منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة ) (https://www.liilas.com/vb3/t204796.html)

ام حمدة 30-07-17 04:02 PM

رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفصل العاشر.........

وما السقوط إلا لتتوضح الأمور.. وتنقشع الغمامة التي غشيت العيون.. لترى ما كان مخفيا، وتشاهد ما غفلت عنه، وعندما تتفتح العقول والقلوب تستطيع بعدها أن تصحح ما اعوج بقراراتك السابقة، وتتخذ الطريق القويم.
سقط الجبل، سقط رأس العائلة... عزوتهم، وما أقواها على الجميع بلحظة ادراك الخسارة الفادح التي يمنون نفسهم فيها... ارتفع عويل الصراخ،، وناح القلب كمدا وخوفا على سيد العائلة، وتدافعت الأقدام والأيادي لحمل جسد كان لهم كالحصن المنيع يحميهم من مطبات الحياة، ويعينهم على الصمود.
" أبوي... أبوي... "
ولا رد...
" بسرعة... ييبوا السيارة..."
صرخ بها ولده الكبير راشد وقلبه يقصف برعوده خوفا من خسارة والده، فمهما كبروا واستقلوا بحياتهم يبقى الأب والأم هم مصدر الأمان ولا يريدون خسارتهم.
انحنا فوق رأس والده وأخذ يهمس بضياع بأن يبقى معهم وأن لا يغادرهم، ويده تجري على جسده تكمده وتمده من قوته لعله ينهض ويستجيب.
" لا تروح يا بوي.. لا تروح وتتركنا... "
والتفت للخلف صارخا بأوتار مشروخة راغبة بالبكاء والنواح مثلهم، وكم تمنى لو يستطيع أن يندب مثل النساء لعله يستطيع اخراج ما يعتمله من فزع:
" انخرسوا... ما بي أسمع أي صوت من وحدة فيكم...."
فصرخ خالد بفهم ودراية:
" حصة.. حصة وينها؟؟.. هي دكتورة..."
وبلحظة تجلي، وبلحظة ادراك وبرغبة بالتمسك بروح من كان لهم دعامة صرخ راشد بأعلى ما تمتلكها أوتاره:
" حصة... حصة.. بسرعة ييبولي حصة ألحين...."
*******************
كانت تجاور الصغير وتتطلع لدفتره عندما دفع الباب بقوة وارتد صاعقا الجدار ليطلق دويه بأركان المنزل جعلت القلوب تفز بين الأضلاع، والأجساد تتزلزل بمكانها، ومن كان غارقا بسباته نهض جازعا، ليهدر صقر بشقيقه أحمد:
" انت جنيت علشان تدفش علينا المكان جذا!!..."
ولم يأبه له... فعيناه مصقولتان اثر دموعه التي أبت النزول، وكانت تبحث عن منقذتهم، وما أن سقطت عليها حتى صاح مقتربا وممسكا بكفها يسحبها معه:
" حصة... تعالي بسرعة.."
وصرخ به شقيقه وهو يرى أفعاله الغريبة التي لم يعهدها عليه من قبل:
" أحمد... انت شو سالفتك؟؟"
وصرخ بكلمتين جعلت القلوب تصل للحناجر:
" يدي... طاح...."
وبسرعة البرق سحبت يدها وانطلقت للخارج وفؤادها يصيح بالرفض...
" ليس الآن.. وأنا للتو قد عدت لأحضانك.."
والآخر تبعها بعد أن أمر طفليه بالبقاء بمكانهما ونادى العاملة لتبقى بجوارهما
وخرجوا وأفئدتهم تناجي الرحمن أن يرأف بحالهم.
اخترقت حصة المكان لتصل لجدها المتوسد الأرض، وهتف عمها ما أن شاهدها:
" حصة... حصة يا بنتي، جوفي أبوي الله يخليج... "
وبعملية فحصت نبضه وتساءلت وعيناها تتابع شحوب وجهه، وعلامات الارهاق ظاهرة على ملامحه:
"شو صار؟؟.. شو يلي استوى؟؟.."
وطارت عينا عمها باتجاه شقيقه الذي وقف بعيدا متخشبا ومقلتيه لم تحيدا عن جسد والده النائم على الأرض لربما برحلته الأبدية عن عالم الأحياء، ثم قال ومقلتيه تعودان لوالده:
" ما عرف شو فيه، بس هو طاح فجأة ...."
فصرخت ....
" وين السيارة؟؟... بسرعة.. نبضه ضعيف، لازم ناخذه للطوارئ..."
وبالفعل دخلت السيارة يقودها فزاع، وحمل الجسد وأدخل السيارة برفق واقترب صقر وعلى وجهه علامات التيقظ والتصميم... دفع شقيقه عن كرسي السائق ليحتله وجلس والده مع والده بالخلف، ولم تكد حصة تستقل السيارة بجانب جده حتى هتفت خالتها بصوت باكي:
" يومة يا حصة.. ما يصير تروحين معاهم وانت ما لابسة عباية!! "
وتراجعت وأغلقت الأبواب وفتحت صمامات الجفون لتنعي مصابها وانطلقت السيارة تسابق الريح بقوة وثبات، ورغبة كبيرة بأن يمتلك جناحين ليصل به للمشفى بلمح البصر....
أطلقت العنان لساقيها بعد أن اختفت السيارة من أمام ناظريها، واتجهت للغرفة التي نامت فيها وبحثت دون أن ترى عن عباءة تقف حائلا بينها وبين وجودها مع جدها وصرخت بعجز:
" هو لازم نلبس عباية؟؟.."
واقتربت ابنة عمها مريم تلقفها العباءة التي كانت أمام ناظريها... فما احتل الصورة هو جسد جدها الممدد باستسلام تام لمصيره المحتوم.
ارتدتها على عجل وجرت للخارج لترى أن الساحة قد خلت من سكانها، وتلفتت والجزع قد استبد بها من أنهم تركوها خلفهم، لكن رؤيتها لراشد ابن عمها يخرج من ملحقه بسرعة جعل قلبها ينشرح وجرت تمسك بيده دون أن تشعر:
" خذني معاك...."
وسحبها معه هاتفا :
" يلا بسرعة خلينا نلحقهم...."
*********************
مكان ليس بغريب عليها، وحركة تدب هنا وهناك اعتادتها بعملها، وروائح ميزها أنفها ولكن الآن اختلف الوضع، فلم تعد المعالجة بل الشاكية، وانقادت ساقيها خلف ابن عمها بسرعة كأنها تهرول، وخافقها يضرب بقفصها يتمنى أن يسبقها ليصل إليه.
وصلوا للمكان المنشود وشاهدوا الجميع يقفون بالقرب من أحد غرف الكشف وما أن فتح راشد عمها فمه يبغي سؤال حصة عما من الممكن أن تدخل لتستطلع الأمر حتى علا صوت زعيقه بالخلاء:
" كله منج... لو ما رجعتي كان ما صار يلي صار..."
بهت الجميع من هذا الاتهام، وتجمدت بمكانها غير قادرة على الحراك من شدة صدمتها بما قاله، وطالعت ملامحه المكفهرة دون فهم بلما يتهمها بأنها السبب!!... وأكمل يسكب عليها من لعناته وسبابه وبرغبته برحيلها وعودتها للمكان الذي كانت فيه، وظلت هي متيبسة كأن جذور عملاقة قد نمت وشبثتها بالأرض غير قادرة على زحزحتها، حتى اختفت ملامح عمها واحتلت مقلتيها بياض، وتساءلت... هل ماتت بمحلها أم ماذا؟؟.. عندها علمت لمن هذا البياض... بعد أن التقطت أذنيها صوته القوي...
" عمي... لو سمحت ماله داعي تتهم منا والطريق، وحصة ما لها دخل بيلي صار، وكلنا نعرف إن يدي من قبل وهو مريض، وقلبه ما يتحمل أي شي... وأي انفعال زيادة يضر بصحته.."
توسع جفنيها غير مصدق ما تسمعه!!.. هل أصابها الطرش أم أن هذا هو صوته؟؟.. أم أنها بالفعل قد أصابها شيء ما؟؟.. هل هذا صقر ابن عمها من يدافع عنها؟؟...
هتف العم ناقما على ابن شقيقه دفاعه:
" من متى وانت تدافع عنها؟؟.. مو هذي يلي كنت ما تدانيها؟؟.. مو هذي يلي حاولت تطلق منها وتفتك منها؟؟"
وأجابه بهدوء، وعين العقل قد تفتحت ورأت ما كان غائب عن الذهن، من أنهم كانوا ضحية قرارات كان القصد منها التوفيق بين اثنين لم يكونا حاضرين بحياة أحدهم الآخر.
" كل شي تغير وما عاد مثل قبل يا عمي، وماله داعي نفتح القديم..."
وخرجت من خلفه وواجهت عمها، فلم تعد تلك الفتاة التي تخشى القتال، وتتقهقر كلما صادفتها محنة أو مشكلة:
" ما هو بوقت عتاب يا عمي، خلونا بالأول نطمن على يدي وبعدين يلي عنده شي يقوله، وأنا موجودة وماني متحركة من مكاني..."
قالتها بشجاعة وهي تناظر عينيه، لم تعد تهاب أحدا، حتى قاطعهم راشد( ابو صقر) موجها حديثه لشقيقه الذي يرى ظلمه يستفحل دون أن يوقفوه عند حده، لكن الآن وقد تجاوز كل الحدود.
" سلطان..... "
وعندما هم سلطان بالكلام معترضا وباغيا سكب سمومه على تلك المسكينة التي لم يكن لها يد بما حدث، سوى أنها كانت مبرر ليوقع عليها أخطائه... سحبه راشد من ذراعه مبتعدا عن الجميع وعندها ...
" صدق انك ما تستحي على ويهك ولا تخيل!!.. يعني انت يلي سببت المشكلة ورحت ورميتها على هذيج المسكينة!!.. خاف ربك، اتق الله بهذي اليتيمة، هي لا طلبت فلوس ولا شي، راجعة تبي يدها.. تبي أهلها... احنا أهلها ولا نسيت يا خوي؟؟.. نسيت أخوك وهو يوصيك ببنته؟؟.. نسيت حلفك بالله انك بتصونها ومحد راح يكضمها؟؟...."
سكت راشد وتطلع لشقيقه مطأطأ الرأس وأكمل ضاربا على صدره:
" يا الله... بس لو تعرف إن أخوي ياني بالحلم وهو يبجي، أخوي يبجي ويأشر لبنته البعيدة، أخوي كانت دموعه تنزل اربع على خده، كان يتعذب مع بنته، يتعذب بقبره.... "
غط وجهه بكفه ودموعه قد أحرقت مآقيته وهو يتذكر الحلم الذي زاره بالأمس... استغفر الله ثم أكمل بهمس مؤلم:
" تبي فلوس؟؟.... أنا بعطيك من فلوسي، لكن فلوس اليتيمة خلها لها، ويلي تبيه من النص مليون للمليون أنا بعطيك..."
وأشار برجاء:
" لكن ولي يرحم والديك.... خل فلوسها لها...."
وتركه عائدا بعد أن استجمع شتاته تاركا خلفه شقيق عجز عن الرد، وادراك قد عاد لعقله الشارد وتساءل بصوت مسموع ومذهول وقد استيقظ من كان غاطا بسبات عميق:
" وشـ سويت يا سلطان..."
اقترب العم راشد من ابنة أخيه واحتضنها لتتقبل صدره برحابة صدر، وأمسكت به تدعم نفسها، تسند ظهرها الذي كاد أن ينكسر بلحظة جشع تملكت العم.
" لا تفكرين بيلي قاله عمج، هو ماهو بصاحي، انت تعرفين شو كثر متعلق بأبوي، انت بس لو تعرفين شو سوى لما طاح أبوي أول مرة... ما غير يالس عنده وما ترك حد يدخل عنده غير لما الدختور طاع يدخلنا ويسمح بالزيارة... "
وقهقه يدخل المرح للجو القاتم إلا أنها لم تستجب، وظل صوت صدى اتهامات عمها يحتل فكرها، فعاد العم يخفف من وطأة ما قاله شقيقه وكفه تتحرك على ظهرها بهدهده:
" بتجوفين.. ما راح يمر باجر إلا وهو جدامج وياخذج بحضنه ويقولج أنا ما كنت صاحي..."
كان يراقب خلجاتها الجامدة ويعلم أنها لا تصغي لحديث والده، فما قاله عمه صعب احتماله، فكيف له أن يتهمها بما لا يد لها فيه!!.. وكم تمنى بتلك اللحظة أن يكون مكان والده ويواسيها ويأخذها لمكان بعيد ويحميها من......
اعتدل فجأة كمن لدغه عقرب، وصم السؤال أذنيه وارتفعت وتيرة أنفاسه:
" وشفيك يا صقر؟؟.. انت جنيت؟؟.. شو قاعد تفكر؟؟... هذي بنت عمك يلي كنت ما تطيقها....."
قاطعه خروج الطبيب وقال على الفور بأن جدهم يحتاج لعملية قسطرة.. فالشريان عاد للانسداد ولابد من اعادة مجرى الدماء للحركة، وبالفعل وقعت الأوراق وأدخل الجد للعمليات وظل بالداخل لمدة ساعة ثم خرج ووضعوه بغرفة خاصة حتى مر الوقت واستيقظ لتتهلل الوجوه بالبشرة والسعادة لعودة عزوتهم إليهم.
************************
مر عليهم اسبوع منذ أن خرج الجد من المشفى ومكثت حصة معه تساعده وتعينه بأخذ أدويته بوقتها، واهتمت بمأكله ومشربه وراحته وعادت الأمور لروتينها باختلاف مع بعض الأشخاص التي تحولت حياتهم وتغيرت نظرتهم للأمور... انعزل سلطان بمنزله وانكفأ بغرفته يفكر ويتفكر بالحال التي غدى عليها...
لطالما عشق المال، وكان شغله الشاغل بكيف يجمعه كيفما كانت الطريقة، فلا يهمه سوى أن يرى الأوراق النقدية تتزايد أرقامها في البنك... ولم يلتفت لما حوله، وما هو الدمار الذي خَلَفَهُ خَلْفَهُ أثناء سعيه لجمع الأموال... لم يدرك كم الخسارة التي هوت عليه سوى بعد أن وقع والده أمام عينيه، عندها فقط ...أدرك أن المال ليس هو مصدر السعادة، بل وجود أشخاص نحبهم يقفون بجانبنا بوقت السقوط، فتساءل... " لو سقط هو.. هل سيجد من يمد له يد العون؟؟..."
ليجيب على نفسه:
" لا... لن يجد".
ارتخى رأسه بين كفيه مستنجدا بمن تركه غافلا بعتمة بحثه عن ملذات الحياة ناسيا بأن الموت يأتيك بغفلة منك...
" يا الله... سامحني يا رب... سامحني يا رب....أنا أخطيت بحق عيالي وبيتي وأهلي.. وخاصة بنت أخوي..."
شعر بالألم يفتك برأسه.. فاعتصره بشدة يبغي ازالته لكن هيهات وصوت الضمير الحي يسلطه بالحقيقة... وبلحظة سمع صوته ينادي، فخفق صدره بشدة، وأحس معه بأن روحه ستهفو مع الصوت، ولكن مع انتهاء الأذان وضع كفه على صدره ليعرف بأنه ما يزال على قيد الحياة، فنهض يلبي النداء.. ولأول مرة بعد أن تبع شهوة المال وأضاع من ستكون منجدته أقبل يصلي يناجي دامع العينين بأن يقبل الله توبته....
دخلت زوجته شيخة مذهولة ومصدومة من رؤيتها لزوجها وهو يصلي، فهو لم يصلي منذ سنوات طويلة فقد تركها بخضم لهوه.... واقتربت بهلع واحساس غريب يجتاح صدرها، ورهبة سماعها لزوجها وهو يطلب السماح من العلي القدير أن يقبل توبته.... مالت على جسده وقلبها استبد به القلق عندما لم ينهض من سجوده وقد اختفى صوته .
" بو راشد... بوراشد... انت بخير؟؟"
لم يستجب لندائها الخافت، فرن ناقوس الخطر وطرق صدرها بشدة، وزاغت عيناها بخاطرة فقدها لبعلها... فهزته بقوة وعلت بندائها:
" بو راشد... قوم يا ريال... وجفيك ما ترد علي؟؟"
وارتاحت أساريرها عندما اعتدل بإرهاق شديد، ولم يبالي بإخفاء دموعه التي بللت لحيته البيضاء، والتفت إليها هامسا:
" سامحيني يا شيخة، سامحيني.. أنا أخطيت بحقج....."
تراجعت بخوف وازدرت لعابها وارتجف جسدها وتأتأت متسائلة:
" أنت... أنت.. شو تقول؟؟"
" أنا ما داريتج ولا اهتميت بعيالي، كنت بس أعطيكم الفلوس علشان أفتك من المسؤولية، حسبت بالفلوس إن كل شي زين، لكن.... لكن.. لما جفت أبوي يطيح جدام عيوني بسببي......"
كتم نوبة بكاء أوشكت على الخروج بقبضته، وكتمت هي نشيجها بكفها والرهبة من حديثه أفزعها فهتفت:
" انت بتموت؟؟"
وناح بقلب مثقل بالذنوب:
" آه يا شيخة... آه... ما بي أموت وأنا على هذي الحال... ما بي أموت وأنا مقصر بربي... لما طاح أبوي وحسبته مات خفت إني أموت أنا بعد فجأة وأنا ما سويت شي بدنيتي غير اني وفرت الفلوس وبس...."
اقتربت منه وربتت على ظهره، والصاعقة تضربها أيضا من أنها هي أيضا لم تفعل شيء بحياتها... أرادت الحديث، أرادت التفوه بحرف واحد تجعله يتجلد أو أن تعود كعهدها تخبره بأن ما يقوله مجرد هراء، لكن قلبها خفق يطلب النجدة، يطلب الطهر والنقاء، فيكفيه كم المعاصي التي تكالبت عليه، فسقط جسدها للخلف وانحنى ظهرها وشعرت معه كأن أوزان ثقيلة قد تراكمت عليه.
أمسك سلطان بيد زوجته وهمس:
" خلينا نبدأ من يديد يا أم راشد، خلينا نصفي النية، ونقبل لربنا......"
قاطعته خائفة رافضة وسحبت يدها متراجعه ورأسها يتحرك دون هوادة:
" انت وجفيك يا بو راشد قلبت علينا مطوع؟؟... أبوك ما عليه إلا العافية، وهذاك هو بخير، وبنت موزة تراها تراعيه وما يحتاي كل هذي الزوبعة...."
ونهضت هاربة مما يريدها أن تقوم به ونسي هو بأن الله يهدي لمن يشاء:
" أنا ييت أخبرك إني بحجز لي ولحنان تذكرة وبنسافر كم يوم نغير جو، خبرك محتايين نغير جو بعد يلي صار..."
وأغلقت الباب خلفها كي لا تسمع ما لا تريد سماعه، وتركت خلفها رجل يعود لندب ماضيه التعس ويطلب الصفح والمغفرة ودعوة بأن الله يهدي قلب زوجته وأولاده لطريق الصواب.

************************
أما الآخر فكان حاله مختلفا.. فتفكيره انصب بضياع وتيه في بحور طيبة ابنة عمه، وما كان معميا عنه ظهر معلنا أنه قد خسر كنزا ثمينا كان من الممكن أن يكون له يتمرغ بين خيراته.... ولكنه كان غبيا معميا مغرورا ليراها غير كفوءة لتكون من مقامه... تنهد وهو يرى ابنه جالسا يرسم بابتسامة صارت رفيقه الدائم، وابنته صارت مختلفة ولو قليلا، فقد بدأت تقبل للحياة وتراها بمنظور مختلف، وبدأت تتقبل الجديد بحياتها بانفتاح ودون خوف، فخلال أيام قليلة استطاعت ابنة عمه أن تغير أحوال طفليه، وأصلحت ما أفسدته والدتهم بتهورها وأنانيتها، فعادت ألبومات الماضي تطفح بآلامها التي اقتات من حياته الكثير....
كان قد بلغ 20 عندما تزوجها.... كانت شقيقة أحد أصدقائه.. فقد شاهدها معه بأحد المراكز التجارية وفتن بجمالها، ولم يدرك أن ما خفي ما بالقلوب سوى بعد أن سعى للزواج منها لمعرفته بأنها المرأة المنشودة التي ستكون شريكة حياته، فشقيقها ونعم الرجال، وبعد أن جمعهما منزل واحد سعى لتعيش معه برخاء ولم يبخل عليها بالغالي والنفيس، وهي أيضا لم تبخل عليه من محبتها، ولكن تغيرت الأحوال عندما علمت بحملها.. كرهته وأرادت التخلص منه، لكنه رفض.. فالغاية من الزواج هو انجاب الأطفال وانشاء أسرة والاستقرار... تغيرت وصارت عصبية المزاج، متطلبة، وما كان غافلا عنه ظهر معلنا عن نفسه، كانت حقودة حسودة مع كل ما تراه من بذخ وثراء ينسكب على الجميع، كانت تتمنى أن يكون كل شيء لها، وتحمل هذا كله مبررا أنها هرمونات الحمل كما قالت الطبيبة، ولكن هذا استمر حتى مع ولادتها لأطفاله.. فقد كرهتهم واتهمتهم بأنهم أفسدوا جمالها وجسدها، فأهملتهم ولم تهتم بهم وسعت لنفسها فقط، فكثرت مشاجراتهم.. حتى جاء اليوم الذي قطع الخيط الرفيع الذي كان يربطهم مع بعضهم .... كانت ابنته تبكي بشدة بسبب ألم في معدتها وجاءت تشكي حالها ببكاء حار وبدل أن تهدئ من وجعها حتى زادته أضعافا مضاعفة، اذ انزعجت من بكائها فما كان منها سوى أن نهرتها لتصمت إلا أن ابنته لم تستجب لشدة ما تعانيه من ألم، فنهضت من كرسيها كما المارد العملاق ولم ترحم حال طفلتها ورفعت كفها وأطاحت به على وجنتها الصغيرة ولم تدرك بأنها كانت قريبة من الطاولة إلا بعد أن اندفع جسدها الضئيل بقوة واصطدم بها ثم همد على الرخام والدماء تنضح من رأسها... وكان هذا على مرآ من صغيره.
عاد من رحلته وقد ضج رأسه بالحزن وأخذ يناظر طفليه بحنان وتساءل...
"يا هل يا ترى... هل ستوافق على طلبه؟؟"
***********************
" تعبتج معاي يا بنتي..."
وضعت صحن الشوربة على الطاولة والتفتت إليه وحاجبيها متعانقين بتقطيبة، وتخصرت قائلة:
" أفا يا يدي... لا تقول هذا الكلام!!.. انت لو تطلب عيوني أعطيها لك فدوه، بس انت تطلب وتدلل..."
وأهدته أحلى ابتسامة ثم حملت الصحن واقتربت منه...
" وألحين... لازم تشرب الشوربة وتتغذا زين علشان ترجع صحتك أحسن وأحسن..."
ظل الجد يطالعها وبعينيه حديث كثير حتى همس جعل رأسها ترتد بسرعة:
" سامحيني يا بنتي... أنا أخطيت بحقج..."
حركت رأسها رافضة ورددها لسانها :
" لا يا يدي... لا تقولها..."
" بلى يا بنتي.. أنا أخطيت وأطلب منج السماح...."
اقتربت منه وأمسكت بكفيه تقبلهما وتعود للرفض:
" لا يا يدي... لا تتأسف... لك الحشيمة..."
اعتصر كفيها وأكمل بعد أن طبع قبلة أبوية على رأسها:
" يا بنتي أنا جفت الموت بعيني، وحسيت إن ربي يعاقبني على يلي سويته فيج، يا بنتي أنا يلي سويته علشان مصلحتج أو هذا يلي حسبته..."
تنهد وزفر ثم استطرد بعد أن منعها من مقاطعته وأجلسها بقربه لتستمع إليه:
" أنا ما زوجتج لصقر إلا لأني جفت فيه الريال يلي راح يصونج ويتحمل منج، ويكون لج سند بهذي الدنيا بعد ما نموت، لكن ما عرفت إني غلطت غير لما صفعج بذك اليوم، وفكرت إني أكنسل العرس، بس قلت يمكن يتراجع بعد يلي صار، لكن يوم شردت من البيت قلت لا... أنا أخطيت وايد بحقج وكنت غلطان..."
ناظرها بعينين ذابلتين اثر مرضه ولكنها كانت تنطق بالصدق والرجاء بالصفح.
" يا بنتي... احنا بني آدم وكلنا نخطأ ومو كاملين والكامل الله سبحانه، فالسموحة منج يا الغالية..."
وأقبلت تقبل كفيه ودموعها تنحدر على خديها شلالا غادرا:
" لا تتأسف يا يدي!!.. أنا أصلا ما شاليت عليك أبد، وكنت عارفة انك تبي لي الخير، والمفروض أنا يلي أتأسف لأني شردت من البيت من دون شور ولا خبر، بس أنا كنت أتـ......"
وقطعت كلمتها فلم تقدر على البوح بمكنونات قلبها تخبره بكم تكابدت من الآلام وهي تستمع لرنين الهاتف دون أن يتلقفه حد، حتى قال لها وهو يدير وجهها ناحيته، ويمسح دمعاتها الهاطلة:
" لا تبجين يا بنتي.. أنا عارف اني قسيت عليج، بس صدقيني كان غصب عني، ولما قلت إنج متي علشان مصلحتج، سلطان تحلف وتوعد إنه يلحقج ويذبحج وما قدرت غير إني أموتج بالحيا قبل لا تموتي عن دنيتي..."
لا تصدق ما تسمعه!!.. هل عمها أراد موتها؟؟.. لكن لا يهم ولكن أرادت أن تسأل وتعرف:
" طيب... ليش ما رديت على تليفوني؟؟.. كنت أتصل فيك كل يوم، قلبي كان يتقطع يوم ما ترد علي...كنت أبي أقولك جوفني وشصرت.."
وناحت ببكاء صامت ليحتضنها ويخبرها بالحقيقة، فلا مجال لإخفائها بعد الآن، فهو يريد الرحيل من هذا العالم طاهر القلب خال من حمل أثقال تجعله قابعا بالأعماق:
" ومين قالج يا بنتي اني مو متابع أخبارج!!... أنا كنت أعرف كل شي عنج من خالج..."
وهتفت والذهول قد تملكها من أنه كان يتتبع أخبارها، يعني لم يتخلى عنها، لم يتركها وحيدة تتخبط بدهاليز حياتها.
" طيب... ليش كل هذا السكوت؟؟"
" خفت لو يعرفون إني أتواصل وأعرف أخبارج عمج يروح ويدورج ويسوي فيج شي، وذيج الساعة... صدقيني كنت بذبحه وأشرب من دمه، فعلشان جذا سكت..."
وما كان في القلوب باحت فيه الحروف، وعادت الروح تستكين بحب ومودة بين أركان منزلها، مر بعض الوقت حتى هدأت وتيرة عواطفهم ثم سألها بثبات:
" وألحين يا بنتي... بسألج وبخيرج وما راح أجبرج بشي ما تبيه بس بشرط واحد، أبيج ترجعين لبيتج وكفاية غربة...."
" تم يا الغالي، وأنا كنت أصلا أبي أقعد هني وما أرجع، بس..."
وأكمل:
" خليني أقول يلي عندي.... "
نفس عميق وأسر وعيناه تعانقان عيناها الفضوليتين:
" تبين تتمين حرمة صقر ولد عمج؟؟"
تراجعت بصدمة، ورمشت دون تصديق، أيسألها؟؟.. أيخيرها؟؟.. هل ما سمعته صحيح؟؟.. هل يسألها أن تريد حريتها أم تظل بقيدها؟؟..
فقالت دون تردد:
" ما بيه يا يدي..."
" تم..."


ام حمدة 30-07-17 04:08 PM

رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
 
قراءة ممتعة يا صبايا ...
أظن إني صدمتكم بالأحداث وما توقعتوها جذا صح ههههههههه
بس هل تعتقدون إن صقر يطلق حصة مثل ما طلب الجد؟؟
وشو هي توقعاتكم للفصل الأخير؟؟
جذا أنا اليوم نزلت فصليين
وبجذا يبقالنا فصل واحد والأخير ...
بشكر البنات يلي شاركوني بمداخلاتهم الممتعة جدا ولي عودة بالرد على تعليقاتكم
طيب باقي البنات عطوني رايكم بالفصول أو الرواية ولو بكلمة بسيط
أظن أنه يحق لي بهذا الشي علشان أعرف رايكم بالرواية
موعدنا غدا باذن الله مع الفصل الأخير...

مكاويه أصيله 31-07-17 01:39 AM

رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
 
ررررروعه
صقر وحصه اروع شي
ياريت يتزوجها وتربي عياله

زارا 31-07-17 02:35 AM

رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
 
لااااا والله مب على كيفها حصيص تعلقنا بقصتها وعقب تقول ما ابيه..
الا تبيه وهي ماتشوف الدرب.. والله عليه جدها بغيناه عون وصار فرعون الحين بدال مايقول لها تمي مع صقر عشاني ويحط يده على قلبه ويقول آآه آآه البي البي وافقي والا بموت الحين يقول لها تم.. لاااا ماتم ولا راح يتم وتتميمك لطبلها ماتم ياا الشيبه..ورنا وش عندك..>>فيس حمقان مرره
يااويلي صدق لو يغصبونه يطلقها؟؟ والله بيوريهم الشغل العدل على كيفهم يزوجونه ويطلقونه وهو رجال الحين بشنباته وابو عيال؟؟ لااا والله مب على كيفهم..
على اني توقعت ان قصتهم تنتهي بالانفصال والطلاق بس ماحبيت هالفكره اللي شكلها هي فعلا اللي بتصير.. وبتصير حصه درس لصقر ولغيره بانه مايعتبر بالشكل والعبره بالمضمون ..وبيطلق حصه وهو ميت حسره عليها وعلى حياته اللي ماعاشها معها..
بس يرجع الامل بانها ترضى ترجع له... وماراح اقول تحبه ولكن تتقبل وجوده بحياتها.. ومرات اقول بيطلقها بس بيرجع ويخطبها وبتوافق عليه من طيب خاطرها..
ام حمده تبين الصدق احس القصه تحتاج اربع اجزاء بعد احس 11 بارت مايكفون بقصتنا.. احس ان فيه احداث باقيه ماحصلت حسب توقعاتي..هخهخهخهخه
ابو راشد الله يهديه ويتم عليه بالهدايه يعني تووبته الله يقبلها بس ما اقنعتني.. ماضحكني الا بنت ابليس حرمته وهي خايفه من توبته وتقول انت بتموت.. وعقب يوم يقول لها توبي خافت تتوب..ههههههههههه
ام حمده بانتظار البارت الاخير بكل شووووق وياليت تحقيقين احلام الشعب وتجمعينهم مع بعض.
يووه نسيت اشكرتس يااقلبي على البارتين اللي نزلتيهم رووعه ومفاجئه تجنن وفكيتينا من محاتات الشايب وعسى مامات لكن الأكيد انتس بتنزيل الفصل 10 فكيتينا من توقعات كانت بتكون بلااوي..هخهخهخهخه
دمتي بود

NoOoFy 31-07-17 03:19 AM

رد: رواية ... محيرة لولد عمج... بقلمي \ منى الليلي ( ام حمدة )
 
بارتين صاروخ
النوم النوم بس قلت لازم ارد الحين وبكلمتين
خير يالحص ماتبين من ان شاءالله اكيد مهوب صقر اكيد ماتبين شي ثاني
لاتخليني اقلب عليتس انتي مالتس سند الا صقر
متاكده ان صقر بيرفض وعياله بيكونون ورقه رابحه عند صقر
حصه بتتعلق بالصغار وتبيهم بس مافيه تبينهم ابوهم معهم
ولا العيال بدون ابوهم ماتصير حبيبتي

وانت يابوراشد لاتخليني ادعي عليك واقول ليتك ماقمت من طيحك يعني سبع اسنين البنات معلقها في رقبة الولد وغاصبه ومنكد عيشته ثم يوم زانت له وبغها تقول تم للطلاق لا يحبيبي
الصقر مهوب لعب ولا كل طير يتاكل لحمه

صقر البنت مهيب تنوم في بيتكم هجوم عليه في العتمه وصرف مريم واعلن زواجك من حصه رسمي واذا صار حمل في ذيك اليله ماعليه خير وبركه
هبلتو في الولد وربطتوه في البنت وهي بومه ورفضتو يطلقها يوم صارت غزال تقول تم للطلاق
لاتم ولا قاله الله

ام حمده طلاق مافيه والصقر للحص والحص للصقر
اللي يقول غير ذا الحتتس ياويله

النوم النوم كابس ودي برد اطول ننتظر البارت ويوم عرس صقر وحصه الاسطوري
الفستان جاهز حددي الموعد والكل معزوم وكلووووووولووووووش


الساعة الآن 08:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية