منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   186 - انتظري ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t202256.html)

Rehana 24-05-16 01:10 AM

رد: 186 - انتظري
 

فاجأتها هبة الريح التالية , وللحظات حذر شديد , قاومت لتستعيد ثبات خطواتها لكنها وقعت بقوة فوق الحصى المبللة المثلجة , تئن وهي تشعر بالحصى المدببة تخز وركها الأيسر
وقفت بحذر علي قدميها .... أصيبت بخيبة الأمل عندما أدركت أن بنطلونها الجينز وقفازها قد ابتلا تماما بسبب السقوط مما سيسبب انخفاضا في معدل حرارتها وبالتالي سوف تتجمد من البرد ....كان العقل السليم يفرض عليها طرح كرامتها جانبا والعودة إلى مزرعة برتسوم , برغم ما يسبب لها ذلك من الألم .
بدأت تعود أدراجها حين لاحت لها أنوار شاحنة صغيرة , تتحرك ببطء نحوها وتصاعد أملها .....لكنها أكملت السير بضع خطوات إلى أن اقتربت المركبة .
مدت يدها , وأشارت للسائق ..... ثم انتظرت إلى أن انحرفت الشاحنة لتقف إلى جانب الطريق .... تحت الأنوار الأمامية , رأت بوضوح أن الطريق أصبحت بساطا صلبا من الجليد , وان كل شيء , حتى الشريط الشائك والعشب النامي في الخنادق الصغيرة علي جانبي الطريق , يرتدي ثوبا ابيض سميكا .
انفتح باب الركاب , فسارت نحوه .. وراحت توازن حقائبها بارتباك .. كانت قد انتزعت الحقيبتين من فوق كتفها لترميهما في الخلف, عندما لاحظت شخصية الرجل الجالس في النور المعتم داخل السيارة .
أصابتها الدهشة بالتردد ..إذ لا بد أن كراهيتها الركوب إلى جانب كوبر كانت بادية على وجهها . ثم لاحظت أطراف فمه تلتوي انزعاجا.
- اصعدي أو تابعي السير .. هذا خيارك .
تصلبت ايريس للهجته الصارمة ... كلماته توحي بعدم الاكتراث ... كانت ترغب بصفق الباب ورفض عرضه للركوب , لكنها كانت تحس ببرد شديد , وفي حال اخطر من أن ترفض .
ودون أن تنبت ببنت شفة , رمت أشياءها في الشاحنة , وصعدت تغلق الباب وراءها باغتها الهواء الجاف الحار في الداخل وجعلها تغيير الحرارة الفجائي ترتعش فراحت أسنانها تصطك .
تمتم بغضب :
- الأفضل أن تربطي حزام الأمان .... فلن تكون رحلتنا نزهة .
لم ينظر كوبر إليها وهو يقود سيارته ببطء ..ارتاحت لتجاهله إياها , ثم فكت الشال المبلل , وخلعت قفاز العمل من يديها . كانت ثيابها مليئة بالثلج ولما بدا الثلج بالذوبان أحست بالبلل يطال عظامها .... مدت يدها تبحث عن الحزام لكنها اضطرت إلى التوقف عن البحث حين لم تطاوعها أصابعها في إقفاله .
كرهت أن تفضح مدى ما تحسه من برد حقا , ومدت يديها نحو مصدر الهواء الساخن في السيارة , وحركت أصابعها املا في تدفئتها بسرعة اكبر .... ثم تمسكت بذراع الباب حين بدأت الشاحنة بالانزلاق .
انزلقت إطارات السيارة الخلفية ما زاد من سرعة السيارة الأمر الذي فاجأ كوبر وبما أن استخدام المكابح كان سيزيد الأمور سوءا , فخياره الوحيد كان مماشاة الانزلاق كي تبقى المركبة الكبيرة علي الطريق .
كانت معركته مع الانزلاق خاسرة لان السيارة خرجت عن السيطرة .... واندفعت نحو خندق عميق واسع إلي جانب الطريق من جهة ايريس التي لم تستطع سوى التمسك بذراع الباب و السيارة تدور وتلف لتقع إلى الخلف ثم إلى الجانب علي كتف الطريق .
اندفعت ايريس بعنف إلى جانب كوبر فاصطدم رأسها بالمقود مع توقف " أبيك آب " فجأة .
نظر كوبر إلى الوجه الشاحب الذي حرقته الريح , حيث لا ضوء سوى أنوار السيارة الداخلية .... استلقت ايريس متلاشية كلعبة قماش مبتلة على حجره ... وأطلق العنان لسلسلة من السباب حين أدرك أنها فاقدة الوعي .... لم توقف عن ذلك فجأة بعد أن أحس بالرجفات تهز جسدها ..... لا بد أنها نصف متجمدة.

Rehana 24-05-16 01:13 AM

رد: 186 - انتظري
 
شعر أن من واجبة حمايتها , ثم رفع يده تلمس خدها البارد بحنان وأدار وجهها نحوه ... فوجد جرحا على جبينها تحت مستوى الشعر يقطر دما , وقد بدا بالانتفاخ .
ألهاه عنها اهتزاز الشاحنة المفاجئ وهي تنزلق أكثر نحو الخندق .
أدرك انه مع قليل من الحظ قد يتمكن من توجيه البيك آب إلى أسفل الخندق دون أن ينقلب ...ومن هناك سيكون من الممكن قيادته حتى آخر الخندق حيث يرتفع إلى مستوى الطريق , فيخرج به .
ثم , واعتمادا على مدى إصابة ايريس , سيقرر ما إذا كان سيعود بها إلى المنزل إلى أن تصبح الطريق أكثر آمنا , أو أن يخاطر بأخذها إلى الطبيب في البلدة فورا .
بقدر ما كان راغبا في لومها على هذا كان يعرف أن الغلطة غلطته ....لو انه وضع السلاسل الحديدية في إطارات اصلا , أو توقف ليضعها , لما كانا قابعين في الخندق وسط عاصفة جليدية .
نظر مجددا إلى وجه ايريس الساكن بقلق . لو انه لاحظ أنها لم تربط حزام الأمان لكان فعل هذا بنفسه , وما كانت الآن مستلقية على حجره .
قال بصوت أجش هامس :
- وما كنت سأشعر بالمسؤولية تجاه كل ذلك ... كنت أظن أن سارقي المواشي ,والمحكومين السابقين قساة .
داعب أصبعه بخفه خدها البارد .
- كان بالإمكان أن يكون الأمر أسهل علينا معا لو كنت قاسية .
رأى أن ايريس لم تكن مصابة بأذى غير الضربة على رأسها ....فدس يديه برقة تحتها ورفعها إلى أن أصبحت مستندة إلى جانبه الأيمن .... أطبق فمه بعنف , وأعاد تشغيل محرك الشاحنة , ثم حركها إلى الأسفل داخل الخندق .
استعادت ايريس وعيها .... مصدومة , ضائعة , تحركت محاولة الجلوس مستقيمة , بعد أن أدركت أنها تستند بكل ثقلها على كوبر .
- هل أنت بخير ؟
هزت ايريس رأسها طلبا لصفائه , لكنها أجفلت أمام قوة الألم التي وخزت صدغها اثر الحركة . حاولت الابتعاد عن كوبر , لكن إيقاف التلامس مع جانبه الدافئ الصلب , سمح للبرد مجددا بالعودة إلى أوصالها .
- ايريس ؟
دفعها الاهتمام القلق في صوت كوبر لان تنظر إليه مباشرة ... بدت ملامح وجهه لها اقل إرهابا هذه المرة , وعيناه السوداوان منصبتان عليها .
أحست بالتوتر إذ لاحظت مدى تغيره , فأشاحت بوجهها بعيدا لتميل أكثر إلى جانب المقعد العريض .
مدت يدها بخوف تلامس التورم فوق صدغها :
- أنا بخير .. إنه مجرد صدمة صغيرة .
لامست ذراعه ذراعها وهو يمدها إلى الخلف , فاخرج بطانية وأعطاها لها .
- لفي نفسك بتلك , بينما أحاول وضع السلاسل على الإطارات .
حين بدت بطيئة التجاوب , فتح البطانية ولفها بها .. فأصدرت صوت احتجاج صغير حين لف البطانية علي حجرها ودس أطرافه حول ساقيها ...فلفت الصوت اهتمامه للحظة , فتوقف .
ألانها تشعر ببرد قارس , أحست بيديه تحرقانها عبر البطانية حتى البنطلون الجينز المبلل إلى بشرتها الباردة ؟ التقت عيونهما في النور المعتم للسيارة من الداخل وهو يميل فوقها لينهي عمله .... استطاعت الإحساس بدفئه , وأنفاسه العطرة على خدها ورائحة عطر ما بعد الحلاقة . خنقتها قوة رجولته عن قرب لكن بدلا من الحذر من الموقف الذي بدا غريبا ... أحست أنها آمنة بطريقة لم تعرفها منذ سنوات , وفي الوقت عينه مهددة بشيء لا تستطيع وصفة بالكلام .
فجأة ..ابتعد كوبر , فأغمضت عينيها متعبة , وأصغت إليه وهو يفتح باب السيارة
ليبحث تحت المقعد . سمعت قعقعة السلاسل الثقيلة وهو يجرها إلى الخارج ثم يقفل الباب .

Rehana 24-05-16 01:15 AM

رد: 186 - انتظري
 
استغرق وضع السلاسل مكانها طويلا ... لكنه عاد أخيرا إلى الداخل .. فتحت ايريس عينيها دهشة حين مد يده ليربط لها حزام الأمان ...
كانت المسيرة على طول أسفل الخندق بطيئة ووعرة , وكان رأسها يرتج مع كل هزة.. أخيرا أصبح الخندق اقل عمقا إلى أن كاد يتساوي بالطريق ... فجأة انحرفت السيارة إلى جانب الخندق .
وبعد بضع محاولات عادت الشاحنة إلى الطريق العام , وصار نصفها على الجانب المرصوف بالحصى ونصفها على كتف الطريق , فاوقف كوبر الشاحنة ونظر إلى ايريس :
- كيف حال راسك ؟
أدركت انه يتوجه بالشاحنة غربا ليوصلها إلى البلدة فملأت الخيبة قلبها .. وأجابت :
- لا شيء لا يمكن لقرصين من الأسبرين أن يشفياه .
- هل تشعرين بدوار أو غثيان ؟
- لا ... بالبرد فقط . سأكون بخير متى وصلنا إلى البلدة .
قال بصوت أجش أعطى كلماته الساخرة لذعة قارصة :
-عزيزتي .. في حال لم تلاحظي ..فالطقس عاصف جدا ... وإذا كنت تظنين أنني سأخاطر مرة أخرى لأجلك هذه الليلة , ففكري جيدا .
طارت عيناها لتلتقيا بالقسوة المتجددة في عينيه ... وتحولت دهشتها إلى الغضب مما زاد عمق لون وجهها , وحرك فيها كل مشاعر حماية الذات ... للحظات ظنت كوبر قلقا عليها فعلا ... لا بد أن رأسها مصاب بقسوة أكثر مما تظن .
قالت :
-لم اطلب منك المخاطرة لأجلي أصلا . ولا أتوقع منك المخاطرة الآن لكنني اعرف انك تفضل أن لا تطأ قدماي ارض مزرعتك .
حدقت طويلا في عينيه حتى ظنت أن تلك اللحظة لن تنتهي أبدا وكانت نظراتهما تشيران إلى تحذير لم تترجمه شفاههما , عندئذ أصبح التوتر لا يطاق داخل الشاحنة , قبل أن يحرك كوبر السيارة لينطلق بها مجددا .
لم تدرك ايريس أنها كانت تكتم أنفاسها إلى أن أدار المقود نحو اليسار , وحول الشاحنة باتجاه المنزل .... خفف الإرهاق من توتر أعصابها , وتلاشى غضبها وهي تنظر إلى الأمام عبر الزجاج الأمامي .... ارتاحت لأنها ذاهبة إلى مكان تبيت فيه ليلتها برغم كون العرض اضطراريا .
خاطرت بنظرة حذرة إلى كوبر ... وأوحى لها منظر فكه , أن لا شيء سوى العاصفة العاتية كان سيقنعه بالسعي خلفه . كانت مبتلة جدا , وتحس ببرد شديد , ولن تمانع في خشونته معها .... فهي غير معتادة على اللطف علي أية حال , وبما أنها تعلمت درسها , فهي ابعد ما تكون عن الضعف العاطفي .... وعلى المدى الطويل , سيسدي لها خدمة كبيرة لو بقى عدوانيا .
اندست ايريس عميقا في البطانية مع أخراج كوبر للشاحنة عن الطريق العام . وفجأة بعد برهة أصبح صوت السلاسل الحديدية على الأرض خافتا وذلك مع دوران الإطارات فوق الطريق الداخلية للمزرعة . فأغمضت ايريس جفنيها بارتياح مع بروز أنوار المنزل الكبير .
شعرت بان قلبها يخفق بعد أن أعاد لها ضوء المنزل عبر النوافذ الإحساس بالعودة إلي البيت بعد يوم متعب , أصابتها غصة جراء الحنين إلى منزلها , المزرعة التي نشأت فيها ذهبت الآن ...فحتى موت والدها , كانت الأيام الصعبة قد دفعت بالمزرعة إلى الخط الأحمر , وكان عليها أن تناضل ليلا نهارا لتتمسك بها .... فيما بعد , أجبرتها الرسوم القانونية للدفاع عنها والتعويضات الكبيرة التي فرضها عليها القاضي على بيعها .
أربعة أجيال من أسرة برايبون ربوا الماشية في تلك الأرض من شمالي وايوفنغ, لكنها كانت الوحيدة من هذه الأسرة التي فقدتها ... لم تكن معرفتها أن أقول نجم المزرعة قد بدا قبل أن تتولى أمرها لتتخفف من شعورها بالذنب , إلى أن أنهت تصرفات أخيها غير الشقيق المريبة كل شيء .

Rehana 24-05-16 01:17 AM

رد: 186 - انتظري
 
صمت المحرك الكبير فجأة مع إطفاء كوبر له , فأعادها إلى حاضرها ... ونظرت إليه لتشعر انه على وشك قول شيء كريه . ففكرت فورا بابنته الصغيرة وكيف أن غريزة أبوته لحمايتها تتحرك فيه الآن .
قالت :
- بإمكانك أن تسترخي سيد برتسوم . لقد أذنبت بسرقة الماشية , وليس بسرقة الأطفال . إذا كان بإمكان طباختك أن تجد لي شيئا آكله , ومكانا جافا في مخازن الغلال الدافئة ... سيكون هذا رائعا .
التفت إليها بحدة , والقسوة بادية في عينيه كفولاذ براق تنم عنه تعابير وجهه العاصفة فارتفع احد أطراف فمها سخرية :
- ثم أنا لست لصاً محترفا لأنجح في سرقة الكثير من المواشي في مثل هذا الطقس .
جعلتها الشتيمة اللاذعة التي ضربت أذنيها تجفل .فجأة مد يده إليها ... ذعرت لحركته, فابتعدت بحذر . وشهقت حين امسك معصمها في قبضته الكبيرة ... ودارت معركة بينهما وهي تحاول التحرر منه .... ومد يده الأخرى إليها .... فجأة انفلت قفل حزام الأمان في مقعدها , فأجفلها التفاته وارتداده .
قال بصوت كاد يثقب طبلتي أذنيها :
- ماذا ظننت بحق السماء أنني سأفعل ؟ أضربك ؟
وشدها من معصمها لتصبح قريبة منه .
كان الرد عليه في أعماق عينيها الفزعتين وشحوب قسماتها المتوترة وهي تضع يدها الأخرى على صدره , و أحس كوبر انه لو تركها الآن فستهرب . هذا ما أزعجه .
- اللعنة ايريس ... أنا رجل أتمتم كثيرا وكثيرا ما أتفوه بالسباب لكنني لم اضرب امرأة في حياتي .
صمت بعد أن أدرك انه يصيح في وجهها .... مر على وجهه شيء ما , يخبرها أن هذه المعلومات الصغيرة التي تطوع بقولها عن نفسه لم تكن مقصوده , ولا عفوية .
في تلك اللحظة أحست ايريس أن هناك خطا قد تجاوزه ... خط زادته الطريقة التي كانا يتلامسان بها بروزا ... كان لعناقهما الإجباري علاقة غريبة بقيء متوتر فيهما معا ... عينان زرقاوان نظرتا إلى عينين سوداوين مع وجود تيار غريب كان يسري بينهما .
تراجع كوبر أولا ...فيما تحول إلى القسوة مجددا .... واخفت عيناه كل شيء عنها ما عدا الغضب :
- خذي البطانية معك , وادخلي المنزل ... سأحضر حقائبك .
أحست ايريس بارتياح وانتزعت البطانية ورمته بها :
- سأحضرها بنفسي .
فتشت عن قفازيها وشالها المبتلين , ولم تضيع الوقت في فتح الباب ... خرجت توازن خطواتها بحذر , ومدت يدها إلى الخلف لترفع حقائبها .
التوى رأسها وهي تميل بنفسها إلى الأمام محاولة الوصول إلى الحقائب ....
كانت على وشك سحب الحقيبة نحوها حين مد كوبر يده من مقعده وانتزع الحقيبتين الأخريين ورفعهما ثم بدا السير نحو المنزل , كل ذلك قبل أن تتفوه بأي احتجاج .
أجبرتها خطواتها على الأرض المليئة بالثلج على التوكؤ على حافة الشاحنة الصغيرة حتى وصلت إلى الشرفة المسقوفة . حينها فتح الباب وانحنى كوبر يمسك مرفقها... وما أن أصبحت في الداخل آمنة حتى سحبت نفسها منه , مرتاحة لخلاصها مما تسببت به لمساته من إثارة عاطفية .
قال لها :
- من الأفضل أن تخلعي " الحذاء " من قدميك ... وجدي لنفسك حمالة ثياب تعلقين ثيابك عليها ..... بإمكانك تجفيفها لاحقا .
كان قد خلع " حذاءه " وسترته الواقية . فاستدار ليدخل من الباب الداخلي للمطبخ
.. خلعت ايريس حذاءها بسرعة ووجدت ما يكفي من حمالات الثياب الفارغة علي جدار الشرفة المسقوفة لتعلق معطفها , قبعتها وشالها , ثم وضعت قفازها فوق الحذاء الذي وضعته على حافة بساط صغير أمام الباب .

Rehana 24-05-16 01:17 AM

رد: 186 - انتظري
 
دخلت المطبخ بسرعة ظامئة إلى الدفء في الداخل , وأقفلت الباب وراءها ... أثارت الحرارة في الغرفة الكبيرة المزيد من قشعريرة البرد , واصطكت أسنانها حتى ألمها فكها .
كان كوبر جاثيا قرب حقائبها , يستخدم البطانية التي حملها معه من السيارة لمسح المطر عنها .
صاحت اليانور وهي تدخل المطبخ :
- يا الهي يا فتاة ! لا بد انك نصف متجمدة ؟ من الأفضل لك التخلص من هذه الثياب بسرعة ثم الدخول إلى مغطس ساخن .
قاطعها صوت كوبر :
- سأهتم بذلك ..... اهتمي أنت بدخول ستيفاني إلى فراشها .
جمدت اليانور للهجته القاسية لكنها لم تقل شيئا وهي تستدير لتغادر المطبخ .
نظر كوبر إلى ايريس , تاركا عينيه السوداوين تجوبان فوقها قبل أن يتقدم إلى غلاية القهوة الموضوعة فوق رف المغسلة ... جاء بكوبين كبيرين وملاهما قهوة حتى الحافة تقريبا .... ثم مد لها يده بأحدهما .
خطت ايريس إلى الأمام لتأخذ الكوب .... لسوء الحظ لم تستطع السيطرة على رجفة جعلت يدها تهتز . وقبل أن يترك الكوب تماما , كانت قد سكبت عن غير قصد بعض القهوة على أصابعه .
اعتذرت بسرعة : أنا آسفة .
ورفعت نظرها إليه تتلقى ردا خشنا :
- ما من ضرر في ذلك .
ثم تخطاها حاملا قهوته ليجمع حقائبها ويخرج إلى الردهة , وتركها تلحق به .
أمسكت الكوب بكلتا يديها بحذر , وسارت خلفه بعد أن ترددت لحظة احتست خلالها قليلا من القهوة ... تلذذت بطعمها القوي , وانسابت الحرارة إلي داخلها لتدفئ جوفها . أمسكت الكوب بثبات أكثر , وتابعت السير , كانت قد قطعت أكثر من نصف المسافة بقليل في الردهة المعتمة , حين أطبق عليها أحساس بالاحتجاز .
تعاظم التوتر في صدرها وراح يمتد في كل اتجاه ليرسل نوعا آخر من القشعريرة فيها
. حاولت يائسة أن تقاوم هذا الإحساس , وان تركز علي أي شيء يجعلها ترتاح من الشعور الفظيع .
كان كوبر يتابع السير أمامها , في الردهة , التي بدت لها ضيقة بشكل غير طبيعي
يكاد جسمه عريض الكتفين يصطدم بالجدارين ... ولو انه يحمل كوب القهوة في يد وحقائبها في اليد الأخرى , في رشاقة ممتزجة بقلة اهتمام زاد إحساسها بالذعر .. ما الذي يحصل لها ؟
اختفى كوبر من الممر , وناداها عبر احد الأبواب :
- هل أنت قادمة ؟
أحست بخجل من جبنها غير المنطقي , و أسرعت وراءه , لترتاح لحظة وصولها إلى الغرفة التي كان ينتظرها فيها .
حين خطت إلى غرفة الضيوف المضاءة جيدا , اخذ ذعرها يخف بشكل عجائبي .... سبب لها الانزعاج المطبوع بوضوح على قسمات كوبر المتصلبة شيئا من الغضب , وبشكل غريب اخفي الإحساس بالذعر أكثر فأكثر .
- بإمكانك النوم هنا الليلة ... ‘ن غرفتي خلف الردهة ... من الأفضل أن تأخذي حماما ساخنا .. سنتناول الطعام في غرفة الجلوس فيما بعد .
هكذا , تخطاها واقفل الباب وهو يخرج .
لكن حين اقفل الباب تحرك بداخلها إحساس قاتم مخيف . استدارت نحو الباب , دون تردد , تمسك مقبضه لتفتحه ... ثم تمكنت من استعادة سيطرتها على نفسها وفتحته بضع انشات ... طغى عليها الارتياح . فأسندت رأسها إلى الخشب الناعم المصقول تنتظر فتور خفقات قلبها .


الساعة الآن 04:57 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية