عناء أو تعب هي مجرد مكالمات انتهت بجملة : أبشر واعتبره مفصول من اللحظة ذي..

ابتلع ريقه لا إرادياً وهو يراه يظهر من بعيد حتى وقف أمامه بينهم مسافة كبيرة..
شهقت دانة بهلع وصدمة من الرجل الذي دخل عليها وكادت أن تقف كي تهرب لكن صوت جدها الثابت -رغم المعركة التي اشتدت داخلة من رؤيته- منعها : دانة خليك.. فارس موب غريب.
تصدد فارس بعينيه عن الجالسة تلتصق بوالده الذي ألقى على وجهه البغيض نظرة سريعه لم تدم طويلاً..
منيف : ما ودك تسلم؟ كم صار لي ما شفتك؟
فارس بقرف لازال يتصدد بعينه لا يعلم من هي التي بجوار والده : ما جيت أسلم.. ولو علي ماجيت أبد..
دانة بهمس وتوتر : جدي أنا بطلع غرفتي..
صرخ بها نظره مثبت على فارس: قلت خليك.. فارس ولدي.
تسارعت أنفاس دانة تبتلع ريقها وهي ترى عمها ينظر لها نظرة سريعة ثم يعاود إبعاد بصره عنها ..
منيف: دامك ما جيت تسلم وش جابك؟
فارس : جاي أفهم وش تبي مني أنت؟؟ وش سويت لك عشان تتعمد تقرفني بحياتي كذاx ؟
منيف ببرود : ماسويت لي شي.. ولا أنا سويت لك شي يا ولد الجازي..
فارس بغضب : لا تقعد تلف الموضوع على راسي.. أنا أدري إنك ورا سالفة طردتي من شغلي.. خير إن شاءالله وش بيني وبينك؟ متى ابرتاح منك الله ياخذك..
اقشعر بدن دانة من دعوته.. ومن نظرة الحقد التي برزت في عينيه..
ومن نبرة جدها الصقيعية : كنت منتظر ترقية أجل؟ تدري عاد إن مديرك كان بيوقع خلاص .. و بتليفون واحد مني قدرت أنسف كل شي.. لا تعاديني يافارس أحسن لك..
فارس وهو يشد على قبضة يده عروق رأسه تكاد تنفجر : أنا ما اعتبرك موجود من الأساس عشان أعاديك... أنت في حياتي ميت من زمااان ولا ذكرتك حتى ما أترحم عليك.. والله إني اتفشل منك ومن مصايبك وفضايحك اللي إلى يومك ذا أحس الناس تتكلم فيها كل ماشافوني.. لو علي ض..
ليقاطعه منيف بجمود : اطلع برا بيتي..
اطلع.

تسارعت أنفاس فارس بشكل ملحوظ لتتحرك اقدامه خارجاً من المكان والغضب والحقد والكره يكاد يفجر قلبه وقبل ابتعاده عاد ينظر للتي تجلس بجوار والده تنظر له بخوف و وجه شاحب .

بعد خروجه عم صمت مهيب المكان.. دانة إلى الآن لم تفهم ما حصل ولم تستوعب بعد أن الذي كان يقف أمامها هو شقيق والدها..
نظرت لجدها بشفقة وعطف هي تعرف أن هناك عداوة بينه وبين أبناءه سببها والدتهم.. اكتفى فقط بقول هذا قديماً لا تفصيل ولا حتى سبب صرّح به لها.. ملامحه جامدة في هذه اللحظة ولكنها تعلم أن قلبه يذوب من الحزن والقهر من ردة فعل ابنه.. ليتهم يعرفونه عن قرب كي يعلموا أي أب عظيم هو منيف.. شخص مثله لا يمكن التفريط به.. أبداً!

حاولت أن تحدثه عما حصل أن تواسيه وتخفف عنه لكنه لم يدع لها مجالاً عندما وقف بثبات وكأن شيئاً لم يحدثx : أنا طالع انسدح بغرفتي..

.
.

منذ أن تخرج خطاب من جامعته حتى وجد وظيفته تنتظره في نفس الشركة الهندسية التي قضى فيها فترة تطبيقة.. كان مديرها أو كما يحب أن يناديه الجميع بكنيته رجل في عقده الخامس.. متواضعاَ جداً و محترماً يعامل الجميع كأبناءه دون أن يبخل عليهم بنصيحة أو توجيه وهو الذي طلب شخصياً من خطاب أن يأتي بوثيقته بعد التخرج بقوله : مكتبك جاهز وينتظرك..
أخلص في عمله وأثبت نفسه وتقدم على الجميع بقدراته فتم تعيينه في سنته الثالثة من مسيرته العملية مديراً لقسم الاستشارات الهندسية بالرغم من وجود من هم أقدم منه..

اليوم أول أيام الأسبوع وكان ثقيلاً على خطاب الذي توجه بخطى متكاسله لمكتب المدير العام بعد أن طلبه..

ابتسم بوقار : أبي اكلفك بمهمة و أدري أنك قدها.
خطاب بهدوء : أبشر باللي يسرك يا أبو مبارك .. آمرني وإن شاءالله إني قدها.
بهدوء : فيه موظفة جديدة بتستلم وظيفتها اليوم.. هي في قسمك وإدارتك وأبي أخليك المشرف عليها وتدربها شخصياً.
خطاب باستنكار فالشركة يوجد بها قسم خاص بالتطوير والتدريب.. وتدريب الجدد هو عملهم وليس عمله : أنا؟
أبو مبارك والقلم بين يديه ينظر له : هي من طرف شخص بيني وبينه معرفه شخصية و وصاني عليها وماودي أرده.. البنت توها متخرجه وجايه من برا وشهادتها قوية لكن تحتاج تدريب خصوصاً إن ماعندها أي خبرة..
أنا أثق فيك وبشغلك ومتأكد إنها بتبدع إن وجهتها صح..
زفر بضيق وهو ينظر لوجه مديره السَمح.. لا يفضل التعامل مع النساء ويحاول قدر المستطاع عدم الاحتكاك بهن في مكان عمله فكيف به يدرب إحداهن و يحتك بها بشكل مباشر؟..
أبو مبارك بابتسامة : وش قلت؟. أنا ماودي أعتمد على غيرك بالمهمة ذي لأني أثق فيك وبقدراتك ومتأكد أنك بتبيض وجهي مع صديقي..
عبس بضيق : إن شاءالله تلاقي اللي يسرك..
اتسعت ابتسامته : أثق بك يا خطاب وصدقني لو ما اشوف فيك الموظف الناجح والرجل الكفو كان ماطلبت منك هالشي..
وأعتبر اللي بطلبه منك الحين طلب خاص بيني وبينك.. لا أوصيك عليها اعتبرها مثل أختك ترا جدها محرّص وموصي ولا أبي أزعله..

هز رأسه وهو يوقع ورقة خِطاب التكليف التي مدها له.. يهتف تحت أنفاسه: إن شاءالله..
" تدريب لمدة ٦ أشهر !!! والله اللي ابتلشت يا خطّاب "

وقف ليقف معه ابو مبارك باحترام : موعدنا معها بعد ساعة.. وأنا طلبت منهم يجهزون لها مكتب خاص فيها عشان تاخذ راحتها ماودي تختلط بأحد..

خرج من مكتبه يرفع حاجباً يتساءل عن قوة واسطتها التي من أجلها اضطر مديره أن يضرب سياسة الشركة عرض الحائط.. فالموظفين جميعهم -باستثناء مدراء الاقسام- مكاتبهم مدموجة بشكل يفصل بين النساء والرجال..
فكيف بهذه ومكتبها الخاص وهي لازالت متدربة؟ وكيف لأبو مبارك أن يخلط بين علاقاته الخاصة وعمله وهو الذي عُرف عنه الموضوعية والنزاهه..
جلس خلف مكتبه الضيق فعلاً يحاصر قلبه لسبب يجهله..

.
.

بعدم رضا وهي ترى جدها يجلس بالأمام بجوار السائق: جدي الله يهديك أنا مو بزر عشان تجي معي.. وش بيقولون عني؟
منيف باستمتاع : يقولون اللي يقولونه مايهمني.. لازم اتطمن عليك بنفسي ولو تطيعين شوري وتقعدين في البيت أفضل . وش لك بالتعب أنتي مو محتاجه.
دانة : تكفى لا نرجع لنفس الموضوع.. وقلت لك الشغل حاجه معنوية أكثر من إنها مادية أنا مادرست عشان أقعد في البيت..
منيف بود : أجل ماعليه اسمحي لي أروح معك المره ذي ومنها أشوف أبو مبارك و أوصيه عليك بنفسي.
أنا مالي غيرك يا دانة من حقي أخاف عليك..
دانة بتأثر ونبرة حاولت أن تكون خفيفة : مشكلتك تعرف تضحك علي بكلمتين.. خلاص تعال يا قلبي كل يوم لو تبي.
ضحك لها براحه يربت على كفها الذي وضعته على كتفه..

توقفت سيارة المرسيدس السوداء -آخر موديل- أمام مبنى شركة (البناؤون العرب) الهندسية ..
ليرتفع معها رأس دانة بتوتر داهمها فجأة تنظر للمبنى الممتد وكأنه سيلامس السماء ونوافذة الكثيرة تعكس أشعة الشمس بشكلٍ قوي..
مشت بخطى ثابتة و واثقة تناقض رجفة قلبها بين أضلعها تستمد قوتها من يد جدها التي تمسك بيدها يمشي بجوارها بكل شموخ وعنفوان وكأنه لا يرى أحداً أمامه..
ما إن وصل للاستقبال وأعطى اسمه حتى و وقف الموظف يرحب به بشكل لفت انتباه الموجودين القليلين في المكان..

خرج خطّاب من مكتبه ما إن تلقى اتصالاً يخبره بأن متدربته قد وصلت.. توجه بثقل حتى وصل لسكرتير مكتب مدير الشركة ولم يستطع أن يمنع سؤاله من أن يخرج : وش شكلها ذي اللي متوصيين فيها بالشكل ذا؟ أبو مبارك بنفسه داق علي؟
ضحك : الواسطة يابوي.. مير جايبه أبوها بكبره معها.. أدخل بس أبو مبارك ينتظرك..
زفر واتجه للباب : الله يعين .

فتح الباب الموارب ودخل بهدوء ورائحة القهوة المهيلة والبخور هي أول ما استقبله ليتساءل فعلاً عن مكانة هذا الرجل ..
لم ينتبه أحد لدخوله فأبو مبارك خلف مكتبه ينظر لبعض الأوراق أمامه بتركيز ،، وعلى الكرسي أمام المكتب يجلس رجل بياض ثوبه الناصع سبب زغللة لعينيه يرتدي شماغه المكوي بعناية ويعطيه ظهره.. الأريكة السوداء البعيدة قليلاً تجلس عليها امرأة لا يظهر من وجهها سوى عينيها وإحدى يديها تحتضنها جبيره واضحه تحت كم عباءتها..
انتبهت له وما أن وقعت عينها بعينه حتى و أرخت بصرها بسرعة ..
خطاب بهدوء : السلام عليكم..
أبو مبارك يقف مبتسماً : وعليكم السلام.. حياك كنا ننتظرك..
مشى بخطوات ثابته حيث أبو مبارك الذي تحرك من خلف مكتبه يقف أمام صديقة الذي لازال جالساً ولم يلتفت أو يرفع رأسه حتى..
أبو مبارك بابتسامة: أعرفك يابو جابر بخطّاب المهنا.. أكثر موظفيني كفاءة واللي اعتمد عليه بكل شي..
ما إن وقف خطاب أمامه مباشرة تفصل بينهم خطوة أو اثنتين حتى ورفع الرجل رأسه لتقع عينه بعين خطاب الذي شعر بأن الأرض اهتزت تحته لدرجة أنه لم يشعر بجسده عندما مال للأمام بسرعة وقوة باتجاه الجالس أمامه ينظر له بتعجرف.. ليسقط نتيجة ميلانه عليه فنجال قهوته الساخن من يده منسكباً على ثوبة..
زمجر بغضب وهو يرفع ثوبة عن فخذه : ما تشوف أنت؟

لحظتها كانت ركبتّي خطاب تلامس الأرض.. كفٌ على رأسه يمسك عقاله والكف الآخر على الأرض يسند جسده وبصره شاخص على الأرضية الرخامية اللامعة ..
أبو مبارك بسرعة وهو يرفعه من ذراعه بقلق : بسم الله عليك.. وش جاك؟
كان يشعر به يرفعه حتى استطاع أن يجلسه على الكرسي الآخر المقابل لكرسي الرجل الغاضب أمامه..
أغمض عينيه يفتح أزرار ثوبه العلوية وهو يشعر بأن جدران صدره تطبق على قلبه لدرجة أنه سينفجر.. أنفاسه بالكاد تخرج وهو يشعر بشهيقه ساخناً حاراً على رئتيه..
كان يسمع أصواتهم حوله لكنها كانت كالصفير على مسمعه.
لا يمكن لشيء كهذا أن يحدث. ليس بهذه السرعة على الأقل لدرجة أنه شك بأن عقله يحيك له مكيده وأصبح يصور الرجل البغيض وكأنه حقيقة..
فتح عينيه لتقع على الرجل أمامه.. بوجهه الأبيض الامرد الغاضب جداً.. يرى شفتيه تتحرك بسرعة في كلام غاضب -والأرجح أنه يشتمه- يوجهه لأبو مبارك الواقف بجواره يده على كتفه بخوف أبوي غير مستغرب منه ..
اغمض عينيه مجدداً وانفاسه تتسارع بشكل مرعب وملحوظ لكنه عاد يفتحها يخشى ألا يجده أمامه كما حدث في السابق..

انتهى 'منيف' من توبيخه وصرف نظره للتي تقف بجواره تحاول أن تمسح القهوة التي سُكبت على ثوبة بمجموعة مناديل في يدها.
كان يتأمل المنظر أمامه وصوت أبو مبارك يصل لمسمعه قلقاً خائفاً : خطاب تعبان أطلب لك الاسعاف؟
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يهز رأسه بالنفي.. عينه مثبته بتركيز وهلع على المشهد أمامه.. يشعر وكأنه يحلم عقله يرفض ما يحدث وكأنه خيالٌ يعيشه..
أبو مبارك بنبرة حانية : وش جاك يا أبوي بسم الله عليك؟ وجهك مخطوف تحس بشي؟..
التفت منيف عن التي كان ينظر لها لينظر لخطاب بغضب : وش علتك أنت؟ شارب شي منت بقادر تصلب طولك؟
أبو مبارك بضيق من نبرة منيف المرتفعة : العذر منك يا أبو جابر.. أمسحها بوجهي.
منيف بغضب : يحمد ربه القهوة جات على فخذي موب مكان ثاني ولا والله ما ارحمه..
أبو مبارك : الله يهديك اللي يسمعك يقول متعمد.. ماكان قاصد..
منيف بدون نفس : عشانك بس يابو مبارك ..
ثم بنظرة تقييميه نظر لخطاب من رأسه وحتى اخمص قدميه ويبدو وكأنه يحاول أن يربط ويتذكر أين رآه : وش قلت اسمه؟
أبو مبارك : خطاب المهنا.. وهو إن شاءالله اللي بيشرف على دانة و أوعدك و أوعدها مابتلاقون إلا اللي يسركم ان شاءالله..
ثم تابع بلطف : خطاب أعرفك على منيف الوهاج.. و المهندسة دانة الوهاج اللي ان شاءالله بتبدا عملها معنا من بكرة..

ابتعدت دانة تعود ادراجها لمكانها الذي كانت تجلس به قبل أن تقفز منه مرعوبة عندنا صرخ جدها من حرارة القهوة التي حرقته..
تأكدت من أنه بخير وقررت أن تبتعد من أمام الرجل المسكين الذي بهت وجهه بصدمة يعتلي الهلع ملامحة من توبيخ جدها والذي تراه مبالغاً به.. فمواقف كهذه تحصل ولا تستدعي كل هذا الانفعال..

زفرت بضيق من هذه البداية الغير مبشرّة أبداً.
لا تريد من جدها أن يسبب حزازية وعداوه بينها وبين الذي يدعى خطاب فكما فهمت من أبو مبارك هو من سيقوم بتدريبها لمدة ستة أشهر إلى أن تفهم العمل كما يجب..
لكن يبدو أن الموضوع تعقد من قبل أن يبدأ حتى.



.
.
.

# نهاية الفصل السابع ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

شبيهة القمر 13-11-18 09:17 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم

ياقلبي قلبك ياخطاب 💔 وطن خفي عليه شويه هالي يصير له شي فوق الاحتمال .... صعب جدداااا موقفه قدام هلا بعد ماشافت مفرشه مبلل😢 صح هلا تحبه وبتتحمله وهي بيره وغطاه بس هو قدام نفسه بينكسر .. اتوقع يروح لطبيب نفسي لان هالشي صعب يتعالج بعد هالعمر الا بعلاج ...
وزاد الطين بله موقفه قدام منيف ..الحين بسأل خطاب يعني بتصيبك هالحاله كل ماشفت منيف !!! لازم تجمد ياراقل مش كده...
الله يعينك ياخطاب ...الجاي بيكون اشد واصعب خاصه مع وجودك بقرب دانه حفيده منيف ...بتلاقي منيف كل دقيقه ناط بوجهك هههههههههههه

وطن ..تسلم يمينك ...بانتظاار القادم بكل شوووق لاتتأخرين علينا

وطن نورة ،، 17-11-18 08:47 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3707919)
السلام عليكم

ياقلبي قلبك ياخطاب 💔 وطن خفي عليه شويه هالي يصير له شي فوق الاحتمال .... صعب جدداااا موقفه قدام هلا بعد ماشافت مفرشه مبلل😢 صح هلا تحبه وبتتحمله وهي بيره وغطاه بس هو قدام نفسه بينكسر .. اتوقع يروح لطبيب نفسي لان هالشي صعب يتعالج بعد هالعمر الا بعلاج ...
وزاد الطين بله موقفه قدام منيف ..الحين بسأل خطاب يعني بتصيبك هالحاله كل ماشفت منيف !!! لازم تجمد ياراقل مش كده...
الله يعينك ياخطاب ...الجاي بيكون اشد واصعب خاصه مع وجودك بقرب دانه حفيده منيف ...بتلاقي منيف كل دقيقه ناط بوجهك هههههههههههه

وطن ..تسلم يمينك ...بانتظاار القادم بكل شوووق لاتتأخرين علينا

والله أنه صعبان عليّا أوي بس إن شاءالله العوض باللي جاي.. لا أخليه يتذكر كل هالأشياء ويضحك :ZlY04550:
شوفته لمنيف روعته الضعيف وهو قلبه قلب طير مايتحمّل : )

حبيبة قلبي انتي والله إن تعليقك يسعدني دايماً وأبداً وإن شاءالله القادم يسرك :361:

وطن نورة ،، 17-11-18 08:50 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٨) الفصل الثامن ،،
°
°


هوّن عليك فما في اللوح قد كُتبا . .
واللوم يُورثكَ الأحزان والتعبَا . .
فاسعد بما في يديك اليوم من أملٍ . .
ولا تفكر بماضيك الذي ذهبَا ..

.
.


لا يوجد أصعب من رغبتك بالقيام بشيءٍ لا تعلمه. تتمنى أن تفعل،، لكن كيف؟ ومتى؟
و كيف؟..
و كيف؟..
و كيف؟..
خطاب مشتت،، يشعر بأن عقله يهوي في حفرة عميقة لا نهاية لها..
يشعر وكأن العالم بأسره يجثو على صدره.. لم يطرأ على باله يوماً بأن يكون لقاءه بمنيف هكذا..
بارداً هكذا...
جباناً هكذا.
كان قد رسم أمنياته منذ أكثر من عشرين سنه.. عندما يلتقيه سيصفعه ويفصل رأسه عن جسده.. سيمّثل بجثته سيحرقه وينثر رماد جسده للكلاب التي ستستنكره وتبصقه..
كان متأكداً بأنه سيشفي غليله منه بطريقة ما..
بشكلٍ ما..
لكن لا شيء من هذا حصل..
لم يحصل شيء سوى أن الحقد والغضب في قلبه سيقتلانه وهو ينظر لقاتل أهله يجلس أمامه بكل ثقة وخيلاء.. ينظر له يعجز عن الحركة وكأن أطرافه تيبسّت..
تمنى أن يهشمّ عظام جمجمته حتى تصبح فتاتاً لا يمكن تجميعه..
تمنى أن يقتلع عينيه من مكانها.. ويقطّع أطرافه.. ويرسم لوحةً بدماءه.. ويذّيلها باسمه وتوقيعه..
لكن لا شيء من هذا حصل..

يتذكر جيداً عندما انتهى لقاءه القصير جداً بمنيف وهو لازال تحت تأثير الصدمه من رؤياه.. يشعر بأنه مخدر رأسه يلف به لا يستطيع الإستيعاب..
أخذ حفيدته كما وضح له بنبرة تغيرت مئه وثمانون درجة وهو يتحدث عنها : الدانة بنيتي مو بنت ولدي بس.. صدقني لو اشتكت منك مانيب معدي الموضوع على خير.
لم يجبه بل سدد له نظرة لو كانت تقتل لسقط منيف صريعاً في أرضه ليكتفي أبو مبارك بردٍ مقتضب بعد أن شعر بالضيق من الجو بشكل عام..

أغمض عينيه يزفر أنفاسه عندما فُتح الباب الخلفي ليركب سالم ثم باب الراكب جواره لتركب هلا.. يقف لأكثر من ربع ساعه أمام مدرستها ولم يشعر بالوقت أبداً فهناك صوت داخله يتحدث معه بغضب يوبخه ويلومه على سوء تدبيره..
هلا بهدوء بعد أن أغلقت بابها : اسفه تأخرت عليك.. بس كنت أدور شنطة سالم الله يهديه.
حرك سيارته ينطق بهمس كأنه يحدث نفسه : مافيه مشكلة ..

نظرت إليه باستنكار شماغه في حضنه وجميع أزرار ثوبة مفتوحه.. لا يبدو طبيعياً أبداً لا من ملامح وجهه ولا من هندامه.. هتفت بقلق: صاير شي؟
هز رأسه بالنفي واكتفى بذلك لتحترم رغبته بالصمت وتصمت..

.
.

مضت ثلاث ساعات منذ خروجهم من الشركة التي ستباشر العمل بها غداً. . ذهبت مع جدها لأحد المطاعم الراقية في دعوة منه للغداء احتفالاً بهذه المناسبة..
لم يكن غداءً كما العادة تتحدث فيه وتحكي له وتناقشه في كل شيء وعن أي شيء -السياسة والتجارة والأسهم وسوق المال وآخر صيحات الموضة ومافعله مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي- بل كانت صامته ليدير هو الحديث كما يشاء..
حتى عندما سألها بقلق : دنِّي وش فيك ساكتة ؟ فيه شي يوجعك؟
أجابته بزفرة : لأ أبد.. بس يمكن لأني ما نمت زين أحس مافيني حيل لشي..

والحقيقة أنها شعرت بشعور غريب فور خروجها من الشركة..
لا تعلم ولكنه شعور غير مستساغ أبداً..

منيف بعد صمت : اللي اسمه خطاب ماجاز لي أبد أنا ما أدري كيف أبو مبارك يختار موظفينه!
دانة بضيق : ماقال شي الرجّال عشان تحكم عليه يا جدي الله يصلحك..
منيف بإصرار : ماجاز لي يا بنت..
دانة باستعطاف فبعد أن علمت أن جدها فصل ابنه عن عمله باتت تخشى بطشه : جدي الله يخليك عشاني لا تسوي شي. انا بتدرب عنده و بشوف الوضع بنفسي وبعلمك..
نظر لها يهدد بسبابته : اوعديني ماتخبين عني شي مهما كان كبير أو صغير..
دانة بعد أن وقفت : اوعدك.. نقدر نمشي الحين ؟

دفع المبلغ وسلك الطريق لمنزله. ما إن اقترب حتى ولمح الرجل الذي يقف بجانب سيارته الذهبية يسند ظهره على بابها..
شعرت دانة بأن قلبها سيخرج من بين أضلعها عندما تعرفت على هويته.. يبدو انيقاً جداً بتيشيرته الأبيض وبنطاله الأسود ليس كأنه في عقده الرابع.. ينفث دخان سيجارته بتفنن و التي ما إن رآى سيارتهم تقترب حتى والقى بها يعتدل واقفاً يطفؤها بحذاءه..
هتفت بأنفاس ملهوفة : جدي هذا أبوي!!..
منيف بضيق وعينه على وجه ابنه الذي ابتسم ما إن وقفت السيارة أمامة : أشوفه..

فتح باب الراكب لوالده ابتسامته تتسع بشكلٍ مستفز وكأنه يعرف بأن غضب والده يستثار منها ..: يا هلا والله بالشيخ منيف..
دفعه منيف عنه وهو يهم بالخروج من السيارة لتفتح دانة بابها بسرعة وتقترب من والدها الذي اعتدل بوقوفه يدلك صدره ويضحك.. قبلت رأسه على حين غفلة منه تهتف بفرح : هلا أبوي وش أخبارك؟
جابر بعد أن نظر لها نظرة سريعة أشاح بعدها بصره وابتعد عنها : هلا..
منيف بحده : خير نعم وش جابك؟
ابتسم : ولد بار وجاي يزور أبوه فيها شي؟
بزفره : بتتكلم ولا شلون؟ ..
ضحك : ممكن ندخل؟؟ أبيك بسولف عليك ..
نظر له منيف بامتعاض قبل أن يمشي بخطاه نحو باب منزله تلحق به دانة بأسى ومن خلفها والدها الذي يراقب انحناء اكتافها بانكسار..

جلس على أحد كراسي جلسة ساحة المنزل الخارجية ليجلس ابنه أمامه : بتستقبلني هنا؟
منيف : إحمد ربك استقبلتك.. أنجز وش عندك؟.. من الصبح صاحي ولا لي خلق هذرتك..
جابر ونظرته ثبتت على دانة التي أنزلت طرحتها على اكتافها ثم عاد لوالده.. وضع سيجارته في فمه وقال باحثاً عن ولاعته في جيب بنطاله : تدري إن فارس يظن إنها زوجتك.
منيف بابتسامه : ماتطلع من جزاي ياولدي .
أشعلها وضحك بصخب بعد أن نفث الدخان بتفنن : أنا أشهد..
عاد تدري إنه يقول دخلت بيته و لقيت زوجته قاعده بحضنه؟
ثم أردف بعد رفع حاجبه : يبه لا تنسى،، تراها حفيدتك..
منيف بحده : جابر!!
لتصرخ معه دانة بنفس الوقت باستنكار : يبه؟؟؟
جابر ببرود : حبيت أذكرك بس..
منيف بغضب هادر الحروف تخرج من فمه متتاليه كالرصاص : مريض أنت؟؟ وش هالكلام؟
الله لا يوفقك من ولد.. بنتك ذي يا قليل الخاتمة..
شلون تفكر بالتفكير ذا يالتعبان؟ أنت شارب شي؟
ابتلعت دانة ريقها بقرف من مغزى حديث والدها.. تنظر له بعتب نظرة لم يرها خصوصاً وأنه كان منشغلاً بالضحك على غضب والده وشتائمه..
منيف لازال غاضبا يشتعل.. سحب عقاله من أعلى رأسه وحذفه على كتف ابنه : حسبي الله عليك جاي تغثني.. مافيه شي يضحك يا أسود الوجه..
جابر وضحكته بترت تماماً وضع يده على كتفه يتابع ببصره دانة التي ابتعدت لداخل المنزل بخطى سريعة : جايك عشان فارس..
منيف وأنفاسه تسارعت : الله ياخذكم من عيال بتذبحوني.. وش عنده فارس بعد؟
جابر بجمود : لا تمن علينا بإنك متحملنا واننا هم على قلبك.. لأن العكس هو الصح صدقني..
فارس للحين مارجع لوظيفته.
منيف : وأنا وش علي؟
بإنفعال : كيف وش عليك؟؟ أقول يبه تعوذ من ابليس بس.
زفر بضيق : الحين أنت وش تبي جاي؟
جابر : تكلم خويك اللي خليته يفصل فارس يرجعه..
الولد مابقى على عرسه شي وإن درت زوجته وأهلها إنه صار بلا وظيفة ممكن ينهون الموضوع .
رفع حاجبه : وأخوك يوم إنه بغى يناسب مالقى يناسب إلا ذولي؟
جابر بضيق : أنت من وين لك كل هالمعلومات وأنت توك راجع؟
ابتسم : والله يا إني اعرف عنكم أشياء أمكم بكبرها ماتدري عنها ..
بارتباك : أمي تدري عن كل شي يخصنا.
منيف باستمتاع : ماهقيت.
اعتدل جالساً : وش تعرف؟
وضع قدماً على الأخرى : أمك تدري إن أخوك منصور كاتب بيتها اللي هي ساكنه فيه باسمه ،، بالوكالة العامة اللي هي موكلتها له؟
جابر بصدمة: كذب.. منصور مستحيل يسويها بأمي.
منيف : تأكد بنفسك لو تبي ..طيب أمك تدري إنك متزوج مسيار على بنت أخوها وتاخذها بكل سفرة معك ؟
تدري خالك هالهيس لو درى مهوب معدي الموضوع على خير والشراكة اللي بينكم إنساها..والعز والجاه اللي مغرقك فيه بينسحب منك وعيونك تشوف..
جابر بقلق وهو يطفئ سيجارته على سطح الطاولة أمامه : مين قالك؟
منيف : دريت.. بس شاطر تعلمت من غلطتك والمره ذي أخذت احتياطاتك ولا ابتلشت ببزر ماتبيه.. والأهم من كل ذا أمك و زوجتك يدرون عن دانة؟
تؤ،، ماهقيت!
اشعل سيجارة أخرى أخذ منها نفساً طويلاً : دانة إتفاق بيني وبينك.. وإن طلع لأحد إنسى تشوفها مره ثانيه غير إني وقتها كنت صغير وطايش ما لأحد حق يلومني.
منيف بقوة : لا تهدد و إعرف مع من تتكلم..
دانة لو تركتني بعد هالعمر وراحت لك بذبحها أنا بنفسي قبل لا توصل لك لكن أنا متطمن لأني أدرى فيها منك ..
لا تهددني لأن لو أمك درت إنك مخبي عنها موضوع مثل ذا ومستفزع بي في الوقت اللي نهتكم فيه عن ذكر حتى اسمي ،، يا ويلك.
وأنا أعرف الجازي.. كلبتن قشرا ماتتعاشر ولا عصبت مارحمت أحد..
جابر بغضب والقلق بدا واضحا عليه فكلام والده صحيح إن علمت والدته بشيء كهذا ستنهيه دون أن تضع اعتباراً لعمره حتى : طيب وش صار على موضوع فارس الحين؟ أمي مرسلتني..
منيف بنبرة ساخرة : خليه يجيني في بيتي هنا وأنا أتفاهم معه يا.. ياولد أمك..

.
.

انتهت هلا من إطعام سالم غداءه وها هي الآن تجلس بجواره تنتظر منه أن يغفى.. بالها مشغول بخطاب الذي ما إن دخلوا للمنزل حتى قال في طريقه للغرفة بصوت مختنق : ما أبي غدا عليكم بالعافية..

أعدت شيئاً سريعاً لسالم لتسكت جوعه وبالها يأخذها قسراً للذي دخل غرفته من دقائق.. كان تفكيرها محصورًا به تشعر بأن عقلها يركض ذهابًا وإيابًا في جمجمتها لدرجة أن سالم نام ولم تنتبه له إلا للتو وهي التي كانت تنتظر غفوته.

خرجت من غرفته وهي تنظر لساعة معصمها التي تشير xxxxبها للثالثة عصرًا..
دخلت الغرفة لتجده يتمدد على سريره لايزال يرتدي ثوبه وجواربه وحذاءه.. ينام على جانبه الأيمن يده تحت خده وينظر أمامه بشرود..
استنكرت كل ذلك فسألت: ما نمت؟
خطاب بهدوء : أنتظر صلاة العصر..

مع أنها تعلم أنه ليس على مايرام.. أبدًا.. لكنها صمتت فمن عشرتها لخطاب في الأيام الماضية عرفت طبعه.. سيأتي بنفسه يخبرها ما يشغل باله دون أن تلح عليه وتضايقه بأسئلتها حتى وإن كان داخلها يحترق لمعرفته..

بدلت ثياب العمل مستغلةً بذلك عدم انتباهه لها وما إن انتهت حتى تمددت بجواره على ظهرها.. يدها تأمرها بأن تربت على كتفه،، تمسح على شعره،، تحتضنه؟
ضلوعها تحثها على احتضانه حتى يهدأ كل شيءٍ داخله..
كل ما يحتاجه هو احتواء هي تؤمن بذلك لكن ليس الآن فمن الواضح أن هناك معركة طاحنة تحدث داخله ولابد أن تنتظرها حتى تهدأ..

زفرت : خطاب ماجعت؟
بصوت أقرب للهمس : لا حبيبتي..
وضعت يدها على قلبها : أخ قلبي..
التفت لها بقلق : وش فيك؟
فتحت عين وأغلقت الأخرى وهتفت بنبرة خفيفة تتصنع الألم : أنت قلت حبيبتي ولا يتهيأ لي ؟
لم يستطع سوى أن يبتسم،، لكن ابتسامته جعلت من ملامحه أكثر تعباً : لأ،، يتهيأ لك ..
مدت شفتيها بزعل وهي تنظر له بعد أن حصلت على انتباهه تهتف بدلال : خطااب!!.. شلون يعني أنا ماني بحبيبتك؟
التفت لها بكامل جسده.. يشعر بأن ضربات قلبه تسارعت فجأة وكل معركة في داخله أعلنت هدنتها،، لكن صوت الآذان الذي ارتفع جعله يتراجع عما نوى عن قوله .
.

دخل منزله بهدوء بعد أن قضى بعض الوقت في المسجد القريب.. يحتاج لوقت مع نفسه يرتب أفكاره المشتته ويهدئ من روع مشاعره المبعثرة..
كانت الصالة خالية تماماً موحشة بأنارتها المطفأة لكن الصوت القادم من المطبخ جعل أقدامه تتحرك باتجاهه ليجد هلا تقف أمام الرف تعطي الباب ظهرها..
ساقته اقدامه سوقاً باتجاهها. ولم يشعر إلا بيديه تلتف حول خاصرتها ليريح صدره المثقل بالأسى على ظهرها..

ارتعبت وتسارعت نبضات قلبها بعد أن كانت سارحه.. لكن ثورت رعبها هدأت قليلاً عندما شعرت برأسه على كتفها.. شعره يلامس رقبتها وعطره الباقي من الصباح يختلط بالهواء حولها .
ابتلعت ريقها أنفاسها متسارعه : خوفتني خطاب..
رفع كفّه يضعه على صدرها حيث شعر بنبضات قلبها تسابق الريح، بخفوت أغمض عينيه يريح خده على كتفها ..: آسف..
مسكت ذراعه تنزل يده بدعابه محاولةً إخفاء توترها : ولد!!
ضحك بهدوء وأدار رأسه يسند ذقنه على كتفها وينظر للذي كانت تفعله: وش تسوين؟
ابتلعت ريقها من قربه الذي بعثرها تماماً : شي خفيف ناكله..
خطاب : زين لأني جعت.
هزت كتفها ليتحرك معه رأسه : كنت أدري إنك تكابر.
لكنه عاد يطوق خاصرتها بيديه ويعيد وضع ذقنه على كتفها.. : مم.

سكتت وتابعت ما تفعل وهو لازال يلتصق بها.. متوترةً مستنكرةً وضعه فهذه المره الأولى التي يفعل فيها شيئاً كهذا فهي التي كانت تبادر دائماً وهو الذي يبقى متحفظاً مبتعداً كأنه يهرب ويخشى ويقلق من أن يبوح بمشاعره..
تعلم أنه يحبها وهذا الذي لا تشك به أبدًا.. لذا لا بأس وستبقى تنتظر اليوم الذي يعبر فيه كما يشاء دون خوف أو قيود ..

انتهت من إعداد وجبتهم الخفيفة وخرجت من المطبخ تحمل صينية بين يديها وخطاب لازال ملتصقاً بها يطوقها بين يديه -وكم يعجبها مايفعل- جلست ليجلس جوارها ويبدأ في تناول طعامه بصمت..

ما إن انتهى حتى أراح ظهره على الأريكة خلفه : تسلم يدينك حبيبتي..
وضعت مابيدها لتنظر له بطرف عينها ممازحه : تلعب علي أنت؟
ضحك بخمول والإحمرار الذي بدأ يعتلي أذنها لم يخفى عنه ليهتف متعمداً : لا يا قلبي.. شدعوة عليك حبيبتي ليه تقولين هالكلام؟
وضعت يدها على قلبها : آه يمه،،، حبيبتي وقلبي بنفس الجملة؟!! لا لا لا كذا كثير يا خطاب شوي شوي علي..
ضحك من أعماق قلبه ليقترب منها ويباغتها بقبله أخفت ابتسامتها الواسعة بعد جملتها..
ابتعد عنها بعد أن قال مايشعر به في قُبلة،، ينظر لوجهها المبهوت من حركته.. نبضاته تُسارع بعضها لدرجة أنه يخشى أن يخرج قلبه من فمه.. ابتسم لها بتودد وقليل من التوتر: .... شكراً على الغدا ؟
لم تجبه بل رفعت أصابعها تلامس شفتيها لاتزال تنظر له كأنه برأسين.
تمدد واضعاً رأسه على فخذها.. يريد أن يشتت نفسه من التفكير بأي شيء وأن يشغل عقله بهلا وهلا فقط..
أغمض عينيه يتنفس ببطء تاركاً الصمت المريح بينه وبينها يغلف مسمعه.. ليبتسم عندما شعر بأصابعها تخلل خصل شعره.. تدلك رأسه بنعومة لدرجة أنه أحسها تلامس قلبه..

هلا بهدوء : إن جاتني بنت أتمنى شعرها يطلع مثل شعرك..
فتح عينه ينظر لها بنعس : وش معنى؟
ابتسمت له تراقب ملامحه تمشي عليها بإصبعها : و أبيها تاخذ عيونك،، وحواجبك،، وخشمك..
خطاب بخمول يشعر وكأن الكلمات تخرج دون تحكم منه : تبين بس بنت وحده؟
هلا : لأ طبعاً.. أنت كم تبي؟
خطاب والحديث عن الأسرة التي يتمنى ومع المرأة التي يحب،، يداعب أوتار قلبه يثير عواطفه ويجعله يحلق بعيداً عن كل شيء فوق سحابه : أبي كثير..
ابتسمت : كم يعني؟
سكت ينظر لها وابتسامتها التي تذيب عقله.. حرفياً تذيبه يشعر بقلبه يهوي ويرتفع في نفس الوقت والمكان يدور به من عذوبة الإحساس داخله : كثير هلا..
ضوقت عينيها : تبيني مكينة تفريخ يعني؟
ابتسم بخدر ابتسامة واسعة : ما أستاهل؟
بخفوت : إذا أنت ماتستاهل مين اللي يستاهل أجل؟
وأنا بعد أبي كثير.. مايكفيني واحد أو اثنين منك. أبي قبيلة كلهم أنت أبوهم..

هز رأسه مؤيداً كلامها يغمض عينيه بعد أن تمكن النوم منه تماماً،، ليحلم حلماً عذباً بعدد كبير من الأبناء والدتهم هلا ..
حلمٌ جميل شعر به كأنه حقيقة..
.
.

تلقى اتصالاً من شقيقة يطلب منه رؤيته ليلتقي الاثنان في مجلس والدتهم الخارجي..
علاقة الأشقاء الأربعة ببعضهم قوية نوعاً ما حتى مع تفريق والدتهم بالمعاملة بينهم.. يختلفون في بعض الأمور ولكن يتفقون بشيء واحد ،، كره والدهم ومقته وهذا ماسعت له الجازي طيلة السنوات الماضية.. جعلت من أبنائها ممتلكات خاصة لا تقبل القسمة على اثنين فأصبح الجميع يخشاها ويهابها حتى جابر الذي كان الشيب يلون بعض خصل شعره..
جابر بعد أن ارتشف القليل من علبة المياه بين يديه : توني جاي من عند أبوي..
فارس بتأفف : وش قال لك؟
جابر : يقول خليه يجي بنفسه لبيتي.
فارس بضيق : وش يبي فيني؟ هذا ما يفهم؟
جابر : ماعليه روح له اضغط على نفسك شوي عشان مصلحتك..
تجلى عدم الرضا بملامحه : إن ضغطت على نفسي زيادة بنفجر.. منيب طايق أسمع حتى اسمه وكله كوم ولا رحت وشفت حرمته كوم ثاني.. أنا ما أدري وش لقت فيه عشان تاخذه؟ قرف يقرفها ياشيخ!
بتوتر : أنت الحين وش عليك بالمواضيع ذي؟ أنت تدري إنه مهددنا بأمي؟
عقد حاجبيه باستنكار ليردف جابر : ما عنده أي مشكله يلفق علينا تهم.. يقول منصور كاتب بيت أمي باسمه.
ضحك : مستحيل!
جابر : أدري،، ويقول إني متزوج مسيار.. تخيل!
ارتفعت قهقهته : تسويها أنت عاد ما استبعد. وبعدين اللي ثوبه طاهر يصلي به أنت ليه خايف منه؟
جابر : لأن الخرابيط ذي إن وصلت لخالك وأمك مصيبة!
فارس : أنت متزوج على أم بتال؟
جابر بسرعة : لأ.
فارس : أجل خلاص.. خليه يبربر على راحته.
متى يبيني أروح له حسبي الله عليه؟
أشعل سيجارته ينفث دخانها بضيق : متى ماتبي .
فارس بعد فترة : شفت حرمته؟
حك حاجبه محتاراً كيف يجيب سؤالاً ملغوماً كهذا لكنه قال على كل حال : لأ..
فارس باستنكار حقيقي : أنا فعلاً مستغرب كيف وحده مثلها ترضى تاخذ واحد مثله؟ البنت صغيرة وحلوووة تظلم نفسها مع واحد مثل أبوك ليه؟ بس شكله يعرف كيف يشتري بنات ال*.
جابر بعدم رضا فشقيقة شتمه دون أن يعلم : المهم الحين خلص أمورك معه أمي هلكتني إتصالات..

خرج جابر ليبقى فارس لوحده.. يقوي نفسه ويجبرها على الذهاب لمنزل والده ومقابلته مجدداً..
قبل خروجه دخل عليه شقيقة عامر.. مستيقظاً للتو وجهه منتفخ من كثرة النوم..
عامر وهو يرى فارس يقف يبحث عن مفاتيحه : وين بتروح؟
مر من جانبه بعد أن وجد مايبحث عنه : أشوف وش آخرتها مع أبوك..

تابع خطاه لكنه قبل أن يصل لباب سيارته وجد عامر يسبقه لباب الراكب : سلامات ؟
عامر بابتسامة : بروح معك أسلم على أبوي. مدري وش فيه علي لا أرسل لي مثلكم و ولا شي شكله ناسي إنه جابني قبل لا يهج.
ركب دون أن ينتظر رد فارس ليركب الآخر خلف المقود.: مره متشفق على شوفته!!
عامر بضحكة : والله على كلامكم تحمست أشوفه.. ومنها أطلبه يشوف لي وظيفة شكله واسطة ماتلعب..

ما إن وقفت سيارة فارس أمام منزل والده حتى وتلاقطت عينا عامر ينظر مستنكراً للبيت الكبير : اوف.. هذا كله وساكن فيه لحاله؟
فتح بابه : هو و زوجته..
لحق به عامر يقف بجواره يقرع الجرس.. الحماس يكاد يقتله لرؤية الشخص الذي حُرم عليهم نطق اسمه في منزلهم.. لا يعلم عنه الكثير فهو سافر واختفى من حياتهم وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره..
لا ذكريات سوى الأقاويل التي يتداولها الجميع حوله..

وصلهم صوت أنثوي عميق : مين؟
ليزفر : أنا فارس ..

دانة بتوتر بعد أن ابتعدت عن الجرس متوجهه للصالة حيث جدها المتمدد على الأريكة يتابع الأخبار : جدي هذا عمي فارس..
منيف يعتدل جالساً وبنبرة ساخرة : لا تقولين عمي ولا أبوك هالفطفوط بيروح فيها..
لم يسمح لها دخول الرجلين للمكان الذي تقف به وقتاً للرد على كلامه..
عرفت فارس الذي وقعت عينها بعينه ،، بطوله الفارع وجسده المتناسق وملامحه الحادة.. واستنكرت الرجل الآخر صاحب الجسد الممتلئ نوعاً ما والملامح اللطيفة والذي ما إن رأت نظرته المتفحصة حتى وابتعدت من المكان بسرعة.. توقف فارس في خطاه بمنتصف المكان على عكس عامر الذي انطلق يقبل رأس والده ويده..: أخيرا شفتك يبه..
منيف وعينه على فارس صاحب الوجه المتجهم والملامح المعقودة بضيق : هلا!
ابتعد عنه : شكلك ماعرفتني! أنا عامر ولدك الصغير..
نظر له نظره سريعه يتأمله : أدري إنك عامر..
ثم نظر لفارس ينظر للمكان حوله بتفحص : ليه واقف تعال اقعد .
فارس بزفره : جابر قال انك طلبتني؟
منيف بحزم : تعال اقعد.. جنبي!
وأشار للمكان جواره..
لكن فارس تجاهل دعوته ومشى بخطى ثقيلة حتى جلس على أقرب كنبه له وابعد كنبه عن والده..
عامر بعد أن جلس حيث أشار والده : يبه شكل زوجتك ماتعرف إن عندك عيال..
نظر له بجمود : من قال إنها زوجتي؟
التقت عيني عامر بفارس الذي بادله نفس النظرة المستنكرة.: فارس يقول ؟
منيف بقرف : أمكم كرهتني بالحريم كلهم ولا عاد تزوجت بعدها أحد..
عامر بذهول : أجل وش تطلع ذي؟
بنرفزة من هذا الإبن الذي لا يذكر عنه شيئاً : وأنت وش دخلك؟؟
ثم عاد ينظر لفارس بحنين يعصي قوته وجبروته..

كان ولازال فارس هو أحب أبناءه لقلبه حتى وإن كانت ملامح الفتى أمامه تصرخ بالكره والحقد وعدم التقبل.. يعلم بأنه يكرهه ويبغضه ويمقته لكن مع ذلك لا يمانع بأن يفعل المستحيل كي يراه..
ابنه جابر لم يكن سهلاً في صغره فقد عُرف بأنه -نذل- و من نوعية الأطفال الذين لا يمكن تقبلهم حتى أنه كبر على ذلك فأصبح رجلاً لا يمكن تقبله ولا يشتهي النظر لوجهه أناني وانتهازي و -نذل- ..
ومنصور كان دمية والدته المفضلة فكان يلتصق بها وتلتصق به طوال الوقت لاتدع فرصة لأحد بلمسه حتى..
أما عامر.... لا شيء!!
جميعهم في كفة وفارس في كفةٍ أخرى..

منيف بهدوء صارم : وش تبي؟
فارس بحقد : أبي وظيفتي..
منيف : متى عرسك؟
عقد حاجبيه : ما أتوقع لو عرفت بتستفيد شي.
لو سمحت أبي وظيفتي.. مالك أي حق تطلبهم يفصلوني بالشكل القذر ذا..
سكت قليلاً وعيني عامر التي تتفحص وجهه بدأت تستفزه : تكلم معي زين. أبوك أنا رضيت ولا مارضيت..
نطق تحت أنفاسه : استغفر الله العظيم..
ثم هتف بصوت مرتفع : ممكن لو سمحت ترجّع لي وظيفتي؟
ابتسم بعد فترة : أبشر.. واعتبر الترقية اللي تنتظرها جاتك..
بس لا تاخذ حاجتك وتقطعني..

وقف فارس متجاهلاً حديثه متوجهاً للباب بخطى سريعة علّ هذا اللقاء الثقيل ينتهي لتلحق به عيني منيف .
ما إن سمع صوت إغلاق الباب حتى و زفر بضيق يلتفت لعامر الجالس بجواره : وش عندك للحين قاعد؟؟
عامر بابتسامه واسعه : افاا.. طردة ذي؟
بدون نفس : أخوك طلع.. قم الحقه!
عامر بسرعة : طيب ما ودك تشوف لي وظيفة منّا ولا منّا ؟ متخرج من متى وللحين مالقيت شي.
على مضض كي ينهي النقاش وينهي هذه الزيارة : أشوف.. والحين قم الحق أخوك!

.
.

لم تذق عينا خطاب النوم أبداً.. كان يتقلب في فراشة كأن جنوبه تُشوى،، يشعر بالضيق لا رغبة له بالذهاب لعمله غداً فهناك من ينتظره..
حاول إشغال نفسه بتأمل ملامح هلا النائمة بجواره،، يردد داخله كلامها معه عصراً.. كلامها عن الأسرة والأطفال و أنها لن تكتفي بعدد قليل..
ابتسم وهو يحرك إصبعه على مفاصل يدها فوق الوسادة بينهم،، تفصله عنها كي لايفعل شيئاً كما قالت عندما وضعتها أول مره .. لا ضوء في الغرفة سوى ضوء الإنارة الخارجية الذي تسلل من الستارة الخفيفة..
قبيلة أمهم هلا.. مجرد التفكير بشيء كهذا يبعثر مشاعره وأحاسيسه فكيف اذا أصبح واقعاً..
انتهت الرؤيا وانقطع الخيال عندما استدارت هلا تعطيه ظهرها ليبقى طوال ليله يتمنى استدارتها لتقابله..
.

وصل لعمله بعد أن أوصلها مدرستها.. مشى بتثاقل حتى دخل مكتبه يغلق الباب خلفه لا رغبة له برؤية أحد.. لكن بعد ثلاث ساعات وصله اتصال من مديره يسأله إن كان قابل دانة أم لا.. ليقول مكرهاً : الحين بطلبها تجيني.. انشغلت أول ماجيت..
.

زفرت أنفاسها المرتجفه بقوة علها تخرج شيئاً من توترها.. مشت باتجاه مكتب خطاب ويدها تعبث بنقابها تحاول أن تتأكد من أنه يغطي وجهها بشكلٍ لائق..
وقفت أمام الباب تبتلع ريقها تقرعه بصعوبة وبتردد بالغ فتحته بعد أن أذِن لها بالدخول لتجده يجلس خلف مكتبه ينظر ليديه المعقودتان أمامه : السلام عليكم ..
خطاب بهدوء لازال على وضعه : وعليكم السلام. اتركي الباب مفتوح.
"ومين قال إني كنت بقفله؟.. وجع!" هتفت بها بينها وبين نفسها بعد أن تركت الباب مفتوحاً خلفها على مصراعيه تنظر لخطاب مستغلةً بذلك تصدده بالنظر عنها ..
جلست أمام مكتبه تتأكد من أن طرحتها لا تظهر شيئاً من شعرها،، لازالت تبتلع ريقها بتوتر..
لف الصمت المكان شعرت أثناءه بأن أعصابها تذوب من شدة الهدوء..
خطاب بعد فترة : جدك ما جا معك؟
دانة : لأ.
لازال على وضعه ينظر لكفيه : هو يشتغل؟
زفرت : لأ! بس عنده مشاريع خاصة..

صمت مجدداً يبحث عن أي شيء إلى أن يقتنع قلبه بما يردده عقله (هذي بنت مالها دخل باللي سواه جدها)
(هذي بنت مالها دخل باللي سواه جدها).. (هذي بنت مالها دخل باللي سواه جدها).. لكنه لم يستطع إلا أن يسأل : وش هي مشاريعه؟
دانة باستنكار : عفواً.. بس ليه تسأل؟
رفع عينه أخيراً لتقع بعينها بنظرة غريبة بثت رعباً في قلبها : لأني أعرفه.. وتهمني اخباره.
باستغراب : أنت تعرف جدي؟ من وين؟ وليه ماقال أول ماشافك ؟
بجمود : خلينا نتكلم عن الشغل أفضل.
.

"كيف كان أول يوم؟"
رفعت رأسها لجدها الواقف عند باب غرفتها ينظر لها مبتسماً لتبادله ابتسامه عذبة تراقبه يتقدم نحوها حتى جلس بجوارها..
أخبرته بأحداث يومها من الدقيقة التي دخلت بها للدقيقة التي خرجت منها.. حتى أنها أخبرته: جدي تدري إن الأستاذ خطاب يقول إنه يعرفك؟
عقد حاجبيه : يعرفني من وين؟
دانة : ما أدري بس سأل عنك ويقول يعرفك.. أنت ما تعرفه؟
منيف بتفكير : هو خطاب وش؟

تسلل الخجل لها عندما مر حديثها معه اليوم عندما قطع فجأةً ماكان يتكلم عنه ليقول بهدوء: وش أخبارك بعد الحادث؟
دانة وعينيها على مجموعة الأوراق أمامها : الحمدلله..
ثم رفعت رأسها تنظر له مستنكره معرفته بموضوع الحادث فهي متأكدة أنها لم تتحدث عن شيء كهذا معه.. لكنه ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : أنا كنت موجود يوم طلبوا متبرعين بالدم.. وتبرعت لك.
رجف قلبها بين أضلعها من لمعة عينيه ونظرته.. شيءٌ غريب مرّ بها ليقشعرَّ بدنها من ابتسامته..

نظرت لجدها تبتسم بحياء لا تعلم سببه : اسمه خطاب سعد المهنا..
عقد حاجبيه : خطاب سعد المهنا.. ماقد سمعت ولا قد عرفت أحد من عيال المهنا!! ذكريني لازرتك أمره أسأله..

.
.

لم يكن خالد يستمع بإذنه فقط.. بل كانت جميع جوارحه حاضرةً يستمع لوالدته تخبر شقيقته هلا عن من وجدتها مناسبةً له..

هلا بحاجبين معقودين : ضي مين يمه؟
خالد وينظر للجالسين جواره بطرف عينه : رجاءً لا تذكرون اسم محارمنا قدام اللي موب محارمهم..
هلا بتجاهل : يمه أي ضي تقصدين أنا قد شفتها قبل؟
سلوى بتفكير : أظن والله.. عموماً البنت تهبل بسم الله عليها تقولين رسمه ونعرفهم من عمر هي وأخواتها أخلاق لا يعلى عليهم بصراحة ومن بيت يشرّف..
خالد ونبضات قلبه تتسارع من مجرد الوصف فكيف إن جمعها به بيت واحد : أجل قدّام يمه.
نظرت له : الدعوة مهيب سلق بيض ياولد..
عرس ذا اصبر شوي بشوف أبوك أول.
وضع يده على رأسه يميل به يمينًا ويسارًا : يابووي هو أنتي للحين ما شفتي أبوي؟
زيد باستنكار : خالد اركد شوي بزر أنت؟
سلوى بتفكير : غير إني بشوف رقم أختها الكبيرة عندي ولا لأ.
هلا : ليه وأمها وين ؟
سلوى : توفت الله يرحمها من خمس أشهر.. والله لو تشوفين حال بناتها بالعزا إن ينكسر قلبك.. خصوصاً ضي هي أصغر بناتها واللي بقت عندها وقايمه فيها تشيل وتحط بعد ماهدها المرض..
بالعزا متمددة على الكنبة تهذي ماقدرت تجلس والحريم ينزلون لها يعزونها وهي ماغير دموعها تصب حتى كلام ماقدرت تتكلم..
خالد ويده على قلبه : ياعين أبوي هي ،، يتيمه!
هلا بتأثر : الله يصبرها ويجبر كسرها والله فقد الأم ماينجبر لو مر على وفاتها مليون سنة..

على الأريكة الأخرى يجلس خطاب يستمع لحديثهم بصمت..
وفي داخله معركة من نوع آخر ،، كان يفكر بأن قريبة من تسبب بإنهاء حياة أهله موجوده معه يراها يومياً يحدثها وتحدثه حتى وإن كان يختصر الكلام معها ولا يوجه لها حديثاً إلا إن دعت الحاجة ويتجنب رؤيتها قدر المستطاع.. ابنة غريمه قريبة منه يراها كل يوم وفي كل مرة يراها فيها يهمس صوت قريب من أذنه ( إحرق قلبه مثل ماحرق قلبك.. ترا ذي بترجع وبتقابل منيف ) ولكنه يقطع وسوسته بصوت مرتفع أقرب للصراخ يفزعه ويفزعها : خلاص أستاذة دانة تفضلي على مكتبك..

مر قرابة الشهر منذ أن أصبحت متدربته.. الفتاة محترمة ومهذبة جداً لا يظهر طرفها أبدًا حتى بدأ يشك بعلاقتها بمنيف الفاسد حقاً وأنها من سلالته..
طيلة الأسابيع الماضية وهو يعيش صراع نفسي قاتل.. يحاول ابعادها عن النار الهائلة المتأججة في صدره فمهما كان هي فتاة لاحول لها ولا قوة بما فعل جدها حتى أنها لم تكن مولوده آنذاك. ولكن ما إن يراها تقف أمامه تجيب أسئلته عندما يسألها عن منيف بحب واضح في صوتها والتماعٍ في عينيها، كل ذلك يُهدم لتدخل قسرًا في دائرة منيف الضيقة التي رسمها حوله.. هي أقرب الناس له كما كانت عائلته الأقرب إليه..
تلاشت من عقله واختفت تماماً عندما تسلل حديثهم عن الأم لزوبعة الفوضى داخله..
الأم لا يجبر فقدها مليون عام..
ذكرياته معها تؤرقة فقد فقدها في عمرٍ صغير قبل حتى أن يعبر لها عن حبه كما يجب..
دون حتى أن يكون كبيرًا بما يكفي ليعبر لها بكلمات واضحة ومخارج حروف صحيحة..
دون حتى أن يكون طويلاً بما يكفي ليقبل رأسها دون أن تنحني له حتى تصل لمستواه.. ليس طويلاً بما يكفي ليضع رأسها على صدره ويمسح على شعرها يخبرها بأنها أعظم جدّه لأبناءه.. وأعظم أم.. وأعظم صديقة..
دون حتى أن يكون قوياً بما يكفي كي يساعدها عندما بدأت النار تلتهما كقطعة أثاث..
الأم لا يُجبَر فقدها حتى بعد مليون عام..
هي الحزن الوحيد الذي لا يُنسى.. والحزن الوحيد الذي يكبر يوماً بعد يوم.. جميع الأحزان تبدأ كبيرة ثم تصغر حتى تتلاشى.. إلا حزن فقدها فمهما سهى عنه لازال يشعر وكأن قطعةً من قلبه فُقدت للأبد..

.

كانت تشعر به جوارها لازال مستيقظاً -حتى وإن كانت تعطيه ظهرها- وكأن النوم يجافي عينيه.. لم يخفى عليها ضيقه طيلة جلستهم اليوم في بيت أهلها على غير عادته.. لم يشاركهم الحوار ولم يعلق كما اعتاد هو وخالد..
ابتسمت وهي تتذكر خالد وحماسه عندما قفز في طريق والده -لدرجة انه كان سيتعثر أمامه- و الذي عاد من زيارة أحد أصدقاءه يقبل رأسه ويده يلح عليه بالموافقة و والده ينظر له بهلع لا علم له عما يتحدث..

تلاشت ابتسامتها عندما سمعت تنهيدة خطاب وكأنه يلفظ أنفاسه..
استدارت بجسدها اتجاهه لتجده ينظر ناحيتها نظرةً تائهةً زجاجية وكأنه يرى شيئاً لا يراه أحدٌ سواه..
ابتسمت له تضع يدها تحت خدها: للحين مانمت؟
رمش أكثر من مره دون أن يجيبها..
هلا بخفوت : وش مسهرك؟ وش شاغل بالك؟
اغمض عينيه عندما امتدت يدها تعبر الوسادة بينهم حتى استقرت على جانب رأسه.. تمسح حاجبه بأصابعها وكأنها تعلم قدرتها السحرية في تشتيت أفكاره،، لازالت تهمس : ها حبيبي ؟ علمني!

سكت قليلاً الحروف تتزاحم في حنجرته.. أنفاسه تتسارع فالتفكير أثقل روحه..

هل ينسى؟ يرمي كل شيءٍ وراء ظهره وينسى؟

فتح عينيه ليجد نواعسها تنظر له، ترمش ببطءٍ كأنها تحارب النوم.. ابتسامتها تحثه على أن يتكلم تزرع في داخله أمانًا وسكينةً لاحد لهما..
زفر أنفاسه التي شعر بها تخنقه .. ليهتف بهدوءٍ فجأة وبدون مقدمات بحروف خرجت وكأنها تائهه : هلا،، أنا التقيت بقاتل أهلي... قبل شهر ...
علميني..
وش المفروض أسوي؟

.
.

و كأن بركاناً ينفث حممه في جوفها ..
هذا ماتشعر به حنين في هذه اللحظة.. ناراً تأكل أوتار قلبها.. تحرق مدامعها حتى أنها لا تستطيع أن تمنع دموعها من السقوط.. ليس وكأن ماسمعت زوجها يتكلم به اليوم مع والده جديدٌ عليها.. لكن لسببٍ ما أثر بها وكأن حنين أخرى تواجهها تصفعها وتوبخها.. حنين أخرى لا تعرفها كتمت صوتها من أول مرة صرخ في وجهها بدر..
أغمضت عينيها بقوة عندما شعرت به يتمدد جوارها.. متحرراً مما كان يعيق حركته في الأسابيع التي مضت..
وعندما نام وانتظمت أنفاسه تمددت على ظهرها تنظر للسقف واضعةً ذراعها على عينيها عندما باتت الرؤيا مستحيلة من تكدس الدموع..
يارب الهمني.. أنا تايهه!

صوته يحدث والده عندما عاد من موعده يمشي على قدميه يحرك يديه في كل اتجاه من فرط سعادته يتردد في عقلها بصدى مرتفع..
كانت تمشي بخطى سريعة بعد أن اتصلت بالسائق تسأله عن موعد وصوله هو وبدر من المستشفى.. وأخبرها أنه وصل منذ أكثر من ربع ساعة..
شعرت بروحها ترفرف عالياً حتى وصلت للمجلس.. حيث صوت بدر مرتفعاً يتحدث مع أحدهم : يبه لا ترفع ضغطي..
وقفت تضع يدها على قلبها لا تعلم هل تلتقط أنفاسها بسبب خطواتها السريعة أم خوفاً من نبرة بدر وصراخة..
ياسر بهدوء : ارحم الضعيفة ياللي ما تخاف الله.. محد قام فيك غيرها لو انها موب موجودة كان تذللت لفلان وعلان يقومون فيك..
بدر بحدة : ماضربتها على يدها تخدمني.. هي خنقتني ولا أنا ماكنت محتاج لها..
ياسر بضيق : الله لا يواخذك.. اللي مثلك يحمد ربه وحده مثل حنين متحملته ولا انت من يعاشرك ويتحملك؟
بدر : ماقعدت عندي إلا لأن مالها غيري .. أنا من أول ما أبيها يبه وأنت تدري ولو ما أبوها نشب لي كان مافكرت فيها حتى..
صرخ به : أقول انطم.. واللي تبيه لو تموت ماخليتك تسويه فاهم..
بدر : انا ماطلبتك آخذ إذنك. أنا أبيك تكلم منيف يوافق علي..
أنا قد خطبت دانة منه و رفض لكن يمكن لا كلمته أنت يرضى..
ياسر بعدم تصديق لما يسمع : إنت أكيد انهبلت!! تبي تناسب منيف؟ انا أبي امحي طاريه من حياتي وأنت تبي تربطني فيه أكثر؟
والله لو تموت يا بدر لو تمووت ماتاخذها و إبعد عن منيف أحسن لك قبل لا تندم..
بدر : دانة باخذها برضاك أو غصب عنك.. والله لو ليلة وحدة معها تكفيني..
وضعت حنين يدها على قلبها تتأكد من انه لازال ينبض.. هل لازال في مكانه أم اختفى!!.. وصلها صوت ياسر بخفوت وغضب : وط صوتك لا تسمعك حنين..
لكن بدر رفع نبرته أكثر وكأنه يريد منها أن تسمع: خليها تسمع أنا مو بخايف منها وإن ماعجبها تضف عفشها وتذلف بيت أبوها..
.

خرجت منها آه مكتومه وهي تبعد ذراعها عن عينيها.. تضغط على صدرها بيدها الأخرى وتشعر بالألم يفتك بتلك العضلة.. لطالما كانت تتلقى كلاماً مماثلاً منه لماذا هذه المره كان وقعه عليها مؤلماً هكذا؟؟ قاتلاً هكذا؟؟ قوياً هكذا؟؟
أدارت رأسها تنظر لوجه بدر النائم جوارها..
كيف لوجه بهذه الملامح أن يكون لرجلٍ مثل بدر ؟؟ وكيف لبدر أن يكون بشراً متجبراً هكذا دون أن يضع السنوات التي بينهم أمام عينيه؟ دون أن يضع أبناءهم أمام عينيه؟ كيف؟
آه يارب أنا تايهه.. ساعدني.

.
.

يتمدد عامر على أريكة صالة والده القريبة من باب المنزل.. الاضاءات في الطابق السفلي جميعها مغلقه ولا شيء يضيء المكان سوى الإنارة الخافتة و القادمة من الطابق العلوي..
يضع سماعاته في أذنه يتابع بعض المقاطع وكأن المكان مكانه..
كان قد أتى قبل ثلاث ساعات لمنزل والده - والذي لاحظ أنه لا يتقبل وجوده أبداً-.. سأله عن الوظيفة التي وعده بها ليهتف من وراء نفسه : ما وعدتك بشي.. والحين قم أطلع الوقت تأخر وأنا بنام..

خرج ولكنه عاد مسرعاً عندما لم يجد هاتفه في جيبه. ليجد الصالة فارغة ولا أحد فيها..
أخذ هاتفه ولم يخرج كما أمر والده.. سيبقى -ويرفع ضغطه فهذا أكثر شيء يجيده- حتى يقتنع بأنه ابنه حاله كحال فارس الذي أعاد له وظيفته وفوقها ترقيه..

شعر بمرور ظل جعله يوقف مايتابع وينزل هاتفه على صدره ليرى ظهر امرأة بشعرٍ قصير لم تمنع الإنارة الخافته من أن تبيّن تفاصيل جسدها الذي يغطيه قميص نوم بأكمام طويلة ويصل لمنتصف ساقها..
جلس ببطء بعد أن تعرف على صاحبة الجسد ليرتفع حاجباه بينما عينيه تتابع ابتعادها عن مكانه..

تحسست بيدها الجدار حتى وجدت أزرار الإنارة.. ما إن كبستها حتى وأنار المطبخ أمامها لتتلفت عينها تتفحص المكان بخوف.. جوع آخر الليل هو من اضطرها لأن تنزل في هذه الساعة المتأخرة خصوصاً وأن المكان الكبير موحش جداً ومظلم..
تقدمت تقوي نفسها فالمنزل آمن جداً ولا شيء يستدعي الخوف..
فتحت الثلاجة تبحث بعينيها عن شيء يسكت جوعها وما إن وقعت عينها على علبة الزيتون حتى وشعرت بيد ثقيلة تكتم أنفاسها وأخرى تلتف حول خصرها تعتصره كأفعى!


.
.
.

# نهاية الفصل الثامن ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
قراءة ممتعة وعذراً على أي تقصير :8(1):❤

فيتامين سي 19-11-18 09:59 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك وطن نوره توني أنهيت قراءة البارتين الأخيره مع بعض إنشغلت الأسبوع اللي راح
ومالحقت أقرأ البارت وأرد لكن بأعلق على البارتين الأخيره مع بعض

بدر & حنين

جففت شعره جيداً وبدأت بتمشيطه بعناية كما يفعل دائماً ثم بدأت تلبسه ثيابه بحذر

قاهرتني حنين تلبس وترتب فيه أتركيه يعفن اللي مافيه خير

نظر لها يتساءل لتكمل بذات النبرة : وش رايك لو أحمل؟

هدوني عليها الغبيه يابنت أنفذي بأقل الخساير بيرميك
أنت وعيالك وربي عياله يالخايبه

بدر بجمود مقاطعاً كلامها مجدداً: إذا ميته ننهيها أفضل .

الله ينهي حياتك ونعزي حنين فيك إن شاء الله

عادت برأسها للخلف بصدمة : ببساطة كذا؟ ننهيها؟
لا ياشيخه توك تدرين إنه بايعك ووجودك مثل عدمك عنده

ابتسم : عندي ثلاث خيارات غيرك..
لكن أنا ما أحب أجمّع فالحريم..
أحب أصفي العداد أول بأول.

دنجوان عصره الأخ جعل منيف يصفي دمك قطره قطره

بدر ببساطة : أنتي ماكنتي إختياري..

يالخبله خلي عندك شوية كرامه وقولي له حتى أنت ماكنت اختياري
لو من ورى قلبك

لم تستغرب حديثاً كهذا من بدر.. ولم تستغرب تقبلها حديثاً كهذا منه حتى وإن كان أدمى قلبها فهي تشبعت منه حتى ارتفعت مناعتها..

صحيح مثل ماقال المتنبي
من يهن يسهل الهوان عليه ** مــالـجرح بميت إيــلام

هذه نهاية اللي يعطي بنته عطيه للشخص اللي مايستاهل
صار يذلها بهذا الشيء ولأنه عارف بضعفها وإن ماوراها ظهر
وحبها له اللي مدري وش حبت فيه شين وقواية عين

***

خطاب & هلا


هلا متفهمه جدا لنفسية خطاب وتحاول تتقرب منه بالتدريج
وتغيره بدون ماتضغط عليه وتنفره منها علاقتها مع خطاب في تحسن بالتدريج



منيف

أعوذ بالله الحال اللي هو فيه من قل الدين حتى صلاته مضيعها
مافهمت قصده من الحركه اللي عملها في فارس الا إذا كان بيجبره يجي لعنده حتى تشوفه دانه
والله وطلع هالمنيف ماهو سهل داهيه عارف بأدق تفاصيل حياة
طليقته وأولاده



خالد

ملح الروايه والله يعين ضي بيجننها


القفله قويه وطن نوره أتوقع إن عامر هو اللي بينقذ دانه من اللي
مسكها وبيتحسن وضعه وعلاقته مع أبوه لأنه أنقذ دانه
أمم ماهي بعيده يكون اللي مسك دانه بدر أو أحد أعداء منيف أو حرامي يمكن عامر وهو راجع
ترك الباب مفتوح ودخل منه

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك



شبيهة القمر 22-11-18 12:52 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ياهلا بوطن السموحه تأخرت بالرد لاني كل هالاسبوع 🤒🤧🤕
ومن تحسنت قلت اطب على ابطالنا اشوف وش صار عليهم .. ما حنين تكسر الخااطر صدق لقالوا الحب اعمى سبحان الله وش شايفه فيه علشان تحبه !!!!!
خطاب الله يكون بعونك ماتنلام بهالحيره 🙄
دانه .. ههههه اتوقع عامر بيسوي فيها مقلب

وطن .. تسلم يمينك جزء راائع و متحمسه للمعركه بين خطاب ومنيف ..
ننتظر القادم بكل شوق 💕💕💕

وطن نورة ،، 25-11-18 07:38 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3708107)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يمينك وطن نوره توني أنهيت قراءة البارتين الأخيره مع بعض إنشغلت الأسبوع اللي راح
ومالحقت أقرأ البارت وأرد لكن بأعلق على البارتين الأخيره مع بعض

بدر & حنين

جففت شعره جيداً وبدأت بتمشيطه بعناية كما يفعل دائماً ثم بدأت تلبسه ثيابه بحذر

قاهرتني حنين تلبس وترتب فيه أتركيه يعفن اللي مافيه خير

نظر لها يتساءل لتكمل بذات النبرة : وش رايك لو أحمل؟

هدوني عليها الغبيه يابنت أنفذي بأقل الخساير بيرميك
أنت وعيالك وربي عياله يالخايبه

بدر بجمود مقاطعاً كلامها مجدداً: إذا ميته ننهيها أفضل .

الله ينهي حياتك ونعزي حنين فيك إن شاء الله

عادت برأسها للخلف بصدمة : ببساطة كذا؟ ننهيها؟
لا ياشيخه توك تدرين إنه بايعك ووجودك مثل عدمك عنده

ابتسم : عندي ثلاث خيارات غيرك..
لكن أنا ما أحب أجمّع فالحريم..
أحب أصفي العداد أول بأول.

دنجوان عصره الأخ جعل منيف يصفي دمك قطره قطره

بدر ببساطة : أنتي ماكنتي إختياري..

يالخبله خلي عندك شوية كرامه وقولي له حتى أنت ماكنت اختياري
لو من ورى قلبك

لم تستغرب حديثاً كهذا من بدر.. ولم تستغرب تقبلها حديثاً كهذا منه حتى وإن كان أدمى قلبها فهي تشبعت منه حتى ارتفعت مناعتها..

صحيح مثل ماقال المتنبي
من يهن يسهل الهوان عليه ** مــالـجرح بميت إيــلام

هذه نهاية اللي يعطي بنته عطيه للشخص اللي مايستاهل
صار يذلها بهذا الشيء ولأنه عارف بضعفها وإن ماوراها ظهر
وحبها له اللي مدري وش حبت فيه شين وقواية عين

***

خطاب & هلا


هلا متفهمه جدا لنفسية خطاب وتحاول تتقرب منه بالتدريج
وتغيره بدون ماتضغط عليه وتنفره منها علاقتها مع خطاب في تحسن بالتدريج



منيف

أعوذ بالله الحال اللي هو فيه من قل الدين حتى صلاته مضيعها
مافهمت قصده من الحركه اللي عملها في فارس الا إذا كان بيجبره يجي لعنده حتى تشوفه دانه
والله وطلع هالمنيف ماهو سهل داهيه عارف بأدق تفاصيل حياة
طليقته وأولاده



خالد

ملح الروايه والله يعين ضي بيجننها


القفله قويه وطن نوره أتوقع إن عامر هو اللي بينقذ دانه من اللي
مسكها وبيتحسن وضعه وعلاقته مع أبوه لأنه أنقذ دانه
أمم ماهي بعيده يكون اللي مسك دانه بدر أو أحد أعداء منيف أو حرامي يمكن عامر وهو راجع
ترك الباب مفتوح ودخل منه

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك



اهلا وسهلا فيتامين سي حياك الله والله فقدتك من غير شر ❤❤
ههههههههههه حنين والله انها نموذج متواجد بيننا بكثره وزين انها صحصحت حتى لو متأخر
بالنسبة لدانة في هالفصل إن شاءالله نشوف مين
منيف أنا عندي قناعة تامة إن المعصية في بدايتها يتم استنكارها حتى يعتاد عليها الضمير وتصير شي عادي وهذا اللي حصل مع منيف
وحياك الله فيتامين والله ردك اسعدني جداً ❤❤❤❤

وطن نورة ،، 25-11-18 07:41 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708244)
السلام عليكم
ياهلا بوطن السموحه تأخرت بالرد لاني كل هالاسبوع 🤒🤧🤕
ومن تحسنت قلت اطب على ابطالنا اشوف وش صار عليهم .. ما حنين تكسر الخااطر صدق لقالوا الحب اعمى سبحان الله وش شايفه فيه علشان تحبه !!!!!
خطاب الله يكون بعونك ماتنلام بهالحيره 🙄
دانه .. ههههه اتوقع عامر بيسوي فيها مقلب

وطن .. تسلم يمينك جزء راائع و متحمسه للمعركه بين خطاب ومنيف ..
ننتظر القادم بكل شوق 💕💕💕

ياهلا والله وسهلا :wookie:
الف الحمدلله على سلامتك قدامك العافية ❤❤
حنين وبدر إذا وجد الحب عميت البصيرة يختي ههههههه
عامر يسوي مقلب ؟؟ ماهقيت :waves:

الله يسلمك ويخليك نورتي وأسعدتي والله ❤❤

وطن نورة ،، 25-11-18 07:46 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (٩) الفصل التاسع ،،
°
°


بدأتُ أخافُ من نفسي
أخافُ عليّ منِّي
لا أنا أنا
ولا أنا ذاك الذي أعرفني
أهرب بعيداً عني
حتى نسيتُ أني أنا إني
لا أنا الذي راجعٌ إليّ
ولا أنا هاربٌ مني

* منقول *
.
.


تعض طرف وسادتها كي لا يخرج أنينها الموجوع وصوت بكائها موقظاً النائم أمامها ..
كانت الدموع تنساب على خدها تسقط من عينيها تباعاً دون توقف.. دموع كبيرة بشعة وضخمة.. تنظر لوجهه المتعب حتى وهو نائم.. ترى تعبه من انعقاد حاجبيه وأنفاسه الثقيلة حتى ساورها الشك بأنه سيختنق..
نام من بعد أن أخبرها بما لم تتوقعه يوماً.. شكى لها ما رأى أخبرها عن كمية الرعب التي عاشها تلك اللحظة وهو يرى النار تلتهم المنزل الذي يطبق جدرانه على أهله..
كيف أنه من بعد تلك الليلة أصبح روحاً هائمة لا وطن لها..
نزل عليها اعترافه كالزلزال الذي زلزلها حتى سقط كل ضلعٍ من جسدها .. بكت منهارة تسمع شكواه يحكي بصوتٍ تتراقص حروفه خوفاً وحزناً من ذكرى تؤرقة.. حديثه مر على مسمعها كرواية خيالية،، كفلمٍ مرعب بنهاية مفتوحة..
حتى أنه ابتسم لها بأسى يراها تبكي : الحين مين اللي المفروض يبكي؟ أنا ولا أنتي؟
هلا بصوت مقطوع من شدة بكائها : يالله خطاب كيف يصير معك كل ذا ولا تعلم أحد؟
خطاب بهدوء : وإن علمت وش بستفيد؟ بيرجعون أهلي؟
بانفعال : شلون وش بتستفيد؟. موضوع مثل ذا كبير ماينسكت عنه أبد ولو علمت أبوي أو أمي على الأقل كان تحركوا س....
ليقاطعها بذات النبرة الهادئة : بيرجعون أهلي؟
عادت تبكي : لأ.
خطاب بأسى : أجل مافيه فايده..
بس الحين وش المفروض أسوي؟ موب قادر أفكر أو أتصرف..
هلا بملامحها المتورمة من شدة البكاء تنظر لوجهه تحاول أن تفهم نظرته : وش بتسوي يعني؟ بتذبحه؟.
زفر بأسى: أتمنى..
سكتت قليلاً نواقيس الخطر بدأت تُقرع بالقرب من أُذنيها.. حاولت أن تهتف بثبات : و إن سويت شي.. بيرجعون أهلك؟
نظر لها مطولاً لتردف : ماعمر انتقام الدنيا بيكفيك مهما سويت.. ومهما تجبرت وقسيت مصيرك تنتهي..
وكلّه رب العالمين.. مابينساك ولا بينساه..
أغمض عينيه : أنا التقيته يوم جا يوظف حفيدته وحسيت إن روحي طلعت مني.. هلا أنتي مستوعبه إني أشوف حفيدته يومياً؟.. أشوف بنت اللي وصّى بذبح أهلي قدام عيني كل يوم بدون لا أسوي شي؟ أحس إني بموت من ضعفي وقلة حيلتي..
ثم أردف بصوت تشبع باليأس: وش أسوي؟
فتح عينيه عندما وصله صوتها : طيب وبعدين خطاب؟
لتتابع ببطء وهي ترى انعقاد حاجبيه ونظرة الضياع في عينيه : بترتاح!!
بيرجعون اللي راحوا؟
بتبرد حرتك!!
طيب وبعدين ؟...
... بيرجعون اللي راحوا؟
لا توصخ يدك بعقاب دنيوي بسيط وانتظر وقفتك قدام اللي أقوى منه ومنك .. خذ حقك منه .. لا تخليه..

سكت ينظر لها.. لعينيها الملئى بالدموع.. لابتسامتها الحزينة وإحمرار أنفها.. فتح فمه يبحث عن شيءٍ ليقوله.. لكن لم يجد سوى أنينٍ تفجرت معه ينابيع عينيه... استلقى على ظهره يغطي عينيه بذراعه ويبكي كأنه للتو سمع بخبر وفاة أهله..

وقتها ولأول مره تشعر هلا بأنها عاجزة عن التصرف.. مقيده مسلوبة القوة.. كل شيء مر بخطاب في كفه.. وما أخبرها به الآن في كفة أخرى..
ضمت يدها بالقرب من فمها وشهيقها يكاد يمزق قلبها،، تحاول أن تلتقط أنفاسها كي لا تختنق.. تنظر لخطاب يبكي دون أن تفعل شيئاً ،، مقيدة تماماً تعجز عن الحديث أو حتى المواساة من هول ماسمعت،،
كانت تظن أن رؤيته لأهله يحترقون أمامه هو أصعب شيءٍ قد يمر عليه طيلة حياته.. لكن أن يكون الحريق الذي تسبب بفنائهم بفعل فاعلٍ رآه خطاب بعينيه هذا الذي لم تحسب حسابه أبداً!!!
يبدو أنه وفي النهاية،، لا أحد يحمي أحدًا من حزنه..
.
.

فتحت الثلاجة تبحث بعينيها عن شيء يسكت جوعها وما إن وقعت عينها على علبة الزيتون حتى وشعرت بيد ثقيلة تكتم أنفاسها وأخرى تلتف حول خصرها تعتصره كأفعى!

اتسعت عينيها بهلع وبحركة سريعة رفعت يدها اليمنى لتلكمه بكوعها أسفل ذقنه و تغرس أظافرها اليسرى بيده الملفوفه حول خاصرتها.. لم تكن تظن أبداً بأنها سوف تضطر يوماً لتطبيق ما تعلمته في دورات الدفاع عن النفس والتي كان يجبرها جدها على أخذها..
صرخ بألم ودفعها بعيدًا عنه وهو يشتمها بغضب..
استدارت ولم تمنع نفسها من أن تبكي من شدة الخوف ،، وعندما تعرفت على هويته من وجهه الأحمر شعرت وكأن قلبها سيخرج من مكانه..
تقدم لها في حركة سريعة : يابنت ال*.
لكنها ضربته أسفل خاصرته بركبتها قبل أن يقترب أكثر ليسقط على الأرض يتأوه و يتلوى من شدة الألم ..
كتم صراخه وقاوم الألم الذي فتك بجزئه السفلي.. تحامل على نفسه ومد يده يمسك قدمها عندما حاولت الهرب من أمامه لتسقط تتعثر في خطاها.. استدارت تزحف للخلف برعب تجلى في وجهها تحاول أن تسحب قدمها من بين يديه و عروق رقبتها بارزه بوضوح كأنها ستنفجر، كانت تصرخ و صوت بكائها وشهيقها يقطع النبرة المرتفعة الحادة..: عم.. عم.. عمييي.. عمي.. عمي لأ.. لأ.. لأ.. أنا دانة.. دا...
بغضب وهو يغلق فمها بكفه بعد أن سحبها ناحيته وبدأت تصرخ : اص.. انكتمي..
تعلقت عينها بعينه الدموع لا تتوقف بل أنها ازدادت حتى بدأت تحجب وجهه عنها..
هل هذه النهاية أم ماذا؟
عضت كفة بقوة حتى سحبها من بين أسنانها بعد أن صفعها غاضباً بكل قوته يقطع صرخته وكأنه يفرغ صراخه بضربها .. دفعته عنها تحاول بصوتها أن يخرج بكلمة واضحة : عمي عامر أنا دانة.. دانة... دانة بنت جابر.
أمسكها من معصميها وهو يراها تتلوى بين يديه : وش جابر يابنت ال*؟
زاد نحيبها : دانة بنت جابر أخوك..
ارتخت ملامحه المشدودة بصدمة : تخسين يالكذابة ..
: ووو.. و..والله ... العظيم.
دفعها بعيداً عنه وقفز من مكانه كالملسوع يعطيها ظهره ويركل الثلاجة بقدمه..
ضمت ركبها لصدرها ترتجف وتبكي بكل قوتها حتى أنها لا تستطيع الوقوف.. تنظر له برعبٍ وهلع يركل الثلاجة مراراً وتكراراً ويصرخ بصوتٍ مكتوم..
نظرت للخلف حيث باب المطبخ البعيد مغلق.. كان هناك أملٌ بسيط بأنx يكون أحد سكان هذا البيت الكبير قد سمع صراخها لكن العوازل منعت صوتها من أن يتعدى جدران المطبخ..
نظرت باتجاهه بسرعة وخوف عندما سمعت صوته : شلون بنت جابر؟ شلون؟
كان لازال يقف أمام الثلاجة.. ينظر لها بدون تصديق : جابر ماقد قال إن عنده بنت.. وابوي ماقال انك بنت جابر.
دانة بخوف : أبوي.. مايبي.. أحد.. يدري....
عقد حاجبيه ينظر لها ولوجهها المغرق بالدموع.. شهيقها يخرج متصلاً حتى أنه ظن بأنها ستختنق : طيب إهدي.. لا تخافين.
ثم بضحكة،، متوتراً : وش فيك ارتعتي يوم مسكتك أنا ماكنت ناوي أسوي شي أصلاً.. ظنيت إنك حرامي مادريت إنك دانة..
هزت رأسها تغمض عينيها بقوة تجاريه غير مصدقةٍ لقوله.. تشعر بأن أطرافها تنملت لا تستطيع أن تقف على أقدامها..
فتحت عينها على صوته لازال يقف مكانه ينظر لها بتفحص : أنا بروح.... و اللي صار قبل شوي سوء فهم لا تقولين لأحد عنه.. طيب؟
عادت تهز رأسها بقوة وانصياع تريد منه أن يخرج فقط..
عامر مبتعدا عنها : خلاص وقفي صياح،، شوفيني طلعت..
قالها يفتح باب المطبخ ينظر لها نظراتٍ غريبة لتبادله هي بنظرات مرعوبة..
ما إن اختفى من أمامها حتى وبدأت تحبو بسرعة -رغم صعوبة المهمة- حتى وصلت للباب.. اغلقته بقوة وأدارت المفتاح مرتين وبعد أن تأكدت من أنه مغلق انهارت بجانبه على الأرض تبكي من أعماق قلبها..

ركب عامر سيارته دون أن يغلق بابها.. ينظر أمامه بدهشة فما حدث قبل قليل أمرٌ لا يصدق..
دانة من ظن الجميع أنها زوجة والده هي في الحقيقة ابنة أخيه ؟
سرت رعشة بجسده عندما تذكر ماكان ينوي فعله بها.. وهي ابنة أخيه !!!... ابنة شقيقة الذي جاراهم بهذه الكذبة بكل اتقان..

ثواني مرت بعدها ارتفع طرف فمه بابتسامه ليرفع هاتفه ويرسل لجابر (احتاج أشوفك ضروري.. بجيك بيتك بعد العصر لا تروح مكان)

.
.

خرجت من دورة المياه تجفف وجهها الشاحب وعينيها شديدة الإحمرار.. لم تنم سوى ساعتين ولم تكن كافية مريحة أبداً..
لم تجد خطاب بجانبها عندما استيقظت،، قلقت خصوصاً أن الوقت كان مبكراً والساعة لم تتجاوز العاشرة صباحاً في يوم السبت..
جلست على الأريكة ترفع هاتفها تنوي الاتصال عليه وما إن وضعت الهاتف على اذنها حتى سمعت رنين هاتفه..
تلفتت حولها باستنكار حتى فَتح باب المنزل ينظر لشاشة جواله عاقداً حاجبيه..
وقفت : خطاب وين رحت الله يهديك قلقتني عليك!..
ابتسم لها بهدوء وهو يغلق الباب خلفه .. يرفع أكياساً بيده : طلعت اجيب لنا فطور..
زفرت براحة وهي تتأمله بتوجس وتتأمل لباسه الذي وكما يبدو ارتداه بدون وعي من تنافر الألوان الواضح بين البنطال الرياضي والتيشيرت..
اقتربت منه تأخذ الأكياس : تبي شاهي؟
هز رأسه ومشى بخطى بطيئة ليرتمي على الأريكة بتعب : سوّي..

خرجت من المطبخ بعد أن انتهت تحمل بين يديها صينية الإفطار وبالها ليس معها أبداً.. تفكر بطريقة وحديث باستطاعته أن يخفف الهم الذي رأته بوجهه قبل قليل.. يبدو متعباً وكأنه لم ينم قط.. حتى ابتسامته تبدو متكلفةً جداً لو لم يبتسمها لكان أفضل..
جلست على الأرض كما اعتادا ونظرت له لازال يتمدد على الأريكة يده تحت خده الأيمن ينظر لها مبتسماً ابتسامه بالكاد تُرى لتبادله بابتسامه مماثلة وهي تشير أمامها : تفضل طال عمرك؟..
ضحك لها بخفوت واعتدل جالساً لازال على الأريكة.. عقدت حاجبيها مستنكرة: ماتبي خطاب؟
خطاب بهدوء : وش فيه وجهك؟
وضعت يدها تتحسسه بقلق : وش فيه؟
سمعت تنهيدته وتعلقت عينها به عندما وقف متحركاً من مكانه ليجلس أمامها بينهم الصينيةx .. لم ينظر لها بل قال بنبرة هادئة يتلهى بتحريك الملعقة بكوبه : ما نمتي؟
هلا : إلا الحمدلله.. أنت نمت؟
لازال على وضعه : مم..

عم الصمت المكان .. خطاب يراقب الحركة التي سببتها الملعقة في الشاي وهلا تراقبه حتى رفع رأسه لها وعندما لمح القلق والخوف في عينيها ابتسم لها بأسى ..
هلا بسرعة : خطاب إذا أنت تعرفه زين روح بلّغ عنه..
خطاب : وش الإثبات على كلامي؟ هذا إذا ما اتهمني بتلفيق تهمه.x
هلا بتوهان : شوف زيد.. أكيد بيساعدك..
خطاب بيأس : وش دليلي هلا؟ أنا ماعندي دليل غير عيوني اللي شافت يوم كان عمري ثمان سنوات.. وغير كذا ماعندي شي.
ارتعشت شفتيها رغماً عن الثبات الذي كانت تتصنعه : يالله..
مسح على شعره بهم وهو يستمع لنشيجها الذي تحاول كتمه : والله آسف،، كان المفروض ما أقولك ب..
لتقاطعه بإنفعال وهي تمسح دموعها : والله إن عتبي الوحيد عليك إنك ماقلت لأحد عن هالموضوع من بدري..
خطاب بسرعة : لا تقولين لأحد هلا..x الله يخليك!
هلا بعتب : مع إن ما أدري ليه تبي تخفيه لكن عمرك قلت لي شي وخبرت به؟
هز رأسه ينفي اتهاماً كهذا.. لتردف بعطف : وش قررت تسوي طيب ؟ والله عجزت أنام طول الليل أفكر..
مرت ثواني ثقيلة ليردف بعدها خطاب بضيق واستسلام مميت في نبرته : فوّضت أمري لربي هو اللي بياخذ حقي.. أما أنا فما بيدي حيلة...
عم الصمت مجدداً واستمر كلاهما ينظر لفطوره دون أن يلمسه حتى أصبح باردًا.
.
.

ما إن دخل جابر مجلس منزله حتى ورأى أبناءه يلتفون حول عامر.. يصرخون بحماس لشيءٍ يفعله بهاتفه. في حضنه يجلس أصغر أبناءه سلطان وعن يمينه ويميل عليه ابنه الأوسط راشد وعن يساره أكبر أبناءه والذي لم يتجاوز التاسعة بتال..
جابر : بتال خذ اخوانك و ادخلوا داخل..
بتال وعينه لازالت على شاشة عمه : بابا بس شوي بنخلص القيم أول..
عامر رافعا نظره له : وعليكم السلام.. داخل على يهود أنت؟
ليهتف راشد معترضاً : عمو كمل ليه وقفت؟
جابر بزهق واضح جلس : داخل أشوف.. بسرعة!!
تأفف بتال وخرج متحلطماً ليتبعه راشد مقلداً في مشيته وتأففه شقيقه الأكبر..
ولم يبقى سوى سلطان ذو الثلاث سنوات ينظر لوالده..
جابر مبتسماً رغماً عنه يشير بيده للباب : وأنت بعد داخل ..
رفع سلطان رأسه ينظر لعامر .. ثم عاد ينظر لوالده يرمش بعينيه لم يعي حقاً مقصده..
قبّل عامر خدّه بقوة وانزله دافعاً إياه من ظهره ليتعثر قليلاَ ثم يركض للداخل بخطى متخبطه : روح لبتال..

ما إن خلا المكان حتى نظر لجابر : وش أخبارك؟
جابر: زين. وش عندك راسل لي آخر الليل ما أظن جيتك ذي عشان تسأل عن أخباري !!
عامر بابتسامه : شفت دانة؟
جابر بملل حقيقي من كثرة الحديث عنها : يا ذا الدانة اللي اشغلتنا فيها أنت وأخوك؟ وش فيها بعد ؟
لازال مبتسماً : أبوي يقول إنها موب زوجته!
بردت ملامحة : وشو؟؟
عامر : سألته زوجتك قال لأ.. وأمس كنت في بيته وشفتها تتمشى قدامي بقميص النوم ولا قدرت أمسك نفسي و،، وتهجمت عليها..
ارتفع صوته بحده : ايشش؟؟؟
عامر رافعاً يديه باستسلام مبتسماً : يعني مو زوجة أبوي،، ومستحيل تكون بنته،، بأي صفة قاعدة في بيته؟ أكيد إنها من اللي بالي بالك!! مو ذنبي والله البنت كيكة ماتتفوت بصراحة لذلك ت..
بترت كلمته ورجع بجسده للخلف قسراً عندما هجم عليه جابر يضع يديه حول عنقه ويضغط بركبته اليمنى على صدره بقوه : حيوان أنت؟؟ وإذا ما كانت زوجة أبوك تقوم تتهجم عليها؟؟ حيواان أنت حيواان؟
أمسك بمعصميه يحاول إبعاد يديه : يوم إنك خايف عليها للدرجة ذي ليه ماقلت لنا من أول إنها بنتك؟ هاه؟
تراخت يداه وهو ينظر له باستنكار وقلق ..
عامر بابتسامه مستفزة : أجل عندك بنت مثلها ولا تعلم؟ يالئيم، يالئيييم أخوانك حنا بنفرح لك. هذي كيف جبتها بالله عليك؟ ومتى؟ يخرب بيتك على هالإنتاج!!!

ابتعد عنه ضاغطاً على ضلوعه بركبته بكل قوة : وش تخربط أنت؟
عامر بتأوه : لو ماقالت لي إنها بنتك كان ال...
ثم صفّر وأردف مستمتعاً يمسد صدره و يرى وجه شقيقه الأكبر متورطاً : طاااار!!
بإنفعال وصراخ عاد يخنقه مجدداً : سويت فيها شي يالكلب؟؟
هذه المره دفعه عامر بعيداً عنه يكح يلتقط أنفاسه : تطمن.. دافعت عن نفسها وجلدتني قبل لا أسوي شي..
جابر بقهر : كفوك ليتها ذبحتك يالخسيس..
أبوي وينه عنها الله ياخذها؟
عامر : أبوك ما أدري وش تحت راسه يوم إنه ماقال لنا ذي مين!!
وش يخطط له وليه أنت ماقلت إن عندك بنت؟ أنت مستوعب إني كنت بجيب العيد في بنتك؟؟
جابر بانفعال وغضب وهو يركله في ساقه : الله لا يوفقك ياشيخ.. ماقلت لأني ما أبي أحد يدري.. وإن طلع الموضوع لأحد بعرف إنه منك وساعتها مابيرحمك مني أحد..
ضحك : تهدد بعد ؟
صرخ : عااامر.
رفع حاجبه : اشتري سكوتي طيب.. أنا ما أضمن لساني بصراحة..
جابر بقهر : صدق إنك خسيس.. أخوك أنا يالنذل.. تبتزني؟؟
رفع كتفيه : أبتز أبوي لو لزم الأمر.. يعني وش تبيني أسوي يا قلبي ؟ مضطر.. فرصة وجات لين عندي إذا ما استغليتها صح أصير حمار..
يرضيك أخوك يصير حمار وتصير أنت أخو الحمار؟
ثم أردف ضاحكاً عندما رأى نظرات جابر الغاضبة : وعشان أبرّي ذمتي بس،، ترا فارس كان معي يوم درينا إنها موب زوجة أبوي.. يعني إنتبه على بنتك منه ماتدري يمكن ابليسه أقوى من ابليسي ويقدر على مهارات بنتك القتالية..
جابر والغضب سيفجّر عروقه : ليه؟؟ تحسب فارس سافل مثلك؟
رفع يديه باستسلام يهتف ببرود : ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد .

.
.

كان يتفحص ملامح حفيدته بقلق.. لا تبدو بخير أبداً من وجهها الشاحب لطريقة ربطها لشعرها القصير بشكلٍ مهمل وتناثر الخصل على وجهها دون أن تكترث بأبعادها حتى..
عقد حاجبيه يراها تحرك ملعقتها في صحنها بسرحان تجمع الأرز ثم تعيد نثره..
صرخ بصوت عالي : ثيرماالا..
أتت العاملة تركض ليشير لها بيده على الأطباق الموضوعة على المائدة ينظر هذه المره لعيني دانة عندما ارتفعت له بفزع مستنكرة صراخة : شيلي الغدا..
بدأت تجمع الأطباق تأخذ الصحن من تحت دانة التي قالت بهدوء : ليه جدي؟ أكلك مثل ماهو ما أكلت شي .
منيف بدون مقدمات : وش فيك؟
تحسست رقبتها تهرب من عينيه : مافيني شي.. بس ما اشتهي..
عقد حاجبيه باهتمام وحنو : دنِّي وجهك أصفر!! قومي اوديك المستشفى.
شعرت بعبرتها تتجمع في حلقها : لا جدي مايحتاج،، أخذت مسكن وبيهدا الألم شوي..
انفرد حاجباه عندما توقّع مافيها.. رغم أنه ليس فيها..
ليزفر براحه: طيب قولي لهم يسوون لك شي دافي تشربينه.
دانة بهدوء : ان شاءالله...
رفعت بصرها مجدداً بعد ثواني لتراه لازال ينظر لها بتفحص..
ابتلعت ريقها تبلل شفتيها بلسانها وبصوت مبحوح : جدي أبي أطلب منك طلب ممكن؟
ابتسم: أنتي تامرين..
ابتسمت له تجامل ابتسامته : أبيك تقول لأبوي يعلم جدتي وأخواني و.. أعم.. أعمامي عني!!
خرجت كلمتها الاخيرة مقطوعه مرتجفة الأحرف عندما رأت تغير لون وجه جدها واحتداد نظرته.. ارتفع حاجبيه : ليه؟ وش تبين فيهم؟
دانة بضيق : شلون وش أبي فيهم جدي؟ هذول أهلي إلى متى مايعرفوني؟
منيف بزفرة ونرفزه: أبوك مايبيهم يعرفونك..
دانة بتعب : جدي أنا مو بنت حرام عشان ينبذني بهالشكل..
هو كان متزوج أمي زواج شرعي وجيت بطريقة شرعية ليه مايبي يعلم الكل إني بنته؟ ليه متفشل مني ولا يطالع بوجهي حتى؟
سكت قليلاً تتعبه نبرتها والتماع عينيها : وش طرى عليك عشان تفتحين هالموضوع الحين؟
مسحت بكفها الدمعه التي سقطت رغماً عنها : لأني تعبت. شافوني عيالك عندك ولا قلت لهم علاقتي فيك.. ما تخاف يظنون فيك وفيني شي شين في كل مره يشوفوني فيها معك؟
منيف بقوة : عيال الجازي كلاب ذممهم وسيعة إن جلستي تدارين كلامهم بتتعبين.. ماعليك بأحد دامي معك..
دانة بأسى : جدي تكفى.. عشاني حاول معه يمكن يلين راسه ويقتنع..

لكن منيف لم يعطيها رداً بل وقف يبتعد عن المكان غاضباً ليتركها تبكي بصمت وهي تتذكر الجريمة التي كان سيرتكبها عمها بها البارحة..

.
.

في غرفته الموجودة بمنزل والدته.. كان يتمدد على سريره ينظر للسقف إحدى يديه تحت رأسه والأخرى يحركها أمام وجهه يغطي بها الإنارة المسلطة عليه تارة،، ويبعدها عنها تارة أخرى في محاولة منه لتشتيت تفكيره..
كان يهرب بتفكيره عن شيءٍ يخشى أن يعترف به لنفسه.. أو أن يجعل التفكير به شيئاً طبيعياً فيعتاده..

عندما رآها أول مرةٍ لم تكن سوى امرأة بملامح بريئه شديدة الجاذبية.. جسدها يبدو صغيراً ضئيلاً بجوار جسد والده مما جعل النظر إليها لا يقاوم.. طرد هذه الأفكار من عقله ونفضها عنه واستقبح مجرد التفكير بها فهي في النهاية تبقى زوجة والده..
وهذا ما كان يظنه حتى رآها مرة أخرى.. ظن أنه أخرجها من عقله حتى رآها تنظر له وكأنها تعرفه دون أن تخاف كما حصل أول مرة رأته فيها،، و ابتعادها عن المكان عندما رأت شقيقه جعل قلبه يركض خلفها حتى عندما حاول منعه .

لازالت فكرة أنها زوجة والده وأن التفكير بها هكذا غير مقبول بتاتاً ولا يجوز نهائياً هي ما يحاول أن يقنع نفسه به ولكن عندما صرّح والده بأنها ليست زوجته هُدم كل شيء لتبقى مشاعره وحيدةً تواجه كل هذا..
ابتلع ريقه واستدار على جانبه يزفر بضيق.. حاول أن يغذي خياله بزوجته التي لم يبقى على حفل زفافه منها الكثير لكن ما إن يستقر وجهها في ذاكرته حتى ويتلاشى بسرعة تستبدلها طفولية و وجه خائف ..
: عمو فارس..
التفت حيث ابنة أخيه منصور "نادين" ذات الست أعوام تقف عند الباب تنادي اسمه مبتسمة : أمي الجازي تبيك.
اعتدل جالساً : وينها؟
نادين : بالصالة تحت..
وقف متقدماً نحوها ما إن اقترب حتى رفعت يديها له ليحملها بين يديه بسهوله وخفه : أمك عندها ؟
هزت رأسها تنفي ليبتسم مقبّلاً خدها : مشينا أجل الله يستر وش تبي..
معصبة ولا رايقة؟
نادين بتفكير : مغطيه وجهها ما شفت.. بس كانت تصارخ ..
قلّب شفتيه باستغراب وخرج من غرفته يتبادل حديثا طفوليا معها إلى أن وصل لمكانها حيث تجلس حولها عاملات أحد الصالونات المعروفة من الجنسية الفلبينية إحداهن تقف خلفها تدلك أكتافها وإثنتين يقلمن أظافرها و وجهها مغطى بقناع أبيض جعله يكتم ضحكته : نعم يمه؟
فتحت عينيها تنظر له : وينك من جيت دخلت غرفتك ولا طلعت؟
لازال واقفاً يحمل نادين : أنتي موب فاضية لي.. فيه شي؟
الجازي : مافيه بس اقعد عندي سولف علي..
رفع حاجبيه : من جدك؟
الجازي بصرامة : ايه اقعد أشوف..
جلس على أحد الكنبات بعيداً عنها : غريبة وينه منصور عنك؟
الجازي عادت تسترخي تغمض عينيها : طالع ولا كان شفته جنبي مايفارقني.. مو أنت تتهرب عن القعدة معي..
ضحك : بعد قلبي يالجازي مالي غناه عنك..
فتحت أحد عينيها تنظر له مبتسمه : تبيهم يسوون لك أظافرك؟

.
.

لازالت لا تعرف العلاقة التي تجمع جدها بقليل المروءة الجالس في الأسفل..
كانت دانه خلف نافذة غرفتها التي تطل على ساحة المنزل الخارجية حيث جدها و بدر يجلسان في الجلسة.
كان بدر وسيماً جداً و أنيقاً جداً جداً بثوب كحلي خصوصاً وأن الجو قد بدأ يبرد.. شعره الكثيف يتحرك مع الهبوب ونظارته الشمسية تغطي عينيه.
ابتعدت عن النافذة تزفر بقرف فمهما كان وسيم الملامح يبقى شيءٌ فيه غير مريح أبداً..

بدر : راعي البضاعة اتصل علي.. يقول خلاص كل شي جاهز للتسليم.
منيف : تأخر فيها لكن مافيه مشكلة.. متى توصل؟
بدر بهدوء : هي المفروض توصل قبل بس كنت انتظر أوراق الصالونx تخلص وبعدها عطّلني الحادث.. على نهاية الأسبوع بتكون هنا لذلك كلم لنا جماعتك اللي بالجمارك يمشونها بدون قلق.
ابتسم له : جماعتي مستعدين ماعليك.. وبعدين علب شامبو وأشياء صالونات بيسوون عليها قلق ليه؟
زفر : لأنها لو طاحت بيد غيرهم وفتحها وشاف اللي داخلها أنا اللي بروح فيها.. بس حط في بالك أنا ما أطيح لحالي..
ضحك من أعماق قلبه: أفا مافيه ثقة يعني ؟
بدر بجمود : الصالون باسمي والبضاعه جايه باسمي تحسب اني موب فاهم حركتك يوم تطّلع اسمك من الشغلة المشبوهه ذي؟ لكن ماعليه القرشين اللي بتجي منها تغري الواحد يغامر..
وضع قدماً على الأخرى ينظر لبدر قليلاً ليهتف بعدها : لا تخاف دامك تمشي معي ماعليك شر.. وأبشر بدل الريال بيجيك مليون.. وبدل المليون عشرة بس خلك معي.. و ذا كله ولا شي،، اللي بيوصل الحين شوية حبوب ما تسوى ذيك القيمة لكن إن جات البضاعة الثقيلة أبشر بالملايين من أول بيعة..
بدر وعقله في سباق يتخيل دانة وماتفعله داخل المنزل في هذه اللحظة : نشوف..

.
.

مضى أسبوع ونصف منذ أن سمع خالد بإسم امرأةٍ تدعى ضي..
ويومان منذ أن أخبرته والدته بأنها اتصلت على أختها الكبرى غيداء وأخذت منها موعداً بعد أن لمحّت لها غرض الزيارة،، يومها كان خالد في -لوبي- أحد فنادق كوريا الجنوبية يحتسي قهوته التي كاد يشرق بها من فرحته بما سمع..
واليوم خالد يركب سيارته.. جواره والده وفي الخلف أمه وهلا متجهاً في طريقه لمنزل أبو غيداء..

خالد بسعادة طاغية : رجاءً هلا احفظي شكلها زين عشان توصفينها لي أخاف ماتعجبني..
سلوى بسرعة : ماتثق بذوقي ؟
ابتسم ينظر من مرآته لهلا الصامته منذ أن ركبت : يمه مع كامل احترامي لك بس ذوقك نفس الأوليين تعجبك البيضا المربربة اللي شعرها طويل وناعم .
سلوى : وليه كيف ذوقك أنت طال عمرك؟
اتسعت ابتسامته : أبيها طويلة ونحيفة وسمرا يمه وتكون هيبة هيييبة من أشوفها تضيع علومي وشعرها مافيه مشكلة بس اهم شي لا يجي أقصر من شعري ويفضل يكون كيرلي مايعجبني السايح مره..
سلوى تسايره : إن شاءالله ،، وتبيها تكتب باليسار ولا اليمين؟
خالد بتفكير : والله تصدقين ماقد فكرت فيها..
سلوى بغيض : أقول سوق و أنت ساكت بس.
تركي براحة فسعادة خالد معديه : ماعليك منه دايم اللي يتشرط يرضى بأي شي..
خالد بصدمة : لا تقول!
سلوى : مير يرضى ولا ما يرضى أنا قد لمحت لأختها وقالت حياكم لا يقعد يحرجني مع العالم..
خالد يلقي نظرة أخرى لهلا الصامتة : هلا افزعي لي تكفين إن كانت مو مثل ما أبي علميني..

لكن هلا لم تكن معهم أبداً.. كان تفكيرها مشوشاً تشعر بالقلق الذي لم يفارقها طيلة الأسبوع المنصرم.. قلق سببه خطاب الذي أصبح صامتاً سارحاً أغلب الوقت.. باتت تخشى هذا السكوت وتخشى عليه من أن يهوي به تفكيره لوادٍ مظلم.. فهو كما صرح تلك الليلة يرى ابنة الجاني يومياً.. وحتى مع نفيه بأن يفعل به شيئاً مؤذياً لا تزال غير واثقه من كلامه..

.
.

لطالما كانت حنين جناحاً مكسوراً.. هذا ما تؤمن به حقاً..
حياتها في منزل والدها لم تكن كما تتمنى أي فتاة.. وحياتها مع بدر لم تكن كما تمنت وهي عزباء.. حتى أنها حاولت أن تصفح عنه وتدمح زلاته في كل مره..
كانت تجلس في الجلسة الموجودة بغرفة نومها تتصفح موقعاً في هاتفها عندما دخل بدر غاضباً ليجلس على الأريكة الأخرى ثم يقفز بعدها يلقي بشماغه ويمتر المكان أمامها ذهاباً وإياباً..
استرقت النظر تراقبه تحاول أن تتحكم بقلقها من زفراته الغاضبة ولسانها يلح عليها بأن تسأله عما يغضبه لكن الحروف علقت في طرفه عندما وقف أمامها ينظر لها يهتف بجمود : أنا قررت أتزوج..

كان بدر غاضباً حقاً مشحوناً بالغضب بعد أن تعثرت أحد صفقاته التجارية وهو رجل الأعمال الناجح و الذي يراهن الجميع بنجاحه.. يريد أن يفرغ غضبة بأي شيء -ومن أفضل من حنين لفعل ذلك- ،، وكم يتمنى أن تستفزه كي يضربها -حتى وإن كانت هذه المره الاولى التي سيفعلها بها-
حنين بصدمة رغماً عنها : تتزوج علي؟
رفع حاجباً متهكماً : أجل على أمي؟
رمشت أكثر من مره تبتلع ريقاً جافاً مر كأنه موس ليجرح حلقها ، مع ذلك قالت تتصنع القوة رغم أن صوتها خرج مجروحاً : تزوج حد ماسكك؟ خذ عشر لو تبي عليك بالعافية..
ارتفع حاجبيه باستنكار : كلام جديد ذا!!
حنين وكل خليه فيها ترتعد : وش كنت متوقع يعني اطيح على رجلك وأقعد أصيح؟
بدر : هذا اللي أنا متعوده منك..
زفرت تكتم غيضها : هذاك أول أما الحين خلاص ماعادت تفرق معي..
رفع حاجبه بتحدي : صدق؟
حنين بقوة ظاهرية : إيه..
ابتسم ببرود : أجل أنتي طالق..

كانت ولازالت حنين تؤمن بأنها جناحٌ مكسور بحظٍ سيء ولم تتوقع يوماً بأنها في أول تجربةٍ لها في تصنع القوة سيحصل شيءٌ كهذا!!!

.
.

بالأمس خرجx خالد من منزل من ستكون خطيبته،، والدته غير راضية بما حصل أبداَ فكما فهم من كلامها بأنهم لم يروا ضي وأن أخواتها بدأن يتلككن يضعن أعذاراً واهيه لم تقتنع بها أبداً..
لتتحدث هلا بهدوء تقطع تحلطمها : يمه البنت عذرها معها يمكن تعبانة.
سلوى بعدم رضا: واذا تعبانة؟ تنزل شوي نشوفها تسلم وتروح،، لا تقعد .
خالد بهدوء : حصل خير يمه.. خيره إن شاءالله..
سلوى: مير من العوابه بذا الجيل اللهم يا كافي.
خالد بضحكة محاولاً تغيير مزاجها : لا تقولين عن المدام عوبا يمه ترا ما أرضى.
هلا بحماس : اتفقتوا خلاص؟
ليجيبها والدها بابتسامه : يعني تكلمنا مبدئياً..
سلوى بقلق وضح بنبرتها : ليتني دقيت عليك اقولك تنتظر..
التفت لها خالد بعد أن وقف للاشارة.. مستنكراً : ليش ؟ هذا وأنتي راضية وتمدحين؟ صاير شي غير انها ما نزلت لكم؟
سلوى: كنت ابي هلا تشوفها أول.. أخاف إنها ماتعجبك..
ضحك براحة : وش لي برأي هلا وأنتي يانبضي شفتيها وأعجبتك؟
تكفيني شهادتك والله العظيم.. لا تشيلين هم لو لي خير فيها الله بيسهلها وأبوها قال نشاور البنت ونرد لك.. يعني مافيه شي اكيد للحين.
قال ماقاله مبتسما ثم نظر أمامه لتتلاشى ابتسامته يعقد حاجبيه بقلق.. مع أنه بجميع الحالات كان سيكتفي برأي والدته وأخته،، لأنه لم يكن سيطلب من والدها أن يراها -رغم جواز النظرة شرعاً- وهذا ما تحدث -وتجادل- به مع هلا قبل أيام..
.
كان يملي عليها مواصفاته حتى قاطعته بملل : خلاص خالد نفخت راسي!!! بدل هالقلق شوفها وريّح بالك.. ترى نظرة الرجّال غير عن نظرة الحرمه وفيه قبول بعد أول نظرة يمكن ما ترتاح ياخي..
خالد بإصرار : مستحيل.. حنا بعايلتنا ما عندنا هالحركات و اللي ما ارضاه على أختي منيب راضي به على بنات الناس..
قلبت عينيها : عن الكلام اللي ماله داعي هذا وانت متعلم و واعي تقول كذا اجل وش خليت للباقي؟ النظرة مافيها شي و جايزة من عند الله ورسوله.. من أنت يا خالد بن تركي عشان تعترض؟؟
خالد بزفره : أنا بس أحط نفسي مكان أبوها.. ادري إني لو طلبته موب رافض لكن أنتي لو كان محمد وقتها طلب يشوفك ولا حتى خطّاب كان توطيتهم هذا وهم ولد عمي و ولد خالتي عارفينك وعارفتهم.. فما بالك برجّال غريب يدخل يتمقل في بنته ؟ وبعدين فرضاً لو ماعجبتني بقول لا خلاص شكرًا وأنا قد شفتها وشبعت شوف ؟
هلا باعتراض : أما إنك غريب ياخي ما اقول غير الله يعين بناتك على هالتفكير يالحجري!!
ضحك : الله يسترها بس ،، على وقتهم ماتدرين أخاف هي تجي تقول ابوي حبيبي بكرة بيجي خطيبي ابيك تقابله.. حنا اوريدي اتفقنا.
.

واليوم بعد أن فاض الجميع من صلاة العشاء بنصف ساعة يجلس في مجلس والدها الذي كان يجلس فيه البارحه بعد أن وصله اتصال منه يطلب قدومه وحيدًا.. الاستغراب سيفتت داخله لا يعلم سبب هذا الاستدعاء بهذه السرعة حتى أن الأفكار والظنون بدأت تسّيره وتلعب به لا يعلم هل هي موافقة مستعجله عليه أم رفض مستعجل لطلبه؟ وإن كان رفضاً لماذا لم يخبره عن طريق الهاتف -كما جرت العاده- دون عناء حضوره؟

رفع عينيه للرجل المسن أمامه بلحيته البيضاء وملامحه الوقوره التي يعتليها الضيق ..
" أكيد إنها رفضت،، الرجّال وجهه أسود.. يافشلتك يا خالد "

لكن صوته الذي خرج بثبات قطع مواساته لنفسه الداخليه : والله ما أدري وش أقولك ياولدي ياخالد بس البنت تبي نظرة شرعية..
ارتفع حاجبيه باستنكار وضم شفتيه بتعجبٍ من طلبٍ كهذا ولولا العيب والملامه لكانت "اووووف" خرجت منه بصوتٍ عالي..
أبو غيداء بحرج واضح عندما وصلته نظرة خالد المستنكره : البنت الله يهديها ملزمه..
خالد وفتيل الحماس قد اشتعل في داخله تطلعاً للجريئة التي غلبته بطلبٍ كهذا لم يتوقعه أبداً : حقها ياعمي مافيها شي.. وأنا والله إني شاري قربك وبإذن الله الموضوع بيتم..
ارخى بصره يتمتم : الله يكتب اللي فيه الخير.. تعال وأنا عمك المقلط.

ما إن استقر جسد خالد على أريكة الغرفة الأخرى حتى وبدأ يشعر بتوتر مفاجئ جعل من كفوفه تتعرق.. ابتلع ريقه ما إن خرج والد غيداء وبدأ بصره يتجول في الغرفة البسيطة في محاولة فاشلة لتشتيت توتره.
اعتدل جالساً يتنحنح يعيد ترتيب شماغه أعلى رأسه يهتف لنفسه : شدعوة خالد اصلب عمرك البنت احسن منك يعني..
لكن لا جدوى خصوصاً بعد أن شعر بألم طفيف -ارجعه للترقب- يغزو معدته..
عاد يبتلع ريقه وقبل أن تنجح أصابعه في فتح زر ثوبة العلوي حتى و وصله صوت أبو غيداء : تعالي ضي.. اعذرنا خالد ابطينا عليك..
ارتفع بصره وما إن ابتعد الرجل لتظهر له التي تقف خلفه عينها للأرض حتى وشعر بأن قلبه أجتثّ من بين أضلعه .

.
.

قبل ٣ ساعات..
شعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما وصلتها نبرته الهادئة لا تعلم هل هذا تأثير الخوف أم تأثير نبرته.. يقول بكل جديه : إذا تقدمت لك،، تقبلين بي؟؟


.
.
.


# نهاية الفصل التاسع ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
> الجزء القادم فيه خطبتين أحدها تفشل فشلاً ذريعاً والأخرى تبقى معلقه حتى حين..
نلقاكم على خير إن شاءالله يوم الأربعاء مع الفصل العاشر..
قراءة ممتعة جميعاً :) <

أبها 26-11-18 11:10 AM

قلم مبدع ، وقصة منفردة في أحداثها ، جميلة إلى حد الوجع .

أرجو أن تحضى بالتشجيع ، فهي بحق تستحق ذلك،، وبجدارة ..

أبها 26-11-18 11:16 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اكتشفت القصة في المنتدى المجوار قبل أن أراها هنا،،، ولا بأس من إعادة تعليقي هنا ☺

————————-

سلمت يمناكِ ( وطن نورة) ....

لا أدري بأيهم أبدأ..
عامر النجس الذي لم يراع حرمة البيت ولا أهله، فعلاً حيوان كما وصفه جابر ، 😣😡
( أنت مستوعب إني كنت بجيب العيد في بنتك ) 😱يا الله ،
ما هذه الوقاحة، وقلة المروءة ، هكذا بلا حياء ولا خوف من الله عزّ وجل وأمام أبيها تسرد عليه قذارتك!
صدق منيف حين قال : عيال الجازي كلاب ، ذممهم وسيعة.
وهل نسيت يا منيف أن من شابهه أباه فما ظلم!!

فارس أيضاً يفكر بدانة !! 🤭
عامر عَلِم أن لفارس نفس النظرة نحو دانة ، لذا حذّر جابر منه، خشية أن يقع في المحظور .. ( رغم أني أرى فارس أكثر تعقلا من الجميع ).
ويدل على ذلك صراعه الداخلي ، وحديث نفسه، ومحاولة ابعاد صورتها واستبدالها بعروسه..


دانة ... كان الله في عونكِ، كدتِ تقعين في كارثة لولا لطف الله بكِ .
الحسنة الوحيدة التي صنعها منيف بكِ هي تعليمك فنون القتال ،
هل كان يتوقع أن أعدائه الكُثر قد يستخدموا دانة سلاحاً ضده و يتعرضوا لها ؟

حنين .... ألف مبروك لكِ الحرية 🍃💐
( ولا تزعلين ما عليه حسوفه هالنذل )

خالد & ضيّ

(ارتفع بصره وما إن ابتعد الرجل لتظهر له التي تقف خلفه عينها للأرض حتى وشعر بأن قلبه أجتثّ من بين أضلعه .)

الظاهر يا خالد مثل ما توقعت،،، ذوق الوالدة في الاختيار ما دخل مزاجك وانصدمت صدمة العمر .😁
( الزين غسال ايدين يا خالد ....بسرعة يروح ، المهم الأخلاق 😉)


خطبتان .. واحدة فشلت والأخرى تبقى معلقة حتى حين ...
ممم 🤔 افترض أن الأولى خطبة بدر لدانه ، وهي متعلقة بالمشهد الأخير الذي صادف فيه بدر دانه فعرض عليها. الزواج ..
والأخرى المعلقة هي خطبة خالد لضي ..
أرجو أن أكون أصبت في التخمين ..☺


كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ( وطن نورة ) 🍃🌸🍃

شبيهة القمر 26-11-18 12:09 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ياالله عيال منيف نسخخخخخخه منه مافيهم لاذمه ولاضمير ولا خوف من الله .. تمنيت ان منيف عرف بسالفه عامر الكلب علشان يدري ان العرق دساس مهما حاول .. وان ماسويت يسوابك ..
اتوقع فارس مهوب خالي واحتمال انه هو الي بالمقطع الاخير يطلب من دانه الزواج ..
وخالد اتوقع ان ضي فيها اعاقه وماحبت تخدع الرجال علشان كذا طلبت النظره الشرعيه واحتمال هي الخطبه المعلقه ..


وطن .. تسلم يمينك جزء رااائع بانتظار الاربعاء بكل شوووق 💕💕

فيتامين سي 26-11-18 03:34 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومساء الخير على كاتبتنا الغاليه ومتابعينها
وحيالله أبها اللي منورتنا هنا وهناك وأضم صوتي لك
الروايه تستحق المتابعه والتشجيع ....

وطن نوره ماتفقدين غالي حبيبتي والله غيابي بسبب
رحت المدينه كم يوم ولما رجعت مكه أمي عملت عمليه
وإنشغلت معها ومع ضيوفها

ماشاء الله حبيبتي اسلوبك رااااائع والحبكه أروع والفكره
فيها تجديد ودقه نحويه وإملائيه مميزه افتقدناها في كثير
من الروايات مؤخرا أتمنى إنك تكملينها وماتتركيننا في نصف الطريق
لأن تعقدنا من كثرة الروايات المهملة

نأتي للبارت
شكلي ببطل توقعات صعب التوقع معك كاتبتنا
أولاد منيف كلهم مافيهم خير رغم إنهم ماعاشوا مع أبوهم
وربتهم أمهم اللي واضح إنها ماهي هينه بإعتراف منيف
وبحكم إنهم عايشين معها مانرجع أخلاقهم لأبوهم لأنها هي
اللي ربتهم والمفروض تربيهم على الدين والأخلاق لكن ربتهم على الخوف منها
وأصبح كل واحد منهم بشخصيتين
أمامها شيء ومن وراها شيء ثاني أنانيين ومصلحجين
يبيعون أمهم وأبوهم لمصلحتهم اللي تزوج وخلف من وراها
واللي سارقها بالتوكيل وعامر قليل مروه ونذل وبيبتز أخوه
وفارس ماأظنه بيختلف عنهم

خطاب كلام هلا له صح وإن شاء الله ماراح يتهور ويضيع
نفسه خلها على الله يمهل ولا يهمل

خالد أتوقع أعجب بضي أو يمكن التقى أو لمحه صدفه في
موقف مر عليه مدري وش اللي أجتث قلبه ههههههه

دانه خافت من سوء ظن أعمامها بها وإن يتكررموقفها مع عامر
مع غيره لكن اعترافها بأنها ابنة أخيه جابر أنقذها
لهذ طلبت من جدها يخبرهم بأنها بنت جابر

بدريعني عارف منيف ومصايبه وماشي معه وإن شاء الله
نهايتك سوداء معه يالنذل قال بتزوج المغرور يظن منيف
بيزوجه دانه أحسن شيء إنك طلقت حنين كلووووووش

حنين عجبتني هالمره من ماشافني خير ماشفته غنيمه
خليه يولي والباب يفوت جمل حلو أنك بينتي له إنه ماهمك
ولا عليه حسافه والله يعينك على العيشه مع أبوك وزوجته
أو عند أمك والله يعوضك بأحسن منه أو ربي ولدك ربي
يصلحه ويرزقك بره

الخطبه الأخيره أظن بدر يكلم دانه

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه كاتبتنا الرااااائعه

وطن نورة ،، 29-11-18 01:08 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
صباح الخير ..
الله يسعدكم جميعاً على الردود اللي تشرح الخاطر وبإذن الله لي عودة للتعليق عليها
أترككم مع الفصل العاشر . قراءة ممتعة جميعاً :)

وطن نورة ،، 29-11-18 01:12 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (١٠) الفصل العاشر ،،
°
°
لقد حاولتْ..
وهذا كلُ مايُمكنني قوله.
حاولتْ..
حتى عندما كانت محاولاتي
تؤذيني .. جداً

*منقول*
.
.


هو ليس بالشخص السيء أبداً،، تقريباً هو النبته الوحيدة الصالحة في تربة والده الفاسدة.. لكن بعد رؤيته لها بدأ يشك بهذا.. أصبحت أفكاره تقوده نحوها بشكل خطير.. مقرف،، و لا يجوز..
حاول أن ينْهى نفسه عن ترديد اسمها في داخله ولكن لا جدوى..
يؤمن حقًا بأن لا جدوى من محاولةِ ذلك حتّى..

زفر بضيق بعد أن أوقف سيارته أمام المنزل الكبير.. يشعر بضوضاءَ في عقله وكأن هناك مئةُ طفلٍ يصرخون في نفس الوقت..
تعلل بالقدوم لمنزل والده مع أن لا رغبة له برؤيته أبدًا لكن من تسكن المنزل قد طغت وتجبرت على رغبته..
دخل بعد أن قرع الجرس وفُتح له ليجد باب المجلس مفتوحاً..
دخل بخطى ثقيلة وكأنه يمهل نفسه فرصةً للتراجع فلا زال هناك مجال.. لكنه وجد نفسه يقف بمنتصف المجلس بالغ الفخامة..
والده يجلس على الكرسي الملكي عنده ضيف سكت ما إن انتبه لدخوله المفاجئ..
ضاق من رؤيتهم جميعاً عاقدًا حاجبيه يشتم نفسه على هذه الخطوة على عكس والده الذي تهلل وجهه فرحاً : هلا فارس .
فارس ونظرات الذي يتفحصه لم تعجبه : هلا .. شكلك مشغول..
منيف بابتسامه : لا أبد.. بدر بيمشي الحين تعال اقعد!
نظر له بدر ببرود : توّي جيت يابو جابر!!.
فارس بسرعة متجهاً للخارج : لا خلاص أجيك وقت ثاني.
أطلق نفساً عميقاً لم يكن يعلم بأنه كان يكتمه.. ليعود ويأخذ نفساً طويلاً آخر يزفره مجدداً.. مشى متجهاً لباب الشارع بعد أن ألقى نظرة لباب المجلس خلفه و قبل أن يقترب منه سمع صوتًا خلفه ليلتفت ويجدها تقف بالقرب من زاوية المنزل..
نظر للمجلس مجدداً ثم عاد ينظر لها بنهم غير مصدق أنها تقف أمامه حتى وإن كانت بعيدة..
تكلمت بخوف : ممكن شوي؟
أشار لنفسه غير مصدق انها تحادثه.. اقترب بخطوات واسعة لازالت عينيه تخونه بحركتها السريعة وكأنها تريد أن تحفظ تفاصيلها..
دانة برجفه وضحت في كفها بعد أن أعادت بعضا من خصل شعرها القصير الذي حركه الهواء : أبي أكلمك بموضوع ضروري بس ماينفع الحين -ثم التفتت بقلق- أو حتى هنا.. ممكن رقمك ؟
نظر لها باستنكار حقيقي.. أهذا أحد أحلامه التي باتت تراوده مؤخرًا أم حقيقة؟
دانة أمامه تطلب رقمه لتتواصل معه في موضوعٍ ضروري؟؟
ابتلع ريقه لم يمنع عينيه من أن تغزو ملامحها يشعر بنبضات قلبه تضرب في جمجمته من شكلها المهمل وارتباكها وحتى خوفها ..
تبدو خائفةً مرتبكةً و.. جذابة!
جذابةً حقاً وخوفها زادها سحراً حبَس أنفاسه..

دانة بخوف : بسرعة الله يخليك..
رمش أكثر من مره الأرقام تخرج مندفعه : طيب.. صفر خمسة...
رفعت عينها له بعد أن انتهت من تسجيل رقمه لتهتف مبتعده بسرعة خلف المنزل -حيث كانت تنتظره عندما فتحت له الباب الخارجي- : شكرًا.. انتظرني ،، طيب!..

هو ليس بالشخص السيء أبداً،، تقريباً هو النبته الوحيدة الصالحة في تربة والده الفاسدة.. لكن بعد رؤيته لدانة بدأ يشك بهذا.. أصبحت أفكاره تقوده نحوها بشكل خطير..
مقرف..
و لا يجوز..
أبدًا لا يجوز!!

منذ أن أخذت رقمه في اليوم المنصرم و وعدته بأنها ستتصل لم يمنع نفسه -هذه المره- من أن يعيش حلاوة إحساس الترقب الذي يشعر به من تلك اللحظة وحتى الآن..
يجلس بين أصدقائه يسمع أصواتهم عائمةً لا حدود لحروفها..
يتأكد من قوة الأبراج وأن هناك ارسالٌ يكفي لاستقبال مكالمتها..
مابالها تأخرت؟ فرقمه محفوظٌ في هاتفها منذ البارحة!
أكانت تعبث به تود أن تختبره؟
أو أن والده من ارسلها كي ترى مدى دناءته؟
بدأ الشك يساوره يعبث به ويبعثره..
حتى وإن كان هو من ارسلها او كانت تعبث به.. كلاهما لاحق لهما بأن يحكما عليه فوالده شخص ملوث وهي ...
هي لا يعلم ما المفردة الصحيحة التي تناسبها بوجودها في منزل رجل ليست زوجته أو ابنته أو تجمعها به قرابه.
أقنع نفسه بهذه الكلمات و وضع هاتفه في جيب ثوبه العلوي يحاول أن ينخرط في حديث أحدهم علّه يشغل تفكيره عنها لكن ما إن رنّ هاتفه حتى وقفز كالملسوع يخرج من المكان تحت استنكار من حوله..
ركب سيارته -دون أن يشغلّها- ويخرج هاتفه من جيبه ينظر للشاشة بلهفه وترقب.
ما إن رأى الرقم الغريب حتى وتسارعت أنفاسه ورعشة ضربت أطرافه ليغلق الباب كأنه يخشى من أن يسري صوته ويسمعه أحد..
وضعه على أذنه لتخرج الكلمة من بين شفاهه مقطوعه : الوو.وه..
لم يصله سوى أنفاسها المتسارعه ،، ولا شيء آخر .
اسند جبينه على المقود أمامه يغمض عينيه يشعر بأنفاسها تلامس جدران قلبه وتنعشه.. هتف بهدوء وهمس بعد ثواني أصبحت ثقيله : دانه؟
ليسأل مجدداً برجاء عندما لم يصله جوابها: الو من معي؟ دانه؟
بتوتر : إيه أن.. أنا دانه.
عاد الصمت يلفهم.. هدأت أنفاسه واستقرت.. ينتظر منها أن تتحدث ان تبدأ بهذه المحادثة وتديرها كما تشاء ليكون مستمعاً مستمتعاً فقط..
فارس بهدوء يحاول بصوته أن يخرج متزناً : خير دانه وش الموضوع؟
دانة بتردد : ما أدري وش أقولك.. أو كيف أقولك.. بس أنا..

فارس ليس بالشخص السيء أبداً،، تقريباً هو النبته الوحيدة الصالحة في تربة والده الفاسدة.. لكن بعد سماع صوت دانه العميق عبر الهاتف بدأ يشك بهذا.. أصبحت رغبته تقوده نحوها بشكل خطير..
مقرف،،
و لا يجوز..
حاول أن ينْهى نفسه عن الحروف التي تتشكل في داخله .. تدفع بعضها بعضاً في حنجرته كي تخرج،، ولكن لا جدوى..
يؤمن حقًا بأن لا جدوى من رفض ذلك حتّى..
كان في تلك اللحظة كالغائب الذي يسيره كل شيء عدا عقله ..
شعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما وصلتها نبرته الهادئة لا تعلم هل هذا تأثير الخوف أم تأثير نبرته.. يقول بكل جديه : إذا تقدمت لك،، تقبلين بي؟؟

رفع رأسه بسرعه بعد أن قال ماقاله.. عينيه ستخرج من محاجرها من الهلع..
هو شخص مستقيم ليس من الصالحين ولكنه ليس بفاسدٍ أيضاً .. حتى أنه طلب منها الزواج كي يكفر عن طريقته بالتفكير بها..
لكن عندما وصله صوتها مصدوماً مثقلاً بالعبرة : عمي فارس..
تلاشى كل شيء وبدأ الطنين يصم مسمعه.. كل شيء حصل بسرعة كيف تفوه بهذه الحماقه وكيف لنبرتها أن تصبح مكسورةً بهذا الشكل؟؟
فارس بتوهان : أنا آسف ب.. أنا أصلاً رجّال متزوج أنا.. أنا ما أدري شلون سألتك هالسؤال!!! آسف..
لتقاطعه دانة تجهش ببكائها : عمي فارس أنا بنت أخوك جابر.
فارس بعدم تصديق : وش قاعدة تخربطين أنتي ؟ شلون بنت جابر؟

كانت دانه منهارةً حرفياً.. تجلس على الأرض بعد أن كانت واقفة.. طاقتها استنزفت وهي تحاول أن تقوي نفسها كي تتصل عليه.. ثم كي تتحدث معه في موضوعها الذي لا تعلم كيف تفتحه. ثم ليأتي طلبه ويقسم ظهر البعير ..
وصلها صوته تائهاً : اللي تقولينه صدق؟
دانة : ايه.
فارس: أنا مو فاهم شي..

شعر فارس بأن الدم سيخرج من عينيه.. لأي تهلكةٍ سارت به أقدامه؟
كيف لخطأ بشع كهذا ان يحدثx ؟؟
لم يشعر بيده وهي تلكم المقود اكثر من مرة يصرخ بغضب : يالله.. يالله.. يالله..
الله ياخذك يا جابر الكلب. هيّن أنت وأبوك.. هيّن.
دانة بفزع من صراخة : عمي أبوي لا يدري الله يخليك .. ولا حتى جدي..
فارس بقهر : جدك ما أستنكر فعله مثل ذي منه .. لكن جابر؟
شلون يخفي عنا موضوع مثل ذا؟.. كيف؟؟
دانة برعب : أبوي بيذبحني إن درى.. الله يخليك لا تعلم أحد.
عاد يضرب المقود بيده ويصرخ عليها كأنها أمامه : طيب وش الفايدة بإنك تقولين لي دامك ماتبين أحد يدري؟
اختنقت بعبرتها : ما أدري..
أنا أحس إني تايهه وتعبانة و إن كل شي تجمّع علي ياعمي.. ساعدني.

وضع يده على رأسه يمسح شعره بضيق يغمض عينيه وهو يسمعها تردد كلمة عمي بعد كل جملة..
يالله.
حسبي الله عليكَ يا جابر..
حسبي الله عليك أنت و أبوك ونعم الوكيل..
شعر بالقرف من نفسه عندما بدأ يتذكر كل ماكان يمر في خياله عنها.. كل شيء تمنى أن يجمعه بها حتى عرَض أن تكون زوجته وحليلته..
أغمض عينيه بهمٍ يكاد يقتله ..يدلك جانب رأسه بأصابعه وصوت بكائها الذي بدى هادئاً كان يعيد كل شيءٍ منذ البداية..
من أول مرةٍ رآها فيها خائفةً عندما دخل عليها إلى قبل ربع ساعة وهو يسألها "تقبلين بي؟"..

.
.

بعد ثلاث ساعات وبعد أن فاض الناس من صلاة العشاء بنصف ساعة..
ارتفع بصر خالد وما إن ابتعد الرجل عن الطريق لتظهر له التي تقف خلفه عينيها للأرض حتى وشعر بأن قلبه أجتثّ من بين أضلعه .

شيءٌ ما تغيّر عبث بمؤشراته الحيوية و جعل من أنفاسه تُحبس في صدره.
لم تكن طويلة كما تمنى.. ولا بشعرٍ طويلٍ لولبي.. لكن كان لحضورها وقعٌ حرّك شيئاً -مبهماً- داخله .. ترتدي تنورة سوداء بقميص أسود.. مربوعة الطول ونحيلة بشعرٍ لم يتضح طوله فهي تجمعه للخلف..
رفعت رأسها لتقع عينها بصميم عينه.. وقتها كلُ نفسٍ كان قد حُبس في صدره خرج دفعةً واحدة وكأن أحداً ضغط رئتيه بقبضة من حديد .. وجهها شاحب بذبولٍ واضح.. تبدو متعبة أو.. مستاءة ؟ عينيها الحادة كعيني القطة حمراء تتجمع بها الدموع وطرفي فمها مقوّسان للأسفل بحزن..
ابتلع ريقه يتابع مشيها خلف والدها حتى جلست بجواره..
انعقد حاجبيها وهي تنزل رأسها حتى أصبحت رؤية ملامحها مستحيلة..
وقبل أن يتكلم خالد وقفت خارجةً من المكان بخطى سريعة..

مضت ثواني استطاع بها خالد من أن يفتح زر ثوبه العلوي.. يبتلع ريقه أكثر من مره وكأنه يستنجد به ..

خالد بتردد ينظر لوجه والدها وعينيه المتفحصة : عمي بسألك واعذرني على سؤالي بس هي مجبورة؟ أنت،، جابرها علي؟
بسرعة : لا والله أنها دخلت برضاها وطلبها ولا جبرتها على شي.. ضي أصغر بناتي وأقربهم لي ولا تهون علي..
هزّ رأسه بتفهم رغم انه لم يفهم شيئاً..
ليردف أبو غيداء بزفرة : عموماً هذاك شفتها وهي شافتك.. كانك لازلت تبي تمشي بموضوع الخطبة فأعطني يومين تفكر فيهم مثل ماقالت و أرد لكx .. وكانك غيرت رايك يا أبوي فهذا حقك ولا عليك ملامة..
خالد بثبات وشعور غريب يتوغل قلبه.. شيء يصرخ بنعم والآخر ب(انهبلت؟) : أنا مثل ماقلت ياعم والله إني شاري قربك وأنتظر ردك.. والله يكتب اللي فيه الخير ..
.
.

أسندت جانب رأسها على نافذة السيارة.. الدموع تتجمع في عينيها وتشعر بها تُغرق قلبها.. انقطعت بها كل السُبل. يائسة تشعر بأنها ستموت من شدة اليأس..
لم تكن تتوقع أن يحدث -سيناريو- كهذا أبداً..
بعد أن رمى عليها جملته خرج من المكان بكل برود ليتركها خلفه تشهد سقوط قناع الثبات الذي كانت ترتديه أمامه والذي كان بالكاد يغطي ملامحها.. لتضع يدها على قلبها.. تختنق بدموعها والعبرة التي سدت حلقها..

خرجت من بيته برفقة أبنائها رغم معرفتها المسبقة بأن لا مكان لها سوى بيته.. مرت من أمامه في الصالة السفلية يتمدد على الأريكة بين يديه هاتفه وكأنه ينتظر لحظة خروجها من الباب ليوثقها..
كان هناك أمل خائب بأنه سيرفض خروجها.. وتقسم انه إن فعلها ستضغط على كرامتها وتبقى فلا مكان لها..
لكنها خرجت دون أن يتحرك من مكانه أو أن يلتفت -حتى بعد أن ناداه سيف- وكأنه لا يراها..

المشكلة أن حدثاً كبيراً مؤثراً كهذا حدث و ياسر مسافرٌ خارج البلاد برفقة والدها.. وبالرغم من معرفتها بعدم وجود والدها في منزله مرّت تقرع الباب بأمل ولم يفتح لها أحد فالأكيد أن زوجته ذهبت لمنزل أهلها حتى عودته..
أدار السائق محرك السيارة مجدداً وذهب حيث أخبرته..
لمنزل والدتها..

مسحت دموعها بطرف نقابها عندما وعت على صوت سيف متذمراً : متى ننزل؟
زفرت بضيق تأخذ أنفاساً ثقيلة وفتحت الباب..
تقرع جرس المنزل الارضي المتهالك برجفة سرت في أطرافها..
تلتفت بين الحين والآخر تتأكد من ان السائق لازال يقف مكانه لم يتحرك كما طلبت منه..
عادت تقرع الجرس بإصرار تدعي أن يفتح الباب أحد.. بجوارها يقف سيف وبعباءتها تتشبث سارة.. ثواني حتى وصلها صوت رجل يصرخ : جاي جاي..
ارتعبت وعادت خطوة للخلف في نفس الوقت الذي فتح فيه الباب الحديدي الأسود مصدراً صريراً مرعباً ..
بجفاف : نعم؟
ابتلعت ريقها بعد أن عرفت هويته ، محسن الابن الثالث لزوج والدتها: أمي شيخة موجودة؟
عقد حاجبيه ينظر لها بتفحص.. ينزل ببصره للأسفل حيث سيف وسارة ليعود ببصره لها : أمك رايحه جَمعة الجارات اليوم. شوي وتجي ما بتتأخر.. ادخلي انتظريها داخل.
عادت في خطاها للخلف بسرعة : لا خلاص بنتظرها في السيارة.. شكرا.
اغلقت باب السيارة وطلبت من السائق أن يأمنه من عنده وهي ترى محسن لازال يقف عند الباب ينظر لها رافعاً حاجبه..

كان صادقاً فيما قال فلم تمضي ربع ساعة حتى ورأت الإمرأة التي تقف عند باب المنزل تقرع الجرس..
نزلت بسرعة يلحقها أبناءها: أمي..
التفتت لها مستنكرة وما إن تعرفت عليها حتى نطقت بقلق: حنين؟
وش جايبك هالوقت؟
فاقتربت منها تحتضنها بكل قوتها وتنفجر باكية.
.
.
عاد للمنزل ملامحه متوشحه بالسواد.. تجاهل الجميع وصعد لغرفته ليغلق الباب بالمفتاح ويرمي بجسده على السرير..
زفر أنفاسه بضيق ليعتدل جالساً يخلع ثوبه ويلقي به بعيدا..
يشعر بشيءٍ يجثو على صدره حتى أنه بدأ يضرب مكان قلبه بقبضة يده عل الألم يخف..
لا يعلم كم بقى مستلقياً ينظر للسقف كلامها يتردد كالصدى في أذنه..
يالله..
رفع هاتفه واتصل عليها يغطي عينيه بذراعه ويضع هاتفه على أذنه باليد الأخرى..
انقبض قلبه عندما أجابت ليقول بسرعة قبل أن تتكلم : أنتي كذابة.
باستنكار: الو؟
فارس بضيق : وش اثباتك؟
دانة بقهر : وليه اكذب؟
فارس : أنا مو قادر اصدق.. الموضوع موب راضي يدخل مخي.
دانة بيأس: عمي فارس...
أبعد ذراعه وبدأ بضرب جانب رأسه بغضب : لا تقولين عمي..
ليه قلتي لي ؟ لو أنك صادقه فعلاً كان ماطلبتي اخفي الموضوع!
ارتجف صوتها : والله العظيم إني صادقه.. واسأل جدي لو تبي ..
بس لا تقرب من أبوي أنا ما أبيه يكرهني زيادة.
فارس بأسى بدأ يدلك جبينه يشعر برأسه سينفجر : يالله دانه انتي شلون تقبلين بوضع مثل ذا؟ شلون رضيتي تجارين الزفت جدك بكذبته؟
دانه بعبرة : لا تقول على جدي زفت لو سمحت..
فارس بقهر توقفت يده بصدمة : وتدافعين عنه بعد؟!!!
هذا واحد واطي ماتعرفينه..
بحزن : والله انك ظالمه.. حرام عليكم والله كلكم ظالمينه.
جدي مافي مثله..
بنرفزه : والله أنتي اللي ما تعرفين شي..
دانه باندفاع : أنا أعرفه.. عشت معه ٢٤ سنه ماعمره قصّر معي بشي عوضني عن كل شي ولدت ولا لقيته بحياتي، يمكن لو كنت عشتها في بيت أبوي اللي رماني ما كانت بتكون كذا أبد..
سكت يتنفس بصوت مسموع يبدو أن منيف حاك أكاذيبه ولمّع صورته بما فيه الكفاية ..: دانه احتاج اشوفك..
ارتعبت : ليه؟
ارتفع حاجبيه يحاول تصديق ما يقوله: كيف ليش؟
دانه بتوتر : أقصد متى؟
فارس مغمضاً عينيه يحتاج أن يصفّي عقله من هاجس دانه القديمه: مو الحين..

أغلق بعد كلمته دون أن يدع لها مجالاً لتقول كلمه أخرى..
في الوقت الراهن لا يمكنه رؤية أحد لا دانه و ولا والده ولا حتى جابر الذي لا يضمن أعصابه إذا رآه..
اهتز هاتفه في يده ليفتحه على برنامج -الواتساب- حيث المحادثة الجديدة برقمها الذي لازال بدون اسم..
فتحها عاقداً حاجبيه ليجدها ارسلت له بطاقة إثباتها تغطي صورتها بابهامها.. دانة بنت جابر بن منيف الوهاج. وكأن هذا الاسم هو مايحتاجه ليتشرب الصدمة..
.
.

لم تكن علاقتها بوالدتها سيئة أبداً لكن بعد زواجها من سامي أصبحت أماً لخمسة أطفال لم تنجبهم... انشغلت عنها وسامي لم يدع لها فرصة لوصلها.. كان يتعمد أن يظهر ضيقه من زيارات حنين الأسبوعية لوالدتها متعللاً بأبناءه وأنها تحد من حركتهم وتضايقهم في المنزل الصغير..
ثم بدأ يتعلل بأن وجود أبناءها معها يزعجه فأصبحت تبقيهم في منزلها.. ثم يتعلل بأنه يبغض والدها وأن وجودها في منزله لا يرضيه،، إلى أن طردها صراحةً ونهاها أن تقرع بابهم مجدداً وإلا ستأخذ والدتها معها.. وقتها كانت تنظر لوالدتها تستنجد عينيها التي كانت تهرب بها عنها. بقت صامته أمام تهديد زوجها كتفيها منحنيان بانكسار لتأخذ حنين حقيبة يدها وتخرج من المكان..
بدأ التواصل يقل.. لم تقطعها فمهما كان تبقى والدتها وإن كانت في ظروفٍ أفضل لكانت منعت سامي من فعلته.. لم تقطعها أبدا لكن علاقتها مع والدتها لم تعد كما اعتادت..
.
كانت تسمع صراخ سامي الذي عاد للتو والذي ما إن سمعت والدتها صوته حتى وخرجت من المكان بسرعة تتجاهل ألم أقدامها وتغلق الباب خلفها..
زفرت بهم يكبس على روحها بصرها يتجول في المجلس الصغير بجلسته الأرضية وحقيبة ثيابها خلف الباب حيث الأغطية والمخدات موضوعة فوق بعضها.. فكما أخبرتها والدتها أن أبناء سامي الخمسة ينامون بالمجلس الذي أصبح مكانها الآن لتسألها بقلق : طيب والعيال وين بينامون يمه؟
شيخة : بفرش لهم في الصالة.
بخوف : اخاف يسوون سالفة ولا سامي يعصب.
شيخة بقلق : هاه أجل افرش لك انتي وعيالك بالصالة وتصيرين فرجه للرايح والجاي؟ هم رجال وهذا بيت أبوهم وأنتي ضيفتهم مابيسترجون يفتحون فمهم بحرف..
تعلم أن والدتها أضعف من أن تكون نداً لسامي وأبناءه حتى لو كانت تتصنع القوة أمامها.. سامي لن يرضى خصوصاً وأنه يحب ابناءه جداً ولا يرضى عليهم شيئاً فكيف إن كان كل هذا بسبب حنين التي يبغضها؟

هدأت الأصوات وفتح الباب لتظهر والدتها تمشي بتعب واضح تبتسم لها بضيق : ليكون الصغار صحوا؟
التفتت لسيف وسارة يتمددان جوار بعضهما ينامان بعمق : نومهم ثقيل يمه.
ثم التفتت تراها تجلس بصعوبة تمدد أقدامها أمامها : يمه اذا قعدتي عندك بتسبب لك مشاكل بطلع..
تنهدت : لا يابنتي عادي..
حنين بعبرة : لو إن أبوي فيه كان رحت بيته لكن حرمته معها المفاتيح وان طلبتها مهيب عاطيتني لو اموت..
شيخة بحقد : كل اللي أنتي فيه من أبوك حسبي الله عليه من رجّال.
حنين بحزن : الله يسامحه .. هذا نصيبي يمه ما اقول غير الله يعوضني..
شيخة بتردد : الله يهديك المفروض ماطلعتي من بيتك يمكن لا صحى بكره يحس بغلطته ويتعذر..
ارتعش صوتها : أنا طلعت قدام عينه يمه ولا فكر حتى يطالع في عياله.. صدقيني لو أنه مسكهم كان تعذرت انا فيهم وقعدت معهم.. بس هو ماعاد يبيني.. انا ادري ان سامي موب راضي بقعدتي في بيته بس وين أروح؟ حتى عمي ياسر مو بموجود عشان يفزع لي.
والله إني من زود الهم أتمنى أموت..
هتفت بغضب : اعوذ بالله .. انهبلتي أنتي؟
أستغفري ربك لا تنزل عليك عقوبته..
بكت من شدة اليأس : وش أسوي؟ علميني وش أسوي ؟
سامي كم بيتحملني؟ يوم يومين وبعدين؟
شيخة بقهر : كلمي حمد الله لا يوفقه.
حنين بغبنه ارتفع نحيبها : أبوي لو قالت له زوجته ما أبي بنتك بيحذفني أنا وعيالي بالشارع مثل ماحذفني على بدر .. يمه أنا مالي أحد! ليتك بركتي علي يوم جبتيني ولا عيشة الذل ذي.
مسحت شيخة طرف عينيها بطرحتها : أشهد إنك انهبلتي..
استغفر الله العظيم وش هالكلام يابنت ؟ الله لا يردهم من رجَال كانهم بيخلونك تسخطين على قدر ربك..
اذكري الله وقومي صلي لك ركعتين والله بيفرجها من عنده..

هزت رأسها تمسح وجهها وما أن خرجت والدتها مغلقةً باب المجلس خلفها حتى وانفجرت تبكي مجدداً..
.
.

تلقى خالد اتصالاً بعد ثلاثة أيام من والد غيداء.. وقتها كان خارجاً من مواقف المطار عائداً من رحلةٍ مدتها سبع ساعات..
زف له موافقة ضي ليستقبله خالد بنبضات تسابق بعضها حتّى أنه توقف جانباً خوفاً من أن يتسبب بحادثه..
كان قلبه يصرخ وعقله يصرخ وعينه تصرخ.. مشاعر مختلفه مختلطه لا يمكن تحديدها.. هل هي سعادة أم حزن؟ راحةٌ أم ضيقٌ وقلق؟
ماطغى حقاً كان خوفاً لا يعلم سببه.. لكنه أجبر نفسه على أن تقتنع بأنه خوف طبيعي يحصل مع الجميع .
طول الطريق لمنزله كانت تتراءى له عينيها الحادة بدموعها المتكدسه، كانت هي ما لفت انتباهه حقاً حتى أنه لايتذكر مطلقاً كيف كانت ملامحها!!
.
.

وقفت دانة تترك الأوراق التي كانت تقرأها عندما رأت الواقف عند باب مكتبها ينظر لها مبتسماً..: ممكن أدخل؟
تحركت من مكانها لتقابله في نصف المسافة تحتضنه : أكيد ممكن..
وش هالمفاجأة الحلوة؟
قبل رأسها يحتضن اكتافها : كنت قريب من هنا وقلت لازم أمر أشوف الأوضاع.. ها بشري عسى مرتاحة؟
دانه بفرحة حقيقية : تو ماتبارك مكتبي ياجدي.. تعال حياك اقعد..

أغلق خطاب هاتفه مبتسماً بعد مكالمة أجراها مع هلا..
تبدو سعيدة عبر الهاتف -حتى أنها لم تصبر لحين عودتهم للمنزل- تخبره بخططها الليلة هي وخالته وحماسها لرؤية عروس خالد ،، صوتها ونبرتها بث في قلبه راحةً حقيقية بددت إحساس الضيق الذي بات يلازمه منذ مده..
كان قد تعايش مع فكرة أن قاتل أهله حرٌ طليق في مكانٍ ما وأنه إن رآه سينتقم،، متعايش حقاً لأنه في قرارة نفسه يؤمن بأنه لن يجده أبدًا..
لكن الموازين انقلبت وأصبح الخيال بقتل منيف وتعذيبه والذي كان يسلّي خاطره كلما تذكّر النار وأهله ؛ هاجساً مرعباً وكأن السحر انقلب على الساحر.. مابيده حيله كي يفعلها يشعر بأنه مكتف الأيدي وهذا الشيء بدأ يؤثر على علاقته مع هلا التي تحاول أن تتجاهل تجاهله..
تذكر هلا وابتسم سارحاً هي وحدها من تستطيع تبديد كل شيء يغمه ويقلق راحته .
كان مبتسماً حتى بعد أن سمح للذي يقف خلف الباب يقرعه بالدخول..
لكن ابتسامته تلاشت وبردت أطرافه عندما رأى دانه والواقف بجوارها ينظر له بجمود .
دانه بخجل : السلام عليكم..
اعذرني ازعجتك بس جدي يبي يقابلك..
لم يجبها وتابع دخول منيف للمكتب يمشي بكبرٍ واضح..
بدأت أنفاسه تتسارع وكأنه سيختنق.. فتح أول زر من ثوبه وهو يرى منيف يجلس على الكرسي أمامه..
دانه : أستاذ خطاب هذا جدي منيف الوهاج..
رص على أسنانه وعينيه مثبته على منيف.. يضع يديه تحت طاولة مكتبه يخفي رجفته التي بدأت تسري في أطرافه..
كان منيف ينظر له ببرود وكأنه لا يراه على عكس خطاب ونظرته الحادة الحاقدة التي تحكي معاناة سنواتٍ و ليالٍ طويلة قضاها يبكي حزناً على حياته.. تحكي مراتٍ عديدة استيقظ فيها ليجد المكان تحته مبللاً.. تحكي كوابيساً مرعبة تحكي صراخة وبكاءهُ ليلاً والفزع في عيني من حوله عندما يوقظونه..
تحكي المليون أمنيةٍ في قلبه عندما يرى هلا أمامه.. والمليون شعور والمليون رغبة التي تجتاحه ولا يستطيع وكأن منيف وأعوانه يقفون بينه وبين سعادته.. تحكي الحياة الطبيعية التي تمنى أن يعيشها ولم يقدر..
هتف بجمود لازال ينظر لمنيف عندما جلست دانه على الكرسي الآخر : أستاذة دانة اتركينا لحالنا شوي ..
.

استرقت النظر لجدها من المرآه الأمامية للسيارة.. منذ أن خرجوا من مقر عملها وهو صامت.. لم يتحدث إلا عندما أمر السائق بأن يذهب بهم للمنزل .
ابتلعت ريقها لسانها يلح عليها أن تسأله عن الحديث الذي دار بينه وبين خطاب.. عن ماذا؟ ولماذا اراده خطاب لوحده؟ هل كان يتحدث عنها؟
الم بسيط شعرت به في بطنها من مجرد فكرة أن يكون خطاب قد تحدث عنها عند جدها.. ابتسمت بخجل وهي تصد بعينيها تنظر للخارجx .x تحاول ان تفند الإحساس الغريب الذي تشعر به.
هي ليست حمقاء وليست جاهله بنفسها وإن كانت معجبة بخطاب وشخصيته ستعترف بهذا لنفسها..
اختفت شفتّها السفليه تحت أسنانها تمنع ابتسامتها من أن تتسع أكثر فالاحساس الذي تعيشه الآن هو إعجاب دون أدنى شك..
هي معجبة به وبشخصيته وجديته ونبرة صوته وكلامه..
هي معجبة بخطاب كرجلٍ حقيقي يجبر أي أنثى على احترامه والميل له.. لم يكن ليناً بالقول معها أو بعينين زائغتين يتفحصها بل كان جاداً يقول مايريده دون زيادة.. خطاب 'جنتل' حقيقي و أول رجل ينجرف قلبها نحوه بهذا الشكل.. وفوق كل هذا يمتلك ابتسامة آسره رغم أنها لم تراها سوى مرة واحدة كان يتحدث فيها بهاتفه غير منتبه لدخولها.. يستمع للطرف الآخر قليلاً ليضحك بعدها ضحكةً أسرت قلبها -مع انه عندما التفت وانتبه لها تلاشت ابتسامته الواسعة التي كانت تزين وجهه-..

التفتت تنظر لجدها مجدداً بحيرة عندما توقفت السيارة للإشارة .. ينظر للخارج بصمت حيرها أكثرx ..
بتردد : اقول جدي..
منيف بهدوء لازال على وضعه : سمي؟
دانة : كيف شفت الأستاذ خطاب؟
أدار رأسه باتجاهها دون أن يلتفت لها: كيف كيف شفته؟
ابتلعت ريقها بارتباك : عن وش تكلمتوا؟
منيف بعد ثواني : وليه تسألين؟
شدت على قبضة يدها : فضول بس.. اا طلع صدق يعرفك؟؟
لف رأسه لتقع عينه بعينها يهتف بهدوء مرعب : دانة أنتي مرتاحة بشغلك؟ وش رايك أدور لك مكان ثاني؟
تلعثمت : إيه مرتاحة مره جدي .. وأنا توني فترة تدريب ماصار لي شهرين كيف أطلع حتى شهادة تدريب موب عاطييني..
منيف : أجل بأقول لأبو مبارك يغير اللي يدربك ذا .
دانه بهلع: لاااا ليه؟؟؟ اا .. و.والله أستاذ خطاب ممتاز في تخصصه وقاعد يفيدني بشكل ماتتصوره ياجدي.. تكفى لا.
لاحظ أنها مهتمة تسأل عنه بحرص ولم يخفى عنه حماسها باكراً عندما طلب منها أن تأخذه للذي يقول بأنه يعرفه..
احتدت نظرته الموجهه لها لأول مره بهذا الشكل مما بثّ رعباً داخلها.. عاد ينظر للأمام : أنتي وعدتيني إن صار شي تعلميني..
دانه بقلق "شكلي جبت العيد" : مانسيت ياجدي.. بس ما صار شي وان شاءالله مابيصير ،، لا تخاف علي بنتك ذيبه..

زفر منيف أنفاسه ضائقاً دون أن يعلق على كلامها ..
بدأت دانه تراجع حديثها الذي تفوهت به قبل قليل وهي تتأمله يعود لحالته الغريبة السابقة..x هل زلقت في كلمةٍ فضحتها أمام جدها؟؟ شكّت بذلك فعلاً لكن الحقيقة هي بأن النظرة التي رآها جدها بعينيها وهي تتحدث عن خطاب أخبرته بكل شيء..
.
.
خرجت غيداء من غرفة أختها تغلق الباب خلفها بقوة يعتلي وجهها غضبٌ حقيقي لتجد أخواتها ينتظرنها بالصالة بترقب..
هاجر بلهفه : ها بشري؟
جلست على الكنبة تزفر بضيق : أبشر بإيش أختك ذي مجنونة رسمي.. كذبت الكذبة وصدقتها بتفضحنا مع العالم..
هاجر بعدم رضا : لا تسمعك والله تزعل..
غيداء بإنفعال: تبلّط البحر .. مجنونة مجنونة تقول منيب نازلة لهم لو يموتون بتقص وجيهنا مع المرَه يكفي المره اللي فاتت قمنا نرقع لين ضيعنا ماعاد عرفنا وش قلنا لها ..
زفرت هاجر بضيق والتفتت لأختها الأخرى تنظر لهن بأسى تلف يدها حول خاصرتها بضيق واليد الأخرى على فمها : هديل وش صار على غالية؟ تأخرت!
هديل : تقول تنتظر أحمد يجي من دوامه ويجيبها .
غيداء بانفلات أعصاب : وحنا بننتظر الشيخ أحمد يجي من دوامه؟ مابقى شي على الناس ويجون دقي عليها تدبر أحد يجيبها..
هاجر : اذكري الله غيدا تبينها تجي مع مين؟ ننتظر وش ورانا يعني؟..
هديل : طيب دقي على غالية تكلمها يمكن تهدا.. أنا لو أدري إنها بتتأخر كان مريتها يوم جابني سلمان بس توقعت القاها قبلي هنا..
هاجر بحاجبين معقودين : يافضيحةx كنتي ناويه تمشورين الرجال لين الدمام وأنتي بيتك حذفت حصى هنا!!!.. خلاص عاد اهدوا والله جبتوا لي التوتر..
غيدا بحزن ارتعش على أثره صوتها : هاجر أنتي ما شفتي حالتها يوم جيت.. ولا أبوي ياعمري قاعد بالصالة يسمعها تصيح وهي بغرفتها وهو يرد عليها الصوت ويصيح معها..
التمعت عينيها تحبس عبرتها على عكس هديل التي بكت حال أختها الصغرى : لا حول ولا قوة إلا بالله.. خلاص طيب يدق أبوي يقول مافيه نصيب..
غيدا : شوف عيني والله إن أبوي وقف عند رأسها قالها خلاص بنكنسل كل شي وبنعتذر لكن هي مارضت.. هاجر الولد زين ونعرف أهله إلى متى بنقعد على هالحالة نرفض وبس..
هاجر : بيزينها الله من عنده.. مابيصير الا المكتوب.
عم الصمت المكان لدقائق إلى أن بدأ صوت ضي يصلهم عالياً : خلاص.. بس خلاص خلاص..
لم تتحرك غيداء من مكانها بل غطّت وجهها بكفيها وبدأت تنتحب باستسلام خصوصاً مع الضغط النفسي الهائل والتوتر الذي تعيشه..
لتركض من جانبها وتتعداها هاجر تلحق بها هديل.
.

ابتسمت هلا بعد أن وصلتها رسالة نصية من خالد المتواجد حالياً بمطار مصر يستعد للإقلاع بعد ساعة..
مدت هاتفها بين المقعدين حيث خطاب يسوق وبجواره والدتها : يمه شوفي وش راسل خالد. حبيبي هو متوتر..
خطاب بابتسامه هادئة: المفروض يرقد ويامن دام خالتي هي من اختارت عروسته له.. ذوقها فنان..
سلوى بضحكة : الله يرضى عليك مايعزز لي ويرفع معنوياتي غيرك. مير جيلك ياعين أبوي أنت غير عن جيل خالد.. والله لو تشوف المواصفات اللي أعطاني.. ياابوي لو امي الله يرحمها حيّه كان جلدته..
ضحكت هلا لضحكة خطاب وهي ترسل رداً لخالد الذي كتب لها (هلا تكفين طمنوني اذا طلعتوا... بوصل على الساعة ١١ وبمر عليك لا تنامين)
.

زفرت هلا بعد أن سمعت قرعاً على باب الشقة..
فتحته لتجد خالد لازال يرتدي زيّه على وجهه يتضح التعب : هلا خالدx .. الحمدلله على السلامة.x
دخل بعد إن سلّم عليها ليجلس على الأريكة: هاه بشري كيف؟
هلا بارتباك : اصبر اجيب لك شي تشربه..
وقف متجهاً ناحيتها ليسحبها من ذراعها ويجلسها ويجلس بجوارها : هلا يرحم أهلك مو وقته.. كيف شفتوها؟ وأمي وش قالت؟
هلا : أمي تعرفها وشايفتها من أول..
خالد بقلق : طيب وش قالت؟ وش رايك فيها انتي؟
هلا : والله ما أدري وش اقولك خالد ...
قاطعها : وش؟ لا تقولين مارضت تنزل!!
ضحكت : لا نزلت....
لتردف بعد أن أخذت نفساً : بصراحة البنت شكلها تعبانة..
بردت ملامحه: تعبانة وش فيها يعني؟ مرض خطير ولا وش؟
هلا : لا بسم الله عليها.. بس تعبانة. اتوقع نفسيتها تعبت بعد وفاة امها وماتنلام والله .. حتى أمي تقول كانت غير على حياة امها الله يرحمها ما كانت كذا.. بس هي حتى مع نحفها واضح ملامحها حلوة..
لاحظت عقده لحاجبيه بضيق وبصره الذي ثبته لكفيه أمامه.. لتهتف بتودد : وش فيك انهميت؟ مافيها شي والله أنها تهبل بس أكيد أهملت أكلها الشهور اللي فاتت يبي لها نظام غذائي وترجع مثل أول وأحسن..
خالد بعد فترة بهدوء : هلا أنا شفتها..
عقدت حاجبيها باستنكار : وين شفتها؟.
خالد : ابوها دق علي ورحت شفتها..
ضحكت تضرب كتفه : ولا تقول ومسوي نفسك خايف ومتوتر وجايني بأنصاص الليالي زي الحرامي.. ليه خايف طيب دامك شفتها؟
نظر لها بضيق : ما أدري خفت من أمي ..
بعتب : والله انك ظالم أمي.. بالعكس صحيح في البداية تضايقت لكن قبل لا تجي دقت علي قالت علمي خالد بكل اللي شفتيه وهو يقرر..
ماتدري إن خالد شايفها قبلي..
ابتسم لها بضيق : تحسينها كيوت صح؟ انا متردد ومحتار لدرجة اني ما أدري انا ابيها ولا لأ..
ضحكت : كيوت وتناسبك . واللي تحس فيه الطبيعي لا تخاف .. أنت استخير رب العالمين وان شاءالله خير..
.
.
رفعت دانة رأسها من كومة الأوراق أمامها بعد أن سمعت قرعاً على الباب.. وتعلقت عيناها بالواقف عند الباب بثوبه وشماغه ونظرته الجديه.
وقفت بارتباك : هلا أستاذ خطاب..
دخل تاركاً الباب مفتوحاً خلفه : عذرًا بس بسألك عن اللي بالورقة ذي..
وقف أمامها يفصل بينه وبينها المكتب يضع الورقه على سطحه يسألها بعض الأسئلة فهي من راجعتها..
كانت دانة مشتته حرفياً تجيبه بتلعثم وارتباك حتى سمعت صوتاً تعرفه جيداً : ليكون قطعت الخلوة يا أساتذه؟
رفعت رأسها برعب تنظر له يقف متكتفاً ينظر لها بقهر..
شعرت بقلبها يهوي لاخمص قدميها لا تعرف كيف عرف مكانها .. ابتلعت ريقها تنظر لخطاب الذي كان ينظر للواقف باستنكار..
دانة بخوف : لو سمحت يا أخ إطلع برى..
تقدم في خطاه بضحكه : لو سمحت ويا أخ؟ يقالك ماتعرفين اسمي؟
طيب، مافيه مشكله يمكن نسيتيني. اسمي بدر يا قلبي.. بدر..
قبل أن يتقدم أو أن يقترب شعر بذراعه تلوى خلف ظهره بقوة ليلتفت بغضب وصوت مرتفع : ورع انهبلت!!!.. شيل يدك عني لا أكسرها لك.
خطاب بهدوء وهو يشد على يده أكثر : اطلع باحترامك أفضل من إني اطلعك بالقوة.
بصراخ : خير إن شاءالله أنت تعرف مع مين تتكلم؟
خطاب ببرود : ما أعرف ولا أبي أعرف.. اطلع ولا تسبب شوشره أحسن لك.
بدر بإنفعال محاولاً التحرر منه : وأنت بصفتك وش تطلعني؟
خطاب : بصفتي خطيبها..
بدر بضحكة : نعم؟
مد يده حيث الهاتف ينظر لدانه المبهوته وعينيها تكاد تخرج من فتحات نقابها.. ضرب بعض الأرقام بسبابته و وضع السماعة على أذنه وبدر ينظر له من فوق كتفه بتحدي..
خطاب لازال ينظر لدانه : مكتب الأستاذة دانه.. بسرعة .
و اغلقها بهدوء..
بدر يضحك : دانة شوفي المجنون ..
هذا شكله صدق ما يعرف مين أنا..
وضعت هاتفها في حقيبتها بيدين ترتجف لدرجة انها فشلت في إغلاقها لتتركها مفتوحه تبتعد من خلف المكتب بسرعة نحو الباب الذي اغلقه بدر بعد دخوله..
لكنها قبل أن تفتحه فُتح لتعود ادراجها خطوة للخلف ويدخل اثنان من رجال أمن الشركة ..
تقدمت للباب تنوي الخروج لتجد تجمهر موظفين القسم خارجاً..
ضمت حقيبتها لصدرها ومشت بينهم تسمع همهماتهم..
لم تنتظر المصعد بل نزلت من السلالم بسرعة تكاد تتعثر بخطاها.. خرجت من المبنى بتوهان تشعر بأن الجميع ينظر لها ويتحدث عنها في داخله. كانت مرعوبة وبكت بخوف ما إن رأت شدة اهتزاز هاتفها في يدها عندما أخرجته لتتصل بالسائق ..

وصلها صوته الهادئ: لا تخافين بيورونه شغله قليل الخاتمة..
التفتت للخلف حيث يقف ليزداد بكاؤها بهلع وما إن أجاب السائق : الو بسرعة تعال..
قالتها بسرعة كطلقات الرصاص لدرجة أنه شكّ بأن السائق فهم طلبها..
نظر لاكتافها تهتز نتيجة بكائها الذي تحاول أن تكتمه تنظر للإمام وتحتضن حقيبتها وكأنها مصدر أمان..
ليهتف بهدوء وبعد تفكير يحاول أن يدفع وجه هلا وابتسامتها له هذا الصباح لأقصى مكان في ذاكرته : يوم جاني جدك المكتب ذاك اليوم طلبت منه إني أتزوجك.. ورفض.. والحين أرجع اعيد طلبي لك..
دانه.. تتزوجيني؟
لتسقط من بين يديها الحقيبة وتتناثر محتوياتها في كل مكان..



.
.
.

# نهاية الفصل العاشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

أبها 29-11-18 01:23 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
ما شاء الله تبارك الله ...الله يحفظك.


الحمدلله أصبت في توقعين وأخفقت في واحد☺

فارس كما توقعت ليس بسيئ، لا تزال بذرة الخير فيه، لكن صدمتني خطبته لدانه ،،،

دانه...
حقيقة كنت أعجب كيف لها أن تنشأ بدون حضن أنثى تضمها وتحنو عليها ، فلا أتصور أن تعيش طفلة مع رجل إلى أن صارت أنثى مكتملة ، ثم تتشكل بشخصية دانه المتزنة ،الحنونة ،المتدينة !! 🤔
لا شك إنّ تلك معجزة .فلا يفهم الانثى إلا أنثى مثلها .
( أنا أحس إني تايهه وتعبانة وإن كل شي تجمع عليّ يا عمي .. ساعدني)😢😓
صراحة أرثي لها ،ألا يكفي أنها حُرمت من أن تعيش بكنف أبويها، وهاهي تصدم
بأعمامها..!
فارس .. هل سيستخدم دانه أداة ضد أبيه وإجرامه، أم سيكون لها سنداً ودرعاً أمام صروف الزمان .؟🤔

خالد... الله يعينك ، وُضعت في موقف محرج،
لا تلام تلك الصغيرة على ما تشعر به من تعب، فهذا الموقف أشدّ ما تكون فيه حاجةً لأمها، تسرّعت أم خالد في خطبتها ، وكما أسلفت ، فكرة الزواج لمن مثل حالها سابقة لأوانها . تحتاج لوقت ،،،،، فأمهلوها .
أختها غيداء قالت : كذبت الكذبة وصدقتها ..
ترى ما هي الكذبة ؟ هل كانت تمثّل الإعياء والتعب ! لتتهرب من الزواج!


حنين ... يا عمري عليك يا حنين .
ما كان ينبغي عليكِ الخروج من البيت ، والشرع يأمرك في المكث في بيتكِ إلى انتهاء العدّة..( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ )
كان يجب عليك أن تكوني ( شوكةً في عينيه) أو ( حجراً في بلعومِه )
لا أن تخرجي و تخلي له الجو ، 😣😡
الله يستر من القادم ، ومن زوج أمك . ليتكِ انتظرتِ قدوم ياسر من السفر.

خطاب .... فاجأتنا بل أفجعتنا يا رجل ...تخطب حفيدة عدوك دون تفكير!🤭

لعلك نسيت ما كنت تذكر به نفسك، أن دانه لا دخل لها بجريرة جدها، لمَ يا خطاب أوقعت نفسك في مصيبة عظيمة،
وهلا ،،، هل تظن أنها ستسكت على طعنك لها ؟
من كل قلبي أرجو أن ترفض دانه خطبتك، حفظاً لماء وجه جدها الذي رفضه ،


كل الشكر والامتنان لمبدعتنا ( وطن نوره )
لا عدمناكِ .🍃🌸🍃

فيتامين سي 29-11-18 02:14 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

صددددددددددمه خطاب خطب دانه
طيب ليه خطبها ما أظن لينتقم منها لأنه سبق وقال مالها ذنب
ممكن يفكر تكون وسيله للوصول لأسرار جدها أو لما يتزوج
دانه راح يثق فيه منيف ويعطيه أسراره ويمسك عليه أي مصيبه حتى ينتقم منه
مدري للآن ما أستوعبت كيف خطاب يخطب دانه وهلا مافكر فيها وردت فعلها بعد كل اللي عملته معه هذا جزاها
كنت أظن كلامه في البدايه عن أنه خطيبها مجرد كلام حتى
يصرف بدر

حنين الله يكون في عونك لو رجعت لبيتها وعذرها إن أبوها
مسافر ولما يرجع تروح له لكن أمها مثلها مغلوبه على أمرها والله يستر عليها من زوج أمها من سوء حظها ياسر
مسافر إن شاء الله يرجع وما أظن إنه لما يرجع بيتركها
بدون مساعده ربما يأخذ لها بيت أو شقه تجلس فيها هي وأولادها أو يرجعها لبيتها ويطرد النذل ولده

بدر إن شاء الله إن رجال الأمن يقومون بالواجب معك
وما يخلون فيك عظم صاحي وش هالوقاحه والثقه الزايد
في النفس

منيف لا زم بيوصله اللي حصل سواء من مدير الشركه
أو من دانه أو من بدر اللي يمكن يتهور ويروح له أو من
خطاب وعاد مدري كيف بتكون ردت فعله لكن الأكيد إن
اللي حصل بيغير نظرته من خطاب ويمكن يعجب بتصرفه
ويقول هذا اللي يمكن يعتمد عليه ويقدر يتطمن على دانه وهي معه

فارس زين إن طلع واحد من عيال منيف فيه الخير أتوقع
راح يوقف مع دانه ويكون سند لها بعد ماعرف حقيقتها

خالد الف مبرووووك لكن هلا وش مشكلتها ورفضها تنزل
رغم موافقتها هل بسبب حزنها أو شيء ثاني

وطن نوره تسلم يمينك ماشاء الله مبدعه أسلوب راقي وناضج أعدتي لنا زمن الكاتبات القديرات
اللي فقدناهم هالأيام

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر


شبيهة القمر 30-11-18 06:59 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ماشاءالله الاسلوب الحبكه تطورت بشكل كبيييير بهالجزء اهنيك وطن على هالتقدم .. الجزء هذا يفوووووز
نجي لابطالنا ..
الحين وش سالفتهم مع الخطبه ثلاث خطبات بجزء وكلها ودي تتفرشك هههههههه بس الي فعلا صدمني خطاااب ماهكذا تأكل الكتف ياشيخ ..مو قلنا من الاول دانه مالها دخل وش طرى عليك !!شف لو انك ماخذت هلا كان انا سعيت لك في خطبه دانه ..بس وش ذنب هلا الضعيفه !!
اتوقع خطبتك لدانه لانك تبي توصل لشي يدين منيف واحتمال تكون خطبه بس لحد ماتنتهي مهمتك ..اقل شي راح تكون متواجد ببيت منيف ويمكن تحضر اجتماعاته وتشوف طبيعه شغله وتشوف شركاه وووو بس ماش هالتوقع كنه ماجاز لي كل ماتذكرت هلا ..
الي فرحني بهالخطبه ان بدر خسر الاولى والثانيه يستااااهل
حنين ..ان شاءالله يكون واحد من عيال سامي رجال تكانه وتاخذينه ويعوضك ربي عن بدر الخايس
نرجع لدانه اتوقع انها بتقول لجدها اختر واحد من اثنين اما خطبة خطاب او اعلان للجميع اني بنت جابر
اذا دانه ذكيه قدرت تحل مشكلتها كذا
اليوم التوقعات كلها من نصيب دانه هههههههه

وطن .. تسلم يمينك جزء راااااائع مثل ماعودتينا ودائما تفاجأينا بأحداث مانتوقعها ابدددداااا وهالشي مايكون الا من كاتبه ذكيه ومتمكنه ماشاءالله الله يزيدك من فضله ياارب
لاحظت بهالجزء تقدم وتطور كبيير لك بالكاتبه ..فإلى الامااام ونحن معك ..🏃🏃💕💕💕

فيتامين سي 30-11-18 08:44 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708460)
السلام عليكم
ماشاءالله الاسلوب الحبكه تطورت بشكل كبيييير بهالجزء اهنيك وطن على هالتقدم .. الجزء هذا يفوووووز
نجي لابطالنا ..
الحين وش سالفتهم مع الخطبه ثلاث خطبات بجزء وكلها ودي تتفرشك هههههههه بس الي فعلا صدمني خطاااب ماهكذا تأكل الكتف ياشيخ ..مو قلنا من الاول دانه مالها دخل وش طرى عليك !!شف لو انك ماخذت هلا كان انا سعيت لك في خطبه دانه ..بس وش ذنب هلا الضعيفه !!
اتوقع خطبتك لدانه لانك تبي توصل لشي يدين منيف واحتمال تكون خطبه بس لحد ماتنتهي مهمتك ..اقل شي راح تكون متواجد ببيت منيف ويمكن تحضر اجتماعاته وتشوف طبيعه شغله وتشوف شركاه وووو بس ماش هالتوقع كنه ماجاز لي كل ماتذكرت هلا ..
الي فرحني بهالخطبه ان بدر خسر الاولى والثانيه يستااااهل
حنين ..ان شاءالله يكون واحد من عيال سامي رجال تكانه وتاخذينه ويعوضك ربي عن بدر الخايس
نرجع لدانه اتوقع انها بتقول لجدها اختر واحد من اثنين اما خطبة خطاب او اعلان للجميع اني بنت جابر
اذا دانه ذكيه قدرت تحل مشكلتها كذا
اليوم التوقعات كلها من نصيب دانه هههههههه

وطن .. تسلم يمينك جزء راااااائع مثل ماعودتينا ودائما تفاجأينا بأحداث مانتوقعها ابدددداااا وهالشي مايكون الا من كاتبه ذكيه ومتمكنه ماشاءالله الله يزيدك من فضله ياارب
لاحظت بهالجزء تقدم وتطور كبيير لك بالكاتبه ..فإلى الامااام ونحن معك ..🏃🏃💕💕💕



النوري الروايه من قراءتي لأول بارت واضح فيها التميز مثل مايقولون الكتاب باين من عنوانه

لكن يوم عن يوم تزداد جمال ويظهر لنا ابداع وتمكن الكاتبه أكثر

الخوف إذا مقصد خطاب التقرب من منيف ومعرفة أسراره إن منيف يورطه معه بدون مايعرف
حتى يمسك عليه نقطة ضعف والمقصد حتى يضمن راحة دانه

شبيهة القمر 03-12-18 12:09 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقول فيتو تتوقعين من المقصود بعنوان الروايه ؟؟
انت مثل احزاني قدر !!
اتوقع انه خطاب يكلم دانه ..🤔

فيتامين سي 04-12-18 07:55 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708518)
اقول فيتو تتوقعين من المقصود بعنوان الروايه ؟؟
انت مثل احزاني قدر !!
اتوقع انه خطاب يكلم دانه ..🤔


أنا معك احتمال كبير يكون هذا المقصود بالعنوان

والله يستر مدري وش مخبيه لنا كاتبتنا


وطن نورة ،، 08-12-18 11:59 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3708353)
قلم مبدع ، وقصة منفردة في أحداثها ، جميلة إلى حد الوجع .

أرجو أن تحضى بالتشجيع ، فهي بحق تستحق ذلك،، وبجدارة ..

ياهلا والله وسهلا :5:
الله يسعدك يا أبها على كلامك والله إنه شهادة وأعتز فيها وبإذن الله أكون دايما عند حسن ظنك بي :5:

اقتباس:

اكتشفت القصة في المنتدى المجوار قبل أن أراها هنا،،، ولا بأس من إعادة تعليقي هنا ☺

————————-

سلمت يمناكِ ( وطن نورة) ....

لا أدري بأيهم أبدأ..
عامر النجس الذي لم يراع حرمة البيت ولا أهله، فعلاً حيوان كما وصفه جابر ، 😣😡
( أنت مستوعب إني كنت بجيب العيد في بنتك ) 😱يا الله ،
ما هذه الوقاحة، وقلة المروءة ، هكذا بلا حياء ولا خوف من الله عزّ وجل وأمام أبيها تسرد عليه قذارتك!
صدق منيف حين قال : عيال الجازي كلاب ، ذممهم وسيعة.
وهل نسيت يا منيف أن من شابهه أباه فما ظلم!!

فارس أيضاً يفكر بدانة !! 🤭
عامر عَلِم أن لفارس نفس النظرة نحو دانة ، لذا حذّر جابر منه، خشية أن يقع في المحظور .. ( رغم أني أرى فارس أكثر تعقلا من الجميع ).
ويدل على ذلك صراعه الداخلي ، وحديث نفسه، ومحاولة ابعاد صورتها واستبدالها بعروسه..


دانة ... كان الله في عونكِ، كدتِ تقعين في كارثة لولا لطف الله بكِ .
الحسنة الوحيدة التي صنعها منيف بكِ هي تعليمك فنون القتال ،
هل كان يتوقع أن أعدائه الكُثر قد يستخدموا دانة سلاحاً ضده و يتعرضوا لها ؟

حنين .... ألف مبروك لكِ الحرية 🍃💐
( ولا تزعلين ما عليه حسوفه هالنذل )

خالد & ضيّ

(ارتفع بصره وما إن ابتعد الرجل لتظهر له التي تقف خلفه عينها للأرض حتى وشعر بأن قلبه أجتثّ من بين أضلعه .)

الظاهر يا خالد مثل ما توقعت،،، ذوق الوالدة في الاختيار ما دخل مزاجك وانصدمت صدمة العمر .😁
( الزين غسال ايدين يا خالد ....بسرعة يروح ، المهم الأخلاق &#128521


خطبتان .. واحدة فشلت والأخرى تبقى معلقة حتى حين ...
ممم 🤔 افترض أن الأولى خطبة بدر لدانه ، وهي متعلقة بالمشهد الأخير الذي صادف فيه بدر دانه فعرض عليها. الزواج ..
والأخرى المعلقة هي خطبة خالد لضي ..
أرجو أن أكون أصبت في التخمين ..☺


كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ( وطن نورة ) 🍃🌸🍃
إي والله لا بأس بالعكس أسعدتيني هنا وهناك وكنت أقرأ ردك وكأني أول مره أقراه بشعور مختلف وإحساس جديد ياشيخة :yyyuiuy:

اقتباس:

ما شاء الله تبارك الله ...الله يحفظك.


الحمدلله أصبت في توقعين وأخفقت في واحد☺

فارس كما توقعت ليس بسيئ، لا تزال بذرة الخير فيه، لكن صدمتني خطبته لدانه ،،،

دانه...
حقيقة كنت أعجب كيف لها أن تنشأ بدون حضن أنثى تضمها وتحنو عليها ، فلا أتصور أن تعيش طفلة مع رجل إلى أن صارت أنثى مكتملة ، ثم تتشكل بشخصية دانه المتزنة ،الحنونة ،المتدينة !! 🤔
لا شك إنّ تلك معجزة .فلا يفهم الانثى إلا أنثى مثلها .
( أنا أحس إني تايهه وتعبانة وإن كل شي تجمع عليّ يا عمي .. ساعدني)😢😓
صراحة أرثي لها ،ألا يكفي أنها حُرمت من أن تعيش بكنف أبويها، وهاهي تصدم
بأعمامها..!
فارس .. هل سيستخدم دانه أداة ضد أبيه وإجرامه، أم سيكون لها سنداً ودرعاً أمام صروف الزمان .؟🤔

خالد... الله يعينك ، وُضعت في موقف محرج،
لا تلام تلك الصغيرة على ما تشعر به من تعب، فهذا الموقف أشدّ ما تكون فيه حاجةً لأمها، تسرّعت أم خالد في خطبتها ، وكما أسلفت ، فكرة الزواج لمن مثل حالها سابقة لأوانها . تحتاج لوقت ،،،،، فأمهلوها .
أختها غيداء قالت : كذبت الكذبة وصدقتها ..
ترى ما هي الكذبة ؟ هل كانت تمثّل الإعياء والتعب ! لتتهرب من الزواج!


حنين ... يا عمري عليك يا حنين .
ما كان ينبغي عليكِ الخروج من البيت ، والشرع يأمرك في المكث في بيتكِ إلى انتهاء العدّة..( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ )
كان يجب عليك أن تكوني ( شوكةً في عينيه) أو ( حجراً في بلعومِه )
لا أن تخرجي و تخلي له الجو ، 😣😡
الله يستر من القادم ، ومن زوج أمك . ليتكِ انتظرتِ قدوم ياسر من السفر.

خطاب .... فاجأتنا بل أفجعتنا يا رجل ...تخطب حفيدة عدوك دون تفكير!🤭

لعلك نسيت ما كنت تذكر به نفسك، أن دانه لا دخل لها بجريرة جدها، لمَ يا خطاب أوقعت نفسك في مصيبة عظيمة،
وهلا ،،، هل تظن أنها ستسكت على طعنك لها ؟
من كل قلبي أرجو أن ترفض دانه خطبتك، حفظاً لماء وجه جدها الذي رفضه ،


كل الشكر والامتنان لمبدعتنا ( وطن نوره )
لا عدمناكِ .🍃🌸🍃
ألف شكر لك أبها ولمتابعتك وردودك أعتز فيك والله :46::46::46:

وطن نورة ،، 08-12-18 12:12 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708361)
السلام عليكم
ياالله عيال منيف نسخخخخخخه منه مافيهم لاذمه ولاضمير ولا خوف من الله .. تمنيت ان منيف عرف بسالفه عامر الكلب علشان يدري ان العرق دساس مهما حاول .. وان ماسويت يسوابك ..
اتوقع فارس مهوب خالي واحتمال انه هو الي بالمقطع الاخير يطلب من دانه الزواج ..
وخالد اتوقع ان ضي فيها اعاقه وماحبت تخدع الرجال علشان كذا طلبت النظره الشرعيه واحتمال هي الخطبه المعلقه ..


وطن .. تسلم يمينك جزء رااائع بانتظار الاربعاء بكل شوووق 💕💕

ياهلا وسهلا بالقمر :peace:
فعلا العرق دساس وكما تدين تدان منيف إن درى بفعلة عامر أقل شي بيذبحه عشان كذا ممكن تكون دانة سكتت رغم صعوبة الموقف عليها :08hg:

الله يسلمك ويسعدك :361:

اقتباس:

السلام عليكم
ماشاءالله الاسلوب الحبكه تطورت بشكل كبيييير بهالجزء اهنيك وطن على هالتقدم .. الجزء هذا يفوووووز
نجي لابطالنا ..
الحين وش سالفتهم مع الخطبه ثلاث خطبات بجزء وكلها ودي تتفرشك هههههههه بس الي فعلا صدمني خطاااب ماهكذا تأكل الكتف ياشيخ ..مو قلنا من الاول دانه مالها دخل وش طرى عليك !!شف لو انك ماخذت هلا كان انا سعيت لك في خطبه دانه ..بس وش ذنب هلا الضعيفه !!
اتوقع خطبتك لدانه لانك تبي توصل لشي يدين منيف واحتمال تكون خطبه بس لحد ماتنتهي مهمتك ..اقل شي راح تكون متواجد ببيت منيف ويمكن تحضر اجتماعاته وتشوف طبيعه شغله وتشوف شركاه وووو بس ماش هالتوقع كنه ماجاز لي كل ماتذكرت هلا ..
الي فرحني بهالخطبه ان بدر خسر الاولى والثانيه يستااااهل
حنين ..ان شاءالله يكون واحد من عيال سامي رجال تكانه وتاخذينه ويعوضك ربي عن بدر الخايس
نرجع لدانه اتوقع انها بتقول لجدها اختر واحد من اثنين اما خطبة خطاب او اعلان للجميع اني بنت جابر
اذا دانه ذكيه قدرت تحل مشكلتها كذا
اليوم التوقعات كلها من نصيب دانه هههههههه

وطن .. تسلم يمينك جزء راااااائع مثل ماعودتينا ودائما تفاجأينا بأحداث مانتوقعها ابدددداااا وهالشي مايكون الا من كاتبه ذكيه ومتمكنه ماشاءالله الله يزيدك من فضله ياارب
لاحظت بهالجزء تقدم وتطور كبيير لك بالكاتبه ..فإلى الامااام ونحن معك ..🏃🏃💕💕💕

يازينك ويازين كلامك والله إنه يرفع معنوياتي بشكل لا يمكن تصوره :hgfhg5456:
هههههههه سبحة وانفرطت
خطاب متخبط جداً مايعرف كيف يتصرف أو وش يسوي بالضبط يعيش بتوهان رهيب كل شي يهاجمه من جهه هلا ووجودها بحياته و دانه وجدها وأهله :(
حنين حياتها ينطبق عليها مثل من جرف لدحديره ماظنيت سامي وعياله فيهم خير

منيف ماعنده أي مشكلة يعترف بدانة المشكلة بأبوها اللي منكرها ومنيف معطيه على جوه
ممكن يكون خوف منيف الوحيد هو استغناء دانه عنه إذا لقت أسره ثانيه كبيره غيره
رد دانه على خطاب الفصل خذا وإن شاءالله يكون مقنع لكم :421:

حبيبة قلبي الله يسعدك ويجبر بخاطرك والله كلامك يشرح صدري الله يشرح صدرك
وخليكم دايما معي لأني من غيركم حياتي سَلطة :biggrin:

وطن نورة ،، 08-12-18 12:22 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3708366)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومساء الخير على كاتبتنا الغاليه ومتابعينها
وحيالله أبها اللي منورتنا هنا وهناك وأضم صوتي لك
الروايه تستحق المتابعه والتشجيع ....

وطن نوره ماتفقدين غالي حبيبتي والله غيابي بسبب
رحت المدينه كم يوم ولما رجعت مكه أمي عملت عمليه
وإنشغلت معها ومع ضيوفها

ماشاء الله حبيبتي اسلوبك رااااائع والحبكه أروع والفكره
فيها تجديد ودقه نحويه وإملائيه مميزه افتقدناها في كثير
من الروايات مؤخرا أتمنى إنك تكملينها وماتتركيننا في نصف الطريق
لأن تعقدنا من كثرة الروايات المهملة

نأتي للبارت
شكلي ببطل توقعات صعب التوقع معك كاتبتنا
أولاد منيف كلهم مافيهم خير رغم إنهم ماعاشوا مع أبوهم
وربتهم أمهم اللي واضح إنها ماهي هينه بإعتراف منيف
وبحكم إنهم عايشين معها مانرجع أخلاقهم لأبوهم لأنها هي
اللي ربتهم والمفروض تربيهم على الدين والأخلاق لكن ربتهم على الخوف منها
وأصبح كل واحد منهم بشخصيتين
أمامها شيء ومن وراها شيء ثاني أنانيين ومصلحجين
يبيعون أمهم وأبوهم لمصلحتهم اللي تزوج وخلف من وراها
واللي سارقها بالتوكيل وعامر قليل مروه ونذل وبيبتز أخوه
وفارس ماأظنه بيختلف عنهم

خطاب كلام هلا له صح وإن شاء الله ماراح يتهور ويضيع
نفسه خلها على الله يمهل ولا يهمل

خالد أتوقع أعجب بضي أو يمكن التقى أو لمحه صدفه في
موقف مر عليه مدري وش اللي أجتث قلبه ههههههه

دانه خافت من سوء ظن أعمامها بها وإن يتكررموقفها مع عامر
مع غيره لكن اعترافها بأنها ابنة أخيه جابر أنقذها
لهذ طلبت من جدها يخبرهم بأنها بنت جابر

بدريعني عارف منيف ومصايبه وماشي معه وإن شاء الله
نهايتك سوداء معه يالنذل قال بتزوج المغرور يظن منيف
بيزوجه دانه أحسن شيء إنك طلقت حنين كلووووووش

حنين عجبتني هالمره من ماشافني خير ماشفته غنيمه
خليه يولي والباب يفوت جمل حلو أنك بينتي له إنه ماهمك
ولا عليه حسافه والله يعينك على العيشه مع أبوك وزوجته
أو عند أمك والله يعوضك بأحسن منه أو ربي ولدك ربي
يصلحه ويرزقك بره

الخطبه الأخيره أظن بدر يكلم دانه

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
يعطيك العافيه كاتبتنا الرااااائعه

حبيبتي فيتامين سي الله يسعدك والله يشهد إني أفقدك لاغبتي عسى الله لا يخلينا منك :e418:

اقتباس:

صددددددددددمه خطاب خطب دانه
طيب ليه خطبها ما أظن لينتقم منها لأنه سبق وقال مالها ذنب
ممكن يفكر تكون وسيله للوصول لأسرار جدها أو لما يتزوج
دانه راح يثق فيه منيف ويعطيه أسراره ويمسك عليه أي مصيبه حتى ينتقم منه
مدري للآن ما أستوعبت كيف خطاب يخطب دانه وهلا مافكر فيها وردت فعلها بعد كل اللي عملته معه هذا جزاها
كنت أظن كلامه في البدايه عن أنه خطيبها مجرد كلام حتى
يصرف بدر

حنين الله يكون في عونك لو رجعت لبيتها وعذرها إن أبوها
مسافر ولما يرجع تروح له لكن أمها مثلها مغلوبه على أمرها والله يستر عليها من زوج أمها من سوء حظها ياسر
مسافر إن شاء الله يرجع وما أظن إنه لما يرجع بيتركها
بدون مساعده ربما يأخذ لها بيت أو شقه تجلس فيها هي وأولادها أو يرجعها لبيتها ويطرد النذل ولده

بدر إن شاء الله إن رجال الأمن يقومون بالواجب معك
وما يخلون فيك عظم صاحي وش هالوقاحه والثقه الزايد
في النفس

منيف لا زم بيوصله اللي حصل سواء من مدير الشركه
أو من دانه أو من بدر اللي يمكن يتهور ويروح له أو من
خطاب وعاد مدري كيف بتكون ردت فعله لكن الأكيد إن
اللي حصل بيغير نظرته من خطاب ويمكن يعجب بتصرفه
ويقول هذا اللي يمكن يعتمد عليه ويقدر يتطمن على دانه وهي معه

فارس زين إن طلع واحد من عيال منيف فيه الخير أتوقع
راح يوقف مع دانه ويكون سند لها بعد ماعرف حقيقتها

خالد الف مبرووووك لكن هلا وش مشكلتها ورفضها تنزل
رغم موافقتها هل بسبب حزنها أو شيء ثاني

وطن نوره تسلم يمينك ماشاء الله مبدعه أسلوب راقي وناضج أعدتي لنا زمن الكاتبات القديرات
اللي فقدناهم هالأيام

منتظرين باقي الأحداث بفارغ الصبر
:361:

اقتباس:

النوري الروايه من قراءتي لأول بارت واضح فيها التميز مثل مايقولون الكتاب باين من عنوانه

لكن يوم عن يوم تزداد جمال ويظهر لنا ابداع وتمكن الكاتبه أكثر

الخوف إذا مقصد خطاب التقرب من منيف ومعرفة أسراره إن منيف يورطه معه بدون مايعرف
حتى يمسك عليه نقطة ضعف والمقصد حتى يضمن راحة دانه
يابعد قلببي يافيتامين الله يسعدك ويرفع قدرك على لطفك وكلامك :dfghd654::dfghd654:
والله إني أعجز عن الرد مهما حاولت الله يسعدك ولا يحرمني تشجيعك :342:
شكرا لك :bouquet2:.

< فيس يخاف يكب العشاء على سالفة قصد خطاب :walk01::walk01::walk01:

وطن نورة ،، 08-12-18 12:24 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708518)
اقول فيتو تتوقعين من المقصود بعنوان الروايه ؟؟
انت مثل احزاني قدر !!
اتوقع انه خطاب يكلم دانه ..🤔

اقتباس:

أنا معك احتمال كبير يكون هذا المقصود بالعنوان

والله يستر مدري وش مخبيه لنا كاتبتنا
:vfghgf:

الله يسعدكم يا أخوات :spG05120:

وطن نورة ،، 08-12-18 12:32 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

مساء الخير :8(1):
أتمنى لكم قرءاة ممتعة وعذراً على التأخير والتقصير أو الخلل والزلّه :)
نلتقي يوم الأربعاء بإذن الله مع الفصل الثاني عشر وانقلاب الموازين ❤


.


◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.



# (١١) الفصل الحادي عشر ،،
°
°


ثمة حروبٍ تخرجُ منها لا منتصراً ولا منهزماً
لا تعرفُ ما ربحتَ منها أو ما فقدتْ فيها
لكنكَ تدركُ جيدًّا أن شيئاً ما ،،
انطَفأَ ،، و ماتْ بداخلكْ..

*منقول*
.
.


وجهها المبتسم هو أول شيءٍ فتح عينيه عليه هذا الصباح ، أثار النوم لازالت عالقه بتقاسيمه يشعر بالدفئ يخرج منها ليشمله..
ابتسمت له تقترب منه تغلق أزرار ثوبه بعد أن أبعدت يديه .. تغلقها بهدوء دون أن تنظر له تتهرب من عينيه بخجلٍ واضح لم يفشل يوماً بأسر مشاعره ..
ما إن انتهت حتى وابتعدت عنه ليهتف بهدوء : شكراً قلبي..
غمزت له بعد أن أدارت رأسها ناحيته قبل خروجها من الغرفة : ولو، بالخدمة.

ستعذره.. متأكدٌ من أنها ستعذره.. لابد لها أن تعذره ..
هي أكثر من يعرفه ولابد أن تضع له عذراً يشفع له .. حاول أن يدفع وجه هلا وابتسامتها له هذا الصباح لأقصى مكان في ذاكرته : يوم جاني جدك المكتب ذاك اليوم طلبت منه إني أتزوجك.. ورفض.. والحين أرجع أعيد طلبي لك..
دانه.. تتزوجيني؟
لتسقط من بين يديها الحقيبة وتتناثر محتوياتها في كل مكان..
ابتلع ريقه عندما التفتت تنظر له بعينين تكاد تخرج من محاجرها..

عادت تنظر للأمام.. تعود خطوة ثم تتقدمها بسرعة.. تنحني تجمع أغراضها المبعثرة هنا وهناك تحت أنظار خطاب الذي كانت أنفاسه تسابق الريح..
عادت تقف.. تعطيه ظهرها تحاول إغلاق حقيبتها لكن دون فائدة فارتعاشة يديها تمنعها..
خطاب بعد أن أصبح صوت أنفاسه مسموعاً : دانه.. أنا جاد في طلبي فكر..
لتقاطعه بصعوبة : أنا ما أقدر.. جدي قال لأ أنا ما أقدر.
خطاب بجمود : خذي وقتك وفكري.. أنا ما أبي رد الحين.
أدارت رأسها اتجاهه.. عابساً عاقداً حاجبيه وكأنه مُجبر.. ملامحه مظلمه وكأن الحروف تم دفعها قسراً في حنجرته..
هتفت بحزن عميق أهدابها لازالت مبلله بدموعها في خاطرها شيء غير الذي تقول : ما أقدر..

ارتخت قبضة يده التي لم يكن يدرك بأنه كان يشد عليها بقوة.. رغماً عن التخبط الذي يعيشه ويشعر به في هذه اللحظة، شعر بنسيمٍ بارد هبّ على روحه وكأن ثقلاً كان على كتفيه وسقط .. مع ذلك هتف بهدوء : بكون بإنتظارك إن غيرتي رايك،، بأي وقت..
ثم استدار عائداً للداخل : انتظري سيارتك داخل أفضل.

ليدعها واقفةً مكانها تنظر له مبتعداً.. جزءٌ منها نادم على رفضه -وهو الذي ستسعد بقربه لا محاله- والجزء الأكبر يرى أن رضا جدها فوق كل شيء.. متجاهلةً بذلك شعور الحسرةِ الذي تأجج في جوفها فجدها يستحق من يضحي بالعالم كله لأجله..

.
.

لم تكن تدرك حنين أن بقاءها في منزل زوج والدتها سيكون كارثياً على روحها هكذا.. كانت الأيام تمضي وهي تنتظر اتصالاً من بدر يطلب منها العودة.. حتى وإن كان يأمرها بذلك دون أن يبدي أي ندم.. كانت ستعود إن طلب ذلك.. تقسم أنها ستعود،، لكنه لم يطلب ولم يصلها اتصالٌ منه أو حتى رسالة كي يطمئنّ على أبناءه.. يعلم أن والدها خارج البلاد مع ذلك لم يكلف نفسه عناء السؤال عن مكان مكوثها هي وأبناءه!!.. كل شيء في حياتها توقف حتى امتد لحياة ابناءها..
اتصلت معلمة سيف عليها اليوم تسالها بقلق عن غياب سيف كل هذه الأيام فلم تجد عذراً تتعلل به سوى سفرهم لجدة..
كانت تشعر بهدوءٍ داخليٍّ رهيب رغماً عن الضوضاء حولها.. صوت بكاء سيف المتواصل لأكثر من خمس دقائق لازال يتردد بين جدران المجلس الذي أصبح سجناً لها..
تنظر له فاتحاً فمه يبكي متوجعاً وأثار أصابع حمراء على خده..
صفعة من يد حمود ابن سامي الأصغر كانت كفيلة بأن تترك أثرها على خده..
كانت تنظر بيأس وقل حيلة لا تعلم ماذا تفعل.. كل شيء في هذا المنزل يصرخ في وجهها بأنّ لا مكان لها هنا.. مرفوضٌ بقاؤها جملةً وتفصيلاً.. لكن ماذا عساها أن تفعل!
أين بدر؟؟ لم تكن قوية بوجوده ولن تكون قويةً بعيداً عنه.. باتت تؤمن حقاً بانها امرأةٌ خلقت لتعيش في الظل..

دخلت والدتها تحمل صينية الغداء بيدها : ما تشوفين الولد يصيح يابنتي؟ حرام عليك خذيه بحضنك.
كانت تتكئ على المسند جوارها يتضح يأسها من الحياة بميلانها : بيصيح شوي ويسكت يمه..
إنحنت تضع الصينية أمامها بصعوبة لتجلس تنادي سيف والذي ارتمى في حضنها يشكي..
قبلت رأسه تمسح وجهه بكفها المجعد حتى هدأ وما إن رفعت عينها حتى وجدت حنين على وضعها تنظر لها: تغدي..
ارخت بصرها للصينية ولصحن الكبسة متوسط الحجم الموجود بمنتصفها ولم تخفى عليها قطع الخيار والطماطم التي خالطت حبات الأرز ولم تنجح والدتها في اخفاءها : ما اشتهي يمه.
شيخة بحرج واضح : غرفت لك من الجهة اللي مالمسوها العيال.. نظيف لا تقرفين.. و ماعليه مابقى دجاج أكلوه كله ..
بتعب واضح : أدري نظيف بس ما اشتهي.. عليك بالعافية.
بدأت شيخة تطعم الصغار وحنين تتأملها.. باتت تعرف الآن أن حظها جاء معوجّاً كحظ والدتها .. فبعد الذي عانته وعاشته وهي على ذمة والدها،، تزوجت بسامي الذي جعل منها خادمةً له ولابناءه.
حنين بهدوء: يمه دقيت على عمي ياسر.
رفعت رأسها بسرعة : وش قال؟
بضيق : مغلق.. هو لا سافر مايمسك جواله السعودي بس أنا قلت أحاول. وما قال متى بيرجع قبل لا يروح وأخاف شغله يطول..
شيخة : ماعليه يابنتي أدري انك مو مرتاحة هنا بس...
ثم زفرت بقل حيلة دون أن تكمل تتلهى بإطعام سارة وكأن زفرتها كفيلة بشرح كل شيء..
.
.

يعلم أنها لا تستحق أن يُفعل بها شيئًا كهذا.. من لديه امرأة مثلها يجب عليه المحافظة عليها وشراء رضاها مهما بلغ ثمنه..
تأنيب الضمير يقتله.. هو نفسه الضمير الذي لازال يقتله منذ أن كان بالثامنة وحتى الآن وكأنه كُتب عليه أن يعيش معذباً حتى الموت..
زفر أنفاسه بضيق وعينه تتأملها.. تتمدد على الأريكة تغط في نومٍ عميق بحضنها سالم يتابع أحد برامج الأطفال .. لم تكن النيه أن تنام لكن النوم غدر بها على عكسه. كانا يتابعان التلفاز يلفهم الصمت يقطعه من وقتٍ لآخر عطاسها وسعالها.. كم يتمنى أن ينام براحه ينسى كل شيء ويستيقظ ببالٍ خالي من كل شيء..
تحرك سالم بضجر بعد نهاية برنامجه ليبتعد عنها متجهاً لغرفته حيث جهازه اللوحي موصولٌ بالشاحن.. ليبقى حضنها خالياً شاغراً وكأنه يدعوه ليدفن نفسه به ويرمي كل شيءٍ وراء ظهره..

خرجت هلا من دورة المياه تمسح وجهها بطرف قميصها بعد نوبة سعال اجتاحتها لتستيقظ مجبره.. رأت خطاب يجلس على نفس الأريكة التي كان يجلس عليها قبل نومها..
ابتسمت له بتعب ليبادلها بنفس الابتسامه : تعالي دفّي حلقك..
وأشار للكوب أمامه على الطاولة والذي لم يكن موجوداً قبل دخولها..
جلست بجواره بعد أن اخذته تتكلم بصوت مبحوح : وش ذا ؟
خطاب بهدوء: زنجبيل ونعناع.. اشربيه مفعوله وحده بوحده..
ارتشفت قليلاً منه ثم ابعدته بسرعة عندما لسعتها حرارته..
اتسعت ابتسامته وهو يراها تحرك كفها أمام لسانها لتبريده،، أسندت رأسها للخلف تضع يدها على حنجرتها : آه حلقي.. والله بموت أحسه بينفجر من كثر ماهو محتقن..
وضع يده على خدها يتحسسه.. ثم على جانب رقبتها مما جعلها تميل تلقائياً مع لمسته : والله حاره يابنت.. من وين جاتك الزكمة؟
أغمضت عينيها لازالت كف خطاب محاصرة بين كتفها ورأسها : .. ما أدري .. بس والله تعبانة.
حاول سحب يده لكنه لم يستطع : سلامتك يا قلبي..
ابتسمت لازالت على وضعها : والله أحس إني بموت من التعب يا خطّاب..
فهم ماترمي إليه ليهتف بضحكة : حبيبة عمري سلامتك من التعب..
وضعت كفها على قلبها بعد أن اعتدلت تنظر له بعينين ناعسة شديدة الاحمرار : أنت أكثر واحد يعرف يقول كلام حلو..
ابتسم : هذا وهي كلمتين بس!
هلا بخدر اعتدلت في جلستها لتقابله : لو تعرف الكلمتين ذي وش تسوي بقلبي كان عذرتني..

وضع كفيه على جوانب وجهها يقربها منه ويقبل جبينها المشتعل بقبلة طويلة يضع فيها كلّ مشاعر الامتنان التي تتزاحم في صدره.. ابعدها عنه يتأمل تقاسيم وجهها وعينيها المغلقة وكأنها تريد أن ترسم اللحظة في جفونها.. : أنا أدري إني مقصر.. بأشياء كثيرة..
هلا تقاطعه : خطاب والله إني تعبانة..
خطاب بخفوت : إلى متى تقدرين تصبرين؟
فتحت عينيها تنظر له مستنكرة تنتظر منه تفسيراً لكلامه..
عاد يقبل جبينها وعندما ابعدها عنه هذه المره وجد أن عينيها مفتوحة بالقدر الذي يسمح به تعبها لازالت تنظر له بنفس النظرة : وش تقصد؟
بعد صمت دام ثواني : إلى متى وبعدها بتنتهي طاقة التحمل عندك ؟
ابتسمت بقلق أنفاسها سريعة ومسموعة بسبب الحرارة : هذا لغز الحين؟
خطاب بزفره : ماقد سألتي نفسك كيف رجّال طبيعي تنام جنبه يومياً وحده مثلك ولا يتحرك فيه شي؟
اشتعل وجهها لذلك قالت بغمزة : أكيد عشان المخدة.. هي السبب.
خطاب بجدية : ما جاك شك إني موب طبيعي هلا؟.
هلا بإحراج : توني أقول كلامك حلو لا تخليني أغير رايي..
خطاب : أنا أتكلم جد.
هلا بضيق : وش تبيني أقول خطاب.. أنا أحترم رغبتك وقد قلت لك قربك يكفيني أنا موب طماعة..
خطاب بتعب : المسألة موب مسألة طمع.. المسألة شي فطري وطبيعي بين أي زوجين بس أنا عاجز عنه.. عاجز اعطيك إياه مع إني أبي..
ابتلعت ريقها لا تعلم كيف وصل الحديث فجأة لهذه النقطة : أنا موب مستعجلة.. لا تضغط على نفسك يا قلبي .
التمعت عينيه بأسى ويأس : بس أنا مستعجل ،، و أبي..
ثم تابع بتردد دون أن ينظر لها : أيام عرسي الأول رحت دكتور.. عشان يعني،، تعرفين.. بس مافاد لأن.... أنا مافيني شي.
وضعت الكوب الذي أصبح بارداً على الطاولة ببطئ تحاول أن تكسب بعض الوقت كي ترتب كلماتها.. سكتت قليلاً بعد أن قابلته مجدداً.. تهرب من عينيه التي تراقب وجهها وكأنه سيجد ما يبحث عنه : ما أدري وش اقولك!! ما أدري.
خطاب : في كل ليلة تمر وأنتي جنبي أحس إن الصبح ما بيطلع علي وأنا حي.. أعيش بنزاع بين قلب يبي وعقل يقول لأ لدرجة أني كل ما جيت أقرب أحس بخوف يقيدني.
هلا بقلق : خوف مني؟
هز رأسه نافياً : خوف مني أنا. من شي داخلي أنا ، يصرخ بي ي..

سكت لتبقى شفاهه تتحرك بتوهانٍ دون صوت حتى استقرت بخط مستقيم.. يالله من التخبط والضياع الذي يعيشه.. من أحاسيسه الداخلية،، من جميع الكلمات التي تأبى أن تخرج.. من الخوف الذي يعبث به حتى بات مسيطراً عليه من الفشل الذي يجهل سببه من الجُبن والتردد الذي يقيده..
يالله من الذنب ،، من الخيالات ،، من الهلوسات..
يالله من الغياب عن الوجود و تجوّف الفؤاد حتى باتَ خاوياً ..
يالله من القدرة وعدم القدرة.. من الرغبة والتمني و مايحول بينها وبين تحقيقها..

هزت رأسها بتفهم. رغم أنها لم تفهم .. فتحت فمها كانت ستقترح عليه أن يذهب لطبيب نفسي فالذي مر به يحتاج لمختصٍ يعالجه.. أيقنت بأنها مهما تحدثت و واست و إحتوت لن تستطيع تخليصه من عقدةٍ ورهابٍ يلاحقانه منذ أن كان طفلاً .. ربما تكون مشكلته بسيطة يمكن علاجها لكنها ما إن رأت القلق يقفز من عينيه ينتظر ماستقوله حتى وابتسمت له بتودد لتتمدد وتضع رأسها على فخذه دون أن تقول شيئاً..
.
.

: كيف الدوام اليوم؟
كان سؤال منيف الجالس معها بصمت لأكثر من ثلاث ساعات هو من أخرجها من نزاعها مع نفسها.. ثلاث ساعات تجلس معه لا هو الذي تحدث ولا هي التي سعت لبدء حوارٍ معه.. وبالرغم من غرابة الوضع عليهما إلا أن لا أحد حاول تغييره..
كانت تنظر له بنوعٍ من التفكير والتساؤل.. لماذا رفض خطاب بهذه السرعة دون حتى أن يرجع لها؟ أو أن يسأل عنه ؟
كان خيالها يشرّق بها ويغرِّب تتخيل إن كان جدها راضياً موافقاً أي حياةٍ سعيدة ستعيشها مع رجل مثل خطاب..
مجرد التخيّل بعثر أنفاسها وسبب اضطراباً لنبضات قلبها..

لم يخفى عليه سرحانها.. نظرتها الزجاجية وملامحها التي تمور بألف تعبيرٍ في الثانية.. ما يحدث معها يقلقه.. بدأ الشك يساوره منذ أن قابل المدعو خطاب.. صاحب النظرة الحادة الحاقدة.. نظراته غير مريحة وكأنه يحيك مكيدةً سراً.. كيف يضحّي بمن ملكت قلبه ويعطيها لشخصٍ يتضح من ملامح وجهه بأنه لا يتقبله ؟
وما رأى عليها اليوم بدأ يعبث بأفكاره يشككه بأن تكون دانة على علاقة به.. أو أن تكون قد عرفت بما دار بينهم ذلك اليوم ونظراتها وسكوتها الآن ماهم إلا عتبٌ ولوم..
الجميع يحاربه عليها.. حتى بدر الذي التقى به اليوم في أحد المستودعات..
يمشي معه بين الكراتين يتأكد من البضاعة التي وصلتهم..
يفتح أحدها ليخرج منها علبة -شامبو- باللون الفضي الغامق..
يفتحها ويميل بها على كفه ليخرج منها عدد من الحبوب البيضاء صغيرة الحجم.. ابتسم واعادها مكانها: تمام..
كان بدر ينظر له يراقب تحركاته بتوجس.. يراه يغلق الغطاء جيداً ثم يعيده بداخل الكرتون ابتسامة الرضا تحتل جزءًا كبيرا من وجهه..
بدر بهدوء : أبو جابر.. اطلبك بنتك دانه زوجة لي على سنة الله ورسوله.. وإني طالبك ماتردني المره ذي..
نظر له منيف نظرة صقيعيه باردة : وحنا إلى متى بنقعد نتكلم في هالموضوع ؟ هي كلمة وحدة قد قلتها ومهيب متغيرة..
بدر وكم يتمنى أن يهشم وجهه : إن كنت تقصد زوجتي الأولى بنت حمد.. فأنا طلقتها..
فتح كرتوناً آخر : لأنك حمار..
بدر بحدة : أبو جابر لا تستغل احترامي لك وتقعد تحذف بالكلام اللي ماله داعي..
لازال يتكلم ببرود : وحدة مثلها راضية بنذل مثلك المفروض تتمسك فيها بيدينك وأسنانك..
بدر : أنت سامع عني شي؟
نظر له مطولاً : لأ.. بس ما أرتاح لك وأنا مستحيل أعطي بنتي لواحد نظرته وصخة مثل نظرتك..
بدر بقهر : شايف علي شي؟
منيف بملل وصرامة : بدر دانة مهيب لك.. حط هالكلمة حلقة بإذنك ولا تقعد تعيد وتزيد بالسالفة الماصخة ذي.. انتهينا!
.
زفر أنفاسه ونظرة عينيها التي تنظر له بها لم تعجبه : دانة أكلمك أنا..
رمشت أكثر من مره وكأنها للتو انتبهت : هلا جدي.. وش كنت تقول؟
منيف بنبرة : أقول كيف الشغل؟
ابتسمت بضيق : تمام ..
منيف : صاير شي؟
عقدت حاجبيها: شلون يعني؟
منيف : أقصد بالدوام؟ صاير شي؟ أحد يتعرض لك؟ أحد يضايقك؟
ابتلعت ريقها بتوتر تعتدل بجلستها : لأ جدي أبد.. تطمن.
منيف بحاجب مرفوع : دانة أنتي وعدتيني.. لا تنسين.
كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تخبره بما حدث معها اليوم.. بللت شفتيها وهمست دون أن تنظر له : وأنا عند وعدي.. تطمن.
.
.

لم تتوقع حنين ولا حتى طرأ على بالها أن يصل بها الحال كما وصل اليوم..
تأكد سامي من خلو المجلس قبل دخوله عليها يغلق الباب خلفه لتقفز مذعوره..
سامي بهدوء : اقعدي أبي أكلمك..
حنين بتوتر : أمي وين؟
سامي بحدة : قلت أقعدي منيب ماكلك.. أقعدي..
جلست بسرعة وخوف قلبها تتسارع نبضاته.. فمنذ أن دخلت هذا المنزل لم تصادف أحداً من أهله حيث أنها لم تتعدى باب المجلس إلا للذهاب لدورة المياة المجاورة له وفي اليوم الذي قررت فيه مساعدة والدتها بأعمال المنزل وجدت سامي يجلس في الصالة ما إن رآها حتى احتدت نظرته بشكل مرعب جعلها تعود أدراجها بسرعة..

انتبهت لنظرته الكارهه لتنزل بصرها تتأكد من أن لباسها لا يظهر شيئاً من جسدها ليصلها صوته كارهاً : أبوك متى بيرجع؟
ابتعلت ريقها : إن شاءالله قريب.
سامي : وإلى متى بتقعدين هنا؟ أنا مو ملزوم بك وبعيالك.
لم تجد رداً وتلهت بالتفكير في أين يلعب أبناءها الآن!!
سامي : أنا مستعد أخليك في بيتي حتى لو كنتي تحدين من راحتي وراحة عيالي،، لكن أبي مقابل..
بذعر وكل القصص التي سمعتها فيما مضى عن تجبّر أزواج الأمهات طرأت عليها : كيف يعني مقابل؟
ارتخت ملامحه المشدودة : أبيك تروحين معي بكرة المستشفى..
ولدي ثنيان معه فشل كلوي وصار ملازمه خمس سنين ويحتاج متبرع عشان ماعاد يغسل..
لم تستوعب : كيف؟
سامي بصرامة : أبيك تتبرعين له..
حنين : ليش أنا ؟
بتهكم : تطمني قد حللت أنا وأخوانه قبلك،، حتى أمك، ولا تطابقت الأنسجة..
حنين بقلق :.. أخاف..
قاطعها رافعاً حاجبه بتهديد : تخافين؟؟
حنين بتردد : أبي أفكر طيب .
لم يجبها ولكن النظرة التي تلقتها منه قبل خروجه كانت كفيلة بقول كل شيء..
.

لم يحل المساء إلا وحنين أخذت قرارها.. حتى وإن كانت مكرهه وغير مقتنعة به . لم تكن تتوقع أن تصل لهذه المرحلة من البؤس حيث أنها تضطر لبيع عضو من أعضاءها كي تشتري رضا زوج والدتها..
حتى وإن فكرت أن تحايله وتماطل لحين عودة ياسر و والدها لن تنفع حيلة كهذه مع رجل مثل سامي..
حتى أنها داست كل شيء ابتداءً من كرامتها المزعومة وانتهاءً بمشاعرها وحاولت أن تتصل ببدر لكنه -أعطاها مشغول-.. مر على طلاقها منه شهر و أسبوع استنزفت عمرها كاملاً..

حنين بهدوء : يمه إن شاءالله بكرة بروح المستشفى مع سامي .
عقدت حاجبيها باستنكار : خير؟
حنين : بروح أحلل وإن تطابقت تحاليلي مع ثنيان بتبرع له.. أنا توني أدري إن معه فشل كلوي ..
شيخة بجزع : انهبلتي انتي؟
حنين بضعف : يمه الله يخليك أنا راضيه ،، اعتبريها زكاة صحتي وأجر لي.. ثنيان تعبان والكلى تعبها يهد الحيل..
شيخة : وان كان تعبان تقومين تعطينه كليتك؟ الله بيعافيه ويرفع عنه أنتي مالك دخل. إن كان سامي هو من طلب منك اسفهيه وانا بكلمه.
حنين : يمه أنا راضيه.. وتطمني أقدر أعيش بكلى وحده ..
شيخة بإنفعال: أشهد إن ماعاد بك عقل.. يابنت تعوذي من ابليس وربي عيالك أحسن، الواحد بكليتين ويسأل الله العافية كيف عاد لا صار بوحده؟
سكتت قليلاً لتهتف بهدوء مميت : عموماً هي مجرد تحاليل ويمكن ماتتطابق الأنسجة والفصايل.. لكن إن حصل وتطابقت تأكدي يمه إني بتبرع..
.
.

كان خالد خالي البال حرفياً حتى قرر الارتباط.. كل شيء بدأ من نظرة عينيها في ذلك اليوم وبعدها أصبحت لغزاً يشغله بمحاولة حلّه كل مساء.
قبل أسبوعين ذهب مع والدته وأخته لمنزلها.. فكما أوصل له والدها بعد أن اتصل عليه لتحديد موعد عقد القرآن أن ضي ترغب بأن يكون عقد قرآنها في الليلة التي تسبق يوم الزفاف..
سأل والدها الذي نقل طلبها بحرج : أسالك بالله ياعمي ضي مجبورة علي؟ إن كانت مجبورة فوالله إني عزيز ولا أرضاها على نفسي. والمرَه بدالها مرَه بس كسرة النفس مالها جبر..
أبو غيداء بعد زفرة كادت تصم مسمع خالد : مهوب أنا اللي أجبر بناتي يا خالد.. ولو قالت ضي ما أبي أعرس طول عمري لها اللي تبي وبتقعد في بيت أبوها معززه مكرمه..
خالد بتوتر : أعذرني والله إني ماقصدت شي بكلامي.
ابو غيداء بضيق : أنا فاهمك ياعمك ولا الومك.. وأقولها لك كانك تشوف إن بنتي ماعاد تناسبك فأنت إلى هالحين بالبر ومعذور..

كيف انقلب الحديث عليه وأصبح هو المُلام على استنكارٍ من حقه؟ كان من المفترض أن يكون هو الطرف الذي يعاتب ويستنكر وليس العكس ..
وقتها كان في ساحة منزله يمتر المكان ذهاباً وإياباً بتوتر..
وضع يده على رأسه يمسح على شعره : لا والله إني لازلت أبي ضي واللي تبيه تبشر به وبإذن الله على آخر الاسبوع تجيكم الوالدة وتحدد كل شي مع الأهل.
ثم تابع بعدم رضا: وتشوف متى اليوم اللي يناسبكم ويحددون العرس..
.
وعندما وقفت سيارته أمام منزل أبو غيداء فتحت والدته الباب ثم التفتت له باستنكار : ماراح تدخل؟
خالد بضيق : بروح اخلص كم شغله وإن خلصتوا رجعت لكم..
سلوى : مهيب حلوة يا خالد توصل لين باب بيتهم ولا تنزل تسلم على أبوها.. وش بيقول الرجّال؟
حك ذقنه : ماعليه يمه والله مشغول ولا عندي وقت.. بمر عليه وقت ثاني.
ثم التفت لهلا ينهي النقاش : هلا إذا الصندوق ثقيل عليك خليني اشيله..
هلا : متى تبي نقولهم العرس؟
خالد : شوفوا وش يناسبهم .. أنا قد كلمت أبوها واتفقنا.
سلوى بعدم رضا: يصير خير إن شاءالله..

تابع ببصره دخول والدته وهلا للمنزل بعد أن فُتح بابه وهلا تتحامل على نفسها تحمل صندوقاً خشبياً ثقيلاً مذهّب الأطراف يحتوي على المهر والشبكة وبعض ما يتم تقديمه للعروس كهدية في يوم عقد قرآنها.. اليوم الذي اسقطته ضي من الحسبَة تماماً ..

لازال تفكيره يضيق حتى يصل لنقطة لايمكن العبور من خلالها.. ما بالها تدفعه بعيدًا عنها هكذا؟ في المرة الأولى التي رآها فيها كانت عيناها تفيض من الدمع والآن أخرّت كل شيء ليوم واحد وكأنها تريد تأخير ارتباطها به قدر المستطاع!!!

.
.

لا يوجد شيء أسوأ من أن تشعر بأنك وحيد تواجه عاصفةً هوجاء.. متيقنٌ من أنها ستنتشلك من الأرض التي تثبت بها أقدامك بكل قوة... تعصف بك ثم تلقيك.. لتقف مجدداً تثبت أقدامك جيداً وتنتظر العاصفة التالية..

كانت دموع حنين تسيل بكل هدوء على خدها وكأنها اتخذت من ظلام الليل ستاراً لها. انتهت عدتها من أسبوع.. ندمت أشد الندم أنها لم تحاول استرضاء بدر قبل أن تنتهي.. تجبره على تقبلها حتى وإن كان سيضع عليها عشر نساء.. فالحياة معه أهون ألف مرة من بقاءها في بيت والدتها..
إن كان سامي سيئاً معها ومع أبناءها فيما مضى.. فهو الآن أصبح أكثر سوءاً خصوصاً عندما لم تتوافق نتائج تحاليلها مع ابنه وكأنه يعاقبها على شيء لا يد لها فيه.. الله وحده يعلم كم كانت تتمنى من أن تتطابق النتائج أقلها تحصل على رضاه حتى عودة ياسر و والدها اللذان طال سفرهما هذه المره..
رفعت هاتفها بعد أن أنار في الظلام معلناً عن اتصال جديد بصمت.. عبست عندما جهرها الضوء في الظلام الدامس وجلست تجيب بسرعة عندما قرأت اسم المتصل: الو..
كانت نبرته مشبّعة بخوفٍ جعل من فكها يرتجف بشدة : حنين أنتي وينك؟
مسحت دموعها براحة كفها: عمي أنت متى وصلت؟
ياسر بقلق : توني من ساعتين ومالقيت أحد بالبيت ويوم سألت العاملات عنك قالوا صار لك اكثر من شهرين تاركه البيت.. حنين انتي وينك ؟ صبت عظامي من الخوف يابنتي..
قطع أنينها صوتها حتى خرج مبعثراً : عمي ليه طولت؟.. بدر طلقني..

كانت تسمع كلماته المستنكرة أسئلته الغير مصدقة -دون أن يدع لها مجالاً لتجيبه- وشتائمه لابنه التي شعرت بها تطفئ شيئاً من قهرها..
كان يكيل الشتائم والتهديدات بغضب وغل وكأنه والدها.. يغضب لأجلها غصباً شديداً لشيءٍ ارتكبه ابنه..
ياسر بعتب : والله إن زعلي عليك أكبر من زعلي على بدر.. شلون ما تدقين علي؟
حنين : عجزت وأنا أدق والله العظيم .
ياسر : لا حول ولا قوة إلا بالله.. طيب أنا بجيك أنتي وينك الحين؟..
لتقاطعه بيأس : أنا عند أمي.. وطلعت من العدة ياعمي خلاص..
ياسر بانفعال : يرجعك وهو كلب مو على كيفه.. أرسلي موقع بيت امك و أنا بتصرف..
.
.
لم يفهم خالد تلميحاتها.. ولا الطريقة التي حاولت انقاذه بها.. كانت تعطيه مجالاً للهرب.. متسعاً من الوقت كي يعيد التفكير وينهي كل شيء..

كانت ترى نظرة والدها تحثها على الموافقة.. يسطر لها انجازاته وصفاته وما هو عليه.. متمسكٌ به دون أن يضغط عليها. يتوسل لها بكلمات المديح أن توافق..
في بادئ الأمر طلبت رؤيته تحت سخطٍ من والدها على طلب كهذا.. فالرجل نفسه لم يطلب حقه في أن يراها كما هو جائز شرعاً ليأتي الطلب منها.. مع ذلك اضطر بأن يوافق تحت إصرارها فخالد شاب لا يُعاب ابن صديقة سيرته حسنه سيرفق بابنته ويوفر لها الحياة التي تمناها لها..: طيب وبعد مايشوفك يابنتي؟ الله يرضى عليك لا تحطيني بموقف يحرجني مع الرجّال وأهله..
ضي بحزن واضح : إن شافني و وافق علي ورضى فيني.. أعتبرني موافقة يبه.. أوعدك.. لكن إن،، إن غير رايه بعد مايشوفني أوعدني أنت ماعاد تفتح معي طاري العرس مره ثانية..
ابو غيداء بتعب : أنا مانيب فاهم إلى متى وأنتي تسوين بنفسك كذا؟ ارحمي عمرك يابنتي وارحميني..
لكنها ابتعدت عن المكان تترك سؤاله معلقاً دون إجابه..

في ذلك اليوم تحاملت على خوفها وتوترها ودخلت عليه مجلسهم تحاول أن تتحكم بإندفاع الدموع في مقلتيها.. رجفتها واضحه وكأن ماساً كهربائياً يضربها ليشطر جسدها نصفين..
رفعت بصرها له تراه يجلس في منتصف الأريكة بثوبٍ ناصع البياض على وجهه علامات غريبة.. تأكدت من خلالها بأنه سيرفض ارتباطه بخيال أنثى مثلها لتخرج من المكان بقلبٍ مثقلٍ بالأسى.. تسمع صوتاً قريباً من أذنها يصرخ .. وآخرٌ يضحك على ثقتها بنفسها عندما طلبت أن يراها "أكيد خرعتيه"..

راقبت تقدم والدها من مكان جلوسها بعد خروج من كان سيكون زوجها.. تفكر كيف خرج؟ هل خرج راكضاً مرعوباً يحاول أن يمحي الصورة التي رآها قبل قليل.. أم خرج مبهوتاً يتساءل كيف لبشرٍ أن يكون مسخاً هكذا؟
.

رمشت أكثر من مره تحاول أن تبدد الإحساس بالكتلة التي تثقل قلبها..
تنظر ليديها المرتعشة.. لأصابعها التي وقعّت اليوم قرار ارتباطها به..
كانت لآخر لحظة تتوقع منه أن ينسحب.. أن يتراجع ويشتم نفسه على هذه الفكرة المجنونة.. لكنه كان متمسكاً بها.. على الأرجح مُحرجاً من والدها.. هذا إذ لم يكن والدها هو من الزمه على الارتباط بها..

ابتسمت لابتسامة أختها غالية.. الأقرب لها والتي كان لكلمتها تأثيرٌ عليها دائماً .. تجلس على الأرض أمام حقيبةٍ صغيرة تضع فيها احتياجات ضي لليلة الغد.. ليلة الزفاف التي لازالت تشعر بأنه حلم..
الزفاف الذي لم تضع يدها في شيءٍ من إعداداته.. كانت كقطعة الخشب يحركنها شقيقاتها لا تُظهر أي استجابة.. عينها تنقلت على موجودات الغرفة التي ستفارقها غداً.. التسريحة التي أصبحت خاليه بعد أن كان سطحها مليءٌ بالعطور ومساحيق التجميل التي هجرتها منذ زمن..
لفستانها المعلق على شمّاعة الثياب.. بتفاصيله التي كانت ستليق بها قبل سنه -هذا ما يقوله صوتٌ قريب منها-.. كل شيء كان سيكون مثالياً إن كانت في زمنٍ غير هذا.. لو أن خالد اختار وقتاً أفضل من هذا.. وقتاً تكون فيه أكثر اتزاناً وثباتاً..
عادت تنظر لغالية التي أصبحت تجلس أمامها الآن.. تنظر لها بحنان،، لعينيها التي بدأت طبقة من الدموع تغطي سطحها : وش تفكر فيه العروس؟؟
ضي بعبوس : في بكرة.
غالية بعبوسٍ مماثل : طيب ليه تقولينها وانتي مطنقره كذا؟
أقولك شي يروقك؟
نظرت لها ضي بشك لتتابع : شفت اليوم خالد من شباك الصالة وهو طالع من المجلس بعد ما طلع الشيخ.. ماتوقعته كذا..
عقدت حاجبيها : كيف؟
حركت حاجبيها بمرح : شب حليوه بصراحة. كاريزما غير طبيعية الله يعينك عليه .
لم تتجاوب معها ضي أبداً.. لذا قالت بعبوسٍ حقيقي هذه المره : سلامات ضي هذا وضع عروس بالله عليك ؟ ليه زعلانة خبري إنك انتي وافقتي عليه برضاك.
ضي بنبرة مرتجفة : أنا خايفة غالية.
غالية : طبيعي تخافين وكلنا كنا خايفين مثلك بس ماعقدنا النونه كأننا بعزا.. حرام عليك الوحدة كم مره بتتزوج؟ عيشي اللحظة ولا تضيعين أجمل شعور يمر على البنت عشان أفكار مالها داعي..
خللت أصابعها في شعرها تشده : ما أقدر غالية.. مخي عجز يهدأ..
غالية بتأنيب : الشيخ كم مره قرأ عليك وقال مافيك شي؟ كل اللي انتي فيه أوهام تعوذي من ابليس حرام عليك..
بدأت شفاهها ترتجف.. لا أحد يفهمها أو يفهم ماتعانيه أبدا : كيف مافيه شي وأنا أحسهم معي؟ والله أحسهم معي.. أسمعهم..
زفرت بضيق: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
ثم سكتت. تعقد حاجبيها بيأس وتتأمل ضي التي بدأت تمسح دموعها بارتعاشه واضحة. حاولت أن تغير نبرتها : تدرين إن هديل المسكينة ليلة عرسها انخفض معها الضغط و أغمى عليها من الخوف؟ ياعمري وما طلعت إلا اليوم الثاني من المستشفى للصالون على طول..
نظرت لها من بين أصابعها ففي ذلك الوقت كانت كبيرة و واعية بما يكفي كي تتذكر حدثاً عظيماً كهذا : ما أذكر..
ابتسمت لها : يمكن كنتي نايمة .. طيب تدرين غيدا من زود ما كانت تتنافض وقت الزفة مال بها الكعب وكانت بتطيح.
اتسعت عينيها برعب : مستحيل..
ضحكت : والله.. لو تبين تنرفزينها قولي لها الحادثة ذي والله إن تنتف شوشتك..
تقلبت ملامحها بقلق : أنا ما أبي زفة بكره..
غالية بنفاذ صبر : اللهم طولك ياروح.. ضي لا ترفعين ضغطي..
أسندت رأسها للخلف : والله راسي بينفجر من كثر التفكير..
غالية بتعاطف : وليه تفكرين؟ وكلّي أمرك لله واتركي عنك الوساوس اللي مامنها فايدة..
هزت رأسها تغمض عينيها غير مقتنعة.. فما أسهل الكلام وما أصعب التنفيذ. أخذت نفساً تهتف بعده بهدوء : متى بتروحين بيتك؟
ربتت على فخذها لتعدّل من وضع رأسها وتنظر لها: اليوم كلنا بننام هنا،، هديل وغيدا وهاجر بالمطبخ يجهزون لنا شي خفيف .. بناكل ونسولف سوالف حريم متزوجات ونعيّن من الله خير ..
لم تلبث أن تنتهي من جملتها إلا وانفجرت تضحك على ملامح ضي التي شحبت تماماً بعد كلامها .. قربتها منها تحتضنها بكل قوتها تربت على ظهرها وعينيها تمتلئ بالدموع رغماً عنها خوفاً من ليلة الغد التي لا تعلم كيف ستَمر على أختها.. ترجو من الله أن يكون خالد سَمحاً رحوماً كملامحه،، متفهماً بما يكفي كي يفهم حالة ضي..

.
.

لا يصدق فارس أنه يجلس الآن أمام والدته.. وأنه استطاع الصمود طيلة الأشهر الماضية والخروج من المعركة في داخله بأقل الخسائر..
كانت دانة وكما يبدو تعرف حدودها جيداً حيث أنها من بعد ذلك الإتصال لم تتواصل معه بأي شكل حتى أنه بات يشك بأن ماجرى في ذلك اليوم مجرد حلم.. لكن صورة إثباتها الموجودة في هاتفه تخبره عكس ذلك وتؤكد له كل شيء..

كان بعد اعترافها قد تلقى عرضاً لمدة شهرين بأن يعمل بأحد المكاتب التابعة لعمله في ينبع.. كنوعٍ من تبادل الزيارات كأنها رسالة من ربه بأن يبتعد قليلاً ويكاد يقسم أنه لم يوافق على شيءٍ في حياته بهذه السرعة..
كان يحتاج لأن يهرب بعيداً عن كل شيء.. لا رغبة له برؤية أحد حتى يصفَى عقله تماماً..
شهرين مدة كافيه جعلته يرتب أفكاره يعرف مايتوجب عليه فعله.. فصوت دانة عندما استنجدت به لازال واضحاً في مسمعه..
طلب رؤية والدته على انفراد.. حيث أن قراره بإخبارها عما يعرف يأتي متوافقاً مع سفر جابر للرياض فلا فائدة من مواجهته..
رتب لكل شيء إلا بداية حديثه معها.. كيف يمهد للقنبلة التي ينوي القاءها عليها؟
لكنه وجد أن الكلمات خرجت من تلقاء نفسها عندما سألته بنفاذ صبر : خير فارس ناديتني عشان تسكت؟؟ وش عندك؟
فارس بسرعة وتلعثم : يمه أنتي تعرفين عن دانة بنت جابر؟

.
.

نزلت دانة السلالم بسرعة حتى أنها كانت ستسقط في آخر ثلاث درجات.. فتحت باب المكتب على جدها والذي كان يقرأ أوراقاً بين يديه..
رفع رأسه من دخولها المفاجئ ليهتف بقلق بعد أن رأى ملامح وجهها الشاحبة : خير؟
كانت أنفاسها تتسارع بشكلٍ ملحوظ وبدأت تدخل في نوبة هلع بعد أن تلقت رسالة من فارس.. كانت حاستها السادسة تخبرها بأن الذي كانت تتمناه لن ينتهي إلا بكارثه. ترى الآن أمام ناظريها برجها العالي في قلب جدها يُهدم عليها ويدفنها حطامه..
وقف عاقداً حاجبيه بعد أن رنّ الجرس بشكلٍ متواصل : وش صاير؟
دانة وش فيك ؟
كانت الثواني ثقيلة كثقل أنفاسها.. شدت على قبضة الباب التي تمسكها بكل قوة.. هتفت برعب : جدي..

لكن صوت المرأة العالي والحاد جداً ابتلع كلمتها المهزوزة.. صوتها تصرخ تنادي بغضبٍ واضحٍ مدمر : منيييف..

.
.

كان خالد قبل ربع ساعة يرتدي بشته ليوم الغد.. يصعد السلالم وينزلها ثم يمشي أمامهم على مهل تارة ويرقص به تارةً أخرى..
سلوى ويدها على جبينها تمسده: ولد عرسك بكرة اترك عنك الخفّه..
خالد : آه يمه والله أخرتوني.. والله ماعندنا وقت..
باستنكار وتوجس عقدت حاجبيها : ما عندكم وقت في وش؟
وقف بعد أن كان جالساً يهتف بضحكة : نبي ننتج يمه نبي نجيب ٣ من أول محاولة.
صرخت به تراه يهرب من أمامها ضاحكاً بعد أن ألقت عليه حذاءها : لا بارك الله بعدوك من ولد.. شلون تقول هالكلام قدامي ياللي ماتستحي؟؟
كانت ضحكات خطاب وهلا تصدح بالمكان خصوصاً عندما تعثرت أقدام خالد بطرف البشت لينزلق واقعاً على ظهره بالقرب من السلالم.. مع ذلك سلوى لازالت تصرخ بإنفعال : أنا قايلة منت بكفو عرس بس محد سمع لي..
حاول الوقوف متألماً .: هذا بدل لا تسمين علي يمه.. آخ انكسر ظهري خلاص ماعاد به عيال انقطع نسلي..
سلوى : عقوبة رب العالمين..
خالد ويده على ظهره : كنا نمزح ياخي وش فيك ؟
سلوى : خوى جنبك قل آمين اذلف عن وجهي اشوف..
خالد بأسى : طيب راعي إني عريس على الأقل وإني متوتر ، والله أحس بطني يعورني يمه..
سلوى بغيض : خطّاب خذه من قدامي لا أكفر فيه..

كانت الابتسامة لازالت تعتلي وجه هلا وهي تنظر لوالدتها تضع يدها على رأسها تتأوه بشكلٍ مبالغ فيه : حسبي عليه من ولد بيرفع ضغطي..
ضحكت : وش فيك عليه يمه خليه يوسع صدره..
ثم وقفت : أنا بطلع لهم المجلس أكيد شابين الضو..
سلوى : إن استبردتي ادخلي لا تمرضين علي،، أبيك بكرة معي من بدري..
هلا : إن كنتي تبيني أنام عندك نمت.
ابتسمت : روحي بيتك الله يستر عليك لا ينام ولد اختي بلحاله.. الله يفرحني فيكم ويبلغني اشوف عيالكم قريب..
ابتسمت لها بتودد : الله كريم .. ادعي لنا يمه..

خرجت حيث المجلس الخارجي بجلساته الأرضية ..جلست ترى خطاب ينظر للمشب وخالد يلتف بفروته وعينيه مثبته على هاتفه..
هلا بعد أن سرت رعشة بجسدها من برودة الجو : والله برد يا عيال..
خالد بعد ثواني وهو يفتح فروته والتي كان يشدها على جسده باستماته .. ضاحكاً : تعالي وأنا أخوك والله لو تتنافضين من اليوم لبكرة اللي بالي بالك موب حولك..
ابتسمت تقترب منه تجلس بجواره ملاصقةً له ليشملها يغطي اكتافها بفروته..
نظرت لخطاب السارح تماماً.. لم ينتبه لها ولا لحديث خالد حتى والذي صفّر له ليستحوذ على انتباهه : مدير..
لكنّه لم يتحرك أو ينظر.. كانت عيناه مثبته على النار أمامه وكأن لا أحد بالمكان سواهما..

عندما انسدل ستار الليل تماماً.. كان النوم مجافياً عينا خالد..
يتمدد على ظهره يضع يديه تحت رأسه ينظر للسقف.. فُتح الباب ليرى والدته تقترب منه : للحين ما نمت!!
ابتسم لها بتعب دون أن يجيبها.. لتتابع بقلق بعد أن فتحت الإنارة القريبة من رأسه : ليكون ظهرك للحين يوجعك؟ قم جبت مرهم بدهنّك فيه ..
خالد لازال مبتسما : لا ياعيني تطمني.. وأبشري بالأحفاد..
ضحكت لتجلس بالقرب من رأسه : ياملغك يا خالد .. وش مصحيك للحين؟ اذا بطنك يعورك صدق ادهن بفيكس وتغطى زين..
خالد بعد فترة: قلقان يمه... و أفكر!
عقدت حاجبيها : تعوذ من ابليس.. أنت قلقان من المسؤولية بس.
خالد بأمل : تهقين؟
ابتسمت له ابتسامه واسعة تحارب الدموع التي تجمعت في عينيها وهي ترى أصغر أبناءها قد أصبح عريساً : أكيد.. عاد أنت بالمسؤولية الله بالخير ياقلبي..
ضحك بعد أن مال بجسده حتى أصبح رأسه في حضنها : شفتي كيف؟؟ عشان كذا أنا حلفت اسكن عندك أنا وبنت الناس المسكينة. أنا من غيرك أضيع يانبضي..

.
.
.

# نهاية الفصل الحادي عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..



أبها 09-12-18 08:56 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
شكراً لكِ مبدعتنا ( وطن نورة ) ....🍃


خطاب .. الحمدلله ، الخِطبة التي أرغم نفسه عليها لم تتم، لذلك تنفس الصعداء ، وكأنه كان يترقب الرفض منها ليوافق ذلك أمنيةً في قلبه..

دانة .. عجيبة تلك الفتاة ،،التي تراعي خاطر من ربّاها ، ولم تكسر له كلمة رغم أن قلبها يهوى خطاب.

حنين ... ربّاه ...🤭
لا أتصور أن يصل بكِ الخنوع أن ترتضي بالتخلي عن جزء من جسدكِ وتهدري صحتكِ ،من أجل أن تعيشي في هامش الحياة ...
ألم تفكري في أبنائك ؟ من سيقوم برعايتهم ؟ من سيلبّي حاجاتهم إن أنت تنازلتِ عن صحتك طواعية ؟؟ 😣
صحيح أن حنين قد امتهنت كرامتها في بيت بدر ، ولكنها في بيت سامي قد أهدرتها كليّة ،، لذا أرى أن تواجدها في بيت بدر هو حق لها ولأبنائها، لتحفظ ما تبقى لها من عزة نفس.
الحمدلله أن قدوم ياسر جاء في الوقت المناسب ، وحده من سيضع حدّاً لسفاهة بدر.

هلا وخطاب ... حاجة المرأة الفطرية تماثل حاجة الرجل ، والزوجة التي تنكر ذلك فهي بلاشك كاذبة ،،،هكذا خلق الله البشر.. بل وجميع الخلق .تلك سنة إلهية.
هلا يجب أن تعين خطاب في الذهاب لدكتور نفسي ، واضح جداً أن مشكلته نفسية بحتة، وليس من مصلحتهما أن تعِدَه بالصبر وعدم الاستعجال ، بل يجب أن يتداركا وضعهما معاً، يداً بيد .

ضي .. الآن أدركت معنى قول أختها أنها كذبت الكذبة وصدقتها 🤔
هي تعاني من إيذاء الشياطين لها، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..😞
ويبدو أنهم غير مصدقين لها..
تذكرت حالة إحدى قريباتي، ابنتها تشتكي والجميع يشكك في حالتها ،،كانت تعاني مثل ضي ، لزمت القرآن وتمسكت بالأذكار ،فأعانها الله عزّ وجلّ و شافاها الرحمن الرحيم.
ترى هل ستصارح ضي خالد بما تعانيه؟

فارس .. سافرت لترتب أفكارك، لكن يظهر أنك سببت فوضى ..
فها هي الجازي تكتسح بيت منيف كعاصفة هوجاء ..🌪
أعانكِ الله يا دانة ،، يبدو أن القادم ليس أجمل .😓

(عسى الجازي ما تعجن دانه ومنيف بإيدينها الثنتين 😬 متحمسة أشوف ردة فعل منيف 😁))

شكرا من القلب وطن نورة، استمتعت جدا جدا بجزئية اليوم.💐

فيتامين سي 10-12-18 01:20 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلم الأنامل وطن نورة اللي خطت لنا هذا الإبداع

خطاب من البدايه واضح أن مشكلته نفسيه ماهي جسديه
وهلا يمكن ماعرضت عليه الذهاب لدكتور لأنه أخبرها
بأنه ذهب ولكن لم يستفيد شيء لكن ربما ما أستفاد لأنه
ماكان هناك من يقف بجانبه ويعينه على الشفاء بل العكس حصل وتضرر من زوجته الأولى اللي ماحاولت
تقف بجانبه بل زادت من مشاكله النفسيه بتصرفاتها والتشهير به

هلا الله يعطيك على قد نيتك ويبعد دانه عن خطاب
وتنحل مشاكله النفسيه على يدك

دانه ياقاعدين يكفيكم شر الجايين جاتكم الجازي وبتقلب
الدنيا على منيف وعليك والله العالم وش ناويه عليه
هل بتحاول تأخذ دانه ولو حاولت هل منيف بيسمح لها
ما أعتقد الله يعين دانه موقفها صعب لكن لو خيرت أظن بتختار جدها لأنها تضحي بعمرها من أجله هو اللي رباها وماقصر معها ومدلعها آخر دلع

جابر دور من يجبركسرك أمك ماراح تعدي عملتك
اللي أخفيتها عنها سنين وبتدفعك الثمن غالي

ضي الله يكون بعونها هل راح تصارح خالد بمشكلتها
أو أنها تخبي عليه وتفضل على تباعدها معه
خالد طيب وحبوب ولو عرف مشكلتها ما أتوقع يتخلى عنها ممكن راح يوقف معها ويتفهم وضعها ويسعى لعلاجها لكن الخوف إنه مايعرف بوضعها ويحس بنفورها منه وهذا صعب على خالد وممكن يتصرف تصرف متهور وقتها

حنين يالله وضعها جد مؤلم لكن قهرتني بغباءها يعني
هي متصوره إن لما تتبرع لولد سامي بيحفظ لها الجميل ويشيلها على راسه هذا اللي مثله ماله أمان
أول ماياخذ اللي يبغى منها بيرجع يعاملها مثا أول
وأخس ويمكن يطردها

الحمد لله ياسر رجع وإن شاء الله يهتم فيها وتفتك من النذل سامي وعياله لكن والله ماعجبني إنه بيرجعها
لبدر غصب لكن إن شاء الله إن بدر مايرضى وهو اللي يخرج من البيت وهي تعيش مع ياسر أو ياسر يأخذ لها
شقه لها ولأولاده ويوفر لها كل اللي تحتاجه وتعيش مرتاحه لأن راحتها في البعد عن أمها وأبوها وبدر

بدر ماراح يسكت وبيعمل المستحيل حتى يأخذ دانه
وإن شاء الله بيوقفه عند حده منيف ويفكنا منه لو حس
أنه سبب أدنى مشكله لدانه

بارت ممتع وطن نوره منتظرين بقية الأحداث
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك يارب



شبيهة القمر 11-12-18 11:59 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
😭😭😭😭
لااااااااااا كتبت رد طوييييل وطاااار
وش هالحظ 😖😖😖
المهم خلاصة ردي ياسامعين ان هذا الجزء هو الهدوء الذي يسبق العاصفه
بس ارجع واقول خطاب وحنين يبي من يحشرهم بزاويه ويجلدهم 😠
وبس ..

وطن .. تسلم الانامل الذهبيه الي خطت لنا هالابداع .. بانتظار الغد بكل شووووق 💕💕

وطن نورة ،، 12-12-18 09:23 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3708667)
شكراً لكِ مبدعتنا ( وطن نورة ) ....🍃


خطاب .. الحمدلله ، الخِطبة التي أرغم نفسه عليها لم تتم، لذلك تنفس الصعداء ، وكأنه كان يترقب الرفض منها ليوافق ذلك أمنيةً في قلبه..

دانة .. عجيبة تلك الفتاة ،،التي تراعي خاطر من ربّاها ، ولم تكسر له كلمة رغم أن قلبها يهوى خطاب.

حنين ... ربّاه ...🤭
لا أتصور أن يصل بكِ الخنوع أن ترتضي بالتخلي عن جزء من جسدكِ وتهدري صحتكِ ،من أجل أن تعيشي في هامش الحياة ...
ألم تفكري في أبنائك ؟ من سيقوم برعايتهم ؟ من سيلبّي حاجاتهم إن أنت تنازلتِ عن صحتك طواعية ؟؟ 😣
صحيح أن حنين قد امتهنت كرامتها في بيت بدر ، ولكنها في بيت سامي قد أهدرتها كليّة ،، لذا أرى أن تواجدها في بيت بدر هو حق لها ولأبنائها، لتحفظ ما تبقى لها من عزة نفس.
الحمدلله أن قدوم ياسر جاء في الوقت المناسب ، وحده من سيضع حدّاً لسفاهة بدر.

هلا وخطاب ... حاجة المرأة الفطرية تماثل حاجة الرجل ، والزوجة التي تنكر ذلك فهي بلاشك كاذبة ،،،هكذا خلق الله البشر.. بل وجميع الخلق .تلك سنة إلهية.
هلا يجب أن تعين خطاب في الذهاب لدكتور نفسي ، واضح جداً أن مشكلته نفسية بحتة، وليس من مصلحتهما أن تعِدَه بالصبر وعدم الاستعجال ، بل يجب أن يتداركا وضعهما معاً، يداً بيد .

ضي .. الآن أدركت معنى قول أختها أنها كذبت الكذبة وصدقتها 🤔
هي تعاني من إيذاء الشياطين لها، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..😞
ويبدو أنهم غير مصدقين لها..
تذكرت حالة إحدى قريباتي، ابنتها تشتكي والجميع يشكك في حالتها ،،كانت تعاني مثل ضي ، لزمت القرآن وتمسكت بالأذكار ،فأعانها الله عزّ وجلّ و شافاها الرحمن الرحيم.
ترى هل ستصارح ضي خالد بما تعانيه؟

فارس .. سافرت لترتب أفكارك، لكن يظهر أنك سببت فوضى ..
فها هي الجازي تكتسح بيت منيف كعاصفة هوجاء ..🌪
أعانكِ الله يا دانة ،، يبدو أن القادم ليس أجمل .😓

(عسى الجازي ما تعجن دانه ومنيف بإيدينها الثنتين 😬 متحمسة أشوف ردة فعل منيف 😁))

شكرا من القلب وطن نورة، استمتعت جدا جدا بجزئية اليوم.💐

ياهلا وسهلا أبها
خطاب خطبها لمجرد يريح ضميره وكأنه يقول أنا سويت اللي علي بس ماتم الموضوع
لأنه فعلاً غير راغب بها

الحسنة الوحيدة بحياة منيف هي دانة واهتمامه فيها

حنين امتهنت عزة نفسها من البداية حتى أصبح شيء عادي عندها ورضوخها لسامي مجبراً أخاك لا بطل
الحمدلله على سلامة قريبتك والله يعافيها ويكفينا الشر
الله يسعدك أبها وشكرا لك أنتي لردك ومتابعتك والله إنه تسعدني جداً ❤❤❤

وطن نورة ،، 12-12-18 09:24 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3708683)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلم الأنامل وطن نورة اللي خطت لنا هذا الإبداع

خطاب من البدايه واضح أن مشكلته نفسيه ماهي جسديه
وهلا يمكن ماعرضت عليه الذهاب لدكتور لأنه أخبرها
بأنه ذهب ولكن لم يستفيد شيء لكن ربما ما أستفاد لأنه
ماكان هناك من يقف بجانبه ويعينه على الشفاء بل العكس حصل وتضرر من زوجته الأولى اللي ماحاولت
تقف بجانبه بل زادت من مشاكله النفسيه بتصرفاتها والتشهير به

هلا الله يعطيك على قد نيتك ويبعد دانه عن خطاب
وتنحل مشاكله النفسيه على يدك

دانه ياقاعدين يكفيكم شر الجايين جاتكم الجازي وبتقلب
الدنيا على منيف وعليك والله العالم وش ناويه عليه
هل بتحاول تأخذ دانه ولو حاولت هل منيف بيسمح لها
ما أعتقد الله يعين دانه موقفها صعب لكن لو خيرت أظن بتختار جدها لأنها تضحي بعمرها من أجله هو اللي رباها وماقصر معها ومدلعها آخر دلع

جابر دور من يجبركسرك أمك ماراح تعدي عملتك
اللي أخفيتها عنها سنين وبتدفعك الثمن غالي

ضي الله يكون بعونها هل راح تصارح خالد بمشكلتها
أو أنها تخبي عليه وتفضل على تباعدها معه
خالد طيب وحبوب ولو عرف مشكلتها ما أتوقع يتخلى عنها ممكن راح يوقف معها ويتفهم وضعها ويسعى لعلاجها لكن الخوف إنه مايعرف بوضعها ويحس بنفورها منه وهذا صعب على خالد وممكن يتصرف تصرف متهور وقتها

حنين يالله وضعها جد مؤلم لكن قهرتني بغباءها يعني
هي متصوره إن لما تتبرع لولد سامي بيحفظ لها الجميل ويشيلها على راسه هذا اللي مثله ماله أمان
أول ماياخذ اللي يبغى منها بيرجع يعاملها مثا أول
وأخس ويمكن يطردها

الحمد لله ياسر رجع وإن شاء الله يهتم فيها وتفتك من النذل سامي وعياله لكن والله ماعجبني إنه بيرجعها
لبدر غصب لكن إن شاء الله إن بدر مايرضى وهو اللي يخرج من البيت وهي تعيش مع ياسر أو ياسر يأخذ لها
شقه لها ولأولاده ويوفر لها كل اللي تحتاجه وتعيش مرتاحه لأن راحتها في البعد عن أمها وأبوها وبدر

بدر ماراح يسكت وبيعمل المستحيل حتى يأخذ دانه
وإن شاء الله بيوقفه عند حده منيف ويفكنا منه لو حس
أنه سبب أدنى مشكله لدانه

بارت ممتع وطن نوره منتظرين بقية الأحداث
يعطيك العافيه ولا خلا ولا عدم منك يارب



هلا والله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
والله يسلمك ويسعدك على كلامك ❤

الفرق بين هلا وزوجتة الأولى أن هلا تحبه جدا وهي من تبدأ بالمبادرة دايما ويكفيها وجوده معها عن أي شي والثانية ماحاولت تحبه يوم ماشافت منه أي مبادرة وكملتها يوم شهرت به
خطاب حياته مشربكة كل مشكلة تؤدي لمشكلة أكبر منها

دانه مستحيل تتخلى عن منيف لكن منيف هل بيرضى عن فعل دانه ؟
منيف اخفاءه لدانة ومجاراته لولده هو خوف من إن دانه تختارهم وتفضل العائلة على بقاءها معه

بدر مثل الدبور اللي يدور على خراب عشه مستهين بمنيف على مايبدو

الله يسعدك فيتامين مثل ما اسعدني ردك جداً ❤
لاتحرميني متابعتك ❤

وطن نورة ،، 12-12-18 09:28 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708716)
😭😭😭😭
لااااااااااا كتبت رد طوييييل وطاااار
وش هالحظ 😖😖😖
المهم خلاصة ردي ياسامعين ان هذا الجزء هو الهدوء الذي يسبق العاصفه
بس ارجع واقول خطاب وحنين يبي من يحشرهم بزاويه ويجلدهم 😠
وبس ..

وطن .. تسلم الانامل الذهبيه الي خطت لنا هالابداع .. بانتظار الغد بكل شووووق 💕💕

حسافة عاد بس ماعليه ان شاءالله خيره يمكن لا شفته رد طوييييل يوقف قلبي من الفرحة ههههه :wookie:
افا وش فيك على خطاب عاد :spG05120: الولد تعبان يختي بس ماعليه أضبطه لك
وحنين تستاهل أجلديها

الله يسعدك ياشيخة ويرفع قدرك شكرا لك والله كلامك أثلج صدري :spG05120: إن شاءالله يعجبك :e106:

وطن نورة ،، 12-12-18 09:37 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
ليلتكم سعيدة ،، أتمنى لكم قراءة ممتعة وعذرأ مقدماً على أي تقصير :yjg04972:
.
.


◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.



# (١٢) الفصل الثاني عشر ،،
°
°

وبقيتُ وحدِّي..
كَما لو أننّي ،،
لم أكنْ برفقةِ أحدهمْ مِن قَبل.

*منقول*
.
.

بردت أطرافها وتنملت عندما مرّ من جوارها يتعداها بسرعة يدفعها من طريقة بغضب.. كان الصوت مألوفًا لمسمعه لكنه خوّن أذنيه فلا يمكن أن تكون في منزله وهي التي نفتهُ من حياتها وحياة أبناءها وكأنه شيءٌ لم يكن..

كانت دانه مرعوبةً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من شعور.. تجمعت الدموع في عينيها وتبعت جدها حيث ذهب متوجهاً لصالة المنزل القريبة من الباب.. خطواتها السريعة المتخبطة توقفت خلفه.. تنظر من فوق أكتافه للمرأة فارعة الطول، تستر ملامحها بنقابها والذي على الرغم من ضيق فتحته إلا أنه لم يستطع أن يخفي حدة نظرتها..
يقف بجوارها فارس.. ما إن رآها حتى وارتبطت عينيه بعينيها ونظرتها المرعوبة..
منيف بأنفاس ثائرة : أشوف دارت بك الدنيا وجيتي لي!! خير وش جايب محارمك لبيتي يا فارس؟
الجازي بحدة وصوت مرتفع كانت نظرتها لمنيف حاقدة وكأن بين أهدابها سهاماً ستطلقها عليه : صدقني لو إنها عادت علي كان ماجمعتني بك ديرة وحدة.. شوفتك غمّت قلبي أعوذ بالله من هالوجه اللي يطرد الملائكة ..
ثم حركت بصرها لتقع نظرتها على دانة.. ثم عادت تنظر لمنيف تشير برأسها : ماجابني إلا اللي أوهمت عيالك إنها حرمتك..
منيف : أنا منيب مجبور أبرر لأحد.. مهوب ذنبي لا صارت عقول عيالك متركبه شمال.
الجازي بقرف : أنا ما أدري شلون إستأمن بنته عند واحد واطي مثلك!! ماخاف على عرضه؟
كانت صرخة منيف في وجهها وبإسمها مدويةً قادرةً على تكسير الزجاج.. مع ذلك لم تحّرك بها ساكناً بل قالت ببرود : ولاّ شياطينك معميين بصيرتها؟ ولاّ شكلها ماتدري!
كان يسمع لهيث أنفاسها المرعوبة خلفه : فارس كانك شاري عمر أمك خذها من قدام وجهي قبل لا تندم أنت وهي على جيتكم ذي..
لكن الجازي عادت تنظر لدانة تتأملها بتفحص : بنت جابر من متى وهي عندك؟
منيف بنبرة : أنا مستغرب إنه تجرأ وقال لك وهو اللي مخفي الموضوع وخايف إنك تدرين!!
الجازي : ما أخفاه عبث.. أكيد أنت لك يد بالموضوع..
ابتسم ببغض : تدرين عاد وش مشكلتك يالجازي؟ إنك لازلتي تظنين إنك مدّركه كل شي بينما كل شي يصير وأنتي يا غافلين لكم الله.
اعتدلت بوقفتها : وش تقصد؟
منيف: اسألي جابر.. ومنصور.. كل واحد من عيالك وراه مصيبة دريت عنها وأنا بعيد عنهم وأنتي يا أمهم اللي معهم مثل الصورة بينهم.
فارس وهو يرى ارتعاش والدته : خلاص يمه خلينا نمشي..
الجازي : منيب ماشية إلا وبنت ولدي معي..
منيف : ولدك لو كان يبيها تحت يدينك كان ماجابها لي وهي أم شهر وأخفاها عنك ٢٤ سنة وتوه يعترف لك..
الجازي بقوة : مادريت من جابر ..
التفت منيف ينظر لدانه التي اتسعت عينيها بوجهٍ شاحب.. ثم عاد ينظر للأمام يهتف بشك : مين؟
الجازي بحقد : دانة هي اللي دقت تصيح وتستفزع بفارس عشان يخلصها منك ومن شرك ،، مايندرى وش شافت في بيتك! مير ذيل الكلب أعوج أكيد إنك للحين على ظلالك القديم..
كانت ترشقه بالكلمات والعبارات وكأنها وجدت نقطة ضعفه.. لكن منيف لم يكن معها أبداً..
كان ينظر لفارس من فوق كتف دانة التي أصبحت تقف أمامه.. تمسك كفه تبكي وتهزه : جدي خليني أفهمك..
أرخى بصره.. ينظر لها غير مصدق : أنتي داقه عليه؟
دانة برعب : لا جدي الموضوع مو مثل ما أنت فاهمه..
ثم التفت لفارس تبكي برجاء : عمي الله يخليك تكلم قول شي لا تسكت.
الجازي بقوة : يتكلم وش يقول؟ جدك هاللي نافخه قلبك عشانه ملعون .. يلعنه ربي وملائتكة من يصبح لين يمسي...

كانت الكلمات تخرج من بين شفتي الجازي كطلقات الرصاص.. كانت كل كلمة محملّة بالكرة والحقد الذي تضاعف برؤية منيف بعد كل هذه المدة..
مر كل شيءٍ بسرعة.. دفْع منيف لدانة من أمامه لتسقط ثم خطواته السريعة جداً حتى أصبح يقف أمامها يلصقها بالباب خلفها ويحاول خنقها بيده..

جحظ بصرها وعين منيف الحمراء مسلطة على عينيها بشكل مرعب.. شعرت بأن روحها ستخرج من مقلتيها فيده كانت تضغط بكل قوة.. انحنت تكح بكل قوتها تضع يدها على حلقها تتحسسه تنظر بعينين مملوءة بالدموع لظهر فارس الذي دفع والده بعيداً عنها مكتفاً يديه للخلف يتكلم بغضب : مجنون أنت تلمس أمي يالنجس!!..
منيف بغضب مدمر يحاول التحرر منه : فكني يال*.. طلع هال* من بيتي يا فارس.. اطلع من بيتي أنت وهال* يافااارس ..
الجازي بتحدي : منيب طالعة إلا ودانة معي.. مستحيل أتركها في بيت واحد مثلك..
دفع فارس منيف بعيداً عنه عندما تشبثت دانة بكتفه بقوة.. تترجى بصوت أبح تحاول سحب يده : اتركه.. شيل يدك عنه.. وخر.. اتركه..

منذ دخوله كان منتبهاً لها ولخوفها ونظرة الخذلان في عينيها.. كانت مسكتها له كفيلة بأن تضرم النار في أطرافه.. يعلم أنه أدخلها في مشكلة كبيرة لكنه متيقن بأنها ستكون ممتنه له فيما بعد عندما تتحرر من محيط والده الذي تجهله فلا خير في بقائها معه..
التفت منيف مفاجئاً فارس بلكمه في منتصف بطنه جعلته يئنْ ويقع على ركبتيه..
بدأ منيف يدفع دانه للخلف باتجاه الجازي حتى اختل توازنها فسقطت لتسقط فوقها الأخرىx : خذيها.. كانها تبيك خذيها..
لا بارك الله فيمن جمعكم.. خذيهااا..

الجازي بألم اعتدلت ترفع دانة عنها والتي بدأت تبكي بصوت مرتفع: بسم الله عليك جاك شي؟
وقفت دانة بسرعة تتجه لجدها تتشبث بيده : جدي خليني أفهم..
قاطعها بغضب يدفعها بعيداً عنه مجدداً : ماعاد أبي أشوفك قدامي. اذلفي..
الجازي بصرامة : دانة جيبي عبايتك وتعالي..
هزت رأسها تنفي عادت تتشبث به مجدداً : جدي والله انك فهمت غلط.. انا ما أبي أحد غيرك.. أنا مالي أحد غيرك..
فارس ويده على بطنه حيث يشعر بأن لكمة والده أحدثت فجوة : دانة امشي معي.. مالك قعدة في بيته.. أنتي ماتعرفينه..

كانت تنظر لملامح جدها الغاضبة.. الغاضبة منها.. لأول مرة..
كانت تشعر بعالمها ينهار حولها من نظرة عينيه.. نظرته كانت خليط من الصدمة والغضب الهادر وخيبة الأمل والغضب والغضب والغضب وكأنها بتصرفها قطعت حبال الثقة بينهما..

كل الأصوات حولها أصبحت عائمة بلا حدود .. غير مدركة لما يقولون ترى شفاه جدها تتحرك بغضب .. صوت فارس و والدته خلفها حاد يكاد يصمها.. يدفعها جدها بعيداً عنه لتمسك بها ايدي من الخلف قبل أن تسقط لتعاود دفْع نفسها للأمام تتشبث بذراع جدها تتوسل بدموعها أن يفهم ما حصل..

هدأت الأصوات بعد صوت الباب الذي أُغلق بقوة..
هدأ كل شيء ماعدا صوت أنفاس جدها الثائرة .. ينظر لها وكأنها شيءٌ لا يخصه..
دانة برجاء : جدي خل..
ليقاطعها واضعاً سبابته التي ترجف أمام فمه.. يهتف بنبرة غريبة شعرت بها تنسف الأربع وعشرين عاماً التي قضتها معه : لا عاد أسمع لك نفَس..

تابعت ببصرها ابتعاده عنها.. صعوده السلالم مستنداً على الدرابزين بتثاقل.. وكأنه لا يستطيع أن يحمل ثقله..
وقتها أدركت دانه أنها خسرت جدها،، للأبد..

.

الجازي لم تهدأ.. كانت تشتم بكل غضب.. تشتم الجميع بكل غضب تهدد و تتوعد بقهر مدمر..
فارس بضيق لازالت دانة ونظرتها أمام عينيه : يمه الله يهديك ماكان المفروض تقوليني شي ما قلته..
الجازي بعدم تصديق : أنا ما أدري المجنونة ذي شلون راضية تقعد معه كل هالمدة؟ والكلبة لازالت متمسكه به مو براضية تتركه.. متمسكة فيه ورافضتني.
فارس بندم يبدو أنه -بدل لايطبها عماها- : دانة ما تدري عن شي..
الجازي بصراخ : أبوك من وجهه تعرف إنه مغضوبٍ عليه.. وأخوك هال*.. شلون يصير كل ذا ولا يعلمني؟؟ أنا مو قادرة أصدق شلون يسلّم بنته لمنيف وهو اللي يعرف كل مصايبه؟؟ الله يصيبك يامنيف. الله يصيبك وينتقم منك يامنيف .. الله يصيبك ويسلط عليك جنود الأرض والسماء....
فارس بقلق يقاطعها : يمه لا تخليني أندم إني قلت لك..
الجازي بحدة : أقول دق على هالتبن جابر خليه يجيني.. إن ما قطعتَه بأسناني على فعلته ذي ما أكون الجازي..
فارس بقلق : مسافر ما أظن يقطع سفرته ويرجع..
بدأ كفها يضرب -الطبلون- أمامها بكل قوة حتى أن الدُرج انفتح : أقولك تدق الحين يعني تدق.. دق أشوف.. دق..

.

لم يستطع النوم.. كان يتقلب على سريره وكأنه يتقلب على جمر..
لازالت نظرتها المرعوبة تستهدف ذاكرته.. كان يريد المساعدة.. يقسم أنه لم ينوي بها شراً أبداً.. دانة تجهل والده حرفياً.. تراه كالملاك بينما هو في الحقيقة أبعد من أن يكون كذلك.. هو أخبث من الشياطين و أقسى من الصخر.. و دانة لا تعرفه كما يعرفه أبناؤه..
كان يريد انقاذها لكن يبدو أنها انسابت من بين أصابعه.. ضاعت بين غضب والدتها -والتي يقسم بأنها أخذت الموضوع بشكلٍ شخصيٍّ تماماً- وبين غضب والده والأكيد غضب جابر الذي سيطولها..
زفر أنفاسه بضيق ورفع هاتفه مستقبلاً اتصالاً للمره العاشرة هذه الليلة من جابر والذي أصابه الهلع بعد أن أخبره فارس بأن والدته علمت بموضوع دانة وتريد منه العودة وإلا ستعرف كيف تأتي به حتى وإن كان جثة هامدة (والدته تقول).. هذا فقط بدون أي تفاصيل أخرى..
وكما تجاهله منذ الاتصال الثاني .. تجاهله هذه المرة أيضاً..

دخل عليه عامر يفتح الباب بكل قوة ويغلقه بنفس القوة وجهه مبهوت : صدق اللي صار؟
فارس بهمْ : والله مالي خلقك ياخي.. اتركني بحالي يرحم أمك .
جلس على السرير لازالت عينيه متسعه : أمي تحت ترعد وتبرق والله خطر تولع فينا كلنا.. حتى منصور صرخت عليه وسفلّت فيه..
ثم تابع بذهول يشير بيده : مستوعب؟؟ حتى منصور فتى الأنابيب اللي ما ترضى الذبانة تمر من قدامه صرخت عليه و زين ماضربته..
فارس بضيق : يالله..
سكت عامر قليلاً يتأمله ليهتف بعدها بتوجس : أنت شلون دريت إنها بنت جابر؟ أبوي قالك؟
بقرف : لا تجيب طاريه تكفى والله تحوم كبدي..
عامر : جابر؟
حرك يده بالقرب من رأسه دلاله على فقدان الأمل: اوهوو قال جابر قال.. ليه تظن أخوك هالزلابة رجّال عشان يعترف ببنته؟
عامر : أجل كيف؟
فارس بضيق : دانة قالت لي..
ارتفع حاجبيه ولم تخفى عن فارس نظرته ذات المغزى : دانة! فجأة كذا؟
فارس : وش تبي توصل له بالضبط؟
عامر : أبد بس أنا بعد دانة قالت لي إنها بنت جابر..
فارس عاقداً حاجبيه : متى قالت لك؟
جابر بابتسامه : علمني وأعلمك..
سكت متردداً خصوصا مع ابتسامة عامر التي تحثه بأن يصمت.. يبدو أن ماوراء عامر شيءٌ أكبر مما لديه لذا قال دون أن ينظر له : قبل أكثر من ثلاث شهور تقريباً..
عامر بضحكة : لا أجل خبَرك بايت.. قالت لي قبلك..
نظر له بسرعة: ليه؟
رفع حاجبيه بمعنى -أنت اللي ليه؟- فتابع فارس مكرهاً ينظر للمكان خلف أخيه : يوم دريت أنها موب زوجة أبوي....ما أدري وش جاني بس إني كلمتها و...خطبتها..
لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعل عامر بهذا الشكل. توقع كل شيء إلا أن ينفجر عامر ضاحكاً وكأنه سمع نكته وليس حدثاً كارثياً كهذا...
عامر لازال يقهقه : ياويلي لادرى جابر والله إن يذبحني ويذبحك..
فارس بانفعال : ماكنت أدري إنها بنته.. غلطته وغلطت أبوك أنا مالي ذنب..
عامر لازال صوته ضاحكاً : وأنا قلت شي؟ حالي من حالك اللهم إني تحمست شوي.
ثم تابع بابتسامه رداً على الاستفسار بملامح فارس : كنت قاعد ليلة عند أبوي ونزلت بنت الذين تمشي قدامي..
بهت وجهه متوقعاً ما حصل : ايه؟
عامر: البنت كيكة فارس لدرجة إنك أنت بعد ماقدرت تفكر فيها بشكل سَوي.. جيت..يعني تعرف الأفكار المجنونة اللي تجيك لا صار الشيطان ثالثكما.. بس بنت الذين عليها كوع بغى يكسر فكّي..
فارس بعدم تصديق : يالحيوان!! أنت شلون..
ليقاطعه عامر واقفاً : أنا بعد ما كنت أدري إنها بنته.. ولا هي بغلطتي..

جلس فارس نصف ساعة بعد خروج عامر.. ينظر للفراغ أمامه لازال غير قادرٍ على تصديق ماسمع..
رفع هاتفه محاولاً الاتصال بدانة.. الله وحده يعلم أن خوفه عليها الآن هو خوف حقيقي من عم لابنة شقيقه.. يعلم أنه أدخلها في دوامة لا مخرج منها..
لكنه أغمض عينيه بخيبة عندما وصله أن هاتفها مغلق ..
.
.

أن يكون لك سندٌ تعلم أنه سيكون خلفك يراقبك يحرص على أن تكون مستقيماً بوقوفك لا شيء يحني ظهرك أو يكسرك هو شعورٌ لم تجربه حنين حتى وقت متأخر من عمرها..
احتضنت والدتها تبكي بصمتٍ على كتفها. حقيبتها بجانبها تنتظر اللحظة التي تخرج فيها من هذا السجن..
شيخة تربت على كتفها : الله يسعدك ويكبر حظك دنيا و آخرة. ماعليه يابنتي.. ماعليه..
ابتعدت عنها تقبل رأسها تحاول أن تبتسم : اعذريني يمه ثقلت عليك بجلستي عندك..
بعتب : وش هالكلام عيب عليك!
عادت تقبل رأسها على عجل وهي تسمع سامي يصرخ باسمها.
وضعت غطاءها على وجهها على عجل : أشوفك على خير يمه.. ادعي لي.
شيخة بعبرة : الله يسخر لك الخير ويطمنك.. اتركي الشنطة بقول لواحد من العيال يشيلها..
سحبتها خلفها : لا تكفين منيب ناقصة كلمة تضيق صدري ..
خرجت معها شيخة للصالة.. تنادي أحفادها تحتضنهم وتودعهم بشفقة وشوق..
سيف : بابا ياسر ينتظر.
قالها وخرج يركض تتبعه أخته .. تحركت بلهفه خلفه تحاول أن تتجاهل نظرات سامي الواقف ينظر لها بازدراء.. لتهتف قبل خروجها مجبره : مشكور بيض الله وجهك. ما قصرت واعذرني...
سامي بضيق يقطع كلامها : الله يستر عليك..

ما إن خرجت من حدود المنزل حتى وأُغلق الباب خلفها بكل قوة.. قفزت بذعر والتفتت تنظر للباب الصدئ خلفها..
الشمس ساطعة والجو عليل جداً جعل رئتها تتوسع عندما استنشقته..
التفتت للأمام عندما وصلها صوته : فقدناك يا أم سيف..
توجهت له بسرعة حتى استقرت بين يديه تحتضنه بكل قوة.. : الحمدلله على سلامتك ياعمي.. نورت.
ربت على كتفها بحنان بالغ : الله يسلمك.. وامسحيها بوجهي يابنتي..
ابتعدت تقبل رأسه ثم تنزل تقبل يده: الله يرضى عليك ياعمي ويخليك لي ياعزوتي..
ابتسم يشد على كفها : مشينا أجل؟..

بدأت سيارته تطوي الطريق أمامه.. الصمت يلفهم بشكل مريب حتى قطعته حنين بتوتر : حطني في بيت أبوي الله يعافيك..
ياسر ونظرته مثبته للطريق أمامه : وليه أحطك في بيت أبوك وبيتك موجود؟
حنين بضيق : عمي بدر طلقني وما عدت أحل له.. الله يرضى عليك لا تحرجني معه يكفي ماجاني منه .
ياسر : ولدي غلط وحسابه بيكون معي أنا ولا تظنين إني أرخصك بس إنه ندمان ويبيك ويبي عياله.. و محد معصوم من الخطأ وأنا عمك.
حنين بعد صمت : هو قالك؟
ياسر : وابشرك الشيخ بيجي بعد المغرب.. وأبشري بالمهر اللي يطيّب خاطرك يا أم سيف..
حنين بعبرة : ياعمي أنا والله ما أبي شي.. بس طلبتك إن كان بدر مايبيني وأنت أجبرته يرجعني ترا والله إن بيت ابوي و زوجته أرحم مليون مره من الذل والمهانة..
ياسر بأسى : الله يسامحك.. تهقين أنا برضاها عليك أرجعك وهو مايبيك؟ حنين أنتي بنتي..
صمتت وعبرتها تكاد تخنقها.. ليردف ياسر بتنهيده : وش قلتي؟
حنين بحزن : موافقة بس عندي شرط.
زفر براحة : ابشري باللي تبين..
حنين : ماعاد ينقفل علينا باب ولا تجمعني فيه غرفه وحدة..
نظر لها ثم عاد ينتبه لطريقة بعدم رضا دون أن يعلق..
.
نظرت حنين لياسر يحتضن أحفاده ، انقلب حاله مئه وثمانون درجة بعد أن عادت لابنه حتى أن ابتسامته لا تكاد تفارق وجهه. ثم نظرت لوالدها الذي ينظر لها ببرود وينطق بصرامة : انتبهي لبيتك ورجلك.. منتي بلاقيه رجّال مثل بدر يصونك ويخاف عليك..

عقدت حاجبيها تتجنب النظر لوجهه وتتلهى بورقة الشيك بين يديها.. توقيع بدر وخطه الذي كتب لها مبلغاً يفوق مهرها الأول بالضعفx .
كل الذي يدور حولها يدعوها للضحك.. أن تنفجر ضاحكة في وجه الجميع..
أي جنونٍ هذا؟ بدأت تشك حقاً بأن والدها يفهم الأمور بالعكس.. أو أنه يرى شيئاً غير الذي تراه.. أو يعرف بدراً غير الذي تعرف..
هل يوصيها على بدر الذي لا أثر له بينهم الآن وكأنه أتى رغمًا عنه فقط ليؤدي دورة في هذه المسرحية ثم يرحل ؟؟
هل يدافع عنه ويمجده بدلاً من أن يحذره من أن يخطئ بحق ابنته مجدداً؟. تكاد تقسم أن ردة فعل ياسر كانت أعظم من ردة فعل والدها.. فالرجل ثار وانفعل وشتم ابنه وتوعّده.. أشعرها بأنها عزيزة لديها من يدافع عنها ويحفظ كرامتها..

زفر ياسر بضيق يتابع ابتعاد حنين بعد أن استأذنت منهم.. تخرج من المكان بخطى ثقيلة شعر وكأنها تخطوها على قلبه..
يتذكر حديثه مع ابنه هذا الصباح.. غاضباً على وشك أن يقتله..
ثم تحول الغضب لرجاء و توسل عندما -عانده- ورفض أن يعيدها.. قبل رأسه : تكفى يابدر .. لا تردني يابوي طلبتك حنين أم عيالك ومالها غيرك.. تكفى لا تردني..
بدر بضيق يبعد والده : يبه..
عاد يقبل رأسه : عشاني يا ولدي.. تكفى..
بدر على مضض امسك بكتف والده قبل أن يقبل رأسه مجدداً : سو اللي تبي يبه.. بس من الحين أقولك ماعاد لي دخل فيها أنا مارجعتها إلا عشانك..

ثم حديثه معه عندما أخبره بشرط حنين.. وقتها ضحك بدر بصوت مرتفع : أنهبلت ذي؟ متعززه بنت حمد؟
ياسر : ماعليه البنت شايله بخاطرها منك ..
بدر بضحكة : تشيل ولا تقعد طال عمرها .. مير جات منها أبرك الساعات والله.
ياسر : الله يصلح حالك وينور بصيرتك عشان تعرف قدرها زين قبل لا تندم..
بدر ببرود : إيه إن شاءالله..
ياسر : المهر ب..
ليقاطعه بإنفعال : وتبي مهر بعد؟ معصي تشوف منّي شي..
ياسر بطولة بال : استغفر الله العظيم.. يابدر مايصير يا أبوي حسسها إنك شاري رضاها على الأقل وأنا أوعدك إني أرجعه لك وفوقها ثلاث أضعافها .. بس تكفى لا تحسس البنت إنك موب راضي..
.

وقع بصره على المكان الذي كانت تجلس فيه ليرى شيك مهرها وقد تركته خلفها كأنها كانت تعلم أن بدر نزعه من دفتره مكرهاً..
.
.

ينظر للصفوف التي تشكلت أمامه،، يصدحون بأهازيج طربية فرحاً لفرحه.. يتمايلون والأضواء الساطعة تنعكس على السيوف بين أيديهم وعلى أكتافهم..x ليس من طبعه أن يرى هذا النوع من اللعب (الرقص) دون أن يشارك به فهو -وسيع صدر جداً- ويبدع فيه .. لكنه كان مشغولاً بانتظار الوقت الذي سيراها فيه حتى أنه لم يستطع أن يتحرك من مكانه..
ابتلع ريقه متوتراً.. يصرف بصره لخطاب الجالس بجواره يحاول تعديل شماغ سالم -والذي اعتذر والده عن الحضور متعللاً بعمله- ..
كان سالم يعبث -بالمحزم- المثبت على كتفيه.. ليهتف خطاب بتعب وصرامة : سالم يابوي وبعدين؟ ترى أوديك عند الحريم الحين..
زفر خالد يحرك بصره للموجودين أمامه مجدداً يحاول أن يتلهى بأي شيء..


ابتسمت هلا وهي تراقب اقترابه تنتظره أمام باب غرفة العروس كما طلب منها عندما اتصلت عليه .. بشته الأسود على أكتافه.. يده اليسرى مثنيه لتثبت تحتها طرفيه الأيمن والأيسر..
كانت ابتسامته شيء يفوق الوصف.. ابتسامه هادئة يخلطها توتر خفيف.. اتسعت أكثر عندما وقف أمامها يقبل رأسها ..: هلا بالعريس .
زفر : هلا بك.. وين أمي أبيها تدخل معي..
ضحكت تعدل بشته : الحين عريس وش كبرك وخايف تبي أمك؟
خالد : الصدق والله إن قلبي يرقع وبطني يوجعني..
هلا : إذا أنت كذا أجل وش تقول المسكينة اللي داخل؟
خذ نفس ياخي والله لا شفتها بيروح كل التوتر..
خالد بلهفه : حلوة؟
غمزت : موووت.. بسم الله عليها تهبل بس ياعمري مرتاعه وهنا يجي دورك يا بطل هديها وضحكها و وسع خاطرها مو تقعد تتنافض قدامها..
ثم أردفت بتأثر وهي تراه يضع يده على قلبه يأخذ نفساً عميقاً : الله يوفقك ويسعدك ويسخركم لبعض..
ابتسم لها بامتنان يقبل رأسها مجدداً : حبيية قلبي أم سالم.. تدرين إنك أحسن أخت عندي؟!
ضحكت : على أساس عندك غيري الحين..
اتسعت ابتسامته : للأسف إنك خياري الوحيد..x بس اووف والله، طالعة صاروخ اليوم..
فتحت الباب : أقول وفر كلامك للمدام.. سم بالله..

ارتفعت يده يتأكد من حدّة مرزامه بإبهامه وسبابته .. نظّم أنفاسه ثم مشى بخطى ثابته معاكسه لتوتره متقدماً للأمام..

كانت ضي تعيش هلعاً رهيباً.. سمعت صوته خلف الباب يتحدث مع هلا أخته التي أخبرتها بأنه سيأتي الآن لرؤيتها قبل الزفة..
لم يخفى عليها لطف هلا أبداً ،، ودودة جداً تعاملها كأنها تعرفها لسنوات الحديث معها مريح وسلس وممتع انساها قليلاً من وساوسها التي تعبث بها.. لكن كل شيءٍ عاد لعقلها عندما خرجت..
رفعت قارورة الماء التي قرأت عليها غالية ونفثت فيها أمامها.. تحاول أن تسيطر على رعشتها وأن تشرب منها دون أن يتناثر الماء..

كانت قد تشبثت بأخواتها كي يجلسن معها لكن لن يكون وجودهن مريح لخالد إن دخل لتبتسم لها هلا تهتف بلطف : أنا معك ضي.. لا تخافين..
كم تمنت أن تكون والدتها معها الآن.. في هذه اللحظة. تقف بجانبها تخبرها بأنها أجمل عروس رأتها في حياتها وأن زوجها محظوظ بها..

تجمعت عبرتها بحلقها وبالكاد أغلقت القارورة و وضعتها جانبها عندما فُتح الباب.. دخلت هلا يمشي بجوارها رجل بقامه طويلة وابتسامة زادت من عذوبة ملامحة ..
أخفضت رأسها بسرعة تغمض عينيها بقوة وهي تسمع سلامه بصوتٍ جهور.. كان صوته جهوراً بما يكفي ليُسكت جميع الأصوات في عقلها..
شعرت به يقف أمامها.. شيءٌ ما ظللها ورائحة عطر قوية ومميزة زاحمت ذرات الهواء حولها.. رفعت رأسها تلقائياً لتقع عينها بعينه.. اتسعت ابتسامته بشكلٍ ملحوظ لينزل لها يقبل جبينها بخفه يهتف هامساً قبل أن يبتعد: مبروك..
كانت عينها لازالت معلقة به وكأنها تراه لأول مره حتى بعد أن استقام جسده واقفاً.. تشعر بأن الكون بأكمله قادر على أن يسمع نبضات قلبها السريعة..
وقفت عندما اوقفتها هلا.. أقدامها ترتطم ببعضها بالكاد تحملها.. كان خالد لايزال يفوقها طولاً حتى مع ارتدائها كعباً عالياً.. لازال مبتسماً ينظر لها وكأن لا أحد بالمكان سواها..
تلفتت بذعر تبحث بعينيها عن هلا عندما سمعت صوت إغلاق الباب..
عادت تنظر لخالد بفزع و الذي هتف بقلق عندما بدأ فكها يرتجف وعينها تغرق بالدموع : بسم الله عليك..
زادت رعشتها عندما شعرت بيديه تلمس ذراعيها الباردين جداً بكل رقه.. اجلسها وجلس جوارها : ارتاحي.. هلا راحت شوي وبترجع..
هزت رأسها تتحسس الأريكة الطويلة تبحث عن قارورة الماء حتى وجدتها.. رفعتها لفمها بعد أن فتحتها وخالد يرى كيف تهتز بين يديها بقلق واضح يتوقع حدوث كارثة فالقارورة غير ثابته بيدها أبداً... كانت رجفتها تمنعها من أن تشرب منها بشكلٍ صحيح و عيني خالد ونظراته التي تشعر بها لم تزد الوضع إلا سوءاً..
شهقت بهلع وفجعة عندما وقعت من يدها لحضنها للأرض أمامها..
فز خالد متفاجئاً من الماء البارد الذي تناثر عليه بعد سقوط القارورة.
التفت لها بخوف عندما بدأت تشهق بشكل متقطع : بسم الله طاح الشر.. بقولهم يجيبون لك ثانية.. اهدي.
مد لها علبة المناديل وبدأ يمسح ثوبه بعد أن أخذ مجموعةً منها.. رفع بصره ليراها مطأطأة الرأس تشد على يديها بقوة واضحة. اكتافها تهتز..
زفر يعبس بضيق لا يعلم ايعقل أن يكون خجلها وتوترها كارثياً هكذا ؟ : خلاص أنا بطلع.. هدي نفسك وخذي راحتك يابنت الحلال..

.
.

وضع سالم النائم بين يديه على سريره.. متعباً منهكاً بعد انتهاء زفاف خاله.. فالساعة الآن تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل والصغير لم يعتد أن يسهر حتى هذا الوقت ..
جلس على السرير بجوار جسده ينظر له.. ابتسم يرفع الغطاء لمنتصف صدره وشعورٌ دافئ يغزو أطرافه متذكراً أحداث اليوم وكيف أن الفتى كان ملتصقاً به كأنه ابنه..
نظر للباب المفتوح أمامه بحيرة ونبضات قلبه تتسارع.. تشوقاً ولهفةً للتي تنتظره بالغرفة المجاورة.. لم يخفى وجهها وسحره عنه عندما نزعت غطاءها ما إن دخلوا للمنزل.. كانت فاتنة بابتسامة خجولة وكأنها للتو عرفته..

زفر علّ مايجثو على صدره يتبدد.. اتجه لغرفته ببطءٍ شديد.. يجر أقدامه بتساؤل.. هل مايتمناه سيحصل ؟ هل يتحرر من قيوده الليلة؟
تحرك لسانه بدعاءٍ صامت ودخل بعد أن قرع الباب الموارب ينبهها بقدومه .. يفتح أزرار ثوبه العلوية وهو الذي يشعر بأنه سيختنق من توتره ..

كانت تجلس على السرير نظرها مثبتٌ على الباب الذي ما إن قرعه خطاب حتى وشعرت به وكأنه يقرع جدران قلبها.. ليست أفضل حالٍ منه فالنظرة التي لمحتها في عينيه عندما رآها أخبرتها شيئاً..
بدأت تفرك كفيها تحاول أن تحدّ من ارتعاشها.. تجلس بكل رقة وعذوبة بفستانها القرمزي تجمع شعرها بنعومة على كتفها الأيمن وحولها هالةٌ من نور..
ما إن دخل حتى و وقفت كالملسوعة تحاول أن تبتسم.. تشعر بتوترٍ فضيع وكأن زفاف خالد اليوم أعاد لها مشاعر أول يومٍ جمعها بخطاب..
بادلها الابتسامة.. يقترب منها في عينيه شيءٌ مختلف.. كلام.. تَعبٌ واضحٌ أتعبها،، تساؤلٌ يتراقص في نظرته..
كان لوقوفه أمامها بطوله وثوبه وشماغه سطوةٌ زلزلتها.. كان كما جرت العادة،، وسيماً لا تمل العين من تأمله.. وكأن هناك قصةً خلف لمعة عينيه وابتسامة شفتيه وتجويف خديه..
ابتلعت ريقها تخفض رأسها بخجل.. تهرب من عينيه التي بدأت تتأملها ببطء..
مشاعر .
مشاعر .
مشاعر .
خطاب بهدوء متأملاً شعرها المنسدل على كتفها الأيمن بلفاته العريضة : مساء الخير..
ضحكت بخفوت تنظر له.. الظلال البنية جعلت من نواعسها شيئاً لا يوصف.. هتفت برقه : مساء الورد.. أهلاً..
خطاب بابتسامه : وش هالحلاوة؟
ثم امسك يدها يديرها ليتحرك معها فستانها المتناغم بعذوبة مع لون بشرتها.. يهتف بصدق وأنفاس مذهوله : وش الحلاوة ذي كلها؟
.

كان يقبلها بشغفٍ واضح ورغبةٍ جامحة لدرجة أنه لم يدرك بأنه كان يبكي.. يرتعش ويبكي تحت سطوة عقله ونَهره.. كان يدفعها بيد ويتشبث بها بالأخرى بكل قوة وكأنه يحارب شعورين داخله.. لم يعي بأن قوته كانت مفرطة على جسدها الغض حتى بدأت تتأوه تشعر بالألم..
ابعدته عنها.. بقوة.. تدفعه حتى وإن كانت تتمنى أن تغلق عليه داخل قلبها..x
همست بصوت مرتجف أنفاسها تسابق بعضها تمسح دموعه بأصابعها المرتجفة ونظرة الهلع في عينيه جعلت العبرة تتجمع لتسد حلقها : هد نفسك خطاب.. أوجعتني..
ترك عضدها بسرعة كالملسوع.. نظر لها يهتف بصعوبة.. وأسى مر : آسف.. ما قصدت..

قالها وخرج ونظرات هلا الحزينة تتبعه.. وقلبها معه.. كانت الدموع متكدسةً في عينيها وما إن أنزلت بصرها لعضدها حيث أصابع خطاب وأظافره تركت أثراً حتى واجهشت بالبكاء..

كان خروجه من الغرفة سريعاً متخبطاً وكأن الأرض تميد به.. يشعر بأن قلبه سيخرج من مكانه من تسارع نبضه.
دخل لدورة المياة يغلق بابها خلفه قوة، وخوف.. كأن روحاً شريرةً تطارده.. فتح -الدش- ودخل تحته دون حتى أن يخلع ثوبه.. أسند ثقله على ذراعيه الممدودة تلامس الحائط أمامه.. أخفض رأسه تاركاً الماء البارد يسقط عليه بكل قوة وكأنه سهامٌ تخترق جمجمته.. كأنه يريد من برودته أن تجمّد دموعه التي بدأت تنساب بضعف.. و من صوت سقوطه أن يبتلع صوت بكائه وشهقاته المرتفعة..x

.
.

تجلس على أريكة الجناح الفندقي الذي سيقضيان فيه الليلة قبل سفرهم غداً.. عباءتها مطوية بترتيب جانبها.. بفستانها الأبيض تبتلع ريقها بشكلٍ متواصل تنظر ليديها تحاول أن تتلهى بخواتمها عن النظر لخالد الجالس على الأريكة الأخرى عندما وجد أن فستانها غطى الأريكة التي تجلس عليها كاملة ..
كانت تحاول السيطرة على أنفاسها السريعة ونبضات قلبها المستنفرة وارتجافة أطرافها.. تردد داخلها "بسم الله.. بسم الله.. بسم الله...."..

كان خالد راضياً.. ينظر لها بعين الرضا يشعر بقبولها في قلبه وما زاد على ذلك حقاً هو خجلها وخوفها الذي لم يخفى عليه.. كان منتبهاً لها تحاول أن تسيطر على ارتجاف أطرافها بالضغط على أصابعها حتى أصبحت أناملها شديدة الاحمرار قريبةً من لون طلاء أظافرها..

تنحنح.. يريد منها أن ترفع راسها كي يبدأ بتأمل ملامحها التي وإلى هذه اللحظة لم يتأملها كما ينبغي فنظراته لها في جميع المرات السابقة كانت سريعة تشمل وجهها بشكلٍ عام.. يريد أن يتأمل رسمة حاجبيها الكثيفين.. حدة عينيها وسحبة طرفها وبريقها الآسر.. دقة أنفها واستقامته بعنفوان.. ثم ينتهي به المطاف ليستقر بؤبؤه على شفتيها الصغيرتين بامتلاءٍ واضح..
كانت -وعلى الرغم من ذبولها وشحوبها ونحولها- تمتاز بملامح أسطورية.. رسمةً كما وصفتها والدته..
ابتسم بتودد كبير عندما نظرت له بتوجس بعد أن نادى باسمها مجدداً : وش رايك نقوم نصلي ركعتين تهديني وتهديك ترى حتى أنا مرتبك..x
ثم رفع كفه المرتجف أمام وجهها : شوفي.
هتفت بصعوبة بعد صمت طويل : ماعلي صلاة.
عقد حاجبيه ينظر لها ببلاهه : شلون يعني؟
ثم بسرعة بعد أن اصطبغ وجهها باللون الأحمر مخفياً شحوبها تحته.. ضحك بارتباك : اهاا.. فهمت فهمت. مافيه مشكلة انا بدعي عني وعنك.. فيه دعوة معينه في بالك؟ تبين تدعين لي؟ أو علي؟
انهى جملته وغمز لها .. حاولت أن تبتسم فمن الواضح خالد يحاول أن يجتهد ويبذل مابوسعه كي يخفف عنها ما تمر به.. همست : شكراً.

ليلتها عندما خرج خالد لصالة الجناح كي يعطيها فرصةً تلتقط بها أنفاسها وتبدل فستانها الثقيل.. لم يكن يدرك بأنه فور خروجه أغلقت باب الغرفة خلفه بالمفتاح..x وعندما أدرك ذلك -متأخراً-x حاول أن يستجديها لتفتح له.. لكنه في النهاية اضطر بأن يتخذ من أريكة الصالة الغير مريحة سريراً له.. يتمدد على ظهره ثم على جانبه الأيمن ثم الأيسر يتأفف بضيق في محاولة فاشلة لإيجاد وضعية مريحة له.. وبينما كان خالد يشتم حظه ،، كانت ضي ترتمي على السرير لازالت ترتدي فستانها تعض الوسادة بكل قوتها كي لايخرج صوت أنينها الموجوع له..

.
.

مر يوم من عمر دانة شعرت فيه أنها كبرت عشرين سنة فوق عمرها..
كانت تحبس نفسها في غرفتها تمتنع عن كل شيء.. لا قدرة لها لمواجهة جدها مجددا بعد الذي حصل فهي لا تقوى نظرة الغضب في عينيه.. قضت اليوم كاملاً تتمدد على سريرها تنظر للفراغ بذبولٍ رهيب تشعر بأن عظامها هشه لا تستطيع حملها.. كان هناك بصيص أمل يتسلق حائط يأسها المرتفع بأن يدخل عليها في أي لحظة يخبرها بأن كل شيء عاد كما كان.
لكن اليوم بدأ وانتهى ولم تلمح ظلاله تتسلل من تحت الباب حتى..
في منتصف اليوم الثاني دخلت عليها العاملة تخبرها بأن منيف ينتظر رؤيتها بالأسفل..
قفزت تسالها غير مصدقة.. وما إن أكدت لها حقيقة ما سمعت حتى خرجت من غرفته بسرعة.. شبة تركض تهمس بعبرة : يا حبيبي يا جدي.
تعلم أنه حنون يحبها جداً لن يخذلها ولن يتخلى عنها مهما غضب منها..

كانت تنزل السلالم بسرعة غير مكترثه بشعرها القصير المتطاير.. أو بملابسها أو حتى شحوب وجهها.. كان اهتمامها يسبقها لجدها الذي طلب رؤيتها ولم يتحمل شوقه لها حتى أنه طلب رؤيتها متجاهلاً زعله منها وغضبه..
ما إن وصلت الطابق السلفي حتى تفاجأت بالصفعة التي استقبلتها وأشعلت ناراً بخدها لتسقط للخلف من قوتها..
رفعت بصرها بهلع وصدمة للذي يقف أمامها ينظر لها بكرهٍ شديد.. كان والدها،، بعينه التي تنفث دخاناً أسوداً وفمه المستوي بخطٍ مستقيم هو صاحب الصفعة.. حركت عينيها التي ترقرقت منها الدموع تنظر لجدها تستنجده لكنه كان جالساً على الأريكة يضع قدماً على الأخرى ينظر لها ببرود.. كأنها شيءٌ لا يعنيه..
عادت تنظر لوالدها برعب تصرخ بألم عندما شعرت به يرفعها من ذراعها بقوة.. ينفضها بقرف يصرخ بها يكيل الشتائم والسباب.

كان منيف ينظر للمنظر أمامه يحاول أن يقوي قلبه.. دانة لم تكن شيئاً بسيطاً في حياته.. كانت عينه الثالثة وبفعلتها قتلت شيئاً فيه..
لم تخفى عليه نظرتها عندما تلقت صفعةً من والدها.. كانت في حماه ٢٤ عاماً لم يسمح حتى للرياح القوية من أن تجرح خدها لكنها جحدت كل ذلك عندما استنجدت بعائلةٍ غيره و كأنه وحده لم يكفي..
صرخ رغماً عنه عندما ارتفع صوت بكائها بعد صفعة والدها الثانية : جاابر .
جابر بقهر وأنفاس تلهث : خليني اربيها هالحيوانة..
كانت تنظر لوالدها ثم لجدها بخوف.. ليستبدل الحزن خوفها عندما هتف منيف بجمود : خذ بنتك عندك وربيها مثل ماتبي.. ماعاد أبيها .
اتسعت عينيها برعب وعدم تصديق..: لأ ..
جابر بانفعال: الله ياخذها آخذها وين؟ أنا ناقص مشاكل يكفي اللي جاني من ورى راسها..
منيف : بصرك فيها.. بنتك..
ثم التفت ينظر لها ببرود : لمي أغراضك وروحي معه.
دانة بهلع : وين أروح؟
جابر بضيق: يبه وين أوديها؟ من جدك أنت؟ ..
منيف : خذها لأمك.. ولا لأحد أخوانك. المهم تطلع من بيتي..
تحررت من يد والدها واتجهت لمنيف تقع متعثرة عند قدميه : لأ جدي لأ.. الله يخليك أنا مالي مكان غير بيتك.. تكفى والله أسفه.. سامحني.
أنا غلطت .. والله أسفه..
حرارة اشتعلت بجوفة وهو يرى توسلها وبكاءها.. دانة في حماه كانت دمعتها أغلى من روحه .. خرج صوته متحشرجاً : وش.. عقبه آسفة؟
وصله صوت جابر يهتف : أقوول اسمعني ،، أنت رضيت من البداية تاخذها كمل معروفك وخليها عندك لين تدفنك أو أنت تدفنها.. مشاكلي من ورى راسها ال* تكفيني منيب ناقص مشكلة زيادة..

قال كلماته وخرج يغلق الباب خلفه بقوة.. تاركاً منيف ونظرته متعلقةً بعيني دانة الدامعتين ..x بيأس: جدي..
دفعها بعيداً عنه.. وقف ليقول بقسوة قبل أن يبتعد : ليتني تركتك له يتصرف فيك ولا أخذتك كانك بالاخير بتختارينه علي..

.

وكأنه كان يعني كل حرف نطقه في جملته.. تجاهلها وكأنها غير مرئية.. مر أسبوع كانت دانة فيه كالطيف في منزل جدها.. تمشي أمامه تتحرك تقع تريد أن تلفت انتباهه أو على الأقل أن ترف عينه باتجاهها لكنهx كان يتجاهلها وكأنه لا يراها حالها كحال ذرات الهواء حوله..
حاولت أكثر من مره أن تناديه أن تعتذر منه أن تبرر أن تشرح لكن خروجه من المكان كان رد فعله الوحيد..
كل يومٍ يمر عليها يأخذ من طاقتها وصحتها ويستنزف مشاعرها..
كان حزنها هادراً وعينها لا تبخل بأن تشارك بدموعها حتى جفتx .
اعتزلت الجميع واتخذت غرفتها قبراً لها حتى قررت أن تذهب لعملها يوم الأربعاء بعد ثلاث أيام تغيبت فيها خوفاً من أن تموت تحت وطأت أفكارها ونفسها اللوامة وسطوة (اللو)..
.

طلبها لمكتبه ما إن علم بحضورها اليوم.. كان يتحدث في العمل.. العمل فقط يعطيها الذي تراكم عليها أثناء غيابها بكل مهنية دون حتى أن ينظر لها.. كان جاداً كعادته لا شيء جديدٌ عليها مع ذلك كانت دانة تنظر له بحزن عميق وكأن نبرته الجافة جاءت كالزينة فوق أحزانها..
لم تدرك بأنها كانت تسرح به وأنه انتهى من حديثه حتى هتف بجمود : وبكذا خلصنا.. تقدرين تتفضلين على مكتبك..
لكنها لم تتحرك.. كانت تنظر له بعينين لامعتين وعقلٍ غائب..
خطاب باستنكار عاقدا حاجبيه وبنبرة أعلى : أستاذة دانه خلاص تقدرين تتفضلين على مكتبك..
لكنها لم تتحرك أيضا.. بل أرخت بصرها وكأنها لاتسمعه..
نظر لقبضة يدها على مكتبه.. كانت تشد عليها بكل قوة لدرجة ان مفاصلها قد ابيضت.. هتف بقلق: أستاذة دانة؟
ثم أردف بغرابة عندما نظرت له بذبول : دانة؟
كان لتلك النبرة تأثيرٌ عليها.. تأثيرٌ امتد لروحها ربت على رأسها ولملم بعثرتها.. انفجرت تبكي تشعر بالأمان يحيط بها لازالت على وضعها ترخي بصرها غير أنها هذه المره بدأت تضرب بقبضتها سطح المكتب بشكل متواصل..
دفع كرسيه للخلف و وقف بتوتر : اذكري الله يابنت الناس .. وش فيه؟
غطت عينيها بيدها الأخرى.. تسند رأسها للخلف وشهيقها أصبح واضحاً..
خطاب بارتباك : إنّا لله.. فيه شي يوجعك؟. أنادي لك أحد؟
هزت رأسها بالنفي تعدِل رأسها وتمسح عينيها بيدها..
خطاب بقلق وهو يرى أنفاسها سريعه كأنها ستختنق : اهدي.. خذي نفس.. تبين مويه؟
هزت رأسها تنفي تحاول ان تسيطر على تدافع شهقاته في حلقها..
جلس مجدداً يبتلع ريقه بقلق.. ينظر للباب المفتوح ثم يرجع نظره عليها: إن هديتي تقدرين تتفضلين على مكتبك..
أغمضت عينيها حتى سكنت الضوضاء داخل عقلها.. تحاول أن تتحكم بأنفاسها ونجحت.. لا تعلم الصواب من الخطأ.. كل الطرق باتت مغلقه.. كل الأبواب أصبحت مؤصده.. ولأول مرةٍ يحث عقلها قلبها لفعل ما يريد.. يجبره بقول ما يريد... كل الاحتمالات تلاشت حتى أصبح احتمال واحد..

كل ذلك كان يحدث تحت مرأى من خطاب.. ينظر عاقداً حاجبيه مستنكراً حالتها الغريبة.. هتف بتوجس : دانة ؟
تابع حركة أهدابها عندما فتحت عينيها بسرعة وكأنها بندائه عادت للواقع..
خطاب : تقدرين تتفضلين على مكتبك؟.
أخذت نفساً ثقيلاً هتفت بعده بصعوبة : أنا فكرت.
عقد حاجبيه : فكرتي بإيش؟
ارتعش صوتها : يوم طلبت تتزوجني.. أنا فكرت.. و... وافقت.
بهت وجهه ولم تخفى عن دانه نظرته المصدومة وكأنها هي التي طلبته الزواج وليس العكس..
كان وجهه يمور بألف تعبير لم تميّز منهم شيئاً لكن الأكيد الفرح والسعادة بهذا الرد لم يكونا من ضمنهم..

أخذت نفسا آخر.. كانت ستقول أعلم بأنه قرار متأخر.. مضت أشهر ربما تكون قد غيرت رأيك.. أو تزوجت.. لكن أنا الآن لست كما كنت في ذلك الوقت. وقتها كان لدي درع.. والآن حتى مع علمي بأنه لن يتخلى عني وعن حمايتي مهما حصل لكني أعلم بأن درعي لم يعد كالسابق.. أصبح متصدعاً صدأً.. أنا الآن أتمسك بقشّه.. وأريد حائطاً صلباً أتكئ عليه..
لكنه سبقها عندما قال بنبرة غريبة : جدك وافق ؟
بضيق : أبوي موجود.. تقدر تكلمه..
خطاب بتعجب : عندك أبو؟
استسخفت سؤاله فضحكت ضحكه قصيرة متهكمة : أكيد عندي أبو ولا كيف جيت؟
عادت ملامح خطاب تحتد : أقصد حي؟
ابتلعت ريقها بمراره : إيه.. اسأل عنه بمعرض الوهج للسيارات فرع الدمام.. اسمه جابر منيف الوهاج.
خطاب ويشعر بقلبه ينبض خارج صدره بين شدٍ وجذب وأموات وهلا و خالته وزوجها وزيد وخالد : يصير خير إن شاءالله.. تفضلي على مكتبك..
سكَن لثواني يحاول تنظيم أنفاسه ما إن خرجت وأغلقت الباب خلفها ..x ولم يلبث حتى و ألقى بكل الموجود على مكتبه أرضاً ،، بكل غضب ..

.
.

كانت حياتها مع خطاب سعيدة .. جداً.
بغض النظر عن كل شيء،، المد والجزر.. السكون والركود.. خطاب المتقلب فيوماً يكون في قمة سعادته متفاعلاً معها.. ويوماً حزيناَ صامتاً سارحاً وكأنه يضع هم العالم كله على عاتقه.. واليوم هو أحد هذه الأيام..
يجلس خطاب في الصالة.. جلوساً يشعرك بيأسه.. بأكتافٍ مشدودة ورأسٍ يسنده للخلف وعينين تنظر للسقف وكأنها تنتظر شيئاً من السماء..
أيام كهذه هي ما يقلق هلا حقاً.. فصمت خطاب وتقوقعه على نفسه يخبرها أن هناك عذاباً يشتعل في صدره.. هماً يدمي قلبه.. وألماً يمزق روحه.. حتى وإن كان يبتسم لها ابتسامة صغيرة لا تكاد ترى بين الفينة والأخرى.. هي تعلم بأنه لم يبتسم إلا مجاملةً لابتسامتها وتسكيتاً لسؤالها : خطاب فيك شي؟
لكن اليوم خطاب مختلف.. حزنه مختلف وسرحانة مختلف وكأنه يعيش همّاً جديدا اكتشفه للتو.. حتى عندما سألته تجاهل سؤالها دون أن يجيبها بابتسامه كما اعتادت.. أو دون أن يرد ابتسامتها بابتسامه صغيرة بالكاد ترى.. كما اعتادت ايضا..
كاان خطاب يتجنبها،، حرفياً!

خرجت من المطبخ تمشي على مهل بيدها كوب حليب لسالم الذي كان يتابع رسوماً متحركةً في التلفاز .. ما إن أخذه الصغيرx منها حتى واستدارت إلى أن وقفت أمام خطاب.. لم تستطع منع نفسها من أن تسأل برقه : حبيبي أنت.. وش فيك زعلان علي ؟ أنا ضايقتك بشي ؟
نبرتها تشده تجعل أنفاسه تتسارع وعقله يذوب في جمجمته. ابتسم بضيق وهو يرخي بصره حتى أصبح وجهها القلق واضحاً له : مين قال إني زعلان عليك ؟
همست بعذوبه ودلع يليق بها وهي تجلس بجانبه : كل شي.. تصرفاتك وكلامك معي.. كل شي.. خطاب أنا مو متعودة إنك تكون كذا لذلك استنكرت تصرفاتك.
وش فيك وش مكدرك؟ علمني ياقلبي،، والله ما أقول لأحد .
ابتسم بضيق من آخر جملتها .. البلا مو أني خايف أحد يدري. البلا أني مو عارف كيف أتكلم.
بجمود : مافيني شي..
بيأس : ماتثق فيني يعني؟
صمت قليلا ليقول بتنهيده : هلا خليني براحتي.
تغير لون وجهها ووقفت.. همّت بالذهاب لكنه أمسكها من معصمها لتعود جالسة بجانبه.. تتجنب النظر لوجهه والاحمرار يعتلي اذنيها..

اعتدل جالساً ليقابلها.. رفع يدها يضع كفها على صدره حيث قلبه ينبض وكأنه في سباق ..
وضحت له عقدت حاجبيها حتى مع طأطأتها لرأسها..
حاولت أن تسحب يدها لكنه لم يدع لها مجالاً لذلك..
ارتجف صوتها من قلة حيلتها : اترك يدي لو سمحت..
خطاب : واذا ماسمحت؟
ثم رفع يدها ليضع راحتها على خده .. بأسى : هلا أنتي الشي الوحيد الحلو في حياتي.. لا تروحين حتى لو طلبت منك هالشي..
تقوس فمها بعبرة : أنت مو مجبور تقول كلام ما تعنيه. أنا فعلا بديت اشك إنك بيّاع حكي..
ابتسم وشعرت بابتسامته : أفاا ترى ذي بحق ياهلا.. وبعدين مين قال إني مجبور؟
ثم تابع بحزن : هلا أنا شخص مضطرب.. رجلي موب ثابته على الأرض.. فيني خوف.. حزن وقهر وغبنة.. وكل هذا ما يخفى عنك،، شفتيه علي بعيونك.. عشتيه معي..
إن رحتي عنّي، مين بيبقى لي؟
تراقص الخوف في عينيها.. كانت لمعته واضحةً لم تخفى عليه : خطاب ليه تقول هالكلام؟ أنا ماني رايحه مكان..
ثم تابعت تتأمل وجهه بقلق : إن كنت تقصد عشان ال ..
قاطعها بهدوء : تذكرين اللي حكيت لك عنه؟ اللي شفته يوم ق.ق..
ابتلعت ريقها تقاطعه عندما بدأ يتأتأ : وأنت للحين تفكر فيه؟ ماقلت أنك نسيت موضوعه خلاص!!
خطاب بتعب : والله العظيم حاولت.. اقسم بالله حاولت لأني بقرارة نفسي أدري إني ضعيف ومانيب قادر أسوي شي.. بس ما قدرت.. ما اقدر أنسى هلا وأنا أشوف بنته يومياً قدامي..
هلا بتوهان: بنته!
خطاب بخفوت : أقصد حفيدته.. دانة.
برودةٌ سرت في أطرافها : وش ناوي تسوي خطاب؟ انتبه البنت مالها دخل..
كان صمته طويلاً ثقيلاً جعل من أنفاسها تتسارع ونظرتها تتوسل.. استنطقته بهمس عندما أطال يتهرب ببصره عنها: خطاب!
خطاب بصعوبة : أنا خطبتها من أبوها.. و وافق.
بردت ملامحها تماماً حتى شعرت بأن وجهها سيسقط من مكانه..
كان لتكدس الدموع في عينيها ألمٌ لا يضاهيه شيء في قلب خطاب الذي كان ينظر لها يائساً بائساً من الحياة.. وكأن اللون الاسود انتشر في حياته الرمادية.. حتى همس هلا المصدوم كان صريراً فجّر مسمعه : ... وش تقول خطاب؟ مافهمت!!
خطاب يجهل نفسه.. لا يميز الحروف التي ينطق بها وكأن صوته لا ينتمي له: آسف.
رمشت أكثر من مره عل عينها تصفى لكن ماحدث هو تكدس دموع جديدة بديلةً عن التي سقطت. بصوت مثقل بالعبرة : آسف على وش خطاب؟ آسف أنك بتتزوج علي؟؟
ثم بدأت تضرب صدرها بقبضة يدها بخفه وكأنها تريد أن تتأكد من أن قلبها لازال ينبض.. بقهر : آه.. آه.. ليش؟
والله حرام عليك.. ليش؟
كانت ضربات يد سالم الصغيرة على صدر خطاب هي الشيء الوحيد الذي يخبره بأنه لازال حياً.. لازال يشعر.. كان الصغير يبدي بغضب يضربه بقبضته بقوة يصرخ به : ليه خليت مما تبكي؟
ماما ليه تبكي؟؟
لكن خطاب كان يستقبل كل ضربه دون أن يتحرك.. كانت عينيه تنظر بأسى وضياع لهلا التي غطت وجهها بكفيها تبكي بحرقة.. يشعر بها تبكي عليه وكأنها سمعت خبر وفاته للتو..
حتى سالم الصغير كان غاضباً منه لأنه جعل والدته تبكي.. ربما إن كان أكبر قليلاً لكان قتل خطاب..

مرت نصف ساعة.. سكن فيها سالم أحضان والدته -حتى نام- والتي احتضنته بعينين دامعه.. لم تعد تعلم هل تبكي لبكائه أم تبكي على حالها.. أم على خطاب.؟ كانت تنظر له بعينين دامعه ينزوي على نفسه في طرف الأريكة. جالساً يحتضن ركبتيه يميل بجسده يسند رأسه على يد الأريكة جانبه..
ارتجف فكها لأن خطاب بهذا الشكل يشبه لحد كبير خطاب في الثامنة من عمره.. والتاسعة.. و العاشرة.. و الأربع وعشرين عاماً الفائته.. هو نفسه خطاب الذي كان يبكي غير مكترث بوجود الناس حوله . يضرب نفسه ويصرخ بالجميع بعد أن كان صامتاً لا يتحدث.. ومثلما كان بكاؤه يتعبها وهي طفلة لتهرب تشتكي على كتف والدها تسأله عما يحزن خطاب؟ وعما يبكيه؟ كان بكاؤه الآن أشد وطأة على روحها.. أكثر تأثيراً لأنها باتت تعرف ماسببه..

كان المكان أشبه بالحرب التي انتهت.. الجميع متعب.. الجميع حزين والجميع خرج بخسائر فادحه..
كان قلب خطاب ينبض بضعف.. يشعر به ينبض.. ولكن بضعف.. نبضاً اتعبه..
لن تشفع هلا فعلته.. كانت نظرة عينها تخبره بذلك.. يكفيه على الصدمة والخذلان التي رآها فيها!!.. أغمض عينيه بقوة يشعر بأهدابه المبلله محملةً بدموعة الباردة.. بات متخبطاً يشعر وكأن حياته كالماء الذي يحاول الإمساك به لكنه ينساب من بين أصابعه..
هلا بصوت محتقن وهي تمسح دموعها بكفها : تدري وش مشكلتنا خطّاب؟
فتح عينيه ..
أردفت بحزن عميق : إني أحبك أكثر مما أنت تحبني بكثير .. وتدري المشكلة الأكبر وين؟ إنك تعرف هالشي،، وتستغله .
يمكن عشان كذا مرخصني وتستهين بأي تصرف تسويه في حقي مهما كان كبير .
رفع رأسه بسرعه ينظر لها : ليه تقولين هالكلام؟ المشك..
لتقاطعته بهدوء وابتسامه لم تخفي لمعة عينها الحمراء : أدري المشكلة فيك مو فيني... وأدري إنك ماراح تخذلني.. والله أدري، قد قلت لي..
بس بالأخير شكل البلا فيني أنا.. ضربتين بالراس توجع.. والله توجع.
خطاب بتعب : والله العظيم إني ما أخذتها لأني أبيها.. هلا هذي جدها ذبح أهلي.
لتقاطعه بإنفعال : خطاب إفهم قربك منه ماراح يفيدك بشي بالعكس..
لا تعالج المشكلة بمشكلة أكبر منها.. اللي تحتاجه هو طبيب نفسي يساعدك مو جريمة تلبسك..
نظر لها نظرة غريبة ثم قال بهدوء مميت : طبيب نفسي؟؟ تصدقين أحس إني فعلاً مريض نفسي وأحتاج علاج..
هلا بسرعة : لأ خطاب أنا ما أقصد كذا.
خطاب : تقصدين أو ماتقصدين،، كلامك صح.. هذا إذا ماكنت مجنون.
هلا : الطبيب النفسي مو للمجانين بس ..
خطاب بضيق : إيه صحيح،، و للي فيهم علل نفسية بعد.
بيأس : لا تقلب الموضوع علي خطاب و تركبني الغلط...
سكت قليلاً ليهتف بعدها بحزن وصل لقلب هلا حتى أذابه : هلا لا تخليني..
بكت بوجع : حرام عليك.. والله تعبت.. تعبت،، ماعدت أدري وش المفروض أسوي؟.
تقوس فمه للأسفل وبعبرة : لا تخليني ..
كان صوت بكاؤها كفيلاً بإيقاظ سالم النائم والذي بدأ يبكي على والدته هو الآخر..
حملته واتجهت لغرفته لتترك خطاب الحزين و رجاؤه خلفها معلقين..

تلك الليلة كانت الأصعب.. والأمَر.. والأطول..
شعرت بالحزن كسحابة سوداء تظلل منزلهم.. باتت لا تعلم أي التصرفات صحيح.. وأيها خطأ.. كيف تتصرف؟؟ كيف؟!!
شعرت بباب غرفة سالم يُفتح.. وهي التي كانت تتمدد بجواره تحاول فيه أن ينام متجاهلةً اسئلته..
وصلها صوته مبحوحاً متعباً لازال يقف عند الباب: هلا متى بتنامين؟
هلا بهدوء دون أن تنظر له ..تربت على ظهر ابنها: إذا نام سالم..
فخرج مغلقاً الباب بهدوء بعد ردها هذا..
شعرت بالباب يُفتح مجدداً بعد عشرين دقيقة.. سالم نائم قبل أقل من عشر دقائق..
خطاب بتعب : هلا مابتجين الغرفة؟ سالم نام.
هلا بهدوء : شوي بس.. توه غفى..
وخرج مغلقاً الباب بهدوء خلفه.. للمرة الثانية..
مرّت عشر دقائق فتح بعدها الباب مجدداً : هلا...
لكنه أغلقه بكل أسى عندما وجدها تغطي نفسها بالغطاء لا شيء يظهر منها.
فهم رسالتها وخرج.

تلك الليلة كانت الأصعب.. والأمَر.. والأطول.. والأحزن.. كانت حزينةً جداً سوداوية وكئيبة حتى شكّت بأنها ستنقظي..

كان قلبها يؤلمها بشدة.. تسمع صراخ خطاب النائم بالغرفة الأخرى وتسمع بكاءه وتعلم أنه الآن يعيش كابوساً ..
وضعت الوسادة على رأسها تضغط عليها بقوة في محاولة لمنع الصوت من أن يصل لها لكن دون جدوى فصوتُ بكاءهِ كان مرتفعاً..
تحرك سالم النائم بضيق لتضغط على الوسادة أكثر ولم تستطع أن تمسك نفسها أكثر من ذلك فبكت بصوتٍ مرتفع خالط صوت بكاءه..

.
.
.

# نهاية الفصل الثاني عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

فيتامين سي 13-12-18 12:53 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير على وطن نوره ومتابعينها

بارت مؤلم لدانه وهلا

دانه فارس ضرها ضرر كبير خسرت أبوها اللي ماعليه حسافه هو من أول

ما سأل عنها ولا فكر فيها لكن خسرت جدها السند الوحيد لها واللي كانت

تشعر بالأمان معه وكان ممكن ترفض خطاب لأنه ماوافق عليه جدها

لكن بعد معاملة ابوها لها وموقف جدها منها حست انها مرفوضه من الجميع

وفكرت انها بزواجها من خطاب ترتاح وتريحهم منها

دانه لو خبرت جدها باللي حصل من عامر وإنها أخبرت فارس حتى ماتوقع

في نفس الموقف مره ثانيه أعتقد بكون عذر كافي لها وبيتفهم سببها



فار س تصرف بتهور وبدون تفكير في عواقب فعله وندم لكن بعد ماخرب

حياة دانه اللي استنجدت به


خطاب ماعرفنا له ولا ماهو هدفه من الزواج لأن رمى كلمه بدون تفكير

لأنه حتى ماوضح لهلا إنه ممكن عن طريق دانه يوصل للي يقدر ينتقم

به من منيف خطاب يتخبط وتصرفاته ماهي موزونه أنا ما الوم خطاب

لأن واضح إنه نفسيا مريض لكن الله يعين هلا ويبعد دانه عنها كيف

عاد تصرفي وطن نوره هلا ماتستاهل يتزوج عليها رضينا بالهم والهم

مارضي بينا




منيف أعوذ بالله هذا أحقد من بعير ولا زعل وحقد أقشر كيف

قدر يقسوا على دانه بهذا الشكل رغم تمسكها به واعتذارها



ضي وخالد حزنت على ضي وحالها وخالد لمتى بيتحمل تصرفاتها

لو استمر حالها لابد بيجي يوم وينفجر خالد والله يستر من انفجاره


حنين أعجبني شرطها على بدر خليه يعرف إنها ماهي راميه نفسها عليه

سامي بيض الله وجهك على اللي سويته مع حنين وإن شاء الله توقف معها

على طول


أبو حنين لا بارك الله فيه من أبو كل همه نفسه يعيش مستمتع ومرتاح

مع زوجته ومافكر في بنته مالت عليه أجل بدر مافي مثله أخس عليك

يالنذل


تسلم يمينك وطن نوره بارت رااائع لا خلا ولا عدم منك يارب


شبيهة القمر 14-12-18 06:57 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ياالله وش هالمواجع كلها بالله من نرحم دانه او خطاب او هلا او منيف
وش هالجزء ياوطن متتتتعب جدااا لنا ولابطالنا .. ليت خطاب ماأخذ هلا كان باركنا له بدانه ..بس الان الوضع مختلف تماما وين بيلاقي وحده مثل هلا مع اني متأكده ان دانه بتكون مثل هلا بتعاملها مع خطاب .. والله هالخطاب امه داعيه له ههههههههه
منيف .. اول مره احس اني تعاطفت معه .. بس ارجع اقول يستاهل وحقه وماجاه ..
بدر ..اتمنى اشوف رده فعله بعد خطبه خطاب لدانه
ياسر ..يمكن الي سويته بحنين يكفر عن جرمك زمااان الله يهديك
خطااب .. س سؤال يعني لوين تبي توصل ..قراراتك متخبطه وارتجاليه بدون تفكير ممكن اعرف بأيش تفكر وأيش الي راح تاخذه من زواجك بدانه .. والله لو انك شخصيه قويه قلنا تبيها طريق لمنيف وتقدر تدخل عليه وتعيش معه بعد ،ويمكن يحبك ويثق فيك ويدخلك معه بشغله وانت تسايره وتتفق مع اخو خالد نسيت اسمه انك تكشف ألاعيبه ومخططاته بس كل هذا للاسف ماراح يكون لان طبيعة شخصيتك ضعيفه ..والغريب ان توك تدرك انك تحتاج طبيب نفسي !!! اتمنى فعلا انك تروح يمكن يطلع المارد الي جواك ويخليك تعرف تاخذ حقك بدون تجميع زوجاات ياحاج متولي 🤓👩‍👩‍👧
هلا ..الله يكون بعونك احساس الخذلان موووجع ..ماادري اقولك شيلي عفشك وولدك وروحي لأهلك او اجلسي ببيتك !!كلهم خيارات صعبه .. بس فعلا موقفك صعب .
دانه .. انت مثل الورقه بوسط العاصفه لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ..بس جد تنرحمين مررره واعتبر موقفك اصعبهم كلهم صعب الانسان يعيش وهو بلا سند ومنبوذ من اقرب الناس له ، ان شاء ربي يسخر لك الي يستاهلك بعيد عن خطاب وهلا لو سمحتي ..
خالد وضي .. اتوقع خالد بيعرف ان ضي فيها وسواس قهري وراح يساعدها لحد ماتتخلص منه بس السؤال الي يسدح نفسه متى جاها هالوسواس !!؟؟
تذكرت خالد ليته ماتزوج ضي كان دبسنا دانه بظهره ههههههه ياهالدانه الي كنها العظم بالحلق هههههههه

وطن ... 👏👏👏👏👏👏👏
جزء راااائع امتعتينا حد الوجع اهنيك على اسلوبك وطريقة ايصال المشاعر للقارئ مبددددعه تسلم يمينك 🌺🌺بس تكفين خفي علينا من خطاب بيحوس ابو الدنيا بدون راي ههههه

أبها 14-12-18 11:37 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ورحمة الله

سلمت يمناكِ ( وطن نوره) ...💐

جزء اليوم حزين على جميع الأصعدة ، دانة ، هلا ، ضي.😞

الجازي ... قوية البأس ، سليطة اللسان ، كلماتها كما وصفتِ كطلقات الرصاص فعلاً غير مبالية بجبروت منيف ،لكنها اليوم دفاعاً وخوفاً على حفيدتها (على ما أظن) ..يسوقها كرهٌ عميق و متأصّل في روحها المجروحة،
الذي فهمته من تلميحات الجازي وفارس ، أن جريمة منيف النكراء هي ( التحرش بالأطفال ! 😡) أعوذ بالله من الشيطان ،استغفر الله العظيم ،ولا حول ولا قوة إلا بالله .

دانه ... "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"

أعلم شعورك عندما يفهم أقرب الناس لكِ موقفك على نحوٍ مغاير لما تقصدين..وأتفهم صدمتكِ حين يتخلى عنكِ ألصق البشر بكِ، لا لشئ،سوى وشاية .😓

دانة شابة نقية فيها خير كثير،قد يكون هذا الموقف رحمة بها لتعيش بعيداً
عن خبَث جدها، رغم أن تدخّل الجازي كان خيراً أريد به باطل ، وبه ما به من إرادة التشفّي والانتقام .

التراشق بالسباب وخنق منيف للجازي الموقف بأكمله كان مثيراً ، مريعاً،
وكأني أراه رأي العين ، (مبدعة تبارك الله )..

منيف ...يوم إنه صعد يلهث ليت صابته جلطة وارتحنا منه ..
تصدقين أول مرة يكسر خاطري هالمجرم ..😁

فارس ..أفسدت علاقة دانة بجدها ، فهل ستكون ممتنة لك فعلا بعد ذلك.؟


حنين .. عوداً حميداً لمملكتكِ .🍃
حنين أدركت منذ البداية أن عودتها هي رغبة ياسر ، لكنها حفظت ماء وجهها بشرطها ، لا بأس سيأتي اليوم الذي يدرك فيه بدر أنه قد فرّط بجوهرة ثمينة .

خالد .. لطيف للغاية ، وخفيف دم أيضاً ☺
سيتمكن من احتواء ضي بروحه المرحة وتفهمه ..

دانة ، خطاب ... ( ليش يا وطن نوره 😓) تونا فرحنا الجزء الماضي ما تمت الخطبة ، 😢.. جابر ما صدق يتخلص من دانة ،أول خاطب وافق عليه.! 😡

هلا ، خطاب ... يا عمري عليك يا هلا ، ويا حسرة عليك يا خطاب
موقفهم بصراحة مأساة ، مؤثر جدا ، ويقطع القلب ..😢😭


رجاء الغالية ( وطن نوره) الجزء القادم بإذن الله نريد تباشير فرح ترفرف علينا .
كل الشكر والتقدير للمبدعة وطن نوره .
🍃🌸🍃

وطن نورة ،، 24-12-18 09:29 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3708763)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير على وطن نوره ومتابعينها

بارت مؤلم لدانه وهلا

دانه فارس ضرها ضرر كبير خسرت أبوها اللي ماعليه حسافه هو من أول

ما سأل عنها ولا فكر فيها لكن خسرت جدها السند الوحيد لها واللي كانت

تشعر بالأمان معه وكان ممكن ترفض خطاب لأنه ماوافق عليه جدها

لكن بعد معاملة ابوها لها وموقف جدها منها حست انها مرفوضه من الجميع

وفكرت انها بزواجها من خطاب ترتاح وتريحهم منها

دانه لو خبرت جدها باللي حصل من عامر وإنها أخبرت فارس حتى ماتوقع

في نفس الموقف مره ثانيه أعتقد بكون عذر كافي لها وبيتفهم سببها



فار س تصرف بتهور وبدون تفكير في عواقب فعله وندم لكن بعد ماخرب

حياة دانه اللي استنجدت به


خطاب ماعرفنا له ولا ماهو هدفه من الزواج لأن رمى كلمه بدون تفكير

لأنه حتى ماوضح لهلا إنه ممكن عن طريق دانه يوصل للي يقدر ينتقم

به من منيف خطاب يتخبط وتصرفاته ماهي موزونه أنا ما الوم خطاب

لأن واضح إنه نفسيا مريض لكن الله يعين هلا ويبعد دانه عنها كيف

عاد تصرفي وطن نوره هلا ماتستاهل يتزوج عليها رضينا بالهم والهم

مارضي بينا




منيف أعوذ بالله هذا أحقد من بعير ولا زعل وحقد أقشر كيف

قدر يقسوا على دانه بهذا الشكل رغم تمسكها به واعتذارها



ضي وخالد حزنت على ضي وحالها وخالد لمتى بيتحمل تصرفاتها

لو استمر حالها لابد بيجي يوم وينفجر خالد والله يستر من انفجاره


حنين أعجبني شرطها على بدر خليه يعرف إنها ماهي راميه نفسها عليه

سامي بيض الله وجهك على اللي سويته مع حنين وإن شاء الله توقف معها

على طول


أبو حنين لا بارك الله فيه من أبو كل همه نفسه يعيش مستمتع ومرتاح

مع زوجته ومافكر في بنته مالت عليه أجل بدر مافي مثله أخس عليك

يالنذل


تسلم يمينك وطن نوره بارت رااائع لا خلا ولا عدم منك يارب


يا أهلا وسهلا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مساء الفل ياعيني

فارس كان مقصده شريف جاب الخبر لأمه مثل ماهو لكن الجازي وصلته لمنيف بشكل غلط وأضافت عليه كلام من عندها متعمدة توجعه فيه وكلها حقائق وكأنها تعايره بها
منيف صدمته بدانه إنها لجأت لغيره وهو حذرها ونرجع نقول دخول الجازي هو اللي دمر كل شي لو إن فارس جاه لحاله كان تقبل وتفهم منه
عموما دانه تعتبر الآن في قلب الإعصار وحيدة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء

خطاب يبي يسوي كل شي وأي شي عشان يطفي النار اللي داخله لكن مافيه شي قاعد يساعده لا قوة ولا حسن تصرف ولا أدله
هلا في موقف صعب وبإذن الله الفصول الجايه بتوضح كل شي

الله يسعدك فيتامين سي مثل ما أسعدني تعليقك شكرا لك

وطن نورة ،، 24-12-18 09:45 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3708770)
السلام عليكم
ياالله وش هالمواجع كلها بالله من نرحم دانه او خطاب او هلا او منيف
وش هالجزء ياوطن متتتتعب جدااا لنا ولابطالنا .. ليت خطاب ماأخذ هلا كان باركنا له بدانه ..بس الان الوضع مختلف تماما وين بيلاقي وحده مثل هلا مع اني متأكده ان دانه بتكون مثل هلا بتعاملها مع خطاب .. والله هالخطاب امه داعيه له ههههههههه
منيف .. اول مره احس اني تعاطفت معه .. بس ارجع اقول يستاهل وحقه وماجاه ..
بدر ..اتمنى اشوف رده فعله بعد خطبه خطاب لدانه
ياسر ..يمكن الي سويته بحنين يكفر عن جرمك زمااان الله يهديك
خطااب .. س سؤال يعني لوين تبي توصل ..قراراتك متخبطه وارتجاليه بدون تفكير ممكن اعرف بأيش تفكر وأيش الي راح تاخذه من زواجك بدانه .. والله لو انك شخصيه قويه قلنا تبيها طريق لمنيف وتقدر تدخل عليه وتعيش معه بعد ،ويمكن يحبك ويثق فيك ويدخلك معه بشغله وانت تسايره وتتفق مع اخو خالد نسيت اسمه انك تكشف ألاعيبه ومخططاته بس كل هذا للاسف ماراح يكون لان طبيعة شخصيتك ضعيفه ..والغريب ان توك تدرك انك تحتاج طبيب نفسي !!! اتمنى فعلا انك تروح يمكن يطلع المارد الي جواك ويخليك تعرف تاخذ حقك بدون تجميع زوجاات ياحاج متولي 🤓👩‍👩‍👧
هلا ..الله يكون بعونك احساس الخذلان موووجع ..ماادري اقولك شيلي عفشك وولدك وروحي لأهلك او اجلسي ببيتك !!كلهم خيارات صعبه .. بس فعلا موقفك صعب .
دانه .. انت مثل الورقه بوسط العاصفه لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ..بس جد تنرحمين مررره واعتبر موقفك اصعبهم كلهم صعب الانسان يعيش وهو بلا سند ومنبوذ من اقرب الناس له ، ان شاء ربي يسخر لك الي يستاهلك بعيد عن خطاب وهلا لو سمحتي ..
خالد وضي .. اتوقع خالد بيعرف ان ضي فيها وسواس قهري وراح يساعدها لحد ماتتخلص منه بس السؤال الي يسدح نفسه متى جاها هالوسواس !!؟؟
تذكرت خالد ليته ماتزوج ضي كان دبسنا دانه بظهره ههههههه ياهالدانه الي كنها العظم بالحلق هههههههه

وطن ... 👏👏👏👏👏👏👏
جزء راااائع امتعتينا حد الوجع اهنيك على اسلوبك وطريقة ايصال المشاعر للقارئ مبددددعه تسلم يمينك 🌺🌺بس تكفين خفي علينا من خطاب بيحوس ابو الدنيا بدون راي ههههه

ياهلا وسهلا وعليكم السلام :real_madrid3:
ههههههه خطاب مثل الحاج متولي اصبري علي بس أدبس فيه ثنتين زيادة :wookie:
والله أنا في كل هالمعمعه ما أرحم إلا دانة لأنها تهرب من شي وبتطيح في شي أكبر
أما هلا وخطاب هين لأن اللي بينهم أكبر من أن يمحيه زعل او شي مثل كذا خصوصا وإن هلا تعرف خطاب زين وعاشت معه ضعفه :(

بدر بيسوي دخول مفاجئ وبيفعل فعلته اللي بتغير أشياء كثير بس أعطوا سداح فرصة :ekS05142: لا درى منيف بخطاب واللي وراه أتوقع ينجلط انه رفض بدر :wookie:
وش فيك طيب معصبة على خطاب :( أصعب شي توهان الروح يوم تحسين انك تبين تسوين شي ولا تقدرين مع إن كل شي متاح قدامك ومنيف وحفيدته ماقصروا يترززون في وجه الرجال كل ماحاول ينسى :(
خطاب فعلا تايه يحتاج توجيه يبي يسوي اللي يقدر عليه مهما كان نوعه بس البلا إن مابيده شي :(
ضعيف تراه وينرحم :(
<< وش فيها ذي :smilie:

هلا غرقانة حب لشوشتها هل تتوقعين تتخلى عن خطاب :3EO05175:؟؟
والله خالد ودانة كانت فكرة مطروحه للامانه خصوصا وإن خالد فيه شفقة العرس الله يبلش عدوه بس ماينفع لأن خطاب فيه :56:

الله يسلمك ويسعدك والله إنتي اللي رائعة وردك رائع أقراه وأنا وكشرتي هذا كبرها :ZlY04550:
الله يرفع قدرك على كلامك والله انه أبهج سريرتي وأبشري باللي يسرك في القادم إن شاءالله
شكرا لك جدا ممتنه ♡

وطن نورة ،، 24-12-18 09:48 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3708772)
السلام عليكم ورحمة الله

سلمت يمناكِ ( وطن نوره) ...💐

جزء اليوم حزين على جميع الأصعدة ، دانة ، هلا ، ضي.😞

الجازي ... قوية البأس ، سليطة اللسان ، كلماتها كما وصفتِ كطلقات الرصاص فعلاً غير مبالية بجبروت منيف ،لكنها اليوم دفاعاً وخوفاً على حفيدتها (على ما أظن) ..يسوقها كرهٌ عميق و متأصّل في روحها المجروحة،
الذي فهمته من تلميحات الجازي وفارس ، أن جريمة منيف النكراء هي ( التحرش بالأطفال ! 😡) أعوذ بالله من الشيطان ،استغفر الله العظيم ،ولا حول ولا قوة إلا بالله .

دانه ... "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"

أعلم شعورك عندما يفهم أقرب الناس لكِ موقفك على نحوٍ مغاير لما تقصدين..وأتفهم صدمتكِ حين يتخلى عنكِ ألصق البشر بكِ، لا لشئ،سوى وشاية .😓

دانة شابة نقية فيها خير كثير،قد يكون هذا الموقف رحمة بها لتعيش بعيداً
عن خبَث جدها، رغم أن تدخّل الجازي كان خيراً أريد به باطل ، وبه ما به من إرادة التشفّي والانتقام .

التراشق بالسباب وخنق منيف للجازي الموقف بأكمله كان مثيراً ، مريعاً،
وكأني أراه رأي العين ، (مبدعة تبارك الله )..

منيف ...يوم إنه صعد يلهث ليت صابته جلطة وارتحنا منه ..
تصدقين أول مرة يكسر خاطري هالمجرم ..😁

فارس ..أفسدت علاقة دانة بجدها ، فهل ستكون ممتنة لك فعلا بعد ذلك.؟


حنين .. عوداً حميداً لمملكتكِ .🍃
حنين أدركت منذ البداية أن عودتها هي رغبة ياسر ، لكنها حفظت ماء وجهها بشرطها ، لا بأس سيأتي اليوم الذي يدرك فيه بدر أنه قد فرّط بجوهرة ثمينة .

خالد .. لطيف للغاية ، وخفيف دم أيضاً ☺
سيتمكن من احتواء ضي بروحه المرحة وتفهمه ..

دانة ، خطاب ... ( ليش يا وطن نوره 😓) تونا فرحنا الجزء الماضي ما تمت الخطبة ، 😢.. جابر ما صدق يتخلص من دانة ،أول خاطب وافق عليه.! 😡

هلا ، خطاب ... يا عمري عليك يا هلا ، ويا حسرة عليك يا خطاب
موقفهم بصراحة مأساة ، مؤثر جدا ، ويقطع القلب ..😢😭


رجاء الغالية ( وطن نوره) الجزء القادم بإذن الله نريد تباشير فرح ترفرف علينا .
كل الشكر والتقدير للمبدعة وطن نوره .
🍃🌸🍃

يا اهلا وسهلا الله يسلمك ويسعدك ❤❤
الجازي تلقت أذى من منيف في الماضي وماصدقت تواجهه من جديد عشان ترمي عليه كلماتها المسمومة واللي حركها في المقام الأول حقدها وممكن تجي دانه في آخر القائمة خصوصا إنها جلست تحت حمى منيف كل عمرها ومعه وبصفه حتى بعد اللي قالته قدامها

الله يسعدك على كلامك والله شهادة اعتز فيها
منيف عمر الشقي بقي صحته حديد أعوذ بالله ولو ان اللي صار كان ثقيل عليه وصادم

بدر ممكن يصحى على نفسه لكن وقتها بيكون تأخر جداً خصوصاً وان حنين لفظته من حياتها خلاص

ضي تحتاج ونيس وخالد الرجل المناسب في المكان المناسب
دانة وهلا وخطاب والله إني بلشانه بهم واللي صار وبيصير هو اللي بيقربهم من بعض أكثر
لكن بإذن الله القادم راح يسرك ويرضيك وكلهم قادرين على أن يعبرون عنق الزجاجة
الله يفرحك ويسعدك دايماً وأبشري الأفراح قادمه لا محاله لكن اصبري علي

الشكر لك أبها على ردودك ودعمك والله إنك تسعديني بشكل ماتتصورينه ❤

وطن نورة ،، 24-12-18 10:03 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير .. محرجه منكم جداً وأعتذر وبشدة على التأخير الغير مقصود
أتمنى فصل اليوم يرتقي لذائقتكم ويعجبكم ويكون قد المقام :)
هادئ لكن العاصفة قادمة الفصل القادم ..
قراءة ممتعة جميعاً وعذراً مقدماً على أي تقصير ..


.

◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (١٣) الفصل الثالث عشر ،،
°
°

مَنْ أذبلَكْ ؟
‏مَن أَتلفَ الورْداتِ تِلكَ ‏وَمبسمَكْ ؟
‏مَْن أَحزنَكْ ؟
‏مَنْ جمَّع الدَمعاتِ غَيماً وَأمطرَك؟
‏وَأطْلقَ فِي عَينَيكِ رعْداً وَأغْضبَك ؟
‏فلْتَهدئِي ..
‏سَأبعِدُ الأحْزانَ قَسْراً
‏عِندَما تَبقى مَعكْ ..

*منقول*
.
.


في حساب الأيام.. مرّ مايقارب الأسبوعان منذ أن تزوجت.. اثنى عشر يوماً.. بالضبط.
لم يكن خالد شيئاً بسيطاً يمكن تجاهله.. كان بكل سهولة قادراً على أن يثبت حضوره دون أي تكلف.. أو أي فعل.. وجودة في المكان يكفي لأنx تلتفت له الرقاب ..

تتذكر جيداً صباحية زفافها.. عندما استيقظت تنظر للمكان بتوهان.. وما إن رأت فستانها الذي نامت به نومة غير مريحة أبداً حتى وتذكرت كل شيء.. تجمعت الدموع في عينيها وهي تنزع ما يثبت خصل شعرها.. بغضب.. تنظر للباب الذي تعلم جيداً أنه مغلق وأن خالد خلفه.. في مكانٍ ما..
دخلت تحت الماء تحاول أن تزيل المكياج بفرك وجهها بقوة.. بشكلٍ مفرط حتى شعرت بأن جلدها سيتمزق..

خرجت ولا تعلم ماهو الذي يليق بإطلالة عروس في صباح زفافها.. كيف تقابل زوجها في أول صباحٍ يجمعهما؟
أرتدت ماوجدته في حقيبتها.. فستان ناعم بنقوش رقيقة يصل لمنتصف ساقها.. وقفت أمام المرآة ولم تخفى عليها حقيبة خالد الصغيرة القريبة من الباب.. كان كل شيءٍ كالحلم في ذاكرتها.. خالد وبشته.. ابتسامته.. عذوبة صوته.. ونظراته لها..
ابتعدت من أمام المرآة بغضب دون أن تفعل شيئاً واتجهت نحو الباب بعد أن أمسكت شعرها المبلل من الجانبين لتدع الباقي ينسدل على كتفيها. فتحت الباب وخرجت باندفاع تسيرها أقدامها للأمام لا تعلم إلى أين أو ماذا تريد كل الذي تتمناه هو أن يختفي الصوت الذي يخبرها بأن خالد ليلة البارحة صُدم بأن زوجته بهذا السوء.. وأن إغلاقها للباب جاء في صالحة ومن حسن حظه واتاه على طبقٍ من ذهب..
توقفت عندما رأته يتمدد على الأريكة نائماً على ظهره أقدامه تخرج من حدودها لتتعدى يد الأريكة.. ذراعٌ تغطي عينيه والأخرى على صدره.. يرتدي ماكان يرتديه تحت ثوبه-السروال والفانيلة- ويبدو غارقاً في نومه.. دون غطاء..
كانت فرصتها لتتأمل.. ماتخشى أن تفعله في صحوته.. كان طويلاً بجسدٍ نحيفٍ بإعتدال وبشرة حنطية لونها مُلفت يتعارض مع بياض فانيلته بوضوح.. لا تعلم كيف خرج صوتها عالياً مرتفعاً هكذا فجأة: خالد..
كانت وكأنها تصرخ.. تحرك خالد بفزع يبعد ذراعه : هاه!!! وش فيه؟؟
ابتلعت ريقها بتوتر : ليش نايم هنا؟
ثم عضت لسانها بندم على سؤالها وعلى نظرة التهكم بعينيه..
كانت يدها اليمنى تفرك اليسرى بكل قوة : كمّل نوم داخل.. خلاص أنا صحيت..
لم يجبها بل مشى يتعداها ويدخل الغرفة يغلق الباب خلفه وصوت تأففه مسموعٌ لها بوضوح..

لا تعلم كم مضى على اختفاءه.. كانت تجلس مكانه تنشغل بالنظر لأصابعها تحاول أن تتجاهل نظرته التي لازالت تراها بين عينيها ولا تستبعد أن يكون نادماً على زواجه منها .. نادماً جداً ويتمنى أن يتخلص منها في أقرب وقت..
لم تكن تعي بأنها غارقة في أفكارها لهذا الحد حتى شعرت بشيءٍ يحط على خدها لتقفز مذعورة تضع يدها على قلبها ..
كان خالد قريباً يميل بجسده عليها يقبّل خدها لكن قفزتها أرعبته فابتعد مسرعاً : بسم الله عليك.. هذا أنا!
ضي برجفة تنظر له بأنفاس ثائرة : خوفتني..
ابتسم يجلس بعيداً عنها : تعبت وأنا أناديك ولا أنتي حولي قلت أجرب طريقة ثانية.. و شكلي بعتمدها..
ابتلعت ريقها تتأمله يجفف شعره بفوطته بعد أن غمز لها.. يرتدي ثوباً كحلياً وينظر لها مبتسماً ويبدو في مزاجٍ جيد : صباحية مباركة يا عروس.
لكنها لم تجبه بل عادت تنظر لأصابعها بتركيز قلبها ينبض تأثراً بغمزته حتى أخبرها خالد بضيق : اجهزي بنروح لأهلي.. طيارتنا المغرب..
.

لقاؤها بأهله كان هادئاً لطيفاً شعرت فيه أن والدته أحاطتها برداءٍ من أمان جعل كل مخاوفها من رهبة اللقاء الأول تهدأ.. لاحظت وهي تتأمل والده بعد انتهاء الغداء وهم يشربون الشاي في صالة المنزل أن خالد يشبهه.. كثيراً.. ابتسمت بخجل وهي ترى ابتسامته الأبوية لها تزين وجهه وتزيد من وسامته بعد أن انتبه أنها تتأمله.. أبعدت نظرها عنه ليقع على خالد.. تساءلت بينها وبين نفسها وهي تنظر له منشغلاً بهاتفه،، بعد عشرين أو ثلاثين سنة عندما يصبح خالد في عمر والده الآن،، هل سيكون وسيماً مثله؟ لكن جواب تساؤلها أتى سريعاً عندما أخبرتها نفسها بأن سقف أمنياتها جدًا مرتفع فخالد لن يتحمل أن يبقى معها شهراً فكيف بعمرٍ كهذا؟

رفع عينيه عن هاتفه عندما شعر بأن أحداً يراقبه ليراها تنظر له.. ابتسم لها ابتسامة واسعة لكنها كانت وكما يبدو في عالمٍ آخر .. عيناها تلتمع بجنون وفمها مقوسٌ للأسفل بشكلٍ طفيف وكأنها للتو سمعت خبراً حزيناً..

تلاشت ابتسامته وهو ينظر لها بقلق.. كانت لازالت ترتدي فستانها بلون الكراميل والذي تناغم مع لون بشرتها السمراء وشعرها - الذي تفاجأ خالد بأنه طويل يصل لخصرها - قد جفّ وبدأ يأخذ تموجاته الطبيعية لتتراقص بعض الخصل القصيرة على جبينها وجانب وجهها بعذوبة.. لم تكن تضع سوى القليل من ملمع الشفاه واكتفت به مع ذلك كانت جميلة جداً لم تستطع عيني خالد أن تقاوم تأملها..
كان شكلها اليوم بالرغم من بساطته أجمل بكثير من شكلها البارحة فملامحها لم تكن تحتاج كل هذا الكم من المكياج..
تكلمت والدته تقطع الصمتx : تركي شفت هلا إن كانت بتجي؟ أدق عليها ما ترد..
ارتشف قليلاً من فنجانه : أرسلت لي تقول مافيها حيل..
خالد بابتسامه ونبرة : معلوم مافيها حيل ..
سلوى ولم تفهم مقصده : إيه والله ياعين أمها ، هي من قامت بعرسك أمس ماقصرت..
ضحك خالد من أعماق قلبه لتبتسم ضي تصْرف عينيها عنه : هلا أكبر عيالك يا خاله؟
سلوى : لا يا قلبي ولدي زيد هو بكري.. ثم وحيدتي هلا..
خالد بابتسامه جانبية : ثم عاد أنا، مسك الختام .
سلوى : إيه، نقول إن شاءالله.. مير أنت وأنا أمك جيت بدون تخطيط لكن الحمدلله على كل حال .
تطايرت عينيه :x وش اللي بدون تخطيط؟ الكنترول كان عند الوالد كل شي مدروس يا قلبي.. مايهرول عبث أبو زيد..
قذفته بالوسادة التي كانت بجانبها ليتصدى لها خالد بذراعه وقبل أن يفتح فمه ليعترض رأى والدته تنحني لترفع شحاطتها من على الأرض وتقذفها باتجاهه.. قفز من مكانه قبل أن تصل له وهو يتابع ارتفاعها في الهواء لتسقط بعيداً عنه.. ضحك : أمي ل..
قطع جملته قبل أن تكتمل وهوx يبتعد مسرعاً عندما رآها تنحني لترفع الأخرى وهذه المره أصابته في ساقه.. وقف يقفز على قدم ويرفع الأخرى بألم : أح أح يمممه..
بغضب : ماتستحي على وجهك أنت؟؟ ماتحشم أحد أبد وش قلة الأدب ذي؟
كان خالد لازال يقفز -وإن كان يبالغ قليلاً- وعينيه على ضي التي كانت تغطي فمها بكفها وتضحك بصوت مرتفع لدرجة أن عينيها بدأت تدمع..
تركي بابتسامة : والله ليتنا رقدنا ذيك الليلة وأنا أبوك ..
سلوى بصدمة وهي تضع يدها على رأسها : يابوووي..
خالد يتفقد ساقه : شدعوة يمه كلنا كبار لا تستحين..
آخ تسببتي لي بكدمة الله يصلحك..
سلوى بغضب : أحسن ليتها جات براسك ذا الفاضي كود تعقل.. قليل تربية.
تخصّر : ما شاءالله،، أشوف اللي قلته زعلك بس اللي قاله أبوي عادي!!
سلوى موجهةً حديثها لضي بابتسامتها التي تكاد تشق خدها : شفتي بعينك يابنتي بس إنه على أجر إن شاءالله.. بنتساعد عليه أنا وأنتي..
خالد باعتراض : يمه عااد. وش هالكلام قدامها؟
سلوى : شافت بعينها حسبي عليك من ولد مافيك عقل..
وقف تركي يشمر أكمامه بعد أن وضع فنجانه على الطاولة : خالد امش معي أذيت أمك ياللي ماتستحي.. رح توضى مابقى شي ويأذن..
ضيّق عينيه ينظر لضي ثم لوالدته : ما أدري قلبي مو متطمن أخاف أخليهم لحالهم.
سلوى بيأس : خالد وبعدين ؟
خالد بعد أن أمسكه والده من ذراعه وبدأ يمشي معه : أنا رايح بس تراني ما أحلل.. يمه استريني الله يستر عليك.. ضبطيني مع المدام تكفين .

ابتسمت سلوى بعد أن اختفى خالد و والده من أمامهم ونظرت لضي التي كانت تدير رأسها بالاتجاه الذي ذهب منه زوجها..
سلوى بهدوء وعطف : عساك مرتاحة ياضي؟
التفتت تنظر لها ترفع حاجبيها بتعجب وكأنها لم تتوقع سؤالها: الحمدلله؟
سلوى بحب واضح : لا يغرك هبال خالد تراه رجّال ويعجبك..
ابتلعت ريقها بخجل ولم تجد تعليقاً مناسباً لكلامها.. فتابعت سلوى : إن ضايقك ولا زعلك تعالي لي.. لا تقولين أمه تراك أنتي بعد بنتي ومثل هلا عندي..
ابتلعت ريقها هذه المره تأثراً : الله يخليك يارب..
.

لم تستطع أن تمنع تجمع الدموع في عينيها وهي ترى خالد يحتضن والدته بكل قوته قبل ذهابهم للمطار ..
كانت سلوى تشد على أكتافه بصمت ولم يخفى على خالد بكاؤها..
هتف متأثراً : شدعوة يا أمي اللي يشوفك يقول أول مره أسافر!
ابتعدت عنه تمسح دموعها بيد وتربت على كتفه عندما اقترب يقبل رأسها بيدها الأخرى : سفرتك ذي غير ياقلب أمك.. والله ما توقعت بيجي اليوم اللي أشوفك فيه مع زوجتك.
ابتسم لها : افاا عليك.. وابشري بالأخبار الزينة لا رجعت..
قالها وغمز لتضحك عندما فهمت مقصده : الله يستر عليك..
ثم التفتت لضي التي تقف بعيداً عنهم بمسافة بسيطة لتقترب منها تحتضنها وتربت على كتفها تهمس في اذنها بكلامٍ لم يسمعه خالد..
كان ينظر لعيني ضي المليئة بالدموع والتي كانت تنظر له من فوق أكتاف والدتها تسرح به وتهز رأسها تجاوباً لهمس والدته ..
.

بعد إثنى عشر يوماً برفقة خالد.. باتت ضي تعلم أن رجلاً كهذا لا يمكن التفريط به.. كان شعاعاً ينير عتمة عقلها يُضحكها رغماً عنها ويتحدث معها حتى وإن كانت لا تتجاوب معه.. كان رفيقاً رائعاً في السفر وهذا ما اكتشفته في أول يوم حطت به أقدامهم أراضي أوروبا. فكما وعدها خالد سيجعل من سفرتهم هذه شيئاً لا ينسى..

كانت تجلس في أحد المقاهي المنتشرة على الطريق بين منطقتين من مناطق سويسرا..
تابعت اقتراب خالد من الطاولة التي تجلس عليها يبتسم لها ابتسامه لم تستطع أن تمنع نفسها من أن تبادله بمثلها..
كان يرتدي قميصاً خمري اللون يعتليه جاكيت من الجلد الأسود وشعره الكثيف بلفاته الناعمة مسرحٌ بعشوائية جعلت منه جاذبيةً لا تقاوم.
سحب الكرسي أمامها ليجلس بعد أن وضع كوب قهوتها الورقي أمامها..
تكلمت وهي تلف أصابعها عليه عل رعشتها تهدأ : شكراً.
خالد بهدوء : بالعافية..

من ناحيتها كانت تشعر بأن العلاقة بينها وبين خالد لازالت تميل للرسمية أكثر.. رغم أن الرجل لم يتوانى في أن يبادر بأي شيء كي يكسر الحواجز بينهما وكان يحرص على أن يخترق عالمها بكل قوة لتتأقلم مع فكرة أنها لم تعد وحيدة كالسابق وأنها الآن أصبحت مع رجل تشاركه أبسط تفاصيلها..

تلهّى خالد بالنظر في كوبه وبالرسمة التقليدية على شكل قلب التي تعتلي سطحه.. يمد أقدامه تحت الطاولة ليلفها حول كاحلها الأيمن..
ارتعبت : يممه!!
ثم أنزلت رأسها تنظر للذي لامس قدمها وعبست : هذا أنت؟؟ ارتعت على بالي كلب..
تلاشت ابتسامته وسحب أقدامه : كلب!! عزّك الله يختي.
ضحكت وهي ترى انعقاد حاجبيه لتمد اقدامها بتردد وتلفها حول كاحله..: ياخي كلابهم في كل مكان ما تخاف لا من رب ولا من عرب..
شعرت به يحاول أن يسحب ساقه لكنها شدت عليها أكثر.. ضحك رغماً عنه متعجباً تصرفها : وش هالحركات؟ اتركي رجلي.
ضي بدلع وعفوية : ما أبي.. بردانة.
رفع حاجبه ينظر لوجهها مستنكراً.. كان وجهها مكشوفاً له بعد أن خلعت لثامها لتضعه بترتيب على الطاولة الخشبية خصوصاً وأن المكان شبه فارغ..
سحبت أقدامها بسرعة عندما لاحظت نظرته واعتدلت بجلوسها تشد على الكوب بين يديها تثبت بصرها عليه..
خالد بعد أن وقف : بردانة أجل..
راقبت بطرف عينها تحركه من أمامها بقلق ولم تشعر به إلا وكتفه يلتصق بكتفها وبذراعه تلتف حولها وتقربها من حضنه : البردان كذا يتدفى ياعيني.. أشوفك رايقة اليوم ؟
حاولت أن تتحرر منه بخجلٍ واضح : الجو الزين يغير النفسية..
اتسعت ابتسامته : و الوجه الحسن يا قلبي؟..
ثم أردف بانزعاج وهو يحاوطها بكلتا يديه بقوة : وقفي حركة مانيب تاركك.. اهجدي يالقطوة.
كان قلبها يرتعد من اقترابه هكذا لأول مره : الله يخليك وخر شوي.. الناس حولنا..
خالد : محد حولك.. ضي اهجدي يابنت اوجعتني يدي..
والله إن ماهجدتي لا ابوسك..
اتسعت عينيها بهلع وسكنت حركتها تماماً..
ضحك يسترخي يقربها لجانبه أكثر : إيه كذا.. خذي الأمور ببساطة واستمتعي..

لفهم الصمت تماماً.. كانت ضي تشعر بأن الكون كله قادر على أن يسمع نبضات قلبها.. قربه منها بهذا الشكل كان كفيلاً بأن يبعثر مشاعرها ويعبث بخلايا عقلها المتعبة..
كانت تقاوم الأصوات داخلها تهتف بينها وبين نفسها "لأ.. لأ.. لأ.." حتى خرج صوتها حاداً مرتفعاً : خالد..
عقد حاجبيه ونظر لها مستنكراً.. لم تنظر له بل قالت بأنفاس متسارعة : سولف..
خالد : تعبت بس أنا اللي أسولف!..
ضي بإرهاق واضح : قول أي شي.. لا تسكت.
كانت تريد من صوته أن يشغلها عن سماع أي صوتٍ سواه..
خالد : تدرين أني ما أعرف عنك شي.. وش تخصصك بالجامعة؟
ضي : ما كملت دراستي طلعت بعد أول سمستر..
خالد باهتمام : ليه؟
سكتت قليلاً لتهتف بعدها بحزن واضح : يوم مرضت أمي الله يرحمها عجزت أركز بأي شي غيرها.. وخفت الجامعة تلهيني عنها..
كان يتأمل جانب وجهها بتركيز : توك صغيرة عمرك ٢٤ سنة عندك فرصة تكملين الحين..
ضي بتنهيدة : ما أحس لي خاطر بالدراسة.. أو أي شي ثاني..
أحس أيامي صارت وحده كلها مثل بعض .. ماعادت الحياة حلوة مثل أول.
عقد حاجبيه : أعوذ بالله ليه السوداوية ذي؟
رفعت كتفيها بمعنى "ما أدري".. ليتابع خالد بشك : أنتي موب مرتاحة معي؟
نظرت له لترى القلق يطل من عينيه.. تصددت بعينيها عنه لتتنهد من أعماق قلبها : الموضوع ماله علاقة فيك خالد..

سكت قليلا يسحب ذراعه عنها ليقول بعدها بهدوء وهو يشعر بأنهما يجدفان باتجاهين متعاكسين : طيب اشربي قهوتك عشان نمشي..
.
.

خرجت من غرفة سالم عندما صلت الفجر لتجد خطاب يجلس في الصالة.. يرتدي ثوبة ويضع كفيه على رأسه في تفكيرٍ عميق.. ما إن شعر بها حتى ونظر ناحيتها بسرعة. عينيه شديدة الإحمرار بعد ليلة قضاها يعيش كابوساً مرعباً لم يحلم به منذ زمن.. بينما هلا التي كانت تتقلب طوال الليل على صوته لم تذق عيناها طعم النوم.. أجفانها حمراء وعينيها ذابلة بشكل واضح.. ومحزن..
خطاب بتوجس : صباح الخير ؟
هلا بهدوء : صباح النور..
قالتها و تركته تتجه لدورة المياه.. أغلقت الباب خلفها تستند عليه تتهرب بذلك من التواجد مع خطاب في نفس المكان بعد أن كانت في السابق تلتصق به كظله..
هدّأت من نفسها قليلاً وغسلت وجهها بالماء البارد جداً حتى أصبحت لا تشعر بملامحها ثم خرجت بخطى سريعة تمشي من أمام خطاب الذي لازال يجلس مكانه.. تتعداه دون أن تنظر له وتدخل المطبخ..
حاولت أن تتلهى بصنع الشاي ولا شيء غيره وتفكر بالخطوة التالية فبعد فورانه ستضع السكر حتى يخدر ثم تسكب القليل منه لخطاب والكثير منه لها..
التفتت بعد أن أغلقت النار لتجد خطاب يقف بمنتصف المطبخ ينظر لها كأنه ينتظر شيئاً ويلف يديه حول نفسه..

كانت عين خطاب تلحقها بلهفه.. تتحرك في المطبخ تفتح الثلاجة وتغلق الدولاب وترتب الفطور في الصينية ثم تعيد الترتيب مجدداً وكأنها تريد أن تشغل نفسها عن تواجده..
كان ينظر لها تقف أمام الرف تلقيه ظهرها وصوت ارتطام الأطباق بالصينية هو الصوت الوحيد المسموع..
كان ضائعاً حرفياً.. يشعر بلسانه معقود لا يستطيع أن يفسر أو يبرر..
تبدو هلا غاضبةً منه..
وحزينة بسببه..
تتجاهله وكأنها لا تراه ،، وهذا ما أوجع قلبه حقاً فبعد أن كانت تُشعره بأنه الوحيد الذي يستحق اهتمامها أصبحت الآن لا تنظر له حتى..
مشت من جواره تتعداه تحمل الصينية.. ليزفر بأسى يتبعها خارجاً من المطبخ..
جلس أمام صينية الفطور لترتفع عينيه عندما وقفت تحمل كوبها وتجلس بعيداً على الأريكة ..
خطاب بضيق : افطري..
هلا بهدوء مميت : ما أشتهي. عليك بالعافية افطر أنت..

سكت يتأمل الأطباق أمامه وأنفاسه بدأت تضيق..
مر على حديث دانة معه عندما أخبرته بموافقتها تقريباً سبعة أيام.. تحديداً يوم الأربعاء.. ليعيش بعدها يومين في عذابٍ قاتل وهو يرى هلا تتكلم معه تبتسم في وجهه تدلله و تغرقه حباً كأنه الرجل الوحيد في هذا العالم.. كانت تحرص من أن تصله مشاعرها يومياً دون أي قيود.. بينما هو كان يفكر بموافقة دانة عليه!! كانت فكرة الارتباط بها قد ألغيت تماماً بعد رفضها الأول.. بل أنه تنفس الصعداء بعد أن رفضت فهو يعلم أن هلا لن تتحمل إمرأة أخرى وأنّ فِعلاً كهذا سينهي ما بينهم حتماً.. حتى وإن كان الارتباط بدافعٍ بعيد كل البعد عن الحب أو الرغبة بإمرأة غيرها ...

لكن ماحدث بينهم بعد زفاف خالد كسر شيئاً فيه لتأتي موافقة دانة متزامنةً مع غضبة الشديد وقهره من نفسه.. فما حدث جعله يتهرب ويخجل من أن ينظر لعيني هلا كما اعتاد على الرغم من أنها لم تتغير عليه أبداً ولم تحسسه بأنه رجل مع وقف التنفيذ.. كانت ولازالت هلا التي يعرف.. كأن الموضوع شيءٌ لم يكن..

كانت موافقتها ذلك اليوم كالنار التي أشتعلت في حطامه والباقي منه.. ليذهب لوالدها يوم الجمعة يطلبها ويحاول قدر الإمكان أن يضع أعذاراً لنفسه.. ويتأمل بأن هلا ستتفهمه.. وستعذره..
مع أنه بينه وبين نفسه لا يعلم ماذا يريد.. وماذا سيفعل؟ وما الهدف من ارتباطه بها في المقام الأول؟ مالهدف من هذا كله؟؟ كان عقله يخبره بأن كل شيء سيأتي تباعاً بعد هذه الخطوة.. متسلسلاً دون أي عناء.. وقتها سيعرف ماذا يريد. وكيف يتصرف عندما تصبح دانة مدللة جدها -الذي رمى وعوداً وتهديداتٍ عليه بسببها- تحت يديه.. ستكون يد منيف التي توجعه.. ونقطة ضعفه والنافذة التي سيرى من خلالها منيف منهاراً يبكي عليها..x كما جعله يبكي على أهله لأكثر من ربع قرن..
حتى وإن كان يجهل كيف!

كان هذا حديث عقله الذي يحرك أقدامه دون أن يأبه بتحذيرات قلبه الذي يأمره بالعودة والتراجع.. فهلا تنتظره في المنزل بابتسامتها التي تعتلي ثغرها كما تعود منها.. ونواعسها التي تنظر له بشوقٍ كبير وكأنه غاب عنها مدة طويلة.. وجودها في حياته يكفي بأن ينسى كل أحزانه .. فلا هو بالقادر على أن يقتل ذبابة فكيف بإيذاء مجرم كمنيف؟
لكن سطوة عقلة كانت أقوى.. ليجد نفسه يجلس في مكتب والدها بأحد أكبر معارض السيارات بالمنطقة.. يطلبها منه لا يسمع صوته وهو يفعل ذلك.. تخرج الحروف من بين شفاهه دون إدراكٍ منه وكأن هناك من استلم زمام الأمور عوضاً عنه.. لتأتيه موافقة والدها في نفس اللحظة و دون أي تفكير : أنا مسافر بكرة و برجع على الثلاثاء. لا رجعت بأكلمك ونتفاهم على باقي الأمور..
لم يمنع نفسه من أن يسأل ،، كان ينظر له بحقدٍ شديد و واضح لم ينتبه له جابر المتشاغل بترتيب أوراق في ملفٍ أمامه بكل برود وكأنه كان يسأله عن طعامه المفضل وليس الزواج من ابنته.. كان يتمنى لو أن يخنقه بيديه.. فالماثل أمامه هو ابن منيف الذي لا يشبهه أبداً ولولا اسمه لكان شك بالقرابة بينهم .. وقتها أدرك خطاب أنه لا يوجد بيده سوى التمنّي وهذا كان حاله في كل مره يرى فيها منيف أو أي أحدٍ من طرفه.. مع ذلك سأل : أنا سبق وشفت أبوك وطلبتها منه لكنه رفض.. ما جاب لك طاري؟
نظر له باستنكار وقد تغيرت ملامحه بضيق واضح : من متى تعرف أبوي أنت؟
خطاب بغيض : من وقت..
وضع جابر الأوراق وعقد يديه أمامه بقرف،، فالشاب أمامه يبدو صغيراً جداً على أن يعرف رجلاً عجوزاً كوالده : وش نوع المعرفة اللي بينك وبينه ؟
خطاب باستغراب : كان زميل الوالد الله يرحمه.
زفر براحة ليهتف بعدها بهدوء ونبرة غريبة كأنه يريد التخلص من هذه القرابةx : اللي يربطني فيه بنتي وبس..
ثم تابع وهو يرى وجه خطاب الجامد جداً بعد معلومة -غريبة- كهذة : عموماً مثل ما اتفقنا بتواصل معك لا رجعت..
.
واليوم هو الثلاثاء.. وكم يتمنى ألا يأتي الغد.. أبداً..

تعلم هلا وهي تنظر لخطاب السارح في الأطباق أمامه أن أذن الكوب التي تضغط عليها بكل قوة لا ذنب لها وأنها لو ضغطت عليها أكثر ستتهشم بين أصابعها لتحدث نزيفاً لا يمكن إيقافه..
وتعلم هلا أن خطاب الجالس أمامها محنيّ الأكتاف بكل أسى يأخذ أنفاساً ثقيلةً كأنه ينازع رئتيه على البقاء، يعيش صراعاً بينه وبين نفسه.. وأنه قضى ليلةً مريرة امتد بها صراخه لساعات الصبح الأولى..

تفتقد خطاب هذا الصباح.. مع أنه جالسٌ أمامها لكنها تفتقده.. تشعر بتباعدهم وكأن كلاً منهم يعيش في قارةٍ مختلفة.. وهذا ما أرعبها.
فعلى الرغم من خيبتها وضيقها وشعورها بأنها ستتقيأ قلبها من شدة الحزن، لكنها لا تريد لعلاقتها بخطاب أن تصبح بهذه الغرابة..
فخطاب هو شقيق الروح الذي وجدت فيه سكناً وأماناً لها، وحب عمرها صغيرةً وكبيرة وعرفت معه حلاوة الحياة..
لم تستطع أن تمنع تدافع الحروف في حنجرتها ليخرج صوتها مبحوحاً : كيف أصبحت؟
رفع عينيه لازال مخفضاً رأسه ليهمس بابتسامه : الحمدلله. وأنتي؟
هلا بابتسامة بالكاد تُرى : عجزت أنام .
تبدلت ابتسامته البائسة لشيءٍ يشبه ابتسامة المواساة وعاد ينظر للأطباق أمامه دون أن يجد تعليقاً لائقاً لعبارة حزينة كهذه..
هلا : بَرد أكلك خطاب..
ابتعد زحفاً للخلف حتى إتكأ بظهره على الأريكة خلفه.. يأخذ نفساً : ما أشتهي.. اجهزي أنتي وسالم تأخر الوقت..
هلا بعد صمت دام لثواني : اليوم منيب رايحة..

وكم تمنت أن تقول له "وأنت بعد لا تروح" لأنها تعلم بأن دانة ستكون بانتظاره هناك.. لكن ماتمنت بقى أمنية ولم تتحقق..

.
.

أغلقت باب مكتبها بالمفتاح خلفها بعد أن دخلت وهي تتأفف بضيق..
لولا خوفها من أن تموت من شدة التفكير وثقل الدقائق لكانت أخذت الباقي من الشهر إجازةً لها.. طيلة الأيام الماضية كانت تتجنب مقابلة خطاب الذي بالأصل كان يتجنبها.. لم يكن يطلبها ليناقش معها بعض الأمور المتعلقة بالعمل ولم يعد يصادفها بالممرات كما كان يحصل في الأشهر الماضية..
كان ما إن يدخل مكتبه يغلق الباب خلفه وكأنه يخشى أن تدخل عليه.. ليته يعلم أنها قبل أن تخطو أي خطوة تتلفت عينيها بالمكان كي تتأكد بأن لا أثر له وكيف تقضي وقتها تدعو الله بألا يطلبها لمكتبه..
فبعد أن أخبرته بموافقتها بات كلاهما يتجنب الآخر و شعرت وكأن جداراً بُني حول قلبها.. كانت تعد الأيام التي طالت عدّاً حتى فقدت الأمل بأن يكون خطاب ذهب لوالدها يطلبه منها رسمياً وأنها بموافقتها المتأخرة أحرجت نفسها وأحرجته..

رن هاتفها لتتجاهله تستمع لنغمته ترتفع حتى توقفت.. جلست خلف مكتبها تغمض عينيها باسترخاء ليعود الرنين مجدداً.. أخرجته وتأففت وهي ترى اسم فارس الذي لم ييأس مكتوباً على الشاشة..
رفعت الخط و وضعت الهاتف على اذنها وفي داخلها تعقد النية بأن تغير رقمها في أسرع وقت..
فارس بلهفه : أخيرا رديتي..
دانة بأنفاس سريعة : نعم؟ خير وش بغيت مني ؟
فارس بضيق : وش هالنبرة دانة ؟
نزعت غطاء وجهها وقذفته بعيداً عنها بضيق.. باتت تجهل نفسها حقاً : كيف كنت متوقع أرد عليك بعد اللي سويته فيني؟
فارس بسرعة : ماكان قصدي أضرك ...
ابتلعت ريقها تدفع عبرتها التي اعتلت حنجرتها : جدي ماعاد يبيني عنده.. أنت خليته يمحيني من حياته مره وحده حرام عليك أنت باللي سويته ماضريتني بس أنت.. أنت..
فارس بقوة يقاطع ماصعب عليها قوله : اتركيك منه هذا شر..
دانة بعبرة : شلون تبيني أتركه و هو الوحيد اللي لي؟ أبوي يكرهني ورافضني وبعد اللي سويته فيني كرهني وصار يبغضني زيادة.
عمي أنت دمرت حياتي..
فارس بيأس : أمي تبيك مستحيل تخليك... وأنا بعد... لا يهمك جابر.. تعالي لنا حنا أهلك صدقيني وجودك معه وفي بيته يضرك أكثر مما ينفعك..x لا تلوميني الله يخليك أنا موب ناقص.. والله ماكنت أبي لك المضرة ..
دانة : أنا ما أعرف غيره،، هو أهلي والوحيد اللي بحياتي وكنت غبية يوم فكرت أعرف أهل غيره وغبية لأني استفزعت بك ماهقيت إن شي مثل ذا بيطلع منك..
فارس بحدة وانفعال : يابنت افهمي لو ما يهمني أمرك كان ماتعبّت نفسي وراك.. بجيك آخذك اليوم أمي تبي تشوفك..
دانة بغبنة : شكراً يا أخي ما قصرت، تعبتك معي ..x و خلاص أنا آسفه إني حاولت أدخل حياتكم إنسى وجودي وفكني من شركم الله ياخذني وارتاح من هالعيشة..

قالتها بصوتٍ مرتفع وأغلقت الهاتف في وجهه تنهي الاتصال الذي كان يلح عليه فارس منذ أن حدثت تلك الواقعة المشؤومة.. كان يصر على أن يتصل بها يومياً أكثر من مره ويرسل لها الرسائل لكن لم يجد منها أي استجابه.. كانت حرفياً تريد أن تمحي الجميع من حياتها.. تريد أن تعود بالوقت لسنتين مضت عندما لم يكن هناك أحد سواها هي وجدها..
كان فارس يحرص في كل رسالة أن يرقق قلبها ويضرب بيدٍ من حديد على عاطفتها ويخبرها بأن جدتها ستموت وتحتضنها فهي أكبر احفادها وأنهم حاولوا أن يدخلوا منزل جدها مراراً لكن الحارس الذي أصبح يحرس بوابة المنزل الكبير يحول دونهم ودون ذلك.. لكن كل هذا لم يؤثر بها بل كانت تقرأه ببرود وكأنها تقرأ خبراً لا يهمها في الجريدة..
أخذت نفساً وهي تسند ظهرها على الكرسي خلفها.x تنظر للسقف وتتخيل لو أن وضعها كان مختلفاً وكان جدها راضياً عنها وفارس لم يتقول عليها الأقاويل التي جعلت موضوعاً كهذا يكبر ويخرج عن السيطرة.. هل ستكون الآن في منزل جدتها بين أعمامها يلتفون حول مائدة الإفطار تدور بينهم الأحاديث الصباحية كأي أسرة طبيعية؟ ثم تعود بعد ذلك لأحضان جدها تخبره ماحدث معها ليتجاوب معها كما اعتادت منه؟ كان خيالاً جميلاَ جعل الدموع تتكدس في عينيها ثم تبتسم بازدراء عندما تذكرت بأن وضعها لم يكن طبيعياً أساساً منذ أن ولدت..

.

يومٌ آخر إنتهى بنجاح دون أن تصادف خطاب..
ما إن عادت من عملها حتى وصعدت السلالم بسرعة خوفاً من مواجهة جدها لتدخل غرفتها التي باتت هي المكان الذي لا تفارقه عندما لاحظت أن جدها أصبح يتجنب الجلوس في المنزل كي لا تجلس معه،، اختصرت عليه كل هذا وقررت أن تنزوي لوحدها..
لم تكن تتوقع بأن حياتها ستنهار فجأة هكذا وبلمح البصر بعد أن كانت ملكة في قلب الرجل الوحيد الذي تعرف ..
أغمضت عينيها وهي تأخذ نفساً مثقلاً كثقل روحها. تساوت الأرض والسماء عندها حتى أن اتصال فارس اليوم صباحاً كان صفراً لم يغير شيئاً ولم تسعدها معرفتها بأن من تمنت قربهم واعترافهم بها يريدونها باستماته ويحاولون الوصول لها. بل أن الموضوع كان ذا نتيجةٍ عكسية إذ أنها حزنت بمعرفتها ذلك فخبراً كهذا يؤكد لها أن جدها سيكون غاضباً عليها طوال عمره..

رن هاتفها لترفعه تجيب بتوجس على الرقم الغريب : الو.
اعتدلت جالسة عندما وصلها صوت رجل : نعم مين معي؟
بحدة : معك جابر .
دانة بلهفه لم تستطع أن تقاومها : جابر أبوي؟
ثم أردفت عندما لم يجبها : هلا أبوي آمرني!
جابر بجمود : بكرة الساعة عشر الصباح تعالي المحكمة.
بتوتر : محكمة وش؟
جابر بنرفزة : برسل لك الموقع بكرة.. تعالي وجيبي إثباتك معك واتركي عنك البربرة الزايدة.. تعالي على الموعد إن تأخرتي ياويلك وراي شغل بعد الظهر..
قالها واغلق الهاتف في وجهها..
أنزلته تنظر للشاشة باستنكار وقلق ظلّا يلازمانها طيلة الليل..

.
.

كان خالد استثنائياً حتى في أول شهر يجمعه بها.. يحرص وبشدة على أن تكون أول ذكرياتها معه شيئاً لا ينسى .
لم يكتفي بمنطقة واحدة يقضي فيها شهراً كاملاً بل استأجر سيارةً بعد أول أسبوع من وصولهم لوجهتهم وقرر أن يقضي الباقي من الأيام يتجول بين المدن يبقى في كل واحدةٍ منها يومين على الأقل..

وجهتهم هذه المره كانت لإنترلاكن.. أكثر المدن روعةً وسحراً.. كانت سيارة المرسيدس المكشوفة من الأعلى تشق طريقها بين الجبال المرتفعة وطرقها الضيقة تدفع الهواء البارد يميناً ويساراً.. وصوت خالد عالياً يغني مع المسجل مستمتعاً بالرياح التي تصطدم بوجهه وتحرك خصل شعره بكل اتجاه..
كانت ضي ولأول مره تشعر بأن شرايين قلبها تتوسع مع كل نبضه.. وأن روحها تتجدد مع كل نفسٍ تأخذه حتى باتت السيطرة على ابتسامتها الواسعة جداً شيئاً مستحيلاً.. تعلم أن الهواء والأجواء الجميلة سبب من أسباب سعادتها اليوم.. لكن السبب الأكبر كان خالد وطاقته الإيجابية واستمتاعه بكل دقيقة تمضي من يومه..

كانت ترفع هاتفها وتصور مقطعاً له وصوت ضحكها يتداخل مع صوته..
وضعت يدها على قلبها بهلع تضحك بعد أن رفع يده اليسرى يصرخ من أعماق قلبه بعد أن أغلق المسجل .. : بسم الله وش جاك؟
خالد : جربي واصرخي بكل قوتك..
ضي : قالوا لك مجنونة؟
صرخ مجدداً بعد أن مالت السيارة قليلاً عن مسارها ليمسك -الدركسون- بكلتا يديه بقوة..
ضي بهلع : انتبه تكفى الطريق خلقه يخرع..
مال عن المسار قليلاً -متعمدا- لتصرخ هذه المره ضي برعب..
ضحك : وش صرخة النسوان ذي؟ أصرخي زين..
ضي بغضب وخوف: المواضيع ذي مافيها استهبال خالد.. بغينا نموت..
خالد : يابنت أنتي ليه جديّه زيادة عن اللزوم؟ استمتعي الأيام ذي ماتتكرر..
ضي وعينها بدأت تراقب المكان حولها بعد أن انتبهت لارتفاعهم عن سطح الأرض .. بخوف : وش هالطريق ليه كذا ؟ خفف السرعة خالد ..
خالد باستمتاع: إن خففتها بتطيرنا السيارات ومابيوقفنا غير القاع.. روقي معك طاره يا قلبي مو أول مره أسوق هنا..
شدت على حزام الأمان وهي تبتلع ريقها بخوف واضح... أغمضت عينيها بكل قوتها وصرخت من أعماق قلبها..
مالت السيارة عندما ارتعب خالد من صوتها المفاجئ والذي خرج حاداً مرتفعاً جداً : بنت..
فتحت عينيها تنظر له بعدم تصديق.. ضحك وعينه تميل إجبارباً لتنظر لها : وش هالصوت زين ماطاح فينا الجبل..
وضعت يدها على حنجرتها تصرخ من جديد تدير جسدها نحوه لتعطي الإطلالة خلفها ظهرها..
ابتسم يضع يده على أذنه : خلاص يابنت الحلال..
كانت تنظر له بذهول وبصوت مرتفع : أحس روحي بتطلع..
خالد بصراخ : طيب إذني.
صرخت مجدداً تضحك بسعادة واضحة تتأمل شكله بإعجاب :. أحس بإحساس غريب.. إحساس حلو خااالد.. أحس قلبي قاعد يرقص..

أخذ نفساً بارداً براحة وهو يلقي نظرة سريعة ناحيتها قبل أن ينظر للطريق أمامه مجدداً... كانت تنظر له بعينين تلمع و بابتسامه واسعة جعلت من عظمتي وجنتيها البارزتين ترتفعان وخصل شعرها التي فرّت من تحت حجابها تتطاير مع قوة الرياح بشكلٍ أثيريٍ ساحر. كان المنظر البديع خلفها وشعاع الشمس المسلط عليها من كل إتجاه مجرد إضافة زادت من حسنها حُسناً..
هتف بهدوء وهو يشعر بأن قلبه سيكسر أضلعه : طيب طالعي وراك..
التفتت بسرعة لتفتح فمها بانبهار من منظر المياه الصافية بين الجبالx : وش ذا البحر؟
ضحك : بحيرة طال عمرك مو بحر.. لازم تكملين دراستك على فكرة..
بدلع : خاااالد عاد..
ابتلع ريقه : تبين ننزل لها؟
التفتت تنظر له برجاء : نقدر؟
غمز لها : أكيد نقدر.. معك خالد بن تركي لبّى عينك..

استدارت تعطيه ظهرها مجدداً تحاول أن تخفي ابتسامتها البلهاء وتورد وجنتيها عنه..

بينما كانت ضي تنظر بذهول وانبهار لبحيرة برينز بمائها التركوازي من شدة النقاء وتلتقط بعض الصور .. كان خالد ينظر لها بلهفة واضحة يراقب أبسط حركاتها ويتأمل أدق تفاصيل وجهها.. زفر هواءً ساخناً وهو يبعد بصره عنها فصبره على تمنعها قد نفذ تماماً لكنه لا يريد أن يرعبها.. كانت قد طلبت منه وهم بين الأرض والسماء بعد أن أقلعت الطائرة بأنها تحتاج لبعض الوقت كي تتعود عليه.. ليفهم مقصدها ويحترم رغبتها ويتخذ من أريكة صالة كل جناح سريراً له..

خالد بعد أن عاد ينظر لها : تدرين إن ظهري اوجعني من الكنبة.. والنوم بالصالة موب مريح نهائياً..
ضي بخجل بعد أن أوقفت تصوير الفيديو والتفتت له : خلاص اليوم أنت نام على السرير..
خالد بضيق : ضي أنا ماتزوجت عشان أصير أنا وزوجتي مثل الأخويا..
أنا ماتركتك كل ذا الوقت على راحتك إلا لأني أبيك تاخذين وقتك و تتعودين علي لأني متفهم خوفك من فكرة إن رجل غريب بين يوم وليلة ينام جنبك ولأني مستحيل أجبر نفسي عليك وأنتي ماتبين.. لكن إلى متى؟
بدأت تفرك يدها بتوتر : إصبر علي شوي.. أحتاج وقت..
خالد بنفاذ صبر : بصبر بس إلى متى ؟
نظرت له بسرعة ثم أرخت بصرها تهمس : شوي بس.
خالد بدون مقدمات والسؤال بات يؤرقه حقاً : أنتي مجبورة علي يابنت الناس؟ أبوك حدّك على الزواج مني؟
ضي بسرعة : لأ.. أبوي مستحيل يسوي شي مثل كذا !
خالد : أشك يا ضي.. أنا مو غبي ولاني بزر .. من يوم ما تقدمت لك و أنتي تحاولين قد ما تقدرين تبعديني..
ابتلعت ريقها : أنا كنت أعطيك فرصة عشان تنقذ نفسك.
خالد بانفعال : أنقذ نفسي من وش؟
بتعب : مني.
بحدة : ليش؟ فيك شي؟ ضي أنا ما أرضى بصفصفة الحكي قولي اللي عندك بدون هالحركات.. إن كنتي مو مقتنعة بي كزوج فالله يستر عليك يا بنت الناس ما أحد فينا مجبور يتحمل..
شعرت بأن قلبها سيخرج من مكانه.. كانت هذه المره الأولى التي ترى انعقاد حاجبي خالد بغضب هكذا : أعطيني وقت.. تكفى.
تأفف يصرف بصره عنها ويستغفر تحت أنفاسه كي لا يؤذيها بكلامٍ يندم عليه كلاهما.
ثم عاد ينظر لها عندما سمع صوت شهيقها ليراها تعض شفتها بكل قوة وتمسح عينيها بذراعها..
عاد يتأفف بيأس : لا تستعملين هالاسلوب معي..
بدأ كتفاها يهتزان حتى اندفعت شهقاتها قسراً من بين شفاهها..
اقترب منها حاول أن يسحب يديها التي غطت وجهها : ضي عن الدلع.. وقفي صياح..
حاولت أن تبتعد عنه لكنه شدها بقوة حتى باتت بين ذراعيه يضمها لصدره بشفقة .. وتعب : ضي أنا ماقلت شي غلط عشان تصيحين.. كنا نتناقش عن الوضع الكارثي اللي عايشينه.. أنا رجّال منيب حجر.. ينقفل علي وعلى حرمتي باب شلون تبيني أتحمل؟

منذ أن لامس رأسها كتفه حتى وخارت مقاومتها.. كم تتمنى أن تخبره بما يختلج في صدرها.. بالقبيلة التي تسكن عقلها تهددها به وتحرص كل الحرص على أن تعيدها مليون خطوة للوراء كلما حاولت أن تقترب منه..
أغمضت عينيها بكل قوة ليخرج أنينها تباعاً باستسلامٍ يكاد يقتلها عندما شعرت بذقنه يستند على رأسها.. وبصوت خالد هادئاً يائساً لازال يشد على أكتافها وكأنه يخشى أن تهرب منه : متعِبة ياضي..

.
.

في عصر اليوم التالي..
كان خطاب يجلس في صالة شقته بهدوءٍ رهيب كان قد اعتاد عليه وتعايش معه سابقاً. لكن ما فرق عليه هذه المره هو أن هلا تجلس معه بنفس المكان.. بعيدةً عنه بعد أن كانت تجلس ملاصقةً له فيما مضى تميل عليه بجسدها.. تتحدث دون توقف تملأ حواسه بصوتها ولمستها ورائحتها وجمال مبسمها..
كان صمتاً ثقيلاً يكاد يهشم اضلعه.. تنظر له بنظراتٍ غريبة بينما كان هو يتهرب بالنظر لهاتفه وكأنه يخشى من أن تعرف مافعل اليوم صباحاً .. حتى أنه حاول أن يبدأ حواراً معها فقط كي يسمع صوتها ويطمئن من تجاوبها معه . والحقيقة هي أنه لا يعلم كيف قاله..
خطاب : هلا أنا قررت أروح لطبيب نفسي مثل ما قلتي.
هلا بابتسامه بالكاد ترى : والله؟
حلو.
خطاب بتوتر : توقعتك تفرحين .
هلا بنفس الابتسامه : من يقول ما فرحت لك..؟
ثم أردفت بصوت مثقل بالعبرة وابتسامه واسعه لا معنى لها : ما تشوف ابتسامتي؟ أنا فعلاً فرحانه لك.
وصمتت بعدها ليصمت معها وينظر لهاتفه مجدداً..
كان هذا ثاني يوم تتغيب فيه عن العمل.. التعب يبدو واضحاً جداً عليها وأثار السهر وعدم النوم كانت تلقي بظلالها تحت عينيها بشكلٍ واضح..

هلا بحزن اخترق الصمت : أحس وكأن شريط حياتي قاعد ينعاد من جديد.
نظر لها بتوتر : وش يعني؟
ابتسمت تأخذ نفساً : خطاب أنا قد مريت بكل ذا من قبل.. وعشته وكنت أدري إنه كان يعرف غيري كنت أشم ريحتها فيه يومياً لمدة سنة وأخاف الشي ذا يتكرر معك وساعتها ما أظن أتحمل.. ما أقدر..

سكت يشد على أسنانه ضيقاً من طاري زوجها السابق وكأنها تذكره بأنها عاشت معه والتصقت به حتى باتت تميز أي تغير في رائحته..
لكنه مع ذلك سكت عن هذه النقطة لأنه يعلم بأن هلا لم تتكلم عن موضوعٍ كهذا إلا لأنها ستختنق من قهرها منه.. خطاب بزفره : صدقيني هلا ارتباطي فيها بيكون مجرد حبر على ورق موب لأني أبيها.. والله العظيم ما أبيها بس إنها أقرب شخص لمنيف أقرب له حتى من عياله.
هلا بيأس : وإن كانت أقرب وش ناوي تسوي خطاب؟
وش بيدك تسوي؟
خطاب بشرود : أي شي.. أبي أمسك عليه أي شي ينهيه..
هلا بضيق : وإن ماكان عنده شي؟
بحقد : مستحيل.. شخص وصخ مثله مستحيل يكون نظيف.. أكيد عنده شي لو ينسجن عليه سنة ، أنا بكون راضي.
بتعب : ما أدري وش أقولك. مهما تكلمت أحس كلامي كله بيروح على الفاضي. أنت قررت ونفذت وانتهيت بدون حتى لا تفكر فيني.!
خطاب بسرعة : تذكري أني أبيك بكل مافيني هلا.. وخايف أخسرك ومرعوب من فكرة أني ممكن بيوم أصحى ولا ألقاك..
هلا أنا أحبك.
كادت تختنق بعبرتها فخرج صوتها مقطوعاً محملاً بزفرتها الثقيلة : اوو..ف..
ثم مسحت تحت عينيها حيث تجمعت الدموع وقالت بضحكة دون أن تنظر له : تدري كم صار لي أنتظر هالاعتراف منك خطاب؟
يمكن لو إنه جا بوقت غير ذا كان مت من الفرحة.
حاول أن يلطف الجو بضحكته القصيرة : افا يعني كنتي شاكة بمحبتي لك قبل؟
هلا بجمود : إيه.
حك جبينه : اوف على بلاطة كذا!
حاولت أن تبتسم لكنها لم تستطع : و إلى الآن شاكة.. يمكن اللي تحسه ناحيتي مودّة أو تعود لا أكثر ولا أقل.. لكن ما أتوقع يكون حب.
عقد حاجبيه بعدم رضا: ما أسمح لك تتكلمين عن مشاعري بالنيابة عني.. أنا نفس الشخص سواء قبل أو الحين.. كنت ولازلت أحبك هلا ومن يومك صغيرة.. الحب اللي تمنيتك فيه تكونين زوجتي..
هلا بعبرة وطبقة من الدموع غطت سطح عينيها : صدق عاد؟
وقف ليجلس بجانبها يلف ذراعه حول كتفها يقربها منه لتستجيب ببساطة واستسلام وكأنها كانت تنتظره.. يعلم بحزنها ويعلم أنه زعزع علاقته بها وكسر شيئاً في نفسها والله وحده يعلم انها لا تهون عليه أبداً.. هتف بتأثر وهو يراها تمسح دموعها : أكيد صدق.. وما أسمح لك تشكين بموضوع مثل ذا مره ثانية..
يمكن أكون ما قلتها لك كثير..
قاطعته بضحكة من بين دموعها وغصة واضحة : أنت ما عمرك قلتها.. ذي أول مره.
ابتسم لها بحب يشعر بربيعٍ يزهر في قلبه من مجرد ضحكها له : كنت أقولها بقلبي،، كل يوم.. ومؤمن فيها ومتأكد منها..
وأعترف إني غلطان لأني ما قلتها لك بشكل كافي..

التقت عينه بعينها التي تنظر له بعمق، لتتبعثر الحروف في حنجرته وهو يقرأ كلاماً بين أهدابها.. كانت مشاعرها له واضحة وصريحة من أول يوم.. بل ومنذ زمن بعيد لم تبخل هلا بأن تصارحه و تعترف له.. حتى في هذه اللحظة وهي أنثى مجروحة منه كانت عيناها تتحدث وتخبره عن كمية المشاعر التي تشعر بها ناحيته.. كان حبها واضحاً صافياً جلياً لم يخفى عليه سابقاً ولن يخفى عليه الآن.. شعر بنبضات قلبه وكأنها تضرب رأسه من تسارعها وقوتها، همس لها بصدق : هلا أنا أحبك.. أكثر مما تتصورين.. بكثير..
.
.

فتح باب الشقة الفندقية القريبة من بحيرة برينز والمطلة عليها فبعد أن رأى انبهار ضي بروعة المكان قرر أن تكون هي مكان إقامتهم بدلاً من انترلاكن علها تلقي بتعويذتها على ضي وعلاقتها المتحفظة به..

انتهت ليلتهم الأولى في المكان بنظرات ضي الحائرة وترددها الواضح : نام بالغرفة إذا تبي..
خالد بهدوء يخلع جاكيته وينظر لها نظرةً ذات مغزى : وأنتي؟
ابتلعت ريقها لتقول بتوتر لم يخلى الرجاء منه : أنا بنام هنا.. بالصالة؟..
نظر لها بعتب واضح قبل أن يجلس على الكرسي المفرد يخلع حذاءه ويشيح ببصره عنها يتأفف بعدم رضا .. وحتى بعد أن وصله صوتها تعتذر ثم تبتعد تغلق الباب خلفها لم يرفع رأسه..

بداية يومهم الثاني كانت باردةً جداً افتقدت فيها ضي أحاديث خالد الصباحية وابتساماته حتى بات غضبة منها واضحاً لها لتعتذر منه مرتين . مره عن الخروج بعد وجبة الإفطار والثانية اعتذار اتبعته بسكوت ليفهمه خالد كما يشاء..
تنامى إحساسها بأنها كانت تكتم على أنفاسه وتحد من متعته إذ أنه ومنذ خروجه صباحاً لم يعد حتى بعد أن غابت الشمس واصبح الظلام حالكاً مرعباً مشابهاً لظلام حديث نفسها الداخلي..
"خالد لم يصدق فرصةً كهذه كي يبتعد عني.."

زفر خالد بضيق وعينه تتجول في الشقة الصغيرة بعد أن أغلق الباب خلفه بهدوء.. إضاءة المصباح الصفراء هي الشيء الوحيد الذي ينير المكان..
لم يبتعد كثيراً كان يجلس بالقرب من البحيرة يأتي السواح يلتقطون الصور ويسمع ضحكاتهم ويرحلون ليأتي غيرهم وهو لايزال جالساً في مكانه يحاول أن يطرد جميع الأفكار من عقله خصوصاً فكرة زوجته التي تركها وحيدةً خلفه..
كان يريد منها أن تختلي بنفسها وتقرر دون أن يؤثر عليها ويدفع نفسه في حنجرتها رغماً عنها..

جلس على الأريكة التي ينام عليها وهدوء المكان المميت كان كفيلاً بأن يجعل جميع الأصوات مسموعة..
عقد حاجبيه عندما التقطت أذنه صوتاً مسموعاً لكن غير واضح.. توقف الصوت لثواني ثم عاد من جديد..
تحرك من مكانه حتى وقف أمام باب الغرفة التي تحتمي خلف جدرانها ضي والتي توقع بأن تكون نائمة فالوقت اقترب من منتصف الليل..
فتحه قليلاً ليصله... صوته؟ " تدرين إن ظهري اوجعني من الكنبة.. والنوم بالصالة موب مريح نهائياً.."
عقد حاجبيه بعد أن توقف الصوت ليعود مجدداً بنفس الجملة.. وتكرر مجدداً.. أكثر من مره.. حتى فتح الباب على مصراعيه فالتفتت ناحيته بذعر ليتوقف المقطع..
كانت تجلس على طرف السرير بيدها هاتفها تعيد سماع مقطع الفيديو الذي قطعت تصويره مراراً وتكراراً.. كانت الثواني القليلة المحملة بصوت خالد الذي يحمل عتاباً واضحاً بين حروفه هي الشيء الوحيد الذي كانت تسمعه ضي خلال الساعة الماضية.. والشيء الوحيد الذي كانت تردده بينها وبين نفسها منذ أن خرج صباحاً وحتى هذه اللحظة.
وكأنها تستمد عزيمتها وإصرارها من كلماته والمعنى المخفي خلفها .

ابتلع خالد ريقه وكأنه سيموت من العطش.. عينه تتحرك بسرعة على التي تجلس على طرف السرير تنظر ناحيته بهلع بسبب دخوله المفاجئ.
أغمض عينيه ثم عاود فتحها.. يشد على مقبض الباب بكل قوته.. يعاود ابتلاع ريقه باستماته.. لم يكن منظراً اعتاد على رؤية ضي به .. خصوصاً قميصها الأسود القصير من الشيفون الخفيف والذي برز من خلاله طول ظهرها و رشاقة عودها..
كانت نظرتها كنظرة الغزال الذي وجد نفسه فجأة في عرين الأسد.. نظرة مرعوبة هي خليط من القلق والخوف والمفاجأة.. تجمَع شعرها على كتفٍ واحد والإنارة الخافته جعلتها تتوهج.. حرفياً..
سقط الهاتف من يدها عندما وقفت تحاول بصوتها أن يخرج : جيت..؟
كان سؤالاً لا معنى له وندمت على أنها لم تتدرب على جملة ترحيبة مناسبة عندما رأت أنه ابتسم يرفع حاجبه بمعنى "وش تشوفين؟؟"..

حاول أن يخرج من سكرته بعد رؤيتها.. كان ارتباكها واضحاً وتوترها زاد من توتره.. خفف نبرته وهو يتقدم منها يتفحصها بنظرته : شكلي دخلت المكان الغلط..
ثم وضع كفه فوق عينيه بشكل عرضي يضيق من نظرته : أنتي مين؟
بنبرة زعل عفوية جعلت من صوتها يخرج ملحنّاً بدلع : خااالد..

كانت تحاول أن تهوّن الموضوع على نفسها وأن تأخذه ببساطة.. تتجاهل كل شيء وتركز على فكرة أن خالد الواقف امامها الآن ينظر لها بإفتتان ونظرةٍ مقصدها واضح هو نفسه خالد الذي لم يفشل دقيقة واحدة بأن يضحكها ويخفف عنها كلما شعر بأنها ضاقت بسبب شيءٍ لا يعلمه..
ابتلعت ريقها تفرك يديها بقوة كعادتها إن توترت وما إن شعرت بيد خالد تمسك كفها حتى وتراقصت اضلعها برجفة واضحة..
عقد حاجبيه بعد أن ضم كفها بين كفيه: الحين ترجفين برد ولا خوف؟
حاولت أن تضحك تخفف من صعوبة اللحظة لكنها ندمت ما إن خرجت ضحكتها قصيرة مرتعشة.. زفرت بتوهان : ما أدري.. خايفه،، يمكن؟؟
ابتسم لها : لا تفكرين بشي،، غيرك ، وغيري والمكان اللي يجمعنا و بس.

.

تقلب في نومه حتى استيقظ منه.. التفت ناحيتها ولم يجدها جواره ليجلس بسرعة يبحث عنها في أرجاء الغرفة بعد أن ثبتت عينيه الظلام والضوء الخافت القادم من النافذة .. ارتعب وقفز وخرج من الغرفة بعد أن ارتدى بنطاله.. لم تكن طبيعيةً بين يديه أبداً كانت كقالب الثلج بارده جداً.. متصلبه كجثة وإن تحركت ارتعدت تصرخ برعب.. توقف عقله عن العمل وجسده عن الحركة عندما بدأت تبكي تضربه كي يبتعد عنها.. وابتعد،، ظناً أنه أفرط في قوته دون أن يشعر فأوجعها .. حاول أن يهدئ من رعبها وأن يعتذر لكنها لم تدع له مجالاً وهي تنزوي لآخر السرير في ابعد منطقةٍ عنه تضم جسدها تعطيه ظهرها وتغطي نفسها تجهش بالبكاء..
تمدد في مكانه ينظر لرجفتها الواضحة بلسانٍ معقود حتى نام دون أن يشعر..

كانت الصالة الصغيرة خالية تماماً ولا أثر لها فيها فنادى : ضي؟
لم تصله استجابه فعبس بقلق ينظر للساعة الجدارية التي تشير عـقاربها للساعة الثالثة والنصف بعد منتصف الليل.. تحرك مجدداً ينادي بقلق فلا يعقل أن تكون خرجت في ساعة متأخرة كهذه و دون أن تخبره.. والمكان صغير بما يكفي ليصلها صوته...
توقف في الممر الضيق حيث باب دورة المياة.. كان مظلماً لكنّ النور الأبيض المتسلل من تحت الباب كفيل بما يكفي لأن يرى إصبعه..
اقترب منه وما إن وضع يده على قبضته حتى وصله صوتها غريباً مبحوحاَ وكأنها كانت تبكي.. بل الأكيد أنها كانت تبكي فنبرتها لم تكن طبيعيةً أبدا : أدري إنه قرفان مني.. أدري.. خلاص...
بردت أطرافه وفتح الباب لتصرخ مرتعبه من دخلته الفجائية.. كان ينظر لها بخوفٍ عليها تجلس على الأرض تسند ظهرها للجدار وتضم ركبتيها لصدرها.. هاتفها أرضاً بجانبها وضوء الفلاش المنبعث منه للسقف جعل من شكلها رعباً حقيقياً خصوصاً مع ظلالها التي توزعت على الجدران حولها..
كانت آثاره لازالت واضحةً عليها.. نظرة عينيها بشكلٍ جعلها وكأنها مصنوعةٌ من زجاج وأحمر الشفاه الملطخ.. و شعرها الأشعث ينسدل مبعثراً على أكتافها المغطاه بروب الاستحمام مشمشي اللون.. دفنت وجهها في ذراعها بعد أن نظرت له بنظرة غريبة ليخرج أنينها موجعاً لقلبه الذي نهشه الضمير الذي يؤنبه لأنه أجبرها على شيءٍ لا تريده بسبب كلامه معها .. وأنه ضغط عليها ودفع نفسه دفعاً في وجهها..
ابتلع ريقه بصعوبة يهمس : وش تسوين جالسة هنا؟
قومي عن البلاط بارد.
هزت رأسها تنفي لازالت على وضعها فاقترب منها يوقفها من ذراعها.. بقوة.. تكلم بتوجس : كنتي تكلمين نفسك؟
لم تجبه فأخرجها يسحبها معه يقودها بكل استسلام منها ..ما إن خرج وأغلق الباب خلفه حتى قال لها بضيق : وش فيك ضي؟
أعوذ بالله موب زين تقعدين في الحمام وتصيحين كذا.. امسحي دموعك وش اللي يبكيك؟ أنا ماجيتك غصب عنك، جيتك برضاك..
مسحت دموعها بكفها تهتف بضعف تشعر وكأن حلقها سيتمزق : أنا ما أبيك تظن إني رافضه قربك خالد.. بس أنا ..
ثم بكت مجدداً : بس أنا .. أنا..
زفر بضيق يقربها منه ويلف ذراعه حولها بتملك واضح.. ابتسم بتثاقل يشعر بها تشد على أكتافه وتدفن وجهها بكتفه .. لا يذكر كم مضى عليهم هكذا، الصمت يلفهم ولا يقطعه سوى شهقات ضي من وقتٍ لآخر..

ليلتها تصنعت ضي النوم وهي تشعر بجسد خالد المتمدد خلفها و بعيداً عنها كالمغناطيس الذي يجذبها،، وتقاومه.. و ما أوجعها حقاً هو تجاهلها لصوته الذي همس لها بهمٍّ واضح : ضي، نمتي؟
.
.

كان ينظر لها تنام بسكينةٍ على ظهرها.. الغطاء يصل لمنتصف بطنها وكفيها موضوعان براحةٍ عليه.. ينظر لها وشيءٌ غريب يتأجج في جوفه.. أي جنونٍ ضرب عقله وهو ابن الثلاثة وثلاثون عاماً؟ أي تصرفات عشوائية وقرارات غير عقلانية باتت تسيره؟ غير مصدق بأنه فعل فعلاً كهذا وأن اسمه الآن ارتبط باسم فتاة تحمل اسم منيف كجدٍ لها.. و والدها هو ابنه!! والأدهى من ذلك كله كيف رضى بأن يرتبط بها دون أن يضع اعتباراً لهلا.. وحزنها.. ونظراتها المتوسله بألا يفعل شيئاً كهذا..
بات لايعرف نفسه .. وكأن روحه خرجت منه وأصبحت تشرف على جسده من الأعلى.. جسداً لا ينتمي له.. يسيره الضعف وسوء التصرف وقلة الحيلة.
أبعد بصره عنها يشد على قبضته حتى باتت مفاصلة بيضاء.
ينظر لها مجدداً يحاول أن يطرد فكرةً بشعةً تشكلت في باله..
كان يقف بالقرب من رأسها.. يطرد باستماته أفكاراً تتراقص حوله يثيرها أبليس بوسوسته..
ابتعد يخرج من المكان.. لكنه عاد متجهاً ناحيتها مجدداً و احتكاك أقدامه بالارض قادرٌ على توليد الشرار خلفه.. شعرت به وفتحت عينيها تعقد حاجبيها تنظر له باستنكار لازالت في حيرة النوم لكنه أخفى تلك النظرة تماماً عندما رفع وسادته من جانبها وغطّى بها وجهها يضغطها بكل قوة.. كان يشد على أسنانه يغمض عينيه..
بقوة ..
وندم ..
وفزع ..
وهو يشعر بمقاومتها ، ترفس بأقدامها وتحاول أن تدفع يديه بصراخٍ مكتوم حتى خارت قوتها و سكنت حركتها،، تماماً!!


.
.
.

# نهاية الفصل الثالث عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

فيتامين سي 25-12-18 08:06 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباح الخير على وطن نوره ومتابعينها
بارت رااااائع جدا حبيبتي

ضي & خالد
ضي وضعها محزن ما أعرف ماتمر به هل هو مرض نفسي أو شيء ثاني
والظاهر عندها خبيئه اللي ربي رزقها [ام زوج مثل سلوى وزوج مثل خالد
حنون وخفيف ظل وصبر عليها شخص متفهم لكن للصبر حدود وإن شاء الله
خالد يقدر يغيرها وأنشوف ضي ثانيه

دانه الظاهر زواجها تم بدون علم جدها وماهي بعيده على أبوها من المحكمه
قال لخطاب خذها معك ماصدق بالفكه

أتوقع منيف بتكون ردة فعله عنيفه لأنها تزوجت وما خبرته لا هي ولا أبوها
غير إنها تزوجت الشخص اللي رفضه هو لما خطبها منه

هلا ياقلبي عليها بالعه الموس وساكته والأصعب تتعرض للموقف للمره الثانيه
وأكيد هالمره التأثير اقوى لأنها من شخص تحبه هل علمت هلا بزواجه أم لا

خطاب عايش في دوامه وماشيي بالبركه لا تخطيط ولا شيء وأظنه يبغاها طرب
وبتصير نشب وبيحطه منيف في راسه هذا غير المجنون الثاني بدر ماهي بعيده
يتصرف أي تصرف متهورضده لما يعرف أنه تزوج دانه
بالنسبه للقفله أعتقد خطاب يحلم أنه يكتم أنفاس دانه ما أظنه حقيقي

أحلى شيء في البارت ماشفنا الغثيث بدر هههههههههه ما كأني غلبت حنين

تسلم يمينك وطن ومنتظرين دانه تفوق خطاب من الحلم هههههههههه



فيتامين سي 25-12-18 09:53 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
نسيت فارس

يستاهل فارس إنها ماترد عليه هو عارف أمه وراح خبرها وحتى عند أبوها

ما وقف معها

شبيهة القمر 26-12-18 10:46 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلااام عليكم
ممكن تتركوني ابرد حرتي في هاللي اسمه خ ط ا ب .. قسم خنقتني العبره وانا اشوف هلا تتعذب منه .. احساسها وصلني بكل ماتعنيه كلمة وجع .. بالله عليك وش استفدت من زواجك بدانه يالي ماتدري وين الشمس طالعه معه ...يعني عجزت اقلبها يمين اجيبها يسار اطلع فوق انزل تحت ..... للاسف مالقيت لك اي مبرر ولا هدف ...لا وفي الاخير ذبحتها 👏👏👏شاااطر
يعني واحد مثلك يعرف قاتل اهله بالعقل يروح يتعاون مع احد ثقه لحد مايطيحه بشر اعماله ... لكن انك تجلس تعد الحصى وتقول بكره تزين من الباب والطاقه هذي حيله الجبااان
للاسف خطاب صورتك مايله عندي مابعد طحت بس دامك ماشي على البركه فأنت بتطيح هههههه
ضي وخالد ...اتوقع ان ضي راح تخسر خالد لفتره ويمكن بهالفتره راح تتعالج فيها لعيون خالد
وطن .. ماتلاحظين ان ابطالنا. مرضى نفسيين ..هههههههه الله يشفيهم ياارب
وطن ..تسلمين يارب بارت راااائع مثل ماعودتينا ...
بانتظااار تخبيصات خطاب افندي والله يستر من تاليها ...

أبها 30-12-18 06:44 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
ما شاءالله تبارك الرحمن .. الله يحفظك وطن نوره

خطاب ..
فعلاً متخبط ، مشتت، مشوش الرؤية . الله يعينك على هالزيجة .. 😓
زواجه كما أسلفت هلا ليس حلا ، بل ربما يزيد الأمر تعقيداً وسوءاً.
والضحية في النهاية هي دانة.

خالد .. أثبت فعلاً أن معدن الإنسان يظهر في المحن .
رغم أنه حديث عهد بعرس إلا أنه احتوى ضي بتفهمه وحنانه وطول نَفَسه..
ربما لو كان غير خالد ، لردها إلى بيت أبيها مع اتهام بالتدليس والغش🤔

ضي.... سعدت حقاً بتقبلها السريع لخالد، واستمتاعها بأوقاتها بصحبته،
استطاع خالد في زمن يسير أن يعيد لها الابتسامة والضحكة ، التي ربما قد نسيتها منذ زمن طويل ،
هل ضي مصابة بمس ؟ أم مرض الوسوسة القهري؟أم تهيؤات لا أساس لها من الصحة ؟ على كلّ أرجو أن يطول صبر خالد عليها، ويستطيع بأمر الله أن ينتشلها مما هي فيه .

المشهد الأخير ..
أظن كما قالت الأخوات أنه كابوس ،

كل الشكر والتقدير لكِ ( وطن نورة) .🍃🌷🍃

وطن نورة ،، 31-12-18 01:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3709042)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباح الخير على وطن نوره ومتابعينها
بارت رااااائع جدا حبيبتي

ضي & خالد
ضي وضعها محزن ما أعرف ماتمر به هل هو مرض نفسي أو شيء ثاني
والظاهر عندها خبيئه اللي ربي رزقها [ام زوج مثل سلوى وزوج مثل خالد
حنون وخفيف ظل وصبر عليها شخص متفهم لكن للصبر حدود وإن شاء الله
خالد يقدر يغيرها وأنشوف ضي ثانيه

دانه الظاهر زواجها تم بدون علم جدها وماهي بعيده على أبوها من المحكمه
قال لخطاب خذها معك ماصدق بالفكه

أتوقع منيف بتكون ردة فعله عنيفه لأنها تزوجت وما خبرته لا هي ولا أبوها
غير إنها تزوجت الشخص اللي رفضه هو لما خطبها منه

هلا ياقلبي عليها بالعه الموس وساكته والأصعب تتعرض للموقف للمره الثانيه
وأكيد هالمره التأثير اقوى لأنها من شخص تحبه هل علمت هلا بزواجه أم لا

خطاب عايش في دوامه وماشيي بالبركه لا تخطيط ولا شيء وأظنه يبغاها طرب
وبتصير نشب وبيحطه منيف في راسه هذا غير المجنون الثاني بدر ماهي بعيده
يتصرف أي تصرف متهورضده لما يعرف أنه تزوج دانه
بالنسبه للقفله أعتقد خطاب يحلم أنه يكتم أنفاس دانه ما أظنه حقيقي

أحلى شيء في البارت ماشفنا الغثيث بدر هههههههههه ما كأني غلبت حنين

تسلم يمينك وطن ومنتظرين دانه تفوق خطاب من الحلم هههههههههه




هلا والله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ❤*
هلا بك فيتامين سي شكرا لك على لطفك*

خالد فعلا الرجل المناسب لضي ولو كان أحد غيره كان ما تحمل
ضي واللي تعاني منه راح يوضح بالاجزاء القادمة وان شاءالله يكون مقنع بما فيه الكفاية

فعلا منيف ان درى بغعلة دانة م بعيده ينجلط**خصوصا وأن فعلتها جات بعد سالفة فارس
خطاب يحتاج أحد يصحيه من التوهان اللي هو فيه وهلا ساكته وصابرة .. يضرب الحب شو بيزل

الله يسعدك يارب على كمية السعادة اللي احس فيها من اشوف ردك وتعليقك❤
شكرا لك ياعيني*

وطن نورة ،، 31-12-18 01:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3709078)
السلااام عليكم
ممكن تتركوني ابرد حرتي في هاللي اسمه خ ط ا ب .. قسم خنقتني العبره وانا اشوف هلا تتعذب منه .. احساسها وصلني بكل ماتعنيه كلمة وجع .. بالله عليك وش استفدت من زواجك بدانه يالي ماتدري وين الشمس طالعه معه ...يعني عجزت اقلبها يمين اجيبها يسار اطلع فوق انزل تحت ..... للاسف مالقيت لك اي مبرر ولا هدف ...لا وفي الاخير ذبحتها 👏👏👏شاااطر
يعني واحد مثلك يعرف قاتل اهله بالعقل يروح يتعاون مع احد ثقه لحد مايطيحه بشر اعماله ... لكن انك تجلس تعد الحصى وتقول بكره تزين من الباب والطاقه هذي حيله الجبااان
للاسف خطاب صورتك مايله عندي مابعد طحت بس دامك ماشي على البركه فأنت بتطيح هههههه
ضي وخالد ...اتوقع ان ضي راح تخسر خالد لفتره ويمكن بهالفتره راح تتعالج فيها لعيون خالد
وطن .. ماتلاحظين ان ابطالنا. مرضى نفسيين ..هههههههه الله يشفيهم ياارب
وطن ..تسلمين يارب بارت راااائع مثل ماعودتينا ...
بانتظااار تخبيصات خطاب افندي والله يستر من تاليها ...

هههههههههه حرام عليك ياخي
اصبري على خطاب بيبيضها أن شاءالله << فيس يقول الله يستر
هلا الله يديم الحب لانه لو ماكان موجود كان جلدت خطاب:|

ههههههه ايه والله للاسف اكتشفت هالشيء بعد ضث لكن اتمنى انها تكون بالحد المعقول ولا اكون بالغت فيها:( وش أسوي المخرج عاوز كده 💔
الله يسعدك والله اني احب تعليقاتك تسعدني بشكل ماتتخيلينه❤
شكرا جزيلاً لك ❤

وطن نورة ،، 31-12-18 01:16 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3709209)
ما شاءالله تبارك الرحمن .. الله يحفظك وطن نوره

خطاب ..
فعلاً متخبط ، مشتت، مشوش الرؤية . الله يعينك على هالزيجة .. 😓
زواجه كما أسلفت هلا ليس حلا ، بل ربما يزيد الأمر تعقيداً وسوءاً.
والضحية في النهاية هي دانة.

خالد .. أثبت فعلاً أن معدن الإنسان يظهر في المحن .
رغم أنه حديث عهد بعرس إلا أنه احتوى ضي بتفهمه وحنانه وطول نَفَسه..
ربما لو كان غير خالد ، لردها إلى بيت أبيها مع اتهام بالتدليس والغش🤔

ضي.... سعدت حقاً بتقبلها السريع لخالد، واستمتاعها بأوقاتها بصحبته،
استطاع خالد في زمن يسير أن يعيد لها الابتسامة والضحكة ، التي ربما قد نسيتها منذ زمن طويل ،
هل ضي مصابة بمس ؟ أم مرض الوسوسة القهري؟أم تهيؤات لا أساس لها من الصحة ؟ على كلّ أرجو أن يطول صبر خالد عليها، ويستطيع بأمر الله أن ينتشلها مما هي فيه .

المشهد الأخير ..
أظن كما قالت الأخوات أنه كابوس ،

كل الشكر والتقدير لكِ ( وطن نورة) .🍃🌷🍃

هلا وسهلا أبها ❤❤
حبيبة قلبي الله يسعدك ويرفع قدرك يارب*
والله خطاب هو الضحية على التخبط اللي بعيش فيه**هو الضحية وهو الجلاد ياحبة عيني*
خالد ان لم تصارحه ضي باللي تحس فيه بيمسك الباب لذلك يجب على ضي التحرك لأن واحد مثل خالد مايتعوض
واللي في ضي ان شاءالله يتوضح في الاجزاء القادمة*
والمشهد الأخير*
الله يسعدك أبها مثل ما يسعدني تعليقك دايما*❤❤

وطن نورة ،، 31-12-18 03:10 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
صباح الخير والسعادة :)♡
أتمنى لكم قراءة ممتعة وان ينال الفصل على اعجابكم ❤
.



◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇


.


# (١٤) الفصل الرابع عشر ،،

°
°
ليْسَ جُرْحاً فيُشفَى
ليْسَ حَدَثاً فَيُنسَى
بْل هوَ تَلفْ،،
تًلفٌ لَا يُمحَى ..

*منقول*
.
.

مراحل الحزن خمسة كما تم تصنيفها في علم النفس.. تبدأ بالإنكار وتنتهي بالتقبل..
وبينهما هناك الغضب والمساومة حيث خطاب عالق بين المرحلتين منذ سنوات ثم الإكتئاب.. يجد نفسه غاضباً جداً وفي داخله ثورة قادرة على تدمير بلدٍ كامل أو أنه مستعد لتقديم التنازلات و صنع أي شيء لعودة الماضي..
الماضي لم ولن ولا يعود أبداً مهما صنعت.. فما مضى قد مضى.

هذا ما أدركه خطاب وهو يقف أمام مغسلة دورة مياة شقة في الدور الثاني من شقق اللواء المفروشة.. يغسل بنطاله ويدعكه جيدًا.. قطرات الماء تسقط من شعره الرطب لصدره العاري المبتل وخلف سدود عينيه دموع محبوسة يحاول أن يمنع انفجارها.. كانت أنفاسه لاهثه وكأنه للتو ركض مرثوناً وقلبه يصرخ في نبضٍ سريع ومفاصل يديه تكاد تتمزق من قوة دعكه لقطعة القماش بين يديه..
قذفها بعيداً عنه بغضبٍ وصرخةٍ مكتومة بعد أن أصبحت قدرته على الاحتمال مستحيلة وبدأ يضرب حدود المغسلة الصلبة بكفيّه بكل قوة وكأنه يفرغ غضبه بها والتي وإن لم تكن مصنوعة من السيراميك القوي لكانت تفتت بين يديه..
كان غضبة من نفسه هادراً.. يشعر بألم يفتك بشرايين قلبه وكأن دمه أصبح مسموماً يعبث بخلاياه.

عالقٌ في يوم الأربعاء الذي لم ينتهي بعد وكأن الدقائق تعيد نفسها.. تحديداً في اللحظة التي رأى فيها جابر يخرج من سيارته بعد أن أوقفها في المواقف المخصصة لمراجعين المحكمة ..
كان قد تلقى منه اتصالاً البارحة يخبره بأن يأتي غداً ليتم موضوع زواجه بابنته.. هكذا ببساطة زواج في المحكمة وكأنها خطيئة يداريها فكما يبدو أن جابر يخشى من أن يعرف أحد بفعلته كما أنه مستعد لفعل أي شيء للتخلص من هذه الكارثة التي تحمل اسمه.

كان ينظر لجابر ينظر لساعته يتأفف عندما أصبحت xxxxبها تشير للعاشرة والنصف وكريمته لم تأتي بعد..
أغمض عينيه على تأفُفٍ جديد وهو يشعر بالفراغ يأكل جوفه حتى أصبح خاوياً.. كان بالإمكان أن يرفض دعوة جابر للمحكمة وأن ينهي كل شيء.. بل أن الوقت لازال في صالحة كي يرفض الآن.. يستطيع الهرب.. التعذر بأي شيء أو حتى الهرب بدون أن يعطي عذراً لذلك..
كانت المعركة التي اشتدت في عقلة مختلفة.. جميع الأطراف فيها هم أعداءٌ له.. ولا أحد في صفه.. حتى أشعة الشمس المسلطة عليه كانت ضده والتي وعلى الرغم من برودة الجو كان يشعر بها تسلق مخه.
فتح عينيه على صوت جابر يتكلم بغضب هامس لكنه مسموع : تعاندين يالزفت؟ ليه كل ذا التأخير؟
اعتدل بوقوفه وهو يرى التي يمسكها جابر من ذراعها بقوة.. ينفضها ويبدو غاضباً جداً.. كانت تنظر له وفي عينيها هلع وصدمة.. والتماع فضيع وكأنها محرجة بتقريع والدها لها أمامه..
دفعها جابر ليتقدمها : امشي قدامي أشوف..

اعتدلت في وقوفها تحاول ترتيب نقابها و وضع حقيبتها على كتفها والتشاغل بها بإبعاد بصرها عنه.. كانت حركاتها مهزوزة تحاول قدر المستطاع ألا تنظر لخطاب الذي كان ينظر لها ببرود فضيع وكأنه سارحٌ بها..
تمشي أمامه تتبع والدها برأسٍ مرفوع وداخلها يذوب بانكسار فقط لأنه رأى والدها يعاملها بهذه الطريقة.. لا يوجد شيء أسوأ من أن يعلم الرجل بأن المرأة التي سيرتبط بها لا سند لها يدافع عنها ويحميها إن تجبّر عليها..

كانت تشعر بوقع خطاه على التراب خلفها وكأنه يسحب أقدامه سحباً..
باتت تخشى من هذه الخطوة التي وللتو أدركت أنها لم تفكر بتبعاتها..
فماذا بعد غضب جدها إن علم بما فعلت؟
ماذا لو كان خطاب والذي شدت به ظهرها ليس كما توقعت؟ ماذا لو كان شخصاً سيئاً نار جدها الغاضب أهون مئة مرةٍ من جنته؟ هي لا تعلم عنه شيئاً أبداً ومن المؤكد أن والدها لم يكلف نفسه عناء البحث والسؤال.. ماذا الآن بعد أن وقعت الفأس بالرأس؟
.

توقفت بعد أن خرجت من مبنى المحكمة.. في مواقف السيارات تنظر لوالدها الذي شد خطاه مبتعداً بعد أن انتهى من هذه المهمه يرد على هاتفه على عجل بعد أن رمى كلمتين على خطاب دون حتى أن ينظر له .. أو أن يعنيها : لا أوصيك على دانة..

حتى وإن كانت تعلم أنها من وراء قلبه.. أو أنها قيلت دون حتى أن يفهم معناها جيداً؛ كان لوصيته هذه تأثيرٌ عليها جعل دموعها تتجمع في مقلتيها دون أن تسقط.. انطلقت سيارته مسرعة تشق طريقها بعد أن أنهى إجراءات الزواج بسرعة وسهولة بعد أن تحدث مع الشيخ لدقائق.. حديث لم يسمعه أحد..
كان وكأنه كاتب السيناريو الذي وضع الحوار والشخصيات و الأماكن وما على الممثلين سوى التنفيذ..

وصلها صوته هادئاً : وين بتروحين الحين ؟
التفتت تنظر له للحظات يقف خلفها بمسافة قبل أن تبعد عينيها عنه.. كان عبوساً عاقداً حاجبيه وكأن ماحدث لم يعجبه..
ابتلعت ريقها تهتف بتردد : برجع الشركة؟
رفع حاجبه : داومتي اليوم؟
هزت رأسها لازالت تتجنب النظر لوجهه ..
خطاب : زين.. سواقك موجود؟
كانت كالرجل الآلي تعطي إجاباتٍ مبرمجة..
زفر بعد أن أومأت برأسها : أجل أنا بمشي..
ليمشي خطوتين ثم يقف يلتفت ينظر لها نظرة طويلة قبل أن يسأل: معك رقمي؟
هذه المره رفعت رأسها تنظر له باستنكار لم يخفى عليه : و من وين بجيب رقمك؟؟
رفع حاجبيه يبادلها الاستنكار بسبب نبرتها الحادة : طيب سجليه عندك..

ضلّت دانة تنظر لرقمه في شاشة هاتفها لفترة طويلة.. على الرصيف في المواقف حيث السيارات تعبرها وتقف أو تتعداها وتبتعد..
حتى بعد أن مضى وقت على ذهاب خطاب الذي ألقى عليها رقمه وكأنه يبصقه.. وكأنها لازالت دانة متدربته خلف جدران الشركة تجلس أمامه يفصل بينهما المكتب الكبير.. ليس وكأنها الآن أصبحت... زوجته؟..
لازالت تقف في مكانها تنظر للأرقام بشيءٍ من اللاوعي.. ما الاسم الذي يليق بخطاب في هاتفها؟ تحت أي مسمى تحفظ رقمه؟
كانت حيرتها حقيقية وكأنها تعمدت التشاغل بها عن أي تفكيرٍ آخر..

أغلقت الباب بعد أن ركبت سيارتها لينطلق بها السائق.. الشاشة لازالت تعرض الرقم بدون تسميه حتى سجلته بسرعة قبل وصولها لوجهتها تحت اسم (خ) .
.

بعد انتهاء ساعات العمل والتي كانت أسرع مما تمنت.. أغلقت الباب الخلفي للسيارة تأخذ أنفاسها بتثاقل.. وتعب.. وتشتت..
كانت المناظر التي تعبر أمامها كالخيالات السريعة بدون حدود. كان عقلها مشغولاً في اللاشيء.. تسمع الضوضاء في كل مكان والرجفة التي تعبث بأطرافها لا تساعد أبداً..
كانت خائفةً حرفياً وكأنها اقترفت جُرماً.. ليس وكأنها تزوجت على سنة الله ورسوله بموافقةٍ من والدها..

وقفت أمام باب المنزل الكبير وبعد عناء استطاعت أن تدخل المفتاح وتُديره.. كانت رجفة يديها واضحة و أنفاسها قصيرة وسريعة وكأنها ستختنق..
شعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما توسطت ساحة المنزل لترى منيف يجلس على أحد كراسي الجلسة يضع قدماً على الأخرى وينظر لها بنظرةٍ غريبة.. لا تعلم كم يوماً مضى دون أن تراه لكن ماتعلمه حقاً انها اشتاقت له.. لجدها القديم وليس هذا الجلمود صاحب النظرة القاسية وكأنه شخصٌ آخر..
سقط المفتاح من يدها عندما ارتعش فكها وبدأ ألم الخوف يؤلم معدتها..
انحنت تلتقطه لتنظر له بعدها بتوجس.. ثم ابتلعت ريقها تقترب منه وتنزع نقابها تميل بجسدها عليه تقبل رأسه..
توقعت منه أن يدفعها أو يركلها لكنه كان وديعاً مستسلماً لاقترابها.. بل أنه قدّم رأسه لها حتى شكّت بأن ما حدث في الأيام الفائته لم يكن إلا حلماً قد استفاقت منه الآن.. لكنها ما إن ابتعدت ورأت وجهه الغاضب علمت أنها لازالت تعيش الكابوس..

رجعت خطوةً للخلف خوفاً من أن ينطلق شرر من مقلتيه ويحرقها..
منيف بصرامة : ليه تأخرتي؟؟ وين كنتي؟
بتلعثم : بالدوام...
كانت تراقب ارتفاع صدره وانخفاضه بهلع : صدق؟
هزت رأسها بسرعة الدموع ستنفجر من عينيها..
زفر وعرقٌ في جبينه برَز : دانة!
أنا دقيت على السواق وقال لي..
قاطعته بسرعة : كنت بالمحكمة.. بعدين رحت الدوام.. والله العظيم هذا الصدق.
منيف : وش كنتي تسوين بالمحكمة؟ و ياويلك تكذبين علي لأني أخذت العلم كله من العاق أبوك الله لا يوفقه..
بخوف وعقلها متوقف تماماً عن العمل : أبوي دق علي امس وطلب مني أروح هناك..
رفع حاجبه بتهكم : عشان...؟
فتحت فمها تحاول أن تتكلم لكن بالنهاية خرج صوتها مهزوزاً مبحوحاً غيرُ واضح : جدي خليني أفهمك....
بصرخة : وش كان عندك بالمحكمة يالحيوانة؟
بكت بهلع فهذه المره الأولى التي يصرخ عليها متلفظاً بهذه الألفاظ : ا.. اي.. أبوي.. أنا كنت..
منيف بغضب هادر : تكلمي.. تكلمي دانة..
أغمضت عينيها بقوة وكأنها تستعد لانفجاره : تزوجت..
وقف بغضب يتلفت حوله بدون تصديق : تزوجتي؟؟ ومن وراي؟ أنا ماعدت عارف أنتي مين!! مستحيل تكونين دانة اللي أعرفها.. وش غيرك؟ وش اللي غسل مخك ؟؟
اقتربت منه تنتحب : جدي تكفى خليني افهم...
لكنه دفعها للخلف بعيداً عنه لتتراجع عدة خطوات وتسقط تنظر له نظرة ضبابية بسبب دموعها..
منيف بقهر وتهديد و وجهٍ قد اشتد احمراره : إن كانت الكلبة الجازي هي ورا كل اللي قاعد يصير لك صدقيني مهوب في صالحك.. محد يعرف الجازي كثري.. وإن كان الكلب اللي اخذتيه هو من لف عليك ولعب براسك خ..
دانة ببكاء مرير تقاطعه : لأ جدي لا..
منيف بصراخ : مافيه لأ دانة.. صدمتي فيك بتذبحني.. شلون تسوين فيني كذا ؟؟
كانت مرعوبة .. تراه يلف حول نفسه بغضب.. يركل الكرسي ويقلب الطاولة و كأنه إعصار.. يضرب الأرض بقدمه يصرخ بأعلى صوته..
كان احمرار وجهه قريباً جداً من لون وحمته شديدة الاحمرار..
كان بركاناً انفجر وبراثينه مؤكدٌ أنها ستحرقها.
تركها يدخل للمنزل وقبل أن تستوعب اختفاءه عاد وخلفه العاملة تسحب حقيبةً سوداء كبيرة..
اتسعت عينيها برعب و وقفت بصعوبة. اقتربت منه بتوسل : الله يخليك جدي.. والله أسفه أنا مستعدة أصلح كل شي. الله يخليك لا تسوي فيني كذا. الله يخليك والله مالي حياة بعيد عنك..
أنا غلطت والله غلطت ومستعدة أصلح غلطتي باللي تبي بس لا تبعدني عنك.

كان يقف كالعمود بجمود.. يسمع توسلها ونحيبها.. يشعر بقبلاتها على رأسه و وجهه ويشعر بيديها التي تتشبث به..
كان صلباً من الخارج لكن داخله يذوب وينهار.. يشعر بأن قلبه قد تفجّر وانتهى ..
دانة لم تكن شيئاً بسيطاً في حياته.. كانت أغلى عليه من روحه ومافعلت قبلاً ومافعلت الآن كان وقعهُ عليه شديد القسوة..
لأول مرةٍ في حياته يشعر برغبة ملحة في البكاء. يريد أن ينهار باكياً علّ دموعه تخفف الألم الذي باغته.. ما فعلته كان أشد وقعاً عليه من ترك زوجته وأبناءه له قبل وقتٍ طويل.. لأن دانة لم تكن أبداً مثلهم.. كانت مختلفه بكل شيء هي من احتوت حزنه وملأت وحدته و خففت من حدته وهذبت نفسه.. كان دائماً يسعى لأن يكون مثالياً في نظرها.. شيئاً أسطورياً يخصها وحدها.. يفرح بثنائها ومحبتها وكأنه عاش عمره كاملاً يعاني جفافاً وللتو ارتوى..

حرك بصره ينظر لها ملتصقةً به تبكي من أعماق قلبها حتى بات صوتها لا يُسمع من تسارع شهقاتها وتدافعها.
أبعدها عنه يهمس بصعوبة يشعر بحرقةٍ تداهم عينيه : دقي على اللي اخذتيه يجي ياخذك.. مالك قعده عندي دقيقة وحدة وجودك صار يضايقني ولاني بمجبور أتحملك دامك اخترتي غيري..

تصنمت بعد أن تعلقت عينيها بعينيه شديدة الاحمرار.. كانت تلمع بجنون وفيها حزنٌ وانكسار لم تره في حياتها أبداً ..
.

أخذت سيارته المنعطف المؤدي لمنزلها..
كان قلبه ينبض في بلعومه.. منذ أن جاءه اتصالها وحتى هذه اللحظة..
لم يهدأ أبداً..

كان وقتها يجلس في الصالة مع هلا التي تميل عليه بجسدها يتبادلان الأحاديث تاره،، والنظرات الصامته تارةً أخرى..
كان غارقاً بسحر نواعسها.. وحسن منطوقها.. ورقة لمستها.. يحاول أن يتجاهل إحساس الذنب الذي ينغز قلبه.. والإحساس بأنه خائنٌ يستغفلها..
مضى على عقد قرانه بدانه أكثر من ست ساعات.. مع ذلك لم يستوعب الفكرة إلى الآن.. عجز عن تشربها والاقتناع بها..

وقتها رن هاتفه برقمٍ غريب.. أجاب بتوجس ليصله صوتها الباكي محملاً بكارثة..
.

وقف أمام المنزل الذي يشير إليه الموقع -والذي أرسلته له- في هاتفه
أغمض عينيه واخذ نفساً عميقاً قبل أن يضغط على الهرن بشكل متواصلٍ مزعج..
كان لا يزال يغمض عينيه حتى سمع صوت الباب الخلفي يفتح..
فتحها والتفت ليجدها قد جلست تضع رأسها بين يديها وتبكي بإنهيار..
عقد حاجبيه : وش صار؟
لكنها لم تجبه بل ارتفع صوت نحيبها..
زفر بضيق وفتح بابه ليخرج من سيارته يتجه نحو حقيبتها..
وقتها لمح الذي يقف عند باب المنزل.. وجهه مسودٌ ونظرته غاضبه..
تبدل الضيق في قلب خطاب لشيءٍ آخر.. شيءٍ ضرب أطرافه بقوة لترتجف.. لم يعد يعرف أهو غضبٌ شديدٌ من مجرم أم خوفٌ من ماضٍ مظلم..
كانت أنفاسه تضيق و تتسارع في آنٍ واحد.. شدّ على أسنانه بقوة حتى شك بأن فكّه سينكسر..
سمع صوت منيف يصرخ به مهدداً : لا تظن إني بترك فعلتك ذي تعدّي بسهولة.
شد على قبضة يده وحاول أن يبتسم..
ابتسم،، وتصنع الثبات في نبرته : وأنا ماسويتها عشان تعديها بسهولة..
ثم رفع كفه المرتجف يلوح به : سلام!
لم يصدق صوته الذي خرج منه.. ولم يستوعب الكلمات التي تفوه بها.
رفع حقيبتها الثقيلة جداً بسرعة و وضعها في مقعد الراكب.. ومشى بخطى سريعة بعد أن أغلق بابها و دون أن يلتفت حتى فتح بابه وركب مكانه..
تحرك مبتعداً عن المكان ينظر من المرآه الأمامية لمنيف الذي أصبح يقف بالمكان الذي كانت به سيارته يتابع ابتعادهم..
كانت نظرة عينيه وعلى الرغم من المسافة التي تتسع بينهم، واضحةً له.. تذكره بما حدث وهو ابن الثامنة عندما ركض لمنزله بخوف بعد أن رأى سيارة منيف حديثة الطراز تمشي مبتعده تحمل داخلها شقيقه سند. وكأن الماضي يعيد نفسه لكن باختلاف الأدوار..
.

بعد أن ابتعد مسافة كافية أوقف السيارة على جانب الطريق وهو يلهث.. وصوت بكاء دانة في الخلف لازال كما هو منذ أن ركبت..
اغمض عينيه بصبر : خلاص دانة..
ثم أردف عندما لم يجد استجابة.. بحدة : قلت خلااااص.. اسكتي.
وضعت يدها على فمها من فوق نقابها تحاول أن تمنع صوتها لكنها لم تستطع وانفجرت مجدداً..
ضرب -الدركسون- بغضب وصوت بكاءها زاد على استفزازه بعد رؤية جدها.. صرخ : قلت خلاص.. انكتمي.. خلاااص..
رفعت رأسها تنظر له بهلع.. بعينين متورمتين من شدة البكاء..
أسندت رأسها للخلف لتضع يدها مجدداً على فمها تحاول أن تكتم صوت بكائها.. كان شيئاً مستحيلاً لكنها ضغطت على فمها أكثر فأصبح شهيقها ينزل مكتوماً وكأنها تختنق..
زفر يستغفر تحت أنفاسه.. يراقب حركاتها من المرآه الأمامية..
زفر مجدداَ يغمض عينيه وصوت انكتام أنفاسها أصبح موجعاً..
التفت ينظر لها.. عاقداً حاجبيه يراها لازالت على وضعها تنظر للخارج وجسدها يهتز بعنف..
حاول أن يهتف بهدوء : وش اللي صار؟
اهدي وفهميني..

لكنها لم تجبه وضلت عينه معلقه بها حتى فقد الأمل..
خطاب : طيب وين أوديك الحين؟؟
وين تبين تروحين؟

أدارت رأسها نحوه بسرعة تنظر له من بين دموعها وكأنها صُدمت من سؤاله.. كانت نظرتها كفيلة بأن يعرف خطاب أنها خسرت كل شيء..
عاد ينظر للأمام يراقب غروب الشمس بضياع وكأنه آخر يوم تغيب فيه الشمس عليه..
.

تمدد على الأريكة بتعبٍ واضح بعد أن وضع حقيبتها السوداء الثقيلة جداً بالقرب من الباب الذي اختفت خلفه بسرعة بعد دخولهم للشقة المفروشة التي أخذها خطاب بعد أن أظهر لموظف الاستقبال صورة من عقد النكاح.. كانت أول شيءٍ وجده في طريقة ليقف بمواقفها بسرعة فقط ليرتاح من صوت بكائها الذي أصبح مزعجاً لا يطاق و سبب له صداعاً سيفجر رأسه ..

تأفف وصوت بكائها لازال يصله حتى بعد أن أصبحت الجدران تفصل بينهم.. رفع هاتفه يحاول التشاغل به عن التفكير بالتي تركها خلفه في منزله (ياغافلين لكم الله)..
يذهب لمحادثات الواتساب ويفتح محادثته معها.. كانت مزيجاً من كل شيء جنون هلا عذوبتها عفويتها ومشاعرها..

كانت قد بدأتها يوماً في مساء أحد أيام الأسبوع عندما كان يتمدد على أريكة الصالة وهي تجلس على الأريكة الأخرى.. عقد حاجبيه عندما وصل له تنبيه بنقطة من اسم هلا بمحادثة واتساب تحمل عنوان(بيتنا) وبجواره -إيموجي- العائلة الشهير بأم وأب وفتى وفتاة..
نظر لها بحاجب مرفوع ليراها تنظر له بابتسامه شقية واسعة جداً تحرك حاجبيها صعودًا ونزولاً بسرعة.. ضحك رغماً عنه : وش ذا؟
رفعت كتفيها ببساطة : كل الناس عندهم قروب عائلة..
خطاب باستمتاع : قروب مافيه إلا أنا وأنتي؟ كأنك جيتيني بالخاص يعني وش الفرق؟..
وقفت لترتفع معها عينيه يراها تقترب منه تتمايل باقترابها على وجهها ابتسامة حتى وصلت له.. انحنت لتجلس على أقدامها أمام وجهه تهمس : هذا للمستقبل.. قروبنا مع عيالنا إن شاءالله .
ارتفع حاجبيه وتسارع نبضه : ياشيخة!
هلا بغمزة: قلت أضمن وضعي أخاف بعدين ما نلقى أنا وعيالي مكان بقائمة اهتماماتك لا كثروا أحبابك و صرت مدير كبير..
تنهد يتأمل ملامحها القريبة منه ونظرتها الحالمة وكأنها ترى تفاعل أبنائها ورسائلهم .. أردفت هلا ترفع سبابتها بتهديد وشقاوة: بس هاه أنتبه لا أشوفك تحذف القروب..
رفع حاجبه بتحدي : أفكر بالموضوع.. أخاف قروبك يضايق قائمة اهتماماتي..
لكمته على كتفه بخفه لتخرج نبرتها مدلله : خطاااب.. لا تخرب الجو يالئيم..
جذبها نحوه يضم رأسها بكلتا يديه.. يضحك على اعتراضاتها ومحاولة التحرر منه براحة تغزو قلبه ويقبل أعلى رأسها : مجنونة أنتي ..

بعد ذلك اليوم أصبح قروب العائلة هو مايعتلي قائمة محادثات جهازه.. كانت ترسل له كل شيء و أي شيء..
كلماتٍ ملحنة سمعتها فذكرتها به..
بيت شعر أو قصيدة.
صورة.
وطلبات المنزل..
يوماً أرسلت له مقطعاً صوتيًا فتحه ظناً منه أنه كما اعتاد.. لكن ما أتاه كان صوتها (خطاب وأنت جاي جيب معك زيت و ملح.. ضروري ولا ترى مافيه غدا بكرة..)
ابتسم وهو يسجل مقطعاً لها (طيب و غيره؟)
ارسلت له (بس.. و هاه خذ هذا سالم يبي يطلب بعد ..)
ليصله صوت سالم يسرد طلباتٍ لا حصر لها ويحذر من أن ينسى شيئاً منها.. يومها أدرك خطاب أن صوت هلا في التسجيل سحرٌ حلال كما هو في الواقع تماماً و لا يجوز لغيره أن يسمعه..

ابتسم بحنين وهو يعيد سماع هذه المقاطع.. تتبعها مقاطع.. ومقاطع.. وصور وذكريات وكلمات لم تفشل يوماً بأن تنشر الدفء في حنايا قلبه.. زفر تشتته وتوهان روحه بعد أن انطفأ هاتفه في وجهه نتيجة نفاذ البطارية..
.

كان لازال يتمدد على ظهره يضع يداً تحت رأسه ويرفع الأخرى في الهواء بعد أن وضع هاتفه على صدره.. يبسط كفه يغطي مصدر الضوء الأصفر ليتخلل أصابعه. ولا صوت لدانه يُسمع..
ابتسم بتوهان وهو يرى وجه والدته أمامه.. بعيداً في مكانٍ ما.. .. تبتسم له وتمد يدها لتتداخل أصابعها مع أصابعه.. تشد عليها بقوة..
كانت نظرته نظرة شخصٍ غائب عن الوعي وكأن طبقة من الزجاج غطت عينه .. يهمس : أمي..
اتسعت ابتسامته بنعسٍ وخمول عندما شعر بنسيمٍ بارد يهب على قلبه ليغمض عينيه.. شد عليها بقوة جعلت الدموع تنفر منها تبلل أهدابه وأغلق كفه بقوة وكأنه يضغط على أصابعها يخشى من أن تذهب..

.

كان ينظر لها تنام بسكينةٍ على ظهرها.. الغطاء يصل لمنتصف بطنها وكفيها موضوعان براحةٍ عليه.. ينظر لها وشيءٌ غريب يتأجج في جوفه.. أي جنونٍ ضرب عقله وهو ابن الثلاثة وثلاثون عاماً؟ أي تصرفات عشوائية وقرارات غير عقلانية باتت تسيره؟ غير مصدق بأنه فعل فعلاً كهذا وأن اسمه الآن ارتبط باسم فتاة تحمل اسم منيف كجدٍ لها.. و والدها هو ابنه!! والأدهى من ذلك كله كيف رضى بأن يرتبط بها دون أن يضع اعتباراً لهلا.. وحزنها.. ونظراتها المتوسله بألا يفعل شيئاً كهذا..
بات لايعرف نفسه .. وكأن روحه خرجت منه وأصبحت تشرف على جسده من الأعلى.. جسداً لا ينتمي له.. يسيره الضعف وسوء التصرف وقلة الحيلة.
أبعد بصره عنها يشد على قبضته حتى باتت مفاصلة بيضاء.
ينظر لها مجدداً يحاول أن يطرد فكرةً بشعةً تشكلت في باله..
كان يقف بالقرب من رأسها.. يطرد باستماته أفكاراً تتراقص حوله يثيرها أبليس بوسوسته..
ابتعد يخرج من المكان.. لكنه عاد متجهاً ناحيتها مجدداً و احتكاك أقدامه بالارض قادرٌ على توليد الشرار خلفه.. شعرت به وفتحت عينيها تعقد حاجبيها تنظر له باستنكار لازالت في حيرة النوم لكنه أخفى تلك النظرة تماماً عندما رفع وسادته من جانبها وغطّى بها وجهها يضغطها بكل قوة.. كان يشد على أسنانه يغمض عينيه..
بقوة ..
وندم ..
وفزع ..
وهو يشعر بمقاومتها ، ترفس بأقدامها وتحاول أن تدفع يديه بصراخٍ مكتوم حتى خارت قوتها و سكنت حركتها،، تماماً!!

فزّ من نومه بهلع يتنفس بسرعة صدرة يرتفع وينخفض وكأن قلبه سيخرج من مكانه..
كان كابوساً جديداً عليه، شعر به حقيقياً أيقظه من غفوته التي غفاها دون أن يشعر.. استيقظ مرعوباً بحبات عرقٍ تجمعت أعلى جبينه.. و...
مبللاً نفسه و الأريكة تحته!!!
.

انحنى يلتقط بنطاله من الأرض.. بعظام يدٍ تنبض من شدة الألم.. ونظرةٍ ضبابيةٍ جعلت من خطوط الأرضية السيراميك تتراقص أمامه.. لا يعلم كم مضى عليه في دورة المياه بعد أن استيقظ على كابوسٍ أرعبه لدرجة أنه قد فعلها على نفسه أثناء نومه..
كان قد قضى وقتاً طويلاً تحت المياه الساخنة جداً وكأنه بحرارتها يحاول أن يذيب كل شيءٍ فيه.. وقضى وقتاً أطول يحاول غسل ملابسه ليرتديها الآن مبللة على جسده الذي لم يكلف نفسه عناء تجفيفه ليخرج من المكان بسرعة خوفاً من أن تراه دانة..
فليست جميع النساء كهلا ..
.
.

كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بنصف ساعة.. خرجت حنين من دورة المياة الملحقه بالغرفة في الطابق السفلي والتي أصبحت لها الآن.. بعيداً عن بدر وباقي أقسام المنزل..
تلف روب استحمامها حول جسدها جيداً و فوطة أخرى صغيرة على رأسها..
صرخت بخوف عندما رأت الجالس على السرير يمد أقدامه أمامه واضعاً الساق اليمنى على اليسرى و.. ينتظرها.
ابتسم : بسم الله على قلبك.. خوفتك؟
شدت على روبها تتأكد من أنه يغطي جسدها : وش تسوي هنا؟
عقد حاجبيه ببرود فضيع وبنبرة مستفزة : كيف وش أسوي هنا؟ أذكر إن البيت بيتي..
زفرت بحقد : بدر لو سمحت عن الحركات ذي واحترم الشرط اللي اتفقنا عليه..
بدر : ما أذكر اني اتفقت معك على شي..
بدأ الرعب يتسلل قلبها عندما وقف من مكانه : بدر لو سمحت اطلع أبي البس وأنام..
ابتسم : البسي هو أنا ماسكك؟ وش بشوف يعني؟ ما أظن شي جديد عن اللي شفته قبل ..
بإحراج : وقح وماتستحي.
ضحك من أعماق قلبه لتبرز تقاسيم وجهه بوسامة فائقة ذكرتها ببدر قبل سنوات في أول أيام زواجها.. لينبض قلبها عشقاً يصعب عليها نكرانه..
لم تدرك بأنها سارحة به حتى سمعت صوته قريباً منها.. شهقت بذعر عندما عاد وعيها لتجده يقف أمامها مباشرة.. بدر بهدوء : أذكر أنك كنتي تبين تحملين؟
عادت خطوة للخلف بخوف وقلبها سيتوقف لا محاله : خلاص ما عدت أبي منك شي.
بدر : لو ما تبيني كان ما رجعتي لي .
حنين بقوة : عمي أجبرني أرجع لك..
رفع حاجبيه ببرود : أوكي؟ رجعتي وانتهى الموضوع وأخذتي مهرك.. يعني فوق تعنفقك وشرطك الغبي اخذتي فوق المبلغ اللي تستحقينه بكثير أتوقع من حقي الحين أحلل فلوسي!!
عادت خطوة أخرى وهي ترى نظرته تتبدل لشيءٍ مختلف.. ابتلعت ريقها : أنا مو سلعة عندك بدر.. ما أبيك يا أخي قربك يقرفني خل عندك شوي كرامة واطلع..
باغتها مقترباً منها مصدراً صوتاً بفمه وكأنه يقترب من قطه ويريد تخويفها.. لتصرخ وتبتعد لآخر الغرفة..
ضحك وهو يراها ترتجف تنظر له بعينين تجمعت بها الدموع وشعرها قد تناثر حولها..
انحنى يلتقط فوطتها التي كانت تغطي شعرها ونظر لها مبتسماً باستمتاع : طيب يا أم كرامه الظاهر نسيتي أيام أول.. حطي في بالك بس إني بتركك الليلة لأن مالي خاطر فيك وماجيتك إلا عشان تعرفين إني موجود ولا بغيت حقي أخذته منك وغصب عنك بدون لا تهمني شروطك و كلامك الفاضي .. مجنونة تظنين بتركك على هواك وأمشّي كلمتك علي؟؟
وباخذ هذي معي عشان اذا اشتقت لك بالليل.. أحلام سعيدة حبي..
قال آخر جملته وهو يشير على فوطتها بين يديه وبنبرة جعلتها تشعر بأنها شيءٌ لا قيمة له .. وما إن خرج حتى سقطت أرضاً تلتقط أنفاسها التي لم تعي بأنها كانت تحبسها..

.
.

فتح باب شقته بصعوبة وتعب ويد ترتعش من شدة البرد.. كان الوقت متأخراً جداً لذا حاول ألا يصدر أي ضوضاء ولكن ما إن حطت أقدامه داخل شقته حتى ورأى التي كانت تجلس على الأريكة أمامه - ترتدي بيجامة شتوية عليها روب يصل لمنتصف ساقها من الفرو الناعم - تقفز واقفةً بسرعة القلق والخوف واضحين على وجهها..
زفر بضيق وهو يغلق الباب يعطيها ظهره.. ينتظر قليلاً قبل أن يستدير مجدداً ليجدها لازالت تقف مكانها تنظر له بقلق وخوف..
مشى : وش مصحيك للحين؟
هلا بخوف وهي ترى هيأته وحالته وثيابه وشعره المبللين : وش فيك تأخرت؟ وين كنت ؟؟
ابتلع ريقه بصعوبة يتابع طريقه : روحي نامي بكرة نتكلم..
لكنها لم تدع له مجالاً لأن يتقدم أكثر.. وقفت أمامه تنظر لوجهه المرهق بقلق واضح وصوت مخنوق: خطاب وين كنت؟ عجزت أدق عليك وجوالك مقفل؟ مت من الخوف حرام عليك...
ثم بتوجس وهي تتفحص وجهه : وش سوى بك كذا؟؟
ابتسم لها بتعب واضح يربت على خدها بكفه ليهتف قبل أن يبتعد من أمامها ويختفي في غرفته : إن صحيت علمتك.. تصبحين على خير..

تسارعت أنفاسها بعد أن سمعت صوت باب غرفته يُغلق.. لا زالت تشعر بالخوف من جميع الاحتمالات التي وردت في بالها عندما تأخر..
اتصلت عليه بما يزيد عن الخمسين اتصالاً وهاتفه مغلق حتى عبثت بها الظنون خوفاً من أن يكون مكروهاً قد حلّ به..

حاولت أن تهدئ من روعها وهي تضع يدها على قلبها تأخذ انفاساً منتظمة.. تحمد الله على عودته سليماً دون أن يحل به أذى..

مضت ربع ساعة لم تستطع أن تصبر فيها دون أن تعلم ماذا أصابة فمن الواضح أنه ليس على ما يرام..
فتحت باب غرفته بهدوء لتجد الإضاءة القريبة من جهتها التي كانت تنام بها مفتوحة.. وخطاب يتمدد في مكانه يعطي الباب ظهره..
اقتربت منه بحذر حتى أصبحت تقف خلفه.. همست : خطاب..
علمت أنه لازال مستيقظاً من زفرته الحادة بعد ندائها وكأنه يجيبها.. عادت تهمس بعطف وهي ترى ارتعاش كتفيه الواضح : تعبان خطاب؟
أتاها صوته ضعيفاً مهزوزاً بعد فترة صمت طويلة : تؤ.. ندمان..
شعرت وكأن ماساً كهربائياً ضرب قلبها : بسم الله عليك.. ليه؟
طال صمته هذه المره لتردف : خطاب.. ممكن تلف علي؟؟ قاعدة أكلمك..
ثم مجدداً بإصرار وصوت مرتجف : خطاب لو سمحت..
استدار بجسده ينظر لها كما طلبت.. وما إن رأت نظرة عينية وملامح وجهه حتى شعرت بقلبها كصخرة تدحرجت من على سفح جبل.. كان ينظر لها باتساع عينيه وبحدودها التي أصبحت حمراء تتراقص على سطحها اللامع الظلال.. كانت نظرته تترجم كل معاني الضياع والذعر شديدة الحزن و كأن صاحبها يشيّع جنازةً داخله..
عاد جسده للخلف قسراً نتيجة اقتراب جسدها عندما مالت به لتتمدد في المساحة الصغيرة الفارغة أمامه.. ظهرها يلتصق بصدره الصلب والذي ثار من حركتها فبدأت تشعر بنبضات قلبه وكأنها تضرب قلبها..
لف إحدى يديه حول خصرها يشدها نحوه أكثر ومد ذراعه الأخرى تحت رأسها ليستريح عليه.. يغمض عينيه يغرق بقربها ودفئها ورائحتها فهي الوحيدة التي يذهب إليها مثقلاً بالحزن ويعود منها وكأن الحزن لم يمر على قلبه قط.. يهمس بنعَس : هلا..
ابتسمت بشفقة على صوته المتعب ودمعة سقطت من عينها مُجبره : مم.
خطاب بصدق وذات الهمس : أحبك.
شدت على يده أكثر ترفعها تحتضن كفه بالقرب من قلبها والذي أزهر بعد اعترافه الناعس.. بعبرة : و أنا بعد..




.
.
.

# نهاية الفصل الرابع عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

شبيهة القمر 01-01-19 11:42 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
ياويل حالي عليك ياخطاب كل ماقلت اني اكرهك ارجع ارحمك ... حالتك مزريه ومالها حل وبعدين هالدانه ليه ماراحت للجازي وريحت نفسها وريحتنا ... 🤔عجزت آلاقي حل لوضع خطاب ..كنه محبوس لامقيد ولامفكوك هههههه
حنين .. لازم تقوين قلبك المايل بالله كل هذا وبعدك هيمانه بهالبدر صدق لقالوا الحب اعمى

وطن .. الجزء اليوم هااادي والله يستر من ردة فعل هلا من زواج خطاب بدانه ..
وطن ..تسلم الايادي بس كن الجزء قصير ..😁 احس بسرعه خلص قبل ابدا به ههههههههه
بانتظااار الجزء القادم بكل شوووق

أبها 03-01-19 06:03 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم...

وطن نورة الأمور أصبحت أكثر تعقيداً وأكثر حزناً ..😥

دانة ..
أدركت خطأها حين اختارت الزواج حلّاً لمعضلتها،لكن لم ينفعها الندم، فقد فقدت عزوتها ، وباتت خالية الوفاض من سندها الوحيد جدها منيف .

جابر ...أكرهك .😡
لا أوصيك على دانة !!! كثّر الله خيرك يا رجل .

خطاب .. الله يرحم حالك . .
موقف مؤلم قبل أن يكون محرجاً ، مظهره وهو مبلل،😓
( أنا ما سويتها علشان تعديها ..) هل سيمرر منيف تلك العبارة لخطاب ؟
أم أنه سينزل جلّ غضبه وحقده عليه لفعلته، وينتقم منه ؟

هلا .. هل شعرت بحسها الأنثوي ، أنه كان عند .. أخرى ؟

حنين ... أنتِ كذا 👍🏼
لا تخضعي، وكوني على ثقةً تامةً بنفسكِ أمامه،
فإن شعر ( الكريهه) منكِ توتّراً، زاد تفاخراً بنفسه،وبمدى تأثيره عليكِ.

كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ( وطن نورة ).🍃🌸🍃

همس الذكـرى ينااجيني 05-01-19 11:38 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير ♥♥

صراحه الروايه جمييييله جداً
اول شي حابه اشكر أبها اللي دلتنا على الروايه بالمقلط
فعلاً ماني قادره أوقف بس أخذ بريك شوي وارجع للبارتات
من جمالها ودي ابتلع البارتات ابتلاع ههه 😩😹
اتمنى الكاتبه الجميله تواصل للنهايه
ياربي عاد حظي اعرفه لو حصلت روايه وجازت لي ياماتخرب بالنص ياما تستمر بالإبداع وتوقف 😹😭

توي ماختمت باقي لي بس أوصل لآخر بارت لي تعليق على الشخصيات ان شاءالله
بسأل متى مواعيد تنزيل البارتات ؟

أبها 06-01-19 04:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710343)
مساء الخير ♥♥

صراحه الروايه جمييييله جداً
اول شي حابه اشكر أبها اللي دلتنا على الروايه بالمقلط
فعلاً ماني قادره أوقف بس أخذ بريك شوي وارجع للبارتات
من جمالها ودي ابتلع البارتات ابتلاع ههه 😩😹


اتمنى الكاتبه الجميله تواصل للنهايه
ياربي عاد حظي اعرفه لو حصلت روايه وجازت لي ياماتخرب بالنص ياما تستمر بالإبداع وتوقف 😹😭

توي ماختمت باقي لي بس أوصل لآخر بارت لي تعليق على الشخصيات ان شاءالله
بسأل متى مواعيد تنزيل البارتات ؟



حياك الله أختي الكريمة همس ..🌷🍃
عادة ينزل الجزء يوم الأربعاء ، لكن إذا صادف الكاتبة ظروف خارجة عن إرادتها تتأخر كم يوم .
وبإذن الله تستمر معانا إلى نهاية الرواية ..🤲🏼

همس الذكـرى ينااجيني 07-01-19 03:57 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
صباح الخير 💖
قبل نصحى نجهز للدوام قلت بما اني خلصت البارتات في يومين بس هههه بجي اعلق على الشخصيات

خطاب المعضله الواضح لي خطاب يعاني من مرض نفسي وتراكمات ماحدث له بالصغر لاكن الحل هو العلاج النفسي نفس ماأشارت هلا شخصيته شخصيه مركبه مهزوزه وضعيفه للأسف مع انه يملك قلب طاهر اهنئك وطن كيف قدرتي
تخلينا احيان نشفق عليه ونحبه وأحيان ثانيه نحقد عليه وهذا ان دل دل على انك كاتبه من العيار الثقيل قدرت تتحكم بشخصياتها لين ماوصلو لقلب القارئ
اكثر موقف أثر فيني وانا اقرأ لما كان خطاب يتردد على هلا بعد ماخبرها بسالفة زواجه :( كسر قلبي فعلاً
والموقف الثاني لما بلل نفسه وصحى وكيف هلا قدرت تتصرف باالموقف انا توقعت انها بتحاول تبين انها ماعرفت ولا انتبهت بس شخصية هلا فعلاً تحب خطاب اكثر من حبه لها. متقبلته بكل عيوبه مع ذلك جرحها خطاب شخص مضطرب يبي ينتقم لاهله ومو عارف والطريق اللي اختاره خطا :)

دانه قرار الزواج تبي تكحلها اعمتها من كل الجهات واتوقع انها بتكون ضحيته ماشوف ان زواجها بخطاب راح ينجح
خاصه مع حالته الماسأويه ماراح تتحمل وقالها هو ليست كل النساء ك هلا ؛)💔

منيف شخصيه متجبره منزوعة الرحمه خاصه كيف قتل أهل خطاب بطريقه بشعه !
دانه هي نقطة ضعفه والانتقام اللي ينتظره

بدر شخص سيّء فعلاً مادري ليه احس ان نهايته على يد. منيف

خالد وضي شخصيات عيال تركي كيف كذا حنونه وتحتوي الطرف الآخر ضي تعاني من مشكلة الحزن والوساوس اللي عايشه برأسها ومو مخليتها تعيش حياتها صح مع خالد !

حنين النوعيات اللي مثل زوجك بدر مايبي له الا ألقوه لا بارك الله بالضعف مره هي كانت تتنازل له لين صار مايشوفها شي زياده على ابوها اللي ذلها ل بدر !


وطن نوره بانتظار ابداعك

فيتامين سي 07-01-19 08:29 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كما عودتنا وطن نوره بارت رااااائع تسلم يمينك لا خلا ولا عدم منك يارب
الحمد لله رجعت من السفر ولحقت أعلق على البارت قبل ماينزل البارت الجديد

خطاب مازال في توهانه ويتصرف ويتكلم بدون تفكير زواجه مافكر ليه ولا
في المشاكل اللي بيسبب فيها زواجه من دانه سواء له مع هلا أو مع منيف
لا وورط نفسه بكلامه لمنيف لما أخذ دانه منيف بيقعد له وماراح يفوت له زواجه
أو كلامه والله يستر من منيف وعمايله

مدري ليه عندي احساس إن منيف بيستغل حب بدر لدانه ويورطه في الإنتقام من خطاب
عاد بدر مايحتاج كلام هو مقهور من خطاب

دانه ماقدرت تتحمل الوضع اللي هي فيه بعد الدلع اللي عاشت فيه من جدها ومحاولة
ابوها وجدها التخلص منها وكل واحد يرميها على الثاني قررت الهروب لكن أخطأت
يمكن لو لجأت لجدتها أفضل من زواجها من خطاب خطوه راح تندم عليها

جابر أناني تخلص من دانه في المره الأولى ورماها على أبوه وللمره الثانيه يتخلص
منها برميها على خطاب اللي ماصدق خطبها منه لا بارك الله فيه وإن شاء الله أمه
تنتقم لدانه منه

هلا على الرغم من زعلها على خطاب أتوقع ماراح تتخلى عنه حتى لو عرفت بزواجه
رغم الألم اللي تحس به لكن ماتقدر تتركه لأنها حاسه بحالته وتلتمس له العذر

بدر النذل بكل قواية عين جاي يطال حنين بحقوقه رغم شرطها عليه لأنه مستهتر بها
وما أخذ كلامها على محمل الجد وهو كل همه رغباته لكن أعجبتني حنين وإن شاء الله تستمر
على حالها وماتضعف قدامه

ضي اعجبت بخالد وبدأت تحبه وأتوقع تصارحه بمشكلتها وخالد حنون وأتوقع يحتويها
ويساعدها على التخلص من وساوسها

منتظرين باقي الأحدث يالغلا بفارغ الصبر



وطن نورة ،، 09-01-19 09:31 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3709615)
السلام عليكم
ياويل حالي عليك ياخطاب كل ماقلت اني اكرهك ارجع ارحمك ... حالتك مزريه ومالها حل وبعدين هالدانه ليه ماراحت للجازي وريحت نفسها وريحتنا ... 🤔عجزت آلاقي حل لوضع خطاب ..كنه محبوس لامقيد ولامفكوك هههههه
حنين .. لازم تقوين قلبك المايل بالله كل هذا وبعدك هيمانه بهالبدر صدق لقالوا الحب اعمى

وطن .. الجزء اليوم هااادي والله يستر من ردة فعل هلا من زواج خطاب بدانه ..
وطن ..تسلم الايادي بس كن الجزء قصير ..😁 احس بسرعه خلص قبل ابدا به ههههههههه
بانتظااار الجزء القادم بكل شوووق

هلا والله وسهلا :c8T05285:
ههههههههههه قلت لك خطاب مسكين جدا غير واعي لتصرفاته :frown:
ودانة فيه مشاعر تولت في قلبها لخطاب وخطاب عرض عليها الزواج لذلك ليه لأ :AaZ04485:

حنين يضرب الحب شو بيزل وحنين غرقانة لشوشتها الضعيفة
اعتذر منك على القصور ياعيني والعوض بالأجزاء القادمة إن شاءالله :e418:

حياك الله وأسعدتيني جداً جداً ❤

وطن نورة ،، 09-01-19 09:32 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3710126)
السلام عليكم...

وطن نورة الأمور أصبحت أكثر تعقيداً وأكثر حزناً ..😥

دانة ..
أدركت خطأها حين اختارت الزواج حلّاً لمعضلتها،لكن لم ينفعها الندم، فقد فقدت عزوتها ، وباتت خالية الوفاض من سندها الوحيد جدها منيف .

جابر ...أكرهك .😡
لا أوصيك على دانة !!! كثّر الله خيرك يا رجل .

خطاب .. الله يرحم حالك . .
موقف مؤلم قبل أن يكون محرجاً ، مظهره وهو مبلل،😓
( أنا ما سويتها علشان تعديها ..) هل سيمرر منيف تلك العبارة لخطاب ؟
أم أنه سينزل جلّ غضبه وحقده عليه لفعلته، وينتقم منه ؟

هلا .. هل شعرت بحسها الأنثوي ، أنه كان عند .. أخرى ؟

حنين ... أنتِ كذا 👍🏼
لا تخضعي، وكوني على ثقةً تامةً بنفسكِ أمامه،
فإن شعر ( الكريهه) منكِ توتّراً، زاد تفاخراً بنفسه،وبمدى تأثيره عليكِ.

كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ( وطن نورة ).🍃🌸🍃

هلا والله وسهلا أبها ❤
الحزن مصيره ينجلي والأفراح قادمه حتى وإن طالت شوي
دانة تعيش كابوس اختارته بنفسها لكنها تتأمل بخطاب خير .. مادرت الضعيفة

خطاب يحتاج يقوي نفسه لاصار واقف قدام منيف وأول شيء قال هالجملة بدون مايحسب حسابها وسواء قالها أم سكت منيف ماراح يسكت

أما بخصوص هلا أحب أقولك الحب أعمى ياعيني
حنين القوة القوة لابارك الله بالضعف لكنها لازالت تحبه حتى وإن تصنعت عكس ذلك.

شكراً لك أبها دايماً ردودك تسعدني الله يسعدك ❤❤

وطن نورة ،، 09-01-19 09:48 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710343)
مساء الخير ♥♥

صراحه الروايه جمييييله جداً
اول شي حابه اشكر أبها اللي دلتنا على الروايه بالمقلط
فعلاً ماني قادره أوقف بس أخذ بريك شوي وارجع للبارتات
من جمالها ودي ابتلع البارتات ابتلاع ههه 😩😹
اتمنى الكاتبه الجميله تواصل للنهايه
ياربي عاد حظي اعرفه لو حصلت روايه وجازت لي ياماتخرب بالنص ياما تستمر بالإبداع وتوقف 😹😭

توي ماختمت باقي لي بس أوصل لآخر بارت لي تعليق على الشخصيات ان شاءالله
بسأل متى مواعيد تنزيل البارتات ؟

ياهلا والله وسهلا الله يسعدك ويسلمك شكرا ًعلى كلااامك ❤❤
أنا والله اللي أشكر أبها على كل شيء والله إن معرفتها مكسب لي وأحبها لله في الله وانا ما أعرفها شخصيا دائما تخجلني :5:❤
وبإذن الله مكملين للنهاية لا تقلقي ياعيني :hgfhg5456:

ومواعيد البارتات غالباً الأربعاء أو السبت إلا إن حصل ظرف خارج عن السيطرة :e404:

اقتباس:

صباح الخير 💖
قبل نصحى نجهز للدوام قلت بما اني خلصت البارتات في يومين بس هههه بجي اعلق على الشخصيات

خطاب المعضله الواضح لي خطاب يعاني من مرض نفسي وتراكمات ماحدث له بالصغر لاكن الحل هو العلاج النفسي نفس ماأشارت هلا شخصيته شخصيه مركبه مهزوزه وضعيفه للأسف مع انه يملك قلب طاهر اهنئك وطن كيف قدرتي
تخلينا احيان نشفق عليه ونحبه وأحيان ثانيه نحقد عليه وهذا ان دل دل على انك كاتبه من العيار الثقيل قدرت تتحكم بشخصياتها لين ماوصلو لقلب القارئ
اكثر موقف أثر فيني وانا اقرأ لما كان خطاب يتردد على هلا بعد ماخبرها بسالفة زواجه :( كسر قلبي فعلاً
والموقف الثاني لما بلل نفسه وصحى وكيف هلا قدرت تتصرف باالموقف انا توقعت انها بتحاول تبين انها ماعرفت ولا انتبهت بس شخصية هلا فعلاً تحب خطاب اكثر من حبه لها. متقبلته بكل عيوبه مع ذلك جرحها خطاب شخص مضطرب يبي ينتقم لاهله ومو عارف والطريق اللي اختاره خطا :)

دانه قرار الزواج تبي تكحلها اعمتها من كل الجهات واتوقع انها بتكون ضحيته ماشوف ان زواجها بخطاب راح ينجح
خاصه مع حالته الماسأويه ماراح تتحمل وقالها هو ليست كل النساء ك هلا ؛)💔

منيف شخصيه متجبره منزوعة الرحمه خاصه كيف قتل أهل خطاب بطريقه بشعه !
دانه هي نقطة ضعفه والانتقام اللي ينتظره

بدر شخص سيّء فعلاً مادري ليه احس ان نهايته على يد. منيف

خالد وضي شخصيات عيال تركي كيف كذا حنونه وتحتوي الطرف الآخر ضي تعاني من مشكلة الحزن والوساوس اللي عايشه برأسها ومو مخليتها تعيش حياتها صح مع خالد !

حنين النوعيات اللي مثل زوجك بدر مايبي له الا ألقوه لا بارك الله بالضعف مره هي كانت تتنازل له لين صار مايشوفها شي زياده على ابوها اللي ذلها ل بدر !


وطن نوره بانتظار ابداعك ♥
صباح الورد ♥
قرأت ردك وأنا رايحة للدوام وحرفياً صنع يومي :5:
خطاب شخص عالق في عمر الثامنة وقت ماصارت حادثة مريعة أمام عينيه عجز انه يتخطاها يعاني من سطوة تأنيب الضمير بسبب هروبة وأنه الشخص الوحيد اللي بقى على قيد الحياة :frown:
أنا شخصياً قلبي يميل له جداً أرحمه وأشفق عليه جدا جدا :frown:

دانة تميل لخطاب حتى وإن كان هادئ في عمله مايعطيها أي اهتمام لكنه مع ذلك تمكن من قلبها ورفضها له أول مره كان بحكم جدها لكن بعد اللي حصل لجأت له لأنه شخص صالح بمنظورها
هلا وخالد وحتى زيد عاشوا في بيت أركانه كامله بيئته صحية وسلوى والدتهم شخصية حنونة قلبها مليان حب وقدرت تزرع هالشي بعيالها :)

الله يسعدك يارب كثر ما أسعدني ردك وتوقعاتك :5:
ألف شكر لك وبإذن الله القادم يكون عند حسن ظنك ♥

وطن نورة ،، 09-01-19 09:49 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
ألف شكر لكم ويشهد الله إن ردودكم دائماً تبهجني ❤ والله مالي وجه ومحرجة منكم لكني أعتذر جداً على التأخير الغير مقصود نهائياً
ولقاءنا يتجدد بإذن الله يوم السبت مع الفصل الخامس عشر ❤
والعذر والسموحة على التقصير مجدداً

وطن نورة ،، 09-01-19 09:52 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3710369)
حياك الله أختي الكريمة همس ..🌷🍃
عادة ينزل الجزء يوم الأربعاء ، لكن إذا صادف الكاتبة ظروف خارجة عن إرادتها تتأخر كم يوم .
وبإذن الله تستمر معانا إلى نهاية الرواية ..🤲🏼

دايما أعجز عن التعبير لا خلا ولاعدم يا ابها وشكرا لك على كل شيء :5:

وطن نورة ،، 09-01-19 09:54 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3710426)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كما عودتنا وطن نوره بارت رااااائع تسلم يمينك لا خلا ولا عدم منك يارب
الحمد لله رجعت من السفر ولحقت أعلق على البارت قبل ماينزل البارت الجديد

خطاب مازال في توهانه ويتصرف ويتكلم بدون تفكير زواجه مافكر ليه ولا
في المشاكل اللي بيسبب فيها زواجه من دانه سواء له مع هلا أو مع منيف
لا وورط نفسه بكلامه لمنيف لما أخذ دانه منيف بيقعد له وماراح يفوت له زواجه
أو كلامه والله يستر من منيف وعمايله

مدري ليه عندي احساس إن منيف بيستغل حب بدر لدانه ويورطه في الإنتقام من خطاب
عاد بدر مايحتاج كلام هو مقهور من خطاب

دانه ماقدرت تتحمل الوضع اللي هي فيه بعد الدلع اللي عاشت فيه من جدها ومحاولة
ابوها وجدها التخلص منها وكل واحد يرميها على الثاني قررت الهروب لكن أخطأت
يمكن لو لجأت لجدتها أفضل من زواجها من خطاب خطوه راح تندم عليها

جابر أناني تخلص من دانه في المره الأولى ورماها على أبوه وللمره الثانيه يتخلص
منها برميها على خطاب اللي ماصدق خطبها منه لا بارك الله فيه وإن شاء الله أمه
تنتقم لدانه منه

هلا على الرغم من زعلها على خطاب أتوقع ماراح تتخلى عنه حتى لو عرفت بزواجه
رغم الألم اللي تحس به لكن ماتقدر تتركه لأنها حاسه بحالته وتلتمس له العذر

بدر النذل بكل قواية عين جاي يطال حنين بحقوقه رغم شرطها عليه لأنه مستهتر بها
وما أخذ كلامها على محمل الجد وهو كل همه رغباته لكن أعجبتني حنين وإن شاء الله تستمر
على حالها وماتضعف قدامه

ضي اعجبت بخالد وبدأت تحبه وأتوقع تصارحه بمشكلتها وخالد حنون وأتوقع يحتويها
ويساعدها على التخلص من وساوسها

منتظرين باقي الأحدث يالغلا بفارغ الصبر



هلا وسهلا فيتامين سي وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ❤
الله يسعدك ويسلمك وألف الحمدلله على سلامتك

منيف حتى وإن ماقال شي خطاب ورد عليه لا يمكن يسكت لفعلته خصوصا وإن زواجه من دانة صار تحدي بعد مارفضه جدها
خطاب ناوي ينتقم من منيف لكن الخوف ينقلب السحر على الساحر

أول موقف جمع دانة بجدتها انتهى بخراب العلاقة بينها وبين جدها بكلام لم تقله دانه لذلك ما أظن الجدة كانت مرشحة جيدة خصوصا في هالوقت

حنين هي من أعطت بدر هالصورة عنها وانها شخص يتنازل عن كل شيء لأجله وصحوتها جاءت متأخرة والبلى إنها لازالت تحبه بعد كل ذا

الله يسعدك فيتامين سي كما أسعدني تعليقك جداً ❤
شكراً لك

أبها 12-01-19 09:20 AM

أنا والله اللي أشكر أبها على كل شيء والله إن معرفتها مكسب لي وأحبها لله في الله وانا ما أعرفها شخصيا دائما تخجلني :5:❤
———


أحبكِ الله (وطن نوره) وما عليك زود🍃💖
نحن من نتشرف بقراءة حروفك.
تواجدك بيننا، وتكرمك بنشر إبداعك في المنتدى ، هو المكسب الحقيقي لنا.
شكراً لكِ.🍃🌷

همس الذكـرى ينااجيني 12-01-19 05:44 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
ننتظر البارت
عاد من زمان عن أجواء الانتظار
توقعي بارت ناري باعتراف خطاب بعملته السوداء بزواجه من دانه وهلا بتطين عيشته اتمنى انها ماتشفق عليه وترحمه مثل كل مره ههههه :(

وطن نورة ،، 13-01-19 01:51 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3710859)
أنا والله اللي أشكر أبها على كل شيء والله إن معرفتها مكسب لي وأحبها لله في الله وانا ما أعرفها شخصيا دائما تخجلني :5:❤
———


أحبكِ الله (وطن نوره) وما عليك زود🍃💖
نحن من نتشرف بقراءة حروفك.
تواجدك بيننا، وتكرمك بنشر إبداعك في المنتدى ، هو المكسب الحقيقي لنا.
شكراً لكِ.🍃🌷

الله يسعدك يارب ويزيدك رفعه وقدر ❤❤

وطن نورة ،، 13-01-19 01:52 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710903)
ننتظر البارت
عاد من زمان عن أجواء الانتظار
توقعي بارت ناري باعتراف خطاب بعملته السوداء بزواجه من دانه وهلا بتطين عيشته اتمنى انها ماتشفق عليه وترحمه مثل كل مره ههههه :(

ههههههههه لا عاد كله ولا خطاب :(
ثواني وينزل الفصل يارب يكون قد توقعاتك وما اخيب ظنك ❤❤

وطن نورة ،، 13-01-19 01:53 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
يسعد صباحكم عزيزاتي♡
أعتذر على التأخير ويارب الجزء ينال على أعجابكم :)
وعذراً على القصور ♡

.


◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇



.
.

# (١٥) الفصل الخامس عشر ،،
°
°
وَعليَّ الإعْترافُ
أننّي لَسْتُ شُجاعاً
بلْ أَنا مِن فَرطِ خَوفِي
خَائفٌ منْ أنْ أَخَاف!


*منقول*

.
.

وضع صينية الإفطار بعد أن انتهى من تناول طعامه على رف المطبخ وخرج بخطى بطيئة يتجه لغرفته.. لم يستوعب إلى الآن أحداث الليلة الماضية يتمنى لو أن يغسل دماغه لينسى يوم الأربعاء وكأنه لم يأتي..
رغم ذلك استيظ وعلى وجهه ابتسامه يتأمل وجه هلا النائمة بعمق.. كانت تنام طيلة الليل بجواره.. بين يديه وهذا هو الجزء المفضل عنده.. أن تكون هلا هي واقعُه الذي يعيشه ويتمتع به هو الشيء الوحيد الذي يخفف عنه كل ضيقة تمر به.. حتى ضيقة ارتباطه بغيرها بالأمس!
مع أنه رأى في عينيها سؤالاً أول ما استيقظت لكنه حاول أن ينسيها ما رأت .. قبّل محاجر عينيها وكأنه يلقي تعويذة .. ونست!

ابتسم رغماً عنه عندما دخل ورأى هلا تقف أمام مرآة خزانة الملابس ترتدي تنورتها السوداء وقميصها أبيض اللون والذي أبرز تناسق جسدها بشكلٍ ملفت .. تفتح شعرها وأصابع يدها تتخلل مقدمته وكأنها تبحث عن شيءٍ ما..
رفع حاجبيه عندما وقف خلفها ورأى عدم الرضا على وجهها المنعكس بالمرآة : وش تسوين؟
هلا بضيق واندماج : تخيل خطاب وأنا أمشط شعري قبل شوي وش شفت؟
خطاب باهتمام وخفوت : قمل؟
اتسعت عينيها بصدمة مما قال.. وقبل أن تتكلم أدخل أصابعه بين خصل شعره يحركها يتصنع الضيق : يوه عاد أمس نمت وراسي لاصق براسك يافضحي الناس بتعايرني ، خطاب أبو القمل والصيبان جا وخطاب ابو القمل والصيبان راح !
هلا باستنكار : خطاااب وش قمل بسم الله علي!! ماجاني وانا بزر كيف عاد وأنا بهالعمر؟
ثم تأففت باستياء تتفحص مقدمة شعرها مجدداً : شفت فيه شيب..
و رفعت عينيها تنظر لانعكاس عينيه بقلق وكأنها تخشى من معرفته معلومة كهذه.. كان يرمش ببرود وكأنه لازال ينتظر سبب خوفها حقاً وعندما رأت ذلك مدت شفتيها بزعلٍ طفولي : صرت عجوز خطاب..
رفع حاجبيه عندما فهم وكأن مصباحاً أضاء فوق رأسه.. ضحك والربيع عاد يزهر في قلبه مجدداَ من نظرتها و نبرتها في وقتٍ مبكرٍ كهذا..
اقترب أكثر حتى أصبح خلفها يلف يديه حول خصرها ويسند ذقنه أعلى رأسها : أحلى عجوز شفتها بحياتي..
وكزته بكوعها في منتصف بطنه حتى كادت تخترق جدار معدته من قوة الوكزة : الموضوع ذا بالذات ما يقبل المزح..
تأوه بألم : حسيت.. شقيتي بطني ياشيخة زين كوعك ماطلع من الجهه الثانية ..
ضحكت من مجرد التصور ثم بتذمر وكأنها تذكرت : خطاااب..
كان مستمتعاً جداً بدلالها هذا الصباح لذا هتف بابتسامه : يختي مافهمت وين المشكلة؟ واذا طلع شيب يعني؟ الشيب وقار.
هلا : وقار لك لكن مو لي.. هذا دليل إني صرت عجيّز يالله حسن الخاتمة مابقى شي و أصير ثلاثينية جادة..
ضحك وهو يرى ابتسامتها الضائقة بعد الذي قالت ليعاود وضع ذقنه على رأسها يتأمل وجهها باطلالته الصباحية الناعمة البعيدة عن التكلف والقريبة كل القرب من القلب.. حافظت على ابتسامتها وهي ترى انعكاس نظرته وابتسامته الناعسة ليهتف بعدها بهدوء : الله يالدنيا الزمن يركض أنتي ٣٠ وأنا قربت من ٣٤!! من يصدق كأني أمس أشوفك قدامي وأنتي بزر وشوشتك فوق راسك ماترضين تمشطين شعرك بالأيام .
رفعت حاجبيها : وأنت ماتذكر مني إلا ذا الشي؟؟ وبعدين وش اللي أنتي ثلاثين؟ توني مابعد أدخلها بسم الله ..
خطاب بابتسامه : ٣٤ سنة مضت من عمري بدون أي شي يُذكر. حتى عيال ماعندي..
عبست : الحمدلله متمتع بصحتك وعافيتك وتعبد ربك وهذا أهم شي..
خطاب بتوجس : والعيال؟
هلا : ماكتبهم ربي للحين..
ثم بضيق وهي تحاول التحرر منه : أبو هالشيبات اللي خلتنا نجيب طاري الأعمار.. قال ثلاثين قال وخر عني أشوف.
لكنه لم يحررها : هلا أنا قد قلت لك إني بروح لطبيب نفسي صح!
سكنت حركتها ونظرت له بتوجس : رحت؟
خطاب بابتسامه صغيرة : أول جلسة الأسبوع الجاي..

ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تمنع نفسها من أن تسأل عما كان يقلقها في الأيام الماضية..
تخشى إن سألته "وموضوع الخطبة اللي قلت عنه قبل؟" يجيبها بإثبات "أنا لازلت باخذ غيرك".. وقتها لا يمكن أن تتنبأ بمقدار الخيبة التي ستصيبها ،، لا داعي من السؤال عن شيءٍ إن عرفت إجابته اساءتها وهذا ماكانت تقنع نفسها به منذ أن أخبرها خطاب وإلى هذه اللحظة..
ضربها على بطنها بخفه عندما لاحظ سكونها وبعدها ابتعد : يلا لا نتأخر..

.

أوقف سيارته بالمواقف الخاصة واتجه لمدخل الشركة بابتسامه هادئة.. لازال تأثير هلا هذا الصباح مسيطراً عليه ليشغله عن كل حدثٍ آخر..
يتذكر كلامه معها عندما أوصلها لمكان عملها.. أمسك يدها بعد أن فتحت الباب لتخرج لكنها عادت تغلقه تلتفت ناحيته تنظر له باستنكار..
هتف لها بصدق وابتسامه عندما باتت الكلمات تحارب بعضها كي تخرج.. لا مفر منها ولا أمل من ابتلاعها والسكوت عنها : أنتي أعظم إنجاز في حياتي وأجمل شي حصل لي بالاربع وثلاثين سنة اللي فاتت..
التمعت نواعسها و وضح له أنها تبتسم عندما ضاقت عينيها وصغرت..
تابع بخفوت وكأنه يهمس سراً عندما أغلق سالم الباب الخلفي بعد نزوله : أوعدك اتعالج من اللي فيني و أعوضك عن كل شي..
هلا بصدق : وجودك بحياتي هو أكبر عوَض خطاب.. وبتلاقيني انتظرك ..إلى آخر يوم بعمري بنتظرك.. بس استعجل الله يعافيك شيباتي بدت تغزي راسي..
قالتها وغمزت له ممازحه.. تشرب قلبه المثقل بالأسى كلماتها شعَر بصوتها يتوغل لأعماق فؤاده وأنعشه ليهتف بابتسامة بعد صمت دام لثواني : طيب أحبك..
زفرت أنفاسها وبخجل واضح حاولت تبديده بمرح فتأثير هذه الكلمة عليها لا يحتمل : ولد،، اعتراف مثل هذا ماينقال هنا قدام الصرح التعليمي العظيم ذا..
ضحك : برضو أحبك..
.
توقفت خطاه بالقرب من المدخل وتلاشت ابتسامته وهو يرى التي تغلق باب الراكب لسيارة الكامري بيضاء اللون.. تثبت حقيبتها على كتفها وتمشي باتجاهه بعد أن عرفها!!
انطلقت السيارة وكما وضح له أن من يقودها رجل في مقتبل العمر يرتدي غترته البيضاء أعلى رأسه لينتقل بصره مجدداً لها حيث وقفت في خطاها تنظر له وكأنها صُدمت برؤيته..
زفر أنفاسه بغضب وتعمد أن ترى عدم الرضا في نظرته قبل أن يكمل طريقه للداخل ..
دخل المصعد ليراها تمشي بخطى سريعة تشد على سير حقيبتها حتى اختفت عندما أطبق المصعد بابيه..
عاد يُفتح قبل أن ينطلق لتدخل باندفاع.. زفر بثقلٍ مجدداً وكأن المصيبة التي يحاول تناسيها تلحق به تذكره بأنها وقعت فعلاً..

كان يقف متقدماً بالقرب من الباب يتجاهلها تماماً وهي خلفه تسند ظهرها على حائط المصعد خلفها تنظر لظهره بقلق بعد نظرته.. حاولت أن يخرج صوتها هادئاً فالواقف أمامها يكون زوجها الآن : صباح الخير.
لا اجابه بل أنه تقدم أكثر حتى شكّت بأنه يريد فتح الباب بيديه ليهرب..
خطاب بخفوت بعد أن توقف المصعد في الدور المطلوب : نتفاهم بعدين!
قالها وخرج دون حتى أن ينظر لها.

بقت في مكتبها القلق يأكلها. مرت ساعة منذ أن رأته ورآها وحتى هذه اللحظة لم يطلبها ليتفاهم معها على شيء لا تعرف ما هو!
زفرت بضيق وشدت خطاها نحو مكتبه.. يجب أن تضع النقاط على الحروف فكل ما يدور حولها بات غريباً لا يمكنها استيعابه.. ليلة الأمس مرت عليها مريرة ثقيلة كادت تقتلها ولم تصدق أن يطلع عليها الصبح حتى تترك كل شيء خلفها لتهرب من التفكير بعملها..
فُتح الباب قبل أن تقرعة لترى خطاب الذي كان ينوي الخروج يقف أمامها.. رجف قلبها عندما نظرت لوجهه كانت هيبته بهذا القرب طاغية وحضوره قويٌّ عليها وفكرة أنه أصبح زوجها الآن زادت من سطوة مشاعرها عليها .
وصلها صوته بارداً يعقد حاجبيه : نعم؟
دانة بتردد : أبي أكلمك.. ممكن؟
لا تعلم إن كانت قد سمعت تأففه فعلاً عندما أعطاها ظهره تاركاً الباب لتدخل أم أنها تتوهم ذلك..
دخلت وأغلقت الباب خلفها بعد تردد واضح ، لكن لا بأس فلا خلوة بينهما الآن كما أنها تحتاج لمكان يجمعها به علهّا تشعر بالأمان الذي تتمنى معه..

كان خطاب في طريقة ليجلس خلف مكتبه ولكنه ما إن سمع صوت إغلاق الباب حتى التفت بسرعة ليقول بحدة: وش تسوين؟
تسارعت أنفاسها بقلق من تجهم وجهه وبتردد : أبي أكلمك.. خطاب.
خطاب بغضب: أستاذ خطاب لو سمحتي. هنا ما أحد يعرف بالعلاقة اللي بيني وبينك لذلك التزمي حدودك.. وافتحي الباب..

لم تخفى عليه نظرتها المرعوبة.. ولا حتى رجفة كتفيها الواضحة تحت عبائتها.
ذكر الله تحت أنفاسه وهو يصرف بصره عنها.. فلا الحدة من طبعه ولا حتى هذا الأسلوب أسلوبه وهو يؤمن أن الفتاة المرعوبة أمامة لا ذنب لها بأي شيء..
حاول أن يخفف من حدة نبرته وهو يراها تتقدم ناحيته : مع مين جايه؟
وقفت أمامه دون أن تنظر له،، بخفوت : مع أوبر..
بغضب : نعم؟ من سمح لك!
نظرت له : شلون من سمح لي؟ أنا سمحت لنفسي.
مسكها من ذراعها بقوة يشد على أسنانه بغضب : شلون تركبين مع رجال غريب؟ دانة هالحركات ذي تسوينها هناك في بيت جدك قليل الأصل لكن عندي أنا غير مقبولة نهائي..
سحبت يدها بغضب أشد من غضبة : لو سمحت احترم نفسك لا جيت تتكلم عن جدي ولا عاد اسمعك تقول عنه كذا مره ثانية! وجيت مع اوبر لأن مافيه غيره يجيبني بعد ماتركتني لحالي أمس من غير حتى لا تعلمني إنك بتروح..

كانت ستسأله عن مرتبة الأريكة التي وجدتها مغسولة بالماء في دورة المياة لكن نظرة عينيه جعلتها تقول عوضاً عن ذلك بهدوء تحاول أن تمتص غضبه فهي تحتاجه معها لا عليها : أول كنت أجي مع السواق لحالي.. وش الفرق بين الإثنين؟
عاد يشد ذراعها بقوة وهو يشعر بأن غضباً لا يعلم سببه حقاً يتأجج في جوفه : فيه فرق.. ولا عاد اشوفك تعيدينها مره ثانية ولا حسابك بيكون عسير.. فاهمة؟؟

صرَخ كلمته الأخيرة ليشعر بجفولها من صوته.. كانت قريبةً منه للحد الذي جعل من عينيها تتعلق بعينيه.. لأول مره.. ينظر لها وكأن خيطاً منها اتصل بأهدابه يمنعه من أن يرمش أو يبعد بصره عنها.. لتتبدل نظرته وهو يرى لمعة الانكسار الواضحة .. الذبول وكأن دهراً مضى عليها ساهرة..
كانت حزينة فعلاً وهذا ما ترجمته دموعها التي تجمعت حتى شعر بها خطاب وكأنها ستجرفه..

تركها بسرعة كالملسوع وتحرك جالساً خلف مكتبه.. نزع شماغه يلقيه بعيداً عنه ويخلل أصابعه في شعره بعد أن أسند كوعيه على سطح المكتب.. يغمض عينيه يشعر بالتشتت والغضب والشفقة.. خليطٌ لا معنى له ولا حتى هدف سوى أن يعبث به أكثر..

كان نبض دانة سريعاً.. و الهواء الذي تتنفسه بالكاد يصل لرأتيها..
كانت عينا خطاب شيئاً آخر.. مختلف... شيءٌ عصف بها وشغورٌ تشعر به لأول مره جعل قلبها يتضخم .. ورغم الغضب الذي كان يطل من مقلتيه إلا أن عينيه كانت مختلفه.. كانت بحراً غرقت به دون حتى أن تقاوم..
جلست على الكرسي أمام مكتبه بعد أن شعرت بأقدامها هلامية ستوقعها في أي لحظة.. نزعت غطاءها وسحبت منديلاَ من أمامها تمسح من تحت عينيها الدموع التي تجمعت..

رفع رأسه يفتح عينيه بضيق ليراها قد جلست. تمسح أنفها بالمنديل تنظر أمامها ولا غطاء على وجهها الآن..
اعتدل جالساً وتنحنح لتلتفت ناحيته.. تحاول السيطرة على ثورة مشاعرها في هذه اللحظة.. فبين الغضب و الضيق كانت هناك رغبة جامحة تحثها بأن ترمي رأسها على صدره وتبكي همّها حتى ينجلي فما مامرت به في الأسابيع الماضية يعادل عمرها كاملاً ..
كان ينظر لها باتساع عينيه فاغراً بذهولٍ واضح وكأنه لم يتوقع فعلتها..
لم تستطع أن تبعد عينيها عنه حتى وإن كان عقلها يأمرها بذلك فعينها تأبى! تنظر له ولشعره الكثيف الذي أصبح مبعثراً نتيجة عبث أصابعه به فبدى أصغر من عمره كفتى في العشرين ينظر لها ببهوتٍ وكأنه ينظر لشيءٍ يخشى من أن يعاقبه أحد لرؤيته ..

بالأمس كانت لا تجرؤ على أن ترفع عينيها أمامه لتسترق نظرةً خاطفة ولكن اليوم وجدت أنها لا تستطيع أن تبعد بصرها عنه.. كان يشد جوارحها بكل عنف يجبر عينيها على أن تبحر بوجهه وكأنها تبحث عن أرضٍ صلبه تحط أثقالها عليها.

خطاب ليس فظاً.. أبداً!!
حتى وإن كانت لم تحتك به كثيراً لكنها متأكدة أنه ليس فظاً.. فلا النبرة هذه نبرته ولا الغضب المفتعل هذا هو غضبه..
همست بضعف وهي ترى عينيه تبتعد عن محيط وجهها : أنا اسفه إن كنت ضايقتك لكن أنا فعلا ماكان بيدي شي.. وما كنت متحمله أقعد لحالي، تعبت من التفكير..

كانت هذه اشارتها له.. ليسألها، لماذا؟ ماذا حصل؟
وطلبها المخفي له.. ليقترب يطبطب على كتفها يخبرها أن الأمور لازالت بخير فعلى الرغم من الزوبعة التي مرّت بها وعبثت باستقرارها لكنه أصبح موجوداً معها الآن،، بقربها ولن يدع شيئاً يعكر صفو حياتها بل أنه سيفعل المستحيل كي تعود المياه لمجاريها..
لكن خطاب لم يلتقط شيئاً من ذلك..
حاول أن يمنع بؤبؤة من أن يتحرك باتجاهها ولكنه فشل.. نظر لوجهها مجدداً ليهتف بضيق ونبرة أقل حدة : لو سمحتي أستاذة دانة غطي وجهك وتفضلي على مكتبك.. لازلنا في مكان عمل واللي حصل اليوم لا يتكرر ولا برفع فيك تقرير.. ماينقفل باب علي مع موظفة احترمي قوانين مكتبي ولا تجين إلا إذا طلبتك..

.
.

نظرت له يعطيها ظهره وينزل على الأرض يسند ثقله على ركبته ويتشاغل بإغلاق حقيبته بعد أن وضع حاجياته فيها..
تشعر بالقلق يحاصر قلبها.. تخشى أن يكون هذا آخر عهدها به وأن تكون استنفذت طاقة التحمل عنده..
بعد تلك الليلة وما حصل فيها لم تستطع أن ترفع عينها في عينه.. أو أن تفتح حواراً معه.. مع أن الرجل يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يبيّن لها أن ما حصل من بكاء وصراخ وتمنُع لم يؤثر عليه. بل أنه لازال ينام بجوارها - متصلباً - يتحدث معها ويضحك ويعاملها بكل لطف.. بل أنه من فرط لطفه لم يسألها عن حالتها عندما حل الصباح..
ترى الرغبة في عينيه كل ليلة لكنها تخشى من تبعات الأمر إن حدث فتعطيه ظهرها تهتف بهدوء تقطع أي أمل أو مبادرة : تصبح على خير خالد..
لتقضي الليل كله واعية تتصنع النوم وتشعر بعينيه تخترق جمجمتها..

تنهدت عندما وقف مستديراً ناحيتها. تلاشت ابتسامته وهو يرى إنعقاد حاجبيها : خلاص لميتي كل اغراضك؟ نبي نسلم الغرفة.
ضي بعبوس : ايه كل شي جاهز..
ضحك بتساؤل : وليه تقولينها من ورى نفس كذا؟
رفعت كتفيها بمعنى "ما أدري" .. رغم أنها تدري .
تخشى من أن يتركها في منزل أهلها يخبرها بأن ماكان بينهما قد انتهى فهو لا يطيق الحياة مع امرأة معقده تمنعه من حقوقه دون أن تطلعه على السبب على الأقل .
لا تريد لحياتها معه أن تنتهي عند هذه النقطة.. ليس هكذا!!
خالد بهدوء : مشينا أجل.

كان يلاحظ عبوسها طوال طريقهم للمطار.. تنهيداتها التي لم تتوقف منذ البارحة عندما أخبرها بأن غداً هو موعد عودتهم وكأنها تفاجأت بموعد العودة..

أن تقضي ليلة طويلة تتمدد بجوار أنثى كضي تمتلك من الملامح والمعالم ما لايمكن غض الطرف عنه دون أن تفعل شيئاً وتحاول قدر المستطاع أن تكبح قوتك وتمنع صراخك هو بحد ذاته جهادٌ مع النفس..
كان كلما شعر بأنه قاب قوسين أو أدنى من أن يضعف، يوبخ نفسه بأنها في أول مرةٍ اقترب منها دفعته وتمنعت عنه وبكت.. كانت تبكي وكأنه يجبرها ليس وكأنها هي من دعته.. ليقضي ليلته يردد هذه العبارات حتى ينام..
كان يتعمد أن ينام على نفس السرير دون أن يدع لها مجالاً لتصريفه خارج الغرفة.. وإن فعلت كان يتصنع عدم الفهم علّها تتأقلم على فكرة أنه قدرٌ لا مفر منه.. لكن ماكان يجده منها هو صوت هادئ يتمنى له ليلة سعيدة..

كان يجلس في المقعد الخلفي بجوارها.. والسيارة سوداء اللون يقودها رجلٌ من أصول تركية ما إن عرف بأنهم عرب حتى وبدأ يثرثر بعربية مكسورة عن قصة حياته وسبب هجرته من بلده الأم وبأنه الآن يجمع المال كي يستطيع الحج في السنة القادمة.. وأنه يعيش حياة صعبة هنا بسبب تعصب الألمان وعدم مرونتهم..
عند هذه النقطة انتهى النقاش عندما لم يجد تجاوباً من أي أحدٍ منهم ليلف الصمت المركبة وضي تجلس بجواره لكنه يشعر بتباعدها.. تنظر من خلال النافذة للمناظر التي يمرون عليها بسرعة..
همس : وش فيك مو على بعضك؟ توقعتك تفرحين برجعتنا وانك بتشوفين أهلك بعد هالوقت..
ضي بهدوء : اشتقت لأهلي.. بس بفقد المكان والجو هنا..
ابتسم : بس؟ إذا كذا بسيطة..
لا أوصيك عاد استري ماواجهتي.. و
What happened in Europe stays in Europe .
ضحكت ليتابع : إن شاءالله كنت رفيق جيد بالسفر؟
ابتسمت بعذوبة : أنت كنت رفيق جيد بكل شي.. ممنونة لك جداً على أحلى شهر مر علي بحياتي.. مستحيل أنساه.
شعر بقلبه يتسع من اطراءها : حبيبة قلبي أنتي ولا يهمك.. العمر قدامنا إن شاءالله و أوعدك بأيام أحلى..
ثم ضرب ابهامه بالوسطى : مع لودي مش حتقدر تغمض عينيك..

كان يتحدث بصدق شعرت به محملاً في نبرته.. كلماته خرجت بسلاسة وعفوية وكأنه لم يحتاج بأن يفكر بما يقول..
شعرت بقلبها سيتوقف من فيضان المشاعر الذي اجتاحها.. وشعرت وكأن غيمةً من أمل أمطرت عليها.. خالد كان يعطيها أملاً بالحياة دون أن يشعر..
أسندت رأسها على كتفه تلف يديها على عضده بتملك سيطر عليها.. عينيها تتلألأ تتنهد براحة : إن شاءالله..

.
.

ركبت هلا تغلق بابها بعد أن اركبت سالم في المقعد الخلفي والقت السلام ليرد عليها بهدوء وعلى ثغره ابتسامة صغيرة..
التفت لسالم فوجده متكتفاً هادئاً ينظر للخارج وقد لاحظ تغيره في الأيام الماضية.. كان يتجنبه على غير العادة.
خطاب : ها يا بطل كيف كان يومك اليوم؟
سالم بهدوء لازال على وضعه : زين..
رفع حاجبيه ونظر لهلا باستنكار والتي بادلته نفس النظرة ترفع كتفيها : أكيد ماشبع نوم أمس.
صمت عنها دون أن يقتنع من تبريرها فهناك ما يشغل عقله الآن أهم بكثير من تفكيره بتغير مزاج طفل لم يتجاوز السادسة..
أسندت ظهرها على الكرسي وهي ترى أنهم لازالوا بمكانهم : امش خطاب ليه واقف؟
تنهد متحركاً من مكانه يشعر بتأنيب الضمير مصاحباً لصوتها..
بدأ يسألها عن يومها يحثها على تفصيل كل حدث حتى وإن كان صغيراً لا تفصيل فيه.. يريد من صوتها وتجاوبها معه أن يشعرانه بأنها ليست غاضبة منه وأنها راضيه عنه حتى الآن ..
هلا : صدق خطاب دريت!! خالد بيرجع اليوم..
ابتسم من أعماق قلبه : لااه.. زين قرر يرجع طوّل الغيبة والله .
هلا بضحكة : مثلك عارف معاريس جدد وشهر عسل.
خطاب بتحسس لازال يبتسم لكن باقتضاب: الله يهنيهم..
لم تشعر بتبدل نبرته : عاد بكرة من بدري لازم أروح بيت أهلي.. اشتقت له والله.
خطاب بهدوء : إن شاءالله..
ثم تابع بتردد بعد فترة صمت : ترى مانسيت إني من أخذتك ماوديتك مكان حالك حال باقي الحريم.. لكن أوعدك نسافر أول ما أرتب أوضاعي..
هلا بصدق : خطاب تدري إن الأمور ذي آخر اهتماماتي.. لا تضغط على نفسك وحياتنا فيها أشياء أهم من السفر..
ثم بتوجس : متى أول جلسة لك؟
زفر بتثاقل : الإثنين.. و أحس ما ودي الإثنين يجي.
هلا : شدعوة عليك خطاب لا تبالغ. الموضوع أبسط من كذا اعتبر إنك رايح لصديق قديم وقاعد تفضفض له..
خطاب بيأس : بأحاول .
هلا : وش اللي مخوفك؟
خطاب بعد صمت : كل شي.. فكرة إني مريض ورايح اتعالج من علّه فيني عشان أعيش حياتي طبيعي وإني عشان أكوّن أسرة لازم أطلب مساعدة أحد.
هلا بعتب : أنت مو مريض خطاب.. أنت مصدوم وعايش تحت تأثير الصدمة إلى الحين وأي شخص طبيعي إن مر باللي أنت مريت فيه مستحيل يقدر يتحمل.. بس أنت بطل حقيقي لأنك صامد وتحاول تلقى حل..
كان لكلمة (بطل حقيقي) تأثير عليه حتى وإن كان وصفاً أو تعبيرا مبتذلاً الغرض منه هو تسكين ألمه.. لكن كان تأثيره عليه كبيرا جدا..
خطاب بتنهيدة : الله يعين.
هلا : تدري إني أحسدك على شجاعتك وقرارك هذا؟ لإني بفترة من فترات حياتي تمنيت لو أروح لطبيب نفسي.. بس أمي كانت حالفة علي..
ثم أردفت بضحكة : خالتك عليها معتقدات غريبة ياخي!
ابتسم يحثها على المتابعه فتابعت : وقتها كنت محتاجة أحد مايعرفني وأقعد أتكلم معه عن كل اللي صار لي.. شخص افضفض له وأنا متأكدة إني بمجرد ما أقفي عنه بينسى كل اللي قلته وبيلهى بقصص ناس غيري.. كان صعب أحكي لأمي لأني ماكنت أبيها تكرهه وهو أبو ولدي.. ومستحيل أقول لنجود لأنها أخته..
بغيره واضحة قاطعها : للدرجة ذي انفصالك عنه أثر عليك ؟؟
هلا بسرعة : لا والله لا تفهم قصدي غلط خطاب..
بس وقتها أنا كنت محتاجة أحد يقول لي إني ماكنت مغفله لأني خليته يستغفلني بسكوتي عليه وإن صبري سنة كاملة ماكان غلط..
ثم بتردد : وإن تفكيري بك وأنا على ذمته ماكان غلط.. وإني ماجنيت على ولدي لأني شتته و حرمته من حياة طبيعية حاله حال غيره.. وغيرها وغيرها أشياء كثير..
ثم بضيق : الخيانة صعبة خطاب مهما كان نوعها،، حتى لو كانت من شخص مابينك وبينه مشاعر..

كان لجملتها ألم يكاد يقسم أنه شعر به يشطر رأسه نصفين..
هل عرفت؟ هل بعبارتها هذه تخبره بأنها علمت خيانته لها بطريقة ما؟
تمنى في هذه اللحظة أن يعترف بكل شي.. يبكي ويعترف لها بأنه قد تورط ولا يعلم كيف يتصرف.. فعقله الذي وعده بإيجاد الحلول تركه الآن وحيداً في وجه المدفع.. لفهم الصمت بعد ذلك والقلق قد بدأ يأكل قلب هلا خوفاً من أن يكون ذكر طليقها قد أساء خطاب..
نظرت له بطرف عينها وكان وعلى الرغم من أن جانب وجهه هو الظاهر لها، لكنها استطاعت أن تستشف غضبه من فكّه المشدود.
زفرت بضيق تقرّع نفسها " يعني كان لازم أنا و وجهي أجيب هالسيرة؟؟ يقالك فاتحة سالفة الحين!! ياربي والله بصيح من غبائي "
استمر الصمت لا يتخلله سوى صوت فرقعة هلا لأصابعها إلى أن توقفت سيارته أمام عمارتهم..
نزلت هلا ونزل سالم وقبل أن تغلق الباب انحنت تسأله بحذر : موب نازل؟
ابتلع ريقه : لأ وراي مشوار ضروري..
ثم بسرعة : تغدوا لا تنتظروني..
رمشت أكثر من مره تنظر له وينظر لها لازال يبتلع ريقه كل ثانية..
بهدوء تعتدل واقفة : زين، انتبه على نفسك..
قالتها وأغلقت الباب ولم تخفى عن خطاب المعاني المقصودة خلف كلماتها.. ولا حتى نبرتها المحملة بالشك.. و الضيق.

زفر يفتح أول أزرار ثوبه يحاول أن يأخذ أنفاسه بانتظام يخفف من وطئ التأنيب الذي يجثو على قلبه..
انتظر لخمس دقائق قبل أن ينطلق في طريقة متجهاً لمقر عمله مجدداً حيث دانة تنتظره هناك..
.

زفرت وهي ترى سيارة خطاب تأخذ المنعطف بعد أن اتصل عليها ليقول بجمود قبل أن تتكلم حتى : انزلي..
كان قبل أن يحين موعد انتهاء العمل بثواني قد مر مكتبها يلقي عليها جملته وكأنها سكرتيرته لا امرأةً أصبحت زوجته: لا تتحركين من مكانك إلا إذا قلت لك.. انا رايح مشوار وبرجع لك أوصلك..

وهاهي الآن تقف أمام سيارته تنظر للبابين أمامها بتردد لا تعلم أين تركب ولكن ما إن وصلها صوت الهرن من خطاب دلالة على نفاذ صبره حتى وقفزت بذعر وفتحت الباب الأمامي وركبت..
سمعت تأففه واحتفظت بهذه المعلومة لنفسها قبل أن ينطلق بسرعة..
ربطت حزام الأمان وبارتباك : السلام عليكم..
خطاب باقتضاب: وعليكم.
دانة بقلق : خفف السرعة لو سمحت..
نظر لها نظرة خاطفة قبل أن يعود ببصره للطريق أمامه يخفف من سرعته.. كما طلبت!
حاولت أن تعتدل بجلستها : وين بنروح؟
خطاب : الشقة؟
دانة بتردد : طيب، بس اذا ممكن نمر سوبرماركت أو بقالة؟
الشقة فاضية!
خطاب : اكتبي اللي تبينه وارسليه لي.. أنا بجيب..
اخرجت هاتفها بتملل من حقيبتها تفعل كما طلب منها علّها تتلهى بذلك فكما يبدو خطاب ليس بمزاج جيد يسمح بالحديث..
اوصلها حيث الشقة ومضى في طريقة بعد أن أخبرها بأنه سيجلب كل ماتحتاج ويعود.. فقالت له قبل أن تغلق الباب : تكفى خطاب لا تسحب علي.. أحتاج كل اللي كتبته ضروري..
كانت نبرتها تميل للرجاء وماخلفها أعظم بكثيرٍ من حاجتها لما كتبت..
كانت تريده بأن يكون قريباً منها أن يتاقلم على فكرة ارتباطه بها أن يتقبلها وينسيها بعضاً مما أصابها وأن تضحيتها ليست خسارة..
.
كانت تحسب الدقائق منذ أن دخلت الشقة ونزعت عباءتها..
حاولت أن تتلهى وتضيع دقائق الانتظار الثقيلة بالاستعداد لحضور خطاب. بدلت ثيابها و وضعت القليل من المكياج وتأكدت من أن كل خصلة من شعرها موجودة في مكانها الصحيح.
إن كان خطاب رجلاً صلباً فهي ستعمد على صهره حتى وإن اضطرت بأن تضغط على نفسها..
وقعت زجاجة العطر من يدها عندما قُرع الباب وأفزعها .
رفعتها تتعطر مجدداً جزء منها مستنكرٌ أفعالها والجزء الآخر يحثها على المتابعة وهذا ما يرعبها.. تخشى أن تكون قد نزعت غطاء الحياء ويفهم خطاب جراءتها ودفع نفسها عليه (خفّه)..

خرجت من الغرفة بسرعة بعد أن قُرع الباب مجددًا بشكلٍ أقوى هذه المره.. تسحب ماترتدي من بلوزة قصيرة عله يغطي قليلاً من جزءها السفلي المغطى ببنطالٍ أسود بقصة واسعه..
فتحت الباب على مصراعيه تقف خلفه تسمع صوت الأكياس وماتحتوي يرتطم بالأرض.. وعندما توقفت الأصوات وصلها صوته دون أن تراه : أنا بمشي تبين شي ثاني بعد؟
ابتعدت من خلف الباب و وقفت أمامه : وين بتروح؟
أخفض بصرة عندما حطّ عليها : جبت كل الاغراض اللي تبينها..
إذا فيه شي ناقص دقي علي وأنا بج..
قاطعته بسرعة: أدخل اقعد شوي.. تكفى طلبتك .
نبرتها الرقيقة ورجاؤها أجبراه على أن يرفع عينيه وينظر لها لتبتسم باتساع : تكفى الله يخليك.. لا تردني..

"بنت اللّذين" هذا ما ردده بينه وبين نفسه وهو يستجيب لرجائها.
كانت فرحتها واضحة حتى أنها بدأت تقفز على أطراف أصابعها في مكانها بحماس..
أغلقت الباب وحملت بعض الأكياس تهتف بسعادة : اجلس شوي بحط هذولي بالمطبخ وأجهز الغدا واجيك..
خطاب بسرعة : ما أبي غدا.. شوي وبمشي!
لتهتف من فوق كتفها قبل دخولها للمطبخ ، بابتسامة: مو على كيفك.. اقعد..

ارتفع حاجبيه وتقوس فمه بحركة معناها (عجيييب!!) ، ومسح جبينه بكم ثوبه وهو ينزع شماغه.. يبدو أن دانة ليست سهلة كما يظن..

جلس على الأريكة التي كان ينام عليها البارحة وتصنع أن رؤيته لمرتبتها التي غسلها قد عادت مكانها شيءٌ طبيعي لا بأس به..
أخرج هاتفه يقضم شفته السفلية بقلق وحديث هلا ونظرتها قبل نزولها من السيارة هو ما يشغل عقله حالياً..
زفر بضيق وهو يفتح على القروب الذي انشأته وبدأ يكتب ويمسح لا يعرف ماذا يرسل..
ابتسم لا إرادياً وهو يسمع همهمات دانة في المطبخ و التي بدأت تغني أغنيةً لم يسمعها من قبل.. كان حماسها واضحاً -وإن كان مبالغاً به قليلاً- لكن صوتها كان رقيقاً عذباً جداَ ولا يمكن أن ينكر..

أرسل "وش تسوون؟" -مع ايموجي العينين التي تنظر جهة اليسار-
وبدأ يضرب بقدمه الأرض يترقب.. ينتظر منها إجابه فهي إن أجابته سينجلي كل القلق داخله.
مضت ربع ساعه وهو لازال يفتح المحادثه عينه متسمره على صندوق الحوار الأخضر واصبعه ينقر على الشاشةِ كلما ضعفت الإضاءة .. وهلا لم ترد عليه بعد..
مسح على شعره بيده الأخرى يقنع نفسه بأن الساعة الآن قاربت على الرابعة عصراً ويبدو أن هلا تأخذ قيلولتها..
القى هاتفه بجواره واسند رأسه على طرف الأريكة خلفه.. يغمض عينيه ويأخذ نفساً وصوت دانة لازال يصله..

فتح عينيه بسرعة عندما وصله همسها : خطاب..
ثم أردفت والسقف أعلى رأسه هو مايرى : نمت؟ معليش تأخرت عليك..
عقد حاجبيه مستنكراً يحاول ربط الأحداث ببعضها.. وما إن استوعب حتى واعتدل جالساً يبحث عن هاتفه.. فتحه بأمل عل هلا ردت عليه لكن لم يجد شيئاً. زفر بضيق وعينه ترى الساعة أعلى الشاشة الرابعة والنصف.. ربما لازالت نائمة..
التفت بعينيه للتي لا زالت تقف تحمل صينية بين يديها تنظر له باستنكار وعقد حاجبيه وشعر بقوةٍ تدفع أنفاسه خارج رأتيه..
ابتلع ريقه يعتدل جالساً يشعر بغرابة اللحظة التي تجمعه بها..
يوبخ نفسه على حقارته وقلة مرؤته.. يبعد عينيه عنها.. كيف له أن يتأمل امرأة غير هلا التي أخبرته قبل سويعات بعمق الأذى الذي طالها من خيانة زوجها السابق لها..؟؟ ابتلع ريقه يغمض عينيه عندما شعر باقترابها تضع الصينية أمامه لتجلس على الأريكة الأخرى: شكلك نمت.
خرج صوته قوياً مندفعاً : لا ما نمت..
دانة بغرابة وهي ترى احمرار عينيه : طيب!!
ثم تقدمت بخجل تضع طبقاً أمامه : اعذرني على الغدا المتواضع جداً بس قدراتي في المطبخ محدودة..
خطاب وهو يرى طبق الخضار المسلوقة وقطع البيتزا أمامه: وانا اقول ليه طلبتي بيتزا مجمدة!
دانة بضحكة عادت مكانها : الجود من الموجود.. بس طعمها حلو لا تخاف.
رفع حاجبه : جيل تعبان صحيح.. كيف بنت ماتعرف تطبخ؟
تخصرت بجلوسها : لا والله!!
رفع بصره ينظر لها بعد نبرتها الحادة.. لتعتدل بخجل واضح : أنا شاطرة بأشياء ثانية..

لم يجبها بل رفع شوكته يغرسها بقطعة الكوسة ويرفعها لفمه بحذر.. ودانة تراقب بتوجس.. وحماس.. كرر فعلته بملل دون أن يمدح أو يذم فاعتبرتها دانة مؤشراً جيداً لتبدأ طعامها..
كان الصمت المريب هو مايسيطر على المكان.. الصمت الذي من خلاله كانت تستطيع سماع صوت قطع البطاطس اللينة وهي تُسحق بين مطاحنه..
هتفت بتردد تحاول تبديد السكون الغير مريح : خطاب!!
نظر لها دون أن يجيب لذا تابعت تأخذ نفساً : وش بيكون وضعي معك؟
عقد حاجبيه : وضعك في وش؟
دانة : بكل شي.. أنا مو فاهمة ليه عدم الرضا واضح عليك مع إنك أنت من طلبت تتزوجني.. أنا ماجيتك من نفسي.. أحسك توهقت فيني؟.
تعلقت عينه بها بعد جملتها الأخيرة التي نطقتها بضحكة محدودة الأنفاس ومع ذلك خرجت منكسره جداً.. : أظن إني تارك كل اللي علي من التزامات ومسؤوليات وقاعد معك الحين.. وش تبين زود؟
نظرت له وبتردد وقلق : أنت متزوج؟
خطاب : ماتدرين؟
تسارعت أنفاسها وعقدت حاجبيها بضيق : عندك عيال؟
سكت قليلاً وسؤالها حط على جرحه : عندي.. ولد واحد .
مسحت على شعرها بضيق : يالله.. طيب كم عمره؟ كبير؟
خطاب : وش يفرق معك؟

لم تجبه بل بدأت تحرك حبات الخضار أمامها بتوهانٍ واضح..
بدأت عيني خطاب تتحرك قسراً عليها مستغلاً بذلك انشغالها.. لم يكن يتوقع أن هذه الملامح كانت تسكن تحت ذلك الغطاء. كان وجهها لا يشبه أي وجه قد رآه قبلاً. في عينيها الواسعه عسلية اللون قوة غريبة.. خليط بين الطفولة والنضج.. مرر عينيه على باقي ملامحها.. أنفها كان صغيراً مستقيماً.. فمها الصغير المقوس للأسفل الآن بتفكيرٍ عميق، شديد الإمتلاء وكأنها قضت عمرها كاملاً تحقنه.. ذقنها القصير وفكها الرقيق المجمّل بغمازة.. الشامة في منتصف خدها والوجه الدائري الصغير بحواجب مقوسة مازادتها إلا شغباً وبراءةً في نفس الوقت وما زاد على هذا كله هو شعرها الكثيف بتموجاتٍ شديدة النعومة بغرةٍ كثيفة تغطي جبينها .. كان قصيراً حدّ فكها مظهراً بذلك طول عنقها.. كانت شيئاً مختلفاً تماماً ولا يكاد يصدق أن كتلة البراءة والأنوثة هذه دمها ملوث بدم رجل يدعى منيف..
احتدت نظرته بعد هذه الحقيقة وتمنى لو أن يقتلع عينيه عقاباً على فعلته فهو لم يأخذها إلا لغرض واحد هو الوصول لجدها وليس تأملها والتفكّر بملامحها..
رن هاتفه معلناً عن وصول رسالة مما جعله يقفز مرعوباً تقفز معه دانة وكأن الفقاعة التي كانا داخلها انفجرت..
التفت مسرعاً يرفعه يتمنى أن تكون هلا لكن ماوصله هو رسالة من شركة الاتصالات..
تأفف بتذمر والقاه مجدداً.. يبدو أن هلا لازالت نائمة!!
رفع ناظريه لها عندما وصله صوتها هادئاً، كانت تتجنب النظر لوجهه وتتلهى بقطع الخضار أمامها : أنت ليه تزوجتني؟
بحدة : برايك ليه الرجال يطلب يتزوج مرَه؟
رفعت بصرها له : خطاب أنا مو غبية؟ أنت كارهني.
وكأنك مجبور علي.. أنت بينك وبين جدي شي؟؟ أخذتني عناد فيه؟ ندمان انك تزوجتني؟
بتوتر : اللي واضح لي أنك أنتي الندمانة.. إذا تبين نقدر ننهي كل شي الحين والوجه من الوجه أبيض .
دانة بسرعة : أنا ما أقصد شي.. وأنا عشانك كسرت كلمة جدي ولا تظن هالموضوع سهل عندي بس أنا ما أبي في النهاية أكون أنا الخاسر الوحيد.. خسارة وحدة تكفيني. والله إني إلى الآن مو مستوعبة اللي سويته وكأني أحلم..
ثم بتردد تبعد بصرها عنه : خطاب ممكن نروح لجدي؟
بقوة : نروح له وش نسوي؟
دانة بتوسل : نكلمه.. خطاب أنت شخص جيد وجدي إن عرفك زين بيرضى..
بغضب : يخسى وأنا موب ملزوم أقنعه..
وضعت طبقها أمامها واعتدلت لتقابله : أنت قلت إنك تعرف جدي قبل .. كان بينكم شي عشان يزعل هالزعل منك؟
خطاب بزفرة : ماتلاحظين إن أسئلتك كثيرة؟
اشتعل وجهها بإحراجٍ واضح وانكمشت على نفسها تعيد بعض خصل غرّتها خلف أذنها..
بهدوء : شوفي دانة..
رفعت بصرها لازالت تحني رأسها الذي شعرت به سيشتعل من شدة الاحراج.
سكت خطاب وهو ينظر لها لا يعرف ماذا يقول "تشوف وش يالثور!".
أخذ نفساً عميقاً : أنا أحب زوجتي..
بذهول : واو.. شكراً على هالمعلومة!..
خطاب بتردد : أنا.. أنا ما أبيك تظنين إني أخذتك قصوراً فيها.. لأن مجرد تفكيرك بالشي ذا يسيئني أنا.. هلا بنت خالتي والوحيدة اللي في قلبي .
استعرت أنفاسها غيضاً بغيرة لم تستطع أن تسيطر عليها.. بقوة : أجل ليه أخذتني؟ إن كان قصدك تتسلى فيني لا تظن إن ماوراي أحد خطاب..
خطاب : أنا منيب قليل مروءة للدرجة ذي.. وأنتي الحين زوجتي وعلى ذمتي..
دانة بغضب : أجل ليه أخذتني؟
وقف يرفع هاتفه معه : أنا بمشي..
وقفت معه : وين بتروح؟؟
باستنكار ينظر لها : بيتي؟
تبدل الغضب في ملامحها لرجاء : اقعد شوي..
خطاب : تأخرت دانة..
مسكت ذراعة بكفيها : تكفى بس شوي.. اخاف اقعد لحالي والمكان جديد علي.. بس شوي إشرب شاهي وبعدها روح..
نظر لساعته ثم نظر لها مجدداً..
دانة برجاء تمسح على ذقنها بيدها : الله يخليك..
زفر : طيب. جهزي شاهيك على ما أروح أصلي وأرجع.
.
.

كانت نظراته لشقيقه الجالس بجوار والدته قادرة على أن تذيب الجليد من حرارتها.. فبعد أن رفعت والدته الحظر عنه وطلبته أن يحضر لمنزلها بعد هذا الوقت الطويل .. وجد منصور يجلس بجوارها على ثغره ابتسامه وفارس يجلس بعيداً بوجهٍ متجهم.. كان منصور يتعمد أن يزيد النار حطباً عندما بدأت والدته توبخه.. كانت غاضبةً جداً جادةً جداً جداً حتى إنه عندما حاول تقبيل رأسها حال وصوله دفعته عنها..
جابر بقهر : مسوي طالع منها؟ أنت بعد وراك مصيبة لو درت عنها أمك بتنجلط..
منصور ببرود : ليه وش شايف أمي عندك عشان تصدق كلام أبوك؟
الجازي : وهو صادق، أبوك طلع يتبلى عليه الله يبلاه في نفسه..
آه بس ياحيف التربية وعمري اللي ضاع وأنا أداريكم... ولا واحد طلع فيه خير كلكم طلعتوا على أبوكم لا بارك الله فيه ..
جابر بقوة : إيه لأنه منصور ما صدقتي فيه و أشك إنك بتصدقين حتى لو شفتي بعينك.
الجازي : استح على وجهك كم عمرك عشان تقول ذا الكلام؟ كلكم عيالي وكلكم واحد عندي. ولو إني ما شفت بنتك كان ما صدقت فيك ياحبيبي. لكن أنا شفتها بعيني.
جابر بزهق : يمه خلاص الموضوع انتهى لا تقعدين تحاسبيني على شي صار وأنا صغير..
الجازي : فوق شينة قواية عينة انكتم أحسن لك..

سكت يزفر أنفاسه بضيق.. لا باس فأمه أمرها مقدورٌ عليه المهم ألا يصل الخبر لخاله وابنته والأهم من هذا كله أن حدود معرفتها هي ابنته دانة فقط ولم تشك بشيء آخر كزواجة سراً..
الجازي : بنتك لازم تطلع من بيت منيف.. نعنبو حيّك ما تخاف عليها عنده؟ عرضك وسمعتك ذي!
جابر : ارتاحي البنت و زوجتها خلاص وقدها في بيت رجلهَا..
فارس بقوة : زوجتها مين؟ ومتى؟؟
جابر ببرود : واحد اسمه خطاب..
فارس بعدم تصديق : عطني رقمه لأني أدق عليها ولا ترد..
تصنع اللا مبالاة : ماعندي رقمه ..
صرخ به : صاحي أنت كيف ماعندك رقم زوج بنتك؟؟
جابر بنرفزه : وأنا وش أبي برقمه؟
فارس : يمه ولدك انهبل.. جابر تتعاطى شي أنت؟ وش هالاهمال؟
الجازي بقهر : ماعاد أشره عليه أبد،، أنا من يوم عرفت إنه سلّم بنته وهي لحمه لابوه وهو عارف بسواياه غسلت يدي منه مره وحده..
جابر : الله ياخذها كانها بالشتني قريبة وبعيدة.. خلاص البنت بنتي ولا لأحد دخل ولا عاد اسمع طاريها مره ثانية ..
فارس : استغفر ربك حرام عليك ..
المهم جيب لي رقم زوجها أبي أكلمها. عرسي قرب وابيها تحضر..
جابر بإنفعال : ياخوي ما تفهم أنت؟ قلت لك بنتي انساها ما كأنها خلقت.. ولا أقولك ،، اعتبرها ماتت ياخي.
قالها يصرخ بها وخرج من المكان يضرب الأرض بقدمه بكل قوة..

.
.

كانت الساعة تشير للعاشرة ليلاً عندما أوقف خطاب سيارته تحت بناية شقته .
أغلقها وجلس فيها يلفه الصمت.. ينظر للمقود أمامه برغبةٍ عارمة بأن يضرب رأسه به حتى ينزف.. أو يفقد الذاكرة..
.
بعد عودته من المسجد وجد دانة باستقباله ترتدي شرشف صلاتها تفتح له الباب تبتسم في وجهه ابتسامه واسعه : باقي لي ركعتين اخلصهم وأجهز الشاهي..
ليجيبها بعدم رضا من نفسه قبل كل شيء فهي تستدرجه وهو بكل ضعف يستجيب : اذا مابعد يجهز خلاص مهوب لازم.. أنا تأخرت و..
بزعل : خطاب.. تكفى..
ليتأفف ويدخل.. لتمتد الربع ساعة التي وعد نفسه بأن يقضيها يشرب من كوبه ، لساعات مرت عليه دون أن يشعر عندما بدأت دانة تحكي له عن حياتها.. وغربتها.. وأنها قضت عمرها كاملاً خارج البلاد تشعر بغربة روح حتى وإن كانت لم تطأ أقدامها السعودية من قبل.. كان مستمعاً فقط دون أي تجاوب فهي لم تدع له مجالاً للتعليق.. كانت نغمتها وهي تتحدث تريح مسمعه وترخي أعصابه المشدودة.. طالت الساعات أكثر عندما بدأت تستعرض صوراً من هاتفها.. صوراً لها عندما كانت صغيرة.. واخرى عندما كبرت قليلاً.. وأخرى في حفل تخرجها.. كان يجد منيف في كل صورة.. يحتضنها ويبتسم بفخر.. كان يستمع لحديثها عنه وكأنها تتحدث عن شخصٍ آخر .. ليس كأنه الشخص الذي أباد عائلةً كاملة دون أن يرف له جفن.. كان يضغط على أعصابه يريد من مديحها له أن يشحنه بالغضب والحقد كي لا تأخذه بها رأفة.. فهي مع جدها قد وصلت أعلى مراتب الحب والذي لم تتوانى بأن تظهره..
وعندما قالت له بنبرة لطيفة : كلمني عن أهلك خطاب.. وش اسم أمك؟ كم عدد اخوانك؟ عندك أخوات؟
شعر بالدم يفور في عروقه.. وذكريات تعصف به لدرجة أن دانة شعرت بذلك من وجهه وملامحه التي تبدلت..
دانة : ها خطاب؟
بحنين خالط غضبه وخياله ذهب لما أبعد من المكان الذي يجمعهما : كان عندي أخت وحدة.. و ٢ أخوان..
دانة بتوجس : كان؟
خطاب بعد صمت : مم.. كان!!
عقدت حاجبيها : مافهمت؟
ابتلع ريقه : توفوا كلهم...
وضعت يدها على قلبها وبتأثر واضح : ياقلبي.. شلون؟
عبس بضيق و وقف لتقف معه بسرعة : أنا اسفه والله ماكان قصدي أضايقك بسؤالي.
خطاب دون أن ينظر لها : .. أنا ماشي..
دانة بسرعة : طيب أقدر أدق عليك؟
خطاب : لأ..
عبست : وإن احتجت شي طيب؟ ما تخاف علي بتتركني هنا لحالي؟
طيب بكرة جمعة مافيه دوام اقعد اسهر معي..
صرخ بحده : دانة!! اتركي عنك الحركات ذي وانا بمرك من وقت للثاني.. مع السلامة..
.

آآخ بس..
خرجت من أعماق قلبه وهو يصعد عتبات السلم. لا يعرف كيف يتصرف لكن يجب أن ينهي هذا العبث بسرعة،، يجب أن ينظف هذه الفوضى قبل أن يشعر بها أحد .. غدًا الجمعة اليوم الذي تجتمع فيه العائلة كيف سيضع عينه بعين خالته و زوجها؟ أو حتى زيد وخالد..
كيف يجلس بينهم وهو خائن لابنتهم للمرأة الوحيدة التي تحملت ماطالها منه.. من بكاء وشكوى و قلة رجولة؟ الوحيدة التي كانت ترى فراشة مبللاً مع ذلك تبتسم بوجهه دون أن تنفر منه أو تفشي سره . والأهم من هذا كله كيف يقابل هلا؟؟
فتح باب شقته بحذر و توقع أن يجدها أمامه تنتظره.. كان قد رتب سلسلةً من الأعذار إن سألته عن سبب تأخره.. لكن ما إن رأى أن الأنوار جميعها مغلقه فيما عدا نور المطبخ وهلا لا أثر لها زفر براحه..
اتجه لغرفته ليجد سريره مرتباً فشد خطاه حيث غرفة سالم ليجد هلا نائمة بجوار ابنها.. ليعرف لحظتها أنها مستاءة منه.. جداً!!
.
.

غالية بسعادة وهي ترى تورد خدي شقيقتها وامتلاءهما : ماشاءالله ماشاءالله اشوفك اصطحيتي..
ضي بخجل : خالد يجبرني آكل معه.. يقول ما أحب آكل لحالي .
غالية بنبرة ونظرة : هذا حب يا بنت ولا إيش؟
عقدت حاجبيها : وش؟
هديل وتورد خدي ضي يدعوها للضحك : وش النبرة الذايبة ذي وانتي تسولفين عنه؟
ضي بإحراج واضح : تهيؤاات..
غالية : أها بس خلي عنك وعلميني،، كيف تعامل أهله معك؟
ضي بابتسامة : أمه تهبل وأبوه كيوت يا بنات بشكل..
ولا أخته هلا أمس جات تسلم حبوبة مره وعلاقتها معه قوية تمنيت لو إن عندي أخ..
غالية : يعني مرتاحة؟
ضي بزفرة : جداً الحمدلله.. وخالد مو مقصر معي بشي أبد ماتوقعت فيه رجال غير أبوي بالحنيّة ذي كلها..
التفتت بسرعة لمصدر الصوت حيث والدها يقف خلفها يبتسم : افاا يعني انسحب البساط من تحتي خلاص؟
اشتعل وجهها : لا والله يا حبيبي أنت..
و وقفت تقبل رأسه : ماجا ولا بيجي من يسحب بساطك يابو ضي..
ابتسم براحة وهو ينظر لبناته من فوق أكتاف ضي. يبادلنه نفس الابتسامه فالكل لاحظ تغيرها وتغير نفسيتها..
ابو غيداء : كيف رجلك معك؟ إن شاءالله مرتاحة؟
ضي بخجل : الحمدلله يبه.. ادعي لي مالي غنى عن دعواتك..
بتأثر فلم يتوقع أن يأتي اليوم الذي سيرى فيه ضي تعيش عمرها حقاً سعيدة مبتسمة تستشعر نعمة الحياة : الله يوفقك ويسعدك ويبلغني أشوف عيالك حولك.. لا أوصيك بخالد يابنتي تراه ونعم الرجل، صالح و شهم وكريم ويخاف الله فيك..
هزت رأسها بخجل وقلبها يزدهر حباً خرج عن سيطرتها.. وقالت بصدق : أبشر..
قبل رأسها قبل أن يردف : ابطينا على الرجال يابنتي ، اطلعي له ينتظرك بالسيارة..


ركبت بجواره تسلم بخفوت ليبادلها السلام بهدوء وينطلق.. نظرت له بطرف عينها كان يرتدي ثوبه الشتوي كحلي اللون وعلى رأسه ينسف شاله الكشميري الرصاصي بطريقته المميزة..
ابتلعت ريقها تكاد تبتلع شفتيها من فرط الخجل.. خالد هنا مختلف.. بين أهله و أهلها جداً مختلف وكأن هواء أرضهم زاده علواً وشموخاً.. لم تنكر غبطتها البارحة عندما رأته يسلم على شقيقته.. كان سلاماً أخوياً خاصاً لم تحضى به من قبل.. كان احتضانه لها وتقبيله لرأسها وسؤاله عن أحوالها شيئاً عذباً.. حتى نبرة القلق بصوته عندما لاحظ سرحانها وسكوتها : هلا فيك شي؟ وش فيك متضايقة؟
هلا بابتسامه صغيرة : مافيني شي حبيبي.. تتخيل!
خالد بمزح : لا والله ما أتخيل ، شكلك غيرانه من ضي يا أم سالم..
وقف بعدها يجلس بجوارها يضم أكتافها يقربها منه : غلاك محفوظ ياخيتي لا تخافين..
كان لحركته تأثيرٌ تقسم ضي أنه طال قلبها قبل قلب أخته..

عادت تنظر له صامتاً ينظر للطريق أمامه و كأنه في تفكيرٍ عميق : عن وش حكيتوا أنت وأبوي؟
ابتسم ينظر لها بطرف عينه : صدق لقافة!
بدلع : خالد عن السخافة عاد.
شهق وتقلبت ملامحه بشكل درامي يضع يداً على قلبه : أنااا سخييف؟
ضي بهلع : مو قصدي والله..
عاد يكرر حركته بنبرة أعلى : تقولين عني أنااا سخيف؟ ذي بحق قسم بالله ياويلك من أمي..
ضحكت : خالد عااااد..
خالد : يكون بمعلومك أبوك تمزعت جنوبه من الضحك وهو معي..
وتكلمنا فيك عشان لا تصير حشّه..
اعتدلت جالسة بقلق : تكلمتوا عني وش قلتوا؟
حرك سبابته ذهاباً واياباً بسرعة : نو..
ثم حرك إصبعه على فمه من اليمين لليسار وكأنه يغلقه ..

.

أسدل الليل ستارة وتمددت في مكانها على السرير. تنظر لخالد الذي يعطيها ظهره وإنارة دورة المياة المدمجة بالغرفة هي مصدر الضوء الوحيد..
استدار بجسده ناحيتها فأصبح مقابلاً لها بعد أن ألقى خطاباً بينه وبين نفسه.. هو الرجل في هذه العلاقة ولابد من أن يضع حلاً لوضعهم هذا..
خالد : سلامات ياقلبي وش هالنظرة؟
عقدت حاجبيها توعت على صوته : أي نظرة؟
خالد : نظرة دايخة أشوف فيها دعوة للرذيلة..
اعتلت الحمره وجنتيها لترمش بسرعة تهرب بعينيها منه : صدق؟
هز رأسه بجدية : أجل أمزح معك!! العيون لعبتي..
وضعت يدها تحت خدها لازال الاحمرار يطغى على وجهها.. نظرت له مجدداً تبتسم وترفع حاجبيها بتحدي : بالله؟ طيب النظرة ذي وش تعني؟
خالد باستمتاع وهو يرى التماع عينيها : مم ،، رذيلة برضو..
ضحكت : تؤ،، يتهيأ لك..
صفّق باندفاع : شفتي الضحكة ذي بالذات؟ لعبتتتي.. والله لعبتي،، وضحكتك واضحة وصريحة رذيلة مافيها ون تو..
ثم تابع بنظرة : بس أخاف تضربيني نفس المره اللي فاتت.
حاولت أن تبتسم : مانيب ضاربتك..
ضوق من عينيه بتهكم ونبضه يتسارع : و إن ضربتيني؟
ضحكت رغماً عنها ضحكة حزينة رغم أنها تعلم بأنه يمازحها يحاول التخفيف عنها : إن ضربتك اضربني..
اقترب منها : اوف ياعيني،، وش الرومنسية ذي بشويش على قلبي لا يوقف..
ثم رفع سبابته بتهديد وابتعد برأسه : بس هاه انتبهي، ترى مايفصلني عن أمي و أبوي شي إن مديتي يدك بصرخ وشوفي عاد وش يسوون فيك بس لأنك ضربتي آخر العنقود.. ولا عاد المداهمه اللي بتصير،، يابووي ..
لكنها اسكتت ثرثرته بوضع يدها التي ترجف بشدة على فمه..
.

كان يجلس على طرف السرير يرمي برأسه بين يديه يغمض عينيه بقوة وأذنيه تكاد تنزف وهو يسمع أنينها الموجوع الذي خالط صوتها وهي في دورة المياة تستفرغ .. كانت نفسه تئن عليه كلما ارتفع أنينها..
حاول أن يكرر الحوار الذي دار بينه وبين والدها في مجلسهم هذا المساء.. علّ روحه تهدأ.. ويعذرها!
.
كان قد بدأها والدها عندما سأله عن ضي.. سؤالاً عادياً ليجيبه خالد ثم عم الصمت.. بعدها زفر وعاد يسأل إن لم تكن ضي قالت له شيئاً.. وعندما أنكر خالد ذلك وسأل بقلق : ضي فيها شي؟
اخبره بتردد : خالد يابوي ضي بنتي وانت ولدي وما أكبر من غلاها إلا غلاك.. بس باليوم اللي توفت فيه أم البنات، ضي كانت نايمة جنبها على نفس السرير.. ويوم صحت الصباح وحاولت تصحيها ماصحت ومن بعدها تعبت و ماعاد أكلت ولا شربت.. كانت تحس بخوف وقلق
ولا تنام إلا بصعوبة.. وصارت تتوهم أصوات وتتخيل ظلال ماهي بموجودة.

سكت أبو غيداء يخشى من أن يتابع فيفزع خالد.. يخشى من أنه إذا أخبره بأن ضي وبعد فترة من وفاة والدتها فقدت الوعي بدورة المياه وقت صلاة الفجر ولم يعلم بذلك إلا عند أذان الظهر عندما فقد وجودها.. وقتها دخل عليها ليجدها تتمدد على الأرض بوجهٍ شاحب ولم تتوعى إلا بالمستشفى.. منذ تلك الحادثة وضي لم تعد كالسابق.. كانت نظرتها فارغة تبدأ بالصراخ والبكاء تقول بأنها تسمع أصواتاً وترى ظلالاً وكأن هناك من يشاركها جسدها..

خالد بقلق : طيب؟
أبو غيداء والذي لاحظ توجم وجه خالد قال بثقة : لا تخاف ياولدي البنت مافيها شي ولو فيها شي كان قلت لك ماغشيتك. وأنا منيب عجزان عن بنتي. هي كل اللي فيها أوهام و وساوس والشيطان تسلط عليها بوقت كانت فيه ضعيفة وفاقدة أمها.. بنتي مصليه و مسمية وخاتمه المصحف حفظ وقراءة.. ماتترك فرضها ولا تفوت أذكارها
والله يشهد علي إني ما كذبت عليك بحرف.. أنا ماقلت لك عشان تنفر منها أو تخاف،، ضي مافيها شي بس إنها تعاني من وهم ذبحها وابليس لقى له مدخل يوسوس لها منه. وعشان تريّح قلبك قد قرأ عليها شيخ واثنين وثلاثة ، والحمدلله..
ثم تابع بتأثر وقليل من الندم على إفصاح مافي ابنته : خالد يا أبوي أنا ماقلت لك هالكلام إلا لأني واثق فيك وداري إنك أنت علاج بنتي بعد الله سبحانه.. ضي اللي راحت من بيتي قبل شهر غير عن ضي اللي جاتني اليوم.. والفضل بعد الله لك و إن شاءالله أني مانيب نادم على اللي قلته.
.

وقف بسرعة واتجه لدورة المياه ليفتح بابها الموارب بقوة.. لم تلتفت بل زاد نشيجها ليقترب منها.. كان منظرها كارثياً يرثى له.. تتمدد على المغسلة بذراعها شعرها المفتوح أشعثٌ فوق رأسها يتناثر على وجهها يلتصق بخدها و روبها الرقيق قاب قوسين أو أدنى من أن يقع من على أكتافها.. جمع شعرها بيديه يبعده عن وجهها لتهز رأسها بالنفي وتبكي.. ثم تنحني أكثر وتستفرغ..
خالد بهدوء بعد دقائق : خلاص؟
هزت رأسها ليفتح الماء لها بيده الأخرى بعد أن أحكم قبضته على شعرها بيده الأخرى : غسلي..
تعالت شهقاتها وهي ترشق الماء البارد على وجهها.. غسلت فمها واعتدلت واقفه ليديرها خالد بين يديه.. يراها تنكس رأسها وكأنها مذنبه.. أخذ نفساً يتجلد بالصبر ويرتب من وضع قميصها على أكتافها.. يشد على ربطته في وسطها ويسحبها معه للخارج..
تحررت من يده ومشت أمامه لكنه عاد يمسك معصمها بقوة : وين؟
ابتلعت ريقاً جافاً وخرج صوتها مبحوحاً مجروحاً : بنام..
خالد بصرامة : مافيه نوم قبل ما نتفاهم.. اجلسي أشوف..
تركها تجلس على السرير وخرج من الغرفة ولم يغب إلا ثواني ليعود وبيده قارورة ماء..
فتحها ومدها له.. فهزت رأسها رافضه لكنه قال بقوة : اشربي..
مدت يداً ترجف وما إن لامست شفتيها حدود القارورة حتى وانفجرت تبكي..
عقد حاجبيه موجوعاً على حالها وحاله.. جلس جوارها بعطف : اشربي وتعوذي من أبليس..
ضي ببكاء : ما أشتهي..
أخذ القارورة منها وشربها عوضاً عنها دفعةً واحدة علها تطفئ النار المستعرة في جوفه. كان بكاؤها لازال مستمراً شهقاتها تدافع بعضها بشكلٍ مؤلم..
خالد : خلاص ضي صحيتي البيت بصياحك..
كتمت نفسها عل شهيقها يتوقف وبدأت تمسح دموعها بكفوفها..
خالد متأملاً جانب وجهها : سؤال واحد بس يا ضي.. أنتي تبين الحياة معي؟
هزت رأسها لتندفع أنفاسها تتبعها شهقاتها..
خالد بصدق : وأنا أبيك..
ضي بتلعثم : أنا.. أنا
خالد بهدوء : أبوك قال لي كل شي...
التفتت له تتسع عينيها بذهول ونوعٍ من الخذلان.. تهتف بخوف : أنا مافيني شي.
ابتسم : أنا أدري إن مافيك شي.. قولي هالكلام لنفسك..
ارتعش فكها : ما أقدر.. أحاول بس ما أقدر..
خالد : حاولي أكثر.. اضغطي على نفسك..
بقوة : ما أقدر..
زفر بضيق : شلون يعني؟ تبين ننفصل خلاص؟
تعلقت عينيها به مذعورة : ليش ننفصل؟
عقد حاجبيه بجدية : لأن وضع مثل كذا ما يمشي معي..
ضي ساعديني عشان أساعدك. لا تسمعين غير صوتي و صوتك.. تجاهلي أي صوت ثاني مهما كان عالي..
هزت رأسها تمسح دموعها تهمس وهي تشعر بالضيق سيقتلها : أنا تعبت خلاص و أبي أنام..
وقف و اوقفها معه : أوكي ننام، ليه يعني ما ننام!
ضي بتردد : أبي أنام لحالي خالد..
رفع حاجبيه : إنسي ياعيني.. على جثتي.
مشى بها وأجبرها أن تنام قريباً منه يلف يديه حول جسدها المرتعش وكأنه يحميها من كل مخاوفها.. همس لها بنبرة خفيفة محاولاً زرع ابتسامه على ثغرها وهو يحتضن أصابعها بين أصابعه : متحدين نقف، متفرقين نسقط..
.
.

لا أحد يعلم ما الذي يعنيه أن تكون خائفاً قلقاً طيلة الوقت.. تغزوك نوبات الحزن تارة تلو الأخرى.. كأن قلبك قنبلة موقوتة لا الخلاص منها أمرٌ ممكن ولا انفجارها يعني النجاة .

فتح خطاب باب شقته مساء يوم الإثنين.. بتعب.. وأسى..
يحمل هموماً تهد الجبال فوق كتفيه..
آخر عهده بدانة كان اليوم عندما وضعها في شقتها بعد انتهاء العمل وهو الذي أقلها لعملها صباحاً بعد أن أوصل هلا..
وآخر عهده بهلا التي يعرف يوم الخميس،، عندما تركها ليعيد دانة من عملها .. رغم أنها معه في نفس المكان تطبق عليهم الجدران نفسها لكنها كانت بعيدة .. صامتة أغلب الوقت تقوم بمهامها كما اعتاد منها دون أن يتغير عليه شيء لكنه كان يشعر بتقوقعها على نفسها لا تتحدث معه إلا إن تحدث معها وتجلس معظم الوقت في غرفة ابنها..
يعلم أنها تحمل بخاطرها عليه الشيء الكثير ولكن لا جرأة لديه ليسألها.. ولا جرأة لديه بأن يخبرها.. هو شخصٌ جبانٌ وكفى..

تعلقت عينه بها ما إن قفزت من جلوسها تنظر له بترقب ولهفه وكأنها كانت تنتظره دهراً كاملاً..
زفر مبتسماً يغلق الباب خلفه : السلام.
هلا بقلق : وعليكم السلام.. بشر كيف كانت أول جلسة؟
رفع كتفيه يقوس شفتيه بمعنى "ما أدري"..
وقفت مكانها تقضم أبهامها بتردد وحيرة.. هجرته بما فيه الكفاية ورؤيته هكذا يقف أمامها بكل توهان العالم شيء يفوق طاقة التحمل عندها.. تقدمت نحوه مسرعة حتى أصبحت تقف أمامه تقربه منها وتلف ذراعيها حوله بتملك واشتياق عارم..
ابتعدت عنه تتأمل وجهه بلهفه تحاول أن تلاحظ التغيير الذي طرأ عليه في الأيام التي لم تتأمله بهذا القرب.. ابتسمت له بحنو أذاب قلبه تسحبه من يده خلفها : تعال احكي لي كل شي بالتفصيل..

مسحت على شعره تسمع حديثه الهادئ عن أول لقاء له مع الطبيب محسن العطار.. رجل مسن يرتدي نظارات طبية سميكة جداً..

لم يكن اللقاء هيناً بل كان مربكاً عنيفاً على قلبه.. كان يبتلع ريقه.. يفتح فمه ويغلقه..
يشعر بانعقاد لسانه وأن الحروف تأبى أن تخرج..
أخذ أنفاسه مجددًا.. أخذ وقته.. لم يضغط عليه الطبيب كي يتحدث..
صمت.. لربع ساعة .. أو ربما أكثر ..
ثم أغمض عينيه ليهتف بصعوبة وبعد تردد : اسمي خطاب.. وعمري ٣٣ سنة ....

صمتت هلا تتأمل جانب وجهه بعد أن صمت عن الحديث.. يحاول تنظيم أنفاسه القصيرة.
ابتسمت بهدوء تخفض رأسها وتقبل جانب رأسه الموضوع على فخذها.. تهتف قريباً من أذنه بعذوبة وبعينين امتلأت دموعاً لو رفع خطاب نظره قليلاً للأعلى للاحظها : أنا فخورة فيك خطاب بشكل ماتتخيله.. فخورة فيك وأحبك كثير..
.
.

تلقى أبو مبارك صباح يوم الثلاثاء اتصالاً من منيف..
كان الرجل غاضباً جداً يصرخ ويستخدم جميع العبارات والكلمات الموجودة في جعبته بعد رفض أبو مبارك طلبه..
زفر بصبر وصوت منيف قد خرم أذنه : يا أبو جابر بنتك أنت حر فيها و أبشر باللي تبيه لكن خطاب اسمح لي ما أقدر..
منيف بغضب : تردني وأنا طالبك؟
بتوتر : والله مو القصد وأنت تدري كلمتك عندي ماتُرد بس إلا ذي ياخوي، خطاب من الكفاءة عندي و ماسك شغلي ما أقدر أفرط فيه.
منيف : هذا آخر كلام عندك؟
بهدوء : خلينا نتفاهم.. تبيني أفصل دانة فصل..
لكن منيف قد أنهى الاتصال بفظاظة .

.

ارتشف من فنجان قهوته يتأمل منيف الغارق في تفكيرٍ عميق والذي طلبه مبكراً هذا اليوم.. لا يبدو على مايرام فوجهه شديد البياض مسودٌ بتعبٍ وإرهاق..
وضع قدماً على الأخرى وبدأ يتجول ببصره في ساحة المنزل الواسعة. وعقله يركض قسراً يتبع قلبه للموجودة خلف جدران المنزل..
ارتشف المتبقي من قهوته وهتف بهدوء واضعاً الفنجان على الطاولة : إذا ماعندك شي بمشي..
رفع منيف بصره له يتأمله لدقائق قبل أن يقول : كيف كانت آخر بيعة؟
اتسعت ابتسامته : زي الفل.. على إن الحبوب جابت مبلغ مو بسيط لكن اللي طلعناه من بيع الثقيل تعداه بمراحل! ماتوقعت إن فيه ناس ممكن تدفع مبالغ مهوله عشان إبره وحده بس أو كيس صغير..
منيف بابتسامه وتهكم : هذا وأنت فهيم يا رجل الأعمال ! كل ممنوع مرغوب..
بدر : هذاك قلتها رجل أعمال موب تاجر ممنوعات.. شغلي نظيف ماغاصت رجلي بالوحل إلا من بعد ماعرفتك..
ضحك : كأنك ندمان!
رفع يديه : أنا ماقلت كذا أعوذ بالله ..
سكت منيف بعد ضحكة قصيرة أطلقها يتأمل بدر الذي كانت عينيه تتحرك في المكان مجدداً وكأنه ينتظر شيئاً.. رأسه يتلفت بحذر وكأنه يخشى من أن ينتبه له منيف الذي لاحظه منذ البداية..
بدر شخص ذكي جداً فاق والده ذكاءً يستغل الفرص ويسعى لجنِي الأموال بأي شكل.. والأهم من هذا كله أنه لا يخاف أبداً..
نطق أخيراً والفكرة قد طرأت على باله للتو فهو منذ أن خرجت من بيته كان يحاول التفكير لكن دون فائدة فعقله مشوش ومنذ أن فارقته لم يهدأ هاتفه من اتصالاتها ورسائل الاعتذار والرجاء : علمني يابدر، أنت لازلت تبي دانة؟
عقد حاجبيه وأجاب بتوجس بعد صمت طويل : ايه؟
منيف : تدري إنها تزوجت؟
اتسعت عينيه بذهول : متى؟
منيف : قبل أسبوع..
سكت بدر قليلاً يشعر بالدم يغلي في قلبه من مجرد فكرة أن تكون دانة الآن مع رجلٍ غيره يتمتع بقربها.. نظر لمنيف بحقد : من أخذها؟
وش يطلع؟ وش فيه زود عني؟؟
منيف بقهر : التعبان راح لابوها بعد مارفضته وأبوها الزفت وافق.. ولا لو علي ما يحلم فيها لو يموت..
ثم أردف بحقد : عدوي وعدوك الحين واحد.. إن قدرت عليه اعتبرها جاتك من غير حتى لا ترجع لي.
بدر بغل يتمنى لو أن يقتل الجالس أمامه : شايفني بزر عندك تلعب بي؟ كم مره طلبتها منك ورديتني؟ وش تحت راسك أنت؟؟
تكلم بغضب وحقد مدمر : أبي الكلب اللي كسر كلمتي ولعب على بنتي يندم على الساعة اللي تجرأ يسوي فيها فعلته.. أبيه يخسر كل شي يجي لين عندي يطيح على رجلي يترجاني أسامحه وأنا أدوس راسه بجزمتي..
بدر بملل : قول إذبحه وريح نفسك وريحني..
منيف بقوة : ما أبيه يموت.. لا يموت، لأن الموت راحه له .. أبيه عايش يتمنى الموت ولا يلقاه.. فاهمني؟
بدر بعد فترة وبهدوء وهو يتأمل وجه منيف الغاضب جداً : أنت مجنون على فكرة..
ثم بسرعة عندما وصلته نظرة منيف : وش تبيني أسوي له بالضبط؟ أبشر وأنا أنفذ. .
منيف : سو اللي تقدر عليه.. أبيه ينتهي ،، لف على دانة طمعان لكن يخسى..
بدر : وبالنهاية وش لي؟
منيف بعد فترة : لك اللي تبي وفوقهم دانة حلال عليك ..
لكن مو قبل لا تبرد خاطري باللي اسمه خطاب..

.

عاد من منزل منيف عاقداً حاجبيه بعد الذي وصله من أخبار.. بدأ يشك إن كان يريد أن ينتقم من منيف أو من المدعو خطاب..
مشى في ساحة المنزل وقبل أن يدخل للداخل لفته من يجلس في الجلسة الجانبية..

حنين بعطف بعد أن فضفض لها ياسر بما في قلبه من حزنٍ وندم دون أن يذكر أي تفاصيل.. فقط قال " أنا سويت شي قبل أربع وعشرين سنة وقاعد أجني نتايجة إلى الحين.. أخذ مني كل شي وإن كان هذا تكفير لذنبي فالله يشهد إني راضي .. آخ ياحنين مستعد أدفع عمري و يرجع بي الزمن عشان أصلح غلطتي " .. : مستحيل أصدق رجال مثلك يغلط ياعمي.. فما بالك بغلط لا يغتفر؟
ابتسم بأسى : ليتني مثل ماتشوفين..
حنين متعمدة تغمز بمرح وهي ترى القادم باتجاههم : خلاص خلاص جا بدر نكمل كلامنا بعدين..
جلس يرفع حاجبه مع أنه لم ينوي أن يجلس أبدا لكن غمزتها ولمعة عينيها وضحكة والده تخبره أن هناك سر بين الاثنين ..
كانت تجلس تضع قدماً على الأخرى شعرها شديد النعومة يتحرك بأريحية مع الهبوب تعيد بعضاً من خصله التي تضرب وجهها للخلف بكفها الذي زاده الخاتم نعومه.. كانت ترتدي فستاناً حريرياً أحمر اللون انعكس على لون بشرتها وجعل منها تحفة لايمكن صرف النظر عنها..
بدر بتهكم : تتجمعون عند النبي إن شاءالله..
ياسر باستمتاع وهو يرى نظرات ابنه التي يقسم بأنها ستخترق جسد حنين : آمين أجمعين..
صرف بصره عنها عندما ابدت عدم الاهتمام ، ينظر لوالده : وش عندكم؟
ياسر : الجو زين والقعدة مع أم سيف مافي زيها.. أنت وش عندك وش فيه وجهك يقطع الخميرة من البيت؟
ارتفعت ضحكة حنين الحادة حتى وإن كانت بالغت فيها قليلاً.. شاركها ياسر يشعر بكيدها مستمتعاً بملامح بدر التي انقلبت بامتعاض : ماشاءالله عجبتك أشوف..
غطت فمها بيدها : والله حلوة..
بدر بدون نفس : الله يحلي أيامك يختي..
قالها و وقف بقوة ليسقط الكرسي خلفه مصدراً ضوضاء في المكان.. ابتعد عن المكان لداخل المنزل وما إن اختفى من أمامهم حتى وتلاشت ابتسامتها تنظر باتجاه المكان الذي اختفى منه .. انطفأ المرح في عينيها وتقلبت ملامحها بقلقٍ واضح لم يخفى على ياسر الذي شعر بما شعرت. فبدر لم يكن على ما يرام..
.
.

بداية يوم الأربعاء كانت عاصفة.. شعر بها خطاب تعصف قلبه لتجرده من كل شيء..
بدايتها عندما تلقى اتصالاً من أبو مبارك.. يخبره بوجود رجل أعمال أشهر من نار على علم في مكتبه ويريد بناء سلسلة من المنتجعات ويحتاج استشاره.. ومن أجدر من خطاب ليُؤخذ باستشارته؟

اتصل على دانة وطلب منها أن تلحق به لمكتب المدير، و التي وخلال الأيام الماضية احترمت رغبته باحترام قوانينه فبنهاية الأمر (بزنس إز بزنس)..
لا داعي لأن تخلط الأمور ببعضها.. يكفيها الجمود الذي يقتلها به خطاب.. منذ تلك الليلة اليتيمة التي جمعتها به لم تطأ أقدامه مكان اقامتها.. تراه يومياً يوصلها ويعود بها صامتاً كأنه سائق ولا شيء أكثر من ذلك..
هي أيضاً كانت تخوض معركة خاصة من نوعها كل ليلة،، تبكي على الأطلال.. تتذكر أيامها الماضية وحياتها قبل أن تُلقي بنفسها إلى التهلكه.. تستجدي عفو جدها باتصالاتها و رسائلها ولكنه و كما يبدو كان جاداً عندما لفظها من حياته..

قرعت الباب ودخلت لتحط عينيها على خطاب بوجه عبوس متوسم بالضيق.. يجلس على بعد مسافة خلف طاولة الاجتماعات الدائرية الصغيرة في زاوية المكتب.. يجلس بجواره أبو مبارك الذي عبس وجهه ما إن رآها وامامهم رجل يعطيها ظهره..
أبتلعت ريقها بهمس : السلام عليكم...
التفت الجالس واتضح وجهه مبتسماً رافعاً حاجبه بتحدي..
تجمد الدم في قلبها ما إن تعرفت على هويته ورفعت بصرها تنظر لخطاب الذي كان يستمع لأبو مبارك يهمس له شيئاً..
ابتلعت ريقها وعادت تنظر لبدر.. كان التماع عينيه مهيباً ونظرته حاده كأنه نسر يتحين الفرصة كي ينقض عليها..
لم تتقدم ولم ترجع للوراء.. لكن صوت خطاب الجامد جعلها تخرج من المكان مسرعة : أستاذة دانة اعتذر منك لكن تفضلي على مكتبك..

ابتسم بدر قبل أن يقابل وجه خطاب مجدداً.. كيف لا يذكره وهو الذي قد صرح قبلاً بأنه خطيبها!! يبدو أن ما يحدث ليس سوى لعبة قذرة من منيف فالرجل الآن زوجها وما قاله قبلاً وظن أنه كلام -فاضي- كان صحيحاً..

ما إن انتهى الاجتماع المصغر حتى وخرج خطاب من مكتبه مسرعاً يحاول ألا يمزق بطاقة أعمال بدر بين يديه.. يريد أن يتأكد فقط وإن كان مايشك به صحيحاً فهذه إشارة له من رب السموات بأن يتحرك بسرعة فأعداءه جميعاً أصبحوا أمامه.. إشارة بأن يتحرك قبل أن تغوص أقدامه أكثر ولا يستطيع إنقاذ نفسه..

جلس خلف مكتبه يسحب كرسيه ويرفع هاتفه..
يفتح صفحة إنترنت جديدة ويكتب في محرك البحث "مؤسسة الصايغ والبدر للتجارة والمقاولات"
ابتلع ريقه وهو يرى شريط التحميل حتى ظهرت له النتائج لينقر على تبويب الصور بإصبعٍ يرجف يتحرك بسرعة للأسفل عله يجد ما يبحث عنه لكن نتائج البحث لم تكن كما تمنى.. نقر على تبويب الفيديو فظهر له عدد لا نهائي من المقاطع اختار منها المعنون ب" افتتاح فرع مؤسسة الصايغ والبدر للتجارة و المقاولات بالرياض "..
أغمض عينيه بأمل متذكراً كلام أبو مبارك الذي عرّف بدر بأنه رجل الأعمال الذي لا غبار عليه وأنه خليفة والده ياسر البدر في السوق ونسيب حمد الصايغ أكبر تجار البلد وتدرب على يده..

كان الفيديو قد بدأ وهو لازال مغمضاً عينيه لكنه فتحها بقوة عندما وصله صوت شعر بأنه يعرفه جيداً..

.

كانت دانة تتحرك في مكتبها بقلق.. تمتره ذهاباً و إياباً تضم جسدها بخوف.. تراقب الباب بين الحين والآخر كأنها تخشى دخول بدر في أي لحظة..
رن هاتفها فقفزت مرعوبة .. رفعته وأجابت بسرعة عندما رأت أن المتصل هو (خ) : الو..
خطاب : أنا انتظرك بالسيارة.. انزلي بسرعة.

أوقف خطاب سيارته جانباً على الطريق بعد أن اشتد بكاء دانة التي ما إن علمت بأنه قد تم فصلها حتى وانهارت..
نظر أمامه وما بكاؤها إلا كالموسيقى على مسمعه. يتمنى لو يستطيع مشاركتها أن يبكي ويندب حظه ويلطم حياته .
ظلّ صامداً يستمع لشهقاتها حتى سكنت تماماً ولم يتبقى منها إلا القليل يخرج بين الفينة والأخرى..
خطاب بهدوء : كل هذا عشان وظيفة؟
دانة بصوت محتقن : عمر الوظيفة ماهمتني..
التفت لها : أنتي تعرفين بدر؟ إلا أكيد تعرفينه..
دانة بضيق : بدر يعرف جدي.. وأبوه صديقه..
ثم بقلق : جدي هو اللي طلب يفصلوني صح؟
رفع كتفيه : هو واسطتك الفاسدة..
بضيق : خطاب لو سمحت!
بغضب : باقي تدافعين عنه؟ صاحية أنتي؟ ما استبعد إنه يكون هو من ارسل اللي اسمه بدر بعد لأني متأكد إن جيته مو مشروع والسلام.. جدك هالمريض انا ما أستبعد عنه أي شي..
ارتجف صوتها : أنا مرعوبة.. جد مرعوبة،، وخايفة..
أحس إني قاعدة اتخبط في كل الجهات.. كأني أصارع الموت لحالي..
.
.

تأففت هلا بضيق وهي تنظر لساعتها مجدداً.. لم يبقى شيء على الثالثة والنصف وخطاب لم يأتي بعد. أو يتصل.. أو حتى أن يجيب على اتصالاتها.. كان القلق يأكل قلبها لدرجة أن زميلتها بالعمل سماح لازالت تجلس معها حتى بعد إصرار هلا عليها بأن تذهب لمنزلها فالوقت حقاً قد تأخر..
سماح بقلق : مارد؟
زفرت تبعد هاتفها عن اذنها و تشعر بأن عظامها ستذوب من شدة الخوف : لأ..
سماح : الغايب عذره معه يمكن ناسي جواله بمكان. قومي أوصلك سالم ياعمري عليه نام وهو جالس ..
تجمعت عبرتها في حلقها : لا سماح أنا بقعد أنتظر خطاب شوي ويجي.. روحي أنتي ياقلبي أخرتك على بيتك أكيد أمك ماتغدت تنتظرك..
سماح بابتسامه ممازحة : أمي بطلت تنتظرني من زمان تدري إني أسوي ريجيم.. جالسة معك ماعليه ومنها فرصة أشوف هاللي اسمه خطاب..
حاولت هلا أن تبتسم لها لكنها لم تستطع.. كانت تشعر بقلقٍ حقيقي سيقتلها لدرجة أنها لم تعد تشعر بنبضات قلبها..
اتصلت عليه مجدداً.. أكثر من مره.. وعندما رُفع الخط أخيراً بكت بخوف وبسرعة قالت : خطاب وينك؟؟؟
وصلها صوت غليظ : ألو..
جف ريقها و وضعت يدها على قلبها بتوجس.. فهذا ليس صوته : خطاب؟؟
ثم أبعدت الهاتف عن أذنها تتأكد من أنها طلبت رقمه ولم تخطئ.. وما إن تأكدت حتى وعادت تضعه على أذنها مجدداً لتسمع تكملة كلام الطرف الآخر : ... مستشفى الملك فهد الجامعي.. صاحب الجوال والمدام معه تعرضوا لحادث سيارة ياليت يا أختي تراجعين المستشفى أو إن كنتي تعرفين أحد من أهله تبلغينه بضرورة حضوره..



.
.
.

# نهاية الفصل الخامس عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..


أبها 13-01-19 02:03 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ...وطن نورة وجميع متابعاتها الكريمات .🍃

سلمت يمناكِ ..جزء اليوم جزء الجلطات 😁

خطاب.. الخطوة الوحيدة التي أصبت فيها هي زيارتك لطبيب نفسي.
أما باقي تصرفاتك ،فجميعها فاشلة، خاطئة، متخبطة، سمّها ما شئت، لكن ليس منها ما يسرّ .
( أبلشت روحك بزواجك من دانة) 😖.
لا أنت اللي متهنّي ولا هي اللي متهنيه ..
تركك لدانه في الشقة وحيدة ليلاً ، جريمة شنيعة😠

منيف ...واضح جداً أنه لن يترك زواج دانه يمر مرور الكرام .. واستعانته ببدر القرين السوء أولى خطوات الانتقام ( وانتقام منيف أقشر مثله ،الله يستر ). ليته فقط استقر على طرده من العمل ، لكن أن يتسبب في مقتله !!! 😨
هل حادث خطاب مخطط له من بدر ؟
لكن بدر يعلم أن دانه ستكون رفيقته في السيارة، وهو حتماً لا يريد بها أذىً !🤔
لذا نبعد هذا الاحتمال ...ربما من شدة غضبه وانفعاله بعد لقائه ببدر لم يركّز بالطريق ..فكان الحادث .

هلا .. يا عمري عليك يا هلا ستصدم صدمتين، الأولى بخبر الحادث والآخر وجود أنثى مرافقة معه .🤭 كان الله في عونك .

خالد... عجيب هالرجل .. شخصيتة ومواقفه وردود أفعاله .
أرجو أن يكون بلسماً ناجعاً لضي ( حالتها تحزن فعلاً😢)

كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ..🍃🌸🍃

همس الذكـرى ينااجيني 13-01-19 04:24 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
بنهار كتبت رد طوله صفحتييين وانحذف :(

كل حماسي الكتابي طار ..

لي عوده ان شاءالله بس اروق واكتبه مره ثانيه ..

وطن نوره قتلتي توقعاتي بحادث خطاب ودانه ياقلبي على المسكينه هلا :(
وطن يعطيك الف عافيه وبانتظارك♥

أبها 13-01-19 06:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710954)
بنهار كتبت رد طوله صفحتييين وانحذف :(

كل حماسي الكتابي طار ..

لي عوده ان شاءالله بس اروق واكتبه مره ثانيه ..

وطن نوره قتلتي توقعاتي بحادث خطاب ودانه ياقلبي على المسكينه هلا :(
وطن يعطيك الف عافيه وبانتظارك♥

نصيحة همس ،، اذا كنت تكتبين من الجوال ، كتبي ردك في الملاحظات ثم انسخيه في الردود ، وباذن الله ما يروح تعبك هدر .👍🏼

bluemay 14-01-19 09:07 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


نظراً لجمال القالب و رُقي المضمون

*تم تثبيت الرواية*


تقبلي خالص ودي

شبيهة القمر 14-01-19 10:33 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
تعالي صفي جنبي همس ..كتبت رد وطاااار 😭😭
بس وطن تستاااهل من يكتب لها بدل الواحد عشررررره
بس تكفين وطن كل شي الا هلا ..رحمتهاا مو كفايه خيانه زوجها الاول لها ..يجي خطاب ويطين ابو جدها
الله يستر لايكون حادثه مدبر من جدها
ضي وخالد ..دام خالد عرف بسالفه مرض ضي فإن شاء الله امورها تمام

منيف وبدر ..الله يشغلهم بأنفسهم ويجعل تدبيرهم تدمير عليهم ...

وطن ..تسلم يمينك جزء رااائع بس تكفين خفي على هلاا 😢💔

شبيهة القمر 14-01-19 10:35 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3710976)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


نظراً لجمال القالب و رُقي المضمون

*تم تثبيت الرواية*


تقبلي خالص ودي

مبروووك وطن تساهلين :dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

همس الذكـرى ينااجيني 14-01-19 01:31 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اسعد الله ظهيرتكم بكل خير

وش الأخبار الحلوووه ذي
الف الف مبروووووك وطن على التثبيت فعلاً تستاهلييييين والله ♥♥ إبداع منقطع النظير سلمت يدك 🌾♥
مشاءالله تبارك الله حققتي إنجاز بدليل تثبيت الروايه بمده قصيره ♥


نجي هنا نعلق على البارت صراحه مثل ماقلت سابقاً خيبتي ظني وين السيناريو اللي رسمته وخطاب يبكي ويعترف وهلا كعادتها تشفق عليه وتمشي الموضوع لا هالمره انتي جبت الضربه القاضيه حادث خطاب !! وتكتشف زواجه بنفس اللحظه ياعيني ياهلا شعور الخذلان مُر كيف بتحس حب سسسنين وصبر وتحمل وجاب العيد خطاب فيها بهالتصرف الأحمق اللي يقهرك بعد ذَا كله هو ماهو عارف شيسوي ولاكيف ينتقم متخببط !!!
تبين الصدق وطن انتي غلببتتتي ام توقعاتي وانا اقول كيف وطن بتشوف حل لزواج دانه وخطاب مع اني اشوفك اظهرتيهم بانسجام وفيه قبول حتى لو خطاب مو مره بس بينفع يكملون مع بعض احس انهم انسمجو بسرعه !
ف توقعي الأعظظظم ان دانه يصير لها شي قوي وتموت بالحادث ؛(💔
لان هالحادث أحسه مو بسسسيط وبيقلب الأحداث فوق تحت !
ولايمكن خطططاب تكون اصابته قويه ؛)
بدر احسسساسي يقول هو المدبر للحادث وبينتقم من منيف وخطاب بنفس الوقت وخاصه ان حنين وابوه لاحظو انه مو طبيعي لما دخل عليهم ف اكيد اكيد ياأنه عرف بالحادث او هو المخططط له 🤐!

خالد وضي ، خالد شخصيه متفهمه وبيعرف كيف يحتوي المشكله اللي تعاني منها ضي ! مادري ليه الأبطال كلهم عندهم عقده من الصغر. ! يعني ضي والمواقف اللي تعرضت لها وموت أمها جنبها وهي نايمه موقف ماهو هين بالمره والموقف الثاني أقوى تحتاج علاج نفسي ..

جابر مادري كيف هذا ابو مالوم أمه فيه ! مستفز مره دانه صدق انها خربت بين خطاب وهلا وماحبيتها معه الا اني اعترف انها اكثر شخصيه مظلومه يعني تلقاها من ابوها اللي حذفها على خطاب ولا خطاب اللي مايبيها ولا جدهها اللي تخلى عنها يعني هي من وين ماتطقها عوجا والله ؛( 💔
بس انا اقول طلقيها من خطاب افضل من تموت حرام ومو مشكله لو نزوحها ابو مبارك مدير الشركه عادي هههههه ؛)!


سالم مادري ليه حسّيت من تعامله اللي تغير مع خطاب انه اكيد موطبيعي وكنت تقصدين نقطه بهاللقطه يكون ابوه محمد مأثر عليه ! ؟
ولا شاف خطاب بموقف وحقد عليه !
شكلي بديت اوسوس بالروايه حتى سلوم ولد هلا صرت أحلل تصرفاته ههههههههه😩

وبس سلامتكم حاولت اجمع افكاري اللي طارت بهذا الرد

وطن بانتظارك ♥

همس الذكـرى ينااجيني 14-01-19 01:38 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3710960)
نصيحة همس ،، اذا كنت تكتبين من الجوال ، كتبي ردك في الملاحظات ثم انسخيه في الردود ، وباذن الله ما يروح تعبك هدر .👍🏼




هلا هلا أبها اَي اكتب من الجوال ولا هو اول مره يطير ولا اتوب :(😹
جزاك الله خير ياقلبي عاد ذَا اللحين توي كتبته بالملاحظات وبستخدمها دايم افضل من اجلس نص ساعه اكتب فجأه راح كل شي 🤦🏻‍♀♥

همس الذكـرى ينااجيني 14-01-19 01:43 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3710979)
السلام عليكم
تعالي صفي جنبي همس ..كتبت رد وطاااار 😭😭
بس وطن تستاااهل من يكتب لها بدل الواحد عشررررره
بس تكفين وطن كل شي الا هلا ..رحمتهاا مو كفايه خيانه زوجها الاول لها ..يجي خطاب ويطين ابو جدها
الله يستر لايكون حادثه مدبر من جدها
ضي وخالد ..دام خالد عرف بسالفه مرض ضي فإن شاء الله امورها تمام

منيف وبدر ..الله يشغلهم بأنفسهم ويجعل تدبيرهم تدمير عليهم ...

وطن ..تسلم يمينك جزء رااائع بس تكفين خفي على هلاا 😢💔


هلا والله
ههههههه شعور يقهر عاد اسألي مجرب 😹 بس استخدمي نصيحة أبها اكتبي بالملاحظات اذا فاتحه من جوال لو طارت من الردود تحصلينها بالملاحظات .
اَي والله تستأهل ♥
عاد صدقتي هلا مسكينه ضربتين بالراس توجع بس مع كذا اتوقع تلقينها البارت الجاي تراكض ورا خطاب مايشيلها قلبها بالمره 😹😅.

أبها 14-01-19 07:58 PM

وطن نوره ..

ألف ألف مبروك التثبيت ،
تستاهلين والله وبجدارة 👍🏼🍃

✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐💐

وطن نورة ،، 21-01-19 05:25 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
لحظة ..
.
.
.
.

والله دخلت ونزلت تحت أدور على الرواية ويوم مالقيتها ارتعت قلت وش فيهم حذفوها مادريت انها معلقه فوق :ekS05142:❤

:wookie:
:wookie:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3710976)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


نظراً لجمال القالب و رُقي المضمون

*تم تثبيت الرواية*


تقبلي خالص ودي


الله يسعدك ويرفع قدرك سعيدة وممتنة جداً وبإذن الله القادم يسركم جميعاً :5:
ألف شكر ❤

وطن نورة ،، 21-01-19 05:27 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3710950)
السلام عليكم ...وطن نورة وجميع متابعاتها الكريمات .🍃

سلمت يمناكِ ..جزء اليوم جزء الجلطات 😁

خطاب.. الخطوة الوحيدة التي أصبت فيها هي زيارتك لطبيب نفسي.
أما باقي تصرفاتك ،فجميعها فاشلة، خاطئة، متخبطة، سمّها ما شئت، لكن ليس منها ما يسرّ .
( أبلشت روحك بزواجك من دانة) 😖.
لا أنت اللي متهنّي ولا هي اللي متهنيه ..
تركك لدانه في الشقة وحيدة ليلاً ، جريمة شنيعة😠

منيف ...واضح جداً أنه لن يترك زواج دانه يمر مرور الكرام .. واستعانته ببدر القرين السوء أولى خطوات الانتقام ( وانتقام منيف أقشر مثله ،الله يستر ). ليته فقط استقر على طرده من العمل ، لكن أن يتسبب في مقتله !!! 😨
هل حادث خطاب مخطط له من بدر ؟
لكن بدر يعلم أن دانه ستكون رفيقته في السيارة، وهو حتماً لا يريد بها أذىً !🤔
لذا نبعد هذا الاحتمال ...ربما من شدة غضبه وانفعاله بعد لقائه ببدر لم يركّز بالطريق ..فكان الحادث .

هلا .. يا عمري عليك يا هلا ستصدم صدمتين، الأولى بخبر الحادث والآخر وجود أنثى مرافقة معه .🤭 كان الله في عونك .

خالد... عجيب هالرجل .. شخصيتة ومواقفه وردود أفعاله .
أرجو أن يكون بلسماً ناجعاً لضي ( حالتها تحزن فعلاً😢)

كل الشكر والتقدير لمبدعتنا ..🍃🌸🍃

ياحي الله أبها ياحي الله
الله يسلمك ويسعدك ةبسم الله عليك ♥
بدر على سوءه لكن مستحيل يورط نفسه بجريمة قتل
ومنيف مجرم لكن ماعمره قتل بيده كان يجند ناس ينفذون اللي يبي ومستحيل بدر يرضى يكون أداه
خطاب اتركيه على جنب شوي يحتاج وقت يلملم نفسه ياعمري وين مايطقها عوجا

الله يسعدك يارب شاكرة وممتنه قراءتك لما اكتب بشكل ماتتصورينه ♥♥

وطن نورة ،، 21-01-19 05:40 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710954)
بنهار كتبت رد طوله صفحتييين وانحذف :(

كل حماسي الكتابي طار ..

لي عوده ان شاءالله بس اروق واكتبه مره ثانيه ..

وطن نوره قتلتي توقعاتي بحادث خطاب ودانه ياقلبي على المسكينه هلا :(
وطن يعطيك الف عافيه وبانتظارك♥

اقتباس:

اسعد الله ظهيرتكم بكل خير

وش الأخبار الحلوووه ذي
الف الف مبروووووك وطن على التثبيت فعلاً تستاهلييييين والله ♥♥ إبداع منقطع النظير سلمت يدك 🌾♥
مشاءالله تبارك الله حققتي إنجاز بدليل تثبيت الروايه بمده قصيره ♥


نجي هنا نعلق على البارت صراحه مثل ماقلت سابقاً خيبتي ظني وين السيناريو اللي رسمته وخطاب يبكي ويعترف وهلا كعادتها تشفق عليه وتمشي الموضوع لا هالمره انتي جبت الضربه القاضيه حادث خطاب !! وتكتشف زواجه بنفس اللحظه ياعيني ياهلا شعور الخذلان مُر كيف بتحس حب سسسنين وصبر وتحمل وجاب العيد خطاب فيها بهالتصرف الأحمق اللي يقهرك بعد ذَا كله هو ماهو عارف شيسوي ولاكيف ينتقم متخببط !!!
تبين الصدق وطن انتي غلببتتتي ام توقعاتي وانا اقول كيف وطن بتشوف حل لزواج دانه وخطاب مع اني اشوفك اظهرتيهم بانسجام وفيه قبول حتى لو خطاب مو مره بس بينفع يكملون مع بعض احس انهم انسمجو بسرعه !
ف توقعي الأعظظظم ان دانه يصير لها شي قوي وتموت بالحادث ؛(💔
لان هالحادث أحسه مو بسسسيط وبيقلب الأحداث فوق تحت !
ولايمكن خطططاب تكون اصابته قويه ؛)
بدر احسسساسي يقول هو المدبر للحادث وبينتقم من منيف وخطاب بنفس الوقت وخاصه ان حنين وابوه لاحظو انه مو طبيعي لما دخل عليهم ف اكيد اكيد ياأنه عرف بالحادث او هو المخططط له 🤐!

خالد وضي ، خالد شخصيه متفهمه وبيعرف كيف يحتوي المشكله اللي تعاني منها ضي ! مادري ليه الأبطال كلهم عندهم عقده من الصغر. ! يعني ضي والمواقف اللي تعرضت لها وموت أمها جنبها وهي نايمه موقف ماهو هين بالمره والموقف الثاني أقوى تحتاج علاج نفسي ..

جابر مادري كيف هذا ابو مالوم أمه فيه ! مستفز مره دانه صدق انها خربت بين خطاب وهلا وماحبيتها معه الا اني اعترف انها اكثر شخصيه مظلومه يعني تلقاها من ابوها اللي حذفها على خطاب ولا خطاب اللي مايبيها ولا جدهها اللي تخلى عنها يعني هي من وين ماتطقها عوجا والله ؛( 💔
بس انا اقول طلقيها من خطاب افضل من تموت حرام ومو مشكله لو نزوحها ابو مبارك مدير الشركه عادي هههههه ؛)!


سالم مادري ليه حسّيت من تعامله اللي تغير مع خطاب انه اكيد موطبيعي وكنت تقصدين نقطه بهاللقطه يكون ابوه محمد مأثر عليه ! ؟
ولا شاف خطاب بموقف وحقد عليه !
شكلي بديت اوسوس بالروايه حتى سلوم ولد هلا صرت أحلل تصرفاته ههههههههه😩

وبس سلامتكم حاولت اجمع افكاري اللي طارت بهذا الرد

وطن بانتظارك ♥
أول شي شكرا لك إنك ماخليتي الرد اللي طار بخاطري ورديتي رد ثاني ❤
ثاني شي هلا بك ياعيني والله يبارك بعمرك ويخليك والله إني لولا الله ثم تشجيعكم كان انا ما قدرت أكتب حرف الله يسعدكم يارب ❤

هلا مستعده تقدم تنازلات إلى مالا نهاية عشان خطاب ❤ حبها له اسطوري نظييف وصادق جداً غير إنها تدري بكل اللي مر فيه وشافته :( وخلي عنك خطاب شخص فنااااااان وحبيب وطيب بس ظروفه خانته :V5N05075:
يضرب الحب شو بيزل :(

ههههههه والله لاحظت طلعتهم كلهم مرضى بس فات الأوان :(
ضي فيها وهم والوهم لاتمكن من الانسان انتهى لانه بيسلم أمره كله للوساوس
ضي تحتاج شخص متفهم مايشوف اللي فيها عله يعيشها بحب ويكتم كل المشاعر السلبية الثانية :9jP05261:

جابر مايعتبر دانه بنته مشاعره ميته اتجاهها جاته غدر من زوجته اللي اخذها بزواج مؤقت لغرض مؤقت وانتهى منها غير انها جاته وهو ولد العشرين وتربت بعيد عنه ..
والضعيفة تتعوض بالمستقبل إن شاءالله مستحيل يستمر الوضع مأساوي كذا بتنتحر والله :(

سالم صغير بالسن لكن عقله كبير جدا نست هلا ونسى خطاب انه موجود معهم بنفس البيت :9jP05261:

ياربي ياهمس ماتتصورين وش أكثر أنا فرحانه انك تقرين لي وتعلقين على روايتي ❤
الله يسعدك يارب دايما منورتني :uJl04657:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710986)
هلا هلا أبها اَي اكتب من الجوال ولا هو اول مره يطير ولا اتوب :(😹
جزاك الله خير ياقلبي عاد ذَا اللحين توي كتبته بالملاحظات وبستخدمها دايم افضل من اجلس نص ساعه اكتب فجأه راح كل شي 🤦🏻‍♀♥

تعيش الملاحظات تعيش تعيش تعيش :wookie:

وطن نورة ،، 21-01-19 05:45 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3710979)
السلام عليكم
تعالي صفي جنبي همس ..كتبت رد وطاااار 😭😭
بس وطن تستاااهل من يكتب لها بدل الواحد عشررررره
بس تكفين وطن كل شي الا هلا ..رحمتهاا مو كفايه خيانه زوجها الاول لها ..يجي خطاب ويطين ابو جدها
الله يستر لايكون حادثه مدبر من جدها
ضي وخالد ..دام خالد عرف بسالفه مرض ضي فإن شاء الله امورها تمام

منيف وبدر ..الله يشغلهم بأنفسهم ويجعل تدبيرهم تدمير عليهم ...

وطن ..تسلم يمينك جزء رااائع بس تكفين خفي على هلاا 😢💔

هلا والله وعليكم السلام ♥
حبيبة قلبي الله يسعدك يارب :uJl04657:
ماعليك هلا في حمايتي وحماية الجنتل خطاب :wookie:
> جنتل طل خخ
لا ماعليك والله انا أحب هلا حب كتابي عميق وقلبي يوجعني عليها بس لازم شوي أب أند داون هذا ملح الحياة :)
الله يسلمك يااارب ويسعدك مثل ماتسعديني :flowers2:

اقتباس:

مبروووك وطن تساهلين
الله يبارك فيك ياعيني ♥

وطن نورة ،، 21-01-19 05:47 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3710987)
هلا والله
ههههههه شعور يقهر عاد اسألي مجرب 😹 بس استخدمي نصيحة أبها اكتبي بالملاحظات اذا فاتحه من جوال لو طارت من الردود تحصلينها بالملاحظات .
اَي والله تستأهل ♥
عاد صدقتي هلا مسكينه ضربتين بالراس توجع بس مع كذا اتوقع تلقينها البارت الجاي تراكض ورا خطاب مايشيلها قلبها بالمره 😹😅.

ههههههههههههه ياويلي هلا فاضحتنا بكل مكان
ماعليه خطاب يستاهل :wookie:

وطن نورة ،، 21-01-19 05:50 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير ❤
أول شي أحب أشكركم والله اني احبكم جداً :73:

والله أدري طولت ومالي وجه لكن نعتذر منكم تقلب الجو سبب لنا وعكة صحية عدت على خير ولله الحمد
أكرر اعتذاري مجدداً على التاخير وثواني وينزل الفصل ال16 أتمنى لكم قراءة ممتعة واعتذر مقدماً وبشدة على القصور ❤ ..

ثاني شي ،، فيتامين سي ❤ أفتقدتك جداً عسى المانع خير يارب :redface:

وطن نورة ،، 21-01-19 06:02 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (١٦) الفصل السادس عشر ،،
°
°
فَحضنُتهَا حُضنَ الضَعيفِ ،، وبَكتْ.
كمْ حُزناً مرًّ عَليهَا ؟ ومَا اِشتَكتْ..
مَا عُمرُها حتَّى عَلى الجِدَار اِتكَتْ ،
تَضحكُ مِنذُ عَرفتَها ؛
واليَوم أبْكتنِي حِينَ بَكتْ .

*منقول*
.
.


أسندت ثقلها على الحائط.. تزفر أنفاسها وكأن روحها ستخرج.. بعد أن مشت بالممرات متخبطه.. الدموع تحجب رؤيتها ورجفتها تجعل من خطاها صعبة..
كانت قد اوصلتها سماح حيث باب المستشفى.. تهتف بقلق وهي ترى هلا تبكي وتحاول إيقاظ سالم النائم : هلا خليه معي وين تاخذينه معك ؟!..
نظرت لها بتوهان واضح وكأنها لم تفهم .. فأردفت : باخذه معي البيتx ومري عليه لا خلصتي.. إن شاءالله يكون مافيه شي ،، وطمنيني..

وهاهي تقف الآن.. لأكثر من ربع ساعة تراقب باب الغرفة التي ينام داخلها.. بعد أن خرج الطبيب يخبرها بأنها لا تستطيع الدخول.
"حي؟" كان هذا مانطقت به بهمسٍ وأمل عندما رأت الطبيب المسؤول عن حالته .. ليجيبها بابتسامه : تطمني حالته مستقره وبننقله لغرفة الآن.. تعرض لكدمات وكسر بالأنف وزاد عنده الاكسجين في الرئتين وأجرينا له عملية و توازن.. وتعرض لضربه بالكلى اليسرى لذلك اضطرينا نسوي له قسطرة مؤقتاً عشان التبول.. بسيطة إن شاءالله.
هلا بصعوبة بعد أن وضعت يدها على صدرها تحمد الله : ما أقدر أشوفه؟
هز رأسه : حالياً المريض لازال تحت تأثير البنج وبحاجه لراحة تامة. لكن بعد ساعتين بالكثير بإمكانك تشوفينه ،، والحمدلله على سلامته.

نزل كلامه عليها كالهمهمات تهز عليها رأسها.. كانت تشعر وكأن قلبها قد انشطر نصفين.. نصفٌ مملوءٌ بالتعب والآخر قد امتلأ حزناً وفاض..
تحركت أقدامها دون أن تشعر بثقلها وكأنها تخدرت.. تجلس على كرسي معدني.. تتأمل الموجودين في نهاية الممر.. وأوله.. وتتعلق عينيها بالذين يمرون أمامها ويعبرونها بسرعة..
"المهم إنه بخير".. هذا ماهمست به لنفسها.. تهون على نفسها وتحاول أن تتجلد بما تبقى فيها من طاقة.. "المهم إنه حي".. تجمعت دموع جديدة في عينيها والألم قد تعدّى قلبها حتى وصل لحنجرتها التي بدأت تدفع العبرة.. فمجرد التفكير بأن يكون خطاب لاقى مصرعه في الحادث تجعل كل أمر آخر هيّن..
ذكرت الله في سرّها مراراً وتكراراً تحاول بذلك أن تُخرس الصوت الذي يذكرها بأن خطاب كان برفقة امرأة غيرها ، والتي أنفت معرفتها بها عندما سُئلت عنها ليجيب الممرض : عمومًا أخوك يوم وصلنا كان بوعيه وأخذنا بياناتها وطلع لها ملف هنا وتم التواصل مع أبوها.. عافى الله مرضاكم ورفع عنهم.. عن إذنك.
وقتها كانت تتمنى أن تصرخ بوجهه - الذي اتضح عليه القلق ظناً منه أنه أفشى سراً لا تعرفه- أن من يقول عنه أخوها والذي كانت برفقته امرأة يعرف معلوماتها ، يكون في الحقيقة زوجها و من معه هي زوجته. لكنها صمتت !
.

الرائي من بعيد يمكنه أن يعرف بأن من فتح باب السيارة قبل أن تقف، بشعره الأبيض والغير مسرّح المتطاير مع الهواء راكضاً بسرعة لمبنى المستشفى وعلى وجهه تترجم جميع معاني الخوف و الهلع ، تلقى مصيبة أجبرته على الحضور بهذا الشكل وكأنه مجنون.. دون أن يغلق أزرار ثوبه على الأقل..
كان منيف وهو يركض كالتائه، في جميع الاتجاهات.. يرتعد من شدة الخوف،، تتجمع في عينيه الدموع التي لازال يحاول ردعها من النزول منذ أن تلقى اتصالاً يخبره بأن دانة قد تعرضت لحادث يستوجب حضوره.. وقتها نسى كل شيء وكأن الزعل الذي نمى في قلبه عليها طيلة الأسابيع الماضية ، لم يكن..
تلاشى كل شيء في خاطره من سخط وحزن وغضب ولم يبقى سوى وجه دانه وهي رضيعه بين يديه تبتسم له.. والإحساس الذي كان يشعر به في كل مره تتحسس فيها و حمته بسبابتها.. وصوتها تخبره بأنه أجمل شيءٍ حصل لها في حياتها..

تسمّر في مكانه وذاب قلبه بين اضلعه،، حتى أن الدموع التي كان يحارب نزولها سقطت رغماً عنه بكل قوة.. يسمع كلام الطبيب المسؤول عن حالتها يحاول أن يخفف عنه بابتسامه لطيفة مواسيه ، لا يكاد يصدق أياً من كلماته : بنتك يا أبوي وصلتنا فاقدة للوعي تماماً وبعد وصولها بدقايق وحنا نحاول نسعفها تعرضت لسكته قلبيه وتوقف قلبها لثواني لكن الحمدلله تم انعاشها قبل لا يتضرر المخ.. حالياً هي بالعناية المركزة و نقول إن شاءالله تكون عدت مرحلة الخطر
لكن ننتظر افاقتها من الغيبوبة..x شد حيلك وقدامها العافية ..

إنهار جالساً على الأرض.. يضع يديه على رأسه ينتحب بأعلى صوته..
ليس هكذا الوداع يا دانة..
ليس بهذه الطريقة!
.

كان الطريق من الباب وحتى سريره مليئٌ بالعثرات التي تشعر بها دون أن تراها.. وكأن بينها وبين جسده المسجى على السرير ألف حفرة، وألف سور، وألف باب.. كانت خطواتها بطيئة وكأنها تسحب أقدامها على الأرض سحباً.. رغم اللهفة في أن تراه حياً سليماً أمامها،، تتأكد من ذلك بنفسها.. لكنها كانت تشعر بثقل الخطوة وكأن جسدها يأبى من أن تراه..

ما إن وقفت بجانب سريره حيث يتمدد ، حتى و وضعت أصابعها على فمها.. تحاول منع نحيبها.. تنظر له غير مصدقة أنه لازال على قيد الحياة و دموعها قد تكدست في عينيها بشكلٍ فاق الرؤية.. ولم تستطع من أن تمنع عتبها عليه من أن يخرج مهما حاولت أن تكبته -مؤقتاً على الأقل- ، فهمست : علمني وش أسوي فيك خطاب؟
لكن لم تجد منه إجابه.. كان صامتاً كأن صمت المقابر يهوي عليه.. روحه تبكي عوضاً عن عينيه التي جفّت.. هو لا يقوى المواجهة.. يريد الهرب من كل شيء .. لأنه يخشى الاصطدام بشيءٍ يهدم آخر مابقي داخله..

كانت عينيه معلقه بالسقف.. لا الكدمة تحت عينه اليسرى ولا حتى الانتفاخ البسيط تحت عينيه نتيجة كسر أنفه كانا قادرين على أن يخفيا ترقرق دموعه في بطن عينيه..
هلا بصوت مثقل بالعبرة بالكاد خرج : الله يسامحك..
قالتها وانحنت تقبل جبينه.. أغمض عينيه يشعر بدفئ اقترابها سامحاً لدموعه بأن تتحرر كما تشاء وتسقط في كل اتجاه..
نزلت برأسها تقبل خده برفق تخشى من أن تؤذيه بطريقة ما، تستشعر نعمة أنه لازال حياً، وشعور الرضا بهذه النعمة سكّنَ كل وجع وألم وصلها منه من اللحظة التي سمعت فيها بأنه كان برفقة زوجته وحتى الآن.. تهمس : الحمدلله على سلامتك.. الف الحمدلله على سلامتك يا بعد روحي..
وقبل أن تبعد رأسها شعرت بذراعه التي طوقت رقبتها.. تقربها منه وتشد عليها حتى أصبحت تسمع صوت أنفاسه العالقه في حنجرته بكل وضوح.. تشعر بشفاهه تحاول تقبيل كل ما تصل إليه.. وكأنه يريد التأكد بأنها أمامه حقاً.. وصلها أنينه الموجوع خافتاً فعرفت أن احتكاك وجنتها بوجهه أوجعه.. مع ذلك لم يحررها.. بل شدها أكثر!
همست وهي تبتعد عنه لازالت كفه خلف رقبتها، تبتسم له بحزن وهي ترى جبيرة أنفه وملامح وجهه المتعبه بهذا القرب : حبيبي أنت بخير.. الدكتور طمنّي لا تخاف!
فتح فمه يحاول بصوته أن يخرج فخرج مبحوحاً مهزوزاً : هلا بفهمك كل ش..
فقالت تقاطعه بنبرة منهكه فلم يعد لها خاطر يسمح بسماع التبريرات و الأعذار، تمسح على خده برقه تسكته : أهم شي إنك الحين بخير..

.
.

تلاقطت عينا ضي و سلوى تلحق بخالد الذي كان يجلس معهم قبل دقائق.. وعندما وصلت لهاتفه رسالة قرأها وابتسامته لازالت على وجهه ولكن سرعان ماتجهم وجهه وانقلب ليقفز صاعداً للأعلى متجاهلاً نداء والدته.. والآن بعد أن ارتدى ثوبه بدأ ينزل الدرج بسرعة وهو يغلق إزراره وتوقف قبل أن يصل للباب عندما صرخت به : ولد وش العلم؟ من ارسل لك؟
خالد بقلق : واحد من العيال صار له حادث وبالمستشفى!
سلوى بتعاطف : يالله لطفك!! عسى موب شي كايد؟
خالد ينظر لضي ثم والدته : ما أدري..
سلوى : مين من العيال ؟
خالد على عجل : واحد ما تعرفينه يمه.. سلام سلام!
قالها قبل أن يخرج مغلقاً الباب خلفه بقوة..
ضي : الله يستر أول مره اشوف خالد خايف كذا..
سلوى مبتسمة : تلاقينه حادث بسيط بس خالد قلبه قلب طير يخاف على الكل ويشيل هم الكل ويهوّل الأمور حتى لو مافيه شي .

بادلتها الابتسامه بتأييد حتى وإن لم تنطق به.. ذاكرتها التي لازالت تعيش سكرة أحداث الصباح تنتعش مجدداً بين الفينة والأخرى من تلك اللحظة وحتى الآن.. عندما استيقظت كان وجه خالد هو أول ما استفتحت به يومها.. نائماً بسكينه لو توزعت على من في الأرض لعاش الجميع بسلام..
كانت عينيها تتحرك على وجهه ببطئ وكأنها تريد أن تحفر ملامحه في ذاكرتها.. تنظر له بعين المحب نظرة لو رآها خالد لذاب قلبه من فرط الشعور المحمّل فيها.. كانت تسأل نفسها كيف لبشرٍ أن يكون بكل هذا اللين، والحب، والرحمة؟ متفهماً وكأنه وضع يده على علتها.. واقسم بعد أن عرف كيف يداويها..

خرجت من دورة المياة تلتف بروبها تنظر له لازال على وضعه نائماً..
أعطت السرير ظهرها عندما وقفت أمام خزانة ملابسها تبحث بين طيات ثيابها عن شيءٍ يليق بمزاجها الرائق هذا الصباح.. كانت تشعر من شدة خفّة روحها وكأن نوافذ قلبها مفتوحة يدخل من خلالها الهواء من كل اتجاه .. شعورٌ افتقدته منذ زمن، ومنذ زمن لم تستيقظ بابتسامه واسعة كهذه متطلعه لأن تعيش اليوم من أوله دون أن تضيع ثانية واحدة..
أدارت رأسها مبتسمة وكأنها تريد أن تتفقده نائماً أم استيقظ من حركتها، أو كأنها اشتاقت له وتريد أن تلقي نظره لكن ما إن رأته يجلس نصف جلسه يضع يديه خلف رأسه حتى وتلاشت الابتسامه وبرعب : بسم الله فجعتني!
كان مبتسماً أثار النوم جعلت من وجهه صغيرا جدا : وأنتي دايم مفجوعة! بسم الله عليك يا قلبي.
قالها يمرر يده على شعره يرتب خصله المتطايرة في كل اتجاه : ليتك ما التفتي فاتتني أحلى لقطه.
رفعت حاجبيها وأغلقت باب الخزانة بقدمها بعد أن أخذت ماتحتاجه واستدارت لتقابله بإحراج : على أساس بتشوف شي؟
خالد باستنكارx : عفواً عزيزتي!! ليه لأ؟
ضي بتجاهل فعلى ثغره ابتسامه خبيثة تذيب الحجر : أنا بروح البس بالحمام .
خالد : خلاص أنا نايم البسي هنا.. هه شوفي..
قالها وتمدد يغطي وجهه بالغطاء لا يظهر منه شيء..
ابتسمت تعطيه ظهرها مجدداً ترتدي ثيابها على عجل دون أن تنزل روبها من على أكتافها فهي لا تأمن مكره وحمدت الله على ذلك عندما التفتت لأنه أنزل رأسه وغطاه بسرعة البرق عندما كشفت أمره..
ضحكت.. فقال من تحت الغطاء : هاه خلصتي؟ ارفع؟
هزت رأسها بفقدان أمل تتحرك في المكان تتصنع التشاغل لا تعرف ماذا تفعل كي تسيطر على رجفتها : لأx .
خالد بضجر : انكتمت ضي..
ضي باستمتاع : قلت لأ..

رفع رأسه يتنفس بقوة عندما سمع صوت الباب.. فقال بغيض عندما رأى الغرفة فارغة: بنت اللذينَ!

عندما عادت ضي تحمل بين يديها صينية الإفطار وجدت خالد وقد انتهى من استحمامه يرتدي بنطاله الرياضي أسود اللون وعلى وشك أن يدخل رأسه من فتحة قميصه لكن ما إن رآها حتى صرخ يغطي صدره المكشوف بقميصه : اطلعي قاعد البس ..
ضحكت تغلق الباب خلفها بقدمها : صاحي أنت وش هالصرخة؟
الناس نايمة.
ابعده ولبسه : عشان تحسين بي قبل شوي يوم تجحدين إني رجلك..
ضي : الفطور جاهز تعال افطر.. ماعليه عفست بالمطبخ شوي إن شاءالله عمتي ماتتضايق!
رفع حاجبيه وجلس أمامها عندما وضعت مابيدها على طاوله صغيره في زاوية الغرفة تفصل بين كنبتين مفردتين : ليه تتضايق؟ أهم شي مافيه إصابات ولا مواعين مكسورة ولا بيز محروق..
ضي : طيب زين..
تأملها تنظر للصينية أمامها تعيد خصل شعرها الرطبه خلف اذنها التي بان احمرار أعلاها.. ترتدي فستاناً منزلياً شتوياً داكن اللون اكتشف بسببه أن الألوان الداكنة هي المفضلة لديه.. كانت الساعة لم تتجاوز التاسعة صباحاً،، إجازته لم تنتهي بعد وأشعة الشمس التي أنارت الغرفة أنعشت مزاجه.. نظر للصينية فوجد فيها اطباقاً متعددة ، مربى و زيتون وجبن وقشطة عليها عسل و نوعين من البيض وكوبين شاي . قال بضحكة : ذكرتيني بمسلسلات أول ، ماينقصنا على هالجلسة والصينية غير روب حرير كحلي منقط و لفافات بقذلتك..
ضحكت له، مابالها تجد كل ما يقوله ظريفاً؟ :x عاد اعذرني ، والله النيّه كانت بان كيك و أومليت ،، شغل احترافي يعني.. بس مالقيت اللي أبي ولا عندي وقت..
خالد وقد بدأ يأكل : كل شي منك حلو. تسلمين لي الله يسعدك.

أووووف.. كيف لدعوة بسيطة سمعتها قبلاً من آلاف البشر أن يكون لها هذا التأثير عليها وكأنها بمجرد سماعها قد سعدت فعلاً..
صرفت بصرها عن وجهه وتشاغلت برفع كوبها والشرب منه تخشى أن يرى تلألؤ عينيها..
كان الصمت يغطي المكان حتى قال بعد أن ابتلع لقمته : الله يالدنيا أول وأنا عزوبي كانت هذي زاويتي المفضلة للقراءة والحين قاعد آكل فيها شكشوكة.. خسف ثقافي عالي المستوى..
ضي بعدم تصديق : تقرأ ماشاءالله!!..
خالد واضعاً لقمه أخرى : أفا عليك، لعبتي.
قالها وغمز ليشتعل جسدها بخجل واضح..
ابتلعت ريقها تحاول أن تختلق حديثاً : وش قال لك أبوي أمس؟
خالد بابتسامه : قال إنك حافظة المصحف.. صدمني.
باستنكار : ليه انصدمت مايجي مني يعني؟
خالد بنبرة خفيفة : بالعكس.. قلبك عامر بالإيمان.. بس ماقلتي لي !.
رفعت كتفيها ببساطة : ما جات مناسبة..
ابتسم : مم وأنا أقول ياربي وش هالسكينة اللي أحس فيها من أطالع فيك.. أثاريها حلاوة الإيمان..
عبست : تتريق؟
بسرعة : لا أعوذ بالله.. يشهد الله إني صادق. جد انبسطت يوم دريت. متى حفظتيه؟
ابتلعت ريقها : أمي الله يرحمها كانت حريصة إني أحفظه فكانت تخليني اسمّع لها يومياً جزئيتها ومع الوقت صرت أحفظ معها وتسمع لي واسمع لها.. الله يرحمها هالكلام كان قبل وفاتها ب٦ سنوات .
ابتسم بعطف عندما رأى ابتسامة شوق وحنين تجمل ثغرها : الله يرحمها ويغفر لها.. يا بختها بالأجر، وفيك..
ضي بخفوت تبتسم له بأسى : آمين.
سكت خالد عندما سكتت بعد كلمتها.. تحرك أصابعها على حدود كوبها تنظر له بسرحان.. وكأنها تراجع ذكريات الماضي بينها وبين نفسها..
تنحنح محاولاً اختلاق حديث : تدرين وش صدمني بعد؟
رفعت عينيها التي غطتها طبقة من الدموع جعلت منها كالزجاج عاقدةً حاجبيها بتساؤل..
فاردف : اكتشفت انك تشخرين.. بغيت أموت من الصدمة أمس..
أعتدلت جالسة تضع كوبها على الطاولة : مستحيل!!
خالد : أقولك زين أذني ما صبّت دم.. عجزت أنام..
ضي ودموعها على وشك السقوط : صدق عاد خالد؟ إلا الشخير لا تكفى..
هز رأسه مبتسماً على ملامحها المبهوته : عاد أول مره اسمعك للأمانة!!
زفرت تنظر له بتوجس.. ثم استراحت بجلستها تعاود أخذ كوبها تقول بهدوء و بعد تفكير : يمكن لأني أمس ولأول مره أنام نومة راحة بعد تعب طويل..
.
.

كان خطاب يتمدد على سريره وهلا تجلس على الكنبة الجلدية السوداء البعيدة عنه نوعاً ما تنظر له..x كأنهم غرباء لم يكن بينهم فيما مضى أحاديث طويلة.. عن كل شيء أو أي شيء.. تشعر وكأن أي كلمة ستقولها لن تكون صحيحة وأن أي موضوع ستحاول اختلاقه سيأتي ثقيلاً عليه وعليها.. وعلى الرغم من أن الصمت الثقيل كان يتسيد المكان .. لكن ما إن وقفت ترتدي غطاء وجهها حتى وسألها بسرعة : وين بتروحين؟
هلا بتنهيدة : خالد جا.. بطلع له مضيع الغرفة..
بهتت ملامحه : ليش؟
عقدت حاجبيها : شلون ليش؟ انا قلت له يجي.
قال بعد تردد : بتقولين له ؟
سكتت تنظر له نظرة جعلته يخفض عينيه عنها.. لكنها تنهدت بضيق : محد بيدري .
.

انحنى خالد يقبل رأس خطاب يهتف بقلق وهو يرى ملامحه المتعبه : وش جاك بسم الله عليك ؟
خطاب بهدوء مفتقداً هلا التي دخل خالد من غيرها : حادثه بسيطة..
خالد : وين معه بسيطة وأنت تحرولت ياشيخ!!.. أكيد كنت لاهي بالجوال..
ابتسم بتعب :x لا والله مالي فيه وأنا أسوق وأنت عارفني،، بس كنت ساهي وماوعيت إلا وسيارة وايت الموية قدامي يا أدخل تحتها وانعجن أو أدخل بالصبّة.. وانا اخترت الصبّة..
خالد : بعدي والله،، وحش.
ثم تابع بعطف : الحمدلله على سلامتك.. جات بسيطة سلَم راسك يالغالي.
ضحك ضحكة قصيرة بترها عندما شعر بألم في صدره : الله يسلمك..

كان داخله يذوب قلقاً يتمنى لو أن يسأل عن دانة وما الذي حل بها؟ هل نجت؟ فالاصطدام كان من جهتها ولم تكن بحالة جيدة عندما وصلت.. أغمض عينيه يشعر من شدة التعب أنه نائمٌ في يقظته..
.
.

كان بدر يجلس وحيداً في غرفته عندما وصله اتصال من منيف.. تأفف ولم يرفع الخط فلا مزاج له بأن يتحدث معه.. أو مع أي أحدٍ آخر..
كان عندما عاد -غاضباً- بعد اللقاء الذي جمعه بخطاب بحث في أرجاء المنزل عن حنين.. يريد منها أن تستفزه كي يصب جام غضبه عليها لكنه لم يجد أحداً وعندما اتصل عليها أجابته ببرود : رايحة البحرين مع عمي..
صرخ بها : ومن سمح لك تروحين من غير اذن؟
حنين : تراها البحرين مو مكان بعيد وأنا رحت مع عمي.. عموماً ما أظن نطول.. ولا ياعمي؟
ضغط على أسنانه بكل قوة وهو يسمع صوتها وقد أصبح بعيداً تسأل والده عن موعد عودتهم.. : يقول قبل المغرب نكون في البيت..
بدر بغضب : حسابك معي لا رجعتي يابنت ال*.. ارجعي أنتي بس ونتفاهم..
وأغلق في وجهها دمه يفور في عروقه.. حنين لم تكن هكذا قبلاً من أين لها هذه الشخصية و القوة والبرود و اللامبالاة؟ فسابقاً كانت لا تقوى أن تضع عينها في عينه والآن ترادده بكل قوة.
زفر هواءً ساخناً يكيل الشتائم : قاويه شوكتها بنت حمد. هين إن ماعلمتك حجمك ما أكون بدر..

عاد هاتفه يرن مجدداً والمتصل منيف فرد بملل : نعم؟
صرخ به منيف صراخاً كاد يصم أذنه..x يتوعده ويهدده وبدر كالأبله يسمع شتائمه حتى سكت الطرف الآخر : صاحي أنت شلون تتهمني اتهام مثل ذا؟ ما جيت حولهم ولا قربت منهم حتّى.. وآخر عهدي بهم كان في شركة خويك.. وش شايفني عندك ماوراي حياة اقعد الاحق بنتك و زوجها؟
ثم تابع بقلق لم يستطع أن يتجاهله : دانة جاها شي؟
منيف : والله يا بدر لو تطلع أنت ورا السالفة ذي لا تلوم إلا نفسك.. بخليك تتمنى أنك ماولدت واسأل أبوك عني وهو بيعلمك أنا مين..
بدر بانفعال :x أقول بس،، إذا أنت منيف فأنا بدر لا تقعد تهدد لأن هالأسلوب ما يمشي معي و لا تظن إن صوتك العالي وكلامك الفاضي يخوفني ..
قالها وأغلق في وجهه يلقي بهاتفه بعيداً صدره يعلو ويهبط بأنفاسٍ غاضبة..

.
.

ثلاث أيامٍ مضت تقرر بعدها خروج خطاب من المستشفى.. كانت هلا رغم أنها لم تفارقه يشعر بها بعيدة عنه.. في نظرتها فراغٌ مرعب يجعله يثني فكرة أن يفتح معها حواراً..
كان قد سأل الطبيب المشرف عن حالته عن دانة هذا الصباح.. مستغلاً بذلك ذهاب هلا للمنزل لتبديل ثيابها.. وعندما عاد في فحص بعد الظهر
كان قد سأل طبيبها عن وضعها الصحي.. كانت هلا تجلس على نفس الكنبة السوداء.. تنظر لهم بهدوءٍ تزلزل عندما سمعت الطبيب يقول لخطاب بشكل طبيعي : بخصوص المريضة دانة.. سألت عنها قالوا لي إنها دخلت بغيبوبة وإلى الآن مافاقت منها..
شعر بقلبه يهوي بعد أن سمع ماقاله.. نسى تواجد هلا تماماً لينطق برعب : شلون يعني غيبوبة؟ حالتها خطيرة للدرجة ذي؟
ابتسم له : والله ماعندي فكرة ما أعطاني الدكتور صلاح أي تفاصيل لكن جدها مرافق معها ومسبب مشاكل يبي ينقلها لمستشفى ثاني ،، إن شاءالله اللي فيها يكون شي بسيط وتفوق منه..

وضعت هلا يدها على قلبها.. بدأ ينبض بشكلٍ سريع ،، لم تكن تتوقع أن النظرة المرعبة التي رأتها بعيني الرجل صاحب الوجه الأمرد المنفّر عندما مرت -يقودها فضولها- من أمام الممر الذي قالوا لها بأن خلف بابه توجد دانة ترقد بأحد الغرف.. تقف بحيره تقرّع نفسها وتأمرها بأن تتحرك من هنا فلا معنى لتواجدها في هذا المكان.. و عندما همت بالذهاب رأت طبيباً يخرج من الباب لتتقدم باتجاهه تسأل بارتباك : لو سمحت أبي اسأل عن المريضة دانة ..
عقد حاجبيه ترتفع عينيه ينظر لشيءٍ خلفها قبل أن يعاود النظر لها : بصفتك إيش؟
ابتلعت ريقها : ... لالا خلاص. شكراً.

واستدارت تنوي الهرب من هذه الفكرة المجنونة تشتم نفسها على فعلةٍ كهذه لكن ما إن استدارت حتى ورأت الذي يقف خلفها مباشرة بوجهٍ متجهم خالي من الشعر.. مرعب بوحمه حمراء لم ترى في حياتها حجماً يفوق حجمها هذا.. كان مرعباً حقاً شعرت وهي تنظر لعينيه التي تنظر لها بقوة بأنها ستتحول لرماد.. عادت خطوة للخلف لا إرادياً تضع يدها على قلبها بهلع : يمه بسم الله..
تكلم بصوتٍ غاضب منخفض، وهنا كان يكمن الرعب الحقيقي.. أن يكون صوته فحيحياً هكذا بنظرة كهذه : من أنتي؟
ابتلعت ريقها : غلطانة معليش.. اسفه..
وأطلقت أقدامها للريح لا تعلم هل كانت تركض أم تطير.. و قبل أن تأخذ المنعطف في آخر الممر التفتت للخلف لتراه لازال ينظر لها.. يخيّل لها بأن وحمته الحمراء مشتعلةٌ من بعيد..

-وقتها- لم تكن تعلم هلا أن الرجل الأمرد الذي أفزعها وبث في أوصالها الرجفة والتي لاحظها خطاب عندما دخلت عليه تتنفس بسرعة وترتعد.. هو نفسه منيف الذي جعل من حياتها وحياة الرجل الذي تحب كابوساً لا يمكن الاستيقاظ منه.

.
.

عودة خطاب للمنزل كانت ليس كما تمنى.. فالليل مضى عليه ثقيلاً محملاً بالأفكار السوداء.. توقع من هلا أن تسأله.. أقلها تعاتبه.. لكن لم يصدر منها شيء سوى بعض الكلمات.. حتى في نومها قررت الذهاب لغرفة سالم بزعمها أنها لا تريد مضايقته.. سالم في بيت خالته سلوى منذ يوم الحادث -والتي ما إن رأته ممدداً على السرير حتى وبكت كما لم تبكي من قبل.. تتحسس صدره و وجهه تمسح على رأسه وتسأله ملايين الأسئلة كي تتأكد من سلامته..-..
كانت هلا غاضبة منه.. يستطيع أن يشعر بذلك من نظرتها.. مع أنها لم تنطق بكلمه.. لكنه يعلم من تقوس شفتيها أنها حزينة .. ومن لمعان عينيها أنها تعاتبه.. لم تشتكي وجعها منه.. و ألمها وجرحها الذي سببه لها بفعلته.. لكنه يعلم بكل الذي يدور في صدرها من صمتها.. حتى عقدة حاجبيها كانت تلومه.. غير مدركه فعلته وكأنها تستبعد فعلاً كهذا يصدر منه..
لكنه فعلها..
الجبان قد فعلها..

بعد خروجه من المستشفى بيومين عاد لها مجدداً ، واقفاً على أقدامه هذه المره.. يمشي في الممرات بجبيرةٍ على أنفه وكدمةٍ تحت عينه واعياً لما ينوي فعله.. القلق يأكله على التي كانت معه في السيارة وكاد أن يودي بحياتها.. حتى وإن كان لا يكن لها أي مشاعر.. تبقى الفتاة روحاً بريئة لا ذنب لها بأحقاده الدفينة ونفسه المريضة.x كان آخذاً الموضوع بشكلٍ إنسانيٍ بحت لا وجود للمشاعر ولا العواطف..

خرج من غرفة طبيبها واتجه نحو غرفتها التي تم نقلها لها فحالتها قد استقرت لكنها لازالت تدخل في غيبوبة.. أو "نومٌ عميق" كما وصفها الطبيب، "ممكن تستفيق منه اليوم أو بكرة أو ممكن الآن وأنا أكلمك.. وممكن الموضوع يطول شوي ويأخذ سنوات.. كل شي جايز.. لكن الله قادر على كل شيء وأنا متفائل"x ..
قرع الباب ودخل ليجدها وحيدة تتمدد على سريرها بعددٍ من الأجهزة حولها.. تقدم بتردد يقفل الباب خلفه حتى وقف قريباً منها.. ينظر لها.. بأسى.. تنهد وبصره يتجول على وجهها. لم يكن هناك سوى خدوش بسيطة مع ذلك كان وجهها صافياً جميلاً كما رآه أول مره.. كانت كما وصف حالها الطبيب (في نومٍ عميق) فلا يوجد أي أثر يقول بأنها تعرضت لحادث سوى صوت الأجهزة..

خرج من غرفتها يغلق الباب خلفه وخطى خطوة واحده فقط قبل أن يتوقف مكانه.. ينظر للقادم من بعيد لاهياً بالنظر لهاتفه.. يمشي على مهل لكن ما إن رفع رأسه ورآه، حتى وأصبح يقف أمامه قبل أن يرف جفنه.. يزمجر بوجهه : وش تسوي هنا؟
ابتلع ريقه وهو يرى وجه منيف بهذا القرب.. أخذ نفساً عميقاً لم يخرجه عله يتقوى عليه.. وقال بهدوء : جاي أشوف زوجتي..
دفعه منيف للخلف حتى التصق بالحائط. يقترب منه يشده من أعلى ثوبه بغضبٍ واضح : وأنت لك عين تجي بعد اللي سويته يال*؟؟
ابتسم يتصنع الثبات والله وحده يعلم أن عضامه تكاد تذوب من هذا اللقاء : وأنا وش سويت؟
دفعه منيف مجدداً للخلف لازال يشد على عنقه : لااا أنت شكلك تبيني أكسر ضلوعك الباقية.. وش تبي هااه؟ وش تبي من دانة؟ علمني.. تبي فلوس؟ تبي منصب؟ وش تبي بالضبط ؟؟
أمسك خطاب بمعصميه بقوة ليدفعه بعيداً عنه يشعر وكأنه سيتقيأ من شدة القرف فمنيف قريباً هكذا شيء يفوق تحمله : وأنت وش اللي عندك عشان أبيه؟ أنا ما يهمني شي كلامك الفاضي اللي قلته وفلوسك خلها لك أنا ماجيت أدور عندك الريال..
ثم تابع ينطق كلماته ببطءٍ متعمد وهو يرى دخاناً يخرج من أذني منيف : أبي شي واحد بس وباخذه،، دانه زوجتي.
منيف بصراخ محترقاً بغضبٍ مدمر : والله لا أخليك تندم يال*..
قالها وهو يلكم خطاب بكل قوة على أنفه،، ليشعر وقتها خطاب وكأن ألعاباً ناريةً خرجت من عينيه ..

.

عاد للمنزل يتأوه بألمٍ واضح عجز عن كتم آهاته.. على أنفه جبيره جديدة وبيده كيس أدوية مليء بالمسكنات فالألم الذي يشعر به الآن لا يحتمل. ما إن رأته هلا حتى وقفزت من جلوسها كما اعتاد أن يراها في الأيام الماضية.. لكنها هذه المره بقت واقفة في مكانها تنظر له بتفحص وقلق وبعد ثواني تنهدت وعادت تجلس دون أن تتكلم .
مشى يجر خطواته ليضع كيس أدويته على الطاولة في منتصف الصالة ويرتمي على الأريكة أمامها يشعر وكأنه سيبكي من شدة الألم..
ابتلعت ريقها وهي تلاحظ حركاته، تصلها تأوهاته والقلق قد بلغ مبلغه منها لذا قالت : من وين جاي؟
خطاب بألم : من المستشفى..
سكتت قليلاً ثم قالت بقلق : فيك شي؟؟
خطاب ويده على جبينه يدلكه : قابلني منيف وكسر خشمي مره ثانيه الله يكسر ضلوعه.. والله لا أخليه يندم على الساعة اللي طلع فيها بوجهي بعد كل ذا العمر.. اقسم بالله لا أشربه من نفس الكاس اللي خلاني أشرب منه.. والله...
اختنق صوته وهلا تراقبه.. ثواني مرت عاد بعدها خطاب يتوعده وهلا تسمع.. حتى تعب وسكت..
كان يغمض عينيه يحاول أن ينظم أنفاسه الثائرة من شدة الغضب " غبي وجبان وضعيف وبتقعد طول عمرك ضعيف.. كان المفروض تكسر راسه مو تسكت عنه وتخليهم يبعدونك عنه كأنك ماصدقت.. كان المفروض تاخذ حقك مو تسكت.. يالجبان".. كان مشغولاً يشتم نفسه قهراً لأنه وبعد أن ضربه منيف وارتفعت الأصوات.. حاول المتواجدين في المكان التفريق بينهم.. وقتها كان خطاب يضع يده على أنفه يشعر وكأنه سيقع مغماً عليه من شدة الألم.. رؤيته أصبحت ضبابية وبالكاد يستطيع أن يعي ماحوله.. لكن مع ذلك صوت منيف كان يصله بوضوح لازال غاضباً يشتمه حتى أتى أمن المستشفى وأخرجه عنوه..

فتح عينيه مستنكراً أن هلا لازالت موجودة في مكانها تنظر له.. إذ أنها لم تعلق على شيءٍ مما قال ولم تحاول حتى أن تضع يدها على موضع الألم عله يطيب بعد لمستها.. ابتلع ريقه : هلا أدري انك للحين زعلانة مني..
قاطعته : أنا مو زعلانة منك.. أنا زعلانة علي .
خطاب محاولاً التبرير باستماته : أنتي تدرين إن مابيني وبينها شي و ما أخذتها إلا عشان..
قاطعته مجدداً : أنا ما سألتك عنها ولا عن موضوعك معها وما أبي أسمع شي يخصك ويخصها.. أنا ماطلبت منك تبرر..
اعتدل جالساً : هلا أنا قلت لك إني بتزوج.. ما غدرت فيك.
هزت رأسها بهدوء : إيه صح قلت لي.. بس بغبائي كنت إلى آخر لحظة أقول لنفسي إنك مستحيل تسوي شي مثل كذا فيني.. عيّت تجي معي خطاب.. بس سويتها..
نبرتها الميته استفزته لم يتوقع شيئاً كهذا من هلا كان يريد منها أن تصرخ بوجهه تعاتبه تضربه إن لزم الأمر.. لكن أن تتكلم وكأن الموضوع لا يعنيها هو شيء فاق توقعاته : أنتي سامحتيه وصبرتي عليه سنة.. اصبري علي أنا بعد..
ارتفع حاجبيها بدهشه ثم انعقد الحاجبين باستنكار وكأنها تحاول أن تستوعب كلماته وما إن استوعبت حتى وتبدلت نظرتها لتقول بانفعال : و تطلقت منه..
قالتها بقوة وذهبت من أمامه لغرفة سالم تداري ما عصف بها بعد الذي قال..x ولم تمهله ثانية كي يستوعب المغزى خلف كلمتها حتى خرجت مجدداً.. تشير عليه بسبابتها تتصنع القوة رغم أن نبرتها مرتعشه و عينها تلتمع بالدموع : وتطلقت منه خطاب.. في النهاية تطلقت منه..
وإن كنت تظن إن فعلتك فيني جات بنفس قوة فعلته ، فطلقني أحسن لي..

.
.

يجلس خطاب بكل يأس على أريكة صالة شقته . يطلب رقم هاتف دانه مرارا وتكرارا والإجابة نفسها . الهاتف مغلق!
مضت ٣ أيام منذ أن رأى منيف ،، كان يعيش فيها خطاب على المسكنات و بنادول نايت ليهرب من واقعه بالنوم.. واليوم صباحاً عندما ذهب للمستشفى لم يجد دانه ولا منيف وعندما سأل الطبيب عنها اخبره بأنها استفاقت من غيبوبتها قبل يومين و بالأمس خرجت مع جدها تحت مسؤوليتها الشخصية لأنها لازالت تحتاج للمتابعة الطبية..
اتصل على جوالها وهو خارج من مبنى المستشفى.. واتصل وهو يركب سيارة الكامري التي استاجرها إلى أن يجد حلاً لسيارته.. واتصل وهو يقف أمام الإشارة والإجابة نفسها.. الهاتف مغلق.
ربما لم تستلم هاتفها قبل خروجها من المستشفى، أو ربما الهاتف ضاع منها أثناء الحادث.. أو ربما يكون معها ولكن فرغت بطاريته. كان يحدث نفسه بهذه الاحتمالات وهو يأخذ الدوار المؤدي للمنطقة التي يسكنها جدها.. وما إن توقف أمام المنزل الكبير حتى ونزل مسرعاً يقرع الجرس بيد و الباب باليد الأخرى.. تلفت يبحث بعينيه فوجد باب غرفة السائق وبدأ يقرعه بكل قوة على الرغم من أن لا سيارات تقف أمام المنزل،، ولم يفتح له أحد..
تحرك من أمام منزلهم مسرعاً وذهب حيث شقق اللواء المفروشة.. فتح الباب بالمفتاح الذي أخذه من الاستقبال ليجد الشقة فارغة تماماً حتى من أشيائها..
نزل السلالم مسرعاً عندما أطال عليه المصعد. وسأل ليجيبه موظف الاستقبال أنها سلمت مفتاح الشقة بالأمس وخرجت برفقة رجل كبير بالسن.. كما و يتوجب عليه دفع المبلغ كاملاً لأنها تحت اسمه..
.

حذف هاتفه جواره.. يدخل أصابعه في شعره بقوة بعد أن يئس من محاولة الاتصال بها.. يضرب أخماساً بأسداسٍ مخه شائك والتفكير متوقف عنده تماماً..
رفع رأسه عندما شعر بحركة بالقرب منه ليجد هلا تجلس على الأريكة الأخرى تبتسم بوجهه.. أغمض عينيه وعاد يفتحها مجدداً بعدم تصديق فهلا تبتسم له!!! ظن أن خياله بدأ يحيك عليه مؤامرة ثقيلة ولكنه ما إن أغمض عينيه وعاد يفتحها حتى و وجد نفس الابتسامة بل انها اتسعت..
هلا بهدوء : تحبني خطاب؟
هز رأسه بتوهان يحاول أن يتذكر متى كانت آخر مره أخذ بها المسكن يخشى من أن يكون كل هذا هذيانٌ بسببه..
سكتت لفترة وكأنها تدرس إجابته ثم قالت وقد تجمعت الدموع في نواعسها : صدق؟
ابتسم بأسى من نبرتها : أكيد صدق..
هلا بعبرة : تخيل إني وصلت للمرحلة ذي معك.. صرت أشك إنك فعلا تبادلني نفس المشاعر .. أو إنك تبيني حتى.. أو يمكن تكون التزمت تتزوجني لأني أنا عرضت نفسي عليك؟
غصت وهي تنطق كلمتها الأخيره.. فتحرك من مكانه بسرعة يجلس بجانبها يشدها حتى استكان رأسها تحت ذقنه : لا عمرك تفكرين كذا،، أبداً.. أنا تزوجتك لأني أنا أبيك.. جد أبيك ومن زمان لكن كنت خايف عليك مني وخايف عليك من علتّي لأني ما أبيك توصلين للمرحلة ذي..x و إنك تشككين بحبي لك هلا..
والله العظيم إني ما حسيت بطعم الحياة إلا معك.. ولا أبي الحياة إلا معك.. هلا أنا بدونك مالي حياة!
ابتعدت عنه تمسح دموعها تهتف بيأس : والله ماعدت أدري وش المفروض أسوي،، عجزت أعرف وش الصح ووش الغلط؟ أنا صح ولا غلط؟. خطاب أنا منيب ضعيفة.. ومنيب رخيصة عشان ترخصني وتستهين فيني.. أنا مشكلتي الوحيدة هي إني أحبك وبشكل أعمى وغبي يخليني أدمح زلتك و أشوف غلطك ولا شي.. مع إنه كبير ويوجع.
اوجعتني خطاب..
اختنق صوته لا يجد كلمات يمكنها أن تواسيها فقال بضعف : أدري.... أدري!
نظرت له بنواعسها التي ذابت من فرط الدموع.. تكاد أسنانها أن تقطع شفتيها وهي تتأمله.. ينظر لها نظرة مليئة بالدموع والانكسار.. على كَثرة المرات التي رأت فيها خطاب ضعيفاً يبكي أمامها متجرداً من كبرياء الرجال العتيد.. جلوسه أمامها هذه المره، بهذه النظرة، بهذا الضعف والإنحناء وكأنه أصبح كهلاً فجأة.. كان مختلفاً.. مختلفاً للحد الذي جعلها تلعن -وهي التي لا تلعن أبداً- من كان سبباً بكل هذا.. تلعنه وتتمنى زواله في أسرع وقت.. وبأبشع صورة.. تشتمه بكل شتيمة كانت قد سمعتها قبلاً.. تتمنى أن تتزلزل الأرض من تحته وأن يحل عليه سخط الله لأنه كان سبباً بوصول خطاب لهذه المرحلة من ضياع الروح.. كانت حزينةً للحد الذي شعرت به كأنها ستتقيأ قلبها.. للحد الذي لم تستطع من أن تمنع نفسها من أن تضع يديها على جانبي وجهه.. تقربه منها وتقبله قبلةً جعلت شهقاته تحبس في حنجرته.. أغمضت عينيها تبكي بصمت حظه وحظها.. سعادته وسعادتها والمليون أمنية التي لم تتحقق،x الأسرة التي تنتظر في المستقبل البعيد وقلبها الذي يمتلئ حباً في كل ثانية له..
ابتعدت عنه للحد الذي يسمح لها بأن تنظر لعينيه التي فتحها بخدر وكأنه كان يعيش سكرة اللحظة.. ابتسمت بحزن : خطاب أنت قد وعدتني في أول ليلة لي معك إنك مابتخذلني.. تذكر ولا نسيت؟
أجابها بصوتٍ محتقن : مانسيت..
هلا : وقتها أنا وش قلت لك؟ قلت إني مستحيل أتركك لأني نشبة،x تذكر؟
خطاب بضحكة مليئة بالدموع : أذكر..
هلا بعد صمت دام ثواني وضحكته جعلت ماتنوي قوله صعباً لدرجة أنها نوت أن تتراجع. لكنها ابتلعت ريقها تقول بابتسامه هادئة : وأنا فعلاً نشبة ومستحيل أتركك.. بس أحتاج أبعد شوي..
بهت وجهه وتجمدت ملامحه بشكلٍ كسر فؤادها لذا قالت بسرعة قبل أن تتراجع : أبي أروح بيت أهلي شوي.. أحتاج أقعد مع نفسي لأن فيه أشياء كثير داخلي تحتاج تتصلح.. بس شوي ، ممكن؟
ابتلع ريقه بصعوبة ينظر لها نظرة الباكي المشتكي، نظرة خطاب الجبان أكثر رجال الأرض بكاءً وضعفاً.. كان يتمنى لو يقول لها بضياع يعني كل حرفٍ فيه "وأنا؟" .. أو أن يصرخ في وجهها " لأ ".. أو حتى لو يبكي يتشبث بأكمام بيجامتها يترجاها أن تبقى معه لأنه يخشى أن يكون خروجها خروجاً بلا عودة.. هل تُقرِّب له الوداع؟ هل دقت نواقيس النهاية في حياته و وصلت هلا للمرحلة التي لم يعد للحب فيها معنى مقابل راحة بالها؟
كان الكلام يتزاحم في حنجرته.. سلسلة طويلة لا نهاية لها.. مع ذلك قال بخفوت ينزل بصره عن ابتسامتها الحزينة له : ممكن..
.

الطريق لمنزل أهلها كان طويلاً على غير العادة.. طويلاً والصمت هو الشيء الوحيد المسموع فيه.. كانت هلا تنظر للخارج من نافذتها.. قليلٌ من الندم يعبث بقلبها وهي تسمع أنفاس خطاب الثقيلة..
خطاب.. نطقت باسمه في سرها وضلوعها تشكي ألماً لا حد له.. كيف بحياتهم أن تغدر بهم هكذا فجأة؟ بعد أن كانت تعيش فوق سحابة من شدة سعادتها بقربه أصبحت الآن تشعر وكأنها قد دفنت تحت الركام!!
لم تخفى عليها نظرته بعد أن خرج من غرفته يرتدي ثوبه.. يرى حقيبتها بجوار الأريكة التي تجلس عليها.. تصنم لثواني قبل أن ينظر لها يبلع ريقه وكأنه يبتلع علقماً : نمشي؟
هزت رأسها و وقفت تغطي وجهها .. تتابع اقترابه ناحيتها ليرفع الحقيبة.. يقول دون أن ينظر لها: ثقيلة والله؟
هلا : ملابسي وملابس سالم..
هز رأسه : اهاا..

كان يجب أن تبتعد حتى وإن كان ابتعاداً مؤقتاً.. أنين قلبها يجبرها على ذلك.. يأمرها بذلك.. لأنها تعلم أن قربها منه سيجبرها على أن تقدم الكثير من التنازلات،، تنازلاتٍ أكثر مما قدمت.. فوجود خطاب أمامها دون أن تكون قادرة على أن تتكلم معه أو أن تجلس جواره تتأمله تحكي له ويحكي لها أو حتى أن تصمت ويصمت معها، شيء يصعب فعله فهي بلغت من الحب ناحيته مالم يصل له بشر..
تخشى إن بقت ، تعلم أنه عاد منها إذا أتى من الخارج مُقبلاً عليها.. أو أن تجد أحمر شفاه يلطخ ثوبه.. أو بقايا رائحة عطرها تعلق بثيابه.. تخشى من أن تصل معه لمرحلة الشك التي لا خلاص بعدها.. تخشى من تلاشي الحب في عينيه وهو يسقيه غيرها.. تخشى من أن تقتلها حقيقة أن هناك امرأة أخرى أصبحت في حياته..
امرأة غيرها يراها يجلس معها ويتحدث وربما يصل الأمر بينهم لأبعد من ذلك..

ابتلعت ريقاً شعرت بمرارته بعد أن توقفت السيارة أمام باب منزل أهلها.. داخلها يذوب يتمنى التراجع فهي أضعف من أن تتخلى عنه.. "عزّي نفسك شوي الموت أحسن لك لو غيرتي رايك الحين ورجعتي معه".. فتحت الباب ونزلت.. ليماثلها خطاب..
يقف يفتح صندوق سيارته ليحمل حقيبة ثيابها ويضعها على الأرض وهي تقف على الرصيف تمسك سير حقيبتها وتراقبه..
ما إن سمع صوت خالد الخارج من المنزل للتو يرحب بسعادة : حيّ الله من جانا..
حتى وارتعدت فرائصه من شدة الخوف.. يخشى من أن يعرف خالد فعلته فتكون نهايته.. أهله وهلا في نفس اليوم.. خسارة ستودي بحياته بلا شك..
لكن خالد سلم عليه بحرارة لم تقل عن حرارة سلامه لأخته.. "يارب..".. كان يرددها خطاب في نفسه وهو يرى قفى خالد الذي يقف أمام هلا يسلم عليها ويمازحها.. كانت يارب فقط دون شيءٍ بعدها فلا يعلم بماذا يدعي لكنّ الله أعلم بحاله وبما يختلج في صدره..

كان يقول لها شيئاً وما إن استدار ناحية خطاب ليشركه في الحديث معهم حتى وانتبه للحقيبة بجانب أقدامه .. عقد حاجبيه : عسى ماشر؟
هلا بارتباك : خطاب بيسافر بكرة وبقعد عندكم ..
خالد : يابووي الله يعين قلوبنا أجل..
ضحكت بارتباك : بعذر؛ جا من يشيل مكاني ..
خالد موجهاً كلامه لخطاب الصامت : على وين إن شاءالله؟
ابتلع ريقه وبدون تفكير : أبها..
ارتفع حاجبيه : وش عندك في أبها؟
خطاب بسرعة يريد النفاذ بجلده قبل أن يفضحه ارتباكه : مشروع جديد وأنا بمسكه.. يلا أشوفكم على خير .
خالد : وين يابوي بتمشي؟.
زفر يهز رأسه،، فأردف : قول لا إله إلا الله ،،x متى رحلتك؟
بتردد : اا بكرة الصبح؟
خالد : أجل ادخل أمي وأبوي داخل والله إن درت سلوى إنك جيت لين باب البيت وما دخلت بتتوطى حوض بطنك وعاد دور أحد يفكك من بنت عيّال.
خطاب بتلكك : أعذ..
قاطعه وهو يسحبه خلفه : ااا.. أقول إمش بس أنا قايل أنت متغير علينا ماعادك خطاب الأولي،، صاير ثقيييل بس اصبر علي لي قعده معك بعدين..
ثم توقف فجأة يمد سبابته يلمس جبيرة أنف خطاب الذي صفع كفه : ولد..
ضحك: وش فيها جبيرتك ذي كل مالها وتكبر شوي وتوصل اذانك؟ بالله انتبه عليهم لا تصير فتحةx أكبر من فتحة ..

.

انقلب على جنبه الأخر وهو يشعر بالتي جافى النوم عينيها خلفه..
الليل أسدل ستاره منذ زمن و سلوى لازالت مستيقظة تضع يداً تحت خدها بوجهٍ قلق..
تركي : للحين مانمتي؟
زفرت : تركي أخاف فيه مشكلة بين خطاب وهلا..
عقد حاجبيه : مشكلة وش؟
بضيق : والله ما أدري يا تركي ما ودي أنطق بها.. بس أنا مرعوبة يكون خطاب ما يجيب عيال.
عبس : وش هالفال أعوذ بالله؟
سلوى : والله إني خايفه.. كم صار لهم متزوجين؟
تركي : هلا قالت لك شي؟
تأففت : وهي بنتك تقول شي ولا تتكلم؟ أنا متأكدة إنها هي وياه فيهم شي ، دخلتهم علينا اليوم ما كانت طبيعية وقعدتها عندنا لأنه مسافر ما دخلت مزاجي..
تركي : وأنتي تظنين هلا بتتركه عشان العيال؟ مستحيل..

قالها وسكت يؤمن بها.. فهو أعلم بخبايا قلب ابنته فقد سمعها بأذنيه تطلب خطاب الزواج منها..
ثم تابع : بنتك تحب رجلها أكثر مني ومنك يمكن .. وإن طلع فيه مثل ما قلتي ما أظن هلا قليلة أصل للدرجة ذي عشان تتركه لجل العيال..
سلوى : مافيه مرَه ماتبي عيال ياتركي.. أنا أخاف اسألها أو اسألهx يتضايقون مني..xx
بحده : إياني واياك تفتحين معهم هالسيرة. انتبهي..
سلوى بتردد : ياخوفي الكلام اللي طلعته زوجته الأوله عنه يكون صدق..
زفر : وش رايك تسألين خطاب .. ولا تسألين هلا عن هالموضوع موب أزين؟
سلوى بهلع : ياويلي،، الله يقص لساني مانطقت بها..
سكتت و وجهها يمور بألف تعبير.. حتى أن عينيها بدأت تلتمع بالظلام فضحك : وش فيك الحين؟
سلوى : والله قلبي موجعني على ولد أختي.. من جا على الدنيا وحظه عاثر ماشاف يوم زين أبد..
تركي : اسخطي على قدر ربك أحسن!..
سلوى بسرعة وتبرير : أعوذ بالله ماقصدت.. بس أنت سألت وأنا جاوبتك.. بعدين أنت ليه معصب علي؟ خلاص ياخي لف عني ونام ماعليك فيني.. لف وجهك عني أشوف..
تنهد بطولة بال : يابنت الحلال ماعصبت بس أنتي سامعه كلامك؟ ياسلوى العيال كبروا ماعاد هم الصغار اللي أول ومشاكلهم بيحلونها بأنفسهم دام إنهم ماطلبوا عون أحد.. تعوذي من ابليس ونامي بس..
ثم تابع بابتسامه قلقه ممازحاً : و اتركي عنك اللقافة..

.
.

كانت تتمدد على شقها الأيمن بجانب سالم الذي يستعد للنوم.. يضع يديه تحت رأسه وينظر للسقف بصمت.. وضعت يدها على صدره تتمتم بعض الآيات وتحصنه بذكر الله وعلى ثغرها ابتسامه صغيرة بسبب ملامح ابنها الجادة.. إذ يبدو أن الطفل الصغير في تفكيرٍ عميق بينه وبين نفسه..
قال بهدوء لازال على وضعه : أمي خطاب بيموت ؟
اقشعر بدنها من قوة الكلمة : بسم الله عليه.. ليه تقول كذا؟
رفع كتفيه : شكله تعبان..
عبست : و أنت وش عرفك بالموت؟ من وين تجيب هالكلام؟
سالم بتردد : طيب بنقعد في بيت بابا تركي على طول؟
عقدت حاجبيها باستنكار : أنت تبينا نقعد على طول؟
هز رأسه مؤكداً يديره ناحيتها في عينيه رجاء طفولي شطر قلبها : ليه؟.... ماتبي غرفتك اللي هناك؟
سكت قبل أن يقول بصعوبة : ما أبي خطاب..
ارتفع حاجبيها حتى كادا يلتصقا بمنابت شعرها ليتابع سالم بعبوس : أنا ما أحبه.. لأنه زعلك، وبكيتي..
ابتلعت ريقها تشعر بأنها عاجزه عن التبرير.. تحرك بؤبؤها بحيره على ملامحه.. كيف للصغير هذا أن يتفوه بحديثٍ كهذا؟
هلا بتوهان : بس أنا أحب خطاب.. واللي يحبني لازم يحبه..
أنت ماتحبني سالم؟
سالم بسرعة : إلا ماما أحبك..
هلا : أجل لازم تحبه.. خطاب يحبك ودايماً يقول إنك أحسن ولدx عنده .. ولا نسيت ؟
سكت قليلاً يتأمل وجهها قبل أن يهتف بحيره : لا مانسيت! بس هو صيحك هذيك المره..
وبتردد تابع وكأن عقله الطفولي غير قادر على الفهم : يوم قال بتزوج.. كيف يعني بيصير عندي ٢ أم؟؟
اتسعت عينيها بذهول ،، ثم بصرامة : ساالم!!
سالم بتبرير : أنا سمعته..
هلا بتوتر كيف لم تنتبه لوجود سالم تلك الليلة، كيف يمكنها أن تخرج من مأزقٍ كهذا؟ : كان يمزح معي.. ولا عاد أسمعك تجيب هالسيرة مره ثانية على لسانك.. و ياويلك تحكي فيها قدام أحد.. سامع؟
هز رأسه بخوف : طيب.. آسف..
هلا بحيرة : سالم حبيبي لا تفكر بمواضيع مثل هذي.. وخطاب يحبني ويحبك وأنا متأكدة أنه لا سمع كلامك بيزعل..
هز رأسه يعطيها ظهره وكأنه ينهي النقاش.. استمرت تربت على جنبه تنظر لرأسه بتوهانٍ عظيم.. مضى عليها منذ أن تركت منزلها ومنزل خطاب قرابة الإسبوع.. لم تقطعه ولم يقطعها بل كان يتصل عليها وتتصل عليه.x صحيحٌ أن المكالمة لا تدوم ٥ دقائق يمضي نصفها سكوتاً والنصف الآخر أسئلة روتينة عن الحال.. ولكنها في نهاية الأمر تعتبر تواصلاً. انتظمت أنفاس سالم منذ زمن طويل ونام الصغير وهلا لازالت تربت على جنبه بسرحان تفكر بما قاله حتى تعبت يدها وتوقفت.. زفرت أنفاسها الثقيلة وخرجت من الغرفة بحذر خشية من أن توقظه..
جلست بصالة الدور العلوي جميع الأنوار مطفأة إلا نور بسيط قادم من دورة مياه الصالة.x تتأمل هاتفها بين يديها تقلبه بحيره إلى أن عقدت قرارها وهي تهتف لنفسها تشجعها " خطاب لي.. الله بيرجعه لي..
أنا واثقةx ." .. واتصلت عليه ، فأجاب بسرعة كأنه كان ينتظر اتصالها.. وبدون مقدمات : وش تسوي؟
خطاب بهدوء : أندب حظي.
ضحكت ضحكة كئيبة : بسم الله عليك وعلى حظك.
خطاب بابتسامه : عديم حظ من يومي..
هلا بعد رضا : الله يصلحك ..
خطاب : أنتي وش تسوين؟ ليه للحين صاحية؟
سكتت قليلاً ثم قالت بنبرة تعب تدلك جبينها : سالم طير النوم من عيني..
خطاب باهتمام : ليه؟
هلا : قام يقول كلام أكبر من عمره.. خوفني!
خطاب : أنا ملاحظ عليه متغير الفترة الأخيرة!
هلا بضحكة ساخرة : سالم حاقد عليك لأنك على قولته زعلتني وخليتني أصيح.. ويسأل إن كنت بتجيب له أم ثانية لأنه سمعك ذاك اليوم وأنت تزف لي خبر زواجك..
احتدت أنفاسه : وش تقولين أنتي؟ سالم وش يعرفه بكلام مثل ذا؟
هلا : بكرة تعال وحاول ترقّع الوضع شوي.. سالم طفل ويتأثر بأي شي وأنا ما أبيه يكرهك .
خطاب بعد فترة : هلا أنا تعبان وأنت..
لتقاطعه : وأنا بعد تعبانه.. تصبح على خير ..
وأغلقت الهاتف في وجهه و وضعته أمامها على الطاولة بعد أن تقدمت بجسدها تحني ظهرها وتلقي برأسها بين كفيها.. ممزقة من كل جانب يالله.. ساعدني.

لا تعلم كم مر على جلوسها بتلك الوضعية الغير مريحه.. وما إن شعرت بالثقل الذي حط بجانبها حتى ورفعت رأسها بذعر..: خرعتيني يمه.. صدمت بوجود والدتها تنظر لها بابتسامه محدودة وفي عينيها قلق واضح : وش مقعدك هنا تالي الليل لحالك؟.
هلا بتلعثم حاولت أن تسيطر على أنفاسها المرعوبه : كنت اكلم خطاب.
سلوى بهدوء : وش أخباره خطاب؟
هلا : زين.
سكتت تنظر لها بتفحص وفمها قد استوى بخطٍ مستقيم وكأنها تمنع كلاماً من أن يخرج..
ابتلعت ريقها : غريبة صاحية للحين!!
ثم اردفت عندما لم تجبها : فيه شي يمه؟
سلوى : سالم قال لي..
شعرت وكأن جبلاً من جليد هوى عليها : قالك وش؟
سلوى بأسى : هلا..
وقفت بصوت مخنوق تتوعد بغضب : والله لا أوريه شغله سالم الكلب..
لكنها مسكتها من معصمها تسحبها لمكانها بقوة : حلفتك بالله ماتلمسينه ولا تقولين له شي..
بعبرة : يكذب يمه..
سلوى : هلا أنا أمك.. وخطاب ولد إختي قبل لا يكون زوجك..
أسألك بالله تعلميني وش اللي صار بينك وبينه؟
هلا : ما صار شي.. خلاف بسيط وبينحل..
سلوى : وش هالخلاف البسيط اللي يخليه يتزوج عليك؟ أسألك بالله لا توجعين قلبي يابنتي وعلميني .
بكت بخوف : أمي الله يخليك لا يسمعك أحد. وقلت لك سالم بزر لا تصدقينه..
سكتت تنظر لها بتأثر وهي تحاول جاهدة أن توقف دموعها عن السقوط لكن لا جدوى.. همست بشفقة : هلا..
هلا : اللي بيني وبين خطاب خلاف بسيط وبنحله يمه.. لا تشغلين بالك وخطاب يحبني وأنا أحبه.. بس أبوي واخواني لا يدرون.. لحد يتدخل الله يخليكم،، خطاب ماله أحد غيركم.. ما أبيكم تتغيرون عليه عشان شي صار بيني وبينه..
سلوى : لازلتي مصره تخبين علي؟!
هلا بعينين غرقتها الدموع مجدداً تربت على صدرها بوجع حقيقي : أنا بموت يمه .. قلبي يوجعني. والله يوجعني.
لم تحتمل رؤيتها هكذا لتحتضنها بشده تمسح على ظهرها تهمس في اذنها بصدق وتأثر : الله يجبر قلبك يابنتي جبر ما كنتي تحلمين به أبد.

.
.

عصر اليوم التالي كان خطاب يقف بسيارته التأجير أمام منزل خالته.. يفرد شماغه ويعيد ترتيبه.. ثم يفرده ويعيد ترتيبه مجدداً.. وهكذا حتى شعر بالملل فأغلق حامل المرآه أمامه بقوة.. يتأفف بتوتر.. كان قد اتصل بهلا قبل خروجه من منزله.. يخبرها بأنه سيأتي ليأخذها هي وسالم بمشوار خاص.. والغريب أن هلا وافقت فوراً دون أن تجادل.. إذ أنه توقع رفضها وقد أعد خطاباً كان ينوي إلقاءه عليها في حال فعلت ذلك "لازم تحسسين سالم ان ما بيني وبينك شي وإن وضعنا طبيعي.." لكنها وافقت ما إن أخبرها بطلبه .
ابتسم بشوقٍ عارم وهو يراها تغلق باب المنزل وتتقدم ناحية سيارته ومن خلفها سالم يمسك عباءتها وكأنه يخشى من أن تهرب عنه .
فتحت الباب وركبت تسلم بهدوء دون أن تلتفت له.. لتتسع ابتسامته يقبل يدها بعد أن سحبها بقوة يرفعها لفمه : وعليكم السلام ورحمة الله.. حيّ الله قلبي..
حاولت أن تسحب يدها لكن لم يدع لها مجالاً لذلك.. فأشارت بعينيها للجالس خلف مقعدها.. وبصوت منخفض : أنا جيت عشان مايشك إن بيني وبينك شي، واترك يدي تراه موجود.. لايشوفك..
ترك يدها بعد أن قبلها مجدداً وأدار رأسه ينظر لسالم متكتف اليدين ينظر للخارج بصمتٍ رهيب.. تنهد : وش فيك علينا يا أبو محمد.. ليه ماتسلم؟
سالم بهدوء دون أن ينظر له : السلام عليكم .
خطاب : خشمك يالذيب طيب..
تأفف الصغير واقترب منه يقبل أنفه ليشهق متفاجئاً عندما سحبه خطاب بقوة يجلسه في حضنه.. يضمه لصدره متجاهلاً بذلك شهقته واعتراضاته.. يهتف : ما اشتقت لي يا ولد ؟
ثم تابع عندما لم يجد إجابه سوى يد الصغير تحاول التحرر منه.. فأبعده عنه : وش رايك أنت اللي تسوق فينا اليوم؟
سالم بنظرة شك : كيف؟

كانت هلا تضع يداً على قلبها بقلق.. تنظر للطريق أمامها تارة.. ثم لخطاب وسالم الجالس بحضنه يحرك المقود باستمتاع تارة أخرى.. : الله يستر لا يجيب أجلنا اليوم..
خطاب بضحكة : أفا بس شلون تخافين و معك كنق الطارة!!. صح يالسلمي؟
ضحك سالم مستمتعاً جداً يتشبث بالمقود بكلتا يديه : صح صح.. ادعس خطاب ادعس بقووة..
خطاب : أبشر يالغالي..
هلا بهلع تضع يدها فوق يد سالم : وش يدعس؟؟ خطاب تعوذ من ابليس توك طالع من حادث..
اشهد ان لا اله الا الله.. يارب استرها معنا يا كريم..
ضحك من أعماق قلبه : شدعوة هلا تراني أمشي ٣٠ والشارع قدامنا فاضي.. ويدي ماسكه الدركسون من تحت.
هلا بخوف : والله إن لقطك ساهر بتروح فيها.. كلنااا بنروح فيها..
خطاب بابتسامه : ماعليه أهم شي سالم مستانس .
سالم بصوت مرتفع : إيه إيه مستااانس.. ادعس أقووى ادعس ..
ليزيد من ضغطه على دواسة البنزين فانطلقت السيارة تشق الطريق الخالي من السيارت تحت صراخ هلا المرعوبة وضحكات سالم الذي بدى وكأنه يعيش أسعد لحظات حياته.. كان يحاول نيل رضاه بأي شكل حتى لو اضطر لدفع دم قلبه سبيلاً لذلك.. علاقته بسالم لم تتوقف عند كونه ابن لهلا فقط.. بل تعدت ذلك لتصل لمرحلة الشعور بأن الطفل الجالس بحضنه الآن ابنه حقاً.. كان يرى فيه حلماً لم يتحقق بعد،، يعوض نقصه به ويستشعر بذلك الإحساس بأن يكون أباً حقاً..
سالم كان طفلاً مميزاً بتصرفاته يفرض حبه في قلوب الجميع دون جهد، فكيف بقلب خطاب المحروم؟ كان حبه له من حبه لوالدته.. حباً عميقاً لم يتأثر بكونه ابن رجلٍ غيره كان قريباً من هلا بالشكل الذي عجز هو عنه.. كان يحاول الآن جاهداً أن يمحي فكرة خطاب الذي أبكى والدته وكرهه لذلك.. يريد لعلاقته بسالم أن تعود كما كانت في السابق.. وأن يعود سالم بمناداته ب"خطاب صديقي".

ابتسمت هلا تشعر بالسعادة التي تفرض نفسها على كل شيء داخلها.. تنتشر في مساحات الحزن والخذلان الواسعة، تبدد الغضب، جروح الروح و وجع القلب.. ترى خطاب أمامها يمشي ممسكاً بيد ابنها ليقطع الشارع بعد أن توقف بسيارته في مواقف المعرض الكبير والمخصص لبيع الإلكترونيات.. كانت تجهل سبب قدومهم لمكانٍ كهذا لكن بعد أن رأت خطاب يخيّر سالم بين جهازين من أجهزة -البلايستيشن- حديثة الإصدار حتى و وضعت يدها على رأسها من جنون ماينوي فعله.
هلا بقوة بعد أن سمعت خطاب يتكلم بخفوت مع سالم " اسأل ماما عادي نشتري واحد ؟"... : لا طبعاً موب عادي..
خطاب بعينين اتسعت بشكل كوميدي ينظر للصغير أمامه: اوبس،، سمعتنا!!
بدأ سالم يقفز أمامها يتوسل ويتشبث بكم عباءتها يحاول ثنيها عن قرارها..
هلا : سالم قلت لأ يعني لأ.. أنت للحين صغير على الأشياء ذي..
سالم بنبرة باكية : لا مو صغير .. ماما بليز..
نظرت لخطاب بعتب.. ترى ابتسامة واسعة تعتلي وجهه : فرحان ماشاءالله!!
ضحك : لا تكسرين بخاطر الولد ..
هلا : والله ماتصلح له..
خطاب بإلحاح : عن خاطره هلا وحددي له وقت معين يلعب فيه .. هو من أول قال لي يبي واحد كل اللي معه بالصف معهم لدرجة إن واحد منهم قال له اكتب حرف P بخط كبير وحطه تحت السرير وبيطلع لك سوني.. قاموا يطقطقون على الولد عيال اللذينَ..
ضحكت باستنكار : من جدك؟ من وين جايب السالفة ذي؟
تكتف : سالم قال لي..
أنزلت بصرها حيث سالم يحتضن جزءها السفلي يرفع رأسه وفي عينيه رجاء طفولي .. ضحكت وعادت تنظر لخطاب : والله شكل هو اللي يطقطق عليك..
خطاب بابتسامة : يلا عاد هلا لا تعسرينها..
هلا بزفره بعد تفكير وهي تشعر بذراعي سالم تكاد تعصر خصرها : موافقة بس على شرط..
ثم أرخت بصرها لابنها الذي التمعت عينيه بفرحة واضحة : ما يقعد عليه طول الوقت.. ولا قلت له يقفله يسمع كلامي..
خطاب : وسالم موافق .
سالم بسرعة : ايوه والله موافق.. موافق..

كانت تقف بجوار خطاب في ممر الأشرطة حيث سالم يقفز من رفٍ لآخر يتخيّر بين ماتحتويه.. كانت سعادته واضحة وكأنه ملك الأرض ومن عليها..
لا تنكر هلا شعور الراحة الذي سكن قلبها وهي ترى سالم يلتفت من وقت لآخر باتجاههم ابتسامته تكاد تشق خديه.. يركض باتجاههم ليُري خطاب اختياره.. تنهدت : الله يصلحه ماهقيت إنه انتهازي كذا.. فشلني.
ضحك لها : قصدك ذكي و استغل وضع إني أدور رضاه دواره.. لو طلبني سيارة الحين جبت له..
هلا : ماعليه بنكلف عليك،، ولدي وأعرفه ماينعطى وجه..
نظر لها بعتب : عيب عليك لا تحسسيني إني غريب عنكم.. سالم ولدي بعد ولو طلب روحي عطيته.. ماتتخيلين وش صار فيني أمس يوم دريت إنه شايل بخاطره مني.. والله ضاقت بي الدنيا فوق ماهي ضايقة.
قبل أن تفتح فمها لترد على كلامه تحرك خطاب بخطى سريعة حيث سالم الواقف في آخر الممر يصرخ بحماس يشير بيده على أحد الأشرطه : خطاب خطاااب تعال شوف.

ما إن ركب خطاب مكانه خلف المقود وقبل حتى أن يغلق بابه.. كانت يدي سالم الصغيرتين تمسك برأسه مقبلاً بذلك خده بكل قوة.. مره واثنتين.. وثلاثة يهتف بينهم ..: شكراً خطاب.. شكراً شكراً..
ضحك يغلق بابه على صوت هلا تهز رأسها بيأس : نعنبو غيرك يالمصلحجي..
خطاب لازال يضحك : أهم شي مستانس؟
عاد يقبل خده : بطير من الوناسة.. شكراً شكراً..
ابتسم بحب واضح : حبيبي أنت العفو.. بس هاه مثل ما اتفقنا تسمع كلام أمك لو دريت بس إنك تعبتها باخذه منك وأبيعه..
سالم متفحصاً محتويات الكيس الكبير الذي أصر على خطاب بأن يضعه جانبه : والله اسمع كلامها.. متى بنرجع بيتنا؟؟
نظر خطاب لهلا نظرة مليئة بالرجاء الذي أشعرها بالخطر.. إذ شعرت أنها قاب قوسين أو أدنى من أن توافق . لكنها هربت ببصرها عنه توجه كلامها لسالم : بس شوي حبيبي إلى إن يخلصون العمال شغلهم في البيت..
سالم بانشغال يتأمل شريطاً آخر بين يديه : عمال وش؟
هلا بتلعثم : عمال يصلحون الشقة .
تجاهل سالم ماقالت وانشغل يتفحص أشرطة أخرى.. لتزفر براحة وتلتفت لترى خطاب ينظر لها نظرةً لم تفهمها.. فقالت بضيق : خلينا نرجع البيت أمي تنتظرنا..

.

خطاب بهدوء عندما توقفت سيارته أمام منزل خالته : هلا لا هنتي أبي سالم شوي..
التفت ناحيته سالم الذي همّ بالخروج مستنكراً طلبه في نفس الوقت الذي قالت فيه هلا : وش تبي فيه؟
ابتسم ينظر لسالم : أبيه بكلمة راس.. سالم تعال اركب قدام..
سكتت هلا تتأمله بحيره قبل أن تهمس : طيب..
قالتها وخرجت تغلق الباب خلفها وتختفي خلف أبواب المنزل..
خطاب : وش فيك للحين ورى؟ تعال جنبي..
قفز سالم وجلس مكان والدته يهتف باستعجال : وش فيه؟ بسرعة أبي أدخل داخل أجرب السوني..
سكت خطاب يتأمله قليلاً يحاول تبسيط كلامه قدر الإمكان : سالم أنت الحين رجال وكبير صح؟
سالم بقوة : صح..
ابتسم : مره ثانية إن كنت زعلان مني تعال قول لي.. إن شفتني ضايقتك تعال علمني.. لا تسكت عني وتكتمها بصدرك.. الأسابيع اللي فاتت ماكنت تعاملني زين لأنك كنت زعلان مني صح؟
سالم بتردد صرف بصره عنه : إيه .
خطاب : ليه؟
ثم أردف عندما لم يجد إجابه : .. اسمعني سالم أنا الحين بكلمك من رجال لرجال أدري إنك ذكي وبتفهم كلامي.. أنا فرحان لأنك تخاف على أمك و ماترضى أحد يزعلها وأنت كبير ورجّال البيت إذا ماكنت موجود و إن تركتكم وطلعت أكون مرتاح لأني أعرف انك بطل و بتنتبه على أمك وعلى نفسك بغيابي.. مشاكل صغيرة مثل هذي تصير في كل بيت وبين أي اثنين.. عادي! وأنت تشوف أمك تضحك وتسولف معي و طلعنا مع بعض الحين نفس قبل ومابيننا أي شي.. أمك زوجتي وبنت خالتي وأحبها وأحبك كثييير وما أرضى عليكم، أنتم أسرتي الوحيدة ما أقدر استغني عنكم ومهما غلطت أنا مالي غيركم.. أنا ماعندي عيال،، بس أنت ولدي.. وأنا أحبك وفرحان بك وبوجودك في حياتي وما أبيك تبعد عني أو تبعدني عنك أبداً..
فاهم وش أقول سالم؟
هز رأسه بتوهان فكثير مما قال خطاب لم يفهمه : فاهم ..
ثم بترددx : آسف..؟
فتح ذراعيه له مبتسماً براحه : وأنا بعد آسف.. هاه ،، خلاص صحيب؟
احتضنه بقوة،، يضحك : صحيب..

ما إن دخل المنزل حتى و استقبلته رائحة البخور والقهوة المهيلة.. أحضان خالته التي عاتبته بحنو : وينك ما تقول عندي خاله أجي أطل عليها اشوف وش أخبارها؟ متى جيت من أبها؟
عقد حاجبيه ينظر لها مستنكراً فهو قد نسى الكذبة التي حاكتها هلا.. وبعد أن أنار مصباحٌ فوق رأسه عندما استوعب قال بسرعة : أمس..

وهلا.. هلا التي تعلقت عينيه بها وكأنه لأول مره يراها.. تتحرك في المكان ترتدي بنطالاً أظهر تناسق جسدها وكنزة شتوية صفراء اللون جعلتها كالشمس في المكان.. لا يعلم هل تغيرت أم عدم رؤيته لها يوميا طوال الوقت كما اعتاد اوهمه بذلك.. كانت تقدم له القهوة وتقرب منه الضيافة تضحك معه وتجلس جواره وتتحدث وكأن شيئاً لم يكن حتى بدأ يشك بأن لا شيء حدث بينهما فعلًا وانهم في نهاية اليوم سيعودون معاً للمنزل..

كان سالم يستعرض مشترياته لسلوى بكل سعادة.. يشرح لها بضمير وهي تجاريه بهز رأسها وتعابير وجه متحمسه مبالغ فيها ..
هلا بهمس لخطاب الجالس جوارها يتقدم بجسده يضم كفيه على ركبتيه ويضحك على تعابير وجه خالته : وش قلت لسالم؟
غمز لها يجاريها الهمس : سواليف رجال ما يصلح اتكلم فيها معك..

عادت تنظر للأمام تخشى من أن يلاحظ تأثير حركته عليها.. إذ أن حتى صوتها خرج مرتفعاً عندما قالت : خلاص سالم وخر عن أمي صكيت راسها..
لملم سالم حاجياته وذهب بها للدور العلوي وقبل أن يمضي على غيابه خمس دقائق عاد ينزل عتبات الدرج بسرعة يصرخ بفرحة : ماما تعالي أبي أشغله..
وسحبها معه دون أن يعطيها مجالاً للاعتراض.. زفر خطاب هواءً من فمه وهو يرى هلا تُسحب عنوه من قبل ابنها وتحاول أن تجاري خطواته بضحكة..
وبينما هو يراقبها تختفي من أمامه في الدور العلوي.. سلوى كانت تراقبه.. قلبها قد تفطر على حاله وحال ابنتها.. كانت عالقة في المنتصف غاضبة منه لفعلته التي فعلها وفي نفس الوقت غضبها يتلاشى مجرد أن تنظر لوجهه.. في قلبها رحمة وعطف عليه لا يصل لأحدٍ غيره..
حاولت أن تبتسم : وش أحوالك خطاب؟
نظر لها يبعد ناظريه عن السلالم.. عاقداً حاجبيه مستنكراً سؤالها فقد سألته قبلاً وأجابها : الحمدلله.. وينه عمي ما شفته؟
سلوى : اليوم معزوم على استراحة صديقه بالنعيرية.. أنت وش أخبارك؟
ضحك عاقداً حاجبيه : والله طيب وش فيك مو مصدقتني؟
سلوى بعد صمت : خطاب أنا للحين خالتك.. انسى إني أم زوجتك وعلمني . وش بينك وبين هلا؟ صاير شي؟
بقلق : لأ.. ليه هلا قالت شي ؟
ابتسمت بأسى وهي ترى اضطراب ملامحه : أنت تعرف هلا ماتتكلم، غير إني يوم سألتها قالت خلاف بسيط..
تنهد براحة : مسألة وقت يا خاله وكل شي بيرجع مثل ماكان..
سلوى بهم : أنا أعرف هلا يا خطاب من دَخلت وهي شايلتك شيل لأنها تبي تبين لي إن الموضوع اللي بينكم فعلا بسيط.. بس حالها الأيام اللي فاتت يقول عكس ذا الشي.. ومن شاف وجهك اليوم درى إن السالفة كايدة.. وش جاكم؟
بضيق : لا تشغلين بالك...
قاطعته : تخبي علي ياولد سلمى؟
ابتسم لها ابتسامة لم تصل لعينيه، كان سيقول " ليتني رحت مع سلمى يوم راحت ." .. لكنه قال عوضاً عن ذلك بعد تنهيدة خرجت من أعماق قلبه : خاله أنا.. أنا ما أبيك تاخذين موقف مني.. ما أبيكم كلكم تزعلون مني عشان اللي قاعد يصير بيني وبين هلا.. أدري إن محد فيكم راضي و أدري إنك شايله بخاطرك علي،، بس خاله... خاله أنا مالي غيركم .. أنتم أهلي..
قبل أن تفتح سلوى فمها لتجيبه وصلهم صوت هلا تنزل السلالم بضحكة : خطاب لو تشوف شلون سالم مبسوط.. بغى ينقلب عليه التلفزيون من كثر ما يخمخمه..
تلاشت ضحكتها عندما حطت أقدامها منتصف الصالة تنظر لهم باستنكار: وش فيكم وكأن على رؤوسكم الطير؟ وش هالجو؟
زفر و وقف على عجل :x أنا بمشي راجع لأبها بكرة،، سلموا لي على عمي والعيال.. مع السلامة ..
سلوى بشفقه وهي ترى الحزن يغطي ملامحهx : خلينا نسمع منك يابوي لا تقطع مره وحده..
ابتسم لها يقبل رأسها قبله طويله وهو يشعر بيدها تربت على عضده بحنو وكأنها تخبره بأن الأمور مهما اشتدت والخلافات تصعدت سيبقى حالهم كما هو لن يغيره شيء..
ابتعد عنها يبتلع عبرته ويبادلها ابتسامة دافئة ثم التفت لهلا يرمش بقوة يبدد حرقة عينيه ليجدها تقف في مكانها تنظر لهم بقلق تعض ابهامها.. : توصليني للباب هلا؟
ابعدت ابهامها ونظرت لوالدتها ثم له.. كان في نبرته رجاء وتردد وكأنه يخشى من أن ترفض. تنهدت بقل حيلة : إيه..
مشى معها في ساحة المنزل ببطء كانت تجاريه به.. كأنه يريد للحظتهم هذه بأن تطول.. كانت تمشي تضم يديها أمامها تنظر للأرض وتسترق النظر له بطرف عينها.. وعندما توقفت خطاهم أمام باب المجلس الخارجي قالت بهدوء : شكراً خطاب..
عقد حاجبيه والتفت ينظر لها لتتابع : على هدية سالم.. ما تتصور كيف مبسوط فيها..
ابتسم : أهم شي يكون راضي علينا أبو محمد.. خلاص طاح الحطب؟
ضحكت تغطي فمها بيدها : طاح و بس.. اتوقع الحين صار يحبك أكثر مني..
خطاب وضحكتها بعثت فيه مئة ألف شعور بين الحب والحب والحب والحب.. بجميع المسميات وجميع الأشكال والصور.. فهي وحتى الآن لازالت تقف معه تضحك له وتحادثه رغم فعلته التي هو متأكد بأنها دمرت شيئاً فيها : شكراً لك أنتي لأنك اعطيتيني فرصة ثانية معه..
بادلته الابتسامه بابتسامه صغيرة لتقول ببساطة : دايماً فيه فرصه ثانية..
اتسعت ابتسامته وعينيه تتعلق بعينيها.. بصمتٍ يحمل من المعاني الكثير، والتي إن نطق بها لن تصلها كما وصلتها من خلال نظرته.. كان التعب واضحاً على وجهه.. هالاتٌ تحت عينيه واحمرار جفنيه وذقنه المهمل.. قالت بقلق : شكلك ماتنام زين خطاب ..
خطاب لازال ينظر لها بابتسامه : ما أنام أبد الله وكيلك.
عبست : ليه؟ وجهك تعبان حتى صوتك من الإرهاق متغير .
خطاب : بالي مشغول.. أحس حياتي قاعدة تضيع مني.. ماعدت أدري وش أبي!!
ثم أردف بعد تنهيدة : الله يعين بس و يفرجها من عنده ..
همهمت : آمين..
خطاب متأملاً وجهها بحنين : أحس قلبي مو معي.. متى بترجعين لي؟
ابتسمت : لا خلصت مشروعك اللي بأبها.

قالتها تغمز له تريد منه أن يشعر بأنه لازال خطاب الذي تحب وأن جبل الجليد الذي صدمت به سفينتهم أحدث خدشاً بسيطاً فيها لكنه لم يغرقها.. ولن يأتي شيءٌ يغرقها وإن غرقت ستسعى جاهدة لأن تصعد بهم للسطح فداخل قلبها الكثير من الحب لليتيم الذي رأى حريقاً هائلاً يلتهم أهله..

كان لغمزتها وابتسامتها أثرٌ أزاح غمامات الهم التي تكدست في قلبه.. كان مؤمناً متأكداً أنها دائماً وأبداً ستكون وجهته إن تاهت عناوينه وأنها ملاذ روحه وأمان فزعه والمرأة التي جمعت شتات نفسه. هي جاهه واتجاهه و وجهته.. هِمتُه و مُهِمته وغايته.. وإن كان في حياته مئه وتسعه وتسعون مُعضله.. فهلا هي الفرج والراحة و السعادة التي أتت في المره المئتين ونسفت كل ماكان قبلها.. اقترب منها يقبل جبينها بعد أن همس بعذوبه : اشتقت لك..
وقبلها مجدداً.. يغمض عينيه يشعر بأنفاسها المضطربه تلفح عنقه.. ابتعد قليلاً يهمس بنبرة متعبة جداً.. : اشتقت لك هلا..
رفعت عينيهاx لوجهه. كانت تشعر بتدافع الدموع ونهرت نفسها كي لا تسقط ولكنها ما إن رأت نظرته الضائعه حتى وشعرت وكأن حصونها الوهمية دُكت.. فلا حصون بنيت من الأساس حتى وإن حاولت أن تتظاهر بذلك .. خطاب هو صاحب القلب بين أضلعها ومن امتلكه وهي بكل ضعف لا تقوى حتى على أن تتظاهر بالقسوة عليه.. احتضنته بهدوء تحاول أن تسكن بذلك اضطراب أنفاسها وتوهان روحها.. تدعو الله ألا ينتبه لهم أحد فهم لازالوا في ساحة المنزل..
بحزن وهي تشعر بتشبثه بها وكأنه لم يصدق.. و بعتبٍ واضح قالت : خلاص خطاب متى بتوقف اللي أنت قاعد تسويه؟ تعبت وأنا أقدم تنازلات على حساب نفسي.. أبي أكون أقوى من كذا لأنك ذبحتني بفعلتك،، والله ذبحتني.. بس في كل مره أحاول أقسى فيها عليك القى نفسي أضعف من قبل.. أنا مغلوب على أمري .. وقلبي.. أرفق بي الله يخليك..x
خطاب بهدوء يشد عليها أكثر ونبرة الخذلان في صوتها أذابت قلبه : مابقى شي..
ابتعدت عنه تنظر له بقلق : على وش؟
ابتسم يمسح بإبهامه خدها : على إن كل واحد ياخذ جزاه وعلى إني ابرّد خاطري وأشفي غليلي وأطفي النار اللي شفتها يوم كان عمري ٨ سنين وللحين ماطفت ..
رغم إنه لايعلم كيف.. فدانة وجدها لازالا مختفيين..
سكتت تتفحص وجهه بخوف حقيقي ثم قالت برعب : وش ناوي عليه خطاب؟ كلامك يخرع لا تورط نفسك بمصيبة الله يخليك..
ضحك ضحكة قصيرة : لا تخافين .
عادت تسكت، تتأمله عاقدةً حاجبيها بشك.. فضحك يعاود احتضانها مجدداً يهتف لها بصدق : لا تخافين..

.

كان يتمدد على أريكة صالة شقته.. في ظلامٍ دامس والساعة قد تجاوزت منتصف الليل بكثير . يحاول ترتيب أفكاره المبعثرة.. يستنجد بأي شيء لينجو بنفسه من وطأة التفكير.. يشعر بأن كل دقيقة تمضي عليه كالهم الذي يتراكم فوق همومة الكثيرة.. كان قد أكثر من زيارة الطبيب محسن العطار في الفترة الأخيرة والذي بدأ يلمس تحسن حالته ويخبره بذلك على الرغم من أن خطاب -كما يقول- لم يشعر بشيء.. مع ذلك كان حريصاً على مواعيده يريد الخلاص من عذابه في أقرب وقت .. يريد النجاة والعيش كما يتمنى.. تذكر حديثه معه في أحد زياراته. عندما كان في قمة غضبة والطبيب في قمة بروده..
بهدوء : شلون بتنتقم منه؟
بتقتله؟ بتحرقه؟ بتقطع أطرافه بتمثل بجثته؟ شلون؟
خطاب برعب : لا طبعاً..
الطبيب : لكنك تبي تنتقم..
خطاب : إيه.. بس مو بالقتل أو بالطرق اللي أنت ذكرتها.. أنا موب مجرم ..
ابتسم: ممتاز. كيف أجل؟
سكت خطاب واقتراحات الطبيب أرعبته : ما أدري.. الفكرة ماطرت في بالي حتى.. إن ذبحته ماراح استفيد شي بالعكس.. أنا أبي أنتقم منه لشي في نفسي.. عشان أقدر أعيش صح وأعيش طبيعي موب عشان أنهي حياتي بعده لأني وقتها ما بكون استفدت شي.
محسن بعد أن ضم كفيه أمامه : شوف خطاب،x كل واحد فينا داخله الزين والشين، الخير والشر.. و الشر ممكن يطلع في أي لحظة لكنه ينتظر الظروف.. انتبه من اللحظة اللي يطغى فيها شرك على خيرك.. لأنك وقتها بتصير أنت ومنيف بنفس الصف..
بقوة : أنا منيب مجرم.
محسن : وعدوك ماكان مجرم.. بس تهيأت له الظروف..
أنت أخذت بنته ليش؟
خطاب: عشان أتقرب منه..
عقد حاجبيه : وتعتقد شخص رفضك من البداية بيرضى بقربك الحين؟
بتوهان : أحاول..
محسن : طيب وتقربت منه،، وبعدين؟
ثم أردف عندما لم يجبه : بنته وش ذنبها؟
خطاب : أنا ماني مسوي لها شي..
محسن : بس بتنتقم من جدها وعلى كلامك هو الوحيد اللي لها.. وش ذنبها؟
خطاب بيأس : وأنا وش كان ذنبي؟ جدها أنهى حياة أهلي وحرمني منهم للأبد.. بدون أي ذنب..
محسن : أوجعك؟
بعبرة : ذبحني..
زفر : أنت ما سألت نفسك منيف ليه قام بشي مثل كذا؟
خطاب بحقد وضح بنبرته : لأنه مسخ..شيطان مريض ومجرم..
محسن بهدوء : ممكن، وممكن يكون زوج أمك هو السبب اللي خلاه يرتكب فعل شنيع مثل هذا.
احتدت نبرته : أنت معي ولا معه..
محسن : ياعزيزي أنا ما أعرفك و ما أعرفه عشان آخذ صف أحد فيكم.. أنا مع المنطق. ومن المنطقي جداً إن منيف كان شخص طيب وجيد لكن فعل غيره أجبره ينتقم.. مثلك الآن رجل صالح بس تبي تنتقم..
ثم بابتسامه حانيه: خطاب لا تشيل هم الدنيا لأنها لله..
ولا تشيل هم مستقبلك لأنه بيد الله.. شيل هم عملك اللي بتقابل فيه الله.. واستمتع بدنيتك وعيش يومك وتفكّر باللي أعطاك إياه الله.. أنت مهندس ناجح عندك أسره تحبك و زوجة تنتظرك وابن صحيح مو من صلبك لكنه يشوفك قدوة..ويحبك .. لا تهدم مستقبلك عشان شي صار بالماضي.. تصالح مع نفسك.. إقتنع بواقعك وإعرف إن اللي حصل قبل صار لأنه مكتوب.. مو لأنك جبان وهربت.. .. كون واقعي وفكر باللي بين يدينك الحين مو باللي راح منك.. فيه كثير أشياء تصير مانكون راضيين عنها مئة بالمئة.. لكن في النهاية نرضخ لأنها حصلت وانتهت وأكيد لحكمة.. إن كان كل شخص بيقعد يحاسب نفسه على كل فعل وكل تصرف وكل كلمة ماراح تمشي الحياة.. وبتوقف!

.

زفر يغمض عينيه ليحل الظلام عوضاً عن نور إضاءة هاتفه.. هاتفاً لا يتجاوز ثمنه الخمسمائة ريال كان قد اشتراه خصيصاً لما ينوي فعله ،x الكلام يُعاد ويُزاد في عقله.. لا يعلم كم بقى وهو على وضعه ولكن ما إن قرر فتح عينيه حتى واستقبلته أرقام بدر العشرة، الرقم الذي أخذه من بطاقته.. كان ينظر له لأكثر من ربع ساعة.. محتاراً قلقاً وشجاعته المزعومة تبكي في الزاوية.. "كن شجاعاً و افعلها فلا مزيد من الوقت أمامك" .. زفر هواءً ساخناً وكأنه يزفر خوفه وتردده.. يشعر وكأنه سيتقيأ من شدة الارتباك..
ذهب للرسائل وكتب بعد وقت و بأصابع مرتجفة [ اسأل أبوك وصديقه حمد عن وفاة واحد اسمه فواز بن أحمد العبدالكريم.. واستمتع ].. ليحدد بعدها اسم بدر ويرسلها له..
.
.
.

# نهاية الفصل السادس عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

همس الذكـرى ينااجيني 22-01-19 05:20 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
هلا هلا وطن ياصباح الخير 💙
اشتقنا لك واشتقنا للروايه وأبطالها طولتي عَلِينا بس عذرك معك ومن طول الغيبات جاب الغنايم هههه ♥
هلا ياقليبي قلت لكم ماراح تسوي شي هذا هي أقصى شي عندها الكلام وحتى ماقدرته !!
خطاب وهل فيه جديد لازال متشتت مايعرف شيسوي !
هو شي واحد اشوفه أتقنه وبرع فيه دور الأبوه مع سالم وإلا في الباقي جايب العيد دايم ☹!
قلت لكم انا من قبل سالم كان موطبيعي مع خطاب لانه كان يحس ب شي والله اني خفت انه شافه بموقف مو زين عاد هنا بتنطبع بعقل الطفل ولاعمره بينسى ..

دانه اتوقع خلاص حياتها مع خطاب انتهت وبترجع لجدها !
بس خطاب حيرني جد جد وش هالانتقام الغريب وش بيستفيد لو عرف بدر القصه يعني يبي ينتقم من خلاله !


سلوى قلب الأم حاسه في بنتها والضغوط اللي تواجهها :( احس انها ماراح تسكت وبتجلس ورا هلا إلين تعرف السالفه

ضي وخالد عرف كيف يحتويها ويحل المشكله 👏🏻💙

وطن نوره يعطيك العافيه مادري ليه بديت احس إنَّا قربنا من خيوط النهايه :(
مستمتعين معك والله 💙
الله يسعدك بكثر مااسرق الوقت عشان اقراء واحْلل بكثر ماروايتك صارت متنفس لنا من ضغوط الواقع .

منتظرينك 💙

فيتامين سي 23-01-19 07:43 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وطن نورة ،، (المشاركة 3711278)
مساء الخير ❤
أول شي أحب أشكركم والله اني احبكم جداً :73:

والله أدري طولت ومالي وجه لكن نعتذر منكم تقلب الجو سبب لنا وعكة صحية عدت على خير ولله الحمد
أكرر اعتذاري مجدداً على التاخير وثواني وينزل الفصل ال16 أتمنى لكم قراءة ممتعة واعتذر مقدماً وبشدة على القصور ❤ ..

ثاني شي ،، فيتامين سي ❤ أفتقدتك جداً عسى المانع خير يارب :redface:


يسعد مساك وصباحك وكل أيامك حبيبتي
وماتفقدين غالي ياعسل
الحمد لله بخير لكن انشغلت شوي وقرأت الفصل متأخر مالحقت أرد قبل ماينزل الفصل الجديد
لي عودة بعد قراءة الفصل الأخير

فيتامين سي 23-01-19 08:52 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير على وطن نوره ومتابعاتها الغاليات
ماشاء الله وطن نوره كل ماتقدمتي في الرواية تزيدين تألقا
ماأدري وش أقول وش أخلي بارت كلمة مميز قليله في حقه بارت دسم وطويل ماشاء الله
مبدعه في السرد والوصف والحوار دمجتي بينها بشكل مميز مافي جانب طغى على الآخر
استمتعت وأنا أقرأ بارت مميز جدا جدا خالي من الأخطاء
الإملائية أو النحوية اللي تضيع على القارئ المتعة بالقراءة

هلا صدمتها بالحادث اللي تعرض له خطاب وخوفها عليه
خفف من صدمتها بزواجه في البداية كان همها حياته والباقي
يهون لكن بعد مارأت إنه بخير زعلت منه بسبب زواجه ومعها
حق هي على عيوبه شايلته شيل وماقصرت معه ومتحملته يقوم
يجازيها بالزواج عليها تصرفت صح بالإبتعاد عنه تعز نفسها
وتأخذ قرار بعد تروي وتفكير ماهو مثل خطاب الفعل يسبق التفكير وثاني شيء تتركه يحس بها ويفتقدها ويعرف قيمتها

خطاب ما أعرف متى يتعود يفكر قبل مايقدم على الفعل
رسالته لبدر ماهو هدفه منها هل له هدف والا مثل تصرفاته
السابقة ننتظر ونشوف

خالد وضي حياتهم إن شاء الله استقرت والفضل بعد الله لخالد
وتفهمه واحتوائه لضي

دانه أتوقع ماعاد ترجع لخطاب ويمكن تطلب الطلاق خاصه بعد
ماتحس بحب جدها لها وعودة العلاقة بينهم للسابق وشيء
ثاني كلام خطاب لها عن أنه متزوج ويحب زوجته فهي على
البر تاخذها من قصيرها وتتركه واللي هذا أوله ينعاف تاليه
هي اللي شافته من خطاب مايشجعها على التمسك به وأكيد
بدور رضى جدها اللي بيطلب منها تطلق من خطاب وهي ندمت
إنها زعلته أول مره وما راح تكرر خطاها

منيف ما أظن بيكتفي إن دانه تطلق من خطاب وأكيد بيقعد
لخطاب ويحاول ينتقم منه

بدر لاطال بلح الشام ولا عنب اليمن وما أتوقع منيف يزوجه
دانه خسر حنين ودانه ومن هالحال وأردى إن شاء الله

حنين ماشاء الله بدأت تتصرف صح وما أصبح بدر محور
حياتها اهتمت بنفسها وفالتها مع عمها ومن عافنا عفناه
لو كان غالي

تسلم يمينك وطن نوره يعطيك العافية ولا خلا ولا عدم منك يارب


فتاة طيبة 25-01-19 03:24 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
يالله انا ويني عن هذي القصة المذهلة :vfghgf:... جمااال غير عادي من قوة الحبكة وقوة الحوارات وتسارع الاحداث وتشابكها مذهلة انت ياوطن نورة اصلا اسمك لوحده حكاية اهنيك بقوة على هذي القصة ... احداث القصة جميلة غير مكررة لدرجة مااقدر استنتج ايش الخطوة الجاية حقيقي دخلت جو غير عادي معاك واكثر شي شخصية عجبتني هي خالد هبلتني والله اضحك بدون شعور معاه كله كوم والنظرات اللي تدعو للرذيلة عجبتني :biggrin:
حقيقي راح تاخذين ذنبي جلست سهرانة طول الليل مانمت ماقدرت اقوم عن قصتك وراح يخاصمني زوجي مايحب السهر :asd:
منتظرة الجزء الجديد بشوق سلمت يمينك :0041:

NoOoFy 26-01-19 08:23 AM

رواية رائعه كاتبتنا الغاليه وطن
فعلن تجبرتس على الشكر على مثل ذا الحبكه
في البدايه اختي وطن استنكرت فعلت منيف وربعه بأهل خطاب وحسيت انتس شطحتي بالخيال لبعيد وين حنا فيه حرق عائله كامله وفعل فاعل ولا فيه من يحرك ساكن والجاني يسرح ويمرح ولا عايش عيشة ملوك بس بعد استرسالتس في احدث القصه بديت اتأقلم مع الجريمه وانها ليست بفعل فاعل

نجي الخطاب وهلا بصراحه متعاطفه مع الأثنين خطاب وضعه ونفسيته ترحمينه بس في نفس الوقت حاقده عليه بعد زواجه لو كان متوقع ان هلا ممكن يكون لها ردة فعل قويه على فعلته ماسواها كسر قلبها وخلها تشكك في حبه لها مسكينه فعلن وش يفرقه عن محمد لو قلنا محمد خانها عشان يثير غيرتها ويصحيها من ناحيته
انت وش عذرك تنتقم من جدها يالمسكين انت انقذتها من وحل جدها وعمانها وبعدين شخص عارف عمرك مستحيل تضرها وهي بنت من اتصلت عليك ركض لها تنقذها بعد ماطردها جدها وخذت لها شقه ويوم طلبت تجلس عندها انصعت الطلبها ونسيت اللي باعت العالم ومعها كرامتها عشانك وصار الحادث ومتلهف تسئل عنها وعن حالها مير دواك جدها اللي خذها منك بكل سهوله وحتى تواصل بالجوال ماقدرت
بعرف يوم عقلك العقيم قالك انتقم من منيف وانت منتب قدها وتزوج دانه هل يعني بتحرقها مثلاً ولا بتحرق جدها وطلقها بعده
اقول الله عطانا عقل نفكر فيه دانه مالها اي دخل المفروض استغليت كره زوجته وعياله له وحاربته من خلالهم
يالله ياشاطر ورنا وشلون بتخلص منها
ولا تقول حبيتها وشفتها ومدري ايش ترا ماراح نرضى فيها شريكه الهلا حتى لو رضت هلا وحتى لو كانت من اطهر مخلوقات الله

هلا شخصيه طيبه وراقيه وحترمه تعشق زوجها وتضحي من اجل الكل
هلا انتي منتيب غلط يوم صبرتي على محمد
انتي منتب غلط يوم عرضتي على خطاب يتزوجتس
ولا غلطتي يوم عرفتي بزواج خطاب ولا سويتي مشكله معه ودخل فيها اهلتس
انتي انسانه ارقى من الرقي نفسه ومحترمه ومتربيه وفيتس طيبة قلب ورجاحت عقل عاليه جداً
حبيتس وحبيت شخصيتس الهاديه الرزينه المسالمه الذكيه العاقله
لا تتوقعين اللي سويتيه ضعف بالعكس انتي شخصيتس مهيب ضعيفه والدليل اللي تسوينه مع خطاب تأدبينه وفي نفس الوقت مراعيه وضع نفسيته الصحي انتي كذا 👍🏻

خالد وزوجته لا تعليق الله يصبر خالد عليها صدق يستاهل احسن منها وش يحده على مثل ذا العيشه وهو الف بنت تتمناه ضيع ايام زواجه الأولى اللي هي اسعد مرحله في دلعها المفروض اهلها مابلشوبها ولد الناس وهي كذا


حنين وبدر دقي خشمه ياحنين تدرين بدر هذا كل ماوطيتي عليه كل ماصار منضبط معتس اكثر
ابو حنين وعععععع شخصيه اكرها وعمها اذا فيك خير وتبت اعترف على عملتكم اللي سويتوها وريحو الولد

منيف ماعليش اسهل منه مافيه بس مافيه احد وقفه عند حده مخلينه يعيث في الأرض فساد
بعدين يازوجته بما انتس تكرهين كل ذا الكره ليش مادبرتي له مصيبه وانهيتيه مهوب معقوله
عايشه معه ولا مسكتي عليه شي اكيد عندتس بلاوي له
عيال منيف الى الأن مواقفهم قليله

ياليت وطن يكون البارت اطول من كذا ويكون شامل الجميع الابطال نبي مواقف بين بدر وحنين
وام جابر وعيالها مع منيف نبي نعرف اكثر عن ذا العائله
اخو هلا وزوجته نسيت اسمه اللي ماخذ اخت طليقها محمد مالهم ذكر
زيدي في مشاهد البارت الله يسعدتس

ننتظر نزول البارت كاتبتنا الوائعه وبردي قلوبنا وسعي صدر هلا ولله انها تستاهل بصراحه
وخليها تحمل تخلصنا وتجيب بنات بخطبهم لعيالي ابي لعيالي زوجه مثلها معاد فيه بنات معاد فيه بنات 😥

أبها 26-01-19 09:47 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ورحمة الله
أسعد الله أيامكم ..وطن نورة وجميع متابعاتها الكريمات .🍃

لا باس عليكِ يا غالية، طهور بإذن الله ..

هلا .. ( المهم إنه حيّ ).. فعلا هذا هو أول ما يفكر به من أصيب بعزيز،
وكل شيء بعده يهون، كل خلاف وخصام، وكل همٍّ وعتاب، يتلاشى أمام أمنية واحدة ..أن يكون ( حيّ ) .

( الله يسامحك ) .. عظيمة تلك المرأة، مَنْ منّا وفي غمرة غضبها واكتشافها أن زوجها ارتبط بإمرأة غيرها،، تتفوّه بتلك العبارة ؟!
(اوجعتني خطاب.. )
تلك العبارة اختصرت الكثير، وشرحت الكثير . 😢
ثِق يا خطاب أن هناك شرخاً أصاب قلب هلا، وحاجزاً أُشيد بينكما، وإن لم تتفوه هي بذلك، وذلك البعد الوقتي الذي طلبته هلا، هو حل مناسب لكليهما.
ربما تتضح عندك الرؤية، وتستطيع أن تركز في أفعالك الغير مدروسة.

منيف ...ربّ ضارة نافعة .. حادث دانة هدم كل الحواجز القسريةالتي وضعها منيف بينهما، وها هو الجد المحبّ لحفيدته يظهر بعواطفه الحقيقية- والتي لم تخفت لحظة- وإن ادعى أمامها خلاف ذلك..
غمرني شعور بالفرح، أولاً من أجل دانة التي فقدت من بعد جدها العزوة، وثانياً من أجل خطاب وهلا، فأظن أن منيف لن يسمح لدانة بالعودة لخطاب .
( وتلك أمنيتنا جميعاً ☺ )
استماعه لتشخيص الطبيب ،، انهيار الجبل ، وذرف الدموع، والنحيب ....
تصوير قمة في الروعة يا وطن - كسر خاطري المجرم - 😁
عساه في هالحال وأردى .🤲🏼

حنين ... قوية يا بنت 😂
مسافرة وفالتها مع عمك ؟ زين سويتي 👍🏼

بدر ...(وش شايفني عندك ماوراي حياة اقعد الاحق بنتك و زوجها؟)
بدر واقعي جدا رغم عيوبه،،، فالعاقل لا يخاطر بحياته من أجل امرأة، لها بدائل كُثُر .
أيضاً أعجبني فيه قوة شخصيته أمام منيف، ذلك الوحش الذي يهابه الكثير ..
( أحلى شي لما سكّر التلفون بوجهه 😁 ) يستاهل

لقاء منيف بهلا أمام غرفة دانة، هل سيكون له تبعات أم سيمر مرور الكرام؟
( خفت على هلا منه 😨)

سالم ... فطن جدا. رغم ذلك فهو طفل استطاع خطاب أن يرضيه بطريقة ذكية
( كم عمره ، نسيت ☺)

ضي ..
ذكر والدها أنها سقطت في الحمام واغمي عليها لعدة ساعات، مما جعلني أجزم أن ما بها مس من الشيطان ، لكنك أشرتِ في أحد التعليقات أن ما تعانيه هو وهم سيطر عليها.. ..فما هو التشخيص الصحيح لها ؟


يا ترى كيف سيستخدم خطاب بدر كطريقة للانتقام ؟ 🤔

وطن نوره ...
يأسرني حرفكِ الذي يسير طوعاً لأفكارك، يعجبني التصوير والتعبير الذي أجدني رغماً عني أراه ماثلاً أمامي كأنّي أراه رأي العين ،، ماشاءالله تبارك الله ولا قوة إلا بالله .....🤲🏼
والله يخجل القارئ أن يذيّل الجزء بتعليق متواضع لا يليق بهذا الجمال، فالعذر والسموحة وطن، لكن حقك علينا أن نرد بكلمة شكر وامتنان .💐
فكل الشكر والتقدير لكِ ..🍃
بانتظارك باذن الله 🍃

شبيهة القمر 26-01-19 11:28 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
حي الله الحامل والمحمول
نورتي الحته ياوطن 💃💃
تدرين اهم شي صار اليوم واحسه بيحرك الاحداث القفله الخطيره او نقول الخطوه الاولى في الانتقام ..رساله خطاب لبدر .. واخيييرااا ياخطااب هرمنا حتى هذه اللحظه ..من رأيي لو خطاب يلعب بأعصابهم وكل يوم يرسل لهم رسايل لين تحترق اعصابهم ويجيهم انهيار عصبي وينهبلون ويمشون بالشارع يكلمون انفسهم ههههه

وطن ..تسلم يمينك الجزء اليوم راااائع مثل ماعودتينا ..تسلمين يارب

همس الذكـرى ينااجيني 30-01-19 03:01 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
سلام مساء الخير ♥

صار لي يومين أحدث الصفحه مو كأن البارت تأخر
وطن نوره إن شاءالله انك بخير ♥

وطن نورة ،، 30-01-19 11:22 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
مساء الخير جميعاً :peace:
أهلا وسهلا فيكم كلكم ردودكم تسعدني جداً وأعترف إني مقصره بحقكم كثير لكن لي عودة إن شاءالله للرد عليكم وحده وحده :wookie:♥
أنا حاليا في سباق مع الزمن لذلك أعتذر منكم على التاخير الغير مقصود وهذا هو الفصل السابع عشر وصل أتمنى يعجبكم ويرتقي لذائقتكم ♥

ألف شكر مقدماً ♥.


< ما أدري ليه أحس إني قامطه العافية :redface:

وطن نورة ،، 30-01-19 11:36 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.


# (١٧) الفصل السابع عشر ،،
°
°

كَيف احْتمَلتَ فِكْرةَ أنَكَّ
وَضعْتَ ثَغْرةً مُؤلِمةً فِي صَدرِ أحَدهِمْ
سَتُرافِقُه طُوَالَ حَياتِه ،
وَمضَيْتَ هَكذَا دُونَ أَنْ تَكتَرِثَ لِشَيءْ؟
كيَفْ؟

*منقول*
.
.


بعض الخيارات تأتي منتحلةً الصواب.. ترغمك على أن تختارها فلا يوجد بيدك حيله.. تضطر لأن تفعلها لأنك عندما فتشت عن بدائل لم تجد شيئاً.. الخيار الأول ليس دائماً هو طوق النجاة.. ففي بعض الأحيان ، لا بأس من الغرق ..
الغرق قد يكون حلاً..

ابتسمت ترجع بعض خصل شعرها القصيرة التي دفعها الهواء للأمام.. تراقب بعينيها مجموعة من الحمامات تلتقط قطع الخبز الصغيرة التي نثرتها على الأرض..
اتسعت ابتسامتها وهي ترى حمامتين تتعاركان على قطعة واحدة صغيره.. لتقطع الخبز بين يديها وتلقيه فأخذته إحداهن بسرعه وحلقت تهرب به بعيداً..

مضى أسبوعان منذ اليوم الذي استيقظت فيه تشعر بفراغٍ في جمجمتها وكأنها فقدت جزءاً منها. تتلفت ببؤبؤها بشكلٍ محدود بسبب الألم الذي شعرت به عندما حاولت تحريكهما في اتجاهات مختلفه.. تغمض عينيها تبتلع ريقاً جافاً شعرت به يمزق بلعومها.. لم تكن تعلم أنها كانت تتأوه حتى سمعت صوتاً ثقيلاً يلمس كتفيها بحذر: دانة.. دانة تسمعيني؟
كان الصوت مألوفاً محبباً لقلبها.. قد كبرت عليه ،، رافقها طيلة حياتها نامت عليه واستيقظت حتى أصبح ترنيمتها الوحيدة..
فتحت عينيها بوهن لترى وجهه مخضباً بالدموع.. ينظر لها بعدم تصديق الدموع تتساقط من عينيه وكأنها مطر..
كانت بعد أن استيقظت تداهم عينيها الاضاءات الساطعه وأصوات الأجهزة الرتيبة، قد آمنت أن أجلها سيكون داخل مركبة.. فهذه المره الثانية.. انفجرت تبكي بهلع وهي ترى وجهه موسوماً بملامح العطف والخوف.. رفعها يحتضنها بكل قوة يبكي معها.. حتى غطى صوته صوتها.. يقبل رأسها يتمتم : أنتي بخير يا عين جدك أنتي..
أنتي بخير لا تخافين.. لا تصيحين ياروحي. ألف لا باس عليك..
رفعت يدها تتشبث بجيب ثوبه العلوي.. تحاول أن تتكلم فلم يخرج معها شيء سوى أنينٌ موجوع.. غير مصدقة أنها عادت له تراه أمامها يبكي خائفاً عليها..
ابعدها عنه يمسح دموعها بكفه يضحك بين دموعه بعدم تصديق : خوفتيني عليك يا الدلوعة..
ثم تابع وهو يتأمل وجهها بقلق : فيه شي يوجعك؟
هزت رأسها بالنفي فلا قدرة لديها لتحديد موقع الألم.. كل مافيها يؤلمها من رأسها وحتى أخمص قدميها.. وضعت يدها على صدرها : وش صار فيني ؟
أعاد إراحتها على السرير يمددها ويغطيها بحنو : انتظري بنادي الدكتور أول وأجيك..
لتهز رأسها تعاود إغماض عينيها بتعبٍ واضح..
.

كانت تتذكر تماماً ماحدث قبل أن تدخل سيارة خطاب باللوح الصلب.. تتذكر صرختها التي خالطت صمته المرعب.. كانت تبكي قبل هذا كله واستيقظت الآن ولازالت تبكي.. تنظر لجدها ينظر لها مبتسماً وكأنه يرى الدنيا فيها..
" جدي سامحني " .. كان ماهتفت به بعد أن خرج الطبيب يخبرها بضرورة القيام ببعض الأشعة للتأكد من أن كل شيءٍ بخير..
ابتسم لها يقبل كفها بين يديه : لا تتعبين نفسك بالكلام..
هزت رأسها بالنفي : لا جدي أنا آسفه.. سامحني..
منيف بهدوء : أنا ماعمري زعلت عليك يا دانة .. أنا مالي غيرك..
ارتعش صوتها : وأنا بعد مالي غيرك.. أنا أدري إني غلطت.. وندمت،، والله ندمت.. أنت ماتتخيل كيف مرت علي الأيام اللي فاتت وأنت مو معي.. والله كنت أموت باليوم مليون مره ياجدي وأنا أدري إنك مو راضي علي..
أخذ نفساً وأطلقه : حصل خير يا دنِّي.. حصل خير.. أهم شي إنك قدامي الحين،، ومعي.. بخير ومافيك إلا العافية.. خلاص بعد ما تطلعين من هالمكان بننسى كل شي صار قبل لا تدخلينه.. كأني أنا وأنتي ولدنا من جديد.. تدرين وين ناوي أوديك؟
ابتسمت : وين؟
منيف بحماس : بنسافر للتشيك.. فيها منتجع خرافي ياخذك لدنيا ثانية.. نحتاج نغير جو أنا وأنتي ومنها أطمّن قلبي عليك..
دانة : أنا بخير يا جدي مايحتاج.. أبي أروح البيت بس..
منيف : أدري إنك بخير.. بس ما يمنع نتطمن أكثر ولا أنتي ماتبين تروحين معي؟..
هزت رأسها تسايره وسكتت.. لا طاقة لها بأن تجادل فيغضب منها وهي التي لم تصدق رضاه عنها بعد الذي حصل..
.

مضى اليوم الأول بعد استيقاظها وهي محرومة من النوم أو حتى الراحة.. كانت تغمض عينيها تتظاهر أنها في نومٍ عميق حتى نام جدها المرافق لها بنفس الغرفة..
عندما تأكدت من نومه فتحت عينيها تنظر للسقف تتنهد بضيقٍ يكاد يخنقها.. لا أضواء سوى التي تتسلل من الخارج بين طيات الستارة البلاستيكية.. كان السؤال في بالها ملحاً منذ أن استوعبت ما حل بها وتشربت واقع أنها كادت تنتهي.. تفكيرها وقلقها يأخذها قسراً له.. تتمنى لو أن تعرف ما الذي حل به بعد هذه الحادثة التي جعلتها تغيب عن الوعي لأيام.. ابتلعت ريقها وكأنها تبتلع جمرة وهي تتخيل إن كان لاقى مصرعه ومات!! تتمنى أن تعرف أي شيءٍ عنه لكن لا جرأة لها بأن تسأل جدها الذي لم يفارقها دقيقة واحدة منذ أن استيقظت..
.

مررت لسانها تبلل شفتيها.. تنظر لجدها يدخل في نقاش حاد مع الطبيب يخبره بأنه سيأخذها الآن وسيتحمل كامل المسؤولية.
ليزفر الطبيب بصبر : يا خالي الله يطولّي بعمرك ما يصير.. بنتك لازالت تحتاج رعاية طبية و..
قاطعه بإنفعال : أنت تفهم الكلام ولا لأ؟ أقولك أنا بطلعها على مسؤوليتي.. رحلتنا بكرة وباخذها لمكان أفضل وأنت اقعد بمستشفاك الزبالة ذا..
وها هي الآن بعد خروج الطبيب غاضباً تجلس على السرير تنظر لجدها يجلس على الكرسي يشتم السائق الذي تأخر ..
عادت تمرر لسانها على شفتيها وقالت بتردد بعد أن أصبح السكوت عن السؤال مستحيلاً : جدي أبي اسألك سؤال،، من صحيت وأنا أبي أسالك بس متردده.. لكن أوعدني ماتعصب علي..
رفع بصره لها وابتسم : أوعدك.
ابتلعت ريقها تهتف بارتباك : خطاب مامر يسأل عني؟
تلاشت ابتسامته وتجهم وجهه : وإن قلت لك إنه مات!!
همست بهلع : مات؟
نظر لها ببرود وضيق وعدم رضا وهو يراها تنخرط في بكاءٍ مرير بعد نظرة الهلع التي نطقت بها عينيها.. : وش هالبكى كله؟ ارتاحي الواطي حي يرزق اللهم خشمه انكسر .. وليتني كسرت راسه ذاك اليوم .
نظرت له برجاء : جدي جد تتكلم ؟ تكفى لا تلعب بأعصابي..
بتهكم : بسم الله على أعصابك يابنتي.. لك عين بعد اللي صار تسألين عنه؟ أنا ما أدري أنتي وش شفتي فيه هالزلابة عشان تكسرين كلمتي وتعصيني وتاخذينه؟
غصّت بعد كلماته فهو يعاتبها بحاجبين مقطوبين مع ذلك قالت بأمل تمسح دموعها : ما سأل عني؟
منيف : ولا طل عليك حتّى وكأنه ما صدق.. هذا واحد مافيه خير لو فيه خير كان ما جاك من وراي بعد مارفضته.. يابنتي يا دانة واحد مثل ذا ارتباطك فيه يقلل من قيمتك وأنتي قيمتك ماتنقاس..
أرخت بصرها بخذلان فما معنى أن يكون لم يكلف نفسه عناء السؤال عنها؟
وقفت بعد أن سمعت جدها يتحدث مع السائق ليغلق منه يوجه حديثه لها بنبرة متهكمه : مشينا..

يومها كانت تمشي مع جدها كالمبرمجه.. سألها عن مكان إقامتها طيلةx الأيام الماضية لتخبره و رأت عدم الرضا والاحتقار على وجهه عندما قال : هذي آخرتها حاذفك بشقة مفروشة كأنك بنت ليل!
دانة بتعب : جدي..
ليتأفف منيف لازال مقهوراً مما فعلت لكنه لا يستطيع أن يطيل الزعل عليها كلما تذكر أنها كادت تموت..

.

منذ أن ركبت الطائرة واستقر جسدها على المقعد ، وهي تدير رأسها عنه تنظر للأرض البعيدة عنها وأنوارها من النافذة.. لم يخفى عن منيف سرحانها ولا تناهيدها التي أشعرته وكأن هناك مايطبق على صدرها..
سأل باقتضاب : من اللي ماخذ عقلك ؟
التفتت له تعقد حاجبيها بابتسامه صغيرة جداً مستنكرة.. لم يستطع إلا أن يبتسم لها وهو يرى وجهها والإنارة أعلى رأسها جعلت منه كالقمر يضيء في عتمة المكان : من ركبنا وأنتي صاده عني.. تفكرين بمين؟
دانة بتنهيدة : ما أفكر بأحد.. بس إلى الآن ماني قادرة استوعب إني دخلت بغيبوبة وصحيت منها. قاعدة أفكر لو إني مت فعلا وش بيكون حالي بالقبر الحين؟
منيف بسرعة : بسم الله عليك .. الله لايذوقني مرارة فقدك..
ابتسمت : حبيبي أنت..
قالتها وعادت تلتفت عنه ومنيف يراقب جانب وجهها حتى نطق بجمود : صار بينك وبينه شي؟
حركت رأسها ببطئٍ شديد حتى وقعت عينيها على وجهه الجامد : وش؟
منيف بنفس الجمود : صار بينك وبينه شي؟ بينك وبين اللي اسمه خطاب..
ابتلعت ريقها تشعر وكأن حبات عرقٍ كبيره بدأت تتشكل على جبينها.. : وش؟
منيف وهو يرى تلون وجهها وتقطيبة حاجبيها : دانة قصدي واضح.. يا إيه يا لأ.. صار بينك وبينه شي؟
عادت تبتلع ريقها الذي جف تشعر وكأنها ستموت من الإحراج.. على أن علاقتها بجدها متينة لكنها لم تصل لهذا الحد من الشفافية.. وعت على صوته بنفاذ صبر : صار شي؟
هزت رأسها تنفي وبصعوبة : ماكان يقعد عندي أساساً..
ارتخت ملامحه : زين.. أول ما نرجع السعودية تروحين معي المحكمة وتخلعينه..
اتسعت عينيها بهلع : أخلعه؟ ليه!
رفع حاجبه : كيف ليه؟
بتوتر : أقصد.. عشان أخلعه لازم يكون فيه سبب مقنع يقنع القاضي وخطاب مافيه سبب أو عيب شرعي عشان أطلب الخلع منه!
منيف بهدوء مرعب: إلا فيه..
ثم أردف عندما نظرت له باستنكار : إنه موب قادر يقوم بواجباته الزوجية.. وفيه دليل .
انخفض معدل نبضات قلبها وشعرت به سيتوقف : جدي!!!
منيف : شكلك باقي تبينه؟
بسرعة : لا والله مو عن إني أبيه أو لا.. بس الرجّال كان جدًا محترم معي وطيّب وماشفت منه شي شين أبد.. مستحيل أظلمه وأتبلّى عليه.. جدي إذا أنت تبيني انفصل عنه أبشر باللي تبي أنا مستعدة أتركه وتحرم علي العيشة معه طول ما أنا حيّه.. لكن مو بالطريقة ذي ..
ثم مررت لسانها على شفتيها قبل أن تقول بتردد : أول ما نرجع السعودية أنا بطلب منه الطلاق..
منيف بقوة : يعني تبين تقابلينه؟
دانة : والله العظيم ياجدي ماعاد صرت أتمنى يجمعني فيه شي بعد اللي صار كله.. بطلب منه يطلقني بهدوء بدال دوخة المحاكم أنت تدري إن قضايا الخلع تجلس شهور إذا ماكانت سنين. والله عقلت،، خلاص بعد اللي صار أتوب أطلع من شورك. والله..
زفر بغضب : يصير خير لا رجعنا!
.

أغمضت عينيها تستسلم هذه المره لقوة دفع الهواء لخصل شعرها.. المنظر أمامها من شدة جماله وكأنه قطعة من الجنة لكنها مع ذلك كانت تراه بعينين رماديتين.. لا شيء في حياتها أصبح له طعمٌ أو معنى.. لا المنتجع باهظ الثمن الذي كانت تنعم به هي وجدها ولا حتى المساحات الخضراء الواسعة أمامها.. هناك شيءٌ مفقودٌ في قلبها تشعر به ولا تعرف مكانه أو هويته.. ابتسمت وهي تتذكر خطاب كالخيال مرّ على بالها.. تقطع قطع خبزٍ صغيرة تنثرها أمامها.. تتذكر ملامح وجهه والتماع عينيه عندما كانت تتحدث عن جدها.. و وجهه و التماع عينيه عندما أخبرها عن زوجته و ابنه.. و وجهه والتماع عينيه و نبرة صوته عندما أخبرها عن أهله.. كان بين كل التماعٍ وآخر اختلافٌ واضح وكأن خلف كل واحدٍ منهم قصة.. تنهدت وهي تنهر نفسها فلا فائدة من التفكير به وهي تنوي الانفصال عنه.. رغم عدم رغبتها بذلك فخطاب رجل يجبر النفس على حبه واحترامه والتعلق به.. إعجابها به لم يكن مؤقتاً بل كان اعجاباً عميقاً تغلغل في أعماقها من نبرته الباردة ونظرته الجامدة وثقله وارتباطها به زاد من ذلك..
التفتت عندما وصلها صوت جدها ينادي : دانة؟..
ابتسمت له ترفع كفها بشكلٍ عرضي أعلى رأسها في محاولة لحجب أشعة الشمس : أنا هنا جدي..
كانت تتأمله يخطو نحوها.. و في كل خطوة يتقدمها كانت تتسع ابتسامتها.." لا خطاب ولا عشرة مثله بيغنوني عن هالزول وهو جاي لي ".. كانت عينيها لازالت تتأمله حتى جلس جوارها يضع يده على كفها : وش تسوين هنا؟
دانة بهدوء مقبلةً كفه : أبد يا قلبي الحمَام أغراني أطلع..
منيف : رضيتي عن المكان أخيراً!!
ابتسمت : أنا من أول راضيه.. وأنا معك كل شي بحياتي يرضيني وأحس إنه مكتمل لو بغرفة متر بمتر .
ضحك بأمل : إذا تبين نقدر نمدد كم أسبوع.؟
دانة بسرعة : لا جدي يكفي.. أبي أرجع !
أخذ نفساً وأطلقه : طيب مثل ماتبين ،، اسمعيني. أنا كلمت واحد أعرفه وقلت له يشوف لك مكان موقعه مناسب عشان تبدين فيه شغلك.. تذكرين يوم أقولك بفتح لك مكتب باسمك..؟ خلاص من اليوم و رايح أنتي بتصيرين مديرة نفسك والناس تحتك..
لم تعجبها نبرة التعالي بصوته فقالت بهدوء : الشغل في شركة أبو مبارك كان ممتع،، ومريح.
منيف بقرف : أبو مبارك مين؟ أقولك مكتب خاص فيك ولا لأحد فيه عليك كلمة .. وهذا اللي المفروض يصير من أول بدل لا أخليك تحتكين باللي يسوى واللي مايسوى..

.
.

كانت عينيه موجهةً ناحيتها بقوة وكأنه يحاول أن يجد فرقاً.. تجلس على أريكة منفصله أمامه تضع قدماً على الأخرى و تسند رأسها بيدها تنظر للتلفاز بسرحان. كان متأكداً بأن عقلها في مكانٍ آخر تماماً ربما خارج حدود الأرض فلو كانت تعلم أن والده -والذي ناداها من معتكفها يطلب منها أن تجلس معهم- قد ترك المكان لأكثر من نصف ساعة لكانت لحقت به فوراً فهي عندما أتت وقبل أن تلمحه قالت ببشاشة : آمرني عمي..
ولكنها ما إن رأته حتى وتلاشت الابتسامه تماماً وانعقد حاجبيها بضيق..
تحركت عينيه ببطئٍ عليها.. ترتدي -ترينق- من المخمل لماركة معروفة كان حرفها متلامعاً باللون الذهبي يتدلى من سحّاب الجاكيت تربط جزءاً من شعرها للخلف لتترك الباقي منثوراً على أكتافها.. كان حاجبيها مقطوبين وكأن الأفكار التي تشغلها في هذه اللحظة و تدور في بالها لا تروق لها..

مضى على زواجه منها عقدٌ من الزمن.. كان فيه جامداً ناحيتها فالحقيقة هي أن لا مشاعر تجمعه بها سوى أنها أم أبناءه والمرأة التي اعتاد على رؤيتها في وجهه أغلب الوقت تُذلل نفسها له وتشعل أصابعها شموعاً فقط لترضيه.. لكن ماحدث مؤخراً من تمرد وعصيان وقوةٍ وتمنّعٍ منها كان شيئاً جديداً أشعل حياتهم الباردة.. وهذا ما اكتشفه في تلك الليلة عندما كان ينتظرها غاضباً في غرفتها بعد مكالمة منيف له وقلقه على الجميلة التي سرقت أنفاسه مما زاد من غضبه عليها عندما عاد ولم يجدها.. كانت نبرتها الباردة في الهاتف تستفزه وكان يتوعدها وعيداً شديداً شعرت به حنين عندما فتحت باب غرفتها تدخلها وتغلقه خلفها لتجده يجلس على سريرها نظره مصوّب نحو الباب.. ارتعبت عندما انتبهت له : وش تسوي هنا؟
رفع حاجباً ينظر للأكياس الكثيرة التي تحملها : الحمدلله على السلامة يامدام.. ما بغيتي تجين طال عمرك!!..
اعتدلت واقفه : قلت لك بنرجع بدري..
وقف يقول ببرود يتقدم نحوها ببطئ : أنتي ماخذتني ولا ماخذه أبوي؟
ابتلعت ريقها تعود خطوة للخلف فنظرة عينيه لا تبشر بخيرٍ أبدا : بدر خلينا نتفا..
صرخت رغماً عنها بخوف عندما تقدم نحوها بسرعة لتلتفت تحاول فتح الباب والهرب ولأول مره منه.. لكنه امسكها من يدها يدفع الباب مغلقاً إياه بكل قوة والذي أصدر صوتاً شعرت بسببه وكأنها فقدت حاسة السمع..
حنين برجفة : اذكر الله يا بدر.. خلينا نتفاهم أنا دايم أروح مع عمي ذي مو أول مره..
رفع حاجبيه يلصقها بالباب يكبّل معصميها بيد واحده وبالأخرى نزع غطاء شعرها : مم.. وبعد؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وكأن الواقف أمامها ذئبّ كشّر عن أنيابه ليس زوجها : والله ماعاد أعيدها...
جفلت واغمضت عينيها بقوة وهي تشعر بأصابعه تتخلل شعرها وتسحبه لأسفل بقوة .. يهمس قائلاً بملل : خلصتي هذره ولا باقي؟
فرّت دموعها من عينيها رغماً عنها : بدر الله يخليك لأ! تكفى لأ..
بدر بضحكة متهكمة : أوف ياحنين قوية.. أجل لأ!! يبدو لي إني أعطيتك وجه بما فيه الكفاية وجاريتك بالسخافة ذي لين مصخت..
ثم احتدت نبرته وهو يسحبها : أقول اصحي بس . اصحي..

أنزل أقدامه لتلامس البلاط البارد يتحسس بأصابعه الخدش الذي وَسم ذراعه نتيجة غرس أظافرها الطويلة في جلده.. ضمّ كفيه بالقرب من فمه يزفر متنرفزاً يسمع صوت بكائها المكتوم خلفه..
ضمّت الغطاء عليها بقوة حتى كادت تختنق به.. تحاول أن تبتلع شهقاتها ولكن لا جدوى فكل شهقه كانت أكبر من الأخرى . تشعر بالقرف ينتشر في جسدها حتى باتت تقرف من أنفاسها وكم تتمنى لو أن تكتمها علها ترتاح.. بدأ نحيبها يرتفع عندما أصبحت السيطرة على الإحساس بالألم الذي يذيب قلبها ، مستحيلة. الم الروح الذي لا دواء له.
حاول أن يتحكم بنبرة صوته فقال بهدوء : خلاص حنين .
ثم أردف بنبرة أعلى ونفاذ صبر عندما لم يصله سوى نشيجها : قلت خلاااااص..
حنين بقهر وصوت متقطع بين شهقاتها : خليني.. وش تبي فييني خلاص خليييني.
التفت لها بسرعة غاضباً ليراها تعطيه ظهرها جسدها يهتز وكأن ماساً كهربائياً ينفضها : ليه الصياح ذا كله؟ وش سويت أنا؟
حنين : وتسأل وش سويت بعد؟
بحدة : ايه وش سويت؟
التفتت له فبان وجهها مخضباً بالدموع متورماً من شدة البكاء : أنت دمرتني.. يالله ماتتخيل وش كثر أنا قرفانة من نفسي الحين.. ومنك..أنت.. أنت.....
ثم تابعت بعدم تصديق تغص بعبرتها ودموعها تكدست بعينيها : أنت اغتصبتني!!. حرام عليك بدر والله حرام عليك..
بدر بغضب يضرب بيده المساحة الفارغة بينه وبينها بكل قوة : على كيف أهلك اغتصبتك؟ اتركي عنك الكلام اللي ما يدخل العقل كيف اغتصبتك أنتي زوجتي أجيك متى ما أبي.
حنين بقرف : أنت أخذت شي بدون رضاي. إذا تبي تعاقبني فيه الف طريقة غير ذي.. أنا موب جارية عندك ولاني أمَه عشان تستبيح جسمي بالشكل ذا.. الله حسيبك.. الله حسيبك منيب مسامحتك يا بدر على فعلتك ذي لو تموت..
.

كانت وكأنها عنَت ماقالته فبعد تلك الليلة تجاهلته تماماً حتى عندما كان يتعمد قطع طريقها.. إن كانت جالسةً ودخل تقوم بهدوء خارجةً من المكان.. وإن مرّ من أمامها توقفت واستدارت لتأخذ الطريق المعاكس لطريقة تماماً.. كانت كقطعة الخشب تتحرك في المكان وكأن روحها سُلبت منها.. وفي نظرة عينيها فراغٌ رهيب مرعب يناقض نظرة حنين البشوشة المملوءة بالحياة.. لازال بدر يؤمن أنها تبالغ بردة فعلها فعلى ما يبدو أن حنين تندرج تحت مقولة (يتمنعن وهن الراغبات).. فلا معنى لزعلها وغضبها منه فهي زوجته شاءت أم أبت..
لا ينكر بدر أنه طيلة فترة غيابها عنه افتقد الاهتمام الذي كان يجده منها.. لم يفتقدها بل افتقد الإحساس بأن يكون الرجل الوحيد الذي تحاول إرضاءه ومن تفعل المستحيل كي يعطف عليها بابتسامه صغيرة.
على الرغم من أن شخصية حنين -المتمنعّه- هذه تجعله مشتعلاً دائماً،، يجد نداً له رغم عنادها الواهي.. لكنه يفتقد نسختها القديمة. حنين المسالمة حنين (سمعاً وطاعة)..
لم يدرك بأنه كان مشغولا بالتفكير حتى سمع صوت ابنه سيف يخالطه صوتها متذمره.. : قلت بكرة أوديك .
سيف : أنا أبي اليوم . قووومي...
اعتدلت بجلوسها تتأفف : والله العظيم يا سيف شوفني مو طايقة نفسي إن ما رحت عن وجهي الحين بحط حرتي فيك..
ضرب الأرض بقدمه ثم ارتمى على الأريكة الأخرى يدفن وجهه بين المخدات الصغيرة يبكي.. رفع بدر حاجبيه مستنكراً وهو يراها تحرك يدها بعدم رضا بالقرب من رأسها ثم تقف لكنها قبل أن تبتعد تكلم : وش فيه سيف؟
نظرت له بقرف لتقول من طرف أنفها : مافيه شي..
كادت تمشي لكنه قال بنبرة قوية اوقفتها رغماً عنها : وش فيه الولد؟ ليه يبكي؟؟
حنين دون أن تنظر لوجهه وصوت بكاء سيف المكتوم بدأ يستفزها : آيباده خربان يبي يوديه يصلحه..
بدر : طيب يروح!
نظرت له هذه المره بقوة : يروح لحاله؟ ينطق موب لازم يلعب فيه اليوم..
سكت بدر ينظر لها تنظر له وللتو انتبه أن لعينيها أهدابٌ طويلة وكثيفة كأنها ريش يستطيع رؤيتها من هذا البعد : لا أنا بوديه.. وين المكان؟
خرجت منها رغماً عنها ضحكة مستهينه : أنت!
عقد حاجبيه بجديه : ايه أنا .. وين المكان؟
ضحكت : لا موب معقول ياربي بيضة من ديك.. من وين طلعت الشمس اليوم؟
تجاهلها بدر ونظر لابنه : قم يا سيف بدل ثيابك أنا بوديك..
رفع رأسه من بين الوسادات ينظر لوالده باستنكار ثم لأمه يهتف بتردد : أروح؟
حنين : حتى الولد خايف من حركتك ذي..
زفر بضيق : حنين اقصري الشر ولا تطلعيني من طوري..
حنين : وش بتسوي يعني.
وقف يرفع حاجبه : أنتي أدرى!!
تبدلت نظرتها واستحقرته : مقرف..
ضحك بصوتٍ مرتفع يتعمد اغاضتها وهو يراها تبتعد. عاد ينظر لسيف الذي كان ينظر له باستنكارٍ واضح : وش فيك ماتبي تروح؟
اعتدل جالساً يمسح دموعه : إلا..
بدر بتودد : ناخذ سارة معنا ؟
سيف بسرعة : لالا خليها مانبيها.. نبي نروح أنا وأنت لحالنا..
.

كان الوضع غريباً نوعاً ما على بدر.. ينظر بطرف عينه لابنه الجالس صامتاً في مقعد الراكب بجانبه.. يربط حزام الأمان وينظر للطريق من نافذته..
كانت -وبدون مبالغة- هذه المره الأولى التي يأخذه معه في مشوارٍ كهذا.. فعلاقته بأبناءه وبسبب انشغاله الدائم لم تكن بتلك القرابة فحنين هي المسؤولة عن كل شيء في حياتهم من الألف للياء..
كان الصمت مستفزاً فسأل بدر بعد وقوفه للإشارة : أنت أي صف ياسيف؟
نظر له وبهدوء : ثاني...
ارتفع حاجبيه وعاد ينظر للأمام بتعجب.. معلومة جديدة تعلمها اليوم! هو يعلم أن ابنه في المرحلة الابتدائية ولكن في أي صف بالضبط هذا مالم يكلف نفسه عناء السؤال عنه.. كما أن حنين لم تطلعه عن أي شيء يخص دراسته..
بدر : يوم إنك ثاني ورجّال تصيح مثل البنات قبل شوي ليه؟
ليكون تصيح بالمدرسة قدام العيال بعد؟
تغيرت نبرته : لا ما أصيح..
بدر بابتسامه : ايه خليك رجال دمعتك ما تنزل أبد..
شعر سيف وكأنه سيبكي لذا قال بصوت مهزوز وهو يفرك عينه : طيب.
شعر بدر بذلك لذا قال بتودد : بعدّي ولدي والله. تعرف وين مكان المحل اللي تبيه؟
سيف : لأ أمي بس اللي تعرف..
ضحك لا يعلم لماذا : ايه ماشاءالله على أمك أم العرِّيف تعرف كل شي..
سيف ببراءة دون أن يعي نبرة السخرية في صوت والده : ايه تعرف كل شي.. دق خليها تعلمك..
بدر : تؤ.. بشتري لك واحد جديد وش رايك؟ اليوم بشتري لك كل اللي تبيه..
.

وضع بدر رأسه على وسادته ليلاً.. وحيداً في غرفته بالدور العلوي.. على ثغره ابتسامه بسيطة فاليوم كان لطيفاً برفقة سيف اكتشف فيه أن ابنه مهووس بالأجهزة الإلكترونية ويعرف عنها الكثير.. تلاشت ابتسامته تماماً عندما مر في باله شكل حنين التي ما إن رأتهم يدخلون مع الباب حتى و ركضت تقطع ساحة المنزل بقلق تمسك بسيف وكأنها تتفقده ..
بدر بتهكم : لا تخافين ما أكلته!
نظرت له بإحراج : أنا بس، قلقت عليه يوم تأخر.. بكرة عنده مدرسة والساعة قريب ١٠..
استوت شفتيه بخط مستقيم وهو يمد الأكياس لسيف ويصرف بصره عنها : خذها وادخل ..
أخذ سيف ماناوله والده وعينيه تتحرك بقلق بينهما..
بدر : أدخل أشوف ولا تنسى تعطي سارة اللي شريناه لها.
هز رأسه ودخل بخطى سريعة أقرب للركض..
فركت حنين أصابع يدها اليمنى بارتباك واستدارت لتدخل فنظرات بدر القوية مربكه.. وهي رغم القوة التي تتصنعها لازالت ضعيفة هشّه من الداخل ومثل هذه النظرات ترعبها.. لكنها توقفت عندما قال : ماله داعي لمثل الحركات ذي.. تبين ولدي يكرهني أنتي؟
التفتت تنظر له : ماسويت شي لا تفتعل مصيبة..
بدر بانفعال : جايه تتفقدينه تقولين خاطفه!
حنين بهدوء مصطنع : قلت لا تفتعل مصيبة.. سيف صغير مستحيل يحط في باله..
بدر بإنفعال : صغير وييين؟!! أنا توني أدري إنه صف ثاني!
رفعت حاجبيها : وهذي غلطة مين إن شاءالله ؟
بدر بقوة : غلطتك..
ابتسمت ابتسامه صغيرة جداً أقرب لكونها سخطاً : صح عليييك يا بدر أنا أتحمل كل غلطة في حياتنا من يوم تزوجتك إلى الحين..
ثم استدارت مبتعده عنه بخطى سريعة ..
.

تأفف وهو يرفع هاتفه من على الطاولة بجانب السرير يحاول طرد وجهها من خياله.. يعتدل متمدداً على ظهره عابساً بعد أن شعّ ضوؤه في الظلام.. فتح على الرسالة التي وصلته من فترة قريبة وأشغلت تفكيره منذ ذلك الحين وحتى الآن..
كان محتواها غريباً لذا أرسل لنفس الرقم يسأله [مين؟].. ومنذ ذلك اليوم وإلى هذه اللحظة لم يجد رداً.. حتى أنه حاول الاتصال به مراراً وتكراراً دون فائدة فالرقم مغلق وعندما طلب بياناتٍ عنه أخبره موظف الاتصالات بأنها شريحه بدون اسم..
ظنّ في بادئ الأمر أنه شخصٌ (فاضي ويبي يتسلى) ولكن في كل يوم يمر عليه يجد نفسه يفتحها ويقرأها بتعجب..

لذا ما إن استيقظ صباحاً حتى وعزم أمره وذهب حيث شركة والده وشريكه حمد.. لديه من الأعمال ما الله به عليم كان على رأسها لقاء مع المدعو خطاب لكنه اسقطه من قائمة مواعيده فيبدو أن منيف سيجبره على تغيير بعض النظريات في عقله..
دخل على والده دون أن يقرع الباب قائلاً باستعجال : يبه خلي عمي حمد يجي.. أبيكم بموضوع..
ياسر بقلق : وش جايبك أنت؟ خير فيه شي؟
جلس على الكرسي المفرد أمام المكتب : ايه.. كلمه يجي الحين ضروري..
ياسر : حنين فيها شي؟
بامتعاض : وش حنينه يبه؟ دق عليه تكفى خلينا نخلص من السالفة ذي..

دقائق مرت قبل أن تنتقل عيني بدر من وجه والده القلق لوجه حمد البارد..
حمد : وش موضوعك؟ وأحسن لك يكون ضروري صدق.
بدر بهدوء : ضروري جداً الله وكيلك..
تكلم والده بقلق : تلفت أعصابي يا ولدي تكلم.. وش عندك!
سكت قليلاً يبحث عن طريقة يطرح بها سؤاله : فيه واحد اسمه فواز أحمد العبدالكريم....
"مين؟؟" كانت الكلمة التي خرجت بهلع من فم والده.. على عكس حمد الذي كانت عينا بدر تراقبه بحرص... لم يصدر منه أي صوت بل احتدت نظرته حتى شعر بدر بأن عينيه ستخرج من مكانها..
بدر : تعرفونه؟
ياسر بقلق : أنت من وين جبت الاسم ذا؟
في نفس الوقت الذي قال فيه حمد بهدوء : لا ما نعرفه..
سكت بدر يتنقل ببصره بين والده الذي كان ينظر لحمد بخوف.. وحمد الذي كان ينظر له ببرود رغم بروز عِرقٍ في جبينه الذي تشكلت عليه حبات العرق واشتداد فكّه الذي كان يضغط عليه بقوة وحتى قبضة يده على المكتب.. وقتها عرف بدر أن ماوصله لم يكن لغرض التسليه فقط بل أن هناك شيءٌ فعلاً..
حمد بملل : الحين هذي سالفتك؟
رفع حاجبيه وعاد ينظر لوالده الذي كانت ملامحه تشرح حرفياً مقولة (وكاد المريب أن يقول خذوني). لطالما كان ياسر ضعيفاً مهزوزاً لا يجيد التصرف وما حدث في حياته بالآونه الأخيرة زاد على هذا كله،، والأهم أن ضميره لازال حيّاً، ربما بين الحياة الموت ولكنه لازال موجوداً على الأقل ..
حمد : يعني نمشي ولا شلون ؟ ورانا أشغال وأنت عطلتنا بلعب البزارين ذا..
بدر : تحسبوني ما أدري شلون مات؟
القى بهذه الجمله 'يجرّب حظه' ولم يتوقع أنها ستصيب الهدف..
ياسر بسرعة نطق بهلع : شلون دريت ؟
حمد وملامح وجهه تجهمّت والبرود تلاشى تماماً : وأنت مصدقه يا ياسر؟ ما عنده سالفة..
بدر بابتسامه : لا تستهين باللي عندي ، الكلام جاني من واحد ثقه..
ياسر بدون وعي هامساً بصوت مرتفع فمعرفة بدر باسم فواز بحد ذاته يعد كارثه : معقولة منيف قال له؟
اتسعت ابتسامة بدر..جداً.. حتى كاد فمه يخرج من حدود وجهه ، يغطي بذلك الدهشة التي أصابته ويمنع فكّه من أن يقع على الأرض.. يبدو أن الثلاثة بينهم قصة،، شعر بذلك من المره الأولى التي التقى فيها بمنيف والآن أصبح متأكداً .. كانت عينيه على حمد الذي التفت بإنفعال وغضب ناحية ياسر : ومنيف وش دخله؟ مجنون أنت!
بدر : كيف وش دخله؟؟ هو اللي قال لي.. ولا أنا من وين أعرف فواز ولا أعرف كيف مات!!.. منيف نذل وإن كنت تظن إنه خويّك فاسمح لي أنت غلطان .
حمد بانزعاج : أقول إبلع العافية واسكت أحسن لك ولأبوك.. أنا ما أعرف عن وش قاعد تتكلم بس نصيحتي لك انشغل بتربية عيالك و ابعد عن المواضيع اللي مالك فيها ..
وقف ثم التفت لياسر المبهوت تماماً.. يقول بنبرة : عقّل ولدك يا ياسر..
قالها وخرج يغلق الباب خلفه بقوة..
أطلق بدر نفساً لم يكن يدرك بأنه كان يحبسه.. ثم التفت لوالده ليرى نظرته الغريبة..: وش؟
ياسر بعبرة : أنت وش طيحك بطريق منيف؟
بدر بعد صمت وهو يرى وجه والده يمور بألف تعبير : يبه ترى منيف ماقال لي شي ولا شفته وصار له فترة جواله مقفل.. بس أنا أعرف إن فيه شي يخص وفاة واحد اسمه فواز العبدالكريم. والحين بعد ما تأكدت إن فيه شي بينكم يالثلاثة منيب طالع من هنا إلا وأنا عارف وش هو ..
تهدج صوت ياسر : تلعب بي يابدر؟!
بدر بإصرار : يبه اترك عنك الحركات ذي.. ويمين بالله ما أطلع إلا وأنا عارف الموضوع كامل ولا مايردني إلا منيف وإني أسأله بنفسي.. وأنا أدري إن السالفة كايدة مهيب شي هيّن..
ياسر بسرعة وهلع : لأ.. منيف لأ تكفى يا ولدي.. تكفى الله يخليك لأ.. أنت ماتعرفه هذا لا يحلل ولا يحرم بيمحي ذكرك من الدنيا..
بدر بجمود : أجل علمني.
.
.

مضى اسبوع منذ أن عادت من التشيك هي وجدها.. كانت تعتكف في غرفتها أغلب الوقت يسيطر عليها الخمول والكسل وكأن لا رغبة لها بمواجهة الحياة.. بالأمس وصلتها رسالة من عمها فارس يتوسلها بأن ترد على اتصالاته لكنها لم تتجاوب معه وكانت في المرات التي تلت رسالته يحاول الاتصال بها تتجاهل حتى يئس وأرسل لها صورة كرت دعوة لحفل زفافة وموعده القريب جداً كاتباً تحتها (تكفين تعالي.. لا تكسرين بخاطري)..

وصباح اليوم قررت التحرك والتخلص من كل هذا فأرسلت لخطاب رسالة بعد تردد وشد وجذب مع نفسها (ممكن أقابلك اليوم ضروري. الموضوع ما يتأجل ياليت أشوفك).. لكن لم يصلها رده مع أن ما كتبت قد وصله وقرأه لكنه لم يكلف نفسه عناء الرد سوى قبل نصف ساعة راسلاً لها موقع أحد مقاهي القهوة كاتباً (أشوفك هنا الساعة ٧ العشاء)..
زفرت بضيق بعد أن ارتدت عباءتها ولفت حجابها على رأسها.. تحمل نقابها بيدها وتنزل الدرج بتردد فلا تعلم كيف ستكون ردة فعل جدها..
كان يجلس في صالة المنزل يتحدث بالهاتف ولكن ما إن رآها تقف أمامه بعباءتها حتى وأنهى الاتصال بسرعة : على وين؟
ابتلعت ريقها وحاولت أن تقول بثبات : جدي أنا ما أبي أسوي شي من وراك وبدون رضاك.. بس أنا أرسلت له... لخطاب أبي اقابله..
صرخ : دانة !!
دانة بخوف : جدي افهمني.. أنا حلفت لك والله مالي حاجه فيه غير إني أطلبه يحل اللي بيني وبينه بدون شوشره وبهدوء ويرجع وضعي أنا وأنت مثل ماكان أول.. والله منيب مطولة.. احسب لي!
نظر لها نظرة مطولة لا شيء فيها سوى عدم الرضا ليقول بعدها بغضب مكتوم : تدرين دانة ، أنا تعبت منك.. سوي اللي تبينه،، روحي.. وبشوف وش آخرتها معك أنتي وهالزفت..
.
.

كان مُتعب الخطى منهك الجسدِ غارقٌ باليأس.. يبدو أن لا شيء مما خطط له يعمل .. حتى رسالة بدر يبدو أنها لم تأتي بنتيجة.. لذا ما إن وصلته رسالتها قضى وقته يفكر إن كانت دانة رغم براءتها من كل هذا تصلح بأن تكون وسيلةً سهلة يستخدمها ضد جدها.. هو مؤمنٌ متيقنٌ أنه أضعف من أن يثأر لنفسه بنفسه.. لن يستطيع فعل ذلك مهما بلغت قوته.. سيجعل ممن يحيطون بعدوه يأخذون حقه و سيجعلهم يلتهمون بعضهم بعضا..

دخل خطاب المقهى المكتض بالزبائن.. يبحث بعينيه عنها وقلبه يكاد يخرج من مكانه.. يشعر بتوترٍ فضيع لا يعرف سببه.. عندما لم يجدها رفع هاتفه ليتصل عليها.. لازال يبحث بعينيه حتى وصله صوت رنين أحد الهواتف.. تحركت عينيه بشكلٍ أسرع وتقدم للتي تجلس في زاوية المكان الصوت يصدر من جهتها و تعطي الجميع ظهرها وما إن وقف خلفها ورأى الهاتف بين يديها يشع بإتصال دون أن تجيب،، أنزل هاتفه من أذنه وقال بهدوء : دانة؟
التفتت بذعر وضح في عينيها التي كادت تخرج من فتحة غطاءها..: خطاب.
تتبعته دانة ببصرها يضع هاتفه في جيب ثوبه العلوي ويمشي بملامح جامده ليجلس أمامها ..
مضت أكثر من عشر دقائق لا أحد فيهم نطق بكلمة حتى قررت أن تنهي الصمت وترفع عينيها له لتجده ينظر بالاتجاه الآخر : وش أخبارك؟
زفر والتفت ينظر لها : مثل ما أنتي شايفه .. الحمدلله..
ثم بتردد : أنتي وش صار عليك بعد الحادث؟ وين اختفيتي؟
ابتسمت تحت غطاءها ابتسامه صغيرة وهي تتأمل وجهه لم يعد هناك أثر سوى لاصق على عظمة أنفه فقالت بضحكة ساخرة : تقريباً هربت..
خطاب باستنكار : هربتي؟!
أخذت نفساً عميقاً : سالفة طويلة جداً.. لكن عموماً وإن كنت مهتم أنا بخير والحمدلله الحادث ما أنهى حياتي والحين صحتي ممتازة.
ولم تستطع أن تمنع عتبها : بس حز في خاطري إنك ماكلفت نفسك تسأل.. مهما كان أنا أعتبر زوجتك وكنت معك واللي صار كله بسببك..
ارتفع حاجبيه بتعجب : أنا ماسألت عنك؟
ابتلعت ريقها تشعر بمرارته : اسمعني خطاب.. الله يشهد إن في اليومين اللي عرفتك فيها ماشفت منك شي شين أبد.. لكن خلاص.. أنا تعبت أحس إني قاعدة أغرق.. من جيت على الدنيا وأنا أدري إني منبوذه لكن اللي حسيت فيه قبل الحادث وبعده كان أسوأ بمليون مره..

نزعت غطاءها تحت نظرات خطاب الصامت عندما شعرت بأنها ستختنق وتابعت دون أن تنظر إليه : خطاب أنا ما دخلت حياتك عشان احوسها لك ولو كنت أدري إن لك زوجه وعندك ولد كان ولا تجرأت حتّى.. طلقني خطاب..
ارتفع حاجبيه : أطلقك؟
هزت رأسها تختنق بعبرتها : إن ماطلقتني جدي بيروح المحكمة يرفع قضية خلع..
خطاب بإنفعال وكره : وجدك ذا يظن إن الناس مملوكين له؟
دانة: أنا مستعدة أسوي أي شي بس ما أخسر جدي خطاب.. أنت عندك بيتك وعايلتك بس أنا ماعندي غير جدي.. هو عايلتي الوحيدة..
هو الشي الوحيد الثابت بحياتي. أنا ما أبي لك المضرّه.. أدري إن زواجك مني كان لسبب.. وأدري إن انفعالك وعصبيتك الحين مو لأني طلبتك تطلقني.. لأني أدري إني شي ماله أي قيمة أو مكان بحياتك..

مسحت دموعها براحة يدها وتابعت بأسى : أنا تعبت من هذا كله خطاب.. خلاص أبي ارتاح ،، أبي لا جا الليل وحطيت راسي عشان أنام ما أقعد أفكر بقلق وش بيصير فيني بكرة.. أحس إني في سباق ولاني قادرة أوقف ركض..

سكتت بعد جملتها هذه وسكت معها خطاب الساكت أساساً.. فوضى عارمه في عقله تسيطر حتى على قلبه .. طال الصمت بينهما فنطقت دانة بصوت محتقن : خطاب ليه طلبت تتزوجني؟ خلاف بينك وبين جدي وتبي تقهره فيني؟
ابتلع ريقه مراراً وتكراراً قبل أن يقول بأسى : دانة أنا اللي بيني وبين جدك شي مايتصدق ، شي أكبر من خلاف.. أنتي مغشوشة فيه أنا إلى الآن منيب قادر أصدق كيف وحده مثلك راضية تعيش مع واحد مثله..
مرر لسانه على شفتيه قبل أن يقول بارتباك لا يعرف بماذا ستجني عليه هذه الخطوة فهو عندما ارسل لبدر كان مجهول الهوية أما الآن فهو يقولها بنفسه أمام دانة . . : شوفي دانة. اسألي جدك أو لأ.. لا تسألينه ،، لأنه بينكر.. لكن قولي قدامه فواز العبدالكريم وشوفي ردة فعله. وعلميني.. و وقتها أنا مستعد أسوي اللي تبينه..
عقدت حاجبيها تنظر له : مين فواز العبدالكريم؟
خطاب بهدوء : شخص أعرفه.. وذبحه جدك.. قدامي..
اتسعت عينيها بذهول لتقول بغضب : ايشش؟؟ مستحيل أنت.. أنت.. كذاب. اقسم بالله مجنون شلون تقول هالكلام؟؟ جدي مستحيل يسوي شي مثل كذا..
خطاب ولازال هادئاً : أسأليه..
بإنفعال وحدة ليس كأنها التي كانت منهارة تبكي قبل قليل : شلون أسأله.. إن سألته يعني أنا صدقت فيه وأنا لو شفته بعيني يسويها ما صدقت.. أنت واحد مجنون ومريض و لو سمحت ورقة طلاقي توصلني قبل لا يجيك استدعاء من المحكمة..
كانت تقول آخر كلماتها بغضب وهي تغطي وجهها برعشة واضحة في يديها .. تقف بقوة لدرجة أن الكرسي وقع محدثاً ضوضاء مرتفعة وابتعدت تخرج من المكان دون حتى أن ترفعه..

عادت دانة للمنزل وعينيها متورمة من كثرة البكاء الذي حاولت أن تكتمه طوال الطريق لكنها لم تستطع..
لذا ما إن رآها منيف الذي كان ينتظرها بقلق حتى وقف يقول بسرعة : سوّى بك شي؟؟
فتقدمت نحوه بسرعه ترتمي عليه تحتضنه بكامل قوتها تنهار باكية : جدي أنت أحسن شي حصل لي بحياتي.. الله لا يحرمني منك..
.
.

خرجت هلا من غرفتها عصر اليوم التالي بعد أن انتهت من صلاتها.. المنزل تقريباً يضج بصمتٍ رهيب لذا الصوت الغريب و المكتوم الذي يصل لمسامعها كان واضحاً جداً.. توقفت في خطاها بمنتصف الممر الذي يربط بين الصالة والمطبخ التحضيري الصغير تحت درج الطابق الثالث.. ترهف سمعها مستنكرةً أصواتاً كهذه فالجميع نائم بعد يوم عمل طويل حتى والدتها ربة المنزل.. أسرعت في خطاها عندما سمعت صوت ارتطام وتوقفت تنظر بذهول بعد أن اتضحت الرؤيا..

كان خالد يحاصر ضي في الزاوية بين الرف خلفها والحائط جوارها ينغز جوانبها بأصابعه مما يجعلها تقفز وتحاول إبعاده بغضب رغم ضحكاتها الموجوعة من أصابعه.. يهمس بشيء وكأنه يحاول أن يسترضيها..
هلا بشهقه : خويلد يالتعبان..
قالتها وابتعدت عن المكان بسرعة بإحراجٍ واضح..
دفعته ضي بكل قوتها وبصوت أقرب للبكاء : ياويلي شافتنا شافتنا..
خالد باستغراب يشير خلفه : ترى هلا.. وبعدين ماكنا نسوي شي سلامات!..
بدأت تلطم خديها : يافشلتي حسبي الله على عدوك والله قلت لك عن الحركات ذي..
أشار بسبابته وكأنه أتى باختراع : تكون هلا أهون من أبوي أو أمي؟
دفعته و وجهها يشتعل : تكفى روح شوفها أنا مالي وجه..
ابتعد بضحكة : طيب طيب لا تخافين الأمور تحت السيطرة..

دخل الصالة لازال يضحك ولكنه انفجر ضاحكاً من أعماق قلبه وهو يرى هلا تتمدد على الأريكة تضع يدها على رأسها ..
رمقته بطرف عينها : ضحكت من سرّك بلا.. مافيه شي يضحك ياعديم الحيا البيت فيه أطفال. احمد ربك مو أمي ولا أبوي اللي شافوكم..
خالد ولازال يضحك : إذا أنتي وبغت تموت كيف عاد لو أمي.. يابووي بتهج للمريخ..
هلا : أنا أدري بنت الناس ماتطلع منها العيبة هذي حركاتك أنت يا ابن فهرة. آه أحس نفسي اطلع عيوني من مكانها واغسلها بفلاش كود أنسى اللي شفته..
خالد بابتسامة وهو يرى ابتسامتها الخبيثة : سلامات هدِّي اللعب ترى كنت أحاول ادغدغها بس!.. خلصت إجازتي اليوم و عندي رحلة بكرة وهي متضايقة لأني بروح قلت أغير جوها شوي..
هلا بابتسامه وحاجب مرفوع : اهاا وداع يعني؟
خالد بإرتياع : بسم الله علي راجع إن شاءالله ..
ضحكت : الله يحفظك ماقلت شي.. عساها رضت طيب؟..
أسند رأسه على الأريكة يدلك جبينه : ما أدري ما أمدى أعرف طبيتي علينا وحنا في أوْج المهمة..
ثم رفع رأسه بسرعة عاقداً حاجبيه : صحيح هلا أبي أسألك قبل لا أنسى،، خطاب فيه شي؟
اعتدلت جالسة بارتباك : لا أبد.. ليه؟
ازدادت عقدة حاجبيه : ما أدري بس أحسه متغير.. من بعد ما رجعت وهو متغير.. فيه شي؟ يشكي من شي؟ وسألت زيد وقال لي نفس الكلام ..
ابتلعت ريقها : يمكن مشاكل بالشغل.. مضغوط هو اليومين ذي تعرف مدير كبير مشاكله مو مثل مشاكلك..
ضحك باستنكار : عجيييب اللي بازّه بشغل رَجلها.. عاد تصدقين والله إني شكيت قلت يمكن غيران لأني تزوجت؟
هلا بحاجبين ارتفعا : وش يعني غيران؟ قصدك يبي يتزوج وحدة ثانية؟
ضحك : الحاسه السادسة المعطوبة اشتغلت.. عاد لو يسويها فيك أذبحه..
ابتسمت له بقلق ليتابع : قلت غيران علي من حرمتي لأنها أخذتني منه.. والله أنا أعترف إني مقصر بحقه..
هلا بضحكة : وأنت الكل غيران عليك بسم الله عليك؟.. و الله مصدق عمرك محدٍ درى عنك..
رفع سبابته بتهديد : هذا إسقاط في حقي أنا ما أقبله نهاائياً..
حركت يدها باستهانه : ياشيخ فكنا بس..
خالد وحاجبه قد ارتفع بتحدي : هيّن ياهليِّل..

اخرج هاتفه واتصل بخطاب تحت نظرات هلا المستنكره واضعاً مكبر الصوت.. كانت ثواني حتى وصلها الصوت الذي عبث بمعدل نبضات قلبها بشكلٍ جنوني : الو..
خالد بصوت مرتفع يسند ظهره و يضع قدماً على الأخرى : مرحباً الف..
وتابع يغني مفخماً صوته : مرحباً هيل عدّ السيل.. مرحبّا مرحبّا.. شيلوهااا.
ضحك : هلا .
خالد : مهيب حولي ..
خطاب : وش اللي مهيب حولك؟
خالد بابتسامة سخيفة وهو ينظر لأخته : هلا حرمتك.. أنت كنت تناديها ولا تهلّي فيني؟
خطاب بملل : تبي شي أنت؟ ماش آدائك صاير ركيك من بعد ما اعرست..
خالد : حبيبي أنا للحين أحبك ومكانتك عندي مثل ماهي ماله داعي ترمي كل شي على ارتباطي بغيرك..
خطاب بضحكة : صاحي بسم الله عليك؟ وش تهذري به؟
خالد : مشتاق لك وينك؟ ليكون أخذت جنوبية وسحبت علينا ياخوي؟
خطاب : تهقى؟
خالد : خذ لك جنوبية و ريّح راسك أنا أعطيك الضو الأخضر..
ضحك : تقول ؟
خالد محركاً حاجبيه بمرح لهلا : أبد، وماجاك علي..
خطاب : ابعد ياشيطان عويذ الله منك.. أنت وين هلا عنك يامحراث الشر؟
خالد : هلا جنبي وتسوي حركات بيدها يعني بتجلدك.. وتراها سمعت كل شي خلك عند الجنوبية لا ترجع ..
خطاب بضحكة : مير الخبيث عندك هلا تعرفني زين.. ولا وش قولك يا حبيبة قلبي؟
اعتدل جالساً وهو يرى اشتعال وجه شقيقته : سلاماات ياخوي وش اللي يا حبيبة قلبي؟ آ يالهيس احترمني أنا أخوها.. إن كنت تقول هالكلام قدامي، وش تقول من وراي أجل؟..
تعالت ضحكات خطاب وهو يشعر بشوقٍ عارم لخالد : لازم نجتمع أنا وأنت وزيد وفارس نفس قبل.. كلٍ أعرس ولهى..

أغلق خالد هاتفه بعد مكالمة شبه طويلة على وجهه ابتسامه واسعة فمكانة خطاب في قلبه تجاوزت المعقول.. نظر لهلا تقف بعد أن رنّ هاتفها لتركض مبتعدة عن المكان بعد أن أخرجته من جيب بيجامتها وعرفت المتصل ليقول ضاحكاً : الله الله بالثقل وأنا أخوك..

دخلت غرفتها تغلق الباب خلفها بهدوء تخشى أن توقض سالم النائم.. أخذت نفساً عميقاً وردت بهدوء عكس الضوضاء التي سببتها نبضات قلبها : الوه
صوته ردّ روحاً غائبةً فيها شعرت وكأن ألوان الموجودات بالغرفة أصبحت زاهيه في عينيها..x تمددت على السرير تفتح شعرها تحرره من ربطته : وينك الحين؟
خطاب : في بيتنا..
كانت الكلمة رغم بساطتها رقيقةً عذبةً منه جعلتها تبتسم.. : أكيد في بيتنا ؟ ولاااا..
ضحك : إيه والله في بيتنا.. أنا صرت من البيت للدوام للبيت.. خبرك في أبها أخاف أصادف أحد. ليتك قايله بقيق ولا راس تنورة أقلها قريبات.. أما أبها عاد!
هلا بابتسامه ناعسه وكأنه يراها : خلّص شغلك اللي بأبها بسرعة عشان ماتضطر تتخفّى. . . مم. وش تسوي طيب؟
بهدوء : مم. أفكر..
هلا بابتسامه : تفكّر بإيش ؟
خطاب بعد صمت : فيك..
ضحكت : يا لئيم يابيّاع الحكي..
خطاب : لا والله إني أفكر فيك.. وفيني.. والوضع اللي حنا فيه..
سكوتٌ منها وسكوتٌ منه حتى قالت بهدوء وهي تتأمل وجه سالم النائم بجوارها : وش فيه وضعنا خطاب ؟
خطاب بعد صمت دام لدقائق : دانة تبيني أطلقها..
ثم أردف عندما لم يصله سوى صوت أنفاس هلا التي احتدت : بس أطلقها كذا بدون لا أوصل لشي من اللي أبيه من زواجي منها!!.. أنا كذا ما استفدت شي من هالسالفة كلها!
هلا بهدوء : وش اللي تبيه خطاب؟
بأسى : أبي أعيش إنسان طبيعي حالي حال العالم. أبي أرتاح من التفكير، من الهم ، من الحزن اللي أحسه يتقوّى على قلبي. أبي أعيشّك العيشه اللي تليق فيك أبي نجيب بنت وأسميها سلمى.. و ولد اسمه فواز وسند و...
ثم تنهد وكأنه سيختنق : أبي اللي ماتوا يرجعون.. أبي أشياء كثيره ياهلا..
هلا بنبرة شعر بها تتوغل لأعماقه تمسح على أوتار قلبه وتحييه : كل شي مقدور عليه وإن شاءالله كل اللي تبيه بيصير.. إلّا رجعت الأموات ياخطاب.. اللي راحوا مايرجعون أجلهم بالدنيا خلص.. والدور يمشي علينا كلنا.. الكل رايح محد مخلّد بس هم سبقونا لحكمة من ربك..
خطاب بحزن : وهذا اللي موجع قلبي، إن اللي راح ما يرجع..
تصدقين قعدت أفكر ليه أرضى على نفسي بالخسارة مرتين .. أول وأنا صغيّر خسرت أهلي لأن ماكان بيدي شي أسويه عشان أمنع منيف واللي معه.. لكن أنا الحين قاعد أخسرك وبيدي أمنع هالشي ليه ما أتحرك.. أحس إني مقيد.. مشلول تفكير ومشلول حركة أحتاج صفعه تصحيني..

هناك تقدم حتى وإن لم يلحظه خطاب فبعد أن كان يعاتب نفسه ويلومها أصبح الآن يجرد نفسه من هذا الخطأ.. ابتسمت براحة : أنا موجودة معك دايم مستحيل أسمح لك تخسرني وإن كنت بايع فأنا مشتريه.. أنا أبيك أنت تقرر من نفسك تاخذ قرارك وأنت مقتنع فيه عشان ما ترجع للطريق ذا مره ثانية.. خطاب أنا ما أقدر أتحمل إنك تتركها الحين عشان بس تسكتنّي لكن يبقى عقلك يفكّر لو كانت معك وش كان ممكن تسوي فيها وبجدها..
أنا أبيك ترجع لي كلّك، عقلك وروحك وكل شي فيك..
خطاب بنبرة تنطق حباً : هلا أنتي مكسبي الوحيد في هالدنيا.. وأنا منيب مجنون عشان أفرّط فيك.. أقسم بالله العظيم يا هلا بيجي اليوم اللي أعوضك فيه عن كل اللي سويته..

خطاب هو الاستثناء الوحيد.. هو الشغفْ هو التمنِّي هو الفرصة التي لا ندَم فيها والبداية السعيدة التي لا نهاية لها.. تنهدت تبتسم من أعماق قلبها : إن شاءالله..

.
.

إن كان منيف بركاناً لكان انفجر ليعدم كل من حوله..
يقف بكل غضب أمام حمد و ياسر الجالسين بقلق.. فعندما اتصل بهما يطلب منهم الحضور فوراً لمنزله كانت نبرته مرعبه مهددة تنبئ بكارثة قادمة..
نظر لهما بغيض، وغضب يتمنى لو أن يفجر المكان بما يحتويه فلا أحد يعلم بما حدث في الماضي سواهم.. والآن بدر الذي أتاه باكراً في هذا اليوم على وجهه ابتسامه خبيثة..
منيف بتوجس : وش عندك جاي؟
بدر : ناسي اللي بيني وبينك ولا كيف؟
منيف بملل : إيه صحيح خطاب.. أذكر قلت لك تصرف بس شكل ماوراك فزعه..
بدر بضحكة : انسى خطاب الحين.. أنا جايك عشان موضوع ثاني..

لا يعلم ماذا حدث بعدها سوى أنه امسك ببدر من تلابيبه بكل غضب... ينفضه وكأنه سيخرج روحه من مكانها.. كان الخبيث قد اسمعه مقطعاً صوتياً لوالده يحكي له ماحدث قبل ٢٥ سنه تقريباً.. يذكر فيها اسمه ويتهمه بأنه من حرضهم لفعلٍ كهذا.. بل وصلت به المواصيل بأن يحكي لبدر عن أفعال أخرى تخصه كانت سبباً في نبذ عائلته له.. كان مع بدر مايدينه والذي قال بابتسامه بعد أن انتهى التسجيل : فواز وأهله يسلمون عليك..

مع ذلك قال بدر بضحكة رغم الألم من قوة منيف المفرطة : بشويش لا يطيح جوالي..
دفعه منيف بكل قوة : أنت تظن لعب العيال ذا بيخوفني.. صحصح أنا منيف وأنت منت بقدي يا بدر..
بدر واضعاً هاتفه في جيب ثوبه يبتسم بثقه : وقد قلت لك أنا بدر.. وعندي بدل الشاهد اثنين.. لا تهددني أنت مابعد تعرفني..

نظر له منيف بغضب مدمر يشعر بأن نيراناً ستخرج من مقلتيه لتحرق الواقف أمامه يتحدث بكل ثقه : أنت بالتسجيل ذا بتنهي حياة أبوك وبس..
بدر رافعاً كتفاه : مصير كل مجرم ياخذ جزاه..
منيف : أنت وش تبي؟ تبي فلوس؟ تبي دانة ؟ وش تبي؟
سكت بدر ينظر له لثواني نظرة لم يفهمها منيف قبل أن يبتسم : تؤ،، خلاص أنا ما أبي منك شي.. تكفيني نظرة الرعب ذي اللي قاعد أشوفها بعينك الحين..
.

حمد بقلق : عسى ماشر يا أبو جابر و...
منيف بغضب قاطعه : أنت تدري يا ياسر أن ولدك ال* جاي لين بيتي معه تسجيل بصوتك تعترف على نفسك وعلينا كلنا؟
ياسر بارتباك : اعترف بوشو؟
منيف : تعترف بوشو؟ أنت شايفني بزر عندك أنت و ولدك هالنذل؟
حمد بسرعة فلا فائدة من الإنكار : هو جا لنا وعارف الموضوع كامل.. يقول أنت اللي قلت له..
صرخ من قمة رأسه : ثور أنت؟؟ وأنا ليه بحكي له سالفة مثل ذي؟؟
حمد بتلعثم : اقولك الولد جاي لنا وعارف كل شي..
سكت منيف يزفر هواءً ساخناً قادر على إحراق حقلٍ كامل : عرف من وين إن كان الموضوع مايدري عنه غيرنا يالثلاثة حتى أهل فواز مابقى منهم أحد .. شلون بدر درى؟
ثم صرخ بأعلى صوته : شلووون؟
نظر ياسر بسرعة وهلع ناحية حمد والذي تشنج وجهه وكأن سهماً اخترق قلبه .
منيف بشك بعد شحوب وجوههم أمامه.. صدره يعلو ويهبط بوضوح : وش فيه؟
حمد بارتباك : مافيه شي.. أنا ما أدري بدر شلون درى لكن تأكد الكلام ماطلع مني ولا أظن ياسر فاقد لدرجة يقول جريمة مثل ذي لولده.
منيف بصراخ سيجن لا محاله : أجل شلون درى؟
ابتلع ياسر ريقه وعينيه لازالت مثبته على جانب وجه حمد.. قلبه ينبض في منتصف حنجرته.. ثم التفت لمنيف يشعر بأن أجله قد دَنى : أوعدك أنا اشتري سكوت بدر.. بس أنت هد نفسك..
رفع سبابته المرتعشه بوعيد : يجي لين عندي.

.
.

زمت شفتيها بتفكير وهي تراقب خالد العائد تواً من رحلته.. يجلس على الكنبة منشغلاً بهاتفه..
منذ أن عادت البارحة من زيارة بيت أهلها وهي في تفكيرٍ عميق.. تتذكر حديثها مع أختها غالية وما حدث بعد ذلك : كلمتي أبوي؟
غالية: ايه.. وقال ليه ما قالت لي هي ..
ضي بضيق : وش قال طيب؟ بيوديني؟
ابتسمت بحنو : اكيد أنتي تعرفين أبوي ما يرد لك طلب وكلم الشيخ ممدوح وقال جيبها اليوم بعد صلاة العشاء.. بس أهم شي استأذنتي من خالد؟
ضي بتوتر : قلت له بروح مع غالية مشوار قال عادي روحي..
غالية : وطبعاً ما قلتي له وين المشوار !
ضي : اهم شي وافق..
غالية بتردد : ضي أنتي تدرين إن مافيك شي صح؟
ضي بضيق : خالد يدري.. أبوي قال له..
اتسعت عينيها بذهول : قال له وش؟
مسحت على شعرها المفتوح بهم : ما أدري.. بس أحسه يدري بشي.. غالية أنا.. أنا أحب خالد.. وفكرة إنه ممكن يمل مني أو يعافني عشان اللي فيني بتذبحني..

كان مشوارها مع والدها وأختها للشيخ ممدوح رجل عرف بالصلاح والرقية الشرعية.. لم تكن هذه المره الأولى التي يقرأ عليها فيها.. ف لضي باعٌ طويل في هذا الموضوع.. فقد قرأ عليها عدد من الرقاه علّ علتها وفراغ قلبها يبرأ.. كانت سابقاً تبكي كل مره متأثرةً من قراءته ولكنها هذه المره خالط تأثرها رغبة وأمنيات وحياة طبيعية خالية من الوساوس.. ما إن انتهى وخرجت من عنده حتى وبدأ كلامه لها قبل خروجها يتكرر في عقلها : يابنتي استعيذي بالله من الشياطين و وسوستهم.. الوسوسة باب إغلاقه أمر هيّن لكن يحتاج عزيمه مايبي منك استسلام ورضوخ.. أنتي مسلمة صلتك بالله تعالى فوق كل صلّه وأنتي قوية بإيمانك وتوكلك على ربك..
تحافظين على أذكارك يابنتي صح؟
هزت رأسها تختنق بعبرتها لذا تابع : ذكرك لله يومياً يقوي صلتك فيه ويحميك من وساوس شياطين الانس والجن، يعني مافيه شي تخافين منه وأنتي تحت حماية الله ، وملائكته تحرسك عن يمينك وعن شمالك.. خلي إيمانك بالله كبير واكسري شوكة الشياطين اللي توسوس لك لا تخلينها تكسرك .. ودائماً تذكري قوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)..
.

أخذت نفساً عميقاً وهي تشعر بهذه المره مختلفة عن كل مره.. هذه المره شعرت بكلامه يصهر حديداً طوّق قلبها.. هذه المره ذهبت وهي مملوءة بالحياة ترغب بذلك وليس بيأسٍ كالسابق فقط لتُرضي والدها.. ابتسمت وهي تتأمله منسجماً جداً بهاتفه وكأنه وحيدٌ في المكان.. لازال يرتدي زيّه ويبدو رائعاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من مدح..

هي تريد الحياة ،، تريد خالد وتريد الحب الذي أشعرها به أن يبقى ويزداد..

توجهت نحوه تجلس على الكنبة الأخرى أمامه تقول بتردد : خالد وش تقرا بعيوني؟
عقد حاجبيه ينظر لعينيها بعد أن أنزل هاتفه : وش أقرأ بعيونك؟
ضي وعينيها متسعه على أكبر مقاس : مو أنت تقول العيون لعبتي.. ركز ..
رفع حاجبيه وهو يراها تنظر له بقوة و ترمش ببطئ ليقول بقلق : بنت وش فيك ؟ دايخه بيغمى عليك؟
ابتعدت عنه بخيبة وضيق : إيه دايخه..
وتمددت مكانها تغطي نفسها تشعر بالإحباط..
ابتسم يرفع حاجباً و وقف من مكانه يهتف قبل أن يدخل لدورة المياة : بتروش جهزي لي ثيابي لو سمحتي..
تأففت وهي تسمع صوت إغلاق الباب وأخرجت له مايحتاج و وضعته على الكنبة التي كان يجلس عليها قبل أن تعاود التمدد في مكانها بإحباطٍ واضح ..
فرغ من استحمامه ليخرج ملتفاً بمنشفته يدندن بطرب. ارتدى بيجامته وهو يراها لازالت تعطيه ظهرها.. شعرها ينتثر خلفها بكل فوضوية وكأنه يخبره بأنها غاضبة.. وقف أمام المرآة لازال مبتسماً يدندن طرباً يرش من زجاجة عطره وهو الذي لم تفته تلميحاتها قبل قليل، لكن لا بأس من لعب دور المغفل أحياناً.. ابتلعت ريقها وهي تشعر بثقله جوارها.. شدت على أعينها بترقب.. تنتظر يده لتشدها ناحيته.. أو صوته يطلبها ذلك وهي وقتها ستكون أكثر من سعيدة لتلبية طلبه.. لكن الدقائق مرّت ثقيلة حتى سمعت صوت انتظام تنفسه.. التفتت برأسها لتجد وجهه ناحيتها يده تحت خده ونائم بتعبٍ واضح.. عبست : لعبتك طلْ..

.
.

سحبت سحّاب فستانها وهي تنظر لنفسها من خلال المرآه الطويلة.. عقدة حاجبيها لم تؤثر أبداً على جمال ملامحها رغم أنها لم تضع الكثير من مساحيق التجميل.. منذ أن قابلت خطاب تلك الليلة والنوم جافى عينيها تماماً.. يمر يومها عليها بتعاسه بين المكذب وبين (وهو وش بيستفيد لو تبلى على جدي؟).. باتت تشعر وكأن حياتها صفحة في كتاب تمزقت آلاف المرات حتى أصبح إلصاق قطعها ببعضها مستحيلاً..

لم يخفى عليها حال جدها بالأمس.. أو اليوم صباحاً.. كان صامتاً غضبه يتضح في صمته.. لذا عندما قرعت باب غرفته التي كان يعتكفها لم تترك دعاءً تعرفه إلا ودعت به كي لا يغضب منها.. دخلت بعد أن سمعت صوته لتجده يتمدد على سريره بوجهٍ ملامحه قد أظلمت بشكل واضح لذا قالت بقلق : جدي تحس بشي؟
نظر لها بكامل زينتها ترتدي فستاناً أنيقاً أحمر اللون.. صدره يرتفع وينخفض بأنفاسٍ تأبى أن تخرج فقال بإنفعال : وين بتروحين ؟
هذه المره الثانية بعد الذي حصل تطلب منه أن تخرج وترى في عينيه الشك وعدم الثقة حتى أنه صرح بها قائلاً عندما لم يجد منها ردًّا : إنطِقي وين رايحه بالوقت ذا؟
دانة وعينيها تلتمع بالدموع : خطاب طلقني خلاص..
منيف بشك : متى؟
اختنقت بعبرتها : اليوم الصبح.. دق علي وطلقني.. يعني لا تخاف ماني برايحة له..
أبعد بصره عنها قائلاً بضيق : أدري إنك منتي برايحة له.. ولا تصيحين واحد مثل ذا ماعليه حسوفه..
ثم أردف بضيقٍ أكبر : أنتي رايحة عرس فارس؟
ابتلعت ريقها : قال لك؟
بضحكة ساخرة : أنا دريت من نفسي.. ولد أمه ما فكر يعطيني خبر حتى..
دانة : ماراح تحضر ؟
زفر بضيق :x من حسن حظه لأ..
فركت كفها بتوتر و برجاء : طيب عادي أروح أنا؟
أشار برأسه بعتب : اشوفك جاهزه ومخلصه.. ما أظن إنك جايه تستأذنين أنتي جايه تعطيني خبر..
ثم أردف بدون نفس وهو يرى تغير لون وجهها وكأنها توشك على سَطر عدد لا نهائي من المبررات : سوي اللي تبينه يادانة..
ثم بنبرة وهو يصد بعينيه عنها : أنا واثق فيك.. لا تخليني أندم.. المره الأولى اوجعتني لكن الثانية أكيد بتذبحني..

.

دخلت قاعة الزفاف برعشة تسري في جسدها.. أنزلت عباءتها ومدتها للمسؤولة التي أخذتها واعطتها رقماً.. مشت حيث دورات المياه بتوترٍ واضح نظرها مثبت للأمام حتى التقت بصورتها تعكسها المرآه.. فتحت حقيبة السهرة السوداء الصغيرة تحاول إخراج أحمر الشفاه تنشغل به قليلاً ولكن ما إن قربته من فمها ولاحظت ارتعاش أطرافها حتى والغت الفكرة تماماً.. أخذت نفساً وخرجت تحاول أن تتصنع الثبات والقوة رغم أنها كل شيء إلا الثبات والقوة وكل ماتخشاه هو أن يلاحظن النسوة ميلان مشيتها بالكعب العالي فأقدامها بالكاد تحملها..
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تدخل القاعة تداهمها الأصوات العالية جداً والأضواء القوية حتى كادت تعميها.. على يمينها صف من النساء لا تعرفهن وعلى يسارها صف آخر لم تعرف منه أحد سوى جدتها الجازي التي ما إن رأتها حتى وتهلل وجهها بعدم تصديق : يا هلا والله وسهلا..
أخذتها في حضنها تقبلها وتبعدها قليلاً تنظر لها غير مصدقة ثم تعاود ضمها مجدداً -تزغرط- ترحيباً بها وتقبلها..
ابتعدت عنها دانه تبتسم ابتسامه صغيرة بإحراج واضح وهي ترى نظرات الواقفات قريباً منها المستنكرة.. : ماشاءالله مين ذي ياعمه؟
ارتفع بصرها للواقفة خلف جدتها التي لازالت تطوقها بيديها بسعادة واضحة رغم شح التعبير والكلام.. كانت امرأة بالغة الأناقه بفستانٍ أسود وطقم ألماس يغطي نحرها..
الجازي : هذي دانة بنت جابر ..
عقدت حاجبيها : أي جابر؟
الجازي بقوة : جابر ولدي.. رجْلك..
اتسعت عينيها بصدمة : جابر زوجي؟
ابتسمت وهي تقرّب دانة منها : الله الله..
لا تحتاج دانة لشرح أو حتى ترجمة فالنظرة التي تلقتها من المرأة أمامها كفيلة بشرح كل شيء.. حتى ابتعادها الغاضب جداً كان واضحاً أن كارثة ما ستحدث.. وأن والدها و إن لم يقتلها صغيرة ، سيقتلها الآن لا محاله.
دانة بتوهان : شكلها زعلت!
ضحكت الجازي تقول : لا ماعليك هذي منال بنت أخوي ، أمون عليها وتمون علي .. تعالي أعرفك على أهل زوجة فارس..

.
.

كانت حنين تتمدد على سريرها تتصفح بهاتفها أحد المواقع بعد أن تأكدت من نوم أبناءها.. لازالت الساعة لم تتعدى العاشرة مساءً.. كانت تنعم بصمتٍ مريحٍ للأعصاب في مزاج جيد نوعاً ما حتى فُتح الباب دون أن يتم قرعه ويدخل بدر.. اعتدلت جالسة بسرعة ترفع الغطاء تحاول أن تغطي المكشوف من جسدها بغضب واضح : نعم خير وش تبي جاي؟ اط...
سكتت عندما تجاهل حدة صوتها وارتمى بجسده على السرير بجوارها يتنفس بقوة و وجهه لا يمكن تفسيره..
فقالت بقلق رغماً عنها : بدر وش فيك؟
سكت قليلا ثم أخذ نفسا ثقيلاً : ما أدري.. ضايق صدري أحسه بينفجر من الضيقة.. عجزت أنام..
بخوف : بسم الله عليك.. من وش؟. صاير شي سمعت شي؟
هز رأسه بالنفي يبدو وكأنه سيختنق فعلاً..
حنين بتعاطف : صليت العشا؟
نظر لها بضياع : هو أذن؟
حنين : من زمان.. قم توضى وصلي مابعد يطلع وقتها للحين..

أخذ نفساً آخر وتحرك متوجهاً لدورة المياة المدمجة بغرفتها.. توضأ وذهب حيث سجادتها ليفرشها ويكبر.. صلى أربع ركعات العشاء أتبعها بركعتي السنة ثم بالوتر. وحنين تنظر له من مكانها مستنكرة تراه يطيل السجود والركوع..
ما إن سلّم وانتهى حتى عاد ليتمدد بجوارها يمسد مكان قلبه عاقداً حاجبيه..
حنين باهتمام : أحسن؟
هزّ رأسه دون أن يجيبها يحاول أن يتجنب النظر لوجهها.. ولا شيء أمام عينيه سوى وجه والده الذي تحدث معه باكراً يبكي ويتوسل بأن يذهب معه لمنيف يخبره بأن موضوع وفاة فواز أصبح نسياً منسيّا.. كان يبكي بحرقة وخوف وكأنه سيفقد روحه يقبل رأسه برجاء : تكفى يا ولدي لا يطولك شره. أنت ماتعرفه مثلي.. تكفى يا ولدي..
بدر بتأثر من انهيار والده أمامه.. قبّل يديه التي كانت تتشبث بذراعه : يبه الله يهديك أنت ليه خايف منه؟ لا تخاف ما يقدر يلمس مني شعره..
ياسر بمراره : بدر لا توجع قلبي يكفي أخوانك.. بكرة تعال معي هو بس يبي يسمعها منك عشان يرتاح..
عاد يقبل كفيه يجاريه ليهدأ فقط فهو يعلم أن والده ضعيف على عكسه تماماً فهو لن يتنازل لمنيف مهما بلغت سطوته.. : أبشر ولا يهمك بس أنت هد نفسك الله يخليك لي يبه.
.

عبست حنين وهي تلمح التماع عينيه.. ابتلعت ريقها ما إن تحرك بؤبؤه ليحط عليها فحاولت أن تبتسم..
بدر بهدوء متأملاً وجهها وابتسامتها الصغيرة جداً : حنين أنا آسف..
حنين بعتب : آسف على وش بالضبط؟
عقد حاجبيه بضيق : على كل شي.. حتى ذاك اليوم.. يوم على قولتك اغتصبتك..
حنين بابتسامه فبدر كان يبتسم لها بأسى بعد أن انتهى من جملته : الله يسامحك ويسامحني.. اللي يجمعني فيك الحين عيالي و أبوك اللي أشوف إنه عزوتي وسندي.. مع إن أبوي موجود و أنت موجود.. لكن ما عمري حسيت إني بأمان معكم كنت متأكدة إني عنصر غير مهم بحياتكم ممكن تستغنون عنه بدون لا يرف لكم جفن..
مافيه أحد يكره شخص كان يحبه يابدر.. بس أنا قلبي ماعاد مثل أول.. أنا اعترف إني أحبك قبل وأحبك الحين بغض النظر عن كل شي سويته بي.. أنا مو ناكرة عشرة .. أنا ما أكرهك.. لا والله ،، لكن أكره تصرفاتك أكره الخذلان اللي أحسه وأنا معك أكره إنك دائمًا حاطني على الهامش أكره إنك تشوفني ولا شي.. مع إنك بحياتي كل شي..

بدر بعد صمت دام لثواني متأملاً وجهها وصوتها المخنوق، خنقه : حنين أنتي زوجة مثالية مهما لساني أنكرها قلبي ما يقدر.. كنتي تفرضين علي احترامك أطلع من بيتي وأنا مرتاح ومتطمن إن فيه وحده وراي بتحافظ عليه .. حتى عيالي أنا أدري انهم مايشوفون فيني الأب اللي كل الأطفال يتمنونه وأدري إني ما عمري كنت أبو زين لهم.. بس أحبهم.. هذول عيالي شايلين اسمي وأشوف فيهم مستقبلي .. وكل ما شفت سيف قدامي أقول متى يكبر و أعلمه شغلي و أخليه يمسك حلالي.. ولا يوم أشوف سارة،، يووه يا سارة..
ابتسم ابتسامه واسعة بعينين تلتمعان لم ترى حنين مثلهما قبلاً.. أبداً.. : احلف بيني وبين نفسي إني منيب مزوجها إلا للرجال الكفو اللي يدخل مزاجي أنا.. اللي أعرف إنه بيصون بنتي ولا بيضيمها، اللي بيحط لها القمر بيد والشمس بيد..

كان يتحدث وقلب حنين ينبض بضعف.. كانت ولأول مره تسمع هذه النبرة وهذا الخوف وهذا الأمل مجتمعين في صوته : وش فيك تتكلم كذا بدر؟ صاير شي؟
سكت قليلا قال بعدها مبتسماً لها : هذي بركات الوتر..
ضحكت من بين دموعها : طيب نام، نام أحسن لك..
.
.

دخلت دانة منزلها بابتسامة رضا على وجهها.. فما حدث اليوم كله يدعو للابتسام.. ضحكت كثيراً وكأنها نست كلّ ماهمّ قلبها وهي ترى جدتها الجازي ترقص تجاري من هن أصغر منها سناً حتى أصبحت المساحة المخصصة للرقص حكراً لها ولا يجرأ أحد على الصعود معها.. حتى تَهلُل وجه فارس الذي ما إن رآها حتى اتسعت ابتسامته بسعادة وكأنه ملك الدنيا وما عليها... يحتضنها بسعادة يردد : الله يفرحك مثل ما فرحتيني.. والله كنت خايف ماتجين ..

ليلة جميلة جداً لا تنسى.. حتى جدالها مع جدتها التي أصرت عليها أن تعود معها للمنزل لكنها رفضت كان جدالاً لذيذاً استمتعت به..
تلاشت ابتسامتها تماماً بعد أن نزعت غطاءها لترى جدها يجلس في الصالة المظلمة لا أضواء سوى ضوء الاباجورة بجانبه.. ما إن رأته حتى وتدافع كل شيءٍ لعقلها : ما نمت جدي؟
منيف بجمود : كيف أنام وأنتي برى البيت؟ كيف العرس؟
دانة بارتباك وهي تتقدم حتى جلست جواره : حلو.. ليتك حضرت.
لم يجبها بل ضحك ضحكة ساخرة واكتفى بها.. سكتت دانه تتأمل جانب وجهه بحزن واضح فكما يبدو أن جدها ليس على ما يرام فهو سارحٌ في تفكير عميق..
ترددت كثيراً قبل أن تقول : جدي!
التفت ينظر لها وعقد حاجبيه بتساؤل وهو يرى تجمع الدموع في عينيها.. أخذت نفساً تقوي به نفسها وقالت : أبي اسألك..
استوى فمه بخط مستقيم قبل أن يقول : اسألي.. أنا قايل أكيد الجازي هالجربَا عبّت راسك علي..
ابتلعت ريقها : جدتي ماقالت لي أي شي عنك.. أنا بس كنت أبسألك عن.. عن...
عادت تبتلع ريقها تتمنى بذلك أن تبتلع صوتها والكلمات.. السؤال أصبح ملحاً لدرجة أنها لا تستطيع السكوت عنه.. هي تثق بجدها تثق بأنه رجل صالح لكن الشيطان يوسوس لها وكل ما تحتاجه هو نفيه لكل هذا كي ترتاحx : كنت أبي أسألك عن واحد اسمه فواز العبدالكريم.. تعرف.....
قبل أن تكمل جملتها شعرت بيده تكاد أن تمزق عضدها عندما سحبها نحوه يهمس بغضب : مين؟ وش قلتي؟
تسارعت أنفاسها بخوف واضح : جدي..
نفضها بقوة : أنتي من وين تعرفين هالزفت؟
فتحت فمها تحاول أن تتجاوب معه لكن لا صوت خرج كانت وكأن نوبة هلعٍ أصابتها وهي ترى وجه جدها مرعباً هكذا لأول مره . يصرخ : تكلمي.. تكلمي يال*.
عندما طال صمتها وقف يرفعها معه وقد جنّ جنونه فعلاً فكيف لقضية الأموات هذه أن تخرج عن السيطرة هكذا؟ كان يراها وكأن الدنيا أصبحت حمراء في عينيه لدرجة أنه رفع يده يصفعها بكل قوة : انقلعي من قدام وجهي يال*.. انقققلعي ولا أشوفك طالعة من غرفتك فاهمة..؟ انقلعي..

.
.

أشرقت شمس يومٍ جديد استيقظت على أشعتها القوية حنين التي كان شعور القلق في قلبها ملحاً عظيماً. عدم الراحة وكأن هناك مصيبة.
استعاذت بالله وارجعت ذلك كونها استيقظت متأخراً عن صلاة الظهر فالساعة الآن الواحدة ظهراً ولم يسبق لها النوم لهذا الوقت من قبل..
كبرت وصلّت وما إن لامس جبينها الأرض سجوداً حتى وانفجرت تبكي عندما أصبح الإحساس بالفراغ في قلبها لا يحتمل .. انتهت من صلاتها وخرجت من غرفتها تنوي الصعود لغرفة أبناءها تتفقدهم فاليوم لم يذهب سيف لمدرسته..
لكنها قبل أن تصعد السلالم وعند مرورها بالصالة لفتها الجالس في الزاوية يغطي وجهه بشماغه يبكي.. ركضت حتى أصبحت تجلس بجانبه تهتف بهلع : بسم الله عليك عمي وش فيك؟ وش صاير ؟
نظر لها بوجهٍ مخضب بالدموع وجفون تورمت من شدة البكاء..
فارتعش فكها بخوف وتجمعت الدموع في عينيها حتى سقطت.. خرج صوتها بهمسٍ مقطوع من حالته : و.وش فيه؟
ياسر بعبرة : عظم الله أجرك ..
توقف قلبها تماماً وهي تضع احتمالاتها.. أمها.. أبوها.. من؟؟
تسارعت أنفاسها وهمست برعب تخشى من الإجابة : في مين؟
ياسر بصوتٍ أبح مليء بالعبرة وملامح وجهه تنهار مجدداً ببكاءٍ مرير : في ولدي.. ولدي بدر..



.
.
.

# نهاية الفصل السابع عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..

همس الذكـرى ينااجيني 31-01-19 02:46 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
لا لا لا اااااا مو من جدك وطن
ليشششش كذا وش هالقفله اللي تقققققتل يعني بدر ماصدقنا انصلح حاله تذبببحينه
مسسسكيييينه حنين وش هالحظ ! وش هالقراده ان قلت يمكن بدر أنصاب. صار شي خفيف بس موووت معقوله منيف سسواها ياخي ياشين هالانسسسسان مايخاف الله كل شي عنده قتتتتل
آه والله صدعت ماعاد اقدر اتتتكللللم ش يصبرني للبارت الجاي بس !

أبها 31-01-19 02:04 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
أسعد الله مساءكم بالخير والمودة..

جزء طويل مترع بالجمال، متخم بالأحداث الدسمة 😍

بدر ...وعلى نفسها جنت براقش ..

يقال غلطة الشاطر بألف، بدر يوازي منيف دهاءً إلا أنه أغفل جانب الحذر والتأني في التشفي من منيف رغم أنه على دراية بإجرامه وخبثه وقذارة يده.
(خلاص أنا ما أبي منك شي.. تكفيني نظرة الرعب ذي اللي قاعد أشوفها بعينك الحين..) .....ما استفدت من نظرة الرعب بعين منيف ، هذاك رحت من كيس أهلك ..😓
(طبعاً هذا إن جزمنا أن موته كان من تدبير منيف ويمكن يطلع برئ ونتفشل ☺ ). والله يا وطن ما شاءالله عليك تفاجئينا بأحداث عكس توقعاتنا تماماً،
فكرت أن منيف قد يكون فعلا برئ من قتل بدر،،، فهل كان لديه الوقت الكافي ليفكر ويدبر ...وينفذ في الصباح ؟🤔
ولأن بدر وعد أباه أن يذهب إلى منيف ويعده بعدم إفشاء سره ، فلِم يستعجل منيف بقتله ؟
بدر في الليلة التي سبقت موته هل شعر بدنو أجله ؟
فتصرفاته كانت على غير العادة في غاية اللطف مع حنين وابنه ،،وصلاته التي ختم بها يومه ..كانت على ما يبدو في غاية الخشوع .
( سمعت عن مثل هذا الأمر قصصا كثيرة، وأن البعض يعمل أعمالاً توحي أنه يودع أحباءه ويتوفى بعدها ، سبحان الله )
كان الله في عون حنين ...😢

دانه ... خبلة يا دانه !! 🤭
كيف تجرأتِ على سؤال جدّك مثل هذا السؤال الخطير ؟ ..
منيف بدا كالثور الهائج في ردة فعله وضربه لدانه ( حسبي الله عليك ما مداها تستانس الفقيرة بعرس عمها ). 😡
هل ستلجأ لجدتها وأعمامها بعد هذا الموقف ؟ 🤔

خطاب ... ها هي حركتك الغير مدروسة في الانتقام ،بارسال رسالة إلى بدر ، أفقدت إنساناً حياته دون ذنب،،، 😖 ( هذا إذا كان منيف القاتل )
زين إنك طلقت دانة ، وللا قهر منيف من انكشاف سرّه راح يكملها فيك .

ضي وخالد ... ماشين صح 👍🏼 ورحلة العلاج يا ضي هذه المرّة ستؤتي ثمارها لأن رغبة العلاج لديك ..وبدافع الحب 💗



سيّدة الحرف، وطن نوره ....شكراً لكِ.🍃

فيتامين سي 01-02-19 01:07 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باااااارت مميز ومشبع لكن عيبه القفله اللي تجلط

مدري ليه عندي إحساس إن بدر مامات والحكايه فيها
إن وأخواتها من وطن نوره هههههههه

لو فعلا مات بدر ممكن يكون موته مدبر من منيف لأنه
أكيد بعد كلام دانه أول واحد يخطر له إنه هو اللي خبر

دانه بدر لأنه عارف إنه عرف بالموضوع وتوقع هو اللي
بلغها
وممكن يكون موته بسبب حادث أو شيء بعيد عن منيف

حمد شك في الولد اللي هرب من العائله لكن ماقدر
يذكر هذا لمنيف خوف منه لما سأله

لو تأكد حمد ووالد بدر إن لمنيف يد في قتل برد هل بيتحركون
للإنتقام أشك في إن حمد يحرك ساكن
لكن والد بدر يمكن يحاول ينتقم لولده وجايز يعترف بكل شيء
ولسان حاله يقول علي وعلى أعدائي

حنين يافرحه ماتمت منحوسه من يوم هي عند أبوها
والله يلطف بحاله إن شاء الله والد بدر يكتب لها البيت
بإسمها ويأمن لها حياه كريمه ومايتركها في حاجة أحد
لأنه يعرف إن ماعندها أحد تلجأ له

هلا تصرف سليم وأظنه أتى بثماره فخطاب تأثر بإبتعادها
عنه وبدأ يراجع نفسه وتصرفاته

دانه ضعيفه تلقاها من أبوها والا من جدها والا من خطاب
مابقى لها غير الجازي وهي غبيه في سؤالها جدها مثل
ماقال لها خطاب

خطاب لو دانه أخبرت جدها إنك أنت من ذكر لها هذا الإسم
كان الله أعلم بحالك من منيف متهور خطاب لكن يمكن
هالمره توفق بدون مايقصد اللي حدث

تسلم يمينك وطن نوره ومنتظرين باقي الأحداث
لا تتأخرين علينا


شبيهة القمر 02-02-19 06:56 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم
يالله ياوطن وش هالقفله ليتك بشرتينا بموت منيف موب بدر الي كنه حاس ان اجله قرب وتاب
انا اتوقع منيف راح ينتهي من حمد وياسر لان شبح فواز بيلاحقه بكل لحظه ..
دانه .. رحمتها احسها الخسرانه الوحيده في الروايه ..اتوقع بتتصل بخطاب وبتسأله من
يكون فواز هذا الي جدها ضربها بسببه ..
خالد وضي .. يازينهم احسهم ملح الروايه

وطن .. ماتوقعت انك شريره وبتموتين بدر .. ههههه عموما هو ماعليه حسوفه بس رحمت حنين ماامداها تفرح بتغيره الا وتخطفينه منها هههههههه ..
بس تدرين لعبه خطاب جابت نتيجه وبيحرك الاحداث بريموت من بعيد وهو جالس متكي يتفرج ههههه برافوا عليك خطاب الحين عجبتني خلك على خطتك والله يحط حيلهم بينهم . وعلى قولتهم فخار يكسر بعضه ..هههههه
تسلم يمينك وطن جزء رااائع مثل ماعودتينا ..بإنتظار الاحداث القادمه بكل حمااااس 💪🕵

أبها 07-02-19 01:07 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
وطن نورة ...

عسى ما شر ؟
إن شاءالله المانع خير ..🍃

وطن نورة ،، 07-02-19 03:27 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3711285)
هلا هلا وطن ياصباح الخير 💙
اشتقنا لك واشتقنا للروايه وأبطالها طولتي عَلِينا بس عذرك معك ومن طول الغيبات جاب الغنايم هههه ♥
هلا ياقليبي قلت لكم ماراح تسوي شي هذا هي أقصى شي عندها الكلام وحتى ماقدرته !!
خطاب وهل فيه جديد لازال متشتت مايعرف شيسوي !
هو شي واحد اشوفه أتقنه وبرع فيه دور الأبوه مع سالم وإلا في الباقي جايب العيد دايم ☹!
قلت لكم انا من قبل سالم كان موطبيعي مع خطاب لانه كان يحس ب شي والله اني خفت انه شافه بموقف مو زين عاد هنا بتنطبع بعقل الطفل ولاعمره بينسى ..

دانه اتوقع خلاص حياتها مع خطاب انتهت وبترجع لجدها !
بس خطاب حيرني جد جد وش هالانتقام الغريب وش بيستفيد لو عرف بدر القصه يعني يبي ينتقم من خلاله !


سلوى قلب الأم حاسه في بنتها والضغوط اللي تواجهها :( احس انها ماراح تسكت وبتجلس ورا هلا إلين تعرف السالفه

ضي وخالد عرف كيف يحتويها ويحل المشكله 👏🏻💙

وطن نوره يعطيك العافيه مادري ليه بديت احس إنَّا قربنا من خيوط النهايه :(
مستمتعين معك والله 💙
الله يسعدك بكثر مااسرق الوقت عشان اقراء واحْلل بكثر ماروايتك صارت متنفس لنا من ضغوط الواقع .

منتظرينك 💙

اقتباس:

لا لا لا اااااا مو من جدك وطن
ليشششش كذا وش هالقفله اللي تقققققتل يعني بدر ماصدقنا انصلح حاله تذبببحينه
مسسسكيييينه حنين وش هالحظ ! وش هالقراده ان قلت يمكن بدر أنصاب. صار شي خفيف بس موووت معقوله منيف سسواها ياخي ياشين هالانسسسسان مايخاف الله كل شي عنده قتتتتل
آه والله صدعت ماعاد اقدر اتتتكللللم ش يصبرني للبارت الجاي بس !
يا اهلا وسهلا يا هلا والله وسهلا :e106:
ههههههههههههه ياربي من هلا مفشلتني بكل مكان ضعيفة قلبها رهيّف :(
سالم ولله الحمد موضوعه هين قدر عليه خطاب ذا الانتهازي وخطاب جيد بكل شي بس اعطوا سداح فرصة ياجماعة وش فيكم شكل الفصل الجاي بخليه بس خطاب يقول لهلا أحبك بكل لغات العالم
<< ظرافة :peace:

بدر هو كبش الفداء وش اسوي طيب ترا حتى انا ضايق صدري :EWx04511::EWx04511:
ماعليه تبشر حنين بالعوض رغم ان الوسيم ابو شخصية وقحة مايتعوض :(

ايه والله للاسف قربنا :(
وانا بعد مستمتعه معكم جدا وسعيدة بكم بشكل ماتتصورونه والله قلبي مليااان سعادة 💙💙
الله يوسع صدرك مثل ماوسع كلامك صدري وخاطري 💙 شكرا لك همس :)

وطن نورة ،، 07-02-19 03:29 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 3711309)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير على وطن نوره ومتابعاتها الغاليات
ماشاء الله وطن نوره كل ماتقدمتي في الرواية تزيدين تألقا
ماأدري وش أقول وش أخلي بارت كلمة مميز قليله في حقه بارت دسم وطويل ماشاء الله
مبدعه في السرد والوصف والحوار دمجتي بينها بشكل مميز مافي جانب طغى على الآخر
استمتعت وأنا أقرأ بارت مميز جدا جدا خالي من الأخطاء
الإملائية أو النحوية اللي تضيع على القارئ المتعة بالقراءة

هلا صدمتها بالحادث اللي تعرض له خطاب وخوفها عليه
خفف من صدمتها بزواجه في البداية كان همها حياته والباقي
يهون لكن بعد مارأت إنه بخير زعلت منه بسبب زواجه ومعها
حق هي على عيوبه شايلته شيل وماقصرت معه ومتحملته يقوم
يجازيها بالزواج عليها تصرفت صح بالإبتعاد عنه تعز نفسها
وتأخذ قرار بعد تروي وتفكير ماهو مثل خطاب الفعل يسبق التفكير وثاني شيء تتركه يحس بها ويفتقدها ويعرف قيمتها

خطاب ما أعرف متى يتعود يفكر قبل مايقدم على الفعل
رسالته لبدر ماهو هدفه منها هل له هدف والا مثل تصرفاته
السابقة ننتظر ونشوف

خالد وضي حياتهم إن شاء الله استقرت والفضل بعد الله لخالد
وتفهمه واحتوائه لضي

دانه أتوقع ماعاد ترجع لخطاب ويمكن تطلب الطلاق خاصه بعد
ماتحس بحب جدها لها وعودة العلاقة بينهم للسابق وشيء
ثاني كلام خطاب لها عن أنه متزوج ويحب زوجته فهي على
البر تاخذها من قصيرها وتتركه واللي هذا أوله ينعاف تاليه
هي اللي شافته من خطاب مايشجعها على التمسك به وأكيد
بدور رضى جدها اللي بيطلب منها تطلق من خطاب وهي ندمت
إنها زعلته أول مره وما راح تكرر خطاها

منيف ما أظن بيكتفي إن دانه تطلق من خطاب وأكيد بيقعد
لخطاب ويحاول ينتقم منه

بدر لاطال بلح الشام ولا عنب اليمن وما أتوقع منيف يزوجه
دانه خسر حنين ودانه ومن هالحال وأردى إن شاء الله

حنين ماشاء الله بدأت تتصرف صح وما أصبح بدر محور
حياتها اهتمت بنفسها وفالتها مع عمها ومن عافنا عفناه
لو كان غالي

تسلم يمينك وطن نوره يعطيك العافية ولا خلا ولا عدم منك يارب


اقتباس:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باااااارت مميز ومشبع لكن عيبه القفله اللي تجلط

مدري ليه عندي إحساس إن بدر مامات والحكايه فيها
إن وأخواتها من وطن نوره هههههههه

لو فعلا مات بدر ممكن يكون موته مدبر من منيف لأنه
أكيد بعد كلام دانه أول واحد يخطر له إنه هو اللي خبر

دانه بدر لأنه عارف إنه عرف بالموضوع وتوقع هو اللي
بلغها
وممكن يكون موته بسبب حادث أو شيء بعيد عن منيف

حمد شك في الولد اللي هرب من العائله لكن ماقدر
يذكر هذا لمنيف خوف منه لما سأله

لو تأكد حمد ووالد بدر إن لمنيف يد في قتل برد هل بيتحركون
للإنتقام أشك في إن حمد يحرك ساكن
لكن والد بدر يمكن يحاول ينتقم لولده وجايز يعترف بكل شيء
ولسان حاله يقول علي وعلى أعدائي

حنين يافرحه ماتمت منحوسه من يوم هي عند أبوها
والله يلطف بحاله إن شاء الله والد بدر يكتب لها البيت
بإسمها ويأمن لها حياه كريمه ومايتركها في حاجة أحد
لأنه يعرف إن ماعندها أحد تلجأ له

هلا تصرف سليم وأظنه أتى بثماره فخطاب تأثر بإبتعادها
عنه وبدأ يراجع نفسه وتصرفاته

دانه ضعيفه تلقاها من أبوها والا من جدها والا من خطاب
مابقى لها غير الجازي وهي غبيه في سؤالها جدها مثل
ماقال لها خطاب

خطاب لو دانه أخبرت جدها إنك أنت من ذكر لها هذا الإسم
كان الله أعلم بحالك من منيف متهور خطاب لكن يمكن
هالمره توفق بدون مايقصد اللي حدث

تسلم يمينك وطن نوره ومنتظرين باقي الأحداث
لا تتأخرين علينا


ياهلا والله وسهلا بفيتامين
مساء الورد الله يسعدك ويرفع قدرك على إطرائك والله شهادة أعتز فيها جدا

بدر ما مات
حمد وياسر تأكدوا إن الموضوع طلع لبدر من الولد اللي شافهم ليلتها لذلك كانت الصدمة انه قدر يوصل لشخص قريب منهم جدا وهم اللي ظنوا ان اختفاءه طول هالوقت أنساه
واستحاله يقولون لمنيف عنه بعد هالوقت لأن المصيبة بتنقلب عليهم

دانة كانت في مرحلة تخبط كلام خطاب يؤكد ونفسها تنفي وهي شبه واثقة من جدها ومن وقتها وهي مكذبه خطاب لذلك توقعت انكاره ماتوقعت ردة الفعل هذي الضعيفة

الله يسعدك فيتامين سي مثل ماتسعدني تعليقاتك ألف شكر لك

وطن نورة ،، 07-02-19 03:32 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة طيبة (المشاركة 3711355)
يالله انا ويني عن هذي القصة المذهلة :vfghgf:... جمااال غير عادي من قوة الحبكة وقوة الحوارات وتسارع الاحداث وتشابكها مذهلة انت ياوطن نورة اصلا اسمك لوحده حكاية اهنيك بقوة على هذي القصة ... احداث القصة جميلة غير مكررة لدرجة مااقدر استنتج ايش الخطوة الجاية حقيقي دخلت جو غير عادي معاك واكثر شي شخصية عجبتني هي خالد هبلتني والله اضحك بدون شعور معاه كله كوم والنظرات اللي تدعو للرذيلة عجبتني :biggrin:
حقيقي راح تاخذين ذنبي جلست سهرانة طول الليل مانمت ماقدرت اقوم عن قصتك وراح يخاصمني زوجي مايحب السهر :asd:
منتظرة الجزء الجديد بشوق سلمت يمينك :0041:

أهلا وسهلا فتاة طيبة هلا بك ياعيني :e106:
حبيبتي الله يسعدك ويجبر بخاطرك على اطرائك اللطيف مثلك 💙
والله شهادة اعتز فيها جدا :)
اعتذري لنا من أبو الشباب العذر والسموحة :real_madrid3:

الله يسعدك ولا يحرمنا اطلالتك الساحرة وردودك ياعيني 💙

وطن نورة ،، 07-02-19 03:33 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة NoOoFy (المشاركة 3711393)
رواية رائعه كاتبتنا الغاليه وطن
فعلن تجبرتس على الشكر على مثل ذا الحبكه
في البدايه اختي وطن استنكرت فعلت منيف وربعه بأهل خطاب وحسيت انتس شطحتي بالخيال لبعيد وين حنا فيه حرق عائله كامله وفعل فاعل ولا فيه من يحرك ساكن والجاني يسرح ويمرح ولا عايش عيشة ملوك بس بعد استرسالتس في احدث القصه بديت اتأقلم مع الجريمه وانها ليست بفعل فاعل

نجي الخطاب وهلا بصراحه متعاطفه مع الأثنين خطاب وضعه ونفسيته ترحمينه بس في نفس الوقت حاقده عليه بعد زواجه لو كان متوقع ان هلا ممكن يكون لها ردة فعل قويه على فعلته ماسواها كسر قلبها وخلها تشكك في حبه لها مسكينه فعلن وش يفرقه عن محمد لو قلنا محمد خانها عشان يثير غيرتها ويصحيها من ناحيته
انت وش عذرك تنتقم من جدها يالمسكين انت انقذتها من وحل جدها وعمانها وبعدين شخص عارف عمرك مستحيل تضرها وهي بنت من اتصلت عليك ركض لها تنقذها بعد ماطردها جدها وخذت لها شقه ويوم طلبت تجلس عندها انصعت الطلبها ونسيت اللي باعت العالم ومعها كرامتها عشانك وصار الحادث ومتلهف تسئل عنها وعن حالها مير دواك جدها اللي خذها منك بكل سهوله وحتى تواصل بالجوال ماقدرت
بعرف يوم عقلك العقيم قالك انتقم من منيف وانت منتب قدها وتزوج دانه هل يعني بتحرقها مثلاً ولا بتحرق جدها وطلقها بعده
اقول الله عطانا عقل نفكر فيه دانه مالها اي دخل المفروض استغليت كره زوجته وعياله له وحاربته من خلالهم
يالله ياشاطر ورنا وشلون بتخلص منها
ولا تقول حبيتها وشفتها ومدري ايش ترا ماراح نرضى فيها شريكه الهلا حتى لو رضت هلا وحتى لو كانت من اطهر مخلوقات الله

هلا شخصيه طيبه وراقيه وحترمه تعشق زوجها وتضحي من اجل الكل
هلا انتي منتيب غلط يوم صبرتي على محمد
انتي منتب غلط يوم عرضتي على خطاب يتزوجتس
ولا غلطتي يوم عرفتي بزواج خطاب ولا سويتي مشكله معه ودخل فيها اهلتس
انتي انسانه ارقى من الرقي نفسه ومحترمه ومتربيه وفيتس طيبة قلب ورجاحت عقل عاليه جداً
حبيتس وحبيت شخصيتس الهاديه الرزينه المسالمه الذكيه العاقله
لا تتوقعين اللي سويتيه ضعف بالعكس انتي شخصيتس مهيب ضعيفه والدليل اللي تسوينه مع خطاب تأدبينه وفي نفس الوقت مراعيه وضع نفسيته الصحي انتي كذا 👍🏻

خالد وزوجته لا تعليق الله يصبر خالد عليها صدق يستاهل احسن منها وش يحده على مثل ذا العيشه وهو الف بنت تتمناه ضيع ايام زواجه الأولى اللي هي اسعد مرحله في دلعها المفروض اهلها مابلشوبها ولد الناس وهي كذا


حنين وبدر دقي خشمه ياحنين تدرين بدر هذا كل ماوطيتي عليه كل ماصار منضبط معتس اكثر
ابو حنين وعععععع شخصيه اكرها وعمها اذا فيك خير وتبت اعترف على عملتكم اللي سويتوها وريحو الولد

منيف ماعليش اسهل منه مافيه بس مافيه احد وقفه عند حده مخلينه يعيث في الأرض فساد
بعدين يازوجته بما انتس تكرهين كل ذا الكره ليش مادبرتي له مصيبه وانهيتيه مهوب معقوله
عايشه معه ولا مسكتي عليه شي اكيد عندتس بلاوي له
عيال منيف الى الأن مواقفهم قليله

ياليت وطن يكون البارت اطول من كذا ويكون شامل الجميع الابطال نبي مواقف بين بدر وحنين
وام جابر وعيالها مع منيف نبي نعرف اكثر عن ذا العائله
اخو هلا وزوجته نسيت اسمه اللي ماخذ اخت طليقها محمد مالهم ذكر
زيدي في مشاهد البارت الله يسعدتس

ننتظر نزول البارت كاتبتنا الوائعه وبردي قلوبنا وسعي صدر هلا ولله انها تستاهل بصراحه
وخليها تحمل تخلصنا وتجيب بنات بخطبهم لعيالي ابي لعيالي زوجه مثلها معاد فيه بنات معاد فيه بنات 😥

هلا والله وسهلا
الله يسعدك ويجبر بخاطرك يارب ألف شكر لك على اطرائك
الحريق تسجل كحادث يحصل في أغلب المنازل ممكن يكون سببه التماس أو غاز وليس بفعل فاعل ولا كان أخذت الرواية منحى آخر

ههههههه لا والله ان يوجعني قلبي يوم تشيلون على خطاب أنا أرحمه جداً وكل ماحولت اقسي هلا عليه ما اقدر لذلك دايما تظهر بمظهر الخروفه
لا ماعليك دانة رغم جمالها الفتّان اللي هبل ببدر واثنين من أعمامها ماقدرت تخترق قلب خطاب لأن فيه وحده بس وهي هلا < هاه كذا تمام ؟

فعلا هلا شخصية مثالية نادرة الوجود في الحياة الواقعية مافيه حدود بينها وبين خطاب ولا مسميات مثل غلط علي أو أهان كرامتي هي تشوفه شخص لا يخطئ مهما أخطأ

منيف مجرم وراه اللي ينظف فساده مهما حاول أحد يمسك عليه شي مايقدر و زوجته أول اللي هجوا من حياته وقطعت صلتها به نهائيا ولو عليها محت الفترة اللي كان فيها اسمها مقرون باسمه

حبيبة قلبي والله طلبك على عيني وراسي بس هذول كلهم شخصيات ثانوية أخاف ان زدنا مشاهدهم صارت الحكاية حوارات مالها لزمه لكن والله طلبك على عيني وراسي حتى وإن صعب علي تنفيذه

ههههههه أبشري ولا يهمك
الف شكر لك الله يسعدك يارب على ردك مثل ما اسعدتيني واعذريني على القصور
وانتظر ردك الفصل القادم بفارغ الصبر ♡
:9jP05261:

وطن نورة ،، 07-02-19 03:35 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3711396)
السلام عليكم ورحمة الله
أسعد الله أيامكم ..وطن نورة وجميع متابعاتها الكريمات .🍃

لا باس عليكِ يا غالية، طهور بإذن الله ..

هلا .. ( المهم إنه حيّ ).. فعلا هذا هو أول ما يفكر به من أصيب بعزيز،
وكل شيء بعده يهون، كل خلاف وخصام، وكل همٍّ وعتاب، يتلاشى أمام أمنية واحدة ..أن يكون ( حيّ ) .

( الله يسامحك ) .. عظيمة تلك المرأة، مَنْ منّا وفي غمرة غضبها واكتشافها أن زوجها ارتبط بإمرأة غيرها،، تتفوّه بتلك العبارة ؟!
(اوجعتني خطاب.. )
تلك العبارة اختصرت الكثير، وشرحت الكثير . 😢
ثِق يا خطاب أن هناك شرخاً أصاب قلب هلا، وحاجزاً أُشيد بينكما، وإن لم تتفوه هي بذلك، وذلك البعد الوقتي الذي طلبته هلا، هو حل مناسب لكليهما.
ربما تتضح عندك الرؤية، وتستطيع أن تركز في أفعالك الغير مدروسة.

منيف ...ربّ ضارة نافعة .. حادث دانة هدم كل الحواجز القسريةالتي وضعها منيف بينهما، وها هو الجد المحبّ لحفيدته يظهر بعواطفه الحقيقية- والتي لم تخفت لحظة- وإن ادعى أمامها خلاف ذلك..
غمرني شعور بالفرح، أولاً من أجل دانة التي فقدت من بعد جدها العزوة، وثانياً من أجل خطاب وهلا، فأظن أن منيف لن يسمح لدانة بالعودة لخطاب .
( وتلك أمنيتنا جميعاً ☺ )
استماعه لتشخيص الطبيب ،، انهيار الجبل ، وذرف الدموع، والنحيب ....
تصوير قمة في الروعة يا وطن - كسر خاطري المجرم - 😁
عساه في هالحال وأردى .🤲🏼

حنين ... قوية يا بنت 😂
مسافرة وفالتها مع عمك ؟ زين سويتي 👍🏼

بدر ...(وش شايفني عندك ماوراي حياة اقعد الاحق بنتك و زوجها؟)
بدر واقعي جدا رغم عيوبه،،، فالعاقل لا يخاطر بحياته من أجل امرأة، لها بدائل كُثُر .
أيضاً أعجبني فيه قوة شخصيته أمام منيف، ذلك الوحش الذي يهابه الكثير ..
( أحلى شي لما سكّر التلفون بوجهه 😁 ) يستاهل

لقاء منيف بهلا أمام غرفة دانة، هل سيكون له تبعات أم سيمر مرور الكرام؟
( خفت على هلا منه 😨)

سالم ... فطن جدا. رغم ذلك فهو طفل استطاع خطاب أن يرضيه بطريقة ذكية
( كم عمره ، نسيت ☺)

ضي ..
ذكر والدها أنها سقطت في الحمام واغمي عليها لعدة ساعات، مما جعلني أجزم أن ما بها مس من الشيطان ، لكنك أشرتِ في أحد التعليقات أن ما تعانيه هو وهم سيطر عليها.. ..فما هو التشخيص الصحيح لها ؟


يا ترى كيف سيستخدم خطاب بدر كطريقة للانتقام ؟ 🤔

وطن نوره ...
يأسرني حرفكِ الذي يسير طوعاً لأفكارك، يعجبني التصوير والتعبير الذي أجدني رغماً عني أراه ماثلاً أمامي كأنّي أراه رأي العين ،، ماشاءالله تبارك الله ولا قوة إلا بالله .....🤲🏼
والله يخجل القارئ أن يذيّل الجزء بتعليق متواضع لا يليق بهذا الجمال، فالعذر والسموحة وطن، لكن حقك علينا أن نرد بكلمة شكر وامتنان .💐
فكل الشكر والتقدير لكِ ..🍃
بانتظارك باذن الله 🍃

اقتباس:

أسعد الله مساءكم بالخير والمودة..

جزء طويل مترع بالجمال، متخم بالأحداث الدسمة 😍

بدر ...وعلى نفسها جنت براقش ..

يقال غلطة الشاطر بألف، بدر يوازي منيف دهاءً إلا أنه أغفل جانب الحذر والتأني في التشفي من منيف رغم أنه على دراية بإجرامه وخبثه وقذارة يده.
(خلاص أنا ما أبي منك شي.. تكفيني نظرة الرعب ذي اللي قاعد أشوفها بعينك الحين..) .....ما استفدت من نظرة الرعب بعين منيف ، هذاك رحت من كيس أهلك ..😓
(طبعاً هذا إن جزمنا أن موته كان من تدبير منيف ويمكن يطلع برئ ونتفشل ☺ ). والله يا وطن ما شاءالله عليك تفاجئينا بأحداث عكس توقعاتنا تماماً،
فكرت أن منيف قد يكون فعلا برئ من قتل بدر،،، فهل كان لديه الوقت الكافي ليفكر ويدبر ...وينفذ في الصباح ؟🤔
ولأن بدر وعد أباه أن يذهب إلى منيف ويعده بعدم إفشاء سره ، فلِم يستعجل منيف بقتله ؟
بدر في الليلة التي سبقت موته هل شعر بدنو أجله ؟
فتصرفاته كانت على غير العادة في غاية اللطف مع حنين وابنه ،،وصلاته التي ختم بها يومه ..كانت على ما يبدو في غاية الخشوع .
( سمعت عن مثل هذا الأمر قصصا كثيرة، وأن البعض يعمل أعمالاً توحي أنه يودع أحباءه ويتوفى بعدها ، سبحان الله )
كان الله في عون حنين ...😢

دانه ... خبلة يا دانه !! 🤭
كيف تجرأتِ على سؤال جدّك مثل هذا السؤال الخطير ؟ ..
منيف بدا كالثور الهائج في ردة فعله وضربه لدانه ( حسبي الله عليك ما مداها تستانس الفقيرة بعرس عمها ). 😡
هل ستلجأ لجدتها وأعمامها بعد هذا الموقف ؟ 🤔

خطاب ... ها هي حركتك الغير مدروسة في الانتقام ،بارسال رسالة إلى بدر ، أفقدت إنساناً حياته دون ذنب،،، 😖 ( هذا إذا كان منيف القاتل )
زين إنك طلقت دانة ، وللا قهر منيف من انكشاف سرّه راح يكملها فيك .

ضي وخالد ... ماشين صح 👍🏼 ورحلة العلاج يا ضي هذه المرّة ستؤتي ثمارها لأن رغبة العلاج لديك ..وبدافع الحب 💗



سيّدة الحرف، وطن نوره ....شكراً لكِ.🍃
ياهلا والله وسهلا بأبها
الله يسعدك زيجبر بخاطرك على كلامك والله شهادة اعتز فيها ومهما كتبت ماوفيتك حقك لكن أنا جدا سعيدة بمتابعتك لما أكتب

فعلا بدر جدا واقعي شاف دانه عجبته قرر يتزوجها انرفض حاول مره ثانيه وانرفض ومع انها لازالت في باله لكنه ماوقت حياته عشانها .. مو فاضي قاعد يجمع فلوس

اسلوب منيف مع بدر من البداية كان قذر فيه استنقاص وتحقير وبدر شخصية رأسها يلامس السماء ماترضى بأفعال تلامس عنجهيته كأفعال منيف والشخصيتين متشابهتين نوعا ما فإذا اجتمعوا مع بعض واختلفوا مصيبة .. غير صدمته بعد معرفته الحقيقة خلف جريمة أبوه وان منيف هو من أجبره .. و احساسه قبل ليلة وفاته كان يحاول فيه يصلح ما أفسده الدهر مو شرط يكون حاس انه بيموت لكنه كان يحس بإن فيه شي بيصير ..

بالنسبة لسالم هو في الخامسة من عمره ومابقى شي ويدخل السادسة لكنه ذكي ولمّاح وهلا وخطاب مفضوحين

ماتعاني منه ضي هو وهم المس والعياذ بالله تتوهم بعد اللي صار لها كله إن بها من يسكنها ولكن الحقيقة عكس ذلك خصوصا إنها محافظة على أذكارها وصلواتها وتحصن نفسها لكن ابليس دخل لها من عدة مداخل .

ههههههه بالله عليك شوي شوي على خطاب

الله يسعدك ياحبيبة قلبي ألف شكر لك على ردودك والله انها تبهجني جدا جدا ومهما كتبت ما أوفيك حقك

وطن نورة ،، 07-02-19 03:41 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3711399)
السلام عليكم
حي الله الحامل والمحمول
نورتي الحته ياوطن 💃💃
تدرين اهم شي صار اليوم واحسه بيحرك الاحداث القفله الخطيره او نقول الخطوه الاولى في الانتقام ..رساله خطاب لبدر .. واخيييرااا ياخطااب هرمنا حتى هذه اللحظه ..من رأيي لو خطاب يلعب بأعصابهم وكل يوم يرسل لهم رسايل لين تحترق اعصابهم ويجيهم انهيار عصبي وينهبلون ويمشون بالشارع يكلمون انفسهم ههههه

وطن ..تسلم يمينك الجزء اليوم راااائع مثل ماعودتينا ..تسلمين يارب

اقتباس:

السلام عليكم
يالله ياوطن وش هالقفله ليتك بشرتينا بموت منيف موب بدر الي كنه حاس ان اجله قرب وتاب
انا اتوقع منيف راح ينتهي من حمد وياسر لان شبح فواز بيلاحقه بكل لحظه ..
دانه .. رحمتها احسها الخسرانه الوحيده في الروايه ..اتوقع بتتصل بخطاب وبتسأله من
يكون فواز هذا الي جدها ضربها بسببه ..
خالد وضي .. يازينهم احسهم ملح الروايه

وطن .. ماتوقعت انك شريره وبتموتين بدر .. ههههه عموما هو ماعليه حسوفه بس رحمت حنين ماامداها تفرح بتغيره الا وتخطفينه منها هههههههه ..
بس تدرين لعبه خطاب جابت نتيجه وبيحرك الاحداث بريموت من بعيد وهو جالس متكي يتفرج ههههه برافوا عليك خطاب الحين عجبتني خلك على خطتك والله يحط حيلهم بينهم . وعلى قولتهم فخار يكسر بعضه ..هههههه
تسلم يمينك وطن جزء رااائع مثل ماعودتينا ..بإنتظار الاحداث القادمه بكل حمااااس 💪🕵
ياهلا والله وسهلا :flowers2:
هههههههههههههه والله فكرة ممتازة بس بالاخير هو من يطق قلبه من زود الانتظار يشوفهم قدامه ولا يتحرك :EWx04511:

منيف الحين لو عليه ينهي كل اللي كان يعرفهم أول ويهج على اول طيارة لأن خوفه الأكبر هو ان التفاصيل الصغيرة هذي توصل لدانة وساعاتها تكون النهاية الحقيقية :(

خالد فناااان خذيها مني المفروض له رواية لحاله :wookie:
والله تبين الصدق انا متحسفه على بدر جدا أحس حرام شخصية مثله تختفي :EWx04511:
والله خطاب لو ماخلصت اموره بسرعه بيجيب العيد لذلك ننهيها له أحسن اعرفه مايقوى ونفسه قصير ههههه

الله يسعدك ويخليك على ردودك اللي دايم تسعدني ألف شكر لك :flowers2:

وطن نورة ،، 07-02-19 03:43 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3711840)
وطن نورة ...

عسى ما شر ؟
إن شاءالله المانع خير ..🍃

:ydJ05010:

.
.

مساء الخير جميعاً ♡
أعتذر جدا على التأخير وادري اعتذاراتي كثرت ومصخت

لكن موعدنا يتجدد وللمره الاخيره - من غير شر - مع الفصل الثامن عشر والأخير غدا مساء يوم الجمعة ان شاءالله..

كونوا بالقرب يا حبايبي ♡ :spG05120::73:

أبها 07-02-19 07:37 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
😳😳😳😳

لا وطن لا تقولين الفصل القادم هو جزء النهاية ،
باسم الله تونا تعرفنا عليك ، ما يكفينا ثمانية عشر جزء 😭😭
رجاء (وطن ) لا تستعجلين بالنهاية بسبب ضغوط ، عادي ننتظر ،
أتذكر رواية سكرتها الكاتبة وبعد ست سنوات رجعت كملتها 😉
صار عندنا قدرة عجيبة للانتظار ومناعة ضد الروايات المقفلة 😁
من الحين حزنت يرضيك ؟ 😢
إلا في حالة وحدة توعدينا بقصة جميلة قادمة بإذن الله .

همس الذكـرى ينااجيني 08-02-19 04:36 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وطن نورة ،، (المشاركة 3711849)
:ydJ05010:

.
.

مساء الخير جميعاً ♡
أعتذر جدا على التأخير وادري اعتذاراتي كثرت ومصخت

لكن موعدنا يتجدد وللمره الاخيره - من غير شر - مع الفصل الثامن عشر والأخير غدا مساء يوم الجمعة ان شاءالله..

كونوا بالقرب يا حبايبي ♡ :spG05120::73:





أهلين وطن ♥♥♥
ياحبي لك كانها بدري شوي على الختاميه كنّا مستمتعين معك :(
مع اني كنت حاسه قبل كذا بارت انك تمهدين للبارت الأخييير
الله يسعدك وبإنتظارك بكره ان شاءالله ، وفيه روايه جديده تمتعينا فيها ♥♥

وطن نورة ،، 09-02-19 07:31 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3711858)
😳😳😳😳

لا وطن لا تقولين الفصل القادم هو جزء النهاية ،
باسم الله تونا تعرفنا عليك ، ما يكفينا ثمانية عشر جزء 😭😭
رجاء (وطن ) لا تستعجلين بالنهاية بسبب ضغوط ، عادي ننتظر ،
أتذكر رواية سكرتها الكاتبة وبعد ست سنوات رجعت كملتها 😉
صار عندنا قدرة عجيبة للانتظار ومناعة ضد الروايات المقفلة 😁
من الحين حزنت يرضيك ؟ 😢
إلا في حالة وحدة توعدينا بقصة جميلة قادمة بإذن الله .

ياهلا وغلا بأبها :biggrin:
والله يعز علي فراقكم جداً :( ومايرضيني زعلك أبدا تكفين لا تخليني أهون وأمغط الرواية إلى مالها نهاية ثم تبلشون بالبرابيس عاد.. أخلي ياسر يتزوج هلا :wookie:

قصة جميلة ما أوعدك :biggrin: لكن قصة ثانية إن شاءالله ليه لأ :peace:

الله يسعدك أبها والله شكر خاص وحصري لك ماتتصورين كيف كانت ردودك تسعدني :c8T05285:

وطن نورة ،، 09-02-19 07:33 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3711884)
أهلين وطن ♥♥♥
ياحبي لك كانها بدري شوي على الختاميه كنّا مستمتعين معك :(
مع اني كنت حاسه قبل كذا بارت انك تمهدين للبارت الأخييير
الله يسعدك وبإنتظارك بكره ان شاءالله ، وفيه روايه جديده تمتعينا فيها ♥♥

هلا والله وسهلا :73:
وأنا بعد مستمتعة معكم جدا جدا والله انكم أخوات وأعز ولا تقولين بدري ثم أهون عاد وابلشوا بي وش يفككم مني :wookie:

ويسعدك يارب مثل ماكانت ردودك تبهجني وإن شاءالله مايكون هذا أخر عهدي بكم :9jP05261:

وطن نورة ،، 09-02-19 08:01 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
أقل من ثانية وينزل الفصل الأخير ❤ ..
شكرا لكم جميعا للمره الاخيرة
وإذا ممكن اطلب منكم طلب أو خدمة ..
أتمنى منكم تكتبون مرئياتكم (هي تنقال عنها مرئيات :biggrin:؟؟؟) عن الرواية ككل .. السلبيات الإيجابيات الأحداث الشخصيات وما إلى ذلك :cgE05050:

وشكراً مقدماً ❤

وطن نورة ،، 09-02-19 08:13 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
.
.

إحساسي غريب جدًا.. كإحساس أم العريس تمامًا سعيدة لزواج ابنها وفي نفس الوقت تشعر بالضيق لأنه سيفارقها ويذهب لأخرى..
سعيدة جدًا بدخولي عالمكم وسعيدة أكثر بمعرفتكم وسعيدة جدًا جدًا بكم ومعكم .. أتمنى تكون الحروف المتواضعة لامست ولو شي بسيط داخلكم.. عيشوا بحب وعيشوا الحب مع الأشخاص الصح مع الأهل والزوج والزوجة والأبناء بعيد عن التكلف و وضع الخطوط والقيود.. استمتعوا بالحياة وتخطّوا العقبات فالطريق لن يكون سالك أبداً لابد من العثرات..
وحافظوا على الصلاة والأذكار فهي الحصن الحصين بعد الله ❤..
..

وللمره الأخيرة اترككم مع الفصل الثامن عشر..
قراءة ممتعة يارب ♡
:
:
:


◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇

.
.

# (١٨) الفصل الثامن عشر والأخير ،،

°
°


إِنّ القَلْبَ إِذَا اِنْكَسرْ ؛
وَ دَعا ..
ثُمَّ دَعَا ..
ثُمَّ دَعَا ..
وَ ألَحَّ عَلَى الْجَبَّارِ بِجَبْرِهِ :
تَرَمّمَ ،،
وَ تَعَافَى ..
وَ اِكْتَمَلْ .

*منقول*
.
.

غفى لنصف ساعة ثم استيقظ فجأةً وكأن هناك من أيقظه ليجدها قد دخلت في نومٍ عميق.. مضى الليل ثقيلاً عليه.. يتأمل وجه النائمة بجانبه.. وجهها موجهٌ ناحيته واضعةً كفها تحت خدها.. كانت نظرته لها ترافقها ابتسامه حزينة لا يعرف سببها.. مضى الوقت وهو يتأمل وجهها وكأنه يبحث عن شيءٍ ما.. كم يتمنى لو يُقيظها ليعتذر مجدداً عن كل ما فعله بها قبلاً ليسمع السماح والعفو منها مراراً وتكراراً..
أخذ نفساً عميقاً وأطلقه وهو يشعر بشيءٍ يجثو على صدره.. ذكر الله في سره كثيراً وخرج من غرفتها بهدوء يخشى أن يزعجها بعد أن ألقى نظرةً أخيرةً عليها يغلق الباب بعدها ليحول بينه وبينها..

صعد السلالم للأعلى متجهاً لغرفة أبنائه.. دخلها ليقف بين السريرين ينظر لكل واحدٍ منهم على حده مبتسماً على طريقة نوم سارة الفوضوية.. ثم ينفجر ضاحكاً عندما تكلم سيف في نومه وكأنه يوبخ أحداً..
اقترب من سارة يعدّل جسدها ويرفع نصف غطائها الواقع على الأرض ليغطيها،، يقبل خدها مرةً واثنتين وثلاثة قبل أن يدع جبينه يستريح على نفس وسادتها.. لا يعلم كم مضى عليه قبل أن يلتفت لسيف الذي عاد يتكلم أثناء نومه.. ابتسم يجلس على أقدامه بالقرب من سريره.. ينظر لوجهه عابساً في نومه.. تنهد من أعماق قلبه وهو يتذكر حواره في تلك الليلة عندما ذهب معه ..
.
بدر باهتمام وهو يرى سيف يتفقد أحد الأجهزة : وش تبي تصير لا كبرت يا سيف؟
نظر له الفتى ليقول بهدوء : أمي تبيني أصير دكتور..
ابتسم : و أنت وش تبي؟
سيف بعد تفكير : رائد فضاء..
ضحك باستنكار فلم يتوقع إجابته : رائد فضاء!!
ليهز سيف رأسه يبتسم بخجل قبل أن يعاود التشاغل بالجهاز المعروض أمامه .
.
انخرط بدر ببكاءٍ مرير وهو يشعر بالخوف الشديد ولأول مرةٍ في حياته.. الخوف الذي تشعر من خلاله وكأنها النهاية.. يحاول أن يكتم صوت أنينه من أن يخرج من بين أصابع يده التي غطى بها فمه.. ممسكاً بيده الأخرى كف سيف بكل قوة..

مسح دموعه بطرف قميصه يأخذ أنفاساً مكتومة يحاول السيطرة على نفسه وينهرها على فعلٍ كهذا قبل أن يخرج من المكان بسرعة خوفاً من انهيارٍ آخر،، فبدر القوي لم يعتد أبداً على هذه النسخة الركيكة منه.. كان سيمضي لغرفته قبل أن يلفت انتباهه من يحاول النزول من الدرج صوته يتهدج هاتفاً : يارب.. يارب.. يارب..
عقد حاجبيه لينادي : يبه؟..
استدار وهو في منتصف السلم بلهفه وعندما رآه انهارت ملامحه براحه : بدر.. أنت وين رحت؟
انتظر بدر حتى وصل له بخطى متخبطه لازال صوته متهدجاً : وين كنت؟
بدر باستغراب : كنت تحت..
وضع يده على قلبه : خبصت قلبي يا أبوي رحت غرفتك مالقيتك..
ابتسم : بسم الله على قلبك وين بروح يعني!!.. هد وش فيك مرتاع؟
ابتلع ياسر ريقه بصعوبة ومشى حتى رمى بجسده جالساً على الأريكة يشعر وكأن مايرتديه سيمزق لحمه..
جلس بجواره بدر بقلق : يبه وش جاك بسم الله عليك؟
أخذ نفساً ثقيلاً : يوم ما شفتك نشف دمي خفت صار فيك شي..
ثم بتفحص : وش فيه وجهك ؟ تشكي من شي؟
حاول بدر أن يبتسم ولكنه لم يستطع. زفر بضيق واضعاً يده على صدره يمسده : ضايق صدري يبه.. أول مره تجيني مثل هالضيقة أحس قلبي بينفجر..
ياسر بتأثر وهو يضع كفه فوق كف ابنه : بسم الله عليك أبوي.. ليته فيني ولا فيك..
ابتسم بأسى دون أن يعلق فعلاقته بوالده كانت متباعدة نوعاً ما.. والخلل منه يعترف بذلك لطالما كان صلباً قاسياً من الداخل والخارج وكان والده يحاول أن يُوصِل له الحب والحنان بشتى الطرق حتى وإن لم يجد استجابه..
ترك بدر يده عندما قال له بقلق : لا تنسى بكرة بنروح لمنيف.. أنت وعدتني.
عقد حاجبيه بضيق : نروح له وش نسوي؟ نطيح على رجله نترجاه يسامحنا؟ يبه أنا مستحيل أرضى أذل نفسي لواحد سِفله مثله..
ياسر بهلع : ماعليه هو يبيك تجيه..
بدر بضيق : يبه..
انقلب وجهه وكأنه سيبكي : بدر أنت وعدتني.. عشان خاطري يا أبوي والله قلبي مايقوى يصير فيك شي يكفي اللي شفته بأخوانك.
أنا أدري ذي عقوبة الله فيني،، وأنا أستاهل .. بس والله إني تبت.. تبت وندمت..
بدر بعد صمت طويل وهو يتأمل وجه والده : أنا إلى الآن ماني قادر أصدق إنك سويت جريمة مثل ذي يبه!!.. أنا صحيح إني ماني بالشخص الصالح ولي أغلاطي اللي يمكن ما تغتفر.. بس مهما وصل فيني الطغيان والفساد مستحيل أنهي حياة أسرة كاملة عشان أرضي غيري.. مهما كان المقابل..
ياسر بأسى وحسرة : ليت يرجع فيني الزمن و أغير اللي سويته بيدي. أنا كل ليلة تعدي علي من بعد اللي صار أحس و كأني بقبر. أشوف فواز وكأنه قدامي يوم يضربه حمد إلى إن فقد الوعي..
ثم بسرعة ممسكاً بمعصم بدر وكأنه تذكر شيئاً : أنت شلون دريت؟ ولا تقول لي منيف.. أبي الصدق يا بدر..
بدر بهدوء : جاتني رسالة من رقم فيها اسمه،، وصاحبها يعرف كل شي لأنه كتب لي بالحرف الواحد اسأل أبوك وحمد عن وفاة فواز أحمد العبدالكريم.. والباقي عرفته منكم..
ثم بحذر وهو يرى شحوب وجه والده وكأنه يرى شبحاً أمامه : تعرف مين ممكن يكون صاحبها؟
.

خرج بدر من غرفته عندما ارتفع صوت أذان الفجر ليرى والده لازال يجلس في نفس مكانه بالصالة.. يسند رأسه على كفيه بعجز من الكارثة التي حطت فوق رأسه.. تنهد بضيق وهو يغلق أزرار ثوبه لازال يشعر بغرابة حقيقة أن يكون والده شديد الحنان والطيبة قد أجرم جرماً كهذا!.. ما إن شعر ياسر بوجوده حتى ورفع رأسه ليرى بدر سارحاً يتأمله.. قفز مرعوباً : وين بتروح؟
بدر : أذن الفجر.. بروح أصلي.
ياسر بقلق : تصلي وين؟
ارتفع حاجبيه باستنكار : بالمسجد؟
ياسر بتوهان : طيب طيب.. انتظرني بجي معك.

ما إن انتهت الصلاة حتى خرج من المسجد القريب من منزلهم يمشي بهدوء وتفكير يشعر بيد والده التي تمسك ذراعه كالقيد وكأنه يخشى من أن يفر هارباً منه..
فقال بدر ضاحكاً بهدوء : يبه اترك يدي والله منيب منحاش..
ابتسم ياسر رغماً عنه : لو بيدي حطيتك داخل قفص عشان لا يجيك شي..
بدر : لو ربي كاتب لي شي بيصير لو إني نايم بحضنك.. تعوذ من ابليس واترك يدي الرجَال وش بيقولون؟
شد على ذراعه أكثر ممسكاً بها بكلتا يديه هذه المره : وأنا وش علي يقولون اللي يقولونه..
ضحك : طيب.. على راحتك..

كان ياسر يمشي يتلفت وكأنه يخشى أحداً يشعر بالخطر منذ يوم الأمس. لكن ما إن رأى بدر يتحرر من يديه ليتوقف بالقرب من سيارته حتى واستنفرت جميع حواسه : وين رايح؟
بدر : عندي مشوار ضروري..
ياسر : وش مشواره الحين والشمس مابعد طلعت؟؟ وين بتروح؟
بدر بعبوس : يبه لا تبالغ...
ياسر : أنت ماتعرف وش ممكن يسوي فيك منيف بس لأنه معصب منك.. بجي معك.
بدر بانفعال : الله ياخذ منيف ياشيخ.. تجي معي وين الله يرضى عليك؟ أبوي أنا منيب بزر.. أذكر الله وأدخل البيت بخلص كم شغله وبرجع..
ياسر بقلق : طيب ومنيف؟
بدر : شكلنا موب خالصين من هالسالفة! خلاص إن جيت إن شاءالله تفاهمنا.. مع السلامة.
ياسر بأنفاس مقطوعه وهو يرى بدر يركب سيارته يبتعد بها مسرعاً : انتظرك طيب لا تتأخر..و أنتبه على نفسك..
ثم همس بخوف حقيقي : مع السلامة..
.
.

سمع قرعاً على باب غرفته وظلّ صامتاً لأنه يعلم من صاحب هذه الطَرقات الهادئة.. يشعر أن غضبه تحول لخوفٍ و هلع.. خوف من كل شيء من نفسه وعلى نفسه وعليها.. رغم أنها في الأشهر الأخيرة انقلبت مئة وثمانون درجة وتغيرت تصرفاتها ولم تعد دانة التي يعرف ولكنه عجز عن كرهها أو حتى لفظها من حياته للأبد.. كانت علاقته بها استثنائية بلا مقاييس ولا مسميات.. حب خالص شعر به يروي روحه التي جفت منذ أن رآها أول مره .
أغمض عينيه يزفر أنفاساً ساخنة وهو يسمع قرع الباب مجدداً.. دون أن يأذن لها بالدخول.. لكنها في نهاية المطاف وعندما طالت الإجابة فتحت الباب بحذر تهتف بيأس وهي تراه كالتمثال يجلس على سريره : ممكن أدخل؟
زمّ شفتيه وفتح عينيه ونبرتها المتعبة اتعبته ليجدها لازالت ترتدي فستانها وجهها تورم من البكاء وعلى خدها أثار أصابعه.. شد على قبضة يده التي صفعتها وصرَف بصره عنها بعدم رضا ليجدها بعد ثواني تقع عند أقدامه تمسك يديه تقبل كفيه وتبكي بحرقه..

حاول أن يسحب يديه منها لكنها لم تدع له مجالاً لذلك بل شدت عليه أكثر : لو تبي تذبحني اذبحني.. بس لا تصد بوجهك عني الله يخليك..
ارتفع صدره وانخفض بأنفاسٍ ثائرة لتتابع : سو فيني اللي تبي.. بس سامحني.. حرام عليك ياجدي لا توجعني فيك.. أنا مالي غيرك..
منيف : كلامك شي وفعولك شي ثاني يا دانة.. لو تحسبين كم مره قلتي لي أسفه وسامحني الشهر ذا بس كان عرفتي إن الكلمة ماعاد لها قيمة عندي وعندك.. إن كانت حياة جدتك وعيالها غرتّك وتبين تروحين لهم قولي لي وأنا بوصلك بنفسي بدل هالحركات اللي غيرت قلبي عليك.. أقلها أذكرك بشي زين.. أنا اللي ما يبيني ما أبيه حتى لو كان أنتي، و أنتي قطعة من قلبي..
هزت رأسها بجزع : لا مستحيل.. مو من قلبك هالكلام..
منيف : أنا خلاص برجع استراليا نهاية الأسبوع الجاي.. الديرة ذي من أول مهيب لي و غلطان إني رجعت لها من الأساس ..
دانة بهمس : وأنا؟؟
ثم تابعت بيأسٍ تنتحب تهزه من يديه تتوسل الإجابة وهي ترى نظرته الباردة : وأنا وين أروح؟؟ الله يخليك يا جدي لأ.. سامحني... والله العظيم ماعاد اسألك عن شيء ولا عاد أتدخل باللي مالي فيه.. بس قول إنك ما قصدت كلامك اللي قبل شوي وإنك بتاخذني معك.
حنا مالنا غير بعض،، بجهز اغراضي وبجي معك. طيب؟
سكت قليلاً وهو يرى دموعها التي تغير لونها نتيجة مكياجها الذي لم تمسحه حتى، ليقول بنبرة متعبة فهو لا يقوى رؤيتها هكذا أبداً ..: من وين جاك طاري فواز؟ من وين عرفتيه؟
شحَب وجهها ولاحظ عليها ذلك لتقول : أوعدك أني ماعاد اطريه مره ثانيه . أنا أدري إنك ماغلطت بشي و مستحيل أصدق فيك شي.. جدي انا أعرفك زين ومحد يعرفك كثري أنت مستحيل تضر أحد..
منيف بصرامة وقلق حاول اخفاؤه : جاوبيني..
من اللي قال لك عنه؟؟
ثم تابع عندما رأى سكوتها وترددها : ريحيني يا دانة وجاوبيني خلي الليلة ذي تنتهي ونخلص.. بدر قال لك؟
نفت ذلك بسرعة ليسأل مجدداً بزفرة : أجل مين؟ مين؟؟
أغمضت عينيها بقوة تشعر بأن قلبها سيتمزق،، بين الخوف وبين الحاجة في نيل رضا جدها مجدداً..
كفّة جدها دائماً ترجح.. إن كان مخطئاً أو صائباً.. صالحاً كما عرفته أو فاسداً كما سمعت عنه..
"أنا آسفه خطاب.. سامحني .. بس ما بيدي شي"..
همست بتردد وضعف وندم.. الكثير من الندم.. : ....خطاب.. خطاب قال لي..
.
.

دخل بدر مكتبه والساعة تشير للسابعة والنصف صباحاً.. يخرج هاتفه الذي بدأ بالرنين من جيب ثوبه ليرى متعجباً اسم منيف على الشاشة..
جلس على كرسيه يضع ماكان بيده داخل الدرج قبل أن يرد مبتسماً بتشفّي وكأن منيف أمامه : يا هلا والله وسهلا..
منيف بهدوء : من علمك؟ لأني أدري أبوك هالتعبان يخاف من ظله مهوب قايل لك شي مثل ذا!..
بدر بضحكة : كذا على طول بدون مقدمات! وين صباح الخير يا وجه الخير؟ طيب السلام عليكم على الأقل..
منيف بعد صمت دام لثواني : خطاب؟
عقد بدر حاجبيه ساكتاً لذا تابع منيف بحقد : اسمع يا بدر..
أنا مستعد أسامحك وأعتِبر إن اللي صار كله غلط بسيط جداً و ما كأني دريت عنه.. بس بشرط..
بدر وعقله لازال واقفاً عند اسم خطاب : شرط!
منيف بهدوء : تجيب لي خبر وفاة اللي اسمه خطاب.. بالطريقة اللي تبي.. و أبشر بالعوض وأعتبر إننا بنبدأ صفحة جديدة ونرجع حبايب..
وأنا أوعدك ،، بخليك تعيش في دنيا ثانية.. عيشة ملوك الكل يضرب لك حساب ويدور رضاك لو على نفسه..
بدر بنرفزة تكاد تعميه : وأنت طبعاً تتوقع إني أوافق لأن شخص مثلك ماينقال له لأ و ماعنده أي مشكلة يسوي المستحيل ويجنّد غيره بس عشان يقومون بجرايمه.. أهم شي ماتتوصخ يده..
منيف بنبرة هادئة أوقفت شعر جسده : لا يا بطل.. شخص مثلي ماتتوصخ يده،، أبد.. أنا أدري إن اللي اسمه خطاب هو من قال لك سالفة فواز مثل ما قالها لدانة.. وما أدري كيف درى فيها لكن هذا موضوع ثاني أتفاهم فيه مع أبوك وعمك هالبهايم.. المهم أنت،، وأظنك الحين صرت تعرفني زين أنا لا بغيت أضرك ضريتك من غير لا أحد يدري أو يسأل ،، كيف و ليه ، ومتى!
بدر لا تنسى إن تجارتك الوصخة الحين مفاتيحها كلها بيدي و ببلاغ واحد بس أقدر أنهي حياتك،، وكل اللي تعاملت معهم سواء تعرفهم أو ماتعرفهم بيقلبون عليك ويخفونك ورى الشمس. غير بيتك وزوجتك وبنتك و ولدك.. منيب قايل أبوك لأني أدري إنه ما يهمك..
تقدم بجسده للأمام يفتح أزرار ثوبه العلوية يصرخ بقوة : لا تهددني!
منيف بضحكة : أنا ما أهددك.. أنا قاعد أنصحك ،، ونصيحتي لك تسمع النصيحة.. لا تأمن غدري يا أبو سيف ترى والله إنك مهما وصلت وعلَيت مستحيل تكون قدي.. اسمع الكلام مثل ماسمعه أبوك وعمك قبل ٢٥ سنة،، وهذي نصيحتي الأخيرة لك.. نشوفك على خير ياوحش..

أغمض بدر عينيه بقوة بعد جملة منيف الأخيرة والتي نطقها بفحيحٍ جعل العرَق يتشكل أعلى جبينه..
كان الاتصال قد انتهى منذ ما يقارب الدقيقتين لكن الهاتف لازال مثبتاً بين أذن بدر وكفه.. يشعر بأطرافه وكأنها تصلبت وبالبرودة تضرب شرايين قلبه حتى شعر به يتوقف.. إلا علقه كان في سباقٍ يربط ماسمع من والده فجراً وماعرف من منيف قبل قليل والصورة أصبحت واضحة أمامه تماماً..

تحرك بصعوبة يُنزل هاتفه ويسند جسده على الكرسي خلفه بعد أن دخل سكرتير مكتبه بسرعة بعد أن قرع الباب والذي تلقى اتصالاً من بدر بعد صلاة الفجر يطلب منه أن يأتيه باكراً قبل موعد الدوام الرسمي.. : سم يا أبو سيف.. آمرني!
حاول بدر أن يبتسم لكنه لم يستطع : ماعليه اعذرني يا وليد جايبك من بدري..
وليد بقلق وهو يرى وجه بدر الشاحب وشكله المهمل ولأول مره .. فبدر كان منذ الأزل شديد الأناقة : لا أبد أفا عليك.. بس عساه خير إن شاءالله؟
بدر بعد صمت دام لثواني : أبيك بخدمة..
وليد : أبشر..

تردد بدر كثيراً قبل أن يخرج ماكان في درجه.. ظرف أبيض كبير نوعاً ما ليمده على سطح المكتب لوليد الذي رفعه يشعر بثقله إذ أنه من المؤكد لا يحتوي أوراقاً فقط.. قلبّه بين يديه : وش ذا؟
بدر بهدوء : اسمعني يا وليد،، إن طلع الصبح بكرة بدون لا أتصل عليك.. وصّل هالظرف لواحد اسمه خطاب المهنا .. مهندس بشركة البناؤون العرب.. لكن انتبه،، بدون لا يشوفك أو يعرف أنت جاي من طرف مين.
ابتلع وليد ريقه يهز رأسه بثبات ويشد على الظرف بين يديه : ازهلها..
بدر بابتسامه هادئة : كفو والله قدها وقدود يا وليد.
ثم أردف بتردد : وفيه خدمة ثانية أبيها منك.. لكن هذي تخلصها اليوم .. ضروري!
.

خرج بدر من شركته قرابة الساعة العاشرة والنصف بعد أن وقّع أوراقاً وتابع سير عمل بعض الأمور.. وقبل خروجه مر على وليد : أنا مضطر أطلع الحين بس لا تنسى اللي وصيتك عليه يا وليد.. تراني معتمد عليك..
وليد بقلق : أبشر إن شاءالله..
ابتسم له بود : مشكور يابو عماد.. أشوفك على خير إن شاءالله ..

ما إن ركب بدر سيارته ومشى حتى و ورده اتصال من والده ليجيب ضاحكاً : والله جاي بالطريق..
ياسر : صدق ولا تضحك علي؟
ضحك من أعماق قلبه : لا والله صدق.. أعطيني نص ساعة بالكثير وأكون عندك..
ياسر بحب : أشوف تتأخر عن نص ساعة ياويلك..
ثم أردف بتردد : وش أخبارك؟ للحين تحس بضيق؟
تنهد تنهيدةً عميقة يقول بابتسامه : لا الحمدلله..
ياسر : زين اللهم لك الحمد.. إن وصلت دق علي عشان نروح مثل ما اتفقنا..
ضحك رغماً عنه : إن ماجلدت منيف هاللي مسبب لك رعب قدامك وخليتك تصدق إنه دجاجة ما أكون رجّال..
ليضحك ياسر على صوته الضاحك : والله إن ماعندك ما عند جدتي وأنا أبوك.. تعال بس لا تتأخر..

أغلق من والده يقف عند الإشارة لازال مبتسماً.. يضرب ذقنه بظهر سبابة يده التي يسند كوعها على نافذته.. ينظر للعد التنازلي للإشارة الحمراء بضجرٍ من الانتظار.. لم تكن هناك سوى سيارته وأخرى جانبه..

انتهى العد وفُتحت الإشارة وانطلقت السيارة المجاورة له مبتعده.. وسيارة أخرى.. وأخرى.. وأخرى،، لحقن على الإشارة قبل أن تُغلق مجدداً وسيارته لازالت واقفةً مكانها..
أُغلقت الإشارة وهذه المره كانت سيارته هي الوحيدة التي تقف في انتظارها.. وتحّول اللون الأحمر للأخضر في إشارة للسماح له ولغيره بالإنطلاق لكنه لم يتحرك من مكانه.. أيضاً!

كانت السيارات تعبرة وتتعداه تباعاً مرة تلو مرة وهو يقف مكانه حتى أتى الذي لم يستطع أن يكتم إنفعاله بعد أن علِق بين سيارة بدر الواقف أمامه وغضب الواقفين خلفه.. بدأت أصوات هرنات السيارات ترتفع بسخطٍ واضح عندما انطلقت جميع السيارات عداهم.. بل أن بعضهم فتح النافذه وبدأ يشتم..

ُاُغلقت الإشارة وهو لازال يقف مكانه ففتح بابه غاضباً وتوجه لصاحب السيارة في المقدمة و التي عطلت الجميع بوقوفها دون حركه.. ينوي أن -يشرشحه ويمسح فيه الرصيف-. رفع يده ينوي أن يضرب النافذة فوجد أن صاحب السيارة يضع رأسه على المقود.. استشاط غضباً وبدأ يضرب النافذة بقوة : إذا فيك نوم اقعد عند أمك مو تنزل الشارع وتعطل أشغال العالم.. قم.. أنت ياولد.. قم اصحى أشوف. .

عندما آلمته يده توقف تماماً عاقداً حاجبيه قبل أن يفتح الباب بتوتر بعد أن نزل عدد بسيط من الرجال من سياراتهم بفضول فكما يبدو أن هناك مشكلة على وشك أن تحدث..
مد يده ليرفع النائم من قفاه و ما إن رفعه و ظهر له وجهه الشاحب وعينيه الشاخصتين حتى تركه بسرعة وهلع..

.
.

عادت هلا من عملها تسحب سالم شبه نائم خلفها.. تشعر بالإرهاق بعد يوم عمل طويل و شاق.
ظلت تقف عند أول عتبات السلم تنظر لسالم يصعد درجاته متشبثاً بالدرابزين تهتف بصوتٍ عالي : بدل ملابسك أول لا أشوفك نايم بملابس المدرسة.
ما إن اختفى من أمامها حتى وانطلقت للمطبخ حيث هي متأكدة أن والدتها هناك والتي اتصلت عليها قبل نصف ساعه من انتهاء الدوام تخبرها بأن لديها خبر بمليون ريال ولن تقوله إلا وجهاً لوجه..
دخلت للمطبخ كالإعصار لتجد ضي و والدتها التي سكتت ما إن رأتها : ها يمه وش الخبر؟
سلوى: نعنبو حيّك داخله على يهود! سلمي أول..
هلا بسرعة : السلام. هاتي يمه اللي عندك والله بموت من دقيتي علي أبي أعرف زين ما استأذنت وجيت..
سلوى موجهة حديثها لضي المبتسمة : أنا محد بعيالي ملقوف غير اثنين.. خالد اللي ماجا السابع إلا وهو يحوس في بطني يبي يطلع و هلا اللي حتى مافصخت نقابها وجايتك تركض ..
ارتفع حاجبيها باستنكار بعد أن نزعت غطاء وجهها تحت ضحكة ضي : الله أكبر يمه وأنتي تقولين عيالي!! من كثرنا عاد كلنا ثلاثة..
سلوى بعد أن -كشّت- عليها : ثلاثة بس عن عشر اللهم بارك مطلعين عيني..
ضي : غريب ياعمه انك اكتفيتي بثلاثه بس! مع إن حريم أول يجيبون عيال كثير..
سلوى : وش حريم أول بسم الله علي توني صغيرة..
اشتعل وجه ضي لتهتف بارتباك : والله موب قصدي..
ضحكت : أمزح معك..
ضي والرغبة بالبكاء أصبحت ملحة : والله آسفة..
جلست هلا أمام ضي تفصل بينهم طاولة المطبخ الدائرية تهتف قبل والدتها وتحاول محو ابتسامتها كي لاتحرج ضي أكثر : أنا قاعدة أموت هنا ياجماعة.. يمه إن تأخرتي علي ثانية وحدة ممكن أنجلط.. وش الموضوع؟
سلوى بحماس : أبشرك نجود ولدت وجابت بنت..
اتسعت عينيها بفرحة : بالله علييك؟ ياعمري عليها والله كنت حاسه إن اللي في بطنها بنيّه.. ليه محد قال لي؟ ليه زيد مادق يبشرني أنا عمة بنته الوحيدة المفروض إني أول وحدة أدري..
سلوى : زيد وين وأنتي وين الضعيّف حرمته من أمس الليل وهي تطلق بغت تموت وتعسرت عليها الولادة لكن الله لطف فيها وفي بنتها..
هلا : يا قلبي والله الحمدلله على سلامتها..
ثم اردفت بعد أن سرت رعشة واضحة بجسدها : من أسمع طاري الولادة يوقف شعر جسمي.. لكن من أذكر الإحساس اللي جاني وأنا شايله سالم أنسى كل شي..
سلوى بحب : عقبال ماتبشروني بحملكم أنتي وضي وتملون علي البيت أولاد وبنات..
هلا بلهفه : اللهم آمين..
بينما ضي هتفت بينها وبين نفسها وبكل صدق تخشى من أن تحرجها نبرتها الملهوفة إن خرجت "يارب يا حبيبي.. آمين.. يارب عاجلاً غير آجل"..
.

بعد صلاة المغرب امتلأت غرفة نجود بأهلها و التي وعلى الرغم من التعب الواضح على ملامح وجهها إلا أن ابتسامتها لم تفارق ثغرها.
هلا بحماس بعد أن عادت من الحضانة تشير بكفها : ياويلي يانجود سوسو هذا كبرها نتفه نتفه، الحجم موب معقول..
نجود بابتسامه متعبه : آه بس ماتدرين ذا النتفه وش سوت فيني! ذبحتني..
هلا : والله سرقت قلبي من أول نظرة، حبيبة عمتها تهبل بسم الله عليها..
العنود (أم محمد) بابتسامه : عقبالك يا هلا وتجيبين أخت ولا أخو لسالم،، يا عين جدته بغى ينهبل يوم شاف سلوى..

ابتسمت هلا بود دون أن تعلق.. علاقتها بأهل محمد لم تتغير كثيراً كما أنها لم تبقى كالسابق.. كانت بالمنتصف بحكم القرابة التي تجمعهم والعلاقة جيدة بما يكفي خصوصاً مع والدة محمد والتي إن كانت الدعوة أتت من غيرها لكانت ظنّت بأنها -تدّقها- بالكلام.. لكن لأنها تعلم جيداً أي الأمهات هي العنود وصلها ماقالت بكل صدق..
ضي : سالم وين راح؟ كان معنا قبل شوي!
هلا بهدوء : راح مع عمه راكان..
سكتت ضي قليلاً تتأمل العنود ثم التفتت لهلا تهمس تشير بعينيها على الجالسة قريباً من سرير نجود : هذي أم خطاب؟
هلا بنفس الهمس : لا هذي العنود.. أم محمد ولد عمي،، و أبو سالم..
ارتفع حاجبيها بذهول : يعني خطاب موب أبو سالم؟
هزت رأسها بالنفي دون أن تعلق.. وضي عادت تنظر للعنود التي كانت تضحك مع سلوى باستغراب فهي للتو عرفت أن هلا كانت متزوجة قبلاً وأن ابنها الآن ليس من زوجها الحالي...

كانت الفرحة طاغية على الجميع حتى على صوت خالد الذي طرق الباب ليتحدث من خلفه : الحمدلله على سلامتك يا أم تركي ومبروك ماجبتي الله يجعلها من مواليد السعادة ومن البنات الصالحات الحافظات لكتابه..
نجود بمودة : الله يسلمك وعقبال فرحتنا بضي..
ابتلعت ضي ريقها تنزل بصرها لأصابعها تتشاغل بتحريك خاتمها حتى وصلها صوت خالد ضاحكاً : والله قاعدين نشتغل على الموضوع انتظرونا هه هه يومين ثلاثة يومين، وإن شاءالله نبشركم بسلوى نمبر ثري..
اتسعت عينيها بهلع بعد أن ضحكن الموجودات حتى أن العنود علقّت بصوتٍ ضاحك لم يصل لخالد : الله يقطع سوالفك يا خالد.
سلوى : لا ياقلب أمك خلاص ماعاد نبي أحد يسمي سلوى يكفي ثنتين بالعايلة..
خالد : أفااا وقفت على بنتي يعني؟ شدعوة عليك ياعيني لا تاخذين الأمور بشكل شخصي.. ترى إنتاجي طيب وبيعجبك..
سلوى بضحكة: قلنا لأ..
خالد : بكيفك.. بس بعدين لا جبنا تركي لا تقولين تحب أبوك أكثر مني..
هلا بدلع : سمّي هلا يا خالد أنا أسمح لك..
خالد بنبرة عالية : هاه!! ظلام ما أسمع..
هلا بصوت مرتفع : أقول سميها علي..
خالد بجدية : أقول شخبارك بس طيبه؟.. خلاص بطلنا ناخذ اقتراحات وماعاد نبي بنات مره وحده، بنجيب عيال بس.
العنود بحب : والله يا زين هلا ويا زين اسمها ويابخت من صارت سميّتها..
خالد : بلاك ماتدرين يا عمتي خليني ساكت أحسن..
تلفتت هلا حولها بعدم تصديق لترى أن حتى ضي الجالسة بجانبها تضحك..
هلا بغيض وهي توكزها بكوعها : هين شغلك في البيت..
تبدلت نبرة خالد تماما وهو ينادي : ضي..
ثم أردف يمد الحروف متعمداً : يااااا أم سسسلوى تعالي أبيك شوي.
قفزت ضي من مكانها وكأنها لم تصدق بأنه ناداها كي تهرب من كوع هلا الذي كاد يمزق خاصرتها.
لبست غطاء وجهها قبل أن تفتح الباب وتخرج وآخر ما سمعته كان صوت إحدى بنات عم خالد تقول بنبرة : خالد للحين نفس ماهو ما تغير والله..

زمت شفتيها بعدم رضا وهي تغلق الباب خلفها لترى خالد يتكئ على الجدار أمام الباب يضع يديه في جيوب ثوبه بني اللون دون أن يرتدي شماغه.. وإن كان شكله وهو يرتديه ملفتاً فشكله بدونه ملفتٌ ألف مره..
ما إن رآها حتى وابتسم يدفع جسده للأمام مبتعداً عن الحائط حتى استقر واقفاً أمامها يمسك بمعصمها، يهمس بشغبٍ واضحٍ في عينيه : هلا والله..
أخذت نفساً لتخرج الحروف معه وهي تطلقه : أهلين..
خالد : كيف الحال؟ ماشفتك اليوم!
ضي بابتسامه واضحة في عينيها : متى جيت؟ سلامة الأسفار يا كابتن ..
خالد : ما صار لي ساعة من وصلت يادوب لبست ثوبي وجيت اتعذّر ببنت زيد ولا الصدق أنا جاي عشان أشوفك .
ابتلعت ريقها لتهتف بخجل : كنا شوي وراجعين البيت..
استوت ملامحه بامتعاض : والله إنك موب كفو..
ضحكت وهي تمسك بمعصم يده التي افلتت معصمها : دعابة دعابة ياخي لا تصير جاد..
خالد : لا أصير جاد أجل!!
ثم أردف مبتسماً يرمقها بطرف عينه قبل أن يمشي : أنا رايح أشوف سلوى الزغيرة.. تعالي معي؟
.

كانت هلا تتمدد على سريرها عندما أرسلت صورة سلوى الصغيرة لخطاب والذي اتصل فوراً يهتف بحماس : تشبه زيد..
هلا بضحكة : لا بسم الله عليها.. وش زيد حرام عليك أنت ناوي تعقد البنت من بدري !
خطاب : لا والله الخشم والفم الخالق الناطق أبوها.. الله يحفظها ويبارك فيها .. حلوين البنات.. كلمت زيد أبارك له حسيته فرح فيها أكثر من تركي..
هلا تضحك قائله فوجه زيد اليوم كان مشعاً : زيد يحب البنات أكثر من العيال وكان يبي أول خلفته تكون بنت بس عاد قدر الله وما شاء فعل.. كلهم فيهم الخير والبركة سواء ولد ولا بنت..
خطاب بهدوء : عقبالنا يارب .
أجابته بلهفه : آمين ..
ابتسم وكأنها أمامه مع أنه بعيد عنها تماماً : الله يجيب اليوم اللي أشيل فيه عيالي منك.. والله شفقان على اللحظة ذي، بموت من الشفقة..
.
.

روحٌ تأتي وأخرى تذهب.. هذا هو ديدن الحياة.. روحٌ تحيا وأخرى تموت ولن يحدث إلا ماقدّره الله لك.. أجلك واقعٌ لا محاله حتى وإن فررت منه..
في منزل بدر والذي شهدت جدرانه انهيار أهله الذين نزل عليهم الخبر كالصاعقة.. انهيار حنين وبكاءها غير مصدقة فالبارحة كان معها لا يشكو من شيء.. وانهيار أبنائه الذين استيقظوا من نومهم بفزع على صوت صراخ والدتهم وعويلها ليشاركوها البكاء دون حتى أن يعرفوا السبب.. وانهيار ياسر الذي كان يقف في مجلسه يستقبل المعزيين بنظرة فارغة تماماً وكأنه بلا روح.. فهو شعر بها تخرج منه و تغادره بعد أن وضع بدر في قبره.. يحثو عليه التراب حتى وقع منهاراً في بكاءٍ مرير بين الرجّال الذي لحقوا بالجنازة بعد الصلاة عليها..
يشعر وكأن قلبه سيتوقف في أي لحظة غير قادر على التصديق بأنّ من كان مكفناً قبل ساعات وصلّى عليه صلاة الميت ومن غطاه التراب الآن حتى اختفى تحته.. هو ابنه..

شعر بأن أقدامه تذوب فوقع جالساً على الأريكة خلفه. يرى أفواجاً من المعزيين يدخلون مع الباب.. بعضهم حزين متأثر والبعض أتى فقط ليؤدي واجباً وكأنه مجبر.. ولا أحد يعلم بمقدار الحزن الذي فجّر قلبه..

كان قد شهد وفاة ثلاثة من أبناءه قبلاً.. اثنين في حادث مريع حتى أن المسعفين بالكاد استطاعوا جمع أشلاءهم.. والثالث وقع رأسه أمام عينيه بعد أن قصّه السيف وكأنه شيءٌ لم يكن.. لكن وفاة بدر كانت القشة التي كسرت ظهره.. كمية الألم والحزن التي يشعر بها تكاد تذيب جوفه وهو مؤمن بأن ما حدث له لم يحدث إلا لسبب..
نزل عليه الخبر كالصاعقة التي انهاه رعدها وبرقها.. لم يفق من صدمة الخبر بعد لازال يعيش على أمل أن يدخل عليه بدر الآن عاقداً حاجبيه بضيق لتعثر صفقة من صفقاته أو مبتسماً بثقة وغرور لنجاح مشروع من مشاريعه.. كان هناك أمل رغم أنه قد وضعه بيديه في قبره.. موت بدر سلب منه صحته وطاقته وحياته كامله كان يشعر وكأن قلبه قد شاخ بين جوانحه فجأة و أحدودب ظهره وتثاقلت خطوته وخارت قوته.. لازال لا يصدق أن بدر الذي كان يمسك بذراعه خائفاً عليه فجر اليوم عائداً معه من المسجد قد رحل.. ذهاب بلا عودة.. للأبد!
وقف مجدداً بصعوبة يستقبل تعازي فوجٍ جديد من المعزين.. يشعر بيد حمد تسنده.. حمد الجلمود المتجبّر يقف بجانبه،، يتضح عليه التأثر فمنذ أن أتاه الخبر وهو يشعر وكأنه فقد ضلعاً من أضلعه..

بالكاد يقف لا ينظر لأحدٍ منهم فلا طاقة لديه لأن يرفع بصره من على الأرض ولكن ما إن صافح أحدهم وسمع صوته يهتف بهدوء : عظم الله أجرك..
حتى ورفع بصره بسرعة ليظهر أمام وجهه منيف ينظر له بجمود..
منيف مجدداً : عظم الله أجرك يا ياسر ..
تسارعت أنفاسه بغضبٍ شديد وكأن بركاناً انفجر في جوفه ، ينظر له بنظرة زجاجية مليئة بالحقد ولو كانت النظرة تقتل لكان منيف في عداد الأموات الآن..
شد على يده بقوة ونظرته ازدادت حده وحقد ليبتسم له منيف : يدي..
ياسر بهمس غاضب اختلط بالحزن واليأس : اقسم بالله يامنيف لا أخليك تندم على اليوم اللي قابلتني فيه.. والله!
اتسعت ابتسامة منيف ببرود : طيب اترك يدي.. لا تنكسر!
تركها بقرف.. نار هائلة تستعر في صدره وعينيه الغاضبة تابعت منيف بكل حقد حتى جلس أمامه..
كانت نظرته لمنيف نظرة غل تخفي خلفها الكثير. رغم أن وفاة بدر طبيعية أو -سكته قلبيه- كما قال الطبيب.. لكنه مع ذلك،، وبشكلٍ ما.. يشعر بأن منيف وراء كل المصائب التي حدثت له في حياته..

.

بعد أن سكن المنزل تماماً وأغلقت الأبواب واسدل الليل حالك السواد ستاره.. فرشت حنين سجادتها في غرفتها التي جمعتها به وشهدت كل شيء مرت فيه معه.. لا تعلم كم بقت ساجدة تبكي من أعماق قلبها غير قادرة على أن ترفع رأسها من على الأرض.. حتى الدعاء أبى أن يخرج عندما اختنقت بعبرتها فأصبحت تردد "يارب.. يارب.. يارب.. يارب"..
ياربي والباقي وحدك تعلمه.. ياربي والباقي وحدك تعلمه..

لطالما كانت فكرة الموت مرعبة.. مجرد التفكير بأن شخصاً كان معك وفي لمح البصر غادرته الروح دون أن تشاوره أو تشاورك شيءٌ يصعب استيعابه.. ومهما طال بك الزمن ستبقى روحك متلهفه وعينيك متأهبه تنتظر دخوله عليك في أي لحظة ..

سلّمت من صلاتها لترى والدتها تجلس على السرير تنظر لها بأسى.. فانحنت مجدداً لتضع جبينها أرضاً على كفيها تنتحب.. أنينها يخرج دون سيطرة منها تشعر وكأن نياط قلبها ستنقطع من شدة البكاء وتدافع الشهقات..
رفعتها والدتها التي جلست على الأرض بجانبها تحتضنها بحنو تتمنى لو أن تنزع الحزن الذي دُفنت به ابنتها هكذا فجأة وتأخذه عنها..
ما إن هدأت حنين حتى وابتعدت عن صدر والدتها تمسح دموعها تهتف بصوتٍ أبح : وين سيف وسارة؟
شيخة بعطف : ناموا الله يحفظهم.. سيف صك راسي يسأل عنك قلت له تعبانة ونايمة ، قال بيجيك بكرة الصبح من بدري..
حنين بعبرة : اليوم سأل عني وبكرة بيسأل عن أبوه.. وش أقول ؟ وش أقول لا سألوا عن بدر؟
شيخة : هذا وقتك يا حنين عيالك الحين محتاجين لك أكثر من أول وأبو بدر هالشايب اللي حالته ما تسر عدو ولا صديق محتاجك.. أنا خبرتك قوية ومؤمنة وهذا قضاء الله وحكمته لا تضعفين الحين وفي هالوقت..
هزت رأسها تأخذ نفساً عميقاً علها ترتاح ولكن ما حدث كان العكس فبدأت تسعل حتى عادت تبكي من جديد بيأس وقلة حيلة ..
شيخة بأسى : لا حول ولا قوة إلا بالله ..
حنين بغصة : والله مو بيدي،، أحس جوفي صار فاضي يمه..
شيخة : اذكري الله وادعي له هو الحين مايبي منك إلا الدعاء.. الصياح ماعمره يفيد يابنتي لو الدموع ترجع أحد كان العين ماجفّت..
حنين بحسرة من بين شهقاتها : اااخ يا أمي اااااخ.. يارب مو سخط على حكمك بس عجزت استوعب إن بدر راح خلاص،، أحسه بيدخل علي في أي لحظة.. يمه قلبي يوجعني .. قلبي يوجعننني أحس إني بموت يمه.. والله بموت.. ساعديني.. وش اسوي؟؟ يارب سااعدني. ياااربي ساعدني..

ليلتها لم تنم حنين أبداً. انقضى عليها الليل طويلاً ثقيلاً شعرت فيه بأن قلبها مقبوضٌ بقبضةٍ من حديد.. تندم على مافات و تتمنى لو أن يعود الزمن قليلاً.. قليلاً فقط لتحضى ببعض الوقت معه.. تحتضنه.. تقبله.. تمسح على شعره وهي تتأمل ملامحة التي عشقت كما لم تعشق أنثى من قبل..
آه لو يعود الزمن لكانت أخبرته كم أحبته.. وأنه وعلى الرغم من أفعاله لم تكرهه ابداً.. وأنها وعلى الرغم من زعلها منه كانت تسترق النظر له عندما يكون سارحاً لتروي عطش روحها.. لكانت أصلحت قليلاً من وضعهم قبلاً.. لو كانت تعلم أن الموت سيخطفه منها فجأةً هكذا لكانت محت تقطيبة حاجبيه التي سببتها له في آخر فترة.. ولكانت أصلحت حالهم قبل الفراق.. كلما أغمضت عينيها تتراءى لها ابتسامته و شكل عينيه بالأمس وهي مليئةٌ بالدموع.. كأنه كان يشعر بدنو أجله.. لتفتحها مرعوبةً مجدداً بدموعٍ تنهمر بلا توقف علّ الدموع تغسل قلبها مما أهمّه .
.
.

مساء اليوم التالي كان خطاب يتمدد في صالة شقته منهك القوى بعد أن عاد من جلسة مع الدكتور محسن العطار.. كان يشعر باليأس يغشى قلبه، يطمع في الخلاص، ولا خلاص! يشعر بعضلته بين أضلعه تنبض بضعفٍ وتعب وكأنه يحتاج بأن يبذل مجهوداً كي يعيش.. رفع هاتفه واتصل عليها دون تردد وهو يعلم علم اليقين أنه سيجد في صوتها الراحة التي يبحث عنها وفي كلماتها الأمان الذي ينشده .

تسارعت أنفاسه ما إن رفعت الخط ليقول بلهفه وشوق عارم فهو سيكمل الإسبوع الآن دون أن يراها : الوو..
ثم عقد حاجبيه باستنكار عندما أجابته بصوت محتقن : هلا خطاب..
خطاب بقلق : هلا بك.. وش فيه؟
أخذت نفساً عميقاً : مافيه شي.. وش أخبارك اليوم؟
اعتدل جالساً : شلون مافيه شي هلا وصوتك متغير؟ خير وش صاير ؟ بنت زيد فيها شي؟ أحد صار فيه شي؟
هلا بضيق : والله مافيه شي خطاب بس.. توني قبل شوي راجعه من عزا..
عقد حاجبيه : يالله لطفك.. عزا مين؟
هلا بتأثر : طالب عندنا أبوه توفى أمس..
خطاب : لا إله إلا الله. الله يرحمه ويغفر له.. كبير بالعمر ؟
هلا : لأ ما أظن كبير لأن أكبر عياله سيف اللي يدرس عندنا بثاني.. وأصغر عياله بنت عمرها ٤ سنوات..
خطاب بتأثر فسيف كان بعمره تقريباً عندما خسر أهله : يالله صغار ! الله يجبر كسرهم ويمسح على قلوبهم برحمته فقد الوالدين وجعه ماله علاج.. أنا مجرب وحاس والله حسرة موتهم للحين في قلبي عيّت تروح..
هلا بعبرة : يالله يا خطاب لو تشوف شلون حالة زوجته.. أوجعت قلبي مع إنها صابرة لكن تحسها قاعده معنا شكل بس.. مافيها روح..
ابتلع ريقه بأسى : الله يرحم ميتهم ويعوضه شبابه بالجنة ويصبرهم.. وهي اللي يتولاها برحمته ويعوضها خير بعيالها لا كبروا.. الموت طريق كلنا بنمشي فيه.. هو نهاية كل حي..
هلا : والله أوجعت قلبي.. على كلام أمها إنه مات فجأة.. طلع من البيت متعافي مايشكي ومافيه شي.. يالله كل ما أتخيل كيف نزل عليها الخبر أحس قلبي بيوقف.. فكرة إنك تودع شخص للأبد بدون رجعه مهلكة!
ثم أردفت بعبرة : الله يخليكم لي ولا يفجعني فيكم.. والله إني من غيركم مالي حياة..
خطاب : اللهم آمين ولا يفجعنا فيك يا حبيبة قلبي..
ثم تابع بتودد : ما ودك ترجعين بيتنا وتردين روحي لي؟
هلا تمسح دموعها التي سقطت رغماً عنها : أنا وين وأنت وين؟
ابتسم بأسى وكأنها أمامه : أنا وحيد.. وحزين.. وأنتي لا إحساس و ولا ضمير..
ضحكت ببحة : أنت في أبها!
خطاب بهدوء : خلاص خلصت شغل أبها.. ولا عاد برجع لها أبد.
هلا بشك : صدق عاد؟
خطاب : أقسم بالله، اللي بيني وبينها إنتهى الله يستر عليها ويسامحني إن كنت ظلمتها معي.. هلا أنا تعبان قبلك وتعبت زود من بعدك ارجعي لي والله قمت أهوجس بك. البيت كان فيه حياه يوم كنتي أنتي وسالم فيه كنت أحس إني عايش بس الحين أحس كأني بصندوق.. يضيق صدري لا خلص الدوام و جيت أرجع..
هلا : وش أخبار جلساتك مع الدكتور محسن؟
شعر بأنها تحاول أن تتملص من الموضوع لذا قال بتنهيدة يائسة : للحين أروح له ونشوف وش آخرتها .. بس أحس إني أحسن؟
هلا بعد فترة صمت قصيرة : قلت لي متى راجع من أبها؟
خطاب بتوجس : اا.. بكرة؟ أو الحين إذا تبين؟
ضحكت وهي تشعر بنبضات قلبها ترتفع : أجل لا وصلت بكرة مرني بيت أهلي وبكون جاهزة إن شاءالله..
.
.

خالد : ضيِّي..
التفتت له ووجنتيها توردت من طريقته بنطق اسمها بكل هذا التملك في نبرته : مم؟
خالد : عندي اقتراح ولك حرية الموافقة أو الرفض ..
ضي باهتمام : ايوه؟
خالد بابتسامة : وش رايك تكملين دراستك؟
عقدت حاجبيها ليردف : أنتي سحبتي ملفك نهائي؟
ضي : لأ وقفت قيد بس..
اتسعت ابتسامته : حلو يعني أمورك جاهزة وخالصة. السنة ذي مابقى عليها شي وتنتهي بداية السنة الجديدة إذا الله أعطانا عمر وعافية تروحين تفكين القيد..
هزت رأسها على مضض تتجنب النظر لوجهه ليعقد حاجبيه : وش فيك؟ إذا ماتبين براحتك، موب لازم.. بس أنا أشوف الدراسة بتونسك شوي وتشغل وقتك غير إن الشهادة شي مهم بالوقت ذا ومافيه أحد يقعد من غير شهادة..
نظرت له نظره سريعة ثم صرَفت بصرها بسرعة : مو عن ما أبي بس... خالد أبي أقولك شي يقرقع بقلبي ولاني قادرة أسكت عنه.
ابتسم بحنو يقف من مكانه ويجلس بجانبها لتتبدل ملامحها وكأنها ستبكي : سمِّي.. اسمعك.
أخذت نفساً بتردد ورفعت ناظريها له تتأمل وجهه المبتسم.. سبحان الذي سخر شخصاً كهذا أخرجها من ضلالٍ عاشت به دون أن يبذل مجهوداً لذلك. مجرد دخوله لحياتها بدد كل الظلام وغير نظرتها لترى الحياة من منظورٍ آخر.. تنهدت بتعب : أنا قبل فترة رحت عند شيخ يقرأ علي..
عقد حاجبيه باستنكار لتردف بسرعة : يوم استأذنت منك أروح مع أختي غالية.. تذكر؟ هذاك اليوم رحت مع أبوي لشيخ كان يقرأ علي قبل و.. قرأ علي؟
قالت آخر جملتها لا يعلم هل هي تسأله أم تعطيه معلومة لذا قال باستنكار : طيب؟
ضي بيأس : وش طيب؟ خلاص بس..
خالد : طيب قرأ عليك الشيخ.. وبعدين؟
زمت شفتيها بتردد تنظر له جامد الملامح قبل أن تمسك بأصابعه تحركها تصرف بصرها عنه وتحاول الانشغال بها : أنا جاتني فترة من حياتي.. بعد وفاة أمي الله يرحمها.. كنت أحس إني مو بخير.. وكأن فيه أحد داخلي..

مررت لسانها على شفتيها واسترقت النظر لوجهه الذي لازال جامداً لتتابع بضيق : تعرف الإحساس يوم تحس كأن فيه أحد عند اذنك قاعد يتكلم وأنت مهما حاولت تتجاهل صوته ما تقدر؟.. أنا كنت أحس بالشي ذا،، كنت أحس إن فيه أحد يتحكم بتصرفاتي يشاركني حتى جسمي.. وقلت لأخواتي وقلت لأبوي بس محد صدقني.. إلى إن بدت صحتي تتدهور كنت أحس بخوف فضيع وأعيش بقلق رهيب وأنا موب قادرة أسكّت هالصوت لدرجة إني ساعات أتمنى أموت بس يسكت.. رحت لشيوخ كثير قروا علي الكل يقول أنتي سليمه بس واهمه... الملبوس يبين عليه وأنتي مافيك شي..
ابتلعت ريقها ونظرت له لتجده مقطباً حاجبيه بضيق : خالد أنا منيب ملبوسه..
خالد بعبوس : محد قال انك ملبوسة! ضي أنا رجّال مؤمن ومثل هالشي و إن كان فيك مايخوفني ومافيه أبسط من إنه يتركك، حنا اقوى منهم..
ضي بتعب : أنا مافيني شي.. هي مشكلة نفسية فيني.. وحسيت إني تعافيت الحين..
خالد : أنا من أول قلت لك أدري إن مافيك شي.. أنا ما أدري أنتي ليه قاعده تبررين لي الحين؟
ضي بزفره : خالد ممكن لو سمحت ما تسفّه الموضوع؟.. لأنه عندي كبير ومأثر علي وعلى حياتي معك. خالد أنا ماحسيت إني تحسنت إلا الحين تدري ليش؟ لأني متمسكة بالحياة معك ما أبي تتركني.. أخاف تتركني.
خالد بابتسامة : منيب تاركك دافع فيك دم قلبي يا قلبي .
اعتصرت أصابعه بكل قوة وغيض ليصرخ ضاحكاً متوجعاً يحاول تحريرها : اح اح أصابعي يابنت..
ألقت بيده بعيداً عنها تشعر وكأنها ستبكي : قم عني.. قم اطلع،، وخر عني..
ضحك : مافيه طلعه إلا إذا اتفقنا على موضوع دراستك هاه وش قلتي؟
بكت : سو اللي تبي بس قم ابعد من قدامي.. بتذبحني حرام عليك..
عاد يضحك يحتضنها يتوقع مقاومتها لكنها استجابت له دون جدال وكأنها كانت تنتظر مبادرته.. ليقول بحنان : أنتي ليه تاخذين كل شي بجديه؟ قاعد أمزح معك.. الواحد ما يمزح مع حرمته يعني؟
ضي بإنفعال وهي تشد عليه أكثر : مزح عن مزح يفرق وأنت مزحك ثقيييل بيمرضني.
خالد : تمام.. يجي منك أكثر يانبضي..
.
.

مسحت دموعها التي سقطت بضعف وهي ترى جسده متمدداً على الأريكة يضع ذراعه على جبينه وينظر للسقف.. كانت هناك ظُلمة سوداء تغشاه.. لا تراها ولكن تشعر بها حتى غشتها معه..

أغمض ياسر عينيه وهو يسمع وقع أقدامٍ على الأرض الرخامية.. ثم بثقلٍ يجلس في المساحة الخالية عند اقدامه ..
ظل ساكتاً مغمضاً عينيه يأخذ أنفاسه بثقلٍ واضح من ارتفاع صدره وانخفاضه.. اليوم الثاني من العزاء انتهى ولازال منظر ابنه مكفناً وكأنه قبل دقائق هو الشيء الوحيد في باله.. والشق الذي أحدثه موت بدر في قلبه في اتساع متزايد..
ابتلع ريقه يبتلع معه عبرته التي شعر بها ستخنقه.. يشعر بيدها تربت على ركبته تهمس : عمي...
شدّ على فكّه قبل أن يفتح عينيه ينظر لها من مكانه يبتسم بحزن : سمي يا أمي..
ابتسمت له بحزن أكبر : سألت العاملة قالت ما رضيت تتعشى!
ياسر بغصة : ما أشتهي يمه..
عقدت حاجبيها بعتب : الله يهديك من أمس ما أكلت شي.. ما يصير كذا تبي تدمر صحتك أنت؟
ياسر بضيق : والله ما أشتهي العيشَه ياحنين.. لا جعت باكل..
وقفت وعادت تجلس بعد أن أخذت صينية الطعام الصغيرة التي وضعتها على الطاولة في منتصف المجلس بعد أن دخلت.. : وإن قلت إني بأكلك بيدي؟ تكفى عشان خاطري ولا مالي خاطر عندك؟
اعتدل جالساً وهو يرى ابتسامتها الصغيرة المتثاقله.. كانت تتصنع الثبات أمامه والواضح له أنها كل شيء إلا الثبات.. وجهها يغرق في حزنٍ عميق وشحوب وذبول وهالاتٍ تحت عينيها كأنها لم تنم سنة كاملة..
بادلها الابتسامه بدون نفس فقط كي لا يردها خائبة.. كان يبذل مجهوداً عظيماً وهو يضغط على نفسه لتحريك عضلات وجهه فلم تعد به طاقه..
حنين بهدوء بعد أن رفعت الملعقة المليئة بالرز لفمه : وش أخبارك عمي؟ ما شفتك من أمس..
لم يستطع أن يبلع لقمته وهو يشعر بعبرته تتجمع في حلقه حتى غص بها وبدأ يسعل. ثم بمنديلٍ ترفعه حنين حتى التصق بفمه تهتف بضيق : نزلها..
بصق ماكان في فمه يمسح دموعه التي سقطت بصمت بكم ثوبه.. ثم يفتح فمه مجدداً للملعقة المرتجفه التي رفعتها حنين،، مرةً أخرى .. ما إن ابتلع لقمته حتى وأمسك بمعصمها قبل أن تزيده بأخرى يهمس : بس.
حنين بعتب : ما أكلت شي الله يهديك..
عادت العبرة تخنقة حتى أصبح دفعها مستحيلاً فإنفجر يبكي..
انحنت حنين بقلق تضع الصينية أرضاً قبل أن تقول : خلاص مهوب لازم تاكل اذا ماتبي..
ياسر ببكاء مرير : ما أشتهي.
ابتسمت بحنو تتجمع الدموع في عينيها على شكله يبكي كطفلٍ صغير ليس رجلاً كبيراً بشعرٍ تلوّن بالشيب : خلاص براحتك..
ظلت تتأمله يحاول أن يمسح دموعه لكن دون جدوى حتى بات نحيبه يصدح في المكان .. بكت معه تمسح على ظهره : أذكر الله ياعمي لا تسوي بنفسك كذا..
وضع يديه على رأسه بجزع : ولدي راح.. ولدي راح وأنا السبب..
حنين : تعوذ من ابليس.. بدر...
ثم بغصة تابعت : بدر راح لأن عمره خلص.. أنت مالك ذنب..
هز رأسه ينفي فلا أحد يستطيع أن يفهم.. لا أحد سواه فهذا من جنِي يداه.. أشار بيده على نفسه بحسرة : أنا جبته لعيالي.. أنا اللي سويت بعيالي كذا.. بدر كان حاس إنه بيموت شفته ليلتها يشكي من قلبه.. ولدي كان حاس وأنا تركته يطلع من عندي بدون حتى لا أضمه..
آآخ لو كنت أدري.. آآآخ بس.
حنين بحسرة أكبر : أنا وش أقول أجل يا عمي!
ثم أردفت بصعوبة : بدر الله يرحمه الحين مايبي منك الا الدعاء.. لا ليت بتفيد ولا الدموع بتفيد، ولو كانت الدموع بترجعه كان قعدت طول عمري أبكي.. عمي أنا وعياله محتاجينك.. أنا لحالي ما أقوى أبي من يسندني.. والله لو أعلمك باللي أحس فيه الحين كان.. كان...

لم تستطع أن تكمل كلامها وهي تشعر بشهقاتها تمزق حنجرتها.. الفقد صعب و مر وجراحه لا تبرأ أبداً.. ليلتها بكت حنين عمرها كاملاً تشكي لياسر الذي لم يكن أحسن حالٍ منها .. كان في الليلة الماضية حلم ببدر يركض مبتعداً يلحق بالفتى الصغير الذي هرب بهلع بعد أن صرخ ينادي أصحاب المنزل الذي اَضرم فيه النار بمشاركة حمد. ليستيقظ مرعوباً يتصبب عرقاً في داخله صوت يوبخه ويحمله الخطأ مئة بالمئة..
.
.

أتى الخميس الذي كانت تنتظره بفارغ الصبر.. تشعر بطوفانٍ سيجرفها من مشاعر الشوق واللهفه وهي تنتظر الدقيقة التي سيدخل فيها عليها.. مضى أسبوع كامل دون أن تراه سوى بالصور التي كان يرسلها لها بقروب العائلة بعد أن الحّت عليه ..
" حرام عليك أرسل لي تصبيرة.. اشتقت لك خطاب. " كان هذا ماهمست به بيأس في الهاتف عندما كانت تحادثه قبل ثلاثة أيام..
ليقول ضاحكاً : قايل لك بلاها سالفة السفرة ذي..
هلا بهدوء : كان لازم ، عشان أهلي.. أنت عارف!
غير إني يوم شفت خالد أبو راس طقتني أم الركب زين ماكبيت العشا..
خطاب : طيب أنا بعد مشتاق لك.. أنتي حتى موب راضية تطلعين معي من وراهم!
هلا بدلع : بصراحة عاجبني الوضع وأنا العب دور البنت اللي في فترة الخطوبة.. ما يصير أطلع معك قبل العرس وش بتقول الناس؟
ابتلع ريقه ونبرتها المترفه بالدلال عبثت حتى بصوته فخرج مبحوحاً : بنت!
ضحكت : خلاص طيب برسل لك صورتي.
خطاب بجدية : عشان اذبحك.
هلا بنبرة مشاكسة : شوفها وامسحها ياخي..
خطاب بنرفزة : لا أشوفها ولا تشوفني قلت لأ يعني لأ أخاف تروح لأحد ثاني بالغلط غير إني قايل لك من أول لا تتصورين بالجوال..
ضحكت حتى تعبت : يا أبو عقل متحجر كل الناس تصور..
خطاب : قولي اللي تقولينه و بعدين تعالي وش أسوي بالصورة؟ شايفتني مراهق عندك وبقعد احبحب الشاشة؟
هلا بخبث ضاحكة : تصبّر فيها لين الله يفرجها ياخي.. أنا هنا أحاول اعطيك حلول..
ليلتها وبعد أن انتهت المكالمة الطويلة لم يدع خطاب وضعية في خاطره إلا وتصور بها .. حتى امتلأ هاتفها بهم.. .. واقفاً أو جالساً.. يضع قدماً على الأخرى أو يرفع اصبعيه السبابة والوسطى.. يقرب عدسة الكاميرا من وجهه حتى أصبح لا يظهر منه سوى هدَب عينيه أو يبعدها جداً لدرجة أن هلا استطاعت أن ترى الفوضى العارمة خلف الأريكة التي كان يجلس عليها لترسل له عدد لا نهائي من الوجيه الغاضبة " خطاب وش ذا اللي ورى الكنبة؟"
.

كانت هلا تتأمل الجالس أمامها بعينين تتلامع.. عين فاض منها الحب حتى غطى ملامح وجهها التي تشنجت من شدة الابتسام.. رغم أن سرحانه كان كثيراً.. يتحدث قليلاً ثم يصمت شارد الذهن ولم تخفى عليها فزتّه عندما دخل زيد للمنزل مبتسماً ثم يجلس بجواره لتتبدل الابتسامه، يتهامس معه بشيءٍ لم تسمعه وملامح كلاهما جامدة..
تلفتت حولها تبحث عن خالد فهذا هو وقته ، هو الوحيد الذي سيستطيع أن يلتصق بهم حتى يسمع همسهم .
سلوى : وش عندكم تتساسرون؟
ابتسمت هلا تهتف بصوت مرتفع : اااه الحمدلله ،، ينصر دينك يمه.. أخيرا أحد انتبه غيري أنهم خامرين على بلى..
زيد يرتشف من فنجال قهوته التي بردت مبتسماً : شي بيني وبين خطاب .
ثم مد فنجاله موجهاً حديثه وحركته لها : قومي زيديني قهوة واتركي عنك اللقافة..
عبست تقف تأخذ الفنجال من بين يديه : هذا وأنا عمة عيالك الوحيدة تعاملني كذا!.. الله يسامحك.
زيد بابتسامة أخفاها بطرف الفنجال : هذا من سوء حظهم الضعوف.. بعدين وش الاسطوانة الجديدة ذي توك تكتشفين إنك الوحيدة ولا تو الإحساس يتفعّل عندك؟
سلوى بضحكة : جات سلوى وجابت الإحساس معها..

لم تتفاعل معهم ولا مع ضحكهم عليها وأخذت فنجال خطاب الذي رفعه لها يبتسم بتودد وهو يرى عبوس ملامحها وشفتيها التي امتدت بزعل.. رغم كل ماكان يدور في باله من تفكير وقلق واضطراب ضربه من منذ الأمس إلا أنه لم يستطع أن يتشاغل عنها.. ولا عن النظر لها وتأملها.. كانت ترتدي جلابية منزلية بسيطة جداً لكنها ومع كامل بساطتها كانت زاهيةً فخمةً على تقاطيع جسمها.. أخذ نفساً بعد أن امسك مامدت له دون أن يترك يدها يشير بعينيه للمكان الفارغ بجانبه يحرك شفتيه بدون صوت : اقعدي جنبي..
رغم أن عبوسها زاد و شفتيها امتدت أكثر إلا أنها جلست بجانبه تلتصق به جداً تتصنع الزعل..
دارت الأحاديث وشاركهم خالد الذي عاد من الخارج شماغه مسحوب للخلف يثبته بعقاله إذ أن حتى زيد علق : وش هالنسفة الخايسة تقل سواق سطحة؟
ضحك خالد يبعد شماغه عن رأسه : أراكض ورى حلالي وأنا أخوك ..
ثم وجه حديثه لهلا : اعتذر إني بفقع فقاعتكم وأخرب انسجامكم بس قومي قهويني..
خطاب : قم أنت قام عصبك..
رفع سبابته مهدداً : لو سمحت لا تخرب أختي علي.. هلا قومي.
هلا تميل عليه متعمدة تتصنع الدلع : خطااب أقوم؟
تلفت خالد حوله : وين النعال ؟ ذي اللي بقوم أكوفنها الحين.. قومي أشوف.
كادت أن تقف لكن خطاب سحبها لتعود جالسة ويقف بدلاً منها : خليك جالسة أنا بقهويه.
عضّ خالد جانب يده دلالة على التحسر : يانعنبااا بس..
ضحك متجاهلاً تعليقه ومد له فنجاله ثم اتجه لهلا يمد لها فنجالاً آخر : سمّي قلبي..
اخذته منه بخجل فابتسامته كانت شيئاً لا يوصف : سم الله عدوك..
خالد من خلفه : تؤتؤتؤتؤتؤ.. أتمنى التحلي بالآداب العامة ياشباب.. مو لأن أمي قامت تتمادون.. ترى حنا اخوانها وموجودين..
جلس بجانبها : أقول هلا مشينا البيت.. نادي سالم.
خالد بضحكة : زعل علينا النسيب.. مير مابغى شغلك يخلص الحمدلله..
هلا : تبي الفكّه أشوف!
خالد يغمز ممازحاً : لا والله بس اشتقت لخطاب..

قبل خروجهم هتف زيد بهمس مسموع لخطاب : خلاص مثل ما اتفقنا...
ليلتصق به خالد طيلة الليل يسأله بإلحاح : وش اللي مثل ما اتفقنا؟ وش اتفقتوا عليه؟ وانا ويني من هالاتفاق؟
.
.

مضت ثلاثة أيام منذ أن عادت هلا لأحضان منزلها الذي وعلى الرغم من صغره كان كبيراً واسعاً في عينيها.. كانت سعادة خطاب بها واضحة فكان طيلة الوقت يُجلسها بجانبه ينظر لها مبتسماً وسالم أمامهم يعطيهم ظهره يتشاغل باللعب بجهازه.. كان يتحسس كفها بين يديه كأنه يريد التأكد من أنها أصبحت معه وبجانبه وأن الجليد الذي كان يهدد حياتهم قد ذاب تماماً..

" تو الحين أحس إني حييت " قالها خطاب مبتسماً لها وهو يتمدد بجانبها ينظر لوجهها الذي أغرقه بقبلاته الرقيقة يتأملها وكأن قلبه بين يديها.. و كان يرددها كل ليلة مغرقاً وجهها بقبلاته ليتأكد من أن مايعنيه قد وصلها وشعرت به.. : تدرين وش ودي الحين؟
همس لها وهو يشد على كفها فوق خده ليرى ابتسامتها التي تذوب خجلاً تتسع : وش؟
خطاب بهدوء : ودي كل اللي أنا فيه الحين يعدّي.. وأشوف كيف بتصير حياتنا بعده..
هلا : بيعدي ان شاءالله.. طال الزمن ولا قصر مصيره يعدي..

ليلتها نامت هلا ويدها لازالت في يده التي قربها من صدره .. ينظر لها بأمل وكأن الحياة والمستقبل بين جفنيها.. جافاه النوم حتى لم يبقى الكثير على منتصف الليل.. وقتها اهتز هاتفه الموضوع تحت وسادته.. ليعرف من المتصل دون حتى أن يتأكد منه.. رفع يد هلا يقبل باطن كفها بعمق ويتأمل وجهها بحب ليهمس قبل أن يبتعد بهدوء يبدل ثيابه خارجاً من الغرفة : استودعتك الله يا حبيبة قلبي ..
.
.

فتح باب غرفته ليدخل يجر أقدامه خلفه بتعب بعد عودته للتو من رحلة شاقه.. توقف في خطاه قبل أن يتقدم خطوة واحدة بعد أن أغلق الباب خلفه وينتبه للإنارة الصفراء الخافته التي تغرق بها الغرفة.. استدار برأسه مستنكراً فرأى التي ترتدي قميصاً قصيراً أسود اللون تجلس باستحياء على الكنبة تسترق النظر من بين أهدابها الطويلة وتظن أنه لا يلاحظ ذلك.. ولكن الحقيقة كانت أنه و منذ أن فتح باب غرفته تخترق رئتيه رائحة البخور وشيء آخر أكثر فتنة شبيه بعطر ضي حتى وشعر بأن أنفاسه فرّت منه.. لاحظ كل شيء ابتداءً من تموجات شعرها الناعمة والذي كانت تفرقه من المنتصف.. نصفٌ خلف أذنها والآخر ينسدل بنعومة على جانب وجهها.. و زمها لشفتيها التي تلونت بأحمر شفاه تناغم مع لون بشرتها الذهبي.. واستقامة ظهرها رغم جلوسها.. وانتهاءً برعشة يديها التي كانت تحاول السيطرة عليها بالضغط على أصابعها لكنها كانت واضحة له رغماً عنها. شعر بأن نسيماً بارداً هبّ على روحه وأنعشه.. كان في قلبه شعورٌ خاص لها يشعر به يعبث بأوردته ما إن يراها وكأن لها قوةً خفية عليه.. كان جبروت وجودها معه في نفس المكان دائماً يغلبه حتى بات يتعثر بالكلام معها يخشى من أن تخرج كلمةً تفضحه وتفزعها..

ابتسم وهو يرى تراخي أكتافها بعد أن كانت تشدها بعنفوان وكأنها تعبت من الانتظار : يا سلام يا سلام أنتي هنا وأنا صار لي ساعة تحت أنتظرك؟
ابتلعت ريقها و وقفت تنظر له نظرة سريعة قبل أن تنزل بصرها : أنت جيت؟.
خالد بجمود : لا أبد أكلمك من الصالة اللي تحت حالياً..
رفعت رأسها تضحك من أعماق قلبها تضع يدها على فمها ونظرات خالد الذي شقت الابتسامة خديّه تكاد تخترقها.. أصبحت شيئاً مختلفاً الآن في نبرتها حياة وفي ضحكتها ارتواء ولم تعد تلك النحيلة شديدة الذبول وكأن روحها خرجت من مقلتيها..
رفعت حاجبيها ببراءة لازالت نبرتها ضاحكة : ما انتبهت!..
ضوّق عينيه : كل هالحضور والهيبة اللي تغطي المكان من اجي وتقولين ما انتبهت؟ اوكي مافيه مشكلة،، بأسوي نفسي مصدق.
لكن ... مم...؟
اشتعل جسدها وهي ترى ارتفاع حاجبه بخبث وهو يشير برأسه عليها مستفسراً ماترتدي : وش؟
اقترب منها يضع يديه على عضديها يحركها ويديرها وكأنه يتفحص شيئاً ما : أشوف أشوف.. هذا ما كأنه ذاك القميص ؟؟
عقدت حاجبيها بقلق : وش فيك؟
خالد بشهقه : إلا هو.. والله هو.. اه أحس إني دايخ اسنديني بالله.
أمسكت ذراعيه بخوف : بسم الله عليك وش فيه؟
خالد : ذا القميص الأسود ماغيره اللي ذاك اليوم ؟
ليردف بعد أن عقدت حاجبيها بعدم فهم : يوم تجلديني؟.. آه.. جاتني عقدة منه افصخيه افصخيه بسرعة.

بهت وجهها بعد أن بدأ يحاول تحرير كتفها من الخيط الرفيع الذي يمسكه و على وجهه ابتسامه واسعة لتدرك ماينوي فعله.. صفعت يده بقوة : هيه أنت.. خير؟..
سحب كفه بسرعه يفركه بألم: احح.. والله بديت أصدق أن اللون الاسود له تأثير عليك.. يدك حارة وتوجع يختي..
ضحكت : احتفظ بيدك لنفسك ولا بيجيك شي.. بعدين ايه هو نفسه انا متعمدة لبسته..
قلّب ملامحه : ايه عشان تلاقين عذر تضربيني.
ضي بضيق : خالد وش تضربيني والله الكلمة مو حلوة منك.. وإن كنت ذاك اليوم سويت شي ماجاز لك ترى أنت أدرى بوضعي هذيك الفترة، والله إني كل ما تذكرت ذيك الليلة أتمنى الأرض تنشق وتبلعني..
كانت تقولها بأسى بالغٍ شعر به خالد ليقول بود يحاول التخفيف من تقطيبة حاجبيها : ليلة وحدة ومنسية.. والعمر قدامنا ان شاءالله، والقميص الأسود بيكون حاضر شخصياً في كل ليلة إلى أن تروح العقدة مني ومنك ..
ضحكت وهي تشعر بالدموع تتدافع لسطح عينيها تهتف بصدق : ....خالد أنا أحبك..

كانت حريصة على أن ترى ردة فعله لكن لم يصدر منه شيء سوى أن ابتسامته اتسعت وعينيه التمعت.. بشدة : وبعد؟
ضي بإحراجٍ واضح : وش بعد؟ بس..
خالد : أحبك حاف كذا بدون تطريز؟
عقدت حاجبيها الخجل يكاد يأكل قلبها ليتابع خالد : يعني مثلاً..
ثم اقترب يقبل خدها الأيمن بهدوء يهمس مبتسماً بالقرب من اذنها يرفع يدها لتستوي كفها على قلبه الذي ينبض بسرعة جنونية : وأنا أحبك يا قلبي..
ليقبل خدها يهمس مجدداً : كذا..
ابتعد عنها ببطئ ينظر لوجهها الذي كان تأثير الكلمة واضحًا عليه إذ أن عينيها الساحرتين بدأت تلتمعان بجنون.. تهمس : صدق؟
رفع حاجبيه بجديه : وأنا قد مزحت معك؟
كانت كفها لازالت على صدره.. ضحكت من بين دموعها بدون تصديق وهي تضغط على أضلعه بتهديد .. : تقولها صدق ولا تجاملني؟
خالد بابتسامة جادة ونبرة رقيقة صادقة : لو ماهيب صدق كان ما قلتها.. وقفي تشككين بكل شي يا ضي وتأكدي إني إنسان ما استحي و ما أجامل وأعطي بالوجه.. غير كذا مين اللي يعاشرك وما يحبك؟ جمعتي كل شي الله يبارك لي فيك ويقدرني أسعدك مثل ماشوفتك قدامي تسعدني..
احتضنته بقوة تهمس بعبرة : والله إني أحبك خالد.
شد عليها يضحك : سلامات وش هالنبرة؟
ابتعدت عنه بتساؤل : نبرة وش؟
خالد : إيه سوي نفسك مجنونة!! نبرة وش؟
نبرة رذيلة ياعزيزتي..
قاعد أسمع رذيلة.. رذيلة ياهوووه..
.
.

كان منيف يقف في منتصف أحد المستودعات البعيدة والتي تم بناؤها في الخلاء بعيداً عن أعين الرقابة و من يراها من بعيد يبّثُ فيه الرعب ليظن بأنها مهجورة.. لكن الحقيقة هي أن مابداخله يبلغ قدره ملايين الملايين من الريالات.. عدد لا نهائي من أكياس الخيش البنيّة مدفون بين حبات الرز داخلها عدد لا نهائي من الأسلحة قادرة على تدمير أمة كاملة..
كان يقف يزفر أنفاسه بارتباك فبعد الغد ستكون رحلته خارج البلاد للأبد ولن يعود لهذه الأرض مجدداً.. مهما حصل.. فقد اكتفى منها وممن فيها.. هذه المره سيهرب هروباً لا عودة منه ..
ابتسم بينه وبين نفسه وهو يتذكر دانة التي تنتظره في المنزل والتي سحبت حقيبتها الكبيرة حتى أصبحت في منتصف غرفته تبتسم بتودد : أنا جاهزه عشان أول ما تقول يلا ما نتأخر..
ثم تابعت بتردد : بتاخذني معك صح؟
كان قلبه ينبض بحب وهو يرى نظرة القلق في عينيها وهي تعود له دانة القديمة حتى بعد الذي سمعته عنه من المدعو خطاب وكأنها كانت تعني كل كلمة قالتها عندما اعتذرت له .. ليبتسم بود : إن كنتي تبين تجين معي ماني بقايل لك لأ.. بس تأكدي إنه خروج نهائي يا دانة إن طلعنا من هنا خلاص. مافيه رجعه للأبد ..
دانة بسرعة : مايهم.. أهم شي أكون معك..

تأفف.. فخطاب قصة أخرى لم ينساها وسيتأكد قبل ذهابه أن ينتهي منه.. فمجرد أنه تجرأ ليخبر دانة شيئاً كهذا يعتبر مصيبة.. فكيف بعد الذي عرفه عنه؟ ويلٌ لحمد و ويلٌ لياسر من شرٍ قد اقترب لن يجعل غلطتهم هذه تمر دون أن تضر.

نظر لساعة يده وهو يعد الدقائق ينتظر تاجراً يعرفه جيداً وتعامل معه قبلاً كي يأتي وينهي هذه الصفقة.. فبعد الحريق الذي اندلع في مستودع بدر يوم وفاته والذي أكد له الحارس أنه رأى أربع عماله من جنسية غير عربية بأجساد ضخمه وعضلات مفتوله يتقدمون نحوه ليباغتوه ، أحدهم كتفه والآخرين أشعلوا النار في المكان قبل أن يفروا هاربين لتتحول بضاعة قيمتها تعادل ٥ ملايين ريال لرماد.. كان لابد من أن ينهي بعض الأعمال بنفسه ويجمع ما يستطيع جمعه وينطلق مبتعداً من هذه الأرض للأبد ويبدأ حياة جديدة كما فعل بعد هروبه الأول..
سمع صوت الباب خلفه يُفتح بهدوء والتفت بضجر : طولت يا عيسى..
ثم عقد حاجبيه وهو يرى عيسى يغلق الباب خلفه ويتقدم بهدوء لازال يلتثم بشاله..
لم يكن منيف أحمقاً فهو يعرف عيسى معرفة شخصية وتعامل معه قبلاً وجهاً لوجه.. وعيسى لم يكن أبداً بهذا الطول لذا حاول التحكم بأنفاسه المذعورة فكون أن شخصاً غير سائقه الخاص الذي ينتظره خارجاً وعيسى يأتي لهذا المكان الذي لا يعرفه سواهما مؤشر كارثي بأن حياته تقريباً انتهت.. استدار بهدوء يتقدم بخطاه للأمام قليلاً : طولت يا عويس موعدنا كان قبل ساعة كنت بترك المكان وأمشي..
ثم مد يده لتحت خيشة الرز الكبيرة يلف أصابعه حول مسدس صغير كان قد وضعه فور وصوله : زين جيت ولحقت علي..

استدار بسرعة ينوي رفع السلاح ولكن قبل أن تحط عينيه على شيء، شعر بالركلة التي قسمت جزءه السفلي لنصفين من قوتها.. ثم بقبضة اليد التي نزلت على منتصف رأسه من الأعلى كالمطرقة ليشعر بسببها وكأن شيئاً انفجر بين عظام جمجمته .. ثم بركلة أخرى تحت خصره جعلته يتهاوى أرضاً على ركبته.. الضربات كانت سريعة ومباغته لم تدع له مجالاً لأن يستوعب شيئاً أو أن يتنفس حتى.. كان يحاول أن يفتح عينيه ليرى أمامه ولكن لم يرى سوى ألواناً تتداخل مع بعضها على شكل دوائر.. شعر بمن يُكتفه يسحب السلاح من يده رغم مقاومته الضعيفة.. ثم بقطعة قماش تلتف حول معصميه خلف ظهره بكل قوة. ثم بقوة أكبر تدفعه تجبره قسراً على أن يجلس أرضاً..
كانت أنفاسه تتسارع بشكل ملحوظ حتى سمع صوتاً هادئاً : افتح عيونك يامنيف..
شد على عينيه قبل أن يفتحها يرى هيئة الواقف أمامه دون أن يستطيع التثبيت على ملامحه.. عاد يغمض عينيه ويفتحها مجدداً ويكرر الكرّة حتى ثبتت الرؤيا عنده وأصبح الواقف أمامه والذي لا تفصله عنه سوى بعض الخطوات واضحاً جداً.. عقد حاجبيه بخوف وهو يحاول أن يحرر يديه من عقدة القيد خلفه ولكن لم يستطع.. كانت نظرة الواقف أمامه ويشرف عليه من الأعلى كالموت..

ابتلع منيف ريقه يتصنع الثبات وهو يرى الارتعاش الواضح للسلاح المرفوع في وجهه ليهتف بابتسامه : هذا أنت؟
ثم تابع بنبرة مستفزة : خطاب بن سعد المهنا.. ولد سلمى عيّال الرشيد.. زوجة فواز بن أحمد العبدالكريم.. صح ولا غلطان ؟
خطاب وقلبه يرتعد.. أقدامه بالكاد تحمله يشعر بالهلع يضرب أطرافه لدرجة أنه يخشى على السلاح من أن يقع.. مع ذلك قال بابتسامه لا معنى لها وصوت مرتجف : صحيح.. وصلت.. مع إنك تأخرت شوي..
منيف بضحكة هادئة يهز رأسه بعتب : صح.
خطاب وسند.. أنا كيف نسيت؟ ياليتك جيت مع أخوك هذاك اليوم كان ارتحنا.
خطاب بقهر : كنت تظن إني مت وإن اللي سويته ما بيطلع لأحد...
منيف يضحك ليقاطعه : خطاب بابا اصحى أنا لازلت أشوفك خطاب الصغير اللي من أدخل مجلسهم يركض من بعيد عشان أشيله و أدور فيه..
بس صدمتني بصراحة.. يعني كبرت وصرت رجال ومهندس كبير وتخطط وتتزوج بنتي عشان تلوي ذراعي.. شغل جبار يا ولد سلمى بس ماينفع.. بنتي رجعت لي وبالنهاية اضطريت تواجهني بنفسك..

كان منيف في داخله يذوب خوفاً رغماً عنه ولكن ما إن يرى ارتعاش السلاح بين يدي خطاب حتى يعلم بأن الرجل أمامه رغم نظرة عينيه المرعبة يذوب خوفاً أكثر منه : أنا شفتك أكثر من مره كان بإمكانك تخلص علي وترتاح من هذا كله.. بس ما قدرت تدري ليه؟ لأنك جبان وقررت تختار أسهل طريق وهو دانة بس دانة طلعت ذيبة ودتك البحر ورجعتك عطشان هههه..
خطاب بصعوبة : كنت أقدر اوجعك بدانة و أخليك تذوق اللي ذقته بس ما قدرت،، لأن البنت مالها ذنب بوصاختك..
قوّس شفتيه للأسفل بحزنٍ مصطنع : يا حراام .
خطاب : تدري إني أقدر أذبحك الحين و أرمي جيفتك للكلاب تنهش فيها لين تشبع ومافيه أحد بيدري عنك، هي طلقه وحده وبين عيونك من مسدسك هذا، وتنتهي..
منيف لازال مبتسماً رغم خوفه : تؤ، ما تقدر عليها تدري ليه؟ لأنك جباااان ونظيف أكثر من اللازم.. أنت أول مره تمسك سلاح لدرجة أنه مو قادر يثبت بين يدينك..
تسارعت أنفاس خطاب حتى شعر بأنه سينفث ناراً من أنفه.. كان يشعر بأن منيف بابتسامته المستهزءه ونظرته الشامته الباردة التي ينظر له بها يدك حصونه الواهية وكأنه يعلم بأن انهياره لم يتبقى عليه شيء..
ابتلع ريقه بصعوبة : قل عنّي جبان أو سمنّي باللي تبي.. كل هذا مايهمني.. أنا أبي أعرف شي واحد بس.. ليه؟
رفع حاجبيه : وش اللي ليه؟
خطاب برجفة : ليه حرقت بيت أهلي ذاك اليوم؟ ليه طلبت يذبحونهم ومايبقى منهم أحد؟
منيف : أنا بصراحة مو فاهم عن وش قاعد تتكلم!
اقترب منه خطاب يركله في بطنه بكل قوة يصرخ : أنا شفتك.. ليييه؟
منيف بألم بعد ركلته الموجعة : مو أنا اللي حرقتهم .. تحاسب مع ياسر و حمد.. أنا ماكنت موجود يوم صا..
قاطعه بصراخ وبقهر : لا تكذب.. لاااا تكذب .. أنا كنت واقف وسمعت كل شي.. سمعتك باذني توصيهم.... وشفتك.. شفتك وشفتهم.. تكلم،،
ليه ؟
ليه؟
وعاد يركله بقهر من جديد في وجهه وكم يتمنى لو أن يهشّم جمجمته : تكلم ..
صرخ منيف بغضب يعميه والألم يكاد يقتله : لأن فواز يستاهل .. وتمنيت لو إني أنا اللي حرقته بيدي.. كان المفروض أنا اللي أذبحه بيديني الثنتين مثل ماذبحني..

نزل لمستواه يمسكه بيده من ياقة ثوبه بقوة كادت تخنق منيف ليجره نحوه بغضب ال٢٥ سنة مجتمعه لدرجة أنه أصبح لا يرى أمامه ..: أنت ماذبحت فواز بس.. أنت ذبحت عايلة كاملة .. ذبحت ٤ أشخاص غيره.. وأبوي كان صديقك.. كنت تدخل بيتنا وتسولف وتقعد معنا وكأن المكان مكانك.. ليه؟ ليه غدرت فيه ليييه؟
منيف بحقد وصرخة خطاب بعد كلمته الأخيرة كادت تصم مسمعه : هو اللي غدر فيني النذل.. الله لا يسامحه ..
فضحني ودمر سمعتي بس الغبي مايدري إن لحمي مر.. و وراي بدل الرجّال عشرة ..
لكمه هذه المره في منتصف وجهه بقوة يضع فوهة المسدس على جانب رأسه يضغط عليها بكل غضب : تكلم. انطق .. تكلم يال*..

بصق دماً في وجه خطاب متعمداً.. ابتسم بلؤم ونظرة عينيه المتورمة احتدت بحقد : أمنته على سري.. دقيت عليه أبيه يفزع لي. يساعدني اطلع من مصيبتي. جاني .. ولقى في شقتي بزر ..
انقلبت ملامح خطاب بقرف عندما فهم مقصده.. ليتابع مبتسما يستفزه : إيه صحيح.. نفس اللي جا في بالك.. ماكانت هذي المره الأولى.. وكان في كل مره الموضوع ينتهي بدون لا يصير شي أو أحد يدري عن شي.. لكن المره ذي اللي بين يديني ماتحمل فعلتي فيه ومات..
خطاب بدون تصديق : أنت وش قاعد تقول؟
منيف بقهر وكأن ما حدث يعاد في ذاكرته : قيدني وأنا اللي ظنيته أخوي وناديته يساعدني.. ودق على الشرطة.. و بلغ عني النذل ... انسجنت.. وأنهدم بيتي وماتت أمي من خيبتها فيني .. وأبوي أنكر وجودي في حياته وكأنه ماجابني .. بس قدرت أطلع بعد ما صدر حكم مخفف بحقي وكأني ماسويت شي.. تدري ليه؟ لأن وراي ناس أقوى من فواز الجبان اللي انحاش لأنه موب قادر يواجهني.
الجبان النذل .. يظن أنه لا أبعد هو وعياله منيب قادر أوصل له؟.. لكني وفي ظرف شهر قدرت أطلعه.. وطلبت من ياسر وحمد يحرقونه ويحرقون كل شي يخصه.. وما ندمت إلا على إني مو أنا اللي ذبحته.. ليتني حرقته بيدي كان بردت حرتي وأنا أشوفه يتحول رماد قدامي.. كان ودي أعلمه وانا أشوف النار تاكله إن ولده كان بين يديني هو بعد قبل لا يموت.. سند ،، أخو...
انبترت كلماته عندما وقف خطاب بهلع مما سمع يركله بباطن قدمه في منتصف صدره.. ليسقط على الأرض خلفه بكل قوة..
لم يستوعب كمية الألم التي فتكت بظهره ورأسه حتى شعر بألمٍ أشد وخطاب ينهال عليه بالركلات واللكمات وكلمات لن تشفي غليله مهما صرخ بها..

دخل عليه زيد ومن معه من رجال الشرطة الذين طوقوا المكان بعد أن تأكدوا من دخول خطاب كما اتفقوا معه.. ليتوزع الجميع في أماكن متفرقه كلاً حسب مهمته إلا زيد الذي رأى خطاب في حالة هوجاء يكيل الضربات لجسد منيف الملقى دون حراك ويصرخ ويبكي بأعلى صوته.. مسكه بكل قوة ودفعه بعيداً عنه قبل أن يقتله وخطاب يصرخ ويلتفت حتى بدأ يركل صناديقاً وقعت و وقع كل مافيها ..
زيد بهلع وهو يرى سلاحاً بيده : خطاب اذكر الله ..
خطاب ببكاء مرير وحسرة : زيد سمعته وش قال؟ ذبح أهلي زيد ..
ذبح أهلي سمعته؟ شفت وش سوى بأخوي.. آه يا سند آآآه ..

لم يستطع أن يتحمل منظر خطاب منهاراً هكذا فبكى رغما عنه يحتضنه بكل قوة يسحب السلاح من بين أصابعه بسهولة،، غير مصدق ما سمع من جهاز التسجيل الصغير المثبت تحت قميص خطاب : أذكر الله يا أخوي أذكر الله..
كان خطاب يعيش انهياراً فضيعاً فدفع زيد وبدأ يضرب صدره بقوة كادت تكسر أضلعه لينطق بجزع : سمعت وش قال؟.. سمعته!.. زيد زيد أنا شفته يحرق أهلي قدامي.. شفته شايل أخوي بعيوني.. شفته يضحك وهو شايله..
اااه يارب.. اااااه ياااربي .
تدافعت شهقات زيد وهو يرى ابن خالته هكذا. كالطير المقطوع رأسه.. لم تكن هذه المره الأولى التي يرى فيها خطاب بهذه الحالة.. فقد كان خطاب منهاراً طيلة أيام حياته وكأنه منزوع الحياة، لسبب يجهله .. وسماعه اعترافًا يترجم ذلك كله كان شيئاً يفوق الوصف . تحرك خطاب بسرعة ناحية منيف الذي كان يقف على رأسه أحد رجال الشرطة المتوزعين في المكان.. ليدهس بحذائه كتف الغائب عن الوعي تمامًا ثم يرفع قدمه ليدهس بها وجهه.. بكل قوة!

حاول زيد أن يبعده عنه ولكن قوة خطاب كانت مفرطة وكأنه بركانٌ خامدٌ دهراً وانفجر الآن .. كرر فعلته مجدداً ولكن هذه المره تأكد من أن عظام وجهه تفتت عندما قابل باطن حذائه ملامح وجه منيف الداميه بعد أن بصق عليه ..
دفعه زيد للخلف وحاول تثبيته على الأرض هو ومن حوله من الأمن وخطاب لازال يبكي بجزع : لا حول ولا قوة الا بالله .. خطاب أهدى وخذ نفس.. لا تسوي بنفسك كذا..
كان خطاب كمن يهذي بسبب الحمى حتى أن صوته قد اختفى من شدة البكاء والصراخ فخرج مقطوعاً موجعاً : أنا شفته بعيوني.. شفته بعيوني. شفته بعيوني يا زيد.
مسح زيد خده بكتفه يمحي دموعه التي تأبى أن تتوقف والتفت للضابط الجالس بجانبه : لا هنت يا فالح وصله البيت.. وأنا مع الشباب بنغطي مكانك هنا..

ابتلع زيد عبرته وهو يرى الدورية تشق طريقها في الظلام مبتعده تحمل داخلها خطاب و الضابط فالح الذي أخذ وصف المنزل منه..

حاول أن يتحكم بصوته وتنفسه قبل أن يتصل بهلا اللي ردت بخوف : الو.
زيد بصوت محتقن : الو هلا.. ماعليه صحيتك من النوم..
هلا بخوف خصوصاً وأن مكان خطاب خالي بجانبها : لا عادي .. وش فيه صوتك ؟ صاير شي؟
زيد بعبرة حاول أن يمنع خروجها لكنه لم يستطع : خطاب بيجيك الحين.. افتحي له الباب..
هلا بهلع : خطاب فيه شي؟ وش فيكم زيد؟
مسح دموعه وتنحنح يقوي صوته : بفهمك كل شي بعدين.. المهم انتظري خطاب وافتحي له بيجيبه واحد من العيال.. وانتظري لين أجيك أنا و أفهمك كل شي لا تسألينه ترى اللي مر فيه الليلة ما يعلم به إلا الله .

كانت هلا تبكي بخوف وهي تمتر الصالة ذهاباً وإياباً.. لا تعرف شيئاً مما حصل مع ذلك كانت تشعر وكأن عظامها ستذوب مما تشعر به الآن من رعب.. حاولت الاتصال على خطاب أكثر من مره لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل فهاتفه مغلق.. مضت ما يقارب الساعة والنصف منذ أن تلقت اتصال زيد يخبرها عن خطاب الذي لم يأتي بعد..

ما إن سمعت صوت الجرس حتى وركضت للباب تلتصق به تسأل برجفة : مين؟
كانت الساعة عدت الرابعة فجراً لذا قال بهدوء : أنا جايك من طرف الضابط زيد.. ومعي أخوه..
فتحت الباب تقف خلفه لا يظهر منها شيء لترى اليد التي تمسك بذراع خطاب تمتد به حتى استقر خطاب واقفاً أمامها يعطيها ظهره..
هلا بعجل : خلاص شكراً الله يعطيك العافية..
فالح : انتبهي يا اختي جودّيه زين تراه يهاذي ماهو بوعيه..
سمعت ماقال وأغلقت الباب بسرعة وهي ترى خطاب يترنح بوقفته حتى سقط على ركبتيه.. انحنت أمامه لم تمنع نحيبها من أن يخرج خوفاً وهي ترى وجهه وعينيه المتسعه بذهول : خطاب. . خطاب تسمعني.. خطاب..
رمش أكثر من مره وما إن ثبتّت عينيه صورتها أمامه حتى وانهارت ملامحه يهتف بتشتت : هلا.. هلا..
أمسكت بوجهه بين يديها تهمس : نعم حبيبي..
خرجت منه "آه" خافته موجوعة من أعماق قلبه شعرت بها هلا تمزق أعماق قلبها ..فقالت بحنو رغم رعشة صوتها : سلامتك حبيبي. وش فيك وش تشكي منه؟
كانت النظرة في عينيه قادرة على أن تهد جبلاً من كمية الألم الذي تختزله داخلها .. ربّت على صدره بوجع يهمس بتوهان : قلبي يوجعني..
أحس إني بموت..
بمووت..
ثم انهار ببكاءٍ مرير وهو يشق قميصه من الأعلى يشعر بأنه سيختنق : آآه يمه . . آآآآه..

.
.

كان خالد يصعد الدرج عائداً من صلاة الفجر بكل خمولٍ وكسل يلقي بثقله على الدرابزين وكأنه يتسلقه.. حرفياً..
دخل غرفته ليجد ضي لازالت على سجادتها في المساحة الخالية بين الحائط خلفها والسرير أمامها كي تضمن بأن لا يقطع الداخل للغرفة صلاتها .. لا يظهر منها سوى رأسها تتمتم شيئاً ما إن رأته حتى سكتت وابتسمت له من أعماق قلبها ابتسامة شعللت قلبه الناعس.. مشى بتكاسلٍ ناحيتها حتى تمدد على الأرض يضع رأسه في حضنها ويغطي وجهه بطرف شرشف صلاتها.. ضحكت: تقبل الله حبيبي..
حمد الله في سرّه أن وجهه محجوبٌ عنها وإلا لكانت رأته يبتسم الابتسامه البلهاء إياها والتي اعتلت وجهه بشكلٍ محرج : منا.... و..منك..
ضحكت تبعد مايغطي وجهه : وش فيك؟ قم صحصح النوم ما إنخلق لعيون الذيابه..
خالد بنعس والحروف بالكاد تخرج : أنا في هاللحظة ذي راضي أكون دجاجة بس خلوني أنام..
ابتسمت ضي بحب وهي تراه يغمض عينيه بعد أن ثقلت جفونه.. بدأت تمسح على شعره الذي جففته بنفسها قبل ذهابه خشيةً من أن يلفحه الهواء تتمتم بالاذكار تحصن نفسها وتحصنه وعلى تمتمتها شعر خالد بأن قلبه يرفرف بين جوانحه حتى غفى فعلاً..

عبس وهو يسمع صوت رنين هاتفه الذي تركه موصولاً بالشاحن القريب من رأسه قبل خروجه مع والده للمسجد القريب من منزلهم ثم بصوت ضي تهتف بهدوء : خالد جوالك..
خالد على مضض : ماعليك ماعليك..
ضي بقلق : وش ما علي أقولك جوالك يدق.. قم شف مين.
خالد بضيق : أكيد الاتصالات أو معجبة.. ماعليك ماعليك..
ضي متجاهلة كلمته الثانية : الاتصالات الساعة ٥ ونص الفجر؟
لكنها سكتت عندما ارتخت ملامح خالد وسكت هاتفه.. عاد يرن مجدداً فتأفف دون أن يتحرك من مكانه أو أن يفتح عينيه حتى : يووه وبعدين يعني؟
ابعدت رأسه و وضعته على الأرض فوق السجادة برفق وتشقلبت فوق السرير -حرفياً- حتى وصلت للطرف الثاني ورفعت هاتفه تفصله من السلك الموصول به.. رأت الاسم وعقدت حاجبيها بقلق وعادت لخالد بنفس الطريقة التي ابتعدت فيها عنه لتجده يلتف بالسجادة يغطي جزءه العلوي حتى أصبح كعود السجائر ويبدو غارقاً في النوم..
ضي : خالد خالد..
خالد بتذمر وصوت أقرب للبكاء : هااااه. ما أنام يعني والله بموت..
عقدت حاجبيها : أسفه حبيبي بس هلا تدق عليك..
حاول التحرر من الشرنقة التي صنعها حول نفسه وكان وكأنه يتعارك مع قطعة القماش المسكينة حتى تحرر منها. وما إن نجح حتى وتنفس بقوة يفتح عينيه على اتساعها : قلتي مين؟
مدت الجوال الذي لازال يرن ولكن أصمتته : هلا ..
خطفه من بين أصابعها ليرد جالساً بخوف : الو.. خير هلا؟ الو ..
وش فيك تصيحين؟ بنت وش صاير تكلمي؟
هلا أهدي ماني قادر افهم شي..
ايه؟ ايش؟ بشويش والله مانيب فاهم عليك..
طيب.. طيب طيب الحين جاي بس تكفين وش فيه؟
صاير فيك شي أنتي ؟ طيب طيب جايك الحين..

كانت ضي تقضم أظافرها بتوتر وهي ترى الكلمات تخرج من بين شفتيه كالرصاص.. ما إن أغلق الهاتف حتى قفز واقفاً لتقف معه : وش فيها هلا؟
بدأ يتلفت حول نفسه بقلق : ما أدري أنا رايح لها أشوف الله يستر.
مشى لمنتصف الغرفة يخلع ثوبه بدون وعي ثم ينظر له قبل أن يعاود ارتداءه مجدداً يسأل بتشتت : وين شماغي وعقالي؟
عقدت حاجبيها : وش تبي بشماغك الحين؟
ابتلع ريقه يبحث في جيوبه ثم يرفع كفيه المرتجفان وصوت بكاء هلا شلّ أطرافه : أحس ماني قادر أتحرك..
خلعت شرشف صلاتها ترميه بعيداً عنها وركضت حيث عباءتها المعلقة : دقيقة بجي معك..
ابتلع خالد ريقه مجدداً لا يقوى على الحركة وهو ينظر لها تلف شعرها المبلل بسرعة قبل أن تلف غطاءها فوقه.. كان مرعوباً تصلبت شرايينه يخشى من أن يكون هناك سوء حل بخطاب فهو وعلى الرغم من عدم فهمه لمعظم كلام هلا لكنه متأكد من سماع اسم خطاب بين نحيبها .
ما إن انتهت ضي حتى وخرجت من الغرفة تسحبه خلفها بالقوة ..
.

كانت ضي تجلس على الأريكة التي تنتصف الصالة. يتمدد واضعاً رأسه على فخذها سالم الذي استيقظ مرعوباً على صوت ضرب خالد للباب ثم الأصوات المرتفعة التي تبعت دخوله..
تلفتت ببصرها تنظر للشقة والتي وعلى الرغم من صغرها كانت بالغة الأناقة والترتيب وكأن هلا عمدت أن تجعل بصمتها في كل زاوية..
ابتلعت ريقها بقلق وهي تنظر لشاشة هاتفها تنتظر اتصالاً من خالد أو حتى رسالة يخبرها فيها أن خطاب بخير..
كانت هذه المره الأولى التي ترى فيها خطاب.. والمره الأولى التي ترى فيها هلا مع خطاب.. كان وجهها مخطوفاً وكأنها عاشت ليلة مرعبة بعد أن فتحت الباب تسحب خالد من ذراعيه لخطاب الذي كان واقعاً بالقرب من عتبة باب دورة المياة.. : كان يستفرغ ويوم جا بيطلع طاح ولا عاد قام..
بالكاد استطاع خالد أن يرفعه من على الأرض بسبب الرعشة الواضحة التي كانت تعتري جسده.. يسأل هلا بأنفاس مقطوعة و وجه مخطوف: وش صار؟
وكان هذا آخر ماسمعته منه قبل أن تغلق الباب خلفهم تصرخ بقلق : طمنوني تكفون لا تخلوني على أعصابي .

وصلها صوت الصغير : خالتو ضي.
ابتسمت تمسح على شعره : نعم حبيبي .
سالم بقلق : أمي بتطول؟ خطاب فيه شي؟
ضي : إن شاءالله لأ.. شوي وبيجون كلهم.
ثم عادت تنظر لشاشة هاتفها بيأس..
عاد سالم يقول بعد أن تغيرت نبرة صوته : طيب أنا جوعان..
ضحكت : أفا عليك بس كذا؟ قم معي المطبخ وش مشتهي؟
جلس ينظر لها بشك : تعرفين تطبخين؟
اتسعت ابتسامتها تهز رأسها بحماس : إيه أعرف ، وش مشتهي أنت بس علمني .
سالم : أبي رقائق الذرة.
عقدت حاجبيها: وش رقائق الذرة؟ أنا أعرف أطبخ بس هذا الشي ماقد مر علي..
وقف يسحبها معه حتى أخرج مايقصد من أحد الأدراج..
ضحكت : ااه تقصد كورن فليكس.. من وين جايب رقائق الذرة أنت؟ أشوى بسيطة،، أقعد على ما أجهزه واستعد تذوق ألذ رقائق ذرة في حياتك كلها..
.

وعت ضي -و لم تدرك بأنها نامت- على رنين الجرس.. اعتدلت جالسة بعد أن كانت تتمدد على الأريكة تتذكر أن سالم كان يتمدد بجانبها تتابع معه فيلماً كرتونياً بجهازه اللوحي..
ترفع هاتفها المدفون تحت وسادتها لتصدم أن الساعة أصبحت ١١ صباحاً ولم يردها اتصال من خالد.. تلفتت حولها تبحث عن سالم بقلق ولم يمهلها صوت الجرس فرصة أخرى كي تبحث عنه عندما رن هذه المره بشكلٍ متواصل..
تحركت من مكانها بسرعة تحاول أن ترفع شعرها بمشبكها ولكنه انسل من بين اصابعها المتراخيه لتتركه وتفتح الباب بعد أن تأكدت من هوية الطارق..
دخل خالد بهدوء ونبرة متعبه : السلام..
نظرت خلفه تبحث عن هلا لتجيبه باستغراب : وعليكم السلام..
ارتمى على الأريكة التي كانت تنام عليها يتنهد بإرهاقٍ واضح يراها لازالت تقف عند الباب : قفلي الباب خلاص..
اغلقته واستدارت تمشي باتجاهه حتى وقفت عند رأسه : وين هلا ليه ما جات معك؟
خالد بتعب واضح يدلك جبينه وعينيه شديدة الاحمرار : قعدت عند خطاب..
ضي بقلق : وش فيه ان شاءالله شي بسيط؟
مد يده يمسك بأصابع يدها المتدليه قريباً من رأسه يصمت قليلاً يتشاغل بالنظر لها عن النظر لضي..
عقدت ضي حاجبيها بقلق وهي ترى نظرته السارحه على سبابته التي تتحرك على ظهر أصابعها.. لتهمس : خير خالد؟ خوفتني!
رفع بصره لوجهها ينظر لها بعينين شديدة الالتماع.. في نظرته أسى وتوهان غريب لأول مره.. نزلت على أقدامها تشد على يده الممسكه بيدها تهمس بخوف : خطاب صار فيه شي ؟ هلا وينها؟
خالد بعد صمت: لالا. خطاب بخير وهلا عنده ماطاعت تتركه وتجي..
ضي باستغراب: طيب؟
خالد : الدكتور يقول إنه تعرض لصدمة نفسيه سببت له انهيار حاد..
ضي : يا ساتر..
خالد بضيق : أنا بنهبل واعرف وش اللي صار.. هلا مهيب فاهمة شي وادق على زيد وجواله مقفل.. وخطاب من مهدئ لثاني ومانعين أحد يدخل عليه.. أحس راسي بينفجر يا ضي..
مسحت على شعره بيدها الأخرى تبتسم في وجهه بعطف : سلامة راسك حبيبي.. هد نفسك الحمدلله انه بخير وهذا اهم شي الحين.. إن صحى إن شاءالله بيعلمك يمكن مشاكل بالشغل.. قم معي بسوي لك شي تاكله وخذ بنادول ونام لك كم ساعة وبعدها روح له المستشفى وبتلاقيه صاحي ومافيه إلا العافية..
اتسعت ابتسامتها وهي تراه ينظرها بنظرة ممتنه.. ليقول رغم التعب الذي اتضح بصوته مبتسماً : ودك نحوس بيتهم شوي؟
ضحكت : والله شفت مواعين وقدور بالمطبخ تشهي الواحد يلعب فيها.. قم معي..

.
.

كانت دانة تجلس في صالة منزلها بالدور السفلي.. تشعر بالبرودة وكأن روحها تعيش داخل جسدٍ ميت.. تنظر بعينين مرعوبة للأفراد الذين توزعوا في أركان المنزل يفتشون المكان بعد أن اشهروا في وجهها إذن النيابة العامة بذلك..
.
بكل هلع كانت تحدثهم من السماعة الخارجية عندما رن الجرس : بس البيت مافيه رجال كيف تدخل علي أنت وياه؟
الضابط : يا أختي اتصلي على محرمك أو من ينوب عنه يجي الآن ضروري.. أنا معي إذن من النيابة ولا اقدر اتأخر ..

وقتها شعرت بتوهان وأن الأرض باتت هلامية تحت أقدامها.. اتصلت على جدها المختفي منذ البارحة ولكن لا إجابة.. أعادت الاتصال مره واثنتين وثلاثة ولم تيأس بل واصلت حتى يئست.. اتصلت على عمها فارس ولم يجبها لتتذكر وقتها أنه عريس ومن المؤكد أنه خارج البلاد مع زوجته..
بكت بقل حيله وهي تتصل على والدها ليغلق الخط في وجهها قبل حتى أن تتكلم.. جلست على الأرض تمسح دموعها بيد مرتعشه وإتصلت على الجازي التي ما إن ردت بترحيب حار حتى وسكتت بخوف وهي تسمع صوت نحيبها..

أتت على وجه السرعة برفقة رجل تراه دانة لأول مره لتعرّفه جدتها : هذا عمك منصور .
نظر لها منصور بتفحص : ذي بنت جابر اللي قلتوا عنها؟

والآن تجلس بجانب جدتها التي تشد على اكتافها بقوة.. وحنو.. وعمها منصور يتحرك في المكان كالأسد الجريح يهمس بغضب بالقرب من والدته : الله ياخذه الله ياخذه مفشلنا طول عمره..
الجازي : وش مصيبته المره ذي الله يصيبه؟
منصور بحقد : ما أدري مافيه أحد راضي يجاوبني..

بينما هم يتهامسون يكيلون الشتائم والدعاوي على جدها.. هي كانت تشعر بأنها تهوي في حفرة لا قرار لها..

.
.

اجتمع زيد بأفراد عائلته بعد أن عاد هو ووالده من صلاة العشاء يرافقهم خالد بوجهٍ أسود.. دخل الصالة بعد أن صعدت ضي للأعلى تأخذ سالم معها والذي كان يطرح أسئلة لا نهاية لها دون أن يجيبه أحد حتى بدأ يبكي، ليجد هلا لازالت بعباءتها بعد أن عادت معه من المستشفى تجلس بجوارها والدته بوجهٍ شاحب وملامح خائفه بعد أن عرفت بأن خطاب في المستشفى..

ما إن رأتهم حتى قفزت من مكانها : وش فيه خطاب ليه محدٍ راضي يعلمني؟
تركي بهدوء وعينه على هلا التي لم ترفع بصرها من الأرض حتى بعد دخولهم وكأنها في عالمٍ آخر : السلام عليكم..
" وعليكم السلام" .. قالتها سلوى بسرعة وصوت مرتجف وهي تراه يتعداها ليجلس بجوار ابنته يشدها لصدره يقبل رأسها وهلا تستجيب بميلانها له وخط من الدموع تشكل على خدها بصمت.
عادت تنظر لأبنائها،، خالد لازال واقفاً مكانه و زيد الذي جلس على الكرسي المفرد بعد زفرة خرجت من أعماق قلبه..
انقطعت أنفاسها : خالد وش السالفة؟ خطاب وش فيه؟
تركي : مافيه شي يابنت الحلال اذكري والله وتعالي اقعدي..

انصاعت ليدي خالد التي قادتها حتى جلست ليجلس بجانبها يهتف بحنو : مافيه شي يا أمي تطمني قبل لا أجيكم كنت عنده الدكتور يقول وضعه زين ولا يخوف..
سلوى بإنفعال: شلون وضعه زين وأختك من جت وهي مكتمه تقل في عزا وأنتم وجيهكم تتصفق؟ لا تخبون علي خطاب وش فيه أنا منيب بزر عندكم تسكتوني بكلمتين.. تكلم أنت وهو أشوف.. ولا ودوني له الحين اشوفه واتطمّن عليه بنفسي..
أخذ زيد نفساً عميقاً قبل أن يتقدم بجسده يتحدث بصعوبة : يمه وين نوديك الله يرضى عليك.. خطاب ممنوعة عنه الزيارة .
جن جنونها : وتقولون بخير ومافيه شي؟؟ تكلموا ذبحتوني وش فيه ولدي؟؟

بدأت شفتي زيد تتحرك بثقل يحكي لها ما سمع.. وماحدث وكأنه يعيشه مجدداً..
كان وقع كل كلمه تخرج من بين شفتيه أكبر من سابقتها.. تشعر بها ثقيلة تحط على قلبها واحدة تلو الأخرى حتى حطمته تماماً..

.

نام سالم على صوت ضي تحكي له قصة (الشرطي البطل الذي أوقع بالمجرم) والتي كانت أحداثها وليدة اللحظة فقط لتشغل باله عما يحدث، فالصغير قد أكثر الأسئلة التي لا تعرف إجابتها.

كانت تبتسم وهي تجلس على طرف السرير بجانب جسده النائم تمسح على شعره بحنانٍ مفرط تتأمل ملامحه التي لا تشبه هلا أبداً ولكنها كانت ترى طبائعها في عينيه و أدبه.. حتى دخل خالد يغلق الباب خلفه بهدوء شديد.. التفتت له لتتحول ابتسامتها لعبوس وتوجس بعد أن رأت ملامح وجهه المكفهر.. مشت له حتى أصبحت أمامه : خير؟
لم تشعر سوى بجسده الذي ارتطم بجسدها ويديه التي التفت حولها في عناقٍ قوي، وبه يبكي يحاول السيطرة على صوته . : خطاب..
ارتعبت : بسم الله عليك خالد وش فيه؟ خطاب صار فيه شي؟

لتشعر به، يهز رأسه بالنفي.. ابعدته قليلاً تنظر له يواري وجهه عنها.. مع ذلك لازال يبكي وكأنه سمع مصيبة وكانت هذه المره الأولى التي ترى فيها خالد وعينيه الضاحكه المليئة بالحياة والمرح تتحول لبحيرة من الدموع..
.
.

ليلتها تم القبض على حمد الذي كان في المطار ينوي الفرار بعيداً فهو أذكى من أن يبقى والماضي -فاحت- رائحته بعد خروج الفتى الذي هرب صغيراً للأضواء يهدد راحته. كان قد نظر له الموظف بتوجس يقرأ الاسم المدون في جواز سفره ثم لوجهه ثم يلتفت للموظف بجانبه يشير لشيء ما ليقف مبتعداً ثم لحمد الذي قال بقلق وغضب : فيه مشكلة؟
سكت قبل أن يقول بهدوء : لا أبد.. لكن ياليت تنتظر على جنب ثواني..
حمد بقوة : ليه؟
لم تمضي ثانيه حتى وشعر حمد بالذين يطوقون يديه بكل قوة أحدهم يهمس بالقرب من أذنه : ياليت تتفضل معنا بكل هدوء وبدون شوشرة..
حاول التحرر منهم لكن دون جدوى فصرخ مهدداً وهو يُسحب بإذلال : أنتم ماتعرفون أنا مين ؟ اتركوني يا عيال الكلب والله لا أخليك تندم أنت وياه.. وخر عني أقولك..

على عكس ياسر الذي كان يجلس في ساحة المنزل مع حنين الصمت يلفهم وأعينهم تتابع سيف يدفع ساره على الدراجة الهوائية وصوت ضحك سارة هو الوحيد المسموع.. قُرع الباب بقوة لتهتف حنين بفزع : بسم الله.. عسى خير..
تحرك ياسر كالميت يمشي ببرود وخطى متثاقله .. فتح باب منزله و إنارات سيارة الشرطة خلفه بألوانها المتداخلة الحمراء والزرقاء أنارت الحي كاملاً يهتف بتوجس : خير إن شاءالله؟
بهدوء : ياسر البدر؟
ياسر: وصلت يابوي.. خير ؟
بجمود : معنا إذن بالقبض عليك. ياليت تتفضل معنا..
ابتلع ريقه يهز رأسه يرفع عينيه لخلف الواقف أمامه ليرى مجموعة من الماره والجيران قد تجمعوا.. : أبشر، بس ليش؟
بضجر : تفضل معنا وبتفهم كل شي..
هز رأسه: أبشر.. بس دقايق أعطي بنتي خبر..
استدار ليمسك الضابط ذراعه بقوة.. فقال ياسر بهدوء : بنتي هنا بالحوش..
الضابط بنفاذ صبر : قول اللي تبي وخلصني..
أدار ياسر رأسه لخلف الباب لازال الضابط يتشبث بيده ليرى حنين قريبه منه تنظر بهلع في عينيها دموع محبوسة : وش صاير ياعمي؟
نظر لسيف الممسك بقميص والدته ثم لسارة الواقفة تتخفى خلفها الخوف في أعينهم.. ابتلع ريقه وعاد ينظر لها يبتسم بأسى : رايح أشوف وش الموضوع.. قفلوا الباب عليكم وانتبهوا على أنفسكم.. ماني بمبطي إن شاءالله..


سيف برعب وهو ينظر لشحوب وجه والدته التي جلست أرضاً تضع يدها على رأسها : ماماا وش فيه الشرطي أخذ أبوي ياسر ؟
كانت صامته تنظر للفراغ أمامها لا طاقة لها لأن تبرر أو حتى تتحرك . نشف الدم في عروقها وهي لازالت ترى شكل عمها ياسر والضابط يكبل يديه بالأصفاد.. تعلم علم اليقين من نظرة عينيه وهو يوصيها على نفسها أن خروجه سيكون خروج بلا عودة..

.
.

عاد الصمت يخيم على المكان،، الحزن و الفقد وكأن الأيام أعادت نفسها للحظة التي تلقت فيها سلوى خبر وفاة أختها وعائلتها..
كانت يومياً تذهب لخطاب بعد خروجه من المستشفى إن لم يأتي لها.. ما إن يراها حتى ينهار باكياً في حضنها يعيد مأساةٍ قد عاشتها معه عندما كان بالتاسعة..

كان في أول يومٍ استيقظ فيه من سباته بعد الصدمة وجد خالد يجلس بالقرب من سريره ينظر بعدم تصديق.. يراه ينكب عليه يقبل جبينه صوته يرتعش : الحمدلله على سلامتك.. خوفتنا عليك..
تسارعت أنفاسه بتعب وصعوبة.. ينظر لخالد يحارب دموعه من أن تسقط ولأول مره يراه بهذا المنظر.. ابتسم له بتعب : الله يسلمك.
ثم ابتلع ريقه الجاف بصعوبة : أبي مويه..
خالد بلهفه : أبشر يا بعد روحي.
ساعده يجلس وساعده يشرب من قارورة الماء حتى ارتوى..
انتبه خالد لعيني خطاب التي تتحرك في المكان وكأنه يبحث عن شيء ليقول ضاحكاً يشعر بالبهجة تسيطر حتى على لسانه : بالحمام بالحمام..
نظر له عاقداً حاجبيه : وش؟
خالد : اللي تدور عليها بعيونك.. راحت الحمام عزّك الله الحين بتجي.
على كلمته خرجت هلا من دورة المياه المدمجة بالغرفة تغلق أزرار عباءتها تهتف بتشاغل : خالد لا رحت البيت لا تنسى تجيب معك ملاب...

كان قلب خطاب يكاد يخرجه من مكانه وهو يرى عيني هلا ترتفع ثم تتسع بدهشة بترت كلمتها وهي تراه واعياً أمامها.. ركضت ناحيته ترتمي عليه تحتضنه بكامل قوتها حتى كاد يشعر بأن ضلوعه تداخلت..
ابتسم يغمض عينيه يدفن وجهه في كتفها يحاول أن يخفي الدموع التي تكدست في عينيه ما إن سمع صوت بكائها عن خالد الذي قال بتأثر عجز عن إخفائه : وين الآداب العامة يا شباب أنا لازلت موجود!!

.

كان عتب سلوى رقيقاً عندما قابلته : كيف يصير معك كل ذا ولا تعلمني؟
ليجيبها بتعب يتجنب النظر لوجهها : خفتكم تلوموني..
سلوى بنبرة باكية : كيف نلومك على شي ماكان بيدك؟ خطاب يابوي اللي صار قضاء الله وقدره.. و حتى لو كنت تقدر توقفه بس ربي أمر فيه ماراح تقدر.. أنا بس عتبي عليك إنك عشت كل ذا لحالك وتعذبت لحالك وعتبي على نفسي أكبر لأني كنت أشوفك وادري إن فيك شي بس ماتحركت عشان أساعدك..
ربت على كفها الموضوعة على ركبته قبل أن يرفعها يقبلها بهدوء ودموعها اوجعته : ماكنت لحالي ياخاله.. اللي خلقني مانساني.
ابتسمت هلا بعد أن نظر لها قبل أن يعاود النظر لوالدتها..

زيد : خلاص يمه صار اللي صار والحمدلله على كل حال أهم شي خطاب الحين متعافي وبخير.. مع إني أنا بعد زعلان عليك لأنك ماعلمتني من البداية بكل ذا..
خالد : وأنا بعد زعلان..
خطاب بابتسامه صفراء : ياليييل وش يفكنا الحين من زعل خالد..
ابتسم له زيد : عموماً يابطل بفضل الله ثم فضلك انمسك منيف وكل اللي كانوا معه.. ابن اللذينّ مجرم فاسد من الطراز الأول،، غسيل أموال ومخدرات وتجارة أسلحة وممنوعات شي لا يصدق كان مثل الخلية الله يدمره.. طيحته طيّحت كثير معه إن ماقصّه السيف بيخيس بالسجن لين يموت.. مع أنه حاول ينكر وقال إنه اضطر يقول اللي قاله بالتسجيل لأنك كنت رافع سلاحك بوجهه لكن اللي اسمه ياسر كان مستسلم بشكل غريب واعترف على نفسه وعليه وعلى حمد وبكذا ثبتت أول تهمه.. أنت تدري بعد التسجيل اللي سجلته واعترافه على نفسه وأنه طلع منها بأربع سنوات بس وقضيته اللي انمسك فيها حكمها أكبر وتعتبر جريمة لا تغتفر رجعَت انفتحت قضيته واحالوا ٤ روس كبيرة للتحقيق لأنهم وراه ذاك الوقت وتستروا عليه.. خطاب أنت أنقذت البلد..
ابتسم خطاب بضيق دون أن يعلق يسمع دعوات سلوى بكل حرقه ولم يلحظ أحد من الموجودين وجوم وجهه سوى هلا..

.

إن كانت حالته النفسية قبل لقائه بمنيف سيئة، فحالته الآن بعد لقائه وسماعه تبريراته أصبحت أكثر سوء..
ابتلعت هلا ريقها بصعوبة تجلس على سرير سالم المتمدد بجانبها يسأل بقلق وهو يسمع صوت بكاء خطاب الجالس مع والدتها بالصالة يصلهم بوضوح رغم أن الباب مغلق بينهم .. : أمي خطاب بيموت ؟
مسحت دموعها تشعر بقلبها يتمزق على المنهار بالخارج ولازالت الكلمة من فم الصغير تبعث فيها قشعريرة : عمره طويل إن شاءالله.. سالم لا عاد تجيب طاري الموت مره ثانية..
سالم وقد بدأ يتعبّر : طيب ليه تصيحين؟ وليه هو بس يصيح؟ هو تعبان؟. ماما خطاب لا يموت.. أنا أحبه ما أبيه يموت.
.

عاد خطاب لنقطة البداية.. نفسيته قد تدمرت تماماً بعد الصدمة خصوصاً وأن صوت منيف يخبره بفعلته بشقيقه قبل وفاته هي كل ما يسمع في عقله .
تكررت زياراته للدكتور محسن العطار وفي كل مره يعود فيها منه،، يبكي ليله كاملاً وعمره كاملاً وكأنه خرج من كارثه ليدخل في أخرى.. وفي كل مره يعود فيها كان يجد هلا بانتظاره تستقبله بأيدي مفتوحه تلتف حوله تحتضنه بشده.. تقبل محاجره تهمس له بعذوبه كي ينسى.. ولكنه لا ينسى.. تتمنى لو كان باستطاعتها أخذ حزنه عنه..

بعد رابع زيارة قررت هلا أن تذهب معه.. فبقاؤها في المنزل تنتظر عودته على أعصابها لم يكن خياراً صائباً..
فكانت في هذه الزيارة تجلس بالسيارة الواقفه في مواقف السيارات أمام المستشفى بعد أن رفض خطاب نزولها معه.. على أعصابها تنظر للساعة بين دقيقة وأخرى . حتى عاد خطاب بخطى سريعه يفتح الباب ويركب ثم يغلقه بكل قوة... يضرب المقود بيديه بغضب حتى كاد يخلعه من مكانه.. ليأتي بعد كل هذا انهياره ملقياً رأسه عليه يبكي بقل حيله..

بقاؤها تنتظره في السيارة لم يكن خياراً صائباً أيضاً.. لذا قررت هذه المره أن تنتظره على الكراسي خارج العيادة رغم رفضه وسخطه.
كانت عيناها مثبته على باب الغرفة أمامها، بالكاد ترمش حتى فُتح الباب ففزت واقفه.. كانت النظرة في عينيه ماهي إلا تعب ورجاء بالمساعدة فهو لا يقوى حتى على الوقوف على أقدامه.. تقدمت منه تمسك كفه بقوه لتشعر به يميل بثقله كاملاً يتكئ عليها .. رفعت بصرها فوق كتفه فوجدت الطبيب ينظر له بأسى.
.

نُفذّت الأحكام على المجرمين الثلاثة ومن عاونهم بجرائم أخرى بعد ثبوت التهم عليهم جميعاً.. كان القصاص نهايتهم فمهما تأخرت الحقيقة لابد لها أن تظهر وأن يأخذ العدل مجراه.. هذه هي النهاية الأكيده لكل مجرم..
النهاية التي عاد بعدها خطاب من ساحة القصاص يبكي منهاراً يبحث بعينيه المتورمه من شدة البكاء على هلا التي كانت تنتظره كعادتها.. تتلقفه بين ايديها لتنسيه كل ما أحزنه..

.

" الماضي قد مضى وانتهى بكل أحداثه.. والحياة تنتظرك والمستقبل قدامك لا تِعلق باللي صار وانتهى وتشيله معك .. ابدأ اشتغل على اللي بيصير واصنعه بنفسك.. العمر يمشي والحياة قصيرة يا خطاب، وتذكّر دائماً إن مشيئة الله فوق كل مشيئة ".. كانت هذه آخر نصيحة قدمها الطبيب محسن لخطاب قبل خروجه من العيادة بعد أن انتهى من فترة علاجه يشعر بأنه شخص جديد بقلبٍ جديد ولد للتو.
ردد جملته في باله طوال طريق عودته للمنزل.. قلبه يكاد يخرج من بين أضلعه.. ملهوفٌ للتي تنتظره في المنزل كعادتها دون أي كلل أو ملل.. صعد سلالم العمارة ياخذ كل درجتين في قفزة واحدة.. على ثغره ابتسامه واسعه ورعشة تعتري أطرافه من شدة الترقب..
فتح باب شقته ليدخل يصرخ بسعادة : هلااا..
لم يجد سوى سالم الذي كان يتمدد على الأرض أمام التلفاز يلعب بالبلايستيشن الخاص به.. ما إن رآه حتى القى مابيده ليقفز من مكانه ويركض مسرعاً نحوه.. احتضنه خطاب بكل قوة يرفعه من على الأرض يقبله بحبٍ خالص وهو يشعر بذراعي سالم الصغيرة تلتف حول عنقه..
خطاب : وش أخبار البطل؟
ابتعد سالم بالقدر الذي سمح لخطاب برؤية عينيه تلتمع بحماس : فزت ودخلت ثلاث أهداف..
اتسعت عينا خطاب بذهول : أوف!! ثلاثة مره وحده؟
والله انك قوي ياخي.. صدق ثلاثة ولا تضحك علي؟
همس سالم متحمساً قبل أن يعاود احتضانه ضاحكاً : والله صدق..
أنزله على الأرض يسأله : وين أمك؟
سالم : بالغرفة .
خطاب بهمس : وش تسوي؟
سالم يجاريه بنفس الهمس وكأنه يهمس بمصيبة : ما أدري..

ضحك يقبل رأسه قبل أن يتركه متجهاً حيث غرفته مستغرباً اختفاء هلا خلف بابها.. دخلها يغلق الباب خلفه بهدوء ليجدها تجلس على طرف السرير ما إن رأته حتى وقفت تنظر له بقلق ولهفه : بشّرني؟
اتكأ على الباب بظهره يرى نظرة عينيها التي كانت ولا زالت نافذته للحياة : ليش قاعدة هنا؟
هلا بعبوس : لأني كنت شوي و أجلد سالم.. أنا على أعصابي وهو يصرّخ بكل صوته.. بشّر وش صار ؟
خطاب بهدوء : الولد فاز بثلاث أهداف حرام عليك..
هلا بنفاذ صبر : خطاب لا تلعب بأعصابي يرحم والديك.. وش صار معك؟
ثم برجاء وأنفاس مقطوعه : خلاص؟

هز رأسه بابتسامه واسعة ودموع تجمعت في عينيه وهو يرى انشراح وجهها ليمشي لها بخطى سريعة يلتقيها بمنتصف طريقها قبل أن تصل إليه.. ضحكت بين دموعها تمسح دموعه التي انسابت بهدوء : طيب دام خلاص ليه كل هالدموع؟ المفروض تفرح.
خطاب بابتسامه : وأنا فرحان.. صدق..
اتسعت ابتسامتها تغص بعبرتها : طيب الحمدلله.. الحمدلله حبيبي..
امسك بكفها يقبله بهدوء ويرفع الآخر حيث قلبه ينبض على أعلى سرعة.. ينظر لها بامتنان وحب وسعادة وأمان ودفء وعائلة.. هلا وعلى باقي النساءِ السلام.. : أنا أحبك هلا.. أحبك كثير..
احتضنته تضحك له وكل شعورٍ في كلماته وصلها وشعرت به حتى غشاها : وأنا أحبك..
ثم تابعت بخجل : خطاب أنت أجمل شي حصل لي بحياتي كلها ..

لم يمهله الباب الذي فُتح بقوة أي فرصة للرد عليها.. دخل سالم بسرعة وكأنه في مداهمه : أبوي خطاب أبوي خطاب..
كاد أن يفقد عقله فدفع هلا والتفت له بلهفه وعدم تصديق : سم أبوي. سم حبيبي..
هلا بضحكة : آ يالجاحد على طول سحبت علي؟
خطاب بفرحة طاغية : سمعتيه وش يناديني؟ قال أبوي!
سالم يرفع يد التحكم بحماس طفولي : تعال العب معي فيفا . تكفى..
حمله خطاب يضعه على كتفه بسعادة : أبشر ولا يهمك نعبو من يردّك ياشيخ.. مشينا..

كانت الصورة أمام ناظري هلا زاهية الألوان بجودة عالية جداً.. ترى خطاب يجلس أرضاً بجانب سالم تلتصق ركبته بركبة الصغير الذي تعالت صرخاته بحماس بعد أن أدخل هدفاً ليجاريه خطاب بصرخه متذمره : والله ماكنت أدري إنك قوي كذا!..
ليباغته سالم ويطرحه أرضاً في عراكٍ تعالت بسببه ضحكاتهم..
هذه الصورة التي حَلمت بها هلا طيلة حياتها وكانت تتمناها وهي على يقين بأن الله أكرم من أن يخذل أمنياتها..

" إنك تكون بعلاقة مع شخص ما يخجل إنه يشاركك أدق تفاصيل مشاعره.. يمحي الحدود بينكم ينهار قدامك يضعف قدامك يصيح قدامك يخليك تشاركه تفاصيل أحزانه بدون لا يحط قيود لها أو لنظرتك له ،، هذا بحد ذاته شجاعة. لذلك أنا ما عمري شفت دموع خطاب ضعف أو نقص.. أبداً.. خطاب كان ولازال قوي داخلي ومصدر قوتي وثباتي حتى وإن قال إنه أكثر رجل يبكي في العالم .."
- هلا بنت تركي الشارخ.
.
.
.
.
.

تعطرت وأسبغت في تعطرها ومشت بخطى هادئة لا يُسمع لها صوت لتراه يقف أمام النافذة المطله على الشارع.. لازال يرتدي ثوبه ناصع البياض بعد أن عاد من صلاة العيد ويبدو في تفكيرٍ عميق..
لتهتف بنبرة مشاكسه حادة قليلاً : يا سلام وش فيك تتبوسم وسرحان ؟ من فيه تحت؟..
قالتها لتتقدمه تلتصق بالنافذة وتنظر للشارع الخالي من الماره ..
ضحك ليسحبها يلف يديه حول خاصرتها بتملك : أنتي معي وأطالع غيرك؟ ما يصير!
هزت رأسها تسنده على صدره وتضع يديها على كفيه : أجل وش اللي شاغلك عني؟
خطاب بهدوء وبعد صمت : حلمت بأمي اليوم..
كانت سترفع رأسها لتنظر له ولكن ذقنه حط على أعلى رأسها فاستسلمت : وش حلمت فيه؟
خطاب : حَلمت فيها تقول لي جيب أخو لسلمى..
ضحكت : يا رااجل..
ضحكتها أنعشته وعبثت بقلبه : والله جد.. حَلمت إنها تعطيني سلسال ذهب وتقول أعطيه هلا تلبسه لا ولدت.. قمت مستانس ودورت تفسير الذهب بالنت وطلع الذهب خير كثير وحمل قريب..
هلا ضاحكة : بس كذا؟ غالي والطلب رخيص تبشر خالتي سلمى..

عم الصمت لثواني سرحت فيه هلا هذه المره و بصرها متجهٌ للأفق..
ربت خطاب على بطنها بخفه يهمس : وش مضيق صدرك؟
ابتسمت بضيق : أول مره يمر علي عيد وسالم موب معي..
خطاب : لأبوه حق عليه بعد يا هلا ومن حقه يعيّد معه.. بعدين ما أبعد كثير جدّة قريبة وحذفت حصى.. و راح مع جدانه و أعمامه لا يضيق صدرك.
تنهدت : أدري.. بس فاقدته..
خطاب مقبلاً خدها بهدوء : كلها كم يوم ويرجع يا حبيبة قلبي.. وان شاءالله تمر بسرعة لأني أنا بعد فاقده..

عمّ الصمت المريح بينهما مجدداً حتى رنّ هاتف خطاب يخرجه من جيب ثوبه دون أن يبتعد عن هلا انشاً واحداً يضحك بعد أن رأى اسم المتصل : الطيّب عند ذكره..
فتح الخط ليصلهم صوت سالم يصرخ : أمي.. أبوي خطاب،، كل عام وانتم بخير..

كادت هلا أن تخلع يد خطاب من مكانها وهي تنتزع الهاتف من بين أصابعه.. فقال خطاب موجهاً حديثه لسالم : الله لنا يا أبوي أمك سحبت علي بعد ما سمعت صوتك زين ماشالت أصابعي من مكانها..
ليضحك سالم بعد تعليقه يتداخل صوت ضحكته مع ضحكة سلمى ذات العشرة أشهر تلعب على السرير خلفهم ..

.
.
.

ابتسمت وهي تسترق النظر من الستائر الكبيرة التي تغطي زجاج جدران الطابق الثاني لجامع منيف الوهاج والتي كانت تطل على الطابق الأول المخصص للرجال.. كان جامعاً كبيراً أصرّت دانة على أن تبنيه صدقةً لجدها بعد أن تم تنفيذ الحكم عليه بشهر واحد فقط.. كانت تشعر بأنه يحتاجها بعد أن رحل عن الدنيا مثلما كانت هي تحتاجه طيلة أيام حياتها.. لازالت فكرة أن جدها بطَش بهذا الشكل المرعب في أمة لا إله إلا الله صعبة التصديق.. هي تعرف أي الرجال كان جدها ، هي الوحيدة التي رأت جانباً فيه لم يراه أحد.. جدها هو القدَر الذي ارتبط بها وهي وعلى الرغم من حقيقته التي ظهرت للعالم أجمع.. تحمد الله من كل قلبها على وجوده في حياتها.. هو أجمل أقدارها وأسعدها والذكرى الخالدة التي لن تنساها أبداً..

اتسعت ابتسامتها وهي ترى زوجها نايف يتحدث مع الإمام ويمسك بكلتا يديه ابنها الصغير راكان الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره يرتدي ثوباً و شماغاً ويحاول التحرر من بين يديه..
اتصلت عليه عيناها تراقبهم بشغف تراه يخرج هاتفه يعتذر من الإمام ليبتعد يحمل راكان ويجيبها،، تشعر بقلبها يقفز عندما وصلها صوته الهادئ : هلا حبيبتي ..
دانة بهدوء : اشغلك راكان الله يصلحه ليتك خليته معي..
نايف بزفرة : اشغلني وبس! ولدك ذا طلّع نخل براسي وقررت اعاقبه بيش...
اختفى صوته وضحكت وهي ترى نايف ينحني يلتقط هاتفه الذي صفعه راكان بيده وسقط أرضاً : ...ايه اضحكي اضحكي وش عليك..
كانت في محاولة يائسة لكتم ضحكتها ولم تنفع : قلت لك اتركه عندي أنت عييت..
نايف عاد يحمل ابنه ولكن هذه المره من تلابيبه : بالله الحقيني على السيارة بسرعة قبل لا اسوي فضيحة هنا وأمسطه بالعقال..

ركبت في مقعدها تغلق الباب لتضحك مجدداً وهي ترى نايف يجلس في مكانه خلف المقود في حضنه ابنه يحاول التحرر من حزام الأمان الذي يقيد كلاهما : وش مسوي أنت..
نايف بزفرة : عقاب له ولأشكاله.. أشغلني ما عرفت أصلي داعس على طرف ثوبه برجلي أخاف ينحاش..
ثم مد يده يرفع كفها لفمه يقبلها بابتسامه : كل عام وأنتي بخير يا قلبي.. تقبل الله صيامك وقيامك يارب..
دانة بحب: وأنت بخير حبيبي.. منا ومنك والله يعيده علينا أعوام عديدة يارب..
تكلم راكان بلغته الغير مفهومة يحاول مشاركتهم ليقاطعه نايف : أنت أص..

أخرج نايف هاتفه من جيب ثوبه بصعوبة يبتسم لدانة التي بدأت تضحك مع راكان تقبل يديه..
ما إن رأى اسم المتصل حتى و وضع مكبر الصوت يهتف بتأفف : ترى اشغلتنا ياخوي كل شوي داق.. جايين يابثر..
ابتسمت دانة وهي تسمع ضحكة فارس المرتفعة : لا تخليني آخذ بنتنا وأقول مالك عندنا مرَه.. وبعدين صار لك نص ساعة وأنت تقول جايين وينكم؟
نايف : والله غلطتي أنا إنك صديقي، صرت تمون بزيادة.. جايين خمس دقايق وحنا عندكم افتح الباب..
دانة بابتسامه فهم لازالوا أمام المسجد الذي يبعد عن منزل جدتها قرابة النصف ساعة قالت بقلق : عمي أخاف أضايق أبوي وزوجته لاجيت..
فارس : ماعليك فيه.. أمي قد أعطته خبره إذا مو عاجبه يشيل عياله ويروح..
دانة بضيق : يالله..
فارس : دويّن ترى أبوك حاطك عذر ويبيها من الله ما صدق عشان يترك المكان ويطلع.. إخلصي وتعالي أمي حالفة ما توزع حلاو العيد إلا لاجيتي .
دانة بتردد : طيب كلكم فيه؟
فهم قصدها ليجيبها : كلنا فيه إلا عامر راح الرياض يعيّد مع نسايبه..
نايف : أشغلني صوتك عن السواقة خلاص قفل ياخي..
لتضحك دانة مجدداً فنايف لم يشغل السيارة حتى..
كانت لحظتها تشعر وكأنها تتنفس السعادة مع الهواء..
*
*
*
*

ركب وليد سيارته بعد أن خرج من عزاء بدر.. الصدمة تكاد تشل أطرافه فكما يبدو بدر كان يشعر بدنو أجله لذلك أوصاه كل تلك الوصايا .. تحرك يشعر بعَلقه تقف في منتصف حلقه وهو يتذكر بدر،، و يشعر بحزنٍ عميق لخسارته..
لم ينتظر ثانية واحدة واتجه حيث المستودع البعيد الذي أخبره عنه .. تتبع سيارته باص صغير تابع لشركة بدر فيها أربعة عماله.. وقف بالقرب من المستودع يراهم يتقدمون ينتهون من المهمة التي أوصاه بها بدر قبل وفاته " وفيه خدمة ثانية أبيها منك.. لكن هذي تخلصها اليوم .. خذ سرهاد وثلاثة من اخوياه وروح للعنوان اللي برسله لك.. أبيك تتأكد من أن المستودع اللي بيحرقونه يتساوى بالأرض تماماً وما كأنه كان موجود.. والمستودع لي يعني تطمن محد بيسأل عنه.. اثق فيك يا وليد وصدقني الخدمة ذي بالذات بشيل جميلتها طول عمري "
.

ما إن حل الصباح حتى وسلّم أمن شركة البناؤون العرب ظرف أبيض كُتب عليه (يسلم للمهندس خطاب المهنا.. سري وعاجل)..

عندما وصل الظرف لخطاب قلبه بين يديه عاقداً حاجبيه باستنكار : من مين؟
رفع كتفيه : والله ماعندي أي علم اللي سلمه أعطاني إياه وراح.
ابتسم له بقلق : خلاص مشكور.

ما إن خرج وأغلق الباب خلفه حتى وفتح الظرف المغلق بإحكام ، بقوة مزقته.. أخرج مافيه ليجد مجموعة أوراق وفلاشين. حاول قراءة الأوراق ولم يستطع التركيز فأخذ أحد الفلاشات وفتحها بجهازه المكتبي.. وجد عدد بسيط من مقاطع الفيديو وعدد لا نهائي من الصور ظهرت على شكل مصغرات.. ابتلع ريقه بتوجس وفتح المقطع لتتسع عينيه بذهول وهو يرى منيف يقف مواجهاً لعدسة الكاميرا التي وعلى ما يبدو لا يعلم بوجودها.. يفتح عبوة اسطوانية يتفحص مافيها بضحكة بانت بوضوح.. فتح المقطع الثاني والثالث والأخير وجميع المقاطع كانت تظهر منيف يتفحص ماتحتويه الصناديق بمحتوياتها المختلفة ومالفت انتباهه حقاً هو وقوف رجل لا يظهر منه شيء سوى ظهره في نفس المكان في جميع المقاطع وكأنه كان يعلم بوجود كاميرا تسجّل..

التفت للأوراق يبحث فيها بأيدي مرتعشه وعرقه بدأ ينساب من أعلى جبينه حتى وجد ورقة متوسطة الحجم باللون الأصفر ..

جمع خطاب محتويات الظرف ليضعها في ظرفٍ آخر يخرج من مكتبه بسرعه متصلاً في طريقه على زيد..
.

تجاهل خطاب أسئلة زيد كلها ليقاطعه بهدوء : زيد أبي أنا اللي أوقعه بنفسي..
زيد : مايحتاج توقعه اللي معك يكفي نستدعيه ونطلب إذن تفتيش لبيته..
خطاب بثبات : لا زيد.. أنا أبي أواجهه بنفسي قبل و أسجل اعتراف..
عقد حاجبيه باستنكار : اعتراف وش؟ خطاب وش بينك وبينه أنت؟
عقد خطاب حاجبيه يضع كفه خلف عنقه يحاول النفاذ : وقعّت له أوراق تحت ضغط منه وقاعد يبتزني فيها..
زيد بدهشة : أوراق؟ ما أظن إن لك بالشغل البطّال يا خطاب. غير إن موضوع الابتزاز قضيه ثانية .
خطاب : زيد يرحم أمك لا تكثر أسئلة وساعدني وأنت ساكت.. أنت ماتتخيل كم صار لي أنتظر يوم مثل ذا مع اللي اسمه منيف .. تكفى زيزو طلبتك..
ارتفع حاجبيه باستغراب من نبرة خطاب المليئة بالرجاء : مع إن سالفة الأوراق ذي ما دخلت مزاجي لكن بشوف وش أقدر أسوي بموضوع إنك توقعه على قولتك ..

ما إن ركب خطاب سيارته خارجاً من عند زيد حتى وأخذ نفساً عميقاً بقى محبوساً في صدره.. أخرج الورقة الصفراء متوسطة الحجم التي اخفاها في جيبه ليقرأ المكتوب فيها بخط مميز (خلّص عليه قبل لا يخلص عليك،، واذكرني لا جيت تدعي..)

*
*
*
*

مضت ثمانية عشر سنة . لا تصدق أنها استطاعت أن تجتازها بكل هذا الثبات.. تجلس الآن في المدرج بجانب سارة.. في كندا حيث حفل تخرج سيف بعد حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال.. أنفاسها تسابق الريح بحماسٍ وترقب وهي تسمع الأسماء حتى نطق عميد الجامعة بصعوبة وعربية ركيكة : سيف البدر..
وقفت تصفق بكل قوة لدرجة أنها شعرت بشرارٍ سينطلق من بين كفيّها.. بجانبها سارة تصرخ وتصفر تنادي باسمه بأعلى صوتها..
ابتسمت تغص بضحكتها وعبرتها وهي تراه ينظر باتجاههم يلوح لهم دون أن ينتبه للطريق أمامه حتى كان على وشك أن يتعثر..
يصرخ بأعلى صوته وهو ينزل من على المسرح : امممي.. ساااارة.. سويتهاا سويتهااا..

مسحت حنين دموعها تحتضن سيف بكل قوتها.. يبتعد عنها يقبل رأسها ويدها ثم يعاود احتضانها بقوة : الف مبروك يا سيف ما تتصور وش كثر أنا فخورة فيك. ومتأكدة إن أبوك الله يرحمه لو كان موجود بيكون فخور فيك. فرّحت قلبي الله يفرحك دنيا وآخره..
سارة بصوتٍ محتقن : يا سلام وأنا ويني من الدعاوي الزينة ذي؟
ابتعد سيف عن والدته يحتضن سارة التي وضعت طوقاً من الورد حول عنقه يضرب جانب رأسها بخفه يحاول إخفاء تأثره : لا تحتكين بإنجازي..
ثم التفت بعد أن باغته الصوت من خلفه : وأنا مالي ورد يا سارة؟
اشتعلت سارة حرفياً وهي تلتصق بوالدتها تنظر للذي وقف بجانب سيف بعد أن قبل رأس والدتها التي باركت له..: الف مبروك حبيبي منها للأعلى يارب..
سيف بغيض : لا والله فيه كف على وجهك.. تبي؟
يا إنك وقح يا أخي ..
ضحك يحاول أن يسترق نظرة لسارة : أفا يا سيفي من مزعلك؟ خويّك بالغربة أنا..
سيف : خوى جنبك قل آمين.. محمد أذلف لا ادفنك في مكانك.
محمد بخبث بعد ضحكة عالية أطلقها : راضيين ومقبولة منك.. بس سيف،، أبي أطلع مع أختك اليوم.
سيف بغضب : انقلع..
ضحك : أفا وش فيك علي يالنسيب؟
سيف : كان يوم أسود يوم وافقت إنك تاخذ أختي..
أنا كم مره قلت لك لا تستعمل هالجملة القذرة معي . ياقذر..
محمد يضحك : مشكلتك تتحسس.. مافيها شي أختك زوجتي ياخي.
سيف : مافيه.. وعطنا مقفاك أشوف.. لا تخرب لحظتنا العائلية السعيدة بوجودك يالقبّس..
محمد بامتعاض : أصلاً أنا ما أدري ليش اسألك ..
ثم التفت لحنين المبتسمه : هاه عمه تسمحين لي آخذ سارة اليوم؟
سيف : حتى لو وافقت مافيه، أنا أخوها الكبير و ولي أمرها وأقولك لأ.

ثم مشى مبتعداً يتبعه محمد يتوسل بصوت وصل لهن .
سارة : يمه كلمي سيف يوافق.. حرااااام..
التفتت لها : أقول اعقلي بس و أثقلي بغيتي تسيحين قدامه ..
مدت شفتيها بزعل : هبّل فيه يمه..
حنين بسعادة طاغية حتى على نبرتها التي حاولت بها أن تخرج صارمه ولكن هيهات : سويره أشوف أنتي اللي انهبلتي من شفتيه!
وضعت رأسها على كتف والدتها تتنهد بضحكة وراحة وحب وهي ترى محمد يقبّل رأس سيف ثم أنفه برجاء وسيف يضحك من أعماق قلبه : تلوميني يمه؟

.
.

شعرت بيدين تطوق خصرها وهي في غمرة انشغالها وتفكيرها بابنها سالم المغترب لأجل الدراسة.. مر يومين ولم يتصل عليها كعادته ولم يجب على اتصالاتها عندما حاولت التواصل معه .. لتبتسم تترك مابيدها من فناجيل وتلتفت تواجهه.. لازال جسدها محاطاً بين بيديه : هلا قلبي ..
ابتسم بتوجس : أقول، وش ورى عيالك أشوفهم مجتمعين بالصالة وساكتين؟
ضحكت له تعيد بعضاً من شعره بخصله الرصاصية والذي لازال يحافظ على كثافته خلف أذنه : وش وراهم؟
ضيّق من عينيه : ما أدري ،، بس نظرة فجر روعتني فيها خبث ودهاء مرعب..
ضحكت من قلبها ترجع رأسها للخلف ليتأملها يشعر بقلبه سينفجر من تسارع نبضاته..
استقرت عينيها عليه بعد أن هدأت.. لازالت مبتسمة تجاريه تحليلاته : يمممه.. الله يستر ..
اتسعت ابتسامته بتنهيده وعينيه تغزو وجهها بحب لا يمكن السيطرة عليه.. لازال يحاصرها بين جسده والرف خلفها..
هلا بخدر من نظرته وعذوبة ابتسامته : وين كنت؟
خطاب : رحت أجيب طلبات بنتك من البريد.. حفظوني كل أسبوع رايح لهم استلم كرتون..
رفعت حاجبها : بنتي لحالي؟ أنت قايل لها اطلبي اللي تبين وبنتك ما صدقت خبر ماشاءالله .
لازال مبتسماً يميل عليها بجسده يتأملها : مم..
هلا : ايه مم.. وش فيك؟
خطاب ببساطة : أتأملك؟
ابتسمت ترمش بنواعسها بسرعة وأعلى وجنتيها قد تورد من الخجل..
خطاب بهمس : أحبك هلا..
احتدت أنفاسها من تأثير الكلمة التي لازالت حروفها تعبث بنبضات قلبها بعد هذا العمر ، وكأنها في كل مرةٍ تسمعها تجرّب فيها شعوراً مختلفاً جديداً عليها..: وأنا أحبك.. بس قد قلتها لي الصبح يالئيم.. اعترف وش تبي؟
ضحك : أقولها الصبح وأقولها الحين وأقولها في كل وقت.. أحبك هلا.. أحبك كثيير..
.
.

في يوم الجمعة وكما جرت العادة.. اجتمع الجميع في منزل تركي.. والمقصود هنا بالجميع،، هم الجميع.. حرفياً.. زيد وزوجته وأبنائهم (تركي و سلوى و نجد).. خالد وضي وأبنائهم الخمسة (تركي و مها و فهد و سلطان و بسمة).. وأخيرا خطاب وعائلته الكبيرة (سلمى و -التوأم- فواز و خولة و فجر وسند ثم آخر العنقود والمدلل جداً وحبيب الشعب تركي) و التي مع دخولهم كادت الجدران أن تقع من شدة الإزعاج..

دخل خالد قادمٌ من المجلس الخارجي ليبتسم وهو يرى البنات يتجمعن حول مجلة ليهتف بفخر : ياعيني عليك يا مها والله إنك بطلة وتستاهلين نجمة..
بسمة التي ما إن رأته حتى وقفزت تتعلق به بدلع : وأنا بعد أبي نجمة بابا..
حملها بين يديه يرى في عينيها ضي : أنتي أصلا نجمة مايحتاج..
هلا بضحكة : وش سالفة المجلة ذي من جينا وهي تتوزع علينا؟
سلوى : بلاك ماتدرين يابنتي خالد أمس ما ترك سوبرماركت يبيعها إلا واشتراها منه قش الأرفف قش .
خالد بغمزة لضي التي ابتسمت ابتسامه كادت تشق وجهها : معلوم يا قلبي لأن اللي داخلها ثروة أدبيه لازم تنقرا..
ثم التفت للمتجمعات في زاوية الصالة : اقروا زين وافهموا المكتوب لأني بسألكم عن اللي قريتوه وياويلها اللي ماتجاوب.. وبالله ياسمسم ياقلب خالك أنتي بما إنك الأكبر والأذكى والأجمل ركزي لي على الصفحة الثانية..
ابتسمت سلمى وهي تقرأ بصوت مرتفع ما أشار له خالها في مقابلة ضي في أحد المجلات بعد أن أصبحت مهندسة أشهر من نار على علم صاحبة إنجازات لاحد لها منها مبنى أمانة منطقة الباحة..
( - كتاب تهدينه لنفسك؟
ضي : لا تحزن..
- أكثر كلمة قيلت لك و أثرت فيك؟
ممكن يعتبر البعض هذا الموقف خاص قليلاً لكن أكثر كلمة أثرت بي حقاً كانت كلمة قالها لي زوجي في أحد الصباحات بعد أن أعددت له طبق بيض .. قال لي بابتسامه الله يسعدك..
- من داعمك الأول وسبب وصولك لهذه المرحلة من نجاح وتألق؟
ضي : داعمي الأول بعد الله سبحانه هم أسرتي.. وابنائي وبناتي.. وهذي حقيقة فأنا بدونهم من المستحيل اخطو خطوة واحدة.. أبنائي دائماً معي استشيرهم وأسألهم وآخذهم من دراستهم أحيانًا فقط لأسأل إن كان لون الوسادة يتناسب مع الكنب.. أو التحفه ذات شكل الحصان تتماشى مع مفهوم الغرفة .. وقبلهم جميعاً هناك شريكي في الحياة ورفيق دربي.. خالد زوجي .. كان ولازال هو البطل الخارق و أمير حكايتي الخاص فيني.. وهو من أنقذ الأميرة -إذا سمحتوا لي امتدح نفسي- المحبوسة في أعلى البرج..)

إعتلت أصوات البنات بتأثر ونبره غريبة وحماس : اووووه..
اعتدل خالد في وقوفه بخجل ولأول مره : سلامات وش هالصوت؟؟ صدق ماعاد فيه بنات! اصه أنتي وهي أشوف..
هلا ضاحكة : إشي رومنسية إشي كلام يرقرق الدموع.. شي من الآخر بصراحة..
خالد بتصريفة : أقول نسيت وش له أنا جاي حسبي عليكن من بنِي.. قوموا داخل أشوف خطاب بيدخل يبي يشوف أمي .. انتشار سريع لا اشوف شوشة قدامي ..
اقل من خمس ثواني ثم فضت الصالة من الجميع فيما عدا هلا وبناتها..
تنحنح خطاب بعد أن اتصل عليه خالد يخبره بالقدوم ليدخل وعينه تتحرك على الجميع بسرعة حتى حطت على هلا..
لكن هلا كانت نظرتها للذي يمشي خلفه يفوقه بالطول وعلى وجهه ابتسامه واسعة..
هلا بعدم تصديق : سااالم..

احتضنها يقبل رأسها ولم تتركه ليبتعد عنها بل تشبثت به تجلسه بجانبها قلبها قد وصل له من فرط الشوق: وينك من يومين اتصل ولا ترد وقف قلبي عليك..
سالم : رحت جدة عند أبوي سلمت عليه ثم اعتمرت وجيتكم على طول.. والله كنت بقول لك بس فجر قالت خليها مفاجأة..
هلا وهي تحتضن عضده : ولو إني للحين عتبانه عليك بس الحمدلله على سلامتك يا روح أمك.. اشتقت لك..

الجميع كان يشارك في الأحاديث التي تُدار فيما عدا خوله والتي سألها سالم ما إن لاحظ ذلك : أفا خوخه مو بالمود أبد ماده البوز شبرين؟
فجر بملل : لا تسأل تكفى الحين مهيب ساكته .
خولة بإنفعال : ايه طبعاً حبيبتي يحق لك اسمك فجر موب خولة..
سالم باستغراب : وش السالفة؟
خولة دون أن تعطي أحداً فرصة ليجيب : أبي أغير اسمي وماهم راضيين..
ثم التفتت لوالدها الذي ينظر لها بابتسامه : الله يرضى عليك يا أبوي يا حبيبي أنت لا تزعل مني أدري اسم عمتي الله يرحمها بس هذي مشاعري بكل صدق.
خطاب لازال مبتسماً بهدوء يرفع حاجبه لها بتحدي : أبد يا قلبي خذي راحتك على أساس إني برضا لك تغيرينه! اسم اختي حبيبتي ذا..
خالد بضحكة وهو يرى عبوس وجهها : أنتم ماتدرون أبوكم أيام الشباب وش كان يقول بسمي بناتي إن جاني بنات!
خولة برعب : وش؟ شي أسوأ من خولة ؟
خالد : كان يقول بسمي بناتي سلمى و سلامه و سلامات.. لكن الحمدلله على وجودي منعت الكارثة قبل لا تصير .. احمدي ربك أقل شي خوله حلو تخيلي لو كان اسمك سلامات؟
تعالت الضحكات على وجه خوله التي وضعت يدها على صدرها تهتف بهلع : يمه بسم الله علي..

كان الجميع منشغل بتذمر خوله إلا خطاب الذي كان ينظر لهلا تتحدث مع سالم بانسجامٍ تام وكأن لا أحد في المكان سواهما، تمسح على شعره بين جملةٍ وأخرى على ثغرها ابتسامة واسعه جعلت خطاب يبتسم رغماً عنه.. حتى وصله صوت خالد هامساً : الآداب العامة يابو الشباب.. خليك مني أنا غسلت يدي إنك تحترم وجودي لكن على الأقل راعي إن بناتك فيه.
خطاب بهدوء لازال ينظر لهلا ونبرته تكاد تذوب حباً وهو يراها تضحك تغطي فمها يدها : أنا صرت متأكد إنّ فيه ناس، وفيه هلا..
وضع خالد يده على صدره يضوّق عينيه يتصنع الصدمة : وش قصدك يعني هلا مو من البشر؟ يمه والله كنت حاس..

.
.




# نهاية الفصل الثامن عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..


تمنياتي لكم بحياة سعيدة جداً وبهجة لا تفارق أيامكم.. بإذن الله مايكون هذا آخر عهدي بكم ونلتقي في يومٍ ما.. اعذروني على القصور أو الأخطاء الغير مقصودة الله يشهد إني ممنونة جدا لمتابعتكم لما كتبت وتشجيعكم ودعمكم ❤.
حللوني وسامحوني والله يغفر لي ولكم .. اذكروني بدعوة ولا تنسوني والله يجمعنا دوم على خير ..
.. نورة :)
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك ❤

bluemay 09-02-19 12:02 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

مباااااارك ختام الرواية

وبشكرك كتير وبحييك على التزامك وأحترامك لمتابعييك

بتمنى لك التوفيق

وترجعي تطلي علينا برائعة جديدة


تقبلي مروري و خالص ودي

أبها 09-02-19 07:37 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
العزيزة وطن نوره
ألف مبروك اكتمال الرواية .. جعلها الله حجة لكِ لا عليكِ .🍃🌸🍃

نهاية مرضية بالنسبة ( لي ) ...☺
ولا نقول إلا أن الحقّ أبلج والباطل لجلج .. وكما تدين تدان .

حقيقة لا أدري أعلق على من؟
بدر ...
نجم الحلقة بلا منافس ..بل هو محرك الأحداث الأخيرة .
شعور الذنب الذي طوّقه ورغبته في التوبة أملى عليه أن ينقذ الوطن بخطته المتقنة من الأيدي العابثة التي تعيث فيها فساداً .
في بداية اعتراف دانه لجدها باسم خطاب حقدت عليها ، ولكن ربّ ضارة نافعة فلولا هذا الاعتراف ما استطاع بدر أن يحذّر خطاب ويكشف له إجرامه بحق الوطن وعبثه . وبالأدلة القاطعة التي تدينه.

زيد ..
المختفي دائماً ..حضر بقوة في النهاية ، 👍🏼
بارك الله في جهود حماة الوطن وأيدهم بنصره ..🍃

خطاب ..
ها هي خيوط الظلام انقشعت وأشرقت أيامك وأزهرت بزوجتك هلا وأبنائك .وما بعد الشدة إلا الفرج ..🍃

دانه ..
بعد الفضيحة ..هل تشوّهت صورة جدها ، أم ما زال أجمل شئ حصل في حياتها ؟ .
الحمدلله أنها عادت إلى أحضان جدتها وأعمامها ، واحتواها زوج ورزقت بأبناء،، 🍃

منيف ، ياسر ، حمد ..
كلّ أخذ جزاءه ،،، وعقاب الدنيا أهون من الآخرة ، والحدود كفارات .

شكراً شكراً شكراً من الكويت إلى المملكة.💗

يعزّ علينا فراقك يا نوره ، و سنشتاق لحضورك الآسر .
أسأل الله العظيم أن يجزيك خير الجزاء، ويسعدك في الدارين كما أسعدتنا
ويفتح عليكِ فتوح العارفين ، ويوفقك في كل خطوة .
ننتظرك بإذن الله بقصة جديدة تجمعنا .😉

أبها 09-02-19 07:58 PM

رأيي في الرواية والكاتبة من حيثالايجابيات والسلبيات ...
———————
وطن نورة ..🍃

اسم فتيّ في عالم الكتابة النتيّة ، طوعت حروفها بسلاسة وانتقت حروفها بعناية لتكوّن منها أفكاراً مثيرة، مزجت فيها بين الخيال والواقع، ببراعة المتمكّن الحاذق ، فأخرجت لنا ( أنت مثل أحزاني قدر )..
قصة ماتعة جميلة مدّت بها للإبداع جسوراً وأسرت بها ألبابنا .
مع ( وطن نوره ) ارتشفنا الأدب بنكهاتٍ شتّىً ...
وتذوقنا المشاعر ألواناً ..مشاعر المحبين، والأخوّة، والخذلان، والأسى، ولذة الانتقام...والندم .

بين السلبيات والايجابيات ...🤔

لم أجد حقيقةً سلبية واحدة سواء من الناحية اللغوية أو في تسلسل الأحداث تبارك الله، لكن ما أزعجني في بداية الرواية هو العنف الاجرامي لمنيف وكيفية تصفيته لعائلة خطاب ( لا أحب العنف.. لا أقرأه ولا أشاهده ) 😖..
*،توجد نقطة لم أدونها في المنتدى المجاور ( مشكلة اللي ما عنده خاصية التعديل. 😖 )
أرى أنها ثغرة أو سلبية لا أدري صراحة ولكنها ربما تضايق أحدهم ، وهي ذكر أسماء العوائل ، لا يخفيكِ يا غالية أن عوائل الخليج تتشابه ، وربما ذكرت من باب التخمين اسم عائلة ، ويكون فعلاً الاسم موجود ف العوائل ، لذا من باب البعد عن الحزازات أرى عدم ذكر اسم أي عائلة ..

الايجابيات ،،، مااا أكثرها. تبارك الله. 😁

*التمكن اللغوي، لا أذكر أنه مرّ عليّ خطأً إملائياً أو نحوياً،
*التزامك في تنزيل الأجزاء ، وردك على جميع القارئات دليل على رُقيّكِ واحترامك .
*اللفتات الجميلة والدروس والعِبر التي تبثينها بين أسطرك ليتلقفها القارئ النبيه ،،،،،مثلاً

* تصويرك لتماسك عائلة تركي والخالة سلوى التي ضمّت ابن أختها اليتيم إليها وتلقفه الجميع بالأحضان ،، زيد وخالد وهلا.
صورةٌ جميلة أرجو أن تترسّخ في مجتمعاتنا .💗

* مفهوم أن الإنسان قويٌّ بالله ومهما تكالبت عليه الهموم فالنجاة باللجوء إليه سبحانه،، وذلك في محنة ضي.💗

*أحببت لمحاتك أن الإنسان المرح الذي يضفي على أهل بيته روح الدعابة والابتسامة لا يعني بالضرورة أنه إنسان هازل وغير مسؤول، ولا ينقص ذلك من قدره شيئاً، وذلك في شخصية خالد المرحة والذي هو ملح الرواية.💗

*تنبيهك للعلاج النفسي وأنه كالعلاج البدني يحتاجه الإنسان لضرورة ولا يوسَم صاحبه بالجنون .🍃

*إشارتك في نهاية القصة إلى حكمة ربانية كما تدين تدان ،، وأن المخطئ لابد له من يوم يُقتص منه طال الزمان أو قصُر، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة .
درسٌ عظيم لا يجب أن ينساه أحد.

أخيرا كل الشكر والتقدير لكِ عزيزتي نوره .💗🍃

همس الذكـرى ينااجيني 11-02-19 03:12 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
وططططن نوره ابدعتي ابدعتي جداً
شكراً لك لإنك رجعتينا لفتره نحبها لزمن الروايات الجميله والأجمل انك ختمتيها لنا بكل رُقي وفخامه 💓💓 ولا تركتيها معلقه وتركتينا معلقين معها 🙆🏼💓

روايتك تنحفر بالقلب والله كل موقف عشناه مع خطاب وكل ألم حسينا فيه معه
كل تحمل وصبر عاشته هلا وكل حُب وتفاني وصل لنا 💜

الجميل جداً واللي اعتبره توج جمال الروايه أسلوب الفكاهه اللي دخلتيه على بعض الشخصيات حلو وأحبه يقرب الشخصيه من القارئ اكثر ..💜

البارت الأخير كان مُتخم بالأحداث بعضها مؤلم وحقيقة منيف البشعه تمنيت انه يكون فيه خطا بالموضوع وموت عائلة خطاب يكون بالخطأ بس للأسف أشكال منيف موجوده ولازم نٌقر بوجودها الأشخاص منزوعين الرحمه اللي ممكن يبيدون شخص بل عائله كامله بسبب اخطائهم اللي يرفضون يعترفون بها وجرائمهم اللي مايبون يتوبون عنها ..

اعجبني بتقفيلة الروايه انك جبتي لنا بُعد زمني طويل وهو بعد 18 سنه كيف صارت احوال الأبطال
النهايات لكل الأبطال تعتبر مرضيه
كنت اقول شالغرض من موت بدر وليه ماخلته وطن باقي حي الا اني اكتشفت انك كنت بحاجة موت بدر عشان تكمل الحبكه :)
بس ماعرفنا محمد هذا مين اللي تزوج بنت حنين وبدر احس انه شخصيه كانت موجوده بس مو متذكره بالضبط 🤔

دانه وأخيراً استقرت حياتها بعائله فعلاً هي كانت مفتقده الجو العائلي طول حياتها بس اللي يقهر ان جابر ابوها مازال على حاله !!!


خالد شخصيه أضفت على الروايه طابع جميل وجو خاص احتوائه لضي يعلمنا ويعطينا امل بالحياه ان فيه ناس او شركاء حياه ممكن يتقبلونا بعيوبنا ويحتوونا إلى ان نوصل بر الأمان ..

وطننن شكراً فعلاً بحجم السماء على الروايه الأكثر من رائعه
ويارب نلتقي قريب برائعه ثانيه لك تمتعينا فيها 💜

NoOoFy 11-02-19 08:02 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
الف مبروك خاتمة الروايه النوري بصراحه نهايه جداً سعيده
حاولت اقلبها في راسي وشلون بتنتهي عجزت اجيبها
مايجيبها الا كاتبتها

كنت اقول يالله ورطتي خطاب بدانه ورطتي دانه بخطاب وش راح يصير للأثنين خاصه ماودتس تظرينهم كلاهم ضحيه

حلوه طريقة خروجها من حياته واخر ماتوقعت تتزوج صاحب عمها

تصدقين النوري شكل الجازي مره سنعه وتعرف ربي وزواجها من الشيطان منيف اختبار من رب العالمين
ربت عيالها وظفت بنت ولدها حتى انهم استقبلو دانه مع ان منيف اللي مربيها

كنت استغرب فعل عيال منيف وزوجته معه واقول مهما كان هذا أب بس بعد ماعرفت بتفاصيل جريمته قلت اكيد ذاقو منه الويل

هل سبب نقم عياله وزوجته جريمته ولا شافو منه الويل هم بعد

مستغربه على جبروته وكلابته ماضر الجازي وعيالها

واللي مستغربته اكثر كيف جابر يرمي البنت عليه وهو يدري يفعايله
ومنيف على عدم مخافته من الله غريبه مالعب في البنت
لان مثل ذا الانسان لا يردعه دين ولا عادات وتقاليد


يالله على المجرم منيف اعوذبالله على افعاله يحرق الرجال هو وعياله عشانه بلغ عنه في فعلته الشنيعه اصلن وشلون فواز يعرف عنه وساكت ليش مابلغ عنه قبل
ليش مصادق اشكال منيف اذا هو فيه خير
يمه هذا مجرم مايخاف الله حسبي الله عليه وش واسطته اللي طلعته من جريمته
يسوي بعيال خلق الله كذا وهو متزوج وعنده عيال

الله يلوم اللي يلوم خطاب كلش كوم وفعلت في سند كوم يمه سماعها بس يروع

هلا خشمتس يابنت انتي المفروض اسميتس نادره اللي سويته مع خطاب تضحيه ماقبلها ولا بعدها ربي خذ منه اهله وعوضه فيتس جوهره زمرد الماس مدري شوصف فيتس شخلي منتس

زين ياخالد حنت ضي وعطتك وجه

النوري وشذا البزارين كلهم الحين اخو هلا الكبير يوم يجيله البنت الثانيه وخطاب وخالد ماعندهم احد ماشاءالله جابو 11 بزر والرجال ماجاب الا واحد
شكل خالد وخطاب يتسابقون من اللي يجيب اكثر
الله يعينهم

الف الف شكر النوري في الانتظار الجديدتس 💕💕

HESA 12-02-19 08:10 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
روعه روعه روعه... قلم جميل وسرد للرواية اجمل
شكرا عزيزتي

وطن نورة ،، 13-02-19 07:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3711942)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

مباااااارك ختام الرواية

وبشكرك كتير وبحييك على التزامك وأحترامك لمتابعييك

بتمنى لك التوفيق

وترجعي تطلي علينا برائعة جديدة


تقبلي مروري و خالص ودي

الله يبارك فيك شكرا لك ❤

وطن نورة ،، 13-02-19 07:52 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3711951)
العزيزة وطن نوره
ألف مبروك اكتمال الرواية .. جعلها الله حجة لكِ لا عليكِ .🍃🌸🍃

نهاية مرضية بالنسبة ( لي ) ...☺
ولا نقول إلا أن الحقّ أبلج والباطل لجلج .. وكما تدين تدان .

حقيقة لا أدري أعلق على من؟
بدر ...
نجم الحلقة بلا منافس ..بل هو محرك الأحداث الأخيرة .
شعور الذنب الذي طوّقه ورغبته في التوبة أملى عليه أن ينقذ الوطن بخطته المتقنة من الأيدي العابثة التي تعيث فيها فساداً .
في بداية اعتراف دانه لجدها باسم خطاب حقدت عليها ، ولكن ربّ ضارة نافعة فلولا هذا الاعتراف ما استطاع بدر أن يحذّر خطاب ويكشف له إجرامه بحق الوطن وعبثه . وبالأدلة القاطعة التي تدينه.

زيد ..
المختفي دائماً ..حضر بقوة في النهاية ، 👍🏼
بارك الله في جهود حماة الوطن وأيدهم بنصره ..🍃

خطاب ..
ها هي خيوط الظلام انقشعت وأشرقت أيامك وأزهرت بزوجتك هلا وأبنائك .وما بعد الشدة إلا الفرج ..🍃

دانه ..
بعد الفضيحة ..هل تشوّهت صورة جدها ، أم ما زال أجمل شئ حصل في حياتها ؟ .
الحمدلله أنها عادت إلى أحضان جدتها وأعمامها ، واحتواها زوج ورزقت بأبناء،، 🍃

منيف ، ياسر ، حمد ..
كلّ أخذ جزاءه ،،، وعقاب الدنيا أهون من الآخرة ، والحدود كفارات .

شكراً شكراً شكراً من الكويت إلى المملكة.💗

يعزّ علينا فراقك يا نوره ، و سنشتاق لحضورك الآسر .
أسأل الله العظيم أن يجزيك خير الجزاء، ويسعدك في الدارين كما أسعدتنا
ويفتح عليكِ فتوح العارفين ، ويوفقك في كل خطوة .
ننتظرك بإذن الله بقصة جديدة تجمعنا .😉

ياهلا والله أبها ❤ الله يبارك بعمرك ويخليك يارب
الحمدلله إن النهاية نالت على رضاك وانها طلعت بالشكل المطلوب :c8T05285:
وأنا يعز علي فراقكم والله لا اخفيك احس بإن فيه شي ناقصني من السبت اللي فات :frown:
اللهم آمين يارب أجمعين يا أبها الله يسعدك يارب والله ان معرفتك مكسب ❤❤


اقتباس:

رأيي في الرواية والكاتبة من حيثالايجابيات والسلبيات ...
———————
وطن نورة ..🍃

اسم فتيّ في عالم الكتابة النتيّة ، طوعت حروفها بسلاسة وانتقت حروفها بعناية لتكوّن منها أفكاراً مثيرة، مزجت فيها بين الخيال والواقع، ببراعة المتمكّن الحاذق ، فأخرجت لنا ( أنت مثل أحزاني قدر )..
قصة ماتعة جميلة مدّت بها للإبداع جسوراً وأسرت بها ألبابنا .
مع ( وطن نوره ) ارتشفنا الأدب بنكهاتٍ شتّىً ...
وتذوقنا المشاعر ألواناً ..مشاعر المحبين، والأخوّة، والخذلان، والأسى، ولذة الانتقام...والندم .

بين السلبيات والايجابيات ...🤔

لم أجد حقيقةً سلبية واحدة سواء من الناحية اللغوية أو في تسلسل الأحداث تبارك الله، لكن ما أزعجني في بداية الرواية هو العنف الاجرامي لمنيف وكيفية تصفيته لعائلة خطاب ( لا أحب العنف.. لا أقرأه ولا أشاهده ) 😖..
*،توجد نقطة لم أدونها في المنتدى المجاور ( مشكلة اللي ما عنده خاصية التعديل. 😖 )
أرى أنها ثغرة أو سلبية لا أدري صراحة ولكنها ربما تضايق أحدهم ، وهي ذكر أسماء العوائل ، لا يخفيكِ يا غالية أن عوائل الخليج تتشابه ، وربما ذكرت من باب التخمين اسم عائلة ، ويكون فعلاً الاسم موجود ف العوائل ، لذا من باب البعد عن الحزازات أرى عدم ذكر اسم أي عائلة ..

الايجابيات ،،، مااا أكثرها. تبارك الله. 😁

*التمكن اللغوي، لا أذكر أنه مرّ عليّ خطأً إملائياً أو نحوياً،
*التزامك في تنزيل الأجزاء ، وردك على جميع القارئات دليل على رُقيّكِ واحترامك .
*اللفتات الجميلة والدروس والعِبر التي تبثينها بين أسطرك ليتلقفها القارئ النبيه ،،،،،مثلاً

* تصويرك لتماسك عائلة تركي والخالة سلوى التي ضمّت ابن أختها اليتيم إليها وتلقفه الجميع بالأحضان ،، زيد وخالد وهلا.
صورةٌ جميلة أرجو أن تترسّخ في مجتمعاتنا .💗

* مفهوم أن الإنسان قويٌّ بالله ومهما تكالبت عليه الهموم فالنجاة باللجوء إليه سبحانه،، وذلك في محنة ضي.💗

*أحببت لمحاتك أن الإنسان المرح الذي يضفي على أهل بيته روح الدعابة والابتسامة لا يعني بالضرورة أنه إنسان هازل وغير مسؤول، ولا ينقص ذلك من قدره شيئاً، وذلك في شخصية خالد المرحة والذي هو ملح الرواية.💗

*تنبيهك للعلاج النفسي وأنه كالعلاج البدني يحتاجه الإنسان لضرورة ولا يوسَم صاحبه بالجنون .🍃

*إشارتك في نهاية القصة إلى حكمة ربانية كما تدين تدان ،، وأن المخطئ لابد له من يوم يُقتص منه طال الزمان أو قصُر، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة .
درسٌ عظيم لا يجب أن ينساه أحد.

أخيرا كل الشكر والتقدير لكِ عزيزتي نوره .💗🍃
يا اختي أنا وش ممكن أقول وأوفيك حقك :frown:❤؟ الله يرفع قدرك يارب والله شهادة أعتز فيها الله يعز شانك ❤❤
لعلي بالغت شوي بالعنف لكن كان الهدف الوحيد بس عشان أوضح لكم قد ايش منيف مجرم وعشان حالة خطاب المأساوية يكون وراها شي لا يعقل :rolleyes:

وبالنسبة لأسماء العوائل والله اني كنت متردده جدا قبل لا أكتب أي اسم خوفا من تشابه الأسماء لدرجة قلت مايحتاج عوائل لكن غلبوني بنات أفكاري واضطريت اكتبها وكان لازم عشان تكمل القصة والعلاقات بين الشخصيات .
المره الجايه بإذن الله راح أجرب طريقه ثانية بدل هذي :rolleyes:
واعتذر ان كان فيه تشابه بين الأسماء اللي انذكرت وبين اسماء موجودة بالواقع الدعوة خيال في خيال :rolleyes:❤

بالنسبة لسؤالك
اقتباس:

مصختها وطولتها بس نسيت سؤال دائماً في بالي وما عندي خاصية التعديل ..


( أنت مثل أحزاني قدر )
من القائل ...؟ ولمن قيلت ...؟

لما تزوج خطاب دانة كتت أقول أكيد
هالجملة من خطاب لدانة ..مابدهاااش .
بس في النهاية خطاب طلق دانه . 🤔
لا والله لا مصختيها و ولا شي بالعكس :wookie:

العنوان ماله شخص معين طبّي وتخيري :peace::56:
من دانة لجدها (ومن وجهة نظري أشوف هي الشخص اللي تنطبق عليه مئة بالمئة :frown:)
أو من خطاب لهلا
أو من حنين لبدر
أو من ضي لخالد
أو في فترة من الفترات دانة لخطاب بس ماضبطت معها :frown:


الله يسعدك يا أبها ألف شكر لك من السعودية للكويت الحبيبة :361:❤❤

وطن نورة ،، 13-02-19 08:00 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الذكـرى ينااجيني (المشاركة 3712006)
وططططن نوره ابدعتي ابدعتي جداً
شكراً لك لإنك رجعتينا لفتره نحبها لزمن الروايات الجميله والأجمل انك ختمتيها لنا بكل رُقي وفخامه 💓💓 ولا تركتيها معلقه وتركتينا معلقين معها 🙆🏼💓

روايتك تنحفر بالقلب والله كل موقف عشناه مع خطاب وكل ألم حسينا فيه معه
كل تحمل وصبر عاشته هلا وكل حُب وتفاني وصل لنا 💜

الجميل جداً واللي اعتبره توج جمال الروايه أسلوب الفكاهه اللي دخلتيه على بعض الشخصيات حلو وأحبه يقرب الشخصيه من القارئ اكثر ..💜

البارت الأخير كان مُتخم بالأحداث بعضها مؤلم وحقيقة منيف البشعه تمنيت انه يكون فيه خطا بالموضوع وموت عائلة خطاب يكون بالخطأ بس للأسف أشكال منيف موجوده ولازم نٌقر بوجودها الأشخاص منزوعين الرحمه اللي ممكن يبيدون شخص بل عائله كامله بسبب اخطائهم اللي يرفضون يعترفون بها وجرائمهم اللي مايبون يتوبون عنها ..

اعجبني بتقفيلة الروايه انك جبتي لنا بُعد زمني طويل وهو بعد 18 سنه كيف صارت احوال الأبطال
النهايات لكل الأبطال تعتبر مرضيه
كنت اقول شالغرض من موت بدر وليه ماخلته وطن باقي حي الا اني اكتشفت انك كنت بحاجة موت بدر عشان تكمل الحبكه :)
بس ماعرفنا محمد هذا مين اللي تزوج بنت حنين وبدر احس انه شخصيه كانت موجوده بس مو متذكره بالضبط 🤔

دانه وأخيراً استقرت حياتها بعائله فعلاً هي كانت مفتقده الجو العائلي طول حياتها بس اللي يقهر ان جابر ابوها مازال على حاله !!!


خالد شخصيه أضفت على الروايه طابع جميل وجو خاص احتوائه لضي يعلمنا ويعطينا امل بالحياه ان فيه ناس او شركاء حياه ممكن يتقبلونا بعيوبنا ويحتوونا إلى ان نوصل بر الأمان ..

وطننن شكراً فعلاً بحجم السماء على الروايه الأكثر من رائعه
ويارب نلتقي قريب برائعه ثانيه لك تمتعينا فيها 💜

ياهلا والله ❤❤
ياحبيبتي انتي اللي ألف شكر لك على متابعتك وتعليقاتك والله كلامك شهادة اعتز فيها اسعدتيني جدا الله يسعدك ❤
موت بدر كان مخطط له من قبل لا اكتب الفصل الثاني والبلى اني كنت حابته جدا ومتحسفه لكن قدر الله وماشاء فعل :lWR04888:

محمد خطيب سارة شخصية جديدة صديق سيف في الغربة على قولته :wookie:
والاسم قد مر عليك قبل بزوج هلا الاول وابو سالم .. محمد ولد عمها

جابر أعوج وطول عمره أعوج بس مافيه مشكلة الحين فيه نايف زوجها أغناها وزود :lWR04888:

الله يسعدك يارب ويخليك والله اني سعيدة جدا بمعرفتك وبإذن الله لنا لقاء في المستقبل :c8T05285:❤❤

وطن نورة ،، 13-02-19 08:12 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة NoOoFy (المشاركة 3712019)
الف مبروك خاتمة الروايه النوري بصراحه نهايه جداً سعيده
حاولت اقلبها في راسي وشلون بتنتهي عجزت اجيبها
مايجيبها الا كاتبتها

كنت اقول يالله ورطتي خطاب بدانه ورطتي دانه بخطاب وش راح يصير للأثنين خاصه ماودتس تظرينهم كلاهم ضحيه

حلوه طريقة خروجها من حياته واخر ماتوقعت تتزوج صاحب عمها

تصدقين النوري شكل الجازي مره سنعه وتعرف ربي وزواجها من الشيطان منيف اختبار من رب العالمين
ربت عيالها وظفت بنت ولدها حتى انهم استقبلو دانه مع ان منيف اللي مربيها

كنت استغرب فعل عيال منيف وزوجته معه واقول مهما كان هذا أب بس بعد ماعرفت بتفاصيل جريمته قلت اكيد ذاقو منه الويل

هل سبب نقم عياله وزوجته جريمته ولا شافو منه الويل هم بعد

مستغربه على جبروته وكلابته ماضر الجازي وعيالها

واللي مستغربته اكثر كيف جابر يرمي البنت عليه وهو يدري يفعايله
ومنيف على عدم مخافته من الله غريبه مالعب في البنت
لان مثل ذا الانسان لا يردعه دين ولا عادات وتقاليد


يالله على المجرم منيف اعوذبالله على افعاله يحرق الرجال هو وعياله عشانه بلغ عنه في فعلته الشنيعه اصلن وشلون فواز يعرف عنه وساكت ليش مابلغ عنه قبل
ليش مصادق اشكال منيف اذا هو فيه خير
يمه هذا مجرم مايخاف الله حسبي الله عليه وش واسطته اللي طلعته من جريمته
يسوي بعيال خلق الله كذا وهو متزوج وعنده عيال

الله يلوم اللي يلوم خطاب كلش كوم وفعلت في سند كوم يمه سماعها بس يروع

هلا خشمتس يابنت انتي المفروض اسميتس نادره اللي سويته مع خطاب تضحيه ماقبلها ولا بعدها ربي خذ منه اهله وعوضه فيتس جوهره زمرد الماس مدري شوصف فيتس شخلي منتس

زين ياخالد حنت ضي وعطتك وجه

النوري وشذا البزارين كلهم الحين اخو هلا الكبير يوم يجيله البنت الثانيه وخطاب وخالد ماعندهم احد ماشاءالله جابو 11 بزر والرجال ماجاب الا واحد
شكل خالد وخطاب يتسابقون من اللي يجيب اكثر
الله يعينهم

الف الف شكر النوري في الانتظار الجديدتس 💕💕

ياهلا والله وسهلا بالنوفي :ekS05142:
الله يبارك بعمرك يارب ويسلمك ❤

منيف ضرره لعائلته كان بصدمتهم يوم عرفوا فعايله المقززة والمحرمة ولا ضرر شخصي ماطالهم منه شي يبقون عياله وبطشه كان على عيال الناس غير انه كان يمارس رذيلته بالخفى ولا أحد داري عنه لأنه يخاف من الفضيحة ويوم انفضح صار سيل مايرده شي والنتايج كانت نفيه لعائلة فواز اللي أول مادرى عنه بلغ على طول
الله يكفينا شره وشر أشكاله ويبيدهم من على وجه الأرض

ورحمة الله بدانة انه يوم شافها حبها الحب المفرط اللي مايبي شي يضرها أو يبعدها عنه

اقتباس:

النوري وشذا البزارين كلهم الحين اخو هلا الكبير يوم يجيله البنت الثانيه وخطاب وخالد ماعندهم احد ماشاءالله جابو 11 بزر والرجال ماجاب الا واحد
شكل خالد وخطاب يتسابقون من اللي يجيب اكثر
الله يعينهم

ههههههههههههههههه زيد ماشي على نظام (العيال يبي لهم تربية وثلاثة فيهم الخير والبركة)
وخطاب عذره معه يبي عائلة تعوضه
وخالد ماشاف خير ومن اول وهو متوعد يجيب منتخب :ekS05142:
وبالنهاية انقلبت الدعوة منافسة بين خطاب وخالد :rolleyes:

الله يسعدك يارب والف شكر لك على المتابعة والرد أسعدتيني جداً ❤❤❤

وطن نورة ،، 13-02-19 08:13 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة HESA (المشاركة 3712025)
روعه روعه روعه... قلم جميل وسرد للرواية اجمل
شكرا عزيزتي

الله يسعدك شكرا لك وسعيده إنها أعجبتك ❤

وطن نورة ،، 13-02-19 08:18 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

أفتقدت فيتامين سي و شبيهة القمر عسى المانع خير ان شاءالله ❤

وأعتذر جداً إذا ظهرت بمظهر الطماعة اللي ماعندها سالفة واللي ماتدرون وش تبي :frown:

بس الأخوات الحلوات اللي يقرون قراءة صامته شاركونا والله اني متعطشه جداً لقراءة تعليقاتكم :ekS05142::rolleyes:❤

.
.

انتهى البيان :wookie:

فيتامين سي 14-02-19 09:16 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ألف ألف مبرووووك وطن نوره اكتمال رااااائعتك

ماشاء الله ابداع من بدايتها للنهايه سلمت يمينك حبيبتي

وماتفقدين غالي والله انشغلت وتوني انتهي من قراءة البارت التحفه مثل مايقولون

ختامها مسك نهايه راااائعه وواقعيه مدري وش أقول ووش أخلي

الصمت في حرم الجمال جمال

أتمنى أن نرى لك مولوده جديده فقلمك مميز ويستحق الإستمرار

والمعذره على القصور ياقلبي

لا أقول وداعا ولكن الى لقاء


دمشقية11 23-07-19 07:08 PM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
السلام عليكم ورحمة الله
رواية جميلة ومميزه بالسرد والشخصيات والحبكة :55:
لك مني اجمل تحية وطن نورة وتمنياتي بمزيد من الابداع والتمييز

همس الذكـرى ينااجيني 09-10-19 01:12 AM

رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
 
اللي حبو جو الكاتبه وأسلوبها
حالياً جالسه تنزل روايه جديده في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
اسمها
أحلام تأبى أن تنطفئ

حياااكم
القصه جميله والكاتبه وطن نوره تستحق المتابعة والدعم 💙💙


الساعة الآن 10:50 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية