منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الروايات المغلقة (https://www.liilas.com/vb3/f836/)
-   -   الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا (https://www.liilas.com/vb3/t205440.html)

الفيورا 09-12-17 05:49 PM

الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
https://f.top4top.net/p_708rv6e31.png

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ما زلت في غمار الكتابة وأتحدى نفسي بها، فبينما كانت "عكس الرحيل" تحديا في جعل نفسي أكتب، كانت "مشكلتي مع كلمة" تحديا في الكتابة عن شخصيات أكثر.
وفي هذه الرواية، أتحدى نفسي في كتابة رواية بشخصيات متعددة وأطول من الذي اعتاده قلمي.

ظروفي للأسف مو زي السابق لما كنت أنشر الروايتين اللي قبل، مشاغلي كثرت ووقت إجازتي بعيد حده. ومطولة على شبكة مو مضمونة. فموعدنا بيصير أربع مرات في الأسبوع بدل كل يوم. أنا عازمة إن شاء الله أكمل معكم المشوار، بس اتمنى تلتمسوا لي العذر إذا تأخرت فيوم :)

أتمنى أن تجدوا بين جنبات بيتي الجديد مكانا مريحا..

*لا تلهكم الرواية عن الصلاة..*

الأولى

=
=
=

مشهد يرتسم أمامها، أخذ كل المساهمين فيه مواضعهم ليبدأوا ببداية ستنتهي بالألم.

أبو كادي، راضي، رجل في منتصف العمر، زوجها منذ يوم.

زوجة راضي الأولى، تلك التي يقف الكل في بيتها.

بنات راضي، مشاهدات صامتات بفجع لما يحدث.

أخو زوجة راضي، الداعم لموقف أخته.

وأخيرا هي، واقفة بعباءتها ونقابها في الزاوية، الدخيلة كما كانت العادة.

-: "أنا تتزوج علي يا راضي؟! أنا؟! بعد كل ذي السنين تكسر روحي بالثانية؟"

خف صوت زوجة راضي من هياج غضبها إلى وجع طاعن: "قولي ليش..؟"

أعطاها راضي نظرة ماثلتها وجعا، لكنه التزم الصمت. رأتها خطوة سيئة، فلربما سيستطيع بناء شيء من الركام إذا أخبرها الحقيقة.

عندها نظرت إليها زوجة راضي بكل الكراهية التي تستطيع نفثها من عيونها: "مالي قعدة فذا البيت وهي موجودة!"

كلماتها هذه ووقع خطواتها المبتعد أخرج راضي من صومعة صمته، لكن قبل أن يلحق بها منعه أخوها.

زفر راضي بغيظ فشل في كتمانه: "وخر عن طريقي يا شاهين.."

لكن ذاك الشاهين لم يتزحزح عن طريقه، بل أعطاه نظرة جمع فيها الاستياء والازدراء والخيبة: "وعدت أبوي ما تضيم منال لما أخذتها، واللحين أخلفت بوعدك.. سواتك ذي كسرت كل طيب خاطر بيننا."

ألجمه رد ذاك، ليقف بصمت مشجون يراقب زوجته تخطو بداية بعدها عنه.

=
=
=

"بعد أربع سنوات"

=
=
=

أبعدت زبدة الفول السوداني عن متناول يد أختها التي كانت منشغلة في الحديث مع أبيها إلى درجة عدم ملاحظة ما كانت ستلتقطه.
تعودت كادي على ملاحظة كل ما سيضر بصحة لمار منذ الصغر حتى أصبحت أفعالها تلك كالغريزة، تفعلها دون وعي.

لم تستطع إلا الابتسام لمنظرها تتعب أبيها بالحديث، بمرآى أبيها يحاول بأقصى طاقاته أن يتبع مسار كلامها. في الواحدة والعشرين، وما زالت لمار تعيش بحماس وزخم طفلة.

كان هذا منهجهم منذ الأزل، هذا التجمع العائلي في بداية الصباح.

ما زال أبوها يتبع عادة أمها في الإصرار على حضور الكل لمائدة الإفطار، حتى بعد أن أضحت طليقته.

كل مرة تراه يحرص على روتين أضفته أمها إلى حياتهم تتساءل كادي، ما الذي جعله يتخلى عنها؟ ما الذي دفعه لإبقاء "تلك" جانبه، بديلا بلا لون في محل أمها؟ تناقض عجيب لا تستطيع إيجاد تفسير له.

"ذكرنا القط جانا ينط.."

دخلت زوجة أبيها بهدوء، تحييهم بتحية أهدأ، لتأخذ مكانها وتبدأ في تحضير شيء لها دون انتظارهم، ولم تفعل وهم لم ينتظروا حضورها مرة؟ ينتهون قبلها ويتركونها لوحدها.

(وشيء في ذلك أرضاها وجعلها تشعر بالضيق في نفس الوقت، لسبب ما).

كانت كادي آخر من سيخرج عندما سمعت صوت زوجة أبيها يستوقفها: "كادي.."

التفتت إليها بصمت، لتراها تمد إليها حقيبتها التي نسيتها على الكرسي الخالي جانبها، لتأخذها منها وتشكرها بجمود.

خرجت و"تلك" تبث فيها أفكارا تحيرها وتناقضات ترهق خاطرها.

حقا، لا تستطيع القول بأن زوجة أبيها إنسانة بغيضة. لا تستطيع قول شيء حيالها إطلاقا، فهي قليلة الكلام، لا تتدخل قط في شؤونهم. كانت أشبه بـ.. الضيف؟ نعم، الضيفة كلمة تصفها بحق.

ربما في ظروف أخرى، ربما لو لم تكبرها بقليل، ربما لو لم تكن بذاك الجمال الصارخ الذي ألهب خاطرها قهرا بكونه قد أغرى أبيها ليبتعد عن أمها، ربما لو لم تتسبب في طلاق أبيها من أمها، ربما لم تكن لتلك الضغينة التي تشعر بها حيالها وجود.

لكن هذا كان واقعها، فلم تزعج نفسها في الخوض في احتمالات أخرى؟

=
=
=

راقبت كبرى بنات صديقتها المقربة وهي تتحرك كفراشة بهية الطلعة أرجاء المجلس الأنيق، تقوم بضيافة ضيوف أمها على أكمل وجه، متجاهلة لتلك الأعين التي راقبتها بمزيج من الإعجاب والحسد.

شكرتها منال بود عندما قدمت لها فنجان قهوتها: "تسلم يديك حبيبتي.."

لتبادلها بابتسامة أكثر ودا قبل أن تناديها ضيفة أخرى.

رأتها منال مثالية للفكرة التي بدأت تدغدغ أفكارها مؤخرا، فربما ستكون هذه الأسيل بلسما لجراح أخيها من زواجه الأول. ربما ستكون عذوبتها ورقتها ما سينتشله من همومه التي يخفيها عن الكل.

حتى مع كثرة الطالبين لقربها رغم طلاقها، ليس لدى منال أدنى شك في موافقة أسيل على أخيها، فبفطنتها لاحظت منال شرودها وتلعثمها الخجول لذكره منذ سنين مراهقتها، وإصغائها للحديث واهتمامها التي حاولت صرفه كمحض تهذيب لسنين أخرى بعدها، وهاهي أسيل الآن في السابعة والعشرين، امرأة ناضجة ومالكة لأحد أكثر صالونات التجميل شعبية في البلد، بينما أخوها في الرابعة والثلاثين ومطمع الكثيرات.

تنهدت، تتذكر معضلتها..

فمن أين ستفتح موضوع خطبة أسيل وشاهين يتجنب الحديث عن أي شيء له علاقة بارتباطه مرة أخرى؟

=
=
=

نغزتها أختها الصغرى صفاء بابتسامة ذات معنى، تستغل لحظة انفرادهما في المطبخ لتغيظها: "أشوف الابتسامة شاقة الوجه، أكيد، ما أخت حبيب القلب من الحضور..!"

ضربتها أسيل بخفة على كتفها، وابتسامة بالغة الحبور لا تستطيع محوها مرتسمة على شفتيها. قد لاحظت نظرات منال المقيمة الراضية لها، وعرفت ما كانت تفكر فيه.

أيقظتها صفاء من غمرة أفكارها بقولها: "مدري وش اللي حادك على حب شاهين وابن عمه عبد الرحمن موجود."

نظرت إليها بامتعاض: "ومين اللي لعب عليك وقال إني سألتك عن رأيك؟"

هزت صفاء كتفيها: "بس من جد، صح إن اثنينهم مزايين ما شاء الله، بس عبد الرحمن يقولون متواضع وعلى نياته. شاهين لكن.. نظرة عيونه لحالها تحسس الواحد إنه ولا شي."

ردت عليها بدون اكتراث، تنطق بلسان حال قلبها الذي لم يجد موطنا إلا تجاه شاهين منذ الصغر: "الناس أذواق يا أختي.."

=
=
=

كعادته جالس في حوش البيت بعد رجوعه مع أبيه من صلاة الفجر، يقلب بين صفحات الجرائد المبوبة بحثا عن وظيفة يستطيع التقدم لها.
لم يعد سالم يقتصر على تخصصه في بحثه منذ فترة، وما زال لإحباطه خالي الوفاض.

جلست جانبه ابنه أخيه الأكبر شادية، تسترعي انتباهه بقولها: "ليه تنكد على نفسك بطاري الوظايف من صباح الله؟ استمتع بالجو الرايق قبل ما يقلب، فيه نسيم يرد الروح ذي الأيام."

تنهد والشجن يرتسم في ملامحه: "تعرفين ليه.."

انطفأ ألق ابتسامتها المشرقة وحلت محلها المواساة، تربت على كتفه: "إن شاء الله بتلقى لك شي قريب وترجع الأمور زي ما كانت وأحسن.."

قدر مداراتها له وابتسم: "الله يسمع منك.." نهض من محله يتمغط لينشط ينفسه، فأمامه يوم من البحث الطويل: "يلا أترخص، سكري على نفسك زين واتصلي علي إذا احتجتوا شي."

اعترضت: "تو الناس! بحط الفطور بعد شوي اقعد!"

ابتسم، كم ذكرته بأمه المرحومة في تصرفاتها: "والله ودي ما أفوت على نفسي أكلك اللي يلحس الواحد صحنه من وراه، بس سيارتي لساتها متعطلة ومالي إلا عوض يوصلني الرياض."

اكفهرت ملامح شادية بسخط: "كلها كم كيلو ويخليها قضية حقوق الإنسان.."

عوض كان الوحيد في قريتهم الصغيرة الذي كان يذهب للرياض بشكل يومي لأجل العمل. إنسان بغيض متمنن لا يعرف كيف انتهى الأمر بمصادقته. جعل من أمر أخذه معه شيئا يتفضل به عليه، يربطه بشروط تعجيزية، وليس كأن سالم لم يوصله مرات لا تحصى في الماضي.

يعرف أن عوض لم يكن ليوصله حتى دون وجود ذلك الهدف الذي يبتغيه، فهو قد خطب شادية منه سابقا ورفضته هي. لم يفته تلميحه وأسئلته، لكن حتى وإن خطبها مرة أخرى، فلن تقبل شادية به.

لم يكن لشخصه بالضبط، بل بسبب شرطها الذي وجده كل من خطبها تعجيزيا، عصيا عن التنفيذ.

ودع شادية وأقفل الباب على وقع دعائها له، وفور خروجه من البيت، وجد ناظره يتجه إلى البيت بجوارهم، يمعن في التأمل فيه كأنه سيستطيع رؤية من يبتغي قلبه رؤيته..

لكمة بالكاد شعر بها على كتفه أيقظته من بحر الذكريات الذي كاد يغرق فيه، ليلتفت ويرى عوض وملامحه الممتعضة: "وكل يوم على ذا الموال؟ لي ساعة أناديك!"

اتكأ بساعده على كتف عوض، مستغلا فرق الطول بينهما لإغاظته: "يقولون العوض ولا الحريمة، بس اللي يشوف وجهك على هالصبح بيختار الحريمة وهو مغمض."

أبعد عوض ساعده عنه بقوة، يرد بغضب مزمجر وهو يركب سيارته ليحذو سالم حذوه: "واللي يشوف صلع راسك ما يحتاج له مراية!"

اختفت ابتسامة سالم تماما: "للمرة الألف بقولك، فيه فرق بين صلع وإني أحلق راسي..!"

حقا، ما ذنبه إذا أحب أن يكون بتلك الهيئة؟

بين تذمر عوض من تأخيره له والطريق، انقضت تلك الساعة التي فصلت بين قريتهم والرياض. استوقفه عوض قبل أن ينزل في محطة وقوفه المعتادة: "عن بنت أخوك.."

قاطعه: "رضيت بشرطها؟"

استنكر: "طبعا لا! ما راح أنذل بين الرجاجيل."

هز كتفا دون اكتراث، فهو رغم عدم قناعته بشرط شادية، إلى أنه لن يجبرها على شيء ولن يكسرها وهو الوحيد الذي بقي لها مع أبيه المسن. وبأية حال، لا يستطيع تخيل عوض زوجا لابنة أخيه: "أجل ما لك نصيب عندنا.."

=
=
=

تنفس الصعداء عندما وضع أولى خطواته على أرض الوطن، كما أصبحت عادته منذ التحاقه بمهنة الطيران. مهما سافر ورأى، فلا شيء أفضل في نظره من العودة إلى المكان الذي ينتمي إليه.

في شروده بأفكاره، لم يلاحظ الوليد الشابة التي كانت تمشي مقابله ولا انشغالها بمكالمتها حتى حدث وتعثرت في خطواتها وسقطت عبوة المشروب الغازي التي كانت تمسكها من يدها، لينسكب محتواها على حذاءه وأسفل بنطال زيه الرسمي.

شهقت الشابة بصدمة، وظهر الارتباك في صوتها عندما اعتذرت.

رفع يدا ليوقف سيل اعتذاراتها دون أن يمعن النظر فيها، فقد لاحظ بطرف عينه مبالغة الشابة في التبرج: "ما عليه، حصل خير."

أكمل سيره بخطى متضايقة بعض الشيء من تسلل المشروب إلى جواربه. أتاه صوت زميل ضاحك في طريقه إلى أقرب دورة مياه: "أما شكلك طالع نكتة وإنت تمشي. ورى ما هاوشت البنت؟ فشلتك بين الناس!"

هز الوليد كتفا بابتسامة عريضة أصبحت جزءا من شخصيته: "وش أستفيد لو هاوشتها على شي ما كانت متقصدته؟"

حرك زميله رأسه بقلة حيلة: "ياخي إنت دوم ريلاكس، تخليني مشتهي أشوفك زعلان."

ضحك: "إذا كذا بطلع طاقات زعلي عليك!"

وبعد انتهائه من إصلاح أزمة حذائه وبنطاله ومن ثم قضاء إجراءته المعتادة، اتجه مباشرة إلى شقته.

تنهد عند دخول شقته الخاوية، فعلى عكس العودة إلى الرياض، لم تشعره العودة إلى شقته سوى بالوحدة والوحشة، فلا يوجد أحد يستقبله بكلمات الترحيب الدافئة.

عندها صدح هاتفه بالرنين، معلنا اتصال شخص كان مصدر عون له طوال السنة الفائتة، خاله من الرضاعة سامر.

ابتسم.

"كأنه كان حاس.."

=
=
=

-: "من جدك بتقبلي دعوتها؟"

ابتعدت لمار بالنظر عن العصير الذي كانت تشربه إلى صديقتها الصدوقة هيفاء، لتنظر إليها باستفسار: "قصدك شذى؟ مدري بس يمكن. البنت تعنت تدورني عشان تعطيني بطاقة دعوتها."

زفرت هيفاء بضيق: "من وين تعرفك أصلا؟ ومن متى نمشى في نفس الحلقات الاجتماعية؟"

افلتت منها ضحكة: "ذكرتيني بترانيم بنت خالتي بخرابيط الحلقات الاجتماعية ذي. عادي يختي وش فيها؟ حلو نتعرف على ناس جدد."

لم تبادلها الضحكة بل ازدادت ملامحها صرامة: "ماني مرتاحة لها، لا شكلها يطمن ولا كلام البنات عنها. إنتي ما تعرفين مصلحتك، يمكن بتلعب عليك وتورطك في شي!"

قطبت لمار حاجبيها بعدم رضا من كلام صديقتها: "ليه شايفتني عاجزة ولا ناقصة عقل؟"

بهتت هيفاء، مدركة لما قالته في غيظها: "ما كان قصدي.."

قاطعتها قبل أن تخلي لها الطاولة: "بروح لحفلة شذى، وهذا آخر كلامي."

فقط لاعتلال صحتها منذ الصغر اعتبرها الناس هشة، شخص يجب حمايته من كل شيء.

ربما لم تهتم للذهاب إلى الحفلة التي تقيمها شذى في بادئ الأمر، لكن بعد كلام هيفاء ستحضر عنادا لها.

=
=
=

عرف عبد الرحمن ما تصبو إليه أمه لحظة سؤالها عن شقته الجديدة. لم تكن أبدا راضية عن انتقاله خارج الملحق الفخم الذي كانوا يعيشون فيه في كنف بيت عمه عبد المحسن. عمه عبد المحسن الذي تكفل به وبأمه بعد وفاة أبيه وهو رضيع، يعامله معاملة الابن، مخصصا هذا الملحق لهما.

لكن أما آن له الخروج من كنف إحسان عمه، أن يقف على قدميه في طريق يصنعه لنفسه؟

تلك كانت فكرة لم تشاركه أمه فيها، بل اعتبرت كل ما حصلا عليه حقا يستحقان أكثر منه.

تساءل ماذا ستكون ردة فعلها إذا عرفت أنه بدأ يخطو خطواته الأولى في تأسيس شركته الخاصة والاستقالة من العمل لدى عمه. ستثور حتما.

أجابها بابتسامة راضية: "الحمد لله، أثثتها بالكامل خلاص. ننتظر حكمك عليها."

تنهدت أمه بضيق: "ما دام إنها من ذوقك فأكيد حلوة.." أكملت والقلق الصادق ينضح من عيونها، قد تزيف أمه الكثير، لكنها أبدا لا تزيف صدق حبها له: "أحاتيك يا ولدي، غصب عني."


قبل جبينها بحب، يحضنها بخفة: "لا تحاتين، أقدر أدبر عمري. خلاص صكيت التسع وعشرين وعجزت."

ارتخت ملامحها بابتسامة: "لو صكيت الستين لسى بشوفك صغير."

=
=
=

أتاها صوت أخيها الكبير جلال متذمرا بعد سماعه للائحة المشتريات التي كلفته أن يحضرها عند عودته من رحلة العمل التي يقضيها في الكويت: "أنا فاضي لك ولخرابيطك اللي ما تنتهي؟"

اعترضت ترانيم: "مو خرابيطي لحالي، سمية معاي."

-: "لا الصغيرة راحت فيها بسبتك، خربتيها! ما ينقص إلا سيف وتكمل."

ضحكت، ففكرة أن ينخرط سيف ذو السنين الاثنا عشر في أي شيء عدا عن الجلسات مع الجد عبد المحسن وألعاب الفيديو خاصته لا يمكن التفكير فيها حتى: "ذاك شايب ما ينخاف عليه."

سمعت صوتا ينادي جلال، ربما مساعد أبيها الذي كان يشرف عليه في غيابه: "سلمي لي على الكل. فادي هنا وشكله ناوي علي شر من تلكعي معاك."

ذكرته: "طلباتي لا تنساها!"

أقفل الخط عليها، لكنها تعرف أن جلال سيحضر لها كل ما طلبت. قد يكون جلال مغرورا ذا طيش يحكمه في انفعاله، لكنه أبدا لا يقصر معهم. ربما كان يدللهم أكثر من أبيها وأمها حتى!

=
=
=

في خضم قراءته لملف مريض، رأى عبد العزيز بطرف عينه تهامس طالبين مقيمين ومحاولة دفع أحدهما للآخر للتحدث معه. انتظرهما عبد العزيز دقيقة قبل أن يزمجر بالسؤال: "خير؟"

جفلا بجزع قبل أن يتشجع أحدهما ومن ثم يلحقه الآخر، يسألانه عن الحالات الأخيرة التي عمل عليها في قسمه.

رأى العجب يرتسم في ملامحهما عندما أجاب عن أسئلتهما بإسهاب، تاركانه بشكر جزيل قبل أن يعود لما كان يفعله.

قد يكون حاد الطبع سريع الغضب، ذا صوت خشن يبث الحذر حتى في هدوئه، لكنه أبدا لن يقصر في تقديم المساعدة للطلاب، فهو يذكر عندما كان في محلهم.

صفر هاتفه معلنا عن رسالة. كانت من أخته تجيب عن سؤال سأله في وقت مبكر من اليوم..

#لا البنت ولا أهلها ردوا خبر.. تبغاني أحاول فيها؟

اكفهرت ملامحه بضيق، يود لو يقول نعم، بأنه لا يريد حتى التفكير في احتمالية رفض تلك التي خطبها، لكنه رد على أخته بـلا.

=
=
=

استيقظ بشهيق جريح، ودقات قلبه تصم أذنيه عن كل صوت عدا تلك الخاصة بكابوسه.

رجاؤه اليائس البائس.. نظرة أبيه المتفطرة خيبة.. ذلك الألم المدمي للروح لسماع أبيه يقول له: "سود الله وجهك.."

كابوس؟ لا، بل ذاكرة تؤرق فكره. تهمة لم يستطع إثبات براءته منها، وربما.. لن يستطيع.

تنهد، متعوذا من الشيطان، يبحث عن الثبات في تمرير أصابع يده الباردة في شعره.

قضى فروضه وتجهز ليوم عمل جديد، ليرى أباه قد بدأ الاجتماع في وقت أبكر مما تم الاتفاق عليه. قال فور دخول شاهين غرفة الاجتماعات في فرع بنوك الجبر الرئيسي، دون أن يزعج نفسه من النظر بعيدا عن أوراقه: "تأخرت.."

ابتسم شاهين بتهكم متحد لكل ما يرمي أبوه عليه، يخطو بخطوات واثقة إلى مقعده. حتى وإن أظهر أبوه فيه زلة رغما عنه بتغيير موعد الاجتماع دون إعلامه، فلن يسمح بإظهار لمحة ارتباك له: "السموحة، حصلت لي ظروف أخرتني."

هتف أحد مسؤولو البنك جانبه بطيب خاطر وشيء من التملق: "عادي يا أستاذ شاهين، معظمنا ما كان له علم بتغيير الموعد وعجلنا له في الصباح!"

لم يفت شاهين تلك النظرة التي ألقاها أبوه لجهته قبل أن يستكمل، يسترعي انتباه الجميع: "وبخصوص المفاوضات مع بنك ويسلي البريطاني.. قررت تأكيدها.."

ذهب نظر أبيه إلى جهة ابن عمه الجالس جانبه، وعرف شاهين ما كان يهم بقوله قبل أن ينطق: "عبد الرحمن، بتترأس المفاوضات مع الوفد الزائر بعد أسابيع."

بدت على ملامح عبدالرحمن الصدمة والاعتراض، فالكل يعرف أن من اقترح هذا المشروع ووضع حجر الأساس فيه كان شاهين. لكنه في النهاية التزم الصمت ورد: "حاضر."

وكنثر الملح على الجرح، التفت له أبوه مؤشرا: "شاهين بيساعدك في التفاصيل.."

إذا هذه لعبة أبيه هذه المرة؟

صدقا، لقد تفوق على نفسه.

=
=
=

لم يفت عبد المحسن ذلك القهر المكبوت في نظرة ابنه، المخفي تحت بريق ابتسامته المعتدة الواثقة، يوافق بأريحية ظاهرة ومضض في الخفاء على الوقوف في الصفوف الثانوية في مشروع أجهد نفسه فيه.

تساءل إذا كان شاهين يظن أن وضعهما هذا يرضيه.

فلا والله، لا يرضيه هذا الوضع أبدا.

شاهين هو ابنه الذي طال انتظاره إليه، أصغر أبنائه، من رحلت عزيزته من الدنيا في سبيل إنجابه.

كان المدلل، كان الحبيب الغالي إلى قلبه. لم يرفض له طلبا قط.

ليأخذه طيش الشباب ورفاق السوء إلى خذلانه بأبشع صورة.

لا يدري كيف ظل يتنفس بعد رؤية شاهين، في التاسعة عشر من عمره، غائب عن الوعي في مستودع قذر، وأثر مزيج مرعب من المخدرات يجري في دمه.

لا يدري كيف ظل قلبه متماسكا أمام هذيان شاهين له في خضم علاجه، بمناجاته بأن لا علم له بما حدث، بأن ليس له ذنب، بأن يصدقه..

مضت خمس عشرة سنة منذ ذلك اليوم، منذ بذله الغالي في سبيل كتمان خزيه، وما زال جرح تلك الليلة السوداء ينزف، ما زالت خيبته تتجدد.

خيبته تلك كانت بقدر شاهين في قلبه، وقدره كان عظيما، عظيما بحق.


انتهى البارت..~

bluemay 09-12-17 06:15 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ياهلا والله

حي الله إلفي منورة برجوعك يا قمر...

بتمنى لك التوفيق و تختميها ع خير وسلامة


لي عودة بتعليق لاحقاً إن شاء الله


تقبلي مروري وخالص ودي

فيتامين سي 09-12-17 11:59 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حيالله الحامل والمحمول
والف الف مبروك الفيورا مولودتك الجديده
واتمنى لها نجاح أكثر من سابقاتها
لي عوده للتعليق بعد القراءة إن شاء الله

فـــــرح 10-12-17 07:06 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ياهلا والله بداية موفقه ان شاءالله ونجاح اقوى باذن الله استمري فالجميع معاك ومع ابداعك

ندا المطر 10-12-17 09:06 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
حيا الله من جانا
دخلت للتهنئة عندما رأيت اسمك على القصة
اصبح لك محبين وجمهور ينتظر قصصك على احر من الجمر
متابعين معك عزيزتي ...

bluemay 10-12-17 07:04 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


البداية جميلة و فيها غموض ، مثلا شو قصة زوجة راضي الثانية؟؟! شو سرها اللي مو قادر راضي يبوح فيه؟!

شاهين على مايبدو اتهم ظلم او اتدبرت له مكيدة وانطلت على والده وصار بينهم شرخ كبير.


شادية شو هو شرطها التعجيزي يا ترى ؟؟


لمار اتوقع رح تتورط بهالروحة لعند شذى .


يسلمو ايديك يا قمر

وكلي شوووق لمتابعة الآتي

تقبلي خالص ودي

الفيورا 11-12-17 03:51 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلمولي حبيباتي على ترحيبكم بي، وجدا أتمنى تعجبكم الرواية بمختلف مساراتها..

الثانية

=
=
=

لفت نظر عبد الرحمن المطعم الصغير جوار مبنى شقته، ولفت نظره أكثر ازدحام الناس فيه. لم يكن من المطاعم الفارهة التي اعتاد الأكل عندها.. لكن فضوله سيره ليعرف ما سبب الإقبال على هذا المطعم ذو الإسم العادي والمظهر المتواضع.

بعد زيارة اتضح له السبب، فأطباق المطعم شهية وأسعاره زهيدة بشكل لا يصدق.

دخل ليرى أن المطعم مزدحم، ربما لأن هذه فترة الغداء. كان عبد الرحمن يهم بالخروج والعودة في وقت آخر ليقول شاب حليق الرأس يجلس في الطاولة التي كان واقفا جانبها: "تعال اجلس هنا ماحد عندي.." أكمل يقنعه: "صدقني ما راح تلاقي المطعم هذا بالذات فاضي. ما لقيت الطاولة ذي إلا بالواسطة."

جلس بتردد، يريحه بعض الشيء أريحية الشاب وروحه المرحة البادية فيه. أخذ يستطلع القائمة الموضوعة على الطاولة ليطلب طلبه وسرعان ما وُضع أمامه.

قال الشاب عندها بضحكة يلفت نظر عبد الرحمن إليه: "شكلك جديد على ذا المطعم."

استغرب عبد الرحمن منه: "كيف عرفت؟"

أشار إلى ما طلب: "ما بيطلب طلبك هذا إلا واحد ما يعرف عن المشكل."

كرر: "المشكل؟"

أجابه: "اللي قاعد آكله اللحين.." التفت حينها الشاب إلى الجرسون طالبا: "واحد مشكل."

اعترض عبد الرحمن: "ما كان له داعي تطلب عني.."

لكن الشاب لم يعطه أذنا تسمع:"بتشكرني بعدين."

وحقا، عندما أكل من "المشكل" المشهور، أعجبه وبشدة. أجاب استفسار الشاب الصامت: "يمكن أحسن شي أكلته.."

ابتسم الشاب عندها بينه وبين نفسه، يتمتم: "لا فيه أحسن منه بكثير.." قبل أن يعيره انتباهه مرة أخرى وينخرط معه في الحديث عن مواضيع شتى بعيدة عن أي أمر شخصي، لكنه عرف في نهاية الأمر أن اسم الشاب كان سالم المنصور: "لنا ساعة نهرج ونطفح ونسينا نقول اسماءنا، قسم حالة!"

ضحك عبد الرحمن بفعل طرافة الوضع وكون ضحكة سالم العالية معدية بشكل عنيف: "والله حاولت مرة بس إنت ما شاء الله عليك، تنتقل بين المواضيع بسرعة!"

افترقا بعد أن اتفقا على اللقاء مرة أخرى.

طول عمره لم ينخرط ويصادق إلا بمن هم في شاكلته، لكن يبدو أن التجديد في حياته صاحبه التجديد بمن يصاحبه.

=
=
=

كان في مكتبه، غارقا في تفكيره إلى درجة عدم ملاحظة من دلف داخلا، إلا عندما أتى ذلك الصوت المحبب إلى قلبه يسأله بدلال: "والحلو وش شاغل باله؟ أمي تعبت تناديك للعشاء.."

رفع نظره إلى ابنته ترانيم، تلك التي ما زال يعاملها بحكم الأميرة المدللة كأختها التي تصغرها. ابتسم بحنان يخفي الأفكار والهواجس التي تدافعت إليه لمرآها.

عتبة بابه لا تخلو من خاطب ينشد عن ترانيم منذ أن بلغت الخامسة عشرة، لترفض هي كل طارق لأسباب واهية مدفوعة بغرورها وعنادها، إرثان حصلتهما من عائلة والدتها، وهاهي الآن في الخامسة والعشرين ولا زالت ترفض. يعرف أن استمرار هذا الوضع سيودي بتمادي ألسن الناس في الحديث عن ابنته، في حبك الحكايات عن أسباب مبطنة لرفضها الزواج.

جلال كان مثلها تماما، لا ترضيه أي من المرشحات اللاتي ترشحهن أمه، لكن جلال رجل بينما ترانيم لا، وعواقب رفضها كانت أشد وأقسى في قلوب الناس.

هتفت ترانيم بضيق حقيقي، توقظه من أفكاره للمرة الثانية: "خير يبه، فيه شي؟ خوفتني.."

هز رأسه بـلا: "أبد ما في شي. خلينا نعجل وننزل قبل لا تزعل أمك علينا."

=
=
=

لم تكن لمار بالتي تتأنق غالبا، فأكثرية ملابسها كانت ما بين الرياضي إلى الكنزات والقمصان الواسعة، لكنها تعرف متى يتطلب منها الأمر بذل جهد أكثر في ملبسها. بحثت في أدراجها إلى أن احتارت بين فستانين، أحدهما بأكمام إلى المرافق ويمتد إلى منتصف الساق، ذا قماش ناعم وردي براق، والآخر دون أكمام وقصير للركبة، ذا لون أصفر فسفوري تكمله ببوت أسود كالحزام الملتف في خصره.

كادي كانت من تأخذ برأيه في مثل هذه الأمور، لكنها كالعادة كانت متأخرة في عملها في تلك المدرسة المتوسطة. لا تظن أن بإمكانها انتظار كادي إلى حين حضورها، فهي تريد الانتهاء من التجهز على صلاة العصر، فكما نصت الدعوة، ستبدأ حفلة شذى بعدها مباشرة.

لم يبق سوى أبيها والذي طبعا لن تسأله.. وزوجة أبيها.

مطت شفتيها بضيق، هي حقا محتارة، وقد لاحظت أناقة زوجة أبيها في لباسها. صحيح أن كل ما تلبسه كان قاتما واسعا طويل الأكمام، لكن أسلوبها ذاك أضفى لها فخامة خاصة.

"الضرورة لها أحكام، مو..؟"

بمضض خطت نحو غرفة الجلوس، لترى أن زوجة أبيها كانت تقرأ مجلة غير منتبهة لدخولها.

وقفت أمامها قبل أن تسأل بتردد وفي كل يد ترفع فستانا: "أي واحد أحلى؟"

رفعت زوجة أبيها نظرها من المجلة ليبدو في عيونها الغريبة الاستغراب والعجب قبل أن تلقي نظرة إلى الفستانين، لتجيب وهي تعود بالنظر إلى مجلتها: "الوردي بيطلع أحلى عليك."

نظرت لمار إلى الفستان الوردي حينها لتقتنع. لكن قبل أن تلتفت خارجة، استوقفها صوت زوجة أبيها تسأل بنبرة فضول: "وين بتروحين؟"

أجابتها، طبيعتها المنطلقة تتغلب على شعور التحفظ الذي يجب أن تشعر به: "حفلة تسويها شذى، وحدة من زميلاتي في الجامعة."

كأن الاسم استرعى انتباهها، أعطتها زوجة أبيها كل اهتمامها عندما سألت: "شذى؟ لا يكون اسمها الكامل شذى المرزوق والحفلة باستراحة؟"

رمشت لمار بعدم تصديق. كيف عرفت؟: "إيه.. "

وليكتمل عجبها، وقفت زوجة أبيها والصرامة بادية في تعابير وجهها: "مافي روحة."

احتاجت لمار بضع لحظات حتى تستوعب تصرف زوجة أبيها الخارج عن المألوف وتغتاظ من أمرها: "مالك سلطة علي!"

خطت خارجا قبل أن تنطق الأخرى بكلمة، واستغرقت في تجهيز نفسها مرتدية الفستان الأصفر بعد صلاتها. كانت في خضم لبس عباءتها والخروج مع السائق عندما أتاها صوت أبيها مستوقفا لها: "وين رايحة؟"

أجابته بتوتر، ما بال تلك النبرة الجافة في صوت أبيها؟: "للحفلة اللي قلتلك عنها يبه.."

ليرد بنبرة غير قابلة للنقاش: "طلعة لحفلة مافي، وشذى ذي راح تقطعين كل صلة فيها، مفهوم؟"

ردت بطاعة رغم كثرة الأسئلة التي ضجت في خاطرها، فليست هي من تعصي أباها: "مفهوم يبه.."

عندما تركها والدها توجهت على الفور إلى غرفة الجلوس، لتهتف بسخط: "إنتي..!"

لم تكلف تلك عناء النظر بعيدا عن مجلتها، رادة ببرود وابتسامة مائلة مغيظة مرتسمة على شفتيها: "مو إنتي قلتي مالي سلطة عليك؟ خلاص استعنت باللي له كل السلطة."

زفرت لمار بغضب كاسح متجهة إلى غرفتها، مرسلة رسالة إلى خالها شاهين دون تفكير.

وعندما اتصل بها خالها يخبرها أنه أمام الباب بعد ساعة، ذهبت إلى أبيها تخبره بخروجها معه ليتركها تذهب دون أي اعتراض، وفي طريقها إلى الخارج التقت بزوجة أبيها. سألتها عندها: "رايحة مع خالي، ولا عندك اعتراض على روحتي ذي بعد؟"

أشرت لها بالذهاب في حركة غير مبالية، مبتعدة الخطوات عنها: "أبد، تروحي وترجعي بالسلامة."

ظلت لمار تحدق في إثرها باستغراب غلب سخطها. ما قصة هذه المرأة؟ لطالما عهدتها لا تتدخل بهم بأي شكل من الأشكال. ما الأمر المتعلق بشذى وحفلتها الذي جعل تلك الصرامة تظهر فيها، إلى درجة تحريض أبيها عليها حتى؟!

=
=
=

عندما راسلته ابنة أخته تسأله إذا كان متفرغا لحظتها، لقي شاهين في دعوتها لعشاء كما كانت العادة بينهما أمرا سيشغله عن التفكير.

يحب أبناء أخواته ويعاملهم كالأخ الكبير بدلا من الخال، لكن للمار في قلبه معزة خاصة وحنانا لا يوليه غيرها. سألها حال ركوبها سيارته: "وش اللي حصل وخلاك تتذكرين خالك المسكين بعد كل ذا الوقت؟"

ضحكت لمار حينها: "حرام عليك خالي، والله كنت مشغولة بالجامعة وكرفها، ولا فيه أحد مستغني عن الطلعات معك؟ مجنونة أنا؟"

ليضحك: "إيه إلعبي علي بذا الكلام الحلو.."

استغرقت لمار عندها بملء طول الطريق بثرثرتها، إلى أن وصلت لسبب اتصالها به وحيرتها المغتاظة تجاه زوجة أبيها.

على الرغم من بغضه وتحفظه تجاه تلك المرأة نظرا لما سببته لأخته الكبيرة من جروح، لم يكن بوسعه إلا تأييدها في منع لمار من الخروج لتلك الحفلة.

هتفت لمار رادة عليه: "لأنك يا خالي العزيز ما تحب الواحد منا يطلع لأحد إلا لما تفصفص سيرته الذاتية تفصيص. حتى أصحاب أولاد خالتي تحقق معاهم. طبيعتك كذا تحب السيطرة."

ابتسم بتهكم: "على بالي تخصصك إدارة أعمال مو علم نفس." استطرد يغير الموضوع الذي بدأ يتطرق لحدود حمراء: "وما دامني جبت الطاري، أحوال الدراسة معك؟"

=
=
=

قد لاحظت منال السرور البادي في عيون أخيها الصغير هذه الليلة بعد عودته من العشاء الذي قضاه برفقة ابنتها لمار، سرور لا تراه كثيرا فيه هذه الأيام. تذكر عنفوان أخيها في سنين مراهقته، والابتسامة الصادقة التي لا تفارق محياه.

في ظرف ليلة تغير حاله، وأصبحت الابتسامات التي تراها تلك التي تخفي ما في قلبه، تغذي قناع البرود والغرور الذي يتجلد به أمام الكل وبالأخص أبيها.

لم تصدق قط ما قاله أبوها عما ارتكبه شاهين، لم يستطع قلبها التصديق، فشاهين كان أكثر من أخ صغير بالنسبة إليها. كان ولدها، وكانت له الأم التي لم يعرف.

لكن، تبين لمنال بعدها أنها الوحيدة التي ظلت واقفة في صف شاهين، فقد سلكت أختها الكبرى غادة موقفا مغايرا لها، وأخذت صف أبيها ضده، وحتى اليوم، ما زالت متحفظة تجاهه.

تساءلت متى سينتهي هذا الوضع، ومتى سيلتم شملهم.

أخرجها قوله من كآبة أفكارها: "لمار وكادي بيجون بعد بكرة بدل الجمعة، يبغون يتمون عندك الأسبوع كله."

ابتسمت بحب خالطته المرارة، فتلك عائلة أخرى لها مفرق شملها: "الله يحيهم.."

وضع شاهين يده على كتفها، يقول بحنان اكتسى صوته: "أبو كادي لسى على وعده.."

قاطعته بعناد يثبت أنها ابنة للجبر بحق: "وأنا لسى على موقفي. ما برجع لرجال تشاركني ثانية فيه."

=
=
=

بدأت شادية تتكلم وهي تضع العشاء الذي أعدته وقتا أبكر هذه الليلة لتعيد تسخينه من أجل عمها الذي لا يرجع سوى قريب منتصف الليل: "كنت عند غالية اليوم.."

تجمد عمها للحظة ثم أكمل مد يده إلى صحن الخبز، فأكملت بنبرة أريحية: "أبوها بدا يجيب أقمشة أزين ذي الأيام، الجلابية الحمرا اللي كانت لابستها عجبتني، شكلي بشتري زيها."

لاحظت سرحانه ومنعت نفسها من الضحك: "قالتلي أوصل سلامي لجدي، ولك طبعا."

رد بهمس وابتسامة لا يبتسمها سوى من كان غارقا تماما إلى أذنيه: "الله يسلمها.."

عمها إنسان مباشر لا يعرف للف والدوران، تعرف أنه يظن كلامها هذا عفويا بينما هو أبعد ما يكون عن ذلك، تنفذ ما قالته غالية المكتفية انتظارا على أمل أن ينتهي هذا الوضع الغبي بينها وبين عمها قريبا.

=
=
=

يكاد جلال يضحك من وجه فادي، صديق أبيه الأمين ويده اليمنى في إدارة شركته، المحمر غضبا وهو يتمتم عن عدم ذهابه معه في رحلة أخرى ولو بقطع الرؤوس، فلم يسلم من تهوره ولا من إزعاج "معجباته" على حسب قوله.

رد بغرور كان صفة متجزأة فيه أكثر من غيره، وربما لا ينافسه عليه سوى أخته ترانيم: "وش أسوي لو الله أنعم علي بالزين؟"

لم يكن بالذي يغازل الشابات أو يعطيهن اهتمامه، فهو يعرف دينه وحدوده. لكن تحفظه لم يردع من تلقيه الاهتمام أين ما حل.

لم يكن فادي منبهرا البتة من تصريحه: "الله يعين مكسورة الحظ اللي بتاخذك.."

صحح: "قصدك اللي داعية لها أمها في ليلة القدر."

ضحك فادي رغما عنه: "حالتك مستعصية والله. ما أدري كيف إنت ولد سامر المتواضع حده.." استطرد بابتسامة: "عسى تنبلي بوحدة تراكض وراها زي ما بنات الخلق يراكضوا وراك."

هز جلال رأسه بأسى مصطنع: "أشوف سنين الخرف بدت فيك يا فادي."

ضربه فادي بخفة فوق رأسه، فعلى الرغم من أنه موظف لدى أبيه، فإن جلال كان يعتبره كأب ثان: "خرف فوجهك! يلا عجل ورتب أغراضك قبل لا الطيارة تفوتنا!"

=
=
=

عرفت كادي ما استدعاها أبوها من أجله، وهذه المرة كان لديها جواب.

بدأ أبوها بذاك الحنان الذي تعهده: "تعرفين يا بنتي إني ما بأغصبك على شي، بس ولد آل جميل ينتظر ردنا وطولنا عليه.."

عندما أتى أخو صديقتها المقربة عبد العزيز لها خاطبا، لا تعرف لم توقفت عنده ولم ترفضه كغيره. أربما أدركت أن لمار قد كبرت ولا تحتاج مراعاتها؟ أربما احتراما لقدر صديقتها هدى في قلبها؟ أربما إدراكها أنها بلغت السادسة والعشرين والسنين تمضي؟

لا يهم.. المهم أنها توقفت وردت أنها ستفكر. وحقا ذلك فعلت.

في قرارة نفسها، تعرف أن سبب ترددها في أمر الزواج هو ما حصل لأبيها وأمها، أن تُقابل بجرح يدمي روحها بعد بذل حب طال عقودا.

من يحب يُجرح، وكادي لا تريد أن تحب.

أمها اعترفت لها وللمار ذات سهرة أنها في طريقها إلى البيت من المدرسة تعرض لها عابثون، ليصادف ذلك الموقف أبوها الذي كان في ذلك الوقت متدربا يعمل لدى جدها عبد المحسن، تعارك معهم جميعا وعلى الرغم من أنهم فاقوه عددا إلا أنه تمكن من جعلهم يتراجعون هاربين متحملا ضربات موجعة. رافقها بصمت إلى عتبة بابهم ورتب الأمور بحيث لن يشك أحد بما حدث لها، فهو أدرك أن كلام الناس لن يرحمها. قالت أمهما أنها أعجبت به "ووقعت وماحد سمى عليها" منذ تلك اللحظة، وكم كانت سعادتها بالغة عندما أتى خاطبا لها بعد سنة.

يوما من الأيام، كانت تلك القصة المفضلة دون منافس إلى قلبها.. لكن بعد ما حدث قبل أربع سنوات.. لا تحتمل كادي ذكرها حتى.

لكن.. وضعها مختلف تماما عن أمها، فلا هي عندها مشاعر مسبقة لأخ صديقتها، ولا هي تعرفه أصلا. وعندما استخارت، شعرت بالراحة تعتريها.

إذا، لم لا؟

زواج تقليدي في ظروف عادية، لا شغف، لا عنفوان. هدفها تماما.

أعطت أبيها إجابتها: "أنا موافقة يبه.."

انتهى البارت..~

bluemay 11-12-17 04:30 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


اما موقف !!!! وطلع توقعي صحيح بخصوص شذى، اما العجيب الغريب امر زوجة الاب اللي لسوء الحظ اني ناسية اسمها ، مدري انتِ ماذكرتيه لسه لووول


التقاء سالم مع عبدالرحمن هل سيؤدي الى شادية او هاي شطحة مني لووول


ترانيم وسبب عزوفها عن الزواج هل وراه سبب ؟! ما بعرف ليش ربطتها بفادي .

يسلمو ايديك يا قمر

وكلي شوووق لمتابعة الآتي

تقبلي خالص ودي

أبها 11-12-17 07:21 PM

عودا حميدا ألفيورا ..

عنوان شيق .. و شخصيات عديدة تبدو أيضا حكاياتهم شيقة.

متابعةبإذن الله ..🌷🍃

الفيورا 12-12-17 06:35 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
سعدي في التوقعات اللي أصبتي في جزء منها يا بلومي (فيس يغمز) ومشكورة حبيبتي أبها، يفرحني انضمامك لي :)

الثالثة

=
=
=

سحبه صوتها الرخيم من رحلته في أعماق ذكرياته: "تفكر فيها؟"

لم يجبها راضي، فاستطردت تسأل كأنها تكلم نفسها: "ليه طلقتها لما طلبت منك؟"

ويجعلها كالمعلقة؟ لا يرضاها على منال. أبدا لا يرضاها.

قال بدوره: "اللي يسمعك بيقول تغارين.."

ابتسمت تلك الابتسامة الباردة التي يكره، التي دائما ما أشعرته كأنه جزء من عرض يسليها: "وليه أغار على شي ما كان لي نصيب فيه يا أبو كادي؟"

=
=
=

صدت هيفاء النظر عنها عندما رأتها: "أفا بس أفا! كذا أخرة العشرة يا هيوف؟"

تكلمت هيفاء ببرود، تختار النظر في كتاب تعرف لمار أنها لا تقرأه هذه اللحظة: "والله إنتي اللي سويتي سالفة وزعلتي وأنا أدورلك الخير. عسى استانستي بحفلة شذى بس؟"

ابتسمت لمار: "من ناحية إني استانست، فأنا استانست وبقوة، بس حفلة شذى علمي علمك عنها."

عندها فقط التفتت هيفاء إليها: "وش قصدك؟"

هزت لمار كتفا: "ما رحت."

عقدت هيفاء حاجبيها باستغراب: "ليه؟ كنتي مصممة تروحين والعناد راكب براسك.."

أخبرتها بكل ما جرى بالأمس، لترد هيفاء بعد تفكير: "تصدقين زوجة أبوك ذي المرة سوت خير.."

قاطع كلامهم رؤية شذى تنظر إليهما من بعيد، أو بالأحرى تنظر إلى لمار. كانت نظرتها مختلفة تماما عن تلك الودودة التي تلقتها منها عندما أعطتها الدعوة: "وراها تناظر لي كأني أعطيتها امتحان لغة هيروغليفية لازم تشتغل عليه في خمس دقايق؟"

هزت هيفاء رأسها بقلة حيلة: "عمري ما راح أفهم مصطلحاتك ذي.."

انطلق صوت زميلة لهم في الكلية رباب: "يمكن ست الحسن زعلانة لأن اللي فموالها ما صار.. إحمدي ربك ما رحتي الحفلة يا لمار. أنا مثلك اندعيت وما رحت، واللي سمعته عن اللي صار خلاني أحمد ربي إني بقيت." استطردت بسخرية: "شكلها قررت تنهيها على أكبر بلاوي يمكن تلاقيها وتبلي بنات الناس فيها بما أن تخرجها الشهر هذا، بس ربي ستر وما طاح فيها إلا هي."

أخذت رباب تتحدث عن كل ما سمعته عن حفلة الأمس، لتتسع الأعين بصدمة من هول ما سُمع.

=
=
=

دق قلب أسيل طبولا عندما رأت منال تجيب عن هاتفها، تنطق محيية باسم ذاك الذي احتل أفكارها، تودع أمها بقول أن أخاها في عجلة من أمره، واعدة لها بزيارة قريبة.

أيعقل أن يُحدث ذكر اسمه فيها كل هذا الاضطراب؟ أيعقل أن تعود مراهقة لذكرى محياه؟

قد كان شاهين أول من دق قلبها له، تراقبه كصبية ينتظر أخته ليوصلها حتى لو مشيا، تستمع لحكايا أخته المحبة عنه، تشهد نضوجه من فتى مغتر إلى رجل ذا هيبة وجاذبية طاغية تدير رؤوس النساء نحوه.

كم كانت خيبتها أليمة لمعرفة اختياره أخرى كزوجة، إلى درجة دفعتها بالقبول بأول من طرق بابها خاطبا بعد أن كانت ترفض، تنتظره لتقبل به. لا تذكر أن طلاقها قبل سنتين من هذا اليوم أحدث فيها نفس الخيبة. وكم بلغت من السعادة حد الهذيان لسماع خبر طلاقه بعد ذلك بقليل.

لكن، إلى متى ستنتظر؟

=
=
=

قال الخال سامر بعد السلام الذي أعلن حضوره إلى المقهى الذي أصبح محل اجتماعهما، يجلس في الكرسي المقابل له: "تأخرت عليك يا ولدي؟"

هتف الوليد: "لا أبد، توني وصلت. طمني عن أخبارك، من زمان عنك والله."

ابتسم الخال سامر بمودة ضاحكة: "أجل شوف لسفرياتك اللي ما تنتهي حل. ما صارت شغلة هذي اللي ما تخليك تقعد في البلد شهر حتى!"

ضحك الوليد عندها، فكما يرى ما زال تشكي الخال سامر من مهنته لم يتغير حتى بعد أن مرت سنة من تعرفهما على بعض.

يحمد الله على إعطائه هذه الفرصة في معرفة الخال سامر، ليكون له نعم مواسي له بعد فقده لأمه ومؤنسا للوحدة التي شعر بها بعد ذهاب ضياءها من حياته، فأبوه توفي قبل أمه بشهور وكان مقطوعا من الشجرة وأمه لا يُسأل عنها. فقط تبقت لها صلتها بالخال سامر، ابن جارتها القديمة وأخوها من الرضاعة، لتدل الوليد عليه عندما أحست بقرب أجلها.

(منذ الصغر، عرف أن أباه قد أجبر أمه على الزواج به، مغريا أبيها الطماع على الرغم من ُيسر حاله المادي بثروته الهائلة. لكن بعد زواجه من أمه، انخرط أبوه بسلسلة من القرارات أودت بفقدانه لثروته التي كان يفتخر ويتجبر بها، لينقلب ويبدأ في استنزاف كل فلس لدى أمه وإهداره بلا نفع.

منذ الصغر، كان الوليد شاهدا لتطاول أبيه على أمه بالكلام، وأحيانا باليد، يعايرها بسوء حاله بعد ارتباطه بها، بعائلتها التي باعتها مقابل أمواله، متناسيا أنه هو من سعى إلى الزواج بها، يسوقها مجبرة مهانة في ليلة يجدر بها أن تكون الأسعد.

موته حررها من قيد أصبح جزءا منها لسنين.

منذ الصغر، قطع الوليد على نفسه عهدا بألا يتزوج إلا بمن كانت راضية تمام الرضا بالارتباط به، بألا يجبر إحداهن على البقاء معه حتى وإن بلغ فيه حبها الشيء العظيم).

أعلمه الخال سامر عندما التقاه بنصيب أمه من ورث عائلتها الذي أنكرت وجوده لزوجها، ذاك الذي أودعته عند الخال سامر طالبة منه الاستثمار به، لعل وعسى سيثمر بشيء سيعين ابنها بعد رحيلها من الدنيا.

لم يتوقع الوليد حصوله على مبلغ بالضخامة التي لاقاها، وكم طلب من الخال سامر إثباتا على أن ما كان يريد تسليمه إياه هو حقه صدقا. إلى أن اقتنع، واقتنع أكثر بطيب أصل الخال سامر وثبات إيمانه، فكم من سنة مرت على وصية أمه تلك وما زال حافظا لها بالصون.

يذكر تأثره البالغ وهو يقول بصوت أثقله العرفان: "مدري كيف برد جميلك.."

ليرد الخال سامر بابتسامة دافئة الود: "ما عليه يا ولدي، احنا صرنا أهل خلاص."

(احنا صرنا أهل..).

ما أروع تلك الكلمات.

=
=
=

رمش جلال بعدم استيعاب لرؤية خاله شاهين موجودا في بيت جده في هذا العصر، إلى أن التفت له وسأله بحاجب مرفوع: "مضيع شي في وجهي؟"

هز جلال رأسه بـلا: "وأنا أقول البيت منور بزيادة ليه، أثاري أبو جلال مقرر ياخذ له إجازة اليوم!"

ابتسم له خاله بسخرية: "لساتك مصر على أحلام إني بسمي ولدي عليك أشوف.."

ليرد جلال بثقة: "مو أحلام، حقيقة. أبو نادر ذا اللي يعرفوك الناس فيه ما بيصير واسمي موجود ومتوفر. خلي بس تجي مدموزيل المستقبل وبتدرك الحق."

اكفهرت ملامح خاله بشيء من الضيق، ليكمل: "بصراحة تعبت من كثر ما أصد بنات الناس وأقول استنى خالي يتزوج ويجيب لي حرمي المصون."

كان هذا كفيلا بجعل ضحكة تفلت من خاله: "بايعها بنتي عشان أرميها عليك..؟" استطرد، ينظر له بمعنى: "أخبارك توصلني بالتفصيل من فادي.."

في خضم دفاعه عن نفسه، أدرك جلال أن خاله قد غير الموضوع.

=
=
=

قد يبدو عبد الرحمن للوهلة الأولى أنه "ولد عز" بكل ما في الكلمة من معنى، وربما كان كذلك، ولكنه أيضا كان متواضعا بشكل عجيب.

كانت صحبته مغايرة لما عهده سالم، لكنها لم تكن أبدا بالمزعجة أو الغير مرحبة.

لفت نظر عبد الرحمن الصحيفة المطوية على جهة سالم من الطاولة، ليجيب على تساؤله الصامت: "أدور لي وظيفة يا شيخ، شي يجيب الهم!" زفر بضيق، يبدأ بالحكي عن مأساته اليومية: "تخيل يكون عندك كل المؤهلات الكافية، بس نقطة إن ما عندك سيارة تخليك تنرفض. طيب يا عالم السيارة يبغالها فلوس، والفلوس يبغالها وظيفة، والوظيفة على قولتهم يبغالها سيارة.. حشى صارت دورة الماء في الطبيعة على غفلة!"

بدا على وجه عبد الرحمن التفكير العميق، أمر استغربه، فقد توقع الضحك أو التعاطف الساخر من تشكيه، ليقول ويفاجئه: "معك سيرتك الذاتية اللحين؟"

باستغراب هز سالم رأسه بنعم، يلتفت للملف الذي يحتوي سيرته الذاتية بكل تفصيل.

توقف عبد الرحمن مرة ليتمتم "ما شاء الله" بإعجاب، ربما على مؤهل الماجيستير الذي أخذه في تخصصه، المحاسبة. وخبرته في عمله في شركة مرموقة سابقا.

أخرج من جيبه بطاقة ليعطيها له وهو يسأل: "تعرف بنوك الجبر؟"

مرة أخرى هز سالم رأسه بنعم: "مين ما يعرفها؟"

-: "روح للفرع الرئيسي وأنشد عن شاهين. قل له جاي من طرف عبد الرحمن وعطيه ذي البطاقة وبيفهم السالفة."

اعترض سالم عندها: "ما اشتكيت لأني أبغاك تدلني على وظيفة!"

ابتسم له عبد الرحمن: "أدري. هذا رد جميل لأنك دليتني على المشكل."

لم يكن بوسع سالم إلا أن يضحك. أحيانا، فقط أحيانا، وجد عبد الرحمن غريب الأطوار: "مصطلح رد الجميل عندك اكسترا يا دحيم!"

في طريق عودته ظل يقلب البطاقة بين أصابع يده تارة، ويحدق بها إلى أن حفظ كل تفصيل فيها تارة أخرى.

لم لا يجرب؟ ليس خاسرا شيئا بأية حال.

=
=
=

هتفت هدى بفرح وهي تمشي جانبها في فناء المدرسة كالمعلمة المناوبة اليوم: "ما أصدق للحين إنك وافقتي على أخوي! أحس إني فحلم والواقع إنك لسى بتنشفي ريقنا بسكوتك."

قالت كادي بعد تحية طالبة مارة لها، شيء من الاحراج يتسلل إلى صوتها: "ما تعلي صوتك أكثر وتعلمي المدرسة بكبرها.."

ضحكت هدى غير مبالية بالنظرات الفضولية التي تلقتها: " وأنا شعلي من الناس؟ أهم شي فرحتي بدخلتك لبيتنا. أشهد إن أمي كانت فرحانة أكثر من العريس نفسه!"

لا تنكر، سبب كبير لموافقتها الزواج بأخ هدى، عبد العزيز، كان بسبب أهله وحبها لهم.

قبل أن ترد رأت طالبة تركض هاربة من أخرى تلاحقها، غير منتبهة للمسمار الصدئ الكبير الناتئ من أحد عواميد المنصة الخشبية المتهالكة. كم من مرة اشتكت كادي للإدارة عن وضع المنصة، لكن شكاويها لم تُسمع.

لم تحس بجسدها يتحرك ولا بأخذها الضربة بدلا من الطالبة، لم تحس حتى بالألم عندما اخترق المسمار ذراعها، إلا عندما سألتها هدى بجزع إذا كانت بخير.

=
=
=

استوقف عبد العزيز همس امرأة منزعج لحوح وصوتها الذي وجده أكثر من مألوف. اقترب منها يسأل بتشكيك: "هدى؟"

حتى مع عباءتها ونقابها، وضح عليها تنفس الصعداء: "جيت الله جابك! مدري وش فيهم الدكاترة هنا ما يعطوك وجه!"

سحبها له وراءها بهذه اللهفة أقلقه: "صار لأمي شي؟ أبوي؟ غازي..؟"

هزت رأسها: "لا، لا.. ولا واحد من ذول..!"

دلته على أحد الأسرة في القسم حيث كانت تجلس امرأة تمسك بذراعها وبادي من انحنائها في الجلوس الألم.

سأل: "وش صار؟"

أجابته هدى بدلا عن المرأة: "حادثة في المدرسة، قطعها مسمار كبير ومتصدي.." خاطبت المرأة بأمر: "وريه جرحك.."

لم تفعل، بل بدا كأنها تصم أذنيها عن أمر هدى. تشيح بالنظر بعيدا عنه ومتحاملة للألم: "قلتلك جيبي لي دكتورة.."

رد ببرود وآلية: "للأسف ما في دكتورة مناوبة ذي اللحظة. يمكن تنتظرين لك ساعة أو شي بس ما أنصحك، لأن كل دقيقة تتأخري فيها احتمال يسوء وضعك أكثر."

سمعها تهمس بغيظ بدورها: "امحق دكتور.."

تأففت هدى بسأم: "يلا كادي بلا حيا ماصخ!"

استوقفه الاسم، لكنه لم يكمل خيط أفكاره ذاك بسبب همس تلك الـ"كادي" بسخط: "قوليله يدور.."

خرج خارج محيط الستارة العازلة دون انتظار هدى لتنقل أوامرها، ليعود عندما سُمح له ويرى حرص زميلة هدى البالغ على عدم إظهار إلا المنطقة المصابة من ذراعها.

في سره، لم يستطع إلا الإعجاب بحيائها هذا.

توجه بمهنية ليرى تلك الذراع، ليجد أن الجرح لم يكن بالسيء، لكنه كان بإمكانه التسبب بشيء خطير، خصوصا عندما كان المسمار الذي سببه صدئ.

وبعدما أنهى عمله من تنظيف وتخدير وتخييط، وصف لها مضادات حيوية ومسكنات آلام، وأوصاها بمراجعته بعد أيام.

لم يدرك لحاق هدى به بعد مشيه مبتعدا إلا بعدما هتفت تناديه: "خير؟ ما بتروحين معاها؟"

ردت أخته بنفي: "أبوها أصر يجي يوديها للبيت." تنهدت بأسى: "امحق طريقة تتقابلون فيها.."

عقد حاجبيه بعدم فهم: "وش قاعدة تتكلمين عنه؟"

أجابته: "اللي عالجتها تو.."

أخذ لحظة ليتفقد ملفا لمريض: "مريضة وجت، وش لي فيها..؟"

الضحكة بدت في صوت أخته: "في ذي غلطان يا عزوز. المريضة على قولتك لك كل شي فيها، مو هي راح تكون حرمك المصون؟"

لو كان بوضع آخر، كان لينهر أخته عن منادته بذاك اللقب، لكنه هذه اللحظة لم يستطع سوى نطق "إيش؟" وهو يتوجه بنظره إلى ظهر من تبين أنها خطيبته المبتعد برفقة والدها.

انتهى البارت..~

bluemay 13-12-17 08:05 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


يا سلاااام يا رب دايما اتصبح ببارت منك إل في .


البارت اليوم جميل ورااايق ..

انبسطت لتوظيف سالم <<< ايوه خلاص مو صار الامر عند ابو جلال لووول

هيك رح اضمن تشابك الخطوط اكثر وقد يؤدي الامر لنسب عما قريب .


اما التقاء عزوز بكادي فنهفة ،، واتوقع هدى اللئيمة تحكيلها انه عالجها خطيبها خخخخخخ


شذى طلعت سيئة فعلا والحمدلله الله نجاهم منها .


اما زوجة راضي اللي ما حكيتي شو اسمها فيبدو انه زوجهم صوري

بس شو السبب؟؟


الاحداث كل مالها عم بتحلو ويا رب امورك تكون مسهلة وما ننقطع من ابداعك


تقبلي خالص ودي

أبها 13-12-17 11:31 AM

كل الشكر والتقدير ألفيورا

شذى ..مريبة في عزومتها .
و الحمدلله جت سليمة .لمار وصاحبتها لم تتمكنا
من الحضور لظروف قهرية .. أحيانا لا يدرك الصغار
نظرة الكبار الثاقبة لبعض الأشخاص الغير سويين .
و يكون اصرارهم على زمالة هؤلاء دمار لحياتهم ..

ابو كادي .. لا زال السبب الذي تزوج من اجله على منال
غامض و يحتاج توضيح .. هل هو رد دين لأبيها . أم وصية
منه شعر أنها قيدته و كبلت يديه ، و واجب عليه الوفاء بها ؟

عبدالرحمن .. طيب القلب و رقيق المشاعر فهل تقوده تلك
الصفات إلى شادية ؟؟


شكرا مرة أخرى ألفيورا .🌷🍃

samam 13-12-17 01:13 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبدعة كما عهدناك الفيورا
أتوقع ان زواج راضي بزوجته الثانيه زواج صوري خاصة مع تأكيد لمار ان كل ملابسها فضفاضة وبأكمام.
وعندي احساس غريب منذ الفصل الأول انو هذي الزوجة راح تكون من نصيب شاهين. أدري يمكن شطحت في التوقع :73: بس شو أعمل احساسي مصر على هذا الشيء. أما أسيل ما حبيتها :V8Q04529: وما أحسها تناسب شاهين ما أدري ليه.
في انتظارك حبيبتي وفي انتظار ابداعك.

د ا ن ة 13-12-17 07:33 PM

اسلوبك راقي وهادئ ..ارتاح عند قرائة رواياتك لانك ماتبالغين في اسلوب المكائد والحقد .. اعترف ان لي اسبوع من عرفت اسمك وقرأت هالرواية واعجبتني بدايتها ..ورحت ادور رواياتك وحملتهم خلصت وحدة وكانت بطلة 👍 والان بأبدأ بالأخرى ...





اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samam (المشاركة 3694554)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبدعة كما عهدناك الفيورا
أتوقع ان زواج راضي بزوجته الثانيه زواج صوري خاصة مع تأكيد لمار ان كل ملابسها فضفاضة وبأكمام.
وعندي احساس غريب منذ الفصل الأول انو هذي الزوجة راح تكون من نصيب شاهين. أدري يمكن شطحت في التوقع :73: بس شو أعمل احساسي مصر على هذا الشيء. أما أسيل ما حبيتها :V8Q04529: وما أحسها تناسب شاهين ما أدري ليه.
في انتظارك حبيبتي وفي انتظار ابداعك.




نفس توقعي بالضبط من أول بارت ..زوجة الأب أكيد للخال ..ماأدري ليش ..
لننتظر الباقي ونشوف ..

الفيورا 14-12-17 01:13 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يا حبي لكم والله. شرفتوني بتعليقاتكم الجميلة. ويا سلام، بدينا بجمع الرؤوس بالحلال :58: نشوف إذا توقعاتكم بتطلع صح..

الرابعة

=
=
=

لم يتوقع سالم ولا في أكثر توقعاته جموحا أن ذاك الشاهين الذي دله عبد الرحمن عليه كان ابن صاحب بنوك الجبر ذائعة الصيت وأحد المسؤولين البارزين فيها، ولم يتوقع أنه سُيؤخذ على محمل الجد من قبله، يسلط عليه نظرات وترته، وهو لم يكن من النوع الذي يتوتر عادة!

بدأ بذاك الموضوع الذي صرف النظر عن توظيفه مرات لا تحصى بحذر: "بخصوص طاري السيارة.."

أشر له شاهين بحركة غير مكترثة: "تقدر توصل على موعد دوامك؟"

هتف بحماس من دب فيه الأمل: "إن شاء الله بحاول!"

حتى لو اضطر للتخييم عند المحطات ليلا لحين استطاعته اصلاح سيارته، سيفعل.

ليرد ذاك منهيا للمقابلة وصادما له: "من بكرة تقدر تبدأ شغلك.."

=
=
=

عندما طلقها راضي، رفض بشكل قاطع أن تأخذ ابنتيها معها، وقال بصرامة موقف أمام والدها أنه سيسمح لهما بالزيارة والمبيت عندها متى أرادا، وأما أكثر من ذلك فلا.

لا تدري هل كانت حيلة لترجع إليه أم لا، لكن منال التزمت قرارها بالفراق على حساب انفطار قلبها على ابنتيها، على رؤية العتاب في نظراتهما.

سهرن ينخرطن في الحديث بين جنبات جناحها، مستلقيات على سريرها، لمار في جانبها الأيسر وكادي في الأيمن.

قالت منال ولوم أمومي يغمر صوتها: "إنتي آخر من يتكلم يا كادي! ليه ما قلتيلي إنهم سووا لك غرز أمس؟"

هتفت لمار قبل أن تستطيع كادي الرد، بسخرية ضاحكة تغيظ أختها الكبيرة: "بنتك صايرة سوبرمان على غفلة وتفزع لبنات الناس. تطورنا والله من أيام الخوف والوساوس..!" تساءلت باستظراف: "تظنين يمه إن الوحدة إذا انخطبت بيطير الخوف منها؟"

تنهدت منال بسعادة مرتاحة كلما تذكرت خطبة كادي وموافقتها هذه المرة: "أخيرا بشوفك عروس يا بنتي وتريحين قلبي عليك!" التفتت لابنتها الأخرى لتكمل: "عقبالك يا لمار.."

هذه المرة كانت كادي من ضحك بسخرية: "تخيلي بس لمار تتزوج! لمار! مين مقرود الحظ اللي بيتزوجها؟"

لترد لمار بثقة مضحكة: "واحد داعية أمه له ويذوب في هواي!"

ضيقت كادي عيونها بشك: "بديتي بأحلام اليقظة يا بنت؟"

وهكذا انخرطا في جدال ومشاكسة كان وقعها عذبا على قلبها.

=
=
=

لاحظ جلال شابات متزينات يخرجن من البيت وهو داخل. لم يخفين نظراتهن المعجبة وهن يتباطئن في ركوب السيارات الفارهة المتوقفة من أجلهن.

حال معرفته بإنتهاء ترانيم من استضافة ضيفاتها، اتجه إليها والضيق السخط مرتسم على ملامحه: "وإنتي إلى متى بتصاحبي هالأشكال، معقولة تطيقيهم؟"

كشرت ترانيم باستنكار: "طبعا لا، بس هم بنات صحبات أمي ومن نفس محيطنا. لازم أجامل.."

اعترض: "لا، أبدا مو لازم. شوفيني ما أصاحب إلا اللي أبغى وما اهتم."

ردت عليه دون اكتراث، تصعد إلى غرفتها: "إنت حر بخياراتك. بس أنا ما بخاطر بوضعي وصورتي عشان تحفظاتي.."

تنهد جلال بأسى غير راض عن نظرة أخته الصغيرة للحياة وتطبعها لأسوأ طباع أمه.

قد كان مثلها في صغره، إلى أن كبر واختلط أكثر بجده وخاله، إلى أن أجبره أباه على الاختلاط بالناس من شتى الخلفيات الاجتماعية، فكيف سيكون رجل أعمال وتجارة إذا لم يفهم الناس؟ ما زال في خضم تغيير أفكاره، لكنه يريد التعلم بصدق، يريد أن يرى صورة غير صورة المجتمع المخملي الذي ولد فيه.

يعرف أن معدن ترانيم طيب صاف، لكن للأسف لم يكن لأخته قدوة سوى أمه، ولم يأتي ما يوقظها لتنفض غبار فكرها هذا.

=
=
=

طفح كيل كادي من نغزات ولمزات هدى المغيظة، وعندما أتت تلك الفرصة النادرة واختلت بهما غرفة المعلمات استحثتها: "انطقي يلا! من يوم ما رحنا المستشفى ذيك المرة وإنتي تتصرفين بشكل غريب."

ابتسمت هدى ابتسامة عريضة مغيظة بالمعاني المخفية فيها: "ما الغريب إلا اللي يستحي وذراعه مقطعة وتناقط دم.. ومن مين يا حظي؟"

قالت باتهام: "هذا اللي أقصده، تلميحاتك ذي!"

بدت هدى كأنها بالكاد تمنع ضحكة من الافلات: "عشان كذا كان لازم تعجلوا بالشوفة."

زفرت كادي بسأم: "خلصيني يا هدى!"

رفعت هدى يديها كإشارة لكي تهدأ: "طيب طيب لا تأكليني..!" صفت حلقها للحظة، كأنها على وشك إعلان فائز بالأوسكار، قبل أن تكمل: "الدكتور اللي عالجك أخوي.."

كررت كادي لتستوعب: "أخوك..؟"

هزت هدى رأسها برضا: "نعم، أخوي. وطبعا ما أقصد غازي البزر اللي بأولى ثانوي. أقصد الكبير، اللي كان يدرس برى ورجع يشتغل هنا، اللي طولتي عليه بالرد.."

دافعت كادي عن نفسها لحظتها: "كلها ثلاثة أسابيع."

لترد هدى بوجوم طريف: "ثلاثة أسابيع قضيناها في حالة استنفار بسبة حضرتك!"

قالت بتفكير: "اللحين ذاك كان عبد العزيز..؟"

أومأت هدى بحماس، تميل مقتربة في جلستها بترقب: "نعم نعم! وش رأيك فيه؟ يمشي الحال ولا..؟"

قطبت حاجبيها: "تصدقين، مقدر أقول.. ما شفته زين.."

هتفت هدى بأسى وهي تعود بظهرها للوراء بخيبة: "انقلعي يختي، انقلعي! حمستيني عالفاضي!"

=
=
=

كلما غابت ابنتاه عنه لزيارة أمهما، بدا أبو كادي كأن روحه سُلبت منه، مهملا نفسه بالكلية، وعيونه تحكي قصة وحشة موجعة وألما لا ينضب.

تمنت لو أن ابنتاه عجلا في عودتهما، فإهمال أبيهما لنفسه تجاوز الحد هذه المرة، إلى حد نسيان أدوية مرضه حتى..

سألته تتحقق حالما رأت إمارات الألم ترتسم في ملامحه على مائدة الغداء: "أخذت دواك..؟"

لم يجبها.

تنهدت ونهضت لتحضر أدويته.

ذكرته وهي تناوله إياها: "لا تفجع بناتك فيك.."

لم يبد للحظة أنه سمعها.

=
=
=

كررت لمار بتفاجؤ: "أسيل؟"

لترفع أمها حاجبا باستغراب منها: "ليه تقولينها كأنها مو عاجبتك..؟"

عندما تطرق الحديث وتشعب حتى وصل إلى من كانت أمها تريد تزويجها بخالها شاهين، لم تتوقع لمار أن أسيل ستكون مرشحة أمها الأولى والوحيدة: "مو إنها مو عاجبتني، بس أحسها ما تنفع له. يعني تعرفين خالي ما ياخذ ويعطي مع أي شخص ولازم الشخص ذا يسترعي انتباهه ولا بيطفش.."

سألتها أمها تستحثها: "وتظنينه بيطفش من أسيل؟"

لم تجب، فالخادمة أتت تعلن وضع العشاء لتتشتت جلستهما.

لحسن حظها، صدقا.

فكيف عساها تقول نعم، تظن أن خالها سيضجر بمن اختارتها له.

=
=
=

اكفهرت ملامح الذي فتح الباب له لحظة رؤيته: "وش تبغى يا نواف؟ ردي مثل ما هو، ما أعرف عنها شي."

لم يكترث أبدا للضيق البادي في وجه الرجل أمامه، حامد الطيب، فلِم يكترث لضيقه وهو لا يكترث للرجل أصلا، فقط احتمالية علمه بمكانها؟: "أعرف إنك تدري وينها فيه وصدقني لما ألقاها بتندم إنك خبيتها عني..!"

شخر حامد بسخرية ذكرته للحظة بها: "والله إنت اللي طلقتها، لساتها الورقة عندي إذا مو متذكر.."

استشاط غيظا: "ما طلقتها إلا لما جات عندك وصرت وسيطها!"

بعدم خشية منه قال: "أقصر شرك وارجع لمرتك وأولادك الصغار واترك المراكض ورى وحدة عايفتك وبتظل عايفتك.." وأقفل الباب في وجهه بعد انتهائه من نطق سموم كلماته..

بجنون ضرب نواف بقبضة يده على الباب المعدني، لايحس بألمه الجسدي حينما كان المعنوي يكاد يفتك به.

لم يدرك قيمتها إلا بعدما تركته.

يعترف أنه تزوجها لتعزيز شخصه وكيانه بعدما همشته زوجته الأولى رؤى وعائلتها واسعة النفوذ تهميشا، ليقهرها ويثبت لها أنها لم تحكم سيطرتها عليه.

يعترف أنه قسى عليها، بل فرغ فيها طاقات قهره المكبوتة تحت اضطهاد عائلة رؤى وحاجته لدعمهم لمشروعاته.

ويعترف أنه شعر كإنسان مرة أخرى بسببها، بكل مافي الكلمة من سلبيات وإيجابيات. بسببها تعززت ثقته حتى وصل ما قارب أهل رؤى مكانة وثراء، حتى لم يعد يخضع لسطوتهم بذات الانصياع.

عندما تركته وطلبت الطلاق، كابر وأعطاها مطلبها بعد ضغط عمها حامد.

لكن شيئا فشيئا، عندما عاد مُحتكرا لرؤى فقط، أدرك أنه صار كطائر حبيس قفص بدونها هي، أدرك مدى ولعه بها، مدى جنونه المطلق بها.

بدأ يقف على عتبة باب حامد، وكل مرة كان يجيبه بأنها لا تريد رؤيته. بلغ به سوء حاله أنه حاول اقتحام البيت عنوة، ليكتشف أمره حامد ويشتبكا في عراك عنيف.

عندما عاد بعد أيام من تلك الحادثة يسأل عنها، أخبره حامد بكل بساطة أنه لا يعرف أين هي. ولسنوات تتلي سنوات، جوابه هذا لم يتغير.

دخل إلى سيارته، يسند رأسه على المقود بتعب، ناظرا إلى السوار في قبضة يده، ذكراه الوحيدة المتبقية منها.

"يا روح نواف وين رحتي.. وين رحتي؟"

=
=
=

كانت تتأكد من مظهر أختها الصغيرة سمية على عتبة الباب، تتأكد أنها تبدو بأبهى صورة قبل أن تلبس عباءتها وتذهب لزيارة صديقتها.

أتى صوت جلال متهكما: "حشى عرض أزياء على غفلة؟ خنقتي البنت تقييم!"

نظرت إليه ترانيم بامتعاض: "اسمعوا مين يتكلم! اللي يقعد ساعة يشخص نفسه لو يروح بقالة."

ضحكت سمية عندها وابتسمت ترانيم بانتصار. اثنان ضد واحد.

قال جلال بتمثيل غضب موجه لسمية: "أم الخيانة يا شيخ. أداري راحتك وتضحكين علي مع العدو..!"

=
=
=

تعجبت شادية عندما رجع عمها في وقت أبكر من المعتاد بكثير. كانت العاشرة صباحا عندما سمعت صوت الباب يُفتح ويدلف عمها داخلا، سعادة عظيمة تشع في عيونه.

أعلن بصوت مرتفع بادئ الأمر ليخفضه حال ملاحظته لجدها نائما على بسطته تحت النخلة الكبيرة في حوش البيت: "أبشرك..!"

ابتسمت فحماسه وسعادته بعثا فيها سرورا رغما عنها: "خير يا عمي..؟"

أتراه قد..؟

لم تسنح لها الفرصة لإكمال تساؤلها قبل أن يكمل: "لقيت وظيفة!"

ازداد سرورها أضعافا: "أخيرا! لا اليوم لازم نذبح لنا ذبيحة خليني أتصل بأم صيتة تجهز لي.." لتقاطع نفسها بزجر: "لا، لا. خليني أتصل بغالية أول أبل ريقها بذا الخبر الزين!"

وقبل أن تفعلها حقا وتتصل بها، منعها عمها من ذلك: "لا تقوليلها.."

الجدية في ملامح عمها جعلها تنطق: "ليه، ما بترجعها؟ خلاص لقيت وظيفة.."

الضيق بدا في محيا عمها: "مقدر أرجعها. على الأقل مو اللحين، السالفة مو بسيطة كذا.."

مطت هي شفتيها بعدم رضا: "طيب فهمني، وش اللي يخليك تتم على وضعك هذا؟"

تنهد، قبل أن ينظر في جهة معينة، جهة تعرف أنها تجاه بيت آل عمير، بيت والد غالية، والبيت الذي تسكن غالية فيه حاليا: "أبي أرجع كل اللي باعته عشان تسدد ديوني، أبي أعوضها ذهب على صبرها علي، أبي أخطي عتبة باب بيت أهلها ومعي ضعف مهرها. بس ذا يبغاله وقت وأنا توني توظفت، لسى حتى ما أخذت معاشي الأول."

غالية كانت حب صبا عمها، تلك التي كانت مشاكستهما وعراكهما معروفة في القرية كلها كأطفال. قد قال أبوها لها بتسلية يوما أن اليوم الذي تغطت غالية فيه عن عمها سالم كان يوما مشهودا، فعمها بقي صامتا مكفهر التعابير غير مستوعب لفكرة أنه حُرم من رؤية غالية التي كانت رفيقة الجدالات والعراكات المفضلة، التي لم يسمح لأحد غيره بمس طرف منها.

مضت السنين والكل كبر، وحالما توظف عمها وأسس نفسه، تقدم خاطبا لغالية دون غيرها من فتيات القرية وتزوجها، ليمضيا سنة في حب يشهد الكل له.

لكن، أتى أمر طرد عمها من عمله السابق كصدمة، خصوصا وأن رئيسه في القسم أخبره أن طرده لم يكن بسبب تقصير منه، بل لأن الشركة كان يجب عليها التضحية ببضع موظفين حتى تتكيف مع الحال الخامل في السوق. زاد هم عمها ظهور كل من كان مديونا له من كل حدب وصوب مطالبين بأموالهم ومهددين بالقضاء. لشهور خبأ خبر طرده ومعاناته مع ديونه عن الكل، يحاول بكل ما يستطيع التصرف كأن شيئا لم يكن، يوازن ما بين محاربة حالة الاكتئاب التي غمرته جراء فقدانه لعمله وإيجاده وظيفة أخرى، إلى صرفه عليها وأبيه وغالية، إلى محاولة تجميع المال لإسكات أكثر الدائنين إلحاحا. لكن، سرعان ما اكتشفت غالية الأمر وقررت التصرف وبيع ما تملكه من ذهب ودفع ما لديها من أموال لتسديد ديونه.

ثار عمها عندما علم بما فعلته، واشتد الجدال بهما إلى أن قررت غالية المبيت في بيت أبيها وتركه حتى تصفو الأذهان، غير دارية بما سيحدث بعدها. فعندما هدأ عمها من ثورته وغضبه، طرق باب حماه معتذرا طالبا عودة غالية له.

لا تعرف شادية ما الذي قاله أبو غالية لعمها، لكنها تعرف أن كلماته كانت كفيلة بطعن كبريائه، بجعل عمها يقطع عهده ذاك على نفسه، أنه لن يُرجع غالية له إلا بعد أن يجد وظيفة أخرى، بعد أن يعود جديرا بها مرة أخرى.

مضت شهور ثلاث منذ ذلك اليوم، وكل يوم ترى شادية عمها يحارب نفسه حتى لا يطرق بيت آل عمير، حتى لا يتصل بغالية، حتى لا ينشد أخبارها منها.

ما لا يعلمه أن غالية ماثلته في المعاناة، لكن على عكسه فإنها كانت تسأل شادية عنه باستمرار، وتعبر عن اشتياقها له بكل عفوية، عن ندمها بخطوها خطوة واحدة داخل بيت أبيها، فعمها عنيد ومجروح الكبرياء، أبدا لن يرجعها له إذا لم يحقق هدفه، مهما تطلب الأمر من وقت.

تنهدت شادية، فعلى ما يبدو ستشهد استمرار هذه المسرحية البائسة لوقت أطول.

انتهى البارت..~

bluemay 14-12-17 02:08 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

ههههههه وصدق حدسي وهدى غاظت كادي بإنه الطبيب خطيبها لووول

نواف الشخصية الجديدة هل هو زوج زوجة راضي اللي حتى الآن لا اعرف ماسمها >_<

اتوقع السيناريو كالتالي راضي عنده دين لحامد عم ليال < لاتسألوني مين هي ، هاد اللي طلع معي مشان الحبكة

المهم ولأجل رد جميله اتزوج ليال واضطر يستر عليها، رغم ما اصابه من فراق لمنال وتبعاته.
بس يا ترى هل ليال رح تقبل بنواف بعد تغيره،
انا لو مكانها ولا بحلم بظفري، مشان يتعلم ويتربى خليها جمرة بقليه خرجه الله لا يقيمه.

بتمنى اكون اصبت في هالنقطة ومش فشنك ع قولة الزوري ..

الا صحيح وين زارا ؟!!!


انا مع راي انه اسيل مش لايقة بشاهين ، و لمار احس انه ممكن تكون من نصيب جلال او الوليد

يسلمو ايديك يا قمر

كلي شوووق لمتابعة الآتي

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 15-12-17 07:36 AM

و بدت الحكاية تحلى أكثر ...

و عرفنا سر سالم و غالية .. أكثر ما يهد الرجل أن يعيّر بأنه غير صالح لفتح بيت و إعالة زوجة
سالم واضح إنه ذو كبرياء رفض رجوعه لغالية إلا بعد ما يعوضها عن ما ضحّت فيه من أموال ..

🤔 من هو نواف ؟

هل هو فعلا زوج زوجة راضي الأسبق مثلما خمنت بلومي ؟ ما شاءالله توقعات و تخمينات بلومي مية مية 👍🏼
وعلى كذا يكون راضي عارف نواف و عارف مدى حب زوجته له و حبه لها و اصراره إنه يرجعها
و هذا اللي أثّر على علاقتهم فأصبحت باردة !

أنا بعكس بلومي لو مكان ( ليال ) على قولة بلومي☺ لو شفت إن زوجي مستميت إنه يرجعني و نادم على أخطائه .. راح أرجع
و على وصية كبيرات السن عندنا ( أخذي اللي يحبك و لا تاخذين اللي تحبينه يذلّك )

ترانيم ..شخصية سطحية أرجو ما تأثّر على أختها الصغيرة و تنقل لها العدوى ..


شكرا ألفيورا استمتعنا جدا في هذا الجزء .🍃💐

bluemay 15-12-17 08:04 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3694663)
و بدت الحكاية تحلى أكثر ...

و عرفنا سر سالم و غالية .. أكثر ما يهد الرجل أن يعيّر بأنه غير صالح لفتح بيت و إعالة زوجة
سالم واضح إنه ذو كبرياء رفض رجوعه لغالية إلا بعد ما يعوضها عن ما ضحّت فيه من أموال ..

🤔 من هو نواف ؟

هل هو فعلا زوج زوجة راضي الأسبق مثلما خمنت بلومي ؟ ما شاءالله توقعات و تخمينات بلومي مية مية 👍🏼
وعلى كذا يكون راضي عارف نواف و عارف مدى حب زوجته له و حبه لها و اصراره إنه يرجعها
و هذا اللي أثّر على علاقتهم فأصبحت باردة !

أنا بعكس بلومي لو مكان ( ليال ) على قولة بلومي☺ لو شفت إن زوجي مستميت إنه يرجعني و نادم على أخطائه .. راح أرجع
و على وصية كبيرات السن عندنا ( أخذي اللي يحبك و لا تاخذين اللي تحبينه يذلّك )

ترانيم ..شخصية سطحية أرجو ما تأثّر على أختها الصغيرة و تنقل لها العدوى ..


شكرا ألفيورا استمتعنا جدا في هذا الجزء .🍃💐

هههه


الله يسعدك يا أبها ... واشكرك لإطرائك

ويشهد الله علي يا إلفي لو صحت توقعاتي، انه توفيق من الله والا انا ما بحب احرق المفاجآت وبستمتع بالصبر عليها

واللي كان متابع تعليقاتي بروايات ميشو بعرف قد شو بالي طوييييييييل

فأنا متلي متل البنات ماقرأت الا اللي نزلتيه هون بقصص من وحي قلم الاعضاء

مشان ما يدخل شك لنفسك انه عم بستغل منصبي معاذ الله.


نرجع لتعليق أبها ،، بصراحة ما خطر لي انه راضي ممكن يكون بعرف نواف وهاد سبب زواجه الصوري من ليال. <<< احلى شي خلاص سميناها وريحنا إلفي لووول

عجبني المثل كتير ومعك حق فعلاً لو اخدت اللي بحبه بنذل.

معناته القرار بيد ليال لو حبت ترجع لنواف او تضل حجر عثرة بطريق سعادة راضي ومنال.


عوافي إلفي ومتابعاتها الجميلات

مع خالص ودي

الفيورا 16-12-17 01:44 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الله! وش السيناريوهات الفتنة اللي أشوفها هنا؟ إبداع وربي. أهم شي إنكم سميتوا زوجة الأب واسم حلو بعد! تسلمولي يا حلوات على التفاعل :) (وبلومي لا تخافي أعرف إنك مو قاعدة تغشين لأن اللي حطيته لسى ما جا لنقطة اسم زوجة الأب ولا قصتها..)

الخامسة

=
=
=

ديوانية أم سطام، محل تجمع نساء القرية وتبادل الأخبار بينهن.

تذكر شادية أول مرة دخلت فيها هذه الديوانية وانبهارها الشديد بكل ما فيها من أثاث وضيافة وجموع النساء. كانت في الخامسة عشر، تلتزم جانب عمتها غزيل التي تولت الاعتناء بها بعد وفاة والديها في بيت الجد، إلى أن تزوجت بضابط يعيش في الخبر وأصبحت تزورهم بانقطاع.

عرفتها عمتها بهمس طريف على كل من في الديوانية وبأطباعهن المشهورة، وعلمتها التعامل مع كل واحدة منهن، حتى أصبحت شادية في الثالثة والعشرين مشاركة مخضرمة في الديوانية تعلم المبتدئات كما فعلت عمتها معها.

دخلت لترى أنها كانت مبكرة، فلا زال هناك عدد من مرتدات الديوانية لم يحضرن بعد. جالت بنظرها على الحاضرات لترى أم سطام تجلس في رأس الديوانية كالعادة، ترفع صوتها بالترحيب بالكل.

أم سطام، زوجة أكثر رجال القرية ثراء، إنسانة مدمنة للتجمعات والصخب، لا يخلو مجلسها من ضيفة ولا حديث، حلوة المعشر وصافية الروح.

بجانب أم سطام كانت تجلس أم ضاري، جارتها وصديقتها منذ عقود. كانت أم ضاري النقيض التام لأم سطام، إنعزالية مُرة المعشر سليطة اللسان. لا تعرف شادية كيف صمدت صداقة المرأتين كل تلك السنوات وأطباعهما بذاك الاختلاف.

أبخرة البخور تصاعدت أمامها، ورأت شادية أم مزون تبخر الديوانية غير سامحة لأخرى غيرها بفعلها، كعادتها المحبة لإقحام نفسها في كل عمل حولها. تزوجت أم مزون سطام، بكر صاحبة الديوانية الذي رجع من سفره وتزوج بعد غياب سنوات، ليقيم أبوه حفلة دام ذكر ضخامتها وبهرجتها في القرية حتى بعد خمس سنوات من إقامتها.

سمعت تحلطما، وحاولت شادية منع نفسها من الانطلاق بالضحك لرؤية جارتها أم خليل تعاني في تهذيب صغارها المشاكسين دون جدوى، فلا شيء يستطيع الوقوف أمام ثورة هؤلاء الأشقياء بالذات.

دوت ضحكة مجلجلة في الديوانية، وعرفت شادية دون النظر أن أم صيتة قد وصلت برفقة بناتها، فتون وسميرة. أم صيتة التي أنعم الله عليها بورث من "الحلال" يُنشد من أقطار البلد كافة، مفتخرة بكونها المتكفلة بالذبائح لأي مناسبة حدثت في القرية.

وعندما التفتت بالنظر، رأت بطرف عينها بنات أم ضاري سلمى ومناير يتهامسن على موضوع تعرف شادية أنه حولها.

منذ فترة وهي لا تحضر تجمعات الديوانية. شرطها الذي قيدت فيه ارتباطها بزواج بعث في النفوس التحفظات، فليس الرجال وحدهم من استنكر رفضها، بل أقربائهم من النساء أيضا.

تجاهلت شادية نظرات سلمى ومناير، تتشاغل بفنجان القهوة الذي قُدم لها. يبدو أن رفضها لأخيهما عوض ما زال مرا.

-: "وش سارحة فيه واحنا تونا على الجلسة؟"

ابتسمت لسماع ذاك الصوت المألوف: "هلا وغلا! تو ما نورت الديوانية!"

صدقا، فاجأها حضور غالية الليلة، فهي مثلها كانت تتجنب الحضور لما ستتلقاه من لمزات حول الفصال بينها وبين عمها، فقط لأنها لن تستطيع التحكم بأعصابها وستفتعل مشكلة.

أخذت غالية مكانا جانبها، تبعد خصلا من شعرها وراء أذنها بتأفف، ورنين بناجرها البراقة يصدح مع كل حركة: "ما جيت إلا لأنك قلتي إنك جاية، وقلت أفزع لك."

ضحكت شادية، فعلى الرغم من مظهر غالية شديد الأنوثة، إلا أن كونها الوحيدة بين خمسة إخوة رجال وتطبعها بأطباعهم يتسلل أحيانا في حركاتها وكلامها: "وأحلى فزعة والله." غمزت بمكر: "لكن بصراحة.. أشك إنك جاية عشان تفزعين لي وبس."

"صدقي اللي تبينه." مثلت غالية برودا تعرف شادية أنه سيتلاشى بعد لحظات، تنظر بتشتت إلى أظافرها المطلية بالأحمر القاني: "سمعت إنه توظف.."

صحيح أن عمها منعها من إخبار غالية، لكنه لم يحسب حساب أن يكون لغالية علم بأخباره من مصادر أخرى: "إيه، توظف في بنك.."

تهللت أسارير غالية بالفرح، ليس لكسب زوجها وظيفة وحسب، بل كسبه راحة البال التي سلبت منه منذ فقده وظيفته. فرحة لانفراج محنة عن محبوبها.

لكن سرعان ما اكفهرت ملامحها بالسخط: "وراه إن شاء الله لساته قاعد ما جاء؟ ينتظر إيش حضرته؟!"

أسكتتها شادية بسرعة عندما اتجهت أنظار النسوة نحوهما، فلا ينقصهما كلام آخر يُحاك عنهما. همست بحدة: "لا تفضحينا بين العرب! خلي سالفة عمي لبعدين لما أجي عندك.."

عندها تذكرت غالية موضعها لتصمت على مضض، تأمرها: "تعالي الصبح بدري. ما راح تروحين إلا لما يكون عندي التفاصيل كلها."

تنهدت بقلة حيلة: "حاضر عمتي." منعت ابتسامة من الإفلات، لأنها تعرف مدى كره غالية أن توصَف بـ"عمتي" من قبلها.

ضربتها تلك بخفة على كتفها: "عمتي فوجهك، ما الفارق بيننا إلا كم سنة!"

من يرى تعاملهما مع بعضهما سيظن أنها وغالية صديقات منذ الأزل، لكن الحقيقة كانت أن كلاهما لم يختلطا ببعض إلا بعد زواج عمها بغالية وسكن غالية في ملحق البيت. قبل ذلك، عرفت غالية فقط من خلال الحكايا التي كان يحكيها عمها لها، ومن رؤيتها في تجمعات الديوانية. كان انطباعها عن غالية أنها شابة نزقة سريعة السخط والهياج، متهورة لا يحكم عقلها لسانها. لكن عندما تعرفت عليها أكثر تبين أن مع كل مساؤها تلك، كان لديها قلب صادق شديد الوفاء والولاء، وعدم رضا بالسكوت عن ظلم، وعندما يقتضي الأمر، صبر عظيم وإيمان راسخ. تعرف أن كثيرات في محلها كن ليطلبن الطلاق، لكنها لم تفعل ولا مرة.

(أجابتها مرة عندما سألتها: "إذا ما صبرت معاه ذا الوقت، متى أصبر؟")

شيئا فشيئا، اكتمل عدد الحاضرات وصدحت أصوات أحاديث النساء في الأرجاء، إلى أن وقفت أم ضاري واسترعت الانتباه والصمت المتسائل.

من النظرة المتقصدة التي ألقتها جهة شادية، خمنت ما كانت تعزم إعلانه.

وصدق إحساسها، فأم ضاري أعلنت أن الخميس القادم سيُقام عرس ابنها عوض في قاعة القرية الأثرية وكل الحاضرات مدعوات. وبدورها أعلنت أم صيتة أن العزائم جميعها عليها.

تجاهلت شادية النظرات التي وُجهت تجاهها، تسمع لهمس غالية الساخر جانبها: "يعني نلطم الخدود ونشق الجيوب لأن عوض بيعرس؟ أبركها من ساعة يا شيخة وفكة من وجهه النحس..!"

صحيح أنها لم ترد حقا الزواج بعوض لأسباب لا تتعلق بشرطها حتى، لكن رؤية شابات القرية يتزوجن واحدة تلو الأخرى تاركات لها خلفهن أحبطها.

انتهى مجلس الديوانية على ذلك الإعلان، وأخذت كل حاضرة تجهز نفسها للخروج.

قالت لها غالية وهي تمشي جانبها تحت ضوء الشمس الخافت في المغيب: "بيجي يوم ونفرح فيك إن شاء الله. لا تفكري تتنازلين وترضي بشي مو مقتنعة فيه.."

ابتسمت وراء غطاء وجهها: "لا تحاتين، لساتني بيباس راسي."

بإذن الله، سيأتي دورها يوما ما.

=
=
=

قلبها دق طبولا عندما دخلت قسم الطوارئ. أخبرت كادي نفسها مرارا وتكرارا أنها هنا فقط لمراجعتها، وليس لأهداف أخرى.

(إذا، لم شعرت بالخيبة عندما قيل لها أن الدكتور عبد العزيز لم يكن متوفرا حاليا؟)

الفضول ربما، فأي شابة في مكانها كانت لتشعر بنفس الشيء.

=
=
=

بدا على ملامح الطبيب المناوب التفاجؤ لرؤيته: "دكتور عبد العزيز؟ مو إنت قلت بتتأخر لساعات؟"

رد وهو يلبس معطفه الطبي بعجلة، أبدا لا يحب التأخير في عمله: "فرجت على الأخير ولقيت أحد يوصلني.."

أعطاه ملف مراجعة: "إذا كذا روح عندك مراجعة. كنت بعطيها لدكتور ثاني، بس ما دامك جيت فخلاص ماله داعي.."

عندما قرأ الملف وعرف من كان يخص، احترق غيظا لفكرة أن يتولى أمر المراجعة طبيب غيره.

وحقا وجدها، تلك التي خطبها وأضنته انتظارا لموافقتها.. وكانت لوحدها هذه المرة. أتراها عرفت؟

سألها، بنبرة سيلحظ من يعرفه أنها كانت أدفأ من المعهود عنه: "أخبار الجرح؟ آجعك كثير..؟"

أجابته، ولاحظ التوتر في صوتها: "مو بالمرة، في البداية بس.."

طلب منها عندها بلطف: "وريني ذراعك.."

لحسن الحظ لم تماطل هذه المرة ومكنته من رؤية جرحها بعد أن جهزت نفسها كزيارتها الأولى. وضع جرحها كان مطمئنا ويلتئم بصورة جيدة.

كطبيب، فإنه منذ عهد تعود على رؤية كل من يعالجه بصفة مريض فقط، لا فرق في العمر أو اللون أو الجنس. مهما حدث، لم ينس مهنيته ومسؤوليته..

لكن الآن، بعد معرفته أن هذه الشابة أمامه كانت كادي، خطيبته، أنه كان ينظر إلى جرح أفسد صفاء بشرة ذراعها.. لم يستطع رؤيتها أبدا كمريضة فقط، لم يستطع التجرد تماما من عبد العزيز الرجل مقابل عبد العزيز الطبيب في تعامله معها.

عندما انتهى من عمله، قال قبل أن تنهض: "أبي أشوف وجهك.."

عيونها التي أظهرتها فتحة النقاب حكت عن صدمة، لكنها سرعان ما تخطت ذلك وأجابته باقتضاب خجول: "الشوفة بعد أسبوع.."

تركها تذهب وابتسامة تشق طريقها إلى شفتيه من ردها.

"بعد أسبوع، ها..؟

نشوف.."

=
=
=

وجد سالم ينتظره في طاولتهما المعهودة عند دخوله المطعم، وحال جلوسه في مقعده، هتف: "تصدق إني خبل؟"

رمش عبد الرحمن بعجب، غير مستوعب لإهانة من أصبح صديقه لنفسه: "إيش؟"

استطرد الآخر، مفسرا: "إنت من أول قلت إن الجبر اسم عايلتك، بس أبد ما حطيت في بالي إنك من ذيك العايلة بالتحديد!"

ابتسم عبد الرحمن، إذا ذهب سالم وجرب حظه: "بشر؟ انقبلت؟"

ضيق سالم عيونه: "تسألني وإنت معطيني أكبر واسطة تمشيني؟ أكيد انقبلت!"

ضحك: "لو كنت أبي أعطيك واسطة تمشيك كان وجهتك لأي مسؤول ثاني مو شاهين. صح إن طريق شاهين أسرع من الصفوف المتروسة عند المسؤولين، بس أبد مو سهل. عنده معايير عالية بزود وما يقبل بأي شخص.. إنه قبل فيك معناته إن عندك اللي يدور عليه.."

بدت راحة غامرة في ملامح سالم بعد سماع رده، لمعرفته أنه لم يُوظف إلا بسبب مؤهلاته. ابتسم ابتسامة بالغة العرض: "عشان كذا موظف الاستقبال كان متعجب حده لما قلت إن عندي مقابلة مع ولد عمك ذاك."

صدق احساسه أنه شخص نزيه، عزيز النفس. أصاب عندما قرر مساعدته.

=
=
=

أخيرا سمحت للوليد الفرصة بزيارته في بيته وضيفه سامر كما يريد ويرتاح به. قد سئم سامر من لقاءاتهم في المقهى، مفضلا كنف بيته الدافئ. لكن لسوء الحظ لم يكن بوسع الوليد سوى لقائه هناك.

سأله جلال عندما خرج الوليد مودعا واعدا له بزيارة أخرى بعد إلحاح سامر: "اللحين هذاك ولد عمتي من الرضاعة..؟"

أومأ له سامر بنعم: "ما بتتصور فرحتي بلقياه. كنت أحاتي أمه وانقطاع أخبارها عن الناس.. الله يرحمها.."

ردد جلال ترحمه، ليسأل بعد لحظة صمت: "جا يخطب ترانيم؟"

تنهد، غير متعجب لسؤال ابنه، فأي شاب يزور مجلسه هذه الأيام كان من أجل التقدم لخطبة ابنته: "لا.. بس لو جا عندي خاطب ما برده.."

رفع جلال حاجبه بعجب: "هذي نبرة جديدة.."

ابتسم بتهكم: "يمكن.."

أو من الممكن أن الكيل طفح به.

=
=
=

تثاءبت بعد جلسة مذاكرة مكثفة، وخرجت من غرفتها تبتغي كوب قهوة "يعدل المزاج".

وجدت زوجة أبيها في المطبخ عندما دخلت وبيدها كأس ماء، وترددت لحظة على عتبة الباب قبل أن تكمل ما كانت بهم فعله.

كثيرا ما وجدت نفسها مع زوجة أبيها في ظل غياب أبيها وكادي في أشغالهما ودوامها المتقطع في الجامعة. كل مرة تلاقت معها في ظل تلك الظروف، كانت تتجاهلها والأخرى تردها بدورها.

لكن.. منذ أن منعتها زوجة أبيها من الذهاب لحفلة شذى المشؤومة، شعرت لمار بفضول متزايد نحوها لم يكن بوسعها تجاهل وجودها بسببه.

سألت وهي تعد كوب قهوتها، تستوقف تلك قبل أن تخرج: "ما تطفشي كذا لحالك؟"

لطالما كانت لمار هي المبادرة لمصادقة والحديث مع من رأتهم وحيدين، بل ذاك كان ما جعلها تصادق هيفاء، لتثمر بادرتها تلك صداقة امتدت منذ سنين الإبتدائية. لم يفتها وحدة زوجة أبيها في بيتهم هذا، وتجاهلت ذلك الواقع سابقا.. إلى هذه اللحظة..

بدا على زوجة أبيها الاستغراب من سؤالها، أو ربما كونها تسأله أصلا، لكنها أجابت في النهاية بـ: "لأ.."

وعندها أدركت لمار أنه في ظل انشغال بالها بزوجة أبيها، فإنها دون قصد أعدت كوبي قهوة. بصمت، لا تدري ما الذي يدفعها في المضي قدما في خطوتها هذه، قدمت كوبا لها.

وجدت لمار ابتسامة زوجة أبيها الصادقة بعد انحسار التفاجؤ عن ملامحها غريبة، فلا تذكر أنها ابتسمت هكذا قط.

أخذت الكوب وهمست: "مشكورة.." قبل أن تخرج وتترك لمار مداهمة بفيض جديد من التساؤلات نحوها.

انتهى البارت..~

bluemay 16-12-17 07:51 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


الحمدلله طمنتيني إلفي ...

وسعيدة انه الاسم عجبك ...

اتعرفنا شوي ع محيط شادية واحزني شعورها بالوحدة وشوفتها لرفيقاتها عم بتزوجوا وهي لا

كل مالو عم بزيد فضولي لأعرف شو شرطها التعجيزي!!!

هل بتشترط مثلا انه تضل تخدم جدها يعني تعيش بعد الزواج معه..؟!


أممممم و شايفة تحولات قد تغير المنحى اللي راسمته لربط الثنائيات

مثلا رنيم مع الوليد؟؟؟ لا لا ما بحسهم لايقين ببعض .

ولامار هل رح تصير صحبة مع ليال ، اتوقع نظرتها اتغيرت الها وهاد الشي بغير احساسها تجاهها وقد تراها كإنسان بعد ما زال قناع البعبع اللي كانت راسمته الها.

يسلمو ايديك يا قمر

كلي شوووق لمتابعة الآتي

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 17-12-17 12:19 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
شكرا ألفيورا على الفصل الخفيف اللطيف ..

عرفنا جانب من حياة شادية الاجتماعي ،،
حلو التواصل و الترابط ما بين أبناء الحي الواحد .👍🏼🍃
الحمدلله عوض مو من نصيب شادية أبد ما حبيته ما دري ليش..
صح ..ما هو الشرط التعجيزي اللي تفرضه شادية على الخطاب 🤔

لمار بادرة جميلة و إن كانت متأخرة للتقرب من زوجة الأب ( ليال 😊)

( ليال ) باين قصتها قصة عويصة ..🤨
ايش اللي يخليها ترضى بالحياة الباردة المملة ؟؟

سالم جاك الفرج بإذن الله و هاذي الجميلة غالية بانتظارك
على أحر من الجمر .. أتمنى ما يكون فيه عقبات تمنع رجوعهم لبعض.

كل الشكر والتقدير زهرتنا الجميلة ألفيورا 🍃🌷🍃

الفيورا 18-12-17 08:29 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أوهوووه! صايدة توقعات صحيحة من هنا وهناك (غمزات وغمزات) ما شاء الله على العقول النظيفة. تلقطوها وهي طايرة :)

السادسة

=
=
=

"هذي آخر مرة أفكر أبدع في المطبخ.."

نظرت لمار أرجاء المطبخ الذي وسخته أثناء محاولاتها لخبز كعكة بوجل وتوجس، تحس بمدى الورطة التي ورطت نفسها بها هذه اللحظة.

ميشا خادمة البيت كانت مع كادي التي كانت تتبضع المقاضي، وأبدا لا تود لمار أن يريا المطبخ في هذه الحالة المزرية عند عودتهما القريبة جدا! من الذي سيعتقها من محاضرات كادي، ومن إحساسها بالذنب تجاه ميشا المسكينة؟

المشكلة أنها بطيئة جدا في أعمال البيت..

كادت تصرخ مفزوعة عندما أتاها صوت زوجة أبيها سائلا: "وش هببتي هنا؟"

لم تنظر إليها عندما ردت، متنفسة الصعداء أنها لم تكن كادي، تحاول فرك بقعة عنيدة من الفرن: "كيكة.."

صمتت زوجة أبيها للحظات قبل أن تأمرها: "اطلعي واغتسلي." أكملت قبل أن تسأل لمار أو تعترض، تجعلها تنهض بخفة واقفة: "بنظف بدلا عنك.."

انصاعت لأمرها متعجبة، وكانت بعد فترة قصيرة أن رجعت لترى المطبخ يبرق نظافة، وزوجة أبيها تقف وسطه تنظر إذا فاتها شيء.

شكرتها لمار بذهول، لترد: "اشتري كيكات من برا أبركلك.."

نسيت لمار نفسها تماما ومن كانت تكلم: "عنادا لك بسوي كيكة بتراكضي وراي عشانها!"

عندها وياللعجب، افلتت من زوجة أبيها ضحكة، لتخلف في إثرها ابتسامة متسلية: "نشوف كيكة الأحلام ذي كيف بتصير.."

لتؤكد لمار بإصرار: "بتشوفين، استني علي بس!"

-: "لمار؟"

صوت كادي المستغرب جعلها تتذكر ماذا كانت تفعل ومن كانت منخرطة في تحديه بطيب نية. تلعثمت، لا تعرف ماذا تقول.

تكلمت زوجة أبيها عندها، كأنها أحست بمعضلتها، تعابيرها حيادية لا أثر لتلك الابتسامة فيها: "كنت بسوي شي ووسخت المطبخ واللحين نظفته." أشارت ببرود إلى لمار: "جت هي تشوف سبب الفوضى."

مشيت مبتعدة عنهما.

سألتها كادي بقلق وشك عندما اختفت من الناظر، تضع يديها على كتفيها تستحثها الإجابة: "صحيح كلامها؟"

لتجيب لمار على مضض من جهة، وتشتت انتباه من غرابة تصرفات تلك المرأة وتناقضها من جهة أخرى: "إيه.."

=
=
=

أصر عليه سالم أن يستضيفه في بيته، ولكونه لا يريد مضايقته برفضه المستمر، قبل عبد الرحمن دعوته على وعد الزيارة يوم الجمعة.

رحلته خارج حدود الرياض على سيارته كانت سهلة، وإيجاد القرية التي كان يعيش فيها سالم لم يتطلب سوى بضع إرشادات منه. حال وصوله على أعتاب القرية وجد سالم واقفا بانتظاره، يلوح له بحبور.

قال وهو يركب في المقعد المجاور له، يشير بيده إلى الطريق المؤدي لبيته: "والله مخك نظيف ما شاء الله، ما توقعت بتدل بذي السرعة!"

أجاب عبد الرحمن بابتسامة، يمسح بنظره على ما رآه من القرية، من البيوت المتفاوتة في الحداثة والقدم، والطرق الوعرة والمستوية، بين المحلات البراقة والغبرة..: "تعليماتك كانت واضحة، وأصلا لي خبرة في السفر البري.."

أوقفه سالم أمام بيت كبير، عتيق إلى درجة الأثرية. من نظرة عرف عبد الرحمن أن هذا البيت احتوى قصصا عدة بين جنباته.

دخل سالم أولا، يعلن عن حضوره بصوته الجهور، ومن ثم أشار له باللحاق به إلى الملحق. كان الملحق صغيرا، يتألف من صالة وحمام وغرفة موصدة خمن عبد الرحمن أنها غرفة نوم سالم.

في الصالة فُرشت سفرة عامرة بما لذ وطاب، وحقا يعترف عبد الرحمن أن عصافير بطنه بدأت في الصدح تشوقا.

وعلى مائدة الغداء، أخذا يتحدثان كالعادة، وأغلب الحديث كان يقوده عبد الرحمن يستفسر عن القرية والمعيشة فيها، عن حياة سالم وما دفعه للعيش هنا والسكن في الرياض أسهل وأكثر منفعة له.

ابتسم سالم بشجن عندها: "من ثمان سنين ووضعي يتطلب مني أتم هنا.." صمت للحظة قبل أن يستطرد، يحكي من البداية: "أبوي ما كان من أهل القرية، بس لما تزوج أمي سكن واستقر فيها واشترى له ذا البيت. ولدت له أمي أربعة كنت أنا أصغرهم وتوفت بعدها بعشر سنين. أكبر إخواني كان محمد، وهو اللي كان يتكفل في البيت وأبوي وأختي ويصرف على دراستي، بس قدر الله وتوفى في حادث هو وزوجته وتركوا بنتهم يتيمة. وقتها كان باقي لي سنة من الجامعة، وصارت مسؤولية أخوي محمد مسؤوليتي، وصرت أداري بنته بعد ما أختي تزوجت وسكنت في الشرقية. ما قدرت أتم عايش في الرياض زي أول."

لماذا كان الأصغر هو من تحمل تلك المسؤولية الضخمة لوحده؟: "مو إنت قلت إنكم أربعة؟"

ظهر الضيق والخذلان في ملامح سالم عندها: "بعد أخوي محمد يجي ثنيان، بس ذاك الله العالم وين أرضه. من راح وسافر برى الديرة ما سمعنا منه خبر. تبرى منا وتبرى أبوي منه."

تشعب الحديث بعد تلك الاعترافات إلى مسارات أقل ألما ووقعا على القلوب، لكن عبد الرحمن لم يستطع إلا أن يفكر ويقارن..

من يرى سالم وأريحيته لن يظن أن وراءه هكذا مسؤوليات. ورغم ذلك، درس وتفوق وعمل بجهده. كم كانت حياتهما مختلفة، فهو على الغرار تماما وُلد وملعقة ذهبية في فمه، وظيفته جاهزة قبل أن يدرس حتى. مهما حاول أن يبتعد عن تأثير عمه، فإنه لن يفلت من الرخاء الخانق الذي لاحق انتسابه لعائلة الجبر.

حرك سالم يده أمامه، يوقظه من سرحانه: "وين سافرت يالأخو؟ إذا الأكل مو عاجبك.."

قاطعه: "لا، لا.. أبد! من كثرة ما أكلت مستحي منك والله." لا يذكر أنه أكل بهذا القدر في حياته، حتى في المطعم. لا ينكر أنه فكر للحظة أن يطلب من سالم إعطائه قسطا يأخذه لشقته وينقذه من الشطائر الجافة التي يعدها لنفسه على عجل.

ضحك سالم بصخب بعيد تمام البعد عن شجنه السابق: "كُل وأنا أخوك! خلص بدل الصحن صحنين!"

وهكذا مضى الوقت بهما، إلى أن صلا العصر في جامع القرية وبدأ رحلة العودة إلى الرياض بعدها، ومعه حافظتا طعام أصر سالم أن يأخذها معه.

=
=
=

سأل ابنة أخيه مستأذنا، فهو لا يريد الإثقال عليها مهما كان: "عادي لو صرت أعزم الرجال؟ شفت طبيخك عاجبه وقلت في نفسي ما ينحرم منه."

ناولته شادية فنجان قهوته والجدية مرتسمة في ملامحها: "أفا يا عمي، إعزم ولا تسأل إنت تامر بس! الرجال سوى فينا معروف عظيم. أقل شي نقدر نسويه نعزمه."

ابتسم بفخر، وصورة أمه المرحومة ترتسم أمامه في كل ما يرى ويشهد من شادية، تلك الأصالة التي أوقعت أباه صريع هواها ليهجر المدن ويعيش في كنف القرى: "أجودية من يومك يا بنت محمد.."

=
=
=

كان جالسا في الصالة يرد على رسالة من أحد أصدقائه عندما رأى بطرف عينه يدا تمتد ناوية إفساد هندام شعره.

ابتسم بانتصار لرؤية الغضب في وجه أخيه الصغير سيف، محكما قبضته حول رسغه.

أمره سيف بصرامة بدت غريبة كل الغرابة مقارنة مع ملامح وجهه الطفولية: "إمسح الجلي من شوشتك."

وضع جلال جواله جانبا ليولي انتباهه لأخيه وطرافة تصرفاته. حرك حاجبيه يغيظه: "اسمه جل يا فالح.."

كشر: "جلي ولا جل، لا عاد أشوف شوشتك طايرة كذا!"

اكتسى صوت جلال الجدية عندها: "شكله من كثرة القعدة مع جدي عبد المحسن نسيت إني أخوك الكبير.."

مط سيف شفتيه بضيق وربما الحزن: "القعدة مع جدي أبرك من القعدة معاكم. يا إما مدلعين، يا إما شايفين أنفسكم على الفاضي، ولا ما ينشافون من كثرة أصحابهم.."

قرأ بين السطور وفهم على أخيه، وارتخت ملامحه من الحزم إلى المودة الباسمة: "ياخي لو تبغاني ألعب معاك جولة على البلايستيشن قول كذا بلا لف ودوران."

استنكر سيف بطفولية مرتبكة: "مين قال؟!"

رد: "إذا ما تبغى، روح.."

مرت لحظة ثم لحظتان ثم سأل سيف بتردد: "من جد.. بتلعب معي؟"

ابتسم له: "إيه.. شغل لنا شي حلو وأعرف له. تراني مغبر.."

راقب ارتسام الفرح في عيون أخيه، يخرج راكضا من الصالة لغرفته للتجهيز.

منذ بدء عمله مع أبيه وسيف محتد في طبعه، وبينما عزى الكل السبب في كونه قد بلغ الثانية عشرة من عمره، إلى أن جلال يعرف أن هناك سبب آخر في تغير أطباعه.

في غياب أمه وأبيه المستمر، وبسبب عدم توافق اهتماماته مع تلك لأختيه، فإن سيف كان مقربا بشكل كبير إليه.. إلى أن مرت السنين وكثرت مشاغله التي أبعدته عن البيت وعن الاهتمام بسيف كالسابق. ربما كثرة جلوس سيف عند جده عبد المحسن كانت محاولة تعويض، لكن على ما يبدو، ما زال يفتقده، كما يفعل جلال بكل صراحة.

=
=
=

لمح أباه يسترق النظرات المتعجبة إليه، ربما بسبب الابتسامة المتسلية المنتصرة التي ارتسمت على شفتيه وهما في طريقهما إلى بيت أبو كادي.

"الشوفة بعد أسبوع.."

ماذا لو قدم الموعد إذا؟

تطلب الأمر بضعة مكالمات وحجج وأعذار عن جداول العمل وقلة الفرص، لكن عبد العزيز حصل على مراده. وهاهو الآن يحصل على تلك الرؤية الشرعية بعد لقائه بخطيبته بيوم فقط.

(تلك الخطيبة التي ترجف دقاته ترقبا لمرآها).

لا يدري كيف مر الوقت بين سلامه لأبيها وانتظارها، لكن بعد طول انتظار ساعة الصفر حلت.

دخلت هي بخطوات بطيئة مثقلة بالخجل، بتنورة سوداء مخملية، وقميص سكري حريري طويل الأكمام، رابطة شعرها الأسود الطويل الناعم لأعلى. كانت مطرقة رأسها للأسفل، تحرمه من رؤية وجهها إلى آخر لحظة. لكن من أين ستفلت منه؟

لم يلحظ انسحاب أبيه وأبيها من المجلس، تاركين لهما بمفردهما، إلا متأخرا. وعندما فعل لم يضيع الفرصة وجلس بقربها، غير مكترث البتة بمدى جرأة تصرفاته. مرر إبهامه برقة فوق ذراعها المسكوة بالحرير، على أثر ذاك الجرح الذي أحضرها له. همس بمعنى: "كيفه..؟"

سؤاله ذاك كان ما جعلها ترفع نظرها إليه، ليبتسم عبد العزيز برضا للقيا محياها أخيرا.

ناعمة جدا. هذا كان رأيه الأولي فيها. من ليل شعرها إلى عيونها البندقية، من استدارة وجهها إلى عذوبة ملامحها، من الاحمرار الذي امتد من رقبتها إلى وجهها.

فقط ارتسام شفتيها بسخط بالكاد يُكبح دل على ألق آخر مغاير تخفيه تحت نعومتها.

حتى وإن شاب نبرتها التهكم والحرج، وجد صوتها الرقيق ساحرا: "ما تغير حاله من أمس.."

ازدادت ابتسامته اتساعا. صوته ومظهره كانا كفيلين في جعل رجال بطوله يتشنجون متوترين متوجسين منه، لكن هذه الحريرية عاملته كند ودون أي خشية، وهذا أرضاه أكثر من أي شيء: "مشكلتي ما أعرف أصبر، كان لازم أتطمن.." نهض على مضض عندما سمع تنحنح أبيه ينبئ بقطع خلوتهما هذه، ثم استطرد بخبث زادها احمرارا: "الله يصبرني بعد هاليوم.."

في طريق العودة إلى البيت قال أبوه بابتسامة ذات معنى: "من الابتسامة اللي شاقة الوجه، واضح إن بنت راضي عجبتك.."

لم يزعج نفسه بالإنكار: "ما يبغالها سؤال يبه."


=
=
=

ما إن دخلت كادي غرفتها حتى اقتحمتها لمار، تقفز على السرير وتتطلع إليها بترقب، وقبل أن تهتف بأسئلتها قاطعتها: "أنا لما قبلت فيه ما كان همي شكله.."

نظرت إليها لمار لحظات كأنها تتفحصها قبل أن تعلن بثقة: "عجبك عريس الغفلة، عجبك للآخر!"

استنكرت والحمرة تعتليها، لا تستطيع سوى سؤال: "وشهو؟"

أجابت لمار تفسر: "قاعدة تكابرين وتخلينه شي عادي وحصل.. معناته أثر عليك، وما دامك وافقتي عليه، يعني إنه عجبك." ابتسمت بانتصار ورضا تام بمنطقها، تكمل: "عشرة سنين يا وخيتي.."

لمار كانت.. محقة.

لدى خطبيها جاذبية خشنة جعلتها تحس بأحاسيس غريبة على قلبها. ربما كان عليها الشعور بالتوجس لرؤية آثار الندوب المتفرقة على صفحة وجهه، واحدة تقطع حاجبه الأيمن وأخرى على جسر أنفه وأخيرة على خده، لكنها رأتها تضفي ألقا غريبا على ملامحه التي ذكرتها برمال الصحراء في سمرتها، وعيونه بقتامة القهوة.

لا يبدو أبدا كطبيب، بل كبطل أحد أفلام الحركة الخطيرة. كانت تركيبة لا تنكر أنها شدتها.

تداركت كادي استغراقها في التفكير عند رؤية التسلية في عيون أختها: "وإذا عجبني، مو معناته بيغير فكري.."

تنهدت لمار بتأفف: "ويقولون إنتي العاقلة فينا.. يختي لا تحكمي على الناس من تجربة وحدة! عيشي حياتك."

هزت كادي رأسها بأسى: "مقدر يا لمار، مقدر."

تجربة أمها وأبيها ستقف دوما حائلا أمام نظرتها في الارتباط بشخص.

ستحترم عبد العزيز، ستعامله بالذي يرضي ربها، لكن أن تأمنه بقلبها؟ عذرا، لا تستطيع..

=
=
=

هتفت منى بصخب كاد يصم أذنيها: "مرام الهبلة تزوجت أول واحد تقدم لها. وش بيقولوا الناس، ما صدقت خبر؟!"

لترد أريج بغيظ وحقد مبطن للكل، لكنه واضح لها، تنظر إليها بمعنى: "كل وحدة ورزقها، مو كلنا عنده صفوف خطاطيب متروسة فوق بعضها."

قهقهت ضيفاتها بالضحك، وابتسمت ترانيم بغرور، تعد في سرها الثواني قبل الدقائق لانتهاء هذه السهرة: "هذيك قلتيها، كل وحدة ورزقها.."

حقا لا تدري لم تزعج أريج نفسها في حضور التجمعات التي ترتبها والمنطق كان في تجنبها.

ما ذنب ترانيم إذا تقدم إليها ابن عم أريج الذي اعترفت لها أريج في السر عن حبه؟ ليست هي من طاردته وزرعت فيه فكرة خطبتها. كل اللوم كان على أمه التي رأتها في أحد حفلات الزفاف وأُعجبت بها.

وحقا، ما ذنبها إذا تقدم ابن العم ذاك لأريج عندما رفضته، لترفضه أريج أيضا بسبب غيرتها وحسدها وعقد النقص التي وجهتها نحوها؟

كان بإمكان أريج المضي قدما ونسيان ما فات، لكنها فضلت البقاء على حماقتها هذه.

إذا، فلتتحمل القهر.

انتهى البارت..~

bluemay 18-12-17 05:29 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


بارت جميييل ولطيف ..

اهم شي عريس شادية عجبو طبخها >>> آه خلص خطبتهم وجوزتهم لووول

اما الرومانسي من العيار الثقيل ابو العز...فيا غبنتي عليك >>> يا رب ما اكون خربت اللهجة >_<

وقعت يا مسكين مع كادي اللي مقررة تسكر قلبها بوجه الحب وكل السبب انه ما بدها يصير فيها متل ما صار بإمها .

بتوقع انه رح تنتظره خيبات امل لما يشوف برودها او عدم مبادلته المشاعر .
لكن ابو العز مو خصم يستهان فيه وبتوقع انها ما رح تصمد من طوفان مشاعره.


لامار وفزعة ليال الها كتير عجبتني ، بس ما عجبني رد كادي ع التقارب اللي صار بين اختها وليال
وكأنها خيانة لأمها.

تصرف ليال فظيع عن جد بتفع ممثلة درجةاولى .

يسلمو ايديك الحلويين

متشوقة للقادم

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 18-12-17 05:45 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
شكرا شكرا الفيورا المبدعة ...

و هذي أول خطوة يا عبدالرحمن و سحبناك لبيت العروسة 😁

شادية أصيلة هالبنت و كريمة نفس .. باين تدور رضى عمها دوارة
و يحق لها تسوي المستحيلات لراحته ..
هو اللي اهتم فيها و رعاها و ما قصر عليها بشي ..

يقول المثل العريق (( الطريق إلى قلب الرجل معدته . ))
أليس كذلك ؟؟؟ 🤔
هذا عبدالرحمن رجع بحافظتين مرة وحدة .. 😁
ان شاءالله هالوجبات اللذيذة تقصّر الوقت و تسرع
في ارتباطهم ..😂

أطن و الله أعلم إن شرط شادية ما تترك عمها و تظل ساكنة
معاه في البيت ..🤔

لمار يا حلوك و انت عافسة المطبخ علشان كيكة ..
اشلون لو كان غدا محترم !؟؟

هاللحظات البسيطة اللي ترتسم فيها الابتسامة على
وجوهنا ليش نحرم انفسنا منها ..
ابتسموا و اضحكوا و انشروا الفرحة في بيتكم ..
ليش التعقيد ؟؟. يمكن مثل ما قالت بلومي يحسون بخيانة
لامهم إذا بادلوا زوجة ابوهم المودة ؟؟
بس واضح من الموقف هذا ان لمار أكثر مرونة و شفافية
من كادي .. الله يعين الدكتور عبدالعزيز عليها .

كل الشكر و التقدير الفيورا ..🍃🌷🍃

الفيورا 19-12-17 11:04 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسعدوني حبايبي بحسن متابعتكم. إن شاء الله تظل الرواية تعجبكم لنهايتها..
بقدم تنزيل البارتين 7 و 8 (القصير حده ويحكي عن حدث واحد) شويتين لأن وراي أشغال، وموعدنا بيكون السبت إن شاء الله..

السابعة

=
=
=

عرفتها أسيل من اللحظة التي رأتها تدخل صالونها، كيف لا وملامحها حُفرت في ذهنها كالوسم؟ تلك المرأة التي اختارها حب الصبا والرشد كزوجة لها الأحقية في الجلوس كملكة على "الكوشة" جواره.

نسيم.. اسمها كان نسيم، قريبة لأم عبد الرحمن ظهرت من العدم لتُدمر فرصتها.

تقدمت أسيل إليها، متجاهلة النظرات المتعجبة التي وُجهت لها سواء من موظفات أو زبونات، فهي رئيسة العمل ولا تعمل شخصيا إلا على شخصيات متميزة.

لا يعلمون، لكن نسيم بحق كانت مميزة بمعان أخرى بالنسبة لها.

نظرت لها نسيم بمزيج من العجب والشك وهي تجلس بطواعية حيث أشارت أسيل، تطلب منها قصة شعر بسيطة. سألتها عندما انتهت من العمل عليها: "شفتك قبل فمكان..؟"

أومأت لها أسيل بنعم فقط، مشغولة الفكر بظهور هذه المرأة أمامها دون أي إنذار.

حقا لا تستطيع رؤية ما يعجب شخصا كشاهين بها، فالذي شهدته منها لم يعطها سوى انطباعا سيئا عنها. حتى في أكثر الأشياء سطحية كمظهرها، وجدت أسيل الكثير الذي تنتقده، فالمكياج هو ما أعطاها قسطا من الجمال وبدونه كما كانت الآن، فإنها تبدو عادية، عادية جدا.

موضعها كابنة صديقة منال المقربة جعلها تشهد عددا من التجمعات التي صادفت فيها نسيم. لكن على ما يبدو، فإن نسيم لا تتذكرها، فالعجب في ملامحها ازداد بتأكيدها: "من وين تعرفيني؟ أنا ما أطلع كثير ذي الأيام ومتأكدة ما شفتك قريب.."

أجابتها بابتسامة مهذبة، تخفي وراءها بغضها: "قبل سنتين ونص، مرة ولا مرتين في عزايم عبد المحسن الجبر.."

عندها بهتت نسيم وبدا اليقين جليا في نظرة عيونها: "اللحين تذكرتك.. بنت صاحبة الأخت.." استطردت عندها بتردد.. وشيء من الوجع: "تزوجتيه؟"

استغربت أسيل سؤالها، فالمقصود بالكلام كان واضحا، لم تجبها، بل بادلتها السؤال: "وليه تبين تعرفين؟"

ابتسمت نسيم بسخرية: "كنت متوقعة بيتزوجك بعدي..واضح إن الأفضلية كانت لك حتى لما كنت زوجته.. بس الحق ينقال، الذنب كان ذنبي وورطت نفسي فدوامة ما لقيت منها مخرج.."

لماذا كانت هذه المرأة تحكي بالطلاسم؟: "وش قصدك..؟"

التفتت إليها بكل جدية قبل أن تدفع ثمن قصتها وتخرج، تاركة لها مستغربة متساءلة لأبعد حد: "من اللحين أقولك، لا تمشي ورى كلام أم عبد الرحمن. اعتبريها نصيحة مجربة.."

=
=
=

كانت في المطبخ، يد تقلب في القدر ويد تمسك بجوالها، تحكي لغالية عن آخر اقتحام لقط القرية المعروف بـ"بوند" وتذمرها من سرقته لقطعة دجاج عندما سمعت إعلان عمها دخوله للبيت واتجاهه للمطبخ.

أمرتها غالية حال التقاطها لصوت عمها المقترب: "خلي السماعة مفتوحة وقربي الجوال له."

بالكاد كتمت شادية ضحكتها، تهمس: "خفي علينا يا ليلى زمانك."

سمعتها تزفر بسخط: "وإنتي ما تعرفين تسوين للناس معروف إلا بالدف؟ سوي اللي قلتلك إياه بسرعة!"

انصاعت بتأفف مفتعل: "حاضر عمتي."

كالعادة، ثارت: "تبيني أتطوى فبطنك يا بنت محمد؟! كم مرة قلت.."

أبعدت جوالها من أذنها ونفذت ما أمرته به غالية. تعرف ما يجب عليها فعله، فهذه ليست أول مرة تفعلها.

قالت بعد ردها تحية عمها، تستدرجه في الكلام: "أحوال الشغل؟"

رد وهو يسكب لنفسه كوب ماء: "تمام.." فكر للحظة قبل أن يستطرد: "تصدقين؟ أحس إني مرتاح في شغلي أكثر من الأولاني حتى. صح إن المسؤول عني شديد، لكن ممشي الشغل صح."

ابتسمت، قد لاحظت تلك الراحة والرضا في محيا عمها منذ بدء دوامه الجديد، ودعت ربها دوام تلك الراحة له.

مال عمها للأمام ينظر لما كانت تطبخه: "الريحة تهوس، وش يصبرني على العشا اللحين؟"

ابتسمت: "ما فيه أحد رافع معنوياتي فطبخي إلا إنت!"

ليرد: "أي رفع معنويات؟ هذي حقيقة الكل موافقني عليها! ما راح تصدقين كثر اللي يتمنون يطولون طبيخك." تنهد عمها عندها بشجن محب ليس له حيلة إلا ذكر محبوبه في كل موضع: "غالية كانت فالحة بس تسوي كبسة، ومالحة بزود بعد.."

كادت شادية تنفجر ضحكا، تغيظ تلك التي تتنصت على كل كلمة تُقال: "إيه مسكينة على قد حالها، ما تعرف الحلو من المالح.."

ضيق عمها عيونه، ممثلا الصرامة: "حدك على الغالية يا بنت!" لتكتسي ملامحه الهيام وهو يتنهد مرة أخرى: "فديتها وفديت الكبسة المالحة حقتها.."

ترك شادية بعدها ليسلم على جدها، وحال عودتها على الخط مع غالية سمعتها تتنهد هي أيضا، تهتف بخليط من اللوعة والغيظ: "يفداك قلب وروح غالية يالظالم!"

هزت شادية رأسها بأسى وعجب من هذا الحال، تتحلطم: "مالت بس مالت، وش اللي حادني على العيشة في المسلسل هذا؟"

=
=
=

هذا خامس عرس لزميل حضره هذه السنة، وفي كل عودة إلى شقته، يضايقه منظرها أكثر وأكثر، جعل الوليد ينخرط في التفكير.

إلى متى سيظل في عزلته هذه، دون أن يكون له شخص يرد عليه، يؤنسه، يحاكيه؟

بدت فكرة الزواج مغرية مع كل يوم يمضي. لم لا؟ وضعه مستقر وأفضل مما كان عليه بفضل إنعام الله عليه بورث من حيث لا يحتسب، وعلى الرغم من أفعال أبيه إلا أن نسبه عريق وأمه مثله.

السؤال كان: من؟

=
=
=

فكر بتسلية رغم وضعه الحالي، كيف أن مكتب رئيس قسم الطوارئ أصبح مألوفا بكل تفاصيله من كثرة زيارته له.

اليوم كان مستنكرا للإجراءات الغير تقليدية التي اتبعها عبد العزيز في إسعاف ضحية حريق. أجاب عندما طلب منه الرئيس مبررا لما فعله: "الطريقة مو مهمة بقدر صحة وحياة المريض، والحمد لله هو بألف صحة وعافية اللحين."

هز الرئيس رأسه بعدم رضا: "مقدر أتغاضى عن خرقك للبروتوكول.."

للحظة، كاد عبد العزيز أن يزمجر بنبرات التهديد، تلك النبرات التي اعتادها في العراكات التي شابت ماضيه، لكنه سرعان ما تدارك نفسه قبل أن يخرق الرئيس بحدة نظراته: "ما بكررها.."

تنهد الرئيس، قائلا بصبر ناصح: "ما أنكر إنك موهوب وفيك إمكانيات هائلة، بس مواقف زي ذي بتدمر مسيرتك المهنية وتعب سنينك. أتمنى إنك تلتزم بوعدك وما اضطر استدعيك هنا. راح أشرف عليك شخصيا في أي حالة تتولاها لوقت معين، وأي خرق بيكون محسوب عليك." أكمل، يشير له بالذهاب: "تقدر تتفضل اللحين.."

لم يستطع عبد العزيز منع تكشيرة من الارتسام على ملامح وجهه، فأكره ما عنده مراقبة أحد لتحركاته. سنواته التطبيقية كانت كابوسا بسبب طبعه ذاك.

لكنه سيتحامل ويذعن، لإكرام الرئيس الذي صبر عليه بينما آخرون كانوا ليسأموا منه ومن تمرده منذ دهر.

=
=
=

كادت رؤى تصرخ غيظا لرؤية زوجها يشرد في تفكيره مرة أخرى، في تذكر تلك الغريمة.

تزوجت نواف فقط لأن أبوها رأى فيه مقدرات من شأنها أن تنفع مجموعته بشكل عظيم، وبارتباطه بها، سيكبله لجانبهم وسيكون له الإمكانية في الضغط عليه كما يريد.

لم تكترث رؤى لأمر نواف لذاك الحد. صحيح أن العشرة والأولاد الثلاث بينهما حسنا من الوضع، لكنها أبدا لم تكن شغوفة به كما كان شغوفا بها، فنواف أحبها بقدر تقديره لاسم عائلتها وجاهها.

قد استغلت محبته المضنية لها كل الاستغلال، واستلذت بدوام محاولاته إرضاءها. حكمه قد أشبع غرورها الأنثوي لأقصى مدى.

لكن بعدها أتى تغير في تصرفات زوجها، بشكل شديد البطء لم تلاحظ سببه إلا بعد فوات الأوان، بعد أن كثر غيابه، بعد أن بدأ يتمرد عن طبعه المطيع الوديع الذي عهدته.

وعندما استسلمت لهواجس الغيرة، كلفت سائقها بتتبعه مرة ورؤية أين يذهب في فترات الغياب و "السفر" تلك، لتُفجع بخبر زواجه بأخرى ومنذ سنة أيضا!

قد ثارت واستعانت كالعادة بعائلتها لتلوي ذراعه، لكن على غرار تصرفه المعتاد ثار هو بدوره رافضا تطليق تلك الثانية، حتى بعد أن هُدد بسحب كل الدعم منه. رد بكل ثقة أنه سيستطيع الحصول على داعمين غيرهم.

عندها أدركت رؤى أنها ستفقده لأخرى، وجن جنونها لذلك، وكم كانت فرحتها بالغة عندما أتى لها يقول أنه طلقها بعد مواجهتهما بقليل.

لكن فرحتها لم تدم طويلا، ليس عندما عرفت أنه لم يطلق غريمتها من أجلها، بل لأن تلك الغريمة من هربت إلى بيت عمها وطالبت بالفراق بإصرار.

وإذا كانت تظن أن وضع نواف وتغيره كان متطرفا سابقا، فإن حالته ازدادت سوءا بعدها بأشواط. قد أصبح يشرد في تفكيره، ويكثر من الغياب هائما، قد أصبح يناجي ويهذي بلهيب ملتاع باسم غريمتها في عمق أحلامه، حتى كرهت أحرفه قبل كل ما ذكرها به.

كما فقد تلك، بدا لرؤى أنها مهما فعلت، فإنها قد فقدت نواف.

=
=
=

رد جلال قبل أن تبدأ في الخوض في الموضوع حتى: "إذا كانت السالفة عن بنت الظافر، الله يكتب لها نصيب مع غيري."

تنهدت غادة بسأم: "وإلى متى بترفض كل وحدة أجيبها لك؟"

ابتسم يسترضيها بتقبيل كفها، ليتركها بعدها بسبب اتصال عمل: "والله بالي أبدا مو في الزواج حاليا يمه. أول ما ما أبدا أفكر بقولك، لا تخافين.."

اكفهرت ملامحها بضيق، تراقب ظهر ولدها المبتعد بعدم رضا من حاله، فهو قد بلغ السابعة والعشرين وما زال غير مبالي، مستمر في رفضه للزواج وحرمها من رؤية أطفاله.

تخاف على جلال أكثر من أي طفل لها، فهو شابه خاله في أطباعه وحتى مظهره، ولا تريد أن تُفجع بمصير مماثل لمصيره. لا تريد أن تشعر بالخذلان تجاه بكرها كذاك الذي تشعر تجاه أخيها الوحيد، بأن تعامله بنفس التحفظ والبعد.

=
=
=

على مائدة الفطور، أعلن أبوها بشكل مفاجئ: "اليوم أخذت إجازة من شغلي وأبغاكم تسوون المثل.."

سألته لمار مستغربة، فلطالما كان أبوها حريصا على انتظامهما في الحضور، سواء في المدرسة أو الجامعة أو العمل: "ليه يبه، صار شي؟"

ابتسم أبوها بتسلية وحبور: "هو يبغاله يصير شي عشان أعزم بناتي برا؟"

صفقت لمار يديها بحماس بدأ يسري في كادي أيضا: "في ستين داهية الجامعة اليوم! من زمان عن عزايمك والله!"

صدقا، كم مضى من وقت لم يحظيا بوقت قيم مع أبيهما؟ أشغلتهم الحياة والتحفظات عن بعضهم حتى مضت سنين..

صلت هي ولمار الظهر وتجهزا، فأبوها قال أنه سيجول بهما الرياض بأسرها اليوم. وعندها لاحظت كادي تجهزهم كلهم، إلا زوجة أبيها..

سألتها من باب التهذيب والأدب فقط، فهي آخر من تريد رفقته في نزهة مثل هذه التي يعتزمها أبوها: "ما بتروحين معانا؟"

هزت تلك رأسها بـلا: "مقدر، تعبانة.."

شكت كادي في ذلك، فهي تبدو في أحسن صحة. لكنها لم تعطي لكلامها تفكيرا مطولا وخرجت من البيت بصحبة أبيها ولمار.

كما وعد أبوها، جال بهم الرياض كلها، اشترى لهما كل ما أعجبهما من الغالي والزهيد، واسترجع معهما الذكريات والطرائف والحكايا، وأدركت كادي وهي ترى فرح أبيها بصحبتهم مدى اشتياقها له..

كانت الساعة العاشرة ليلا عندما عادوا، منهكي القوى منتشي الروح.

=
=
=

كانت قد انتهت من وضوئها لصلاة الفجر عندما لاحظت ضوء مكتب أبو كادي ما زال مضاء..

دلفت داخل المكتب باستغراب، فما عهدته من أبو كادي أنه كان ينام مبكرا ليستيقظ عند الفجر. رأته مسندا رأسه على طاولة مكتبه بلا حراك فنادته: "أبو كادي.. أبو كادي الفجر أذن.."

لا مجيب.

لا تدري ما الذي سيرها لعدم تركه لشأنه والتوجه إليه لتفقده. هزت كتفه دون استجابة، لتكرر فعلها مرة أخرى ونفس الشيء حصل. أخيرا رفعت رأسه من الطاولة لتراه غائبا عن الوعي.

=
=
=

لتوها استيقظت كادي من نومها عندما سمعت طرقا على بابها، وتوجست ريبة من كون الطارق زوجة أبيها تلبس عباءة وبيدها نقابها، باديا فيها عزمها على الخروج: "أبوك بينقلوه الاسعاف وأنا بروح معه، اتصلي على خالك يوديك إنتي ولمار لأمك، فيه احتمال ما نرجع لوقت متأخر.."

وهكذا خرجت بعد وصيتها تلك دون انتظار رد منها والنظر خلفها، ربما عندها كانت لترى انهيار رجلي كادي تحتها من الصدمة.

=
=
=

ليلة أخرى لا ينام فيها..

لا يدري شاهين هل أرقه نعمة تنتشله من ظلمة كابوسه، أم نقمة مبتلى هو فيها ليجهد نفسه في تفكير لا يفيده مقدار ذرة.

كم من مرة نُصح أن يأخذ حبة منوم ويريح نفسه ويرحمها، ليرفض وبشدة.

لا يريد أبدا أن يدمن على شيء، حتى ولو كان منوما. يكره فكرة أن يتحول كابوسه، تلك التهمة التي لم ينزع لوثها عن روحه، لواقع. يكفيه تذكره لكل لحظة مؤلمة من أعراض الانسحاب التي أودت به لشبه الجنون.

زفر بحرقة ثم نهض من سريره، خارجا من غرفة نومه إلى صالة جناحه وبيده مصحفه، يقرأ زيادة على ورده اليومي ليرتاح بكلام الله. لعل الشيء الوحيد الذي خرج به بنفع من تلك الحادثة هو أنه أصبح أكثر التزاما في القراءة.

عليه التحلي بالصبر، فسيحل يوم ويرزقه ربه البراءة مما اتهم به، حتى لو كان بعد حين.

مضى الوقت ولم يدري إلا وأذان الفجر يصدح. كان بعزم التجهز للخروج عندما رن جواله.

قطب شاهين حاجبيه لرؤية المتصل به في هذه الساعة: "كادي..؟"

أبدا لم تفعلها ابنة أخته. رد وعشرات الهواجس تعيث في خاطره الفساد من القلق، ليثبت صوتها الباكي المنهار وهي تحكي عن الذي يحدث صحة ظنونه.

لا يدري ما الذي لبس وكيف بدا وهو يخرج ولم يهتم، المهم أن يصل لابنتي أخته بأسرع وقت ممكن.

انتهى البارت..~

الفيورا 19-12-17 11:12 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الثامنة

=
=
=

يحمد راضي ربه أنه لم يفاجأ بموته، بل أتى تدريجيا حتى أضحى رجلا يبتسم لبناته كل صباح وهو يحتضر.

يحمد ربه على إعطائه هذا الوعي في لحظاته الأخيرة، على قدرته بالنطق قبل رحيله من الدنيا.

=
=
=

كان شاهين أول من رأى راضي بعد إفاقته اللحظية.

بدا أخو طليقته مشعث الهندام على غير عادته، على غرار آخر مرة رآه فيها عندما وقف في طريقه، يمنعه عن أخته.

لطالما شابت علاقته بشاهين التحفظ والتوتر، فمنال كانت أما له قبل أخت والتخلي عنها لبيت زوجها كان صعيبا. فعلته قبل أربع سنوات كانت الضربة التي أودت بكل شيء إلى الحضيض، ليقف شاهين على عتبة بابه من أجل ابنتي أخته فقط، لا يزور ولا يجامل حتى.

لكن للموت حرمة تذيب أقسى التحفظات، وربما عرف شاهين أنه مقدم على رحلة لا عودة فيها، وربما هذا ما جعله يجلس جانبه، يستمع بإنصات لكل ما يريد قوله.

بدأ راضي بأكثر ما كان يُقلقه ويبقي باله في الدنيا: "بناتي يا شاهين.."

رد عليه بثبات: "بناتك بناتي يا أبو كادي، لا تشيل هم.."

=
=
=

كادي كانت من تليه.

أحرقته دموعها المشجونة، ومد يدا مرتجفة ليبعد الدمع عن عينيها: "لا تبكي يا بنتي وتعذبيني معك.."

قبضت على يديه بكل قوتها، كأنها بفعلها هذا ستبقيه على الدنيا. قبلت كفه والدمع يهل وانفطار قلبها واضح ينضح من عيونها: "آسفة يبه. آسفة على كل لحظة عتب أو جفا بدرت مني.. بس لا تروح وتخلينا، لا تروح..!"

مسح بيده الأخرى على رأسها، يحاول تهدئتها رغم حزنه العظيم لفراقها: "يعلم الله إني راضي عليك وعلى أختك وبتظلوا رافعين راسي.." استطرد يتجلد بالصلابة والثبات، فيا الله، ما أصعب هذه من لحظات!: "أبيك قوية عشان أختك، أبيك تكوني جنبها مهما صار.."

ردت بصلابة لحظية يعرف أنها من أجله فقط: "حاضر يبه.."

=
=
=

اتصل برقم لم يتصل به منذ دهر، رقم لم يسمع صوت صاحبته لسنوات طوال.

لم يظن أنها ستجيب، لكنه كان لديه قليل من الأمل.

ويالفرحته، أجابت عليه.

لم تقل كلمة، ولم يسمع سوى إيقاع أنفاسها العذب. لكن حتى هذا أبهجه. اعترف: "يمكن ما راح تصدقين، بس مكانتك في قلبي بتظل التاج.."

آخر ما سمع قبل أن يقفل الخط كان صوت نشيجها.

=
=
=

على غرار علاقته بشاهين، كانت علاقته بعبد المحسن قوية، يشوبها الاحترام المتبادل. يذكر توتره وخشيته من الرفض عندما تقدم لخطبة منال منه، ليفاجئه رده بأنه لا يهتم للمكانات والجاه بقدر ما يهتم بالجدارة، وهو وجده جديرا لابنته.

طبعا، هذا قبل ترك منال لبيته، ورؤيته غضبا لم ير مثيلا له في عبد المحسن في تبعات ذلك الترك.

قال عندما دخل عبد المحسن غرفته، يتكئ ماشيا بعصاته التي لم تقلل من هيبة حضوره: "أبي أوصيك على شي.."

ظل صامتا للحظات قبل أن يرد: "أمر يا أبو كادي.."

=
=
=

لم تدخل عليه لمار، ليس لأنها لا تريد، بل لأنها لا تستطيع.. فوقع حقيقة حالته كان ثقيلا ممرضا لها، وأضحاها طريحة أحد أسرة هذا المستشفى..

=
=
=

لا يدري كم مضى من وقت، ساعات أو أيام، ولم يهتم.. فهذه اللحظة عرف أنها لحظة الوداع.

تساءل، أكان من سوء أو حسن حظه أنها (هي) من كانت جانبه هذه اللحظة بالذات؟

سألها: "شايلة علي؟"

لتجيبه بهدوئها الذي يعهده: "ما عمري شلت في قلبي شي عليك يا أبو كادي.."

تنهد، يقر بصدق ساعة الموت: "ظلمتك معاي.."

ردت: "وإنت ظلمت نفسك فيني."

لأول مرة منذ زواجه بها، جعلته يبتسم. كالعادة، ردودها جاهزة: "أسأل ربي يعوضك عن اللي صبرتي عليه.."

استكان بعدها مغلقا لعيونه، ينطق الشهادة بضعف.

شعرها تضع يدا دافئة على جبينه، تهمس بالدعاء له.

وكان آخر ما أحس به هو دمعة يتيمة سقطت على صفحة خده.

انتهى البارت..~

bluemay 20-12-17 07:53 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

كفى بالموت واعظاً يا عمر ...

عن جد انه للموت رهبة تذيب اقسى القلوب .

اللهم نسألك حسن الخاتمة والشهادة عند الموت..

ابدعتِ كلمة قليلة بحقك ..

رغم انه الغموض ما زال كما هو ... ما هو سر ليال وما هو مصيرها ؟؟

تقبلي خالص ودي

أبها 20-12-17 08:29 AM

مبدعة يا ألفيورا ..
الله يطول أعمارنا بطاعته و يصبرنا للسبت

موقف مؤلم جدا .. رؤية لحظة الاحتضار
يتمنى الانسان لو ما فرط في حق الله
لو ما أخطأ في حق أحد ،، لو ما أغضب أحد 😢

راضي معترف إنه ظلم ( ليال ) .. و هي أصيله ما حسسته بالذنب
و هو في موقف محتاج يشوف بعينه الكل مسامحه
أكيد إن زواجه منها كان صوري و هي في عز شبابها
ما تمتعت و لا فرحت بهذا الزواج ..
و الآن تأكدنا إنها زوجة نواف السابقة اللي يدوّر عليها .

زوجة شاهين السابقة .. ليش تحذر أسيل من أم عبدالرحمن؟
هل كانت سبب طلاقهم ؟؟

الله يعطيك العافية ألفيورا و يسهل أمورك ..🍃🌷🍃

الفيورا 23-12-17 09:26 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عدنا. تعليقاتكم تثلج صدري الله يسعدكم بس..

التاسعة

=
=
=

"بعد شهرين"

=
=
=

بعد وفاة أبيهما، كادي ولمار انتقلا للعيش في بيت جدهما عبد المحسن مع أمهما.

تحددت ملكة وعرس كادي في نفس اليوم، وبقي على ذلك الموعد أسبوعان.

منال مشاعرها متضاربة ما بين فرحتها لرجوع ابنتيها لها وعرس كادي القريب، وحزن لا تعترف به للملأ على فقدانها للرجل الوحيد الذي أحبت.

عبد المحسن فرح لفرحة ابنته ومكوث حفيدتيه عنده، ومثقل أيضا بالوعد الذي قطعه لراضي قبل وفاته.

شاهين يوازن ما بين مسؤولية بنات أخته وعمله وهمومه الشخصية.

أسيل تبني الآمال مع كل تلميح تتلقاه من جهة منال.

أرملة راضي تقضي مدة عدتها، ومستقبلها مجهول.

عبد الرحمن يمضي قدما في بناء شركته وينوي تقديم استقالته حالما ينتهي من آخر ارتباط بمشروع لدى عمه.

غادة وسامر فقدا الصبر من عناد جلال وترانيم في أمر الزواج.

عبد العزيز ما بين ترقب وتوجس من زواجه القريب.

الوليد عقد عزمه للتقدم بخطبة قريبا.

سالم استلم أول معاشين له وأصلح سيارته، وبدأ في الإدخار لهدفه.

شادية ما زالت الصلة بين عمها الغافل و غالية اللحوحة، والهدف للنغزات واللمزات كلما رفضت خاطبا أو تزوج خاطب سابق لها بأخرى.

نواف ما زال بلا دليل يقوده لمعشوقته الهاربة.

=
=
=

دخلت كادي المجلس لترى لمار كالعادة تلعب على جهاز البلايستشن مع ابن خالتها سيف. قالت لتغيظها: "وإنتي عمرك ما بتكبرين؟"

التفتت لمار جهتها مضيقة لعيونها بامتعاض: "عشتوا! خلاص الأخت بتتزوج وصارت تشوف نفسها علينا!"

احمرت وتوترت: "وإنتي كل مرة تشوفيني فيها لازم تطرين زواجي؟"

غمزت لها لمار بابتسامة عريضة: "طاريه هو اللي بيأدبك."

كانت كادي سترد بانحراج عندما لمحت ما يُعرض على الشاشة لتبتسم بخبث: "والله اللي شايفته هو إنك إنتي اللي قاعدة تتأدبين.."

للحظة نظرت إليها لمار بعدم فهم إلى أن توجهت بالنظر إلى الشاشة مثلها ورأت أن سيف قد استغل انشغالها ليتقدم عليها في السباق: "يا غشاش، يا لئيم!"

وبدأت تتوعد وهي تضغط على الأزرار بكل سخط وسيف يضحك متسليا.

ابتسمت كادي بحب وهي تراقب أختها، تلاحظ حالها المتحسن يوما بعد يوم.

كانت شديدة القلق عليها في الفترة الماضية، فوفاة أبيها كان وقعها الأعنف على لمار، وأصبحت تعيش في قوقعة أحزان صامتة.

تحمد الله على زيارات ابن خالتها سيف المتكررة لبيت جدها، فاللعب معه كان ما ساهم في إخراج لمار من الصمت الذي غلفت فيه روحها، شيء شاركته أباها المرحوم فيه، تلك النزعة للكتمان.

شيئا فشيئا، بدأ ألق طبعها المعهود عنها يعود.

=
=
=

بدا على وجه عبد الرحمن التفاجؤ عندما فتح الباب ورآه. لا يتعجب شاهين من ردة فعله هذه، فمنذ سنوات وعلاقته بعبد الرحمن يشوبها البرود، ويعترف أن له ذنبا في ذلك.

دعاه داخل شقته بصمت مذهول، ليجلسا بعدها في غرفة الجلوس في صمت لحظي قبل أن ينطق شاهين: "سمعت من أبوي إنك ناوي تقدم استقالتك.."

أجابه عبد الرحمن: "إيه.."

لا يعرف كيف يبدأ القول، لكنه حاول: "إذا كان قرارك هذا بسببي.."

عندها ابتسم له عبد الرحمن بطيب خاطر ذكره بوقت مضى، يقاطعه: "مو كل شي له علاقة فيك يا المغرور." استطرد مفسرا: "السالفة وما فيها إني أبي أبني شي خاص فيني، وبصراحة قلبي في التجارة مو البنوك.."

عقد شاهين حاجبيه بتشكيك: "متأكد..؟"

أومأ له عبد الرحمن بنعم، ثم سأل بتردد: "ليش ما تدور لك شي برا البنك بعد.. وضعك.."

ولم يكمل، لأنه أمر لا يحتاج الإطالة.

ابتسم بسخرية على حاله الذي لاحظه الكل: "قاعد أثبت لأبوي نقطة.."

منذ تلك الحادثة، سحب أبوه كل الدعم منه وطرده خارج بيته.

كان صعبا، الوقوف على قدميه وحيدا بعد عيشه تحت كنف ودلال أبيه، لكنه عقد عزمه وجاهد ليؤسس نفسه بنفسه، حتى تقدم بعد سنوات بطلب عمل في فرع بنوك الجبر الرئيسي، مقر عمل أبيه. قبل أبوه طلبه، وعينه في أدنى الرتب وشدد عليه إلى درجة عدم معرفة الناس بحقيقة علاقتهما كإبن ووالده، حتى صعد رغما عن العوائق التي وضعها أبوه لمنصب مسؤول.

لم يعد للعيش في بيت أبيه إلا بعد طلاق منال وبطلب راج منها هي. وبكل صراحة، توقع رفض أبيه ليصدمه بعدم قول كلمة معترضة وتجاهل وجوده فحسب، وهذا جعل شاهين أكثر إصرارا في البقاء وجعله يعترف به بدل الهروب وبدء شيء بعيدا عن كل هذا.

(لسان حاله مع أبيه أصبح: أنا هنا.. أنظر إلي.. اعترف بي وبما أنجزته.. سامحني على ما فعلت ولم أفعل..)

قال يخرج نفسه من غمرة أفكاره تلك: "تعرف إن أبد ما كان عندي شي ضدك، صح؟"

رد الآخر بكل جدية، لأن كلاهما يعرف سبب التحفظ القائم بينهما: "أدري.."

لطالما كانت أم عبد الرحمن المعكرة لصفو علاقتهما. شيء مؤسف بحق.

لم يكن لشاهين إخوة رجال، لكنه منذ الصغر رأى عبد الرحمن في محل الأخ.

=
=
=

جلست شادية على "الفرشة" التي كان ينام فيها جدها في الحوش، وهزت كتفه بلطف توقظه من قيلولته التي أخذها بعد عودته من صلاة الظهر: "قم يبه، حطيت الغدا لك.."

نهض جدها وجلس أمام السفرة التي وضعتها له، وجلست هي جانبه، فجدها لا يحب الأكل وحيدا. قال بامتعاض بعد تفحصه السفرة بنظرة مقيمة: "نسيتي اللبن يا بنت. تعرفين معدتي ما عادت مثل أول وشابت، يبغالي من ذا اللبن عشان أمشي حالي.."

قامت من فورها وقالت: "يوه، نسيت! وكمان وش قلنا عن طاري الشيب، مو أنا وإنت اتفقنا على إنك أبو الشباب كلهم؟ شوفني أنا شيبة مقارنة فيك."

ابتسم جدها بحبور: "إنتي اللي سويتي السالفة ذيك كلها، ولا أنا مالي دخل!"

شهقت بمبالغة طريفة: "ذي خيانة عيني عينك يبه! ذي فيها قطع أرحام!"

عندها هتف بتهديد عرفت شادية أنه لن ينفذه بسبب تلك الضحكة التي أفلتت منه: "قومي جيبي اللبن قبل لا أكسر راسك بالشبشب! ذلتينا الله لا يذلنا!"

أسرعت في خطواتها تمثل الخوف من تهديده، وابتسامة عريضة مرتسمة على شفتيها. كم تحب هذا الرجل، جدها علي الذي كان أبا ثان عوضها عن حنان أبيها المرحوم، أولاها اهتماما ومداراة لم يعطها أحد. رجل عزيز النفس والكبرياء. رجل أعند من صخر وأشجع من أسد. رجل من شدة حبها وتعلقها به ربطت أمر زواجها فيه.

جدها يحتاج إلى مراعاة وعناية لكنه يرفض اعتناء أي أحد به سواها هي وأحيانا عمها سالم، ويرفض أيضا الانتقال من بيته هذا إلى أي بيت آخر. دائما ما قال أن هذه القرية دفنت فيها جدتها صفية، وسيموت ويدفن فيها إذا أتى أجله ولن يبرحها لأي مكان.

لا تستطيع الزواج والمضي قدما في حياتها وقلبها غير مطمئن عليه، فهي تعرف أنه مع غيرها سيكابر ويخفي ويضر بنفسه.

لذا وضعت شرطها، ذاك الذي بسببه رفضها الكثيرون: إذا تزوجت سيكون على زوجها السكن معها في هذا البيت، فهي لن تخطو خطوة واحدة خارجه.

الكثيرون رأوا في شرطها استنقاصا لهم ولما يملكونه من خير، من إمكانيتهم على توفير العيشة المرفهة لها. لِمَ تفضل هذا البيت المتهالك على الشقق الحديثة والفلل الفخمة والمزارع الشاسعة؟ هل كانت تريد إظهارهم بمظهر عديمي الكرامة، تتفضل عليهم هي ببيت أهلها؟

لم تخبر أحدا سوى غالية أن السبب الحقيقي لشرطها كان جدها، فهي خشيت من إجبار جدها لها على الزواج إذا علم بالحقيقة، وهي لا تستطيع رفض طلب له إذا أمر.

صوت جدها الحاني أيقظها من خواطر ذهنها، لتدرك أنها كانت تقف وبيدها اللبن بشرود: "خير يا بنيتي؟"

ابتسمت له تطمئنه: "ولا شي يبه.. ولا شي.."

إذا كان عليها الإنتظار طول عمرها لتجد رجلا جديرا يقبل بشرطها، ستفعل، لكنها أبدا لن تتنازل قدر إصبع عن عهدها.

=
=
=

تنهدت منال بضيق مجيبة لشاهين عن سبب قلقها البادي وشرودها المهموم: "خايفة يا أخوي يأخذوا لمار مني.."

استفسر: "قصدك أعمامها؟"

أومأت له بنعم: "كادي خلاص مخطوبة وما ينخاف عليها، لكن المشكلة في لمار.. أخاف يطالبوا فيها ويورونها الشقى، ذولا ناس ما يرحموا.."

على غرار راضي، فإن إخوته كانوا أولي مصلحة وطمع، اتكاليين لا فائدة ترجى منهم. لم يكن لهم حضور سوى لأخذ المال من أخيهم.

تعرف منال أنهم سيتخذون لمار وسيلة في لي ذراعها وسحب كل ما يستطيعون منها، لن يداروها ولن يهتموا بها مطلقا.

بدا أخوها كأنه يفكر في خطة بعيدة المدى عندما قال: "لمار بتبقى عندك إن شاء الله، لا تخافين.."

=
=
=

أجاب عبد العزيز سؤال أمه وهدى: "ما عندي جدول أمشي عليه ولا بسوي واحد، شغلي حاليا ما يساعد. لاحقين على شهر العسل وخرابيطه بعدين.."

لتقول أمه تنظر إليه بمعنى: "ولاحقين كمان على زيارة جدتك.."

استرجته هدى: "واللي يرحم والديك لا تفشلنا في كادي! حرام عليك توديها بيت جدتي اللي في آخر الدنيا وهي توها عروس!"

رد ببرود: "وأنا قطعت وعد لأمي مريم أزورها ومعي زوجتي بعد ما أعرس على طول، ومو ناوي أخلف به.."

وضعت أمه يدا على خدها بقلة حيلة، وهدى هزت رأسها بأسى: "صدقني بيت جدتي بيخلي كادي تهج من عندك من الخوف.. أبدا ما راح تستحمله!"

لم يلقِ لمخاوفهم بالا، وعدم مبالاته ذاك جعل هدى تتحلطم بيأس: "عشرة وصداقة سنين بتروح في المشمش بسبة ولدك هذا يمه!"

=
=
=

تنهدت لمار بضجر، تركب السيارة بصمت.

متى ستتعلم أن تتفقد الرسائل قبل أن تتجهز للذهاب للجامعة؟ ها هي الآن قد ذهبت دون علم أن لا محاضرة لها اليوم بسبب اعتذار الدكتورة عن الحضور، لتكتشف أن رحلتها كانت بلا فائدة بعد وصولها.

كانت تفكر بشرود إلى أن لاحظت أن مسار السيارة بدا مألوفا لها، ولا عجب.

في طريقها لبيت جدها من الجامعة، كان السائق يمر بالشارع المؤدي إلى بيتها القديم. كل يوم كانت لمار تصد بالنظر عن ذاك الشارع والذكرى التي أحياها مرآه، لكن اليوم، طلبت من السائق الاتجاه جهته، إلى ما كان البيت الذي جمعها بأبيها المرحوم.

تساءلت وهي ترن الجرس إذا كان هناك أحد في البيت، وهل حقا بقيت زوجة أبيها فيه لأجل عدتها؟ إذا فعلت فلابد أنها بمفردها، فميشا رافقتها وكادي إلى بيت جدها، وكذلك فعل السائق.

كانت ستستسلم وتذهب بعد بضع دقائق قضتها دون إجابة، لولا ذلك الصوت الذي دل على أن أحدهم أجاب على الإنتركوم وينتظر تعريفها بهويتها. على الفور قالت: "فيه أحد؟ أنا لمار.."

مرت لحظات قبل أن يُفتح لها الباب دون رؤية من فتحه لها، لكنها سرعان ما رأت زوجة أبيها واقفة ورائه عندما أغلقته.

لاحظت لمار الحذر في تصرفات زوجة أبيها ولم تتعجب، فامرأة لوحدها بدون أي أحد معها ستكون عرضة للخطر.

نظرت لمار حولها لترى أن البيت ظل كما هو، لا تغير باد فيه.

سألتها زوجة أبيها بفضول وهما تتجهان نحو مجلس النساء: "فاقدة شي؟"

تكفلت كادي بنقل كل ما يحتاجانه من غرفتيهما إلى بيت جدها، ولم تأت لمار مرة قط بدلا عنها. أتتعذر بغرض تحتاجه تبرر فيه سبب زيارتها، أم تخبرها بالحقيقة؟

أخيرا أجابت وبصدق: "لأ.. جيت أشوف حالك.."

ستقتلها كادي حتما، ستجرح أمها قطعا.. لكن..

لكن..

لم تستطع إلا أن تحزن من أجلها، هذه المرأة أمامها، ولم تشعر سوى بانفطار قلبها لرؤية نظرة عدم الاستيعاب تكتسي عيونها، كأنها لا تصدق فكرة سؤال شخص عنها.

=
=
=

قد استخار وفكر مرات عدة في قراره هذا. أجل تنفيذه لحين حتى اليوم.

في مجلس الخال سامر قال الوليد يعلن عن هدفه من هذه الزيارة بالذات: "جايك يا خالي أطلب قربكم ويد بنتكم الكبيرة.."

انتهى البارت..~

أبها 24-12-17 11:13 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلم الأيادي الفيورا ..🌷

تصدقين الفيورا ما كدر خاطري بالجزء هذا
إلا ليال ...😢😢😢
ليش مخلينها بروحها في بيت وش كبره .!!!
على الأقل خليتوا معاها الخادمة ..!
أمرها عجيب زوجة راضي !
هل يعقل أن ما لها أحد من عايلتها يجلس
معاها فترة العدة ؟🤔
و الله كاسرة خاطري .😭
لمار بنت حلال و قلبها نظيف ان شاءالله
تتوثق العلاقة بينهم و يمكن يصير بينهم جلسات فضفضة
تعرف من خلالها لمار حقيقة زواجها من أبوها
ماهي وصية راضي لعبدالمحسن ؟؟
أكيد شي يخص زوجته ..
هل ينتظر انقضاء فترة العدة ،، ثم يبلش في تنفيذ وصيته !
يجوز ..

كل الشكر و التقدير الفيورا ،،بانتظارك باذن الله

bluemay 24-12-17 06:44 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

بعتذر عن التأخير
بسبب ظروف صحية والله المستعان.

عن جد اني انصدمت ولو اني كنت متوقعة انه ممكن ليال تكون منعزلة

بس مو لدرجة انه حتى شغالة ما معها!!!


و رحمتها والله لأنه ما في اصعب من إنك تكون ميت وانت حي ..

لامار ما خيبت ظني وطلع فيها طيبة قلب ، خلتها تتواصل مع ليال ..

بتمنى تفتح لها قلبها وتسمح لها تقرب منها ولو انه صعب لوحدة عاشت متكتمة ومتحفظة لأبعد الحدود..


نجي للوصية ، هل لها علاقة بليال متل ما اتوقعت أبها

ما بعرف ليش ربطتها بشاهين من اول مشهد لها وهي بتحكي عن استقبال عيلة راضي لها
وقتها بقرارة نفسي قلت انه ممكن يجمعهم النصيب

اليكم تخميني عن السيناريو الآتي:

ابو شاهين رح يكشف الحقيقة ع القليلة لمنال لو مو للكل

و اتوقع انه منال مشان تكفر عن احساسها بالذنب رح تقنع شاهين يتزوجها

وطبعا شاهين مو غنمة مشان يطيعها لكن الامر بوافق هواه

لما يعرف قصة ليال ويعجب فيها. <<< ارجوكم لاداعي للتصفيق العالي اكتفي بأيقونة شكراً لووول


يسلمو ايديك يا إل في

وكلي شوووق للقادم

تقبلي مروري وخالص ودي

دانة الشرق 25-12-17 10:23 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
اتا بديت بالروايه اليوم وكثير فرحانه اني معكم من بدايتها
شوي الشخصيات اخذتني يمين وشمال وكنت اتخربط بالاحداث بس هلا تمام
اشك انه زوجة نواف هي نفسها زوجه ابو كادي واللي اكيد حكى لابوى شاهين عن سبب زواجه فيها ووصاه عليها
لمار عجبتني شخصيتها كثيير طيوبه وبتفكر (بليال)زي ما سميتوها هههههه....طيب شو السر للان ما عرفنا اسمها
بتمنى اعرف ايام تنزيل البارت
وشكرا كثير وبنتظارك وانا كنت من متابعينك بروياتك وكثير اسلوبك بجنن

الفيورا 25-12-17 06:18 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
كالعادة تعليقاتكم تزيدني فرح يوم بعد يوم. شوي تأخرت اليوم لأني واجهت مشاكل في الاتصال..
وبالنسبة لأيام التنزيل، فإذا الله قدرني على الاستمرار على الرتم الحالي، فبيكون التنزيل أيام السبت، الاثنين، الأربعاء، وأخيرا الخميس.

العاشرة

=
=
=

أخبر عبد الرحمن سالم عن الغداء الذي سيجمعه مع رجل أعمال بهدف الاستثمار في شركته النامية. رتب عبد الرحمن كل شيء، من الاستراحة التي سيستضيفه ووفده فيها، إلى المضيفين، لكن بقي أهم شيء: الغداء نفسه.

كان سيكلف أي مطعم جدير بصنع مائدة غداء تليق بالوفد، لكن ظروف رجل الأعمال هذا بالذات عرقلت ذلك الترتيب، فهو سعودي يعيش في كندا، وقد اشتاق إلى الأكل الشعبي البيتي، فأكل المطاعم المقلد أبدا لا يستهويه.

قال سالم يصف بكلمة وضعه: "ورطة.."

تنهد عبد الرحمن، يومئ موافقا بضيق: "واعدتهم على الغدا بكرة، وش أسوي..؟"

بدا على سالم التفكير، يد تحك تحت ذقنه، قبل أن يقول: "أظن عندي الحل.."

رمش عبد الرحمن بعجب: "حل وشهو؟"

أجابه بابتسامة: "وش فيك فاهي؟ أكيد أقصد حل لوضعك!" دق صدره بثقة: "خلي الغدا واللي معه علي! إنت بس أعطيني موقع الاستراحة واستريح.."

وحقا هذا ما فعله عبد الرحمن عدا عن بند الراحة ذاك، فهو قضى الوقت متوترا متوجسا متسائلا ما الذي كان يعزمه سالم، وإذا كان من الصواب إعطائه كل تلك الثقة، حتى أشرقت شمس الغد واقتربت ساعة الصفر. بقي على مجيء المستثمر ساعة ولم يأت سالم بعد.

-: "ارحم نفسك يا دحيم! تراك حفرت الأرض وإنت تروح وتجي.."

أخيرا تنفس الصعداء لرؤية سالم يقف أمامه وفي صندوق سيارته العديد من الحافظات، ينظر إلى ساعة يده وراض بالوقت الذي حضر فيه: "الوقت حلو، على رأي بنت أخوي يمدينا نسخن ونرتب على بال ما يجون.."

من شدة راحته اكتفى عبد الرحمن بهز رأسه مؤيدا بشرود.

بقي فقط الدعاء أن ينال ما جلبه سالم إعجاب المستثمر.

لم ينتظر الكثير ليعرف الحكم، فالغداء نال استحسان المستثمر بشدة، مشيدا عليه بإعجاب وجده عبد الرحمن مفرطا. لكن الحق يُقال، كان الغداء يستحق كل ذلك الثناء، ولكن للأسف، لم يبق منه شيء يرجعه معه إلى شقته.

انتهى الغداء بتأكيد المستثمر دعمه له، وعندما قال سالم أنه سيذهب أيضا، استوقفه عبد الرحمن ليبلغه جزيل شكره وعظم امتنانه لإنقاذه من وضع صعيب.

رد سالم بضحكة: "وحدة بوحدة يا دحيم! ماله داعي الشكر."

لكن عبد الرحمن أصر: "كم.."

قاطعه بحدة: "إذا تبا طيب خاطري عليك، لا تكمل اللي كنت بتقوله، ترى زعلي شين." ناوله حافظة، ثم استطرد بتسلية لرؤية التفاجؤ عليه: "أدري إن المشافيح قربوا يأكلوا الصحون وما خلوا لك شي، عشان كذا.. هذا قسط مخصوص لك."

لم يزعج عبد الرحمن نفسه بتهذيبه وكياسته المعتادة، فهو جعل طبخ بيت سالم الاستثناء منذ زيارته الأولى: "شكلك تبغاني أتم متلصق عند بابكم.."

ليرد سالم دون تردد قبل أن يودعه، لا يمانع أبدا الفكرة، تاركا له لوحده: "حياك في أي وقت يا شيخ!"

قد لا يستطيع قول قوله هذا لمن أعدت هذا الغداء الذي أنجده مباشرة، لكنه قالها بأية حال لمرأى الحافظة بين يديه، مبتسما بعرفان: "تسلم يديك.."

=
=
=

استغربت ترانيم الجدية البالغة التي كانت مرتسمة على ملامح أبيها. استغربت أكثر استدعائها إلى مكتبه بهذا الشكل المفاجئ.

قال أبوها بعد لحظة صمت، يعلن سبب استدعائه لها: "جاني خاطب لك.." وقبل أن ترد ترانيم كلمة، أكمل مقاطعا: "بعطيك خيارين، يا إما تقبلين فيه، يا إما تقعدين بدون زواج."

استنكرت ترانيم كلامه. ظنت للحظة أنها لم تسمعه جيدا: "إيش؟!" لم تستطع تصديق أن كلاما كهذا قد يخرج من أبيها الذي لم يقل لها "لا" قط، الذي لم يجبرها على شيء مطلقا: "بتغصبني يبه؟"

هتف بحزم: "سميه اللي تبغين.." تنهد بحرقة قبل أن يردف: "تظنين إن رفضك للي خطبوك كل ذي السنين ما كان له عواقب؟ إن علاقاتنا بالناس بتظل زي أول؟ إن الناس ما راح تتكلم عليك بالشينة؟ خلاص، ما عاد فيني صبر أمشي رفضك اللي ماله معنى.. أنا الغلطان اللي خليتك تسوين اللي تبغينه كل ذي السنين."

الصدمة ألجمتها من انفجار أبيها بهذا الشكل: "يبه.."

قال عندها بتحد حازم: "أعطيني سبب واحد، سبب واحد بس غير إنك مو جاهزة لرفضك كل اللي خطبك.."

افترقت شفاهها للرد على الفور وإعطائه ذاك السبب الوجيه، لكنها وجدت أنها لا تستطيع.

بدا أبوها كأنه توقع ذلك وقال: "هذاني أعطيتك خبر.. عندك ثلاث أيام تفكرين فيها وتعطيني ردك.." وذهب بنظره إلى أوراق عمله، متشاغلا عنها بكل برود كأنه لم يزلزل عالمها قبل لحظات.

لم يكن بوسعها سوى الخروج من مكتبه بغضب هادر حزين.

=
=
=

راقب سامر خروج ابنته بأسى.

لم يظن أبدا أن هذا ما سيؤول به الحال، لكنه لا يرضى على ابنته كلام الناس ورميهم لها بالاتهامات المبطنة.

على الأقل، هو مطمئن للوليد وطيب أخلاقه، ولديه الإعتقاد أنه سيكرم ابنته ويعزها.

=
=
=

سألته زوجته ذات مرة، منزعجة من تردد نواف على عتبة دارهم، أحقا لا يعرف أين هي ابنة أخيه فيصل؟

الحقيقة كانت نعم، لا يعرف.. رغم استطاعته الحصول على الجواب بسهولة. لكنه يعرف أن نواف يراقبه، ينتظر تلك اللحظة التي يتصل حامد بها ليتعقبها.

الحق يُقال، لم يكترث قط لها، ولم يكن ذلك بسببها هي، بل بسبب أبيها، أخيه من الأب.

كان أبوه خالد رجل محب للسفر، وصدف في إحدى سفراته أن تزوج على أمه، لينتج ذلك الزواج فيصل. فيصل الذي أتى به أبوه فجأة وأجبر أمه على الاعتناء به كأنه ولد لها. فيصل الذي كبر ليصبح مستهترا كثير المشاكل لا يتفق ولا ينخرط مع إخوته. فيصل الذي كان حله لمشاكله الهروب والاتكالية. فيصل الذي كان محبا للسفر كما كان والده، ليكرر فعلة أبيه ويتزوج في إحدى سفراته ويحضر ابنته الوحيدة معه. فيصل الذي مات بعد عودته بقليل وفي عز شبابه، لتصبح مسؤولية ابنته مسؤوليتهم على مضض.

ربما كانت إيجابية فيصل الوحيدة أنه كان يحب ابنته حبا جما، حتى أنه أوصى بها برجاء وهو يجاهد أنفاسه أن تتوقف.

تنقلت ابنة فيصل بين بيوتهم، وكلما سئم أحد أعمامها أو عماتها منها ومن المشاكل التي تسببت بها، أعطوا مسؤوليتها لمن يلي.

كانت في الثامنة عشر وتحت عهدة حامد عندما أتى نواف يخطبها. لم تكترث عندما قال أنها ستكون زوجته الثانية، بل كانت مصرة كل الإصرار على الموافقة عليه.

حذرها حامد عندها ألا تشتكي إليه إذا ندمت على قرارها، ولم يمض وقت بعد زواجها إلا وأتت إليه هاربة من نواف، تثبت له أنها كانت بحق ابنة فيصل.

وقتها لم يستمع لما أرادت قوله وتبريره، قد قال أنه لن يزعج نفسه بتحمل مسؤوليتها بعد الآن وكذلك إخوته. إما أن تعود إلى نواف أو تبحث عن مكان آخر تلتجئ إليه بعيدا عنهم كلهم.

وحقا، عادت إلى نواف، ليمضي وقت أطول قبل أن تعود إليه هاربة مرة أخرى، تتوسله ألا يرجعها إلى نواف وأن يطلقها منه، تتعهده أنها لن تطالبه بشيء بعدها، أن تقطعهم كلهم بالكلية إذا حقق لها طلبها ذاك.

رؤية انكسارها ودموعها الراجية، دموع لا يذكر أنه رآها تذرفها قط، حرك شيئا داخله، تجاه ابنة فيصل الذي لطالما مقته، ليتذكر لحظتها أنها كانت يتيمة قبل سنتها الأولى..

وقف أمام نواف وواجهه، وأخذ حكم الطلاق الذي أرادته. يذكر الفرحة العارمة التي ارتسمت على ملامح وجهها لرؤية الورقة التي أثبتت انفصالها عن نواف. يذكر قولها ودموع الفرح تتلألأ في مقلتيها: "مشكور يا عمي.. مشكور.."

كانت تلك المرة الأولى التي وجهت له الحديث كعم، كسند..

يذكر حامد وعد نفسه منذ تلك اللحظة، أنه ما دام في قلبه نبض، فإن نواف لن يصل منها طرفا.

=
=
=

رجع سالم إلى البيت والحماس يسيره ليخبر شادية ويريحها أن الغداء الذي أعدته قد لقي إعجابا، وكان سيدخل المطبخ لولا سماعه لذاك الصوت الذي أرقه اشتياقه إليه، صوت غاليته المتذمر. ببطء شديد تراجع للوراء، يستند بظهره على الجدار جوار باب المطبخ، يغمض جفنيه وينصت: "يختي انكسر ظهري من كثرة القدور! اعتقيني لوجه الله ودوري لي شغلة ثانية أساعدك فيها بدل البهذلة ذي!"

ردت شادية عليها ببرود لا مبال: " إنتي اللي تبرعتي وقلتي بتساعديني بشي غير الطبخ.."

تأففت غالية: "يا ليل ما أطولك! والله غلطان اللي يقول بيساعد وحدة ظالمة مثلك." أكملت تتمتم وصوت القدور التي كانت تفركها يقاطع كلماتها: "وليه أتعجب وعمك أكبر ظالم.."

ابتسم سالم بسخرية. كانت محقة، فهو كان أكبر ظالم لنفسه في حرمها رؤية من سرقت قلبه من سنين الطفولة، كان أكبر ظالم لنفسه في التزامه عهدا أدمى روحه ظمأ لقربها، كان أكبر ظالم لنفسه في ظنه أنه يقدر على بعدها بينما هو يعلم أن لمحة منها فقط ستضعفه حد الاستسلام.

فتح عيونه ليرى شادية تقف أمامه تنظر إليه باستغراب قلق. أشار عليها بإلتزام الصمت وعدم إخبار من عاثت في نفسه الفوضى دون رؤيتها حتى بوجوده، وانسحب بعدها يتجه إلى ملحقه، ليلملم شتات نفسه، يصبرها بكلمات أصبحت كالنفس من كثرة ترديدها.

"هانت، هانت.. كلها كم شهر وترجعيلي يا الغالية.."

=
=
=

رمشت زينب بعجب من كلام ترانيم، غير مصدقة أن العم سامر قد انفجر عليها بتلك الطريقة.

هي وترانيم صديقتان منذ الأزل، وعلى الرغم من طبع ترانيم الصعب، فإن صداقتهما ازدادت صلابة مع الأيام والشهور والسنين. تعرف أن ترانيم تخفي قلبا نقيا قادر على الحب والولاء بعنف وإخلاص تحت ركام كبرياءها، فلن تنسى تلك الأيام التي تدهور فيها حال مطاعم أبيها ووصولها إلى الإفلاس، كيف أن كل "صديقاتها" تركنها كأنها شيء موبوء.. إلا ترانيم. ظلت هي تعاملها كأن شيئا لم يتغير، تلعب معها، تزورها، تساعدها.. وصل الأمر أنها كانت تشتري من كل شيء اثنين، واحد لها وواحد لزينب، لم تشعرها قط كأنها تتفضل عليها، بل بكل بساطة أنها صديقتها التي أحبت مشاركتها بشيء أعجبها.

وعندما عاد أبوها إلى الساحة وبنى سلسلة مطاعمه من جديد ورجعت حالة عائلتها كالسابق، أتت "الصديقات" يتهافتن عليها كأن شيئا لم يكن، لكن زينب تعلمت درسها، وفضلت قضاء وقتها مع ترانيم.

مشكلة ترانيم كانت في مبالغتها في المجاملة واقتدائها بأمها التي كانت سيدة مجتمع لؤلؤية. لا تدري كيف تحتمل الجلوس مع تافهات لا تطيقهن حتى من أجل مكانة رمزية. حتى في أمر الزواج وضعنها تحت المجهر، يضغطن، يدققن، يتلامزن.. حتى باتت ترانيم ترفض بدون أي سبب يذكر رغم أنها ذكرت أكثر من مرة لها أنها لا تمانع فكرة تكوين أسرة!

إجبار العم سامر ترانيم على اختيار بين الزواج والحرمان منه كانت فرصة ذهبية، وستستغلها زينب لتحصل صديقتها على الاستقرار. تعرف أن العم سامر لم يكن ليجبرها على الزواج بمن لم يره جديرا، ولهذا اطمأنت وبدأت تنفذ خطتها: "وليه ما توافقين؟"

نظرت إليها ترانيم بعجب، لتكمل: "وافقي وأرضي أبوك، وبعدين انتقمي من عريس الغفلة على راحتك.."

استفسرت بتشكيك: "تبيني أطين عيشته معاي؟"

هزت زينب رأسها بالنفي بشدة: "لا، لا! إنتي استدرجيه لك وخليه يتعلق فيك، وبعدها بفترة معتبرة أبدي شوي شوي تردي كرامتك منه، لا هو بيطلقك بدري وتصير فضيحة لك ولأهلك، ولا هو بيتهنى فيك للأبد.."

بدا على ترانيم التفكير مليا بما تقوله، تقتنع به.

تعرف أن كبرياء ترانيم عصي عنيف لن يرضى على أن يجبر على شيء. فقط خطة مجنونة كهذه ستدفعها بالقبول على هذا الزواج.

دور زينب كان في إقناع ترانيم بالقبول، وأما الباقي كان على "عريس الغفلة"، أن يقنعها بترك الثأر لكبريائها والاستمرار معه.

انتهى البارت..~

أبها 26-12-17 12:35 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلم يدك و يسلم كلك يا الفيورا ...

😭😭😭😭😭😭😭😭

كل هذا صار في ماضيك يا ليال ؟؟

ليش يا حامد كل هالقسوة على بنت ضعيفة من لحمك ودمك
طيب أخوك و ما تحبه بسبب أطباعة اللي مو عاجبتك
بنته الصغيرة مالها ذنب .!
حامد يعرف راضي بطريقة ما و هو اللي طلب منه إنه
يتزوج ليال .. راضي علمه إنه يعشق زوجته و يحب أسرته
و ما يبي يخرب حياته ..
حامد ترجاه رجاء حار أنه ياخذها لو زواج على ورق
علشان ما يطولها نواف ، اللي ما ندري شنو كان
يسوي في ليال لدرجة إنها تهرب منه مرتين ..!
راضي انحط في موقف لا يحسد عليه و اضطر إنه يتزوجها رغم الفارق العمري الكبير اللي بينهم ..
😢😢 للحين فيني صياح على حال بطلتنا .
الله يعوضها خير و تكون وصية راضي
سبب في تبدل حالها من حزن إلى فرح ..


ترانيم ليش حاقدة على الوليد ..؟
باسم الله الرحمن الرحيم ..يا فتاح يا عليم ..
مخططات و تطلع عيون و ما دري إيش!!!!
ليش الأخت وين بتروح ؟؟🤔
ماني عارفة بنات هالوقت ليش تفكيرهم سطحي
و نصايح زميلاتهم الهدامة قبل الزواج .. !!!
يا أختي هذا زواج ..مؤسسة أسرية مشتركة بينك و بين زوجك
عطيها يا زينب نصايح تكون سبب في نجاح زواجها و سعادتها
الله يهديكم بس ...

عبدالرحمن يااا عبدالرحمن .
طحت في قدور شادية و محد سمى عليك ..😂
و أنتي يا شادية نسيتي تقرين على نفسك الأذكار
لا تحوشك عين واحد من هالوفد ما سمى على هالطبخ الزين ،
إي والله تسلم يدك يا شيخة البنات ..
أنا أظن إن عبدالرحمن راح يحول مشروعه الجديد
إلى فتح مطعم شعبي في المنطقة بإدارة ( ش ) 😁

كل الشكر و التقدير يا الفيورا 🍃🌷🍃

ندا المطر 26-12-17 12:39 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
رواية حلوة كما تعودنا من الفيورا
ليال زعلنا عليها وعلى ظروفها.. بس الحلو انها متقبل واقعها برضى.. اللي مستغربته الاحساس بأنه معظم المشاكل عمتكون بسبب الصمت وعدم الايضاح.. ليش راضي ما وضح موضوع زواجه لمنال.. وبالذات انه كان زواج صوري..
شادية واكل شادية يا ترى لوين حيوصلها بعدين..
متابعين معك كالعادة عزيزتي

الفيورا 27-12-17 10:25 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أهلا أهلا بالكل!
البارتات 11 و 12 راح تتمحور حول كادي وبداية حياتها مع عبد العزيز ومن ثم راح نستأنف برنامجنا المعتاد..

الحادية عشرة

=
=
=

خرجت كادي إلى حديقة البيت، تلك البقعة البديعة المحببة إلى قلبها. قد حكت لها أمها مرة أن جدها عبد المحسن بناها لتحقيق أمنية جدتها عزيزة في الحصول على حديقة داخل بيتها، ليحققها بهذا الشكل الرائع الذي ما زال يحافظ عليه على الرغم من وفاة جدتها منذ عقود. لطالما بعثت هذه الحديقة في نفسها الهدوء والسكينة، خصوصا في الليل، شيء تحتاجه وبشدة، فزواجها بقي عليه يومان وتوترها بلغ أقصاه.

باقترابها، وجدت كادي أنها لم تكن الوحيدة التي فكرت في الخروج للحديقة.

رأت لمار عند الشجرة الضخمة وسط الحديقة، تتمسك بجذعها بشكل غريب. سألتها بتوجس: "وش قاعدة تسوين عندك؟"

التفتت لمار إليها فجأة وعيونها تحكي قصة من قُبض عليه بالجرم المشهود، لتبتسم عندها باستظراف: "تتذكرين أيام زمان لما كنت أتسلق ذي الشجرة؟"

أجابتها بوجوم: "أتذكر كل مرة قربتي تطيحين فيها.." ضيقت عيونها بشك: "لا تقولي ناوية تعيدين أمجادك يا لارا كروفت؟"

ضحكت عندها لمار بتوتر: "جاني فضول يختي، كم سنة مرت؟ أكيد اللحين كبرت وما بطيح..!"

جرتها كادي بصمت بعيدا عن الشجرة، وانصاعت لها لمار بسهولة فاجأتها، لتقول بعد أن دلفا داخلا: "بما أنك صاحية وشكلك مو ناوية على نومة، وش رأيك نسهر لنا على فيلم قبل لا يسرقك عريس الغفلة مني؟"

لم تستطع كادي كبت ضحكة: "لعبة أنا عشان أنسرق؟" فكرت للحظة قبل أن ترد: "طيب، ما عندي مشكلة.."

قفزت لمار بحماس: "حلو! خليني أجهز لسهرة ما حصلتش!"

مشت بخطى يسوقها الحماس إلى المطبخ، تاركة كادي تراقبها بشجن باسم.

وعندما أنهت لمار تجهيزاتها ورأت التشكيلة العامرة من الشيبسات والحلويات والعصائر التي تنتظرها، قالت قبل أن تنطق كادي بكلمة اعتراض: "لا تخافين، ما في شي هنا عندي حساسية منه."

حسنا إذا، لن تعترض، لكنها ستتفقد ما أحضرته أختها ليطمئن قلبها.

انضمت إليها بحماس وليد: "عسى اخترتي أفلام سنعة مو خرابيط الرومانس حقتك؟"

أومأت لمار بثقة وهي تفتح لابتوبها: "أدري بذوقك جرائم وتحقيقات وغموض. حملت لي كم فيلم بيعجبوا حضرتك.."

كانت سهرة مشابهة لكثيرات في الماضي، ممتعة جميلة بحق، بعثت فيها تلك السكينة التي سعت وراءها رغم صخبها.

سمعت لمار تقول بهمس قبل أن تخلدا إلى النوم بعد أن صليا الفجر: "لا تنسيني، أوكي..؟"

ردت كادي تطمئنها: "عشان تتورطين بداهية في الثانية اللي أغفل فيها عنك؟ العبي على غيري، بنشب لك حتى وأنا عجوز بعصاتي."

ضحكت لمار من ردها، وشعرت كادي بقدر الراحة التي بدت فيها.

=
=
=

استغربت منال تأخر ابنتيها عن مائدة الفطور. بحثت لفترة قبل أن تجدهما نائمتين في غرفة لمار.

كان منظرا مطابقا لما عهدته منذ زمن نتيجة سهراتهما معا، بكادي المقطبة ملامحها بإنزعاج ولمار بأحد وضعياتها العجيبة. هذه المرة، تسببت وضعيتها في ضغط قدمها اليسرى على خاصرة كادي.

سمعت كادي تتمتم بضيق ناعس: "يرحم أمك لمار عدلي وضع رجلك السايبة ذي!"

لم تلق جواب، ولا حياة لمن نادته، فلمار كان نومها ثقيلا حد الغيبوبة.

أعطتهما منال دقيقتين قبل أن تخطو مقتربة لتوقظهما.

=
=
=

ترقرقت مقلتاها بالدموع عندما رأت نفسها بالأبيض، على بعد دقائق من زفها لمن أصبح زوجها.

لم تشعر إلا وأمها تمسح الدموع قبل أن تفسد زينتها وتعب ساعات، تسألها بحنان دافق: "وش فيك يا بنتي؟"

هزت كادي رأسها تحاول طمأنتها لكنها فشلت: "تذكرت أبوي.. كان يتمنى يشوفني في الأبيض.." تنهدت والحزن يكسو صوتها: "الله يرحمه.."

رددت أمها وراءها: "الله يرحمه.."

لاحظت عمق الحزن الذي جاهدت أمها في إخفائه دون جدوى، فصمتت.

-: "ما شاء الله! قريتي على بنتك يا خالة ولا لسى؟ متأكدة أخوي راح تضيع علومه لما يشوفك..!"

اقتحام هدى المرح للغرفة أخرجهما من غمامة الأحزان. استأذنت أمها بابتسامة خالطها العرفان خارجا لتتفقد آخر التفاصيل قبل أن تُزف.

ردت كادي بابتسامة ضاحكة: "شوفوا مين يتكلم! وين مصعبوه عنك عشان يشوفك مشعللة بالأخضر؟"

تنهدت هدى بضيق مبالغ مسرحي، تتحلطم من ذكر خطيبها ذاك، فهو سافر بعد ملكتهما للدراسة وما زال غائبا: "يلا هانت كلها كم شهر ويخلص دراسته الردية ذي.." سألتها عندها، تغير الموضوع: "متأكدة من سالفة زيارة بيت جدتي؟ ترى أقدر أقوله إنك رافضة.."

هزت رأسها بلا: "هو وعدها يزورها وما بخليه يخلف بوعده.."

ابتسمت لها هدى بقلق خالطه الرضا: "إن شاء الله عزوز يعرف قد إيش هو محظوظ فيك.."

عقدت حاجبيها: "ما تلاحظي إنك متحيزة كثير ضد أخوك؟"

لتضحك هدى، ترد: "مقدر أمنع نفسي وش أسوي؟ من يومنا نتناقر وحنا صغار..!"

وقبل أن ترد كادي، أتت أمها ولمار يخبرانها أن وقت زفتها قد حان.

=
=
=

أحيانا تحتاج لمار إلى تذكير نفسها، حتى وكادي تجلس أمامها على الكوشة.

أختها الكبرى ستتزوج، ستترك جانبها..

أختها الكبرى التي كانت شديدة الغيرة منها بادئ الأمر، ترفض مشاركتها ألعابها وحلواها، ترفض اللعب معها ومرافقتها..

أختها الكبرى التي تبدل موقفها منها عندما أضحت لمار طريحة سرير مستشفى بسبب قلبها المريض منذ الولادة. تذكر عهود ووعود كادي الباكية بإعطائها كل ما تريد، ستشاركها ألعابها، ستلعب معها. فقط طلبت منها أن تعود بصحة جيدة.

أختها الكبرى التي أصبحت قريبة منها، حافظة سرها، أعز صديقاتها. أختها الكبرى التي أصبحت المداري الأول لها، التي أفرطت في حمايتها، حتى من أخف نسمة.

(تذكر مرة كانت في الصف الأول الإبتدائي وكادي في السادس، تذكر تعثرها في خطواتها وتسببها في تلطيخ زي طالبة من الصفوف العليا بالعصير الذي كان بيدها، ورد تلك الطالبة خطأها ذاك بصفعة ثم زجر صارخ.

تذكر كيف كان منظر كادي، كادي الهادئة اللطيفة، مثال الطالبة النموذجية، غريبا وهي تتقدم لتلك الطالبة بغضب وتنهال عليها بالضرب إلى أن تدخلت المعلمات.

تذكر عدم اكتراث كادي بالتوبيخ الذي تلقته، فقط سؤالها لمار بقلق إذا كانت بخير).

ربما شجعت كادي على المضي قدما في حياتها بعيدا عن تجربة أمها وأبيها، ربما أغاظتها بأمر زواجها المقترب، لكن لمار أخفت وراء حماسها حزنا.

لكن.. لن تكون أنانية، فأختها تستحق السعادة مع زوج يحبها وأطفال تحيطهم بحنانها الذي تنعمت هي به منذ الصغر.

قاومت دموعها وهي تهتف بمرح، تحضن أختها بقوة تهنئها: "مبروك يا أحلى عروس! أشهد إن الكوش بتحرم تستقبل عرايس من بعدك!"

=
=
=

ابتسمت ترانيم بصدق لرؤية ابنة خالتها كادي عروسا تُزف. قد لا تكون علاقتها بها وثيقة هذه الأيام، خصوصا بعد طلاق خالتها منال وبقاء كادي ولمار مع أبيهم، لكنها ما زالت تتذكر الماضي الذي جمعهم كلهم كأطفال صغار. تذكر أن كادي كانت رفيقتها الدائمة في اللعب.

باركت لها، وردت عليها: "الله يبارك فيك، وعقبالك.."

للحظة، رحلت الابتسامة عنها، لتذكرها موضوع الزواج والوجع الذي رافقه، لكنها سرعان ما لملمت نفسها وردت الابتسامة بأخرى أكثر زيفا ومجاملة.

تعرف أن رد كادي كان عفويا، فطبيعتها بعيدة كل البعد عن الخبث والتلميحات التي عهدتها، وليس لأحد علم بخاطبها هذه المرة، لكنها تذكرت في النهاية، كلام أبيها وجرحها منه، تخييره لها بين موقفين، وقرارها الذي توصلت إليه.

=
=
=

كانت من أقل الحفلات تكلفا التي حضرها شاهين، حفلة زفاف كادي. لا يتعجب، فابنة أخته تلك لا تحب التكلف حتى مع قدرتها عليه.

أكثر عليها الوصايا وأخذ منها الوعود بأن تطلب مساعدته إذا احتاجتها ولا تتردد، وأخذ على عاتقه مهمة إيصالها وزوجها إلى شقتهما.

عندما رجع إلى البيت، اتجه مباشرة إلى مكتبه ليراجع المعاملات التي سيطرحها بعد ساعات، يبدأ فيها يوم عمل جديد، دافعا تعبه وإرهاقه.

أيقظه صوت طرق على الباب من استغراقه في عمله واستغرب، ليأذن للطارق بالدخول ويرى أنها كانت لمار. سألها، يخمن سبب مجيئها: "ما قدرتي تنامين؟"

أومأت له بنعم: "ما قدرت وكادي مو فيه.." استطردت تفرك يديها بتوتر: "كنت بروح لامي وما أزعجك بس لقيتها نايمة، المسكينة هلكت نفسها شغل من بداية الأسبوع.."

رؤيتها تحاول تبرير لجوئها إليه وقطع سكون مكتبه فطر قلبه. لانت ملامحه بالحنان الذي تدفق إلى صوته وهو يأمرها بالإقتراب: "ما دامك جيتي، ساعديني ورتبي ذي الأوراق.."

ابتسامة لمار المليئة بالعرفان دلت على أن انشغال ذهنها بشيء ولو كان بسيطا كترتيب أوراق كان ما تبحث عنه تماما.

=
=
=

ظل ناظرها متركزا على يديها من اللحظة التي جلس جانبها. عبد العزيز، زوجها.

ستحتاج إلى وقت كي تتعود على مناداة رجل بذاك اللقب.

اللحظات التي مرت بعد وصولها لشقته مرت سراعا بالكاد استوعبتها. تذكر بضبابية تبديل ملابسها لأخرى أكثر راحة، ومن بعدها صلاتهما. تذكر جلوسها على السرير بانتظار متوتر.. ومن ثم استسلامها.. للنوم؟

أدركت عندما رأت ضوء الصباح أنها فعلتها بحق. استغرقت في النوم وهو تركها. اشتمت أثر عطر رجالي، وعندما تحسست الجانب الآخر من السرير، وجدته دافئا، مما يعني أن عبد العزيز قد رقد جانبها، وللتو استيقظ.

شعرت بجسدها يشتعل حرجا وخجلا عندما سمعت صوته يناديها ورفعت ناظرها إليه، لتراه جاهزا للخروج وبجانبه حقيبة صغيرة: "صلي اللي فاتك وتجهزي. بنروح بعد ساعتين تقريبا."

لو لم تكن مشوشة مشتتة الانتباه من حرجها، ربما كانت لتنطلق بالسؤال، لكنها الآن أومأت بصمت وذهبت لتجهز نفسها.

انتهى البارت..~

أبها 27-12-17 01:32 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلمين الفيورا

كأنه الجزء قصير ؟؟. 🤔

وللا لانه بس كان عن كادي ؟؟

يجوز ☺

عبدالعزيز .. ما هذا الاستقبال الناشف لعروستك ؟

الله يستر هذا أولها ..راح يعطي انطباع سيء عن نفسه

قدام عروسته ..

شكرا مرة أخرى ألفيورا 🍃🌷🍃

الفيورا 28-12-17 01:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وبارت آخر..

الثانية عشرة

=
=
=

-: "عبد العزيز.."

شقت ابتسامة طريقها إلى شفتي عبد العزيز، فهذه المرة الأولى التي تنطق فيها كادي اسمه وهو يسمع. أبعد نظره من الطريق للحظة لينظر إليها: "هلا؟"

سألته عندها: "متأكد تعرف للطريق؟"

رفع حاجبا مستغربا سؤالها: "ليش تسألين؟"

ردت: "لأن ذي خامس مرة أشوف لافتة المخرج رقم 10."

لهذا وجد الطريق مألوفا: "ما عليه، كنت سرحان شوي.."

صمتت عندها، ربما راضية بتبريره، لتنطق بعد ربع ساعة: "عبد العزيز.."

"اها، شكلي اللحين مسكت الخط صح!": "هلا؟"

أشرت كادي بصمت إلى اللافتة التي بدأت تلوح مقتربة، لافتة مكتوب عليها: مخرج رقم 10.

=
=
=

قبل زواجها بعبد العزيز، عرفت كادي بضع تفاصيل عنه. ككونه أكبر منها بست سنوات، كإختياره دراسة الطب منذ أن كان في الإبتدائية، كماضيه كمشاغب الحي وفتى عراكات بلا منازع.

تساءلت عن السبب الذي لم يتم إبلاغها، تحذيرها، عن حس عبد العزيز المعدوم بالاتجاهات؟

بعد سلسلة من الإقتراحات، اقترحت كادي عليه أخيرا التوقف في أحد استراحات الطرق واستجماع أفكارهم فيها، ليرد بأن لا داعي لذلك وأنه سيجد المخرج الذي يريده قريبا.

كان ذلك قبل ساعة من الآن، قبل أن تتوقف عليهما السيارة في وسط الطريق.

تساءلت كادي، للحظة، إذا كان الوقت مبكرا على الندم؟

=
=
=

وجد عبد العزيز بعد مشقة من ساعده على تحريك سيارته، ليركب ويعلن بعد تنهيدة تعب، شاكرا لتقديم كادي له قارورة ماء، فالشمس أحرقته وهو ينتظر المساعدة: "بنرتاح في الاستراحة.."

=
=
=

التزمت كادي الصمت بعد دخولهما أحد غرف الاستراحة، وظلت تلتزمه حتى بعد قضاء فروضهما.

أتاها صوته سائلا لها: "ليه ساكتة؟"

وكان سؤاله ذاك ما فجر طوفان غيظها المكتوم منذ تلك المرة الخامسة التي رأت فيها لافتة المخرج رقم 10: "وليش أتكلم ورأيي ماله لزوم؟ قلتلك خلينا نستعمل الجي بي إس، قلت المحافظة اللي ساكنة فيها جدتك ما سجلوها على الخارطة ومشيناها. قلتلك نسأل عنها أي أحد على الطريق ورفضت بحجة مافي أحد يعرف لها ومشيناها. قلتلك خلينا نتوقف عند الاستراحة ورفضت ومشيناها. ووش صار لنا بعدها؟ أبد طال عمرك تعطلت السيارة وصلحناها ورجعنا للاستراحة اللي مرينا عليها قبل كم كيلو واحنا فاطسين حر..!"

ربما كان يجب عليها ضبط نفسها أكثر، لكنها لم تستطع كبح جماحها، فليست هذه الطريقة التي تخيلت فيها بداية حياتها الزوجية، أن تكون هذه صباحيتها. لا تطيق نفسها من الحر، تكاد تسقط في مكانها من الإرهاق.

ظل عبد العزيز يحدق بها كأنه أدرك شيئا، ليبتسم بعدها بخبث: "تدرين إنك فتنة وإنتي معصبة؟"

احتاجت كادي دقيقة حتى تستوعب، لتحمر بخجل مرتبك زيادة على غضبها. استطرد وهو يتجه إلى السرير ليريح جسده المنهك، يتوقف ناظره عليها ثانية بمعنى: "خسارة إننا هلكانين تعب.."

=
=
=

كادت هدى تصل حد لطم الخدود من تحسرها بعد اقفال أخيها الخط: "فشلنا في بنت الناس يمه! إلا وإلا أسوي اللي في بالي وأزور جدتي. امحق صباحية الكرف ذي!"

تنهدت أمها بقلة حيلة: "اللحين وينهم فيه؟"

أجابتها هدى بوجوم وكآبة: "في استراحة الله العالم وينها فيه.." زفرت بغيظ: "أنا الغلطانة اللي اقترحت عليه كادي، ولا عزوز وجه عرس؟!"

=
=
=

كان بمنتهى الصراحة عندما أخبر أهله بأوضاعهم، وتعجب من إخفاء كادي للحقيقة وتسترها عليه.

أجابته عندما سألها عن ذلك: "مابي أصير أرملة.."

تبسم ضاحكا من قولها. يعجبه تهكمها الطريف. بكل صدق، يعجبه كل تفصيل فيها.

ربما لاحظت نظراته لأنها تأففت بصوت مسموع متذمر متقصد عن الغرفة: "مدري كيف أخذت غفوة فيها. أشك إنهم ينظفوها حتى..!"

ضحك متسليا ليراها تتشنج حرجا، ربما لأنها عرفت أنه فهم ما بين السطور.

=
=
=

أتى الصباح، ليكتشفا أن السيارة سُرقت.

أتضحك أم تبكي؟

بدوره، فإن زوجها الموقر لم يترك أحدا في الاستراحة إلا وتعارك معه، إما بالكلام، إما بالأيدي.. وبين ثوراته واستجوابه الخشن لمساكين لا علم لهم بما يجري، كان يتمتم بسخط لنفسه كلاما، آخره لهذه اللحظة كان: "شكله السيارة مصكوكة بعين قوية، ولا وش اللي يفسر إني باليالله تهنيت فيها من اليوم اللي اشتريتها فيه؟"

تساءلت بتلبد لحظي سرعان ما سيذوب بعد دقائق من الحنق، هل إلى جانب معدومية حسه بالاتجاهات وعناده المقيت، أكان زوجها مهملا لممتلكاته؟

أخيرا توجه إليها، يشاركها بالوضع الذي فهمته منذ فترة: "توني قدمت بلاغ، واللحين عندنا خيارين، إما نقعد في ذي الاستراحة لين ما يجينا خبر، ولا ندور لنا فاعل خير يوصلنا بيت جدتي واستقصي الأخبار بعدها."

أجابته: "ندور لنا أحد يوصلنا أحسن، لأني أشك نقدر نتم هنا وإنت تهاوشت مع الكل."

ضيق عيونه بعدم رضا من الاتهام في كلماتها، لكنه في نهاية الأمر أومأ لها بموافقة.

كانت تلك المرة الأولى التي أخذ برأيها، ولسوء الحظ، تبين أنها لم تكن على صواب في اختيارها أبدا.

=
=
=

أنهت لمار المكالمة التي كانت تجريها بعد حصولها على نفس الرد.

هزت رأسها بـلا، مجيبة سؤال أمها الصامت: "لساته جوالها خارج التغطية.."

كانت أمها سترد لولا تلقيها لاتصال من خالها، ربما عن آخر ما لقي من أخبار بعد أن قدم بلاغا لأمن الطرق.

دعت لمار ربها وقلبها مثقل بالقلق أن تكون أختها بخير.

=
=
=

من مكانها في المقاعد الخلفية، همست كادي بحدة خشية سماع "فاعل الخير" الذي قبل أن يوصلهما لها، تستغل انشغاله بمكالمة: "عبد العزيز..هيه، عبد العزيز!"

في المقعد جانب السائق، أمال عبد العزيز رأسه بشكل غير ملحوظ، يدلها بصمت على أنه يسمعها، لتردف بصوت أخفت: "مانيب مرتاحة لذا الرجال.."

ليهمس لها بدوره: "ولا أنا.."

بدت هيئة الرجل الذي تبرع بمساعدتها غريبة مريبة لم يلحظاها في خضم هروبهما من لهيب أشعة الشمس وإلى أحضان سيارته الفارهة المكيفة، نعيم مقارنة مع الجو خارجا.

لكن سرعان ما فاحت رائحة الشكوك والارتياب، وأول ما وجدته مريبا هو نظراته ومن ثم أسئلته الشخصية، الوقحة حتى! لحسن الحظ، زوجها الموقر لا يعرف فن المجاملة وكان يرد على كل سؤال باستهجان وتهديد، كأنه ناسي لموضعه، وكون الرجل متبرعا لإيصاله.

لم تظن كادي أبدا أنها ستفرح برؤية موقف جحود صريح كالذي يرسمه زوجها، لكنها الآن فعلت، بل شجعته في سرها أن يزيد العيار، لعل "فاعل الخير" هذا يصمت وينهي معروفه على خير.

لكن "فاعل الخير" سرعان ما أظهر حقيقته عندما توقف بهما في أرض فضاء.

على الفور أمرها عبد العزيز بالخروج عندما لم يوفر الآخر سببا لتوقفه، ليخرج هو بدوره ويقف أمامها حاميا.

احتمت بظهر عبد العزيز أكثر عندما رأت ما أخرجه الغريب عندما تبعهما، لتهتف بذعر: "من وين جاب ذا الساطور؟!"

أجابها عبد العزيز وهو يشمر عن ساعديه بسخط لا ينبغي أن يشعر به هذه اللحظة! أين الخوف، أين ردة الفعل الطبيعية لأي شخص؟!: "مدري عنه، بس شكله مستعجل على قبره ما دامه ناوي لنا شر!"

وحقا كان سيهجم عبد العزيز عليه لولا شدها له بذعر أكبر: "إنت اللي شكلك مستعجل على قبرك! خلينا نهج ونتركه!"

خلص عبد العزيز نفسه منها بلطف وجدته غريبا مقارنة مع النية التي كان يبيتها: "ما بتركه لين يموت الحيوان!"

هذه المرة لم تستطع كادي منعه، ولكن، ويا للعجب، فإن الغريب بدأ يتراجع للخلف بتوتر نتيجة تقدم عبد العزيز المتهور إليه، ربما ظانا أن أي شخص يتصرف بهكذا جنون لابد ولديه حيلة يخفيها. تراجع وتراجع إلى أن وقع "الساطور" من يده ليبدأ يهرب راكبا سيارته مبتعدا بها، فبدون سلاحه، فإن عبد العزيز سيكون ذو الأفضلية بلا شك ببنيته الأقوى.

لا تدري إلى أي حد نوى عبد العزيز أن يطارد الغريب، ولم تنوي أن تعرف. قالت وهي تلهث بعد لحاقها بزوجها: "بتلحقه وتخليني لحالي..؟!"

عندها التفت بالنظر إليها كأنه يتذكر وجودها، ليسألها بوجل: "إنتي بخير؟ صابك شي؟"

هزت رأسها بلا، واكتفت بذلك، متنفسة الصعداء، متنهدة بتعب. بحق لا تستطيع تكوين حرف هذه اللحظة.

على الأقل، بدا على عبد العزيز تفهم ذلك.

وبذلك بدآ مشوار قطع الصحراء ليصلا إلى الطريق. لكن كادي سرعان ما بدأت تتباطأ في خطواتها، فلم تكن أبدا بتلك التي تقوى على المشقة، خصوصا ليس والشمس تكاد تشويها!

سمعت صوت عبد العزيز يقول عندما تهاوت جالسة في مكانها على الرمال الحارقة: "تحملي شوي، شايف الطريق قدامي اللحين.."

هزت رأسها باعتراض وقوى خائرة: "مقدر.. مقدر.."

لاحظته قد انحنى منخفضا أمامها، يشير لها: "يلا طيب، اركبي ظهري."

اعترضت: "كيف! وإنت..؟!"

ليكرر بخشونة ظاهرية وحنان قلق مبطن: "اركبي ظهري وفكيني من الوقفة تحت الشمس يا بنت الناس!"

بتردد شديد، فعلت كما أمر، ليظللها بجاكيته وينطلق ماشيا، يقول بخفوت خصصه لها حتى في عزلة الصحراء: "آسف لأني بهذلتك معاي.."

على الرغم من هذا الوضع العجيب الذي كانا فيه، لم تستطع كادي منع بسمة من الافلات منها، برضا وتأثر. تعلم أنه مرهق مثلها، لكنه تحامل على نفسه من أجلها. دل ذلك على كثير، أليس كذلك؟: "خلي كلامك لبعدين، لما نوصل بيت جدتك.."

من تصلبه اللحظي، خمنت كادي أنه كان متفاجئا. سألها بنبرة شابتها التسلية جانب التأكيد: "يعني أفهم من كلامك إنك لساتك بتكملي المشوار.."

ضحكت هي بخفة، تشعر كمن أصابه دوار: "أنا ما وافقت عليك عشان أتطلق. بنكمل والله يرزقنا الصبر والسلوان.."

ليرد هو: "أجل تحملي اللي بيجيك."

لم يفتها دفء نبرته، ولا الفرحة البادية فيها.

=
=
=

كانت نعمة من الله، إيجادهما لسيارة أمن طرق بعد وصولهما إلى الطريق العام، ثم إعلام الشرطي لعبد العزيز أن سيارته قد وُجدت بحوزة أحد الشباب الطائشين بعد سويعات من سرقتها، ثم أخيرا، إعلامهما أن "فاعل الخير" المجرم تم القبض عليه وهو الآن محتجز يواجه عقوبته على الجرائم التي ارتكبها بحق آخرين غيرهم.

تكفل الشرطي في إيصالهما لبيت الجدة الذي طال النشد عنه، يكمل البشارة والفرج التي تمثل في لقياه.

لكن لحظة..!

تعرفت كادي على الطريق الذي كان يسلكه الشرطي، وخصوصا تلك اللافتة!

أخبرهما الشرطي عندها أنه للوصول إلى المحافظة التي يريدانها، فإن عليهما سلوك المخرج رقم 10، لا المرور جانبه، قد قال بضحكة: "كيف ضعيتها يا أخوي؟ ما في أسهل إن الواحد يروح لذيك المحافظة بالذات..!"

تجاهل عبد العزيز بشكل تام النظرات التي وجهتها كادي نحوه.

انتهى البارت..~

bluemay 28-12-17 02:41 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

هههههههههههههه

الهي يسعدك ويفرح قلبك ،،، عن جد رغم المرض والوهن اللي حاسسته

قدرتِ تسليني وتبسطيني ...

ثنائي رائع كادي و عزوز ،، الحمدلله انه كادي ما استسلمت بسرعة
لأنه عزوز نهفة ...

يسلمو ايديك يا قمر

والسموحة ع التقصير

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 29-12-17 06:39 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلم يمناك الفيورا ..

فصل قطع أنفاسنا من الخوف ..😖

الله يهديك دكتور عبدالعزيز. ،، تخطيط فااشل لشهر
عسل ،، أقل ما يقال عنه أنه مرعب .عرووس يا ظالم
موديها طريق برر في الحررر. .😓🌞🔥
أنا كرهت السفر عن طريق البر و قاطعته من زمااان
من كثر ما أسمع عن حوادث قطع الطريق و للا التوهان
في الصحارى ..
على العموم الحمدلله على سلامتكم ،،
و إن شاءالله تكون الجدة تستاهل العنوة ، بعد كل هالمغامرات
البوليسية .. و يا رب ما تكون قشرة و نفسها شينه .

في هالجزء اكتشفنا جانب من شخصية كادي ،، ضبط النفس
و عدم الدخول في جدال تشوف إنه ما وراه طائل ،
و هذي نقطة تحسب لها ..👍🏼

كل الشكر و التقدير يا زهرة .🌻

الفيورا 30-12-17 02:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم..
أعتذر عن التنزيل اليوم، تراكمت علي مشاغل الدراسة ووراي تقارير وعروض تقديم وحوسة وأبغى استقطع وقت لأركز عليها.
أتمنى تعذروني على التقصير، وإن شاء الله بيكون موعدنا هذا الثلاثاء.
دمتم بود :)

أبها 31-12-17 06:23 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
معذورة الفيورا ..

الله يوفقك ،، و ييسر أمورك .

🍃🌷🍃

الفيورا 02-01-18 03:51 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عدنا.. تسلمولي حبيباتي على تعليقاتكم ودعمكم اللي يشرح الروح :)
بحاول أنزل بارت كل يوم لين الجمعة عشان يكتمل عدد بارتات الأسبوع الأربع.. ومن بعدها نكمل البرنامج الأول..

الثالثة عشر

=
=
=

كانت جدة عبد العزيز في استقبالهم حال دخولهما بيتها، تقف تشير إلى عبد العزيز بالاقتراب. ابتسمت كادي لرؤية عبد العزيز ينحني في وقوفه ليطبع قبلة حانية على جبين جدته، بينما احتضنت جدته كفيه بين يديها تبدو كأن الدنيا لا تسعها فرحا لمرآى حفيدها واقفا أمامها.

ابتعد عبد العزيز خطوة حتى يوجه نظر جدته إليها: "هذي كادي، زوجتي.."

نظرت لها الجدة بنظرة مقيمة شبه ناقدة قبل أن تسأل: "هذي اللي..؟"

قاطعها عبد العزيز مبتسما، وألف معنى يلوح لها في ابتسامته تلك: "إيه.."

وكأن جوابه ذاك كان سحرا، تحولت نظرة الجدة لتصبح أدفأ وأعطف، تشير إليها بالاقتراب، تنظر إليها برضا وحنو. تساءلت كادي ما الذي كانت بعزم قوله قبل أن يقاطعها عبد العزيز، ولماذا قاطعها بادئ الأمر.

=
=
=

قضيا يومهما الأول في بيت الجدة ما بين أخذ الراحة وطمأنة الأهل، بين قلق أمها ولمار وتشكيك خالها واستجوابه، من زجر هدى الصارخ لعبد العزيز وطلبها السماح منها لتوريطها به. كانت اتصالات حافلة بحق.

بقي عبد العزيز يتسامر مع جدته إلى وقت متأخر من الليل. حاولت كادي انتظاره لكن بدون جدوى، فهي كانت تتبع نظاما دقيقا في النوم قلما خرقته. كم من مرة أغاظتها لمار بوصفها بـ"الدجاجة"؟

وكما أصبح حدثا محرجا بتكراره، استيقظت لترى أن الشمس أشرقت منذ فترة، وأن عبد العزيز قد استيقظ قبلها. لكن على غرار المرة السابقة، كان يجلس على السرير جانبها، منشغل بتفحص شيء في جواله. سألته بضيق: "ليش ما صحيتني للفجر؟"

أجابها بفكر منشغل: "حاولت بس ما رضيتي تصحين.."

لطالما كانت خفيفة النوم وتستيقظ من أخفت نداء لها. ألتلك الدرجة كانت مرهقة؟

استغفرت ربها وصلت ما فاتها، لتسأله عندما لاحظته ما زال مشغولا بجواله عندما انتهت: "وش قاعد تسوي؟"

رد: "أجاوب على زميل لي يستشيرني في حالات جاته.."

أولا جدته، ومن بعدها عمله؟ هل كان من الأنانية أن تتساءل أين موقعها في تلك المعادلة؟

لم تسأله شيئا بعدها، لكنها لم تخفي عدم الرضا في ملامحها. قررت أن تستحم لتشغل نفسها بشيء ولو كان بسيطا.

=
=
=

كان ما زال يقرأ رسائل زميله عندما سمع شهقة عالية من الحمام، ليتجه بأسرع ما يمكن جهته ويرى كادي تهرع خارجه ومنشفة تستر جسدها فقط.

على الفور دخل الحمام يتفقده بعيون متوعدة شرا، لكنه لم ير شيئا خارج المعتاد. رجع ليسألها بقلق: "شفتي شي؟"

أومأت له بنعم تشد منشفتها حولها جزعا: "عنكبوت وش كبره! خلع قلبي لما شفته!"

حدق عبد العزيز بها لوهلة قبل أن يسأل، غير مصدق لما يسمع: "اللحين كل ذي الدراما.. عشان عنكبوت؟"

نظرت كادي إليه كأنها لا ترى خطبا في هذا الوضع: "أجل عشان وش؟"

عدد الخيارات: "عشان حرامي، عشان قاتل، عشان واحد صايع يتجسس على بيوت خلق الله.. بس عنكبوت؟"

لوحت بسخط بيدها، تهتف كأنها تكلم نفسها: "من يوم ما دخلت ذا البيت وأنواع الكائنات تجي قدامي! ما كفاني أم الأربع والأربعين اللي شفتها في الحوش عشان يجيلي ذا العنكبوت؟!"

إذا هذا كان قصد هدى من عدم استحمال كادي لبيت جدته. بالكاد منع ابتسامة متسلية من الارتسام على شفتيه، لا يريد أن يزيد غضبها وهياجها ويحوله عليه: "وش تتوقعين؟ البيت قديم ومعمر حده.."

أشارت إلى الحمام برجاء وجده مضحكا: "روح دور على العنكبوت واقتله.. مقدر أرجع وهو موجود..!"

لا يحتاج للبحث، فالعنكبوت الذي كانت تتحدث عنه كان يزحف على جانبها المغطى بالمنشفة. وقبل أن تلحظ أين اتجه ناظره وترى العنكبوت، شدها إليه يحتضنها واضعا يدا على جانبها، يهمس: "سمعت عن حركات قمصان النوم ومدري وش، بس مناشف وفقاعات صابون؟ موضة جديدة والله.."

شعرها تتصلب خجلا بين ذراعيه، تتذكر كيف تبدو. غلب خجلها ذعرها وأبعدته لتتجه، تهرب، إلى الحمام، تاركة له يشتعل من قربها له، ومبتسما من عفوية تصرفاتها.

نظر إلى العنكبوت المسحوق في قبضة يده: "كنت برحمك، بس لمست اللي ملكي.."

=
=
=

ارتدت دراعة أنيقة باللونين الرصاصي والعنابي، وتزينت بحليها وكحلها. ربطت شعرها بعقدة بسيطة أظهرت التدرج في طوله بشكل أبهى.

عندما نظرت إلى نفسها في المرآة، بدت أخيرا كعروس في صباحية عرسها.

قد لاحظت تلصص عبد العزيز النظر إليها منذ أن بدأت بتزينها، مشتت الانتباه من زميله المزعج. وكم كان من الصعب منع ابتسامة رضا من الارتسام على شفتيها والتظاهر بأنها لم تلاحظه. وعندما بدأت تضع أحمر شفاهها، بدا كأنه نسي ما كان يفعله أصلا، كل اهتمامه منصب ناحيتها.

سمعته يبدأ بالقول وهو يتجه إليها، يديرها نحوه: "تدرين.."

وجدت قلبها يقرع طبوله من نبرته هذه، استحتثته مغمغمة بـ"همم؟"

اقترب أكثر، حتى لم يعد يفصل بينهما كثير: "ليلة عرسنا كبرتي المخدة ونمتي على طول، ما لحقت استوعب شكلك بالأبيض.." أردف بتسلي: "شخيرك لكن.. استوعبته وحفظته."

هتفت تدافع عن نفسها، ناسية للحظة الموضوع الذي كان يُطرح: "أنا ما أشخر..!"

زادت نبرته استفزازا: "مو إنتي اللي كنتي صاحية ذاك الوقت.. وبأية حال، الشخير مو عيب، ويمكن يكون من الدلائل الأولى لمشكلة أكبر.." نظر إليها بتقييم: "يبغالي أدرس نومك وأتابع نمط تنفسك.."

زفرت بحنق: "عبد العزيز..!"

رفع يديه باستسلام: "طيب، طيب.. كنت أكذب، كنتي زي النسمة. ما سمعت منك صوت ولا شفت إلا ظهرك اللي عطيتني إياه، يا الظالمة..!"

رمشت تتذكر ما فتح موضوع "الشخير" أصلا، لترجع خصلة من شعرها وراء أذنها بتوتر: "اللحين كل هذي اللفة عشان إيش؟"

كان على وشك النطق بإجابته عندما أتى طرق على الباب، ثم صوت خادمة جدته تعلمهما أن الفطور جاهز.

تركها لتتنفس بحرية أكبر، لتشعر بخيبة غريبة، بإحباط بعد خمود ترقب لم تلحظ أنه كان يتصاعد في نفسها.

=
=
=

عندما انفردت بها جدة عبد العزيز بركن بعيد عن سمع حفيدها، قالت لها بنصح حان: "أدري بوليدي، راسه يابس ويولع على أتفه سبب، بس قلبه مافي أحن منه.. اعرفيله وإن شاء الله يعيشك عيشة طيبة.."

حكت لها أكثر عن عبد العزيز وصباه، كيف أن أباه كان يرسله في العطل ليبقى مع جدته، على أمل أن هدوء هذه المنطقة وقلة سكانها سيخفف من وطأة طبعه النزق وعدد عراكاته. أخبرتها جدته أيضا أنه على الرغم من طباعه السيئة وشدة تمرد مراهقته، فإن عبد العزيز كان بارا حنونا مطيعا لها، وزياراته المتكررة لها جعلتهما قريبين من بعضهما، وكانت جدته له حافظة لشكواه وهمومه وأسراره كما لم يكن له أحد من عائلته وأصدقائه.

بسبب الفكرة التي كونها الناس عنه وعن أطباعه، فإن إصرار عبد العزيز على دخول مجال الطب لقي العجب ممن حوله في أحسن الحالات، والاستهزاء الصريح في أسوأها. لكن جدته بقيت واثقة منه ومن إمكانياته، بل وأخذت تكاليف دراسته في الخارج على عاتقها عندما واجهت أباه مشاكل مالية ذلك الوقت، مقتطعة من ورثها الخاص.

وكما حكت لها جدته، فإن عبد العزيز لم ينس دعمها ذاك، وحال عودته وحصوله على مركز في مستشفى تكفل هو ببيتها والقيام فيه من إصلاحات وتجديدات، وزيارتها بشكل مستمر دون انقطاع.

كل كلمة حكتها أثرت في كادي، جعلتها تتمنى أن تعرف أكثر وأكثر حتى توافه الأمور وأصغرها.

=
=
=

عندما حل الليل ورجعا إلى غرفتهما، سألته كادي: "لما كنت تعرف جدتك فيني، ليش قاطعتها لما هي استفسرت..؟"

ليسألها بدوره، يحاول صرف انتباهها: "كم بتدفعين عشان أقولك؟"

أجابته بحزم موقف وإصرار: "اللي تباه."

وكان على وشك استخدام إجابتها تلك ضدها عندما صدح صوت ذئب يعوي، لتقفز كادي بذعر تحتمي به تحضنه بقوة من خوفها. مسح على ظهرها يحاول تهدئتها: "ما يجي البيوت لا تخافين."

صوتها كان مرتجفا مكتوما بسبب ضغطها وجهها على صدره: "وليه أصلا فيه ذيب في محافظة؟!"

رد وقلبه يخفق لقربها الخانق له، لتهدم حصون صبره أمام غزو عطرها: "بيت جدتي في آخر المحافظة وما وراه إلا الصحرا، عشان كذا نقدر نسمع صوته، ولا هو ما بيطب بين الناس.."

وكانت قريبة من الاستكانة والتحرك بعيدا عنه عندما عوى الذئب مرة أخرى، لترجع تحتضنه بشكل أقوى.

من تجربته يعرف أن الذئب سيواصل عواءه طول الليل، وربما سينضم إليه آخرون من بني جنسه..

هل كان من اللئامة أنه كان شاكرا لذلك؟

همس لها وقد فاض به التوق: "تبيني أشتت انتباهك عنه..؟"

ارتجفت بين أضلاعه لسؤاله، لكنها لم تبتعد. أخذ ردة فعلها تلك كنعم.

وعندما اقترب منها أكثر، لم تقاومه.

=
=
=

استيقظت على تلمسه الرقيق لتلك الندبة على ذراعها، تلك التي جمعتها به لأول مرة.

انكمشت من الحرج، من وضعها الحالي.. ولاحظ هو ذلك ليضحك بخفة.

لا تستطيع رؤيته بوضوح في ظلمة هذا الوقت المتأخر من الليل، لكنها لا تحتاج، فملامحه وهو يضحك طُبعت على قلبها من المرة الأولى التي رأته يضحك فيها.

الضحك والبسمة يغيرانه بشكل عجيب، يظهران الروح والحياة خلف خشونة مظهره وتصرفاته. كم من مرة وجدت نفسها تحدق به، كأنها مأخوذة به.. طبعا لا، ما زالت أسوار قلبها كالجبال حتما.

الفضول، نعم. فقط الفضول ما كان يسيرها نحوه، فضول يجعلها تتساءل عن معقولية وجود تناقضات كثرى في شخص واحد.

من يرى تلمسه الحريري لندبتها لا يظن أنه كان من خاطها بكل آلية وعملية. من يرى ويحس بلطف أنامله على بشرتها لا يظن أن تلك الأنامل نفسها جُمعت في قبضة هددت وضربت كل من وقع غضبه عليه.

من يراه وديعا هكذا لا يظن أنه نفسه المجنون الذي كان على وشك قتال مجرم يلوح بساطوره.

(عجبك عريس الغفلة، عجبك للآخر!)

أعجبها عندها، ويا للغرابة ما زال يعجبها بل زاد..!

"لا يا كادي، لا.."

بصرامة، أبعدت نفسها عن التفكير فيه بكل ذلك العمق الجارف، الذي حتما سيودي بدب نبض عاطفة لا تريدها إذا استرسلت فيه.

=
=
=

في الليلة التي سبقت عودتهما، استدعتها جدة عبد العزيز إلى المجلس لوحدها. أهدتها صندوقا خشبيا عتيقا، صغير الحجم خفيف الوزن.

فتحته لترى أنه يحتوي على بخور فاخرة وحلي أثرية رائعة البهاء. الصدمة ألجمت لسانها للحظة قبل أن تنطق أخيرا: "مقدر أقبل فيها.."

لترد الجدة بحزم وعناد لا يتزحزح شبرا من محله، وعرفت كادي لحظتها من أين ورث زوجها عناده ذاك: "حالفة من أول ما يأخذ ذا الصندوق إلا عروس عبد العزيز، وهذاني ألاقيك اللحين." وقبل أن تعترض كادي صفقت يديها بابتسامة عريضة وأردفت بحماس: "إلبسي الحلق أشوف..!"

فعلت كما أمرت بعد ثانية من التردد، لتسأل وأقراط ذهبية تتدلى برنين خافت من أذنيها: "حلو؟"

ازدادت ابتسامة الجدة عرضا عندما أجابت: "قمر! والله عرف وليدي كيف يختار!"

=
=
=

أصرت الجدة أن يرافقهم سائقها الخاص في طريق العودة، تقول بضحكة متسلية شابهت تلك لحفيدها: "أدري بك تضيع دربك لو كان قدامك يا عزوز!"

لم تزعج كادي نفسها في كتم ضحكتها بدورها، تتجاهل تماما نظرة الغيظ التي وجهها عبد العزيز نحوها.

افترقوا على وعد زيارة قريبة، وعلى الرغم من المشقة التي مرت بها، فإنها لم تندم على هذه الزيارة أبدأ.

سألها عبد العزيز مقاطعا ضجيج خواطرها: "وين تبين تسافرين لشهر العسل؟ أول ما بلاقي فرصة بسوي حجز.."

نعم، صحيح أنها لم تندم على هذه الرحلة، لكنها تعلمت دروسا منها أيضا، وأبدا لن تخاطر في السفر لوحدها مع عبد العزيز إلى بلد آخر!

أجابته أخيرا: "خلينا في الديرة أحسن.."

انتهى البارت..~

bluemay 02-01-18 04:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا جمالك يا إلفي ويا جمال ابداعك...

بارت ينقط عسل ...

هالثنائي سرقوا قلبي رسمياً ...

وكلي شوووق للقادم

تقبلي مروري وخالص ودي

د ا ن ة 02-01-18 04:45 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
بارت جميل ورائع وهادئ لكنه لا يشبعني لان اسلوبك سلس مايكفيني
لو كتبتي ٢٠٠ صفحة ⚘
...
يافرحتي راح اقرأ كل يوم من هالأسبوع جزء من ابداعك ..واصلي يامبدعه ..لاتنسي تطيلي شوي بس من البارت ..
💚💚💚

ندا المطر 02-01-18 07:40 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يا لجمال ما تكتبين
بانتظار الفصل المقبل

الفيورا 03-01-18 10:16 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يسعدكم ربي على جمال كلماتكم..

الرابعة عشر

=
=
=

بدت شادية متفاجئة من حضورها، تتردد حتى في إدخالها. نظرت غالية إليها باستغراب مستهجن: "ما أعهدك تذلين الناس عالوقفة عند باب بيتك."

غلب طبعها الكريم حالة الغرابة التي كانت فيها، لتدخلها إلى البيت وإلى المطبخ، محل تسامرهن الدائم.

لم تنس غالية غرابة تصرف شادية واستجوبتها على الفور: "وش فيك يا بنت؟"

مالت شادية مقتربة منها، تهمس: "أصلا عمي موجود، وكان يدخل ملحقه لما دقيتي الباب.."

خفق قلبها مسرعا لذكر محبوبها، لكنها مثلت الصلابة واستفسرت بنبرة محايدة: "وليه موجود اليوم؟ لا اليوم جمعة ولا هو اللي يغيب من شغله لأي سبب.."

أجابتها شادية: "هذيك قلتيها، ما يغيب لأي سبب. اليوم هو تعبان ومسخن حده، ما قدر يمشي خطوتين ورى بعض في الصبح..! بس اللحين حالته أحسن الحمد لله.."

على الفور قامت غالية من مكانها تتجه للملحق وإلى غرفته، سمعت شادية تناديها: "هيه، وين رايحة؟!"

رأت سالم مستلقيا على ظهره، يغطي وجهه بساعده، غاط في نوم عميق.

لم تصدر صوتا وهي تتقدم داخل الغرفة التي جمعتهما، تجلس على طرف السرير ببطء خشية إيقاظه، تكتفي بمراقبته عن قرب هكذا في ضوء الغرفة الخافت من الستائر المسدلة، تمنع شعاع ما بعد الظهيرة من التسلل. أحست بقلبها ينفطر أشلاء من قهرها على عدم مقدرتها على فعل شيء، فكيف يمكنها رعايته وهو يرفض رؤيتها قبل تحقيق عهده الغبي ذاك؟!

لزوجها كبرياء عنيد وعزة نفس لا ترضى بالذل. كلمات والدها وتقليله من شأنه جرحاه وبشدة، ولولا عظم قدر حبها في قلبه، لكان قد طلقها مستغنيا عنها.

تعرف أنه لن يرضى أن تعود له إلا كما يريد ويراه مناسبا لرد اعتباره واعتبارها، وإن حدث وعادت له عنوة فلن يرضى أبدا.

لذا، صبرت عليه وعلى بعده، صبرت عليه كما صبر هو عليها بعد إجهاضها لأول حمل لها ودخولها حالة عزلت نفسها عن الكل فيها، حتى عنه هو. تذكر كيف راعاها، كيف عاملها بكل عطف، كيف احتواها، حتى تخطت تلك المرحلة.

تجرأت واقتربت منه أكثر، حتى قبلت ظاهر ساعده، تهمس: "فيني ولا فيك يا قلبي.."

نهضت خارجة بذات الهدوء، تتساءل بشجن متى يريد أن يرحمها من بعده.

=
=
=

بدا على عمها الشرود عندما استيقظ، لتسأله بقلق: "لساتك مسخن؟"

رد: "لا، لا.. شفت لي حلم حلو وبس.."

ارتسمت على شفتيها ابتسامة: "من بطولة ست الحسن؟"

ضحك: "وفيه غيرها؟"

هل تخبره أنه مهما رأى، فإنه كان حقيقة وتخون وصية غالية لها ألا تُعلمه بحضورها؟ أم توفي بوصية زوجة عمها وتبقى صامتة..؟

في النهاية، اختارت شادية الصمت، وتركت عمها يظن أن ما رأى كان حلما جميلا ويسرح فيه.

"صدق ما لقيت من وساطة الغراميات ذي إلا الشقى.."

=
=
=

في زياراتها الأولى لزوجة أبيها المرحوم، لم تطل لمار في البقاء، وأوصت السائق نور على التزام الصمت وعدم فضح أمر زياراتها هذه. وبسبب مدة بقاءها القصيرة، لم تسمح لها الفرصة في الاسترسال في الكلام، فقط طرح بضع أسئلة سطحية عن حالها.

قد عرفت أن زوجة أبيها لا تخرج من البيت أبدا، ولا تحتاج، فعلى حسب قولها، ما لديها يكفيها، والقيام بالبيت لم يكن بتلك المشقة.

مع ذلك، لم يطمئن قلب لمار. قد بدت الأخرى ذابلة بعض الشيء، خافتة. وفي بعض اللحظات، في لمحات خاطفة بالكاد تُرى، بدت كأنها.. قلقة.. لكن من ماذا؟

بدأت لمار بصنع الأعذار لتطيل، ولحسن حظها فإن خالها كان منشغلا هذه الأيام وإلا كان ليكشفها بكل سهولة.

مر على عرس كادي يومان عندما زارتها، للمرة الثامنة ربما، وككل مرة، بدت زوجة أبيها متفاجئة من حضورها، كأنها تتوقع منها العكس والتوقف يوما من هذه الأيام.

حكت لها لمار عن حفل زفاف كادي وترتيباته بحماس متزايد: "صديقاتي استلموني تعليقات ذيك الليلة! اللي تقول أخيرا شكلك زي أي أنثى صاحية، واللي تقول إني ناوية أنخطب، واللي مسوية فيها خطابة..!"

وعلى الرغم من ثرثرتها وخوضها في أدق التفاصيل، لم توقفها زوجة أبيها مرة، بل استمعت لها بكل انصات، أحيانا تسألها أسئلة بدت غريبة بديهية.. أعطت لمار الفكرة أن زوجة أبيها لم تحضر عرسا قط.

ليتبين أن تلك الفكرة كانت صحيحة: "ولا مرة رحتي؟"

أجابتها: "ما كان له داعي أروح."

رأت إجابة زوجة أبيها عجيبة، فحتى هي التي لا تحب أجواء الأعراس وصخبها الزائد قد حضرت عددا معتبرا من الأعراس في حياتها: "طيب وأهلك؟ ما غصبوك تروحين معاهم مرة ولا مرتين؟"

لسماع سؤالها ذاك، ابتسمت زوجة أبيها ابتسامة بالغة السخرية: "لا، ما غصبوني أروح أبد.."

تفصيل غامض آخر في حياة هذه المرأة أمامها، رسمة فرشاة أخرى على هذه اللوحة المبهمة التي كانت تعطيها، معلومة أخرى تعرفها عنها..

وبالحديث عن المعلومات..: "كم عمرك؟"

رفعت هي حاجبا بعجب، لتردف لمار بزخم أخرق مرتبك: "فيني فضول أعرف.. مو باين عليك كبيرة.."

كانت الابتسامة التي أعطتها هذه المرة مائلة متسلية: "ما قالوا لك عيب تسألي مرة عن عمرها؟" وكانت لمار سترد لولا إكمالها: "عمري ثمانية وعشرين سنة.."

ثمان وعشرون سنة؟ فقط أكبر من أختها كادي بسنتين، ومنها بسبع؟ مقارنة مع أبيها الذي كان في أواسط الخمسينيات، باديا عمره وتعب السنين عليه، كانت صغيرة.. وجدت نفسها تسأل بهمس: "ليه..؟" لكنها لم تكمل.

لكن زوجة أبيها بنباهة فهمت ما تعنيه وردت بتعابير وجه باردة: "ليه تزوجت أبوك وما بيني وبين أكبر بناته شي؟ بسيطة، أبوك مثل لي فرصة وأخذتها.."

زمت لمار شفتيها بضيق: "فرصة عشان وش..؟"

لترد الأخرى بذات البرود: "واضحة.."

شيء ما جعل لمار غير قادرة على تصديق ما قصدته، ليس وتصرفاتها طيلة الفترة التي عاشت معها في هذا البيت تناقض إدعاءها، ليس وآخر فعل فعلته ما زال يتردد صداه في ذهنها.

إذا كانت حقا تسعى وراء المال كما تلمح، لِم تنازلت عن ورثها من أبيها المرحوم؟

تساءلت لمار في نفسها، بكل العجب الذي رافقها في تعاملها معها، منذ تلك الحادثة التي منعتها فيها من الذهاب لحفلة شذى، عندما تعمدت الظهور بمظهر زوجة الأب اللئيمة وهي في الحقيقة تداري مصلحتها..

"ليه تحبين الناس يظنون فيك الشينة؟"

لم تطل بقاءها بعدها، ولكن على عتبة الباب قالت: "بجيك الأربعاء، توصين على شي؟"

ظلت زوجة أبيها تحدق بها قبل أن تهز رأسها بـلا، تهمس: "سلامتك.."

كان لديها الإحساس أن زوجة أبيها تحاول جعلها تنفر منها، لكنها لا تعرف مدى إصرار لمار عندما تعقد عزمها.

=
=
=

فور عودة ابنتها وزيارتها لها، انهالت عليها منال بالأسئلة، تتأكد من أنها كانت مرتاحة مع زوجها، تحثها على إخبارها إذا ضايقها بشيء.

بدورها أجابتها كادي أنها كانت مرتاحة وبدا عليها الصدق، بل ظهر في عيونها شيء مما كانت تراه في عيونها هي في الماضي، في بداية حياتها مع راضي.

استيقظت من خواطرها تلك لدخول لمار الصاخب للمجلس وهتافها وهي تضم أختها، تنهال عليها بنفس الأسئلة التي سألتها هي: "يا الخاينة قلتي بتجي في الليل!"

=
=
=

عندما أبلغت ترانيم أبوها موافقتها على خاطبها، رد هو أن ملكتها ستتم بعد أسبوعين من الآن وزواجها بعد شهر.

كأنه يريد التخلص منها!

لكنها لم تبدِ انفعالها، فقط ردت: "إذا على كذا، فشرطي إن ملكتي تكون بلا شوفة.."

لم يظهر على أبيها استساغة الفكرة، لكنه رد بدوره: "لك اللي تبين."

=
=
=

منذ أن أعلن أبوه موافقة أخته على الزواج بمن خطبها وجلال في حالة ذهول.. فأخته لم يبدُ عليها أي بادرة على تفكيرها في تغيير موقفها والنزول من قصرها العاجي. زاد شكه عندما عرف من خطبها، ابن عمته من الرضاعة، يتذكر محادثة ماضية مع أبيه..

(-: "جا يخطب ترانيم؟"

-: "لا.. بس لو جا عندي خاطب ما برده.."

-: "هذي نبرة جديدة.."

-: "يمكن..")

ظل يحدق بأبيه متسائلا، أيمكن أنه أجبر أخته على الموافقة؟

"بأية حال، السالفة فيها إن.."

قد شارك خاله بشكوكه تلك، ليرد عليه بسؤال: "كلمت أختك؟"

أشار بالنفي: "لساتني مو مستوعب الخبر، بس بكلمها قريب.."

تنهد خاله: "أجل كلمها ونشوف وش بتقول، إذا أبوك غصبها بنحاول فيه.." نظر بعدها إليه بمعنى: "و ما دامنا في طاريه، متى ناوي تفكر تتزوج حضرتك؟"

نظر جلال إليه بشك: "كلمتك أمي ولا وش؟"ثم استطرد قائلا بابتسامة: "واللحين مو أنا وإنت اتفقنا تزوجني بنتك لما تجي للدنيا؟ عجل علينا ترى الوقت يمضي..!"

ابتسم عندها خاله بمكر عرف من خلاله أن محاولته قلب الوضع عليه لم تنجح: "يمكن ما عندي بنت من صلبي، بس فيه وحدة أعدها بمنزلة بنت لي وأبغاك تتزوجها.."

لم يستطع جلال إلا النطق بـ"ها؟" بعدم استيعاب لما يقوله خاله.

انحسرت الابتسامة من ملامح خاله، ليحل بدلها الجدية التامة: "إذا طلبتك بتردني؟"

بحمية، مدفوعا بقدر خاله الغالي عنده أجاب: "أطلب مني اللي تباه يا خال، فداك.."

أخبره عندها خاله عن خالته منال وتوجسها من أعمام ابنتها ومخاوفها من أهدافهم، من كونهم سيستخدمون ابنتها ضدها لتلبية أطماعهم. لكن، بعقد قرانها به، فإنه لن يكون لهم سلطة على لمار وستبقى مع خالته.

سأله خاله عندها، بعد أن أعطاه لحظة للتفكير: "وش قلت..؟"

ليرد بثقة: "لما قلت إني بسوي اللي تبغاه مني عنيتها يا خالي، وعشانك وعشان خالتي، أكيد موافق."

صدقا، لم تكن ابنة خالته لمار أبدا في مجال راداره، لا يملك عنها فكرة سوى أنها صغيرة، لا يمتلك ذكريات تجمعه بها في الطفولة سوى بضع متفرقة مبهمة لا يستطيع تذكرها بسهولة. لم يكن ليخطر على باله خطبتها أبدا.

بدا خاله الفخر الفاضح به، الراحة الواضحة لسماع إجابته، وهذا عزز موافقته أكثر على طلبه: "ريحتني يا ولد أختي.." أردف وهو ينخرط في تفكير عميق: "لساتنا عالبر ويبغالي أفاتح البنت في الموضوع، إذا رفضتك بدور لي حل ثاني، مقدر أغصبها عليك.."

استنكر جلال بغرور: "وش جاب طاري الرفض؟ أكيد بتوافق علي..! إنت بس فكر في الإجراءات وبس يا خالي.."

ابتسم خاله بتسلية: "ارحمنا يا أبو الثقة إنت!"

=
=
=

لم يمض أسبوع بعد استقالته من العمل لدى عمه إلا وأمه تواجهه بمعرفتها بالخبر، بثورانها الكاسح لتأكيده ما سمعته: "ليه تحب تكسر كلمتي يا ولد غانم؟! ليه تتنازل عن حقك؟!"

ولأول مرة، واجهها عبد الرحمن بالحقيقة ولم يصمت ليراعي شعورها، مهما ظنه خاطئا: "حقي اللي تركه جدي لأبوي من الورث. بنوك عمي أسسها من ورثه هو وحنا مالنا علاقة فيها يمه..!" أردف يرجوها أن تفهم: "وش اللي يحدنا نعيش على إحسان عمي؟ ليه نحط عيوننا على حقه وهو حافظ حقنا ومتفضل علينا ببيته وفلوسه؟"

ظلت أمه صامتة، باديا فيها الاستياء والغضب وعدم الرضا بكل كلمة قالها، وتركته متجاهلة لندائه خلفها، ليستسلم ويتنهد بضيق..

"الله يهديك يمه.. الله يهديك.."

انتهى البارت..~

أبها 03-01-18 01:22 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
سلمت يمينك الفيورا على الجزئين ..

ما أدري ليش كنت ماخذة فكرة سيئة عن كادي إنها
متكبرة و ربما راح تحتقر عبدالعزيز لأنه مرمطها في ليلة
عرسها بالرحلة الكئيبة إياها .. لكن بعكس توقعاتي كلها
مرت الأمور بسلام .. و عبدالعزيز شخصيته حلوة
و كذلك الجدة .. اللي اندمجت سريعا معاها ..
هذا درس لي إني ما أحكم على أحد قبل معاشرته .

سالم .. كنت اعتقد إنه مطلق غالية لكن في جزء اليوم
إشارة إلى أنه ما طلقها لكن رافض يرجعها البيت قبل ما يحقق
اللي في باله الحمدلله .. كنت خايفة إن أبوها يزوجها أحد نكاية في سالم
بس دام الوضع كذلك ارتحت ..

لمار .. حبيبة هالبنت و تقربها من زوجة أبيها راح يكشف
لها سر زواجها .. و إنها ضحية لعائلة قاسية القلب.

هل راح توافق على خطبة جلال ؟؟
الواثق جدا ؟ ☺

كل الشكر والتقدير الفيورا .🍃🌷🍃

الفيورا 04-01-18 06:03 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الخامسة عشر

=
=
=

بدا على الخال سامر التردد قبل إعطائه الرد الذي ينتظره: "البنت موافقة، بس عندها شرط.."

استفسر: "واللي هو؟"

أجابه بذات التردد، كأنه يخشى من ردة فعله: "اشترطت ما تشوفها إلا بالعرس."

أمال الوليد رأسه باستغراب: "بس هذا؟ ما فيها شي يا خال، عادي. أصلا الملكة والعرس قريبين من بعض بزود. ويمكن أحسن بعد عشان يزيد الفضول." أردف بضحكة: "أهم شي إنها موافقة..!"

لم يلحظ الذنب في عيون خاله عندما ردد يؤيده: "أهم شي إنها موافقة.."

=
=
=

من بين كل الأمور التي تصورت لمار أن يستدعيها خالها إلى مكتبه من أجلها، لم تتوقع هذا: "جاني خاطب لك.."

رمشت بعدم تصديق مرة ثم مرتين، قبل أن تستوعب ما قاله، لتقهقه ضحكا إلى درجة تشكل الدموع في عيونها، تقول بعد أن هدأت قليلا: "عاد هذي النكتة يا خالي بتاخذ عشرة من عشرة!"

لكن خالها لم يرد عليها بكلمة، وعندما تمعنت في النظر إليه وجدت أنه لم يكن يضحك معها، لتدرك وتسأل بذهول: "من جدك؟"

ليرد: "إيه، من جدي.." أردف يسأل بدوره، كأنه لا يرى خطبا ما في فكرة تقدم أحدهم لخطبتها: "وش يفرقك عن باقي البنات عشان ما تنخطبين؟"

الفرق بينها وبين باقي الفتيات كان.. كبيرا..

لطالما رأت لمار في أختها مثالا في الجمال والأناقة، وكم ضايقها أنها لم تستطع أن تقتدي بها، فمن لديه الوقت ليهتم بنفسه وهو يصارع آلام جسد عليل؟

صحيح أنها تحسنت كثيرا في السنوات الماضية عن السابق، تتحول من حالة مفقود الأمل بها إلى واحدة شبه طبيعية، لكن صحتها المكتسبة حديثا لم تمنع تكون صورة عن نفسها كما كانت في الماضي وانطباعها تحت جفنيها، هزيلة ضئيلة شاحبة على بعد أصابع من الرحيل. لم تمنع تكون الفكرة في بالها أن الكل يشفق عليها، فكم رأت من النظرات المشفقة وهي طفلة، وبعدها في بداية مراهقتها. لم تمنع فقدان ثقتها بنفسها، حتى لم تعد تبالي بمظهرها.

لم يكن لديها الاعتقاد أن أحدهم سيخطبها هي من بين الكل. هي، من كانت تُصرف الأنظار عنها وتوجه نحو أختها كادي. هي، من كان الكل ينظر لها ككائن ضعيف يجب ألا يُلمس.

وضع خالها يديه على كتفيها، يسترعي انتباهها ويوقظها من كآبة أفكارها: "فيه سبب ثاني بعد لذي الخطبة.."

استغربت كلامه: "وش قصدك يا خالي؟"

عندها أخبرها خالها عن احتمالية مطالبة أعمامها بها، وخشية أمها من كونهم سيتصرفون بها كما شاؤوا. لا تنكر، أرعبتها الفكرة، فهي أبدا لا تطيق أقربائها من أبيها لأفعالهم الماضية.

ربما لاحظ خالها ضياعها وتشتتها بين أي قرار ستتخذ، لأنه قال: "إنتي صاحبة القرار وما بغصبك على شي، ولا تحسبي إن لو رفضتي الخطبة إني ما بلقى حل ثاني مع أعمامك.."

ردت بما تعرف أنه كان يبطنه في باله: "بس راح تكون مرتاح إذا وافقت على اللي خطبني، صح؟"

ابتسم لها خالها بدفء والد: "إيه.. بكون مرتاح لو تزوجتي جلال.."

كادت تختنق من صدمتها لمعرفة من خطبها.

"جلال؟! ولد خالتي جلال ما غيره؟!"

أردف خالها غير ملاحظ للصدمة التي ألجمتها: "خذي وقتك تفكرين، ومتى ما توصلتي لقرار قوليلي.."

غادرت مكتب خالها بحالة ذهول للصدمات التي أتت متوالية، ابتداء بأمر بخطوبتها وانتهاء بمعرفتها من خطبها.

من بين الكل.. جلال؟ جلال الذي كان معروفا بين أوساط العائلة والمقربين لها بتجنبه الزواج؟ جلال الذي كان محط إعجاب كل صبية صادفته؟ جلال الذي بدا كأنه مستعد لأخذ كاميرا ما صورة له تعرض على غلاف مجلة كل الأوقات؟

جلال، الذي تذكر إزعاجها المستمر له في تجمعات العائلة كطفلة، وتكشيره المنزعج منها واسكاته لها بأي حلوى يملكها. جلال، الذي كانت تتعمد إزعاجه وتتقصد البكاء والنواح عنده لأنه لا يستطيع تحمل الازعاج وسرعان ما يرضخ ويعطيها ما تريد، لأنه لم يكن كأخته ترانيم التي لم تجد معها محاولاتها تلك نفعا، بل قلبتها ضدها!

جلال، التي دعت مرة للمسكينة التي سينتهي المطاف بها كحرمه المصون.

لم تدري أنها ستصبح يوما أول مرشحة لذاك اللقب!

=
=
=

بسبب روتين زوجته في تجديد الأثاث كل سنة، لقي حامد ألبوم صور مغبر في أحد الكراتين المفتوحة التي أخرجتها من المخزن ليتم تنظيفه.

أخذ حامد ألبوم الصور معه إلى غرفته، ليبدأ بتفحصه مسترجعا للذكريات التي احتواها بين صفحاته، وفي خضم تقليبه بين الصور، استوقفته صورة لا يذكر متى تم التقاطها، ظهر فيها أخوه فيصل في سن المراهقة، يجلس في غرفة تعرف عليها حامد على أنها غرفة مجلس بيت أبيه، يبدو كأنه كان يشاهد التلفاز قبل أن يلحظ أن صورته كانت تُلتقط.

أغرب ما في صورة كان الابتسامة الصافية الهادئة المرتسمة على شفتي أخيه، يوجهها لمن رآه يلتقط الصورة لحظتها. لا يذكر من فيصل في سنين مراهقته إلا التمرد والتهكم، الابتسامات المائلة الساخرة والضحك الشامت.

عندها، كما لو أصابته صاعقة، تذكر حامد كيف الُتقطت هذه الصورة.

كانت بعد تخرجه من أكاديمية الشرطة بسنتين، عندما اتصل به أحد معلمي فيصل من مدرسته الثانوية بصفته وصيا عليه بعد وفاة أبيه وسفر أكبر إخوته خارجا، يشتكي من إهماله وتركه الحصص. يذكر توبيخه لفيصل، وتفاجئ فيصل من ذلك، رده المستغرب المستفسر عن سبب اهتمامه، فإخوته الآخرون لم يهتموا بالخطابات والاتصالات التي تلقوها من معلميه سابقا.

يذكر حامد رده عندها رده بأنه لن يتركه مهملا بحجة أن الآخرين لم يستطيعوا ضبط تصرفاته.

صدف في ذلك اليوم أن أخته الصغيرة دلال كانت تجرب الكاميرا التي أرسلها لها أخوهم الأكبر فايز كهدية نجاحها، ومحاولاتها جعلها تعمل بلا أي دراية بكيفية استعمالها.

أخذ الكاميرا منها ليعلمها كيف ووجهها لفيصل وناداه، وعندما التفت فيصل إليه ورأى ماذا كان يفعل، لم يتصرف بطبعه المستفز، بل سايره وابتسم.

هذه الصورة لوحدها كانت كفيلة بجعل فيض من الذكريات والإدراكات تتدافع لذهنه.

تذكر كيف كان إخوته يأمرونه بتوبيخ فيصل كلما افتعل مشكلة أو بدأ يخرج عن نطاق السيطرة، وعندما سألهم لما هو بالضبط كانوا يجاوبونه بأنه الوحيد الذي أخذ على عاتقه تقويم فيصل والوحيد الذي سمع فيصل لأمره.

تذكر أنه هو كان أول من أخبره فيصل بأمر سفره الأول، ومن ثم زواجه. كان حامد أول من أخبره فيصل بولادة ابنته، والوحيد الذي أرسل صورتها له.

كان حامد أول من أوصاه فيصل على ابنته الرضيعة وهو على فراش الموت.

أيقظه صوت زوجته من رحيله مع ذكرياته، تسأله بعجب: "وش فيك..؟"

فقط عندها انتبه حامد إلى تضبضب رؤيته من الدموع.

=
=
=

عندما أتى جلال إليها يسألها عن موافقتها على من تبين أنه ابن عمتها من الرضاعة، فكرت للحظة في إخباره الحقيقة لتتراجع عن تلك الفكرة، فلا تريد أبدا أن يحدث خلاف بين أبيها وأخيها بسببها هي.

لذا تحاملت على نفسها وابتسمت له تطمئنه: "وافقت برضاي، ما عليك.."

لم يبدُ على جلال تصديقها لتلك الدرجة، لكنه لم يضغط عليها وقال: "تدرين إني دوم بجنبك يا الدلوعة، صح؟"

هذه المرة كانت ابتسامتها صادقة نابعة من قلبها: "إيه، أدري يا أخوي.."

=
=
=

كانت شادية تنشر الغسيل في الحوش، تدندن بنشاز متقصد عندما شعرت بضربة مألوفة جانب رأسها. عرفت دون النظر أن كرة أبناء أم خليل قد افلتت منهم وهم يلعبون خارجا أمام بيتها.

وكما أصبح مشهدا متكررا، أتى طرقهم الملح على الباب سائلين عن كرتهم.

قد حاولت شادية كل الطرق في تجنب كرتهم السائبة، من تجاهلهم إلى توبيخهم إلى إخبار أمهم لكن بدون جدوى، أيام تمضي بدون ضربة تلك الكرة على رأسها لتأتي يوما على حين غرة وتوقظ كل شياطينها!

تحجبت بجلال صلاتها تحسبا وفتحت الباب، لتراهم واقفين بأدب وبابتسامات ظريفة ينتظرون كرتهم المنشودة. أعطتهم إياها وهي تحذرهم: "لو مرة ثانية ضربت كرتكم فيني بكلم جدي يصارخ عليكم زي ذيك المرة، مفهوم؟"

أومأوا بنعم وبحماس يتجاهلون تماما تهديدها: "مفهوم خالة شادية!"

أغلقت الباب وهي تبتسم من شغبهم المحبب رغما عن كل شيء، لكن حقا، عليها أن تجد حلا لكرتهم تلك!

=
=
=

أعلنت له منال بتعبير بارد بدا غريبا عليها: "شهر وشوي وببيع البيت.."

لم يحتج شاهين إلى الاستفسار لمعرفة أي بيت تقصد: "وكيف بتبيعي بيت أبو كادي الله يرحمه..؟"

لترد بوجوم: "البيت مكتوب باسم كادي، وهي أعطتني الحرية أتصرف فيه.."

ما الذي ستستفيده منال من بيع ذلك البيت؟ أبدا لا تحتاج للمال، فلا هو ولا أبوه يقصران في حقها، ولا يعهد منال بتلك التي تسعى وراء كل فلس بلهفة. لم يبق سوى تفسير واحد، ولم يرض شاهين به مهما كان داعما لأخته، فالحقد لم يكن لائقا أبدا بها: "منال.."

قاطعته قبل أن يعترض، تنطق كل كلمة كأنها تطعنها في الروح: "كفاية عليها عايشة فذاك البيت أيام العدة..!"

عيون أخته نطقت بشيء مختلف..

(العدة اللي سرقت حقها مني!)

=
=
=

كان نواف في مجلس بيت أمه يتفقد رسائله عندما سمع ذلك الصوت يهتف بشماتة، وصاحبته تجلس بضجر جانبه: "ارحم نفسك يا روميو زمانك، كل مرة أشوفك فيها حالك صاير أردى!"

رد ببغض لهذه الإنسانة المسماة بأخته، تلك التي لم يرى هو ولا أمه منها سوى المشاكل والفضائح: "أكرمينا بسكوتك، مافي أحد طالب رأيك في حالتي."

تجاهلته تماما وهي تردف تغيظه، تستفزه: "تلاقيها موسعة صدرها مع غيرك ولا على بالها إنت يا الغافل..!"

صرخ بها بهياج غضبه، حركة واحدة فقط تفصله عن ضربها، بسبب تلك الفكرة التي تؤرقه ليل نهار تنهشه داخلا من الغيرة: "شذى!"

لتهز أخته كتفا بلا مبالاة به، تنظر له بمزيج من الشفقة والاشمئزاز: "انساها يا نواف، تراها عاشت معنا فترة وشفت كيف كانت تناظرك. صدقني لما أقول إنها ما كانت طايقتك. عيونها كانت تنطق كره لك.."

رد بتهكم، متعجب من كلام أخته الناصح، يتجاهله بالكلية. لا يطيق فكرة كره معشوقته له، لا يستطيع احتمالها!: "شكل الطردة من الجامعة خلاك حكيمة زمانك."

نهضت شذى من مكانها، تقول: "زي ما يقولون، خذ الحكمة من أفواه المجانين. لكن بكيفك، خليك على الأطلال..!"

انتهى البارت..~

الفيورا 05-01-18 04:19 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السادسة عشر

=
=
=

مضى أسبوعان منذ انتقالها للعيش مع عبد العزيز في شقته، شقته التي لاقت إعجابها واستحسانها ببنائها وملائمة الأثاث الذي اختارته مع هدى لها. قد ذكر عبد العزيز أن مالك المبنى كان مريضا أسعفه قبل سنة، وعندما صدف والتقيا وهو يبحث عن شقة مناسبة لهما، أصر عليه أن يختار مبنى شققه للعيش فيه مقابل خفض سعر الإيجار عليه بدرجة كبيرة.

لكن كانت هناك تفاصيل هنا وهناك جعلت كادي تتردد في قول أن العيش في شقتهما كان مثاليا. أكبر مثال كان جيرانهم غريبو الأطوار.

(كالزوجين الذين يعيشان في الشقة فوقهم، تسمع كادي جدالهم الصاخب في أوقات محددة بشكل عجيب عندما تقف المطبخ أو في المجلس. الغريب أنها متأكدة أنه لم يكن من السهولة أبدا سماع صوت أحد من الشقق المجاورة لهم، فكيف يصلها صوت جدالهما كل يوم؟!

كالجار في الشقة مقابلهم، البخيل بلا حياء، الذي كان يتعمد طلب التوصيل من المطاعم إلى شقتهم بدلا من شقته حتى يدفعوا عنه، ليأتي بعدها يطالب بطعامه. كان الشيء الوحيد الذي فصل بين وجهه وقبضة يد عبد العزيز هو رجاء كادي له بعدم افتعال مشكلة، لكن بعد المرة الثالثة تركت عبد العزيز يفعل ما يشاء، ولم يتعرضا لمضايقاته منذ ذلك الحين.

وأيضا كان هناك جارهم المسن في الشقة تحتهم، الذي ما إن سمع أن عبد العزيز كان طبيبا حتى بدأ يأتي له يطلب تشخيصه لأتفه شيء ضايقه، بل جلب بضع من أفراد عائلته معه مرات. اكتشفت عندها كادي أن عبد العزيز كان لينا بشكل شديد مع المسنين، وفسر ذلك مسايرته للعجوز وفحصه بجدية كل مرة.

ولا تنسى أيضا اجتماعات نسوة الشقق الأسبوعية التي لا تدري كادي إلى الآن كيف انتهى المطاف بها في حضورها، ولا تزال تبحث عن عذر يعفيها منها نهائيا).

وبعيدا عن الجيران، فإن العيش مع عبد العزيز لم يكن بذلك التقليدي، فهو أبدا لا ينام في الأوقات المعتادة كسائر البشر، ومنذ استئنافه لعمله قبل أسبوع، اكتشفت كادي أنه لم يكن لديه نوبات عمل طبيعية أيضا، فتارة يبقى معها اليوم بأكمله، وتارة لا تراه يوما كاملا، تارة نصف يوم وتارة ربعه أو ثلثيه. الشيء الوحيد الذي ألهى خاطرها من حقيقة أنها كانت تفتقد وجوده وبشدة كان عملها الذي قررت البدء فيه وقطع الإجازة التي أخذتها.

تعرف أنها وافقت عليه وهي عالمة تمام العلم بمهنته وما تتطلبه، بل عدتها كإيجابية وقتها، فكيف ستتعلق بشخص سيكون شبه غائب عنها على الدوام؟

لكنها لم تتوقع أن تلحظ غيابه ذاك، أن تكترث به لدرجة الاستياء، أن يغمرها الحبور في الأيام التي يبقى فيها معها.

شعرت كادي كما لو أنها قد وقعت في فخ، والمصيبة أنها لا تدري من أي نوع.

=
=
=

سألت لمار زوجة أبيها بترقب: "ها، وش رأيك؟"

لوحت زوجة أبيها بالملعقة الصغيرة التي كانت تأكل بها الكيك الذي صنعته لمار، بإيقاع متسلي مغيظ: "التقديم سيء، البناء هش.."

قاطعتها لمار: "تفاصيل جانبية! أهم شي الطعم.. كيفه؟"

أجابتها أخيرا، بتلك الابتسامة المائلة التي أصبحت جزءا منها، تدل على أنها في مزاج رائق: "حلو.. يجي منك."

هتفت بثقة: "أدري إنه حلو! سويته بعد معاناة وصراع مرير، لازم يطلع كذا ولا كنت بسوي هوايل..!"

نظرت زوجة أبيها إلى صينية الكيك الكبيرة التي أحضرتها لمار معها، ولاحظت السرور البادي عليها: "مشكورة، ما كان له داعي تكلفي على نفسك كذا.."

ضحكت لمار بخفة، ترد بأريحية: "عادي ما كان فيها شي وربي!" أكملت بخفوت شارد: "وأصلا أشغل بالي شوي عن أشياء.."

عرفت من نظرة الأخرى الصامتة أنها تستحثها على الاسترسال في الكلام، ولكونها لا تحتاج دافعا في البدء في الثرثرة، بدأت تحكي عن تطورات الأيام الماضية وعن حيرتها في أمر خطبتها، أمر لم تعلم أمها ولا كادي به بعد، فلا تريد أن تشعر أمها بالذنب، ولا تريد إزعاج كادي وهي في أسابيعها الأولى من زواجها.

تمهلت زوجة أبيها لحظة قبل أن تقول: "استخيري وشوفي اللي قلبك يرتاح له، بس أبدا لا توافقي تتزوجين عشان تهربين من وضع."

لم يفت لمار نبرة المرارة في صوت زوجة أبيها وتساءلت في نفسها، أكانت تلك نصيحة مجربة؟

وحقا، بدأت لمار تزن خطبتها هذه بين ميزانين، بين تبعات موافقتها أو رفضها، بين الإيجابيات والسلبيات، إلى أن توصلت إلى قرار.

صحيح أن خالها سيجد لها حلا آخر مع أعمامها إذا رفضت، صحيح أن جلال لم يكن أبدا شخصا فكرت في الارتباط به، لكن قدر خالها شاهين غال في قلبها، ولا تريد أن ترفض أكثر حل هو مرتاح له، وعن جلال، فلا تظن أن خالها رشحه لها إلا وهو متأكد منه ومن جدارته.

بقي فقط عدم تأكدها من أمر الزواج بأكمله الذي بقي يقض مضجعها حتى بعد أن استخارت وشعرت بالراحة تجاه جلال.

وعندما أتت لخالها تصارحه بما توصلت إليه، فكر لحظة قبل أن يقول: "وش رأيك تملكون فذي اليومين، والعرس بيكون بعد تخرجك؟ ما بيقدر أعمامك يسوون شي وإنت متملكة، وبيمديك تتأقلمي مع الفكرة."

انتباها الخجل عنوة عندما أدركت أنها استحسنت فكرته، أنها كانت موافقة. وعندما أومأت بقبول، ابتسم خالها برضا: "أجل خليني أعطي جلال خبر.."

=
=
=

كانت غالية ترتب مقاضي البيت التي أرسلت أخاها الصغير ربيع لإحضارها من بقالة القرية، وفي خضم ترتيبها لمحت مغلفات من حلواها المفضلة. لا تذكر تكليفها ربيع بإحضارها لها، ولا تظن أن ربيع قد اشتراها لنفسه، فلا أحد في بيتهم يحب هذا الصنف سواها هي.

ذهبت إلى ربيع تسأله وفي رأسها يتشكل احتمال ما: "وين الباقي يا الأخو؟ شغل الدس هذا ما بينفع معي."

تحلطم ربيع قبل أن يعطيها ما بقي.. أو بالأحرى، المبلغ نفسه الذي أعطته ليشتري المقاضي. لوحت بالأوراق النقدية بسؤال: "وش معنى ذا؟"

ابتسم ربيع عندها، يشير إلى الكيس المليء جانبه: "إيه، ذكرتيني! شفت سويلم في البقالة ودفع هو عني. عزمني اشتري اللي أبي حتى." استطرد وهو ينظر إليها بشيء من العتاب وعدم الفهم: "له فقدة والله.. مدري إلى متى بتتمي زعلانة منه..!"

الوحيد من إخوتها الذي لم يعرف بحقيقة وضعها مع سالم كان ربيع لصغر سنه، فكلهم أعطوه الفكرة أن غالية هنا بإرادتها هي. لطالما كان سالم ذا علاقة جيدة مع إخوتها، حتى أنهم تفهموا سبب انقطاعه المؤقت عنهم رغم عدم رضاهم عن طوله، فكلام أبيهم كان مهينا جارحا لا يرضاه حر على نفسه.

بصمت أرجعت لربيع المبلغ الذي أخذت منه قبل أن تعود إلى المطبخ، إلى النظر إلى مغلفات الحلوى بمزيج مُر من الشجن والسرور.

=
=
=

اتصل خاله به، يقول: "البنت موافقة."

ليرد جلال بثقة مغترة: "كنت أدري إنها بتوافق، ما يبغالها سؤال يا خال..!"

سمع تنهد خاله بسأم في السماعة قبل أن يكمل: "بتملكون بعد الخطبة على طول عشان نسد الطريق على أعمامها، وعرسكم بيكون بعد تخرجها."

رفع حاجبا من هذا الجدول، لكنه لم يعترض: "طيب، خير إن شاء الله.."

ليقول خاله بنبرة تفكير: "الحمد لله إنك مو مستعجل، لأني ما أبغاك تشتتها وهي في سنة تخرجها."

"كأني ميت وولهان عليها عشان أتعب نفسي وأشغلها.." رد عليه يسايره: "لا تخاف يا خال، ما بزعجها ولا بقابلها إلا ليلة العرس."

ليقول خاله وشيء من الخبث يتسلل إلى صوته لم يفهم جلال مغزاه: "بخليك عند وعدك ذا يا ولد أختي." أردف ونبرته تعود للحيادية: "اللحين كلم أبوك وأمك عشان نخلي الأمور رسمية."

قرر البدء بأمه، فأليست هي من سعى وراء زواجه بإصرار؟ إذا، آن الوقت لإنهاء سعيها ذاك.

كانت أمه تشرب قهوة وتتفحص مجلة في مجلس النساء عندما أتى يبدأ يقول دون مقدمات: "نويت أخطب يمه.."

شرقت أمه بفنجانها ليتجه إليها يربت على ظهرها وهي تسعل، حتى هدأت وأشارت له بالابتعاد لتقول: "لا تلعب مقلب علي زي المرة اللي فاتت، لما قلت ناوي تخطب بنت شاهين اللي بعدها ما جات على الدنيا!"

رفع جلال يديه بمسايسة: "لا، لا. وش الظن الشين ذا؟ السالفة وما فيها إني شفت خالي مزودها بتأخيره في توصيل عروس أحلامي لي وقلت خليني أمضي في حياتي وأشوف مستقبلي وأفرح أمي.."

لم يبد على أمه التأثر بالمشهد المسرحي الذي مثله: "بنت مين اللي ناوي تخطبها؟"

جلس جانبها راسما أعرض ابتسامة يمكنه رسمها: "البنت ذي تعرفيها وتعرفي أهلها أكثر من أي أحد.."

بدا على أمه الاستغراب التام والفضول المتزايد، تكرر سؤالها: "طيب مين؟"

أجابها أخيرا: "لمار، بنت خالتي منال."

ضيقت أمه عيونها بعد لحظة صمت تستوعب إجابته: "ما قلتلك لا تلعب مقلب علي؟!"

استغرب من ردة فعلها هذه: "وأنا أتكلم من جد. أبي أخطب لمار."

حدقت به تبحث عن أي دليل يقول لها أنه يكذب ولم تجده، لترفع حاجبا بعجب: "لمار؟ من بين كل البنات.. لمار؟"

سألها ما زال مستغربا منها، فهو قد توقع فرحها بمعرفة أنه يريد خطبة ابنة أختها: "ليه متعجبة؟ شايفة منها شي ولا..؟"

قاطعته بحدة: "هذي تربية منال يا ولد! البنت طيبة وما شفت إلا الخير منها، بس.."

استحثها: "بس؟"

أكملت: "إنتوا الاثنين مختلفين بزود.."

هز كتفا غير مكترث بهكذا سبب: "زي ما يقولون يمه، الأضداد تتجاذب. المهم.. فرحانة؟"

ابتسمت أمه له بصدق وراحة: "إيه والله فرحانة! سبحان الله إنت وأختك قررتوا تتزوجون وتريحوني في نفس الوقت."

ضحك: "اللي يسمعك بيقول أنا وترانيم بضاعات بايرة!"

شهقت أمه بجزع: "في العدو ولا فيكم! بس وش أسوي؟ شيبتوا راسي بعنادكم وأنا متشفقة على عيالكم..!"

قبل جبينها بحب وأحاط كتفيها بذراعه، يضمها جانبه. كم يحب هذه اللحظات النادرة مع أمه، عندما تكون بعيدة عن تمثيليات مجتمعهم المخملي. ربما كان زواجه بلمار خيرا إذا كانت بداية بشره هذه.

=
=
=

اتصل شاهين بمنال يخبرها أنه يقف أمام بيت صديقتها ينتظرها، لكن الصوت الذي أجابه لم يكن ذاك لأخته، بل لغريبة. سأل وطلب جوابا فوريا بندائه: "منال؟"

لتجيبه تلك برقة طبيعية وليست مصطنعة كالتي يتلقاها أحيانا: "تركت جوالها في الشحن وجالسة مع أمي."

من جوابها هذا عرف أن من تكلمه كانت إحدى بنات صديقة منال. تنهد من عادة أخته في نسيان شحن هاتفها، ليدخل في دوامة كلما حاول الاتصال بها: "طيب، قوليلها أخوها يستناها برى."

أقفل الخط دون انتظار الرد.

=
=
=

قد قال بضع كلمات، برسمية وباختصار، لكن سماع صوته بذاك القرب كان كفيلا بجعل قلبها يلهث نبضا إلى درجة مؤلمة.

لا تدري ما الذي سيرها لتجيب على جوال منال عندما رأت الشاشة تنبض باسمه، لكن ألم يكن هذا طبعها مع حبها هذا؟ الخروج عن المعهود؟

قد حاولت أسيل التماسك عندما نقلت رسالته لأخته، لتبتسم تلك بمعنى وهي تقف ناهضة مودعة لها ولأمها.

بصراحة، تعبت. تعبت من مشاعرها هذه، تعبت من تلميحات منال دون أن تلقى لآمالها صدى.

=
=
=

أتى إعلان جلال برغبته الزواج من ابنة خالتها لمار كصاعقة تسببت في شغل بالها عن ملكتها ليلة الغد، وحالما أنهى أبوها قوله أنهم سيزورون بيت جدها عبد المحسن من أجل تلك الخطبة بعد ملكتها مباشرة، أخذت ترانيم جلال جانبا وسألته بعجب: "من جدك تبي تخطب لمار؟"

نظر جلال إلى الأعلى بقلة صبر ثم إليها وقال: "وشفيك إنتي وأمي عليها؟ تراكم خليتوني أبدا أتردد.."

ضربته بخفة على كتفه: "حرام عليك، لمار طيبة وعلى نياتها. الخوف منك تظلمها معك!"

ليرد باستنكار: "ومن وين بتلقى مثلي؟"

ما زالت غير مستوعبة للفكرة، تهز رأسها بعدم تصديق: "إنت.. ولمار؟ زيت وماي؟ شرق وغرب؟"

أكمل جلال عنها بضجر: "يمين وشمال، فوق وتحت، الربع الخالي والقارة المتجمدة الشمالية.. أدري يختي، اثنينا مختلفين، فيه غيره؟"

لوت ترانيم شفتيها بعدم رضا: "الله يعينها عليك."

انتهى البارت..~

الفيورا 05-01-18 04:31 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
احممم السلام عليكم أعزائي..
احتمال كبير تنقطع علي الشبكة، فإذا حصل وانقطعت الليلة أو بكرة فما أقدر أنزل بارت، وإذا تمت معي فبيكون فيه بارت إن شاء الله

وشي ثاني حابة أبلغكم به وتعذروني عليه.. زي ما تعرفون، أنا حاليا أدرس ومو في إجازة
الشهر هذا مهم جدا في دراستي وبيكون فيه امتحانات كليتي النصفية وموادي ما شاء الله كثيرة والتخصص يباله تركيز، فجدا آسفة لما أقول إن تنزيلي بيخف الشهر ذا كله. إن شاء الله ما بقطعكم تماما وبحاول أنزل بارت في الأسبوع على الأقل، بس لو ما قدرت أتمنى أتمنى تتفهموا ظروفي..

(على الأقل يمديكم تلحقوا على البارتات في غيابي المتقطع :lol:؟ بعض المرات أحس إني ما بعطي فرصة للناس تلحق على البارت اللي نزل، ولا وش رأيكم؟؟؟)

لو الود ودي كان تميت معاكم بلا انقطاعات في الجدول، وش نسوي لكن؟ بس أبشركم، الشهر اللي بعده بحاول أعوضكم لما يعطوني إجازة النصف

معليش على ثرثرتي يا الغوالي ولنا لقاء ثاني في الأسبوع الجاي إن شاء الله.
دمتم بود.. :)

أبها 05-01-18 06:05 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
شكرا الفيورا على الجزء الصغيرونو ..😄

والله بدينا نخاف من جلال هذا اللي شايف نفسه
و واثق جدا إن لمار ما راح تلاقي مثله !!
الله يعين لمار على عريس النكد ..

كادي .. و سكان العمارة .. شكله راح تصير قصص
و حكايات مع هالجيران ☺

شكرا الفيورا ..معذورة
أهم شي دراستك و إن شاءالله لاحقه خير
و ننتظرك بإجازتك مع أجزاء طويييلة .☺

alamal 06-01-18 12:39 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
http://i86.servimg.com/u/f86/19/10/92/73/445-do10.gif

الفيورا 08-01-18 08:20 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ربي يوفقكم لما يحب ويرضى حبايبي، مشكورين على تفهمكم..

السابعة عشر

=
=
=

منذ إصلاحه لسيارته وأوضاعه في تحسن. قد كانت فترة متعبة تلك التي رافقت زواج عوض. بفقده الرجاء بوصل شادية، أخبره أنه لن يزعج نفسه بإيصاله. يذكر خيبته بعوض حينها. صدقا، لم يتوقعه رجل مصالح إلى درجة ترك النخوة والمؤازرة.

وكأنما استحضره بفكره، لقي سالم عوض حال خروجه من جامع القرية، يتقدم عبد الرحمن الذي استوقفه حاضرو الصلاة بفضولهم كما أصبحت العادة. كان عوض ينظر إليه باستهجان وريبة: "شايف صاحبك هنا كثير ذي الأيام، لا يكون ناوي يخطب بنت أخوك؟" ضحك ببرود عندها، يقول قبل أن يرد سالم بشيء: "قوله ينسى طاريها، حضرتها ما تقبل في الرجاجيل، والله أعلم عن السبب..!"

خبث معناه هذا أفقد سالم أعصابه، وعلى الفور قفز عليه يربحه ضربا، لا يتوقف حتى عندما فصل الرجال بينهما، يمنعونه عن الوصول إلى عوض المذعور من ردة فعله، حتى هرب وأفلت منه.

وكان في خضم توعداته وتهديداته أن خرج عبد الرحمن، باديا عليه التعجب من التجمع أمام الجامع والغضب على ملامح سالم. سأله بقلق: "وش صار؟"

لم يجبه وهو يبعد أيدي من يكبلونه بزجر، يخطو بخطى يقودها الغضب الثائر بعيدا عن تجمع الناس وإلى زاوية هادئة، لا يشعر حتى بعبد الرحمن يتبعه ثم يستوقفه، يشده ليلتفت إليه. سأله يتجاهل الجدية المرتسمة على ملامح الآخر: "ما كنت بترجع للرياض بعد الصلاة؟"

ليجيبه: "ما بروح وإنت بذا الحال. اللحين قلي.. وش صار معك قبل ما أطلع؟"

محال أن يكرر ما قاله ذلك الوضيع!: "ما صار شي يا دحيم، ارجع دارك.."

عقد عبد الرحمن ذراعيه بحزم: "والله لو اضطريت أمسي عند باب بيتكم بسويها. ما لي طلعة من هنا إلا لما تقول وش اللي قلب حالك."

تنهد بتعب، ما زال غير مصدق لما قاله عوض، من فكرة مصاحبته يوما شخصا تطاول على سمعة أهله: "واحد سوى سالفة على إن بنت أخوي رفضته وعصبت عليه."

قطب عبد الرحمن حاجبيه بشك: "وبس؟"

أومأ له سالم بنعم، ليسأله عبد الرحمن بشيء من الفضول: "وليه رفضته بنت أخوك؟ سمعت عن الرجال شي شين ولا..؟"

ابتسم بتهكم: "لا، بس الحمد لله رفضته قبل لا نعرف وجهه ذاك.." أردف، يخرج شيئا من الذي كان يتراكم في جوفه: "مشكلة اللي يطلبون بنت أخوي إنهم يخطبوها وهم عارفين شرطها، ولما يرفضوا يعملوا فيه وترفضهم هي، يزعلون.."

ليسأله ذلك السؤال المتوقع: "وشرطها ذاك؟"

أجابه: "إن زوجها يسكن معها في بيت أبوي." عندما رأى عبد الرحمن مستغربا، أكمل يفسر: "هي تحسب إنها مخبية سبب شرطها عني، بس ما يبغالها ذكاء عشان أعرف إن أبوي هو السبب. هو يحتاج لأحد يداريه، والمشكلة مو راضي أحد يساعده إلا بنت أخوي، ولا هو يرضى يعتب برى القرية، فعشان كذا هي شايلة همه، وما بيرضيها تروح تتزوج وتخليه.."

بقي عبد الرحمن صامتا للحظات قبل أن يقول: "وش رايك لو طلبت قربكم؟"

لم يستوعب سالم قاله: "وش قلت؟ أظني ما سمعتك زين.."

كرر بكلمات أخرى: "جايك طالب يد بنت أخوك، وأنا راضي بشرطها."

=
=
=

-: "لا عاد تعيد كلامك هذا يا دحيم وبخلي نفسي ما سمعته."

حسنا، لم يتوقع أن يكون سالم هو من يرفضه بدلا عن ابنة أخيه، فوريا بعد ثوان من إعلانه رغبته بخطبتها: "طيب ليه؟ وش شايف فيني عشان ترفض؟"

ضحك سالم يربت على كتفه: "ياخي إنت كفو، بس عارف إنك تبي تخطب لفزعة وأنا ما برضاها لك. توك بادي في شركتك، وشوله تقبل تعيش هنا وشغلك كله هناك؟ بنت أخوي بيجيها نصيبها فيوم، ماله داعي شغلة التضحيات هذي!"

رده هذا جعل عبد الرحمن أكثر إصرارا على قراره اللحظي: "إذا تخاف إني خاطب لفزعة، فأنا أقولك إني من فترة وخاطري في الزواج بس ما جاز لي اللي اقترحتهم أمي علي. وإذا كان خوفك من سالفة شركتي، أنا أقدر أقسم وقتي بين الرياض وهنا." قال بعدها يقنعه: "إنت بس إسأل بنت أخوك. إذا وافقت بيشرفني وصلكم، وإذا رفضت فأنا بظل أخوك وما بشيل عليك شي.."

أخذ سالم يفكر لحظة قبل أن ينظر إليه بلوم وقلة حيلة: "عليك أسلوب إقناع يخوف.." تنهد قبل أن يبتسم له: "خير إن شاء الله، بسألها وبرد لك خبر."

ابتسم عبد الرحمن بدوره، مقتنع بشكل غريب بهذه الخطوة التي خطاها فجأة. لطالما كان حذرا متأنيا في قراراته، لكن في هذا الأمر لم يجد في التأني والحذر حاجة.

=
=
=

رأت زوجها يقرأ بتركيز في مكتبه، يتوقف دقيقة ليكتب ملاحظة ما، وفيديو في حاسبه المحمول متوقف على لقطة من عملية.

قد لاحظته ينسحب إلى مكتبه مرات، لكن كادي لم تره هكذا حتى هذه اللحظة: "وراك امتحان ولا وشو؟"

كان صوتها ما أيقظ عبد العزيز من غفلته، ليسألها لا تبدو عليه إمارات النعاس عليه حتى في هذه الساعة المتأخرة من الليل: "متى صحيتي؟"

أجابته وهي تجلس جانبه: "من لما تسحبت زي الحرامي من جنبي.." لفت نظرها الكتب الضخمة التي رصت فوق بعضها على طاولة مكتبه: "ولساتك ما جاوبت علي."

أغلق كتابه والتفت إليها كليا: "ما علي امتحان، بس قاعد أدرس."

رفعت حاجبا باستغراب: "تدرس؟ ليه؟ مو إنت خلصت دراستك واشتغلت؟"

ابتسم لها: "دراسة الطب يبالها تشيلها معك طول عمرك. أبدا ما بينفع ترضى باللي درسته لأن في كل يوم الطب قاعد يتطور والتعقيدات تكثر.."

كانت هذه نظرة جديدة لتخصص زوجها بالتأكيد: "يعجبني شغفك.."

ليرد وبمعنى: "على الأقل فيه شي عاجبك فيني."

لم تدري إلا وهي تقول: "مين قال؟ في أشياء كثيرة عاجبتني فيك."

لمع ألق راغب في عيونه، يسحبها نحوه ببطء: "شكلك بتخليني أهون أدرس باقي الليلة.."

لتسأل بتمثيل عدم فهم، على الرغم من طواعيتها لسحبه لها: "مين قال؟"

=
=
=

قد أقيمت حفلة ملكة ترانيم، وقد تمت زيارة بيت جده عبد المحسن وطلب يد ابنة خالته لمار رسميا منه، قد تم إتمام كل شيء إلا تفصيلا صغيرا.

عندما سأل خاله عن سبب عدم إعطاء لمار موافقتها عليه مباشرة، قال له أنها كانت تفكر: "وش اللي تفكر فيه؟ مو هي وافقت علي قبل؟"

نظر خاله إليه كأنه أبله: "إيه، بس الناس ما يدرون عن اتفاقنا اللي قبل، وما ينفع تعطي موافقتها عالسريع كذا. وش تبي الناس يقولون عنها لو وافقت فنفس اليوم، ما صدقت خبر؟"

زفر بضيق: "يعني إيش؟ أقعد انتظر موافقة أعرف إنها جتني قبل؟"

ليرد خاله ببرود: "وش اللي حارقك؟ البنت موافقة عليك خلاص، خليها على راحتها."

=
=
=

ردت على أختها لحظة رؤيتها لرقمها: "هلا والله بالقاطعة؟ وش فيك مخففة الاتصالات ذي الأيام؟ وين وعودك وتعهداتك، ولا عزوز نساك إيانا؟"

سمعت صوت ضحكات كادي: "لا تقوليله عزوز ما يحب أحد يقوله كذا. وشوفوا مين اللي يتكلم عن القطيعة وأنا آخر وحدة أعرف بخطبتك من ولد الخالة."

شعرت لمار ببادرات العتاب، وحاولت بقدر وسعها التخفيف من وقعها بقولها: "لا تبالغين يا كدو! أمي وصلت لك الأخبار على طول."

كانت نبرة كادي جدية تماما عندما قالت: "إيه، معك حق، وصلت لي الأخبار. وصلت لي أخبار إنك وافقتي عليه، ووافقتي على إن ملكتك بتكون في الأسبوع بعد الخطبة على طول."

"شكل السالفة خاربة خاربة.." ضحكت بتوتر: "يعني سمعتي، ها..؟"

لتقول أختها بصرامتها التي تعهد: "إنتي متأكدة من اللي تسوينه؟ هذي مسؤولية موب لعب." أردفت بقلق: "حاسة ورى هذي الملكة المستعجلة بلا. أحد ضحك عليك؟ أحد غصبك؟ قوليلي وبكلمهم يكنسلوا السالفة ذي كلها..!"

هتفت لمار تهدئها: "ول ول ول! هدي يا بنت وين مكابحك؟"

لترد كادي عليها بحدة: "هذا مو وقت المزح يا لمار، جاوبيني..!"

اكتست الجدية صوت لمار عندما أجابتها، تحاول جاهدة اخفاءها استياءها من كون كادي لا تعتقد أنها قادرة على أخذ قرارات مصيرية بنفسها: "وأنا ما أمزح، ومرتاحة بقراري وما برجع عنه.."

أقفلت الخط عنها، فهي تدري أن كادي كانت ثائرة هذه اللحظة، ولن تسمع لها سببا.

مهما كانت الأسباب التي سيرتها لقبول هذا الزواج، تمنت..

تمنت لو أن كادي باركت لها على الأقل.

=
=
=

رأى كادي تحاول مرارا وتكرارا إعادة الاتصال بسخط، تهمس بحدة ولمعة دمع في عيونها: "طيب يا لمار.."

سألها: "متهاوشة مع أختك؟"

التفتت كادي إليه كأنها تلاحظ وجوده للتو، قبل أن تتنهد وتحكي عما حدث.

وكم كانت قصتها هذه مألوفة: "تصدقي لما هدى وافقت على مصعب كانت ردة فعلي ألعن؟ رحت تهاوشت مع الكل ليش ما عارضوا خطبتها. كنت شايفها أختي الصغيرة البزر وبغالي فترة عشان أستوعب إنها كبرت وبتتزوج خلاص وما عاد تحتاج لي زي قبل. وقتها أدركت شي.."

سألته بخفوت: "وش الشي ذا؟"

مسح دموعها المتشكلة على مقلتيها برقة قبل أن يجيب: "زي ما إخواننا الصغار يحتاجون لنا، احنا الكبار نحتاج لهم، نحتاج لاحتياجهم لنا، واستقلالهم بيحوس مخنا.. المهم، يمكن جا الوقت اللي تخلين أختك تتحمل مسؤولية قراراتها، لا تغثيها زي ما غثيت هدى ذاك الوقت، ما أتذكر كم يوم قاطعتني فيه بسبة هبالي."

ابتسمت له: "الله يا الحكيم..!"

ليرد ابتسامتها يشعر بالراحة لرؤيتها أفضل حالا هذه اللحظة: "يجي مني أدري، بس مافيه أحد يقدر!"

كان ردها أن احتضنته، بعرفان؟ لطلب المواساة؟ لا يدري، لكن سره أنها لجأت إليه.

=
=
=

كانت حفلة ملكة ابنة خالتها لمار العكس تماما عن حفلتها، بسيطة عائلية هادئة، لكنها أعجبتها أكثر. يكفي أن كلا الطرفين راضيان.

بدت لمار متألقة بفستانها التفاحي القصير حد الركبة الذي أبرز طولها المميز، وزينة وجهها البسيطة التي أبرزت حدة ملامحها الفاتنة وابتسامتها الساحرة.

لطالما كان لدى ترانيم الاعتقاد أن لمار أجمل من أختها كادي، لكن مشكلتها كانت أنها لا تهتم بنفسها أبدا، عكس كادي الأنيقة دون تكلف تماما، لتعطي للناس انطباعا بتواضع جمالها.

ربما سيكون زواجها بأخيها دافعا للتغيير من طبعها ذاك..

تقدمت إلى لمار بابتسامة مغيظة: "آه يا دنيا، بتصيري زوجة أخوي.."

لتضحك لمار قائلة: "لا، ما فكرت بكذا! خلاص بهون عن أخوك، خليه يدور له وحدة ثانية!"

منعت ترانيم نفسها من الضحك لترد: "محترمة إن هذي ملكتك، ولا كنت بوريك جزاتك.. يا ليمور!"

امتعضت ملامح وجه لمار بأسى طريف: "لسى متذكرة ذاك الاسم الشين حضرتك؟ وأنا على بالي صار في طيات التاريخ الأسود..!"

كانت قبل سنين طوال وفي أحد زيارات خالتها منال برفقة ابنتيها لهم، حين أعلنت لمار بثقة طفولية أنها لا تريد أن تُنادى سوى بليمور، متأثرة بأحد الأفلام الوثائقية عن ذلك الحيوان التي شاهدتها مع أبيها مرة. منذ ذلك الحين وترانيم لا تتوانى عن تذكيرها باختيارها ذاك، لتدخل لمار في حالة عدم تصديق لنفسها كل مرة.

حقا، كانت لديها ذكريات جميلة مع ابنتي خالتها، ولم تستوعب إلى أي مدى افتقدت وجودهما في حياتها.

حركت ترانيم حاجبيها تغيظها أكثر: "وأبشرك، بحكي لجلال ذي السالفة عشان ما يناديك باسم غيره. أقدر أتخيله يقول.. يا روحي يا ليمور.."

انتفضت لمار هلعا تحاول اسكاتها: "اليوم اللي أخوك يناديني ذاك الاسم هو اليوم اللي بطلب فيه الطلاق! الحين اسكتي قبل لا يسمعك أحد وينتشر الماضي المدفون..!"

أومأت تسايرها بابتسامة: "طيب، طيب لا تاكليني.. ومبروك يا بنت الخالة، ربي يوفقك ويعينك على أخوي الغثيث."

ربما لم تكن مستوعبة لفكرة زواج هذين الاثنين، خصوصا مع أطباعهما المختلفة، لكن ما إن أصبح تلك الفكرة واقعا، لم تستطع إلا أن ترى واقعا غيره، ورغم اختلافهما، رأت تناسبا غير ملموس بينهما.

=
=
=

-: "وإنتي إلى متى بتتجنبيني؟ تراني شفتك من أول بس انتظر متى بتجين عندي.. لكنك ما جيتي.."

التفتت كادي إلى أختها لترى الأسى في ملامحها. أيعقل أنها كانت من سرق منها بسمتها في ليلة لا يجب للوجوم أن يجد لها طريقا؟

أطرقت كادي رأسها، تتنهد بضيق لتلعثم لسانها عند الاعتذار، فليست هي من يعتذر بسهولة: "آ.. آسفة.."

حدقت لمار إليها لحظات قبل أن تبتسم بأريحية ودفء: "على وشو؟ وأنا اللي متوقعة بتهاوشيني على إني قفلت الخط فوجهك!" تموضعت بزخم مسرحي تقلد فيها عارضات الأزياء قبل أن تسأل: "عطيني رايك، كشخة ولا أفشل؟"

تعرف أن هذه طريقة لمار في قول أنها تريد عودة الأمور إلى طبيعتها، في التخفيف عنها. نظرت كادي إلى لمار وفي خاطرها يتردد كلام عبد العزيز، لتبتسم والدموع تتجمع في عيونها، تعطي أختها رأيها بطلتها: "عروس.."

حقا، لقد كبرت أختها.

انتهى البارت..~

ثرثرة حنين 08-01-18 08:54 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
روايه هادئه وانيقه لفت انتباهي تجاهل لمار وكادي لزوجة ابوهم في ملكتهم وزواج كادي
هي ما أذتهم في شي المفروض يعزمونها من باب بر والدهم
ومتشوقه لمعرفت قصتها ووش خلاها ترضى تكون مجرد ظل في حياة رجل لايراها
واذا هي مجبوره على الزواج ابوهم وش اسبابه دامه يحب زوجته ومرتاح معها

ندا المطر 09-01-18 12:19 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اكثر شي عجبني بالرواية انها سلسه وبعيده عن ما نقرأه هذه الأيام من مبالغه بالعنف والضرب والإهانات
متابعين معك عزيزتي .. ومتشوقين للقادم

أبها 09-01-18 07:19 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
مبدعة الفيورا ..ما شاءالله تبارك الله .

عوض هذا سبحان الله من بداية ظهوره و أنا ما بلعته
أحس فيه خبث .. و هذا خبثه ظهر على الملأ و هو
يلمح بأفكاره و ظنه السيئ بشاديه ..
طبعاً بطلنا المغوار دحيم له بالمرصاد و جات السالفة
زلقه بطيحه ، و جاك يا مهنا ما تتمنى و صاحبة الطبخ
اللذيذ صار موضوعها بين إيديك فرصة ذهبية لا تعوض😂

لمار و تمت ملكتها على خير ، و أرجو إن زوجها ما يخيب
ظنها و يجرح فيها لأنها عرضت عليه من خالها.
هالبنت أحسها ضعيفة و ممكن تنكسر بسرعة ..

شكرا الفيورا ..🍃🌷🍃

د ا ن ة 09-01-18 05:48 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
بارت بدأت فيها التحركات 👌
..
..
شكرا عالبارت ..واصلي

الفيورا 10-01-18 06:42 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وقودي هو دعمكم.. (كأنه شعار دعاية مو؟) مشكورين أعزائي..

الثامنة عشر

=
=
=

دون تفكير ردت شادية على عمها فور إخباره لها أنه هناك من خطبها منه: "مانيب موافقة.."

ابتسم عمها عندها: "ما سمعتي كلامي للآخر."

هزت كتفا بلا اكتراث، تشغل نفسها في كنس الحوش: "ما يهم أسمع. هو مو قابل شرطي فليه أزعج روحي؟"

سمعت صوت الضحكة في صوت عمها، وما قاله جعلها تتجمد صدمة وتنسى ما كانت تفعله: "مين قال إنه رافض شرطك؟" أردف عندما التفتت إليه وعدم التصديق مرتسم على ملامحها: "الرجال شاريك بكل شروطك."

ارتبكت، فلم تظن أنها ستسمع هذه الكلمات بالذات من عمها. حاولت التصرف على سجيتها وفشلت، تسأل بصوت مهتز: "ومين ذا الرجال..؟"

ابتسامة عمها كانت بالغة العرض عندما أجاب: "دحيم، صاحبي."

لم يكن هناك سوى "دحيم" واحد كان عمها مقربا منه لدرجة ذكره غالبا: "اللي تطلب مني أحط له أكل في الحافظات؟ حق العزيمة؟"

ضحك عمها: "إيه نفسه.."

من الذي عرفته فإن صديق عمها هذا كان ميسور الحال إلى درجة الثراء، ومن عائلة معروفة بمركزها.. ومع ذلك، لم يغتر بثرائه وقبل بشرطها الذي رفضه غيره..

استفسر عمها يوقظها من أعماق أفكارها: "ها، رافضته لسى؟"

تلعثمت: "بفكر.."

وعلى الفور اتجهت إلى غرفتها بخطى خرقاء متعثرة يقودها الحياء.

=
=
=

كلما بارك له أحد على زواجه وسأل عن رأيه بمن ارتبط اسمه باسمها، لا يجد شيئا غير "الحمد لله" ليقوله. ماذا عساه يقول، لم يرها؟

لا يدري إذا كان بسبب تفاجؤ أمه وأخته من خطبته للمار بالذات، أم بسبب تذكير الناس المستمر له بأسئلتهم تلك أنه لم يرها، أم بسبب ارتباط حياته بلمار بتوقيع ورقة، أم بسبب طبيعة الإنسان التي تتطلع لكل ما مُنع منه.. لكن رغبة ملحة في معرفة ملامحها غمرته.

لكن، وبسبب ما تفوه من كلمات الاستغناء عن رؤية لمار لخاله، فإنه قد ضمن مصيرا لن يسمح له خاله فيه برؤية شعرة منها إلا بعد أن يتراجع كليا عن موقفه الأولي، وليس جلال بمن يستسلم بسهولة!

لديه طرق أخرى لمعرفة كيف تبدو لمار دون الحاجة إلى المطالبة برؤيتها. لا يحتاج إلى سلك طريق خاله أبدا.

لكن.. تبين أن الأمر لم يكن أبدا بتلك السهولة.

سأل أمه، لتفتح معه محضر تحقيق عن سبب عدم رؤيته لها إلى الآن. بالكاد نجح في التحايل من أسئلتها، وقرر ألا يسألها مرة أخرى، فلن تسلم الجرة في كل مرة.

سأل ترانيم، لينبض "عرق النذالة" فيها وتضحك بشماتة، تؤكد له بتسلية: "بيمشي حالكم، لا تخاف..!"

سأل سمية، ولم يستطع سحب كلمة منها هي بعد، فهي كانت مشغولة بامتحاناتها وكالعادة حبست نفسها في غرفتها.

أمله الوحيد، أمله المتبقي.. كان سيف.

سيف الذي كان رده الجاهز: "وش بتعطيني؟"

"عيال ذا الجيل ينخاف منهم..": "اللي تبي."

فكر سيف للحظة قبل أن يقول: "دوم تضحك، وطيبة، وما عمرها رفضت نلعب مع بعض على البلايستيشن في بيت جدي حتى لو ما كان عندها نفس."

حسنا إذا، زوجته تلك ضحوكة وعلى ما يبدو سهلة المعشر. استفسر أكثر، لا يصدق أنه يلجأ لمساعدة سيف من بين الكل!: "طيب شكلها، حلوة ولا..؟"

رد سيف كان فوريا يقاطعه: "حلوة."

رفع جلال حاحبا وسأل: "حلوة قد إيش؟"

أجاب بشيء من الخجل: "قد أبلة سارة اللي كانت تدرسني في التمهيدي.."

ضيق جلال عيونه: "أبلة سارة اللي كنت شوي وتسوي قصايد من كثر ما كنت تشوفها حلوة؟ أبلة سارة اللي كنت تبي تتزوجها..؟"

رد سيف بخفوت منحرج من أفعاله الماضية، ينبهر بكل جميلة ويهتف بثقة أنه سيتزوجها. كان على غرار تصرفاته الحالية تماما.. لكن يبدو أن هناك بقايا بقيت: "إيه.."

قرص جلال أذنه بخفة، يؤنبه بهزل خالطه شيء من الجدية لم يستطع منعها: "ما تستحي تتغزل في حرمة أخوك قدامه يا سيفوه؟"

لديه رأي سيف بها الآن. لكن هذا لم يرض فضوله أبدا، بل زاده!

=
=
=

منذ استقالة عبد الرحمن من العمل لدى أبيه، ظهر تغير مبهم لكن حاكٍ عن مقدار ما تبطن زوجة عمه المرحوم، شيء من الغضب المكتوم الذي تدفعه بابتساماتها الصافية، تجيب بمودة عن أسئلة أختيه عن حال عبد الرحمن بعد أن قرر الاستقلال بشركته الخاصة.

دعت له منال بحسن نية: "وعسى ربي يرزقه ببنت الحلال اللي تصونه."

قد قابل عبد الرحمن اليوم وأخبره بأمر خطبته لابنة أخ صديق له، شابة خارج الحلقات الاجتماعية التي خنقته والدته بها منذ الصغر. طلب عبد الرحمن دعمه هو وأبيه في قراره هذا، والحضور معه إذا تطلب الأمر ذلك.

لم يفت شاهين تجنب عبد الرحمن لذكر أمه وردة فعلها. أنذره: "مصيرها بتعرف.."

ليجيبه عبد الرحمن بتنهيدة عبرت عن مقدار ضيقه: "أدري.."

قد لاحظ مدى التباين بين تربيته وتربية عبد الرحمن، صرامة أمه معه وفرض سيطرتها على كل تفصيل في حياته. بالكاد سمحت له باللعب معهم، تتحجج بضرورة عودته إلى الدراسة وإلى كافة النشاطات والأندية التي سجلته فيها. وربما كان عبد الرحمن ينصاع لها في البداية، لكن منذ أن سافر واستقل في دراسته خارجا، لوحظ التغير فيه، وبحثه الاستقلال بعيدا عن حصار أمه الخانق له، الذي لم يوافق مبادئه وطموحاته.

حتما، ستفتعل مشكلة لمعرفتها بما عزم ابنها عليه. ولا يستبعد شاهين من أي شيء ستفعله.

مسكين عبد الرحمن بظنه أن أمه ستغضب فقط، لا يدري إلى أي حد ستصل لتحقق ما تريده.

=
=
=

راقب طالبان في السنة التطبيقية زمجرة الدكتور عبد العزيز على زملائهم الذين تسرعوا في أحد العمليات وكادوا يتسببون في كارثة لولا ستر الله ثم تدخله. رن هاتفه وهو في خضم تقطيعهم إلى أشلاء بملاحظاته عليهم، لتتهلل أساريره بطريقة عجيبة، ينسحب بهدوء إلى زاوية هادئة، يتكلم بخفوت لم يعهده أحد منه.

همس الأول للثاني: "سبحان مغير الأحوال، وش اللي قلب حال أبو الهول كذا؟"

ليرد عليه الثاني بنفس الهمس: "يقولون إنه تزوج قريب.."

لم يستطع الأول منع نفسه من الهتاف: "عشتوا! أبو الهول يتزوج؟!"

انضم ثالث لهما يهز رأسه بعدم تصديق: "توني مريت من جنبه.. ما عمري ظنيت صوته يقدر يطلع هادي ويقطر حنية كذا! للحظة حسبت إني قاعد أهلوس!"

قال الثاني بذهول: "خليك من صوته، الأخ شاق الحلق! يبتسم! مستوعبين إننا قاعدين نشوفه يبتسم؟! من متى حياتنا صارت فيلم خيال علمي..؟"

وبين تساسرهم لم يلحظوا أن محور حديثهم قد انضم إليهم: "ما تعزموني على مجلس الشورى حقكم؟ أبي أسمع العلوم اللي تحكون فيها وتاركين شغلكم عشانها."

انتفضوا بهلع ليمشوا بخطى راكضة بعيدا عنه، كل إلى عمله.

تمتم عبد العزيز بابتسامة ساخرة: "ناس ما تجي إلا بالعين الحمرا..!"

=
=
=

باركت لها زوجة أبيها ملكتها وردت عليها بهمس، تغمرها حرارة الخجل. أحيانا لا تستطيع التصديق أنها أصبحت في حكم متزوجة، فكيف من حولها؟! لا زالت تذكر كم تطلب الأمر حتى تقنع صديقتها هيفاء أنها لم تكن تمزح.

أشغلت نفسها في إخراج جوالها من حقيبتها، تتدارك خجلها ثم تقول: "لحظة، خليني أوريك الصور اللي أخذتها.."

أعراس ومناسبات مرت دون أن يكون لزوجة أبيها حضور. حتى بدون عدتها، لا تظن لمار أنها ستحضر أحدها قط، حتى عرسها بعيد الموعد الذي دعتها إليه.

سألتها بتردد عندما أرجعت جوالها إليها فور إنتهاءها من تفحص الصور التي التقطتها في الحفلة: "متى بتخلص العدة؟"

لتجيب: "قريب."

هل "قريب" برأيها عنى أيام قلة؟ ثلاثة أيام، إذا قدرتها بشكل صحيح. سألتها تستنطقها، تريد أن تجيب بنعم، فالنفي يعني مصيرا مجهولا: "بس بتتمين هنا صح؟"

وكأنما أحست بمسار أفكارها، سألتها تغير الموضوع وتركتها لمار، لا تريد المخاطرة في تخطي حدودها وانغلاق الأخرى عنها تماما: "وش صار بمشروعك اللي كنتي تشتكين منه؟"

قد صادفت ملكتها موعد تقديم مشروع في كليتها، وكم كانت الموازنة بينهما مرهقة، بالكاد تسمح لها بأخذ قسط من الراحة. حتى وهي تحكي عن مشقة موضوع مشروعها وسهر الليالي من أجل ظهوره بأفضل صورة، كانت تتثاءب تعبا تقاوم النوم، لكن في النهاية محاولاتها باءت في الفشل واستغرقت رغما عنها في سبات عميق، ترتخي مستلقية على الأريكة.

فتحت عيونها لتكتشف أن الساعة قاربت الخامسة مساء، لتذعر وتقفز جالسة، تنظر ما حولها لترى أن زوجة أبيها لم تكن في المجلس معها. أخرجت جوالها ليزداد هلعها لرؤية عدد كبير من المكالمات الفائتة.

"هدي يا لمار، هدي..! اللحين صلي وبعدين شوفيلك حلول وأعذار.."

وحقا، هذا ما فعلت.

كانت تسلم بعد قضاء صلاة العصر التي فاتتها عندما عادت زوجة أبيها إلى المجلس تحمل صينية شاي. نهضت لمار ثم سألت: "ليش ما صحيتيني؟"

أجابتها زوجة أبيها وهي تجلس، تصب كوبا لنفسها ومن ثم آخر لها: "حاولت أصحيك بس شكله نومك ثقيل بزود.. تبين شاي؟"

كانت سترد بـلا معتذرة بأنه يجب عليها الذهاب وحالا عندما رن جوالها ينبض بمكالمة من خالها. ابتلعت ريقها بشيء من الخوف وأجابته تحاول التصرف بأريحية: "هلا بأحلى وأكشخ خال!"

ليرد هو ببرودة صقيعية: "عندك خمس دقايق تنزلين فيها وتشرحين نفسك."

وكانت ردة فعل لمار من رده ذاك أن رمت جوالها في الهواء فزعا، ليقع في حضن زوجة أبيها التي نظرت إليه ثم إليها مستغربة بحاجب مرفوع.

قالت لها لمار أول شيء بدر لذهنها: "كلميه..!"

تمهلت زوجة أبيها لحظات قبل أن تلتقط جوالها، تنطق محدثة خالها بكل رسمية وبرود.

=
=
=

من جهته، بعد رده الذي أعطاه لتحية ابنة أخته المرتبكة، سمع شهقتها الفزعة ومن ثم ردها الذي أثار عجبه. ماذا كانت تعني بـ"كلميه"؟

كان سيقفل الخط لولا سماعه لصوت غريبة يحدثه: "السلام عليكم يا أبو نادر.."

صوت رخيم هادئ النعومة، باذخ الفتنة..

تعوذ من الشيطان، يوقظ نفسه من لحظة الخدر اللحظي التي اعترته ليرد: "وعليكم السلام.."

قالت تلك: "السموحة استقعدت لمار عندي وخليتها تتأخر عليكم."

رد باقتضاب، لا يريد أبدا الإطالة معها: "ما عليه.."

وقبل أن يقفل هو الخط، أقفلته هي.

قالت لمار فور دخولها سيارته بعد انتظار دقائق: "لا تقول لأمي وكادي، بيتكدر خاطرهم.."

رد وهو يشغل محرك السيارة، ينطلق بها: "وإنتي ليه تسوين شي تعرفين إنه بيكدر خاطرهم؟" سألها مستحثا لها بعد أن ظلت ملتزمة الصمت: "وش كنتي تسوين عندها؟"

ردت: "أونسها شوي.." استغرب ردها، لتفسر: "ما عندها أحد يزورها فبعض المرات أمر عليها، وبس.."

تفسيرها هذا أخبره الكثير: "يعني موب أول تروحين لها.."

شهقت لمار تدرك زلتها تلك، ليتنهد لا يحتمل توترها هذا معه: "ما بقول لأحد، بس ثاني مرة تروحين لها قوليلي عشان ما تتروع أمك عليك زي اليوم.."

كم بلغ من القلق أقصاه عندما اتصلت به منال تقول بجزع أن لمار لم تعد إلى البيت بعد، ولم تكن موجودة عند أي أحد من معارفهم أو صديقاتها. فقط استجوابه الحثيث لسائق لمار نور أخرجه بنتيجة، ليتجه على الفور هنا.

هزت لمار رأسها بقبول، تتنفس الصعداء: "بقولك من اللحين ورايح..!"

=
=
=

فرك عبد الرحمن يديه بشيء من التوتر والترقب، يجلس في صالة ملحق سالم ينتظر دخول تلك التي خطبها ويراها الرؤية الشرعية بعد إعطائها لموافقتها عليه مبدئيا.

ظل ينتظر إلى أن دخل سالم وبرفقته شابة بجلابية حمراء وطرحة لم تستطع إخفاء طول شعرها الأسود الذي يصل حد الورك، ومن شدة افتتانه بذلك التفصيل نسي أنه كان يجب عليه النظر إلى وجهها. وعندما فعل والتقت نظراتهما، لقي عبد الرحمن حسناء ذات جمال أثري.. كالذي يُحكى في القصائد والقصص القديمة، ببشرة صافية "حنطية" وعيون نجلاء اتسعت بعدم تصديق، ليُحرم منها عندما التفتت خارجة من الملحق على عجل.

نظر سالم إليه معتذرا ليلحق بابنة أخيه، تاركا عبد الرحمن بين الذهول والضيق لأنها خرجت. سمع صوتهما خارج الملحق، ليرهف سمعه.

-: "مين خاطف يا عمي؟!"

-: "وش قصدك يا بنت؟ خاطف مين؟"

-: "اللي داخل الملحق مين غيره! مستحيل يكون عريس الغفلة.. هذا.. هذا شوي وتقول عليه أمير! قول يا عمي لا يطولنا شر من وراه!"

منع عبد الرحمن نفسه من القهقهة ضحكا! من بين كل ردات الفعل، حقا لم يتوقع هذه!

سمع ضحك سالم بدوره: "ارجعي يا خبلة داخل فشلتيني في الرجال! أنا الغلطان اللي اسمع لك..!"

وحقا، رجعا ليستقيم عبد الرحمن في جلوسه، يوجه لها ابتسامة دافئة لعلها تسهم في إراحتها. لكن جهوده سرعان ما باءت بالفشل عندما استأذن سالم خارجا، متجاهلا لرجاء ابنة أخيه الصامت.

مرت بضع لحظات بصمت بينهما بعد خروج سالم، ليبدأ عبد الرحمن يقول: "اعذريني ما أعرف اسمك.." لطالما وصفها سالم بابنة أخيه، ولم يسمعه يناديها بشيء آخر. ربما كان ليتجنب هذا الموقف لو أن اسمها افلت من سالم ولو مرة.

رد عليه بخفوت: "شادية، اسمي شادية.."

اتسعت ابتسامته: "عاشت الأسامي، أظنك تعرفين اسمي وأخبار عني. مو أنا غاثك بطلبات في الروحة والجية؟"

بدت شادية أكثر راحة بعد كلامه ذاك، بل إنها حتى ابتسمت: "عادي.."

شيئا فشيئا، بدأت ترتاح أكثر وتتجاوب معه في أسئلته السطحية. على الأقل لم تبدو على وشك الانهيار ذعرا الآن.

عندها قال والجدية تكسو صوته: "أنا جايك يا شادية داري بشرطك وموافق عليه، بس أنا عندي ظروف أبي أشرحها لك عشان نكون على بينة."

شرح لها عن معيشته وعمله وما يتطلبه من حضور، وفكرته بأن يقتسم وقته ما بين شقته في الرياض وهذا البيت إلى أن يستقر وضع شركته ويمكنه إدارتها عن بعد. شرح لها عن أمه وعدم درايتها بزواجه هذا، وأسبابه في عدم إخبارها وهو قد أخبر عمه وابنه به.

في النهاية قال وهو يرى الحيرة مرتسمة على ملامحها: "ما حبيت أغشك، ولك الخيار تقبلي أو ترفضي."

كلماته تلك جعلتها تنظر إليه، تحدق به للحظات ظنها دهرا من شدة ترقبه لما بدا عزمها على قوله، قبل أن تقول بثبات سحره: "زي ما رضيت بشرطي برضى بظروفك. بس أبي منك وعد إنك ما تطول في غيباتك، وإنك تعطي أمك خبر فيوم."

لم يتردد والراحة بردها تغمره: "إذا الله قدر لي، أوعدك بالوفا.."

أتى عندها طرق سالم مقاطعا، لتنهض واقفة وينهض هو مثلها، شعور غريب بالاستياء لانتهاء وقتها معه ينتابه. نادى باسمها يستوقفها قبل أن تخرج تماما، بنبرة ذات معنى: "تسلمين، عيونك الأحلى.."

اتسعت عيونها بصدمة وهلع، تعرف الآن أنه قد سمع محادثتها مع عمها.

سأله سالم مبتسما لأنه لاحظ تتبع عبد الرحمن بالنظر إلى شادية حتى خرجت: "العلوم..؟"

ليسأله عبد الرحمن: "متى أقرب فرصة مرتاحين نسوي العرس فيها؟"

انتهى البارت..~

ندا المطر 10-01-18 08:21 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اول تعليق خطر ببالي
اديش هالفصل حلو
شادية وعبدالرحمن...
حاسه انه لمار حتكون السبب بتقارب زوجة ابوها وخالها
الله يباركلك بوقتك... وتسلم ايديك على هالروايه

د ا ن ة 10-01-18 11:49 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
واااو واااو وااااو
...
رائع رائع رائع هالبارت

..
تحركوا اطراف الرواية الرئيسيين 💓💕

شاهين وزوجة الأب و عبدالرحمن وشادية
...
البارت القادم نبيه اطول من كذا لأن فيه حمااااس كثير
...

أبها 11-01-18 08:40 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
جزء جميل ..
اسميه جزء ( الصبر مفتاح الفرج ) ☺
شادية صبرت ..و قدمت برها بجدها على تحقيق حلم كل فتاة .
و ظفرت بالزوج .. و مو أي زوج !! عريس لؤطه 😁

و ليال .. الأرملة المهملة و المنسية من الجميع ..
فرجها قريب إن شاءالله . . شاهين .
الجد راح يعلم الجميع بوصية راضي ،
و يكشف الغموض عن سرّ زواجه بليال المسكينة، المهضومة الحقوق و يعرف للجميع إن زواجهم كان شكلي .. ممكن هنا ترضى منال إن أخوها شاهين
يتزوج من ضرتها سابقاً ..🤔

دكتور عزيز .. كم أنت رائع .🍃

شكرا الفيورا ..🍃🌷🍃

bluemay 12-01-18 05:47 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

سعييييييييييدة للغاية بزواج الدحمي من شادية

كم كان اللقاء رائع ...

شادية جميلة روح والدحمي طيب فلايقين ببعض ...


أما خبر الموسم والمفاجأة الجميلة

انه توقعي صااااااااب إن شاء الله

و ليال رح ترتبط بشاهين ... طالما انها هزت شعرة منه فهادا بشارة خير اكيد

شاهين هو الند لنواف واللي ممكن يوقفه عند حده او يقطّعه لو اتجاوز حده.


لامار حبيتها من لما ضلت تزورها وتتفقد احوالها لليال ...

يسلمو ايديكِ إل في

بعتذر عن التقصير بالردود

تقبلي مروري وخالص ودي

الفيورا 15-01-18 10:56 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
هلا هلا، يشرفني انضمامكم معي في رحلتنا هذي! جدا آسفة على تأخري ذي الأيام، بس زي ما قلت، عندي موسم امتحانات الشهر كله ويا دوب عندي وقت أكتب. أتمنى تعذروني حبايبي..

التاسعة عشر

=
=
=

انتشر خبر خطبة شادية كانتشار النار في الحطب، وبدأت التوقعات والحكايات والإشاعات تنتشر بدورها واحدة تلو الأخرى.

لكن غالية لم تلق بالا لأي من الأحاديث التي تُحاك عن خاطب شادية الغريب عن القرية، واتجهت مباشرة إلى المصدر تستفسر منها.

أصغت غالية لشادية تحكي عن خطبتها وموافقتها، حدث بدا أكثر واقعية وهو يُحكى على لسانها مقارنة مع جموح الإشاعات التي تدور في القرية. أخبرتها أيضا عن تقديم خطيبها الفوري لمهرها المعتبر بكل المقاييس، لتسأل: "ومتى حددتوا الملكة؟"

أجابتها شادية بخفوت خجول، تتفادى النظر إليها: "الملكة والعرس بيكونوا مع بعض، وباقيلهم شهر.."

صفرت غالية كرد، وابتسمت بخبث: "أثاريك مو هينة يا شدوي، ضعيتي علوم الرجال وخليتيه يعجل لوصلك..!"

ضربتها شادية بخفة على كتفها، لتنطلق غالية ضاحكة من احمرار شادية المفرط. لم تتوقعها خجولة هكذا، لكن على ما يبدو عريس الغفلة تمكن وبنجاح من إظهار جانبها الدفين هذا.

سألتها بعد أن هدأت: "باقيلك شهر ولساتك قاعدة هنا؟"

لترد: "والله كنت بقولك اللحين تروحين معي نتقضى في الرياض، تعرفيني ما كنت أزورها إلا في الأعياد مع عمي."

إذا كانت شادية تريد التبضع في المدينة، فحتما لن يتكفل في توصيلها إلا عمها..

عندها خطرت لغالية أفكار وأفكار..

حركت شادية يدها أمام وجهها، تحاول إيقاظها من دوامات أفكارها: "إنتي معي ولا وش..؟"

وضعت غالية يديها على كتفي شادية، تقول بكل جدية: "تدرين إنك نعمة في حياتي يا شادية؟ تدرين إن خيرك كل يوم يهل علي بشكل ما أتوقعه؟"

بدا العجب التام على ملامح شادية، لتسأل بشيء من التشكيك: "يعني بتروحين معي؟"

=
=
=

كان سالم ينتظر في سيارته عندما فُتح المقعد جانبه، ودلفت داخلا من عرف بنظرة أنها لم تكن شادية. تجمد من صدمته، على الرغم من أنه كان يجب عليه توقع هذه الاحتمالية، كان يجب عليه إعداد نفسه من أجلها، فطبعا ستحتاج شادية لمساعدة زوجته في التبضع!

حيته غالية بكل أريحية، لا تدري عن الفوضى التي تبعثها في روحه بمرآها جانبه، على بعد لمسة منه.

وحتى وهي متشحة بالسواد، فملامحها وهيئتها مطبوعة في قلبه قبل ذاكرته، من قامتها القصيرة التي أغاظها بسببها في الصغر، وفتنته بها في الرشد، إلى شعرها الغجري المخضب بالحناء ليكتسب لمعة حمراء كلما سقط الضوء عليه، إلى عيونها الناعسة التي شابهت الليل في لونها، إلى يديها التي لم تخلو من حناء أو بناجر أو طلاء الأظافر الأحمر الذي أحبه بسببها.

رد هو تحيتها بلا وعي، يجاهد نفسه في إشاحة نظره بعيدا عنها والتركيز على النظر أمامه فقط.

دخلت عندها شادية تعتذر، تتخذ مكانا في المقاعد الخلفية: "معليش نسيت لي غرض وكنت بدور عليه.."

ردت غالية عليها بمودة: "عادي يختي، احنا رايحين عشان مين يعني؟ صح سالم؟"

اكتفى فقط بالإيماء بنعم وهو يبدأ مشوار الخروج من القرية، يوبخ نفسه على عدم قدرته على تمثيل البرود، على ظهوره كأبله مرتبك جانبها. ومهما حاول، فلن يستطيع، فتعامله مع غالية اتسم بالوضوح وعدم اللف والدوران فيه. ولمعرفته بطبيعته تلك حاول تجنب رؤية غالية والاسترسال في الحديث معها، فمن شوقه لها حتما سيفسد ما عزم عليه.

أيقظته لمسة ناعمة حانية على قبضة يده المشدودة حول المقود، لتقول عندما نظر إليها: "لا تسرع.." جزء مبتور مما كانت تعتاد قوله له كل صباح قبل خروجه..

(لا تسرع.. أبغاك ترجع لي..)

حقا، لا تدري غالية أي أعاصير تثيرها فيه..

"الله يعين.. الله يصبرني.."

=
=
=

هل عليها التدخل والقول لغالية أن ترحم عمها من كيدها؟

المسكين، لم تره يصل لأقصاه هكذا قط، لا يعرف حتى كيف يتصرف وهو من اختار البعد ليسلم من ضعفه أمام غالية.

وغالية، غالية التي كانت تدير عمها حول نفسه بتصرفاتها العفوية المتقصدة.

فتارة تتقصد إظهار أناملها المطلية أظافرها بالأحمر القاني في السيارة، ليلحظها عمها وينسى نفسه ويقول بجدية خالطتها الغيرة عن تحذيره ذات يوم لها ألا تخرج وأظافرها مطلية هكذا دون قفازات، لترد هي: "السموحة، مرت فترة ما ذكرتني فيها ونسيت.." وكان رد عمها أن يبدو عليه الألم للحظة قبل أن يقول بنفس الجدية تلك: "وأنا بذكرك هاللحين.." لتمتثل غالية لأمره دون نقاش.

تارة تتعثر عندما "صدف" أن عمها كان يمشي وراءها، ليثبتها هو وتشكره هي بهمس مغناج بالكاد يُسمع، لكن أثره واضح على عمها الذي بدا كالمسحور للحظات حتى بعد أن ابتعدت غالية عنه تكمل سيرها.

وتارة كانت تسأله عن رأيه في ملابس تقتنيها، باستمرار مصر حتى عندما لم يكن رأيه بالشيء الجديد.

أخيرا تكلمت شادية في أحد المولات وفي أحد أركان القسم العائلي المعزولة في المطاعم، تستغل ذهاب عمها ليحضر طلباتهم: "خلاص زودتيها على المسكين، ارحميه..!"

لترد غالية عليها: "أحسن، عشان يحس فيني شوي!"

تنهدت: "والله يحس فيك، ما كان بيضيع كذا لو ما كان منتهي ومخلص من سنين ما كنتي تراكضي بقرونك!"

قاطع كلامهم رجوع عمها، ولوهلة ظنت شادية أن غالية قد قررت الكف عن تعذيب عمها لليوم، لكن تبين أن ظنونها كانت خاطئة، فعندما انتهوا من الغداء وأحضر عمها المثلجات المحببة لهم، مدت غالية ملعقتها تحثه على تجريبها، وعندما فعل بعد تردد لحظة، سألته عن رأيه بكل براءة.

أجاب عمها بـ"حلو" وكان واضحا وضوح الشمس أنه لم يكن يقصد المثلجات.

"قسم شكلي غلط بينهم!"

طفح الكيل بشادية وتعذرت بعذر واه لتخرج من الركن وتعطيهما بعض الخصوصية. تقرر إكمال تبضعها بنفسها. لكن بعد فترة قصيرة سمعت صوت عمها يخاطبها بقلق، بشيء من التأنيب.

همست لغالية عندها: "هذا جزاتي لأني بغيت أعطيكم وقت لحالكم..؟"

لتهمس لها غالية بحدة بدورها: "اسكتي يا هادمة اللذات! أول ما رحتي لاحظ وقعد يدور عليك لين ما لقاك. كان يختي بقيتي شوي وكملنا الجو!"

تمتمت شادية بسخرية: "لا والله! عشان أشوف المسلسل اللي كنتوا تمثلونه؟"

لترد غالية بنبرة أعلمت شادية أن الأخرى تحرك حواجبها بإغاظة تحت غطاء وجهها: "عادي وش فيها؟ شوفي وطبقي على أميرك."

اشتعلت شادية غيظا وخجلا، نادمة أشد الندم على إخبارها غالية بما حدث في خطبتها. من سيخلصها الآن من إغاظاتها بسبب ما تفوهت به؟

برأيها، ردة فعلها لرؤية خطيبها كانت طبيعية جدا جدا. هي أبدا لم يكن لديها أي تصور لما سيكون عليه زوج المستقبل، لم يكن لها متطلبات سوى أن يكون ذا خلق ويحقق لها شرطها.

رؤية أن من خطبها، من رضي عمها به، ومن قبل بتحقيق شرطها بعد رفض كثيرين كان بمظهره، بملامح وسيمة سمحة، وعيون بنية حانية.. لم تصدق. وعلى الفور تقافزت الاحتمالات إلى ذهنها، تخرج أخيرا بسيناريو جامح نطقت به أمام عمها ليضحك عليها.

(شادية.. تسلمين، عيونك الأحلى..)

وذاك الخبيث سمعها أيضا!

كل مرة تتذكر فيها أنه سمعها تريد الغرق في ملابسها حرجا، أن تلتحم مع الأرض ولا يكون لها وجود بعد اليوم. كيف عساها مواجهته في العرس؟

لكن.. هناك ما نغص عليها غير حرجها ذاك، ما جعلها تتردد: أمر أمه.

ربما تسرعت في القبول به، وربما أعماها شعورها بالامتنان لما فعله لعمها، شعورها بالراحة الغامرة نحوه فور استخارتها. ربما أثرت بها تلك اللمزات والحكايا التي تلقتها منذ رفضها لأول خطابها أكثر مما كانت تظنه، وربما طفح كيلها وأرادت في لحظة تهور أن تثبت خطأهم بافتراضاتهم. ربما بدأت تضعف أمام سؤال جدها المستمر المشكك عن سبب رفضها الحقيقي..

تساءلت عن سبب تأجيل خطيبها هذا لإخبار أمه بأمر زواجه، أمر لم تؤيده، بكل صراحة. تساءلت ما كان يعنيه بقوله أنه يريد التأكد من شيء قبل إخبارها. لا تظن أنه بسبب حرج بسبب مناسبته لعائلتها، فهو قد أخبر عمه، رأس عائلته الكبيرة، بكل شيء.

مهما كان السبب، كان الأمر متعلقا بأمه فقط، لا عوامل خارجية تلعب دورا في قراره ذاك.

سمعت صوت غالية المتسلي يقاطع أفكارها: "اللي مأخذ عقلك.."

لترد شادية بنفس التسلية، تعرف ما سيحول انتباه غالية عنها: "كأني شفت وحدة من ذولي البنات ترقم عمي.."

=
=
=

ابتسم جلال بخبث عندما سمع صوتا خافتا أنثويا في خلفية مكالمته مع خاله: "آسف يا خال، قطعت عليك خرجة مع المدام. مع إني زعلان إنك عرست من ورانا، بس يلا، نمشيها لك يا الغالي.."

رد خاله ببرود: "خلصت من كتابة الرواية حقتك؟" تسلل إلى صوته الخبث ذاته عندما أردف: "على الأقل كنت صادق لما قلت إني مع المدام. عزمت لمار على غدا نحتفل فيه بتقييم مشروعها بالدرجة الكاملة."

كان متفاجئا، رغم أنه لا يعرف السبب. كان يعرف أن خاله غالبا ما أخذ ابنة خالته لمار معه في نزهات، سواء بسبب أم بدون سبب منذ سنين مراهقته. لا ينكر أن الأمر أثار غيرته في الطفولة، يحسد لمار على تلقيها كل ذلك الاهتمام من خاله، لكن السنين مضت ونسي أمر غيرته تلك: "أها.. قولها مبروك طيب.."

ليرد خاله: "وليه ما تقولها بنفسك..؟"

وقبل أن يرد جلال بشيء، سمع من الجهة الأخرى صوت خاله يحاول إقناع لمار بمكالمته، بحنو كان ليضحك منه لو لم يخنقه شعور ترقب غريب.

مضت بضع لحظات بدت كدهر قبل أن ينطق ذاك الصوت الأنثوي الذي سمعه مكتوما خافتا غير واضح سابقا، ليسمعه هذه المرة بوضوح، صوت ذات بحة حلوة وارتباك عذب: "ألو..؟"

أدرك جلال أنه أطال في سكوته، أنه نسي ما كان بصدد قوله، عندما كررت هي قول "ألو؟"، ليسلم عليها ويبارك لها بثقته المعتادة.

سمع خالها يقول شيئا، لتضحك هي وتتسلل ضحكتها تلك في صوتها عندما ردت عليه: "الله يبارك فيك.."

لم يدر أنه بقي صامتا دون استجابة إلا عندما توقف خاله عن ترديد اسمه ليقول بدلا: "خير يا الحبيب، سكرت الخط؟"

انزعج جلال من قصر محادثته مع لمار وهو أراد الإطالة، لكنه مثل عدم التأثر وهو يجيب خاله: "معك، معك.."

=
=
=

مهما كان قلبه مثقلا باللوم والغضب على راضي، لم يستطع عبد المحسن تجاهل اتصاله به وهو على فراش الموت، لم يستطع إلا القبول بما أوصاه به، احتراما للأيام التي جمعت بينهما في الماضي، خصوصا بعد أن عرف حقيقة تساءل عنها لأعوام.

(-: "تعرف قضية البادي اللي أخذتها قبل سنين؟"

-: "مين ما يعرفها..؟ بس وش دخل قضية البادي في اللي تبغى تقوله؟"

-: "له كل الدخل.. كان فيه نقيب متكفل بذيك القضية، وكان له فضل بعد الله في حلها وكسبي في المحكمة. لكن بسبب ربحي، أطراف متورطين بغوا يعطوني جزاتي ويتخلصوا مني، لكن النقيب تدخل وحماني، وجاته إصابه أجبرته على ترك الشغل الميداني.. بسببي تدمر مستقبله وهو في القمة.."

-: ".. كمل يا راضي.."

-: "مع السنين تصادقنا أنا وهو، وعمري ما نسيت إني مدين له بحياتي. كنت دايم أقوله إن لو طلب مني شي بنفذه بدون أي نقاش، وكان دايم يرفض.. اللين قبل أربع سنوات.."

-: "لا تقول.."

-: "إيه، طلب مني أتزوج بنت أخوه، وما قدرت أرفض. كيف أرفض وأنا كنت دوم أذكره بالدين اللي لازم أوفيه له؟ أدري، يمكن لساته مو عذر للي سويته في حق منال، بس هذا كان السبب."

-: "ما أظن إنك اتصلت فيني عشان تقولي ذيك القصة وبس.."

-: "معك حق.. اللي تزوجتها، ماعندها أحد يدير باله عليها، حتى عمها. أبغاك تتكفل فيها بأي طريقة..").

لو لم يشرح له راضي سبب زواجه بأخرى غير ابنته، ربما كان ليرفض وصيته في التكفل بمن تسببت في جرح ابنته. لكن معرفته بالسبب الحقيقي أثر به، فهو رجل وعود ومواثيق وإيفاء للمعروف. لو كان في موقف راضي، كان سينتهي المطاف به في نفس الوضع.

كان سيكتفي بتخصيص مصروف لأرملة راضي لتكمل عيشها في بيته دون أي منغصات، لكن تبين أن ذلك البيت لم يكن مكتوبا باسم راضي، وأنه كان لمنال حرية التصرف فيه، ولم تخفي عنهم مخططاتها في بيعه، شيء لم يرضي عبد المحسن إطلاقا.

تشكلت في خاطره طريقة أخرى في الوفاء بوصية راضي، ولكن تلك الطريقة تطلبت استعانته بشخص لم يظن أنه سيلجأ إليه، ليس في ظروفهم هذه.

اتخذ ابنه مقعدا أمامه، ينظر إليه بثبات سائل عن سبب مخالفته المعهود واستدعائه لمكتبه.

بدأ: "راضي الله يرحمه وصاني أتكفل بالمرة اللي تزوجها، وأنا ناوي أوفي بوصيته."

سأله شاهين ذلك السؤال المتوقع: "وكيف بتوفيها؟"

ليعلن دون أي مقدمات: "تزوجها.. تزوجها وبعطيك الحق تترأس كل المفاوضات اللي تبغاها."

لا يستطيع إجبار ابنه على شيء، ولا يستطيع ربط موافقته برضاه، فهو لا يظن أن شاهين يسعى وراء الحصول على رضاه عليه، ليس وعبد المحسن لم يظهر له سوى الجفاء لسنين وسنين. شاهين فقط يريد إثبات جدارته له واستحقاقه لمكانته، وهذا سيكون الوتر الذي سيلعب عليه.

ظهر التفاجؤ واضحا جليا في عيون ابنه، لينحسر ويجيبه ببرود: "وأنا موافق.."

=
=
=

يعرف شاهين والده، ويعرف أكثر تمسكه في مبادئه وأصوله. لا يهم ما حصل بينه وبين راضي، ما دام قد وافق على أداء وصيته، فإن أباه سيبذل الغالي والنفيس في سبيل الوفاء بعهده.

كإستعانته به، آخر من يريد طلب عونه.

لم يأخذ شاهين وقتا في التفكير في جوابه، ونطق بالموافقة دون تردد.

لم يوافق بسبب عرض أبيه، بل بسبب ما عناه عرضه ذاك، ما دل عليه: خشية أبيه من رفضه طلبه دون مقابل.

تساءل ماذا سيقول أبوه لو عرف أنه وافق لأنه لم يرضى أن يكون سببا في إخلاف وعده، لو عرف أنه وافق لأنه يريد رضاه، لو عرف أنه وافق لأن لجوء أبيه له في أمر عده مهما سره.

تنوعت ردات الفعل بعد إعلان أبيه تقدم شاهين بالخطبة لأرملة راضي وموافقتها التي أتت بعد أيام، ما بين العتاب واللوم وعدم التصديق، ما بين الحيادية المطلقة والقلق والعجب.. لكن أهم ردة فعل بقيت مجهولة، فمنذ معرفتها بالخبر ومنال تتجاهله، ولا عجب، فضرتها التي تسببت في طلاقها ستصبح زوجة لأخيها الذي ربته كالأم..

مرت الإجراءات والأيام سراعا، وهاهو الآن ينظر في ورقة رُبط فيها اسمه باسم من أصبحت زوجته..

منتهى فيصل الطيب.

انتهى البارت..~

الفيورا 15-01-18 10:59 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
همسة لبلومي: ترى اسم ليال عجبني وزود، بس "منتهى" كانت فبالي من زمان، ولا كنت على طول باخذ ليال بدون أي لفات :lol:

bluemay 15-01-18 11:40 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


وه بسسسسس

روووووووعة رووووووعة

الله يسامحك خايفة يصيرلي شي من كتر الفرح ...

بارت رهيييييييب

متشوقة اعرف كيف رح تكون ردة فعل منال لما تعرف انها ظلمت راضي...


غالية جلطته لسالم المسكين

بس يتستاهل مشان يتلحلح شوي


يسلمو ايديك الفي ابدعتِ والله

والاسم جميل والله ، ومميز كمان كتير عجبني منتهى .


تقبلي مروري وخالص ودي

ندا المطر 15-01-18 01:29 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
فصل حلو كالعاده
شاهين ومنتهى ... وامام منال .. الله يعينها بس
افتقدت عبد العزيز والكادي
ومواجهات شادية مع الامير ..
متابعين معك ..

د ا ن ة 15-01-18 06:40 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
منتهى يا منتهى..عيني عليك يامنتهى ...
...

باااارت يهبل ..
يالله بدأ الفضول للحظة اللي بيشوف فيها شاهين منتهى ..بنعرف كيف مواصفاتها وكيف شكلها
..اكيد نفس فضولنا لشادية اللي مااعرفنا شكلها الا بوقت الملكة

ننتظر التشويق القادم ..ابدعتي

الفيورا 18-01-18 08:39 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
إدعو لي أعدي الترم بالسلامة حبايبي :lol: ومشكورين مشكورين مشكوريييين على تفاعلكم المثلج للصدور *فيس بقلوب*

العشرون

=
=
=

منذ نطقه بالموافقة على الزواج بأرملة راضي منتهى، فكر شاهين في كل السبل التي سيتبعها والصلات التي سيستخدمها في الاستقصاء عنها، طبع خاص فيه مع كل شخص جديد أصبح له صلة به أو بعائلته. وحصل بعد فترة انتظار على بضعة نتائج..

منها أن زوجته الجديدة كانت من عائلة متوسطة الحال لكن عريقة النسب. أشهر فرد فيها، جدها الشاعر خالد، كان له أربع أبناء وثلاث بنات من زوجته الأولى، وابن واحد من أحد زيجاته في الخارج، وابنه ذاك كان والد منتهى الذي توفي في عز شبابه. لم يعثر على شيء عن والدتها سوى أنها لم تكن من البلاد، وأن والدها أحضر ابنته معه بعد شهور من ولادتها لوحده.

كانت المعلومة التي استوقفت شاهين بحق أن زواج منتهى براضي لم يكن الأول لها، فقبله تزوجت نواف المرزوق، رجل أعمال ثري، وتطلقت منه بعد ثلاث سنوات.

(وتزداد الحبكة تشابكا..)

كل معلومة اكتشفها صنعت بدلها سؤالا. لم كان راضي مقتنعا أن لا أحد بقي لزوجته لدرجة الوصاية بها إذا كان لها أقارب أحياء من جهة أبيها؟ ما سبب طلاقها من نواف؟ وإذا كانت نموذجا لإمرأة تسعى وراء المال كما أشاع عنها أناس، لم وافقت على الزواج براضي على الرغم من أنه كان أكبر منها سنا بكثير وأقل نفوذا وجاها من طليقها؟

اعترف شاهين أن هذه كانت المرة الأولى التي أثار فيها شخص اهتمامه قبل رؤيته حتى.

=
=
=

كان اليوم الذي أوصل شاهين منتهى لبيت أبيه يوما حافلا بالعمل كسائر أيامه، يتجاهل اتصالات العمل المستمرة للحظات ليلتفت لأموره الشخصية.

وبالحديث عنها، فإن انطباعه الأول عنها كان أنها غريبة. صحيح أنه سمع عن هدوئها وغرابة تصرفاتها أحيانا من ابنتي أخته، لكنه لم يتوقع أن يستغرب منها من اللقاء الأول.

لم تنطق بكلمة، ولم تسأله شيئا. لم تستفسر حتى عن مكان عيشها الجديد. فقط خرجت له، تجر خلفها حقيبة واحدة صغيرة، ليأخذها منها ويضعها في صندوق سيارته، مستغرب في سره من خفة وزنها. لا يعقل أن تحتوي حقيبتها تلك على كل ممتلكاتها.. صحيح؟

وحتى بعد أن وصل بها إلى جناحه، لم ير منها شيء سوى عيونها الغريبة، لا يستطيع حتى وصف لونها بالضبط. قال لها، لعلها تحتاج تذكيرا بأنها أصبحت زوجته، ولا تحتاج إلى الاستتار عنه: "خذي راحتك، ما برجع إلا متأخر.."

تساءل وهو يخرج، يجيب اتصالا من سيكرتير أبيه، هل كان صمتها هذا إشارة لخنوع مطلق، أم عدم مبالاة؟

كان الوقت متأخرا عندما رجع إلى جناحه، ليرى زوجته تلك قد خلعت عباءتها أخيرا، واتخذت مكانا على أحد أرائك ركن جلوس جناحه، تلك التي اشتراها خصيصا لقابليتها للتمدد كسرير، تلك التي جلبها من الشقة التي كان يسكن فيها قبيل رجاء منال له العودة إلى بيت أبيه. كانت تقرأ في كتاب ما وهي مستلقية تغطيها ملاءة ثقيلة.

إذا هذا كان نهجها الذي تريد السير عليه..

لم يستطع شاهين أن يبدي الكثير من الاعتراض، فهو أيضا لم يكن في خاطره الزواج ولا الخوض في روتينه، ليس وتجربته السابقة صنعت عقدا من التحفظات حيال الأمر كله.

وكان سيكمل خطاه إلى غرفة نومه، يتجاهلها كما تجاهلته، يرد بادرتها، لكنه لسبب ما ظل واقفا مكانه، وحياها يعلن حضوره: "السلام عليكم."

اعتدلت تجلس بهدوء، تنقل ناظرها من الكتاب إليه، ترد: "وعليكم السلام أبو نادر.. محتاج شي؟"

اكتشف شاهين لحظتها أمرا: بشعرها البني الداكن الذي انسدل بحريرية محيطا وجهها في مساره إلى أن وصل حد كتفيها.. بتلك السمرة البدوية الذهبية، تضفي ألقا فريدا لملامحها.. بعيونها النجلاء ذات اللون الغريب.. كان جمال هذه المرأة التي تجلس أمامه شرس الفتنة، لاذع الجاذبية.

لكن.. مهما شدت نظره لها، فلن يسمح لنفسه بالإنسياق وراء انجذابه، ليس وثقته بالناس أصبحت مقتصرة على عدة قلة.

أجابها أخيرا، يكمل سيره إلى غرفة نومه: "مشكورة، مو محتاج شي.."

=
=
=

قد وعدت منال نفسها التحلي بالصلابة وعدم الانهيار قهرا لمرآى من كانت لها ضرة لتصبح زوجة أخ.

لم تتوقع رؤيتها بهذه السرعة، وعلى مائدة الافطار، تمشي جانب أخيها بهدوء. لم ترها قبل الآن، لكن لم تتوقعها جميلة فاتنة شابة، تجعل منها صورة شاحبة بالية مقارنة بها.

هذه التي بدلها راضي بها.. ولا عجب.

لم تتحمل أكثر ونسيت كل ما وعدت نفسها به، تضرب براحة يدها على الطاولة بزخم ثائر، ناهضة من مكانها. وجهت نظرة جمعت كل ما تشعر به من أسى وغضب وقهر وغيرة، غيرة نهشت قلبها، لتلك، لترد تلك نظرتها بأخرى حيادية.

وجهت نظرها باستهجان إلى أخيها. كيف يجرؤ.. كيف يجرؤ على استعراضها أمامها هكذا؟! بل كيف يجرؤ بالزواج من هذه وهو يعرف تمام المعرفة مدى الجرح الذي تسببت به في روحها؟!

لم تنتظر إجابة لأسئلتها الصامتة، وخرجت.

=
=
=

سأل أخته عندما تمكن أخيرا من محاصرتها في مجلس النساء، بعد ساعات من الافطار: "وإلى متى ناوية تتجنبيني يا منال؟"

ردت بسكون: "حتى تجنبك بتحرمني منه؟"

تنهد بحرقة من حال أخته: "منال.."

قاطعته بسؤال: "ليش تزوجتها؟ لا تقول إنك سويتها عشان تنتقم لي.."

أجابها وبصدق: "طبعا لا، تعرفين إني ماني بذاك الرجال."

سألته تستنطقه بشيء أشبه بالرجاء: "طيب قولي ليه، ليه تزوجتها..؟"

التزم الصمت، فمعرفة الحقيقة ستجرحها أكثر. كيف عساه القول أن طليقها قد أوصى أباه على زوجته، وهو كان ينفذ تلك الوصية؟

هزت منال رأسها بعدم تصديق: "نفسي أعرف وش اللي يخليكم ما تتكلمون عنها.. مين يدري، يمكن ساحرتكم، ولا وش يفسر إنك نزلتها معك تاكل معانا؟"

استنكر كلام أخته: "موب إنتي اللي يطلع منها مثل ذا الكلام." أردف يسألها: "يرضيك تحطين من قدرك قبل قدري زي ما سويتي اليوم؟"

لترد عليه بخفوت: "ما عاد يهم شي.." نظرت له ببرود: "وما دامنا عرفنا كلنا إن عادي عندك تتزوج والحمد لله، فما لك عذر بعد اليوم ترفض نطلب بنت صديقتي."

منذ أن طلق نسيم ومنال تحاول إقناعه بخطبة ابنة صديقة لها، تشيد على أنها ستنسيه أثر نسيم الصدئ في حياته، ودائما ما كان جوابه الرفض أو التحايل من الموضوع بأسره، فحتى لحظة طلب أبيه تنفيذ وصية راضي من أجله، كان أمر الزواج شيئا وضعه وراء ظهره متناسيا إياه: "وش جاب موضوع بنت صديقتك اللحين؟"

لتجيبه: "ما بيبرد خاطري عليك إلا لو تزوجتها.."

تركها تذهب عندها بصمت، لا يقدم لها الجواب الذي تريد، ولن يفعل.

يعرف ما تقصده، واحدة بواحدة، رد الصاع صاعين. ومهما بلغ عظم حبه لأخته، فلن يسمح لنفسه أن يصبح أداة انتقام لها. لن يسمح لأخته أن تصبح هكذا شخص، تقع في لوث الظلم بإرادتها وتدبيرها.

=
=
=

بدا الضيق والحزن واضحا جليا في ملامح أبو نادر عندما عاد إلى الجناح، خمنت ما سبب ضيقه ذاك، حتما كلم أخته، وعلى ما يبدو، فإن نتيجة مواجهتهما تلك لم تكن مرضية. تركته لشأنه ولفكره.

منذ اللحظات الأولى، خمنت منتهى أن زواجها هذا سيكون نسخة طبق الأصل عن زواجها بأبو كادي المرحوم. تغير الشريك والمحيط وبقي المضمون واحدا تأقلمت واعتادت عليه.

سمعته ينطق بشيء، وقطبت حاجبيها عندما أدركت أنه نطق باسمها. كرر: "منتهى.."

كم كان اسمها غريبا وهو يُنطق من قبل آخر. اعتادت الألقاب والكنى حتى أصبحت تنسى اسمها أحيانا: "نعم يا أبو نادر."

قال: "إذا تبين يجيبوا لك الأكل فوق قوليلي."

ردت والتفاجؤ يعتريها: "إن شاء الله.."

من بين كل الاحتمالات، لم تظن أنه سيتعب نفسه في معالجة الموضوع من جهتها هي، أن يبحث عن حل يريحها هي.

ربما..

ربما سيكون هناك شيء من الاختلاف في هذه النسخة..

=
=
=

-: "قاعدة.. تذاكرين؟"

رمشت لمار عدة مرات تستوعب سماع ذاك الصوت في بيت جدها، لترفع نظرها وترى زوجة أبيها تنظر إليها ولمحة عدم تصديق تمر في عيونها.

لحظة.. هل قالت زوجة أبيها؟ عذرا، رأت من أصبحت زوجة خالها في ليلة وضحاها.

حتى الآن، بدت الفكرة غريبة عجيبة، اجتماع هذين الاثنين في زواج..

ردت لمار بأريحية تلقائية معها، اكتسبتها من زيارات أسابيع وأيام: "لعلمك أنا شطورة حدي وبأكل في الكتب أكل، بس ما فيه أحد يشوفني ويقدر..!"

ابتسمت الأخرى بتسلية، تقول بمسايرة: "واضح.."

نقلت نظرها بعدها إلى محيطها، تتأمل في جمال حديقة البيت. سألتها وهي تعرف الجواب: "عجبتك الحديقة؟"

أومأت زوجة خالها بنعم: "روعة.."

هزت لمار رأسها موافقة فخورة بتأثير حديقة بيت جدها في النفوس: "اعتبرها بقعة مثالية بكل المقاييس. أبغى أذاكر؟ أروح الحديقة. أبغى أخوض في تأملات روحية ونفسية؟ أروح الحديقة. أبغى أدخل فجو رومانسي؟ أروح الحديقة. أبغى أجرب أتسلق شجر؟ أروح الحديقة..!"

ضيقت زوجة خالها عيونها بريبة: "عيدي آخر وحدة مرة ثانية.."

لم تفعل، مدركة زلتها، وأكملت: "يمكن ما يبين عليه، بس جدي رومانتيك حده. شاف إن جدتي تبي حديقة في بيتها وسوى لها ذي اللي تشوفينها. ومع إنها توفت لما ولدت خالي شاهين، لساته مهتم في الحديقة." كانت ستردف بشيء عن مثالية حب جدها عبد المحسن لجدتها الراحلة عزيزة عندما لمحت خالها يمشي متجها لهما، لتبتسم بعرض: "هلا وغلا!"

ولعجبها، فحالما لاحظت زوجة خالها حضوره، استأذنت بهدوء وانسحبت إلى الجناح.

مضت لحظة صمت بعد رحيلها قبل أن يقطعها خالها بقوله: "شايفة متقبلة سالفة زواجي بلا أي اعتراضات.."

هزت لمار كتفا: "كادي كفت ووفت.." لا تدري أي ردة فعل أخافتها أكثر، تلك لأمها أم تلك لكادي؟ أردفت، تشارك خالها بإدراك توصلت إليه من خلال زياراتها السرية: "تصدق يا خالي؟ يمكن مأخذة السالفة ببرود لأن عمري ما اعتبرتها كزوجة أب، ولا هي تصرفت كزوجة لأبوي. ما أذكر إني شفت أبوي يكلمها بنفس الحب والحنية اللي كان يكلم فيها أمي، ما أذكر إلا مرات قليلة شفته يكلمها كلمتين ورى بعض. أعرف أبوي، وتصرفاته ما دلت على إنه فضلها على أمي زي ما كادي وأمي يظنون."

استرسلت في كلامها، شاكرة لأذن خالها المصغية لها: "ما كانت تتدخل بيننا وبين أبوي، ما كانت تأمر ميشا ولا نور، ما كانت تخرج إلا لمشوار صيدلية.. ولما تدخلت في شي يتعلق فيني وحرضت أبوي علي لأول مرة وانمنعت أروح لحفلة بسبتها، اكتشفت في اليوم اللي بعده إنها كانت تداري مصلحتي.."

استرسلت في حديثها أكثر وأكثر وأكثر، لعلها ستستطيع حل خيوط أفكارها ومشاعرها المتشابكة.

تتفهم غضب أمها وكادي، وبنفس الوقت لا تستطيع الشعور بذاك الغضب، بل شيء أشبه بصورة مبهمة عن العكس.

=
=
=

فاجأه سؤالها عندما رفعت نظرها من أحد الكتب التي لابد وأحضرتها معها، فلا يذكر أنه رأى غلافه فيما يملكه: "ليه تزوجتني؟"

رفع شاهين حاجبا: "هذي شكوى؟"

أشارت له بـلا: "مجرد فضول أقارن وضعي الجديد مع تجاربي السابقة. ما أظنك باللي ينجبر على شي غصبا عنه.."

إذا على الرغم من غموضها وقلة كلامها، فإنه يمكنها المصارحة بكل أريحية مغيظة: "معك حق."

رأى لمعة عجب وفضول و.. (توجس؟) في عيونها قبل أن تقول بيقين: "يعني حصلت فائدة.."

ابتسم بسخرية: "يمكن.." رد بعدها بادرتها: "وإنتي؟"

سألت بدورها: "مهتم؟"

لم تفته محاولتها التحايل من الإجابة: "ما دامني جاوبت على سؤالك، أظن لي الحق أسألك شي بعد. ولا حلال عليك وحرام علي؟"

ردت بعد لحظة صمت سمح لها فيها أن تحضر لقول شيء تجيب به: "ما بقالي أحد أروح له بعد العدة. أهون لي أتزوجك بدل ما أقعد أدورلي شقة لحالي.."

جواب أبسط مما كان يتوقع، لكنه فتح له الكثير من أبواب السؤال. أهم هذه الأسئلة كان: هل كانت صادقة حتى؟ هل عنت ما قالت؟ هل ستكون إجابتها نفسها إذا واجهها بما يعرفه عنها؟

لكنه رجل صبور، ولديه كل الوقت ليستفسر ويسأل، ألم تكن زوجته؟

وبالحديث عن ذلك.. "ويا منتهى.. هذي آخر مرة تتكلمين فيها عن (تجارب سابقة) بدون ما أسألك عنها.."

كان دورها لترفع حاجبا بشك، ليعرف أنها على الأقل لم تكن مغترة بنفسها تظن أنه وقع أسير هواها من نظرة: "هذي غيرة؟"

ليرد بنفس نبرتها السابقة، بنقيض ردها السابق: "مجرد تذكير بالواقع. خلي بالك في حاضرك."

انتهى البارت..~

قوت العتيبى 18-01-18 09:51 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
بارت جميل بس جداَ قصيـر
متي تنزلين البارات أي يوم

د ا ن ة 19-01-18 12:54 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ماعندي تعليق على البارت اليوم ابي اطول علشان افسر العلاقة اكثر 😁
...
وشني اختباراتك اللي تختبرينها الان ..انتي عايشة برى السعودية ..لان السعودية الان اجازة ..جاني فضوول من زمان


...
المهم الله يسهلك اختباراتك ..وترجعين لنا ببارتات اطول واحلى

inay 19-01-18 01:16 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
بارت اليوم أخرجني من صمتي
تحفة و ربي .. أسلوب سلس حبكة جيدة و شخصيات مختلفة .. و اشد ما أعجبني غموض منتهى هذا التحكم الهائل أو لنقل البرود في ردود الفعل لاشك نتاج الظروف التي نشئت فيها .. ماذا يخفي قناع اللامبالاة هذا .. سنرى ان كان شاهين و فضوله سيجيب عن تساؤلاتي

Maysan 19-01-18 01:16 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روايتك اخرجتني من المتابعه خلف الكواليس .. لي فتره عن المنتدى وسجلت دخول علشان ماقدرت حاجه في جعبتي 😑.. كنت ابقاها تكتمل واقرأها مكتمله عجزت اصبر ههههههه .. اولا ربي يوفقك ويفتح عليك في اختبارتك فتوح العارفين العالمين .. ويرزقك التيسر والسهوله وبركة الوقت ويكرمك فيه ..

بالنسبه لمنال توقعت انها تطلب كذا وكنت خايفه من ردة فعل شاهين بحكم انها في مقام امه خاصه بعد مااعلنوا زواجه من منتهى وهي تتجنبه :( .. فوضع زواج اسيل في كفة رضاها عنه ابدا مو منصف لمنتهى وظلم لها والحمدلله انه ماوافق على خطة انتقامها البشعه .. لكن يظل خوفي منها ومن كادي موجود لانه ماراح تسكت الا لما تعرف الحقيقه كامله ... وجود اسيل ماهو عبث اكيد لها دور خاصه وانها تبغاه وتتمناه من زمان وتحبه :( ..

اعتقد انه نواف وشاهين راح يتواجهوا مااعرف يمكن من خلال مفاوضات يترأسها وخاصة انه صار يعرف انه طليقها لكن نواف مايعرف انه زوجها ؟! شاهين ماراح تتحرك مشاعره بسهوله لمنتهى وهي كذلك لانه الاثنين عانوا بحياتهم فصعب جدا يوثقوا بأي احد يدخل حياتهم بسهوله .. اللي يقرب شاهين حاليا لمنتهى ويدفعه لها ماهو جمالها انما حالة الغموض اللي محيطه فيها ومسببه له فضول راح يتسع مع مرور الوقت ورغبه بالاكتشاف .. لذا منتهى راح تدخل عقله وتستوطنه ثم قلبه 🤔..

لي عوده بإذن الله للتعليق على الروايه بشكل مفصل وعلى كافة الابطال .. الروايه جدا جمليه واسلوبك سلس ورائع انا قارئه لروايتك السابقه ربي يحفظك ويبارك لك فيما وهبك ورزقك واعطاك وفي وقتك ..

bluemay 19-01-18 09:35 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا ناسووو ... ايه الجمال ده كلو ...

تصدقي ع كتر حلاوته ما حسيت بطوله <<< ابد ما تلمح (انا ام الفصول القصيرة لووول)


عن جد بهرتيني برسمك للاحداث ومجرى الامور ... هالثنائي لايقين ببعض كتيييير

و يا رب اسيل تلاقي نصيبها مع واحد تاااني بعيد عن الشاهين ..


منال مجروحة ولكن معرفتها بالحقيقة كفيلة بإنها تنحرها ... فأحسن الجهل في هيك حالات ..


يسلمو ايديك يا قمر

ربي يوفقك وينجحك ويسعدك

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 19-01-18 09:42 AM

تسلم يمناك الفيورا ..

شاهين مو هيّن .. و ماراح يكتفي بالمعلومات البسيطة اللي
حصّل عليها عن ( منتهى ) .. اعتقد كلام لمار يزيده اصرار
لمعرفة المزيد عن طبيعة علاقتها براضي .. ممكن تكون جلسة
مصارحة بينهم و ممكن يكون هناك لقاء بينه و بين عمها حامد
و يعرف فيها الحلقة المفقودة في علاقتها براضي .

منال .. اعتقد ما راح تتحمل تشوف منتهى و يمكن تنتقل إلى بيتها
القديم اللي أصبح باسم كادي ..

شادية و عبدالرحمن فقدناهم .☺

شكرا مرة أخرى الفيورا .. 🍃🌷🍃

امال العيد 19-01-18 11:35 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
من شفت انها روايتك الثلاثه على طول قريتها خصوصا معجبني اسلوبك وبساطته
كل رواية من روايتك أحلى من الثانية وكل م هذا اسلوبك يتطور ما شاء الله
ألفي مبدعة انتي وإلى الامام دوما
وربي يوفقك في اختباراتك ويسهل عليك ويبارك لك في وقتك

لي تعليق على الأحداث وقت ثاني بإذن الله 😘

أبها 23-01-18 03:58 PM

عسى المانع خير ...🌷

فوفوه 24-01-18 01:59 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ونتظر احلى باررات

د ا ن ة 24-01-18 07:23 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
مشتاقين كثييير للبارت ..
سبحان الله التأخير ماصار الا يوم تزوج شاهين وحماسنا بلغ مداه ..
ان شاء الله يكون المانع خير وتجيبين لنا بارت طويييل 🤗

امال العيد 24-01-18 09:17 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 4 والزوار 15)
‏امال العيد, ‏الفيورا, ‏no0onah


هلا والله أحلى طله الفيورا 💗

الفيورا 24-01-18 09:27 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم يا حلوين. أدري متأخرة عليكم وقصر البارت ذا أبد ما يشفع لي، وش أسوي لكن انشغلت مع ميكروبات وأدوات مختبر وخرابيط وامتحانات مالها نهاية، بس إن شاء الله بعد أسبوع بتتحسن أوضاعي..

وبالنسبة للي سألوا، إيه دراستي برى. اداوم وقت ما الناس يعطلون وأعطل وقت ما الناس يداومون. حالة وربي ضايعة دوم عن الخط :lol:

الواحدة والعشرون

=
=
=

مضى يومان وهو يعيش مع منتهى في جناحه كشركاء سكن، كل في همه وشؤونه. لكن على ما يبدو، فإن منتهى اتخذت من مفاجأته نهجا: "أم عبد الرحمن عزمتني عند دارها."

منذ نطقها باسم أم عبد الرحمن وشاهين تفترسه التوجسات: "ومن متى المعرفة؟"

أكملت تلك كأنها لا تلاحظ نبرته: "زارت البيت وقابلتها وعزمتني، تقول تبغى تتعرف علي.."

ابتسم شاهين بسخرية. أهذه الطريقة التي ستتبعها الآن؟ من الجيد أنه لم يتخلى عن حذره وتحفظه، فعلى الأقل عندها سيخرج بأقل الخسائر.

لكن عليه القول.. هناك شيء استغربه، فعادة ما دبرت أم عبد الرحمن خططها بحرص على ألا يعلم بها إلا بعد فوات الأوان، كاجتماعاتها مع زوجته السابقة. لم غيرت أسلوبها وسمحت له أن يعلم منذ البداية مع منتهى؟: "وليه تعطيني خبر؟"

رفعت منتهى حاجبا: "استأذن، ولا تبغاني أروح بدون علمك؟"

أليس هذا ما كان يتحمله سابقا؟

الحق يُقال، أعجبه تصرفها هذا، حتى لو لم يعجبه في أي محل كانت تستخدمه. لكنه لن يظهر ريبته، وسيُبقي عينا عليها للاحتياط.

=
=
=

منذ معرفتها بخبر زواج خالها وهي تشرد في فكرها ويبدو الضيق المشجون واضحا على ملامحها، ضيق حاولت إخفاءه عنه والتصرف كأن كل شيء كان طبيعيا، لكن عبد العزيز لاحظ استياءها من اليوم الأول، ولن تخدعه طمأنتها الكاذبة له.

اتصل بها يتأكد قبل تنفيذ مخططه، فعلى حسب علمه اليوم لم يكن لديها سوى حصة واحدة تدرسها وقد فات وقتها منذ زمن: "إنتي فاضية؟"

أجابته بتنهيدة ضجر: "إيه، ما وراي إلا أقعد الحصة السابعة فراغ."

بسبب دوامه، فإن الفرصة لا تسمح له بإيصال كادي من المدرسة، ولهذا فهي تذهب مع أخته وتبقى في بيت أهله تارة وأهلها تارة أخرى إذا كان عنده مناوبة ليلية ذلك اليوم.

لكن لحسن حظه اليوم كان متفرغا، وظهرت بهجته في صوته عندما رد عليها: "أجل اطلعي، أنا قاعد انتظرك برى." أردف، يقاطعها قبل أن تعترض، فهذه الفترة القصيرة التي عاشها معها جعلته يعرف طبع زوجته النظامي جدا: "دبري لك صرفة من هنا وهناك، أهم شي أشوفك قدامي اللحين لأني عازمك على مطعم من اللي تحبيه."

وحقا، مضت دقائق قصيرة قبل أن يراها خارجة تمشي على استحياء. ابتسم يرحب بها، فهو لم يرها منذ عصر يوم أمس: "نورتي المحظوظة. مسرع ما طلعتي، وأنا على بالي بتحنط هنا لين المغرب..!"

(كم من مرة أعربت كادي عن عجبها من تسميته سيارته باسم كالمحظوظة، ليرد بأنه اسم ساخر من حال سيارته العجيب الغريب. ما زال يبحث عن دليل يثبت صحة ظنونه أن سيارته أصابتها عين ما).

ضحكت بخفة قبل أن تقول: "طلعت لكن بعد إيش؟ كل العيون كانت علي، مو مصدقين إني بطلع بدري. انشويت فمكاني لما شفت زميلاتي يغمزون لبعض..!"

هز كتفا بلا مبالاة: "خليهم يغمزون لين ما تطلع عيونهم، وش عليك؟ لازم تطلعي وتروحي عن نفسك. تستحملي الطفش ليش؟" تنهد يبتسم لذكريات الماضي التي داهمته على حين غرة: "أذكر أيام زمان لما كنت طالب، ما كنت أقعد فحصة معلم أطفش منه وألقالي مهرب حتى لو فتحة نملة!"

سمع السخرية التامة في صوتها وهي تقول: "ما شاء الله.."

لم يهتم واسترسل في الحديث: "عاد معلمين الإنجليزي خلقة ما كنت أداني حصصهم ودوم كنت أشرد منها. ملل على ملل على ملل!"

سألت بمعنى يعرف أنها كانت تبتسم من خلاله: "ومعلمات الإنجليزي، وش رأيك فيهم..؟"

ألقى إليها نظرة ثم قال بمكر: "لا، معلمات الإنجليزي صنف خاص. إن شاء الله لو يشرحون الحروف الأبجدية بالساعات بقعد وأطالب بشرح مفصل ومنفرد."

عندها انطلقت زوجته بالضحك، وقالت عندما هدأت ضحكاتها الرقيقة، تشد يدها على عضده كأنها تعرف هدفه من نزهتهم هذه: "مشكور عبد العزبز، ربي لا يحرمني منك.."

بصدق، لم تكن بتلك الكلمات التي يحلم أن تنطقها، لكن الدفء في صوتها أسعده.

=
=
=

كانت القصة التي أُعطيت لجد شادية أبو محمد عن خطبته لها وعيشه في البيت كالتالي: هو كان يبني بيتا في الرياض، ولا يدري متى سينتهي من بنائه. وإلى ذلك اللحين، فإن شادية ستبقى في بيت أبو محمد.

كالمتوقع، كان انطباع أبو محمد عن عبد الرحمن بسبب تلك القصة أنه كاذب اتكالي ويريد الاعتماد على الحلال الذي سيكون من نصيب شادية عند وفاته. بل قد قال له مرة عندما تركهما سالم بانفراد للحظة بصراحة المسنين: "لو علي ما وافقت عليك، بس شادية راضية تتزوجك وسالم مدري وش عاجبه فيك.." وعلى الرغم من هيئته المرهقة بسبب السن وأمراض العمر، كان توعده صلبا حادا: "لو ضريتهم بتشوف حسابك معي، فاهم يا ولد؟"

من السهل الدفاع عن نفسه والنطق بالحقيقة ليغير موقف أبو محمد منه، لكنه لن يفعل وسيتعمد الظهور بمظهر الاتكالي الكاذب. من لقاء واحد عرف عبد الرحمن كبرياء الرجل المناقض لضعف جسده. لن يرضى أبدا بما فعلته حفيدته من أجله، بل سيجبرها على الذهاب مع عبد الرحمن خارج القرية والمضي في حياتها.

لذا، أجاب عبد الرحمن بابتسامة مجاملة: "فاهم يا أبو محمد. إن شاء الله بكون عند حسن ظنك.."

=
=
=

رافق جلال أخاه سيف في زيارته لبيت جده، فقد مضت فترة منذ اجتماعه به. من لحظة إعلانه نيته بالزواج وأبوه يشدد عليه المهام، يطالبه بأداء فوق أدائه المعتاد، يرمي عليه بأثقل الصفقات كنوع غريب من التجهيز لتأسيس أسرة وتولي مسؤوليتها، حتى انشغل عن الزيارات وروتينه المعهود.

قضى وقتا يتسامر فيه مع جده ومن ثم خاله الذي عاتبه جلال في عدم كونه الأول في إخباره بخبر زواجه.

(رغم تحفظه بمن اختارها، هو يثق في خاله شاهين، ولا يظن أنه تزوج زوجته الجديدة عبثا. لابد وأن كان له سبب).

كان يمشي جانب خاله خارجا من المطبخ عندما مرا أمام مجلس النساء واستوقفته ضحكة طُبعت في عقله خلف الباب المغلق. على الفور تشكلت في ذهنه خطة وقال لخاله: "روح اسبقني ودور سيف، نسيت جوالي في المطبخ.."

وذهب دون أن ينتظر ويسمع رد خاله، راجعا إلى ذاك الباب الذي سمع منه صوتها. مد يده ثم تردد قبل أن يفتح الباب، لكنه تذكر أن خاله أخبره أن زوجته كانت تزور أم عبد الرحمن ولم تكن موجودة في البيت الرئيسي هذه اللحظة.

فتح فرجة صغيرة، يبحث بعيونه إلى أن رأى ما كان يبحث عنه، صاحبة ذاك الصوت الذي أشعل فضوله. كانت تعطيه ظهرها، لا يرى منها سوى شعرها القصير البندقي، قميصها الواسع الوردي الذي أظهر دون قصد أعلى أحد كتفيها بسبب كثرة حركتها، ليشد نظره بياض بشرتها وصفاءها.

كانت تضحك بشماتة بسبب شيء ما، تقول بانتصار لسيف الجالس جانبها: "مو أنا قلتلك بفوز وأرجع أكمل اللفة عليك؟"

"كملي معروفك ذاك ولفي إنتي.. لفي خليني أشوف وجهك..!"

وحقا، كانت أمنيته على وشك أن تتحقق عندما صدر صوت من الباب وبدأت لمار تلتفت جهته..

-: "وش قاعد تسويه هنا؟"

قفز جلال فزعا، ليرى خاله يقف وراءه.

برر له: "كنت رايح المطبخ."

ليرد خاله بعجب مسرحي: "غريبة.. من صغرك وإنت تلفلف في البيت ذا ولساتك ما حفظت وين المطبخ فيه؟"

ضحك بزيف: "شفت كيف؟"

أومأ له خاله بتفهم حان.. قبل أن يفتح باب المجلس ويدخله، مغلقا الباب في وجه جلال وهو لم ير شيئا!

كان بعد عدة لحظات أن خرج خاله برفقة سيف، ليسأله بفضول: "وراه الأخ مولع؟"

أفرغ جلال قهره وإحباطه و (غيرته؟) عليه: "لا عاد أشوفك تلعب مع لمار فاهم؟"

استنكر سيف الأمر، يتجرأ على السؤال بجزع: "وليه؟!"

رد جلال بـ"نذالة": "كيفي، مرتي."

ليأتي صوت خاله الساخر من ورائهما: "تطورات والله، أمس مستغني إنك تشوفها، واليوم مرتك.."

"لا تذكرني في المواجع!"

كم كره تسرع لسانه هذه اللحظة. لو أبقى فمه مغلقا كان ليرتاح بدل أن يزداد فضولا ولهفة.. وولعا دون شفاء! لا يدري أي سحر مارسته تلك، لكنها أصبحت فكرة تراوده باستمرار هذه الأيام. صدق من قال أن كل ممنوع مرغوب: "اعتقني يا خال.."

تجاهله خاله تماما، يهتف بصرامة: "بلا كلام فاضي وامشوا قدامي عالمسجد يلا.."

=
=
=

قد أصبحت عادة للوليد، شراء قطع أثارت اهتمامه في سفرياته، يجمع خليطا من الثقافات، دليل على حطه قدمه في أحد البلاد.

لكن، أصبح لديه غرض آخر يشتري التذكارات من أجله..

هذه المرة لفت نظره سوار لؤلؤي فريد المظهر، بألوان فاتحة تدرجت ما بين النحاسي والذهبي والفضي، وفي مركزها قطعة دائرية ذهبية.

ذهب فكره لتلك التي ارتبط بها، وقصر المدة التي بقيت من العرس.

تساءل وهو ينظر إلى السوار مرة أخرى، هل سيلقى إعجابها يا ترى؟

=
=
=

كان استنقاصا صريحا، وصف المكان الذي تعيش فيه أم عبد الرحمن بمجرد "ملحق". وجدت الفخامة أين ما حطت عيناها، تخبرها عن مكانة أم عبد الرحمن الرفيعة في كنف عائلة الجبر.

كانت أم عبد الرحمن آية في الجمال، وما زادها عمرها إلا جمالا عريقا. من يراها وابتسامتها السمحة الساحرة لا يفكر للحظة في الاستغراب أو الاشتباه بها..

لكن.. من قال أن منتهى تتبع سير معظم الناس في أفكارهم؟

وجدتها منتهى غريبة من اللحظة التي تقدمت تظهر ترحيبها الحار بها، مغايرة في تصرفها عن تصرف باقي أفراد العائلة المتحفظ. لا تذكر أنها التقت بها، ولا تذكر فعلها شيئا يسترعي كل ذلك الترحيب، بل العكس..

قالت أم عبد الرحمن بابتسامة بعد تبادل السلام وسؤال الأحوال: "أدري، مستغربة إني مرحبة فيك كل ذا الترحيب، صح؟"

نبيهة ذكية، هذه المرأة..: "إيه.."

أكملت وابتسامتها تتسع: "لما شفتك وعرفت عن حالك، تذكرت نفسي.. وضعك هذا يذكرني بوضعي زمان."

أمالت منتهى رأسها بفضول، تستنطق الأخرى بصمت، لتكمل: "أبو عبد الرحمن الله يرحمه تزوجني بدون شور أهله، وواجه أبوه نادر عشاني." لطخ غضب قديم ملامحها السمحة عندها: "طرده أبوه من البيت، وحرمه من حقه اللين ما يعقل ويتركني ويتزوج بنت صديقه. عشنا أنا وهو في حال ما يسر العدو، ومات أبو عبد الرحمن بغبنته وأنا حامل بولدي."

ابتسمت بمرارة، تنهي حكايتها: "ما تعدل وضعي إلا لما مات نادر الجبر وتولى ولده عبد المحسن أمور العايلة وأعطانا أنا وولدي حق أبو عبد الرحمن كله، بس بعد إيش؟ ما وقف مع أخوه يوم كان ينفع صوته.."

شدت يدها على يد منتهى، بشيء يمكن أن يُقال عنه حنان أمومي: "يمكن حالك أحسن مني بزود، بس هذا مو معناته إني ما بكون بجنبك لما تحتاجيني. أعرف شعور إنك تكوني الدخيلة فذي العايلة. لا تحاتي، بكون معك طول المشوار."

ردت عليها منتهى بسكون: "مشكورة.."

عليها الاعتراف، أبهرتها.

للحظة، كادت تصدقها.

انتهى البارت..~

د ا ن ة 25-01-18 03:24 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الله يستر منك ياأم عبدالرحمن وش ناوية عليه ..

بارت احسه تمهيد لشيء اكبر 😁...

المهم نبغى البارت القادم فيه زواج واكشنات بين شاهين ومنتهى 🤗

واصلي على هذا الابداع 💕

أبها 25-01-18 06:55 AM

الله يوفقك الفيورا و يفتح عليك فتوح العارفين ..🤲🏼

و شكراً على الجزء اللطيف الخفيف ..

أم عبدالرحمن .. ما هي مصلحتها في تخريب علاقة شاهين
بزوجته الأولى ..؟. و كذلك محاولتها التقرب من منتهى !
هل فعلاً تنوي التخريب مثل ما يظن شاهين ؟🤔

جد شادية عجبني والله 😁
يحق له يخاف على حشاشة جوفه ، مافي بالزمن هذا
زوج يقبل يسكن عند أهل زوجته إلا و في المسألة ( إنّ ) !!
إن شاءالله يقدر عبدالرحمن يكسب ثقته و احترامه .

مرة أخرى ..شكرا جزيلا الفيورا .🍃🌷🍃

bluemay 25-01-18 12:34 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا هلا وغلا ..

يسلمو ايديك إلفي

بارت جمييل

كتير استمتعت بحرقصة جلال خرررجه >> خلي التعجرف ينفعه لووول


ام عبد الرحمن عقربة

اتوقع بتحاول تزيح شاهين من طريق ابنها ليفضاله الجو

ويصير الوريث للجبر وحده

صرت شبه متأكدة انها ورا تهمة شاهين وسوء سمعته عند ابوه واهله


تقبلي مروري وخالص ودي

inay 25-01-18 09:06 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
بارت خفيف وممتع
ام عبد الرحمان تريد ان تنصب ابنها في اعلى الهرم لتعوض الفترة التي عاشتها محرومة و تامن مستقبلهما
سارعت لكسب منتهى في صفها ظنا ان هذه الاخيىرة ستشاركها نفس الاطماع كونها مكسورة جناح و لا ظهر لها ..
رغم يقيني ان منتهى ستخيب املها لكن لا ادري لما احس ان هذه الاخيرة ستكون سببا في زواج شاهين من اسيل التي بالتاكيد لم ينتهي دورها

شكرا اختي و موفقة في امتحاناتك

Maysan 26-01-18 12:42 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة inay (المشاركة 3696868)
السلام عليكم
بارت خفيف وممتع
ام عبد الرحمان تريد ان تنصب ابنها في اعلى الهرم لتعوض الفترة التي عاشتها محرومة و تامن مستقبلهما
سارعت لكسب منتهى في صفها ظنا ان هذه الاخيىرة ستشاركها نفس الاطماع كونها مكسورة جناح و لا ظهر لها ..
رغم يقيني ان منتهى ستخيب املها لكن لا ادري لما احس ان هذه الاخيرة ستكون سببا في زواج شاهين من اسيل التي بالتاكيد لم ينتهي دورها

شكرا اختي و موفقة في امتحاناتك

كنت ماراح ادخل واعلق ثاني قبل مااخلص قراءة الروايه كامله الى اخر بارت وانشغلت فما تم مااردته .. لكن جذبني احساسك يارب يكون ماهو صحيح خوفني هههههههههه عن جد احكي رغم انه انا برضوا متأكده انه دور اسيل ماخلص لكن ارفض تصنفيها كزوجه لشاهين .. اي شيء ثاني ماعدا زواج او خطوبه 😱ياااربي لااااااا .. تعقيدات الشخصتين هذول ماهي محتاجه طرف ثالث ابدا يكفي نواف وابوكادي دائم هي تحل كزوجه اضافيه 😭😭😭.. الفيورا بليييز قضي النظر عن هالحاجات ههههههه ربي يفتح عليك فتوح العارفين ويوفقك في اختباراتك وييسرها عليك ويبارك في وقتك ..

inay 27-01-18 05:24 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
هههه وانا اتمنى نفس الشي لكن بما انه شاهين ليس بالشخص الذي يتخذ قرارات غير مبررة
لازم يكون فيه سبب لزواجه من اسيل غير رغبة اخته

الفيورا 28-01-18 11:59 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الثانية والعشرون

=
=
=

عاد شاهين إلى جناحه ليلقي السلام عليها، لترد هي السلام وتسأله سؤالها المعهود.

(محتاج شي..؟)

بدل النفي، جلس على الكرسي المقابل لها، يلاحظ تتبع منتهى المستفسر له عن هذا التغير في الروتين، قبل أن يطرح سؤالا راوده منذ إخبار لمار له عن تلك الحفلة التي منعت من حضورها، وما أخفت تلك الدعوة لها من مصائب: "بسألك سؤال وأبغى منك تجاوبيه.."

وضعت الكتاب الذي كانت تقرأه جانبا، تبتسم بتسلية متهكمة، تميل للأمام تعطيه كل انتباهها، وحتى مع ذلك فلا ينكر شاهين مدى فتنة ابتسامتها تلك: "بنخلي تبادل الأسئلة شي مستمر بيننا؟"

ليجيبها بهدوء: "ليش لا؟" ربما كان كما وصفته لمار تماما، محب تام للسيطرة، ففكرة عدم معرفته التامة بكل ما في جعبة هذه المرأة تؤرقه وتشغل تفكيره: "أسألك شي، وبالمقابل تسأليني اللي تبغين."

يعرف أنه كان يلعب بالنار، وأثبتت تلك اللمعة في عيونها ذلك: "مهما كان؟"

فضوله أضعفه. أكد: "مهما كان.."

عندما أومأت له بالقبول، سأل: "من وين عرفتي عن سوايا شذى المرزوق؟"

لاحظ تلك التسلية تنسحب من ملامها فجأة، ويحل بدلها وجوم حذر جعل من ألق عيونها خافتا حد الزوال. أجابته بسكون: "كانت أخت واحد.."

ليسأل على الفور وحدة ما اكتست هدوء نبرته: "والواحد هذا مين؟"

أجابته: "طليقي.." استطردت كأنها لا تريد السماح له بالاستفسار أكثر. حسنا إذا..: "من الثانوي كانت عندها سالفة استدراج بنات على نياتهم لحفلاتها وتوريطهم بمصايب تستبزهم فيها بعدها. أذكر إنها كانت تتعمد ترسب عشان تتم في المدرسة، ولما ما قدرت تطول أكثر من كذا بدت سالفتها مرة ثانية في الجامعة اللي تدرس فيها لمار. لما حكت لمار عن طاري حفلة، بالي على طول راح لشذى.."

ولولا الله ثم تدخل منتهى، كانت لمار ستصبح ضحية أخرى لتلك الدنيئة..

وجد شاهين نفسه يبتسم بعرفان، ودفء امتنانه يتسلل إلى صوته عندما قال، يعني كل كلمة: "مشكورة، حفظتي بنت أختي في موضع كنت غافل عنه.."

خليط من العجب والاستغراب، من عدم التصديق والتفاجؤ، مر كلمحات سريعة في عيونها، لتشيح نظرها بعيدا عنه، تحرمه من رؤية تعابير وجهها، ترد عليه بخفوت: "العفو، ما سويت شي يا أبو نادر.."

=
=
=

منذ بدئها العيش مع أبو نادر في جناحه، فإنها لم تتعدَ حدود ركن الجلوس لغرفة النوم إلا للذهاب لدورة المياه أو استخراج غرض لها من غرفة التبديل.

كانت قد أنهت توضأها للفجر وتهم بالعودة لركن الجلوس عندما استوقفها صوت آت من جهة السرير، همهمات وأنفاس متلاحقة حكت عن شيء واحد: كابوس.

لا تدري ما الذي سيرها لتتجه جهة السرير، تجلس على طرفه وتمد يدا مترددة تهز كتف أبو نادر لتوقظه. قفز هو جالسا من اللحظة التي لمسته فيها، وحتى مع الإضاءة الخافتة التي أتت من الخارج، لاحظت أن الطريقة التي نظر إليها بها لم تكن إلا لشخص لم يستوعب استيقاظه من عالم كوابيسه.

قالت له نفس الكلمات التي ترددها لنفسها كل مرة راودها كابوسها الدائم: "تعوذ من الشيطان يا أبو نادر، مجرد كابوس وعدى، إنت بخير اللحين.."

عندما لاحظت عودة أنفاسه للهدوء بعد زخم لاهث، نهضت ليستوقفها سؤاله، نبرته التي خالطها الغضب المتوجس: "وش كنتي تسوينه هنا؟"

التفتت له لتقول: "كنت بتوضأ، الفجر قريب."

لم يسألها شيئا بعدها، وأخذت تلك كإشارة لتذهب.

=
=
=

شيء آخر جعله مضربا عن الزواج: كونه غير واع بما يفعله أثناء نومه.

يذكر كيف كانت تسأله زوجته السابقة نسيم عن كوابيسه، وعندما ظل غير مجيب لها لمدة قالت أن سبب سؤالها هو إيذائه لها أثناء نومه، حتى أصبحت تتجنب الرقاد جانبه. كم من مرة قالت أن غيرها لن تتحمل أفعاله تلك..

كم غضب من نفسه عندما رأته منتهى في لحظة ضعفه تلك، وكم كره أكثر فكرة إيذائه لها في تلك اللحظات قبل أن استعادة وعيه على هدوء صوتها وهي تنصحه، على صفحة وجهها الصافية الندية بماء الوضوء.

قال لها بعد رجوعه من الصلاة متنهدا: "آسف لو أذيتك وأنا نايم.."

لتجيب على الفور: "ما أذيتني بشي."

ابتسم بسخرية: "ماله داعي تخبين.."

نطقت: "أبو نادر.." وصرامة نبرتها جعلته يمعن النظر فيها، ليرى اليقين والثقة في عيونها قبل أن تردف: "لو كان عندي الظن إنك بتأذيني ما كنت بقبل فيك، ولو أذيتني ما كنت بتشوفني قدامك اللحين."

كررت بثبات، كأنها تحفر كلماتها في جلمود فكره: "ما أذيتني.."

غريب، كيف أنه صدق كل كلمة قالتها. غريب أكثر، كيف بعث ردها فيه راحة غامرة.

=
=
=

لأيام اشتكت أمها من عدم تواصل صديقتها منال معها، انقطاعها عنها وتجاهل اتصالاتها.. إلى أن ردت عليها منال وألقت على مسامع أمها خبرا، وعلى قلب أسيل قنبلة.

(تذكر سؤالها أختها صفاء، بتلبد عواطف هش، يغطي الطوفان تحته: "أنا وش ناقصني؟"

لم ترد صفاء بشيء، تنظر إليها بعجز مستاء.

أردفت تضحك بقهر: "قبل وحدة ما تسوى، واللحين المرة اللي تطلقت أخته بسبتها؟ ليه.. ليه مو راضي يناظر جهتي؟!"

حاولت صفاء التخفيف عنها: "خلاص يا أسيل انسيه، هو مو داري عنك وإنتي تقطعين نفسك عشانه! يمكن هذي نعمة من ربي تخليك تشوفين نصيبك في غيره.."

هزت أسيل رأسها باعتراض يائس، تستفزها وتحزنها بحق حقيقة أنه لا يدري عنها، تبني أحلاما يحلق هو بعيدا عنها: "وأنا مابي غيره..")

منذ ذلك اليوم وأسيل تريد أن تراها، تريد أن ترى من التي فضلها شاهين عليها هذه المرة وهي لا تستحق.

=
=
=

رأى من أصبحت زوجة ابنه جالسة لوحدها في حديقة البيت، يبدو عليها سرحانها في التفكير.

أفكاره كانت مختلطة تجاه هذه المرأة، تزيد من تشويشها القصص ووجهات النظر المتعددة التي يحملها الناس عنها.

لكن عبد المحسن كان متأكدا من شيء واحد، مهما بلغ تحفظه تجاهها، فلن يسمح أن يصيبها ضيم في كنف بيته، ليس وهي وصية تكفل في اتمام تنفيذها.

سألها عن شاهين ومعاملته إياها، فكم خشي أن يغلب حبه لأخته منال على الواجب والعهد، منتقما لما تسببت به. كم خشي أن تكرر شكاوي ومآسي طليقة ابنه..

لكنها فاجأته عندما أجابته، بثقة عرف أنها تعني ما تقوله: "ما شفت من أبو نادر إلا الخير، رجال والنعم.."

ابتسم عبد المحسن والفخر يتسلل لقلبه المثقل بالخيبة تجاه ابنه الوحيد، وشيء من التعاطف تجاه هذه المرأة: "لو ضرك ولدي بشي لا تحسبي إن ما وراك أحد. قولي وبوريه شغله."

ملامحها تشكلت بعدد لا يحصى من الردود والأسئلة، لكنها في الأخير اكتفت بإيماءة: "تسلم يا أبو شاهين، هذا من طيب أصلك.."

=
=
=

باغتت لمار زوجة خالها بالسؤال: "كيف تعامل خالي معاك؟" وعندما بدا على الأخرى الاستغراب من سؤالها المفاجئ، حاولت صرف النظر عن شعورها بالقلق حيال معيشتها الجديدة في بيت جدها بالمزاح والاستظراف: "قاعدة أحاول أثبت فرضية."

كررت زوجة خالها، لا يبدو عليها تصديقها أبدا: "فرضية؟"

أومأت لمار بنعم: "فرضية إن أي أحد فيه دم الجبر لازم يكون فيه عرق رومانسية."

صمتت زوجة خالها، كإشارة لأن تكمل، كصدمة مما قالته؟ لا تدري. المهم أنها أكملت: "أكبر إثبات روميو زمانه جدي وقصته مع جدتي عزيزة. عندك خالتي غادة اللي قصتها مع زوجها قصة وأمي بعد.. حتى كادي اللي دوم تقول إن ما عندها خرابيط الرومانسية تروح توزع ابتسامات كل مرة يرسلها الدختور حقها مسج. مدري عن خالي عبد الرحمن، بش شكله واحد رومانسي ورايق. أما عن خالي شاهين، متعشمة فيه خير كثير!"

لا تذكر تفاصيل كثيرة من زواج خالها الأول، لكنها تذكر أنه كان سخيا مع زوجته ذلك الوقت ولا يقصر معها بشيء، حتى لو لم يبدُ أنه يحبها. إذا أحب وبصدق، فلابد أنه سيبذل الضعف!

ابتسمت زوجة خالها بخبث تراه لأول مرة: "إذا كذا، جربي فرضيتك على ولد خالتك وبشرينا."

وعندما تلعثمت لمار خجلة لا تعرف بماذا ترد، انطلقت زوجة خالها في الضحك بنعومة تُحسد عليها، تخفي ملامحها الضاحكة بكفها.

=
=
=

أيام تمضي، وشاهين يقضيها في تحليل زوجته، مراقبتها عن كثب لأسباب لا تتعلق بالماضي. أحيانا يتحجج لنفسه أنه يراقبها ليشغل نفسه، أحيان أخرى حجته كانت فضوله، وأحيانا.. أحيانا يقر أن أسبابه مختلفة تماما عما كان هو مرتاح بالإعتراف به..

لاحظ مجموعة كتبها التي أحضرتها معها، اختلاف مواضيعها وعشوائيتها، وأكثر من ذلك، قلتها وعودة منتهى لقراءة أحدها أكثر من مرة.

لاحظ حرصها الشديد على لبس كل ما هو طويل وواسع، على عدم التزين.. لكن، أمثلها تحتاج للتزين أصلا؟

لاحظ أخذها لكريمات بشرة وترطيب معها لدورة المياه، حتى تلك الخاصة بالأيدي.

لاحظ قراءتها وردها في أوقات متأخرة من الليل، وأحيانا عندما لا يزوره النوم، يقف على عتبة باب غرفة نومه يستمع لتلاوة صوتها الرخيم الهادئ.

لاحظ معدومية طلباتها. حتى عندما دنا وقت التجهز لعرس ابنة أخته ترانيم، لم تفترق شفاهها بطلب الذهاب للسوق.

لاحظ قلة نومها والإرهاق الذي تبعه. لا يذكر حتى رؤيتها نائمة مرة.

الأهم أنه لاحظ تشكيل باله لإجابة ما، كل مرة سألته إذا كان يحتاج منها شيئا، لكن إلى هذه اللحظة لا يستطيع تبين ماهية إجابته تلك.

رجع أبكر من المعتاد الليلة، ليراها وياللعجب، نائمة. لم يكن ليقترب ويزعجها، لكن منظرها هذا كان جديدا عليه. اقترب حتى انحنى يتمعن في ملامحها، كيف بدت جميلة وديعة بشكل مؤلم وهي مستسلمة تماما للنوم، تجعله يدرك المقدار الهائل من الحواجز الي تضعها في يقظتها.

مد يده ينتوي إبعاد خصلة شريدة من على صفحة خدها كأنه مسحور، لكن لحظة لمس طرف أحد أنامله لبشرتها استيقظت هي تقفز جالسة، بعيدا عن لمسة يده، تنظر إليه بعدم استيعاب خالطه.. الهلع.

استقام في وقوفه يكبت شعورا مريرا غير مبرر بعدم الرضا اجتاحه على حين غرة. سألها: "تعشيتي؟"

لم تجبه لبضع لحظات، لتنظر إليه بعدها وكأنها جلدت نفسها بمئات الأقنعة، تجيبه بهدوئها المعهود: "لا.."

منذ أن خيرها بين النزول وتناول الطعام مع باقي أفراد العائلة وإحضار وجباتها لجناحه ومنتهى قد اختارت جناحه: "طيب قومي، بيجيبون العشا بعد شوي.."

امتثلت لما قاله، ومشت مبتعدة بخطاها عنه وظل هو ينظر في إثرها، لا يستطيع إلا التساؤل عن سبب ردة فعلها تلك تجاه لمسته.

=
=
=

ما إن انتهت من صلاة العشاء حتى استلقت تعبة لتستغرق في النوم على الفور.

لم تعهد نفسها بتلك التي تنام بسهولة منذ سنين بدت كدهر، لكن ربما كان لقدرة جسدها على تحمل أرقها حدود. دعكت عيونها تفكر بحاجتها لشراء منوماتها، فمنذ أن انتهت آخر حزمة لم تشتر أخرى.

عادت بعد اغتسالها لترى أبو نادر ما زال في ركن الجلوس، جانب أطباق مغطاة خمنت أنها تحوي العشاء الذي نسيت أمره في تفكيرها.

تشدق هو لمرآها عائدة: "العشا صار ثلج.."

هزت كتفا دون مبالاة، تجلس: "عادي عندي.."

مال متقدما في جلوسه: "بس أنا مو عادي عندي. ثاني مرة استعجلي لما الناس ينتظرونك."

رمشت تستوعب: "إنت.. ما تعشيت؟"

رفع حاجبا: "ما كان واضح؟"

شيء في إجابته ما زال يزيدها عجبا: "ليش انتظرتني طيب؟"

ليرد عليها: "ليش لا..؟"

لطالما ارتبطت فكرة وجبات الطعام لديها بالأكل لوحدها، بعد أن ينتهي الناس ويتفرقوا لشؤونهم، حتى غدت لا تكترث لحضور تجمع مائدة ولا وقتها.

ربما لن يعلم أبو نادر بوقع ما قاله في روحها، فعله دون دراية شيئا لم يفعله أحد لأجلها قط:

انتظارها..

انتهى البارت..~

ندا المطر 28-01-18 12:28 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عزيزتي الفيورا
انتظر نزول الفصل بفارغ الصبر
التفاصيل والكلمات التي تخطيها جميلة
وللاسف مهما كان الفصل طويل.. اجده قصير جدا
بانتظار القادم عزيزتي .. مع شكر كثير لما تخطه يدك

ثرثرة حنين 28-01-18 02:08 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
روايه ممتعه
منتهى تحزن مستكثره على نفسها اقل اهتمام شكل طليقها كان يعذبها واتوقع ابو كادي كان زواجه منها شكلي وماقرب منها ابد
بدليل فزعها من لمسة شاهين وابو البنات ماكان يعاملها بقسوه معناته خوفها راسب من رواسب زواجها الوحيد الي كان حقيقي وواضح انه كان زواج ماساوي ولان ابو كادي ماعاملها
كزوجه حقيقيه مازالت اثار ذاك الزواج عالقه في نفسها
منتظرين شاهين يغسل روحها من عاذابات الماضي

د ا ن ة 28-01-18 06:32 PM

😍😍😍شاهين 🤗 منتهى 😍😍😍

أبها 29-01-18 04:23 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
لا حول ولاقوة إلا بالله ...
نايف مدري نواف حسبي الله عليك 😳
أكيد أكيد كنت تعذب المسكينة منتهى ،، ضامن ما وراها سند
يوقف لك بالمرصاد ..
أكره هالنوعية من الرجال اللي يستقوون على حريمهم ..😡
نسوا و غفلوا إن فوقهم من هو أقوى منهم .. و أن الظلم ظلمات يوم
القيامة ..
علشان چذي هو كان مستميت يلقاها ،،حس بعد فوات الأوان
إنه ظلمها و يبي يستسمح منها .
بإذن الله يا منتهى إن شاهين بيكون مفتاح باب السعادة
و اللي راح يعوضك عن أيام البؤس .🍃🍃

شكرا ألفيورا .🌸

الفيورا 03-02-18 10:15 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أهلا أهلا.. كيف أحوالكم؟ آسفة تعبتكم معاي، وصحيح إني مو حرة من المشاغل لسى، بس على الأقل صار عندي وقت أتنفس

هذول بارتين لعيونكم، وإن شاء الله، إن شاء الله، بنرجع لجدولنا السابق باختلاف بسيط، يعني يوم إيه يوم لا. موعدنا الاثنين إن شاء الله :)

الثالثة والعشرون

=
=
=

كانت عائدة من أحد الزيارات لأم عبد الرحمن عندما مرت بصالة البيت الرئيسي، لترى أبو نادر في خضم إنهاء محادثة مع أخته، وأخته تنهض تنوي الخروج والوجوم مرتسم في ملامحها. لكن لحظة رؤيتها لمنتهى توقفت خطواتها، تحدق بها للحظة قبل أن تلتفت إلى أخيها قائلة: "أنا واثقة إن أسيل بتداريك وما بتلقى أحسن منها. لا تروح من يدك.."

أكملت منتهى طريقها إلى جناح أبو نادر، موقنة أن أم كادي تقصدت أن تسمع كل كلمة.

حال دخولها الجناح رأت صينية شاي موضوعة لها، كما أصبحت العادة منذ إصرار الخدم أخذ المهمة عن عاتقها في تلك المرة الأولى التي حاولت. اتجهت إليها لا تستطيع مقاومة حبها الأزلي مهما تعددت نكهاته وطرق صنعه. وكان بعد بضع لحظات من سكبها فنجانا أن دخل أبو نادر والضيق باد في ملامحه، يجلس مقابلها ولسان حاله يحكي عن كلام كثير.

مرت لحظات طوال قبل أن يسألها بخليط من العجب والضيق، الاستغراب والغيظ: "ما بتقولي شي؟"

ارتشفت رشفة، تضع فنجانها على الطاولة بعدها قبل أن تجيبه: "وش أقول؟ توقعت بيصير كذا.." استطردت تبتسم بسخرية: "بس ذي بتكون أول مرة تنحط علي ضرة."

لم تشعر إلا وهو يقف ليظللها بجسده، يتناول ذقنها بخفة بين أنامله ليجعلها تواجهه بالنظر. همس: "وش قلت عن طاري اللي قبل..؟"

وربما كان سيصيبها التوتر والتوجس من نبرة صوته لولا انشغال بالها بقربه الشديد منها. قربه الذي رحمها منه عندما ابتعد في وقوفه عنها، يشير إلى بضعة أكياس مكومة جانب الأريكة التي تنام عليها لم تلحظ وجودها حتى هذه اللحظة: "بما إنك بلغتي رفضك للمار تنزلي السوق معها وتتقضون لعرس ترانيم، اخترت لك على ذوقي. خذي اللي ينفعك منهم.." قال قبل أن تفكر بالإعتراض: "ما بغصبك تروحين لكل مناسبة، بس مثل هذي حضورك متوقع ومطلوب فيها. أتمنى ما تخذليني."

فكرت منتهى بأسئلة لمار عن قياساتها وما تفضل لبسه والكاتالوجات العديدة التي أرتها، وفي سبيل الحصول على أجوبة وعدتها أنها لن تشتري شيئا لها، أنها كانت تشفي فضولها وحسب. لم تظن أنها ستدبر مكيدة كهذه، تعمل لدى رأس أكبر.

سألته مستغربة منه، بكلمة تحمل كل مرادفات استغرابها: "ليه..؟"

ليجيب وهو يأخذ فنجانها من على الطاولة، يتجه إلى مكتبه لليلة أخرى يقضيها بين أوراق عمله.. وغريب كيف فهم كل ما قصدته: "لو حسبتي إني تزوجتك وفي نيتي أتزوج عليك، أو إني تزوجتك عشان أخليك في الدس، فآسف، قبلتي في الرجال الغلط."

=
=
=

كل ما اشتراه أبو نادر استوفى شروطها، تستطيع ارتدائه بارتياح، وبتصاميم رائعة في فخامتها حكت عن فرادة ذوقه. لم ينس شيئا، وكل فستان رافقته مكملاته من حلي وأحذية وحقائب.

لأول مرة، احتارت منتهى أي لباس سترتديه.

=
=
=

كان شاهين ساهرا في مكتبه غارق بين أوراقه عندما سمع خطا هادئة تعلمه بدخول شخص، ليرى أن ذلك الشخص لم يكن سوى منتهى تقف على عتبة الباب، تتفحص بنظرة غرفة مكتبه.

أجابت سؤاله الصامت عندما التقت نظراتهما: "وعدتني أسألك اللي أبي.."

منذ إعطائه الإذن بالسؤال عما تريد وشاهين يترقب مباغتتها إياه بسؤال دون أن يأتي، ليأتي الآن وهو لا يتوقع: "متذكر."

سألته عندها دون مقدمات: "متأكد طليقتك كانت ورى قضية الاختلاس اللي صارت قبل كم سنة؟"

(موب أنا! والله ما سويتها شاهين صدقني! فيه أحد.. إيه مافي غيرها.. أكيد هذي من عمايل خالتي..!)

ما زال انفجار نسيم الهيستري يخطر في باله لهذا اليوم.

كانت قضية واضحة ظاهريا: مديرة القسم النسائي في الفرع الرئيسي لبنوك الجبر قامت بعملية اختلاس، وعندما تم القبض عليها اتهمت نسيم بكونها العقل المدبر وشريكتها في الجرم.

اكتسى صوته الصقيع عندما سأل: "من وين عرفتي؟"

أجابته: "أبو كادي الله يرحمه كان محامي ذيك القضية، وملفها كان في مكتبه مع باقي القضايا اللي تولاها وتركها بعد وفاته.." أردفت كأنها لا ترى الارتياب يكتسح نظرته: "كنت أرتب في ملفات مكتبه عشان أعطيها لشركاءه في مكتب المحاماة لما صادفت ملف القضية ذيك. أعترف إن ما كان عندي عذر لقرايتها غير إن اسم العائلة شدني.. والملل."

تشدق بتهكم: "ما دامك صريحة زي كذا، وش هدفك من سؤالك؟"

بكل صراحة، لا، لا يظن أن نسيم كان لها علاقة بقضية الاختلاس تلك، وذلك كان ما جعله يرفع التهمة عنها ويعوض المال المُختلس بماله الخاص. لكن وفي نفس الوقت، كان موقنا أن نسيم كان لها علاقة بشيء والقضية كانت مجرد انفجار نتائجه، وذلك كان سببا مهما من أسباب طلاقه منها، وبداية شكه في أم عبد الرحمن في أمور كثيرة لا يزال بلا دليل يقوده لها.

لكنه لن يقول ما يفكر فيه لمنتهى وهو لا يعرف أي محل تقف ملتزمة به.

قالت كأنها أخذت قبسا من أفكاره: "ما أظن طليقتك اللي سوتها.. كان فيه شخص ثاني ورا اللي صار.."

رفع حاجبا بتفاجؤ: "ومين برأيك كان ورا العملية؟"

ردت عليه: "أم عبد الرحمن، ما عندي أحد في البال غيرها. هي اللي دبرت العملية وهي اللي ورطت طليقتك فيها.."

لا يظن أنه قابل شخصا يأخذ أم عبد الرحمن بالريبة، غير مخدوع بعذوبتها وسماحة ملامحها، ربما سوى ابنها بشكل جزئي. أيام قلة زارتها وهذه المرأة تشتبه بها في أمر ظل مشككا فيه لوحده: "هذا استنتاج، بس عندك دليل..؟"

هزت رأسها بـلا: "مجرد حدس، صدف تتراكم وتصير أنماط.. بس بلقى الدليل."

لم يستطع إلا أن يسأل: "ووش بتستفيدين من ذا كله؟"

هزت كتفا بلا مبالاة: "تسلية، رد جميل.. خذ اللي تبغاه سبب.."

راقبها تذهب إلى أن اختفى وقع خطواتها من مدار سمعه، وحتى بعد ذلك لم يعد يستطيع توجيه فكره إلى عمله، ليس وباله مشغول بها، بما عاثته في حياته من غموض وفضول وترقب.

لو فكرت زوجة عمه المرحوم في استغلال منتهى، فحقا لا تدري أي نوع من النساء كانت تتعامل.

ربما آن الأوان لينقلب السحر على الساحر..

=
=
=

#طليقتك تزوجت للمرة الثالثة..

منذ أيام وهذا الرقم يرسل لنواف طلاسم كرسائل، كلمات تُعلم أن في جعبة مرسلها الكثير..

كانت هذه أوضح رسالة تُرسل إليه.. وكانت كفيلة في جعل نواف كتلة من الغضب الساحق، ليتلقى غضبه عدم تجاوب من مرسل الرسالة، وكالعادة، فلم يكن لحامد جواب يشفيه، فقط يزيده غضبا: "أبركها من ساعة، لأول مرة فرحتني..عسى يكون رجالها كفو.."

"ما يكفيك بعدك عني.. اللحين تتزوجين؟!"

هل كانت مصرة على حرمه كل الفرص لوصلها؟ هل بسبب أخطاء الماضي ستمنعه من احتمالية مستقبل معها؟

هو نادم، هو لائم لنفسه، وهو عليل بها وهي ترفض إعطائه الدواء.

ما زال يذكر صدفة ارتباطه بها، نصح أحد أصدقائه في الزواج بأخرى لتعليم رؤى درسا، وتدبير ذاك الصديق زواجا من ابنة أخ زوجته.

(صدقني ما راح تلاقي مثلها.. صغيرة وما وراها أحد، منبوذة في العايلة..)

مرشحة مثالية، على رأي ذاك الصديق.

هو حقا لم يكن في خاطره الزواج، ليس وقلبه قد احتلته وامتهنته رؤى. لكن ربما من شأن قراره الجامح قلب وضعه.

رأيه ذاك كان قبل لقياها، لقيا منتهى..

كانت العكس في كل شيء توقعه، متمردة رغم هدوئها، صريحة رغم غموضها، وأبدا، أبدا لم تخضع لكونها مجرد أداة لتعليم درس لأخرى، حتى أضحت نظرة الكره لا ترحل من عيونها، حتى أصبحت أولوية له.

يكاد يجن من فكرة وجود غريم أيا كان، فكيف بمعرفته أنها تزوجت مرتين بعده؟!

=
=
=

تساءلت منتهى بفضول اعترفت أنه أتى من قلق، ما سبب كابوس أبو نادر المستمر؟

تعرف أنه لا يريد أن يجيب عن السؤال، ولا يريد أن يشهد صراعه ذاك أحد. لكنها لا تستطيع تركه إذا سمعت علائم مألوفة منه، ولمرة أخرى اختارت أن توقظه، لتحس به يسحبها إليه لحظة وضعها يدا على كتفه، حتى أصبحت مستلقية ذاهلة جانبه، يحتضنها بقوة كأنه يريد التشبث بشيء، أو ربما الاحساس بشخص قربه، كاستغاثة، كاستنجاد.

أدركت لحظتها أنه ما زال يحلم.

قرأت عليه بخفوت حتى بدأ يستكين، لكنه لم يفلتها، ولم تعد تعرف هل ما زال نائما أم أنه قد استيقظ.

نادته: "أبو نادر..؟ أبو نادر إنت بخير..؟" حاولت مرة أخرى، ربما سيستجيب هذه المرة لاسمه: "شاهين.. شاهين، خلني أروح.."

تجمدت أوصالها عندما أصبح احتضانه لها أكثر حميمية، عندما أحست بلهيب أنفاسه يحرق جانب رقبتها. وكأنه أحس بالذعر الذي ضخه قلبها، أفلتها، ولم تضيع منتهى وقتا في النهوض عن السرير والتراجع إلى منطقة أكثر أمانا.

شدت على ساعدها الأيسر بيد ترتجف وذهن أثقلته ذكريات تهل دون رحمة.

لحسن حظها، لم يبدو على أبو نادر تذكر ما حدث في الصباح.

انتهى البارت..~

الفيورا 03-02-18 10:16 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الرابعة والعشرون

=
=
=

سألها عبد العزيز بنبرة شابها التذمر والخيبة وهو يقود سيارته متجها بها إلى بيت خالتها غادة: "وش معنى تتجهزين في بيت خالتك؟ ليه ما تتجهزين في الشقة وتروحي للقاعة على طول؟"

أجابته كادي مبتسمة وراء نقابها: "خالتي أصرت علينا نتجهز في بيتها." أردفت تطمئنه: "مصيرك بتشوف الصورة النهائية بعدين.."

ليزفر بسخط طريف: "قلتلك ما أعرف للصبر.."

وعند وصولها رأت بيت خالتها في حالة مستمرة من الحركة، وأخصائيات مشغل أسيل يعملن كالنحلات بين النسوة. تعرفت على أقارب ترانيم من أبيها وبضع من صديقات خالتها وترانيم المقربات بينهن.

رأت لمار قد انتهت من تجهزها وزينتها التي كانت كعادتها بسيطة، ترتدي فستانا ناعما بلون السماء، بخليط من الشيفون والستان وأكمامه للمرافق. كانت جالسة في زاوية تحاول جاهدة دفع النوم عنها بإشغال نفسها في جوالها. ضربتها كادي بخفة، تقول بشيء من التسلية والتوبيخ: "مو أنا قلتلك لا تسهري على البحث ووراك عرس ترانيم تحضرينه؟"

تثاءبت لمار قبل أن ترد: "ياختي وش أسوي خلوني مسؤولة مجموعتي.." أكملت بدرامية: "لا يمكن أن أخذل رعيتي..!"

لم تكن كادي منبهرة أبدا بردها، بل أشفقت عليها عندما رأت لمار تكاد تستغرق في النوم جالسة قبل أن تنتبه لنفسها وتصحو لتعيد الكرة مرة أخرى: "لساتنا أنا وأمي ما اشتغلوا علينا، فبيمديك تاخذين لك غفوة على بال ما نخلص.." لم يبدو ذاك الاقتناع على ملامح لمار، لتردف: "دوريلك غرفة فاضية ونامي فيها أحسن لك، ولا تبغين تطيحين علينا نايمة في القاعة؟"

هذا ما أقنع أختها أخيرا، لتتجه إلى ابنة خالتهما الصغيرة سمية وتسألها أي من الغرف كانت شاغرة. لم تسنح لكادي الفرصة في معرفة أي من الغرف انتهى المطاف بلمار، فنداء أخصائية لها شتت انتباهها.

=
=
=

سأل جلال سيف في مجلس الرجال الخارجي قبل ذهابهم للقاعة: "تعرف وين ودت سمية جوالي؟"

صمت سيف لحظات مفكرا قبل أن يهز كتفا، يجيب بكل بساطة: "مدري."

زفر جلال بغيظ: "طيب روح جيبه يلا."

تحلطم سيف كرجل مسن وهو يمتثل لأمره، ليرجع خالي الوفاض لأن سمية نسيت أين وضعت جواله في معمعة البيت، ليتحلطم جلال بدوره: "يضيعون جوالي وأنا اللي أدوره، حالة والله..!"

أخذ طريقا آخر يبعده عن المجلس والصالة المحتلان وإلى الغرف الخاصة، متحققا مسبقا مع سمية التي أكدت له عدم وجود ضيوف في أي من غرف نومهم.

بدأ بغرفته بلا جدوى قبل أن يتجه إلى غرفة سمية، ليجد جواله موضوعا على طاولة التسريحة موصول بالشاحن. تنهد من طبيعة أخته الصغيرة وكثرة نسيانها: "عمرها خمس طعش وتنسى كأنها في السبعين.."

على الأقل تذكرت إعادة شحن جواله.

عندها سمع صوت أنثى يأمره بفزع: "لا تلف! خليك مكانك لا تتحرك!"

"ما في أحد جوا، هاه يا سمية؟ حسابي معاك بعدين!"

كان سيطمئنها ويقول أنه سيذهب دون الالتفات لها لولا توقفه لحظة ليبدر لفكره إدراك..

ألم يكن هذا الصوت مألوفا؟

وقبل أن ينطق باسم صاحبة الصوت، سمع الباب يُفتح وتلقائيا دون تحكم منه رفع نظره إلى مرآة التسريحة، ليرى ظهر من تأكد أنها لمار المبتعد، تصيبه بحمى السماوي الرقيق الذي كانت ترتديه. وعندما تبع أثرها غريزيا، أصابه الإحباط لرؤية أنها اختفت.

أتى صوت سمية اللاهث خلفه يوقظه من سرحانه: "يوه، نسيت إن بنت خالتي لمار نايمة في غرفتي!"

في ظروف أخرى، ربما كان جلال ليرد بحنق: "بدري!" لكن حمى السماوي ما زالت تدير رأسه. لذا لم يتفوه بكلمة يتراجع بحسرة للخارج، لا يلاحظ نظرات سمية المستغربة منه.

=
=
=

رفعت كادي حاجبا عندما رجعت محمرة لاهثة: "مسرع ما رجعتي، اكتفيتي من النوم؟"

ردت لمار بتوتر: "إيه.."

أي نوم تلقاه بعد فزعها ذاك؟ كانت في خضم استسلامها للنعاس على سرير سمية عندما سمعت الباب يُفتح ودخول شخص. لم تعر الأمر اهتماما في بادئ الأمر، ظانة أن الداخل كانت إما سمية أو كادي.. لكن تبين أن ظنونها كانت خاطئة، والداخل كان رجلا.

قفزت لمار هلعا عندما سمعته يكلم نفسه، لتأمره بالالتزام محله حتى تخرج، تكتب معلقات في ذهنها عن ندمها لاستماع نصح كادي وأخذ رأي سمية في النوم في غرفتها.

على الأقل، تجربتها هذه نزعت النعاس منها انتزاعا، وجعلتها يقظة متنبهة لآخر درجة.

ضحكت سمية بتوتر عندما صادفتها: "والله نسيت إنك كنتي فغرفتي. ما تذكرت إلا بعد ما كلمت جلال..!"

الذي دخل الغرفة كان جلال؟

تناست الأمر، تحمد الله أن الذي دخل لم يكن إلا من ارتبطت به، وزودت صوتها بحزم نادر منها تنبه سمية: "ما عليه حصل خير، بس ثاني مرة انتبهي. لا تودي الناس بداهية بسبة نسيانك..!"

=
=
=

عندما اتصلت منال بها طالبة خدمات مشغلها من أجل عرس ابنة أختها، توقعت أن تلقى زوجة شاهين الجديدة أثناء التحضيرات، ليأتي اليوم الموعود وتصيبها خيبة غيورة من معرفتها أن شاهين سيوصلها للقاعة مباشرة.

كانت من أروع الحفلات التي حضرتها، حفلة زفاف ترانيم. لكنها لم تستطع الاستمتاع بها وهي تترقب رؤية من كانت السبب الأول في حضورها.

سمعت ابنة منال الصغرى لمار تهتف لنفسها لمرآى امرأة تمشي مقتربة: "للحظة حسبت إنها ما راح تجي.."

لا تذكر رؤية امرأة مثل هذه في أي تجمع حضرته، ولابد أن الكثيرات شاركن رأيها، فقد كانت الأنظار الفضولية متجهة نحوها، والهمسات المثرثرة تصدح في إثرها.

لا عجب، فهذه المرأة كانت ملفتة في جمالها الذي لا يحتاج لأي زينة ليبرز، ولا أي مبالغات في تصفيف الشعر. كانت ترتدي فستانا مخمليا أنيقا طويل الأكمام، ذا لون بنفسجي داكن يلمع فاتحا في الثنايا التي انعكس الضوء عليها. أكملت طلتها بأقراط ذهبية تتدلى من أذنيها، وحقيبة صغيرة بنفس لون فستانها بين يديها.

تقدمت إلى لمار تسلم عليها، تسألها عن مكان جلوسها، لترشدها لمار إلى طاولة قريبة كانت أم عبد الرحمن تجلس عندها.

حرك الفضول المتوجس أسيل لتسأل لمار حال رحيل المرأة عن نطاق السمع: "مين هذي؟ ما أظن إني شفتها قبل.."

لتجيبها لمار، تخطو مبتعدة عنها لاستدعاء أمها لها، لا ترى وقع إجابتها في أسيل: "هذي زوجة خالي شاهين."

=
=
=

لأول حفل تحضره، كانت منتهى تشعر بالضجر. أهكذا كانت الأعراس عادة؟ بهذه الضجة والمعمعة؟ إذا كان الوضع كذلك، فلم يفتها شيء.

تكفلت أم عبد الرحمن بتعريفها إلى الحاضرات والصلات التي تجمعهم، وعلى الرغم من تحفظها تجاهها، فإن منتهى قدرت لها مساعدتها هذه على الأقل.

لفتت أم عبد الرحمن نظرها إلى امرأة مرت جانبهم، تلقي بنظرة مثقلة بالمعاني لها، نظرة رأتها في أم كادي قبل سنين، قبل أن تكمل سيرها: "هذي أسيل، بنت صاحبة منال." ابتسمت لها بمواساة، تردف بشيء من التردد: "من بعد طلاق شاهين الأول ومنال تحاول تجمعها فيه، وما أظن وقفت محاولاتها، صح..؟"

(أنا واثقة إن أسيل بتداريك وما بتلقى أحسن منها. لا تروح من يدك..)

إذا هذه أسيل..

لم تجبها، تخمن أن أم عبد الرحمن تريد إشعال شعلة اعتمادا على ردة فعلها، لذا قررت ألا تعطيها شيئا، تشغل نفسها بحلوى لم تستسغ طعمها.

وكان عندما انزعجت من الضجة بشكل مفرط أن قالت أنها ستذهب لدورة المياه، التي تبين أنها كانت أكثر الأماكن هدوءا في هذه القاعة، خصوصا عندما تم إعلان قرب الزفة.

لكن.. لم تمضي دقيقة إلا وتم قطع عزلتها، وكانت معرفة من كانت الدخيلة مفاجأة.

أسيل.

لم تتأخر في إعلان سبب لحاقها الواضح بها: "بصراحة، لساتني مانيب مصدقة إن شاهين سواها وتزوجك. مانيب مصدقة إن فيه ناس عديمين إحساس مثلك..! كيف ترضي تتزوجين واحد كنتي ضرة أخته؟ لا، وبعد العدة على طول. ليه، ما صدقتي خبر؟"

كانت ابتسامة منتهى لاذعة عندما ردت، ترفع حاجبا بتحدي: "وبصفتك مين تتكلمين عن زوجي كذا؟" أكملت عندما لاحظت تلعثم الأخرى بسبب ردها: "راح أغض النظر عن كل اللي قلتيه، بس ثاني مرة لا تحشري نفسك في أمور ما تخصك."

تركتها دون إزعاج نفسها بسماع ردها.

=
=
=

غريب، كيف كان من المفترض أن تكون زوجة شاهين مكسورة الجناح، ضعيفة سهلة التسيير، لتواجه صعوبة في معرفة إذا كانت تنجح أم لا.

تذكر استخدام أسيل كحافز مع ابنة أختها نسيم، تثير غيرتها عندما لم تكن منال تعتبر أسيل مرشحة لأخيها حتى. هاجس زواج شاهين عليها دفع نسيم لحدود الجنون.

والآن، عندما كان لأسيل الأفضلية في كل شيء، فإنها لم تتبين من منتهى شيء، ولا تظن أنها ستفعل. بدأت تستسلم معها بحق.

لمحت عندها أسيل خارجة تلقي بنظرات تتطاير حقدا لمنتهى، وابتسمت.

ربما سيكون عليها قلب موازين اللعبة، وتغيير من ستستخدمهم كبيادق.

=
=
=

نبه شاهين جلال، يلحظه يرشق زوج ترانيم بنظرات حادة كان الآخر غافلا عنها وهو يتلقى التبريكات والتهاني من الحاضرين: "لا تذبح الرجال بنظراتك."

رد بحمية أخ على أخته: "أعرف ترانيم ويباس راسها، لساتني مانيب مصدق إنها وافقت عليه بالساهل كذا."

كم ذكره بنفسه.. لكن على الأقل كان جلال أكثر ضبطا لنفسه منه في صغره، فقد كاد يتسبب في كارثة في حفل زفاف منال لولا تدخل وتوبيخ أبيه الشديد له. تنهد: "سألت عنه وما لقيت إلا الكلام الزين. إنت بس ادعي ربك يوفق أختك وبلاها رمي السهام ذا. روح قم بالمعازيم مع أبوك أبرك لك."

من الفرحة البادية في زوج أخته سامر، بدا كأنه هو العريس. أكان مطمئنا للوليد إلى هذه الدرجة؟

زفر جلال بضيق، لكنه سرعان ما بدا كأنه أدرك شيئا، يسأله على توجس: "خالي.. متى قلت بتكون حفلة زواجي؟"

أجابه شاهين وابتسامة تسلية تبدأ في الارتسام على شفتيه: "بعد ما تتخرج لمار."

ليسأله جلال مرة أخرى، بإصرار جعل من إجابته مصيرية: "ومتى تخرجها؟"

"أثاري الولد رايح في خرايطها.." رد ببرود: "توها بادية في السمستر قبل الأخير، فيمكن ست لسبع شهور."

بدت الصدمة واضحة على وجه جلال: "تمزح صح؟"

مثل شاهين اللامبالاة وهو يريد أن يضحك: "تحقق إذا مو مصدقني."

في بادئ الأمر كان شاهين يريد تلقين ابن أخته درسا وجعله يتقبل زواجه بلمار بعيدا عن غروره، فلا يريده أن يُشعر لمار أنه يتفضل عليها. لم يظنه سيتعلق بها إلى هذه الدرجة، لكن يبدو أن قلب جلال كان أكثر طراوة من المتوقع.

لو لم يسليه رؤيته يتخبط بين كبريائه الذي يمنعه من الاستسلام وشغفه الجديد، ربما كان شاهين ليرحمه.

=
=
=

لم يدر الوليد بما يشعر، الترقب أم التوتر أم الفضول؟

هاهي ليلة زواجه، من إنسانة لا يعرف أي تفصيل عنها، ولا حتى هيئتها.

لكن لا يهم، فهو مرتاح في خطوه خطوته هذه. سيناسب خاله سامر وسيكون في شقته صوت غير صدى الوحدة. لا تهمه هيئة عروسه فهو متقبل لها في كل حال، قد قطع عهدا على نفسه بألا يصلها ضيم منه، ألا يكون تكرارا لظلم أبيه لأمه.

لكنه تفاجأ عند رؤية عروسه أخيرا.

من صفاء بشرتها الذي أبرزه فستان زفافها اللؤلؤي، من شعرها النبيذي المصبوغ المموج بأناقة، من ملامحها البهية في حسنها، إلى روعة لمعة عيونها البنية.. بدت كأميرة في أحد الحكايا، ولم يصدق حظه.

لكن، أكان يخيل له، أم أنه رأى لمحة من الحزن في عيونها؟

=
=
=

مهما حاولت التناسي، فإن ترانيم لم تستطع مشاركة فرحة الناس بها، فشعور بالغبن يسيرها، وغصة دام دفعها بعيدا أمام الناس ليوم بدا كدهر، لينتهي بهدوء جناح الفندق الذي حُجز لهذه الليلة.

جالسة جانب من ظفر بها عنوة بعد تبديل ملابسها لأخرى أكثر راحة وصلاتهما، وجدت ترانيم الخجل يخالط عواصف أفكارها، فما زالت شابة لم يختلي بها مكان قط مع رجل.

لاحظته يحدق بها بطرف عينها، لتتوتر أكثر. ما خطبه؟

وكأنه أحس بمسار أفكارها، قال: "معليش بس ما توقعت إنك حلوة كذا. أحس إن صار فيه غلط وبياخذوك مني."

فاجأتها، عفوية غزله وأريحية ابتسامته. تعترف بمضض أنها أُعجبت بملامحه، وسيم بطريقة لم تجد لها وصفا سوى شقية.

رغما عنها أرضى كلامه غرورها كأنثى، خصوصا عندما أردف لنفسه وابتسامته تتسع لرؤيتها تنظر إليه مباشرة للحظة: "الله أنعم عليك يا الوليد.."

صدح عندها صوت جوال لم يكن لها بإصرار، ليلتقطه ويقطب حاجبيه لرؤية المتصل، يعتذر منها ليخطو خارج غرفة النوم وإلى مجلس الجناح. وكان بعد فترة ضجرت من البقاء لوحدها أن اقتربت من باب غرفة النوم المفتوح وسمعت مقتطفات من حديثه على جواله. مستنتجة أنه كان يحاول إقناع شخص في أخذ مكانه لعمل ما دون فائدة.

قضت ليلتها هكذا، ما بين جلوسها على السرير والاستماع لتقدم الوليد في مهمة إقناعه الغريبة تلك.. لكن في آخر مرة لم تسمع منه شيئا، وخطت خارجة لتراه قد استغرق في النوم.. جالسا.

"وأنا اللي كنت متعجبة من بنت خالتي ونوماتها، يجيني هذا اللي يقدر ينام جالس!"

شعرت بالغيظ الكاسح. حتى لو كانت مجبرة، فلا يرضيها أبدا أن يتم تجاهلها هكذا!

انتهى البارت..~

inay 04-02-18 12:40 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
ابدعتي سلمت يمناك
منتهى لازلت مصرة على انها ستختبر شعور وجود ضرة عليها لكن كيف لا اعلم .. لعل ام عبد الرحمان ستحول انظارها لاسيل الان و ستستعمل نواف لتخريب علاقة شاهين و منتهى
ما يعجبني بشدة هو تحرك مشاعرهما بروية
فعلا سيجد كل في الاخر مسكنا لاوجاعه

شكرا اختي و دمتي بحفظ الله

د ا ن ة 04-02-18 12:41 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ياغموضك يامنتهى ...

وش السر وراء طلاق شاهين وزوجته الاولى وكمان الكوابيس الغريبة !!


اثاري ام عبدالرحمن مو هينة قدرت توصل للشركة وكمان اختلاسات 😡


جلال و لمار فاكهة الرواية 😍


الحمدلله رجعنا للنظام الأولي 😎 بشري كيف اختباراتك

كل ما للفصول تحلو اكثر واكثر سلمت اناملك 💕

امال العيد 05-02-18 08:26 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يعطيك العافية الفيورا بارتات جميلة


والله مقهورة كتبت تعليقي وطار 🙁😤😤😤😤😭

يمه يام عبدالرحمن تقهر ولازال تخطيطها أكبر بعد حسبي الله مدري وش رواها م يكفيها سواتها في شاهين وزوجته الاولى مدري وش هدفها تبي تفرق منتهى عنه يعني تبيه بدون لا زوجه ولا طفل يعني تهدم حياته صح

م يطمن قلبي أن منتهى عاقله وأنه عارفه أم عبدالرحمن واسيل لكن أحيانا العقل يطير والله يستر من الجاي هي حياتها معه مش ولابد كيف لو تدخلوا ناس

الوليد اخخخخ م جاك النوم إلا في هالليله عاد تحمست اعرف سر المكالمه اللي م قدر ياجلها ولأني ناسيه ايش يشتغل فمدري تخص ايش هالمكالمه والله يعينه ع ترانيم كان يتمنى أن توافق عليه بقناعه لكن م دراء عن الحقيقة

جلال والله زين م يسوي فيك شاهين عشان اذا أخذت لامار تعرف تقدرها م تغتر عليها

انتظر جديدك الفيورا 💜

الفيورا 05-02-18 05:48 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عدنا مع بارت آخر :)

الخامسة والعشرون

=
=
=

هناك من كان يوقظها مناديا باسمها، وعندما فتحت ترانيم عيونها لترى من كان، وجدت أنه الوليد.. زوجها.

كان يبتسم لها بإشراق: "يلا يالكسولة اصحي، الفجر أذن."

قطبت ترانيم حاجبيها، لا تعرف كيف بإمكان شخص أن يكون بهذا النشاط في هذا الوقت المبكر. نهضت دون حديث، وكادت تتعثر في مشيها إلى دورة مياه الجناح لولا إمساكه المثبت لها، يسمي عليها بقلق قبل أن يقول: "شوي شوي، لا تكسري روحك على هالبلاط!"

شعرت ترانيم بالحرج يكتسحها وهي تكمل مسيرتها بصمت، فأبدا لم ترد إظهار هذا الجانب من نفسها أمامه. قلة اقتصروا على عائلتها وصديقتها زينب كان لديهم العلم بحقيقتها وراء واجهتها المصقولة، المدروسة الحركات. فعادة، خصوصا عندما تستيقظ من النوم، كانت خرقاء الحركة، كثيرة التعثر والسقوط. تذكر مرة أحضرتها أمها فيها للطبيب لفحصها في صغرها، ليقول أنه لم يكن لديها أي مشاكل في التوازن. كانت هكذا وحسب.

وكان بعد الصلاة أن أجلسها الوليد جانبه، باديا عليه الأسى: "تتذكرين الاتصال اللي جاني أمس؟" عندما أومأت بنعم، أكمل: "هذاك كان رئيسي. اتصل عشان يقولي إن الطيار اللي كان مفروض يكون بدالي لشهر صار له ظرف طارئ. كنت أحاول فيه يدور أحد ثاني بس ما كان فيه فايدة، الكل سبحان الله ما كان عندهم فرصة.. باختصار، ما نقدر نسافر."

ربما في ظروف أخرى وفي زواج من رضاها، ربما كان لينتابها الاستياء جراء خبر كهذا، لكنها لم تستطع الشعور بشيء الآن.

يبدو أن الوليد قد أخذ صمتها كعلامة إحباط، ليحاول مراضاتها بتبسم معتذر: "صدقيني كان ودي أسافر بك بلدان مو بس بلد واحد."

ردت تعنيها، فلم ترد أصلا تعب السفر لشهر عسل: "لا تشيل هم.."

لتعود تلك الابتسامة المشرقة إليه، ضاما لها يقبل جبينها بعرفان: "يسلم لسانك حبيبتي، وأوعدك بالعوض إذا الله قدر لي.."

تركها بعدها، يقول أنه سيحضر الإفطار، مفصلا لها أجندة اليوم بعجلة، فبعد الإفطار سيتجهزان للذهاب لبيت أبيها ومن ثم شقته.

=
=
=

تساءل الوليد، هل كان لترانيم مفهوم آخر عن الوقت؟ لأن هذا سيفسر حتما كون "لحظة" بالنسبة إليها ساعة في الواقع.

رغم جوعه، فإنه تحامل على نفسه وانتظرها، لتظهر أخيرا بعد أن بدأ يفكر في الاستسلام، أنيقة ملفتة ساحرة، يجد نفسه يبتسم لمرآها، لواقع دخولها حياته. أخبرها: "كان ودي أعطيك كلمتين على تأخيرك، بس شفتك وضاعت علومي."

وكما لو كان رغما عنها، ابتسمت هي ابتسامة صغيرة حكت عن رضا.

هنالك الكثير الذي يحيره في زوجته، كتحفظها الذي لا يظن أنه أتى من خجل. لكنه لم يكن مستعجلا للمعرفة.

لاحظها تأكل بقضمات ميكروسكوبية وببطء حلزون، ليقول بتشجيع: "كلي كلي، لا تستحين.."

لترد: "أنا أكلي كذا."

ضحك: "لا عاد من جد، كلي على راحتك."

لكنه لم يبدو عليها سوى كل الجدية والصدق عندما قالت: "وهذاني آكل.."

رمش الوليد بعجب قبل أن يهتف: "ول، عندك بطن عصفور ولا وش..؟!"

ظهر عليها الحنق لملاحظته العفوية تلك ليعتذر بضحكة، لطالما قال له أصدقاؤه أن صراحته ستودي به لورطة ويبدو أنهم صدقوا.

غير الموضوع لأي وقت تريد زيارة أهلها، ولحسن الحظ، فإنه بدا عليها تناسي ما قال.

=
=
=

لم تسنح له الفرصة في التعامل مع بكر خاله سامر، جلال. يذكر فقط تبادلهما التحية في وقت ما. وأبدا لا يذكر فعل أي شيء تجاهه يسترعي نظراته الحادة تلك، والتي ازدادت حدة عندما قال الوليد أنه لن يكون بوسعه المضي في خطة شهر العسل السابقة التي تم الاتفاق عليها، فلديه عدة رحلات مجدولة بعد أسبوع.

تكلم خاله سامر باستعجال عندها كأنه يريد منع جلال من قول شيء: "ما عليه يا ولدي، العوض في الجاي."

=
=
=

من جهتها، فإن أمها لم تكن راضية أبدا عن هذا التطور الأخير. قالت بسخط: "يا فشلتي بين الحريم، وش بيقولون اللحين لو عرفوا؟ أقولهم بتروح بنتي البندقية وآخرتها تتم في الرياض؟"

ردت ترانيم عليها بسكون شارد: "كان ما أعلنتي لهم وتجنبتي كلامهم.."

عندها فقط ابتعدت أمها عن التفكير بما سيفكره الناس لتسألها بقلق أمومي تفتقده وبشدة: "وش فيك يا بنتي؟ من فترة وأنا ألاحظك متغيرة.."

تمنت ترانيم وبشدة أن تفصح عن كل ما بها، أن تذرف دموعا تريح بها روحها، لكنها لا تستطيع، وطمأنت أمها بابتسامة مزيفة مجاملة كانت هي أول من علمتها إياها: "ما فيني شي، بس اشتقتلكم.."

ابتسمت أمها بحنان عندها تحضنها، ولو كان بوسعها، لظلت ترانيم مُحاطة بدفء حضنها إلى الأبد.

=
=
=

ردة فعل ترانيم لدخول شقته لأول مرة كانت سؤالها هذا: "ليه شقتك فاضية كذا؟"

كان ذلك سؤالا سمعه من أناس عدة: لم تحتوي شقته الأساسيات البسيطة فقط وهو لديه خير وافر من وظيفته، وشقته كانت قمة في الرقي والحداثة؟

أجاب وهو يجر حقائبهما إلى غرفة النوم: "ما كان له داعي أثث وأنا خارج البلد دوم.." أردف باستظراف، يتوقف لينظر إليها بمعنى: "وفيه بعض الناس ما لقيت فرصة ألاقيهم وأسأل عن رأيهم."

كان سابقا يهرب من وحشة شقته في إغراق نفسه في العمل، حتى فاق زملاءه مكانة ومركزا ومهارة، لكنه وجد نفسه يغبطهم مع ذلك، فبينما كان لديهم عوائل تنتظرهم بفارغ الصبر، لم يكن بانتظار الوليد سوى هذه الشقة الخاوية.

لكن.. لم يعد الوضع كذلك، ليست وهذه الأميرة جانبه: "سمعت من خالي سامر إنك مهندسة ديكور وذوقك توب، فخلاص، بستريح وأمشي على شورك. ولا وش رايك؟"

رأى شعلة من الحياة تنبعث في عيونها، تومئ موافقة ترد بحماس وليد: "عندي شوية أفكار من اللحين.."

=
=
=

كمهندسة ديكور، فإنه لم يكن لديها الحرية التامة في العمل على الديكورات، فلا زال عليها أخذ آراء عملائها بالاعتبار حتى لو تعجبها. لم تستخدم طاقاتها إلا على غرفة نومها، وعندما تطلعت إلى العمل على بيت أبيها كاملا، رفضت أمها ذلك، فذوقهما كان مختلفا تماما. فبينما كانت أمها تميل للفخامة التراثية، كانت ترانيم تفضل عنونة أسلوبها بالشرقي المعاصر.

فكرة أنه كان لديها الحرية التامة في تأثيث شقة بأكملها كانت كفيلة بجعلها تهتز في مكانها حماسا.

قضت هي والوليد أياما ما بين تسوق لأغراض لطلاء الجدران لوضع الأثاث وتوزيعه على الغرف. وفي تلك الأيام لاحظت غرابة تصرفات الوليد، كيف أن الضجر والسأم لم يمرا للحظة على ملامحه، بل كان بغاية الطواعية والمسايرة، يؤكد لها أنه وضع ثقته بها ولن يرجع في كلامه حتى لو لم يفهم ما الذي كانت تهدف إليه أحيانا. بدا، ويا للعجب، سعيدا، ولم تستطع ترانيم أن تفهم لماذا.

وأخيرا، انتهيا من عملهما، وصفر الوليد بإعجاب لرؤية النتيجة النهائية: "مقدر استوعب إن هذي شقتي. صدق من قال إنك مبدعة!"

ابتسمت ترانيم برضا، فخورة جدا بعملها. تستطيع تصنيف هذا المشروع كأنجح واحد تولته: "أدري إنها طالعة روعة، ما يحتاج."

(لكن تأكيده لإعجابه بذوقها أرضاها أكثر.)

أغاظها بتسلية: "خفي علينا من نفش الريش يا الطاووس..!"

وكانت سترد بغيظ من كلماته تلك لولا اسكاته لها بقبلة حكت عن طول انتظار.

=
=
=

استيقظ الوليد ليراها جانبه، واضعة رأسها على صدره وتحتضنه بذراعها، تبدو عليها السكينة التامة وهي مستغرقة في عالم الأحلام، كما أصبحت العادة منذ أول مرة رقد جانبها.

لكن وعلى عكس ما تظنه وتنكر فعله، فإنه لم يكن الذي تسبب في انتهائهما بهذا الوضع، بل هي. بقي مرة مستيقظا ليراها تغير من وضعيتها وتتخذ وضعيتها هذه في نومها.

داعب أعلى كتفها المكشوف فوق الغطاء بأطراف أنامله برقة لا يريد إيقاظها، يفكر بسوء حظه في قطع عمله راحته معها. في هذا الأسبوع تفهم شعور زملائه وتذمرهم من جدول رحلات غير متوقع يبعدهم عن ديارهم لفترة أطول، بدأ يعرف شعور وجود شيء، شخص، يعود لأجله.

=
=
=

دخلت عليه المجلس لتراه يشاهد الأخبار، تقدمها مذيعة مشهورة بجمالها وأناقتها، وكان ذلك سبب سطوع نجمها لدى الرجال خاصة. كم لمحت من صديقة أو زميلة أو إحدى معارفها تقلد طلتها.

مطت شفتيها بامتعاض لتجلس جانبه، وبطبيعتها المحبة للاهتمام تناولت الريموت الموضوع على الطاولة وأطفأت التلفاز.

كان ذلك كفيلا في لفت انتباه زوجها ليقول واهتمامه منصب ناحيتها، كما يجب أن يكون: "جيت الله جابك.. زي ما قلتلك كلفوني برحلات ورا بعض وما لقيت منها مهرب. تبغين تتمي هنا ولا أوديك عند أهلك؟"

أجابته: "عند أهلي.."

ربما سيستغرب أهلها من مكوثها عندهم بهذه السرعة، لكنها ستتعذر بحجة أنهم زوجوها بطيار وعليهم تفهم غيابه. وأيضا، فإن مكوثها عند أهلها أفضل بكثير من البقاء هنا لوحدها.

وكان في ليلتها الأولى عند أهلها أن اكتشفت أنها لا تستطيع الاستغراق في النوم بالسهولة التي كانت تفعل سابقا لسبب ما، تتقلب في استلقائها يمنة ويسرة حتى يداهمها النوم في وقت متأخر من الليل.

وإذا كانت الليلة الأولى صعيبة، فإن الثانية كانت أصعب.

ويا لحظها، ففي اللحظة التي بدأ النعاس يتسلل إلى جفنيها، رن هاتفها بعلو يبعده حد الزوال.

كادت تزمجر عندما ردت: "نعم؟"

ليأتيها صوت الوليد مفعم بحيوية حسدته عليها: "مساء الخير والسعادة لأميرتنا..!"

اعتدلت جالسة، ورجع صوتها إلى طبيعته، بعيد كل البعد عن حدود الزمجرة: "أي مساء؟ الساعة ثلاثة ونص هنا."

رد كأنه يصرف خطأه في التوقيت: "مساء ولا صباح ولا ظهر، المهم اتصلت بالرقم الصح ذي المرة. تخيلي اتصل مشتاق لسموك وانتظر أسمع صوتك اللي يذوب القلب وبدله يجيني صوت رجال يقلع الروح وناوي على شر..! شاشة جوالي في عداد المصابين الله يهداه!"

لم تستطع منع نفسها من الانطلاق ضحكا. لطالما كانت حذرة من الضحك أمام الاخرين لأن ضحكتها كانت أبعد ما يكون عن الرقة والاناقة، بل شبهها جلال مرة بضحكة المشعوذات. لكن مع هذا الرجل كان من المستحيل البقاء صامتة: " الله يهداك إنت، ولا في احد يتصل الساعة ثلاثة ونص في الليل؟"

دافع عن نفسه بإصرار، يتحجج: "قلتلك مشتاق."

ردت: "والمشتاق يتصل بعد يومين؟"

ليسألها بدوره: "هذا عتاب؟"

أدركت ما قالته وكيف بدت كلماتها. نطق هو قبل أن ترد عليه بشيء، والسعادة بادية واضحة في صوته: "والله ما كان عندي وقت، من طيارة لطيارة، ولا من زمان غثيتك باتصالات..!"

تعرف أنه كان صادقا، وهذا الذي جعل الأمر أكثر تعقيدا.

عادت إلى الاستلقاء بعد ما أنهى الوليد اتصاله، تفكر..

لم تكن عمياء.. تستطيع رؤية أن الوليد بدأ يتعلق بها لدرجة كبيرة، لكن مع ذلك لم تستطع تطبيق تلك الخطة التي اقترحتها عليها صديقتها زينب. لا تستطيع التظاهر بحبه ثم البدء في تحطيم قلبه. لا يستحق إنسان لطيف مثل الوليد ذلك.

لا كبرياءها يستطيع نسيان الطريقة التي أُجبرت فيها على هذا الزواج، ولا ضميرها يستطيع القبول بطريقة ترد اعتبارها وإيذاء الوليد كنتيجة.

كانت، وبكل ما في الكلمة من معنى، عالقة.

انتهى البارت..~

ندا المطر 06-02-18 09:17 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أكتب واعيد وأقول .. كتاباتك هادية.. جميلة ..
بصراحة اتمنى تنزلي فصل كل يوم.. فانا ابحث كل يوم عن جديد الرواية
افتقدت لمنتهى بهذا الفصل.. فهي تثير فضولي كثيرا .. وشادية ايضا
علاقة الوليد وترانيم وكأنها بدأت تزداد اواصر العشرة ( وليس المحبة) بينهم ..
بانتظار القادم عزيزتي

coha 06-02-18 12:08 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
خرووووووج من خلف الكواليس

🤗 🤗 🤗

أوافق الغالية نداء المطر الرأي في قلمك المبدع الهادئ وأتمنى أن يكون اللقاء يومي 😊😊😊 إذا كانت ظروفك تسمح

عندي بعض الأفكار الخنفشارية 🤔

بساطة الوليد وتعلقه بمفهوم المشاركة يلي كان يفتقده في حياته سيغير من أفكار ترانيم وبساطته هي العامل الأساسي لأنها في قرارت نفسها تكره مجتمع أمها المخملي


أسيل راح تنجرف خلف أم عبدالرحمن عشان تدخل حياة شاهين وبسهوله حتنكشف مخططات أم عبدالرحمن لمنتهى وبالتالي يسهل عليها الدليل يلي يحتاجه شاهين


إعلان زواج عبدالرحمن من شادية حيكون قريب بسبب حقد عوض وأخواته عليها وممكن أم عبدالرحمن تفقد السيطرة على نفسها وتعمل حركة تنكشف فيها مخططاتها:
ماضي شاهين // مشكلة زوجته الأولى // الرسايل المجهوله لنواف عشان منتهى ( طبعاً أختكم واثقه إنها هي المرسل) 😌

💔💔💔💔 انقطع الإرسال فأفكاري الخنفشارية تعطلت 🙃🙃

دمتم بود 🌹

bluemay 07-02-18 10:39 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


عدنااا بعد غيبوبة طويلة بسبب المرض ،.. يا رب تشفي كل مبتلى من المسلمين.

إلفي انتِ ناوية تقتلينا بكمية هالجمال اللي بتضخيها بحروفك ... !!!

ما شاء الله كتير انبسطت بالتطورات اللي صارت ع الثنائيات ، وخصوصا الشاهين ومنتهى

اما الوليد فشايفته مكتسح الملعب برقته ولطفه،

اكيد رح يدوب جليد ترانيم بحنيته وعطفه..

يسلمو ايديك يا قمر والسموحة ع القصور

العتب عال الانفلونزا الغليظة مو راضية تحل عني T_T

تقبلي مروري وخالص ودي

Maysan 07-02-18 03:08 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باقي لي بارتين واصل عندكم 😁.. لكن في حاجه كذا في قليبي تقرقع هههههه .. تعالي يابنت ياألفي هو انت قاصده بنتي الجميله منتهى صح ههههههه ماتوزعي الشر بالتساوي عندك الصبايا بسم الله ماشاء الله كثر لزوووم يعني بنتي تعاني 😒..

من طفولتها الى زواجها باللي ماتسمى نوافه جعله يدووووم عليل طول حياته .. اللي مااعرف ايش مهبب في البنت وتاركها كذا ميته خوف مالت عليه شبيه الرجال 😡.. الى تزوجيها من العجيز ابو كادي ههههههه والان ام عبد الرحمن يااختي احترمي كبر سنك وشيبات شعرك هالعمر وتخططين ولدك صار طولك وخاطب من وراك وانت يالله من فضلك مفرغه شحناتك السالبه في الفقير ولدي الشاهين وبنتي 😑.. جاتك نيه انت قدرك مو ملحق انت قدرك غرفة فوق السطوح علشان تتأدبين يامال اللي ماني بقايله ..
وانت يابجحه ياأسيله الولد مايبغاك غصب هو والا غصب .. وبكيف حضرتك تقرري تستاهله او لا انت مين اصلا ؟! يا بس شيلي عفشك ويلا من غير مطرود .. واعرسي على اي خاطب يجيك ولا عاد تنشبين لنا اوف ناس وقحه صحيح .. اذا شفتك بس مهبب شيء لولادي مع العجيز اللي فوق لاتشوفي فيسي الثاني 😒.. وقد اعذر من انذر .. قال ايش احبه حبك مانبغاه احتفظي فيه لنفسك وفرزنيه علشان يتجمد وماعاد تحسي فيه .. استغفر الله بس 😁..

الفي ربنا يوفقك ويبارك لك في وقتك وييسر امورك ويفتحها عليك يارب .. ويسعدك ازود مما تسعدينا بقلمك وحروفك ..

الفيورا 07-02-18 11:30 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
على كل تعليق ومرور، شكرا. أفرحتوني من جد بتقبلكم لروايتي، وإن شاء الله يستمر الحال للنهاية :)

السادسة والعشرون

=
=
=

تنهد شاهين بسأم لرؤيته الرقم المتصل به بإصرار..

منذ فترة وإخوة راضي المرحوم يرهقونه وأبيه بالاتصالات والزيارات المهددة مطالبين بلمار لمشروع زواج، فعلى حسب قولهم يكفي زواج كادي من رجل خارج العائلة. لن تتبع لمار نفس المسار.

كان شاهين سيحترم قدرهم ووجهة نظرهم لولا غيابهم الملحوظ في جنازة أخيهم، واستمرار غيابهم حتى عرس كادي، ليرجعوا بعدها للساحة، ربما يريدون اللحاق بفرصتهم الأخيرة المتمثلة بلمار.

زاد ازدرائه معرفة من كانوا يريدون تزويجها به، الابن الأكبر لأحدهم، في أواخر الثلاثينات ومتزوج باثنتين، ولديه سمعة تسبقه في البخل والكسل.

كان رده عليهم أن أعلمهم بكل بساطة عن ملكتها بجلال وكونه الوصي عليها الآن، وإذا كانوا يريدون التناقش في أمرها، فلابد أن يُعلموا جلال به أولا.

أخذوا يهددونه بأوهن الوعيد، مرات بتشويه سمعة، مرات بالقضاء. لم يرد شاهين عليهم سوى باللامبالاة، مما زاد فوران غضبهم ذاك.

"سبحان الله، خلق وفرق.."

حقا لا يدري كيف كان راضي أخا لهم.

=
=
=

من اللحظة التي رأت فيها ترانيم أريج بين الزائرات، توقعت هدفها من زيارتها، خصوصا وهي ترى لمعة الشماتة في عيونها.

وصدقا، لم يمض وقت من جلوسهن حتى قالت أريج بنبرة تشفي: "ياذي الدنيا..! مين كان يتوقع إن ترانيم بتنزل من برجها العاجي وتتزوج، لا وتقعد في بيت أهلها فشهر عسلها وزوجها مسافر لشغله؟! لا تقولي طفشتي الرجال من اللحين؟"

انطلقت الضحكات المجاملة لسؤالها، ولأول مرة، لم تعرف ترانيم بم ترد.

أتت عندها زينب تقول، محورة الموضوع بأسره: "البلا من شغلة زوجها اللي ما تريحه ولا تريح الناس. ذكريني يا ترانيم ما أقبل فطيار لو خطبني. أخاف يصير عنده رحلة فنفس اليوم اللي أولد فيه..!"

هذه المرة كانت الضحكات التي انطلقت أكثر صدقا. وجهت ترانيم ابتسامة عرفان لزينب، لترد زينب عليها بغمزة وهمس..: "لا تشيلي هم.."

في هذه اللحظة أدركت ترانيم تفضيلها زيارات زينب لوحدها دون رفيقات المجتمع، وكيف أن الأسبوع الهادئ البسيط الذي قضته مع الوليد متناسية خلفيتها كان أفضل بمئة مرة من أي اجتماع كهذا.

(وإنتي إلى متى بتصاحبي هالأشكال، معقولة تطيقيهم؟)

ربما آن الأوان لتلقي نصح جلال السابق بالا وترك عالمها هذا خلفها.

=
=
=

ختمت وردها الليلي وقطبت حاجبيها عندما لاحظت تأخر الوقت وكون أبو نادر ما زال في مكتبه.

أيعقل أنه كان ينوي السهر على أشغاله بعد أن سهر البارحة؟ أيريد أن يقود نفسه للإعياء بهذا الجنون؟

وقفت ناهضة، تتجه إلى غرفة مكتبه، لتتجمد أوصالها لرؤيته قد اتخذ وضعية اتخذها أبو كادي عندما اكتشفت قربه لنهايته.

أسرعت في خطاها إليه، يشوب صوتها القلق وهي توقظه، تناديه، لتتنفس الصعداء عندما اعتدل مستيقظا في جلوسه.

حمدا لله، كان نائما وحسب.. يبدو أن جسده كان أرحم عليه من عقله وطبعه.

قالت بصرامة وهي تعقد ذراعيها: "كان رحت نمت على سريرك بدل النومة هنا.."

رد عليها وهو يقوم ممدا أطرافه ليعيد مرونتها: "وإنتي الصادقة.." ليردف بعمق ناعس متوقفا للحظة، ينظر إليها وابتسامة كسولة ترتسم على شفتيه: "بس ما فيه شي يخليني اشتاق للرقاد على سريري.."

أكان يعني..؟

وجدت منتهى حرارة غريبة تعتريها وهي تراه يخطو بعيدا، وشعرت بقلبها يتردد في نبضه بزخم أخرق لم يكن مألوفا لها.

=
=
=

وصل الفيلم الذي كانا يشاهدانه لأكثر لقطاته رعبا، وما زالت كادي تجلس بهدوء جانبه، تتناول حبات الفشار لتأكلها باندماج مأخوذ بالفيلم، لا تظهر عليها أي من بوادر الخوف أو الرغبة في الاحتماء بأحضانه، كما كان يهدف عبد العزيز له.

ألم تكن كادي سهلة الخوف؟ هل أخذ انطباعا خاطئا عنها بطريقة ما؟

لم يستطع إلا أن يسألها، لتجيبه بضحكة رقيقة كانت كفيلة بخلب لبه للحظة قبل أن يتذكر هدفه من السؤال: "ذا النوع من أفلام الرعب اللي مجازر وجرائم ما يخوفني. بس اللي فيها أشباح وبلاوي ثانية تخليني أرتجف فمكاني.. لا تجيبها ولا من جد ببقى ملتصقة فيك وما بشوف الفيلم من الخوف..!"

"وهذا اللي كنت أبغاه!"

أومأ عبد العزيز بفهم، يفكر بخسارته بمراهنته على هذا الفيلم بالذات.

=
=
=

التجهيز لعرس شادية أثبت كونه ذا منفعة عظيمة لها، وأصبحت رفقتها لشادية ومساعدتها مع سالم أمرا شبه يومي.

لكن اليوم كان من الأيام القليلة التي لم تجتمع بها بشادية، وحقا، لم تستطع غالية البقاء دون فعل أي شيء هكذا، لابد من طريقة تمكنها من تعذيب سالم ولي ذراعه حتى يتلحلح من مكانه. إلى متى يريدها أن تنتظره؟!

أتى إلهامها متمثلا بأخيها ربيع يجلس بضجر، لتلتقط جوالها على الفور وتتصل بسالم. لم تنتظر كثيرا قبل أن يرد، تلقائيا دون رؤية المتصل كما كانت عادته، بأريحية تعرف أنه سيفقدها عند معرفته بمن اتصل به: "هلا؟"

مثلت الأريحية في ردها بدورها، رغم دق قلبها بإسراع متلهف والابتسامة التي شقت طريقها لشفتيها: "السلام عليكم سالم، بترجع للديرة متأخر ولا؟"

سمعت تنفسه يتهدج، ومرت لحظات طوال ثقال قبل أن يرد بصوت شبه مخنوق: "تبين شي؟"

"لو مأثرة عليك زي كذا وراك ما تترك هبالك وترجعني يالخبل؟!"

ردت: "ربيعوه هنا غاثني إلا وإلا يبي عشا من ذا الماك."

نظر ربيع لحظتها إليها متعجبا، يبدأ بقول: "بس أنا ما.." قبل أن تُسكته بحركة من يدها.

أردفت تقول: "فلو كان بإلامكان، جيب لنا منه وريحني من حنته."

جوابه خطف أنفاسها: "حاضر يالغالية.."

تعشق الطريقة التي يُفخم سالم فيها اسمها، يعطيه ألقا خاصا بدفء نبرته والمشاعر التي رافقت لفظه لكل حرف. تستطيع سماعه ينطق اسمها للأبد.

ردت بحب: "تسلم، ربي لا يحرمني منك.."

سألها ربيع عندما أقفلت الخط: "ليه تكذبين على سويلم؟"

ضيقت غالية عيونها: "بدل ما تشكر أختك الكبيرة اللي دبرت لك عشا تحبه تحاسبها؟"

ليضيق ربيع بدوره عيونه بشك: "هذا وجهي إذا سويتي الرواية ذيك كلها عشان خاطري. وش ناوية عليه؟"

ضربته غالية بخفة فوق رأسه، ولم يتذمر ربيع أو يصرح بشكوكه بعدها.

=
=
=

عندما أتاه اتصال من خاله يأمره أن يوصل خالته بعد تعطل سيارة السائق عليها في الطريق، ذهب جلال ليفعل ما أمر به، وفي بادئ الأمر، لا ترضى نفسه فكرة أن تظل خالته واقفة في الطريق في حرارة الظهر أو أن تستقل سيارة أجرة وهو كان متواجدا.

شكرته خالته منال فور ركوبها السيارة، ليرد بنخوة: "أفا يا خالة لا تزعليني منك، ماله داعي الشكر هذا واجبي..!"

مر وقت معتبر وهو يتجاذب أطراف الحديث مع خالته عندما رن جوالها، لترد وتسأل: "ها، خلصتي؟" انتظرت لحظة لتسمع الإجابة قبل أن تقول: "طيب، بمر عليك بعد شوي جهزي نفسك.."

قالت خالته عندما أنهت المكالمة، تفسر: "هذي لمار. اتفقت معها أمر عليها وأنا راجعة من السوق.. لو ما عليه كلافة أبيك تمر على جامعتها."

"جاك يا مهنا ما تتمنى..!"

حاول أن يكبت الابتسامة العريضة التي كانت تصارع للارتسام على شفتيه: "أكيد ما عليها كلافة يا خالة.."

لم يحتج جلال للكثير لمعرفة الطريق للجامعة، فالجامعة كانت معروفة والطريق سهل. بضع دقائق من الانتظار ولمح جلال تلك التي مشيت بشيء من التردد نحو سيارته، تسلم بخفوت حال دخولها.

ورغم أنه لم ير منها شيء سوى عيونها، فإن قلبه أعلن التمرد والدق بإيقاع عنيف بأية حال.

لحسرته، فإن لمار بقيت ملتزمة الصمت منشغلة بجوالها. لكن الفرج جاء عندما قالت خالته أنها تريد المرور بصيدلية. نظرت إلى لمار، ربما لتسألها النزول معها، قبل أن تترك الفكرة وتخرج. ولحسن حظه، فإن لمار كانت منشغلة بجوالها لدرجة عدم ملاحظتها لخروج أمها.

قال جلال يلفت نظرها: "يا بنت الخالة.." عندما رآها قد رفعت نظرها إليه بصدمة، أردف: "أبي أشوفك.."

سألته بذهول: "وش؟"

ليكرر بابتسامة، حقا لا يصدق حظه هذا اليوم: "أبي أشوفك. لا تخافين السيارة مظللة ومابي أكثر من لحظة ترفعين فيها النقاب وتنزليه على طول.."

أعجبته رسمة عيونها الحادة، ولونها البندقي الدافئ. حدسه أخبره أن الباقي من تفاصيل وجهها سينال إعجابه أكثر.

لكن بدل تأكيد حدسه، سألته: "وش مسوي لخالي شاهين..؟"

استغرب، غير متوقع لسؤال كهذا: "وش قصدك؟ وش جاب خالي في السالفة؟"

لتجيب: "هو قالي لا تخلي جلال يشوفك مهما صار لين العرس."

وكان جلال لحظتها ممزق بين انتشاء روحه لسماع اسمه ببحتها الجذابة، والصدمة الملجمة.

"خالي شاهين بيجلطني.. بيجلطني، بيجلطني، بيجلطني..!"

لم يعرف بم يجيب سوى: "قلتله مرة إني أقدر أشوفك بدون ما يدري هو.."

رأى خليطا من العجب والشك في عيونها، لتقول: "مقدر أخالف شوره، وما أظن إنك بترضى بعد إني أسويها."

كان معها.. حق.. لكن: "تظنينها عدل تكحلين عيونك فيني وقت ما تبين وأنا لا؟"

بدت عندها كأنها تمنع ضحكة، لتقول بلمعة تسلية في عيونها سحرته: "طيب سويها وشوفني بدون ما أنا ولا خالي شاهين ندري.."

ضيق جلال عيونه: "كأنك تتحديني.."

لترد بإصرار خالطه الخجل: "اللي تشوفه."

قطع عليهما رجوع خالته منال ليعود كل منهما إلى ما كان يفعل.. ظاهريا، على الأقل..

لم يستطع جلال منع نفسه من الابتسام كأبله، لا يلقي بالا لنظرات خالته المستغربة منه..

صحيح، لم ير منها شيئا، لكن تلك المحادثة القصيرة كانت كفيلة بإشعال ولعه.

كم كانت ممتعة هذه الصغيرة.

انتهى البارت..~

Maysan 08-02-18 12:11 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة inay (المشاركة 3697392)
السلام عليكم
ابدعتي سلمت يمناك
منتهى لازلت مصرة على انها ستختبر شعور وجود ضرة عليها لكن كيف لا اعلم .. لعل ام عبد الرحمان ستحول انظارها لاسيل الان و ستستعمل نواف لتخريب علاقة شاهين و منتهى
ما يعجبني بشدة هو تحرك مشاعرهما بروية
فعلا سيجد كل في الاخر مسكنا لاوجاعه

شكرا اختي و دمتي بحفظ الله

يااختي والله كل ماتذكرت تخمينك ذا وانا قلبي مو فيه هههههههههه لا والادهى والامر انك مصره وتأكدين إحساسك 😑😫.. صرت كل ماادخل اقرأ اعمل نظره شامله عليه قبل ههههههههه من الخوف انه يصدق حدسك استغفر الله بس كان سبب اختياري للقراءه مع الفي انه روايتها بتميل للهدوء وقلة التعقيدات والمشاكل قرأت لها الروايتين السابقتين وجدا جميله .. وحبيت اتابع معها هذا لكن حدسك ابد مخلي الجو عندي مكهرب ومتوتر هههههههههه .. لانه ارفض وجود اسيله البجحه ضره على ميمي بنتي شكلا ومضمونا معليش قابله بإي حاجه ثانيه غير زواجه لانه لما تدخل ماراح تطلع لانه بتحبه ومستحيل تفك بعد ماتصمغت فيه 😫😫😫.. فتراجعي بلييز عن حدسك الوحش ههههههه ابقى اقرأ بسلاااام وسكون هههههههههه كفايه خايفه منهم يخربوا جوهم ..

Maysan 08-02-18 01:19 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يدينك الفي على البارت .. ربي يوفقك ويبارك في وقتك وييسر امورك ويفتح عليك في دراستك فتوح العارفين العالمين ..

الحمدلله مافيش محاور الشر هنا اسيلوه وام عبد الرحمن ارتحت منهم ربنا يريحك ويعطيك حتى يرضيك ...
لكن عيني بعينك لايكون ناويه على مصيبه لمنتهى بنتي 😒.. ايش رأيك لو تخلي ام عبد الرحمن تعرف عن الدحمي يمكن نرتاح منها ومن غثاها هي وخططها يادافع البلاء ههههههههههه .. والله اختي Inay بتخمينها وحدسها خوفتني فيه وصرت ماغير كذا 😞 كل بارت ههههههه ..

شاهين 😏 ايش هالتطور الحلو مافي شيئ اشتاق له ؟! ههههههههه ياحركات والله انا اذكر انه قال الزواج مو في مخه وحتى بعد زواجه منها ارتاح من وضعهم كمشاركين سكن فقط .. ايش اللي جد ؟ اتوقع الثقه شاهين بدأ يثق فيها وبدأت تشغل عقله وقريبااا حتخوش قلبه .. والله بنيتي تستاهل من ضيم شافته هههههههههه عسى بس الله يهدي ميمتها الثانيه الفي وتتعوذ من الشيطان من شرور ناويه عليها او ضره لا سمح الله فوق رأسها 😁.. ياخوفي من هالتهديدات من اهل راضي تطال حياة شاهين !! ربنا يستر ..

زيزو وكوكي ههههههههههه يااختي عليهم كبل رايق وعايش حياته عقده صغنونه بس عند كوكي هي الحب والا الامور عندهم في السليم ..

ترانيم هل اقدر اقول انه مواجهتها مع صديقاتها من الطبقه ذاتها بدايه لتقبلها حياتها مع الوليد وتنازلها عن النزاع القائم داخل ذاتها ؟! والله الوليد يستاهل وياليت ماتتكرر معه مأساة امه وابيه 💔..

جلال ولمار ههههههه والله هالبنت ممتعه وبقوه .. ننتظر لحظة رؤيته لها بالصدفه بفارغ الصبر ..

متشوقه لهدف غاليه من وراء طلبها المطعم لأخوها من سالم خخخ .. شكلها بتقضي على اخر صبره هههههه ..

ربي يعطيك الصحه والعافيه الفي .. وشكرا لك انت لانك تستقطعي من وقتك الضيق جدا لتسطري لنا مانقرأها لنستمتع به .. ربي يسعدك ويوفقك ..

د ا ن ة 08-02-18 07:43 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
بارت جميييل جدا وهادئ بعيدا عن الحقد والمناورات ..


جلال ولمار حوارهم متعة هههههههه


اااه جينا عند التحرك الغريب من شاهين ياخي انا قلبي اللي راح مو منتهى ... الاخ بدا كلامه يتزايد جرئة الله يكون بعونك يامنتهى..



💕💕💕💕💕💕

bluemay 08-02-18 08:28 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


روعة تسلم ايديك الفي

بتعرفي كتير لما بقرأ البارت

بحس أنه و محتاج تعليق

من شدة جماله وروعته

بس بتذكر الاحباط لما ما يكون في تعليقات تحسس الكاتب بأنه مجهوده مشكور >>> ابد ماتلمح لحالها p;


عن جد شو هالتشاؤم ، تفو من تمكم ياللي بتتفاولو عى منتهى

ضرة مين واسيل مين ؟!!

الهي وانت جاهي اسيل تتجوز نواف وتريحنا من رقعة وجهها هي واللزقة التاني


جلال و لمار نهفة

تستاهل يا متعجرف واجت من تجيب راسك والله

هالثنائي واعد شكله


غالية لشو بتخطط؟؟

هل ممكن تستدرجه وتحبسه معها ، والله غير تطير عقله لووول

مشكورة يا قمر

ربي يسعدك ويوفقك وينجحك

تقبلي مروري وخالص ودي

أبها 08-02-18 11:47 AM

كل الشكر و التقدير الفيورا ..

جزء ممتع كسابقه و تحركات أبطالنا تبرد القلب ..
اللي كاسر خاطري في هالجزء غالية ..😞
فعلا موضوعها طال و على غير سنع ..أنت يا سالم حصلت وظيفة
حلوة و الحمدلله ،ليش المماطلة ؟!
الموضوع معركة نفسية بينك و بين أهلها ،
و إثبات جدارتك كزوج يتحمل مسؤولية زوجته ، طيب هي مالها ذنب .
المسكينة تتحايل علشان تشوفك !🤔

لمار .. من قبل قلت هالبنت حبيبة و تدخل القلب ،
و إن شاءالله يكون جلال يستحقها .

شكرا مرة أخرى ،🍃🌸🍃

امال العيد 09-02-18 01:26 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
فصل جميل
تسلم اناملك الفيورا

شاهين ومنتهى بدأ يخطو خطوه شاهين عشان يغيير حياته والله يعين قلبك يا منتهى لأن شكله يبي يعلقك فيه بالبطيء

جلال والله جاء من يكسر غرورك عرفت له لامارا 😂😂😂 شوفها مثل م قلت لخالها بدون م تدري هي ولا خالها

ترانيم والوليد حياه سعيدة والواضح أن الوليد غيرها من كم يوم بس وهذا بداية خير والله أهم شي لا تكسر الوليد اللي شافه يكفيه

سالم والغالية والله خطوة حلوة منها خليها تحرك حياتهم اللي معلقها ع سبب سخيف يقدر يعوضها وهي عنده واتوقع تنجح خطتها لأن حتى هو مشتاق لها وهي م قصرت فيه من راحت معهم يجهزون لشادية

انتتظر عبدالرحمن يقول لأمه عن خطبته بشوف ردت فعلها

عبدالعزيز ضحكت منه أجل يبي يخوف كادي بس شكله راح يجهز لها شي يرعبها صدق

انتظر الفصل القادم ع خير

الفيورا 10-02-18 08:04 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يا هلا ويا مراحب..! بالنسبة للي سألوا عن التنزيل، بيكون يا إما 3 أو 4 مرات في الأسبوع اعتمادا على الفرص عندي.

السابعة والعشرون

=
=
=

لم تعتقد غالية أن ليلة عرس شادية ستكون مصيرية لها بقدر ما كانت لشادية، لكن سالم خالف كل توقعاتها وجعلها تشرد في التفكير، معلقة بين الأمل والتوجس.

هاهي الآن مع شادية قبيل زفتها، ولم تدر ماذا تتوقع..

أعادت عرض ذكرى زيارته الأخيرة وإحضاره عشاء طلبته معه للمرة الألف في ذهنها، كيف سبقها في طلبه ربيع مناداتها لمجلس الرجال حتى يقول لها شيئا، مفسدا كل خططها بفعله ذاك..

(بعد عرس شادية، إنزلي لي لما اتصل عليك..)

ما الذي كان يخطط له سالم؟

أيقظتها شادية من غمرة أفكارها بقولها: "اللي مآخذ بالك.."

لترد عليها: "انشغلي فنفسك أبرك لك يا عروس."

لتضحك شادية: "والله فيه شك من فينا العروس، ناوية تنافسيني الليلة يا عمتي؟" أردفت بنبرة خبث: "كاشخة بزيادة الليلة، ليه.. سمعتي أخبار تبرد القلب من هنا ولا هناك؟"

على الفور ضيقت غالية عيونها بريبة، لم تكترث حتى بمناداة شادية لها بعمة: "شكلك عارفة باللي ناوي عليه عمك. انطقي يلا..!"

أجابتها بغموض: "بتشوفين.."

لتتأفف: "ترى الغموض أبدا ما ينفع لكم يا آل المنصور..!"

ابتسمت شادية بعرض للحظة قبل أن تنطفئ. لاحظت لمعة حزن تكتسي عيونها عندها، لتسأل بقلق: "فيه شي يا شدوي؟"

هزت شادية رأسها بـلا: "بس تذكرت أمي وكلامنا عن ذي القاعة.. اشتقت لها.. اشتقت لأبوي.."

احتضنتها غالية بخفة تواسيها.. تعرف شعورها بالضبط، فهي أيضا تزوجت دون أن تقف أمها جانبها. قد توفيت بعد ولادتها ربيع مباشرة، وما زال أثر فقدانها ينبض بشجن إلى هذا اليوم: "الله يرحمهم.."

مسحت الدموع المتشكلة في مقلتي شادية بعدها، لتقول: "إفرحي ذي الليلة، ما أظن إنهم بيبغونك تقضيها حزن، صح؟" أكملت بنبرة مرح: "وأنا وجدك وعمك اللوح بنكون جنبك. لو تبين ثلاثتنا نزفك بالكوشة قولي ونسويها!"

ابتسمت شادية عندها، تنسحب ملامح الحزن منها شيئا فشيئا: "مستغنية عن خدماتكم، خلوا جدي المسكين فحاله. وحدك على عمي ترى ما أرضى عليه..!"

=
=
=

عندما أعلمه عبد الرحمن بنيته في الزواج من ابنة أخ صديق له، عرف عبد المحسن أنه لن يستطيع ثنيه عن قراره، قد ذكره بأخيه في الإصرار البادي في عيونه، في استعداده لتوقع الأسوأ.

أسس أبوه نادر ثروته عن طريق مصنعه، ورغم كرم أخلاقه، فإنه لم يرد لابنيه سوى الارتباط بذوات الحسب والنسب والجاه. كانت صدمة له إعلان أخوه الصغير غانم نيته في الزواج من ابنة أحد عاملي مصنعه، ليرفض باستماتة ويجلد قلبه عنه، طاردا غانم من كنف العائلة، مستمرا في صده محاولات غانم وصله وإعادة المياه لمجاريها، رغم ألمه الشديد لفراق صغيره.

كان عبد المحسن شاهدا لكل ما جرى، وكم من مرة حاول إقناع أبيه إرجاع غانم لدارهم دون أن يُلقي أبوه له بالا.. حتى فات الأوان وتوفي غانم بعد فترة قصيرة من ولادة بكره، عبد الرحمن..

لام أبوه زوجة غانم على كل ما جرى، ولم يسمح له بمد يد المساعدة لها، محبطا بطريقة ما كل مرة حاول عبد المحسن فيها إعانتها. ولم يتغير الوضع إلا بعد مرض قاده لخطى الموت. وربما كان قرب الموت ذاك درسا لأبيه، فهو في أيامه الأخيرة كان شديد الندم، موصيا له على حفظ حق غانم لولده ولأرملته. وكان ذلك ما فعل، ولم يأخذ من نصيب غانم من الورث فلسا واحدا وحفظه لسنين.

(وأما عن نصيبه هو، فقد قرر إغلاق المصنع والبدء في مجال البنوك. وقتها لم يتوقع النجاح الذي حققه، ولا كونه سيفوق أباه ثروة بسبب استثماره ذاك..)

كانت القطيعة بين أبيه وغانم درسا لن يكرر أخطائه، وكان جوابه لإعلان عبد الرحمن فقط سؤاله إذا كان أهل تلك التي يريد خطبتها ذوو ثقة وأخلاق، ليوافق دون أي اعتراض عندما أكد له عبد الرحمن ذلك.

وصحيح أنه لم يفهم تفاصيل كثيرة في زواجه هذا، لكن الفرحة بدت جلية في ملامح ابن أخيه. لذا، سيكتفي بتقديم الدعم له..

=
=
=

الفرحة لم تسع سالم في هذه الليلة، وظل يتنقل بين ضيوف الحفلة كأب فخور يتلقى التبريكات.

لكن الحق يُقال، لم يتوقع حضور عم عبد الرحمن للحفل، ولا حضور ابنه ورئيسه في العمل بشكل خاص.

وجد ابتسامة رئيسه اللبقة وهو يبارك له غريبة، فهو اعتاد منه الصرامة كنهج يسير عليه. لكنه رد مع ذلك، لا يظهر عجبه: "الله يبارك فيك أستاذ شاهين، ومشكور على حضورك.."

قال الآخر بأريحية: "ماله داعي الرسميات، أنا هنا الليلة مجرد ضيف. خلي سوالف الشغل للشغل.."

(لم يصدق سالم قول عبد الرحمن أن ابن عمه لم يكن بذاك الشديد المتعنت خارج إطار العمل، لكنه صدقه الآن.)

مضى الحفل بشكل رائع دون أي مشاكل، وكلما قربت النهاية كلما زاد ترقبه وشوقه للجزء الآخر من هذه الليلة، شيء خطط له، وربما تعجل فيه.. لكنه لم يندم، ولن يندم..

"أخيرا يا غالية.. أخيرا.."

=
=
=

تذكرت شادية مرة وهي طفلة سألت فيها أمها عن يوم تتزوج فيه في قاعة القرية، يوم ستبدو فيه مثل الأميرات كالعرائس التي ترى زفتهن واحدة تلو أخرى. تذكر ضحك أمها من سؤالها، لتجيب أنها ستتزوج في قاعة أفخم وأحلى وأروع بإذن الله.

ربما كان عنادا طفوليا منها، لكن عيونها لم تملأها سوى هذه القاعة بالذات، فهي التي ارتبط فيها جدها بجدتها، أبيها بأمها، حتى عمها سالم ارتبط بغالية بين جنبات هذه القاعة.

استمعت لنصح غالية وركزت على فرحة أحبابها بها، متجاهلة غير مكترثة بالنظرات اللائمة الحانقة التي تلقتها.

=
=
=

كانت تجربة غريبة، دخوله بيتا لم يكن له اسم فيه، بيت يحتاج للإرشاد بين أركانه. وكان بعد صلاتهما أن بدأت شادية بتلك الجولة التعريفية التي كان يتوقع.

لم يستطع القول لشادية بأن توفر مهمتها هذه لوقت آخر، ليس وهي كانت ترشده بكل ضمير وخاطر، غير مدركة أنه بالكاد كان يعي ما كانت تقوله وهو يراها خلابة بدراعتها البحرية المطرزة بفخامة، بشعرها الطويل المسترسل على ظهرها، بملامحها التي زادت الزينة فيها البهاء.

اختتمت قولها بـ: "مرات تنقطع الكهربا وترجع، فأحسن تأخذ احتياطاتك.." لاحظت طول صمته لتسأله: "إنت معي؟"

تناول يدها يقربها منه، ليرى التوتر الخجل يعتريها. أربما كانت هذه الجولة التعريفية طريقتها في التعامل مع توترها؟: "مصيري أعرف ذا البيت وأتعود عليه.." أحكم قبضة يده حول يدها بتأكيد، يطمئنها بقبلة طبعها على جبينها الحار: "لا تحاتين.."

=
=
=

الطبول قُرعت في قلبها عندما اتصل بها سالم كما قال أنه سيفعل، ينتظرها لتركب سيارته المتوقفة أمام القاعة. سألته لحظة ركوبها: "وين رايحين؟"

ارتسمت على شفتيه ابتسامة، ونطق غير محول عيونه عن الطريق، يغيظها: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.."

رمشت غالية متعجبة من تصرفاته التي تغيرت في طابعها عن تلك التي تأقلمت بألم معها، بل كان يتصرف معها كما كان يفعل قبل الخلاف الذي فرقهما. أيعقل..؟

"لا تبني الآمال.."

توقف سالم أمام بيت متوسط الحال قريب من بيت عائلته. تعرف غالية هذا البيت، قد كانت تمر به في طريقها، تعرف أنه كان خال لفترة، وتعرف أن سالم لمح لنيته في شرائه في الماضي.

كانت ستسأل ما الذي كانا يفعلانه عند عتبة باب بيت غير مأهول عندما أخرج سالم مفتاحا من جيبه، يفتح به الباب مشيرا لها بالدخول. نظرت إليه مصدومة: "لا تقول..!"

لكن سالم ابتسم وقال بكل بساطة: "سمي وتفضلي داخل.."

لاحظت فور دخولها أن البيت كان مؤثثا، ليس بالكامل، لكن إلى درجة تسمح في السكن فيه بكل راحة. قادها سالم لغرفة نوم بدت كأنها أعدت لاستقبال عرسان جدد، قد قال أن تأخذ راحتها وتنزع عباءتها، فلا أحد في البيت غيرهما.

بدأت في الاستكشاف ورأت الخزانة مصفوفة بملابسها، ويخالطها العديد من الألبسة الجديدة، بعضها تعرفت عليها من ذكرى شراء شادية لها في بضع رحلات تسوق. رأت صندوقا موضوعا على التسريحة بعدها، وعندما فتحته لقيت حليا من ذهب فيه.

توقفت عند تلك النقطة، لا تستطيع المضي دون السؤال، ليرتجف صوتها، تنطق باسمه بأمل ثم تسأل: "وش اللي قاعد يصير هنا..؟"

وعلى سطح مرآة التسريحة العاكس، رأته يتقدم نحوها حتى وقف وراءها، ينحني في وقوفه ويمد يدا ليتناول بضع بناجر من الصندوق، ثم يدها ليلبسها إياها، يرد: "وأنا اللي كنت أظنك فطينة وتفهميها عالطاير.."

هددت وهي تدفع الدموع بعيدا: "لو تلعب معي..!"

قاطعها: "إنتي اللي شاطرة في اللعب موب أنا. السالفة كلها إني مريت بأبوك قبل كم يوم وقلتله إني برجعك.." أردف عندما قرأ السؤال الصامت في عيونها على سطح المرآة: "إيه، قدرت أسويها.. كنت مستعجل واحتجت قرض صغير، بس بقدر أدفعه إن شاء الله قريب. تعلمت درسي.."

ضحك، متذكرا لشيء: "أنا وشادية ومرات زوجها كنا نسابق الريح عشان يمدي يكون كل شي جاهز على الليلة، بس لسى بقيت أشياء ناقصة.. مشيها لنا.."

ضحكت هي بدورها. تستطيع تخيل مدى صعوبة التجهيز لعرس وإخفاء أمر هذه المفاجأة عنها، فليست هي بمن يخفى عليها شيء بتلك السهولة.

وكان عندما هدأ ضحكهما أن احتضنها سالم من الخلف، يدفن وجهه بين رقبتها وكتفها، همسه الشجن يصل أذنيها: "آسف على اللي صار. آسف لأني علقتك كل ذا الوقت.. لا تظني للحظة إنك رحتي عن بالي، بس كنت أدري إن قربك بيخليني أهون عن كثير. كنت ميت شوق لك ألف مرة، وكنت أهذي فيك وأنا صاحي ونايم.."

سألها بوله: "بترجعيلي يالغالية..؟"

التفتت لتنظر إليه مباشرة بدلا من خلال مرآة، مبتسمة بفرح لا يضاهيه فرح من بين دموعها: "لا تسأل سؤال تعرف جوابه حبيبي.."

انتهى البارت..~

bluemay 10-02-18 08:46 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


روعة تسلم الايادي


الحمدلله تم الزواج ع خير ..

ورجعت غالية لسالم ..

يسلمو يا قمر

كلي شوووق للقادم

تقبلي مروري وخالص ودي

امال العيد 10-02-18 10:45 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يعطيك العافية الفيورا فصل جميل

أخيرا تم الزواج ع خير
ورجع سالم الغالية وعوضها عن م فات
الواضح أن عبدالرحمن م قال لامه عاد مدري كيف رده فعلها ترفض أو توافق ع زواجها من بنت ع قد حالها يعني مثل هي م تزوجت من ابو عبدالرحمن وهي من عائلة بسيطة عاد بشوف رأيها لأن واضح أنها نافخه ريشها ولا توافق ع هالزواج ومع ذلك عبدالرحمن يبي شادية عاد متحمسه لحياتهم مع بعض

نلتقي في الفصل القادم

ندا المطر 10-02-18 02:04 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وصار عرس شادية وعبدالرحمن
ورجعت غالية لسالم
افتقدت مشاهد منتهى
موفقة عزيزتي...

أبها 10-02-18 06:13 PM

شكرا الفيورا
اليوم نسميه جزء الافراح ..😍

الحمدلله فرحنا بشادية و بالغالية ..

عسى تدوم الأفراح و الليالي الملاح ..🍃🌸🍃

Maysan 10-02-18 08:47 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يدينك الفي ربي يحفظك ويسعدك وييسر امورك ويفتحها عليك يارب .. ربي يوفقك في دراستك ويبارك لك في وقتك يارب ..

اخيييرا تزوج عبدالرحمن كنت انتظر اللحظه هذا علشان بعدها أكيد بتعرف امه العجيز الشريره وتنشغل فيه عن اولادي وحبايبي هههه .. وبدل ماتخطط علشان تؤذي شاهينا تجيها سكته قلبيه وتروح فيها ملح غير مؤسف عليها 😁😏..

ايوا ماهي كانت تبقى ام الحسب والنسب والجاه وراح تنصدم انه ولدها الوحيد تزوج فتاه اقل منهم مستوى وتعيش بقريه وترفض الخروج منها 😁..
يالله ياالفي انتظر الوقت اللي بتعرف فيه بالزواج بفارغ الصبر هههههههههه بجهز لي فشار والذي منه خخخ ..

عرفنا الان الفرق بين حكي ام عبدالرحمن لمنتهى عن الماضي وبين حكي عبد المحسن ابو شاهين يوضح لنا انه عبد المحسن حاول بكل الطرق يساعد اخوه ويساعدها وولدها بعد وفاة اخوها لكن ابوه نادر كان يحبط محاولاته ويمنعه .. يعني هو اكرمها هو وولدها وحفظ حقهم لهم وماحاول ابد يستولي عليه لكن هي كانت لئيمه وخبيثه .. انا اعتقد برضوا مع اللي خمنوا انه هي السبب ورا ظلم شاهين وهو مراهق ووجوده بالمخزن واللي اتنمى انه منتهى تكشفه وتحصل على الدليل مع اللي خبرت شاهين عنه علشان يعرف الجميع معدن الحرمه اللي اكرموها وصانوا وحفظوا حلال ولدها ..

والتم شمل الغاليه وسالم ❤❤..

شكرا جزيلا الفي على ماتخط يديك لتسعدينا به وتشاركينا .. اسئل الله العظيم انه يفتح عليك في دراستك ويوفقك ويبارك فيك وفي وقتك ويسعدك دنيا وآخرى ويرفع قدرك .. 🌹..

الفيورا 12-02-18 01:34 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم..
كيفكم يا حلوين؟ بخير إن شاء الله..
بسبب عدد من الظروف الطارئة (ضغط + إرهاق + التزامات مفاجئة) أعتذر عن تنزيل بارت اليوم.. موعدنا الجمعة بإذن الله مع 3 بارتات.. وأتمنى، أتمنى تسامحوني على تقصيري معاكم الفترة هذي..
مشكورين على حسن متابعتكم حبايبي :)
دمتم بود..

Maysan 12-02-18 02:13 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

خشيت الروايه وانا متخوفه من البارت انه اسيلوه فيه خاصه انهم اختفوا هي والعجيز من يوم الزواج هههههههه وهوووب الاعتذار ربي يعطيك حتى يرضيك والحمدلله قلبي 😌..

الفي ياقلبي مامنك قصور ربي ييسر امورك ويفتح عليك فتوح العارفين في دراستك ويبارك لك في وقتك ويوفقك .. مومشكله خذي راحتك ووقتك .. ربي يحفظك 🌹..

امال العيد 12-02-18 03:22 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


معذورة يا عمري أهم شي لا تحملين نفسك فوق طاقتها والله يبارك لك في وقتك ويسر لك أمورك

ندا المطر 12-02-18 03:43 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
معذورة عزيزتي... بانتظارك الجمعة ..
ربي ييسر امورك

الفيورا 16-02-18 07:19 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أهلا عزيزاتي وحبايب قلبي الصغير والنجمات في سماء حماسي (فيس يراضيكم)
زي ما قلت، ثلاث بارتات اليوم :)
وموعدنا الأحد بإذن الله..

الثامنة والعشرون

=
=
=

الصوت الآتي من جامع القرية، يصدح بالأذان لصلاة الفجر، كان كفيلا بإيقاظه. وجد عبد الرحمن نفسه وحيدا على السرير ولا أثر لشادية جانبه. تساءل أين ذهبت قبل أن يقرر الاغتسال وإكمال تساؤلاته عن زوجته لاحقا.

"اللحين.. وين قالتلي شادية إن الحمام فيه..؟"

وكان عندما وجد دورة المياه ووقف تحت رذاذ الماء أن أدرك برودته اللاسعة، ليقفز شاهقا لحظة لمسه لجسده. ما الذي كان يجري في أنابيب هذه القرية، ثلوج؟!

ثلوجا أم لا، قد تورط ودخل وعليه تحمل العواقب.. سيبحث عن حل لاحقا..

ببطء وتردد شديدين، دخل تحت رذاذ الماء وعانى حتى انتهى من الاغتسال، ليجد شادية تقف أمامه عندما خرج، تنظر إليه باستغراب وهو يجفف شعره: "لا تقول إنك تسبحت.."

أومأ لها بنعم، متعجب من سؤالها الغريب: "عندك حل للموية؟ باردة بزيادة."

عندها بدت شادية كأنها تكبت انطلاق ضحكة: "شكلك ما سمعت كلمة قلتها لك البارحة.." وعندما بدا عليه الاستغراب، أشارت إلى الدلو الموضوع جانبها، ممتلئ بماء يتصاعد بخار خفيف منه، يخبر عن دفئه: "أمس قلتلك إن الموية في الفجر بتصير ثلج وإن السخان خرب علينا من فترة ونسينا نصلحه. فلازم أسخن الموية.." استطردت: "كنت راجعة من عند جدي ناوية أصحيك لما شفت إنك تسبحت وخلاص.."

صدقا كان عليه أن يستمع لما كانت تقوله. كان ليوفر على نفسه المعاناة التي خاضها هذا الفجر!

=
=
=

كان زوج حفيدته من الذين يحضرون صلاة الفجر في المسجد.. عليه الاعتراف أن ذاك التفصيل أرضاه على الأقل..

قد لاحظه يتعمد التباطؤ في المشي جانبه في طريق عودتهم من الجامع، يبقي عينا عليه. أربما كان يظنه عجوزا هرما يحتاج إلى عونه ومراعاته؟ حتى ابنه سالم بالكاد رضي هذا النوع من المداراة منه، ويأتي هذا الغريب يريد التفضل عليه وهو ليس أهلا للثقة؟

لا، لا يمكنه الرضى.

وطيلة هذا الصباح، رآه يريد بدء محادثة معه، لكنهما لم يشتركا لا في الأراء ولا في الاهتمامات.. كل محاولة باءت بالفشل، وبينما كان هو مرتاحا بذلك، كان زوج حفيدته ممتعضا لصعوبة طبعه. ليس هو من ينساق وراء ملامح سمحة وتهذيب كلام. ما دامه لم يعط حفيدته ما تستحق، فلن يعطيه فرصة.

=
=
=

حسنا، يبدو أنه اكتسب معارضا في جد شادية. لكن عبد الرحمن عنيد إذا أراد، ولن يتزحزح عن موقفه ورغبته في كسب ود الجد، خصوصا عندما كانت شادية متعلقة به وبشدة..

وبالحديث عن شادية.. لم يرها منذ أن تناولت الإفطار معهما، تأكل قسطا قليلا قبل أن تستأذن وتنصرف. لأين، لا يدري، لكنه سيكتشف.

ربما كان بيت عمه عبد المحسن أكبر بأضعاف مضاعفة من بيت المنصور، لكن إلى الآن لم يستطع معرفة طريقه فيه. قد أخطأ أكثر من مرة بين المجلس والمخزن، دورة المياه وغرفته، المطبخ والباب الذي يؤدي للحوش.

أخيرا وجد شادية في المطبخ، تغمغم بلحن مرح وهي تغسل الصحون. قال يعلن حضوره، يقترب منها حتى كاد يلتصق بها: "وأنا على بالي رحتي ارتحتي.."

لم ترفع شادية نظرها إليه، لكنها ابتسمت بخجل وتوتر، تعود إلى عملها بارتباك فاضح: "مقدر ارتاح.. وراي أشغال.."

رفع حاجبا وهو يقترب منها أكثر: "بس إنتي عروس فصباحيتها. مفروض ترفعين يدك عن الشغل.."

"وتعطيني وجه.." كان جزءا أبقاه بين خوالج أفكاره.

وكم كان مسليا رؤيتها تحمر حتى أذنيها، ترد بصوت متهدج: "ما فيه أحد يقوم في البيت غيري، لو تركت الشغل بيتراكم علي.."

وكان على وشك اقتراح إحضار من يساعدها في أشغال البيت عندما صدح صوت الجد يطالب بالقهوة، لتنسل شادية من بين ذراعيه وتتجه إلى الإبريق المصفر وراءها.

حسنا إذا.. لديه هذا الوضع ليحله أيضا.

=
=
=

بسبب تكوينها فكرة مسبقة عن زوجها وحياته السابقة، توقعت شادية أن يحتاج وقتا طويلا كي يتأقلم مع العيش في هذه القرية. توقعت التشكي والتسخط منه، لكن بدلا عن ذلك كله، كان عبد الرحمن يحاول كل ما بوسعه التكيف مع وضعه الجديد بإصرار وصبر رفع من قدره عندها.

كادت تضحك عندما أتى لها يقول وعدم التصديق مرتسم في ملامحه: "توني انسرقت من قطوة.."

على الفور عرفت ما كان يقصده: "يعني تقابلت مع بوند.."

كرر: "بوند؟"

أومأت بنعم: "قط معروف في القرية. سماه عمي سالم بوند لأنه زي الجواسيس في الأفلام الأمريكية، يجي وما تعرف من وين."

بدت عليه التسلية عندها: "وليه تاركينه حر كذا؟"

أجابته: "صح يسرق أكلك، بس بوند راعي نخوة. مرات يدافع عن العيال الصغار لو ضاعوا من أهلهم، مرات الحريم من قليلي الأدب.. سالفته عجيبة.."

ابتسم: "كل شي فذي القرية عنده حكاية تشدك، ولا وش رأيك..؟"

فكرت للحظة قبل أن توافقه.. ثم وجدت السؤال يفلت من بين شفتيها عندها: "يعني مو نادم على عيشتك هنا؟"

اكتسبت ابتسامته فيضا من الدفء عندما رد: "كيف أندم وإنتي قدامي كل يوم؟"

وبلحظة اشتعلت خجلا. سمعت كثيرا عن أناس يقطرون شهدا في كلامهم، والآن وجدت مثالا حيا في زوجها.

=
=
=

كانت هذه أول سيذهب فيها زوجها ليعمل على أشغاله في المدينة، يعدها أنه لن يطيل في الغياب. كان في خضم سؤاله عن حاجتها لشيء يحضره معه عندما أتت كرة وضربته على رأسه.

اقتربت منه تتفقده من ضرر، ليطمئنها أنه بخير، فقط متعجب من الكرة التي ضربته على حين غرة.

قالت له تخفف عنه بمرح: "صرت من أفراد البيت رسميا اللحين ما دام كرة عيال أم خليل ضربت فيك.."

رفع حاجبا، يلتقط الكرة عند قدميه: "عندك خبرة يعني؟"

أومأت له بنعم، مبتسمة بتسلية: "كل اللي في البيت عندهم خبرة مع الكرة ذي. لحظات وبيجون العيال يطلبون كرتهم."

وحقا لم تمض ثوان إلا والباب يقرع، تتصاعد أصوات أطفال أم خليل وراءه.

أمرها عندها عبد الرحمن، يعطيها الكرة متوجها للباب: "خلي الكرة عندك، لا تعطيهم.."

بفضول تبعته، تقف في زاوية لا يراها فيها أحد تستمع لما سيقوله زوجها. هل سيوبخهم يا ترى؟

تبين أن الإجابة كانت لا، لم يوبخهم بكلمة عندما سأل الأطفال عن الكرة، بل حدثهم بكل أريحية: "لا، ما شفت شي. متأكدين إنكم شفتوها تطيح عندنا..؟"

سمعت الشك يدب في ردود الأطفال، ليتركوه ليجربوا البيت الملاصق لهم.

سألته بفضول متزايد عندما أقفل الباب والتفت إليها: "ليش ما هاوشتهم؟"

ابتسم عبد الرحمن بمكر: "لا تشيلي هم، وضع الكرات السايبة ذي بينحل قريب."

استغل فرصة عجبها من كلامه ليطبع قبلة على خدها، يودعها بدفء خصصه لها.

=
=
=

منذ أن خرج من حدود القرية وعبد الرحمن يلاحظ سيارة معينة في الطريق. في بادئ الأمر ظن أن رؤيته لها كان محض مصادفة، لكنه وصل الرياض وتوغل بين طرقها متجها إلى مقر شركته الجديدة، وما زال يراها تلحقه.

لم تكن مصادفة إذا..

عند وصوله خرج من سيارته وجواله في يده، يتظاهر بالإحباط والسخط، تمثيلية لرجل تعطل جواله عليه. توجه إلى السيارة المركونة جانب الطريق، يبتسم بتهذيب لصاحب السيارة الذي توتر بحق لمرآه.

سأله: "لو سمحت يا أخوي تقدر تعطيني جوالك لحظة؟ وراي شغلة مهمة وجوالي خرب علي.."

من شدة توتر الرجل، وربما عدم معرفته بم يفعل، أعطاه جواله بصمت، وعلى الفور جرب عبد الرحمن إدخال أرقام دون الاتصال بها، فلا يريد أن يتتبع الرجل ما فعل ويدرك أنه اكتشف أمره. وفي بداية إدخاله للرقم الثالث، تكفل جوال الرجل في إكمال باقي الرقم تلقائيا، إشارة على أنه قد تم الاتصال بهذا الرقم سابقا.

كبت عبد الرحمن غضبه لاكتشافه هذا، وأرجع الجوال إلى الرجل وما زال يبتسم بزيف: "مشكور يا أخوي، شفت زميلي جاي من بعيد فماله داعي اتصل وأكلف عليك.."

=
=
=

حال انتهائه من عمله اتجه لأمه، يعلن لها: "قبل كم يوم كان زواجي يمه.." أردف بتهكم: "بس أظن كان عندك خبر بدون ما أحتاج أقولك، صح؟ مو إنتي مكلفة رجال يلحق وراي ويستقصي أخباري؟ شفت رقم سواقك فجواله.."

على الأقل لم تتعب أمه نفسها بالتمثيليات: "كنت أحاتيك.. لاحظت إنك متغير علي وصدقت. للحين مقدر أصدق إنك بتسويها وتتزوج وحدة ما تسوى ظفرك!"

تنهد بضيق، يقول بحزم: "أنا راضي فيها."

لترد هي: "وأنا مو راضية ولا برضى! أبي لك وحدة ترفع من قدرك مو تحط منه!"

سألها بسكون عندها: "زي نسيم؟"

تجمدت أمه تماما لسماع ذاك الاسم.

خالته سلوى تزوجت برجل من نسب عريق وثراء فاحش، لتصبح مكانة ابنتها نسيم في مجتمعهم مطلوبة محسودة. كانت مثالية كما كانت تحكي عنها أمه..

أكمل، يسترجع ذكريات لم يفكر بها منذ فترة طويلة: "تتذكرين لما كنتي تمدحي فنسيم لين ما حطيتها فبالي ونويت أخطبها، لكن فجأة مديحك لها توقف وبديتي تشككين في أخلاقها وتترجيني ما أخطبها؟" استطرد مكملا، يُعلم أمه أنه كان يعرف تفصيلا خبأته عنه: "بعدها بفترة قصيرة يجيني خبر خطبة ابن عمي شاهين لها، وعرفت إنك إنتي اللي رشحتي نسيم له.. أظنك تعرفين وش صار لهم بعد ما تزوجوا.."

ظلت أمه صامتة، ليقول بأسى خنق صوته: "أدري.. غلطان إني ما قلت لك، بس تعبت أشك فيك بالشينة يمه، تعبت أحس إني جزء من خطة تلعبينها.. عشان كذا قررت أتزوج من خياري، على الأقل لو خربت السالفة، ما بلوم أحد إلا نفسي.."

مضت لحظات قبل أن تشير أمه عليه بالذهاب، وبدون أي كلمة فعل كما أمرت.

انتهى البارت..~

الفيورا 16-02-18 07:21 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
التاسعة والعشرون

=
=
=

لا يدري شاهين لم طلب من منتهى أن تحزم له أغراضه عندما أتى له خبر عن سفر عمل قريب. ألم يفعلها بنفسه مرات لا تحصى دون الحاجة لأي مساعدة؟ ألم يكن حريصا مرتابا من عبث أي أحد بأغراضه..؟

قد وجد الطلب يتشكل على لسانه، ينطق به قبل أن يلحقه إدراكه. شيء وجده يكرره معها هي فقط..

فتح الحقيبة التي رتبتها له، يرفع حاجبا لما رآه. ناداها، لتدلف داخل غرفة النوم بعد لحظات، تنظر إلى الحقيبة المفتوحة ثم إليه، تصل لاستنتاج نطقت به: "نسيت أحط لك شي؟"

رد: "الشنطة شوي وتنفجر من كثر ما حطيتي فيها، وتقولين وش نسيتي بعد؟"

كان دورها لتستغرب منه، تنظر إلى الحقيبة لتتأكد: "ماني شايفة شي.."

فسر لها عن طبعه في حزم الأغراض لسفر، وكونه يقتصر على الأساسيات القليلة فقط وترك كل الكماليات وراءه. لو احتاج شيئا سيشتريه من أي مكان حال وصوله.

لكن يبدو أن طبعه ذاك لم ينل إعجاب منتهى على الإطلاق: "كيف تقدر تركز على هدفك من السفر وإنت مشغول تعوض اللي تركته؟"

حسنا، كان لديها نقطة هنا. يذكر مرات عدة صادف وصوله إغلاق المحلات في بلد ما. لكن..: "مشطين فيها مبالغة شوي.."

كان ردها فوريا: "عشان لو ضاع منك واحد يكون الثاني موجود.."

من كان يعرف أن زوجته كانت بذاك الحرص؟

لأول مرة معها، ابتسم شاهين ضاحكا: "شكلي بخليك ترتبين لسفراتي من اللحين ورايح."

أجابته، باديا عليها كل التأييد: "يكون أحسن، ما توقعتك تكون مهمل."

سألها والتسلية تغمره: "يعني أفهم من كلامك إنه كان عندك توقعات عني؟ لي الشرف بصراحة.." ظلت هي صامتة، تشيح بنظرها عنه.

وضع يدا على كتفها بلطف، يسترعي انتباهها ورجوع نظرها إليه. وبينما شعر بها تجفل بسبب فعله، لم تبتعد عنه كأنه نار تلاحقها هذه المرة، بل ظلت في مكانها تنظر إليه بثبات سائل.

ربما بدأت تتعود عليه. وغريب، كيف أن تلك الاحتمالية سرته للغاية.

قال ببساطة ناقضت التعقيد في شعوره حيالها: "يعطيك العافية.."

=
=
=

اعترضت لمار بضجر، فليس لديها الرغبة في الخوض في روتين إزالة مساحيق تجميل عن وجهها: "ما تطفشي مني إنتي؟ كل يوم لازم أصير فأر تجاربك..؟"

مطت هيفاء شفتيها بضيق: "وش أسوي لو عندي أخت متزوجة وعايشة برى والأخت الثانية لسى أبدل حفاظاتها؟"

هزت لمار رأسها بلا، لن تسايرها هذه المرة: "طلعي مواهب المكياج حقتك فغيري. أنا أستقيل."

تأففت هيفاء بسخط لسماع ردها، لكن سرعان ما انسحب السخط منها ليحل محله التفكير: "لمورة.. مو إنتي قلتي إن خالك سافر الصبح؟"

أومأت بنعم، فقد كان سفر خالها سببا في قبول هيفاء المكوث هذه الليلة عندها. لكن لم تفهم ما الذي كانت ترمي إليه صديقتها بسؤالها ذاك.

قالت هيفاء تفسر: "معناته زوجته ما عندها أحد معها صح؟"

استوعبت الهدف الذي تريده: "من جدك؟"

أجابتها: "إيه من جدي. من زمان وأنا ودي أجرب اللي تعلمته عليها. أحس إني بطلع بنتيجة إبداع!"

قالت لمار تعيد صديقتها المتحمسة لأرض الواقع: "لحظة يا بيكاسو، خليها توافق أول بعدين فكري بالنتايج."

نظرت هيفاء إليها بمعنى عندها، لترفض لمار على الفور: "إنتي اللي تبغين تشتغلين عليها، روحي طيب!"

لتعترض هيفاء برجاء: "بس عمري ما كلمتها بغير السلام. ما ينفع أجي عندها فجأة وأطلب منها! إنتي اختلطتي فيها، فخلاص، اطلبي منها..!"

تجادلا طويلا إلى أن خرجا بحل وسط.

وهكذا وجدت لمار نفسها واقفة برفقة هيفاء أمام باب جناح خالها، ينتظران الإجابة بعد طرق الباب.

نظرت زوجة خالها إليهما باستغراب عندما فتحت الباب بعد لحظات بدت كدهر، ترد سلامهما المتوتر بهدوء.

فسرت لمار وقوفهما هذا: "صديقتي هنا ودها تجرب عليك مكياج.."

نظرت زوجة خالها نظرة مطولة إلى هيفاء قبل أن تشير إلى الجناح: "هنا؟"

تبادلت لمار النظرات الذاهلة مع هيفاء قبل أن ترد الأخيرة: "لا، عند لمار، كل أدواتي هناك.."

لم ترد زوجة خالها بشيء بعدها، ورافقتهما بصمت.

انخرطت هيفاء في عملها على زوجة خالها التي سايرتها ولم تعترض كما كانت تفعل لمار، وبدت هيفاء كأن العيد حل مبكرا.

وكما توقعت هيفاء، كانت النتيجة النهائية رائعة، خصوصا عندما كانت مهارات هيفاء أكثر صقلا بعد تلك الدورة التي أخذتها قبل شهور.

التقطت لمار لها صورة، توثق إنجاز صديقتها وجمال زوجة خالها البهي.

أصرت هي وهيفاء على زوجة خالها البقاء معهما أطول، يقضين الوقت ما بين مشاهدة فيلم إلى ربع قبل أن تتعطل بطارية لابتوب هيفاء عليها فجأة، إلى الأخذ من وليمة السعرات الحرارية التي اشترتها لهذه الليلة، وإلى تفحص ألبوم الصور العائلي الذي لاحظته زوجة خالها موضوعا على المنضدة وسألت عنه.

تحب لمار ألبوم الصور ذاك، وتحب تفحصه والشعور بالحنين لأيام جمعت الكل.

انخرطت هيفاء في الضحك عندما عرفت لمار بحرج عن الذين ظهروا في أحد الصور، بينما بدا على زوجة خالها التسلية التامة.

كانت صورة تجمع أربعة: ابنة خالتها ترانيم وأختها كادي، جالستان كالأميرات، بينما ولد خالتها جلال كان يحملها كطفلة، يبدو عليه الإنزعاج وهي تمام البهجة لارتفاعها، تلوح بيديها للسماء. قد قالت لها كادي أنها أصرت وألحت وبكت في سبيل جعل جلال يحملها، وكان المنظر الذي انتهيا به طريفا موثقا بهذه الصورة.

قالت هيفاء تغيظها: "الله! شوفي بعلك الموقر كيف شايلك. واضح إنه راعي واجب منذ الصغر!"

أسكتتها لمار بزخم ضعيف، تفكر للحظة في كون جلال يفكر بها كطفلة تحمل إزعاجها في الصغر.. وكم كانت تلك الفكرة كئيبة.

لفتت نظرها صورة أخرى، لتتناسى أفكارها تلك وتوجه انتباهها لها. قالت تعرف بالصورة: "خالي المسكين تبلش فينا وهو لساته صغير. أذكر إن خالتي وأمي كانوا يعتبروه واحد منا مو أخوهم."

عرضت الصورة خالها وهو مراهق، وحوله أطفال أختيه. وبحق بدا فيها كالأخ بدل الخال. حكت أمها كثيرا عن تلقيه الحلوى والألعاب مثلهم من الأقارب والأصدقاء رغم اعتراضاته. وحكت أيضا عن كونه متطلعا لزياراتهم لبيت جدها، يعطيهم ما عنده ليلعبوا به. كان قدوة لهم في الصغر، خصوصا لابن خالتها جلال.

(جلال.. لِمَ يرجع فكرها إليه بشكل مفرط هذه الأيام؟)

تفحصن صورا كثيرة بعدها، ولاحظت لمار اهتمام زوجة خالها، ابتسامها لسماع حكايا كل صورة، لاحظت أيضا اهتمامها بالصور التي كان خالها شاهين فيها خاصة، يبدو عليها تحليلها، التفكير بعمق بها..

وكان بعد استئذان زوجة خالها للخروج واستسلام هيفاء للنوم أن تذكرت لمار الصورة التي التقطتها لزوجة خالها وهي تحادثه على "الواتس" بعد وصوله لوجهته، تتذكر ما همست به هيفاء لها..

(والله زوجة خالك هذي صاروخ زي ما يقولون..! مفروض خالك ما يخليها تطلع للناس!)

ابتسمت بخبث قبل أن ترسل له الصورة.

#تعرف الحلوة ذي؟

لم يرد عليها خالها إلا بعد دقائق:

#من عنده الصورة غيرك؟

ردت، مستغربة من جفاف نبرة خالها حتى لو أتت بشكل نص:

#بس أنا خالو

رده هذه المرة كان فوريا:

#امسحي الصورة والمحادثة. لو رجعت ولقيتها لساتها عندك إنسي إن كان عندك جوال

لم تخطط لمار للاحتفاظ بالصورة لوقت طويل، وطبعا ستكون حريصة ألا تقع في يد غيرها. لكنها لم تعترض بتلك الحجج وردت:

#حاضر بيغ بوس! إنت تامر أمر!!

وعندما انتهت محادثتهما، أدركت لمار أن خالها لم يبد رأيه بالصورة كما أرادت.

=
=
=

كانت منتهى تقرأ في أحد كتبها المفضلة عندما رن جوالها ينبض باتصال من أبو نادر. أتاها سلامه عندما أجابت بعد شيء من الصعوبة، فجوالها مرهق في بطئه وتعطله المتكرر: "وعليكم السلام أبو نادر.. وصلت؟"

أجابها: "إيه وصلت من فترة.." أردف بعدها يفاجئها: "كويس إني خمنت صح وإنك لساتك ما نمتي."

رفعت هي حاجبا بفضول: "صار شي؟"

خالط رده لمحة من ضحكة: "ليه؟ يبغالي سبب عشان أكلمك؟"

للحظة لم تعرف منتهى بم ترد على سؤاله ذاك، متعجبة مستغربة: "توقعت فيه سالفة تبغى تقولي إياها.."

رد هو بأريحية وتسلية لاحظتها تزداد في صوته هذه الأيام: "ما عندي شي مصيري أقولك عنه.. بس أعلمك بوصولي وخلاص. تمانعين؟"

أجابته بصدق: "لا.."

أحست في نبرته الرضا، ليقطع رده تثاؤبه: "يلا أترخص، بخليك تنامين. تصبحين على خير.."

ردت: "وإنت من أهل الخير.." تمهلت لحظة قبل أن تضيف: "لا تنام عالمكاتب هناك.."

وكان جوابها ضحكة متعبة منه و "إن شاء الله" قبل أن يقفل الخط.

ابتسامة باغتت شفتيها على حين غرة.

ربما استغربت اتصاله بها، لكنها قدرته.

انتهى البارت..~

الفيورا 16-02-18 07:22 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الثلاثون

=
=
=

قالت شادية وهي تُجلس غالية جانبها، متشوقة لتسمع منها، فهي لم ترها إلا مرات متفرقة هذه الفترة: "ما بغينا نشوفك! سرقك عمي منا خلاص..!"

ضحكت عندها غالية ورأت فيها نفس السعادة التي كانت تراها في عمها: "شهور وأنا رازة وجهي عندك. خليه يسرقني وش فيها؟"

لترد تضيق عيونها، تقول باستهجان مزيف وهي تمنع نفسها من الابتسام بإشراق: "مسرع ما نسيتي مسلسلكم اللي حشرتوني فيه.. صدق حريم!"

غمزت لها غالية عندها، تقول بخبث: "خليك من مسلسلات غيرك، أخبار مسلسلك إنتي؟"

أخبرتها عندها شادية عن راحتها مع عبد الرحمن، راحة خالطها الشعور بالذنب والإحساس أنها كانت مقصرة في حقه: "لكن وش أسوي؟ من بيقوم في البيت غيري؟"

ضربتها غالية بخفة على رأسها: "تستهبلين ولا تستهبلين؟ إنتي اللحين في ربيع زواجك.. استغلي الوقت وتصرفي كعروس. إنسي مسؤولياتك ولو يوم! اطلبي منه أحد يساعدك. أكيد بيجيب لك.."

امتعضت ملامح شادية بعدم استساغة: "تعرفيني ما أحب أحد غريب في البيت يقوم فيه، وجدي أردى مني.."

تنهدت غالية بتأفف قبل أن تقترح: "إذا كذا شدي حيلك في التعويض!"

كررت بعدم فهم: "تعويض..؟"

كانت النظرة التي أعطتها غالية مزيجا من التسلي والإشفاق: "شكله ولد الجبر بيتعب معاك.."

=
=
=

كانت تضع لمسات زينتها الأخيرة عندما أتى سيف يخبرها أن الوليد كان في مجلس الرجال لفترة، وأن جلال كان في استقباله.

عندها تذكرت ترانيم كون والدها مسافرا.. وهذا ما جعلها تسرع متجهة إلى المجلس قبل أن يفتعل جلال مشكلة!

لكنها وصلت لترى جلال والوليد منخرطين في الحديث، لا يبدو عليهما القرب من العراك إطلاقا.

استأذن جلال خارجا لرؤيتها تقف على عتبة الباب، ليقول الوليد بتذكير قبل أن يخرج: "لا تنسى تصحى مبكر عالسبت ولا بسحب عليك ترى!"

ليرد جلال بضحكة: "لا توصي حريص..!"

نظرت ترانيم بينهما بعجب..

"وش اللي صار هنا بالضبط..؟"

وربما كان عجبها واضحا، لأن الوليد فسر: "بنروح نصيد السبت.."

رمشت ترانيم عدة مرات قبل أن تسأل: "من متى وجلال يصيد؟"

لم تعتقد يوما أن أخيها الكبير وكلمة صيد سيجتمعان في جملة واحدة. المفهوم بدا غير معقولا، طريف لدرجة هيسترية.

كيف وصل الحديث بهما لأمر الصيد أصلا؟! أي سحر مارسه الوليد على أخيها ليتبدل موقفه منه بجلسة واحدة؟!

أجابها الوليد: "أخوك شكله من النوع اللي يحب التحديات. أصر علي إنه يقدر يتعلم يصيد فيوم واحد.." ابتسم عندها يشملها بنظرة منبهرة، ينحني مقتربا ليقبل جبينها، يهمس: "وياذي الطلة اللي تنعش الروح.."

ابتسمت برضا مغتر، تعرف أنها بدت بأبهى حلة لكن سماع اطرائه لا يضر. ردت: "صرت عصير ليمون على غفلة؟"

قهقه هو ضحكا: "يحليلك لما تحاولي تنكتي..!"

وعندما اعتراها الغيظ من كلامه ذاك احتضنها معتذرا باسما، وكم وجدته ظلما كونه شخص لا يمكن الغضب عليه طويلا.

وحسنا، ربما لاحظت الفرق في البقاء في بيت عائلتها عزباء وبين البقاء فيه متزوجة. وربما لاحظت كونها لا تمانع عودتها مع الوليد لشقته على الإطلاق.

=
=
=

عندما زارت لمار خالتها غادة برفقة أمها، لاحظت ابنة خالتها الصغيرة سمية تتصرف بشكل مريب.

في بادئ الأمر، لا تزعج سمية نفسها عادة في البقاء مع الضيوف بعد تبادل السلام والأسئلة العامة عن الحال. كانت على عكس أختها، منطوية منغلقة عن الناس سوى من صديقاتها المقربات. كونها ما زالت جالسة معهن كان عجيبا.

لم تكتف سمية ببقائها المطول، لا، بل زادت عليه بمحاولاتها التقاط صورة للمار دون أن تلاحظ.

توجهت إليها لمار بابتسامة، تتحقق من احتمالية تشكلت في ذهنها عن سبب كل هذا: "ممكن جوالك لحظة؟"

=
=
=

سأل جلال عندما رد اتصال أخته، متناسيا استغرابه من اتصالها به وهو يريد الرد بصورة منها: "ها؟ بشري؟"

رد عليه ذاك الصوت المبحوح بنبرة مرح وتقليد لمقدمي برامج المسابقات: "للأسف خسرت، حظا أوفر في المرة القادمة..!"

احتاج جلال لحظة ليستوعب ما حصل قبل أن يبتسم، يرد بافتتان: "ما اعتبر نفسي خاسر وإنتي اخترتي تتصلي علي.."

ازدادت ابتسامته ميلا عندما سمعها تتلعثم في مخاطبتها سمية، تناولها الجوال. قالت سمية تشرح ما حصل بكلمة: "مسكتني.."

واساها جلال، فهي قد امتثلت لطلبه دون أي اعتراض: "ما عليه سمسومة، بجرب شي ثاني."

حسنا إذا، أثبتت لمار أنها لم تكن بالخصم السهل.

=
=
=

فور فتحها الباب، رأت منتهى لمار وبيدها جوالها، تمده إليها قائلة: "خالي يبي يكلمك.." لتخطو مبتعدة حال أخذها الجوال منها، قبل أن ترد منتهى بكلمة حتى.

سلمت عليه مستغربة من كونه لم يتصل بجوالها إذا كان يريد محادثتها، ليتبين السبب بعد رده سلامها، يسأل: "صار لك شي ولا وش؟ حاولت اتصل عليك ويقولي يا إما إن الخط مشغول أو الجوال مقفل.."

اتجهت للطاولة الصغيرة التي وضعت جوالها عليها، تلتقطه وتتفحصه لتجد أن كل رقم لديها كان محظورا: "جوالي خرب علي كالعادة. مسوي حظر للكل من نفسه.."

سألها عندها والعجب باد في صوته: "وليه ما بدلتيه؟"

ردت بعدم اكتراث: "أنسى.. وبأية حال، أنا ممشية وضعي معاه، ومو كأن اتصالات كثيرة تجيني.."

في الحقيقة، لم تشتر هذا الجوال إلا بعد زواجها بأبو كادي، ولم يكن محفوظا فيه سوى خمس أرقام. الأول كان رقم عمها حامد الذي لم تتصل به مرة إيفاء لعهدها. الثاني كان رقم أبو كادي الذي حذفته قبل فترة. الثالث والرابع كانا رقمي كادي ولمار لإصرار والدهما حفظهما تحسبا لطارئ. الخامس والأخير كان رقم أبو نادر.

لم يأتي مساء هذا اليوم إلا ويأتيها طرق على الباب، لترى الخادمة تحمل بيدها علبة عندما دلفت داخلا، علبة تبين أنها تحوي جوالا فخما حديث الطراز.

كان جواب أبو نادر عندما اتصلت به فور تشغيلها للجوال: "ما دامك تنسين، جبته لك بدلا عنك.."

=
=
=

لاحظ الوليد تجنب ترانيم له طيلة هذا الصباح والتزامها السرير مغطية نفسها تماما باللحاف. أقلقه تصرفها، خصوصا عندما لم تقضي "لحظتها" المعتادة في التجهز ليوم جديد.

جلس جانبها على طرف السرير، يسأل: "حبيبتي إنتي بخير؟"

لتجيبه بصوت مكتوم بفعل اللحاف: "إيه بخير.."

لم يصدقها: "طيب نزلي ذا اللحاف وخليني أشوف وجهك.."

لم تجبه حتى بعد انتظارها للحظات.

مد يده عندها يرفع اللحاف عنها بالكامل، وما رآه جعل مستويات القلق تصل أقصاها: "ليه تكذبين وتقولين ما فيك شي؟!"

إذا كانت ترانيم في العادة مشعة في بهائها، فإنها اليوم بدت خافتة حد العتمة. كانت شاحبة باديا عليها الإرهاق التام، خصلات من شعرها ملتصقة بوجهها المتعرق، وملامحها تتشنج ثوان ببوادر الألم. قالت له مشيحة بنظرها عنه: "والله ما فيني شي.."

رد عليها بحزم: "خلينا نروح المستشفى ونشوف."

أصرت: "صدقني ما بيقولوا شي.." فسرت له بحرج: "الدورة تخلي حالتي حالة، فأحسن تبعد عني لأن منظري ما يسر."

أخيرا فهم حرجها وسبب اعتراضها، وابتسم لها بعطف، يرجع بضع خصلات وراء أذنها: "مافيه أحد بيكون توب على مدار الساعة، عادي لو صارت مطبات." جعلها تنظر إليه: "تراني زوجك، متوقع مني أشوفك بأردى الحالات. وش بتسوين لا جيتي تولدين، تطلعيني من الغرفة؟"

أجابته بكل جدية: "إيه.."

ضحك من طبعها الغريب وسأل عندما هدأ: "وش أقدر أجيب لك اللحين؟"

وبعد لحظة تردد، أجابته ببضع طلبات.

=
=
=

أحيانا عندما يصل الضجر بها أقصى حدوده، تحضر كادي تجمعات نسوة مبنى الشقق الذي تعيش فيه، تقضي الوقت بصمت بينهن وثرثرتهن.

حديث هذه الجلسة كان عودة مالك هذا المبنى للبلاد، موضوع لم تكن كادي مهتمة به إلا عندما وجهت جارتها فدوى لها الحديث: "زوجك عالجه مرة صح؟"

كيف عرفت؟: "إيه.."

بدت فدوى فخورة بنفسها لسماع جوابها: "كنت دارية..! زوج كادي هو نفسه الرجال اللي كان يحكي أبو قاسم عنه لفترة يا بنات!"

هتفت أخرى تسمى هديل: "أذكر إنه كان متحسر إن بنته كانت متزوجة، ولا كان بيزوجها له كرد معروف!"

لحظة.. لحظة لحظة لحظة!

سألت كادي بسكون، تريد التأكد مما سمعته: "وش قلتي؟"

قالت تلك تطمئنها: "لا ذي سالفة صارت من زمان قبل لا يتزوجك ما عليك..! وما قالها أبو قاسم إلا لما سألناه عن حاله بعد تعبه ذاك. يعني زوجك ما يعرف عن نيته."

كانت.. محقة، فحتى عبد العزيز أخبرها عن تلك الحادثة ودورها في سكنه هذا المبنى..

لكن كادي لم تستطع إلا أن تغضب من مجرد الفكرة!

عندها قالت أخرى تسمى روعة بإدراك: "لحظة.. مو بنته ذيك تطلقت تو؟"

لتؤيدها فدوى، تضرب يدا على ركبتها: "إيه والله! توها تطلقت من ذاك الصحفي..."

أخذن عندها يحكين عن ابنة أبو قاسم، ينسين وقع الموضوع بأسره على كادي التي احترقت حتى الرماد في مكانها.

انتهى البارت..~

Maysan 17-02-18 01:08 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا جزيلا الفي وربي يجزاك خير ويسعدك ويوفقك ويفتح عليك وييسر امورك على الفصول الثلاث الجمليه جدا رسمتي البسمه على فيسي ربي يرفع قدرك ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين بدراستك وتسلم يدينك يارب ..

شاهين ومنتهى / تطور جدا جميل في مشاعرهم اعجبني .. الاثنين بيتقاربوا من بعض بشكل سلس وجميل وتدريجي جدا .. شاهين وشعور الرضا اللي يتخالج صدره لما مانفرت منه 😍.. اتوقع في حاجه راح تحصل تقربهم من بعض اكثر واسرع .. ام عبد الرحمن هالعجيز يعني كانت عارفه بوجود خلل في اخلاق تسنيم ومع كذا زوجتها شاهينا !! وحذرت ولدها منها العجيب ورا هو ماحكى وحذر ولد عمه ليه سكت وهو عارف انه امه اللي مرشحتها لهم !! والله ماألومه لما انه وضع منتهى تحت المراقبه اللي حصل له من هالعجيز شيء بشع 😤.. ردة فعل شاهين على الصوره اللي ارسلتها له لمار غريب !! بصراحه مااستنجت منه حاجه هو خوف او قلق او الاثنين اكيد هو عارف لمار وواثق فيها تمام الثقه لكن ردة فعله حيرتني ؟ زياده على جفاف رده عليها ؟ كنت ابقى اعرف ردة فعله على الصوره ايش رأيه ههههههههههههه وكيف شافها لمنتهى بعد الميك اب خصوصا انها هي بدونه يقول عنها فتنه وماتحتاجه ؟!! الفي ايش رأيك تعرفينا برأيه فيها بالميك اب مستقبلا ههههههههههه ..
اعتقد انه شراء شاهين للجوال مو بس انه لانه منتهى تنسى عن تستبدله اتوقع هو رغبته في محادثتها والإطمئنان عليها وهو غايب .. واللي اكد لي الشيء هذا اتصاله بلمار لما عجز عن التواصل معها وكانت جملته بعد السلام تظهر قلقله عليها .. كل الاهتمام والتقدير والاحترام اللي يعمله شاهين تجاه منتهى هي بالاساس فاقدته وبعضها ماعمرها جربته ياعيني عليك يابنتي ياميمي حسبي على اللي ظلمك وآذاك 😡..

كنت انتظر ردة فعل اعنف من كذا من العجيز لكن طلعت الاخت عارفه ومطلعه على مسألة زواجه وتراقب بعد لها في شغل الافلام البولسيه والاكشن بصراحه ههههههههههههه .. ولدك طول بعرض رجال تراقبيه !! بزر هو علشان كل هذا ؟ المهم اتوقع هي ماسكتت من خير اكيد ناويه نيه سوداء على عروس ولدها .. ومادام هي مو راضيه عنها ولا راح ترضى الله يعين شاديه عليها ☹.. نشوف كيف بتدخل للمسكينه اللي على نيتها واذا كانت شاديه ماتعرف للحريم الخبثيات فغاليه موجوده الله يسلمها لنا بس هههههههههه ..

شاديه وعبد الرحمن / يالله تذكرت موقف حصل لي مثل عبد الرحمن بالشتاء دخلت اتروش والسخان بح والله ياهو عذاب هههههههه الله لايذوقه احد .. الجد وراه كذا متحفز ومنغلق على رجل حفيدته .. ياليت تحفر بس وتعرف انه حفيدتك هي سبب جلوسه عندكم مو هو ابقى اعرف ردة فعله لا عرف انه ظلم عبد الرحمن .. وغاليه معها حق حسيت شاديه مو مثل باقي عرايس الروايه هههههههه مختلفه تماما تأتي بعد منتهى طبعا ..

جلال ولمار / خيرها بغيرها .. والله ذكيه هالبنت ولماحه والله بشوق لردة فعله بعد مايشوفها ويصفها لنا ..

الوليد وترانيم / اممم اقدر اقول تنازلت عن كبريائها وراح تستمر بعلاقتها مع الوليد او بدري على الحكي هذا ؟ كل المؤشرات الحاليه بتدعم تنازلها لكن مانعرف هل هو مؤقت او دائم !! خصوصا انها بدأت تعقد مقارنه والنتائج تصب في صالح حياتها مع الوليد واللي واضح عليه انسان حلو المعشر وسلس في التعامل وحباب هههههه اتمنى من جد انه الوليد مايعرف نهائي انه اخذته وهي مغصوبه 💔..

كادي وعبد العزيز / مين هذا ابنة ابوقاسم ياهو على سواليف الحريم اللي ما وراها فائده ههههههه وهذا وحده منهم من جد يعني ليه يذكروا هذا الموضوع بالذات خوفوا المخلوقه وتركوها تشتعل وربنا يستر اذا رجعت شقتها ايش ممكن تسوي .. وبعدين اتوقع اصرارها على سكن عبد العزيز عنده هذا هو رد المعروف له ومااعتقد انه يفكر يزوج عبد العزيز بنته وخاصة وهو متزوج 😌.. لكن هنا راح تظهر لنا مشاعر كادي واللي كانت تحاول تهرب منه قبل الزواج وبعده 😁..

تسلمي مره ثانيه الفي ربي يسعدك ويقضي حوائجك وييسر امورك .. بإنتظاااار القااادم بشوووق ربنا يبارك فيك وفيما وهبك واعطاك ورزقك يارب .. 🌹..

أبها 17-02-18 08:36 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
شكرا الفيورا على الكرم الحاتمي .🌸

كل أبطالنا أحوالهم عال العال ..
اللي نغص علينا أم عبدالرحمن .. إنسانة غريبة الأطوار .
في البداية ترشح لولدها عروس و تلح عليه ياخذها ، ثم بعد ما عرفت
عن سوء أخلاقها ترشحها لشاهين ، عجيب أمرها .!! 🤔
هل كانت تريد الانتقام من ابو شاهين عن طريق ولده ؟ و للا في
شي مستخبي ؟؟
و ما اعتقد أبداً إنها راح تسكت على زواج عبدالرحمن من غير شورها
و علمها .. الله يستر على شادية و يحفظها من مكايدها .

كادي و عبدالعزيز .. أرجو إن أوراق الماضي ما تأثر على
علاقتهم ، مع إني ما فهمت الموضوع بالضبط ..
قرقة الحريم و سوالف الاجتماعات البطالة ما ياخذ الواحد
منها حق و لا باطل .
كل الشكر والتقدير الفيورا .. بانتظارك باذن الله .🍃

د ا ن ة 18-02-18 04:22 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
تسلمين على الثلاث بارتات راااائعة وحماسية
..
واصلي 😚

الفيورا 20-02-18 08:41 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم يا حلوين.. جدا جدا آسفة على تأخيري، واجهتني مشاكل في الاتصال من كم يوم وشوي وكنت بتهاوش مع شركة الاتصالات لين ما لقوا حل ولله الحمد والمنة..

الواحدة والثلاثون

=
=
=

جواله كان يرن باتصال من ممثل البنك المتعاقد معهم، بالتأكيد يريد تفقد تقدمه.

تجاهله شاهين تماما، مركزا كل اهتمامه على الأوراق بين يديه. وربما كان ذلك طبعا سيئا فيه، كونه لا يريد مقاطعات أثناء عمله مهما كان سبب المقاطعة، لكن ذلك كان طبعه ولن يغيره.

وما إن توقف جواله عن الرنين حتى بدأ ينبض باتصال مرة أخرى، لكن هذه المرة لم يكن المتصل ذاك الممثل، بل زوجته.

(حسنا، ربما لديه بعض الاستثناءات..)

بردة فعل يقودها الاستغراب، وضع أوراقه جانبا والتقط جواله مجيبا للاتصال، ليأتيه صوتها يحييه: "السلام عليكم أبو نادر. مشغول؟"

أجابها: "لا.. صار شي؟"

ردت: "ما صار شي. لقيت كتاب لك في مجلسك وعجبني.. عندك واحد مثله؟"

قال بدل الجواب، يعرف بالضبط أي كتاب كانت تقصد: "ما توقعتك مهتمة بمجال السياسة.."

لترد: "أقرا أي شي ألقاه، عادي عندي.."

فكر للحظة قبل أن يقول: "على ما أظن فيه كتب تناقش مواضيع مماثلة للكتاب اللي قريتيه فمكتبي.."

سألته عندها، بسخرية، بعجب، باستغراب.. لا يهم، المهم كان ماهية سؤالها: "وبتأمني لوحدي فمكتبك؟"

ليقول وابتسامة تسلية ترتسم على شفتيه: "سؤالك ذا معناته إنك لساتك ما دخلتيه، مع أن كان عندك الفرصة.." بقيت هي صامتة، ليردف بعمق: "إيه، أمنك على مكتبي.."

لا يدري لم، لكنه متيقن أن هذه المرأة لن تضره.

رغما عنه، رغم عظم الأسباب التي جعلت من الريبة والحذر منهجا له، وجد شاهين نفسه يرتاح لها.

=
=
=

كما وعد، عاد عبد الرحمن بعد يومين، وكما نصحتها غالية، بذلت أقصى ما عندها جهدا لاستقباله.. لتعويض شيء من انشغالها الدائم عنه..

لكن.. رغم وضوح تأثره بما فعلت وملاحظته لجهدها، رأته شادية مثقلا بهم شيء، يشرد في التفكير فيه..

انتظرت حتى اختليا في غرفتهما لتضع يدا على عضده تشد انتباهه من سرحانه، تسأله بقلق: "فيه شي يا عبد الرحمن..؟"

ابتسم عبد الرحمن لها يطمئنها، لكن زخم ابتسامته كان ضعيفا مزيفا وعرف هو ذلك.. ليتنهد ويجيبها: "قلت لأمي عن زواجي بك.."

أمه.. تلك النقطة التي وجدت تفكيرها يرجع إليها، تؤرق خاطرها في أكثر اللحظات سكونا. ارتاحت لمعرفة الخبر: "الحمد لله تدري عنا.."

تعبير يحكي عن ألم مر كرمشة عين على ملامح عبد الرحمن، ولم تفهم شادية لماذا. ألم تكن أمه؟ ألم تكن نفس المرأة التي حكى عبد الرحمن بحب عنها إذا تطرق الحديث إليها؟

سألته مردفة: "وش قالت..؟"

وضعت شادية بضعة احتمالات في بالها، من الرفض والهياج التام إلى القبول البارد.. لكن على ما يبدو، لن تصل للاحتمالات التي فكر بها زوجها.

بدل إجابتها، قال لها بكل جدية، كأنه يتحدث عن كارثة قادمة: "خذي حذرك من اللحين ورايح.. توقعي أي شي.."

استفسرت بإلحاح: "وش قصدك..؟"

ليرد: "أمي.. صعبة شوي.."

مهما كان الذي يثقل خاطر عبد الرحمن، كانت شادية الآن متأكدة أن حماتها لم تكن مجرد "صعبة شوي"..

صدقا، من أي نوع من النساء هي؟!

=
=
=

انحنت ترانيم في وقوفها بترقب، تراقب الوليد يأكل لقمة من الأرز الذي حضرته، الطبق الأول الذي أعدته منذ أيام حصص التدبير المنزلي في المدرسة، ليقول يجيب عن سؤالها الصامت: "ما شاء الله كريمة مع الملح.."

ضيقت ترانيم عيونها: "قول رأيك بصراحة، ما بزعل.."

بدا على الوليد الشك التام قبل أن يجيبها أخيرا: "الرز مالح بزيادة وبعضه محروق، والدجاج يبغاله بهارات.. بس بينأكل، أكلت أردى.."

لتقول تدافع عن نفسها: "الرز صعب..!"

ليقول هو بدوره: "مو لذيك الدرجة.."

سألته: "عمرك سويته؟" وعندما هز رأسه بالنفي، أردفت متحدية: "سويه طيب، ولو طلع أحسن من حقي لك اللي تبي!"

وفي وقت آخر من هذا اليوم، خسرت..

كان الأرز الذي أعده أفضل بمراحل، كالفرق بين الثرى والثريا. سألته ذاهلة: "كيف؟!"

ابتسم بفخر: "كنت أشوف أمي وهي تسويه فحفظت الطريقة منها.." أشار إلى خده بإصبع: "على ما أظن وعدتيني بجائزة..؟"

بطبيعتها المحبة للفوز، أغاظتها خسارتها، لكنها تمهلت في التفكير للحظة قبل أن تبتسم بخبث استغربه الوليد وهي تتقدم مقتربة، وبدل طبع قبلة على خده طبعتها على شفتيه، وكانت رؤية تعبيره المصدوم الشبه دائخ عندما ابتعدت عنه تعويضا كافيا عن خسارتها.

=
=
=

كان متجها لبيت سالم عندما استوقفه على الطريق رجل. رفع عبد الرحمن حاجبا لرؤية البغض يقطر من نظراته.. لا يذكر رؤيته مرة.. لحظة، ألم يكن هذا الرجل الذي تعارك مع سالم أمام الجامع تلك الليلة؟ نفس الرجل الذي..

(واحد سوى سالفة على إن بنت أخوي رفضته وعصبت عليه)

اكتسى تعبيره الجمود وعلى ما يبدو، صمته قد نجح في إغاظة الرجل، ليهتف: "ما كنت أحسب إني بشوف رجال بيرضى المذلة على نفسه ويعيش تحت سقف مرة! بس وش نتوقع من الغُرب؟"

ابتسم عبد الرحمن بكياسة أخفت الغضب المتفاقم داخله، ليس من كلمات الرجل، لا، بل من فكرة سبقه في التفكير بشادية زوجة له، من فكرة أنه خطبها ذات مرة، من فكرة أن كلماته الحاقدة أتت من غيرة من موضعه.

قال عبد الرحمن دون تردد: "بنت محمد جوهرة تستاهل أسكن في الخلا لخاطرها، ولو ناس رضوا يضيعونها من يدهم، أنا ما برضى.."

قال مردفا وابتسامته تختفي، بحدة نظرات ونبرة، يحذره: "لو دريت إنك جبت طاري بيت المنصور بأي شكل صدقني.. بلقى طريقة أخليك تندم على اليوم اللي شفتني فيه.."

مشى متجاوزا الرجل دون اكتراث بعدها، مكملا لطريقه.

=
=
=

منذ فترة وابن خالتها سيف لا يمر بها مطالبا بجولة لعب على جهاز البلايستيشن خاصته، بل بدا كأنه يحاول تجنبها كلما التقى بها.

قررت الاستقصاء وحاصرته عندما زار جدها كالعادة: "ليه تتجنبني يا سيفوه؟ انطق يلا..!"

أكملت عندما رأته لم يجبها بعد: "يمكن تجنبك ذا له علاقة بشخص؟ أبوك أو أمك؟ وحدة من أخواتك؟ أخوك..؟" كان الأخير من جعل سيف يتصلب تفاعلا. استنطقته: "أخوك اللي قال لا عاد تمر علي؟"

لم يرد، لكنها لم تحتج الإجابة وهو يمط شفتيه بطفولية. طلبت منه جواله لتبحث بين الأسماء وتتصل بجلال على الفور. أتاها رده بعد عدة رنات: "هلا سيف.. خير، وش تبي؟"

ردت عليه بصرامة مفتعلة: "إنت اللي قلت لسيف ما يجي لي؟"

كان الصمت جوابها لثانية ثم ثانيتان ثم ثلاث.. ثم: "نفسي أعرف متى بتتصلي بجوالي أنا بدل ما تتسلفي جوالات إخواني.." تحولت نبرته المتسلية إلى أخرى حازمة عندما أردف: "إيه، أنا اللي قلتله.. عندك مانع؟"

سألته بدورها، لا تستطيع بصدق رؤية السبب: "طيب ليه؟"

ليقول: "لأنه خلاص بدا يكبر ويبغاله نرسم له حدود.." قال بعدها بنبرة لم تفهم ماهيتها، لكنها بعثت فيها الخجل، خصوصا محقونة مع كلماته: "وبصراحة كنت غيران منه.. هو يقدر يملي عيونه بشوفتك وأنا لا؟"

نظر إليها سيف بفضول عندما أعادت له جواله فوريا، يتضح تساؤله عن السبب الذي احمرت لأجله كما تحس أنها فعلت.

قال بصدق وإخلاص طفل بدأ يخطو خطواته نحو الشباب وهو يكلم أخاه: "هيه جلال، أعرف إني خلاص صرت كبير وكل ذا، بس أبي ألعب مع لمار مرة أخيرة.." انتظر لحظات قبل أن يبتسم بعرض بعدها، وعرفت لمار جواب جلال دون الحاجة للسؤال.

هتف سيف بحماس عن كل الألعاب التي يجب أن يلعباها معا، يقودها إلى المجلس بخطى راكضة.

وكان بعد عدة ساعات أن خطت زوجة خالها داخل مجلس النساء، تقول وهي تجلس: "لساتكم تلعبون؟"

ضحكت لمار بخفة: "إيه اليوم سيفوه ناوي يهلكنا لعب..!" وعندما لم يؤيد سيف كلامها، التفتت لتراه ينظر إلى زوجة أبيها بانبهار فاضح، ردة فعل لأول مرة يراها فيها.

ضيقت لمار عيونها.

"جلال كان معاه حق فسالفة الحدود ذيك.."

لكن سرعان ما تشتت انتباهه عن زوجة خالهما عندما عادا إلى اللعب، أحيانا يجعلونها حكما يحكم أيهما غش بانتصاره وأيهما خسر ظلما، وأحيانا أخرى يجعلانها تجرب لعبة.

(-: "يا خالة.. إنتي قاعدة تتعمدين تفشلين في المهمة؟"

هزت زوجة خالها كتفا بلا مبالاة: "أشكال الأعداء تضحك لما أهاجمهم بدل شغلة التسلل ذي..")

كانت أمسية ممتعة.. إلى أن دخلت عليهم أمها بنهايتها، تقول لسيف أن أخاه أتى ليرجعه للبيت، لتتوقف عند رؤية زوجة خالها جالسة معهم، باديا عليهم كلهم الإندماج فيما كانوا يفعلونه.

لم يلاحظ سيف الوضع ولملم أغراضه قبل أن يودعهم، مستغربا من الصمت الذي حل بالكل ليسرع بخطواته عندما أتى اتصال له يستعجله الخروج.

بدت زوجة خالها مترددة في أمر الخروج، لكنها فعلت في النهاية، تقول: "أنا اللي جلست عندهم.."

وكان بعد ابتعاد وقع خطوات زوجة خالها أن تكلمت أمها: "تعرف تكذب.. بس مشكلة الكذب إنه بينكشف، خصوصا لما تكذب عن شخص.." استطردت: "من فترة وأنا ملاحظتكم متصاحبات.."

كانت هذه فرصتها في الإنكار، في وضع كل اللوم على كتفي زوجة خالها.. لكن لمار تعبت أن تُحمى من خيبة أمها، تعبت من تحمل زوجة خالها اللوم كل مرة حتى تجنبها هذا الوضع..

لذا، جاوبت فقط بـ: "إيه.."

سألتها أمها عندها، بحيادية أرعبتها: "ومتى قربتوا من بعض لذي الدرجة؟"

ابتلعت لمار غصة ثم أجابت بسكون: "بعد شهرين من وفاة أبوي.. كنت أزورها فبيتنا القديم.."

صمتت أمها، وظل الصمت خانقا بينهما حتى حاولت لمار إفهامها: "يمه هي ما عند.."

قاطعتها أمها بهدوء، تخطو مبتعدة عنها: "مابي أسمع شي.."

=
=
=

اتصل بها عبد العزيز يخبرها أنه قريب من الشقة، يسألها إذا كانت تحتاج شيئا من السوبرماركت جانبهم.

لكن.. مضت ساعة ونصف منذ اتصاله ذاك. أمر غريب، فهي لم تطلب أكثر من غرضين، والسوبرماركت كان على بعد دقائق قلة بالسيارة.

الأغرب، والأكثر إثارة للقلق، أنه لم يكن يجيب على جواله..

لذا، سألته كادي فور دخوله الشقة: "وين كنت؟"

أجابها يضع الكيس الذي يحتوي على ما طلبت على كاونتر المطبخ، يتثاءب تعبا، ولا عجب فقد كان لديه مناوبة من ليلة البارحة حتى صباح اليوم: "في المبنى، أبو قاسم شافني وحلف علي أدخل أتقهوى عنده.."

كررت وبراكين تفور داخلها من ذكر ذاك الاسم وما ارتبط به: "أبو قاسم..؟"

ليجيبها عبد العزيز غير ملاحظ لما تكمنه داخلها، ولا حدة نبرتها عند نطقها اسم مالك المبنى: "قلتلك عنه مرة، رجال عالجته وساعدني ألقى ذي الشقة.." خالط صوته الضحكة عندما قال بعدها: "تخيلي! لساته متذكر السالفة ويذكرني فيها مع أنه كان واجب وبس.."

"أكيد يذكرك، مو عنده مخططات بعيدة المدى لحضرتك؟!"

وفي انخراطها في التفكير لم تسمع عبد العزيز يقول أنه سينام قسطا قبل صلاة الظهر حتى رأته قد ذهب.

زفرت بضيق وغيظ وهي تتهاوى جالسة، محظوظة في وحدتها اللحظية هذه حتى تفكر.. تفكر بحياتها مع عبد العزيز وكيف خالفت كل ما صبت إليه عندما وافقت عليه.

أرادت حياة لا أثر لهياج العواطف فيها. أرادت زوجا لم تشعر سوى بالاحترام نحوه..

(أرادت شخصا لن تنجرح بسبب هجرانه..)

لكن عبد العزيز عاصفة أتت لتقلب توقعاتها، ولم تندم كادي على دخوله حياتها بكل الفوضى التي ترافقه.

أتاها صوت أختها عندها، يصدح بما قالته في أحد الزيارات عندما أقفلت الخط من محادثة مع عبد العزيز، مغيظة متسلية..

(اعترفي وريحي نفسك يختي.. واضح إنك ميتة لأقصاك فيه..!)

رغما عنها قلبها تمرد عليها، زاد دقا عندما أرادت تثبيطه، زادها ألما لتخيل تكرار قصة طُبعت على جدران هواجسها.

لم تر رجلا يعبر عن حبه لزوجته كأبيها المرحوم، لكن حبه ذاك لم يمنعه من نسيان العشرة والسنين، من الرضى بتركها، أليس كذلك؟

عبد العزيز لم ينطقها، لم يخبرها مرة أنه يحبها.. ما زالا في البداية مقابل سنين السابقين..

مقارنة بأمها..

وضعها كان أسوأ.

انتهى البارت..~

ندا المطر 20-02-18 09:56 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اجمل مفاجأه نزول البارت اليوم
نستمتع دائما بالاحداث الجميلة... وان كنت أتمنى نزول فصل يومي من جمال كلماتك
متابعين معك عزيزتي...

امال العيد 20-02-18 11:43 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
فصول رائعة الفيورا

شاهين ومنتهى بدأ يغرق في عالمها وعقبال م نشوفها غارقه معه ومع ذلك منتهى تقبلته كثثثير .. أما من ارسلت له لاامارا الصورة وعدم رده ع شكلها انا انتظر ردت فعله اتوقع ان الصورة عنده يتمقل فيها هههههه .. وفوقها استثناء رد ع مكالمتها 😍😍 عقبال م علاقتهم في بعض تزين

جلال ولامارا حبيتها والله عرفت كيف تخلي جلال يتعلق فيها بدون م تدري والا جلال محاولاتك فاشله دور غيرها هههههه والحين منعت اخوك عنها معك حق والله كبير الولد

شادية وعبدالرحمن مع خطط أم عبدالرحمن م اتوقع راح تعيشون في سعادة لأن واضح أنها مو راضيه في شادية وعذرها أقبح من ذنب يعني م شافت نفسها ولا نست خلاص .. أما خطتها في زواج نسيم لشاهين وش هدفها هالحرمه زوجته بزوجه الله أعلم فيها وفوقها خربت علاقته في أبوة الله يكفينا شرها

الوليد وترانيم تعلموا الطبخ ع أصوله محد يجي من بطن أمه عالم هههههه وأخيرا شفت التقدم في ترانيم بعلاقتها مع والوليد نست م خططت له الحمدلله والله الوليد م يستاهل إلا كل خير

عبدالعزيز وكادي وهذه مقفله قلبها بلا حب بلا هم بس شفنا العكس ههههههه مثل م يقولون الغيره تحرق ديرة ويويلك يا سواد ليلك منها يا عزوز والله راح تخطط تخطيط واتوقع والله أعلم راح يطلعوا من الشقه طبعا بعد الحن والزن من كادي أو أنها تواجه أبو قاسم هذا وتوريه الشغل هو وبنته يا شيخ هو عمل إنساني وانت تبي تدبس بنتك برجال

سالم وغالية أخيرا رجعتتوا لبعض وفوقها عوضك م بغيتوا والله

جد شادية والله شاد حيلك ع الرجال م تدري انه من خطط بنتك رحمت عبدالرحمن م يدري وش سبب الكره .. وإلا اللي كان يبي شادية هذه من وين طلع لنا الله يستر من آخر علومه

منال الحين زعلت من عرفت ان بنتها ع علاقة في منتهى الله يعين لاامارا ع زعل أمها*


تسلم اناملك الفيورا ع هالابداع وربي يسعدك ويوفقك في حياتك ودراستك ويبارك لك في وقتك وجهدك ولا يضيع لك تعب .. وانتظر البارت الجاي ع خير .. والله كنت ابي استفسر عن عدم تنزيلك الأحد بس قلت عسى المانع خير والحمدلله تطمن عليك ربي يحفظك
*

Maysan 21-02-18 01:44 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يالله انك تحيي الفي 🌹.. الحمدلله تطمنت عليك وانه الشبكه هي السبب كنت راح اسئل عنك والحمدلله انك طمنيتنا عنك .. تسلم يدينك يارب فصل جميل جدا .. ربي يسعدك ويوفقك ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين بدراستك وينور بصيرتك وييسر امورك ويسهلها ويبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك ورزقك واعطاك ويقضي حوائجك ويذللك كل عسير وصعب ..

شاهنتي المزيون وميمي بنتي ههههههه 😍😍.. تسلم الاستثناءات وراعيها .. كيف صار فجأه استثناء لعاده دائمه ؟! بدأ يتصرف تصرفات غريبه على شخصيته وبدأ هو يلاحظها ويستغرب منها .. الراحه اللي تسربت جواته من منتهى بداية ثقه قويه بعد حذر سنوات ناتج عن خيبة والم من الصغر !! منتهى بدأت تستعمر خلايا عقله هههههه ويارب نشوفها قريبا في قلبه .. على قولة لمار نبقى نشوف شاهين المحب هههههههه ..

اوف اول ماشفت منال بالبارت خفت هههههههههه استغفر الله رابطه شوفتها بأسيل .. منتهى كذبت مو لشيء كذبت علشان تنقذ لمار لكن الام ماجاز لها ابدا التقارب الحاصل بينهم والاندماج .. ياليتها تعرف الحقيقه قريب .. مع انه مااعتقد راح يأثر فيها شيء ممكن يحدث فارق في المعامله بسيط ..

شاديه وعبدالرحمن والله يالدحمي كارثه قليله على الممكن تعمله العجيز اللي تسمى امك ممكن شيء اعظم من الكارثه واشد لكن الاكيد انكم ماراح تسلموا من خبثها الى ما تتخلص من شاديه 😑.. الله يستر منها عليكم وعلى منتهى وشاهين :( .. المصيبه انه ماعلمها من اي نوع امه من النساء رمى لها بداية الخيوط وعليها التجميع ؟!! استغفر الله هي المسأله ناقصه هالعوض خلاص ياابن الحلال انت اعرست فكنا من شرك وثرثرتك الوضع مع امه العجيز مو متحمل تدخلات خارجيه ههههههه ..

ترانيم والوليد والله الامور كأنها بينهم بدأت تزين !! والاخت مستمتعه بحياتها معه الله يدومها نعمه ..

عبدالعزيز وكادي شبح حياة امها وتجربتها مازالت هاجس لها يحوم حولها ويخنقها !! اتمنى بس انها ماتتهور وتكون حكيمه لانه لغة التعميم ماتنفع ابدا .. لكن من جد ابوقاسم شكله ناوي على حاجه يعني عزومه وتذكير باللذى مضى 🤔 المشكله انه معجب بعبدالعزيز بقوووه ..لكن اعتقد ومازالت انه هالمطب راح يظهر مشاعر الاثنين على السطح وراح تكون علاقته اكثر متانه وقوه وتتحرر كادي من هاجوس تجربة امها وابوها ..

شكرا الفي مره ثانيه .. 🌹..

د ا ن ة 23-02-18 01:33 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
...
متشوقين مره للبارت اليوم يااارب تنزلين 🤗

الفيورا 23-02-18 10:37 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اعتذر عن التأخير، جتني شوية مشاغل.. بحاول أعوض تقصيري الأيام الجاية بإذن الله، ادعي ربي يقدرني على الوفاء..

الثانية والثلاثون

=
=
=

ما إن وصل شاهين الرياض بعد أرق ورحلة ساعات طوال حتى صدح جواله باتصال من البنك، يطالبون بحضوره عاجلا ليترأس اجتماعا يناقش الاستثمارات التي يشرف عليها.

تنهد شاهين ودلك صدغيه بصبر، يطلب من السائق إيصال أغراضه للبيت قبل أن يترجل من السيارة ليدخل البنك.

وعندما نجح في اختصار وتركيز الاجتماع في ساعة واحدة، اقتحم مكتبه أحد إخوة راضي، فرد جديد لم يلتقيه من قبل، لكن ناطق بنفس كلمات ووعيد إخوته.

تجاهله شاهين بالكامل وهو يكاد يفور من الانزعاج، يطرده بصمت من مكتبه، لكن ليس قبل أن يزيد الصداع الذي عاناه منذ البارحة أضعافا.

وعندما رجع أخيرا للبيت، تساءل للحظة أين كانت أخته منال، ليتذكر الوضع المتوتر بينهما، الوضع الذي بسببه لم تكن في استقباله كما كانت تفعل في الماضي، ليزيده أساه إرهاقا.

ومن شدة إعيائه لم يستوعب متى دخل جناحه ومتى استلقى على سريره، فقط استغراقه في النوم لدقائق ظنها أجزاء ثوان قبل أن يحس بأطراف أنامل على رقبته، ترخي ربطة عنقه..

=
=
=

استغربت منتهى عندما وصلت لها أغراض أبو نادر قبله هو. وعندما سألت، أجابوها أنه تم استدعائه لاجتماع.

قررت أن تشغل وقتها في ترتيب أغراضه، تاركة كل ما رأته في علبة أو كيس جانبا، فربما كانت هدايا ولا تريد العبث بها.

وكان بعد انتهائها من عملها البسيط ذاك بفترة معتبرة أن دخل أبو نادر الجناح والتعب بادي عليه من طريقة مشيه إلى غرفة نومه.

سرعان ما وصل العشاء الذي أجلت تناوله في وقته المعتاد بعدها، وعندما دلفت داخل غرفة النوم لتخبر أبو نادر بذلك، كان ما رأته كفيلا بجعلها تقطب حاجبيها.

"كان تعبان لذي الدرجة؟"

مستلقيا على ظهره، لم يتعب أبو نادر نفسه في خلع حذائه ولا إرخاء ربطة عنقه حتى، فقط سترة بذلته الرسمية كانت ما وضعه جانبا، بعدم اكتراث خالف ما رأته من انتظام فيه.

رحمته وقررت ألا توقظه. لكن.. لا يمكن أن تكون وضعيته هذه مريحة له، أليس كذلك؟

تقدمت إليه وخلعت حذاءه قبل أن تتجه إلى ربطة عنقه لترخيها، وما إن بدأت بحل العقدة حتى أحست بأصابع حول رسغها تثبتها في موضعها.

سألها عندها: "مصرة تستفزيني؟"

لترد وهي تنظر إلى رسغها، تطالب بصمت بإفلاته: "ما أظن إني سويت شي استفزيتك به.."

شد يدها نحوه، حتى أصبح لا يفصلهما سوى الأنفاس، يقول بهمس وهو يمرر أنامله بخفة على طول رقبتها، تترك شعلات في إثرها: "للاستفزاز أنواع يا منتهى.."

بلغ بها دق قلبها الذاهل أقصاه وفيض أفكارها الصفر، وغريب كيف أن صوتها خرج متهدجا شبه مخنوق عندما قالت: "ارجع نام، تعبت من السفر.."

ضحك بخفة لم يصل ألقها عيونه، مرخيا قبضته: "يا ليته تعب سفر بس.."

عندها رأت بصدق طبيعة إرهاقه التي لم تقتصر على الجسد، بل الذهن والروح. عندها تذكرت احتضانه المحتاج تلك الليلة.. ليسوقها جسدها لفعل شيء لم تفعله قط، فليست هي من يفطن في العطف أو الاحتواء..

فاقد الشيء لا يعطيه، لكنها ستحاول.

ببطء حكى عن تردد استلقت جانبه، تحتويه بين ذراعيها. شعرت به يتصلب متفاجئا، ينطق: "منتهى..؟"

قاطعته قبل أن يسألها ماذا كانت تفعل، فالحقيقة كانت أنها لا تدري: "ارجع نام يا أبو نادر.."

وكان عندما فعلها ورجع للنوم أن تجرأت أكثر ومررت أناملها بخفة خلال شعره بفضول ملح حول ملمسه، لتجده ناعما كثيفا، أسود قاتم ناقض لمعان عيونه العسلية الحادة.

كان فعلها ذاك ما دفعها لإكمال تأملها..

لم تكن بالتي تلاحظ أو تهتم بمظاهر الرجال، لكن عليها الاعتراف أن لأبو نادر نصيب كبير من الجاذبية والوسامة. كانت ملامحه مزهوة بالغرور، مزدانة بالشموخ والهيبة. كان له شبه كبير من أبيه وأخته أم جلال، أما أم كادي فكان الاختلاف بينهما الاختلاف بين الليل والنهار.

يا للغرابة، هي من بين كل الناس تهتم كفاية لتتأمل في رجل..

ويا للغرابة، لم تجد نفسها تنفر من قربه.

=
=
=

استيقظ شاهين لتعتريه الخيبة لرؤية جانبه خاليا.

لا يذكر أنه شعر بمثل هذه الراحة قبلا، ذاك السلام الذي سبق استسلامه للنوم، بين أضلعها يحتويه دفء حضنها، غارق بعبق عطرها..

تصرفت هي كأن شيئا لم يكن طيلة اليوم، كأن ما فعلته البارحة لم يكن بالعظيم الذي يُذكر، بالخارج عن المعهود ليحير.

كم استفزته، هذه المرأة..

=
=
=

لا تدري منتهى لم كان أبو نادر يرتب بين الهدايا التي أحضرها من سفره في المجلس بدل غرفه نومه، لكنها أبقت أسئلتها لنفسها لتجلس جانبه تساعده، فلم يكن يشغلها شيء لحظتها، والهدايا التي أحضرها معه كانت كثيرة.

قال يعطيها حقيبة جامعية فخمة من دور تصميم مشهور: "هذي أعطيها لمار.."

(وحقا، لم تكذب لمار عندما قالت أن خالها كان سخيا مع أحبابه، فحتى في رحلة عمل حرص على إحضار هدايا للكل).

وهكذا صُنفت كل هدية بحسب من سيتلقاها، حتى تبقت علبة مخملية صغيرة. رفعت نظرها لأبو نادر تسأله: "وهذي لمن أعطيها؟"

نظر إلى العلبة التي تعنيها ليجيبها بأريحية، يعود لتفحص رسالة جوال: "هذي لك.."

كررت: "لي..؟"

ليؤكد، يحثها: "إيه لك. افتحيها."

بفضول فعلت ما أمر به، لترى خاتما بلاتينيا بتصميم ونقش لولبي فريد من نوعه، مطعم بـ.. أهذا ماس؟

لم يكن هناك ما يستدعي هذا الخاتم كالجوال الذي تلقته منه، ولا مناسبة تتطلب ظهورها بمظهر لائق كعرس ابنة أخته. لماذا إذا؟: "وش هذا؟"

أعاد نظره إليها، ليرفع حاجبا باستغراب: "خاتم مثل ما تشوفين.." توقف لحظة قبل أن يعقد حاجبيه، مردفا: "ما أعجبك؟"

هزت منتهى رأسها، فلم تكن تلك المشكلة إطلاقا: "عجبني بس.."

قاطعها: "خلاص، هذا المهم."

حاولت الاعتراض: "أبو نادر.."

لكنه لم يعطها الفرصة، يحول الموضوع بأسره: "شاهين."

صمتت، للحظة لا تفهم ما الذي كان يعنيه، ليفسر: "اسمي شاهين لو ما تعرفينه. بلاها أبو نادر ذي.." أكمل بصرامة نبرة ونظرة: "وللمعلومية إذا أعطيت شي لأحد ما ينرد. الخاتم لك وانتهينا."

=
=
=

ردت منال بـ"ادخل" عندما سمعت طرق باب جناحها بشرود، لتلجمها الصدمة لرؤية من دخل.

حيتها من لم تجد لها وصفا سوى "تلك": "السلام عليكم أم كادي.."

ردت عليها بجمود والأفكار والتساؤلات تهل عليها بلا هوادة، ما الذي تفعله هنا؟: "وعليكم السلام.."

قالت تلك حينها، تبدأ بالحديث بعد لحظة صمت: "عندك مشكلة معي يا أم كادي؟"

تعجبت منال من السؤال، تعجبت أكثر من الجرأة والبجاحة!: "إنتي من بين كل الناس مفروض ما تسألي هذا السؤال بالذات."

لم تكترث هي بحدة نبرتها، ولا نظراتها التي تكاد تخرقها قهرا، تكمل كلامها بكل أريحية وعدم مبالاة: "مستغربة منك صراحة.. تتجاهلين اللي حولك وتحطين حرتك فيهم، وتاركتني وإنتي تظنين إني سرقت زوجك وبعدها أخوك، واللحين بنتك.."

لترد منال بحرقة يطفح الكيل بها من الآن: "مابي اسمع كلام وحدة رضت تخرب بيت غيرها وتنتقل من رجال لرجال ثاني بلا ضمير!"

كانت ابتسامة تلك باردة صقيعية عندما ردت: "وليه أحتاج أخرب بيتك وإنتي استسلمتي من البداية يا أم كادي؟ ليه أحتاج أسرق أحبابك وإنتي تبعدينهم عنك؟ مرات كنت أتساءل وش اللي خلى أبو كادي الله يرحمه متعلق فوحدة باعته برخيص.."

لم تحتمل منال وقع كلماتها أكثر، ولا شعوريا تقدمت إليها بغضب كاسح، تصفعها بكل ما أوتيت من قوة. لم تدرك منال ما فعلته إلا عندما لسعتها يدها ألما، لتنظر بذهول وشيء من عدم التصديق بتلك التي أودتها متهاوية في وقوفها، ملامحها مغطاة بشعرها الذي تناثر بفعل ضربتها.

مضت لحظات صامتة قبل أن تعتدل تلك المرأة في وقوفها، تبعد خصلات شعرها من وجهها، تكشف عن جانب محمر بالكلية، تنظر إليها بثبات قائلة: "كنت أغبطك.."

كلماتها تلك فاجأت منال، فليست هي ما توقعت. توقعت الصراخ والوعيد والتهديد، وكان لها الحق في ذلك، فلم يكن هناك مبرر لتطاولها ذاك مهما استفزها كلامها الذي ضرب وترا حساسا.

لم يصدر منها صوت سوى كلماتها ونبرتها الهادئة تلك.

أكملت: "كنت أغبطك على حب أبو كادي لك.." ابتسمت بسخرية: "مرات كنت أغار حتى، لأنه كان ودي لو أحد فذي الدنيا يحبني زي ما كان يحبك.."

ردت منال عندها بمرارة، تغيم دموعها المتشكلة نظرها: "وش فايدة حبه ذاك إذا بيخون؟"

لترد تلك بيقين: "ما خانك أبو كادي بنبضة.."

سألتها بوجوم: "وش يثبت كلامك؟"

لتجيب: "تظنينه تزوجني عن رغبة؟"

شعرت منال بنفسها يتوقف: "وش قصدك..؟"

بدأت عندها تحكي: "عمي كان نقيب في قضية تولاها أبو كادي الله يرحمه، وصار فيوم إنه حماه من إنه ينقتل من الطرف الخاسر.."

كل كلمة حكتها بعثت في منال ذكرى تؤكد صحة أقوالها، فلا تستطيع نسيان تلك الأيام التي كان الجزع يعتريها بسبب القضية الخطيرة التي تولاها راضي، ولا عرفانها للنقيب الذي أنقذه..

لهذا لم يخبرها بسبب زواجه عليها.. شهامة مفرطة وحس بالواجب يغلب القلب.. صفات مثلت كينونة راضي من البداية.

وعلى الرغم من رغبتها في معرفة مبرر يقنعها بما فعله، بشيء يطمئنها أن من أحبت لم يخن حب وعشرة سنين.. عندما اكتشفت أخيرا ذاك السبب، لم تعد تريده. كانت فكرة خيانة راضي لها أقل وجعا من واقع كونه مربوطا بعهد ودين، لأن ذلك يعني أنها أضاعت سنينا غاضبة عليه، أنها أضاعت جلوسها جانبه في آخر لحظاته من هذه الحياة.

انهارت منال عندها جسدا وروحا، تتشبث بتلك وتسأل بين دموعها الحارقة، تسند جبينها على كتفها: "ليه قلتيلي.. ليه قلتيلي؟!"

سمعتها تقول بسكون: "لأنك تستحقي تعرفين، لأن جرحك أفضل له يتشافى بالكامل بدون شظايا.. آسفة.."

لم تظن منال أنه سيأتي يوم ستنهار فيه أمام هذه المرأة بهذا الشكل، ولم تظن أن هذه المرأة ستبقى تسندها حتى تستكين.

سألتها لا تنظر إليها وهي تفلتها: "ليه وافقتي عليه..؟"

ليأتيها ردها يفاجئها: "لنفس السبب اللي وافقت أتزوج بأبو نادر.."

وكانت ستسألها منال عن ذاك السبب لولا رؤيتها لخدها ما زال محمرا، ولاحظت تلك نظراتها التي شابها الأسف لفعلها لتقول قبل أن تتكلم منال: "أنا اللي استفزيتك.."

أكانت تبرر لها..؟

قالت قبل أن تخرج: "لساتك ما فقدتي الكل، لا تخسريهم.."

ولأول مرة دون أن تغطي ظلال الغيرة بصيرتها، فكرت منال أن هذه المرأة غريبة.. غريبة للغاية..

انتهى البارت..~

Maysan 24-02-18 12:44 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلمي يدينك الفي على الفصل الجميل جدا .. ربي يعطيك الصحه والعافيه والقوه ويبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك ورزقك واعطاك ويوفقك في دراستك ويفتح عليك فيها .. وييسر أمورك ويسهلها ويرزقك من حيث لاتحتسبين .. هذا فصل حبايبي ههههههههه قلوب من عندي لعندك على هالفصل الجميل .. ❤🌹..

صراحة اول ماقرأت البارت لأول مره جاني شعور كذا مو حلو خاصة مع التهديد المتواصل من اخوان راضي وخاصه الاخير اللي اول مره يشوفه شاهين !! شكله هو اللي راح ينفذ التهديدات وكبش الفداء منتهى ؟!! بالفعل شعرت انه منتهى هي اللي راح تتأذى بالتهديد هذا بغض النظر عن نوعه وشكليته ؟!! اتمنى احساسي يكون خطأ وتكون تهديدات بدون افعال 😫..

اللي دعم الشيء هذا عندي اصرح فيه واكتبه .. تنازل منتهى في كثير مواقف مع لمار واخر موقف من اجل شاهين .. تأخذ الضربه هي وتضحي بإن تكون كبش الفداء بإعتبار انه هي الدخيله ؟! مؤلم شعورها وهي تصرح برغبتها وامنيتها انه احد يحبها 😫😫 << وراكي كذا الفي قسيتي على بنيتي ميمي شعورها وجرحها وصلني 😭😭😭.. اعطيها حدا يحبها ويخاف عليها 💔ويشعرها بإهميتها عنده ..

منتهى وشاهين دواخلهم في تطور كبيير جدا وبدأ ينعكس على تصرفاتهم ومشاعرهم .. الاهتمام من منتهى لشاهين والاحتواء له وهي فاقدته من الاساس .. مشاعر بدأت تظهر له هو فقط .. قناع البرود واللامباله بدأ يترنح ههههههههه.. وطلع وليدي مزيون هههههههههه 😍😍😍شعر اسود ناعم وعيون عسليه وبنيتي خاطرها تلمس شعراته من اول ههههههههه .. الفي ورا خليتها في خاطر بنيتي وتو تتركيها تلمسه ها ؟!! 💔😒.. كنتِ عجلتي عليها مسكينه هههههههههه 😝.. الانجذاب ؟ منتهى بدأت تنجذب له وترتاح وتحس بالأمان معه ..

من جد تو البارتات اللي فاتت كنت منقهره منها على ابو نادر وابونادر هههههههههه قلت متى تقوله شاهين ؟!! والحمدلله المزيون صرح انه عنده اسم هههههههههه.. هل الخاتم يقتصر على كونه هديه فقط ؟ او له معاني آخرى !!؟ انا اعتقد انه الخاتم والاسم المجرد من غير ألقاب دلاله على رغبه في التقارب اكثر والامتزاج من ناحية شاهين واللي بدأت منتهى بالفعل تستوطن قلبه ؟!!

لقاء منال بمنتهى كان صادم بالنسبه لي .. كنت اترغب معرفة منال بالحقيقه لكن ماتوقعت منتهى هي اللي بتصرح فيها ؟!! جميله جدا خطوة منتهى وان كانت مؤلمه لمنال ولها .. الصفعه اللي تلقتها منتهى كانت سنوات الالم اللي عاشتها منال واللي اعتقدت فيها خيانة راضي لها قلبيا ؟!! جرح منال راح يبرأ ويتقفل لكن حتبقى الذكرى وطيف الندم ملاحق لها .. واتوقع انها راح تسترجع علاقتها مع شاهين ومع بنتها كما كانت وافضل لانه كلام منتهى ضرب الوتر الحساس بالفعل .. اتمنى شاهين مايدقق في الاحمرار مع انه مااعتقد انه راح يغفل عنه بس الاكيد انها ماراح تخبره الصحيح ؟!

شكرا لك ألفي .. كلماتك وحروفك من خلال روايتك والتي تبث السعاده في نفسي .. ربي يسعدك دنيا وآخرى ويرفع قدرك وييسر لك كل عسير ويرزقك راحة البال والتييسر والسهاله ويحفظك .. 🌹..

ثرثرة حنين 24-02-18 12:47 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم

منتهى مستسلمه لواقعها جبانه المفروض تحاول تكسب شاهين وتعيش معه حياه طبيعيه بدل ماتكون مجرد مرافق شخصي

bluemay 24-02-18 10:25 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

ايه الجمال ده يا جماعة ..

كتير انبسطت بإنفتاح منتهى ، وخروجها من قالب الثلج اللي مغلفة فيه قلبها

ولو اني ما بلومها.


طبيعي تكون بهالبرود وهي اللي ما لقت حضن حنون من صغرها

ولا حد بعطف عليها.

حملوها وزر سوء ابيها وهي شو ذنبها غير انها بنته ؟!


لكن الشاهين بثقله وصفاء داخله قدر يذوب هالقالب الثلجي

فأتسلل الدفا لقلبها

و لسه بنتظر منها تصرفات احن واعطف ع الكل ، لأنه بداخلها طيبة

بس محتاجة شوية محبة لتزهر وتكتر .


يسلمو ايديك يا قمر

والسموحة ع التقصير

فترة امتحانات كانت وانعجقت كتير فيها

تقبّلي خالص ودي

HESA 25-02-18 12:35 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
كلمة روعه قليلة على مستوى كتابتك للرواية..اهنيك على هكذا اسلوب للسرد:55:

الفيورا 26-02-18 09:24 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
أدري بارت قصير حده.. بس! إن شاء الله بيكون فيه تنزيل ثلاثي (البارتات 34 و 35 و 36) يوم الجمعة.

الثالثة والثلاثون

=
=
=

كان جلال يتناول الغداء مع خاله عندما رن جوال الأخير بإصرار، ليطفئه على الفور. حاول جلال تخمين المتصل: "أعمام بنت الخالة؟"

ليؤكد خاله تخمينه: "عليهم عناد.."

حرك جلال رأسه بعجب من حالهم هذا: "كل هذا عشان يسكونها معاهم بدلا عنا؟"

نظر خاله باستغراب إليه، يسأله: "تحسب إنهم يبون يسكنون لمار عندهم وبس؟"

رفع جلال حاجبا: "أجل وش يبون بعد؟"

ليكون وقع إجابة خاله على قلبه كالزلزال: "يزوجوها من واحد من عيالهم."

رمش جلال بعدم تصديق قبل أن يهتف: "وشهو؟!"

تابع خاله ببرود، مكملا تناول غدائه: "وش غيره يبون من لمار برأيك..؟"

عندها تذكر كلامهم له عندما أزعجوه باتصالاتهم في فترة غياب خاله عن البلاد، كيف أنه ماثل ما قاله خاله.

ضرب جلال يده على الطاولة بكل القوة التي زوده بها غضبه، يقوم من مكانه: "على جثتي يأخذونها! ليش ما قلتلي؟!"

نبهه خاله: "اهجد لا تفضحنا بين العرب.." ليكمل عندما عاد جلال إلى الجلوس على مضض، مدركا أنه لفت الأنظار: "على بالي تدري بنيتهم، بس تبين إنك بريء حدك.."

سأل جلال بحدة: "طيب وش نسوي اللحين؟"

ليرد خاله: "ولا شي، نطنشهم وبس. أملهم يخلونك تطلقها، ولو تمسكت بموقفك ما بيقدروا يسووا شي بإذن الله.."

=
=
=

منذ البارحة وهو يلاحظ شيئا غريبا في وجه منتهى، شيء من الاختلاف في اللون في بشرتها، وعندما تقدم إليها يمرر إبهامه على خدها، اكتشف أن السبب كان طبقة من مستحضر تجميل. على الفور بدأ في الشك: "وش صار لوجهك؟"

بدا عليها التفاجؤ قبل أن تخفيه، تجيبه: "بشرتي حساسة، وصار إني تحسست من كريم.."

لم يجد في نفسه تصديقها بالكامل، لكن قبل أن يستجوبها أكثر، سألته: "ليه أخذوا الكنبة اليوم؟"

ليجيبها بكل أريحية: "مالها داعي خلاص.."

سألته عندها بتوجس: "وين بنام فيه طيب؟"

سألها بدوره بابتسامة تسلية: "وين برأيك..؟"

صمتت لحظات قبل أن تقول بسكون، تعطيه ظهرها وهي خارجة: "لو تبي مني شي، قول بدل التلميحات.."

ليستوقفها يقول بسلاسة حكت عن غيظ مكتوم، يجعلها تواجهه، يكاد يلصق وجهه بوجهها: "ما تطيقين لمسة إنسان وتتكلمين عن اللي أبيه؟ مو أنا اللي أجبر نفسي على أحد، فاهمة؟"

نظرت إليه بكل حيرة، تجزئ كلماته جزيئات لتحللها، قبل أن ترد: "فاهمة يا أبو نادر.."

لم يستطع منع ابتسامة تحكي عن قلة حيلة، فيبدو أن هذه عادة يجب أن يكسرها: "وش اتفقنا عليه؟"

عندها ابتسمت، وبدت الراحة مرتسمة بصدق على ملامحها: "فاهمة يا شاهين.."

(وربما، ربما أخطأ في إصراره على مناداتها له باسمه مجردا، فسماع اسمه ينسل من بين شفتيها، وبابتسامة خاطفة للأنفاس كتلك، كان مسكرا.)

نام قبلها ليلتها، واستيقظ بعدها. لكن أثر عطرها ودفء الجانب الآخر من سريره أخبره أنها رقدت جانبه كما أراد.

=
=
=

-: "وش كنت تسوي بعد؟"

مثل سالم التأفف: " ما تطفشي؟ هذي عاشر مرة أعيدها."

ألحت عليه غالية بطريقتها اللعوب: "مستخسر تعيدها لي؟ يلا كمل!"

وكيف عساه أن يصمد أمام هكذا هجوم؟: "كل صباح كنت أوقف عند بيتكم وأنسى عمري، وكل ما ألمح أحد يطلع منه أقعد فمكاني انتظر، ويا سبحان الله ولا مرة طلعتي إنتي، بس إخوانك..!"

ضحكت غالية عندها، لتقول بسرور عندما هدأت ضحكاتها، تغيظه: "كنت تقدر بكل سهولة تدخل وتطلب ترجعني، بس ياذا العناد اللي راكب براسك..!"

ليضحك هو: "وش نسوي، تزوجتي بواحد خبل ومخه مصدي..!"

لترد وهي تحتضنه: "وأنا راضية بذا الخبل مهما صار."

=
=
=

بعد صلاة المغرب افترشت شادية لهم مكانا في الحوش، يتمتعون بنسيم القرية العليل ويتسلون بالتسالي الخفيفة التي أعدتها لهم. كان الجد جالسا في زاويته يستمع للمذياع بينما هو وشادية كانا في زاوية أخرى، يعطيانه ظهرهما.

قال عندما حثته شادية على الأخذ من طبق الحلا: "يبغالي أتعلم كيف أقاوم أكلك، وإلا العواقب بتكون وخيمة."

وليناقض كلامه، لم يقاوم البتة عندما أطعمته شادية من الطبق بنفسها: "خلي العواقب تجي وش فيها؟"

وطبعا، كان الحلا رائعا ككل ما تصنعه زوجته: "المشكلة إني ما كنت أكول زي كذا فحياتي، بس طحت على طبخك وتغير كل شي." لف خصلة من شعرها الليلي حول إصبعه، ليردف هامسا بمعنى: "واللحين طحت على شي أحلى وأغلى.."

وكأنه أحس بهنائه، صدح صوت الجد مطالبا لحضور حفيدته، لتبتعد شادية كالملسوعة عنه وتنافس الطماطم في حمرتها.

تبادلا النظرات، هو والجد، الجد باستهجانه المعتاد وعبد الرحمن بابتسامة وهدوء مصطنع. لن يخرج من طوره ويغضب لكي لا يجد الجد حجة عليه، سيفوز بهذه المعركة مهما حدث. لن يخسر شادية التي مثلت له هذه العيشة المسالمة، الصافية من أي ضغائن.

=
=
=

كانت مفاجأة للمار عندما وجدت أمها توقظها لتفطر، فأيام ثقال مرت دون أن تعطيها أمها بالا، دون أن تلتفت لأي شيء تقوله. لم يكن بوسع لمار إلا أن تسأل: "سامحتيني؟"

مسحت أمها يدا على شعرها بابتسامة حانية: "ما أظني كنت زعلانة عليك من جد. كانت صدمة لي، وبغالي صدمة ثانية عشان أفهم.."

لم تفهم عليها لمار أبدا: "وش قصدك يمه؟"

سألتها أمها بدل الإجابة: "وش اللي خلاك تكلميها؟"

المقصودة كانت معروفة. استفسرت لمار بتردد: "تبيني أقطعها..؟"

فاجأتها إجابة أمها، إجابة لم ترافقها تلك المرارة التي تتوقع: "لا.. اعتبريه فضول وبس.."

فكرت لمار للحظة قبل أن تجيب: "ما عمري شفت شخص وحيد مثلها.."

حكت لها بعدها عن الذي كانت ترى في سنوات أبيها الأخيرة، عن غرابة العلاقة التي شهدتها. أخبرتها بكل ما تستطيع عن زوجة خالها، خليط من محاولة إرضاء أمها ولو بإجابة سؤال، والدفاع عن امرأة وجدت صحبتها مريحة.

=
=
=

عندما زارت منتهى أم عبد الرحمن اليوم وجدتها تعد نفسها للذهاب. اعتذرت منها بدماثة، لا تلمح عن وجهتها ولو بكلمة، قبل أن توصي الخادمة أن تضيفها كما تستحق.

وهكذا وجدت منتهى نفسها هدفا لثرثرة الخادمة اللطيفة وهي تقوم بضيافتها، نفس الخادمة التي أوحت بقلة الكلام والسؤال، ربما قناع ترتديه أمام أم عبد الرحمن يخفي طبيعتها الحقيقية. كانت تحكي لمنتهى عن سرورها في كونها تزور أم عبد الرحمن، فزمن طويل مضى دون زيارات تذكر.

سألتها منتهى عندها عن اللواتي كن يزرن أم عبد الرحمن سابقا، لتعطيها بضع أسامي، منها ما توقعته كتلك الطليقة، ومنها ما استوقفها تماما كتلك التي تدعى نهلة.

عبرت الخادمة عن استغرابها لانقطاع نهلة المفاجئ عن أم عبد الرحمن، فهي كانت صديقتها الصدوق، منذ أيام الدراسة حتى!

كان لدى منتهى تخمين عن سبب ذاك الانقطاع، فإذا كانت هذه الـ"نهلة" نفسها نهلة الجليل، فلديها وبصدق كل الحجج لعدم الزيارة، فهي كانت تقضي فترة عقوبتها في السجن لقضية الاختلاس التي تورطت بها.

=
=
=

دعاهم أبو قاسم اليوم إلى الغداء في بيته جانب مبنى الشقق الذي يعيشون فيه. ارتاحت كادي لامتداد الدعوة إليها أيضا، فهذا يعني أن أبو قاسم كان مدركا لوجودها، وربما، كانت تبالغ في الشكوك والارتياب ولم يكن له مشاريع مخططة لعبد العزيز.

كل ارتياحها ذاك تبخر عندما دخلت مجلس النساء ووجدت من عرفت نفسها باسم غدير، ابنة أبو قاسم، في استقبالها.

ابتسمت لها غدير بإشراق: "تفضلي حبيبتي. حياك البيت بيتك!"

ألم يكفها ذكرها الذي أشعلها غيرة..؟

لم تكن كادي بالتي تحط من قدر مظهرها، لكنها كانت واقعية: لو تمت المقارنة بينها وبين غدير، فإن غدير ستفوز بلا شك.

بشعر بني طويل وبشرة مائلة للسمرة، بطول ممشوق وملامح رائعة التكوين.. احتاجت أقصى طاقاتها لكي لا تنفجر غيرة، من فكرة حط عبد العزيز عينا عليها صدفة في أحد زياراته المتكررة لهذا البيت.

لم تلحظ غدير أين كانت تقودها أفكارها، مستلمة دفة الحديث عندما لم تكن كادي متعاونة معها.

عرفت أنها خريجة لغات، وأنها الابنة الوحيدة لأبيها المنفصل عن أمها. عرفت طموحها لبناء معهد، وأنها تفتقد صحبة النساء في عمرها منذ أن طُلقت.

عندها، وجدت كادي نفسها تسأل: "عادي لو سألتك ليه؟"

لترد عليها بكل أريحية: "عادي حبيبتي، مو مخبية السالفة عن أحد بأية حال." استطردت، متنهدة بسخط: "ما كان يبين عليه لدرجة إنا انخدعنا فيه، بس طليقي كان صايع وما يخاف الله، كثير سفر وبلاوي. حاولت أصبر عليه وأنصحه، بس ما فاد. وخلاص، قررت إني أقطعه من حياتي."

أيدتها كادي بصدق: "أوافقك الرأي.. ليه تضيعين عمرك معاه؟"

ابتسمت غدير عندها بشجن: "تصدقي إنك الوحيدة اللي أيدتني غير أبوي؟ الكل لامني لأني ما صبرت عليه أكثر، حتى أمي.." أردفت وابتسامتها تعود لألقها المشع: "يختي من جد مرتاحة لك بشكل..! أتمنى ما ننقطع عن بعض وتظلي تزورينا.."

ربما في ظروف أخرى كانت كادي لترتاح لها أيضا، فواضح أن غدير شابة طيبة وعانت الكثير، ومن حق والدها أن يبحث لها عن رجل جدير بها.

لكن، عندما كان مرشحه الأول زوجها؟

المعذرة، لن تتخلى عنه من أجلهم.

=
=
=

منذ أن حثها عبد الرحمن على اتباع تعليماته في أخذ كرة أطفال أم خليل والتظاهر بعدم سقوطها عندهم وهي تلاحظ انعدام ازعاج النهار المرافق لضرب تلك الكرة لرؤوسهم. قد ابتسم عبد الرحمن بشيء من الخبث عندما أعلمته بذلك، قائلا: "إنتي وسالم على نياتكم وما تعرفون للف والدوران، والوضع ذا يبغاله تكتيك مدروس.."

مضى يوم منذ ذهاب عبد الرحمن لعمله، يودعها بتوقع رجوعه اليوم أو الغد. وعندما سمعت طرق الباب نهضت من مكانها وابتسامة ترتسم على ملامحها، لتحل محلها الخيبة سريعا لتذكر أن عبد الرحمن أصبح لديه مفتاح لهذا البيت كما كان لعمها سالم. فكرت وهي تتحجب بجلال صلاتها، تتجه للباب.. من كان يزور دارهم هذا الوقت؟ ليست غالية بالتأكيد، فغالية لديها طريقة خاصة بها لطرق باب بيتهم.

رأت من فتحة الباب امرأة متشحة بالسواد تقف لوحدها. سألتها: "مين؟"

ردت المرأة بسؤال بدورها: "هذا بيت المنصور؟"

أجابتها بنعم، لتقول المرأة: "أنا أم عبد الرحمن زوجك."

انتهى البارت..~

Maysan 26-02-18 10:34 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلم يدينك الفي فصل جميل والقفله أليمه 🔥🔥ومو قصير ذاك القصر 😍 لا بالعكس تقريبا يشابه في الطول اللي قبل هههههههه كذا انا قيمته ربي يسعدك ويحفظك ويوفقك في دراستك ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين ويرزقك السهاله والييسر وراحة البال .. انبسطت من جد على الفصول الثلاثه تبع الجمعه والله وجبه دسمه هههههههه من قلمك تسلم اليدين وربي يعطيك حتى يرضيك ويقضي حوائجك وييسر امورك ..

هووووبا وشعللت ياقلبي شعللت ههههههههه والعجيز وصلت لشاديه 😤.. ايش الكت المقلق هذا يا ألفي هههههههههه.. اتمنى عبد الرحمن يوصل بنفس وقت دخولها البيت ويقطع عليها اي ملعوب او خطه ناويه عليها 😑.. والا يمكن الجد يسمع الحوار وتولع زوود !! خلاص المخ عندها ضرب ربنا يستر منها ومن خطوتها الغير مرغوبه ؟!!

والله هالتهديدات مااعرف ايش اخرتها ؟!! الله يستر منها يعني لامار اتزوجت خلاص اتركوا البنت بحالها .. الا لازم تأخذوها وتطلقوها علشان الشويتين الي ورثتهم من ابوها استغفر الله بس .. اعتقد لو يسرعوا الزواج يكون افضل يمكن يهجدوا اشوي ويتركوا عنهم هالمطاردات والازعاجات ..

يازين اللي يتدرج مع بنتي ومهتم فيها ودقيق ملاحظه لكل شيء يخصها ههههههههههه اخر حاجه إخراج الكنبه من الغرفه خخ واجبارها على مشاركته السرير ؟! هو صبور جدا ومتأني وخطواته متوازنه لكن الاريحيه الي ممكن تتعامل معه فيها منتهى لاحقا ممكن تفقده لجام النفس والصبر 🤔😁.. نفسي اعرف هالنوافوه ايش عمل لها !! كيف كان يتعامل معها والكابوس اللي ذكر سابقا من ايش ؟ دمرها على الاخر مالت عليه .. حتى شاهين شكله ادرك انه فيه خلل ومشكله .. لكن المطمئن انها بدأت تثق فيه وترتاح له وتأمن له .. لكن هو في استفسار في نفوخي كذا هو مو كان اول ماسكنت معه وتزوجها كان يراقب تصرفتها واسلوب حياتها وهي معه بالجناح مالاحظ المنومات اللي تأخذها ؟ ..

منال وفضولها الى اين ؟!! الحمدلله انه مواجهتها مع متتهى كانت ثمارها طيبه .. انتظر اسلوبها وتعاملها مع شاهين بشوووق ابقى اعرف الى اي مدى حيرجع اسلوبها وتعامله معه ؟..

مقابلة كادي لغدير !! ابو قاسم هذا موقفه محير بالفعل ؟! تعارف والا ؟!! على العموم الكادي اشهرت كل الاسلحه دفاعا عن حبيب القلب زيزو هههههههههه قال ايش ماابقى احبه والله انك وقعتي ولا حدا سمى عليك اهم شيء خليك حذره 😎..

اتوقع هالخادمه ممكن تنفع منتهى بالهدف اللي هي تسعى له .. لكن كيف صديقتها وتدبسها معها في خطه مثل كذا وتنسجن بسببها الا اذا لها هدف من وراء المشاركه ودخول السجن ؟! ممكن طمعتها بملبغ مالي او حاجه تمليك !! لانه هذا تضحيه كبيره ؟ بإنتظار منتهى وفك الالغاز هههههههه ..

الفي شكرا لك ياقلبي .. ربي يبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك ورزقك واعطاك .. بإنتظاار القااادم بشوووق 🌹..

HESA 01-03-18 04:50 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اكشن اكشن.. بانتظار التكملة

Elafksh 02-03-18 11:16 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ياربيه حماس ننتظر البارت

أبيات 03-03-18 12:05 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وين الاجزاء اللي وعدتينا بها 🙁

Maysan 03-03-18 04:06 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عسى المانع خير الفي ربي يوفقك وييسر امورك ويبارك فيك .. بإنتظااارك بشوووق 🌹..

امال العيد 03-03-18 11:11 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 29 ( الأعضاء 6 والزوار 23)
‏امال العيد, ‏نور الغيد, ‏الفيورا, ‏زهرةالكون, ‏coha, ‏الايام الجميلة


الحمدلله انتي بخير هذا أهم شي الفيورا والله خفت قلت عسى المانع خير

الفيورا 03-03-18 11:49 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
آآآسفة آسفة على التأخير، أختكم في الله تعبت فوسط الأسبوع وتوها تعافت. من الروحة والجية من وإلى المستشفى ما لقيت وقت أكتب فيه إلا ذي اليومين فآسفة حبايبي والله مستحية منكم..

الرابعة والثلاثون

=
=
=

تحت ابتسامتها المرحبة وحفاوة ضيافتها، كانت شادية كتلة من التوجس والريبة من حضور حماتها المفاجئ.

رأتها تتفحص البيت بنظرات لم توحي بحقيقة أفكارها قبل أن تركز نظرها عليها، لتلحظ شادية عندها جمالها ومدى شبه عبد الرحمن بها عدا عن بضع اختلافات.

تنهدت أم عبد الرحمن، يكتسي صوتها وملامحها الأسى قبل أن تقول: "اللي كنت خايفة منه صار وسواها ولدي.."

لتسألها وتوجسها يصل أقصاه: "وش قصدك؟"

احتوت كفها بين يديها قبل أن تجيبها: "مابي أكون اللي تعطيك الأخبار هذي، بس ولدي ظلمك بزواجه فيك.."

كررت: "ظلمني..؟"

أومأت لها بنعم: "تزوجك عناد فيني، لأني منعته يتزوج من اللي يبيها. من يوم ماهو صغير وبنت خالته كانت فباله، بس لما انشغل بدراسته برى، تزوجها ولد عمه، وظلت حسرة باقية فقلبه.. بس قريب، ولد عمه طلقها وصار بإمكانه يتزوجها، لكن أنا منعته وقلتله إني ما برضى عليه يتزوج وحدة مطلقة وهو ما سبق له الزواج. تقدرين تتفهميني، صح؟ أبي لولدي الأحسن وبنت خالته ما كانت له كذا. قلتله إني بدور له وحدة تغطي عليها، بس رفض يسمع مني وكبرت فراسه يتزوج وحدة عكس بنت خالته فكل الصفات.."

لتنهي كلامها، تربت على وجنتها باعتذار: "وعشان كذا ما كان يبيني أعرف عن زواجه هذا، وعشان كذا خبى خبره عن الكل. آسفة بنيتي، ما بغيت أصدمك في زوجك.."

لم تبقى طويلا بعد ذلك، تودعها وتترك رقمها بيدها لتتصل عليها متى احتاجت لها، لتترك شادية مشتتة مبعثرة.

لديها قصتان، ولكل منها تفصيل مقنع وتفصيل مبهم.

(خذي حذرك من اللحين ورايح.. توقعي أي شي..)

أقالها عبد الرحمن ليحذرها، أم ليغطي على ثغراته أمام علمه بحتمية مواجهة أمه لها؟

(مابي أكون اللي تعطيك الأخبار هذي..)

هل كان كلام أمه نابع من ضمير حي، أم كان من ضمن الأشياء التي حذرها منها عبد الرحمن؟

من ستصدق؟

إذا صدقت عبد الرحمن، فإن ذلك يعني أن لديها حماة خبيثة تضمر لها الضغينة.

إذا صدقت أمه، فإن ذلك يعني أن لديها زوجا كاذبا مخادعا.

لم تدرك أنها كانت سارحة غائبة بتفكيرها عن الدنيا إلا عندما وكز جدها ذراعها بطرف عصاته، يسألها: "لا تقولي سرحانة بالتعبان حقك؟"

رغما عن الموقف، ضحكت شادية من وصف جدها الجديد لزوجها، فقد حصل على عدة ألقاب منه، كلها بدرجات متفاوتة من الاستهجان: "وش سوى لك المسكين يا جدي؟ تراه حبوب وطيب..!"

امتعضت ملامح جدها بعدم استساغة: "مو هامتني طيبته!"

تعرف سبب عداء جدها لعبد الرحمن، ولا تنكر الشعور بالذنب الذي يعتريها لذلك، ليخفف زوجها عليها ذلك قائلا أنه لم يكن يمانع تصرف جدها لتلك الدرجة، بل كان مسرورا لوجود من يحرص عليها بذاك القدر.

(وربما لم تعرف من تصدق، لكنها تعرف من كانت تريد تصديقه.)

وكزها جدها مرة أخرى، وهذه المرة بشكل أقوى: "وش اللي شاغل بالك كل ذا الوقت؟"

تنهدت: "لو جوك اثنين فقضية وحدة، وكل واحد أقنعك بقصته، من فيهم بتصدق يا جدي؟"

ضيق جدها عيونه بشك: "وش جاب هذا السؤال؟"

لتجيب: "قريته فمكان.."

لم يبدو على جدها تصديقها، لكنه أجابها على أية حال: "وليه أصدق أي أحد فيهم؟ بصبر وبشوف أي واحد بتجي منه الزلة."

حسنا.. هذا كان خيارا لم تفكر به..

لكن.. جدها كان محقا. لم عليها الاستعجال في الحكم والانحياز لصف دون الأخذ بالصورة الكاملة، بالعواقب؟

ستصبر، ستترقب، ستتمعن، وسترى.

=
=
=

-: "شاهين.."

صوت أخته استوقفه، ليراها تؤشر له باللحاق بها إلى الحديقة. استجاب لأمرها يخمن أن الأمر كان له علاقة بمطلبها الأول والوحيد منه: الزواج من ابنة صديقتها تلك.

لكن وسط هدوء الحديقة هذا الصباح، أتى ما استدعته لأجله كصدمة: "عرفت سبب سواة راضي قبل أربع سنوات.."

كيف؟ من أين لها أن تعرف؟: "قصدك.."

قاطعته، يبدو عليه الحزن بدون المرارة والحقد: "إيه، القضية والدين واللي بعده، عرفتها كلها.." تنهدت: "كان مفروض أستقصي السالفة كلها، كان مفروض ما استسلم بذيك السهولة.. بس ذا قضاء ربي واللي كتبه، اللهم لا اعتراض.."

وضع يدا على كتفها، يسألها بقلق حان: "وإنتي كيف حالك اللحين؟"

لتجيب بابتسامة مثقلة بالشجن: "ما بنكر، كانت حالتي حالة لما عرفت الحقيقة، بس شوي شوي بعدها استوعبت إن أفضل لي أعرف ولا أكون فجهلي وظالمته. استوعبت إن حقدي وغيرتي خلوني أبعد اللي حولي عني، واستوعبت إني مابي أخسر أكثر.."

ابتسم شاهين لها عندها: "يا سخفك.. تظنين شوية زن وتطنيش بتخليك تخسريني؟" أفلتت من منال عندها ضحكة لسماع رده المهون عنها، وعرف شاهين أن حالهما سيتعافى. سألها عندها عن أمر حيره: "مين اللي قالك؟ أبوي؟"

هزت منال رأسها بـلا: "زوجتك قالتلي.."

بعدم تصديق، نطق فقط بـ: "منتهى؟"

لتقول منال مقطبة حاجبيها: "هذا اسمها؟ بأية حال.. إيه، جات لي ليلة وقالتلي كل شي. وقالت بعد أفرغ زعلي عليها بدلا عنك ولمار لأنها هي اللي عندي مشكلة معاها.." تمهلت لحظة قبل أن تردف بشيء من التردد: "ما قالت لك عن شي..؟"

أجابها وما زال رأسه يدور من خطوة زوجته الغير متوقعة: "لا، ما لمحت ولا حتى بحرف.."

بدا التضارب في الأفكار واضحا جليا في عيون أخته، وتساءل شاهين ما خطبها. هل يمكن أن هناك تفصيل غفلت عن إخباره به؟

سألته منال بعد لحظات مضت بصمت: "مرتاح معها؟"

استغرب السؤال، لكنه أجاب: "ما كنت أتوقعها، بس إيه، مرتاح معها.."

استفسرت مرة أخرى: "ومو ناوي تتزوج عليها..؟"

قطب شاهين حاجبيه، هل سيعودان لذاك الموضوع مجددا: "لا، مو ناوي أتزوج عليها.."

صمتت منال لحظات قبل أن تقول: "أجل عساها تكون لك أفضل من نسيم يا أخوي.."

=
=
=

عندما عاد إلى جناحه بعد ساعات وجد منتهى تقرأ في أحد كتبه، لتضعه جانبا تعطيه اهتمامها، كأنها استشعرت رغبته بالحديث معها.

قال دون مقدمات: "تكلمت مع منال اليوم، وأظن إن الأمور بيننا بتنصلح.."

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها عندها، تقول قبل أن ترجع ناظرها للكتاب، ربما ظانة أن ما يريد قوله اقتصر على ذلك وحسب: "الحمد لله.."

لم يشتكي قط من الوضع السابق بينه وبين أخته، وعدا عن بضع كلمات مبهمة نطقها في لحظة إرهاق، أبقى أساه مكتوما مكبوتا. لم يظنها ستلاحظ، ولم يظنها ستهتم لتتدخل.

لكنها لاحظت، تدخلت: "مشكورة.."

لترد: "ما سويت شي.."

هل هذا كان تواضعا، أم أنها تظن أنه لا يعرف بما فعلته؟

وجد نفسه يتقدم إليها، يقبل جبينها بأناة قبل أن يعيد بهمس في أذنها: "مشكورة.."

=
=
=

ما زال جبينها مشتعلا من أثر، وما زال فكرها متخبطا بسبب هذا التأثير الغريب لدى أبو نادر عليها. ومع أرقها المعتاد ووضع منوماتها التي لم تشتر بديلا لها بعد، فالنوم سيكون حلم يقظة لن تناله.

كان أبو نادر مستلقيا على جنبه، يعطيها ظهره، لكن نمط تنفسه أخبرها أنه لم يكن نائما. لذا نادته، تريد إعلامه بالخيط الذي اكتشفته الأمس: "أبو نادر.."

لا جواب.. لتتذكر: "شاهين؟"

أتاها رده عندها، يلتفت إليها: "هلا.."

سألته: "وش اللي تعرفه عن نهلة الجليل؟"

حدق بها أبو نادر للحظات طوال قبل أن يجيبها متنهدا بقلة حيلة عن سؤالها، كل ما أعلمه به المحققون أثناء القضية، كل تفصيل إلا واحدا: "تعرف إن نهلة كانت صديقة أم عبد الرحمن من أيام الدراسة..؟"

نظر إليها بعجب خالطه الشك: "ومن وين عرفتي؟"

لترد: "من خدامتها.. كانت بينهم زيارات انقطعت فجأة قبل أكثر من خمس سنين.."

اعترض، يدرك ما تصبو لوصله ببعض: "بس القضية صارت قبل سنتين.."

أيدته: "أدري، بس أظن فيه سبب لذاك الفارق، وما بيجاوب على أسئلتنا إلا نهلة.."

لينطق هو بعدم تصديق: "تبين تروحين سجن النساء؟"

هزت رأسها بـلا، تنطق بلسان أفكارها: "ما أظن إن نهلة بتقبل تجاوب علي بدون ما يكون معي شي أقدر استعمله ضدها، عشان كذا بجرب بيت عايلتها أول. من حظنا إن بال أم عبد الرحمن بمشغول بشي ذي الأيام فما بتعطينا ذاك الاهتمام، بس ذا معناته إن لازم نتحرك بسرعة قبل لا تنتبه.." توقفت ثانية لتسأله: "فاضي بكرة؟"

ليجيبها بصوت خالطته الضحكة، وألق دافئ في عيونه لم تفهم معناه: "لو ما كنت فاضي بصير فاضي.."

=
=
=

كان الوقت متأخرا وكانت ترانيم تحدث زينب نصيا عن مشاعرها المبهمة للوليد، ليأتيها اتصال منها فجأة بعد آخر رد كتبته:

#فذي لازم أسمعك..!

انسحبت ترانيم من السرير بهدوء شديد، حذرة كل الحذر من إيقاظ الوليد الذي لديه رحلة صيد أخرى مع أخيها بعد الفجر، حامدة ربها على وصولها المجلس دون إصدار صوت.

وبختها ترانيم لحظة وضع سماعة الجوال على أذنها: "وإنتي تتصلين بلا تحذير؟!"

ردت زينب تستحثها: "آسفة آسفة.. تحمست مع كلامك وما حسيت بنفسي! اللحين وش اللي كنتي تقولينه؟"

تنهدت ترانيم قبل أن تستطرد كلامها النصي: "مدري وش اللي أحس فيه. من جد ضايعة حدي.."

لتسألها زينب بفضول: "يعني نسيتي..؟"

هزت ترانيم رأسها بـلا، حتى لو لم تكن زينب هنا لتراها: "ما أظن أقدر أنسى إني انغصبت عليه.."

أتاها صوت آخر سائلا لحظتها: "وش قلتي..؟"

وعندما التفتت رأت الوليد واقفا على عتبة باب المجلس، الصدمة مجمدة لتعابير وجهه. كرر سؤاله: "وش قلتي توك يا ترانيم؟"

أقفلت ترانيم الخط على زينب فوريا، لكنها لم تستطع إجابته بشيء، فحقا، صدقا، لم ترده أن يعرف.

غير طريقته عندما لقي عدم التجاوب منها: "صحيح اللي سمعته؟ خالي سامر غصبك علي..؟"

أتكذب وتخاطر معرفته بطريقة أخرى ستجرحه أكثر، أم تصدق لتجرحه الآن؟

في النهاية، أجابته وصوتها يكتسيه الأسى: "إيه.."

=
=
=

الخامسة والثلاثون

=
=
=

(إيه..)

(إيه..)

(إيه..)

كلمة واحدة. ثلاثة أحرف.

كيف عساها تدمره هكذا؟

طول حياته وضع الوليد أباه عبرة لن يسلك منهجها. طول حياته وضع دموع أمه عهدا لن يراه في زوجة.

والآن.. تبين أنه فشل. تبين أنه أصبح جلادا كأبيه، حتى وإن كان بغير قصد.

فسر ذلك الكثير أليس كذلك؟ الحزن في ملامحها ليلة العرس، جمودها وبرودها في التعامل.. كانت مُجبرة.

"ليه يا خالي سامر، ليه سويت فيني كذا؟"

تلك الثانية التي تصاعد فيها صوت جوالها يخبر باتصال قبل أن تسكته ترانيم كانت كفيلة بإيقاظه، ليخرج من الغرفة بدوره بحثا عن كوب ماء. بحكم قرب المجلس من المطبخ كان بوسعه سماعها، ليستوقفه قولها ذاك وهو يخرج عائدا للغرفة.

بدأت بتردد فاضح: "الوليد.."

قاطعها: "زي ما إنتي ما تقدري تنسين، أنا مقدر أكمل حياتي معك وأنا اللحين داري إنك مجبورة علي.."

سألته عندها بذهول مفجوع: "بتطلقني..؟"

قالها قبل أن يفكر: "طبعا لا..!" ليتمهل قبل أن يعود فكره معه: "على الأقل مو اللحين. تونا متزوجين ومهما صار، مابي أحد يتكلم عليك وعلى أهلك بالشينة."

وعندما تركها متجها لغرفة الضيوف، أدرك أنه لم يحدد متى سيكون الفراق، أدرك أنه تكلم للمرة الأولى من وراء قلبه.

=
=
=

كان الوضع على مائدة الفطور مغايرا لما تعودته في المرات التي قضت الليلة في بيت جدها عبد المحسن بعد زواجها، فالكل كان حاضرا حتى زوجة خالها. وبالحديث عن خالها، فإنه كان يحادث أمها في أمر ما هذه اللحظة، أمها التي لم يبدو عليها الغضب أو الأسى لحضور تلك.

همست كادي للمار بجانبها: "وش اللي حصل هنا بالضبط؟"

لتجيبها لمار بنفس الهمس والحيرة: "أنا عايشة هنا وعلمي علمك. لقيت الوضع صار كذا فجأة.."

تمتمت بمعنى يشير إلى زوجة خالها: "على بالي أمي ما بترضى تجلس فمكان هي فيه.."

لترد لمار: "وهذا اللي حصل في البداية، بس اليوم أمي جات تسأل عنها وطلبت من خالي يخليها تنزل."

جواب لمار حيرها، وحيرها أكثر انعدام الضغينة والغيرة في عيون أمها كلما توجهت بالنظر إلى من كانت لها ضرة سابقا، تلك المشاعر نفسها التي كانت تعتلي عيونها كلما ذُكرت الأخرى بحديث حتى وقت قريب.

أيعقل أن أمها تخطت ما حدث، وفي ظرف ليلة وضحاها أيضا؟

لا، لابد من سبب لهذا التغيير كله.

شيء آخر لاحظته هو استراق خالها النظر لزوجته التي كانت تأكل فطورها بصمت، بنوع من الحرارة التي جعلت كادي تخجل من الإطالة في النظر بينهما. كانت نظرات خالها على غرار نظرات أبيها المرحوم لها والمتسمة بالبرود. على عكس أبيها الذي لم يكن يقر بوجودها، بدا خالها كأنه يمنع نفسه من التمعن والتحديق بها.

كانت المرة الأولى التي ترى خالها هكذا، حتى في زواجه الأول لم يبدُ عليه ذاك التأثر.

أيمكن أنه..؟

وكز لمار المنبه لها أيقظها من غفلتها: "تراها شافتك تناظرين.."

التقت نظرة كادي عندها بنظرة زوجة خالها المستغربة منها، لتعود بالنظر بحرج إلى طبقها.

=
=
=

عندما رجع عبد الرحمن، وجد شادية في المجلس، تشاهد برنامجا ما بشيء من الشرود. وحال رؤيته داخلا ابتسمت ابتسامتها الجميلة التي خصتها للقياه، وجلس عبد الرحمن جانبها قبل أن تنهض لتستقبله. سألها قاصدا جدها: "الشرطة موجودة؟"

لتضحك: "لا، قاعد يأخذ له نومة قبل العصر.."

لتأكيدها ذاك، مال برأسه يقبلها بكل شوق سرق النفس من رئتيهما، لتقول عندما ابتعدت عنه محمرة لأذنيها، لكن غير متخلصة من إحكام احتضانه لها: "اللي يشوفك بيقول غايب شهور مو يومين.."

(ربما يجب أنه يخيفه، تعلقه السريع بشادية، غرقه في بحر هواها بهذه السرعة.. شادية التي أضحكته من أول لقاء، التي جعلته مهووس ليل شعرها من لمحة. شادية التي تقوم في الصبح قبل الكل وتتولى مسؤولية البيت كاملة دون كلل أو ملل. شادية البارة الصابرة. شادية التي تحمر خجلا لأقل تلميح. شادية التي تدندن لنفسها بتلك النغمات التي حفظها بقلبه قبل عقله. شادية التي لا تتركه يذهب إلا وهي بخرته بنفس البخور الذي تبخر فيه شعرها، ليكون ذاك له ذكرى تزيده ولها. شادية ذات الابتسامة الجميلة والروح الأجمل.

لكنه أُغرم بها وانتهى الأمر.)

رد ببساطة: "اشتقت لك.."

مرت لحظة قبل أن ترد: "وأنا بعد.."

وكان فرحه باعترافها ذاك ما شتته عن ملاحظة الشجن الذي خالط خجل نبرتها.

=
=
=

طرق شاهين باب البيت الذي كان يقف أمامه برفقة منتهى، البيت الذي كانت تعيش فيه نهلة الجليل سابقا. لكن مهما طرق لم يأتهما جواب.

-: "لو تدورون أهل البيت ما بتلقوا شي، انتقلوا لمدينة ثانية.."

التفتا ليريا امرأة مسنة، تقف على عتبة البيت المجاور. سألتها منتهى: "تعرفين ليه؟"

لترد العجوز بتشكيك: "وإنتوا وش تقربوا لهم؟"

أجاب هو: "جايين ننشد عن نهلة الجليل، هي وعيالها كانوا ساكنين ذا البيت صح؟"

أومأت العجوز بنعم، لكنها التزمت الصمت بعد ذلك، تخطو داخلة لبيتها.

قالت له منتهى: "انتظرني في السيارة، بشوف وش عندها.."

لم تنتظر رده قبل أن تمشي مبتعدة عنه، متتبعة للعجوز.

وكان بعد أن دلفت داخل سيارته بعد نصف ساعة أن قال: "أحس إني ففيلم تحقيق.."

وربما فهمت منتهى قوله ذاك كشكوى، لأنها ردت عليه: "لو كلفت عليك أقدر أروح مع السواق.."

قال بشيء من الحدة: "سواق مافيه وأنا موجود.." ليردف ونبرته تعود للهدوء: "وش قالتلك؟"

بدأت منتهى تحكي كأنها تعطيه تقريرا: "نهلة أرملة وعندها خمس عيال، وأحيانا العجوز اللي كلمتنا كانت تهتم فيهم لما تروح تشتغل. ومن بعد ما انسجنت، جوا أعمام العيال وأخذوهم."

ليسأل: "هذا كل شي؟"

أشارت له بـلا ثم أكملت: "مربط الفرس في أصغر عيالها. كان مريض ويبغاله عملية في الخارج، وعلى حسب كلام العجوز، ما سووا له العملية إلا بعد ما تكفل أعمامه فيه وفي إخوانه.."

نطق دون أن يكمل: "يعني.."

لتتم خيط أفكاره ذاك: "إيه، لقينا شي بيخليها تتكلم.."

=
=
=

حال انتهاء شادية من الحديث عما جرى معها مع حماتها، هتفت غالية: "زين ما سويتي! لا تتسرعي وتخربي الدنيا. حتى لو كانت أمه صادقة، خلاص وقعت الفاس في الراس، وش يفيد نعرف بأسبابه؟ ما أظن تبين تتطلقين الأيام ذي، صح؟"

أومأت شادية بنعم، لتكمل: "ومن يدري، يمكنك حامل هاللحظة، وما أتوقع تبين عيالكم يتربون مشتتين بينكم، صح؟"

أومأت شادية بنعم مرة أخرى، هذه المرة باستيحاء واحمرار ملحوظ.

صفقت غالية يديها قبل أن تقول بنبرة من يحمس لمعركة: "لو ما كان وده فيك، اكسبيه. لو كانت بنت خالته فباله، خليه ينساها. خليك الرابحة سواء كان كاذب ولا صادق..!"

وجدت شادية نفسها تبتسم بصدق وبأمل منذ زيارة حماتها: "ما ألوم عمي فيك والله.."

لم تزعج غالية نفسها بتمثيل التواضع: "أدري يختي ما قلتي شي جديد، عبقرية زماني منذ نعومة أظافري."

=
=
=

قبل أن يرجعا للبيت طلبت من أبو نادر التوقف عند صيدلية، وفي داخلها اقتنت بضع حاجيات أساسية قبل أن تتجه للسبب في توقفها هنا.

توقف أبو نادر جانبها وهي تحاسب، ونظرة واحدة لعلبة المنوم غيرته، جعلت الجمود يكتسي صوته عندما سألها: "هذا لك؟" كأنه يريد أن تجيب بالنفي.

أومأت له بنعم، لترمش بعجب عندما أرجع علبة المنوم للصيدلي ودفع عن باقي مشترياتها بدلا عنها. أخذ الكيس وأشار عليها أن تتبعه.

سألته لا تعرف لم فعل ما فعل للتو: "ليه رجعت المنوم؟ أحتاجه.."

ليرد بصرامة مشغلا المحرك: "ما تحتاجينه.."

ظلت صامتة مستغربة منه، قبل أن يباغتها بسؤال: "من متى وإنتي تأخذين منومات؟"

فاجأها عدم معرفته بذلك قبل أن تتذكر أنها كانت تحتفظ بعلبة المنومات في حقيبتها التي لم يقرب أبو نادر صوبها.

أجابته: "من سنين.."

قال بنبرة أمر: "انقطعي عنها.. صدقيني ما بتفيدك وبتدمني عليها.."

لترد بسكون: "إذا عن إدمان، فأنا يمكن أدمنت عليها وخلاص. ما عدت أعرف أنام بدونها.."

أوقف سيارته في جانب خال والتفت إليها، قائلا: "هذا اللي تظنينه، بس أشوفك ذي الأيام تنامين بدونها. متأكد تقدري تتعلمين تتركينها.." وكان صوته عندما أردف دافئا بالمداراة: "بساعدك بكل اللي أقدر عليه، لأنك إذا ما كنتي مهتمة، أنا مهتم.."

عندما وضع الأمر بهكذا طريقة، لم تستطع منتهى مجادلته، تجيبه بشيء من السرور بدأ يبزغ في قلبها: "بحاول.."

=
=
=

السادسة والثلاثون

=
=
=

لم تدرك ترانيم أنها تعودت على روتين معين مع الوليد إلا عندما فقدته.

لم يكن ابتسامه المشرق لها أول ما لقته عند استيقاظها، ولم يكن لدفء إغاظته لها وجود هذا الصباح.

ذهب لرحلة الصيد تلك دون أن يودعها بكلمة، وقلة الاهتمام تلك أثارت غيظها بجنون.

قد قال أنه سيتريث وقتا مقبولا قبل أن يطلقها ويحررها من قيد العقد بينهما.

لكن.. أكانت تريد ذلك حتى؟

=
=
=

أجلسوها في حجرة يفصل بينها جدار زجاجي وانتظرت ريثما يتم استدعاء السجينة نهلة الجليل لمخاطبتها. لم تنتظر منتهى طويلا قبل أن تدلف داخلا امرأة في منتصف العمر، زادها هم السجن سنينا فوق سنينها.

سألتها بهدوء متوجس عندما استقرت في جلوسها أمامها: "مين إنتي؟"

لتقول منتهى: "وحدة فضولية.."

بدا الاستهجان واضحا في ملامح نهلة: "يعني جاية تضيعي وقتي.."

هزت منتهى كتفا بلا مبالاة: "عاد ذي معتمدة عليك."

كررت نهلة سؤالها بسخط: "مين إنتي؟"

لترحمها وتجيبها: "حاليا أنا زوجة شاهين الجبر، ولد صاحب البنوك اللي اختلستي فلوس منها.."

شخرت نهلة بسخرية: "وش اللي يبونه مني بعد؟ خلاص، انسجنت وانتهت القضية..!"

ردت: "قلتلك، جاية عشان فضول وبس. مابي أزيد ولا أنقص في عقوبتك. مالي دخل فيها."

زفرت بضيق منها: "وش تبين؟"

مالت منتهى مقتربة في جلوسها: "أظنك تعرفين بأم عبد الرحمن، أو يسرى عقاب زي ما تعرفيها زمان."

اتسعت عيونها بصدمة قبل أن تنكر: "ما أعرف مين اللي تتكلمين عنها." قامت من مكانها، تنتوي الذهاب: "زي ما حسيت، ضعيتي وقتي.."

أكملت منتهى تستوقفها: "خليني أقولك الحكاية زي ما فهمتها.." التفتت إليها نهلة عندها، لتكمل: "كنتي شايلة هم علاج ولدك، ويسرى صديقتك أقنعتك تستغلي منصبك في الفرع النسائي وتختلسي مبلغ يساعدك في التكاليف. اللي مو فاهمته ليه ما اتهمتي يسرى بالشراكة معك لما مسكوك ورحتي اتهمتي بنت أختها اللي مالها علاقة في اللي صار.."

انطلقت نهلة في الضحك عندها، تتهكم ساخرة: "ألفتي الرواية وصدقتيها!"

لتبتسم منتهى بنفس السخرية: "يمكن غلطانة في التفاصيل، بس مو غلطانة في الدافع.. اللي يحزني إن ولدك ما استفاد من سواتك حتى.."

كل علائم التسلية انسحبت من ملامحها، لتسألها بحدة: "وش قصدك إن ولدي ما استفاد؟!"

أدركت منتهى عندها أنها وجدت الثغرة: "استقصيت عن أحوال عيالك قبل لا أجيك، وقالولي إن أعمامهم أخذوهم. ولدك الصغير ما تعالج إلا لما كفلوه.." رفعت حاجبا باستغراب: "ليه، ما كنتي تعرفين؟"

مرت لمحات من مشاعر شتى على ملامح نهلة، من الشك إلى الذهول إلى التوجس إلى الغضب إلى اليأس.. تمتمت يزداد صوتها علوا مع كل تكرار: "الحقيرة.. الحقيرة الحقيرة الحقيرة!"

تركتها منتهى تخوض في التأملات ولوم الذات، تنتظرها حتى تهدأ وتعيد انتباهها إليها. لتقول عندما فعلت: "بقولك اللي صار.."

كان الواقع مختلفا عن الذي استنتجته.

صحيح، كان دافع نهلة هو علاج ولدها الأصغر. وصحيح، كانت أم عبد الرحمن هي من حثت نهلة على عملية الاختلاس.

لكن الحقيقة كانت أن أم عبد الرحمن أخذت احتياطات العملية قبل سنين من تنفيذها، وقطعت علاقتها بنهلة ظاهريا للناس حتى لا يتم الربط بينهما. كانت الحقيقة أن نهلة توقعت أن يتم اعتقالها، بل إن الهدف من عملية الاختلاس كلها كان توريط طليقة أبو نادر بها، والمقابل كان تكفل أم عبد الرحمن الشخصي بعلاج ولدها، مقابل لم توفِ به: "ما أنكر إني كنت مترددة، بس حالة ولدي نستني كل شي، وكلام يسرى بالشينة عن بنت أختها ساعد بعد.."

لم تستطع منتهى إلا أن تسأل آخر سؤال عن أمر حيرها منذ أن بدأت نهلة بالكلام: "ليه صدقتيها؟"

لتبتسم تلك بمرارة: "لأني كنت أعرفها قبل، لأنها دوم كانت اللي توقف جنبي وتساعدني، لأني كنت أظن إنها ما بتضرني. كنت أطنش التغييرات اللي كنت أشوفها فيها وأقول لنفسي إن معدنها نفسه.. بس تبين إني كنت غلطانة، وخسرت حياتي وعيالي بسبب غبائي واستغلالها لي.."

وقبل أن تخرج، سألتها منتهى: "لو جيتك مرة ثانية وطلبت منك تعيدين اللي قلتيه عشان نبني قضية ضد أم عبد الرحمن.. بتقبلين؟"

أومأت نهلة بنعم، تمسح الدموع التي أجهشت بها وهي تحكي حكايتها: "ما بشيل ظلم إنسانة فرقبتي. كفاية خسرت دنيتي، ما بخسر آخرتي.."

عندما عادت لأبو نادر الذي كان ينتظرها خارجا، قالت منتهى عندما انطلقت السيارة بهما: "أكدت لي إن أم عبد الرحمن هي المخططة.."

ابتسم أبو نادر بتهكم، ويداه تشدان على المقود بقوة حكت عن غضبه المكتوم: "يا إن زوجة عمي وراها دواهي.."

=
=
=

أخيرا بعد جهد جهيد وصراع أجيال، تمكنت لمار من تسلق الشجرة وسط حديقة البيت. وهاهي الآن تجلس على أحد فروعها الكبيرة، تتمتع بمنظر البيت من علو.

-: "الله! وش هالمصادفة السعيدة؟"

أفلتت منها شهقة لتعرفها على ذاك الصوت الذي لم يكن سوى صوت زوجها جلال، يصدر من تحتها مباشرة، يسألها بفضول متسلي منتصر: "وش اللي قاعدة تسوينه فوق؟ لا تقولي تسترجعين أيام زمان؟"

عندها تذكرت لمار كون جلال من جعلته يتسلق معها فوق الشجرة في صغرها، وحقا، كم من ذكريات الطفولة شاركتها معه؟

قالت بهلع يسوقه حرجها من إمساكه لها بهذا الموقف، تحمد ربها أن أوراق الشجرة الكثيفة غطتها من مرآى الناس: "لا تقرب! أنا اللحين دارية إنك هنا، وما بينفع تناظر وإلا بتخسر التحدي اللي بيننا!"

وعلى عكس ما توقعت، لم يبدُ في صوت جلال الامتعاض أو السخط، بل كل الأريحية والرضا: "ما فيها إشكال، بقعد فمكاني وأمتع عيوني باللي أشوفه فذي اللحظة.."

استوعبت ما قاله لتدرك ما كانت تلبسه، قميص وبنطال ذا قماش قابل للتمدد ارتدته خصيصا لمهمتها هذه، وربما كان صحيحا أن جلال لم يكن بوسعه رؤية وجهها، لكنه كان بإمكانه وبوضوح رؤية ساقيها.

وقبل أن تزيد إدراكها ذاك بردة فعل، سمعته يقول بجدية وقلق: "لمار.. خليك فمكانك ولا تتحركي.. الفرع اللي جالسة عليه قاعد ينكسر.."

نظرت لمار للجهة التي كان ينظر إليها لترى أنه كان محقا وأن الفرع كان ينكسر ببطء. أي حركة مفاجئة حتما ستزيد من سرعة انكساره وتوديها بالسقوط على الأرض.

قالت بجزع أنساها حرجها من الموقف: "وش بسوي؟!"

صمت هو للحظة قبل أن يأمرها، يفتح ذراعيه: "اقفزي وبمسكك..!"

استنكرت لمار الفكرة: "تستهبل إنت؟!"

ليرد: "عندك فكرة أحسن؟ وش اللي حادك تتسلقين شجر فذا العمر أصلا؟!"

لترد هي: "كان نفسي أسويها وسويتها!"

صوت انفصال الفرع من الجذع علا للحظة..

صوت جلال قارب الصراخ: "اقفزي يا بنت الناس!"

لتقول، لا تستطيع الاعتراض أكثر: "امسكني زين..!"

وهكذا، قفزت..

=
=
=

عندما اقترح جلال أن تقفز لمار إليه، لم يحسب حساب الألم الناتج من ارتطام جسد إنسان به من علو.

تآوه ألما، يدرك شيئا فشيئا وجود وزن فوقه، وزن انتمى للمار التي كان أول قولها بعد الصدام هو: "مت؟"

ابتسم جلال رغما عنه وعن ألمه الحالي: "لساتك حية يالهبلة..!"

عندها أدركت لمار ما حصل وموضعها الحالي، لتحاول النهوض.

جلال كان مؤمنا بمبدأ استغلال الفرص بأية طريقة، وربما كان صحيحا كونه مقيدا في رؤيته لها بشروط تحديها، لكنه كان لديه طرق للتحايل واستقصاء تفاصيل أخرى عنها.

مثل شعوره وهي بين ذراعيه الذي بدأ يغلب ألمه ويُذهب عقله، دفء جسدها ورائحة عطرها المنعشة، شعرها القصير الناعم الذي دغدغ بشرة رقبته.

ياله من حظ، أتى لاستدعاء جده لأمر ما، وانتهى بهذه النعمة!

همس لها قبل أن يسمح لها بالنهوض عنه: "لو فزت بالتحدي حقك عرسنا بيكون بنفس اليوم.."

انتهت البارتات..~

الفيورا 03-03-18 11:53 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 54 ( الأعضاء 8 والزوار 46)

هلا هلا
هذا أكبر عدد أشوفه من الحضور فرواية لي
أخجلتوني والله!

HESA 04-03-18 10:53 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
زاد الحماس والتشويق اكثر لمعرفة التكمله
رائعة يا الفيورا

bluemay 04-03-18 11:52 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

حمداً لله ع السلامة


ويسلمو ايديك يا قمر

استمتعت بكمية هالجمال ...

منتهى خطيرة وفِتْحة ما شاء الله عليها

قدرت تربط الخيوط ببعض وبالنهاية رح بتوصلها لادانة ام عبدالرحمن.


يا خبث هالحرمة ...!!!
العمى بقلبها العمااااا

هادا ابنك اللي بدك تدمري سعادته
مو ابن الجيران.

شادية عجبتني كتير بردة فعلها
وسبحان الله الطيبون للطيبات


الوليد صدمة عمره ..!!!
مسكين كيف رح يتجاوز صدمته منها

ترانيم احسن إنها ما كذبت
واتوقع رح تدافع عن حبها اللي ما اكتشفته لسه



نجي للختام المسك
واخيراً صار لقاء ولو بدون شوف لووول
الحمدلله جلال غاطس لشوشته
وما بستبعد ينفذ وعيده لووول


تسلم ايديك يا قمر
وكلي شوووق للقادم


تقبّلي خالص ودي

أبها 04-03-18 09:30 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
شكرا شكرا الفيورا على الأجزاء الممتعة .🍃🌸


أم عبدالرحمن داهية .. متى نشوف الكلبچات في ايدينها؟

شادية .. أظن إن لسان الحال يقول إن عبدالرحمن سعيد معاك
لا تخربين حياتك بالشك و الحيرة ..

منتهى .. صارت خبيرة في التحليل و الربط بين الأمور
اللي يدل على ذكاءها و نباهتها ، طيب هي ما لها مصلحة في معرفة
حقائق عن قضية ما لها دخل فيها،،! ليش تتعب روحها في التفكير؟
هل هذا بدافع محبتها لشاهين ! و شعورها بالامتنان نحوه؟

مرة أخرى شكرا .. بانتظارك بإذن الله .🌸

لمار .. سلامات يا عروسة 😁

Maysan 04-03-18 11:31 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدلي صباحك الفي سلامتك ألف سلامه لابأس طهور بإذن الله والحمدلله على سلامتك وماتشوفيش شر .. معذوره ياقلبي ربي يمتعك بالصحه والعافيه والقوه ويوفقك في دراستك وفي حياتك ويفتح عليك وييسر امورك ويسهلها ويبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك ورزقك واعطاك ويقضي حوائجك .. فصول رووووعه من جد استمعت فيها كثثير ربي يسعدك دنيا وآخرى .. على فكره الروايه تستاهل هالحضور واكثر تستاهلي كل خير الفي ❤..

العجيز والله مااجى في ذهني هالفكره تبعها ههههههههههه عجوز خبيثه بالفعل ؟! يعني جد احبكتها صح ههههههههههه استغفر الله والمسكينه على مشارف التصديق انه بالفعل زوجها خدعها وهو الغافل عن كل مايحصل .. انا اعتقد انه ماتوقع ابدا انه امه ممكن تستخدم هالتكنيك والذكاء لتضرب فيه عدوتها واللي هي زوجته ؟! الحلو بالموضوع انها مااستعجلت وقلبت الدنيا على راسه او حتى غيرة معاملتها على الرغم من جهلها بمن الصحيح الا انها كانت حكيمه جدا .. عيشتها مع جدها ومخالطتها للنساء الكبار من قريتها اكسبتها هدوء وحكمه .. وغاليه كانت مشورتها في الصميم هدأت الوضع زياده وكوت الجرح بالفعل ؟!! لكن كان لازم تدرك انه عمها ماراح يصاحب اي حدا وانه ماراح يسلمها لاحد مايعرف عنه شيء خصوصا انه العجيز ذكرت انه ماحدا يعرف بأمر زواجه هل بالفعل هي ماتعرف انه عمه وشاهين حضروا وهي تراقب ولدها ؟! او استخدمت هالمخطط كجزء من الخطه ؟ لكن مااتوقع انه شاديه ماركزت بالجزء هذا بالذات ؟ لانه اكيد قيل لها انه عمه وابن عمه حضروا ؟!!

شاهين وميمي خخخ .. واخيييرا الموقف اللي انتظره هههههه من يوم زارت منتهى منال بغرفتها عودة المياه لمجاريها في علاقتها مع اخوها شاهين .. بس ماجاز لي تسأله كان نيته يتزوج ؟ سلامات ياحبيبتي يتزوج على مين !! شوشتي مش متزوج على بنتي والحمدلله لها أكد لها للمره الالف انه ماله نيه .. وأعطت موافقتها على زواجه 😌 اوف يالله ياالفي ربي يسعدك تو بس ارتحت هههههههههههه استغفر الله.. باقي بس اسيلوه تعرف بالتغييرات الحلوه 🤓❤.. اخذت عقله وقلبه منتهى وتأكدت لما وصفت نظراته كادي وكأن ربي استجاب لدعوتها او أمنيتها بأن لو واحد يحبها وبرضوا دعوة راضي لها قبل وفاته 💔.. شاهين هو السند والامان هو الاهل والزوج لها وكل شيء بإذن الله بعد المعاناه اللي عاشتها سنوات من عدم الاهتمام والحنان والعطف وغيرهم من المشاعر الانسانيه اللي ماتلقتهم بحياتها.. والله اكشن مشاهدهم هالبارتات هههههههههههه وكأنهم بفلم وتحقيقات بالفعل على كلام شاهين ❤.. وعرفوا انه العجيز هي وراء كل هالتخطيطات الخبيثه لكن ايش الخطوه التاليه !! خاصة وانه نهله مستعده تشهد وتوقف مع الحق ؟! لكن انا مافهمت ليه بالذات اختارت تورط ابنة اختها ؟ هل لانه شاهين كان ماسك الجهه تبع قسم نهله ذاك الوقت او لانه الملفات كانت تبع شاهين ؟ يعني هل اختلاس زوجته كان راح يأثر على علاقة شاهين بأبوه وبوظيفته ؟! لانه شاهين حتى بعد الاختلاس مازال مع ابوه ؟ بصراحه حيرتني هالنقطه او انها تبقى تتخلص منها وتترك شاهين يطلقها وبكذا تكون هدمة حياته الزوجيه ؟ وثقته بالنساء بشكل عام ؟ اتوقع السبب الاخير هو المعني 🤔..
مشاعر منتهى في طور النمو بشكل جميل جدا تجاه شاهين وببطئ ممتع ❤.. ثنائي جميل الفي من ضمن اجمل الثنائيات اللي قرأت بصراحه خشوا ألبي ❤❤❤.. الارق محيرني تبع منتهى ؟ هي تعاني من كوابيس هذا معلوم عندي لكن الارق من ايش ؟ 🤔.. وكويس انه نزل معها وكفشها هههههههههه ووضح لها اهتمامه بصحتها وفيها ككل ..

الواليد وترانيم / هذا اللي كنت خايفه منه انه يعرف :( .. للاسف اللي كان هو خايف منه ويتجنبه وقع فيه على الرغم انه كان مأكد على خاله بضرورة موافقتها عليه .. ترانيم ينطبق عليهم اللي مايقدروا النعمه الا لما يفقدوها .. وهذا هي بدأت تفقد كل ماخصها الوليد فيه .. كانت تقدر تأكد على انه ابوها غصب بالبدايه لكنها مرتاحه معه حاليا وخلصت السولافه بدون جروح ههههههه لكن الكبرياء الجريح تبعها رفض الا ان يستعيد قوته ومكانته .. الشيئ اللي بالفعل يحزن انه الوليد شكلها حبها 💔.. اتوقع ترانيم راح تتراجع وتحل المشكله مثل ماسببتها لكن هل يقبل الوليد وقد طعنته بالحقيقه المره !!!

عبد الرحمن وشاديه ياعيني على اللي حب هههههههه والله ارحمه هالانسان مو عارف بمدى حقارة امه وخباثتها.. ومو عارف ايش عملت من وراه .. هو والجد ههههههههه لاتعليق .. شاديه وضعته بصوره سيئه امام جدها بصراحه ياليتها تحكي الصدق لانه مااعتقد انه في شيء راح يستخبى الى الابد .. لابد يجي يوم والجد يكتشف الحقيقه لكن ياترى ايش ردة فعله ؟!!

جلال ولمار ههههههههههه تخيلت موقف الشجره .. والحمدلله انه كان موجود والا كان تأذت .. بس مو من جده لو ربح يتزوج بنفس اليوم 😳😱.. ياربي دخل عليهم الحديقه شاهين فجأه هو ومنتهى ههههههههههههه مو هما كانوا بمشاور لنهله هههههههههه 😎😁..

تسلم يدينك الفي ربي يكرمك بكرمه يارب .. شكرا لك على حرصك وإلتزامك ربي يرزقك التوفيق والرشاد والسداد والسهوله واليسر والبركه والسعاده وراحة البال .. 🌹.. بإنتظااار القااادم بشوووق ..

Maysan 04-03-18 11:42 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها (المشاركة 3698772)
شكرا شكرا الفيورا على الأجزاء الممتعة .🍃🌸


أم عبدالرحمن داهية .. متى نشوف الكلبچات في ايدينها؟

شادية .. أظن إن لسان الحال يقول إن عبدالرحمن سعيد معاك
لا تخربين حياتك بالشك و الحيرة ..

منتهى .. صارت خبيرة في التحليل و الربط بين الأمور
اللي يدل على ذكاءها و نباهتها ، طيب هي ما لها مصلحة في معرفة
حقائق عن قضية ما لها دخل فيها،،! ليش تتعب روحها في التفكير؟
هل هذا بدافع محبتها لشاهين ! و شعورها بالامتنان نحوه؟

مرة أخرى شكرا .. بانتظارك بإذن الله .🌸

لمار .. سلامات يا عروسة 😁


بجاوبك على منتهى 🤓.. اذكر شاهين سألها ايش مصلحتها من كشف الحقائق في الفصول السابقه قالت له ( تسليه ، رد جميل .. خذ اللي تبغاه سبب ... ) << هذا نص حكيها من البارت ...

د ا ن ة 05-03-18 06:17 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
٣ بارتات فخمة 😍
..
سؤال شنو التحدي اللي بين لمار وجلال

Maysan 06-03-18 04:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د ا ن ة (المشاركة 3698799)
3 بارتات فخمة 😍
..
سؤال شنو التحدي اللي بين لمار وجلال


انا كنت اتسائل مثلك لما قرأت البارت 🤔 .. رجعت للبارتات السابقه ابحث عن جواب ووجدته بالفعل هو يكمن في رؤية جلال لها من دون علمها او علم شاهين .. ورؤيتها حاليا وهي بين يديه وبعلمها يكون خسر التحدي اللي بينهم هههههه ..

امال العيد 06-03-18 09:32 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يعطيك العافية الفيورا على البارتات الجميلة

جدا استمتعت فيها الف شكر لك وانتظر البارت الجاي على خير

الفيورا 06-03-18 10:21 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
مهما كتبت فما راح أقدر أعبر عن فرحتي بتفاعلكم..

السابعة والثلاثون

=
=
=

كان على وشك تخطي المطبخ عندما استوقفه صوت لمار المتذمر يتبعه صوت منتهى المتسلي بهدوء.

دخل ليرى الكاونتر عامرا بأصناف من الحلويات. لمار، في خضم عجن عجينة، ومنتهى، في خضم تزيينها لمجموعة من الكب كيك.

سأل بفضول دهش: "وش اللي قاعد يحصل هنا؟"

لترد عليه لمار، تشير بسخط طريف إلى منتهى التي لم يبدو عليها الاكتراث بأصابع اللوم الموجهة إليها، تكمل تزيينها بعناية ودقة: "استغلال تام لي يا خالي..!" أردفت وهي تكمل العجن، بنبرة مسرحية مأساوية: "صحيت والطفش والنشاط واصلين حدهم. جيت على حرمك المصون واستشرتها في كيفية تفريغ طاقاتي واقترحت علي نسوي حلويات. ما دريت وش اللي وافقت عليه إلا بعد ما قضيت ساعات ما بين عجن وتذويب وتزيين..! ما تتعب زوجتك يا خالي! ما ترحم!"

كتم شاهين ضحكة قبل أن يقول يوجه كلامه لمنتهى: "توني أدري إنك تحبين الشغلة ذي.."

ردت عليه تناقض الرضى التام الذي يراه في ملامحها وهي تعمل: "مو لذاك الزود.." التفتت للمار والعجينة التي كانت تعمل عليها: "خلاص، غطيها بنايلون وخليها ترتاح." نظرت للكب كيك الذي زينته بنظرة تقييمية قبل أن تخطو مبتعدة، تذهب لتفقد شيء في الفرن.

قالت لمار عندها بحماس دل على أنها لم تكن معترضة على عملها هذا لتلك الدرجة: "سوينا كل اللي تحبه العايلة، حاسة كأني في العيد!"

ابتسم شاهين، يوافقها الرأي: "وأنا أشهد.."

لم ير هذا القدر من الحلويات مصفوفة منذ أيام الصغر.

توجهت لمار بالنظر إلى منتهى، تحثها: "ذوقي خالي من التيراميسو اللي سويتيه، تراه يموت فيه..!"

وبصمت، راقبها تتجه إلى الثلاجة وتخرج صينية احتوت على التيراميسو المذكور. قطعت منه قطعة ووضعتها في صحن له مع شوكة. تذوق قسطا ليقول: "همم، فاقد طعم شوي.."

قطبت منتهى حاجبيها، تأخذ شوكة أخرى لتتذوق ثم تقول بتشكيك: "طعمه زي المطلوب."

أخذ شوكتها من يدها عندها، يجرب مرة أخرى، ليصحح قوله بابتسامة مائلة: "معك حق، كنت غلطان. طعمه يهوس.."

بدا على منتهى الرضى برأيه ذاك، تحثه على إكمال صحنه قبل أن تتجه إلى الفرن مجددا، هذه المرة لإخراج ما بدا ككيكة شوكولاة، المفضلة لدى لمار.

كانت لمار تنظر إليه بذهول غير مصدق، محمرة الوجه. غمز لها شاهين وأشار لها ألا تتكلم عما رأت.

=
=
=

قالت له شادية ذات ليلة: "بقول لجدي.."

عرف ما كانت تقصده دون تفسير: "ليه؟"

لتجيب: "مقدر استحمل نظرته لك.. إنت طيب وما تستاهل يعاملك كذا.."

ابتسم بحب حان: "قلتلك كم مرة إني فرحان إن جدك حريص عليك، وتدرين أكثر مني وش بيصير لو قلتيله."

زفرت بضيق: "أدري، ما بيرضى أتم عنده.."

قال هو عندها: "خلاص، خليك مني وساعدي جدك.." ابتسم يحاول التخفيف عنها: "وبأية حال، جدك مسوي لنا أكشن بدورياته.."

ضحكت: "عاد ذا الأكشن ما يقارن بأكشن جدي فشبابه مع جدتي.. قلتلك عن القصة؟"

ذاك الجد الصارم و "أكشن" شباب؟: "لا، ما قلتيلي.."

بدأت شادية تحكي: "جدي كان من المدينة، ومرة ضيع طريقه فسفر وبات فذي القرية. جدتي كانت ماسكة محل أبوها المتوفي وقايمة فيه لأنها كانت البكر وباقي إخوانها كانوا أصغر بفارق كبير. صار إن جدي مر بالمحل كم مرة ولفتت انتباهه جدتي بحشمتها وأمانتها، وصار يتقصد يجي للقرية بس عشانها ويتحجج ببضاعة يبي يبيعها. ما مضى كم أسبوع إلا وهو خاطبها.."

ليسأل: "وانتهت القصة كذا؟"

هزت شادية رأسها بـلا: "جدتي رفضته، قالت إنها ما راح تترك إخوانها عشان تتزوج."

فضوله وصل أقصاه: "وش كان رد جدك..؟"

ابتسمت ابتسامة عريضة: "بنى له ذا البيت في القرية، وحول كل شغله هنا. قال لها إنه بيسكن إخوانها معهم في البيت. جدتي قبلت فيه بعدها، يمكن حست إن جدي مصر عليها وقصرت السالفة قبل لا يسوي شي أكبر، وما استبعدها من جدي بصراحة."

طيلة سماعه للقصة، لم يستطع إلا أن يلاحظ أوجه الشبه بينها وبين قصته هو.

إذا، لديه قواسم مشتركة مع جد شادية أكثر مما كان يتخيل.

=
=
=

مع الوقت صفا ذهنه ليفكر بواقعية، يدون كل الاحتمالات التي بدرت له ويدرسها كل على حدة.

لطالما ظن أنه سيستطيع الانفصال عن زوجة إذا حدث واكتشف أنها كانت مجبرة عليه حتى وإن كان غارقا في حبها. لكن الواقع كان أصعب بكثير، وفكرة تركه لترانيم كانت لا تطاق، وفكرة كونها ستمضي قدما وترتبط برجل غيره كانت قاتلة، تشعله غيرة وتملكا.

يحبها. يحبها وبكل صدق. يحب حركتها الخرقاء في الصباح، وتأخرها ومبالغتها في التأنق كل حين. يحب ضحكتها الغريبة وطبعها النزق التنافسي. يحب حماسها في تأثيث الشقة واحتضانها الخانق له في نومها. كانت كوردة برية زاهية أضفت لونا لحياته الباهتة.

والآن عرف أنه كان خانقا لتلك الوردة دون أن يشعر. كان بين نارين، عزة نفسه التي لا تسمح باستمرار هذا الزواج، وحبه الذي لا يرضى أن تترك ترانيم جانبه.

على مائدة إفطار يوم جديد سألته هي بنبرة اتهام: "ليه ما قومتني للفجر؟"

كانت هذه أول مرة يكلمان بعضهما منذ تلك الليلة.. ولم يجد الوليد جوابا سوى: "نسيت.."

لم يبدو عليها تصديق ذلك، ليردف: "وأظنك كنتي تقدرين تقومين للفجر بدون ما أصحيك قبل."

حقا لا يريد تعذيب نفسه بمرآها وهي نائمة، ليخضع لإغراء مضايقتها ومشاكستها حتى تستيقظ بصوت يحكي عن إنزعاج. لا يريد الانسياق وراء إغراق وجهها برفيف قبلات حتى تفتح عيونها ببريق ضحكة.

يعرف نفسه، سينسى واقعه بكل سهولة.

عقدت ذراعيها بحزم لترد: "مانيب وحدة تصحى عالمنبهات، وما أظنك بتخسر شي لو صحيتني، ولا تبي ذنبي فرقبتك؟"

تنهد، لا يستطيع فهم لم كانت تضغط على هذه النقطة بالذات، لكنه سيسايرها: "طيب، لك اللي تبين.."

بدل الرضى، لم ير سوى الأسى في عيونها.

صدقا ما الذي تريده منه؟ هو من اكتشف أن مشاعره لم يكن لها جواب ممن اختاره قلبه، ليس هي. ألا يجدر بها الشعور بالراحة لعدم اضطرارها للاستمرار في التمثيلية التي كانت زواجهما؟ ألا يجدر بها الشعور بالسرور لإجباره نفسه على البعد عنها؟

=
=
=

بعد التقصي عن نهلة، كان السؤال التالي هو: لم سعت أم عبد الرحمن لتوريط ابنة أختها بقضية الاختلاس بهذا الإصرار والترصد؟ لابد من سبب لذلك.

لكن لسوء حظها، فالشيء الذي كان يشتت انتباه أم عبد الرحمن بدا أنه هدأ، لتعود لتركيز اهتمامها عليها. لديها الاحساس أنها كانت تتعقب حركتها، خصوصا وهي لم تكن من النوع الذي يخرج كثيرا..

ربما عليها تغيير ذلك.

باغتتها بسؤالها: "مرتاحة مع شاهين؟"

على عكس سؤال أبو شاهين ولمار الصافي النية، تعرف منتهى أن سؤالها ذاك سيجر وراءه كلاما: "الحمد لله.."

ظهر القلق على ملامح الأخرى، تلح في سؤالها: "متأكدة؟ لا تخبي شي عني حبيبتي."

قررت منتهى أن تأخذ بالطعم لترى ما كانت تصبو إليه: "ما أكذب عليك، مرتاحة بوضعي.. ليه، فيه شي ما أدري عنه؟"

لتقول تلك بأسى: "مدري كيف بقولك، وبصراحة ألوم نفسي إني ما حذرتك قبل بس.. تعرفين إن بنت أختي كانت متزوجته صح؟"

أومأت منتهى بنعم، لتكمل أم عبد الرحمن: "كانت تشكي لي عن حالات تجيه، ما كان طبيعي تقول، وكثير كان يأذيها.."

(آسف لو أذيتك وأنا نايم..)

كلماته تلك ترددت في ذهنها هذه اللحظة، لتجد نفسها تقاطع أم عبد الرحمن: "شاهين ما أذاني ولو بكلمة يا أم عبد الرحمن، فلا تشيلي هم.."

تعرف أنها تنسف فرصها في استدراج والحصول على ثقة الأخرى في اختيار ردها هذا، لكنها لم تهتم.

ابتسمت بسخرية وهي تردف، ترى عدم الرضى والسخط يغزو ملامح أم عبد الرحمن ليدفع بوادر القلق الزائفة بعيدا: "وإذا على قولتها إنه مو طبيعي، فأنا بعد مو طبيعية.. وافق شن طبقة، ولا وش رأيك؟"

=
=
=

فور دخول لمار للسيارة، طرق أحدهم على زجاج نافذة السائق، يقول: "لحظة، أبي أكلم بنت عمي فموضوع..!"

نظر السائق لها بتوتر وحيرة، لتخبره بنفس التوتر، متوجسة: "طنشه يا نور، ما علينا منه.."

وهكذا فعل، وكان بعد فترة من انطلاق السيارة بعيدا عن الجامعة أن لاحظت تتبع سيارة لهما، وإشارة سائق السيارة لهما بالتوقف. كان الرجل نفسه الذي كلمهما في موقف الجامعة، ابن عمها المزعوم.

شجعت نور على الاستمرار في تجاهله وإكمال طريقه، وذلك جعل الرجل يزاحمهما في الطريق بشكل بدأ يقترب للخطورة.

"وش اللي يبونه مني اللحين؟!"

كانت بصدد الاتصال بخالها شاهين عندما شعرت بالسيارة تنحرف عن مسارها بقوة مخيفة وترتطم بشيء بعد لحظة خاطفة.

سرعان ما اكتسح عالمها السواد.

=
=
=

غريب، مهما اتصلت بجوال لمار أو نور، لم يأتها جواب..

شعرت منال بشيء أشبه بقبضة تخنق على قلبها خوفا، خوف نقلته إلى أخيها الذي حاول مثلها الاتصال دون جدوى أو جواب يشفي.

عندها صدح جوال شاهين بالرنين، ينبض برقم غير مسجل، ليجيب عليه ويقول بعد لحظات تكلم فيها المتصل: "نور..؟"

لحظة سماعها للاسم نهضت منال من مكانها وتوجهت لجانب أخيها، تلاحظ جمود تعابير وجهه والشحوب الذي اكتساه، يقول بنبرة أنبأت بما لا يسر: "بجيك اللحين، لا تتحرك من مكانك..!"

تبعته عندما خرج تسأله بإلحاح باكِ: "وش صار لهم يا شاهين؟ وش صار فبنتي؟!"

وكان جوابه لها ما جعلها يغمى عليها في مكانها..

.

.

.

حادث..

انتهى البارت..~

Maysan 07-03-18 01:34 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباح الورد ياصباح البارت والقفله الاليمه ألفي :( .. ياصباح الرضا والبركات والسعاده عليك الفي وعلى الجميع يارب .. تسلم يدينك يارب وربي يوفقك ويقويك ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين بدراستك ويبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك ورزقك واعطاك ويقضي حوائجك ويسعد ويفرح قلبك يارب ..

لامار لااااا قفله أليمه يالفي كنتي اكملتي لنا 😭😭.. ماتوقعت ابدا انهم راح يلجأوا لهذا الحركه الخبيثه وينتظروها بالكليه علشان يكلموها ياانه كان يبقى يأخذها معه بالقوه او كان يبقى يهددها في خالها وجلال ؟! علشان ترضخ لهم .. الله يستر منه.. نور حكى مع شاهين من المستشفى او من مكان الحادث لانه استخدم جهاز مو جهازها واكيد راح يخبر شاهين باللي حصل معهم كله ..

والله شاهين تحفه هههههههه .. اللي ابقى افهمه كيف منتهى مافهمت حركته وانها مقصوده على الرغم انها شككت بحكيه ؟ غير انها مااستغربت اساسا انه اخذ شوكتها هي وبعدها تغير رأيه هههههههههه .. ولامار هي اللي فهمت الحركه كلها والقصد منها هههههههه .. ويوصيها تخبي وهو اللي فاضح نفسه ههههههههه مره كادي ونظراته ومره لامار وافعاله ههههههه .. حبه بدأ يظهر ويترجم جليا على نظراته ،تصرفاته معها وأفعاله .. باقي بس اعترافه ❤😍.. مااعرف ليه اشعر انه بعد الحادث هذا راح يكون دخول آسيل للصوره .. وخاصه بعد سقوط منال وإغمائها على ابنتها الاكيد انه صديقتها وابنتها راح يحضرون لإداء الواجب ؟! من هنا ممكن العجيز تستغل حضورها لانها سبق وفكرت انها تضرب الاثنتين ببعض !!

العجيز هذا يبقى لها حاجه تكسرها .. انا قلت بتنشغل بولدها عنا هههههههه وبنرتاح شوي .. رمت الطعم لشاديه واختفت علشان تشوف مدى فائدته معها .. ثم تكمل على منتهى وشاهين وهي تراقب هذوليك من بعيد ؟! اتوقع انه ماراح يكون التحرك الوحيد لها تجاه شاديه اكيد في تحركات ثانيه اقوى واقسى !! اذا حلت منتهى اللغز اللي حيرني انا برضوا راح تفهم عقل العجيز كيف يفكر !! للاسف منتهى كشفت لها ورقتها لما تكلمت عن شاهين لانها ماتحملت حكي بالسوء عنه وهذا دليل على انه مشاعرها بدأت تتغير تجاهه بصوره اكبر مما اعتقدت .. لكن اللي مطمني انها فاهمه ايش قالت وتأثيره ؟! وبعدين ايش قصدت بتغيير حياتها والخروج !! يكون ناويه تكمل تعليمها او تستقل موهبتها وماهرتها في صنع الحلى ؟!..

الوليد والتذبذب اللي عايشه حاليا مؤلم .. خيارين احلاهما مر ؟! ترانيم فقدت الوليد وفقدت وجوده حولها .. المساحه اللي حاليا تاركها الوليد لها فرصه لها تختبر فيه مشاعرها وتعرف ايش هي تبقى ..احيانا الانسان يحتاج لمتنفس ليقيس مشاعره وقوتها .. ومثل ماخربت علاقتها فيه هي الوحيده القادره على اصلاحها !!

شاديه وعبدالرحمن .. اقول تعال اخذ امك معك القريه وفكنا من خبثها وشرها .. مو انت انتقلت من اول للشقه ورا ماراحت معك او اخذتها ؟!! معليش يعني هي ساكنه في بيت عمك اللي في الاصل مو محرم لها وحتى لو كان في ملحق .. الاولى تأخذها حتى لو رفضت ناقصتها انا ههههههههه تخرب على ولادي اللي بدوأ يبنوا حياتهم لبنه لبنه 😍😍.. شكلها العجوز هي اللي راح تخبر الجد عن شرط حفيدته 🤔..

شكرا لكِ الفي ربي ينور على بصيرتك ويرزقك السعاده والرضا والتييسر والتوفيق والبركه يارب .. بإنتظاار القادم بشووق وأرفي بحال ولادي ههههههه بلاش الشر يستفحل حولهم يارب حوليهم ولاعليهم ههههههههههه 🌹❤..

bluemay 07-03-18 07:29 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ربي يسعدلي صباحكم إلفي ومتابعاتها الجميلات ...


احلى تطور والله ،، حركات وغزل خفي لووول

وانا كمان استغربت انها ما فهمت التلميح، اذا انا كان دبت بأرضي لووول

بس والله حاسة فيها ، واصلة لدرجة انها شايفة انه مستحيل انه في حدا ممكن يحبها.

بس خلاص كله رح يتغير بعد ما يغمرها شاهين بطوفانه .


ترانيم بلشت تحس بفجوة في مشاعرها اللي كان الوليد ماليها بدون ما تشعر

لكن احساسي قوي انها رح ترجعه الها حتى لو بنظرها انه مجردتملك وليس حب ناحيته.



عبدالرحمن اتوقع انه يستفيد من معرفته بنقاط التشابه مع جد شادية.

ولو اني مو مطمنة لأمه ،مارح تتركهم بسلام لأنها.


لمار والحادث ، الله يستر من اولاد عمها ما يكونوا قدروا يوصلوا لها قبل خالها

قفلة مرعبة.



يسلمو ايديك يا قمر
متعتينا بكمية من الجمال لا توصف

تقبّلي خالص ودي

الفيورا 07-03-18 12:10 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم حبايبي
ذي الايام بواجه مشاكل في الاتصال (وقت سداد الفواتير وقاعدة افكر اغير الشركة لان ذي تعبتني) فاعتذر مسبقا عن التاخير اللي بيحصل
ما اظن بتتعدى ٣ ايام بس في حال صارت زيادة التمسوا لي العذر..
القاكم على خير!

ندا المطر 07-03-18 01:53 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
حبيبتي معذورة
بانتظارك اول ما تقدري تنزلي فصل
بالتوفيق دائما ..

Maysan 07-03-18 04:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

معذوره ياقلبي .. ربي ييسر امورك ويرشدك لما فيه خير وصلاح لك يارب .. ربي يوفقك ويبارك فيك بإنتظارك الفي اول ماترتبي وضعك وامورك .. ولو تجميعهم كذا مافيش مشكله ياحبيبتي خخخخ كل حاجه منك حلوه ههههههههه 😁😝..

الفيورا 09-03-18 06:24 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الحمد لله لقيت حل للمشكلة (والله كرف التعامل مع شركات الاتصال في الغربة)
بجاوب على سؤال شفته في رد: متى بتنتهي الرواية..؟
بصراحة، عندي نهاية مرسومة فأحداثها، ولساتنا مو قريبين ذاك الزود لها، بس أقدر أقول إننا خلصنا من أكثر من النص. أتمنى ما طفشتكم معاي ببطء الرتم، بس إذا في شي حسيت فيه فرواياتي اللي قبل، هو إني تسرعت شوي فبعض الأحداث، فقاعدة أعوض (ويمكن زودتها؟) فذي الرواية..

الثامنة والثلاثون

=
=
=

على الرغم من رؤيتها للمار طريحة فراش مستشفى مرات لا تحصى، لم تستطع منال التعود على مرآى ابنتها بهذه الحالة.

تكره الهدوء عندما ارتبط بلمار، فهدوء لمار عنى قربها من النهاية. تكره هدوء لمار لأنه عنى أنها لم تكن معهم، فلو كان فيها ذرة من وعي لاستغلته في الثرثرة، سواء بلفظ لسان أو تعبير وجه أو نظرة عين.

لكن الآن، كانت لمار أشبه بدمية جميلة، لا أثر لضرر جسيم، ولا أثر لحياة سوى من تنفس بطيء الإيقاع.

دموعها هلت ونزفت حتى أصبحت كوقع النفس، تدعو الله بكل جوارحها أن تعود ابنتها سالمة لها ولكل من انتظر استيقاظها من غيبوبتها هذه.

كشاهين..

(شاهين الذي سبق الكل إلى المستشفى واستقصى عن الحال بقلق نافسها، فلمار كانت بمنزلة الابنة عنده. مكث جانب لمار ومنع منال من الذهاب حتى استقر وضع ابنتها، ربما يفكر بفاجعتها لرؤية ابنتها مباشرة بعد الحادث، غارقة مضرجة بالدماء. ليخبرها بما جرى عندما وصلت وفق أقوال نور الذي لم تلحقه سوى إصابات طفيفة على عكس السيارة وجواله.

كان السبب إلحاح ابن عم لمار على الحديث معها، وعندما سألت منال شاهين عما حصل لابن العم ذاك، رد عليها أنه تولى أمره بتعبير مظلم، يؤكد لها أن إخوة راضي لن يعودوا لمضايقتهم بعدها.

لم تر مثيلا للمشاعر التي رأتها مكشوفة في أخيها قط، مثيلا لذاك الغضب والقلق والذنب، مثقل مرهق لا يستمع لقول إنسان أن يترك جانب لمار ليرتاح ولو لغفوة.)

وكادي..

(كادي التي اعترضت على قرار شاهين بمنع الزيارات بصخب، التي وصلت قبلها تغرق الجميع باستجواب هلع. لطالما كانت كادي مثقلة بهم صحة أختها، بماض مليء بالزيارات للمار لسبب أو لآخر. لولا تهدئة وحث زوجها لها على الراحة، طمأنته لهم برأيه كمختص في مثل الحالات، ربما كانت كادي لتزاحمها وخالها شاهين في اتخاذهم مكانا جانب لمار حتى تستيقظ.)

وجلال..

(جلال الذي ما إن سمع بالخبر حتى أصبح زائرا يوميا للغرفة التي تمكث فيها لمار، يستجوب ككادي ويسأل مثلها. فاجأتها لهفته الفاضحة وقلقه البالغ على لمار، غضبه الثائرعند معرفته بما جرى الذي ضاهى وربما فاق غضب خاله. لم تظنه يكن لابنتها ذاك القدر من المشاعر خصوصا وهما لم يلتقيا منذ سنين الطفولة، حتى في تلك الفرصة الذهبية المتمثلة في ملكتهما. لكن، وياللغرابة، لاحظت فيه أنه لم ينظر لجهة لمار مرة عند زياراته.)

وغيرهم..

(كأبيها الذي رجاها أن ترتاح وحاول التحايل ليطلب من شاهين المثل ليفشل. كغادة التي جالستها وفعلت مثل أبيها. كهيفاء صديقة ابنتها التي لولا حياؤها وأهلها لمكثت جانب لمار أيضا.

حتى زوجة شاهين كانت من ضمن الزائرين السائلين عن لمار، بل سهرت معها جانبها. مرات وجدت منال نفسها تغفو على تلاوتها الخافتة لوردها. تعرف أنها كانت تحادث لمار ولم تمانع رفقتها، لكنها لم تظن أنها سترى ذاك القلق على ابنتها فيها، ليتبين أنها كانت تهتم، تهتم وبكل صدق.)

مضت أربعة أيام بخوف وقلق ووجع قبل أن تفتح لمار عيونها أخيرا.

=
=
=

لا تتذكر حقا لحظة استيقاظها الأولى، قد قيل لها أنها كانت قصيرة خاطفة لكن مبشرة بالخير. تذكرت فقط الشعور بالتلبد الذي حتما سببته الأدوية التي تجري في عروقها.

تتذكر لحظة صحوها للمرة الثانية، كاستيقاظ من نوم مزعج مليء بالمقاطعات. ما زال نفس الشعور بالتلبد موجودا، لكنها تجاهلته بتشاغلها بالأعين المتلهفة التي تراقب أبسط رمشة عين منها.

كان وجه أمها أول ما لاقاه ناظرها، ورغم أنها لم تقوَ على الابتسام بعد، ابتسمت لها في قلبها.

مضت ثلاثة أيام بعد ذلك، ما بين فحوص وزيارات ومداراة أهل واستيعاب لما حدث لها.

وضعت أمها بوكيه ورد في حضنها، تجذب انتباهها، تحثها بابتسامة أن تتفحصه. تساءلت لمار بصمت عن الذي ميز هذا البوكيه بالذات عن سائر البوكيهات والهدايا التي تلقتها.

الصدق يقال، كان بوكيها رائعا فخما. أعجبها للغاية. بفضول فتحت لمار البطاقة المرفقة، لتلقى أبيات شعر غزلية عن رجعة حبيب تحت التحية والدعاء أشعلتها خجلا، ليزيد كلام المرسل المكتوب تحت الأبيات على خجلها.. السرور..!

*الحمد لله على السلامة يا الأميرة النائمة..

ترى ما شفت منك شي، ما أحب أفوز بذيك السهولة. أول مرة أشوفك فيها لازم تكون وإنتي واعية، تضحكين، تتحلطمين، تذوبين ففخامة وبهاء صورة لي.. أنا قنوع.

لا عاد تخوفيني عليك مرة ثانية. كفاية سالفة الشجرة.

زوجك: جلال*


ضحكت أمها بخفة، تجعلها تدرك أنها كانت تقرأ البطاقة معها: "يحليله ولد أختي، طلع حنين.."

تلعثمت لمار من إحراجها: "قر.. قريتي كل شي؟!"

لتزيد ابتسامة أمها اتساعا: "لما أشوفك شاقة الحلق زي كذا؟ أكيد بقرا." قطبت حاجبيها بريبة: "وش سالفة الشجرة لكن؟"

كان رد لمار الفوري الآمل بإنهاء هذه المحادثة، تصيبها القشعريرة لذكرى تلك الحادثة المخجلة: "ولا شي! ولا شي!"

تحمد الله على عدم إمساك أحدهم لها ولجلال بذاك الوضع. وكم كانت محظوظة أن خالها رجع للبيت بعد دقائق قلة من عودتها لغرفتها! دقائق أبكر وكانت لتنفضح! لا تدري كم مضى من الوقت حتى استطاعت النظر إلى شجرة الحديقة دون أن تحمر.

لطالما ربطت شعور اضطراب نبضات قلبها بالمرض، مقدمة لإقامة أيام في مشفى.. لكن منذ أن دخل جلال حياتها كزوج ارتبط مصيرها فيه، وقلبها يضطرب نبضا بطريقة جديدة لم تعهدها، بطريقة أشعرتها بزخم الحياة.

=
=
=

تنهدت كادي بتأنيب خالطه الحب: "اقعدي بس بلا شكاوي. توك صاحية من غيبوبة من كم يوم وتشتكين من الطفش..؟!"

لترد لمار بامتعاض: "يختي ذولا الدكاترة موسوسين بزيادة..! وش فيها لو حطوا علي كم جبس وطلعوني يعني؟ ماله داعي القعدة ذي كلها."

تستطيع تفهم ضيق لمار من البقاء في المستشفيات، فترددها الشبه دائم عليها في صغرها زرع فيها تحفظا وكرها للبيئة والمفهوم بأكمله: "إنتي بس سوي اللي يقولونه لك هالكم أسبوع وبتطلعي بأسرع وقت.. والله لو مني ما طلعتك إلا بعد سنة وشي!"

حقا، كان كلا من نور ولمار برعاية الله وحفظه، فضربة الحادث لو مالت بزاوية صغيرة كانت لتكون لها نتائج كارثية!

انتفضت لمار جزعا من الفكرة: "أعوذ بالله من شرك! مو معناته تزوجتي دكتور وحبيتي طاري المستشفيات بتلزقينا فيها!"

لا تستطيع تخيل فكرة فقدها، أختها الصغرى التي بقيت الابتسامة والمرح متألقين فيها حتى في مواجهة محنة كهذه.

احتضنتها والدموع تتشكل تنطلق كالسيل، لتخفف عليها لمار بتسلي دافئ: "وش فيك صايرة حنفية ذي اليومين يا بنت؟ شوفيني بخير وبألف عافية..!"

=
=
=

قبل أن يبتعد عن عتبة باب غرفة لمار في المستشفى، استوقفه صوت..

-: "تقدر ترتاح اللحين على ما أظن."

يا لها من مفاجأة: "أشوفك تنازلتي وكلمتيني يا غادة.."

لا يدري متى كانت آخر مرة تكلما فيها بغير التحايا الباردة وشعر شاهين بالمرارة من ذلك، فبينما كانت منال له الأم، كانت غادة له الأخت والمثال. على عكس علاقته بمنال التي كان يملؤها الحنان والمداراة، كانت علاقته بغادة علاقة صراحة وصداقة، تعامله بالحزم الذي افتقرته منال. كانت مثل أبيه، تتوقع منه الكثير، ليخيب ظنها بعد تلك الحادثة..

لترد بحزم ظهر في عيونها العسلية المشابهة له: "شايفة حالتك ما تسر العدو قبل الصديق.."

سألها متهكما، يتذكر الاستهجان الصريح الذي عاملته به في تلك السنوات الأولى، محاولاتها إبعاد أولادها عنه وعن "تأثيره"، ليقاوموها ويبرد استهجانها ذاك إلى تحفظ: "وإنتي العدو ولا الصديق؟"

صمتت هي، لتعتريه الخيبة.. ما الذي كان يتوقعه منها بكل صراحة؟

تنهد وأكمل مشيه مبتعدا.

=
=
=

راقبت غادة ظهر أخيها المبتعد بأسى، تلوم لسانها الذي لم يرضَ بإجابة سؤاله ذاك..

"إنت أخوي.."

كان رؤية قلق شاهين على ابنة أختها فاتحا للبصيرة. كم شابه أبيها في خوفه وقلقه الأبوي. كم شابهت تعابيره تعابير أبيها عندما اختفى شاهين في تلك الحادثة، قبل فاجعة اكتشاف ما أودى به نفسه.

ذكرها مرآه بمن كان، ومن هو، وبما كانا عليه في الماضي..

ربما عليها الخروج من أنقاض خيبتها.. خمس عشرة سنة مضت، أما آن الأوان لتفعل؟

=
=
=

ازدحمت غرفة لمار بالزائرات من معارف منال وأختها غادة، فانسحبت منتهى بهدوء. صدقا، ليس لديها الطاقة لاحتمال الأصوات التي ستنتج من هكذا لقاء.

وجدت ولد غادة الأصغر سيف خارج الغرفة، يبدو عليه الضجر التام، ليسألها عندما رآها: "كيف لمار اليوم؟"

أجابته: "طيبة.." سألته باستغراب، فغالبا ما كان هذا الصغير أول من يحيي ويطمئن على لمار إذا زار: "لساتك ما شفتها اليوم؟"

ليرد بسخط طفولي: "كنت بشوفها، بس قبل لا أدخل صديقات خالتي وأمي جوا واحتلوا الغرفة!"

وراء نقابها ابتسمت: "طيب تعال إنزل معي على بال ما يخلصون، أبي أشتري لي شي من تحت.."

وافق الصغير دون اعتراض، ربما مسرور لشغل نفسه ولو بشيء بسيط.

في طريقهم لمقاهي المستشفى، سألته: "وين خالك؟"

ليجيب: "مع دكتور لمار يتطمن على أحوالها.."

هذه الحادثة وضعت بصمتها على شاهين. لا تظن أنها رأته بهكذا حالة، بل إن حالته بعد أحد كوابيسه كانت أهون وأخف. جادلته مرات عدة بالرأفة على نفسه والارتياح، لكن عناده كان جلموديا ولم يستمع لكلمة. قد اعترف لها مرة عن ظنه أن الذنب كان ذنبه في الحادث الذي أصاب لمار، فلو تصرف بطريقة أخرى ولم يتساهل مع أعمام لمار، فلربما لم يكن ليحصل ما حصل، ليتدارك نفسه ويستغفر من ظلمة أفكاره تلك. لم يرتخي من استنفاره ذاك إلا بعد استيقاظ لمار من غيبوبتها، وعندما رأت الطمأنينة تعود إلى روحه، وجدت منتهى نفس الطمأنينة تعود لها أيضا، تنبئها بمبلغ قلقها على حاله.

لحظة.. منذ متى أصبحت تفكر به كـ"شاهين"، مجردا دون الكنى التي رصفت بها حواجزها؟

أيقظها سيف من غمرة أفكارها، ينبهها: "وصلنا يا خالة."

وفي المقاهي طلبت لها كوب كابوتشينو وشجعت سيف على طلب ما يريد، ليخضع بعد رفض متردد.

وكان عند اقترابها مع سيف للمصاعد عائدين أن استوقفها صوت تعرفه جيدا، كيف لا وذاك الصوت كان المرافق الدائم لكوابيسها؟

-: "منتهى..!"

عندما التفتت للوراء، رأته..

نواف.

انتهى البارت..~

امال العيد 09-03-18 06:41 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الفيورا لنا بارتين نهاية البارت شريرة ليه كذا 😣 عاد هالمره نواف ياخراشي

وبعدين بالعكس أحداث الراوية تمشي مضبوط لا تسرعتي ولا اسهبتي فيها


بارت جميل كعاده وانتظر القادم بشوق

سلمت اناملك 😘

Maysan 09-03-18 09:31 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفي 😡😡😡 الفي 😱😭😭😭 يااختي ياحبيبتي ورا كذا انا على فكره ماقرأت البارت اخذت لمحه بس واذا هوووب نوافوه قليل المرجله !! وش جابه لبنيتي يالهووووي !! بنتي ياالفي متوصيه فيها انت شكلك يعني بالله من كل الافكار اللي اجت في ذهني عن هالتعبان مااجت هذا نهائي 😤😤.. ليييه كذا بس يااربي لايكون يشك فيها شاهين 💔😫 والا يشوفها حدا واقفه معه ياربي 😑😭😭 ..

قلبي الصغنن لايحتمل بجمع البارتين هذا والجديد سوا 😞😞.. وستنحرموا من ثرثرتي هههههههههههه فتره استغفر الله ياربي مقهوووره من القفله اللي سقطت عيني عليها 💔😫 .. انصدمت وانا اتعشى ومنفجله عيوني بالقفله وتوقفت عن الاكل ☹💔.. هذا جزاء الي يأكل وهو يقرأ روايات هههههههههههههه .. شكرا لك ياألفي على القفله 🌚😝ههههههههههههه ..

الفي ربي يسعدك وييسر امورك ويفرج همك ويوفقك في دراستك ويفتح عليك فتوح العارفين العالمين ..

Maysan 09-03-18 09:45 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ايوا بنوتات ممكن طلب صغنن بعد إذنكم 😊.. لما ينزل البارت الجديد انا ماراح اخوش على طول اخاف فيه حاجه ماتجوز لي واجلس اهجوس هههههههه .. فإذا سمحت وحده منكم كذا ربي يسعدها لما تقرأه ويكون اوكي ترسل لي بكلمة اقرأي ههههههههه وانا بفهم وسلامتك 🌹..

الفي انت لاترسلي ولاتحكي معي 😒 .. انا زعلانه منك على اللي حصل لبنتي 😭😭 الى ان اطمأن على حبيبة قلبي ميمي 😞..

Maysan 10-03-18 12:09 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ايوا بما انه انا مجأله البارت وقرأت القفله على حين قفله مني ماعلينا بسدح كذا توقع للي بيحصل احم ههههههه والفي اذا كان واحد منهم صح اطالبك بهديه هههههههههههه ..

يلا الفي اختاري من متعدد ههههههه ..

1/ ياأنها بتهرب منه وبتدخل المصعد بحكم انه وصل وهو يخاطر ويلحقها مجنون ويسويها مالت عليه بس وعلى حبه فوقه ..

2/ ياانه بيظهر شوشتنا بالوقت الضايع ويفهم وقوفها مع نوافوه خطأ ويشكشك فيها بحكم خلفيته المضروبه مع نسيم !!ويحصل سوء فهم بينهم << بسم الله علينا من هالتوقع واللي بعده حتى مابعد قلنا بسم الله في علاقتهم هههههههههه 😭😭..

3/ ياانه في حدا بيشوفهم واتوقع أسيلوه في طريقها للزياره وتكون بالمصعد وتشوف وتنقل وتزيد بهارات من عندها ؟!

4/ ياانه انت ياالفي عندك فكره جديده ماقد طرحت في موقف مثل كذا وبتكون مفاجأه مثل سلافة قليل المرجله ابو حب بنفسجي ومنيل بستين نيله 😤😤😤 وسلامتك ..

لاداعي للتشجيع بنوتات عارفه انه انا جبت العيد ههههههههههههه بس عادي يلفون في ذهني ولازم اطرحهم وازعج الفي فيهم هههههههههه ..

لو مادخلت بعد كذا عرفوا انه انا اجمع البارتات هههههههههههههه لما تخف ذروة الاحداث بالروايه << على اساس حدا بيفقد ثرثرتي 😁..

فتكوا بعااااافيه 🌹.. دعواتي لك الفي ربي يسعدك ويحفظك وييسر امورك ويوفقك ..

bluemay 10-03-18 12:04 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


رهيييييييب وخاطف للانفاس

بتفق مع امولة

رتمك مظبوط

ومستمتعين كتير يا قمر


ربي يفتح عليك ويوفقك ...

تقبّلي خالص ودي

inay 10-03-18 01:24 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
كيف حالكم اتمنى تكونو بخيير
الفيورا حبيت اعطيك رايي بخصوص استفسارك
الاحداث تمشي على الريتم المطلوب حتى تاخذ حقها و اتمنى ان تواصلي على هذا الشكل
نرجع للبارت
و اخييرااا ظهر نواف واش اللي جابه للمستشفى
يا فرحة ما تمت .. الجمال و الهدوء في علاقة شاهين و منتهى راح ينتهي على يده .. اتوقع شاهين يكون جاي يدرو على منتهى و يصادف الموقف
اما عن رد فعله ممم متشوقة جدا له .. يقال اتقي شر الحليم اذا غضب خصوصا و منتهى الان اصبحت تمثل له الكثير
اتوقع ظهور اسيل ايضا حتى تكمل اللمة ههههه
شكرا الفيورا ننتظر البقية

امال العيد 11-03-18 07:01 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3698942)
ايوا بنوتات ممكن طلب صغنن بعد إذنكم 😊.. لما ينزل البارت الجديد انا ماراح اخوش على طول اخاف فيه حاجه ماتجوز لي واجلس اهجوس هههههههه .. فإذا سمحت وحده منكم كذا ربي يسعدها لما تقرأه ويكون اوكي ترسل لي بكلمة اقرأي ههههههههه وانا بفهم وسلامتك 🌹..

الفي انت لاترسلي ولاتحكي معي 😒 .. انا زعلانه منك على اللي حصل لبنتي 😭😭 الى ان اطمأن على حبيبة قلبي ميمي 😞..

هذا اللقافه في امي عينها أجل تشوفين القفله اول شي 😂😂 ذكرتيني في أحد الروايات م ارتاح إلا إذا شفت نهاية الفصل 😆😆

لو الفصل ماش بمدح لك أجل ناكلها وانتي لا م يجوز وانا اختك 😉😉

انا تحطمت تحطيم من شفت القفله اول شي قلت أخيرا طاح الحطب ونهاية يطلع لنا نواف 😳 بالله الحين ميمي وشاهين كيف تبي تكون حياتهم .. عسى شاهين م يقصر في نواف يدبغه لحد م عيونه تطلع أي والله

HESA 11-03-18 12:44 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يااااااااه واالله اندمجت حدي
ابي اعرف شنو بيصير
في انتظار التكملة :rdd12zp1:

Maysan 11-03-18 03:36 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3698999)
هذا اللقافه في امي عينها أجل تشوفين القفله اول شي 😂😂 ذكرتيني في أحد الروايات م ارتاح إلا إذا شفت نهاية الفصل 😆😆

لو الفصل ماش بمدح لك أجل ناكلها وانتي لا م يجوز وانا اختك 😉😉

انا تحطمت تحطيم من شفت القفله اول شي قلت أخيرا طاح الحطب ونهاية يطلع لنا نواف 😳 بالله الحين ميمي وشاهين كيف تبي تكون حياتهم .. عسى شاهين م يقصر في نواف يدبغه لحد م عيونه تطلع أي والله

هههههههه والله هذا الحركه معي في روياتين حاليا وماخفي كان اعظم هههههههه اتركي الطبق مستور وانا اختك .. الشكوى لله الان انا كسرت الحصار اللي فرضته على نفسي بسببك ههههههه علشان ارد عليك 😂😂..

الا يجوز من قالك مايجوز ههههههههه اهم شيء مشاعر اختك المسلمه ماتتأثر من باب رفع الاذى ههههههههههه .. وبعدين اموله مااعتقد يطاوعك قليبك الصغنن تسويها فيني😁😊.. وانا اخذت احتياطاتي الامنيه ههههههههه :lol: ..

انا مو تحطمت انا انقهرت استغفر الله .. مابعد زانت حياتهم ولا بعد قربوا من بعض اكثر 💔.. الفي ماتعمليش حاقه وحشه يااختي في ولادي ههههههههههه ..

امال العيد 11-03-18 08:13 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699009)
هههههههه والله هذا الحركه معي في روياتين حاليا وماخفي كان اعظم هههههههه اتركي الطبق مستور وانا اختك .. الشكوى لله الان انا كسرت الحصار اللي فرضته على نفسي بسببك ههههههه علشان ارد عليك 😂😂..

الا يجوز من قالك مايجوز ههههههههه اهم شيء مشاعر اختك المسلمه ماتتأثر من باب رفع الاذى ههههههههههه .. وبعدين اموله مااعتقد يطاوعك قليبك الصغنن تسويها فيني😁😊.. وانا اخذت احتياطاتي الامنيه ههههههههه :lol: ..

انا مو تحطمت انا انقهرت استغفر الله .. مابعد زانت حياتهم ولا بعد قربوا من بعض اكثر 💔.. الفي ماتعمليش حاقه وحشه يااختي في ولادي ههههههههههه ..

بعد كلامك هذا خلاص من عيوني اقولك أوضاع البارت ولا يهمك .. إن شاء الله البارت يكون حلو ونتبسط فيه قولوا يارب 💘

Maysan 12-03-18 02:34 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699018)
بعد كلامك هذا خلاص من عيوني اقولك أوضاع البارت ولا يهمك .. إن شاء الله البارت يكون حلو ونتبسط فيه قولوا يارب 💘

تسلم عيونك اموله ربي يسعدك وييسر امورك يارب 🌹.. بإنتظارك انت و خيتي الثانيه ربي يسعدكم ويحفظكم .. ياااارب والله اتمنى انه الفي ماتصدمنا .. الا الفي ياحبيبتي لاتنسين الهديه هههههههههه لو خرج واحد من التوقعات صح 😏:lol:

امال العيد 12-03-18 10:06 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 21 ( الأعضاء 4 والزوار 17)
‏امال العيد, ‏الترف المغنج, ‏yasmin.foll, ‏الفيورا

أهلا أهلا في كاتبتنا الجميلة 🤗😘

الفيورا 12-03-18 10:31 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
يا ليل ذا الانترنت.. يقطع علي وأنا أرسل!

احمم.. مرحبا مرحبا بكم.. :)

التاسعة والثلاثون

=
=
=

بلا دليل يقوده لمرسل الرسائل المجهولة تلك، ترقب نواف وصولها إليه.

مضى وقت منذ آخر رسالة، تلك التي أخبرته بحقيقة وضع منتهى الاجتماعي. مضى وقت كاف ليظن أن مرسل الرسائل قد اكتفى منه.

لكن تبين أنه كان مخطئا.. فاليوم لوحده وصلته رسالتان.

الأولى كانت تحوي اسم مستشفى معروف فقط، وبتوجس اتجه إليه على الفور. أيمكن أن يكون للمستشفى علاقة بمنتهى؟ أيمكن أن تكون هناك؟ هل كانت مريضة؟

الثانية أتته بعد وصوله للمستشفى مباشرة، تُعلمه أن مرسل الرسائل كان على علم بتحركاته. وكان سيعطي ذاك التفصيل اهتمامه لولا قراءته لما احتوته الرسالة..

#روح عند المقاهي. طليقتك هناك.

بخطى تقودها اللهفة، اتجه إلى المنطقة المطلوبة، لكن مهما بحث لم يجدها.. أكان مرسل الرسائل يعبث بعواطفه؟ يحركه ويتسلى به كالدمى؟

كان بصدد الخروج والغضب الخائب يملؤه عندما لفت انتباهه صبي يحادث امرأة ويتجهان لجهة المصاعد، ليدق قلبه مسرعا لسماع صوت المرأة المجيب على الصبي باختصار. يعرفه..! يعرف ذاك الصوت!

إيقاع مشي المرأة الهادئ كان تفصيلا آخر أكد إحساسه، لينطق لسانه مناديا بما كان يصرخ به قلبه: "منتهى..!"

توقفت المرأة ثم التفتت نحوه، تراه، لكن قبل أن ينطق بكلمة أخرى، وقف رجل بينه وبينها، يكلم الصبي الذي كان يرافق منتهى: "كملوا طريقكم فوق، بلحقكم.."

فعل الصبي كما أمر وتبعته منتهى دون أي نقاش، وكان رؤية ظهرها المبتعد عنه ما أثار جنونه. لن تفلت من بين يديه مرة أخرى!

لكن قبل أن يلحقها، وقف الرجل في طريقه بشكل جعله يصطدم به، ولم يبدو عليه الاكتراث بذلك، بل شد على ذراعه بطريقة أنبأت بغضب بركاني مجنون ينافس جنونه. سأله الرجل بهدوء ناقض النيران في عيونه: "مين إنت؟"

ليرد عليه نواف باغترار: "نواف المرزوق، تاج راسك! مين إنت حتى توقف فطريقي؟!"

اشتدت قبضة الرجل على ذراعه، وبدا عليه القرب من إبراحه ضربا: "شاهين الجبر.." الجبر..؟ من تلك العائلة المشهورة؟ لا يعقل. أكمل مردفا، يشدد على الكلمة: "زوجها."

كان ذلك تصريحا مهددا بأن يلزم حدوده، لكن نواف لم يهتم، لم يهتم حتى بالتجمع الذي بدأ يتشكل حولهما. كيف يهتم وأمامه من سرق حبه منه؟: "إنت!"

وقبل أن يرد عليه ذاك الشاهين بكلمة أو لكمة، أتى ذاك الصبي الذي كان يرافق منتهى يناديه بفزع: "خالي! تعال بسرعة!"

وكان نداء الصبي ما جعل شاهين يفلته ويمشي مبتعدا عنه بعجلة، ليترك نواف وراءه مشتت الانتباه بألم ذراعه، غير مستوعب لاحتمالية كون عودة الصبي بسبب منتهى، لا ينتبه لأين اتجه الصبي وشاهين، إلا بعد فوات الأوان.

سحقا!

=
=
=

بكل صدق، لم يفهم سيف ما كان يجري حوله.

من كان ذاك الرجل؟ كيف يعرف زوجة خاله؟ لم كان خاله شاهين غاضبا؟

أراد سؤال زوجة خاله عن كل ذلك، لكن ما إن وصلا للطابق الذي كانت فيه لمار، حتى تهاوت زوجة خاله عن الأرض جالسة، ترتعش كمن كان يتجمد، وتتنفس كشخص مخنوق، لا تستجيب لأي شيء قاله.

لم يعرف كيف يتصرف، وبماذا يبدأ، فرجع على الفور إلى الأسفل وهو مذعور، فهذه أول مرة يرى فيها شخصا بهذه الحالة.

لحسن حظه وجد خاله ما زال واقفا مع الرجل الغريب، وبدا عليهما القرب من التعارك قبل أن يناديه.

عندما وصل برفقة خاله للمكان الذي ترك زوجته فيه، لقيا مجموعة من الممرضات والأطباء يضعونها على سرير ويذهبون بها لمكان آخر. وفور وضعهم لزوجة خاله في غرفة وأدركت هي وقوف خاله جانبها، تشبثت به تحتضنه مرتجفة، تردد شيئا بهمس لم يسمعه أحد سوى خاله.

وكان عندما أمرهما الطاقم الطبي بترك الغرفة لكي يتعاملوا معها أن سأله خاله عند عتبة الباب: "وش اللي صار؟"

أخبره سيف بكل ما عنده، من لحظة رؤيته لها وهي تخرج من غرفة لمار، إلى دعوتها له للنزول للمقاهي، إلى لقائهم بذاك الرجل، إلى حضوره، وإلى انهيار زوجة خاله..

سأله بدوره قبل أن يعود: "بتكون بخير؟"

تنهد خاله مجيبا: "إن شاء الله.." نبهه والصرامة تكتسي صوته: "لا تقول لأحد عن اللي صار مهما كان."

كانت هذه أول مرة يأتمنه خاله على شيء، ولن يخذله: "لا تخاف يا خال، ما بقول كلمة!"

=
=
=

أجابت أمها استفسار أسيل عن تأخر زوجة خالها في الرجوع، فجميع الحاضرات تفرقن ولم يبقَ سوى أمها وخالتها غادة وصديقة أمها نوال وابنتها أسيل معها في الغرفة: "مدري والله.."

قد لاحظت لمار اهتمام أسيل الزائد بخالها وأخباره منذ سنين طوال، منذ بدايات زيارات أمها للخالة نوال برفقتها وكادي. كانت أسيل تستهدفها غالبا بأسئلتها، تستغل طبعها الثرثار لتحصل على الإجابات التي تريد. في البداية لم تهتم لمار لأسبابها، لكن مع الوقت أدركت عمق المشاعر التي تكنها أسيل لخالها شاهين، وتوقعت أن ينتهي المصير بهما معا كما نصت القصص التي تحبها.

بزواجه من نسيم ثم الخالة منتهى دون التفات لأسيل مرة، فإن خالها أثبت أن الحياة مليئة بالمفاجآت والتفرعات، ولا تسلك نمط القصص التي تتردد على ألسنة وأقلام الناس.

لكن أسيل على ما يبدو لم تتلقى تلك الفكرة، فغيرتها من زوجة خالها كانت مفضوحة لها. منذ مصادفتها إياها في حفلة زفاف ترانيم.

على عكس كادي التي كانت تستلطف أسيل، فإن لمار لم تكن تكترث بها لذاك الحد. تحب الخالة نوال، نعم، لكن أسيل؟ فقط الحياد كان شعورها تجاهها. على الأقل، كانت المشاعر الحياد متبادلة، ولولا صلتها بخالها شاهين وقربها منه، لما أزعجت أسيل نفسها في محادثتها مرة.

قالت لمار بنبرة تخمين، تتقصد رفع صوتها، لعل وعسى ستفهم أسيل الوضع وتمضي في حياتها قدما دون انتظار من لا يريدها: "يمكن خالي وداها البيت.. سمعته مرة ينبهها على سهرها عندي.."

كما كان المتوقع، بدا على أسيل الاشتعال غضبا وغيرة.

ربما ستفهم في يوم آخر.

=
=
=

من يرى منتهى وهي تنام بسلام لا يظن أن نوبة ذعر شديدة أصابتها، ومع قلة نومها، فإن نوبتها تلك قاربت حدود الانهيار العصبي.

بعد حقنها بإبر مهدئة وإيصالها بمغذيات، استسلمت لنوم أشبه بالغيبوبة. جلس شاهين جانبها، يفكر ويربط ويحلل..

تزوج منتهى وهو يعرف أنها تزوجت قبله مرتين، تزوجها مع درايته بكونها لغيره قبله، كما كان هو لغيرها قبلها.

لكن مواجهته مع طليقها أثرت به لدرجة لم يتوقعها، جعلت دمه يغلي وأعصابه تشتعل بنيران لم يعهد مثيلا لها قط. ود لو فتك بذاك لكمات، ود لو اقتلع عيونه التي وجهت تلك النظرات المتلهفة الوالهة جهة منتهى. وربما كان ليفعل، لكن سيف أتى باستنجاده له.

هوى قلبه للقاع لرؤية طاقم طبي يهرعون بها، لينفطر عندما تشبثت به، تقول له بهذيان، بضعف وانكسار لم يسمعه فيها: "لا تخليني.. لا تخليه يقربني.."

وكان تشبثها ذاك ما جعله يحكم إحاطته لها بحمية، يقاوم لفترة محاولات الطاقم أخذها منه..

اتجه نظره إلى ساعدها الأيسر المكشوف بسبب الفحوص التي أجريت لها، إلى علامات الحروق التي امتدت على طوله. لم تبدو حديثة العهد، تعافى الجلد وبقيت الندوب تخبر بقصة دفينة.

يتذكر نظرات الممرضة المتهمة له حال رؤيتها لما كانت منتهى تخفيه طيلة فترة تواجدها معه. والآن..

الآن عرف سر حرصها على ارتداء كل ما كان كمه يتخطى حد اليدين طولا، ولديه فكرة متشكلة عن السبب الذي جعلها تجفل من أي لمسة.

لطالما كان لديه الشك، لكن أن يكون لشكه إثبات..؟

لم يطق الفكرة.

تنهد بضيق، يدلك صدغيه ليدفع ألم صداع يكاد يفتك برأسه.

لديه الكثير ليسأل ويستجوب عنه بعد استيقاظها.

=
=
=

عندما طال غياب أخيها عنهم حتى بعد تفرق الضيفات وبقائها هي وغادة فقط مع لمار، انتاب منال القلق وأخذت تتصل عليه، لتلقى عدم رده كجواب. لم تستسلم وكررت اتصالها، ليرد عليها في المرة الخامسة، يخبرها أنه لم يبرح المستشفى، بل كان في غرفة فيه. وعندما ألحت عليه بجزع عن مكانه، أخبرها، لتترك لمار مع غادة لتتفقد حاله.

أيمكن أن جسده استسلم لإرهاقه أخيرا وانهار وهم غافلون عنه؟

لكن على عكس توقعاتها، لم يكن شاهين من وجدته مستلقيا بتعب على السرير عندما دخلت إلى الغرفة المنشودة، بل زوجته: "وش صار؟"

أجابها أخوها: "تعبت وهي راجعة لكم.."

نظرت إلى زوجته. كانت أول مرة تراها وهي نائمة، وكم بدت أصغر بكثير هكذا: "أكيد كله من قلة نومها، ما أردى منك إلا هي.."

ابتسم أخوها متهكما: "يمكن.."

لم ترد إزعاجهما بالإطالة في البقاء، فقالت له خارجة بعد اطمئنانها على الحال: "ارجع بها البيت لما تصحى، وارتاح إنت بعد.."

رد: "يصير خير.."

كان ردا مختلفا عن الذي عهدته هذه الأيام منه، فكل مرة نصحته كان رده الصمت والتشاغل بشيء آخر. ربما ما حل بزوجته كان دافعا كافيا لكسر عناده.

مهما بذل من جهد لإخفائه، فإنها تستطيع رؤية قلقه على زوجته، قلق خالطته مشاعر عاصفة. ليست عمياء، رأت كيف اختلفت نظرته لمنتهى عن تلك التي كان يلقيها لنسيم، فبينما كان شاهين يعامل نسيم روتينيا بما وجب عليه كزوج، كان تعامله مع منتهى العكس تماما، وليس محصورا بنطاق الواجب وحسب. ملاحظتها تلك كانت من الأسباب التي جعلتها تترك فكرة تزويجه من أخرى.

وحسنا، لم تكن منتهى بالسيئة حقا. قليلة الكلام، نعم. غريبة الأطوار، نعم. لكن إنسانة سيئة؟ لا أبدا.

(يكفي أنها تدخلت بينها وبين شاهين لتصلح بينهم. يكفي أنها أخفت أمر صفعها لها رغم وجود كل الحجج والفرص لديها، وبتسترها ذاك منعت خلاف جديدا من النشوء.)

ربما، لم يكن شاهين يحتاج لامرأة مثل أسيل، بل مثل منتهى.

=
=
=

فتحت عيونها ببطء، تستوعب مرآى السقف الغريب فوقها واستلقائها. احتاجت لحظات حتى تدرك أنها كانت في غرفة مستشفى، ولحظات أكثر لتتذكر ما حدث لينتهي الأمر بها هنا. شهقت تعتدل في جلوسها، لتستكين لسماع صوت شاهين جانبها، يقول: "هدي، مافيه إلا أنا وإنتي هنا.."

لن تراوغ وتسأل عما حدث متصنعة عدم الدراية. لذا اختارت سؤالا أكثر إلحاحا: "الساعة كم؟"

أجابها: "ستة ونص المسا.."

إذا.. استغرقت في النوم لساعات، لدرجة تفويت عدة صلوات حتى. كانت على وشك النهوض عندما تصلبت متذكرة، وعلى الفور تفقدت ساعدها الأيسر. كان مغطى بكم قميصها. حمدا لله.

وكان عندما قضت صلواتها أن بدأت: "شاهين.."

ليقاطعها: "بنرجع البيت ولنا كلام هناك."

لم تتوقعه سيتغاضى عن الأمر وكانت محقة. لكنها لم تتوقع أن يؤجله.

تركا الغرفة بعد الاستماع لتوصيات طبيب ومرا على غرفة لمار، لتتلقى هناك توصيات أخرى من لمار وحتى أم كادي وأختها أم جلال.

طيلة طريق العودة إلى البيت، انتاب منتهى شيء من الارتباك من حيادية شاهين، لا يفصح ولا يعبر بشيء تستدل به على أفكاره.

مهما حدث.. تعرف أنها لم ترتكب ما يخل، وعادة يقينها بنفسها ذاك جعلها لا تكترث بافتراضات الناس عنها. لكن.. ليس اليوم، ليس مع شاهين. وجدت نفسها تكترث لظنونه وافتراضاته عنها.

كلما اقتربا للبيت، كلما خنقها الترقب.

انتهى البارت..~

الفيورا 12-03-18 10:33 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عاد أمولة اقري واحكمي إذا البارت ينفع تقراه ميسو بدون أي مضاعفات وارسلي لها، لأن فيني شر ورأيي ما ينوثقش فيه :peace:

Maysan 13-03-18 01:42 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيورا (المشاركة 3699076)
عاد أمولة اقري واحكمي إذا البارت ينفع تقراه ميسو بدون أي مضاعفات وارسلي لها، لأن فيني شر ورأيي ما ينوثقش فيه :peace:

والله قلت لـ inay تأخر الوقت عندي بنام وبقرأ لاحقا لانها اشعرتني انه اقدر اقرأه .. ماقدرت وخشيت على ملا وشي هههههههههه .. الا فيك شرير بسيط << تصغير شر ههههههههه بالروايه هذا هههههههههه والمصيبه في الثنائي اللي ضامتهم لعائلتي الملكيه ههههههه ولادي حبايبي ..

جلست اهوجس بالكت السابق ههههههههه ماتم احتمال مادخل وخرج من مخي استغفر الله .. قلت ماش لزوووم اركز على الهديه لو اصبت الهدف يمكن فيه كت اقوى هههههههههه .. واطالب بفصل هديه لإصابة الهدف ههههههههههه << قارئه طماعه ههههههههههههه .. ابدعتي الفي بالروايه هذا ربي يفتح عليك بدراستك فتوح العارفين العالمين وتطور ملحوظ جدا في قلمك واسلوبك بالنسبه لي خليك على رتمك الي انت ماشيه عليه ربي يسعدك ويبارك فيك ..

اول مادخلت وقرأت ياهوووو مويه باارده انسكبت علي ههههههههههههه وخالفتي كل توقعاتي وهواجيسي ههههههههههه الله يريحك دنيا واخرى ويقضي حوائجك ويرزقك راحة البال والتوفيق في امور حياتك كلها والتييسر والسهاله والرشد .. هلأ تعالي بالاحضااااان رضيت عنك ياحبيبتي يالفي ياأم قلب حنيين هههههههههههههه :lol: .. اصلا انا مازعلت بالاساس ههههههههه << وحده تحاول ترقع الوضع اللي حصل هههههه ..

راجعه بإذن الله بعد قراءة للفصلين << مالكمش مخرج ولا مهرب من ثرثرتي هههههههههه ..

امال العيد 13-03-18 07:12 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ميسو أجل الأوضاع ميه ميه بروح أقرا 😂

امال العيد 13-03-18 07:36 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الفيورا بارت لذيذ بس مين علمك في هذة القفلات أطالب م تكون القفلات ع منتهى وشاهين 💘💔

انتظر البارت الجاي ع خير ويعطيك العافية وربي يوفقك ويسعدك 😘

Maysan 13-03-18 08:03 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699090)
ميسو أجل الأوضاع ميه ميه بروح أقرا 😂

اموله انت هنا هههههه.. تعرفي ياألفي انت واموله انه من شيكت على المنتدى ونزل البارت ويدي تحكني هههههههه .. وكل شوي ادخل اشوف الرسائل ورا اموله ماارسلت 😱😑 ولا فيه مسج من Inay .. واهوجس وياااربي ايش اللي حصل ههههههه الى اخر دخول لي ربي يسعدكم اجمعين ويسعد Inay قالت اقرأي هههههه .. وعلى انه بنااام بس ماقدرتش ههههههه ..

غش كذا اموله بالاخير انا قرأت قبلك ههههههههههه استغفر الله ياربي .. ايوا اقرأي ربي يحفظك ويفتح عليك 🌹..

امال العيد 13-03-18 08:09 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699095)
اموله انت هنا هههههه.. تعرفي ياألفي انت واموله انه من شيكت على المنتدى ونزل البارت ويدي تحكني هههههههه .. وكل شوي ادخل اشوف الرسائل ورا اموله ماارسلت 😱😑 ولا فيه مسج من Inay .. واهوجس وياااربي ايش اللي حصل ههههههه الى اخر دخول لي ربي يسعدكم اجمعين ويسعد Inay قالت اقرأي هههههه .. وعلى انه بنااام بس ماقدرتش ههههههه ..

غش كذا اموله بالاخير انا قرأت قبلك ههههههههههه استغفر الله ياربي .. ايوا اقرأي ربي يحفظك ويفتح عليك 🌹..

😂😂😂😂 شفتي كيف
والله نمت البارح م اقدرت اقاوم النوم 😁 من أصبح أفلح 😉 الحين مين وراء رسائل نواف يعني شاهين والا 🤔

Maysan 13-03-18 08:55 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباح الرضا والسعاده .. صباح التيسر والبركات بإذن الله من مولانا سبحانه لك ألفي وللجميع يارب .. تسلم يدينك على البارتين 😁.. << معليش مو تقولوا وين الثاني مافيش الا واحد نزل امس وانا جمعت اثنين هههههههه .. ربي يعطيك الصحه والعافيه والقوه ويفتحها عليك ويوفقك بدراستك وبحياتك كلها ..

الحمدلله على سلامة لموره هههههه .. والله قلبي على شوشتي القلقان هههههه وبنتي .. لكن ايش التصرف اللي عمله شاهين وردع فيه اعمامه ؟! هل بلغ عنه الشرطه خاصة وانه اكيد كان في شهود في موضع الحادث ؟ لانه مااعتقد انه اكتفى بتهديدهم بولدهم واللي عمله حتى يلزموا حدودهم ؟ المهم انه ماعاد يتذكروا بنات راضي ويحلوا عن سمانا هههههه ..
غاده موجع موقفهم تجاه شاهين .. 15 سنه جفاء وتحفظ علشان حادثه ماكان له يد فيها واتهم فيها ظلم !! والاسوء انها تبعد أولادها عن خالهم !! الغريب كيف شكت فيه وهي كانت بمثابة الصديقه له ؟!للاسف خذلت شاهين مو هو اللي خذلها !! اللي فهمته من حكيها انه اختفى ؟ معناته انه العجيز خطفته عفوا اقصد منظمة المافيا اللي هي عاملتها خطفوه لكن المده الزمنيه اللي اختفى فيها اكيد كانت متوسطه علشان يكون جسمه تعود على المخدر اشوف فيك يوم اسود مثل سواد الليل يا عجوز الخبث 🔪😡..

تاج راس مين ياروح امك انت ؟ انت حدك تكون ورقه نرميها بالنفايات 😒..والله اللي اختشوا ماتوا بنتي متزوجه وحط تحت متزوجه مئات لااا الألاف من الخطوط وانت حضرتك تجي بكل وقاحه وبجاحه وتنادي منتهى وتبقى تلحقها !! سلامات ياحبيبي الزم حدودك واعرف موقعك فين !!؟وبعدين حبك هالاسود هذا الموشوم بالانانيه ارميه بأقرب نفايات ماحنا بحاجته .. وجعلك تموت عليل بحبك مالقيت لك دواء ههههههههه << انقهرت استغفر الله .. محرق بنتي حسبي الله عليك ههههههههه وانا اقول البنت وشفيها ماغير تتستر واكمام طويله ومحتشمه .. طلع من حروقك يامفتري الهي تحترق يدينك ويحترق قلبك بنار ماتقدر تطفيها .. صعب الموضوع جدا عليها وعلى شاهين .. انكشاف سبب خوفها وهلعها من اللمسات وانكشاف اسباب احتشامها الزائد .. ياخوفي مو بس اليد تكون محروقه ياخوفي الجسد كله ؟! انا مااعرف ليه لما هربت المره الاولى منه وراحت لعمها ماانصفها !! ماسئل نفسه حتى ليه ؟ ماكلف على نفسه يعرف الاسباب حكم ورفع الجلسه بدون سماع مبرارات .. للاسف ماحصلت السند والامان .. العم ماادى الوصيه على اكمل وجه ؟! اخذوها بجريرة ابوها فيصل :( ..

شاهين ومشاعر الغيره اللي اول مره يجربها .. غيرته نابعه من حبه لها .. هو الند للمتعجرف شبيه الرجال نوافوه .. اعتقد هالمره شاهين ماراح يتهاون ابدا في موضوع منتهى ؟! خاصة بعد حادثة لمار .. راح يأخذ موضوع نواف بشكل جدي .. لكن السؤال هنا هل ميمي راح تتكلم !! وهل شاهين بيسمح لها تزور لمار ثانيه خاصه وانه ذكر بالفصل انه راح تجلس بالمستشفى عدة اسابيع !!

( لاتخليني .. لاتخليه يقربني )
هالجمل أكدت على اعتبار منتهى شاهين هو الامان والسند والحمايه .. من هنا تصريح منتهى بحاجتها لشاهين !! من هنا فهم شاهين مشاعر منتهى لقليل المراجل نوافوه .. من هنا منتهى اعلنت ثقتها فيه .. منتهى بدأت مشاعرها تميل لشاهين بشكل جميل وهادئ ❤..

ألفي البارت هذا جمعت لي كل اللي اكرههم ماعدا العجيز نسيتها بالطريق ههههههههه .. من نوافوه الى الملتصقه الثانيه أسيلوه .. الرجال ماخطبك مايبقاك صوني كرامتك وبلاش شغل الاناث البطاله .. الاخت مصنفه نفسها القاضي واللي حكمت بأحقيتها بشاهين من منتهى !! الحلو بالموضوع انه منال وعت لمشاعر اخوها وبرضوا لمار لاحظت وعرفت وبدأت تشتقل عليها لعل وعسى لكن مااعتقد انها راح تستجيب !! لازم رادع قوي يصحيها عن اللي هي فيه ؟ وشكلك ياألفي راح توحيدها مع العجيز ضد بنتي وشوشتي :( .. ماكفايه نوافوه بلاش تحاربي الثنائي تبعي المفضل من ثلاث جهات !! انا احتج اين العدل هههههههههه ..

والله جد بدأت افكر انه العجيز هذا لها أذان وجواسيس في كل مكان !! من سالفة نوافوه ؟ واحساس منتهى انها تراقبها ؟ وخاصة انه نوافوه ذكر انه المسجات انقطعت وقت معين يعني وقت ماكانت هي مشغوله مع ولدها ؟ ألفي في نقطه شدت انتباهي كيف شوشتي عرف انه منتهى تحت عند الكافي تبع المستشفى ؟ على حسب مااذكر انه كان عند دكتور لمار وقت مانزلت هي وسيف ؟ واللي فهمته انه مكتب الطبيب في نفس دور اللي فيه لمار صح ؟

شكرا لك ألفي تسلمي مره ثانيه على البارتين 🌹.. ربي يصلح احوال النت عندك ويرزقك البركه والسعاده وراحة البال والتوفيق .. ويقضي حوائجك ويكرمك ..

bluemay 13-03-18 09:05 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رهييييييييييبة يا بت


ما شاء الله

حتى انا اتفاجأت بمنحى الاحداث ...


ابدعتِ كعادتك الله يبارك لك


اعذريني ما عندي تعليق يليق بروعتك


لكِ خالص ودي

Maysan 13-03-18 09:06 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699096)
😂😂😂😂 شفتي كيف
والله نمت البارح م اقدرت اقاوم النوم 😁 من أصبح أفلح 😉 الحين مين وراء رسائل نواف يعني شاهين والا 🤔

نوم العوافي ياقلبي .. حاليا انا في مرحلة النعاس هههههههه .. ارد عليك وهوووووب السرير ينادي ههههههههههه .. والله انا ماعندي هالقاعده ههههههههه استغفر الله مافيش صبر لزوووم ابصبص 😁..
مستحيل يكون شاهين !! اكيد العجوز الخبيثه يسرى ( ام عبد الرحمن ) .. على حسب حكي نواف انه انقطعت فتره عنه .. وبعدها رجعت معناته كانت تنتظر خروج منتهى غير كذا انه هي كانت مشغوله في مشكلة زواج ولدها من شاديه ..

اموله تتوقعي منتهى تتكلم 🤔؟ مااعرف ليش اعتقد لا ؟! مع انه من حقه يعرف ؟

امال العيد 14-03-18 12:56 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699101)
نوم العوافي ياقلبي .. حاليا انا في مرحلة النعاس هههههههه .. ارد عليك وهوووووب السرير ينادي ههههههههههه .. والله انا ماعندي هالقاعده ههههههههه استغفر الله مافيش صبر لزوووم ابصبص 😁..
مستحيل يكون شاهين !! اكيد العجوز الخبيثه يسرى ( ام عبد الرحمن ) .. على حسب حكي نواف انه انقطعت فتره عنه .. وبعدها رجعت معناته كانت تنتظر خروج منتهى غير كذا انه هي كانت مشغوله في مشكلة زواج ولدها من شاديه ..

اموله تتوقعي منتهى تتكلم 🤔؟ مااعرف ليش اعتقد لا ؟! مع انه من حقه يعرف ؟

اصلا من كتبت ردي قلت وش دخل شاهين 😂 بس كيف عرف مكانها يعني جاء فجأة يأخذ من الكفترياء شي وصادفها هذا التحليل المنطقي واكيد وراء السالفة أم عبدالرحمن م فيه غيرها

والله يا اختي هي غريبة شوي منتهى اللي شافته في حياتها خلاها ساكته وينوكل حقها ولا اتوقع تقدر تعترف باللي صار لها إلا إذا وثقت في شاهين ثقه تامة عاد نشوف لحد وين ثقتها فيه بس اتوقع هو يسحب الكلام منها أو حتى عمها

Maysan 14-03-18 04:24 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699153)
اصلا من كتبت ردي قلت وش دخل شاهين 😂 بس كيف عرف مكانها يعني جاء فجأة يأخذ من الكفترياء شي وصادفها هذا التحليل المنطقي واكيد وراء السالفة أم عبدالرحمن م فيه غيرها

والله يا اختي هي غريبة شوي منتهى اللي شافته في حياتها خلاها ساكته وينوكل حقها ولا اتوقع تقدر تعترف باللي صار لها إلا إذا وثقت في شاهين ثقه تامة عاد نشوف لحد وين ثقتها فيه بس اتوقع هو يسحب الكلام منها أو حتى عمها


صحيح حكيك .. حتى انا برضوا اتوقع يسحب الكلام منها سحب ههههههه خاصة لو واجهها بيدها لانها هي تعتقد انه ماشافها ؟! اموله تعتقدي تأجليه للنقاش بالبيت وراه حاجه !!! عمها مااعتقد انه يعرف باللي صار لها من اذى جسدي .. تعرفي يااختي البلا فيه هاللي جاي بكل وساعة وجه يطارد طليقته وهو عارف انها متزوجه ماادري ايش على باله !! يعتذر مثلا والا يطلب منها تطلق علشان ترجع له ؟! تكرهه وهو مو مصدق ولا يبقى يصدق .. لا انا مااعرف كيف يبقاها تنظر له بعد ماتفنن في تعذبيها لانه حالة الهلع والذعر اللي صابتها تؤكد لنا ان اللي بيدها كان جزء بسيط من اللي عمله فيه !! الفي ابقاك تبردي قلبي فيه وتفشي غلي في نوافوه والا بدخل انا بنفسي واخليه متساوي مع الارض 😡😡..

Maysan 14-03-18 09:58 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 4 والزوار 11)
‏Maysan, ‏امال العيد, ‏ذاكرة الجسد, ‏الايام الجميلة

اخذت لفه بالمنتدى ههههههه ورجعت قلت يمكن ألفي ربي يسعدها ويوفقها تنزل اليوم شيء 😊😁..

امال العيد 14-03-18 09:59 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699164)
صحيح حكيك .. حتى انا برضوا اتوقع يسحب الكلام منها سحب ههههههه خاصة لو واجهها بيدها لانها هي تعتقد انه ماشافها ؟! اموله تعتقدي تأجليه للنقاش بالبيت وراه حاجه !!! عمها مااعتقد انه يعرف باللي صار لها من اذى جسدي .. تعرفي يااختي البلا فيه هاللي جاي بكل وساعة وجه يطارد طليقته وهو عارف انها متزوجه ماادري ايش على باله !! يعتذر مثلا والا يطلب منها تطلق علشان ترجع له ؟! تكرهه وهو مو مصدق ولا يبقى يصدق .. لا انا مااعرف كيف يبقاها تنظر له بعد ماتفنن في تعذبيها لانه حالة الهلع والذعر اللي صابتها تؤكد لنا ان اللي بيدها كان جزء بسيط من اللي عمله فيه !! الفي ابقاك تبردي قلبي فيه وتفشي غلي في نوافوه والا بدخل انا بنفسي واخليه متساوي مع الارض 😡😡..

هو ماسك نفسه عنها اتوقع راح يطلع الحكي منها لأن م سكت كل هالوقت إلا يبي يحقق لأن اللي شافه م ينسكت عنه أبد أبد أبد وهي أبد م عرفت انه شاف اللي فيها بس م عليه يسكر الباب عليهم وتبدأ التحقيقات ع قدم وساق م راح يقصر شاهين أبد ويمكن ويمكن ويمكن يطيح اللي بينهم مع أني شويه مستعجله ههههههه

أما نواف صدق مصدق نفسه بعد كل هالتعذيب جاي لها إلا ادري وش يبي يقول يعتذر والا يرجعها ع ذمته بعد كل م سواء فيها خييييييييير يقتل القتيل ويمشي في جنازته وعليك فيه ميسو ولا تقصرين فيه الفي خلي شاهين يطلع عيونه

امال العيد 14-03-18 10:06 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699178)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 4 والزوار 11)
‏Maysan, ‏امال العيد, ‏ذاكرة الجسد, ‏الايام الجميلة

اخذت لفه بالمنتدى ههههههه ورجعت قلت يمكن ألفي ربي يسعدها ويوفقها تنزل اليوم شيء 😊😁..

نقول يارب 😍
والله متحمسه للبارت الجاي 😉🙄

Maysan 14-03-18 10:18 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699179)
هو ماسك نفسه عنها اتوقع راح يطلع الحكي منها لأن م سكت كل هالوقت إلا يبي يحقق لأن اللي شافه م ينسكت عنه أبد أبد أبد وهي أبد م عرفت انه شاف اللي فيها بس م عليه يسكر الباب عليهم وتبدأ التحقيقات ع قدم وساق م راح يقصر شاهين أبد ويمكن ويمكن ويمكن يطيح اللي بينهم مع أني شويه مستعجله ههههههه

أما نواف صدق مصدق نفسه بعد كل هالتعذيب جاي لها إلا ادري وش يبي يقول يعتذر والا يرجعها ع ذمته بعد كل م سواء فيها خييييييييير يقتل القتيل ويمشي في جنازته وعليك فيه ميسو ولا تقصرين فيه الفي خلي شاهين يطلع عيونه

هههههههه اموله ربي يسعدك والله حتى انا ابقى يطيح الحطب 😂❤.. بس مااعتقد حاليا .. تعرفي كل الثنائيات اللي بالروايه تمموا زواجهم ماعدا شاهين ومنتهى 💔.. خارج منهم جلال ولمار لانهم مخطوبين ..
ياليتها تحكي والله فضولي بلغ اقصاه هههههههههه ابقى اعرف .. الفي حبيبتي خيتي << وحده تتمصلح هههههههه مابدك تشبعي فضولنا لمعرفة الحقائق هلأ ههههههههه .. ياخوفي تتكلم بسطحيه مثل سالفة شذى اخته ..
لااااا ماابقى شوشتي يبتلي في دمه اعوذ بالله منه هذا مغتر بنفسه .. بالله ماشفيته كيف يتبجح ويقول سرق حبه ههههههههههه !! ممكن يعمل اي حاجه علشان يوصل لها .. الان هو عرف اسم زوجها مو بعيد يطلع كل حاجه عنه ويعرف وين ساكن وتشوفيه واقف بسيارته عند قصر الجبر ههههههههههههه وبيده اسوراتها بدل ماكان واقف عند بيت عمها 😏.. هذا يبقى له الشرطه توقفه عند حده 😡 ..

امال العيد 14-03-18 10:24 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699181)
هههههههه اموله ربي يسعدك والله حتى انا ابقى يطيح الحطب 😂❤.. بس مااعتقد حاليا .. تعرفي كل الثنائيات اللي بالروايه تمموا زواجهم ماعدا شاهين ومنتهى 💔.. خارج منهم جلال ولمار لانهم مخطوبين ..
ياليتها تحكي والله فضولي بلغ اقصاه هههههههههه ابقى اعرف .. الفي حبيبتي خيتي << وحده تتمصلح هههههههه مابدك تشبعي فضولنا لمعرفة الحقائق هلأ ههههههههه .. ياخوفي تتكلم بسطحيه مثل سالفة شذى اخته ..
لااااا ماابقى شوشتي يبتلي في دمه اعوذ بالله منه هذا مغتر بنفسه .. بالله ماشفيته كيف يتبجح ويقول سرق حبه ههههههههههه !! ممكن يعمل اي حاجه علشان يوصل لها .. الان هو عرف اسم زوجها مو بعيد يطلع كل حاجه عنه ويعرف وين ساكن وتشوفيه واقف بسيارته عند قصر الجبر ههههههههههههه وبيده اسوراتها بدل ماكان واقف عند بيت عمها 😏.. هذا يبقى له الشرطه توقفه عند حده 😡 ..

والله م تدرين وش تخطط عليه ألفي يكمن تجمعهم ع خير 😉😉 م علينا نبي نشوف هاليوم ع خير بإذن الله

بشوف نهاية نواف عاد صدق اذا سواها وجاء لشاهين فهو بايعه نفسه لأن م اعرف شاهين أبد راح يقوم الدنيا عليه وجاي يتبجح صدق مالت عليه ثم مالت عليك يا نوافوه جعل يومك قريب انت وعجوز قريح 😤

Maysan 14-03-18 10:25 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699180)
نقول يارب 😍
والله متحمسه للبارت الجاي 😉🙄

والله حتى انا متحمسه وبقوووه ههههههه .. تعرفي اعرف نفسي لما اتحمس انكب بالبارت هههههه .. اكر من فتره قريبه جدا كنت اقرأ روايه وانتظر الفصول متحمسه مره والكاتبه تأخرت عن موعدها واكتب لها هههههههه ولما نزلوا انصدمت من الفصول 😫😫😫هههههههه استغفر الله .. لكن الفي غير 🌹.. ويارب مافيش قفله عليهم كالعاده هههههههه ..

Maysan 14-03-18 10:33 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699182)
والله م تدرين وش تخطط عليه ألفي يكمن تجمعهم ع خير 😉😉 م علينا نبي نشوف هاليوم ع خير بإذن الله

بشوف نهاية نواف عاد صدق اذا سواها وجاء لشاهين فهو بايعه نفسه لأن م اعرف شاهين أبد راح يقوم الدنيا عليه وجاي يتبجح صدق مالت عليه ثم مالت عليك يا نوافوه جعل يومك قريب انت وعجوز قريح 😤

أميييييين .. الا صدق العجيز وراها تركت ولدها وعلقت فينا اعوذ بالله ماوراها الا اولادي ههههههههه .. ياعجيز قريح وراك على ولدك تركتيه كذا مع زوجته روحي لهم عايشين بالعسل ويمكن شوشو تجيبلك حفيد هههههههه وانت تطاردينا ورا ميمي وشاهين 🌚.. عاد الله يسامحني لما وجهتها على شاديه بس والله غثتنا نبقى نرتاح ههههههههههه ..

شاهين والله واصل منه ربنا يستر صحيح .. الفي يالفي 👀.. خشي يااختي برجلك اليمين هههههههههه سواء اليوم او باكر ربي يحفظك ويسعدك ويوفقك ويفتح عليك .. شكله مافيش اليوم 🤔..

امال العيد 14-03-18 10:34 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maysan (المشاركة 3699183)
والله حتى انا متحمسه وبقوووه ههههههه .. تعرفي اعرف نفسي لما اتحمس انكب بالبارت هههههه .. اكر من فتره قريبه جدا كنت اقرأ روايه وانتظر الفصول متحمسه مره والكاتبه تأخرت عن موعدها واكتب لها هههههههه ولما نزلوا انصدمت من الفصول 😫😫😫هههههههه استغفر الله .. لكن الفي غير 🌹.. ويارب مافيش قفله عليهم كالعاده هههههههه ..

😂😂😂😂😂😂😂 بعض الحماس مضروب
والله صايره الفي قفلاتها شريرة مدري مين علمها كنا وش زينا 😆😅 ويارب البارت القادم م تكون القفله ع ميمي وشاهين

HESA 15-03-18 07:36 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
ابداااااااع في حبك الاحداث...في الانتظار:55:

inay 15-03-18 11:14 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم
اييه يامنتهى و صرنا نعمل حساب لتفكير شاهين و نظرته ههه
ممم اتوقع خوفها و ارتباكها راح يمنعها انها تحكي كل شي خصوصا و هي تعرف جنون نواف و انه قادر يسوي اي شي
شاهين احسده على ظبطه لنفسه شاهين شخصية متروية و صبورة لعل موضوع منتهى هو القطرة التي ستفيض الكاس
ام عبد الرحمان لعبتها صح نواف و اسيل افضل البيادق في يدها .. لكن حقدها على شاهين مبالغ فيه شوية بالنهاية ابنها ترك العمل لدى عمه و شاهين لن يكن منافسا له في يوم
معقول فيه موضوع ثاني ببالها ممكن كل هدفها انها تدمر عائلة الجبر انتقاما للي حصل معها في الماضي

ننتظرك الفيورا
شكرا لك

الفيورا 16-03-18 10:16 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
جمال ولطف مروركم يبهج الروح.. ربي يسعدكم.

آسفة على التأخير، جتني مشاغل في الدوام.. وبصراحة، كنت موسوسة فذا البارت بالذات. مو واثقة كيف طلع مع قصره حتى بعد التعديل رقم مليون (فيس ماد بوزه بعدم رضى)

الأربعون

=
=
=

يبدو أن شاهين سيخون كل توقعاتها، فهو قد حثها على الارتياح بعد عودتهما إلى البيت، ولولا اعتراضها أنها ارتاحت بما فيه الكفاية اليوم، لكان تركها تهرب إلى السهاد.

عندما سألها أخيرا، سألها بهدوء مطلق، لا أثر لتوجس أو اتهام أو شك فيه، سألها بنفس الحيادية التي عاملها بها منذ استيقاظها، سألها سؤالا بسيطا لم تتجهز له: "وش اللي صار في المستشفى؟"

بعجب من الزاوية التي اختارها، ردت: "شفت اللي صار، ما بيفيد كلامي."

ليصر بحزم: "خليني أحكم."

عندما رأت منتهى أنه ثابت على سير هذا النهج، أجابته: "اشتهيت قهوة، فخرجت وشفت ولد أختك برى الغرفة وقلتله ينزل معي للمقاهي، ولما كنا راجعين.."

لم تستطع إكمالها، الذكرى وحدها كانت كالعلقم، ليكمل شاهين عنها: "لاقيتي طلقيك.."

استغربت معرفته بأمر ذاك قبل أن تتمهل ثانية، تفكر أنه ربما قد استقصى عنها قبل ارتباطهما. قالت بخفوت: "إيه.. والباقي تعرفه.."

صمت لحظات قبل أن ينطق: "اتفقتي تتقابلي معاه؟"

أكان هذا فخا؟ لا يهم. أجابته بصدق، حتى لو اعتقدت أن ردها سيلاقي التكذيب: "لا.."

أمعن النظر فيها لثوان طوال ثم قال، يلجمها بيقين رده: "أصدقك.."

احتاجت منتهى وقتا كي تستوعب، وقتا كي تجد القدرة على السؤال: "بذي السهولة؟"

ليرد بسخرية: "تبيني أكذبك مثلا؟"

هزت رأسها بـلا، تفسر: "تقدر بكل سهولة تستخدم كلامي ضدي.."

قال: "يمكن، بس ما أحتاج وأنا أعرف إنك صادقة."

بكل صراحة، كانت مذهولة متعجبة من هذا الرجل. لم يثق بها لهذه الدرجة؟: "كيف؟"

ابتسم ابتسامة مائلة، يتشدق: "تعلمت ما أحكم الأمور بظواهرها.." أردف سائلا: "لو عندك ولد تعزيه ورافعة راسك فيه وما شكيتي فيه مرة، وصار إنه فيوم اختفى وبعد فترة لقيتيه مغمى عليه فمستودع ودمه مليان مخدرات.. بتقولي عنه مدمن وضايع؟"

أجابته وهي تفكر، أي سؤال هذا؟ هل كان مستوحى من قصة حقيقية؟: "لا.. ما بقول شي، لأن ما عندي دليل يقول إن الولد مدمن. بسأل كم يوم كان مختفي، وش وداه المستودع ومين كان معاه. بحاول أتذكر إذا كان فيه اختلاف فطبعه قبل لا يختفي.. يمكن اختطفوه، يمكن فيه أحد يبي يورطه.."

التفاجؤ البادي على ملامح شاهين جعلها متيقنة أن ذاك السؤال لم يكن مجرد سؤال وحسب، أن وراءه قصة ما وشخص. من يا ترى..؟ أفكارها تباطئت عندما رأت ارتسام ابتسامة رائعة على شفتيه بعد انحسار الذهول عنه، كانت أكثرها دفئا وألقا، مليئة بالمعاني. سحرتها.

تمتم لنفسه: "وتسألني ليه أصدقها.." لم ينظر إليها بالحياد عندما قال مستطردا: "غريبة وإنتي تتابعي روايات الغموض تسوين ذي الغلطة. شكلك ناسية تفصيل واحد من كلامك عن اللي صار.."

قطبت حاجبيها: "تفصيل واحد؟"

ليجيب على استفهامها بسؤال: "برأيك يا منتهى، ليه أنا كنت هناك؟"

سؤاله ذاك جعل منتهى تتذكر شيئا، تفصيلا، نسيته.. تلك المكالمة التي أجراها ولد أخته سيف وهما ينتظران طلبهما في المقاهي، تلك المكالمة التي كلم فيها الصبي خاله، يعلمه عن مكانه ومن كان برفقته..

نظرت له بإدراك، لينطق بما كانت تفكر فيه: "لو كنتي متفقة مع طليقك، ما كنتي راح تسمحي لسيف يكلمني ويقولي عن مكانكم."

اقترب منها عندها، يسأل بغضب مكتوم، والغريب في الأمر أنها لم تشعر بالخوف أو التوتر حتى لملاحظة ذاك الغضب، لأنها ولسبب ما كانت متيقنة أنه لم يكن موجها له ولن يؤذيها: "لو كنتي متفقة معاه.. ما بتكون ردة فعلك ذيك اللي شفتها.." تابع بحرقة: "ترجيتني يا منتهى، وأدري إن ما حدك على ذا إلا شي كايد.."

ذكرياتها كانت ضبابية بعد خروجها من المصعد وتهاويها أرضا، وبدا كل شيء بعد ذاك الحدث كهذيان أحلام.

أخذ شاهين يدها اليسرى، وكشف عن ساعدها قبل أن تستوعب ما كان يفعله: "وش سوى لك؟"

المعني لم يحتج للتسمية.

سألته بدل الإجابة، متجمدة الأطراف، فهذا الأثر لم يعلم بوجوده سواها هي والذي سببه في بادئ الأمر. خبأته عن الكل، فمرآه سيفتح فيض أسئلة وتخمينات وتطفلات عن الذي حدث وسببه: "متى شفته؟"

لم يجبها شاهين بدوره، يكرر سؤاله بتشديد كل كلمة: "وش سوى لك؟"

أجابته بغصة، تسحب يدها وتغطي ساعدها المكشوف: "خلاص.. ماضي وانتهى.."

اعترض هو بسكون: "بس ذا ماضي ما نسيتيه، ذا ماضي لساته بيوجعك ويمنعك تعيشين زي الناس." احتضن وجهها بين كفيه، يقول بصوت يقطر حنانا: "قوليلي.."

وجدت منتهى نفسها وبشكل عجيب ضعيفة تجاه هذا اللطف والحنان منه، تتلعثم الأفكار قبل الكلمات في ذهنها: "يبغالي أحكي من البداية. بطول عليك.."

ألح: "إحكي.."

كم كان طلبه مغريا، الإفصاح عما أثقل على روحها لسنوات وسنوات..

بعد تردد، بدأت.

=
=
=

ما عرفت أمي وأبوي في حياتهم. أمي كانت من بلاد ثانية، مدري حتى إذا هي حية ولا ميتة. وأبوي مات وأنا ما بلغت سنة.

من بعد وفاة أبوي قضيت سنيني الأولى في بيت جدي العود، وبعد ما صار عمري ست سنوات، استلموني إخوان أبوي من الأبو. هو كان من زوجة ثانية من بلاد ثانية زي ما كانت أمي، وشكله ذاك السبب اللي خلا إخوانه كارهين لوجوده وبالتالي، كارهين لوجودي.

انتقلت من بيت عم لعمة، كل واحد منهم يرميني على الثاني، لين ما استلمني عمي حامد وأنا ملانة من وضعي. قضيت عنده خمس سنوات، أطول فترة قضيتها في بيت عم أو عمة.. ويمكن كنت بقضي أطول لو ما خطبني طليقي منه.

كان أول رجال يخطبني، على الأقل، أول رجال يوصلني طاري خطبته لي. كان من طرف زوج أصغر عماتي، زميله فشغل أو شي زي كذا. بشكل ظاهري، ما كان يعيبه شي، إلا إنه كان متزوج ويبيني ثانية.

عمي حامد ما كانت عاجبته السالفة، وحذرني أتعجل، خصوصا وأنا كنت في الثمانطعش وقتها. قالي إنه ما بيكون موجود لو ندمت. بس ما سمعتله وقبلت.

كانت أنانية مني، أدري، بس كنت أبي الاستقرار. كنت أبي بيت ثابت بدون ما يكون وجودي مكروه وثقيل. كنت أبي الهدوء من المشاكل.. كنت أبي كيان غير "بنت فيصل".

في الأول ما كان فيه شي يشكك. كان بعيد وما يعرف بإيش يعاملني. بس شوي شوي لاحظت إنه كان متحكم بزيادة، شكاك بزيادة، متأمر بزيادة. كان شوي وبيفور لو صار واعترضت على شي، وخلينا ما نتكلم لو قدر الله ورفضت له شي حتى لو عندي حجة.

سألته مرة بصراحة إذا كان يعوض ويفرغ شي يتعلق في زوجته الأولى فيني.

ذيك كانت المرة الأولى اللي مد يده علي، وما كانت الأخيرة.

فكرت أرجع لبيت عمي حامد، بس تذكرت اللي قاله لي وقعدت فمكاني. يمكن كنت أحاول أحافظ على اللي بقى من كبريائي. يمكن كنت أقتنع بالسموم اللي كان يقولها لي طليقي، إني وحيدة ومالي غيره، إن مافيه أحد يدري عني ولا يهتم.

لو أقول الصدق، كلامه كان يجرح أكثر من يده.

مر الوقت. كل ما زاد اهتمامه، كل ما تمادى، وكل ما لاحظت تغير فشخصيته. صار أكثر ثقة وغرور، خصوصا بعد ما بدى يستقل فشغله عن عائلة زوجته الأولى.

حملت مرة، وفرحت. فكرت إنه يمكن أقدر أكون الأم اللي ما كانت لي، أعطي طفلي الحنان اللي ما عمري عرفته. قررت أصبر عشان اللي فبطني، بس طليقي ذاك ما كان يحب لي الهنا.

بسبة سواياه، أجهضت. وقررت أهرب من المستشفى لبيت عمي حامد.

صار اللي قاله لي قبل زواجي وما سمع لي، وأثبت لي إن صدق ما كان عندي أحد. رجعت لطليقي خذلانة.

مر وقت. كان عيد وكنت محنية مع أمه وصديقاتها اللي كانوا يمدحوا فيني، يقولون خسارة إني كنت متزوجة ولا كانوا بيخطبوني لأولادهم. شكله كلامهم وصل له، لأني وأنا نايمة حسيت بشي يشوي ساعدي، وقمت من نومي أشوفه زي الشيطان يناظر ويصرخ فيني. مدري وش استخدم عشان يحرقني، بس اللي كنت أدري عنه إني لو بقيت في الغرفة أطول بيحرق فيني أكثر.

ركضت وحبست نفسي فغرفة أخته، ومن بعدها هربت مرة ثانية لبيت عمي حامد. ترجيته يخليه يطلقني ذي المرة، وعدته أخرج من حياته لو خلصني من أي شي يربطني بذاك.

وصار اللي كنت أتمناه، ووقف عمي ضده وغصب عنه خلاه يطلقني.

قالي عمي حامد بعدها أبقى عنده لين أدبر عمري. وفي ذيك الفترة، حاول طليقي يتسلل لبيته بس عمي مسكه. ارتعبت، وعرفت إن ما دامه يعرف ويني فيه، ما بيفك عني، وشكله عمي فكر بنفس الشي، لأنه أقنع أبو كادي الله يرحمه يتزوجني ويأخذني عنده بدون ما أحد من أهلي يعرف، يستغل عهد بينهم عشان يلوي ذراعه.

صار اللي خططه وعشت مع أبو كادي أربع سنين. صح إن أم كادي كانت مالية قلبه وروحه وما كان معتبرني زوجة زي ما أنا ما كنت أعتبره كزوج، بس على الأقل عشت بهدوء. تشافى جسمي وما بقى أثر إلا ذاك الحرق فساعدي.

بعد موته الله يرحمه، كنت خايفة من الاحتمالات. مين أرجع له؟ وين؟

قلتلك مرة إني مدينة لك بجميل، صح؟

لما خطبتني، كانت لي فرصة وقبلت، حتى لو حز فخاطري أزيد فجرح أم كادي بعد سواتي الأولى فيها.

بس مشكلتي إني أنانية، وما تخيلت إني لما اخترت أهرب مرة إن اختياري ذاك بيظل يلاحقني لسنين.

=
=
=

حكت حتى جلست، حكت حتى بدأت الدموع تتشكل، تضبضب رؤيتها، تنسل بصمت على خديها. حكت وحكت حتى غرقت بين الذكريات، ولا تدرك احتضان شاهين المهدئ لها بين ذراعيه. حكت وحكت وحكت حتى أصبحت تهمس كلماتها الأخيرة تستند بجبينها على كتفه.

سمعته يقول لها بثبات واعد بعد نطقها لآخر كلمة: "لو فيه أحد يبي يضرك، يبي يلمح طرفك، لازم يتخطاني أنا. ما بخليك، وما بخليه يوصلك، ربي قدرلي أوفي بوعدي هذا."

كلمات بسيطة، قوية، وكم كان أثرها في روحها كالبلسم.

انقلبت الآية، وتغيرت التحفظات إلى استثناءات، وأصبح شاهين من يحيطها هذه المرة والوحيد الذي ستسمح له بهكذا قرب منها. أصبح شاهين من يمرر بأنامله بين خصلات شعرها، من يقرأ عليها من الذكر الحكيم، حتى تخللت في روحها السكينة، حتى استغرقت في النوم، وإلى أعذب حلم طال انتظارها له.

انتهى البارت..~

الفيورا 16-03-18 10:21 AM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
عاد ذي ما تعتبر كقفلة صح أمولة؟ :peace:
وميسو إبشري بهدية، بس مدري متى بتوصل..
(تسلملي محادثتكم، قريتها بأكبر ابتسامة)

bluemay 16-03-18 02:31 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،


بارت قمة في الروعة

مؤثر ومعبر

واخيراً انكشف لنا غموض منتهى ...

مسكينة عانت كتير ، بس عسى ولعل شاهين يداوي كل جراحها..

يسلمو ايديك

كلي شووق للقادم

تقبّلي خالص ودي

أبها 16-03-18 02:47 PM

كل الشكر و التقدير الفيورا ..

الوحدة شعور بغيض ، و عدم وجود السند و العضيد
شعور قاتل و مميت حتى لو كان الإنسان بين أهله .
منتهى .. لا تلام في تمسكها في أبو كادي ، كان يمثل
لها السند و الحماية ، لذلك آثرت إنها تعيش بهدوء و مسالمة و عدم الاحتكاك
بأهل البيت خوفا من إنها تطرد و تنحى من البيت .
رب ضارة نافعة ملاحقة طليقها لها كان سبب في معرفة شاهين
لظروف حياتها السابقة ، و أصبح لها أقرب من أي إنسان.
السؤال اللي يطرح نفسه منو اللي كلم طليقها و دله على مكانها؟
هل يعقل إنها ام عبدالرحمن الشريرة !؟🤔

مرة أخرى شكرا الفيورا .🍃🌸🍃

امال العيد 16-03-18 07:47 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيورا (المشاركة 3699211)
عاد ذي ما تعتبر كقفلة صح أمولة؟ :peace:
وميسو إبشري بهدية، بس مدري متى بتوصل..
(تسلملي محادثتكم، قريتها بأكبر ابتسامة)

لا هذه أشد من القفله 😂😂😂

ميسو ترى مشاركاتك في الهدية 🙄😉 م فيه تفاهم عندي 😅😆

ألفي ربي يسلمك من كل شر وسعيدة أنها نقاشنا انا وميسو اعجبك

Maysan 16-03-18 10:33 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيورا (المشاركة 3699211)
عاد ذي ما تعتبر كقفلة صح أمولة؟ :peace:
وميسو إبشري بهدية، بس مدري متى بتوصل..
(تسلملي محادثتكم، قريتها بأكبر ابتسامة)

حبيبتي الفي ربي يسعدك ويوفقك ويفتح عليك .. الله يبشرك بمايسرك ويدفع عنك كل مايضرك وييسر امورك .. ابدا انا منتظره هههههههه << ياليل النشبه اللي هي أنا ههههههههه .. متى ماوصلت توصل ربي يحفظك .. الله يسلمك ياقلبي 🌹❤..

Maysan 16-03-18 10:38 PM

رد: الأرواح تحت الأقنعة بقلمي / الفيورا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال العيد (المشاركة 3699223)
لا هذه أشد من القفله 😂😂😂

ميسو ترى مشاركاتك في الهدية 🙄😉 م فيه تفاهم عندي 😅😆

ألفي ربي يسلمك من كل شر وسعيدة أنها نقاشنا انا وميسو اعجبك

هههههههههه ابدا الهديه كلها لك .. تعالي اجلسي جنبي بالانتظار ههههههه على ماافرش نوافوه بالارض وارجع علشان ننتظر سوا هههههههههه .. خلاص دام النقاش جاز لألفي بفرش لي فريش<< تصغير فراش ههههههه وبجلس ههههههههههه واتسامر انا واموله ونهوجس بالفصول 😂😁..


الساعة الآن 07:56 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية