منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   أغداً ألقاك ؟ / بقلمي (https://www.liilas.com/vb3/t203429.html)

نغم الغروب 09-10-17 08:54 PM

رد: آنسة الشاي الأبيض
 
لا يدري كيف و لا لماذا بدأ يكلمها عن حياته الشخصية ، ربما لأن الليل الهادىء كان ثالثهما ، ربما لأنه دائما من السهل أن تتحدث إلى شخص غريب ،لا يدري لكنه بدأ يتكلم ، بدأ يحدثها عن زوجته التي أصبحت شبه غريبة عنه بعد عامين فقط من الزواج ، زوجته التي تحمله مسؤولية فقدانها لرحمها ، زوجته التي لم تعد زوجته إلا بالاسم.
و كما انطلق لسانه ، انطلق لسانها و انطلقت تحدثه ، عرف أنها ترملت منذ ثلاث سنوات و أنها امرأة تعيش تكافح الغربة ، الوحدة و ظروف الحياة.
تعيش مع ابنها الوحيد الذي يغنيها عن الدنيا و ما فيها كما قالت و لكنه رغم ذلك استطاع أن يتبين من نظراتها ، من الحزن الرقيق الذي تكتسي به ملامحها ، من ارتعاشة أصابعها الصغيرة أنها ليست منيعة كما تتصور أو كما تريده أن يتصور.
و للحظة أو ربما للحظات حين كانت تروي له ما تعانيه من أهل زوجها الراحل من أجل بيع نصيبها من الميراث ، تصور نفسه يضم يدها الصغيرة بين يديه و يسنده رأسها إلى كتفه و أغمض عينيه حينها بقوة كي يمنع نفسه من الاسترسال.
ولأول مرة لم تبد له فكرة الجمع بين زوجتين غريبة و مستبعدة : زوجة يدعها تعيش في عالمها المنفصل عنه ، تتقوقع في حزنها بعيدا عنه و زوجة أخرى حقيقية دافئة ، موجودة من أجله، مستعدة لإرضائه كهذه المرأة الصغيرة الرقيقة التي حرك فيه ضعفها شيئا لم تحركه نساء أجمل منها بمراحل.
غادرا الطائرة معا و استقلا سيارة أجرة معا و لم يفترقا إلا بعد أن تبادلا أرقام الهاتف و بعد وعد منه بأن يبذل ما في وسعه كي يحل مشاكلها و قد كان ، بخبرة محاميه و سطوة صديقه الضابط.
و احتفل معها بانتهاء متاعبها و كل منهما قد وجد في الآخر ما كان يبحث عنه : السند لها و رفيقة من أجله.
التقيا مرة و اثنتان و ثلاث و توالت المرات ، مرات و مرات ، غالبا على الغداء و لأول مرة منذ أشهر طويلة يشعر أنه زوج مع امرأة غريبة عنه و لأول مرة يتبادل حديثا حقيقيا بدل تلك الجمل المبتورة الجوفاء التي يرغم نفسه على التفوه بها أثناء تواجده مع كاميليا.
و بعد ستة أشهر من التقائه برحاب بدأ يفكر جديا بالزواج منها.
في ذلك اليوم كان غرفة مكتبه ، الغرفة التي أصبحت مكانه المفضل في البيت منذ أن بدأت كاميليا تبتعد عنه.
يذكر بدقة كيف دخلت عليه و كيف بدت له في ذلك الوقت من اليوم :حائرة ، مترددة كأنها امرأة غريبة عنه.
يذكر أيضا كيف كان يشعر نحوها في ذلك اليوم ، كان يشعر باللامبالاة التامة فلم يبدو له أن هناك كلمات أو خطوات لتقلص الهوة التي تضخمت بينهما حتى ابتلعت كل شيء جميل اشتركا به معا ، وكل ذكرى سعيدة ربطتهما معا.
نعم في ذلك اليوم ، في تلك اللحظة حين وقفت كاميليا مترددة قرب الباب ، يدها ماتزال تقبض على الأكرة و داخل عينيها تلك النظرة الحائرة المحيرة حينها بدا له من المؤكد أنها النهاية ، نهاية كاميليا بالنسبة له.

نغم الغروب 09-10-17 09:03 PM

رد: آنسة الشاي الأبيض
 
حينها كان واثقا تماما أنهما حتى لو استمرا معا فيما بعد فسيستمران كشبحين لما كانا عليه من قبل و ستكون الحياة بينهما في المستقبل مجرد ظل بارد للدفء اللذيذ الذي عاشاه معا في الماضي.
حينها كان واثقا من ذلك لذلك عندما بدأت كاميليا في التحدث إليه تعمد عدم النظر إليها ، تعمد أن يتشاغل بتفحص بريده الوارد بينما يستمع إليها في صمت.
- ماهر أنا أريد أن أعتذر منك عن تقصيري في حقك ، عن كل أخطائي ، عن تصرفاتي ال..الغير مناسبة معك.
لم يجبها بحرف واحد ، فقط واصل الاستماع في صمت بدا ثقيلا عليه و عليها فما أتعس أن تصبح كالغريب مع شخص كان أقرب إليك من نفسك.
- هل تعتقد أني ضعيفة الإيمان يا ماهر؟ هكذا كان سؤالها ، غير متوقع على الإطلاق مثل كثير من تصرفاتها.
وجد نفسه يجيبها ببرود :
- لست قادرا على معرفة ذلك يا كاميليا فلا أستطيع معرفة ما يخفيه قلبك.
- و لكنك الأدرى بي ، أنت تعرفني ، أنت تعيش معي!
أعيش مع ظلك ، مع واجهتك مع القناع الذي ترتدينه كل يوم لكن لا أعيش معك كلا لا أفعل.
كان ليصرخ بكل ذلك في وجهها لكن شحوبها و تعبها البادي على جسدها منعه ، لذلك وجد نفسه يجيبها في هدوء :
- أنا شخصيا أرى أن إيمانك ليس ضعيفا ، لم أرك تشتكين أو تعترضين ، يبدو لي أنك تتقبلين ما تعرضت له برضا كامل و تام.
- لكني لا أتقبل يا ماهر ليس حقا ، أتظاهر بذلك لكني لا أستطيع ، لا أستطيع
- لا تستطيعين ليس لأن إيمانك ضعيف بل لأنك أنت نفسك ضعيفة يا كاميليا.
لا يدري كيف استطاع أن يقول لها ذلك و بكل تلك القسوة ، بكل ذلك البرود لكنه قاله و لم يندم عليه في تلك اللحظة ، لم يندم حتى و هو يرى الألم في عينيها و حتى حين قالت بصوت مرتجف هامس :
- أريد ، أتمنى أن أكون أقوى لكني لا أعرف كيف.
و بنفس القسوة واصل يقول :
- الذي يريد أن يصبح أقوى يتمسك بالآخرين ، يشاركهم ما يشعر به ، لا ينعزل عنهم و يخفي كل شيء بداخله ، من يفعل هذا يحترق ، يذوب و هذا ما تفعلينه يا كاميليا بنفسك مع أنك لديك الكثير ممن يهتمون بك و يتوقون لمساعدتك : عمتك ، صديقاتك ، قريباتك و غيرهم و غيرهم.
- و أنت أيضا يا ماهر ؟
يذكر تماما كيف قالتها له بكثير من الحزن و قليل جدا من الأمل
يذكر كيف رفع عينيه إليها في تلك اللحظة ، كانت مازالت قريبة من الباب كأنها على وشك الخروج للأبد ، يذكر كيف لاحظ تلك الدموع العالقة برموشها الطويلة و كيف أثر فيه منظر انحناء رأسها و كل ذلك الانكسار ، كل ذلك الانكسار ،
أثر فيه لدرجة أنه لم يشعر كيف قام من مجلسه ، كيف وصل في لحظات إليها ، كيف استطاع أن يضمها بتلك الطريقة إلى صدره و هو يقول بصوت مختنق :
- حتى أنا يا كاميليا ، خاصة أنا يا حبيبتي.
و حين نزلت دموعها نسي فجأة كل شيء ، نسي الجفاء ، نسي البعد و شعر حينها أن عقله عاد إليه و إلا كيف استطاع أن يتخيل أنه بإمكانه أن ينساها ، أنه بإمكانه أن يكون مع امرأة أخرى غيرها.

و الآن و هو يتذكر ذلك الموقف لا يستطيع إلا أن يتساءل ترى ما الذي دفع كاميليا أن تختار ذلك الوقت بالذات لتدخل عليه و تحاول و تنجح في أن تسترجعه كزوج و كعاشق.
هل يعقل أن تكون عرفت عن رحاب؟!
لم يعلم بذلك أبدا
أكثر من مرة أراد بشدة أن يصارحها بالأمر ، أن لا يدع أي بذرة شك تنمو و تترعرع داخل قلبها و أحاسيسها ، أكثر من مرة أراد أن يتكلم و لكن في كل مرة كان يستجد شيء ما ثم تأخذه الحياة و تأخذها.
و النتيجة أنه لا هو و لاهي تكلما أبدا في هذا الموضوع.
فهل يعقل أن يكون عقلها صور لها أشياء لم تحصل ،
هل يعقل أن تكون تصورت أنه خانها و العياذ بالله مع رحاب و أنها أرادت بعد هذا العمر أن تكون لها مغامرتها الصغيرة ربما انتقاما منه.
لكن كاميليا كانت تخاف الله ، لا يعقل أن تفعل ذلك به ، لا يعقل أن تفعل ذلك بنفسها.
لكن ألا تقول الدراسات أن الرجال و النساء على حد سواء يجنون في هذا العمر تقريبا؟ أنهم يصبحون تواقين ليعيشوا مراهقة ثانية و أخيرة قبل أن يأفل نجم شبابهم إلى الأبد ؟
خاصة أن كاميليا لم تتح لها الفرصة في عيش مراهقة عادية؟
هل يعقل ، هل يعقل ، هل يعقل؟
في يوم كهذا اليوم يبدو له أن كل شيء يعقل و لا يعقل في الوقت ذاته.
في يوم كهذا اليوم يبدو له أن الجنون و التعقل وجهان لعملة واحدة.

bluemay 10-10-17 07:41 AM

رد: آنسة الشاي الأبيض
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

اشكرك عزيزتي ، وصدقيني ما قلته نابع من قلبي

ليس مجرد كلمات للمجاملة .


حسناً ،ها هو تعقيد جديد يضاف للمسألة ..

رحاب ،،، علاقة حب افلاطونية كما يدعي هو ...

ولكنها تظل خيانة وان لم يدنسها بإرتكاب الفاحشة.

كثيرٌ من الرجال الا من رحم ربي، يعلقون خيانتهم لزوجاتهم على شماعة الاهمال والبرود من قِبل زوجاتهم

الخيانة تظل خيانة مهما كانت اسبابها، فهو خان نفسه قبل ان يخون زوجته.



سلمت يداكِ ، وكلي شوق للآتي


لك ودي

نغم الغروب 14-10-17 11:40 AM

رد: آنسة الشاي الأبيض
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3691035)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

اشكرك عزيزتي ، وصدقيني ما قلته نابع من قلبي

ليس مجرد كلمات للمجاملة .


حسناً ،ها هو تعقيد جديد يضاف للمسألة ..

رحاب ،،، علاقة حب افلاطونية كما يدعي هو ...

ولكنها تظل خيانة وان لم يدنسها بإرتكاب الفاحشة.

كثيرٌ من الرجال الا من رحم ربي، يعلقون خيانتهم لزوجاتهم على شماعة الاهمال والبرود من قِبل زوجاتهم

الخيانة تظل خيانة مهما كانت اسبابها، فهو خان نفسه قبل ان يخون زوجته.



سلمت يداكِ ، وكلي شوق للآتي


لك ودي

عزيزتي مايا أشكرك لا أدري للمرة الكم على اهتمامك الصادق
بالنسبة لموضوع رحاب و الخيانة المعنوية فللأسف معظم الرجال هكذا
فكمايقال الرجل يظل طفلا مهما يكبر و يتوقع دائمآ الاهتمام من زوجته
ربما لهذا السبب نهى الله تعالى المرأة المتزوجة أن تحزن أكثر من ثلاثة أيام لأنه الأدرى بما خلق
دمت بخير و قريبا إن شاء الله أنزل الفصل السابع

نغم الغروب 16-10-17 10:56 AM

أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
الفصل السابع


" الجنون ،
هذه هي الكلمة التي تصف حالتي في ذلك اليوم.
اليوم الذي قرأت فيه ذلك الخبر عنه منذ ثلاث سنوات
جنون ذكرني بجنون آخر
شعرت به بعد أسبوع من وفاة أبي.
و لم أعد ابنة أصبحت وريثة…
ورثت الأموال ومعها تلال و تلال من المشاكل.
لم أجد حتى الوقت لأحزن عليه ، على أبي ، و ذلك الرجل محمود أو ممدوح لم أعد أذكر يجرني معه من مكان إلى مكان ، من مصلحة إلى مصلحة.
أخبرني أن والدي قام بعمل تفويض لي في التصرف في جميع أملاكه . كان ذلك منذ مدة قصيرة كما أوضح لي.
ثم أضاف بأسف رسمي أنه أحس بأن حالته الصحية لن تسمح له بالاستمرار طويلا.
فقلبه على ما يبدو أتعبه أكثر من مرة في المدة الأخيرة.
لكني بالطبع في تلك المدة الأخيرة لم أعرف ، ربما لأني كنت مشغولة بلومه ، كنت مشغولة بالغضب منه ، من الجميع.
كنت مشغولة بالحزن على نفسي.

….
…..
في ذلك الصباح عندما نهضت لم أجد أحدا ممن كانوا يملؤون البيت ، الكل فر إلى حياته و دنياه ، الكل هرب و تركني لأحزن لوحدي.
شعرت بأني سأموت ، بداخلي كانت توجد قبضة تعصر على قلبي وتعصر و تعصر تريد أن تسحقه.
ركعت سجدت دعوت لكن القبضة استمرت تعصر ، ربما لو استطعت فقط أن أبكي لكنت استرحت لكن هذا الصباح بدا لي أن حتى دموعي تخلت عني.


الساعة الآن 09:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية