منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   (رواية) ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى (https://www.liilas.com/vb3/t206142.html)

عمرو مصطفى 01-08-18 08:43 AM

رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
 


الجزء الثاني

"أتحدث عن الرجال الذين لا يعرفهم أحد.. ولا يتذكرهم أحد إلا كالحلم العابر الذي تنسى تفاصيله بمجرد الاستيقاظ.. لكن يظل مذاقه في حلقك ما حييت.."






(1)
تصريحات شعوب العالم تترا تبعاً لتصريحات الشعب الأصفر، الذي يعتبر نفسه سيداً على شعوب الأرض! ..
إننا نشعر بالقلق لما يحدث ..
استيلاء الظلاميون على مقدرات شعب عريق مثل الشعب الأسمر شيء محزن...
وفي لحظة نسى العالم من الذى دعي للحوار مع الظلاميين أولاً ...
ألم نقل أن النسيان هو أفة الشعوب ..
ودعا السيد الأعظم للشعب الأصفر إلى انعقاد اجتماع طارئ لقيادات شعوب الأرض لبحث الشأن الداخلي لشعبنا الأبي ... نوسام بدأ يتفاءل شيئاً فشيئاً .. كل شيء يمضى كما خطط له الأجداد .. أمة بني الأصفر لن تسود إلا بالتفريق والتحريش .. ظلاميين وسطحيين تافهين .. فلتهدأ روح الأجداد التي خططت .. لم تعد ثمة سلطة أو قيادة لشعبنا يلتف حولها الناس .. الظلاميون ينتشرون في غرب المدينة وغداً سيجتاحون شرقها .. دون مقاومة .. لقد انتصر عقل نوسام على عقل السيد وسام .. كم كان يتمنى أن يرى وجهه الأن .. وجه الرجل الذى أذل أجهزة أمن عديدة على رأسها الجهاز الأمني للشعب الأصفر..
لم يعد هناك من يسد مسد ذلك الرجل الأمني الفذ ..
ـ السلام عليكم ورحمة الله... إليكم هذا البيان الهام ..
انتفض نوسام في مقره تحت الأرض إلى جوار دشرم .. كانت شاشة المرئي تنقل بث حي من شرق المدينة ... لعق دشرم شفتيه وقال :
ـ مازالت هناك قنوات بث في شرق المدينة ؟!
ـ انتظر لنسمع ...
قالها نوسام وقلبه يدق بعنف .. ترى من الذى سيدلي بالبيان .. وعلى الفور احتلت ذهنه صورة شخص واحد ... وسام ..
يسرم كان يتابع من مكتب المسئول الأكبر بعد أن صار مكتبه، ولم تكن حالته بأفضل من حالة نوسام ... كان يجلس على سطح المكتب نفسه وهو يلعق كفيه، وعينيه تترقبان البيان .. كان لتوه قد فرغ من شرب دم أحد رجال السكرتارية ولعله كان أخرهم.. وتركه جثة هامدة خالية من الدماء بجوار مكتبه.. الغريب أن بجواره وقف شخص مألوف عاقداً ساعديه وفي عينيه نظرة خضوع وترقب ..
ـ سيد سليمان .. بصفتك مستشاري الأمني الخاص !.. انصت معي لهذا البيان وقل لي رأيك..
قالها يسرم في برود وعينه تتابع الشاشة بانتظار من سيظهر..
ـ بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا البيان موجه لكل سكان شرق المدينة .. ومن تبقي حياً في غربها ..
صاح نوسام في استنكار :
ـ تباً .. ومن هذا الشاب ؟!..
لعق الظلامي الأكبر دشرم شفتيه وهو يقول في بطء :
ـ انتظر لنسمع ...
كان نادر يرتدي زي رجال السلطة المميز وقد ظهر متجهماً وهالات سوداء تحيط بعينيه.. وخلفه كان علم شعبنا المجيد... كان منهمكاً في إلقاء البيان بنبرة ألية خالية من أي انفعال :
ـ إلى كل أبناء شعبنا.. عليكم أن تعلموا أنه بأيديكم أخرجتم الظلاميين من جحورهم.. وبأيديكم ستعيدونهم مرة أخرى.. شعبنا لم و لن يتوقف مصيره على أحد كائناً من كان.. شعبنا قادر بحول الله وقوته على رد كائنات الظلام إلى جحورها، وسيفعل.. إن شاء الله..
إلى كل من يأبى أن يصير طعاماً لقوى الظلام وما تزال تنبض عروقه بالدماء الحرة الأبية.. حي على الشرف.. حي على شرق المدينة.. فالشرق ما يزال صامداً..
تقلص وجه نوسام وهو يكرر سؤاله بقرف :
ـ من هذا الشاب ..؟
داعبت أصابع ب -1 لوحة مفاتيح حاسوبه النقال بحثاً عن معلومات ثم رفع رأسه إلى رئيسه قائلاً :
ـ اسمه نادر !
التفت إليه نوسام في حده منتظراً المزيد لكنه استطرد في برود :
ـ هذا هو ما لدينا من معلومات...
وعاد نوسام يتابع البيان على الشاشة بوجه محتقن...
ـ إننا هنا نقول لقوى الظلام.. كل قوى الظلام.. تحت الأرض وفوقها .. بالداخل والخارج : نحن هنا في الشرق بانتظاركم... وقبوركم اليوم بأيدينا قد حفرت..
واختفت صورة نادر من على الشاشات وظهرت أفلام تسجيلية تصور عمليات رجال السلطة السابقة على بؤر الظلاميين ..
هجمات بقاذفات اللهب ...
ـ مستحيل .. إنهم لا يملكون شيئاً في الشرق ... المنشئات الأمنية والسلاح كله سقط في أيدينا في الغرب ...
قالها يسرم عبر الهاتف بحقد .. بغل .. فجاءه صوت نوسام ليقول في برود صارم :
ـ لكنهم يملكون وسيلة إعلام مرئي... سيقلبون الدنيا على رؤوسكم.
ـ سنهاجم الليلة شرق المدينة ولن يشرب من دم ذلك الأراجوز غيري ...
ـ يسرم .. أنا لا أرتاح إلى هذا الفتى .. كن على حذر ...
قالها نوسام لكن يسرم نظر لمستشاره الأمني الجديد مستفتياً فهز الأخير رأسه نافياً وقال بلهجة حازمة :
ـ لا تلتفت إلى أراجيفه... ربما كان ما تشاهدونه رسالة تم تسجيلها منذ أيام قبل سقوط السلطة .. لتستخدم فيما بعد لتعطيلكم .
أطلق يسرم فحيحاً حماسياً وأنهى المكالمة مع نوسام ثم قفز من فوق سطح المكتب وتعلق بنجفة عملاقة في السقف صارخاً بصوته الحاد:
ـ إلى الشرق ..
وقفز عبر النافذة التي تطل على فناء واسع محاط بسور ضخم لحماية مقر المسئول الأكبر .. كان به حشد هائل من الظلاميين، لم تكد تري كبيرها يحط بقدميه على الأرض حتى أصدرت فحيحاً جماعياً تصاعد إلى عنان السماء وهي تردد بصوت واحد اسم يسرم...
ومن النافذة التي قفز منها الأخير لتوه.. وقف السيد سليمان يراقب المشهد بوجه جامد ...
***
ـ ينصر دينك ..
ـ عاش .. عاش ..
ـ شعبنا ولاد والله ...
لم يسمع نادر معظم عبارات المديح وهو يشق طريقه عائداً من مبنى البث المباشر لقد صار الشاب المنسي حديث الساعة الأن .. وكان يرى في وجوه الشعب نظرة جديدة حلت محل نظرة الخراف اليائسة إلى شفرة الجزار ... صارت هناك نظرة أمل في غدٍ جديد لا وجود فيه لكائنات الظلام ...
وبرز العديد من رجال السلطة المتوارية وقدموا أنفسهم إليه وحلفوا له على الثبات في مواجهة قوى الظلام .. وبدأ هو في شرح خطة المواجهة ...
ـ سيتم عمل لجان شعبية تحيط بشرق المدينة وكل لجنة تستعد بالمشاعل والحطب الوافر لإيقادها في المساء.. في المساء سيحاط شرق المدينة بالنيران.. الليل هو أفضل وقت لهجوم الكائنات الظلامية ..هي ترى جيداً في الليل بعكس البشر الطبيعيين..
هنا برز له من بين الجموع رجل طويل متين البنيان وقدم نفسه على أنه أحد رجال السلطة السابقين ويدعى جلال ..
كان يتكلم وهو ينظر إليه نظرة فاحصة لا تخلو من شك :
ـ هذا حل مؤقت أيها الـ.. القائد ... وسنظل محاصرين للأبد بقوى الظلام حتى تنضب مواردنا ونستسلم في النهاية ..
ـ من قال أننا سنكتفي بالدفاع فقط .. لابد أن ننتقل للهجوم .. معظم السلاح الخفيف والثقيل و الآلات العسكرية معبأ في مخازن سرية غرب المدينة ولابد أن نصل إليه يوماً ما...
داعب جلال شاربه وهو ينظر لنادر مليا ثم قال مغمغماً :
ـ هذا صحيح ...
وتبادل النظرات مع بقية رجال السلطة المحيطين .. وفهم نادر سر نظراتهم إنه نفس السؤال الذى يتردد كثيراً ..
من أين يأتي ذلك الشاب بالمعلومات ؟
أريد فقط أن أفهم
ليس الأن ....
لماذا ..؟
ليس الأن ....
" لابد من تدريب العديد من رجال الشعب على السلاح ..."
انتزعته عبارة جلال من شروده فالتفت إليه قائلاً بسرعه :
ـ بالتأكيد ... لكن لابد أن نقتصد في الذخيرة .. أعلم أنكم تحتفظون ببعض الذخيرة لكنها ليست بالقدر الكافي .. لذا يجب أن نقتصد ...
مرة أخرى يتبادل جلال النظرات مع بقية الرجال.. ثم عاد يصوب نظراته المتشككة إلى نادر وهو يقول :
ـ أيها القائد... على الرغم من أننا لا نعرفك من بين صفوف رجال السلطة ... لكنك تتحدث كواحد منا ...
نظر إليه نادر في ثبات لبرهة قبل أن يقول في هدوء :
ـ أنا واحد منكم بالفعل ...
ـ كيف هذا؟
سأله نادر بغتة :
ـ ماذا كنت قبل أن تلتحق بالسلطة أيها الضابط .؟
أجابه جلال في حذر :
ـ كنت مدنياً من عامة الشعب ...
ـ وحينما كنت تنتهى من عملك اليومي أين كنت تذهب ؟
ـ أعود إلى بيتي لأمارس حياتي العادية ..
ـ وحينما تحال للتقاعد ماذا ستصبح ؟.
ـ مواطناً من عامة الشعب ...
ـ هل تجد فارقاً ..؟
هنا سكت جلال .. ظل يتبادل النظرات مع نادر قبل أن يقول في خضوع :
ـ لا أجد فارقاً أيها القائد ...
أرسل نادر نظرة إلى أبناء شعبنا وهو يهمس بثقة :
ـ ولا أنا ..
***
ـ كيف حالك يا سمكة ..؟
ضغط الأخير على أسنانه وهو يرد على نوسام عبر الهاتف :
ـ نحن لم نتفق على هذا يا خواجة ؟..
ـ لا تسئ فهمى يا سمكة أرجوك...
ضرب سمكة المائدة الصغيرة التي أمامه بقدمه وهو يزمجر :
ـ جعلتني أشارك في إزاحة رجال السلطة ليركب الظلاميين أكتافنا.. لم نتفق على هذا يا خواجة..
ـ أرجوك أهدئ يا سمكة .. أنت رجلي الأثير في شرق المدينة ولن يمسك أحد بسوء ..
ـ لماذا يا خواجة .؟ هل الظلاميون سيفرقون بين دمي ودم أي واحد أخر ..
ـ هذا هو ما أعدك به .. أنا الأن أحدثك في عمل .. ألا ترى أنني بحاجة إليك ولا أستطيع الاستغناء عن خدماتك ...
حك سمكة ظهره بأظفاره الطويلة المتسخة وهو يفكر.. ثم قال بصوت لم يخلو بعد من رنة غضب :
ـ أنا ما زلت رجلك في شرق المدينة...
ـ فتىً طيب...
قالها نوسام ثم سكت هنيهة.. عاد بعدها ليكمل :
ـ مهمتك تتعلق بذلك الشاب حديث الساعة عندكم.. ماذا يدعي ؟..
ـ نادر يا خواجة .. سيصعدون به للقمر عما قريب ..
ـ لكنك ستجعل روحه تصعد إلى السماء قبلها يا سمكة ..
تقلص وجه سمكة وهو مستمر في حك ظهرة .. تباً لذلك البرغوث الذي...
ـ عظيم يا خواجة .. لكن هذا الشاب يساوى الكثير بكل تأكيد ...
جائه صوت نوسام مرحباً عبر الهاتف :
ـ خمسون آلف ترللي ... بعد أن تقتله ..
ـ مئة يا خواجة ... وقبل أن أقتله ...
***





مملكة الغيوم 02-08-18 02:40 AM

رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
 
السلام عليكم ورحمة الله
بهنيك عمرو على الروايه اللتى حضرت احداثها يوم بيوم هما فعلا زى ما وصفتهم مخلوقات الظلام اللى كانو اكبر سذاجه قام بها الشعب الاسمر واللى اخدت الكتير فى رجليها وما زال بعض السذج بين براثنها اهنيك واتمنى لك مزيد التوفيق
:55::55::55:

عمرو مصطفى 04-08-18 08:20 AM

رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3704771)
السلام عليكم ورحمة الله
بهنيك عمرو على الروايه اللتى حضرت احداثها يوم بيوم هما فعلا زى ما وصفتهم مخلوقات الظلام اللى كانو اكبر سذاجه قام بها الشعب الاسمر واللى اخدت الكتير فى رجليها وما زال بعض السذج بين براثنها اهنيك واتمنى لك مزيد التوفيق
:55::55::55:

أحسن الله إليك .. وبصرك مقاصد الرشاد .. كنا جميعاً في قلب تلك الأحداث العاصفة التي ترسخت في وجدان جيلنا.. وكنا أحوج ما يكون للابتعاد عنها لنرى أوضح .. لنهدأ ونفكر .. ثم نقرر أن نمسك بالقلم ، ونكتب شيئاً نتركه للأجيال التالية .. التي حتماً ستنسى مع مرور الأيام .. وما أسرع مضي الأيام ..
هذا أقل ما يجب علينا تجاههم، أن نترك لهم لافتة تدلهم على الطريق الصحيح ..

عمرو مصطفى 04-08-18 08:23 AM

رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
 
(2)
اللجان الشعبية تحاصر شرق المدينة ...
كان لابد أن ينتهى إحكام السيطرة على شرق المدينة قبل غروب الشمس وحلول الظلام.. والعشرات والمئات من الفارين من غرب المدينة ينضمون لإخوانهم تلبية لنداء ذلك الشاب الذي بزغ نجمه فجأة في قلب الأحداث..
كان نادر يشعر أنه لم يغمض له جفن منذ عقود.. لكن بعض المشاهد جعلته رغماً عنه يبقى متيقظاً..
جر ساقيه ناحية الجموع ليتابع المشهد عن قرب ..
الضابط جلال عاكفاً على تدريب حشد من سكان شرق المدينة على القتال بالأسلحة النارية .. وشاعت ابتسامة أمل على وجه نادر المكفهر حينما لمح شلة المقهى في أول المتدربين .. صحيح أن المعلم فوزي كاد يفقأ عين جلال بأول طلقه لكنه يتعلم بسرعة.. لم يعد الشاب محسن يرتجف وكان فخوراً بنفسه وهو يحمل السلاح كالمحترفين .. أما الشيخ حسن الفقي فقد أذعن لأوامر نادر .. عليه أن يستغل موهبته في تلاوة القرآن بتذكير رجال اللجان الشعبية بفضل الجهاد والثبات بدلاً من تذكير الأموات بعد أن فاتهم أوان التذكرة ...
ـ ألستم بحاجة إلى مقاتل تحت العشرين ...
التفت نادر فرأى أخيه مدحت قادماً وهو يحمل في يده عكاز والده الراحل .. والمثير هنا أن والدته جاءت تحمل في يدها يد الهون الذي تدق به الثوم ولوحت بها قائله في جدية :
ـ دعهم يجربوا ضربة واحدة من هون أمك وسوف...
حاول نادر أن يبتسم رغماً عنه.. بعد أن نست تقاسيم وجهه كيف ترسم الابتسامة.. قال برفق :
ـ أمي .. مكانك مع بقية النساء .. في البيوت .. لو نجحوا في اختراقنا ستكونون أنتم خط دفاعنا الأخير عبر النوافذ والشرف ..
ثم نظر إلى أخيه مردفاً :
ـ وأنت يا مدحت ..هل ما زلت مصر على كتابة اسمك ( متحت )؟..
ضحك الأخير ولوح بعكاز والده قائلاً :
ـ لقد تغيرت كثيراً يا أخي العزيز .. لقد كنت واحداً ممن شاركوا في هدم جهاز السلطة حامي الشعب .. ولابد أن أشارك معكم اليوم لعلى أكفر عن ذنبي القديم ...
ـ الكل سيشارك يا أخي العزيز .. لم يعد هناك خيار أخر ..
ثم التفت لأمه مردفاً :
ـ وأنت يا أمي .. عودي مع النساء فالرجال بحاجة للتغذية قبيل المعركة..
ـ من حقنا الوقوف معكم جنباً إلى جنب.. دعك من تلك الأفكار الذكورية العنصرية.. التي ورثتها من أبيك.
تذكر نادر البرامج الإعلامية التي أدمنتها أمه على مدار عقود، والتي تغذي فكرة أن المرأة مفيدة جداً في أي مكان يجمعها بالرجال .. لكنك إذا احتجت إليها في مكانها فلن تجدها أبداً..
قال لها في صبر:
ـ يا أمي.. الأفكار الذكورية لا تواجه أبداً بالأفكار الذكورية..
نظرت له في غير فهم فابتسم هو في غموض..
لم تفهم أن أفكار التحرر والمساواة التي تلقفتها عبر الإعلام هي من بنات أفكار الرجال أنفسهم.. وتصب في صالح أهوائهم الردية..
هنا ارتفع صوت جلبه ونقاش حاد عند إحدى اللجان الشعبية ..ثم برز جلال وهو يلوح بكفه قائلاً :
ـ أيها القائد .. إنه سمكة بلطجي شرق المدينة العتيد.. يريد أن يقابلك .. يقول أنه جاء متطوعاً ...
صرف نادر أمه وأخيه برفق ثم التفت إلى جلال قائلاً :
ـ دعوه يأتي ....
ـ لكنه يرفض التفتيش .. ومعه حقيبة سوداء مريبة ..
تقدم نادر إلى جوار جلال ناحية الجهة التي تتصاعد منها الجلبة ولمح سمكة وهو يحيط حقيبة جلدية سوداء بذراعه اليسرى ويلوح بمطواة في يده اليمنى صائحاً :
ـ سمكة لا يفتش في منطقته .. إياكم أن تقتربوا ..
صاح نادر ليسمع سمكة وسط الصخب :
ـ دعوه...
التفت سمكة إلى نادر وتهلل وجهه صائحاً :
ـ ألم تسمعوا كلمة كبيركم؟ ..
اقترب منه نادر مشيراً إلى المطواة التي بيده قائلاً :
ـ لا مكان بيننا للبلطجة يا سمكة ..
اغلق سمكة المطواة باحترافية ثم دسها في جيب سرواله قائلاً :
ـ لقد تبت من البلطجة يا كبير وجئت أعرض خدماتي .. و ..
ووضع الحقيبة على الأرض ثم انحنى ليفتحها مستطرداً :
ـ وأموالي كذلك ..
تأمل نادر ومعه جلال وبقية رجال اللجان الشعبية الأوراق المالية التي تملأ الحقيبة الجلدية بدهشة كبيرة ... غمغم جلال :
ـ أموال مسروقة ...
رفع سمكة طرفة إليه قائلاً في سخرية :
ـ إنها مائة ألف ترللي .. ثمن رأس قائدكم ...
عقد نادر ساعديه أمام صدره ونظر لسمكة مستفهماً :
ـ من ؟
ابتسم سمكة وهو ينهض مجيباً :
ـ زبون قديم من بنى الأصفر ... لكن سمكة قرر ألا يستمر مع المعسكر الشرير...
اقترب منه نادر هامساً في خفوت :
ـ نوسام...
صاح جلال وهو يحول بينه وبين سمكة :
ـ حذار أيها القائد قد تكون خدعة ..
نظر سمكة إليه بلا مبالاة على حين رتب نادر على ساعده مطمئننا قبل أن يقول لسمكة في هدوء :
ـ ولماذا قررت ترك المعسكر الشرير يا سمكة؟..
ـ سمكة ليس خائناً بطبعة .. أنا استعمل قوتي لمن يدفع الثمن .. أنا فتوة مثل فتوات الزمن الغابر لكن المجتمع أساء فهمى.. وعلى رأسهم رجال السلطة .. لذا كنت سعيداً جداً وأنا أشعل النار من تحت أقدامهم ..ثم اكتشفت أن الجانب الذى استخدمني لهدم السلطة كان يهدف فقط إلى إخراج الظلاميين إلى السطح .. والذين لن يفرقوا بين دماء سمكة وأي دماء أخرى .. لقد خدعني ذلك الأصفر وقررت أن أخدعه أنا أيضاً .. وأنا هنا رهن إشارتك ويسعدني أن أكون سبباً في رجحان كفتكم .. سأضمن لكم عشرات البلطجية يمكنهم أن يثيروا الرعب في قلوب الظلاميين بمجرد رؤيتهم ..
وضع نادر كفه على عاتق سمكة ونظر في عينيه قائلاً :
ـ قلت .. لا مكان للبلطجية بيننا يا سمكة ..
ابتسم سمكة في حرج ثم قال بلهجة صادقة :
ـ أعذرني فمازال لساني يخونني..
ثم صوب عبارته قائلاً :
ـ هناك العشرات من الفتوات مستعدين لغسل ماضيهم بالانضمام إليكم ...
اعترض جلال قائلاً :
ـ هل سنقاتل إلى جوار المجرمين و النوار .. ؟
قال له نادر وهو يرمقه بنظرة باردة :
ـ ومن منا لم يجرم ؟..
***
ـ كيف حالك يا دكتور؟
ابتلع العوادلي ريقه وهو يتأمل العيون الجشعة والأنياب الحادة التي تلتمع في ظلام الغرفة على الضوء المتسلل عبر نافذة حجرته..
لم يغادر بيته منذ استيلاء الظلاميون على غرب المدينة.. ظل يراقب المذبحة من وراء النافذة في الظلام.. وينتظر..
حتى فوجئ بتلك الزيارة المفاجئة من نوسام ومعه حشد من الظلاميين.. وقد بدا مظهر الأول المتأنق دائماً متناقضاً مع هيئة الظلاميين الرثة ناهيك عن رائحة الدماء الطازجة التي تفوح مع كل حركاتهم وسكناتهم..
قال بصوت مبحوح وكأنه يخشى استثارتهم:
ـ ببـ.. بخير.. ها.. هل هناك ججـ.. جديد؟
عقد نوسام ساعديه أمام صدره وقال في حزم :
ـ أكيد يا دكتور.. دورك لن يتوقف عند الاختباء في بيتك وغلق هاتفك.. لعمري هذا خوف لا مبرر له يا دكتور.. هذا أمر قد دفناه سوياً كما تقولون ..
ـ أنا لست مخـ.. مخـتبئاً .. كما أنني حذر في استعمال وسائل الاتصال ..
ـ وسائل الاتصال في أيدينا الأن.. يبدو أنك لا تشاهد الأخبار أيضاً.. على العموم كانت فرصة طيبة كي أزورك في بيتك.. ولأخبرك كذلك أنك سترحل فوراً لشرق المدينة؟
زاغت عيناه بالطبع وجف حلقه.. لم يتخيل نفسه أبداً بين براثن سكان شرق المدينة المتحمسين .. حتماً سيحولونه إلى شاورمة جزاء له على جره لشعبنا الطيب إلى فخ الظلاميين..
ـ شـشـ.. شرق المدينة!.. كـ.. كيف؟
ـ اطمئن يا دكتور الذي يحميك في غرب المدينة من الظلاميين قادر على حمايتك في شرق المدينة من فلول السلطة..
ـ صصـ..صحيح.. لكن.. مشكلتي ليست مع السلطة بقدر ما هي مع الشعب الأسمر ذاته..
ابتسم نوسام في مكر.. وغمز بعينه قائلاً :
ـ تنسى دائماً أنك واحد من الشعب الأسمر.. وأنك طيب مثلهم ويسهل التغرير بك.. كما غرر بهم ..
ـ وما هو دو..دو.. دوري بالضبط..
ـ هو دورك منذ البداية يا دكتور..
ثم جال ببصره في أرجاء بيت العوادلي وهو يكمل :
ـ لكن أين واجب الضيافة يا دكتور؟.. يبدو أنك قد تأثرت بنا لحد بعيد.
وضحك وخلفه تتابعت ضحكات الظلاميين.. ومن جديد فاحت رائحة الدماء وزهمها.. ارتبك العوادلي وهو يشير لهم كي يجلسوا قائلاً :
ـ أنا أعـ.. أعرف شرابك يا سيد نوسام.. لحظة .. سأستدعي خادمي كي ... لكن.. بالنسبة للسادة الظلاميين...أأ..
وصمت متحيراً .. لكن نوسام أنقذه من الحيرة حينما قال برقة :
ـ لا عليك يا دكتور.. سيشربون الخادم!
***



عمرو مصطفى 05-08-18 08:03 AM

رد: ليس الآن بقلمي / عمرو مصطفى
 
(3)
سيل الجرذان الظلامية يجتاح غرب المدينة
ألا تفهم .. أنت تقترب منهم ..
ليس هذا من شأنك
أيها القائد ..
فتح نادر عينيه.. فرأى جلال قد جاء يوقظه وقد حل الظلام..
ـ هناك سيارة تقترب .. تبدو فاخرة لعلها تابعة لبعض المسئولين غرب المدينة ..
ونهض معه نادر ليرى القادم ..
كانت اللجان متحفزة بعضهم يحمل أسلحة نارية وبعضهم يحمل أسلحة بيضاء وجنازير، وتنعكس على وجوههم المرهقة ظلال النيران التي أوقدوها ...
ـ أخرج من السيارة ببطء وعرف نفسك..
انفتح باب السيارة الفاخرة ونزل منها شيخ عجوز يتعثر .. رفع ذراعيه عالياً وتأمل الجمع بوجه ممتقع ..
ـ أأ ..أنا منكم ...
عقد نادر حاجبيه متمتماً :
ـ الدكتور العوادلي ..
تقدم الدكتور العوادلي وهو يلهث من فرط الجهد المضنى الذى بذله منذ هبط من السيارة المكيفة وحتى وصل إلى حشد اللجان الشعبية المترقب ! ثم خر على ركبتيه ممسكاً بصدره :
ـ لـ .. لقد نجوت بـ .. بأعجوبه ...
اقترب منه نادر قائلاً في اهتمام :
ـ هل هم قريبون ؟..
رفع العوادلي طرفه إليه قائلاً بصوته المتقطع :
ـ إنهم سريعون جداً كادوا يلحقون بي رغم أنهم يعدون على أقدامهم و أنا في سيارتي ...
صرخ جلال :
ـ استعدوا ...
تكهرب الجو وتحول الحشد إلى قنابل تنتظر من ينتزع فتيلها لتنفجر، على حين مد نادر كفه للعوادلي ليعتمد عليها قائماً ... ذلك العوادلي المتهالك نجا من أنياب الظلاميين علي حين هلك مئات وألوف الشباب اليافع والواعد ..
ـ أ .. أنا معك يا .. يا سيد .. نادر ...وأضم صو .. صوتي إلى ..
صو .. صوتك .. في مواجهة الظا .. الظلاميين ...
نظر إليه نادر في ثبات فازدرد ريقه وهربت الدماء من وجهه ..
قال له نادر في برود :
ـ كنت أحد المنادين بخروج الظلاميين للنور ..
ـ كـ .. كل الشعب كـ .. كان كذلك ..
ـ الشعب يتبع من ينظر له.. وكنت أحد المنظرين الكبار المدافعين عن الظلاميين ..
عدل العوادلي من وضع منظاره الطبي وهو يقول مرتبكاً :
ـ أ .. أسف لـ ..لقد .. غر.. غرر بي..
نظرة نارية لمعت في عيني نادر ارتعدت لها فرائص العوادلي قبل أن يصيح نادر منادياً أخيه مدحت .. طبعاً تصور العوادلي أن مدحت هذا يقوم بدور مسرور السياف هنا.. وأنه سيطير رأسه ويضعها في طست بين يدي نادر.. لكنه فوجئ بشاب أخضر العود من أولئك الشباب الذين يلقاهم في الندوات المسمومة.. كان ينظر إليه بانبهار وهو يصيح :
ـ الدكتور العوادلي شخصياً ... أنا من المعجبين بك جداً ..
حاول العوادلي أن يبتسم لكن نادر قطع عليه ابتسامته وهو يقول لمدحت في صرامه :
ـ خذ الدكتور العوادلي إلى مكان النساء .. سيكون هناك بأمان ..
ـ هذا لطف منك ..
قالها العوادلي ثم تأبط ذراع مدحت الذى لم يصدق نفسه .. العوادلي يتأبط ذراعه شخصياً .. وقاده إلى حيث أمره نادر وهو لا يكف عن سكب عبارات المدح والثناء على أذني العجوز... وعاد نادر ليلتحم برجال المقاومة الشعبية المتحفزة وصاح ليسمع المعتلين لأسطح البنايات :
ـ محسن .. هل ترى شيئاً ..؟
برز وجه محسن من فوق سطح البناية وبرزت عروق رقبته وهو يهتف :
ـ يتدفقون عبر الطريق السريع الذى يربط الشرق بالغرب ...
ـ أعدادهم ..؟
بصق محسن في تقزز قبل أن يجيب:
ـ كالنمل..
وجاء جلال ومعه مجموعة من رجال السلطة القدامى يحملون بعض قاذفات اللهب وقد اكتست وجوههم بالجدية .
ـ لا تتدخلوا إلا لو فشلنا نحن في صدهم ساعتها يمكنكم فتح النيران على الجميع ...
قال جلال وهو يرمق الأفق :
ـ هل سيغامرون بالهجوم رغم النيران التي أوقدناها ....
ـ لن يهاجموا..
قالها نادر في بساطة فنظروا إليه في دهشة.. فقال لهم موضحاً :
ـ بل نحن من سيهاجم ..
***
جحافل الظلاميين تتدفق عبر الطريق السريع كالسيل الجارف، ولا صوت يعلو على صوت فحيح الحقد الدفين..
الظلاميين ليسوا بحاجة لوسائل مواصلات فهم يستطيعون قطع مسافات هائلة سعياً على الأقدام..
ومن بعيد تتبدى معالم الأحياء السكنية لشرق المدينة وقد أحيطت بسور من النيران ..
وتوقف الزحف، ومعه توقف الفحيح...
لا شيء سوى أصوات اللهاث ولعق الأصابع و الشفاه...
ثم صرخ يسرم :
ـ لااااااه.. كان المفترض أن يستسلموا مثل الأخرين ...
وقفز عشرة فوق بعضهم البعض صانعين برجاً ووثب يسرم ليعتليهم كلهم كي يتمكن من إلقاء نظرة أشمل على الموقف.. فبدا الأمر أشبه بفقرة في سيرك..
ـ سنحاصرهم حتى تخمد النيران أو تسقط عليها الأمطار ..
ثم عاد إلى الأرض فأحاط به جيش الخفافيش الظلامية منصتين :
ـ تدبروا أمركم عن طريق قنص بعض الحيوانات إلى أن يستسلم المحاصرون...
هنا شق الهواء شيء ما يتصاعد منه الدخان .. زجاجة تم حشر خرقه مشتعلة في فوهتها ... وأخذت العيون الواسعة تراقب الزجاجة الطائرة في عدم فهم حتى سقطت بينهم ودوى الانفجار ... عندئذ أدركت الكائنات ماهيه تلك الزجاجة وهي تصرخ وتقفز مبتعدة عن دائرة النيران .. هناك ثلاثة منهم تحولوا إلى زهرة نارية تتلوى من فرط الألم....
وكان أول الغيث قطر مثلما يقولون ..
عشرات الزجاجات تتطاير في الهواء وتهوى على الأجساد الظلامية .
ـ تراجعوا ...
تصاعد فحيح النيران.. وفحيح الآلام ..
عشرات الانفجارات تدوى وجحافل الظلاميين تتراجع بعد أن سيطر عليها الرعب وقاد زمامها الخوف الجبلي من النيران ..
كانت فرقة رماة الزجاجات الحارقة هي إحدى الفرق الخاصة التي أعدها نادر بالاستعانة بالبلطجي التائب سمكة .. تم صنع مئات الزجاجات المتفجرة لتكون طليعة الهجوم على الظلاميين .. وهكذا تحول المحاصرين إلى مهاجمين وصار من يحاصرونهم فارين تحت وطأة نيران الزجاجات الحارقة ..
وصرخ محسن من فوق سطح البناية التي صارت برج مراقبة :
ـ إنهم يتراجعون .. يتراجعون ..
وارتج المكان بالتكبير والتهليل ... وبرقت عينا نادر وهو يهمس لجلال :
ـ أبلغ سمكة ألا يتوقف عن مطاردتهم بالدراجات النارية والزجاجات الحارقة ..
وتلقى سمكة مكالمة جلال وهو يلقي زجاجة أخيرة ناحية حشد من الكائنات الفارة قبل أن يدهس ثلاثة أخرين تحت إطارات الدراجة النارية .
وصاح في مجموعته أن استمروا في مطاردة الشياطين ...
ـ مجموعة تطلق الزجاجات ومجموعة تطلق الخرطوش ...
أخرج بعضهم بالفعل بنادق الخرطوش التي حصلوا عليها من مراكز السلطة إبان الفوضى التي سبقت خروج الظلاميين.. اليوم يحملونها تحت سمع وبصر فلول رجال السلطة.. و بتوجيههم ..
كم تتبدل الأمور..
صوبوا البنادق تجاه الجحافل الفارة على أضواء كشافات الدراجات النارية.. وسرعان ما تصاعدت صرخات الكائنات الظلامية وكرات البلي الحارقة تمزق لحومهم ...
هنا فوجئ أحد راكبي الدراجات بمن يثب عليه من خلف فأطلق سبه وأسنان الظلامي تنشب في عنقه .. هناك من توارى في الظلام وطوق راكبي الدراجات.
ـ تباً ..لقد نالوا مني ..
ـ أصمد يا وزة ..
قالها سمكة وهو يصوب خرطوشه ناحية الكائن الذى تعلق بالسيد وزة، والذى انتابته حالة من الهياج وهو يحاول انتزاع الكائن من وراء ظهره لكن الأخير غرس أنيابه في عنقه كالكلابات..
ودوت طلقة.. وتبعتها طلقات...
وتهاوى الكائن ووزة يصرخ في رفاقه :
ـ ستقتلونني معه يا حمقى ..
ـ هل أنت بخير يا وزة ..؟
تحسس وزة عنقه وهو يسحب زجاجة مولوتوف من جراب خلفه على الدراجة :
ـ لقد سحب مني لتر دم كامل ...
وأشعل زجاجة حارقة وألقاها بغل ناحية فلول الفارين الذين تفرقوا على جانبي الطريق السريع والذى افترش بالجثث التي اشتعلت بها النيران واخترقها الخرطوش ... مشهد مروع لم يخطر حتى على بال هؤلاء الذين كانوا يوماً ما بلطجية ..ورفع سمكة هاتفه وطلب جلال :
ـ ريس جلال ...
ـ الضابط جلال...
بصق سمكة بصوت مسموع قبل أن يقول :
ـ لا مؤاخذة يا جلال باشا... الفئران تبتعد بشكل كافي ...
لحظات من الصمت ثم جاء صوت جلال عبر الهاتف يأمره بأن يتوقف عن مطاردة الظلاميين .. لكن يظل يحوم حول المكان ليتأكد من عدم تجمعهم مرة أخرى ..
هنا صرخ وزة في جزع :
ـ أريد نقل دم بسرعة .. سأموت يا حمقى ..
زجره سمكة قائلاً :
ـ اخرس يا وزة .. ليعطيه أحدكم لفافة حشيش كي يخرس قليلاً ..
تردد صوت جلال منزعجاً عبر الهاتف :
ـ حشيش ..! هذا مخالف للقانون يا سمكة .. الويل لك ...!
ـ أي حشيش يا باشا .. أنا أقول أعطوه (بقشيييش!!)..
***


الساعة الآن 01:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية