منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   من كل بحر قطره (https://www.liilas.com/vb3/f644/)
-   -   وحوش الطريق .. (https://www.liilas.com/vb3/t204026.html)

شيماء علي 05-04-17 10:06 PM

وحوش الطريق ..
 
بداية، دعوني أوضح أنني لست من هواة مراقبة الناس في الطرقات سواء كنت أسير على قدمي أو أستقل سيارة ما، اللهم إلا إذا تجاهلنا شغفاً قديماً بمراقبة أنواع تلك المركبات والدعاء بالبركة وسعة الرزق لأصحابها من قبل شخص يحلم باقتناء اثنتين من عمالقة الطريق كما أصنفهما مع أن إحداهما سيارة رياضية هيكلها أبعد ما يمكن عن العملقة ..
على كلٍ، ليست تلك السيارات موضوعي هنا، بل وحوش الطريق ..
أو الموت كما يترجم عقلي رؤية إحداها ..
موت جماعي ربما ..
سيارات مطحونة ..
دراجات نارية تهشمت عظام راكبيها المساكين، الشباب غالباً، تحت عجلات ذلك الوحش مخترق الضواحي ..
عرفتموها ؟
نعم، أقصد شاحنات النقل الثقيل، اللوريات، أو التريلات كما نطلق عليها بلهجتنا المحلية ..
لا إرادياً، ما إن يقع بصري على إحداهن، أجدني ألهج بالدعاء أن يصل السائق بها سالماً إلى حيث يقصد ..
سالماً هو والناس في طريقه ..
شخصياً، قد أقطع الطريق دون خوف من أي سيارة، ولكن رؤيتي لـ(تريلة) ولو على بعد مائة متر مني تسمرني في مكاني ..
فليتفضل الوحش أولاً ولأمر بعده بسلام إن شاء الله تعالى ..
ولأننا بلد الطرقات الواسعة (اللهم لا حسد)، وأيضاً لأننا بلد للقانون فيه كلمته القاطعة كحد السيف، فإن التريلة لا تلزم (حارة) معينة من الطريق حتى وإن علقت أحياناً لافتة ما تلزمها قانونياً بجهة معينة منه .
لن آتي على ذكر الطرق الكاملة المخصصة لشاحنات النقل الثقيل بـ(بلاد برا) لأن (احنا ملناش دعوة يا موهيي)، وبالطبع لأنها عندنا ليست بشاحنات نقل ثقيل وإنما هي التريلة الأليفة اللطيفة .. الوحش المدلل لسائقين لا يجدون غضاضة في طي الطريق طياً، بل والتسابق فيما بينهم أو مسابقة سياراتنا الصغيرة الضعيفة إن أشار عليهم مزاجهم بذلك ..
وبالطبع ليست هناك ساعة واحدة، لا ليلاً ولا نهاراً، قد تقود فيها سيارتك بسلام في شارع ما مطمئناً أن التريلات ممنوعة من التجول في تلك الساعة ..
مرة أخرى، اسمحوا لي أن أرحب بكم في بلاد القانون ..
شخصياً، يرعبني أن يمر بخاطري أن سائق هذا الوحش العملاق عاجز عن رؤية مجاوريه المباشرين على الطريق إلا أن تكون المركبة مقاربة لارتفاع تريلته الأليفة أو بعيدة عنها بمسافة كافية، أما الراجلون أو أصحاب السيارات الصغيرة المساكين، فليحذروا مجاورته أو محاولة قطع الطريق أمامه ..
السائق ببساطة لا يمكنه رؤيتهم نتيجة لارتفاعه مسافة لا بأس بها عنهم، وأيضاً لارتفاع الزجاج الأمامي لكابينه مركبته العملاقة ..
بالمناسبة، هو أيضاً قد لا ينتبه لصوت أبواق تنبيه سياراتهم، فهي ربما تصل إليه عبر تلك المسافة كطنين ذبابة .. ويا حسرتاه لو كان مغلقاً لزجاج نافذته أصلاً !
قد تكون إنساناً محظوظاً فتجاور كابينة القيادة من ناحية مقعد الراكب المشغول غالباً بمرافق يراقب الطريق للسائق عبر نافذته، أما أولاء على الناحية الأخرى، فلا أجدني إلا في رجاء دائم بالسلامة لهم وللمسكين الذي دفعته ظروف الحياة إلى قيادة ذلك الوحش العملاق ..
أتظنون هواجسي انتهت هنا ؟!
بالتأكيد لا !
بقيت أخرى ولكنها مقيدة بساعات عمل معينة غالباً هذه المرة .
ناقلات البترول والغاز الطبيعي التي لا تقل ضخامة عن أخواتها ولكنها أخطر، حيث تحمل ما لا أراه سوى قنابل موقوتة ..
لا أجد في نفسي أدنى رغبة لكتابة شيءٍ عن التصورات المنبثقة في دواخلي ما إن ألمحها على الطريق ..
أدعو من كل قلبي لسائقيها ..
صدقاً ..
أدعو لهم وأخشى عليهم كما لو كانوا أطفالي !

.
.

لم أفرغ مشاعري هذه لانتقاد سائقي هذه الشاحنات المتهورين في غالب الأحيان، ولا حتى للتساؤل عن وجود قوانين يفترض أن تضبط تحركاتهم لا ندري إن كانت من وحي الخيال أصلاً أم أنها موجودة مهملة ..
فقط أحببت مواجهة أحد هواجسي المرعبة كطالبة تقضي على الطرقات ما يقرب من خمس ساعات في يوم واحد كرحلة ذهاب وإياب إلى الجامعة تتكرر مرتين أسبوعياً على أفضل الأحوال لتزيد لأربع مرات في الأسابيع الأخيرة ..
لا أحمل ذكريات جيدة للتريلات على الإطلاق ..
التريللة تمثل لي حادثتين من أيام الطفولة راح ضحية كل منهما خمس شباب خرجوا من بيوتهم بحثاً عن لقمة عيش صعبة ..
تمثل حادثة طحنت فيها سيارة خالي العائد من غربته براً، حتى أكاد لا أصدق لليوم كيف خرج منها سالماً .. معجزة إلهية تلهج ألسنتنا بالشكر دائماً وابداً عليها ..
تمثل كما قلت، الموت الماضي على عجلات ..

Shymaa Ali
5 April 2017 …

الاميرة البيضاء 06-04-17 01:14 PM

رد: وحوش الطريق ..
 
سلمنا الله واياك عزيزتي من كل سوء


الساعة الآن 11:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية