منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   (رواية) حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (https://www.liilas.com/vb3/t201397.html)

فيتامين سي 01-03-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع والثلاثون واﻷربعون)
 
1 مرفق





الفصل الواحد والأربعون

المدخل : بقلم الغالية deegoo



باقي النص بالمرفقات


سلمت يداك



نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله



فيتامين سي 04-03-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي واﻷربعون)
 
1 مرفق





الفصل الثاني والأربعون


المدخل : بقلم الغالية alilox



النص بالمرفقات


سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الإثنين إن شاء الله


فيتامين سي 07-03-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني واﻷربعون)
 




يسعد مساكم جميعا متابعي روايتي أينما يتم عرضها

وشاكرة للجميع تفاعلهم وحبهم للشخصيات



هناك نقطة أحببت أن أوضحها قبل أن نغوص في أحداث الفصول القادمة

بإذن الله ألا وهي مرض أواس وامكانيته وشكه حيال ذلك

طبعا المخدرات كما نعرف عنها جميعا وحفظني الله وإياكم منها ، فهي

أنواع وجرعات وحسب اعتياد الجسد عليها طبعا وأواس كشرطي لن

يفوته أبعاد ما تفعله بالإنسان وهوا الغياب التام عن استيعاب ما

يفعل وكيف يتصرف مثل الجرعات الكبيرة من الخمر وطبعا في

حال الجرعة الزائدة من المخدر يكون الغياب عن الوعي أو الموت في

أغلب الأحيان ونظرا للوضع الذي وجد أواس نفسه عليه بعد استيقاظه

وعدم معرفته إن كان نائما أو غائبا عن الوعي لأن كلاهما مرجحان في

مثل حالته ، ومعرفته بكره وجد له وسعي علي رضوان لفعل أي

شي للانتقام منه تأكد له مرضه الذي لا يعرف أحد صحته من عدمها غير

وجد عبدهم المأمور ، وقد يتبادر لذهنكم سؤال لما لم يحلل

أواس ويعرف وجوابه سيكون مع تسلسل الأحداث أما بالنسبة

لأعراضه فتظهر بعد الأسبوع الأول كزكام خفيف وطفح جلدي

أحيانا وأعراضه الفعلية لا تظهر إلا بعد الثلاث أعوام تقريبا حيث يتفشى

الفايروس مدمرا خلايا المناعة جميعها



بالبسبة للمتابعات الغاليات في المنتديات المجاورة فقد كانت لهم أيضا

توقعات جميلة أصاب بعضها والبعض سيحدث مستقبلا وبالنسبة للأخت

التي طالبت بظهور أرجوان وأبناء جابر فسيكون لهم حيز من أحداث

الرواية إن شاء الله فانتظروهم ودمتم في رعاية الله وحفظه جميعا أحبتي


الفصل الثالث والأربعون


المدخل : بقلم الغالية عبق حروفي

تمهل .. لا تقتلع الحب بخدعة.. فهو يسري بقبلة..
تمهل .. لا تزرع العاطفة بفكرة.. فقط انقلها بنظرة..
تمهل.. لا تقترب أكثر.. فقد دمرت كل صخرة..
تمهل.. لا تتحدث أكثر.. فحروفك تشعل كل جمرة..
تمهل.. لا تلعب بقلبي أكثر .. و أتركه و شأنه..
تمهل.. لا تبعثر مابقي .. فقد صرت بقايا متيمة..
توقف.. عن نشر حبك حولي.. فبه أصبحت أنثى مقيدة..

سلمت يداك

********

علت ضربات قلبي وعلا الضجيج في أذناي ورأسي وترنحت في وقفتي

لأجد نفسي في قبضة الواقف خلفي مطوقا عنقي بساعده ويضع فوهة سلاحه

على رأسي بيده الأخرى وقال جدي حينها " إن مسني ضرر ستموت قبلي "

فنزلت دموعي من فورها فهوا بالفعل على استعداد لبيع الجميع ومؤكد لن يغفر

لي ما فعلت الآن وسيأخذني من هنا ليكون مصيري مصير أواس في صغره

فمثلما قدّمته للموت قدمني هوا له الآن , تقدم بخطواته وبغيته طبعا باب السطح

الموجود خلفي بما أني رهينة لديهم عند الباب فنزولهم وخروجهم سيكون سهلا

ما أن اقترب أكثر ولم تعد تفصلنا سوا خطوات حتى ابتعدت فوهة المسدس عن

رأسي وتراجع بي ذاك الشخص للخلف خطوتين ودوت رصاصة من فوهته

صمت أذناي مع صوت صرختي ولم أرى سوا ترنح جدي وسقوطه على إحدى

ركبتيه ويبدوا أصاب ساقه فكيف يكون معه ويقتله !! هل هوا خائن لهم ؟ شعرت

أني سأسقط ولم تعد لدي قوى على الوقوف فأحكم قبضته على عنقي أكثر مثبتا لي

حتى شعرت أن الهواء لم يعد يجد سبيلا للدخول لرئتي وسأموت اختناقا وعيناي

تتنقل بين الواقفين بأسلحتهم بلا حراك ينتظرون نهاية هذا العرض , وما أن رفع

بعضهم أسلحتهم باتجاهه بعدما أصيب إلا وقد سبقت يده لجيب سترته وأخرج منه

مسدسا في أقل من جزء من الثانية وصوبه نحوي فأغمضت عيناي بشدة ليدوي

صوت رصاصة عم بعدها سكون تام حتى خيل لي أني مت وأنها أصابتني ففتحت

عيناي ببطء نصف فتح فلم تعد لدي قدرة ولا على فتحهما فوقع نظري على جدي

الممسك لكتفه ثم انهار أرضا وهمس الواقف خلفي قائلا " للجحيم يا وحش "

فنزلت دمعتي هذه المرة جمرة من نار حين علمت من يكون هذا وانسدل ستار

عيناي رغم كل محاولاتي لمنعه ولم يصدر مني سوا همس خافت مناديا

" أواااس "

ولم أعي بعدها شيئا من حولي وغبت في ذاك الظلام








*~~***~~*










نزلت السلالم وتوقفت في منتصفها حين رأيت آسر يقف مع إسراء وهي

تحكي له عن القلوب القماشية التي تمسك إحداها في يدها وكيف جعلت

منها أسرّة للدمى التي اشتراها لها سابقا وهوا ينظر لها بجمود بدون ولا

حتى ابتسامة كعادته حين تتحدث معه هي خصيصا دونا عن باقي شقيقاتها

حتى إن كان حديثا عاديا , ثم تحولتْ نظرته للصدمة حين قالت

" وأعطت صفاء وداليا خاتما وسوارا ذهبيان "

ثم تابعت بعبوس " ليثها أعطتهم لي , لما تمنع عنا لبس الذهب ؟ "

رفع حينها نظره لي وأنا أنزل باقي عتبات السلالم غير مبالية ولا مكترثة

لما قيل وسمع فهوا يكرس حياته لهم وما يعنيه هم فتلك الأشياء لهم وليست

لي ولا من حقي , ما أن مررت بجانبه لأخرج من الباب حتى كانت ذراعي

في قبضة يده القوية وقال بجمود " إسراء أخرجي مع باقي شقيقاتك "

فخرجت من فورها راكضة وسحبني هوا معه لأقرب غرفة وأغلقها علينا

وكانت غرفة الضيوف فاستللت ذراعي منه وقلت بضيق " ماذا تريد ؟ "

دفعني ليصطدم ظهري بالجدار ووقف أمامي يكاد يكون ملتصقا بي

وقال من بين أسننه " ما معنى ما فعلتيه بما أرسلتهم لك ؟ "

قلت بجمود " وما معنى إرسالهم لي ؟ "

ضرب كفه على الجدار بقوة بجانب وجهي حيث كان يستند به

وقال بحدة " جاوبي على السؤال "

قلت بضيق " وجاوب أنت , هل تسخر من مشاعري اتجاهك يا آسر ؟ "

قال بسخرية " جيد أنك فهمتها هكذا "

نظرت له بصدمة فأضاف قائلا بجمود " كنتِ أخبرتني أنك

سترمينها لكنت استفدت بها إن تزوجت "

شعرت بشيء ضرب قلبي بقوة علا معه تنفسي وقلت بجمود مماثل

أخفي تأثير كلامه علي " لن تكون أفضل من صديقك بالتأكيد "

أبعد يده عن الجدار وقال وعيناه في عيناي " قسما أني مثله

بل ولن أكون إلا مثله "

ثم ابتعد عني وفتح الباب وغادر تاركا لي في صدمتي من كلامه , فما

معنى أن يقسم أن يكون مثله ؟ هل سيتزوج عليا أيضا ويجلبها هنا ؟؟

نزلت على الجدار حتى وصلت للأرض ونظري لازال معلقا في الفراغ





*~~***~~*








تأففت ناظرة للسقف فقالت بضيق " لا وقت أمامك أخوات زوجك

على وصول وأنتي مكانك حتى ملابسك لم تغيريها "

قلت ببرود " لازال هناك وقت ولا داعي للاستعجال "

كم كرهت وجود هذا الزوج في حياتي ولم أعد أتقبله وعليا إيجاد حل

لكل هذا وسريعا فأن أكون كما يريد هوا فقط ليرضى عني فهذا أمر لن

تقبله نفسي , نظرتْ والدتي جهة طاولة التزيين ثم نظرت لي وقالت ما

أتوقعه جيدا الآن " متى أعدتِ هذه الأشياء وأنا ما صدقت أنك

تخلصتِ منها "

قلت ببرود " لم تتخلصوا منها كانت فترة ومرت وسدين هي

ذاتها لم ولن تتغير "

قالت بتحذير " لا يكون تريدين مقابلة شقيقاته بمظهرك ذاك ؟ "

قلت بذات برودي " نعم "

قالت بحدة " من أين ألاقيها ؟ منك أم من شقيقك الذي جن جنونه ويريد

اللحاق بخالك ولا نعرف له أرضا منذ خرجت زوجته من هنا "

قلت من فوري " ابنك من جنا على نفسه وخسرها بسببه هوا

فليريني بما نفعته خطته الفاشلة "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت " احترمي شقيقك يا سدين فليست

عادتك , لاحظي أنك مؤخرا أصبحت تتواقحين عليه كثيرا "

قلت بضيق " هل أرى الخطأ أمامي واسكت ؟ هل يرضيك ما فعل بابنة

شقيقك ؟ لما لا يشعر بها أحد ؟ وها هي غضبت مني أيضا ولا تجيب

على اتصالاتي مهما حاولت والسبب ابنك وأفكاره "

قالت مغادرة الغرفة " عجزت معك ومعه ومع الثالثة التي

تريد رفض خيرة أبناء عمها "

تأففت ووقفت وتوجهت للخزانة وأخرجت ما أراه مناسبا جدا لتنقلاه له

فمؤكد كما يأتيان لتصرعاني بما يحب ويكره تذهبان وتخبرانه بكل شيء

حدث هنا وعليه أن يعلم أني لن أكون كما يتخيل لا وضيفة لي سوا إنجاب
الأبناء وطهي الأكلات الشعبية حتى عمل بشهادتي لن أحلم به , جهزت

نفسي كما أريد وكنت أحب طبعا ونزلت لهم ما أن علمت بوصولهما ولم

تفتني نظرة الاستغراب وبعض الصدمة في عينيهما لمظهري ولا نظرة

الغضب في عيني والدتي لكني تجاهلت كل ذلك وانضممت لهم وتحدثنا

وتسامرنا سدين التي يعرفوها سابقا مع مظهرها الذي كانت لا تريه لهم

نزولا عند رغبة والدتي لكن هذا لم يعد يجدي فوحدي من ستعيش معه لا

والدتي ولا غيرها وعليه أن يتنازل قليلا إن كان يريد أن أتنازل أيضا فلو

أخبرني من البداية أنه مجبر علي لما وافقت عليه وعليه هوا أن يجد حلا

لنفسه الآن أو وجدته أنا فتجربة ترجمان علمتني الكثير فلا أتخيل أن

أصبح ضحية لأفكاره ومخططاته مثلما حدث معها ليغيرني كيف يريد






*~~***~~*







مسحت بيدي برفق على طرف وجهها أنظر لملامحها الجميلة بحزن

فقال الواقف خلفي " يبدوا علينا نقلها للمستشفى "

أمسكت يدها بين كفاي وقلت " لا يا قصي الطبيب قال أنها بخير وأنها

متعبة ومنهارة فقط وتعد نائمة وستفيق في أي وقت "

قال بشيء من الضيق " كله بسبب زوجها ذاك , كيف يضعها في كل

هذا وكيف يقحمها في انتقام بينهما حتى دمر نفسيتها بالكامل "

قبضت على يدها وقلت بدمعة محبوسة " المهم أن ابنتي عادت لي أخيرا

لتراها عيني ولو يوما في عمري , وأننا تخلصنا من ذاك الكابوس

المسمى علي رضوان الذي عشنا في رعب منه كل سنين حياتنا "

قال من بين أسنانه " كم تمنيت لو كنت أنا من أطلق تلك الرصاصتين

بدلا من ذاك لكنت أصبتهما في قلبه مباشرة بدلا من تركه على

قيد الحياة "

تركت يدها ومسحت عيناي وقلت " وما فعلوا له ؟ "

قال بسخرية " خرجوا به من هنا طبعا وعلى الفور وهوا في بلاده

هناك من صباح اليوم وما أن يشفى سيحاكم هوا ومن أمسكوا بهم معه "

تنهدت وقلت " وأخيرا يا قصي بعد كل هذه السنوات تحررنا من محاصرته

لنا هنا وسنرجع لبلادنا على الأقل فكم عشت في رعب من كشفه لحقيقتك

وحقيقة مهنتك السرية فسنرجع أخيرا بلا خوف من تهديداته "

قال من بين أسنانه " ولأستعيد هويتي وقسما أن أسعى خلف مشنقته

ولن يرضيني فيه السجن فقط ولا مدى الحياة "

تحركت حينها شفتيها الجافة المتشققة التي لم أنجح في ترطيبها بالماء

مهما فعلت وحاولت وقالت بهمس مرتجف " أواس "

فنزلت دمعتي ومسحتها فورا وقلت بعبرة وقد عدت لإمساك يدها

مجددا " أين هوا ؟ لما لا يأتي لها وهي لا تتوقف عن ذكره "

قال ببرود " لا أعلم وما شأني أنا به , فما أن اطمئن أنها

بخير غادر ولم يظهر مجددا "

قلت بهدوء " لا تنسى أنه من سعى لإعادتها لنا وساعد في رؤيتي

لها من جديد ومؤكد لديه أشغاله التي ذهب لإنهائها "

قال بسخرية " لا شيء يشغله عنها وهي بهذه الحالة ولعلمك فهوا

سافر فجرا وعاد هناك وتركها هنا تناديه في الفراغ "

رفعتُ يدها لحضني ثم قبلتها وقلت بهمس مبحوح

" حمدا لله الذي أعادك لي يا دُرر "








*~~***~~*









دفعت باب المنزل الخارجي بيدي ودخلت الحديقة الخالية الكئيبة وسحبتني

خطواتي نحو المنزل الذي عاد مهجورا من جديد بعدما خلّف أكواما من

الذكريات المؤلمة ككل مرة فقد تركته أول مرة من عشرين عام بعدما فقدت

فيه والدتي واختُطفت منه دُرر وغادرته بذكريات سيئة بشتى أنواعها منها

الضرب والتعذيب ومنها خسراني لمن أحب وأسوئها ذكرياتي معهما التي

كنت موقنا أنها لن تعود وأصبح بعدها هذا المنزل مهجورا لسنوات قبل أن

أفتحه مجددا وتذب فيه الحياة من جديد وبدأت بجمع من تبقى لي فيه عمتي

ثم حبيبتي لكن مع وجود ذاك الوحش ما كان سيكون ذلك كما أريد وها أنا

أخرج منه بخسائر جديدة وفقد جديد وأخير والسبب ذاته في كل مرة وهوا

علي رضوان القاضي رجل القانون من حمل كفتي الميزان يوما ليقيم العدل

فكان أسوء رجل عرفه القانون بأكمله , ورغم أني حققت ما صبوت له كل

حياتي وكنت أنا وراء القبض عليه وبنفسي فقد خسرت مثله تماما وأكثر منه

ومكسبي الوحيد أنه انتهى معي ولم أتركه يشمت بتدميري فهوا الآن مُدمر مثلي

فتحت باب المنزل ودخلت متجنبا النظر لتفاصيله طاردا لذكرياتي فيه مع جميع

من مروا بي هنا كل حياتي لتأخذني قدماي فورا لغرفتنا في الأعلى , فتحت الباب

لتستقبلني رائحة عطرها فرغم الأميال التي تفصلنا الآن بقيتِ هنا يا دُره .. بقيتِ

مكانك .. بقيتِ حيث بقيت والدتي قبلك , وفي أي أرض وأي بلاد ستكونين قريبة

لأنك سترحلين معي في قلبي وكم أخشى من أني حين سأترك هذه الحياة سأكتشف

أني أخذتك معي هناك وسيرافقني طيفك حتى لقبري , توجهت للخزانة فورا فتحتها

وبدأت بجمع أغراضها وثيابها وكل ما وقع عليه نظري محتضنا جسدها يوما , جميع

الأشياء التي تحمل رائحتها أُخرجهم وأدسهم في حضني حتى جمعتهم جميعهم ولم

يتبقى إلا ما لم تلبسه سابقا ثم خرجت بهم من هناك وغادرت المنزل وتوجهت لمنفى

ذكرياتي للمكان الذي حوا كل ما يعني اسم أواس , حيث ذاك الفتى الصغير المحطم

حيث والدتي وحيث ستكون دُرر الآن لأنها معهم ومثلهم تماما أصبحت شيء من

الماضي لا يمكنني استعادته ولا امتلاكه ولا الرجوع له , تماما كما مات أواس ذاك

الفتى وماتت والدته ولن يرجعوا أبدا فها قد ماتت دُرر من عالمه أيضا ولن تعود

دخلت الملحق ورتبت أغراضها في الخزانة مخلوعة الأبواب الموجودة فيه عكس

أغراضي وأغراض والدتي المبعثرة أرضا , أرتبها ببطء وشوق وكأني أضع بينها

أحلامي وأماني تلك بحياة سعيدة معها , جميع ما حلمت به وتمنيته ها أنا أطويه الآن

مع طيي لثيابها , منزل وأولاد وضحكاتها وحضنها الدافئ ونظرتها الحنونة التي

أعشق وتكفيني وحدها من الحياة , كل شيء تبخر كل شيء أصبح محالا وأبعد من

المحال , رتبتها جميعها هناك ووضعت معها آخر أحلامي ثم توجهت للجدار المعلق

به ذاك الحبل وفككته منه فلم يعد لوجوده من داعي بعدما انتقمت ممن علّقه هنا

جلست بعدها على الأرض مستندا عليه بظهري ورأسي ناظرا للسقف وأغمضت

عيناي ببطء فها قد وصلت وحيدا يا أواس كما كنت وكما أخبرك ذاك الحلم فأنت

لم تُخلق إلا لتكون هكذا ظل رجل وبقايا إنسان عليه أن يعيش وحيدا وبعيدا عن

الجميع وكما قال ذاك المتوحش وأنا اثبت الأصفاد على يديه بصوته الكريه ذاك

( افعل الآن ما شئت فالمهم أننا كلانا خسرناها وكلانا خسرنا الحياة )

ورغم تجاهلي حينها لجملته تلك فأنا أعترف بأنها حقيقة وواقع لا يمكنني

نكرانه ولا تجاهله









*~~***~~*










رفعت هاتفي وأجبت عليها فوصلني صوتها الباكي قائلة

" أمي خذيني معك أرجوك لم أعد أحتمل هذه الحياة "

قلت بضيق " غدير وما في حيلتي أفعله أنتي تعلمي أن أواس لن

يوافق وهوا مسافر الآن والخطأ كان خطأك من البداية "

قالت بذات بكائها " أعلم ولن أكررها مجددا , أقسم أنه كان مخطط جمانة

ووالدتها هما من أدخلتا الفكرة لرأسي بأنه لديه المال وأني في منزله وهوا

وزوجته ليسا على وفاق وأنتي مقربة له وأخبراني ما أفعل وما ألبس حين

أكون هناك وعندما وقعت الأمور الآن على رأسي أصبحتا تبحثان عن

طريقة أخرى للتخلص مني "

انقبض قلبي حزنا على ابنتي الوحيدة عديمة الحيلة كوالدتها

وقلت بحزن " وأين والدك عنهما ؟ "

قالت بعبرة " لن يصدقني مهما قلت فأنتي تعرفيه جيدا , خذيني

معك أمي أرجوك فزوجة والدي ستتكفل بموافقته ولن يعترض

على ذهابي معك "

مسحت دمعتي وتنهدت بحزن وحيرة فلأعلم أنا أين سأرسى أولاً فغياب أواس

قد طال ولم يتصل بي والله أعلم يرجع حيا أم لا , قالت بحزن " خذيني معك

أمي أرجوك وأقسم أن ما حدث لن يتكرر , لا أريد البقاء هنا ولا الذهاب

لمنزل خالي سالم فزوجته وأبنائه أسوء من والدي وزوجته وابنتهم "

تنهدت وقلت " أخبرتك أنه مسافر وما أن يرجع سأتحدث معه وسأعمل

جهدي وسأطلب من زوجته أن تقنعه فهي ستنجح أكثر مني "

قالت من فورها " حاولي يا أمي أرجوك "

أنهيت المكالمة معها ومسحت بقايا دموعي من خداي , مصيرك يبدوا

كمصير والدتك يا ابنتي , عشت حياتي في بؤس منذ صغري وبعدما تزوجت

رأيت الأمرّين من زوجي وعشت معه عشر سنين لا يعلمهن إلا الله وبعد طلاقي

منه ذهبت لمنزل شقيقي سالم الذي رأيت المرّ من زوجته حتى خرج ابنه أواس

كالنور في الليلة السوداء المظلمة وانتشلني من تلك الحياة البائسة وكل مخاوفي

أن أرجع لشقيقي مجددا وتستمر معاناتي ومعاناة ابنتي وحياتي التي لم أعرف

فيها حنان الرجل ولم أسمع فيها الكلمة الطيبة ولا ابتسامة من شفتين محبة

لم أعرف إلا رجالا قساة عابسين ولم أسمع إلا الإهانات والتهميش









*~~***~~*









نظرت للجالس أمامي مطرقا برأسه للأسفل ثم لوالدتي فهذا حال إياس منذ

غادرت ترجمان مع خالي رِفعت فقد تغيّب عن المزرعة يوما كاملا لا نعلم

أين ذهب فيه وعاد بعدها ومزاجه هكذا سيء للغاية فهل سيكون خسرها بذات

الطريقة التي جعلها بها تحبه ؟ كانت خطته ناجحة جدا لكن مع شخصية مثل

ترجمان فإن العواقب من الطبيعي أن تكون وخيمة وما كان عليه أن يتخيل أنها

ستركض لحضنه فرحة بأنه لم يتزوج عليها وأن تترجم كل ما فعل بأنه يحبها

ويريدها أن تشعر بمشاعر توازي مشاعره نحوها فهذا كان سيصدر من شخصية

تشبهني أو تشبه حتى سدين أما ترجمان فالمستحيل بعينه , ووقوف خالي رِفعت

معها هذه المرة زاد الأمر سوءا فلو تركها هنا لوجد إياس طريقة للتفاهم معها

مهما احتدت خلافتهما ومهما صرخت واعترضت فقربها منه سيوفر له فرص

أكثر لتغيير رأيها وهذا كان مخططه وخالي باغته بقراره ولم يحتمل رؤية دموع

ابنة شقيقه التي ما توقع أحد أن يراها يوما , فهذه هي المرأة مهما كانت قوية فهي

حمقاء وضعيفة عندما تحب عكس الرجل الذي فُطر على كبت مشاعره مهما

تعاظمت , قلت بهدوء " ماذا حدث بشأن عملك اليوم لم أراك ذهبت "

رفع نظره بي وقال " هل لهذا أحضرتماني هنا ؟ "

نظرت له بحيرة ثم لوالدتي التي نظرت لي نظرة أفهمها جيدا فتنهدت بأسى

منها ومن إصرارها وقالت هي حينها " عمك تحدث مع رغد يريد خطبتها لبسام

بما أن عدتها انتهت وابنتها لن يأخذوها منها وطبعا قبل أن تتغير قراراتهم فجميعنا

نعلم أن خالد من يمسكهم عنا وإن لقي مصير شقيقه وجدنا أنفسنا في مشاكل

جديدة معهم وبزواجها وتنازلهم عنها ستنتهي كل تلك المشاكل للأبد "

نظر لي حينها بصمت فأرخيت نظري حين تذكرت كل ما قال سابقا عندما

أعادني لمنزلنا رغما عن أنف مصطفى وهذا ما قرأته في عينيه الآن

فقلت بشبه همس " الذي تريده سأفعله يا إياس وإن كان القفز في النار "

قال حينها بهدوء " وعمي تحدث معك يومها بهذا الخصوص ؟؟ "

أخفضت رأسي أكثر وقلت " نعم وقال يريد رأيي قبل أن يتحدث معك "

قال من فوره " وما رأيك أنتي ؟ "

جاهدت دموعي كي لا تسقط وقلت ببحة " لا أريد أن يأخذوا مني ابنتي

هذا فقط ما أفكر فيه والباقي لا يهم عندي ولا أريد نموذجا آخر عن

مصطفى وكل ما تقرره سأفعله "

وقف حينها وقال " إذا سأتحدث مع خالد كما وعدته لأخذ رأيه أيضا "

ثم غادر من فوره بعدما وضع النقاط على الحروف وبات رأيه واضحا لنا

وهوا موافقته التامة على بسام دون حتى أن يسأل أو يستفسر عن أي شيء

نزلت دمعتي ومسحتها سريعا فقالت والدتي بهدوء " ليس جميع الرجال

متشابهين يا رغد وبسام نعرفه من صغره لا يقارن بمصطفى أبدا

ولن يظلمك أنتي ولا ابنتك "

وقفت حينها في صمت وغادرت من هناك لغرفتي وأمسكت هاتفي أمسح

دموعي لتتوقف عن الجريان أكثر لأتصل بعمي الذي ماطلته طويلا وأعطيه

موافقتي واضعة مصيري بين يدي ابنه وكل مخاوفي من أن نعود للمحاكم

مجددا لأنتزع طلاقي منه , على الأقل عمي هناك ووعدني أنه سيكون معي

عليه فهوا يعلم أني إنسانة هادئة وخجولة حقي مهضوم دائما ومنذ صغري

وهذه المرة لن أسكت وسألجأ له ولإياس في أي شيء وأكون مطلقة ولا

أن أتحمل المهانة والضرب كالسابق ولنرى يا بسام ما سبب تمسكك

بي وأنا سبق ورفضتك وتزوجت غيرك








*~~***~~*










تعالت ضحكات الجميع لما يعرض على هذا المسرح الروماني لأشخاص

بلباسهم وأدواتهم وقد نجحوا في إضحاكي فعلا , ففترة بقائي هنا خلال هذين

اليومين عشت عالما مختلفا وكأن الزمن عاد بي للوراء ولولا أن الجالسين

حولي من الحاضر لضننت أني عدت لتلك الحقبة بالفعل , وأكثر ما يضحك

في هؤلاء الممثلين تعثرهم بهذه الثياب وسقوطها وعدم معرفتهم باستخدام

الأسلحة , نظرت للجالس بجانبي يتابع ما يجري مبتسما ثم عدت بنظري لهم

كم هوا شخصية مختلفة بل ورائعة لتعيش امرأة معه فلما حرم إحدى النساء

من رجل مثله لم يعد لهم وجود إلا نادرا ؟ علت التصفيقات والممثلين يحيون

الجمهور معلنين عن نهاية المسرحية وقال عمي رِفعت " الآن سيبدأ عرض

حقيقي للمبارزات قديما وصراع الثيران والأسود هل تريدين مشاهدته

أم نعود للفندق "

نظرت له وقلت بحماس " حقا يعرضون هذا أيضا ؟ "

ضحك وقال " نعم لكن ليس هنا "

قلت بذات حماسي " أجل فمسارح القتال لديهم مخصصة لذلك

وليست كهذه "

وقف وقال " ظننتك ستخافين كأغلب النساء ؟ فهيا فالعرض

مشوق وحقيقي أيضا "

وقفت من فوري ولحقته أسأله عن هوية من يُقدِمون على هذا ولا يخافون

وعلمت أن في الأمر مغريات مالية وأغلب من يفعلها ليسوا عرب وهم حقا

أغبياء ففي تلك الحقبة كان الرجال يتمتعون بالقوة البدنية ويبنون أجسادهم من

الصغر على القتال فما يدفع هؤلاء لفعل أمور شاقة هكذا ويواجهون أسدا

شرسا أو ثورا هائجا , وصلنا هناك مبهورة من المبنى ومن إتقانهم في بنائه

حيث كان دائريا وله أبواب عديدة تحيط به تليها سلالم توصلك للمقاعد الحجرية

التي تطل على الساحة الرملية الدائرية المحاطة بالمدرجات من جميع جوانبها

جلسنا هناك حيث انتشر في باقي المدرجات رجل كثر ونساء بلباس كلباسهم

ذاك الوقت والتيجان التي تأخذ شكل غصن الشجر على رءوس البعض ومنهم

من يمسك أغصانا للزيتون أو سعف نخيل يلوحون بها وما هي إلا لحظات

وأعلنوا عن بداية الجولة وفتحت الأبواب في الأسفل ودخل من أحدها رجل

نحيل شديد النحول فنظرت له باستغراب بل وصدمة فما في هذا الرجل ينفع

للقتال , ودخل من الباب الآخر رجل بدين بالكاد يمشي فتعالت الضحكات

ونظرتُ حينها لعمي بنصف عين فضحك وقال " من عقلك صدقتِ أنه

هناك من سيضحي بحياته لمنازلة أسد أو مبارزة شخص حتى الموت "

قلت ببرود " المشكلة أني صدقتك وفي القادم لن أصدق منك شيئا "

ضحك مجددا وقال " نتابع أم تريدين الخروج "

قلت مبتسمة " بل نتابع إلا إن أردت أنت أن نذهب "

قال مبدلا لي الابتسامة " لا بأس كنت فقط أريد أن أريك شيئا

عند الشاطئ لكن سنتركه للغد "

وقفت وقلت " هيا إذا فمن قال أنه سنبقى لغد "

نظر لي مستغربا فسحبته من يده قائلة " قد يجدّ أي أمر ونغادر

وأنا أريد أن أرى كل شيء هنا "

وقف حينها وغادرنا ذاك المسرح وخرجنا للرمال حيث الأمواج وانعكاس

ضوء الشمس عليها ينسيك حتى البرد وأنك في فصل الشتاء فمن يصدق أنه

قد يزور البحر في هذا الوقت من العام !! سرنا مسافة حتى وصلنا لما يشبه

القلاع الصغيرة أو منصات المراقبة في حصون القلاع القديمة التي يستخدمونها

لمراقبة قدوم العدو فركضت نحوها صارخة بحماس وصعدت سلالم إحداها حتى

كنت في الأعلى أشاهد منظر البحر واليخوت والقوارب البعيدة بعض الشيء , كان

منظرا رائعا ومكانا يشرح النفس وينسيك كل شيء كما سبق وقال , نظرت جانبا

حيث الذي جلس بجواري على أحد المقاعد الحجرية الصغيرة الموجودة فيها وقلت

بحماس " عدني أن تحضرني هنا في الصيف فالبرد لم يتركني أستمتع كما أريد "

قال بضحكة " تعالي أنتي وزوجك ما شأني أنا وما موقعي من هذا ؟ "

ماتت ابتسامتي ونظرت للأفق وقلت " عمي لا تقل أنك ستجبرني

لأني لن أرضى "

قال بصوت مبتسم " ومن قال ذلك ؟ أنا أعني بملء إرادتك "

قلت مغيرة مجرى الحديث " لما لم تتزوج بعد زوجتك ؟؟

ما يعجبك في الوحدة "

لاذ بالصمت ولم يعلق فقلت " سنوات كثيرة مرت على طلاقك

لها , لو كنت تزوجت لكانوا أبنائك في عمري "

تنهد وقال " أخذت نصبي ومقتنع بوحدتي "

كنت سأتحدث فسبقني قائلا " أنهي الموضوع أو عدنا

لموضوع زوجك "

رفعت قدماي وضممت ساقاي متكئة بذقني على ركبتي أراقب

البحر وقلت " لا بالله عليك "

فضحك ضحكة صغيرة ووقف قائلا " سأذهب لأحضر شيئا

نأكله ونتناول غدائنا هنا "

وغادر بعدها تاركا إياي وحدي أهيم بنظري في ذاك الأفق البعيد لتعاودني ذكرى

ما حدث مجددا فتأففت وخبأت وجهي في ركبتاي فمنذ متى كانت ترجمان هكذا ؟

لم أكن حياتي أعرف معنى أن أشرد بنظري في الفراغ أسبح في ذكريات مرت

ومضت ولم يسيطر رجل يوما على ذرة من تفكيري , شعرت بيده على كتفي

فرفعت رأسي ونظرت للبحر مجددا قلت " عمي لما أنتم الرجال لا تعرفون

الحب وتريدون انتزاعه بشراسة من المرأة لتستعبدوها "

لم يجب طبعا فقلت بحنق " أعلم دون أن تجيب لأنكم متملكون وأنانيون "

تحركت يده ماسحة على ظهري وخرج صوته قائلا " بل نحب بتملك وأنانية "

فوقفت من فوري والتفت لصاحب الصوت الذي لم يكن من ظننت بل ...

قلت بضيق " ماذا تفعل هنا وماذا تريد مني ؟ "

توجه بخطواته نحو حافة المنصة وقال ناظرا للبحر " المكان هنا

جميل , خالي رِفعت رجل لا يستهان به "

ضغطت قبضة يداي بقوة ناظرة لظهره وخصلات شعره التي تحركها

الرياح البارد وقلت بضيق " هوا من أخبرك عن مكاننا أليس كذلك ؟ "

التفت لي وقال " أينما كان سيأخذك كنت سألحق بك "

قلت بذات ضيقي " لماذا ؟ "

ركز نظره وعيناه العسليتان الواسعة على عيناي وقال بهدوء

" عودي معي للمنزل "

هززت رأسي بلا بقوة فقال " عودي لنتفاهم وحدنا بعيدا

عن الناس يا ترجمان "

قلت بإصرار " لن أعود معك ولا حياة لنا معا "

بقي ينظر لي بصمت تاركا المجال لنظراتنا فقط تتحدث واقفا أمامي موليا

رياح البحر ظهره تحرك ياقة معطفه الشتوي وخصلات شعره الناعم القصير

وتتلاعب بخصلات شعري الطويل وكل واحد يرسل الكثير بنظراته الجامدة

حتى سرقنا الصمت وصوت الموج فقلت " لن أرضخ لك يوما يا إياس "

قال بابتسامة تهكم " لكنك لي ملكي وسترجعين لي "

قلت هامسة ببرود " مغرور "

ابتسم وقال برقة " وأحبك "

تراجعت للخلف خطوة وقلت بحنق " كاذب "

قال بذات ابتسامته " وتحبينني "

صرخت رامية بيدي " أصمت "

ففتح ذراعاه لي وقال " تعالي ويكفي مكابرة "

فقلت بحدة " من تضن نفسك ؟ "

رفع ذراعيه أكثر وقال " تعالي ولك ما تريدين "

كرهت حينها ذاك الشعور الذي ناداني لذاك الحضن وكرهت رؤيتي

لذاك الصدر العريض بشكل مختلف عن السابق بصورة تحكي المعنى

الحقيقي للاحتياج والبحث عن الأمان , لكني لا أحتاجه لا أريده وفي غنى

عنه فلطالما كنت نفسي ولم أحتج لأحد , قلت بجمود " لم يولد

بعد من يكسرني وأرضخ له "

أنزل ذراعيه وقال ببعض الضيق " ترجمان توقفي عن

قول الحماقات "

قلت بحنق شديد " أجل فأنا التي لا أتوقف عن فعلها "

اقترب مني حينها وأمسك ذراعاي وقال ووجهي في وجهه رافضة

أن أحني رأسي وأنزله " ما فعلتُه كان من أجلنا "

قلت بهمس " أخرج من حياتي "

قال بجمود " لا تنتظري ذلك ولا تفكري فيه "

أبعدت يداه وقلت " إذا أنا من سأفعلها "

وتابعت وأنا أنزل السلالم الدائري " وإن كان لك كرامة فطلقني "

وأكملت باقي الدرجات راكضة أشعر أن كل حرف قلته خرج بخنجر في

قلبي فإن كان يريد النطق بها فلا أريد سماعها من شفتيه , وصلت للأسفل

وخرجت وكان عمي واقفا هناك وفي يده أكياس طعام فاجتزته راكضة

وقائلة بضيق " أخرجني من هنا فورا وخذني لمنزل شقيقتي "

وتابعت ركضي ووجهتي مبنى الفندق








*~~***~~*









راقبتها باستغراب وهي تركض مبتعدة بخطواتها فوق الرمال ثم توجهت

بنظري للذي نزل من البرج الحجري فقلت ما أن رأيته " ما جاء بك ؟ "

وقف أمامي يديه في جيوب معطفه وقال ببرود

" زوجتي ما جاء بي طبعا "

قلت بضيق " ألم أخبرك أن تتركها وكنت سأتحدث معها

ولكن ليس الآن وليس وقته يا إياس "

قال بضيق مماثل " خطأك يا خالي إخراجك لها من منزلي , لو

تركتها لكنت حللت الأمر بسرعة "

قلت بحدة " نعم منك أتعلم الصواب من الخطأ "

قال بذات ضيقه " لما تفهم كلامي دائما على أنه إهانة لك "

قلت بجدية " وقفت معك ضدها كثيرا وصدّقت أنك تحبها وكل كلامك

ذاك سابقا والآن أثبت لها بنفسك ذلك واجعلها ترضى عنك "

ثم تابعت بجمود " وأحذرك فترجمان ليست من النوع الذي تعرف من

النساء ورضاها عنك لن يكون بالأمر السهل حتى إن سجنتها في

غرفة معك وليس في منزل "

ثم تركته وغادرت حيث ذهبت تلك هاربة وما سيخلصني منها الآن

فمؤكد تضن أني من أخبره عن مكانها وأن كل شيء حدث باتفاق بيننا

فما أتعسك من بشر إن وجدت نفسك بين حبيبين متخاصمين فستكون أنت

المتهم في كل شيء وممسحة لأخطائهم , وصلت الفندق ودخلت غرفتها

فكانت تجمع ثيابها وأغراضها فقلت " لما تتركيه يفسد رحلتنا تجاهليه تماما "

رمت الثياب في الحقيبة وقالت بحنق " أنا غاضبة منك أنت أيضا مثله

وأكثر منه فلا تتحدث معي "

قلت بضيق " ترجان احترميني "

فهذا طبعي أكون سمحا في كل شيء إلا إن قلل مَن أمامي مِن احترامي

قد يكون عيبي الوحيد لكن هذا الأمر يضايقني حقا وأكره أن يعتقد من يقترب

مني أني متهاون في كل شيء , نظرت لي بعينيها التي بدأ يشوبها الاحمرار

وأعلم تماما لما فهي الآن تمسك دموعها فلازالت هذه الطفلة الشرسة مجروحة

منه وتشعر بالإهانة وترفض الرضوخ والبكاء , قلت مغادرا الغرفة

" سنغادر إذاً ولا تحلمي أن أجلبك هنا مجددا "

وغادرنا بعد قليل ولم أرى إياس ولست أعلم بقي هنا أم غادر قبلنا وكانت

الجالسة بجواري صامتة طوال الطريق وتفرك يداها بقوة وغيظ وكأنها

تفرغ شيئا من انفعالها بهما فتنهدت وتابعت قيادتي في صمت فأمامنا وقت

طويل حتى نصل ورفيقتي يبدوا ستقضيه في الصمت , شغلت حينها المذياع

وبدأت أدندن مع أنغامه وأصابعي تتراقص على المقود الممسك له فمن قال

أننا رجال الشرطة والجيش بلا قلوب ولا نستمتع ببهجة الحياة !! بلى نحن

أكثر من يحتاج ذلك ويستمتع به








*~~***~~*










فتحت عيناي ببطء أشعر بضبابية تغشوهما وأشعر وكأن ثمة من يكبل

يداي وساقاي وعاجزة عن تحريكهما سوا حركة بسيطة لأطراف أصابعي

حاولت أن أجول بنظري في السقف فوقي وقد لاح لي خيال ما بقربي لا

أتبينه جيدا فقلت بكلمات مخنوقة بالكاد استطعت إخراجها " مااء "

فشعرت فورا بيد رفعت رأسي وبشيء لامس حافة شفتاي واندفع ماء بارد

شعرت وكأني لأول مرة في حياتي أشربه , كان طعمه مختلفا عن كل الماء

الذي شربته فما أروع الماء على العطش الشديد , أعادت تلك اليد رأسي

للأسفل وابتعد واختفى عن ناظري , رفعت يدي ببطء ومسحت عيناي

ويبدوا أن جرعة الماء تلك أعادت لي شيئا مما فقدته من وعيي وتلاشت

الضبابية عن عيناي قليلا وانفتح الباب حينها ودخل جسد لرجل فقلت من

فوري هامسة ولم أرفع عيناي لملامحه " أواس "

لتقف جميع حواسي وتسمرت عيناي حين وقع بصري على ملامحه , ذاك

الشاب صاحب العينين الخضراء الذي رافقني في رحلتي لكن ما يفعل هنا بل

أنا ما الذي أفعله في هذه الغرفة التي لا أعرفها ؟؟ دخل من الباب شخص آخر

بل امرأة وقالت مبتسمة " هل رأيت استعادت وعيها كما أخبرتك "

ثم اقتربت مني وجلست على طرف السرير وقالت ماسحة على شعري

" دُرر هل أنتي بخير هل تشعرين بشيء ما ؟ هل نستدعي الطبيب "

جلست حينها بمساعدتها دون أن أجيب على سيل أسألتها القلقة ثم مددت

يدي لحجابي الموضوع على الطاولة بجانبي فهرعت لمساعدتي على

ارتدائه ودخلت حينها امرأة أخرى دفعت الشاب قليلا لتعبر قائلة

بابتسامة واسعة " ابتعد بني دعني أراها وأسلم عليها "

ثم اقتربت مني وأمسكت ذرعاي وقبلت خدي قائلة بسعادة

" حمدا لله على سلامتك يا دُرر , كم سعدنا بعودتك "

نظرت لهم باستغراب واحدا واحدا ثم قلت بشبه همس

" أين أنا ومن أنتم ؟؟ "

أمسكت تلك المرأة صاحبة النظرة الحنونة الحزينة بكفي وقالت

" أنا من حرمني جدك منك لسنوات طوال منذ كنتِ في الثالثة من

عمرك وأضاعك وحرمني حتى من البحث عنك "

ازدادت نظرتي صدمة وحيرة وقلبي بدأ يقرع بقوة وعقلي يحاول

ترجمة كل هذا , نزلت دموعها ترافق ابتسامتها الحزينة فملأت

دموعي عيناي فورا وقلت بهمس مصدوم " أمي "!!

ضمتني لحضنها بسرعة وقالت ببكاء " يا قلب أمك يا قطعة منها

فقدتك لسنوات , ما أسعدني بهذه الكلمة من شفتيك يا ابنتي "

انهرت حينها باكية وقد عجزت حتى عن تحريك يداي المرميتان بجانبي

لأبادلها هذا العناق وهي تضمني لصدها بقوة , أمي وحضن الأم ورائحة

الأم وحنانها وصوتها أشياء لا يمكن وصفها ولا تعويضها , آه كم فقدتك

يا أمي كم نمت أحتاجك وكم استيقظت أشتاق لك لأنك كنتِ طيف بعض

أحلامي ورأيت وجهك في منامي بجميع وجوه النساء إلا هذا الوجه لم

أراه , ضمتني لصدرها بقوة أكبر قائلة " يكفي بكاء يا صغيرتي فأنتي

ما تزالين متعبة ولا أريد أن أخسرك بعدما وجدتك "

لكن بكائي لم يتوقف ولم يخف أبدا بل ورفعت يداي أخيرا وتعلقت

بثيابها بقوة وكأني أخشى أن تكون خيال ووهم ويختفي وأجد نفسي

في العراء وحيدة وبسبب الجوع والعطش أتخيل وأتوهم كل ما يحدث

الآن , جلست المرأة الأخرى بجنبها ومسحت على ظهري قائلة

" حمدا لله الذي قرّ عين والدتك برؤيتك فدمعتها لم تنشف لسنوات

منذ أخذك منها ذاك الطاغية المتجبر وحرمها حتى من العيش هناك

ورؤيتك ولو من بعيد وازداد حزنها وبكائها بعد اختطافك "

ابتعدت عن حضنها ومسحت دموعها ثم قبلت يديها وقلت بعبرة

" ما أسعدني بلقائك , ظننت أني لن أراك أبدا وأنك ميتة "

قبلت يداي المحتضنة ليديها ثم ضمتني لحظنها مجددا وقالت بحزن

" حرمني منك حرمه الله من حياته , وأشاع خبر موتي هناك كي لا يبحث

عني أحد , ومن سيبحث عني ووالدك مات بعد ولادتك وقد هربت هنا مع

جدتك وخالتك فوجدنا جدك بعد ثلاث سنين وأخذك من حضني وهددنا

وسجننا في هذه البلاد وحاربنا كل هذه السنوات لنبقى مختبئين في

مكاننا كالأرانب في جحورها "

تعلقت بحضنها مجددا وقلت ببكاء " أذاه طال الجميع كسر الكثير من

القلوب وأبكى العديد من الأعين , هذا ليس ببشر أبدا وكان سيحرمني

من رؤيتك باقي حياتي ومن معرفة أنك على قيد الحياة "

أبعدتني عن حضنها قائلة " أمسكوا به وسينال جزاء أفعاله "

ثم أمسكتْ كتف الجالسة بجوارها وقالت " وهذه خالتك راحيل "

حضنتها مبتسمة بحزن وقالت وهي تطبطب على ظهري

" ظننت أني سأبقى في طرف الصورة "

ثم ابتعدت عني ونظرت للواقف هناك في صمت وقالت

" قصي اذهب وأحضر جدتك بسرعة فستغضب منا "

قلت من فوري " هل هي جدتي ؟ "

فيبدوا هذا ابنها من أعينهم الخضراء ويبدوا أني أخذت هذا اللون من

عائلة والدتي وإن كانت جدته فهي جدتي التي قالت أنها هربت معها

إلى هنا , غادر حينها قائلا ببرود " نعم فهذه حصتي من كل هذا "
نظرت لهما باستغراب فقالت خالتي مبتسمة " يبدوا غضب

لأننا لم نعرفك به وتركناه للأخير "

قلت باستغراب " أليس ابنك ؟ "

هزت رأسها بلا وقالت والدتي " بلى ابنها للأربع وعشرين سنة

مضت ومن الآن لن يكون إلا ابن والدته وشقيق ابنتي بعدما

اختفى جده من حياتنا "

زحفت حينها من السرير صارخة " قصي "

وغادرته بخطوات مترنحة أستند بكل ما أمر به في طريقي في هذه

الشقة الصغيرة حتى وصلت عند الواقف أمام الباب ينوي الخروج

وارتميت في حضنه سريعا لتطوقني ذراعاه القويتان وقال بصوت

مبتسم " تذكروا أن يعرفوا عني أخيرا "

دسست وجهي في صدره أبكي وأشهق بكلمات لم يفهمها بالتأكيد فما هذا

اليوم الرائع الذي جلب لي كل هذا .. أُم وشقيق وخالة وجدة .. أي عائلة يا

دُرر !! لك عائلة ولستِ وحيدة كما ضننتِ كل هذه السنوات , لك أهل

وليس جدك المجرم ذاك فقط , قبّل رأسي وقال بصوته الجهوري

" يكفي بكاء يا شقيقة قصي فها قد أضافوا على عنقه امرأة أخرى "

سمعت ضحكات من خلفي فابتعدت عن حضنه وقالت خالتي

" أنكر أنك كنت تبحث عنها سرا وأنه جن جنونك حين علمت

أنها هنا ووسيلة للقبض على جدكما "

قال بضيق " لا تقولي جدكما نحن بريئان منه "

ثم فتح باب الشقة وقال مغادرا " لأذهب لإحضار عروسي

الرابعة قبل أن تقلبها على رأسي "

وغادر مغلقا الباب خلفه على نظراتي الغير مصدقة ودموعي المتناثرة

بعده حتى شعرت بيد أمسكت كتفي وذاك الصوت الهادئ الحنون

قائلا " ادخلي لترتاحي يا دُرر "

التفت لها ومسحت دموعي وقلت " وأين أواس ؟هل أصيب هل

هوا بخير ؟ هوا زوجي وجاء معي هنا "

نظرت لخالتي ثم لي ولم تتحدث أيا منهما فقلت بريبة

" ماذا يا أمي لما لا تجيبين ؟ "

سحبتني من يدي قائلة " عودي لسريرك أولا وسنتحدث "

تبعتها بصمت وحيرة حتى أجلستني على السرير مجددا وغطت

جسدي باللحاف فقلت " ألم تروه ؟ ألم يأتي هنا ؟ "

قالت بشيء من التردد " بلى جاء وهوا من أحضرك مع قصي ووضعك

على هذا السرير بنفسه ومن بحث عنا ووجدنا وأخبرنا عنك "

قلت من فوري " وأين ذهب ؟ "

نظرت لخالتي ثم للأسفل وقالت " غادر البلاد وعاد لبلاده "

قلت بصدمة " ماذا !! غادر وتركني هنا ! كيف ؟؟ "

نظرت لي وهزت رأسها بحيرة وقالت " لا أعلم كان مع قصي

وهوا من أخبرني عن مغادرته و...... "

توقفت ولم تتابع كلامها فقلت بنظرة رجاء معلقة بعينيها

" وماذا يا أمي ؟ "

تنهدت وتوجهت لدرج طاولة التزيين وفتحت الدرج وأخرجت منه

ظرفا ورقيا واقتربت مني ومدته لي قائلة " ترك هذا وقال لي أسلمه

لك في يدك فمؤكد ستعلمين شيئا بعدما تري ما فيه "

أخذته منها بسرعة وفتحته بقلب نبضاته تقرع بجنون وكل ظنون العالم

لعبت بي فما معنى أن يذهب ويتركني مع هذا الظرف الورقي ! أن يوصلني

لعائلتي ويرحل وهوا من قال أني سأكون مستقبله إن بقي حيا وانتقم من جدي

فها هوا سلمه للعدالة ولازال على قيد الحياة , فتحت الورقة المطوية على أربع

بعدما أخرجتها منه وتركت البقية متأملة أن يكون فقط يريد تخييري لأن عائلتي

قد يكونوا رفضوا العودة للوطن , بدأت القراءة بحدقتين تائهتين ويد تمسك الورقة

برجفة خفيفة وكان فيها ( دُره حبيبة أواس وعدّتك أن لا أتركك بعدي مجهولة

المصير , وعدتك بالكثير وقد أكون وعدت بأشياء فوق طاقتي أو هكذا اكتشفت

دُره طفلتي وحبيبتي منذ رأتها عيناي أول مرة وفقدتها في حياتي أكثر من فقد

جميع عائلتها لها , كوني سعيدة هذا فقط ما أريد وهذا فقط ما يهمني , تركت

لك معرض السيارات ونصف محلاتي بيعا وشراء باسمك لتضمني وعائلتك

مستقبلكم ما أن ترجعوا للبلاد )

ملئت دموعي عيناي محاولة فقط أن لا أفسر وأحلل شيئا حتى أفهم سبب كل هذا

رغم وضوحه جيدا , مسحت عيناي بقوة وتابعت قراءة كلماته ( لم أستطع تحريرك

مني لم تطاوعني نفسي فاصبري قليلا حتى يحدث ذلك وتري مستقبلك , سامحيني

يا دُره فلا يمكننا الاستمرار معا ولا شرح أسبابي فأعدّيها كما تريدين لكن لا

تكرهيني أرجوك وكما سبق وأخبرتك لو تركتك يوما فلن أتركك

إلا من أجلك ... أحبك )

صرخت حينها بقوة " لاااااا لن يرحل ويتركني "

فأمسكت أمي بذراعاي وكانت تقول شيئا لم أفهمه من بكائي الهستيري

وصراخي فضمتني لحضنها بقوة فقلت بنحيب " كيف هذا لما تركني

ولماذا ؟؟ لا يمكنني العيش بدونه يا أمي , لما لا يفهم ذلك لما "








*~~***~~*









كنت أستمع بانتباه للواقف بجانبي يسرد متطلبات الحظائر وما يلزم القطعان

والمزرعة ونظري على الأبقار المصفوفة أمامي في الأماكن المخصصة

لها وآلات الحلب الصناعية معلقة بضروعها والعمال يتنقلون بينها فإنتاجنا

في تطور ونستعد لزيارة اللجنة من حماية البيئة والحيوان للفحص وتقديم

النتائج عن منتجنا لوزارة الصحة في عملهم السنوي وكنت سأقول شيئا

لولا أوقفني الطيف الذي وقف بجانبي لرجل بلباس أسود من معطف طويل

وبنطلون فنظرت له سريعا فلم يكن إلا آسر الذي كان نظره على الأبقار

الكثيرة المصطفة أمامنا ورفع يده أماما لأفاجئ بالمسدس الموجود فيها

ففتحت فمي بصدمة وهوا يصرخ قائلا " ابتعدوا جميعكم "

فتحرك العمال بصراخ وعشوائية وفي ظرف ثواني معدودة كان المكان خال

منهم لتنطلق الرصاصات تباعا من مسدسه تسقط الأبقار واحدة بعد الأخرى

بإصابات مباشرة في الرأس ولم أفق من صدمتي إلا وهوا يخرج مخزن

المسدس ويضع غيره وعاد لرمي الأبقار فشددت له يده وقلت صارخة

" هل جننت ؟ ماذا تفعل "

دفعني قائلا بغضب " نعم جننت والمواشي سبقتها منذ قليل وأحرقت

حقول الشعير والقمح أيضا وإن كنتِ تستطيعين شيئا فافعليه "

قلت بصراخ غاضب على صوت تغو الأبقار الهائجة بسبب ما يجري

" بلى لدي وهوا قسم الشرطة يا رجل القانون "

فاستمر فيما يفعل دون حتى أن يلتفت لي ورمى المخزن الفارغ وأخرج

ثالثا من جيبه فتحركت ووقفت بينه وبينهم رافعة ذراعاي جانبا وقلت

بحدة " أقتلني معهم إذا لما تنتقم مني بهم وتتركني "

بقي ينظر لي بصمت ومسدسه موجه لوجهي فقلت بغضب " افعلها الآن

فأنا جزء مما ورثت من تلك العائلة الجشعة محبة المال فتخلص مني "


تقدم نحوي حينها وأمسك يدي وسحبني منها بقوة لم تجدي معها لا مقاومتي ولا

صراخي ولا ضربي ليده حتى أخرجني من الحظيرة ودفعني خارجها لأسقط

أرضا وعاد هوا للداخل وأغلق بابها خلفه ولم أعد أسمع سوا صوت الطلاقات

المتلاحقة في الداخل فوقفت وتوجهت للباب أدفعه وأضربه بقدمي بقوة وأصرخ

منادية له حتى توقف صوت إطلاق النار وصوت ثغاء الأبقار وانفتح الباب حينها

وخرج وغادر مارا من أمامي وكأنه لا يراني فدخلت للداخل وشهقت بصدمة لمنظر

جثث الأبقار التي ملئت الحظيرة تسبح في دمائها ولم يبقي ولا حتى واحدة فخرجت

راكضة حتى وصلت حظيرة المواشي وكان بابها مفتوحا والعمال يقفون في الخارج

منهم من يهز رأسه بأسى ومنهم من يضرب كفيه ببعضهما فدفعت من كان أمامي

حتى وصلت الباب ووقفت أنظر بصدمة للمشهد المشابه لما رأيت منذ قليل فانهرت

على الأرض وبدأت دموعي بالسقوط , لا ... مستقبلي مستقبل شقيقتاي كله ضاع

كله اختفى ومؤكد أحرق الحقول أيضا كما قال , صرخت ببكاء أضرب الأرض

بكفاي وقد غادر جميع من كان يقف هنا فهم يعلمون أنه لم يعد لهم عمل في هذه

المزرعة ولا داعي لبقائهم ولم تبقى سوا سراب وأطلال كل ما كان هنا , كل تعبي

وجهدي وأحلامي بمستقبل مضمون لي وشقيقتاي , فقط هذا كل ما أردت فهل هوا

كثير علي ؟ ألا أستحق هذا ؟ مؤكد الآن سيطالب التّجار بأموالهم والعمال برواتبهم

التي لم يأخذوها بعد وسنضطر لبيع المصنعين والمزرعة للسداد ولن يبقى لي سوا

نصف ذاك المنزل وبعض المال في المصرف , هذا إن لم ندفعه أيضا كي لا يكون

مصيرنا السجن , وقفت بعدها وتوجهت للسيارة التي لازالت تنتظرني وركبت في

صمت موحش لا أعلم بما أصف شعوري حينها .. قهر وحسرة وغضب وأمور

لا يمكنني وصفها , قلت ما أن تحرك " عد بي للمنزل "

ولا خيار غيره أمامي وقسما لولا العائلة التي تعتمد عليه لرفعت عليه قضية

ليدفع لي حصتي أو يتعفن في السجن , رن هاتفي فأخرجته من حقيبتي وكان

مدير المصنع وقال ما أن فتحت الخط " سيدة سراب جاء شريكك منذ قليل

وسكب جميع ما في الخزانات في الأرض واغرق أرضية المصنع والمعامل

بالحليب وأشعل النار في مشتقاته التي تم أنتاجها خلال هذا الأسبوع "

أمسكت جبيني بقوة وتابع هوا قائلا " واتصل بي السيد بشير وقال أنه فعل

ذلك بالدقيق والمنتجات في مصنع المخبوزات والمطحن أيضا "

فأغلقت الخط في وجهه دون رد ورميت الهاتف جانبا واتكأت بجبيني على

ظهر الكرسي الموجود أمامي وتركت العنان لدموعي في بكاء صامت فما

أقسى ضربتك هذه لي يا آسر وما أقسى أن يواجَه الحب بأفعال لا تنم إلا

عن الكراهية , وصلنا المنزل وكان ثمة سيارة تخرج منه لا أعرفها ولم

أرها سابقا وقد ابتعدت في الاتجاه الآخر ولم أتبين هوية راكبها فيبدوا شخصا

واحدا , دخلنا سور المنزل ونزلت بسرعة حين رأيت الواقفة تولي ظهرها

لي وبجانبها حقيبتها وصرخت متوجهة نحوها " ترجماااان "

فالتفتت لي من فورها وضممنا بعضنا بقوة لتنطلق باقي دموعي التي لم أسكبها

بعد فها هي غادرت من جحيمها وتركت لهم حياتهم البائسة تلك وتحررت أخيرا

من قيودهم , أبعدتها عني ونظرت لوجهها وقلت بصدمة " ترجمان تبكي !! "

مسحت دموعها بقوة وعادت لمعانقتي مجددا فضممتها بقوة وقلت ببكاء

" دمرونا وابكونا لا وفقهم الله جميعهم "



المخرج : بقلم الغالية أغاني الوفاء

لففت حبالك حول قلبي واحكمت شده،، بات قلبي ملتهب بالمشاعر مهيج بالأنفعالات،، قيد الإنفجار في أي لحظة...
ياساجني تمهل ،تريث ، الرحمة أرجوك...
نهايتي باتت وشيكة ،،نهاية مقاومتي باتت تتضح ..
كرهتك ،ثم عشقتك ،ترنمت بحبك ..
الايكفي هذا لتخفف من حدة الاعيبك ،،براثن خبثك،، شباك فخك..
فلاتزيدها لكي لاتنقلب الأمور ضدك
<فالنار لاتحرق الا واطيها>

سلمت يداك



نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الخميس إن شاء الله


فيتامين سي 10-03-16 02:19 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث واﻷربعون)
 





الفصل الرابع والأربعون


المدخل : بقلم الغالية أيفا رمضان

أحبني بذكاء يا هذا فلا لي مشاعرك تشفيني ولا لي أنتقامي يريحني واناأصبحت تائهة في وسط العاصفة
ولا مجال لي تراجع قف بجانبي وساعدني في رحلتي فلا للكلام يجذبني ولا لي وردك تلفتني فأن اردت
بي قلبي فعليك الحرب في معركتي فجذبني في مواقفك فل حرب سائرة عليك قبل أن تكون لي
ولنكون حصون من جليد

سلمت يمينك

**********

أغلقت باب الغرفة وخرجت فكان واقفا مكانه وقال ما أن رآني

" هل نامت ؟ "

هززت رأسي بنعم وقلت بحزن " ككل مرة نامت من شدة تعبها من البكاء "

تنهد بضيق ولاذ بالصمت فقلت بأسى " لو كان مات لكانت صدمتها أخف

لما يفعل بها هكذا وهي تحبه ؟؟ "

قال بضيق " هكذا يفعل أغلب الرجال يرمون المرأة بعدما ينالون غرضهم

منها وهي كانت وسيلة لانتقامه ليس إلا والآن ذهب بعدما رماها علينا "

قلت بضيق مماثل " ونحن لسنا متضايقين من وجودها ويوم

عيد يوم رجعت لي ابنتي "

تأفف وقال " ومن قال أننا لا نريدها , أقسم ما كان سيهنأ لي بال وهي بعيدة

ولا نعرف مصيرها وما دخلت المخابرات السرية إلا من أجلها ومن أجل

العثور عليها وإعادتها وجاء ذاك يفتخر ببحثه عنا وإعادتها لنا لكن بعد

ماذا ؟ بعد أن دمروها وشوهوها من الداخل , أعادها حطام امرأة ليس إلا "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أصدق أن يكون تركها كرها لها بعدما قرأت

الورقة ورأيت ما فيها بنفسي فكيف يكون يكرهها ولا يريدها ويخبرها بأنه

يتركها من أجلها هي وترك لها كل تلك الأملاك لتضمن مستقبلها ومستقبلنا

معها , أخبرني كيف يكون ذلك يا قصي ؟ "

قال بضيق " تقصيت عنه وعلمت أنه منذ غادر من هنا في منزله هناك

أسبوع كامل لم يغادره ولم يفكر حتى أن يتصل بها فما معنى كل هذا

ويقول أنه لا يريد تطليقها الآن فكيف يتركها معلقة هكذا وعليه فعلها

رغما عنه لترى حياتها وتتزوج "

قلت بأسى " وهل تراها ستوافق ذلك ؟ أقسم أن يجن جنونها إن أرسل

ورقتها ففكرة أنه رحل بعيدا عنها لم تستوعبها حتى الآن "

تركني وتوجه لأريكة الصالون في وسط الشقة وجلس عليها يفرك جبينه بصمت

وضيق ووقفت أنا مكاني أراقبه بحزن , أعلم ما تشعر به يا بني فمنذ ولدتك وأنت

تعاني , من حين هربت هنا بابنتي حيث والدتي وشقيقي رحمه الله وشقيقتي راحيل

واكتشفت أني حامل وابنتي كان عمرها أشهر فقط فكتمت ذاك الحمل ولحسن حظي

ولدت ابني قبل أن يجدنا جدها فنسبنا الطفل لشقيقتي وزوجها كي لا يأتي ويأخذه مني

وحدث ما خشيت بالفعل فقد وجدنا ودُرر عمرها ثلاث سنين وانتشلها من حضني بكل

قسوة وتجبر وحرمني منها وأخذها باكية تناديني , ولا أنسى ذاك اليوم ما حييت وأنا

أسمع بكائها ومناداتها لي حتى اختفت سيارته واستل قلبي عرقا عرقا ذاك اليوم وعشنا

بعدها معاناة لا يعلمها إلا الله بسببه حين كان قاضيا هناك وبعدما أخرجوه من القضاء

وجاءنا هنا فنبذت ابني ونكرته رغما عني ليحمل اسما غير اسم والده كي لا يكون

مصيره كمصير شقيقته ويأخذه بلا رحمة , وعاش حياته كلها في ترقب وخوف على

نفسه وعلينا خاصة بعد موت خاله وتركه لنا في عنقه وبعدما اختار تلك الوظيفة

وعمل مع المخابرات الدولية السرية , وعشت حياتي في كابوس مخيف حتى في

نومي أرى جده جاء وأخذه أو قتله , اقتربت منه وهوا على حاله وجلوسه

وقلت " ماذا حدث بشأن أوراقك ؟ "

قال دون أن يرفع رأسه ولازال يفرك جبينه " كلها أيام فقط وأستعيد هويتي

لكن موضوع انتقالنا يحتاج لوقت حتى أنقل عملي وأنتي تعلمي

موضوع الاستخبارات ليس بهين "

قلت بهدوء " كما يناسبك بني "

ثم تابعت ببعض التردد " وماذا بشأن موضوع لبنى ؟ "

تنفس بضيق وقال " أمي كم مرة سنتحدث في أمرها "

كنت سأتحدث فرفع رأسه ونظر لي وقال " قلت سابقا أن تنسي أمرها "

قلت بجدية " لأنها ليست الأولى لن أنسى أمرها فكم واحدة عرضناها

عليك ورفضت وأنت لم تعد صغيرا يا قصي والفتيات العربيات هنا

محدودات والفتاة لا تعوض "

وقف وقال " لا تعجبني معقدة ولم أستلطفها "

قلت بنفاذ صبر " ما معقدة هذه ؟ هي أفضل من غيرها وأنا

أريد رؤية أبنائك "

توجه نحوي أمسك رأسي وقبله وقال " ستريهم لما الاستعجال ثم نحن

سنعود لبلادنا والخيارات ستكون أوسع لما آخذ واحدة من هنا أبعدها

عن أهلها وأحاصر نفسي بخيارات معينة "

قلت ببعض الضيق " والمعقدات هناك أكثر "

قال بعد ضحكة صغيرة " لن تفهمي ما أعني مهما شرحت فأنا لم

أقصد أطباعها ولا أفكارها بل عنيت فهمي لها "

تأففت وقلت " ما أفهمه أنك تتحجج فقط "

انفتح باب إحدى الغرف حينها وخرجت منه والدتي مستندة بعكازها

وقالت بضيق " قصي تعالى هنا وأعطني أذنك لأقرصها "

وضع يده على رأسه وقال مبتسما " نسيت يا جدتي قسما نسيت "

تقدمت نحونا بخطواتها الواهنة البطيئة وقالت ملوحة بالعكاز

" كم مرة ستنسى ها ؟ وفي كل مرة تعدني بأنك ستحظره "

وقف خلفي واضعا يداه على كتفاي وجاعلا إياي بينهما وقال بضحكة

" اليوم سأحضره أعدك فأبعدي زوجك هذا عني "

قالت بحدة وهي تحاول ضربه من ورائي " كم مرة قلت لا تنادي

هذه العصا بزوجي يا وقح "

ضحكت وقلت " أمي ضرباتك كلها في كتفي أنا . ثم لو كان زوجك

عكازا فهوا جده يعني أنه عكاز مثله "

سحب العكاز منها في حركة سريعة ثم توجه نحوها وحملها رغم صراخها

واعتراضها وهوا يعلم أنها أكثر من يكره هذه الحركة وقال وهوا يدور

بها حول نفسه " ما أن تستعيد دُرر عافيتها سأآخذكم لمكان لن تتوقعوه "

ثم أنزلها ممسكة رأسها وتشعر بالدوار طبعا وتحاول ضربه بيدها ولا تتبين

مكانه فقال مغادرا جهة باب الشقة " أقسم أن أحضره هذه المرة يا جدتي "

وفتح الباب وغادر مغلقا له خلفه ونظري يتبعه , حفظك الله يا بني تحاول أن

تزرع الابتسامة على وجوهنا وأنت أكثر من يحتاجها , وكأني أرى والده

الآن أمامي فقد كان رجلا ذو هيبة في كل شيء حتى حديثه وإن مزح وضحك

فليس لأنه يريد ذلك بل من أجل من حوله , نظرت لوالدتي وأعطيتها عكازها

وقلت ممسكة لها " تعالي اجلسي ستحتاجين لوقت لتفيقي من دوارك "

قالت بضيق " بل خذيني لأرى ابنتك بعدما غادر ذاك الكاذب المجنون "

ضحكت وقلت متوجهة بها جهة غرفة دُرر التي كانت لقصي

" من يسمعك لا يصدق أنه المفضل لديك وأنك تحبينه أكثر

حتى من ابنتيك "

تنهدت وقالت " هوا عزوتنا وسندنا في هذه الدنيا بعد الله ونحن

نسوة لا أحد لنا وهوا شاب يُعتمد عليه "

فتحت الباب ببطء وقلت بصوت منخفض " حمدا لله لم يقطع فضله

علينا كلما خسرنا رجل أعطانا غيره وحتى هذه النائمة على

سريره الآن قد يكون عوّضها به عن زوجها "





*~~***~~*







لففت حول السرير وقلت " هيا سراب تحركي لنخرج معا "

كتفت يداها لصدرها ممسكة للحاف معهما وقالت ببرود

" قلت لا أريد "

قلت بضيق " وحتى متى ستسجنين نفسك يا غبية وما ستجنيه بهذا "

قالت بضيق مماثل " أريد حلا لكل هذا وأريد أن أعلم لما فعل ذلك "

قلت من بين أسناني " غبية طوال حياتك "

نفضت اللحاف عنها ونظرت لي وقالت " أنكري أنه قلبك لا يحترق

الآن مثلي ؟ لا تكابري يا ترجمان "

قلت بحدة " فليتفحم ولا أعيش تعيسة بسبب رجل كان من يكون , أنا

لست مثلك ولن أفكر مثلك وسأقتل قلبي إن ذلني له أو لغيره وسأكمل

حياتي وكما أريد وأخرجه منها أحب أم كره وأحب قلبي ذلك أم لا "

قالت بسخرية " لا تستهيني بالأمر يا ترجمان فأنتي لم تدخلي معه في

مواجهة وحرب باردة بعد فأنا من جربت من ذلك الكثير أقسم أنه

أقسى من الموت ذاته وسحقا للبلاء المسمى حب "

كتفت يداي لصدري وقلت " جربت مرة والمهم خرجت منها على

قيد الحياة فلا عمري بيده ولا رزقي أيضا فتوقفي عن الجنون "

تأففت وقالت " ومن قال لك أني أفكر كما تضنين أنا أفكر في مستقبلنا

الذي كنت وجدت له حلا , وأريد أن أفهم سبب ما فعل وكيف سنتصرف

الآن فكل هذا من صدمتي بضياع كل تلك الأشياء منا "

قلت ببرود " أخبرتك أن تشتكي عليه لكنك لا تريدي "

قالت بحنق " كم مرة سأقولها ؟ لو كنتِ حمارا لفهمها , لا أريد

أن تخسره هذه العائلة المعتمدة عليه "

قفزت عليا حينها وبدأت بخنقي قائلة " أنا حمار يا قردة "

ضحكت وقلت باختناق " بل أنتي قردة وأنا حمار فابتعدي عني "

ودخلنا في صراع ضاحك أعادني لتلك الأيام حين كنا في منزل العجوز

بعدما تعبنا ارتمينا على السرير بجانب بعضنا نتنفس بقوة ونظرنا لسقف

الغرفة وقالت مبتسمة " كم كانت أياما رائعة يا ترجمان أيام ألماسة تلك "

ضحكت وقلت " سراب تقول هذا ! وهي أكثر من كانت تتذمر من تلك الحياة "

قالت بحزن " كان لا هم لنا ولا شيء يشغلنا ننام نضحك ونستيقظ نمزح

لا أحد يتحكم بنا لا شيء يكدر صفونا والأهم لا مال يجلب لنا الهموم "

هززت رأسي وقلت " تغيرتِ كثيرا يا سراب "

قالت بنبرة ساخرة " بل قولي تعلمت كثيرا من تجارب لم نخضها سابقا

جربت الفقر الأشد مما كنت أتذمر منه وجربت الحب مع الحزن

والبكاء والأهم جربت المال وكرهته أيضا "

تنهدت بأسى وقلت " لَم نهان في حياتنا بهذا الشكل أبدا , ومنذ عرفنا شلة

الحمقى هذه ونحن في الذل والاستصغار فهؤلاء الرجال يعرفون جيدا

كيف يكسرون المرأة مهما كانت ومهما تقوّت عليهم "

جلست ونظرت لي من فوقي وقالت " هل أعتبره اعترافا ضمني

من الصنديدة ترجمان "

جلست أيضا وقلت " لا بالطبع "

قالت بسخرية " وأين ذاك الدينجوان زوجك لم يشرفنا بطلته

البهية يبدوا سعد بفراقك "

دفعتها من كتفيها وقلت " وأنا أسعد منه بفراقه "

ثم غادرت السرير وسحبتها معي قائلة " دعينا نخرج لأي مكان

حتى متى سنبقى هنا وهكذا "

سحبت يدها مني وقالت " يبدوا أنك نسيتي تعليمات السيد آسر

أن لا أخرج إلا للضرورة "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وتخافين تهديداً من ذاك ؟ "

قالت ببرود " بل هوا يتصيد لي المشاكل وأنا لا أريد إعطاء الفرصة له "

ضحكت وقلت " معه حق كيف تعطي خاتم زواج لطفلة وهوا من أحضره "

تجاهلتني ونظرت جانبا ثم نظرت ليديها في حجرها وقالت بحزن

" كم اشتقت لدُرر أيعقل أن تنسانا هكذا ؟ "

هززت رأسي وقلت " أبدا ليست دُرر من يفعلها مؤكد مشغولة

مع عائلتها فقط "

نظرت لي وقالت " كم هي محظوظة لابد وأنها في قمة السعادة الآن

والدتها وشقيقها وقال عمك أنه لها خالة وجدة أيضا "

ثم تابعت بأسى " وأنتي لك عائلة يحبونك فوحدي المنبوذة "

قلت بسخرية " نعم يحبونني ومن كثرة حبهم لي اتفقوا مع ابنهم لجعلي

سخرية , لا أعلم لما وحدي من لم تخرج والدتي من الموت مثلكما "

قالت بحزن " يكون أفضل من أن تُفجعي فيها "

تنهدت وقلت " في النهاية لك أُم ومؤكد ستشعر يوما بخطئها "

ابتسمت بسخرية ولم تعلق فقلت ملوحة بيدي " هيا سنخرج لمشوار

ضروري إذا , المهم نفارق هذا المنزل قليلا "

قالت بضيق مغادرة السرير " أمري لله , لا أعلم لما لا تخرجي

وحدك وتتركيني وشأني "

وتوجهت للخزانة وقالت وهي تخرج ثيابا منها " أحمق لم يتركني

أتجنب أن أكون مثل هيم ولم يعطني الفرصة لأجمع المال "

نظرت لها باستغراب وقلت " من هيم هذا ؟؟ "

أخرجت بنطلونا وأغلقت الخزانة بقوة وقالت ببرود " شخص لا

تعرفيه لأنك طوال حياتك تشبهين هاو مستعدة لأي تغيير ولا

شيء يؤثر بك "

رفعت كتفاي بلامبالاة وتجاهلت كل ما سمعت وغيرت ثيابي أيضا

بعد قليل غادرنا الغرفة ونزلنا السلالم وكانت تلك الطفلة إسراء في

الأسفل وما أن رأتني حتى فرت هاربة فضحكت وقلت

" هربت مني هذه المرة "

قالت سراب ضاحكة " وكيف تريديها أن تبقى لك وأنتي

علّمتها كيف تكرهك وبجدارة "

قلت مبتسمة ونحن ننزل آخر العتبات " خدّيها مغريان كلما رأيتهما

شددتهما رغما عني , لم أرى حياتي طفلة نحيلة خديها ممتلئتان

وحمراوان هكذا "

قالت ببرود " وكسرتي لها أرجوحتها أيضا فلا تنسي "

ضحكت وقلت ونحن نتجه للباب " أردت تجربتها فقط لكنها

كانت رديئة الصنع "

تمتمت بامتعاض " رديئة الصنع !! أم حجمك لا يناسبها يا طفلة "

توجهنا للسيارة وركبنا وقدتها أنا طبعا وقالت سراب ما أن تحركنا

" ما أنا موقنة منه أنه ستمسكنا الشرطة يوما وأنتي تقودين بدون

رخصة قيادة وللسجن فورا وتوقعي من سنجد هناك "

قلت ونحن نعبر بوابة المنزل " ولمن تتركون هذه السيارة بلا سائق

انتفعوا بها أفضل , ثم لا أعلم لما أنتي خائفة من تهديداته هكذا ؟ لو

كنت مكانك لتمشيت أمام المركز الذي يعمل فيه عمدا "

قالت ببرود " نعم ليُعلق مشنقتي هناك "

قلت بلامبالاة " أنتم فقط لم تجربوا طعم التمرد والتحدي إنه لا يوصف "

تنهدت بأسى وقالت " لو أفهم فقط لما لم تتغيري أبدا بينما انقلبت أنا

رأس على عقب رغم أنك وقعتِ على قلبك وأحببته أيضا ؟ "

قلت ببرود " لا تكرري هذا مجددا "

قالت من فورها " وأنكري صحة كلامي , أنا من يعرفك أكثر

من نفسك يا ترجمان "

ضربتها بقبضتي على كتفها تم أعدت يدي للمقود وقلت

" أغلقي الموضوع أو القادمة ستكون على أنفك "

شدت لي خصلة من شعري وقالت " لا تنسي أنك الأضعف

الآن لأنك تقودين "

دفعتها عني محاولة تثبيت حركة السيارة وقلت " توقفي يا

حمقاء الآن ستمسكنا الشرطة بسببك "

وعلى شجارنا أمضينا الطريق كعادتنا في السابق فيبدوا أننا لن نتغير

حتى لو أصبحنا عجوزان وأجمل ما فينا أن مشاعرنا اتجاه بعضنا

لم يغيرها شيء والباقي للفناء فكله يمكن استبداله مهما طل الوقت

زدت السرعة وقلت صارخة " لا ينقصنا إلا دُرر "

فصرخت سراب حينها " خففي السرعة يا غبية أقسم أن

نهايتنا ستكون على يدك "








*~~***~~*








فتحت باب المنزل ودخلت وأدخلت حقيبتي معي وأول من قابلني كان

والدي فتركت الحقيبة وتوجهت نحوه وقبلت يده فقال

" حمدا لله على السلامة يا بسام "

قلت مبتسما " سلمك الله كيف هي صحتك ؟ "

هز رأسه بمعنى جيدة وقال " وكيف كانت رحلتك أنت ؟ "

مررت أصابعي في شعري وقلت " جيدة لا جديد فيها مجرد دورة

عادية ككل عام منذ عملت في الشركة "

قال مغادرا جهة باب المنزل " إذا جهز أمورك يا عريس "

تبعته بنظراتي المصدومة وكدت أقفز عليه وأحضنه فكلامه يعني أنها

وافقت وأن كل شيء حدث كما أريد ولن تكوني لغيري يا رغد , نظرت

للتي وقفت أمامي قائلة ببرود " حمدا لله على السلامة "

قبلت رأسها ثم يدها وقلت " سلمك الله , لما كل هذا العبوس ؟ "

قالت بذات برودها " تعلم لما "

تنهدت وقلت " أمي أريد أن أعلم هل تريدين سعادتي أم لا ؟ "

قالت بضيق " بلى وهل هناك أم لا تريد السعادة لأبنائها "

قلت مبتسما " وسعادتي مع رغد وإن تزوجت بغيرها سأعيش

تعيسا طوال حياتي "

كانت ستتحدث فقاطعتها برجاء " أمي بالله عليك ألم تكن تعجبك

كما شقيقتاها وهي أكثر منهما ؟ فما تغير الآن "

قالت بضيق " أنا لم أتحدث عن أخلاقهم ولا تربيتهن والجميع يشهد

لكنها رفضتك يا بسام وشقيقتها رفضت شقيقك وكأنكم لستم أبناء عمهن

وهي أرملة ومعها ابنة فما يجبرك على كل هذا وأنت شاب "

تنهدت وقلت " أمي حتى متى سأقول لك أني أريدها وإن كانت

نصف إنسانة "

شهقت بصدمة فأمسكت رأسها وقبلته مجددا وقلت " ليحفظك الله

لي يا أمي لا تكسري فرحتي أرجوك "

قالت باستسلام " وما يسكتني غير فرحتك "

قلت مبتسما " وأريد أن تفرحي بي ومعي أيضا وأن تكون رغد

لديك رغد الماضي لم تتغير فما حدث كان مقدرا من الله وكانت

ستتزوجه قبلي في كل الأحوال "

تنهدت وقالت " وما بيدي أقول غير ما أسعدها بك من امرأة

وُلدت في ليلة عيد ولا حظ يوازي حضها "

ضحكت وقلت " هذا لأني ابنك فقط "

ثم نظرت من حولي وقلت " وأين البقية ونورس أليست هنا ؟ "

قالت بهدوء " جاء زوجها وأخذها , قال أن أقارب لهم في طريقهم

لزيارتهم وكما تعلم هي عروس ويجب أن تكون معهم "


هززت رأسي بحسنا فقالت " هل أعد لك شيئا تأكله ؟ "

قبلت يدها وقلت " أكلت في الطائرة , سأصعد لأستحم وأنام

هذا فقط ما أحتاجه الآن "

صعدت بعدها لغرفتي وما أن دخلت وأغلقت الباب خلفي جلست على

السرير مخرجا هاتفي من جيبي واتصلت بإياس قبل حتى أن أفكر في أن

أنام وأرتاح ولا أن أستحم وأغير ثيابي , طلبت رقمه فأجاب سريعا وبعد

السؤال عن الحال كنت أنتظر تلميحا أو أي كلمة منه تشجعني على الحديث

لكنه تطرق لدورتي يخرج من حديث يدخل لآخر وكأنه يتعمد إحراق

أعصابي حتى قلت " ما أمور المزرعة معكم "

قال من فوره " سأبيعها قريبا وأرجع للعاصمة "

قلت بصدمة " حقا !! ما هذا القرار المفاجئ "

قال بهدوء " كنت أريد تحسين وضعها لأحصل فيها على سعر مناسب

وبعد زواج جميع شقيقاتي لا حاجة لي بكل هذا وراتبي يكفيني وزوجتي

ووالدتي ويزيد وبحصتي من المزرعة قد أبدأ مشروعا صغيرا خاصا بي "

حمحمت وقد وصلنا للنقطة الأهم فقلت " ومتى ستتخلص من شقيقاتك وتأتي "

ضحك وقال " اسأل نفسك هذا السؤال فالأخرى متزوجة "

شعرت بأني سأطير من الفرحة وكأني لم أسمعها من والدي وسمعتها

من إياس للتو فقلت " وأنا من يدك اليمين للشمال وجاهز من الآن "

ضحك وقال " مهلك قليلا فليس قبل أن تنهي منزلك فلن أزوج أي منهن

مجددا في منزل مشترك مع العائلة "

قلت بابتسامة " وهذا أمر سهل فمنزلي لم يعد ينقصه الكثير

فقط حددا لنا موعدا "

قال بهدوء " دعنا نرجع لمنزلنا هناك أولا ثم سيحدث ما تريد "








*~~***~~*









خرجت والخادمة تجر حقيبتي خلفي حتى وصلنا السيارة ووضعتها

في الخلف فركبت بجانبه ونظرت له وقلت مبتسمة " حمدا لله

على سلامتك يا أواس "

ثم سرعان ما ماتت ابتسامتي وقلت باستغراب ناظرة لملامحه

" أواس ما بك لونك مصفر وتبدوا فقدت شيئا من وزنك ؟ "

نظر للأمام حيث تحرك بسيارته خارجان من سور المنزل

وقال ببرود " لا شيء "

قلت بحيرة " كيف لا شيء ! ألم ترى وجهك في المرآة ؟ وما

حدث مع ذاك المجرم فقد سمعت في الأخبار عن إمساكهم

لخلايا نائمة في البلاد "

قال بذات بروده " أمسكناه وهوا في مستشفى سجن جنوب العاصمة "

كنت سأتحدث فقال " سوف آخذك لمنزل والدي حاليا "

قلت بصدمة " ولما !! "

قال ونظره على الطريق " لا يمكنني قول السبب الآن وسيأتي بعد

أيام رجل سيتحدث معكم عن أمر لا تعارضي فيه يا عمتي ولا

تناقشي إن كانت لي معزة عندك "

قلت بضيق " قل شيئا مفهوما يا أواس "

قال بضيق أكبر " انسي أواس يا عمتي انتهى أواس انتهى

فافعلي ما سيقول ذاك الرجل "

نظرت له بصدمة وقلت " كيف انتهى ؟؟ ماذا حدث معك

وأين ستذهب وأين هي دُرر ؟ "

قبض على المقود بقوة وقال بألم " انسي كل شيء عمتي كله

انتهى كله ماضي وأنا سأكون من ضمنه "

شعرت بغصة وكتمه في صدري ودموعي تنذر بالنزول وقلت بعبرة

مكتومة " أواس ألن أراك مجددا ! ماذا يحدث بني أخبرني أرجوك ؟ "

هز رأسه بلا دون كلام فقلت وقد تساقطت دموعي " ماذا يحدث

معك ؟ ماذا فعل بك ذاك المجرم ؟ "

قال بغضب " لا شيء لم يفعل بي شيء وانسوني أعدوا أني

ميت أني مت من أعوام لأنكم لن تروني مجددا "

بقيت أنظر له بصدمة أحاول فقط استيعاب ما قال وما يعني فوقف

بالسيارة حينها ودار بجسده نحوي ومسح دموعي ثم أمسك يدي وقبلها

وقال " سامحيني يا عمتي ما كنت سأتخلى عنك لولا ظروفي وسأؤمّن

لك مستقبلك ولن تبقي تحت رحمة والدي "

هززت رأسي بلا وقلت ببكاء " لا أريد شيئا يا أواس , أخبرني ما

بك وما حدث معك فلن أذهب لمكان لست فيه "

شد على يدي بقوة وقال " حلفتك بالله لا تعصيني هذه المرة يا

عمتي لأكون مطمئنا أرجوك "

نظرت له بحيرة وعينان دامعة ولم أعرف ما أقول فقبل يداي كل

واحدة منهما على حدا وقال " عديني يا عمتي أرجوك "

قلت بعبرة وهمس " أعدك بني فقط كن بخير "

عاد لمسح دموعي وقال " سأكون بخير أنتي فقط وافقي على

ما سيقول ذاك الرجل ويفعل ليكون بالي مرتاحا "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فعاد بجسده أماما وأمسك المقود

وقال ناظرا للبعيد " سلمي لي على والدي واطلبي منه مسامحتي "

أغلقت حينها فمي بيدي وانخرطت في بكاء مرير ونحيب فكل هذا لا

معنى له إلا شيء واحد وهوا أنه سيموت ومتأكد من مغادرته للحياة

ولا أعلم كيف ولا لما لكني متأكدة , قال ونظره لازال هناك أمامه

" عمتي يكفي بكاء أرجوك أخبرتك أني سأكون بخير "

تمسكت بذراعه ودفنت وجهي فيها وقلت ببكاء " لا يا أواس لا تفعل

بنفسك شيئا بني وزر طبيبا لا عيب أن يراك لكن لا تؤذي نفسك "

قال بنبرة متألمة " لست مجنونا عمتي ولا أحتاج طبيبا نفسيا لما

لا تفهمون ذلك , ولن أقتل نفسي لا تخافي "

وبقيت على ذاك الحال والوضع لوقت ويده تمسح على رأسي حتى

خف بكائي فقال بهدوء " يكفيك تعذيبا لي عمتي أرجوك فتوقفي

عن البكاء وانزلي لأنه عليا المغادرة لأمر ضروري "

نظرت لوجهه وقلت بحزن " اتصل بي إذا , عدني بذلك أو لن

أفعل ما طلبت مني "

هز رأسه بحسنا دون كلام ففتحت باب السيارة ونزلت وأنزلت حقيبتي

وغادر من فوره والدمعة لازالت معلقة في نهاية رموشه وعيناي غابت

معه حتى اختفي وقلبي يخبرني أنها المرة الأخيرة التي سأراه فيها وكلامه

أكبر دليل على ذلك , عدت للبكاء واقفة في الشارع وكمي ممسحة لتلك

الدموع وكل من مر من أمامي نظر لي باستغراب وأنا نظري لازال

حيث اختفت سيارته ولن تعود , انفتح باب المنزل حينها وخرج منه قيس

ونظر لي باستغراب ثم لحقيبتي وقال " عمتي من جاء بك هنا ؟ ولما

تقفين في الشارع ؟ "

مسحت دموعي التي يبدوا وحدها التي لم يلحظها أو تجاهلها طبعا

وقلت " أواس جلبني وغادر "

قال ببرود " آه رماك مدللك ذاك لذلك تبكي "

قلت بضيق " ذاك شقيقك فخذ في اعتبارك على الأقل

إخراجه لكما من السجن دائما "

قال مغادرا " لو كان شقيقنا حقا لأعطانا من محلاته , ذاك البخيل

يملك كل ذاك المال ويحتكره لنفسه فقط "

هززت رأسي بيأس منه فهذه العائلة لن تتغير أبدا حتى بخروج علي رضوان

من حياتها فوالدتهم غرست فيهم طباعها السيئة بعيدا عن تدمير ذاك المجرم

لهم خارج المنزل , حملت حقيبتي وتوجهت للباب الذي تركه مفتوحا ودخلت

وأغلقته خلفي ودخلت المنزل حيث كان شقيقي سالم يجلس يشاهد التلفاز

ووقف ما أن رآني وقال باستغراب " خديجة متى عدتما ؟ "

وضعت الحقيبة وقلت " عدنا من أين ؟ "

قال باستغراب أشد " ألم تكوني مسافرة مع أواس !! "

قلت بسرعة " آه نعم وجلبني الآن وغادر "

قال بشيء من القلق لم أراه فيه سابقا " غادر إلى أين ؟ "

قلت بريبة " لا أعلم يبدوا سيغيب لبعض الوقت "

قال " هل صحيح ما تناقلته الأخبار ؟ "

نظرت للتلفاز وقلت " أخبار ماذا ؟؟ "

تأفف وقال " أخبار تداولها الناس هنا عن زوج والدته ذاك

والخلايا النائمة واسم أواس في القضية "

هززت رأسي بنعم دون كلام فقال بريبة " ما الذي تعلميه ولا أعلمه ؟ "

جلست على أقرب كرسي وقلت بأسى " ذاك المجرم كان وراء كل ما أنت

وأبنائك فيه وهوا من ورطك في ذاك الربا المصرفي ومن ضيع أبنائك

وأواس كان يحاربه وحيدا لا أحد معه وكان يحاول كف أذاه عنكم "

قال من فوره " وأين هوا الآن ؟ "

ابتسمت بسخرية وقلت بحزن سقطت معه دمعتي " غادر ولن يعود

ولم يذكر السبب , طلب مني فقط أن أخبرك أنه يسلم عليك

وأن تسامحه "

انتفض حينها بغضب وقال صارخا ومتوجها لباب المنزل

" ماذا فعلوا لابني سيرون جميعهم "

مسحت دمعتي وهمست بألم " تأخر الوقت لتشعر بأنه ابنك يا

سالم ... تأخر الوقت كثيرا يا أخي "

رفعت نظري حينها للتي وقفت أمامي فكانت زوجته بنظرتها السيئة

تلك وقالت ويدها وسط جسدها " من تأخر عن من ؟ وما تريديه

وابن شقيقك من زوجي ؟ "

قلت بضيق " ابن شقيقي ذاك يكون ابنه وهوا والده وأنا

شقيقته إن نسيتي "

قالت مغادرة من أمامي " ومنذ عرفناك وعرفناه ونحن نعاني وها

قد رماك علينا لا زوج لك ولا منزل آخر ولن تموتي قريبا بالتأكيد "

وأغلقت باب الغرفة التي دخلتها خلفها بقوة فخبأت وجهي في يداي وسافرت

في بكاء صامت وكل هذا لا يعنيني لأني اعتدت عليه ويبدو سأعيش فيه

كل حياتي , لا يهم فليرجعوا أواس وليكن بخير لا أريد أكثر من ذلك






*~~***~~*








فتح أحدهم الباب ودخل وكانت أمي وقالت من فورها

" زوجك ينتظرك من وقت ألن تنزلي له "

تأففت وقلت " نازلة فلينتظر قليلا لن يحصل شيء "

تنهدت وقالت مغادرة " لو أعلم ما قلبك عليه فجأة "

لويت شفتاي ووقفت مغادرة خلفها فاستدارت وعادت للوقوف

أمام الباب وقالت " هل ستنزلين له هكذا ؟؟ "

قلت ببرود " نعم وما بي تغير , سدين التي تعرفونها وسيعرفها

هوا كل حياته "

كانت ستتحدث والضيق بادي على ملامحها فقلت بضيق " أمي على

زوج ابنتك الحبيب أن يعرف كل هذا قبل أن أذهب له , لن أدفع أنا ثمن

حبكم له فوحدي من ستعيش معه وتجربة ترجمان لن تتكرر معي "

قالت بحدة " وهل الآن تقولين هذا بعدما تزوجتما "

قلت مجتازة لها " الخطأ على ابنك وعليه ليس عليا أنا "

ونزلت على صوت تذمرها وتسخطها وتجاهلت كل ما تقول فعليا أن أجد

حلا لكل هذا وعليه أن يتنازل لأتنازل أما أن يظن أني سأعيش حياتي معه

على أني صورة معلقة في منزله يحركها كيف يشاء وأين يشاء وفي حدوده

هذا أمر أبعد من خياله فقد ظننت وقت الخطبة أننا سنتفاهم وأنه متقبل لي وكل

واحد منا سيتنازل من أجل الآخر لكن أن يتحداني ويغيرني كما يريد ... هكذا

تعجبينني وهذا خطأ وهذا صحيح ... لن أرضى أبدا وعليه معاملتي كشريكة

كإنسانة أو لست بحاجة له فهوا رجل لا يقاس بالذهب لدى إياس ومن وجهة

نظره كرجل أما مع المرأة فالأمر مختلف تماما , دفعت باب المجلس ودخلت

فوقف من فوره ينظر لي بجمود ويبدوا كان متوقعا مظهري هذا فبدل الخاتم

لبست ثلاثة وبدل الفصين جعلتهم سربا من طرف عيني لوسط خدي بنطلون

جينز قصير تتدلى منه سلاسل من جانبي حزامه وتيشرت بكمين قصيرين

تتوسطه صورة لفناني المفضل وشعر بقصته المدرجة مصبوغ باللون الزيتوني

ومخصل بخصلات خضراء غامقة رقيقة وهذه هي أنا قبلني كان بها لا أعجبه

يطلقني لا مانع لدي وإن عشت حياتي بعده بلا زواج , وصلت عنده ومددت

يدي له ليرى الخواتم بوضوح أكثر فنظر لها بذات ملامحه الجامدة ثم

لعيناي وقال " طلبت زوجتي وليس مهرجا "

أنزلت يدي وقلت ببرود " وزوجتك طوال حياتها مهرج ومن قبل

أن تتزوجها ورضيت بها "

قال بابتسامة ساخرة " إذاً أفهم مما تفعليه الآن فرض رأي "

كتفت يداي لصدري وقلت " بل وضع نقاط على الحروف "

قال ببرود " لن أقبل بكل هذا يا سدين اقتنعي بها بأي طريقة تعجبك "

قلت ببرود مماثل " وأنا هذا ما لدي وأريد أن أعمل بشهادتي أيضا

والتنازلات يكون لها مقابل أو لن تكون "

قال بشيء من الضيق " هذه اللعبة وحدك من سيخسر فيها يا

سدين ولا تنسي أني أنا الرجل "

قلت بضيق " ولا أنا مستعدة للعيش حياة مع رجل لازال يعيش في تفكير

أجدادي القدماء وهم يعاملون المرأة كالدابة لا وظيفة لها سوا السمع والطاعة

لا رأي لها ولا مكانة عنده لها , يقولون لها يمين تهز رأسها كالبقرة , يدفعها

من أمامه تقول حاضر لن أقف في طريقك مجددا "

قال بضيق مماثل " ولما حين جئن شقيقاتي وقلن كل هذا لم تعترضي "

قلت من فوري " ظننتك تشتري صديقك كما فعل هوا معك يوم عرض

عليك شقيقته وأنزل من نفسه , كنت أراك بعين شقيقي إياس رجل سوف

يحتويني ويفهمني ويعرف كيف يجعلني كما يريد بالكلمة الطيبة وبالتعامل

الراقي الحسن لم أتخيلك تعامل الرجال والنساء بنفس الطريقة "

قال بحدة " لا وتهينينني أيضا يا سدين وبكل جرأة "

قلت ببرود " أنت سألت وأنا أجبت وإن لم يكن لك رأي في هذا

ولن تجد له حلا فسأجده أنا "

نظر لي مطولا بصمت وكأنه يترجم معنى ما قلت ثم قال

" وما هذا الذي ستفعلينه ؟ "

قلت بجمود " سترى بنفسك بما أنك لا تريد أن تتورط مع صديقك "

ثم قلت مغادرة " وحين يسألك عن السبب لا تقله بالله عليك

وتصدمه فيك "








*~~***~~*









جلست على الكرسي ورميت مفاتيحي وهاتفي على المنضدة أمامي واتكأت

بمرفقاي على ركبتاي ومررت أصابعي في شعري مغمضا عيناي بقوة وأشعر

بألم لا يمكن وصفه ولا تخيله ألم يدمر قلبي فليت كان لدموع الرجال حرية التناثر

في كل مكان كالنساء لبكيت الآن بنحيب فيالها من نعمة يملكونها ونفتقدها نحن

حركت أصابعي في شعري بعشوائية ثم أنزلت يداي لوجهي وحضنته بهما وكلامه

لازال يرن في أذناي وكأني سمعته الآن ( أنا مصاب بالإيدز ولم يعد من وجودي

نفع لأحد وراض بحكم الله وقدره وعليا أن أبتعد عن الجميع كي لا أؤذي أحدا

وعليك مساعدتي فأنت قبل أن تكون رئيسي في عملي أعدك والدي الذي

لم أجده في أبي يوما )

مررت أصابعي في شعري مجددا حتى مؤخرته ممسكا لقفا عنقي بيداي أنظر

للأرض تحتي بشرود , لا أصدق ذلك !! أواس مصاب بهذا المرض ! لا يمكنني

تخيل ذلك حتى ولا أستبعد أن يفعلها به مجرم كذاك الرجل فسحقا له سحقا لقد دمره

دمر شبابه ومستقبله وأي عقوبة سيتلقاها الآن لن تعوض أواس شيئا فيما فقده , كيف

يمكنني التكتم كما طلب مني فهذه جريمة على القانون أن يعاقبه عليها , لكن معه حق

إن بلّغ عن ذلك احتجزوه هوا أيضا وهوا اختار أن يبتعد دون أن يعلم أحد , أبعدت

يدي عن عنقي وضربت بها ما قد وضعت أمامي راميا لهما لأبعد مكان عني وأشعر

بغضب في داخلي لا يخمده ولا تدميري للعالم بأكمله , بأي حق يحدث معه ذلك ؟

أي جرم هذا الذي ارتكبه يعاقب عليه بتلك الطريقة البشعة ؟ يترك ماله وشقا عمره

يترك عائلته زوجته وعمته التي تعتمد عليه وتحتمي به , كيف هكذا يموت الإنسان

وهوا ما يزال حيا وليثه كان صاحب فجور وفسق وخمر ومخدرات لقلنا أنه عقاب

يستحقه وسترتاح البشرية منه , وقفت مجددا وحملت مفاتيحي من الأرض وغادرت

المنزل فعليا أن أفعل ما طلب مني ولن أفكر في العواقب ولا حتى في رغبات نفسي

لن أخذله فيا في آخر طلب يطلبه , صحيح أني قررت أن لا أتزوج أبدا لكني سأفعلها

من أجله لأنه اعتمد علي ولأن حل مشكلته تلك لدي وحدي , لا يهم عجوز قبيحة لا

يهم عندي شيء سأجعلها حليلة لي وتعيش هنا معززة مكرمة ولن يتغير عليا شيء

ولن أفعل شيئا سوا إخراجها من ذاك المكان , عليا أولا أن أرتب بعض أموري وأخبر

شقيقتي وابنة شقيقي ومن ثم سأرى الطريقة التي سيوافق بها والد أواس ذاك , ركبت

سيارتي وضربت بابها خلفي بقوة وتحركت أشعر بأن العالم كله تحول في عيناي

لسواد وحتى رائحة الهواء تحولت لشيء يبعث الكآبة والغم فليثه لم يخبرني , ليثه

اختفى هكذا وتركني متسائلا كغيري عن سبب اختفائه وظننته سافر وهاجر وعاش

حياة جديدة فما أقسى ما تمر به يا أواس وما أفظعه وأسأل الله أن يبعد عنك وساوس

الشيطان ولا تؤذي نفسك بسبب يئسك وتخسر آخرتك , ضربت المقود بكفي عدة

مرات صارخا بغضب ونزلت الدمعة التي سجنتها في عيناي لوقت فهؤلاء ليسوا

طلبتي سابقا ولا رجال يعملون تحت إمرتي إنهم أبنائي اللذين لم أنجبهم , هم جزء

مني فكل واحد من ثلاثتهم عانى في حياته بطريقة وأخرى وعملت معهم جهدي

ليخرجوا رجالا ولا تؤثر فيهم ظروفهم التي مروا بها فقد ربيتهم على يداي وإن لم

يعتبروني هم إلا مجرد رئيس لهم تدربوا على يديه فأنا أعدهم أبناء ربينهم لأعوام






*~~***~~*









ما أن وصلنا المنزل وجدنا سيارة آسر في الداخل فقالت ترجمان من

فورها " انزلي أنتي أنا لدي أمر ضروري سأقوم به "

نظرت لها وقلت بضيق " نعم أهربي واتركيني وحدي "

قالت ببرود " زوجك وليس زوجي "

قلت بذات ضيقي " لا أعلم أين زوجك أنتي تركك ترتعين هكذا ؟

يا خوفي مما يدبر له يا ترجمان "

قالت بضيق مماثل " قولي أنك متضايقة مني وتنتظري أن يأتي

لأخذي من هنا "

نظرت لها بصدمة فضحكت وضربت كتفي وقالت " أعلم أنك لا

تقصدين ذلك وأن وجودي على قلبك كالسكر وأنا قبلت اعتذارك

وباقية معك لا مفر لك مني "

نظرت لها بسخط فقالت بابتسامة واسعة " هيا وسلمي لي عليه "

هززت رأسي بيأس وفتحت باب السيارة وقلت وأنا أنزل منها

" اذهبي يا ترجمان أسأل الله أن تجديه في وجهك ما أن تخرجي "

وضربت الباب بقوة وتوجهت لباب المنزل فنزلت من فورها وقالت

وهي تتبعني " لا بارك الله في لسانك ماذا إن تحقق دعائك , هيه

انتظري سأدخل قبلك لأهرب من زوجك ذاك "

وركضت مجتازة لي ودخلت قبلي فتنهدت بأسى ودخلت خلفها وكما

توقعت كان جالسا وسط المنزل ينتظرني وعليا أن أجهز نفسي الآن

لسيل من الأسئلة والانتقاد والتوبيخ والصراخ الغاضب طبعا , سرت

جهة السلالم حين وجدت أنه ينظر لي بصمت ولم يتحرك أو يتحدث

وما أن وصت أولى عتباته حتى أوقفني صوته قائلا " انتظري "

وقفت مكاني دون أن التفت له وقلت ببرود " نعم "

سمعت خطواته حينها وصوته قائلا " الحقي بي للمكتب المحامي

ينتظرنا هناك "

التفت له حينها فكان يسير جهته موليا ظهره لي , غريب لم يسأل ولم

يستجوبني أين كنت وكيف تقود ترجمان السيارة وووو ؟؟؟ غريب حقا

تحركت خلفه متنهدة بأسى , لا أعلم لما لا يساعدني على نسيانه حتى

بعدما دمر ثروتنا وأعادنا كما كنا قلبي الغبي هذا لازال يتوق له ويفكر فيه

تأففت وتابعت سيري مسرعة , لا أعلم ما بي غبية هكذا ما أن أراه تنقلب

جميع موازيني , وصلت المكتب وكان بابه مفتوحا فدخلت من فوري

وأغلقته ملقية التحية فأجاب المحامي أما آسر فكان جالسا وصامتا

كالتمثال اقتربت منهما وبقيت واقفة مكاني ولم أجلس فقال

المحامي " ثمة أوراق عليك توقيعها سيدة سراب "

قلت من فوري " أوراق ماذا ؟ "

وقف حينها آسر وقال متوجها جهة الباب " أنا سأغادر بعدما

وضح لك الأمر وأتموا كل شيء "

ثم خرج وترك باب المكتب مفتوحا ونظري يتبعه مستغربة وقال

المحامي " أوراق تنازل من السيد آسر عن نصف المزرعة

ونصف معمل المخبوزات لك وسيكونان ملكك وحدك "

نظرت له بصدمة وقلت " ماذا !! يتنازل بهما لي "

قال من فوره " نعم وسيأخذ هوا الحقول والمطحن ومعمل المخبوزات "

كنت سأعترض فقال مقاطعا لي " أضن أن هذا كان طلبك سابقا "

قلت بضيق " وهوا رفضه فما أفهم من كل ما فعل ويفعل الآن ؟

كان فعل هذا من البداية فما سأفعله الآن بمزرعة خالية ومصنع

ومعامل متوقفة عن العمل "

تنهد وقال " هذا أمر تسأليه هوا عنه أنا مجرد عبد مأمور "

قلت بضيق أكبر " عبد مأمور وسيدك غادر وكأن الأمر

محسوم فما نفعي أنا "

قال من فوره " توقعين لي طبعا لأتم عملي "

قلت حينها مغادرة أيضا " وقعها بنفسك إذا "

ثم غادرت بخطى شبه راكضة حتى خرجت للخارج وكان لازال

هنا ومتوجها لسيارته فوقفت منادية " آآآآسر "

وقف حينها مكانه أمام باب السيارة وقال ببرود " نعم "

فصررت على أسناني بغيظ , هل يتعمد ردها لي هذا الغبي ؟ توجهت

نحوه وأمسكت كم سترته وأدرته جهتي وقلت بضيق " ما معنى ما

تفعله هلا شرحت لي ؟ "

أمسك حينها وجهي فجأة لأشهق بصدمة وهوا يشدني له وقبلني بعمق

ثم تركني وقال وهوا يفتح باب السيارة " افهميها كما يحلوا لك "

ثم أغلق الباب بعد ركوبه تاركا لي واقفة مكاني أمسح شفتاي بطرف كمي

أنظر له بصدمة لم أجتزها بعد فما يعني بإفهميها ؟ هل هي أفعاله أم قبلته

هذه ؟؟ تحرك بالسيارة للخلف ووقف بجانبي وفتح النافذة وسند ذراعه

عليها ونظر لي وقال " لا تخرجي بدون علمي مجددا "

ثم تحرك وغادر مسرعا واختفى بخروج سيارته من باب المنزل تاركا

إياي أحدق في مكان خروجه أتلمس بأطراف أصابعي شفتاي فمن يشرح

لي تصرفات هذا المعتوه ؟ يقول تارة أنه سيكون كزوج ترجمان وأنه مثله

وظهر أن ذاك لم يتزوج عليها وأنا من فهمت أنه يعني الزواج والآن يقبلني

قبلته الغبية تلك وكأنه ليس ذاك الذي يعاملني ببرود وجمود قاتل ومن أحرق

المحاصيل وقتل المواشي والأبقار ووضعنا على شفير الإفلاس ؟ انتفض جسدي

بقوة للصوت الهامس خلفي فالتفتت له سريعا وكان المحامي حاملا الأوراق

والقلم في يده وقال " وقعي لي سيدة سراب لأغادر لباقي أعمالي "

استللت القلم والأوراق من يديه وقلت بضيق وأنا أوقعها " ها هي

ذي وقعت لكم إن كان هذا سيريحك ويريحه "

ثم وضعتهم في يده بقوة وتركته وتوجهت للداخل بخطوات غاضبة








*~~***~~*









بقيت مكاني في الأسفل حتى انتصف الليل أنتظره حتى انفتح باب

المنزل ودخل منه فوقفت من فوري ونظر هوا لي باستغراب

وقال " سدين ما يوقظك حتى هذا الوقت ؟؟ "

قلت بهدوء " كنت أنتظرك "

اقترب مني قائلا " ألا ينتظر الأمر للصباح ؟ "

هززت رأسي بلا فجلس وقال " اجلسي إذا وأخبريني ما الذي

يبقيك تنتظرين حتى هذا الوقت ولا يمكن تأجيله "

جلست وقلت " سأخبرك لكن قبل ذلك أخبرني أنت ما الذي

تخطط له فحالك لا يعجبني "

نظر للأسفل وقال " لا أخطط لشيء سنرجع للعاصمة وعملي

سيبقى هنا لبعض الوقت حتى يصل من سيستلم مكاني "

تنهدت وقلت " وترجمان ؟ "

نظر لي وقال " هل هذا ما يبقيك مستيقظة حتى هذا الوقت ؟ "

هززت رأسي بلا فقال " قولي ما لديك إذا وأمر ترجمان أنا

من سأتصرف فيه "

قلت بهدوء " إياس لا ترجع لذات أسلوبك معها وحاول

أن تفهمها "

هز رأسه بحسنا دون كلام ويبدوا لي أنه يفكر جديا في التراجع عن

أفكاره في تغييرها وهذا ما أرجوه , قلت بهدوء " هل علمت بما

أخبر به خالي رِفعت والدتي ؟ "

نظر لي باستغراب فقلت " لم يتصل بك ؟ "

هز رأسه بلا فقلت " قال سيتزوج "

نظر لي بصدمة وقال " يتزوج !! "

قلت مبتسمة " خبر رائع أليس كذلك ؟ ونحن أيضا لم نصدق ذلك "

قال ولازالت الصدمة لم تغادر ملامحه " ومن هذه التي سيتزوجها ؟ "

قلت من فوري " صديقك ذاك الذي ذهبنا لزواجه من ثلاث أعوام

أو أربع الذي أسمه أواس "

قال بحيرة " نعم ما به ؟ "

قلت مبتسمة " عمته التي سيتزوجها "

فتح عينيه على وسعهما وقال بصوت مصدوم " عمة أواس !!

ولما ليس أخرى صغيرة "

ضحكت وقلت " لا تخف هكذا أذكر حين رأيناها لم نصدق أن

الجالسة معها ابنتها تبدوا أصغر منها ومني "

هز رأسه بحيرة ثم نظر لي وقال " وهذا هوا ما لديك تنتظريني لأجله ؟ "

ماتت ابتسامتي وهززت رأسي بلا ثم نظرت ليداي في حجري

وقلت " أنت تثق بي يا إياس أليس كذلك ؟ "

قال من فوره " بالتأكيد ولا يحتاج الأمر لسؤال "

نظرت له وقلت " وتعلم وموقن جيدا أني وافقت على أمين من أجلك

ومقتنعة تماما ولست من اللاتي يفكرن ويقررن بطيش في هذه الأمور "

نظر لي باستغراب دون كلام فقلت " أريد جوابا صادقا يا إياس "

قال بجدية " نعم ولا يدخلني أي شك في ذلك "

أخذت نفسا عميقا ثم قلت " وأنا لم أعد أريده "







*~~***~~*










خرجت من غرفتي راكضة حين سمعت صوته ووقفت مكاني مصدومة

ثم ركضت نحوه وارتميت في حضنه وقلت ببكاء " أواس هذا أنت

لا أصدق أين ذهبت وتركتني "

ضمني لحظنه بقوة وفي صمت ثم أبعدني عنه وأمسك يدي ووضع

فيها شيئا وأغلقها عليه وقال " اهتمي به جيدا يا دُره عديني بذلك "

حضنت خده بكفي وقت بحزن " اشتقت لك يا أواس "

أمسك يدي من خده بسرعة ودسها في حضنه فجمدت ملامحي

وأنا أرى الدمعة التي نزلت من إحدى عينيه ثم قال بحزن

" عليا أن أذهب الآن "

قلت بعبرة " أين ستذهب ؟ خذني معك "

قال مبتعدا " لا أستطيع .. لا أستطيع يا دُره عليا أن أبتعد وحدي "

ركضت خلفه منادية له ببكاء ونحيب وهوا يبتعد أكثر وكأنه يسير

في الهواء ولم أستطع إدراكه حتى وقعت أرضا

" دُرر دُرر ما بك يا ابنتي استيقظي "

كان هذا الصوت الذي تخلل ركضي وبكائي فجلست من فوري أنظر

للظلام حولي وقلت " كان هنا .. أمي لقد كان هنا "

حضنتني وقالت " لا شيء هنا يا ابنتي تعوذي من الشيطان "

ابتعدت عنها وقلت مغادرة السرير " عليا اللحاق به عليا أن

أذهب له قبل أن يبتعد "

وما أن وصلت الباب حتى انفتح وكان قصي واقفا أمامه بملابس

النوم وقال بقلق " ما بكما ؟ من هذا الذي يصرخ مناديا "

أمسكت بيده وقلت برجاء باكي " خذني له يا قصي , خذوني له أرجوكم

أريد أن أراه أن أتحدث معه افعلها أو فعلتها أنا "

أمسك ذراعاي وقال بجدية " دُرر توقفي عن إيذاء نفسك , إن

كان يريدك سيأتي بنفسه "

قلت بنحيب " لا لن يتركني هكذا أنا أعرفه جيدا هوا يحبني يا قصي

ووعدني أن لا يتركني إلا بسبب قوي يمنعه فخذوني لزوجي أرجوكم "

ضمني لصدره حينها أكمل بكائي فيه , حضن الشقيق الذي لم أتخيل

حياتي أن أحصل عليه لكن حزني على أواس لم أشعر معه بأي

سعادة من كل هذا وكأني وحيدة ولم أجد أحدا









*~~***~~*








وضع المفتاح في يدي وقال " هذا هوا مفتاح المنزل هل تأمر

بشيء آخر قبل أن أغادر "


أخذته منه وقلت " لا شكرا "

هز رأسه وقال " سآتي لك غدا بالطعام كما طلبت واكتب لي في ورقة

أي شيء تريد مني جلبه لك من السوق "

قلت من فوري " لا تنسى الظرف الذي أعطيته لك أرسله للعنوان

المكتوب عليه في حال موتي فقط ومهما حدث لي تفهم "

قال مبتسما " بالتأكيد سيدي وكن متفائلا أنت ما تزال شابا "

ثم غادر مبتعدا فنظرت لمفتاح المنزل في يدي ثم للبحر الذي يفصلني عنه

سياج وحاجز صخري وابتسمت بألم , هذا أبعد مكان استطعت الوصول له

وعليا قضاء باقي أيامي فيه حتى أترك هذه الحياة بعيدا ووحيدا كما أردت يا

علي رضوان فكم حاربت المقربين لي ودمرتهم ليبتعدوا عني وأبقى لوحدي وها

قد حققتها وأبعدتني أنا عنهم مكرها فلتهنأ بها الآن , اقتربت من الحاجز الصخري

وأخرجت هاتفي من جيبي ثم رميته بطول يدي ليقع هناك في حضن ذاك الأسود

الصامت وهذا آخر حبل يوصلني بالأحياء قد قطعته فأنا ما عدت منهم وإن كنت

لم أصبح من الأموات حتى الآن , نظرت للأفق المظلم بشرود لتعاودني صورتها

حين وضعتها على سرير شقيقها هناك مغمى عليها وطلبت منهم الخروج وتركي

معها ليس لشيء سوا لأودعها لأفرغ شوقي وحزني ودموعي على محياها ولست

أعلم ما الذي تجاوز الآخر بينهم متناثرا على تقاسيم وجهها ؟؟ قبلاتي أم كلماتي

المودعة لها أم دموعي , وكان الوداع الأخير يا دُره .. الوداع الأخير يا طفلتي

ومهما طال ذاك الوداع فقد انتهى ومهما كنت أطلته أكثر فلن يفيدني الآن ولن

يروي من ظمئي لك شيئا , استدرت للخلف وتوجهت لذاك المنزل الصغير

وفتحت بابه ودخلت مغلقا له خلفي حيث كان أشبه بكوخ على شاطئ البحر فهوا

مكون من غرفة وحمام ومطبخ صغير يفتحان على الغرفة ذاتها يتوسطها سرير

وثلاث كراسي وطاولة صغيرة وثلاجة وتلفاز, هذا فقط ما يحوي منزلي الجديد

أو لنقل قبري الأول والتمهيدي بدلا من أن يكون كما مخطط له مكان لزوجين

فقط في شهر عسلهما مبتعدان عن الناس متشاركان في كل شيء هنا , جلست

على السرير وغبت بنظري للسقف متكأ على ظهره وأغمضت عيناي , ليثه

يأتيني سريعا , ليثك تأتي الليلة أيها الموت وترحمني من الانتظار , من انتظار

قدومك البطيء , من أن أمر بكل تلك المراحل المؤلمة التي يمر بها من هم في

مثل مرضي ويموتون شيئا فشيئا فذاك أقسى من الموت ذاته ليجعلك تتمناه

وتترجاه ليأخذك , ابتسمت بحزن وتلك اللحظات تعود لذاكرتي وهي نائمة على

صدري وتسألني ما خططت لمستقبلي , آه يا دُره يا حبيبتي ليتك تعلمين الإجابة

وقتها فمستقبلي الذي حلمت به ليس كما أجبتك تماما فقد خططت له منذ عرفتك

بيت يجمعنا وأبناء وحياة تختلف عن واقعي وحياتي وظننت أن الحلم سيتحقق

بإيجادي لك وزواجي بك لكني كنت مخطئ مخطئا جدا , دسست يدي في جيبي

وأخرجت الشيء الآخر الذي أحضرته معي هنا ثم فتحت عيناي ورفعته أمامهما

ورفعت يدي الأخرى ومررته على رسغي أراقب نصله الحاد المقلوب


المخرج : بقلم الغالية alilox



رسمت حدودي وخرجت من حدود الزمان كأني طيف عابر سبيل لايوجد له في هذه الارض مكان قدمت استقالتي من الحياة ورفعت رايات استسلامي بكل إذعان سامحيني ام اتخلى عنك الا لاجلك لتعيشي مثل اي انسان ساعيش على ماتركتي لي من ذكرى في هذه الاركان انت هنا حبيسة بين العيون والاجفان لازال عطرك وشذاكي يملا صدري والمكان لازلت أحس بدفئ أنفاسك ولازلت تتوسدي هذه الاحضان عيونك الخضراء مرتعي أغرق فيها كأن لي عالمان فراقك ألم ولكن اقترابك محال ففي بعدك عني الامان سنبقى انا وهذا القلب لكي عاشقان وفيان متخم باوجاعي وانا والوحدة منذ الطفولة صديقان حتى روحي تآمرت عليا وأغلقت ابوابها بوجه النسيان تسافر الروح والعقل الك في معظم الاحيان بأمان الله درتي لازلت صغيرة على هذا الكم الكبير من الاحزان



سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الأحد إن شاء الله




فيتامين سي 13-03-16 06:15 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)
 


الفصل الخامس والأربعون


نظر لي بصدمة مطولا ثم قال " سدين هل تعي معنى ما قلته الآن ؟ "

قلت بجدية " نعم وكلي ثقة مما أقول "

هز رأسه بعدم استيعاب ثم قال " هل جننتي ؟ كيف تقولين هذا الآن

وأنتي زوجته "

نظرت ليداي في حجري وقلت " ألم تقل أنك تثق بي وأني

لا أقرر شيئا من فراغ ؟ "

قال بحيرة " وما السبب إذا ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بهدوء " لو كنت ستسألني على السبب وستجعله

شرطا لتفعل ما قلت فانس كل شيء وليتم الأمر كما كان "

قال بحزم " كيف أنسى كل ما قلتيه الآن وأنا أكيد من أنه ليس

من فراغ , فما الذي حدث يا سدين تكلمي "

قلت بإصرار " أخبرتك أن تنسى الأمر إن كنت ستصر

على معرفة السبب "

هز رأسه بقوة وضرب صدره بكف يد وقال من بين أسنانه

" ماذا فعل لك تكلمي يا سدين ؟ "

أمسكت يده وقلت برجاء " لا تأخذك أفكار لشيء في صديقك يا إياس

أنا لم أرى ما يعيبه لا معي ولا مع غيري من الناحية التي تفكر فيها "

قال بحدة " وما السبب إذا ؟ "

لذت بالصمت فتنفس بقوة وقال " سدين تكلمي "

وقفت وقلت " لن أتحدث يا إياس ولا تظن بصديقك الظنون لأن

غرضي أن لا تشك به ولا تتغير صداقتكما فالأمر لا يخص

أحدا غير نفسي "

وقف أيضا وقال " وهل تعي معنى هذا يا سدين ؟ ستصبحين

مطلقة وأنتي لم تتزوجي بعد والناس لن ترحمك "

قلت من فوري " لا يهم وتعرفني جيدا يا إياس أنا أقوى من

أن يهزمني شيء أسمه طلاق "

قال بضيق " وهذا دليل آخر على أن ثمة شيء يجعلك تتمسكين

برأيك , ثم ما سأقول للرجل شقيقتي لا تريدك فطلقها "

قلت مثبتة نظري على عينيه " إن كنت حقا تثق بي يا إياس وتعنيك

سعادتي وموقن من أني لا أفعل هذا لأخذلك بصديقك فاطلبها

منه ولا تخف لن يرفض "

أمسك ذراعاي وهزني قائلا " وواثقة من موافقته وتقولين

أنه لا سبب لذلك "

قلت وكلي إصرار " لا تغضب يا إياس وسأتزوجه إن كان

الأمر مرتبطا برضاك عني "

ترك ذراعاي حينها وصرخ قائلا " وكيف أسلمك له وأنتي تقولين

ما قلتيه يا سدين , لو كانت إحدى شقيقاتك لأجبرتها لكن أنتي .... "

ثم تأفف وأمسك قفا عنقه بيده ينظر للأرض فقلت بهدوء " قل برضاي

عليك انسي الأمر وتزوجيه وقسما أن أفعلها وأنا راضية لكن إن كان

الأمر لي فأنا لم أعد أريده "

غادر حينها من أمامي متوجها للسلالم وقال صاعدا يحدث أحدهم

في هاتفه " اسمع لا تغادر المركز غدا حتى أراك , تصبح على خير "

فانهرت حينها جالسة أمسح الدمعة التي سالت على خدي فمؤكد ذاك أمين

وسيتحدث معه غدا وسيمارس معه أسلوب الضغط أيضا ليعرف السبب

وكل ما أخشاه أن تتأثر صداقتهما بسببي , أنا أنانية حقا ولم أفكر إلا بنفسي ؟

لكنها حياة وعشرة وأطفال وأنا من ستدفع ثمنها وهوا متزوج بي مرغما

وكارها وقد تورط بسبب صديقه ولن أستغرب أن يتزوج بغيري يوما لأنه

يرى نفسه لم يتزوج من المرأة التي يريد , لو كان راض بي من نفسه

وخطبني قسما ما التفت لتلك الأمور أبدا لكني لا أُفرض على رجل







*~~***~~*







نظرت للنائمة على مقربة مني لا أرى سوا خيالها في ظلام الغرفة رغم أنها

تنام مقابلة لي فمنذ جئت هنا ونحن ننام في غرفة واحدة رغم اتساع الطابق

وكثرة غرفه وكأننا نريد استرجاع تلك الأيام , وكأنها ليست سراب تلك التي

كانت تتذمر من نومنا معا في غرفة واحدة وهي تصر الآن على أن نعيش

في ذات الغرفة ؟ عدت بنظري للسقف وقلت بهدوء " سراب لم

تنامي أليس كذالك ؟ "

قالت بشبه همس " لا "

نظرت ناحيتها مجددا وقلت " وتبكي من أكثر من ساعة "

لم تعلق ولم تتحرك فتنهدت وقلت " ما قال لك ذاك المغفل ؟ "

قالت ببحة " لا شيء "

قلت ببرود " كيف لا شيء وأنتي تبكي هكذا "

قالت بصوت خافت " سجل نصف ثروة عمي باسمي

وأخذ النصف "

نظرت لها مطولا باستغراب ثم قلت " ولما فعل ذلك ؟ بل وما

بقي من تلك الأملاك يمكنكم اقتسامه ؟ "

قالت بذات نبرتها الحزينة المبحوحة " لا أعلم "

جلست وقلت ناظرة لخيالها في الظلام " وما يبكيك في ذلك ؟

هل تخشي من أن يطلقك ؟ "

قالت باستياء " ترجمان يكفي هراء وتخاريف "

قلت ببرود " وما سبب هذه المناحة إذا ؟ "

لم تجب طبعا فتنهدت وقلت بسخط " لا تقولي من شوقك له ورؤيتك

لوجهه ومن الحب الذي تغلب عليك "

قالت بضيق " أشعر بالضيق والبكاء يخفف عني هل هذا يرضيك "

تمتمت بسخط " نامي يا بلهاء "
ثم عدت للنوم أيضا وعاد نظري هائما في السقف وبعد وقت قصير وصلني

صوتها قائلة " ترجمان هل أسألك سؤالا تجيبين عليه بصراحة "

قلت بهدوء " وتتوقفي عن البكاء ؟ "

قالت من فورها " حسنا "

نظرت جهتها وقلت مبتسمة " لم أكن أعلم أني سبب بكائك "

خرجت منها ضحكة صغيرة حزينة وبائسة فقلت بضيق

" قتل حتى ضحكتك ذاك الأحمق "

قالت من فورها " ترجمان ألا تفكرين في إياس ؟ ألا يخطر

في بالك أبدا طوال فترة بقائك هنا ؟ "

قلت ببرود " طردة جديدة هذه "

تأففت وقالت " تعلمين جيدا أني لا أريد ذهابك من هنا أبدا

فلا تتهربي من الجواب "

عدت بنظري للسقف وقلت " أحيانا وأغلبها أطرد تلك الأفكار سريعا "

قالت حينها بحزن " لما يحدث معنا هذا ؟؟ لما الحب هكذا ولما

هم لا يشعرون ؟ "

قلت بجمود " لا أعلم ولم أفكر في هذا "

قالت بعد قليل " ألم تشعري بالسعادة حين علمتِ أنه ليس

متزوجا بتلك ؟؟ "

ابتسمت بسخرية بل بألم وقلت " لم أشعر حينها بشيء سوا الإهانة

وجرح كرامتي وخداعهم لي "

تنهدت وقالت " أفكارك غريبة يا ترجمان "

قلت ببرود " وما الغريب في أفكاري ؟ هل كنت تريدين مني أن أرقص

فرحا وهم يخبروني عن خطتهم الساذجة التي كنت الغبية الوحيدة فيها "

قالت بهدوء " أنا حين شككت أنه متزوج عليا بسبب مكالمة والدتي تلك كدت

أفقد عقلي وقتها وحين أخبرني الحقيقة أشك أني سعدت بأن ظنوني كانت

في غير محلها أكثر من سعادتي بأنها والدتي التي حرمت منها حياتي "

قلت ببرود " حمقاء طوال حياتك "

قالت بضيق " بل أنتي الحمقاء "

قلت بضيق مماثل " بل الحمقاء التي تبكي عليه من ساعة وهوا

نائم ويحلم أيضا "

قالت بحنق " بل زوجك النائم الذي لا يفكر فيك أبدا "

قلت من فوري " بل زوجك "

قالت بجدية " بل أنتي "

وبدأنا نتقاذف كلمة أنتي بيننا كالكرة حتى جلست وقالت

" أتحداك أن يكون زوجك في سابع نومه الآن ولم يفكر بك قط "

جلست مثلها وقلت " بل زوجك الديك الذي ينام قبل الدجاج

في ذاك الحي المتهالك ولن يكترث لك ولو قتلوك "

قالت من بين أسنانها " تراهنين على هذا "

قلت بتحدي " نعم "

فهذا أسوء أطباعي إن كان في الأمر تحدي قفزت الشياطين جميعها

في رأسي , قالت بجدية " والخاسرة سترسل الأخرى له رسالة الآن

من هاتف زوجته "

ضحكتُ بسخرية لأني متأكدة أولا أنها ستخسر ومتأكدة أكثر أني لن

أرسل له لأنه سيكون في عمله الآن ومستيقظ , قلت " موافقة ورسائل

غرامية ممنوع تفهمي "

ضحكت وقالت " يبدوا أنك متأكدة من أنك ستخسرين "

قلت ببرود " سنرى , والآن كيف سنعلم عنهما ؟ "

غادرت سريرها والغرفة وعادت بعد قليل تتبعها الفتاة الكبرى من

فتيات سكان الطابق السفلي تفرك عيناها وقالت وهي تتثاءب

" ماذا بك يا سراب أقلقتني ؟ "

سحبتها من يدها وأجلستها على سريرها وقالت " خذي هاتفك اتصلي

بآسر الآن لتري إن كان نائما أم لا وتحججي بأي شيء ولا تخبريه

أني من طلب ذلك منك "

فركت عيناها جيدا ونظرت لهاتفها ثم لها بصدمة وقالت

" في هذا الوقت ؟؟ "

قالت من فورها " نعم بسرعة "

قالت تلك بتردد " وما سأقول له ؟ "

قلت مبتسمة بمكر " لا تخافي لن يجيب لأنه نائم من وقت "

نظرت لي سراب بضيق ثم لها وقالت " إن أجاب فأخبريه أنك أخطئتِ

أو ضغطتِ الأزرار دون قصد ونمتِ والهاتف بجانبك ولم تشعري

به أو أي حجة "

تنهدت الفتاة بحيرة ثم ضغطت أزرار الهاتف ووضعته على أذنها

متمتمة " يا رب لا يجيب "

أشرت لها لتفتح مكبر الصوت ففعلت على الفور ورنة اثنتين ثلاثة

فنظرتُ لسراب بشماتة وما كانت الرنة الرابعة حتى فتح الخط قائلا

بقلق " صفاء ما بك تتصلين هذا الوقت ؟ "

لويت شفتاي بحنق من صوته الذي لا يبدوا عليه النوم أبدا وقالت

الفتاة " آسفة آسر هل أيقظتك من نومك ؟ "

قال مباشرة " لا لم أكن نائما فما بكم تكلمي "

نظرت لي سراب بابتسامة ماكرة وقالت الفتاة بهدوء " لا شيء

جميعنا بخير أردت فقط إخبارك عن زيارتك للمدرسة خفت

أن تنسى موعد زيارتك للمدير "

قال حينها " لا لم أنسى وسأكون هناك غدا "

أنهت بعدها المكالمة وقالت " هل أذهب لأنام الآن ؟ "

فقالت سراب من فورها " نعم شكرا لك يا صفاء "

فوقفت وغادرت من فورها دون حتى أن تسأل عن سبب طلبها

منها ذلك فقلت من فوري " هذا غش يبدوا أنكما متفقتان "

نظرت لي وقالت بضيق " متفقتان على ماذا وأنا جئت بها إلى هنا فورا "

ثم قالت بمكر " هيا إن ظهر أن زوجك نائم فسأعد رسالة ستعجبك كثيرا "

قلت بمكر مماثل " سنرى "

ووقفت وتوجهت لهاتفها رفعته وجلست على طرف سريها

وقلت " بما أنه لا يعرف رقم هاتفك سنعلم من خلاله "

قالت من فورها " وكيف يا بلهاء "

قلت وأنا أكتب رقمه " سيجيب وسنعلم من صوته ومن تأخره

يا من لستِ بلهاء "

قالت من فورها " افتحي مكبر الصوت ولا تغشي "

قلت ببرود " أعلم "

رن الهاتف مطولا حتى انقطع الاتصال ولم يجب فأعدت الاتصال مجددا

دون أن أنظر لها والنتيجة ذاتها فسمعت صوت ضحكتها المكتومة فقلت

بضيق " قد يكون بعيدا عنه فلا تفرحي قبل الأوان "

كررت الاتصال مجددا ففتح الخط هذه المرة فابتسمت بمكر على

تذمرها الهامس وماتت تلك الابتسامة ما أن أجاب بصوت ثقيل قائلا

" من معي "

انقلبت حينها تلك الحمقاء للخلف تضحك فأغلقت على لاقط الصوت

بكفي كي لا يسمع ضحكها وقلت هامسة من بين أسناني

" ستفضحيننا يا حمقاء "

عادت للجلوس مجددا تصفق بلا صوت مخرجة لسانها وقال هوا

" من ؟؟ تكلم أم تريد إزعاج النيام فقط "

أغلقت عليه الخط حينها متمتمة ببرود " نامت عليك شاحنة يا أحمق "

وانطلقت صرخة سراب القائلة بحماس " وااااحد صفر وهاتي هاتفك فورا "

رميت عليها هاتفها وقلت متوجهة لسريري " لابد وأنك تعلمين أن اليوم

يوم عمل زوجك لذلك هوا مستيقظ "

قالت بابتسامة جانبية " ومن أين سأعلم يا ذكية , هيا أعلني

هزيمتك ولننفذ باقي الشرط "

قلت من فوري " في أحلامك , لن ترسلي له الآن ليعلم أنها

أنا من اتصلت به منذ قليل "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق " لم أعرفك تتراجعين

في كلامك يا ترجمان , وإن كنت مكانك ما انتظرتِ لحظة "

قلت بضيق " قلت ليس الآن فانتظري للصباح ثم أرسليها "

قالت بضيق أكبر " مخادعة وغشاشة وستري حسابك مني يـ.... "

رميت عليها الهاتف مسكتة لها وقلت " قسما إن كان فيها كلمة غرامية

واحدة سأرسل لزوجك وأخبره أنك تبكي عليه طوال الليل "

رفعت هاتفي قائلة بابتسامة انتصار " لا تقلقي لن أخل باتفاقنا "

بقيت أراقبها وهي تكتبها مبتسمة تمرر لسانها على شفتها السفلى

فقلت " قسما يا سراب إن كان فحواها ما أتوقعه فلن تنجي مني "

قالت بتذمر " أسكتي لأعرف ما أكتب "

ثم رمته لي وقالت " وصلت بسلام وسيجدها صباحا "

رفعت الهاتف وفتشت فيه ثم نظرت لها وقلت " لما مسحتها ؟ "

نامت وتغطت باللحاف قائلة " لا تخافي لا توجد بها ولا

كلمة مما تخشين "

قلت بنصف عين " ولم تشتميه فيها ؟ "

قالت ضاحكة " هل تخافين على مشاعره "

نظرت لها بضيق فقالت " لا تخافي لم أشتمه "

نظرت لها بريبة وشك فأولتني ظهرها وقالت بتثاؤب " تصبحين

على خير , كانت لعبة مسلية سنكررها دائما "

قلت ببرود " نعم معك حق فأنت مبسوطة لأن زوجك مستيقظا

ويبدوا يبكي عليك أيضا "

قالت ببرود " خطة فاشلة لأخذ حقك مني ونامي هيا "

ارتميت على السرير أنظر لشاشة الهاتف , ترى ما أرسلت له هذه الوقحة

لو كنت أعلم أن هذه ستكون النتيجة وأن يوم عمله تغير عن السابق ما قبلت

التحدي , رميت الهاتف على الطاولة بجانب سريري وسافرت بنظري للسقف

وبتفكيري لوضعي الآن , حتى متى سأبقى هكذا مكاني ؟ عليا أن أبحث عن عمل

بشهادتي بما أني تخرجت بسببه , وأن أخطط لحياتي مستقبلا هل سأذهب لمنزل

عمي أم ماذا سأفعل خاصة إن عادت سراب لزوجها ويبدوا ذلك قريبا ووجودي

هنا وقتها لا مبرر له , تنهدت بضيق وأغمضت عيناي وسافرت لعالم النوم

وتركت الغد للغد









*~~***~~*










جلست وسط منزله أفرك يداي بتوتر ولا حيلة لدي في شيء , ما هذه

الأيام العسيرة التي نمر بها ؟ هونها يا رب , انفتح الباب فوقفت على

طولي ثم تنهدت بيأس وقلت " قيس هذا أنت ؟ ظننته والدك "

لوا شفتيه وقال " ما بك عمتي والدي ليس طفلا "

قلت بضيق " أعلم أنه ليس طفل لكنه متغيب عن المنزل من خروجه

نهار أمس ونحن الآن منتصف الليل ولم يرجع وخرج في مزاج سيء

جدا , لا أعلم كيف تنامون هكذا مرتاحي البال وهوا مختفي ! ماذا

لو كان حدث له شيء "

حرك يده أمام وجهه بضجر وقال متوجها للداخل " ما كل هذه المحاضرة

التي لا داعي لها فانظري أنتي ما قلتيه له جئتِ من هنا وفر هوا من فوره "

لحقت به وأمسكت ذراعه وقلت " أين تذهب ؟ أخرج للبحث عنه بسرعة "

سحب ذراعه مني وقال بضيق " لو حدث له شيء لوصلنا خبره فأخبار

السوء أسرع من الهواء "

قلت بضيق أكبر " قل لا قدر الله يا صعلوك , ما الذي ستجنيه إن

فقد هوا حياته "

قال بسخرية " وما سأخسره ها ؟ حرمني من المال يكنزه كابنه

فليمت على الأقل نرث منه شيئا "

قلت بغضب " ولما حرمك منه وهوا الذي لم يبخل عليك يوما ؟

هل سألت نفسك عن السبب "

تأفف وفتح باب غرفته ودخل وأغلقه خلفه بقوة فضربت كفاي ببعض , هذه

نتائج تربيتك يا سالم ابنان فاسدان عاقّان ولا يعجبك أواس , لا بارك الله فيك

يا علي رضوان دمرت العائلة عن بِكرة أبيها , نظرت بعدها جهة باب غرفته

وزوجته وهززت رأسي بيأس , تنام قريرة العين ولا تسأل حتى عن زوجها

أين يكون وهوا لم يخبرها أين ذهب ومتى سيرجع , انفتح باب المنزل مجددا

فأسرعت نحو الداخل منه ووقفت أمامه أنظر بضياع لملامحه المتعبة العابسة

وقلت بتوجس " سالم أين كنت كل هذا الوقت أقلقتني عليك ؟ "

تقدم نحو الداخل قائلا بخفوت " كنت أبحث عنه "

لحقت به قائلة " وماذا حدث معك ؟ "

وقف مكانه وانهار جالسا على الأريكة وقال متكأ بجبينه على يده

" لم أجده ذهبت حتى للمنطقة التي يسكنها أعمام والدته ولم أجده ولم

يراه أحد وحتى رئيسه في الشرطة لم يرضى أن يعطيني جوابا شافيا "

جلست أمامه وقلت بدمعة ملئت عيناي " وأين اختفى هكذا ؟ "

رفع رأسه ونظر لي بملامح مسودة من الوجوم وقال

" ماذا قال لك أنتي يا خديجة ؟ "

هززت رأسي وقلت بحزن " لم يقل شيئا واضحا قال انسي أنه

لأواس وجود في الحياة وأنه سيكون بخير "

فتح زر قميصه العلوي وكأنه يريد أن يدخل كمية أكبر من الهواء

لرئتيه ثم مسح جبينه المتعرق وقال " قد يكون في مهمة سرية في

عمله لذلك لم يخبرك ولا رئيسه يريد قول شيء "

نظرت للأرض وقلت بأمل ميت " كم أتمنى ذلك يا سالم لكن

كلامه لا يؤكد ما تقول أبدا "

أمسك رأسه بيديه متكأ بمرفقيه على ركبتيه ناظرا للأرض وقال بأسى

" كل من كانوا بجانبي تخلوا عني يا خديجة , كل شيء كان مدبر له

من طرف ذاك القاضي السابق واختفائهم الآن مع اختفائه أكبر دليل "

وضعت يدي على كتفه وقلت بهدوء حزين " وهذا ما كان يعلمه أواس سابقا

ويحاول إنقاذك منه لكنك كنت معمي عن الحقيقة , كنت ترفض سماعه ولا

تصديقه , كان خائفا عليك وعلى أخويه ويعلم جيدا أنه لن يقدر على رد

شر ذاك المتغطرس عنكم "

ثم مسحت دمعتي التي سالت جمرة أحرقت جفني وقلت بأسى " دمره

ودمر كل من كانوا حوله ليعيش وحيدا وتعيسا , دمر طفولته وشبابه والله

أعلم الآن ما سبب اختفائه هذا وكل خوفي أن يكون ذاك الخائن ورائه "

رفع رأسه ونظر لي وقال " ثمة رجل طلبك للزواج "

شهقت في وجهه بقوة ويدي على صدري فتابع قائلا

" ويريد الرد سريعا "

قلت بضيق " نحن في ماذا الآن يا سالم وأنت في ماذا ؟ ومن هذا

الذي يريد الزواج بامرأة مثلي سافر بها العمر "

قال بجمود " أنتي لستِ كبيرة فلا تظلمي نفسك أكثر وهوا قال أنه

كان قادما لنا في الغد لولا ذهابي له "

نظرت للأرض بشرود وتذكرت كلام أواس عن الرجل الذي سيأتي بشيء

وأن لا أرده وأخذ مني الوعد بذلك لكن لم أتخيل أن يكون في الأمر زواج

فما يريد بي ومن يكون !! أخرجني من شرودي صوت سالم قائلا بشيء

من التردد " هذا الرجل لا يرد يا شقيقتي وأنتي تعلمي ... أقصد... "

وسكت ينظر للأرض فقلت بحزن " أعلم ماذا يا سالم ؟ أن زوجتك

لن تقبل بي هنا "

عاد لإمساك رأسه بيديه مجددا وقال " أشعر برأسي سينفجر خسارة المصرف

وانهيار كل جهدي لسنوات , ابني المسجون حتى الآن والآخر ضائع في الشوارع

مع الصعاليك وأواس المختفي بغموض , زوجة سيئة طباع لا تحب أحدا وشقيقة

في عنقي ستزيد من لسان تلك الحية , في ماذا أفكر وماذا يا خديجة ؟

وماذا سأنقذ من ماذا "

وقفت وقلت بجمود " أخبره أني موافقة "

رفع رأسه ونظر لي وقال باستغراب " من دون أن تعرفي من يكون "

ابتسمت بحزن أنظر لعينيه , هل سيفرق عندي من يكون ؟ ثم أنا أثق

بأواس وأعطيته عهدا بذلك , قلت بحزن " من المفترض أن تسعد

بردي فهوا غرضك وسأخلصك من أحد الأعباء التي على كتفك "

وقف أيضا وقال " أنا لست متضايقا من وجودك لكن زوجتي تعرفيها

جيدا ستنغص حياتك وحياتي وفرارك من هنا حلك الوحيد "

نظرت للأرض وقلت بابتسامة ساخرة " أرجوا أن لا أفر لمكان

أتعس من هذا وزوجة لرجل آخر ستكرهني أكثر "

قال من فوره " لا هوا لا زوجة له "

نظرت له بصدمة وقلت " ومن هذا الذي سيتزوجني ولا زوجة لديه !! "

قال بشبح ابتسامة " رجل لن تعطيك الفرص مثله مرة أخرى "

نظرت له باستغراب وكنت سأتحدث لكنه تابع قائلا

" إنه رئيسه العقيد رِفعت أسعد صياد "

شهقت حينها من الصدمة وتابع هوا قائلا " لن يكون طوق نجاة

لك وحدك بل ولعائلة شقيقك جميعهم يا خديجة "

قلت بضيق " هراء وجنون , ما يريد بي ذاك الرجل الذي

لا زوجة له من أعوام "

نظر لي باستغراب فتلعثمت ولم أعرف ما أقول ثم انهرت جالسة مجددا

على صوته قائلا " الرجل مصر عليك وقال أنه مستعد لكل ما ستشترطين

ورجل بمركزه وبلا زوجة ولا أبناء فرصة لا تحضا بها أي امرأة ولا

تنسي أنك وافقتِ منذ قليل "

ثم غادر متمتما " وهذا أول شرخ في حياتي سيجبر ولن أرتاح

حتى ترجع يا أواس "

ثم دخل غرفته وتركني جالسة مكاني دمعتي على خدي كما كنت كل حياتي

وكما عرفتهم فيها لا يعيرون لمشاعر المرأة شيء وها قد ختموها بزوج جديد

عقيدا في الشرطة أي متحجر جديد ورجل قاسي آخر لن أجد فيه الحضن الذي

يحتويني لن أجد فيه الصدر الذي أسكب عليه دموعي وهمومي وفي النهاية

عليا أن أوافق لأنه زواج مصلحة فقط ولست أعلم ما يصنعه بي رجل لم

يراني ولا يعرفني ورافض للزواج كل هذه السنوات وكل خوفي أن يكون

أواس من طلبها منه وهذا هوا المؤكد فيبدوا فكر حتى في مصيري بعده

آه يا أواس أين اختفيت هكذا يا ابن شقيقي







*~~***~~*






نزلت السلالم بخطوات مسرعة فقد أخذني النوم وتأخرت عن أمين لأرى

سبب هذه المصيبة الجديدة وكأنه ينقصني مصائب وهموم , توجهت للباب

أنظر لهاتفي ووقفت مكاني حين وجدت رسالتين من ترجمان !! , سندت يدي

على الجدار وكل مخاوفي وظنوني أن يكون أصابها مكروه وأحدهم اتصل بي

فالرسالة وصلت وقت ذاك الاتصال أو أنها فكرت فكرة مجنونة كسابقتها بالهرب

لعائلة والدتها لكن ماذا يطرها لترسل لي وهي غاضبة مني وأعلنتها نفيرا ؟؟

فتحت الرسالة الأولى فكان فيها ( لو كنتُ قطا متشردا ورميته في القمامة

لكنت ذهبت واطمأننت عليه يا عديم الذوق )

ثم وجه تخرج منه قلوب فأعدت قراءتها مرة أخرى غير مستوعب لها ولا

مصدق أن تكون منها ثم فتحت الرسالة الأخرى فكان فيها ( الرسالة السابقة

لست من أرسلها ولا تجب عليها ولا أريد سماع صوتك ) فضحكت حينها فهذه

الرسالة بالتأكيد من ترجمان أما الأولى فلا قطعا أولاً لأنها ستكون فيها سخرت

من نفسها وثانيا أظهرت أنها تريد اهتماما مني , ابتسمت بمكر وأرسلت لها

رسالة تليق بها وأعلم ما ستحدث فيها ثم غادرت المنزل فاصبري قليلا حتى

أتفرغ لك يا ترجمان وأصبح هناك , غادرت المنزل وتوجهت للمركز فكان

أمين واقفا عند سيارته ينتظرني فأوقفت سيارتي بقربه وقلت من النافذة

" اركب سيارتك واتبعني "

قال من فوره " ماذا هناك أخرجك لي هذا الوقت ؟؟ "

أشرت له بيدي دون كلام وتحركت فركب سيارته ولحقني حتى وصلنا لمقهى

صغير عند أحد الأرصفة ونزلت وقت ما ركن هوا سيارته ونزل ودخل خلفي

وتوجهنا لطاولة متطرفة ولأن الوقت لا يزال مبكرا فقد كان المكان شبه خال

تماما , جلس مقابلا لي وقال بريبة " ما بك يا إياس شغلت بالي ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بجدية " ما بينك وبين سدين ؟ "

تنقل بنظره بين عيناي لوقت ثم قال " وما قالت لك ؟ "

قلت بحزم " هناك شيء ما إذاً "

لاذ بالصمت ولم يتحدث فقلت " أريد سماع ذلك منك "

تنهد وقال " سوء فهم بسيط وسأجد له حلا لا تشغل بالك "

قلت بجدية " لا ليست سدين من تقرر قرارا كالانفصال

ويكون السبب خلافا بسيطا "

قال بصدمة " تريد الانفصال !! "

قلت بجمود " نعم وإن كانت غيرها من شقيقاتي أو أي امرأة أجهلها

لقلت حركات نساء سخيفة وتختبر مكانتها ليدي ولديك لكن سدين

شيء مختلف وقرارها ورائه أمر لم أعرفه منها فعليك أنت قوله "

قال بشيء من الضيق " هل أفهم من كلامك أنها صادقة وأني أكذب "

قلت بضيق مماثل " أمين تعلم قصدي جيدا فلا تتهرب من الموضوع

بوضع نفسك في موضع الدفاع "

تأفف وقال " سأحل الموضوع بمعرفتي يا إياس ولن أطلقها

ولا أريد أن ننفصل "

قلت من فوري " السبب يا أمين وحينها أنا من سيقرر لا أنت "

قال بحنق " هي زوجتي والقرار لي يا إياس "

قلت بحدة " وشقيقتي ومن يمسها يمسني بل وينحرني وأنت أكثر من

يعلم أن سدين بالنسبة لي لا واحدة في مكانتها وأثق في أفكارها

وقراراتها ثقتي في نفسي "

قال بجمود " لا تجعل أمرا كهذا يدمر صداقتنا لأعوام ومن صغرنا

يا إياس , والأمور لا تحل بالحدة والغضب "

ضربت بطرف أصبعي على الطاولة وقلت " السبب يا أمين تكلم "

قال بشيء من الاستياء " شخصي قليلا وبين زوجين فاترك

الأمر لي يا إياس "

هززت رأسي بلا وقلت بإصرار " تكلم أو طلق الآن قبل

أن تقف من كرسيك "

قال بضيق " وهل الطلاق لعبة هكذا ؟ هل هناك من يدمر

حياة شقيقته بلا سبب منطقي "

قلت بضيق أكبر " أخبرني عن السبب أولاً لأرى إن كان منطقيا أم لا

ثم أخبرتك أنها لو كانت رغد أو سلسبيل لما قلت ما قلت لك ولتركت

الأمر فور قولك أنك متمسك بها وستحل الأمر بمعرفتك لكن سدين لا "

قال بذات ضيقه " وهل هي ملاك لا تزل ولا تخطئ "

قلت ببرود " أخبرني السبب وسأحكم بنفسي كما قلت لك "

قال محاولا تهدئة نفسه " إياس أبعَد ما قد أفكر فيه هوا خسارتك

كصديق لي فتعوذ من الشيطان "

قلت بجدية " لا تخف يا أمين أنا إياس الذي تعرفني ولن يفرقنا إلا

أمر يستحق لذلك أريد معرفته حالا "

نظر جانبا ممررا أصابعه في شعره ويبدوا أنه سيرضخ لضغطي عليه

فكتمانه له أيضا يؤكد حساسية الموضوع , قلت بجدية " قل ما لديك يا

أمين وأعدك أن احكم العقل قبل كل شيء وسأقف مع المحق

وإن كان ضد شقيقتي "

نظر للطاولة تحته وقال " تشاجرنا يوم أصبت وتعبت والدتك

ونقلناها للمستشفى "

قلت من فوري " ولما ؟ "

قال مبعدا نظره ولازال يتجنب النظر لي " انتقدت

لباسها ومظهرها "

انتظرته ليتابع لكنه سكت فقلت " وماذا أيضا ؟ "

نظر لي بصمت فقلت " لن يكون هذا سببا تطلب به امرأة الطلاق

ولا حتى إن كانت متهورة فكيف بسدين "

نظر للأسفل مجددا وقال بعد تردد " كنت غاضبا وأخبرتها أني غير

راض عنها وأنها فرضت عليا فرضا "

وقفت حينها على طولي أنظر له بصدمة فوقف أيضا وقال " كان حديثا

ساعة غضب وتعجبني أطباع كثيرة في شقيقتك وغيرت رأيي لاحقا

فتحلي بالحكمة كما وعدتني "

قلت باستياء " ومن فرضها عليك وأنت وافقت من نفسك "

أبعد نظره مجددا وقال " كنت أظنها رغد من تحدثت عنها "

قبضت يداي بقوة وقلت من بين أسناني " ولما لم تخبرني وقتها يا

أمين ؟؟ لو كنت صارحتني قسما ما غضبت منك "

نظر لي من فوره وقال " أردت نسبك حقا وكان مظهرها وتقليدها للغرب

لا يعجبني وكما أخبرتك كانت أعصابي مشدودة لما حدث وقتها ولاحقا

اكتشفت فيها أشياء ومميزات أخرى وفكرت أن تلك المسألة قد

أقنعها بتغييرها لاحقا "

قلت بسخرية " لا يا رجل أقنع شخصا غيري لم يجرب ذلك وفشل فيه "

نظر لي باستغراب فقلت " الخطأ ليس عليك وحدك بل عليا قبلك حين

عرضت شقيقتي عليك وذهبت تعيرها بها وتذكرها بأنها سلعة

اشتريتها مرغما "

قال بضيق " إياس ما هذا الذي تقوله ؟ "

قلت بجدية " هوا أمر واحد يا أمين وتأكد من أنه من عقلي وليس تهورا

ولا ساعة غضب , القرار لسدين وعليك تنفيذه وإن كنت تريد أن نحافظ

على صداقتنا كما سكتت هي من أجل ذلك فعليك تنفيذ رغبتها دون

تردد ولا مماطلة "

كان سيتحدث فقلت مقاطعا له " كلامك ليس معي ومن هنا حتى انتقالنا

هناك ستقرر هي وتنفذ أنت أو المحاكم بيننا ولن تكون صديقي بعدها "

ثم غادرت من هناك وتركته وركبت سيارتي وانطلقت أشعر بالضيق من

نفسي أكثر منه لأني رأيت فيه رجلا لا يعوض وعرضتها عليه ولم أتخيل

أن يعيرها بهذا وقبل حتى أن تصبح لديه وكم شعرت الآن بحجم هذا وفظاعته

وأنا كنت أرمي ترجمان به دائما بأني تورطت فيها وأُرغمت عليها ولم أعي

حجم ذلك إلا حين رأيت تأثيره على سدين التي رغم ما تحمله من عقل وتعقل

طلبت الانفصال بسببه ورضيت حتى بالطلاق وتوابعه فكم أخطأنا في حق

أولئك الفتيات اللاتي لا ذنب لهن فيما فرض عليهن أيضا وكان تصرفي

خاطئ وجئتها من الطريق الخطأ ظنا مني أنه عليا أن أروضها وأكسبها

قبل أن أكشف عن مشاعري أمامها




*~~***~~*



مر أسبوع منذ جاء ذاك الرجل لشقيقي سالم واتفق معه على كل شيء

وقال أنه سيعقد عليا ويأخذني من هنا في نفس اليوم وهوا بعد الآن بأسبوع

آخر حالما تنتقل شقيقته هنا كما قال وحالي منذ ذاك الوقت في توتر مستمر

فمالي وما كل هذا ؟ واختفاء أواس يشعل قلبي ولم تنشف دمعتي عليه منذ

ذاك اليوم الذي جلبني فيه ولا أعتقد أنها ستجف قبل أن أعلم أين هوا وما

حدث معه , وها هوا لم يتصل بي أبدا كما قال وهاتفه مقفل , نظرت

للذي جلس بجواري وقلت " ماذا حدث معك ؟ "

هز رأسه بيأس وقال " النتيجة ذاتها لم يراه أحد منهم ولا يعلمون شيئا عنه "

قلت بأسى " كيف هذا يا سالم فأن لا يعلم أهل زوجته عنه يعني أن دُرر

أيضا لا تعلم وأنه تركها أيضا وهذا أمر لن يفعله أواس إلا مجبرا وموقنة

من أنه كان سيرضى أن تخرج روحه ولا يبعدها عنه "

ضرب بقبضته على الأريكة وقال " بدأت رائحة أعمالنا السابقة تفوح

وسيأخذونني للتحقيق في أي وقت ولن يتسنى لي البحث عنه لاحقا "

نظرت له وقلت " كم حذرك أواس من كل هذا وكم سعى لإنقاذك من

مستنقعهم وتستر عنك لعلك تفيق لنفسك لكنك كنت تعاند وتراه

المخطئ وها قد جاءتك النتائج "

قال بضيق " توقفي عن لومي لن يجدي هذا في شيء "

ضربت كفاي ببعضهما وقلت بأسى " حالنا لا يزداد إلا تقهقرا

لو يرجع ابني فقط فلن آبه لشيء "

نظر لي وقال " زوجك سيساعدني قال أنه سيكلف محاميا بما أن

علي رضوان وراء كل ذلك وملفاته تُكشف وتُناقش الآن "ُ

نظرت له وقلت بضيق " ليس زوجي بعد فلا تقل ذلك "

قال ببرود " سيكون كذلك قريبا وعليك أن تكوني شاكرة

لله أنه ظهر لك في هذا الوقت "

هززت رأسي بيأس منه فقال " لا أعلم سبب نفورك منه يا خديجة

وأنتي موافقة عليه وهوا يصر على الزواج بك ووضع لك مهرا لا

تحلم به فتاة في ريعان شبابها "

قلت بضيق " ها قد قلتها بنفسك , ولأني لست فتاة في ريعان

شبابها فهذا الأمر كله أشبه بالجنون "

قال بنفاذ صبر " ذات الأسطوانة البائسة تكررينها وأنتي موقنة تماما وتري

نفسك في المرآة وتعلمي أنك لستِ كبيرة وأنك أنتي من كان يرفض الزواج

مخافة أن يمسك زوجك السابق ابنتك عنك وعن زيارتك حين تصيرين في

عصمة رجل غيره , وامرأة في السادسة والأربعين لا تعد كبيرة وأراك

لا تزالين محتفظة بنظارتك وجمالك "

وقفت وتمتمت مغادرة " بل أراك لا تهتم إلا بمصلحتك وما ستستفيد

من مركزه وقسما لولا وعدي لأواس ما وافقت ولتجلدني زوجتك

أرحم لي من رجل جلاد آخر في مسيرة حياتي "





*~~***~~*






وقفت بجانبها واضعة يداي وسط جسدي أنظر للأرض الخالية من

المزرعة فقالت " والآن ما الذي تخططين له يا سراب بعدما نلتِ

نصيبك الرائع من ثروة العجوز "

نظرت جانبا وقلت " لا أعلم قد أبيعهم وأوفر المبلغ للضرورة

أو أبدأ بهم مشروعا صغيرا "

قالت ببرود " فكرتين سيئتين "

قلت بضيق " وأتحفيني بأفكارك سيدة عبقرية "

نظرت لي وقالت " تدخري المال يعني أن تصرفي منه شهريا وتخرجي

زكاته كل عام وفي ظرف سنوات قليلة ستصبحين بلا مال والمشروع

يحتاج لعقل مدبر اعتاد على هذا ليس فتاة لا تملك إلا الدموع "

دفعتها من جانبي وقلت بضيق " توقفي عن السخرية مني "

دفعتني أيضا وقالت " ليست سخرية وعليك أن تتخلصي من

ضعفك الجديد قبل كل شيء يا سيدة الأعمال "

نظرت جانبا وكتفت يداي لصدري ولم أتكلم فقالت " والمشكلة أنه

حتى شهادتك لا تنفع لشيء سوا أن تحرثي هذه الأرض وتزرعيها "

نظرت لها بسرعة وقلت " معك حق لما لا أطور المزرعة ؟ "

نظرت لي بصدمة وقالت " سراب يا مجنونة هذا العمل يريد رجلا بجانبك

لأن فيه عمّال وتنقّل وسكن هنا في المنزل الموجود بها وأنتي لا أحد

لك سوا خيال زوج غير موجود إلا في قلبك ودموعك "

كنت سأتحدث والغضب أخذ مني نصيبا لكن مات لساني بسبب الخطوات

التي اقتربت منا فالتفتُّ مصدومة ثم عدت بوجهي للأمام وقلت من

بين أسناني " لا أعلم كم مرة سيفضحني لسانك معه "

التفتت للخلف ثم تقدمت مبتعدة قائلة " هذه بتلك الرسالة وجاءت من الله "

ثم ابتعدت ونظري يتبعها بضيق , تنتقم مني وهي من تحدتّني وقبلت

الشروط أيضا , فلو أعلم بما أجاب على رسالتها جعلها تشتعل هكذا ؟؟

شعرت به وقف بجانبي فتحركت لأغادر فأوقفتني يده التي أمسكت

يدي فقلت دون أن أنظر له " اتركني "

قال ببرود " وإن لم أتركك "

قلت بجمود " أعتقد أنها أصبحت مزرعتي ولا يحق لك

دخولها دون إذني "

شد على يدي أكثر وقال " هذا حين لا أكون زوجك "

أشحت بوجهي جانبا فوصلني صوته هامسا " لازلت أنتظرك يا سراب "

لتجمد أطرافي وشعرت بالبرد يدخلها وكأني أقف فيه عارية ونزلت

دمعة يتيمة شعرت بها كقطعة جليد على خدي المحتقن وقلت بغصة

" تأخرتَ كثيرا "

ليشلني أكثر برفعه ليدي التي لازالت في قبضة يده وقبّل كفها بهدوء

فاستللتها منه ومسحت دمعتي سريعا كي لا يراها ثم ابتعدت عنه عدة

خطوات ووقفت مقابلة له وقلت بأسى " ماذا تريد بكل هذا يا آسر ؟ "

قال بهدوء مركزا نظره على عيناي " أريد زوجتي "

قلت بابتسامة ساخرة " بعد ماذا ؟ "

ثم مسحت أنفي بظهر يدي وقلت بحنق " بعد أن لعبت بي تلك اللعبة وبعدما

تماديت في إهانتي حتى جعلتني أكره نفسي وبعد أن أخرجتني من حياتك

وأتلفت مالي أمام نظري وفصلتني عنك في الميراث تأتي لتقول زوجتي "

قال بهمس خرج معه بخار تنفسه بسبب البرد " عودي يا سراب "

رميت يدي وقلت بغضب " سبق وقلت أني لم أذهب لأعود

وهذه هي أنا لم أتغير "

تقدم نحوي ورغم تراجعي إلا أنه أمسك ذراعاي وقال ونفسه الساخن

يلفح برودة تقاسيم وجهي " سأنتظرك يا سراب فلن أجبرك على شيء

وسأنتظر سراب التي عرفتها سابقا لتأتي حين تتعرف على

نفسها وعلى آسر "

ثم ضمني لحضنه بقوة لم أستطع مقاومتها رغم جميع محاولاتي حتى

تركني من نفسه ثم قال مغادرا " لقد غطيت سقف المنزل كما طلبتِ

مني وانتظرك لنبدأ من هناك أو سأبقى مكاني "

ثم اختفى خياله شيئا فشيئا ونظري يتبعه بدموع ملئت وجهي , بحجم حبي

وشوقي له فأنا مجروحة منه وها هوا لم يكلف نفسه أن يعتذر عما فعل لي

سابقا ولا أن يبرر أفعاله الأخيرة ولا أن يفصح عن مشاعره نحوي وجاء

فقط ليقول كلمته المعتادة عودي وعودي , انهرت جالسة على الأرض أبكي

كلماته بمرارة رغم جهلي لفحوى أغلبها الذي كان مبهما ويحكي

عن أمور يبدوا أني أجهلها





*~~***~~*






جلستْ مقابلة لي ولسدين وأنا أطعم ندى وقالت بضيق ناظرة لها

بجانبي " متى ستقررين العذل عن جنونك ؟ "

قالت سدين ببرود " ليس جنونا لما كان إياس وافقني عليه "

قالت بحدة " ومنذ متى كان إياس يرفض لك طلبا أو يعارضك

في شيء فلم يفسدك أحد غيره "

تمتمت بخفوت لم يسمعه غيري " يا أسطوانة كل يوم هذه "

قالت أمي بضيق " تحدثي معه على الأقل وتناقشا لتصلا لحل لما بينكما

بدلا من بقائك صامته دون ذكر السبب ورفضك لمقابلته ولا الرد

على مكالماته "

قالت بشيء من الضيق " أمي لا أريد أن أخطئ في حقك بكلامي ولا أن

أرفع صوتي عليك وهذه حياتي أنا من أقررها وتعلمين جيدا ثقة إياس

بي وإن طلب مني العذل عن قراري فقسما أكون الليلة في منزله هناك "

تأففت ثم نظرت لي فانتفضت في مكاني وقالت هي بضيق

" وأنتي ؟ "

قلت بتوجس " ما بي أنا ؟ "

قالت بضيق أكبر " لما رفضتِ أن يُعقد قرانكما الآن ؟ ما الفرق

بين الآن وبعد أسبوعين "

نظرت لصحن الطعام في حجري ولم أتكلم فقالت بحنق " لا أعلم ممن

أجدها فيكم ؟ وزاد عليكم شقيقكم تارك زوجته هناك وكلما تحدثت معه

عن الأمر قال ( اتركي الأمر لي ) ولا أره فعل شيئا سوا الهروب مني

خارج المنزل طوال النهار "

قلت بهدوء حذر " أمي تعلمين جيدا أن إياس مشغول كثيرا

هذه الفترة ولا يتهرب منك "

قالت بحدة " أجل وقولي أني أكذب "

نظرت للأسفل وقلت بشبه همس " حاشاك من الكذب لم أقصد "

وقفت حينها وغادرت تتأفف ووقفت سدين بعدها وقالت بضيق مغادرة

" لا أعلم هل أنا من ستعيش معه أم غيري ليقرروا عني وينتقدوني "

تنهدت بأسى ونزلتْ ندى من الكرسي بصعوبة وركضت خلف سدين

تناديها فوضعت الصحن على الطاولة أمامي أنظر للفراغ بشرود أفكر

في كل ما وجدت نفسي فيه فجأة وما سيكون مستقبلا وزواجي من بسام

بعد أسبوعين فقط , ارتجف جسدي لصوت هاتفي الذي رن في حجري

وكان رقم حلا ابنة عمي فرفعت هاتفي وأجبت عليها فقالت من فورها

" مرحبا بالعروس "

قلت بابتسامة باهتة " مرحبا حلا كيف حالك والجميع "

قالت ضاحكة " بسام بخير لولا يهلك نفسه في منزلكما يريد

إنهائه بأسرع وقت "

قلت بخجل " حلا توقفي عن قول الحماقات "

ضحكت وقالت " حاضر , ابن عمك الذي اسمه بسام قال لي أسألك

عن لون ستائر صالون الضيوف وصالونها أو إن كنتِ تريدين

اختيارها بنفسك "

شعرت أني غرقت في ثيابي وأني سأبكي من الارتباك ومن الفكرة

أجمعها فقالت عندما طال صمتي " رغد أين ذهبتِ ؟ "

قلت بشبه همس " معك "

قالت من فورها " ماذا أقول له ؟ "

قلت سريعا " لا يهم كما يريد "

قالت بصوت منخفض بالكاد يُسمع " وغرفة النوم "

فشعرت بنفسي تحولت لكتلة صخرية لو ضربني أحدهم لتفتتّ وما معنى

أن تهمس همسا غير أن يكون .... ؟ ؟ سمعت صوتا رجوليا بقربها قائلا

" ماذا توشوشين لها "

فأغلقت الخط عليها بيد مرتجفة ورميت الهاتف جانبا , لا أعلم لما يأخذ رأيي

في كل هذا ! ما سيفرق إن اختاره هوا أو أنا ؟ كل يوم أشعر بالحيرة والضياع

في أمره أكثر فإن كان كما ضننت يريد فقط أن ينتقم من رفضي له سابقا ما كان

ليأخذ رأيي في كل شيء أم تمثلية أمام عائلته فقط ؟ تأففت ووقفت متعوذة من

الشيطان ورفعت الصحن متوجهة للمطبخ لأقطع سيل هذه الأفكار فأن أغيّر

رأيي الآن سيكون فيها موتي على يد والدتي لذلك لا حل أمامي سوا أن

أسلّم أمري لله ورقبتي لبسام ينهي باقي نحرها







*~~***~~*








جلست أتأملها من بعيد سارحة بنظرها ليس في الأطفال اللذين يلعبون ولا

في ضحكات الناس التي ترتاد الحديقة للتنزه بل في الفراغ في الا شيء وهذا

حالها لم يتحسن أبدا بل أراه يزداد تقهقرا من بكاء ليلا لحزن وشرود نهارا

وقلبي ينفطر عليها ولا أجد لها حلا أبدا , سحقا لك يا أواس لو أجدك أمامي

لقتلتك للحال التي أعدت فيها شقيقتي لنا ميتة تسير بين الأحياء عجوز وهي

في ريعان شبابها وجمالها , جماد يتنفس لا يرى ولا يسمع ولا يعي شيئا

ولو أفهم فقط أين اختفى وما السبب ؟!!

" قصي "

نظرت للجالسة أمامي ولم أتكلم فقالت ناظرة جهة دُرر " خذها لتبحث

عنه لعلها ترتاح يا بني قبل أن نخسرها للأبد "

قلت بأسى " وما بيدي يا أمي فأوراقي لم تنتهي بعد ولا يمكنني

السفر الآن وعاجز عن فعل أي شيء غيره "

قالت بحزن " والحل بني والحل الآن ؟ "

نظرت للأرض وتنهدت بضيق وقلت " لو بيدي حل ما تأخرت به وأنتي

تري حالها أمامك تصر على كلامها ورأيها فيه وحتى الآن لم أستطع

إخبارها بما وصلني من أيام , أقسم أن تجن لو علمت "

قالت بهدوء حزين " وهل ستخفي الأمر عنها طوال العمر يا قصي "

رفعت نظري لها وقلت بضياع " لا أعلم , في الوقت الحالي مستحيل

سأتركها حتى تيأس منه وتتقبل فكرة تركه لها ثم نخبرها لتقتنع أنه

عليها أن تعيش حياتها وأن تنساه وتتزوج أيضا "

هزت رأسها بحيرة وحزن ثم وقفت وقالت " اذهب لها وأنا سأرجع

للشقة فخالتك ستخرج بعد قليل وعليا أن أكون بقرب جدتك "

ثم غادرت عائدة لشقتنا التي لا تبعد عن هنا سوا بشارع واحد ووقفت

أنا واقتربت منها وقلت " دُرر ما رأيك أن نتمشى قليلا "

رفعت رأسها ونظرت حولها ثم قالت " هل غادرت والدتي ؟ "

قلت بهدوء " نعم فلا يمكننا ترك جدتي وحدها "

وقفت وقالت " إذا فلنرجع نحن أيضا "

تنهدت باستسلام وقلت " كما تشائين وسنسلك طريقا أبعد ما رأيك ؟ "

هزت رأسها بحسنا دون كلام وتحركنا في صمت حتى قلت

" صديق لي لديه عيادة يحتاج لمعاونة له ما رأيك أن تعملي هناك

منها تكتسبي خبرة ومنها تمضي وقت فراغك في العمل "

قالت ونظرها على خطواتها " أريد العودة للوطن والبحث عن أواس "

تنهدت بضيق وقلت " جربي العمل معه هذه الفترة حتى يتسنى

لنا الوقت للعودة جميعنا "

قالت متجاهلة كل ما قلت " سأطلب من والده أن يأتي لأخذي فوحده

المحرم لي غيرك بما أنك يبدوا ستتأخر كثيرا "

قلت بشيء من الضيق " دُرر لما لا تريدي أن تقتنعي أنه لو أراد أن

يبقى معك ما ذهب وتركك , لو كان يحبك ما تخلى عنك بمجرد أن

حصل على غرضه وانتقم لنفسه من جدك "

قالت بضيق أكبر " لا ليس صحيحا , أواس يمر بشيء ما وعليا أن أجده

وأكون معه فلا أحد منكم يعرفه مثلي وبلسانه قال لي أنه إن أبعده شيء

عني سيكون رغما عنه ومن أجلي فقط وسأذهب للبحث عنه وإن

سافرت وحدي وتحملت الإثم "

ثم أسرعت بخطواتها وسبقتني متوجهة لعمارتنا التي أصبحت ظاهرة لنا

من بعيد ووقفت أنا مكاني أراقبها بقلة حيلة , ماذا إن علمتِ أنه طلّقك

يا دُرر أنه أرسل ورقة طلاقك من يومين في ظرف بريدي وتركك

للأبد ؟ كم أخشى عليك من نفسك وقلبك يا شقيقتي



نهاية الفصل ...

دقائق ونزل الفصل السادس والأربعون



الساعة الآن 05:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية