منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   (رواية) حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (https://www.liilas.com/vb3/t201397.html)

برد المشاعر 22-11-15 02:58 AM

حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




أسعد الله صباحكم وكل أوقاتكم بكل حب وها قد عدت لكم

كما وعدت وأتمنى أن أكون عند ظني بكم


بداية أحب أشكر كل من قدم لي يد العون فيها , أختي الغالية

طعون ودفعها التشجيعي لي لأني كدت أوقفها والعزيزة على

قلبي الأخت فيتامين سي لما قدمته من الكثير والكثير لي الآن

وسابقا وجميع من انتظروا الرواية وشجعوني على المضي فيها


الرواية لم تكتمل عندي بعد ومن أجلكم قدمت وقت تنزيلها وآمل

أن تنال استحسانكم وأن نقضي معها وقتا كأوقاتنا الجميلة السابقة



الغلاف هدية الأخت فيتامين سي جزاها الله كل خير هي وكل

من تعب عليه لكي تقدمه لي وكانت أروع هدية لي بعد قصيدتها

السابقة الرائعة عني وعن كتاباتي فلك جزيل الشكر والعرفان




http://i.imgur.com/svw3yuY.jpg



ولنبدأ بعون الله الواحد الأحد





برد المشاعر 22-11-15 03:15 AM

رد: حصون من جليد
 




~ رواية حصون من جليد ~




المقدمة







غرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف

ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن ورجل يليق

بهذا المكان بمعطفه الخريفي الرمادي رغم أننا في فصل الصيف وطاولة

واحدة أمامها كرسيان فقط ليس لضيق المكان لكن لأنه لا يدخله أكثر من

شخصين, أخرج ذاك المجلد الكبير الذي أكله الغبار وإهمال ما فيه مع

مرور السنين ثم رماه على الطاولة ليصدر صوتا ثقيلا غليظا وكأنه

كيس رمل سقط عليها ثم نفخ جوانبه بشفتيه بقوة نثرت غباره عليهما

ليزيد سوء هذا المكان الكئيب الذي يسبب الاختناق بسبب الحرارة

وانعدام ضوء الشمس والهواء النقي فيه

فتحه وورق بضع أوراق حتى وصل للرقم المطلوب ( مجموع

القضايا المدونة والموثقة من القضية 1577 إلى القضية 1597)

تتبعها بإصبعه حتى وقف على الأرقام المطلوبة ثم أغلقه من جديد

وقلبه وفتحه من الجهة الأخرى وورقه حتى وصل لصفحاتهم ثلاث

قضايا متشابهة ومتتالية في نفس اليوم وبأوقات مختلفة وها هوا

يُفتح ملفها المنسي منذ عشرين عاما , نظر لهما ثم قال

" ها هوا المطلوب القضايا والمحاضر وأسماء الشهود

وكل ما يتعلق بها مدون ومثبت بالوقت والتاريخ "

ثم نظر للصفحة مجددا وتابع " 22/ 5 / 1990 الساعة السابعة

صباحا اختفاء الطفلة ( ترجمان أحمد صياد ) العمر 4 سنوات

الظروف غامضة والأسباب غامضة وبعد ثلاث أعوام أغلقت

القضية ودونت ضد مجهول

22 / 5 / 1990 الساعة الثالثة ظهرا اختفاء الطفلة

( سراب حلمي نصران ) العمر3 سنوات الظروف غامضة

والأسباب كذلك مجهولة , بعد عامين أغلقت القضية

ودونت ضد مجهول

22 / 5 / 1990 الساعة الثامنة مساءً الطفلة ( دُرر علي رضوان )

العمر 5 سنوات اختفت تحت ظروف غامضة أيضا لتُغلق القضية

بعد أربعة أعوام ودونت ضد مجهول كسابقتيها "

ثم رفع رأسه لهما وقال " أروني الإذن من المحكمة لفتح

ملف القضية مجددا لو سمحتما "









الفصل الأول







وضعت يدي على كتفه ونحن ننظر للثلاثة القادمين جهتنا ببذلتهم

العسكرية والنجوم التي تزين أكتافهم بأجساد بناها كثرة التدريب

الشاق لسنوات على الأرض وفي الجو وفي البحر في هذه البلاد

وخارجها لنصنع منهم ما نريد جيلا سيحمل رايتنا في المستقبل

فكل بطل عليه أن يورث البطولة لغيره كي لا يحدث شرخ لا

يمكن ترقيعه ويبقى التاريخ يحكي عن أمجاد القدامى ويتحسر

المستقبل عليهم

شددت على كتفه أكثر وقلت بفخر " ها هم عادوا كما نريدهم "

قال بابتسامة جانبية " لا أعلم لما أشعر أن الآمال التي تعلقها

على هؤلاء الضباط تحديدا وتجعلك تميزهم عن غيرهم هي

التي سترمي بك وبنا للهلاك "

ضحكت وقلت " سترى ما سيفعلون وكما تعرفني لا أثق بأحد عبثا "

وصلوا عندنا ليضربوا التحية بوقفتهم المستقيمة الصلبة ونظرتهم

الشامخة وابتسامة الفخر والانتصار على أنفسهم فبدأت بمصافحة

كل واحد فيهم بيد واليد الأخرى تقبض على الذراع الآخر بقوة وكأني

أقول لهم بها نعم هكذا أريدكم أجل أنتم من سيأخذ مكاننا في المستقبل

القريب جدا ومن سيسجل لكم التاريخ بطولات جديدة تضاف له

قلت بعدها بثبات " طبعا حفل التكريم سيكون غدا وأنتم على

رأس القائمة لكني فضلت استقبالكم هنا ما أن تنزل طائرتكم

العسكرية الخاصة لأنكم صنع يداي "

ازدادت ابتسامتهم التي أراها واحدة رغم اختلافها , ابتسامة القوة لدى

( آسر ) وابتسامة الثقة والاعتزاز بالنفس لدى ( إياس ) والابتسامة

الغامضة التي تُفَسر بملايين التفاسير فيها القوة والحدة والتحدي وحتى

الشراسة وهي لـ ( أواس ) فلطالما رأيت أن لكل واحد منهم من اسمه

نصيب , قال العقيد شاهين بجانبي " وطبعا العشاء على

شرف رئيسكم رفعت الليلة "

ضحكت وقلت " بالتأكيد فهناك مهمة مستعجلة في انتظار

فريق المهمات الصعبة فقد اشتاقت المداهمات لكم "

ثم نظرت لإياس وقلت " أما أنت فوالدتك لن ترحمني معك

إن لم تذهب لها أولا لتراك "

ثم نظرت للاثنين المتبقيان وقلت " ولنرى في ظروف البقية "

قال آسر مبتسما " أواس أيضا ستقول أنه متزوج وعمته مشتاقة

له يعني بقيت وحدي في مصيدتك "

ضحكت وقلت " بلى أنت ابني الذي لن تحده الظروف

عن المهمات الصعبة "

ليشع وجهه فخرا فآسر من فقد حنان الوالدين وعزوة الأهل

والأقارب ورغم ذلك لا تراه إلا شامخا عزيز نفس يكره حتى

كلمة يتيم وهوا من احتضنته الشرطة منذ كان ابن الخامسة عشرة

وتحمل ما عجز الرجال عن تحمله في تلك الكلية وفاجئ الجميع

ولا يقِل عن الاثنين الآخرين في شيء , إياس الشخصية الهادئة

لا يتحدث إلا للضرورة وبالمفيد فقط فيحكم عليه من يراه دون أن

يعرفه أنه مغرور , أواس الغامض صاحب ردود الأفعال الغير

متوقعة الشخصية الصلبة التي لا ترفض المهمات ولا تخاف .

نظرت لهم واحدا واحدا وقلت " دعوني أسجلها لثلاثتكم

غدا إذا وسأطلق سراحكم الليلة "

ليضربوا التحية دليل الانصياع للأوامر ومهما كانت الظروف

ثم أعطونا ظهورهم مغادرين وقال العقيد شاهين " أنت منحاز

وغشاش هل لاحظت ذلك "

ضحكت وقلت " أجل لاحظت لكني لم أقصد ما فهمت فأنا خفت

فقط من شقيقتي فهي تهددني إن حدث لابنها شيء بسببي قاطعتني

لآخر العمر واليوم تتوعدني لأتركه لها تراه ما أن يرجع وتنزل

طائرته , أما أن يكون بينهم فرق عندي فمستحيل "





*~~***~~*





فتحت الباب ودخلت المنزل كان الهدوء والسكون يعم المكان

غريب ألا يعلمون بوقت عودتي !!! كنت سأنادي عليهم لولا

أن أوقفتني اليدان التي احتضنت خصري وعرفت صاحبتها من

الخاتم الموجود في أول سبابتها فشددت يدها وسحبتها أمامي

قائلا " كم مرة قلت لا تلبسي الخاتم هنا كبنات الشوارع "

قفزت لحضني وتعلقت بعنقي قائلة " حمدا لله على سلامتك

اشتقت لك وأنت اشتقت فقط لتوبيخي ومراقبة تصرفاتي "

ضممتها برفق وقلت مبتسما " لأني أخشى أن أجدك المرة

القادمة تعلقين مشابه له في أنفك وحاجبك , أين تؤمك ووالدتك "

ابتعدت عني وقالت وهي تفرقع العلكة في فمها " سلسبيل في

غرفتها ووالدتي في المطبخ فلم تترك شيئا لم تعده لك اليوم "

ثم مدت يدها لي وقالت " الهدية "

ضربتها لها وقلت " هل تريني كنت مسافرا للتنزه أين

رغد أليست هنا "

هزت رأسها بلا لحظة قدوم والدتي نحوي تمسح يديها بمنشفة وعلى

وجهها تلك الابتسامة التي تعيد الحياة لهذه الروح المتعبة التي أنهكتها

المسئوليات الملقاة على عاتقها , وصلت عندي وقد غزت الدموع تلك

المقلتين التي لا تعرف غير الحنان والرقة فاحتضنتها وقبلت رأسها وقلت

" لما الدموع يا أمي , هذا وأنتي تريني أمامك بكامل صحتي وعافيتي "

ابتعدت عن حضني وقالت وهي تمسح دموعها " هوا الشوق لك

بني وقد أقسمت على خالك أنها آخر مرة يخرجك فيها دورة

تدريبية يكفي كل حين يرسلك لمكان جديد تغيب عني لأشهر "

أبعدت يدها عن خدها وقبلتها لها وقلت وأنا أمسح بقايا دموعها

من على خديها " لن أسافر مجددا اطمئني يا أمي "

ضمت يدي لصدرها وقالت " بلى مع عروسك وتُفرح قلبي "

ضحكت وقلت " وهل ستفكرين أن تحرميني من ذلك "

ثم نظرت حولي وقلت " سلسبيل أين ورغد لما لم تأتي "

قالت أمي للخادمة التي اقتربت منا " نادي سلسبيل من

غرفتها "

ثم نظرت جهتي وتابعت " كنا نظن أن طائرتك ستنزل بعد ساعتين "

قالت الخادمة " حاضر سيدتي وحمدا لله على السلامة سيد "

قلت " سلمك الله خذي حقيبتي لغرفتي وجهزي لي الحمام بسرعة "

غادرت من فورها وقلت مجددا " أين رغد أم ستأتي بعد ساعتين "

نظرتا لبعض ولاذتا بالصمت فقلت بريبة " ماذا هناك !! "

قالت أمي بتردد " هي .... أعني مشغولة اليوم ولديها ضيوف

وقالت ستأتي فيما بعد "

قلت بضيق " مشغولة أم أن زوجها يمنعها من المجيء "

قالت بسرعة " بل مشغولة كيف تبقى عنك فأنت تعلم كم تحبك "

قلت بجدية " لا أعلم حتى متى ستتسترون عنه أقسم إن اشتكت

لي فقط ولو بحرف واحد أن يرى حسابه مني "

قالت بخوف " إياس بني لا تجعل المشاكل تبدأ بينك وبين

نسيبنا , لا توجد حياة بين زوجين تخلوا من المشاكل البسيطة

وتدخُّل الأهل قد لا يزيدها إلا تعقيدا "

قلت بغضب " ونسكت له ويكبر رأسه أكثر , لي حديث آخر

معها ما أن تأتي وأقسم لولاها ما رضيت به وأنتي أكثر من يعلم

بذلك يا أمي وكان أكبر خطأ ارتكبته في حياتي ولن يتكرر ثانيتا "

اقتربت حينها سلسبيل منا قائلة " ما أكثر صحتك يا أخي

تصرخ وأنت منهك وقد عدت من السفر للتو "

ثم احتضنتني قائلة " حمدا لله على سلامتك حضرة الضابط إياس "

مسحت على ظهرها وقلت بهدوء ممزوج بالضيق

" سلمك الله , نزعت شقيقتك وزوجها راحتي ومزاجي "

ثم غادرتُ من عندهم وللسلالم فورا قاصدا غرفتي





*~~***~~*







غادر إياس مستاء ولوت سلسبيل شفتيها وقالت " لا يكن قصد

ابنك أنه سيضع خطيبي تحت المجهر ويفتشه "

قلت بضيق " شقيقك وكلمته نافذة على الجميع ومعه حق

فقد أطاع رغبتها وها هي النتائج أمامكم "

قالت بضيق أكبر " لا يوجد رجل كما يريده هوا لقد انقرض

ذاك النوع وعليه أن لا يتحكم في خصوصياتنا أيضا "

قالت سدين " يبقى يفكر في مصلحتنا وهذا اسمه خوف وليس تحكم "

نظرت لها وقالت " لا تتبجحي فأنتي لم تقفي موقفنا بعد "

قالت بجدية " أقسم إن رفض شخصا سيرتبط بي لكنت

سأرفضه ولو كنت أعشق التراب الذي يمشي عليه "

ثم قالت مغادرة " لأني أعرف جيدا أنه لن يرفضه كرها لي

بل حبا لي ولمصلحتي واسألي رغد أمامك "

ثم اختفت خلف السلالم حيث مكانها المفضل هناك وقالت

سلسبيل " أقسم يا أمي أني لن أسكت أبدا "

قلت بضيق " يكفيك جنون ثم هوا لم يتحدث عنه بشيء "

قالت باستياء " وما قصده بأنه خطأ لن يتكرر "

قلت بحدة " إن كنتِ متأكدة من أن خطيبك يعيبه الكثير فتلك

مشكلتك ولن أعانده وأقف معك كما حدث مع رغد هذا شقيقكم

الذي رباكم ويخاف عليكم وتحمل مسئوليتكم صغيرا فقدروا

على الأقل تعبه لسنوات من أجلكم "

قالت مغادرة وهي تنفض ثيابها " تحمل وربى وصرف

ووووو , أزعجتمونا بهذه الاسطوانة "

ثم صعدت السلالم غاضبة أيضا وهززت أنا رأسي بقلة حيلة

ثم تبعتها لكن ليس لنفس وجهتها بل لغرفته , طرقت الباب

ودخلت فكان ينزع سترة بذلته العسكرية وقال مبتسما ما أن

رآني " زارتني البركة واشتقت لهذه الزيارات "

اقتربت منه وأخذت السترة من يده وقلت " وما سأقول أنا , إياك

والابتعاد عني مجددا يا إياس وارحمني من الانشغال عليك طوال

الوقت فحتى نومي تنغص منذ أول يوم سافرت فيه "

نزع القميص تحتها وقال " أقسم لن أسافر مجددا لكل هذا

الوقت , انتهى تدريبنا يا أمي "

وضعت السترة على السرير وجلست عليه وقلت " لا أعلم لما

وحدكم من بين رجال الشرطة يتنقلون بكم كالحقائب ؟ أعرف

أخريات أبنائهم درسوا معك ولم يسافروا "

ضحك ورفع السترة مجددا وأخرج منها هاتفه ومفاتيحه ووضعهم

على الطاولة ثم قال وهوا ينزع قميصه الداخلي " ومن يرفض

الترقية والخبرة يا أمي أنظري لمن تتحدثين عنهم

لازالوا برتبهم ذاتها حتى الآن "

قلت ببرود " المهم أن بالهم مرتاح عليهم "

ثم تابعت بضيق " وكم مرة قلت لك لا تنزع كل ثيابك وتبقى هكذا

صدرك عاري أمامي احترمني يا ولد أنا لست زوجتك "

ضحك كثيرا وقال " وما في هذا ألستِ من أنجبني ورباني

بل وحممتني بيديك "

قلت بذات الضيق " ذلك وأنت طفل ليس رجلا هكذا ثم أنا

أخاف عليك حتى من عيني وأنت بهذا الجسد "

حملها مجددا وقال وهوا يلبسها " ها قد لبستها فقط لا تغضبي "

قلت " نعم هكذا وإن كنت لست راضية حتى عنها هي "

ضحك وتوجه نحوي وجلس بجانبي وقال " وكيف تدخلين

غرفتي وتشترطين علي ؟ هل ذهبت لك لغرفتك هكذا "

ضحكت وقلت " معك حق يعني أنا المخطئة "

قبل يدي وقال مبتسما " بل أنا المذنب لكني سأكررها "

ضربته على رأسه وقلت " لن تتغير أبدا عنيد وتتجاهل

مالا تريده منذ كنت طفلا "

قال بعد ضحكة " أمري لله لا أحد غيرك يشهد على طفولتي "

قلت بهدوء " أعلم أنك متعب وتريد أن تستحم وترتاح لكن علينا

أن نتحدث في موضوع رغد أولا فقد تأتي في أي وقت "

غزى الضيق ملامحه وقال " أمي لا تعانديني هذه المرة أيضا "

تنهدت وقلت " بني شقيقتك لديها طفلة منه ماذا إن كثرت

المشاكل بينكما وبينهما وطلقها وأخذها منها "

وقف وتوجه للخزانة وفتحها وقال " وذلك يوم المنى ولا

تخافي فذاك المستهتر لن يتحمل مسئولية ابنة أعرفه جيدا "

قلت بدون يأس " إياس أعلم كما يعلم الجميع أنك تفكر في مصلحة

كل واحدة منهن لكن لا تجعل التهور والحمية يتغلبان عليك "

التفت لي وقال بضيق " متأكدة إذا أن الأمر سيصل بي للتهور "

ثم أغلق بابها بقوة وقال بحدة " هل رأيتم النتائج يا أمي هل أتاكم

كلامي لما لا يفكر أحد بأني أريد مصلحة كل واحدة منهن وأخاف

عليها أكثر من نفسي وأنا من ربيتهم بيداي بعدما مات والدي وترك

رغد أكبرهم ابنة العشر سنين , حرمها ذاك الصعلوك من دراستها

وقلنا لا بأس رأيه وله فيه نظر , يمسكها عن زيارتك بالأسابيع وقلنا

زوجته ولا يريد أن تخرج كثيرا لكن أن يسخر منا ويضن أنه لا

أحد ورائها ويهتم لأمرها فلا يحلم بها وعليكم اطلاعي على كل

شيء أو عرفته بطريقتي "

قلت " ولكن .... "

قال مقاطعا لي " من غير لكن وإن لم تأتي اليوم ذهبت

لها بنفسي في أقرب وقت "

تنهدت باستسلام وقلت " و سلسبيل إن كنت ستقرر رفض خطيبها

فدعنا نمهد لها الأمر أولا ونذكر السبب فهي تصر عليه "

قال بضيق " عشنا ورأينا وهل سنترجاها أيضا لتوافق رأينا

أمين من خيرة ما رأت عيني خطب رغد ورفضَته ابنتك من أجل

ذاك الصعلوك فقال لا بأس أنا لا أريد إلا أن أناسبك فتحدث مع

سلسبيل ورفضناه من أجل من خطبها قبله وبرضاها فقال أخاف

أن أطلب الثالثة وترفضني فخجلت حتى أن أقول له شيئا فهوا

يرى بعينه أنه لا رأي لي في شيء وسترفضه سدين أيضا "

قلت بهدوء " سدين تعرفها جيدا لا ترفض لك طلبا

ولو فيه قطع عنقها "

قال متوجها جهة الحمام " ولما أُجبر أعقلهن فلتختار بنفسها أيضا "

ثم دخل وأغلقه خلفه فوقفت وتنهدت بضيق وقلة حيلة وخرجت

من غرفته ونزلت للأسفل وتوجهت لغرفتي , حملت هاتفي واتصلت

برغد فأجابت سريعا قائلة " مرحبا أمي كيف حال إياس هل وصل "

تنهدت وقلت " نعم ويسأل عنك كثيرا "

قالت ببكاء " كم اشتقت له ولو بيدي لاستقبلته معكم "

جلست وقلت " هوا غاضب وشعر أن ثمة شيء بينك وبين

مصطفى وقال أنه سيذهب لك بنفسه إن لم تأتي "

قالت مباشرة " لا كيف يأتي تصرفي يا أمي وأنا

سآتي له فيما بعد "

قلت بضيق " اسمعي يا رغد أنا أيضا بث مقتنعة بكلامه وعليه

أن يوقف زوجك عند حده ويجد لما بينكما حلا "

قالت ببكاء "وما الحل برأيك وأنا من اخترته وأصررت عليه

كيف سأقول الآن لإياس ما يفعله بي "

قلت بضيق " وإن يكن فشقيقك مستاء منه وليس منك وتبقين

شقيقته وأراه على حق فزوجك يبدوا يرى أنه لا

سند لك يردعه عنك "

قالت بذات بكائها " أخاف أن تكبر بينهما ويأخذ مني ابنتي

تصرفي يا أمي فإن جاء الآن هنا ستكون مصيبة "

قلت " وكيف تريدي أن أمنعه ؟ جربت التحدث معه وما ازداد

إلا غضبا فجِدي حلا لتأتي أنتي وأخفي ما يمكن إخفائه

حتى نرى ما سيفعل شقيقك معه "





*~~***~~*





دخلت الجناح مباشرة لأني لم أخبر أحدا بقدومي ولا بوقته

فتحت الباب ووجدتها جالسة على الكرسي ساق على الأخرى

وتنظر لي بتلك النظرة التي أعرف معناها جيدا , فتحت أزرار

سترتي وأنا أبادلها بنظرة توعد إن كان ما في بالي صحيحا وفعلَتْه

رميتها على السرير وكنت سأنزع القميص ثم غيرت رأيي ورفعت

السترة ولبستها مجددا وخرجت من هناك ونزلت السلالم وأنا أغلق

أزرارها وتوجهت لغرفتها طرقت الباب ودخلت فكانت تجلس على

سجادتها وبملابس الصلاة فنظرت لي مباشرة ووقفت بسرعة

وتوجهت نحوي مبتسمة وحضنتني قائلة " أواس حمدا لله على

سلامتك بني لما لم تخبرنا بقدومك "

قبلت رأسها وقلت " ولما أشغلك ثم أنا أعرفك ستقضين

يومك في المطبخ حينها "

ابتعدت عني وأمسكت يدي وقالت وهي تسحبني منها

" تعال طمئني عليك واحكي لي كل ما حدث معك "

وقفنا حيث الأريكة التي تريد أن نجلس عليها وقلت

" لاحقا يا عمتي أنا الآن متعب وأريد أن أستحم وأنام "

مسحت على ذراعي وقالت بحنان " وهوا كذلك بني لكن عليك

أن تعلم أولا أن والدك يسأل عنك ويريد رؤ .... "

قاطعتها بضيق " كم مرة قلت أنه لا والد لي ولا أعترف

به فهوا لا يعرفني إلا إن أراد شيئا "

قالت بحزن " أواس بني يكفيك من ربط الماضي بالحاضر

فكما الزمن يتغير البشر يتغيرون أيضا "

تأففت وقلت " عمتي هل هذا وقته أريد أن أرتاح أولا "

تنهدت وقالت " كما تريد بني "

قلت بجدية " هل خرجت وجد من المنزل وقت غيابي "

هزت رأسها بلا وقالت " لم تعتب قدمها خارجه وحتى

والدتها زارتها هنا بنفسها كم مرة "

قلت بريبة " ولا أعطيتها هاتفك , تحدثي بالصدق يا

عمتي فأنا أعرفك لا تكذبين "

قالت مغيرة مجرى الحديث " بني سجنها وحرمانها من التواصل

مع العالم هكذا لا يجوز هي بشر في النهاية وزوجتك وإن كانت

أخطأت في شيء رغم أني لا أعلم السبب "

قلت بضيق " أعطيتِها الهاتف أم لا عمتي تكلمي أرجوك "

قالت بعد صمت " قالت تريد أن تتحدث مع والدتها "

قلت بحدة " نبهتك كثيرا يا عمتي , ألم أنبه على هذا "

أمسكت يدي وقالت مباشرة " تحدثت به مع والدتها وأمامي "

قلت بغضب " ثم ابتعدت عنك أليس كذلك "

قالت " والدتها ومؤكد تريد أن تقول لها شيئا خاصا بينهما "

نفضت يدي من يدها وخرجت ركضا للأعلى حتى وصلت الغرفة

وفتحت الباب بقوة وغضب فوقفت من فورها فتوجهت نحوها وأمسك

ذراعها وهززتها وقلت " هكذا إذا يا وجد تعصين أوامري ككل مرة "

قالت ببرود " واضربني أنت ككل مرة فلم يعد يؤثر بي

وطلقني إن كانت لك ذرة رجولة "

صفعتها حتى وقعت أرضا وقلت " لأنه لدي ذرات وليس ذرة

واحدة لن أطلقك لتفعلي ما تخططين له من قبل أن تتزوجيني

وتسرحي وتمرحي كما تريدين وأقسم إن علمت أن هاتفا لامس

أذنك مجددا زرتِ تلك الغرفة في الملحق وأضنك تذكرينها جيدا

وطلاق لن أطلقك وستبقي هكذا حتى تموتي هنا وتتعفني "

قالت بسخرية وهي تمسك خدها ولازالت جالسة على الأرض

" أنت مريض يا أواس هل أخبرك عقلك بذلك وتلك الغرفة

والدماء التي فيها أكبر دليل "

ركلتها بحدائي العسكري على ذراعها حتى وقعت بصرخة متألمة

وقلت بغضب " أنا المريض أم أنتي يا بائعة الشرف يا من لم

تعفي نفسك وتصوني عرض زوجك وتتخيلي بأنك ستتخلصين

مني لتعيشي حياتك كما تريدين , لا ... لا تحلمي بها ثم كم مرة

قلت لا ترتدي هذه الخِلق أمامي ولا تحلمي أن أقترب منك "

عدلت جلستها تمسك ذراعها وتتألم ثم قالت " غرفتي وسجني

وألبس ما أريد أم أنك تخاف على نفسك من الاقتراب

مني وتتحجج "

قلت بسخرية " هه أنتي ..!! أقسم أن تنقطع يدي ولا

أدنسها بجسدك مجددا "

وقفت بصعوبة وتوجهت للسرير وجلست عليه وقالت ونظرها

للأرض " لعلمك فقط أنا لم أتحدث إلا مع والدتي لتعلم

أنه إن أردتُ شيئا فسأفعله ولن يمنعني شيء "

قلت بغيظ " أقسم يا وجد وقسما بمن خلقك وخلقني من لا تعرفيه

وقد بعتِ دينه بالفجور أني سأسجنك هناك إن فكرتِ ثانيتا باستدراج

عمتي بأكاذيبك لتساعدك في شيء مجددا وأرني ما تستطيعين

فعله لأريك ما أستطيع أنا "

ثم تركت الغرفة بعدما أخذت ثيابي ككل مرة ودخلت حمام الجناح

رميت الثياب من على جسدي ودخلت تحت الماء لينساب على رأسي

وعضلاتي وكل خليه في جسدي وهوا ينهمر عليه وكم أتمنى أن

يطفئ النار في داخلي ولو قليلا , أغمضت عيناي بقوة وأنا أتذكر تلك

المشاهد التي وجدتها تخزنها في ذاكرة هاتف خارجية وتخفيها في مكان

لن يخطر على الجن الأزرق أن يجده , لا وبكل فخر تصور نفسها معهم

وتحتفظ بالأفلام , إن كنت تزوجتها عذراء فهذا يعني أمرا واحد وهوا أنها

فعلت كل ذلك وهي زوجتي وتعيش معي هنا وأنا في سبات عميق بل في

عمل يطول ليلا لساعات وأغلب الأحيان لا أرجع إلا فجرا وسفر لدورات

تدريبية بالأشهر, ضربت الجدار أمامي بقبضتي بقوة متمنيا أن أسقطه

عليها لتموت لكن ليس قبل أن تندم وتنطقها بنفسها نادمة على استغفالي

لك وبيع شرفي وديني فأنا أرها لا تزداد إلا صلابة وتتحداني بأنها

ستتغلب علي يوما وما يسكتها أمام عائلتها معرفتها التامة أن سلاح

جرمها في يدي فلتفتح فمها بحرف وأقسم أن يروه جميعهم في جلسة

واحدة مجتمعين وبحضوري





*~~***~~*





شعرت بحرارة نفسها على أذني وهي تقول بهمس

" ترجمان ماذا حدث فيما اتفقنا عليه "

حركت كتفي لتبتعد وقلت بضيق " كم مرة قلت لك لا تحدثيني

بفحيح كالأفعى وما تريديه لن أفعله لك "

ضربتني على كتفي وقالت " وأين وعدك لي يا غادرة "

قلت ببرود " غيرت رأيي وهل كل من يعد ينفذ "

وقفت وقالت " العجوز لن ترحمك إذا "

قلت بسخرية " بل لن ترحمك أنتي إن سمعت كلامك "

جاء صوت دخل على حديثنا من بعيد حيث الجالسة هناك يخفي

وجهها عنا الكتاب الذي في يدها متكئة على الأريكة " بل سمعها

أشعب بالأمس ولك أن تتخيلي يا ترجمان وجه سراب كيف أصبح "

قالت سراب وقد أشارت لها برأسها " وما أنطقك أنتي يا وسادة

الأريكة تسكتين دهرا وتنطقين شيئا أبعد ما يكون عن اسمك

وشكلك ثم لو سمعك أنتي تقولين عنه أشعب لرأيت حسابك منه "

أبعدت دُرر الكتاب عن وجهها وقالت بسخرية " ومن أطلق عليه

هذا اللقب أليس أنتي يا من اسمك له منك نصيب كبير "

نظرت لي وقالت من بين أسنانها " ترجمان جِدي لنا حلا مع تلك

بما أن العجوز لا تفكر في تزويجها وهي أكبرنا سنا قبل أن

يتعفن هذا الجمال الذي لا تستحقه "

ليتحول الأمر لصرخة حين نزل ذاك الكتاب الصلب على

رأسها وخرجت ضحكتي الهستيرية وغادرت دُرر ضاحكة وتركت

ضحيتها خلفها والعصافير تدور حول رأسها ليتحول ضحكها لركض

حين انطلقت سراب خلفها وبدأتا بالدوران حول الصالون الكبير الذي

يتوسط المكان وأمسكتها سراب أخيرا , دُرر شخصيتها هادئة للغاية

درجة أنها تشعرك بالغموض ونادرا ما نراها هكذا تركض وتضحك

أو تتدخل في أحاديثنا وتسميني أنا وسراب بالجاسوستين من كثرة

ما نجلس نخطط ونتحدث في المفيد وغير المفيد وأكثر ما يعجبني

فيها قوة صبرها على أي شيء تتعرض له

أسكتهما صوت الباب الذي انفتح ويعرفان جيدا باب أي غرفة

يكون وسمعنا تلك الصرخة " ترجماااااان "

يا حظك يا ترجمان ما ذنبي أنا وأنا أبعد من يكون عن كل هذه

الأصوات أم أنها اعتادت أني سبب المشكلات دائما , قلت صارخة

" ماتت ماتت وأراحت البشرية منها أقيموا العزاء يا خالة "

قالت بصوتها الرنان " إذا عزاء سبعة أسابيع بلياليها

وبالذبائح أيضا ما رأيك "

قالت سراب ضاحكة " واجلبوا المغنيات أيضا "

خرج ذاك الصوت مجددا وهي تقول " وأنتي يا حبيبة خالتك

متى ستموتين أيضا أغلقي الباب بسرعة وأنتن توقفن هججتن

المرأة التي خرجت هاربة من صراخكم "

ضحكت وقلت " ستعود بعدما تتشاجر مع زوجها مجددا "

أُغلق الباب كما كان وتحركت دُرر قائلة " لا أعلم متى ستشعر

بها الشرطة وشلة سحرتها وتأخذهم "

قالت سراب ويداها وسط جسدها " كيف تتمنين لها هذا وهي

من ربتك وآوتك وانتشلك من الشارع وحمتك أيضا "

عادت لجلستها السابقة وأمسكت كتابها وقالت وهي تفتحه

" الساحر حده القتل لا أعلم حتى متى سنبقى نعمل بالقوانين

الوضعية فبدلا من أن القاتل يقتل والسارق تقطع يده والزاني

يرجم يسجنوهم لسنوات قليلة ويخرجونهم ليعود السارق لسرقته

وأهل المقتول يرون قاتل ابنهم ويتحسرون والزاني طبعا لم يسجن

من أساسه ويتزوج العفيفة والساحر يعتوا في الأرض فسادا كما كان "

قالت سراب ملوحة بيدها بضيق " أف صدعتنا يا مفتية البلاد ما

رأيك لو ترسمين لثورة شعبية وتسقطين نظام الحكم هنا "

تجاهلتها وعادت لكتابها ولصمتها الدائم , دُرر الوحيدة التي ترتدي

الحجاب بيننا ثلاثتنا وتحافظ على الصلاة أكثر منا وتعشق قراءة

الكتب الدينية خصوصا الردود على أولئك الذين لا أعرف اسمهم

عادت سراب جهتي وجلست بجانبي مجددا وقالت بإلحاح

" هيا ترجمان أنتي وعدتني "

هززت رأسي بلا دون كلام فقالت بضيق " ستندمين يوم

تحتاجين لخدماتي وسترين "

ضحكت ولم أعلق فقالت واضعة يدها وسط جسدها

" لا تسخري مني لأنك الأشجع والرأس المدبر دائما "

نظرت للمبرد وبدأت أبرد به أظافري وقلت " ذاك العجوز لا

يصلح لك لا تصدقي أكاذيبه عليك "

قالت بضيق " هذا ليس من شأنك أنتي فقط تصرفي كيف

تجلبي التوكيل وكل شيء سيسير على ما يرام "

نفخت على ظفري وقلت ونظري عليه " لن توافق تعلمي

أنها لم تزوج ولا حتى دُرر أكبرنا لتزوجك أنتي "

تأففت وقالت " ولما ؟؟ هل تجلب العرسان للفتيات الآتي

يزرنها بخزعبلاتها ونحن تمسكنا عندها "

ضربت لها رأسها بطرف المبرد وقلت " من يسمعك لا

يصدق أنك سراب التي لا يعجبها العجب العجاب وفي

الرجال خصوصا "

قالت ببرود " نعم لكن هذا ليس زواج هذا كيس مال متحرك

حتى متى سنعيش في الفقر والبخل سأضعه جانبا وأعيش حياتي

فهذا عجوز لا يمكنه السعال بقوة ليستطيع النوم مع امرأة "

ضحكت بقوة ولم أتوقف إلا على صوت باب آخر فُتح

ودخل منه رجل وقال " ترجمان تعالي أريدك "

قلت ببرود " ما بكم على ترجمان اليوم ؟ أمامك دُرر

هناك أنا ظهري يؤلمني "

وقفت دُرر ورمت كتابها وقالت مغادرة " تصبحون على خير "

دُرر طبعا لا تعترف به وهوا شقيق العجوز التي ربتنا وترفض

أن يكونا معا وحدهما في مكان واحد وإن كان المطبخ أو وسط

المنزل وتراه رجلا محرما عليها , اقترب منا وقال

" أنتما الاثنتين أخرجا معي حالا "

قالت سراب " وكم ستدفع لي أعلم أنك تريد منا أن

ندفع لك سيارتك الخردة "

شهق وقال " مال يا عقربان ثمنا لمساعدتك البسيطة "

قالت ببرود " مقابل فضيحتي في الشارع "

قال " نحن في الليل الآن ولا عذر لك "

ثم أشار لي برأسه وقال " وأنتي .. هناك مهمة أخرى تنتظرك "

قلت وأنا أشير له بالمبرد " سرقة لن اسرق لك شيئا

سبق وقلتها مرارا "

قال بسخرية " ولما "

قلت بجمود " لأني تُبت هل لديك مانع "

قال باستهزاء " لا يكن شيخك دُرر أعطاك درسا من دروسه

في الأخلاق والمحرمات "

تجاهلته ونظرت لسراب وقلت " لم تخبريني أي ساعة تريدين

أن نخرج غدا "

قفزت وصفقت قائلة بحماس " واااااو رائع وأخيرا وافقتِ "

خرج حينها قائلا " أنتظركما في الخارج "

نظرت لي سراب وقالت " ترجمان لما لا تخبريه سبب

أنك لم تعودي تريدي أن تسرقي له "

رميت المبرد ووقفت وقلت مغادرة " لا علاقة له لأقدم له أسبابي

يكفي أنه من علّمها لي ورباني عليها وأنتي أيضا تخلصي من

الخصلة التي غرسوها فيك وهي حبك المبالغ فيه للمال والثراء "

ثم دخلت الغرفة وأغلقتها خلفي , سراب الصغرى فينا طفولتها

في المدرسة وحرمانها من مستحقاتها التي بين يدي الجميع إلا

هي جعلها ترى الحياة بمنظور مختلف حتى أصبح الأمر بالنسبة

لها أن ذلك هوا متعة الحياة أما أنا فأشعب البخيل ذاك علمني

كيف آخذ كل ما أريد بطريقته ولم أعاني ذاك الحرمان لأن ما

لديهم كان يصبح لدي أيضا وبسهولة , نظرتُ لدُرر التي

تنزع حجابها فهي لا تنزع إلا هنا وقلت متوجهة لسريري

" اسمعي لا تتركي النور طويلا أريد أن أنام "

نظرت لي وقالت " والصلاة يا سيدة ترجمان "

قلت وأنا أدخل السرير " ساعتين أو ثلاث واستيقظ لا تخافي "

فتحت الخزانة وقالت ببرود " المهم لعلمك فقط أنها إن

تجاوزت الثانية عشرة فلن تُقبل منك ولا تتعبي

نفسك وأكملي نومك "

انحنيت للأسفل وأخذت علبة الكريمة من تحت السرير وعدت

لجلستي وقلت " عُلم سيدتي ومسبقا ومرارا هل من أوامر أخرى "

هزت رأسها بيأس وأطفأت النور وجلست تقرأ على النور الخفيف

عند المكتب الوحيد هنا فقلت وأنا أدهن يداي " والقراءة في

نور ضعيف تُضعف النظر دُرتي هل لديك علم بهذا "

قالت ببرود " أعلم نامي ولا تضيعي الوقت فسأوقظك

عند الحادية عشرة ونصف لتُصلي "

ارتميت على السرير وقلت وأنا أرمي اللحاف فوقي " شكرا دُرتي

علمت أن قلبك لن يتركك تنامين قبل أن توقظيني "

تنهدت بضيق ولاذت بالصمت فقلت ونظري للسقف " دُرر هل

ستطاوعين العجوز هذه المرة أيضا في رفض من تقدم لك "

قالت باختصار " لا أعلم "

جلست مجددا وقلت " هل تحدث معك "

قالت " مرتين ونبهته أن لا يعيدها مجددا "

قلت بحماس " وما في الأمر أخرجا وتعرفا أكثر لتعرفيه جيدا

فقد تحدث معجزة وتوافق عجوزنا العنيدة "

قالت ببرود " في أحلامه وخيالك فقط , لن اجلس معه في مكان

إلا وهوا زوجي فليتقدم لها ويطلبني رسميا هذا فقط ما أعرفه "

ارتميت على السرير مجددا وقلت " غبية هذا الشاب لا يفوّت

تاجر وكله مميزات "

ورقت الكتاب بسرعة وقالت " وإن يكن "

تنهدت ولذت بالصمت , متأكدة من أنه يعجبها ومقتنعة

به وتعرف أن تلك العجوز الشمطاء لن توافق , قلت بهدوء

" دُرر لما لا تهربي معه هذه ليست والدتك لتتحكم بك

هي ربتك كيتيمة فقط "

تأففت وقالت " ترجمان إن كنتِ أنتي متمردة وتعشقين

التحدي فأنا لست مثلك , ماذا أهرب معه هل هي غابة "

عدلت نومتِ وقلت " أنتي حرة وما عليا فعلته "

قالت بسخرية " أفعليها أنتي أولا لنرى "

قلت لاعبة بيدي في ظلام الغرفة " إن أردت شخصا

معينا سأفعلها دون أدنى تراجع أو تفكير "

قالت ببرود " نامي نامي ضاع عليك الوقت "

غطيت نفسي باللحاف وقلت " نعم معك حق "

انفتح حينها الباب وأشعلت يد الضوء وهي لسراب طبعا فادعيت

النوم مغمضة عيناي وقالت هي بتذمر " آخر مرة تهربان وأدفع

علبته الصدئة تلك وحدي , لا وصدق نفسه الأستاذ جالس

بداخلها يظن نفسه نحيفا ويقول ادفعي بسرعة "

ضحكت حينها رغما عني فقالت بضيق " أهلا وتدّعين النوم أيضا

لا أعلم حتى متى سيعيّشان نفسيهما ونحن معهم في كل هذا الفقر

غرفة واحدة لثلاثتنا وخزانة واحدة حتى المكتب واحد , منزل أكل

عليه الدهر وشرب وهما يجنيان أموالا كثيرة من الخزعبلات

التي يفعلونها "

غطيت وجهي باللحاف وقلت " أطفئي النور واصمتي لن

تغيري من واقعك شيئا بهذا التذمر الغير مجدي "

تأففت وأطفأته وقالت " نامي نام عليك جبل وكسر عظامك

ولا تنسي سأوقظك باكرا لنذهب للمكان الذي اتفقنا عليه "

قلت من تحت اللحاف " إن أخبرت العجوز أننا ذاهبتان هناك

فلن أذهب معك تفهمي , لا أريد أن توصيني على أعشابها

الكريهة لأشتريها لها "





*~~***~~*





دخلت أنفض التراب من على ثيابي وقلت بضيق " تلك العقربان

سراب أوقعتني وتدعي البراءة , سترى حسابها مني "

قالت ببرود وهي تخلط أعشابها في كيس " هذا لأنك لن تتوقف

عن طلب دفع سيارتك البالية وتعرف درجة تمردهن "

قلت مباشرة " معك حق يبدوا عليا شراء سيارة جديدة "

قالت بصدمة " ماذا سيارة جديدة !! إياك وفعلها فلن يدفع لنا

أحد شيئا إن رأوا الخير علينا "

قلت بسخرية " لا تقلقي ولا أنا لدي مال لأشتري جديدة كنت

أقصد واحدة نصف عمر لكن أفضل من هذه "

هزت رأسها بحسنا فجلست وقلت " أريد أن أعرف

سبب سؤالك عن تلك الأمكنة تحديدا "

نظرت لي وقالت " لأن ساعة الصفر باتت تقترب وما

خططت له لسنوات سنفعله قريبا "

قلت باهتمام " تقصدين زج الفتيات في قضية شبهة وشرف

وشوشرة , لما هذا الوقت تحديدا "

حركت الأكياس أمامها تبحث فيهم وقالت " ليس الآن ولكن ليس

بعيدا جدا فقد علمت أن ملف قضيتهم ثمة من فتحه مجددا "

قلت بصدمة " ممن علمتِ ومن فتحه بعد كل هذه السنوات "

قالت " من مصادري الخاصة ولا يهم كيف ولا أعلم من قام

بفتحها المهم علينا التحرك واختيار المكان المناسب

والتنفيذ لن يكون الآن "

قلت باهتمام " وما علاقته بما تسألين عنه "

قالت بابتسامة ماكرة " بيت دعارة هوا المكان الأمثل "

قلت بصدمة " بيت ماذا !! "

قالت ببرود " ما سمعته فأنا أريدها فضيحة مرتبة ثمنا

لما فعله أهلهم بزوجي وأبنائي الثلاثة من عشرين عام "

هززت رأسي وقلت " أخشى أن لا تجني شيئا فدُرر جدها كان

قاضيا وقتها وتقاعد وسافر منذ مدة طويلة , سراب والدها توفي

ترجمان فقط من عمها لازال موجودا حتى الآن بل وترقى كثيرا

في الشرطة أي ستضربين جبهة واحدة فقط "

قالت " في خيالك فسمعة الرجل لا تموت وإن مات ثم سراب

لديها عم ويكفي القاضي والضابط وقتها أما المدعي

العام سبقه اجله فلا بأس "

قلت " الخوف يبقى منهن خصوصا تلك الشرسة ترجمان

وحتى طويلة اللسان سراب لا تختلف عنها "

أغلقت الكيس وقالت " بل دُرر هي من أفكر فيها فسترفض

الذهاب مهما احتلنا عليهن وعلينا أن نحبكها جيدا ونفكر في

خطة من هنا حتى يحين ذاك الوقت "

قلت بهدوء " لكنهن بذلك سيعلمن أنهن لسن يتيمات جلبناهم

من ميتم وسيعرفون عائلاتهم "

قالت بخبث " لا يهم وقتها ستكون الفضيحة شاعت وانتشرت

وتعفنّ في السجن وأنا وأنت خارج البلاد "








وهنا انتهى بي وبكم الفصل وكما قلت سابقا لا تقيموا روايتي من

فصلها الأول فالأحداث لم ترسم مساراتها بعد ولم تتضح معالمها



الفصل القادم سيكون يوم الخميس إن شاء الله أما باقي الفصول سيتم

تنزيلهامرة في الأسبوع حتى تنتهي الرواية ونعود للتنزيل فصلين

أسبوعيا كما اعتدنا ولي بكم لقاء قريب إن شاء الله




برد المشاعر 26-11-15 02:54 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل اﻷول)
 

يسعد صباح الحلوين بكل حب ومودة

قبل الفصل عندي شوية كلام

أولا أوجه شكري للبنات في المنتدى المجاور الذي تنزل فيه الرواية

على كل كلامهم الطيب ودعمهم لي وحبهم لرواياتي , الأخوات هيدايا

zeze , عبيركك , عبق حروفي , امال س , آيفا رمضان , جولي

dreamamira , أريج الزهور , za.zaza , صرخات هادئة

لكم مني جزيل الشكر حبيباتي وطبعا شكر كبير للغالية فيتامين سي

على مجهودها ونقلها كتاباتي لهم


ثاني شي : كل البنات الذين لم يصلهم علم بالرواية أتمنى أن يلحقوا

بركبنا ولا يكون في نفس أي منهم شيء لأني لم أبغلهم على الخاص

بسبب صعوبة الأمر ولن أستطيع إبلاغ مجموعة واستثناء غيرهم

ويستحيل أن أتمكن من مراسلة الجميع فالتمسوا لي العذر



والآن أترككم مع الفصل الجديد







الفصل الثاني






نظرتْ له ترجمان بتركيز وهوا يمص العصير بواسطة الأنبوب

ثم قالت بهمس " متى سيتحدث عجوزك هذا "

وكزتنها بمرفقي وقلت بهمس " أصمتي لا يسمعك تقولين ذلك "

قالت من بين أسنانها " لازلت أقول لك أتركي كل هذا

يا سراب فكلامه لك لا يعجبني "

رفع نظره لها فابتسمت له ابتسامة صفراء وقالت

" زواج عرفي لا تحلم به طبعا "

قال مبتسما " وليس هذا في نيتي فلتوافق العروس فقط "

قلت مبتسمة " وأنا لا مانع لدي فقط أعطني وقتا "

قالت ترجمان " وعلى أي أساس سيكون هذا الزواج "

قال " على ما تشترطون "

قالت بهمس " أقسم أن ورائه سرا "

رن هاتفه حينها فأخرجه ينظر لشاشته بتركيز وصعوبة

مصغرا عيناه ويرمش بهما رمشات متتالية فوكزتني وخرج

صوت ضحكتها قليلا فضربتها بقدمي على قدمها لأني كدت

أضحك في وجهه , أجاب على هاتفه قائلا " أجل يا أحمد "

" لا لا تكترث للأمر لن يستطيع فعل شيء ولا شيء له

عندي ولن يأخذ مليما فليفعل ما يحلوا له وليرفع

مليون قضية "

" حسنا سنتحدث لاحقا وداعا الآن "

نظرنا لبعضنا باستغراب ثم له فوضع هاتفه على الطاولة

وقال " لن تندمي أبدا آنسة سراب وسأعيّشك حياة فوق فوق

السحاب وكما تتمنين وزيادة ولن أخبرك المزيد

وستكتشفينه بنفسك "

شعرت بالنشوة غمرتني وأنا أتخيل الملايين بين يداي ملابس

حلي سفرات منزل راقي , تسوّق وسيارة فاخرة وكل ما

كنت أحلم به , قالت ترجمان " والضمانات "

وكزتها بمرفقي فضربتني بمرفقها , يبدوا أني جلبتها لتدمر كل

شيء وليس لتساعدني , قال " كل ما تريدون مقدم مؤخر أي شيء "

قالت " أعذر تطفلي ولكني أخاف على شقيقتي وأريد أن

أعلم سبب كل هذا فليس من الطبيعي ما تقول وستفعل "

قال مبتسما " معك حق فيما تقولين وسأوضح لكما , أنا رجل

تزوجت في حياتي مرتين ولم أرزق بأبناء ووريث لمالي وأعلم

أنه ما أن أموت هناك من سيسعى حتى يحفى لأخذه وأريد من

يحمله بعدي وأكون على ثقة أنه كفؤ لأن لا يترك ذاك المدعي

يأخذ منه مليما وقد أعجبتني جرأة وقوة شخصية سراب وإن

وافقتِ أنتي فلن أمانع "

شهقت ترجمان بقوة وقالت " أنا !! "

ضحك وقال " نعم تبدين لي أقوى منها وأشجع "

حمحمت وقلت " لم أكن أعلم أنك ستبدلني بسهولة "

قال مبتسما " كنت أمزح فقط أنتي من أضمنك وأعرفك

جيدا بمليون لسان ولا حق يضيع منك "

قلت بابتسامة جانبية " إهانة مقبولة منك "

مسح على خده المجعد وقال " بل هذه شهادة يفترض أن تعتزي

بها فقلائل هم النساء الآتي لا يتركن حقهن يضيع "

قلت بحماس " لا تخف ستتركه في أيدي أمينة وتموت مطمئنا "

نظرت لي ترجمان بصدمة فضحك وقال " وأنا مقتنع أن الموت

قريب مني ولا أريد لذاك الطفل أن يلمس من مالي قرشا حيا

كنت أو ميتا "

قلنا معا " ومن يكون هذا ؟؟ "

فضحك ليخرج سعاله مع ضحكته ككل مرة وقال " توقعت هذا

السؤال منكما ولا تهتما لأمره ومعرفته فالمال مالي ولا دليل لديه

على شيء المنزل والسيارات والمال في المصرف وثلاث مزارع

كبيرة وحقول شعير وقمح ومصنع ألبان وجبن كلها لي

وباسمي ولن يجني من تعبه شيئا "

قلت بحماس " تملك كل هذا ؟؟ "

قال " نعم ويدخل أموالا شهريا عدا المزارع والحقول فدخلها سنوي

ولا أريد أن يباع منها شيئا ولا بعد موتي , استفيدي من عائداتها

وأرباحها المهم عندي أن لا يأخذ منها ابن زوجتي السابقة شيئا "

قالت ترجمان " ابن زوجتك إذا "

قال " نعم توفيت وتركته لي كالشوكة في حلقومي يطالبني بجميع

ما أملك ويقول أنه من حقه وأنا من بنا كل هذا ولا شيء لهما فيه "

هززت رأسي وقلت " لا يهم مدام لا يملك شيئا يثبت ادعاءاته "

قالت ترجمان " إذا أعطنا بعض الوقت لنتصرف في أمورنا "

أخرج شيئا من جيبه ووضعه في فمه وبخ به فيه ثم أعاده

لجيبه ثم قال بصوت مخنوق " إذا لا تتأخرا "

ثم وقف مغادرا ونحن ننظر له وقالت ترجمان

" يبدوا سيموت قريبا من كثرة إصراره "

صفقت بصمت وقلت " نعم وهذا ما أريد وسنصبح ثريات

وسوف آخذكما معي ونعيش معا "

قالت مبتسمة " حقا لن تنكرينا حينها "

ضربت كتفها وقلت " بالتأكيد وهل لي استغناء عنكما

عشنا الفقر معا سنعيش الغنى معا "

قالت بريبة " ألم تخافي من حديثه عن ابن زوجته ذاك "

وقفت وقلت بلامبالاة " لا طبعا إن كان يمكنه أخذ شيء لأخذه

من ذاك العجوز الذي لا يقدر حتى على السعال والتنفس "

وقفت وقالت " ويطاوعك درجة أنه رضي أن تقابليه

هنا في مطعم مجمع للتسوق "

حملت حقيبتي وقلت " هوا من طلب هذا وليس أنا ويبدوا يريد

أن أشعر بالأمان معه في مكان عام "

سرنا معا وهي تقول " ألا تخشي أن يكون يخدعك "

ضحكت وقلت " ولما وكل شيء سيتم قبل أن نتزوج ألم

تسمعي كلامه لا تلاعب فيه أبدا "

قالت وهي تنظر للجانب الآخر " سنرى حلا لتلك العجوز إذا "

ثم وقفت وقالت " انظري انظري , ما يفعل رجال الشرطة هنا "

وقفت ونظرت حيث تنظر وقلت " لابد وأنهم يلقون القبض

على أحدهم ولن يتسوقوا ببذلهم طبعا "

نظرت ترجمان للضابطين الواقفان معا وقلت باشمئزاز

" انظري لذاك المغرور كيف يتصرف ويتكلم

ويكلم الفتاة من رأس أنفه "

سحبتها معي قائلة " وما علاقتك أنتي به لا تدخلينا في

مشاكل مع الشرطة لا وضباط أيضا "

ثم وقفت مجددا وقلت بتركيز " معه حق وسيم ويحق

له أن يغتر بنفسه "

قالت باشمئزاز " ذاك وسيم يع أنظري كيف بشرته كالفتيات

الذي بجانبه يمسك قبعته في يده أجمل بسمرته الخفيفة وملامحه

الحادة المتناسقة أما كثلة الغرور ذاك .... "

دفعتها وقلت " تحركي ولا تضعيه في رأسك لا نريد مشاكل "

قالت من بين أسناها " كم أكره المغرورين الذين

يحتاجون من يعلمهم قيمة أنفسهم "

قلت وأنا اسحبها معي " يكفي المشكلة التي صنعتها

لنا الأسبوع الماضي مع ذاك البائع "

قالت ضاحكة وهي تسير معي مسرعة " بل لقنته درسا يستحقه

ولو أتتني الفرصة لاستغللتها مجددا وها هي جاءتني في غيره "





*~~***~~*





نظرت لساعتي وقلت بتذمر " ألم تأتي الأوامر بالمغادرة بعد

وقوفنا في السوق هكذا بات سيئا وكأننا صعاليك أسواق "

لبس قبعته مجددا وقال " علينا التأكد من البلاغ هل سنغادر فورا "

نظرت لساعتي مجددا وتأففت , عليا أن أكون في المنزل وقت

قدوم رغد فمزاجي ساء منذ أمس بسبب زوجها وعليا أن أكون

هناك وأفهم ما يجري معها , عدلت وقفتي وقلت

" يبدوا أن عمل المداهمات سيلاحقنا أينما كنا و.... "

وما أنهيت جملتي حتى شعرت بشيء سقط على صدري جعل

عمودي الفقري يتصلب وارتعاشه سرت خلاله بأكمله وما كانت

سوا فتاة حضنتني من خصري ووجهها مخفي في صدري وقالت

" فارس هذا أنت عدت "

كنت جامدا مكاني ورافعا يداي جانبا وكأني مجرم رفعوا عليه

السلاح وعجز حتى لساني عن التحرك وتوضيح الخطأ لها

وكأنه أصابني البكم وحال أواس لم يكن أفضل مني حين رفعت

نظري له لينقد الموقف وكان ينظر لها بصدمة , أبعدتْ بعدها

وجهها عن صدري ورفعته لي لتلتقي عينانا كانت بعينان عسليتان

يكادا يكونان باللون الأخضر من لونهما الفاتح ناعستان قليلا من

طرفيهما وباقي ملامحها صغيرة وشعرها أسود تمسكه كذيل حصان

لا أتبين طوله وغرة تتدرج على وجهها , نظرت لي لوقت بصمت

وكأنها تستجمع ملامحي ثم ابتعدت عني عائدة بخطواتها للوراء

قائلة بصدمة " عذرا آسفة لقد أخطأت "

وابتعدت مسرعة وأنا لازلت في صدمتي استنشق رائحة عطرها

من ثيابي حتى الآن ونظري يتبعها ليظهر لي طول تلك الجديلة

والشعر يلامس نهاية ظهرها وأنا لازلت أنظر لها بعدم استيعاب

حتى وقفت بعيدا والتفتت لي وأشارت لي بإبهامها للأسفل علامة

الهزيمة أو أنني تغلبت عليك وأنت الخاسر وتابعت ركضها فأول

فكرة خطرت في بالي جعلت يدي تتحرك بسرعة لجيب بنطالي

الخلفي ثم ركضت حيث ركضت قائلا " اللصة سرقت محفظتي "

وركض أواس خلفي قائلا " إياس انتظر ما بك "

لكني تابعت ركضي لأدركها , كيف سخرت مني هكذا وسرقتني

وأنا ضابط شرطة بشاراتي أمامها , بل كيف أخرجتها من جيبي

وأنا كالميت , وصلت لخارج المجمع فكانت قد ابتعدت ترمي نقودي

في الشارع راكضة هي وفتاة أخرى تركض معها ثم رمت المحفظة

أيضا لحظة وقوفها أمام سيارة أجرى والتفتت لي وفعلت ذات

الحركة بإبهامها وركبت السيارة وغادرتا فورا ووصل

أواس عندي قائلا " إياس لما تـ.... "

ووقف مصدوما يري النقود التي تطير مع الريح وأشخاص

يجمعونها فركلت حجرا أمامي بقدمي وتحرك قائلا بغيظ

" سحقا للحثالة لقد لعبت بي وأقسم لن تنجوا بفعلتها "

تحركت حيث محفظتي وحملتها ثم توجهت للشخص الذي

يرفع بطاقتي من الأرض واستللتها منه قائلا بحدة

" أترك هذه ماذا ستفعل بها "

ثم وضعتها في المحفظة وعدت جهة أواس أتأفف وأزفر

حريقا من صدري من الغيظ





*~~***~~*






دخلت المحل ملقية التحية وتوجهت من فوري للعلاقة الدائرية

وأخذتُ الثياب الخاصة بعملي هنا ودخلت غرفة الملابس وغيرت

ثيابي وخرجت فخرجتْ التي تقف خلف الطاولة قائلة " أجمل ما

فيك يا دُرر أنك تأتين على الموعد ليس كسابقتك أنتظر

ساعتين لتأتي وتستلم مكانها "

ثم قالت وهي تخرج من الباب " أراك بعد ثلاث أيام وداعا "

وغادرت لأستلم عملي اليوم لأربع ساعات فأنا أعمل هنا بوردية

واحدة يوم بعد يومين كي لا تعلم تلك العجوز أنني أعمل فالعمل

كالزواج في قانونها ممنوع على ثلاثتنا ولا تعطينا مالا يكفي شيئا

وأنا سبق ووعدت ترجمان إن توقفت عن السرقة أعطيها المال الذي

تريد لأني أعلم أن ذاك الأشعب السبب في تعلمها السرقة وأنها تسرق

من أجلنا أكثر من نفسها فالشيء الوحيد الذي لم يغرسوه فينا واكتسبناه

بأنفسنا هوا ترابطنا وسعينا لمصلحة بعض وكأننا شقيقات

عملي هنا تغليف الطلبات من الكعك والحلويات وهناك اثنتان على

الطاولة الأخرى واحدة محاسبة والأخرى تأخذ طلبات الزبائن

وتسلمها لي وأغلب الأحيان نشترك في العمل ثلاثتنا خصوصا

وقت الأعياد والمناسبات , جلست على كرسيي وأخرجت كتيب

الأذكار من حقيبتي وأعدتها لمكانها وفتحته أنهي باقي أذكاري

فيبدوا اليوم لا عمل كثير فيه , هذه ثالث وضيفة لي خلال العام

فعليا تغييرها دائما كي لا تلاحظ العجوز أو شقيقها تغيبي عن

المنزل ذات الأوقات , ولم أستلم وضيفة يومية أبدا بل أعمل ليوم

وأتوقف ليومين أو ثلاثة ولا أجد صعوبة كبيرة في العمل كبائعة

لأنه من نقص أفكار التّجار أنهم يولون لشكل البائعة كل الأهمية

لتجلب الزبون وكأنها هي السلعة وليس المبيعات فما أن أسأل

عن وضيفة في محل يقبلونني ولو صرفوا غيري وأكون دائما في

مشاكل مع بعض الصعاليك من الشبّان وعليا أن لا أتحدث لأن

هذا الصعلوك يكون المسمى بالزبون الدائم للمحل وأنا الطُعم طبعا

انفتح الباب ورنت الأجراس دليل دخول أحدهم ولم أرفع رأسي له

لأنه سيتوجه هناك أولا لكني فوجئت بظلة يقف عند طاولتي فرفعت

رأسي له لأرى من يكون وسبب وقوفه هنا ثم أعدته لكتابي في

صمت فوصلني صوته قائلا " صباح الخير آنسة دُرر"

قلت برسمية " صباح النور الطلبات من هناك "

قال بصوت مبتسم " أعلم فليست الزيارة الأولى لي هنا "

لم أتحدث أو أعلق بشيء فقال " حسنا فهمت أنك لا تريدين

التكلم معي في شيء وأنه عليا طلب يدك رسميا أو أبتعد عنك

وأنا موافق فقط أعطني الفرصة لأعلم منك مع من أتحدث "

أمسكت صندوق البطاقات وسحبت منه واحدة وأخذت القلم

وكتبت فيها عنوان المنزل ووضعتها له على الطاولة دون أن

أرفع نظري له فسمعت صوت ضحكته وأخذها وقال

" أكثر ما يعجبني فيك يا دُرر أنه كل شيء عندك

له حدود وخصوصا الرجال "

ثم غادر من فوره ونظري يتبعه حتى خرج وقالت انتصار ضاحكة

" يا رب أعطني مما تعطي عبادك ولو نصف هذا لا أريد مثله "

ضحكت وجدان وقالت " هذا حين تكونين بحسن دُرر "

قلت بهدوء ونظري على كتابي " بعض النعم تكون

نقمة فلا تتمني كل شيء "

أعلم أن تلك العجوز سترفضه ولكن قد يغريها ماله وكونه صاحب

محلات في هذا السوق وأخلاقه جيدة رغم أنها لا تولي لهذا اهتماما

أستغرب لما لا تريد أن تزوجنا ولا أن نعمل فلما تُدرسنا إذا وأعطتنا

اسم عائلتها لنحمله !! قالت أنها جلبتني من الميتم حين كنت في الخامسة

لكني لا أحمل ذكريات منه أبدا , صحيح أن ذكرياتي مشوشة كثيرا لصغر

سني حينها لكني لا أذكر أطفالا كثر كنت معهم كل ما أذكره منزل فيه

حديقة واسعة ومرجيحة وأحد يدفع بي لأطير كثيرا وأنا أضحك والشيء

الآخر هوا الحلم المرتبط بواقع أنا أكيدة منه وهوا الفتى المربوط لجدار

يداه تنزفان من الحبل المشدود عليهما ويئن بوجع وأحدهم يضربه

لا أعلم ما يربطني به ومن يكون وما يكون ذاك المكان من ماضيا

لكن ما أنا متأكدة منه أنها ليست دار أيتام أبدا





*~~***~~*





ركبنا سيارة الأجرة وانطلقنا مسرعا بنا بأوامر من ترجمان

طبعا فقلت وأنا أنظر خلفنا " ولما تسرقيها إن كنتِ

سترمينها في الشارع "

قالت وهي تعدل شعرها على مرآة أخرجتها من حقيبتها

" لكي ألقنه درسا في التواضع ويعلم أنه حشرة يمكن لفتاة

الضحك عليه "

ثم دست المرآة وقالت بسخرية " لا وأسمه في البطاقة إياس

ألم أخبرك أنه فتاة "

نظرت للأمام وقلت " غبية ولا ذوق لديك كل تلك الشخصية

والجسد والوسامة وتقولين عنه فتاة !! ويعجبك الذي كان يقف

بجانبه وهوا لا يختلف عنه في شيء سوا سمرته الخفيفة "

فتحت النافذة ليتطاير شعرها مع الهواء وقالت

" يختلف عنه أنه ليس مغرورا مثله "

قلت بهدوء " قد تتسببين لنفسك بمشكلة معه خصوصا أنه

رآك ترمين نقوده ومحفظته ولا تنسي أنه ضابط في

الشرطة وحقد عليك الآن بالتأكيد "

رفعت غرتها للأعلى ممررة أصابعها فيها لترتفع عن وجهها

وقالت ببرود " ليفعل ما يحلوا له هل سيسجنني بلا تهمة ولا دليل "

ثم أغلقت النافذة ونظرت لساعتها وقالت " دُرر في عملها

الآن بالتأكيد , كنت أريدها في أمر مهم "

نظرت للنافذة وقلت " ترجمان ظلم أن تعمل هي

لتعطيك المال , لما لا تعملي مثلها "

قالت بلامبالاة " هي من طلب هذا وأراده ثم أنا لا آخذ منها

هي من تعطيني ما تريد أن تعطيه لي ولم أطلب منها أبدا "

نظرت جهتها وقلت بحماس " ستفرج قريبا ولن نحتاج

لشيء من أحد "

ضربت كتفي وقالت " نعم فذاك العجوز كنز وسقط

علينا من السماء "

وصلنا المنزل حينها ونزلنا أمامه وقالت " لدي فكرة

وسنطبقها لكني لن أخبرك بها الآن اتفقنا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " وأنا من يدك اليمنى لليسرى

وما تريديه سأفعله "

فتحت الباب ودخلنا لتستقبلنا العجوز ويدها وسط جسدها قائلة

" أهلا أين جميعكن ولا أجد واحدة تساعد الخادمة , تعلمن أني

أحتاجها كثيرا ولا تستطيع القيام بكل شيء وحدها "

توجهت ترجمان نحوها وفعلت لها حركتها المعتادة وأمسكت

لها خديها وحركتهما لها قائلة " حاضرين لك ولخادمتك

فقط لا تغضبي يا ألماسة "

ضحكت من فورها فترجمان وحدها من تستطيع تغيير مزاجها

في لحظة من الغضب والضيق للضحك ومن الابتهاج للغضب

فهي تعشق أن تقلب لها مزاجها كيفما كان ولا تفكر في النتائج

غادرت ترجمان ضاحكة وعكاز العجوز يتبعها ثم نظرت لي

وقالت " وأنتي حبيبة خالتك نظفي دورات المياه بسرعة "

أمسكت ظهري وقلت بتألم " ألم نخبرك أين كنا "

رفعت عكازها وقالت " لا وأعلم أين عند طبيب العظام وقال

لا تتحركي لأسبوعين , بسرعة أو ضربتك عليه حتى يشفى "

صرخت وركضت هاربة منها ودخلت الغرفة ووجدت

ترجمان تفتش بين مذكراتها فوضعت يدي وسط جسدي

وقلت " أين سيدة ترجمان وتتركين الأعمال لي وحدي "

قالت وهي منشغلة بهم " محاضرتي ستبدأ بعد أقل

من ساعة وعليا أن أدركها "

قلت بضيق " مخادعة ولم تخبريني عن هذه الخطة لكنت

رسبت مثلك وحملت المواد في كل فصل ولم أنهي دراستي

قبلك وأنتي تكبرينني بعام "

أخذت حقيبتها ووضعتها على كتفها وقالت " من يسمعك

يصدق أنك كنتِ تنجحين دائما وبتفوق , لا تكوني

دُرر ولا أحد يعلم "

ثم نظرت لنفسها في المرآة وقالت وهي تضع مرطب الشفاه

" لا تنسي أنه اليوم التحدي بين سدين وتلك القبيحة ولن

أفوّته لذلك عليا أن أذهب باكرا "

توجهت للخزانة وفتحتها وقلت برود وأنا أخرج بيجامة المنزل

منها " مجنونة ووجدتِ واحدة مثلك فصادقي من هم من

طبقتك وتخصصك ودعي عنك السدين تلك فستخرج هي

من المشاكل بسهولة وتبقي أنتي فيها "

فتحت باب الغرفة وقالت " وما بها هي أفضل من صادقت

أفكارنا متشابهة في كل شيء وأعشق شجاعتها التي

يفتقدها الجميع "

ثم خرجت وسمعت صوت العجوز تناديها وهي قالت مبتعدة

" سراب أقسمت عليا أن تقوم هي بكل شيء "

فهززت رأسي بقلة حيلة , لصة وكاذبة وجالبة للمشاكل ولا

شيء ينقصها سوا وشم على ذراعها لتكون مجرمة





*~~***~~*





ما أن دخلت سور المنزل حتى وجدت سيارة أعرف جيدا من

يكون صاحبها وهو والدي بالتأكيد , هذا من أخبره أني عدت

ليأتي من ثاني يوم بعد وصولي ؟ مؤكد عمتي فعلتها ولا أحد

غيرها ولم تقتنع بعد كل هذه السنوات وما حدث منه أنه لا يصلح

لأن يكون والدا لي ولا شقيقا لها , دخلت للمجلس أولا وببذلة

الشرطة ووجدته يجلس معها يشربان القهوة ووقف ما أن دخلت

وصافحني مبتسما وهذه أول العلامات , صافحته قائلا بجفاف

" مرحبا أبي كيف حالك "

جلس وقال " بخير وما أخبارك أنت "

رميت القبعة على الأريكة وجلست وقلت " بخير "

قال حينها ومن فوره واختصر عليا وعلى نفسه الطريق

ككل مرة " أخويك موقوفان من شهر هل لديك علم بذلك "

نظرت لعمتي لتعلم فقط أنه معي حق ثم نظرت له وقلت

" وصلني خبرهما اليوم "

قال " ظننتك ستخرجهما ما أن تعرف "

اتكأت على ظهر الأريكة ومددت ذراعي عليها ووضعت ساق

على الأخرى وقلت ببرود " للأسف هما يستحقان السجن لكنت

أخرجتهما كي لا نتشرف بهذه الزيارة "

قالت عمتي بضيق " أواس احترم والدك "

قال ببرود " دعيه فقد اعتدت على هذا منه , فقط ليفكر

بأخويه فهما مظلومان "

نظرت للأعلى حيث الثريا الدائرية الكبيرة وقلت وأنا أنظر

لها " سرقة واعتداء على الحارس وحادث في طريق عمومي

راح ضحيته رجل بريء وبسيارة مسروقة أيضا فمن أي

هذه الجرائم بريئان "

تنهد وقال " لفق الأمر بمعرفتك فلن يصعب عليك "

نظرت له وقلت " هذه المرة آسف كي لا يعيداها وهما

مطمئنان أنه هناك من سيخرجهما "

وقف وقال بضيق " أنا وتكرهني منذ صغرك فهمناها

هما ما دخلهما "

وقفت وأخذت قبعتي وقلت " تربية خاطئة فادفع ثمنها "

قبض يده وقال بغضب " أواس لا تنسى أني والدك مثلهم "

قلت بسخرية " لكنك لم تربيني تركتني لذاك الوحش أكل لحمي

لكنتُ خرجت مجرما مثلهما فلا حق لك علي سوا أسم ليثك رميته

معي أيضا , وسأنقل لك ابنيك عندك هناك يكفيني فضائح بسبب

اسمك ولقبك اللذان يجمعاننا "

ثم تركتهما ودخلت المنزل





*~~***~~*





دخل أواس وترك والده لي يشتعل غضبا ليفرغه بي ككل مرة

وقال بحدة " هذا من تقولي أني أظلمه وأنه عانى منا جميعا

هل يعجبك طريقة كلامه وتصرفاته معي "

قلت بهدوء " كم مرة أخرجهما لك أو ساعد في ذلك وأرى

أواس معه حق فيبدوا أنهما اعتمدا عليه ولم يعد

السجن يخيفهما "

قال بضيق " وإن يكن , هذان أخويه وما يزالان مراهقان

وسيعقلان , هل سيضع عقله من عقليهما "

هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " مراهقان وهما

تخطيا العشرين "

قال بسخرية " أراك بث تقفين في صفه وتدافعين

عنه كثيرا يا خديجة "

قلت ببرود " تعرف جيدا معزة أواس عندي ومع ذلك

أقف في صفك أمامه دائما لكنك أعلم الناس بما في

نفس أواس ناحيتك "

رمى يده في الهواء وقال بغضب " وما الذي فعلته له يحاسبني

عليه كل هذه السنوات ويحقد علي هكذا , هوا ووالدته من

اختارا أن يذهب معها لمنزل زوجها ثم يشتكي منه "

قلت بضيق " وأنت خير العارفين يا سالم أن زوجها كان

يقسوا عليه بل ويضربه بعد مرضها وهوا اتصل بي بالخفية

مرمرا وكان يبكي بكاء يكسر الحجر ويترجاني لأخبرك

تخرجه من هناك ولم تكترث له , كيف تريد منه مسامحتك

الآن وقت تحتاجه وهوا وقت احتاجك لم يجدك "

قال مغادرا وبغضب " إن لم يخرجهما لا هوا ابني ولا

أعرفه ليوم القيامة وبريء منه فلا يأتي يريدني كحين

ذهب ليخطب زوجته "

ثم خرج ولازال يبلبل بكلام لا أفهمه حتى ركب سيارته وغادر

لا أعلم كيف يريد منه أخراجهما وهما فعلا كل ذلك !! آخ متى

سترتاح في حياتك يا أواس لا طفولة عشتها كغيرك ولا شباب

وحتى المرأة التي ألححت عليه ليتزوجها ويغير من حياته ووحدته

ها هوا حاله معها من رديء لأردأ ولا أعلم السبب الذي يجعله

يضربها هكذا ويسجنها في المنزل فلا هوا طلقها ولا عاش معها في

سلام , دخلت المنزل وأنا أتذكر كيف جلبني له بعدما اشتراه , أواس

الفتى الذي لقي كل ألوان العذاب من زوج والدته وبعد موتها طرده

للشارع ليصبح بلا مأوى , أذكر حين كان يأتيني لمنزلي مرة كل أسبوع

ولا يطلب مني شيئا سوا أن يأكل ورفض حتى أن يبقى معي وكان يقول

( يكفي ضرب زوجك لك لآتي ويضربنا معا ) ولم أكن أعلم أين يقضي

باقي الأسبوع ولا ماذا يأكل أو أنه لا يأكل غير تلك الوجبة , وتوجه

للشرطة ما أن بلغ الثامنة عشرة ووفر ماله الذي ورثه من والدته وعمل

وهوا يدرس في الكلية في فترات الإجازة واشترى منزلا وحسّن من

وضعه المعيشي وأول ما فعله أن جلبني هنا بعدما طلقني زوجي

وذهبت للعيش وابنتي مع شقيقي سالم وزوجته التي لم تطقني لا في

أرض ولا سماء ولم أرتح إلا حين جئت معه هنا , ظننت أنه أصبح

ضابطا ولديه المال وتزوج واستقر وسيكون له أبناء ويسعد في حياته

لكن التعيس يبقى تعيسا على ما يبدوا , تنهدت واستغفرت الله ودخلت

المنزل لأسمع صوت صراخه الغاضب في الأعلى وبكاء زوجته

التي على ما يبدوا عاد لضربها مجددا ثم نزل السلالم وجهه مكفهر

من الغضب وسترته أزرارها مفتوحة جميعها ووصل عندي

وقال بحدة " عمتي كم مرة قلت لا تطلب منك شيئا وتحضريه "

قلت من فوري " كانت تتألم وطلبت مني حبوب رأس وكتبتهم لي

وجلبتهم لها دون أن تخرج , لقد أشفقت على حالها وهي تتألم "

رمى شريط الحبوب وقال بغضب " وطلبت منك جلبه من صيدلية

معينة ألم تفكري لما لم تتركك تحضريه من الصيدلية المجاورة "

هززت رأسي بلا وقلت بريبة " لم أفكر في هذا "

تنفس بقوة محاولا تهدئة نفسه وقال " عمتي لا أريد أن أصرخ

بك ولا يرتفع صوتي عليك فرجاءا لا تحضري لها شيئا ولو

كانت على شفير الموت أرجوك "

أمسكتُ يده وسحبته معي وقلبي يشفق عليه أكثر من كوني غاضبة

منه وأعلم من وجهه أنه وصل لأقصى درجاته وقد يضر نفسه قبل

غيره ولا أريد أن يدخل تلك الغرفة المشئومة التي يذهب لها عندما

يكون بهذه الحالة , توجهت به لغرفتي ولو مُكرها وأدخلته وأغلقت

الباب وسحبته حتى السرير وجلست وأجلسته بجانبي وربتتُ له بيدي

على فخذي لينام عليها فأشاح بوجهه جانبا وقال بضيق

" لم أعد صغيرا يا عمتي متى ستقتنعين بهذا "

أمسكت ذراعه وجعلته يتكأ عليها رغما عنه فأنا أعرف أنه لا

سلاح غير هذا سيهدئه , بدأت بالمسح بيدي على شعره وتمرير

أصابعي فيه وقلت بهدوء " أواس ارحم نفسك بني ليس كل شيء

في حياتنا يجب أن يكون سليما وأنت رجل أعرفك أقوى من هذا "

نام على ظهره ورأسه لازال في حجري وأغمض عينيه

وقال بهمس " لا تتحدث عمتي أرجوك "

فلذت بالصمت وأنا أمسح شعره بحنان وأراقب ملامحه التي بدأت

تلين شيئا فشيئا فهذا ما نقص أواس في حياته ويحتاجه ( الحنان )

ليذيب جليد قلبه , ليثه كان بإمكاني فعل شيء يجعلك ترتاح يا حبيب

عمتك لكن لا الماضي يمكن تغييره ولا الحاضر نستطيع التحكم به

والأمل يبقى في المستقبل , بعد وقت قال بهدوء وعيناه مغمضتان

" سامحيني يا عمتي "

مسحت على شعره وخده ولحيته الخفيفة وقلت " لم أغضب منك

بني لأسامحك فسامح أنت نفسك وماضيك والناس من حولك "

قبض حاجبيه بضيق وفتح عينيه السوداء الواسعة ونظره

للسقف وقال بجمود " أسامح !! أسامح من ومن يا عمتي "

قلت بهدوء وأصابعي لازالت تتخلل شعره " سامح زوج والدتك

فهوا لقي ما يستحق واختُطِفت حفيدته المحببة والوحيدة وترك

القضاء بسبب ذلك وهاجر أيضا , وسامح والدك فقد عاقبه الله

بأبناء عاقين فاشلين , وسامح زوجتك فلا أحد منا لا يخطئ "

جلس حينها وقابلني وقال بحقد " لا لن أسامح منهم أحدا حتى

يذوقوا ما أذاقوني ومني أنا تحديدا ولن أرتاح قبل أن أفعلها "

قلت بصدمة " أواس هل تريد أذية والدك !! حتى الله لا

يرضاها بني وأنت رجل مسلم مصلي والمسجد يشهد لك "

هز رأسه بلا بقوة رافضا لكل كلامي ثم وقف وبدأ يغلق أزار

سترته فقلت ناظرة له للأعلى " ارتح بني نام وارتاح وسأجهز

لك الطعام الذي تحبه لتتناوله على الغداء "

قال وهوا يغلق آخر زر فيهم " هل غادر والدي "

قلت " نعم "

ثم غادر جهة الباب فقلت " أواس "

التفت لي فقلت بهدوء " هل ستخرجهما "

فتح الباب وقال مغادرا " أقسم أنها آخر مرة يا أمي أقسم "

ثم غادر وأدمعت عيناي على كلمة أمي التي تخرج منه لا إراديا

كلما نام في حجري هكذا فيبدوا أن هذه الحركة تعيد له ذكريات

قديمة مع والدته وتُخرج أواس طفل الماضي الذي كان يعيش

سعيدا مع والدته , حتى أنه قرر أخراجهما من السجن والأهم

لن يزور الملحق وغرفة الدماء تلك





*~~***~~*





وصلت باب المنزل ورميت العلبة الحديدية الموجودة أمامه

بقدمي وفتحت الباب ودخلت وقلت وأنا أغلقه " كم مرة

قلت لك لا تقفز من الباب حين لا أكون في المنزل "

رمى علبة العصير من يده في السلة وقال

" وهل أقف انتظرك في الشارع مثلا "

وقفت فوقه واضعا يداي وسط جسدي وقلت " أمين زياراتك

كثرت ولم تعد تعجبني فلما تترك منزلك الفخم

وتأتي لمنزلي المتآكل "

لوح لي بيده ونظره على التلفاز وقال " اذهب غير ملابس

الشرطة وتعال أريدك في أمر مهم "

هززت رأسي بقلة حيلة ودخلت الغرفة بالباب الحديدي , حياة

لا أعرف متى ستتغير وأنا من يفترض أن لا أعيش هنا وهكذا

استحممت وغيرت ملابسي وخرجت وجلست معه وقلت

" لن أحضر لك لا شاي ولا طعام قل ما لديك ورافقتك السلامة "

ضحك وعدل جلسته مقابلا لي وقال " مهلك علينا حضرة الضابط

آسر , الضابط الذي يعيش في حي فقير أمران لا ينسجمان "

قلت ببرود " وهل تريد أن أسرق مثلك "

قال بصدمة " أنا أسرق !! "

قلت بذات برودي " نعم فمن أين لك كل ذلك "

قال بضيق " من والدي وتجارته التي استلمتها بعده بالتأكيد

بقي أن تحقق معي وتسجنني "

تجاهلته ونظرت جهة التلفاز فقال " أعلم أنها مزحة

ثقيلة منك , لدي أخبار ستعجبك "

أشرت برأسي وقلت " شبعنا من هذه الأخبار"

غمز بعينه وقال " هذه المرة مختلفة "

ثم نظر حوله وقال " وما بك لم تتقدم ولا خطوة للأمام

عليك أن توفر راتبك فهوا فوق الممتاز الآن "

اتكأت على الأريكة وقلت " لن أدّخر منه شيئا وأتركهم

هل تراني جننت "

قال بهدوء " آسر أعلم أنك تحمل لهم جميل تربيتهم لك منذ

كنت صغيرا لكن عليك أن تفكر في مستقبلك أيضا "

قلت ببرود " مستقبلي عند الرجل الذي سرق أموال والدتي من

سنين وسأرجعهم وأخرجهم من بين أسنانه , والعائلة التي ربتني

لن أبخل عليها بشيء وأنا حي ارزق ولولا أن لديهم فتيات

كبرن ومنزلهم ضيّق لما خرجت من عندهم "

تنهد وقال " عشرة أبناء كلهم إناث وأنت من تصرف عليهم

والأب طريح الفراش بعد حادث في عمله هذه مأساة ولن

يتركوا عليك قرشا والكارثة أن جميعهن لم يكملن

دراستهن حتى الآن "

قلت ببرود " لا يهم آكل أنا وهم أو نموت جوعا معا "

هز رأسه وقال " وجدت لك محاميا سيستلم القضية هذه المرة "

قلت بصدمة " حقا وجدته "

قلت " نعم ويبدوا لي لا يلعب بنا كالسابقين "

قلت بريبة " وكيف علمت "

قال " من الأوراق التي قدمتها له ووجد فيها ثغرة قانونية

استخرجها بعبقرية وستكون القضية لصالحك "

قلت بحماس " رائع وأخيرا "

قال بهدوء " لكنه نصحني أن لا نشهرها حتى يموت بما أنه

لا وريث له وحالته الصحية في منحدر خطر فالقضية حينها لن

يقف أحد في وجهها كما سيفعل الآن ويوكل محامين ليكسبها "

قلت بريبة " هل ترى ذلك أفضل "

قال بجدية " نعم أنا مقتنع بكلامه فهوا عين الصواب وقال

بأن الدليل أن مصدر الأموال لوالدتك واضح جدا ويستطيع

تأكيده للمحكمة وستكسب القضية بسهولة أكبر بعد موته "

ضربت كف يدي بقبضة يدي الأخرى وقلت مبتسما

" وأخيرا سيرجع المال لأصحابه "

قال " لكن ماذا إن لم يمت سريعا "

اتكأت بظهري على ظهر الأريكة وقلت " بل لن يعيش

أكثر من شهرين أو ثلاثة وبتقارير من أطبائه وهوا

على علم بذلك "

قال بريبة " ألم يفكر في أمواله بعده قد يحرقها حتى الحرق "

قلت بجدية " مستحيل الشركة المصنع والمزارع كلها ما تزال

ملكه ولم يبعها رغم علمه بطبيعة مرضه فلو فكر كما تقول

لباعهم وأخذ ثمنهم أموالا وخبئها ولو تحت التراب "

قال مبتسما " قد يكون يضن أنه سيعيش وأنهم يكذبون "

قلت بابتسامة جانبية " لا يهم فيما يفكر المهم أن يرجع

مالي من ذاك اللص وأنا أتابع أملاكه منذ وقت ولم

يتغير فيها شيئا "

ثم نظرت للأعلى وقلت " أكثر من عشرون عاما من الفقر

وهوا يتمتع بأموالي التي من حقي تركتها والدتي في عهدته

بطيبتها دون أي ضمانات ولا توكيل ولم تتخيل أنه ذئب

في جلد حمل "






*~~***~~*






دخلت المنزل سأشتعل من الغضب بسبب تلك الحشرة التي

سخرت مني أمام الجميع ودون سبب , توجهت حيث الصالون

العائلي وكانت والدتي تجلس هناك ومقابلة لها رغد تعطيني ظهرها

وابنتها تلعب بعيدا فركضت نحوي ما أن رأتني فحلتها وقبلت خدها

وقلت " كيف هي الأميرة الصغيرة "

قالت مبتسمة " بخيل ( بخير ) "

ضحكت رغم عبوسي وقبّلت خدها مجددا وقلت

" حتى متى ستسرقين الحروف وتغيرينها "

وقفت حينها رغد وتوجهت نحوي وسلمت علي تحاول أن

تخفي جانب وجهها عني وقالت " حمدا لله على سلامتك يا إياس "

أنزلت ابنتها وأمسكت ذقنها ورفعت وجهها لي وأدرته جانبا لتظهر

الكدمة الخضراء التي تحاول إخفاءها بشعرها ومساحيق التجميل ثم

نظرت لعينيها فأنزلت نظرها للأسفل لتغلبها الدمعة التي سالت على

خدها فشددتها لحضني بقوة وأشعر أن غضبي ذاك لم يكن غضبا قط

أمام هذا , يضربك يا رغد يضربك يا قطعة من إياس وأنا حي أتنفس

يسخر مني لهذا الحد , انطلقت دموعها وعباراتها التي بدأت بسكبها

على صدري ولم تزدني سوا ألما على ألمي , ضممتها بكلتا ذراعاي

وقلت بهمس " ما عاش من يبكيك يا شقيقتي وأنا موجود "

قالت بعبرة " أنا المخطئة يا إياس فلم أسمع نصحك لي "

ضممتها أكثر وقبلت رأسها وقلت " هذا الكلام لا يجدي في شيء

الآن ولن تخرجي من هنا ولن ترجعي له إلا على جثماني "

ابتعدت عن حضني ومسحت دموعها وقالت

" لا يا إياس أرجوك "

قلت بضيق " كل هذا ولازلت تريدين البقاء معه "

قالت وقد عادت للبكاء مجددا " لا أريده وعفته وعفت

الحياة معه , لكن ابنتي سيأخذها مني أقسم أن أجن إن أخذها "

ضممتها لصدري مجددا وقلت " لن يأخذها توقفي عن البكاء

أعرف كيف أتصرف في الأمر وخروج من هنا لن تخرجي

له وأنا حي مادمتِ لم تعودي تريدينه "

قالت ببكاء " لم أعد أريد رؤيته ولا سماع صوته كرهته

وأكرهني في الحياة "

قلت بضيق " ما كان عليك السكوت عنه كل هذه السنوات

فثلاث سنوات ليست بقليل , لما تركته يهينك ويمد يده عليك "

أبعدتها والدتي وقالت " لا نفع من هذا الآن المهم أن

تتخلص منه نهائيا وتأخذ ابنتها "

هززت رأسي وقلت بشرود " أتركوه لي ذاك الصعلوك

سيرى حسابه مني "

ثم أخذتها للأريكة وجلست وهي بجانبي وقلت " حتى الثياب

وأغراضكم لا نريدها ليشبع بها وسأشتري لكما كل ما تحتاجانه

ندى ابنتي كما هي ابنتك ولن تُهاني مجددا يا رغد وأنا أتنفس "

اتكأت على كتفي تشهق بين الفينة والأخرى بسبب بكائها , سحقا

لك يا مصطفي لا تستحق الاسم الذي تحمله يا حثالة , تضربها !

وصلت لأن تمد يدك عليها , إن لم أجرجرك في المحاكم وأقسام

الشرطة لن أكون إياس ولتعرف من وراء رغد وقد سخرت منه

دخلت حينها سدين عائدة من جامعتها تتحدث في هاتفها وتضحك

قائلة " أخبرتك أني سأعجبك يا ترجمان وبقي دورك "

ضحكت بعدها ورمت مذكراتها على الطاولة أمامنا وجلست

قائلة بحماس " نعم لن يفوتني ذلك بااااي "

ثم أبعدت الهاتف عن أذنها ورمت حجابها لينفك شعرها الأسود

المدرج بالخصلة الخضراء الغريبة التي لم تغير طبعها في تغيير

لونها كإشارة المرور مهما حاولنا ومدت ذراعاها وقالت

" ندووو حبيبة خالتي تعالي "

ركضت ندى نحوها واحتضنتها قائلة " دييييييييمو "

ضحكت سدين وحملتها لتجلس على فخذيها وقالت وهي

تقرص لها خدها " أنتي أروع من يناديني باسمي "

ثم نظرت لنا وقالت " oh sorry , ما جلسة الدموع هذه "

قالت والدتي بضيق " وما الدخول الهمجي الذي دخلته علينا

كم مرة قلت تكلمي كالعرب واتركي عنك هذه العبارات وغيّري

هذه الخصلة كباقي شعرك أو قصصتها لك من منابتها , ثيابك

كـ.... "

قاطعتها بضيق وتذمر " أمي أتركوني أفعل ما أريد , كل شيء

أطاوعكم فيه , مظهري وكلامي لي وحدي أرجوكم "

هزت أمي رأسها بقلة حيلة ووقفت هي حاملة ندى التي تمسك

خصلتها الغريبة تلك وقالت وهي تسير بها " تعالي معي

سأصنع لك واحدة مثلها في شعرك "

قالت ندى مبتعدتان " ااااااااايه أليد أليد ( أريد أريد ) "

نظرت لي أمي حينها وقالت " إياس عليك أن تشدد عليها في

هذه الأمور لاحظ أنك متساهل في هذا الأمر بني "

قلت وأنا أمسح على شعر رغد المتكئة على كتفي

" سدين بالذات لا أستطيع "

قالت بضيق " ولما ؟؟ هل يعجبك مظهرها هكذا "

أخرجت هاتفي وقلت " يعجبني جميع تصرفاتها وأفكارها وقراراتها

وكلمتي التي على رقبتها كالسيف , مظهرها هي أحبته فلا دخل

لأحد به , أعلم كل شيء عنها في جامعتها منذ دخلتها وجميع

الأمور المحظورة لا تفعلها فلا يناقشني أحد في أمرها رجاءا

واتركوها تلون شعرها وثيابها كما تريد "

قالت بضيق " وعلى ما يبدوا لم ترى الفص الذي

وضعته حديثا في أسنانها "

قلت وأنا أضع الهاتف على أذني " بلى رأيته "

ثم أجبت على هاتفي قائلا " مرحبا أمين أعذرني كنت في

عملي ولم أستطع الرد عليك "





*~~***~~*






أنهيت عملي على الساعة الثانية ظهرا , غيرت ثيابي وخرجت برفقة

انتصار وما أن خطونا خارج المحل حتى وجدت ذاك الشاب الذي زار

المحل مرة واحدة فقط , يقف في نهاية الممر يده في جيب بنطاله وينظر

لي تلك النظرة التي ترجف جسدي بأكمله ولا أعلم لما , شعرت بها من

أول مرة رأيته فيها ودخل ولم يأخذ شيئا عندما رآني وركز نظره على

عيناي وكأنه يعرفني أو تعرّف علي والآن يقف هناك ينظر لي من بين

جميع الناس التي تتحرك هنا , أنزلت رأسي وتابعنا سيرنا حتى اجتزناه

وتنفست بعدها الصعداء وقلت بصوت منخفض " انتصار هل رأيت

ذاك الشاب الواقف الذي اجتزناه الآن "

كانت ستلتفت لكني شددت لها كمها وقلت

" لا تنظري للخلف "

قالت بهمس " قادم خلفنا يا دُرر "

شعرت بقلبي سيتوقف وازدادت نبضاته المجنونة وهوا يمر من

جانبي لتزيدني رائحة عطره اضطرابا وخوفا حتى ابتعد عنا ولم

يقل شيئا سوا إخراجه لمفاتيح من جيبه وقبض عليها بيده بقوة

فوقفت حينها أتنفس بصعوبة وكأنه كابوس جثم على صدري

ووقفت انتصار وقالت وهي تنظر حيث اختفى

" هل تعرفيه يا دُرر "

هززت رأسي بلا وقلت " لم أره سوا وردية عملي السابقة

دخل وحين وجدني لم يأخذ شيئا "

قالت بتفكير " بعدك جاء في اليومين اللذان لم تداومي فيهما

ولم يأخذ شيء أيضا , يدخل ثم ينظر جهة طاولتك ثم يخرج وفي

صمت , شخصيته قوية وملامحه حادة رغم وسامته , يبدوا لي

وكأنه رجل جيش "

سحبتها معي قائلة " لا تخيفيني منه فوق خوفي وتحركي

بسرعة فقد يعود "

ضحكت وقالت وهي تجاري خطواتي " وما المخيف فيه هكذا ؟

أراه يناسبك أكثر من ذاك التاجر "

خرجنا حينها من مجمع التسوق وشهقت بصمت حين رأيته يقف

بعيدا متكئ على سيارة وينظر لنا ثم فتح الباب وركب وغادر

فقلت بخوف " انتصار ما به معي , هذا الشاب يخيفني "

ضحكت وقالت وهي تؤشر لسيارة الأجرة " معجب بك بالتأكيد

فوافقي عليه هوا أروع من ذاك الذي خطبك رغم أن ذاك

فرصة لا تعوض لكني أحببت هذا "

ركبت السيارة وقلت بتذمر " يا لا سخافتك يا انتصار ما

معجب ومعجب "

خرجنا بالسيارة ونظري للخلف أرى إن كان يلحقنا لكني لم أرى

سيارته لأنها مميزة بلونها وشكلها وكنت سأعرفها سريعا , ثم

جلست للأمام ووضعت يدي على قلبي الذي لازال ينبض بقوة

وبدأت أقرأ آخر حزب حفظته من المصحف لأهدئ نفسي ولأشغلها

بشيء آخر , إن جاء ورديتي القادمة فسأترك العمل هنا ولن أدخل

هذا المجمع ما حييت فنظرته لم تكن نظرة إعجاب أبدا بل

نظرة غامضة وقوية وغريبة





نهاية الفصل الثاني وأتمنى يكون عند حسن ظنكم



بالنسبة للمفاجئة الأولى فتغيير نظام تنزيل الأجزاء من فصل في

الأسبوع لوقت انتهائي من كتابة الرواية لفصلين حتى نصل لما

انتهيت عنده ثم يتغير لفصل أسبوعيا وآملة أن أنهيها قبل أن

يدركني تنزيل الفصول


أما المفاجئة الثانية فهي










عندما يجتمع الحرب والحب والكبرياء على قلب الرجحل فأيهما

سينتصر على الآخر في قلبه

وعندما تجتمع العاطفة والإنتماء وحب الوطن على قلب امرأة

فأيهما ستختار وبمن ستضحي


~~ ( جنون المطر ) ~~


رواية تجسد الحب في الحرب والحرب في الحب وتفرق الأوطان في

الأرض الواحدة ~ جنون المطر ~ هي بطاقتي القادمة إلى قلوبكم

عبر هذا المنتدى وسترون فيها برد المشاعر بحلة جديدة وتجربة

مختلفة عن سابقاتها كل الاختلاف



~~~ رواية جنون المطر ~~~




" لن أضيع الوقت في تلك الترهات ورجالي في خط

المواجهة ومِن أجل ماذا ؟ مؤتمر سخيف لن نخرج منه بشيء "




" لا تقولي هذه البلاد منذ متى كنا بلادا لوحدنا ؟

لما تريدون تقسيم الدولة وهي لم تقسم بأي حدود دولية "




" لن يفعلها أبدا إلا إن جُن مطر حقا وضرب جميع

المساعي الدولية عرض الحائط وهم يسعون لتهدئة ولو جزئية "




" والآن عليكِ محو فكرة الذهاب إلى هناك من رأسك

لأن الأرض أرضه وإن أمسكك رجاله سيسوقونك له "




" تحولوا لوضع الدفاع , نجحنا يا رجال وهذه أصبحت حدودنا الجديدة "





(( ومن يوقف شلال الدم حين يبدأ بالجريان ؟ حين يرى الشقيق شقيقه

عدوا له وكل واحد له الحق في الدفاع عن نفسه وأرواح قبيلته ويصبح

لا صوت أعلى من صوت الحرب ولا طريق للحياة إلا من خلال الموت ))

برد المشاعر 28-11-15 02:02 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني)
 



الفصل الثالث







اتكأت على الجدار خلفي أنظر بشرود للسقف المليء بالحشرات

هي لابد وأنها دُرر الطفلة تلك ذاتها , نفس العينين واللون الأخضر

الغريب كلون حبة الفستق والبقعة البنية في بياض العين ذاتها حتى

الملامح لا يبدوا لي تغيرت كثيرا عن تلك السن حين كانت هنا في

الخامسة قبل أن تختفي , أنزلت رأسي ونظرت لتفاصيل الغرفة

أمامي وللحبل المعلق في منتصف الجدار حتى الآن والدماء اليابسة

عليه من أكثر من عشرين عام , كل شبر في هذه الغرفة وكل بقعة

دم منتشرة فيها تحكي في ذاكرتي قصة من العذاب والتعذيب , حتى

والدتي لم يتركني أراها منذ مرضت وأصبحت طريحة الفراش

دُرر الشيء الوحيد الذي كان يعني لي الحياة هنا , كانت تحب

أرجوحتها وتعشق أن أدفعها بها بقوة وتصرخ بضحكة

( أواس ادفعني لأطير أكثر حتى ألمس السحاب )

عدت بنظري للأعلى وابتسمت بألم , كانت تشعر بي وتحبني لكنه

حولها لوحش مثله حين طلب منها جلدي مثلما يفعل , رفضتْ وبكت

كثيرا في البداية لكنها رضخت وفعلتها بل وأصبحت تستمتع بفعل

ذلك بي , كانت ضرباتها خفيفة لصغر سنها ولا تؤذي لكنها كانت

على قلبي وجسدي أوجع من ضربه المبرح القوى , وبعدما اختفت

اتهمني بأني اختطفتها واغتصبتها وحتى بأني قتلتها ودفنتها تحت

الأرض وزاد من عذابي وتعذيبي ولم أهرب منه إلا بأعجوبة

كُوني هي , كوني تلك الفتاة في محل بيع الحلويات وستعطينني

فرصة من ذهب لأرد له الصاع صاعين , كوني حفيدة علي رضوان

القاضي العادل رجل العدالة الذي يعذب فتى في الثالثة عشر بلا سبب

مقنع , كوني هي وسأكون أواس الجديد وسيرى حسابه مني وسيأتي

هنا منصاعا , قسما وأنا أواس أن يفعلها من أجلك ووقتها فقط سأفعل

ما ستبرد به هذه النار المتأججة منه بداخلي من عشرين عام , أنزلت

رأسي للأسفل أحرك السلسلة الحديدية بقدمي , غرفة ليس بها سوا

أدوات التعذيب ورائحة العفن والدماء التي لازالت في أنفي رغم كل

هذه السنين , غرفة تعيش في داخلي أكثر مما أعيش في داخلها

أخرجت سيجارة وأشعلتها واتكأت على الجدار أسحب دخانها , عليا

أن أعرف اسمها إن كان دُرر أم لا رغم أن كل شيء فيها يقول أنها

هي , بشرتها البيضاء شكل العينين ولونهما فمها الصغير وهدوئها

الغريب , بقي لون شعرها البني الذي يؤكده لون حاجبيها الرقيقان

وبما أن العقيد رفعت وافقني على فتح القضية مجددا خصوصا أن

ابنة أخيه ترجمان اختطفت معهم فسيسعى معي لنجدهم قبل أي أحد

رميت عقب السيجارة ووقفت وخرجت من الغرفة ومن الملحق

ودخلت المنزل وتقابلت وعمتي فاستنشقت قليلا ثم قالت بقرف

" أواس ما هذه الرائحة في ثيابك "

تجاهلتها وتابعت سيري فأمسكت ذراعي وقالت " كنت تدخن

يا أواس يعني أنك كنت في تلك الغرفة دمرها الله "

استللت ذراعي منها وقلت بضيق " عمتي كم مرة سأقول

أني لست طفلا تعامليني هكذا "

ثم تركتها وصعدت لغرفة النوم وفتحتها بالمفتاح ووقفت عند

الباب ونظرت للنائمة على الأرض وقلت بسخرية " وتتعاطي نوعا

من المخدرات أيضا يا نجسة هذا ما كان ينقصك "

رفعت رأسها ونظرت لي ثم أعادته أرضا وأغمضت عيناها , مدمنة

يا وجد وهذا شيء جديد يثبت لي أكثر أنها ضحكت علي وكانت تُدخل

ممنوعات وتتعاطاها هنا وأنا غافل , قلت بحقد " أنا من سيشفيك منها

بل وسنقبض على الحثالة الذين يوصلوها لك ولأمثالك "

قالت بصوت ضعيف " أنت مريض يا أواس "

قلت باستخفاف " حقا !! ورأينا الأصحاء أمثالك "

فتحت عيناها تنظر أمامها وقالت بسخرية " أخبرني إذا من

الذين كنت تناديهم وأنت نائم عندما تنام مستاء ... أمي أبي

دُرة عمتي ..... "

توجهت نحوها وركلتها وقلت بغضب " أصمتي يا كيس النجاسة "

ابتسمت بسخرية وتألم وقالت " أنت ضعيف يا أواس رغم ما تدعيه

من قوة , أنت كجدار من ورق سيأتي اليوم الذي سيمزقه أحدهم

وكم أتمنى أن تكون امرأة لتعلمك حجمك الحقيقي "

ركلتها مجددا مرارا وتكرارا حتى بدأت تصرخ من الألم ثم

خرجت وأغلقت باب الغرفة عليها بالمفتاح فلن أفتحه حتى

تخرج تلك السموم من دمها





*~~***~~*







كنت أمسك كتابا ونظري على أسطره لكن عقلي ليس هنا أفكر

في لو أن العجوز رفضت سليمان هل رأي ترجمان صوابا في

أن أذهب معه وأتزوجه ولا أكترث لها وهل أنا أريده حقا زوجا

لي أم أني فقط أخاف أن يمضي عمري دون زواج وأبناء وأنا

بلغت الخامسة والعشرين الآن وكثر طلبوا الارتباط بي وهي

رفضتهم دون سبب واضح , هززت رأسي أرمي منه تلك الأفكار

وعدت لشغل نفسي بما اقرأ لتزاحمني الأفكار مجددا لكن هذه

المرة في ذاك الشاب الغامض صاحب النظرات الغريبة إن كان

يعرفني وما يريد مني ولما يلاحقني هناك , أخشى أن يتسبب لي

بمشكلة أنا في غنى عنها لذلك سأترك المحل إن وجدته هناك

مجددا وسأبحث عن عمل آخر بعيد عن ذاك المكان بأكمله

أخرجني من أفكاري الأصابع التي رفعتْ الكتاب من يداي

وصوت سراب قائلة بضيق " دُرر حتى متى سأناديك "

استللت الكتاب منها وقلت ببرود " نعم ماذا هناك "

أخذته مجددا وقالت " ما بك اليوم لا تعجبينني أبدا

ماذا حدث معك في عملك بالأمس "

نظرت لها ومددت يدي وقلت " لا شيء فهاتي الكتاب "

ابتعدت به وجلست على المكتب وقالت " دُرر إن غادرنا

المنزل أنا وترجمان وسكنّا في غيره هل تذهبي معنا "

نظرتُ لها بتجهم ثم قلت " وما المكان الذي لك

غير هنا إلا الشارع ؟؟ "

قالت بتذمر " هيا دُرر أجيبي فلست أمزح "

رفعت الهاتف من جانبي ونظرت للساعة وقلت ببرود

" جِدي لنا ملجأ غير هذا وأنا أول الخارجين "

صفقت وقالت بحماس " رائع وهذا ما أريده أن لا نفترق أبدا "

أعدت الهاتف مكانه وقلت باستغراب " ما قصدك من

كل هذا يا سراب "

كانت ستتحدث لولا أن انفتح الباب ودخلت منه العجوز قائلة

" أين تلك الحرباء ترجمان "

كتمت ضحكتي وقالت سراب ببرود

" في الجامعة طبعا أين ستكون "

قالت بضيق " الجامعة الجامعة وبلا نتيجة يبدوا عليا

إيقاف دراستها فهي لن تخرج من هناك أبدا "

ثم ضربت الأرض بعكازها وقالت بغضب " كيف تطرد

زبونتي صباحا , لا وكذبت عليها وقالت لها أني مت "

كتمتُ ضحكتي أكثر لأمسكها من الخروج لكن سراب لم تنجح

في ذلك كعادتها منذ صغرها وضحكت بصوت مرتفع وكان

مصيرها طبعا ضربة على كتفها بالعكاز جعلتها تتألم وتتأوه

بدلا من الضحك وغادرت تلك العجوز تتوعد ترجمان بغضب

وقالت سراب وهي تمسد كتفها " جلبت ترجمان نهايتها بيديها "

قلت مبتسمة " لن تكون ترجمان إن نالت منها وستري بعينك "

وصلنا صوتها صارخة " سرااااااب "

وقفت سراب وقالت " يا يومك اليوم يا سراب فأنا من

ستدفع الثمن طبعا "

ثم خرجت تتذمر وتمتم بغيظ , لا أعلم متى سنتخلص من هذا

المنزل بؤرة الشياطين , يا رب عجل بخلاصنا منه فقد كرهَت

نفسي البقاء مع المشعوذين السحرة ولو مُجبرة

تحركت للمكتب أخذت الكتاب من هناك وعدت به للسرير لحظة

دخول ترجمان الغرفة ورمت فردة الحداء من قدمها لتطير خلف

سريرها وأتبعتها الأخرى فقلت ونظري على الكتاب " جهزي

نفسك للعقاب , لا وتفاولين عليها بالموت وهي أكثر

من يخاف منه "

رمت حقيبتها ومذكرتها وتوجهت للخزانة وفتحتها قائلة

" والموت أيضا يبدوا لي يخاف منها وقد تأخر فوق وقته "

ضحكت رغما عني فقالت وهي تُخرج الثياب وترميها كعادتها

" تلك الوقحة تقول لي ( باب النجار مخلوع حقا كيف تزوج بنات

الناس وبناتها جميلات وسيعنسن عندها ) فأردت أن أوفر عليها

مالها في شيء ينفعها أكثر "

قلت باستغراب " وما يكون ذاك ؟؟ "

أخرجت ما تبحث عنه أخيرا وقالت ضاحكة " أخذتهم من

يدها وأعطيتهم لشحاذ سلك الشارع "

هززت رأسي بيأس منها مبتسمة فخلعت قميصها ورمته على

السرير فأبعدت نظري وقلت بضيق " ترجمان كم مرة

قلت لا تنزعي ثيابك أمامي "

رفعت ملابسها وقالت متوجهة جهة الحمام " لا تكوني

رجل ولا أعلم أو تريني أمامك بلا ملابس أبدا "

ثم دخلت الحمام وأغلقته خلفها فتنهدت باستسلام ويأس من

إصلاحها وأمسكت الكتاب مجددا بل عادت الأفكار لتسرقني

من جديد





*~~***~~*






وصلت المنزل ووجدت مصطفى أمام سيارته ويبدوا نزل منها

للتو وأنا جئت في الوقت المناسب , نزلت واجتزته قائلا دون

أن أسلم عليه ولا أقف حتى أمامه " أدخل "

تبعني للمجلس ودخل ووجدني جالسا فجلس أمامي وقال

" ما بك لا سلام ولا كلام "

قلت بسخرية " تعرف ما بي ولا شيء لك هنا فرافقتك

السلامة بلا شوشرة "

قال من فوره " بل لي زوجتي وابنتي هنا من يومين

وجئت لأخذهم "

قلت بجمود ونظري في عينيه " ذلك عندما تكون كفئا ليكون

لك زوجة وابنة "

ثم وقفت وتوجهت نحوه فوقف من فوره فأمسكت قميصه

بقبضتي وقلت من بين أسناني " ليس شقيقتي من تمتد عليها

الأيدي وأقسم لن تراها ولا على جثماني "

قال وهوا يحاول إبعاد يدي " زوجتي وتحبني وابنتي

وسآخذهم معي فلا تجبرها على ما لا تريد "

شددته أكثر حتى اقترب وجهه من وجهي وقلت " قالت بلسانها

لم تعد تريدك وقسما يا مصطفى لولا ابنتك لكنت في السجن

بسبب ضربك لها ولن تخرج وأنا حي , ابنتك تأتي لرؤيتها

متى تريد أما رغد فنجوم السماء أقرب لك منها وستطلقها "

قال بضيق " لن أطلقها أبدا "

هززته وقلت بحدة " أنا لا أخيرك وستفعل ذلك رغما عنك أو ... "

ثم تابعت بسخرية " بضاعة المشروبات الموردة نهاية الشهر الماضي

والدفعة القادمة بعد شهرين قضية تجعلك سجينا أقلها خمس سنين "

نظر لي بصدمة لمعرفتي للأمر فتركته بقوة وقلت " ولا أريد فتح

جميع الدفاتر وقد جلبت لك أقربها فقط , إن كنت تريد أن يختفي

اسمك منها فافعل ما طلبت منك أو استعد للقبض عليك خلال

أربع وعشرين ساعة مع باقي شلتكم "

ودخلت بعدها المنزل وتركته في المجلس فليخرج أو ينم فيه فلم

يعد يستحق ولا حتى الاحترام خصوصا بعدما اكتشفت تجارته

المشبوهة , أول من قابلني كانت ندى التي ركضت نحوي

مسرعة فرفعتها للأعلى وقالت ضاحكة " إياااااذ "

ضحكت وقلت " وكيف نجد حلا لك مع حرف السين

مثلما وجدته سدين "

خرجت حينها والدتي من جهة المطبخ وقالت مبتسمة

" علمتُ أن ضحكها هكذا معناه أنك أتيت "

أنزلتها للأرض وأخرجت لها قطعة الشوكلاته من جيبي

ومددتها لها فأخذتها فورا وانشغلت بفتحها ونظرت أنا

لوالدتي وقلت " أمي أريدك قليلا "

قالت متوجهة نحوي " إياس بني الشوكلاته بكثرة تضرها "

وضعت يدي على كتفها وقلت سائرا بها " لن تطلب مني

شيئا ولا أحضره لها "

دخلنا غرفة الجلوس وجلستُ وجلستْ هي أمامي فقلت مباشرة

" مصطفى كان هنا "

قالت بقلق " وماذا كان رده "

اتكأت على ظهر الأريكة وقلت بابتسامة جانبية " وما سيكون

برأيك قلت لن تذهب معه ولن يراها وسيطلقها وسيحدث "

هزت رأسها وقالت " أخشى أن يجلب لك المشاكل ولشقيقتك "

قلت بجدية " لن يحدث من ذلك شيء إلا إن كان كلام رغد تغير

وسترجع لاسطوانتها القديمة أنها تحبه وواثقة فيه وتضرب

كلامي ورأيي عرض الحائط "

تنهدت وقالت " بل لم يزدها وقوفك معها إلا إصرارا على

رأيها في الانفصال "

اتكأت بمرفقاي على ركبتاي ونظرت جانبا وقلت باستياء

" اكتشفت أن له تجارة مشبوهة "

شهقت بصدمة ويدها على فمها فنظرت لها وقلت مباشرة

" ليست ممنوعات لكنها بضائع مغشوشة ومنتهية الصلاحية

وتهريب , أشياء لها أول وليس لها آخر وقد أخبرته أني سأجد

طريقة لأتغاضى عنه من أجل ابنته فقط لكن إن تكرر

الأمر فسيكون مصيره السجن "

ضربت كفاها ببعض وقالت بحسرة " يا حظك يا

رغد الذي رسمته لنفسك بنفسك "

قلت بجدية " لن يضرها طلاقها في شيء ستكمل دراستها

وإن كان لها نصيب في غيره ستتزوج وتعيش حياتها

الطبيعية فلن يخسر غيره "

قالت بهدوء " إياس لا تخبرها بكل هذا هي تريد الطلاق وكل

واحد منهما سيذهب في حال سبيله واترك هذا بيننا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " وهذا رأيي أيضا فيبقى والد

ابنتها وندى والدها ولا يجوز أن تعلم بكل هذا "

قالت مبتسمة " أكملك الله بعقلك بني والآن دعنا نتحدث في المفيد "

نظرت لها باستغراب فتابعت بحماس " كنت تقول سابقا أن دوراتك

التدريبية لم تنتهي وتؤجل فكرة الزواج , الآن أتركني أبحث لك

عن عروس فلا حجة لديكم "

وقفت وقلت " دعيني أرى عملي أين سيكون أولا فلازلنا

بين وبين ثم افعلي كل ما تريه مناسبا "

وقفت وقالت بسعادة " على بركة الله بني وسأبحث من

الآن حتى ترى شؤون وضيفتك "

خرجنا معا وقابلتنا رغد تفتح لوح الشوكلاتة لابنتها وقالت مبتسمة

" منذ الصباح وهي تتحدث عنها , جيد أنك لم تنساها "

قلت مبتسما " وكيف خلت الثلاجة وهي عشق سلسبيل "

أعطتها لها وقالت " تقول أنها ستتبع حمية "

ضحكت وقالت والدتي " سنبدأ في ترشيح الفتيات

لنجد عروسا لشقيقك "

قالت بسعادة " حقا وافقتها أخيرا "

وضعت ذراعي على كتفها وقلت " نعم لأرتاح وترتاح هي "

ثم تابعت ونحن نبتعد عن ابنتها " مصطفي سيطلقك "

ماتت ابتسامتها ولاذت بالصمت فقلت بجدية " رغد إن كنتِ

غير راضية أرجعتك له وهددته ليتوقف عن ضربك "

هزت رأسها بلا وقالت " لو كان آخر رجل في البلاد

لم أعد أريده "

قلت مبتسما " إذا تعالي أريدك في أمر قبل أن تجلب لي

والدتي عروسا تفجعني بها "

ضحكت وقالت " لم تخبرنا أنه هناك فتاة معينة "

قلت ضاحكا " ومن قال ذلك , أنا أعني لا أريد واحدة طويلة لسان

وعنيدة ومجنونة أعرف أمي يعجبها ذاك النوع وتقول دمها كالسكر "

ضحكت كثيرا وقالت ونحن ندخل غرفتها " يعني لن تتزوج

على ذوقها أبدا "

جلست وقلت " بلى الشكل فلتختره هي كما تريد أما الطبع

أخبريني إن كانت من ذاك النوع الرديء "

جلست وهزت رأسها بحسنا مبتسمة فقلت بهدوء

" ما رأيك في العودة لدراستك "

نظرت للأرض وقالت " لم أفكر في ذلك لكني سأفعله أما

الآن أشعر بنفسيتي سيئة ولا رغبة لي في الخروج "

قلت بهدوء مماثل " رغد لا تجعلي هذا الأمر يسيطر على

نفسيتك واثبتي لنفسك قبل الجميع أنك أقوى من مرحلة ما

بعد الطلاق وسترزقين بزوج غيره "

قالت باستنكار " أبدا أنا أتزوج ؟ لا أريد إلا ابنتي وقد

عفت كل ذلك "

تنهدت وقلت بجدية " رغد ما بك انهزامية هكذا تعلّمي من

سدين تقع وتقف "

قالت بحزن " لكنها لم تمر بما مررت به "

قلت " ولا تنسي أنها رسبت رغم تفوقها الدائم واجتازت

الأمر بشجاعة ونحن من ضننا أنها ستفقد عقلها "

تنهدت وقالت " ليس وقت الحديث في هذا الآن وتأكد

أني لن أعصيك مجددا فقد تبت "

ضحكت وقلت " إذا ما أن يسمع عنك خالي رفعت

فسيجلب لك عريسا من شلّته "

ضحكت وقالت " اشتقنا له لم نعد نراه أبدا "

قلت مبتسما " هذه الفترة فتح ملف قضية اختفاء

ابنة شقيقه ومشغول بها "

قالت باستغراب " وما ذكره بها الآن فترجمان مختفية من

عشرين عام وقد تكون ميتة لكانوا وجدوها "

رفعت كتفاي وقلت " هناك من وجد إحدى الثلاث المختطفات

أو شبه وجدها وقد تكون الخيط لإيجاد البقية "

تنهدت وقالت بحسرة " ترجمان لازالت حسرة في قلب خالي

رفعت حتى الآن وهي أمانة خالي أحمد له بعد وفاته "

وقفت وقلت " إما أن يجدها أو يعلم أنها ميتة ويرتاح من

عناء البحث عنها "

نظرت لي للأعلى وقالت " ما بك وقفت بسرعة فأنا

لم أرك منذ أول أمس "

نظرت لساعتي وقلت " مناوبتي الآن وعليا الذهاب لعملي

سأراكم غدا كهذا الوقت "






*~~***~~*






فتحت باب المنزل بمفتاحي ودخلت فأنا لم أعد أزورهم سوا

نهارا في أغلب الأوقات خصوصا أن أكبر الفتيات أصبحت في

الثانوية ولا أريد أن يمس سمعة بنات هذه العائلة أحد هنا فأنا

أدرى الناس بأفكار أهل الأحياء الشعبية المتقاربة ورغم أني

ربِيت معهم وولِدت أكبر بناتهم وعمري خمسة عشرة سنة

وأعدَهم أخواتي الصغيرات إلا أنني أخاف عليهم حتى من كلام

الناس , دخلت أحمل الأكياس في يدي ووصلت للغرفة التي يخرج

منها صوتهم وطرقت الباب وفتحته فكانوا مجتمعين حول والدهم

كعادتهم منذ أصبح طريح الفراش , التي تكتب واجبها والتي تنام

في حجر والدتها والآتي يلعبن ووقفن أصغرهن سنا وركضن نحوي

كعادتهم يمسكون يدي ويسحبوني منها للداخل فدخلت ملقيا التحية

وجلست معهم وقلت " صبا خدي الأغراض للمطبخ "

وقفت من فورها وخرجت بهم وقفزت إسراء في حضني

وقالت " أخي آسر خدني معك في السيارة "

مسحت على شعرها وقلت " إجازة المدرسة القادمة نهاية

الأسبوع آخذكم لمدينة الألعاب جميعكن حسنا "

صرخن بحماس وقفزن نحوي من تعلقت بعنقي ومن حضنت

ظهري وضحكتْ والدتهم وقالت " ابتعدوا عن شقيقكم

سيُحرِّم أخذكم مجددا "

قلت ضاحكا " اتركيهم فمن أجل هذا أفعل كل ما يريدون "

قال والدهم " أنت تكلف نفسك بالمهم وغير المهم كم سيكفي راتبك "

قبلت خد إسراء وضممتها لصدري وقلت " ولما أعمل وآخذ

الراتب إن لم يكن من أجلكم "

قال بحزن " أعلم أننا نكلفك فوق طاقتك ولولا عجزي ما

اضطررتَ لصرف مالك علينا ولكنت تزوجت وفتحت منزلك "

أبعدت الطفلة عن حضني وقلت " ما هذا الكلام الذي تقوله يا

عم فمن رباني وأنا صغير وصرف عليا من ماله حتى درست

وتخرجت غيرك , لحم بدني من خيرك ولن أوفيكما حقكما مهما

فعلت يكفي أنكما اعتبرتماني ابنكما الذي لم يرزقكم الله به وقتها "

قالت زوجته مبتسمة وهي تنوم ابنتها في حجرها " ولم نرزق

بالأبناء إلا بعدما ربيناك ومهما أنجبت فلن أنجب مثلك

وأعتبرك الولد الذي لم يرزقنا الله به "

قلت مبتسما " إذا لا جميل لي عليكم وما أن أستعيد مال والدتي

سوف آخذكم معي من هذا الفقر , وسيكون لدينا منزلا أكبر

من هذا يكفينا جميعنا "

قفزت إسراء قائلة بمرح " حقا سيصبح لدينا منزل كبير "

قلت مبتسما " نعم وغرفة لوحدك أيضا "

حضنتني بقوة لتلحقها بتينة وتحضنني أيضا قائلة " وأنا آسر "

ضممتهما وقلت " وأنتي أيضا سيكون لكم عشر غرف حسنا "

ضحك العم صابر وقال " هذا لن يكون منزل بل نزل داخلي "

ضحكنا معا ثم نظرت جهة صبا وقلت " كيف الثانوية معك "

قالت بابتسامتها الهادئة " جيدة شكرا لك آسر لأنك سجلتني فيها "

قالت والدتها بعتب " ثانوية خاصة يا آسر هذا كثير "

قلت مبتسما " ليس بكثير عليكم أقسم لو بيدي لعيشتكم في

ثراء , فليَصدق ما في بالي فقط وستتغير حياتنا جميعا "

ثم وقفتُ بعدما قضيت معهم بعض الوقت , العائلة التي آوتني من

الشارع بعد وفاة والدتي التي سرق ذاك الجشع كل مالها ليربيني

العم صابر جارنا القديم حيث سكنت هنا ووالدتي بعدما طلقها

ذاك ورمانا في الشارع وعشنا هنا , لم يعاملني سوا ابن له حتى

بعدما رزق ببناته فقد تأخر في الإنجاب , صبا أكبرهم وعمرها

خمسة عشر عاما الآن وإسراء أصغرهم وهي في الرابعة

وصلت الباب ليوقفني الصوت المنخفض من خلفي قائلا

" أخي آسر "

التفت أنظر للواقفة هناك بتركيز ثم قلت " عبير تعالي "

اقتربت مني وقالت ونظرها للأرض " أريد منك شيئا "

وضعت يدي على كتفها وقلت " نعم يا عبير قولي ما تريدين "

نظرت لي وقالت " لدينا رحلة في المدرسة ووالدتي

رفضت أن أخبرك "

أخرجت محفظتي من جيبي وقلت " كم تريدين لتذهبي معهم "

قالت " لكنها ستغضب مني "

أخرجت النقود وقلت " سأتصرف في الأمر قولي

فقط كم تكلف ومتى ستذهبون "

قالت مبتسمة وعيناها تلمعان من الدموع في النور الخفيف

" عشرون جنيها وسنذهب الخميس القادم , شكرا يا آسر كم

تمنيت الذهاب في عمري ولو مرة "

أعطيتها النقود وقلت " ولما لم تخبريني سابقا "

أخذتهم وقالت " كنتَ تدرس أو مسافر في دورة ووالداي

يرفضان أن أكلفك "

مسحت لها دموعها وقلت " لما البكاء الآن أذهبي واستمتعي

وباقي النقود اشتري بها من هناك ما تريدين "

هزت رأسها بحسنا وكانت ستغادر فقلت " وداليا لا رحلة لديهم ؟؟ "

التفتت لي وقالت " رحلتهم كانت الأسبوع الماضي وبكت

كثيرا ولم تذهب "

تنهدت وقلت " أدخلي الآن ولا تخبري أحد حتى أتحدث

مع والداك في الأمر حسنا "

اقتربت مني وقبلت خدي وركضت للغرفة تخبئ النقود في

ثيابها ولمستُ أنا خدي بأصابعي مبتسما , أعاملهم كفتيات كبار

في الإعدادية ليفهموا من أنفسهم أنه عليهم وضع حاجز بيني

وبينهم مهما كان وهم لا يعاملنني سوا كشقيق لا حدود بيننا أبدا

خرجت بعدها مغادرا المنزل وأشعر بالاستياء لأن إحداهن

بكت من شيء يمكن أن أوفره بالمال ولم يخبروني عنه

فلازالوا يراعونني وكأني براتبي المتواضع كما في السابق

وصلت لمنزلي الذي لا يبعد عنهم كثيرا ودخلت لغرفتي

غيرت ثيابي ونمت واستيقظت مبكرا لأزور المحامي قبل

أن أذهب لمناوبتي في قسم الشرطة






*~~***~~*







صفرت لها من بعيد فالتفتت لي فأشرت لها بسبابتاي كعلامة

ضرب وهي تعلم معنى هذه الإشارة جيدا وهي أن عراك محتد

بين أبناء عائلين معروفتين بعداوتهم فركضت نحوي تاركة ملعب

الكرة ووصلت عندي وقالت بحماس " اشتعلت أخيرا يا سدين "

قلت مبتسمة " نعم وهذه فرصتك التي كنتِ تنتظرينها يا ترجمان "

ركضت تسحبني معها قائلة " ما حجم المشكلة "

قلت وأنا أجاري خطواتها الراكضة " أمن الجامعة لم يستطيعوا

فض العراك فأسرعت لك قبل أن تأتي الشرطة "

ركضنا معا حيث الاقتتال المحتد بالعصي والحجارة والأصوات

الرجولية الصارخة لتختفي ترجمان في المعمعة سريعا وبكل شجاعة

تبحث عن فريستها وهوا الشاب الذي تشاجرت معه من إحدى القبيلتين

وستنال منه هذه المرة بالتأكيد , أما أنا فكنت أراقب وأمضغ العلكة مبتسمة

ومتحمسة لرؤية النتائج حتى سمعت صفارات قوية وانتشار لرجال الشرطة

فصفقت بحماس وأنا أراقب الوضع ثم انفتحت عيناي من الصدمة وأنا أرى

إياس معهم فمن غبائي نسيت أن مناوبته أمس واليوم فركضت هاربة

ومبتعدة بعدما حاولت إيجاد ترجمان لأبعدها معي ولم أنجح وتقابلت

وإحدى فتيات شلتنا وقلت لها من فوري " أين ترجمان هل رأيتها "

قالت ضاحكة " نعم تضرب المسمى هشام بيديها

وقدميها وتستغل وقت انشغاله "

ضحكت وقلت " يالها من مجنونة وما في رأسها تفعله

وستمسك بها الشرطة هذه المرة "

سحبتني قائلة " ابتعدي فشقيقك معهم وقد يراك "







*~~***~~*







دخل الرجال بأصوات صفاراتهم والعصي بين الاشتباك وحاولنا

تطويق المجموعة لنمسكهم وأنا وآسر نتحرك بينهم لنسدي الأوامر

وعصينا تضرب من أمامنا لنحد من الفوضى حتى لمحت بين كل

هؤلاء الشبان فتاة فوقفت أنظر بصدمة للشعر الأسود الطويل الذي

يتطاير مع حركتها وهي تقفز وتضرب أحدهم على رأسه مع كل

قفزة فأشرت لآسر عليها ثم بيدي بمعنى هذه ما تفعل معهم فرفع

كتفيه وقال بصوت مرتفع لأسمعه " عالم جديد في النساء "

ضحكت وتوجهت نحوها أبعد من أمامي ضاربا دون اكتراث حتى

اقتربت منها ونظرتْ ناحيتي لأكتشف أنها تلك اللصة التي سرقت

محفظتي وسخرت مني فابتسمتُ بمكر متوجها نحوها وقلت

بهمس " وجدتك وفي المكان المناسب "

فأخرجت لي لسانها تلك الوقحة وهربت تدفع من أمامها وأنا أركض

وأصطدم برجال الشرطة والشبان وأحاول مجاراتها لكن بحكم جسدها

النحيل بل وتتحرك برشاقة وكأنها رياضية وتتسلل بين الاثنين مهما كانا

قريبان من بعضهما كانت النتيجة أن هربت مني تلك الجنية ولم أدركها

لكن لا بأس علمت أنك تدرسين هنا وسنتصافى فأنا ما كنت سآخذها معهم

لأنها فتاة لكن حسابها معي ستدفعه مهما طال الوقت , جمعنا أكبر عدد

منهم وفضضنا العراك أخيرا وأخذناهم لقسم الشرطة واستلمت وآسر كل

منا عائلة لوحدها كي لا نجمعهم معا ويعج القسم بالفوضى , أدخلوا اثنين

منهم فوقفت وسندت يداي على الطاولة وقلت بحدة " هل أنتم أطفال

أم حيوانات وترون الجامعة للدراسة أم لاستعراض العضلات "

قال أحدهم بضيق " هم البادئون "

قلت بحدة " وهذا سيكون كلامهم أيضا , هل لديكم علم بعدد

من أسعفوهم للمستشفى منكم أو منهم "

لوا شفتيه بضيق فقلت باستياء " شبان طولكم كالأبواب تتعاركون

كالثيران في مكان من المفترض أن له احترامه ولم تفكروا في الطلبة

الذين يدرسون , لما لم تذهبوا لتصفوا حساباتكم في الشارع "

نظرا لبعضهما ولم يتحدثا فأشرت لأحدهما وقلت " أنت كنت في

العراك السابق من عامين وأحضرناك هنا والتاريخ يعيد

نفسه لأنك لم تنل عقابك حينها "

قال باستنكار " أبدا أنا لم .... "

قلت بحدة " بلى فأنا لا أنسى الوجوه أبدا , لم أكن

ضابطا هنا لكني أذكرك جيدا "

نظر للأرض ولاذ بالصمت فرننت على الشرطيين في الخرج

فدخلا فقلت من فوري " خذاهم مع البقية ولا يخرج أحد قبل أربعة

أيام وبكفالة أيضا واجمعوهم في زنزانة واحدة "

ثم نظرت لهما وقلت بتهديد " وقسما إن تعاركتم في الزنزانة

مجددا نحن من سيضربكم هذه المرة "

كانوا سيغادرون بهم فقلت بعدما تذكرت أمرا " انتظر "

التفتوا لي جميعهم فقلت " من مِن العائلتين معهم فتاة في المشكلة "

نظرا لبعضهما ثم لي وقال أحدهما " لا نعلم "

نظر له الآخر وقال " أجل تلك الفتاة التي تشاجرت مع هشام

الشهر الماضي رأيتها تضربه بقدميها ومؤكد هي من حلقت

له شعره من الخلف "

قال الآخر بضيق " الوقحة عرفت كيف تأخذ حقها منه "

أمسكت ضحكتي وقلت " خذوهما بسرعة "

فخرجوا بهما وجلست أنا على الكرسي وبدأت بالضحك وأنا

أتخيل أنها حلقت له شعره وهوا منشغل بالعراك , ما هذه الهمجية

لا أستغرب الآن ما فعلته بي في مجمع التسوق , دخل أواس

وأغلق الباب خلفه وقال " ما كل هذا الازدحام

وأسمع صراخ آسر في الممر "

أشرت له بيدي ليجلس وأنا في ضحك مستمر فجلس وقال

" ما يضحكك هكذا "

قلت ضاحكا " عراك في الجامعة وفتاة في المشكلة تخيل

ولم نمسكها "

نظر لي باستغراب وقال " فتاة !! وما دخلها بكل هذا "

قلت بابتسامة جانبية " تذكر فتاة المحفظة تلك ؟؟ "

هز رأسه بنعم وقال مبتسما " قل فتاة الأحضان "

قلت بضيق " وقح "

قال ضاحكا " ما بها "

وقفت ولففت جهته وقلت " كانت وسط العراك تضرب

أحدهم من خلف ظهره "

ثم تابعت بضحك " وحلقت له شعر مؤخرة رأسه "

فهز رأسه مبتسما وقال " مجنونة وتفعلها "

ثم وقف وقال " ولما لم تمسكها ؟ تلك كانت فرصتك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ما أن رأتني أخرجت لي

لسانها وهربت مني ولم أدركها "

ضحك ضحكة خفيفة فضربته على كتفه وقلت " أصمت يا أحمق

فما كنت سأجلبها هنا في كل الأحوال فتبقى فتاة وهذا قسم

شرطة وشوشرة لكنها سترى حسابها مني "

دخل حينها آسر وقال بضيق " شلة من الحمقى ومقتنعين

جدا أنهم ليسوا مخطئين "

قلت " ماذا فعلت معهم "

قال بضيق " سجنتهم طبعا لعلهم يتعلمون درسا "

نظر بعدها لساعته وقال " لدي مشوار ضروري سأذهب له "

قلت ببرود " إن جاء أحد رئيسينا فلن أغطي عليك "

نظر لأواس وقال " حمدا لله هناك غيرك "

قال أواس " إن كان في الموضوع فتاة فاعذرني

وأجّل غرامياتك لوقت آخر "

قال بضيق " ما فتاة هذه التي سأترك عملي من

أجلها , لدي موعد مع محامي "

هززت رأسي وقلت بيأس " ألن تيأس من ذاك العجوز أبدا "

قال مغادرا " لا طبعا حتى يعود لي مالي "

ثم خرج وخرج أواس بعده قائلا " وأنا عملي انتهى اليوم

وسأغادر "







*~~***~~*







كان اليوم وقت ورديتي في المحل وكنا منشغلات مع الزبائن فأيام

العطلة تكثر فيها الحركة بكثرة زيارات الأهل والأقارب لبعضهم

وكنت منشغلة بتغليف وتجهيز الطلبات حين انفتح الباب ودخل منه

الشاب صاحب المحلات المدعو سليمان ووقف عند طاولتي مباشرة

وانتظر قليلا حتى خفت الحركة وبقي وحده وقال " بالأمس زرت

العنوان الذي أعطيته لي سابقا ورفضني الرجل التي قابلته

بل وعاملني معاملة جافة وشبه سيئة "

كنت سأتحدث لولا انفتح الباب مجددا ودخل منه ذاك الشاب فشعرت

بمفاصلي تيبست وعاد ذاك الشعور المخيف نفسه خصوصا مع نظرته

لي فور دخوله ونظر لسليمان ثم عاد بنظره لي بنظرة غريبة وكأنه

يقول لي ( أنتي من هذا النوع إذا ) ولا أعلم ما اخبره عقله عن

وقوف سليمان معي فأنزلت نظري للطاولة وقال سليمان

" لم تخبريني برفضهم للأمر جملة وتفصيلا "

رفعت نظري له ولم أعرف ما أقول خصوصا في وجود ذاك الغامض

الذي كان ينظر لمفاتيحه في يده ويبدوا يستمع لحديثنا في صمت

قال سليمان عندما طال صمتي " أعلم أنك لا تريدي الحديث معي

خصيصا في الأمر لكنك لم توضحي لي آنسة دُرر "

فرفع حينها ذاك الشاب نظره ونظر لي بصدمة أو لا أفهم ما تكون

فأنا عاجزة حقا عن قراءة نظراته فهربت بنظري من عينيه وشغلته

بالأوراق الملونة على الطاولة وقلت وأنا أحركها " أخبرتك أن

تذهب وتطلبني منهم وماداموا رفضوا فلا حديث بيننا "

وضع يده على الطاولة وقال بضيق " لكني أريدك حقا وتعلمين

جيدا أني لا أتلاعب فكيف يكون حديثك مغلق هكذا "

لذت بالصمت ولم أتحدث ولا أرفع رأسي ففي حضرة ذاك الغريب

تشل جميع حواسي وقدراتي فأمسكتْ يد سليمان بيدي وقال بضيق

" آنسة دُرر أجيبي ولا ..... "

فسحبتها منه بسرعة وسكت هوا حين أمسكت يد بيده بقوة وضغطت

عليها لتبرز عروقها وعضلاتها وما كانت سوا لذاك الشاب الذي أبعد

يد سليمان بقوة وقال بصوت غليظ جهوري حازم ونظرة نارية

" تسمع ما قالت لك أم أنك أصم "






نهاية الفصل ..... لقائنا فجر الأربعاء إن شار الله ويتغير التنزيل

سبت وأربعاء ودمتم في حفظ الله ورعايته





برد المشاعر 02-12-15 03:09 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث)
 



يسعد صباحكم جميعا بكل حب




في البداية أحب اشكر الأخوات وينك يا أمل وينك , maysa , renad ,

راجية رضى الله , ايفا رمضان , عبيركك , برستيج أردنية ,

عبق حروفي , hlkdi على كلامهم وتشجيعهم وأشكر أكثر الأختين

فيتامين سي و[COLOR="rgb(160, 82, 45)"]لامارا[/COLOR] على مجهودهم في نقل الرواية



الفصل الرابع







شعرت بخوفي ازداد أضعافا وهوا يرمقه بتلك النظرات حتى سحب

سليمان يده منه وقال " عذرا هل لي أن أعرف ما علاقتك أنت بالأمر "

شقت ابتسامة ساخرة ملامحه القاسية وقال " وما علاقتك أنت "

التفت له سليمان بكامل جسده وقال بضيق " الكلام بيني

وبينها فأخبرني صلتك بها لأرى "

ازداد جنون دقات قلبي حين أمسك له قميصه وقال من بين

أسنانه " تعلّم كيف تتكلم معي باحترام "

قال سليمان وهوا يحاول إبعاد قبضته القوية

" أقسم أن أشتكيك للشرطة "

أخرج له ذاك الشاب بطاقته من جيبه ووضعها أمام وجهه ولم

أكن أتبينها لأن رأس سليمان يخفيها عني فخرج سليمان بعدها

على الفور دافعا باب المحل بقوة ونظر لي ذاك الشاب وهوا يعيد

بطاقته لجيبه الخلفي وقال بجدية وأمر " لا أراك تتحدثين معه

مجددا يا دُرة تفهمي "

ثم خرج دون أن يسمع ردي أو يضيف شيئا وأنا كنت انظر للباب

بصدمة من تصرفه لا بل من كلامه.... دُرة !!لما ناداني بهذا الاسم ؟

نعم هذا من ضمن ذاك الحلم الغريب أو الكابوس الذي يزوروني

بعض الليالي ( لا تفعلي ذلك يا دُرة أرجوك توقفي ليس أنتي )

صوت الفتى ورجاءاته وذات الاسم , أمسكت رأسي بيداي وجلست

على الكرسي ولم أعرف فيما أفكر وأفسر وأحلل ثم وقفت في صمت

وغادرت المحل ودون عودة هذه المرة فما كنت خائفة منه ها قد

حدث وعليا أن أختفي ليختفي من وجودي






*~~***~~*






دخلت المنزل والغرفة فورا أنفض بقايا الغبار من ثيابي , ذاك

النصف الشرطي كاد يمسكني لا أعلم ما جاء به حينها , وجدت

سراب تقف أمام المرآة وتضع كحلا في عينيها وقالت ما أن

دخلت " ما بك وكأنك خارجة من قبر "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وأنتي أين تريدين

الذهاب متأنقة هكذا "

رمت المكحلة في الدرج وأغلقته وقالت " لدي غداء مع خطيبي "

ضحكت كثيرا ثم قلت " وصدقتِ نفسك وأنه خطيبك "

وضعت يدها وسط جسدها وقالت بضيق " ترجمان لا

تكوني نسيتِ أنك وعدتني بمساعدتي "

جلستُ على سرير دُرر وانحنيت للأسفل وقلت وأنا أفتح

خيوط حدائي الرياضي " لم أنسى فقللي أنتي من الخروج

معه أو انسي كل شيء "

حملت حقيبة يدها وقالت " وما في الأمر دعيني آكل وجبة

تليق بالبشر ليس كطعامنا هنا "

خلعت الحداء ورميته وقلت بأمر " سراب لا تخرجي

معه كثيرا وانتهى "

نفضت حقيبتها في الهواء وقالت بضيق " ولما ؟؟ هل كل

هذا لأنك أكبر مني بعام "

وقفت وقلت وأنا أجمع شعري للأعلى " بل لأنك تعرفين رأيي

جيدا في الخروج مع الرجال فكم من فتيات ضعن بسبب هذا "

قالت مغادرة الغرفة " مجنونة في كل شيء وهذه ترفضينها

يالك من غريبة أطوار يا ترجمان "

هززت رأسي بيأس ثم أخرجت ثيابا ودخلت الحمام ونظفت جسدي

وشعري من كل تلك الأتربة , أخيرا نلت من ذاك المغرور هشام

الوقح سخر مني أمام الجميع لأني رفضت عرضه للجلوس معا في

مقهى الجامعة , هل هوا بالغصب أم ماذا ؟ خرجت من الحمام أجفف

شعري لحظة دخول دُرر التي رمت حقيبتها على السرير ودخلت

الحمام دون حتى أن تلقي السلام كعادتها وأنا أتابعها بنظري وقلت

قبل أن تدخل " هيه كيف تدخلين دون ثياب "

تأففت وعادت جهة الخزانة أخذت بيجامتها ودخلت الحمام وأنا

أراقبها حتى أغلقت الباب فرفعت كتفاي بلامبالاة , مؤكد تشاجرت

وأحدهم في عملها وتركته فهذه عادتها كلما تغزل فيها أحد الشبان

قفزت بعدها على سريري واتصلت بسدين فأجابت سريعا

قائلة " جيد لم تأخذك الشرطة إذا "

ضحكت وقلت " لن أكون ترجمان إن تركتهم فعلوها "

قالت بحماس " أخبريني عن النتائج "

استلقيت على ظهري وقلت بابتسامة انتصار وأنا ألعب بخصلة

من شعري الرطب بين أصابعي " عشرة صفر طبعا , ضربته حتى

تعبت وحلقت له شعره من الخلف وستري شكله الجديد حين يأتي

للجامعة فمؤكد سيحلق شعره الذي يتباهى به "

ضحكت كثيرا وقالت " كيف خطر في بالك حلق شعره هههههه

لا أستطيع التوقف عن الضحك "

ضحكت وقلت " هذه كانت أهم خطوة لدي فستري كيف سيرتدي

القبعة الرياضية في الجامعة واسخر منه كما سخر مني وأنا ألبسها

في الملعب وسأكمل باقي انتقامي حينها "

قالت بهدوء " ترجمان يكفي حتى هنا فقد يضرك في

شيء فأنتي تبقي فتاة "

قلت ببرود " لن يستطيع فعل شيء المهم لا تنسي مباراتنا غدا "

قالت بحماس " وكيف أنسى حدث كهذا .. وداعا وداعا "





*~~***~~*







دخلت أنزع قبعتي الخاصة ببذلة الشرطة لتقابلني سدين تحمل ندى

وقد قسمت لها شعرها لمربعات وكعكات صغيرة وخصلة حمراء

نازلة على جبينها وكانت هي فعلت نفس التسريحة الغريبة لنفسها

لا ويرتديان ملابس متشابهة جينز أزرق وقميص أحمر وتمضغان

العلكة أيضا وتضحكان على ضحكي عليهما فأخرجت هاتفي

وقلت " انتظرا هذا المشهد لا يفوت "

أخذت لهما صورة ومقطع فيديو وهما تمضغان معا فالصور لن

تظهر هذه الحركة , كان شكلهما رهيبا وكأنهما في مونديال كأس

العالم , خرجت أمي حينها من جهة المطبخ فأشرت لها بعيناي

عليها أن نهايتك قد اقتربت فهربت راكضة بها وتوجهت للسلالم

وأنا أضحك على شكلهما متوجها جهة والدتي وقبلت رأسها

وقلت " كيف أنتي اليوم "

قالت بحنان ماسحة على ذراعي " بخير بني كيف كان عملك "

مررت أصابعي في شعري للخلف وقلت " جيد أين سلسبيل هذه

الأيام مختفية "

قالت بعد ضحكة " في غرفتها من رياضة على سير المشي

للنوم ولا تأكل شيئا قالت لن تتوقف حتى يصبح جسدها كجسد سدين "

ضحكت وهززت رأسي وقلت " وما ستفعل بعظامها هل ستبردهم

سبحان من خلقهما وكأنهما ليستا تؤمان "

قالت مبتسمة " جسد سلسبيل متناسق مع طولها لكنها لا

تريد أن تقتنع "

خرجت حينها رغد من جهة المطبخ أيضا ترج رضاعة

في يدها وقالت " مرحبا إياس "

ثم نظرت لوالدتي وقالت " أين سدين وندى لأعطيها الحليب "

قلت مبتسما " عامان ونصف وترضعينها كالأطفال "

قالت باستياء " وما سأفعل لها فهي لا تشرب حليب الأبقار ولا

تأكل الجبن وجميع مشتقاته والطبيب نصحني أن لا أوقف

رضاعتها من أجل الكالسيوم في عظامها "

قلت مبتسما " تشبه خالها لا أعرف ما يعجبكم في الجبن والحليب "

ثم توجهت جهة السلالم قائلا " سأستحم وأنام لا يوقظني أحد ولا للغداء "

صعدت السلالم وما أن وصلت للأعلى حتى قابلتني سدين لازالت

تحمل شبيهتها الصغيرة وقالت " إياس هل لي بطلب أرجوك "

قلت مجتازا لها " فيما بعد منهك وأريد النوم "

ركضت جهتي ووقفت بيني وبين باب غرفتي وقالت

" خذنا للحديقة العامة رجاء "

أمسكت مقبض الباب وقلت " متعب يا سدين انتظري

حتى استيقظ "

قالت بعبوس " أرجوك عد بعدها ونم كيف تشاء "

هززت رأسي بلا فقالت ندي " رذووووك هيا ( أرجوك هيا ) "

فضحكت رغما عني وقبلت خدها بقوة وقلت " أقسم أن هذه

الحرباء الملونة من علمها لك لتقوليها لي "

ثم تابعت وأنا أفتح الباب " انتظرا أستحم أولا ثم آخذكما "

أعلم أن اليوم هوا المخصص في الحديقة للنساء والأطفال فقط ولهذا

كل هذا العناء في تجهيز نفسيهما ولأنهما الاثنتين اللتان لا أستطيع

رد طلب لهما عليا أخذهما ثم أعود لأنام فلم أقتنع حياتي بالسائقين

المخصصين للمنازل حتى سيارات الأجرة لا أحب أن يركبوها

إلا حين أكون مسافرا ولا يمكنني أخذهم بنفسي






*~~***~~*






قلبت يدي يمينا ويسارا ثم وضعتها على الطاولة أنظر للخاتم في

أصابعي وغير مصدقة أني ارتدي في إصبعي خاتم من ذهب وفيه

ألماسة في طرفه , أشعر أنني في حلم رائع وأخشى أن أستيقظ منه

" عجلي بالموضوع يا سراب فأنا أرى شقيقتك لم تفعل شيئا "

أبعدت غرتي عن عيناي وقلت " اطمئن كل شيء سيكون على

ما يرام فكما أخبرتك قريبتي التي ربتنا ترفض تزويجنا الآن

لكننا سنتصرف بما أن المحكمة ولينا القانوني "

قال باستغراب " وكيف ليس شقيقها "

قلت مغيرة مجرى الحديث " أخبرني كيف لا أقارب

لك وأنت بهذا السن "

تنهد ومسح على ذقنه بيده المجعدة بعض الشيء وقال " كان لي

شقيق مدعي عام في محكمة القضاء في العاصمة وله ابنة لكنه

توفي في حادث سيارة وابنته اختطفت قبل ذلك من أمام منزله ظهرا "

قلت باستغراب " غريب ومن هذا الذي اختطفها وكيف لم تجدوها "

نظر للساعة في يده بتركيز وقال " الحكاية عمرها عشرون عاما

ولابد وأنها ميتة من سنوات فيبدوا انتقاما من أحد أصحاب

القضايا فلا تخمين غيره "

نظر بعدها لي وقال " لدي موعد مهم وسأ.... "

قطع جملته اليد التي ضربت على الطاولة فرفعت نظري له

فكان شاب بأنف مستقيم مدبب وعينان عسليتان وشعر بني غامق

ولحية خفيفة ينظر له نظرة باردة دون أي رد فعل ثم قال

" هذا ما كان ينقصك التلاعب بالفتيات في أعمار بناتك "

وقف العجوز وقال " هذا ليس من شأنك أغرب من أمامي هيا "

قال ذاك بحدة " كل الشأن لي وأموالي هذه التي تلعب

بها بعقول الفتيات "

هذا يبدوا ابن زوجته الذي حكا عنه , وقفت حينها وقلت

" لا شأن لك بما بيني وبين خطيبي "







*~~***~~*








نظرت للفتاة بصدمة من كلامها الذي قالته بل صدمت أكثر

من العينان العسليتان الواسعة التي كانت وكأني أنظر لعيناي في

المرآة حتى أنفها يكاد يكون كأنفي كما يقول عنه أمين كالمسطرة

قالت بضيق " ما تنظر له وابتعد عنا "

عدلت وقفتي وقلت بسخرية " عشنا ورأينا نساء

تتدخلن في كلام الرجال "

وضعت يداها وسط جسدها وأمالته وقالت " ولم ترى

نساء يضربن رجال أيضا "

ابتسمت ابتسامة ساخرة وأشرت برأسي وقلت

" العبي بعيدا يا فتاة "

قال حينا ذاك العجوز " أنت العب بعيدا وسراب

خطيبتي وسأتزوجها قريبا "

قلت بغضب " على جثماني يحدث هذا وأنا آسر ابن فارس "

صفقت بيديها وقالت " إذا للمقبرة يا حبيب والدك "

نظرت لها باستحقار , ما هذه ولسانها السليط ؟ عرف بمن

يقرر الزواج بل لم يخطر هذا في بالي

" عذرا يا أفاضل "

التفتت للواقف خلفنا وكان رجلا في الخمسين تقريبا وقال

" لا نريد ضجة وشوشرة ومشاكل هنا "

رمت يدها في وجهه وقالت " من يسمعك يصدق أنه لا

مشاكل تحدث هنا وكل يومين الشرطة تزوركم "

قال بضيق " أنتي والفتاة التي معك تسببتما بمشكلة من أسبوع

وسكتنا , الآن أخرجوا بمشاكلكم خارج المطعم قبل أن أحضر الأمن "

نظرت حينها للعجوز ثم الفتاة وقلت " لا بأس ولي حساب آخر

معكما ولن يحدث ما تخططان له ما دمت حيا "

ثم خرجت وتركت المطعم ونزلت السلالم وغادرت السوق بأكمله

تلعبها بخبث إذا يا لص تتزوج بها لتأخذ مالك ويحق لك حينها

أن تكتبه باسمها كاملا وأصبح في مشاكل لا تنتهي فما سيأتي

بالموت لها بعدك خصوصا أنه يبدوا عليها أنها حرباء وأسوء

منه ولن أخرج منها بشيء , خرجت من هناك وراقبتها أين

ذهبت حتى وصلت منزلها ثم ذهبت للمحامي فورا لدراسة

المستجدات ونصحني بخطة للتخلص منها لكن عليا أن

أرى من يساعدنا فيها والأنسب سيكون أواس بالتأكيد







*~~***~~*







نظرت لساعتي وضغطت على منبه السيارة مرارا ليخرج بسرعة

فانفتح الباب وخرج منه وأغلقه وفتح باب السيارة وركب وأغلقه

قائلا " أزعجت الشارع بأكمله بضجيجك المزعج "

تحركت بالسيارة قائلا " بل أنت من يحتاج لساعة ليخرج

حمدا لله أنك لست متزوج "

قال ببرود " وللأسف أني كذلك "

لففت بالسيارة وقلت " ألا تفكر في إرجاع زوجتك "

قال ببرود " لا "

قلت ونظري على الطريق " فؤاد ماذا ترتد بالتحديد "

فتح النافذة وقال " أعلمها درسا كي لا تبدّي أفكار والدتها علي "

قلت بهدوء " فؤاد هل فكرت أن انتقامك من أهلها فيها أمر يظلمها هي "

قال بسخرية " أنظروا من يتكلم أواس الذي ينتظر بالدقيقة

لينتقم من رجل بفتاة "

قلت بضيق " لا تخلط الأمور ففرق بين ما حدث معي وحدث

معك وتوقف عن ذكر الأمر كلما سنحت لك الفرصة ولا

تجعلني أندم لأني أخبرتك بما أفكر "

قال ببرود " لأني أراه ظلما أن تُظلم فتاة بسبب شيء

لا دخل لها به ثم أنت لم تحكي لي إلا لحاجتك مساعدتي

وإلا لن تكون أواس الذي أعرفه "

أوقفت السيارة أمام المجمع وقلت وأنا افتح بابها " افعل فقط

ما اتفقنا عليه سأنزل وأنت الحق بي ما أن تصلك إشارتي "

نزلت ودخلت المجمع قاصدا ذاك المحل فاليوم ستكون هنا

بالتأكيد واستلمت ورديتها من ساعتين , فؤاد محقق سيجلب

لي كل ما أريد دون أن اظهر في الصورة , دفعت الباب

ودخلت ثم نظرت من فوري لطاولتها وكانت فارغة ولا أحد

بها فنظرت بعدها للفتاتين أمامي فابتسمت إحداهما وقالت

" دُرر ليست هنا طبعا "

نظرت لها عاقدا حاجباي ثم قلت " وأين ذهبت ؟؟ "

رفعت كتفيها وقالت " تركت العمل "

ضغطت فكاي وقبضتي بقوة , سحقا هذا مالم أفكر فيه وكنت

اليوم سأعرف منزلها , تأخرت في ذلك يا غبي كنت فعلتها سابقا

لما تنتظر حتى الآن , قلت بجدية " من معها رقم هاتفها أو عنوانها "

هزتا رأسيهما بلا دون كلام فقلت " وكيف تعمل معكما

ولا تعرفان أم أنها هي طلبت منكما هذا "

قالت إحداهما " بل الحقيقة نقول فهي انطوائية قليلا ولا تحتك

بأحد , حتى الحديث لا تتحدث معنا إلا للضرورة "

كنت سأغادر فالتفتت لهما مجددا وقلت " وذاك الشاب

ما موضعه من كل هذا "

رفعت كتفيها وقالت " لا علم لي وهوا جاء قبلك بوقت

يسأل عنها أي لا يعلم بتركها للعمل "

خرجت وتركتهم وأشعر باستياء كبير فها قد أضعتها بعدما

وجدتها أخيرا , سحقا لحظك يا أواس كيف ستجدها الآن

عدت للسيارة وركبت فقال فراس من فوره " قلتَ ستأتي

الإشارة وليس أنت "

انطلقت قائلا " تركت العمل وضاعت مني الفرصة "

قال من فوره " وكيف لم تراقبها وتعرف منزلها

سابقا , لم أعرفك غبي هكذا "

قلت ببرود " هكذا حدث وانتهى "

ولا أنا أعلم لما لم ألحقها لمنزلها هل خوفا من أن تكذب

ظنوني أم سبب آخر أجهله , سحقا للحظ الذي لديك يا أواس

أوصلته بعدها لمنزله وغادرت لرؤية العقيد رفعت من أجل

القضية خصوصا أني أضعت الخيط الوحيد فقد يتصرف

هوا في الأمر







*~~***~~*








دخلت الجامعة بلباسي العادي ولم أجتز البوابة إلا بصعوبة

لأني لست طالبا فيها واضطررت لإخراج بطاقة الشرطة لهم

ليدخلوني , جبت الأروقة والممرات والحديقتين بحثا عنها ولم

أجدها , قد تكون ليس لديها محاضرة اليوم !! لكن مستحيل في

مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي كانت هنا , توجهت لآخر

محطة لم أزرها وهي الملاعب وما أن دخلت من الباب حتى لفت

نظري الشعر الأسود الحريري الذي يتطاير مع حركة ذلك الجسد

وهي ترمي كرة السلة وأصابت الهدف بسهولة ورشاقة فابتسمت

بمكر وقلت " جاء وقت تصفية الحساب "

كنت سأنزل الدرجات لولا أوقفني رؤية سدين وهي تضرب كفها

بكف تلك الفتاة وتدخل مكانها وتلعب الكرة , أعلم أن كرة السلة

هي عشق سدين لكني لم أتوقع أن تكونا تعرفان بعضهما بل كيف

تصادق مثل هذه , تراجعت للأعلى وبدأت سدين الركض بالكرة

وتلك الفتاة تصفر لها وتشجعها فخرجتُ من هناك فبوجودها

خرب كل المخطط لكن صبرك عليا يا لصة وقليلا فقط

غادرت الجامعة وعدت للمنزل غيرت ثيابي وتوجهت للقسم

دخلت ووجدت أمين هناك فوضعت هاتفي على الطاولة وقلت

متوجها للحمام في الغرفة " ما يحيرني تاجر ومتشبث

بالشرطة والتعب يا رجل "

وصلني صوته وأنا أدخل " هواية ألا تعرف معنى

أن يكون لك هواية تحبها "

قلت وأنا اغسل يداي عند المغسلة " هواية متعبة يا رجل لا

أعلم أنت وأواس ما حدكما عليها وتملكان موردا آخر للمال "

ثم أغلقت الباب ولم أفهم حتى ما قال






*~~***~~*






دخل إياس الحمام تاركا هاتفه على الطاولة فرفعته لأرى

صورهم في التدريب هناك فأنا أعرف إياس يعشق التصوير

وسيدخل هاتفه ولو خفية , فتحت على الصور وأول ما قابلتني

صورة لفتاة وطفلة جعلتاني أضحك على الفور من شكلهما وأعدت

الهاتف مكانه قبل أن يخرج , أقسم أنها سدين شقيقته لا أعلم هذه

الفتاة ما العقل الذي لديها وكيف تفكر , حين تحدثت مع إياس عن

خطبة رغد ومن ثم سلسبيل خشيت أن يقول لي سأرى سدين رغم

أنها أجملهن لكن شكل لباسها وهيئتها وتصرفاها يفسدانها ورحمني

إياس أنه لم يعرضها كفكرة حين رفضتْ شقيقته وخطب الثانية

أحدهم قبلي , صحيح أن إياس المفضل لدي ورغبت حقا في

مصاهرته لكن ليس سدين تلك لأني سأخنقها من أول ليلة

خرج حينها من الحمام ونظر لساعته وقال " بعد ساعة

سأخرج وتأخذ مكاني قليلا "

قلت مبتسما " لا بأس "

ثم أشرت لهاتفه بعيناي وقلت " أردت مشاهدة صور التدريب

فوجدت صورة فجعتني ما هذا الذوق الذي لديك

في نقل الصور يا رجل "

رفع هاتفه وقال " ولما تفتش هاتفي ألا ترى أنها خصوصية "

وضعت ساق على الأخرى وقلت ببرود " ومن هذا

الذي يفتش هاتفي طوال الوقت "

جلس خلف المكتب وقال " والدتي بدأت رحلة البحث عن

عروس لي فلما لا نتزوج معا ذات الليلة "

ضحكت وقلت " وأنا ليس لي والدة تبحث عن واحدة

وأخاف من ذوق شقيقتاي "

قال ضاحكا " لن يكون أسوء من والدتي تعشق المجنونات

وتقول عن الهادئات أنهن مريضات نفسيا "

ضحكت كثيرا وقلت " وقعت إذا "

فتح الملف أمامه وقال " وهل جننت أتركها تحضر واحدة هكذا "

دخل بعدها الشرطي بإشارة منه وقال إياس

" في أي مستشفى استقبلوا الجثة "

قال " مستشفى العاصمة وينتظرون المحضر "

وقفت وقلت " سأذهب أنا إذا "

وبدأ عملنا اليوم الذي سينتهي غدا كهذا الوقت








*~~***~~*








اقتربت منها وهي منسجمة في سقي أزهارها التي تغرسها في

أصص صغيرة وكثيرة وأغمضت لها عيناها بيداي فقالت من

فورها " سراب "

أبعدت يداي وقلت بتذمر " لو أعلم فقط كيف تعرفينني يا دُرر

رغم أني مشيت على رؤوس أصابعي ورششت من عطر ترجمان "

قالت ضاحكة وهي تسكب الماء في الأصيص " لأن كل واحدة

منكما تحاول خداعي بعطر الأخرى طبعا "

قلت ببرود " والآن تقوليها يا مخادعة ونحن نضن أنه

لك عينان في رأسك من الخلف "

وضعت المسقاة جانبا وتوجهت للداخل تنفض يداها من الغبار

فتبعتها قائلة " لم تذهبي لعملك طيلة الأسبوع هل طردوك "

دخلت الغرفة قائلة " بل أنا تركته وسأبحث عن غيره قريبا "

أغلقت الباب خلفي وقلت " غريب لما تركته وأنتي قلتِ

أنه أفضل عمل عملته "

جلست على السرير ولم تتحدث فاقتربت منها وجلست أمامها

وأمسكت يدها وقلت بهدوء ونظري على ملامحها " ما بك يا

دُرر حتى ترجمان قالت لي دُرر هذه الفترة لا تعجبني "

نظرت للأسفل وقالت بهدوء حذر " خائفة يا سراب "

قلت بقلق " مما ومن متى تخافين يا دُرر وأنتي

أصبرنا عند الشدائد والمحن "

استلت يدها من يدي ووضعتها مع الأخرى في حجرها وقالت

ناظرة لهما " هناك شاب كان يتبعني في عملي وأشعر بالخوف

من ظهوره مجددا أو أن يكون يعرف أني أسكن هنا "

قلت بحيرة " من يكون ؟؟ هل هوا ذاك التاجر "

هزت رأسها بلا فقلت " من يكون إذا "

قالت بضياع وتشتت " لا أعرفه وناداني بدُرّة "

قلت باستغراب " دُرّة !! يبدوا لي مشتق من اسمك "

نظرت للبعيد بشرود وقالت " ذات الاسم الذي كنت أسمعه

في منامي بصوت ذاك الفتى الذي يعذبه أحدهم "

هززت رأسي وقلت بحيرة " غريب ترى أيكون هوا "

نظرت لي بخوف وقالت " لا مستحيل ذاك حلم فقط "

قلت " لكنه قال ذات الاسم ولا أحد يناديك به هل

هوا من ماضيك ؟؟ "

ضمت يدها لصدرها وقالت بحيرة " أشعر أنه يراني في كل

مكان وأشعر بخوف غريب منه لا أفهمه ولا أفهم سببه "

أمسكت يدها الأخرى وقلت " لن يستطيع فعل شيء لك فها

أنتي لم تذهبي لعملك من أسبوع ولم تريه أو يأتي "

قالت بقلق " رأيت حلما غريبا يا سراب "

تنهدت وقلت " دائما أحلامك مخيفة ومرعبة وكوابيس

رغم أنك تقرئين أذكارك بانتظام وتنامي والمصحف

في حضنك تحفظين منه "

هزت رأسها وقالت " هذا ليس كابوس رأيت امرأة تلبس البياض

وقالت لي ( خدي حذرك من أمرين يا دُرر العجوز التي

تعيشين معها وماضيك ) وكررتها مرارا "

لوحت بيدي في الهواء وقلت " هذا الشيطان يريد

إشغالك وإخافتك فقط "

هزت رأسها بنعم وقالت " قد يكون كذلك "

قلت " وما فعلتِ مع ذاك التاجر وأنتي تركتِ العمل هناك "

رفعت كتفيها وقالت " كلٌ ذهب في حال سبيله "

ضربت فخذي بيدي وقلت بحسرة " خسارة كان فرصة "

غادرت السرير قائلة " استخرت ولم يسر كل شيء

على ما يرام يعني لا خيرة لي فيه "

نظرت لها وهي تقف عند النافذة وقلت " بل العجوز أفسدت

الأمر أليس كذلك ؟ فهي لا تعرف خير ولا شر "

شهقت شهقة صغيرة وهي تنظر للخارج بصدمة فقلت

" دُرر ما بك !! "

قالت بهمس مصدوم " هوا .... إنه هناك "

قفزت من السرير وركضت نحوها وقلت " أين أين "

أشارت بإصبعها قائلة " هناك في آخر رصيف الشارع المقابل "

نظرت حيث أشارت فكان ثمة رجلي شرطة فقلت

" أيهم هل رجال الشرطة تقصدين "

قالت " نعم ذاك المقابل لنا "

شهقت وقلت " هذا الشاب الذي كان مع الشرطي في مجمع التسوق "

نظرت لي وقالت باستغراب " أي مجمع وأي شاب ؟؟ "

قلت بحماس وأنا أنظر له " صادفناه وآخر هناك ويبدوان ضباط

شرطة , وااااو دُرر رائع وشخصيته رائعة رغم أن الآخر

كان أوسم منه ببياض بشرته "

نظر ناحيتنا فجأة فأعادت الستار القماشي الصغير وأبعدتني قائلة

" فضحتنا بصراخك وكاد يراني "

صفقت وقلت " يبدوا يبحث عنك وقد يكون معجبا بك , يالا حظك

يا دُرر لو تعلم ترجمان فقد أعجبها أكثر من صديقه "

توجهت للسرير وقالت ببرود " مجنونتان وهل تري هذا وقته

وأنا أقول لك يلاحقني ويعرفني وأنتي تفكرين في الإعجاب

وشخصيته وشكله "

قلت بحماس " قد تكون نواياه حسنة ويا محاسن الصدف "

هزت رأسها ورفعت مصحفها قائلة " اللهم عافنا وأعفوا عنا "

قلت بضيق " حمقاء ما قصدك بهذا "

ثم عدت للنافذة ورأيت خلسة وقلت " خسارة لقد غادر "







*~~***~~*









خرجت من الجامعة وأوقفت سيارة أجرى وركبتها عائدة للمنزل

وما أن ابتعدنا قليلا حتى اعترضت سيارة شرطة طريقنا بالعرض

فوقف السائق ثم نزل من تلك السيارة شرطي واقترب منا يلبس

نظارة شمسية كبيرة , هيئتة ليست غريبة عني أبدا وكأني رأيته

سابقا ! وصل عند نافذتي وانحنى متكأ بيده على سقف السيارة

وأزال النظارة ليظهر أنه ذاك الضابط المغرور وطرق

بأصابعه على النافذة وأشار بهم بمعنى انزلي








*~~***~~*








منذ أسبوع وأنا أبحث عنها ولم أجد لها أي أثر حتى أني

أصبحت ابحث في المحلات لعلي أجدها قد غيرت مكان

عملها بآخر والنتيجة واحدة وأخشى بفقدانها أن تغلق القضية

مجددا وأنا لم أصدق أن فتحتها بما أن جدها ليس هنا ولن يعلم

بأمر إيجادها حتى يصله مني , كنت أقف وآسر بالمقربة من

منزل الفتاة التي يريد ذاك العجوز الزواج بها وما أن خرجت

حتى قال " هذه هي وأسمها سراب "

هززت رأسي بحسنا فقال " أدخل لهم وتفاهم معهم وجد أي

سبيل ليوافقوا عليك ويرفضوه وتلاعب بهم كي لا يخبروه

الآن ويبقى على عماه وهي معه "

فتحت باب السيارة ونزلت وتوجهت لباب منزلهم من فوري

وطرقته مرة اثنتين ثلاثة ولا رد , يبدوا أنها تعيش هنا لوحدها

التفت حيث السيارة وأشرت له بمعنى لا أحد فسمعت حينها

الباب يفتح ببطء وصوت فتاة رقيق وهادئ بشكل غريب

قالت من خلفه " من هنا "

قلت بجدية " أريد مقابلة رجل هذا المنزل "

قالت حينها " لا رجل هنا "

قلت " من المسئول عن ساكنيه "

سكتت قليلا ثم قالت " من أنت "

تنهدت بضيق وقلت " أريد من أتحدث معه يا آنسة "

قالت " سأخبر والدتنا "

غابت لوقت ثم عادت وقالت من خلف الباب

" لا تقابل الرجال فأخبرني ما تريد "

قلت بضيق " ومع من يتحدث من يأتي لكم خاطبا "

سكتت قليلا ثم قالت " لا تتعب نفسك ورافقتك السلامة "

بقيت على صمتي وصدمتي لوقت , ما تعني بلا أتعب نفسي

يبدوا أن جميع ساكنيه متزوجين , تنهدت بقلة صبر وقلت

" لن آكلها لتخرج لي حتى في فناء المنزل لنتحدث "

فتحت حينها الباب قليلا وقالت " تفضل هنا حتى ... "

وسكتت من فورها تنظر لي بصدمة ولست بأفضل حال منها

وأنا أرى الواقفة أمامي الفتاة التي ضيعتني لأيام أبحث عنها

طوال الوقت , دفعتِ الباب بقوه لتغلقه لكني سبقتها ودفعته

في الاتجاه المعاكس وقلت " وجدتك أخيرا يا دُرة "




نهاية افصل .....




برد المشاعر 05-12-15 02:56 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع)
 


الفصل الخامس








تجاهلته ونظرت للجانب الآخر وقلت موجهة كلامي للسائق

" عد للخلف واقطع الشارع الآخر "

لكن ذلك الغبي جمد مكانه فقلت بحدة " تحرك "

التفت لي وقال " هذه شرطة وليست لعبة فإن كان لك

مصيبة فانزلي له "

قلت بضيق " غبي وجبان "

طرق ذاك في الخارج على النافذة الأمامية فنظر له السائق

فأشار له لينزل فنزل على الفور , هذا الأحمق لا دليل لدى هذا

النصف شرطي على أي أحد منا ليخاف منه , أنزلت زجاج

النافذة ونظرت له وقلت " ماذا تريد "

قال بسخرية " أريد أن أرى قوامك الممشوق فانزلي "

قلت بسخرية مماثلة " وأنا لا أريد أن أرى قدماك

الكبيرتان لذلك لن أنزل "

نظر من فورة لقدميه فلم أستطع إمساك نفسي عن ضحك ثم

قلت من بين ضحكاتي " ضننت أن الصغار فقط

يفعلون هذا وتنجح معهم "

قال من بين أسنانه " يبدوا أنك تريدي زيارة مركز الشرطة

لا وتنامين ليلة في السجن أيضا "

رفعت كتفي وقلت بلامبالاة " واجعلها أسبوعا لكن أرني

بلاغا بالأسباب أولا "

أمال وقفته ونظر لعيناي بتركيز وقال " شهر أفضل يطلقون

عليه شهر عسل يا لصة "

كشرت في وجهه وقلت " خسارة هذه النجوم في كتفيك يا

وقح , هذا وأنت رجل شرطة "

ابتسم ابتسامة ماكرة وأشار بإصبعه أن أخرج فانتقلت بخفة

ورشاقة للكرسي الأمامي وأغلقت الأبواب من هناك وشغلت

السيارة وهوا يحاول فتح الباب بجانبي وعدت بالسيارة للخلف

وانطلقت خلال الشارع الآخر بأقصى سرعة وفي ضحكة واحدة

حتى ابتعدت وضربتها في أول عمود كهرباء أمامي عقابا لذاك

السائق الجبان ونزلت منها وركضت للشارع المعاكس





*~~***~~*





انطلقتْ بها مسرعة وأنا أراقبها ويداي وسط جسدي , آخر ما

كنت أتوقع أن تكون تعرف كيف تقود سيارة بل قفزت للأمام

وأمنت الأبواب بتفكير مجرمين محترفين , نظرت لنهاية

الشارع الفارغ منها وابتسمت حين تذكرت كيف تحول وجهها

عندما تحدثت عن شهر العسل , صلبة وشرسة في كل شيء لكن

خجل الأنثى لا يفارقها ولو لم تهرب كنت سأزود عليها الجرعة

بجنون لا أعلم من أين زارني فجأة , نفضت تلك الأفكار من رأسي

قبل أن أصل لشكل عينيها الناعسة وأصبح في مشكلة ثم نظرت

للواقف أمامي وهوا لازال نظره على الشارع الآخر مصدوما ثم

نظر لي وقال " سياراتي سرقتها !! "

ضحكت حينها وكأني لحظتها فقط أدركت أنها سرقت السيارة

وهربت بها ثم توجت لسيارة الشرطة ركبتها وعدت له للخلف

وقلت من النافذة " اركب سنجدها تركتها في مكان ما "

أعلم أنه لن يكون غرضها سرقة السيارة لأنها حين سرقت

محفظتي لم تأخذ منها النقود فهي لصة لمصالح شخصية فقط

أما الوسيلة فلا تفكر بالاحتفاظ بها , غادرت المكان وجبنا بعض

الشوارع ووجدنا السيارة مرتطمة بعمود والناس متجمعة حولها

فوقفت ونزلت مسرعا وتوجهت نحوهم قائلا

" ماذا حدث أين الفتاة التي فيها "

ابتعدوا حين لاحظوا أني رجل شرطة وقال أحدهم

" لم نجد فيها أحدا سيدي كانت فارغة "

أمسكت خصري بيداي وتنفست بضيق , المحتالة ضربتها في

العمود وهربت وكأنها تعاقب السائق أيضا فلا أحد يسلم منها

" لاااا السيارة "

نظرت للواقف بجانبي يمسك رأسه بيديه ولحظات وسيبكي فهذه

السيارات تابعة لتشاركيه خاصة بالنقل الداخلي وهوا مجرد سائق

عليها ويعلم أنه سيدفع ثمن أي ضرر , نظر لي وقال " أمسك بها

فلديك تهمتان الآن سرقة سيارة وتجاوز لقوانين المرور "

أخرجت المذكرة والقلم من سيارة الشرطة وكتبت فيها ومددتها

له قائلا " خذ هذا عنوان منزلي سأتصل بمن يأخذها من هنا

وسأتكفل أنا بإصلاحها فلا ذنب لك فيما بيننا "

أخذ مني الورقة وقال " لكن عليا تسليمها الليلة "

فتحت باب السيارة وقلت وأنا أركبها " سأتصرف في

الأمر اذهب لمنزلك واعتبره يوم إجازة "

ثم غادرت من هناك واتصلت بشرطة المرور لأخذها من هنا

للورشة فها هي نالت مني ككل مرة أحاول فيها النيل منها

وهربت وأنا من سيصلح الأضرار التي تركتها , كم أتمنى

أن يكون هذا آخر ظهور لها في حياتي رغم أنها أدخلت

على روتين العمل الممل بعض التسلية





*~~***~~*





انفتح الباب بسبب دفعتي القوية وتراجعت هي للخلف

قائلة " لست دُرة التي تقول عنها فماذا تريد مني "

دخلت وأغلقت الباب خلفي وقلت " بل دُرة ولن

تهربي مني مجددا "

كانت تمسك وشاحا تغطي به شعرها والريح يحركه حولها

وكأن الماضي عاد بي لتلك السنين دُرر الطفلة التي لا تخرج

إلا هكذا بعدما نبهتها بل أخفتها فأصبحت تمسك الوشاح على

وجهها هكذا وتركض به في الشارع لتذهب للمحل القريب

لتشتري البطاطا المملحة أكلتها المفضلة , اقتربت منها خطوتين

وهي تتراجع للوراء وقلت وعيناي في عينيها " لا تخرجي للشارع

وشعرك الجميل دون غطاء كي لا تأكله الشمس وتمسكه

الأشجار يا دُرة "

هزت رأسها بلا وقالت بغصة " من أنت أنا لا أعرفك من

أين تعرفني "

كنت سأتحدث لولا أن انفتح باب المنزل أكثر ووقفت أمامه

عجوز تتكئ على عصا وقالت " دُرر أين الرجل ألم

أقل أدخليه , هل هوا أنت "

نظرت لها حينها باستغراب , لما كذبت علي وقالت أنها

لا تقابل الرجال أم لأني قلت أني جئت خاطبا !!

دخلت حينها راكضة وأنا أراقبها بفستانها الطويل بأكمام

وحداء منزلي يظهر قدميها الصغيرتان البيضاء , لباسها

وكأنها ليست في منزلها الذي قالت أنه لا رجال فيه !!

توجهت بإشارة من العجوز لباب غير باب المنزل ودخلت

هي للداخل ودخلت أنا حيث الغرفة التي تبدوا موصولة

بالمنزل ووقفت مذهولا من القارورات والأكياس الصغيرة

والمبخرات التي تملئها وواحدة تبدوا خادمة واقفة هنا

وأشارت لي لأن أجلس فجلست ولا أفهم شيئا مما يجري

بعد قليل دخلت تلك العجوز وجلست بين تلك الأشياء

وقالت مبتسمة " أول رجل يزورني سنوات عملي هل

تريد أن تفرق بين زوجين أم تجعل زوجتك مطيعة لك

أم تفك عنك التابعة التي جعلتك لا تتزوج حتى الآن "

بقيت أنظر لها فاتحا فمي من الصدمة ثم قلت بهمس

" سحَرة "

نظرت لي وقد اتسعت عيناها المجعدتان وقالت

" ماذا قلت فسمعي ضعيف "

لهذا إذا رفضت إدخالي لها لكن لما تحديدا !!

قلت " لم أقل شيئا ولست لأجل كل هذا جئت "

لوت فمها وقالت " آه قل من البداية "

قلت " ماذا أقول "

قالت " هات ما عندك رغم أني توقعته "

قلت بجدية " بل خاطبا "

تنهدت وقالت ببرود " ومن سعيدة الحظ "

قلت من فوري " دُرر "




*~~***~~*





قال ببعض الضيق " سراب ماذا قررتِ أو رأيت غيرك "

التفت خلفي ثم نظرت له وقلت " الليلة سنتم كل شيء وسنلتقي

بك في مثل هذا المكان ونذهب للمحكمة صباحا , لقد اتفقت

وترجمان لأنها من ستخرج لي بورقة الوكالة لأتزوجك

فوحدها من يستطيع إخراجها من هناك "

قال بارتياح " جيد إذا سأنتظركما الليلة ونذهب للمحكمة غدا "

ثم نظر لسائقه في الأمام وقال " تحرك للمنزل يا ولد "

ثم غادرت السيارة وعدت أنا أدراجي للمنزل لأفاجئ بابن

زوجته ذاك يقف في آخر الشارع فتسللت دون أن يراني

ماذا يفعل هنا ذاك الحقير فهوا يريد إفساد الأمر عليا بأي

طريقة وأنا ما صدقت أن أخرج من مزبلة الفقر هذه

وصلت المنزل ورأيت الشاب الذي تحدثت عنه دُرر

خارج من هناك فصفقت وقفزت بحماس وأسرعت الخطى

فيبدوا جاء لخطبتها وعليها أن تهرب معه فورا مادمنا

سنأخذ توكيل الميتم الليلة , دخلت المنزل وتوجهت

لغرفتنا فورا ووجدت دُرر تجمع أغراضها وترجمان

تحاول التحدث معها فقلت " ما بكم ؟ ماذا حدث ؟؟ "

قالت ترجمان وهي تمسك القميص منها " تعالي

وانظري لهذه المجنونة تريد أن تهرب من هنا "

استلته منها دُرر بقوة وقالت بحدة " أتركاني وشأني لن أبقى

له أبدا هذا الرجل يعرفني جيدا ويريد شيئا ما مني , أنا

متأكدة فلن أبقى له دقيقة "

توجهت نحوها وضممتها من ظهرها بقوة وقلت " لا يا

دُرر لا تتركينا سنخرج معا من هنا لكن ليس وحدك

ولا نعرف مكانك "

قالت ترجمان بصوت منخفض " سأسرق التوكيل الليلة

وسنخرج من هذا المنزل حينها وبلا عودة يا دُرر

فاصبري هذه الساعات فقط "

انفتح حينها باب الغرفة بقوة ونظرنا ثلاثتنا للعجوز الواقفة

أمامه وضربته بعكازها وقالت بصوت مرتفع رنان

" هكذا إذا يا سراب تتزوجين من ورائنا "





*~~***~~*





ما أن ابتعدنا حتى أوقفت السيارة وقال " ها ماذا حدث معك "

قلت بضيق " ما منزل السحرة هذا الذي أنزلتني له "

قال بضيق أكبر " المفيد يا أواس "

قلت " لا يعلمون أنها مخطوبة ولا ستتزوجه كل هذا من

وراء والدتها وصرخت بي حتى تعبت وطردتني

وقالت لا بنات عندنا للزواج "

ثم ضربت على المقود وقلت من بين أسناني

" سحقا لها كيف سأخرجها منها الآن "

قال بحيرة " من تعني "

انطلقت بالسيارة مجددا وقلت " أعني الفتاة الأخرى , ذاك

المنزل ورائه حكاية غريبة وفهمت الآن سبب انزعاج

ذاك الشاب منها في المحل "

تأفف وقال " أواس هلا شرحت لي بما تهدي الآن "

لففت يسارا وقلت ببرود " لا شيء لا شيء العجوز ستفسد

الزواج لا تقلق فأنا هولت لها كل الأمر حين علمتُ أنها

لا تعلم وغير موافقة أيضا "

عليا مقابلة العقيد رفعت سريعا والقبض عليهم واستجواب

الجميع هناك قبل أن تختفي مجددا ولا أجدها , أوصلت آسر

وتوجهت له فورا وطلبت إذنا فأدخلوني له فكان معه ضابطان

من الجيش وقال ما أن دخلت " تعالى يا أواس أجلس "

جلست وقلت " وجدت منزلها , العجوز والدتها أو لا أعلم

ما صلتها بها تبيع السحر للناس وما فهته من حديثها أن

بناتها ثلاثة وترفض تزويجهن بأي شكل كان وبأي

رجل مهما كانت مميزاته وأمواله "

قال بريبة " هل تعتقد أنها ليست والدتهم "

قلت " كل شيء يجوز فالفتاة قالت أنه لا رجل في منزلهم

أما العجوز فقالت للخادمة اتصلي ببشير ليأتي أين هوا من

يومين تارك المنزل "

قال بتفكير " قد يكونوا هم , ما أسم الأخريات "

قلت " العجوز قالت أي الفتيات تقصد سراب أم ترجمان "

وقف على طوله وقال " الأسماء ذاتها "

هززت رأسي بنعم وقلت " أجل حتى الأعمار متقاربة جدا

باستثناء المدعوة ترجمان لأني لم أراها "

قال من فوره " جهزوا وحدة مداهمات يا أواس فالليلة

سندخل ذاك المنزل وعلينا الاتصال بعم الطفلة سراب

النصران لنتأكد من تحليل الجينات أنها ابنة شقيقه بما أن

ترجمان أنا عمها "

هززت رأسي بحسنا ووقفت وضربت التحية وخرجت من

عنده , وأخيرا ستكونين في قبضتي يا دُرة أخيرا سأتصافى

مع غريمي بعد كل هذه السنوات





*~~***~~*






نظرنا لبعضنا وقالت العجوز " تلعبين بي وأنا من ربيتك

وكبرتك يا ناكرة الجميل "

ثم أمسكت الباب وقالت " لا خروج لكم من هنا لنرى

نهاية هذا كله "

ثم أغلقت الباب بالمفتاح وغادرت وتوجهت سراب نحوه

من فورها تطرقه بقوة وتصرخ " افتحي الباب يا عجوز النار

لا نريد البقاء معك افتحي "

جلست ترجمان على السرير وقالت " لا تتعبي نفسك "

نظرت لنا سراب وقالت ببكاء " أفسد كل شيء ذاك الأحمق

القذر كنا سنهرب من هنا غدا صباحا , أقسم أن يرى حسابه مني "

انهرت جالسة على السرير وعقلي توقف عن العمل , ترى ما

صلة ذاك الشاب بكل هذا وجاء لخطبة من ومِن أين علم بكل ما

قالته سراب والعجوز عن الزواج والهروب , أمسكت رأسي

بقوة وأنا أتذكر كلماته (لا تخرجي للشارع وشعرك الجميل

دون غطاء كي لا تأكله الشمس وتمسكه الأشجار )

أشعر أنني أعرف هذه الكلمات وسمعتها سابقا وكأني سبق

وحلمت بها رغم أني لم أسمعها أبدا في منامي , توجهت

ترجمان نحوي وجلست بجواري على السرير وضمتني لها

وقالت " دُرر تحدثي ابكي افعلي أي شيء وتوقفي عن

الضغط على نفسك فلا يوجد بشر يمكنه التحمل كل عمره "

قلت بهمس وارتجاف " يعرفني يا ترجمان يعرفني جيدا "

أبعدتني عن حضنها وقالت " من هذا الذي يعرفك يا دُرر "

نظرت لسراب ثم لها وقلت بضياع " ذاك الشاب يعرفني

وعليه أن يخبرني من أكون "





*~~***~~*






وزعتِ الصور أمامي على الطاولة وقالت

" هيا اختر واحدة "

قلت بضيق " أمي كيف تأتيني بصور لفتيات متبرجات

هكذا , على الأقل بحجابهن "

قالت وهي ترتبهم " أهاليهن من أعطوهم لي بمحض إرادتهم

طلبت صورا فقط وهم أرادوا أن تكون هكذا "

نظرت لرغد الجالسة خلفها فأشارت لي بأصابعها أربعة وخمسة

ثم لوحت بيدها فنظرت للصور وأزلت الخامسة الرابعة ثم أشارت

ثلاثة وأشارت على طرف رأسها بمعنى مجنونة فأزلتها أيضا وأمي

كانت منتبهة لما أفعل وغافلة عنا , بعدها أشارت رغد على الأولى

والسادسة بمعنى وسط فأزلتهما أيضا ولم يبقى سوا صورتين

فأشارت لي رغد بإبهامها بمعنى ممتاز فقلت " انتهيت "

رفعتهم والدتي وقالت " لم تبقي سوا اختيار رغد هاتان لا تعجبانني

تبليم وصمت دائم حتى حقهن لا يعرفن كيف يخرجن به من الناس "

كتمت ضحكتي وقالت رغد بضيق " أمي ما تفعلي بطويلات

اللسان فلتضعي في حسابك أنتي المتضرر الأول والأخير "

قلت ببرود " لا يا شقيقتي أنا الأول وهي بعدي "

ثم نظرتُ لها وقلت بابتسامة صفراء " أنا لا أعرف أيا منهن

اخترتِ وأزلتهم وارتحت لصاحبتا الصورتين الأخيرتين "

وقفت وحملتهم معها وقالت مغادرة " سأحضر

لك مجموعة أخرى إذا "

وخرجت من الغرفة لتنطلق ضحكتي وقالت رغد ضاحكة

" لا مفر لك منها ستزوجك على ذوقها "

أخرجت هاتفي الذي كان يرن وقلت " مستحيل لن

أتزوج واحدة متوحشة مهما حدث "

كان رقم خالي رفعت فأجبت عليه بسرعة وقال من فوره

" إياس تلبس بذلتك وتأتيني بسرعة "

فوقفت من فوري قائلا " حالا دقائق فقط "

أنهيت بعدها الاتصال وقلت متوجها للحمام " رغد أسدي

لي معروفا وأخرجي لي بذلة عملي والحداء والجوارب

سأدخل للحمام قليلا وأخرج "





*~~***~~*






دخلت ووجدتها تضرب بعصاها الأرض بقوة وملامحها

ازدادت كبرا على كبرها وقلت " ما بك جئتِ بي على

قفا وجهي "

قالت بتنفيس قوي " تعال اجلس "

جلست أمامها فنظرت لي بتركيز وقالت " الليلة سننفذ خطتنا "

قلت بصدمة " ولما !! ألم تقولي ليس الآن "

قالت بغضب " لأن المجنونات كدن يهربن منا وساعة

الصفر لا داعي لتأجيلها أكثر "

قلت بريبة " وكيف ستقنعينهن بالذهاب هناك "

قالت بخبث " رغما عن أنوفهن أنت فقط دبر لنا طريقة للخروج

الليلة من المدينة وأريد آلة تصوير حديثة واتصل بجميع الصحف

التي تنتظر الخبر منا ولن تشرق عليهن شمس الصباح إلا

وصورهن وأخبارهن على كل لسان "

قلت بمكر " تعجبينني هكذا وأخيرا سنخرج من هنا

ونعش في ثراء بدلا من هذا الفقر "

قالت بشرود " المهم نفذ أنت ما قلت لك , أمامك

ساعتين فالليل قد اقترب "





*~~***~~*





استلقيت على السرير أنظر للسقف وأمسكت الهاتف وقرأت

الرسالة التي وصلت منه ( سلسبيل أجيبي عليا وارحميني )

أرسلت له ( مأمون كم مرة سنعيد ذات الكلام ولا ترسل شيئا

لأني لن أجيب )

أرسل مجددا ( أيعقل هذا ؟ لا أراك إلا من بعيد ولا أكلمك أبدا )

لم أجب فأرسل ( يا صبر أيوب )

ضحكت وأرسلت ( والدتك في آخر زيارة لها لنا لم تقل شيئا عن

موعد الزفاف وقبله لن تسمع صوتي هل ترضاها لشقيقتك )

أرسل بعدها ( حبيبتي ولن أرضى فيك شيئا أمري لله ...

تصبحين على خير )

حضنت الهاتف بسعادة وسمعت حينها طرقا على باب غرفتي

فمسحت جمع رسائله ورميت الهاتف بعيدا عني وقد عاد الطرق

مجددا فجلست وقلت " أدخل "

فتحت سدين الباب وقالت " لا أعلم ما هذا القانون السيئ

لا تدخلوا حتى آذن لكم "

ثم دخلت تتبعها ندى ترتدي مثلها تنوره سوداء قصيرة وتيشرت

زهري كمه ممزق والآخر خيوط شعرهما جديلتين وغرة على جانب

واحد ولونها زهري فضحكت عليهما وقلت " من يراها يضن أنها

ابنتك أنتي وليس رغد "

نظرت حولها في الغرفة وقالت " ماذا تفعلين لا تريدي أن نراه "

وقفت وتوجهت لسير المشي وصعدت فوقه وشغلته وبدأت

الركض مع حركته وقلت " لا شأن لك ثم كل شي أمامك

حضرة المفتش "

جلست على السرير وقالت ببرود وهي تمضغ العلكة

" مفتش في عينك أريد منك غرضا مهما "

قلت بنفس لاهث من الركض " خذي ما تريدين وأخرجي "

صعدت ندى السرير معها بصعوبة وجلست مثلها ساق على

الأخرى تلعب بخصلة من غرتها أيضا كحركة سدين وتنظر

لها لتقلدها فأوقفت السير وانفجرت ضاحكة لأن المشهد كان

يقتل من الضحك وضحكت سدين وقبلت خد ندى قائلة

" أموووواه كم أحبها يا بشر وأجمل شيء أنها ستكون

نسخة عني أي فتاة لا مثيل لها "

مسحت عنقي بالمنشفة وقلت " أما الثانية فأشك "

لوحت لي بيدها قائلة " تعالي وانظري "

اقتربت منها فأرتني يد ندى والخاتم في أول سبابتها

مثلها تماما فعدت للضحك من جديد وهما تضحكان علي

ثم قالت سدين " أريد فستانك الخوخي "

وقالت ندى بعدها " أليد خوخي "

فضحكت وهززت رأسي وقلت " حتى الكلام ستقلدينها فيه "

ثم توجهت للخزانة أخرجته ورميته لها وقلت " الفستان الوحيد

الذي أصغر من مقاسي وأريد أن أصل لوزن حتى ألبسه وأنتي

أفسدتِ طلته من كثرة ما أخذته مني "

حملته ووقفت وحملت ندى من على السرير وخرجت قائلة

" لا تقلقي سأعطيك واحد من عندي حينها بااااي "

وأغلقت الباب خلفها وغادرتا تغنيان معا , مجنونة

ووجدت لها واحدة مثلها





*~~***~~*





دخلت المركز ركضا ووجدتهم جميعهم هنا وقال خالي رفعت

" أريدهم هنا جميعهم خلال ساعة واحدة مفهوم "

نظرت لهم وقلت " من هم ؟؟ "

نظر لي محمود وقال " مداهمة طبعا لكنها صغيرة منزل

واحد نخرج من فيه ونحظرهم "

نظرت لهم بحيرة فوضع خالي يده على كتفي وقال

" ابنة خالك قد نكون وجدناها يا إياس "

قلت بصدمة " ترجمان "

هز رأسه بنعم وقال " والاثنتان المختطفات معها أردتك أنت

وأواس خصوصا أما آسر فسأتصل به ليأتي ويأخذ هوا وحيان

مكان أواس والضابط محمود لأنه سيكون معكم "

قلت باستغراب " حد علمي أن لآسر أيضا علاقة

بالأمر فلما ليس معنا "

قال بجدية " تعلم العداوة بينه وبين عم إحداهن لذلك لن نخبره

حتى تأتوا بهم , سكان المنزل عجوز وثلاث فتيات ورجل لا

نعرف ما صلته بهن , أريد المهمة أن تنجح على أكمل وجه "

قلت " هل تراقبون المنزل "

قال من فوره " لا الحي شعبي ومنازله متراصة وسيكتشفوننا

حينها ... بسرعة تحركوا "

ضربنا التحية وخرجنا من فورنا مع وحدة من رجال الشرطة

وركبنا السيارات وانطلقنا قاصدين العنوان ذاته وما أن وصلنا له

حتى طوقناه من الأمام والخلف ومن المنزلين المجتوران له وضرب

أواس الباب الخارجي بقدمه بقوة لينفتح من فوره ودخلنا بحذر نمسك

أسلحتنا في وضع الاستعداد للإطلاق ثم وقف بجانب باب المنزل

وأعطاني الإشارة برأسه فضربت قفله بمسدسي ودخلنا فورا وأربع

من رجالنا خلفنا ونظرنا لبعضنا ولكل شيء من حولنا حيث كان

الصمت والسكون يعم المكان والأنوار جميعها مضاءة , تسللنا

بخفة وحذر للغرف وكانت جميعها فارغة كل شيء موجود هنا

الثياب الأغراض وتلك القاذورات ذات الرائحة العفنة التي تملأ

أحد الغرف أما هم غير موجودين في كل مكان , نظرت له

وقلت " لا أحد في المنزل "

ضغط أواس على أسنانه وقال بغيظ " حتى متى ستهرب

مني أين سنجدهم الآن "

ثم خرج من المنزل يتحدث في الهاتف ألا سلكي الخاص

بالشرطة وأنا أتبعه وقال " لا أحد هنا أريد الجيران للتحقيق

معهم وراقبوا المنزل طوال الليلة "

ثم أعاده مكانه في حزامه وخرج مغتاظا يضرب بقدمه أي

شيء يعترض طريقه فرفعت كتفاي وتبعته , غريب أمره

لما منزعج هكذا وهوا ولا واحدة منهم تقرب له

رن هاتفي الخاص بالشرطة فأخرجته من الحزام وأجبت فكان

صوت خالي رفعت قائلا وكأنه يركض " بسرعة اجمعوا كل

الوحدة معكم وألحقوا بنا على الطريق الرئيسي هناك بلاغ

مؤكد عن بيت مشبوه نبحث عنه من زمن "





*~~***~~*






غادرنا المنزل من قرابة نصف ساعة في هذه السيارة المتهرئة

سيارة أشعب التي لا أعرف كيف اشتغلت دون دفع اليوم بالتحديد

الطريق كان وعرا وهي تهزنا في كل اتجاه وكأننا في زجاجة يقوم

أحدهم برجها , نظرت لسراب بجانبي وهي تنزل فستانها القصير

لتغطي ساقيها ثم نظرت لدُرر التي كانت تمسك عباءتها بقوة فهي

فرضت عليهم بعد عناء أن تلبس العباءة والحجاب فوق الفستان

نظرت بعدها لحدائي ولمعته بأصابعي قليلا , لو أفهم فقط ما سر

حفل زواج أحد الشخصيات المهمة في الدولة الذي سيأخذوننا له

لا وقالت أنهم يريدون تزويجنا من تلك الطبقة !! منذ متى تسمح

لنا بالزواج لتبحث لنا الآن عن أزواج , قالت سراب بهمس

" أشم رائحة مصيبة "

قلت من بين أسناني " لا تفاولي لنا في هذا الليل "

قالت بذات الهمس " يسجنانا لساعات ثم يخرجاننا لحفل

زواج فسريها لي أنتي "

مِلت برأسي جهة دُرر وقلت هامسة " ما رأيك أنتي فيما يجري "

قالت ببرود " المهم لا يكون في الحفل رجال لأني

حينها سأخرج وأتركه "

تأففت وقلت " نحن نسبح في وادي وأنتي في وادي آخر

بعيد عنه ألا تشعرين بريبة حيال الأمر "

تنهدت واتكأت على زجاج النافذة وقالت " أشعر بها من أيام

وليس اليوم فقط منذ حذرتني تلك المرأة منهم في حلمي لكن

ما في حيلتي أفعله , لعلنا نتزوج ونرتاح منهم "

قالت العجوز في الأمام " من هذه التي ستتزوج وترتاح منا "

قلت بضيق " أنا طبعا "

ضحك أشعب وقال " انبسطي إذا لأنك ستتخلصين منا قريبا "

ضربته العجوز بعصاها وقالت " أصمت أنت وقد بسرعة "

خرجوا بنا من تلك الصخور وبدأت سيارته الخردة تسرع على

الطريق المعبد حتى وصلنا لمنزل متطرف وكبير جدا ويبدوا

عليه الفخامة من الخارج , وصلنا للبوابة وأدخلنا الحارسان فورا

ما أن رأوا العجوز وشقيقها وكان أحدهما ينظر لملابسنا بقذارة

ووقاحة , تمنيت أني كنت خارج السيارة للقنته درسا لن ينساه

وصلنا المنزل ونزلنا وأصوات الموسيقى والصراخ تصل

للخارج فقالت دُرر " إن كان ثمة رجال فاقتلوني ولن أدخل "

أشارت لنا العجوز بعكازها وقال بأمر وحدة " أدخلن لا

رجال هنا هذا صوت الغناء والموسيقى "

دخلنا ببطء نتبعهما وأسمع همس دُرر بوضوح وهي تقول

" اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلف ومن أمامي ومن

فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي "

فبدأت أردد خلفها كل ما تقوله وأتمتم خلفها " وجعلنا من بين

أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون "

وأكرر خلفها كل ما أسمع أفهمه أو لا أفهمه حتى كنا في الداخل

واقتربت منا امرأة ترتدي فستانا طويلا وحلي كثيرة وتسريحة

غريبة ويبدوا عليها الثراء , سلمت على العجوز بحرارة ثم قالت

" تفضلن يا جميلات للصالة هناك وسأوافيكن حالا لنصعد

للمدعوات الأخريات "

توجهنا حيث قالت وجلسنا هناك وكل واحدة منا تحدق في

الأخرى بصمت حتى قالت دُرر " سأخرج فقلبي ليس مطمئن "

قالت سراب " كيف تخرجي وأنتي تري الحرس في الخارج في

كل مكان وقد يختطفك أحدهم ألا تري أعينهم كيف تحدق بنا "

كانت ستقول شيئا لولا انفتح علينا الباب بقوة ودخل منه مجموعة

شبان وفتيات شبه عاريات فوقفنا بصرخة واحدة ثلاثتنا وكل واحدة

تحاول الهروب لكن أين الفرار من هؤلاء الوحوش فقد أمسك كل

واحد بواحدة منا ونزعوا لدُرر عباءتها وحجابها رغم محاولاتها منعهم

من ذلك , كنت أحاول ضربه وهوا يحضنني بقوة ويحاول تقبيلي وأنا أصرخ

وأبكي وكل تفكيري ليس معي وحدي بل وشقيقتاي اللتان جمعتني بهما

السراء والضراء الفرح والحزن رغم أننا لسنا شقيقات , مرت جميع

ذكرياتي أمامي وفكرت حتى في مستقبلنا في هذا المنزل الذي يبدوا

أننا لن نخرج منه وليثنا لا نخرج إن دنسوا شرفنا هكذا , كنت أسمع

بكائهما وكانت دُرر تصرخ قائلة ببكاء " ابتعد عني خاف الله يا جبان "

فاستجمعت حينها كل قوتي وقلت بصرخة " السلاح السري "

وغرست أسناني في عنقه بقوة لتخرج صرخته واطمئن بالي حين

سمعت صراخ الآخران أيضا مما يعني أنهما نفذتا الخطة وتركني

أخيرا لأركض جهة الباب هاربة وهما تتبعاني لنقف مكاننا ونحن

نرى الكم الكبير من الرجال والنساء الذين يركضون نازلين من

السلالم الضخم المقسوم لاثنان وسط المنزل ولم أفهم سوا كلمة

" شررررطة أهربوا "

ليبدأ صوت الرصاص في الخارج وقد حوصرنا هنا تماما وكأننا

أغنام في زريبة وانفتحت الأبواب بقوة ودخل منها رجال الشرطة

من كل مكان وبعدد كبير بل أكبر من عددهم هنا







المخرج كلمات للرائعة المبدعة الغالية نزف جروحي


والتقينا..

وخطفت رؤياكي أنفاسي..

بيننا باب صدئ ..

تحتمين خلفه مني..

مني أنا ..

من أفنى أنفاسه بالبحث عنك..

يا أحلامه ..يا طهره الناصع..

يا بلسم جراحه ..

ابتسامه طفل وسط دمائه..

لن أتركك ..لن تبتعدي..

فهنا بين الضلوع العوج مسكنك..

فهنا صحراء قاحلة ترتجي غيثك..

فأنتي درة وسط كوابيس حياتي..

أنتي سلام شاب شعري وأنا ابحث عنه..

بحجة الانتقام ..

رغم وجعي بتلذذك بصراخي قديما بيديك ..

يا ثلجا ..يا ماءا..يا بحرا..

يثلجني..يغسلني..يغرقني..

يطهرني من كل سوء..

وحدك أنتي من أبحث عنه..

وحدك أنتي ملاذي..

وحدك أنتي لن أتركك..

فلا يخيفك..







وموعدنا فجر الأربعاء إن شاء الله

برد المشاعر 07-12-15 03:25 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس الليلة)
 




الفصل السادس







فجأة وجدنا أنفسنا في قبضة الشرطة ثم في سيارتهم ثم في المركز

النساء جميعنا في مكان ضيق وكل واحدة تدفع الأخرى لتبتعد عنها

التي تبكي وتضرب خديها خوفا من أهلها والتي تقول عمي سيقتلني

وكل واحدة تسرد حكايتها عدانا نحن الثلاثة فلا أهل لنا نخاف منهم

ولا أحد غير العجوز وشقيقها اللذان أخذانا لمنزل لنكتشف أنه للفسق

والفجور وتركانا وهربا بالتأكيد لكانت معنا هنا , قالت سراب

من بين أسنانها " القذران هذا كان مخططهما "

قالت دُرر ببرود " المهم لم يمسوا شرفنا بشيء "

قلت بسخرية " وما الفائدة ونحن في قسم الشرطة وللسجن فورا

يا ثلاثي اليتيمات المنحوسات ولنكمل باقي حياتنا البائسة

هناك فحتى أهل يكفلونا ويخرجونا ليس لدينا "

انفتح حينها الباب ودخل منه شرطيان وقال أحدهما بصوت

مرتفع " سراب ودُرر وترجمان الأصمعي يخرجن فورا

من بين أكياس النجاسة "

قلت صارخة فيه من بعيد " ولما تتوج جملتك بتلك الخاتمة لا

أعلم ما الذي يُدرّسوه لكم في كلية الشرطة غير قلة الأدب "

شدت سراب فستاني وقالت بغيظ " ترجمان هذا ليس وقته

لا تنسي أننا في مركز للشرطة "

تأففت وخرجت وهما يتبعانني وقال " من منكما طويلة

اللسان التي تكلمت "

قلت ببرود " أنا هل لديك مانع "

كان سيتحدث لكن الذي معه قال له " توقف يا أسعد لا نريد

عقابا من سيادة العقيد "

تأفف وقال مشيرا بيده " أمامي بسرعة "

قالت دُرر " أين ستأخذوننا "

قال بسخرية " للبار يا حبيبة أمك لتكملي ليلتك "

قالت " أحضروا لي عباءتي وحجابي أولا "

أمسك ذراعها وسحبها قائلا " تحركي بسرعة وهل وجدنا

معك عباءة لنعطيها لك "

استلت يدها منه مع ضربة على رأسه سبقتها وكانت من حدائي

الذي خلعته حينها وقلت بغضب " وتمسك ذراعها يا قليل الأدب "

ابتعد بعدما اقترب اثنان آخران منا وهوا يقول " كسر الله

يدك الدماء تنزف مني "

أبعدوه وقلت للبقية بحدة " فليجرب أحد غيره أن يقول لنا كلمة

أو يلمس إحدانا ليجرب مثله كعب حدائي "

انفتح حينها أحد الأبواب وخرج منه رجل بلباس مختلف عنهم

وشارات كثيرة وعمر أكبر وقال " ما بكم ما كل هذا الضجيج ؟؟ "

ضربوا له تحية فورا وقال أحدهم باحترام " لا شيء سيدي

إحداهن ضربت الشرطي بكعب حدائها "

ضحك حينا ونحن ننظر له بصدمة وقال " لا تقل أنها

التي أسمها ترجمان "

عدنا لتبادل النظرات المستغربة فمن أين يعرفني فيبدوا أنه

صاحب رتبة عالية في الشرطة , قال بعدها " أجلبوهم "

تحركنا وقلت بحزم ناظرة لهم " لا أحد يلمسنا نذهب وحدنا "

دخلنا الغرفة وكان فيها الرجل نفسه واثنان يبدوان ضابطان

وقال " محمود استلم الباقيات أريد كل شيء عنهم لنكتب

استدعاء لأولياء أمورهم "

قلت حينها " وما ستفعلون بنا نحن "

نظر لي وقال " وما أسمك أنتي "

لم أجب وقالت دُرر " أريد عباءتي أرجوكم "

نظر لها وقال " أنتي ترجمان "

هزت رأسها بلا وأشارت لي برأسها فنظر لي وقال

" ومن ضربت الشرطي "

قلت ببرود " أنا فزدها على لائحة عقوباتي فلا يهم عندي

ودرّسوا رجالكم الأدب كمادة أساسية "

ضحك وقال " كوالدك وعمك تماما "

نظرت له بصدمة وقلت " أي والد وعم ؟ ما تخرف أنت "

قال الضابط بجانبه بحدة " لا تتجاوزي حدودك يا فتاة فهذا

عقيد في الشرطة الذي تقللي احترامك له "

تجاهلته ونظرت للجانب الآخر وتمتمت ببرود " تشرفنا يا "

ضحك حينها رئسه من جديد وقال " أين أواس والبقية "

قال الآخر " في طريقهم لنا فقد تولوا أمر الرجال ونقلهم لسجن

جنوب العاصمة حتى التحقيق معهم "

جلس حينها خلف الطاولة وقال " دُرر علي رضوان , سراب

حلمي نصران وترجمان أحمد صياد , هذه هي أسمائكم هل

لديكم علم بهذا أم لا "

نظرنا لبعضنا وكأننا نرى بعض للمرة الأولى وقلت لسراب

" هل هذه أنتي "

هزت رأسها بلا فنظرت لدُرر وقلت " وأنتي "

قالت بهمس " لا "

فنظرت له وقلت " لسن نحن أي أطلقوا سراحنا لأننا بريئات

مما فعلن من ذكرت أسمائهن "

ضحك وقال " بل لو كنتن من ذكرت تكن بريئات فاحكوا

لي سبب وجودكن هناك "

بدأت أنا وسراب بالكلام معا ودُرر صامته كعادتها

فقال بضيق " واحدة تتحدث لأفهم "

سكتنا فنظر لدُرر وقال " تكلمي أنتي "

فسردت له ما حدث اليوم ثم قالت بعبرة ودمعة وحيدة لا نراها

إلا نادرا " أريد أن أستر جسدي بأي شيء أرجوكم أشعر

أنني عارية أمامكم "

انفتح حينها باب الغرفة التي نحن فيها ودخل منها ... أووووه الشاب

الذي وجدناه في السوق مع ذاك المغرور وقالت سراب أنه معجب بدُرر

فنظر لها من فوره وشهقت هي بصمت وأنزلت رأسها للأرض فاقترب

منها دون كلام ونظره مركز عليها حتى وصل لها , يبدوا سيضربها

على وجودها هناك وسأجد من سأضربه بكعب حدائي غير ذاك الشرطي

لكنه فاجأنا وهوا يفتح أزرار سترة بذلته ثم خلعها وبقي بالقميص الأبيض

وربطة العنق ووضع السترة على كتفيها فتمسكت هي بها بقوة وغطت

بها كامل جسدها من الأعلى بما أن فستانها من الأسفل طويل فنظرت

لسراب من فوري وأشرت لها بحسرة فتنهدت وقالت بهمس

" يا خيبتي سأبقى هكذا بفستاني حتى يشبعوا الشرطة من النظر

لي , أين فارس أحلامي يا رب ليأتي لي وينقذني "

دخل حينها شخص آخر جعلها تشهق بقوة فالتفت له فكان ضابطا

آخر ونظر لها من فوره وقال بسخرية " يا محاسن الصدف "

أمسكت ضحكتي بصعوبة فها قد جاءها فارس أحلامها وبقي

دوري فلا أريد فارسا ولا فرس من هذا النوع

توجه حينها ذاك الوسيم صاحب الشخصية المبهرة جهة طاولة

رئيسهم وتسند عليها بيديه ومال له لتتدلى ربطة عنقه تلامس

الدفتر تحته وقال بجدية وصوت منخفض " لا داعي لإبقائهم

وسأخرجها معي "

نظرت لدُرر فورا وهي تنظر له بصدمة , آه وداعا يا دُرر

وجدتِ من ينقذك وحدك ويهتم لأمرك , دخل حينها واحد آخر

قائلا " بحق الله من هذه التي دمغت الشرطي بينهن "

ووقف مكانه حين التفتُ له فقال بصدمة مشيرا لي بإصبعه

" هذه أنتي يا لصة أقسم لن تكون إلا فعلتك "

نظرت للسقف وقلت بهمس " يا رب رحمتك ها قد جاء

الفارس الحقيقي لأحلامي "

وقف رئيسهم وقال " يبدوا أن ضباطي يعرفونكم مسبقا "

نظرت جهة ذاك المغرور بنصف عين فضيق عينيه متوعدا

لي فتجاهلته وحمل رئيسهم ظرفا ورقيا ورماه أمامنا

على طاولته وقال " أنظرن ما في هذا "

أخذته سراب من فورها وأخرجت منه مجموعة صور وشهقت

ما أن رأتها ثم مدتها لدُرر بيد ترتجف فأخذتها منها ونظرت

لهم بصدمة لتمتلئ عيناها الخضراء الواسعة بالدموع وهي تنظر

له وقالت بغصة " كذب كانوا يريدون .... "

وبلعت كلماتها بعبرة دون بكاء فأخذتهم منها وشهقت بقوة ما أن

رأيتهم وقلت وأنا أقلبهم " تلك العجوز السحارة وراء هذا

أمسكوها لي فقط "

ثم مزقتها لقطع وقلت " انتهى لا دليل لديكم "

قال رئيسهم " بل وصلت نسخ عنها للعديد من الصحف قبل أن

نصل هناك لنمسك العجوز التي كان مخططها ترككم والهروب

لولا البلاغ الذي وصل وأمسكنا مالكة المنزل وحكت لنا القصة

والأعداد ستنزل فجرا بأسمائكم الحقيقية التي ذكرتُ لكم "

قالت دُرر" أي أسماء وأي حقيقة "

قال بجدية " الحكاية وما فيها أنه تم اختطافكن وأنتن طفلات من

منازلكم من عشرين عام , بحثوا عنكم أهلكم ودون جدوى حتى

دونت القضايا ضد مجهول وفقدوا الأمل من وجودكن أحياء وكان

كله مدبر من العجوز التي كنتن معها لأن زوجها وابنيها توفوا في

عملية بعد قضية كبيرة جدا لذلك اختطفوكن , حفيدة قاضي المحكمة

العليا حينها وهي دُرر وابنة المدعي العام وقتها وهي سراب وابنة

أحد الضباط الذين تولى القضية في البداية وهي ترجمان والغرض

ما نحن وأنتن فيه اليوم وهوا توريطكم في شبهة وقضية شرف

ونشرها في الصحف بأسمائكن الحقيقية انتقاما من عائلاتكم "

قلت بصدمة " تعني أني ابنة ضابط في الشرطة "

قال بهدوء " نعم والدك رحمه الله كان ضابطا شهدت

له السنين بنجاحات كبيرة وكان وعمك في تلك العملية "

قلت بقهر " ميت !! ما هذا الحظ الذي لدي "

قالت سراب " وأنا "

قال " وأنتي أيضا والدك توفي لكن لك عم "

قالت دُرر " وجدي "

قال " ترك القضاء بعد أعوام وترك البلاد وهاجر للخارج "

نظرت لهما وقلت " منحوسات حتى بعدما ظهر أهلنا "

وقف على طوله وقال " ترجمان تكونين ابنة شقيقي "

نظرت له من فوري وقلت بصدمة " أنت عمي !! "

هز رأسه بنعم وقال " والواقف خلفك ابن عمتك "

نظرت للخلف بريبة لتقع عيناي على ذاك المغرور وابتسم لي

بسخرية فعدت بنظري للأمام , يع بقيت وحدك قريب لي من بين

كل أهلي ومن بين كل هؤلاء الضباط , ما هذا اليوم المشئوم

أشعر أنني في دوامة , قال بعدها " سراب عمك توفي منذ

ساعتين بأزمة قلبية "

شهقت بقوة وقالت " وهذا آخر عائلتي ضاع مني "

أشار جانبا وقال " لا هنا ابن خالتك أيضا "

نظرت حيث أشار وشهقت بقوة وقالت " هذا ابن خالتي أنا "

قال ذاك الضابط " نعم ألا أعجبك وهذا من محاسن الحظ لدي "

نظرت لدُرر وقلت " بقيتِ أنتي بدون قريب غثيت وأنقدك الله "

ضحك من قال انه عمي وقال " بل أواس ابن زوجة جدها رحمها

الله وعاش طفولته معها "

نظرت له باستغراب ثم لدُرر التي كانت تنظر له بصدمة وهوا

ينظر لها بهدوء وخرجت من صمتها أخيرا قائلة

" أنت تعرفني منذ كنت طفلة "

لم يتحدث ولم يزح عينيه من عليها فقلت " حسنا وها أنتم

تعلمون ببراءتنا فلما نبقى هنا "

قال من فوره " والفضيحة يا ابنة أخي والصور "

هززت رأسي بحيرة فخرج من خلف طاولته وفتح ذراعاه لي

وقال " دعيني أولا أفرح بأني وجدتك بعد بحثي كل هذه السنين "

نظرت لهم بصمت ثم له وهوا على حاله ينتظرني ثم توجهت نحوه

ونمت في حضنه فطوقني بذراعيه وقال مبتسما " سامحيني يا ابنتي

يا ترجمان لقد عملت جهدي لأجدك ولم أنجح "

قلت بحزن " المهم أنك وجدتني ولن أخرج للشارع "

لا أصدق أنه عقيد في الشرطة ويحضنني أمامهم هكذا شعور

غريب أشعر به , قريب لي أنا يهتم لأمري وسعيد بوجودي في

الحياة , ابتعدت عن حضنه وقلت " وأين والدتي "

تنهد وقال " أخبرتكم بمن بقي لكم سراب فقط والدتها لا

معلومات أكيدة لدينا عنها "

ثم نظر لهم وقال " أواس وإياس وآسر اسبقوني للمكتب المجاور "

خرجوا من فورهم وبقينا ثلاثتنا معه والضابط الذي كان هنا منذ

البداية وقالت دُرر " ماذا سيحل بنا الآن "

قال بهدوء " علينا إيجاد حل لمداراة الفضيحة فتلك العجوز هربت

هي وشقيقها وقد دبرا كل شيء فحتى الصحف لا يمكننا سحب

الصور منها جميعها قبل الفجر لأنه بقي عليه ساعات قليلة فقط "

ثم قال مغادرا " هناك حل واحد علينا دراسته أولا "

ثم خرج وأغلق الباب وتبعه ذاك الضبط وبقينا وحدنا ثلاثتنا

نظرت لهما وقلت بحيرة " هل تصدقا كل هذا ؟؟ "

جلست دُرر وقالت بحزن ناظرة للأرض " ومن يستطيع

تصديق هذا ؟ وما قد خفت منه حدث فذاك الشاب يعرفني "

قالت سراب بحزن " على الأقل أنظري كيف يخاف عليك أعطاك

سترته ويريد إخراجك ليس مثلي حتى عمي لم يجد متى يموت

إلا اليوم ولم يبقى لي سوا ذاك المصبية وقال أنه ابن خالتي

يا لها من خالة "

ضحكتُ رغم ما نحن فيه وقالت سراب بتذمر " نعم اضحكي

وجدتِ عمك ومؤكد لك عمة بما أن ذاك ابنها "

قلت وقد خيم عليا الحزن " هل هذا يعني أننا سنفترق "

قالت دُرر " فلنجد حلا لهذه المصيبة التي نحن فيها أولا فمن

سيقبلني في وضيفة الآن وحتى جدي لا أعرف أين يكون "

شهقت وقلت " نعم وجامعتني لن يقبلوني أبدا بل

سيتحدث الجميع عني هناك "

قالت سراب باستياء " يا حسرتي يعني لن أتزوج ما حييت "

قلت بضيق " يالا تفكيرك الساذج "

قالت بضيق أكبر " معي حق من سيتزوجني وينقذني من الشارع

والفقر فحتى ذاك العجوز لن يقبل بي بعد الآن , كله بسبب ذاك

المعتوه لكنا هربنا منذ ساعات وأنا الآن زوجته "

قالت دُرر بهدوء ناظرة للأرض " وعسى أن تكرهوا شيئا

وهوا خير لكم "

قالت سراب بحزن " لا شر أكبر مما نحن فيه وعلينا أن

نرضى بحلّهم مهما كان لينقذونا من الفضيحة "

قلت بحيرة " ترى ما سيكون ذاك الحل "





*~~***~~*






قال إياس باعتراض " مستحيل أنا أتزوج تلك !! ولا

على قطع عنقي "

قلت بضيق " هذا وأنت ابن عمتها وأنا عمها وخالك

وأطلبها منك فماذا سيقول الباقيان "

قال آسر " لتتحمل نتائج فعلتها لن أتزوج بتلك الجشعة

عاشقة المال "

هززت رأسي ونظرت جهة أواس الذي قال بهدوء

" موافق "

نظرا له بصدمة وقال إياس " توافق على أن تتزوج حفيدة

زوج والدتك وأنت لا تعرف شيء عنها وفي الصباح

ستخرج فضيحتها "

قال باختصار " نعم "

قال آسر هامسا " سحرته أم الخدان المتوردان من البياض "

نظر له أواس نظرة حارقة وقلت أنا بجدية " ليثكما تفكران مثله

لأن خبر زواجكم وحده ما سيلغي تلك الفضيحة ولن تجرؤ أي

صحيفة على نشر الخبر والليلة كان زفاف كل واحد منكم على

واحدة منهن وكانت في حفل زفاف ثم نائمة مع زوجها "

أغمض إياس عيناه بقوة وهز رأسه بلا فقلت " أعرفكم رجالي

في كل شيء ولا تعصون أوامري "

قال آسر ناظرا للأرض " وهذا ما يكسر ظهري وخوفي من أن

ترجع خالتي في أي وقت وتفجع بخبر ابنتها أو يصلها الآن

فسأوافق لكن بشرط "

قلت من فوري " وما هوا "

رفع نظره لي وقال " لا تخبرها بأن عمها يكون الرجل

الثري ذاك حتى تعلم مني أنا "

قلت بحيرة " ولما "

قال " لسبب في نفسي "

قلت " لعلمك هوا كتب ثروته باسمها حال وجدناها "

قال باستياء " أعلم وقضيتي ستكون رابحة أيضا وما تحكم لها

به المحكمة ستأخذه لكن لا أريدها أن تعلم أو لن أوافق

ولو تركت الشرطة "

تنهدت وقلت " حسننا هذا الثاني اقتنع بقي أنت "

تأفف إياس وقال " تراها بعينك كيف تكون من يرضى

بزوجة هكذا "

تنفست بقوة وقلت " آخر ما كنت أتوقع أن يكون هذا قرارك

وأنا من كنت أجزم أنك ستكون أول الموافقين ولو من أجلي

إن كان لا يهمك سمعتي وسمعتك بعدي "

مرر أصابعه في شعره وقال بقهر" وما يكسر ظهري غير

السمعة والفضيحة "

ثم أخرجها من شعره وقال بضيق " رضينا وأمرنا لله

فأرني كيف ستقنعهن "

تحركت من خلف المكتب قائلا " وهل هذا بمزاجهن بل

سيكون رغما عن أنوفهن "

ثم غادرت قائلا " نصف ساعة فقط أجلب ورقة من القاضي

فعليا إيقاظه في هذا الليل "

ثم خرجت وتركتهم وتوجهت لمنزل قاضي عام محكمة

العاصمة قبل أن يدركنا الوقت





*~~***~~*





خرج العقيد رفعت وتركنا في صمت موحش ننظر لبعضنا

بصمت وكل واحد يفكر بما حل به أما أنا فقد وافقت بمحض

إرادتي لأنها فرصة وجاءت لي وكنت سأسعى لها من دون

طلبه , كان يكفي جدها فضيحة أن يعلم أنها من هذا النوع الذي

خطط له العجوزان لكن لن تكون مني ولن تشفي غليلي فعليه

أن يعلم أن عنقه بين يداي , خرج إياس من صمته وقال

" آخر ما كنت أتوقع أن أتزوج الليلة وممن من

لصة طويلة لسان "

قال آسر بسخرية " أسكت ما سأقول أنا عن تلك الجشعة التي

كانت على استعداد لأن تتزوج من عجوز هرِم من أجل المال

لا وفي النهاية ظهر أنه عمها ! جيد أن الزواج لم يتم "

نظر له إياس وقال " وما ستفعل معها "

قال بمكر " سترى بعينها إن لم أجعلها تكره المال

وتكره نفسها "

قلت " ألن تخبرها بثروتها من عمها "

هز رأسه بلا وقال " سأحرق قلبها وهي ترى مالي ولا تلمسه "

هز إياس رأسه وقال " يالها من ليلة ولا أعلم لما ستنتهي "

رن حينها هاتفه وأجاب عليه في صمت ثم قال ببعض الضيق

" ومن أين سنجده الآن مقربة الفجر "

ثم تنهد وقال " نعم سنتصل به والفستان تبدوا فكرة مستحيلة "

قال بعدها " حسنا حاضر هدئ من أعصابك "

ثم أنهى المكالمة وقال " نريد فستان زواج ومصورة القسم "

قال آسر بسخرية " وهذا ما كان ينقص نلبسهم فستان زواج "

قال إياس ساخرا " لا ونفس الفستان حتى الغبي لن يصدقها "

ثم قال مستاء " آخر ما كان في خيالي زواج بلا حفل

ولا شيء وكأني ارتكبت معها جرما "

قال آسر " أما أنا فلم أتخيل أن أتزوج لأنه لا قدُره عندي

على الخرافات التي تتمسك بها الفتيات وجاءني زواج

بالمجان لولا أن العروس تسد النفس "

قلت بتذمر " يكفي صدعتماني لا أرى شيئا ينقصهما لتنفرا

منهما ثم يمكنكم الزواج لاحقا بمن وكيف تريدان

وتطلقاهما إن أردتما "

قال إياس ببرود " لا أعلم لما تأخذ الموضوع هكذا بكل

بساطة وراض به يا أواس , هذا وأنت متزوج "

ضحك آسر وقال " يبدوا أنه كما يقولون من يتزوج تنفتح عيناه

على النساء ولا تكفيه واحدة فأخبرنا ما السر بما أنك جربت "

هه لو تعلم حالي فقد سدت تلك القذرة نفسي عن كل النساء

قلت ببرود " ستجرب وترى بنفسك "

قال إياس " المهم الآن كيف نتصرف في مشكلة الفستان "

نظر لي آسر وقال " أنت سبق وتزوجت هل اشتريتم

الفستان أم استأجرتموه "

قلت من فوري " بل اشتريته لها "

قال " إذا المشكلة محلولة إن كان لا يزال موجودا "

قلت ببرود " لا أعلم "

نظرا لي بصدمة واستغراب فتأففت وقلت " لا تسألا فلن أجيب "

ثم وقفت وغادرت من عندهما , كيف سأعلم وأنا لم أفتح خزانتها

من أشهر طويلة ولا أعلم حتى أحرقته أم باعته أو ما فعلت به

غادرت المركز وتوجهت للمنزل دخلت وصعدت للجناح ولغرفة

النوم فورا فتحت الباب فكانت مظلمة سوا من الضوء عند السرير

فجلست من فورها ما أن دخلت وكالعادة نائمة بقميص نوم ولا

أعلم ما يخبرها عقلها تفعل كل هذه التفاهات فحتى إن نامت عارية

لن ترف نفسي لها ولن أقربها ما حييت , توجهت للخزانة من

فوري وفتحت جهتها دون كلام فوصلني صوتها من خلفي قائلة

" وما ستبحث عنه أيضا فيها هل ستتهمني بالسرقة "

قلت ببرود وأنا منشغل بالبحت " لو تشتري سلامتك مني

وتصمتي أفضل لك "

وجدت ضالتي أخيرا تعلقه في الخزانة الأخيرة الفارغة , هه

تحتفظ بماذا هذه النجسة أو لا تكن ستتزوج غيري بعد طلاقنا

وتلبسه له واهمة ويخدعها عقلها , أخرجته وأخرجت معه الكيس

الكبير في نفس الخزانة وبدأت بدسه فيه أجمعه وأرصه ليدخل

جميعه فقالت ساخرة " لا تكن ستتزوج وتلبسها ذات الفستان "

قلت وأنا أحاول جمع ذيله داخل الكيس " نعم هل لديك مانع "

قالت من فورها " أنت آخر من سيتزوج لأنك حطام وزدت الآن "

وقفت وحملته وقلت " وهنيئا لك بذلك يا نجسة ولعلمك

ستكون هنا أول الصباح "

ثم خرجت به وأغلقت الجناح بالمفتاح وغادرت عائدا هناك

كذب من قال أن الضرب يسكت طول اللسان لكان قطع

لها لسانها لأنه لا يزيده إلا طولا







*~~***~~*







مر الوقت ونحن جالسات في هذه الغرفة لا أحد جاء أو طل علينا

وحتى ذاك العقيد لم يرجع , تمسكت بسترته أكثر رغم أنه لا يوجد

هنا غيرنا ثلاثتنا ولا رجل معنا لكن لا أعلم لما أشعر بالأمان وهي

تغطي جسدي وأشدها عليه بقوة وقد شعرت للحظات وكأني في

حضنه , غريب كيف تعرّف علي وهوا لم يراني منذ كنت طفلة !!

انتفض جسدي حين عاد هاتفه في جيب السترة للرنين فقالت

سراب بتذمر " دُرر أجيبي أو أجيب أنا فهذا الهاتف يزيدنا

توتر مع توترنا "

قلت باستهجان " وكيف أجيب على هاتف ليس لي "

قالت ترجمان " وصاحبه ليس هنا ولا نعلم متى سيأتي ولن

يتصل به أحد هذا الوقت إلا لأمر ضروري فعلى الأقل

نخبرهم ليخبروه "

أقنعاني بكلامهما فقد يكون بالفعل شخصا ما يحتاجه وسنخبر

أحدا هنا ليخبره , أخرجت الهاتف من جيبها ونظرت

لشاشته وكان الاسم ( شبيه الأب )

نظرت للاسم باستغراب , كيف يكون أبا شبيه بأب ولما يسجله لديه

هكذا ! ظننت أن والده ميت بما أن جدي كان متزوجا بوالدته !!!

فتحت الخط ووضعته على أذني لأقول أن صاحب الهاتف ليس هنا

وسنخبره إن كان الأمر ضروريا لكن الذي في الطرف الآخر لم

يعطني المجال لأنه صرخ من فوره بغضب " ساعة لتجيب ؟ ترى

اتصالاتي وتتجاهلها كعادتك ولم يخبرك عقلك أنه آخر الليل وقد

أكون حتى ميت وأحدهم يتصل بك , ألا تستطيع ترك حضن

زوجتك قليلا لتجيب علي يا عاق يا شبيه الابن "

ثم أغلق الخط في وجهي وأنا جامدة مكاني من الصدمة , ما هذا

الهجوم وسيل الشتائم , أبعدت الهاتف عن أذني ونظرت له وجملة

واحدة تدور في رأسي ( ألا تستطيع ترك حضن زوجتك قليلا

لتجيب علي ) كان من المتوقع أن يكون متزوجا ومن المفترض

أن لا يعنيني الأمر لكن لا أعلم لما شعرت بأن الخبر فاجأني ولم

أتوقعه , قالت ترجمان " من هذا الذي اتصل ولم تقولي له شيئا "

أعدت الهاتف لجيب السترة وقلت " لم يجب أحد "

تنهدت سراب وقالت " أريد أن أعلم لما الذي من المفترض انه

ابن خالتي والآخر ابن عمة ترجمات لم يلبسانا ستراتهم وأنتي التي

تكونين حفيدة زوج والدته ما أن دخل ستر لك جسدك , ما هذا

الحظ الذي لديك يا دُرر "

قلت ببرود " لما لا تزيحي هذه الأفكار من رأسك فقد يكون متزوج "

تنهدت ترجمان وقالت " فليعجب بي أنا ويتزوجني حتى متزوج "

نظرت لها بصدمة فضحكت وقالت " سمرته الخفيفة مع ملامحه

الحادة الوسيمة تسلب اللب أليس كذلك "

هززت رأسي بيأس منهما وقالت سراب " غبية بل ذاك الذي

سرقتِ محفظته أكثر وسامة "

نظرت لها ترجان وقالت " يع ذاك البيضة المسلوقة شبيه الفتيات "

ثم ضحكت كثيرا وقالت " سراب هل لاحظتِ شيئا على ابن خالتك "

قالت ببرود " لا تقولي ابن خالتي والشبه نعم لاحظته نفس أنفي

الذي أكرهتني فيه طفولتي من كثرة ما كنتِ تضحكين عليه "

قالت ضاحكة " بل والعينين والنقرة عند الذقن "

تجاهلتها سراب ونظرتْ جهة الجدار فلم أستطع إمساك ابتسامتي

وقلت " المهم أنه ظهر لنا عائلات وأسماء ولسنا مجهولين

ومنسوبين لشلة السحرة تلك "

قالت ترجمان باهتمام " دُرر هل ستبحثين عن جدك "

قلت بشرود " لا أعلم لا أين أجده ولا كيف سأصل إليه "

قالت من فورها " عمي سيساعدك بالتأكيد "

قالت سراب بحسرة " عمي .... يالك من محظوظة أنا التي

ليس لي ولا حتى جد لا والد ولا شيء وحتى عمي توفي "

دارت ترجمان ناحيتها وقالت " قد يكون ترك لك إرثا "

قالت بضيق " غبية وهل سيتركه بلا أبناء يأخذوه "

قلت بهدوء " إذا ستذهبين لعائلة عمك "

تأففت وقالت " الوحيدة مجهولة المصير هي أنا "

انفتح حينها الباب أخيرا ودخل منه رئيسهم عم ترجمان ومد

لسراب وترجمان عباءتان وقال " البساهما واسترا نفسيكما بهما "

أخذتاهما منه ووضعتاهما على جسديهما دون لبس وجلس

هوا على كرسي المكتب ونظر لنا وقال بجدية " هناك حل

واحد لكل هذه المصيبة وسيخلصكن من الشبهة ولن تجرأ

أي جريدة على نشر خبر الفضيحة "

قالت سراب من فورها " هل ستعلنون خبر وفاتنا

منذ يوم أمس "

ضحك وقال " لا طبعا بل خبر آخر "

نظرنا لبعضنا باستغراب ثم له وقالت ترجمان " خبر ماذا ؟؟ "

نظر للورقة في يديه وفتحها وقال " خبر زواجكن وسيكون حقيقيا "

حينها لم تُسمع سوا شهقة ثلاثتنا معا ووقفنا على طولنا ووقف هوا

وقال " من دون كثرة كلام ولا نقاش ولا أريد سماع رأي

أي منكن وسأذهب للمكتب الآخر لنتم الأمر "

ثم خرج دون أن يضيف شيئا ولا يسمع منا حرفا ولا حتى

يخبرنا من يكونون الذين سنتزوجهم , وقفت ترجمان وقالت

وهي تتجه نحو الباب " ما هذه المهزلة من قال أني

موافقة على ذاك المجهول "

لحقت بها وأمسكتها قبل أن تخرج وقلت " توقفي يا غبية هل

تريدي أن تبقي في الفضيحة طوال حياتك "

التفتت لي وقالت بضيق " مجنونة أنتي ! هل تعي معنى

ما قال وسيفعل "

قلت بحدة " نعم أعي وهل تعي أنتي معنى فضيحة كهذه ستصبحين

صيدا للرجال في كل مكان لظنهم أنك فتاة تبيع جسدها حقا وزيدي

عليه أن يضيع مستقبلك لا دراسة لا وضيفة ولا أهل سيقبلون بك

وفكري في عمك ومركزه الحساس مع فضيحة كهذه "

قالت بتذمر بعدما ضربت الأرض بقدمها " وكيف هكذا يكون

زواج بالإكراه ودون حتى أن أعلم من هذا الذي ورطوني فيه "

جلست سراب على الكرسي منهارة وقالت بقهر وحزن

" وكأن ثمة من سمع أني لا أريد أن أبقى دون زواج "

نظرت لها وقلت بجدية " لا تنسيا أن ترجمان ابنة

شقيقه أي لن يزوجنا لأي كان "

قالت ترجمان بسخرية " نعم ومن هذا الذي سيرضى بي في

هذا الوقت القياسي غير الحارس في الخارج أو سجين يطلقوا

سراحه إن تزوجني "

قالت سراب بشرود " كل ما أخشاه أن يزوجوني بذاك ابن خالتي "

قالت ترجمان بنفي " مستحيل تري كيف يكرهك فلن يرضى "

شددت يداي على سترته التي تحضن جسدي وأكتافي وقلت

" وأنا مثلك أخشى من صاحب هذه السترة رغم أنه متزوج "

نظرتا لي باستغراب وقالت سراب " ومن أين علمت أنه متزوج "

قالت ترجمان بعدها " أما أنا فيستحيل أن يكون ذاك المغرور

لأني والحمد لله أعلم مدى كرهه لي "

قالت سراب بحزن " أراكما وافقتما على الأمر سريعا "

جلست أيضا وقلت بحزن " وما في يدنا نفعله فأهم شيء أن

لا تنتشر تلك الفضيحة ومن لا تعجبها حياتها تُطلق منه

وانتهى كل شيء "

قالت ترجمان بحسرة " ما هذا الزواج السيئ في مركز

شرطة !! تمنيت أن نتزوج معا لكن ليس هكذا "

وضعت سراب يدها على خدها وقالت بحزن " لما حين

دعوتي الله أن نتزوج معا لم تقولي وفي صالة أفراح فخمة

ورجال أثرياء وسيمين وشهر عسل وحياة سعيدة "

وضعت ترجمان يداها وسط جسدها وقالت باستياء

" وما أدراني أنا لكنت قلت في أي مكان إلا قسم الشرطة "

انفتح حينها الباب مجددا ودخل عم ترجان تتبعه امرأة ترتدي

حجابا ووجهها عليه آثار النوم الواضح وعيناها منتفختان تحمل

في يدها حقيبة وضعتها على الطاولة وقالت " لنبدأ العمل سريعا "

أخرج حينها هاتفه واتصل بأحدهم وقال " أخبر أواس يأتي "

نظرنا لبعضنا فأسمائهم متشابهة ولا أعرف أي منهم يعني حتى

دخل الشاب صاحب السترة يحمل في يده كيسا كبيرا وضعه

عند الباب ودفعه بقدمه جانبا وقال " لا أريد لزوجتي أن تلبسه أبدا "

شعرت بقلبي وقع على الأرض فمن يعني بزوجته هنا فيبدوا أنه

أول عريس بين الثلاثة المجهولين , نظر له عم ترجمان وقال

" إذا بفستانها من أجل تجنب تكرار الفستان "

ثم نظر لي وقال " دُرر أعيدي السترة لزوجك لتلتقط لكما

المصورة الصورة "

شهقت في وجهه وقلت بهمس " زوجي أنا "

قال وهوا يجلس " نعم وأنا سأخرج ورقة من هنا وأخرج "

فتح الدرج وبدأ يبحث عنها وأنا سافرت بنظري للأرض وقد زدت

تشبثا بسترته ولم أجرؤا ولا على رفع رأسي والنظر له ولم أعد أعي

شيئا مما يجري حولي , كيف يحدث هذا يخرج في حياتي بغموض

وغرابة يلاحقني ثم يتزوجني !! حسنا وزوجته كيف ستكون ردة فعلها

ألم يفكروا فيها , انتفض كل جسدي حين شعرت بيدين تمسكان السترة

وتبعدانها عني فأرخيت يداي حتى ابتعدت عن جسدي وشعرت به خلفي

يلبسها لكني لم أكن أراه , رفعت نظري لسراب فغمزت لي بعينها مبتسمة

وتبدوا سعيدة بهذا فابتسمت لها بحزن , لا أعلم لما أشعر أن ورائه حكاية

وأنه يريد شيئا ما من الزواج بي لَما كان رضي بي وهوا متزوج

سمعت حينها همسه الجاد من خلفي قائلا " هيا يا دُره فلا وقت أمامنا "

شددت قبضتي لصدري وتنفست بقوة مغمضة عيناي , يا رب ساعدني

وكن معي ما هذه الدُره الجديدة , تحركت والتفتُّ ناحيته ووجهي لا

يزال في الأرض وقالت المصورة " قفا هناك عند الجدار المقابل "

تحرك حينها وأنا لم أكن أرى سوا قدميه وجزء من ساقيه وتحركت

أتبعه حتى وقفت بجانبه على مسافة صغيرة وأشعر بقلبي سيتوقف

ليثهم تركونا للفضيحة أشعر أنه سيغمى علي , وصلني

حينها صوت المصورة قائلة " اقترب منها قليلا "

يا رب ما هذا اليوم المنهك للأعصاب والمصائب المتتالية

تحرك خطوة بجانبي حتى أصبح ملتصقا بي وقال بصوته

الجهوري الجاد " خلصينا من اقترب وابتعد "

رفعت رأسي ونظرت لها وكانت تحرك آلة تصوير كبيرة في يدها

وهي تضعها على عينها وقالت " حسنا ابتسما أو افعلا أي شيء

يدل أنكما متزوجان , هذه ليست صورة شخصية "

تأففت حينها بصوت مسموع فيبدوا لن ننتهي من هذا وقليلا وستقول

قبّل خدها , انتفض قلبي حين شعرت بيده على كتفي العاري وشعرت

أني لحظات وسأبكي , كانت يده باردة رغم أننا لسنا في فصل الشتاء

والموقف يرفع الحرارة لا إراديا لكن كفه وأصابعه كانوا كالجليد

تنفست بقوة محاولة تهدئة نفسي فهمس بجدية " يكفي ارتجاف

فكلها صورة فقط لن آكلك "

بلعت ريقي ولم أعرف ما أقول وسمعت صوت آلة التصوير

فتنهدت براحة , وأخيرا التقطتها ورحمتني

خلع سترته مجددا ووضعها على كتفاي كما كانت وقال وهوا

يخرج هاتفه من جيبها " بسرعة سوف آخذك للمنزل لأعود لعملي "

نظرت له فورا بل بصدمة لتلقي عينانا عن قرب وقلت بهمس

" الآن "

أبعد نظره عني وقال وهوا يضع هاتفه في جيب بنطاله

" متى إذاً في الغد ؟؟ "

نظرت لسراب وترجمان فورا فكانتا تلوحان لي مبتسمتان وسراب

ترمي لي بقبل بيدها مبتسمة , كيف سأتركهما وهل سأراهما مجددا

وأين ستذهب كل واحدة منهما وما سيحل بي و بهما ؟ كل تلك الأفكار

كانت تدور في رأسي وأنا أنظر لهما بعينان تمتلئان دموعا فلم

نفترق حياتنا أبدا وأخشى أن لا نلتقي مجددا

شعرت بذراعه على كتفاي ثم سار بي أحببت ذلك أم كرهت ونظري

كان معهما , لا أريد أن أذهب ولا أن نفترق فنصف الحلم تحقق حين

حذرتني تلك المرأة من العجوز وها قد ظهرت على حقيقتها وبقي

النصف الآخر وهوا ماضيا وتحذيرها لي منه وهذا الرجل جزء

من الماضي المجهول لي حتى الآن






*~~***~~*







غادرت دُرر أول الناجين من سفينة الغرق مع زوجها الوسيم

الأسمر وبقيت أنا وسراب والمصورة فنظرت لها وقلت

" أخذَته تلك المحظوظة وبقينا نحن مجهولات الحبيب "

تنهدت وقالت " لما لم يخترني أنا "

ضحكت وقلت " ضننت أن ذاك البيضة من يعجبك "

رمت يدها في وجهي بلا مبالاة ثم نظرت للمصورة وقالت

" لما لا تلتقطي لي ولها صورة معا كذكرى "

ثم تابعت بابتسامة عريضة " صورة في الزنزانة "

هزت تلك رأسها بيأس ثم غادرت وعادت بعد قليل وعمي

الجديد يتبعها ثم أغلق الباب وقال " ترجمان أرتدي هذا

الفستان , الغرفة هناك فارغة "

قلت بتذمر " لما أنا ؟ وذاك الضابط رفض أن تلبسه دُرر

يبدوا أن به شيء ما قد يصيبني بالجرب "

ضحك بصوت مرتفع ثم قال " لا تخافي لا شيء فيه بسرعة

يا ابنة أخي لا وقت أمامنا لنرسل الصور لأكبر

وأهم الصحف هنا "

توجهت للكيس وسحبته للغرفة ودخلت به وأنا أتذمر وأتمتم

بغيظ " رائع تحقق أحد الأحلام البائسة فستان زواج ويا

لا السخرية صورة في غرفة تحقيق في قسم الشرطة "

لبست الفستان كان فخما ورائعا ولم أتوقعه هكذا ويبدوا جديدا

وليس من محلات تأجير الفساتين , نظرت له على جسدي

وتنهدت بحسرة , لقد أعجبني حقا فلو أعلم فقط لما رفض زوج

دُرر أن تلبسه , ابتسمت بعدها بحزن وقلت " دُرر حبيبتي وأخيرا

تزوجتِ قبل أن يضيع منك العمر ويهرم جمالك الأخاذ "

سمعت حينها طرقات على الباب فتأففت وقلت بتذمر

" حسنا حسنا ألا يستمتع المرء قليلا أوف "

فتحتُ بعدها الباب وخرجت وأنا أنظر للذيل خلفي لأخرجه

منه ثم دُرت حول نفسي أنظر له وقلت " سراب ما رأيك

ينقصه فقط عريس بمستواه "

ثم رفعت نظري لها فكانت تعض شفتها مسكته لي ومشيرة للباب

بعينيها فنظرت هناك من فوري وشهقت بقوة حين وقع نظري على

الواقف مستندا عليه ومكتفا يديه لصدره وينظر لي بابتسامة ساخرة




نهاية الفصل ....


وهذي قصيدة بقلمي هدية للغالية ميمي حسب

طلبها وأتمنى تنال إعجابك



إلا الأسامي صعب تتغير أسامينا ...

أما المشاعر ويلنا لو حصل واتغيرت


اقسى علي صعب القسى يحطم أمانينا ...

مهما قسيت أقول يموت القسى وما أكرهك


أحتاجلك كلما تنفست الهوى لآخر نفس فينا ...

أشتاقلك وفي كل شي أتخيله أتخيلك


ليت الكلام ايطير ويحكي قصص أجمل ليالينا ...

ليت العمر يرضى كنت أخسره وما أخسرك


يمكن يطول الوقت ويتغير وتتغير أسمينا ...

أما المشاعر موووج يلين الحجر وما نقوا اتحجرت


وسلامتكم


موعدي معاكم الأربعاء إن شاء الله ودمتم بكل ود وحب


برد المشاعر 09-12-15 01:08 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس)
 





الفصل السابع






فتحتُ بعدها الباب وخرجت وأنا أنظر للذيل خلفي لأخرجه

منه ثم دُرت حول نفسي أنظر له وقلت " سراب ما رأيك

ينقصه فقط عريس بمستواه "

ثم رفعت نظري لها فكانت تعض شفتها مسكته لي ومشيرة للباب

بعينيها فنظرت هناك من فوري وشهقت بقوة حين وقع نظري على

الواقف مستندا عليه ومكتفا يديه لصدره وينظر لي بابتسامة ساخرة

فشعرت وكأن حجرا ضخما سقط عليا من السماء فنظرت لعمي

وقلت بعبوس " زوجتني به يا عمي "

رفع كتفيه وقال " ومن ستجدي أفضل من ابن عمتك وبالنسبة

لي لن أجد أفضل منه وسأطمئن عليك معه "

نظرت له عند الباب نظرة استصغار وشك في كلامه عنه

فتحرك قائلا " هيا خلصينا فالجميع هنا مجبر على الواقع

أم تضنينني أنا الميت عليك "

توجهت معه نحو جدار الموت ذاك وقلت من بين أسناني

" كنت لذت بالصمت وحفظت ماء وجهك ووجهي "

تجاهلني طبعا ولم يجب وشدني من ذراعي لأقف جانبه , لما

لا يعرف الاحترام كزوج دُرر يحدثها همسا فقط حتى إن كان

شتمها فلم يسمعه أحد رغم أني أشك في ذلك من احمرار خديها

خجلا , آه من تعاسة حظي السيئ لما التقيت به سابقا وتشاجرنا

لكان تقبلني الآن ورضيت به على الأقل , كان يفترض بهم أن

أعطوه لسراب وليس لي فهوا يعجبها ولا يعرفها سابقا , سحبني

ووقف بي عند الجدار فاستللت ذراعي من قبضته ونظرت للخلف

ثم قلت " وهذا الجدار هل سيظهر في الصورة هكذا "

قال عمي " لا تقلقي سنضع خلفية مناسبة "

قلت بصوت منخفض " جيد لا أريد جداران يتصوران معي "

وللغرابة لم يعلق بحرف فشعرت بشيء يتحرك على ظهري

ليتحول لألم ساخن فيه فصرخت مبتعدة ونظرت له وقلت

بحدة " آي يا أحمق "

فسمعت ضحكة مكتومة هي لسراب بالتأكيد فهي لا تعرف

كيف تخفي الضحك فنظرت للمصورة فكانت تنظر جهة الباب

تخفي ابتسامتها وخجلها وخرج عمي حينها من فوره , هذا الأحمق

ما هذا الموقف الذي وضعنا فيه , نظرت له وقلت بضيق

" هل أعجبك هذا ما سيفكر فيه خالك الآن يا

وقح , لما قرصت ظهري "

شدني بجانبه مجددا وقال ونظره للمصورة " تعلمين السبب

وأنتي هيا بسرعة لا وقت ورائنا للعب الأطفال "

مغفل ومن كان يلعب الآن غيرك , عدلت آلة التصوير وقالت

" اقتربا من بعضكما واتخذا وضعا يليق بعروسين "

قلت من بين أسناني " لا تقترب مني ولا تلمسني تفهم "

وما أن أنهيت كلامي حتى لف يده حول خصري وشدني

ناحيته حتى صرت أمامه وطوق خصري بذراعين وقال

" هذا الوضع مناسب أم نغيره "

حاولت إبعاد يديه فقالت تلك الحمقاء " رائع لو تهدئ

العروس قليلا فقط "

قال بسخرية وهوا يشد خصري له أكثر " اتركيها ستفسد على

نفسها لأن الصورة ستملئ أهم الصحف غدا "

ضربته بمرفقي واستسلمت للأمر الواقع فيبدوا أنه يتحداني

وكلما اعترضت سيزيد من وقاحته , قالت وهي تحرك

آلتها بحركة دائرية على عينها " أجمعي شعرك للأمام

في جانب واحد بما انه طويل ليخفي قليلا من معالم

الفستان من أجل العروس الثالثة "

تأففت وقلت بتذمر وأنا أدير يدي خلف رأسي لأنقله للأمم

" يا ليلتنا الطويلة التي لن تنتهي "

شد على خصري أكثر فقلت بصوت مخنوق " أرخي

ذراعيك يا متوحش وفك شعري من بيننا "

أرخى ذراعيه حينها وقال هامسا " أرخي أنتي من

لسانك أو لن تري إلا الشد "

جذبت جزئا كبيرا من شعري للأمام بقوة جهة كتفي الأيمن

ولم أتحدث والتقطت لنا الصورة أخيرا مع آخر شخص كنت

أتمناه وأبعد وضعية أريدها معه , تحركت بعدها بين ذراعيه

وقلت بضيق " أتركني انتهى العرض "

شعرت حينها بشيء دافئ لامس عنقي برفق جعل الدم يتجمد

في عروقي ثم تركني فابتعدت عنه وأمسكت المكان في عنقي

ونظرت له وقلت باشمئزاز " ماذا فعلت يا وقح "

فضحك وتوجه جهة الباب وفتحه وخرج وتركني أمسح مكان

قبلته بقوة وغيظ فضحكت سراب من خلفي وصفقت وقالت

بحماس " ما كل هذا قلبي الضعيف لا يحتمل "

نظرت لها بغيظ فضحكت ونظرت للمصورة وقالت

" هل صورتِ القبلة على العنق يا حمقاء أم بقيتِ تشاهدينه فقط "

قالت ببرود " البركة في من تبقى وسألتقطها لك أنتي وزوجك "

دخل حينها عمي يتبعه ابن شقيقته الذي وقف عند الباب متكأ

بإطاره وقال عمي " خذ زوجتك يا إياس بما أنه الليلة ليس

ورديتك في العمل هنا فقد أتعبناك معنا "

شهقت ونظرت له وقلت " ماذا !! يأخذني أنا معه "

قال " نعم "

قلت بصدمة " أين ؟؟ "

قال مبتسما " لمنزله طبعا ألستِ زوجته الآن "

قلت باعتراض " أنت عمي وأنت من يفترض أن

أذهب معه وليس هوا "

تنهد وقال " نعم لكن ليس وأنتي متزوجة وسينتشر خبر

زواجكم بعد ساعات قليلة فماذا ستقول الناس عنكما "

قلت باستياء وتذمر أنفض الفستان بيدي " لا أريد لا أريد , هوا

تزوجني من أجل مشكلة الفضيحة وتصورنا وانتهى "

قال بنفاذ صبر " ترجمان لا وقت لدينا نضيعه معك "

كان ذاك الصخرة واقف هناك دون حراك ولا كلام طبعا

فقلت باستياء " ضننت أني وجدت عمي وظهرا لي يحقق

ما أريد ليس مستغلا لي وللظروف "

نظر حينها جهة ذاك الواقف هناك وقال " أتركها معي ليومين

إذا وتكون فرصة لتخبر والدتك وشقيقاتك وترتب أمورك أولا "

قال مغادرا " وتلك أمنيتي أيضا وأتركها للأبد أفضل "

ثم غادر ذاك الوقح , ومن قال أني أريد البقاء معه أو الذهاب

لا بعد يومين ولا عشرة , نظرت لسراب فكانت تنظر لي

وتكتم ابتسامتها فوضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" نعم اضحكي لما تخفينها عنا "

ثم نظرت لعمي وقلت " قل أن من تزوجها ذاك الذي

تعرّف عليها هنا "

ضحك ورفع هاتفه لأذنه وقال " آسر دقيقتان أو ثلاث وتعال "

نظرت لها حينها وأطلقت ضحكة عالية وهي تنظر لي بضيق ثم

قلت " تستحقين هذا لستُ وحدي من تزوجتْ عدوها اللدود "

تم توجهت للغرفة لأنزع الفستان وأخرج لأَحضرها وأشمت

فيها كما فعلت معي





*~~***~~*






أخذني في سيارته وكنت طوال الطريق أفرك يداي بتوتر ونظري

عليهما , يا إلهي ياله من شعور ... رجل غريب أنتي وهوا في

مكان مغلق ولا أحد يحاسبه على شيء ولا حتى نفسك والمصيبة

أنه كان يوثر لي أعصابي وأهابه منذ أول مرة رأيته وآخر ما كنت

أتوقع أن يتزوجني , لم ينطق بحرف طوال الطريق ولا صوت سوا

لتنفسه الهادئ وأنفاسي المضطربة التي أحاول تهدئتها بأخذ شهيق

وزفير كل حين حتى وصلنا لحي بمنازل واضح جدا عليها الرقي

هل يسكن هنا يا ترى ؟ سيكون صاحب ثروة بالتأكيد إن كان يعيش

هنا والمصيبة إن كان جلبني لمنزل زوجته وليس منزلا مستقلا , وقفنا

أمام أحدها وانفتح الباب آليا ودخل بالسيارة حتى وقفنا أمام المنزل

وقال وهوا يفتح الباب وينزل منها " اتبعيني "

كانت أول كلمة يقولها لي منذ خرجنا فتنفست بقوة وفتحت الباب

ونزلت ووقفت خارج السيارة ونظرت حولي , كان نظام توزيع

الأضواء هنا في الخارج رائعا ومنظرها مبهر أعطت لهذه الحديقة

مظهرا مميزا رغم روعتها حتى من دونها , أول مرة أدخل لمنزل

هكذا فلم أعرف حياتي سوا منزل العجوز الذي عشنا فيه ولم يكن

يزرنا أحد وممنوع جلب صديقات والاحتكاك بهن بل لم نرغب

نحن بذلك كي لا يتهمنا أحد بأننا سحرناه بما أن الساحرة الكبرى

نعيش معها , اتجه لباب المنزل وأنا خلفه وفتحه بالمفتاح ودخل

وأنا أتبعه , كان المنزل لا يقل فخامة عن خارجه وأثاثه مبهر

وألوانه غريبة ومميزة , وقف فجأة فوقفت أيضا وقال موليا ظهره

لي " انزعي السترة لا رجال هنا غيري ولأني سأعود لعملي

ولا أريد الصعود لأخذ غيرها "

نزعتها حينها ببطء ودون نقاش ووضعتها على الأريكة بجانبي

ثم تحرك واختفى في أحد الممرات , غريب أليس له أخوة ثم

لما لا يريد أن يصعد لجلب سترة غير هذه !! بعد قليل عاد وتتبعه

سيدة تبدوا في الخمسين أي متوسطة العمر كانت تتثاءب وتحاول

جمع شعرها للخلف ووصلا عندي والتفت لها وقال

" هذه دُرر زوجتي "

نظرت لي بصدمة ثم له وقالت " من قلت !! "

قال ببرود " زوجتي فأوصليها لأي غرفة هنا لأني

سأرجع لعملي "

فركت عيناها جيدا ونظرت لي بتركيز ثم قالت " كيف هكذا

تزوجتها فجأة وفي آخر الليل "

توجه للأريكة ورفع سترته من عليها قائلا " سنتحدث فيما

بعد ورائي عمل كثير هناك "

ثم توجه نحو الباب وهوا يغلق أزرارها فنظرت جهته وقلت

" أواس "

فوقف مكانه ولم يتحرك ولم يلتفت لي وقال بعد قليل

" نعم "

بقيت أنظر لقفاه بصمت ولست أعلم لما يوليني ظهره دائما

ويتجنب النظر لي ؟؟ قلت بهدوء " هل ستتركني هنا وتذهب "

كان غرضي مما قلت سؤاله عن هذا المكان والمرأة الواقفة

بجانبي عنه وعني بعد الآن , تحرك حينها قائلا بلهجة جافة

بل وقاسية " وهل تريدي أن أبقى معك هنا وأترك عملي "

ثم خرج وضرب الباب خلفه بقوة فبلعت غصة شعرت بها

كالحجر في حلقي , كيف يتركني هنا ولم يُعرّفني حتى بهذه

السيدة ولا بنفسه ولا وضعي معه , نظرت لها فكانت تنظر

لي بصمت فنظرت للأرض وقلت " آسفة أعلم أنـ.... "

أمسكت يدي وقالت " لا عليك ومبارك لكما تعالي لآخذك

لغرفة ابنتي هنا بما أنها لا تأتي إلا نادرا "

تحركت معها منصاعة وهل لي أن أعترض على شيء , دخلنا

الغرفة كانت مرتبة وجميلة وراقية , التفتت لي وقالت

" هل تريدين طعاما أو أي شيء "

هززت رأسي بلا فقالت " لن أسألك عن شيء نامي وارتاحي

وحديثي سيكون مع ابن أخي لأفهم سبب هذا الزواج الغريب "

قلت بشبه همس " هل أنتي عمته "

قالت باستغراب " نعم ألم يخبرك !! "

هززت رأسي بلا فتنهدت وقالت " لا أعلم ما يفعل وكيف يفكر "

ثم نظرت لفستاني وقالت " ألم تحضري معك ثيابا ؟؟ أين حقيبتك "

نظرت للأرض ولم أتحدث وأشعر أني أصبحت والسجادة التي عليها

سواء , ما هذا الموقف المحرج ماذا سأقول لها الآن فلا أريد أن

أكذب ولا أحب الكذب والحقيقة لن يجرؤ لساني على قولها

قالت عندما طال صمتي " الخزانة فيها بعض ثياب ابنتي

يمكنك ارتداء شيء تنامين به حتى تحضري ثيابك "

قلت ورأسي لازال أرضا " شكرا لك سيدتي وآسفة حقا

على وجدودي الغريب "

وضعت يدها على كتفي فرفعت نظري لها فقالت بهدوء

" لا عليك ونادني عمتي لا داعي لسيدتي "

ثم قالت مبتسمة وهي تنظر لملامحي " كيف ترك كل هذا

الحُسن وعاد لعمله "

شعرت بكلماتها كسكين انغرس في قلبي أكثر من كونها إطراء

لي فكما قالت كيف تركني وغادر بل لن أستغرب ذلك فلا

واحدة منا سيتزوجها أحد من هناك إلا مكرها

غادرتْ الغرفة بعدها وأغلقت الباب خلفها وتركتني وحدي أيضا

نظرت لكل شيء حولي وتنهدت بأسى ثم توجهت للخزانة فتحتها

فكان معلق فيها مجموعة لا بأس بها من الثياب , أخرجت فستانا

قطنيا قصيرا ووضعته على جسدي فكان المقاس مناسبا لي تماما

فتبدوا ابنتها ليست بدينة , ترى من تكون زوجته إن كانت ليست

ابنتها ! لابد وأنها في الأعلى حيث لا يريد الصعود ونائمة ولا يريد

إزعاجها , هززت رأسي أرمي منه كل هذه الأفكار وأعدت الفستان

مكانه وبحثت عن بيجامة فكانت جميعها ببنطلونات قصيرة للركبة

ولم أجد واحدة طويلة , ما هذا الموقف المحرج كيف سأرتدي إحداها

ويراها ولن أستطيع أخذ شيء آخر لأنها أذنت لي ببيجامة فقط

أخرجت أستر واحدة من بينهم حيث كانت بكمان يصلان لربع الذراع

أو أقصر بقليل , سيئة لكن أفضل من التي بلا أكمام أبدا , أخذتها معي

لحمام الغرفة وكان كل شيء موجود فيه استحممت ولبستها ثم خرجت

جففت شعري بمجفف الشعر هنا ثم نظرت للساعة على الحائط , ما يزال

أمامي أكثر من ساعة على وقت الفجر وأشعر بنعاس شديد لكن إن نمت

فلن يوقظني أحد وهاتفي اختفى منذ دخلنا ذاك المنزل وهجم علينا أولئك

الشبان , شعرت بجسدي ارتجف من ذكرى ما حدث فحضنت نفسي

وقلت بهمس خافت " حمدا لك يا رب أي مصاب إلا أن يضيع شرفنا

وسمعتنا شكرا لك يا الله استجبت لدعائي "

وقفت بعدها وتوجهت للباس الصلاة هنا وأخذته لبسته وصليت

ركعات الليل وركعتين شكرا لله ودعوت لسراب وترجمان فلست

أعلم حتى من تزوجتا وما سيحل بهما





*~~***~~*






دخلت ترجمان الغرفة لتنزع الفستان لألبسه بعدها طبعا وكأننا

متسولات نتبادل فستانا واحدا الله أعلم من تصدق به علينا في

هذا الليل وقد يكون أحدهم متزوجا وجلب فستان زوجته وهنا

الكارثة فمن التي ستنزل ضرة على أخرى قد تقطعها بأسنانها

لأنها أخذت زوجها , دخل حينها ثقيل الدم ذاك فنظرت للبعيد

متجنبة النظر له وخرجت ترجمان من الغرفة قائلة

" تركته لك في الداخل "

تأففت وقلت " لما لا أتصور كدُرر بفستاني هذا "

قال عمها خارجا من خلف مكتبه " به سيكون أفضل , هيا

يا ترجمان عليا إيصالك للمنزل والعودة فورا "

قالت بصدمة " ماذا !! لكني أريد البقاء حتى تذهب سراب "

نظرت لها وقلت بابتسامة شامته " تستحقي هذا

تريدين السخرية مني ها "

قالت بضيق متوجهة جهة باب الغرفة " بل أردت أن

أكون معك لكنك لا تستحقين "

خرج بعدها عمها قائلا " صوريهما وأخرجي الصور سريعا

أعود وأجدها جاهزة "

ثم غادر وأغلق الباب وقالت المصورة " بسرعة سيدة سراب ألبسيه "

دخلت الغرفة أتمتم بغيظ " سيدة !! ما أبشعها من كلمة لأنها بسببه "

لبست الفستان هناك , كنت أراه على ترجمان جميلا لكني أراه

على نفسي الآن أجمل , من أين حصلوا على هذا الفستان الرائع

الفخم المميز , لا وغادروا جميعهم وتركوه أي أنه سيكون لي

قفزت بحماس ثم فتحت باب الغرفة وخرجت وكان عريس الغفلة

يقف حيث الجدار الذي سنأخذ الصورة عنده وينظر لي بتململ

نظرت له من أعلى لأسفل نظرة تقييميه ببنطلونه الجينز وقميصه

الرمادي فهوا الوحيد بينهم لم يكن يرتدي بذلة الشرطة , لا بأس به

شاب ووسيم لأنه يشبهني طبعا , وضابط أي سيكون مستواه

المعيشي فوق الجيد أفضل من عجوز وفقير أو أن يكون شرطيا

بسيطا لا شيء لديه , قال ببرود " تحركي هل ستتأملينني طويلا "

لويت شفتاي وقلت " لا تغتر بنفسك يا أخ "

ثم توجهت نحوه ووقفت بجانبه وقالت المصورة " اقتربي

سيدة سراب يفترض أنك عرفتها من كثرة ما قلتها الليلة "

قال حينها الواقف بجانبي " لا داعي لذلك هذا يكفي "

نظرت له نظرة باردة ثم التصقت به فلنرى مادام هذا سيزعجك

التقطت الصورة سريعا وابتعد من فوره وقال متوجها

جهة باب الغرفة " اتبعيني بسرعة "

نظرت للفستان ولنفسي كيف سأخرج هكذا ؟ سمعت صوته

من الخارج صارخا " بسرعة "

فأخذت عباءتي سريعا ووضعتها على جسدي وخرجت مسرعة

وذيل الفستان يتبعني وكأني خارجة من صالة أفراح وليس قسم

شرطة ويبدوا أن هذا الفستان من نصيبي حقا وهذا أجمل ما حدث

معي الليلة , توجه لسيارة معينة وأنا أتبعه وركبها ففتحت الباب

بجانبه وركبت بصعوبة بسبب الفستان وانطلق من قبل حتى أن

أغلق الباب وأجمع الفستان معي في الداخل فقلت صارخة

ونظري للخارج " تمهل ذيل الفستان بقي خارجا "

قال ببرود " لا يهم أغلقي الباب "

نظرت له وقلت بحدة " قلت توقف ستفسده عليا أريده جديدا "

ضحك حينها ضحكة عالية ثم قال ونظره على الطريق أمامنا

" لن يتناسب والمنزل يا عروس "

تجاهلت تفسير كل ما قال ورفعت الذيل بعد جهد لأن السيارة

لم تكن تسرع وأغلقت الباب بقوة وبدأت أبحث عن الإنارة في

السقف فأنزل يدي وقال " لا تتعبي نفسك لا يوجد شيء "

تأففت وقلت " ما هذا سيارة بدون ولا إنارة في سقفها

هذا وأنت ضابط في الشرطة "

لف ودخل لحي واسع وقال " لم تري شيئا بعد "

نظرت له باستغراب فنظر لي ثم عاد بنظره أمام وقال بسخرية

" احمدي الله إن وجدتِ إنارة في سقف غرفتك "

فتحت فمي أنظر له بتجهم فأوقف السيارة في ساحة ليس بها سوا

سيارات متراصة بعشوائية وقال " انزلي نوشك أن نصل "

نظرت حولي وقلت بصدمة " ما قصدك بأن أنزل ونوشك أن نصل "

فتح الباب ثم قال وهوا يفتش عن شيء في الدرج عنده بضوء

هاتفه " أعني أن الحي الذي أسكن فيه ضيق والسيارة لا تدخل

هناك فسنتابع الطريق سيرا , هل وضحت الصورة الآن "

قلت بصدمة " ماذا !! كيف أنزل بهذا الفستان وكم شارع

لنصل لشارعك المنشود "

نزل من السيارة قائلا " شارعين , بسرعة أو ذهبت وتركتك

لأني متعب وأريد أن أنام فوردية عملي اليوم "

تأففت مرارا وتكرارا أنفض يداي وأبكي دون صوت وألعن كل

شيء خطر في بالي خصوصا العجوز تلك فضرب الباب بقوة

وغادر فنظرت له وخطواته تبتعد عني ثم نزلت من فوري

وقلت منادية له " هيه انتظر أين ستذهب وتتركني "

وقف والتفت لي وقال " تحركي بسرعة "

سلمت أمري لله وتبعته أمسك عباءتي لتغطي النصف العلوي من

جسدي لأن ثمة هواء يتحرك وتركت الفستان يسبح خلفي في التراب

وأنا أتبعه محاولة مجارات خطواته السريعة وكأنه يتعمد فعل ذلك

ليتعبني , اجتزنا شارعين وثالث ورابع فوقفت وقلت بتذمر

" هيه نحن نلف من ساعة أين المنزل "

قال حينها " ها هوا هناك "

تحركت قائلة " مررنا من هنا سابقا أليس كذلك "

وقف أمام باب حديدي أحمر طلائه يكاد يختفي وقال

" نعم يبدوا أني لم أنتبه "

ضغطت على أسناني من الغيظ فيبدوا يتعمد كل هذا ليلف بي كل

هذه الشوارع لا وقال متعب ويريد أن ينام , نظرت للفستان خلفي

بحسرة وأنا أرى ذيله الذي تحول من اللون السكري للبني بسبب ما

مر فوقه , بدأ بفتح الباب مصدرا صريرا قويا وكأنه صاروخ يعبر

الجو فقلت بانزعاج " هذا باب أم برميل قمامة "

دفعه للداخل ليصدر صريرا أعلى ودخل قائلا

" توقفي عن التذمر وادخلي "

تبعته قائلة " وما الذي يجعلني لا أتذمر ها "

وقف والتفت لي لأصطدم بصدره فعدت خطوتين للخلف فأشار

لي بإصبعه على الباب في صمت فقلت بسخرية " أَخرج

نعم ولما لا فلا شيء يعجبني فيك "

أشار بإصبعه عليه وقال بحدة " بل أغلقيه بعد دخولك وخروج

من هنا لن تخرجي وجربي أن تعتب قدماك خارجه "

بقيت أنظر له بجمود فقال بغضب " تحركي "

فانتفضت في مكاني ثم عدت ناحيته أتأفف ودفعته بقوة وأغلقته

بصعوبة , هذا بوابة وليس باباً !! التفتُّ بعدها أنفض يداي من

الغبار الذي علقت فيهما منه فكان واقفا مكانه ينتظرني فوضعت

يداي وسط جسدي وقلت بضيق " تمت المهمة ماذا بعد "

أولاني ظهره وتحرك للداخل قائلا بأمر " لا شيء سأنام

ولا تزعجيني مفهوم "

ثم دخل إحدى الغرف وأغلق الباب خلفه من الداخل وتركني وحدي

وسط المنزل المفتوح من الأعلى وأصوات صراصير الليل تملأ المكان

نظرت حولي كان هناك ثلاث أبواب أخرى غير الذي أغلقه خلفه

كل شيء قديم كل شيء متهالك ومتهتك , ما أجمل منزل العجوز الذي

عشت فيه على هذا , نظرت تحتي حيث كانت الأرضية اسمنت فقط

فقوست شفتاي وأشعر بحسرة لم أشعر بها حياتي , أيعقل أن هذا

منزله وسنعيش هنا ! لا يا إلهي هذا فوق طاقتي واحتمالي

توجهت لأحد الأبواب ودفعته فكان مطبخا وحالته ليست بأفضل من

باب المنزل وثمة صحون وأكواب في مغسلته الحديدية لازالت بلا

غسل , تركته وتوجهت للباب الآخر فكان حماما فتوجهت للثالث

والأخير فكان صالونا قديم الطراز وتلفاز صغير فقط , أين سأنام

الآن بل كيف سأنام بهذا الفستان , كله بسببه لم يعطني مجالا ولا

لجلب فستاني الذي كنت ارتدي , توجهت نحو الغرفة التي دخلها

فمؤكد غرفة نوم , طرقت الباب ولم يجب فطرقت بقوة فخرج

صوته صارخا " قسما يا سراب طرقة أخرى وأكسر لك أصابعك "

قلت بتذمر " أخرج وجد لي حلا أين سأنام وكيف "

لم يجب وكأنه لم يسمعني فقلت صارخة " آآآآسر "

ولا حياة لمن تنادي فقلت بقهر " ونعم الزوج حقا "

ثم تركت المكان ودخلت الغرفة الوحيدة المتبقية , نظرت من

حولي لا شيء هنا ولا حتى فراش أو بطانية أنام عليها , توجهت

للأريكة وجلست فوقها وأنا أتمتم بقهر " لن أبكي لا تبكي

يا سراب لا شيء يستحق دموعك "

ونجح الأمر كعادتي دائما حين يجتاحني الضعف والرغبة في

البكاء , أغلقت باب الغرفة بسبب أصوات الكلاب في الخارج

لأنها كانت وكأنها هنا وشعرت حقا بالخوف ثم عدت للأريكة

وجلست قليلا ثم اتكأت عليها منكمشة على نفسي وقليلا وأقع فلمن

ستتسع هذه العته لي أم للفستان الذي كان لا يليق بالمنزل كما

قال وأصبح الآن أسوء منه






*~~***~~*






دخلت المنزل ووجدت والدتي جالسة وسطه وفي يدها مسبحتها

ووقفت ما أن رأتني وقالت بقلق " إياس بني شغلتني عليك أين كنت "

اقتربت منها وقلت " أمي هل أنا طفل ؟ ثم ها أنتي تريني

أمامك ببذلة الشرطة "

قالت بهدوء " لكنه لم يكن يوم عملك ومؤكد مداهماتكم

المعتادة , كنت طمأنتني ولو بالهاتف "

أمسكت رأسها وقبلته وقلت " حسنا لن أعيدها فقط لا تسهري

ثانيتا هكذا وتتعبي نفسك فأخبار السوء تصل في أوانها "

قالت بخوف " بسم الله أبعد الله الشر عنك بني "

أمسكت يدها وقلت متوجها بها جهة غرفتها

" ها قد عدت فنامي الآن "

قالت وهي تسير معي " وقت الفجر أصبح قريبا وسأصلي

أولا أخشى أن يسرقني النوم "

ضممت كتفيها بذراعي وقلت ونحن ندخل غرفتها " إذا ثمة ما

أريد التحدث معك فيه بما أنك لن تنامي ولا داعي لتركه للصباح "

جلست على الأريكة وشدت يدي لأجلس بجانبها قائلة

" خيرا إن شاء الله "

جلست وقلت ببرود " نصف ونصف "

قالت بحيرة " ماذا تقصد بهذا يا إياس "

تنهدت وقلت " أقصد نصفه خير ونصفه شر "

قالت بقلق " إذا هات الخير أولا "

نظرت لكفها بين يداي وقلت " وجدنا ترجمان ابنة خالي أحمد "

شهقت بقوة ثم قالت بفرح " قل قسما وجدتموها وكيف "

نظرت لها وقلت " الأمر أكيد مئة بالمئة أما كيف فهذه حكاية

طويلة والأهم في كل القصة "

قالت باستغراب " قصة ماذا ثم كيف وجدتموها بعد كل

هذه السنوات ونحن ظنناها ميتة "

ثم قالت بسرعة " والنصف السيئ هل يخصها هي ؟ هل

بها مكروه ؟ هل تضررت "

قلت ببرود " لا تخافي عليها سبع ابنة سباع "

نظرت لي بصدمة فقلت بعبوس " تزوجتها منذ أكثر

من ساعتين "

شهقت بقوة أكبر هذه المرة وقالت " تزوجت من !! "

نظرت للأرض وقلت " تزوجتها ترجمان ابنة شقيقك "

قالت بتذمر " اشرح لي لأفهم شيئا يا إياس ولا تجنني معك "

تنهدت بضيق وبدأت أسرد عليها ما حدث حتى اللحظة ثم قلت

" وما قلته أريد أن يكون بيننا ولا حتى شقيقاتي يعلمن به

سنقول وجدناها وتزوجتها وانتهى "

هزت رأسها وقالت بضياع وحيرة " لا أصدق ما أسمع كيف

يختطفوهن كل هذه السنوات لينتقموا لأناس أكل أجسادهم

التراب وقضية طواها الزمن بل وكانوا هم المذنبين "

قلت بهدوء " هكذا حدث ولا أحد للآن يصدقه ولا يستوعبه "

قالت بتوجس " وأين هي الآن لما ليست معك بما أنك تزوجتها "

نظرت بعيدا وقلت بضيق " ذهبت مع خالي رفعت لمنزله "

قالت باستغراب " ولما !! "

وقفت وقلت " لا فرق هنا أو هناك كله واحد "

قالت ناظرة لي للأعلى " أرى هذا أفضل كي تجهز غرفة

لكما أولا ونجهز استقبالا لها بدلا من حفل الزواج "

قلت مغادرا الغرفة " لا داعي يا أمي لا داعي "

ثم خرجت من عندها وصعدت لغرفتي وأشعر حقا بالضيق

والغضب ولا أنكر أن أغلبه بسبب فرض رأيها علي وذهابها

معه دون حتى أن تطلبها مني أنا , تمرد وعصيان من بدايتها

يا ترجمان وخالي بدلا من أن ينبهها لذلك وقف معها , رميت

السترة على السرير بقوة ثم دخلت الحمام لآخذ حماما يريح

عضلاتي المتعبة وأصلي وأنام ولو قليلا






*~~***~~*






مند وضعني عمي هنا غادر ولم أراه ولا حتى الصباح , تجولت

في المنزل حتى حفظته وأستغرب لما هوا وحيد لا زوجة لا أبناء

ولا أحد يعيش معه سوا تلك الخادمة الكسولة ! طبعا أكلت كل ما

اشتهت نفسي وتمنيت أن سراب معي فهي تحب الطعام على أصوله

نمت في غرفة بسرير مريح وأغطية ناعمة وتكييف من دون صوت

ليس كالذي كان لدينا في منزل تلك العجوز صوته تسمعه من آخر

الشارع وبلا مفعول فكم كانت دُرر تقف أمامه شعرها مفتوح لتبرد

من حره , آه يا دُرر ترى أين أنتي وما حل بك أخاف عليك أكثر منا

لأني أعرفك كتومة وتتحملين وتصبري ولا تتكلمي وتعبري عما في

داخلك مثلنا لنا لسان يأخذ بالحق ويزيد , نزلت السلالم الذي صعدت

ونزلت عليه عشرين مرة وأنا أجوب المنزل كل شبر بشبر , ما

فهته من الخادمة أن عمي رفعت يستقبل رجال شرطة كثر هنا

ليثه جلبني للعيش معه دون الزواج من ابن شقيقته ذاك وخلصني

من وجع الرأس , لما حظي هكذا لكنت عشت هنا ملكة لكن لا بأس

هوا لا يطيقني وعند أول مشكلة معه سأترك له منزله وآتي هنا

وأجدها عذرا ويطلقني بما أنه لي أحد غيره , دخلت المطبخ

فنظرت لي الخادمة وقالت ببرود " فطور آخر "

ضحكت وسحبت الكرسي وجلست قائلة

" لا شبعت سأنتظر الغداء "

نظرت لي بصدمة ثم أشارت بأصابعها وقالت

" ثلاثة فطور وتتناول غداء "

قلت ببرود " نعم هل لديك مانع "

أولتني ظهرها ولم تعلق فقلت " كيف تعيشين مع

هذا الملل هنا وحيدة "

قالت وهي منشغلة بما تفعل " أنا لا يمل يطبخ يجلي يغسل

ثياب ينظف كيف يمل إن كان أنت يشعر بالملل تعال ساعدني "

قلت بسخرية " في منامك , ما صدقت أن وجدت خادمة

تخدمني لأعمل "

ثم قلت باهتمام " أليس لعمي رفعت زوجة أو أبناء "

قالت وهي تفتح الثلاجة " اسأل هوا ليس أنا "

لويت شفتاي وتمتمت " هذه حرباء وليس خادمة "

التفتت لي وقالت بضيق " أنت حرباء وزلحية "

ضحكت كثيرا وقلت " سحلية وليس زلحية , هل تعلمي

أني أحببتك "

قالت مبتسمة " وأنا أحببت أنت , هل سيبقى معنا "

قلت بحسرة " يا ليت فكيف سأهرب من تلك

البيضة المسلوقة "

نظرت لي باستغراب ثم قالت " من بيضة ؟؟ "

قلت ببرود " قالوا زوجي لكن الأمر لن يدوم "

هزت رأسها بعدم فهم ثم قالت " كيف أنت متزوج وهنا "

دخل حينها عمي رفعت بلباس عمله وفي يده جريدة , وضع

يده على كتفي وقال مبتسما " كيف وجدتِ المنزل "

نظرت له وقلت مبتسمة " رائع كم أتمنى أن لا أخرج منه "

ضحك وقال " إياس الرجل الوحيد الذي أؤمنه عليك "

قلت بعبوس ونظري له للأعلى " أشك في ذلك , من أين

تجد كل هذه المميزات التي تراها فيه "

ضحك مجددا وسحب الكرسي وجلس بجانبي ووضع الجريدة

على الطاولة أمامه وقال " أخبريني من أين تعرفيه وما

سبب كل هذه العداوة "

ضحكت كثيرا ثم بدأت بسرد لقاءاتي به وما حدث معي وهوا

يضحك دون توقف حتى انتهيت ثم أشار للخادمة وهوا يسعل

فناولته كوب ماء بسرعة وشربه ثم وضع الكوب على الطاولة

وطوق كتفاي بذراعه وضمني لكتفه وقال " ترجمان إياس في

حسبة ابني تحمل كثيرا ورعى شقيقاته وهوا صغير , ورجل

كان يقف لظروفه بقوة فاكسبيه في صفك "

قلت ببرود " سأحاول "

فضحك مجددا ثم رفع الجريدة من على الطاولة ومدها

لي وقال " أنظري للخبر "

ابتعدت عنه وأخذتها منه قائلة " لا تقل صورنا البارحة "

ضحك وقال " نعم لكن الوقت أول ليلة أمس وأدركنا الأمر

سريعا فحتى من طبعوا شيئا سحبوه لأن الخبر لم يعد بفائدة "

ثم وقف وغادر قائلا " سيشي أيقظيني عند الغداء "

ثم ابتعد وصوت خطواته يصعد السلالم ففتحت الجريدة بسرعة

وكانت صورتي وذاك المغرور أول صورة فقلبتها سريعا , ذاك

الوقح هل يعجبه هذا وعمي يراها , كانت الصورة التالية لدُرر

وذاك الوسيم بجانبها يضع يده على كتفها وينظر لها , لا أعلم لما

أشعر أنهما الوحيدان اللذان يليق عليهما كونهما زوجان , لا وغطوا

لهما ثلث الصورة السفلي بالورود فلم يبقى يظهر منها سوا أعلى

كتفيها ولا أستغرب أن يطلبها ذاك صاحب الذوق الرفيع وجيد أنه

لم يطلب منهم أن يغطوا شعرها بالورود أيضا , نظرت للصورة

تحتها وكانت لأشخاص آخرين فقلبت الصفحة وكانت صورة

سراب وزوجها فضحكت فورا وقلت " الوقحة أنظروا

كيف ملتصقة به "

سمعت حينها صوت عمي من الأعلى مناديا " ترجماااان "

فخرجت من فوري من المطبخ فكان في أعلى السلالم يمسك

هاتفه وقال مادا إياه لي " تعالي لتتحدثي مع عمتك فلن

تدعني أنام حتى تكلمك "

لابد وأنها والدة إياس فلم يذكر لي غيرها , صعدت السلالم

ركضا وأخذته منه وقلت مبتسمة " هل تتركني أكلم به شقيقتاي "

قال مبتسما " هواتفكم لازالت في القسم وحين أعطي زوج كل

واحدة منهما هاتفها سأحضر لك هاتفك وتحدثي معهما كما تشائين "

قلت بلهفة " متى "

قال مغادرا " بعد أن أنام وأتناول الغداء "

ركضت خلفه قائلة " عمي انتظر "

وقف والتفت لي فوصلت عنده ووقفت مقابلة له وقلت

" كيف يكونان من تزوجا بهما ؟ أنا حقا قلقة عليهما "

قال بجدية " لا تقلقي رجالي وأعرفهم وإن كان الأمر حدث

مفاجأة ورغما عن بعضكم لكن الرجل يبقى رجلا "

أبعدت الهاتف وقلت بصوت منخفض " كنت

زوجتني بغير ابن شقيقتك الذي يكرهني "

هز رأسه بلا وقال " آسر شاب ظروفه صعبة حاليا وورائه

قضايا ومحاكم ولا أريد لك تلك الحياة رغم أنه شاب لا يقاس

بالمال أما أواس فاختار دُرر بمحض إرادته هل أفرضك عليه "

قلت بحسرة " علمت هذا منذ البداية كم هي محظوظة دُرر "

قال بنظرة ناهرة " لا تقولي هذا أمام زوجك ولعلمك

فأواس متزوج "

شهقت وقلت " ولما اختارها وتزوجها إذا "

هز رأسه بمعنى لا يعينا هذا ثم قال مغادرا

" أجيبي على عمتك ساعة وهي تنتظر "

نظرت للهاتف في يدي ثم وضعته على أذني وقلت

" مرحبا عمتي "

جاء الصوت الحنون في الطرف الآخر قائلة بلهفة

" مرحبا ترجمان يا ابنتي حمدا لله على رجوعك

لنا ومبارك لك ولابني "

قلت مبتسمة " شكرا لك عمتي خشيت حقا أن

يزعجك طريقة زواجنا "

قالت من فورها " حكا لي إياس كل شيء ولن يعلم غيري به

أنتي ظُلمتي ويبدوا قاسيتِ فلن نظلمك أكثر ولن أتمنى أفضل

من ابنة شقيقي له لأني تمنيت حقا لو كان لي فتاة من عائلتي

أزوجه بها "

ابتسمت بحسرة ولم أعلق فقالت " لن أدعه يجلبك قبل أن

ننهي الترتيبات ونجهز حفلا صغيرا لك "

قلت بابتسامة " لا داعي لكل هذا فكل ما أريده أن أراك "

سمعت حينها صوت رجولي يحدثها ثم قالت له

" انتظر لا تغادر أريدك بني "

" لا لن أؤخرك الأمر مهم "

ثم قالت بصوت مبتسم " تعال هناك من قد تريد سماع صوته "

قلت حينها سريعا " عمتي هذا عمي رفعت يناديني لابد

وأنه يريد هاتفه وداعا الآن "

قالت من فورها " وداعا إذا وسأتحدث معك لاحقا "

ثم أنهيت الاتصال وتوجهت جهة غرفة عمي متمتمة

" قال يكلمني قال وأنا من سعدت بفراري منه ولو

ليومين لا أراه ولا أسمع صوته "

طرقت باب غرفته فوصلني صوته من الداخل " أبعديه

عني يا ترجان فلن يدعني أنام وسآخذه منك فيما بعد "

وبالفعل ما أن أنهى كلامه حتى بدأ بالرنين فنظرت للباب

ثم رفعت كتفاي وعدت لغرفتي وأخذته معي وهوا في رنينه

المستمر وتقابلت والخادمة عند الباب فأخذته من يدي فورا

ووضعته على أذنها قائلة " عكيد رفعت ينام الآن "

" لا يستطيع "

" حادر أنا يقول له "

ثم أعادته لي وواصلت طريقها وأنا أنظر لها بصدمة , يبدوا

أنه يترك هاتفه معها حينما ينام وهي تتولى مهمة تصريف

جميع من يتصل به , ابتسمت بمشاكسة وقد أعجبتني الفكرة

فدخلت الغرفة ورن من فوره فأغلقت الباب وأجبت دون حتى

رؤية من يكون وقلت " عذرا الرقم الذي طلبته قد يكون مقفلا

أو خارج التغطية أو لا يوجد لديه هاتف "

الصمت كان جواب الطرف الآخر فقلت " تووووت أترك

رسالة بعد سماع الصفارة "

ليأتيني الصوت الحاد قائلا بغضب " ترجماااان "

شهقت بصمت ثم بلعت ريقي وقلت بهمس " نعم "

قال بحدة " لما تجيبين على هاتفه "

وكان الرد مني طبعا أن أغلقت الخط في وجهه , لما لم

يجلب لي حظي غيره يتصل به الآن !!!






*~~***~~*








كنت في برميل مغلق عليا ولا أستطيع الخروج منه ثم بدأ

أحدهم يطرقه من الخارج بقوة تصدع الرأس والأذنين فقفزت

واقفة أنظر حولي لأكتشف أني لازلت في تلك الغرفة التي نمت

فيها وبنفس الفستان فأمسكت رأسي بتألم , إذا حقيقة كل ما حدث

ذاك المنزل والشرطة والمركز وذاك الزواج الغريب الكارثي

عاد الطرق القوي على الباب مجددا فقلت بصراخ

" خارجة خارجة توقف "

ثم تأففت بقوة وتوجهت للباب وفتحته ولم أجده أمامه , خرجت

من الغرفة فكان خارجا ببذلة الشرطة من غرفته التي نام فيها

وكان يعدل حزامها وقال ناظرا لي " كل هذا نوم لم أتصور

أن الأريكة مريحة لهذا الحد "

تجاهلته ونظرت للجانب الآخر دون أن أجيب فقال

" الفطور سامحتك فيه برضاي الغداء آتي عند الثانية

ونصف أجده جاهزا "

نظرت له باستخفاف من كلامه فقال ببرود وهوا يضع سلاحه

في الحزام وقد حول نظره عليه " وهل لديك أي اعتراض أم

تضني أني تزوجتك لتنامي وأخدمك أنا "

ثم تحرك جهة باب المنزل فقلت " هيه انتظر "

وقف والتفت لي واضعا يداه وسط جسده فقلت " أريد ملابس

كيف أخدمك بهذا الفستان ثم عليك أن توفر كل شيء

أحتاجه لأطهو لك وأريد غرفة وسريرا "

أشار برأسه للمطبخ وقال " كل ما استطيع توفيره تجديه هناك

غيره لا يمكنني جلبه وغرفة بسرير أمامك هناك تنامين فيها أو

جدي لك حلا غيرها وملابس لا يمكنني جلبها حتى وقت

عودتي في الغد "

ثم توجه للباب من فوره فتحه وخرج وأغلقه خلفه بقوة زلزلت

الحي بأكمله لأنه طبعا لا يغلق إلا بهذه الطريقة , ضربت بقدمي

بتذمر عدة مرات ثم جلست على الأرضية الإسمنتية والفستان

حولي وقد كرهت حتى وجوده على جلدي , ما هذه الحياة وما

هذا المنزل والزوج , هذا وهوا ضابط في الشرطة يعيش في هذا

المنزل الذي تعافه الحشرات , نزلت على جفني أول دمعة قهر

وحسرة فمسحتها سريعا , لن أبكي سأتخلص منه وأترك له هذا

المنزل المتعفن وسيمل ويطلقني بالتأكيد لأنه أساسا لا يطيقني

وقفت وتوجهت للمطبخ الضيق الخانق وفتحت النافذة الحديدية

بصعوبة ليدخل له بعض الهواء وكانت تفتح على المساحة

الموجودة داخل المنزل ثم نظرت من حولي , يبدوا أنه غسل

الأواني التي كانت موجودة ليلة البارحة , جيد هذه الحسنة

الوحيدة فيه لا يترك أوساخه بعده , فتحت الثلاجة الصغيرة

في الزاوية فكان بها مجموعة أكياس فتحتها فكانت جميعها

خضراوات بعضها بدأ يفسد ولا شي غيره لا فواكه لا عصائر

لا شيء سوا الخضروات والبيض والماء , أغلقتها بقوة وفتحت

الخزانة أرى ما يملك أيضا هذا المعدوم ثم خرجت من هناك

ونظرت لباب الحمام , كيف سأدخله الآن بهذا الفستان أريد أن

أستحم وأصلي الصبح الذي فآتني , انفتح حينها ذاك البرميل

ودخل منه آسر وفي يده كيسا واقترب قائلا بسخرية

" أمازلت تقفين مكانك "

قلت ببرود " لا أنت الذي لم يخرج بعد "

ضحك ورمى الكيس على الطاولة الصغيرة المصنوعة من

السعف والخيزران الذي غيرت الشمس لونه ثم قال وهوا

يغادر مجددا " هذا فستان فلا تتحججي لكي لا تطبخي "

ثم غادرا وأغلق الباب فأخرجت له لساني ثم أخذت الكيس بقوة

وغيظ وفتحته وأخرجت ما فيه وشهقت بقوة وأنا انظر للوحة

الألوان الفاقعة المدموجة أمامي , ما هذا الذوق السيئ حتى العجائز

يعافونه لا وحجمه ضعف حجمي , ذاك الأحمق يفعلها عمدا فحتى

إن كان ذوقه سيء هكذا فلن يفوته أنه ليس على مقاسي , تأففت

ونفضته في الهواء بغيظ ثم توجهت للحمام بقلة حيلة فلا حل أمامي

غيره , وقفت أمام الباب وحرت كيف سأدخل بهذا الفستان ثم

نظرت للأعلى فلم يكن هناك شيء سوا السماء والسحب البيضاء

فنزعت الفستان عند الباب ودخلت الحمام بسرعة واستحممت ولبست

خارطة الألوان التي أحضرها وخرجت وأنا أحاول رفعه وجمعه بيدي

كان واسعا حتى أن رقبته تنزل من كتفي فربطت ما جمعته منه عند

الخصر ليضيق قليلا ويرتفع عن الأرض لنصف ساقاي لكن رقبته

الواسعة لم أجد لها حلا وكلما رفعتها لتغطي كتفي نزلت لنصف

ذراعي فتركتها كما هي ودخلت المطبخ







*~~***~~*







استيقظت على صوت منبه يرن بقوة ففتحت عيناي بصعوبة ثم

جلست بسرعة أنظر من حولي فكنت في ذات الغرفة التي نمت

فيها البارحة , نظرت لكل مكان هنا أبحث عن مصدر الصوت

كان صوت رنين هاتفي أعرفه جيدا لكنه ليس هنا ثم أنا لم أحضره

معي واختفى في ذاك المنزل , غادرت السرير وأنا أسمع الصوت

من عند باب الغرفة , هل يكون في الخارج يا ترى !! كنت سأتحرك

لولا أن انفتح الباب وكان أواس ببذلة عمله فيبدوا أنه عاد للتو وجلب

هاتفي معه من هناك لأنه كان في يده وتوقف حينها على الرنين , كان

ينظر لعيناي بصمت , طريقة كم يعشق فعلها معي ولعبة كم يُتعب بها

أعصابي , نظر بعدها مباشرة لجسدي فعدت خطوتين للوراء حين

تذكرت ما ألبس فلأول مرة أكون بملابس كهذه أمام رجل بل أمام أي

أحد لأنه حتى النساء لم أكن ألبسها أمامهم , تقدم خطوتين وأدار يده

خلفه وأغلق الباب على صوت رنين هاتفي الذي عاد للاتصال مجددا







المخرج كلمات للمبدعة الغالية تالين



ترجمان ...

أنا امرأة أعشق الحرية أعيش ل نفسي ل حريتي أعيش في مملكتي
مجنونة قوية لا أخاف إن هبت ريح لتعصفني ..أنا أنثى نصفي
كبرياء و نصفي الآخر شموخ أنا أنثى كرامتي لا يعلوها مخلوق
فأنوثتي ملك كرامتي و كرامتي تزيد بريق أنوثتي حذاري يا
ابن حواء فأنت مجنون ان ظننت انك ملكتني ...



درر ...

أنا امرأة لا انحني إلا في صلاتي و اتخذ من الصمت سلاحي
لكن إياك يا سيدي أن تستهين بصمتي إياك و ظلمي فرغم صمتي
الا انني قادرة على جعلك تتوه بكلماتي .. اياك و المس بكرامتي
فصدقني ستكون لدي قدرة هائلة في تدميرك .. حذاري يا ابن آدم
عندما ابدأ بانفعالاتي فلا يهمني شيئ سوى انهاء مأساتي ..



سراب ..

لست كسابق إخوتي فأنا تلك التي أحبت المال و شادت به القصائد ..
أطلق عليي من للقضاء ينتمي جشعة طماعة و للمال سراقة فانتبه
يا من للرجال تنتمي فلا ماض لي تعلمه حتى تطلق الأحكام فحواء
من ضلعك ليست من دماغك لتتعالى عليها خلقت من جانب ضلعك
كي تتساوى بك و من تحت ذراعيك لتحميها و من جانب قلبك لتحبها
فيا سيدي افتح صفحات الماضي ثم سمني ما شئت ...




إياس ..

عذرا سيدتي فليس بقاموسي جنون امرأتي و ليس لفتاتي حرية
بدوني انتشلتك مما أنت فيه لان شرفك مرتبط بشرفي فاستميحك
العذر فمن الآن حريتك ملكي و جنونك لي سأعلمك ما تجهليه
و ن عاندتي فلي وسائلي فان سكنت البحر سأسكن الطمأنينة
والسلام سيدتي لا تعاندي فسيكون ترويضك من نصيبي ...




أواس ...

لست أنا من ينحني لكلمة او جملة لست انا من تحمر وجنتاه و
يخفض بصره الى الارض لست انا يا درتي ان كنت لا تعلمين
فأنا من صبر لظلم جدك من تحمل ضربك في سنون طفولتي ..
أنا إن كنت لا تعلمين من حارب النهار و بارز الليل أنا من خافت
منه الوحوش .. قد تكون من خلقتني امرأة لكنها أخرجتني لتحارب
الألم فأنا الآن أقوى و لن يمنعني شيئ من الانتقام ..




آسر ..

سلب عجوز الحقد ثروتي و جئت لتغشلي مخططي و ما علمت من
أكون و مع من علقت .. أنا من واجه جحيم الحياة بصبره وقلة حيلته
أنا الغني الفقير يعيش براتبه و لديه ثروته استميحك عذرا فالمال ملكي
و لا تملكين منه انشا .. سآخذه و لن تطالي منه برغوتا .. سأمسح من
قاموس دماغك كلمة مال سأجعلك ترينه دون ان تلمسيه فإن كان
المال لك الحياة سأجعله الجحيم فالسموحة سيدتي






موعدي معكم فجر السبت إن شاء الله


برد المشاعر 12-12-15 12:06 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع)
 
بنزل لكم الفصل وبعدها بكتب الردود الي ما كملتها

بس أول شي حابة أشكر الأخوات

عبيركك , آيفا رمضان , برستيج أردنية , ألم الواقع الحزين

بنوته رومانسية , جنون شرسة , الكسنا , النوري العتيبي

عبق حروفي , fata , ahsas , em esoos , الجميله

morgana~ maysa , renad


على كلامهم الطيب وتشجيعهم لي واشكر الغالية آيفا رمضان على

النص الرائع إلي كتبته وسعدت جدا بقراءته ولو تسمح لي بضيفه

لفصول روايتي

وكل الشكر للحبيباتي فيتامين سي ولامارا على جهدهم الرائع والطيب

في نقل الرواية فشكرا يا أعظم كنوز المنتديات الروائية



الفصل الثامن







رمى الهاتف على السرير وهوا لازال في رنين مستمر وتقدم

نحوي فتراجعت حتى التصقت بالجدار وقلت " أواس ماذا بك ؟؟ "

وصل عندي وأمسك ذراعي بقوة وقال من بين أسنانه

" من عمر الحاشي هذا "

قلت بتوتر ونظري في عينيه الغاضبة " مـ مالك المحل الذي

كـ كنت أعمل فيه "

هزني بقوة وقال " وما يفعل رقمه عندك ويتصل بك

لماذا يا دُره تكلمي "

يا إلهي عيناه ستخرج من مكانها من الغضب وأشعر أنه سيحرق

وجهي بأنفاسه وحتى في أوج غضبه يناديني بدُره , شد على ذراعي

أكثر وقرب وجهي لوجهه وقال بغضب " لا تكوني من النوع ذاك

يا دُره لأني لن أرحمك أبدا , كله إلا أن تكوني من أنجس ما خلق الله "

حاولت الكلام لكني لم أستطيع فهذه العقدة مرتبطة بنفسيتي , هزني

بقوة وقال بصراخ " تكلمي ما يفعل رقمك لديه ويتصل

بك في الصباح الباكر "

كنت أحدق فيه بصمت وتنفسي يتصاعد ثم هززت رأسي بلا

ليفهم أني لا استطيع الكلام وهوا بهذا الغضب فرماني على

السرير بقوة وتوجه للباب ليخرج فقلت بصوت ضعيف

" لا أعرفه أقسم لك "

وقف حينها والتفت لي فدسست وجهي في اللحاف وقلت

" زوجته تحدثت معي من رقمها مرة ولم أسجله عندي "

وصلني صوته قائلا بضيق " ولما يتصل إن كان الرقم عند زوجته "

قبضت على اللحاف بقوة ووجهي لازال مختبئ به وقلت ببحة

" لا أعلم , اتصل به الآن أمامي لتفهم ولا تصرخ أرجوك

حتى أتبت لك عكس ما تضن "





*~~***~~*






نظرت لها وهي تنكمش على نفسها وتتمسك باللحاف بقوة لينتقل

نظري لجسدها وساقيها وذراعيها البيضاء فنظرت جانبا حيث

الباب الذي أمسكه بيدي فقالت بخفوت وهمس بالكاد يسمع

" لا تغضب أرجوك لتفهم "

نظرت لها سريعا وقلت " لازالت لديك تلك الحالة ؟!! "

لاذت بالصمت ولم تتحدث ولا تتحرك فمررت أصابعي في

شعري وتوجهت نحو الهاتف اتصلت بالرقم ذاته ورميته على

السرير بجانبها وقلت " سيجيب الآن وأريد أن أفهم موضعه

من كل هذا أو قسما لن أرحمك "

جلست حينها تجمع شعرها البني جانبا وتمسح أنفها الذي احمر

رغم أنها لم تكن تبكي فجميع ما كان يحدث معها عند طفولتها

لازال يلازمها , رفعت الهاتف وفتحت مكبر الصوت فأجاب

صوت ذلك الرجل مجددا وقال " آنسة دُرر معي "

شعرت بالنيران تعود للاشتعال في داخلي ما أن سمعت صوته

فأن تكون شبيهة بوجد أمر لن أرحمها فيه ولن أتهاون أبدا

وسترى ما لم تراه تلك , أبعدتْ الهاتف وأصبح ويدها التي

تحمله على فخذها وقالت ونظرها عليه " نعم "

قال من فوره " اعذريني أخذت الرقم من زوجتي لأني بحثت

عن رقمك لدى جميع من عملتي معهم ولم أحصل عليه

وفوجئت بأن زوجتي تملكه "

مسحت أنفها وقالت بهدوء " والمطلوب مني سيد عمر "

قال من فوره " تعودي للعمل كيف تتركيه فجأة حتى راتبك

لباقي الشهر لم تأخذيه وأنا مستعد أن أزيده فقط لا تتركي المحل "

تقدمت نحوها أضغط أسناني بقوة فوقفت تنظر لي بتوجس

وعادت للخلف قائلة " سيد عمر أنا تركت المحل ليس من أجل

الزيادة في الراتب ولا أريد العودة وليس من اللائق أن تتحدث

معي في أي أمر بنفسك وليس زوجتك "

قال من فوره " أعلم ونصحتني زوجتي أني لو تحدثت معك

فستُصرّين على رأيك أكثر وكانت تريد هي التحدث معك لأنها

تريد خطبتك لشقيقها وأنا لا أريدك أن تتركي المحل فلنتفاهم

على ما يرضي الطرفين , توافقين عليه ولا تتركي العمل "

أخذته من يدها بقوة وضربته في الجدار ثم توجهت للباب وتركتها

ووقفت عنده ممسكا مقبضه والتفتت لها وقلت بحزم " تخرجي

من المنزل أقطع ساقيك تفهمي "

وهي لازالت مكانها ملتصقة بالجدار وتنظر لي بصمت وصدمة

فغادرت من هناك وصادفتني عمتي تحمل صينية فيها فطور

وقالت مبتسمة " كنت سآخذه لزوجتك وبما أنك أتيت

خذه أنت وتناولاه معا "

فتركتها واقفة وغادرت دون أن أقول شيئا






*~~***~~*







نزلت السلالم ووقفت مصدوما أنظر لوالدتي والخادمتان

وهما يجران أريكة الصالون فقلت ونظري يتبعها

" أمي ماذا تفعلين "

وضعتاه هناك وقالت وهي ترجع للتحفة لتحملها " سننزل

الآخر الذي في الأعلى هنا ليتسع المكان لأشخاص أكثر "

تبعتها وقلت " ولما ؟؟ "

وضعتها على الطاولة ونظرت لي وقالت " من أجل الحفل طبعا "

ثم تحركت قائلة " اتصلت بمحل أثاث وسيأتي العمال بغرفة

النوم ليركبوها بداية المساء فكن هنا "

هززت رأسي بيأس منها ثم تبعتها وقلت بضيق " أمي لما كل

هذا من ورائي ؟ وتعلمين أنه يوم عملي فكيف أستقبلهم "

حملت الطاولة الصغيرة مع الخادمة وقالت وهي تسير وأنا أتبعهما

" أخبرتك فجرا حين أتيت أم نسيت ولن تثني رأيي أبدا أريد أن

أفرح بك يكفي أنه الكثيرات قرأن الخبر واتصلن بي يسألن عن

حفل الزفاف الذي لا يعلم عنه أحد "

وقفت ونظرت للأعلى وقالت " يا أيامك القادمة يا إياس "

عادت نحوي وضربت كتفي وقالت " لا تقل هكذا ولا تنسى أنها

ابنة شقيقي الذي أخذه منا الموت شابا وسأتصل بخالك رفعت

يستقبلهم وسنقيم حفلا رغما عن أنفك فالحفل للعروس نستقبلها

به ولا شأن لك أنت ولن تكون فيه سوا لتلبسها ما ستشتريه

لها من حلي "

قلت بصدمة " ماذا !! ألبسها ماذا "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت " وقل أنك لن تشتري لها

عقدا وخاتم زواج كغيرها , لا تكن يتيمة وبلا أهل ولا نعلم "

قلت بتذمر " والدتي أنتي أم والدتها هي ؟؟ "

قالت مغادرة جهة المطبخ " والدة كلاكما وانتهى

الحديث في هذا "

فهززت رأسي وغادرت جهة الباب فلا وقت لدي

لمناقشة أمور لن تتراجع فيها أبدا







*~~***~~*






خرجت من المطبخ ولم أجده فمؤكد غادر لعمله , نزلت حينها

سدين من السلالم وندى تتبعها تلبسان بيجامتا نوم بيضاء بقلوب

صغيرة وكثيرة وملونة وندى تفرك عيناها بيديها الصغيرتان

فقلت مبتسمة " من أين وجدتِ بيجامتان لكما من

نفس النوع واللون "

نظرت حولها وقالت باستغراب " ماذا بكم ؟؟ "

وقالت ندى وهي تفرك عينها " ماذا بتم "

فضحكت رغما عني وخرجت رغد من المطبخ قائلة

" ندى تعالي ماما عليك أن تستحمي وتغسلي أسنانك "

قالت سدين ناظرة لها " ما رأيك أن أحممك أنا "

توجهت لوالدتها وقالت " أليد ماما "

فحملتها رغد وقبلت خدها وقالت " وأين قبلة الصباح لماما "

حضنت لها عنقها وقبلت خدها ونامت على كتفها فقالت سدين

ويداها وسط جسدها " وأنا لدي أم ليس وحدك فتعالي معي "

قلت مبتسمة " يكفيك أنها نامت معك ولأول مرة تنام

بعيدا عن والدتها "

قالت باستياء " ومن أيقظني في هذا الصباح الباكر

غيرها تريد والدتها "

ثم نظرت للخادمة تنزل السلالم تحمل كرسيا وقالت

" ماذا يحدث هنا هل سنرحل "

ضحكت وقلت " لا سنقيم حفلا "

نظرت لي وقالت بحماس " قولي قسما ولما "

قلت بعد ضحكة " قسما ولما "

قالت ببرود " علّمتها لك ثقيلة الدم سلسبيل "

لتأتيها ضربة على ظهرها من خلفها وقالت سلسبيل

" أنا ثقيلة دم يا حرباء "

قالت سدين وهي تمسد ظهرها بيدها وبتألم

" آي تتريض وتقوي عضلاتها لتضربني أنا "

ضحكتْ ثم توجهت لرغد وغادرتا معا تتبادلان الحديث وقلت

أنا لها " بسرعة استحمي وغيري ثيابك لتساعدينا "

قالت بحيرة " أخبريني لماذا الحفل ؟؟ "

قلت متوجهة جهة السلالم " شقيقك تزوج وسنقيم له حفلا "

شهقت من ورائي بقوة وقالت وهي تتبعني

" متى وكيف وأين نحن ؟؟؟ "

قلت صاعدة الدرجات ببطء " ليلة البارحة وبعلمي وحدث

الأمر سريعا والعروس ستكون هنا في الغد "

صفقت وقالت " نااايس سنزيد فردا "

ضحكت وهززت رأسي وتوجهت للصالون العلوي لأرى ما

سننزل أيضا وتبعتني هي قائلة " حسنا من العروس "

قلت وأنا أزيل التحف من على إحدى الطاولات

" غيّري ثيابك وانزلي وسأحكي لكم معا "






*~~***~~*






دخلت المنزل عند الثانية وربع ووجدتها تشطف وسطه بالماء

والمقشة وتوليني ظهرها منحنية فعدت خطوتين للوراء ودست

بحدائي في التراب الذي وصله الماء وسرت جهة غرفتي ثم جهة

المطبخ فوقفت وقالت " هيييييه انظر تحتك "

وقفت ونظرت خلفي مباشرة وقلت " آه لم أنتبه "

قالت بحنق " كاذب "

نظرت لها بضيق وغرضي توبيخها فانفجرت ضاحكا حين

رأيت ما فعلت بالفستان وكيف تربطه عقدة عند خصرها ليجمد

نظري على كتفها العاري فرفعته لتغطيه وقالت بضيق

" لما تنظر يا قليل الحياء "

دخلت المطبخ قائلا " زوجتي وقليل حياء !! كيف إن

لم تكوني كذلك "

ثم توجهتُ للقدر على النار ووقفت هي عند باب المطبخ قائلة

" ذلك عندما أعترف بك زوجا وتقبلني زوجة فنهاية

حياتنا الطلاق المحتم "

غطيت القدر مجددا وتوجهت نحوها وأبعدت يدها التي تمسك

بها رقبة الفستان وأنزلته كما كان لذراعها وعيناي في عينيها

وقلت بهمس " لا خروج لك من هنا سيدة قروش حتى تموتي "

أبعدت يدي بقوة وغطت كتفها مجددا وقالت

" ليس أنت من يقرر سيد فقر "

ضحكت رافعا رأسي للأعلى ثم نظرت لها وقلت

" ولعلمك يا زوجة السيد فقر قضيتي ستربح وسآخذ مال ذاك

العجوز كله ولن أصرف منه علينا قرشا وسنعيش هنا "

شهقت بقوة وقالت " تأخذ كل ذاك المال وتعيش هنا !! "

أمسكت ذراعها وأزحتها جانبا ببطء وخرجت من المطبخ

قائلا " نعم ومحرم عليا وعليك الدرهم منه "

ثم تركتها في صدمتها ودخلت الغرفة أوشك أن أنفجر ضاحكا

على شكلها , لم تري شيئا بعد يا سراب وستكرهين المال أقسم

وأنا آسر , جلست على السرير وأخرجت هاتفي واتصلت بالمحامي

فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة " مرحبا سيد جهاد آسف اليوم

عملي ولا يمكنني المجيء لك فطمئني ما حدث معك "

قال بهدوء " كل شيء يسير على ما يرام وتعرف المحاكم

تأخذ وقتا دائما لكن المهم أن نحصد نتائج جيدة "

قلت مبتسما " جيد وهذا كل ما أريد وسأحضر لك غدا عقد

زواجي بها , لن آكل حقها لكن لن توقع على أي ورقة

وتستلم أي شيء حاليا من ورثها منه "

قال مباشرة " كن مطمئنا هذا الأمر سهل ولن يأخذ وقتا "

وقفت وقلت " وداعا إذا فلن أعطلك وأراك في الغد "

ثم أنهيت المكالمة وأعدت الهاتف لجيبي وخرجت من الغرفة

وتوجهت للمطبخ , وقفت أمام الباب أراقبها وهي تحرك ما في

القدر وتقول بتذمر " لا أعلم متى سأتخلص من الأعمال كنت

هناك آخذ أعمال ترجمان ودُرر وأنا أكثر من يكره أعمال

المنزل والآن من تعاسة حظي زوجوني بهذا المعدوم , ما

أنا أكيدة منه أن ترجمان ودُرر الآن تخدمهما

الخادمات ولا يفعلن شيئا "

ضحكت عليها بصمت ثم اقتربت حتى وقفت عند فتحة الباب

وانحنيت في وقفتي واتكأت على إطاره أنظف أسناني بعود

شجرة وأنظر للجهة التي تربطها من الفستان وترتفع حتى

ركبتها وهي منحنية وساقها كله مكشوف ثم رميت العود عليه

فنظرت جهتي من فورها وقالت بضيق " ظننتها السحاب غطت

الشمس وليس جسدك المخيف سد النور عن الباب , ولا ترميني

بشيء ثانيتا تفهم "

قلت ببرود ونظري يتنقل بين ملامحها " أريد

غدائي بسرعة لا وقت لدي "

عادت بنظرها للقدر ثم حملته وتحركت به جهة الصحن

قائلة " أجلس هناك على كومة أخشابك في الخارج وما

أن أسكب التبن سأعلفك به "

قلت بابتسامة جانبية " لن ينجح معي هذا الأسلوب يا سراب

ولن أغضب من كلامك وأطلقك فأقصى حالات غضبي

أضربك حتى تتكسر عظامك "

رمت الملعقة في المغسلة ووضعت يداها وسط جسدها

وقالت بضيق " فكر أن تمد يدك علي وأقسم أن أشتكيك

لرئيسك الذي زوجني بك ليجد لك حلا "

قلت ببرود " هذا إن خرجتِ من هنا ورأيته ولا تهدديني

فأنتي زوجتي ولن يتدخل ولن أسمح له "

ثم غادرت من هناك وجلست على الطاولة وأخرجت هي الطعام

ووضعته أمامي وغادرت جهة غرفة الضيوف هنا فقلت

" هيه ألن تأكلي "

وقفت عند الباب والتفتت لي ووضعت يدها وسط جسدها

وأمالت وقفتها وقالت بسخرية " لا رغبة لي فقد شبعت برؤيتك "

قلت بمكر ناظرا لجسدها " هل أخبرتك أن الفستان يليق

بك خصوصا اللون "

نظرت لي بغيظ ثم قالت " لأنه من ذوقك المميز يا وجه الفقر "

ثم أغلقت الباب بقوة فضحكت ثم قلت بصوت مرتفع

" خصوصا الأصفر رائع عليك يا سيدة قروش "







*~~***~~*






بقيت سجينة غرفتي طوال الصباح خصوصا بعدما دخلت عليا

عمته بعده ووجدت هاتفي محطم وفهمت أن ثمة شجار دار بيننا

أريد أن أعرف لماذا تزوجني إن كان سيفعل كل هذا ويسجنني في

المنزل ؟ كان تركني تزوجني غيره أو بقيت للفضيحة , أول مرة

أشعر بالإهانة والاتهام في شرفي وهوا يقول لا تكوني من أنجس

ما خلق الله ويطلب مني أن أبرأ نفسي أمامه , بأي حق يتهمني فإن

كان بحق أني زوجته عليا أن أقدم العذر فليس له حق في اتهامي

رفعت شعري بعشوائية وأمسكته بمشبك بلاستيكي أسود بشكل

فراشة وجميعها طبعا أغراض صاحبة الغرفة لأني جئت

بالفستان الذي علي , طرق أحدهم الباب فقلت " تفضلي "

انفتح الباب وكانت عمته وقالت مبتسمة " هيا يا دُرر الغداء

جاهز ولا تقولي أنك لا تريدين لأنك لم تأكلي شيئا أبدا "

وقفت منصاعة رغم أنه لا رغبة لي في شيء وخرجت أتبعها

حتى طاولة الطعام التي كانت في صالة المنزل , أمر غريب

لكنه مميز حيث يفصلها أشبه بالجدار الزجاجي عن باقي صالون

الاستقبال فيمكنك ما أن تدخل أن ترى إن كان ثمة أحد يجلس هناك

ويأكل , جلسنا معا وبدأنا الأكل في صمت من كلينا سوا نظراتها

المستفسرة من حين لآخر حين أرفع نظري فيها فجأة ولا ألومها

فيما تفكر ومن حقها أن تستغرب وجودي , فتاة تراها لأول مرة

في حياتها يُدخلها عليها مقربة الفجر ويخبرها ببساطة أنها زوجته

ويتشاجر معها ما أن يأتي صباحا فلا أستغرب أن تتوقع ما حدث

معي وأن الزواج مداراة لفضيحة ويبدوا أنه لم يخبرها عني شيئا بل

جاء ليزمجر بي ويغادر , الأمر الآخر الغريب أين زوجته أو أن هذا

منزل عمته وليس منزله هوا !! كلما حاولت سؤالها أنربط لساني فما

ستقول عني وأنا حتى تفاصيل حياته العامة لا أعرفها , اقتربت منا

الخادمة وقالت " سيدتي ماذا بشأن غداء السيدة وجد "

نظرت لها مباشرة وباستغراب فقالت عمته " لا أعلم من المفترض

أن عمل أواس انتهى منذ الصباح لكنه غادر صباحا ولم يغير حتى

ثيابه فلابد وأن لديهم حالة طارئة أو أخذ مكان أحدهم "

كنت أنقل نظري بينهما أنتظر مزيدا من التوضيح , هل تكون

وجد هذه زوجته أم شخص آخر من سكان المنزل كشقيقة مثلا

لكن لما لا يأخذون لها الغداء إلا بحضوره !! قالت الخادمة

" ننتظره إذا وسأسخنه لها عندما يأتي "

ثم غادرت من فورها ولم أجرؤ على السؤال فأن تضن أني أعلم

كل شيء أفضل من أن تعلم أني لا أعرف شيئا , تابعت طعامها

ووضعت أنا الملعقة فنظرت لي وقالت " ما بك يا دُرر لم

تأكلي شيئا "

قلت بهدوء " شبعت شكرا لك "

نظرتْ حينها أماما مبتسمة لأحدهم من بعيد فنظرت جانبا حيث

تنظر فكان أواس متوجها نحونا ولازال بملابس الشرطة , وقف

عند أول المكان ونظرت أنا لصحني بسرعة وقالت عمته

" سبقناك ظننتك لن تأتي "

نظر للخلف ولم يجب عليها ونادى بصوت مرتفع " آني "

فجاءت الخادمة مسرعة وقال لها " غداء وجد وألحقيني بسرعة "

ثم غادر من فوره وصعد السلالم بخطوات سريعة ونظري يتبعه

باستغراب , وجد هذه تبدوا مريضة نفسيا ويسجنوها في الأعلى

ووحده من يفتح لها فلا تفسير آخر للأمر والخلاصة أنها مسجونة

في مكان ما , وقفت لأغادر لغرفتي فتسمرت مكاني حين سمعنا صوت

تكسر الأواني في الأعلى فنظرت لعمته مصدومة وفتحت فمي لأسأل

فلم يعد بإمكاني التكهن بشيء لكني لم أجد وقتا بسبب الصراخ الذي

بدأ يصلنا من هناك , صراخ امرأة وصراخه الغاضب و........

ضرب يضربها !! قبضت على البيجامة جهة قلبي وقلت بصدمة

" ماذا يحدث هنا ؟؟ "

وقفت حينها عمته وقالت ناظرة للأعلى " هذا الأمر أصبح

شبه يومي وتطور جدا ولا يمكن السكوت عليه "

قلت بحيرة " من هذه التي يضربها في الأعلى ولما ؟؟ "

ولم تجب لأنه نزل حينها يصرخ غاضبا " عمتي "

فتحركت مسرعة وتبعتها لأعلم ما سبب كل هذا ووقفت مبتعدة

كانت ثمة ورقة في يده لوح بها في الهواء وقال بغضب

" كم مرة قلت لا تجلبي لها شيئا لما تعشقين كسر كلامي دائما "

قال من فورها " لم احضر لها شيئا بني وكيف سأراها

وأنت تغلق عليها باب الجناح "

قال بحدة " من أين جاءتها هذه إذا من السماء "

ثم نظر جهة المطبخ وصرخ " آني , إلْيا "

فخرجتا الخادمتين مسرعتين نحوه وملامحهما ملئها خوف

وتراجعت أنا حتى التصقت بالجدار الزجاجي وصرخ هوا

فيهما " من أحضرت هذا لوجد تكلما أو رأيتما شيئا ينطقكما "

قالت إحداهما بخوف " ليس أنا سيدي أقسم "

صرخ في الأخرى " وأنتي "

قالت بارتجاف " رجل قال شقيق هي وقال أعطي هذه لوجد

طرقت عليه باب فقالت أدخليه من تحت باب جناح أنتما "

قبض على الورقة بقوة وقال بغضب " أقسم إن تكرر الأمر

سأضربك بدلا عنها تفهمي "

قالت بخوف " حادر سيدي "

ثم نظر لعمته وقال " ولا تغفلي عنهما يا عمتي فقد يرشوهم

أحد حتى بالمال "

قالت بهدوء " حسنا بني اهدأ ولا تزعج نفسك "

هز رأسه وقال بضيق " كيف أهدأ وورائي تلك , وأريد أن

أُعلمك بأنه على الأخرى ينطبق قوانين الأولى "

يا إلهي لابد وأنها أنا الأخرى فما تكون هذه القوانين غير الخروج

فهل سيسجنني ويضربني مثلها بل ما في الأمر إن شقيقها جاء

من أجلها ولما يرسل لها رسالة دون أن يطلب رؤيتها !!!

خرج بعدها كما جاء لم يخبر ولا عمته أين كان وأين سيذهب

وهزت هي رأسها بقلة حيلة وقالت مغادرة جهة الممر الآخر

" آني أحضري لي الشاي في غرفتي "

ثم اختفت خلف الممر فتحركت نحو المطبخ ووقفت عند الباب

فكما يقولون لا شي يخفى عن الخدم , نظرتا لي بصمت فقلت

" من في الأعلى هل هي زوجته "

لم تجيبا لأن إحداهما التفتت لإبريق الشاي على النار والأخرى

علق نظرها خلفي فشعرت بقلبي توقف حين وصلتني رائحة عطره

مما يعني أنه هنا لذلك لم تتحدث أي منهما , تخطاني ودخل

المطبخ وقال " إلْيا أحضري علبة الإسعافات "

تحركتْ تلك خارجة بسرعة ونظرتُ أنا ليده مباشرة وكان يضغط

على كفها بقوة والدم يغطي أصابعه فيبدوا أنه أصيب بسبب تحطم تلك

الأواني لكن كيف لم ننتبه له حين نزل !! خرجت الخادمة الأخرى

بالشاي وكنت سأغادر حين أوقفني صوته قائلا

" أخرجي الثلج من المبرد "

التفت له فكان ينظر لكف يده , لما لا يغسلها بالماء غريب تفكيره

وتصرفاته !! توجهت لمبرد الثلاجة وأخرجت منه الثلج ووضعته

على الطاولة أمامه فأخذ منه ووضعه على الجرح وأنا أنظر له

باستغراب , كيف يوقف الدم بالثلج !! دخلت الخادمة حينها بعلبة

الإسعافات الأولية ووضعتها على الطاولة وأخرجت الشاش والمعقم

وقالت " قد يحتاج غرزه لما لا يذهب أنت لمستشفى "

قال بضيق " أفعلي ما قلت وتوقفي عن كثرة التدخل فيما لا يعنيك "

كنت سأغادر لكن منظري كان سخيفا زوجته والخادمة من

تعقم له الجرح لكنه لم يطلب مني ذلك , قال " أفتحي القارورة "

فتحت له قارورة المعقم وأمسك القطنه بيده اليسرى وقال

" أسكبي هنا بسرعة "

فعلت ذلك سريعا وأنا طبعا أقف أتفرج ولا أعلم لما وكأن قلبي

يقول لي أنظري لحجم الجرح أولا , نظف الجرح بالقطنه كان

صغيرا نسبيا لكنه ينزف دون توقف , قالت الخادمة

" تريد مساعده هل يلف أنا شاش "

أبعد يده وقال " لا يحتاج غادري لعملك "

غادرت من فورها وكأن ساعة الفرج أتتها وبقيت أنا مكاني

أنظر له وهوا يحاول لفه بصعوبة ثم رماه عندما تلطخ بالدماء

ونفض الصندوق ولم يفتح له فقال ونظره عليه " تعالي افتحيه "

نظرت حولي ولم يكن غيري هنا فأنا المعنية بالتأكيد فتوجهت نحو

الطاولة وفتحته وأخرجت له شاشا آخر وأزلت عنه الغلاف الورقي

وفتحته فأخذه مني فورا وبدأ يحاول لفه من جديد فقلت بهدوء

" دعني أساعدك "

قال ونظره على يده " قلت لا يحتاج "

وكانت النتيجة أن فسد هذا أيضا فأخذت شاشا آخر أخرجته

وتوجهت نحوه وأمسكت يده وسحبتها نحوي فشدها مني

وقال بضيق " قلت لا يحتاج ما يبقيك أنتي هنا "

أمسكتها بقوة وقلت ونظري عليها " بل يحتاج وسألفه

لك ثم أريحك من رؤيتي "

ضغطت بإبهامي على الجرح كي لا ينزف ووضعت الشاش

وبدأت بلفه , كنت أشعر بتوتر كبير من إمساكي ليده بل ومن

أنفاسه التي تلفح وجهي وهوا قريب مني هكذا والشعور الآخر

كان ( الخوف ) فكلما تذكرت ضربه لها الذي وصل لأن نسمعه

في الأسفل أشعر برجفة في عظامي فما الذي يجعله بهذه القسوة

معها وهل سيكون مصيري مثلها !!

انتهيت من لفة وربطته بسرعة رغم الرجفة في أصابعي

وأبعدت يدي لأفاجئ به أمسكها بسرعة بيده السليمة فرفعت

نظري له فورا وقلبي أسمع نبضاته في أذناي فكان ينظر لعيناي

بصمت تلك النظرة التي أحار في فهمها , حاولت سحب يدي

منه فشدها بقوة أكبر وعيناه لازالت في عيناي وقال بهمس

" هل تذكرين يا دُره كل تلك الأمور "





*~~***~~*







عاد هاتفي للرنين مجددا ونظرت للاسم فكان هوا , ما به

اليوم يصر عليا كثيرا , لن أجيب اتفق معه إياس على الطلاق

وسيطلقني ولا شيء بيننا , ابنته إن أراد رؤيتها فليتحدث مع إياس

وهوا لن يرفض , عاد للرنين مرارا وتكرارا فأمسكت الهاتف

بتردد ثم قررت أن أجيب عليه ونغلق هذا الباب نهائيا , فتحت

الخط ووضعت الهاتف على أذني فجاء صوته متلهفا

" رغد وأخيرا رحمتِ حالي حبيبتي "

أغمضت عيناي بقوة وألم وأنا أتذكر كل كلامه هذا ولهفته

التي تلاشت فيما بعد وتحولت لسراب بل لضرب وسب

وإهانات , قال بحنان " رغد أجيبي دعيني أسمع صوتك "

قلت وقد عانقت دمعتي خدي " ليس بيننا أي كلام يا مصطفى "

قال من فوره " كيف ؟ وأين حبك لي لا أريد أن ننفصل

يا رغد وأنتي من بيده تغيير كل شيء "

قلت بحزن " وأين كان حبك أنت عندما كنت تضربني وتشتمني

وتقسوا علي وتسجنني في المنزل , حبي لك لم ينقص يوما

لكن كلامك ذاك كله كان كذبا وظهرت على حقيقتك ولن

أخالف شقيقي مهما حدث "

قال باستياء وحزن " وأنا ؟؟ أنا أريدك وأريد ابنتي لما

تدمرين منزلنا وحياتنا "

مسحت دمعتي وقلت بثبات " أنت مريض يا مصطفى مريض

بالشك وأنا السبب لأني تزوجتك عن حب تحدثت معك في الهاتف

وتقابلنا خارجا في أماكن عامة وغافلت أهلي وشقيقي وكانت النتيجة

أن بقيت في نظرك كما عرفتني فتاة تلعب من وراء أهلها ستلعب من

ورائك , تضربني دون أن تتحقق من شكوكك وتسجنني كي لا أخرج

وأقابل رجلا كما كنت أقابلك , أنا أخطئت وارتكبت غلطة عمري

حين تركت كل شيء ورائي من أجلك "

قال مقاطعا لي " أنا لم أشك بك أنا فقط حريص عليك

لا أريد أن يقربك أحد "

قلت بابتسامة ساخرة " لا تلفق الحقائق يا مصطفى فأنا وأنت

بنينا شيئا على الباطل فلن يكون إلا باطلا والثمرة كانت

ابنتنا التي ستعيش بلا أب "

قال بهدوء " حسنا فكري فيها إذا ولنعطي لنفسينا

فرصة من أجلها "

قلت بجدية " فرصة في ماذا ؟؟ هل ستتركني أخرج وأدرس

وأعمل وأذهب للسوق ؟ هل ستترك لي هاتفي طوال الوقت وليس

وأنت موجود فقط ؟ هل ستتركني أفتح النوافذ دون أن يخبرك

عقلك المريض أني سأراسل أحد الجيران منه ؟ هل

ستسمح بكل هذا "

لاذ بالصمت ولم يجب فقلت بسخرية " لا طبعا لأن

الرخيصة في نظرك ستبقى رخيصة "

قال من فوره " لو كنتِ كذلك في نظري ما طلبت

أن ترجعي لي "

قلت بألم " إذا جارية اعتدت على خدمتها لك والنوم معها , هذه

سهلة تزوج بأخرى وهي ستوفره لك ونصيحة مني لا تتعرف

عليها قبل الزواج كي لا يكون نهايته الفشل كهذا "

قال بضيق " أبنتي أريدها إذا وتصرفي وشقيقك أو

أخذتها رغما عنكم "

قلت بابتسامة جانبية " ها قد ظهرت على حقيقتك وابنتك خذها إن

أردت فأنت الملزم بها وعلى الزوجة الجديدة أن تربيها وليس أنا

لأني سأتزوج وأعيش حياتي , إياس من تمسك بها أما رأيي

فهي ابنتك وعليك تحمل مسئوليتها "

ثم أغلقت الخط في وجهه ورميت الهاتف بعيدا وارتميت على

السرير أبكي بحرقة , يا رب كل شيء إلا ابنتي لا يستخدمها

وسيلة للضغط علي لأني سأتحمل حتى ضربه لأعيش معها





*~~***~~*





وقفت أمام النافذة أمد ذراعياي للأعلى وأتكاسل فقال من خلفي

" كيف حال العروس معك "

أنزلتهما ونظر له نظرة باردة ثم عدت بنظري للنافذة وقلت

" حالك مع عروسك "

قال بضيق " هل أنت معي في أنهم ورطونا يا رجل "

التفت له ووقف مستندا بها وكتفت يداي لصدري وقلت

" عروس تخدمك وبلا مهر ولا جهاز لو فقط قطعوا لها لسانها

قبل أن يزوجوك بها لكانت أفضل ورطة "

قال بابتسامة جانبية " أراك تقنعني بها "

قلت بسخرية " بل أراك أنت تريد ذلك "

أشار لي بوجهه وقال ببرود " لو خيروني ما اخترتها سيدة

قروش لكنه حظي الرذي دائما "

ضحكت كثيرا فقال بضيق " قم قم تأكد من الدورية بدلا من

الكلام الفارغ "

توقفت عن الضحك بعد وقت وتنفست بقوة وقلت

" أما سيدة قروش هذه خطيرة وتليق بها "

ضحك وقال " ولا أخبرك لقّبتني بالسيد فقر "

عدت للضحك مجددا وقلت " أقسم أنكما ثنائيا رائع "

كشر في وجهي وقال " بل الثنائي لديك فما صنعت أنت يا مدير "

تأففت وقلت " كنت تركتني أضحك ومستمتع فأنا لم أراها منذ

غادرت من هنا مع خالي رفعت وأتصور حياتنا كيف ستكون "

قال بمكر " إذا داوها بالتي كانت هي الداء "

نظرت له بحيرة فتابع " انظر لمصيبتك ما سيكسر رأسها وافعله "

فكرت قليلا ثم قلت " أراها تحب التغطرس ولا أحد يفرض

رأيه عليها ويبدوا ستتخذ من عمها ظهرا لها "

قال بابتسامة " جميل أعطها من هذا الباب إذا واكسر رأسها "

قلت بصدمة " ما قصدك بهذا "

أشار لي بإبهامه وقال " هؤلاء يفكرن بنفس الأسلوب تخلصوا من

الفضيحة عن طريقنا وسيستخدموننا كجسر عبور يتحررن منا

ويعشن كما يردن فأكرهها على البقاء معك حتى توقع بك في

مشكلة بينكما توصلها لخالك فيطلقها منك بما أنه لديها مكان

غير منزلك "

هززت رأسي بلا فقال بتذمر " ما هذا الجواب المبهم "

التفت للنافذة مجددا وقلت بهدوء " وضعك ليس كوضعي يا آسر "

قال باستياء " أَفهمني معنى ما تقول لأرى "

التفت له وقلت " والدتي وخالي لن يرضيا بذلك وسيحاولان

إيجاد حل للأمر دون الوصول للطلاق ثم هي ابنة خالي في كل

الأحوال هل أفكر في نفسي وفي التخلص منها ولا أفكر فيها "

قال باستغراب " والمعنى "

قلت " المعنى أني لن أطلقها أبدا "

هز رأسه بعدم تصديق وقال " ظننتها لا تعجبك "

كتفت يداي لصدري وقلت " طبعها لا يعجبني وعلى

أحدنا أن يتغير "

قال بابتسامة جانبية " ها قل هكذا من البداية راقت لك "

التفتت للنافذة مجددا ولذت بالصمت , قد لا يكون أمامي خيار آخر

غيره وعليها أن تغير من نفسها وأن تتقبلني كما أنا بما أنه لا طلاق

يلوح في الأفق ولن يكون ذلك أبدا , دخل حينها أمين وتحرك

آسر قائلا " إذا سأغادر أنا لهم بما أنك أتيت فعليك

مرافقة إياس لسجن الجنوب "

ثم خرج من فوره ونظر لي أمين وقال مبتسما

" كيف العريس "

قلت ببرود " ومتى ستتزوج أنت وترحمنا "

نظر للسقف وقال " متى يا رب "

قلت ببرود " هذا وأنت تملك المال والمنزل وأي واحدة

تشير لها ستكون لك وتقول هكذا "

قال خارجان معا " وهل هي لعبة تتزوج من أي كان ؟ عليا

أن أعرف كيف أختار ولن تكون إلا جوهرة بين النساء

بحسبها وأهلها أولا "







*~~***~~*







خرجنا من القسم سويا وربت بيده على ظهره وقال ونحن نقترب

من السيارة " هذا يعني أنك كنت ترى شقيقاتي هكذا لذلك

طلبت اثنين منهن "

ركبنا سيارة الشرطة وقلت ونحن ننطلق " نعم أردت نسبك فأنت

صديق طفولتي وشبابي ووالدانا رحمهما الله كانا أعز أصدقاء

وأردت حقا نسبكم لكن الله لم يكتب ذلك "

نظر لي ثم للطريق وقال " وإن قلت لك أني أيضا أريد ذلك

وأنتظر فقط أن تفتح الموضوع "

نظرت له باهتمام فيبدوا يقصد رغد فهي حسب كلامه سيطلقها

زوجها خلال هذين اليومين , صحيح سبق لها الزواج ولديها ابنة

لكن لا بأس فطبعها يطغي عليها وتعجبني تربيتهم وأخلاقهم

نظر لي وقال " ها ماذا قلت "

قلت من فوري " موافق طبعا وهل سأعترض "

عاد بنظره للطريق وقال بعد ضحكة " قد يكون فقط لأني

وضعتك في موقف محرج "

قلت ضاحكا " لا من هذه الناحية لا تقلق فأنت تعرفني

كلانا يعتبر الآخر شقيقه "

قال ونظره على الطريق " إذا آخذ رأيها ؟؟؟ "

قلت مبتسما " بالتأكيد "

وقف حينها أمام باب قسم السجن وقال " إذا على بركة الله

وهذه المرة لن تكون إلا لك "

وكلامه هذا يؤكد أنها رغد بما أنه قال هذه المرة أي هناك سابقة

وأخيرا تحقق مرادي , أردت حقا شقيقاته جمال كشقيقهم وأخلاق

وتربية جيدة إذا ما استثنينا طباع ولباس تلك المدعوة سدين التي

خرجت طفرة من العائلة ولأني لم اطلبها سابقا فلن يفكر في

عرض الموضوع عليها طبعا لأنها لن ترضى وستعتبره

هوا من عرضها علي





*~~***~~*





جربت الاتصال بهما مرارا وتكرارا وبلا فائدة فدُرر هاتفها مقفل

وسراب لا تجيب مهما حاولت , كنت أريد أن أطمئن عليهما وأرى

ما حدث معهما ومؤكد لن تبشرني أي منهما بالخير كما سيكون

مستقبلي قريبا وتنتهي أيام راحتي هنا بل ساعات راحتي فهوا لم

يتركها تصبح أياما , طرق أحدهم باب الغرفة وانفتح ودخل منه

عمي رفعت فعدلت جلستي وقلت مبتسمة " مساء الخير عمي "

اقترب مني وجلس أمامي وقال " مساء النور ماذا كنتِ تفعلين "

نظرت لهاتفي في حجري وقلت بحزن " جربت الاتصال

بسراب ودُرر لكني لم أحصل على أي منهما "

قال بهدوء " متزوجات ومع أزواجهم ليستا مثلك تاركة

زوجك وجالسة هنا "


نظرت للأسفل أشعر بالخجل من كلامه وبالحزن ذات الوقت

لأنه يرى بقائي معه لا يجوز , وصلني صوته قائلا

" لا تسهري كثيرا فغدا ورائك تسوق لتشتري ثيابا لك

وتتجهزي فعمتك أعدت حفلا بسيطا من أجل استقبالك "

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " ولما كل هذا ؟ "

قال مبتسما " لن يستطيع أحد تغيير رأيها ثم هوا ابنهما

الوحيد ومن حقها أن تفرح به "

قلت من فوري " أليس لديها غيره ؟؟ "

هز رأسه بلا وقال " ثلاث بنات وإياس فقط وستحبينهن بالتأكيد "

ابتسمت له دون تعليق فوقف وقال " سأتركك الآن لأن أصدقائي

ينتظرونني في المجلس ونامي باكرا كما اتفقنا حسنا "

هززت رأسي بحسنا مبتسمة فوضع يده عليه وحرك شعري

ثم قال مغادرا " إذا تصبحين على خير "

ثم خرج وأغلق الباب فمددت شفتاي مستاءة , لما لا أبقى هنا

أنا حقا لا أريد الذهاب هناك , رفعت بعدها اللحاف وتغطيت

به حتى رأسي وتركت كل شيء للغد فقد أعود هنا سريعا

وهذا المؤكد فهوا يكرهني بجنون







*~~***~~*







طبعا لم يرجع آسر باقي النهار ولا حتى الليل ولم يهتم حتى أني

لوحدي هنا لينام في عمله ويتركني في هذا المنزل الذي يتحول

لشيء مخيف ليلا , ما أن بدأ يحل المساء أخذت قارورة ماء بعدما

دخلت الحمام طبعا وتوضأت من أجل صلاة العشاء ثم دخلت لغرفته

وأغلقتها من الداخل , كانت غرفة بسرير واسع وخزانة أفضل من

الأريكة تلك رغم أنها أسوء ملايين المرات من غرفتنا في منزل

العجوز فحتى تكييف لا يوجد فيها ولا حتى كذاك الخردة الذي يبرد

قليلا , نمت سريعا بسبب تعبي في هذا المنزل الذي لا ينفع معه

تنظيف وحتى منظفات تفي بالغرض لا يوجد فيه أي فقر مبقع

والغبي سيحصل على مال كثير من ذاك العجوز ومتمسك بهذا

المنزل الذي أجزم أنه بني أيام الاحتلال من أكثر من مئة سنة

نمت متمنية أن أسمع أذان الفجر لأنه ليس لدي ما يوقظني فحتى

هاتفي أضعته في ذاك المنزل , لكني استيقظت قبله بسبب الشيء

الذي رفع فستاني للأعلى فقفزت من السرير صارخة






نهاية الفصل وموعدنا فجر الإربعاء إن شاء الله



برد المشاعر 15-12-15 11:04 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن)
 




الفصل التاسع







صرخت في وجهه بكل قوتي " يااااااااااااااااا "

فصرخ فيا بقوة أكبر " ميااااااااااااااااوو "

فانهرت جالسة على الأرض أرتجف من الخوف ونظري جمد

على القط الأشهب الكبير الذي التف حول نفسه ونام وسط السرير

وكأن المكان له وأنا من تطفلت عليه ثم بدأت بحك ساقاي وفخذاي

بقوة وأنا أبكي وبقيت على ذاك الحال لوقت حتى طرق آسر الباب

وهوا يصرخ " سراب افتحي الباب ما بك "

وقفت بصعوبة وتوجهت نحوه وفتحته فدخل ونظر لي باستغراب

ودموعي ملئت وجهي فأشرت له على السرير بإصبع يرتجف وأنا

أشهت بقوة فدخل وتوجه نحوه وقال " داشر هذا أنت فقط ؟ "

نظرت له بصدمة وهوا يجلس على السرير وذاك القط وقف

وجلس في حجره فقلت بصدمة " قطك "

قال وهوا يمسح على ظهره " نعم واعتاد على النوم معي "

قلت بحدة " وهذا ما ينقص منزلك الجميل قطط ضخمة تنام فيه "

نظر لي وقال ببرود " ومن قال لك تنامي هنا , لو بقيتِ

هناك ما ذهب لك "

قلت بغضب " أخرجه من المنزل أو أقسم قتلته لك "

وقف قائلا بضيق " وهذا ما ينقص "

ليسقط ذاك القط بسبب وقوفه ويصدر صوتا وكأنه كيس رمل

وقع على الأرض ثم ركض جهتي عند الباب ليخرج فابتعدت

صارخة بقوة على صوت ضحك هذا المعتوه فخرجت من هناك

أبكي وتوجهت للحمام من فوري وأغلقته خلفي ونزعت الفستان

وغسلت جسدي بالصابون عشرات المرات وأنا أفرك وأحكه

بقوة وكلما تخيلت فقط أنه لمس جسدي ازداد بكائي وفركت

فخذاي بقوة أكبر حتى طرق آسر الباب وقال من الخارج

" توقفي عن البكاء وأخرجي "

قلت بعبرة " لا شأن لك بي أتركني وحدي "

وعدت لفرك جسدي ثم أخذت الفستان ووضعته تحت قدماي

في حوض الاستحمام وسكبت عليه كل الصابون وبدأت برفسه

بقدماي حتى تعبت ثم أخرجته وعصرته وغسلته بالماء كثيرا

ونشرته على النافذة وجلست على حافة الحوض فطرق

الباب مجددا وقال " أخرجي أريد أن أتناول فطوري "

قلت بصراخ غاضب " لن أخرج حتى يجف الفستان أو اذهب

وأحضر غيره أو كل أنت وقطك ما تجدانه "

قال وكأنه ينادي " سرراااااب تخرجي أو أدخلته لك من النافذة "

شعرت بجسدي ارتجف وقلت " أقسم أغرقه حينها "

ضحك وقال " لن تستطيعي يا جبانة وسأفعلها حالا

أمامك حتى العشرة "

واحد اثنان .... "

وقفت مفزوعة حين سمعت صوت القط وهذا يعني أنه عنده

فلبست الفستان بسرعة وهوا مبلول وفتحت الباب ووقفت ورائه

من الداخل وقلت " ادخل لغرفتك حتى أدخل المطبخ "

قال " حسنا لا تتأخري لأني جائع وأريد أن أنام "

تمتمت بغيظ " نامت عليك جرّافة "

قال حينها من بعيد " ماذا قلتِ "

قلت بصراخ " لا شيء اذهب أذهبني الله من حياتك "

وخرجت بعدها ركضا لغرفة الضيوف صليت الصبح بعدما

فآتني وقت الفجر وأغلقت الباب عليا من الداخل فليريني كيف

سيرغمني على إعداد فطوره فلا نافذة هنا يهددني بإدخاله منها





*~~***~~*






حضنت الوسادة بقوة أخفي وجهي فيها بل عبرتي كي لا يسمعها

أحد فحتى دموعي التي لا يراها جفني إلا نادرا استطاع إنزالها

من يوم واحد لي معه هنا , ضممتها أكثر وأنا أتذكر كلماته

حين قال بجمود " هل تذكرين يا دُره كل تلك الأمور "

فقلت بحيرة ونظري يتنقل بين سواد عينيه الواسعة

" أذكر ماذا "

أبعد نظره للطاولة وقال ببرود " ضربك لي بالسوط "

فشعرت بكل خلية في جسدي ارتجفت وبقوة وقلت بصدمة

" أنا !! "

نظر لعيناي مجددا ولم يتكلم فهززت رأسي بلا وقلت بصوت

مخنوق " مستحيل ... كذب "

فابتسم بسخرية ثم ترك يدي بعنف بل رماها من يده رميا وغادر

ماذا يعني بهذا كيف أنا أضربه في ذاك السن مستحيل يكذب بالتأكيد

لكن صوته ونظرته تدل على أن ما يقوله حقيقة بل خارجة من صميم

الألم داخله فنظرته كانت ملئها غضب من كل شيء وأنا أولهم

غادرت السرير أجر خطواتي جرا ودخلت الحمام نزعت ثيابي ودخلت

تحت الماء لتعود لي نوبة البكاء مجددا وأنا نفسي أجهل سبب كل هذا

البكاء , ترى من أنت يا أواس بل من أنا في ماضيك وحياتك

ليثه يجيبني أحد عن كل هذا







*~~***~~*






دخلت المنزل ليصلني صوت ضحكهم المرتفع , غريب ما

سر كل هذا الضحك وما يجمعهم جميعهم !! بحثت عنهم فكانوا

في الحديقة المضللة التي يفتح عليها الباب الخلفي للمنزل جالسات

معا يشاهدن شيء ما ويضحكن عليه وندى تلعب بالتراب بالمقربة

منهم فاقتربت منهن وانتبهت لي سلسبيل وهمست لهم شيئا فأخفوا

ما كن يضحكن عليه فوقفت أمامهن وقلت " أين أمي "

قالت رغد مبتسمة " في غرفتك الجديدة لم تترك شيئا لم تفعله

ولن تخرج منها إلا بقدوم العروس "

وضحكن معا فقلت ببرود " هل لي أن أعرف سبب كل

هذا الضحك وما الذي تخفينه "

ضحكت سدين بصمت تكتم تنفسها لأنها تفضحهم دائما فوكزتها

رغد بمرفقها ووقفت ندى ومسحت وجها بيدها المليئة بالتراب

لتلطخ خدها به وقالت " علوسة علوسة "

فانفجرن ضاحكات فنظرت لهن وقلت " أخرجن ما تخفينه

أو أخرجته بنفسي "

قالت رغد " لا أنصحك أن تعلم ما يكون "

وضعت يداي وسط جسدي أضرب الأرض بقدمي بملل فقالت

سلسبيل " اذهب وغير ملابس الشرطة نخاف أن تعتقلنا "

مددت يدي لهم وقلت " أخرجاه فورا أو أخرجت سلاحي "

ركضت ندى خلف كرسي سدين وأخرجت من خلف ظهرها

شيئا وركضت به نحوي وركضت هي خلفها لتمسكها لكن حضني

كان الأقرب لها فارتمت فيه ضاحكة وأخذت من يدها قصاصة

الجريدة فدخلت رغد من فورها وسلسبيل تتبعها وكانت سدين ستلحق

بهم لولا وقفت وأمسكتها من كتف قميصها ثم رأيت القصاصة

فكانت صورتي وترجمان فنظرت لوجهها بضيق فقالت ضاحكة

" لم تخبرني أنها إحدى صديقاتي المفضلات "

قلت بحدة " بل لم أخبرك أني لم أكن راض عن صداقتك لها "

نظرت لي بصدمة وقالت " ولما تزوجتها إذا "

تركت قميصها وقلت مغادرا " ليكتمل المهرجان طبعا

لأنها من ينقصكم هنا "

ثم صعدت للأعلى وتوجهت لغرفتي لتوقفني والدتي قبل أن

أدخل قائلة من خلفي " إياس بني تعال قبل أن تدخل "

التفت لها وقلت " متعب يا أمي أريد أن أستحم وأنام "

قالت بشيء من الحزن في ملامحها " حسنا بني كما تريد "

وغادرت فتنهدت باستسلام , عليا أن لا أكسر فرحتها فكم تمنت

أن أتزوج وانتظرت هذا اليوم بالساعة , تبعتها قائلا

" انتظري أمي سأذهب معك "

فوقفت والتفتت لي وقالت بابتسامتها الحنونة

" لن أؤخرك قليلا فقط "

فابتسمت وحضنت كتفاها بذراعي وسرت بها حيث أعلم جيدا

أين ستأخذني وقالت ما أن وصلنا باب الغرفة " أريد رأيك في

لون الأغطية ولا تجاملني لنغيرها قبل المساء "

قلت مبتسما " أمي افعلي ما تريه مناسبا , فيما سيغير

رأيي ثم أنا لا أفهم في هذه الأمور "

أمسكت يدي وقالت " بل ادخل لترى كل شيء ولا تكسر

فرحتي يا ابن قلبي الذي لم تنجب غيري مثله "

قبلت رأسها ويدها ودخلت معها فعليا أن أقدر مشاعرها وفرحتها

بي وأتغاضى عن الباقي فيكفي أن أتعس وحدي لما أتعس الجميع

معي , دخلت الغرفة وقلت وأنا أنظر لها نظرة شاملة

" متى فعلتم كل هذا "

قالت مبتسمة " وهل عندي غيرك أسعى من فجر ربي له

وأتعبت خالك معي وقال إما أن يوافق ابنك على سائق

لكم أو يشتري لإحدى بناتك سيارة "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وهذا ما بقي يقدن السيارات "

قالت وهى تلمس أغطية السرير " ما رأيك في اللون أحببت

السكري كثيرا يتماشى مع الستائر لأنه بها نقوش سكرية

أيضا وإن كانت بسيطة "

ثم نظرت جانبا وقالت " التحف ومفارش الطاولات ذهبية فقد

أعجبني تنسيق المحل للون هكذا بما أن السجادة مذهبة "

ثم نظرت لي وقالت " ها ما رأيك أم ينقص شيء "

قلت وأنا أنظر حولي " جميل لا شيء ينقصها "

قالت مبتسمة " بلى العروس ويا شوقي للمساء لتكون فيها "

ابتسمت رغم الإحباط في داخلي وقلت " قليلا ونجد

أنفسنا فيه فلا شيء يركض أسرع من الوقت "

ضمت يداها لصدرها ونظرها للأعلى وقالت بحنان

" أسعدك الله يا إياس كما أسعدتنا وعوضك بها عن كل

تعبك معنا وأراني أبنائكما عاجلا قبل أن أموت "

لتنزل دمعتها الغالية فحضنتها وقلت بحزن " أطال الله

في عمرك يا شمعة حياتنا حتى تزوجيهم أيضا "

ابتعدت عن حضني ومسحت دموعها ثم نظرت لوجهي

وقالت ودمعتها ما تزال عالقة على رموشها " وأتمنى

أن تكون كما أحب وليس مريضة نفسيا "

ضحكت ومسحت دمعتها وقلت " لا تخافي فهي من

النوع الذي تحبين وزيادة "

قالت مبتسمة " يكفي أنها ابنة شقيقي الذي حرمنا منه وحُرمت

هي منا فقد عوضكما الله ببعض ولا أوصيك يا إياس لا

تتركها لألسن الناس تلتهمها "

قبلت رأسها وقلت " حاضر يا أمي فلن أنسى أنها ابنة خالي

وإن طلقتها فلن يرحمها أحد خصوصا بعد قضية اختطافها

وإيجادنا لها , هل أذهب لأستحم الآن "

قالت " نعم لكن لا تنم ورائنا الكثير ولا سائق غيرك "

تنهدت باستسلام وغادرت من هناك فيبدوا أن هذا اليوم طويل

وكله على رأسي , دخلت غرفتي وأخرجت قصاصة الجريدة

من جيبي ونظرت للصورة , آخر ما كنت أتمنى عروس متوحشة

وزواج ببذلة الشرطة فكم انتقدت من تصوروا بها في زواجهم






*~~***~~*







بقيت في الغرفة ولم آبه لطرقه ولم أجب عليه فبدأ

باستفزازي قائلا " أخرجي يا سيدة قروش يا وجه الفقر

يا مصيبة حلت عليا في ليلة مظلمة كحياتي "

وأنا طبعا لا حياة لمن تنادي فقال " لو كان لي حظ كرفقاي

لزوجوني بإحدى صديقتاك ولم يكن نصيبي بشعة مثلك "

حقير نسي أني أشبهه يعني بشع مثلي , لكني لن أجيب وإن

سب أهل أهلي , ذهب بعدما يئس مني وأنا لم أخرج إلا بعد

مرور وقت فمؤكد نام الآن لأنه سيكون متعب ولم ينم طيلة ليلة

البارحة , أخذت عباءتي ولبستها سيكون منظري سيئا عباءة بلا

حجاب لكن لا حل غيرها فلو كانت مغلقة للأسفل لكنت شققت

الفستان وصنعت منه وشاحا لكنها مفتوحة حتى المنتصف فهل

سأخرج متحجبة بساقين عاريتين , سرت بخطوات بطيئة حتى

باب المنزل لأكتشف أنه يغلقه بالمفتاح من الداخل فضربته بقدمي

وعدت أدراجي للغرفة فيبدوا لا يمكن ولا الخروج من هذا السجن

دخلت الغرفة وشهقت بقوة حين وجدته جالس على الكرسي

وقال بسخرية " أهلن أين كنتِ "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " وهل تركت لي

مجالا لأكون , لما تغلق الباب بالمفتاح "

وضع ساق على الأخرى وقال " كي لا يدخل اللصوص "

قلت بذات ضيقي " أريد الخروج إذا "

قال ببرود " ولما "

قلت ببرود أشد " لأجلب هاتفي وأوراقي وشهادتي

طبعا لأعمل بها "

قال بحدة " جميل هذا ما كان ينقص تعملي "

قلت بغضب " ولما لا ؟ هل يعجبك الفقر الذي نحن فيه

على الأقل نستأجر منزلا أفضل من هذا "

أشار برأسه وقال " في أحلامك هذا منزلك لآخر يوم في

عمرك وخروج لن تخرجي "

نفضت يدي وقلت باستياء " ولما ؟ أي جرم هذا الذي ارتكبته

في حقك تعاملني هكذا "

وقف واقترب مني حتى أصبح أمامي وأمسك ذقني ورفع

وجهي له وقال من بين أسنانه " جرمك أنك تزوجتِ بي "

أبعدت يده بقوة وقلت وعيناي في عينيه " طلقني إذا "

ضحك رافعا رأسه للأعلى ثم قال مغادرا الغرفة

" في منامك سيدة قروش , نامي واحلمي بها "

ثم غادر فضربت الباب خلفه بقوة وجلست على الأريكة آكل نفسي

من الغيظ فيبدوا لا خلاص لي منه ومستمتع جدا بقهري وأنا من

ضننت أن مناه طلاقي وسيفعلها سريعا , عاد بعد قليل ورمى

كومة ثياب وقال " اغسليهم هل ستتركين ثيابي حتى تنتهي

لتغسليها نهارا كاملا , وأعدي الغداء بسرعة أم

ستتهربين كالفطور "

ثم غادر فأخرجت له لساني ورميت ثيابه بقدمي رغم

أني أعلم أنه لا مفر لي من غسلها







*~~***~~*






جلست في الصالة أنتظره حتى دخل فتوجهت نحوه وأمسكت يده

وسحبته معي قائلة " تعال أريد التحدث معك "

قال وهوا يجاري خطواتي " انتظري عمتي حتى أستحم

وأغير ثياب عملي "

دخلت به لغرفتي وأغلقت الباب ووضعت يداي وسط جسدي

وقلت " أواس هل أفهم الآن من هذه التي أحضرتها

وسبب زواجك المفاجئ والغريب منها "

نظر جانبا وتأفف فقلت بضيق " أعلم أنك لست صغيرا لأتدخل

في قراراتك ولن أعارضك إن تزوجت حتى أربعة لكن لما الفتاة

بدون ثياب ؟ حتى الحديث لا تتحدث وتتهرب كلما حاولت فتح

الموضوع معها "

تنفس بقوة ونظر لعيناي وقال بجمود " هذه تكون دُرر

حفيدة علي رضوان "

شهقت بقوة أغلق فمي بيدي وقلت بصدمة " دُرر حفيدته "

قال ببرود " نعم "

وضعت يدي على جبيني وقلت بعدم تصديق

" حية ولم تمت كل هذه السنوات "

أبعد نظره عني وقال " نعم ظهرت هي والطفلتان الأخريان

اللتان اختُطفتا معها في نفس اليوم "

هززت رأسي وقلت بحيرة " بعد كل هذه السنوات والبحث

الطويل وبعدما يئسوا منهن يظهرن فجأة "

نظر للأسفل وقال " هكذا حدث "

نظرت لوجهه وقلت بريبة " ولما تزوجتها ولم

يستدعوا جدها ليأخذها "

نظر لي وقال بضيق " في منامه ليس قبل أن

يتسولها مني تسولا وأحقق ما أريد "

قلت بصدمة " أواس ما هذا الذي تقوله "

أشاح بوجهه عني وقال " ما سمعته "

ثم نظر لي ورفع سبابته وقال مهددا " وإياك يا عمتي إياك

وإخراجها أو مساعدتها في شيء لأنك حينها لن

تريني ما حييت "

قلت بريبة " هل تعلم هي بسبب جلبك لها هنا ؟؟ "

لم يجب ينظر لي بجمود فقط فأمسكت ذراعه وهززتها وقلت

" تكلم يا أواس هل تعلم شيئا "

قال بجمود " لا ... لكنها ستعلم قريبا "

ثم خرج وتركني فضربت كف بالآخر وجلست على السرير

هذا ما كان ينقصك يا أواس أن تطبق فكرة الانتقام التي زرعتها

في رأسك لسنوات وتكون ضحيته هذه الفتاة المسكينة , هذا إن لم

تكن أنت وحدك الضحية ككل مرة تحاول فيها لملمة جراحك

والمضي للمستقبل , لن يثني أحد قراره أعرفه جيدا يفعل ما

يقرر وإن كان فيه موته , أواس الرجل الذي ربته فصول السنة

أربعتها ... ربيع والدته خريف والده وشتاء زوج والدته وصيف

زوجته وجاءت من ستدير عجلة فصوله من جديد والله أعلم

ستكون ماذا منهم وأخشى أن تكون شتاءً آخر لتكون الضربة

القاضية له لينتقم بها جدها منه بدلا من أن يكون الضحية

خرجت من الغرفة وتوجهت لغرفتها وطرقت الباب

ليصلني صوتها الهادئ قائلة " تفضلي "

فابتسمت بعفوية , ماذا إن كان أواس وليس أنا هل ستقول له

تفضلي !! ثم ضحكت على نفسي حين تذكرت أنه زوجها لما

سيطرق الباب , تنهدت بحيرة وأسى ثم فتحته ودخلت فكانت

جالسة تمسك المصحف الذي لا أدخل إلا وأجده في يدها

وضعته جانبا وقالت " تفضلي سيدتي "

اقتربت منها وجلست معها على السرير وقلت مبتسمة

" لا تناديني سيدتي كم مرة قلتها لك "

قالت بحيائها الذي لا يزيدها إلا جمالا " وبما أناديك إذا "

قلت مبتسمة " عمتي كما يناديني زوجك "

قالت بابتسامتها الجميلة التي على ما يبدوا لا تظهر إلا

نادرا " وكيف أناديك عمتي وأنتي في هذا السن

تكادين تكونين في عمري "

ضحكت وقلت " لا تجعليني أغتر بنفسي فأنا تجاوزت

الخامسة والأربعين "

قالت بذات ابتسامتها " تبدين صغيرة جدا وأستغرب كيف

أن لك ابنة هذه ملابسها "

قلت مبتسمة " إن حسبتها تجديها صحيحة "

نظرت بعدها حولي وقلت " أرى كل شيء مكانه لا تقيدي نفسك

يا دُرر واعتبري الغرفة غرفتك والثياب لك ألبسي ما تريدين

فابنتي مدمنة على الثياب لديها أكثر منها في منزل والدها "

قالت بهدوء " هل تعيش هناك "

تنهدت وقلت " أغلب الوقت وتقضي الإجازة معي

هكذا كتب الله لنا "

قالت بحزن " المهم أن تكون موجودة فالأموات

وحدهم من نتحسر عليهم "

أمسكت يدها بين كفاي وقلت " احكي لي حكايتك يا دُرر , أواس

أخبرني أنك حفيدة زوج والدته المختفية من سنوات "

قالت باستغراب " هوا قال لك هذا ؟؟ "

هززت رأسي بنعم وقلت " أجل وهذا فقط ما قاله "

قالت بهدوء " ولا شيء غيره لدي لأقوله لك , كانت الظروف

التي وجدوني فيها صعبة وتزوجني وأحضرني هنا ولا

أعلم ما يخبئ لي المستقبل أيضا "

تنهدت بأسى ولذت بالصمت فكم أخشى عليك من حقده يا دُرر

رغم أني أجزم أنه لا رجل يصمد أمام هذا الجمال والرقة وقد

يكون هذا ضدك وليس في صالحك فإن أحبك سيقسو عليك

أكثر كي تقتلي مشاعره نحوك

قالت بحيرة " عمتي هل لي بسؤال "

قلت مبتسمة " نعم "

قالت بهدوء " أين جدي هل هوا على قيد الحياة ؟ "

تركت يدها وأبعدت نظري عنها وقلت " لا أعلم يا دُرر فهوا

سافر منذ سنوات ولا أخبار عنه فهوا ليس سوا زوج زوجة

شقيقي الثانية أي لا صلة تربطني به "

قالت بهدوء " وزوجته أين هي ولما يضربها ويسجنها "

هززت رأسي بلا وقلت " لا يحق لي قول شيء عن هذا ولا

أعلم سببه لكن أواس ليس بطبعه يضرب النساء فمؤكد

بينهما شيء "

لاذت بالصمت ولم تتحدث فنظرت للمصحف وقلت

" أراك تمسكينه طوال الوقت هل تحفظين منه أم تثبتي حفظك "

نظرت له وقالت " بلى الاثنتين لكن الآن لا أشرطة كاسيتان

عندي أحفظ بواسطتها فقد بقيَت في المنزل الذي كنت أعيش فيه "

قلت باستغراب " ألم تلتحقي بدورة لتدريس القرآن "

هزت رأسها بلا وقالت " لا أريد أن أكون مجبرة وأتمسك

به خجلا من الناس , أريد أن أثابر بنفسي من أجل الله فقط "

قلت مبتسمة " ما أكبر عقلك يا دُرر حتى أنك لم تتذمري من

وضعك الغريب هنا "

انفتح حينها الباب فالتفت سريعا فكان أواس قد استحم وغير

ثيابه وشعره لازال مبللا فوقفت من فوري وقلت " عن إذنك

الآن وإن أردت شيئا فلا تترددي في طلبه مني "

ثم خرجت ووقفت أمامه وضغطت على يده التي تمسك مقبض

الباب وقلت هامسة " خاف الله فيها يا أواس فهي لا

ذنب لها فيما كان بينكما "

ثم غادرت وتركتهما وقلبي يطلب الله سرا أن تكون دوائه

وليس دائه الجديد فأنا أخشى عليه أكثر مما أخشى عليها





*~~***~~*







غادرت عمته وتركتني في مواجهته وحدي وهذا الطبيعي فمن

سيواجهه معي ومن الذي يشارك غيره في قدره , وقفت ونظرت

له دون أن أزيح عيناي فعليا أن أفهم معنى ما قاله , أغلق الباب

بيده دون أن يلتفت له كما فعل المرة السابقة فشعرت أن قوتي التي

جمعتها قد انهارت فشتت نظري بعيدا عنه ليصلني صوته قائلا

" ستنتقلين لغرفتك في الأعلى "

نظرت للأسفل وقلت بهدوء " أريد ثيابي إن كنتم دخلتم منزل

العجوز ولدي أغراض أريدها من هناك "

قال بجدية " مثل ماذا "

رفعت نظري له وقلت " مثل أشرطة الكاسيتات الخاصة بي

ومسجل الصوت الشخصي الصغير أوراقي و..... "

وسكتُّ فجأة حين رن هاتفه وأخرجه من جيبه وأجاب

عليه قائلا " نعم "

سكت قليلا ثم قال " لا ليس اليوم "

قال بعدها بحدة " قلت لا وليست مهزلة هي ومن المفترض أن

يكون الرجل بكلمة لا كلمتين وقلت من البداية واتفقت معه أني

سأستلمها بداية الأسبوع ولم يحترم الموعد فليرى لنفسه صرفة

فيها أو يرميها في البحر وانتهى وداعا "

بلعت ريقي ولا أعلم لما كل شيء أعرفه عنه يزيدني خوفا

منه وتوثرا , قلت بتوجس " ماذا كنت تقصد بكلامك صباحا "

تحولت ملامحه للقسوة فجأة فتراجعت حتى التصقت بالجدار وأنا

أراه يقترب مني حتى وقف أمامي وسند يده بالجدار خلفي لتغمرني

رائحة عطره والصابون الذي لا يزال يفوح من جسده وشعره

المبلل وقال بجمود وعيناه في عيناي " لا تسأليني هذه الأسئلة

لأن نتائجها لن ترضيك "

قلت بنظرة ثابتة في عينيه " من حقي أن أفهم كيف لطفلة

في الخامسة أو أقل أن تضرب بالسوط "

أمسك فكاي بقبضته بقوة ليصبح ذقني في قبضة يده وقال

من بين أسنانه " أكذب إذاً هل هذا ما تعنيه "

بقيت أنظر له بصلابة وعينان ثابتتان ثم قلت بهمس

" كله إلا رفع اليد يا أواس لا تجعله الحوار الوحيد بيننا "

قبض على فكي أكثر حتى خرجت مني أنة متوجعة ثم قرب

وجهه مني حتى لامست شفتاه خدي وأمسك وجهي بيديه

وقال بهمس " ولا أنا أريده لغتي معك فلا تحديني على فعلها "

ثم قبل أعلى خدي ثم وسطه وانتقل لآخره ويداه تخترق شعري

لعنقي فأغمضت عيناي بقوة لأقاوم دموعي التي ستخونني فما

أقساه من شعور أن تصوني نفسك كل حياتك لتصبحي مباحة

لرجل كيف يشاء وإن كان زوجك , تركني بعدها متمتما بشيء

لم أفهمه ثم توجه جهة الباب وفتحه ووقف عنده وقال موليا

ظهره لي " لا تسالي كثيرا عما تريه هنا ولا تتدخلي فيما

لا يعنيك كي لا تعرفي أواس الحقيقي مبكرا "

ثم خرج من فوره وترك الباب مفتوحا لأنزل على الجدار حتى

وصلت الأرض وهززت رأسي بحيرة وضياع , من أنت يا

أواس من ماضيا ومن أنا من ماضيك ليخبرني أحدكم ؟؟!!







*~~***~~*








" ارفعي ذراعك للأعلى قليلا سيدتي "

تأففت ورفعتها وقلت بضيق " متى ينتهي هذا العرض

كسرتم لي ظهري "

قالت مبتسمة وهي تعدل من خصر الفستان " لا توجد عروس

بظهر سليم فتحملي قليلا لننجز عملنا على أكمل وجه "

حركت كتفي وقلت للأخرى باستياء " يكفي خنقتني

بها , كل هذا بُودرة للجسم "

لم تكترث لي طبعا وكأنهم أحضروهم من مركز الشرطة وليس

خبيرات تجميل يطبقن الأوامر بحذافيرها ولا يُقدّرن أني منهكة

وكنت ألف الأسواق من الفجر واستلموني هم من الظهر للعصر

لولا الحفل هناك ما رضيت بكل هذا فليس هناك زوج أتزين له

طرق أحدهم باب الغرفة ودخل فصرخت بصدمة قائلة

" سديييين "

فأشارت لي بحركة بأصابعها ثم توجهت نحوي وحضنتني

بقوة فقلت بسعادة " لا أصدق , من رماك هنا من سيارته "

ضحكت كثيرا وقالت " مبارك يا زوجة شقيقي "

ابتعدت عنها ونظرت لها بصدمة وقلت " شقيقك !! "

ضربت لي التحية وقالت " نعم حضرة الضابط إياس هل

رأيت محاسن الصدف "

ضحكت وقلت " لم تخبريني أنه شقيقك لكنت هربت

من المدينة مبكرا "

ضحكت كثيرا ثم قالت " لو أفهم فقط سر هذا الزواج "

لويت شفتاي وقلت " أفضل لك أن لا تعرفي "

نظرت لي بحيرة وهزت رأسها بمعنى ماذا هناك فسحبتها

من يدها وجلسنا سويا وقلت " اتركينا من هذا الآن سأحكي

لك لاحقا كل شيء واتركيني أعلم منك ما حدث

هذين اليومين مع شلتنا "

ضحكت وقالت " حتى وأنتي تتزوجي تفكرين فيهم "

" علينا إنهاء عملنا سيدة ترجمان "

نظرت لها فوقي وقلت " انتهى ماذا تركتم ولم تفعلوه "

قالت سدين مبتسمة " أجل هي بذر هكذا ولا ينقصها شيء "

ثم غمزت لي وقالت بهمس " ويا ليلة إياس الليلة "

ضربت كتفها وقلت بضيق " وقحة وجاءتك الفرصة "

وقفت وأوقفتني وقالت " هيا بسرعة فإياس ينتظر في الأسفل "

قلت بصدمة " وما جاء به هنا "

ضحكت وقالت " ليأخذك طبعا فوالدتي تشتغل له اليوم من الصباح

وبنشاط حتى ضغطها تعدل بمعدل لم يصله من قبل "

ابتسمت لها دون تعليق فقالت وهي ترفع الغطاء من السرير

" أمي كانت تنتظر باليوم والساعة أن تزوجه هوا تحديدا

تشعرنا بالغيرة من حبها الشديد له "

نظرت بعدها لي ووضعت يدها وسط جسدها وقالت

" تحركي لما كالتمثال هكذا "

ضحكت وقلت " لا أصدق حتى الآن أن تكوني شقيقة زوجي "

قالت مبتسمة وهي تدير الغطاء حول كتفاي " صدّقي وابنة

عمتك أيضا ويا ويلهم في ذاك المنزل فقد اجتمعنا لهم "

حمدا لله هذه حسنة ولو واحدة أن سدين شقيقته , سأجد من يرفه عني

على الأقل , قلت وهي تعدله وتربطه " هل الضيوف كثر هناك "

قالت وهي ترفع القبعة وتغطي بها رأسي " حاولت أمي

تقليص العدد لأن الحفل في المنزل ورغم هذا هوا مليء

الآن والجميع ينتظر ليراك "

تنهدت باستسلام وذهب تفكيري لسراب ودُرر , ليثهما كانتا

معي الآن فهما أهلي لأني لم أعرف حياتي غيرهما , ترى

هل حضت كل واحدة منهما بحفل أيضا ؟ هل سافرتا ما سر

كل هذا الانقطاع واحدة تغلق هاتفها والأخرى لا تجيب

خرجت بي سدين تتحدث ولا أفهم مما تقول شيئا ففكري كان

مع شقيقتاي خصوصا بعدما علمت أن زوج دُرر متزوج

وأرادها تحديدا والآن هاتفها مقفل ! نزلنا للأسفل وسمعت عمي

يقول " لا أوصيك عليها يا إياس فهي ابنة خالك ومن دمك "

جاء صوته حينها لكن ليس ردا على كلام عمي بل لشخص آخر

قائلا بضيق " ساعة... ؟؟ أرسلناك لتنزليها تنامين معها "

فلويت شفتاي بضيق وعضضتهما من الغيظ بما أنه لا

أحد يرى وجهي , أعانني الله على كثلة الجليد والغرور هذه

قالت سدين ضاحكة " صبرك قليلا نهايتها ستكون معك "

شعرت برغبة في لكمها على وجهها وما زاد الأمر سوءا

ضحكة عمي التي ملئت المكاني ثم قال وصوته يبتعد

" مبارك لكما وأنا سأسبقكم هناك "

وصلنا للأسفل فأمسكت بيد سدين وهمست لها

" ستذهبين معنا أليس كذلك "

قالت ضاحكة وبهمس " نعم لأفسد الجو طبعا

فهذه وصايا أمي "

شعرت بارتياح كبير لأني حقا لا أريد الركوب معه وحدي

خرجنا ولست أرى شيئا طبعا سوا الأرض تحتي وأركبتني

سدين السيارة في الخلف وركبت بجانبي وسمعت صوت بابه

في الأمام أُغلق ثم انطلقنا وقال من فوره " من سمح

لك بالركوب معنا يا غصن الزيتون "

كتمت ضحكتي وقالت سدين بضيق " لا غصن زيتون سوا

زوجتك فها هي نحيفة مثلي فتوقف عن تعييري أو لن أرحمها "

زادت سرعة السيارة بشكل مخيف وقال " ستمن ولو

أطعمتها علف الحيوانات "

صررت على أسناني بغيظ كي لا تخرج الكلمات مني وقالت

سدين بخوف " مهلك خفف السرعة أعلم أنك تفعلها عمدا "

دار بالسيارة فملنا على بعض بقوة وصرخت سدين من الخوف

فقلت بضيق وأنا أدفعها عني " خنقتني يا غبية وثقبتِ لي

طبلة أذني لم أعرفك جبانة هكذا "

وذاك المغرور طبعا وكأنه لم يفعل شيء وابتعدتْ هي عني قائلة

" لدي فوبيا من السرعة وزوجك المبجل يستغل الفرصة "

جاء صوته قائلا ببرود " من طلب منك الركوب معنا "

قالت بضيق " والدتك طبعا وليثني لم أطاوعها "

قال بلهجة جافة وكأنه يوجه الحديث لي " هذا كي

لا تعيديها في المرة القادمة "

قالت بصدمة " هل ستتزوج مرة أخرى !! "

وقفت حينها السيارة وفتح بابه وقال " حسب سلوك ابنة

خالك طبعا "

ثم أغلق الباب ذاك الثلجي الأحمق هل يضن الأمر يعنيني

قالت سدين وكأنها تلطف الجو " مزاح إياس ثقيل دائما "

قلت بلامبالاة " ولما مزاح فليفعل ما يحلو له لأني لن أكون

كما يريد وأولها لن أسمن وأفسد جسدي "

ضحكت وقالت " نعم هكذا قوة النساء تعجبني دائما , هيا

لننزل فوالدتي تجديها على جمر الآن "

نزلنا من السيارة وكأن سدين العريس وليس شقيقها , هي

تركبني وتنزلني أخرجتني من هناك وتدخلني هنا وجيدا فعلت

والدته أن أرسلتها معه كي لا يفعل هوا كل هذا متذمرا , دخلنا

للداخل ليستقبلني الصوت الحنون الذي خاطبني في الهاتف سابقا

وقالت " أزيلي عنها هذه الخيمة لأرى زوجة ابني "

ضحكت سدين ورفعت الغطاء عني لأجد والدتهم أمامي امرأة رغم

سنها إلا أن جمالها ملفت للنظر ومن هنا اكتسبت سدين وذاك البيضة

المسلوقة البياض والجمال , نظرت لي بحب وعينان دامعة وقالت

" ما شاء الله عروس حقا وأتمنى أن يكون لسانك كاسمك "

حضنتها بحب وقلت " حمدا لله أن كان لي عمة أو

خالة على قيد الحياة "

قالت بحزن " عائلة والدتك رحمها الله في بلاد مجاورة لنا

هي ليست من هنا ولك خالات ستتعرفين عليهم بالتأكيد "

ابتعدت عنها فأمسكت يدي وقالت " هيا أريد أن أدخلك

بنفسي كما رغبت دائما "

سرت معها منصاعة فاليوم كل شيء مخطط له على ما يبدوا

سمعت عن فرحة الأم بزواج ابنها لكني لم أضنه هكذا ! والخبر

الأروع أن لي عائلة والدة أيضا أي خلاصي منك سيكون قريبا

يا إياس وسأغادر من هنا كما دخلت لأن كرهك لي سيجعلك تطلقني

سريعا, وصلنا للداخل حيث النساء أشكال وألوان رغم اتساع

المكان إلا أني أراه ضيقا بهم







*~~***~~*








ما أن مر وقت بعد العصر وبردت الشمس أخرجت تسط

حديدي كان في الحمام وملأته بالماء و الصابون لأكمل وظائف

الزوجية طبعا التي لا أرى منها إلا الشقاء , جلست على الأرض

وبدأت بغسل ثيابه وأنا أتحسر على حظي فحتى منزل العجوز

كان فيه غسالة قديمة تغسل الثياب على الأقل , هذا المنزل علمني

أن منزلنا ذاك كان قصرا رغم أنه حتى الخدم يعافوه لكن هذا

لا أعرف ما أقول عنه زريبة مقبرة متحف لا وصف يليق به

أبدا , رميت القميص من يدي بغيظ ليتطاير الصابون على جسدي

وشعري فبدأت بمسحه بتذمر واستياء وأشعر بأعصابي تحترق

ثم نظرت لغرفته المغلقة من وقت , ينام ويتركني كالبغل يحرث

علي ولا حق من حقوقي كزوجة يوفره لي وعليا أنا أن أكون

الزوجة المثالية , أمسكت القميص مجددا وبدأت بفركه

والغناء بصوت مرتفع لأنغص عليه نومه ولا ينعم بالراحة








*~~***~~*








اتكأت على طهر السرير وضحكت بصمت على غنائها المرتفع

تريد إزعاج نومي إذا تلك الحرباء ولا تعلم أني لست نائما , سنرى

يا سيدة قروش من سينغص على من , فتحت الباب ووقفت أمامه

أنظر لها مبتسما ومتكأ عليه ويدي في جيب بنطالي القصير فنظرت

لي ببرود وقد توقفت عن الغناء فقلت " من هذا الذي كذب عليك

وقال أن صوتك جميل ؟ لقد هربت العصافير بسببك "

تجاهلتني ولم تتحدث وعادت للغسل فتوجهت للطاولة وجلست على

الكرسي مقابلا لها ووضعت ساق على الأخرى أنظر لها وهي تحاول

رفع رقبة الفستان وتغطية كتفها كلما وقع ونسيت ساقيها وبعضا من

فخذيها المكشوفان ثم نظرت لي وغطتهم وقالت بضيق

" على ماذا تتفرج ؟ انتهى العرض عد لغرفتك فورا "

ضحكت ولم أعلق ثم أخرجت هاتفي واتصلت بالمحامي أمامها

عمدا فأجاب عليا فقلت من فوري " اطلعت على جميع الأوراق

أعماله يديرها مديره حتى أستلم أنا الأموال بما أنه لا وريث له

والمال لوالدتي وقاضي اطلع على أوراق القضية وقال أنها

رابحة بلا شك "

قال ضاحكا " أنت تكرر كلامي لك صباحا "

ضحكت وقلت " أعلم أريد أن أتأكد فقط "

قال من فوره " مسألة وقت ليس إلا "

قلت ونظري عليها وهي تنظر لي وقد توقفت عن الغسل

" لا مشكلة خذ وقتك فسأترك مدير أعماله يستلم كل شيء

وسأرى الأوراق فقط فلست أريد شيئا من مال حرمني

منه ووالدتي "

قال ضاحكا " من عقلك تقول هذا "

قلت مبتسما " لا طبعا وسنلتقي غدا صباحا وداعا الآن "

ثم أغلقت الهاتف وأعدته لجيبي فقالت من فورها

" هل جننت يا وجه الفقر "

هززت رأسي بنعم دون كلام فوضعت يداها وسط جسدها

وقالت بضيق " أريد أن أفهم كيف تريد مني أن أقوم بجميع

واجباتي وأنت لا تقوم بواجبك نحوي "

قلت ببرود " وما الذي قصرت فيه ها "

قالت بحدة " كل شيء "

اتكأت على ظهر الكرسي وكتفت يداي لصدري وقلت

" طعام وأحضر ما أقدر عليه فستان طلبته وجلبته

لك في لحظات "

ثم أشرت بعيناي لغرفته وقلت " وأي شيء آخر

تفضلي تجديه هناك "

شهقت بصدمة وقالت " ما تعني يا وقح "

قلت بابتسامة ماكرة " أعني ما تكلمتِ عنه أنتي "

عادت للغسيل وتأففت تتمتم بأشياء لا أفهمها فقلت مبتسما

" بسرعة لتكوي لي قميصي كي أذهب لحفل زواج صديقي إياس "

نظرت لي بصدمة وقالت " زوج ترجمان تعني "

هززت رأسي بنعم مبتسما فرمت الثياب من يدها وقالت باستياء

" واحدة يحتفلون بها وواحدة تعيش كالبغل هنا ما هذا العدل "

وقفت وقلت متوجها نحوها " يبدوا أنك تصرين على أن

أكمل واجبي كزوج "

فوقفت من فورها مبتعدة ويداها مليئة بالصابون وقالت بتحذير

" ابتعد عني يا آسر أفضل لك "

فضحكت بصوت مرتفع ثم غادرت جهة غرفتي قائلا

" فقط كي لا تقولي أني قصرت معك كزوج "

ثم دخلت الغرفة أضحك على شكلها فلم تري شيئا بعد يا سراب

رن هاتفي فنظرت للمتصل فكان العم صابر الذي رباني فاستغربت

اتصاله الآن وأنا كنت عنده فجرا قبل أن آتي هنا , أجبت عليه فكان

الصوت ليس له بل لفتاة تبكي فقلت بصدمة وقلق

" ما بك يا صبا ما يبكيك "







نهاية الفصل .... الفصل العاشر بعد شوي



برد المشاعر 15-12-15 11:06 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن)
 




الفصل العاشر








قالت بعبرة " أخي آسر يريدون أن يزوجوني "

قلت بصدمة " ماذا !! ومن هذا الذي سيزوجك "

شهقت ببكاء ثم قالت " والداي يقولان ليخف حملنا لأن أحدهم

خطبني , أنا أريد أن أنهي دراستي لا أريد أن أتزوج "

قلت بضيق " ما هذا الجنون وكيف لم يخبراني حين

زرتهما فجرا "

قالت بحزن " يعلمان أنك سترفض , والدي يمدح فيه كثيرا

لكني لا أريده ولا غيره حتى أنهي دراستي "

جلست على السرير من الصدمة وقلت " وإن يكن فسنك

ليس سن زواج , كيف لا يأخذان ولا رأيي فيه "

قالت ببكاء " لا تخبرهم أني أخبرك أخي أرجوك "

تنهدت وقلت " بالطبع لن أخبرهم ولا تفكري في هذا فلن

يتم هذا الزواج وأنا حي ولا تشغلي بالك عن دراستك

وأريدك متفوقة كالعادة "

قالت بعبرة " حسنا شكرا أخي علمت أنك ستقف في صفي "

أنهيت المكالمة معها وأنا أشعر بدمي يغلي , متى سيقتنعان أني

لا أكلف نفسي بمسئوليتي عنهم , كيف يزوجوا بناتهم قاصرات

فقط ليخف الحمل علي , غيرت ثيابي سريعا وخرجت من الغرفة

لأجد سراب واقفة بعباءتها وقالت فورا " أريد أن أذهب معك "

قلت بحدة " أين تريدين الذهاب معي "

قالت بضيق " لحفل شقيقتي طبعا أريد أن أراها "

دفعتها من أمامي وقلت مغادرا وبغضب " لن أذهب للبطيخ

حفل ارتاحي وأمسكي أرضك "

ثم غادرت المنزل وحينا والحي الذي يليه لأجد نفسي أمام باب

منزلهم , طرقت الباب ففتحت لي عبير وقالت مبتسمة

" مرحبا آسر "

دخلت وقالت هي صارخة " أخي آسر جاء "

لتركض إسراء نحوي وحضنت ساقاي فرفعتها وتوجهن باقي

الصغيرات جهتي وقالت نور " هل سنذهب لمدينة الألعاب "

قلت داخلا وهن يتبعنني " قلت نهاية الأسبوع وليس الآن "

وصلت الغرفة التي فيها والدهم وأنزلتها عند الباب وقلت

" ألعبوا هناك ولا يدخل أحد "

ابتعدن جميعهن وعدن لما كن يفعلن ودخلت أنا ملقيا التحية فأجابوا

باسمين فجلست وقلت " داليا خدي شقيقتيك وأخرجا قليلا "

خرجت بهما فورا وقالت والدتهم بقلق " خيرا يا آسر

وجهك لا يبشر بخير "

نظرت لعمي صابر وقلت بضيق " هل حقا ستزوج صبا "

نظرا لبعضهما ثم نظر لي وقال " من أخبرك هل هي فعلتها "

قلت بذات ضيقي " لا وليثها فعلت ذلك منذ البداية فلا

تنسى أنه لا شيء يخفى هنا "

قال بضيق أكبر " بل تكتمنا عن الأمر ولن يخبرك

غيرها لأنها لا تريد "

هدئت نفسي كي لا أنفعل فيهما وقلت " آخر ما كنت

أتوقعه أن تعتبروني رجلا غريبا "

قالت زوجته " لما تقول هذا يا آسر فلطالما اعتبرناك

ابننا ولازلت "

قلت بضيق " أبدا هذا في خيالي فقط , على الأقل أخذتم

رأيي ولو في الشاب الذي خطبها "

قال عمي " الشاب ممتاز ولا ستر للمرأة أكثر من

منزل زوجها "

وقفت وقلت " إذا لا مكان لي بينكم , المال سيصلكم كل

شهر ولن تروني ما حييت "

جلس قليلا وقال مادا يده " استهدي بالله يا بني ما هذا الذي تقوله "

قالت زوجته " اجلس لنتفاهم على ما يرضي الجميع "

قلت بجدية " لن أجلس إلا بما يرضيني أنا "

قال عمي بهدوء " آسر يا بني أعلم فيما تفكر وأعذر انزعاجك

لكن العقل ما سنفعله لأنه من الجنون تكليفك خصوصا

بعدما تزوجت "

لوحت بيدي وقلت بضيق " وهل اشتكيت لكم ؟ هل تروني قصرت

معهن في أمر ؟ وقلت مرارا قضية الأموال ستكون رابحة وسأحصل

ولو على نسبة من أملاكه وستتحسن الأمور كثيرا لكني

كمن يحرث في البحر "

تنهد وقال " حسنا أجلس ولن يحدث إلا ما تريد "

جلست حينها أتنفس بقوة وقلت " إن كان لي مَعزّة عندك فلا

يتكرر هذا الأمر ولا تتزوج أي منهن إلا بعدما تنهي دراستها

الجامعية إلا لو رغبت هي بذلك عن طيب خاطر وليس قبل

أن تبلغ السن القانوني طبعا "

قال بهدوء " الشاب جيد يا آسر ونعرفه منذ كان صغيرا وصبا

أكبر من سنها حتى أعمال المنزل وتربية الأبناء تجيدها لأنها

من رفعت كل شيء مع والدتها فلما الرفض "

قلت بجدية " أنت قلت بنفسك أنها غير موافقة ثم هل الزواج

أعمال منزل وتربية أبناء فقط أم مسئولية تحتاج امرأة بعقل

كبير , هل لديه منزل هل لديه وضيفة جيدة هل سيتركها تنهي

دراستها وتدخل التخصص الذي تحب وحلمت به كل حياتها

هل كل هذا يتوفر فيه لأوافق "

قالت زوجته " هوا يعمل حرفة يدوية والمال لا يعيب

الرجل بني , المنزل سيعيش مؤقتا مع أهله والدراسة

لا حاجة لها بها مع منزلها وأبنائها "

قلت بضيق " يعني وضيفة ليس لديه حرفة يدوية يعمل يومان

وينام شهرا دون عمل حتى يجد فرصة أخرى , تعيش مع

عائلة في غرفة ودراستها لن تكملها لتجد ما تحمي به نفسها

من عقبات الزمن , أي أنه زواج فاشل بجميع المقاييس "

قال عمي " اهدأ يا آسر ولن يكون إلا ما تريد "

قلت باستياء " لا أعلم حتى متى كنتم تنوون إخفاء الأمر عني

حتى تتزوجه بلا حتى حفل زواج كغيرها , لن تتزوج واحدة منهن

وأنا حي أتنفس إلا ممن أوافق عليه ويكون كفئا لفتح منزل وتتجهز

ويكون لها حفلا وليس في سن أقل من الثامنة عشرة إن كان

رأيي يعنيكما "

قالت زوجته " لكنهن عشرة يا آسر هل تعي معنى هذا فكم

ستزوج وتجهز وتشترط في الأزواج "

قلت بجدية " وإن كن عشرين فهؤلاء أعتبرهن شقيقاتي

إن كنتما لا تعتبروني ابنكم "

قال باستنكار " لا تقل هذا يا آسر ولن يحدث إلا ما تريد

وسنبلغه بأن ينسى الموضوع "

وقفت حينها وقلت " وهذا عشمي فيكم وإن كنت أعز عليكما

لا تتحدثا معها أبدا فليست من نقل لي الخبر لأنكما إن تكتما

أنتما فلن يتكتم هوا وعائلته "

ثم هممت بالخروج فأوقفني صوتها عند الباب " إذا لا تنسى

أن تحضر زوجتك لنتعرف عليها "

قلت وأنا أفتح الباب وأخرج " إن شاء الله "

توجهت بعدها للمطبخ وكما توقعت كانت صبا هناك تبكي وعبير

وداليا يهدئانها فدخلت لهم فابتعدتا عنها فتوجهت نحوها وأبعدت

يداها عن وجهها وقلت " توقفي عن البكاء يا صبا الزواج لن يتم

وأنا حي , والداك أرادا مصلحة الجميع فقط وأنا تفاهمت معهما

وسيلغى الأمر ولن يُفتح مجددا "

ارتمت حينها في حضني تواصل بكائها فتنهدت باستسلام

وضممتها برفق وقلت " يكفي قلت يا صبا فلن تتزوجيه

ولا غيره حتى توافقي أنتي "

ثم أبعدتها عني فمسحت دمعها وقالت بعبرة " شكرا لك أخي

لا أعلم من دونك ماذا كان سيحدث لنا "

قلت ناهرا لها " لا تقولي هذا مجددا فأنا من دون والدك لا

أعلم كيف كانت ستكون حياتي غير مجرم شوارع فوالدك

صاحب الفضل على الجميع بعد الله وما صرت لكم أخا كما

تريدون إلا بمجهوده وتربيته لي فكم كان يحرم نفسه من

اللقمة لأدرس وألبس , والدك أراد فقط أن يطمئن عليك "

هزت رأسها بحسنا تنظر للأرض بحزن فنظرت لثلاثتهن

وقلت " أي شيء يتكرر كهذا تعلموني به حتى تتحسن

الظروف وتنتقلوا من هنا مفهوم "

هزوا رؤوسهن بحسنا فخرجت من هناك وغادرت المنزل على

صوت توديع الطفلات لي وأيديهم الملطخة بالتراب تحييني , كل

ما أفكر فيه هذه العائلة وأسأل الله أن يمد في عمري

حتى أؤمن حياتهم بعدي بكسب القضية







*~~***~~*







مرت الساعات وأنا جالسة والجميع ينظر لي وكأني نجمة سينما

تقف على المسرح فما أسوئه من شعور شعور العروس ولم أتخيله

هكذا , تعرفت على شقيقتاه وابنة شقيقته الصغيرة وزوجة عمه

وعمته والكثيرات لم أعرفهن ومنهن من يقربن له من بعيد فعائلتهم

تبدوا كبيرة , كنت طوال الوقت أنتظر أن تدخل دُرر أو سراب بما

أنهما تزوجتا من رجلين يعملان معه ويبدوا أنهما صديقاه لكن لا أمل

وكلما دخلت واحدة نظرت لها فورا فكانت امرأة أخرى حتى يئست

من قدومهما , وبعد وقت طويل لاحظت نقاشا هامسا بين والدته

وابنتيها ثم اقتربت مني سدين فقلت لها " ماذا هناك أشعر أن

الأجواء مضطربة "

انحنت لي وقالت مبتسمة " أبدا فقط والدتي تريد أن يدخل

إياس ويلبسك العقد وخاتم الزواج وهوا قال أوصلوها

للغرفة وسأدخل فيما بعد "

قلت ببرود " ويكون أفضل لما كل هذا أمام النساء "

ضحكت وقالت " والدتي مستاءة منه ولابد وأن هذا يفرحك

لأنه لا يريد الدخول للفتيات "

ابتسمت ولذت بالصمت , بل لا يريد أن يدخل لي يا غبية , بعد

قليل خف عدد النساء كثيرا فأشرت لها فاقتربت مني فقلت هامسة

" تعبت من الجلوس لحظات وظهري ينكسر وأريد الحمام "

هزت رأسها بحسنا مبتسمة ثم غادرت جهة والدتها وشقيقتها الكبرى

وتحدثت معهما ثم عادت ناحيتي وأوقفتني وقالت مبتسمة

" أنا العريس اليوم هل لاحظت ذلك "

قلت بسخرية ونحن نتجه للسلالم " لو خيروني لاخترتك "

ضحكت وقالت ونحن نصعد السلالم على صوت زغاريد والدتها

" لا يسمعك أحد ويضن أننا شاذتان "

ضحكت رغما عني ووصلنا حينها أعلى السلالم وقد علت الزغاريد

وكثرت ليوقفنا صوت نادى سدين من الأسفل فالتفتتْ لهم ثم همست

لي " يبدوا أن العريس قرر الدخول انتظري هنا والتفتي للخلف "

ثم نزلت مسرعة والتفتُّ أنا كما قالت لننهي هذا اليوم الأعوج الممل

وما أن وقع نظري على الحاضرين في الأسفل رأيته معهم تتركه

واحدة لتحضنه الأخرى من كبيرات السن وبعض الفتيات سلمن عليه

باليد وهوا يبتسم للجميع , بالطبع يحق له عريس وعليه أن يكون سعيدا

أمامهم كي لا ينكسر غروره , أمسكت والدته بيده وتوجهت به نحو السلالم

فأنزلت رأسي أرضا ولم أعد أرى شيئا حتى وصلت خطواتهم لي وأمسكت

يد عمتي بيدي ووضعتها في يده وقالت بحنان " ليسعدكما الله أوصيكما

ببعض خيرا فكلاكما ابناي "

قال حينها بصوته الجهوري " حاضر يا أمي كم مرة

ستقولينها لي اليوم "

قالت بصوت مبتسم " ولن أتوقف عن قولها , هيا خذ

عروسك أنتما متعبان وعليكما أن ترتاحا "

شعرت حينها بذراعه على كتفاي وأمسكت يده ذراعي وسار بي

يسارا وفي صمت من كلينا حتى وصلنا باب غرفة معينة فتحها

وقال " أدخلي "

دخلت أتمتم بهمس " سأدخل أين سأذهب برأيك "

كانت الغرفة جميلة بل رائعة وأروع مما تصورت , مؤكد لن يطردني

منها وهوا من سيخرج من هنا فما فهمته من والدته أنها وبناتها سيتركون

المنزل الليلة وأنا لن أتنازل عن هذه الغرفة فليجد له واحدة غيرها , وقفت

في المنتصف ولم اعرف أين أتحرك ولا أعلم لما أشعر بكل هذا التوتر وهوا

هنا وأنا من كنت أتخيل أن هذا الشعور آخر ما قد يزوروني ولن أتوتر أو

أخاف فأنا لم أعرف هذه المشاعر يوما , خلع سترته ورماها على الكرسي

ثم ألحق لها ربطة العنق وكل هذا وهوا موليا ظهره لي ثم التفت لي لتلتقي

عينانا بل ليرى وجهي لأول مرة الليلة فأبعدت نظري عنه ثم أنزلت رأسي

أنظر لأصابعي وهي تلعب بخيوط العقيق المتدلية من الفستان حتى اقترب

مني بخطواته الثقيلة ووقف أمامي مباشرة فعدت للخلف خطوتين فقلصهما

في خطوة واحدة فرفعت رأسي ونظرت له فكان ينظر لي بابتسامة جانبية

فقلت " أريد أن أستحم أين ثيابي "

مؤكد هي في الخزانة وسؤالي غبي لكني لم أجد غيره ولا أريده أن

يقترب مني لينتقم من كل ما فعلته به سابقا فأنا أعلم جيدا أن هذا ما

يفكر فيه , قال بابتسامة ساخرة ونظره في عيناي

" ستدخلينه حالا لا تستعجلي "

شعرت بالريبة من معنى ما قال فقلت " ما تعني بكلامك "

عاد للوراء بضع خطوات ثم جلس على الكرسي واتكأ بمرفقه على

طرفه وبدأ بتمرير أصابعه في شعره ينظر جهة السرير وقال

" تعلمي كما أعلم ولا يعلم الجميع أن هذا الزواج لأجل

غرض معين وتحقق وهوا مداراة الفضيحة "

قلت ببرود " أعلم وجيد أنك فتحت الموضوع مبكرا "

نظر لي وقال بسخرية " نعم لكن عمك الذي هوا خالي والأهم

والدتي لا يريدان أن يقتنعا بكل هذا "

نظرت للجانب الآخر وقلت " فهمت ما المطلوب وسأنفذه

فالشعور تعلم أنه متبادل "

وضع ساق على الأخرى وقال " إذا هوا زواج سيكون رهن

فترة معينة مهما طالت لكي يقتنع الجميع أنه لن ينجح وكل

واحد منا يرى حياته "

ابتسمت ابتسامة ساخرة وكتفت يداي لصدري وقلت " وأخرج

كما دخلت هل أنت ند لهذا الكلام أم أكون وحدي الخاسرة "

وقف وقال " لا تخافي لا رغبة لي فيك هل تريني طفلا

لا أعرف كيف أتحكم في تصرفاتي "

كان هذا ما أريده منذ البداية لكن كلامه جارح لي كأنثى فما يراه

ينقصني ليقول أنه لا يرغب بي , هه وذلك يوم المنى لقد أزاح

عني حملا ثقيلا , سار في الغرفة يمينا ثم يسارا ونظري يتبعه ثم

قال وهوا ينظر لخطواته " طبعا ستجمعنا هذه الغرفة أوقات

الضرورة لأن الوضع كما تري أمامك ولن أستطيع أن

آخذ غرفة لوحدي "

قلت ببرود " عُلم "

وقف ونظر لي وقال " أمام أهلي كل شيء طبيعي "

اكتفيت بابتسامة ساخرة ولم أعلق فقال بجدية " أضن أني وافقت

على شرطك وعليك أن توافقي على شروطي "

قلت ببرود " لا يهم عندي أفعل ما تريد المهم النتيجة "

جلس مجددا وقال " النتيجة أنه كل واحد منا لا يرى في الآخر

الشريك الذي يريد فسيبحث عنه في غيره "

كتمتها في نفسي أيضا لكني لن أفوتها له كالسابقة فقلت بثقة

" معك حق أنا لا أريد زوجا ينظر لي من رأس أنفه ويرى

كل شيء بي خاطئ رغم أنه صحيح "

قال بسخرية " وأنا لا أريد إلا امرأة تشبهني في كل شيء "

قلت بضيق " فلنتوقف عن التجريح فقد فهم كل

واحد منا مكانه ومكانته "

وقف حينها وقال متوجها للحمام " إذا وضعت النقاط على

الحروف ولا أحد يحاسب الآخر على شيء "

ثم دخل الحمام وأغلقه خلفه , وقح لكنه قال ما أريد

واختصره علينا منذ البداية







*~~***~~*






سجنت نفسي في الغرفة ولم أخرج منها وعند أول المساء طرقت

عليا الخادمة الباب لتخبرني أن غرفتي في الأعلى أصبحت جاهزة

فصعدت أتبعها حتى وصلنا أعلى السلالم ثم سارت بي يمينا

فقلت وأنا أسير خلفها " ما يوجد في اليسار "

قالت " جناح السيد فقط "

غريب أمره جناح فقط في جهة كاملة أم أنه توجد غرف أخرى

لكنه يمنع فتحها !! وصلنا الغرفة وفتحتها وقالت " نظفتها

وجهزتها لك وأي شي تحتاجيه أخبريني "

قلت قبل أن تغادر " هل أحضر أواس ثيابي وأغراضي "

هزت رأسها بلا وقالت " لم أرى شيئا وسمعته يقول للسيدة

خديجة أنه سيخرج خارج المدينة "

هززت رأسي بحسنا ثم دخلت الغرفة وقلت " انتظري "

التفتت لي فأشرت لها على الجدار وقلت " ولما لم تزيلوا

تلك الصورة "

نظرت لها وقالت " تلك ممنوع إزالتها "

نظرت لها بتمعن كان هوا فيها والاثنان اللذان تزوجا من

ترجمان وسراب يلبسون ملابس الشرطة ويحملون أوسمة

في أيديهم وكان أواس الوحيد الذي يمسك قبعته تحت ذراعه

ولا يلبسها , نظرت للخادمة وقلت " هل كانت هذه غرفة أواس "

هزت رأسها بنعم وقالت " ولم يغيرها أبدا والمدة

الماضية كان ينام فيها أغلب الأحيان "

نظرت لها باستغراب وقلت " ولما ولديه جناح هناك "

هزت رأسها وكأنها استفاقت لنفسها ثم قالت " لا أعلم خيل

لي ذلك قد يكون يأخذ أغراضا منها فقط "

ابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت " نعم قد يكون كذلك

لكن الآن أين الأغراض التي كانت هنا "

قالت من فورها " أنزلناها للملحق الخارجي بأوامر منه

هل تريدين شيئا آخر سيدتي ورائي عمل كثيرا "

هززت رأسي بلا فغادرت من فورها ودخلت أنا الغرفة ونظري

على تلك الصورة , لما تركها لي هنا كان أخذها مع الأغراض

أو علّقها في جناحه , جلست على السرير وتنهدت بحيرة فكل

شيء في هذا الرجل غريب وحياته أغرب , يبدوا ثمة مشاكل

بينه وبين زوجته ليضربها ويسجنها هكذا بل يبدوا ينام بعيدا

عنها , ترى ما هوا هذا الأمر الذي يجعله هكذا وأين أهلها عن

كل هذا أم أنها يتيمة ولا أهل لها ؟؟ حسنا وإن فرضنا أن والداها

متوفيان أين أقاربها ؟ ثم الخادمة قالت أن شقيقها زارها هنا أم

أنه ليس شقيقها , وقفت وتمتمت " أستغفر الله هل سأصل لرمي

مؤمنة محصنة , أعوذ بالله من الشيطان "

دخلت الحمام استحممت ولبست البيجامة الأخرى فلم أستطع أخذ

شيء غيرهما من ثيابْ صاحبتها غير موجودة , خرجت من الحمام

وجلست أمام المرآة أمشط شعري لأجففه فنزلت بنظري للبيجامة

وتذكرت يوم أمس حين كنت مرتدية لها وقبلاته لخدي فأغمضت

عيناي بقوة أشعر بالدماء تصعد لوجهي وبقلبي يقرع كالطبول وكأن

الأمر يحدث الآن , انفتح حينها الباب فجأة فوقفت مفزوعة بشهقة فلا

غيره يدخل دون طرق لكنها كانت عمته فوضعت يدي على صدري

وتنفست بارتياح فقالت باستغراب " ظننت الغرفة فارغة

ولم تنتقلي لها بعد أنا آسفة "

هززت رأسي بحسنا وقلت بهمس " لا بأس "

كانت تنظر لي بريبة ويبدوا خمنت أني كنت خائفة من دخوله

فقلت مبررة الأمر " كنت شاردة الدهن فانفتح الباب بقوة وأفزعتني "

قالت مبتسمة " وأنا قلت ما سر كل هذه الشهقة والخوف "

ابتسمت لها دون تعليق فأغلقت الباب واقتربت مني وسحبتني

من يدي حتى جلسنا على السرير وقالت بصوت منخفض

" دُرر هل أطلب منك طلبا ولا ترديني "

قلت بجدية " إن كان في استطاعتي فعلته دون تردد "

قالت مبتسمة " بلى في استطاعتك "

بقيت أنظر لها بصمت وترقب فنظرت ليديها وقالت

" وهوا بشأن أواس "

قلت بصدمة " أواس !! "

نظرت لي وقالت " نعم فنقله لك هنا لغرفته السابقة

له ملايين التفاسير "

قلت بحيرة " لم أفهم ثم ما في الأمر إن نقلني هنا "

تنهدت وقالت " أواس حياته وزوجته الأولى لا تسير

على ما يرام ومؤكد لاحظتِ ذلك "

هززت رأسي بنعم فتابعت " كان بإمكانه تركك في غرفة

غدير ابنتي لأنها لا تكون هنا إلا لأشهر معينة وقد لا تأتي

سوا يومين في الأسبوع وكان يمكنه نقلك لغرفة أخرى فأن

ينقلك هنا أمر غريب "

قلت بتوجس " ما قصدك بهذا "

ضحكت وقالت " ما بك ؟؟ لا تخافي "

قلت بريبة " كلامك غريب ولا أفهم ما تصبين إليه "

تنهدت وقالت " حسنا سأختصر الطريق عليك وعلى نفسي "

ثم أمسكت يدي بيديها وقالت ناظرة لعيناي " أريدك أن

تكسبيه وأن تسعديه , حاولي كل جهدك "

بقيت أتنقل بنظري بين عينيها بحيرة فتركت يدي ونظرت

للأرض بشرود وقالت بحزن " أواس عانى في حياته كثيرا

وأريده أن يسعد حقا "

شعرت بقشعريرة سرت في جسدي لأن كلامها ذكرني بكلامه

عن جلدي له فقلت بشبه همس " احكي لي عن طفولته "

نظرت لي باستغراب وقالت " ولما طفولته تحديدا !! "

شعرت أني تصرفت بغباء فما كان عليا سؤالها هكذا مباشرة

لكني تدارك الأمر قائلة " قد يكون لطفولته كل الدخل في هذا "

قالت بعد صمت " قد لا يحق لي قول كل شيء يا دُرر فهذا

يخصه وحده وأنا عشت معه هنا بعدما تخرج من كلية

الشرطة فكل ما أريده منك أن تحاولي فقط "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أعلم بل لا أستطيع فأنا لا

أفهمه أبدا وأشعر أنه هوا من يصنع حاجزا بيننا ولا

يريد أن أتخطاه "

قالت برجاء " حاولي ولن تخسري شيئا ولا تأخذي على

كل كلامه وتصرفاته "

نظرت للأسفل وتنهدت بحيرة وقلت " لا أعلم "

وقفت وقالت " فكري في كلامي يا دُرر فأملي فيك كبير

ونظرتي في الناس لا تخيب ومتأكدة من أنك صاحبة

عقل كبير وصدر رحب "

ثم غادرت الغرفة وتركتني أنظر لمكان خروجها بحيرة

هل حقا عليا أن أكسبه لكن كيف ذلك فأنا أراه أبعد من المستحيل

أخذت مصحفي وبدأت بمراجعة ما حفظت وسرقني الليل حتى

شعرت بالنعاس فأطفأت النور ولم أترك سوا الإضاءة الخفيفة عند

السرير ودخلت تحت اللحاف وبدأت بقراءة أذكار النوم حتى غلبني

النعاس لأستيقظ بعدها بقليل على صوت باب الغرفة يفتح فتصلبت

جميع أطرافي وأنا أسمع صوت خطواته فيها حتى جلس بجانبي

على الطرف الآخر للسرير ورمى شيئا على الطاولة ثم التفت لي

فأغمضت عيناي بسرعة وقلبي أشعر أنه سيخرج من ضلوعي

شعرت به وهوا يجلس عليه ويتكأ بظهره ممددا ساقيه فوقه وساد

الصمت لوقت ولم يتحرك ففتحت عيناي ونظرت له فكان متكأ

برأسه على الجدار ويضربه به للخلف ضربات خفيفة ثم ضغط

على جبينه بقوة ثم عينيه , ما به يبدوا مستاء أو غاضبا لا أفهم هذا

الرجل أبدا !! عاد لضربه مجددا بالجدار لكن هذه المرة بقوة أكبر

ولازال مغمضا عيناه بأصابعه فضممت يدي لصدري وشعرت

بشيء لا أعلم ما يكون وكأنه حزن على حالته الآن , لو أفهم

فقط لما جاء هنا عندي لو كان رحمني منه , بدأت أشعر بقلبي

يتمزق وهوا يزيد من ضربه له لتخرج منه أنات متألمة كلما

ضربه به بقوة فمددت يدي ببطء وأمسكت يده الأخرى التي كانت

في جهتي فانتفض واقفا ثم توجه لزر الإنارة وشغله فجلست من

فوري ونظر هوا لي باستغراب وقال " ماذا تفعلين هنا "

رفعت شعري خلف أذني وقلت بتوتر " ألست من قال

أن أنتقل لهذه الغرفة "

مرر أصابعه في شعره ونظر جانبا فيبدوا أنه نسي موضوع

انتقالي هنا فقلت بهمس ونظري معلق به " ما بك يا أواس "

نظر لي حينها بسرعة بنظرة مخيفة وقال بحدة " لا شأن لك

وقلت لا تتدخلي فيما لا يعيك "

ثم خرج ضاربا الباب خلفه وتركني أنظر لمكانه بصدمة






*~~***~~*







دخلت المطبخ صباحا وكانت هناك ويبدوا تعد الشاي , أكثر ما

أستغربه فيها أنها لم تتمرد وترفض ما أطلبه منها من أعمال

المنزل , نظرت لي وأنا عند الباب ثم تجاهلتني وعادت بنظرها

لإبريق الشاي على النار فتبدوا مستاءة حد الغضب بسبب تصرفي

معها البارحة لكن الذنب عليها تراني خارج من الغرفة غاضبا

تقول سأذهب معك

اتكأت على إطار الباب وثنيت ساق أمام الأخرى وقلت

" لا تكثري السكر في الشاي كأمس "

ولم تجب طبعا بل وضعت علبة السكر في الصينية أي ضعه

بنفسك كما تريد , عدلت شعري للأعلى بأصابعي وقلت

" والخبز لا تحرقيه كثيرا أحبه شبه محمر "

نظرت لي حينها بغيظ وصرخت " لما لا تتركني

وشأني , أَعجبك كله لم يعجبك اتركه "

قلت مبتسما " نعم هذا ما أريد أن تصرخي بي وهذه بتلك "

تأففت وأولتني ظهرها فقلت مبتسما " داشر يسلم عليك "

كتفت يداها لصدرها ولم تتحدث ولا تلتفت لي فضحكت

بصمت ثم قلت " هل أناديه لك "

نفضت يداها وقالت مستاءة " آسر لما لا ترحمني منك لا

أريد أن أراك ولا أسمع صوتك فغادر رجاءا "

ابتعدت حينها عن الباب قائلا " حسنا أردت فقط تسليتك

وأنتي تطبخي لكنك ناكرة للمعروف "

ثم غادرت من هناك وعدت للغرفة مبتسما فهي لا تعلم أن

إغاظتها تسلية بالنسبة لي لكانت تحولت لقالب ثلج , فتحت

الخزانة وأخرجت باقي راتبي لهذا الشهر وعددتهم ثم وضعتهم

في المحفظة فها نحن نقترب من نهايته وسينزل الراتب الجديد








*~~***~~*







مددت يدي متكاسلة وأرجعتها سريعا حين شعرت أني لمست

جسدا فنظرت هناك فما كان سوا ظهره وهوا نائم بجانبي فأنا

طبعا بعد دخوله الحمام البارحة غيرت ثيابي ونمت قبل أن

يخرج وهوا لم يخرج حتى كنت في سابع نومه وكأنه يتعمد فعل

ذلك بل هوا يتعمده فعلا , لو فقط وجد لنا حلا في هذه الغرفة

المشتركة مثلما وجد حلولا لكل شيء فهذا الوضع لا يعجبني

جلست من فوري وغادرت السرير ودخلت الحمام وأغلقت الباب

استحممت ولبست منشفة الحمام وخرجت جلست على كرسي مرآة

التزيين وبدأت أجفف شعري بالمنشفة حتى خف منه الماء ثم شغلت

مجفف الشعر ولم آبه به فلينام هكذا أو ليخرج , أنهيت تجفيف شعري

وهوا كالجبل لم يتحرك فيبدوا نومه ثقيل , أخرجت فستانا بسيطا وأنيقا

طوله لنصف الساق وكماه قصيران وبه ربطة من الشيفون عند الرقبة

تبدأ من نهايتها ومعقودة في الأمام , مشطت شعري وتركته مفتوحا

ورفعته بقوس شعر ثم خرجت من الغرفة , تأخرت في النوم ومؤكد

عمتي وبناتها عُدن من وقت , نزلت للأسفل وكما توقعت كانت هي

ورغد جالستان هناك , وصلت نهاية السلالم فابتسمت ما أن رأتني

وقالت " ها قد استيقظ العروسان الكسولان "

ابتسمت لها مجاملة ووصلت عندهما فربتت بيدها على الأريكة

بجانبها وقالت " تعالي اجلسي بجانبي "

توجهت نحوها فورا وجلست قائلة " صباح الخير "

قالت رغد مبتسمة " قولي مساء الخير "

قلت بضيق مصطنع " ما بكم علي انتظروا لينزل ابنكم

ووبخوه معي "

ضحكت عمتي وقالت " معك حق متعبان وكان عليكما

أن تناما وترتاحا "

وقفت رغد حين رأت ابنتها راكضة من بعيد وتوجهت نحوها

صارخة " ندى تعالي لا توقعيه , من هذا الذي أعطاه لك "

وأنا أراقبها مبتسمة فشدت عمتي ذراعي وهمست لي

" هل نقول مبروك "

شعرت بشعر جسدي وقف , حقا أن الأمهات لا حواجز لديهن مع

زواج أبنائهم !!! نظرت للأسفل وهززت رأسي بنعم , قولي ألف

مبروك وليس مبروك واحدة, قالت مبتسمة " حمدا لله وأراني

الله أبنائكم بعد أقل من عام "

نظرت لها بصدمة فضحكت وقالت " ولما لا فكم

حدثت مع كثيرات "

قلت ببرود " تلك تتزوج وحشا وليس آدميا "

ضحكت وقالت " لا تحملي أنتي أيضا بسرعة ويظهر

أن ابني وحش "

ضحكت حينها رغما عني وقلت " وإن لم أحمل

فسيكون جرو "

نظرت لي بصدمة فابتسمت لها ابتسامة من وقع في فخ فضحكت

من فورها لحظة نزول إياس من السلالم , ما أسرع ما لحق بي

كان مستيقظا إذا ويدعي النوم ؟ لا والأخ نازل وشعره مبلل يمثل

دوره ببراعة وكأنه ينقصنا إحراج في هذا الصباح , وصل عندنا

ووقفت له والدته وحضنته فورا تعانق بذراعيها عنقه وهوا منحني

لها قليلا وقالت ببكاء " مبارك لك يا إياس يا ابني وأخيرا

قررت عيني بما أريد "

مسح على ظهرها ونظر لي نظرة من فهم ما دار بيني وبينها

فنظرت للجانب الآخر وقال هوا " أمي لما البكاء الآن "

ابتعدت عنه وقالت " من فرحتي يا حبيب أمك "

ليثك تعلمين عن الكذبة التي يعيشك فيها حبيب أمه , سحبته من

يده قائلة " تعال اجلس بجانب عروسك وسنجهز لكما الفطور

حالا , كنت أود أخذه لكما في الأعلى لكن لم نريد إزعاج

نومكما حتى تستيقظا وحدكما "

نظر حوله دون أن يجلس وقال " وأين بناتك غريب لا

صوت لهن "

جلست في الجانب الآخر وقالت " سدين وسلسبيل في جامعتهما

طبعا ورغد تركض خلف ابنتها من الصباح فهي صاروخ

اليوم على غير عادتها "

جلس بجانبي حيث أوصلته ووقفت هي وغادرت جهة المطبخ

فنظرت أنا جانبا أشغل نظري بكل شيء حولي وأخرج هوا هاتفه

وانشغل به منحني ومستند بمرفقيه على ركبتيه , بعد قليل سرقت

نظرة له لأرى ما يفعل به كل هذا الوقت فكان يتصفح صفحة

إخبارية على ما يبدوا وأنا ظننته يفعل شيئا مهما !! ما أسخفك حقا

اقتربت حينها رغد منا ومعها ابنتها التي ما أن رأته حتى ركضت

نحوه ضاحكة وهوا رفع رأسه لها فورا واستقبلها فاتحا ذراعيه لها

فارتمت في حضنه ووقفت بين ساقيه فقال وهوا يقبل خدها

" صباح الخير يا مشاغبة "

جلست رغد وقالت " اليوم وكأن من أعطاها جرعة

منشط لقد أهلكتني "

كان يقبل خدها قبلات متتالية وهي تضحك وتقول أشياء لا

أفهمها فتأففت ووقفت قائلة " أين الحمام "

أشارت لي رغد أين أجده فتوجهت هناك فورا وغسلت وجهي بما

أنني لم أضع عليه أي مساحيق تجميل ثم جففته بالمنشفة ليس لشيء

سوا الهروب من هناك , خرجت بعدها فوجدت الخادمة تنتظرني

في الخارج وأشارت بيدها قائلة " الفطور جاهز سيدتي "

سرت خلفها حتى وصلنا لطاولة الطعام وكانت عمتي هناك ورغد

وابنتها فجلست وقلت " وأنتم أيضا لم تتناولوا فطوركم أم تقلدونا فقط "

ضحكتا معا وقالت رغد " أمي لم ترضى أن تتناوله إلا معكما وحتى

علاج الضغط أخرته عن موعده , وأنا لا أحب أن أفطر وحدي "

دخل حينها إياس فشغلت نفسي بالخبز الذي رفعته وجلس هوا

بجوار والدته وبدأ يعاتبها على تأخير حبوبها من أجلنا وانشغلت

أنا في الأكل ولم أشارك بشيء حتى قالت عمتي " حمدا لله

الذي رزقني بزوجة ابن كما أريد وليست معلولة نفسيا "

نظرت لها بصدمة وضحكت رغد فورا وأنا أتنقل بنظري

بينهما بحيرة فقالت رغد " لا تستغربي يا ترجمان فوالدتي

كانت تتمنى عروسا لإياس لا تكون هادئة وصامتة طوال

الوقت لأنها تعتبرهن مريضات نفسيا "

رميت شعري للخلف وقلت بغرور " معها حق فما

الفرق بينها وبين الجدار "

ليفهم ذاك المغرور أني راضية عن نفسي هكذا ولا يهم أن

أعجبه أو لا , ضحكت عمتي وقالت " سلم لسانك وأخيرا

وجدت من يؤيدني "

قالت رغد " المهم الآن أن تغيري نظرة إياس في الأمر "

نظرتُ لقطعة الخبز في يدي وقلت وأنا أنفضها " إن بقينا

ندقق على أذواق الناس فسنكون في كل يوم بشكل جديد

فالمهم أن يقنع الإنسان نفسه فقط "

وقف حينها لأن هاتفه بدأ بالرنين وغادر والغريب أنه لم يعلق

بشيء فوقفت أيضا فقالت عمتي" ما بك يا ترجمان أنتي

لم تأكلي شيئا ؟؟ "

قلت مغادرة " شبعت عمتي "

توجهت بعدها للسلالم لأصعد لغرفتي لأنه كان خارجا من

المنزل يتحدث بهاتفه







*~~***~~*







فتحت عيناي لأجد نفسي نائما مكاني مستندا على الجدار فسعلت

بقوة من رائحة الغرفة وشددت شعري للخلف أنظر للسقف لتعود

لي تلك الكلمات ( ومنذ متى كان حملا لزوجة واحدة ليتزوج اثنتين

أعانني الله على الابن الناقص ) أغمضت عيناي بقوة لتظهر صورة

ذاك الوحش علي رضوان في لقائه في التلفاز البارحة والمذيعة تسأله

لما تركت القضاء من عشرين عام وهاجرت خارج البلاد ألا تفكر في

العودة فقال بكل قذارة ووقاحة ( وما أفعل ببلاد أصبح جهازها الأمني

بذاك الانحطاط ليصبح من هب وذب ضابطا في الشرطة , مجموعة

صعاليك يجمعونهم من الشارع )

رفست السلسة الحديدية أمام وصرخت " قذر أنت القذر

والصعلوك أنت يا فاشل سترى إن لم تندم على كل هذا "

وقفت بعدها وغادرت الغرفة والملحق ودخلت المنزل

ووقفت وسطه أصرخ " دُره "

فخرجت عمتي من جهة المطبخ راكضة وقالت

" أواس متى عدت وما بك تصرخ غاضبا "

تجاهلتها ونظرت جانبا وصرخت مجددا

" أنتي التي أسمك دُرر "

فنزلت حينها من السلالم مسرعة ووقفت في آخرها تنظر لي

بصمت فتنفست بقوة وقلت بحزم " أتركي الغرفة وعودي

حيث كنتِ "

لم تعلق بشيء تنظر لعيناي فقط , هذا ما قدرت عليه يا أواس

وأنت داخل لها بغضب يدمر العالم !! ماذا تفعل لك بنظرتها

لتجعلك تغير كل قراراتك في لحظة , لا بأس فالقادم أكثر

صرخت بها " مفهوم "

قالت بهدوء " مفهوم "

قلت بحزم " ولا تعتب قدمك الطابق العلوي لأي سبب كان "

قالت " حسنا "

ولم تزد شيئا بل لم تعطيني أي مبرر لأفرغ غضبي فيها ولو

بلساني فخرجت من هناك وركبت سيارتي وغادرت








*~~***~~*







صليت الظهر وخرجت من غرفتي العفنة , لقد تحطم ظهري

من النوم على الأريكة ووجه الفقر ذاك لا يفكر أن يجلب لي

سريرا أو حتى فراش , غرفة لا نافذة فيها يدخل منها الهواء

والباب لم يعد بإمكاني فتحه خوفا من الأستاذ داشر طبعا , لا

أعلم كيف يفكر هذا المنحوس سيحصل على كل ذاك المال

ويقول لا يريده وأنه كرهه بل ما يحيرني أين يذهب براتبه هل

يدخره ليشتري منزلا آخر ! أجل مؤكد سيفعلها فعليا بالصبر

حتى يخرجني من هنا أو يطلقني , فتحت الباب وخرجت

لأفاجئ بكيس موضوعا أمامه فرفعته مباشرة ثم رميته فقد يكون

فيه أحد أبناء قطه ذاك أو أي شيء آخر , ضربته بقدمي ولم

يخرج منه شيء فرفعته مجددا وفتحته وأخرجت ما فيه أنظر

له بصدمة , فستان !! بل بلون جميل من الشيفون بدون أكمام

مخصر وواسع من الأسفل وأطرافه السفلية مقصوصة بشكل

أقواس مستحيل هل أحلم أم أن وجه الفقر عديم الذوق ذاك من

جلبه , عدت به للغرفة ولبسته فشعرت أني عدت مخلوقة بشرية

من جديد , يبدوا اعتذارا غير مباشر عن تصرفه الأحمق معي

البارحة , لو كان أمره يعنيني ما رضيت ولا أخذته منه حتى

يعتذر لكنه آخر ما في حساباتي والفستان أهم عندي منه ولا

يعنيني سبب إحضاره لي , خرجت بعدها من الغرفة مجددا

ولم تكن له أي حركة في المنزل , غريب أين ذهب في هذا

الوقت !! جيد سيتركني أطهوا الغداء بدون إزعاجه لي ياله

من يوم سعيد , أنهيت إعداد الطعام وسمعت صوت باب المنزل

يفتح فخرجت من المطبخ أنشف يداي فدخل ووقف ينظر لي

بصمت , نظر لجسدي نظرة شاملة ثم رفع نظره وقال ببرود

" لا تفسدي الفستان بالتسكع به في المنزل أريدك

أن تقابلي به أناس سنزورهم "

لويت شفتاي وقلت " ظننتك أحسست بالذنب وتريد الاعتذار

عن فعلتك لكني أخطأت "

قال متوجها جهة غرفته " ومن أنتي أصرف المال لأراضيها "

ثم وقف عند الباب والتفت لي وقال " الليلة سنزورهم "

لم أعبر عن فرحتي بالخروج من هذا السجن وتصرفت وكأن

الأمر لا يعنيني وقلت مغيرة مجرى الحديث " الخضار بدأ ينفذ "

فتح باب الغرفة وقال وهوا يدخلها " لا مال لدي كلي الفستان "

ثم دخل وأغلق الباب خلفه , خلصني الله منك يا أبو الفقر ذاته

لو أعلم فقط أين يصرف ماله وكل خوفي أن يكون مدمنا

على شيء ما ويتعاطاه , هززت رأسي بلا بقوة وقلت

" مستحيل لكان يضربني كل وقت "

ثم قلت بتفكير وأنا أحرك طرف سبابتي على شفتاي

" إذا أين يذهب به قد يكون بخيلا ويكنزه "

رفعت نظري فكان يقف في نافذة غرفته المرتفع وينظر لي

ويضحك بصمت على تحدثي مع نفسي , الوقح أبو الفقر ما

الذي رفعه هناك , وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" هل لي أن أعلم لما تتجسس على خلق الله , ليتك

تسقط وتنكسر ساقك "

ضحك حينها بصوت مرتفع ثم قال " سنزور صديقتك

ترجمان الليلة "

ثم أغلق النافذة فقفزت من الفرحة لكن بصمت طبعا كي لا يسمعني

فأنا مشتاقة لهما حقا ولأول مرة تمر أيام لا أراهما فيها






المخرج كلمات للغالية آيفا رمضان


جميلة تلك من تفهم ما بداخلنا
والأجمل من تعرف كيف تصف
شوقنا لحروفها ولكلماتها وكتاباتها
بل رائعة تلك الأنثى التي تدفئنا
بمشاعرها التي وإن كانت باردة فبرود
تلك المشاعر كحصون من جليد الذي
الذي يرقص على نار تجعلك تذوب
وتحتار في تلك المشاعر وكأنها ملامح تختبئ
خلف ظلام أم أنها أشباه ظلال وكأنها
رياح تأتي بعد أن تكون أوجاع ما بعد
العاصفة , حينها ندرك أن برود تلك
المشاعر لن تكون من البشر بل من القمر
عندها نؤمن أنها مكان لي منازل القمر





فشكرا ليك من كل قلبي آيفا على الكلمات
المعبرة الي وصفتي فيها أسماء رواياتي بشكل جميل ومبهر

برد المشاعر 18-12-15 11:28 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل العاشر)
 
1 مرفق


النص بالمرفقات


شكرا منون على هالذوق الحلو ...... وموعدنا فجر الأربعاء إن شاء الله


برد المشاعر 22-12-15 11:30 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي عشر)
 
1 مرفق






الفصل الثاني عشر


النص بالمرفقات


برد المشاعر 25-12-15 06:04 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني عشر)
 

أول شي لأن بنات شقيقتي أول ما يشوفوا اللاب أصابعهم


لأزراره على طول فنزلت الفصل هالوقت لأن صعب أنزله بعدين




وثاني شيءأحب أوجه شكر كبير للغاليات

لهفة مشاعر , آيفا رمضان , عبيركك , لهفة مشاعر , شموخي ثمن صمتي

نوره ( عميه ) , sunny smil , جنون شرسة , الجميله2 , em esoos

ahsas , ورودي ذبلت , الياقوتة الحمراء , مطلع القمر ~Morgana~

(Maysa) , آية الموسوي , hatice hatice , شوقي العنيد

دفء المشاعر H , همس الامومه , وعد الماهر



على دعمهم وتشجيعهم والكلام الكبير في حقي وحق الرواية وما ننسى

الأختين الغاليتين فيتامين سي ولمارا لإتاحتهم الفرصة لي لمعرفة قلوب

مثلكم لا حرمني الله منكم جميعا






الفصل الثالث عشر









نظرت له بترقب أتنقل بنظري بين عينيه أريد جوابا أي

جواب يا أواس أرجوك , قال بهدوء " عودي للمنزل ولا

تخرجي هذا الوقت ثانيتا "

قلت مجددا وبإصرار " من أنا يا أواس "

نظر لأعلى حبل الأرجوحة وقال " عودي للمنزل "

قلت بجمود " لا "

نظر لي وقال بضيق " عدنا للعصيان يا دُره "

وقفت وقلت " أجبني أولا "

أبعد نظره عني وقال " أنتي دُره سيدة هذه الأرجوحة "

اقتربت منه حتى وقفت أمامه وقلت " وأنت ؟ "

نظر لعيناي مطولا ثم قال بهمس " أواس الفتى الذي كان

يحملك على كتفيه وقدماه تنزف دما من كل مكان فيها "

شعرت بجسمي ارتجف وقلبي علت نبضاته فها هوا يذكر

التعذيب مجددا وبدماء هذه المرة , هززت رأسي بحيرة

وقلت بحزن " ماذا كان يحدث هنا أخبرني أرجوك "

نظر للأسفل وابتسم بسخرية وقال " اسكتي يا دُره نبهتك

سابقا عن فتح هذا الموضوع ولا أريد أن تكون النتيجة

كعصيانك لي اليوم "

بقيت أنظر لملامحه بصمت أتمنى فقط أن يغير رأيه تكلم يا أواس

حلفتك بربي وربك أن ترحمني وتخبرني ... تكلم ... تكلم الآن , رفع

نظره لي مجددا وبقينا على ذاك الوضع لوقت ثم قلت بهمس حزين

" آلمتني اليوم "

فمد يده لذراعي وشدني منها لحضنه وطوقني بذراعيه فشعرت

بقلبي علت نبضاته فوق علوها وبدموعي بدأت تزاحم عيناي لكني

لن أبكي فلم أكن للبكاء يوما , كانت تلك اللحظات الأغرب في

حياتي كان شعورا فاق كل وصف وأنا وسط حضنه لا أعلم ما

أقول عنه سوا أنه الشعور بالحضن الوحيد الذي عرفته حياتي

فلأني كنت أكبرنا ثلاثتنا فمند صغرنا كنت أنا من أحضن من

تبكي منهما حين تقع وتتأذى , مسح بإحدى يديه على ظهري

نزولا وقال هامسا " لازال يؤلمك "

اضطرب تنفسي على اضطرابه وقلت بذات الهمس ووجهي

يرسم تفاصيله على عضلات صدره " نعم كثيرا "

مرر أصابعه في شعري ودس وجهي في صدره أكثر وقال

" لا تعصيني ثانيتا يا دُره لا تتحدثي وأنا غاضب لا تناقشيني

لا ترفعي صوتك علي ولا تفتحي الدفاتر القديمة فالقادم أشد "

ثم تركني وأولاني ظهره وقال سائرا " هيا عودي

للمنزل أريد أن أسمع خطواتك خلفي "

تحركت حينها وسرت خلفه فسأكون غبية إن كررتها الآن تحديدا

وعصيته وهوا نبهني للتو , كيف تريد مني أن لا أسألك لا عن

زوجتك ولا ماضينا معا وعن سر كلماتك الغامضة ؟ كيف نعيش في

هذه الدوامة ولا أسأل ؟؟! كنت أراه يبتعد وتذكرت حديث ترجمان

وهي تضحك على الروايات الأجنبية حين يصفون بطلها بعريض

المنكبين فاره الطول وسيم الملامح مع حدة فيها وكنت مثلها لا

أصدق ذلك لكن الآن هذا الجسد والمشية تحت الضوء الضعيف

للمصابيح جعل منه صورة كخيال تلك القصص , ترجمان كانت

دائما تكره الرجل شديد بياض البشرة رقيق الملامح وتراه كالفتيات

وزوجها كان كما تكره بشرته تكاد تكون كالمرآة درجة أن لحيته

البنية تظهر منها بوضوح محددة بينما تعجبها شخصية كأواس

سراب يعجبها الرجل كإياس وأنا لطالما كنت أتمنى كزوج سراب

صاحب الملامح المسترخية والنظرة التي لا تفارق الأرض

فغريب كيف تعاكست أقدارنا

وقفت مكاني حين تذكرتهما فوقف لوقوفي رغم أنه ابتعد عني

قليلا لكنه شعر بي وقال موليا ظهره لي وبنبرة أمر " دُره "

خرجت منه بحزم جعلتني أتابع سيري وقلت " أريد أن

أرى شقيقتاي ولو أسمع صوتهما فقط "

قال وهوا يتابع سيره " ليس الآن "

قلت " متى إذا "

لاذ بالصمت ولم يجب ففهمت أنه عليا أن أنسى الأمر حتى يقرر

هوا , دخلنا المنزل وقال وهوا يتوجه نحو السلالم " خذي المسكن

وإن بقي يؤلمك أطرقي عليا باب غرفتي وسأآخذك للمستشفى "

ثم صعد السلالم فتنهدت بحيرة وكنت سأتوجه جهة ممر غرفتي

فوقفت مكاني وأنا أرى قطرات الدماء على حدائي وأسفل ساقاي

فنظرت جهته بسرعة وهوا يصعد وقلت منادية بقلق " أواس "

فوقف والتفت لي فصعدت له مسرعة حتى وقفت في الدرجة

التي تحت قدميه ونظرت لجسمه بالمكان وهوا ينظر لي بحيرة

ثم أمسكت يده وقلت " يدك تنزف انظر إنها مجروحة "

سحبها مني بقوة وقال صاعدا " لا شيء بها وقلت لا تصعدي "

ثم اختفى عني فهززت رأسي بحيرة ونزلت وتوجهت لغرفتي

خلعت حدائي وجلست على السرير ورفعت قدماي عليه ونصبت

ركبتاي ومررت أصابعي على الدم في ساقي ثم حضنت ساقاي
بقوة وخبئت وجهي فيهما , ماذا يحدث معك يا دُرر كيف يظهر لك


رجل من ماضيك يبدوا كنتِ تأخذين حيزا كبيرا في ماضيه ليتصرف

معك الآن بتناقض يجعلك أيضا تناقضين نفسك لتصبحي تسأليه

كل وقت من أنا وكأنك لا تعرفي من تكونين

شعرت بالألم ازداد في ظهري فاتكأت للخلف وتأوهت بهمس

ونظرت للسقف وقلت بابتسامة حزينة " يقول لا تصعدي للأعلى

أبدا وقال بلسانه إن أتعبك ظهرك أطرقي عليا باب غرفتي

فكيف يكون هذا "

نظرت بعدها جانبا ومددت يدي وسحبت كيس الحبوب من على

الطاولة بجانب السرير وأخرجتهم منه لآخذ حبتين عل هذا الألم

يخف ولا أطر للصعود له فقد ينسى أنه من قال ذلك ويعاقبني

عقابا جديدا







*~~***~~*








هززته مجددا ولم يجب ولم يفتح عينيه فشعرت أن عقلي توقف

عن العمل فما سأفعل الآن وكيف سأتصرف , أخذت هاتفه بسرعة

وفتحته فكان يغلقه برقم سري فرميته على السرير وقلت بضيق

" نعم نسينا أنك منظمة سرية "

ثم خرجت من الغرفة توجهت لغرفتي وأخذت العباءة وخرجت

ألبسها على عجل وغادرت المنزل برمته ووقفت في الشارع وفكرة

مجنونة تقول لي اصرخي بعلو صوتك ومن يسمعك سيخرج لك لكن

هكذا قد تكون فضيحة بلا فائدة , توجهت للباب المقابل لمنزلنا

وطرقته بقوة وفي قلبي أدعوا الله أن لا يكون منزل رجل أو رجال

عزاب , بعد قليل فتح رجل الباب فتنحيت جانبا وقلت " نادي لي

زوجتك أو أمك أو أي مخلوقة أنثوية هنا "

قال من فوره وهوا لم يخرج لي " كيف أنادي لك زوجتي في

هذا الليل ؟ من تكونين أنتي "

نعم جيد يعني لديه زوجة والأمر المطمئن الآخر أنه كلمني من

الداخل , قلت " أنا زوجة جارك المقابل لك هنا وزوجي مريض

وفقد الوعي ولم أعرف كيف أتصرف "

قال وهوا يدخل منزله " لحظات وأخرج لك "

بقيت واقفة هناك وخفت أن أرجع للمنزل ويكون استفاق ويوبخني

على إدخالي الرجل للمنزل , خرج بعدها مسرعا وامرأة تتبعه

وقالت " ادخلي معي حتى يراه زوجي "

هززت رأسي بلا وقلت " سأكون هناك , تعالي معي عليا

أن أرى ما به "

قالت وهي تمسك يدي " لن يسمح لي زوجي فادخلي معي

فقد ينادي أحد آخر ويأخذوه للمستشفى "

سحبت يدي منها وعدت للمنزل دخلت وكان زوجها خارجا من

الغرفة يتحدث في هاتفه وأنزل نظره وتخطاني قائلا " أخرج لي

فجاري المقابل لي متعب ومغمى عليه ولم يفيق "

ثم ابتعد جهة الباب وقال موجها حديثه لي " ابقي مع زوجتي

في منزلي رجاءا حتى نأخذه للمستشفى "

التفت له وهوا مولي ظهره لي وقلت " ما به ؟؟ "

قال وهوا يخرج من الباب " خيرا خيرا "

فشعرت بعبرة غصت في حلقي , كنت أريد الدخول له للغرفة لكن

الرجال سيدخلون هنا فما سيكون مظهري أمامهم , غادرت المنزل

مجددا ووجدت منزل جارنا لازال مفتوحا فوقفت عند الباب وطرقت

فقد يكون في الداخل فسمعت صوت زوجته قائلة

" أدخلي لا أحد غيري هنا "

فدخلت حينها منزلهم فكان نسخة عن منزلنا فها نحن لسنا وحدنا

نعاني , الاختلاف الوحيد أنهم يغطون وسطه بسعف النخيل ليحميهم

من أشعة الشمس , أدخلتني لغرفة الضيوف وجلست هناك وغادرت

هي وبدأت حينها أشعر بأعصابي تحترق وبدأت دموعي بالنزول وكل

خوفي كان من أن يكون مات فالرجل قال أنه لم يستفيق مهما حاول

كنت أبكي خوفا من موته نعم لكن ليس من أجله بل من أجلي فأين

سأذهب بعده غير للشارع , حتى دار الأيتام لن تقبل بواحدة في سني

ترجمان ودُرر متزوجتان من منهما سيقبل زوجها بي , الآن فقط

اكتشفت أنه سند لي يحميني ولو من الشارع , دخلت زوجته تحمل

لي كوب ماء وما أن رأتني أبكي حتى وضعته سريعا على الطاولة

وتوجهت نحوي وجلست بجواري وحضنت كتفاي وقالت مهدئة

لي " سيكون بخير اهدئي لما كل هذا الخوف "

قلت بعبرة " كيف أهدأ فلا أحد لي بعده غير الله كيف

يموت ويتركني "

مسحت لي دموعي وقالت " لا حول ولا قوة إلا بالله من

قال لك أنه مات سيكون بخير لا تخافي "

ولم يزدني كلامها سوا بكاء فمدت لي كوب الماء وجعلتني

أشربه مجبرة ثم قالت " أين أبنائك أم ليس لك أبناء "

هززت رأسي بلا فوقفت وشدتني من يدي قائلة " قفي معي

اغسلي وجهك وتوضئي وصلي ركعتين وادعي له وستهدأ نفسك "

وقفت ودخلت الحمام توضأت وصليت ودعوت الله لأجد نفسي أدعوا

أن يحميني بعده من الشارع أن يتركوني في المنزل حتى أتدبر أموري

أولا ونسيت الدعاء له تماما لأكتشف أكثر أن كل ما يعنيني نفسي

فدعوت إن كان يتعاط المخدرات أن يموت ويرتاح وأرتاح منه فقط

هذا كل ما قدرت عليه فلا أحد له أخاف أن يبقى بعده غيري لأقول

يا رب أحفظه من أجله , بعد قليل رن هاتف المرأة فوقفتُ من

على سجادة الصلاة أنظر لها بترقب فأجابت عليه قائلة

" نعم يا قيس بشر كيف حالته "

قالت بعدها مبتسمة " الحمد لله زوجته تبكي وكادت تجن "

أبعدت بعدها الهاتف عن أذنها ومدته لي قائلة

" خدي كلميه واطمئني أنه بخير "

فهززت رأسي بلا وقلت " المهم أنه استفاق وبخير "

أعادت هاتفها لأذنها وقالت " لا تستطيع مكالمته الآن

متى سيخرج "

" حسنا وداعا الآن "

أنهت المكالمة وقالت " سيخرج صباحا هوا بخير كنت أود أن

تبقي معنا حتى يخرج لكن زوجك طلب أن تعودي للمنزل "

خلعت حجاب الصلاة الخاص بها وقلت " لا داعي لهذا فهوا

يبات دائما في عمله ومعتادة على النوم وحدي "

شكرتها وودعتني حتى الباب وعدت لمنزلي وأغلقته خلفي

ودخلت , الحمد لله يبدوا أن عمره أطول مما كنت أتخيل وها

هوا لم يمت , غبية يا سراب ما أخافك عليه لو مات لتخلصتِ

منه ومن سجنه لك وقد ترثي أنتي منه مال ذاك العجوز وتحكم

به المحكمة لك آه ليته مات , أف ما بي هكذا ؟ توجهت لغرفتي

وما أن وصلت الباب حتى غيرت رأيي وتوجهت لغرفته دخلت

وتوجهت لسريره وقفزت عليه فرِحة سأنام ليلة على سرير ولو

شبه مريح , نمت عليه على ظهري وفردت يداي وساقاي , لو

فقط تركوه لديهم أسبوع , قفزت بعدها واقفة حين تذكرت أن ذاك

القط يشاركه هذا السرير وسيأتي لزيارتي في أي وقت فخرجت

من الغرفة وعدت لغرفتي وأغلقتها جيدا فهوا يعرف كيف ينكد

علي حتى وهوا غير موجود

في الصباح استيقظت على صوت الباب يفتح فخرجت من الغرفة

ووقفت أمامها فدخل وفي يده كيسا لا أعلم ما به , وقف عند باب

غرفته ونظر لي مطولا بصمت وأنا أبادله ذات النظرة حتى قال

" كيف تخرجي وتطرقي باب الجيران ؟ هل فكرت أنه قد يكون

يعيش فيه رجلا لوحده وكيف تكون أخلاقه "

نظرت له بصدمة هل هذا جزائي أني جلبت من أنقذه ! تابع

بضيق " لا وتدخلين معه هنا وتتبادلين الحديث معه فضحتني

في الحي , لكن ما سأتوقع منك تربية سحرة مجرمين "

قلت بحدة " هييه أحفظ لسانك , الحق علي أني خفت أن تموت

وبحثت عمن يأتي لإنقاذك المفترض بي أن تركتك مت

وفررت منك بجلدي لكني غبية حقا "

ابتسم ابتسامة ساخرة لم تزدني إلا اشتعالا ودخل الغرفة وأغلقها

خلفه بقوة قبل أن أنهي باقي كلامي فصرخت من الخارج " تربيتي

أفضل منك يا مدمن المخدرات , لن أنساها لك يا آسر تسمع "

فأغلق النافذة بقوة كي لا يسمع صوتي فدخلت غرفتي أتأفف وأشتم

فيه بغيظ , لكن مهلا كيف علم أني تحدثت مع الرجل فيبدوا يستحي

مستحيل أن يقولها له , وضعت يداي وسط جسدي وضيقت عيناي

الوغد المخادع كان يعي ويسمع كل ما كان يدور حوله إذا فما السر

وهوا لم يستفيق مهما حاول ذاك الرجل معه فهل كان يعي ويسمع

ولا يمكنه فتح عينيه والحركة أم ماذا !!!







*~~***~~*







نزلت والدتي من السلالم مسرعة وهي تقول " ما بكم صراخكما

وصلني للأعلى ماذا حدث "

قال مصطفى بصراخ غاضب " تعالي وانظري لابنك وأفعاله "

اقتربت منا قائلة بضيق " ما بك توقفا عن الشجار متى ستعقلون

كل يوم اثنين متسببان لي بفضيحة مع الجيران "

ثم نظرت لي وقالت " ما بك يا خالد فليست عادتك أن

تدخل في مشاكل مع إخوتك "

قال مصطفى بضيق " ابنك المصون الذي لا يعرف المشاكل

كما تقولين أخذ الذهب والحلي الذي اشتريناه لرغد

وأعطاه لها تصوري "

نظرت لي وشهقت بصدمة ضاربة صدرها بكفها وأنا أنظر لها

بأبرد ما لدي من أعصاب وقلت بهدوء " وذهبها فلا تنسى "

قالت أمي بضيق " تأخذ لتلك الحرباء الذهب يا خالد وهي من

تركت منزلها وشقيقك وأخذت منه ابنته "

قلت بضيق " الذهب من حقها خافوا الله في اليتيمة فشقيقها لن

يسكت لكم حتى إن كانت بلا والد فلا تستهزئا من حالها يكفي

ضربه الدائم لها وكأنها بعير وأمامنا أيضا "

قالت بحدة " هذا ما يهلكك يا ابن بطني قلبك العفن الذي يرق

على الظالم والمظلوم , تستحق ما أتاها تلك الساحرة هي وأمها

سحروا شقيقك والآن أنت "


حدثها مصطفى مشيرا لي " تفضلي الآن جِدي لنا حلا معه ومع

الذهب الذي من المفترض أن يكون للعروس الجديدة وسنؤجل

الموعد بسببه "

نظرت لي وقالت " تذهب وتحضره أو تشتري غيره "

قلت مغادرا " لا هذه ولا تلك "

ليصرخ مصطفى من خلفي قائلا " أقسم أن يدفعوا الثمن ولن أطلق

ابنتهم , أنا يرفعوا عليا قضية ليأخذ مني نفقة ابنتي ويأخذوها

مني , سأريه ذاك الصعلوك الطفل "

خرجت من المنزل وتركتهما فأكبر ما يقدر عليه الصراخ وأن

يجمد قضية الطلاق لوقت وفي النهاية سيحكم بها القاضي لهم ولن

يحصد شيئا من تهديداته , ينجب الأبناء ويرميهم للشارع , يكفي

ضربه لها وسجنها تئن من الألم طوال الليل , ركبت سيارتي واتكأت

على مسند ظهر كرسيها وأغمضت عيناي وأنا أتذكر صوتها حين

كنت أسمعه من فتحات قابس الكهرباء المشترك بين غرفتي وغرفتهما

أي بشر هذا الذي تسمح له نفسه بضرب وتعذيب غيره , كم مرة هددته

بأني سأخبر شقيقها ووعدني أنه لن يضربها مجددا وأخلف وكنت أنتظر

أن تتخذ هي تلك الخطوة وتخبره بنفسها وفعلتها أخيرا وكما توقعت كان

له إياس بالمرصاد وفكر جيدا حين جعل طلاقها من المحكمة والنفقة

تكون للوالد فقد أقنعني في آخر زيارة لي لهم بتفكيره فإن مات لن

تستطيع رغد دفع ما ستحتاجه ابنتهم وهي حتى دراستها لم تنهيها

وشقيقتيها أيضا لازالتا تدرسان وستتزوجان وتعيشان حياتهما فعلى

مصطفى أن يتحمل دفع كل ما تريده ابنته وبالقانون أيضا وأعرفه

جبان ويخاف السجن وسينصاع لهم , شغّلت بعدها سيارتي وغادرت

من هناك حتى تهدأ براكينهما أولا وأعرف أنه لن يستطيعا شيئا

سوا تأجيل زواجه الجديد حتى يشتري الذهب للأخرى








*~~***~~*








نظر لي ببرود وأنا أكاد أموت من الضحك وقلت بعدما تنفست

الصعداء " من كل عقلك يا آسر تفعل كل تلك التمثلية "

رمى يده وقال " أردت أن أرى إن كانت ستنتهز الفرصة

وتهرب أو تقتلني أو تحاول سرقتي "

جلست على طرف الطاولة وقلت مبتسما " لكن أي شيء

من ذلك لم يحدث وهذا المفيد "

قال بضيق " الوقحة جلبت جاري ليثها هربت كان أفضل "

عدت للضحك مجددا وقلت " أقسم أنكما ثنائي رائع "

وقف ولبس قبعته وقال " أنت وابنة خالك الثنائي يا أحمق "

وقفت وقلت " وما فعلت بعدها "

قال مغادرا المكتب " لا شيء خاصمتها لأسبوع ولا

أكلمها رغم أني أراها مبسوطة بذلك "

أخذت قبعتي بسرعة وتبعته قائلا " بالتأكيد ستسعد بذلك فأنت

كنت تنكد عليها طوال الوقت وستسعد بمخاصمتك لها , من

كثرة رومانسيتك معها لتفتقد كلامك "

خرجنا من المركز وفتح باب السيارة قائلا " وهذا ما ينقص

أغدق تلك الجشعة بالكلام الرومانسي ما رأيك أن آخذها في

شهر عسل أيضا "

ركبت بجانبه وأغلقت باب السيارة وانطلقنا وقال " قلت بما

أنها ثرثارة فما أن أسكت ستنفجر من الوحدة ويبدوا لي

تتعمد إظهار لا مبالاتها "

نظرت له وقلت بهدوء " لما لا ترضى بواقعك وتعيش

معها كزوجين طبيعيين "

قال ساخرا ونظره على الطريق " هه قل هذا لنفسك قبلي "

نظرت أماما وقلت " فرق كبير بيني وبينك يا آسر وفرق أكبر

بين زوجتك وزوجتي , لو كانت ترجمان مكانها ما رضيت أن

تطهوا لك ولا غسلت ثيابك ولجعلتك تهرب من المنزل بلا حداء "

ضحك وقال " قالتها صديقتها سابقا ليثهم زوجوك بترجمان

لأحرقت لك منزلك وخرجت "

هززت رأسي وقلت " تفعلها دون أدنى تردد أو تفكير "

تأفف وقال " كادوا لنا يا رجل أقسم أنها أكبر مكيدة وقعنا

فيها ليثني ما وافقته مالي ووجع الرأس "

فتحت النافذة وقلت " ترى ما أخبار أواس مع ثنائيه أراه

الوحيد الذي لا يتحدث "

قال ببرود " من كثرة ما تتحدث أنت مثلا , وحدي أثرثر بينكم

أواس ذاك يبدوا يعيش في العسل مع القشديه محمرة الخدين

لذلك لا يتكلم , انتقاها يا رجل وأصاب "

ضحكت وقلت " وما يدريك بذلك ثم لا يسمعك تتكلم

هكذا تعرفه غيور جدا فيما يخصه "

قال بابتسامة ساخرة " صديقتها من تحدثت عنها بل سُعدت

أنها لم تكن لي أي أنها تعلم أنها أفضلهم "

قلت مبتسما " إذا محظوظ حقا أواس لقد هزمنا واختارها

بمحض إرادته فيبدوا يعرف جيدا كيف تكون "

مرت حينها سيارة فتيات بجانبنا وصفرت لنا إحداهن وسرن

أمامنا فقال بضيق " أغلق النافذة يا ساحر النساء عشنا

ورأينا يضايقن رجل شرطة أيضا "

ضحكت وأغلقت النافذة ووقفنا حينها أمام مركز شرطة المرور

وقال وهوا يفتح باب السيارة " وأنت يا أبو الشجاعة

ماذا حدث معك "

نزلت أيضا وأغلقت الباب وقلت " اسكت يا رجل تنام بجانبي

كل ليلة وكأنها تنام وحدها ولا تعلم عن حالي فلست

أعلم حتى متى سأتحمل "

دار ناحيتي ووضع يده على كتفي وقال" ولما لا تأخذ

غرفة لوحدك "

ضربته بكفي على ظهره وتحركنا قائلا " أقسم أن يجن

جنون أمي حينها "

دخلنا وقال ضاحكا " أنت زرعت أنت تجني "

قلت بصوت منخفض ونحن نجتاز رجال الشرطة " وهل ترى

الأمر بيدي أخبرتك أنهم لن يرضوا أن أطلقها فأمامي حلين

فقط إما أن أغيرها أو أرضى بهما كما هي وأرى كل واحد

منهما أصعب من الآخر "

قال بهمس " والحل الثالث أن تنتظر حتى تحدث معجزة

تخلصك منها "

تنهدت بضيق واكتفيت بالصمت , ما ستكون هذه المعجزة ووالدتي

سعيدة بها بجنون وتعجبها وخالي لا يراني مرة إلا ويوصيني عليها

فمن أين سأجد الحيلة التي تجعلني أطلقها دون أن ينزعجوا وأن

يقفوا في صفي أيضا , والحال المزري أننا أسبوع أحاول تجنبها

طوال الوقت وهي ولا كأنها متزوجة ولها زوج تطبق الاتفاق

بحذافيره حتى إن جلست معهم تنشغل بالحديث مع سدين أو رغد

أو تلعب مع ندى ولا تشارك حتى في أي حديث أكون فردا فيه

أي وجودك كعدمه أمامي ولا أراها تتعمد ذلك بل فعلا لا تهتم

لأمري ويبدوا تنتظر الفكاك مني لكن كما قال آسر داوها بالتي

كانت الداء وفي كل شيء فحلين فقط أمامي إما أغيرها أو أرضى

بها هكذا وهذا أراه مستحيلا فلم أقتنع بهذا النوع من النساء حياتي

دخلنا مكتب مدير الشرطة وجلسنا وقلت " نريد أوامر ضبط

المطلوبين وما حدث فيها لدينا أوامر بمراقبة العمل هنا "

وانهمكنا في عملنا هناك لننتقل بعدها لبعض نقاط التفتيش ولست

أعلم حتى متى سنعمل عمل غيرنا أيضا فما علاقتنا نحن

بشرطة المرور ومهامنا المداهمات والقبض








*~~***~~*







كنت جالسة معها ضامه ساقاي لحظني أراقبها وهي تعمل

على هذه الآلة الخشبية الكبيرة الغريبة بانسجام حتى قالت

" دُرر هل لي بسؤال "

نظرت لها من خلف خيوط آلتها المتراصة وقلت " نعم "

قالت وقد عادت لعملها " هل ينام أواس معك ليلا "

نظرت للخيوط بشرود وقلت " لا "

تنهدت وقالت " إذا كل واحد منكما في غرفة "

قلت بهمس " شيء من هذا القبيل "

عادت لعملها ولصمتها فقلت " ماذا ستفعلين بهذا

الذي تنسجيه بالصوف "

قالت ناظره للأعلى حيث تمرق أصابعها بين الخيوط لتمرر

الصوف المغزول " بطانية من الصوف النقي لصديق

لأواس طلبها منه "

ثم أنزلتْ ما مررته وتابعت وهي تمرر غيره " سبق وصنعت

لأواس واحدة عندما كان يدرس في الكلية فكان لا يتغطى إلا بها

لأنها تقي من البرد بشكل كبير وصديق له يريد

واحدة وها أنا أصنعها له "

اتكأت على الجدار وقلت ولازلت حاضنة ساقاي

" منذ متى وأواس متزوج من زوجته تلك "

وضعت ما كان في يدها ونظرت لي وقالت مبتسمة

" هل بدأنا نغار "

ابتسمت بحزن وهززت رأسي بلا فقالت

" منذ عامين أو أقل بقليل "

نظرت لأعلى الآلة وقلت " غريب كل هذا ولم تحمل زوجته

أم أنهما كانا هكذا متشاجران منذ البداية "

نظرت لي بابتسامة أفهم مغزاها ولم تجب فنظرت للأسفل وقلت

" مجرد فضول فقط لا تذهبي بفكرك بعيدا "

انفتح حينها الباب ودخل منه أواس فأنزلت قدماي وعدلت جلستي

وهربت بنظري منه للأرض فتوجه نحونا في صمت وجلس على

السرير وقال " دُره أحضري لي كوب ماء بارد مع ثلج "

وقفت من فوري وغادرت الغرفة مسرعة وكأنها ساعة الفرج حلت

علي فجلوسه بجانبي وترني أكثر من وجوده , توجهت للمطبخ

وطلبت من الخادمة أن تعطيني الماء والثلج ووقفت أنتظرها

سارحة بنظري في الأرض , بعد تلك الليلة لم أره سوا لمحات

بسيطة فهوا إن لم يكن في عمله في مركز الشرطة يكون في

معرضه ومحلاته التي حكت عنها عمته ويبدوا لا يأتي سوا لينام

ليلا ويبدوا أيضا ينام في غرفته تلك في الأعلى لأني لازلت أسمع

طرق زوجته وصراخها طالبة أن نفتح لها ليلا أي أنه ليس معها

هناك , لو أفهم فقط شيئا في حياة هذا الرجل وكيف يفكر

" الماء جاهز سيدتي "

انتبهت لها وأخذت الكوب منها وعدت جهة الغرفة وما أن

وصلت حتى سمعت عمته تقول " لكن هذا لا يجوز بني هي

زوجتك ولها عليك حق فإن كانت وجد مخطئة في شيء وأنتما

على خلاف فدُرر لا أرى شيئا عليها فعش حياتك معها واترك

الماضي الذي لا يجدي نبشه في شيء "

وضعت يدي على قلبي فكلمة ماضي وحدها كفيلة بتحريك

دفة الموضوع لمنحدر مبهم وسيء , تأفف وقال " عمتي قلت

منذ البداية أمر دُره لا تناقشيني فيه "

قالت بضيق " وما الذي أناقشك فيه برأيك كل شيء

ممنوع عني التحدث فيه "

كرهت وضعي وكأني أتجسس على حديثهما ففتحت الباب الشبه

مغلق ودخلت واقتربت منه ومددت له كوب الماء فأخذه مني

وبدأ يحرك الثلج بتحريه له ومرفقيه على ركبتيه ينظر للأرض

فقلت بهدوء " هل تريد شيئا آخر أم أذهب "

هز رأسه بلا دون أن يجيب فخرجت وأغلقت الباب وهربت

منه لغرفتي التي دخلتها وأغلقت بابها واتكأت عليه , ترى ما

عنت عمته بأن ينسى الماضي الذي يحاول نبشه والكلام كله

كان عني , ما علاقتي أنا بالماضي ولما سأدفع ثمنه فهذا

الواضح من كلامهما , ترى ما قصتي معك يا أواس ؟؟ لما كنت

أضربك كما كنت تقول وهل ستُدفعني ثمن خطئي أم خطأ غيري

نظرت للسقف وأغمت عيناي وقلت بحزن " يا رب قوني

على القادم فيبدوا كما قال القادم أشد "








*~~***~~*








خرجت دُرر وقالت عمتي وقد عادت لعملها

" والدك يسأل عنك "

شربت دفعة أخرى من الماء وقلت " لو أردت

سماع صوته لأجبت عليه "

تنهدت واكتفت بالصمت وغادرت أنا ببصري وذهني للأرض

لم أرى أن جدها تحرك حتى الآن ترى أيكون لم يهتم أو لم تصله

الرسالة , يستحيل أن لا يهتم لأمر حفيدته فما السر يا ترى !!

أخرجت هاتفي على صوت عمتي قائلة " خذني وزوجتك للسوق

لتشتري ثيابا فهي ترفض لبس ملابس ابنتي رغم أني أخبرتها

مرارا أنها لا تحتاجها وهي هناك "

وضعت الكوب على الطاولة وقلت " سأرى "

ثم نظرت لها وقلت " سوف آخذك لمنزل والدي لفترة

لتري ابنتك هناك "

نظرت لي باستغراب فوقت وقلت " وسأحضرك بنفسي فيما بعد "

هزت رأسها بحسنا ولم تعلق فتركتها وهممت بالمغادرة فقالت قبل

أن أخرج " لا تقسوا عليها يا أواس حلفتك بالله فأنا أعرف سبب

إخراجك لي من هنا , هي ليست كوجد أبدا لا في طبعها

ولا في مكانتها لديك "

فخرجت حينها وأغلقت الباب خلفي ولم أعلق على كلامها , خرجت

من المنزل وتوجهت يمينا حتى وصلت شجرة السنديان وأرجوحتها

تحديدا , وقفت عندها وأمسكت الحبل وبدأت بتحريكها أنظر لها شرود

وعادت بي ذاكرتي لذاك الزمن وهي جالسة عليها أحركها بها ببطء

فنظرت لي بعينيها الخضراء الواسعة ومالت برأسها وقالت بتلك

الابتسامة التي أعشق وتزيل وحدها الهموم عني

" أمس ذهبنا لحفل زفاف جود "

ثم أشارت بكلتا يديها وقالت " فستانها كان كبييييرا ورائعا "

ثم أدارت أصبعها على نهاية بنصرها وقالت

" ألبسها العريس خاتما جميلا هنا "

ثم رفعت غرتها وقالت " وقبلها هنا "

وكانت تحكي عن قالب الحلوى وكيف أطعمها منه وأنا أراقبها

مبتسما فرفعت نظرها لي وقالت " هل حين سأكبر سيكون

لدي فستان وخاتم مثلها "

هززت رأسي بنعم مبتسما فضمت يداها لصدرها وقالت بسعادة

" رائع هل سيصبح لدي عريس وحفل أيضا "

ضحكت دون أن أعلق على كلامها ثم أنزلتها من الأرجوحة فنظرت

لي وأنا أعدل لها فستانها القصير وقالت " لكني لا أريد أن يكون

اسمه حسام كعريسها فهل يمكنني تغييره "

قبلت خدها وقلت مبتسما " نعم وشكله أيضا "

قفزت فرحة فقلت وأنا أبعد خصلاتها المتطايرة من شعرها عن

وجهها " وما الذي لا يعجبك في حسام وتريدي تغييره أيضا "

حضنتني وتعلقت بعنقي وقالت بصوتها الرقيق

" أريده يشبهك أنت واسمه أواس "

فضحكت وأبعدتها عني وقلت وأنا اربط حزام فستانها

" على جدك أن يكون اختفى من الخليقة حينها "

نظرت لي بعدم فهم فوقفت وأمسكت يدها وقلت سائرا بها بقدمين

تعرجان من الألم " لن يترك أي فرصة لذلك يا دُره ولن

يحدث أبدا فأشباه حسام أفضل لك من الآخر صدقيني "

دفعت الأرجوحة بقوة لتعود وتصطدم خشبتها بساقي وابتسمت بألم

بل بسخرية على حالنا , ها قد صرت زوجك يا دُره لكن بلا فستان

ولا خاتم زواج ولا حفل والأغرب أن ذلك حدث وجدك لازال على

قيد الحياة فمن يا ترى انتصر على من ومن سيكون الخاسر غيره

نظرت جهة باب الملحق وأدخلت يدي في جيبي وأخرجت هاتفي

وأرسلت الرسالة التي جهزتها لتصل له هناك










*~~***~~*








دخلت المنزل ووجدتها جالسة على الطاولة وفي يدها صينية

الأرز تحركه وترمي الفاسد منه على الأرض فوقفت وقلت

" لم أرى واحدة تكثر على نفسها الأعمال فمن سيكنسه

غيرك يا غبية "

نظرت لي حتى أنهيت كلامي ثم عادت بنظرها للصحن وتابعت

ما تفعل وبدأت تغني أغنية عن الملل والمملين فضحكت عليها

فتأففت وقفزت من على الطاولة ودخلت المطبخ فيبدوا كما قال

إياس كانت مستمتعة بتخلصها من مضايقتي لها , تبعتها للمطبخ

ووقفت عند الباب وقلت " يبدوا أن غدائنا سيتأخر وأنتي تعلمين

أن عملي سينتهي عند هذا الوقت "

بدأت بتقطيع الخيار ولم تتحدث فأملت وقفتي وقلت

" هذا كله بسبب الغناء على أساس أن صوتك جميل فالجيران

منزعجين منه ويشتكون لي "

قالت ساخرة " جارك المقابل لابد أعجبه صوتي فأنا أغني

له تحديدا تربية الشوارع قليلة الحياء "

هكذا إذا , قلت ببرود " لا تخلطي الأمور فأنا لم أقل إلا الحقيقة "

نظرت لي ورمت السكين وقالت بضيق " أغرب من

أمام وجهي لا أريد أن أراك تفهم "

قلت بحدة " تصمتي ولا ترفعي صوتك علي أو حطمت وجهك

ولا يتأخر الغداء هكذا ثانيتا فأنا أرجع من عملي جائعا لم

أكن أتسكع وآكل من الشارع "

قالت بغضب ملوحة بيدها " كيف تريد أن أغسل وأنظف

وأكوي واطهوا الطعام في وقت واحد هل قالوا لك عني آلة "

قلت مغادرا " ما لدي قلته وسأستحم وأخرج وويلك مني

إن لم أجده جاهزا "

دخلت غرفتي وأخرجت ثيابي وكل تفكيري في علاج عبير

وموعد رانية عند الطبيب والأدوية وكيف سأقسم الراتب للشهر

ليكفي مصاريف المنزلين , لو فقط تنتهي القضية لأطمئن عليهم

هم تحديدا فهؤلاء الفتيات نصفهن طفلات وكل شهر ستخرج

واحدة بشيء يريد مالا وأخاف إن قصرت في شيء يخفوا عني

الأمر فالمرض لا أحد يتهاون فيه لأنه سيتطور لمشاكل أكبر

خرجت من الحمام ووجدت الغداء على الطاولة فجلست وبدأت

بالأكل ومن أول لقمة مضغتها بصعوبة لأن الأرز كان قاسيا

هكذا إذا يا سراب , رميت الملعقة ووقفت وتوجهت لغرفتها

طرقت الباب بقوة وقلت " أخرجي أو كسرته عليك "

فتحته وقالت " ولما تكسره أنا لست خائفة منك ولن أغلقه "

شددتها من ذراعها وأخرجتها معي حتى وصلت بها للطاولة

وقلت بأمر " أجلسي هنا "

قالت وهي تحاول سحب ذراعها " لا أريد أترك يدي "

أجلستها بالقوة وقلت " تجلسي رغما عنك وتأكلي صنع يديك "

قالت بضيق " تريده وقت خروجك من الحمام فهذا ما أمرت به "

أشرت على الصحن وقلت بحدة " كلي "

قالت بتحدي " لا لن آكل "

قلت بغضب " قسما يا سراب إن لم تأكلي الآن كان

لي تصرف آخر معك "

نظرت لي للأعلى وقالت " لا أريد لم تأكله أنت فلما آكله أنا "

قلت من بين أسناني " لو تريدي أن أشد شعرك

وأطعمك بالغصب فارفضي "

رفعت الملعقة بتردد وحركت بها الأرز فقلت بأمر " بسرعة "

قالت ببكاء " مما مخلوق أنت كيف سآكل هذا "

تحركت وجلست أمامها وقلت " ولما لم تفكري كيف سآكل أنا هذا "

هزت رأسها بلا تمسح دموعها فقلت " أماك خمس دقائق فقط

أو قسما سجنتك وداشر في الغرفة "

بدأت تأكل وتمسح دموعها وتبلع الأرز بالغصب وأنا أنظر لها

ببرود واضعا ساق على الأخرى ومكتفا يداي لصدري حتى

أكلت أكثر من نصفه ثم أمسكت فمها بيدها وقالت

" لا أستطيع سأموت "

وقفت حينها وقلت " تذكري فقط أنك كلما كررتها ستأكلينه

أنتي وكل الكمية ليس كهذه المرة "

ثم توجهت لغرفتي دخلتها وأغلقت الباب خلفي







*~~***~~*








أمسكت أصبعها الصغير بإصبعي تحاول كل واحدة منا شد

الأخرى وهزمها وكنت طبعا أدعي أنها هزمتني وهي تصفق

بحماس وحرارة وسلسبيل وسدين تتحدثان بجانبي منسجمتان

وكان حديثهما عن الجامعة حتى قالت سدين

" غريب أمر نورس لم تزرنا من مدة "

ضحكت سلسبيل وقالت " فآتتك آخر الأخبار "

قالت سدين بفضول " هل تزوجت "

ضربتها سلسبيل وقالت " حمقاء وكيف تتزوج ابنة

عمك ولا تسمعي بذلك "

ثم اقتربت منها وقالت مبتسمة " بعد خبر زواج إياس

سجنت نفسها في غرفتها ليومين وهي في بكاء

مستمر وضنوا أنها مريضة "

قالت سدين بحيرة " لم أتوقع أنها تأخذ الأمر بجدية

ظننته لعب أطفال فقط "

قالت بعد ضحكة صغيرة " قسما أنك غبية فأي لعب أطفال

هذا وهي كانت تنظره باليوم والساعة أن يذهب لخطبتها فحين

علمت أنه يريد زوجة عاقلة ويحب شخصية الفتاة الهادئة الخجولة

أصبحت أمام الجميع كقطعة الخشب ليصله الخبر و يخطبها وحين

علمت أن والدتي هي من ستبحث له عن عروس والجميع يعرف

ذوق والدتي وأنها تكره الفتاة الهادئة الصامتة طوال الوقت أصبحت

مرجوجة فجأة وملتصقة بوالدتي ولا تتوقف عن الكلام والضحك

وما أن علمت بخبر زواج إياس حتى جن جنونها والكلام

أكيد وعلى لسان حلى شقيقتها "

قالت سدين " تزوج معذب قلوب فتيات العائلة أخيرا فليرحمونا

من نفاقهم لنعرف العدو من الصديقة فيهم "

عدت بنظري لندى المنسجمة مع دميتها وأهملت حديثهما الذي

أصبح مملا ، لما لم يتزوج ابنة عمه ويرحمني مادامت ميتة عليه

هكذا ومستعدة أن تصبح كما يريد ، غبية لا أغير شخصيتي من

أجل رجل كان من يكون وإن كنت ميتة عليه فمن لم يحبني لذاتي

وشخصيتي كما هي لا أحتاجه منذ البداية ، دخلت حينها عمتي

وإياس ذراعه تحضن كتفيها ويتحدث معها فعدت بنظري جهة

ندى وقلت " أريني ماذا تفعلين لها "

وشغلت نفسي معها كالعادة فكما توقعت هما سيجلسان معنا والذي

يراني جدار أعامله كجدارين , أنا يهمشني حتى حين يتحدث عن

موضوع يأخذ رأي الجميع عداي , إن كان هذا يراه أسلوب زوج

فأنا أراه مثله وزيادة ، ما أن جلس حتى قال " ندى تعالي حبيبة خالك "

فوقفت وانتبهت له حينها وركضت له فرفعها وهوا جالس قائلا

" هوووب أين لا تسلمين علي "

ثم بدأ يقبل عنقها وهي تضحك ووقفت سدين مغادرة بعدما بدأ

هاتفها بالرنين ولم تبقى سوا سلسبيل التي نادتها رغد وكأنهم

متفقون علي , نومها في حجره وبدأ يدغدغها وهي تضحك وعمتي

تنظر لهما مبتسمة ثم قالت " أراني الله ابنكما قريبا ليحظى بكل

هذا الدلال "

نظرت جانبا ولويت شفتاي , ابن ماذا الذي تنتظرينه ومن ماذا من

الأريكة أم من المرأة التي لن تحرك فيه شيئا ليقربها حد قوله

عدت بنظري جهتهما فكان ينظر لي ويقبل خدها وقال

" لن يكون بمعزتها ولو كان ابني "

أبعدت نظري متجاهلة له وبدأت ألعب بخصلة من شعري بين

أصابعي وأنزل هوا ندى للأرض فقالت له " إياث حمااام "

فشعرت أن ساعة الفرج جاءتني فوقفت وتوجهت نحوها

وأمسكت يدها وأخذها معي قائلة " تعالي سأآخذك أنا "

أوصلتها الحمام رفعت لها فستانها وتبته كما تفعل رغد وأدخلتها

أجلستها وخرجت بحثا عن والدتها فوجدتها في المطبخ فوقفت عند

الباب وقلت " ابنتك في الحمام أوصلتها لأهم نقطة فيه والباقي عليك "

تركت ما في يدها وتوجهت نحوي وقالت مبتسمة " هذا تطور

جيد فأنتي كنتِ لا تحبين ولا إيصالها له "

خرجت أمامي وتبعتها قائلة " آخر مرة طبعا فلا تستغليني "

ضحكت وذهبت لابنتها وصعدت أنا لغرفتي بما أنها خلصتني

من الجلوس هناك ، دخلت غرفة الملابس ووقفت أمام المرآة

الكبيرة فيها أنظر لنفسي , ماذا ينقصني ليقول أن نفسه لن ترف

للمسي ولم يفكر أبدا ولا في الاقتراب مني أو نظر لي نظرة

رغبة رغم أننا ننام معا , عديم الذوق كل هذا لا يحرك فيه شيئا

أملت وقفتي ورميت مشبك الشعر من شعري لينزل مغطيا ظهري

ومررت أصابعي فيه من الأمام فهوا على طولين أماما جزء عند

نصف ذراعاي وجزء عند كتفاي والباقي طويل في الخلف حتى

نهاية ظهري , أملت الجزء القصير منه جانبا ولففت حول نفسي

أنظر لملابسي وجسدي في المرآة , كنت أرتدي بنطلون جينز

أبيض لنصف الساق وقميص أحمر ضيق وسترة بيضاء قصيرة

كل هذا الجمال والقوام وتقول ذاك الكلام يا عديم النظر , غيرت

اتجاه شعري وقلت " أقسم أنك عديم ذوق ولا ترى يا كتلة الثلج "

" من هذا عديم الذوق "

شهقت مفزوعة ونظرت حيث باب الغرفة والواقف مستند

بيده على حافته ينظر لي وقلت بضيق " أفزعتني ما

بك تخرج كالأشباح "

أمال ابتسامته وقال " وما تريدين مني أن أفعل وأنا في

غرفتي ؟ أطرق الباب مثلا "

قلت وأنا أرفع مشبك الشعر من الأرض " قل أحم

قل يا عرب قل أي شيء "

ثم جمعت شعري واجتزته خارجة وأنا أثبت فيه المشبك

فأمسكني من خصري بذراعه موقفا لي وقال بهمس

" لم تخبريني من هذا عديم الذوق الذي لا يرى "





المخرج كلمات للمبدعة آيفا رمضان




أنا بببسطة هكذا يا أبن ادام أجعل من عالمكم هذا عالمآ لي أعيش
ع استغلال انفاسي متمردة ا تحدي والقوة مرتكزي اﻻول فأن لم تفهم
عالمي فأنا ترجمان دعني أترجم لك عالمي ، لاتتحديني يا فتاة فأنا
العنيد القوي فأن فعلتي ذالك ذالك يا ابنت حواء ساجعل من مملكتك
مملكة لي فاعلمي انني أياس وعليكي ان تعرفي من أكون ؛ ذاكرتي قد
خانتي يا هذا فأن كانت غائب عن ذاكرتي فعلم انك حاضر في احلامي
وأن كان اﻻنتقام هدفك فلي صمتي غضبآ كاسر فانا اتخذت من هدوئي
درة ولانتقامي درر ، أنا لذي لايغيب عنه ذكريات الماضي وﻻيغيب
عنة قسوة الحياة فأن محوتني من ذكرتك فلن تستطيع محي من كوابيسك
وسواطي ذاك ساجلد به من كان سببآ في انتقامي فأنا اوس وﻻتقفي في
طريق انتقامي ؛ أطلقت سراب الي احلامي وجعلت المال طريقها وبنيت
احلامي بها ولم ابنها كي تكون في قصرك ذاك فلمال وسيلتي وليست
غايتي وﻻتقف حرسآ لها ؛ دعيني يا سراب الطيور المهاجرة للمال أن
اريكي طريق هجرتك أن اجرد موطنك من لمال وقصري ذاك سياكون
شاهدآ على اخذي ممتلكتي من عمك ذاك فلمال يا عزيزتي غايتك قبل
أن تكون وسيلتك ؛ انا السحر الذي عرف بي انا الذي غدرني اولياكم
بي فدعوني اتلذذ بنشوة انتقامي بكم فأن اصبحتم حصون من جليد
فأنا على موعد لترويض حصونكم





موعدنا قبل فجر الأربعاء إن شاء الله .... وأحبكم في الله



برد المشاعر 30-12-15 12:42 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث عشر)
 


بسبب المطالبة بفصل طويل بنزل فصلين هالمرة لأن الفصول عندي

مقسمة وصعب انزيد في طول الفصل وأتمنى لكم قراءة ممتعة

وأعتذر منكم جميعا مرة أخرى







الفصل الرابع عشر







قلت وأنا أرفع مشبك الشعر من الأرض " قل أحم

قل يا عرب قل أي شيء "

ثم جمعت شعري واجتزته خارجة وأنا أثبت فيه المشبك

فأمسكني من خصري بذراعه موقفا لي وقال بهمس

" لم تخبريني من هذا عديم الذوق الذي لا يرى "

قلت وأنا أحاول تخليص نفسي منه " شخص لا تعرفه طبعا "

شد ذراعه عليا أكثر وأدرني ناحيته بحيث التصق ظهري

بصدره وقال " خسارة ظننت أني أعرفه لأبدي رأيي "

تأففت وأنا أحاول الفكاك منه فتركني فابتعدت واستدرت

ناحيته وقلت ويداي وسط جسدي " رأيك في ماذا "

أمال وقفته مسندا يده على الجدار وقال

" في لا شيء , بل أراه معه حق "

نظرت له بصدمة ثم أخرجت له لساني فهز رأسه مميلا

شفته للأعلى في حركته المعتادة فقلت بضيق " لا تُعِد

هذه الحركة مجددا "

قال باستغباء " أي حركة "

هززت رأسي بقوة وحركت شفتي أقلده ساخرة وقلت

" هذه طبعا وكأني أمامك مريضة نفسيا لا أمل في علاجها "

قال ببرود " أخشى "

تجاهلته والتفت جهة التلفاز فهذا يبدوا لا ينوي على خير أبدا

سحبت الكرسي ووقفت عليه وشغلت التلفاز فسمعت صوته من

خلفي قائلا " يوجد اختراع أسمع جهاز تحكم عن بعد

ونملك واحدا إن نسيتِ "

نزلت وأعدت الكرسي مكانه وجلست مقابلة له وقلت

" ذاك لك , أنا اعتدت على هذا كل حياتي هناك "

تحرك من مكانه قائلا " لا أراك تطبقين كل ما اعتدتِ

عليه هناك "

وضعت ساق على الأخرى وقلت بسخرية " لن يكون

ذاك في صالحك أبدا فلا تتحداني "

كان سيقول شيئا لكني قلت ملوحة بيدي " أسكت ستبدأ الآن "

وقف خلفي وقال " مصارعة !! هل هناك فتاة تشاهد هذا "

قلت ببرود " نعم أنا "

قال مغادرا الغرفة " أقسم أنه لا أتعس منك إلا

أنا يا شبيهة النساء "

وخرج وتركني أصر على أسناني من الغيظ , أنا شبيهة نساء يا

نصف شرطي بل نصف رجل وتضع العيب بي , أمسكت جهاز

التحكم وأغلقت التلفاز لقد سد لي نفسي حتى عن مشاهدة مصارعي

المفضل وكل يوم يصيبني بالإحباط أكثر ويجعلني أرى نفسي رجلا

وقفت من فوري وفتحت شعري ورميته للخلف وخرجت متجاهلة

كلامه وكل تلك الأفكار فهذا كل غرضه أن أصاب بالإحباط

إن كان يحب الفتيات أشباه الميتات فليست مشكلتي فأنا أيضا أحب

الرجل المرح المتواضع ليس مغرورا وجليديا مثله حتى الكلام

يخرج منه للضرورة فقط وكأنه يشتريه وليثه يسكت أفضل

للجميع لأنه ينطق بأشياء لا تفيد في شيء سوا تعكير المزاج








*~~***~~*









فتح الباب بسرعة قائلا " سيدي لـ... "

فصرخت فيه " كم مرة قلت لا تدخل هكذا يا همجي "

قال بتلكك " آسف سيدي "

أشرت له بالعصا ذات الرأس المذهب في يدي فجلس أمامي

وقال " وصلت هاتفك الخاص رسالة قد يهمك أمرها "

غضنت جبيني وقلت " ممن "

قال بهدوء " من رقم مجهول سيدي "

قلت بضيق " تقول بنفسك أنه الهاتف الخاص فكيف

يكون رقما مجهولا "

مده لي وقال " لا أعلم سيدي "

ضربت يده بعصاي وقلت " اقرأها "

أعاد يده بالهاتف وفتحها وقرأ " صعلوك الشرطة أرسل لك

هدية بريدية يبدوا أنها لم تصلك يا قاضي القضاة العادل "

عقدت حاجباي بتفكير ثم وقفت منتفضا واستللت الهاتف من يده

لأتأكد من أن المكالمة خارجية من الرقم ثم قلت بأمر

" أخبر أليكس يحضر البريد الذي لم أراه من مدة بسرعة "

خرج من فوره وأغلق الباب وجلست أنا مكاني أضغط على

رأس العصا بقوة , ذاك الصعلوك ما يعني بما قال أو أنه فقط

يردها لي على كلامي عنه في التلفاز , لا وأصبح لك ريش يا

أواس يا طفل يا فاسد , دخل أليكس بصندوق وضعه أمامي فقلت

" أخرج جميع الطرود التي وصلتني من دولتي بسرعة "

بدأ يفتش ويخرج قائلا " هذه تهنئة من السيد ....... ,

وهذه دعوة من معرض ..... هذا طرد من "

قلت مشيرا بعصاي " أرمها جانبا أريد واحدة باسم

أواس أو بدون اسم "

فتش حتى أخرج ظرفا صغيرا وقال " هذه "

ثم مدها لي فأخذتها منه بقوة وقلت " خذ باقي القمامة هذه

معك واخرج "

جمعهم في الصندوق وخرج في الفور ففتحت الظرف وأخرجت

منه قصاصة الجريدة المطوية الموجودة فيه أنظر لها باستغراب ثم

فتحتها فكانت فيها صوره لفتاة تردي فستانا أزرقا بملامح وصلت

حدها في الحسن والهدوء وبجانبها شخص يبدوا مقصوص من

الصورة من يده التي تمسك كتفها , نظرت للأسفل وقرأت ما

تبقى من الأسماء فكان ( زواج الآنسة دُرر علي رضوان من )

والاسم الآخر مقطوع فوقفت على طولي أنظر للصورة ثم الاسم

وأتنقل بنظري بينهما ثم نظرت للباب وصرخت " مأمووووون "

فدخل في الفور وقال " نعم سيدي "

رميت له بالقصاصة وقلت " أريد التأكد من هذا الخبر ومن

الرجل الموجود فيها "

رفعها من الأرض وقال " حالا سيدي "

قالت بأمر " دقائق فقط ويكون الاسم لدي تفهم "

ثم خرج وانهرت جالسا , دُرر حفيدتي بنيتي الحبيبة التي ضاعت

مني فجأة ابنة ابني التي لم أتهنا بها , لكن ما علاقة ذاك الصعلوك

بالأمر فيبدوا من أرسلها وويله إن كان هوا من في الصورة , قبضت

يدي بقوة أشعر بنيران تلسعني ثم رميت الورق من أمامي وقلت

صارخا " ويلك مني يا أواس لو كنت أنت "







*~~***~~*









جلست بجواري وقالت " أمين متى سنذهب لهم أجلت الأمر

بلا سبب والآن دخلنا الأسبوع الثاني ولم نذهب "

مررت أصابع يداي في شعري وقلت " فيما بعد فيما

بعد أجلي الحديث في الأمر لوقت آخر "

تنهدت وقالت " كنت متحمسا لخطبة ابنتهم ما

تغير في الأمر "

رفعت رأسي لينزل شعري من بعد خروج أصابعي منه

وقلت بضيق " سماح قلت أجلي الأمر وانتهى "

وقفت من فورها وغادرت في صمت فتأففت وهززت رأسي

واتكأت للخلف , هل ستفرغ ما تكبت في شقيقتاك يا أمين ولا

ذنب لهما , سحقا للمأزق كيف سأتخلص منه الآن ؟ آخر ما كنت

أتوقع أن يكون يقصد سدين بكلامه اعتقدتها رغد أو حتى الأخرى

لكن تلك استبعدتها وبعدما أخذ رأيها ووافقت وأخبر والدته بقدومنا

أصبحت في ورطة ولن أستطيع التراجع الآن ولا مخرج لي منها

لما وافقتِ أخبريني لو كنتِ رفضتني وأرحتني , مسحت جبيني

بيدي مغمضا عيناي ورأسي لازال للأعلى , أمين أنت أردت

أن تتزوج من عائلتهم تحديدا فما المشكلة وهي أجمل شقيقاتها

رغم جمال الأخريات فهي الأقرب شبها لإياس وكما أنها المفضلة

لديه , وماذا أيضا هيا صبر نفسك في مصابك فلا مهرب لك منه

مهما أجلت والمصيبة أنه يقترح أن نعقد قراننا الآن لتزداد الورطة

فلن يكون هناك مجال لإلغاء الخطبة في أي وقت وبأي حجة

فهل سأتزوجها وأطلقها , أنزلت رأسي وتنفست بقوة

ثم أخرجت هاتفي واتصلت بإياس فأجاب سريعا وقال

" يبدوا لن أستطيع الخروج معك هذا الأسبوع لنؤجلها قليلا "

قلت بهدوء " لا بأس وليس من أجل هذا اتصلت "

قال من فوره " أأمرني إذا "

قلت بابتسامة صغيرة " لا أمر عليك يا صديقي أردت فقط أن

أقول لك أننا سنزوركم نهاية الأسبوع لنتم كل شيء "

قال بصوت مبتسم " لك ما تريد حياكم الله متى ما ناسبكم الوقت "

قلت مباشرة " وداعا الآن ونلتقي الليلة "

قال " وداعا وسأكون على الموعد "

أنهيت بعدها الاتصال معه ووقفت مغادرا المنزل , على الأقل

سأكسب مصاهرة صديقي وابن صديق والدي القديم فكم كان

متحمسا للأمر أكثر مني وكم طلب مني أن أتزوج إحدى بناتهم










*~~***~~*









ما أن نزلت حتى استلمتني والدتي بمجرد ما أخبرتها أن أمين

وأهله قادمون نهاية الأسبوع وبدأت تخرج من موضوع تدخل

لآخر وأنا معها بنصف ذهن فقط وبالي مشغول بأمرين سببهما

ترجمان طبعا , الأول هوا السبب الذي جعلني كدت أتهور ما أن

رأيت حركاتها تلك أمام المرآة فمنذ متى كانت تؤثر بي حركات

الفتيات وتمايلهن والأمر الثاني والأهم طباعها العوجاء التي لا

تتغير ونهايتها تشاهد المصارعين وبقي فقط أن تطبقها علينا

لهذا هي دخلت بين شجار الرجال وكأنها واحد منهم

" إياس لا أراك علقت على الأمر "

نظرت لها وقلت " ما لدي قلته له سابقا يا أمي وسدين

مسئوليتي أزوجها بمن أريد "

تنهدت وقالت " لكنه ابن عمك وأخشى أن تعظم المشاكل معه "

قلت ببرود " لن نختلف بسبب أمر زواج ثم سبق ورفضت رغد

شقيقه بسام ولازلنا عائلة واحدة ولم تتغير نفسه علينا أبدا "

قالت بهدوء " لكن مراد ليس كبسام أبدا "

تنفست بقوة وأخرجت هاتفي وقلت " لذلك لن أزوجه بها لا يعجبني

يا أمي هل أبيع شقيقتي من أجل أنه ابن عمها ولن أقارنه بأمين أبدا

فلا وجه مقارنة بينهما فهل أترك الرجل الناجح المثابر الذي أمسك

تجارة والده ونماها وكبرها وخلقه أعرفه من حين كنا صغارا ودرسنا

الكلية معا وأزوجها بمراد حتى وضيفة لا يركز فيها زيدي

على ذلك المشاكل التي يتدخل فيها دائما "

هزت رأسها وقالت " عمك سيتفهم الأمر بالتأكيد فهوا رجل طيب

لكني أخشى من باقي العائلة خصوصا أنه ثاني ابن لهم نرفضه

وكانوا يتوقعون أن تتزوج من بناتهم "

رفعت نظري عن الهاتف لها وقلت باستغراب

" ومن قال هذا "

رفعت كتفيها وقالت " لا أحد طبعا لكنك ابن عمهم وتوقعوا

أنك قد تتزوج منهم هكذا فهمت "

هززت رأسي بيأس وعدت بنظري لهاتفي وقلت

" اتركينا الآن من هذا وسأتفاهم مع عمي بمعرفتي "

قالت من فورها " بل هناك أمر آخر , أريد أن تأخذني وترجمان

لمنزلهم الليلة فعمتك ستكون هناك وأخبروني لأكون معهم

وسأرى إن كان من شقيقاتك تريد الذهاب أيضا "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فقالت بصوت منخفض

" مراد تحدث مع سدين شخصيا لكن لا تقل لها إياس حلفتك

بالله أنا فقط لا أريد مشاكل لذلك أخبرتك "

رفعت رأسي فيها مصدوما وقلت " حدثها في ماذا ومتى "

قالت بتوتر " في الزواج طبعا لأنه من أوصلها وشقيقته

حلا صباحا "

قلت بضيق " وافقت أن تذهب مع حلا للجامعة لأن عمي

من يوصلها لكن ليس أن يلعبوا من ورائي "

وقفت وأجلستني وقالت بهمس " اسكت لا تفضحني

معها , هي لا تريد أن تعرف "

قلت بضيق " ولما لم يأتي ليتحدث معي أنا ؟ يكلم والدته تكلمك

ثم يكلمها هي هل هي فوضى ؟ يكفي رغد سابقا عاندتني فيها

حين علمت أن مصطفى تحدث معها وتقابلا خارجا وقلتِ

صغيرة وتهورت ولا تقسوا عليها وها هوا غرضه شريف

وأرى الماضي سيتكرر الآن "

قالت بهدوء " سدين تختلف عنها وأنت تعرفها جيدا "

قلت " لذلك لن تتزوج بمراد وأمين أفضل لها بما أنها

وافقت فلو كانت تريد مراد لقالت "

هزت رأسها بحسنا وعادت للحديث عن أمين وعائلته بعدما

أدخلتني في دوامة جديدة فكم أخشى عليهن من كل شيء حولي

ولا أريد خنقهن كي لا تكون النتائج عكسية , سلسبيل قد تكون

تتحدث مع خطيبها خفية ولا أريد مراقبتها كي لا نحدث مشكلة

مادامت لا تخرج معه , رغد وقضية طلاقها من جانب آخر

لم ترحني في حياتي سوا سدين كانت مطيعة دائما









*~~***~~*








ما أن انتصف النهار وعلمت أنه سيكون استيقظ من نومه الآن

وسيخرج ليصلي العصر تكورت على نفسي في فراشي وبدأت

أئن بألم , سأريك يا آسر على إطعامك لي ذاك الأرز وترغمني

عليه أيضا , بعد قليل انفتح باب الغرفة فدسست وجهي في الوسادة

ممسكة لخصري فاقتربت خطواته مني ونزل عندي وقال

" ما بك يا امرأة "

كدت اضحك وأكشف نفسي , يحسب نفسه في مسلسل

تاريخي ما هذه ( يا امرأة ) من أين خرج لي بها , أبعد

وجهي عن الوسادة وقال " سراب ما بك "

قلت بملامح تعتصر من الألم " معدتي أكاد أموت منها

هل ارتحت ستقتلني الآن "

وقف وقال " أنتي جنيتِ على نفسك ألم تفكري أني

سأكون مكانك الآن إن أكلته "

قلت ببكاء مصطنع " ما بك لا قلب لديك تراني أتألم وتحاسبني "

قال ببرود " تقيئي وستكونين بخير "

الوغد وأنا من خفت عليه وركضت للناس ليسعفوه حين مرض

وهوا الآن يتعامل مع الأمر ببرود , تكورت على نفسي وزدت

من أنيني فقال " هيا آخذك للمستشفى فلا حل غيره "

قلت بصوت ضيف " لا أريد ما الذي سيفعلونه لي "

خرج من الغرفة قائلا " إذا لا حل عندي لك "

أنظروا للمتحجر كيف لم يهتم أبدا ستمرض مجددا وسترى ما

سأفعل لك , خرج من أجل الصلاة وعاد ويبدوا دخل غرفته ولم

يكترث طبعا وماذا كنت أتوقع منه مثلا غير أن يأخذني للمستشفى

كنت أريد على الأقل أن أخيفه وأوتره لكنه حجر ومن أين سيشعر

وهوا لا يهتم لأمري ويكرهني , لو كنت زوجة يحبها لكان من

خوفه علي ما عرف يمشي على قدميه أو يديه , آه يا قهري لا

زوج يحبني ولا زوج لديه مال يعني لم أكسب شيئا

بعد أكثر من ساعتين بدأت اسمع ضجيجه في المطبخ وحركته

في المنزل , سيعد الشاي لنفسه بالتأكيد فالخادمة اليوم في إجازة

مرضية أو لنقل راحة طبية مزورة , خرج وقت صلاة المغرب

وصلى وعاد ولم يتساءل أبدا عن المسكينة الموجودة هنا حتى إن

كانت حية أم ميتة , لو أفهم فقط لما يبقيني معه وهوا يكرهني لهذا

الحد ؟ لكن الأمر لا يحتاج تفكير وأعلم إجابته ليقهرني طبعا بهذا

الفقر المبقع , بعد وقت فتح الباب ودخل ومؤكد سيسأل عن العشاء

سيرى لن أطهوا شيئا لأني مريضة , ولكن للمفاجئة أنه دخل يحمل

صينية فيها طبق يخرج منه البخار وجلس بجانبي على الأرض

ووضعه وقال " سراب هل أنتي نائمة "

وأنا طبعا كنت مغمضة عيناي أدعي النوم وكنت سأكمل المشهد

لكن الرائحة شدتني فأنا لم آكل شيئا منذ الصباح , فتحت عيناي

ببطء متكاسل لأمثل أنهما ذابلتان من المرض فقال " هيا

أجلسي وكلي من هذا الحساء وسيفيدك "

نظرت رافعة رأسي قليلا فكان حساء خضار ولحم دجاج

فقلت " لا أستطيع أن أجلس وأثني معدتي لأنها تؤلمني كثيرا "

فوقف وجلب وسائد من الأريكة ووضعها خلف رأسي ثم رفعه

ممررا ذراعه تحته وقال " سأضع هذه لترفعك قليلا لتأكلي "

فابتسمت بمكر وأنا أشعر بالراحة من الخدمات المجانية وممن

من آسر لعدوته اللدود , رفعني قليلا بواسطتهم وعدلهم جيدا وأنا

أئن بتمثيل كلما رفعني أكثر فيريحني قليلا ثم وضع الصينية في

حجري وقال " كيف ستأكلين الآن وأنتي لا تريه "

مددت يدي ورفعت الملعقة وضربت بها طرف الصحن قائلة

" سأحاول "

وكدت أوقعه عليه لولا أن حضه أنقده فأخذ مني الملعقة وقال

" هاتي سأطعمك أنا وأمري لله وهذه آخر مرة تمرضين فيها تفهمي "

قلت بصوت حزين متعب " وهل كان المرض باختياري ؟ لو كان

بيدي ما مرضت من يحب الألم لنفسه "

رفع الحساء بالملعقة وقربه لفمي وأطعمني بنفسه وكل لحظة

والثانية أقول ساخن حرقني فيبرده قبل أن يطعمه لي ثم قلت

أني أريد ماء فوقف وأحضر لي الماء وتحولت اللعبة له

فأصبحت كل قليل أقول " أعطني الكوب "

فيرفعه ويمده لي فأشرب منه شربة واحدة فقط وأعيده له ليضعه

على الأرض حتى انتهى صحن الحساء فوقف حاملا الصينية وقال

مغادرا " هذا ومعدتك تؤلمك كدتِ تأكلين الصحن أيضا ! لقد

أتعبتني معك حمدا لله أنك لا تمرضي كل يوم "

قلت بضيق " ولما تسدي المعروف ثم تتبجح به وتمن "

وقف والتفت ونظر لي باستغراب فأمسكت معدتي وقلت بصوت

متألم " أنظر حين ضايقتني وأنا صرخت عاد الألم لقوته السابقة "

قال مغادر " سأريحك مني إذا لترتاحي "

ثم خرج وأنا أضحك عليه بصمت لو يعلم أنها تمثلية سيريني

اتكأت للخلف وتنهدت براحة , ما أجمل اليوم لا تعب ولا

تنظيف ولا طهوا









*~~***~~*









تركته حتى نزل ولحقت به لأني أريد فتح الموضوع معه في

حضور والدته فلا أحد غيرها قد يلوي له ذراعه , وجدت مبتغاي

وكان جالسا معها كما توقعت فقد لاحظت كثرة تعلقها به وهي تأخذ

رأيه في كل شيء ولا يكون في المنزل إلا وهي معه إلا إن كان نائما

لو كان أمره يعنيني لشعرت بالغيرة من اهتمامه المبالغ بها , وقفت

عند الباب وكان هوا يجلس مستندا بمرفقيه على ركبتيه وينظر لهاتفه

في يده ولم يشعر بوجودي وهي تعطيني ظهرها وتتحدث معه قائلة

" هل تبث معك الموعد أم سيغيره كالأسبوع الماضي لأننا

سنحجز في الحلويات والكعك مجددا "

قال ورأسه لازال للأسفل منشغل بهاتفه " أمي كيف أساله

سؤالاً كهذا فقد يحدث له ظرف طارئ يمنعه "

عدلت وقفتي وجهزت صوتي ليكون منخفضا وناعما ورقيقا

وأخاف فقط من أن أضحك وأفشل , أخذت نفسا هادئا وقلت

بنبرة دُرر الناعمة تلك " إياس "

فرفع رأسه لي بسرعة ينظر لي باستغراب أو صدمة وأنا أمسك

نفسي بشق الأنفس عن الضحك على شكله فنظر خلفي ثم حوله

في الغرفة وكأنه يبحث عن صاحبة الصوت وعمتي ملتفتة لي ما

أن ناديته فوضعت يداي وسط جسدي أنظر له بضيق , الوقح ماذا

يعني بهذا , نظر لي بعدها وقال " أنتي ناديتني ؟؟ "

قلت ببرود " نعم "

نظر لي تلك النظرة التي أكرهها منه وكأنه يقول لي هذا لا يليق

بك فتجاهلته واقتربت منهما ووقفت خلف عمتي التي عادت

بنظرها له وقلت بنبرتي المعتادة " أريد أن أذهب للجامعة فمنذ

أكثر من أسبوعين متغيبة عنها "

عاد بنظره لهاتفه وقال " مادتين تعيديهما منذ ثلاث سنين والسبب

تغيبك يوم الامتحان النهائي أي أنك تحفظين المنهج عن ظهر قلب

فستذهبين لتمتحني نهاية الفصل الدراسي فقط أم تريدي البقاء

ثلاث سنين أخر "

قلت بضيق " جامعتي وأريد أن انهي دراستي فيها

أُعيد أو أفعل ما يحلو لي "

أعاد هاتفه لجيبه ووقف وقال " انتهى النقاش في الأمر سأآخذك

للامتحان وهذه السنة فرصتك الأخيرة "

قلت وهوا يغادر من أمامي " بأي حق تمنعني من دراستي "

تجاهل كل ما قلت وتابع طريقه فناديت بضيق " إياس انتظر "

فواصل طريقه وكأنه لا يسمعني فلحقت به مسرعة , حتى عمتي

مات لسانها ولم تتحدث وهوا السبب طبعا ولا أعلم من أين علم

بكل هذا وبأني كنت أرسب متعمدة لا ويعلم عدد السنين أيضا وحتى

سبب رسوبي , خرج من المنزل وتوجه لسيارته فخرجت خلفه

وأدركته وهوا يفتح بابها فأمسكت بذراعه وقلت

" انتظر فكلامنا لم ينتهي "

سحب ذراعه مني وقال " تري بعينك المنازل بطوابق مرتفعة

هنا فما سيقول عنا الجيران , وأعتقد أن كلامي انتهى "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " يقولون زوج وزوجته طبعا

ولا أحد له بهما دخل وكلامنا لم ينتهي وأنت قررت وحدك "

أغلق باب السيارة بقوة وسند يده عليها وقال " لا حاجة لك

للذهاب لها أم تريدين الدخول في عراك أخر وتحلقي شعر

الشبان هناك "

ضربت بقدمي الأرض وقلت " هل ستسجنني هنا وتتحكم بي "

نظر لقدمي ثم فتح باب سيارته مجددا وقال " لن يقولوا

زوج وزوجته قطعا بل رجل وشقيقه بشعر طويل "

ثم ركب السيارة وأغلق بابها وتركني أشتعل من الغضب

الوقح يهينني مجددا بمقارنتي بالرجال , كنت سأرفع حجرا

وأضرب له به السيارة لكني تراجعت ودخلت غاضبة منه

ومن نفسي لأني تراجعت عن فعلها بسبب كلامه وخفت أن

يمسكها علي أيضا , منذ متى تتأثرين يا ترجمان وتكترثين

لكلام أحد مهما قال , طوال حياتك كان الجميع يراك فتاة

كاملة ويمدحون شكلك وجسدك وجمال شعرك فما تغير الآن

وما يعنيك إن قال أو فكر عكس الجميع , أنا لا أكترث له

ولكنه يهينني بهذا فلا توجد أنثى لا يضايقها هذا ونسي أن

منزله من زجاج ويرميني بالطوب ولولا خوفي من العواقب

التي أعرفها جيدا لعلمته كيف يشك في نفسه ورجولته وأي

أنثى أكون , دخلت وسط المنزل لتسحبني يد جهة السلالم

وهي سدين بالطبع وصعدت بي قائلة " تعالي أعطني رأيك

فيما سألبس حين ستأتي شقيقتاه "

قلت وأنا أجاري خطواتها " وفيما سيختلف الأمر

سيتزوجك في كل الأحوال ولن يراك في الحالتين "

وصلنا غرفتها دخلت وفتحت خزانتها وبدأت بإخراج الفساتين

قائلة " قد يحددون عقد قران أيضا ولن أستطيع شراء فستان

الآن لأنه لن يتحدد إلا يوم سيأتون فلن استطيع لبسه مرتين

لذلك عليا أن أختار من ثيابي "

ثم رفعت أحدهم وقالت " ما رأيك في هذا "

ثم رمته وقالت " لا لا والدتي ستخنقني لأنه قصير جدا

فلنرى غيره "

وبدأت تفتش وتخرج وترمي فجلست على السرير وقلت

" هذا وأنتي لا تعرفيه ولم تريه سابقا فكيف إن كنتِ تحبينه "

جلست ترى فستانين بجانب بعضهما وقالت " لم أقتنع حياتي

بهذه الأمور وأفضل الزواج التقليدي لأني أراه ينجح دائما "

لويت شفتاي وقلت " تفكيرك غريب يشبه تفكير دُرر "

نظرت لي وقالت " وأنتي "

هززت رأسي وقلت " أنا مثلك لم أقتنع بالعلاقات الغرامية

لكني أرى أنه على الفتاة أن تتعرف على من سترتبط به

لتعرفه أكثر كفترة خطوبة مثلا "

رفعت أحد الفستانين ورمت الآخر وقالت " فكرة فاشلة ورغد

أكبر دليل فكل ما كان وقت الخطوبة مجرد قشور

وسقطت فيما بعد "

ثم نظرت لي وقالت بنصف عين " وهل كان ثمة فترة

تعرفتِ فيها على إياس قبل زواجكما "

وضعت ساق على الأخرى وقلت " طبعا وكانت رائعة هدايا

ونزهات ومطاعم ولا أحكي لك عن شقيقك الجليدي الجدار

هذا وهوا يقول الكلام الرومانسي "

نظرت لي بصدمة وقالت " أقسمي على هذا "

ضحكت وقلت " قسما بمن خلقه وخلقك أنه لم يعرف يوما

كيف يقول كلمتين جميلتين على بعض وأقطع يدي من

كتفها إن عرف فتاة في حياته "

ضحكت كثيرا وانهارت جالسة على السرير وقالت

" ههههههههه لو سمعك لقطع لسانك هل هناك من تكره

أن يكون زوجها هكذا لم يعرف الفتيات "

ثم قالت وهي تجمع الفوضى التي أحددتها " إياس كان غرام

الفتيات دائما ومنذ كان مراهقا ولا أعلم كيف لم يصبح

مغازلا لأنه كان سينجح في ذلك بسهولة "

لويت شفتاي وهمست متمتمة " لا أعرف ما يعجبهن فيه

بيضة مسلوقة مغرورة "

قالت وهي تتوجه للحمام " ولا تقلقي بشأن هذا الأمر فإياس أكثر

من يعرف الكلام الرومانسي , سأقيس هذا لتريه وتعطيني رأيك "

وأمضينا وقت طويل على ذاك الحال حتى قاست جميع ثيابها

تقريبا ثم نزلنا معا بعدما اختلفنا حول فستانين وقررنا أن نُحَكم

رأي رغد وما أن وصلنا السلالم حتى أوقفنا الصوت الصارخ

لرجل ما من ناحية باب المجلس الداخلي وصوت عمتي تتحدث

مع أحدهم فنزلنا مسرعتين وكانت رغد تقف جهة ممر المطبخ

ترتجف وحاضنة ابنتها وفي بكاء مستمر فتوجهت سدين جهة باب

المجلس لتعلم ما يجري عن بعد وتوجهت أنا نحو رغد مسرعة

وأبعدت ابنتها الباكية عنها وقلت " ما بك يا رغد اتركي

ابنتك فقد أخفتها "

اقتربت منا سدين وقالت " صوت مصطفى أليس كذلك ما جاء به "

بقيت أتنقل بنظري بينهما في حيرة , يبدوا أنه زوجها الذي سيطلقها

لكن ما يجري هنا !! سمعنا حينها صوت عمتي عند باب المجلس

قائلة " استهدي بالله يا مصطفى كيف تدخل هكذا وإياس

غير موجود لا يجوز "

وخرج الصوت الغاضب قائلا " بل داخل لها ولن يمنعني

أحد أريد ذهبي وابنتي حالا وبلا فضائح أكثر "

فاحتضنت حينها رغد ابنتها بقوة وقالت ببكاء

" لا كله إلا ابنتي كل شيء إلا هي "

قالت سدين وهي تبحث عن هاتفها في جيب بيجامتها

" سأتصل بإياس ليأتي له فقد يكون غير بعيد عن هنا "

حضنت رغد ابنتها أكثر وقالت ببكاء " لن يجدي ذلك

فإياس خارج المدينة من وقت "

فتحركت أنا حينها وتوجهت ناحية باب المجلس , أي فوضى

هذه هل يضنها وكالة بلا بواب يستغل غياب رجل المنزل ليفعل

ما يحلوا له , وصلت الباب وقلت لعمتي وأنا أنسف كماي للأعلى

" ابتعدي واتركيه لي فدوائه عندي "









*~~***~~*












وقفت عند قفص الطيور أتتبع الأنواع وأنا ألف حوله وأرى

الألوان المختلفة والأشكال الغريبة فتبدوا ليست جميعها عصافير

زينة , نزلت بعدها للأسفل ما أن اقترب مني واحد صغير جدا

ويبدوا أصغر المجموعة , مررت يدي في القفص وقلت مبتسمة

" تعالى يا صغير كم أنت رائع "

كان يقفز مقتربا بقفزات مترددة وأنا أنتظره ثم طار حيث أعلى

الشجرة فوقفت مع صعوده أنظر له وشعرت بقطرة ماء نزلت

على خدي تبعتاها اثنتان أخريان منذرتان ببدء رش المطر الخفيف

فأجمل ما في فصل الخريف هذا الجو الرائع , ازداد عدد القطرات

فأغمضت عيناي بقوة أنظر للأعلى مبتسمة ثم عدت للوراء ورفعت

يداي وسقط الوشاح من على رأسي لكتفاي ولم أرفعه لأني كنت في

عالم آخر أرى سراب وضحكتها حولي وترجمان تضحك علينا من

النافذة فعدت بخطواتي أكثر وقلت مبتسمة وعيناي ما تزالان

مغمضتان " كم اشتقت لتلك الأيام "

لأصدم بشيء ما خلفي أو بالأحرى لأسقط في حضن أحدهم

فشهقت مفزوعة لتطوقني ذراعين لم تترك لي أي مجال للابتعاد

أو التأكد من هوية هذا الشخص ولم يعد الأمر يحتاج ذلك فعطره

الذي تغلل في خلايا صدري كان يكفيني لأعرف من يكون

شدني له بقوة أكبر وقال " قلت سابقا لا تخرجي يا دُره "

كنت أشعر بارتجاف كبير في جميع مفاصل جسدي ولم تعد لدي

أي قدرة على الكلام ومن أين سأجدها وأنا ملتصقة هكذا بجسده

لو يرحمني فقط ويبتعد يا رب ما هذا الذي يحدث لي , انحنى

برأسه لأذني وقال بهمس " قلت أم لم أقل "

بلعت ريقي وقلت بهمس مخنوق " كنت تقصد الليل وليس نهارا "

قال بذات الهمس " ونحن وقت المغرب الآن أم نسيتِ "

لم أعرف بما أجيب أو ما أقول فتحركت يداه على جسدي

بطريقة جعلت أنفاسي تتوقف فقلت بخفوت " أواس ما..... "

فحملني بخفة وقال " أسسسسسسسكتي "

ثم سار بي عائدا نحو المنزل وأشعر بقلبي سيخرج من بين

ضلوعي من قوة ما كان ينبض ويدي تقبض على قميصه عند

صدره بقوة كي لا أقع ولا أتمسك بعنقه وكنت أهرب بنظري

للأسفل وأشعر في كل خطوة يخطوها بي أنه يأخذني للظلام

للمجهول للغز جديد سأضيفه لباقي اللائحة , صعد بي السلالم

وتوجه بي لغرفته تلك دخل وضرب الباب بقدمه ثم أنزلني وبقيت

يدي ممسكة بقميصه ووجهي للأرض أتمنى فقط أن أخرج من هنا

رغم أني أعلم سبب إحضاري وأنه لن ينتهي الآن فأغمضت عيناي

بقوة وأملي فقط أن ينتهي الأمر بسرعة , كان قلبي لازال يقرع

كالطبول لو فقط يهدأ قليلا فهوا يزيد خوفي أم أن زيادة خوفي هي

كانت السبب في حالته لست أعلم ! ارتجف كل جسدي حين شعرت

بشفتيه قبلت يدي الممسكة صدر قميصه فأبعدتها فورا وكنت سأبتعد

لكن ذراعه سبقت لخصري وضمني له بقوة ومرر أصابعه في

شعري يضم رأسي لصدره وقال " ليت الماضي لم يكن يا دُره "

شعرت بغصة في صدري ضيقت الكون بأوسعه في عيناي من

كلماته بل ومن نبرة الحسرة في صوته , أبعد وجهي عن صدره

وبدأ يقبل خدي في كل مكان فيه ويقول بذات تلك النبرة المتوجعة

" ليث الشمس أشرقت من مغربها قبل ذاك اليوم ليثها

يدك انقطعت يا حبيبة أواس "

رفعت يدي وقبضت على قميصه وقلت بألم

" ارحمني يا أواس أرجوك "

توقف حينها عما كان يفعل وأمسك كتفاي ودفعني على السرير

لأسقط عليه نائمة على ظهري ويداي بجانب جسدي أتنفس بقوة

وأنظر له بتوجس وريبة وشيء من الخوف لا أعرف مما تحديدا

رغم أنه والغريب أني هذه المرة لم أخف منه ذاته , نزل مسندا

يداه بجانبي بقوة جعلت السرير يهتز بي وقال وعيناه في عيناي

" لا تطلبي الرحمة يا دُره فلم أجلبك هنا لأقسو عليك "

قلت ببحة وقد بدأت الدمعة التي أسجنها تصارع للخروج

" ولما إذا ؟؟ "

قرب شفتيه وقبل شفتاي قبلة صغيرة وقال بهمس

" لأحقق شيئا من الأحلام "

علا تنفسي تدريجيا وتدحرجت دمعتي من جانب عيني وقبلني

واحدة أخرى وقال بهمس " هل تعي معنى أن تعيشي بلا حلم "

قلبني مجددا ثم همس وقبلاته الخفيفة تتالى " أن يضيع المستقبل

مثل الماضي لا أمل لا حلم لا دُره لا أمي ولا شيء "

شهقت بعبرة ونزلت الدمعة الأخرى وقبضت بيداي على غطاء

السرير بقوة فمرر كفه على جانب وجهي وقال " لا تبكي لا يا

دُره لا تفسدي شيئا من هذه اللحظات لا تتمنعي عني

والأهم لا تذكري الماضي حسنا "

هززت رأسي بحسنا وما كنت لأمنعه عني فهوا زوجي وسأحاسب

على هذا لكني لم أوافق من أجل خوفي من الله فقط بل بسبب كلماته

بسبب كل ما قال رغم أني أجهل أغلبه لكنه كان كلاما قاسيا عليه وقد

خرج من ألمه , لو أفهم شيئا يا أواس لو أنك تفتح لي قلبك فقط لأفهم

على الأقل مكاني أنا في ذاك الماضي ؟؟ تناديني بحبيبتك وترى هذا

حلما وتتمنى أن انقطعت يدي !!! انتقلت يده لزر بيجامتي العلوي

وفتحه وعيناه في عيناي ليزيد جنون دقات قلبي ثم قال وهوا

يفتح الآخر " ما بك ترتجفين , خائفة مني يا دُره "

هززت رأسي بلا وأشعر أني سأبكي من الرعب وليس فقط

خائفة فكيف أشرح له أنه ليس منه بل من توتري وحيائي , ترك

الأزرار حينها فيبدوا غير رأيه وانحنى لعنقي وقبله ثم انتفض

مبتعدا عنه حين رن هاتفه بنغمة جعلتني أرتجف من علوها بل

مما فيها لأنها كانت وكأنها موسيقى خروج وحش في فيلم رعب

أو كموسيقى نزول الجيوش في الحرب , نغمة غريبة يبدوا

خصصها لشخص معين , أدار يده لجيب بنطاله الخلفي وهوا

لازال منحني فوقي وأخرجه ونظر للاسم وابتسم بسخرية ولا

يسأل أحد عن حالي حينها فلم تزدني تلك الموسيقى سوا رعبا

ليزيدها بهمسه وهوا ينظر لشاشة هاتفه " وأخيرا يا متوحش "

فتح الخط ووضع الهاتف على أذنه وانحنى لشفتاي فأغمضت أنا

عيناي ولم أعد أشعر بشيء سوا قبلته ولا أسمع سوا أنفاسه المتلاحقة

وأنفاسي المتوترة والصوت الغاضب الذي يصرخ في الهاتف , كان

رجلا يشتم ويسب رغم أني لا أفهم كثيرا مما يقول بسبب كل ما كنت

فيه لكنه كان يصرخ بحدة وأواس يستمع له ويزيد من ضغطه على

شفتاي لأزيد من قبضي على اللحاف وكأنه يفرغ غضبه من سب ذاك

له في شفتاي وأفرغ أنا تألمي في اللحاف ثم ابتعد فجأة ليتركني أتنفس

كالغريق ونظر بقسوة للفراغ ولازال يمسك هاتفه على أذنه ويسمع

بانتباه ثم قال بسخرية " حان وقت تصفية الحساب يا رأس

الصعاليك وكلامك هذا لن يؤثر بي تفهم "

نظر بعدها لي وهوا يستمع له ثم مد يده لفكي وضغط عليه بقوة

وبدأ يزيد من شد أصابعه عليه وقال " هل تريد أن تتأكد ؟؟

لك ذلك إذا "

ثم قرب الهاتف مني وزاد من ضغطه على فكي وأنا أقاوم الأم

بقوة وصبر حتى خرج عن سيطرتي وقلت بهمس متوجع

" آآآآآآآآآآآه "

فزاد من ضغطه أكثر حتى ضننت أن فكي سيتحطم بين أصابعه

فأغمضت عيناي ودموعي تنزل من جانبهما أكتم صرختي , لو

أفهم ما به ما قلب حاله فجأة ومن يكون هذا الذي جعله هكذا

قال من بين أسنانه " أسمعيه صرختك بسرعة وارحمي نفسك "

ففتحت عيناي ونظرت له وقلت هامسة بألم " توقف يا أواس "

فهز رأسه بلا وضغط عليه وعلى رأسي أكثر حتى غاص

في وسادته فشعرت بألم فاق أي طاقة لاحتمالي فخرج أنيني

متوجعا ومرتفعا فأبعد يده عني ووقف مبتعدا عن السرير

وأغلق الخط ورمى الهاتف على الطاولة ثم أدار ظهره لي

ونظر للأعلى ممررا أصابعه في شعره وقال " أخرجي "

جلست وأمسكت ياقة بيجامتي وقت " من هذا يا أواس ؟؟ "

رفع رأسه أكثر وقال من بين أسنانه " قلت أخرجي "

قلت بإصرار " من يكون وهل يعرفني ؟ أريد أن أفهم "

التفت لي وقال بغضب " أخرجي يا دُره ابتعدي عني

الآن ألا تفهمي "

ثم ضرب التحف على الطاولة بكل قوته وقال صارخا

" هذا من يعرف دائما كيف يدمر أحلامي قبل أن أحققها

فابتعدي عني بسرعة قلت لك "

وقفت حينها وخرجت من الغرفة ونزلت ركضا لغرفتي وأغلقتها

خلفي فكما قال سابقا ابتعدي عني وأنا غاضب لكني لا أتعلم أبدا

نزلت بعدها على الباب حتى وصلت الأرض وحضنت ساقاي

ودسست وجهي فيهما , لما يحدث معي كل هذا لما يقترب مني ثم

يقسوا علي , كنت أعلم أنه سيضاف لغزا جديدا لا أفهمه وها قد

حدث ما خشيت , طرق أحدهم الباب بقوة فوقفت مفزوعة فانفتح

وكانت عمته وأمسكت يدي وقالت بقلق " ما بكما ما به أواس ؟؟ "

قلت بخوف " ما به ؟ "

وضعت كفها على صدرها وقالت بجزع " رأيته يأخذك للأعلى

ضننت أن ما أريد قد تحقق لكنه الآن يضرب زوجته وإن

لم تمت هذه المرة فلن تموت أبدا "

أبعدت حينها يدها وخرجت راكضة وهي تتبعني قائلة

" دُرر لا تصعدي وتجنبي غضبه "

لكني لم آبه لها وصعدت السلالم مسرعة , لما يدفع الجميع هنا

ثمن إغضاب الغير له , لم يجب على ذاك الذي شتمه بشيء

وطردني كي لا يفرغ غضبه بي رغم أن الموضوع يبدوا أني

جزء منه , ويضرب زوجته ويفرغ غضبه بها هي وهي خارج

كل هذا , وصلت الباب الذي يخرج منه صوت الصراخ

والضرب وطرقته بكل قوتي وقلت صارخة

" توقف يا أواس وافتح الباب "

ولكن شيئا لم يحدث فطرقت بقوة أكبر وقلت

" أوااااس أخرج الآن "

ليتوقف صوت ضربه لها ولم يبقى سوا صراخها الباكي

وشعرت بقلبي بدأت تضطرب دقاته مجددا وتراجعت خطوتين

للخلف حين انفتح باب الجناح بقوة وكان بغضبه وتنفسه القوي

واقفا أمامي ثم توجه نحوي أمسك بذراعي بقوة وسحبني جهة

باب الجناح ودفعني داخله حتى وقعت أرضا وسط ردهته

وقال بصراخ غاضب " هذا ما تفلحين فيه التمرد

والعصيان , ابقي معها إذا لترتاحي "

ثم أغلق الباب بالمفتاح من الخارج وغادر





*~~***~~*





بعد ساعتين تقريبا انفتح باب الغرفة مجددا ودخل فجلست

من فوري فلقد شعرت بالملل من نومي هنا وحتى التلفاز لا

أستطيع تشغيله , جلس وفي يده صينية أخرى فيها كوب

وقال " أراك جلستِ هل تحسنت حالتك "

أخذت منه الكوب وقلت " نعم قليلا , ما هذا ؟ عصير فواكه "

ثم أبعدته قائلة بقرف " يع رائحته سيئة "

ضحك علي وقال " عصير فواكه فكيف ستكون رائحته , هيا

اشربي هذا دواء جيد لعسر الهضم ومغص المعدة "

وضعته وقلت " لا لا أحتاجه أصبحت أفضل بعد حسائك

ذاك فحضره لنا يوميا ما رأيك "

رفع الكوب من الأرض قائلا " لا طبعا هل تريدي أن

تدمري ميزانيتي لباقي الشهر "

تربعت وقلت بهدوء ونظري عليه وهوا يسكب السكر في

الكوب " آسر أين تذهب براتبك كيف هكذا ينتهي

بسرعة وهوا راتب جيد "

قال وهوا يحرك السكر بالملعقة ونظره عليه " أشتري به

المخدرات أليس هذا كلامك "

تنهدت وقلت " إنس ما قلت سابقا وأخبرني "

ضرب طرف الكوب بالملعقة ووضعها وقال " وفيما

سيعنيك الأمر راتبي وأفعل ما أريد "

لويت شفتاي وقلت " زوجي وأسأل هل هذا ممنوع "

مد لي الكوب وقال " اشربي هيا يا أم زوج ولا تكثري الأسئلة "

أخذت منه الكوب أنظر له وهوا يغلق علبة السكر , غريب أمره

لا عائلة له ولا أقارب لم أرى أحد زاره أو ذهب لزيارة أحد

نظر لي فجأة ثم عاد بنظره للعلبة وقال " ما بك تدققين في

ملامحي هل أضعت شيئا ؟ "

ضحكت وقلت " بل أضعت أحدا "

نظر لي فمسست رأس أنفي بإصبعي وقلت مبتسمة " لما أنفي

وأنفك هكذا هل تعلم أني كرهته كثيرا لسنوات "

لمس أنفه سريعا وقال " وما به ؟؟ "

ضحكت ثم مددت يدي لوجهه وضغطت له عليه بإصبعي وقلت

" كالمسطرة مستقيم زيادة عن اللزوم أليس كذلك "

ابتعد عني سريعا ووقف وقال " اشربي الكوب بسرعة فيبدوا شفيتِ "

نظرت له مستغربة من تصرفه ثم وضعته وقلت " نعم ولم أعد أحتاجه "

ثم رفعته مجددا وقلت " لكن لا بأس سأشربه كي لا تكون

تعبت بلا فائدة فقد يعود لي الوجع فيما بعد "

شربت منه قليلا وهوا واقف ينتظرني فأبعدته بسرعة وقلت

" يع مر وسيء ما هذا "

قال مغادرا الغرفة " دواء أعشاب كيف سيكون ؟ اشربيه

على دفعات حتى ينتهي "

وخرج وأغلق الباب خلف , غريب ما به كنا نتحدث فقط فلما

يهرب مني هكذا !! نظرت للكوب وشعرت بجسمي ارتجف

من فكرة أن أشربه كله , سأتركه حتى يدخل لغرفته وأسكبه

في مغسلة المطبخ , وضعته بعيدا عني واضطجعت على الفراش

فأخذني النوم سريعا ودون شعور مني لأستيقظ بعد ساعة على

ألم فضيع أسفل معدتي فوقفت راكضة للحمام ودخلت سريعا وكما

توقعت هذا موعد دورتي الشهرية وهنا المصيبة والكارثة فكيف

سأتصرف في نفسي وحتى الخروج لا أستطيع أن أخرج , عدت

للغرفة ونمت في الفراش أتلوى من الألم ثم جلست وأمسكت كوب

الأعشاب الغريبة وشربته كله دفعة واحدة وعدت وارتميت على

الفراش وبعد وقت خف الألم كثيرا فيبدوا علاجه سحري وجاء

في وقته , المشكلة الآن كيف سأخبره أو أخرج للصيدلية أو

أي متجر ؟ ما هذا المأزق هل هذا وقتها الآن كيف سأخبره

ونحن لسنا سوا زوجين بالاسم فقط






برد المشاعر 30-12-15 12:55 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث عشر)
 
1 مرفق







الفصل الخامس عشر





النص بالمرفقات


شكرا للغالية عبق حروفي كلمات رائعة وعبرت عن

واقعهم بالفعل فسلمت يمناك .... وموعدنا الجمعة إن شاء الله




برد المشاعر 02-01-16 02:31 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس عشر)
 
1 مرفق



صباح الخير جميعا


النص بالمرفقات



نهاية الفصل ...... موعدنا الثلاثاء إن شاء الله

برد المشاعر 05-01-16 09:04 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس عشر)
 


الفصل السابع عشر












خرجت ركضا وخوفا عليها من حرارتها المخيفة وارتجافها

وصلت لصالة المنزل وكان أواس ينزل آخر عتبة في السلالم وما

أن رآني راكضة نحوه حتى ركض وتخطاني دون حتى أن يعرف ما

بها وها هوا ظهر الفرق فلك الله يا وجد , تبعته حتى دخل الغرفة وأنا

خلفه , جلس على طرف سريرها ومرر يده من تحت كتفيها وأجلسها

لتسقط متكئة على كتفه ولازالت ترتجف وتتنفس بقوة ولا تعلم

شيئا مما يحدث حولها , ضرب خدها بيده وقال

" دُره افتحي عينيك .... دُرر أنا أكلمك "

كانت المرة الأولى التي يناديها فيها بدُرر أمامي فيبدوا أن دماغه

اختلطت عليه الأمور أو ضن أنها لن تستقبل إلا اسم دُرر !! لكنها

لم تجبه أو تفتح عينيها وبقيتْ على أنينها وارتجافها فقلت

" حرارتها مرتفعة جدا تبدوا مصابة بالحمى "

أبعد شعرها عن وجهها بكفه ثم أمسك رأسها ودسه في حضنه

وقال " أخرجي عمتي وأغلقي الباب "

نظرت له بصدمة وقلت " ماذا ستفعل لها ! خذها للمستشفى "

قال بضيق " لن أقتلها فاخرجي واتركينا "

خرجت حينها مستسلمة للأمر الواقع فإن ناقشته أكثر قد يخرج

غاضبا ويتركها ابن شقيقي وأعرفه جيدا , بقيت في الخارج لوقت

أضع جميع التكهنات لما سيحدث ويريد فعله ولم أنجح فما سيفعله

لواحدة محمومة لا تعي شيئا ولا شيء سوا هذيانها المتكرر , يا

حسرة قلبي عليك يا أواس متى سترتاح ويرتاح من حولك , يبدوا

أنها كبتت كل شيء داخلها حتى انفجرت وهذه الحمى أكبر دليل

والله أعلم منذ متى مريضة وتعاني ولو لم يصر عليا لأراها ما

فعلت لأني ظننتها لا تريد أن ترى أحدا فليلة أمس كانت قاسية

على الجميع وخصوصا هي فكم صرخت وطرقت واستنجدت

وأواس كان لا يجيب عليا وإن لم يرحمنا بأن أخبرني عن مكان

المفتاح لبقيتا هناك حتى وقت عودته وماتت وجد وسُجنت دُرر

بسببها لآخر عمرها فليثه يفكر أنه تهور بما فعل ويبدوا النتائج

لازالت تتوالى ولن تنتهي هناك , بعد وقت فتح الباب وخرج منه

يمسك قميصه في يده يقطر ماءً وحتى قميصه الداخلي مبلل وقال

مارا من أمامي " أعطها خافض حرارة من صيدلية المنزل "

هذا فقط ما فعل وغادر وكأن شيء لم يكن , دخلت لها مسرعة

فكانت على سريرها بروب الحمام شعرها مبلل وبلل الوسادة

وقطرات الماء لازالت تجري على وجهها ونحرها فدخلت الحمام

من فوري وأخرجت المنشفة بعدما جمعت الثياب المرمية فيه

بعشوائية , وصلت عندها ولففت لها شعرها بها وحاولت تجفيفه

قدر الإمكان ويبدوا قل ارتجافها قليلا لكن حالها ما يزال سيئا

ولا تعي شيئا , خرجت من الغرفة مسرعة وتوجهت للصيدلية

المعلقة على أحد الجدران , سحبت الكرسي وصعدت فوقه

وأخرجت منها خافض الحرارة لأننا نضعه فيها فهي مزودة

بنظام تبريد , عدت للغرفة ولم أعرف كيف أتصرف فكيف

سأعطيه لها وهي غائبة عن كل شيء ؟؟ وضعت القارورة

على الطاولة وجلست على طرف السرير وحاولت إجلاسها

كما فعل أواس لتتكئ على صدري وبدأت بضرب خدها برفق

حتى فتحت عينيها قليلا فأخذت القارورة وفتحت غطائها ولأني

لن أستطيع سكبه في ملعقة قربتها من شفتيها وقلت

" افتحي فمك يا دُرر لتأخذي الدواء "

لكنها هزت رأسها رفضا وعيناها منسدلة للأسفل فقلت

بضيق " دُرر هذه صحتك ولن ينفعك أحد فخذي

هذا خافض حرارة ليس إلا "

قالت بهمس حزين ومتعب " لا أريد شيئا "

قربت القارورة لفمها مجددا وقلت " إن كان لي رجاء

لديك فخذيه يا ابنتي أرجوك "

قالت بذات الصوت المتعب " لما لم تقولي الحقيقة هناك

لما كذبتِ عليهم "

تنهدت وقلت " ولما لم تتكلمي أنتي هناك ؟ الجواب

لديك يا دُرر "

رفعت أصابعها ومسحت بهم طرف وجهها ثم مدت يدها

ببطء أمام عينيها وقالت " ما هذا !! "

مسحت على شعرها الرطب وقلت " روب حمام كما ترين فقد

كانت حرارتك مرتفعة وغائبة عن الوعي ولم أعرف ماذا

أفعل حتى جاء أواس وتصرف في الأمر "

انتفضت وهي لازالت في حظني ونظرت لنفسها ثم أمسكت

رقبته عليها بقوة وقالت بصوت مبحوح " أواس فعل هذا "

قلت بهمس " نعم "

حينها دست وجهها في صدري وبدأت بالبكاء فضممت رأسها

بذراعاي وقلت بحزن " نعم ابكي أفرغي ما في داخلك قبل أن

يقتلك يا درر فالكتمان حوّل غيرك لأموات "








*~~***~~*







أنهيت إعداد الغداء على الوقت تماما والحمد لله ثم خرجت من

المطبخ وتوجهت لغرفة الضيوف حيث ترجمان وما أن دخلت

حتى وقفتُ وقلت بصدمة " ترجمان ماذا تفعلين !! "

قالت وهي منشغلة بحقيبتها أمامها " هذه الثياب جديدة

لم ألبسها وسأتركها لك "

تنهدت بيأس منها فيبدوا هذيانها بأنها ستسافر لعائلة والدتها سيطر

عليها ، اقتربت منها وجلست أمامها وقلت وأنا أعيدهم مكانهم

" اتركي عنك هذا الجنون لن يلبس ثيابك أحد غيرك

ولا أريد أي صدقة منك "

رمتهم خارجها وأغلقتها سريعا وقالت وهي تغلق سحابها

" لا أعرف شقيقة تتصدق على شقيقتها وأنتي تحتاجينها هل

ستبقي بهذا الفستان كل حياتك تنتظري ذاك البخيل أن يتصدق

عليك بغيره من المال الذي يكنزه "

تنهدت باستسلام وقلت " لكن ما تفكرين فيه ليس حلا يا ترجمان

من قال أنهم سيستقبلونك هناك أو حتى يعترفوا بك ، إن كان لم يكن

لك جد أو جدة فلا تحلمي أن ينجح ما تفكرين فيه خصوصا

أنك متزوجة لكنا قلنا قد يزوجوك أحد أبنائهم "

قالت بضيق " وهل سيبقى الزواج يطاردني دائما ولا

توجد حلول في الحياة غيره "

قلت بهدوء " ترجمان فكري بعقل قليلا فعمك الأولى بك وقبله

زوجك لا تنسي فأنتي تتصرفين تصرف واحدة طلقها

زوجها وانتهى من حياتها "

قالت بجمود " وسيفعلها بالتأكيد فما يردعه خوفه من رفض

عمي ووالدته وأنا سأختصر الطريق عليه وأصر على

الطلاق فلن يلوم عليه أحد وقتها "

قلت بضيق " وهل يجبروه هوا وسيتركونك أنتي تتصرفين

في الأمر كما يحلو لك ؟ هم سيجبرونك أنتي أيضا وسترضخين "

نظرت لي باستغراب وقالت " سراب هل أنتي طبيعية

هل تتحدثين بجدية "

ثم مدت يدها لجبيني وقالت " تبدين مريضة وتهذين

بمثاليات لا تعرفينها سابقا "

أبعدت يدها عني وقلت بضيق " لا لست محمومة ولا أهذي وأخرّف

أنا لا أريد أن تضيعي في الشارع لأنه لا يرحم يا ترجمان فإن اكتشفتِ

أن عائلة والدتك مجرد خيال في دماغك والحقيقة مفجعة أكثر مما

تتصوري فلن تقبل نفسك أن ترجعي لهم هنا فأنا أعرفك

أكثر من نفسي "

قالت ببرود " لا توجد عائلة تنكر ابنتها "

قلت بجدية " لا تنسي أن هذه الابنة كانت ضائعة من عشرين عام

فحتى شعورهم بانتمائك لهم سيكون ضئيلا زيدي عليه أنك من غير

جنسيتهم وأقولها لك وأعيد إن لم يكن لك جدة تحديدا فلا تغامري

فوحدها قد تشعر بشيء ناحيتك لأنك ابنة ابنتها "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق " سراب ما بك هكذا

تسدين النفس عن الحياة ؟ ما كل هذا النكد والتشاؤم ؟ لم

أعرفك هكذا "

تنهدت وقلت بحزن " معك حق سراب التي تعرفينها كانت ستقول

لك اذهبي ولا تتراجعي وكنت سأفعل مثلك وإن لم يكن لي عائلة

لكني يوم مرض آسر وضننت أنه مات جربت معنى أن تجدي نفسك

بلا أحد ولا شيء لك سوا الشارع فعليك أن تفكري جيدا في الخطوة

القادمة قبل أن تنفذيها يا ترجمان "

قالت بسخرية " يبدوا أن صاحب أنف المسطرة غيرك كثيرا "

قلت بضيق " تسببتِ لي بعقدة من أنفي لسنوات فلا

تعقديني منه الآن يا غبية "

قالت باستغراب " سراب هل أحببته يا حمقاء !! "

رميتها ببعض ثيابها وقلت بضيق " أَحبك غول يا وقحة ومنذ متى

كان الحب ينفع لشيء , وما في هذا المعدوم يجعلني أحبه "

هزت رأسها وقالت " سراب كل شيء فيك يتغير إلا حبك للمال

الذي يبدوا أنك لن تحصلي عليه مهما حاولتِ "

قلت بضيق " من حق أي إنسان أن يحلم بحياة مرفهة , في ماذا

أختلف عن الأغنياء ؟ ليس لهم يد زائدة ولا عين ثالثة والمال يغني

عن الحب أما الحب فلا يغني عن المال ولا يجلبه فما سأستفيد

إن أحببته وعشت حياتي هنا معه حتى الفئران ترحم حالنا ؟؟

سيغدقني بالكلام العذب ليلا ويقتلني وأبنائي بالجوع نهارا "

قالت ببرود " أشعب ذاك لم يتركنا إلا وهوا يغرس فينا

طباعه وأنتي أكثر المتضررين طبعا "

قلت بسخرية " لا يا حبيبة أهلك , من جعلك لصة وشرسة هكذا

غيره , كان يدربك على أطفال الحي حتى أصبحتِ بطل المنطقة

بأكملها وحتى الجدران علمك كيف تتسلقينها وقتل قلبك نهائيا "

رمت يدها بلامبالاة وقالت " اتركينا من كل هذا وجِدي لنا

حلاً غير السفارة لنعرف كيف نجدهم "

هززت رأسي بيأس منها وقلت " لا تبني برجا عاليا قد يقع

عليك إن لم يحصل ما تريدين "

قالت بحزم " لن أرجع لذاك المغرور مهما حدث "

ثم تابعت بابتسامة مازحة " بسيطة إن لم أجدهم أرجع لك

هنا ويتزوجني ذاك البخيل أيضا ما رأيك "

نظرت لها بصدمة ثم انقلبت للخلف أضحك بهستيرية فرمتني بقطعة

من الثياب وقالت " ما يضحكك في الأمر , هذا بدل أن تتضايقي "

جلست مجددا وقلت مبتسمة " وننتظر حتى يطلق ذاك دُرر

ليتزوجها أيضا ونرجع كما كنا سابقا "

ثم قلت ضاحكة " لا أتخيل شكله سيصاب بالجنون منا بالتأكيد

وفي النهاية سيطردنا أنا وأنتي ويبقي دُرر "

ضحكت وقالت " أخاف أن يبقيك أنتي يا غبية ويطردنا نحن "

سمعنا حينها باب المنزل وهوا يغلقه بقوة فتوقفنا عن الضحك

فجأة وقالت ترجمان بهمس " جيد أن باب منزلكم هكذا لكان

دخل دون أن نعلم وسمعنا "

وقفت وقلت ممسكة ضحكتي " وليسمع .. نحن لم نقل

شيئا نبحث له عن عروس فقط "

ثم خرجت وكان هوا داخلا يتحدث في هاتفه متوجها ناحية

غرفته ويقول " لا اتركيها أنا تحدثت معهم وأخذت لنا موعدا

هذا الشهر وغدا سأمر بكم لا تأخذوها لؤلئك المشعوذين

وتصدّقوا أنه دواء أعشاب "

ودخل الغرفة واختفى صوته هناك وأنا أنظر له باستغراب , من

هذه وأين سيأخذها بل من التي يتحدث معها ؟؟؟؟ رفعت كتفاي

بلامبالاة ودخلت المطبخ وجهزت طعامه على الطاولة وجهزت

آخر لي وترجمان ثم خرجت لآخذه للغرفة وكان هوا جالسا ببذلته

ويأكل , أستغرب حقا حاله بهذه البذلة والنجوم على كتفيه ويدخل حيا

كهذا ؟؟؟ صورتين لا يتطابقان أبدا , لو كنت شخصا مارا من هنا

ورأيته لكنت ضننت أنه قادم للقبض على أحدهم , والأعجب أن أهل

الحي يبدوا يعرفونه جيدا فكم مرة يطرقون الباب في الليل طلبا لنجدته

في أمر ما بما أنه ضابط وسيتصرف سريعا فكيف اقتنعوا بهذه الطفرة

في حياتهم !!!!! دخلت الغرفة وأغلقت الباب ووضعت الطعام وما

أن جلست حتى نادى " سراااب "

فلويت شفتاي ووقفت وخرجت له فقال وهوا ينظر لصحنه

" أين الماء "

تحركت للمطبخ دون كلام فلا أريد أن أُسمع صوتنا لترجمان

يكفيني ويكفيها ما بنا , فهل هوا لا يعرف مكانه مثلا أم يريد أن

ينكد علي طعامي , وضعت له الماء على الطاولة وعدت للغرفة

في صمت دخلت وأغلقت الباب مجددا وجلست أمامها وقلت

" لا يشبه طعامكم هناك طبعا لكن لا يوجد لدينا أفضل منه "

قالت مبتسمة " لا تنسي أننا عشنا سويا ونعرف ماذا كنا نأكل

هل سأتبطر على شيء عشت عليه "

تنهدت وقلت بحزن " حتى هناك لم يكن طعامنا هكذا "

قالت بتوجس " وما تخططين بشأنك ؟ أنتي لم تخبريني بشيء

ويبدوا أنك تتركيها مفاجأة للجميع "

هززت رأسي وقلت " لم أترك شيئا لم أفكر فيه ولا حل لي فلا

أهل عندي ألجأ لهم سوا عم مات لا أعلم من تكون عائلته , وماذا

إن فررت من هنا أو جعلته يطلقني ثم هم طردوني ولم يستقبلوني

وحتى والدتي يرفض أن يقول لي شيئا عنها ولا أعلم حية أم ميتة "

كانت ستتحدث لولا أوقفها صوته المنادي " سرااااب "

فأمسكت ضحكته بيدها وقالت " اذهبي له يبدوا لا يطيق فراقك

وأنا أفسدت عليكما "

رفعت الوسادة ورميتها عليها ووقفت وخرجت , كنت أعلم أنه

يتعمد هذا فإن كان غرضه إزعاجي فقد اعتدت لكن المصيبة أن

يكون يريد بكل هذا أن تفهم ترجمان أنه عليها المغادرة , وقفت

عند الباب بعدما أغلقته خلفي فقال ونظره على صحنه

" تعالي أجلسي "

نظرت له بصدمة فرفع نظره لي وقال " سمعتِ أم أعيد "

اقتربت منه وقلت بصوت منخفض " سمعت وعليا أن

أتناول الطعام معها فهذا لا يجوز "

وضع الملعقة ووقف وقال " ومن قال أني أريدك أن تأكلي معي

كنت أريد أن أسألك عما حدث بينهما وما فهمتِ منها "

لففت نحوه وأمسكت يده وسحبته لغرفته وأغلقت الباب خلفنا

وقلت بضيق " يبدوا أنك تريد أن تسمعنا وتغادر , لا

تخجلني مع صديقتي يا آسر رجاءا "

وضع يداه وسط جسده وقال بضيق " لن تعلميني أنتي التصرف

بنبل وآداب التعامل مع الناس وتعلمين جيدا أني اليوم لن أستطيع

المجيء هنا بعد هذا الوقت وإياس هاتفه ما يزال مقفلا ولن يرجع

قبل صباح غد وعلينا أن نفهم لنعرف كيف نتصرف "

قلت بجدية " لو كنت مكانها هل كان يرضيك أن أحكي عن

مشاكلنا لصديقك , أنا وأنت لا دخل لنا في شيء ولن يلومك

صديقك إلا إن أخرجتها من منزلك ولن يجدها أحد بعدها

فأنا أكثر من يعرف ترجمان "

ثبت نظره على عيناي وقال " لو كنتِ أنتي مكانها لما

رضيت حتى أن تحكي لها هي "

كانت نظرته ونبرته مقصودة جدا فهل يقصد بها أن ترجمان

أخطأت بأن حكت لي أم يقصد أنه عليا أن لا أتصرف مثلها إن

مررنا بنفس الموقف ؟؟ وضعت يداي وسط جسدي مثله وقلت

" لعلمك فقط أنه لا توجد فتاة لا تحكي لأهلها عن سبب تركها

منزل زوجها وشجارهما ونحن لا عائلة لنا غير بعض "

ثم رفعت سبابتي وقلت " وشيء واحد فقط أريد قوله لك

أني لو كنت مكانها لفعلت مثلها وأكثر ولا أتخيل أن تفعلها

لأنها حسنتك الوحيدة عندي "

نظر لي باستغراب أو استفهام ثم قال " ماذا حدث بينهما يا

سراب فيبدوا الموضوع لم يصل لعمها فدعينا نقتصر

الشر من أوله "

قلت بجدية " وتجد فيك زوج الشقيقة المعين أم لا "

بقي ينظر لي بصمت فقلت مغادرة " إذا لا داعي لأن تعلم "

أمسك يدي وأوقفني قائلا " لن أعتبرها إهانة منك يا سراب

فلم أَرد حتى الذين لا أعرفهم لأردك فيها "

التفت له وقلت ونظري مثبت على عينيه " ضَرَبها فأرني

أنك لست مثله ولن تقف معه "

قال بهمس مصدوم " ضربها !! "

قلت بجدية " نعم وهي تريد الذهاب لعائلة والدتها ولن ترجع له "

اجتازني وفتح الباب قائلا بضيق " جن إياس هذا بالتأكيد فما

سيخلصه من عمها الآن "

ثم غادر وتركني أكاد أجن من الغيظ , هل هذا ما يعنيه في

الأمر أن عمها لن يرحمه وفي النهاية فكر فيه هوا وليس هي








*~~***~~*








أصبح الأمر كله أشبه باللغز فمنذ اتصلت والدتي ببسام من هاتفي

ولم تقل له شيئا بل وأغلقت الخط وهي صامته وتنظر لي بنظرات

لا أفهمها ولم ترجع هاتفي لي ولا تتحدث عن السبب وكل ما قالته

( أتركوه يأتي ولكل حادث حديث ) وأنا في حيرة من أمرها

ولا أفهم ما حدث جعلها هكذا !!!

كنت أطعم ندى غدائها حين مرت من خلفي قائلة

" أعطي ابنتك لسدين واتبعيني لغرفتي يا رغد "

يبدوا أنها ستنطق بالجوهرة أخيرا وترحم نفسها وترحمني من

نظراتها الغير مفهومة , وقفت وقلت " سدين أطعميها ولا

تكثري لها كعادتك وتتسببين لها بالإمساك "

قالت وهي تنظر خلفها " حسنا لكن ما بها أمي حتى

الغداء لم تتناوله معنا "

غادرت قائلة " يبدوا أن مشكلة ابنها وزوجته تشغلها "

غادرت جهة غرفتها ودخلت فقالت " أغلقي الباب وتعالي "

أغلقته واقتربت منها وجلست على الكرسي المقابل لها وقلت

" ما بك يا أمي منذ تحدثتِ مع بسام حالك لا يعجبني

وتحجرين على هاتفي "

رمته على الطاولة أمامي وقالت " من أين يعرف بسام رقمك

وأنتي قلت أنك لا تملكين أرقامهم "

نظرت لها بصدمة وقلت " من !! أنا "

قالت بضيق " لا أنا , هوا ذكر اسمك ما أن فتح الخط وانظري

كم مكالمة بعدها وهوا يتصل بك ولم أجب عليه فتكلمي ما بينكما "

شهقت بقوة ووقفت على طولي وقلت بصدمة " تشكين بي يا

أمي !! أكلم ابن عمي وأنا متزوجة ! هل تريني بهذا السوء "

ضربت يديها على بعض وقالت " من تفعلها مرة تفعلها ألفا "

شعرت بعبرة غصت في حلقي بل وحرقة في قلبي ومن أعز

الناس لدي وأقربهم فكم سيتكرر من مصطفى في حياتي ؟؟

قلت بعينان تمتلئ بالدموع " هل هذا تفكيرك بي ؟ لن ألوم

على مصطفى إن كنتِ أنتي والدتي تقولين هذا "

قالت بحدة " وكيف عرفه ها أخبريني , هل تعلمي ما ستكون

النتائج إن علم شقيقك , حتى متى ستتصرفين بطيش "

خرجت ركضا من غرفتها ودموعي تعبر خداي ولم أتوقف حتى

وصلت غرفتي وأغلقتها خلفي ونزلت على الأرض أبكي بمرارة

وحرقة وها هي نتائج خطئي ستتبعني لآخر عمري وسيبقى الجميع

ينظر لي نظرة المشوهة من الداخل التي لن تتوقف عن ارتكاب الذنب

الذي فعلته يوما وباقتناع منها , طرق أحدهم على باب الغرفة فلم أجب

فطرق بقوة أكبر فوقفت ومسحت دموعي وفتحت الباب فكانت الخادمة

وفي يدها هاتفي وكان يرن وهوا على الوضع الصامت وقالت

" السيدة الكبيرة قالت أعطيه لك وقالت لك ارحميه قبل أن يأتينا هنا "

نزلت دموعي مجددا وأخذته منها وأغلقت الباب ورميته على السرير

بطول يدي وجلست على الأرض وعدت للبكاء , من حقها أن تشك

بي فزيادة عن أني فعلتها مع مصطفى سابقا هي تعلم كالجميع أن بسام

سبق له وخطبني لكن الكارثة أن يكون ظنها بي أني أكلمه الآن أو بعد

زواجي وأنا في منزل زوجي , بعد قليل وقفت وتوجهت للهاتف الذي

لا تتوقف شاشته عن الإضاءة ورفعته ومسحت أنفي بظهر كفي وفتحت

الخط ووضعته على أذني فجاء صوته قلقا " رغد ما بك تتصلين بي

ثم تغلقين الهاتف في وجهي ولا تجيبي على اتصالاتي "

قلت ببحة " من أين علمت أنه رقمي أنا "

سكت قليلا ثم قال " ابنة عمي كيف لا أعرف رقم هاتفك "

قلت بعبرة بدأت تخنقني " وإن يكن فهل تعرف أرقامنا جميعا , والدتي

كانت من اتصلت بك بهاتفي لأن إياس هاتفه مقفل وحين سمعت

اسمي منك ظنت أني أكلمك لذلك تعرف رقمي وتسببتَ لي

بمشكلة معها ولن تصدقني مهما قلت "

قال بصوت هادئ " أنا آسف حقا "

قلت بحدة " وما أفعله بأسفك ؟ ماذا إن كان زوجي من فعلها أو أخي

إياس هل فكرت في نتائج فعلتك هذه ؟ وها أنا أصبحت مشوهة

الصورة لدى والدتي بسببك ولن تصدقني مهما قلت لها "

قالت بذات هدوئه " سأكلمها وأفهمها كل شيء , فقط

توقفي عن البكاء "

قلت بضيق وببكاء أشد " نعم زدها على ما فيها من تعقيد

فما ستفكر فيه غير أني اتصلت بك وأخبرتك "

قال بصوت خجل " حسنا كيف أصلح كل هذا أقسم أني جننت حين

رأيت رقمك يتصل بي وإياس معي هنا وظننت أن مكروها أصابكم

ولم أعرف ما أفعل ولا أستطيع إخباره وكنت سأغادر المزرعة

للتو وأذهب لكم "

شهقت بقوة وقلت " وهذا ما ينقصني , أقسم أن تذبحني والدتي أو

تخبر إياس , أنت من أي مصيبة حللت علي "

قال ببعض الضيق " قلت آسف ومستعد أن أفعل ما تريدين "

قلت بحدة " لا أريد شيئا سوا أن تنسى رقم هاتفي واسمي من الوجود "

ثم أغلقت الهاتف في وجهه ورميته مجددا على السرير وارتميت

بجانبه أبكي بمرارة أشد






*~~***~~*









صَف الأوراق أمامي وقال " هذا كل ما وصلنا منهم

ولم نعطهم ردا "

جمعتها وشققتها ورميتها في سلة المهملات وقلت بحدة

" ألف مرة قلت صفقات مع مصارف تعمل بالفائدة لا أريد

ويضنونني طفلا ويموهون الشروط , لا يعنيني أنها صفقة

لسيارات معرضي وسمعته , تعجبني التجارة الفردية "

ثم رفعت هاتفي قائلا " غادر الآن "

غادر من فوره وأجبت على رقم عمتي التي كانت تتصل وقالت

ما أن فتحت الخط " حلفتك بالله يا أواس تأتي وتأخذ زوجتك

للمستشفى أتعبتماني أنت وهي ولعلمك حرارتها في تزايد ولم

تجدي في شيء تلك الجرعة الصغيرة التي أجبرتُها عليها فهي

تحتاج لحقنة تطفئ هذه النار المشتعلة "

قلت بضيق " قادم قادم فلتلبس عباءتها وحجابها لا

أريد أن أتأخر لدي موعد مهم "

وخرجت بعدها من المعرض وركبت سيارتي وغادرت لتعاودني

صورتها اليوم وهي ترتجف في حضني وتردد عبارات كرهها لنا

ولوجودها معي , فقط يا دُره أسابيع معدودة فقط جعلتك تكرهين

كل شيء ولم تري فيها شيئا مما رأيت فما سأقول أنا ؟ متى ستتوقفين

عن جرحي عن جلدي بصوتك الذي لا يرحم فإن كان في صغرك

أذاه لي فاق الجسد فهوا الآن كسوط من نار يضرب بلا رحمة

وصلت المنزل ونزلت ودخلت بخطوات سريعة وكانت عمتي تسندها

لتخرجها جهة الباب ورأسها للأرض فاقتربت منهم وأمسكت ذراعها

وشددتها منها وملت لأمرر ذراعي من خلف ساقيها وحملتها بين

ذراعاي بخفة وتوجهت بها ناحية الباب وعمتي تتبعنا قائلة

" سأذهب معكما مؤكد سيعطونها مغذي وأنت لديك موعد "

قلت وأنا أخرج من الباب " لن أغادر من هناك حتى أحضرها

معي ولا داعي لذهابك يا عمتي "

خرجت للسيارة أركبتها في الكرسي بجانبي وركبت وغادرنا

وقلت بضيق " لا أعرف أحدا يعبث بصحته مثلك , هل أنتي

طفلة ترفضين الدواء , ماذا تريدين بهذا ؟؟ تموتي وترتاحي

من الوحش أواس "

اتكأت على النافذة وحضنت نفسها بذراعيها وقالت بصوت

ضعيف " لست أنا من تخسر دينها وآخرتها وتقتل

نفسها من أجل أي شيء "

قلت بضيق أكبر ونظري على الطريق " وبما أفسر تصرفاتك ؟

هذه ثاني مرة ترفضين شيئا من أجل صحتك , إن أخبرك عقلك

أني بلا هموم فانتقمي منه وكدري حياته فقد أخطأ "

قالت بشبه همس " لا أعرف أحدا يشتكي من هموم هوا سببها "

لأنفجر حينها غاضبا " لا تردي عليا الكلمة بمثيلتها يا دُره

وقلت ألف مرة تجني غضبي وإغضابي ولكني كأني أشرح

للجدار "

انكمشت حينها على نفسها ودخلت حالة الصمت التي تلازمها

عندما يثور فيها أحدهم غاضبا وكل هذا بسببه بسبب ذاك الجد الحنون

المحب لحفيدته , وصلنا عندها للمستشفى ونزلتُ ونزلتْ هي وحدها

تحاول المشي مستندة بالسيارة فلففت نحوها وحملتها مجددا وقلت

سائرا بها جهة باب المستشفى " وناقشيني الآن وارفضي وقسما

أن تري أواس لم تراه ولا وجد "

لتفاجئني حينها بأن لفت ذرعاها حول عنقي ودست وجهها

فيه وقالت بهمس " أقسم أني موجوعة ولا ينقصني أوجاع أكثر "

كنت أشعر بحارة خدها المشتعل ملامسا لخدي وتنفسها القوي

الساخن يلفح عنقي بل أشعر بأشياء أكبر وأعمق وأقوى بكثير

مما تخيلت أشياء جعلت أواس يدخل من الباب الرئيسي للمستشفى

بدلا من باب الطوارئ لنصبح فرجة للجميع وكأننا في فيلم هندي

أوصلتها قسم الطوارئ ودخلت بها للغرفة وأنزلتها على السرير

واقتربت منا إحدى الممرضات فشددت الستار عليها وقلت

" أخبري الطبيب خالد عمران يأتي هنا "

قالت من فورها " دعني أرى إن كانت تحتاج فعلا لطبيب "

قلت بضيق " قلت أخبريه يأتي وقولي له أواس سالم مجدي

يطلبك في هذه الغرفة تحركي "

غادرت من فورها تتمتم بضيق ووقف الجالس هناك مع المرأة

النائمة على السرير وشد الستار عليها وكأنه يقول لي واحدة

بواحدة لا ترى أنت أيضا زوجتي فرفعت الستار قليلا ودخلت

معها ووقفت عند سريرها وهي شبه مغمضة عينيها ووضعت

يدي على جبينها فقالت بشبه همس " أريد طبيبة أواس

ليس طبيبا أرجوك "

أبعدت يدي وقلت " سيرى حرارتك ويحقنك بإبرة فقط وأنا معكما "

قبضت بيدها على غطاء السرير وقالت " ألن يرى نبضي وتنفسي

بسماعته ويكشف عني , أريد طبيبة أو ممرضة لا أريد رجلا "

خرجت حينها من عندها وكان الطبيب خالد داخلا الغرفة

فصافحني وقال مبتسما " مرحبا أواس يا محاسن الصدف "

قلت ببرود " محاسن صدف وأنا من طلبتك "

قال بذات ابتسامته " مررها يا رجل , أخبرني من معك مريض "

وضعت يداي في جيوبي وقلت " زوجتي ولا تريدك فأرسل

لنا طبيبة تعرفها جيدة "

ضحك وقال " طردة معتبرة ولكن لا بأس سأرسل لك واحدة

فورا , هل تأمرني بشيء آخر "

هززت رأسي بلا فقال مغادر " أنا في الطابق الثالث إن

احتجت أي شيء "

وخرج وأغلق الباب خلفه وعدت أنا ناحيتها ووقفت مستندا

بالجدار عند رأسها وما هي إلا لحظات وانفتح الباب وسمعنا

صوت أنثوي قائلا " أواس مجدي هنا "

قلت وأنا واقف مكاني " نعم هنا "

فدخلت واقتربت خطواتها منا حتى أبعدت الستار واقتربت ووضعت

جهاز قياس الضغط على الطاولة بجانبي ثم جلست على طرف السرير

وأخرجت مقياس الحرارة من جيبها ووضعته لها في فمها وقالت

" منذ متى ارتفعت حرارتها "

قلت مباشرة " منذ الصباح "

نظرت لي وقالت بصدمة " منذ الصباح وحتى المساء لتحظرها "

قلت ببرود " هكذا كانت الظروف "

أخرجت مقياس الحرارة ونظرت له وقالت " أوف أربعون

وشرطتين كدتِ تحترقين "

قاست لها ضغطها وكشفت عليها سريعا ثم أخرجت حقنة من

الدرج وقالت " هل أنتي حامل ؟ "

فنظرت أنا للجانب البعيد لتهمس هي " لا "

قالت الطبيبة " علينا أن نتأكد إذاً "

قالت بصوتها المتعب الهامس ذاته " لست حاملا فأنهي

عملك بسرعة أرجوك "

قالت بجدية " آسفة علينا التأكد أولا فلست على استعداد

لتحمل المسئولية "

ثم أخرجت ورقة من جيبها وقلما وقالت " متى كانت أخر دورة لك "

ليشتعل وجهها احمرارا فوق احمراره بسبب الحرارة فقلت بضيق

" أنا أتحمل المسئولية فأنهي عملك "

تنهدت حينها وقالت وهي تركب رأس الحقنة " لا تنسى كلامك

هذا حينها فإن كانت حامل فالخطر سيكون كبيرا عليها وعلى ابنك "

ابني !! بدت الفكرة سخيفة وساذجة ليس لأني لم أقربها بعد لكن لأنه

لن يكون لي ابن وأنا لم أتصافى مع أحد فكما كان ذاك قراري وقت

زواجي بوجد وأجلتهم برغبتي سيكون الأمر الآن ولن أنجب منها ابن

يربيه غيري وتتكرر معه مأساة والده , يوم تصيرين لي بالفعل يا

دُره سنفكر جديا في الأبناء , يوم يموت جدك ذاك من ماضيا قبل

حاضري وينسى عقلي صورتك وأنتي تجلدينني ويصبح في قلبك

لي نصف ما كان في قلبي لك سنعطي فرصة لشيء يربط بيننا أما

الآن فمستحيل أن يكون ذاك منك أكثر من غيرك , حقنتها بحقنة

وسكبت أخرى في المغذي وحقنتها به وقالت " من الأفضل أن تبقى

تحت المراقبة الليلة فنبضها أيضا غير مستقر وضغطها منخفض

ويمكنك إخراجها صباحا "

ثم قالت مغادرة " سأزورها فيما بعد يمكنك تركها هنا وكن

مطمئنا عليها "

وخرجت من الغرفة فنظرت لها حين رفعت يدها بصعوبة

لوجهها تحاول سحب حجابها للأمام فنظرتُ بتركيز للأثر

في ظهر كفها ثم مددت يدي ولمسته برفق وقلت

" من ماذا هذا ؟؟ "

فسحبت يدها سريعا وقالت " جرح بسيط من ليلة أمس "

أمسكت يدها ونظرت لها وقلت " هل حاولت جرحك أو

قتلك ... تكلمي "

سحبت يدها من يدي وقالت بهمس " لا كان بالخطأ "

مددت يدي أمام وجهها ولا زلت واقفا خلف رأسها وقلت بأمر

" أعيديها هنا "

رفعت رأسها ونظرت لي ثم أعادته للأسفل فقلت بحزم

" قلت أعيديها "

فرفعت يدها ببطء ووضعتها في يدي فقبضت عليها بقوة وقلت

" ليكن هذا في علمك يا دُره الشيء الممنوع عني يكبر كثيرا

في رأسي وأفعله مهما كانت النتائج "

قالت بهمس " فهمت "

أرخيت حينها قبضتي عليها دون أن اتركها ومضى الوقت ونحن على

صمتنا ويدها لازالت في يدي وإبهامي يتحسس نعومة بشرتها حتى

نامت ويبدوا من أثر الحقنة وشيء ما مازال لا يطاوعني لأترك يدها

فيبدوا مسألة العناد لم تكن سوا حجة , ابتعدت عن الجدار ووضعتها لها

بجانبها ممدودة ونظري على ملامحها الساكنة وتنفسها الذي لم ينتظم

بعد وخداها اللذان لازالا محمران بشدة , وضعت يدي على جبنها فكانت

حرارتها انخفضت عن السابق , هيا اذهب يا أواس انتهت مهمتك حتى

حرارتها تأكدت منها بنفسك فماذا تنتظر , ولكن ما أكثر ما يتجاهلني

عقلي مهما قلت , مددت يدي ببطء لوجهها لتلمس أطراف أصابعي

شفتيها وشعرت بشيء كلسعة البرد فأنزلتهم لذقنها وأمسكته وملت لهما

وكانت بالفعل القبلة الأغرب رغم أنها لا تسمى قبلة في قاموسي ومعها

خصوصا , ابتعدت سريعا وتركتها وخرجت وغادرت المستشفى فقد

تأخرت على الرجل الذي ينتظرني منذ وقت وسأرجع فيما بعد

أخرجت هاتفي وأجريت اتصالا وأنا أخرج من الشارع فأجاب صاحبه

سريعا فقلت مباشرة " زوجتي ستنام عندكم الليلة فأريدها في غرفة

مستقلة قريبة من هناك لا أريد أن يتجولوا بها في جميع الممرات "

قال ضاحكا " أراها أولا إن كانت من الحسن ما يستحق نقلتها

في الغرفة المجاورة "

قلت بضيق " خالد تعلم أني أكره المزاح في هذه الأمور ووفر

علينا زيارتك لها "

قال ضاحكا " لا تقلق وسأنقلها فورا "

قلت " وأريد ممرضة معها لدي مشوار ضروري وسأعود

تكون معها لبعض الوقت فقط "

أنهيت بعدها المكالمة معه وغادرت حيث وجهتي المحددة

لأرجع للمستشفى , لا أعتقد أن جدها وضع من يراقبنا لكن

الاحتياط واجب وسيجدها فرصة مواتية لأخذها وإخفائها وإن

كان لا يستطيع إخراجها من البلاد







*~~***~~*









وقفت مقابلا له وهوا واضعا يديه وسط جسده وقلت

" هل سنغادر الآن "

نظر جانبا وقال " غادروا أنتم أنا سأبقى اليوم أيضا وأغادر

من هنا لعملي فجر الغد "

بقيت أنظر له بصمت واستغراب من حاله وحال الأغلبية هنا فصديقه

غادر ليلتنا الأولى هنا دون أن يعلم أحدا ولم يتحدث مع أحد طوال بقائه

هنا وإياس حاله ليس أفضل منه يثور بسهولة ولو مازحته فقط لألحق بهما

أنا منذ مكالمة رغد لي بالأمس لتقلب مزاجي من التوتر والقلق بادئ الأمر

للمزاج المعكر بعدما أجابت علي , تُلقي عليا باللوم ورقمها من اتصل بي

كيف كنت سأعلم أن والدتها من اتصلت ولما لم تتصل بهاتفها هي ؟؟

ظننت أن آخر جراحك لي يا رغد يوم رفضتني وتزوجت بذاك ورغم

كل شيء كدت أجن من الفرحة حين علمت بخبر طلاقك القريب دون

حتى أن أتحقق من صحته لكنك وعلى ما يبدوا لا تستحقين ولا تتغيري

أبدا , شعرت بيد أمسكت بكتفي وصوت عزام قائلا " ما هذه الرحلة

المأساوية ؟ أنت من جلبنا من أجل موسم تزاوج الخيول ومتحمس

للأمر ولم تذهب معنا لهم "

نظرت للأرض وتنفست بقوة وقلت " شعرت ببعض التعب

وسأكون أولكم في المرة القادمة "

قال إياس " أنا سأغادر غدا من أراد أن يبقى معي فليبقى "

قال عزام مبتسما " إذا أنا أول الباقين "

نظرت للقادم من هناك باستغراب وقلت " أليس ذاك صديقك

المدعو آسر قادم هنا "

التفت له في الفور وقال " غريب اليوم ينتهي عمله فما أحضره !! "







*~~***~~*








رغم أني لم أكن أعي شيئا لكني شعرت بنفسي نمت كثيرا ولوقت

طويل , كان يوم الأمس قاسيا جدا بل أقسى ما مررت به حتى الآن

منذ عرفت الدنيا , موت ودماء وقسم شرطة وتُهم ثم حمى جعلت

جسدي يتقطع من الألم وكم أخشى أن يكون القادم أسوء من هذا

بكثير , فتحت عيناي ببطء ونظرت جانبا فكنت في غرفة أخرى

ومكان آخر فيبدوا أني لم أنم فقط بل كنت شبه ميتة ولا أعلم من

حولي شيئا , كان ثمة باب هنا يخرج منه صوت ماء يتدفق بقوة

ويبدوا حماما لكن من الذي في الداخل ؟؟ تساندت بمرفقي وجلست

ببطء واتكأت على ظهر السرير ليلفت نظري الخصلات البنية على

كتفي فرفعت يدي لرأسي لأكتشف أني بلا حجاب وبلا مشبك شعر

أيضا فاتكأت برأسي على الجدار وأغمضت عيناي بقوة , علمت الآن

من في الحمام هنا ... من خلع ملابسي بالأمس وفعلها اليوم مع حجابي

وعبث بشعري كما يريد , ليثني أفهمك يا أواس وترحمني فلم يتعبني

شيء في حياتي مثل وجودي معك وكأني لم أعرف يوما معنى الحزن

الخوف الترقب التوتر والضيق والهموم ؟ كل شي وكأني لم أجربه سابقا

رغم أني مررت بأضعاف هذا وضننت أنه لم يعد يؤثر بي شيء , توقف

صوت الماء في الحمام فعدت للإضجاع على السرير وأغمضت عيناي

فانفتح الباب وخرج منه وصوت تمتمته متشهدا أسمعه بوضوح فيبدوا كان

يتوضأ , تحرك بعدها قليلا في الغرفة ثم سمعت صوت تكبيرته المرتفعة

وقراءته لسورة الفاتحة ففتحت عيناي ونظرت جهة الصوت فكان موليا

ظهره لي ويصلي على بلاط الأرضية بلا حتى سجادة فما يضطره لكل هذا

لما لا يذهب للمسجد أو حتى مصلى المستشفى هنا !! لما لا يريد الخروج

ولا من أجل الصلاة هل يخشى أن أهرب منه ؟؟ نظرت للسقف وفكرت

قليلا في هذه الصلاة الجهرية ثم جلست مجددا حين أدركت أنها ستكون

صلاة الفجر وأنا لم أصلي بعد المغرب شيء , وقفت بصعوبة وتوجهت

للحمام بخطوات بطيئة حتى وصلت ودخلت وأغلقت الباب واتكأت عليه

أتنفس بقوة لا أعلم من تبعات الحمى أم من التوتر الذي يلازمني دائما

كلما كنت وهذا الرجل في مكان مغلق علينا , تحركت جهة المغسلة وكان

هناك كرسي فجلست وتوضأت ثم خرجت وكان هوا جالسا يتمتم بالتسبيح

وقدميه منصوبتان تحته فتوجهت لعباءتي رفعتها وقلت وأنا البسها

" جلستك خاطئة , كيف تصلي ناصبا قدميك هكذا "

وقف وقال " سآخذ منك دورة في طريقة الصلاة فما رأيك "

رفعت حجابي وقلت وأنا ألفه ببطء " لا مانع لدي تكسب أنت

أن تكون صلاتك صحيحة وأكسب أنا أجرها كلما صليت أنت

والله يضاعف لمن يشاء "

كنت مولية ظهري له فسمعت خطواته تقترب مني ليزيد جنون دقات

قلبي وتوتري أكثر فليثني أفهم فقط ما يحدث معي ؟؟ لما هذا الرجل

يعبث بي هكذا وكأن قلبي أوتار آلة موسيقية يحركها كيف يشاء بل

بجنون كلما شعر به يقترب مني , أغمضت عيناي بقوة وقلت ما أن

وصل عندي " لا توبخني على أمر فيه مصلحة دينك يا أواس

فأنا لم أرى نفسي أفضل منك "

شعرت حينها بيديه التي أمسكت ذراعاي ليزيد من طبول الحرب

في قلبي ولا أعلم مدى ضرباته فكل مرة أقول أنه لن يصل لمقدار

أعلى من هذا الجنون أبدا ويأتي ويفعل شيئا يجعله يزداد جنونا

وتوترا , لفني ناحيته سريعا ثم قال " افتحي عينيك وانظري لي "

فتحتهما لأجد وجهه أمامي وضغط على ذراعاي ونظره مركز

على عيناي وقال " هل تعلمي لما أصلي هكذا ؟؟ "

هززت رأسي بلا وتوجس قوي يعبث بي فأنا أعلم جيدا متى تحظر

هذه النبرة في صوته , الماضي .... نعم وحده من يجعله يتحدث هكذا

رفعت يدي ووضعت أطراف أصابعي على شفتيه وقلت ناظرة لعينيه

" لا تقلها ... ليس أنا السبب أرجوك يا أواس "

رفع يده وأمسك يدي وأنزلها ببطء حتى وضعها على قلبه لتسري

دقاته في عروقها وتضرب أذناي , كانت هادئة ومنتظمة فلما وحدي

يجن جنون قلبي لاقترابه فلو وضع يده عليه الآن لارتعب من حاله

ضغط علي يدي وقال بشبه همس " ولن تسألي مجددا لما أصلي هكذا "

هززت رأسي بلا وقلت بهمس " حرّمت فعل ذلك "

ابتسم حينها ابتسامة صغيرة وترك يدي على قلبه لتنتقل يده لوجهي

وأبعد الخصلات المتمردة من شعري عليه وقال " من دون أن

تعرفي إن كانتِ أنتي أو لا ؟؟ "

امتلأت عيناي بالدموع وهززت رأسي بلا فمرر أصابعه في شعري

وشدني له ببطء وانحنى لشفتاي فوصلت بقلبي المواصيل حينها وكان

سيخرج من بين ضلوعي وكأنها أول مرة يقربهما , وما كانت تلامست

شفتينا حتى طرق أحدهم الباب فانتفضت مبتعدة عنه وتوجه هوا ناحيته

قائلا " تمنيت أن مسحنا بها هذه المرة سوء الذكرى لكن ثمة

أشياء دائما تحول بينها يا دُره هل لاحظتِ ذلك "

كنت أريد قول شيء بل قول الكثير لكنه لم يترك لي أي مجال

بفتحه لمفتاح الباب فلما يغلقه بالمفتاح وهوا معي ملازم لي !!

أدار المقبض وفتح الباب ودخلت تلك الطبيبة قائلة بابتسامة

" صباح الخير "

لم يصلها الرد من أواس طبعا فقلت بهمس " صباح النور "

اقتربت مني قائلة " دعيني أقيس نبضك وحرارتك وضغط

دمك لتخرجي الآن "

رفعت لحاف السرير وقلت وأنا أطويه ليصبح سجادة

" اتركيني أصلي أولا "

قالت هامسة بابتسامة " تغلقان الباب عليكما وتتذكرين

الصلاة الآن "

شعرت بالدماء في جسدي جميعها صعدت لوجهي فهربت بنظري

للأرض وقلت بهمس " هذا ليس مكانه نحن زوجان ولنا منزل

لسنا عاشقان نتتبع خطى الشيطان في الأماكن العامة "

قالت مبتسمة " كنت أمزح فقط ما بك استأتِ هكذا "

" ماذا هناك "

كان هذا صوت أواس الجاد الحازم دخل على حديثنا الهامس

فأمسكت الطبيبة بذراعي وأجلستني على السرير قائلة بهمس

" ورطتني مع زوجك الآن , يبدوا أنه لا يعرف يمينا

من يسار وسيضربني "

ابتسمت ابتسامة مجاملة صغيرة ولم أتحدث فقاست حرارتي

ونبضي وضغطي ثم قالت وهي تجمع أشيائها " كل شيء مضبوط

سأكتب لكم ورقة الخروج ولا تنسي سيدة دُرر خذي العلاج

بانتظام وابتعدي عن الإجهاد "

ثم عادت للهمس مجددا وقالت " صحيح أنتي اسمك دُرر أم دُره "

نظرت لها بصدمة فغمزت لي وقالت بذات همسها

" الرجال من هذا النوع لم يعودوا موجودين فخافي عليه

من أعين الناس "

ثم قالت مغادرة " حمدا لله على سلامتها "

ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها , كله بسببه يناديني باسم مشتق

من اسمي يضنونه يدللني حد أن يناديني به أمام الجميع ويغلق

الباب علينا بالمفتاح ولا يهتم لأحد رغم أنه يعلم ما سيفكرون فيه

ومالا يعرفونه أن الحقيقة أبعد بكثير مما يضنون ومما يظهر أمامهم

طرحت اللحاف على الأرض وصليت كل ما فآتني وهوا جالس

خلفي على السرير لم يتحرك حتى انتهيت ثم خرجنا من المستشفى

دون حتى أن يمر بهم ليوقع ورقة الخروج فما أغربه من رجل

ابتليتِ به يا دُرر , لو أعلم فقط الخير في كل هذا فلا شيء يفعله

الله لنا إلا لصالحنا ويبدوا أنه أجر صبري عليه , ركبنا السيارة

وساد الصمت الذي أتمنى أن يدوم لأنه إن تكلم سيوبخني كما حدث

حين أحضرني بالأمس فهوا لا يعرف إلا التوبيخ أو الصراخ غاضبا

أو إلقاء الألغاز المبهمة وجميعها صمته أفضل منها , مررنا الصيدلية

في طريقنا ونزل وأغلق الأبواب جميعا بتأمينها بجهاز السيارة ولا

أعلم ما يخبره عقله هل سأخرج منها وأهرب للشارع !! بل يبدوا

لي السبب مختلف جدا عن أفكاري هذه فما سيكون ؟؟

عاد بعد قليل بكيس الأدوية وركب ورماه في الخلف وانطلقنا مجددا

ووصلنا المنزل سريعا , أدخل السيارة وكان ثمة سيارة لشخص ما

هنا فنظرت لها باستغراب ثم له فكان ينظر لها عاقدا حاجبيه , من

يكون هذا الذي يزور المنزل هذا الوقت المبكر بل المبكر جدا وكأنه

يتصيد وجود أواس فهوا سيغير ملابسه ويغادر لعمله الآن ؟ فتح

الباب فنظرت للخلف لأمد يدي لكيس الأدوية فقال وهوا

ينزل " اتركيه ستدخله لك الخادمة "

فتنهدت وفتحت الباب ونزلت , لما تدخله وهوا معنا ؟؟ بقي

أن تحك لنا شعرنا , أغلقت باب السيارة وتحركت خلفه حتى

وصلنا باب المنزل ووضع يده على مقبضه وقال " والدي

في الداخل تلقين عليه التحية ولغرفتك فورا "

قلت بهمس " حسنا "

وها هوا لغز جديد ينكشف فيك يا أواس وسأتعرف بالذي يناديك

بشبيه الابن وتكتبه في هاتفك بشبيه الأب .....؟؟!!




نهاية الفصل ........ موعدنا الجمعة إن شاء الله



برد المشاعر 08-01-16 08:49 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع عشر)
 

18الفصل الثامن عشر








دخلت أتبعه بخطوات بطيئة متوجسة ليقع نظري على الواقف مع

عمته , رجل في الستين من العمر تقريبا يبدوا صاحب هيبة كابنه

رغم أن ملامحهما لا تتشابهان مطلقا وشيء مختلف حد الاختلاف

وهي نظرة العينين فهذا نظرته لا تشبه نظرة أواس وفي كل حالاته

وحتى الغضب وتبدوا نظرة رجل يقول لكل شيء أمامه ويلك مني

كانا ينظران لنا بصمت حتى وصلنا لهما وركز والده نظره علي

ويبدوا أنه لن يتبادل وابنه الحديث أبدا ولا بالسلام مما يعني أنه

حان دوري أنا , نظرت للأرض وقلت بهدوء " صباح الخير

يا عمي سررت بلقائك "

لتخرج منه الكلمات الساخرة قائلا " لم تشرفنا بزيارة بها هل

ستحجبها عنا كالأولى وكأنه لا عائلة لك "

حينها علمت أن دوري انتهى وحسب أوامره عليا أن أغادر

فقلت بهدوء " بعد إذنكم "

وتركتهم متوجهة نحو ممر غرفتي ليوقفني صوت والده الحازم

" انتظري هنا "

فوقفت مكاني والتفت له برأسي فقط فقال " ابنة من أنتي وما اسمك "

نظرت لأواس فكان ينظر لي نظرة أفهمها جيدا وهي أنه عليا أن

أنصرف ولا أزيد شيئا فالتفت لأغادر فقال بغضب " هل أوصاك

على عدم احترامي مثله , قلت من أنتي فأجيبي "

خرج حينها أواس من صمته قائلا بأمر " لغرفتك ولا تخرجي منها "

فأسرعت الخطوات لأختفي من أمامهم بل ليختفوا هم من عالمي

فيكفيني من هذه العائلة ما رأيت , دخلت غرفتي وأغلقت بابها

وتوجهت لسريري وجلست عليه وكل مخاوفي أن يهجم عليا والده

في أي وقت فلما يريد معرفة من أكون ولما يرفض أواس إخباره !!

لا أعلم متى ستشرق عليا شمس نهار في هذا المنزل لا تحمل لي

معها لغزا محيرا جديدا , ما به هذا الرجل لا علاقات جيدة له مع

أحد ! زوجته يضربها باستمرار ويسجنها والسبب مجهول وهي

ترجمته لمرض في عقله ليس إلا ووالده يبدوا بينهما خلاف

عميق متأصل ومن قبل أن يتزوج زوجته الأولى , ترى هل

يكون هوا من اتصل به ذاك اليوم وكان يشتمه ؟؟؟ لكن النغمة

لم تكن نفسها إلا إن خصصها له فيما بعد ثم الذي اتصل به كان

يريد إسماعه صوتي , آه يا رب ما هذا الحال والوضع المزري

حتى ترجمان وسراب لا أعلم عنهما شيئا وما حل بهما , ما هذا

الحكم القاسي منه أي جرم هذا الذي ارتكبته أستحق عليه كل

هذا ؟؟ أصمتي يا دُرر فيبدوا أنك لم تري منه شيء وكل

مخاوفي من القادم ومما يخفي هذا الرجل ويدبر







*~~***~~*








أمسكت ذراعه وهوا يحاول صفعه وقلت برجاء " سالم استهدي

بالله ليس هكذا يكون التفاهم وهوا ابنك والدم لا يصبح ماءً "

قال بغضب عارم " ليس ابني ولا أعرفه فضحني بين الناس

أُعطي الرجل كلمة أنه سيخدمه في صفقة السيارات ويرده

بكل وقاحة ويصغرني أمامه "

قال أواس ببرود " ليس لأنك تقبل الرشاوى وتدير مصرفا

ربوي يجب أن يسير كل العالم على مسارك "

ثم أضاف بحزم " ولازلت أحترمك لأنك والدي لكن قسما

إن امتدت يدك علي لرددتها لك والصاع بالصاع "

قال صارخا " نعم هذا ما أنتظر منك يا عاق تضربني ؟؟ قسما

أقطعها لك قبل أن تمدها علي وأخبرني الآن من أي مزبلة

أحضرت تلك المرأة أو عرفت كيف أعلم منها "

حينها ثارت ثورات أواس البارد منذ دخل وقال بحدة أقرب

منها للغضب " ليس لك شأن بها وأقسم إن اقتربت منها شوهت

يدك , وحتى كونك والدي أمام الله لن تقف في طريقي حينها "

كنت واقفة بينهما كجدار السد أخاف أن نصبح في عراك بينهما

وهذا أقصى ما قدرت عليه فليثه لم يصرف دُرر فهي وحدها من

قد تهدئه وها قد وصل للمرحلة التي لا أريد أن يصلها وأعرفه

جيدا حين يصبح هكذا , صرخ سالم بذات النبرة الغاضبة

" من هذا الذي يهدد بأن تتركها أو فعل وفعل ؟ أقسم إن وصلني

أذى وأبنائي بسببها وسببك أن يكون الثمن دمك ودمها وابتعد

بأعدائك عني وأبنائي "

تحرك حينها أواس جهة ممر غرفتها ووضعت أنا يداي على رأسي

هذا ما كان ينقصها يذهب لها وهوا في حالته هذه , لكنه خرج من

الممر سريعا يحمل مفتاح الغرفة في يده وغادر المنزل أمامنا ولم

يصعد حتى ليبدل ملابسه مما يعني أنه لن يذهب لعمله رغم أنه

من المفترض أن يكون فيه بعد أقل من ربع ساعة , ألتفت لي

وأمسك ذراعي وهزني منها وقال بحدة " من تكون قولي بسرعة "

قلت برجفة " لا أعلم , اسمها دُرر هذا فقط ما أعلمه "

ترك حينها ذراعي بغضب وقال مغادرا " سنرى يا أواس

سترى حسابك مني "

وخرج هوا أيضا وتركوا الفتاة مسجونة فما ذنبها في كل هذا

ومتى سيرجع لإخراجها ؟؟ وها قد ذهبتْ وجد لتستلم دُرر جميع

عقوباتها , توجهت لممر غرفتها ووقفت أمام الباب وطرقته

وقلت " دُرر "

فاقتربت خطواتها منه ثم خرج صوتها الرقيق المنخفض

قائلة " عمتي ما بكم من أغلق عليا الباب "

قلت بهدوء " لا تقلقي إن تأخر سأفتح لك أنا "

قالت من فورها " ولما أغلقه ما ذنبي أنا وماذا فعلت "

تنهدت وقلت " ليس ذنبك ولا ذنب أحد يا دُرر هذا

قدرك فقط وعليك تحمله يا ابنتي "

ثم غادرت وتركتها , مؤكد أواس لم ينسى أنه لدي نسخة عن

مفتاح غرفة ابنتي وما أن أطمئن أن والده لن يرجع سأفتح لها

حتى إن غضب مني فلن أكترث له فلا أريد ما كان يحدث مع

وجد أن يتكرر معها , لكن ما عناه سالم بأن أحدهم يهدد بشأنها

هل هوا جدها يا ترى وعلم بوجودها عند أواس ؟؟ وهنا ستكون

الكارثة فيبدوا أواس فعل ما يخطط له وذاك الغول لن يسكت

بالتأكيد فهوا يقتل حتى القتل ولا يخشى شيئا ولا أحدا , توجهت

لغرفتي وليس على لساني سوا ( يا رب سترك ) فكل خوفي

على أواس من ذاك الذي لا يخاف الله





*~~***~~*





نظرت له حتى وصل عندي سلّم على عزام وبسام

ثم قال " إياس أريدك قليلا "

فاستأذنت منهما وابتعدنا حتى دخلنا أشجار المزرعة ووقفت

ووقف هوا مقابلا لي وقال " مؤكد تعلم أن زوجتك

غادرت المنزل "

نظرت له باستغراب من معرفته للأمر فتابع " ولم تذهب

لمنزل عمها ولا علم له بشيء "

نظرت له بصدمة ثم قلت " هي عندك إذا "

قال بهدوء " نعم وتريد السفر لعائلة والدتها "

قلت مغادرا من أمامه " مهزلة وهذا ما كان ينقصها من

الجنون ولم تفعله بعد "

لحق بي وأمسك بذراعي وأوقفني وقال " عليك حل الموضوع

قبل أن يصل للعقيد رفعت , لا تتهور يا إياس "

التفت له ونفضت ذراعي منه وقلت بضيق " هذه حياتي الخاصة

لا دخل لأحد فيها ولن تسير حسب رغبة أحد ولن أخشى منه "

قال بجدية " لا أحد يريد التدخل في شئونك الخاصة لكن فكر فقط

أنها إن فعلت ما تفكر فيه كيف سيكون رد فعله فلا تنسى أنه عمها

وأقل ما قد يفعله أن يلقي باللوم عليكم لأنكم همشتموه في

موضوع كهذا ولم يخبره أحد "

قلت باستياء " وإن أخبرناه فلن يحصل خير أيضا

وسيقوي شوكتها عليا أكثر "

قال بجديته ذاتها " لا أعلم ما هذا السبب الذي جعلها تغادر المنزل

وتصر على ترك البلاد وأتمنى يا إياس أن لا تكون مددت يدك

عليها وأنت تسجن من تأتيك زوجته مضروبة وتشتكي "

غادرت حينها من أمامه وعدت جهة البقية وقلت وأنا اركب

سيارتي " أنا عائد للعاصمة الآن لا تنسوا أن تسلموا

مفاتيح المنزل للعمال "

ثم غادرت من هناك وسيارة آسر خرجت خلفي , هكذا إذا يا

ترجمان تعلمين أن عمك سيرجعك للمنزل ففكرت في أبعد من

ذلك لتفري بجلدك وأتلقى أنا الاتهام والتوبيخ , وبدلا من أن نحل

مشاكلنا بيننا يعجبك أن يتدخل فيها آسر وزوجته والله أعلم من

سيكون غيرهما , رن هاتفي فأخرجته وأجبت قائلا

" نعم يا بسام "

قال من فوره " ما بك ما الذي أخبرك به صديقك أخرجك من

المزرعة هكذا وأنت قلت أنك ستغادر غدا , هل زوجة عمي

أو البنات بهم مكروه "

قلت محاولا تهدئة نفسي " لا شيء بهم وما دخله هوا بعائلتي

هذا مجرد صديق يعمل معي "

قال مباشرة " إياس متى ستفهم أني لا أستنقصك أنا قلقت فقط

أنت ابن عمي وفي حسبة شقيقي "

تنهدت وقلت " لم أقصد ما فهمت يا بسام أنا فقط متضايق

قليلا وكما قلت لك الجميع بخير "

قال بهدوء " حسنا قد برفق وتمهل من أجلهم فلا أحد لهم

غيرك ... وداعا "

أنهيت المكالمة معه ورميت الهاتف جانبا على الكرسي الآخر

وما أن وصلت المنزل ودخلت حتى استقبلتني أمي وأمسكت يدي

وقالت بقلق " إياس حمدا لله أنك بخير هل هذه فعلة تفعلها بي

تغلق هاتفك وتشغل بالي عليك "

قلت بضيق " أمي تعلمين أني في المزرعة

وأنا لست طفلا "

تنهدت وقالت " أعلم ومن قال أنك طفل لكن راعي قلب

الأم فأبنائها لا يكبرون في نظرها أبدا , ثم زوجتك ... "

قاطعتها قائلا " لا تقلقي أعلم أين تكون وسترجع بنفسها "

نظرت لي باستغراب فتركتها وقلت صاعدا السلالم " لا أريد

أن يعلم خالي رفعت وغدا صباحا ستجديها هنا "

صعدت لغرفتي وفتحت الخزانة ووجدته حيث وضعته عندما

أخذته من حقيبتها من أجل أن نكمل إجراءاتهم في المحكمة فأنا

نسيت إرجاعه لها وهي يبدوا لم تنتبه له فأريني كيف ستسافرين

يا ترجمان وما أما متأكد منه أنها ستأتي الليلة لأخذه ظنا منها

أن عملي اليوم وسأبات في قسم الشرطة , اتصلت بعدها بآسر

وأجاب سريعا فقلت " هل وصلت "

قال من فوره " نعم أنا داخل للعاصمة الآن "

قلت بجدية " تصرف وكأن شيء لم يحدث والليلة سترجع

هنا فلا تغلق باب منزلك فهي تضن أن عملي اليوم وليس

غد فلا أحد يعلم "

قال " حسنا المهم أن لا تطلب مني طردها ولا

زوجتي ستوافق "

قلت بهدوء " لا تقلق ستأتي بملء إرادتها .... وداعا الآن "

أنهيت المكالمة معه ثم خرجت من المنزل ولمكتب المحامي

فورا لأرى ما سنفعل بشأن القضية , وما أن وصلت له حتى

رن هاتفي وكان المتصل خالد شقيق مصطفى فأجبت عليه وأنا

أنزل من السيارة وقلت " مرحبا يا خالد لا يمكنك زيارة

ندى الآن أنا لست في المنزل "

قال من فوره " بل أريد رؤيتك أنت فمتى تجد لي وقتا "

نظرت لساعتي وأنا أصعد السلالم وقلت " ساعة أو ساعة

ونصف ونتقابل حسنا "

قال من فوره " جيد سأنتظرك في مقهى السنبلة تعرفه ؟؟ "

وصلت شقة المحامي وقلت وأنا أدفع الباب " نعم أعرفه هل

الموضوع بخصوص القضية فلن أتراجع عنها أبدا يا خالد "

قال بهدوء حذر " بل بخصوص رغد "







*~~***~~*








عدت لمنزلي فتحت الباب لأسمع صرخة داشر القوية فدخلت

ووقفت مكاني وأنا أراه يركض وهوا يعرج حتى خرج مارا

بي وخرج من الباب الذي تركته مفتوحا فتقدمت أكثر للداخل

فوجدت سراب جالسة على الأرض ترتجف وتبكي وزوجة

إياس تمسك عصى في يدها وتقول لها " يكفي يا غبية كيف

تخافين من قط دخل عليك المطبخ فجأة ها قد لقنته

درسا ولن يعود مجددا "

بقيت واقفا أنظر لها بصدمة , ما هذه الجبارة ضننت جميع

النساء يخافون القطط والفئران والصراصير , ضربت داشر

الشرس المعروف في كل الحي ولا يستطيع أحد الاقتراب منه !!

نظرت بعدها ناحيتي ولم تفاجأ حتى بوجودي بل رمت العصا

جانبا ونفضت يديها وقالت متوجهة جهة غرفة الضيوف

" طوال حياتك جبانة ولا شيء لديك سوا اللسان "

ثم دخلت الغرفة وأغلقتها خلفها فعدت للباب وأغلقته حامدا

الله ألف مرة أنها ليست زوجتي بالرغم من العيب الذي فاقتها

فيه سراب بجشعها فعلى الأقل تخاف مني بما أنها تخاف من

قط أما هذه فيبدوا أنها لا تخاف أحدا ، عدت للداخل فكانت

سراب على حالتها جالسة على الأرض تبكي وتمسح دموعها

ثم وقفت ودخلت المطبخ ولم أعد أسمع سوا صوت بكائها

فتنهدت وتبعتها وقفت أمام باب المطبخ وقلت " يكفي بكاء

لن أتركه يدخل مجددا هذا إن عاد من أساسه "

التفتت جهة المغسلة وقالت بعبرة " وكيف ستمنعه

من تسلق الجدران "

قلت ببرود " أعرف كيف أمنعه فتوقفي عن البكاء هيا "

مسحت خديها وحملت صحن به خبز وخرجت مجتازة لي

ووضعته على الطاولة فدخلت لأشرب الماء وحين شعرت بها

دخلت التفت لها لأكلمها بشأن صديقتها ففوجئت بالصرصور

الكبير الذي ينزل من كتفها وهي لا تعلم بل ولو رأته فستفقد عقلها

بالتأكيد خصوصا أنها مازالت يداها ترتجفان وشهقاتها الصغيرة

تخرج رغما عنها فقلت ملهيا لها حتى تقترب وأرميه من على

فستانها " إياك أن تتركي صديقتك تغادر حتى يرجع إياس

من عمله فجر غد ونرى ما سيفعل "

كنت أضنها ستأتي ناحيتي لإخراج صينية الشاي لكنها لم

تتحرك وذاك الصرصور الضخم يبدوا أنه بدأ يفكر في

الصعود لعنقها فقلت بسرعة " تعالي سراب "

نظرت لي بريبة وصدمة فقلت بضيق " اقتربي أو جئتك أنا "

تراجعت خطوة للوراء وقالت " ماذا تريد مني آسر فهذا

ليس وقته ولا مكانه "

اقتربت منها أنا مادا يدي لصدرها وقائلا " أعلم أنه

ليس وقته فدعيني أزيل هذا "

ويبدوا أني أخطأت في التعبير أو فهمته هي بشكل خاطئ

والنتيجة كانت أنها التصقت بالجدار ورفعت يدها لرقبة فستانها

وشدتها حيث يتمشى ذاك الأحمق لتُنزل نظرها له والنتيجة كانت

صرخة مدوية ولم أشعر بها إلا وهي في حضني ومتعلقة بعنقي

وتصرخ " لاااااا أبعده عني آسر أبعده "

كنت أحاول تهدئتها وإفهامها أنه وقع وهرب لكنها كانت تبكي

وتصرخ بهستيرية أن أبعده وأنه دخل من رقبة فستانها ولم أفلح

في شيء لأنها كانت متمسكة بي بقوة ويستحيل حتى أن أبعدها

وحدث ما كنت أخشاه وانفتح باب غرفة الضيوف فمؤكد صديقتها

سمعت الصراخ فما كان أمامي من حل سوا شدها بذراعاي

والدوران بها لأعطي الباب ظهري فعلى الأقل لا أكون أنا مقابلا

لها لأنه لا وقت لانقاد الموقف ، شدتها لي بقوة وهمست

في أذنها " توقفي فضحتنا معها يا سراب "

سمعت حينها باب الغرفة أغلق مجددا وابتعدت هي عني

تنفض فستانها وتقول بشهقات متتالية " أين ذهب هل أبعدته "

قلت مبتسما " تجديه من الرعب يتلقى العلاج عند طبيب نفسي "

رفعت رأسها وقالت بتذمر باكي وهي تمسح دموعها " يالا

مزاحك الثقيل كم تحب السخرية مني وأنا خائفة "

رفعت طرف رقبة سترتي بأصابعي وقلت بذات الابتسامة

" بل أنت أفسدت السترة بأحمر الشفاه وعليا أخذها لمعمل

الغسيل فانظري ما سيفكرون فيه ما أن يروها "

نظرت للأرض بخجل تمسح طرف عينها وقالت " كله بسبب

ترجمان أصرت أن أجرب أحمر الشفاه لترى لونه "

ثم رفعت رأسها ونظرت لي وقالت " صحيح أين

ذهبت لم ترجع وقت الفجر وشغلتنا عليك "

أبعدت نظري الذي وجدته منشغلا بالتدقيق على أحمر الشفاه

الياقوتي الذي يزين شفتيها الرقيقتان ثم قلت مجتازا لها لأخرج

" كان لدي مشوار ضروري ذهبت له "

لتمسك يدها يدي قبل أن أجتاز عتبة الباب وقالت " انتظر أين

ذهب الصرصور إن لم تكن قتلته فلن أدخله مجددا "

نظرت لها واستللت يدي من يدها وممددتها لوجهها وقلت

مبتسما وأنا أبعد الخصلات التي التصقت به بسبب دموعها

" وهل تركتِ لي مجالا حتى لرؤيته قفزتِ عليا قفزة مباشرة "

أنزلت رأسها لتخفي خجلها من كلماتي ومسحت عينها بباطن

كفها الذي لازال يرتعش وسعلت قليلا تخفي عبرتها وشهقاتها

لا أنكر أني كرهت شعوري بالشفقة عليها لكني لم أستطع منعه

فأمسكت يدها من وجهها وحضنتها بين كفاي وفركتها بهما

وقلت " توقفي عن الارتجاف هذه المنازل بؤر للحشرات

وأنا كنت أعالج المنزل شهريا لكني غفلت عنه هذا الشهر

هيا يا جبانة فكله صرصور صغير فقط "

تابعت مسح عينيها بيدها الأخرى تنظر للأرض وقالت ببحة

" اذهب الآن وأحضر دواء الحشرات وضعه هنا "

تركت يدها ووضعت يداي وسط جسدي وقلت " أنتي تحلمين

بالتأكيد أكاد أنام واقفا وتريدين أن أخرج الآن "

ثم قلت مغادرا المطبخ " أيقظيني عند الظهر لا تدعي

الصلاة تفوتني "

ثم دخلت للغرفة لأني قسما بربها سأتهور هذه المرة ولن

يمسكني عنها شيء وإن كان بحدود فلا أريد أن ابني حياة

معها لا أريد توقف يا آسر








*~~***~~*








قال وهوا يدير أصبعه على حافة الكوب ونظره عليه

" حقيقة الأمر يا إياس لدي موضوع لكني أريد أن

تفهم قصدي منه أولا "

قلت بجدية " بخصوص قدوم مصطفى بالأمس "

نظر لي وقال " هل كان عندك أنت !! "

قلت بحيرة " الم يحكي لكم أين كان "

هز رأسه بلا وقال " جاء وحالته مزرية وكأنه خرج من عراك

ولم يقل شيئا وانفرد بوالدتي وشقيقي الأكبر ولأني مستبعد

دائما من شأنه تحديدا لم يحكي لي أحد "

قلت بسخرية " وطبعا لأنك الوحيد الذي تدافع عن

حق ابنة شقيقك يخرجونك من الموضوع "

تنهد وقال " إياس مصطفى لن يترككم وشأنكم ليس حبا في ندى

لكن بغضا لما فعلتموه به وسيبقى شبحه يطاردكم وسيكون أمام

رغد أحد حلين إما أن لا تتزوج كل حياتها أو أن تتزوج ويجدها

فرصة لأخذها منها لأن الحضانة ستنتقل له أو لوالدتي "

قلت بجدية " شقيقك عنقه في يدي والتهديد وحده ما يجدي معه

أعلم أنه شقيقك وهذا الكلام لا يجوز لكنها حقيقته وتجارته ليست

نظيفة وأنا أتغاضى عنها فقط من أجل أنه والد ندى "

تنهد وقال " أعلم قبلك وكم حاولت معهما وبلا فائدة لكن مالا تعلمه

أنه بدأ يصفي أعماله ويريد اللعب معك وسحب ورقتك الرابحة "

قلت من بين أسناني " سحقا له وندى لن يأخذها ورغد سيطلقها "

قال بهدوء " سيطلقها لكنه سيبقى يحاربها بابنتها "

قلت بريبة " هذه المقدمان وقلتها فهات أساس الموضوع

الذي جلبتني من أجله "

شد له نفسا قويا وقال بجدية " أريد أن أتزوجها

ما أن تطلق منه "








*~~***~~*









حركت الملعقة في القدر بقوة وقلت بضيق

" ترجان فارقيني خيرا لك "

ضحكت ولفت لي من الجهة الأخرى وقالت " أريد أن

أفهم فقط ما جعلك تحضنيه ذاك الحضن ؟ كله خوف

من القط يا كاذبة "

نظرت للسقف وقلت بنفاذ صبر " يا رب صبرني "

ضربتني على ظهري وقالت " وتقولين كل واحد منا في غرفة

وفي شجار مستمر ويسخر مني دائما , ويومين فقط بقيتهما هنا

ظهر أنكما تنامان معا وأحضان وبكاء , ظلمتي الرجل هل

كل هذا خوف من أن أصيبك بعين "

قلت بسخرية " نعم من جمال حياتي لأخاف عليها "

ثم أغلقت القدر وخرجت من المطبخ وهي تتبعني قائلة

" حسنا ولما مسحت أحمر الشفاه ؟ هذا إن مسحته ولم

يُمسح بسبب شيء آخر "

سحبتها معي للغرفة وقلت من بين أسناني " أسكتِ يا حمقاء ماذا

إن كان مستيقظ الآن وسمعك لا بارك الله في لسانك السليط "

جلست على الأريكة ووضعت ساق على الأخرى وقالت ببرود

" وإن سمع ؟؟ هوا عاش ورأى هل نقول شيء حدث من ورائه "

نظرت لها بغضب واضعة يداي وسط جسدي فأشارت لي

بيدها قائلة " اجلسي اجلسي يبدوا لي أن هذا الرجل طبخة

سهلة يحتاج فقط لبعض الذكاء منك "

قلت بسخرية " هه علمي نفسك الطرق قبلي أنا وطبقيها

على زوجك فأنا أراه أسهل وأيسر من زوجي "

قالت بقرف " ذاك أيسر ؟؟ ذاك أعسر ما رأيت في حياتي

مغرور لن ينزل نفسه حتى إن كَنّ لي بالفعل شعورا خاصا

هذا إن حدث وإن رآني من أساسه "

جلست وقلت " لعبتك انقلبت عليك فمن أين ستحظرين

جواز السفر يا مسكينة "

قالت بمكر " اتصلت بالخادمة وستفتح لي باب المنزل وسأدخله

الليلة وأخرج جوازي ولن يعلم أحد فإياس سيكون في عمله

حتى فجر غد وأكون أنا حينها غادرت العاصمة "

هززت رأسي وقلت " كم أخشى أن تنقلب لعبتك عليك "

قالت بلامبالاة " ولما تنقلب علي فما أن أخرج من هنا كل شيء

سيكون ميسرا فبما أن اسم العائلة لدي والمدينة الحدودية التي

يسكنون فيها فسيسهل عليا إيجادهم ووداعا يا إياس وللأبد "

قلت بسخرية " وإن لحق بك يا حبيبة عائلتك "

قالت ببرود " أقص يدي إن فعلها فكل ما يريده أن

يتخلص مني وجاءته على طبق من ذهب "

تنهدت وقلت بحزن " أيعقل أن نفترق هكذا كل واحدة في بلاد

دُرر أيضا قال آسر أن زوجها قال له بأنها ستسافر مع عمته

وبقيت وحدي معلومة الحاضر والمستقبل وهوا الموت هنا

وكم أخشى أن يكون قبري وسط هذا المنزل "

ضحكت وقالت " نعم تحايلي علي فلم يعد يجدي هذا ولا أصدقه "

ثم تابعت بمكر " أخبريني هيا ما تأثير الحضن الأول والقبلة الأولى "

رميتها بالوسادة وأشعر بأني أحترق من الخجل وقلت بضيق

" أخبريني أنتي فأنا لم أجرب شيء من هذا "

قالت ساخرة " هه إن لم أرى بعيني "

وقفت وقلت " لعلمك أنا لا أذكر من ذلك شيئا ولم أكن أعي

لنفسي لأني كنت مرعوبة فجربي بنفسك واحكي لي "

ثم قلت مغادرة الغرفة " لأذهب لغدائي أفضل لي من

أن يحترق بسببك وآكل أنا التوبيخ "





*~~***~~*








برمت لها خصلة شعرها بمصفف الشعر لتنزل

لولبية وقلت بحماس " انتهيناااا "

ثم هززت رأسي وقلت " هيا هزي رأسك هكذا "

فهزته من فورها مبتسمة تلك الابتسامة الطفولية فقبلت خدها

ثم وضعت لها مشبك أحمر من الأمام مثلي ورفعتها وتوجهت

بها لمرآة الخزانة وقلت " انظري كم نحن جميلتان "

فضحكت وأشارت لنا في المرآة وقالت " ندى وديمووو "

ضحكت وقبلت خدها بقوة وأنزلتها وعدلت لها بنطلونها الجينز

وخرجت بها من الغرفة ونزلنا للأسفل فقالت ونحن ننزل

السلالم " أليد ماما "

نظرت لها ورفعتها من ذراعيها وقلت وأنا أنزل بها آخر

العتبات " ماما يبدوا تُحظر الأرواح ولم تخرج من

غرفتها اليوم ولا تريد رؤية أحد "

دخلت سلسبيل حينها عائدة من جامعتها وقالت ما أن رأتنا

" كان الله في عون أمين عليك ما هذه البنطلونات

الممزقة التي تلبسانها "

أمسكت يد ندى وقلت مغادرة بها " أناس لا تفهم في الموضة

لا تتحدث وما ينقصه أمين إن حضي بواحدة مثلي "

قالت وهي تصعد السلالم " لا شيء سوا أنه سينام وشعرك

أحمر ليصحوا ويجده أزرق وكأنه في حفل رقص "

تجاهلتها وسرت بندى أبحث عن والدتي ووجدتها وإياس في

غرفة الجلوس فركضت ندى نحوه من فورها وصعدت لحجره

وقلت مبتسمة " رائعة هذه حركات الاختفاء وإغلاق

الهاتف وزوجتك تقلدك "

نظر لي ببرود وشعرت أن الأجواء متوترة أكثر من اللازم

فوالدتي أيضا نظرت لي نظرتها النارية ثم قالت بحدة

" كم مرة قلت لا تلبسي ثياب ممزقة ستفضحيننا مع

صديق شقيقك وعائلته , هذا ما أنا متأكدة منه "

قلت باستياء " وما دخله بالموضوع الآن ولا أحد له عليا

سلطة في ملابسي أنا لم أخرج بها للشارع وأحبها فما

يضايقكم في هذا "

قالت بضيق " وهل تعجبك الثياب التي تخرجي

بها ؟ هي لا تقل عن هذه في شيء "

كان إياس يلوذ بالصمت ناظرا للأرض وهذه ليست عادته

فقد كان دائما يدافع عني أمامها , قلت مغادرة " نعم كل من

يغضب هنا يفرغ غضبه بي وكأني لست ابنتكم , لا أعلم

حتى متى ستروا عيوبي فقط ؟ هذا إن كانت عيوب

أساسا وليست سوا حجة لتوبخوني وتنتقدوني "

وصعدت لغرفتي وأنا أتذمر وأتمتم حتى وصلت وأغلقت الباب

خلفي بقوة ورفعت هاتفي لأتصل بضحى لكي لا يأتوا اليوم

فيبدوا أن العائلة الموقرة لا مزاج لها لاستقبال أحد

وستخجلني أمي أمام صديقاتي بالتأكيد







*~~***~~*









بقيت في غرفتي جالسة على السرير حاضنة ساقاي ليمر الوقت

والساعة تلحق الساعة ولم أتحرك سوا لصلاة الظهر وبعدها بوقت

يبدوا تذكر أحدهم أنه ثمة مخلوقة بشرية مسجونة هنا منذ الفجر

انفتح الباب وهاجسي الوحيد أن يكون والده جاء ليفرغ غضبه من

ابنه بي أو هوا جاء ليلقي بكل لومه علي وطبعا هنا جميع الحقوق

مهضومة وأولها الاعتراض على أي شي وإبداء الرأي , دخل

وكان شخص ثالث وهي عمته بئر أسرار هذا المنزل ولا يمكن

أن أخرج منها بشيء رغم أنها يبدوا تعلم الكثير وإن سألتها الآن

ما سبب كل ذاك الصراخ حين كان والده هنا والنتيجة أن سجنني

كي لا يتحدث معي لقالت كعادتها ( لا أعلم ولا تثيري غضبه )

وآخرها ( هذا قدرك فتحملي ) بل هوا قدر غيري وعليا تحمله

عنه ودفع ثمنه أيضا فلم أرى حياتي مذنبا يعاقبونه دون أن يعرف

جريمته ، اقتربت مني وأمسكت يدي وقالت وهي تسحبني منها

" أخرجي يا دُرر لتخرجيه من هناك حلفتك بالله يا

ابنتي فوحدك من تستطيع فعلها "

أجل لهذا جاءت ليس لترى هذه المسكينة إن كانت ميتة أو

لازالت على قيد الحياة ليس لتمد لها لقمة طعام لأنها لم تأكل

شيئا من أكثر من يومين منذ سجنها ابن شقيقها في الأعلى

كل ما عناها مدللها أواس الذي يبدوا أنه بدأ يمارس غطرسته

على نفسه وسجنها كما يفعل مع زوجاته ، سحبتُ يدي منها

وقلت " لن أفعل شيئا ولن أذهب لأحد حتى أعلم لما أنا

هنا لما تزوجني لماذا يعاملني هكذا ؟؟ ومن أنا في

ماضيه ولماذا يحاسبني عليه "

أمسكت يدي مجددا وقالت برجاء " حلفتك بالله أن تفعليها ولو

من أجل واجبك نحوه كزوجة فهوا لم يذهب ولا لعمله اليوم

ويسجن نفسه هناك , خافي الله فيه يا دُرر فوحدك

تملكين حلا ولو بسيطا "

سحبت يدي منها مجددا وقلت بضيق " أي حل هذا الذي أملكه

وهوا يعاملني كدابّة ! خافوا أنتم الله فيا وارحموني ، دعيه يجرب

أذاه في الغير دعيه يشرب من الكأس التي يسقي بها غيره "

قاطعتني قائلة بحزن " لا تظلميه يا دُرر فأنتي لا تعلمي الحقيقة "

ضربت بكفي على صدري ضربة خفيفة وقلت بأسى " أفهميني

إياها إذا بدلا من كل هذا الضياع الذي أعيش فيه ، أعطي

الطبيب أسباب المرض قبل أن تطلبي منه علاجه "

ضمت يداها لصدرها وقالت " لا أستطيع مخالفة أوامره يا

ابنتي فاذهبي أنتي له فإن استطعتِ إخراجه الآن من حالته

فسيخبرك بنفسه فمفتاح كل ما تريدي معرفته في يدك "

قلت بضيق " وما هذه الحالة ما مرضه هذا ؟ لما أذهب

له وقد يؤذيني "

شدت يدي بقوة حتى سحبتني معها قائلة " لا مرض لديه

سوا في قلبه وعلاجه لديك فلا تبخلي عليه به "

ثم خرجت تسحبني خلفها لا أفهم شيئا مما تعني وتقول وهذا

حالي منذ دخلت هنا مجبرة على كل شيء ومقادة لكل شيء

ولا يحق لي لا أن أسأل ولا أن أعترض فهذا أبسط حقوقي

منزوع مني , خرجت بي من المنزل ولفت بي حوله يمينا

حتى وصلنا شجرة الأرجوحة وذاك المبنى الغريب حتى

اقتربنا فوقفتْ وتركت يدي وقالت " هوا في الملحق

اذهبي له وأخرجيه يا دُرر "

شعرت بقلبي بدأ يعزف سيمفونيته التي لا يتقنها سواه التي لا

أسمع لحنها إلا في وجوده أو حين اقترابه , قلت بتوجس

" سيغضب مني بالتأكيد وأنتي تعرفين ذلك "

امتلأت عيناها بالدموع وقالت بانكسار وحزن " لما تبخلين

بشيء في يدك وحدك لا تكوني أنتي أيضا عليه "

لا أعلم لما هي موقنة من أني أسيطر عليه وبيدي التحكم في

انفعالاته وأنا لا أستطيع حتى التحكم في نبضات قلبي في

وجوده ؟؟ لا أعلم بما يخبرها عقلها هل تضننا فعلا زوجين

طبيعيين أو أنه مغرم بي حد أن أتحكم في مرضه المجهول

وبإصرارها هذا لن تدعني وشأني وكما قالت قد أعرف منه

الحقيقة ، تقدمت نحو ذاك المبنى وحدي طبعا لأنها أوصلتني

هنا وانتهى دورها , فإن كانت هي التي عاشت معه تعجز عن

إخراجه من هنا فما سأفعله له أنا ابنة الأسابيع القليلة

التي وجدوها حديثا ؟؟!!

وصلت الباب وكان مفتوحا قليلا فدفعته بيدي ببطء فانفتح

دون أن يصدر عنه أي صوت , كان وكأنه جناح واسع أثاثه

قديم والغبار يملأ المكان بوضوح وكأنه لم يتم تنظيفه من أعوام

طويلة , كان هناك بابان مغلقان وآخر نصف مفتوح وصمت قاتل

وكأنه لا أحد هنا بل يبدوا بالفعل لا أحد موجود في هذا المكان

انتفض جسدي بكامله حين علا رنين هاتف في المكان بل هنا

قريب مني , بل هي تلك النغمة المخيفة الغريبة لتزيد اضطراب

قلبي وارتجافي فنظرت سريعا من حولي فيبدوا أنه هنا في

الردهة وسيكون أواس بالتأكيد في تلك الغرفة المفتوحة , فلما

يضعه بعيدا عنه ؟؟ يبدوا أنه ليس أول اتصال له لذلك تركه

هنا ، توجهت لمصدر الصوت فكان على طاولة قرب الغرفة

فوقفت فوقه أنظر لاسم المتصل ( الوحش ) ليزداد قلبي جنونا

في نبضاته وأنا أمد يدي له وأرفعه قبل أن أتراجع وأغير رأيي

فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني , أريد أن أفهم أن أعرف

من يكون هذا وما علاقته بي بما أنه ليس والده , ما أن وضعته

على أذني حتى أغمضت عيناي بشدة وانتفض كل جسدي وأنا

أسمع الصوت الغليظ الغاضب الذي انفجر من فوره قائلا

" لما لا تجيب يا وقح يا قذر يا زبالة يا جبان يا امرأة قسما

أنه آخر إنذار لك وسترى الأفعال الآن وأنت اخترت يا أواس

وقسما أن تندم وتبكي دما على تفكيرك فقط في اللعب معي "

كنت سأغلق عليه الخط لولا أن تسمرت مكاني من الصدمة

وهوا يقول " أقسم إن أصاب حفيدتي أذى قتلتك , قسما أن آخذها

منك وعينك ترى فأعدها لي بالطيب أفضل لك يا صعلوك

أو عرفت كيف أحرق قلبك عليها "

جدي هل هذا جدي الذي تحدث عنه عم ترجمان لكن ......

صرخ قائلا " أجب يا خنزير ما يسكتك "

أغلقت الخط بسرعة ووضعت الهاتف على الطاولة بيد ترتجف

بقوة حتى كدت أوقعه أرضا , إذا جدي يعلم بوجودي هنا وأنهم

وجدوني لكن ما سر كل هذا لما يهدده أن يتركني ؟ ما الذي بينهما

و أنا من تدفع ثمنه ؟ اقتربت من الغرفة بخطوات بطيئة وجلة حتى

وقفت أمام بابها النصف مفتوح وشهقت بصمت من صدمتي لما

رأيت ... أغراض مبعثرة ودماء ببقع كبيرة جافة تصل حتى الباب

و .... أواس نائم على الأرض نظره للسقف مغمضا عينيه ينصب

ساق ومادا الأخرى وإحدى يديه ممدودة بجانبه والأخرى .... وهنا

الكارثة يمسك بها سيجارة وهي بين شفتيه ويسحب منها نفسا قويا

ثم أطلقه في الهواء لينتشر دخانها أعلى وجهه فتراجعت للخلف أهز

رأسي بصدمة , يدخن لماذا !! وكيف لم أشم فيه رائحة سجائر طوال

الفترة الماضية ؟؟ بل ها هي أعقاب السجائر منتشرة حوله بالمئات

ركضت خارجة من كل ذاك المكان واجتزت عمته الواقفة بعيدا دون

حتى أن أنظر لها وعدت للمنزل ولغرفتي فورا أغلقت الباب وارتميت

على السرير أبكي بمرارة وحرقة ولا أعرف ماذا أبكي وماذا ؟؟ نفسي

أم غيري !! ماضيا أم حاضري ومستقبلي , لما جعلوني لعبة انتقام لا

أعلم عنها شيئا , من أنا ومن هم وماذا يحدث ولما وحدي

يحدث معها كل هذا ؟؟

انفتح الباب ووصلني صوت عمته قائلة " ما بك يا دُرر

ماذا حدث معك "

قبضت على اللحاف بقوة ودسست وجهي في ذراعاي أكثر

وقلت بحدة " اتركوني وحدي أخرجي الآن "

قالت بهدوء " ما بك هل ضربك ؟؟ ماذا حدث "

قلت صارخة ببكاء " قلت اخرجي واتركيني أخرجي "

ولم أسمع بعدها سوا صوت باب الغرفة يغلق لأزداد بكاء ونحيبا

فمن يتخيل أن دُرر تتحول لامرأة لا تعرف سوا الدموع

وهي من كانت لا تعرفها





*~~***~~*






سجنت نفسي في غرفتي لساعات ولم أخرج إلا حين أخبرتني

الخادمة أن إياس عاد ويريد رؤيتي , لابد وأن والدتي أخبرته

فما سيبرئني الآن حتى لو قال بسام حقيقة ما حدث فلن يصدقه

أحد وهي سمعت اسمي منه أي أنه يعرف جيدا رقم هاتفي وكأنه

يحادثني من قبل ولن يقف الأمر هنا فسيتسبب بمشكلة بين إياس

وبسام ومن ثم مع عمي وجميع أبنائه , دخلت غرفة الجلوس

حيث كانا لتركض ندى نحوي فهي لم تراني طوال اليوم لأني

كنت في حالة لا أستطيع أن أرى فيها أحدا , تعلقت بساقاي

فوقفت أمي من فورها وتوجهت نحونا وحملتها وخرجت قائلة

" سأخرج منها أنا هذه المرة ولنرى نهاية كل هذا "

ثم خرجت ونظري يتبعها بصدمة ... ما تعني بهذه المرة هل

هي مصيبة جديدة غير تلك !! نظرت لإياس فكان ينظر لي

نظرة غريبة لم أرها سابقا , لا بل رأيتها مرة حين علم بخروجي

مع مصطفى في الماضي , نظرة تقول بكل وضوح خذلتني فيك

يا رغد , بلعت غصة كبيرة مع ريقي ونظرت للأرض فقال

بهدوء " أغلقي الباب وتعالي اجلسي يا رغد "

أغلقته وجلست مقابلة له فقال مباشرة " قابلت خالد

عم ابنتك اليوم "

رفعت نظري له بسرعة وحيرة , إذا ليس موضوع بسام هل

تكون والدتي لم تحكي له عنه وهي من حلفت بعد موضوع

مصطفى أن لا تخفي عنه شيئا مهما كان سيئا وقد يتسبب

بمشاكل للجميع , بلعت ريقي وقلت بتوجس

" وماذا يريد "

ابتسم بسخرية وقال " يريدك أنتي "

شهقت بقوة بل بصدمة ووقفت على طولي فوضع ساق على

الأخرى وقال باستهزاء " يريد أن يتزوجك ما أن يطلقك شقيقه

وقال أن سببه ابنتك وأنك ستبقي بدون زواج بعدها وأن مصطفى

سيحارب من أجلها , أعذار واهية لا يقتنع بها ولا طفل

صغير فهاتي أنتي ما لديك "

امتلأت عيناي بالدموع حين عجز لساني عن قول أي شيء

فما سأقول وبماذا سأبرئ نفسي وما سيفكر فيه إياس الآن غير

أن ..... لا بارك الله فيه ولا في أفكاره ولا في اليوم الذي

عرفتهم فيه جميعهم , قال شيئا لم أفهمه أو لم أسمعه لأن أذناي

علا فيهما ضجيج غريب وتلاشت الصورة من أمامي ولم أعي

بعدها شيئا سوا السواد القاتم








الفصل التاسع عشر بعد قليل




برد المشاعر 08-01-16 08:50 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع عشر)
 




19الفصل التاسع عشر










ما أن بدأ الليل خرجت متسللة من منزل سراب وغادرت الأحياء

الشعبية تلك وركبت سيارة أجرى , لم أكن أريد أن يتأخر الوقت

لكي استطيع الرجوع هناك بسيارة أجرى قبل أن ينتصف الليل

دخلت المنزل بعدما أعطيت الخادمة الإشارة لتفتح لي وكانت

سيارة إياس غير موجودة فهوا لن يأتي قبل الفجر , كنت أريد

أن تقوم الخادمة بهذا لكن الجبانة رفضت ولا أعلم لما ووحدها

من تستطيع فعلها ودخول الغرفة وإخراجه ولكن الأمر دائما

مربوط عند الخادمات بالشرطة فبما أن ثمة شرطي في المنزل

فسيقول لها عقلها أن أي شيء ستفعله عقابه سيكون السجن

ما علمته منها أن رغد متعبة وأخذوها للمستشفى وستنام هناك

ووالدتها معها أي أنه لا أحد في المنزل سوا سدين وسلسبيل

التي تبقى في غرفتها أكثر مما تخرج منها , وصلت المنزل

ونزلت ودخلت بما أنها تركت لي الباب مفتوحا ثم دخلت من

الباب الخارجي للمطبخ ووجدتها هناك وقالت هامسة

" لا أحد في الأسفل فاصعدي بسرعة وسأراقب لك الشارع "

هززت رأسي بحسنا ودخلت وسط المنزل من باب المطبخ

الداخلي وصعدت السلالم فورا , حتى إن وجدتني سدين فلا

خطر منها ولن تمنعني من الخروج , المهم أن ذاك المغرور

ليس هنا , وصلت لغرفتي بسرعة ودخلت وأغلقت الباب

خلفي ليعم الظلام الغرفة التي لا ضوء فيها فشغلت نور شاشة

الهاتف وأسرعت الخطى لأشهق فزعة حين اصطدمت بجسد

أحدهم ووقع هاتفي وتراجعت للخلف لتمسك يد قوية بذراعي

وسحبتني معها وأغلق باب الغرفة بالمفتاح ثم أشعل

نور الغرفة فقلت بصدمة " إياس "

ترك ذراعي وكتف يديه لصدره وقال " ومن تتوقعين

سيكون وأنتي حتى الصراخ لنجدتك لم تصرخي "

قلت ببرود " لست خائفة لأطلب النجدة "

صرخ حينها غاضبا " نعم وما سيخيفك تتسللين كاللصوص

وتخرجين بدون أذن ولم تحترمي حتى عمتك التي كانت تترجاك

لا وتريدين ترك البلاد سيدة ترجمان هل هي فوضى "

نظرت له بصدمة , هذا من أخبره عن سفري فحتى الخادمة

لا تعلم لما أنا أتيت وما أريد أخذه لأني قلت لها أريد غرضا

وهي رفضت على الفور , نعم هوا زوج سراب لا غيره

لكن من أخبره هل تكون سراب أم أنه سمعنا ونحن لا نعلم

قال بحدة " تكلمي "

قلت بضيق " وما سأقول ؟؟ لن أبقى هنا قلتها وسأعيدها

ألف مرة فطلقني الآن وفورا ولا تخف فسأقول

بأني أنا طلبت الطلاق منك "

قال بسخرية " هه في منامك لن تريه مادام هوا مبتغاك "

قلت بذات سخريته " تحمّل إذا أن تعيش مع الرجل شبيهة

النساء كل عمرك "

قال ببرود " الله حلل لي غيرك ثلاثة فلن تضريني في شيء "

قلت بتحدي " وأباح الخلع في المحكمة ولن تقوى عليا كل

حياتك وليكن في علمك فقط أنك لم تعرفني بعد "

أشار برأسه وقال " هذا إن عتبت قدماك خارج المنزل

فيبدوا أن اللين لا ينفع معك وتريدين من يعاملك كصديقتك "

قلت بضيق " وهذا ما تفلحون فيه تستقويان علينا هوا يسجنها

ويقتلها بالفقر والهم وأنت تقلده والله أعلم دُرر ما تعاني الآن

لا يا ضباط الشرطة نحن لسنا يتيمات وبلا عائلة تسخرون

من حالنا وأنت من لم يرضى لشقيقتك الذل كيف ترضاه لي "

قال ببرود " رغد زوجها لا يستحق النساء وهوا المخطئ "

قلت بسخرية " نعم فأنتم لا خطئ عليكم ووحدنا نخطئ "

قال بحدة " نعم مخطئة ... من تترك منزل زوجها لتلجأ لرجل

لا يقرب لها لا من بعيد ولا قريب وتخطط خطط مجرمين لتفر

وكأنها ليست متزوجة تكون ليست مخطئة فقط بل وبلا عقل "

قلت بحدة مماثلة " لا يا ابن عمتي لا تحملني الذنب وتنسى

نفسك فكل هذا بسببك أنت ولا مكان لي في منزل أهنت

فيه ولا أعترف بزوج يمد يده علي "

توجه للخزانة فتحها وقال بغضب " قسما يا ترجمان كلمة

أخرى وستمتد يدي عليك من جديد , وفكري فقط في

الخروج من هنا بعدها "

أخرج ثيابه وأغلق بابها بقوة ودخل الحمام وكأن شيء لم يكن

يضربني أمامهم بل ويهينني ثم يلقي باللوم علي لا ويهدد أيضا

بضربي مجددا , معه حق فهوا لم يجد من يوقفه عند حده

أمسكت هاتفي وكتبت رسالة لعمي وفيها ( ابن شقيقتك مد يده

علي وسبني أمامهم ويهدد بضربي مجددا فجد حلا معه أو

قسما خرجت ولن يجدني أحد ) ثم أرسلتها له فبما أني بث

سجينة هنا فلا مانع من أن يعلم خاله ليوقفه عند حده

خرج بعدها من الحمام ودخل السرير لينام وكأنه لا عمل لديه

يبات فيه , لا بأس عمي الآن نائم لكنه سيقرأ الرسالة غدا وإن

لم يتصرف هوا كان لي أنا تصرف مع هذا الحقير وسيرى

من تكون ترجمان , نظرت حولي وتذكرت حينها أن ثيابي

جميعها في منزل سراب فقلت " أريد أن احضر ثيابي "

قال موليا ظهره لي " قلت لن تخرجي أم كل كلمة نقولها نعيدها "

قلت بضيق " أحضرهم أنت كيف سأنام هكذا "

غطى رأسه باللحاف وقال " ليست مشكلتي "

ضغطت على أسناني من الغيظ وتوجهت لباب الغرفة وفتحته

ليوقفني صوته قائلا " أخرجي من المنزل وستري حسابك ولا

يخبرك عقلك أني لن أجدك فلا تنسي أني شرطي "

تأففت وخرجت وأغلقت الباب بقوة وتوجهت لغرفة سدين طرقت

الباب ففتحته وشهقت ما أن رأتني وحضنتني وقالت بسعادة

" حمدا لله أنك بخير ظننتك لن تأتي مجددا "

ابتعدت عنها وقلت " من ورائها شقيقك لا مفر لها

منه إلا بالموت "

نظرت لي بعدم استيعاب لما أقول فدخلت قائلة " أريد ثيابا

أنام فيها ولا تسأليني عن شيء وأريد أن أنام معك "

نظرت للسرير وقالت " حسنا سآخذ ندى لسلبيل فهي نامت للتو "

وأنا أفتح خزانتها " وأين والدتها ؟؟ ما قصة تعبها "

قالت بهدوء " أغمي عليها اليوم وحالها من الصباح لا يعجبني

سجنت نفسها ولم تخرج إلا تلك المرة التي سقطت فيها مغمى

عليها ولم تفق مهما حاولنا فأخذها إياس للمستشفى فوجودا

ضغطها منخفض بشكل مخيف وتركوها لديهم الليلة "

أخرجت بيجامة من ملابسها وتوجهت للحمام دخلت وغيرت

ثيابي ثم خرجت وكانت الغرفة فارغة لا أحد فيها فدخلت

السرير لحظة دخولها وأغلقت الباب وقالت

" إياس لا يعلم أنك هنا ؟؟ "

غطيت نفسي باللحاف وقلت " لا "

قالت وهي تجلس على طرف السرير " وجدته يبحث عنك

في المنزل , ترجمان حاولي إصلاح الأمر معه خير لكما

من أن ينام كل واحد في مكان "

انقلبت للجانب الآخر ووليتها ظهري وقلت ببرود

" ما بيننا لا يمكن إصلاحه في ليلة , إن كنتِ منزعجة

من وجودي نزلت ونمت في غرفة عمتي "

تنهدت وقالت " لا طبعا ولما سأنزعج منك , أخبريني إذا

أين كنتِ اليومين الماضيين ووالدتي كادت تجن "

أغمضت عيناي وقلت " أريد أن أنام سنتحدث غدا "

لاذت بالصمت ولم تعلق ثم أطفئت نور الغرفة وخرجت منها

وتركتني أراقب الخيالات في الظلام فلا نوم قريب على ما يبدوا

وكنت فقط أريد أن أهرب من كل شيء حتى الصباح ليستوعب

عقلي أن فكرة السفر ومعاقبته كلها طارت أدراج الرياح







*~~***~~*









ما أن حل المساء خرجت من ذاك الملحق وتوجهت للمنزل وما أن

دخلت حتى وجدت من أعرف جيدا أنه سيكون هنا ينتظرني وهي

عمتي وسأسمع ذات الموشح الذي أنا في أبعد مزاج لسماعه

قلت مجتازا لها " أعلم ما تريدين قوله ونعم كنت أدخن "

أمسكت يدي وقالت " ولم تذهب لعملك ولم تتناول شيئا ولا أعلم

من منكما أنت وزوجتك يريد أن يموت قبل الآخر فهي من أكثر

من يومين لم ينزل لمعدتها شيء , ما الذي ستجنيه بما تفعله

في نفسك يا أواس فلا أحد منهم سيتأثر لا والدك ولا جدها

أنت وحدك الخاسر "

استللت يدي منها والتفت لها وقلت بحدة " سيخسرون يوما

وجميعهم وسيعرفون من يكون أواس الذي سخروا منه صغيرا

ورجلا وحينها لا يهم ما سأكون وكيف حتى لو أصبحت أحد

نزل مستشفى الأمراض العقلية "

قالت بهدوء " ودُره هل فكرت بها حينها "

قبضت على يدي بقوة لأن ما انقبض قبلها كان قلبي وهززت

رأسي أبعد أي فكرة تجتاحه عن ذلك وقلت بجمود ظاهري

" مصيرها حينها أمر اختاره لها قدرها وعليها أن تتحمله "

ابتسمت وقالت " من قلبك هذا الكلام يا أواس "

قلت بحزم " نعم "

قالت بجدية " أَقسم لي على ذلك إذاً "

بقيت أنظر لها بصمت دون كلام فقالت مغادرة " الآن اصعد

لغرفتك وحين تصلها لا تنسى كلامنا هذا "

نظرت لها باستغراب من معنى ما تقول وما دخل الغرفة به !!

ثم صعدت السلالم وتوجهت لغرفتي فورا وخلعت قميصي من

عند الباب فقد أصبح يخنقني برائحته وفتحت الباب ودخلت

لأفاجئ بالجالسة عل طرف السرير تنتظرني هنا







*~~***~~*







خرجت من الغرفة وأغلقت بابها ونزلت للأسفل حيث نور الحديقة

الخلفية المضاء , وصلت هناك وكما توقعت كان إياس هناك يجلس

على أحد الكراسي يتكأ بمرفقيه على ركبتيه ورأسه للأسفل ينظر

للأرض بشرود , اقتربت منه وجلست بجواره وقلت بهدوء

" إياس ترجمان وحدها في غرفتي فاصعد لها "

قال بهدوء ممزوج ببعض الضيق " ومن قال أني

أريد التحدث معها "

تنهدت وقلت " لما لم ترضى لرغد أن يضربها زوجها

وانزعجت الآن لغضب ترجمان منك "

قال بضيق " سدين لست في مزاج لك "

قلت بإصرار " حين كان مصطفى يسجنها في المنزل لم يعارضه

أحد , حتى شكوكه المرضية نحوها وجدنا لها مبرر بأنها خرجت

معه وتحدثا بالهاتف قبل الزواج ومن الطبيعي أن يشك بها

لكن ضربه لها لم يقبله أحد وأنت أكثرنا "

نظر لي وقال بحدة " سمعتِ بأذنك ما قالت , لو كانت أي

واحدة منكن مكانها وقالت ما قالته لزوجها لما

حاسبته على ضربه لها "

قلت مباشرة " وهل تعرف أنت سبب ضرب مصطفى لرغد ؟؟ "

لم يعلق فتابعت " لا تعرف طبعا لكن نفسك لم تقبلها ثم أنت أيضا

أهنتها إهانة لا تعرفون أنتم الرجال حجمها عندنا نحن النساء

وأنت تستنقص من أنوثتها , هي لديها بمثابة ما قالته لك "

قال قد عاد بنظره للأرض " نعم أنا وحدي أصبحت الآن مخطئ "

تنهدت وقلت " لا توجد حياة تخلوا من المشاكل لكن أن يتدخل فيها

الأهل وتكون أمامهم أكبر خطأ يا إياس فليتك سحبتها لغرفتكما

وتفاهمتما هناك فلا هي أهانتك أمامنا ولا أنت فعلت ذات الشيء

وما كان سيصل الأمر لأن تضربها "

قال ببرود " من يسمعك يضن أنك أكبر مني بقي أن

تشديني من أذني "

تجاهلت كل ما قال وقلت بجدية " أعلم أنها ليست كما تريد أن

تكون زوجتك ويبدوا ظروفها من حكمت زواجكما لكني أعرف

ترجمان جيدا ومن ثلاث سنوات فرغم كل طباعها الحادة هي

فتاة طيبة لكنها يبدوا عاشت ظروفا صعبة "

لم يعلق ولم يتحرك فتابعت " أذكر مرة قالت لي ( لو كنت عشت

في حياة مثلك لكان من الممكن أن أكون بشخصية تشبهك وتشبه

غيرك من الفتيات لكني لو لم أكن هكذا لكنت ضحية لما هوا

أسوء ) لم أفهم ما تقصد بالتحديد لكني فهمت أنها أجبرت

على أن تكون هكذا "

خرج حينها من صمته وقال ببرود " بل هي مقتنعة بنفسها

ولا أراها مجبرة أبدا "

قلت بذات هدوئي " لا توجد امرأة على وجه الأرض يا إياس

لا تحمل قلب طفلة مهما علت وتجبرت فأعطها ونفسك مجالا

لتحبك فإن حدث ذلك فسترى ترجمان أخرى أنت نفسك

ستُفاجئ فيها "

عاد للصمت وعلمت أن المعلومة وصلت له لكان علق عليها

وعلى أنها فكرة فاشلة فوقفت وقلت " أنت طوال حياتك تذيب

قلوب الفتيات بدون حتى أن تنظر لهن فلن تعجز مع واحدة تحل

لك وتعيش معك وأؤكد لك يا إياس ما أن تقترب من ترجمان

وتعرفها أكثر ستكتشف فيها مميزات كثيرة لم تكن تراها "

ثم غادرت من عنده وهذا نصف المخطط الأول انتهى بقي تلك

صاحبة الرأس المتحجر ودورها الآن ثم سأدخل على المرحلة

الثانية فلا أريد لحياة شقيقي أن تُدمر وأنا أعرف إياس كنفسي

إن طلق ترجمان فلن يتزوج قبل أقل من عشر سنين ومرغما

طبعا , عدت لغرفتي ودخلت وكان الظلام يعمها فجلست بجانبها

وشغلت ضوء السرير وقلت " ترجمانة أنتي مستيقظة أليس

كذلك ؟؟ هيا بلا لعب أطفال "

قالت ببرود " وما تريدين بي قلت لن أحكي لك شيئا "

قلت مبتسمة " لو لم أكن أعرفك جيدا لقلت أنك تبكي ولا

تريدي أن أرى عيناك المتورمتان "

قالت بسخرية " نكتة سخيفة "

اتكأت على ظهر السرير أنظر لها مولية ظهرها لي وشعرها

يغطي باقي الوسادة وقلت " لا أعلم كيف واحدة لها كشعرك

الجميل هذا أن لا يذوب زوجها في غرامها "

لم تعلق طبعا فزدت العيار قائلة " وعيناك حكاية أخرى قفي فقط

أمام المرآة وحدثي نفسك وانظري لهما , لو كنت مكان إياس لما

تركتك تنامين الليل أمتع نظري بهما "

قالت ببرود " سدين أريد أن أنام "

قلت مبتسمة " كاذبة "

تأففت وقالت " حتى إن كنت كاذبة فلا أريد أن

أسمع اسم شقيقك ولا الحديث عنه "

وكزتها في ظهرها وقلت " لكن شقيقي ظهر أنه جبل ولم يؤثر

به شيء من جمالك فأتحداك أن تستطيعي جعله متيم بك "

قالت ساخرة " لن أقبل التحدي "

قلت بمكر " وأخيرا وجدت لك هزيمة ورفضتِ تحديا واحدا

وسأشي بك في كل الجامعة ... ترجمان هزمها رجل "

جلست ونظرت لي وقالت بضيق " سدين ماذا تريدين بالتحديد "

قلت بدهاء الأنثى التي تعرف جيدا طباع الخصمين " كنت مع

إياس الآن وحاولت التحدث معه فقال بالحرف إن رأيتني يوما

منساق خلفها وقلبي بيدها علقت على ظهري ورقة بخط يدي

مكتوب فيها ( ترجمان كسرت أنفي وعزتي ) "

قالت بصدمة " هوا قال هذا "

قلت بجدية " نعم وواثق جدا من نفسه رغم أني أخبرته أنك

فتاة لا يستهان بها وسيقع في غرامك بسهولة فسخر مني

وقال أنه هوا من سيفعل ذلك بك "

قالت من بين أسنانها " هكذا إذا يا إياس واثق جدا من هزيمتي "

قلت بابتسامة انتصار " أرياني إذا من منكما المنتصر "

نظرت لي ببرود وقالت " وأرنا أنتي أفعالك في زوج المستقبل "

تأففت وقلت " وهل تركتم لي رجلا يصبح زوجا وكأنكم متفقون

علي فغدا من المفترض أنه سيأتي وشقيقتاه وأنتم واحدة تشاجرت

مع زوجها وفرت هاربة من المنزل وواحدة مرضت ونامت

في المستشفى وأخذت أمي معها "

عادت للاضطجاع على السرير وقالت " نامي نامي

الرجل نائم ويحلم أيضا وأنتي تتحسرين عليه "

قلت مبتسمة " هوا في قسم الشرطة الليلة ولن ينام طبعا "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت " هذا ولم يخطبك ولا مجرد

خطبة وتعلمين عنه كل شيء "

قلت مبتسمة " ولاحقا لن أتركه ينام بعيدا عني ليلة وإن

غضب ودمر كل شيء "

قالت ببرود " لن أترك غرفتك فجِدي لك حلا غيرها "

نمت أيضا وقلت " الليلة مرحب بك , غدا نامي مع زوجك

أو في الحديقة لا دخل لي بك "

وعدنا للصمت مجددا , أعرف إياس جيدا كما أعرف ترجمان

وسأبقى ورائهما حتى ينفذا مخططي وما أن يقتربا من بعض

ولو من أجل كسر بعضهما سيتغير تفكير كل واحد منهما

فترجمان تبقى في النهاية امرأة وإن أحبت ضعفت وما أسهل

أن تحب المرأة وإياس يبقى رجلا ولن يقاومها كامرأة تحل

له ولدى الرجال إن تقاربت الأجساد تتقارب الأرواح فلم

يخفى عليا أنه لم يقربها حتى الآن لأني أحتك بترجمان

كثيرا ولكنت علمت بسهولة







*~~***~~*







وضعت يدي على جبينها وكأن شيء ما يقول لي أن حرارتها

سترتفع ثم عدت لمكاني بعدما تأكدت للمرة العاشرة تقريبا من

حرارتها هذه الليلة وجلست أراقب ملامحها المتعبة وهي لا تعي

شيئا مما حولها , كانت فاجعة على الجميع فلو لم يطلب مني

إياس وضع حبة الضغط تحت لساني قبل أن يخبرني لما كان

حالي أيسر منها , لا أعلم أي جنون أصاب ذاك الشاب يتحدث

مع شقيقها عن الزواج بها وهي لم تطلق بعد وتكمل العدة ؟؟

لا وشقيقه من طلقها أي أننا سنصبح حينها ملهى لحديث الناس

فكيف يطلقها شقيقه ثم يتزوجها هوا ما سيفكرون فيه غير أنه

كان بينهما شيء وشقيقه اكتشفه , ما كنت أعلمه من رغد أنه

أعقل أخوته وهذا ما ظهر لنا بعد المشاكل التي حدثت بين

مصطفى ورغد وإياس فما قلب حاله جن هكذا فجأة وهل

يظن شقيقه ووالدته تلك سيوافقان , تنهدت بحيرة من هذا

الحال الذي وصلنا له فأنا لم أجرؤ على إخبار إياس باتصالي

ببسام كي لا يشك بشقيقته وأثير مشاكل بينه وأبناء عمه

لتظهر لنا مصيبة أعظم منها وإياس لم يتحدث حتى الآن

بما يدور في رأسه من كلام خالد معه , وقفت بسرعة

واقتربت منها ما أن بدأت تضغط على عينيها ثم فتحتهما

ببطء , أمسكت يدها وقلت " رغد بماذا تشعرين

هل أحضر لك ماء "

هزت رأسها بلا لتنزل دموعها من طرف عينيها

وقالت بصوت متعب " أريد أن أموت فقط "

جلست على طرف السرير ومسحت بيدي على شعرها

وقلت " بسم الله عليك يا ابنتي لمن ستتركين ابنتك

لوالدها وزوجته أم لجدتها "

قالت بعبرة " اقسم أنه لا شيء بيني وبينه ولا أعلم من أين "

قاطعتها واضعة أصابعي على شفتيها وقلت " ليس وقت حديث

في هذا يا رغد أنتي متعبة ثم لا أحد شك بك "

قالت باختناق من عبراتها " وماذا قال إياس "

تنهدت وقلت " لم يقل شيئا تعرفين شقيقك جيدا لا

يتحدث إلا مع صاحب الشأن "

لاذت بالصمت سوا من شهقاتها المتتالية فوقفت وقلت

" إن كان يمكنك الوقوف سأساعدك لتدخلي

الحمام وتصلي ما فاتك "

نظرت جهة النافذة وقالت " منذ متى أنا هنا "

تنهدت وقلت " ما أن أغمي عليك وصرنا الآن قرابة

منتصف الليل "

مسحت على خدها بكف يدها وقال بهمس

" أنا لا أصلي الآن "

فعدت للجلوس على الكرسي وقلت " نامي إذا

وارتاحي ولا تفكري في شيء "

هزت رأسها بحسنا وهامت بنظرها للسقف ودموعها لازالت

تزور الوسادة من وقت لآخر حتى قالت بصوت مخنوق

" أمي لا شيء بيني وبين بسام أقسم لك "

قلت بهدوء " قلت لا تفكري في كل هذا يا رغد

وارتاحي أرجوك "

عادت للصمت مجددا وما مر بعض الوقت حتى عادت

لإغلاق عينيها مجددا , غدا سيزورنا أمين وعائلته ورغد

ستكون متعبة وترجمان حالها مجهول حتى الآن رغم أن

إياس أخبرني أنها ستعود الليلة لكني خائفة حقا من ردة فعل

شقيقي رفعت إن علم , هونها يا رب يكفينا مشاكل








*~~***~~*








سحبت منها اللحاف بابتسامة ماكرة ونحن كل واحد منا يولي

الآخر ظهره فقالت بضيق " آسر ألا تستطيع تحملي الليلة فقط "

قلت بسخرية " وأين ستذهب صديقتك ليلة غد "

سكتت ولم تعلق فهي الليلة جاءت بملء إرادتها وطبعا لتكون

حارسا لي حتى تغادر صديقتها وترجع ولا أشعر بها وما

لا يعلمانه أن كل شيء مدبر , حاولتْ سحب اللحاف لكني

شددته بقوة فتأففت وقالت " ما أجمل النوم هناك وحدي "

قلت ببرود " بل ما أجمل أن أنام أنا وحدي وتوقفي عن

التقلب أريد أن أنام "

سكنت مكانها وعادت للصمت وبقينا على ذاك الحال لوقت

هي لن تستطيع أن تنام وتلك خارج المنزل حتى ترجع وتتأكد

أنها هنا وأني لن أكتشفها أما أنا فلن أستطيع النوم ليلة أخرى وهي

بجانبي خصوصا أنها لا تتحكم في حركتها وهي نائمة ولأني لا

أنام بقميص فسأتعرض كالليلة الماضية للمسات يدها الغير

مقصودة لظهري طوال الليل وستصيبني بالجنون مجددا

قالت بعد وقت " آسر هل لي بسؤال "

قلت ببرود " إن كان كسؤال ليلة البارحة فلا "

تأففت وقالت " ليس مثله "

قلت " لا تكثري إذا "

قالت متجاهلة لكلامي " أنت كم عمرك "

قلت بسخرية " هذه مقابلة وليس سؤالا "

قالت بتذمر " أجب مرة بدون سخرية "

قلت " تسع وعشرون عاما "

قالت من فورها " إذا أنت أكبر مني بست سنين وحين اختطفوني

كنت في التاسعة ومؤكد تذكر ذكريات لي عن طفولتي مع والداي "

قلت بجمود " ها نحن نلف ونرجع لذات الموضوع "

قالت برجاء " أجب أرجوك "

تنهدت وقلت " أنتي قلتها بنفسك كنتِ في الثالثة من العمر أي

صغيرة ولا أذكر سوا أن والدك رحمه الله كان يدللك كثيرا

وكنتِ مقززة من كثرة ما كنتِ مدللة "

قالت بضيق " يالها من ذكريات جئت منها بالسيئ فقط "

قلت ببرود " من طرق الباب سمع الجواب "

تنهدت وقالت بحزن " لو كانا موجودان ولم تختطفني

تلك العجوز لكان حالي مختلفا "

شعرت بضيق كتم على صدري عبرتُ عنه بنفس قوي أخرجته

منه ثم قلت بضيق " لا داعي لأن تذكريني دائما بحالك معي "

قالت بهدوء " أنا لا أقصد حالنا معا أقصد كل سنين حياتي الماضية "

قلت بسخرية " بل تقصدين المستوى المادي الماضي أو الحاضر

لا يهم وفي مخيلتك أنهما لو كانا على قيد الحياة لكنتِ مدللة

ومترفة ولا أحد مثلك "

تأففت وقالت " أنت لا يمكن التحدث معك أبدا "

قلت بضيق " بل أنتي التي لا تعجبك الحقيقة "

جلست وقالت بضيق أكبر " بل أنت من فهم الأمر كما يحلو

له ولا تتوقف عن إهانتي واتهامي بالجشع , ما العيب إن

تمنيت حياة كريمة كغيري "

قلت بسخرية " العيب أن يفعل الإنسان أي شيء ليحصل

على تلك الحياة حد أن يرخص نفسه ويبيعها من

أجل المال "

قالت بضيق " ما قصدك بهذا "

قلت ببرود " لم أقصد شيئا أنتي التي فهمت ما

في عقلك وعشتِ عليه "

شدت ذراعي العاري ولفتني نحوها بقوة لأصبح نائما على

ظهري وقالت بحدة " بلى عنيتني ونسيت أنك أنت أيضا كنت

تحارب بكل قوتك لتعيد المال من زوج والدتك فلم تختلف

عني أبدا "

نظرت لعينيها وقلت " ليس من أجلي "

نظرت لي بحيرة ثم قالت بهمس " من أجل من إذا "

وليتها ظهري مجددا وقلت " من أجل شيء لا تعرفيه ولا أريد

قوله ولسبب آخر هوا أن أسترجع مال والدتي منه أما أنا فما

كنت أحتاجه ولا أريده ومستغن عنه "

قالت بصوت مصدوم " من عقلك تقول هذا الكلام ومقتنع به "

قلت بجدية " نعم وأقسم عليه فلولا أن غيري بحاجته ما

سعيت خلفه من أساسه "

قالت مباشرة " ومن يكون هذا "

قلت ببرود " قلت لك لن أقول "

قالت باستياء " ولا حتى غسالة ترحمني بها ؟؟ حسنا

ملابس وسرير وأكل كباقي البشر "

قلت بسخرية " لتعلمي فقط أن كلامي صحيح "

قالت بضيق " لا ليس صحيحا فهذه مقومات الحياة والجميع

يحتاجها ويطلبها "

قلت بهدوء " هل تعلمي من كان يغسل ثيابي قبلك "

قالت بهمس " من "

قلت بسخرية " امرأة تسكن هنا قريبا منا لها عائلة من

عشرة بنات وزوج ولم تشتكي يوما "

لاذت بالصمت ولم تتحدث فقلت " ليس الجميع مثلك

يا سراب عليك أن تقتنعي بهذا "

قالت بحزن " تلك لم تعش مثلي لها زوج وعائلة أنا عشت أرى

حتى الحلوى في يد الأطفال غيري ولا أحصل عليها عرفت

حياتي معنى أن أبات بلا طعام وأن أرى في المدرسة الطلبة

يحضرون حقائب خاصة فقط بطعامهم مليئة بما لذ وطاب وأنا

لا شيء معي سوا رائحة طعامهم التي أشمها من أول الحصص

ورؤيتهم في الفسحة وهم يأكلون , يوم العيد أهرب من المدرسة

لثلاث أيام كي لا أذهب بلا ملابس جديدة , حتى الأطفال في

الشارع كرهت اللعب معهم فلا دمية لدي ولا دراجة ولا ألعاب

وكانوا يطردونني وينادوني بالشحاذة ولولا ترجمان كانت تضربهم

لكانوا تسلوا برميي بالطوب كلما خرجت لألعب وحدي أمام المنزل

هل عشت أنت هكذا ؟؟ هل عاشت تلك المرأة حياتي أم كانت تعيش

في ضل والدين , حتى لو كانوا فقراء فما كانوا سيتركونها تحتاج "

لذت بالصمت ولم أقل شيئا فأنا غمرتني والدتي بحنانها وكانت تعمل

وتعاني لتوفر كل ما أحتاجه ومن بعد وفاتها تكفل بي عمي صابر

جارنا ورباني ولم أحتج شيئا أبدا لكن حاجة الإنسان لا يجب أن تحوّله

لجشع يفعل أي شيء من أجل المال , قلت ببرود " وما فائدة أن تحصلي

عليه الآن فليس بإمكانك شراء الحلوى ولا اللعب بالدمى والدراجات

وثياب العيد لن تلبسيها "

قالت بذات حزنها " على الأقل لا أكمل مأساتي حتى أموت "

قلت بشيء من العتب لا أعرف سببه " ولما لم تصبحا

الأخيرتين مثلك هل وحدك كنتِ تعانين ؟؟ "

قالت بنبرة ساخرة " ترجمان علمها ذاك البخيل السرقة لأنها

كانت أشجعنا وأقوانا فكانت تأخذ من الأطفال كل ما يعجبها أما

دُرر فكانت في الخامسة حين اختطفوها ولأنها كانت في صغرها

تحمل ذكريات عن أهلها كانت العجوز تميزها عنا لتغريها بالمال

وتوهمها أن أهلها من رموها وهي أفضل منهم , هذا ما علمته

فيما بعد منها لأني كنت صغيرة "

تنهدت وقلت " إذا تلك العجوز وشقيقها صنعوا منكن ثلاث

كوارث .... جشعة ولصة ومدللة متطلبة "

قالت بضيق " خطأ وما عرفك أنت بنا .... دُرر كانت الكبرى

فينا ومن ربتنا أكثر من تلك العجوز وتحملت كثيرا من أجلنا

حتى أنها كانت تغسل الأواني للجيران وهي طفلة ليعطوها بعض

المال وتصرفه علينا , ترجمان من كانت تحمينا من أي شخص

يريد لنا السوء وجميع من في الحي يخافون منها وحتى

في المدرسة "

قلت بسخرية " وأنتي "

نامت على السرير بغيظ وقالت " أنا لا شيء جشعة فقط "

ولاذت بالصمت وتركتني في دوامة ثرثرتها التي لا تتوقف

لم يسبق وجلسنا وتحدثنا هكذا وقربنا أفكارنا ووجهات نظرنا

لكن ما النتيجة ؟؟؟ الأمر واحد جشعة وكل ما يعنيها المال

قلت بهدوء " ليس كون الإنسان عاش ظروفا صعبة

أن يسمح لها أن تجعله سلبيا يا سراب "

لم تجب لتخرج منها شهقة صغيرة فجلست ونظرت جهتها

فكانت توليني ظهرها وتخفي وجهها في ذراعها فقلت

" سراب لما البكاء الآن "

قالت بعبرة " لا شأن لك بي نم واتركني "

مددت يدي لذراعها وما كانت ستلامسها حتى قبضتها بقوة

وأعدتها مكانها وعدت ونمت موليا ظهري لها , لما جرحتْها

الحقيقة هل قلت شيئا غير صحيح ؟؟ لما لا تفكر بي وهي

تهينني في كل وقت وتناديني بوجه الفقر , هل تعي معنى أن

تعير المرأة الرجل بحاله ؟؟ أم يجرحها فقط ما يعنيها والباقي لا

تهتم له , لا أنكر أني أشفقت عليها في حديثها عن الحرمان في

صغرها لكنه ليس مبرر أبدا , قد يكون أفضل من أن تسرق لكنها

لم تتصرف كزوجة أواس التي كانت تعمل لتجلب المال بدلا من

أن تجلس تشاهد ما لدى غيرها وتتحسر حتى تحولت لكتلة من

الطمع والجشع , تأففت بضيق من أفكاري فشعرت بها تغادر

السرير ومرت من أمامي متوجهة للباب فقلت

" أين تريدين الذهاب "

فتحت الباب وخرجت قائلة " لا شأن لك بي "

فقفزت ولحقتها فقد تخرج من المنزل لعلمها أن الباب مفتوح ولم

تغلقه صديقتها لترجع منه لكنها توجهت لغرفة الضيوف ودخلت

وأغلقت الباب خلفها بقوة فمررت أصابعي في شعري عدة مرات

ثم توجهت لباب المنزل وأغلقته جيدا وعدت لغرفتي محاولا النوم

بعدما زال السبب الذي ظننت أنه ما يحول بيني وبينه لكني

عجزت حقا حتى على جلب بعض النعاس







*~~***~~*









ما أن دخل يمسك قميصه في يده ولا شيء عليه سوا قميصه

الداخلي ونظر لي تلك النظرة المستنكرة لما يجري أمامه حتى

وقفت على طولي أحاول تهدئة قلبي وتنظيم أنفاسي فعلى كل

هذه المهزلة أن تنتهي وأعرف مكاني هنا ولا يجعلوني أداة انتقام

كل واحد منهما يريد كسر الآخر بها وأنا آخر شخص يحق له أن

يعترض ويتحدث وأن يكون له رأي في كل هذا , قضيت ساعات

أحاول سحب شيء من عمته ولم أترك أسلوب لم أستخدمه عليها

وحتى أسلوب الضغط لم يجدي معها وكل ما كانت تقوله ( هوا

أمامك افهمي منه وأخرجيني من كل هذا فلا أريد أن أخسر ابن

شقيقي لأني أعرفه جيدا ) لذلك عليا أن أفهم وحدي وبطريقتي

فأنا لا أخاف أن أخسره مثلها فهذا الحال لا يعجب أحدا , قال

بعدما شبع من النظر لي " ماذا تفعلين هنا "

تبتتُ نظري على عينيه وقلت بثبات " وكيف يسأل رجل

زوجته ماذا تفعلين في غرفتي "

قال بحزم " أجيبي يا دُره "

أعلم أن مزاجه اليوم سيء بدليل سجنه لنفسه هناك وتدخينه المفرط

الذي يبدوا عارضا أكثر من كونه عادة لكان يدخن دائما لكني لن

أتراجع , قلت بذات نبرتي " لو كان لدي جواب غيره

ما بخلت عليك به "

تنحى جانبا وشد الباب بيده فاتحا له أكثر وقال

" انزلي لغرفتك "

قلت بجدية " لا "

نظر لي بحدة فقلت قبل أن يتحدث " لا تقل عصيتك لأنه لا

زوجة تعصي زوجها وهي ترفض الخروج من غرفته "

قال بابتسامة ساخرة " وما تسميه إذا "

قلت مباشرة " أسميه حق من حقوقها "

قال بشيء من الصدمة أو الاستغراب " حق من ماذا !!! "

شددت لي نفسا عميقا وقلت " حقي وسأنام معك هنا وعلى

ذات السرير "

زادت الصدمة في ملامحه ولا أستغرب ذلك منه ولا ألومه فمن

هذه التي تطالب بنزع حقها من زوجها وتفرض نفسها على النوم

معه وهوا لا يريد لكن لا أسلوب آخر قد ينفع مع رجل مثل أواس

فقد تعبت حتى من طاعته كزوج في كل ما يريد فما علمته اليوم

حطم كل شيء وأصبحت أنا المحقوقة الآن وأنا من لي الحق

عليه وعكس ما كان , أشار بسبابته للباب وقال بحزم

" انزلي والنفس عليك طيبة يا دُره "

نعم ستضربني هذا ما أتوقعه من رجل يضرب زوجته الأولى

دون حتى أن يتشاجرا قبلها لنقول أنها تجاوزت معه في الكلام

وأفقدته أعصابه لكني لن أتراجع أبدا فبقي الضرب فقط فليفعلها

قال بحدة عندما طال صمتي " قسما أني لو فقدت أعصابي

رأيتِ شخصا لم تعرفيه من قبل وقلت ألف مرة تجنبي غضبي "

قلت بضيق " وما فعلته ليغضبك ويفقدك أعصابك ؟ زوجة تريد

أن ترسم لها حدودا في حياتها مع زوجها كيف تكون أذنبت !!

أمامك أحد حلين إما أن تقبل بي زوجة في حياتك كأي زوجين

ونبني حياة أساسها التفاهم والمودة وتكون لنا عائلة كغيرنا أو

اتركني أذهب في حال سبيلي وحررني منك وأعتقد أني

لم أطلب شيئا محرما "

تحولت نظرته للغضب وضرب الباب بيده بقوة مغلقا له وتقدم

نحوي وأنا أثبت نفسي كي لا أتراجع للخلف , لن يجدي معه

غير هذا الأسلوب فإن كان رجلا طبيعيا عليه أن يرضى أو

يتركني أذهب وإن كان كما قالت زوجته عاجزا فلن يجد أمامه

من مفر سوا التحدث بالحقيقة رغم أن الأمرين مستبعدان مع

شخصية كأواس لكن لا مانع من أن أحاول فعليه أن يخبرني

بالحقيقة , وصل عندي وأمسك ذراعاي بقوة ودفعني على

السرير وقال بغضب " هل من امرأة بعقلها تفعل هذا ؟؟

هل جننتِ أم أنك معتادة على هذه الوقاحة "

أغمضت عيناي لأخفي ألمي من اتهامه وقلت بهدوء

" إن كان هناك وقاحة بين الرجل وزوجته فلن

يكون هناك بشر ليسوا وقحين "

زمجر بغضب أشد " تكون إذا جرأة حد الوقاحة وهل ترينا

زوجين كغيرنا لتبرري لنفسك هكذا "

فتحت عيناي ونظرت له فوقي وقلت " ها قد قلتها بنفسك لسنا

زوجين طبيعيين فاشرح لي سبب وجودي هنا ؟ إن كنت

لا تريدني زوجة لما تزوجتني "

تنفس بقوة وغضب ولم يتحدث فاستغللت الفرصة وقلت بثبات

" اضربني يا أواس لن يعنيني ذلك إن كانت النتيجة أن ترسم

لي حدودا في حياتك أو تتركني أرحل من هذا المنفى "

مد يده ناحيتي بغضب ليرتجف جسدي بكامله وأغمضت عيناي

بقوة أنتظر ما سيفعل إما أنه سيضربني الآن مع كل هذا الغضب

الذي أستغرب كيف أمسك نفسه معه أو أن يمزق ثيابي ويعلمني

معنى أن أتجرأ وأطلبها منه طلبا , لكن ما حدث كان عكس

كل توقعاتي وأنا أشعر بشيء سُحب من تحت ذراعي بقوة

ففتحت عيناي فإذا بالوسادة أصبحت تحت قبضة ذراعه وشد

اللحاف بقوة أيضا وخرج بهما وتركني لأجلس أنظر بصدمة من

تصرفه الذي لم أتوقعه ولا ينطبق على شخصيته التي رسمها

لي فترة بقائي هنا , ما يعنيه بهذا سأترك لك الغرفة ونامي فيها

وحدك ؟؟ ولما لم يذهب لجناحه وينام هناك بدلا من كل هذا بل

أين سيذهب !! غادرت السرير مسرعة وخرجت من الغرفة

ونزلت السلالم ورأيته يدخل من باب المجلس ويضربه خلفه

بقوة , آخر ما توقعته من أواس أن يتصرف هكذا أن لا يضربني

ولديه أكبر عذر وأكثر ما كنت أخشاه أن يمد يده علي , نزلت

باقي الدرجات وتوجهت حيث دخل فلن أتراجع بعدما ظهرتُ

وقحة أمامه فالأكمل باقي وقاحتي فإن لم يضربني وهوا بذاك

الغضب فلن يفعلها أبدا , وصلت الباب وكل مخاوفي من أن

يكون أغلقه بالمفتاح وسيعلم أني حاولت فتحه ولن يحدث شيء

مما خططت له , مددت يدي للمقبض بتردد وأمسكته وأدرته

ببطء وللمفاجأة كان مفتوحا فيبدوا أنه لم يكن يتوقع أن ألحقه

فتحت الباب وكان جالسا على الأريكة والوسادة واللحاف

مرميان أرضا أمامه وكان يسند مرفقيه لركبتيه ونظره

للأرض فرفع رأسه بسرعة ما أن دخلت لأكمل باقي

ما بدأت به بأن أغلقت الباب وبالمفتاح أيضا وثلاث

مرات ثم نزعته من مكانه ورميته بعيدا فوقف

وقال بحدة " دُره ما هذا الذي تفعلينه "









المخرج كلمات للمبدعة { عبق حروفي }


"توبيخ وصراخ و ألغاز "

هذا كل مايصدر عنك..



ولكن هناك ذلك الصوت يخترق المكان.. يزلزل الكيان..

قلبي ماينفك عن الهذيان .. بشخصك الفتان..

تعبت من كل الأركان..

ولكن ..

هل حقا تعبي بسبب هذه الجدران ..

أم عذر لتفادي قد كان.. سبب لأنفض عقلي من وجودك السجان..

قيدتَ تفكيري و ارغمته ع العصيان..كنت أحمل فيه شيئا من الألوان ..

وأصبح يحمل السواد الآن.. ورغم ذلك مازال في أمرك حيران ...

يراك ويحمل في داخله الحنان ويتغاضى عن الشيطان ..

ااااااه وهل تكفي لتصف بداخلي الصوت الرنان ..

قلتُ خوف منك.. فضول عنك.. ولكن بين هذا وذاك

الشعور المرتجف له قلبي فرق شتان وشتان ..

فأرجوك..

ارأف بي..ارأف بي فأنا في النهاية إنسان..





موعدنا القادم الثلاثاء إن شاء الله




برد المشاعر 12-01-16 09:15 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع عشر)
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يسعد مسائكم جميعا أولا وأخيرا وثانيا أوجه شكر لكل متابعي

روايتي في المنتديات المجاورة وشكرا لكل كلامكم الرائع

ومتابعة ردودكم وأرائكم أول بأول وأنتم بالنسبة لي من

ظمن أسرة روايتي , وأشكر الغاليتين لامارا وفيتامين سي

أمدكما الله بالعافية



وأترككم مع الفصل




الفصل العشرون







ولا أنا عن نفسي كنت أتوقع منها كل هذا لكن تلك المكالمة

جعلت عقلي يفقد صوابه فما المعنى من أن يتزوجني ويجلبني

هنا لشيء بينه وبين جدي لا أعلمه , ولما قال جدي سأحرق

قلبك عليها قبل أن تنتقم مني بها غير أنهما يستخدمانني سلاحا

لانتقامهما , ولهذا كان يلاحقني وأراد الزواج بي وهوا رجل

متزوج ويبدوا أنه لم يقرب زوجته الأولى بدليل أنها كانت

متأكدة من أنه لم يقربني فماذا كان سيفعل بي غير أن يدخلني

في لعبة انتقامهما السخيفة , توجهت للأريكة الأقرب له

وبدأت أحاول دفعها ناحيته وقلت " لن تكفينا أريكة واحدة

لكن لحاف ووسادة سيكفيان "

توجه نحوي وأمسك يدي مبعدا لها بحدة عن الأريكة التي لم

تتحرك معي سنتيمترا من مكانها وقال بغضب " ما هذا

الجنون الذي أصابك فجئه توقفي قلت لك "

استللت يدي منه ونظرت لعينيه وقلت بتصميم

" لماذا تزوجتني يا أواس "

قال بصراخ " لكي .... "

ثم هز رأسه بقوة وأشار بأصبعه للباب وقال بحدة

" أخرجي من هنا حالا "

بقيت واقفة مكاني ولم أتحرك فشد يدي وسحبني منها حتى

وصلنا للمفتاح المرمي في زاوية المجلس ورفعه وقال متوجها

بي للباب " لك ذلك يا دُره هل تريدي أن تعلمي لما تزوجتك

أن أرسم لك حدودا هنا , ستري بعينك إذا "

وفتح الباب وخرج بي من هناك وجنون قلبي يتصاعد

بدقاته فما معنى هذا وما ينوي فعله ؟؟!!








*~~***~~*







ما أن طلعت شمس الصباح الباكر حتى كان عمي رفعت هنا

وقد أخبرتني الخادمة أنه ينتظرني في الأسفل فهل تحدث مع إياس

يا ترى ؟؟ لكن سدين أخبرتني أنه خرج لعمله فجرا إلا إن حدّثه

هناك ولا أضنه يفعلها فمهما كان هوا الآن في قسم شرطة

غيرت ملابسي بما أن حقيبتي وصلت باكرا من منزل سراب

وبدلا من أن أخرج أنا وهي من البلاد عدت ولحقت هي بي ولم

أجني شيئا سوا سخريته مني , رفعت هاتفي من على الطاولة

لأجد الرسالة المعلقة به وكانت من إياس فرميت الهاتف ولم

أفتحها ونزلت للأسفل حيث كان يجلس في وسط المنزل ومعه

سدين وندى تجلس في حضنه وتلعب بشاراته المعلقة على صدره

لأنه كان بلباس الشرطة فيبدوا جاء هنا قبل أن يذهب لعمله

ما أن وصلت قبّلت رأسه قائلة بهدوء " كيف حالك يا عمي "

قال بشيء من الرسمية " بخير لو كنتِ بخير "

لأفهم تأثره مما علم مني فجلست في صمت ووقفت سدين

وأخذت ندى منه وصعدت للأعلى فتبدوا الأجواء متوترة

أقصاها فهل تحدث عمي معها يا ترى !!

قال ما أن صعدت " ما هذا الذي أرسلته لي يا ترجمان "

قلت بهدوء " إنسا ما قرأته في الرسالة "

قال بضيق " كيف أنسى هل ضربك فعلا ولماذا "

نظرت للأرض وضغطت على نفسي وقلت " كنا غاضبين

والموقف حساس جدا وأنا قلت ما لا يجب قوله وأفقدته صوابه

وصفعني , أنا أخطأت بأن أخبرتك لأني كنت مستاءة وهذا

فقط ما في الأمر "

قال بذات ضيقه " كيف يحدث كل هذا ؟ وقلتِ أنه أمامهم , أنا لم

أزوجه بك ليضربك , لو اشتكت لي زوجة أواس أو آسر ما

وقفت متفرجا فكيف بابنة شقيقي "

قلت برجاء " عمي حلفتك بالله تترك الأمر لي وسنجد له

حلا , أنا آسفة وتهورت بإخبارك فلا تتحدث معه أبدا

أرجوك يا عمي "

وقف حينها وقال " لن أتحدث هذه المرة لكن قسما إن تكرر

لن يمنعني أحد ولا حق له بضربك مهما كان بينكما ولا شيء

سيشفع له , قلت له من البداية إن تضايق من أمر يأتي

ويخبرني وليس يمد يده عليك وأمام عائلته "

كتمت النار التي تشتعل مثل كلماته في صدري وقلت

" أعدك إن تكرر الأمر أخبرك ولن أبقى هنا دقيقة "

قال بحدة " تبقي رغما عن أنفه وإن كان رجلا

فليطلقك أو يفكر فيها فقط "

تنهدت بأسى وهذا ما كنت أعلمه جيدا فلا خلاص لي من

هذا المغرور أبدا لكن حسابك عندي يا إياس ولن أحتاج

لعمي ليأخذه لي منك , وقف بعدها وودعني وخرج بعدما

أخذت منه عهدا أن لا يعلم إياس أو يلاحظ عليه أنه علم شيئا

في تلك الأثناء دخلت عمتي ورغد التي تسير بخطوات متعبة

وابتسمت عمتي ما أن رأتني فبادلتها ابتسامة مغصوبة ماتت

ما أن دخل خلفهم ابنها المبجل ونادت عمتي سدين بصوت

مرتفع أنزلها راكضة وقالت لها " ساعدي شقيقتك لتصل

لغرفتها بسرعة "

سارتا مبتعدتين ودخلت عمتي واقتربت مني وابنها يتبعها

وقالت مبتسمة " ظننت إياس يسكتني فقط حين قال أنك

ستكونين هنا اليوم لكنه يبدوا صادقا "

نظرت له وقلت ببرود " نعم من كثرة حبي لكم لم أستطع

الغياب عنكم كثيرا "

ابتسم حينها بسخرية وقال محركا شفتيه فقط " كاذبة "

فقلت بتذمر " عمتي أخبري ابنك يبتعد عني أو ارتكبت

فيه جرما وقتلتك بحسرتك عليه "

نظرت له خلفها وقالت مبتسمة " وما فعل وهوا واقف

خلفي ولم يتحدث "

قلت ببرود " يعلم جيدا ما فعل "

اقتربت حينها سلسبيل وقالت " هل عدتم أين رغد "

قالت عمتي " في غرفتها الطبيب طلب أن ترتاح فلا تتعبوها "

قالت بعدما لوت شفتيها " إهانة مقبولة منك يا والدتها فقط "

ثم تابعت بتساؤل " متى ذهب خالي رفعت ظننته لازال هنا "

نظرت عمتي لابنيها باستغراب فقالت سلسبيل " آه آسفة

يبدوا أني قلت أشياء محظورة "

وفرت هاربة جهة ممر غرفة رغد حين علمت أن زيارته

لم يعلم عنها أحد وقالت عمتي بريبة " ماذا حدث يا

ترجمان هل أنتي طلبت منه المجيء "

قلت بشيء من البرود " لا هوا جاء ليرانا وغادر "

قالت باستغراب " غريب فقد زار رغد البارحة في

المستشفى ولم يخبرني بأنه سيأتي "

رفعت كتفي وقلت بلامبالاة " لم أسأله ما سبب هذه الزيارة "

قالت متوجهة حيث ذهبت ابنتها " المهم أنه لم يعلم

شيئا لا ينقصنا مشاكل "

واختفت هناك وتركتنا فتحركت متوجهة جهة السلالم

لتمسك يده بذراعي وقال ساخرا " جيد حكمتِ عقلك ولم

تأخذي طلبي كتحدٍ لأنك ستكونين الخاسرة "

التفت له واستللت ذراعي منه وقلت بضيق

" أي طلب وأي تخاريف هذه "

قال بذات سخريته " قولي أنك لم تقرئي الرسالة لذلك

لم تحكي له ما حدث "

قلت بسخرية مماثلة " لا ولحسن حظك لكنت ركبت

دماغي أكثر "

نظر لي بعدم تصديق فقلت ببرود " لا شيء يطرني لأكذب

عليك وهاتفي أمامك إن كنت تريد أن تتأكد "

كتف ذراعيه لصدره وقال " ولما لم تخبريه إذا "

قلت متوجهة للسلالم " خفت منك هل تصدق "

ثم صعدت للأعلى وتركته فهوا سيغادر الآن ولا وقت لديه

للحاق بي لأنه بلباس الشرطة وسيخلصني من رؤيته باقي اليوم

وصلت غرفة سدين ورفعت هاتفي وفتحت رسالته التي يتبجح

بأنها سبب سكوتي وكان فيها ( لو أخبرت عمك أخبره بخطتك

المضحكة للخروج من البلاد وتجاهلك له وخلصي نفسك منه

حينها .... وصباح الخير يا ورد )

فضغطت على الهاتف وعلى أسناني , آخ ليثني قرأتها قبل

أن أنزل لعمي








*~~***~~*








راقبتها حتى صعدت واختفت ثم غادرت المنزل , إن كانت لم

تقرأ الرسالة فلما لم تخبره !! أم لأنها تعلم أنه لن يخرجها من هنا

لا أصدق أنها قد تترك فرصة لتسخر مني وهوا يوبخني لأجلها

ركبت السيارة أغلقت بابها وانطلقت وكلام سدين البارحة عاد

ليزور عقلي وهوا لم يغادره إلا للحظات , فيبدوا لي فكرة أن

أجعلها تحبني جيدة ولا بأس بها لأنها حينها ستصبح كالخاتم

في أصبعي ولن تفعل إلا ما تراه مرضيا لي فلنرى قدراتك عليها

يا إياس هذا إن لم ترفع ضغطي من أول محاولة وجعلتني أنسا

الأمر برمته , وصلت القسم ودخلت حتى وصلت مكتبي فوقف

أمين من فوره وقال مبتسما " كنت بقيت حتى الظهر "

قلت ضاحكا وأنا أدخل " فآتتني هذه ولم أستغلها "

ثم أمسكت كتفه بقوة وقلت " شكرا لك يا أمين وآسف

لأني أخرتك وأنت من المفترض أنك نائم منذ وقت "

ربت على ظهري وقال " لا عليك فأنا أساسا لا أنام بعد عملي

ورائي مئة مشوار ولم أعتد النوم بعد الفجر ونسيته من سنوات "

قلت مبتسما " إذا نحن في انتظاركم الليلة لا تنسى ولا تتحجج بي "

ماتت ابتسامته وقال " أنت كنت في المستشفى لإخراج إحدى

شقيقاتك مما يعني أن زيارتنا اليوم لن تكون في وقتها

خصوصا وأن عملك تغير لليوم فلنؤجلها قليلا "

قلت بإصرار " بل سأكون هناك وفي انتظارك ولا

تقلق بهذا الشأن "

ثم قلت مازحا " ولا تخف فالعروس ليست هي المريضة

ولن تفر شقيقتاك من شكلها المتعب "

قال مبتسما " وما علاقتهما أنا سأتزوجها أم هم "

ضحكت وقلت " لأني أعرف الشقيقات حين لا تعجبهن العروس "

ضحكنا معا وغادر هوا واستلمت أنا عملي بجد لأجد فرصة

للمغادرة الليلة فلا أريد تأجيل الخطبة أكثر ولو كان بيدي

زوجتها له الآن فلن أطمئن عليها إلا معه , رن هاتفي فنظرت

للمتصل وكان خالد فلم أجب عليه ليعلم أن الجنون الذي قاله لن

يتعدى المقهى الذي كنا فيه ولن أفكر في حرف مما قال وجيد

أن رغد مرضت ونامت في المستشفى لتعطيني فرصة لأهدأ

وأفكر بروية قبل أن أتسرع باتهامها بشيء فيكفيها الصدمة

التي تلقتها والحالة التي وصلت لها








*~~***~~*








ضممت ساقاي لحظني أسترهما قدر الإمكان ودموعي لم

تتوقف منذ ساعات فها قد حقق لي غرضي لكن ليس كما

كنت أتوقع وأريد , كيف تقول عنه زوجته أنه عاجز والأمر

لم يأخذ منه دقائق معدودة وخرج وتركني وكأنه يقول لي هذا

ما تريدينه حدث , لكنه فعله كما هوا يخطط ويريد وعزل عني

فما معنى هذا غير أنه لا يريد أبناء وكي لا أحمل منه وهذا يؤكد

لي ظنوني أكثر وأني هنا لست سوا سلعة ينتقم بها , كان طلبي

محددا إما أن تكون لنا حياة طبيعية وأبناء أو يتركني أرحل ففعل

أحدهما لكن بمزاجه ولم أجني شيئا سوا جرح كرامتي بسببه

انفتح الباب ولم أرى من يكون لأن وجهي كنت أخفيه في

ركبتاي حتى وصلني صوته قائلا بحزم " ما تريديه وفعلته

وانتهى لما كل هذه المناحة "

قلت بشهقة " وهل ممنوع أن أبكي أيضا "

قال بحدة " دُره "

رفعت رأسي ونظرت له وقلت بحدة مماثلة " يكفيك إذلالا

لي , كل شيء ممنوع عني حتى الكلام وتعلم جيدا أن ذلك

لم يكن طلبي كما قلته فلا تحسبه علي "

نظر لي بجمود ودون كلام فنظرت للأسفل بحزن

وقلت " كم مرة ستقتلني يا أواس "

قال ببرود " من يمد رأسه لحبل المشنقة لا يحق

له لوم أحد "

نظرت له مجددا وقلت بضيق " هل لك أن تشرح لي السبب

لما لا تريد أبناء مني ؟ ما غرضك من الزواج بي ؟ "

قال بجمود قاتل " نزوة وترويح عن النفس "

شعرت وكأنها سهما أصابني به في قلبي فرغم أني أعلم

أن الحقيقة ليست كما قال لكن كلماته ألمتني حد الوجع

وقفت حينها وقلت " أعدني لجدي إذا "

لتغيّم عيناه بسواد قاتم وتحولت ملامحه لشيء لا يمكن

وصفه من القسوة فتراجعت للخلف وهوا يتقدم نحوي

قائلا من بين أسنانه " أعيدي ما قلتِ "

قلت محاولة تثبيت نفسي " إن كنت لا تريدني

فخذني له لما تتركني معك "

وصل عندي وأنا ملتصقة بالجدار تماما ومد يده وأغلق بها

فمي بقوة وقال بغضب " ولا كلمة أخرى بعد , قوليها مجددا

وسأقطع لك لسانك "

رفعت يدي وأمسكت يده وأبعدتها عن فمي بقوة وقلت بحدة

" لما تزوجتني إذا يا أواس تكلم "

أمسك حينها معصمي بقوة حتى ضننت أنه سيحطمه ثم سحبني

معه متوجها لباب الغرفة وقال بغضب " تريدي أن تعرفي لما

لك ذلك إذا وأرني ما ستفعلينه يا حبيبة جدك "








*~~***~~*








خرجت من الغرفة وكانت هي خارجة من المطبخ وتوجهت

لغرفتها دون أن تنظر جهتي فهي لم تتحدث بحرف اليوم ولم

تسألني حتى لما أخرجت حقيبة صديقتها وأين ذهبت فيبدوا

أنها أعلنت الحداد وستخاصمني , ولما وهي تعلم جيدا أنها

الحقيقة فهي أكثر من يعلمها لأنها نفسها الجشعة الطماعة

توجهت لغرفتها فتحت الباب ووقفت أمامه فكانت تصلي !!

عجيب متى جاءتها هذه لتذهب منها ؟؟ انتظرتها حتى

سلمت ثم قلت " أرنب أنتي أم بشرية "

ولم تجب طبعا ولم تنظر ناحيتي ولا مجرد النظر فقلت

مغادرا " سأتناول الغداء مع صديق لي "

ثم غادرت من المنزل والحي للحي الثالث حتى وصلت

باب منزل العم صابر , طرقت الباب ففتحت لي

إسراء وقالت مبتسمة " أخي آسر "

رفعتها وقبلت خدها ودخلت بها لتركضن أخواتها الثلاث

الصغيرات نحوي واحدة تمسك يدي الحرة وتسحبني منها

والأخرى تدفعني من الخلف وأنا في ضحكة واحدة ولا أفهم

من كلامهم شيئا سوا أن والدتهم وصبا أعدا طبقا ما وأني

جئت في وقتي لنتناوله معا وهن لا يعلمن أني مدعوا هنا

على الغداء معهم منذ الصباح , دخلت الغرفة حيث عمي

صابر وعبير وزهرة وريحان سلمت عليهم وجلست

نتبادل الأحاديث والأخبار حتى نظرت لريحان وقلت

" كيف أصبحت صحتك الآن "

هزت رأسها بنعم لأفهم أنها جيدة فهي التي لا يُسمع لها

صوت بينهن جميعا لهدوئها الذي لا ينافسها فيه أحد إلا

صبا , مسحت على شعرها وقلت " وعليك تناول الدواء

كما وصف الطبيب أو سأغضب منك ولن أكلمك أبدا "

هزت رأسها رفضا بقوة ثم وقفت وقبلت خدي وخرجت

راكضة من الغرفة فضحك عمي وقال " لا تخرج من هنا

إلا وخداك متورمان من التقبيل "

ضحكنا معا ثم قلت " إسراء تكفي عن الجميع تستقبلني

وتودعني بقبلاتها التي لا تنتهي "

قال بمكر " جيد أنهن لا يستخدمن أحمر الشفاه لصرت

في مشكلة مع إحداهن هناك "

نظرت له بصدمة ثم انفجرت ضاحكا لحظة دخول زوجته

علينا , سلمت عليا وجلست وقالت " ظننتك ستحظر زوجتك

معك ففي كل مرة نقول ستحضرها وتأتي وحدك "

قلت ونظري على يد إسراء الصغيرة في كفي

" كانت معنا صديقة لها الأيام الماضية ثم انشغلت

ومؤكد ستتعرفون عليها لما الاستعجال "

قالت مبتسمة " زهرة وريحان وإسراء أمسكتهن بصعوبة

عن الذهاب لكم بالأمس يريدون رؤية زوجة شقيقهم وكل

مخاوفي أن يغافلوني ويذهبوا ويضيعوا في الحارة "

قبلت خد إسراء الجالسة في حضني وقلت في أذنها

" هل تريدي حقا رؤية زوجة شقيقك "

هزت رأسها بنعم فرفعت رأسي وقلت " سآخذ

الصغيرات معي إذا وأرجعهم أول المساء "

نظرت عبير لوالدتها بسرعة فضحكت وقالت " قال

الصغيرات فقط وستتعرفون عليها ما أن تأتي هنا "

فنفضت عبير ثيابها بضيق ولاذت بالصمت , متلهفون

لرؤيتها وقد تجعلكم تكرهون ذلك وتشمئز منكم لأنكم فقراء

وعائلة وجه الفقر , قد لا تستحق لهفتكم وحبكم هذا لها ولا

تقابله بالمثل وتُحرج شقيقكم أمامكم وهذا كل ما أخشاه ولا أعلم

لما تغير رأيي فجئه في تعريفها بهم ! قد يكون كلامها البارحة

الذي لم يفارق عقلي !! تجاهلت كل تلك الأفكار مجددا ونظرت

لوالدتهم وقلت " هل نفذ شيء من الطعام ؟ أخبروني أو دخلت

المطبخ وفتشت بنفسي "

هزت رأسها بلا وقالت " ما أحضرته أول الشهر يكفي لأكثر

من نصفه ويزيد وأعرفك ستحظر غيره ما أن يتناصف فلا

تشغل بالك من هذه الناحية بني "

نظرت لي إسراء للأعلى وقالت " أخي آسر دكان

الحارة يبيعون حلوى تشبه المطاط "

نظرت لها والدتها وقالت بحدة " إسراء ماذا قلنا "

نظرت لها وقلت بضيق " اتركيها تقول ما تشتهي كم

مرة حذرت من إخفاء ما يريدون عني "

قالت باستياء " لكنها أشياء زائدة وليست ضرورية

تهدر مالك عليها "

قلت بضيق " عند الطفل لا فرق بين الزائد والضروري هل

سنتركهم يتفرجون على الأطفال وهم يأكلوها "

ثم نظرت لها وقلت " ونحن ذاهبون لمنزلي سأشتريها

لكم حسنا "

قفزت حينها من حضني وتعلقت بعنقي وبدأت بتقبيلي قبلات

متتالية على خدي وتصرخ بمرح والجميع يضحك عليها وقال

عمي " خفي على شقيقك يا مشاغبة لو التقبيل يباع

بالمال لربحت من ورائه "

عدنا للضحك مجددا وجلبوا الغداء وتناولناه معا








*~~***~~*








سحبني خارجا بي من الغرفة وهذه المرة ليس لغرفة أخرى

ويبدوا ليحقق طلبي وبطريقته أيضا , خرج بي من المنزل

وسار يمينا يسحبني بقوة لأجاري خطواته الواسعة الغاضبة

بصمت قاتل من ناحيته وكلمات تحمل كل معني الخذلان

والوجع مني وأنا أقول " لو كنت شاة ما عاملتني هكذا

فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وها أنا طلبت

ما أباح رب العباد "

وقف حينها وسحبني بقوة لأصبح أمامه وضغط على رسغي

حتى كاد يحطمه بقبضته ثم رفعه أمام وجهه وقال بغضب

" أصمتي قلت لك كم مرة سأعيدها , لم أعد أريد سماع صوتك

هل تفهمي , وجدك الذي تريدين بيعي من أجله لن تريه يا دُره

ونجوم السماء أقرب لك , لكنك ستتعرفين عليه الآن

ويتعرف عليك "

ثم عاد للسّير ساحبا إياي خلفه أرتجف من شدة ما أكتم الآن بكائي

ومن صدمتي به فإن كان من قبل قاسيا وباردا وصامتا فالآن حين

تفجر تحول لصورة أبشع بكثير , توجه بي لذاك الملحق ودخل

وأدخلني خلفه وأنا أحاول إيقافه بإمساكي لأي شيء نمر به

وأترجاه أن لا يدخلني لتلك الغرفة المليئة بأعقاب السجائر

وأخشى أن أجد فيها ما هوا أسوأ بكثير كخمر أو مخدرات

جرني بقوة أوقعت الطاولة التي كنت أمسها بيدي لأجد نفسي

فجأة في تلك الغرفة بالفعل ولازال يسوقني سوقا حتى الجدار

والحبل المعلق فيه ثم مد يده الأخرى ليدي الحرة وأمسكها أيضا

بقوة وضمهما معا بيد واحدة وأنا أحاول تخليصهما منه ليصرخ

في وجهي بعنف أكبر " لا تتحركي أو قسما مددت يدي عليك

يا دُره , أقسم أن أدوس قلبي وأفعلها كما فعلتها أنتي "

وهنا كان وصل للنقطة التي أسكنت جميع مفاصلي وحواسي

( ضربي له ) حتى في غمرة غضبه لا ينساه فليشرح لي أحدهم

كيف لطفلة لم تتجاوز الخمس سنين أن تضرب فتى يكبرها

بأعوام !! بدأ بلف الحبل على معصماي وأنا في سكون تام

منصاعة له تماما ونظري لا يفارق ملامحه ووجهه المحمر

من الغضب وعِرق نحره الذي يظهر واضحا كلما تأفف بغيظ

وهوا يزيد من لف الحبل وشده بقوة شعرت أنها تمزق بشرتي

تمزيقا , وبعدما انتهى شد طرفه الآخر ليعلق يداي في الجدار

بارتفاع وصل لصدري فما سيجنيه من هذا ؟ أن لا أهرب مثلا

وأنا لا أستطيع الخروج أم ماذا !! بعدما تبث الحبل على الارتفاع

الذي يريده خرج وتركني وأغلق باب الغرفة خلفه , لم يتحدث

لم ينظر لي ولم يقل شيئا ؟؟ فقط غادر وغاب وتركني أستكشف

الغرفة حولي فماذا غير أعقاب السجائر وبقع الدماء المنتشرة بشكل

يدمي القلب ويرجف الجسد , هناك أشياء أخرى خزانة مفتوحة

والأغراض متناثرة على الأرض ملابس لفتى في عمر بين الثالثة

والخامسة عشرة حداءان وجوارب أيضا متهرئة وقديمة , ساعة

جلدية مقطوعة وتم تثبيتها بسلك حديدي لتعود صالحة لأن تُلبس

فهل هذه كانت أغراضه في صغره ؟؟؟ لففت أكثر لأرى المزيد

لتشلني الصدمة وأنا أرى ثيابا نسائية لامرأة لا يبدوا أنها كبيرة

جدا لكنها بموديلات قديمة بعض الشيء فهل تكون .... لا

لا يمكن هل هي لوالدته ماذا جاء بها هنا ولماذا !!! حاولت

النظر أكثر لكن الألم القوي في معصماي لم يعطني أي مجال

لأن حركتي أكثر ستحرك الحبل عليهما ويبدوا أنه اخترق أول

طبقات الجلد , عدت كما كنت وجهي للجدار المقيدة إليه كالأسير

كالعبد كالجارية , أمر لم أتخيله حياتي لا قبل مجيئي إلى هنا

ولا بعده , ليمر بي الوقت والساعة تلحقها الأخرى وبدأت قدماي

تتورمان من كثرة الوقوف فنزلت للأرض لأكتشف حينها فقط

سبب ربطه لمعصميّ هكذا ليصبح وقوفي مؤلما وجلوسي أشد

إيلاما فارتكزت على قدماي ويداي مرفوعتان للأعلى أحاول

تثبيتهما على الجدار كي لا ينشدا للأسفل ويؤلمني الحبل لكن

ذاك الأمر لم يدم طويلا فسرعان ما تعبت لأني بحاجة للجلوس

أرضا , وقفت مجددا لكن تعبي هذه المرة كان سريعا ولم أعد

أعرف ماذا أفعل وأي وضع سيريحني خصوصا وأنا لا أعلم

لكم ساعة سيتركني هنا بل قولي كم يوما يا دُرر فلا يبدوا أنه

سيخرجني أبدا , بعد قليل بدأت بضرب جبيني على الجدار

أمسك دموعي من أن تنهمر لا أريد أن يرجع ويجدني أبكي

يكفيني ضعف لم أعرفه حياتي وأنا دُرر التي عرفت بصبرها

فإن كان غرضه تعذيبي وإذلالي فلن يحصل عليه

ما أن بدأت الساعات بالتعاقب حتى انهرت جالسة على الأرض

لأصرخ هامسة بألم لأن تمزق جلدي تحت الحبل هذه المرة لن

يكون في طبقته الأولى فقط والوجع كان أقوى من أن يتحمله أي

إنسان ورغم أن جسدي ارتكز على الأرض بجلوسي إلا أن

تقطع معصماي من الألم لم يدعني أنعم بها , اتكأت برأسي

على ذراعاي المشدودتان للأعلى أعتصر ألما مغمضة عيناي

بشدة وكل ما كنت أهمس به " يا رب ... يا رب ساعدني "

فلا أحد لي سواه مثلما لم يكن أحد لي غيره , لا أعلم بأي

قلب فعل بي هذا وأي جرم ارتكبته ليعذبني بهذه الطريقة

البشعة ؟؟ كان الألم في تزايد مستمر وأنا أشعر بسائل ساخن

يجري على ذراعاي فرفعت رأسي من بينهما انظر بصدمة

للدماء التي بدأت تنزل من معصماي حتى منتصف ذراعاي

لتنزل قطراتها على ملابسي , فهمت الآن سبب الدماء القديمة

عليه فيبدوا استخدم هكذا أداة للتعذيب لكن من يكون ؟؟؟

لابد وأنها زوجته تلك لأنها حكت عن غرفة الدماء , رفعت

رأسي حينها للأعلى وأغمضت عيناي بشدة أعض على شفتي

السفلى لأكتم صراخي وأنيني ولا أعلم أي ساعات ستكون

القادمة وكيف ستمر عليا هنا وحتى عمته لا تعلم بمكاني

لتخرجني , هذا إن كانت تملك المفتاح أساسا








*~~***~~*








وقت الغداء أخبرت سدين أنه لا رغبة لي في تناوله وأني أريد

أن أنام ولن يفكروا أني هربت منه طبعا لأنه اليوم يوم عمله

ويأتي متأخرا قليلا ليتناول غدائه , سمعت هاتفي رن برسالة

فلم أرفعه ولم أراها فدُرر وسراب لا هواتف لديهما إلا إن

أرسلتها سراب من هاتف زوجها ولا مزاج لي لرؤية شيء

ولا حتى منها فكلام سدين عما قال لها البارحة زادني ضيقا

مع ضيقي فما يعني بأني لن أحرك فيه شعرة ولن أجعله

يحبني , هه من كثرة ما أنا متلهفة لأن يعيرني اهتماما ليقول

هذا , انقلبت للجانب الآخر وغطيت رأسي باللحاف حين

شعرت بمقبض الباب يدور فهذه عمتي بالتأكيد ولا أريد

استجوابا آخر منها , تتبعت بأذني الحركة فكانت الخطوات

ثقيلة والحداء يبدوا وكأنه رجالي وليس من أي نوع بل من

النوع الثقيل في الرفع فتأففت بصمت , ماذا يريد قادم لهنا

بل ما جاء به هذا الوقت فليست عادته , شعرت بحركة هاتفي

على الطاولة فجلست ورميت اللحاف عني فكان كما توقعت

رافعا له في يده فأبعدت خصلات شعري التي بعترها إبعادي

للحاف وقلت بضيق " أعد هاتفي وماذا تفعل هنا "

قال وهوا ينظر له " لما لم تقرئي رسائلي "

وقفت وأخذته منه قائلة " وما شأنك أنت "

ثم نظرت للهاتف وله وقلت بضيق " بأي حق

تفرغ صندوق الرسائل كله "

وضع يديه في جيوب بنطلون بدلته لأنه كان نازعا السترة

وبقي بالقميص وربطة العنق فقط وقال بسخرية

" أعتقد بحق أني زوجك إن نسيتِ "

قلت بحدة ملوحة بيدي في الهواء " لا حق لك علي وأنت

تمد يدك لوجهي فهل الصفع من ضمن تلك الحقوق "

نظر جهة النافذة وقال بهدوء " وإن قلت أني آسف ولن تتكرر "








*~~***~~*








بقيت تنظر لي بصدمة فقلت بجدية " وطبعا نصف الخطأ

عليك لأنك قلت ذاك الكلام ولا أريد أن أسمعه مجددا يا

ترجمان لأنه حينها لسانك ما سأصفعه وبسكين حاد "

تحولت حينها صدمتها لابتسامة ساخرة وقالت

" ولما تعتذر إذا ؟؟ هل لتسرد بعدها سيل تهديداتك "

قلت بحزم " لن أحتاج لأعتذر قبلها إن كان وحدها ما أريد "

كتفت يداها لصدرها وقالت " وأنت إن كررت ذاك

الكلام مجددا اقطع لسانك فلا تنسى "

قلت ببلاهة متعمدة " أي كلام !! "

تجاهلتني ودخلت السرير مجددا وغطت رأسها باللحاف

وقالت " الكلام الذي يشبه كلامي الذي وضعتَ

عليه العقوبة فلا تنسى "

ابتسمت بمكر وجلست على طرف السرير وشددت منها

اللحاف وقلت " إن كنتِ لم تقرئي رسالتي فلما لم تخبري عمي "

قالت مولية ظهرها لي وهي تحاول شده مني مجددا

" لأني لا أريد لكنت قلت له فاتركني واخرج هيا "

استندت بمرفقي ناحيتها وقلت بهمس " فرصة أخرى لنا إذا "

انقلبت حينها حتى أصبح وجهها مقابلا لوجهي وقالت بضيق

" لا طبعا ولن أعطيك أي فرص وكلامك ليلة زواجنا لازال

شرطا قائما بيننا فلا تنسى "

نظرت لعينيها نظرة باردة كي لا تفهم ما أنوي وقلت

" وإن كنت نسيت "

قالت ببرود أشد " أنا لم ولن أنسى "

فعلت مخططي حينها وباغتها بقبلة صغيرة لشفتيها فانتفضت

مبتعدة وابتعدت أنا أيضا وقلت خارجا من الغرفة

" أعديها عربون الهدنة الجديدة "

ثم خرجت من هناك وغادرت جهة السلالم ونزلت , لن تأخذي

معي وقتا طويلا يا ترجمان وصبري عليك طويل , كيف فآتتك

هذه يا إياس حتى ذكرتك بها سدين ؟؟ وصلت للأسفل فكانت والدتي

واقفة وفي يدها سترتي وأعلم ما تنتظر فأخذتها منها وقلت متابعا

سيري جهة باب المنزل " تصافينا وانتهى كل شيء يا أمي اطمئني "

ثم خرجت من هناك وركبت سيارتي وخرجت من سور المنزل

لتصل لهاتفي رسالة فأخرجته على الفور فكانت كما توقعت

منها وفيها ( إن كررتها مجددا قطعت لك شفتيك هل تفهم )

ضحكت كثيرا ثم أرسلت لها ( أنتي الخاسرة فيما بعد

حين سأصبح بلا شفتين )

ولم يأتي الرد منها طبعا فقد وضعتها في موقف محرج

وتعرف أن أي رد منها سيكون ردي أقوى من هذا فقد

بث أفهم تفكيرك جيدا يا ترجمان








*~~***~~*









بعد العصر سمعت باب المنزل يُفتح فخرجت ووقفت أنتظر

دخوله فعليه أن يجيب لما لم ترجع ترجمان وأين أخذ حقيبتها

فيبدوا أنه أخبر زوجها عن المخطط الذي أخبرته أنا عنه ليقف

في صفها وطبعا وقف معه وخذلني وخذلها , كنت قد جهزت

سيلا من عبارات التوبيخ وخيبة الأمل لكن لساني مات تماما

وأنا أراه يدخل وأربع فتيات صغيرات معه وواحدة متشبثة بيده

وكأنه سيطير منها , بقيت أنظر لهم بصدمة وهنّ وقفن لوقوفه

ينظرن لي بشيء من الفضول والترقب , هل هذا هوا صديقه

الذي ذهب ليتناول الغداء لديه هذا الكاذب ؟؟ نظرت له

واضعة يداي وسط جسدي وقلت " متزوج قبلي يا آسر "

نظر لي بتجهم ولأني مليئة بالشحنات السالبة ضده وأنتظر فقط

أن أنفجر تابعت بحدة " هل هذا سر إهدارك للمال دون أن تذكر

السبب , تحرمني حتى من الثياب والطعام لتشتري لهن الحلوى

التافهة , لما تتزوجني وأنت لا تستطيع فتح منزلين "

نظرن له أربعتهن وصرخ هوا حينها بغضب " أصمتي "

اختبأت الصغيرة خلف ساقه تخفي الحلوى في يدها وراء ظهرها

وتنظر لي بعين واحدة والأخريات ينظرن لي باستغراب فقلت

بذات حدتي " لن أصمت يكفيني صمت ماذا جنيت من الصمت

معك سوا أن سخرت مني واستصغرتني حتى مع صديقتي

وجئت لتكمل باقي استنقاصك لي بجلبهم هنا "

كانت نظرته لي تشتد نارية لكني كنت في حالة غضب من كل

شيء وأكثر منه وأراه السبب الأساسي في كل ما أنا فيه الآن

شدت أصغرهن قميصه تنظر له للأعلى وقالت

" أخي آسر لنعود للمنزل "

نظرت لها بصدمة توقف معها حتى تنفسي , هل قالت أخي !!

من أخوها ؟؟ آسر شقيق هؤلاء كيف !!! قال حينها بسخرية

" تعرّفن أولا على زوجة شقيقكم التي تتلهفن لرؤيتها , لما

خفتن منها الآن وأنتن من كان يصر كل يوم على رؤيتها

بل على رؤية حياة شقيقكم البائسة "

حولت نظري المصدوم منها له وتابع هوا " لتعرفن فقط لما

كنت أتهرب من أخذها لكم فهي لن تنظر لعائلتكم سوا

بمادية فهذا كل ما يعنيها "

ركضت حينها عائدة للغرفة وأغلقت الباب خلفي وانهرت على

الأريكة وبدأت بالبكاء والنحيب بهستيرية وكأني أفرغ باقي

الطاقة المكبوتة لدي فقد تعبت حقا تعبت من كل شيء وآخرها

ظهر له عائلة يخفي أمرها عني لضنه أني سأنظر لهم بمادية

لذلك لم يعرفني عليهم , ولما يفكر هكذا هل كنت ابنة ملوك

ليخاف أن أتقزز منهم ؟ أنا عشت حياة بسيطة كغيري وهوا

يعلم ذلك جيدا فلما يريد جرحي دائما وإهانتي , مضى وقت

طويل وأنا مكاني جالسة على الأرض ومستندة بذراعي على

الأريكة مخبئة وجهي فيها وأبكي دون توقف وكأني أبكي كل

شيء مررت به في حياتي ومنذ ولدت , بكيت وبكيت حتى

خف نحيبي وتحول لشهقات متتالية وكانوا لازالوا في الخارج

أسمع صوته معهن وضحكاتهن الصغيرة الرقيقة , ما المانع

إن كان عرّفني عليهم إن أخبرني أن هذا هوا سبب صرفه

لراتبه من أول الشهر , لما ترك الظنون تلعب بي وأنا أراه

يدخلهن علي ؟؟ لماذا يحاول دائما إذلالي وكسري ؟ لماذا

يعشق رؤيتي حزينة ومنهارة ؟؟

بعد قليل سمعت طرقات خفيفة ومتقطعة على الباب ثم انفتح

ببطء ودخلت منه الصغرى فيهن بفستانها الزهري الطويل

تنظر لي مبتسمة وقالت بصوت رقيق منخفض

" هل أدخل "

مسحت عيناي وأنفي وقلت بصوت مبحوح

" نعم تعالي "

اقتربت مني وجلست على طرف الأريكة وقالت

" لما تبكي ؟؟ هل لأنه لم يحضر لك حلوى مثلنا "

ابتسمت بحزن على أفكارها وهززت رأسي بلا فقالت

" جميع الأطفال اشتروا منها في الحي ونحن لا وأمي

غضبت مني لأني أخبرت أخي آسر ليشتري لنا "

قلت بصدمة " ولكم أم "

هزت رأسها بنعم فقلت " لآسر والدين ؟؟ "

هزت رأسها بلا وقالت " هوا لا يناديهما ماما وبابا مثلنا

يقول عمي وعمتي "

غريب هل هوا عمه فعلا ؟؟ ولما ينادونه بأخي ما كل هذا

اللغز !! قالت وهي تلعب بقدميها في الهواء " أنا حين

تضربني صبا أبكي وحين يأتي أخي آسر أخبره "

قلت بابتسامة حزينة " هل هي إحدى الموجودات في الخارج "

هزت رأسها بلا وقالت " بقيت مع عبير وداليا والبقية في المنزل "

قلت باستغراب " هل هناك بقية !! "

هزت رأسها بنعم وأشارت بيديها مفرودة الأصبع وقالت

" نحن هكذا وجميعنا فتيات سوا أخي آسر فقط

يخرج من المنزل ويجلب لنا النقود "

قلت بحيرة " وأين والدك "

قالت من فورها " والدي لا يمشي هوا مريض "

" إسراء "

كان هذا صوت آسر مناديا لها من الخارج فقفزت من الأريكة

وقالت " هوا قال لي ادخلي لها حتى تتوقف عن البكاء

ثم أخرجي لنغادر لمنزلنا "

سمعت صوت أذان المغرب حينها فوقفت وقلت

" أخرجي له إذا كي لا يغضب منك "

خرجت من فورها وتوجهت أنا لعباءتي وحجابي حملتهما

وخرجت فكانوا عند باب المنزل فقلت " آسر "

التفت لي دون كلام فقلت " سأذهب معكم "

نظر لي بصمت قليلا ثم أولاني ظهره وفتح الباب وخرج

بهن فتبعتهم لأنه ترك الباب بعدهم مفتوحا








*~~***~~*








بعد وقت قضيته بين الوقوف والجلوس رغم أنه ولا واحدة

منهما ستبرد وجع الأخرى لكن ما كان أمامي حلا غيرهما

انفتح الباب فوقفت على طولي فلا أريد أن يراني جالسة

ويداي تنزفان , اقتربت خطواته مني حتى وقف خلفي

مباشرة وقال بجمود " مازلتِ تريدين الذهاب لجدك "

كتمت كل ألمي وتألمي فلم يعد لدي شيء أخسره وقلت بجمود

كجموده " نعم أو معرفة سبب رفضك "

همس بشيء من الغيظ " هل تعلمي عواقب هذا يا دُرة "

قلت من فوري " لا يهم واقتلني أيضا لترتاح "

مد يده حينها للحبل وشده أكثر بحيث لن يكون هناك مجال

لأجلس مجددا لأن يداي المقيدتان وصل ارتفاعهما لوجهي

وسيصبح الجلوس على الأرض مستحيلا , سندتهما للجدار

واستندت بجبيني عليهما وقلت بهدوء " ما الذي ستصل

له من كل هذا "

قال بحدة " أصمتي "

لم أكترث له وتابعت قائلة " لمن الثياب هنا ؟؟ لك أنت

أليس كذلك "

شد شعري من الخلف وقال بغضب " قلت أصمتي يا دُره

فلا تطريني لأقسو عليك أكثر "

كتمت وجعي من شده القوي له وقلت بصوت مبحوح

" والأخرى لوالدتك فهل كنت تعذبها هنا أيضا

قبل زوجتك الأولى "

ضرب حينها رأسي بالجدار أماما وقال بغضب " نعم هل

لديك اعتراض ,بل سأريك ما كان أبشع من كل هذا يحدث هنا "

توجه للخلف حيث الخزانة وعاد بعدها وأنا من ألم رأسي بسبب

ارتطامه في الجدار أصبحت عيناي تغيم رؤيتهما من حبس الدموع

وألم جبيني , عاد للوقوف خلفي وضرب بشيء ما له صوت صفير

مخيف علمت فورا أنه سوط ترويض فأغمضت عيناي بشدة

وقال ببرود " هل تريدي أن تجربي هذا كما جربته على يديك "

تحول حينها الألم من رأسي ورسغاي لقلبي فذكره لحكاية ضربي

له كفيلة دائما بجعل جميع أوصالي تؤلمني ولا أعرف لما فها

هوا زاد من توضيح الأمر أكثر وعلمت أن الضرب كان بهذا

السوط لكن لم يشرح لي حتى الآن كيف كنت أفعل ذلك وأنا

طفلة وهوا كان يُلعبني على أرجوحتي ويحملني على كتفه ؟

مؤكد كنت سأتعلق به وأحبه لا أن أضربه , مرر يده على

خصري حتى أحاطه بذراعه وشدني له وهمس في أذني

" هل تريدين أبناء مني ؟؟؟ حسنا ما رأيك أن ننجب ابنة

وسأجعلها تضربك بهذا وهنا لتجربي يا دُره "

أنزلت رأسي للأسفل وقلت بحزن " لكني لم أكن ابنتك "

ترك خصري حينها وقال بحدة " ليتك كنتِ ابنتي ليتها

ابنتي من فعلت ذلك وليس أنتي "

أمسكت دمعتي من الانسياب والسقوط وقلت بهمس " إن كان

هذا تعبيرك دائما عن مشاعرك اتجاه الأقربين لك فلن تكون

طبيعيا يا أواس خصوصا لو وقفتْ والدتك هنا مكاني "

ضرب حينها رأسي مجددا بالجدار وقال بغضب " قلت

اصمتي لا تذكريها مجددا هل تفهمي ولن أكون طبيعيا

إن نسيت كل ما فعلتموه بي "

كتمت وجعي ولم تخرج مني ولا أنة بسيطة وقلت بجمود

" اضربني إذا إن كان ذلك سيبرد حر قلبك وستنسى ما كان

وكي لا تعود وتذكرني بشيء لا أذكره لصغري "

عاد لشد خصري مجددا بتقلباته الدائمة كالطقس الخريفي لحظة يضربني

ويؤذيني ولحظة أخرى يلصقني بجسده ويبعثرني ففي النهاية أنا بشر وامرأة

ولم أعتد اقتراب رجل مني هكذا فهوا يعذبني في الحالتين وليثه يشعر بهذا

دس وجهه في شعري وقال بهمس" سأفعلها حين ستطاوعني

نفسي لذلك ولن أتراجع يا دُره "

رفعت حينها رأسي واتكأت به على يداي وقلت بألم وحزن

" نفسك التي طاوعتك على كل هذا ستطاوعك على

أكثر منه يا أواس "

أبعد حينها وجهه لتفاجئني شفتاه التي قبلت خدي قبلة طويلة

وهادئة ولم أسمع بعدها سوا صوت خطواته يخرج من

الغرفة وتركني هنا يداي معلقتان بين السماء والأرض وأنا

معلقة معهما بين قسوته ورقته اللتان لا أعلم كيف يجتمعان

فيه وما ينويه بكل ما يفعل ومؤكد تعذيبي أكثر









نهاية الفصل ....... موعدنا الجمعة إن شاء الله

برد المشاعر 15-01-16 09:03 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل العشرون)
 
1 مرفق


الفصل الثاني والعشرون



النص بالمرفقات

الفصل القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله

برد المشاعر 19-01-16 08:46 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني والعشرون)
 
1 مرفق
http://up.harajgulf.com/do.php?img=492827








الفصل الثالث والعشرون



النص بالمرفقات


المدخل كلمات للمبدعة الغالية ( عبق حروفي )

فصل ودمتم في رعاية الله وحفظه
[/COLOR]

برد المشاعر 23-01-16 02:45 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والعشرون)
 
بداية أعتذر عن التأخر لهذا الوقت بسبب انقطاع الكهرباء وسوء

الاتصال وثانيا أعتذر على تقصيري مع أخواتي في المنتديات المجاورة في ذكر

أسمائهم وشكرهم بسبب ضغط وقتي لكني على تواصل معكم يوميا وأقرأ جميع

الردود وبالنسبة للتساؤلات عن بعض الشخصيات الفرعية كعم أرجوان العقيد

رفعت حياته الشخصية وفكرة زواجه وتفاصيل الأحداث بين سدين وأمين فسيكون

لكل ذلك حيز من الرواية كما اعتدتم في أوجاع ما بعد العاصفة فإن ظهور الشخصيات

الفرعية اشتد في وقت متقدم كي لا يؤثر على الشخصيات الأساسية , وكما قلت لأخواتي

الحبيبات هنا بالنسبة لأواس أو آسر أو جميع من موجود في فصول الرواية

دون استثناء فلا تضعوا مخيلتكم في مربع مغلق وأطلقوا لها العنان لأن فصول

الحكاية ستتغير ونظراتكم لهم ستعاني تقلبات كثيرة ولا تضعوا سيرا معينا للأحداث

لأني كالعادة سأعصف بها وأقلبها في أي لحظة , بالنسبة لخلف أسوار المدينة فلها

تكملة إن شاء الله وإن ليست قريبة لأن أمامي رواية غير هذه بجزأين ومن ثم

ستكون بين أيديكم وإن اضطررت لكتابتها من أجلكم فقط




أعتذر عن الإطالة في الحديث وأترككم مع الفصل الجديد




الفصل الرابع والعشرون





المدخل كلمات للغالية برستيج أردنية




يا ليت مازلت طفله أحلامي مجرد لعب وحلوى حتى لا انظر إليك ورأى

اني مصيبة وبلوى يجرحني كلامك وتؤلمني نظرتك لي وأنا أراك الشهم

النبيل .. كبير انت بعيني يامن دخلت حياتي صدفة لتمحي تلك الطماعه

الجشعه محبة الترف و الغنى اه لو تدري يا آسر ي كم تخيلت اني سندريلا

يأتيني أميري وينقذي ويشتري لي ما أحب من دمى وثياب وحضن دافئ

فما كانت أمنياتي إلا سراب



* وسلمت الأنامل *



*~~***~~*




كان حلما غريبا كنت فيه طفلة ولأول مرة ورأيت فيه ذاك

الفتى الغريب عني سابقا لكن بصورة أوضح ولأول مرة يزور

حلمي باسمه المبهم الذي كنت لا أذكره ولأول مرة أرى نفسي

معه دُرر الطفلة , كان جالسا بي في أرجوحة تطير بنا في

السماء بدون خيوط وأنا متمسكة به بشدة أضحك ثارة وأخاف

ثارة أخرى ولا شيء على لساني سوا ( لا تتركني ) كنت خائفة

من أن نقع من هذا الارتفاع الذي لا أعلم مداه وكان هوا مبتسما

وسعيدا ولم يخف مثلي , ضمني لحضنه ولم أعد خائفة وبدأت

بالضحك ونحن نظير ونطير وبعد وقت طويل تحولت الصورة

لغرفة مغلقة جدرانها توشك على الوقوع ولازلت في حضن الفتى

الذي تحولت ملامحه للحزن والألم من ماذا لا أعرف وكانت ثمة

يد تسحبني منه بقوة وأنا أتمسك به بكل قوتي وأبكي ولازال

على لساني ذات العبارة أكررها ( لا تتركني )

كنت في ذاك الحلم طفلة تبكي بكاء كبار ليس صراخ أطفال بل

بكاء موجع يخرج من القلب والروح قبل الحنجرة ولازال ذاك

الفتى يحضنني وتلك اليد تضربه وتسحبني من حضنه حتى

استيقظت على شهقة خرجت مني ليس سببها بكائي المُتعِب بل

ما وجدت نفسي فيه وعليه , كنت أنظر للنائم معي وصدري يعلوا

وينزل بقوة من شدة تنفسي , أبعدت يدي الممسكة لقميصه بسرعة

وضممتها لصدري ومسحت بالأخرى الدموع التي بللت وجهي وكانت

تبلل قميصه أكثر من خداي , نظرت من حولي وكنت في غرفته

هل كنت نائمة أم ميتة !! كيف جئت هنا ولا أعلم بنفسي ؟ بل يا حمقاء

يا دُرر كل ذاك الحلم كنتِ تطبقينه هنا واقعا عليه كالحالة التي وجدت

فيها نفسك حين استيقظتِ أي متمسكة بقميصه بقوة وتبكي على صدره

ولا أستبعد أن أكون قلت له تلك العبارة التي كنت أرددها في الحلم

حالما فكرت في مغادرة السرير وقبل أن أنفذ ذلك أمسكت يده بذراعي

وشدني لحظنه بقوة وعيناه ما تزالان مغمضتان ويبدوا أنه مستيقظا

وأنا ظننته نائم , حاولت التمنع عن دفعه لي فشَلّت حركتي الكلمات

التي خرجت من بين أسنانه قائلا " دُره يا حبك للعناد والتمرد "

فاستسلمت لواقعي المرير وأعادني كما كنت وجهي مدفون في

صدره أشعر ببلل دموعي على قميصه الذي أشبعته بهم ووصلني

صوته الجهوري هادئا " قبل قليل كنتِ متشبثة بي بقوة ما

تغير الآن "

عضضت شفتي لا أعلم غيظا منه أو خجلا من تصرفي فها

هوا يذكرني بما فعلت ولن يفوّتها طبعا , شددت نفسا قويا تحول

لسعال بسبب عطره القوي الذي اندفع معه لرئتي وقلت ببحة

" كنت نائمة ولا أعي شيئا هل ستحاسبني على ما في النوم "

شعرت بيده ترسم مسارها على ضلوع ظهري فارتجفت بقوة

وهوا يزيد من احتضاني وقال بهمس " وماذا في هذا النوم

جعلك هكذا ؟؟ ما الذي كنتِ تحلمين به "

لذت بالصمت ولم أعرف ما أقول وحاولت إدخال يدي لتصل

لوجهي لكنه شدها وأبعدها فقلت ببعض الضيق " أتركني

أمسح أنفي أواس لأنه يضايقني "

لم يكترث لي بل زاد من حضنه القوي وشعرت بحرارة تنفسه

على أذني هامسا " صدري يفي بالغرض كما كان طوال

الساعات الماضية فلم يتغير شيء باستيقاظك "

شعرت بالدماء ستنفجر من وجهي من الخجل وحمدت الله أن

وجهي مخبئ عنه وإن كان في حضنه , ما به هذا وكأنه مخدر

اليوم فهل سيبقى يوم أمس في التاريخ أذكره دائما لأنه سيعي لنفسه

ويرجع لقسوته ولن يعيده مجددا ؟ أم أنه غيّر مخططه بمخطط جديد

وسأدفع أنا الثمن طبعا , ساد الصمت المكان لوقت وكأننا نتشارك

فيه ثم أرخى من حضنه لي ورفع وجهي له وأنا أُنزل نظري معه

كي لا يلتقي بعينيه فاستقر مع توقفه على شفتيه فشتته سريعا على

صوته قائلا " لم تجيبي ماذا رأيتِ في نومك "

قلت ونظري لم يجد له مرسى سوى صدره

" رأيت أحدهم فلا أحد يحلم بالفراغ "

شدّ بأصابعه على ذقني بقوة تتزايد تدريجيا وقال من بين

أسنانه " ومن يكون هذا ؟؟ سأقتله إن لم يكن أنا يا دُره من

سيطر على نومك "

رفعت نظري مصدوما ليعلق بعينيه التي هربت منهما فقال

متنقلا بنظره بينهما " من يكون قولي "

أرخيت نظري مجددا وقلت " لا أحد يتحكم بحلمه والجميع

يرى من يعرفه ولا يعرفه "

شد من يده ناحيته وقرب وجهي له أكثر ليصبح في حدود تنفسه

الذي أصبح يلفح قسماته بشدة وقال بحزم " بلى توجد أحلام لا

تكون إلا لمن يسيطر على أغلبها وحلمك البارحة لم يكن

عابرا فمن سيطر عليه "

رفعت نظري به مجددا فلن ألعب معه لعبة أعرف نهايتها جيدا

ستقع على رأسي بسبب غضبه لكنت قلت شخص أعرفه ولا

تعرفه أنت لينزل قليلا من غروره وغطرسته , قلت بهدوء

" فتى كنت أراه ولا أعلم ما يربطني به لكني الآن علمت "

لترتسم على شفتيه ابتسامة صغيرة مجهولة الهوية لم أستطع فهم

إن كانت ساخرة أم عابثة أو مستغربة أو غير مصدقة لما أقول

ولن تكون ابتسامة رضا بالتأكيد , خفف حينها من شده لذقني

وقال محركا لإبهامه عليه برفق ونظره على ما يفعل " مشكله

شدة البياض يا دُره لأنه لا يخفي القسوة أبدا "

تنقلت بنظري في ملامح وجهه القريب مني وقلت " وحين تظهر

في البشرة السمراء يعني أنها فاقت القسوة للتعذيب أليس كذلك "

رفع حينها نظره لي بسرعة فقد فهم من أعني وقال بجمود

" تلك تستحق "

ثم أفلت ذقني ووضع أصبعه على شفتيه وقال قبل أن أتحدث

" أشششش ولا كلمة أخرى ولا تتحدثي في أمرها فلن

يعجبك ردي أبدا "

لذت بالصمت ولم أتحدث فأنزل يده وأمسك بها يدي ورفعها

ووضعها على صدره وقال " أصبت في مقاسك فأتمنى أن يعجبك "

نظرت حينها سريعا حيث وضعها وينظر لأفاجئ بخاتم الزواج

الموجود في بنصرها , كان من الذهب الأبيض ومرصع بفصوص

كثيرة تغطيه ولن تكون زجاجا ولا كريستالا بالتأكيد هذه أقوى وتكاد

تقاسيمها لا ترى من شدة انعكاس النور عليها ولا شك أنها من ماس

رفعت نظري لوجهه في صمت فكان ينظر لي وكأنه يقرأ ردة فعلي

وطالت نظرات الصمت بيننا حتى قبّل جبيني وقال وشفتاه لازالت

تلامسه " هذه بعض من أحلام لم أحققها لك "

ثم عاد بنظره لوجهي ووضع أنفه على أنفي وأنا لازلت أنظر له

باستغراب من كلامه وقال بهمس " هل تذكرين ذلك يا دُره "

بلعت ريقي فهذا الموضوع نهايته دائما معروفة فسيغضب بالتأكيد

فقد بتُّ أتعامل مع شيء يشبه البارود لا أفكر إلا فيما قد يشعله

لأتجنبه , قلت بهدوء ولم يعد لدي مهرب من عينيه " هل تذكر

أنت شيئا حين كنت في الخامسة وأقل "

ابتسم حينها ابتسامة صغيرة أراحتني فها هوا لأول مرة لا يغضب

من عدم تذكري للماضي فيعني أن الذكرى لم تكن سيئة , أرخيت

نظري ولم أستطع إنزال وجهي لأنه سيلتصق بوجهه أكثر فقال

هامسا " أنظري لعيناي يا دُره لأخبرك "

فرفعت نظري لهما مجددا وقال وتلك الابتسامة لازالت ترتسم

على وجهه " هل نسيتِ حين سألتني إن كنتِ في المستقبل

ستلبسين فستانا وخاتم زواج كتلك العروس "

علِق نظري على حدقتيه السوداء وقلت بهمس " لا "

شعرت بيده تتخلل في شعري وقال " أردتِ حين تكبري أن

يكون لك مثلها وأن يلبسك عريسك مثلها ويقبلك على جبينك "

شد بعدها وجهي بيده وقبّل شفتي قبلة صغيرة ثم قبّل ذقني وقال

" لكن اسم العريس وشكله لم يكونا يعجبانك وأردتِ تغييرهما

هل تذكرين ذلك ؟؟ "

كنت أتنفس بقوة ولم يعد بمقدوري لا التذكر ولا الكلام فهذا الرجل

يملك من طفولتي ما لا أملكه أنا ويملك الآن من زمام الأمور ما

يبعثرني به فخجل الأنثى له حدوده التي ينفجر عندها , قبّل

شفتاي مجددا وقال " لازلتِ لا تذكرين ؟؟ "

هززت رأسي بلا محاولة الابتعاد عنه ولو قليلا لكني فشلت

فأرخى يده قليلا وركز نظره على عيناي وقال بهمس

" كنتِ تريدينه يشبهني واسمه كاسمي "

كانت تلك القشة التي قصمت ظهري والخيط الذي يمسكني وانقطع

فدسست وجهي في الوسادة تحتي وبكيت , بكيت ولا أعرف ماذا

بالتحديد لكن أكثر ما أعرفه أني حزنت على الشيء الذي فعلته ولا

أذكره وهوا ضربي له كما يقول فيبدوا أني كنت متعلقة به كثيرا

فكيف فعلتها ولما وما موقع جدي من كل هذا أم أن والده السبب ولن

أستطيع السؤال طبعا لأن النتيجة ستكون كسابقاتها , لف وجهي له

ودسه في حضنه وقال " لا تجعلني أتخلص من جميع وسائد المنزل "

شدني لصدره بقوة وعاد ذات المشهد السابق قميصه منديلي وصدره

مسكن لشهقاتي وعاد شعوري ذاك بالحضن الذي لم أعرفه حياتي ولم

أجده , حضن أتمنى أن يكون فيه هذا الأمان الذي شعرت به الآن , أن

يكون ملجئي حين أحتاج من يحميني لكنه لازال مبهما وغامضا ولا

أعرف مكاني ومكانتي فيه , أبعد وجهي وقال " يكفي دُره ما

الذي يبكيك فيما قلت "

رفعت يدي ومسحت بظهر كفها عيناي فأبعدها وقال وهوا يمسحهم

" لم أحقق لك كل ما أردته وقتها لا حفل ولا فستان زواج رغم مقدرتي

والخاتم ما قدرت عليه أما الزوج فتكفل به نصيبك وما كتبه الله لك

لأني حينها قلت لك أن تنسي الفكرة لكنه تحقق فعلا فاتركيني أيضا

أحقق ما تمنيت حينها "

رفعت نظري له مستغربة وقلت ببحة " وماذا يكون ؟؟ "

وزع حينها قبلاته على وجهي وقال من بينها

" هذا يا دُره كل هذا "





*~~***~~*






ليلة البارحة وجدت عشائي جاهزا وهي غير موجودة حتى دخلت

الغرفة وخرجت وسمعت صوتها في المطبخ واليوم طرقت عليا

باب الغرفة لأستيقظ ولم أجدها أيضا وفطوري على الطاولة وكل

ما جلبته بالأمس ما يزال في الثلاجة لم تلمس منه شيئا فيبدوا أنها

تتعمد أن لا تأكل وسيغمى عليها مجددا , وقفت عند باب الغرفة

وطرقته وكررت وألححت حتى فتحته فقلت

" تعالي تناولي الفطور معي "

نظرت للأرض وقالت " لا رغبة لي "

تنفست بقوة مهدئا نفسي وقلت " سراب لننهي هذه المسألة

فستجدين نفسك في المستشفى مجددا "

اختبأت عني بالباب وقالت " حين أجد رغبة في الأكل سآكل "

كانت تمسك عبرتها من الخروج من تغير صوتها الواضح لي

فدخلت وأغلقت الباب وأصبحت واقفا أمامها وهي تمسح دموعها

فوضعت يداي وسط جسدي وقلت " وما الذي يبكيك الآن "

أولتني ظهرها وقالت " لا شيء أريد أن أبقى وحدي "

غريب أمرها متى أصبحت بَكّائه هكذا أعرفها لا شيء لديها

سوا طول اللسان وحتى إن أهنتها لا تكترث ! قلت بجدية

" لن أخرج إلا وأنتي معي وستأكلين أيضا "

قالت بضيق " قلت لا أريد لا أريد "

فتحت حينها الباب وقلت مغادرا " نامي إذا الحق علي "

جلست عل الطاولة وتناولت فطوري ثم وقفت ووضعت الأواني

في المطبخ وغسلتها وخرجت فكانت الغرفة ما تزال مغلقة

فهززت رأسي بيأس وغادرت المنزل








*~~***~~*








جلست ولازلت أشعر بألم في رأسي سيفجره وكأني لم آخذ كل

تلك الحبوب , كله بسببه ذاك الشبيه بالشرطي لقد أفار لي دماء

رأسي , نظرت حولي فكنت نائمة في مكاني رغم أني نمت البارحة

في مكانه كي لا يزعجني لكن كيف وعطره خنقني منذ استيقظت ؟

نظرت خلفي فكانت وسادته في جهتي ووسادتي في جهته فرميت

اللحاف عني وغادرت السرير أتأفف , ما يريده هذا الرجل بالتحديد

ينقلني من مكانه لمكاني وأنا نائمة ويغير الوسائد وطبعا بسبب كل

تلك الحبوب التي تناولتها كنت لا أعي شيء حتى إن خلع لي ملابسي

وأعادها , انفتحت عيناي من الصدمة ونظرت من فوري لبيجامتي

فكنت لازلت ألبسها لم تتغير , نظرت بعدها لأزرارها لأفاجئ بها

جميعها خاطئة وأنا لبستها صحيحة ومتأكدة من ذلك , ازداد الألم

في رأسي من مجرد هذه الفكرة , فما الذي فعله ذاك الوغد وهوا

من وضع حدا معينا واتفاقا بيننا أم يتعمد فعلها فقط ليغيظني فغير

الأزرار , رفعت يداي وفتحتهم من الأعلى بسرعة وشهقت بقوة

للآثار التي وجدتها وشعرت بأنه سيغمى علي فانهرت جالسه على

السرير وشددت البيجامة على صدري , الوقح استغل الوضع ويعلم

جيدا أني سأرى كل هذا , وأنا الغبية هل كان عليا تناول كل تلك

الحبوب حتى حولتني لشبه ميتة , شددت بعدها شعري بغيض وفكرة

واحدة تدور في رأسي ( ما فعل غير هذا وأين وصل ) وقفت ودخلت

الحمام وفتشت جسدي وكأني جالسة تحت مجهر واستحممت وخرجت

لبست فستانا طويلا بكمان قصيران منساب على جسدي باستقامة

وتركت شعري مفتوحا وخرجت من الغرفة ونزلت للأسفل وتوجهت

حيث عمتي تجلس وتشرب القهوة وقفت أمامها وقلت

" أين إياس ؟؟ "

رفعت نظرها بي وقالت مبتسمة " ولما لا يقولون لعمتهم صباح

الخير أولا , وتعالي اشربي معي قهوة الصباح "

نظرت حولي وقلت " لا رغبة لي عمتي شكرا , أين ابنك "

قالت ضاحكة " المزاج اليوم يبدوا سيئا عكس زوجك

الذي خرج من الباب يغني "

ابتسمت لها مجبرة كي لا تلاحظ شيئا وغادرت من عندها , نعم

يغني ومبسوط بنفسه كثيرا لأنه يعلم أنه سيغيظني على الصباح

شعرت بشيء أعاق خطواتي فالتفت برأسي للخلف أنظر لساقاي

فكانت ندى تحضنهما وقالت بسعادة " جمااان "

حركت ساقي وقلت بضيق " ابتعدي عني لست في مزاج

لك اليوم بسبب خالك المصون "

تركت ساقاي وفتحت كيسا كان في يدها وأخرجت منه قطعة

حلوى ومدتها لي وقالت مبتسمة " خدي "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ومن أين كل هذا الكرم

الحاتمي فجئه "

أعادتها حينها للكيس وغادرت تقفز وما أسرع ما غيرت رأيها

خرجت للحديقة الخلفية حيث رأيت سدين من بعيد جالسة هناك

على البساط وفي يدها ورقة وقلم , وصلت عندها فنظرت لي

للأعلى وقالت " تعالي اجلسي بجانبي نرى ما سأحتاج أيضا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " كله عقد قران صغير

وصدعتِ لنا رؤوسنا به "

رمت يدها متجاهلة لي وعادت لورقتها قائلة " ماذا بنا اليوم

متضايقين لابد وأنك نمتِ في مكانك وعلى وسادتك

لذلك مزاجك تعكر "

قلت من بين أسناني " سدين لست في مزاج لك "

نظرت لي مجددا وقالت " ومن أجبرك على المجيء لي

مادمتِ لستِ في مزاج لي "

ثم هفت بالورقة على وجهها وقالت مبتسمة " لو كنت مكانك

فعل لي ذلك لما توقفت عن قولها في كل مجلس "

قلت بسخرية " أعانك الله على عقلك وأعان ذاك المسكين

الذي سيتزوجك عليك "

طوت الورقة لأربع وقالت مشيرة بها لي " لعلمك فقط يا ترجمان

الرجل لا يحاول لفت نظر المرأة بحركاته الغير مسبوقة ومعتادة

إلا من أجل .... "

قاطعتها بضيق " يكفي رأسي يؤلمني بلا ثرثرتك فاحتفظِ

بأفكارك لنفسك "

وقفت وقالت مغادرة " أنتي من أعان الله شقيقي عليك "

توجهت نحوها مسرعة قبل أن تبتعد وأمسكت بظهر قميصها

حتى أوقفتها وقلت " ما تعني بما قلته "

ابتعدت عني بقوة والتفتت لي ووضعت يدها التي فيها الورقة

وسط جسدها وقالت " أعني أنه يا ابنة خالي يا زوجة شقيقي

يا ترجمان حافظي على طيرك قبل أن يرفرف على عش غيرك "

نظرت لها باستخفاف فقالت مغادرة من جديد " طيرك تتصيده

جميع المصائد فإن كان لا يعنيك ولا يعجبك فهوا

حلم لكثيرات غيرك "

وابتعدت جهة باب المنزل فابتسمت بسخرية متجاهلة كل ما

قالت ودخلت أيضا فحسابي مع شقيقك عسير ولينم في

حضنهن وأعشاشهن كما يريد ويتركني وشأني









*~~***~~*







استيقظت على صوت هاتفي وجلست نصف جلوس مستندا

بمرفقي ثم نظرت للنائمة بجنبي وغطيت ما انكشف من جسدها

ومددت يدي للهاتف حتى وصلت له وأجبت عليه وكان رقم المستشفى

وقال من في الطرف الآخر مباشرة " مرحبا سيد أواس نريد أن

نعلمك أن زوجتك مختفية من أكثر من ساعة ولم نجدها "

قلت حينها بحدة " وأين من كان يحرس غرفتها ؟

أليس ثمة شرطي هناك "

قال ببرود " يمكنك أن تأتي وتسأله بنفسك "

وقفت حينها ورميت الهاتف بعيدا ودخلت الحمام استحممت

وخرجت بالمنشفة فكانت دُرر جالسة تمسك اللحاف على

جسدها ثم غادرت ملتحفة به ورأسها أرضا حتى دخلت الحمام

فتوجهت للخزانة أخرجت ثيابا ولبستها على عجل ثم خرجت

والهاتف على أذني أبحث عن سبيل لإيجادها , كيف هربت وأين

وبمساعدة من ؟؟ تلك القمامة النجسة لابد وأنه أحد شركائها في

فجورها واتفقت معه , لكن كيف ولا هاتف لديها !!

وصلت المستشفى ودخلت وكان الشرطي الذي يحرسها في

انتظاري فتوجهت نحوه وأمسكت بقميص بذلته وهززته

وقلت " أين ذهبت وأنت نائم عنها تكلم "

قال بصوت ضعيف " وجد ـــناها لقد وجدناها سيدي "

تركت قميصه وقلت " أين وكيف "

مسح على رقبته وقال " كانت في قسم الأشعة مع إحدى

الممرضات ولا نعلم "

قلت بضيق " وما نفعك أنت كيف لا تسأل من خرجت

بها وأين أخذتها وماذا ستفعلان "

قال بهدوء " كنت في الحمام سيدي ولا علم لي أن

اليوم لديها شيء لكنت رافقتهم ككل مرة "

انتابني الشك من كل هذا فكما قال هوا على علم بتحركاتها

من طبيبها ويكون معها دائما فلما تخرج برفقة الممرضة وقت

دخوله الحمام تحديدا ومن دون طلب من الطبيب ؟ هذا إن لم

يكن يكذب لينجوا بفعلته , توجهت للاستعلامات وقلت

" أين الدكتور خالد هل هوا مناوب اليوم "

قال من فوره " لا سيدي هل ثمة أمر ضروري نتحدث معه "

قلت مغادرا " لا شكرا "

وقفت جانبا واتصلت به وكما قال الشرطي جميع تحركاتها

يُعلمونه بها ليكون معها لأنها مراقبة قانونيا حتى تنتهي قضيتها

صعدت للأعلى وهوا يتبعني حتى وصلت غرفتها ووقفت عند

الباب ونظرت له وقلت " عد لعملك وسأضع معك غيرك

إلا إن كنتما ستدخلان الحمام معا "

ثم فتحت باب الغرفة ودخلت فكانت جالسة على السرير

فأغلقت الباب ونظرها معلق بي وقلت متوجها نحوها

" أرى وجهك أعاد شكله "

قالت بسخرية " نعم فقد رحموه هنا منك "

وقفت أمامها ووضعت يداي في جيوبي وقلت

" أين كنتِ لساعة كاملة "

أشاحت بوجهها عني وقالت ببرود " أعتقد أخبروك أين كنت "

قلت ببرود مماثل " ولما لم تأخذا الحارس معكما وذهبتما

وقت تواجده في الحمام "

كتفت يداها لصدرها وقالت " أعتقد أني لازلت هنا ولم أهرب

ويمكنك زيارة القسم بنفسك وستعلم أني كنت فيه "

توجهت نحوها وأمسكت شعرها وشددته للخلف بقوة حتى

ارتفع رأسها وأصبح وجهها مقابلا لي وقلت من بين أسناني

" جربي فقط أن تخرجي من هنا وسأريك أواس لم تعرفيه بعد "

قالت ساخرة رغم تألم ملامحها " وما الذي لم أراه لتريني إياه "

شددتها أكثر وقلت " ستخرجين من هنا غدا و إن لم تغيري

أقوالك سأفعل ما تعلميه جيدا "

قالت بتألم " أنا قلت الحقيقة وغيرها ليس لدي "

ضربت لها رأسها أماما بقوة وقلت " تحملي النتائج

إذا إن كذبتِ في حرف "

رفعت ما تناثر من شعرها على وجهها وقالت " ولما لا تكون

هي الكاذبة ؟ لما لا يكون الصدق ما حكيته "

قلت بسخرية " لن أصدق أن دُرر تفعلها لن تقنعيني بها "

نظرت لي وقال بضيق " نعم لا تصدق فيها شيئا سلبت لك

عقلك يا زوجي قبلها "

كتفت يداي لصدري وقلت " وهل تريدي أن أصدقك

أنتي وأكذّبها هي "

جمعت شعرها جانبا بقوة وقالت " اعدل بيننا أمام نفسك على

الأقل وصدقني مثلها "

قلت بسخرية " أقنعيني كيف لمن تحفظ كتاب الله وتخافه في

حدوده وواجباتها حيال زوجها أن تحاول قتلك وأن تكذب

وتَصدقي أنتي النجسة التي لا تعرفين حتى الصلاة "

قالت بسخرية مماثلة " غبية ولن تجد لديك شيئا يستحق حتى

أن تحترمك فعاملها هي كإنسانة وليس كما كنت تعاملني وأرني

كيف تنام معها كامرأة وليس حيوانا تطفي فيه شهوتك "

صفعتها على وجهها بقوة حتى لف للجانب الآخر وقلت بغضب

" لسانك يلزمه قص ولن يكون إلا على يدي "

نظرت لعيناي تحضن خدها بكفها وقالت بثبات " بل نهايتك إن

لم تكن على يدها ستكون على يدي يا أواس "

قبضت على يداي بقوة أمنعهما من الانهيال عليها ضربا هنا فهي

تستفزني وهذا غرضها , فخرجت وتركتها وستغير أقوالها أعرفها

جيدا الجبانة الحثالة مثلما لم تخبرهم في التقرير الطبي أني من

ضربها وسبب ما في وجهها وجسدها ستقول غدا ما أريد أو

سأكون عند تهديدي وأقسم أن أفضحها أمام خلق الله جميعهم







*~~***~~*








خرجت من الحمام أسير في الغرفة متعثرة في اللحاف الذي

خرجت به مبلل مثلي ولم أخرج بالمنشفة مخافة أن أجده هنا

وصلت الخزانة وفتحتها وفتشت في الثياب التي اشتراها لي

وأخرجت القميص الحريري الطويل ورميت ذاك اللحاف عني

ولبسته وربطته على جسدي , كان سميكا بعض الشيء ويفي

بالغرض حتى أصل الغرفة في الأسفل , نظرت خلفي لفوضى

ثيابنا ومنشفته ثم خرجت من الغرفة ونزلت السلالم مسرعة

لأصل هناك سريعا ففوجئت بعمته تجلس تحتسي القهوة في

الأسفل ورفعت نظرها بي من فورها وابتسمت لي فها قد وقع

المحظور وياله من مشهد , نازلة من غرفته وبقميص لا يفترض

الخروج به وشعري ما يزال مبللا , نزلت باقي العتبات ببطء

ونظري للأسفل حتى وصلت وقلت " صباح الخير "

قالت مبتسمة " صباح النور هيا ألبسي ثيابك وتعالي

تناولي الفطور معي "

دسست خصلاتي المبللة خلف أذني أخفي توتري وخجلي

وسرت من أمامها قائلة " سأصلي وأقرأ في مصحفي لا تنتظريني "

ثم اختفيت عنها في الممرر ألعن حظي وابن شقيقها الذي وضعني

في هذا الموقف وكأنه ينقصني إحراج , فتحت باب الغرفة لأفاجئ

بإحدى الخادمات تجمع أغراضي منها فقلت بصدمة

" ماذا تفعلين !! "

التفتت لي وقالت " السيدة خديجة قالت أن أنقلها للأعلى "

توجهت نحوها وأخذت ما في يدها وقلت " اتركي هذه

واصعدي لغرفة أواس ونظفيها "

قالت مغادرة " حسنا "

وغادرت وأغلقت الباب فتوجهت للخزانة أتنفس بضيق , صدّقت

تلك المرأة أننا أصبحنا زوجين فعلا ولا تعلم أني مجرد محطة

بالنسبة له لا يريد منها ولا حتى أبناء بل يجمع ما تبعثر من

طفولته وحلم به وسيرمي بي كزوجته تلك

أخرجت أحد البيجامات التي استوليت عليها من ملابس صاحبة

الغرفة ولبستها وأستغرب كيف تلبس هكذا ملابس في بيت فيه

رجل ليس محرم لها ! لبست لباس الصلاة وأدخلت يداي فيه ليقع

نظري على الخاتم الماسي وتذكرت كل ما قاله , كم كنت طفلة

طويلة لسان ووقحة كيف أقول له أني أريد زوجا يشبهه واسمه

كاسمه ! افهمها يعني أريدك أنت زوجي , يا لا وقاحتي هذا وأنا

في الخامسة أو أقلّ ماذا إن كنت ابنة العشر سنين ! هززت رأسي

أنثر منه تلك الأفكار وطرحت سجادتي وكبرت لأصلي الضحى

وبعدما انتهيت طويتها وأعدتها مكانها ونزعت لباس الصلاة

وجلست عند مرآة التزيين لأجفف شعري سريعا بما أنه ليس

طويل كثيرا ومتوسط الكثافة , جففته ووضعت المجفف مكانه

رغم أنه أخذني للسوق إلا أني لازلت أستخدم حاجياتها فلم

يشتري لي شيئا ذا نفع أبدا فحتى لباس الصلاة يخصها هي

أخذت المصحف وجلست على السرير أراجع حفظي وأثبته

بما أني متوقفة عن الحفظ منذ أتيت هنا , رأيت أشرطتي في

غرفته في الأعلى لكن لا يمكنني جلبها هنا فهي بدون مسجل

الصوت الصغير الخاص بي ويبدوا لم يحظره لأنه توجد هناك

منظومة صوت كبيرة مع سماعات أذن وسيكون عليا الصعود

لها لأستخدمهم , قضيت وقتا طويلا وراجعت كل حفظي وكأني

أهرب من كل شيء وأولها أفكاري فقد بقيت سجينة هذه الغرفة

لساعات أقرأ فقط إما جالسة أو أجوب الغرفة أو مضجعة على

السرير حتى تأكدت من كل ما كنت أحفظه وراجعت جميع الأجزاء

التي أحفظها وصليت الظهر وجلست عند النافذة متكئه عليها أنظر

للحديقة بشرود , ترى متى ستأتيان لزيارتي فكم اشتقت لهما وحتى

لشجاراتهما الدائمة , سبحان الله كيف اجتمعنا بسبب جنون تلك

العجوز وعشنا معا سنين حياتنا فمن كان يصدق أننا سنعيش معا

عشرون عاما في منزل واحد وكل واحدة منا من عائلة بعيدة عن

الأخرى !! ترى ما حدث معكما يا شقيقتاي وكيف تعيشان أتمنى

أن يكون حالكما أفضل مني ووجدتما ما تتمنيانه

وسافر بي الوقت جالسة مكاني أسترجع ذكرياتنا معا أبتسم ثارة

عند تذكر مواقفنا المضحكة وأسمح الدمعة التي تتسرب من عيني

ثارة أخرى حين أذكر الحزن والمواقف الصعبة حتى طرق أحدهم

الباب فوقفت مسرعة ولبست القميص الحريري فوق ثيابي لتخفي

كماه آثار الجروح في معصماي ثم قلت " تفضل "

انفتح الباب وكانت الخادمة وقالت من فورها " السيد أواس

والسيدة خديجة ينتظرانك على الغداء "

قلت باستغراب " أواس هنا !! "

هزت رأسها بنعم فقلت بشبه همس " قادمة "

فغادرتْ من فورها ونزعتُ أنا القميص وبدأت بلبس قطعة

القماش الخاصة بالمعصم والساعة مستغربة قدومه للغداء اليوم

فهوا في العادة لا يأتي إلا يوم عمله ويأتي متأخرا مقربة العصر

ومن الطبيعي أن من له تلك التجارة ومعرضا كبيرا أن يتناول طعامه

هناك لكنه اليوم يبدوا كسر تلك القاعدة , رفعت شعري للأعلى وجمعته

بمشبك شعر وحاولت إنزال بنطلون البيجامة قليلا ليصل لنصف الساق

على الأقل فيكفي ذراعاي العاريان ثم خرجت ليصعد البنطلون كما كان

مع خطواتي فتنهدت بضيق وتابعت سيري حتى وصلت طاولة

الطعام وقلت بشبه همس ونظري للأرض " السلام عليكم "

فأجابا معا وسحبت الكرسي بجانب عمته وكنت سأجلس

فقالت " أجلسي بجانب زوجك يا دُرر "

فتركت الكرسي ولففت حول الطاولة وتوجهت نحوه وجلست

بجانبه وهوا يتناول الطعام في صمت ونظره عليه فرفعت الملعقة

وبدأت الأكل أيضا وفي صمت حتى رفعت نظري لعمته فكانت

تنظر للساعة في يدي والخاتم مبتسمة لا أعلم سعيدة بهذا أم تضحك

على لبسي لها في غير وقتها ولا مكانها ؟ نظرتْ بعدها لأواس

وقالت " غدا ستخرج وجد من المستشفى ؟ "

أنزلت الملعقة بنزول يدي ووضعتها في الصحن ولا أعلم

لما خارت قواي وقال هوا " نعم "

قالت من فورها " إن كان لي لديك رجاء لا تسجنها وتضربها

يا أواس يكفي أنها لا تخرج من المنزل فحررها من سجنك

لها في الجناح "

قال ببرود وهوا يتابع طعامه " ذلك حسب "

قالت باستغراب " حسب ماذا ؟؟ "

ولم يجبها طبعا فقالت بهدوء " أواس أنت رجل مصلي تعرف

حدود الله فاعدل بين زوجتيك بني "

قال من فوره " لا "

فأنزلتُ نظري لصحني ورأسي للأسفل ووضع هوا ملعقته وقال

" سأآخذك لمنزل والدي فأبنتك طلبت رؤيتك "

قالت من فورها " ولما لا تأتي هي هنا فلن أتمكن من رؤيتها

لوقت طويل هناك كعادتنا "

وقف وقال " أعتقد انتهى حديثنا في هذا من مدة يا عمتي "

رفعت نظري لها فكانت تنظر له وقالت " ما تزال صغيرة فلا

تأخذ على كل تصرفاتها يا أواس وسأتحدث معها بنفسي "

قال مغادرا " لا أعرف واحدة ستدخل الجامعة يقولون عنها صغيرة "

وغادر على نظراتها الحزينة تتابعه بعينان ممتلئة بالدموع فوقفت

من فوري وتبعته حتى ابتعدنا عن هناك وإن كانت ترانا من

الزجاج الفاصل وقلت ما أن وصلت عنده " أواس انتظر "

وقف والتفت لي فنظرت لعينيه وقلت " عمتك تبقى أُم لا

تحزنها وهي تحبك أكثر من نفسها فاترك ابنتها تأتي "

هز رأسه بلا دون كلام وكان سيغادر فأمسكت ذراعه وقلت

" أرجوك يا أواس , نبه الفتاة إن كرهت منها تصرفا لكن لا

تحرق قلب والدتها بحرمانها منها ولا تكن أنت أيضا عليها "

غادر دون أن يعلق على كلامي وقال وهوا يبتعد " لا أريد

أن أرجع وأجدك كالآن في غير غرفتي "

تنهدت بضيق أراقبه يبتعد حتى وصل الباب وخرج , نحن

في ماذا وأنت في ماذا ؟ عدت جهة طاولة الطعام وجلست

مكاني فقالت عمته " لا تسببي لنفسك مشاكل معه بسببنا

فلن يغير رأيه ابن شقيقي وأعرفه جيدا "

قلت بضيق " لا يحق له منع ابنتك عنك وأنتي لا يمكنك

رؤيتها إلا هنا "

تنهدت ونظرت لصحنها وقالت وهي تحرك ملعقتها فيه

" لن يرضى فلا تناقشيه وتغضبيه "

قلت بضيق أكبر " ولما يغضب ؟ من حقك رؤيتها كيفما تشائين "

وضعت الملعقة وقالت " لأنها المخطئة كيف تدخل غرفته وهوا

نائم والله أعلم ما الذي لم يقله بعد "

ثم وقفت وغادرت على نظراتي المصدومة مما قالت








*~~***~~*








قلّب في الأوراق كثيرا ثم نظر لنا وقال " جيد بما أن الطرف

الآخر ميت وهوا صاحب الأموال فقضيتك لن تأخذ وقتا عكس

أن يكون حيا ويوكل محاميا وتطول بكم الحبال وبما أن وريثته

زوجتك وأنت الموكل عنها فأمورك ستسير بيسر لم تتوقعه أبدا "

نظرت للمحامي أمامي ثم له وقلت بدهشة " يعني سيكون

في أقل من ثلاث أشهر "

أغلق الملف وقال " حسب معرفتي بالقضايا والمحاكم لن تأخذ

أكثر من جلسة واحدة غير جلسة النطق بالحكم "

ابتسمت برضا وحمدت الله فقال " وبما أن الأموال هوا من

استثمرها سيكون لوريثته نصيب لن تستطيع الطعن فيه "

قلت من فوري " لا يهم المهم ترجع لي أموال والدتي "

ليس من أجلي طبعا بل من أجل تلك العائلة التي وعدتها بالكثير

وينتظرون ما حلموا به لسنوات , قلت بجدية " وأمور تجارته

هل تنصحني بمحامي يديرها ؟ أريد أن أعلم كل ما سأفعله

ما أن أستلم أملاكه "

قال من فوره " ما يملكه مزرعة بها قطيع أبقار كبير وآخر للمعز

ومصنع متوسط الحجم يعمل بمنتجات تلك الحيوانات أي للألبان

ومشتقاتها وجبن وسمن وما إلى ذلك ومنتجه في السوق تحت اسم

( الراقي ) وهوا منتج معروف محليا ولديه أيضا حقل للشعير والقمح

ومصنع صغير نسبيا للدقيق ومعمل مخبوزات , أي مصانع ومواردها

منه فلن تحتاج لخبرة كبيرة , محامي يساعدك مبدئيا وتنتهي أمورك

على خير والباقي أموال في حسابه المصرفي وبعد حكم المحكمة

ستعلم حصتك وتديرها بسهولة "

وقفت ووقف المحامي معي وصافحته قائلا " شكرا لك

سيدي لن أنسى لك هذا أبدا "

وقف وهوا مصافحا لي وقال " لم أفعل شيئا يستحق والقاضي

الذي سيستلم قضيتك أعرفه جيدا وسأوصيه بك خيرا فأنت

صاحب مال مسروق والله لن ينساك "

شددت على يده وقلت " شكرا لك سيدي "

ثم غادرنا من عنده وتناقشنا في الطريق عن استلامه للأمور ما

أن أستلم ثروته ثم تركته عند مكتبه وغادرت وكان الوقت مقربة

المغرب فتوجهت للمسجد أولا صليت المغرب ثم عدت للمنزل

دخلت وأغلقت الباب وكانت في المطبخ فدخلت غرفتي ودسست

باقي الأوراق جيدا بما أنها لم تنتبه لها سابقا , لن آكل من أموالها

ونصيبها شيئا لكن لن تعلم بها حتى أقرر أنا , بعد وقت خرجت

من الغرفة ودخلت الحمام استحممت وخرجت فكان الطعام على

الطاولة وهي غير موجودة طبعا ويبدوا لازالت تصر على صيام

النهار بطوله فعند الظهيرة عدت ووجدت غدائي جاهزا وهي

في الغرفة ولم تأكل شيئا ولا أعلم ما الرسالة التي تريد إيصالها

لي بهذا ؟؟ أدخلت الطعام للمطبخ ووضعته في الثلاجة ثم توجهت

لغرفتها وطرقت الباب فلا حل أمامي غيره لتتناول الطعام







*~~***~~*









طرق الباب ودخل وقال " سيدي جلبت كل ما طلبته "

أشرت له بعصاي وقلت " تعال اقترب وأرني "

وصل عندي ومد لي بالأوراق وقال " غدا ستغادر المستشفى

في التقارير لم تذكر أن زوجها من ضربها وأنكرت أي

صلة له بالأمر رغم أنه لا متهم غيره "

ثم تقدم نحوي وأشار لإحدى الأوراق وقال " هناك بلاغ ضد

حفيدتك أنها من حاولت قتلها والقضية مرهونة بيوم غد فيبدوا

أنها ستغير أقوالها حسب معلوماتنا بطلب من زوجها

أواس لاستجوابها مجددا "

قلّبت الأوراق جيدا ثم نظرت له وقلت " بسرعة اتصل لي

بالسيد إسماعيل من وزارة الصحة فوحده من يمكنه تدبر هذا "

هز رأسه بحسنا وغادر من فوره , سنبدأ اللعب الحقيقي يا

ابن المعلول وستُرجع حفيدتي وستقتل أنت نفسك بنفسك







*~~***~~*









حل المساء وذاك طبعا لم يأتي فقد اتصل بوالدته صباحا وقال أنه

خارج العاصمة هوا وخطيب شقيقته ولن يرجع باكرا , استأذنت

منهم وتعذرت بألم رأسي وأني أريد أخذ الحبوب والنوم وحسابي

معك الليلة يا إياس , أخرجت أربع حبات من الشريط ورميتهم

في الحمام كي لا يكون لهم أي أثر ورميت الشريط على الطاولة

ونمت في السرير , سنرى إن تعمدت فعل ذلك البارحة أم لا يا

إياس وليلتك الليلة لن يكون لها صباح





الفصل الخامس والعشرون بعد قليل


برد المشاعر 23-01-16 02:50 AM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والعشرون)
 
الفصل الخامس والعشرون











سمعت طرقته على الباب فتنهدت ووقفت وفتحت له وأعلم ما

يريد سيطلب مني مجددا أن آكل معه , وقفت أمامه وأرخيت

نظري لا إراديا وعن نفسي لا أعلم لما أصبحت هكذا دمعتي

قريبة جدا ونظري أكره رفعه فيه , قال بهدوء ممزوج بالجدية

" جهزي نفسك سنذهب لمنزل عمي صابر ونتعشى معهم

فهم يصرون عليا من وقت "

التفتُّ وتوجهت لعباءتي ورفعتها دون كلام ولا اعتراض

ولبستها ورفعت قطعة القماش التي لازالت حجابي ولففتها

على رأسي وأنا أخرج مجتازة له وهوا يتبعني بنظره ثم سار

أمامي وفتح باب المنزل وخرج وخرجت بعده وأغلق الباب

وسار بجانبي هذه المرة ولم يركض هربا مني كالسابق وكان

الصمت ثالثنا حتى وصلنا وفتح الباب ودخل وأنا خلفه وحمحم

بصوت واضح ونادى إسراء فخرجت له راكضة لتتبعها الأخريات

الصغيرات وسلموا علينا واضطررت للنزول لهم لأن كل واحدة

تريد أن تحضنني وتقبل خدي رغم أنهم لا يعرفونني ولم يروني

سوا مرة واحدة إلا أنهم يعاملونني وكأني شخص منهم وكله حب

لآسر طبعا فهم ينادونه أخي قبل اسمه كشيء أساسي فلا تذكر أي

واحدة منهم اسمه إلا قائلة ( أخي آسر ) ويبدوا لأني زوجته صرت

عندهم بمكانته هوا لديهم , خرجتْ بعدها والدتهم قائلة بابتسامة

" وجدتم شخصا غير آسر تخنقوه بالأحضان والقُبل "

سويت حينها وقفتي مبتسمة ولم يعلق أي منا على كلامها ووصلت

عندنا وسلمت علينا ثم أدخلتنا لكن هذه المرة لغير الغرفة التي دخلتُ

لها سابقا حيث كان رجل يبدوا ناصف الستين أو قارب من السبعين

في العمر مفترشا الأرض مغطيا ساقيه بلحاف وثلاث من بناته يجلسن

حوله , سلم عليه آسر بأن قبل رأسه وسأله عن حاله ثم اقتربت أنا منه

وقبلت رأسه أيضا وقلت " كيف حالك يا عمي ومدك الله بالعافية

وأطال في عمرك "

قال مبتسما " وأطال في عمرك وأبقاك يا ابنتي ويوفقكما

وأسعدكما معا "

جلس آسر بجواره فجلست أنا عند الفتيات وخرجت والدتهم ومضى

بعض الوقت في السؤال عن الحال وأغلبه كان بين آسر والرجل ثم

الفتيات التي انظم لهن أللآتي خرجن لنا عند وصولنا وقال للتي

لازالت اللاصقة على عينها " هل مازالت تؤلمك "

هزت رأسها بلا وقالت " لم تعد كالسابق ونمت البارحة

ولم أستيقظ "

قال مبتسما " جيد سينزعونها لك قريبا إذا وعليك أن تلتزمي

بالعلاج وتحافظي عليها حسنا "

هزت رأسها بحسنا مبتسمة وقال والدها " لما لا تترك

علاجها للشهر القادم "

قال وهوا يسكب الشاي الموجود هنا من الإبريق في الكأس

" هذه عين والتعامل معها ليس لعبا ولن نؤجل من علاجها شيئا "

تنهد حينها وقال " ستستلف إذا وأعرفك لا تحب ذلك "

رشف رشفة من كوب الشاي وقال " لا تفكر في كل هذا

فقضية أموال والدتي باتت وشيكة "

قفزت إسراء حينها وقالت " هل سنذهب لمنزلنا الجديد الكبير قريبا "

نظر حينها ناحيتي من فوره فشغلت نظري بعيدا عنه قبل أن

يراني ووصلني صوته قائلا " نعم فالقاضي بنفسه أخبرني بذلك "

قالت إحداهن بسعادة " سنعيش هناك معا أليس كذلك "

قال آسر من فوره " أنتم نعم أنا لا "

رفعت نظري له كما الجميع فكان ينظر لي وأبعد نظره عني

لكوب الشاي في يده وقالت إسراء " وأين ستعيش ؟ "

قال بعدما رشف آخر ما في الكوب ووضعه مكانه " في منزلي

الحالي ومن أراد أن يذهب هناك ليذهب وحده أنا لن أغادر "

وكان الحديث موجها لي بالتأكيد ولن تفهمنه الصغيرات لكن والدهم

مؤكد فهم المغزى مثلي فكل مرة سآتيهم هنا سأتعرض للإحراج

وعليا أن أرضى وأسكت , نظرت لي إسراء وقالت

" أنتي ستأتي معنا أليس كذلك ؟؟ "

ابتسمت لها بحزن وهززت رأسي بلا فقالت بعبوس

" ولما لا تريدان كليكما العيش معنا "

قلت مبتسمة " إن كنتِ متزوجة ولك زوج هل تتركينه

وتعيشي في مكان آخر "

هزت رأسها بقوة وقالت " لا طبعا أسافر معه "

فضحك الجميع عليها فيما عدا آسر الذي لم أسمع صوت ضحكته

وقال والدها " كل هذا طمع تضنه سيسافر لتسافر معه هذه الجشعة "

ماتت حينها ابتسامتي وشعرت أن سيفا ضرب جسدي من كلمته ولا

شعوريا امتلأت عيناي بالدموع التي كنت أترجاها أن تجمد مكانها

ولا تنزل وأنزلت رأسي أرضا كي لا يلحظوا شيئا وقالت إحداهن

" والجشع كما قال أخي آسر يضعه الله في النار فويلك يا إسراء "

سقطت حينها دمعتي رغما عني على عباءتي ومسحت عيني سريعا

فقال آسر بهدوء " سراب أخبري عمتي في المطبخ أنك لا تحبين

البطاطا إلا نصف نضج فهي لا تعلم "

فوقفت من فوري وغادرت الغرفة ووقفت خارجها أمسح دموعي

فأنا آكل البطاطا كيفما كانت وهوا يعلم ذلك جيدا وأراد إخراجي

من الغرفة لأنه يبدوا لاحظ دموعي







*~~***~~*








بقيت سجينة السرير حتى عاد ولم يتأخر على ما يبدوا ومؤكد

أخبروه أني نمت مبكرا بسبب ألم رأسي , أغمضت عيناي

ومثلت الموت أكثر من النوم فأنا كنت البارعة في هذا ومن

صغري فكم خدعت تلك العجوز وشقيقها , سمعت باب الغرفة

انفتح وتتبعت صوت خطواته فيها وأول ما فعل أن لف جهتي

ورفع شريط الحبوب من الطاولة ثم رماه عليها ودخل بعدها

لغرفة الملابس وخرج ودخل الحمام , سترى نتائج تعمدك فعل

ذلك يا إياس وتريد مني اكتشافه وهذا الأكيد لكن الخوف أن يضن

أني استحليت الأمر وكررتها كي يفعلها مجددا , لا بأس في كل

الأحوال سيعرف حقيقة الأمر , بعد وقت طويل خرجت البيضة

المسلوقة فهوا إن استحم مات في الداخل , دسست شعري تحتي

بحركة سريعة وجمدت مكاني حتى شعرت بثقله على السرير

ورائحة الصابون وصلت أنفي وكأنه خرج به على جسده

بعد قليل قال " ترجمان هل أنتي مستيقظة "

وأنا طبعا ولا نفس جثة هامدة , شعرت به اتكئ ويبدوا على

مرفقه وقال بصوت فيه ابتسامة " لو فقط يبقى يؤلمك كل ليلة "

وشدني من ذراعي نحوه وأنا مات تنفسي من الصدمة حين قلبني

على ظهري وفسدت كل التمثلية التي أجدتها لسنوات حين شعرت

بشفتيه على عنقي فتوتر تنفسي بشكل كبير وانتفضت مبتعدة

عنه حين لامست أصابعه ياقة بيجامتي وقلت بحدة

" ماذا تفعل يا وقح "

سوىّ من جلسته ونظر لي بصمت بادئ الأمر ثم قال بسخرية

" أول مرة أسمع عن امرأة تقول لزوجها وقح في شيء من حقه "

أغلقت زر البيجامة الذي فتحه ووقفت خارج السرير وقلت

" أي حق هذا وأنت من أسقطه وتنازل عنه من أول ليلة بل

وقلت أن نفسك لا تهفوا لي ولن أؤثر بك مهما حدث "

بقي على صمته ينظر لي بجمود وأنا تنفسي كان في تزايد

مستمر, لم أتوقع منه ذلك توقعته سيكتشفني أو سيسخر مني

أو يتحدث عن مخططه لكنه لم يفكر حتى أني قد أكون لاحظت

ما فعله البارحة , حاولت تهدئة أنفاسي المتلاحقة ثم قلت

" ماذا فعلت ليلة أمس ؟ "

نصب ركبته ووضع ذراعه عليها فقد كان يلبس بنطلون من

دون قميص وقال بابتسامة جانبية " يفترض أنك تعلمين مثل الليلة "

قلت بحدة " تكلم ماذا غير الـ.... "

وتيبس لساني عن قولها بل وشعرت بالحرارة ارتفعت في جسدي

ولم أعرف حياتي شعور التوتر هذا إلا معه , حرك أصابعه في

شعره الرطب ولازال ينظر لي ببرود فقلت " قل ماذا فعلت "

أمال حينها ابتسامته وأشار برأسه وقال " تعالي أريك "

فتراجعت خطوة للخلف وقلت " تريني ماذا ؟؟ "

قال بذات ابتسامته " أريك ما تسألين عنه طبعا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وأين طار كل كلامك

ذاك واقتربت من الرجل عديمة الأنوثة التي لا تاستهويك

نفسك للمسها "

اضطجع على السرير ولم يجب فقلت بضيق " تكلم "

قال ونظره للسقف " إن تكلمت هل تستمعين للنهاية ولا

تهربي من الغرفة "

نضرت له بصدمة فما يعني بما يقول !! نظر جانبا لي وقال

" أو سأخبرك شيئا لقد غيرت رأيي بك هل لديك مانع "

سحبت الوسادة من السرير قائلة " لا طبعا ومنذ متى

كان لدي رأي "

ثم أخرجت لحافا من الخزانة ونمت على الأريكة فوصلني

صوته قائلا " ما النوم الذي في هذا الوقت ؟؟ ثم هل

تري هذا سيمنعني عنك إن أردت "

غطيت رأسي باللحاف وقلت " نعم لأنك كاللصوص

لا تأخذ إلا بالحيل "

ثم أبعدت اللحاف عن رأسي وقلت بصوت مرتفع

" وكاذب وتناقض نفسك ومـ... "

ثم صرخت وغطيت رأسي حين قفز من السرير متوجها

نحوي وهوا يقول " وليلتك لن تمر على خير يا ترجمان "

غادر عندها الأريكة ركضا ووقفت عند الزاوية وقلت بتهديد

" ابتعد أو قسما صرخت بعلو صوتي "

ضحك وقال متوجها نحوي " لن ينال الفضيحة غيرك "

التصقت بالجدار واقترب هوا حتى وقف مقابلا لي لا يفصلنا شيء

وأمسك وجهي بيديه وقال بمكر " الذنب عليك كنتِ أخذتي

الحبوب كليلة البارحة "

قلت بصدمة " فعلتها يا إياس "

قال بهمس " لا أعلم "

دفعته بكل قوتي وبلا جدوى وقلت بضيق " قل الحقيقة "

دفع يداي بجسده وقبّل خدي بقوة ثم قال مغادرات جهة السرير

" لن أقول شيئا وتعالي نامي هنا أو رميت الأريكة خارجا "

مسحت خدي بقوة أنظر له بغيظ , مستحيل كيف يفعلها ولا أشعر

ولما لا يريد قول شيء وتركي هكذا بين وبين فإن فعلها يكون أفسد

مخططي كله بأن أتحرر منه وأتركه , عاد للاضطجاع على السرير

نائما على ظهره متكئ على ذراعه وقال " تعالي أخبرك سرا "

قلت بضيق " إن فعلت شيئا فلن يكون حسابي معك يسيرا يا إياس "

قال بسخرية " حقا وما ستفعلين لي "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " أنت من حدد هذا ووافقت

أنا عليه وأنها ستكون فترة محددة وكلن يذهب في حال سبيله "

قال ببرود " قد أكون على الاتفاق ولن تخسري شيئا وقد

أكون غيرت رأيي ولن تخسري شيئا أيضا "

اقتربت من السرير بضع خطوات وقلت بحدة " بلى وحدي

من ستخسر وأنت تعلم ذلك جيدا "

نام وغطى جسده باللحاف ثم انقلب جانبا وقال وهوا يتثاءب

" تعالي نامي ورائي عمل يوم غد من الفجر وليس مثلك "

جلست على الأريكة ولم أنم حتى تأكدت من أنه نام وأنا أراقب

ملامحه لأتأكد , هذا المحتال كيف سأعلم حقيقة ما حدث ويبدوا

يتعمد عدم إخباري , أمسكت رأسي بقوة فكلما ترجح عندي أمر

منهما نسفه الآخر فقد نال مني هذا البيضة , وقفت واقتربت منه

لأتأكد من أنه نام وليس مثلي يجيد التمثيل , اقتربت أكثر وبقيت

أحدق في ملامحه , بيضة مسلوقة حقا لا أعرف كيف نمى له شارب

ولحية ؟ حتى أن لونهما بنيا من شدة بياضه , يع كيف يكون رجل

هكذا هذا فتاة متلثمة بشعرها , ابتسمت بخبث ومددت يدي للحيته

لأمسك شعرة منها وأنتفها فأمسك يدي بسرعة لأصرخ بفزع

وشدني للسرير متنحيا جانبا وقال " نامي أو قسما أريتك

ليلة كالبارحة "

شددت يدي منه بقوة ورميت يده عنها فقال مغادرا السرير

" أنتي لن تنامي ولن تدعي أحد ينام وليس هذا وقت نوم "

ثم وقف عند الباب وفتحه وقال مغادرا " هل تعلمي أنه

لك شيء يشبه الشامة في فخذك الأيمن "

ففتحت حينها عيناي على اتساعهما من الصدمة واختفى

هوا ضاحكا ومغلقا الباب خلفه









*~~***~~*









بقيت معهم في المطبخ الذي لا يقل سوءً عن مطبخنا ذاك حتى

أنهوا العشاء وأخذناه للغرفة وأغلبهن لم يجلسن معنا بل كيف

سنستطيع أن نجتمع جميعنا على سفرة واحدة أربعة عشر نفرا

وكنت طوال فترة العشاء ألوذ بالصمت وأكلت طبعا فلن أستطيع

أن أعتذر وأتحجج وحينما أخذوا الأواني غادرت معهم للمطبخ

وأصررت أن أغسل مع الفتيات الثلاث الكبار وأساعدهن بينما

البقية بقوا هناك لا نسمع سوا صوت الضحك والأحاديث المتفرقة

وآسر يشاركهم , يبدوا شخصا مختلفا هنا ليس ذاك الذي لا يعرف

سوا السخرية مني أو انتقادي والتسلي بي والذي تحول في الآونة

الأخيرة لغاضب مني دائما وقاسي , نظرت لصفاء وقلت ونحن

نجلي الأطباق معا " كيف والداك بهذا السن وأنتي في

الخامسة عشرة ؟؟ "

وضعت الصحن في المغسلة حيث ستشطفه دلال بالماء وتعيده

دالية لمكانه وقالت " والداي لم يرزقا بنا سريعا حتى عشر سنوات

أو يزيد وحين ولدت أنا كان أخي آسر في الخامسة عشرة "

قلت بصدمة " حقا كان كبيرا هكذا !! "

قالت مبتسمة " نعم وهوا من سماني صفاء وبعدها تتالينا كل

عام تنجب أمي واحدة ووالدي ربا أخي آسر منذ كان في الخامسة

والسنة التي دخل فيها كلية الشرطة كانت السنة التي ولدتُ فيها

ولم يتخرج منها إلا وأنا ودلال وداليا وعبير موجودات "

ثم تنهدت بحزن وقالت " وبعدها بثلاث أعوام أصيب والدي في

مكان عمله وهوا مقعد هكذا منذ ذاك الوقت "

قلت بحزن " يعني أنه على هذا الحال منذ ثماني سنوات "

هزت رأسها بنعم وقالت " وحين أصيب كنا سبع بنات وولدت

بعدها راوية وعلياء وإسراء وكله على أمل أن ينجبا ولدا يكبر

على الأقل ويساعد أخي آسر لكن الله لم يكتب ذلك وزادوا

على عنقه عدد الفتيات فقط "

غسلت الملعقة ووضعتها لداليا وقلت " الله لم ينساكم فمثلما

ربا والدكم آسر صغيرا وجده حين كبر "

نظرت لي وقالت " ألا يزعجك أنه يصرف راتبه علينا ؟؟ "

ثم نظرت للأرض وقالت " حتى أن فستانك ذاته الذي

زرتنا به سابقا ونحن السبب "

غسلت يداي بالماء لأزيل الصابون منهما ولففتها جهتي ممسكة

ذراعيها وقلت بجدية " صفاء لا تفكري أنتي ولا واحدة منكم في

هذا وآسر كما لا يقصر معكم لا يقصر معي وأنتم أولى مني لديه "

قالت داليا " لكنه رفض تزويج صفاء وقال أنه سيتكفل بدراستنا

جميعنا ويزوجنا أيضا فماذا إن لم يحصل على مال والدته من

زوجها السابق ؟ ستبقي كل حياتك في ذاك المنزل مثلنا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " لو سمعكم آسر لغضب

منكما , ثم لو أنه ترككم لكنت غضبت منه فكيف ينسى

فضل والدك عليه "

ثم عدت لجلي الملاعق قائلة " ولا تخافا من كل هذا فآسر قال

أن قضية أمواله باتت وشيكة الحل وستنتقلون من هنا وتتغير

حياتكم فبسرعة ننهي عملنا قبل أن تأتينا والدتكم "

ضحكن معا وقالت داليا مقلدة لها " ألم تنتهين بعد يا كسولات

آسر وزوجته سيغادران وأنتن نائمات هنا ولم تعددن

ولا حتى الشاي "

ثم ضحكنا جميعنا وأنهينا باقي عملنا وسكبت دلال الشاي في

الكئوس وعدنا للغرفة , رغم أنها في الصف السابع الابتدائي

تبدوا تجيد كل شيء وتفهم كل شيء في الحياة وتبدوا أكبر من

سنها فهل صدق آسر حين قال أنهن لسن مثلي ولم يؤثر بهن

الفقر ؟؟ لكن لما لم يشعرن بما كنت أشعر ؟ ما المختلف بيننا

هل هوا وجود الأبوين والعائلة أم ماذا ؟؟!!!

بعدما شربنا الشاي غادرنا من عندهم وعدنا للمنزل في الصمت

الذي رافقنا ونحن ذاهبان لهم حتى وصلنا ودخلت وهوا يتبعني

وتوجه لغرفته قائلا " نهاية الأسبوع سأآخذك لزوجة أواس "

ودخل وأغلق الباب دون أن يضيف شيئا فتنهدت بأسى ودخلت

الغرفة وأغلقت الباب خلفي , على الأقل سأرى شقيقتاي أخيرا

فكم اشتقت لهما وخصوصا دُرر فلم أراها منذ ذاك اليوم في

قسم الشرطة أي قرابة الشهرين أو يزيد , خلعت العباءة وجهزت

فراشي ونمت نومتِ المعتادة مفترشة الأرض أحاول أن لا أفكر

في شيء بعدما حُسم الأمر ولن أخرج من هنا حتى لو استعاد

أمواله ولا أعلم يفعلها عمدا ليقهرني أم لسبب آخر ؟ أغمضت

عيناي وتمتمت بهمس " نامي يا سراب ولا تفكري في شيء "









*~~***~~*









جلست على طاولة التزيين لوقت ليس لشيء معين ولست

أعرف لما سوا لكي أكون مولية ظهري له بينما هوا مكانه

جالس على السرير وفي يده أوراق يراجعها أو لا أعلم ما يفعل

بها كل هذا الوقت ولا أسمع سوا صوت تحريكه لها من وقت

لآخر طويل , أي يأخذ في كل واحدة منها وقتا وليس يتحجج بها

مثلي , وما الذي سيضطره للتحجج فكل الأمر بيده يقول أطفئي

النور وينام من سيمنعه ؟ أنا مثلا التي بأمر واحد منه عاد مساءً

ووجدها في غرفته , إن أغضبته لن أنجى منه ولا من حساب الله

أيضا وهذا أكثر ما يكبلني ويبدوا كما يقولون إن شعر الرجل أنه

لا ظهر للمرأة يسندها لن يردعه عن أديتها شيء وأنا لا أحد لي

يخاف منه لذلك إن رضي علي تعامل معي بلين وإن غضب مني

عاقبني كما يريد , ترى ما وضع سراب لأنها مثلي لا أحد لها

عكس ترجمان عمها رئيسه ووالدته عمتها وسراب ليست مثلنا

تنظر للحياة من منظور مختلف وتافه حتى ترجمان أفكارها

تختلف عنها فكم يشغل بالي أمرها وأتمنى أن أعلم أخبارها

" دُره تعالي أريدك في أمر "

أخرجني صوته الجاد من شرودي فوضعت المشط الذي أمسكه

من وقت ووقفت وتوجهت نحوه ووقفت عنده فحتى اسمي غيّره

وعليا أن أرضى ولا أعترض , قال ونظره على الأوراق

في يده " تعالي اجلسي "

لففت حول السرير وجلست في الجانب الآخر فمد لي مجموعة

منها وقال " قارني لي هذه الأشهر أنتي عملتِ في محلات

عدة وتفهمين هذا بالتأكيد "

أخذتها منه ونظرت فيها قليلا ثم قلت " نعم سبق وعملت

على حاسبات ورقية مثلها "

مد لي قلم حبر وقال " إذا خلصيني من شيء لأنشغل

بغيره فالسنة قاربت على نهايتها "

أخذت القلم منه وأصبحت مثله عيناي على الأوراق وذهني

مع الأرقام أعمل عليها بتركيز حتى قلت " هل ستسافر

عمتك لترى ابنتها "

قال من فوره " سأتركها تأتيها لأيام وأخرج أنا "

نظرت له وهوا لازال ينظر لأوراقه ويكتب فيها وقلت

" لا .. اتركها هي تذهب لها "

نظر حينها لي بسرعة فقلت بنظرة ثابتة لعينيه " لماذا

ترفض مجيئها والبقاء هنا في وجودها "

لم يتحدث وعاد بنظره لأوراقه ففهمت أنه لن يجيب فعدت

بنظري لورقتي أيضا , لم أعد أريد مجيئها لأني لا أريد مشاكل

أكثر يكفي زوجته تلك تحملت غضبه مرارا بسببها وفي النهاية

اتهمتني بمحاولة قتلها , وضع الأوراق على الطاولة بجانبه

وقال " أطفئي النور وتعالي واتركي الورق والكلام

في هذا لغد "







*~~***~~*








نظرت للساعة في معصمي للمرة ما يقارب العاشرة وتأففت

وعدت بنظري للباب أراقب الداخلين والخارجين منه , تأخر كثيرا

من المفترض أنه هنا من ساعة , بعد قليل دخل من الباب متجنبا

الاصطدام بأحد المارة ونظر لي مبتسما ووصل عندي قائلا

" أعلم أني تأخرت ... آسف يا خالد "

قلت بضيق " وما أصنع بأسفك تتركني هنا في الصباح الباكر

لساعة كاملة ونسيت أنه ورائي دوام في الشركة "

سحب الكرسي وجلس أمامي وقال " سماح يا أخي كنت

مطرا وإلا ما كنت تأخرت "

قلت مباشرة " المهم بسرعة ماذا جد لديك "

هز رأسه بيأس وقال " والدتي مازالت مصرة أن لا أتزوجها

خصوصا بعدما رفضت شقيقتها شقيقي وقالت ستكون مطلقة

ولديها ابنة ومن ذاك الحديث الذي تعرفه لكني مصر

على رأيي ولن أتراجع عنه "

تنهدت وقلت " وأنا ضحية خططك يا بسام فلم ترى نظرات

شقيقها لي وأنا أخطبها منه , وضعي كان مزريا يا رجل "

قال بابتسامة صغيرة " لو لم تفعل هذا لن يوافقوا عليا يا خالد

فأن يصر عليها شقيق طليقها ستكون مصيبة ولا منجى لهم

منه سوا الموافقة علي "

قلت بهدوء حذر " اسمعني جيدا يا بسام إن كنت تنوي شرا

وتريد الانتقام منها فأخرجني من الموضوع يكفيها

ما رأته من شقيقي "

تأفف وقال " كم مرة ذكرتني بهذا يا خالد لا تنسى أنها

ابنة عمي ولن تشعر بها أكثر مني "

هززت رأسي في صمت فقال " والخطوة القادمة باتت

وشيكة ما أن تحكم المحكمة بطلاقها لأني أريد كلمة

فيها قبل أن تكمل عدتها "

قلت " وهي "

قرب وجهه مني قليلا مستندا بساعديه على الطاولة وقال

بصوت منخفض " تتحدث معها هي "

قلت بصدمة " ماذا !! ما هذا الذي تقوله يا بسام كيف أكلمها هي ! "

نظر حولنا وقال بضيق " أشششش أغلب رواد هذا المقهى

يعرفونني لا تفضح أمرنا يا رجل "

قلت بريبة " بسام أريد أن أفهم كيف تريد أن تتزوجها وتقول

أنها ابنة عمك وتخاف عليها وتطلب مني محادثتها "

هز رأسه وقال " لا تستعجل فهم الأمور أقصد أن تحاول فتح

الموضوع معها وهي سترفض بالتأكيد أي ستضغط عليها فقط "

قلت ببرود " بسام يكفي عند هنا ودوري انتهى ما أن أخبرتهم

أني سأصر عليها مرارا ولا أريد لها المشاكل فأبعدني عن باقي

مخططك وأقسم لولا معرفتي الجيدة بك ما وافقتك على هذا "

نظر جانبا وقال باستياء " جلبتك هنا دون نتيجة إذا "

فوقفت حينها وقلت مغادرا " إذا وداعا وأراك لاحقا "

ثم خرجت من هناك ركبت سيارتي وغادرت متمنيا أن لا

أكون سببا في مشاكل أخرى لها ولولا يقيني من نية بسام في

الزواج بها فعلا وتيقني من أخلاقه ومعدنه ما وافقته على كل

هذا لأني أعلم أن أهلها قد يضنوا بي وبها الظنون رغم

تأكيدي لإياس أنه لا شيء بيننا , وصلت الشركة ودخلت قسم

الموظفين وبدأ يومي الروتيني هناك الذي بدأته بالنظر لخلفية

هاتفي حيث صورة ندى ابنة مصطفى مبتسمة , كم أعشق هذه

الطفلة ولا أعلم لما فليست وحدها ابنة لأحد أشقائي لكنها تسرق

قلبي حقا ولا أطيق أن يمر أسبوع دون أن أراها وأسمع صوتها

وكلماتها المتقطعة , ماتت ابتسامتي عندما أظلمت شاشة هاتفي

معلنة أن وقت نظرتي الصباحية لها انتهت فنحينه جانبا وبدأت

عملي بجد وبدأ المكتب يعج بالعملاء لينهوا أوراقهم هنا ويصعدوا

للطابق الآخر ولم أرفع رأسي عن الملفات وطباعة الورق حتى

الثانية ظهرا وهوا وقت انتهاء يومي هنا فحملت هاتفي ووقعت على

انصرافي وخرجت وتوجهت من فوري للمنزل وما أن دخلت حتى

تقابلت والنازلة من السلالم فأنزلت رأسي وبصري عنها وقلت

بصوت مرتفع " أمي أين أنتي "

وتذكرت حينها تلك أن ترجع للأعلى راكضة فتوجهت للمطبخ

ووجدتها هناك وقلت بضيق " متى ستستحي زوجة ابنك على

وجهها أو ليخرج من هنا هوا وإياها "

نظرت لي وقالت بضيق مماثل " وما فعلته لك , لم يعد لدي

غيرك وهوا هل يخرج مثل إخوته أيضا وأبقى وحيدة ؟

أريد أن يكونوا أبنائه حولي "

قلت بضيق أكبر " فلتحتشم وتستر نفسها إذاً أليست

تعلم أنه يوجد شاب يعيش معكم هنا "

غسلت يديها متأففة ثم توجهت للخزانة قائلة " عروس

هل سنخنقها , ومؤكد لا تعلم بأنك هنا "

صررت على أسناني من الغيظ من تلك الوقحة وقلت " وكيف لا

تعلم أن هذا وقت قدومي فلم تدخل المنزل بالأمس فقط ثم لما

زوجته السابقة لم تكن هكذا وهي عروس "

نظرت لي نظرة حادة وقالت " هل تقارن هذه

بتلك الوقحة قليلة الحياء "

قلت بغضب " أمي أنا عشت هنا معها مثلك ولم أرى من

في أخلاق رغد , على الأقل كانت تراعي أن في المنزل رجل

آخر ولا تنزل إلا للضرورة وبحجاب وملابس ساترة , هذه

وكأنها في غرفة نومها فمعك حق لا وجه مقارنة بينهما "

كانت ستتحدث طبعا وتعترض والغضب على ملامحها أكبر

دليل لكني قطعت عليها الطريق بأن قلت مغادرا " نبهيها على

تصرفاتها أو أنا من سيخرج من هنا لتأخذ راحتها أكثر "








*~~***~~*








استيقظت صباحا ولم أجده فيبدوا نام خارج الغرفة , تكاسلت

كثيرا أمد يداي ثم غادرت السرير ودخلت الحمام وخرجت

صليت الصبح بما أن الفجر فآتني فهوا من كان يزن على رأسي

ويوقظني وكأن الله أرسله بدلا عن دُرر المزعجة , لبست بعدها

فستانا بألوان صيفية معاكس لأجواء الخريف الآن وزخات المطر

الرقيقة وجمعت شعري للأعلى ونزلت وأول ما قابلني شيء أصفر

مر مسرعا فابتسمت من فوري فهذه الطفلة ستسبب الجنون

لسدين بالتأكيد , وكما توقعت كانت تركض خلفها منادية

لها " ندى تعالي لن أتركك حتى تأكليه "

فنزلت أهز رأسي وعلى شفتاي ذات الابتسامة التي ترسمانها

هاتان الاثنتين كلما اجتمعتا أمامي , ما أن نزلت آخر عتبة حتى

كانت رغد خارجة من جهة غرفة الطعام وفي يدها علبة زبادي

وفي الأخرى ملعقة فتحولت ابتسامتي لسعادة فها قد خرجت من

غرفتها أخيرا , هذه العائلة أصبحت جزءً مني وأصبحت أشعر

بالفعل بالانتماء لها لو أزلنا ابنهم طبعا فهم طيبون حقا وطوال

هذه الفترة لم اسمع منهم أي كلمة جارحة ولا بغير قصد , قلت

بذات ابتسامتي " وماذا إن أمسكتم بها هل ستجبرونها على تناوله "

قالت بتذمر " عليها أكله فهي لا تحب الحليب وهذا

البديل الوحيد له "

رفعت كتفاي وقلت " هناك بدائل أخرى كقرنبيط

الزهرة مثلا غني بالكلسيوم "

قالت ونظرها على سدين قادمة وممسكة لندي بذراعيها

وتلك تبكي وترفس " الخضار تكرهه أيضا "

نظرت لهما أيضا وقلت " كله بسبب عمها وخالها يحضران

الحلوى والشيكولاته لها دائما فكيف ستأكل الخضار "

وصلت سدين حينها وهي تحاول إبعاد وجهها كي لا يكون

هدفا ليدي ندى التي ترميها في كل اتجاه وهزت رغد رأسها

وقالت بيأس " وكيف ستأكله وهي هكذا فمها مفتوح

على اتساعه "

ضحكت رغما عني ثم أخذته منها وقلت

" ندى هيا نضع فيه الشيكولا "

نظرت لي حينها ودمعة تتدحرج على خدها الصغير وقالت

بعد شهقة صغيرة " شيكولا "

هززت رأسي بنعم وقلت متوجهة جهة المطبخ

" اتبعيني بها فلا طريقة غيرها "

ثم دخلت هناك وهما خلفي وندى لازالت في قبضة سدين وقلت وأنا

أفتح الثلاجة " سنرى إن تركت لنا عروسنا سلسبيل شيئا هنا "

ثم أخرجت لوحا منها وأزلت غلافه وبدأت بكسره ورمي

القطع في علبة الزبادي على صوت ندى المعترض وهي

تمد يدها قائلة " لي أعتها لي جمان "

ولم آبه لها حتى خلطتها به وغرفت منه بالملعقة ومددتها

لفهمها قائلة " والآن أصبح أفضل أليس كذلك "

فأكلت الملعقة في الفور وجلست بها سدين على الكرسي

وقالت بتعب " أتعبتِ لي ساقاي من الركض يالك من مُتْعِبة "

ثم نظرت لي وأنا أطعمها وقالت لحظة خروج رغد من المطبخ

" متى قال إياس سيرجع اليوم ؟ مؤكد أخبرك "

نظرت لها محاولة إخفاء صدمتي فأين يكون وهوا البارحة

قال أن لديه اليوم عمل في المركز ! هل كان يكذب علي ؟ وكيف

سأنقذ نفسي من هذا المأزق الآن ؟؟ فلا خيار أمامي غير الكذب

عدت بنظري لندى وأنا أطعمها الملعقة الأخيرة وقلت

" لا لم يخبرني قال فقط قد يتأخر "

على صرخة ندى حينها وفمها مليء بالزبادي قائلة " إيااااث "

ونزلت من حجر سدين راكضة لمن وقف عند الباب أما أنا فتحولت

ملامحي لشيء يشبه الكرسي أمامي من الصدمة والإحراج وكأنه

يتعمد الظهور الآن ليُكذبني , رفعها للأعلى يقبل خدها بقوة بقبلات

متتالية وهي تضحك فتأففت ناظرة للسقف وحين نظرت لهما

كان ينظر لي وهوا يعض خدها وهي لازالت في ضحكة واحدة

فخرجت من هناك وللحديقة الخلفية فورا حيث عمتي وسلسبيل

ورغد التي تقطف بعض أوراق النعناع من أجل الشاي الذي كان

أمامهم , وصلت عندهم وقبلت رأس عمتي قائلة

" صباح الخير يا قمر "

فقالت مبتسمة " صباح النور اجلسي هيا كلي من

هذه الشطائر فأنتِ لم تفطري معنا "

جلست وسحبت لي واحدة منها وبدأت بأكلها لحظة خروج

إياس متوجها نحونا فتعمدت عدم لنظر جهته , وصل وقبّل

رأس والدته التي قالت بحنان " ماذا حدث معك بني "

جلس في الطرف الآخر مقابلا لي وسحب شطيرة له وقال

" كل شيء يسير على ما يرام وأخبرتك أني لن أتأخر

وها قد عدت مبكرا "

نظرت حينها له فكان ينظر لي مبتسما وكأنه يشمت بي لأني

ظهرت كاذبة أمامهم فتجاهلته تماما وسكبت كوب شاي وانشغلت

بشربه , حديثهم كان عن زواج سلسبيل وكيف سيتصرفون في عقد

قران سدين حيث أن سلسبيل ترفض فكرة جمعهما ورأي عمتي أن

يكون زواجهما معا حيث يكون سدين بعقد قران فقط أما سلسبيل

ستذهب مع زوجها وجيد أن سدين ليست هنا لصرنا في حرب

أما أنا فلم أشارك بشيء أشغل نظري عنهم بكل شيء حولنا

حتى وقف إياس وقال " سأرى ما يناسب أمين ونفعله وأفكار

النساء الناقصة هذه لا تدخل رأسي "

ثم لف حول جلستنا ومر من خلفي ووقف ورائي مباشرة ثم

انحنى لأدني ممسكا كتفاي بيديه وهمس فيها " لا داعي لأن

تغاري منها فهي مجرد طفلة "

ثم قبل خدي وغادر ليتركني آكل نفسي من الغيظ , وقح أنا غرت

منها ومن قبلاتك لها يا مريض , لا ويقبل خدي أمامهم وكأنه يقول

هذا تعويض لك , نظرت لعمتي فكانت تنظر له مبتسمة وهوا مغادر

أما سلسبيل فغمزت لي بمشاكسة فهددتها بأن عضضت على شفتي

وحمدت الله أن سدين ليست هنا طويلة اللسان تلك , كله بسببه

ذاك البيضة المغرورة









*~~***~~*









دخلت الحمام باللحاف كنهار أمس وكأنه لازال هنا ولست وحدي

في الغرفة , استحممت وخرجت بمنشفة الحمام هذه المرة وتوجهت

للخزانة فتحتها وأخرجت من الملابس التي اشتريناها يومها ولا

خيار أمامي غيرها فانتقيت بنطلون جينز وقميصا من الشيفون

بطبقتين كان أبيض اللون يميل للسكري وبه رسوم لأزهار كبيرة

باللون السماوي تقارب للون البنطلون وجففت بعدها شعري جيدا

بالمنشفة ثم نزلت للأسفل حيث أن مجفف الشعر ولباس الصلاة

هناك فلن أستطيع تجفيفه ولا أن أصلي الضحى إلا إن نزلت لغرفة

تلك الفتاة ولا يحق لي أخذ أغراضها للأعلى , وصلت للأسفل

لأفاجئ بالخادمات يخرجن بحقائب من ذاك الممر فوقفت

عندهم وقلت " ما هذا ؟؟ "

وقفت ووضعت الحقيبة على الأرض وقالت " هذه ثياب الآنسة

غدير , أمر السيد أواس بوضعها في حقائب لتأخذها السيدة

خديجة معها "

ثم عادت لحملها مجددا وتوجهت بها لباب المنزل ووضعتها

عنده وغادرت , يبدوا أنه قرر إخراج حتى ثيابها وسيقوم بإلغاء

غرفتها من المنزل فما هذا الجرم الكبير الذي ارتكبته بحقه أم أنه

كعادته يغضب من أي شيء ؟؟ لكن أن تدخل غرفته وهوا نائم

أمر لا يمكن تحمله من رجل لديه شهامة ويخاف الله حيث أنها

لم تخف ولا على نفسها فماذا إن كان دنيئا واستغل الوضع حينها

وأخسرها الكثير بسبب طيشها ذاك , توجهت للغرفة ودخلتها فكانت

فارغة سوا من أثاثها وإحدى الخادمات تخرج كيسا كبيرا فقلت قبل

أن تخرج " ماذا قال أواس بشأن الغرفة "

قالت من فورها " قال ننزل لها أغراض السيدة وجد "

نظرت لها بصدمة وكنت سأتحدث لولا أوقفتني اليد التي لامست

خصري وأرجفت جسدي بأكمله وقال صاحبها " هل أنهيتم كل شيء "

قالت الخادمة وهي ترفع الكيس " نعم وسننزل أغراضها كما أمرتنا "

وخرجت به تحمله بصعوبة ونظر هوا لي وقال

" هل من مشكلة يا دُره "

نظرت له فكانت ملامحه جامدة كعادته فنزلت بنظري للأرض

وقلت " بعض أغراضها كنت ... "

ولم يتركني أنهي كلامي وقال مقاطعا لي " ولما لم تخبريني

حين خرجنا "

نظرت له مجددا وقلت " المكان الذي أخذتني له لا يوجد

فيه ما كنت أسـ.... "

أبعد يده عن خصري وقاطعني مجددا وبضيق هذه المرة وقال

" كنتِ قلتِ أنك تحتاجين أشياء ليست هناك , نحن خرجنا

لتشتري ما تريدين ليس لأسوقك أنا حيث أريد "

كتمت غصتي في نفسي وتنهدت بقوة وضيق , يضع اللوم علي بينما

هوا وبائعاته لم يتركوني حتى أختار ما أريد , قال بذات ضيقه

" تكلمي خيرٌ من أن تسمعيني تأففك وتنهداتك "

رفعت نظري له وقلت " وإن تحدثت هل سيعجبك كلامي وتتقبله "

قال بذات ملامحه الجامدة ونبرته الحادة " إن كان يعكر المزاج

فاحتفظي به لنفسك وكفي عن التأفف وأنا أمامك "

أشحت بنظري بعيدا ولذت بالصمت لأني أعلم أمرا واحدا أن

كلامه لم ينتهي بعد وكما توقعت تابع قائلا بضيق " وكأني لست

موجودا لم تكلفي نفسك عناء إخباري ما تريدين وحتى الثياب التي

أحضرناها لم تلبسيها إلا اليوم , لا أكون لا أعجبك ولا أعلم "

أنزلت نظري للأسفل أفرغ ما بداخلي بضغطي على يداي في

بعضهما وقلت ببعض الضيق " هل سنصنع مشكلة من أجل ثياب

وأشياء تافهة , أخبرتك سابقا وقلتَ أنه ليس وقته فلم أفتح

معك الموضوع مجددا "

كان سيتحدث بل يبدوا كان سيصرخ بي هذه المرة لولا

دخلت عمته قائلة " أنا جاهزة هل نغادر "

فقال مغادرا " انتظرك في السيارة واسأليها ما تحتاج وأحضريه

معك من هناك فيبدوا أني لا أملأ عينها "

ولم أسمع بعدها سوا صوت خطواته الغاضبة مغادرا فهلاّ

شرح لي ما الذي فعلته أو قلته أزعجه أم عليا أن أسمع فقط

وأسكت ولا أدافع عن نفسي على الأقل , وجيد أن عمته دخلت

لكان تحول الأمر لشجار ولا أستبعد أن يسحبني لتلك الغرفة

مجددا , وما يعنيه بما قاله لها الآن ؟ لما عليها أن تشهد على كل

ما حدث بيننا , لا أعلم حتى متى سيعاملني كنكرة كخادمة من

خادمات منزله بل لا وضيفة لها سوا امرأة ينام معها حتى أبناء

منها لا يريد , قالت عمته ما أن غادر " ماذا بكما ؟؟ "

قلت ببحة مغادرة من أمامها " لا شيء "

فأمسكت يدي قبل أن أخرج وقالت " تحمليه يا دُرر أعلم أن

مزاجه متقلب وصعب التعامل معه لكنه ليس السبب في

ذلك ويستحق منك المحاولة "

سحبت يدي منها برفق وكنت سأغادر فقالت " أخبريني على

الأقل ما ينقصك لأحضره كي لا يغضب مجددا "

قلت مغادرة " لباس صلاة فلا بديل له هنا لما كنت طلبته "

ثم غادرت من عندها مسرعة وصعدت للأعلى








*~~***~~*









عند وقت الغداء وبعدما وضعته له على الطاولة ودخلت غرفتي

فاجأني بأن فتح الباب ودخل ودون حتى أن يطرق لكي أخرج

له كعادته , وقف واضعا يديه وسط جسده ينظر لي بضيق وأعلم

لما لأني لم آكل طبعا وما في الثلاجة كما هوا لم ألمسه , نظرت

للأرض أتجنب النظر له وخرج هوا من صمته قائلا " أَفهميني

فقط سبب توقفك عن تناول الطعام ؟ هل كله كرها لي "

ضغطت على يداي في حجري بقوة ونظري لازال للأسفل

وقلت بأسى " بل كره لي أنا وغضب من نفسي "

لاذ بالصمت ولا أعرف تأثير كلماتي عليه لأرفع نظري له

مصدومة حين قال بحزم " إذا لا تطبخي لي ولن آكل منك "

فهززت رأسي بلا دون كلام فقال " إذا أخرجي لتأكلي معي "

لذت بالصمت نتبادل النظرات وكان ينظر لي بتصميم على كلامه

فأنزلت نظري وقلت بشبه همس " وننسى كل ما حدث يومها "

قال من فوره " ليس بهذه السهولة يا سراب "

أغمضت عيناي بقوة وألم فخرج قائلا " انتظرك في الخارج

إن لم تخرجي فلن آكل "

مسحت الدمعة الوحيدة قبل أن تسبقها غيرها ووقفت وخرجت

وتوجهت للطاولة وجلست أمامه كي لا يكبر الأمر ويرفض

حتى طعامي فمن سيعده له ولا يمكنه جلب طعام جاهز من

المطاعم ولا أخذه من العائلة التي ربته , سمى بالله وبدأ الأكل

وبدأت آكل أيضا وفي صمت تام من كلينا








المخرج كلمات لإحدى مبدعاتنا أغاني الوفاء




حنت علينا رجالنا،،

بعد أن كنا مجرد


ترجمان: حمل ثقيل ..

سراب: هم بغيض..

درر:ألم من الماضي البعيد..


*****


فوقفنا نتعجب من سر هذا التغيير،،أهو

ترجمان:تحدي..

درر:حب ينهض من جديد..

سراب:أم تأنيباً للضمير؟؟!


*****


لازلنا لانفقه ماتخبئ الأيام لنا،، ولكن إلهي اجعلها...

درر: شفاءً من شبح الماضي..

ترجمان: حاضراً يبدد الأحزان..

سراب: حقوقاً تعود لأصحابها ،، فيزدهر ذاك المستقبل البعيد..



* سلمت الأيادي *


الفصل القادم يوم الاثنين إن شاء الله ..... ما نمر به في بلادي حاليا انقطاع

يومي للكهرباء كما اليوم ولساعات طويلة بسبب الطقس فإن تأخرت مرة عن

موعدي فالتمسوا لي العذر جميعكم وسأعمل جهدي لأكون عند موعدي المعتاد

معكم ودمتم بكل ود وحب جميعكم

فيتامين سي 25-01-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الخامس والعشرون)
 





الفصل السادس والعشرون









مر أسبوع وعمته رفيقة وحدتي الوحيدة لازالت عند شقيقها لترى

ابنتها ولازال حالي معه كما هوا متغيب أغلب النهار وفي وجوده

لا شيء سوا الجمود والصمت وإن اضطرته الضرورة للتحدث تحدث

بنبرة جافة باردة ولا أعرفه شخصا مختلفا إلا في الليل وكأنه ليس هوا

ففي بعض الليالي أراه رجلا عطوفا متعطشا لشيء فقده من سنوات

طويلة وبعضها يأتي منهكا لينام من فوره من أول ما يسقط جسده على

السرير ويغمض عينيه ولم أسمع ولا شيء من كلام زوجته عن تحدثه

في نومه ومناداته لؤلئك الأشخاص فهل كانت تكذب عليا في كل ذلك ؟؟

وبالنسبة لها فقد أحضرها هنا منتصف ذاك اليوم وأصبحت قابعة في

الغرفة التي في الأسفل وهي غرفة ابنة عمته سابقا ولا تخرج ولست

أعلم رضا منها أم أنه هوا من يسجنها لأني لم أعد أسمع طرقها للباب

وصراخها العالي والأمر الآخر الذي لفت انتباهي هوا همس الخادمات

عن أنها أصبحت تأخذ الطعام وتأكل دون أن ترميهم بشيء منه أو تطرد

من أحضرته بعدما تضعه بل وحتى ضربه لها لم أعد أسمعه وكأنها

عادت من المستشفى شخص آخر بل وتراجعت عن أقوالها وعن اتهامها

لي , وقفت أمام باب مكتبه ونظرت لكوب الشاي الذي أحضنه بين يداي

والبخار يتصاعد منه ثم تنهدت بأسى , لما يطلب مني أنا جلبه وينزلني

من الأعلى ولديه بدل الخادمة ثلاثة ؟ لو لم يكن معي قبل قليل لقلت أنه

يشتاق لي ! ابتسمت بسخف على أفكاري ومددت يدي للباب وأمسكت

مقبضه وكنت سأفتحه لولا أوقفني صوته الغاضب ويبدوا يتحدث في

الهاتف قائلا " ومن أين جئتُ صعلوكا وفاشلا وعاقا أليس منه

أخبريه أني أسمع ما يقول ولا أعترف به أباً كما لا يعترف بي

ابناً وما يريده لن أفعله "

فتراجعت حينها مبتعدة حتى اختفى الصوت عن مسامعي أو لم أعد

أفهمه إلى أن توقف سيل صراخه الهادر فاقتربت من الباب مجددا

طرقته ودخلت فكان ممسكا لرأسه بيده تتخلل أصابعه في شعره الأسود

القصير ورفعه ما أن شعر بدخولي وكان الاستياء لازال باديا على

ملامحه فاقتربت ونظري على يداي حتى وضعته له أمامه وكنت

سأغادر فأوقفني صوته قائلا " لا تخرجي اجلسي "

فالتفتُّ أنظر له باستغراب وكان ينظر للورق أمامه ويكتب فيه فما

يريد مني وما يفعل بي وهوا يبدوا مشغولا بما بين يديه ومتضايقا

أيضا ؟ جلست منصاعة ولا شيء غير الانصياع لدي وبدأتُ بتمضية

الوقت على أظافري فلا شيء هنا غير الصمت وهوا على حاله منغمس

في أوراقه , أحيانا يمزقها ويرميها بغيظ وأحيانا يجعدها ويقذفها في

سلة المهملات والتأفف لا يمكنني حصره من كثرة ما خرج منه ولم

أستطع ولا قول ( إن لم ترد شيئا سأغادر ) كي لا يفرغ باقي هذا

الغضب بي , رفعت نظري له وقلت " هل أساعدك في شيء فأنا

أفهم حتى في جرد البضائع "

هز رأسه بلا دون أن يرفع نظره بي فتنهدت ونظرت للثريا في

الأعلى ثم عدت لتفتيش أظافري , لو أفهم فقط سبب تركه لي هنا

دون شيء أفعله ولا أن يتحدث معي ؟؟ بعد وقت نظرت خلفي

وقلت " هل أرى الكتب في المكتبة تبدوا كثيرة ومتنوعة "

فهز رأسه مجددا دون كلام فوقفت وتوجهت نحوها وبدأت أنظر

لها نظرة شاملة أرى عناوين الكتب وعمّا تتحدث ثم قلت وأنا

أسحب أحدها " ألا يوجد لديك كتب دينية "

وصلني صوته قائلا " من النوع الذي تقرئيه لا "

نظرت أمامي بصدمة فما عرّفه بنوع كتبي وما أقرأ ؟؟ آه أجل لابد

وأنه رآها عندما جلب الأشرطة فلما لم يجلبها أيضا !! أعدت الكتاب

مكانه قائلة " ولكني لا أرى أي نوع منها "

سمعت بعدها صوت فتحه لدرج مكتبه لأقفز بشهقة حين تحركت

أرفف المكتبة جانبا وكشفت عن أرفف أخرى خلفها ففتحت عيناي

على اتساعهما وأنا أرى الكتب الموجودة فيها ثم اقتربت منها

قائلة بدهشة " رائع لما تخفي كل هذا "

وبدأت بالنظر لعناوين الكتب , الرد على الحلبي الرد على الملحدة


وغيره وغيره وحتى كتب المداخلة جميعها وكنت سأمد يدي لها

فعادت الرفوف مكانها وأخفتها عني فنظرت له وقلت

" لماذا أغلقتها ؟؟ "

أغلق الدرج وعاد لأوراقه قائلا " لا تنغمسي في هذا العالم

كثيرا كغيرك وتصبحي نسخة عنه "

قلت باستهجان " من الذي تفسده هذه الكتب ؟؟ هي ترينا الشبهات

وردود العلماء عليها وأنا أعشق هذه الكتب "

نظر لي نظرة حادة وقال بحدة " ويجب على هذه الخصلة فيك أن

تتغير فوحدها أخذتها منه ولا أرى هذه الكتب نفعته في شيء فبدلا

من أن يستفيد من كلامهم وردودهم على المبتدعة ذهب يقرأ كتب أولئك

المخالفين الذين كانوا يحاربونهم في هذه الكتب وأصبح نسخة عن

أولئك ويدافع عنهم أيضا "

بقيت أنظر له بصدمة فعاد بنظره لورقه وقال

" إنسي أمر هذه المكتبة مفهوم "

لويت شفتاي بامتعاض ثم مررت أصابعي على الكتب المسموح

لي قراءتها بالطبع حتى أخرجت كتابا يتحدث عن الأدب وورقت

فيه قليلا وشعرت بالملل منه فأعدته , لو فقط سمح لي برؤية تلك

الكتب فلن أخرج من مكتبه أبدا بعد اليوم لكنه عاد لألغازه المبهمة

مجددا فهل جدي كان يحبها ويقرئها وتحول لكتب المخالفين ؟؟ فيبدوا

لا عدو له غيره هوا ووالده , التفت جهته واتكأت على الرفوف خلفي

ودسست يداي خلفي وقلت " أواس هل لي بسؤال ولا تغضب مني "

أبعد الورقة جانبا وبدأ بالكتابة في الأخرى قائلا

" ابتعدي عن جدك واسألي "

قلت ببرود " ليس عنه سأسأل بالتأكيد "

هز رأسه بالموافقة دون كلام فقلت بهدوء وترقب " لما علاقتك

بوالدك سيئة هكذا ؟؟ لما لا تحاول تحسينها "

رفع نظره بي سريعا فشعرت بأني سأخترق الرفوف خلفي

وأهرب ثم بلعت ريقي وقلت " أعني لما لا تسايره وترضيه

لتكسب أجر بِره "

رمى القلم من يده وقال بسخرية " ولما لا تُعلميني كيف "

علمت حينها أن نهايتي قد اقتربت لكني بدأت الأمر وعليا إكماله

للنهاية ولن أقف أتفرج على حاله معه وآخذ إثم أني لم أنصحه

قلت بثبات " لا تعامله بالمثل ولا تخسر آخرتك مثله "

وقف حينها على طوله فسقط آخر حصن لي وشعرت أنه الخطر

قد دنى مني , كيف وأنا أعلم جيدا غضب هذا الرجل ونتائجه

أخفضت رأسي وأخرجت يداي وشبكت أصابعهما ببعض وقلت

" لا تنسى أنك قلت لن تغضب إن كان الموضوع لا يخص جدي "

بقي واقفا مكانه وهذا ما زاد فرص نجاتي منه وقال بسخرية

" أعطني مثالا لهذا البِر لنرى "

رفعت نظري به فكان ينظر لي عاقدا حاجبيه ومتضايقا بالفعل

فبلعت ريقي وقلت " { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } "

وكنت سأقول باقي الآيات لكن الكلمات توقفت في حلقومي حين

خرج من خلف مكتبه ووقف أمامي وقال بحدة " نعم وأَقبل الرشوة

من أجله وأتعامل بالربا لكي يُسير أمور صديق له يمسك مصرفا

تجاريا ربويً , وأُدخل بضائع مهربة مع شحنات البضائع

ليرضى عني "

تنفست بقوة محاولة تبديد خوفي من ملامحه الغاضبة وإيجاد كلمة

تخففه فرمى يده جانبا وتابع بصراخ غاضب " يكفي أني لم أقدمه

للعدالة أو أورطه وأكشفه , فأي بر تتشدقين به عليا يا فاضلة "

قلت بشيء من الهدوء وإن كان مليء بالتوتر والخوف

" لا أقصد هذا "

قال بذات غضبه " إذا لا تتحدثي ثانيتا في شيء لا تعلميه "

قلت من فوري " ولكن طريقتك معه لن تثنيه عن أفعاله "

غادر من أمامي عائدا لمكتبه قائلا " أخرجي لم أعد أريدك

معي .. أخرجي الآن "

كنت سأتحدث فاستدار لي وقال بحدة " لا تعاندي يا دُره وتحركي "

فتأففت وتحركت بضيق وخرجت من هناك وتركته منصاعة

لأوامره طبعا








*~~***~~*





لبست تنوره يصل طولها تحت نصف الساق مع حداء طويل لأكثر

من نصف الساقين وقميص ضيق مع سترة قصيرة , رفعت شعري

قليلا من الأمام بدبوس شعر رقيق أسود وتركته مفتوحا ثم رفعت

حقيبة يدي وهاتفي الذي لا يتوقف عن الرنين ونزلت مسرعة بل

أركض الدرجات ركضا حتى وصلت لعمتي في الأسفل تنتظرني

عند الباب وأنا أدس الهاتف في الحقيبة وخرجنا معا قائلة

" ابنك لا يعرف الصبر أبدا لقد أحرق هاتفي "

قالت مبتسمة ونحن نتوجه للسيارة " عادته طول

الصبر في الانتظار فما غيره الآن "

آه نعم فكل الحسنات عندي تصبح عيوبا فلو أفهم مزاج ابنك فقط

فكل ما يفعله هذه الآونة لا يريحني وآخرها أمس حين ألبسني أمامهم

سلسالا ذهبيا أحضره , ولا أعلم أين ضاعت كل تلك القسوة والتعجرف

والغرور , ركبنا السيارة وأصررت على عمتي أن تركب في الأمام

وانطلقنا قائلا " أمي كم مرة قلت انزلي عتبات المنزل برفق ولا

تتهاوني على العملية التي أجريت لركبتك فهذا يضر بها "

نظرت له وقالت " استعجلتني ترجمان لأنك تريد أن

نخرج بسرعة "

لف بالسيارة وقال " لم أستعجل أحدا وتعرفينني أراعي مسألة

حركتك جيدا "

قلت من فوري حيث كنت جالسة خلفه " ومن كاد يحرق لي

هاتفي أليس أنت "

نظر لي في المرآة وقال " بل كنت أريد أن أقول لك شيئا قبل

أن تنزلي لكنك كعادتك لا تجيبين حين يكون في المسألة خروج "

نظرت له بحقد فغمز لي ضاحكا بصمت وقالت والدته

" من المفترض بك أن أجبتِ عليه وعلمتِ ماذا يريد "

فضربته بقبضتي على كتفه وأشرت له بأن حسابي معك فيما

بعد فعاد للضحك صامتا وأنا اشتعل منه غيظا فكم يحب وضعي

في موقف الكاذبة أمام أهله ويستمتع بذلك كثيرا ويبدوا أني بدأت

أقبلها كمزاح منه وإن كان باردا مثله , وصلنا منزل عمه فاليوم

قررت عمتي أن نزورهم قبل زواج ابنتيها بما أنهم يبدوا سيعلنون

غضبهم عليهم وبما أن سدين وسلسبيل لا يمكنهما الخروج هذه الفترة

ورغد رفضت رفضا قاطعا فأنا من عليها الذهاب مع عمتي في كل

الأحوال لكني أردت أن تكون إحداهن معنا فالمؤكد أنه لن يستلطفني

أحد هناك وأجد على الأقل مع من أتحدث , نزلت عمتي قبلي ثم

فتحت الباب لأنزل فأوقفني صوته قائلا " ترجمان لا تكترثي لكل

ما يقال عندهم لا نريد مشاكل مع عمي "

نظرت له في المرآة وقلت " ما تقصد بهذا "

قال بهدوء ونظره للبعيد " أقصد ما فهمته "

لويت شفتاي وقلت " تعني نورس "

نظر لي حينها بسرعة في المرآة وقال ببعض الضيق

" أعني الجميع فقد يكونوا متضايقين من رفض

سدين لابنهم وأعرفك بعشر ألسن "

فتحت الباب أكثر وقلت بضيق مماثل وأنا أنزل " لن أسمح

لأحد بأن يهين عمتي ويهينني وأسكت عذرا لا أستطيع "

ثم ضربت باب السيارة ودخلت خلف عمتي وتركته , تخاف على

مشاعرهم كثيرا درجة أن تريد أن نتركهم يهينون والدتك ونسكت

إن كان يرضاها لي فأنا لن أرضاها لعمتي قبل نفسي ولو كان الأمر

بيدي ما أتيت لكن من أجل عمتي ومن أجل أن لا يمنعني من الذهاب

لدُرر غدا , دخلنا واستقبلتنا زوجة عمه وابنتين عرفتني عليهما عمتي

كانت واحدة أسمها ريحان والأخرى حلى ويبدوا أن المدعوة نورس

معتصمة عنا , دخلنا منزلهم وأخذونا لغرفة الضيوف وكانت زوجة

عمهم تحاول أن تكون طبيعية لكن الاستياء باد عليها واضح جدا

ريحان كانت تلتزم الصمت أغلب الأحيان وتستمع فقط فهي تبدوا في


الثانوية ولا أحد هنا في سنها أما حلا فكانت تبادلني الأحاديث وتبدوا

بشوشة ومرحة , كنت أراها في الجامع مع سدين أو مع صديقاتها لكني

لم أحتك بها يوما ولم نتحدث هكذا , بعد قليل قالت عمتي

" أين نورس لم أراها هل هي خارج المنزل "

نظرتا ابنتيها لبعضهما وقالت والدتهم " اليوم لم تنزل من

غرفتها أبدا لديها بحوث كثيرة تعمل عليها "

وما أنهت كلامها حتى سمعنا صوت في الخارج مناديا الخادمة ليصبح

لون وجه والدتهم كفستانها الذي تلبسه ثم وقفت وخرجت من الغرفة

وعادت بعد قليل للجلوس معنا وكنا نسمع صوت ابنتها في الخارج

ويبدوا تتعمد إسماعنا صوتها ولا تريد أن تأتي وتجلس معنا ولا حتى

أن تسلم على زوجة عمها , بعد وقت قالت زوجة عمهم " ما كنا

نتوقع أن ترفض سدين ابن عمها أيضا وكأنهم لا يعجبونكم "

قالت حلى من فورها " أمي "

فنظرت لها بحدة وأسكتتها فيبدوا أنها صبرت كثيرا ولم ترتاح حتى

أبردت على قلبها , قالت عمتي " أمين خطب رغد ثم سلسبيل ورفضناه

لا لعيب به وكان إياس يريده لكل واحدة منهن وحين خطب سدين لم

نستطع رفضه أيضا ولا هي كانت ترضاها لشقيقها والزواج

نصيب يا عالية ولو لهم نصيب في بعض لن يمسكه أحد "

قالت ببرود " معك حق لم يكن بينهم نصيب ولن يكون "

كان تلميحا قويا واجهته عمتي بالصمت ثم قالت تلك

" وبسام سنخطب له قريبا ابنة شقيقتي "

قالت عمتي من فورها " تمم الله على خير "

ويبدوا أنها ترميها بالكلام أي لا تطمعوا أن يتزوج رغد بعد طلاقها

انفتح بعدها الباب ودخلت منه فتاة وكانت أجمل من أختيها فمؤكد هذه

نورس فأول ما قابلتنا نظرت لي وحركت شفتيها بضجر ثم اقتربت

وسلمت على عمتي وبعدها مدت أطراف أصابعها لي فنظرت جهة

حلى وتحدثت معها ولم أسلم عليها , الوقحة هل تراني خادمة عندها

أو جارية تعاملني باستعلاء وتضن أني سأكون أقل منها , وكزتني

عمتي وتجاهلتها فأعادت تلك يدها بعدما تعبت من الانتظار وجلست

في مقدمة الأريكة بتململ ولاذت بالصمت وعدت أنا للحديث مع حلى

وعمتي ووالدتهم منسجمتين معا حتى قالت نورس " غريب إياس

ترك زوجته من دون حجاب هكذا "

نظرت لها ببرود وقلت " غريب كيف عرفت أنني جئت بلا حجاب "

صدمت من كلامي بادئ الأمر ثم قالت " سمعت عنك "

هه مسكينة تضننا صدقنا ذلك بل يبدوا أنك أنتي من كنتِ

تراقبينا من نافذة غرفتك , نظرت جهة حلى مجددا وقلت

" إياس لا يفرض عليا شيئا لا أفعله باقتناع "

أذكر في آخر خروج لنا للسوق نبه سدين على أن مقدمة شعرها

مكشوفة من حجابها واستغربت أنه لا يتحدث عن تحجبي ويبدوا

لا أعنيه ولا يعتبرني شيء يخصه ولا أفهم حقا لما لم يفعل كزوج

سراب , رن حينها هاتفي وكان إياس , ما يريد بي الآن ؟؟

ياله من توقيت سيء وسيجعلني سخرية لابنة عمه هذه بالتأكيد

أجبت عليه فقال من فوره " ها كيف الأجواء عندكم "

أنزلت رأسي لينزل شعري مخفيا ملاحي وأجبت بصوت منخفض

" وما بك مشغول هكذا على ما سيجري "

قال بنبرة باردة " لأن والدتي لديها الضغط يا نبيهة وأعرفها

لا تدافع عن نفسها وأخاف أن تمرض "

قلت بابتسامة جافة " إذا اطمئن ضغطها معتدل تماما هل

تريد السؤال عن شخص آخر "

قال بنبرة فيها استغراب " شخص آخر مثل ماذا "

قلت ببرود " مثل نورس "

ضحك وفاجئني حقا بردة فعله ثم قال " هل نغار يا ترجمان "

شهقت بصمت من الصدمة وأغلقت عليه الهاتف !! لقد جُن هذا

الرجل بالتأكيد , رفعت رأسي وعدلت شعري فوجدت المدعوة

نورس تنظر لي فابتسمت لها ابتسام باردة فنظرت جانبا

وأعادت حركتها تلك متململة وضجرة من وجودي , وقحة

وتحتاجين من يكسر لك رأسك ولولا أن الجالس بجانبي

عمتي ولا أريد أن أحرجها لعرفت كيف ألقنك درسا جيدا





*~~***~~*









لأني اليوم عدت من عملي فجرا ولم أنم طوال النهار فما أن

صليت العشاء حتى نمت من فوري وما كدت أغرق في النوم

حتى أيقظني صوت المطر الذي هطل اليوم قويا لأول مرة في

هذا الخريف فقفزت واقفا فها قد بدأت أيام الشقاء مع المطر في

هذا المنزل , فتحت باب الغرفة ووجدت وسطه كالعادة في ظرف

ثواني امتلأ بالماء فأمسكت رأسي بيدي ثم خرجت صارخا

" سرااااب "

ففتحت باب غرفتها من فورها فقلت راكضا جهة الحمام

" أحضري شيئا تفرغي به الماء معي كي لا يدخل المطبخ "

ودخلت الحمام وأخرجت الدلو المخصص بالغرف وخرجت وكانت

هي خارجة من المطبخ تضع صينية تقديم على رأسها لتمسك المطر

عنها وفي يدها طبق حديدي غارق قليلا فتوجهتُ نحو بقعة المياه

وبدأت بإبعاده والمطر يسقط فوقي ولحقت هيا بي وبدأت تفعل مثلي

تثبّت الصينية ثارة وتغرف ثارة أخرى وحاولنا قدر الإمكان أن لا

يدخل الكثير من الماء للمطبخ لأنه حينها ستخرب الأرضية والمئونة

وجدارها الآخر كان قديما بسبب الرطوبة وصاحب المنزل نبه كثيرا

على دخول ماء المطر له ورغم أنه صنع له عتبة لكن الماء لازال

يدخل له بسبب انخفاضه , بعد وقت وجهد توقف المطر فرميت الدلو

ووقفت على طولي أمسح الماء من وجهي وقد تبللت بالكامل ثم

نظرت لها في الأسفل وقلت " لقد توقف يكفي لن تدخل هذه "

لكنها لم تقف بل أبعدت الصينية عن رأسها ووضعت فيها الطبق

ثم نظرت للسماء وقالت " هل تفعل هذا طوال الشتاء "

قلت متوجها لغرفتي " نعم "

ودخلت وأغلقتها خلفي وغيرت ملابسي فالجو يبرد ليلا ومع هذه

الأمطار ستزداد برودته , خرجت بعدها بالملابس لأنشرها خارجا

فسمعت صوت عطس سراب المتلاحق في غرفتها فذهبت جهة

الحبل عند الباب نشرت ثيابي بعدما عصرتها جيدا وعدت ولازالت

تعطس باستمرار فتوجهت نحو غرفتها وطرقت الباب وقلت

" غيري ثيابك ولا تبقي بها ستمرضين "

قالت من الداخل " ليس لدي غيره سيجف فليس مبتلا كثيرا "

قلت بضيق " أنتي من الآن تعطسين كيف ببعد وقت , أخرجي

للحمام واستحمي بماء دافئ والبسي عباءتك حتى يجف الفستان "

قالت " لا تقلق لن يحدث شيء "

قلت بضيق أكبر " لا أريد أن نقضي الليلة في المستشفى

يا سراب فتحركي "

فتحت حينها الباب تضع عباءتها على جسدها وخرجت متوجهة

للحمام تركض في بقعة الماء على رؤوس أصابعها وما أن تخطت

الباب بقليل حتى انزلقت قدمها ووقعت وكانت النتيجة أن أصبحت

جالسة في بقعة الماء مع صرختي " انتبهي "

وأنا أنظر لها بصدمة فرفعت رأسها ونظرت لي وقد تبللت بالكامل

والعباءة سقطت معها لتفاجئني بضحكتها التي تحولت لضحك هستيري

فابتسمت وهززت رأسي ثم توجهت نحوها أمسكت يدها وأوقفتها

قائلا " أدخلي الحمام سأتدبر الأمر "

لفت نفسها بالعباءة المبللة وقالت وهي تركض له

" في الغرفة ثياب أحضر لي منها "

نظرت جهتها باستغراب فوقفت عند الحمام جسدها في الداخل

ورأسها خارجا وقالت " ترجمان أصرت على تركهم لي رغم

أني رفضت لكنها باغتتني وتركتهم وغادرت "

لولا الموقف وأنها لم تلبس منهم أبدا حتى الآن وقد لجئت لعباءتها

ولم تأخذ منهم لكنت لا أعلم كيف ستكون ردة فعلي , قلت متوجها

لغرفتي " بل سأخرج وأجلب لك شيئا أنتي لست بحاجة لصدقة أحد "

قالت قبل أن أدخل " أحضر لي من ثيابك سيجف الفستان بسرعة

لا داعي لتخرج وتشتري "


أخرجت من الخزانة بنطلونا كان صغيرا منذ اشتريته وقميصا

وخرجت , طرقت باب الحمام ومددتهما لها فأخرجت يدها

لتأخذهم وأبعدت أنا نظري عنها وقلت " سأسخن لك الماء "

ثم غادرت للمطبخ وملأت القدر بالماء ووضعته على الموقد

وأخرجتها لها في تسط صغير وكان يخرج صوت سعالها وليس

عطسا فقط , كل هذا ونحن في الخريف كيف إن دخل الشتاء ؟

وضعته أمام الحمام وطرقت عليها الباب وقلت " الماء أمام

الباب , سأشعل المدفأة فما أن تخرجي تعالي لغرفتي "

ولم يخرج منها أي رد فتوجهت للغرفة وشغلت المدفأة البدائية التي

تعمل بالديزل كموفر للكهرباء فأحد شروط صاحب المنزل عدم

استخدام أي كهربائيات تعمل بالحرارة , توجهت بعدها للمطبخ

لأعد لها شايا ساخنا فلا نقود لدي لصرفها على الأدوية إن مرضت

وقفت أمام الموقد أنتظر الماء ليغلي فمر في بالي فورا موقف سقوطها

فابتسمت مستغربا استقبالها لكل الأمر بلا تدمر لكن سرعان ما ماتت

ابتسامتي حين عادت لي الأفكار عن أنها لم تتغير إلا بعدما علمت

حقيقة حياتي فهل كان تصرفها سيكون مشابها إن لم تعرف ؟ مؤكد

ستتذمر وتصفني بوجه الفقر وبمنزل الفقر , نظرت للماء الذي

بدأ بالغليان وتوجهت للخزانة لأخرج الشاي









*~~***~~*








ما أن هدأ المطر توجهت لمنزل عمي لأرجع بهما للمنزل وما

أن وقفت أمام الباب واتصلت بوالدتي حتى خرجتا فورا وهذه

المرة ركبت والدتي في الخلف متجاهلة طلب ترجمان أن لا

تركب إلا في الأمام وفي أي وقت لأن رأي والدتي كان العكس

ركبت ترجمان بجانبي وانطلقنا وما أن خرجنا للشارع وسلكنا

الطريق الرئيسي حتى نظرتُ لوالدتي في المرآة خلفي وقلت

بابتسامة ماكرة " أمي كم عدد الضحايا أم لا حروب هذه المرة "

ضحكت حينها والدتي ونظرت لي ترجمان نظرة حادة لكني

تجاهلتها ولم أنظر ناحيتها وقالت أمي " لا أضرار هذه

المرة لأنها قذائف بعيدة فقط "

كتفت حينها ترجمان يديها لصدرها وقالت بضيق

" عمتي ليست مقبولة منك أبدا "

قالت حينها ضاحكة " عنهم أتحدث فلا تفضحي نفسك "

ضحكت أنا حينها ونظرت هي للنافذة وتأففت وتمتمت بهمس

سمعته بوضوح قائلة " لا تنقص عن ابنها وكأنهما متآمران ضدي "

فشغلت حينها مسجل السيارة لأغنية عن الغيرة وبدأت أغني معها

وأسرق نظري لها وأمي تكز كتفي كل حين كي لا أضايقها أكثر

لكني لم أكترث لها حتى أشارت لي ترجمان بأصابعها أمام

جسدها تخفيهم عن والدتي ( واحد , اثنان .... )

فأغلقت المسجل وقلت ضاحكا " حسنا كله إلا عنقي "

ووصلنا حينها المنزل ونزلت ترجمان أولا ضاربة الباب بغضب

وقالت والدتي " لو لم أكن أعرفك من سنوات لقلت أنك لست إياس

ابني , منذ متى تحب حركات الإغاظة والمشاكسات أم تريد

قهرها فقط "

رفعت يداي وقلت " استسلم , لا تستلميني يا أمي أردت

ممازحتها فقط "

تنهدت وقالت وهي تفتح الباب " هي في النهاية امرأة وأنت

زوجها من الطبيعي أن تغار فلا تزيدها عليها "

ثم نزلت وأغلقت الباب فقلت بصدمة " ماذا قالت من

الطبيعي أن تغار "

فتحت حينها الباب وقلت بحماس نازلا من السيارة " يبدوا أن

الليلة ستكون حماسية ومشوقة "

ثم أغلقت الباب وتوجهت للداخل ويبدوا أني كما قالت والدتي بث

أعشق الحركات التي تغيظها بل وتقليدها في بعض الأمور




*~~***~~*



خرج أواس بعد خروجي من مكتبه وقد تناصف الليل ولم يأتي وهذه

ليست عادته فهوا يرجع للمنزل بعد صلاة العشاء وأذكر جيدا عمته

حين قالت لي إن تضايق سجن نفسه في الملحق في تلك الغرفة ولا

يخرج منها حتى الصباح ومؤكد سيدخن هناك فيبدوا أنه بعد مكالمة

والده زارته تلك الحالة وزدتها أنا بتدخلي , منذ ساعات كنت متجاهلة

الأمر لكن لا أعلم لما أنبني ضميري وكما قالت عمته وقوفنا نتفرج

أكبر خطأ نرتكبه في حقه فيبدوا أن ماضيه يحمل الكثير وأنه يسيطر

على حاضره , نزلت السلالم حتى وصلت المطبخ وقلت للخادمة

هناك " سيارة أواس في الخارج ؟؟ "

أشارت لي برأسها بمعنى نعم فتأكدت شكوكي فتوجهت لباب

المنزل فتحته وخرجت وسرت بخطوات متعثرة على الأرض

الزلقة بسبب الأمطار وحاولت الإسراع قدر الإمكان حتى وصلت

ووجدت باب الملحق مفتوحا بالفعل فدفعته ببطء ودون صوت ودخلت

فكان الظلام يعمه ولا نور منبعثا ولا من تلك الغرفة وكنت سأتراجع

لولا أن انغلق الباب خلفي بقوة وصرت سجينة السواد


بعد دقائق الفصل السابع والعشرون


فيتامين سي 25-01-16 09:09 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الخامس والعشرون)
 





الفصل السابع والعشرون









خرجت من الحمام أمسك البنطلون كي لا يقع مني أما القميص فقد

ربطته ربطا لأجمعه على جسدي وتوجهت بخطوات راكضة نحو

غرفته ودخلت فكانت دافئة تماما وهوا ليس فيها فاقتربت من المدفئة

ومددت يداي ألتمس الدفء منها وكانت ثمة بطانية أمامها ومؤكد آسر

من وضعها هنا , لففت جسدي بها جيدا وجلست أمام المدفئة ولازالت

عطساتي تخرج بين الحين والآخر حتى دفع الباب ودخل وأغلقه خلفه

يحمل في يده كوبا تخرج منه الأبخرة فمسحت كفاي ببعض ثم مددتهما

للمدفئة وقلت " ليلة من ليالي الشتاء القارص , ما كل هذا البرد "

وضع الكوب أماي وقال " اشربي هذا ليدفئك , الجو ليس بذاك

السوء أنتي من يبدوا أنك لا تستحملين "

ضممت نفسي بالبطانية مخبئة نصف وجهي فيها وقلت ونظري

على المدفئة " في صغري كنت أرجع من المدرسة بلا مضلة كغيري

ولا أحد يوصلني , الجميع يحضر أبائهم عندما يهطل المطر أما أنا

وترجمان فنرجع للمنزل ركضا تحته ونصل مبتلتان تماما ولا نجد

ولا حتى مدفئة بل أغلب الأحيان تجف ثيابنا علينا إن كانت دُرر

خارج المنزل ومع مرور السنين أصبحت هكذا لا أتحمل

ولا نفحة البرد البسيطة "

لاذ بالصمت ولم يعلق بشيء وجلس على سريره وكنت أتوقع هذا

منه فنظرته لي لن تتغير أبدا ويظنني أستجدي عطفه بحديثي عن

تلك السنين لكنه مخطئ مخطئ تماما , ضممت نفس أكثر ولذت

بالصمت مثله عيناي تراقبان النار أشرب الشاي الذي أعدّه وعلى

دفعات حتى خرج من صمته قائلا " سراب سأسألك سؤالا

ولا تجيبي عليه "

نظرت باستغراب دون أن ألتفت له فكيف يسأل سؤالا ولا يريد

الجواب عليه ؟؟؟ تابع حديثه قائلا " لو لم تعرفي حقيقتي

هل كان سيكون موقفك مشابها اليوم "

التفت لها حينها أنظر له بصدمة وكنت سأتحدث لكنه سبقني

قائلا بجمود " لا تجيبي اتركي الجواب لنفسك "

فوقفت حينها وغادرت الغرفة وركضت لغرفتي ودموعي تجري

فوق خداي , نعم فهمت هوا لا يريد الجواب أيا كان وكل ما

يعنيه أن تصلني فكرته وقد وصلت







*~~***~~*








دخلت لغرفتي ونزعت السترة ورميتها وبقيت بالتنوره والقميص

الضيق الذي كان تحت السترة وخلعت الحداء ورميته أيضا فانفتح

الباب ودخل منه فالتفت له ووضعت يداي وسط جسدي وقلت

" هذه آخر مرة تأخذني لمنزلهم تفهم "

أغلق الباب وتوجه للأريكة ارتمى عليها وقال ساخرا

" بل ستذهبين كلما ذهبت والدتي هناك "

رميت أصبعي في الهواء وقلت " إذا تحمل النتائج

ولن أسكت مجددا "

وضع ساق على الأخرى وقال ببرود " ولما كل هذا

الغضب والصراخ الأمر لا يستحق "

قلت بضيق " بالنسبة لك لا يستحق أنا لا يهينني أحد وأسكت له "

ثم قلت مقلدة لها ولطريقة كلامها " آخر ما توقعت أن يتزوج

إياس مما يصفهم بالمترجلات "

ثم تابعت بغضب " أقسم لولا منعتني عمتي كنت سأريها

المسترجلة وأحول وجهها لخارطة ألوان "

قال مبتسما وكأني لا أشتعل أمامه " كنتِ قلتِ لها أعجبه

كما أنا وما كانت ستستطيع الرد عليك "

نظرت له بصدمة ثم رفعت الوسادة من على السرير ورميتها

عليه قائلة " هذا بدل أن تقول أني لست كما قالت تُعلمني

كيف أجيب عليها "

رمى الوسادة على السرير وقال " أريد أن أعلم ما يغضبك

في كل هذا "

قلت بسخرية " أغار طبعا "

ضحك ثم غمز لي بعينه وقال " أعلم "

ضغطت على أسناني بقوة ثم توجهت نحوه وبدأت في محاولة

خنقه قائلة بغيظ " وأنت اتفقنا أنك لن تكرر كلامك ذاك

مجددا أليس كذلك "

أمسك ذراعاي ورفعني بخفة ورماني جانبا لأصبح أنا الجالسة


على الأريكة شبه مستلقية وهوا فوقي وقال " وأنا عند الاتفاق "

قلت وأنا أحاول التحرر من قبضتيه " كاذب فتذكر كلامك وسؤالك

لوالدتك عن نتائج الحرب هناك وأيضا حين قلت كله إلا عنقي "

لوا شفتيه بعدم رضا ثم قال " حقا أنا قلت هذا ؟؟ "

قلت بجمود " نعم وعليك أن تتلقى العقاب "

قالت ببرود " حقا ؟ "

هززت رأسي وقلت " نعم ولا تنسى أنك من وضع

ذاك الشرط "

هز رأسه بلا وقال " لا أذكر "

قلت بضيق " أتركني وابتعد ألمت ذراعاي "

طرق حينها أحدهم الباب فابتعد عني وفتحه وجلست أنا أرتب

شعري لحظة دخول عمتي تتحدث معه وما أن رأتني حتى قالت

بابتسامة محرجة " آسفة جئت في غير وقتي "

فغمز لي من خلفها وقال ضاحكا " أمرنا لله والدتي لن

نستطيع طردك "

نظرت حينها له بضيق وضحكتْ هي وقالت

" تحملاني قليلا "

ثم نظرتْ له وقالت " ظننت أن ما حدث اليوم قد يتسبب بمشاكل

بينكما لكن يبدوا أني أخطأت ولم يعد من داعي لبقائي "

ثم قالت متوجهة للباب " تصبحان على خير "

وخرجت وأغلقت الباب خلفها فنظرت له وقلت

" هل أعجبك هذا "

قال ببرود " قوليها لنفسك فأنتي السبب "

قلت بضيق " بل أنت ولا تغمز لي بعينك مجددا أو فقأتها لك "

وضع يداه وسط جسده وتأفف وقال " ترجمان متى ستكبرين

وتعقلي ؟ أقسم أني تعبت "

قلت بجمود أخفي به الأسى " لا أعرف مسترجلة تعقل "

هز رأسه بيأس وقال متوجها للسرير " لننسى الموضوع برمته "

ثم أخذ كتابا من على الطاولة ألحضه يقرأ فيه دائما وجلس على السرير

فخرجت حينها من الغرفة وتركتها له لأني لا أحب مظهر الضعف

وأن أكون حزينة ومهزومة ولا أعلم لما أشعر بكل هذا السوء








*~~***~~*








مسحت جبيني وتأففت بقوة فقال العم عثمان بعدما وقف مستندا

بعصا المجرف " لم أتخيل أن يكون العمل فيه صعبا هكذا "

عدت للحفر مجددا قائلا " علينا إنهائه الليلة فقد ينزل المطر

مجددا ولا وقت لجلب عمال الآن بعد منتصف الليل "

عاد للعمل معي ولا شيء يسمع سوا صوت ضرب الحديد

للأرض وعادت الأفكار تراودني وكلام فؤاد اليوم لا يغيب عني

( اثنان يراقبان منزلك طوال الوقت فعليك أخذ الحيطة , هذا ما

علمته من مراقبتي ولا يحتاج الأمر لأن نتقصى عمن كلفهما

فهوا جد زوجتك بالتأكيد )

وقفت ومسحت قطرات الماء التي نزلت من شعري على وجهي

وزفرت بضيق , أعرفه جيدا لن يحاول محاربتي في تجارتي

لكان حاول ولو إحراق أحد محلاتي ولن يفكر في قتلي فهوا يهوى

التعذيب فتعذيب الأنفس هوايته المفضلة ولا ينتقم إلا بها ولابد وأنه

يفكر في شيء ما ومراقبته للمنزل أكبر دليل فهل يفكر في اختطافها

أم كما أتوقع لن يأخذها حتى يدمرني أولا ومن الداخل , رميت ما

في يدي وقلت وأنا أفض يداي " يكفي هذا يمكنك الذهاب

للنوم والراحة لقد أتعبتك الليلة "

وضع المعول جانبا وقال " أنا هنا من أجل هذا فما نفعي

إن لم تجدني الآن "

ربتّتُ على كتفه ثم غادرت من عنده عائدا جهة المنزل , دخلت

وصعدت لغرفتي من فوري وفتحت الباب ودخلت وكانت خالية

تماما , رميت سترتي بعدما أخرجت منها ساعة يدي ونظرت لها

فكانت الثانية بعد منتصف الليل , أين ذهبت هذه في هذا الوقت !!

لا تكون غاضبة وتريد النوم في غرفة عمتي , رميت الساعة على

الطاولة وغادرت الغرفة ونزلت السلالم مناديا " دُره "

كررت النداء مرارا ولا مجيب توجهت لغرفة عمتي ولم تكن فيها

فبدأت بمناداة الخادمات بالواحدة وبصراخ حتى خرجت إحداهن

ركضا بملابس نومها وقالت " نعم سيدي "

قلت من فوري " أين دُره "

قالت بتوتر " لا أعلم "

قلت بغضب " كيف لا تعلمين وماذا تفعلن هنا "

خرجت آني قائلة " رأيتها عند الثانية عشر إلا ربع سألتني إن

كانت سيارتك في الخارج فأخبرتها أنها هنا ولم أراها بعدها "

" لقد غادرت المنزل "

التفتتُّ لمصدر الصوت فكانت وجد فبعد عودتها من المستشفى

لم أعد أغلق عليها باب الغرفة فيبدوا أنها تأدبت ولم تعد ولا تتطاول

عليا بلسانها رغم أني أستغرب هذا منها ولا أصدق أن حالها قد تغير

التفتُّ لها بجسدي وفي صمت فقالت " رأيتها تخرج من باب

المنزل يبدوا هربت من هنا "

تركتهم حينها وخرجت من الباب ووقفت في الحديقة أفكر ما سأفعل

أين ستكون ذهبت ؟؟ لقد تركت الباب مفتوحا بعد عودتي أول المساء

وانشغلت مع العم عثمان في الخلف لساعات فإن خرجت فلن يشعر بها

أحد , رميت الحجر بقدمي بغيظ وقلت من بين أسناني " لن تفعلها لا

وكل خوفي أن تكون وقعت في قبضة من كانوا يراقبون المنزل

في الخارج "

خرجت من باب المنزل الخارجي بقميصي المهمل كماه مثنيان

للمرفقين وبنطالي الجينز مثنيا حتى نصف الساق وبدأت بالتحرك

حول المنزل لأرى إن كان ثمة أحد هنا فإن أخذاها سيختفيان , كانت

حركة غبية ومتسرعة مني وسيلحظون معرفتي بهم إن لم يغادروا

لكن عقلي يرفض أي فكرة غير إيجادها وإرجاعها لي , لففت حول

المنزل عدة مرات كالمجنون رغم اتساع مساحته وبلا فائدة فعدت

للداخل وآخر ما لدي الخروج بالسيارة والبحث عنها في الشوارع

وما أن وصلت السيارة حتى خطر في ذهني الشجرة وأرجوحتها

نعم كيف لم أفكر فيها فهي سبق وذهبت هناك ليلا , أغلقت باب

السيارة وتوجهت هناك راكضا حتى وصلت ولم يكن هناك أحد

فأمسكت الحبل الأرجوحة بقبضتي وشددت عليه بقوة غير مصدق

أنها اختفت , ضاعت مني هكذا بسهولة ودون عناء من أحد

وستفشل كل خططي فوحدها سلاحي لجلب جدها للبلاد وتنفيذ

باقي مخططاتي , خرجت بعدها بالسيارة وبدأت بلف الشوارع

شارعا شارعا وكل ما أمسك نفسي عنه هوا الاتصال بجدها

والصراخ فيه وتهديده لكني لن أفعلها مادام هوا لم يتصل

فقد لا يكون من أخرجها أو اختطفها رجاله









*~~***~~*










أيقظني صوت طرق الباب من نومي ففتحت عين واحدة وقلت

" من "

ولم يجب أحد بل تكرر الطرق مجددا فنظرت للساعة ثم جلست

أرتب بيجامتي , من هذا الذي يطرق في هذا الوقت ولا يريد

الدخول ؟؟ لو فقط يبعدوا عنا الكوارث حتى يتم الزواج أولا

توجهت للباب وفتحته وأنا أتثاءب وأغلقت فمي فجأة حين

وجدت إياس أمامي فقلت باستغراب " إياس ماذا تفعل هنا !! "

قال ببرود " أقف أتحدث معك طبعا "

لويت شفتاي وتمتمت " أعان الله ترجمان عليك "

فقال بضيق " أعيدي فلم أسمع "

حككت شعري وقلت " لا تقل أنكما تشاجرتما وطردتك

من الغرفة "

نظر لي نظرة تحذير فتنهدت وقلت " آسفة تفضل إياس "

قال بذات بروده " انزلي لتدخل من البرد ستمرض ولن

ترحمني أمي إن علمت "

كتفت يداي لصدري وقلت " ولما لا تنزل لها أنت

فالحل لديك وليس لدي أنا "

قال بضيق " نزولي لها لن يزيد الأمر إلا سوءا ولا تفاهم مع

ابنة خالك كما تعرفيها فأقنعيها تنام معك على الأقل , لا مزاج

لي للمشاكل وأعرف والدتي ستلقي باللوم علي "

قلت مغادرة من أمامه " أمري لله ولا تنسى لي كل هذا

وحين سأتشاجر مع أمين أنت من ستصلح بيننا "

شعرت بشيء شدني من ظهري وأعادني للخلف فقلت بتألم

" آه إياس أتركني خنقتني "

تركني حينها وقال " لكي تحترميني مرة أخرى ولا أعتقد

أنك ستحتاجين لمن يراضيه مع لسانك هذا "

ثم غادر جهة ممر غرفته وتركني , ذهب لينام طبعا وترك لي

المهام الصعبة فما سيقنعها بالدخول الآن ؟ يفعلها هوا وأتورط أنا

نزلت وتوجهت للحديقة وكانت جالسة هناك بالفعل بل وعلى بساط

الأرض وتلعب بشيء بين أصابعها ونظرها عليه فاقتربت منها

وجلست أمامها وقلت " ما بها حرم شقيقنا المصون "

قالت ببرود " أُحصي عدد أعشاب الحديقة هل لديك مانع "

ضحكت وقلت " بل قسما أنكما تشاجرتما ومالا تعلميه أنه

يراقبك من بعيد ينتظر أن تدخلي "


ابتسمت بسخرية ولم تعلق فقلت " لا تصدقي لكنها

الحقيقة فعلا "

رمت ما في يدها وقالت " سدين فارقيني حالا "

تربعت وقلت " في منامك لن أدخل إلا وقدمي على قدمك وإن

ظهرتُ ببشرة شاحبة في زواجي ستكونين السبب "

قالت بسخرية " لا أعلم لما لا تتعلمن من تجارب غيركم

مالك والزواج ووجع الرأس "

لوحت بيدي قائلة " لا لا تلك أفكارك وحدك أنا أريد

زوجا يحبني وأبناء ومنزل "

نظرت للبعيد وقالت " غبية وستكتشفين ذلك يوما "

تنهدت وقلت بهدوء " ما المشكلة بينكما ترجمان أخبريني "

قالت ببرود " لا شيء "

قلت بإصرار " بل ثمة شيء فتحدثي "

لاذت بالصمت ولم تتكلم فقلت " هل زيارة منزل عمي

وراء كل هذا "

ولا جواب طبعا فقلت باستياء " ترجمان افتحي لي قلبك

هيا ولن يعلم أحد بما دار بيننا أقسم لك "

نظرت لي وقالت بضيق " تعلمين بدون سؤال فأنا لا أعجب

شقيقك أبدا , لست كما يريد ولن يسمح أحد بانفصالنا وحياتنا

معا أشبه بالمستحيل , فها قد علمتِ المشكلة لترتاحي "

قلت بهدوء " وما فيك لا يعجبه ؟ فتاة بجمالك وشعرك الرائع

وقوامك الممشوق ماذا يريد أكثر من هذا "

قالت بسخرية " كل هذا لا يعنيه يريد امرأة يقودها كالدّابة لا

شخصية لها ولا رأي لا معه ولا مع غيره "

قلت بشبه همس " لكني أراه يعاملك جيدا ويمزح وكأنه

ليس إياس والجميع هنا لاحظ ذلك "

قالت بسخرية " يريد إغاظتي فقط , هل صدقتم أنه

سيتغير في هذه المدة البسيطة "

هززت رأسي وقلت " وليس حلا أن تنفصلا يا ترجمان فأنتي

ستصبحين مطلقة وإياس لن يتزوج أبدا أعرف شخصيته

جيدا لا يدخل أي تجربة مرتين "

قالت من فورها " لا يهم مطلقة مطلقة "

تنهدت بيأس وقلت " أدخلي معي لغرفتي هيا وغدا ستهدئين

ويتغير كلامك "

نظرت للأرض وقالت " ادخلي وسألحقك أريد لعب الكرة قليلا "

فوقفت حينها وقلت " سأتركك ولكن لا تبقي في الحديقة فالجو

بارد فادخلي للملعب حسنا "

هزت رأسها بحسنا دون أن تنظر لي فدخلت وتركتها وأخشى حقا

على زواجهما ويبدوا أن جهود إياس لم تنجح حتى الآن فهل يفعل

ذلك لتحبه أم كما قالت ليغيظها ويسخر منها ليس إلا ؟؟ توجهت

لغرفتي أمسكت هاتفي وأرسلت له ( إياس لن أكذب عليك فلأول

مرة أرى ترجمان حزينة ومحبطة فخِفّ عليها قليلا , وقالت

أنها ستذهب لملعب السلة فحاول أن تتحدثا )








*~~***~~*








بعدما يئست من إيجادها عدت للمنزل وقد أيقنت أنها غابت

للأبد وانتهى كل شيء فلم تذهب ولا حتى لمنزل إياس ولا

آسر ولا منزلهم القديم حيث عاشوا ولا هاتف لديها وقد خرجت

في وقت متأخر فمن أين ستجد هاتفا عموميا ؟؟ عليا أن أستحم

وأذهب لأصلي الفجر ثم أرى ما سأفعل وكيف أعلم إن كان جدها

وراء الأمر أم لا وعليا تعميم أسمها في المطارات كي لا يخرجها

من البلاد إن كان وصل لها ولن يكون بعدها من حل سوا رجال

الشرطة لإيجادها وسأعمل جهدي ليكون الأمر محاطا بالسرية

فكم مرة سيسجل أسمها في محاضر لدينا ويكفي حتى هنا , ما أن

وصلت باب المنزل حتى أوقفني صوت العم عثمان مناديا فالتفت

له فوقف يتلقف أنفاسه وقال " أردت إرجاع الأدوات للملحق

فوجدت الباب مغلقا فافتحه لي قبل أن تذهب لعملك بعد الصلاة "

نظرت له باستغراب فأنا أعرف تصميم الباب جيدا لا يغلق من

تلقاء نفسه ولا حتى في الجو العاصف , قلت راكضا جانبا

بمحاذاة المنزل " عد لغرفتك أنا من سيرجعهم "

وتوجهت من فوري للملحق فهذا أملي الأخير رغم أني أستبعد

أن تذهب له فما ستفعله هناك ! وصلت الباب ووقفت أمامه ليصل

لمسامعي صوتها المنخفض وهي ترتل القرآن بصوت مرتجف

فأخرجت مفاتيحي وفتحت الباب بسرعة ليدخل النور منه قويا

ومستقيما أظهر جسدها النحيل وهي تقف مستندة بالجدار خلفها

تنظر لي بترقب لردة فعلي فتوجهت نحوها وأمسكت ذراعها

وسحبتها لحضني وضممتها بذراعاي بقوة وقلت " ماذا أفعل

مع غضبي منك الآن يا دُره ؟ لما تهوين إتعابي "

قالت بصوت مرتجف ضعيف " جئت أبحث عنك

خفت كثيرا لما لم تأتي لتخرجني "

زدت من احتضانها أكثر وقبلت رأسها وأخفيت وجهي

في شعرها قائلا بهمس " المهم أنك هنا وبخير "









*~~***~~*









ما أن سمعت حديثه والعجوز الذي يهتم بالحديقة والأشجار حتى

خرجت خلفه بمسافة كي لا يشعر بي فيبدوا أن ذاك العجوز أفسد

مخططي وسيخرجونها , كنت أريد أن تتعفن هناك لأرى ردة فعله

وصلت المكان ووقفت من مسافة قريبة أرى الباب من بين الأشجار

ليظهرا لي بالداخل يحضنها بقوة منزلا رأسه ووجهه في شعرها

بنطلونه الجينز المرفوع لنصف ساقيه وكما قميصه المرفوعان

يكشفان ساعديه القويان والنور المتسرب مشكلا حولهما مستطيل

طويل وكأنه يستقطعهما من جميع المشهد , كنت وكأني أشاهد فيلما

وليس واقعا أمامي , لقد عشت معه لأشهر أتمنى هذا الحضن وهذه

المشاعر النابعة منه ولم أحضا به يوما لتأتي هذه وتأخذ كل شيء في

شهرين فقط , ضغطت قبضتي بقوة أراقب كيف يدسها في حضنه

ولم يكتفيا حتى الآن وكأنهما يتعمدان قهري , ظننتك لا تعرف هذا

يا أواس , ظننتك آلة وكتلة من الحقد والبرود والصمت كما عرفتك

دائما وحين يئست منك وبحثت عن ذلك في غيرك ألقيت باللوم علي

كيف حضت هذه النتنة برجل مثله لا يحركه أي شيء ؟ كيف أخذته

هكذا شخصية جذابة ومال وكل شيء تقريبا مجتمع فيه حتى تشرده

هذا لم يزده إلا جاذبية وروعة , هي نعم هي نقطة ضعفك يا أواس

ودمارك سيكون على يدها وأنا من سأكون السبب فيه











*~~***~~*












بعد ساعتين وعند اقتراب وقت الفجر نزلت وتوجهت لملعب

سدين وهوا كان ملحقا فتحت له بابا خلف السلالم وحولته لملعب

كرة سلة صغير لحبها لهذه الرياضة , كان الباب مفتوحا وصوت

ضرب الكرة للأرضية واضحا فوقفت أمامه أراقبها وهي تركض

وترمي الكرة في السلة وشعرها يتطاير مع حركتها ويبدوا أنها

تفرغ غضبها في اللعب فهي لم تشعر حتى بوجودي , توجت جهة

السلة وكانت ترمي الكرة فنزلت منها أمامي فأمسكتها بيداي

ونظرتْ هي لي تتنفس بقوة بسبب ركضها وقفزها فضربت

بالكرة على الأرضية وقلت " ما رأيك في جولة "

استدارت ويبدوا ستغادر فقلت مستفزا لها " سبق وهزمت

سدين مرارا وقد أهزمك بسهولة "

وقفت وقالت دون أن تلتفت لي " أقطع يدي إن فعلتها معي "

قلت بابتسامة " لنجرب إذا والمنتصر يشترط على

الخاسر ما يريد "

التفتت لي وقالت بسخرية " رأيت وعودك سابقا ولم

أحضا بشيء فإنسا الفكرة "

ثم استدارت مجددا لتغادر فلحقت بها وأمسكت يدها وقلت

" دعينا نتفاهم إذا فهذا ليس حلا لمشكلتنا "

استلت يدها مني وقابلتني وقالت " لن ينجح الأمر لأنك

ستخل به ككل مرة "

قلت ببرود " أنا أخللت به ؟؟ "

قالت بجمود " نعم أنت وضعت شروطا ليلة زواجنا وأخللت بها

ثم وضعت أخرى كي لا أهينك ولا تسخر مني وأخللت بها

أيضا والثالثة لن تفرق عنهما "

تنهدت بضيق وقلت " وإن قلت أني آسف "

قالت بسخرية " على ماذا "

تأففت وقلت " على كلامي البارحة طبعا فلا تضيقيها

وهي واسعة يا ترجمان "


كتفت يداها لصدرها وقالت " لا أصدق أنك أنت إياس تعتذر

مني ففسرها لي رجاءً "

وضعت الكرة تحت ذراعي وقلت " ومن قال لك أني لا أعتذر

فارفعي أفكارك السوداء ناحيتي "

قالت مغادرة " أعرفك دون أن يقول لي أحد ولعلمك فقط إن

حملت فالطفل لي ولن تراه والاتفاق سنكمله في كل الأحوال "

ثم غادرت خارجة من الباب فهززت رأسي ورميت الكرة بقوة

وغيظ فلا يبدوا أنه هناك سبيل للتفاهم مع هذه المرأة







*~~***~~*










لا أنكر أني أحيانا أجد لنفسي تفسيرا في قسوتي عليها وفي أحيان

أخرى أرى أنه لا مبرر لها , فبث هكذا كالمربوط بين حبلين كل

واحد يشده لجهة حتى يمزقاه في النهاية , وقفت أمام باب الغرفة

وتنهدت بأسى وضيق والكثير من المعاني من ذلك فعندما سرقتْ

نظري البارحة بملامحها وهي تحمل كل البراءة تنعكس أمام ضوء

نار المدفئة وجذبتْ عطفي نحوها حين تحدثت عن تلك المعاناة في

طفولتها لم أجد حلا سوا إبعادها وإقناع نفسي أكثر أنها هي نفسها لن

تتغير ولن أغير نظرتي لها وكنت كمن يريد أن يُسكِت صراخا عاليا

في داخله ولا حل أمامه سوا الصراخ مثله , تنهدت مجددا وطرقت

باب الغرفة ففتحته لي نصف وجهها فقط يظهر منه تنظر للأرض

والحزن باديا على ملامحها فنظرت للكيس في يدي وقلت وأنا

أمده لها " هذا حجاب وجهزي نفسك لآخذك لشقيقتك "

توقعت أن ترفضه أن تأخذه وترميني به أن تثور وتذكرني بكلامي

البارحة لكنها خانت جميع توقعاتي ومدت يدها وأخذته وقالت

بهمس " شكرا "

فأبعدت نظري عن ملامحها سريعا وتوجهت لغرفتي







*~~***~~*








تحركت بعشوائية أمام باب المنزل وهاتفي في يدي ثم تأففت

وعدت للمنزل وكانت عمتي تنزل السلالم فقلت بضيق

" أين ابنك لم يأتي ولا يجيب على هاتفي "

وصلت للأسفل وقالت " قد يكون شغله شيء ما "

قلت باستياء " وما سيشغله وهوا يعلم أنه عليه أخذي لمنزل

دُرر , لا أعلم لما يحب قهري هكذا "

تنهدت وقالت " ولما ظن السوء هذا ؟ قولي عساه خيرا

هذا بدل أن ينشغل بالك عليه "

تركتها وعدت للوقوف خارجا , هي والدته في كل الأحوال

وستجد له ألف عذر أما أنا فلا أجد له ولا واحدا من مئة

وقفت قليلا وعيناي على الباب الخارجي ثم نظرت لساعتي

وضربت الأرض بقدمي متأففة ثم عدت للداخل وجلست على

الأريكة بالمقربة منها وقلت ببرود " عشر دقائق أخرى إن

لم يأتي اتصلت بعمي رفعت ليأخذني "

ثم وضعت حقيبتي في حجري بقوة وغيظ وتابعت بقهر

" يعلم أنه لن نحظى بموعد آخر من زوج دُرر المصون ولن

يوافق زوج سراب على أخذها هناك ثانيتا وسيضيعها علي

لا أعلم ما بنا حظ كل واحدة منا أردأ من الأخرى "

كانت ستقول شيئا لولا منعها دخوله من باب المنزل وقال

متوجها للسلالم " أنزل وأجدك في السيارة أو ذهبت وتركتك "

وصعد ونظري يتبعه , ما به عابس هكذا ويقول كلامه من رأس

أنفه ؟ حتى أنه لم يحيي والدته كعادته وهل يراني لست جاهزة

أمامه ؟؟ تجاهلت كل تلك الأفكار ووقفت وخرجت للسيارة وركبت

فالمهم عندي أنه جاء لأخذي لأنه إن فعلها بي لا أعلم ما ستكون

ردة فعلي , خرج بعد قليل وركب وخرجنا من فورنا ولم يتحدث

طوال الطريق بشيء حتى وصلنا منزلا أكبر وأرقى من منزلهم

ومنزل عمهم وعمي أيضا رغم كبر حجم منازلهم , وقفنا

أمامه وقال ببرود " اتصلي بي لآتي لأخذك "

فنظرت له بصمت وهوا ينظر أمامه متجنبا النظر لي فنزلت

دون أن أعلق على شيء , وما أن أغلقت باب السيارة حتى انطلق

بها مسرعا وصوت انزلاق عجلاتها على الطريق كاد يصم لي

أذناي فبقيت مكاني للحظات أراقب سيارته تبتعد مستغربة تبدل

مزاجه فجأة ثم رفعت كتفاي وتوجهت لجرس الباب وقرعته فالمهم

عندي أني أتيت والأروع من ذلك أنه ترك الوقت مفتوحا أمامي

ما أن رننت على الجرس حتى وقفت سيارة زوج سراب ونزلت

منها فنظرت لها مبتسمة وهي تنزل ثم اقتربت منها وهي تتوجه

نحوي وقد غادر زوجها فحضننا بعضنا وقلت بشوق

" اشتقت لك يا غبية هل تدركي هذا "

لتفاجئني دموعها وشهقتها الباكية وهي تضمني بقوة أكبر

فقلت ماسحة على ظهرها " سراب ما بك هل ضايقك

مجددا ذاك الأحمق "

قالت بهمس مخنوق " لا "

ثم ابتعدت عني عندما انفتح باب المنزل لنا









*~~***~~*











وضعت زجاجة العطر على طاولة التزيين بعدما رششت منها ثم

وقفت أنظر لملابسي وأرتبها جيدا , كنت أرتدي تنوره قصيرة

تحت الركبتين بقليل بقماش مبطن لها نقوش عريضة عند حوافها

السفلية , ضيقة عند الخصر ثم تتسع تدريجيا وقميص ضيق بدون

أكمام وفوقه طبقة من الشيفون بكمان دائريان وطوله لنهاية الخصر

ونصف مفتوح من الأمام وكان هذا أنسب ما وجدت ليكون مناسبا

لليوم , رفعت شعري بقوس فضي وجلست على حافة السرير خلفي

أنظر للأرض بحزن وحيرة ثم تنهدت بأسى وأنا أتذكر كل ما حدث

البارحة فبعدما عدنا هنا أنزل عليا سيل توبيخه ( ما الذي أخرجك

ذاك الوقت وكيف تغلقين الباب على نفسك وماذا إن لم أذهب هناك

من سيسمع حتى طرقك ومناداتك ) ولم يصدق حتى أني لم أغلقه

وفي النهاية نام غاضبا مني وخرج فجرا لعمله وكأنه ليس ذاك

الذي ضمني لحضنه هناك دون أن يصرخ ويغضب كعادته حين

أكون مخطئة في نظره , كم هوا معقد هذا الرجل وكم يصعب

عليا فهمه فهوا يجعلني عاجزة حتى عن فهم نفسي , أخرجني

من أفكار صوت طرق على الباب فتوجهت نحوه وفتحته

فكانت إحدى الخادمات وقالت من فورها " سيدتي

ضيوفك وصلوا "

فخرجت مغلقة الباب خلفي ونزلت السلالم مسرعة فاليوم من

الأيام التي تحسب في حياتي , وأخيرا سأراكما يا شقيقتاي

اللتان لم أرزق بهما يوما فلأول مرة نفترق كل هذا الوقت فلم

نغب عن بعضنا يوما , ما أن اجتزت نصف السلالم حتى ظهرتا

لي وكانت ترجمان تنظر من حولها وسراب تنظر ناحيتي مبتسمة

وتمسح دموعها فأكملت باقي العتبات ركضا وقفزت لحظن سراب

التي استقبلتني فاتحة ذراعيها لي وبدأت تشهق باكية وأبكتني معها

ضممتها بقوة وقلت " منذ متى أصبتِ حساسة هكذا

ومبارك ارتدائك للحجاب كم هذا رائع "

ثم ضحكنا معا من بين دموعنا وابتعدت عنها واحتضنت ترجمان

التي استقبلتني بذراعيها وضمتني بقوة وقالت من فورها " أول

مرة أرى أبوابا مرسومة وكأنها لوحات فنية وما هذه الملابس

الرائعة التي تلبسينها , لقد أخذتِ نصيب الأسد يا حمقاء

أوسمهم وأغناهم "

ابتعدت عنها ومسحت دموعي قائلة بابتسامة " قولي اشتقت

لك قولي كيف حالك , حسد هكذا من بدايتها "








*~~***~~*










ألبستها باقي ملابسها أستمع لحكاياتها الطفولية التي لا تتوقف

وبطلتيها طبعا ترجمان وسدين وذهني ليس معها أبدا بل مع

أولى جلسات المحكمة التي ستبدأ بداية الشهر ولم يتبقى عليها

سوا أيام ويبدوا أن مصطفى تراجع حتى عن تطليقي بمحض

إرادته وقد سئمت من نظرات الناس وكلامهم عن سبب تركي

لمنزلهم وزواجه من أخرى فقد كُتب لي أن تنزل فوقي ضرة

قبل أن أصبح مطلقة لأجرب جميع الأنواع , رن هاتفي وكان

ذاك الرقم الغريب مجددا ولم يكمل الاتصال كعادته ثم وصلت

منه رسالة ولأول مرة يفعلها ففتحتها فكان فيها

( رغد هذا أنا خالد )

فشعرت بجسدي كله ارتجف حتى وقع الهاتف مني وبدأت دموعي

بالنزول , لما يحدث معي كل هذا وما يريده بي بل وكيف يفكر هذا

المجنون فلو انتشر الخبر بين الناس فلن يرحمني أحد , طرق أحدهم

باب غرفتي فأمسكت الهاتف برجفة وأغلقته نهائيا ومسحت

دموعي وقلت " تفضل "

فانفتح ودخل منه إياس فوقفت ندى من فورها وركضت جهته

ضاحكة فحملها وقبل خدها وتوجه نحوي وجلس على الكرسي

وأنزلها للأرض وقال " اذهبي ونادي جدتك بسرعة "

فخرجت من فورها وقال ما أن غادرت " رغد هناك أمر

أريد أن تقومي به من أجلي "

نظرت له باستغراب وتابع قبل أن أعلق " أريد أن أتزوج "

نظرت له بصدمة وقد تاهت الحروف مني وبدأت بالتلعثم ولم

أعرف ما أقول فأشار لي بإصبعه على شفتيه وقال ناظرا للباب

" أش سنتحدث لاحقا وأمي آخر من سيعلم "

ولم أستطع قول شيء لأنها بالفعل دخلت وندى تسحبها من يدها

وقال إياس من فوره " سآخذ إجازة وبعدها سأنقل عملي من هنا

وسننتقل للمزرعة بعد زواج سلسبيل وسدين مباشرة فرتبوا أموركم "

ودخل هوا وأمي في نقاش حول الأمر ولا تبدوا أمي معترضة أبدا

أما أنا فلم أستطع قول شيء فصدمتي من كلامه لازالت تلجمني

عن الكلام حتى الآن









*~~***~~*










دخلنا مجلس الضيوف وقالت ترجمان ما أن جلسنا " كيف

أحوالك مع عريس السعادة يا دُرر فوحدك مجهولة

المصير حتى الآن "

قلت بهدوء " جيدة "

لوت شفتيها وقالت " كنت أعلم أنه سيكون جوابك في كل

الأحوال وأتوقع العكس فكل هذا الأمر كان فاشلا منذ البداية "

ولم تتركني أعلق بل تابعت قائلة " لو كنت أعلم أن كل هذا كان

سيحدث ما وافقتهم على ما فعلوه وبقيت للفضيحة فستنساها

الناس مع مرور الوقت "

نظرت للأسفل وقلت " الشرف لا يسامح فيه أحد ولا يُنسى يا

ترجمان , ثم هل ستختارين أفضل مما اختار الله لنا "

تمتمت بشيء لم أفهمه ثم قالت " أقنعيني أن حياتك أفضل من

حالنا وأنك راضية عنها فأنا أعرفك من سنوات يا دُرر

وأفهم نظرتك دون كلام "

تنهدت وقلت " قلت أن أموري جيدة وما كنت سأستبدلها

بالفضيحة أبدا "

تجاهلتني ونظرت جهة سراب الصامتة منذ أول الجلسة

وقالت " وأنتي من بلع لسانك فليست عادتك "

قالت بهدوء أقرب للبرود " حياتك جيدة يا ترجمان فلا تفسديها

بغبائك وطيشك وتندمي وقت لا ينفع الندم "

نظرتْ لها بصدمة وقالت " هل هذه سراب من تتكلم !! "

نظرت ليديها في حجرها وقالت بشيء من الحزن " نعم فقد

يكون حال أفضل من حال لو لم نفسده أكثر "

قالت بتذمر " بالله عليكما من ألقى عليكم تعويذته ؟ دُرر أعرفها

طوال حياتها ترضى بالتعب وتسكت , أنتي ما غيّرك فجأة "

نظرتْ لها وقالت بجدية " غيرني غبائي الذي دمرني وعليك

أنتي أيضا أن تستفيقي لنفسك فزوجك لا ينقصه شيء "

نظرت لي حينها وقالت " دُرر هل تصدقي أن هذه

سراب التي نعرفها "

هززت رأسي بلا في صمت فقالت سراب بضيق " وما في

الأمر إن غيرت قناعاتي وحياتي , هذا شيء عادي وطبيعي "

نظرت لها ترجمان بصدمة وقالت " سراب يا غبية هل

أحببت ذاك المعتوه "

قالت وعيناها قد امتلأت بالدموع " نعم بعدما أكرهته فيا أضعاف

ما كان , هل ارتحتِ الآن بمعرفة السبب "

أمسكت رأسها بيدها وقالت " غبية لقد أفسدتِ على نفسك "

أشاحت بوجهها بعيدا عنها وقالت " بل أفسدت على نفسي حين

لم أرضى بواقعي منذ البداية فكل ما كان يحتاجه زوجة تفهمه

وتتفهم ظروفه وحياته ولم يجدها بي وحين استفقت لنفسي

كان الأوان قد فات ولم ينفعني الندم "

هزت ترجمان رأسها بيأس منها ثم نظرت لي وقالت

" وأنتي يا معدومة هل أحببته أيضا "

نظرت لها بصدمة فقالت " وصل الجواب لن تكوني

أفضل منها "

فقلت بصدمة أشد " ماذا أنا ..... "

ولم أنهي كلامي لأنها قاطعتني قائلة " وأين زوجته الأولى

لا تقولي أنها تعيش معك هنا "

وما أنهت جملتها إلا وانفتح باب المجلس ودخلت منه ...... وجد






نهاية الفصل .... موعدنا مساء الخميس إن شاء الله


فيتامين سي 28-01-16 09:00 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع والعشرون)
 
1 مرفق





الفصل الثامن والعشرون


النص بالمرفقات

<ترجمانتي كون بخير>
♥ أغاني الوفاء لأجلك♥



نهاية الفصل .... موعدنا مساء الأحد إن شاء الله

[/COLOR]

فيتامين سي 31-01-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والعشرون)
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعد مسائكم جميعا متابعي روايتي


بداية وقبل فصلنا اليوم أحب أن أوجه شكري الخالص والكبير للأخت

الغالية وحبيبة قلبي ( فيتامين سي ) على ما قدمته بل على أهم ما فعلته

من أجلي وأجلكم وأجل الرواية فلن أنسى وقوفها معي وموافقتها ما أن

طلبت منها مساعدتي في نقل الفصول لكم لِما رأيته من انضباط لديها

في نقل الفصول فهي والأخت لامارا لم ترى عيني في تفانيهما ونشاطهما

واهتمامهما بالقراء والنقل ورغم انشغالها وكثرة مشاغلها ونشاطها الذي

انشهرت به إلا أنها تفرغت من أجلي وأجلكم وأجل متابعيها هناك ورغم

أن الفصول تصلها مجزئة وهي تتعب في جمعها إلا أنها وافقت دون تردد

فأسأل الله أن يناولها كل ما تحب وتتمنى ولا يرد لها طلبا فلولاها بعد الله

ما نزل فصل الخميس الماضي لأني كنت غير موجودة ولا فصل الاثنين

لأن الكهرباء كانت مقطوعة وقت التنزيل وكنت وقتها مطمئنة ومرتاحة

البال لأني أعلم علم اليقين أنه بين أيديكم وقد قرأتموه فالفضل بعد الله لها

وتذكروها في كل فصل بدعوة صادقة مصدرها القلب كلما رأيتم اسمها

يعلوا الفصول ... شكرا فيتامين سي ولو نجوم السماء تهدا لأهديتها لك


الفصل التاسع والعشرون


المدخل
بقلم الغالية alilox


دعيني اعيش مع السراب من حصونك اخاف الاقتراب غيبتي عقلي اسرتي قلبي عقلي وقلبي بشأنك في اختلاف قلب بدأ يهواكي ويجد لكي الاعذار لكن عقلي يقول كفى هل سمعت احدا امسك السراب اني اخاف من حصونك الاقتراب
**
ماأعظم ذنبي في قلبك ياآسري أليس ذنبك أعظم من ذنبي ذنپك هدمت حصوني احتللت قلبي احتلال لكن عفوا ذنبي أعظم أضعاف أضعاف ذنبي عشقت من احتل قلبي من احتل روحي ومن متى يعشق المحتل من قام بفعل الاحتلال
مساء الورد
****




مر أكثر من شهر وقد انتقلنا هنا إلى مزرعة العائلة فبعد وفاة زوج

رغد بأسبوعين تزوجتا شقيقتيها زواجا عائليا بسيطا بسبب موت

نسيبهم بما أنها لم تُطلق منه ثم انتقلنا هنا على الفور , في البداية

أخذ منا المنزل هنا وقتا بين تجديد وتنظيف ودخلتْ رغد في حالة

هستيرية من أنهم سيأخذون ابنتها منها وأصبحت لا تنام إلا وهي في

حضنها وأغلب الوقت تسجنها معها في الغرفة مخافة أن يأخذوها دون

علمها خصوصا بعد زيارة جدتها التي صرحت فيها أنها ابنتهم وستتربى

لديهم خاصة أن الطلاق لم يتم بحكم المحكمة , وأصبحت عمتي تنام

معها أغلب الليالي بسبب استيقاظها مفزوعة من نومها , إياس انشغل

كثيرا في المزرعة ويبدوا أصبح يكرس لها جل وقته ويفكر جديا في

تطويرها وأن يتحول خارج قسم الشرطة لمزارع , أما علاقتي به

فعلى حالها منذ تلك الليلة التي خرج فيها من الغرفة ولحد هذا اليوم

لازال ينام بعيدا عني وكل في غرفة مستقلة ولازال متمسكا بقناع

بروده ذاك وأستغرب أنه فعلها ولم يأبه لكشف أهله للأمر وأستغرب

أكثر أن أحدا منهم لم يعلق بشيء وحتى عمتي التي بداية انتقالنا هنا

كانت تحاول التلميح لي بأن أرى ما يزعج زوجي وما يؤرق حياتنا

وأعالجه أصبحتِ الآن وكأن الأمر لا يعنيها ولا يحدث أمامها ومنذ

أيام بدأتُ ألاحظ الحركة الغريبة هنا اجتماعات سرية وحدي من لا

يحظرها ونقاشات تدور بهمس ولا أفهم لما أو عن ماذا ؟ وقد جعلتْ

تحركاتهم وأحاديثهم تلك عمتي منزعجة لأيام قبل أن تعود لطبيعتها

وأنا لم أسأل عن شيء خصوصا وأن إياس جزئا في كل ما يجري

أظلمت الدنيا في عيناي بسبب الشيء الذي وضع عليهما

فقلت مبتسمة " سدين طبعا "

أبعدت يديها وقالت ضاحكة وهي تلف حول الأريكة لتجلس

بجانبي " ومن غيري هنا يحبك ويبحث عنك طبعا "

برمت خصلة من شعري بين أصابعي ثم دسستها خلف

أذني وقلت " من الآخر ماذا تريدين "

قالت ببرود " مرحبا يا رئيس البلاد "

ضحكت وقلت " لو كنت رئيس البلاد لكنت سجنتك

حتى تتعفني في السجن "

وضعت ساق على الأخرى وقالت بغرور " وما يفعلان شقيقي

وزوجي الضابطان سيخرجانني طبعا "

قلت ساخرة وبقصد " ومتى رضينا على زوجنا ؟؟ يالك

من مسكينة بسرعة تنسي غضبك منه "

قالت ببرود " عذره معه "

فضحكت دون تعليق فهي غضبت كثيرا عندما رفض الدخول

ورؤيتها يوم عقد القران وقالت لماذا أتزين وأكلف نفسي إن كان

لن يراني لكن الغبية رضيت عنه بسهولة حين علمت أنه برر

لإياس بأن الأمر مراعاة لشقيقتها التي توفي زوجها حديثا

وصدّقته هذه الخائبة , نظرت لي بطرف عينها وقالت

" أرينا عجائب قدرتك أنتي في زوجك "

ضحكت ضحكة قهر أكثر من كونها سخرية وقلت " شقيقك

تعلمين جيدا أنه هوا من يرفضني ولا أعجبه "

رفعت غرتها ممررة أصابعها فيها ثم هزت رأسها بلا وقالت

" لن تنجحا وأنتما تنظران للأمر من هذا المنظور الضيق "

حركت كتفي بلامبالاة ولم أتحدث فقالت " لما لا تجربي "

نظرت لها باستفهام فقالت " أقصد أن يتنازل كل واحد

منكما قليلا "

اتكأت برأسي على يدي التي سندت مرفقها على ذراع الأريكة

وقلت ناظرة لها بجانبي " وأتحفيني بذوق شقيقك الذي سأتنازل

لأرضيه "

تنهدت بيأس وقالت " إياس طوال حياته يحب المرأة التي تشبه

شخصية رغد في هدوئها مع الثقة في النفس أكثر "

قلت بسخرية " لا هذا فوق طاقتي , رغد التي لا تعرف كيف

تدافع عن نفسها وحقها , أقسم لو كنت مكانها ما سكتّ لتلك

العجوز التي جاءت تتبجح عليها وتصرخ وتبلبل وهي صامتة

تبكي فقط , لو كنت مكانها لأخرجتها من هنا تبكي "


عبست وقالت " أرئيت أنكما لا تتفقان , صحيح أن الرجال

يحبون المرأة القوية التي تفرض شخصيتها لكن دائما

للقاعدة شواذ وإياس شذ منها "

قلت باستخفاف " هه قولي أن شقيقك يريد عديمة شخصية

يتحكم بها وتتعامل أمام الناس بثقة نفس ومعه قطة يأكل

عشائها وهي تنظر "

هزت رأسها بيأس وقالت " كنت أعلم أن هذا لن يجدي

معك ولا أعلم لما تكلمت "

ثم تابعت بجدية " ترجمان أنتي صديقتي قبل أن تكوني

ابنة خالي وزوجة شقيقي وأقول وأكرر لا تتركي طائرك

لغيرك وتداركي الأمر "

نظرت لها لوقت بتركيز وصمت من نبرتها الجادة وتحذيرها

المبطن بالكثير من المعاني ثم قلت " قرار شقيقك كان ثابتا

ومنذ البداية وعليه تنفيذه وأن يحررني منه "

تنهدت وقالت " وهذه المحاولة الأخيرة وباءت بالفشل فلا

تلوميني يوما "

نظرت لها باستغراب وكنت سأسأل شيئا لولا دخول إياس من

الباب الواسع للمنزل الذي يبعث النور لأرجائه جميعها رغم أننا

قاربنا وقت مغيب الشمس , ببنطلونه الجينز المرفوع لنصف ساقيه

ملطخ بالوحل وقميصه المهمل مفتوح الأزرار العلوية وفوقه

سترة جلدية سوداء , اقترب منا فأغلقت سدين أنفها وقالت

" يع ابتعد عنا "

فنزع سترته وقال ببرود " أسكتي أو حضنتك الآن "

فهربت حينها قائلة " حمدا لله أني لست زوجتك "

فقال وهوا يتوجه لممر غرفته " لا تخافي في هذه الحالة "

فلويت شفتاي بعدم رضا , ما أبردك وأسخفك يا رجل




*~~***~~*





مرت الفترة الماضية كما هي عليه سابقا وعادت عمته بعد أسبوعين

من غيابها هناك في منزل شقيقها , أواس لازال متغيبا طوال النهار

ولا يرجع إلا ليلا ووقت الغداء في أحيان قليلة جدا ولازال البرود

والصمت رفيقه وسرعة الغضب سلاحه الذي يهابه به الجميع وقد

سافر مرتين من أجل تجارته ووضع حراسة مشددة على المنزل ولا

أفهم لما ؟ هل يخاف أن يهرب أحد ممن في الداخل أم ليمنع أحدهم

من الدخول من الخارج ؟ زوجته بدأت بكشف خباياها وأصبحت

تلاحقه وقت وجوده هنا وتخترع الأمور لتتحدث معه ولازال هوا

في هدنته معها فلم يعد يضربها ولم تعد سجينة غرفتها ولازال ينام

معي والذي تغير فقط هوا أنه منذ تلك الليلة لم يعد يرضى إلا بالنوم

بتلك الطريقة التي يبدوا أني جلبتها لنفسي وكأنه لن يغمض له جفن إن

لم التصق بظهره حاضنة لخصره بذراعي حتى باتت تلك اللحظات

ليلا تسرق تفكيري أو أني اعتدتها أيضا أو لا أفهم ما يكون ذاك

الشعور !! طرقت الخادمة الباب ودخلت لتخرجني من أفكاري

ولتسرق نظري من مصحفي لها وهي تدخل بأكياس في يدها

وقالت وهي تضعهم على الأريكة

" السيد أمر بأخذهم لك هل أرتبهم في الخزانة "

نظرت لهم وعلمت ما يوجد فيهم من الاسم على الأكياس ثم

تنهدت وقلت " اتركيهم سأرتبهم بنفسي "

لا أعلم أين سأرتدي كل هذا ومتى فكلما جلب بضائع لمحلاته

أحضر لي منهم حتى امتلأت الخزانة فلو يبيعونهم هناك أفضل

له , قلت قبل أن تخرج " أين عمة أواس هل هي في غرفتها "

التفتت لي عند الباب وقالت " نعم سيدتي والسيد أواس

ذهب لها هناك "

وضعت حينها المصحف جانبا وغادرت الغرفة لأنزل لها فهي اليوم

لم تخرج من غرفتها وقد تكون مريضة أو منزعجة من أمر ما وعليا

رؤيتها والاطمئنان عليها , نزلت من السلالم وما أن وصلت لقرابة

نهايتها حتى وقفت مكاني وأنا أرى أواس وكان معطيا ظهره لي ووجد

تقف أمامه تكاد تكون ملتصقة به وتضع كلتا كفيها على صدره وتحدّثه

مبتسمة وما أن رأتني حتى ابتسمت بغرور وحركتهم على صدره صعودا

حتى طوقت بهما عنقه والتصقت به أكثر وهوا على حاله يديه في جيوب

بنطاله ثم التفتَ برأسه فقط ونظر لي فعدت للأعلى من فوري ولا أفهم

لما لم أكمل طريقي ؟ لما شعرت وكأن ثمة من قسمني نصفين ؟ لا أفهم

حقا سبب انزعاجي من اقترابها منه فكم في الإنسان من حب تسلط

وتملك لأشيائه , هل نحن أنانيون هكذا جميعنا معشر البشر أم أنها

لا تكون إلا في حالات دون الأخرى ؟؟!!




*~~***~~*





صعدت تلك للأعلى وأقسم أنها تشتعل غيرة وكان هوا يتبعها

بنظره حتى اختفت ثم عاد بوجهه للأمام ونظر لي مجددا وأخرج

يديه من جيوبه ورفعهما وأمسك بهما يداي وأنزلهما مبعدا لهما

عنه فقلت وأنا أبعدهم أكثر " يبدوا لي تغار مني وكأني

لست زوجتك مثلها "

أعاد يديه لجيوبه ولازال على صمته ونظره لي فقلت وأنا

العب بزر قميصه بإصبعي ونظري عليه " أنت لا تَعدل

بيننا أبدا يا أواس هل تلحظ ذلك "

أبعد يدي بقوة وقال " لا تحلمي بذلك "

رفعت نظري له بسرعة فأمسك ذقني بأصابعه ورفعه له وضغط

عليه بقوة ألمتني وقال بجمود " لن تأخذي ولا ربع مكانتها لدي

يا وجد تفهمي هذا أم أشرحه أكثر ؟ فحاذري من العبث معها

من ورائي وأَمضي وقت فراغك بشيء غيرها "

قلت ببرود ونظري على عينيه " إن هي أخبرتك أني أضايقها

فقد كذبت عليك "

أبعد يده وترك ذقني وقال بسخرية " إن اشتكت لي منك فلن

تكون دُرر "

ثم تابع مغادرا جهة الباب " هي لا تعرف اللعب بقذارة مثلك يا وجد "


وخرج من المنزل تاركا إياي أحترق بعده من الغيظ والكره , وتقولها

علانية يا أواس وتضعها فوقي وهذا يؤكد أنه إن هي أخبرته بحقيقة

مضايقاتي لها فسيصدقها على الفور ولن يصدق تبريراتي ولا كذبي

عن الأسباب مهما حاولت , غادرت من هناك لتوقفني الخادمة

التي وقفت أمامي قائلة " السيدة خديجة تطلبك في غرفتها "

قلت مجتازة لها " قولي لها أني نائمة "

ثم توجهت لغرفتي وأغلقتها بالمفتاح وتوجهت للسرير وتسللت تحته

لأخرج الهاتف المثبت فيه وفتحته وأنا هناك نائمة على ظهري على

الأرض , سأرسل رسالة لوالدتي أطمئنها عني وأتسلى بعدها قليلا

بما أن كثلة الثلج والغرور ذاك غير موجود ولا يوفر لي ما يسليني

اتصلت ليرن الهاتف مرتين ثم انفتح الخط وقال من في الطرف

الآخر مباشرة " ماذا حدث معك ؟ "

قلت بهمس " حيّني أولا يا وغد , هل هذا كل ما يهمك "

ضحك ضحكته الجهورية وقال " لأعلم المفيد أولا ثم ننتقل للمهم "

مررت أصابعي على خشب السرير فوقي وقلت " لم يحدث شيء

بعد , الأمر يحتاج لبعض الصبر لا يكون في يوم وليلة "

قال من فوره " حسنا اتركينا الآن في الأهم وأخبريني

أولا أين أنتي الآن "

ضحكت وقلت بذات همسي " أين باعتقادك تحت السرير طبعا "

ضحك كثيرا ثم قال " لن ينفع الأمر هكذا "

فتحت زر القميص وقلت " سينفع كما في المرتين السابقتين "




*~~***~~*





وضعت الطعام على الطاولة وجلست آكل فاليوم عمله ولن يتعشى

هنا ورغم البرد لأننا أصبحنا في فصل الشتاء إلا أني أحب الأكل

هنا خصوصا بعدما أصبح لدي قميصا شتويا وبنطلون من الجينز

فقد أحضرهم مع مدفأة لغرفتي وغيّر باب المنزل أيضا فيبدوا أنه

استقطع جزءً من راتبه هذا الشهر لي ولتغيير ذاك الباب الصدئ

مؤكد تتساءلون عن حالي معه بعد تلك الليلة التي أنا من أصبت

بالحمى بعدها ولم أفارق الفراش ثلاثة أيام وآسر طبعا من قام بخدمتي

مع بروده وصمته اللذان لم يفارقانه ليرسل لي رسالة مفادها أنه مجبر

على ذلك , ولم ينتهي الأمر هناك بل بقي لفترة بعدها يقذفني بالكلمات

الجارحة بطريقة غير مباشرة من مدة لأخرى وأنا في صمت تام وكأني

تبلدت بل يبدوا أني أصبت بالبلد فعلا ولم يعد يؤثر بي شيء وأصبحت

أقابل إهاناته بالصمت والتغاضي أو التجاهل أو لا أعلم ما يصفه هوا

في عقله حتى توقف عن رميي بتلك الكلمات وأصبح الصمت المميت

أسلوب حياتنا هنا ولا أسمع صوته إلا إن كان يتحدث بالهاتف أو حين

نذهب لزيارة العائلة التي ربته ولا أعلم ما نهاية وضعنا هذا وما أنا

أكيدة منه أنها ستكون سيئة على هذا القلب لأنه من غبائه أحبه وحين

سيطردني من حياته سأعاني بالتأكيد , رميت الملعقة ومررت أصابعي

في شعري وأغمضت عيناي بقوة , كلما تذكرت تلك الليلة وتلك القبلة

أشعر بجسدي يرتجف , لم أكن أعلم أنها ستكون منهكة ومدمرة هكذا

ولا أن تنتهي بمأساة كبيرة كتلك وتمتد شظاياها للآن , نزلت دموعي

فوضعت يدي على عيناي من فوري وكأني بهذا سأمنعهما من البكاء

وسأغلق قنواتي الدمعية ولكن ما سيمسك الدموع حين تنهمر ؟ لا

شيء بالطبع ولا أحد بالتأكيد ولا حتى السبب فيها لن يستطيع ذلك

انتفضتُّ واقفة بفزع حين شعرت بخطوات أحدهم لأجد آسر واقف

أمامي ولأن باب المنزل تغير وهوا من عادته فتحه وإقفاله بهدوء

لم أشعر بدخوله ولم أتوقع أن يأتي الآن فهوا لا يفعلها عادةً !!

أشحت بوجهي أمسح دموعي وقلت ببحة " هل أعد لك العشاء "

والنتيجة كالعادة لم يجب ولم يتحرك من مكانه فمددت يداي لطبقي

وحملته من على الطاولة وتوجهت به للمطبخ هربا منه فلا حجّة

لدي غيره , وصلت الباب لتوقفني اليد التي أمسكت بذراعي

ولفني جهته وقال بجمود " ما يبكيك ؟ "

أنزلت رأسي للأسفل أكثر وقلت بهمس " لا شيء "

وكأنه لا يعلم أو لا يوجد شيء يستدعي للبكاء فهل هذا غباء منه

أم تغابي ؟ ترك ذراعي وامتدت أصابعه لذقني وأمسكه ورفعه

حتى تلاقت عينانا وقال بجدية " لا أحد يبكي من لا شيء "

أنزلت رأسي مع انفلات ذقني من قبضته برفق وقلت مجاهدة

دموعي كي لا تعود للنزول " اشتقت لدُرر وترجمان "

قال بعد صمت لحظة " فقط "

هززت رأسي بنعم دون كلام فتركني وتوجه لغرفته ودخلها

فوضعت الطبق في المطبخ وخرجت منه راكضة حتى دخلت

غرفتي وأغلقتها خلفي لأواصل بكائي الصامت هناك



*~~***~~*



بعد وقت خرجت من غرفتي لأنزل لعمته فعليا رؤيتها قبل أن

نجتمع على طاولة العشاء ويكون منظري سخيفا وأنا أسالها

هناك , وصلت للأسفل وتقابلت ووجد خارجة من الممر مبتسمة

تلعب بخصلة من شعرها بين أصابعها ووقفت ما أن رأتني وقالت

" لا داعي لأن تعكري مزاجه الليلة بسبب ما رأيته فأنا زوجته مثلك "

قبضت يداي بقوة وكنت سأغادر وأتركها ككل مرة لكن أوقفتني

كلماتها قائلة " لا أعلم كيف لامرأة يتشدقون بأنها حافظة كتاب

الله وتخافه تشد الرجل لها وحدها وتسرق ليلة ضرتها "

نظرت لها وقلت بسخرية " وما تفعليه أنتي برجل عاجز ؟ "

بقيت تنظر لي دون أي ردة فعل ولا كلام بادئا ثم

قالت بثقة " لم أكذب فيما قلت "

يبدوا أنها تتكهن أنه لم يقربني وخانها ذكائها في أن تترجم سبب

نقله لي لغرفته , هل ليتفرج عليا فيها مثلا ؟ قلت بذات سخريتي

" لعلمك فقط هوا أصيب بالزكام اليوم لأنه خرج فجر

أمس للمسجد وشعره مبلل "

ثم تركتها وأكملت طريقي , لا أعلم ما بي اليوم فلم أكن آبه لها

سابقا ولا أعلق على نغزاتها وتلميحاتها ومهما قالت لكني حقا

شعرت الآن بالغضب منها وإن لم أتكلم كنت سأنفجر , وصلت

غرفة عمته وطرقت الباب فوصلني صوتها قائلة " تفضل "

فتحت الباب ودخلت فكانت تجلس على الكرسي وتخيط شيئا في

يديها فقلت بابتسامة صغيرة وأنا أغلق الباب " لم تخرجي باقي

اليوم من غرفتك فضننت أنك متعبة "

قالت مبتسمة " وأنا ضننت أنك وجد التي أرسلت الخادمة

في طلبها ولم تأتي حتى الآن ويبدوا لن تأتي "

رفعت كتفاي بلامبالاة وجلست مقابلة لها وقلت

" قد تكون نسيت أو أن الخادمة لم تبلغها "

قالت بذات ابتسامتها " لاحظت أن أواس لم يعد يسجنها ولا

يضربها فقلت أنصحها بتعديل حياتهما أكثر ليَعدُل معها

وينقد نفسه من الإثم "

نظرت ليداي في حجري وأنا ألعب بأصابعهما وقلت

" نعم فهي لها حق عليه أيضا "

ضحكت وقالت " من قلبك تقولين هذا الكلام "

رفعت نظري لها مصدومة فعادت للضحك مجددا وقالت

" ما بك خُطف لونك هكذا "

قلت ببرود " من قلبي طبعا فأنا لا أريد أن يأثم

ولا أن أحمل الإثم معه "

عادت بنظرها للإبرة التي عادت تخيط بها وقالت " ظننت أن

الأمر سيزعجك خصوصا أنه يضعك في المرتبة الأولى "

نظرت بعيدا وقلت بابتسامة ساخرة " لا أعتقد أن أواس

لديه مراتب للناس "

رفعت رأسها بسرعة وقالت بنبرة استغراب " لما هذا الكلام

يا دُرر وأنتي تعلمي مثلي وأكثر مني أن تعامله معك مختلف "

عدت بنظري ليداي وقلت " لا شيء اعتبري أني لم أقل شيئا "

تنهدت بقوة وقالت " ظننت الوضع معك أفضل ونسيت

أنك أنتي من لا يتحدث "

قلت فورا " لا هوا لا يتعامل معي بسوء "

قالت بذات استغرابها " ماذا إذا ؟ "

لا أنكر أنه رغم بروده وجفافه الدائم في بعض الليالي يتحول

لشخص آخر وكأنه ليس أواس الذي أعرفه , وسخي جدا معي

وقد تكون خصلة فيه مع الجميع لكن .... تلك النقطة (الأبناء )

لازالت ترسم الحواجز بيننا وتؤكد لي أني في حياته شيء مؤقت

فقط , بقيتْ تنظر لي تنتظر جوابي فقلت مغيرة مجرى الحديث

" ماذا تخيطين ؟ "

ابتسمت وقالت " لا تريدين الإجابة ؟ لا بأس , وهذا قميص اشتريته

من هناك ووجدته مفتوحا من جانبية فسأخيطه لألبسه "

قلت مبتسمة " لهذا لم نراك اليوم منذ الغداء , كنتِ تركتِ

إحدى الخادمات فعلت هذا "



*~~***~~*




اعتصمت في غرفتي ولا أعلم حتى غادر أم لازال هنا فلن أسمع

الباب إن غادر ولا أريد مغادرة غرفتي لأتأكد منه فأنا أصبحت

أتجنبه كثيرا منذ تلك الليلة التي جرحني فيها بعنف وكأني أنا من

دخلت له متعمدة وقبّلته وليس هوا من أرغمني على ذلك , قفزت

واقفة لتقع البطانية التي كنت أضم بها جسدي خلفي ما أن سمعت

طرقات على باب الغرفة , لا أعلم ما به اليوم وما بي بث أتصرف

بحمق وكأني مرعوبة منه أو أتوقع أن يهجم عليا ويقتلني , عاد

للطرق مجددا فتوجت للباب وفتحته وكان أمامه ومد يده

لي قائلا " خذي تحدثي معهما "

نظرت ليده باستغراب وأنا أرى هاتفي فيها ثم رفعت نظري ونظرت

لعينيه فكان ينظر لي نظرة خالية من أي تعبير لا أستطيع تفسيرها

بشيء وكأنه يريد إعلامي بأن هذا الأمر ليس توددا منه وعليا أن لا

أفهمه هكذا , عدت بنظري ليده وأخذته منها بسرعة ودخلت الغرفة

دون حتى أن أغلق الباب أو أرى إن غادر أم لا وجلست على الأريكة

واتصلت بترجمان فأجابت سريعا وقلت بدمعة ملئت عيناي ما

أن فتحت الخط " ترجمان كيف أنتي "

قالت بلهفة " سراب يا حمقاء أمازلتِ على قيد الحياة "

مسحت الدموع التي غلبتني وقلت بعبرة " أنا بخير أين أنتي

لا تأتي ولا لزيارتي "

تنهدت وقالت " مؤكد لم تعلمي ولم يخبرك فارس أحلامك ذاك

أننا انتقلنا لمزرعة العائلة من أكثر من شهر "

قلت بصدمة " للمزرعة !! "

قالت " نعم وهي تبعد عن هناك مسافة طويلة "

قلت بحسرة يشوبها البكاء " لن أراك مجددا إذا , لماذا

نفترق هكذا "

قالت بحزن " فرقونا فرقهم الله "

قلت بشهقات متتالية " لا تدْعي عليهم هم أصدقاء أيضا "

قالت بضيق " ولما لا يقدّرون معنى الصداقة ؟ إن كانوا هم

أصدقاء فقط فنحن عشنا وتربينا معا , وما بك تبكي هكذا

ماذا يفعل لك ذاك المعتوه "

قلت بحزن " لا شيء مشتاقة لكما فقط ولم أستطع إمساك

دموعي ما أن سمعت صوتك "

قال بريبة " فقط ؟ "

قلت بهدوء " فقط وهوا لا يفعل لي شيئا أقسم لك "

ثم تابعت فورا " ودُرر هل رأيتها أو تحدثِ معها "

قالت بسخرية " أين يا حسرتي وحسرتها وذاك لا يخرجها ولا

يعطيها هاتفها , أجل كيف حدث وفك زوجك الحصار عن

هاتفك ؟ ظننته باعه كما قلتِ "

نظرت للشيء الذي تحرك عند الباب فكان هوا واقفا مستندا بكتفه

على إطاره ويده في جيبه فعدت بنظري أماما وقلت " لا أعلم وأنا

ظننت ذلك , أخبريني ما أحوالك أنتي هناك "

قالت باستياء " كما هي عليه وأسوء , لا أعلم متى تنتهي هذه

اللعبة السخيفة وهذه المهزلة وأتحرر منه "

ثم تابعت بضيق " وأنتي ماذا حدث مع حبيب القلب أم

ندمتِ وتوقفتِ عن حبه "

شعرت بحرارتي ارتفعت فالتفتت للباب فكان لا يزال واقفا هناك

فعدت بوجهي أماما بسرعة وقلت بتوتر " لا شيء ... أي لا أعلم "

لأشعر بالهاتف يُسحب من يدي فوقفت من فوري والتفت له وقد

أصبح على أذنه بعدما أخذه مني ولا أعلم ما تقول تلك الحمقاء

وهوا يستمع لها , ثم مده لي وقال مغادرا الغرفة

" جهزي نفسك سنذهب لمنزل عمي صابر "

راقبته حتى اختفي ثم أعدت الهاتف لأذني وقلت بهمس

" ماذا قلتِ يا غبية "

قالت ضاحكة " ولما لم تعلقي في وقتها يا جبانة "

شعرت بجسمي تحول لكتلة صخرية ساخنة وقلت بجزع

" أعيدي ما قلته بسرعة "

قالت بصوت مرتفع " هذاااا وهوا لاااا يبادلك المشاعر كيف

إن أَحبك أيضا , هل سمعتها الآن "

فانهرت جالسة على الكرسي ويدي على جبيني وقلت بصدمة

" يا فضيحتي "

قالت من فورها " فضيحة ماذا "

هززت رأسي غير مصدقة وقلت بصوت مخنوق

" وداعا الآن سنتحدث لاحقا "

ثم أنهيت الاتصال معها ووضعت يداي في حجري محتضنة

الهاتف بهما وأشعر أني لحظات وسأصرخ باكية من شدة الموقف

والإحراج , قطع الله لسانك يا ترجمان لقد فضحتني معه وكأنه

ينقصني مصائب , كيف لم تفهم من تلعثمي أنه قد يكون قريبا مني

" سراب "

قفزت واقفة حين سمعت صوته فهذا ما ينقصني , قلت بصوت

مرتفع كي لا يأتي " سأحضره لك حالا "

قال من الخارج " أبقيه لديك الليلة سأتحدث مع أواس

يترك زوجته تكلمك "

ثم قال وخطواته تبتعد " انتظرك في الخارج "

ضممت الهاتف لصدري أمسح بيدي الأخرى دموعي التي بدأت

تتقاطر ولا أعلم لما وعلى ماذا بالتحديد , أيعقل أن تكوني عطشه

له لهذا الحد يا سراب ؟ هل سلب عقلك درجة أن تفرحي بكلمات

بسيطة منه وخدمة هي واجب عليه , نفضت تلك الأفكار من رأسي

وتوجهت لعباءتي ولبستها سريعا , فقد يكون حتى هذا الخروج ترفيها

لي لأنه وجدني ابكي , خرجت من الغرفة أبتسم بسخرية على أفكاري

وأنا أغلق الأزرار الأمامية للعباءة ولبست حجابي أمام الباب ثم خرجت

وأغلقته خلفي وكان هوا واقفا آخر الشارع تحت نور أحد المنازل الذي

عكس ظله الطويل فأنزلت نظري وتوجهت نحوه بخطوات سريعة حتى

وصلت عنده وتحركنا في صمت تام حتى وصلنا وكنت أشعر أني أمشي

على أرض طينية وعرة وأنا أسير بجانبه وسأمرض من الإحراج بعد

الذي سمعه والجيد أنه لا يعلم أني علمت ما قالت , يا إلهي ترى كيف

ينظر لي الآن ؟ هل علم بمشاعري نحوه أم فهم من كلامها شيء آخر

كأن تكون سخرية منه ؟ آخ مصيبة في الحالتين

" سراب ادخلي "

نظرت له من فوري وهوا واقف داخل المنزل وأنا كالحمقاء متسمرة

في الشارع , تحركت ودخلت خلفه لتستقبلنا فرحة الفتيات الغامرة

التي تعيد لك بهجة الحياة ولا أستغرب أن يدفع آسر من أجلهم كل

راتبه مهملا لنفسه وأنا معه , دخلنا للداخل حيث يجتمع الجميع في

الغرفة الواسعة التي تحوي مدفئة ووالديهما ليشعروك بالمعنى الحقيقي

للعائلة , كانت الأحاديث والضحكات تندمج وتتعالى وأنا ألود بالصمت

بينهم متجنبة النظر للجهة التي فيها آسر , قالت والدتهم " سراب ما

بك صامتة طوال الوقت هل أنتي متعبة "

هززت رأسي بلا مبتسمة بخجل منها ثم طأطأت برأسي للأسفل

حين أصبحت الأنظار جميعها موجهة لي وقالت هي ضاحكة

" لا تكونا متشاجران ؟ "

نظرت لها سريعا وقلت باستنكار " لا أبدا "

ثم نظرت ليداي في حجري وقلت " أنتي تعرفين آسر أكثر

مني ليس رجل شجارات "

قالت بحنان " بالتأكيد وكنت أعلم أنها محظوظة من ستفوز به "

بقيت أشغل نظري بيداي متجنبة النظر له بل وللجميع ووقفت

بتينة وبدأت تحاول سحب إسراء من حضنه الذي تجلس فيه

قائلة بضيق " ابتعدي هيا إنه دوري "

حيث كانت تكبرها بعام وعمرها خمس سنين فضحك والدهم

وقال " لا أعلم حين سيكون لك ابن كيف سنتصرف في مشكلة

من يجلس في حضنك "

ضحك الجميع عدى سراب طبعا التي تحولت لقالب ثلج من

الإحراج وقالت والدتهم " ألا يوجد شيء في الطريق "

لتضرب القالب الثلجي وتحوله لفتات , يا إلهي ما هذا اليوم المليء

بالإحراج , قال آسر بهدوء " الآن لا شيء لكن لن يكون بعيدا "

شعرت حينها بشعر جسمي وقف وكنت أريد النظر له ولم أستطع

مخافة أن يكون ينظر لي فما قصده بهذا ؟؟ أم ليحرجني فقط ويتسلى

بأعصابي بعدما علم ما علم من كلام ترجمان , ولم يكفيه ذلك

فأضاف قائلا " وذلك طبعا حسب وقت الهجوم والدفاع "

فرفعت هذه المرة نظري له مصدومة فكان يقبل يد إسراء ناظرا

لها وعلى شفتيه ابتسامة لم أفهم مغزاها وحمدا لله أنه لا أحد فهم

هذا بل يبدوا هكذا خُيّل لي حتى انطلقت تلك الضحكة وكان مصدرها

ويالا فضيحتي ( والدهم ) فوقفت من فوري وخرجت من الغرفة ولو

كان بيدي لهربت من المنزل بأكمله , توجهت للمطبخ الذي من حسن

حظي أن داليا فيه تغسل الأكواب التي شربنا فيها الشاي وقالت ما

أن رأتني " سراب ما بك وجهك مصفر "

هززت رأسي دون كلام ثم قلت ببحة وصوت مخنوق

" أعطني كوب ماء "

سكبت لي الماء في كوب وناولتني إياه فأخذته وما أن وضعت حافته

على شفتاي حتى نادى آسر من الخارج " سراب أين أنتي سنغادر "

فوضعت الكوب الذي لم أشرب منه شيئا وخرجت دون حتى أن

أودع داليا فيبدوا أن تصرفاتي خرجت عن تحكمي الليلة !! ودعت

والدتهم وصبا اللتان أوصلتانا للباب ولم أجرؤ على الدخول للغرفة

لأودع والدهم وما كنت سأفعلها الليلة ولو جروني هناك جرا , خرجنا

بعدها على صوت الصغيرات مودعات لنا من عند باب منزلهم حتى

اختفينا في نهاية الشارع ليعود الصمت رفيق طريقنا وخطواتنا كآلتين

موسيقيتين مختلفتا التناغم وهما تعزفان على الأرضية المرصوفة

بالإسمنت المتشقق يكشف عن التراب تحته بسبب الزمن والإهمال

شغلت نفسي بأنوار المنازل أتتبعها فوق الأبواب حتى اقتربنا من

المنزل الذي ظهر لنا ونحن نعبر بداية الشارع الطويل لينتفض قلبي

وتتلوى معدتي بعنف حين شعرت بأصابعه لامست طرف يدي

التي تيبست مكانها من الصدمة لتتسلل أصابعه بخفة تتلمس كفي

بطريقة مهلكة ومدمرة فسحبت يدي منه في حركة كانت دفاعية

من قلبي تحديدا وكنا حينها نقف أمام الباب فأدخل المفتاح

فيه وفتحه قائلا " لماذا ؟ "

ضممت يدي لصدري وقلت ونظري على الأرض تحتي

" لأني لا أريد أن تتكرر تلك الليلة وأصبح أنا الملامة

وتجرحني مجددا "

دخل حينها قائلا ببرود " ذلك ليس سببا لتُظهري عكس ما

تبطنين يا سراب "

وغادر للداخل تاركا لي واقفة مكاني أنظر لمكانه بصدمة , يا له

من وقح مؤكد يعني ما سمعه من كلام ترجمان عن مشاعري نحوه

ولم يضيع الفرصة أبدا لإهانتي , أغلقت الباب بقوة ودخلت لأجده

واقفا أمام باب غرفته ينظر لي بجمود فركضت جهة غرفتي وأغلقتها

خلفي , ليتك تُقدّر هذه المشاعر التي تتحدث عنها يا آسر , ليتك عرفت

فقط كيف تستغلها لصالحك دون أن تجرحني ككل مرة , لا أعلم حتى

متى سيستمر في إهانتي وحتى متى سيستمر هذا الغبي في حبه ؟؟




*~~***~~*




قالت بضحكة " دُرر فارقيني , أين زوجك عنك الليلة "

ضممت ساقاي أكثر وأنا أرفعهما معي على سريرها وقلت

مبتسمة " ليس هذا وقت عودته وستتحملينني فلا أحد

لي سواك أتسلى معه "

لينفتح باب الغرفة حينها ودخل منه أواس فأنزلت ساقاي

وقالت عمته مبتسمة وناظرة له " تعالى خلصني من زوجتك

التي جعلتني مصدر تسلية الليلة "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " أنتي السبب هل كان

عليك أن تحكي لي حكايتك تلك "

لكن الداخل يبدوا أنه لم يرق له شيء من هذا فقد نظر لي

بتركيز وجمود وكأنه قنبلة تحاول إخماد نفسها ثم خرج في

صمته كما دخل فنظرتْ لي عمته مستغربة وقالت " ما به ؟

خرج من عندي باكرا بمزاج جيد ! "

رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم "

قالت من فورها " هل جاء بعدها ؟ هل تشاجرتما ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " منذ خرج وقت المغرب لم يرجع "

تنهدت وقالت " الحقي به إذا وانظري ما به وما يحتاج "

نزلت من السرير قائلة " حسنا رغم أني أعلم أنك تطرديني

كي لا أضحك عليك أكثر "

ثم خرجت على ابتسامتها لي وتوجهت للسلالم وصعدت متشهدة

على نفسي , ما أغضبه من دون سبب ؟؟ صحيح أنه سريع الغضب

لكنه لا يغضب بلا أسباب ! فحتى حين يدخل الغرفة يتحدث في هاتفه

عن مشاكل تجارته أو قسم الشرطة ويكون لديه مشكلة هناك لا تؤثر

على مزاجه ناحيتي أما الليلة فيبدوا معلنا لها حربا ضدي , أدرت

مقبض الباب ودخلت فكان صوته في الحمام فجمعت ثيابه المرمية

أرضا ووضعتها في سلة الغسيل ثم توجهت للخزانة وأخرجت بيجامة

حريرية ولبستها ومشطت شعري عند مرآة التزيين لحظة خروجه من

الحمام بالمنشفة على خصره فشغلت نفسي مولية جهة الخزانة ظهري

حيث توجه هوا هناك وفتح بابها بقوة وقال بضيق " أعتقد أني زوجك

حتى متى ستهربين من النظر لي وأنا أغير ثيابي "

لذت بالصمت ولم أتحدث فيبدوا أنه ينوي على شجار معي الليلة

أغلقها بعد قليل وبقوة أيضا وقال بذات ضيقه " وقمصان

النوم مصفوفة في الخزانة لمن "

ضغطت على المشط في يدي بقوة وقلت " أواس ما بك فليس

طبعك أن تغضب دون سبب وأنا لم أفعل شيئا حسب اعتقادي "

تحرك حينها جهة السرير قائلا بسخرية " نعم فمنذ متى كنتِ

مخطئة في نظر نفسك "

وضعت المشط وقلت ولازلت مولية ظهري له " إن كنت كارها

لوجودي الليلة فقل أخرجي ولن تراني قبل الصباح "

ليزمجر حينها غاضبا " نعم فهذا مناك ووجدتِ الحجة "

التفت له وقلت بضيق " لا أفهمك يا أواس فأخبرني ما فعلته

أزعجك وما الخطأ في كلامي "

قال بذات غضبه " هل يجب أن يكون هناك شيء تُقرّين به

أو لا يكون "

كنت سأتحدث فقال صارخا " لا تجادلي وتجنبي غضبي

كم سأقولها "

اندفعت حينها الكلمات مني كالسيل وكأنها كانت تنتظر الخروج

وقلت بحدة " أنت غاضب في كل الأحوال وأنا تعبت من الصمت

تعبت من المسايرة ومن تجاهل كل شيء , ضع لي حدا في حياتك

أو اطردني منها يا أواس ولا تعاملني كأجيرة لديك "

لوح بيده في الهواء وقال بغضب " تقتنعي أو تنفجري أنتي

وسيلة لغاية ما فقط , هل تسمعي "

نظرت له بصدمة وهوا يتنفس بقوة ولازال نظره معلق بعيناي

فقلت بهدوء حزين يخالف كل ما كنا فيه " وتنتهي بانتهاء

الغاية أليس كذلك "

بقي ينظر لي بجمود ويتنفس بغضب يكاد يحرق كل شيء حوله

فتابعت بنبرة متألمة " مجرد أداة انتقام وامرأة تنام معها ليلا

والنهاية ... ؟؟ ما نهاية كل هذا يا أواس "

وضع أصبعه على شفتيه وقال بهمس ممزوج بفحيح الغضب

" أشششش توقفي ولا كلمة "

تنفست بقوة أجاهد دمعتي التي تصارع للخروج وقلت بجمود

" تكلم أنت إذا "

قال من بين أسنانه " سأؤلمك كثيرا إن تكلمت يا دُره , ستري

أواس لم تعرفيه يوما "

هززت رأسي لتجري الدمعة الأولى على خدي وقلت بأسى

" لا يهم , أخرجه حتى إن قتلني فلعله يرتاح وأرتاح "

أشار لباب الغرفة بإصبعه وقال بكلمات تخرج متفرقة بسبب تنفسه

القوي " أخرجي .. من هنا , تحركي وابتعدي ... عني "

فبقيت مكاني أنظر له بجمود أحاول فقط أن أفسر خبايا هذا الرجل

غضبه العارم الذي يحركه الماضي وإبعاده لي عنه في مثل هذه

المواقف , وحش جبار يكمن في داخلك يا أواس ولا أعلم ما سيفعل

عندما سيخرج منك وأخشى أن تدمر به نفسك , طال وقوفي فقال

بحدة " فارقيني قبل أن أرتكب فيك جرما "

فخرجت حينها راكضة من الغرفة قبل أن تنزل باقي دموعي أمامه

ولأن الطابق العلوي لا شيء به سوا الغرف وذاك الجناح وجميعها

فارغة نزلت السلالم ودخلت مجلس الضيوف وجلست على

الأريكة ضامه ساقاي لحظني أبكي بصمت




*~~***~~*




طرق أحدهم باب غرفتي ودخل فكانت والدتي وقالت من

فورها " ألم تنم بعد ؟؟ "

عدت بنظري للأوراق في يدي وقلت " لا ليس بعد تفضلي يا أمي "

دخلت وأغلقت الباب واقتربت مني قائلة " لا تجهد نفسك كثيرا

بني , لا شيء ينتهي في يوم وليلة والمزرعة تحتاج للكثير "

وضعت الأوراق جانبا وقلت " عليا أن أنتهي من مشاكلها سريعا

لأتفرغ أكثر للقسم هنا فهوا أيضا بحاجة للكثير من العمل "

جلست على حافة السرير وقالت " أعانك الله بني ومدك بالعافية

كنت أريد التحدث معك بشأن رغد "

تنهدت وقلت " موضوعها شائك يا أمي فشقيقا مصطفى الأكبران وقفا

مع والدتهم وأنتي تعلمي أن أمور الحضانة في بلادنا معقدة ومشددة "

ثم تابعت بضيق " سحقا مات قبل أن تحكم المحكمة لم أتوقع هذا أبدا "

قالت بحزن " قضاء الله وحكمته "

مررت أصابعي على قفا عنقي وقلت " كان لدي الأدلة الدامغة

على ضربه لها واستهتاره وتجارته أي كان سيكون أمام المحكمة

أب فاشل لن يحلم بحضانتها لكن قدر الله سبق كل شيء "

قالت بهدوء " والحل الآن فشقيقتك ستصاب بالجنون إن استمر

الوضع هكذا "

تنفست بقوة وقلت " هناك حل واحد وعلى رغد أن ترضى به

إن كانت تريد ابنتها "

قالت باستغراب " وما هوا ؟ لا تقل ترضى ببسام لأنها حينها

ستخسرها بالتأكيد "

هززت رأسي بلا وقلت " بل خالد , فمعه فقط لن يأخذ منها ندى

أي أحد ولا حتى جدتها بما أنه سبق وتحدث عن خطبتها وهوا

عم ابنتها ولن يكون لهم حجة حينها "

هزت رأسها بحيرة وقالت " هل تضنها ستوافق عليه ؟؟

أنا لا أعتقد "

حركت كتفاي بتعب وقلت " عليها أن توافق أو تنسى ابنتها

وتتزوج وتلتفت لحياتها فحتى المال لم يوافقوا عليه "

تنهدت بأسى وقالت " وأنت ماذا عن قرارك الجنوني ذاك "

قلت بجدية " قراري ليس جنونيا ولن أتراجع عنه "

قالت باستياء " لكن خالك رفعت لم يعجبه ذلك وغضب "

قلت بلامبالاة " القرار لي وحدي وأنا لم أطلق ابنة شقيقه كما

يريد وقد تحدثت معه بالأمس وكل شيء يسير على ما يرام "

قالت ببرود " أخبرها إذا أم ستدخلها عليها بلا سابق إنذار

لتشهد انكسارها بأخرى تشاركها فيك "

قلت بضيق " أمي أنا لست مجرما حد أن أفكر هكذا وترجمان

أعتقد لا يعنيها ذلك بل أجزم على ذلك , وفي ماذا ستشاركها

وأنتي تري حالي أنام في غرفة لوحدي "

وقفت وقالت " كم أخشى من عواقب كل هذا "

ثم قالت مغادرة جهة الباب " سأتركك تنام وترتاح أزعجتك

بما فيه الكفاية "

ثم خرجت وأغلقت الباب فتوجهت للنور أطفأته وعدت للسرير

وارتميت عليه وأغمضت عيناي بتعب أسحب البطانية على

جسدي المرهق ونمت سريعا




*~~***~~*



جلست متأففا بعدما مر كل هذا الوقت والنوم لم يقرب جفناي وكيف

سيغمض جفني بعد كل ذاك الاشتعال , لا أعلم لما غضبت هكذا من

مجرد أني لم أجدها متضايقة بسبب ما رأتني عليه ووجد ؟؟ لا تعلم كم

يضايقني برودها وتعاملها معي كفرض واجب عليها , كشيء ستحاسب

عليه فقط , جلست ورميت اللحاف من على جسدي وغادرت الغرفة

ونزلت السلالم ووجهتي كانت باب المنزل فشيء ما كان يدفعني بقوة

للذهاب لتلك الغرفة وذاك الملحق ككل مرة يصل فيها ضيقي حده

الجنوني , وما أن وصلت نصف الصالة حتى لمحت ضوء المجلس

المتسلل من بابه الشبه مفتوح وبدون أدنى تفكير ولا قرار مني

توجهت بخطواتي هناك وفتحت الباب أكثر ودخلت



*~~***~~*




قفزت جالسة بفزع من نومي حين رن هاتف ما وضننت أني أحلم

حتى استوعبت أن هاتفي لازال لدي وقد أعطاه لي البارحة فرفعته

أنظر للرقم الغريب الذي يضيء شاشته وفي هذا الوقت المتأخر من

الليل !! هل هذه دُرر يا ترى ؟؟ لكن مستحيل ما سيجعلها تتصل بي

الآن ؟ ما أن عاود الرقم بالاتصال حتى فتحت الخط قاطعة على

الهواجس حبائلها ووضعته على أذني لتنفتح عيناي على اتساعهما

من الصدمة بسبب صوت المرأة التي قالت فورا " مرحبا آسر "

بقيت جامدة كالتمثال الحجري أحاول استيعاب شيء من

هذا حتى قالت تلك " آسر هل تسمعني "

قلت بصوت مخنوق " من أنتي "

لتصمت سوا من صوت أنفاسها وكأنها تفاجئت بي ثم قالت

بنبرة استغراب " أنتي التي من تكونين وأين آسر "

شعرت بالأرض تدور بي واستوعبت الآن معنى كلامه حين قال

أن أبنه لن يتأخر أكثر , هل هذه زوجته ؟؟ هل تزوج علي

قالت عندما طال صمتي " هل أنتــ... "

ولم أتركها تنهي جملتها لأني أغلقت الخط عليها وانهرت باكية



المخرج
بقلم الغالية أيفا رمضان


لزلنا في قلب العاصفة لزل المركب يسير بنا أصبحنا تائهين في وسط البحر على يمينا مستقبلنا وعلى شمالنا ماضينا وفي المنتصف حاضرنا وأمواج البحر تعصف بنا والبحر يشتد علينا فل تمشي رياح بما تشاء ول يشتد بنا البحر كما يشاء ولتعصف أمواجة بنا و أن خلفت اوجاع وكانت كاوجاع مابعد العاصفة فبنهاية نحن حصون من جليد مركبنا أسر وسرينا سراب وشراعنا ترجمان ومرسنا أيااس وقائدنا أوس وبوصلتنا درر فمهما عصفت الحيااااة بنا فوجهتنا واحدة وكل من يحول أن يعترض طريقنا للجحيم هو ومن يمسك بيدة


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأربعاء إن شاء الله

فيتامين سي 03-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع والعشرون)
 


الفصل الثلاثون


ما أن وصلت نصف الصالة حتى لمحت ضوء المجلس المتسلل

من بابه الشبه مفتوح وبدون أدنى تفكير ولا قرار مني توجهت

بخطواتي هناك وفتحت الباب أكثر ودخلت فوجدتها نائمة على

الأريكة تجمع كفيها تحت خدها وكأنها طفلة لأول مرة تنام بعيدا

عن حضن والدتها , اقتربت منها بهدوء يشابه هدوء ملامحها

الحزينة ووجنتيها المتوردة من برد هذا المكان الذي تنام فيه بلا

غطاء , اقتربت أكثر ونزلت مستندا بقدماي عند وجهها وكانت

دمعتها لازالت معلقة برموشها فابتسمت بحزن ومسحتها بإبهامي

ثم جلست على الأرض متكئا بالأريكة التي تنام عليها خلفي وسندت

رأسي للأعلى فلامس أسفل معدتها فشعرت بوخزه قوية في أعماقي

أيقظت شعورا دفينا طمرته خلف مشاعري من أعوام , هززت

رأسي بقوة وأمسكت عيناي بأصابعي مغمضا لهما , لا يا أواس أنت

لا تريد طفلا يكبر هنا في أحشائها لا تريد هذا فقد تموت قريبا

يقتلك جدها ويأخذهما ليلقى ابنك ذات مصيرك , لن يحدث

ذلك حتى يموت ذاك الوحش أو يسجن للأبد


*~~***~~*


بقيت أحدق بها وهي تنظر لي بتوجس وريبة تنتظر ما سأقول

فتنهدت وقلت " رغد لا أمل لك في ابنتك إلا بحل واحد "

قالت من فورها " ما هوا وسأفعله فورا "

قلت " متأكدة "

قالت بريبة " ما تقصدين يا أمي ؟ لما لا تكوني واضحة

وقولي ما لديك "

تنهدت مجددا وقلت " تحدثت مع إياس وقال أن قوانين البلاد

تقف في صفهم بما أن والدها توفي وهم رفضوا حتى المال

مقابلا للتنازل فالحل الوحيد في زواجك مـ... "

قالت مقاطعة لي " إن تزوجت فستكون حجتهم أقوى يا أمي

وستنتقل الحضانة لك ولن يرضوا بذلك ولا أنا أريد تركها "

قلت بهدوء " ليس إن كان الزوج من أهلها "

نظرت لي بادئ الأمر بعدم استيعاب ثم صرخت واقفة على

طولها " لا خالد لا "

هززت رأسي وقلت " لا حل غيره أمامك وهوا سبق وطلبك "

قالت بذات صراخها ملوحة بيدها في الهواء " لا لن أرجع لذاك

المنزل وتلك العائلة أبدا "

وقفت وأمسكت ذراعاها وأجلستها وجلست وقلت " لن يجدي

الصراخ في شيء وفكري بعقل يا رغد "

نزلت دموعها وقالت بحسرة مشيرة لنفسها " هذا ظلم يا أمي

ثم كيف أتزوجه وهوا شقيقه وكنت أراه كإياس طوال

سنين عيشي معهم "

مسحت دموعها وضممتها لحضني وقلت " هاتي حلا غيره

يا رغد , هل تضني أننا نريد أن ترجعي لهم ؟؟ لا أبدا ولكن

لا حل أمامنا وإياس لم يعلن يأسه إلا وهوا يعلم جيدا أنها

مسدودة من جميع الجهات "

تعلقت بحضني ودفنت وجهها في صدري أكثر وقالت ببكاء

" كيف يا أمي كيف ؟ أنا لم أقتنع أبدا بطلبه ذاك وأجزم

أن أمرا ورائه "

مسحت على شعرها وقلت " ما كان ليجبره أحد ولا شيء على

خطبتك وقبل حتى أن يطلقك شقيقه , وسببه كما قاله أن لا يأخذوا

ندى منك وأن لا تبقي بدون زواج كل حياتك فوافقي من

أجلك وأجل ابنتك يا رغد "



*~~***~~*


لا أعلم كيف سيطر النوم على جفناي في هذا المكان البارد وعلى

هذه الأريكة الغير مريحة بل وبذاك المزاج السيئ لكني أعي جيدا

أني استيقظت بسبب تسلل البرد لأطرافي وشعرت بشيء ثقيل على

رحمي وضننت أنها دورتي الشهرية قد اقتربت حتى فتحت عيناي

جيدا واكتشفت أنه ليس ما ضننت وبقيت على وضعي واستلقائي أنظر

للجالس على الأرض باستغراب ويبدوا نائم أيضا , مجنون فهوا لم

يشفى من الرشح بعد وينام هنا في البرد وعلى الأرضية الرخامية

أيضا ! بل ما أنزله إلى هنا وهوا من طردني من الغرفة ثم لحق بي

شعرت بقلبي نبض بطريقة غريبة لا أفهمها ! هل وضعنا الآن السبب

فيها أم شيء كعارض مرضي بسبب البرد ؟ لا أعلم ولا أفهم ! أخرجت

إحدى يداي من تحت خدي ومددتها ببطء جهة رأسه وفي ذهني يتكرر

كلام عمته حين قالت لي أن أُمسّد على شعره وأمسح عليه وأن ألعب

بخصلاته إن فعلها يوما ونام به في حجري وسأكتشف حينها جزئا

من خبايا شخصية أواس , لكن ما أن وصلت أصابعي لشعره حتى

قبضتهم وأعدت يدي , لم أستطع كيف أفعل هذا وهوا منذ قليل كان

يزمجر بي غاضبا وقال أني وسيلة لغاية فقط , نظرت لجانب وجهه

المسترخي وتنهدت بأسى من وضعنا وحياتنا ومن مشاعري الآن نحوه

فهل أشفق عليه ؟ هل حقا أعذره هل يمكن أن أنسى كلامه ذاك ؟؟

مسحت دمعة نزلت من طرف عيني لحظة ما تحركت شفتيه وقال

وعيناه ما تزالان مغمضتان " هيا لنصعد للغرفة فالمكان بارد

عليك هنا "

كان مستيقظا إذا وأنا من ضننت أنه نائم , اعتكفت في صمتي لأني

إن تكلمت سيغضب ولن أجني شيئا إن قلت له أنت طردتني للبرد

عندما طال صمتي فتح عينيه ثم دار برأسه وهوا لازال متكئا

وقال ناظرا لي " هل سمعتِ أم أعيد "

لم أجبه ولم أزح نظري من على عينيه فمد يده لي وقال

" هيا دُره تحركي "

أعدت يدي تحت خدي مع الأخرى وقلت بهمس " لا أريد "

ابتعد عني حينها ثم وقف وقال بحزم " ستصعدين أو

أخذتك لها بنفسي "

أخرجت حينها يداي وتمسكت بقوة بالمسند الجانبي للأريكة حيث

كنت أتكئ عليه برأسي , وشددت عليه ممسكة له بهما ودسست

وجهي هناك وقلت " لن أغادر لأي مكان "

لتنطلق ضحكته مما جعلني ألتفت له بسرعة وصدمة وبقيت أنظر

له بدهشة وهوا يضحك رافعا رأسه للأعلى , لأول مرة منذ عرفته

أراه يضحك ! لا وضحكة حقيقة لتتحول لابتسامة وهوا يهز رأسه

وقال بضحكة خفيفة " أرفعك أنتي والأريكة فما رأيك "

لم أعلق على كلامه وبقي نظري معلق بملامحه المسترخية

وابتسامته المائلة ثم قلت بابتسامة عابثة تشبه ابتسامته

" لا لن تستطيع رفعنا كلينا "

فتوجه نحوي بخطوة واحدة واسعة وحملني رغم اعتراضي وخرج

بي من المجلس ووصلنا السلالم لحظة خروج وجد راكضة لتقف فجأة

وهوا لم يراها طبعا لأنه تخطى ذاك الممر , ألا تنام هذه المرأة ؟؟

يبدوا أن ضحكة أواس أخرجتها , لا وترتدي قميص نوم حرير طويل

نظرت لي بحقد واضح يملأ عينيها فرفعت يداي وتمسكت بعنقه وهوا

يصعد بي أولى عتبات السلالم حتى وصل بي للغرفة وأنزلني هناك

وقال " نامي هنا فالمجرم أواس سيخرج الآن من المنزل "

وتحرك من أمامي ويبدوا يقصد الخزانة خلفي فقلت بسرعة

" لا "

فوقف مكانه ينظر لي باستغراب فدسست خصلات شعري خلف

أذناي أشتت نظري في الأرض وقلت " أعني أين ستخرج هذا الوقت "

قال من فوره " بقي على الفجر نصف ساعة تقريبا وبعدها

سأغادر لعملي "

وكان سيتحرك مجددا فأمسكت بجيب قميص بيجامته المخاط بحرفية

جهة قلبه وقلت " لازال الوقت مبكرا ما ستفعل هناك من الآن "

وكل هذا ونظري في الأرض لا أرى سوا قدمينا وهوا واقف أمامي

ويدي تقبض على جيبه بقوة , لا أريد أن ينزل الآن وتفهم تلك أنه

وضعني ونزل وتُكذب كلامي لها عن سبب مرضه منذ يومين أو

تظن أننا تشاجرنا الآن وتستغل هذا للسخرية مني ككل مرة فقد

تعِبت منها وذقت ذرعا , رفع يده ليدي وأمسكها ففقدت قواها سريعا

وتركتُ قميصه فرفعها لشفتيه وقبلها وقال " سأبقى في المسجد

حتى وقت الصلاة فما تريدين بي "

أنزلت يدي من قبضته لتستقر على صدره وقلت " لا تذهب "

وعضضت شفتي بقوة حين مرر يده على خصري مقربا لي له

فها قد فهم الأمر بشكل خاطئ وفضيع أيضا , طوق خصري

بذراعيه وشدني له وقال " ولماذا ؟؟ "

قاومت خوفي وارتباكي وارتجاف أطرافي فعليا أن لا أتركه يخرج

ليس قبل وقت الأذان , رفعت يداي للأزرار العلوية في بيجامته

وفتحت منهم اثنين ولم أستطع المتابعة فدسست وجهي في صدره

أعض شفتي بقوة فرفع ذراعيه من خصري لظهري وضمني بهما

بقوة وانحنى لأذني وهمس فيها " مشاغبة "

ثم وزع قبلاته عليها وعلى شعري قائلا " كنتِ فعلتها من أول

الليل ورحمتنا من غضبي "

ولم افهم ما عنى بهذا وما الرابط بينهما لكن المهم أنه لم ينزل

أريد حقا أن يعدل بيننا وأن تأخذ ليلتها ولا أنكر حقها فيه مثلي

لكن أكره محاربتها لي بسبب شيء أنا لا يد لي فيه وهي

تعلم ذلك جيدا


*~~***~~*


قضيت أغلب النهار أتحرك في المنزل شعلة مشتعلة من الغضب

ودموعي تتراقص فوق خداي أغلب الوقت , أعددت الغداء بعنف

كدت أسقط به السقف وأدمره بأكمله وكماي ممسحة لدموعي طوال

الوقت , أشعر بالقهر .. بقهر غير طبيعي , كيف يتزوج علي ؟؟

لا وينتظر مولودا منها أيضا وأنا من غبائي صدقت أنه يعنيني أنا

ويعني علاقتنا معا , ما أشده من أمر وما أفظعه فلم أتخيل يوما

أن زواج الزوج قاتلا بهذا الشكل , مسحت عيناي بقوة لحظة ما

لاحظت الظل الذي سد فتحة الباب فنظرت له لا إراديا فكان آسر

واقفا ببذلة الشرطة يديه في جيوبه فعدت سريعا بنظري لما أفعل

وقال هوا " هل لي أن أعلم سبب كل هذا البكاء والغضب

هل نظرتِ لوجهك وعينيك في المرآة "

تجاهلته وفتحت الثلاجة ولم أجب عليه فتابع " هل كل هذا

بسبب لمسة يد فقط , حاضر مولاتي لن يتكرر ذلك "

حملت الصينية وخرجت بها مجتازة له متجنبة النظر لوجهه

ووضعتها على الطاولة ثم غادرت ركضا جهة الغرفة ودخلت

وأغلقتها خلفي


*~~***~~*


بقيت واقفا مكاني أنظر للباب الذي أغلقته خلفها بقوة وتنهدت

بأسى لينفتح بعدها مجددا وخرجت منه وفي يدها شيء ما

وضعته على الطاولة وعادت جهة الغرفة قائلة " خذه لم

أعد أريده ولم يعد يخصني حضرة الضابط "

وأغلقت الباب مجددا بقوة أكبر من سابقتها فنظرت للهاتف على

الطاولة باستغراب , ما علاقته ببكائها المخيف هذا والغضب

المشتعل في عينيها ؟؟؟ توجهت نحوه ورفعته وفتشت فيه وتأففت

بغيظ حين رأيت المكالمة ثم أخذته لغرفتي وأغلقت الباب خلفي

واتصلت بالرقم الذي اتصل فجرا لكن صاحبته لم تجب فأخرجت

هاتفي واتصلت بها منه وما أن انفتح الخط حتى قلت

" ألم أقل لا تتصلي حتى أتصل بك أنا "

قالت من فورها " وما يدريني أن الهاتف ليس لديك لم

تخبرني سابقا بهذا "

تنهدت بضيق وقلت " ماذا قلتِ لها "

قالت من فورها " لا شيء سألت أين صاحب الهاتف ومن

تكون هي ولم تتركني أقول شيئا وأغلقت الخط في وجهي "

مررت أصابعي في شعري وزفرت بضيق , لهذا إذا كادت تقتل

نفسها من كثرة ما بكت , قالت في الطرف الآخر " اتصلت بي

بعدها بساعة ولم أجب عليها , تصرف أنت في الأمر يا آسر

وأفهمها على مهل "

قلت ببرود " حسنا حسنا فلا تتصلي حتى أتصل بك أنا "

ثم أنهيت المكالمة معها وهززت رأسي , هذا من مكالمة فقط ماذا

إن أحضرتها لها هنا ماذا كانت ستفعل بنفسها , خرجت من الغرفة

وتوجهت لغرفتها طرقت الباب كثيرا وبلا فائدة فأدرت المقبض وكان

مفتوحا ففتحته ودخلت فكانت تجلس على الأريكة يد تمسح خديها

بعنف والأخرى تمسك بها طرف قميصها الشتوي بقوة وتشهق بعبرة

كنت سأضعف وأتوجه نحوها وأضمها في حضني لكني تمالكت

نفسي وتماسكت وقلت " لما لا تقولي ما يبكيك "

لم تجب طبعا فارتسمت ابتسامة على شفتاي وقلت بتلاعب

" من يراك يضن أن زوجها تزوج عليها "

أولتني ظهرها فورا ولم تعلق فأمسكت ابتسامتي وقلت " خذي

هاتفك إذا لتكلمك زوجة أواس فقد تحدثت معه في الأمر "

خرجت حينها من صمتها وقالت بضيق " لا أريده قلت لا أريد

فخذه من وجهي أو قسما حطمته لقطع "

ابتسمت واتكأن على إطار الباب برأسي أنظر لها وقلت بتلاعب

" غدا أيضا لدي عمل ولن آتي وستضيع منك الفرصة "

قالت حينها بسخرية وقد عادت لمسح دموعها " أجل صدقتك

لما لا تبقى فيه أسبوعا "

ضحكت بصمت وقلت " فكرة جيدة , سأفكر بها "

أغلقت حينها أذنيها وقالت ببكاء " فارقني يا آسر لا أريد

سماع صوتك هل تفهم "

توجهت نحوها وأمسكت رسغيها وأبعدت يداها عن أذنيها وقلت

" حسنا فتوقفي عن البكاء ستمرضين على هذا الحال "

ثم قبلت خدها لتنتفض واقفة ولازالت مولية ظهرها لي فقلت

مغادرا " كلها قبلة صغيرة لما كل هذا الجزع ؟ "

ثم خرجت وتركتها , ستهدأ فيما بعد ونتحدث في الأمر فالآن لا

يمكن التفاهم معها , جلست على الطاولة واتصلت بأواس وأخبرته

أنها ستتحدث معها في الغد بعد عودتي ثم تناولت غدائي وغادرت

المنزل لقسم الشرطة


*~~***~~*


أشرت لها على الدلو والهاتف على أذني فرفعته وخرجت به

وقلت لمن فتح الخط في الطرف الآخر " هل أخبرتهم

بموعد رحلتها لأخذها "

قال ضاحكا " مهلك علينا لا تقفز لنا من الشرفة وتختطفها "

خرجت خارج المخزن وقلت بضيق " لا مزاج لي لدعاباتك

فأخبرهم أني حجزت لها وسأكون هناك نهاية الأسبوع

لأخذها فلتجهز نفسها "

قال من فوره " لا تتزوج شقيقتي بلا حفل زواج أو غيرنا رأينا "

قلت بسخرية " من يسمعك يضنني أتزوج للمرة الأولى

هيا وداعا هناك مكالمة دخلت أهم من ثرثرتك "

قال ضاحكا " وداعا إذا "

فصلت الخط عليه وأعدت الهاتف لأذني قائلا

" مرحبا أمين هل وصلت "

قال من فوره " نعم ونزلت من السيارة حالا

وجلبتهم معي , أين أجدك "

نظرت لسدين التي خرجت مبتعدة تحمل الدلو تسير به ببطء

وقلت بمكر " أدخل وسيدلك أول من تصادفه من العمال "

قال من فوره " حسنا "

وأنهى المكالمة فأعدت هاتفي لجيبي وغادرت قائلا بضحكة

" لقاء بلا مقدمات ويا محاسن الصدف "


*~~***~~*


وصلت قرب باب المنزل فوضعت الدلو أرضا ونظرت لساقاي

المتسخة , ما هذه الحالة المزرية ؟ علمت الآن لما صرف إياس

أغلب العمال هنا .. ليستعين بنا بدلا عنهم طبعا , مسحت وجهي

بظهر كفي لأكتشف أني لطخته بالطين أيضا فقلت بتذمر " الحق

على الزوج الذي تركني لكم عامل مزرعة ولم يأخذني من هنا "

" عذرا أين أجد إياس هنا "

قفزت ملتفتة بشهقة لأقف متسمرة أنظر للشاب الطويل الواقف أمامي

بملامح دقيقة تنفع لفتاة فم صغير وأنف مستقيم وصغير عينان عسليتان

وثياب مرتبة بل وأنيقة ورائحة عطره انتشرت في المكان وكأننا في

الداخل وليس في الهواء الطلق , حتى شعره وكأنه سرحه عند مصفف

شعر , تراجعت خطوتين للخلف بصدمة أريد أن أقول أي شيء وضاعت

الحروف مني وتيبست قدماي حتى عن الهروب فاقترب الخطوتين التي

ابتعدتهما وقال بذات جموده " أنا أمين أين أجد شقيقك هنا "

فتحت فمي حينها مصدومة ثم نظرت للأسفل أعض شفتي بإحراج

وأشتم نفسي لتقع عيناي على بنطلوني المرفوع والملطخ بالوحل

وقميصي المربوط , يا إلهي ما هذا المنظر المخزي أبدوا أمامه

وكأني شحاذة , رفعت رأسي ونظري قليلا لكن ليس لوجهه وقلت

وأنا ألعب بطرف القميص بين أصابعي المتسخة " عند مخزن

المعدات , تابع سيرك شمالا وستصل "

مد حينها يده لوجهي فأغمضت عيناي بقوة لأشعر بطرف شعري

يتحرك للأمام ففتحتهما ونظرت جانبا فظهرت لي أصابعه تُخرج

قشة طويلة من شعري فكدت أبكي من الإحراج ثم رماها بعيدا

قائلا " وهل تتحركين أمام العمال هكذا ؟ "

هززت رأسي بلا فورا وقلت بتوتر " لا ... هم ... أعني لا

يأتون هنا أبدا "

هز حينها رأسه بحسنا وغادر فوضعت يدي على جبيني أتحسس

حرارتي ثم هففت بيدي على وجهي وقلت " ما أروعه يا بشر ما

كل هذا الثقل واللامبالاة "


*~~***~~*


نظرت لهاتفي مجددا ثم قفزت من على الطاولة وتوجهت للنافذة

ووقفت أمامها فقال الذي كان يدفن وجهه في دفتر المحاضر أمامه

" تعالى آسر أنظر لهذه لقد تعبت منها ولم أستطع فهمها "

فتحت النافذة ليلفح وجهي الهواء البارد ثم سرعان ما أغلقتها وقلت

" أتركني وشأني يا محمود , أواس أمامك في المكتب الآخر "

قال بعد ضحكة صغيرة " كل هذا توتر بسبب جلسة المحكمة ؟؟

لما لم تَحظرها معهم لترتاح "

نظرت لهاتفي مجددا ثم دسسته في جيبي وقلت " لا يمكنني ترك

عملي فأنت تعرف أن الجلسة تأخذ ساعات ثم أنا هنا بحال أفضل

لا أريد أن أصرخ وأدمر كل شيء إن كان حكمهم جائرا "

عاد لتقليب الأوراق قائلا " أنت تعلم أن القضاء تحسن كثيرا ولن

يحكموا لك إلا بالعدل فتوقف عن الدوران لقد أصبتني بالحوَل "

تركت النافذة وعدت جهة الطاولة وجلست أمامه ونظرت لساعتي وقلت

" ساعتان ونصف ولم يتصل المحامي أخاف أن في الأمر ما يخيب

الآمال لذلك لم يتصل بي ولا أستطيع الاتصال به فقد يكون

لازال في الداخل "

وضع القلم وقال " أنت تعلم أن جلسات المحاكم تأخذ هذا الوقت

وأكثر فاصبر يا رجل مـ... "

ليقاطع كلامه رنين الهاتف فأخرجته من جيبي فورا وأجبت

قائلا " ها بشر يا جـ... "

وما أنهيت جملتي حتى قال ضاحكا " مبارك لك يا آسر "

قفزت حينها واقفا وقلت بصراخ " رائع جميل وأخير بشرك

الله يا جواد بشرك الله بكل الخير "

قال من فوره " انتظر لتسمع باقي الحدث "

توجهت للنافذة مجددا والتصقت بأنفي بها أستمع له وهوا يقول

" بما أن المال لوالدتك وهوا من استثمره وله وريثة وهي ابنة

شقيقه فالحكم كان لكما بالنصف في كل شيء ومشروط أيضا "

قلت من فوري " لا بأس ولكن بما اشترط "

قال بهدوء " لا يبيع أحدكما إلا للآخر وعلينا غدا أن نبدأ في إجراءات

حصر الإرث وسأبدأ من اليوم في الأمور التي لا تحتاج وجدكما "

مسحت بأصابعي طرف شفتاي وقلت " هل يلزم فعلا حضورها الآن "

قال من فوره " إلا إن حصلت منها على ورقة توكيل فكما تعلم خرج

الأمر عن سيطرتنا بحكم المحكمة ولم تعد وليها بحكم الزوج كما في

الإجراءات السابقة وعليها الحضور أو أن تجلب توقيعها على الورقة "

قلت بصوت منخفض " جهز لي الورقة وسأقوم بكل شيء "

قال بريبة " آسر أنت جربت الظلم وأكل الحق ولا أعتقد أنك

ستفعلها مع زوجتك فهذا حقها "

قلت بجدية " أبدا تنقطع يدي ولا أفعلها وسأوقع لك على ورقة

تسقط وكالتي على مالها بعد أقل من شهر ولن أقرب منه شيئا

فقط هناك أمر خاص أريد التأكد منه أولا ثم سأعطيها حقها "


*~~***~~*


بقيت أغلب الصباح أتجول في الطابق السفلي وأفكر في حل آخر

لجلبه للمصيدة فيبدوا أن تلك الحشرة سلبت عقله وسحبته لها , أواس

يضحك وبصوت مرتفع !!! عشت معه لعامين كاملين وحتى قبل أن

يتحول لوحش معي لم أسمع ضحكته العالية وحتى الابتسامة كنت

أتسولها منه تسولا ولا شيء لديه سوا البرود والتعجرف والصمت

والغضب ألا مبرر وألا محدود , لا ويحملها للأعلى فما الذي أنزلها ؟

قلبَتْ حالك يا أواس توقعتك ستزمجر غاضبا وستنزل فورا وتغادر

المنزل فأذكر سابقا فعلت مثل هذه الحركة وتمنعت عنه بشقاوة ونزلت

واختبأت منه وكانت النتيجة أن ثارت براكينه ونام غاضبا أما الآن فأراه

لم ينزل إلا بعد الأذان بوقت مسرعا ليلحق الصلاة , آآآخ يا غيظي منه

عشت معه في نكد وبرود وتجاهل والآن جاءت هذه لتقلب حاله في أشهر

فقط , تحركت جهة الممر الآخر عندما فقدت الأمل في نزولها وذاك غادر

لعمله بالتأكيد والأرجح لن نراه طوال اليوم لأنه حتى وجبة الغداء لا يتناولها

هنا أغلب الأوقات حتى في أيام عمله , توجهت لغرفة عمته وطرقت الباب

ودخلت فعليا التغيير من مخططاتي , ما أن رفعت رأسها ورأتني حتى

قالت مبتسمة " مرحبا يا وجد ظننتك غاضبة مني ولن تأتي "

لو كان كذلك لجئتِ بحثا عني يا كاذبة , اقتربت منها وجلست أمامها

وقلت مبتسمة " عندما أخبرتني الخادمة بالأمس كنت على وشك

النوم ثم نسيت وعندما تذكرت الآن أتيت "

قالت بذات ابتسامتها " لا بأس يا ابنتي فأنا لم أعد أراك ولا

حتى على طاولة الطعام "

وضعت ساق على الأخرى وقلت " لم أكن أريد إزعاج فخامتها

فيبدوا أنها لا تطيقني وتكره اقتراب أواس مني "

نظرت لي بصدمة بادئ الأمر ثم قالت " لا دُرر ليست هكذا أبدا

أنتي فقط لم تعرفيها جيدا "

حقيرة مثلها كما أعرفك , قلت بابتسامة أوسع " معك ممكن أما

أنا فلا تنسي أني أشاركها ذات الزوج "

تنهدت وقالت " لكنك زوجته قبلها يا وجد "

حركت كتفي بلامبالاة قلت " لو رأيتها كيف غضبت منه فقط

لأني اقتربت منه بالأمس لما كان هذا كلامك "

نظرت لي بعدم استيعاب فقلت " أنتي عمته ومؤكد يحبك ويحترمك

أواس ظلمني كثيرا وشك بي وأنا بريئة وحاولت التحدث معه

وإصلاح ما بيننا ومسامحته على قسوته معي لكنه يرفضني

فتحدثي معه فأنا أريد فعلا أن ترجع حياتنا كالسابق "

قالت بحزن " وأنا أريد ذلك أكثر منك لكنك تعرفين أواس جيدا لا

أحد يتحكم في أفكاره وقراراته ومفتاح كل ما تريدين لديك وهوا

زوجك ولا توجد أنثى لا تملك أسلحة تكسب بها الرجل "

لويت شفتاي وقلت " أجل أعلم لكن تلك لا تترك لي مجالا وكأني

لست زوجته مثلها ولي فيه حق مثلها وأكثر "

هزت رأسها بقلة حيلة ولاذت بالصمت فوقفت وقلت " ظننت بأنك

ستساعدينني لكن يبدوا أنك كابن شقيقك سحرتكم تلك الدُرر بألاعيبها "

ثم غادرت متجاهلة ندائها المتكرر لي وخرجت وأغلقت الباب , حمقاء

ولا فائدة ترجى منك , ومن غبائي ظننت أني سأجد بها منفعة ونسيت

أني لم أجدها حتى وقت كانت ابنتها تلك تتحرش بزوجي علنا في السابق

*~~***~~*


قالت بتألم " آي نعم هنا دلكيه جيدا يا ترجمان "


تأففت وقلت وأنا أعيد لها ياقة قميصها " تعبت يداي , ثم أنا

لست أقل تعبا منك لقد تحطم ظهري اليوم مثلك "

أغلقت زر بيجامتها وقابلتني قائلة " على إياس أن يجد حلا

غيرنا فنحن لن نتحمل هذه الأعمال "

أغلقت علبة كريم تدليك المفاصل وقلت " لا أعلم كيف يصرف

أغلب العمال ويجعلنا ننظف جميع الحظائر تلك ؟؟ شقيقك

هذا لا عقل لديه بالتأكيد "

قالت وهي تحرك رأسها وكتفها " قال إن تركهم أو جلب من

يقوم بكل هذا العمل فلن تكفي الأموال لباقي مخططاته للمزرعة

والخيول وهوا قسّم العمل لأيام كي لا يتعبنا لكننا من غبائنا أردنا

إنجاز أغلبه في يوم واحد وها هي جاءت النتيجة "

رفعت خصلتي بطرف أصبعي لأدسها خف أذني وقلت

" جربي نصيحتك الرائعة إذاً "

رمت يدها في وجهي بلامبالاة ثم قالت " لا تصدقي من

رأيت اليوم "

نظرت لها ببرود وقلت " من غير الخيول والوحل "

ضحكت وقالت " الشجر والشمس أيضا "

ثم ماتت ضحكتها وقالت " ترجمان هل أخبرتك أن حالك

لم يعجبني اليوم ونحن في الخارج "

هززت رأسي بلا وقلت " لم تخبريني ولا أريد أن أعلم ولا أجيب "

تنهدت وقالت " لو أستطيع الدخول لرأسك يا ترجمان "

تجاهلتها ولم أعلق , هل كنت مسخرة وملاحظة لهذا الحد ؟؟ لا أنكر

أني تضايقت من تجاهله لي اليوم تحديدا ونحن نعمل في الإسطبلات

رغم أنها عادته من مدة لكن منظره اليوم وثيابه المتسخة وعمله الجاد

وبنشاط وهمة جعلاني تأملته للحظة فأمسك بي حينها ونظر لي ببرود

أحرق أعصابي وعكر مزاجي لباقي اليوم , هه مغرور وصدّق نفسه

حقا , أيقضني من شرودي يداها التي صفقت أمام وجهي وقالت

" أين وصلتِ سيدة ترجمان "

دفعت يداها من أمام وجهي وقلت " وهل تدعي أحدا يسافر لمكان "

انفتح باب الغرفة حينها دون أن يطرق أحد ودخل منه إياس فنظرت

له باستغراب والتفتت سدين لترى من الداخل , غريب ما هذه الزيارة

لغرفتي الليلة فهوا لم يفعلها سابقا قط أم أنه يريد سدين !؟؟ لكن إن

أرادها فعلا فلما لم يناديها من الخارج كعادته ؟ اقترب منا وقال ناظرا

لها " سمعت أن ظهرك يؤلمك وكتفك وعنقك , ألا تؤلمك كليتك

واللوزتين أيضا "

قالت ببرود " نعم اسخر مني , ليس لأنك رجل وتتحمل تظننا

نحن النساء مثلك وإن حدث لي شيء ستتحمل النتائج وأخبر

صديقك حينها أنك سبب إعاقتي "

ابتسم بسخرية وقال " ابشّرك إذا أنه قال لي اليوم بأنه

سيشتري مزرعة ويضعك فيها "

شهقت سدين حينها وتابع هوا بمكر " ما الذي قلتيه له

اليوم قرر هذا القرار "

فشهقت مجددا وقالت " من قال لك أنه رآني ؟ وما هذه

المزرعة التي سيضعني فيها "

قال بابتسامة ساخرة " يبدوا يريدك امرأة حقول وسيعيد صياغتك

مجددا أو أن مظهرك المزري اليوم أعجبه "

وضعت يديها وسط جسدها وقالت " لا عند هنا ويكفي , أقسم

إن فعل ذلك فلن أغادر معه من هنا , هل هي فوضى "

دفع جبينها بإصبعه وقال " الفوضى أن تبقي هنا وقت

يريد أخذك ولن أقبل بها طبعا "

ثم نظر لي فأبعدت نظري عنه على صوته قائلا " هيا رافقتك

السلامة أريد أن أتحدث مع ابنة خالك "

خرجت حينها سدين تتمتم بغيظ من زوجها ذاك وأغلقت الباب

خلفها فرفعت نظري له أنتظر الجواهر التي سيتحفني بها فشغل

نظره بأظافر يده وقال " هناك أمر لم أكن أريد أن تعلميه من الناس

أو أن تعتقدي أني أتعمد فعلها حين تريه بنفسك "

بقيت أنظر له بجمود ولم أحاول تفسير شيء فوضع يده في

جيبه ونظر لي وقال بجمود أكبر " أنا تزوجت وسأحضرها

هنا نهاية الأسبوع على الأرجح "

حاولت جهدي أن لا أبدي ملامح الصدمة رغم أني شعرت فعلا وكأن

ثمة من دفعني بقوة وضربني في الجدار خلفي لكن لن أعطيه مناه لن

أصرخ وأعترض وأزمجر فيه غضبا لن أحطم كل شيء وأرميه بكل

ما تصله يدي والأكثر لن أبكي ولا يتوقعها مني , حركت كتفي بلامبالاة

على نظره الجامد الثابت على عيناي وقلت " أنت حر وهذا يخصك

ولا تنسى باقي اتفاقنا "

أمل ابتسامته وقال " ولا تنسي أنه لن يوافق عليه أحد ولا طلاق

يلوح في الأفق فجِدي حلا لعمتك وعمك ولا مانع لدي "

أمسكت علبة الكريم بطرف أصابعي الملطخة بها ووضعتها

على الطاولة بجانب السرير ثم غادرته وقلت متوجهة جهة

الحمام " لا فرق عندي في شيء "

ثم دخلت وأغلقت بابه خلفي وتوجهت للمغسلة وبدأت بغسل يداي

بقوة كادت تتمزق معها بشرتهما , تتزوج يا إياس هل هذا كان

مخططك إذاً ؟ بل هذا ما كنتم تتكتمون عنه طوال المدة الماضية

وأنا كالبلهاء بينكم , توجهت للمنشفة ونشفت يدي بقوة متمتمة

" لا يعنيك يا ترجمان وللجحيم هوا وهم جميعهم "

ثم خرجت للغرفة الخالية منه وبابها مغلق فرفعت الوسادة

ورميتها على الباب بقوة وغيظ وألحقت بها بالأخرى


*~~***~~*


وقت الغذاء اعتصمت في غرفتي وسريري كي لا أراه فقد يأتي

فهوا يوم عمله يتناوله هنا أغلب الأحيان ولا يمكنني النظر له ولا

وضع عيني في عينه بعد ما حدث فجرا , والأسوأ من كل ذلك أني

تجاوبت معه للنهاية ولأول مرة أفعلها ورغم عبارات الرضا التي

كانت تصدر منه إلا أني أشعر بالخجل وأني ارتكبت جرما لا يجوز

لا أعلم ما أصابني وكأنه ليس من صرخ بي وطردني من غرفته

وقال أني مجرد غرض لوقت معين , شعرت بمقبض الباب يدور

فأغمضت عيناني بقوة مولية ظهري له , يا إلهي هذا ما لم أحسب

حسابه أن يصعد هنا فهوا لا يفعلها سابقا بل يتناول طعامه ويغادر

لعمله فورا , شعرت بثقله على السرير بجانبي فعضضت شفتي بقوة

وحاولت تنظيم تنفسي كي لا يكتشف أني مستيقظة , مرر يده على

خصري ثم قبّل خدي ليرسل قلبي للجنون بنبضاته وهمس بعدها

في أذني " هل أخبرك أحدهم قبلي أنك لا تجيدين التمثيل "

تمسكت باللحاف حينها وغطيت به وجهي لتنطلق منه ضحكة صغيرة

فها هي المعجزات تتالى وبدأ يطربني بسماع ضحكاته , ابتعد عني

ووضع شيئا على الطاولة وقال " هذا هاتفك الجديد وإياك يا دُره ثم

إياك من أن تحدثي به غير صديقتاك أو أن تلمسه يد وجد إن

برضاك أو رغما عنك "

نظرت للفراغ مصدومة من جلبه هاتفي ومن تحذيراته بخصوص

زوجته لكني لم أستطع الكلام ولا تحرك , غادر بعدها السرير

قائلا " لا أعود فجرا وأجدك هاربة مني أيضا أو

دُره الباردة القديمة قد عادت "

ثم غادر الغرفة مغلقا الباب خلفه فرميت اللحاف عني وجلست

وتمددت على بطني مادة يدي لطرف الطاولة في الجهة الأخرى

وسحبت الهاتف الجميل الحديث الموضوع فوقها ثم جلست وأمسكته

أنظر له بانبهار , هذا الهاتف لم أحلم حياتي أن امسك مثله ولم أرى

أشباهه إلا عند الثريات من النساء , لا أصدق أنه فك الحصار عني

أخيرا ولو جزئيا , انفتح الباب حينها فصرخت ورميته وسحبت

اللحاف وغطيت به وجهي على صوت ضحكته الصغيرة داخلا

سحب مفاتيحه من على طاولة التزيين وخرج دون أن يعلق


*~~***~~*


ما أن كان أول المساء حتى غادرت القسم وذهبت للمنزل كي أعود

هناك سريعا ولأني سأتأخر غدا في المحكمة فلن أتمكن من محادثتها

فجرا وقت عودتي فعليا الخروج للمحامي بسرعة ثم الذهاب معه هناك

وسنقضي أغلب النهار في إجراءات حصر الإرث لأني أريد إنهائها

بأسرع وقت وتركت كل شيء مفاجأة لعائلة عمي صابر ولم أخبرهم

حتى الآن بالمستجدات ولا حتى بوقت الحكم حتى آخذهم للمنزل دون

علمهم , وسراب أيضا أريد التحقق من أمر واحد وهوا تغيرها حقا من

أجلي أم قشور ستتطاير ما أن تعلم أني حصلت على المال وسأحرمها

ونفسي منه وبعدها سأعطيها نصيبها وفي كلا الحالتين لكن تصرفها

سيحسم أمرا واحدا وهي حياتنا معا إما سنعيشها كزوجين وفي أملاكنا

الجديدة أو سيذهب كل في حال سبيله , وصلت المنزل وأشعر بحماس

غير طبيعي لم أحاول تفسيره لأني أعرف ما ستكون النتيجة ( بدأت

ترضى عنها يا آسر وتشتاق لها أيضا وويحك إن كنت غرقت في حبها )

دخلت وتوجهت فورا لغرفتها بما أنه لا صوت لها في الحمام ولا المطبخ

فتحت باب الغرفة ببطء ودخلت فكانت محتضنة بطانيتها وجالسة أمام

المدفئة رأسها مائل جانبا وقد غلبها النعاس , كم تتأثر بالبرد هذه المرأة

وظلم حقيقي أن يتربى الإنسان مع أناس لا يشعرون به ولا مشاعر لديهم

ما أن أحصل على نصيبي من المال سآخذها للعلاج ومن حصتي فقط

اقتربت منها تقودني فكرة مجنونة لكنها دمرتها بأن فتحت عينيها ما أن

اقتربت ورفعت رأسها تنظر لي ثم سرعان ما أبعدت نظرها عني للمدفئة

أمامها ولازالت ملامحها غاضبة ومستاءة , جلست على الأريكة التي

تتكئ عليها بظهرها بحيث أصبحت ساقاي ملتصقتان بجسدها ومددت

يداي للمدفئة أمامها واحدة ممدودة جانب وجهها والأخرى مررتها من

الجهة الأخرى لوجهها وسندتها بكتفها بحيث أصبح رأسها بين ذراعاي

وقلت قبل أن تحاول التحرك والابتعاد" ألن تغيري رأيك وتكلمي

صديقتك "

لم تجب وكانت تحاول الوقوف وإبعاد ذراعي عن كتفها فطوقتها

بهمها وشددتها لصدري وهمست " لا تتحركي "

شعرت بارتجاف جسدها بين ذراعاي لتجتمع كل طاقة جسدي في نقطة

واحدة وكأن ثمة مغناطيس يجدب شفتاي لخدها بجنون لكني تمالكت نفسي

لأني أعلم أين سينتهي ذلك وسيتبع الخد العنق فالشفتين وهذا ليس وقته

حتى أكمل باقي مخططي وأتأكد أولا من صدق مشاعرها , الغريب أنها

لم تعد تمانع وتقاوم وكأن قواها خارت تماما وبدلا من أن أبعد ذراعاي

عنها وجدت نفسي أزيد من شدها لصدري أكثر وأنفاسي القوية تحرك

شعرها ووقع المحظور واستسلمت لجذب خدها المحمر من حرارة نار

المدفئة وما كانت شفتاي لامسته حتى رن هاتفها في جيبي فانتفضتْ

ورمت يداي بعيدا وجلست مبتعدة تنظر لي بعينان مشتعلتان احمرارا

لا أعلم من الغضب أم حبس الدموع , أخرجت الهاتف ونظرت له

فكانت زوجة إياس , لابد وأنه أخبرها بزواجه وإن أخبرت سراب

الآن فستزداد أمورنا سوءا , أعدت الهاتف لجيبي فقالت

" أجب عليها لماذا أعدته ؟؟ "

ابتسمت بمكر وقلت " هاتفك وليس هاتفي فلما أجيب "

قالت ساخرة وحدقتيها امتلأتا بالدموع " والمتصلة

تخصك ولا تخصني "

مددت يدي لجيبي وأخرجت هاتفها مجددا وقلت ونظري عليه

ألعب به في الهواء " إذاً ثمة من تحدث معك به ويخصني أنا "

قالت حينها دون مقدمات " تزوجت يا آسر ؟؟ "

رفعت نظري لها فكانت الدمعة الأولى قد سقطت تتدحرج على خدها

فانهارت مخططاتي حينها ولن أضغط عليها أكثر كي لا نكون في

المستشفى الليلة , نزلت على الأرض مثلها ومددت يدي لها وقلت

" تعالي أخبرك شيئا "

هزت رأسها بلا وزحفت مبتعدة وقد ازدادت دموعها في التناثر على

خديها وقالت بعبرة " لا تكذب عليا يا آسر , ليتك قتلتني وما فعلتها "

كنت سأتحدث لكنها لم تعطني المجال فقد دفنت وجهها في كفيها وبدأت

بالبكاء والنحيب فوقفت وتوجهت نحوها وجلست عندها وشددتها لحظني

وقلت ضاما لها بذاعاي بقوة " توقفي عن البكاء يا حمقاء فأنا لم أتزوج "

قالت بنحيب " كاذب سمعتها بأذني وسألت عنك وقت الفجر فمن تكون "

قبلت رأسها وقلت مبتسما " قسما لم أتزوج عليك يا سراب فتوقفي

عن النحيب لتفهمي مني "

تمسكت بسترة بذلتي بقوة ولم يتوقف شيء من بكائها فمسحت

على شعرها أضم رأسها لصدري أكثر وقلت " ليست زوجتي

يا غبية هذه والدتك يعني خالتي "


المخرج : بقلم المبدعة sloomi


من سراب ل آسر

🌹 يا كثر ماشلت في قلبي عليك🌹

🌹وياكثر ماقلت ما سامح خطاك🌹

🌹من اشوفك ترجف ضلعوي تبيك🌹

🌹واثر هذا كل من حره هواك🌹

قوتي ضعفي وضعفي اني ابيك🌹

🌹وانت عارف اني مااعشق سواك🌹

🌹ابتليت بحب جعله يبتليك🌹

🌹وياعساك تذوق حراتي معاك🌹

🌹حسبي الله علي الهوي وحسبي عليك🌹

🌹الله ياخذني والا الله خذاك🌹



نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء السبت إن شاء الله


مقتطفات صغيرة من الفصول المتقدمة كما وعدتكم

درر


** بصق جانبا ولمس لثته بإصبعه وشتم بحنق ثم قال " لم يسلم شيء

بي من أظافرك يا عربية "



** ضمني لحضنه بقوة وقال " عليك أن تكوني شجاعة القادم يحتاج للكثير

يا دُرة يحتاج لدُرر المؤمنة القوية فلا أريدها أن تحتاج لأواس دائما

كي لا تنكسر إن خسرته "



** ارتجف جسدي بقوة حين همس ذاك الضخم في أذني قائلا

" لا تتحدثي بالإنجليزية مع أي أحد هنا مفهوم "



** مد هاتفه أمام جسده وقال " عليك أن تعلمي أنه أي

صوت يصدر منك سيعرضه للخطر "



** لأجد نفسي في قبضة الواقف خلفي مطوقا عنقي بساعده ويضع

فوهة سلاحه على رأسي بيده الأخرى



** أمسك ذراعاي وقال بجدية " دُرر توقفي عن إيذاء نفسك , إن

كان يريدك سيأتي بنفسه "


سراب


** بقي ينظر لي بصمت ومسدسه موجه لوجهي فقلت بغضب " افعلها الآن

فأنا جزء مما ورثت من تلك العائلة الجشعة محبة المال فتخلص مني أيضا "



** قلت بجدية " هذه هي سراب يريدها معه شريكة يتحملها , لا يريد

يأخذ هوا كل شيء لأني سبق وقلت أني مستغنية عنه من البداية فأخبره

بهذا ما أن تراه "



** ضحكت وقالت " معه حق يغضب كيف تعطي خاتم زواج لطفلة

وهوا من أحضره "



** قال بضيق " جاء شريكك منذ قليل وسكب جميع ما في الخزانات في

الأرض واغرق أرضية المصنع والمعامل بالحليب وأشعل النار في مشتقاته

التي تم أنتاجها خلال هذا الأسبوع "


ترجمان


** أبعدت يداه وقلت " إذاً أنا من سأفعلها "

وتابعت وأنا أنزل السلالم الدائري " وإن كان لك كرامة فطلقني "



** عدت لضرب الجدار بكفاي كلاهما بقوة أردد بعبرة " سحقا يا

ترجمان ما هذا الذي يحدث ؟ ماذا تفعلين الآن ماذا ؟ ماذا ؟ "



** مسحت دمعتاي الجديدتين بيدي وأنا أحاول تثبيته قائلة بعبرة

" إياس لا تفقد وعيك , ما بك إياس ؟ لا تفعل هذا بي "



** " كنتُ قادما لحل الأمر دون أخذها معي لكن أن أرى دمعة

ابنة شقيقي فلن أقف أتفرج "



** قال بذات ابتسامته " وتحبينني "

فصرخت رامية بيدي " أصمت "

ففتح ذراعاه لي وقال " تعالي ويكفي مكابرة "

فيتامين سي 06-02-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثلاثون)
 





الفصل الحادي والثلاثون

المدخل : بقلم الغالية alilox


يادرتي احتويني طبطبي وداوي جرحي العميق من غابر السنيني يادرتي حرريني حرري روحي التي مازالت مقيدة مع ذاك الطفل في القبو من ظلم جدك الطاغيةخلصيني الذي استنزف طفولتي استباح برائتي وصنع مني قاسي القلب متمردا فأنت خلاصي وفي ذات الوقت انتقامي فساعديني خذي بيدي من ذاك القبو المظلم البارد الذي استعبد ذاتي وسكن ذكرياتي اخرجيني ولنور الشمس وربيع عمري بقربك خذيني يسعدلي هالمسا

وهذه بقلم الغالية اغاني الوفاء


أقسم بإن الحب الأزلي التي تتحدث عنه الروايات ودوواين الشعراء دوماً ، لم يحضى بقناعتي، فأنا مؤمنة إيماناً كاملاً أن تلك الأحلام الوردية ليس لها مكان في واقعنا ويومنا ، وكم كنت استخف بالفتيات المحلقات في سماء غرامهن وعشقهن...
ولكن أن أقف في يومي هذا مختلة الإتزان ، مضطربة المشاعر ،مشتتة الفكر، بسبب الصوت المدوي لباب قلبي الذي أدخل زائر الحب إلى أعماق أعماق قلبي، كأنه يلغي بذلك كافة قناعاتي ويرميهن عرض الحائط ، لاصطدم بإني أحمل لإحدهم شغف وولع وهيام.. لهوا الجنون نفسه،،، تباً فقد دارت الدنيا وأوقعتني بحصاد سخريتي من أحلام بنات حوى.

سلمت الأيادي


نظرت لي بصدمة لوقت ثم قالت ببحة " والدتي !!! "

هززت رأسي بنعم دون كلام فهزت رأسها غير مستوعبة ثم مسحت

عيناها وأنفها بطرف كمها وأشارت لنفسها وقالت " أمي أنا ؟ والدة

لسراب هذه "

ابتسمت بحزن ومددت يدي لخدها ومسحت بقايا دمعتها وقلت

" نعم والدة سراب "

جمعت خصلات شعرها خلف أذنيها وزحفت ناحيتي قليلا وأمسكت

يدي وقالت " لست تكذب عليا آسر أليس كذلك ؟ "

هززت رأسي بلا مبتسما فقفزت حاضنة لي تبكي حتى كادت

توقعني للخلف وتعلقت بعنقي فمسحت على ظهرها وقلت

" هذه السعادة من أجل والدتك أم من أجل أني لست متزوجا "

لم تجب طبعا بل ازدادت تمسكا بعنقي تدفن وجهها فيه وتبكي

بشدة فأبعدتها عني وحضنت وجهها بكفاي وقلت " يكفي بكاء

ألم تجفي بعد ؟ ستمرضين ولا نقود عندي لعلاجك "

أمسكت يدي مجددا وقالت " أريد أن أراها آسر خذني لها أرجوك "

نظرت حينها للأسفل وقد ماتت ابتسامتي ووصلني صوتها حائرة

" ماذا هناك هل هي مريضة أم مسافرة ؟؟ ألا يمكنني رؤيتها "

رفعت نظري لها ومددت يدي لذراعها وسحبتها لتتكئ على صدري

ونظرت للفراغ وقلت بشرود " لا هذه ولا تلك "

وتنهدتُ بعدها فعليا المتابعة وعليها أن تعلم بذلك وكل ما أخشاه نتائج

ما سأقول , تابعت وأصابعي تمسح على نعومة شعرها " بعد وفاة

والدك تزوجت خالتي من رجل مسئول كبير في الدولة ورفض أن

تبحث عنك وأن تعيدك إن وجدتك وبعد أن شِيع خبر ظهوركن من

جديد قال أنه لا يقبل أن تكون لها أي علاقة بك وقال أنه لا يعلم من

أي نوع أنتي وتعلمين وجهة نظر هؤلاء المسئولين الأثرياء يا

سراب وكيف ينظرون للأقل منهم فأهم ما لديهم مظهرهم

الاجتماعي "

ابتعدت حينها عن حضني ونظرت لعيناي وقالت بصدمة

" لكني لست فاجرة ولا مجرمة لما يخجل مني ! وأكبر دليل

أني متزوجة ومِن ضابط شرطة أيضا "

تنهدت وقلت " لم يقتنع وهي تريد رؤيتك دون علمه "

نزلت دمعتها تسابق الأخرى وقالت بصدمة " رؤيتي في السر !!

هل باعتني به ؟ "

لم أعرف ما أقول وما أجيب فسألت من فورها " هل لدي

أخوة ؟ هل لها أبناء منه "

هززت رأسي بلا فقالت بعبرة " إذا لما تتمسك به أم كل ما

يعنيها مظهرها الاجتماعي أيضا "

كنت سأتحدث لكنها سبقتني قائلة " هل عرضت عليها

العيش معنا هنا ؟ قل الحقيقة آسر "

صُدمت بادئ الأمر لتوقعها ذلك لكني لم أستغرب أن تفكر فيه فأنا

بالفعل أخبرتها أنها إن أرادت ابنتها فمنزلي مفتوح لها ولم أخبرها

بثروتي وثروة ابنتها لكنها رفضت , نظرت للأسفل ولم أتحدث فبدأت

بضرب فخذيها بقبضتيها بقوة وقالت ببكاء " باعتني من أجل المال

باعت ابنتها الوحيدة من أجل ذاك , من أجل كيس النقود

اختارته عليا أنا "

مددت يدي لها قائلا " سراب عليك أن تسمعي منها أن تعلمي

أسبابها فقد يكون كل هذا من أجلك "

رمت يدي عنها وقالت بصراخ باكي " لا أريد سماع صوتها

ولا رؤيتها لا أريدها , ابتعد عني "

وقفت حينها فعليا تركها وحدها ستهدأ وتفكر بروية وما ستقرره سيكون

ولن أجبرها على شيء فخالتي كانت مخطئة منذ وافقت عليه وشرطه

كان من قبل زواجه بها أنه لن يعترف بابنتها في حال ظهورها وأن

تنساها للأبد , ومالا تعلميه يا سراب أن جميع أموال والدك سلمتها

والدتك لذاك المغرور فلو فكرتِ للحظة لاستغربتِ كيف لمدعي عام

في محكمة العاصمة أن يموت ولا يترك شيئا ولا حتى منزل ترثيه

منه , خرجت من الغرفة وتركتها في بكائها المستمر تاركا قلبي معها

لا يمكنني التغيب أكثر عن قسم الشرطة وما كنت أريد إخبارها الليلة

لكنها اضطرتني لذلك كي لا تمضي الليل تبكي من فكرة زواجي وها

هي ستمضيه في دموع أشد وحزن أكبر , عليك أن تكوني قوية يا

سراب عليك أن تتخطي هذه الصدمة ولوحدك ولتعلمي أن حب المال

أمر سيء وقاتل ولهذا لم أكن أريد إخبارك عنها عندما سألتني تلك

الليلة لكنها تصر الآن على رؤيتك وكانت ستأتي من نفسها لذلك

أخبرتها أنه علينا تمهيد الأمر لك أولا



*~~***~~*



بعدما صليت الفجر وأنهيت قراءة أذكاري وقفت أفكر بحيرة أمام

الخزانة المفتوحة لأقرر ما سأرتدي وعيناي على قمصان النوم

لكننا وقت الفجر الآن فما قميص النوم في الصباح !! لكنه يُعتبر ليلا

بالنسبة له وسيأتي لينام , آخ منك يا أواس كنت دائما تأتي هذا الوقت

لا ترى شيئا أمامك بسبب التعب والسهر وتنام فورا فما جد عليك اليوم

أنا الحمقاء هل كان عليا فعل ذلك بالأمس , مررت أصابعي في شعري

ورفعته للأعلى وتأففت , لما لم أستطع تمالك نفسي ؟ ما هذا الذي فعله

بي أم كله من تأثيرا زوجته على أفكاري , أخرجت أحد قمصان النوم

أقطع بذلك جميع هذه الأفكار ولبسته , كان قصيرا لنصف الفخذ وباللون

النيلي , قصير جدا لكنه أفضل من طويل وأعلاه كله دانتيل مخرم أو

شيفون فهذا من الحرير , توجهت بعدها جهة المرآة وكنت سأضع أحمر

شفاه فغيرت رأيي حين تذكرت تلك المرة جعلني أمسحه فما نفعه الآن

تحركت بعدها في الغرفة أفكر أين سأستقر بهذا المظهر أدخل السرير

وأغطي نفسي ؟ حركة سخيفة جدا , أجلس وأغطي ساقاي ؟ أيضا حركة

مزرية وكأني مشلولة أو نائمة في المستشفى فكيف أستقبله هكذا , تأففت

وأمسكت رأسي بيدي أتنهد بأسى لحظة انفتح باب الغرفة ودخل ليجدني

واقفة مكاني لا جالسة ولا نائمة ولا قررت شيئا , نظرت للأرض من

فوري أخفي توتري بدس خصلات شعري خلف أذني فأغلق الباب ووقف

عنده ولم يتحرك وخشيت أن أرفع نظري له فأجده ينظر لي بضيق أو

غضب , غبية ما فعلته ليغضب ها أنتي طبقت أوامره لك وبحذافيرها

رفعت نظري له ببطء فكان مكتفا يداه لصدره وقال ما أن وقع نظري

على عينيه " اليوم لن أدخل دون دعوى , سأعتبر نفسي ضيفا "

شهقت حينها في وجهه بصدمة فرفع يده أمام وجهه وفعل حركة

بسبابته وإبهامه ثم قال " لا تذكرين هذه الحركة بالتأكيد "

أبعدت نظري عنه حينها فإن كنت لا أذكرها فأنا أعرف معناها وهل

قصده بهذا أني كنت أفعلها له في صغري ؟ لا أستغرب ذلك فيبدوا

أني كنت طفلة وقحة تحتاج من يجلدها لتتأدب , قلت بخجل

" أواس توقف عن هذا "

قال حينها بصوت مبتسم " متأكد أنك لن ترضي أن أقضي اليوم

واقفا هنا لأني لن أتحرك من مكاني إلا بدعوة "

تراجعت خطوتين أهز رأسي رفضا وقلت " أواس أترك

عنك هذا الجنون "

هز رأسه بلا مبتسما دون كلام فقلت " ادخل الحمام واستحم

وسأجهز لك ثيابك , تحرك هيا "

بقي مكانه وأعاد الحركة مجددا فرفعت رأسي للأعلى وهززته بلا

وقلت بحياء " هذا جنون , لا مستحيل "

فقال بعدها بلحظة " هيا دُره فلا صبر لدي عليك أكثر "

أخفضت حينها رأسي وغطيته بكفاي وأشعر بإحراج لم أشعر به

حياتي مع لذعة صغيرة لا أعلم سعادة أم رغبة أم تسلي , اتكأ حينها

على الباب خلفه مصدرا ثقله عليه صوتا وقال " متعب يا طفلة أواس

وأكاد أسقط واقفا فارحميني "

أبعدت يداي حينها وتحركت نحوه ورأسي أرضا وكلما اقتربت منه

خطوة شعرت بدمائي تتفجر في وجهي حتى وصلت عنده ومهما طال

الوقت كنت سأصل , وقفت أمامه وقد سوى وقفته ووضع يديه في

جيوب بنطاله فعضضت شفتي بقوة ثم رفعت يداي وطوقت بهما عنقه

ورفعت رأسي قليلا بحيث لا تقع عيناي على عينيه وأغمضتهما من

فوري وقبلته وهذا المجرم لم يبدي أي مساعدة ولا بأن ضمني بيديه

وكأنه يعلم نتيجتها فسرعان ما استسلمت لجنوني وتعلقت به أكثر أرفع

نفسي على رءوس أصابعي وقبلتي تزداد عمقا وضمني بذراعيه حينها

وقبل أن يشاركني الأمر أبعدت شفتاي وخبأت وجهي في صدره وقلت

" آخر مرة تفعل لي تلك الحركة أو أغضبتك "

فخرجت حينها ضحكته الخفيفة وشعرت بها كأنها ذبذبات من ضلوعه

المحتضنة لي وهمس في أذني " لن أفعلها إن تعلمتِ كيف تستقبلين

زوجك كلما دخل الغرفة "

ابتعدت عنه وقلت بصدمة " كلما ماذا !! "

توجه نحوي ورفعني عن الأرض قائلا " لا تناقشي كي

لا أقول كلما رأيتِني "



*~~***~~*




ما أن دخلت المنزل فجرا حتى وجدتها خارجة من غرفتها وملامحها

أسوء مما كانت عليه وتبدوا لم تنم البارحة , توجهتْ للمطبخ دون

أن تنظر لي ووقفت عند الباب تنظر للأرض وقالت

" هل أعد لك إفطارك "

قلت متوجها للغرفة " لا سأخرج لا وقت لدي "

وما أن وضعت يدي على الباب حتى قالت " ماذا هناك ؟؟

هل من مكروه حدث لعائلة العم صابر ؟ "

دفعته ودخلت قائلا " لا ... لا شيء من ذلك "

أخذت ثيابي وخرجت للحمام ولم تكن موجودة , استحممت سريعا

وغادرت المنزل من فوري لأن المحامي ينتظرني من أكثر من

نصف ساعة , وصلت مكتبه وخرج لي فورا وركب السيارة وقال

ما أن انطلقنا " هناك من سيساعدنا , سبحان الله كل الأمور

تتيسر لك يا آسر "

قلت مبتسما " حمدا لله كله من نعمه وفضله "

ثم نظرت له وقلت " كم سيستغرق الأمر من وقت "

قال من فوره " ليس كثيرا فالأملاك محددة ولا شركاء له وحتى

التجار الذين كان يتعامل معهم انتهت عقودهم من قبل وفاته فهوا

كان على علم بمرضه والفترة الماضية تجمدت فيها أملاكه ومراقبة

جميعها من المحكمة وسنلتقي اليوم بالمحامي المسئول عنها ستعرف

ما لك وما عليك وبما أن الإرث سيقسم لنصفين دون بيع شيء منه

سيكون حصره سهلا وتقسيمه كذلك "

هززت رأسي بحسنا مبتسما وقلت " المهم المنزل الآن علينا أن

ننهي أموره أولا وبما أنه كما في الأوراق بطابقين متشابهان فالسفلي

لي أريد أن أجهز غرفا فيه وأنقل عائلة عمي صابر له في

أسرع وقت "

قال مبتسما " وهذه أول إشارة لعدلك أخذت طابقا وتركت

لها واحدا "

ثم تابع بضحكة " وأين أنت من كل هذا وهي زوجتك ؟ "

ضحكت وقلت " معها إن رضيت عني وفي الأسفل إن طردتني "

وضحكنا معا لحظة وصولنا مبنى المحكمة وبدأنا في الإجراءات

الطويلة التي أراها كما قال تتيسر أمامي وكأن الجميع مجهز ليقف

معي ويساعدني وبحكم مهنتي استطعت اختصار الكثير على نفسي


*~~***~~*



ما أن أشرقت شمس صباح الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن مهما

حاولت نزلت للأسفل وكانت عمتي وسدين تجلسان في الصالون

الموجود وسط الصالة الواسعة التي يدخلها النور من كل جانب

بسبب النوافذ الضخمة وباب المنزل الواسع المفتوح فهذا أجمل ما

في المزارع الخصوصية التامة لا جيران لا منازل بطوابق مرتفعة

ولا تطفل من أحد , وصلت عندهم وجلست بعدما ألقيت تحية الصباح

فقد يكون أخبرهم أني علمت ولن أعطي الفرصة لأحد يشمت بي وإن

كانت عائلتهم التي لم أرى منها إلا الحب والمعاملة الطيبة , لكنه قهر

مقهورة ولا أعلم لما أشعر بكل هذا وأبحث فقط عمن ألقي باللوم

عليه في هذه اللعبة التي لعبوها من ورائي وجميعهم يعلمون

" ترجمان ما رأيك أنتي في هذا "

نظرت لها وقلت " ماذا ؟؟ أعيدي فلم أكن منتبهة معك "

قالت مبتسمة " ومن يشغل بالك ها اعترفي "

ابتسمت لها ببرود ولم أعلق لأن تعليقي سيجرحها , وقفت

رغد حينها من بعيد ونادت " سدين تعالي "

فوقفت من فورها وغادرت جهتها واختفتا هناك وقالت عمتي

" سلسبيل قادمة بعد يومين مع زوجها ووالدته وكنا نتناقش في الأمر "

ابتسمت وهززت رأسي دون تعليق فخرج لنا صوت سدين من بعيد

" أمي تعالي "

فقالت عمتي بصوت مرتفع " ما سيوقفني الآن قولي ما

لديك من هناك "

قلت حينها بسخرية " اذهبي لها فقد يكون مخططا جديدا لا

تريدونني فيه "

نظرت لي بصدمة وقالت " مخطط ماذا الذي سنخفيه عنك ؟ "

وكانت القشة التي قصمت ظهري فقلت بضيق " أنتي أعلم مني يا

عمتي وما كان عليكم إخفاء الأمر تندسون وتتهامسون من ورائي

في موضوع أنا الجزء الأساسي فيه "

قالت بشبه همس " أخبرك ؟ "

قلت ببرود وإن كان بغضب داخلي مشتعل " نعم وهل كنتم

تخططون لإخفاء الأمر حتى يحضرها "

تلعثمت ولم تعرف ما تقول فوقفت وقلت " على ابنك أن يطلقني

بما أنه وجد بديلا لي فلا داعي لتركي كالمزهرية هنا "

كانت ستتحدث لولا أوقفها الصوت الرجولي الحازم من خلفي قائلا

" ترجماااان "

التفت له وكان يقف خلفي ينظر لي بضيق بمظهره الجديد القميص

المهمل مثني الأكمام لمرفقيه وبنطلون الجينز المتسخ وخصلات

شعره المتناثرة على جبينه وفي يده يحمل حبلا ملفوفا , نظرت

له ببرود وقلت " نعم أي أوامر "

قال بضيق " لو كان لك كلام كنتِ أتحفتني به ليلة أمس دون

هذه المسرحية وأنتي تستفردين بوالدتي "

كتفت ذراعاي لصدري وقلت " لم أقل لها شيئا غير الذي

قلته لك فذكرني بمخالفاتي "

تحولت ملامحه للغضب وكان سيتحدث لولا التي قفزت من خلفي

وتوجهت نحوه مسرعة وأمسكت ذراعيه قائلة " حلفتك بالله أن

تسكت يا إياس لا داعي لكل هذا "

نظر لي حينها وقال " من أجلك فقط يا أمي فلن يهينك أحد

وأسكت له والكلام موجه لابنة شقيقك "

تحركت حينها وغادرت من أمامهم وصعدت للأعلى

وعدت لغرفتي ضاربة بابها خلفي بقوة


*~~***~~*


صعدت هي للأعلى وأبعدت والدتي يداها وقالت بعتب

" إياس لا يجوز بني هي مجروحة وعلينا أن نتحملها "

ابتسمت بسخرية وقلت " لا أعتقد أن ما في خيالك حقيقي "

تنهدت وقالت " لا تنسى وعدك لي يا إياس لن تطلقها مهما قالت

وطلبت ذلك أو لن أرضى بزوجتك الجديدة تلك في منزلي

ما حييت "

قلت بضيق " وما علاقة سهاد بالأمر أنتي ربطتِ رضاك عن

زواجي بأن لا أطلق ترجمان وأنا وافقت فأبعدي سهاد عن

كل هذا "

قالت مغادره على صوت نداء سدين المتكرر لها " لا تنسى تعهدات

خالك رفعت أيضا ولا أضنك ترضى أن يغضب منك وينفذ تهديداته "

ثم اختفت تتحدث مع سدين وتركتني أتأفف غاضبا , خرجت بعدها

وعدت جهة الإسطبلات وبدأت بربط الدعامة مع العامل الذي كان

ينتظرني هناك ممسكا لها وكنت أشد الحبل بقوة وغضب وأنا أتذكر

نظراتها وكلامها حتى أنها البارحة لم تتأثر وأنا أخبرها وكأن الأمر

لا يعنيها أم تفكر أني فعلتها فقط لإغاظتها , ربطته جيدا ثم قفزت من

الأعلى وقلت " أكمل أنت الباقي سأذهب لرؤية ذاك التاجر وأعود لك "

هز رأسه بحسننا وبدأ بتمرير باقي الحبل في الثقوب وغادرت أنا

من هناك للمنزل استحممت وغيرت ثيابي وخرجت من المزرعة

لزيارة تاجر الخيول الأشهر هنا فلو قبل عرضي ومساعدتي سينفعني

كثيرا , وصلت المزرعة واستقبلني مدير أعماله وكما حكوا لي عنهم

بسطاء جدا عكس حالتهم المادية فقد كان يمسك طفلا ينظف له يديه

من الوحل ويبدوا ابنه لأنه يناديه بابا , وقف على طوله ما أن

رآني وقال مبتسما " لابد وأنك السيد إياس تفضل "

صافحته قائلا " نعم وأنت السيد وليد بالتأكيد "

قال مبتسما " نعم ونواس في انتظارك أعذرني يدي متسخة "

ثم التفت وتحدث مع طفلة تقفز بعيدا وقال " تعالي خذيه لوالدته "

نظرت لنا وقالت " عمتي مي نائمة وقالت يبقى معك ولا توقظوني "

ضحكنا معا وقال " تفضل هيا ولا تنفر من الزواج بسببي "

ضحكت وقلت سائرا معه " لدي حصتي وزيادة "

وصلنا الإسطبلات وكنت أتوقع أن يستقبلني في مكتبه لكن يبدوا

أنه كمدير أعماله لا رسميات لديهم , دخلت الإسطبل الذي كان

فيه مع فتى يبدوا في العاشرة وغادر مدير أعماله من فوره

مددت يدي له وقلت " تشرفت بمعرفتك سيد نواس"

صافحني مبتسما وقال " وأنا أيضا سررت بلقائك "

تحدثنا لوقت عن خيولي ومشاكلها وإمكانية مساعدته لي موسم

التزاوج وعرض عليا أفكاره وكان أكثر مما تخيلت سمحا وبشوشا

ومتعاونا جدا وكريما حتى في نصائحه , قال مبتسما " لأنه لا

خبرة لديك فستجد الأمر صعبا بادئ الأمر لكن بالعزيمة ستنجح

وسأساعدك فخالك العقيد رفعت له جميل كبير في عنقي "

هززت رأسي مبتسما ومتفائلا ثم مسحت على رأس الفتى الذي

كان ينظر لي مبتسما وقلت " يبدوا ابنك رغم أنه لا يشبهك "

قال مبتسما " نعم ولي غيره ثلاثة ولا أحد منهم يشبهني "

ضحكنا معا لحظة ما ظهر رأس فتاة صغيرة تبدوا في السادسة نظرت

من باب الإسطبل بعينان سوداء واسعة وشعر حالك السواد مربوط

جديلتين وقالت " أحمد ويلك من ماما هي تبحث عنك وغاضبة لأنك

لا تدرس وغادرت الغرفة "

فركض حينها مسرعا وقال " أذهبي وأخرجي كتابي من المطبخ

وأعطيه لي من الباب الخارجي بسرعة "

فضحكنا كلينا ورفع كتفيه وقال " النساء لا يقتنعن أن ثمة

أبناء لا ينفعون للدراسة "


*~~***~~*



طرقت الباب مجددا وقلت " ترجمان افتحي ولو

من أجل عمتك "

ولا مجيب طبعا فتنهدت والدتي بجانبي وقالت " لنتركها

الآن قد تكون تريد البقاء وحدها "

قلت بضيق " لا ليست ترجمان من تستفرد بنفسها وتحزن

أنا أعرفها قبلكم وأكثر منك , كله بسبب ابنك وجنونه

ما الذي ينقصها يفكر هكذا "

انفتح الباب حينها وخرجت منه على نظراتنا المترقبة وقالت

" ما بكم لم تتركوني في الحمام براحتي ظننت أن

مكروها أصاب أحدكم "
نظرنا لبعضنا ثم لها وقلت " كنتِ في الحمام !! "

نظرت لوالدتي وقالت " آسفة عمتي لم أعني ما قلت "

هزت أمي رأسها وقالت " لا عليك بنيتي أنتي من علينا

أن نعتذر منك "

رفعت كتفيها وقالت " حياته وهوا حر فيها أزعجني فقط أن

أخفيتم الأمر عني وكأني سأفسده عليه "

قالت أمي من فورها " أبدا يا ترجمان ما هذا التفكير نحن فقط

خفنا أن تزداد المشاكل بينكما ولم يكن أحدا راض عن ذلك

وحاولنا جهدنا ولم ننجح "

كانت ستقول شيئا فسبقتها والدتي قائلة " لا يا ترجمان

طلاق لن أطلبه منه ولن أوافق عليه "

قالت بضيق " ولما وهوا مستغن عني وسيجلب أخرى

ما موقعي أنا من كل هذا "

قالت من فورها " أنتي زوجته مثلها فلا تسقطي حقك فيه

فقد تعيديه تحت جناحك مجددا "

حركت يداها في الهواء قائلة بضيق " لا أريده عمتي أفهموها ولا

حياة بيننا , لما لا تحرروني منه لأختار بنفسي كما فعل هوا "

تحولت لهجة أمي للجدية وقالت " لا ابني ولا أعرفه إن طلقك ولا

أنتي ابنة شقيقي ولا أعترف بك وعمك رفعت رأيه من رأيي وسبق

وبلغه به ويوم ستخرجين من هنا سيلحقك هوا ولن تعتب قدماه منزلي "

نظرنا لها كلينا بصدمة فقالت بجدية أكبر " قسما لن يردعني عن

فعلها شيء وقد أخبرته بذلك منذ قرر قراره ذاك وعليه أن يعدل

بينكما إلا فيما أسقطته بنفسك "

ثم غادرت ودخلت ترجمان الغرفة بخطوات غاضبة فلحقتها

وأغلقت الباب خلفي وقلت " هل ستتنازلين لها عليه يا غبية "

التفتت لي وقالت " لا تتحدثي معي , أنتي التي آخر من كنت

أتوقع أن تخفي أمرا كهذا عني "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ترجمان لا تنفثي

غضبك واستيائك بي "

تحركت جهتي وفتحت الباب وخرجت قائلة " بسرعة

ننهي باقي أعمالنا بلا كثرة حديث "

فهززت رأسي وتبعتها , وكأنها ليست تلك التي قالت بالأمس لن

تعمل مجددا ومؤكد تريد إفراغ طاقة غضبها هناك فهي هكذا دائما

تفرغ ما تكبته بالمجهود البدني , سارعت الخطى حتى أدركت

خطواتها تنزل السلالم وسرت بجانبها قائلة " ترجمان أقسم أنه

بمقدورك استعادته منها وبسهولة فقط استخدمي عقل الأنثى "

أسرعت أمامي للباب قائلة " مستغنية عنه لتشبع به "

فتنهدت وهززت رأسي بيأس ولحقتها


*~~***~~*


مرت أيام هذا الأسبوع عرفت فيهم أواس جديد كما عرفت فيهم دُرر

جديدة أيضا , صحيح أنه متغيب جل النهار لكن تعامله معي تغير

كثيرا وكأنه ليس ذاك البارد الجليدي الغاضب دائما والمستاء طوال

الوقت وبلا سبب , أما حال صديقتكم دُرر فقد تردى للهاوية وقد بات

حضنه سكينتي ودفء صوته انتعاش روحي التائهة وقبلاته عنواني

للحياة وأصبح باختصار جزئا مني شيء أستحمل تغيبه طوال النهار

لكن لا أستوعب فكرة أن يخلوا يومي منه , أعلم أنه سجاني وجلادي

ومصيري معه مجهول ومبهم وقصير لكن ما يحدث معي فاق طاقتي

ولا تحكم لي به , قد يكون لأنه الرجل الوحيد في حياتي وقد يكون

لأني وجدت فيه الحضن الذي افتقدته كل عمري وقد وقد وكلها واحد

أني تعلقت به حقا وإن كان ذلك بيني وبين نفسي ولم أخبره به فلازال

كل واحد منا متحفظا في نظري , تصرفاته تحكي الكثير لكن لسانه

لازال يقتصر الحروف والكلمات وعيناه لازالت تخفي من الماضي

الكثير , تنهدت بأسى ونظرت له وهوا نائم بجانبي وابتسمت على

شكله المرهق وحاجبيه المعقودان وهوا نائم وفي حركة مجنونة

مددت سبابتي وحركتها بين حاجبيه ففتح عينيه فورا فرغم كل تعبه

نومه خفيف جدا , أمسك يدي وقبلها ثم انقلب وأولاني ظهره

قائلا ببحة " دُره اتركيني أنام ورائي نهار مرهق "

فتركت السرير والغرفة وأغلقت الباب خلفي بهدوء , هوا لا

يرحم نفسه أبدا رغم عودته فجرا من قسم الشرطة ينام لساعات

معدودة ثم يغادر لمعرضه ومحلاته ولا يرجع إلا مساء منهك

حد الانهيار وصحته آخر ما يفكر فيه , نزلت السلالم وتوجهت

لغرفة عمته لأني أعلم أنها لا تنام بعد الفجر , طرقت الباب

فقالت مباشرة " تفضل "

ففتحته ودخلت وقلت مبتسمة " نمت البارحة مبكرا

ولم أستطع النوم الآن "

قالت مبتسمة " تعالي إذا , هذا لأن زوجك ليس هنا ليلة

أمس لما نمتِ باكرا هكذا "

ابتسمت بحياء ودخلت وأغلقت الباب واقتربت منها حتى

جلست أمامها وقلت " في ماذا تمضين الوقت كل يوم "

وضعت مصحفها جانبا وقالت " في الحديقة في إعداد الطعام

أو ترتيب غرفتي , لا أحار فدائما أجد لي عملا أفعله "

ابتسمت لها ولم أعلق فقالت " أرى أواس هذه الفترة شخص

آخر يبدوا أن الأمور تطورت بينكما "

نظرت ليداي في حجري وقلت " أفضل من السابق بكثير "

قالت بهدوء " علمت أن هذا لن يصعب عليك ونصحتك

سابقا بأن تجربي "

رفعت نظري لها وقلت بحيرة " لكن ثمة ما يزال يؤرقه عمتي

يحزنني حاله حقا ولا أفهمه ولا أفهم ماضيه وخائفة عليه منه حقا "

تنهدت وقالت " حل ذلك كله لديك يا دُرر فأنتي مفتاح أواس

الوحيد , أنتي من عليه انتشاله من ذلك الماضي "

هززت رأسي بحيرة وقلت بحزن " كيف وأنا لا أعلمه , جدي والحقد

الذي بينهما والده وأشياء كثيرة لا أفهمها , من كان يعذبه منهما وما

يريدان منه فلا واحد منهما يبدوا يفكر في تركه وشأنه فكيف

سأنقده وأحميه وأنا لا أفهم شيئا "

كانت ستتحدث لولا انفتح الباب وظننتها إحدى الخادمات حتى

قالت الجالسة مقابلا لي بابتسامة " تعال فيبدوا أن الذين فارقهم

النوم كثر اليوم "

التفت حينها فكان أواس ببيجامة النوم شعره مبعثر وعيناه محمرتان

وناعستان , اقترب مني وأمسك يدي وسحبني منها قائلا

" من سمح لك بمغادرة الغرفة تحركي هيا "

وسحبني معه على صوت ضحكة عمته فقلت ضاحكة وأنا أجاري

خطواته السريعة " أواس توقف , ما ستفعل بي وأنت ستنام "

وكان وكأنه لا يسمعني حتى وصلنا غرفتنا وأغلق الباب وأشار

للسرير دون كلام فضحكت ودخلت تحت اللحاف فنام أيضا وشدني

لحظنه قائلا " هل تعي أن النوم فارق عيني ما أن غادرتِ الغرفة "

دسست وجهي في صدره وأحطت خصره بذراعي وقلت مبتسمة

" أمري لله رغم أني قسما لا أشعر بالنعاس "

قال حينها بصوت ثقيل هامس " أشششش "

وسرعان ما عاد للنوم وتركني لتلاطم مشاعري وأنا أتنفس عطره

وأستمع لأنفاسه ونبضات قلبه وكأنه ينوي بهذا تعذيبي أكثر ولم يكفيه

ما وصلت له , فلا ينسيني نظرات زوجته وكلامها الجارح سوا لحظات

وجوده معي , بعد وقت استسلمت للنوم رغما عني كطفل أطفئوا

عليه النور وسجنوه في سريره

وبعد وقت طويل استيقظت ووجدت نفسي وحدي ولم أشعر حتى

بتركه للسرير وكأني أنا التي نمت متعبة وليس هوا , جلست أجمع

شعري وسمعت صوت المياه في الحمام أي أنه يستحم وسيخرج لباقي

أعماله , غادرت السرير وتوجهت لهاتفه وطاقة ما تحركني أسمها

( عليا معرفة ماضيك يا أواس ) أمسكت هاتفه بيدين مرتجفة وعيناي

على باب الحمام وقلبي ينبض بجنون من الخوف لأني أعي معنى ما

سيحدث إن خرج ووجدني أمسكه , فتحت قائمة الأسماء ولحسن حظي

لم يكن يغلقه بالرقم السرير وبحثت عن أسم ( الوحش ) ونظرت للرقم

مطولا وأعدته عدة مرات من توتري لأحفظه ثم وضعت الهاتف مكانه

لحظة ما توقفت المياه في الحمام , أعلم خطورة ما سأقدم عليه وأنه

حذرني من التحدث بهاتفي مع غير سراب وترجمان لكن عليا أن

أفهم وأن أعلم الحقيقة مادام لا يريد هوا إخباري بها


*~~***~~*


حركت المجرفة فطار الحجر ضاربا في خصرها فلم أستطع إمساك

ضحكتي وقالت هي بضيق " نعم أعطبي لي كليتي , أعلم أن

ذاك الأحمق أمين لن يأخذني من هنا إلا نصف إنسانة "

عدت للضحك مجددا فسدين الشخص الوحيد الذي بات مصدر الترفيه

لي هنا ولا أعلم كيف ستصبح هذه المزرعة بعد مغادرتها فلم أتخيل

يوما أنها بلباسها وعاداتها تلك تعمل كل هذه الأعمال , رمت ما

في يدها وقالت " انتهى عملنا لليوم هيا للراحة "

رميت المجرفة أيضا وتوجهنا للمنزل وقالت " الأحمق إياس

تركنا نعمل وحدنا وغادر "

لويت شفتاي وتمتمت " ذلك أفضل "

وطبعا لم يخاطب لساني لسانه منذ ذاك اليوم رغم أننا نتواجد معا

لأكثر من ساعتين هنا وعلى طاولة الطعام , وهوا الآن مشغول

بإعداد جناح له ولعروسه الجديدة ويرميني أنا في غرفة ولم يجعل

لي جناحا ولا وقت زواجنا هناك , لا أعلم أي مظهر سخيف هذا

الذي سيظهر به أمام الناس تزوج ولم يمضي على زواجنا أكثر

من ست أشهر , دخلنا المنزل وقالت عمتي ما أن رأتنا

" للحمام فورا لنتناول الغداء "

قالت سدين " سآكل هكذا ثم أستحم وأنام "

نظرت لها بصدمة ثم ضحكت وقالت " سدين تتكلم يالا العجب "

قالت سدين بضيق " وما تركتم من سدين القديمة غير الذكرى فلم

يعد لدي وقت ولا للاهتمام بنفسي كالسابق وتحولت لفتاة مزرعة

متسخة يدور الذباب حولها طوال النهار "

ضحكنا أنا وعمتي هذه المرة ليعج المنزل بضحكاتنا ومات كل ذاك

الضحك وتحول المكان لكوكب من الصمت وكأنه لا أحد فيه ما أن

دخل إياس من الباب يحمل في يده حقيبة كبيرة وضعها وقال

ناظرا هناك " أدخلي يا سهاد "

لتعلوا ضربات كعب حداء امرأة ودخلت فتاة بقوام ممشوق وطويل

وكأنها عارضة أزياء ببشرة عاجية وعينان زرقاء متوسطة الحجم

وملامح هادئة , بنطلون ضيق ومعطف من الفراء وقبعة وشال

تغطي بهما شعرها وعنقها وكأنها قادمة من الجليد , مدت يدها

لقبعتها فورا ونزعتها لينسدل شعرها البني المموج للخلف ولا

أعلم لأي طول يصل وقالت بابتسامة خجولة " مساء الخير "



*~~***~~*


وقفت بسيارتي أمامه فركب وأغلق الباب بقوة وقال

" تحرك "
فشغلت السيارة وتحركنا وأنا في حيرة من أمره وملامحه وطلبه

رؤيتي الآن وفي السيارة تحديدا !! نظرت له ثم للطريق وقلت

" خالد ما بك يا رجل "

قال بصوت فيه سخرية " اتصل بي إياس وتقابلنا صباحا "

أوقفت السيارة جانبا ونظرت له وقلت بريبة " وماذا يريد

منك يتصل بك وما علاقتي أنا بالأمر "

ضحك ضحكة ساخرة قائلا " هه كل الدخل لك , أنت

صاحب الفكرة من البداية "

نظرت له بتجهم لوقت ثم قلت " كنت أود خطبتها مجددا

وأنتظر انتهاء عدتها فقط فهل اكتشف إياس شيئا من خطتنا "

حرك رأسه ساخرا وقال " أي خطبة وخرافات يا رجل "

ثم نظر لي وقال بجمود " جاء ليخبرني أن شقيقته موافقة علي "

تيبست الدماء في عروقي وجف حلقي وإن كان للعينين قدره

على الخروج لخرجتا من مكانهما من الصدمة , قلت بصوت

أبح " مــ ... كيف وافقت "

حرك يده في الهواء وقال " أمي الحبيبة تطالب بحفيدتها ولأنه

بسبب لعبتنا السخيفة أنا سبق وخطبتها وهي لا تريد خسارة

ابنتها فوافقت وفقط "

قلت صارخا بحدة " هراء وهل أخبرته بالأمر "

قال بحدة مماثلة " لا ... وتضنني جننت أخبره بأمر كهذا ليقطع

عنقي وعنقك معي على هذه الخطة السخيفة والمهزلة واللعب

به وبعرض شقيقته "

قلت من فوري " نحن لم نلعب به ولا بعرضها وموت

شقيقك أفسد ذلك "

أشار لي بيده بمعنى تفضل أنظر لما وصلنا له فقلت

" والحل الآن يا خالد "

فتح حينها باب السيارة وقال ناظرا لي بثبات " تنسى الأمر برمته

ولا تتحدث أمامي مجددا عن غرامك وهيامك بخطيبتي "

ونزل وضرب الباب وسار يديه في جيوبه فشغلت السيارة غير

مستوعب ما سمعت وتحركت بها بجانبه وقلت محدثا إياه من

نافذتها " اركب نتفاهم في هذا الهراء الذي قلته "

وقف مقابلا ونظر لي وقال " والدتي لن تتخلى عن مطالبتها

بابنة مصطفى وأموت ولا ينتزعها أحد من حضن والدتها

وأنت خططت فتحمل النتائج "

أوقفت السيارة حينها ونزلت منها ووقفت أمامه وقلت

" علينا إخبارهم بالحقيقة "

هز رأسه وقال " لن تستفيد شيئا سوا كره إياس لك فحافظ على

ابن عمك , ورغد لولا ابنتها ما فكرت بي من أساسه ولولاها

أيضا ما وافقت فلا يخبرك خيالك أنه ما أن يأخذوا منها

ابنتها ستتزوجك "

أمسكت قميصه بقوة وقلت " يبدوا لي راقت لك اللعبة

وترغب بها لنفسك "

أمسك قبضتي بقوة وأبعد يدي قائلا " احترم ألفاظك يا بسام أنت

صديقي من سنوات ولا أريد أن أخسرك فإن كنت أنت لا تفكر

بمصلحة أحد إلا نفسك فأنا أفكر في مصلحتهما ورغد لم أراها

يوما أكثر من زوجة لشقيقي أحترمها وكأنها شقيقتي وهذه ليست

سوا نتائج لعبتك فلا تنسى أني لم أخطط لها ولم أصر

عليها فلُم نفسك فقط "

ثم غادر راكضا مجتازا الطريق للشارع الآخر وتركني أشتمه

وأشتم نفسي ورغد وإياس معه , ركبت سيارتي وغادرت بسرعة

جنونية وكأني أفرغ بذلك غضبي من كل شيء , سحقا لو كنا نخطط

له هكذا ما نجحنا فكيف سارت الأقدار بهذا المنحى


*~~***~~*

مر الأسبوع الماضي حافلا فقد قضيت أغلبه برفقة المحامي نتم باقي

الإجراءات وأصبح نصف جميع أملاك ذاك العجوز لي والنصف

الآخر لسراب طبعا ولا علم لها حتى الآن وسأخبرها قريبا فحتى

التوكيل ستنتهي مدته نهاية الأسبوع القادم , كانت فرحة بنات عمي

صابر لا توصف وهم يدخلون المنزل فلم أخبرهم حتى أصبحوا

داخله وامتزج ضحكهم وفرحهم بالدموع وكل واحدة تسرد عليا سيلا

من الطلبات التي كانت تحلم بها لأحققها لها الآن وقد أحضرت لهم

سائقا لأخذ الصغيرات لمدارسهم الجديدة وسجلت الآتي في الإعدادية

في حافلات خاصة بالمدارس وجلبت خادمتين أيضا لأعمال المنزل

فهم كل دوافعي لاسترداد هذا المال وجاء الوقت الذي أرد فيه الدين

لهذه العائلة التي مهما فعلت من أجلهم فلن أوفيهم شيئا , وسأبدأ مراحل

علاج عمي صابر قريبا ليتخلص على الأقل من الآلام التي لازالت

تلازمه أغلب الأحيان , دخلت منزلي لأرى التمثال الصامت الذي

أصبحت أشتاق حتى لسماع صوت حدائه يتحرك به في المنزل

مشاعر تصارعني وتغلبني وأكبحها بكل جهدي لتجتاز آخر اختبار

أولا وتنجح فيه ثم سننتقل أيضا هناك وأكمل حياتي معها وفي ظل

جميع من أحب في ذاك المنزل الكبير , حاولت مرة التحدث معها

مجددا في موضوع والدتها ورفضت فتحه بالكلية ولم أخبر خالتي

بشيء بل طلبت منها مزيدا من الوقت متأملا أن تهدأ وتغير رأيها

لكن يبدوا لي أن كل ذلك لن يحدث , دخلت المطبخ فكانت تقف فوق

علبة حديدية تخرج شيئا من فوق الخزانة فوقفت تحتها أنظر لها

وهي لم تنتبه لي فظهر أنها قطعة قماش تنظف بها الغبار فوقها ولم

أنتبه لتسط الماء تحتي وبحركة سريعة كانت سترمي قطعة القماش

فيه وتقفز للأسفل فشهقت بقوة حين وجدتني واقفا وترنحت في وقفتاها

فمددت يداي وأمسكت خصرها سريعا وأنزلتها لتصبح واقفة أمامي

لا يفصل أنفاسنا شيئا ولا يسع مدى نظرنا سوا لأعيننا سامحين لهما

بالتحدث بدلا عنا , مددت أصابعي للخصلة التي تمردت على وجهها

فجفلت وابتعدت عني ترتب ما تبعثر من شعرها المربوط للخلف

وشتت نظرها عن وجهي قائلة " أفزعتني "

قلت مبتسما " آسف , وأنا كدت أن أكون ممسحة لغبار

الخزانة "

ضحكت حينها منزلة رأسها للأسفل تخفي شفتيها خلف ظهر كف

يدها فنظرت للأعلى وتنهدت بقهر , يا صبرك عليها يا آسر لو

تترك نفسك تفترسها بقبلاتك المتعطشة وترتاح , تراجعت للخلف

قبل أن تسيطر عليا تلك الأفكار المجنونة وقلت من خارج المطبخ

" أتركي كل هذا سنذهب لزيارة عمي صابر وعائلته "

خرجت حينها من فورها واتجهت لغرفتها قائلة " جيد وأنا

اشتقت لهم وكنت سأطلب منك ذلك لكنك لا تأتي إلا لتنام "

ثم دخلت ولم تسمع ولا ردي وخرجت بعد قليل بعباءتها تلف

حجابها على رأسها فخرجت في صمت وهي تتبعني وسرنا

بجانب بعضنا في صمت تام حتى قالت " آسر ليست هذه

طريق منزلهم !! هل انتقلوا منه لواحد آخر هنا ؟ "

قلت باختصار " شيء من هذا القبيل "

وما كانت ستتحدث حتى كنا في الساحة التي يوقفون فيها السيارات

وقد وصلت قبلها ووقفت أنتظرها وهي واقفة تنظر لي باستغراب

فأشرت لها بيدي لتسرع فركضت نحوي فقلت قبل أن تتحدث

" بسرعة لنرجع قبل المساء "

قالت من فورها " هل ربحت القضية يا آسر ؟؟ "


المخرج : بقلم الغالية alilox


انا امرأة لي كياني لي كبريائي يصل عنفوانه للعلياء من أنت لتستنقص انوثتي من وتحط من قدري أمام نفسي ماذا تعرف عني لت حكم علي بهذا الهراء أحصل حقي بيدي فلست بحاجة أمثالك ليمن علي بهذا العطاء لست مغرورة ومسترجلة دع من فكرك عني هذه الصورة الهوجاء لي كرامتي وشخصيتي ماجعلاني اصمد ليومي هذا ولن اتخلى عنهما ولو وصل بي العناد لعنان السماء ترجمان انا اترجم اقوالي افعال فلدي مايكفيني لأخر الدهر من عزة نفس وكبرياء تريد كسر عيني وتحطيمي بامرأة أخرى هذا ضرب من الجنون ومنتهى الغباء أتظنني سآتيك باكية خانعة ذليلة ارتمي في أحضانك أقدم لك فروض الطاعة والولاء ،لن اتوسل منك بعض الحب والاهتمام اترك عنك هذه الخيلاء

سلمت الأيادي


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله

فيتامين سي 09-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي والثلاثون)
 
1 مرفق



الفصل الثاني والثلاثون


النص بالمرفقات



نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الجمعة إن شاء الله

[/COLOR]

فيتامين سي 12-02-16 04:50 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني والثلاثون)
 
1 مرفق


الفصل الثالث والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

النص بالمرفقات

سلمت الأيادي

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الاثنين إن شاء الله


فيتامين سي 15-02-16 09:10 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والثلاثون)
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الليله فيه فصلين أهداء لأعضاء المنتدى المجاور
على تهنئتهم لي على التثبيت ووسام الرواية المميزه
واستجابه لمطالبتهم ببارتين قراءة ممتعة لكم ....

الفصل الرابع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

الايقولون اضرب النساء بالنساء،وهذا مافعلت لاسقط هذا الجدار،لاشعل بقلبك البراكين والنار،اعلنيها حربا عليا كما يفعل الثوار،فليبعثرك ويقتلعك من مكانك هذا الاعصار،ثوري اغضبي تمردي عليا هذا مااريد، اعلني حالة العصيان واطلقي لجنونك العنان،فليحترق هذا القلب ويذق طعم المرار ،كفاك سخرية من قلبي وشكلي لما كل هذا الاحتقار،قسما لاكمل مابدات ولوكلفني الامر ان اقلب الليل نهار،لايليق لانثى بجمالك وصفاتك هذا القناع من اللامبالاة والبرود،اشتكي مني تكلمي اصرخي في وجهي فقط خذي قرار،اريني ماتفعل الانثى المجروحة لاتقفي كالصنم الى متى الانتظار ،كرهت صمتك وهروبك وتجاهل مايدور بيني وبينك في الخفاء لاتكذبي على نفسك فكل نساء الارض تغار،فليذب هذا الجبل من الجليد لتروي ارض روحك العطشى لرجل يزرع بها ويجني مايريد،فانت بالاخر انثى بحاجة لرجل يعلمها فنون الحب والعشق والتلذذ بوجع الشوق لست امراة من حديد

سلمت الأيادي
~~~~~~~~~~

نظرت له بضيق وقلت " ماذا تقصد بهذا ؟ "

نظر لكاحلي وقال " أقصد أن الإصابة ليست فيه "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما قصدك بما تقول

أمثل عليك ؟؟ "

نظر لي وقال ببرود " عنيت أنه قد يكون ساقك المصاب وليس

كاحلك لكنك قلتها بنفسك "

حركت يدي في الهواء وقلت بحنق " إن كانت تلك تمثل ولا

تصدقها فلا تظن أن الجميع يتصرف مثلها "

قال ببلاهة أجزم أنها مصطنعة " من تلك ؟؟ "

فنفضت اللحاف وغطيت به نفسي مضجعة على السرير وقلت

" أخرج أريد أن أبقى وحدي "

فخرج دون أن يتحدث أو يضيف شيئا ولم يكلف نفسه ولا عناء سؤالي

إن كنت أريد الطبيب , بعدها بقليل غادرت السرير والغرفة وتوجهت

للمطبخ في الطابق العلوي هنا حيث كنا لا نستخدمه , فتحت نافذته

قليلا لأنها مطلة على الأرض تلك فكانت سدين المسكينة تعمل على

الرباط وحدها وإياس لازال يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه في

الجهة الأخرى والوحل يغطي ثيابه والهواء البارد يحرك خصلات

شعره البنية فوق جبينه وكأنه ليس ذاك البيضة التي تلمع من بعيد من

النظافة والأناقة , وتلك الناموسة واقفة بجانبه تحاول مضايقته وهوا

يدفعها ويرميها بالطين من وقت لآخر ويضحكان , ضربت النافذة بقوة

وأكاد أحطم أسناني من الغيظ والصر عليها وعدت لغرفتي ولسريري

مستمتع جدا ويعيش حياته كما يريد ويتركني هنا أتفرج عليه , سحقا

لك ولها لا بل لها فقط كي لا تحزن عمتي عليك , وبعد وقت طويل

اعتصمت فيه في السرير ولم أغادر إلا للصلاة طرق أحدهم الباب

ودخل وكانت سدين اقتربت مني قائلة " ترجمان هل أنتي مستيقظة "

قلت ببرود " لا نائمة وعيناي مفتوحتان "

قالت ببرود أشد " لا أعلم لما لم يلتوي لسانك بدلا عن كاحلك "

غطيت رأسي باللحاف ولم أتحدث فقالت " أمازال يؤلمك ؟ "

قلت من تحته " نعم وحالته سيئة جدا "

قالت من فورها " هل نأخذك للمستشفى "

قلت ببرود " لا داعي لذلك سأكون بخير "

قالت مغادرة الغرفة " حسنا سأجلب لك حبوبا لتسكن الألم قليلا "

جلست حينها وتوجهت لمرآة التزيين وأخرجت علبة الماكياج ووضعت

كدمة صناعية أسفل ساقي فلن أعطيه وتلك الشاحبة فرصة للسخرية مني

لونت دائرة خضراء وحولها لون بنفسجي وعدت للسرير على دخول سدين

تحمل في يدها كوب ماء وفي الأخرى علبة الحبوب واقتربت مني تنظر

لساقي وقالت " أنظري للكدمة يا ترجمان ! يبدوا أن الحجر سقط

عليها حين وقعتي وليس كاحلك ما آلمك "

تحركت للخلف قليلا واتكأت على ظهر السرير قائلة

" كدمة بسيطة وغدا سأكون بخير "

جلست وناولتني الكوب وحبتين من العلبة وقالت " إياس قال أنه

سينهي العمل هوا والعمال هنا وسيجلب اثنين آخران أي أعفانا منه "

بلعت الحبوب التي لا أحتاجها أساسا ثم أعطيتها الكوب وغطيت ساقي

ولم أعلق فقالت " ألا تحتاجين للذهاب للمستشفى إن كانت تؤلمك

كثيرا ؟ فقد يكون شعبا وعليك الذهاب فإياس طلب مني سؤالك "

نظرت بعيدا وقلت ببرود " لا ويهتم للأمر كثيرا "

قالت بحيرة " ماذا حدث ؟ هل تحدثتما حين جلبك إلى هنا "

قلت بسخرية " قال أني أمثل ذلك ولا شيء في كاحلي "

تنهدت وقالت بهدوء " لو كان الأمر كذلك ما طلب أن أسألك "

قلت بضيق " بالله عليك يا سدين لا تذكري اسمه ولا سيرته

أمامي وتحدثي في أمر آخر أو غادري "

انفتح حينها الباب الشبه مغلق وكان إياس فأشحت بوجهي

بعيدا وقال هوا " سدين اتركينا وحدنا "



*~~***~~*



دخلت المنزل عند أول المساء ووجدت عمي صابر يجلس في

وسطه وحده فتوجهت نحوه ألقيت التحية وجلست قائلا

" وأين البقية لا أحد معك "

قال من فوره " الصغيرات نمن طبعا فهن اليوم يقفزن في الخارج

منذ الصباح ويلعبن بالألعاب , عمتك وصفاء وداليا في

الأعلى عند زوجتك "

هززت رأسي بحسنا ونظرت للأسفل فقال " وماذا قال الطبيب "

قلت بهدوء " قال حمى بسيطة وستستعيد عافيتها بسرعة "

تنهد وقال " وما جعلك تجلبها في هذه الحالة المزرية وأنتما

قررتما البقاء هناك حتى تقرر أنت "

مررت أصابعي في شعري وقلت " ستبقى هي هنا وأنا هناك "

كان سيتحدث فقاطعته قائلا " عمي هذا قراري ولا نقاش فيه "

هز رأسه في صمت وعدم رضا فوقفت حينها وقلت

" سأغادر الآن وإن جد شيء أخبروني "

قال من فوره " بل اصعد وتحدث معها فعمتك قالت أنها ترفض

الطعام وتبكي دون توقف "

نظرت بعيدا وقلت " لن تؤثر رؤيتي لها شيئا وستتخطى

الصدمة وتأكل "

قال من فوره " علمتْ إذا وغاضبة منك ؟؟ "

لم أتحدث ولا أعلق فتحرك بكرسيه الكهربائي قائلا " آسر تصرف

بحكمة بني وحكّم العقل على العواطف "

ثم قال مبتعدا " نادي لي عمتك سعاد ما أن تصعد لتنقلني للسرير "

واختفى في الممر ونظري يراقبه ثم هززت رأسي متأففا وتوجهت للسلالم

صعدت حتى وصلت غرفتها وطرقت الباب وكانت الأحاديث كثيرة ولا

أفهم منها شيئا ولم أسمع صوت سراب بينها , بعد قليل فتحت عمتي

الباب وخرجت وأغلقته خلفها فقلت بهمس " ماذا حدث معكم "

هزت رأسها بيأس وقالت " لا أعلم ما بها وما أصابكم "

تنهدت بضيق وقلت " أمازلت ترفض الطعام "

قالت بأسى " ليته الطعام فقط "

نظرت لها باستغراب فتابعت باستياء " وترفض حتى النوم على

السرير والغطاء وجالسة من وقت على الأرضية الباردة "

نظرت لها بصدمة ولم أعرف ما أقول ولا بما أعبر فقالت " ما الذي

حدث جعلها رافضة المكان لهذا الحد وكل ما نعرفه أن هذا الطابق

ليس لنا فخمّنا اليوم حين جلبتها له أنكما كنتما ستعيشان فيه "

نظرت للأسفل وقلت " سأتصرف أنا في الأمر فانزلي لعمي

صابر فهوا يطلبك لتنقليه لسريره "

أمسكت حينها ذراعي وقالت بهدوء " آسر بني ادخل لها

وراضها إن كنتما متشاجران "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فتحركت من أمامي قائلة

" جبر الله كسوركما بني وهدأ سركما "

ثم ابتعدت مغادرة فدفعت الباب ببطء ودخلت على التفات صفاء وداليا

للخلف ناظرتان لي وهما جالستان على طرف السرير أما سراب فكما

قالت جالسة على الأرض تضم ساقيها لحظنها وتخبئ وجهها فيهما

فأشرت برأسي للفتاتين لتخرجا فوقفتا من فورهما وغادرتا في صمت

فأغلقتُ الباب خلفهما واتكأتُ عليه يداي في جيوبي أنظر للجسد النحيل

والساعدان الأبيضان والشعر الأسود المتناثر حول جسدها المختبئ في

إحدى بيجامات صفاء الجديدة التي أستغرب كيف كانت على مقاسها

بل كان عليا أن أتوقع ذلك فهي فقدت الكثير من وزنها بعد زواجها بي

بدأتْ تزيد من ضم نفسها أكثر وبدأ صوت بكائها يخرج ضئيلا تحاول

إخفائه فمؤكد تعلم أني الآن هنا , آخر ما توقعته أن تكون هذه ردة فعلها

أن ترفض مالها !! أن ترفض شيئا حلمت به كل حياتها !! وآخر ما كنت

أتخيل أن أعجز أنا عن فهم وتفسير ما تفكر فيه ؟ هل هذا الرفض بسبب

غضبها مني أم لأن سراب القديمة ماتت بالفعل ؟ أم هوا جرح قلبها الذي

أحبني يوما وقد خذلتها بي ؟ نظرتُ للأعلى وتنفست بقوة واستغفرت

الله بهمس أطرد أفكار الشيطان التي قد تترجم تصرفاتها بشكل سيء

وبقيت أراقبها لوقت ثم قلت " سراب "

ولم تجب طبعا فتابعت " انهضي من الأرض هيا أو رفعتك بنفسي "

والجواب الصمت طبعا فقلت " سراب أنا لا أهدد فقط فتحركي

أو قسما رفعتك ووضعتك فيه وربطتك أيضا "

خرجت حينها من صمتها وقالت بنبرة غاضبة

" اخرج واتركني وحدي "

قلت بحزم " لن أخرج وطالما أنتي هكذا فلن أفارقك

فتخلصي مني وعودي لسريرك "

قالت على الفور " ليس سريري "

قلت بجدية " بل سريرك ومنزلك وكل ما في هذا الطابق

لك وأنتي تعلمين ذلك جيدا "

رفعت حينها رأسها ونظرت لي قائلة بحدة واستياء

" لا ليس منزلي تفهم , ليس لي "

بقيت أنظر بصمت لوجهها المتعب الشاحب وخداها المحمران

وجفناها المشتعلان بسبب البكاء تم تنهدت بضيق وقلت

" لن تضري إلا نفسك يا سراب "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت " صدقت حقا أنك تفكر فيما يضرني "

انفجرت حينها غاضبا " وهل يعجبك ما تفكرين فيه أنتي , أين

كنتِ تريدين الذهاب بحق الله ؟ هل فقدتِ عقلك "

ابتسمت بسخرية وأشاحت بوجهها للجانب الآخر ولم تتحدث

فقلت بذات غضبي " ظننتك أصبحتِ تفكرين بعقل لكني أخطئت حقا "

نظرت لي حينها وقالت بغضب مماثل " ومنذ متى تغيرت نظرتك

للجشعة تربية الشارع , طوال الوقت كنتُ في نظرك بلا عقل ولا قلب "

تنفست بقوة وقلت بجدية " لم أكن أنوي سرقة نصيبك وكنت

سأسلمك كل شيء يخصك "

قالت من فورها " ولما كل هذا إذا ؟ "

قلت بعد صمت " لأسباب شخصية "

وقفت حينها على طولها وقالت " وأي أسباب هذه التي

تبرر لك ما فعلت "

لم أجبها فهزت رأسها وتابعت " لن أصدق أنك كنت تنوي سرقة

مالي فقل لما فعلت ما فعلت "

بقيت أنظر لها بصمت ولم أعلق فقالت بسخرية

" لتختبرني يا آسر أليس كذلك "

نظرت حينها للأسفل ولم أتحدث فقالت بأسى " كل هذا ولا تثق بي

كل ما مررنا به وما فعلته ولازلت تراني كما أنا ؟ معك حق أنا الغبية

التي كنت أنتظر نظرة رضا فقط منك أو ابتسامة صغيرة تشح بهما علي

حتى علّمتَني المعنى الحقيقي للقهر , خبئتَ كل ذلك عني وحرمتني من

أبسط حقوقي حتى أن تخرج بي مرة أرفه عن نفسي أو تعطيني هاتفي

أحدث شقيقتاي ورغم كل هذا غفرت لك وأحببتك وتغيرت من أجلك

لكنك لا تستحق لأنك لا تتغير وسراب لن تتغير في نظرك أبدا "

رفعت نظري لها وقلت بجمود " نعم لا أحد فينا سيتغير والمحامي

سيكون هنا غدا ويدرس معك كل أملاكك والمستجدات فيها

وبحضور عمي صابر "

ثم فتحت الباب وغادرت الغرفة وأغلقته خلفي وخرجت من المنزل

لن يجدي معها شرحي وتبريري وستعاند أكثر لذلك لتبقى على ظنونها

بي وستستعيد توازنها فأنا بث أعرف سراب جيدا وكيف تفكر وتتصرف

فهي من النوع الذي عليك تركه يواجه الصدمات والنكبات وحده لأنك إن

مددت له يدك سينظر لكل شيء بسلبية ويرفضه فهي الآن ستقبل ثورتها

الجديدة بالتأكيد وستفهم يوما ما كنت أنوي ولما فعلت ما فعلت وسترجع

لي.. أنا متأكد فكما تجاوزت لوحدها صدمتها في الحياة معي في ذاك الفقر

وتعلمت درسا مهما وتغيرت وكما تجاوزت صدمتها في والدتها وأخذت

العبرة منها سيحدث ذلك الآن أيضا وستتجاوز كل هذا بنفسها وستعرف

الصحيح من الخطأ فإن حاولت تغيير فكرتها عني فلن أنجح مهما فعلت

ولن تغفر لي أبدا رغم أني أنا من يحتاج الآن لأن يضمها لصدره ويعتذر

منها ويعِدُها بأن كل شيء سيتغير وسيعوضها عن كل ما فات , أحتاج

لأن ينام رأسي المثقل بتعب الحياة على صدرها ويشعر أنه أخيرا وجد

وطنا ينتمي له , عدت لمنزلي الذي أصبح خاليا حتى منها وزاده ظلام

الليل وسكونه وحشة وغربة , وها أنا سأعود للعيش فيه وحيدا كما كنت

فلا نية لي ولا في استئجار غيره أو شراء منزل ولا العيش معهم

هناك لأراها تكرهني كل يوم أكثر وترفضني




*~~***~~*



بعد ساعات طويلة سمعت مفتاحا يدور في قفل الباب ثم دار مقبضه

فجلست من فوري لحظة ما انفتح ودخلت منه عمته ومؤكد هوا من

أعطاها إياه لتفتح لي لأنها لم تكن تملك واحدا , اقتربت مني وأنا

جالسة مكاني وجلست بجانبي ثم أمسكت يدي وقالت " دُرر هل

أنتي بخير ؟ وجهك مصفر ويدك كالجليد "

هززت رأسي وقلت ببحة وهمس " أنا بخير "

فركت كفي بين يديها وقالت " هيا أخرجي معي لغرفتك لتتدفئي

وتأكلي , المكان هنا بارد جدا "

نظرت لعينيها وقلت " هل عاد أواس ؟ هل هوا هنا "

هزت رأسها بنعم وقالت " من قرابة الساعة وقد طلب مني فتح

الباب لك , ماذا حدث يا دُرر ؟ ما قلب حالكما هكذا فجئه ! "

قلت وقد سقطت أولى دمعاتي من جديد " أواس يلعب لوحده مع

أناس أخطر منه عمتي وسيقتلونه , علينا أن نوقفه "

نظرت لي باستغراب وصدمة ثم قالت " ما هذا الذي

تقولينه يا دُرر ؟ "

قلت ببحة " أنتي تعلمي عن جدي وكل ما حدث في

الماضي أليس كذلك "

نظرت للأسفل وقالت بحزن " ليس كثيرا "

سحبت نفسا قويا تدحرجت معه دمعتي الثانية ثم قلت

" سنخسر أواس إن بقي هكذا يعيش في حقده وانتقامه "

هزت رأسها بحيرة وحزن ثم قالت بأسى " وما بيدنا نفعله فهوا

لن يرتاح ويعيش حياته كغيره إلا إن حقق ذلك "

أمسكت يدها بكلتا يداي بقوة وقلت وقد بدأت دموعي بالتقاطر تباعا

" سيقتلونه عمتي , إنهم كثر وخطيرين وإن علموا أنه يسعى

ورائهم فسيضرونه بالتأكيد "

قالت بتوتر " من هم يا دُرر عن ماذا تتحدثين ؟؟ "

نظرت للأسفل وقلت ماسحة دموعي " لا شيء عمتي لا شيء "

وقفت وشدت يدي قائلة " قفي هيا لتصعدي لغرفتك "

وقفت معها وخرجت أتبعها ولازالت يدي في يدها وقلت ونحن

نصعد السلالم " وأين هوا الآن ؟ أين قضى باقي اليوم "

قالت سائرة بي جهة غرفتنا " خرج من المنزل ولم يرجع إلا

من ساعة وهوا في مكتبه الآخر في جناحه السابق منذ وصل "

تبعتها حتى دخلنا الغرفة وأجلستني على السرير وقالت

" هل أحضر لك شيئا تأكليه "

هززت رأسي بلا ثم اضطجعت على السرير وقلت ببحة

" غطيني فقط أشعر بالبرد "

غطتني سريعا وتوجهت للخزانة وأخرجت بطانية وغطتني بها

وزادت من تدفئة الغرفة ثم عادت جهتي وجلست على حافة السرير

وقالت ماسحة على شعري " ماذا حدث يا دُرر فلم أفهم شيئا

مما كنتِ تقولين "

هززت رأسي وقلت بهمس " لا شيء "

تنهدت بحزن وقالت " خفت أن يخرج لتلك الغرفة ويسجن نفسه فيها

وحمدت الله أنه لم يفعلها , لقد تغير على يديك كثيرا يا دُرر "

ابتسمت بحزن وقد عادت دموعي للنزول وعدت لمسحها

وقلت بعبرة " وما الفائدة ولازالت فكرة الانتقام تسيطر عليه "

ضربت كفها بالآخر وقالت بأسى " انتقم الله ممن كان السبب

وحرمه بهجة الحياة كما فعل معه "

شددت طرف البطانية لحظني وبكيت ولم أستطع ولا الدعاء مثلها أو

قول كلمة ( آمين ) فكيف أدعي على جدي كيف ؟ ليثه يتوب ليته

يرجع عن كل هذا , ترى هل يجدي دعائي إن دعيت له ؟؟

مسحت بكفها على كتفي وقالت " يكفي بكاء يا ابنتي فلن يجدي هذا

في شيء وما أن يهدأ سيرجع هنا فتحدثا وتصالحا يا دُرر ولا تتخلي

عنه فأنتي أكثر ما يحتاج أواس في هذا العالم وهذه الحياة "

غطيت رأسي بالبطانية وواصلت بكائي تحتها وسمعت حينها صوت

خطواتها تخرج من الغرفة وأغلقت الباب خلفها فأخرجت رأسي وكان

الظلام يعم المكان فتركت السرير ودخلت الحمام توضأت وخرجت

لأصلي ما فآتني ثم عدت للسرير مجددا فلازال جسمي يرتجف بأكمله

من البرد , حاولت أن أنام ولكن النوم رفض أن يريحني ويرحمني بها

فكرت كثيرا أن أذهب له لكني تراجعت فقد يزيد ذلك الأمور سوءا

بعد وقت طويل انفتح باب الغرفة ودخل منه وتوجه من فوره للخزانة

دون أن يشعل النور , فتش فيها لوقت وأخرج ثيابا ومنشفة وتوجه

للطاولة أخذ عطره وباقي حاجياته وتوجه للباب من جديد وخرج , فها

هوا سيغادر الغرفة ويتركها لي ولا أستبعد أن يهجرها للأبد , غادرت

السرير من فوري وفتحت الباب وخرجت للممر منادية " أواس "

فوقف دون أن يلتفت لي وهذه أولى إشارات عودته كما كان سابقا

قلت من فوري " لا تترك الغرفة يا أواس , لن أتحدث ولن

أضايقك في شيء فابق فيها "

تابع حينها سيره دون أن يعلق ولا يتحدث فتحرك خلفه ليوقفني

وقوفه مجددا وصوته الحازم قائلا بأمر " دُرة عودي لغرفتك "

قلت بجدية " قل غرفتنا كما كنت تسميها ولا تقل غرفتك "

قال بحدة " دُرة عودي هناك وتوقفي عن العناد "

ثم عاد لمتابعة سيره حتى اختفى وتركني لدموعي عائدة أدراجي

بخطى ثقيلة مترنحة حتى وصلت الغرفة وعدت كما كنت منذ قليل



*~~***~~*



وقف ينظر لي ويداه في جيوبه وأنا مشيحة بوجهي عنه حتى

قال " هل أعلم سبب ما قلتيه "

لم أتحدث ولم أحرك رأسي فقال بضيق " أقلت أنك تمثلين

أم أنتي من قالها ؟؟ "

بقيت معتصمة بصمت فصرخ بحدة " تكلمي واحترمي

من أمامك يسألك من ساعة "

نظرت له حينها وقلت بحدة " وما تريد مني أن أقول , ألست من

قال أن كاحلي لا شيء فيه وأني قلتها من نفسي ( ممثله ) "

تأفف ثم تنفس بقوة وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال

" تتصرفين كالأطفال تماما هل لديك علم بذلك "

ابتسمت بسخرية أقرب للألم وقلت " شكرا مقبولة منك "

قال بضيق " لا ليست مقبولة مني وعليك أن تغيري من

هذه التصرفات "

كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " تصرفاتي تعجبني ولن أغير

شيء أنا مقتنعة به ولديك تلك كما تحب وتريد فلا دخل لك بي "

قال حينها بحدة " تلك لديها أسم فلا تناديها كنكرة مجددا

وتوقفي عن مضايقتها "

قلت بسخرية " يا عيني وكذبت عليك وأخبرتك أني أضايقها

ولهذا أنت هنا وغاضب "

هز رأسه بقوة يتنفس كالإعصار ثم ركز نظره على عيناي وأشار

لي بسبابته وقال " أخرجيها من رأسك يا ترجمان مادامت لا

تضايقك ومادمتِ تنازلتِ عن كل شيء لها سابقا مفهوم "

قلت صارخة بغضب " للجحيم أنت وهي لن تعنيني أنت ولن

أتضايق من تلك لأضايقها , واخرج أريد أن أنام "

قال من بين أسنانه " أقسم لو لم تكوني متعبة لعرفت كيف

أعلمك احترامي وأن تطرديني من منزلي "

قلت بقهر " معك الحق واللوم ليس عليك بل على الذين

تركوني في منزلك عرضة للإهانة طوال الوقت "

نظر لي بصمت بل بشيء يشبه الصدمة من كلامي فاضطجعت

وغطيت رأسي ولم أسمع بعدها سوا صوت غلقه للباب فرميت

اللحاف خارج السرير وأتبعته الوسائد ونمت بلا غطاء ولا وسادة

وحدي فوقه وأشعر بكم لم أشعر به حياتي من الضيق والقهر





*~~***~~*




عند الصباح طرقت عليا والدتهم باب الغرفة ودخلت تحمل هاتفا

في يدها ومدته لي فقلت " من ؟ "

قالت ويدها ما تزل ممدودة " عمك صابر أم سترفضين الحديث

معه أيضا يا سراب "

مددت يدي ببطء وأخذته منها ووضعته على أذني وقلت بهدوء

" صباح الخير عمي "

قال من فوره " صباح النور انزلي هيا أنتظرك لتتناولي

الفطور معي "

بلعت ريقي ولم أعرف ما أقول وبما أتحجج فقال

" إن كان لي شأن وقيمة لديك فانزلي "

قلت من فوري " شأنك فوق رأسي لكني لست جــ... "

قال مقاطعا لي " بل جائعة ولم تأكلي من يومين فانزلي هيا أو

غضبت منك فأعتقد أنه لا يرضيك أن يغضب والدك منك "

ابتسمت بحزن وامتلأت عيناي بالدموع وقلت

" حسنا من أجلك سأنزل "

ثم مددت لها الهاتف ونزلت برفقتها بعدما لبست العباءة التي جئت بها

هنا وحجابي فهم غسلوهم وكووهم وجلبوهم لي هنا , وصلنا حيث طاولة

الطعام وكان يجلس عليها هوا وإسراء وعبير فقط فيبدوا أن باقي الفتيات

في مدارسهن , جلسنا أنا وعمتي معهم وبدأ الجميع بتناول الطعام في

صمت سوا من حديث عبير وإسراء وأجبرت نفسي على أكل القليل

فلا يمكنني رد هذا الرجل أبدا , قال بعد وقت " المحامي جواد

سيكون هنا بعد قليل لنقابله معا يا سراب "

نظرت له وقلت " لكني لا أريد مقابلته ولم أوافق على هذا "

نظر حينها لزوجته وقال " خذي ابنتيك "

فوقفت من فورها وغادرت بهما ونظر لي ما أن غادروا فنظرت

للأسفل على صوته قائلا " هذا مالك ومن حقك وعليك متابعته "

ابتسمت بسخرية وقلت " لم أتابعه من البداية فما نفع ذلك الآن "

تنهد وقال " لا يحق لي التدخل في أمور زوجين وشريكين في

المال لكني لن أتركك حتى تقابليه وتسمعي ما لديه "

رفعت نظري له وقلت " إن كان من أجلك واحتراما لك

أفعلها , غيره لا يعنيني شيء "

قال بجدية " بل من أجل أموالك فهذا نصيبك وورثك من عمك

وعليك أن تكوني على دراية بكل شيء يخصه "

قلت بسخرية " ورث ماذا وهي أموال مسروقة حرم منها

أصحابها ورماهم في الشارع "

قال من فوره " الورث ورث من أين ما كان مصدره وحتى الدِين

لا يحسب على الوارث شيئا ولا حتى الزكاة إن لم يخرجها

صاحب المال "

نظرت ليداي وقلت بحزن " خذوها أنتم حتى هي لأني

لا أريدها أقسم لا أريدها "

قال بشيء من الضيق " ولا تريدين العيش مع زوجك هناك فأين

ستذهبين وبماذا ستعيشين "

أشحت بوجهي جانبا ولم أتحدث فتحرك بكرسيه قائلا " ثمة

مكتب هنا في نهاية الممر الغربي , أكملي طعامك والحقي بي "

ثم غادر مبتعدا وبقيت جالسة مكاني أنظر للطاولة تحتي بشرود وحزن

وقامت خادمة بأخذ أطباق الطعام وأنا جالسة مكاني , كم تمنيت سابقا

هذه الحياة , كم سعيت لها وكنت مستعدة أن أفعل أي شيء من أجلها

إلا بيع شرفي والآن بعدما رأيت عمي وما فعل بآسر ووالدته من أجل

المال وما فعله العم صابر له وكيف يسعى لرد جميله عليه ورأيت والدتي

كيف استبدلتني بزوجها ومركزه أصبحت أكره ما كنت عليه وما كان

يراني عليه الناس, أخرجني من أفكار الصوت القائل بهدوء

" سيدتي السيد يطلبك في المكتب "

وقفت حينها وقلت " هلا أوصلتي له "

هزت رأسها بحسنا وسارت وأنا أتبعها حتى وصلتْ لباب معين طرقته

وفتحته وغادرتْ فدخلتُ لأجد عمي صابر هناك يجلس مقابلا له رجل

وأمامه حقيبة وأوراق , ألقيت التحية بصوت منخفض ودخلت وأغلقت

الباب ثم توجهت نحوهما وجلست مقابلة له حيث كان كرسي العم صابر

بجواري تقريبا وقال ذاك ما أن جلست " سيدة سراب سأطلعك الآن على

كل ما هوا لك وطريقة سيره منذ حكمت به المحكمة ورفعت الحجر

عنه لليوم وكل شيء موثق وقانوني "

قلت بجمود " لم يكن من داع لوجودي من البداية فما تغير الآن "

نظر لي باستغراب ثم لعمي صابر فقلت " أنت المحامي الذي

استلمت كل شيء منذ بداية القضية أسمك ذاته أليس كذلك "

قال بهدوء " نعم "

قلت بذات الجمود " ومن قال أني أوافق على استلامك لكل هذا "

نظرا لي حينها كليهما بصدمة ثم قال " السيد آسر من كلفني

وهوا شريكك كما أعلم "

قلت بسخرية " وشريكك أيضا أليس كذلك "

نظر لي بتجهم ولم يعرف ما يقول فتابعت " أنت من لعب بجميع

الأوراق قانونيا ليتم الأمر من بدايته في غيابي ثم التوكيل وأنا

لا أثق بك "

وقف حينها وقال " سأتفاهم مع زوجك وأترك كل شيء بما

أن أحد الشريكين لا يريدني "

خرج حينها العم صابر من صمته وقال " سراب استهدي

بالله المحامي لا دخل له بشيء "

وقفت حينها وقلت " أخبرتكم منذ البداية أني لا أريد كل هذا

أو تحملوني في حصتي وأفعل ما أريد "

حمل حينها ذاك المحامي حقيبته وأوراقه وغادر في صمت وقال العم

صابر " هذا الموضوع كان يفترض أن تناقشيه أنتي وآسر وليس

ترمي به الرجل في وجهه يا سراب "

نظرت له وقلت بأسى " هل تعلم أنهم استغفلوني وسخروا مني

وقادم الآن ليكمل باقي مسرحيتهم كما يريدوها هم "

قال بجدية " أعلم بكل شيء والمحامي عبد مأمور لا دخل له ولم

يأخذ منك أحد شيء فلم يخطئا في حقك يا ابنتي ولم يأكلاه والنتيجة

واحدة مهما اختلفت الأسباب "

قلت بأسى أكبر وعيناي تمتلئ بالدموع " لكنها خيانة لي أنا ومن آسر

تحديدا , لما لا يفكر بي أحد ؟ لما لا تضعون أنفسكم مكاني ؟ هل

ترضى أنت أن تفعل بك زوجتك التي تحبها هذا ؟ هل تغفر لها "

تنهد وهز رأسه بيأس فقلت بجدية " هذه هي سراب يريدها معه شريكة

يتحملها , لا يريد ... يأخذ هوا كل شيء لأني قلت أني مستغنية عنه

من البداية فأخبره بهذا ما أن تراه "

ثم خرجت وغادرت المكتب وعدت لغرفتي في الأعلى




*~~***~~*



دخلت مكتب خالي رفعت وكان أواس خارجا منه فقلت مبتسما

" مرحبا بالقاطع "

فقال بجفاف " مرحبا "

واجتازني دون أن يضيف شيئا ولا يسلم علي فتبعته بنظري

حتى غادر ثم دخلت قائلا " ما به ؟؟ "

أشار لي للكرسي أمام طاولته وقال " يريد مقابلة وزير الداخلية وأخبرته

أننا لا نراه إلا بطلب منه يجمعنا فيه ولا أستطيع خدمته في هذا حتى

يعقد اجتماعا آخر وأحاول التحدث معه وسيكون عليه حينها أن يدخل

اسمه في دفتر المواعيد الذي قد يرموه منه بسهولة لضيق وقت

الوزير وكثرة سفره "

هززت رأسي بحيرة وجلست أمامه وقلت " وما هذا الموضوع

المهم الذي يريد أن يقابله شخصيا لأجله "

قال وهوا يقلب الأوراق أمامه " لم يخبرني عنه ويصر بشكل

غريب وملح وهذا ليس طبع أواس "

نظرت للفراغ بشرود وقلت " أي أن الموضوع شخصي فهو

لا يُدخل أحدا في خصوصياته وكان من يكون "

ضم ذراعيه فوق الطاولة وقال بجدية " من مدة يحرك وحدة من

رجال الشرطة لمراقبة أشخاص وأماكن وهواتف معينة ويجمع

معلومات وحركته سرية فمؤكد مرتبط هذا الأمر بطلبه

لرؤية الوزير "

قلت باهتمام " يعمل لوحده ولا يعلم رئيسه أليست مصيبة ! "

هز رأسه بلا وقال " ليس إن كان أحد رجالي المهمين المخلصين "

قلت من فوري " وبما أنك واثق منه فمؤكد ورائه أمر مهم

فلما لا تخبر الوزير "

رفع كتفيه وقال " لم يقدم أوراقه وبلاغاته وأدلته هل أطلب مقابلة

الوزير في أمر مبني على التكهنات ومراقبتي لأحد ضباطي

هذه فضيحة قد يفصلني الوزير بسببها "

هززت رأسي بحيرة من أمره فقال " لم تخبرني ما جاء بك من

هناك ولا تقل لي ابنة شقيقك السبب لأني سأطردك من المكتب "

نظرت له بضيق فقال بجمود " هنا مكان عمل تعالى للمنزل

إن كانت زوجتك في الموضوع "

قلت ببرود " ليس هي "

هز رأسه بمعنى تكلم إذا فقلت " يوجد مزرعتين مشبوهتان هناك

الإهمال يلعب دورا في تلك المنطقة ومنذ أمسكت المركز هناك

اكتشفت الكثير من الثغر في عملهم "

قال باستغراب " غريب رغم أننا ننظم دوريات لتمر على

تلك المناطق الزراعية الشبه مقطوعة ! "

رفعت كتفاي وقلت " يبدوا لي الأمر من داخل المركز ذاته

فأحتاج عونا لي فانقل أحدا يساعدني ولو مؤقتا "

هز رأسه وقال " سأرى فيبدوا علينا بالفعل نقل ضابط آخر معك "

ثم قال بمكر " ما رأيك ننقل نسيبك معك هناك ونفرح

قلب شقيقتك قليلا "

ضحكت وقلت " كي لا يرجع هنا إلا بها "

ضحكنا معا ثم قال " وما أخبار رغد "

نظرت له بنصف عين وقلت " أعتقد أن هذا مكان عمل وليس

لمناقشة الشؤون العائلية "

قال ببرود " رغد لا بأس ... ترجمان لا "

كشرت في وجهه ثم وضعت له الملف الذي أحضرته معي على

طاولته وتناقشنا في كل ما فيه ثم غادرت من عنده وتوجهت لقسم

الشرطة ودخلت مكتب آسر فرفع نظره لي ثم وقف وسلم عليا

وجلس وعاد لما كان يفعل فقلت ببرود " ما بكم اليوم كل واحد

وجهه عابس ومزاجه أسوء من الآخر "

رفع رأسه وأشار للباب بقلمه وقال " تصمت أو رافقتك السلامة "

ضحكت وقلت " هذا بدل أن تستقبلوني بالأحضان يا حمقى "

عاد لدفتره وقال بسخرية " من يسمعك يضنك غائب عنا عاما وأنت

كل لحظة والأخرى قادم لزيارتنا وكأنه لا شيء ورائك هناك "

قلت باستياء " أحمق وما يأتي بي غير الضرورة وكأنه ينقصني

تعب لآتي لرؤية تكشيرك وسماع كلامك المسموم "

قال ببرود " حسننا أخبرنا في المرة القادمة لنفرش

لك الأرض ورودا "

قلت بسخرية " قسما أن زوجتك وراء كل هذا فتحدث

هيا ولا تكتمه في نفسك "

هز رأسه بيأس وعاد لكتابته فقلت " تزوج عليها يا رجل

وسيعتدل حالها "

قال بسخرية " هه والدليل عندك فهل تعدل حال زوجتك "

قلت ببرود " أنت على الأقل كادت تجن من ظنها فقط بزواجك

أي تجدي معها هذه الحركات "

قال ببرود أشد " ارفعني وزوجتي من رأسك , ليس علينا ثلاثتنا

أن نتساوى في كل شيء حتى في الزواج باثنتين "

ضحكت وقلت " لم تخطر في بالي هذه "

نظر لي وقال " أرى مزاجك أفضل من زيارتك السابقة فما الجديد "

مررت أصابعي في شعري وقلت " لا جديد أخبرني عنك أنت

فيبدوا لديك الكثير "

وقف وحمل ورقة معه وقال " لا شيء مهم , هل ترافقني لمركز

جنوب العاصمة "

وقفت وقلت " لا فعليا زيارة بعض معارفي هنا وعمي ثم سأغادر "

وخرجنا بعدها معا من المركز ثم افترقنا كل في طريقه ولم أغادر

من هناك إلا وقت المساء



*~~***~~*




غادرت غرفتي ونزلت للأسفل قاصدة غرفة عمته فتقابلت وزوجته

في الأسفل فنظرت لي تلك النظرة الساخرة الكريهة وقالت " ضننت

أنك تجيدين اللعب بقلوب وعقول الرجال لكني أخطأت "

وأطلقت ضحكتها العالية فنظرت لها باحتقار فهذه لا تستحق ولا حتى

الاحترام ولا أعلم كيف لم يقتلها ولازال يتحملها حتى الآن بل ولازال

يطعمها ويلبسها من ماله على أمل أن تتوب وتساعد العدالة , لا أظن

أن مثل هذه النماذج تملك ضميرا ليؤنبها وتتوب عن أفعالها وأواس

يتعب نفسه لا أكثر ولا أقل فلو يخرجها من حياته أفضل له , تجاهلتها

وتابعت طريقي ليوقفني صوتها قائلة بحقد " سأدمره يا دُرر وعينك تنظر "

التفت لها حينها أنظر لها بصدمة فكانت تبتسم ببرود وكأنها لم تقل

شيئا , قلت ببرود " علمت الآن من هوا المريض حقا "

قالت بسخرية " حبيبك أواس طبعا "

قلت حينها بتهديد " أقسم يا وجد إن فكرت في فعلها فأنا من سينهيك "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت " خفت منك هل تتصوري "

قلت بسخرية مماثلة " نعم خافي مني ولا تنسي أني حفيدة علي

رضوان الوحيدة يا عشيقة رجاله "

نظرت حينها لي بصدمة فقلت مغادرة " ويوم أصير لديه سأدمرك "

ثم تابعت سيري حتى وصلت ممر غرفة عمته ووقفت متكئة على

الجدار بيدي أتنفس بقوة وضيق , لم أتخيل يوما أن أهدد شخصا

وأن أقول كل ما قلت لكني ما أن ذكرت اسم أواس وتدميره حتى

فقد عقلي صوابه بل وما أن رأيتها وتذكرت ذاك المشهد تمنيت أن

بصقت في وجهها , مسحت وجهي وكأني بذلك سأزيل تلك

الصورة من ذهني وتمتمت بخفوت " اللهم عافنا اللهم استرنا

بسترك حتى نلقاك "

ثم تابعت سيري بخطى ضعيفة شبه متعثرة حتى وصلت غرفتها

وطرقت الباب ودخلت من قبل حتى أن تأذن لي ووجدتها نائمة لكني

لم أستطع الخروج , كنت أحتاج وجودها أحتاج وجود شخص بجانبي

أحتاج من يطمئنني أن أواس سيكون بخير وأن كل شيء علمته لا وجود

له وأن جدي ليس بتلك الصورة البشعة , توجهت للأريكة ونمت عليها

حاضنة نفسي أبكي بصمت حتى غلبني النعاس هناك




*~~***~~*



وصلت المزرعة والمنزل في وقت متأخر ودخلت وكان يعمه الظلام

والسكون , توجهت للسلالم وصعدت وما أن وصلت للأعلى نظرت جهة

باب غرفتها الذي كان مفتوحا قليلا وأغلق ما أن نظرتُ هناك , نظرت

بعدها لساعتي ثم للباب مجددا , ما يوقظها حتى هذا الوقت المتأخر ؟

لو لم أتصل بوالدتي وأخبرها أني سأتأخر لقلت أنها تنتظر عودتي وقلقة

علي , ابتسمت بسخرية على أفكاري فمؤكد كانت ستنزل للمطبخ وما أن

وجدتني عادت أدراجها كي لا ترى وجهي طبعا , توجهت للممر الآخر

ودخلت جناحي ثم غرفة النوم وشغلت النور وقلت ناظرا للنائمة بعمق

" سهاد "

ولم تجب طبعا فتوجهت للخزانة فتحتها وقلت " سهاد هذا ليس

نوما هذا موت "

قالت حينها بهمس " أممم ماذا "

رميتها بسترتي في يدي وقلت " اجلسي هيا هذا بدل أن أجدك

مستيقظة تنتظرينني وقلقة بشأني "

انقلبت للجانب الآخر وقالت بتأفف " إياس متعبة وأريد أن أنام

فاتركني الليلة وشأني "

أغلقت الخزانة وقلت مبتسما " اجلسي وانظري للفأر تحت السرير "

جلست حينها صارخة على ضحكتي العالية فشتمتني بكلمة روسية

فقلت متوجها للحمام " ستري حسابك مني على هذه الشتيمة

انتظري لأخرج فقط "




*~~***~~*



ما أن وصلت المنزل حتى صعدت للغرفة ودخلت لأخذ ثياب أخرى

ففوجئت بالسرير فارغ والحمام أيضا فخرجت فورا وبحثت عنها في

جناحي والمكتب وصالون الضيوف والمطبخ والحمامات ولا أثر لها

أين اختفت وما فعلت بنفسها ؟ خروج يستحيل أن تخرج مع الحراسة

وباب المنزل الداخلي كان مغلقا أيضا فأين ستكون ؟؟ فتشت باقي الغرف

وحتى غرفة وجد وآخر شيء ذهبت لغرفة عمتي رغم أنها تنام مبكرا

ويستحيل أن تقضيا الوقت تتحدثان حتى الآن , فتحت الباب ببطء وتنفست

بارتياح ما أن وقع نظري على النائمة على الأريكة تحضن وسادتها بقوة

ثم عدت وأغلقت الباب مجددا وغادرت صاعدا للأعلى , ما الذي أنزلها

هناك فلن تكون خافت من النوم وحدها بالتأكيد أم أنهما تحدثا وسهرتا

معا حتى غلبها النعاس هناك ؟؟ أخرجت بيجامة وأغلقت باب الخزانة

وتوجهت للحمام استحممت ولبست ثيابي ثم خرجت للغرفة وارتميت

على السرير وجذبت وسادتها ونمت عليها فلعلي أنام الليلة ولو قليلا



*~~***~~*



ما أن أنهيت عملي في قسم الشرطة وغادرت حتى توجهت لمنزلي

استحممت وغيرت ثيابي وخرجت مجددا فلم أنعم بالراحة من يوم

ربحت القضية واستلمت تجارة ذاك العجوز , بث أشعر الآن بحال

أواس وأمين فكم هما يعانيان ومن أعوام , ما أن أُنظّم كل أمورهم

ويرجع كل شيء لسابق عهده سأجد وقتا أكبر لأرتاح فيه أما الآن

فعليا أن أتحمل حتى يقف كل شيء على قدميه مجددا , توجهت

لمصنع الألبان والجبن وقابلت مديره التنفيذي المؤقت وما أن جلست

عند مكتبه حتى سلّمني ظرفا ورقيا وقال " السيد المحامي جهاد

سلمان بلغني أسلم لك هذا "

أخذته منه مستغربا وفتحته وأخرجت ما فيه وقرأت الاعتذار الخطي

منه للاستمرار في تولي كل شيء معي ثم وقفت وخرجت وحاولت

الاتصال به مرارا ولا يجيب , ما به ما جد جعله يقرر هذا القرار ؟؟

ترى هل لمقابلته لسراب بالأمس أي دخل بالأمر ؟؟؟ ركبت سيارتي

ورميت الظرف على المقعد بجانبي وشغلتها وغادرت من هناك

متوجها للمنزل الآخر فعمي صابر يملك جوابا لكل هذا بالتأكيد
~~~~~~~~~~~

المخرج : بقلم الغالية حالمهه

رسالهه من سراب..
ولتعلم إن سهم حبك قد قتلني..
ولتعلم إني وثقت بكك حد.. الادماآن..
ولتعلم إني كنت طفلهه تحتاج الى ارتواء..
ولتعلم إن قلبي الغبي..عيبه حب دون إستئذان..
ولتعلم انكك بت بيتي الكبير الذي إحتواني..بعدمآ كنت سراب الماضي.. الجشعهه .. محبهه المال.. دون توقف..
ولتعلم إنك غيرت سراب بأكملها.. أفلا تعيرني إنتباهه؟؟

سلمت الأيادي

~~~~~~~~~~

نهاية الفصل
دقائق وينزل الفصل الخامس والثلاثون



فيتامين سي 15-02-16 09:24 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والثلاثون)
 


الفصل الخامس والثلاثون


دخلت عليا غرفتي ونظرت لثيابي وقالت " ترجمان يا ابنتي

لما تغادرين السرير وقدمك تؤلمك ؟ "

أغلقت الدرج وقلت " هي بخير اليوم ولن أترك سدين

وحدها يكفي يوم أمس "

قالت وهي تتبعني بنظرها وأنا أتحرك في الغرفة " لكن الأرض

تولوا بها مجموعة من العمال وأنهوها من وقت قليل والقطعة

الأخرى يعمل فيها إياس وسهاد معها "

رفعت شعري للأعلى وأمسكته ذيل حصان وقلت بسخرية

" تلك لا جدوى منها فلا تحسبيها في شيء "

تنهدت وقالت " وحتى متى ستتخلي عن حقك فيه لها فأنتي

زوجته مثلها "

قلت متوجهة جهة الباب " أنا لا أدخل شريكة في شيء يفترض

أن يكون لي وحدي عمتي "

ثم غادرت ونزلت السلالم , لو أرادني ما جلبها , ما وضع ذاك الحد بيننا

من أول ليلة تزوجني فيها والآن يقول أنه مستعد أن يعطيني حقي مثلها

هه يالا السخرية إن كان قبل زواجه بها قد أسقط هذا الحق ولم يطالب به

فلما الآن بعدما أصبح لديه من تعطيه كل ذلك جاء يغدقني بأفضاله ؟ أم

يحسب أني سأوافق فورا وأستقبله بالأحضان , وصلت للخارج وتوجهت

نحو قطعة الأرض التي كنت أعمل وسدين عليها وكان بالفعل هوا وتلك

الشاحبة معهما , نظرت لثيابي لبنطلوني الجينز الأسود والسترة الشتوية

البنية القصيرة تحتها قميص شتوي ضيق وحداء مرتفع لنصف الساق ثم

رفعت نظري لتلك وللباسها المضحك ثم نظرت لإياس الذي يربط اليوم

قطعة قماش على رأسه تغطي شعره ثم يلفها كعصابة حوله وفي كل يوم

يتحول لابن مزرعة أكثر من سابقه , تأففت وأبعدت نظري عنه وعن تلك

الجهة , ما بك يا غبية بقي أن ينظرا هنا ويجداك تنظرين لهما , توجهت

لسدين المنحنية مشغولة بإخراج حجر كبير من التربة ودفعت مؤخرتها

فصرخت جالسة على الأرض فضحكت وقلت " صباح الخير "

وقفت ودفعتني وقالت " حمقاء أفزعتني ظننتك حصانا خرج

من الحظيرة ونطحني "

ضحكت وقلت " أول مرة أعرف أن الأحصنة تنطح "

نظرت لساقي وقالت " ما جاء بك هنا ؟ هل أصبحت بخير "

قفزت وقلت " نعم أنظري "

ثم أخذت الفأس منها وقلت " هذه المرة أول ما سنصنعه

هوا رباط للأرض "

ضحكت وقالت " لا هنا قال إياس أن المساحة مرتفعة

قليلا ولن تحتاج "

قلت وأنا أضرب التربة وأقلبها " حسنا لنتبع سيادة المزارع إن

لم تفسد الأمطار عملنا سريعا "

" ترجمان لما تركتِ سريرك وغرفتك ؟؟ "

عدلت وقفتي والتفت لصاحب الصوت الجاد الواقف يداه وسط جسده

ليقع نظري على ملامحه التي تحتضنها العمامة البيضاء واحمرار

يشوبها من لفح الهواء البارد لبشرته البيضاء ثم هربت بنظري

لحركة الفأس في يدي وقلت ببرود " أشعر أنها أفضل

وسئمت من النوم في السرير "

قال من فوره " إذا لا تفعلي شيء ابقي هنا فقط "

عدت لما أفعل مولية ظهري له وقلت " لا يحتاج أنا بخير "

فقال وصوته يبتعد " صحتك وأنتي المتضررة "

فلويت شفتاي ولم أعلق وبدأنا العمل معا بجد مع بعض الأحاديث

والتعليقات والضحكات من حين لآخر كعادتنا , نظرت للخلف حيث

الواقفة تمسك قبعتها وتنظر للسحاب وتتحدث ثم قلت " أنظري لتلك

النصف عربية لا تفعل شيئا أبدا "

ضحكت وقالت " أحببتها هذه النصف عربية , ما أبرعك في فن

السخرية يا ترجمان "

رفعت نظري لها وقلت " لما لا تناديها تعمل معنا لنتسلى بها قليلا "

ضحكت ثم وقفت على طولها ونادت " سهاااااد "

فقالت تلك من فورها " نعم "

قالت سدين " تعالي ساعديني في رفع الحجارة "

جاءت من فورها طبعا وقالت " ماذا أفعل معكما ؟ "

وقفت ورفعت لها حجرا وقلت " خذي هذا هناك "

فأخذته مني وسارت به فقلت بخبث " لنجعلها ترفع الحجارة كلها "

ضحكت وقالت " حاذري فقد تكون حامل ومن يخلصنا حينها "

لا أعلم لما شعرت بالدماء جمدت في عروقي وقلت بصدمة

" حامل !! "

عادت لما تفعل وقالت " قلت قد تكون , ما بك تفاجئتِ هكذا

تجاهليهما لترتاحي "

نظرت لها في الأسفل وقلت " ما تعني بتجاهليهما لترتاحي "

لم تعلق وعادت تلك ناحيتنا ورفعت حجرا آخر فرفعت واحد

غيره وقلت " انتظري "

وقفت تنظر لي فوضعته لها فوق الذي في يديها وقلت

" لننتهي سريعا "

قالت بصعوبة " ثقيل هكذا "

رفعت ثالث ووضعته لها وقلت " بسرعة بلا دلال "

فصرخت حينها ووقعت الحجارة منها لتنزل إحداها على قدمها فقفزت

صارخة وبدأت تشتم بلغتها تلك فقلت بضيق " أنتي من أوقعها على

نفسك فتوقفي عن شتمي يا حرباء "

قالت بحدة " أنتي الحرباء والسبب أيضا يا متوحشة يا مسترجلة "

شعرت حينها بالدماء فارت في رأسي ولم أكترث ولا لشد سدين لذراعي

ولا لما تقول وهدفي كان شعر تلك الشاحبة فشددته بيداي بقوة وهي

تصرخ بعلو صوتها ولم يخلص أصابعي منها شيء لا محاولات سدين

ولا إياس الذي وصل بعدما سمع صراخها ولم أفلتها إلا حينما أردت أنا

ذلك وعادت للشتم من جديد وإياس يتحدث معها بلغتها بضيق وتبادلا

حديثا كثيرا لم أفهم منه شيء ثم توجهت تلك للمنزل ونظر لي إياس

فقلت قبل أن يتكلم " هي البادئة هي من شتمتني "
صرخ حينها بغضب " وهل هذا سبب لتضربيها يا ترجمان "

قلت بضيق " نعم فأنا من تلقيت كلامها وليس أنت بل أراها

تقول شتائمك لي سابقا "

قال بصدمة " ما قصدك بهذا ؟ "

قلت بذات ضيقي " قصدي أنك أفلحت حقا في تعليمها

كيف تسخر مني يا إياس "

غادر حينها جهة المنزل ليلحق بها طبعا ويردد بصراخ غاضب

" لو أجد فقط طريقة أتفاهم بها معك ؟ أقسم أن أشتريها بالمال "

نظرت له بضيق حتى اختفى وقالت سدين حينها بهدوء " ترجمان

لما وضعتِ لها كل تلك الأحجار ؟ كان كلامي مجرد فرضية فقط "

صرخت حينها فيها " توقفي عن تفسير أفعالي أنا لم آبه لكل ما قلتيه "

ثم غادرت من هناك أيضا ودخلت المنزل فكانت تلك الشاحبة جالسة

تبكي وعمتي تحضنها وتتحدث مع إياس ولا أفهم ما يقولان من بكاء تلك

كالأطفال فأشحت بوجهي عنهم بضيق وقهر وصعدت السلالم بخطوات

غاضبة تكاد تحطمه حتى وصلت لغرفتي ودخلتها ثم أخرجت شعرها من

بين أصابعي ورميته بقرف وارتميت على السرير كعادتي مؤخرا بلا

غطاء ولا وسادة وكأن هذا يذكرني بشعور أني بث وحيدة رغم كل من

حولي عمتي سدين رغد وابنتها وإن كانتا أصبحتا سجينتا الغرفة أغلب

الوقت ولا نراهما








*~~***~~*










تبثُّ الهاتف مكانه تحت السرير ووقفت أعدل وأرتب شعري , لا أعلم

كيف يريدون مني تنفيذ ذلك سريعا ؟ ألا يعرفون هذا المريض وتفكيره

لا ويضعون لي وقتا معينا للتنفيذ , حمقى شلة من الحمقى ولم تترك لي تلك

الدُرر مجالا لأنفذ شيء , ترى ما سبب غضبه منها ذاك اليوم وسجنه لها

فيبدوا الأمر خطيرا وهوا ما جعل خادم جدها هذا يصر على تقديم وقت

المخطط والإصرار عليه ما أن علم بالأمر مني ؟؟ طبعا لم أخبرهم بما

قالت لي عن أنها ستنتقم مني إن أنا آذيت أواس وأنها تعرف أني أعمل

معهم لأن كل هذا قد يوقف ما يخططون له وأنا أريده أن يتم كما يريدوه

وأشهد بنفسي دمار هذا المريض , توجهت للخزانة وأخرت التوب وفككت

خياطته من الداخل وأخرجت اللفافة الصغيرة منه وأدرتها أم عيناي , جرعة

صغيرة لكنها تفي بالغرض مع شخص لم يسبق أن دخل هذا لجسمه سابقا

قبضت عليها في يدي بقوة وابتسمت بسخرية فها قد بدأت اللعبة الحقيقية يا

أواس وستبدأ معاناتك الطويلة قريبا وأنال حريتي من سجنك لي وضربك

وجنونك وسينتهي من الحياة شخص اسمه أواس رغم أنه سيكون

لازال موجودا فيها










*~~***~~*












اتكأت على إطار النافذة أراقب الطفلات يلعبن في الخارج فاليوم إجازة

من المدرسة ومنذ وقت وهن في لعب وركض وصراخ وضحك مستمر

ما أسرع ما تحققت أحلامهم .. منزل كبير غرف كثيرة ألعاب ملابس جديدة

دمى وكل ما تمنوه أراه عندهم ووفره لهم في وقت قياسي , أيعقل أن تكون

نظرته لي أبشع حتى من نظرته لهؤلاء الطفلات اللاتي لا يتوقفن عن التمني

والطلبات ؟ ألا أستحق ربع محبته لهم وتجاهله لكل أخطائهم , ابتسمت بألم

ونظرت للأعلى حيث السماء الملبدة بالغيوم رغم اعتدال الطقس اليوم وخلوه

من الهواء البارد المتحرك , ترى ما يحدث معكما يا ترجمان ودُرر فكم

لعبنا صغارا وحلمنا أحلاما كثيرة ومختلفة لتنسينا واقعنا ذاك وفي النهاية

لم نحقق منها شيئا ومن حققها فقد لذته بها , أخرجت هاتفي الذي وجدته

معي هنا من جيب البيجامة الشتوية التي ألبسها وفتحت إنشاء رسالة وكتبت

فيها ( ترجمان دُرر أنا أصبحت صاحبة ثروة هل تصدقان ذلك ؟ ذاك العجوز

ظهر أنه عمي وكسبت نصف ثروته لكني لست سعيدة يا شقيقتاي لم أشعر

بما تخيلت حياتي كلها أني سأشعر به حين سأكسب المال , لكن المهم أنه لم

نعد بلا مأوى والشارع هوا خيارنا الوحيد فتعاليا لي هنا متى ما قررتما

مغادرة حياتكما البائسة التي أُجبرتما عليها وسأكون سعيدة بذلك حقا

... أحبكما من كل قلبي )

ثم كتبت لهما عنوان المنزل وأرسلتها فدُرر عادت لغلق هاتفها وترجمان

أصبحت أغلب وقتها تعمل في مزرعتهم ولا ترى مكالماتي إلا ليلا وأستغرب

أنها أغلب الأحيان لا تعاود الاتصال بي فما حل بك غيّرك هكذا يا ترجمان ؟؟

انفتح باب الغرفة بعد طرقات خفيفة فقلت ونظري لازال شاردا في السماء

ولازال رأسي يتكئ على إطار النافذة " لا توبيخهم ثانيتا على اتساخ

ثيابهم يا صفاء فمتعة الأطفال في اللعب بلا قيود "

" وماذا عن الكبار "

أبعدت رأسي عن النافذة والتفت من فوري لصاحب الصوت الذي

دخل وأغلق الباب خلفه لازال يتمسك بثيابه القديمة ولم يرفه نفسه

مثلهم فها هي تمثيليته انتهت فلما لا يصعد هوا أيضا لمقامه الجديد

ابتسمت بسخرية وقلت " الكبار لا يعرفون لعبا بلا خداع "

ثم تابعت ببرود" وخذلان "

بقي ينظر لعيناي بصمت وكأني لم أوجه له سيل تجريحي ذاك

فعدت مولية ظهري له للنافذة وقال هوا " ما هذا الذي قلتيه للمحامي "

قلت من فوري " أعتقد أنه وصلك بالتفصيل فلا داعي لأعيد "

قال بحزم " سراااب "

التفت له وقلت بجمود " لا أريده في أملاكي أنا حرة وعلينا أن نبيع

كل واحد للآخر نصفه فتأخذ أنت مصنع الألبان ومزرعة المواشي

والأبقار أو حقول الشعير والقمح ومصنع المخبوزات ويلغى السلالم

الموصول بهذا الطابق ويفتح له سلالم خارجي مستقل "

قال بضيق " هراء هل جننتِ ؟ "
قلت بذات جمودي " نعم وسنفصل كلٌ لوحده أو خذ كل شيء

ولك أن تختار "

قال ببرود " لن آخذ من حقك مليما واحدا يا سراب فلا تحاولي "

قلت بسخرية " لا يهم فلتتصدق به للجمعيات الخيرية ولا أريد سوا

هذه الجدران التي تفصلني عن الشارع وترحمني من العودة لمنزلك

الذي اخترتُه يوما على كل شيء وطردتني منه "

قال من فوره " أنا لم أطردك منه "

ابتسمت بسخرية ورفعت رأسي للأعلى أمنع دمعتي من السقوط

وقلت بألم " بلى فعلتها "

قال بجمود " لا .. وتذكرين ذلك جيدا فأنتي من غادرتِ بملأ إرادتك "

نظرت له حينها وقلت بذات الألم " أتعرف من غبائي ما تمنيت وقتها "

نظر لي بشيء من الاستغراب أو الاستفهام فتابعت بأسى " تمنيت كالحمقاء

أن أجبرتني على البقاء هناك , أن أدخلتني الغرفة وأغلقت بابها وصرخت

بي أني مجنونة وأنك لن تتركني أخرج وأترك المنزل , فزد عليها أنك

كنت تعلم أنه لا مكان لي أذهب له "

قال بشيء من الهدوء " أنتي من أراد لكل ذلك أن يحدث أنتي

يا سراب "

عدت مولية ظهري له وقلت " علينا أن ننفصل في كل شيء يا

آسر كل شيء بما أنه كما قلت سابقا نظرتنا لبعض لن تتغير "

تحولت نبرته للغضب وقال من فوره " لا لن يحدث ذلك لن

أطلقك يا سراب تفهمي "

ابتسمت بألم وقد نزلت الدمعة الأولى ولم أمسحها كي لا يلحظها

وقلت " بلى ستفعلها وقريبا جدا أو لن تسلم من إفسادي

لكل ما ستفعله بثروتي "

فلم أسمع بعدها سوا ضربه لباب الغرفة بقوة فنزلت باقي الدمعات

تلحق سابقاتها لأجعل كفاي منديلا لهما وحضنا لعبراتي








*~~***~~*










دخل الجميع طبعا وتركوني في الأرض وحدي فأنهيت نقل باقي الحجارة

التي أخذت مني وقتا ثم عدت للمنزل أيضا دخلت ووجدت والدتي وإياس

يجلسان وسطه وسهاد متكئة على كتفه وهوا يحضنها بذراعه تنظر بحزن

لأصابعها في حجرها وتحركهم بعشوائية فتوجهت نحوهم وقلت مركزة

نظري على عينا إياس " أين ترجمان ؟؟ "

لم يجب طبعا وقالت والدتي " صعدت لغرفتها ما أن دخلت "

قلت ونظري لازال على عينيه " ولم يذهب أحد لرؤيتها ؟؟ "

فوقفت سهاد حينها وصعدت للأعلى ويبدوا الكلام لم يرق لها وخيرا فعلت

توجهت للسلالم أيضا وصعدت للأعلى وتوجهت لغرفة ترجمان فكانت

تغلقها بالمفتاح طرقت كثيرا وناديتها وبلا فائدة فنزلت مجددا ووجدتهما

يجلسان مكانهما فوقفت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " اصعد لها

لم تفتح الباب لي مهما حاولت "

نظر للأرض وقال ببرود " لم تفتح لك ستفتحه لي أنا ؟؟ "

قلت بضيق " ستجد حلا فأنت زوجها وليس مثلي فتحرك

يا إياس وتعامل معها بعدل "

نظر جانبا وقال " هي المخطئة "

قلت بضيق أكبر " لا ليست مخطئة "

نظر لي حينها فقلت بحدة بعدما رميت بأصبعي في الهواء

" كيف لتلك أن تناديها بالمسترجلة المتوحشة "

قال بحزم " سدين توقفي عن الصراخ وترجمان من بدأت

وأوقعت الحجر عليها "

قلت بغضب " وهل سألت نفسك لما تفعل هذا ؟ لا لن تتساءل أبدا , ثم

الحجر وقع من يد سهاد وليس ترجمان لما لا أحد يشعر بها ؟ كم مرة قلت

وشرحت حتى نبت العشب على لساني وأنا أقول غيروا طريقتكم لتفهموا

ترجمان فأنا أكثر من عرفها وقبلكم جميعا لكني وكأني أتحدث مع جدار "

قال بحدة " سدين احترميني ووالدتك, هذه ليست عادتك "

تنفست شهيقا قويا وقلت بعبرة " سحقا لكم أنتم الرجال لا قلوب لكم كما

لا أبصار لكم لكنت رأيت ما ترفض رؤيته يا إياس سحقا لك سحقا سحقا "

ثم ركضت جهة السلالم وصعدت لغرفتي دموعي تجري على خداي أشعر

بقهرها الذي تخفيه كي لا يراه أحد فلما لا يستطيع الجميع رؤيتها كما أراها

أنا ؟ لماذا لا يرون إلا ما يريدون رؤيته ؟ كم أتمنى أن تخسرها للأبد يا إياس

لتعرف قيمتها الحقيقية وتقبلها كما هي لأنها لن تكون أروع مما هي عليه الآن

مهما تغيرت , بعد وقت طرق أحدهم باب غرفتي ودخل فكان إياس فنظرت

جانبا حاضنة ساقاي وجالسة فوق السرير فدخل وأغلق الباب وجلس

أمامي وقال بهدوء " لو كان أي شخص غيرك أنتي لغضبت من

طريقة صراخه بي وإهانتي "

نظرت لركبتاي وقلت بحزن " بل أنا الغاضبة منك يا إياس "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " وما يغضب أميرتي الصغيرة سدين "

قلت بحزن " حال ترجمان وطريقة تعاملك معها "

تنهد وقال " ذكريني بطريقة لم أتبعها مع مدللتك ترجمان لأجربها "

نظرت لعينيه وقلت " أن تتقبلها كما هي ولا تنتقدها أبدا "

قال بجمود " ومن قال لك أني لم أجرب هذا أيضا "

قلت بسخرية " جربت باقتناع أم كتجربة فقط "

تنفس بقوة وقال بهدوء " أنتي من شهد كل ما حدث اليوم وتعلمين

الظالم من المظلوم منهما يا سدين "

ابتسمت بألم وقلت " ترجمان مظلومة "

هز رأسه وقال مبتسما " رأيك فيها لا يتغير مهما فعلت "

ابتسمت بألم ولم أعلق , لن أخبرك أنها فعلت ذلك ظنا منها أن سهاد كانت

حامل حقا , لن أخبرك أن حتى نظراتها لك تغيرت كثيرا , لن أخبرك أنها

باتت تنزوي على نفسها في غرفتها أغلب الوقت , لن أخبرك أنها أصبحت

تغضب أسرع من السابق ولا تعبر عن غضبها كعادتها دائما , لن أخبرك

بشيء واضح وجلي أمام عينيك ولا تراه يا إياس فاكتشف بنفسك ما تغمض
عينيك عليه وكم أتمنى أن تكون خسرتها حينها , وقف حينها فقلت

بهدوء حزين " أنا آسفة "

قال مبتسما " وأنا لم أغضب منك يا سدين "

قلت من فوري " ولا من ترجمان "

لم يتحدث فقلت برجاء " لا تتحدث معها في الأمر أكثر

عدني بذلك يا إياس "

هز رأسه بحسنا وقال بهمس " أعدك "

ثم تحرك مغادرا حتى وصل الباب وعاد والتفت لي وقال مبتسما

" هناك خبر سيعجبك "

نظرت له باستغراب فغمز وقال " ثمة ضابط سينتقل هنا قريبا "

نظرت له بصدمة ثم نظرت للأسفل بخجل وقلت

" هوا من طلب ذلك ؟ "

قال من فوره " بل خالك سيرميه لك هنا "

نظرت له وقلت " إذا لا فرق بينهما والجماد سيبقى جمادا "

نظر لي بصدمة ثم انطلقت ضحكته فقلت بضيق " توقف عن

الضحك , بارد مثل صديقك تماما "

سند كفه للباب المغلق وقال " وما يزعجك هكذا من صديقي "

قلت بحنق " وما الذي لا يزعجني فيه , لم يخبره عقله أبدا أن له

زوجة هنا يزور أهلها على الأقل ويسأل عنها , لا مكالمة لا رسالة

لا هدية ولا شيء , لوح وجدار وكأنه مجبر على الزواج بي "

قال بابتسامة " هذه هي شخصية أمين وهذا طبعه ولن

تعرفيه جيدا إلا عندما تعيشين معه "

نظرت جانبا ولويت شفتاي بعدم اقتناع فقال ضاحكا " حسنا

سأوبخه وأضربه على رأسه أيضا "

نظرت له وقلت بتهديد " إياك وفعلها يا إياس فلن أفرض نفسي

على شخص أنا آخر اهتماماته "

فتح حينها باب الغرفة وقال مغادرا منها " إذا لا تشتكي منه مجددا "

ثم أغلقه خلفه فتأففت وقلت " قسما أنكما تؤمين وليس فقط صديقين "







*~~***~~*









ضمت يداها لخصرها تنظر لي بضيق فقلت " أمي بالله عليك

فكري فيما أريده وما يريحني فإن تزوجت بغير رغد فلن

أسعد حياتي مع من كانت ستكون "

قالت بحدة " رفضتك وتزوجت غيرك , لا أعلم ما تريده فيها حتى

الآن ؟ لما يكون أول فألك امرأة أرملة كانت ستكون مطلقة , أم

لم تسمع الكلام الذي تقوله عنها والدة زوجها "

قلت بضيق " نحن نعرف رغد من قبل أن تعرفها تلك العجوز فهل

ستحكم هي عليها أكثر منا ؟ ثم أنا أريدها ومنذ كانت صغيرة وإن

تزوجت عشرة فسأبقى أريدها "

انفتح حينها باب المنزل ودخل منه والدي وقال " ما بكم

صراخكم في الشارع "

قالت أمي بضيق " تعالى وانظر لابنك وجنونه لازال حتى الآن

يريد الزواج بابنة عمه التي رفضته "

اقترب وجلس وقال " وما في الأمر ؟ وما أن تنهي عدتها

سأتحدث بنفسي مع شقيقها "

نظرت له والدتي بصدمة أما أنا فكدت أقفز فرحا لما سمعت فلأول مرة

يتدخل والدي في هذا فحتى خطبتي السابقة لها وخطبة فؤاد لسدين كانت

كلاما بين النساء فقط وقد طلب أخذ رأيهما أولا أما هذه المرة فأراه يشد

العزم دون أن يقول اسألوها , توجهت نحوه وقبلت رأسه وقلت

" بارك الله لنا في عمرك يا أبي "

قال بهدوء " وأنا من سيتحدث معها شخصيا هذه المرة ومن

له كلمة فوق كلمتي فليريني ما في يده "

وكان الكلام موجها لأمي طبعا التي تمتمت بشيء ما وغادرت , لا

أصدق أن تتيسر الأمور هكذا , أهل زوجها سيتركون ابنتها لها وخالد

لن يتزوجها ووالدي سيتدخل في الأمر خصيصا وأعرف رغد جيدا

خجولة وهادئة ستستحي من أن ترفضه , ما أن أخبرني خالد بما جد

معه حتى انزاح ذاك السواد الذي غلف حياتي الأيام الماضية ولم

أعرف الابتسامة لأيام إلا بسببه بعدما زف لي ذاك الخبر السار رغم

أنه توعدني بأني إن ضايقتها سيسعى لطلاقها مني ويتزوجها هوا

يهدي بالتأكيد فهل ستصبح عندي وأفرط فيها









*~~***~~*










قلبتها على ظهرها وبدأت بدغدغتها وهي في ضحك مستمر وهستيري

ثم نظرت لرغد التي تنظر لها مبتسمة وقلت " عمها ذاك قطعة نادرة

يجتاز كل هذه المسافة ليأتي لزيارتها ولم يمنعه البعد عنها أبدا "

ماتت ابتسامتها وقالت بحزن " ستصبح لديه ويرتاح من عنائه "

أجلستها في حجري فضمتني بقوة بيديها وساقيها وقلت ناظرة

لوالدتها " رغد لا أراك مقتنعة ولا موافقة "

نظرت للأسفل وقالت بحزن " مجبرة يا سدين ليس إلا ومن أجل ابنتي أفعل

أي شيء , خالد شاب رائع ومزاياه لا يمكن حصرها لكنه يبقى شقيق زوجي

ولم أراه أكثر من شقيق لي ولم ينظر لي أكثر من كوني شقيقة له ولا أعلم

من أين جاءته تلك الأفكار حين خطبني من إياس وشقيقه لم يطلقني , ولا

تنسي عائلته وحياتي مع شقيقه سابقا فلا أريد لمأساتي مع مصطفى أن تتكرر

ويظن بي خالد الظنون وزيدي عليه عائلته الذين لا يحبونني جميعهم لا

والدته ولا أشقائه ولا زوجاتهم وسأكون مضطرة للاحتكاك بهم مهما

تجنبت ذلك وإن كان في المناسبات والأعياد وعمتي لن تتركني

وشأني وإن جاءت عندنا بنفسها ولن ترتاح حتى يطلقني

وسيأتيك كلامي حينها "

تنهدت أمسح بيدي على ظهر ندى المحتضنة لي وقلت بأسى

" والحل يا رغد مادام زواجك به سيء هكذا من جميع نواحيه ؟؟ "

مسحت دمعة عانقت رموشها وقالت بأسى " الحل أن أرضى وأضحي "

هززت رأسي بحيرة وقلت " وحتى متى ستقدمين التضحيات يا رغد

فسيصبح لديك أطفال غيرها وستربطين نفسك بهم أعرفك جيدا

عاطفية وحساسة "
كانت ستتحدث لولا انفتح الباب خلفي وصرخت ندى التي كانت

متعلقة بعنقي وابتعدت عني لتلتقطها يدا إياس فالتفت لهما وقلت

" طبعا إذا جاء الحبيب نسينا الصديق "

رفعها وقبل خدها وقال مبتسما " موتي من الغيرة "

انظم بعدها لجلستنا وجلس على طرف السرير وقال " رغد

خالد تحدث معي هذه المرة عن أمر زواجكما "

نظرت للأسفل وقالت " لازال على العدة أكثر من أسبوعين

فمن المبكر الحديث فيه "

قال مبتسما " لا ليس موعده أعني "

نظرنا له بحيرة فقال " قال أن والدته قررت التنازل عن

ندى لك شرط أن لا يتزوجك "

صرختُ أنا حينها وكأني أنا من يعنيها الأمر وليس رغد ثم نظرت لها

فكانت تغطي وجهها بكفيها وتبكي فوقف إياس وتوجه نحوها وجلس

بجوارها وضمها لحضنه قائلا " توقفي عن البكاء يا غبية من يسمعك

يضن أنك كنتِ ستموتين وليس تتزوجي "

قالت بعبرة " لا أريد إلا ابنتي فليتركوها لي "

حضنها أكثر وقال " حمدا لله فما كنت مقتنعا بعودتك لتلك العائلة لولا

أنه لا حل غيره ولا أريد أن تعيشي تعيسة تبكي ابنتك ومحرومة منها "

ضممت ندى التي تبكي بجانبي وليست تفهم شيا سوا أن عليها

البكاء مع والدتها وقلت " يكفي يا رغد أنتي تخيفين ابنتك "

ابتعدت عن إياس ومدت ذراعيها لها قائلة بعبرة " تعالي حبيبة ماما "

فتوجهت نحوها من فورها وارتمت في حضنها ونظرت أنا

لإياس وقلت ماسحة لدموعي " أبكيتموني يا مغفلين "

وقف وقال مبتسما " إذا افرحي فزوجك وصل قرار نقله هنا "

عبست في وجهه وقلت بضيق " لا تتحدث عنه أمامي ثانيتا "

فضحك وتحرك حتى مر بجانبي ولعب بشعري فوقفت مبتسمة

وخرجت أنادي أمي لتأتي وتسمع الأخبار فأخيرا ستتحرر رغد

وتحرر ابنتها من سجنها ألا مبرر











*~~***~~*










خرجت سدين فجلست مكانها ونظرت للجالسة أمامي محتضنة

ابنتها تمسح على شعرها ومبتسمة بسعادة فقلت " عليك أن تعلمي

يا رغد أن لخالد شروطا لذلك "

نظرت لي باستغراب وقالت " ولما يضع شروطا ؟ إياس ليس

طبعك أن يتحكم أحد بما يكون فيه القرار لك "

قلت بجدية " بلى لكنه يبقى عم ندى ومن يخاف دائما على

مصلحتها ولا أرى في شروطه ما يعيب "

بقيت تنظر لي باستفهام واستغراب فتابعت " قال بأنه عليك أن تتزوجي

ليضمن أنهم لن يعودوا للمطالبة بها فيما بعد ويريد أن يوافق عليه هوا

أيضا بما أنه من سيربي ابنة شقيقه وأن لا يحرمه من زيارتها ورؤيتها

وأخذها لعائلة والدها أيضا وقال أنه إن طالبوا بها يوما فسيتزوجك

وإن كان متزوجا فأنتي ستتزوجين في كل الأحوال "

نظرت لي بصدمة حتى أنهيت كلامي ثم قالت بضيق

" ولما كل هذا ؟ "

قلت بذات جديتي " لا أرى عيبا فيما يقول يا رغد "

أشاحت بوجهها جانبا وقالت " ومن قال أني أريد أن أتزوج أو

أنه هناك من سيفكر في الزواج بي "

قلت مبتسما " أنتي أخرجي من عدتك فقط وخالك سيتكفل بالمهمة "

نظرت لي وقالت من فورها " لا لا أريد رجال الشرطة أو الجيش "

نظرت لها ببرود وقلت " وما بنا رجال الشرطة ألا نعجبك "

نظرت لرأس ابنتها المتكئة على صدرها وقالت " ليس هذا

أقصد لكنكم واقعيين فوق اللازم وتنظرون للأمور من منظور

ضيق وخاطئ بعض الأحيان "

قلت مبتسما " هذا طبع الرجال جميعهم يا رغد فلا تبني

أحلاما لرجل لا وجود له "

تأففت وقالت " لا هذا لا ينفع مع النساء يا إياس "

ضحكت وقلت " هذا فقط لأنك عاطفية كثيرا يا رغد "

قالت ببرود " وأرى التي ليست عاطفية لم تعجبك "

ماتت ابتسامتي وقلت ببرود مماثل " من تقصدي ؟ "

قالت بضيق " تفهم قصدي جيدا وليس هكذا يكون الجميع بل أنتم الذين

تتدربون على القتل والموت مختلفين والدليل ما فعلته مع ترجمان "

هززت رأسي وقلت " يا ترجمان هذه التي يقف الجميع في صفها "

قالت بذات ضيقها " لأني امرأة مثلها يا إياس "

رفعت يداي جانبا وقلت باستياء " أعطني حلا لم أجربه مع

ابنة خالك فلو كانت كغيرها من النساء ما جلبتُ سهاد التي

يلومني فيها الجميع "

نظرتْ حينها خلفي بصدمة وقد توترت ملامحها فالتفت من فوري

فإذا بترجمان واقفة عند الباب وجامدة كالتمثال تنظر لي ليدفعها

شيء للأمام بقوة ناحيتي حتى كادت تقع لولا تمسكت بكتف قميصي

وشددتُ أنا ذراعا بقوة ودخلت حينها سدين قائلة " هذه أول الواصلين

ما أن أخبرتها حتى جاءت لتهنئك على ضياع العريس منك , أما

والدتي فتبدوا فقدت وعيها في الحمام "

ثم سكتت وأخرجت لسانها جانبا حين رأت مشهدنا فرفعتها قليلا

حتى التقت عينانا وقلت " جاءت سليمة وتداركنا الأمر "

لتفاجئني بأن استلت ذراعها من يدي وغادرت الغرفة مسرعة وسيدين

تتبعها بنظرها على صوت رغد قائلة " هل ارتحت الآن بعدما سمعتك "

فغادرت السرير حينها والغرفة ولم أعلق بشيء فالغريب أنها لم تصرخ

بي وترد كلامي بأسوأ منه كعادتها دائما ! فهل كل هذا غضب بسبب

موقف سقوط سهاد ؟؟ بل نظرتها التي كانت تشع غيظا وغضبا

لم أرها من قبل بهذا الشكل والقدر









*~~***~~*











ما كان النوم أخذ من وقتي القليل حتى سُرق مني فكثرة التفكير في طريقة

أقابل بها الوزير دون أن أكشف أوراقي لأحد بث أراها أمرا مستحيلا يوما

بعد يوم فلما كل هذا التعقيد هل طلبت رؤية رئيس البلاد ؟ أم أن الوزير يواجه

خطرا يجعل دائرة المحتكين به ضيقة جدا ؟؟ عليا أن أجد حلا سريعا لذلك ولو

اضطررت للذهاب لمنزله والمحاولة مع حراسه والمرابطة هناك حتى يدخلوني

له , هذا وأنا ضابط في الشرطة لا أجد طريقة لأراه فكيف إن كنت مواطنا عاديا

لو لم أكن أعرف العقيد رفعت جيدا ومكانتي لديه لقلت أنه قال ما قال متحججا

ليتملص من الأمر , انقلبت على ظهري وغبت بنظري للسقف المظلم بعدما

أصبحت أنام هنا في غرفة من غرف جناحي السابق حيث كانت غرفتي لأشهر

قبل أن أعود لغرفتي السابقة فالأريكة هنا معدة لتصبح سريرا , أغمضت

عيناي مجددا كي لا تسرقني الأفكار وتأخذني لتلك الغرفة والنائمة فيها

وتأخذني قدماي لها والنتيجة عتاب من نوع لن يعجبها ويعجبني أو عقاب

قد أندم عليه لاحقا فذنبها لا يغتفر ولا أريد أن اسمع حججها وإن كنت أعلم

أنها لا تكذب ولن تكذب علي أبدا لكن الخطأ في قاموسي خطأ وعليها أن تعلم

أنه لعواطفي ناحيتها حدا وحاجزا يبنيه الخطأ مهما كان نوعه , غابت عيناي

في السواد مجددا ليعاودني ذات الحلم قارب في بحر هائج أنا وهي الركاب

الوحيدين فيه وبعد رحلة طويلة وصل بنا لليابسة وضعتها هناك وعدت

أدراجي ونظري معلق بها واقفة عند الشاطئ حتى اختفيت في عرض البحر

لكن هذه المرة كان الحلم مختلفا فرائحتها غادرت معي أستنشق عطرها في

زوايا ذاك القارب الصغير وكأنها سكبته فيه قبل أن تنزل مما جعلني أبحث

عنها حولي وأنظر للأفق مجددا لأرى إن بقيت هناك أم قفزت معي , فتحت

عيناي بسرعة لأجد نفسي في الغرفة ذاتها الجدار ذاته لكن رائحتها لازالت

عالقة بي , نظرت بسرعة لمصدر الأنفاس الهادئة بجنبي وأغمضت عيناي

أتنفس بقوة ثم فتحتهما ونظرت للنائمة بجانبي تضع أحد كفيها تحت خدها

والآخر أمام وجهها , كيف دخلت ونامت هنا ولم أشعر بها ! بل كيف تفعلها

وتبحث عني وتنام بجانبي وهي تعلم أني غاضب ولا أريد رؤيتها واقترابها

مددت أناملي لوجهها ببطء وأبعدت بهم خصلات شعرها عن جانب خدها

ثم مررت سبابتي على شفتيها برفق وتنهدت بعجز ثم جلست وغادرت السرير










*~~***~~*











بعد ساعات طويلة من بقائي سجينة غرفتي التي أصبحت سجني الذي

أراه حرية لا أحد يتطفل عليها أو بالأحرى يدخلها سوا سدين وبعدما

تناصف الليل خرجت منها لأنزل وآكل شيئا , فقط لأني وعدت عمتي أن

آكل فيما بعد حين أصرت أن أنزل لتناول العشاء معهم ولم تتحدث عما

حدث أبدا فقلبها الأبيض لا يتغير ولا أعلم ابنها نسخة عن من يكون ومؤكد

والده فهوا الغائب الوحيد عن الصورة ومؤكد يشبه ابنة شقيقه تلك العنقاء

نزلت السلالم وتوجهت للمطبخ فكان باب الثلاجة مفتوحا وخلفه سدين وقد

عرفتها من بنطلون بيجامتها الأحمر وحداء الفراء وكأنها دب , اختبأت

لها بجانب الباب أنتظرها وقد بدأت ساقاي بالتنميل من الوقوف وهذه

الجشعة يبدوا أنها تأكل والثلاجة مفتوحة أو ما الذي تفعله كل هذا الوقت ؟؟

بعد قليل رحمتني أخيرا وأغلقت باب الثلاجة وسمعت خطواتها تقترب من

الباب وما أن وصلت حتى قفزت أمامها صارخة بقوة لأسمع تلك الصرخة

المدوية وصاحبتها تنهار جالسة على الأرض تنظر لي بهلع لأكتشف أنها

تلك الشاحبة فنظرت للأعلى ولويت شفتاي بتململ على صوت بكائها الذي

علا في الأجواء وكاد يحطم جدران المطبخ , هذه كم عمرها بالله عليكم فتبدوا

أكبر مني ومن رغد لكن بكائها كالأطفال , وما هي إلا لحظات ونزلت

السلالم خطوات راكضة فتأففت بضيق فها قد اكتمل المهرجان , اقترب

قائلا بخوف " ما بكم ؟ ماذا هناك ؟ "

ووصل عندنا حينها ينظر للجالسة أرضا تبكي ولي بحيرة فقلت ببرود

" لا شيء ظننتها سدين وأردت إفزاعها فظهر أني أخطأت "

تركني وتوجه نحوها وجلس بجوارها على الأرض وشدها لحضنه

قائلا " توقفي عن البكاء الأمر لا يستحق "

قالت بصراخ باكي " لا هوا يستحق وتوقف عن قول هذه

الجملة لي دائما "

مسح على شعرها وقال " ظنتك سدين وانتهى سهاد هيا

توقفي عن البكاء "

قالت حينها بذات صراخها الباكي " لا ليس صحيحا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما قصدك بليس صحيحا "

مسح على كتفها ونظره لازال عليها وقال " هيا سهاد لا تكوني

طفلة بكائه هكذا "

وبدأت تقول كلاما بلغتها وهوا يحدثها بهدوء بذات اللغة محاولا تهدئتها

وطبعا تجاهلني وكأني لست أقف أمامهم وأتحدث , تحركي يا غبية لما

واقفة تشاهدين رومانسيتهم المشفقة هذه تحركي هيا , كان كلاما يرفض

عقلي تطبيقه وقدماي الانصياع له فحولت نظرتي لهم للبرود الثلجي فقط

وأمسكتْ حينها تلك الشاحبة معدتها وتأوهت بألم وهوا يرفع رأسها

ويحدثها ثم نظر لي وقال " أجلبي لي كوب ماء بسرعة "

نظرت له ببرود أشعر أنه بركان اشتعل بداخلي ثم تجاهلته وتركتهم وغادرت

جهة السلالم , هه خائف على ابنك ؟ قم أنت وارمها أرضا واجلب لها الماء

بنفسك , ما أن وصلت أعلى السلالم حتى ركضت لغرفتي ركضا وأغلقت

بابها خلفي لأجد نفسي لا شعوريا أتوجه للحمام , دخلت وفتحت المياه الساخنة

ونزعت ثيابي ووقفت تحتها وكأني أغسل شيئا في داخلي وماذا لا أعلم










*~~***~~*










استيقظت وجلست من فوري ونظرت جانبا ولم أجده , كيف نمت

دون شعور مني وأنا من كنت سأنتظره حتى يستيقظ ؟ حككت شعري

بتذمر من نفسي وقلت بحنق " غبية وها قد هرب منك مجددا "

لازال هناك بعض الوقت على الفجر ومؤكد ذهب لينام في مكان آخر

وتركني هنا لكني لن أتركك يا أواس فاغضب أو افعل ما تريد , غادرت

السرير وخرجت من الغرفة لحظة خروجه من حمام الجناح ووقف ينظر

لي بصمت فنظرت للأرض وقلت مبتسمة بحياء " ظننتك هربت

مني وكنت سأبحث عنك مجددا "

والنتيجة لم يجب ولم يعلق بشيء ودخل الغرفة مجددا تاركا إياي واقفة

مكاني فتبعته للداخل قائلة " عد لغرفتنا أواس وسأشرح لك سبب ما فعلت "

جلس على السرير ونظر لهاتفه ثم أعاده مكانه واضطجع عليه ولم

يجب فقلت بعبوس " أجب عليا على الأقل وقل شيئا ولو سيئا لا يهم "

والنتيجة وضع ذراعه على عينيه نائما على ظهره وتجاهلني تماما فتنهدت

بيأس , على الأقل لم يطردني أو يزمجر بي غاضبا فلأحاول فقد أنجح

قلت بهدوء " كل ما كنت أريده أن أعلم الحقيقة أن أجد حلولا لكل الألغاز

التي تحيط بي , أن أجد من يجيبني على الأسئلة التي ترفض أنت

أن تجيبني عليها , كنت أود أن أعرف من الـ.... "

قاطعني حينها بحزم " والجواب لديه طبعا وصدّقته بالتأكيد "

هززت رأسي بلا وكأنه يراني وقلت " لم أسأله أقسم لك ولم أقل شيئا "

قال بسخرية " لأني أمسكتك طبعا "

تنهدت وقلت " أواس كان من حقي أن أعلم أن أفهم ما يجري فلا تنكر هذا "

عاد لصمته وتجاهله لي فتنهدت بضيق ثم اقتربت من السرير ليوقفني

صوته قائلا بحزم " عودي لغرفتك دُره "

قلت من فوري " عد معي "

قال بهمس " لا "

قلت بحزم " وأنا لن أخرج إلا وأنت معي "

قال بضيق وحاله كما هوا عليه " دُره تحركي "

قلت بإصرار " ليس قبل أن ترضى عني "

كان سيتحدث لكني سبقته قائلة " قسما أني لم أكن سأطلب منه أن

ينقذني منك , أقسم لك أن غرضي كان سماع الحقيقة ولو من جانبه

ولم أصدق ما قال ونكرانه لما فعل لك , قسما بربي وربك يا أواس "

قال بجمود " صدقتك فغادري "

نظرت له بعبوس ثم غادرت الغرفة وتركته وعدت لغرفتي صفر اليدين

فما لا تعلمه يا أواس أن هذه الغرفة أصبحت بدونك كئيبة وخانقة , ارتميت

على السرير ألعن نفسي , هل كان عليا أن أغادر بسرعة هكذا ؟ لما لم اتكئ

على صدره وأضم خصره بذراعي وأرتجي منه السماح ؟؟ لا لن يسامحني

حينها وقد يجرح كرامتي أكثر , تقلبت كثيرا ألعن تهوري لحظة وأعاتب نفسي

على عودتي بدونه لحظات حتى جلست بسرعة حين انفتح باب الغرفة ودخل

منه وأغلقه خلفه ونظري يتبعه بذهول حتى وصل السرير وجلس في جهته

منه ثم رمى هاتفه على الطاولة واضطجع موليا ظهره لي وقال ببرود

" لا أسمع صوتك ولا كلمة منك أو تركت الغرفة ولن أدخلها مجددا "

ابتسمت بسعادة ونمت أيضا وقلت " حاضر لن أتحدث "

ثم زحفت نحوه مبتسمة وضممته من ظهره كعادتنا مؤخرا , العادة

التي فرضها عليا بادئ الأمر وصرت أعشقها فيما بعد وأفعلها عن

طيب خاطر , أما هوا فلم يتحدث ولم يتحرك وقد نام سريعا فضممته

أكثر واستسلمت مثله للنوم


المخرج : بقلم الغالية alilox

انتهينا من قبل ان نبدا الصواب في عيني في عينك خطأ محترف انت في كسر الامل وصنع الخيبات،مشكور على ماعشناه في خيالي من لحظات انسحبت اعلن انكساري اجر اذيال الخيبة ورائي،رفعت رايات انهزامي ابكي احتضار عشقي واحتضاري،امشي لااحس بالمسافات احساسي بالوقت مات،حتى السماء تشاركني حزني ابكي دمعة تبكي هي الاف الدمعات ،ابكي ياسماء وطهريني من ذنب لن أسامح نفسي عليه فهل انت تسامحيني ،ألوم قلبا غبيا أوقعني بهواك ،ألوم عينا لم ترى أجمل منك سواك ،ألوم قدرا اوصلني اليك ،أحالني دمية عاجزة بين يديك

سلمت الأيادي


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الخميس إن شاء الله


فيتامين سي 18-02-16 08:58 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع والخامس والثلاثون)
 
1 مرفق




الفصل السادس والثلاثون

المدخل : بقلم الغالية deegoo



النص بالمرفقات


أهداء الي ........
وجد.....


سلمت الأيادي

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأحد إن شاء الله


فيتامين سي 21-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس والثلاثون)
 
1 مرفق



الفصل السابع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية lulu moon


خاطر .....
سألت :هل يلام الحبيب على عتابه لحبيبه ؟!!!!!
لذاااااااااااا لا تلمني يا آسرَ قلبي فما قلبي بيدي بل بيدك!!!!!
فرد: وهل تغفر زلة حبيب ؟!!!!!!!!!!!
اغفري لقلبي الذي احبكِ !!!!!!!!
ولا تكوني سراب كسرابات صحراء حياتي التي ولت !!!!!!!!!!!
عودي فالفراق صعب!!!!!!!!!


*****

قالت :احب شخصيتي ومن احبها ...كنت كذلك دوما ...لكن ما فعلته غيرني ...فقدت كرهي لك .....هل تعي معناها؟؟؟؟؟؟؟؟؟لن اسامحك على اقتحام قلبي .
قال:كوني ملجأ لقلب يهوى تعجرفكِ ....... ستسامحيني لانكي فعلتِ المثل ...سرقتي قلبي!!!!!
*********
قال:لا يوجد من يستطيع ترك قلبه ويرحل ؟؟؟؟؟
قالت :ولا القلب يترك مسكنه ..............
"""""""""""""""لذا لا ترحل"""""""""""""
احبكم ....
لولو العراقية .


سلمت يداك

باقي النص بالمرفقات



سلمت يداك

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأربعاء إن شاء الله


[/COLOR]

فيتامين سي 24-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع والثلاثون)
 



الفصل الثامن والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية lulu moon

**صمتُ لكن اتألم في انتظار طيفك يمر على جراحي فيكن لي البلسم!!!!
لكن خشيتُ بتأخري افقدكِ كعبيرٌ ذهب بادراج العواصف لا كبلسم!!!!!!!!!
اشتقت لصيفٌ يُذيبُ حصون جليدُكِ بلسمي !!!!!....اشتقتُ وآه...طال الاشتياق !!!!!!!...**
مع تحياتي ..
لولو العراقية*


سلمت يمينك

************

جلست على الأرض أحضن ساقاي مسندة ذقني على ركبتي أشاهد

الطفلات وقد نجحن في رسم ابتسامة على شفتاي الحزينة فيالا براءة

الأطفال , كم ذكرني هذا بطفولتي التي سرقوني فيها وسرقوها مني

وأهدوني أجمل شقيقتين ما كنت لأحظى بهما لو بقيت مع والداي وهذه

كانت الحسنة الوحيدة فيما فعلوه , ماتت ابتسامتي سريعا لتذكري لهما

لما لا يعون أنهم يحرموننا من بعض فحتى بعدما أصبح هناك سائق

يأخذني حيث أريد فترجمان في منطقة بعيدة قليلا ودُرر علينا أخذ إذن

من زوجها المبجل أولاً ليعطينا الإذن وذلك عليا طبعا طلبه من آسر

ليتحدث معه , تنهدت بأسى وقهر لحظة ما شعرت بخطوات ما خلفي

توقفت بجابي مباشرة فهربت بنظري لقدماي بعدما علمت من يكون

صاحبها من حدائه ولا رجل سيقترب مني هكذا غيره , كان الصمت

رفيقنا لوقت طويل حتى غزته كلماته قائلا " رئينا أنه من الأفضل

استئجار أرض لتأكل مواشينا وأبقارنا حشائشها بدلا من ..... "

قاطعته قبل أن يتابع حديثه " لا أرى محاميك جاء لسردها

هوا هذه المرة "

قال بعد صمت لحظة " ومحاميك أنتي أيضا ويسعى معنا بكل جهده "

نظرت للجانب الآخر وقلت " ليثك تركته هوا قاله لي فحديثك

أنت عن الماديات يكسر صورتك لدي أكثر "

لاذ بصمت مبهم لا أعرف معناه ولا ما خلّفته كلماتي من أثر عليه

ثم قال بذات هدوئه " هل هذه باتت نظرتك لي ؟ رجل مادي "

ابتسمت بألم وقلت " علمت الآن بشاعتي في نظرك سابقا , يالها

من صورة بشعة وقاتلة وحلال كل ما كنت تفعله بي "

تحركت قدمه بقوة وكأنه افرغ انفعاله وغضبه لحظتها في حركته

تلك على الأرض وقال " أفهم من حديثك أني في نظرك هكذا ؟ "

عدت بنظري لقدماي وقلت " لاحظ أنك تكرر ذات السؤال في كل مرة "

قال بنبرة لم أفهمها " لتلاحظي أنتي وقعها في كل مرة أو هكذا ظننت "

قبضت يداي بقوة وقلت بأسى " أنا تغيرت ولم أجد صدرا رحبا يسامح

ويتفهم ما كنت عليه فنصيحة لا تفعلها كي لا تُصدم في المقربين لك "

تحولت لهجته من كل ذاك الهدوء لبعض الحدة وقال بحزم

" لم يغيرني المال يوما يا سراب ولم أكن ولن أكون متعطشا له "

قلت بجمود " ما فعلته معي لا يثبت ما تقول "

تنفس بقوة وقال " أنتي مشوشة وستغيرين كل كلامك هذا

يوما لذلك لن أعتب عليك "

نظرت له فوقي ولأول مرة منذ وقوفه وقلت بضيق

" وقل أني مجنونة ومريضة نفسيا أيضا "

نظر لعيناي بتركيز وقال " لا تُقوليني ما لم أقل "

بقينا على تلك الحال نظرنا معلق ببعض حتى قال بشبه همس

" تغيرتِ كثيرا يا سراب وفوق توقعي "

كنت سأتحدث لكنه سبقني قائلا " ليس من ناحية المال أعني "

ابتسمت بألم أقاوم دموعي وقلت " آن لك أن تلاحظ ذلك أو تهتم له "

وضع يديه في جيبه مبعدا نظره عني ثم تحرك نحو الصغيرات قائلا

" أتركي لها العنان يا سراب فلا أحد يتقن دور الصمود والقوة طوال الوقت "

ثم ابتعد نحوهم ونظري يتبعه حتى وصل عندهم ورفع إسراء

على ظهر البقرة وهي تصرخ خائفة والبقية يضحكن عليها فمسحت

عيناي بطرف كمي بقوة وتمتمت بأسى " من سمح لك بالخروج

أمامه ؟ هل يعجبك رؤيته لك "

واستمررت أفركهما بقوة مرددة " من ؟ ... من سمح لك من ؟ "

لكن ذلك لم يزدها سوا عصيانا وتمردا لتنزل محرقة جفناي فوقفت

من فوري وغادرت من هناك مبتعدة وعدت لمنزل المزرعة الصغير








*~~***~~*











دخلت المدينة التي يسكنها الوزير وعبرت أول شارع فيها لألمح سيارة

سوداء تلحق بي , ذات السيارة التي لاحظتها طوال المدة الماضية تلحقني

في بعض الأوقات , ما هذه السياسة الجديدة منهم ؟ ومن يوم شجاري ذاك

مع دُرر حين أطلعتها على حقيقة جدها فهل يكون علم بما حدث هناك ؟؟

لكن كيف ووجد منقطعة عنهم تماما رغم شكي في ذلك فلن تتوانى عن إيجاد

وسيلة لتتصل بهم ودُرر يستحيل أن تفعلها وتخبره بكل ما علمته وإن فعلتها

ستكون كارثة ودمرت كل شيء , لا مستحيل قد أشك بنفسي لكن بها لا فهي

شديدة التدين وتعلم فظاعة ما فعل جدها وفي أسوء حالاتها قد تتخذ موقفا

محايدا ولن تقف في صف أحد منا لكن أن تقف في صفه فمستحيل , لففت

الشارعين الفرعيين في محاولة لتضليل السيارة فيبدوا غرضهم ليس قتلي

وعليا إدراك الوقت قبل أن تضيع مني هذه الفرصة التي لن يمنحها لي مجددا

لا شقيق الوزير ولا الوزير بنفسه بسبب استهتاري ولا حتى إياس سيفعلها

من أجلي مجددا , فكرت في زيادة سرعتي لكني بذلك سأكشف نفسي لهم

خصوصا أنها تبدلت بأخرى كي لا ألحظهم , سحقا أي سياسة هذه التي

يتبعونها ؟ بعد قليل لمحت رجلا يبيع زيت الزيتون على عربة ولأن المناطق

الزراعية فقط تشتهر بهذه المبيعات وقفت وكأني كنت أبحث عن واحد مماثل

له ونزلت له من فوري وتابعتْ تلك السيارة طريقها كي لا تثير الشكوك حولها

طبعا وما أن اختفت حتى عدت لسيارتي وتحركت عائدا للخلف بسرعة

كبيرة أراقب الطريق فإن وجدوني مجددا فسأنسى فكرة مقابلة الوزير نهائيا

وصلت للقصر المنشود ولم يكن أحد خلفي ووقفت أمام بوابته ليوقفني الحرس

المنتشرين خارجه فقلت من فوري مادا بطاقتي له وعيناي على الطريق

" أنا أواس سالم مجدي تأكد براحتك فقط أدخلني بسرعة فثمة من

يلاحقني وليس في صالحي أن يروا أني دخلت هنا "

رفع نظارته السوداء الكبيرة وقال " ليس قبل أن نتأكد من

هويتك وسبب ملاحقتهم لك "

نظرت للطريق يمينا ويسارا مجددا وقلت بضيق " أدخلني

لأختفي عن الشارع فقط ثم افعل ما تريد "

أخرج هاتفا من حزام فتأففت بغيظ أراقب الطريق في كل اتجاه وقال

ذاك محدثا أحدهم في هاتفه قائلا " سيدي الرجل وصل ولم نتأكد من

هويته بعد وقال يريد الدخول وأنه ثمة من يلاحقه وعـ ... "

ظهر الصوت الحازم في الطرف الآخر واضحا رغم أنه غير مفهوم

فعدّل وقفته وأشار لمن خلفه ففتحوا البوابة وتنحوا جانبا وقال لمن

بجانبه " مشطوا المنطقة بعدما تأخذوا منه مواصفات ملاحقيه "

قلت من فوري " لا لا تلاحقوهم "

ثم دخلت وذاك الحارس ورجلين مسلحين معه يتبعاني حتى كنت في

الداخل وأُغلقت البوابة وحينها فقط تنفست الصعداء وشعرت براحة

لم أشعر بها حياتي , دخلوا ببطاقتي لمكتب حرسهم ثم خرج أحدهم

وأعطاها لي من نافذة السيارة وقال " ترجل وتابع طريقك سيرا "

ففتحت الباب ونزلت متمتما " حسنا فقط لا تفتشوني "

وبالفعل سرت باقي الطريق مشيا حتى كنت أمام قصر كبير يدمج

الحداثة مع الطراز القديم في لوحة فنية مبهرة وأنزلت نظري سريعا

للباب الذي فُتح تقف أمامه خادمة وأشارت بيدها قائلة " تفضل معي "

دخلت أتبعها حتى وصلنا لباب طويل يفتح على جانبين مذهب بطريقة

مبهرة ونقوش مدموجة بغرابة أجزم أنها لحرفة يدوية , طرقت تلك

الخادمة الباب عدة طرقات ثم دخلت وسمعت صوتها قائلة

" ضيفك وصل سيدي "

ولم أسمع رده ولم أتوقع أن يكون ينتظرني هنا وليس أنا من سأجلس

أنتظره حتى ينزل لي , خرجت تلك الخادمة تاركة باب المكتب الواسع

مفتوحا وكان مقابلا لي طاولة اجتماعات طويلة وكل هذا الباب لم يظهر

لي مكتبه بعد فكم تكون مساحة هذه الغرفة ؟؟ تنفست الصعداء ودخلت

بخطوات ثابتة وأغلقت الباب ليقع نظري على الواقف موليا ظهره لي

خلف طاولة مكتبه يتفقد شيئا ما في الرفوف المصفوفة المليئة بالملفات

خلفه , أذكر جيدا عندما كان يزورنا سابقا في أوقات بعيدة جدا من العام

له شخصية غريبة مبهرة ومخيفة وفذة ورائعة ذات الوقت تجعلك تحار

كيف تشعر حيالها بكل هذه المشاعر دفعة واحدة , رجل المهمات

الصعبة كما يسميه الكثيرين , حمحمت قليلا وقلت

" آسف سيدي لإزعاجي لك وقـ... "

التفت لي وقال قبل أن أنهي كلامي " أواس سالم مجدي الحرّاب ضابط

شرطة ومداهمات محترف من الدرجة الأولى كنت أول عضو في مجموعة

القبض على خيري الكاري ومن اقتحم المنزل المحترق وأخرج الطفلة سلمى

على عيّاد , تم ترشيحك في شرطة المخابرات ووكلت لك مهام سرية , دخلت

كلية الشرطة بتزوير في حالتك الصحية البدنية وخضعت بعد تخرجك لجراحة

لأوردة قدميك , ماذا لديك بهذا الخطر يا أواس تطلب رؤيتي فيه سرا

حتى عن رؤسائك "

احتجت وقتا لأفيق من صدمتي لما سمعت منه فمتى استطاع جمع كل هذا

عني ومؤكد قال المفيد فقط ويعلم أدق التفاصيل غيرها , اقتربت من طاولته

بخطوات ثابتة ووضعت الملف عليها وقلت " علي شكري رضوان قاضي

المحكمة العليا بالعاصمة الذي أقيل من أعوام وهاجر خارج البلاد "

قال ناظرا لي دون حتى أن يرفع الملف " مؤكد لديك علم بسبب

إحالته وأننا نعلم بما جئت من أجله "

كنت سأتحدث فقال مقاطعا لي " لا تقل أنك جلبت أدلة أخرى فقضيته

أغلقت وهوا لاجئ سياسي الآن في دولة لم تدخل ضمن دول مفاوضات

تسليم المطلوبين ومؤكد لم يفوتك ذلك فهل لديك شيء أهم جلبك هنا "

لم أشعر بخيبة أمل من كلامه لأني أعلمه وأتوقعه بل دهشت من قراءته

لأفكاري وتوقعه ما سأقول قبل أن أتنفس به فقلت بثبات " أجل هناك

ما قد يعني سيادتكم أكثر سيدي وباقي القضايا سيحاكم عليها معها "

شقت ملامحه الحازمة ابتسامة طفيفة وقال " تبدوا متأكدا من

جلبه ومحاكمته ؟؟ "

هززت رأسي بنعم وقلت بجدية " مثلما متأكد من أن الواقف أمامي

سيادة اللواء جابر حلمي من لا يضيع الحق من يديه "

جلس حينها على الكرسي وهذه الحركة أعطتني ارتياحا أكثر , فتح

الملف وقال وهوا يورقه " لما منعت الحراس من اللحاق بمطارديك "

قلت من فوري " كي لا يكتشفوا مقابلتي لك "

قال وقد وصل للأوراق التي أريد أن يقرئهم تحديدا

" ألهذا الحد أنت خطر عليه ؟ "

ثم تبّت نظره وأوقف حديثه وغضن جبينه عاقدا حاجبيه يقرأ بتركيز وقلب

الورقة ثم التي تليها بشيء من العنف والقسوة وقلب الثالثة والرابعة ثم وقف

على طوله وأخرج هاتفه وتوجه لباب الشرفة الواسعة ووقف أمام زجاجه

قائلا " أسعد أجلب رئيس المخابرات معك لمكتبي في الوزارة

خلال نصف ساعة "

التفت لي بعدها وقال " من أين تحصلت على هذه المجموعة

من الأسماء والبيانات الدقيقة ؟ "

قلت بثبات وأشعر بأن انتصاري بات يلوح في الأفق

" عمل أربع سنوات دون توقف ولا راحة سيدي "

عاد لطاولة مكتبه وجمع الأوراق قائلا " السبب شخصي على ما يبدوا "

كنت أعلم أن ذكائه لن يفوّت هذه النقطة فقلت " نعم وأكذب لو قلت

أن الدافع وطني أو إنساني فقط والنتيجة تبقى واحدة "

ضرب الملف على الطاولة لتنتظم أوراقه فيه وقال " وأنت

انتهت مهمتك هنا وعليك أن تختفي حاليا "

قلت من فوري " لا سيدي كل شيء إلا إقصائي منها فدعني

أكون من يصفد يديه بالأصفاد الحديدية "

ثنى الملف ممسكا له بيد واحدة وقال بجدية " أنت تعلم أن الأمر

لن يكون سهلا والدولة التي هوا فيها لن تسلمه "

قلت بجدية " لكنها تهمة خيانة سيدي وإضرار بأمن الدولة كاملا

وإن لم تمسكوا الرأس فالأطراف هنا إمساكهم بلا نتيجة , ومؤكد

تعلم ذلك جيدا "

خرج من خلف الطاولة قائلا " وتعلم أنت أن الأمر ليس سهلا "

قلت من فوري " وإن قلت لك أن لدي ما سيجعله يغادر وكره وأنه

انتقل لولاية أقرب للحدود من أسبوعين أو يزيد قليلا "

نظر لي باستغراب لوقت ثم قال " ما لديك ؟ "

قلت بثبات " حفيدته الوحيدة "

نظر لي باستغراب مطولا ثم قال " وما درجة تعاونها "

قلت بعد برهة " خمسون بالمئة .. أكثر من ذلك لا يمكنني التأكيد

لك , ووجودها وحده قد يجلبه أو يخرجه من هناك "

دار بعينيه قليلا بتفكير ثم عاد بنظره لي وقال

" أليست المختطفة التي تم إيجادها ؟ "

هززت رأسي بنعم فقال بشبه ابتسامة " ولا تقل

أنك الضابط الذي تزوجها "

اكتفيت بابتسامة دون تعليق فقال بشيء من الحزم

" وما موضعها من هذا ؟؟ "

فهمت ما يصبوا له فقلت من فوري " هي في عقلي

وقلبي قبل انتقامي "

هز رأسه بحسنا ثم ضرب على كتفي وقال سائرا أمامي جهة

الباب " اتبعني "

فسرت خلفه دون تردد ولا تفكير فيبدوا أني سأكون فردا في اجتماعهم

الطارئ في الوزارة , قال وهوا يخرج هاتفه من جيبه ويفتح الباب

" ستدْعي عليك زوجتي اليوم حتى تشبع هل لديك علم بهذا "

كتمت ابتسامتي وقلت خارجا خلفه " أنا آسف حقا سيدي "

وآخر ما كنت أتصوره أن يتحدث معي مازحا ! لا وزوجته في

الحديث !! وضع الهاتف على أذنه وقال متابعا سيره " سأخرج

الآن وقد أعود متأخرا "

ضحك بعدها ضحكة خفيفة لم أسمعها منه يوما في مرات رؤيتي

له منذ كنت طالبا في الكلية ثم قال " لن أنسى وداعا الآن "

ثم خرج وركب سيارة مضللة وركبت معه وخرجنا من هناك

مع مجموعة من سيارات الحرس









*~~***~~*













وصلنا موقع المزرعة وطوقناه جيدا ومجموعة راقبت البضائع التي

تم نقلها لمعرفة وجهتها , حرك زناد سلاحه وقال " هذه فرصتنا

وسيطوق باقي رجالنا المزرعتين هناك فقد خف عددهم "

قلت بجدية " أجل فلننطلق "

تحركنا متسللين للداخل بعدما قفزنا من السر المنخفض المحيط

بالمزرعة الواسعة لنفاجأ بالعدد الكبير الذي لازال موجودا منهم

فاتكئ أمين على الجدار وسلاحه أمام وجهه وقال بهمس

" كثر ومسلحين "

قلت بجدية " لن نتراجع أعطي الفريق الإشارة فالدعم قادم

من المدينة المجاورة "

هز رأسه بحسنا وأخرج هاتفه وأعطاهم التعليمات فأشرت بيدي

للمجموعة التي معنا لنقتحم المكان في وقت واحد جميعنا ثم نظرت

له وقلت " إن حدث لي شيء فعائلتي أمانتك يا أمين "

عقد حاجبيه وقال باستغراب " ليست المرة الأولى التي نقوم

فيها بعملية اقتحام فما مناسبة هذا الكلام الآن "

أشرت لهم برأسي وتحركنا قائلا " نحن الآن الحلقة الأضعف

ولا نعلم ما في الداخل بحوزتهم "

تولت مجموعته الموجودين في المقدمة واقتحمنا نحن المبنى والمخزنين

ليكثر علينا الرصاص من كل جانب فقلت من بين أسناني " كادوا لنا "

صرخت حينها آمرا إياهم " تفرقوا في أشجار المزرعة "

فتفرقنا بسرعة وكل واحد أصبح يدافع عن نفسه منتظرين الدعم

القادم آملين في النجاة ولا أحد يعلم عن مصير الآخر شيئا










*~~***~~*











تأففت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " أمي كم مرة ستعيدين

لي ذات الجملة ؟ طعام وطبخته له هل هوا شرط أن أطهو أصنافا

تقليدية لأنه يحب الطعام التقليدي "

قالت بضيق " لو كنتِ لا تعرفين طرقها لعذرتك فلما

تتعمدين فعلها يا سدين "

نفضت ثيابي وقلت بقهر " لم أتعمد ذلك لما لا تتحملون فيه

شيئا ولا ترون عيوبه أبدا "

قالت بضيق أكبر " وما العيب به ؟ رجل صالب طوله له هيبته

وشخصيته أم تريديه ملتصق بك طوال الوقت "

كنت سأتحدث لولا رن هاتفي وكان المتصل إياس , غريب ما يفعل

بي وهوا كان هنا من ساعات فقط وقد عاد لعمله !! أجبت عليه فجاء

صوت ليس بصوته وقال من فوره " لما والدتك لا تجيب على هاتفها "

تلكأت ولم أعرف ما أقول فمن يكون هذا وأين إياس ؟ قال بضيق

" تكلمي هل أصابك الخرس "

قلت بضيق أكبر " صبرك عليا يا أستاذ ومن أنت وما

يفعل هاتف إياس لديك "

قال بضيق أكبر " أعطي الهاتف لوالدتك بلا كثرة حديث يا سدين "

شعرت بقلبي نبض بقوة مخيفة ولا أعلم لما قال لي أن هذا أمين , نعم

من غيره يا غبية سيتحدث هكذا بأسمائكم بل ومن غيره الجاف الذي لا

منطق لديه ولا ذوق , مددت الهاتف لوالدتي الواقفة تنظر لي باستغراب

وقلت ببرود " خذي زوج ابنتك صاحب الهيبة والشخصية يريدك "

نظرت باستغراب للهاتف ثم لي فقلت بضيق " هيا يا أمي فلست

أتحدث معه وأكذب أمامكم , هوا يتكلم من هاتف إياس "

أخذته مني فورا قائلة بصدمة " إياس ولما وما به ! "

ثم وضعت الهاتف على أذنها وما هي إلا لحظة وصرخت

" إيااااس "

ووقعت مغمى عليها فهرعت لها صارخة











*~~***~~*












نزلت السلالم ركضا بعدما سمعت الصراخ في الأسفل فكانت عمتي

مغمى عليها ورغد وسدين يحاولان إيقاظها ويتحدثان معا باكيتان وندى

تبكي مثلهما وتلك الناموسة تجوب المكان صارخة ببكاء فوصلت

عندهم وقلت صارخة " ماذا هناك ...؟ ما بكم ؟ "

ضربت سدين خدها وقالت بنحيب " إياس مات مات يا ترجمان

ووالدتي لا تفيق وستلحق به "

شعرت وكأن من ضربني وصدّع كل خلية في جسدي بل وكأن صاعقة

قوية نزلت عليا من السماء ولم تعد قدماي تحملاني ولساني تيبس ولا

أعلم كيف مر شريط حياتي معه أمامي لحظتها في تلك الثواني فقط

فهززت رأسي وقلت بصدمة " مستحيل كيف !! "

كان لا شيء سوا صوت البكاء والحلول بلا تنفيذ ولا عقل هنا يفكر

وينفذ أبدا فأمسكت كتف سدين وقلت " من أخبركم ؟ "

قالت بنحيب " أمين حدّث والدتي بهاتفه عن طريق هاتفي "

حملت هاتفها بسرعة , أجل كيف نسيت أنه الوحيد هنا الآن ؟ اتصلت

برقم إياس فأجاب ذاك سريعا وقال " ما بكم لا أحد يجيب وما

سر كل هذا الصراخ ؟ "

قلت من فوري " تعالى فورا عمتي مغمى عليها وقد يكون

ضغطها ارتفع , بسرعة تحرك "

قال من فوره " ما بها ؟ "

قلت بضيق " من الأخبار السارة التي زففتها لها ولم يخبرك

عقلك أن تخبر غيرها ليقولها لها تدريجيا "

قال بضيق أكبر " تحدثي بصوت منخفض يا امرأة , ثم أنا أخبرتها

أنه أصيب وأنه بخير واتصلت بها تحديدا كي لا تفهم منكم بشكل

خاطئ وتقلق وتمرض ويبدوا أنها سمعت بداية كلامي فقط "

انهرت حينها جالسة على الأرض وقلت بهمس خافت

" لم يمت ؟ "

قال وصوت باب سيارة يغلق " أنا قادم أتركوا لي الطريق

لآخذها للمستشفى "

رميت الهاتف جانبا وأبعدتهما قائلة بضيق " توقفا عن النحيب

لم يمت هوا بخير أصيب فقط "

نظرتا لي بصدمة وقالتا معا بصوت مصدوم " لم يمت !! "

أبعدت سدين من أمامي قائلة " نعم فيكفي نواح وافعلا ما يفيد "

حاولت إنعاشها حتى تنفست قليلا بشهقات متتالية ثم قست لها نبضها

بيدي ونظرت لهما وقلت " تحركا أدخِلا تلك التي تولول وتحوم حولنا

كالنسر وأنتي يا سدين ارتدي عباءتك وحجابك فزوجك قادم لأخذها "










*~~***~~*











بعد اجتماع ونقاشات وخطط لم أكن فيها سوا الطرف المستمع وقف

الوزير وقال " وأنت يا أواس أمامك أربع وعشرون ساعة تصفي فيها

أمورك وترى ترتيباتك وتغادر بزوجتك والباقي سنتفق عليه تباعا "

وقفت وضربت له التحية وخرجت من هناك في سيارة مضللة أنزلتني

في مكان متطرف لأجد سيارتي هناك ركبتها واتصلت بياسر من فوري

قائلا " أخبر عمار ووسام وسنبدأ في نقل البضائع والسيارات , ستصلكم

شاحنات النقل خلال ساعتين والباقي تعلمه جيدا وتابع المخطط بسرية

تامة وغدا في مثل هذا الوقت تكونون نقلتم كل شيء مجددا

للمستودعات الجديدة مفهوم "

قال من فوره " مفهوم سيدي وكن مطمئنا "

أنهيت الاتصال معه وتوجهت للمنزل دخلت وصعدت للأعلى أقفز

الدرجات قفزا ودخلت الغرفة فكانت تجلس على سجادتها تمسك

مصحفها في يدها فدخلت وأغلقت الباب وتوجهت نحوها وجلست

أمامها وقلت " دُره هل تساعدي العدالة في إمساك جدك ؟ "

نظرت لي بعينان بدأت تمتلئ بالدموع تنقل نظرها بين عيناي

فأمسكت وجهها وقبلت شفتيها برقة وقلت " الخيار لك , وفي كل

الأحوال سيقبضون عليه "

قالت ببحة " ما نفعي أنا إذا ؟؟ "

نظرت لعينيها بتركيز وقلت بجدية " تخرجيه من جحره بأيسر طريقة "

قالت بعد صمت وقد سقطت أول دمعة من عينها " والمقابل ؟ "

نظرت لها بصدمة مطولا فقالت بصوت مخنوق بعبرة مكتومة

" هل تبقى أنت حيا ؟ "

ضممتها لحضني بقوة وقلت بحزن " لنأمل ذلك فكل شيء يسير

بخير حتى الآن والخطة ستكون ناجحة "

ثم أبعدتها عني وقلت ماسحا دموعها " اجمعي ثيابا لك ولي

سنغادر صباحا "

قالت باستغراب " أين ؟؟ "

وقفت وقلت " طائرتنا ستنزل منتصف ليلة غد في أسبانيا "

بقيتْ على نظراتها المصدومة ففتحت الخزانة قائلا " تحركي يا

دُره لا وقت طويل أمامنا ولا أريد أن يشعر أحد بهذا ولا

حتى الخادمات مفهوم "

أخرجت مجموعة أوراق من الخزنة في خزانتي ثم غادرت الغرفة

على صمتها الموحش , نزلت لغرفة عمتي فكانت أيضا انتهت من

صلاتها للتو فتوجهت نحوها أوقفتها وابتعدت بها جهة سريرها قائلا

بهمس " جهزي بعض الثياب لك ستبقي مع أحدهم حتى أعود "

نظرت لي باستغراب وقالت " أحدهم من ؟ وتعود من أين ؟؟ "

تنهدت بضيق وقلت " حتى أرجع من سفري , وأحدهم هذا رجل

أعرفه وأثق فيه جيدا وستكونين عنده بأمان لفترة بسيطة جدا "

هزت رأسها بحيرة فقلت بضيق " عمتي أمامك حتى صلاة

العشاء تكوني جاهزة وتخبري الجميع هنا أنك ذاهبة لابنتك "

أمسكت يدي وقالت بجدية " لن أتحرك من مكاني حتى

أعلم ماذا يجري "

تأففت وقلت " سأغادر البلاد أنا ودُره والعدالة ستساعدنا في القبض

على علي رضوان ولا أريد أن يعلم أحد بهذا وأنتي ستكونين في

منزل رئيسي في الشرطة لأضمن حمايتك من معاونيه هنا حتى

يتم القبض على الجميع "

قالت من فورها " ووجد ؟ ووالدك وإخوتك ؟؟ "

قلت بهدوء " وجد ستغادر من هنا صباحا فقد طلقتها في المحكمة لكن

لن أخبرها حتى يكون كل شيء جاهزا ونغادر أما والدي وإخوتي فلن

يقربوهم فهم يعلمون جيدا علاقتي المضطربة بهم وسيكونون تحت

المراقبة المشددة , لقد وعدني الوزير بذلك "

قالت من فورها " ولما لا أكون معهم ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " أنتي وضعك مختلف علاقتي بك

مختلفة وعليك أن تكوني في مأمن "

قالت بضيق " وتضعني مع رجل غريب ؟ هل هذا هوا المأمن "

قلت بضيق أكبر " هوا عقيد في الشرطة عمتي ومنزله يعج برجاله

دائما وسيكون ملجأً جيدا لك فأطيعيني أرجوك لقد أتعبتني معك

حتى دُرر لم تحقق معي هكذا "

هزت رأسها بأسى ثم قبضت على يدي بقوة أكبر وقالت ناظرة

لعيناي " اعتني بنفسك وبدُرر جيدا بني , لا تعرضها للخطر "

هززت رأسي بحسنا وأمسكت رأسها وقبله وقلت " أقسم أني أفديها

بحياتي عمتي , أنتي فقط كوني هناك لأطمئن عليك "

تنهدت باستسلام وهزت رأسها بحسنا فغادرت من عندها ومن المنزل

بأكمله وغادرت للمعرض لأرى ما حدث معهم ثم لباقي محلاتي لأشرف

على نقل البضائع ومن ثم سأترك الأمر لأَخلص ثلاث رجال يعملون عندي

لنقلها مجددا فمؤكد جواسيسه هنا سيخبرونهم وسيحرقون المستودعات

ووقتها ستكون فارغة وقد نقلوا البضائع مجددا وقبل الفجر , عليا أن أنهي

كل هذا ولن يبقى أمامي سوا وجد وبما أن الوزير من سيتكفل بباقي شئون

الرحلة والمرحلة الأولى من المخطط فلن يكون عندي بعدها سوا إيصال

تلك لمنزل والدتها وعمتي لمنزل العقيد رفعت والتوجه للمطار

فورا , وها قد دنى أجلك يا علي رضوان









*~~***~~*










وقفت وركضت لغرفتي أخرجت أقرب عباءة وحجابا ولم أركز حتى

فيهما ثم خرجت مسرعة ألبسهما وتوجهت لترجمان التي لازالت تحاول

إنعاشها والتحدث معها وما أن وصلت عندها وقبل أن أتكلم سمعنا

طرقات على باب المنزل فوقفت وقالت " خذي هاتفك لتطمئنينا

عليهما واتصلي بنا ما أن تكوني هناك "

هززت رأسي بحسنا وتوجهت هي نحو السلالم وخرجت أنا للباب

وفتحته فكان واقفا أمامه ببذلة الشرطة سترتها مفتوحة وقميصها

الأبيض ملطخ بالدماء فشهقت واضعة يدي على فمي ما أن وقع

نظري على ثيابه فدخل مجتازا لي وقال " أين هي وكيف حالتها ؟ "

ثم توجه حيث لازالت هناك بعدما سندتها ترجمان على ساق الأريكة

وصل عندها وأنا أتبعه ومرر يداه من تحتها وحملها بما أن وزنها ليس

ثقيلا ثم توجه بها ناحية الباب قائلا " تعالي افتحي باب السيارة "

ركضت مسرعة أمامه وفتحت له الباب فأدخلها ثم فتح بابه وقال

راكبا " اركبي معها وأغلقي هذه العباءة "

نظرت لعباءتي ولويت شفتاي بضيق ولم أعلق على كلامه فلسنا في

وقت مناسب ثم العباءة أمامه لا تغلق إلا لمنتصفها وكنت مستعجلة

ولم أركز أي عباءاتي أخذت , ركبت السيارة متجاهلة كل ما قال أمسك

والدتي في حضني وأبكي بصمت كي لا يأمرني أن لا أبكي أيضا , بعد

قليل سرقت نظري له ولشعره الذي يحف ياقة القميص المفتوحة وأصابعه

تتخلل فيه من الخلف يلبس خاتما فضيا بفص أحمر وكان يتأفف طوال

الوقت , أتاه بعدها اتصال فأجاب عليه دون أن يتحدث ثم قال بضيق

" ثلاثة منا ماتوا وخمس إصابات متفاوتة وتقول نجحتم وهنيئا

لكم ؟؟ أي نجاح هذا بالله عليك "

" لا هوا بخير إصابته أخف من البقية "

" قلنا كل هذا من البداية وأن المنطقة مشبوهة والمزارع حركتها مريبة

ونحتاج دعما أكبر لكن من يسمع ومن يأبه والآن بعدما خسرنا كل

هؤلاء الرجال هل يعجبكم الوضع "

قال بضيق أكبر " أنا لا أرفع صوتي ولا أتهم غيري لكنه إهمال ونحن

قد أخبرناكم مسبقا وعليكم الآن أن تجهزوا أنفسكم للوقوف أما من

يجب أن تبرروا له كل هذا عندما ستصلكم مذكرة الاستدعاء "

قال بحدة " لن يلفق أحد الأمر وسأسعى له بنفسي "

ثم أنهى المكالمة ورمى الهاتف على الكرسي الذي بجانبه فتنهدت بضيق

ها قد أفرغ جزئا من غضبه في هذا والباقي أخشى أن أكون أنا من سينفثه

فيه , وصلنا المستشفى وكانت والدتي تئن وكأنها استعادت جزئا من وعيها

لكنها لم تجب على أي تساؤلاتي وكلامي , ركن السيارة في الموقف

الأقرب للباب ونزل قائلا " سأجلب المساعدة لا تنزليها "

ثم ابتعد راكضا حيث باب المستشفى ورجال الشرطة منتشرين هناك

بكثرة ومؤكد سيعج المستشفى بهم وثلاثة منهم موتى وخمس جرحى

حضنت والدتي بقوة وقلت ببكاء " حمدا لله أنك لم تمت يا إياس

وأسأل الله أن يلهم ذوي القتلى الصبر في مصابهم "

بدأت والدتي تتمتم بسم إياس بأنين فضممتها بقوة أكبر

وقلت " هوا بخير يا أمي أفيقي أرجوك "

خرج حينها أمين من الزحام الذي أمام الباب وممرضتان تلحقانه وآخر

يبدوا طبيبا يجرون سريرا حتى وصلوا عندنا ووضعوا والدتي عليه

ودخلوا مسرعين بها ونحن نلحقهم حتى أدخلوها غرفة الطوارئ وبقينا

في الخارج ننتظرهم , نظرت له بجانبي وقلت " وإياس كيف حالته ؟ "

قال ناظرا لباب الغرفة أمامنا " بخير ... الإصابة في كتفه "

أبعدت نظري عنه وعضضت شفتي بغيض منه , ما لوح الجليد

هذا ؟؟ يا رب صبرني عليه , اقترب بعدها شرطيان منا فتوجه

نحوهما من فوره وبدأ يتحدث معهم










*~~***~~*










كان الشرطي أمامي يتحدث ولم أكن أركز مع كل ما يقول وأنظر للخلف

كل حين للشابين اللذان مرا من هنا قرابة العشر مرات ولحركاتهم السخيفة

للفت نظر الواقفة خلفي متكئة على حافة جدار الباب المغلق خلفها وتنظر لباب

غرفة الطوارئ بصمت مكتفة يديها لصدرها تُحرك قدمها بتوتر ليتحول ضيقي

ليس منهما فقط بل ومن كل من يقف في الممر وإن لم ينظر ناحيتها , ما كان

عليا أن أستغرب هذا من شبان صعاليك وسدين لا نقاش في جمالها فهي أجمل

شقيقاتها وكم سمعت حتى حديث بعض أصدقائنا عن شقيقة إياس هذه لكنها

السبب في كل هذا , شددت على قبضتي بقوة وقلت " نتحدث لاحقا

غادرا للقسم الآن وسأوافيكم فيما بعد "

ضربا التحية وغادرا من أمامي ومن الممر أجمع فعدت للوقوف

بجانبها وقلت ببرود " أدخلي خصلة شعرك "

رفعت يدها من فورها تتأكد من جميع جهات حجابها فقلت ببعض

الضيق " وأعتقد أني قلت أغلقي عباءتك أم يعجبك عرضك

لبنطلون المهرجين هذا "

تنفست بقوة وقالت بصوت منخفض " العباءة لا تغلق أكثر من هذا "

نظرت جانبا وقلت بسخرية " عباءات آخر زمان لا أعرف سوا الـ ... "

قاطعتني من فورها قائلة " لا تحكم قبل أن تفهم ولا تشبهني بالمنحطات

اللاتي يلبسنها في الشارع فأنا لا ألبسها إلا في زيارتي لصديقاتي وأقاربي

وأزورهم بالسيارة أما الآن فكنت متوترة ولم أنتبه ما لبست منهم "

نظرت لها وقلت بضيق " نعم ما الذي تركته ولم تقوليه ؟ وتتواقحين أيضا "

قالت بجمود وإن كان تنفسها يدل على اشتعالها " أنا شرحت ولم أتواقح

وأضن أننا لسنا في وضع ولا مكان مناسبين لنتناقش في لباسي "

خرج الطبيب حينها من غرفة الطوارئ وقال من فوره " ارتفاع في

الضغط وستكون بخير , جيد أنكم أسعفتموها سريعا قبل إحضارها

ويمكنها المغادرة صباح الغد وحمدا لله على سلامتها "

وغادر من فوره وكانت هي ستتوجه لغرفة والدتها فأمسكت يدها

موقفا لها وفتحت الغرفة خلفي فكانت فارغة فأدخلتها وأغلقت الباب

وأوقفتها أمامي وقلت بضيق " لم تسمعي الرد على كلامك بعد "

كتفت يداها لصدرها وقالت بحنق " أكثر مما سمعت ؟ "

صرخت فيها حينها " سدين احترميني "

كانت ستتحدث وقد تحولت ملامحها لعبرة مكتومة فتابعت بحدة

" مؤكد رئيتِ الشباب الذين يحملقون في جسدك وملابسك المكشوفة

من هذه الخرقة التي تسميها عباءة , بنطلون وحده يكفي للفت نظر

الجميع وكأنه محل زينة حتى حوافه السفلية مرصعة بالكريستال

والعقيق "

سحبتُ بعدها يدها ورفعتها أمام وجهها وقلت بحدة أكبر " خاتم في وسط

الإبهام كبنات الشوارع ووشم صناعي ممتد على طول سبابتك لرسغك "

تركت يدها بعنف وتبعت بذات حدتي " فص بجانب عينك وكأنه

ينقصها فتنة , هذا غير الذي في أسنانك وتحت حاجبك "

قالت حينها بضيق " هذه أنا من قبل أن تتزوجني فما دفعك

لذلك بما أن شكلي لا يعجبك "

لوحت بيدي وقلت بغضب " ولازلتِ تتطاولين بالكلام يا سدين ؟ نعم

شكلك لا يعجبني ولم يعجبني يوما لا الآن ولا من قبل أن أتزوجك "

قالت بعبرة " إذا كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف "

قلت مغادرا جهة الباب " قوليها لشقيقك الذي ورطني فيك "

ثم خرجت ضاربا له خلفي على الجدار الداخلي للغرفة وغادرت الممر

لأنتبه لنفسي وما وقلت الآن , ما كان عليا أن أصل لهذه الدرجة من

الغضب وحتى إن غضبت هكذا ما كان عليا قول ما قلت عن أن إياس

من فرضها علي فقد تخبره بما قلت وسأكون حينها في مشكلة معه وهوا

صديقي المقرب , لو حفظت لسانك يا غبي ما بك جن جنونك هكذا على

غير عادتك ؟ نفضت سترتي بقوة متأففا ومجتازا باب المستشفى ثم ركبت

سيارتي وغادرت فورائي عمل كثير وإجراءات والليل بدأ يقترب










*~~***~~*










ما أن اقترب المساء حتى قرروا مغادرة المزرعة وكنت آخر من

خرج فوجدت مكاني في سيارة السائق محجوزا ولا حل سوا الركوب

في سيارة آسر ولا أعلم من هذا الذي تعمد ترك المقعد بجانبه لي وأركبوا

العم صابر مع السائق في الأمام عكس رحلة مجيئنا كان مع آسر , تأففت

بضيق وتوجهت لسيارته وركبت بجانبه حيث كان في الخلف صفاء وداليا

وسمية يُجلسون معهم إسراء وعبير والخمس الأخريات ووالدتهم مع السائق

هذه العائلة تحتاج لسيارة أكبر بمقاعد أكثر هل سيبقون يحشرونهم في بعض

هكذا ؟ أغلقت الباب وانطلقنا على صوت حديث إسراء الذي لا ينتهي وكل

شيء تسأله عنه ( أخي آسر ما هذا ولما هذا وأين نحن الآن ) وهوا يجيبها

دون ملل ولا كلل , اتكأت على النافذة أراقب الأشجار الطويلة المصفوفة

على طول الطريق وأشعة الشمس الحمراء وهي تغرب من خلفها حتى

قالت عبير صارخة " ها هي سيارة أبي والبقية هيا إسراء نغني

( سيارتنا ) كي نسبقهم "

وبدأتا معا تغنيان بعلو صوتهما " سيارتنا مثل الريح

طيري طيري فوق الريح "

وصرخت إسراء " هيا أخي آسر اسبقهم مثل الريح "

فضحك حينها وزاد من سرعته حتى تجاوزنا سيارتهم وهما تصرخان

لهم هناك على صوت تذمر داليا وسمية من صراخهم الذي يثقب الأذنين

وبعد مسافة طويلة نامت فيها الصغيرتان وتحولتْ فيها السيارة لصمت قاتل

وصلنا المنزل وقت صلاة العشاء دخلنا بالسيارة وأوقفها أمام المنزل وكنت

سأهم بالنزول حين أمسكت يده بيدي بقوة مانعا لي من التحرك فبقيت مكاني

أنظر له بصمت وهوا ينظر أمامه وقد نزلن الفتيات وأنزلن إسراء وعبير

النائمتين وأغلقوا أبوابها خلفهم فحرك السيارة حينها من فوره خارجا

من جديد من الباب المفتوح











*~~***~~*












تحركتُ وسط المنزل بلا وجهة ولا دليل ممسكة هاتفي في يدي وأدور

في أرجائه كالمجنونة فقد مر وقت طويل بعد وصولهم وتلك الغبية

سدين لم تتصل حتى الآن , اقتربت مني رغد وقالت

" حالتها أفضل واستعادت وعيها "

ابتعدت عنها قائلة ببرود " جيد "

هل تذكرت أن يغمى عليها بعد نهاية الحفل ؟ لا أعرف أناسا يفقدون

الوعي بعد الخبر بوقت أم تريد أن يأخذوها للمستشفى هناك معه ؟

هه لن أكون ترجمان إن أعطيتها لك ولن تغادري إلا على جثماني

عدت جهة رغد وقلت " تلك الحمقاء وكأني لم أوصها تتصل بنا "

قالت بقلق " اتصلي بها لا خيار أمامنا "

هززت رأسي بنعم ثم رفعت هاتفي وطلبت رقمها , كنت أريد أن تتصل

هي فقد تكون مشغولة أو لم يخرج الطبيب ويخبرهم شيئا وزوجها ذاك

مزاجه يبدوا مشتعلا وقد نسبب لها مشاكل بسبب كثرة اتصالنا , رن

الهاتف مرة اثنتين حتى كاد ينقطع الخط لولا أجابت قائلة

" نعم يا ترجمان "

قلت باستغراب " ما به صوتك هكذا ! هل عمتي بها مكروه ؟ "

قالت تكتم عبرتها " لا هي بخير ارتفاع في الضغط فقط ونائمة

منذ وقت وستخرج غدا "

قلت من فوري " وإياس ؟ "

تنفست بقوة وقالت " زرته منذ قليل , الرصاصة أصابت كتفه

وهوا بخير اطمئنوا "

قلت بحيرة " وما بك إذا ؟ هل تبكي منذ ذاك الوقت حتى

الآن وهما بخير ؟؟ "

قالت ببكاء " لا شيء يا ترجمان , وداعا "

ثم أغلقت الخط فنظرت للهاتف بحيرة وقالت رغد

" ما بها ؟ ماذا قالت لك ؟ "

دسست هاتفي في جيبي وقلت " قالت أنهما بخير , عمتي ضغطها

مرتفع وستخرج غدا وإياس إصابته في الكتف وحالته جيدة "

غادرت تتمتم حامدة الله وقالت مبتعدة " سأذهب لأطمئن سهاد أيضا "

لويت شفتاي بضيق لحظة ما شعرت بشيء شد بنطلون بيجامتي

فنظرت للأسفل فكانت ندى وقالت بملامح حزينة " ديمووو "

ابتسمت رغم كل ما نحن فيه وقلت " غبية تتركين المريضة

والمصاب وتسألي عن سدين "

قالت بنبرة باكية " أليد تيته "

حملتها من الأرض وقبلت خدها وقلت " ستكون هنا

ما أن ننام ونفيق , هي بخير حبيبتي "

ثم تابعت مغادرة بها جهة السلالم " تعالي معي سأريك

شيئا جميلا سيعجبك "










*~~***~~*










وقفت أمام باب المطبخ وقلت " أريد كوب عصير برتقال وكعك محلى "

نظرت لي باستغراب ثم جهزتهم لي دون أن تتحدث فأخذتهم منا وتوجهت

بهما لغرفتي وضعت الكوب والصحن على الطاولة وأكلت منه كعكتين كي

لا يلحظ أني لم ألمسه ثم أخرجت لفافة المخدرات فتحتها وسكبت كل ما فيها

في الكوب وحركته جيدا , لا خيار أمامي خصوصا بعدما سمعته يخبر عمته

أنه سيطلقني ويرجعني لوالدتي وأنا لم أنفذ أوامرهم حتى الآن وهوا لم يكترث

لكل إغوائي له وهذا الحل الأخير فهذا سينسيه نفسه وما يفعل فأنا أعلم مصيري

جيدا إن لم أنفذ أوامرهم بحذافيرها , خرجت من الغرف مجددا وانتظرته وسط

المنزل حتى دخل فتوجهت نحوه وأمسكته من يده وقلت " تعالى أواس

أخبرتك أني أريد الحديث معك وأنت قلت أجّليه لليل "

تأفف وسحب يده مني وتبعني قائلا " كنت سأتحدث معك صباحا

لأني متعب لكن لا بأس فلننهي الأمر الآن "

حقا يا صعلوك ؟ صدقت أنك متعب وتريد النوم أم كله شوق لسيدة الدلال

والحسن تلك , لكن صبرك قليلا فستحرم منها بطريقة ستعجبك , دخل معي

للغرفة وكما توقعت جلس أمام الطاولة التي وضعت الكوب عليها , بقي

أمامي الآن أن أجعله يشربه وأعرف الطريقة جيدا فقد عشت معه لعامين

كاملين وأعلم جيدا ما يستفزه , بقيت واقفة أتحرك بعشوائية لأوتره أكثر

وقلت " من أخبر زوجتك أن جدها يعرفني ؟ "

نظر لي باستغراب أقرب للصدمة ثم قال " ومن أخبرك أنتي ؟ "

وقفت أمامه وقلت مكتفة يداي لصدري " هي طبعا وهددتني

أنها ستتفق معه على تدميري "

قال من فوره " كاذبة "

حركت كتفي بلا مبالاة وقلت " أنت حُر كذبني كما تريد ولك

أن تسألها هي الصادقة التي لا تكذب "

نظر لي بجمود وقال " لقد طلقتك يا وجد وهذه الملابس لا

تجوز أمامي "

أخفيت صدمتي بالخبر ثم قلت " وإن يكن "

قال بضيق " نعم كيف نسيت أنه واحدة مثلك لن يعنيها حتى

أن تبقى عارية أمام أي رجل "

جميل ها قد بدأ يفقد أعصابه , قلت ببرود " حفيدته مقابل مليوني

دولار ... عرض جيد لكني رفضت "

نظر لي بصدمة وقال " أنتي !! "

هززت رأسي بنعم وزدت من الأكاذيب قائلة " وقتلك بطريقة

سرية لا شبهة فيها "

بدأت ملامحه تتوتر فهوا لا يتوقع منهم هذا النوع من السلوك وكما

أخبروني تماما فكل ظنونه الانتقام منه بطريقة غير مباشرة , زدت

عليه قائلة " وحرق جثتك لأخفي آثار الجريمة وعمتك معك أيضا

ولن أفعلها يا أواس ولم أفكر بها رغم أنها كانت سهلة جدا علي "

رفع الكوب على نظري الذي يتبعه وأعصاب مشدودة تنتظر أن يتحقق

مرادي ثم ابتسمت بانتصار حين شربه دفعة واحدة يفرك عنقه بتوتر

لوقت ثم وقف قائلا " تغادري المنزل الليلة تفهمي "

قلت بابتسامة ساخرة " مفهوم سيدي "

وما كان وصل للباب حتى ترنح في مشيته



المخرج : بقلم الغالية كينز السوافيري


غائبون نحن في الحياة كاجثث تعيش في الدنيا
نقاتل بشدة تنزف أجسادنا دماءآ تنزف اوجاعآ
للا لي أجسادنا ترتاح وﻻ لي مشاعرنا مكانآ للبقاء
فقد حان وقت العصيآ وحان وقت بدء المعركة

سلمت يداك


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء السبت إن شاء الله


فيتامين سي 27-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والثلاثون)
 



الفصل التاسع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

لماذا بشأننا من التفكير تكثرين الحب لايحتاج للتفكير وحين أتاكي في وجهه باب قلبك تغلقين عيونك مرآة روحك وتفضحك وانت دائما تنكرين هيا خوضي غمار الحب مما تخافين بكل لقاء بيننا بدموعك تتسلحين الاتعلمين ان دموعك تعذبني وتعتصر قلبي الا تدركين مبتدئة انت وبفلسفة الحب وجاهلة وامية فيه لاتعلمين دعينا نحفر على القمر ذكرياتنا ومغامراة هوانا وكلما اكتمل اقول لكي معشوقتي اتذكرين لاتقفي مابين بين متى هذا القرار ستتخذين اه من قلب ينتظرك ولايمل انتظارك متى سترحمين دعي عنك الماضي واقبلي اليا باحضاني تسكنين حتى منزلي يسألني عنك من حين الى حين الاشواك تسلقت جدرانه واحتلته بانتظارك تنثرين مكانها الحبق والياسمين اريدك بكل صباحاتي بنور وجهك عليا تشرقين نرتشف قهوتنا سويا وبعينيك تبتسمين وتغازلين ألم يمل قلبك الشوق والهجر لم تكابرين ومن مملكة الحب تنفيني ونفسك تنفين اهطلي عليا كمطر ا ربيعيا بها روحي تنعشين انا منك وانت مني متى بهذا الكلام ستقتنعين

سلمت يمينك
************

استللت يدي منه وقلت " أين تأخذني ؟ لا أريد الذهاب معك "

لم يجب طبعا وهذا المتوقع منه فحاولت فتح الباب وكان مغلقا ولا

يفتح فركلته بقوة وقال هوا بهدوء " لا جدوى مما تفعلي فابقي

هادئة حتى نذهب ونرجع يا سراب "

كتفت يداي لصدري ونظرت للنافذة وقلت بضيق

" هل لي أن أعلم أين تأخذني ؟ "

قال بلهجة فيها سخرية " أختطفك لأغتصبك فما رأيك ؟ "

قلت بسخرية مماثلة " ولما لا تطلب فدية أفضل من فكرة

اغتصاب جشعة "

قال ببرود " لا بأس رجل مادي وامرأة جشعة تناسب جيد "

نظرت له وقلت بقهر " الاعتراف بالذنب فضيلة "

قال بذات بروده القاتل " كل شيء فيك قابل للتغير إلا طول

لسانك في ازدياد مستمر "

صرخت فيه بحدة " ومن أجبرك على هذا ؟ كنت تركتني نزلت "

لاذ بالصمت ولم يعلق فقلت مجددا " أين تأخذني أجب "

قال بنفاذ صبر " مكان ستذهبين له تحبي أو تكرهي

فأريحي لسانك يا سراب "

تأففت ونظرت جهة النافذة مجددا وسرنا بعدها مسافة طويلة حتى غلبني

النعاس متكئة عليها لأني استيقظت مبكرا وكنت أشعر بنعاس فضيع ويبدوا

أني نمت طويلا حتى أني لم أشعر به حين أوقف السيارة ولم أستيقظ إلا على

هزه الخفيف لكتفي مناديا لي فرفعت رأسي ونظرت من النافذة للبحر القريب

منا ، كم مسافة سرنا وأين نحن فالعاصمة مينائها ليس هكذا ! نظرت له وهوا

ينزل من بابه ولف حول السيارة ثم فتح بابي وقال " انزلي هيا "

قلت ببرود " لا أريد النزول أعدني للمنزل "

قال بضيق " عن العناد يا سراب فلم أقطع بك كل هذه

المسافة لأعيدك "

قلت بضيق أكبر " وأنا لم أطلب منك جلبي هنا , ثم هل هناك

من يذهب للبحر في هذا البرد والليل ؟ "

نظر للأعلى وتنفس بقوة ثم عاد بنظره لي وقال

" انزلي أو أنزلتك بنفسي "

نزلت حينها متأففة وأغلقت باقي أزار معطفي فالهواء هنا قوي وشديد

البرودة , لففت حجابي جيدا فمد يده ليدي وأمسكها وسار بي فقلت

محاولة سحبها منه " اتركني أسير لوحدي "

فشد عليها بقوة أكبر ولم يكترث لي حتى صرنا أمام سيارة فاخرة نزل

منها سائق وفتح الباب الخلفي ونزلت حينها امرأة لم أتبين ملامحها بادئ

الأمر بسبب نور المصابيح الخفيف وحين اقتربت منا ظهرت ملامحها

أكثر وكانت في الخمسين أو أقل منها بقليل لا يمكنني تحديد ذلك فأناقتها

واهتمامها بنفسها لا يعطي انطباعا عن عمرها الحقيقي ، اقتربت أكثر

حتى أصبحت أمامنا فنظرت باستغراب لملامحها ثم لآسر الذي كان

ينظر لي ثم لها وقلت وكأني أريد تكذيب الواقع أمامي

" من أنتي ؟ "

ضمتني حينها لصدرها بقوة وقالت ببكاء " سراب يا ابنتي

وأخيرا رأيتك مجددا "

تيبس جسدي ولساني رغم توقعي من تكون وشعرت وكأني أشاهد فيلما

أنا البطلة فيه ، أبعدتني بعدها وقبلت يداي ثم خداي باكية فنزلت أولى

دمعاتي , أمي ؟ من حرمت منها سنين حياتي وضننت أنه لا وجود لها

رائحتها وصوتها وكأني أذكرهما جيدا رغم صغر سني حينها ، أمسكتْ

وجهي وقالت ناظرة لعيناي " كبرتِ يا سراب أصبحت امرأة جميلة

وتزوجتِ وأنا من ضننت أنك ميتة وأني لن أراك مجددا "

ثم مسحت دموعي التي تنزل دون توقف وقالت " أسمعيني

صوتك بنيتي قولي أي شيء "

قلت ببحة " هل تركته من أجلي ؟ هل ستذهبين معي لمنزلي ؟ "




*~~***~~*



رتبت كل أغراضنا بالدفعات كي لا تلاحظ الخادمات ما أفعل كما طلب

هوا وكلما فكرت في فكرة المساعدة في القبض على جدي نزلت دموعي

رغما عني ، صحيح أن جرائمه كبيرة ولا تغتفر وما فعله في أواس وعائلته

وحده يعد أبشع جرم لكن نفسي تستكبر فعلها , أعلم أنه يريد الضرر بالبلاد

وأريد فعلا أن يوقفوه ومن معه ويقتصوا منهم لكن ليس بمساعدتي وفي ذات

الوقت لا أستطيع رفض ذلك ؟ يا رب ساعدني أرجوك ، مسحت دموعي

ووضعت آخر أغراضي وأغلقت الحقيبة ثم نظرت لساعة الجدار باستغراب

أين ذهب يا ترى ولم يرجع حتى الآن ؟ قلبي ليس مطمئنا لهذه الليلة وللقادم

بعدها ، رفعت صورته وضممتها لصدري وكأني أودعه ولا أعرف لما

وضعت الصورة جانبا واستغفرت الله وتعوذت من الشيطان ثم أمسكت

هاتفي وقرأت رسالته مجددا ( قد أتأخر الليلة لا تنشغلي علي ) لكننا

نقارب وقت الفجر فما كل هذا التأخير وأتصل به من وقت ولا يجيب !!




*~~***~~*



فتحت عيناي على صداع قوي سيفجر رأسي وأرى كل شيء أمامي وكأنه

ضباب يغشي النظر ، حاولت مرارا رفع رأسي لكنه كان ثقيلا وعجزت عن

تحريكه فهززته يمينا وشمالا أفرك عيناي بسبابتي وإبهامي علّ الرؤية تصبح

أوضح وحاولت تحريك يدي الأخرى أيضا لكن ثقلا ما كان جاثما عليها وعلى

صدري يمنعني حتى من التنفس ، ماذا حدث معي ؟ لا أذكر سوا حديثي مع وجد

ثم ... آه رأسي ، شعرت بذاك الثقل تحرك قليلا فحاولت دفعه عني فصدر منه

صوت أنين متذمر لامرأة وبدأت أشعر أكثر بوجود جسد عاري على صدري

وذراعي فحاولت النهوض بقوة أكبر وإن كانت واهنة لأقفز واقفا على طولي

رغم أوجاع جسدي بأكمله والدوار القاتل الذي يكاد يرميني أرضا أنظر بصدمة

للسرير الذي كنت عليه وللمرأة التي جلست تمسك اللحاف على جسدها العاري

تنظر لي , نظرت بعدها لنفسي ولثيابي المرمية بعشوائية في الغرفة فأمسكت

رأسي وشددت شعري بقوة وقلت ناظرا لها بصدمة " ما هذا !! ماذا حدث ؟ "

سترت جسدها أكثر وقالت " اسأل نفسك وليس أنا فأنت من أجبرتني "

رفعت بنطالي ألبسه صارخا كالمجنون ثم أمسكت الحزام وانهلت عليها

ضربا به أصرخ بغضب " هل فقدت عقلك يا نجسة ؟ ألم أخبرك أني

طلقتك يا زانية "

كانت تصرخ تحت ضربات الحزام العشوائية على جسدها ووجهها ولم

أتركها حتى تعبت وخارت قواي فرميته عليها وتوجهت للباب لأخرج

فأوقفني صوتها الضعيف المختلط بأنينها المتوجع " هناك ورقة في

الدرج سيعنيك أمرها .... وللجحيم يا أواس "

ما كنت لآبه لما تقول لولا آخر جملة قالتها أو آخر كلمتين فتوجهت له

وفتحته وأخرجت ورقة التقرير الطبي التي كانت باسمها وتوقيع الطبيب

وختم المختبر ثم نزلت بنظري لباقي ما كتب فيها ورفعت نظري لها

بصدمة فابتسمت بخبث وأغمضت عينيها وقالت بشبه همس

" إيدز يا أواس وللجحيم معا "




*~~***~~*



أغلقت فمي بيدي أمسك شهقتي من الخروج وهذا حالي من ساعات لا شيء

سوا البكاء وكلما تذكرت كلماته بكيت أكثر , إياس من عرضني عليه ؟؟

لا أصدق هذا لا ! هل أنا رخيصة هكذا ؟ هل حبه له يجعله يفعل هذا بي ؟

وذاك الشهم طبعا لم يستطع رفض طلب صديقه وتحملني مرغما , هل هذه

نظرته لي ؟ بضاعة فاسدة رموها عليه ابنة شوارع ! غطيت وجهي بيداي

وانخرطت في بكاء مرير , لم أتخيل أن أهان حياتي بهذا الشكل وممن ؟ من

الرجل الذي يفترض أن يمسك إهانات الناس عني , من يحترمني ويفرض على

الجميع احترامي , أبعدت يداي عن وجهي واستلت الخاتم الذي في إبهامي بقوة

ورميته بطول يدي ثم نزعت الفصوص في وجهي بقوة وتوجهت بعدها لدرج

الطاولة في زاوية الغرفة أخرجت المقص الصغير الذي وجدته هناك وعلبة

معقم الجروح , سكبته على يدي وفركتها بالشاش والقطن حتى اختفت النقوش

منها ولو جزئيا ثم دخلت الحمام ووقفت أمام المرآة ليقع نظري على عيناي

المتورمتان من البكاء ووجهي الشاحب ففتحت فمي مغلقة أسناني ونزعة الفص

بالمقص الصغير بعد محاولات عديدة وقد جرحت لثتي مرتين , إن كان المظهر

ما يحدد نوع البشر فها قد أكرهتموني فيه , إن كان حكمكم على الناس من لباسهم

فيالكم من أغبياء فكم من ملتحي زاني شارب للخمر ولا يقاس الجميع بمظاهرهم

فكم من أناس اتخذوا من المظهر المحتشم ستارا لأفعالهم , خرجت بعدها

للغرفة وكانت أمي مستيقظة تحاول مغادر السرير ونظرت لي وقالت

" سدين ما بك هل شقيقك به مكروه وتكذبون علي ؟ "

توجهت نحوها وأعدتها مكانها وعدلت لها بطانيتها وغطيتها جيدا

وقلت " لا يا أمي هوا بخير أقسم لك وقد رأيته بعيني "

قالت بقلق " ولما كل هذا البكاء إذا ؟ كلما نمت واستيقظت وجدتك تبكي "

جلست بجانبها وقلت " لا شيء يا أمي , تعلمين يوم أمس كم كان

مرهق للأعصاب وإياس بخير وسوف آخذك بنفسي صباحا لتريه "

نظرت للسقف وقالت بهدوء " كم بقي على وقت الفجر ؟ "

نظرت لساعتي في يدي وقلت " أكثر من ساعتين "

أغمضت عينيها وقال " نامي إذا وارتاحي يكفيك بكاء وسهر "

ابتسمت بحزن ولم أعلق ثم سحبت صندوق الدبابيس الصغير الذي

وجدته في الدرج هناك وبدأت بإغلاق العباءة بهم فقد لا نخرج مبكرا

ويكفي دخولي بها للمستشفى هكذا ولا عذر لي الآن



*~~***~~*



بقيت أتنقل بنظري بينهما أنتظر جواب خالتي على سؤالها وردة فعل سراب

على ما يجري فيبدوا علاجها في مواجهة أحزانها ولأن والدتها أهلكتني بطلب

رؤيتها دبرت لهذا اللقاء وقطعت كل هذه المسافة , بقي نظر سراب معلق بها

حتى هربت بنظرها منها وقالت " بعدما اختطفوك ومات والدك بقيت وحدي

بلا سند ولا من يمسك مال والدك وضحية لكل طامع , حتى عمك لا جدوى منه

وجاء يطالب بمال شقيقه وهددني كي لا أتزوج وحجته أنه سيسرق مالي وقال

أنه سيطلق شقيقتي ويتزوجني تصوري دناءته وحقارته فقد سرق مال شقيقتي

وكان يريد أن يطلقها ويسرق مالي أيضا ولفق العديد من الأكاذيب لأصدقه

وهوا يعلم جيدا أني ورثت من زوجي ومن أهلي مثلها , وحين تقدم لي زوجي

الحالي ولأنه صاحب منصب ولن يكون طامعا في مالي وسيحميني من

الجميع وأولهم عمك وافقت فلم يكن من خيار أمامي "

خرجت حينها سراب من صمتها قائلة بحزن " والمقابل أن تنكري ابنتك ؟ "
تنهدت وقالت بحزن مماثل " لم يكن أمامي من خيار وأنتي مختفية ولا أمل

في إيجادك ولا حتى الفتيات الأخريات ولم نحصل ولا على بصيص أمل

يجعلنا نتعلق به وكان موتكن التحليل الوحيد لكل ما يجري فوافقت عليه

وعشت معه في راحة أفضل من محاربتي للوحوش البشرية وحدي "

قالت حينها سراب بغصة " وخالتي وآسر ؟ لما حين أصبحا في

الشارع لم تساعديهما من مالك ؟ "

ابتسمتُ بسخرية فها قد فتحت الجرح النازف فلنرى ما حجتها الآن

سافرتْ بنظرها للأرض مجددا وقالت " لم يسمح لي زوجي , حاولت

كثيرا وبلا جدوى وبُعد المسافة لم يساعدني "

انفجرت حينها سراب ببكاء وصراخ قائلة " حجة غبية , تعلمين بحالهم وبأن

شقيقتك توفيت وتركت ابنها صغيرا لا أحد له ولا حتى منزل يؤويه , ليشعر

به الغريب وأنتي خالته مات قلبك وضميرك ومن أجل من ؟ من أجل زوج

حتى أبناء ليس لك منه وتقولين أنك عشتِ معه في راحة ! سحقا لتلك

الراحة التي كان وقتها شقيقتك وابنها لا يجدان ما يقيهما البرد

ولا ما يأكلان "

قاطعتها برجاء حزين " لا تلوموني أقسم أني كنت مجبرة "

صرخت فيها مجددا " مجبرة كيف ومجبرة لماذا ؟؟ وحين أخبرك آسر

أنه يمكنك المجيء والعيش معنا رفضتِ ذلك فهل كنتِ مجبرة أيضا ؟

هل آسر طفل لن يحميك من الناس والشارع وهوا ابن شقيقتك

وزوج ابنتك ؟ "

قالت حينها بغضب " توقفي عن لومي يا سراب أنتي لم تكوني مكاني

ولم تمري بما مررت به , هل تتخلي عن زوجك الآن من أجل أي

شيء ؟ أم تحاولي أن تقنعيه وتجمعي الجميع معا "

ابتسمت حينها بسخرية وقالت " لا تقنعيني بأنك تحاولين إقناعه

ليقبل بوجودي في حياتكم "

قالت من فورها " نعم وسأفعل كل جهدي "

نظرت حينها لي وقالت مشيرة لها ودموعها لازالت تنزل دون توقف

" هل تسمع ما تقول ؟؟ هل تصدق هذا ؟ هل حقا قالته أم أنا أتوهم "

أمسكت ذراعها وقلت " اهدئي يا سراب واستمعي لها "

استلت ذراعها مني ثم نظرت لها وقالت " هل أخبرك شيئا ؟

أنتي غبية كابنتك تماما "

نظرتْ لها خالتي بشيء من عدم الفهم وتابعت هي " ابنتك أيضا فكرت

يوما ما أنها مستغنية عن كل شيء وعن الجميع من أجل زوجها من

أجل أن تكون معه وأن يعيشا معا "

نظرتُ لها بصدمة وتابعت هي بسخرية " لكني حمقاء ... حقا حمقاء

واكتشفت أن هذا الهراء موجود في عقلي وحدي وقلبي وحدي فقط , أنتي

تحبينه ولا تستطيعي إقناع نفسك بفكرة التخلي عنه درجة أنك تخليتِ عن

ابنتك وقبلها شقيقتك وابنها أو أن حبك للمال فاق الجميع فاستفيقي لنفسك

يا غبية فلا رجل في الوجود يستحق أن تضحي من أجله ولا مال الأرض

أجمع يغني عن الأهل وعن رؤية من يحبونك ويهتمون بك , استفيقي

قبل أن يصفعك غبائك وتنتهي نهاية ابنتك "

في حركة سريعة رفعت خالتي يدها لتصفعها فكانت يدي الأسرع لها

وأوقفتها ممسكا لها وقلت " تضربيها وأنا واقف أمامك ؟ "

استلت يدها مني وقالت بغضب " وأضربك أنت أيضا مثلها , واقف

تتفرج عليها وهي تهين والدتها وكأنها ابنة شوارع "

ضحكت حينها سراب وقالت " نعم ابنة شوارع وهل وجدتُ غير

الشارع ليربيني ؟ وقولي أنه صدَق زوجك حين قال أني ابنة

ماضي متسخ ورباني الشارع "

قالت حينها خالتي بتنفس قوي تمسك غضبها " أنا أردت حقا أن أجمع

من أحب , أن تعودي لحضني ولا أخسر زوجي وظننتك تبادليني

الشعور ذاته لكني أخطئت "

قالت حينها سراب ببرود صقيعي " لو كان كلامك صحيحا لجئتِ ما

أن علمتِ بخبر عودتي ولو لتريني لتضميني لصدرك , أعرف أمهات

يبعن كل شيء من أجل أبنائهم لكني لأول مرة أرى أُم تتمسك بكل

شيء إلا ابنتها وكأنها ابنة عار وزنى "

قالت حينها بجمود " هل هذا آخر كلامك يا سراب ؟ ألن تقفي معي

لنصلح كل شيء ولا تخسر أي منا ؟ "

قالت بسخرية " لم يبقى لي شيء أخسره لأني لم أكسب شيئا من البداية "

تنفستُ بقوة ممررا أصابعي في شعري ونظرتُ جهة البحر فحممها تقذف

بها الجميع وليس والدتها فقط , قالت خالتي " إذا نصيبك من مال والدك

محفوظ كي لا أكون في نظرك سارقة أيضا "

قالت سراب من فورها وبأسى " خذيه لا أريده , أقسم أنكم أكرهتموني

في رؤية العملات النقدية جميعها وكرهت سماع كلمة مال "

تحركتْ حينها وركبت سيارتها وغادرت لينهار الجسد الواقف أمامي قويا

منذ لحظات ليستقبله حضن رمال البحر الباردة فنزلت لها مسرعا ورفعتها

لحظني واختبرت تنفسها ثم ضممتها بقوة , أجل خذلك الجميع يا سراب حتى

أنا كل ما أردته أن أُكرهك في المال ويوم أكرهتك فيه خسرتك أيضا على

ما يبدوا , أعلم بشعورك وأعلم ما تمنتِ الآن أن لا تذهب وتتركك أن تقول

أنها مستعدة للذهاب معك لفعل أي شيء وترك كل شيء ولا تفترقا للحظة

لكنها خانت توقعاتك وغادرت ولم يحتمل قلبك كل هذا ولا عقلك أيضا

وقفت ورفعتها بين ذراعاي وتوجهت بها للسيارة وأخذتها

لأقرب مستشفى


*~~***~~*




خرجت من المنزل برمته أستند على الجدار من صدمة ما رأيت وعلمت

إيدز !! مصابة بالإيدز ؟ لهذا كانت تحاول إغوائي واستمالتي طوال الوقت

هل هذا مخططك يا علي رضوان ؟ مرض فتاك أعيش أعاني منه لسنوات

محروم حتى من الاقتراب من حفيدتك وهي بين يداي , سرت بلا هدى في

الحديقة أتخبط بالظلام ورغم البرد القوي وأني لم أكن أرتدي سوا بنطلونا

كنت أشعر بجسدي يشتعل من الحرارة , وصلت الملحق وجلست مستندا

على جداره ولم أستطع دخوله لأني وعدتها , نعم سبق ووعدتها أن لا أدخله

أمسكت رأسي بقوة محاولا التفكير بروية وإيجاد حل لكل هذا , ومضى الوقت

جالسا مكاني أحاول جمع أفكاري وبلا فائدة حتى سمعت أذان الفجر فوقفت وعدت

أدراجي للمنزل , قد تكون خدعة منهم وعليا التأكد أولا وعلى مخططي أن يسير

كما خططنا له عند الوزير هناك , وإن كان فعلا انتقم مني بهذه الطريقة البشعة

فعليه أن يعش البؤس والمعاناة مثلي وأن أنتقم منه أيضا , فأن نموت معا أفضل

من أموت ويبقى هوا يفتخر بانتصاره علي , دخلت المنزل وصعدت للغرفة

وفتحت بابها فوقفت الجالسة على السرير من فورها تنظر لي باستغراب

ثم قالت " أواس ما بك ! وأين كنت وأين ثيابك ؟ "

قلت داخلا بخطى ثقيلة " لا شيء , هل جهزتِ ما طلبت منك ؟ "

توجهت نحوي مسرعة وأمسكتني قائلة " نعم جهزته لكن ما

بك تبدوا متعبا ؟ "

أبعدتها عني وقلت متوجها للحمام " قلت لا شيء , سأخرج للصلاة

ولدي مشوار بعدها ثم آخذ عمتي من هنا وأعود لآخذك للمطار

فجهزي نفسك "

ثم دخلت الحمام وفتحت المياه الدافئة ودخلت تحتها أحاول أن لا أفكر

إلا فيما اتفقنا على فعله وأن أبعد باقي الأفكار جانبا , لا أفكر في كلامها

ولا توقيع الطبيب على الورقة وختم المختبر صاحب الاسم المعروف

بعد وقت خرجت من الحمام لبست ثيابي وغادرت المنزل رغم أني أشعر

بصداع يكاد يدمر رأسي , وجسدي كله يؤلمني إلا أنه لا مجال للتراجع

ولا الوقوف , صليت مع الجماعة ثم خرجت من هناك وبحثت عن أقرب

صيدلية مفتوحة وأخذت مسكنا وخافض حرارة وتناولتهم في السيارة ثم

عدت للمنزل وتوجهت فورا لغرفة عمتي بعدما مررت على غرفة تلك

النجسة وأغلقتها بالمفتاح , دخلت ووجدتها جالسة على سجادتها

وحقيبتها بجانبها فقلت " هل أنتي جاهزة عمتي ؟ "

وقفت ونزعت لباس الصلاة وقالت وهي تضعه في حقيبة يدها

" نعم بني , كم ستطول رحلتكم ؟ "

رفعت الحقيبة قائلا " لا أعلم لكن ليس كثيرا , سأنتظرك في السيارة "

خرجت ووضعت الحقيبة في السيارة وركبت وخرجتْ هي بعد قليل

وانطلقنا في صمت تام حتى وصلنا منزل العقيد رفعت وكانت الخادمة

في انتظارنا عند الباب فقلت " انزلي عمتي ها هي الخادمة

ستأخذك للداخل "

نظرت لها ثم لي وقالت باستغراب " خادمة !! وأين عائلته ألا

زوجة له ؟ أو بنات مثلا ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " يعيش وحده , انزلي عمتي لا وقت لدي "

قالت بضيق " كيف أنزل وأعيش مع رجل لوحده ! ما هذا الجنون يا أواس ؟ "

ضغطت على عيناي بقوة وقلت بضيق مماثل " عمتي أخبرتك أنه أغلب

النهار خارج منزله وإن كان موجودا فمع ضيوفه من الضباط والعقداء

ولا مكان آمن أكثر من هذا المنزل "

كانت ستتحدث فقلت بضيق أكبر " عمتي بالله عليك ترحميني

وتنزلي فلن يأكلك كلها أيام وسأرجع "

تأففت حينها وفتحت الباب وقالت " تصرف إذاً مع والدك حين يعلم

أقسم أن يجن جنونه وأنا من ستدفع ثمن كل هذا "

ثم ضربت الباب بقوة وفتحت الباب الخلفي وقالت وهي تنزل حقيبتها

" أتمنى أن لا يعلم أحد بوجودي هنا فلا ينقصني فضائح ليجدها

والد ابنتي عذرا ويمنعها عني "

ثم ضربت الباب ودخلت مع الخادمة وغادرت أنا متأففا فلن تقتنع أبدا

أن هذا في صالحها وحماية لها


*~~***~~*


دخلت خلف الخادمة بخطى مترددة ومتوترة , سامحك الله يا أواس هل هذا

موقف تضعني فيه !! ما مظهري أمام حتى هذا الرجل ؟؟ لا أعلم بأي عقل

تتركني مع رجل غريب يعيش لوحده ! أقسم لو علمت الناس لسلخوا وجهي

وزوجي السابق لن يرحمني أبدا وأول ما سيقوله ( تصرفات ابنتك أنتي السبب

فيها فممن ستتعلمه إلا من لوالدتها ) لا وشقيقي سالم حكاية أخرى لوحدها

وأقسم إن علم أن يضربني وأنا في هذا السن , أدخلتي للمنزل الواسع الفارغ

الذي لا صوت فيه لأحد وإن أوقعت فيه إبرة لسمعت صوتها بوضوح

وقفتُ وأوقفتها قائلة " أين سيدك الآن ؟ "

وضعت الحقيبة على الأرض وقالت " خرج من الظلام ولن يعود قبل

ليل طويل , هل يريد أنت التحدث معه ؟؟ "

ارتجف جسدي بأكمله وقلت بجزع " لا طبعا , ماذا أتحدث معه هذه ؟ "

حملت الحقيبة مجددا وقالت سائرة بها " لما يسأل إذا ؟ "

تبعتها مغمغمة ببرود " ما أطول لسان هذه الخادمة فيبدوا أن

سيدها المجهول يدللها حتى حولها لوقحة "

قالت متابعة سيرها " هل يريد شيئا سيدتي ؟ "

لويت فمي وقلت " لا شكرا "

أوصلتني لجناح في الطابق السفلي وقالت " هنا يدخل

أنتي وسأعد لك فطور "

حملت الحقيبة وقلت داخلة بها " لا شكرا لا رغبة لي في الطعام "

ثم التفت لها وقلت " وأين تكون غرفة السيد ؟ "

قالت من فورها " في فوق سيدتي "

هززت رأسي بحسنا فغادرت هي من فورها وتركتني أستكشف عالمي

الجديد مستغربة وجود جناح كامل في الطابق السفلي !! دخلت غرفة

النوم أجر حقيبتي خلفي ثم جلست على السرير وتنهدت بأسى , يا رب

أحفظ ابن شقيقي فلا أحد له غيرك , وأخرجني من هنا في أقرب وقت

وأعمي بصر الناس عني حتى أرحل من هذا المنزل


*~~***~~*



دخلت المستشفى فجرا فعليا زيارة إياس والاطمئنان على باقي الرجال

المصابين ووالدة إياس أيضا ومعرفة وقت خروجها لأخرجها ويبدوا

علي أن أتصل بعمي لأخذ شقيقتاي لديهم هادان اليومان فلن أستطيع ترك

إياس ولا عائلته في المزرعة وحدهم فليلة البارحة قضيتها نائما في السيارة

أمام الباب وتركت حتى عملي فهناك من يناوب عني في المركز لكن ذاك

المنزل لا أحد فيه سوا النسوة ولم استطع المبيت داخله في المجلس أو الملحق

لأنه لا سدين ولا عمتي هناك , دخلت غرفة والدته لأنها الأقرب في طريقي

رغم ترددي من مواجهة ابنتها بعدما سَمعته مني بالأمس , طرقت الباب

طرقات خفيفة ثم فتحته ببطء ودخلت فكانت لوحدها وقد نزعوا عنها جهاز

قياس النبض ولم تبقى سوا حقنة المغذي , اقتربت منها وقبلت رأسها وقلت

" حمدا لله على سلامتك يا عمة وآسف على إفزاعي لك فكل خوفي

كان من أن تسمعي الخبر من غيري ولا تفهمي الحقيقة ويبدوا

أني فعلتُ ما خفت منه "

قالت مبتسمة بحنان " لا عليك بني أنا من تسرعت في فهم الأمر

وهكذا قلب الأم دائما مهما أخبرتها ستُفجع "

جلست على حافة السرير وقلت " ماذا قال الطبيب اليوم ؟ "

قالت بهدوء " قال يمكنني الخروج عند الساعة العاشرة

وأنه عليا أن أرتاح وأتغذى جيدا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " جيد لكن بقائك هنا قد يكون أفضل

ومستعد أن أنقلك لمستشفى خاص وإياس أيضا "

ربتت على يدي وقالت بحنان " لا داعي لتكلف على نفسك بني

أنا بخير وإياس لن يرضى أن يبقى لا هنا ولا هناك "

تنفست بقوة فيبدوا من حديثها أن سدين لم تخبرها شيئا , نظرت

حولي وسألت السؤال الذي أجلته من البداية " وأين سدين ؟ "

قالت من فورها " ذهبت لرؤية إياس , مسكينة أفزعناها فطوال

ليلة البارحة تبكي ولم يغمض لها جفن رغم أننا بخير "

نظرت للأرض ولم أعلق فلو علمت السبب لما تحدثت معي بكل هذا

الود والاحترام , وقفت وقلت " سأذهب لرؤية إياس وباقي الجرحى

ثم أعود لأخرجكما من هنا وسأبقى معكم حتى خروج إياس "

قالت مبتسمة " حفظك الله بني ونعم الصديق والأخ له حقا "

ابتسمت وقبلت رأسها مجددا ثم خرجت من عندها وأشعر أن كل كلمة

تقولها تذبحني بها , سحقا لي هل كان عليا قول ما قلت , ماذا إن علم إياس

ولابد أنها لن تتوانى عن إخباره كي لا يتم هذا الزواج كما قالت , لما لم

أستطع كبتها في نفسي ؟ قسما لو علم لغضب مني ليوم القيامة ولو كنت مكانه

لفعلت ذلك , لكنها أغضبتني وحدّتني على قول كل ما قلت فلم تحترمني ترد

عليا الكلمة بأخرى وأعصابي كانت مشدودة فما مررنا به يوم أمس لم يكن

سهلا , وصلت غرفة إياس رغم أني كنت أريد تأجيل ذلك حتى تغادر هي

من هنا لكني سأراها حين سأخرجهم ولا مفر لي من رؤيتها , طرقت باب

الغرفة وفتحته ودخلت فكانت تعدل له الوسادة خلف ظهره فابتسم ما أن

رآني واقتربت منه قائلا " نفذت منها يا بطل "

قال بضحكة متعبة " بل أنت من نفذت "

اقتربتُ من سريره فابتعدتُ من كانت بقربه حتى كادت تصل لآخر

الغرفة فاقتربتُ منه وقلت " حمدا لله على السلامة , كيف تشعر الآن ؟ "

قال من فوره " بخير ولا أريد سوا مغادرة المستشفى فهوا من يتعبني "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " أين تخرج وأنت انصبت بالأمس "

قال بضيق " كله جرح بسيط فالرصاصة لم تصب سوا

أعلى كتفي فقط "

قلت بجدية " وإن يكن , متى ما قال الطبيب تخرج ستخرج "

رفع رأسه يعدله على الوسادة وقال " تَهدي أنت وطبيبك "

تحركتْ حينها الهاربة الصامتة طوال الوقت وقالت متوجهة

للباب " سأغادر الآن يا إياس وسأراك قبل أن نخرج "

ثم فتحت الباب وغادرت فوقفت من فوري قائلا " وأنا سأمر

بك فيما بعد , بعد أن أزور البقية "

قال بابتسامة ماكرة " نعم أدركها بسرعة قبل أن تبتعد "

ضحكت وقلت متوجها لباب الغرفة " تصمت أو لكمت لك كتفك "

ثم خرجت خلفها ويبدوا أنها لم تخبر شقيقها أيضا ومؤكد لن تخبره

وهوا بهذه الحالة , أسرعت الخطى حتى لحقت بها وأمسكت

يدها قائلا " سدين انتظري "

التفتت لي وسحبت يدها من يدي فقلت ناظرا للبعيد " بشأن

ما قلت بالأمس و.... "

قاطعتني قائلة " لا تبرر ولا تقل لننسى كل ما قيل "

تنهدت بضيق وقلت " أنتي من حدّني على قول ما لا أعي

تريني غاضبا وتستفزيني "

قالت ببرود " بل تعي جيدا وعلمتُ الآن لما تعاملني

بتلك الطريقة الجافة "

ثم قالت مغادرة " لنا حديث لكن ليس هنا بل في المكان المناسب "

ثم اختفت في الممر ووقتها فقط لاحظت أن عباءتها مغلقة للأسفل

والفصوص التي في وجهها اختفت , مررت أصابعي في شعري

أتنفس بضيق ثم غادرت في الاتجاه الآخر لأرى باقي الرجال

فواحد منهم حالته حرجة وعليا أن أتم إجراءات نقله من هنا



*~~***~~*

بعد وقت طويل زحفت من السرير ووقعت أرضا بصرخة متألمة لأن

جسدي انهار من قوة ضربه لي ذاك المريض القذر فليعش في عذابه من

الآن وحتى يموت , أخرجت الهاتف واتصلت بالرقم المدون فيه فأجاب

سريعا فقلت من فوري " تمت المهمة "

قال بسرعة " حقا نام معك ؟ "

قلت بتنفس متعب " نعم وأريته ورقة التقرير أيضا فاقتحموا

المكان وأخرجوني كما وعدتم "

أغلق حينها الخط في وجهي فبقيت أنظر للهاتف بصدمة وأعيده لأذني لأتأكد

من أنه أغلقه حقا ثم رميته تحت السرير فهم طلبوا أن أفعل هذا وأن أريه

التقرير المزور ثم سيقتحمون المنزل ويخرجوني وحفيدة سيدهم ولن يأخذ

الأمر منهم أكثر من دقائق بالتأكيد , زحفت على الأرض حتى وصلت الخزانة

وفتحتها وأخرجت أقرب ملابس استطعت الوصول لها ولبستها بصعوبة ثم

جلست مستندة بالسرير أنتظرهم ليمر الوقت والوقت ولا أحد جاء على ما

يبدوا ! عدت زحفا للهاتف الذي أخرجته من تحت السرير بصعوبة وجربت

الاتصال مجددا ولم يجب والآخر أيضا وبعد عدة محاولات أغلق الخط

في وجهي فما معنى كل هذا !!؟؟ وأين باقي المخطط



*~~***~~*




فتحت عيناي لأجد السقف الأبيض أمامي ورائحة المعقمات تخنق تنفسي

وشعرت بحسدي وكأنه غارق في الماء ! نظرت جانبا وأدركت أين أنا

الآن , جلت بنظري حتى وقع على النائم على كرسي بالقرب مني فجلست

ببطء ورفع هوا رأسه وفتح عينيه ونظر لي فقلت " أين ذهبت ؟ "

وقف وتوجه نحو الطاولة بجانب السرير وسكب من قارورة الماء

في الكوب قائلا " غادرت , ألم تريها تركب السيارة وتغادر "

دسست وجهي حينها في كفاي وانخرطت في نوبة بكاء شديدة وشعرت

بثقل جسده يجلس بجانبي على السرير وقال " أخبرَتْك أنها ستحاول

فلما رفضتها يا سراب "

بقيت على بكائي ولم أعلق فمسح على شعري وقال " لا أحد

منا كامل , كل إنسان وله عيوب "

ابتعدت عنه حينها لطرف السرير وقلت ببكاء " ولما لم يكن هذا

رأيك بي سابقا ؟ لما كنت في نظرك كلي عيوب وعليا أن

أتغير وأعاقَب أيضا ؟ "

قال ببعض الضيق " إن كان أسلوبي أنا خاطئ في نظرك

لما تتّبعيه الآن ؟ "

قلت بحدة " لا أتّبعه ولست أعاقبها أردت فقط أُماً هل هذا كثير علي ؟ "

قال بحدة مماثلة " واتركيها تحاول إذا علها تكسبكما كليكما "

مسحت خداي من الدموع بقوة وقلت بسخرية " لو كنتَ

مكاني هل سيكون هذا كلامك ورأيك ؟ "

لم يتحدث ولم يعلق فتابعت بألم " أنت وجدت والدتك معك في كل

وقت واختارتك على كل شيء , أقسم لو خيروها بينك وبين المال

أو الزوج لاختارتك أنت "

تنقل بنظره بين عيناي مطولا ثم قال بشبه همس " سراب

احذري فأنتي تصنعين من نفسك وحشا "

قلت بابتسامة ساخرة " وحش !! أنتم من صنعه وليس أنا

أنتم من حولني لهذا "

وقف حينها وقال " دعينا نغادر ونتناول الطعام وسيتغير

كلامك ما أن تهدئي "

قلت بحدة " توقف عن قول هذه الجملة أنا لست مجنونة ولا معلولة

نفسيا , وخذني للمنزل حالا لا أريد أي طعام ولا أي شيء "

صرخ حينها بحدة أكبر " لا ترفعي صوتك يا سراب ولا تتطاولي

عليا هكذا ولا تنسي أني زوجك "

قلت بذات حدتي " أنت من جلبه لنفسك , لما أحضرتني هنا وأنت

تعلم جيدا رفضي لرؤيتها ؟ "

قال بجمود " ظننت أن هذا سيريحك لكني أخطئت "

ثم قال متوجها للباب " أنتظرك في السيارة "

ثم غادر وتركه خلفه مفتوحا فلبست حجابي ورفعت معطفي بقوة وخرجت

ألبسه محاولة إدراكه في هذا المستشفى الذي لا أعرف فيه شيئا , وصل

السيارة وأنا خلفه وغادرنا من هناك ووقف عند مطعم للوجبات الصباحية

فرفضت النزول ولا أن ينزل ويحضر لي شيئا فغادر بي من المدينة التي

لم أسأل حتى ما تكون وتعمدت أن لا أقرأ لافتاتها عند مخرجها كي

لا يدفعني الحنين يوما ما للقدوم والبحث عنها هنا



*~~***~~*


بعدما وصلني اتصال من مكتب الوزير للقيام ببعض الأمور قبل مغادرتنا

عدت للمنزل وتوجهت أولا لسجينة الغرفة فتحت الباب ودخلت فكانت متكئة

على ساق السرير وقد لبست ملابس الخروج , هه لا يكون عقلها أخبرها

أنها ستهرب أو أني سأتركها تذهب من هنا , وصلت عندها وأمسكت ذراعها

وأوقفتها فصرخت بتألم فسحبتها معي قائلا " ظننت أنه حتى الضرب قد

يجدي معك ويردعك عن جنونك لكنك لا تتغيرين أبدا حتى تكتشفي

حقيقة أولائك الأنذال بنفسك "

قالت بصوت ضعيف متألم " سيأتون لأخذي لقد وعدوني "

ضحكت بسخرية وقلت " وأين هم يا حبيبتهم ؟ "

فتحت باب السيارة ورميتها بداخلها وركبت وانطلقنا للمكان الوحيد

الذي سأعلم منه حقيقة ما قالت وما يوجد في تلك الورقة , بعد مسافة

قريبة وصلنا لمركز متخصص بهذه الأمراض فإن كانت كاذبة سيكون

الجواب لديهم وإن كانت صادقة فقد وصلت مكانها وقد قدمت لذاك

الخنزير جثماني على طبق من فضة وانتقموا مني شر انتقام , أنزلتها

ودخلت بها حتى أوصلتها لحجرة بها ممرضتان تلبسان ملابس كاملة

حتى القفازات وقلت " أريد مقابلة السيد جمعة مختار "

قال إحداهما " في مكتبه الجديد أصبح في آخر الرواق رقم ثلاثة "

تركتها هناك وقلت مغادرا " لا تتركوها تخرج "

وخرجت على صراخها الهستيري الذي لا أفهم منه شيئا حتى اختفى ويبدوا

أنهم حقنوها بشيء ما جعلها تنام , وصلت مكتبه وأعطيت سكرتيرته

بطاقتي فدخلتْ له بها ثم خرجت سريعا وقالت " تفضل سيدي "

وقفت ودخلت له وأغلقت الباب فوقف من فوره وصافحني قائلا بابتسامة

" زارتنا البركة , أين لم نرى منكم أحدا من مدة ؟ يبدوا وجدتم عقارا شافيا

للإيدز تحقنون به من تقبضون عليهم "

شعرت بشيء قبض على قلبي بقوة من ذكره لاسمه وقلت بابتسامة

مغصوبة " بل يبدوا أن إرشاداتكم ومنشوراتكم نجحت مع المجرمين "

جلس ضاحكا وقال " بما أخدمكم حضرة الضابط ؟ "

جلست أمامه وقلت " أحضرت امرأة هنا منذ قليل "

ثم أخرجت له ورقة التقرير وقلت " أريد أن أتأكد من هذا "

أخذها مني ونظر فيها قليلا ثم قال " هذا المختبر من المختبرات

الموثوق بها لكن كل شيء جائز وسأتأكد منها بنفسي "

قلت بتوجس " ومتى تظهر النتيجة "

قال مبتسما " وكأنها أول مرة تتعاملون معنا في مثل هذه الحالات "

قلت من فوري " أعلم لكن هذه أريدها مستعجلة "

وقف وقال " قبل أيام صعب جدا , وإن كانت مصابة حديثا فستحتاج

لشهر ليظهر الفيروس في دمها , سأشرف على حالتها بنفسي

ولن نتأخر كثيرا "

وقفت وقلت " إذا أنا مسافر وسأتصل بكم لأخذ النتيجة "

هز رأسه بحسنا وقال " تحدث معي برقم مكتبي وستعطيك

السكرتيرة بطاقة أرقامنا الجديدة "

وخرجت بعدها من المركز الطبي المتخصص بالأمراض المعدية عائدا

للمنزل لتبدأ رحلتي مع سجّان طفولتي الذي لم أخرج من سجنه حتى الآن

ولن يردعني عنه شيء ولا المرض فلن أخرج من كل ذاك الماضي إلا

برؤيته يعاني , وإن كان مصيري الموت فهوا خير لي من الحياة هكذا


*~~***~~*



نظرتْ لي وأنا أعدل لها غطاء رأسها جالسة على السرير أمامي

وقالت " سدين من عقلك تقولين هذا الكلام "

وضعت الوشاح صوفي على كتفيها وقلت " نعم فخالي في المستشفى

هنا وكلاهما واحد يوصلنا هوا أو أمين ما الفرق "

قالت بهدوء " قد يغضب زوجك وهوا من قال أنه سيأتي لأخذنا للمنزل "

قلت بضيق " وما الفرق يا أمي ولما سيغضب فخالي رفعت سيغادر

من هنا بعدما يرى إياس وسنغادر معه ليوصلنا , هل هذا جرم ؟ "

تنهدت بيأس وقالت " لو أعلم ما قلب مزاجك هكذا ؟ هل تحدثتما "

تأففت وقلت " لا يا أمي فهيا لتري ابنك ونغادر "

وقفت حينها وخرجنا معا فغرفته ليست بعيدة عنا كثيرا وفي نفس الطابق

فعلينا المغادرة قبل قدوم ذاك فلا أريد الذهاب معه ولا رؤيته , آآآخ أكثر ما

يكسر ظهري حب إياس له وثقته به وموافقتي عليه من أجله ولا أريد أن أكسر

كلمته وأخيب نظرته في صديقه ولولا كل هذا لما خرجت من هنا إلا مطلقة

منه إن بالطيب أو الإكراه لذلك عليا التصرف بحكمة وأن أضع والدتي وإياس

في عين الاعتبار , أنا يا أمين أنا تقول عني أني ورطة ورطك شقيقي فيها ؟

سنرى من المتورط ومن الخاسر إن لم أقلب الأدوار وأقلبها عليك لا أكون

سدين , ساعدتها على السير حتى وصلنا غرفة إياس ودخلنا فتوجهت والدتي

له من فورها وبدئت مناحتها رغم أنها تراه أمامها بخير ويضحك أيضا

قال خالي رفعت ضاحكا " من غِيرتها منك حتى المستشفى نامت فيه معك "

ضمها إياس بيده السليمة وقبل رأسها وقال " ليحفظها الله لي

ولتغار كما تشاء ما علاقتكم أنتم ؟ "

ابتعدت عنه حينها ونظرت لخالي وقالت بضيق " هذا ما كنت

أخشاه دائما , ولن تسلم المرة القادمة "

رفع كتفيه وقال ببرود " ابنك أمامك أقنعيه أن يترك الشرطة

وخبئيه معك في المزرعة "

قال إياس بضحكة متعبة " لا هذه مستحيلة "

نظرتُ لساعتي ثم لخالي رفعت وقلت " هيا خالي لتوصلنا في طريقك "

نظر لي بنصف عين وقال " سمعت أن أحدهم سيوصلكما فلما لا ننتظر قليلا "

قلت بحرج وضيق " كلكم واحد , ثم ألن ترى ابنة شقيقك فأنت لا تأتي إلا نادرا "

حرك يده قائلا " ولما تعلم أني أتيت ؟ ستفتح لي مجددا اسطوانة سأذهب معك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ونِعم العم حقا , هل هذا ما تنتظره

منك ؟ وكن مطمئنا فهي أقسمت أن لا تطلبها منك مجددا ولا تذهب معك "

نظروا لي جميعهم باستغراب وقالت والدتي بضيق

" احترمي خالك يا وقحة "

قلت باستياء " لن أسامحكم جميعا على ما فعلتموه بترجمان

ووقوفكم تتفرجون عليها "

كانت ستتحدث فسبقها خالي قائلا " يكفي شجارا في المستشفى ولا

تنسوا أن ابنكم مريض ويحتاج للهدوء والراحة وهيا أمامي كليكما "

خرجتُ حينها قبلهم بخطوات غاضبة حتى وصلت سيارة خالي لحظة

وقوف سيارة أمين بقربي فركبتُ بسرعة وأغلقت الباب بقوة , ليرتاحوا

الآن لم يخرجونا حتى جاء وأدركنا , نزل من سيارته لحظة اقتراب خالي

ووالدتي فتوجه نحوهما وسلم على خالي وتحدثا قليلا ثم غادر هوا جهة

باب المستشفى وأركب خالي والدتي وركب بعدها وانطلق خارجين من

المستشفى ونظر لي في المرآة وقال بلهجة ماكرة " لو تركناه أوصلكم

كاد يترجنا ليفعلها هوا "

نظرت له بضيق ثم عدت بنظري للنافذة متجاهلة له وقالت والدتي

" كم هوا شاب مهذب وخلوق , علمت الآن سبب إصرار إياس عليه "

ابتسمت بسخرية بل كدت أضحك على ما سمعت , مهذب وخلوق ؟؟

ليثك رأيتِ وجهه الآخر لتغير رأيك به , وصلنا المزرعة سريعا ونزلنا

وكانتا رغد وسهاد في استقبالنا وقال خالي " أين ابنة أخي ؟ "

قالت رغد وهي توصل أمي للداخل " في غرفتها , صعدتُ لها وقالت

لا تستطيع النزول وأن رأسها يؤلمها وملامحها كانت متعبة بالفعل "

قلت متوجهة جهة السلالم " هذا كله من كبتها فهي الوحيدة التي

لم تبكي بالأمس "

وصلتُ غرفتها وطرقت الباب ودخلت فكانت غارقة في الظلام فاقتربت

من سريرها ليلفت نظري شريط الحبوب على الطاولة بجانبها ثم نظرت

لها فكانت تبدوا نائمة فغادرت الغرفة مغلقة بابها بهدوء , مسكينة يا

ترجمان ليتك كغيرك تبكي وتولولين وتفرغين ما بك أو يفهموك

ويتفهموا طبيعتك , لكنهما أمران كل واحد منهما أصعب من الآخر



*~~***~~*


فركت يداي بتوتر وأنا أراقب حركة الناس حولنا جالسان على أحد

كراسي الانتظار ننتظر موعد طائرتنا وكل فترة والأخرى يمر أحد

من خلفنا ويهمس بكلمات معينة فنظرت لأواس الشارد بنظره للبعيد ثم

أنزلت يدي وأمسكت بيده بقوة فقال بهدوء " لا تغرسي أظافرك في

كفي يا دُره "

نظرت له باستغراب مطولا فنظر لي وقال " أرخيها قليلا ولا

تدخليها للحمي "

زادت حيرتي وأرخيت يدي فعاد بنظره للبعيد وقال " ما بك ؟

هل تشعرين بالخوف ؟ "

قلت من فوري " ما حكاية هؤلاء الرجال ؟ "

قال ونظره لازال أمامه " رجال القوات الخاصة متنكرين "

تنقلت بنظري في ملمحه بصدمة ثم قلت " وبما يخبرونك ؟ "

قال بذات هدوئه المبهم " رجال جدك ينتشرون هنا ويراقبوننا

من كل اتجاه "

أدرت عيناي دون أن ألتفت ثم قلت برجفة " لما ؟ "

سكت لوقت ثم قال بنبرة غامضة وغريبة " اليوم تحديدا

يريدونك , يريدون أخذك وإبعادك "

زاد ارتجافي وقلت " ولما اليوم "

قال بنبرة ساخرة " انتهى مخططهم وعليك أن تبتعدي عني "

نظرت له بحيرة ولم استطع فهم شيء مما يقول فقال " لا تخافي لن

يؤذوك يا دُره فهم يطبقون الأوامر , ثم هم مراقبون جيدا "

قلت ونظري معلق به " أنا لست خائفة على نفسي بل عليك "

شد على يدي بقوة ثم قال بهمس " قفي "

نظرت له باستغراب فقال بأمر " بسرعة "

وقفت من فوري فشدني بقوة أوقعتني على الكرسي متألمة ونظر

لي وقال بملامح قاسية " قلت لا تتحركي ألا تفهمي "

نظرت له بصدمة فانشغل بإخراج هاتفه من جيبه قائلا " آسف

حبيبتي كي لا يشكوا بنا فمن المفترض أنك مجبرة على البقاء معي "

ثم وضع سماعات الهاتف في أذنيه ودخل في حديث مطول مع أحدهم

حتى أعلنوا وقت رحلتنا فوقف حينها ووقفت معه وغادرنا صالة

الركاب لتبدأ الرحلة التي الله وحده يعلم أين ولما ومتى ستنتهي


المخرج : بقلم الغالية أيفا رمضان

مازل هناك متسع من الوقت والخيارات دائماً موجودة لكننا لا ندركها
فلا مجال للخطاء وعلى سيف الحقيقة أن يقطع الشك بل يقين
وعلى الحرب أن تخذ أوزارها فل حق لنا وإياكم والاقتراب منا
فحصوننا نارية الغضب وان كانت من جليد
فنحن حصون من جليد .....

سلمت يداك


نهاية الفصل .....
دقائق وينزل الفصل الأربعون


فيتامين سي 27-02-16 09:11 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والثلاثون)
 


الفصل الأربعون

المدخل : إختيار الغالية شيماء علي

وأنا أشوف جابر إحساسي بيقول
مرحبا يا منبع الزين كله
يا دوا الخفاق من كل علة
ما حال عقب الغياب اللقا
يا عروق القلب واغلى الحبايب
شوفتك تشفي الجروح العطايب
ندوتك ما راح واللي بقى

سلمت يداك

******


مر يومان منذ وصولنا لهذه المنطقة الشبه ريفية والمنزل الواسع الذي

أصبحتُ سجينة إحدى غرفه وعليا أن لا أخرج منها إلا للضرورة

وبرفقة الحارس الموجود عند الباب , ما فهمته أننا في أحد أسوء مدن

أسبانيا حيث الليل الصاخب ليس بالموسيقى بل بأصوات الرصاص

المتفرق والكلاب وأحيانا صراخ متقطع لرجال , أنام خائفة وأستيقظ

مرعوبة ولا أعلم ما يجري في الخارج وما سببه ولم أجد ولا حضن

أواس لأنعم بالراحة ليلا فأنا منذ صرت هنا لم أره إلا للحظات بسيطة

ورغم طمأنته الدائمة لي إلا أنني خائفة ... خائفة عليه من كل شيء

حتى من رجال الشرطة هنا وحتى من حرّاس المنزل المنتشرين فيه

ولو كان الأمر بيدي لقرأت أفكارهم جميعهم لأعلم إن كان ثمة خائن

أو مندس بينهم ولحسن حظي أني أعرف الانجليزية لما وجدت طريقة

أتفاهم فيها ولا مع الخادمة , ضممت ساقاي لحظني ونظرت للسقف

لو أفهم لما أحضرونا لهذه البلاد تحديدا ولهذا المكان الذي يبدوا يعج

بالمجرمين والعصابات من الأصوات ليلا ؟ هل كل هذا ضمن المخطط

لجلب جدي ! حسنا لما لا يفكرون أنه قد يستعين برجاله ولا يأتي هوا ؟؟

وقفت وغادرت السرير والغرفة بعدما لبست حجابي ليتحرك الرجل الواقف

هناك خلفي من فوره ولا أفهم وجوده أيضا هل هوا تمويه أم بالفعل حماية

لي إن فكروا في القدوم لأخذي ؟ رأسي يكاد ينفجر من التحليل والتفكير , ما

هذا المستقبل الواعد الذي لم أكن أحلم به وأتخيله ؟ مالي وكل هذا ؟ كنت فتاة

كل طموحها أن تخرج من منزل الساحرة وشقيقها وتتزوج وتستقر وتنجب

أبناء لا تحرمهم من الحنان كما حُرمت هي منه , تنتهي بزواج غامض

وزوج يسكن قلبها وهوا بالكاد يكون لها , لا أبناء ولا أمان ولا استقرار

يا رب هون القادم فقلبي يقول أنه أشد , نزلت للأسفل بحثا عن الخادمة

فوجدتها تحاول مع زوجها إصلاح مشكلة ما في فرن الغاز في المطبخ

فوقفت عند الباب وقلت " لآنا أين أجد أواس ؟ هل هوا هنا ؟ "

وقفت على طولها وقالت " أعتقد في غرفة المكتب "

قلت من فوري " هل هوا وحده ؟ "

حركت رأسها بمعنى لا أعلم وقال زوجها المنحني منشغل

بالتصليح " كان معه رجلان وغادرا للتو "

تركتهما وتوجهت حيث قالت وطرقت الباب ثم فتحته ببطء ودخلت فكان

يتحدث في الهاتف مع أحدهم بلهجة لا أفهمها ونظره علي وأنا متوجهة

نحوه حتى وصلت عنده وأبعدت يده وجلست في حضنه وتعلقت بعنقه

فليفهم أني أحتاجه أحتاج الأمان أحتاج أن أعلم أنه بخير وأن كل الأمور

ستكون على ما يرام , أنهى المكالمة وأبعدني عنه لأقف مع وقوفه أنظر

له باستغراب ثم قلت " ما بك أواس ! أقسم أني أحتاجك وخائفة من كل

شيء حتى صوت الكلاب في الليل "

ضمني لحضنه بقوة وقال " عليك أن تكوني شجاعة القادم يحتاج للكثير

يا دُره يحتاج لدُرر المؤمنة القوية فلا أريدها أن تحتاج لأواس دائما

كي لا تنكسر إن خسرته "

ابتعدت عن حضنه ونظرت لعينيه وقلت بعينان دامعة

" لما ؟؟ ماذا حدث وأين ستتركني ؟ "

أمسك وجهي بيديه وقبّل أنفي وقال " قلت إن احتاج الأمر وأريدك أن

تفهمي شيئا واحدا أنني لن أتركك إلا من أجلك يا دُره أو لن يبعدني

عنك شيء فتذكري هذا جيدا حبيبتي "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لو أفهم معنى ما تقول ؟ "

ضمني لحضنه من جديد وقال " قد يأتي يوم وتفهمي فيه وقد لا

يأتي أبدا وذاك مناي يا طفلة أواس الحبيبة "

ثم أبعدني عنه مجددا وقال " عليا المغادرة لأمور ضرورية ونامي

لا تبقي تنتظريني حتى تنامي على كرسي الغرفة كالبارحة "

علِق نظري في عينيه وقلت بحزن " ألن تنام معي ؟ "

هز رأسه بلا ثم غادر جهة الباب وخرج دون أن يعلل السبب ولا أن

يعطيني مجالا لأسأل , إذاً هوا من نقلني للسرير وأنا من ضننت

أني نمت عليه ونسيت , لكن لماذا !! لما يفعل هذا ؟؟







*~~***~~*








أبعدت يدها عن حجابي وقلت بضيق " ندى أتركي شعري مغطى

أو قسما عدت بك الآن ولن تري خالك إياس "

قالت أمي السائرة بجانبي تليها سهاد نعبر ممرات المستشفى

" كنتِ تركتها تسير على الأرض ليست صغيرة "

عدلتها متأففة وقلت " لن نصل حينها أبدا وستقف بنا تتفرج على

كل شيء , ما كان عليا إحضارها من أساسه "

وصلنا حينها الغرفة وطرقت أمي الباب وأنزلتُ ندى للأرض لحظة ما

فتحته ودخلنا له فابتسم ما أن رآنا وانطلقت ندى راكضه نحو سريره

ورفعها هوا بيده السليمة وأجلسها في حضنه يقبلها وقالت والدتي

متوجهين نحوه " أنزلها ستضرب لك جرحك يا إياس "

عدّلها في حضنه قائلا " لا أتركوها لن تفعل له شيئا "

تقدمتُ نحوه وقبلت خده وقلت " حمدا لله على سلامتك يا

إياس , لا تفعلها بنا مرة أخرى "

ضحك وقال " بل عليا أن لا أترك زوج شقيقتك يخبركم إن أُصبت "

ضحكنا معا واقتربت منه سهاد وجلست بجانبه متكئة برأسها على

كتفه باكية فضمها بذراعه قائلا " لما البكاء ها أنا بخير "

قلت مبتسمة " كادت أن تجمع علينا الناس من صراخها يوم سمعنا

الخبر وأغمي عليها ولم تفق إلا بعد وقت "

قبل رأسها وقال مبتسما " لا يحدث لك شيء فيهجم علينا سيادة

الجنرال بجيوشه الروسية "


دست وجهها في صدره وقالت كلمات بلهجتها فضحك وأجابها بذات

اللهجة ثم نظر لنا وقال " أمي تعالي لأسلم عليك , لما أنتي آخر واحدة ؟ "

اقتربتْ حينها منه وابتعدتْ سهاد عن حضنه فمد يده لها قائلا

" أعطني رأسك لأقبله "

انحنت له قائلة " لا داعي بني أنت متعب "

قبل رأسها قائلا " أنا بخير ولن أبقى لهم أكثر من اليوم

وليفعلوا ما يحلوا لهم "

جلست بجانبه وقالت بضيق " ماذا تغادر هذه ؟ أنت متعب هل

سنحضر خالك ليجبرهم على إبقائك بالقوة مجددا ؟ "

تنهد بضيق وقال " أنا بخير يا أمي لا داعي لبقائي هنا "

قالت حينها ندى ناظرة له " ديموو دربتني وأخذت سكلاته مني "

ضحكتُ وقلت " لن تستطيع كتمها أكثر من هذا فقد هدّدتْها أن تخبرك "

قبّل خدها وقال " سأريها تلك الحرباء الملونة كيف تضرب ندى ابنتي "

ثم نظر لي وقال " وكيف فعلتها فليست عادة سدين "

رفعت كتفاي وقلت مبتسمة " سدين هذه الأيام كالبارود لا أحد يستطيع

الاقتراب منها خاصة اليوم كلفتها أمي بطبخ أكثر وجبة تكرهها

وتركناها أبخرتها تخرج من أذنيها "

قال بضحكة " هل هذا كله من تأثير وجود زوجها "

قالت أمي مبتسمة " يُتعب نفسه كثيرا هذا الشاب , ترك شقيقتيه

وتجارته ومرابط عندنا , حتى العمال يشرف عليهم "

قال ماسحا على شعر ندى " أمين رجل يقاس بالذهب أعرفه

سنين طويلة ولم أرى مثله "

ثم نظر لأمي وقال " وأين ترجمان لم تأتي معكم ؟ "

قالت من فورها " رأسها يؤلمها هاذين اليومين ولا تغادر غرفتها

إلا لتتناول الطعام ومجبرة أيضا "

نظر لي وقال باستغراب " ما بها ؟ "

رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم , يوم أصبت كانت الوحيدة المتشجعة بيننا

والتي لم تبكي وتصرفت في كل شيء سريعا , حتى الحديث لم تتحدث

لباقي اليوم , هاتفها في يدها وتنتظر اتصال سدين لتطمئننا عليكما

واليوم التالي أصابتها نوبة الصداع تلك ولم تفارق سريرها "

قال من فوره " وهل تناولت المسكنات ؟ "

قالت أمي " أكملت شريطين كاملين ويبدوا بلا فائدة "

نظر لها وقال بشيء من الضيق " أمي لما لم تحضروها ليراها الطبيب "

هزت رأسها وقالت بقلة حيلة " حاولنا كثيرا ولم ترضى , أنت

تعرف عنادها جيدا "

قال بضيق أكبر " حدثت لها هذه الحالة سابقا لكنها كانت صباحا

بخير فما كان عليكم تركها كل هذا الوقت والمسكن لم يجدي معها "

ثم أنزل ندى من السرير وقال " أنا خارج معكم , سأرى الطبيب

ليُتم ورقة الخروج "

أمسكتْ أمي ذراعه موقفة له عن الوقوف وقالت " ابق مكانك سيأتي

أمين ويتحدث معهم , هوا غادر لرؤية رفاقكم الموجودين هنا "

ثم وقفت قائلة " سأذهب لأتحدث معه "

ويبدوا أمي تخطط لإبقاء إياس هنا وهوا لن يرضى أعرفه جيدا

قلت من فوري "سأذهب معك لا تذهبي وحدك "

قالت " لا أنتي ابنتك ستتعبنا وستحملينها طوال الطريق "

وقفت سهاد وقالت " إذا سأرافقك أنا لا تذهبي وحدك عمتي فحتى

لافتات المستشفى ليست بالعربية لتفهميها "

وخرجتا معا فنظرتُ لإياس الذي رن على جرس الممرضات

وقلت ضاحكة " يبدوا كشفت خطتها ؟ "

أنزل ساقيه من السرير وقال " أمي وأعرفها ثم أنا بخير كتفي المصاب

وليس رئتي أو كبدي لأبقى أكثر فحتى اليومان كانا كثير "

قلت مبتسمة " ظننته قلقا على ترجمان ؟ "

هز رأسه بضيق وهوا يفتش في الدرج بيده اليسرى وقال

" لا أعلم لما سكتّم عن حالتها كل هذا الوقت "

تنهدت وقلت " تعرفها جيدا رأسها أعند من الصخر , سدين قالت

أن أنفها نزف كثيرا أول أمس وجميعنا حاولنا معها ليراها

الطبيب ولم ترضى "

تأفف حينها وضرب باب الدرج بقوة كادت تحطمه فنظرت له

بقلق وكنت سأتحدث لكني نظرت سريعا حولي وقلت بصدمة

" ندى أين ذهبت ؟؟ "

ثم نظرت لباب الحجرة المفتوح وخرجت منه راكضة أنظر للممر

من جميع اتجاهاته ولا أثر لها فركضت أصرخ منادية لها وأحاول

أن لا أفكر أنها ضاعت في هذا المستشفى الواسع








*~~***~~*









اطّلع على التقرير وقال " علينا التأكد جيدا أولاً , سأرسل هذه الأوراق

لصديق لي وتأكد أنت من خزّانات البسترة والتعقيم وأشرف على

المهندس بنفسك , المشكلة بسيطة وقد لا تحتاج كل هذا "

هززت رأسي بحسنا ووقفت وقلت " عليا الذهاب لعملي الآن

وأراك في الغد "

قال وهوا يجمع أوراقه " ماذا بشأن اجتماعك مع السيد رافع "

رفعت هاتفي ووضعته في جيبي وقلت " قابله أنت , أنا أتق بك

فأوصل لي نتائج ما توصلتم له وسنناقشه معا "

وقف وقال " وزوجتك من المفترض أن تكون على دراية بكل شيء

كي لا تتسبب لنا بمشكلة وإحراج مع ذاك التاجر "

تنهدت بضيق وقلت " إذا سأرى ما يمكنني فعله وسأتصل بك "

ثم خرجت من عنده وركبت سيارتي واتصلت بعمتي سعاد التي

أجابت سريعا وقلت متحركا بالسيارة " هل خرجت اليوم ؟ "

قالت من فورها " نعم وتناولت الطعام , فقط لأن عمك صابر

حلّفها أن تأكل من أجله "

تأففت أضغط بقبضتي على المقود فقالت " اتركوها لا تضغطوا

عليها أكثر يا آسر فكلما أمر بغرفتها ليلا أجدها مستيقظة "

تنفست بقوة وقلت " حاولوا معها عمتي لا تتركوها تسجن نفسها "

قالت من فورها " بالتأكيد بني "

قلت بهدوء " وداعا الآن "

ثم أنهيت الاتصال معها وتابعت طريقي , لم أعد أفهمك يا سراب ولا

أستطيع توقع ردود أفعالك وكل ما كان علاجا لك سابقا أصبح يزيد من

تأزم حالتك الآن , كيف كنتِ سابقا تواجهين هذه الظروف بشكل معاكس

وبقوة أكبر ؟ حتى حقيقة والدتها تقبلتها تلك المرة سريعا وعادت طبيعية

تبتسم وتضحك أما الآن أصبحت تتصرف بسلبية غير متوقعة ولا معتادة

منها ! هل أخطأتَ في فهم شخصيتها يا آسر أم لأن الظروف كانت غير

الآن ؟ أم أن سراب تغيرت مجددا ؟! وصلتُ المركز الذي أصبح موحشا

في عيني فإياس وأمين أصبحا هناك وأواس سافر حاليا ولا أعلم متى

سيرجع وبقينا أنا ومحمود وخليل نتناوب حتى يعيّنوا آخرين معنا









*~~***~~*








أبعدتُ خصلات شعرها المتطايرة على وجهها وقلت " وأين هي

ماما الآن ؟ ولما أنتي وحدك هنا ؟ "

مسحتْ بيدها الصغيرة على جبينها مبعدة باقي شعرها

وقال " تيته وإياث "

ضحكت وقبلت خدها ثم ضممتها بقوة أستنشق رائحتها وكأني سأجد رائحة

تلك الحبيبة فيها وألتمس حضنها لديها , رغد تلك الطفلة التي كانت تكرهني

وحدي من بين جميع أشقائي حين كانت في عمر ابنتها الآن وحتى إن أوقعت

نفسها ووجدوها تبكي قالت بسام أوقعني أو ضربني وحتى الشكلاته لا تأخذها

مني رغم حبها لها وقتها وكنت كالأحمق كلما كبرت تعلقت بها أكثر وكلما قالت

والدتي نخطبها لك قلت لا لتنهي دراستها أولا لا أريد أن أظلمها بزواج وأبناء

فتهمل دراستها وحين علمت أن ذاك الشاب سيخطبها وهي موافقة جن جنوني

وأرسلت والدتي لهم بما أن والدي رفض التحدث مع إياس في الأمر حتى نأخذ

موافقتها أولا لأفجع برفضها ثم بموعد زواجها القريب من ذاك الصعلوك الذي

كنت أستغرب كيف وافق عليه إياس ومن قبل حتى أن تنهي دراستها , توجهت

جهة باب المستشفى فلابد وأنهم عند إياس لكن كيف خرجت ندى ولم يلحظوها

حتى وصلت لخارج المبنى !! ماذا إن لم أجدها ودهستها سيارة ؟ ما أن اقتربت

من الباب حتى كانت رغد خارجة منه راكضه تنظر في كل اتجاه فابتسمت بلا

شعور سامحا لعيناي بالتهام ملامحها الجميلة القلقة وعيناها الواسعة التائهة في

كل اتجاه فأنا لم أراها من شهور وشهور وحين شممت فقط خبر طلاقها كدت

أجن من السعادة حتى أني خططت لتلك الخطة المجنونة مع خالد لتوافق عليا

هذه المرة وكدت بغبائي أن أخسرها مجددا , أشرتُ لندى عليها وقلت

" ها هي ماما هناك تبحث عنك يا مشاغبة "

نظرت جهتها وصرخت من فورها " مامااااا "

فنظرت رغد جهتنا فورا لتخور قواها وجلست على الأرض واضعة

كفها على جبينها فتوجهت نحوها مسرعا وأمسكت يدها وساعدتها على

الوقوف وقلت " هي بخير وجدتها أمام باب المستشفى وحمدا لله

أنها لم تخرج لموقف السيارات "

سقطت ندى في حضنها فورا وأخذتها مني تضمها لصدرها بقوة وتمتم

حامدة لله ثم أنزلته وأمسكت برسغها وقالت بحدة " لما خرجت من

الغرفة وحدك لماذا ؟ "

وهي كانت تنظر لها بملامح توشك على الانفجار باكية وصرخت

بها رغد " تكلمي لما خرجتِ من الغرفة ؟ "

ولا جواب من الصغيرة التي دموعها بدأت تنذر بالسقوط فقلت

" هي صغيرة ولا تفهم وجاءت سليمة يا رغد "

ارتفعت حينها يدها الأخرى وضربت بها يد ندى التي تمسكها ضربة

قوية دوى صوتها في أذناي لتنطلق صرخة الصغيرة الباكية وكانت

ستضربها مجددا فأمسكت يدها وقلت " توقفي يا رغد يكفي واحدة "

فتركت يدها حينها لتتوجه لساقاي من فورها وتعلقت بإحداهما تبكي بشدة

فانحنيت لها ورفعتها فتعلقت بعنقي تواصل بكائها وعبراتها وأنا أمسح

على ظهرها ونظري على الواقفة أمامي لازالت تنظر لها بغضب وقد

تابعت حديثها الغاضب " ماذا إن لم يجدك بسام هنا تكلمي "

شعرت باسمي من شفتيها وكأنه سهما اخترق قلبي وكأني لم أجرب هذا

الشعور من قبل بل وكأني لم أسمعه منها قط , قلت محاولا تهدئتها

" هي صغيرة وتبكي ولن تفهم ما تقولي يا رغد , ألا معلومة لديك

عن أن الطفل لا يفهم النبرة الغاضبة أبدا "

نزلت حينها دمعة رغد وقالت بعبرة مكتومة " خفت أن لا

أجدها , ماذا إن حدث لها شيء ؟ "

لا هذا فوق طاقتي وتحملي , لترحمني إحداكما لا تبكيان لي معا , ابنتك

أحضنها وأخفف عنها أنتي ما أفعل مع النار التي اشتعلت داخلي الآن

أمسكت يدها وسحبتها لأحد المقاعد وأجلستها هناك وقلت

" لا تبكي يا رغد ها هي بخير "

ويبدوا لا جدوى مما أقول فتوجهت لسيارتي القريبة من هناك والطفلة

لازالت متعلقة بي وتبكي , فتحت الباب وأخرجت قارورة الماء الصغيرة

وعدت ناحية الجالسة هناك لازالت على بكائها الصامت , جلست بجوارها

ومددت لها القارورة وقلت " خذي اشربي وتوقفي عن البكاء يا رغد

حلفتك بالله "

أخذتها من يدي ووضعتها في حجرها تضمها بكلتا يديها فقلت

" هيا اشربي وتوقفي عن البكاء "

فتحتها بيد مرتجفة وشربت منها قليلا ثم مسحت خديها وقالت ناظرة

للأسفل " أنا آسفة وشكرا لك , من خوفي نسيت حتى أن اسلم

عليك أو أشكرك "

قلت مبتسما ويدي لازالت تربت على ظهر الصغيرة

" لا بأس تكفلت ابنتك بالمهمة قبلك "

ابتسمتْ حينها ابتسامة صغيرة وهي تشغل نظرها بيدها التي تغلق بها

القارورة , يا رب صبرني على هذا اليوم المرهق للمشاعر والأعصاب

وضعتها جانبا ثم مدت يدها لذراع ابنتها وقالت وهي تحاول سحبها

" هات عنك هذه ستصيبك بالطرش ولن تسكت "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " لا خبرة لي في إسكات

الأطفال خاصة المضروبين بقسوة "

اكتفت بابتسامة صغيرة وهي تحاول سحبها وندى تتعلق بعنقي أكثر

وتزداد بكاء حتى تأففت رغد وقالت بضيق محاولة سحبها بقوة

" أتركي الرجل ليس ورائه أنتي فقط "

ضممتها بقوة وقلت " لا بأس اتركيها حتى تهدأ وستتركني من نفسها "

أبعدتْ يدها وقالت بضيق " لن تسكت قبل وقت فهل ستجلس بها هكذا "

وصلت حينها زوجة عمي مسرعة معها زوج سدين الذي أرى أن مكانه

خاطئ وأنه نحن أبناء عمهم من يفترض أن يكونوا مكانه وما كنت سأرضى

لولا أن إياس في زيارتي له أول أمس أصر على بقائه هوا لأن عمله هنا

ووالدته وسدين يحلان له ونحن أعمالنا في العاصمة ولا يمكننا البقاء هنا

لأيام , قالت عمتي ما أن وصلت " مرحبا يا بسام "

ثم نظرت لرغد وقالت " حمدا لله وجدتموها قلقنا عليكما وأنتي يا رغد

خرجت حتى حقيبتك لم تأخذيها معك لنتصل بك ونطمئن عليكما "

وقفت رغد وقالت " لا أعلم من أين جاءتها الشجاعة وخرجت وحدها "

مدت يدها تأخذها مني وقالت " لابد وأنها أرادت اللحاق بي أنا

وسهاد بعد خروجنا "

حاولت سحبها والنتيجة ذاتها ترفض تركي والتوقف عن البكاء رغم

أنه خف كثيرا , حاولت مجددا وقالت بحنان " هيا ندى حبيبة جدتك

سنعود للمنزل "

ولم تزدد سوا تعلقا بعنقي وقد ازداد بكائها فقلت " أتركوها وحين تهدأ

سوف آخذها للمزرعة بنفسي "

قالت رغد من فورها " ستتعبك فهي غير معتادة على الابتعاد عني "

مسحت على ظهرا وقلت " لا عليكم ولا تفكروا بي إن أتعبتني

أخذتها لكم هناك "

نظرت رغد لوالدتها وقالت " ألن يخرج إياس ؟ وسهاد أين هي "

قالت من فورها " سينتظر الطبيب المناوب وسيخرج فقد تغلب علينا

بعناده وسهاد قالت ستبقى معه وسيعود لهما أمين "

وقفت وقلت " لا تتعبوا أنفسكم بما أنني جئت سأخرجه أنا وأوصله

فوالدي ومراد قادمان أيضا وسنخرج معا للمنزل "

قالت زوجة عمي " ولما تتعبوا والدكم كل هذه المسافة يا بسام "

قلت مبتسما " وهل كنا نستطيع ثني كلمته ؟ هوا أصر علينا "

وفرصة سعيدة أيضا ونفتح الموضوع الآن ويا رب يصدق ما في بالي

ولا أغادر هذه المرة من هنا إلا وهي خطيبة لي وبالي مطمئن أنه لن

يأخذها أحد مني , غادروا بعدها وتركوا لي الصغيرة الباكية التي عليا

أن أزور بها أحد المتاجر لأسكتها قبل أن أفكر في أن أدخل لخالها








*~~***~~*









سمعت طرقات على باب الغرفة ثم انفتح ببطء ولم أرى من يكون

لأني كنت جالسة في الشرفة أضم الوشاح الصوفي على نفسي وأراقب

الأفق حيث غروب الشمس بخيوطها الذهبية تغادر مودعة كل شيء

وأولهم سطح ذاك البحر الواسع الذي لا يظهر إلا نهايته من خلف

المباني , سمعت خطوات هادئة تقترب مني حتى خرجت فعلمت من

تكون صاحبتها قبل أن تتحدث فوحدها من تتسم بكل هذا الهدوء ولا

ينافسها فيه سوا عبير , قالت بصوتها الهادئ " لما تجلسين في

الشرفة ؟ الجو بارد وستمرضين "

قلت ونظري لازال معلقا هناك " الجو ليس بذاك السوء

ومنظر الغروب من هنا يشرح النفس "

جلست بجواري وقالت " نعم فأجمل غروب للشمس خلف

الجبال وخلف البحر "

نظرت لها وقلت بابتسامة صغيرة " وماذا تركتِ ؟ "

ضحكت وقالت " الرمال والحجارة "

ثم تابعت مبتسمة " أراك اليوم أفضل وجُدتي عليا بابتسامتك "

عدت بنظري هناك وقلت بحزن " يبدوا علينا أن نعتاد , أن

نعتاد على كل شيء حتى البؤس "

قالت بنبرة يشوبها الحزن " لما لا تتصالحا أنتي وأخي

آسر ؟ هوا وحيد الآن ويحتاجك "

قلت بابتسامة متألمة " لا أحد وحيد غيري ومثلي والوحدة ليست

بفقدك والديك وأهلك بل بفقدك الثقة في كل من حولك يا صفاء "

مدت لي شيئا في يدها وقالت " خذي اقرئي هذا سينفعك كثيرا "

نظرت لما في يدها ثم لعينيها وقلت " صفاء لا تغضبيني منك , من

أخبرك أني معلولة نفسيا "

قالت بمفاجئة " لا ليس هذا قصدي بل هذه قصة رائعة فيها عبرة

لن يعطيها أحد لك وأنا أقرئها كلما حزنت ورأيت أن الأبواب

تغلق أمامي "

نظرت للكتاب في يدها ولعنوانه ( من حرك قطعة الجبن الخاصة بي )

ثم قلت ببرود " ما هذه ! تبدوا قصة أطفال "

ضحكت وقالت " لا أبدا ... صحيح أن عنوانها غريب وشخصياتها

أيضا غريبة لكنها مثيرة حقا فجربي قراءتها ولن تندمي "

أخذت الكتاب منها وقلت " حركتِ فضولي لقراءتها "

قالت بحماس " وأنا سأجلس أنتظرك حتى تنهيها فقد أحضرها لي أخي

آسر عندما تدنت درجاتي وكدت أرسب في إحدى المواد وأنا المتفوقة

دائما وكنت سأفشل في جميع المواد بسبب إحباطي لولا قرأت هذه

القصة وأخذت منها العبرة ومنذ ذاك الوقت أقرئها كلما

تعسر عليا أمر وشعرت بالعجز "

أخذت القصة منها وورقت أولى أوراقها وكان كلاما كمقدمة للكاتب أو كموجز

للقصة شرح فيه ما ستعنيه لك قطعة الجبن والمتاهة والشخصيات الأربعة وشد

انتباهي جملة قالها ( صدق أو لا تصدق ، أن لهذه القصة الفضل في إنقاذ زيجات

ووظائف بل أرواح وبشر ) وشدني كيف أنه يوزعها على جميع موظفيه ليقرئوها

فانتقلت فورا للجزء المخصص لسردها وبدأت بقراءتها منسجمة ونسيت كل شيء


حولي حتى البرد والفتاة الجالسة بجانبي فيه , قد تجدها أمرا سخيفا قصة لمتاهة فيها

فأرين وقزمان وقطعة من الجبن توضع لهم كل يوم لكنك ستنسى نفسك وأنت تتعمق

في القصة أكثر لتكتشف غباء القزمين الذي كشفه لك أحدهما وأكثر ما شدني العبارات

التي أصبح يكتبها القزم على الجدار وهوا يبحث عن الجبن من جديد , كانت قصة

تهدف لشرح للتغيير المفاجئ في حياة الإنسان وكيف يكون مستعدا له وأن يتحرك

معه وأن يلاحظ تلاشي ما بين يديه شيئا فشيئا قبل أن يُفجع باختفائه وكان ثمة تساؤل

في نهاية القصة من المجموعة الذين قرءوها وتناقشوا فيها أن يرى كل واحد من

يكون من شخصيات القصة ففكرت لوقت قصير ثم همست بإحباط

" أنا ( هيم ) بالتأكيد"

ذاك الذي بقي مكانه يرفض التغيير الجديد الذي طرأ على حياته , رفعت

نظري لأجد الشمس قد غابت في الأفق وبدأ الظلام يتسلل للسماء فنظرت

جانبا حيث التي تنتظر أن أنهي قراءتها فابتسمت وقالت " جميل أن

يكيف الإنسان نفسه على التغيير أليس كذلك ؟ "

انطلقت مني ضحكة لا أعلم ما سببها سوا أنها سخرية من نفسي , أجل أنا

سجنت نفسي في المحطة ( ج ) من المتاهة تماما كذاك القزم ورفضت التغيير

الذي حدث لي وبقيت أنتظر أن يعود كل شيء كما كان ويجدني أنتظره , في

السابق اجتزت كل مخاوفي وهمومي ونكساتي لأني رئيت في آسر طوق النجاة

كنت أتحمل كل شيء لأني أراه بجانبي فلم أعد أتذمر من الفقر وأكرهه ولا من

ذاك المنزل وتلك الحياة لأني رأيتها السبيل الوحيد للعيش بقربه ولذلك رفضت

حتى المال وهذا المنزل من أجله بادئ الأمر وحين صُدمت في حقيقة والدتي

اجتزت ذلك بسهولة لأنه كان بقربي وكأن قلبي يقول لي مهما خسرنا وفقدنا

فنحن لدينا هذا الرجل , لذلك حين صُدمت فيه هوا نفسه لم أتحمل تلك الفكرة

ولم يقتنع بها قلبي ولا عقلي لأني كنت غير مستعدة للتغيير لم أفكر يوما أني

قد أخسره بأي طريقة كانت وحين فقدت من كنت أراه طوق نجاتي من كل

الصدمات والتغييرات رفضت واقعي واستسلمت لليأس والإحباط وأصبحت

أحارب كل شيء حولي وأرفضه حتى هوا ذاته ورأيت أنه لا يمكنني العيش

والتخلص من كل ذاك الفشل والعجز إلا بطلاقي منه وتركه , نظرت لصفاء

مجددا وقلت " أنا هيم أليس كذلك "

قالت مبتسمة " وعليك أن تكوني ( هاو ) وتتحركي وتتقبلي التغيير

وتتكيفي مع أي تغير آخر قد يطرأ على حياتك في أي وقت "

هززت رأسي مبتسمة بحمق على أفكاري ثم قلت " أجل أعلم , بث أعلم "

ثم نظرت لها مجددا وقلت بأسى وحزن " لكنه مؤلم وصعب جدا يا

صفاء فأنتي لم تجربي الحب والخذلان "

قالت بذات ابتسامتها " لا تعودي هيم من جديد "

هززت رأسي بنعم مبتسمة بحزن ثم مددت لها القصة وقلت

" شكرا يا صفاء أنتي فتاة أكبر من سنك بكثير "

أخذتها مني ووقفت حاضنة لها وقالت " ونحتاج دائما لمن يقف معنا فهذه

القصة تُجدي مع ما في النفس فقط لكن التطبيق أحيانا يحتاج لوقوف الغير معك

فأنا حين كان والداي ينويان تزويجي من أشهر وأنا رافضة الأمر سيطر عليا

الإحباط والعجز ورأيت أني بالفعل سأخسر جميع أحلامي وطموحاتي وما كان

بعدها سيجدي معي ولا ألف قصة من هذه حين سأجد نفسي في منزل وعائلة

تعيش معي ثم أبناء وقد فقدت دراستي للأبد لذلك استنجدت بأخي آسر فورا

ليجد حلا لمشكلتي وقد فعل بالفعل وخلصني من ذاك الكابوس "

ثم غادرت الشرفة والغرفة بهدوء كما دخلت فوقفت أيضا ودخلت وأغلقت بابها

الزجاجي ونظرت للبعيد بشرود أفكر في كل هذا وكل ما قلناه , أتمنى أن أجد

ما أتمسك به للمضي بدونك يا آسر , أن يكون ذاك الشيء نابعا من نفسي من

داخلي أنا وليس شيئا حولي قد يوليني ظهره يوما , التفتُّ للوراء ونظرت

للغرفة نظرة شاملة , وأول شيء هوا هذا فعليا أن أكيف نفسي على فقده في

أي وقت وأن أراقب التغييرات التي قد تأخذه وأتفاداها وأبحث عن البديل قبل

أن أخسره وأجد نفسي في الشارع أو السجن كما حدث معي حين فقدت حلمي

بالزواج من ذاك العجوز عمي ورفضت واقعي الجديد وتغير حياتي للأسوأ

مما كانت عليه واحتجت وقتا لأتأقلم معه وأرضى بواقعي الجديد









*~~***~~*










بعدما انتهينا من العشاء أخيرا جلسنا لننعم بالقليل من الراحة فقد أصر

إياس على عمي وأبنائه أن يبقوا لتناوله معنا حتى أنه لم يدخل ولم نراه

ففور وصوله جلس معهم في المجلس والخادمتان من تكفلتا بإدخال الطعام

لهم , وقفت ترجمان وقالت " سأصعد لغرفتي إن لم تكنوا تحتاجون شيئا "

قالت أمي " لا بنيتي وإن كان رأسك يؤلمك فعليك الذهاب للمستشفى

لأن إياس كان مصرا لولا اعتراضي بأنك أفضل "

هزت رأسها بلا وقلت مغادرة " لا يؤلمني أبدا أنا بخير "

ثم صعدت السلالم وقالت رغد " ما كان عليها إتعاب نفسها معنا

اليوم ولا أن نسمح لها بالعمل معنا في المطبخ "

قلت ببرود " صباح الخير سيدة رغد فأنتم لم يعنيكم سوا

أن ترتاح السيدة سهاد "

قالت أمي بضيق " سدين هل لاحظتِ طول لسانك هذه الفترة

فابتعدي عن التدخل في حياة شقيقك "

ابتسمت بسخرية ولم أعلق ودخل حينها إياس وقال

" رغد عمي يريدك في المجلس "

قالت بتوجس " يريدني لما !! "

اقترب منا وقال " لا أعلم اذهبي له فمعتز ينتظره في الخارج

ولتدخلي ابنتك النائمة هناك من ساعات فأنا لا يمكنني حملها "

وقفت وغادرت في صمت وقالت والدتي " ونحن استغربنا كيف

بقيت هناك كل هذا الوقت وظنناها ما تزال غاضبة "

نظر حوله وقال " بل نامت من قبل المغرب "

قالت والدتي " وأنت عليك أن ترتاح وتنام "

هز رأسه بحسنا وغادر دون أن يسأل عمّا كان يبحث عنه وجيد أنه

لم يقل ذلك كي لا تكون سهاد ولن أرحمه حينها , قال ما أن وصل

منتصف السلالم " سدين كدت أنسى , أمين يريدك ما أن يغادر

عمي قبل أن يغادر هوا أيضا "

ثم صعد من فوره قبل أن يسمع ردي , من قال أني أريد رؤيته والتحدث

معه , مؤكد يريدني بشأن الرسالة التي أرسلتها له مع الخادمة بالأمس لذلك

لن أخرج له وسأرسل له الخادمة مجددا تخبره أني نائمة فليفهما كما يحلو له

طيلة اليومين اللذان قضاهما هنا لم أحتك به بأي صورة وتهربت منه قدر

المستطاع وهوا لم يطلب التحدث معي وليس لديه ما يقول طبعا لذلك عليه

هوا أن ينهي هذا الموضوع لأني لن استطيع مخالفة شقيقي وخذلانه بي

وأقسم أن هذا ما يكسر ظهري ويجبرني على تحمل هذا الرجل فلا أستطيع

قول الحقيقة له وكسر صورة صديقه في عينيه ولا أن أغيّر رأيي وأطلب

الطلاق , أقسم أن يجن إياس وأن تقتلني والدتي , دخلت حينها رغد بابنتها

متوجهة جهة ممر غرف الطابق الأرضي فقلت " رغد هل غادر عمي ؟ "

ولم تجب وكأنها لا تسمع ما أقول وتابعت سيرها فرفعت كتفاي بلامبالاة

وغادرت جهة المطبخ وأخبرت الخادمة لتخرج له وتخبره بما سأقول لها ثم

صعدت لغرفتي وما أن وصلت حتى رن هاتفي وكان رقمه هوا , صحيح

أنه غير مسجل عندي لكني أعرفه جيدا , هه عرف الآن كيف يصل له

وكيف يتصل بي , تجاهلت جميع اتصالاته وبعد عدة محاولات وصلت

رسالة فتحتها فكان فيها ( اخرجي أو اتصلت بإياس ليخرجك )

فصررت على أسناني من الغيظ , تلك الخادمة الغبية ما الذي قالته له

عدت للأسفل وللمطبخ طبعا وقلت ما أن دخلت " ما الذي أخبرته به ؟ "

نظرت لي باستغراب وقالت " ما قلتيه لي "

ضيقت عيناي وقلت " وأخبرتِه أن إياس من قال لك أني نائمة ؟ "

هزت رأسها بنعم فقلت بضيق " عودي للخارج وقولي له سدين

قالت ... "

ولم أنهي جملتي بسبب باب المطبخ الخارجي الذي دُفع لينفتح وظهر

الواقف خارجه يداه في جيوبه وقال ببرود " ولما لا تنقليه بنفسك

دون وسيط "

استدرت من فوري لأغادر وما وصلت باب المطبخ حتى كان خصري

في قبضته وقدماي معلقتان في الهواء وأنا أحاول ضرب ساعديه قائلة

" أتركني لا أريد أن أتحدث معك "

ولا حياة لمن تنادي , عاد بي بضع خطوات للوراء قائلا

" أخرجي وأغلقي الباب خلفك "

صرخت حينها في الخادمة التي توجهت للباب " توقفي لا تغادري "

فوقفت تنظر لنا بحيرة تحولت لسخط حين قال من خلفي

" قلت أخرجي الآن "

فصرخت فيها " لا تخرجي واتركي الباب مفتوحا "

فخرج بي حينها من الباب الآخر للخارج وأغلقه بقدمه خلفنا بقوة وأنزلني

فالتفت له وقلت بضيق مبعدة شعري الذي بدئت الريح الباردة من خلفي

برميه على وجهي " ماذا تريد بي فما لديك قلته "

أدخل يديه في جيوب سترته وقال " إن كنتِ تصرين على الانفصال

فقولي أنتي ذلك وأنك تريدينه بدون سبب أو لا تتحدثي عنه أبدا "

قلت بسخرية " أتحفتني حقا , وتريد أن أتحمل أنا النتائج "

أخرج الورقة من جيبه ومزقها لتتطاير من بين أصابعه في الريح

وقال " إذا طلبك هذا مرفوض وأنا لا أريد أن أطلقك "

قلت بذات سخريتي " وستقبل بأم الفصوص التي لا يعجبك فيها شيء ؟ "

اقترب مني حينها ورغم تراجعي إلا أن خطواته وصلتني بسهولة ومد يديه

خلف رأسي وبحركة سريعة أمسك شعري للخلف وثبته بشيء لا

أعرف ما يكون وقال ناظرا لعيناي " أراها اختفت جميعها "

قلت بجمود " ليس من أجلك طبعا "

قال بابتسامة جانبية " أعلم "

ركزت نظري على عينيه محاولة إخفاء رجفتي من اقترابه

وقلت بذات جمودي " أكرهتني فيها "

قال بذات ابتسامته " وذلك جيد "

نزل بعدها بيديه لعنقي وقال " هي فقط ما كنت لا أريده فيك

والباقي يعجبني "

شتت نظري وقلت بشبه همس " أبعد يديك واتركني أدخل "

قال بنبرة متلاعبة " وما بك ترتجفين ؟ "

رفعت يداي وأمسكت ساعديه محاولة سحبهما عني وقلت

" من البرد طبعا فملابسي خفيفة ليست مثلك "

أخرج يديه حينها ووضعهما في جيوبه وقال مغادرا " لا تخافي

فليس ما في مخيلتك كنت أنوي ولم أفكر فيه "

وتابع سيره بخطوات كسولة وجسد منتصب ففتحت الباب ودخلت ألعن فيه

بكل ما أعرف من كلمات , المغرور الجليدي سيرى أقسم أن يندم على كل

كلامه ذاك وأن يعتذر أيضا ولن تتغلب عليا يا أمين فأنت لم تعرف سدين

بعد وإن غيّرتْ مظهرها فداخلها كما هوا لم يتغير متملكة مسيطرة أنانية

وتعرف كيف تصل لغرضها وتأخذه , صعدت السلالم حتى وصلت غرفتي

وأغلقت بابها خلفي بقوة وتوجهت للخزانة وأخرجت علبة مصبغات الشعر

المؤقتة ورميها كلها في سلة المهملات وأتبعت لها ملصقات الوشوم الصناعية

والخواتم وكل ما لم أرتدي وأستخدمه الأيام الماضية , ها هوا مظهري الذي

تحكمون به عليا تغيّر , لكن الباقي لا يا أمين وجرح كرامتي ستدفع ثمنه

غرست أصابعي في شعري وأخرجت الشيء الذي ثبته به فكان قلم حبر

ذهبي محفور فيه اسمه كاملا فرميته على الطاولة بطول يدي





*~~***~~*






خرجتُ من غرفتي أو من جناحي الجديد فصاحب هذا المنزل يبدوا

غائبا عنه فطيلة اليومين لم أسمع له صوتا هنا وعقيد في الشرطة مؤكد

له صوت مزمجر يُسمع من آخر المنزل ما أن يدخل ويخرج خاصة مع

خادمة متذمرة عنيدة كهذه التي لديه فإن كان أواس الضابط بتلك الطباع

الخشنة فكيف برئيسه ! اقتربت من المطبخ لأقف مكاني بقربه وأنا أسمع

الصوت الرجولي الرخيم الهادئ في الداخل لتتجمد ملامحي وكأن ثمة من

ضربني على وجهي وكسر تلك الصورة الموجودة في مخيلتي لصوته فلم

أتصوره هكذا أبدا !! هذا ينفع مذيعا في مذياع أو عازف موسيقى حتى

أني بالكاد أفهم كلماته , آخر ما كنت أتخيل أنه في رجال الشرطة والجيش

رجال لهم نبرة صوت هادئة رصينة رغم فخامتها , تراجعت قليلا حين

اقترب صوته من الباب قائلا " لا هم عشرة فقط , واخبريني

كيف الضيفة معك ؟ "

جاء صوت الخادمة بنبرتها الرقيقة المرتفعة " تمام كلو تمام "

قال بنبرة مبتسمة " أعرفك ثرثارة ومتذمرة فلا تتعبيها معك مفهوم "

ليخرج صوتها المتذمر قائلة بضيق " أنا ليس ثرثار مدمرة كيف

أنت يقول عني مدمرة "

تراجعت حتى اختفيت عن الممر حين خرج ضاحكا وقال " مدمرة

حقا وأعانها الله على مقابلتك طوال اليوم "

كتمت ضحكتي وشيء من الجنون قال لي اسرقي نظرة لتري كيف

يبدوا رجل الشرطة صاحب هذا الصوت المنخفض الهادئ الغريب

لكن سرعان ما نهرت عقلي وجنونه وعدت جهة جناحي , أكثر ما

يحيرني في هذا الرجل أين عائلته لما لا زوجة له ولا أبناء فما قالته

الخادمة أنها تعمل هنا من أكثر من عشر سنين ولم ترى له من هذا أي

شيء !! علمت الآن لما هوا غير موجود طوال الوقت لأني أنا التي لم

ولن أسمع صوته مهما علا وارتفع ويبدوا أنه حتى خطواته لا تُسمع

عقلي يرفض حتى الآن تركيب هذه الصورة له , دخلت الغرفة وجلست

على السرير وتنهدت بأسى , ليثه يمكنني سؤاله عن أواس وما يحدث

معه فحتى رقمه هناك لم يعطيه لي , ودُرر تلك المسكينة تُرى ما حدث

معها فدموعها لم تجف طيلة الأيام الماضية من خوفها عليه








*~~***~~*










فور خروجه فتحت عيناي لتنزل دمعتي تسقي الوسادة التي لم تجف بعد

لو أفهم ما بك يا أواس ؟ ما الذي يجعلك هكذا تتأملني ليلا من بعيد بل حتى

تنفسه الليلة لم يكن طبيعيا ! تنهداته الحزينة وشده لشعره للخلف ناظرا للسقف

كل حين وكلها دقائق فقط وخرج كما دخل وتركني وحدي , هل حدث شيء

ما ولا يريد قوله لي ؟ ليته سمع نصيحتي وابتعدنا عن كل تلك البلاد حيث لن

يجدنا جدي ولا رجاله فمن لي غيره أبقى من أجله بعدما تفرقت عن شقيقتاي

اللتان أصبح لهما عائلة وأزواج وهوا ليس له سوا عمته نأخذها معنا ونبتعد

جلست مفزوعة حين سمعت طرقات خفيفة وسريعة على باب الغرفة فمن

سيطرق هكذا في هذا الوقت ! غادرت السرير واقتربت من الباب

ببطء وقلت من خلفه " من "

سمعت صوت همس امرأة في الخارج قائلة " أنا لآنا سيدتي "

فتحت الباب بريبة وتوجس ونظرت بصدمة وقلت

" أين الحارس الذي كان هنا ! ؟ "

لم تجبني بل دست ورقة في يدي وغادرت راكضة ففتحتها من فوري ثم

قبضت عليها بيدي وتحركت راكضة , تلك الخادمة معهم والحارس مختفي

عليا أن أخبر أواس بل عليا أن أطمئن عليه , وقفت مكاني صارخة في وجه

الرجل الضخم اسود البشرة الذي ظهر أمامي وساد الظلام المكان وأصبح لا

يُرى معه شيء لأشعر بيد ضخمة قبضت على رسغي وفي طرفة عين لفني

وأطبق على عنقي بساعده وأغلق فمي وجرني معه يتراجع بخطواته للخلف

ولم تنجح جميع محاولاتي في ضربه وشلِّ حركته فقد كان كجدار اسمنت









*~~***~~*










وقفت مستندا بجدع الشجرة أمامي بعد كل هذه المسافة التي قطعتها سيرا

على قدماي خارج المنزل وشيء واحد يتردد في ذهني ( النتيجة إيجابية

وأظهرت التحاليل أنها مصابة وحجزناها في المركز )

قسمتَ ظهري يا علي رضوان , كنتُ أعلم أنك لا تلعب إلا بهذه الطريقة ..

إماتة خصمك ببطء وعذاب , بأن تحرمني لذة الحياة وأنا لازلت فيها حتى لو

اختفيت أنت ولا لذة لي أعظم من حفيدته , من المرأة التي أحببت حتى النخاع

فأن احرم منها حيا وأتركها مجبرا أمر أقسى من الموت ذاته , ضربت على

الجذع بقوة أردد صارخا " إذا الموت لي ولك يا خنزير ولن تهنئ بها "

اتكأت بعدها على الشجرة أشعر بزلزال يضرب كل نواحي جسدي , قتلني

قتلني بها بحفيدته بحرماني منها للأبد حتى إن بقيت بين يداي لأتجرع انتقامه

الأخير والقاسي بل والأقسى , رن حينها هاتفي بنغمة رسالة فأخرجته

وقرأتها فكانت منه وفيها ( تهانينا بانتهاء اللعبة )

فنظرت خلفي فورا حيث المنزل الذي اختفى عني خلف الأشجار ثم

عدت خطواتي ركضا وأنا أتصل بحارسها فلم يجب فصرخت راكضا

أكثر " سحقا للأنذال "

لأصطدم بخيال ضخم وقبل أن أتبينه شعرت بشيء ضرب رأسي بقوة

أفقدتني جميع حواسي في لحظة وأولها النظر لأغيب في ظلام دامس



المخرج : بقلم الغالية alilox

لاتحكم علي من الشكل فالشكل لايعكس المضمون انا انثى احب ان اكون جميلة بعيني قبل كل العيون لااسعى للفت الانظار لم كل هذا الكم السئ من الظنون واثقة من نفسي وافعالي لامظهري يعبر عما اكون

سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله


فيتامين سي 01-03-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع والثلاثون واﻷربعون)
 
1 مرفق





الفصل الواحد والأربعون

المدخل : بقلم الغالية deegoo



باقي النص بالمرفقات


سلمت يداك



نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله



فيتامين سي 04-03-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي واﻷربعون)
 
1 مرفق





الفصل الثاني والأربعون


المدخل : بقلم الغالية alilox



النص بالمرفقات


سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الإثنين إن شاء الله


فيتامين سي 07-03-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني واﻷربعون)
 




يسعد مساكم جميعا متابعي روايتي أينما يتم عرضها

وشاكرة للجميع تفاعلهم وحبهم للشخصيات



هناك نقطة أحببت أن أوضحها قبل أن نغوص في أحداث الفصول القادمة

بإذن الله ألا وهي مرض أواس وامكانيته وشكه حيال ذلك

طبعا المخدرات كما نعرف عنها جميعا وحفظني الله وإياكم منها ، فهي

أنواع وجرعات وحسب اعتياد الجسد عليها طبعا وأواس كشرطي لن

يفوته أبعاد ما تفعله بالإنسان وهوا الغياب التام عن استيعاب ما

يفعل وكيف يتصرف مثل الجرعات الكبيرة من الخمر وطبعا في

حال الجرعة الزائدة من المخدر يكون الغياب عن الوعي أو الموت في

أغلب الأحيان ونظرا للوضع الذي وجد أواس نفسه عليه بعد استيقاظه

وعدم معرفته إن كان نائما أو غائبا عن الوعي لأن كلاهما مرجحان في

مثل حالته ، ومعرفته بكره وجد له وسعي علي رضوان لفعل أي

شي للانتقام منه تأكد له مرضه الذي لا يعرف أحد صحته من عدمها غير

وجد عبدهم المأمور ، وقد يتبادر لذهنكم سؤال لما لم يحلل

أواس ويعرف وجوابه سيكون مع تسلسل الأحداث أما بالنسبة

لأعراضه فتظهر بعد الأسبوع الأول كزكام خفيف وطفح جلدي

أحيانا وأعراضه الفعلية لا تظهر إلا بعد الثلاث أعوام تقريبا حيث يتفشى

الفايروس مدمرا خلايا المناعة جميعها



بالبسبة للمتابعات الغاليات في المنتديات المجاورة فقد كانت لهم أيضا

توقعات جميلة أصاب بعضها والبعض سيحدث مستقبلا وبالنسبة للأخت

التي طالبت بظهور أرجوان وأبناء جابر فسيكون لهم حيز من أحداث

الرواية إن شاء الله فانتظروهم ودمتم في رعاية الله وحفظه جميعا أحبتي


الفصل الثالث والأربعون


المدخل : بقلم الغالية عبق حروفي

تمهل .. لا تقتلع الحب بخدعة.. فهو يسري بقبلة..
تمهل .. لا تزرع العاطفة بفكرة.. فقط انقلها بنظرة..
تمهل.. لا تقترب أكثر.. فقد دمرت كل صخرة..
تمهل.. لا تتحدث أكثر.. فحروفك تشعل كل جمرة..
تمهل.. لا تلعب بقلبي أكثر .. و أتركه و شأنه..
تمهل.. لا تبعثر مابقي .. فقد صرت بقايا متيمة..
توقف.. عن نشر حبك حولي.. فبه أصبحت أنثى مقيدة..

سلمت يداك

********

علت ضربات قلبي وعلا الضجيج في أذناي ورأسي وترنحت في وقفتي

لأجد نفسي في قبضة الواقف خلفي مطوقا عنقي بساعده ويضع فوهة سلاحه

على رأسي بيده الأخرى وقال جدي حينها " إن مسني ضرر ستموت قبلي "

فنزلت دموعي من فورها فهوا بالفعل على استعداد لبيع الجميع ومؤكد لن يغفر

لي ما فعلت الآن وسيأخذني من هنا ليكون مصيري مصير أواس في صغره

فمثلما قدّمته للموت قدمني هوا له الآن , تقدم بخطواته وبغيته طبعا باب السطح

الموجود خلفي بما أني رهينة لديهم عند الباب فنزولهم وخروجهم سيكون سهلا

ما أن اقترب أكثر ولم تعد تفصلنا سوا خطوات حتى ابتعدت فوهة المسدس عن

رأسي وتراجع بي ذاك الشخص للخلف خطوتين ودوت رصاصة من فوهته

صمت أذناي مع صوت صرختي ولم أرى سوا ترنح جدي وسقوطه على إحدى

ركبتيه ويبدوا أصاب ساقه فكيف يكون معه ويقتله !! هل هوا خائن لهم ؟ شعرت

أني سأسقط ولم تعد لدي قوى على الوقوف فأحكم قبضته على عنقي أكثر مثبتا لي

حتى شعرت أن الهواء لم يعد يجد سبيلا للدخول لرئتي وسأموت اختناقا وعيناي

تتنقل بين الواقفين بأسلحتهم بلا حراك ينتظرون نهاية هذا العرض , وما أن رفع

بعضهم أسلحتهم باتجاهه بعدما أصيب إلا وقد سبقت يده لجيب سترته وأخرج منه

مسدسا في أقل من جزء من الثانية وصوبه نحوي فأغمضت عيناي بشدة ليدوي

صوت رصاصة عم بعدها سكون تام حتى خيل لي أني مت وأنها أصابتني ففتحت

عيناي ببطء نصف فتح فلم تعد لدي قدرة ولا على فتحهما فوقع نظري على جدي

الممسك لكتفه ثم انهار أرضا وهمس الواقف خلفي قائلا " للجحيم يا وحش "

فنزلت دمعتي هذه المرة جمرة من نار حين علمت من يكون هذا وانسدل ستار

عيناي رغم كل محاولاتي لمنعه ولم يصدر مني سوا همس خافت مناديا

" أواااس "

ولم أعي بعدها شيئا من حولي وغبت في ذاك الظلام








*~~***~~*










نزلت السلالم وتوقفت في منتصفها حين رأيت آسر يقف مع إسراء وهي

تحكي له عن القلوب القماشية التي تمسك إحداها في يدها وكيف جعلت

منها أسرّة للدمى التي اشتراها لها سابقا وهوا ينظر لها بجمود بدون ولا

حتى ابتسامة كعادته حين تتحدث معه هي خصيصا دونا عن باقي شقيقاتها

حتى إن كان حديثا عاديا , ثم تحولتْ نظرته للصدمة حين قالت

" وأعطت صفاء وداليا خاتما وسوارا ذهبيان "

ثم تابعت بعبوس " ليثها أعطتهم لي , لما تمنع عنا لبس الذهب ؟ "

رفع حينها نظره لي وأنا أنزل باقي عتبات السلالم غير مبالية ولا مكترثة

لما قيل وسمع فهوا يكرس حياته لهم وما يعنيه هم فتلك الأشياء لهم وليست

لي ولا من حقي , ما أن مررت بجانبه لأخرج من الباب حتى كانت ذراعي

في قبضة يده القوية وقال بجمود " إسراء أخرجي مع باقي شقيقاتك "

فخرجت من فورها راكضة وسحبني هوا معه لأقرب غرفة وأغلقها علينا

وكانت غرفة الضيوف فاستللت ذراعي منه وقلت بضيق " ماذا تريد ؟ "

دفعني ليصطدم ظهري بالجدار ووقف أمامي يكاد يكون ملتصقا بي

وقال من بين أسننه " ما معنى ما فعلتيه بما أرسلتهم لك ؟ "

قلت بجمود " وما معنى إرسالهم لي ؟ "

ضرب كفه على الجدار بقوة بجانب وجهي حيث كان يستند به

وقال بحدة " جاوبي على السؤال "

قلت بضيق " وجاوب أنت , هل تسخر من مشاعري اتجاهك يا آسر ؟ "

قال بسخرية " جيد أنك فهمتها هكذا "

نظرت له بصدمة فأضاف قائلا بجمود " كنتِ أخبرتني أنك

سترمينها لكنت استفدت بها إن تزوجت "

شعرت بشيء ضرب قلبي بقوة علا معه تنفسي وقلت بجمود مماثل

أخفي تأثير كلامه علي " لن تكون أفضل من صديقك بالتأكيد "

أبعد يده عن الجدار وقال وعيناه في عيناي " قسما أني مثله

بل ولن أكون إلا مثله "

ثم ابتعد عني وفتح الباب وغادر تاركا لي في صدمتي من كلامه , فما

معنى أن يقسم أن يكون مثله ؟ هل سيتزوج عليا أيضا ويجلبها هنا ؟؟

نزلت على الجدار حتى وصلت للأرض ونظري لازال معلقا في الفراغ





*~~***~~*








تأففت ناظرة للسقف فقالت بضيق " لا وقت أمامك أخوات زوجك

على وصول وأنتي مكانك حتى ملابسك لم تغيريها "

قلت ببرود " لازال هناك وقت ولا داعي للاستعجال "

كم كرهت وجود هذا الزوج في حياتي ولم أعد أتقبله وعليا إيجاد حل

لكل هذا وسريعا فأن أكون كما يريد هوا فقط ليرضى عني فهذا أمر لن

تقبله نفسي , نظرتْ والدتي جهة طاولة التزيين ثم نظرت لي وقالت ما

أتوقعه جيدا الآن " متى أعدتِ هذه الأشياء وأنا ما صدقت أنك

تخلصتِ منها "

قلت ببرود " لم تتخلصوا منها كانت فترة ومرت وسدين هي

ذاتها لم ولن تتغير "

قالت بتحذير " لا يكون تريدين مقابلة شقيقاته بمظهرك ذاك ؟ "

قلت بذات برودي " نعم "

قالت بحدة " من أين ألاقيها ؟ منك أم من شقيقك الذي جن جنونه ويريد

اللحاق بخالك ولا نعرف له أرضا منذ خرجت زوجته من هنا "

قلت من فوري " ابنك من جنا على نفسه وخسرها بسببه هوا

فليريني بما نفعته خطته الفاشلة "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت " احترمي شقيقك يا سدين فليست

عادتك , لاحظي أنك مؤخرا أصبحت تتواقحين عليه كثيرا "

قلت بضيق " هل أرى الخطأ أمامي واسكت ؟ هل يرضيك ما فعل بابنة

شقيقك ؟ لما لا يشعر بها أحد ؟ وها هي غضبت مني أيضا ولا تجيب

على اتصالاتي مهما حاولت والسبب ابنك وأفكاره "

قالت مغادرة الغرفة " عجزت معك ومعه ومع الثالثة التي

تريد رفض خيرة أبناء عمها "

تأففت ووقفت وتوجهت للخزانة وأخرجت ما أراه مناسبا جدا لتنقلاه له

فمؤكد كما يأتيان لتصرعاني بما يحب ويكره تذهبان وتخبرانه بكل شيء

حدث هنا وعليه أن يعلم أني لن أكون كما يتخيل لا وضيفة لي سوا إنجاب
الأبناء وطهي الأكلات الشعبية حتى عمل بشهادتي لن أحلم به , جهزت

نفسي كما أريد وكنت أحب طبعا ونزلت لهم ما أن علمت بوصولهما ولم

تفتني نظرة الاستغراب وبعض الصدمة في عينيهما لمظهري ولا نظرة

الغضب في عيني والدتي لكني تجاهلت كل ذلك وانضممت لهم وتحدثنا

وتسامرنا سدين التي يعرفوها سابقا مع مظهرها الذي كانت لا تريه لهم

نزولا عند رغبة والدتي لكن هذا لم يعد يجدي فوحدي من ستعيش معه لا

والدتي ولا غيرها وعليه أن يتنازل قليلا إن كان يريد أن أتنازل أيضا فلو

أخبرني من البداية أنه مجبر علي لما وافقت عليه وعليه هوا أن يجد حلا

لنفسه الآن أو وجدته أنا فتجربة ترجمان علمتني الكثير فلا أتخيل أن

أصبح ضحية لأفكاره ومخططاته مثلما حدث معها ليغيرني كيف يريد






*~~***~~*







مسحت بيدي برفق على طرف وجهها أنظر لملامحها الجميلة بحزن

فقال الواقف خلفي " يبدوا علينا نقلها للمستشفى "

أمسكت يدها بين كفاي وقلت " لا يا قصي الطبيب قال أنها بخير وأنها

متعبة ومنهارة فقط وتعد نائمة وستفيق في أي وقت "

قال بشيء من الضيق " كله بسبب زوجها ذاك , كيف يضعها في كل

هذا وكيف يقحمها في انتقام بينهما حتى دمر نفسيتها بالكامل "

قبضت على يدها وقلت بدمعة محبوسة " المهم أن ابنتي عادت لي أخيرا

لتراها عيني ولو يوما في عمري , وأننا تخلصنا من ذاك الكابوس

المسمى علي رضوان الذي عشنا في رعب منه كل سنين حياتنا "

قال من بين أسنانه " كم تمنيت لو كنت أنا من أطلق تلك الرصاصتين

بدلا من ذاك لكنت أصبتهما في قلبه مباشرة بدلا من تركه على

قيد الحياة "

تركت يدها ومسحت عيناي وقلت " وما فعلوا له ؟ "

قال بسخرية " خرجوا به من هنا طبعا وعلى الفور وهوا في بلاده

هناك من صباح اليوم وما أن يشفى سيحاكم هوا ومن أمسكوا بهم معه "

تنهدت وقلت " وأخيرا يا قصي بعد كل هذه السنوات تحررنا من محاصرته

لنا هنا وسنرجع لبلادنا على الأقل فكم عشت في رعب من كشفه لحقيقتك

وحقيقة مهنتك السرية فسنرجع أخيرا بلا خوف من تهديداته "

قال من بين أسنانه " ولأستعيد هويتي وقسما أن أسعى خلف مشنقته

ولن يرضيني فيه السجن فقط ولا مدى الحياة "

تحركت حينها شفتيها الجافة المتشققة التي لم أنجح في ترطيبها بالماء

مهما فعلت وحاولت وقالت بهمس مرتجف " أواس "

فنزلت دمعتي ومسحتها فورا وقلت بعبرة وقد عدت لإمساك يدها

مجددا " أين هوا ؟ لما لا يأتي لها وهي لا تتوقف عن ذكره "

قال ببرود " لا أعلم وما شأني أنا به , فما أن اطمئن أنها

بخير غادر ولم يظهر مجددا "

قلت بهدوء " لا تنسى أنه من سعى لإعادتها لنا وساعد في رؤيتي

لها من جديد ومؤكد لديه أشغاله التي ذهب لإنهائها "

قال بسخرية " لا شيء يشغله عنها وهي بهذه الحالة ولعلمك فهوا

سافر فجرا وعاد هناك وتركها هنا تناديه في الفراغ "

رفعتُ يدها لحضني ثم قبلتها وقلت بهمس مبحوح

" حمدا لله الذي أعادك لي يا دُرر "








*~~***~~*









دفعت باب المنزل الخارجي بيدي ودخلت الحديقة الخالية الكئيبة وسحبتني

خطواتي نحو المنزل الذي عاد مهجورا من جديد بعدما خلّف أكواما من

الذكريات المؤلمة ككل مرة فقد تركته أول مرة من عشرين عام بعدما فقدت

فيه والدتي واختُطفت منه دُرر وغادرته بذكريات سيئة بشتى أنواعها منها

الضرب والتعذيب ومنها خسراني لمن أحب وأسوئها ذكرياتي معهما التي

كنت موقنا أنها لن تعود وأصبح بعدها هذا المنزل مهجورا لسنوات قبل أن

أفتحه مجددا وتذب فيه الحياة من جديد وبدأت بجمع من تبقى لي فيه عمتي

ثم حبيبتي لكن مع وجود ذاك الوحش ما كان سيكون ذلك كما أريد وها أنا

أخرج منه بخسائر جديدة وفقد جديد وأخير والسبب ذاته في كل مرة وهوا

علي رضوان القاضي رجل القانون من حمل كفتي الميزان يوما ليقيم العدل

فكان أسوء رجل عرفه القانون بأكمله , ورغم أني حققت ما صبوت له كل

حياتي وكنت أنا وراء القبض عليه وبنفسي فقد خسرت مثله تماما وأكثر منه

ومكسبي الوحيد أنه انتهى معي ولم أتركه يشمت بتدميري فهوا الآن مُدمر مثلي

فتحت باب المنزل ودخلت متجنبا النظر لتفاصيله طاردا لذكرياتي فيه مع جميع

من مروا بي هنا كل حياتي لتأخذني قدماي فورا لغرفتنا في الأعلى , فتحت الباب

لتستقبلني رائحة عطرها فرغم الأميال التي تفصلنا الآن بقيتِ هنا يا دُره .. بقيتِ

مكانك .. بقيتِ حيث بقيت والدتي قبلك , وفي أي أرض وأي بلاد ستكونين قريبة

لأنك سترحلين معي في قلبي وكم أخشى من أني حين سأترك هذه الحياة سأكتشف

أني أخذتك معي هناك وسيرافقني طيفك حتى لقبري , توجهت للخزانة فورا فتحتها

وبدأت بجمع أغراضها وثيابها وكل ما وقع عليه نظري محتضنا جسدها يوما , جميع

الأشياء التي تحمل رائحتها أُخرجهم وأدسهم في حضني حتى جمعتهم جميعهم ولم

يتبقى إلا ما لم تلبسه سابقا ثم خرجت بهم من هناك وغادرت المنزل وتوجهت لمنفى

ذكرياتي للمكان الذي حوا كل ما يعني اسم أواس , حيث ذاك الفتى الصغير المحطم

حيث والدتي وحيث ستكون دُرر الآن لأنها معهم ومثلهم تماما أصبحت شيء من

الماضي لا يمكنني استعادته ولا امتلاكه ولا الرجوع له , تماما كما مات أواس ذاك

الفتى وماتت والدته ولن يرجعوا أبدا فها قد ماتت دُرر من عالمه أيضا ولن تعود

دخلت الملحق ورتبت أغراضها في الخزانة مخلوعة الأبواب الموجودة فيه عكس

أغراضي وأغراض والدتي المبعثرة أرضا , أرتبها ببطء وشوق وكأني أضع بينها

أحلامي وأماني تلك بحياة سعيدة معها , جميع ما حلمت به وتمنيته ها أنا أطويه الآن

مع طيي لثيابها , منزل وأولاد وضحكاتها وحضنها الدافئ ونظرتها الحنونة التي

أعشق وتكفيني وحدها من الحياة , كل شيء تبخر كل شيء أصبح محالا وأبعد من

المحال , رتبتها جميعها هناك ووضعت معها آخر أحلامي ثم توجهت للجدار المعلق

به ذاك الحبل وفككته منه فلم يعد لوجوده من داعي بعدما انتقمت ممن علّقه هنا

جلست بعدها على الأرض مستندا عليه بظهري ورأسي ناظرا للسقف وأغمضت

عيناي ببطء فها قد وصلت وحيدا يا أواس كما كنت وكما أخبرك ذاك الحلم فأنت

لم تُخلق إلا لتكون هكذا ظل رجل وبقايا إنسان عليه أن يعيش وحيدا وبعيدا عن

الجميع وكما قال ذاك المتوحش وأنا اثبت الأصفاد على يديه بصوته الكريه ذاك

( افعل الآن ما شئت فالمهم أننا كلانا خسرناها وكلانا خسرنا الحياة )

ورغم تجاهلي حينها لجملته تلك فأنا أعترف بأنها حقيقة وواقع لا يمكنني

نكرانه ولا تجاهله









*~~***~~*










رفعت هاتفي وأجبت عليها فوصلني صوتها الباكي قائلة

" أمي خذيني معك أرجوك لم أعد أحتمل هذه الحياة "

قلت بضيق " غدير وما في حيلتي أفعله أنتي تعلمي أن أواس لن

يوافق وهوا مسافر الآن والخطأ كان خطأك من البداية "

قالت بذات بكائها " أعلم ولن أكررها مجددا , أقسم أنه كان مخطط جمانة

ووالدتها هما من أدخلتا الفكرة لرأسي بأنه لديه المال وأني في منزله وهوا

وزوجته ليسا على وفاق وأنتي مقربة له وأخبراني ما أفعل وما ألبس حين

أكون هناك وعندما وقعت الأمور الآن على رأسي أصبحتا تبحثان عن

طريقة أخرى للتخلص مني "

انقبض قلبي حزنا على ابنتي الوحيدة عديمة الحيلة كوالدتها

وقلت بحزن " وأين والدك عنهما ؟ "

قالت بعبرة " لن يصدقني مهما قلت فأنتي تعرفيه جيدا , خذيني

معك أمي أرجوك فزوجة والدي ستتكفل بموافقته ولن يعترض

على ذهابي معك "

مسحت دمعتي وتنهدت بحزن وحيرة فلأعلم أنا أين سأرسى أولاً فغياب أواس

قد طال ولم يتصل بي والله أعلم يرجع حيا أم لا , قالت بحزن " خذيني معك

أمي أرجوك وأقسم أن ما حدث لن يتكرر , لا أريد البقاء هنا ولا الذهاب

لمنزل خالي سالم فزوجته وأبنائه أسوء من والدي وزوجته وابنتهم "

تنهدت وقلت " أخبرتك أنه مسافر وما أن يرجع سأتحدث معه وسأعمل

جهدي وسأطلب من زوجته أن تقنعه فهي ستنجح أكثر مني "

قالت من فورها " حاولي يا أمي أرجوك "

أنهيت المكالمة معها ومسحت بقايا دموعي من خداي , مصيرك يبدوا

كمصير والدتك يا ابنتي , عشت حياتي في بؤس منذ صغري وبعدما تزوجت

رأيت الأمرّين من زوجي وعشت معه عشر سنين لا يعلمهن إلا الله وبعد طلاقي

منه ذهبت لمنزل شقيقي سالم الذي رأيت المرّ من زوجته حتى خرج ابنه أواس

كالنور في الليلة السوداء المظلمة وانتشلني من تلك الحياة البائسة وكل مخاوفي

أن أرجع لشقيقي مجددا وتستمر معاناتي ومعاناة ابنتي وحياتي التي لم أعرف

فيها حنان الرجل ولم أسمع فيها الكلمة الطيبة ولا ابتسامة من شفتين محبة

لم أعرف إلا رجالا قساة عابسين ولم أسمع إلا الإهانات والتهميش









*~~***~~*









نظرت للجالس أمامي مطرقا برأسه للأسفل ثم لوالدتي فهذا حال إياس منذ

غادرت ترجمان مع خالي رِفعت فقد تغيّب عن المزرعة يوما كاملا لا نعلم

أين ذهب فيه وعاد بعدها ومزاجه هكذا سيء للغاية فهل سيكون خسرها بذات

الطريقة التي جعلها بها تحبه ؟ كانت خطته ناجحة جدا لكن مع شخصية مثل

ترجمان فإن العواقب من الطبيعي أن تكون وخيمة وما كان عليه أن يتخيل أنها

ستركض لحضنه فرحة بأنه لم يتزوج عليها وأن تترجم كل ما فعل بأنه يحبها

ويريدها أن تشعر بمشاعر توازي مشاعره نحوها فهذا كان سيصدر من شخصية

تشبهني أو تشبه حتى سدين أما ترجمان فالمستحيل بعينه , ووقوف خالي رِفعت

معها هذه المرة زاد الأمر سوءا فلو تركها هنا لوجد إياس طريقة للتفاهم معها

مهما احتدت خلافتهما ومهما صرخت واعترضت فقربها منه سيوفر له فرص

أكثر لتغيير رأيها وهذا كان مخططه وخالي باغته بقراره ولم يحتمل رؤية دموع

ابنة شقيقه التي ما توقع أحد أن يراها يوما , فهذه هي المرأة مهما كانت قوية فهي

حمقاء وضعيفة عندما تحب عكس الرجل الذي فُطر على كبت مشاعره مهما

تعاظمت , قلت بهدوء " ماذا حدث بشأن عملك اليوم لم أراك ذهبت "

رفع نظره بي وقال " هل لهذا أحضرتماني هنا ؟ "

نظرت له بحيرة ثم لوالدتي التي نظرت لي نظرة أفهمها جيدا فتنهدت بأسى

منها ومن إصرارها وقالت هي حينها " عمك تحدث مع رغد يريد خطبتها لبسام

بما أن عدتها انتهت وابنتها لن يأخذوها منها وطبعا قبل أن تتغير قراراتهم فجميعنا

نعلم أن خالد من يمسكهم عنا وإن لقي مصير شقيقه وجدنا أنفسنا في مشاكل

جديدة معهم وبزواجها وتنازلهم عنها ستنتهي كل تلك المشاكل للأبد "

نظر لي حينها بصمت فأرخيت نظري حين تذكرت كل ما قال سابقا عندما

أعادني لمنزلنا رغما عن أنف مصطفى وهذا ما قرأته في عينيه الآن

فقلت بشبه همس " الذي تريده سأفعله يا إياس وإن كان القفز في النار "

قال حينها بهدوء " وعمي تحدث معك يومها بهذا الخصوص ؟؟ "

أخفضت رأسي أكثر وقلت " نعم وقال يريد رأيي قبل أن يتحدث معك "

قال من فوره " وما رأيك أنتي ؟ "

جاهدت دموعي كي لا تسقط وقلت ببحة " لا أريد أن يأخذوا مني ابنتي

هذا فقط ما أفكر فيه والباقي لا يهم عندي ولا أريد نموذجا آخر عن

مصطفى وكل ما تقرره سأفعله "

وقف حينها وقال " إذا سأتحدث مع خالد كما وعدته لأخذ رأيه أيضا "

ثم غادر من فوره بعدما وضع النقاط على الحروف وبات رأيه واضحا لنا

وهوا موافقته التامة على بسام دون حتى أن يسأل أو يستفسر عن أي شيء

نزلت دمعتي ومسحتها سريعا فقالت والدتي بهدوء " ليس جميع الرجال

متشابهين يا رغد وبسام نعرفه من صغره لا يقارن بمصطفى أبدا

ولن يظلمك أنتي ولا ابنتك "

وقفت حينها في صمت وغادرت من هناك لغرفتي وأمسكت هاتفي أمسح

دموعي لتتوقف عن الجريان أكثر لأتصل بعمي الذي ماطلته طويلا وأعطيه

موافقتي واضعة مصيري بين يدي ابنه وكل مخاوفي من أن نعود للمحاكم

مجددا لأنتزع طلاقي منه , على الأقل عمي هناك ووعدني أنه سيكون معي

عليه فهوا يعلم أني إنسانة هادئة وخجولة حقي مهضوم دائما ومنذ صغري

وهذه المرة لن أسكت وسألجأ له ولإياس في أي شيء وأكون مطلقة ولا

أن أتحمل المهانة والضرب كالسابق ولنرى يا بسام ما سبب تمسكك

بي وأنا سبق ورفضتك وتزوجت غيرك








*~~***~~*










تعالت ضحكات الجميع لما يعرض على هذا المسرح الروماني لأشخاص

بلباسهم وأدواتهم وقد نجحوا في إضحاكي فعلا , ففترة بقائي هنا خلال هذين

اليومين عشت عالما مختلفا وكأن الزمن عاد بي للوراء ولولا أن الجالسين

حولي من الحاضر لضننت أني عدت لتلك الحقبة بالفعل , وأكثر ما يضحك

في هؤلاء الممثلين تعثرهم بهذه الثياب وسقوطها وعدم معرفتهم باستخدام

الأسلحة , نظرت للجالس بجانبي يتابع ما يجري مبتسما ثم عدت بنظري لهم

كم هوا شخصية مختلفة بل ورائعة لتعيش امرأة معه فلما حرم إحدى النساء

من رجل مثله لم يعد لهم وجود إلا نادرا ؟ علت التصفيقات والممثلين يحيون

الجمهور معلنين عن نهاية المسرحية وقال عمي رِفعت " الآن سيبدأ عرض

حقيقي للمبارزات قديما وصراع الثيران والأسود هل تريدين مشاهدته

أم نعود للفندق "

نظرت له وقلت بحماس " حقا يعرضون هذا أيضا ؟ "

ضحك وقال " نعم لكن ليس هنا "

قلت بذات حماسي " أجل فمسارح القتال لديهم مخصصة لذلك

وليست كهذه "

وقف وقال " ظننتك ستخافين كأغلب النساء ؟ فهيا فالعرض

مشوق وحقيقي أيضا "

وقفت من فوري ولحقته أسأله عن هوية من يُقدِمون على هذا ولا يخافون

وعلمت أن في الأمر مغريات مالية وأغلب من يفعلها ليسوا عرب وهم حقا

أغبياء ففي تلك الحقبة كان الرجال يتمتعون بالقوة البدنية ويبنون أجسادهم من

الصغر على القتال فما يدفع هؤلاء لفعل أمور شاقة هكذا ويواجهون أسدا

شرسا أو ثورا هائجا , وصلنا هناك مبهورة من المبنى ومن إتقانهم في بنائه

حيث كان دائريا وله أبواب عديدة تحيط به تليها سلالم توصلك للمقاعد الحجرية

التي تطل على الساحة الرملية الدائرية المحاطة بالمدرجات من جميع جوانبها

جلسنا هناك حيث انتشر في باقي المدرجات رجل كثر ونساء بلباس كلباسهم

ذاك الوقت والتيجان التي تأخذ شكل غصن الشجر على رءوس البعض ومنهم

من يمسك أغصانا للزيتون أو سعف نخيل يلوحون بها وما هي إلا لحظات

وأعلنوا عن بداية الجولة وفتحت الأبواب في الأسفل ودخل من أحدها رجل

نحيل شديد النحول فنظرت له باستغراب بل وصدمة فما في هذا الرجل ينفع

للقتال , ودخل من الباب الآخر رجل بدين بالكاد يمشي فتعالت الضحكات

ونظرتُ حينها لعمي بنصف عين فضحك وقال " من عقلك صدقتِ أنه

هناك من سيضحي بحياته لمنازلة أسد أو مبارزة شخص حتى الموت "

قلت ببرود " المشكلة أني صدقتك وفي القادم لن أصدق منك شيئا "

ضحك مجددا وقال " نتابع أم تريدين الخروج "

قلت مبتسمة " بل نتابع إلا إن أردت أنت أن نذهب "

قال مبدلا لي الابتسامة " لا بأس كنت فقط أريد أن أريك شيئا

عند الشاطئ لكن سنتركه للغد "

وقفت وقلت " هيا إذا فمن قال أنه سنبقى لغد "

نظر لي مستغربا فسحبته من يده قائلة " قد يجدّ أي أمر ونغادر

وأنا أريد أن أرى كل شيء هنا "

وقف حينها وغادرنا ذاك المسرح وخرجنا للرمال حيث الأمواج وانعكاس

ضوء الشمس عليها ينسيك حتى البرد وأنك في فصل الشتاء فمن يصدق أنه

قد يزور البحر في هذا الوقت من العام !! سرنا مسافة حتى وصلنا لما يشبه

القلاع الصغيرة أو منصات المراقبة في حصون القلاع القديمة التي يستخدمونها

لمراقبة قدوم العدو فركضت نحوها صارخة بحماس وصعدت سلالم إحداها حتى

كنت في الأعلى أشاهد منظر البحر واليخوت والقوارب البعيدة بعض الشيء , كان

منظرا رائعا ومكانا يشرح النفس وينسيك كل شيء كما سبق وقال , نظرت جانبا

حيث الذي جلس بجواري على أحد المقاعد الحجرية الصغيرة الموجودة فيها وقلت

بحماس " عدني أن تحضرني هنا في الصيف فالبرد لم يتركني أستمتع كما أريد "

قال بضحكة " تعالي أنتي وزوجك ما شأني أنا وما موقعي من هذا ؟ "

ماتت ابتسامتي ونظرت للأفق وقلت " عمي لا تقل أنك ستجبرني

لأني لن أرضى "

قال بصوت مبتسم " ومن قال ذلك ؟ أنا أعني بملء إرادتك "

قلت مغيرة مجرى الحديث " لما لم تتزوج بعد زوجتك ؟؟

ما يعجبك في الوحدة "

لاذ بالصمت ولم يعلق فقلت " سنوات كثيرة مرت على طلاقك

لها , لو كنت تزوجت لكانوا أبنائك في عمري "

تنهد وقال " أخذت نصبي ومقتنع بوحدتي "

كنت سأتحدث فسبقني قائلا " أنهي الموضوع أو عدنا

لموضوع زوجك "

رفعت قدماي وضممت ساقاي متكئة بذقني على ركبتي أراقب

البحر وقلت " لا بالله عليك "

فضحك ضحكة صغيرة ووقف قائلا " سأذهب لأحضر شيئا

نأكله ونتناول غدائنا هنا "

وغادر بعدها تاركا إياي وحدي أهيم بنظري في ذاك الأفق البعيد لتعاودني ذكرى

ما حدث مجددا فتأففت وخبأت وجهي في ركبتاي فمنذ متى كانت ترجمان هكذا ؟

لم أكن حياتي أعرف معنى أن أشرد بنظري في الفراغ أسبح في ذكريات مرت

ومضت ولم يسيطر رجل يوما على ذرة من تفكيري , شعرت بيده على كتفي

فرفعت رأسي ونظرت للبحر مجددا قلت " عمي لما أنتم الرجال لا تعرفون

الحب وتريدون انتزاعه بشراسة من المرأة لتستعبدوها "

لم يجب طبعا فقلت بحنق " أعلم دون أن تجيب لأنكم متملكون وأنانيون "

تحركت يده ماسحة على ظهري وخرج صوته قائلا " بل نحب بتملك وأنانية "

فوقفت من فوري والتفت لصاحب الصوت الذي لم يكن من ظننت بل ...

قلت بضيق " ماذا تفعل هنا وماذا تريد مني ؟ "

توجه بخطواته نحو حافة المنصة وقال ناظرا للبحر " المكان هنا

جميل , خالي رِفعت رجل لا يستهان به "

ضغطت قبضة يداي بقوة ناظرة لظهره وخصلات شعره التي تحركها

الرياح البارد وقلت بضيق " هوا من أخبرك عن مكاننا أليس كذلك ؟ "

التفت لي وقال " أينما كان سيأخذك كنت سألحق بك "

قلت بذات ضيقي " لماذا ؟ "

ركز نظره وعيناه العسليتان الواسعة على عيناي وقال بهدوء

" عودي معي للمنزل "

هززت رأسي بلا بقوة فقال " عودي لنتفاهم وحدنا بعيدا

عن الناس يا ترجمان "

قلت بإصرار " لن أعود معك ولا حياة لنا معا "

بقي ينظر لي بصمت تاركا المجال لنظراتنا فقط تتحدث واقفا أمامي موليا

رياح البحر ظهره تحرك ياقة معطفه الشتوي وخصلات شعره الناعم القصير

وتتلاعب بخصلات شعري الطويل وكل واحد يرسل الكثير بنظراته الجامدة

حتى سرقنا الصمت وصوت الموج فقلت " لن أرضخ لك يوما يا إياس "

قال بابتسامة تهكم " لكنك لي ملكي وسترجعين لي "

قلت هامسة ببرود " مغرور "

ابتسم وقال برقة " وأحبك "

تراجعت للخلف خطوة وقلت بحنق " كاذب "

قال بذات ابتسامته " وتحبينني "

صرخت رامية بيدي " أصمت "

ففتح ذراعاه لي وقال " تعالي ويكفي مكابرة "

فقلت بحدة " من تضن نفسك ؟ "

رفع ذراعيه أكثر وقال " تعالي ولك ما تريدين "

كرهت حينها ذاك الشعور الذي ناداني لذاك الحضن وكرهت رؤيتي

لذاك الصدر العريض بشكل مختلف عن السابق بصورة تحكي المعنى

الحقيقي للاحتياج والبحث عن الأمان , لكني لا أحتاجه لا أريده وفي غنى

عنه فلطالما كنت نفسي ولم أحتج لأحد , قلت بجمود " لم يولد

بعد من يكسرني وأرضخ له "

أنزل ذراعيه وقال ببعض الضيق " ترجمان توقفي عن

قول الحماقات "

قلت بحنق شديد " أجل فأنا التي لا أتوقف عن فعلها "

اقترب مني حينها وأمسك ذراعاي وقال ووجهي في وجهه رافضة

أن أحني رأسي وأنزله " ما فعلتُه كان من أجلنا "

قلت بهمس " أخرج من حياتي "

قال بجمود " لا تنتظري ذلك ولا تفكري فيه "

أبعدت يداه وقلت " إذا أنا من سأفعلها "

وتابعت وأنا أنزل السلالم الدائري " وإن كان لك كرامة فطلقني "

وأكملت باقي الدرجات راكضة أشعر أن كل حرف قلته خرج بخنجر في

قلبي فإن كان يريد النطق بها فلا أريد سماعها من شفتيه , وصلت للأسفل

وخرجت وكان عمي واقفا هناك وفي يده أكياس طعام فاجتزته راكضة

وقائلة بضيق " أخرجني من هنا فورا وخذني لمنزل شقيقتي "

وتابعت ركضي ووجهتي مبنى الفندق








*~~***~~*









راقبتها باستغراب وهي تركض مبتعدة بخطواتها فوق الرمال ثم توجهت

بنظري للذي نزل من البرج الحجري فقلت ما أن رأيته " ما جاء بك ؟ "

وقف أمامي يديه في جيوب معطفه وقال ببرود

" زوجتي ما جاء بي طبعا "

قلت بضيق " ألم أخبرك أن تتركها وكنت سأتحدث معها

ولكن ليس الآن وليس وقته يا إياس "

قال بضيق مماثل " خطأك يا خالي إخراجك لها من منزلي , لو

تركتها لكنت حللت الأمر بسرعة "

قلت بحدة " نعم منك أتعلم الصواب من الخطأ "

قال بذات ضيقه " لما تفهم كلامي دائما على أنه إهانة لك "

قلت بجدية " وقفت معك ضدها كثيرا وصدّقت أنك تحبها وكل كلامك

ذاك سابقا والآن أثبت لها بنفسك ذلك واجعلها ترضى عنك "

ثم تابعت بجمود " وأحذرك فترجمان ليست من النوع الذي تعرف من

النساء ورضاها عنك لن يكون بالأمر السهل حتى إن سجنتها في

غرفة معك وليس في منزل "

ثم تركته وغادرت حيث ذهبت تلك هاربة وما سيخلصني منها الآن

فمؤكد تضن أني من أخبره عن مكانها وأن كل شيء حدث باتفاق بيننا

فما أتعسك من بشر إن وجدت نفسك بين حبيبين متخاصمين فستكون أنت

المتهم في كل شيء وممسحة لأخطائهم , وصلت الفندق ودخلت غرفتها

فكانت تجمع ثيابها وأغراضها فقلت " لما تتركيه يفسد رحلتنا تجاهليه تماما "

رمت الثياب في الحقيبة وقالت بحنق " أنا غاضبة منك أنت أيضا مثله

وأكثر منه فلا تتحدث معي "

قلت بضيق " ترجان احترميني "

فهذا طبعي أكون سمحا في كل شيء إلا إن قلل مَن أمامي مِن احترامي

قد يكون عيبي الوحيد لكن هذا الأمر يضايقني حقا وأكره أن يعتقد من يقترب

مني أني متهاون في كل شيء , نظرت لي بعينيها التي بدأ يشوبها الاحمرار

وأعلم تماما لما فهي الآن تمسك دموعها فلازالت هذه الطفلة الشرسة مجروحة

منه وتشعر بالإهانة وترفض الرضوخ والبكاء , قلت مغادرا الغرفة

" سنغادر إذاً ولا تحلمي أن أجلبك هنا مجددا "

وغادرنا بعد قليل ولم أرى إياس ولست أعلم بقي هنا أم غادر قبلنا وكانت

الجالسة بجواري صامتة طوال الطريق وتفرك يداها بقوة وغيظ وكأنها

تفرغ شيئا من انفعالها بهما فتنهدت وتابعت قيادتي في صمت فأمامنا وقت

طويل حتى نصل ورفيقتي يبدوا ستقضيه في الصمت , شغلت حينها المذياع

وبدأت أدندن مع أنغامه وأصابعي تتراقص على المقود الممسك له فمن قال

أننا رجال الشرطة والجيش بلا قلوب ولا نستمتع ببهجة الحياة !! بلى نحن

أكثر من يحتاج ذلك ويستمتع به








*~~***~~*










فتحت عيناي ببطء أشعر بضبابية تغشوهما وأشعر وكأن ثمة من يكبل

يداي وساقاي وعاجزة عن تحريكهما سوا حركة بسيطة لأطراف أصابعي

حاولت أن أجول بنظري في السقف فوقي وقد لاح لي خيال ما بقربي لا

أتبينه جيدا فقلت بكلمات مخنوقة بالكاد استطعت إخراجها " مااء "

فشعرت فورا بيد رفعت رأسي وبشيء لامس حافة شفتاي واندفع ماء بارد

شعرت وكأني لأول مرة في حياتي أشربه , كان طعمه مختلفا عن كل الماء

الذي شربته فما أروع الماء على العطش الشديد , أعادت تلك اليد رأسي

للأسفل وابتعد واختفى عن ناظري , رفعت يدي ببطء ومسحت عيناي

ويبدوا أن جرعة الماء تلك أعادت لي شيئا مما فقدته من وعيي وتلاشت

الضبابية عن عيناي قليلا وانفتح الباب حينها ودخل جسد لرجل فقلت من

فوري هامسة ولم أرفع عيناي لملامحه " أواس "

لتقف جميع حواسي وتسمرت عيناي حين وقع بصري على ملامحه , ذاك

الشاب صاحب العينين الخضراء الذي رافقني في رحلتي لكن ما يفعل هنا بل

أنا ما الذي أفعله في هذه الغرفة التي لا أعرفها ؟؟ دخل من الباب شخص آخر

بل امرأة وقالت مبتسمة " هل رأيت استعادت وعيها كما أخبرتك "

ثم اقتربت مني وجلست على طرف السرير وقالت ماسحة على شعري

" دُرر هل أنتي بخير هل تشعرين بشيء ما ؟ هل نستدعي الطبيب "

جلست حينها بمساعدتها دون أن أجيب على سيل أسألتها القلقة ثم مددت

يدي لحجابي الموضوع على الطاولة بجانبي فهرعت لمساعدتي على

ارتدائه ودخلت حينها امرأة أخرى دفعت الشاب قليلا لتعبر قائلة

بابتسامة واسعة " ابتعد بني دعني أراها وأسلم عليها "

ثم اقتربت مني وأمسكت ذرعاي وقبلت خدي قائلة بسعادة

" حمدا لله على سلامتك يا دُرر , كم سعدنا بعودتك "

نظرت لهم باستغراب واحدا واحدا ثم قلت بشبه همس

" أين أنا ومن أنتم ؟؟ "

أمسكت تلك المرأة صاحبة النظرة الحنونة الحزينة بكفي وقالت

" أنا من حرمني جدك منك لسنوات طوال منذ كنتِ في الثالثة من

عمرك وأضاعك وحرمني حتى من البحث عنك "

ازدادت نظرتي صدمة وحيرة وقلبي بدأ يقرع بقوة وعقلي يحاول

ترجمة كل هذا , نزلت دموعها ترافق ابتسامتها الحزينة فملأت

دموعي عيناي فورا وقلت بهمس مصدوم " أمي "!!

ضمتني لحضنها بسرعة وقالت ببكاء " يا قلب أمك يا قطعة منها

فقدتك لسنوات , ما أسعدني بهذه الكلمة من شفتيك يا ابنتي "

انهرت حينها باكية وقد عجزت حتى عن تحريك يداي المرميتان بجانبي

لأبادلها هذا العناق وهي تضمني لصدها بقوة , أمي وحضن الأم ورائحة

الأم وحنانها وصوتها أشياء لا يمكن وصفها ولا تعويضها , آه كم فقدتك

يا أمي كم نمت أحتاجك وكم استيقظت أشتاق لك لأنك كنتِ طيف بعض

أحلامي ورأيت وجهك في منامي بجميع وجوه النساء إلا هذا الوجه لم

أراه , ضمتني لصدرها بقوة أكبر قائلة " يكفي بكاء يا صغيرتي فأنتي

ما تزالين متعبة ولا أريد أن أخسرك بعدما وجدتك "

لكن بكائي لم يتوقف ولم يخف أبدا بل ورفعت يداي أخيرا وتعلقت

بثيابها بقوة وكأني أخشى أن تكون خيال ووهم ويختفي وأجد نفسي

في العراء وحيدة وبسبب الجوع والعطش أتخيل وأتوهم كل ما يحدث

الآن , جلست المرأة الأخرى بجنبها ومسحت على ظهري قائلة

" حمدا لله الذي قرّ عين والدتك برؤيتك فدمعتها لم تنشف لسنوات

منذ أخذك منها ذاك الطاغية المتجبر وحرمها حتى من العيش هناك

ورؤيتك ولو من بعيد وازداد حزنها وبكائها بعد اختطافك "

ابتعدت عن حضنها ومسحت دموعها ثم قبلت يديها وقلت بعبرة

" ما أسعدني بلقائك , ظننت أني لن أراك أبدا وأنك ميتة "

قبلت يداي المحتضنة ليديها ثم ضمتني لحظنها مجددا وقالت بحزن

" حرمني منك حرمه الله من حياته , وأشاع خبر موتي هناك كي لا يبحث

عني أحد , ومن سيبحث عني ووالدك مات بعد ولادتك وقد هربت هنا مع

جدتك وخالتك فوجدنا جدك بعد ثلاث سنين وأخذك من حضني وهددنا

وسجننا في هذه البلاد وحاربنا كل هذه السنوات لنبقى مختبئين في

مكاننا كالأرانب في جحورها "

تعلقت بحضنها مجددا وقلت ببكاء " أذاه طال الجميع كسر الكثير من

القلوب وأبكى العديد من الأعين , هذا ليس ببشر أبدا وكان سيحرمني

من رؤيتك باقي حياتي ومن معرفة أنك على قيد الحياة "

أبعدتني عن حضنها قائلة " أمسكوا به وسينال جزاء أفعاله "

ثم أمسكتْ كتف الجالسة بجوارها وقالت " وهذه خالتك راحيل "

حضنتها مبتسمة بحزن وقالت وهي تطبطب على ظهري

" ظننت أني سأبقى في طرف الصورة "

ثم ابتعدت عني ونظرت للواقف هناك في صمت وقالت

" قصي اذهب وأحضر جدتك بسرعة فستغضب منا "

قلت من فوري " هل هي جدتي ؟ "

فيبدوا هذا ابنها من أعينهم الخضراء ويبدوا أني أخذت هذا اللون من

عائلة والدتي وإن كانت جدته فهي جدتي التي قالت أنها هربت معها

إلى هنا , غادر حينها قائلا ببرود " نعم فهذه حصتي من كل هذا "
نظرت لهما باستغراب فقالت خالتي مبتسمة " يبدوا غضب

لأننا لم نعرفك به وتركناه للأخير "

قلت باستغراب " أليس ابنك ؟ "

هزت رأسها بلا وقالت والدتي " بلى ابنها للأربع وعشرين سنة

مضت ومن الآن لن يكون إلا ابن والدته وشقيق ابنتي بعدما

اختفى جده من حياتنا "

زحفت حينها من السرير صارخة " قصي "

وغادرته بخطوات مترنحة أستند بكل ما أمر به في طريقي في هذه

الشقة الصغيرة حتى وصلت عند الواقف أمام الباب ينوي الخروج

وارتميت في حضنه سريعا لتطوقني ذراعاه القويتان وقال بصوت

مبتسم " تذكروا أن يعرفوا عني أخيرا "

دسست وجهي في صدره أبكي وأشهق بكلمات لم يفهمها بالتأكيد فما هذا

اليوم الرائع الذي جلب لي كل هذا .. أُم وشقيق وخالة وجدة .. أي عائلة يا

دُرر !! لك عائلة ولستِ وحيدة كما ضننتِ كل هذه السنوات , لك أهل

وليس جدك المجرم ذاك فقط , قبّل رأسي وقال بصوته الجهوري

" يكفي بكاء يا شقيقة قصي فها قد أضافوا على عنقه امرأة أخرى "

سمعت ضحكات من خلفي فابتعدت عن حضنه وقالت خالتي

" أنكر أنك كنت تبحث عنها سرا وأنه جن جنونك حين علمت

أنها هنا ووسيلة للقبض على جدكما "

قال بضيق " لا تقولي جدكما نحن بريئان منه "

ثم فتح باب الشقة وقال مغادرا " لأذهب لإحضار عروسي

الرابعة قبل أن تقلبها على رأسي "

وغادر مغلقا الباب خلفه على نظراتي الغير مصدقة ودموعي المتناثرة

بعده حتى شعرت بيد أمسكت كتفي وذاك الصوت الهادئ الحنون

قائلا " ادخلي لترتاحي يا دُرر "

التفت لها ومسحت دموعي وقلت " وأين أواس ؟هل أصيب هل

هوا بخير ؟ هوا زوجي وجاء معي هنا "

نظرت لخالتي ثم لي ولم تتحدث أيا منهما فقلت بريبة

" ماذا يا أمي لما لا تجيبين ؟ "

سحبتني من يدي قائلة " عودي لسريرك أولا وسنتحدث "

تبعتها بصمت وحيرة حتى أجلستني على السرير مجددا وغطت

جسدي باللحاف فقلت " ألم تروه ؟ ألم يأتي هنا ؟ "

قالت بشيء من التردد " بلى جاء وهوا من أحضرك مع قصي ووضعك

على هذا السرير بنفسه ومن بحث عنا ووجدنا وأخبرنا عنك "

قلت من فوري " وأين ذهب ؟ "

نظرت لخالتي ثم للأسفل وقالت " غادر البلاد وعاد لبلاده "

قلت بصدمة " ماذا !! غادر وتركني هنا ! كيف ؟؟ "

نظرت لي وهزت رأسها بحيرة وقالت " لا أعلم كان مع قصي

وهوا من أخبرني عن مغادرته و...... "

توقفت ولم تتابع كلامها فقلت بنظرة رجاء معلقة بعينيها

" وماذا يا أمي ؟ "

تنهدت وتوجهت لدرج طاولة التزيين وفتحت الدرج وأخرجت منه

ظرفا ورقيا واقتربت مني ومدته لي قائلة " ترك هذا وقال لي أسلمه

لك في يدك فمؤكد ستعلمين شيئا بعدما تري ما فيه "

أخذته منها بسرعة وفتحته بقلب نبضاته تقرع بجنون وكل ظنون العالم

لعبت بي فما معنى أن يذهب ويتركني مع هذا الظرف الورقي ! أن يوصلني

لعائلتي ويرحل وهوا من قال أني سأكون مستقبله إن بقي حيا وانتقم من جدي

فها هوا سلمه للعدالة ولازال على قيد الحياة , فتحت الورقة المطوية على أربع

بعدما أخرجتها منه وتركت البقية متأملة أن يكون فقط يريد تخييري لأن عائلتي

قد يكونوا رفضوا العودة للوطن , بدأت القراءة بحدقتين تائهتين ويد تمسك الورقة

برجفة خفيفة وكان فيها ( دُره حبيبة أواس وعدّتك أن لا أتركك بعدي مجهولة

المصير , وعدتك بالكثير وقد أكون وعدت بأشياء فوق طاقتي أو هكذا اكتشفت

دُره طفلتي وحبيبتي منذ رأتها عيناي أول مرة وفقدتها في حياتي أكثر من فقد

جميع عائلتها لها , كوني سعيدة هذا فقط ما أريد وهذا فقط ما يهمني , تركت

لك معرض السيارات ونصف محلاتي بيعا وشراء باسمك لتضمني وعائلتك

مستقبلكم ما أن ترجعوا للبلاد )

ملئت دموعي عيناي محاولة فقط أن لا أفسر وأحلل شيئا حتى أفهم سبب كل هذا

رغم وضوحه جيدا , مسحت عيناي بقوة وتابعت قراءة كلماته ( لم أستطع تحريرك

مني لم تطاوعني نفسي فاصبري قليلا حتى يحدث ذلك وتري مستقبلك , سامحيني

يا دُره فلا يمكننا الاستمرار معا ولا شرح أسبابي فأعدّيها كما تريدين لكن لا

تكرهيني أرجوك وكما سبق وأخبرتك لو تركتك يوما فلن أتركك

إلا من أجلك ... أحبك )

صرخت حينها بقوة " لاااااا لن يرحل ويتركني "

فأمسكت أمي بذراعاي وكانت تقول شيئا لم أفهمه من بكائي الهستيري

وصراخي فضمتني لحضنها بقوة فقلت بنحيب " كيف هذا لما تركني

ولماذا ؟؟ لا يمكنني العيش بدونه يا أمي , لما لا يفهم ذلك لما "








*~~***~~*









كنت أستمع بانتباه للواقف بجانبي يسرد متطلبات الحظائر وما يلزم القطعان

والمزرعة ونظري على الأبقار المصفوفة أمامي في الأماكن المخصصة

لها وآلات الحلب الصناعية معلقة بضروعها والعمال يتنقلون بينها فإنتاجنا

في تطور ونستعد لزيارة اللجنة من حماية البيئة والحيوان للفحص وتقديم

النتائج عن منتجنا لوزارة الصحة في عملهم السنوي وكنت سأقول شيئا

لولا أوقفني الطيف الذي وقف بجانبي لرجل بلباس أسود من معطف طويل

وبنطلون فنظرت له سريعا فلم يكن إلا آسر الذي كان نظره على الأبقار

الكثيرة المصطفة أمامنا ورفع يده أماما لأفاجئ بالمسدس الموجود فيها

ففتحت فمي بصدمة وهوا يصرخ قائلا " ابتعدوا جميعكم "

فتحرك العمال بصراخ وعشوائية وفي ظرف ثواني معدودة كان المكان خال

منهم لتنطلق الرصاصات تباعا من مسدسه تسقط الأبقار واحدة بعد الأخرى

بإصابات مباشرة في الرأس ولم أفق من صدمتي إلا وهوا يخرج مخزن

المسدس ويضع غيره وعاد لرمي الأبقار فشددت له يده وقلت صارخة

" هل جننت ؟ ماذا تفعل "

دفعني قائلا بغضب " نعم جننت والمواشي سبقتها منذ قليل وأحرقت

حقول الشعير والقمح أيضا وإن كنتِ تستطيعين شيئا فافعليه "

قلت بصراخ غاضب على صوت تغو الأبقار الهائجة بسبب ما يجري

" بلى لدي وهوا قسم الشرطة يا رجل القانون "

فاستمر فيما يفعل دون حتى أن يلتفت لي ورمى المخزن الفارغ وأخرج

ثالثا من جيبه فتحركت ووقفت بينه وبينهم رافعة ذراعاي جانبا وقلت

بحدة " أقتلني معهم إذا لما تنتقم مني بهم وتتركني "

بقي ينظر لي بصمت ومسدسه موجه لوجهي فقلت بغضب " افعلها الآن

فأنا جزء مما ورثت من تلك العائلة الجشعة محبة المال فتخلص مني "


تقدم نحوي حينها وأمسك يدي وسحبني منها بقوة لم تجدي معها لا مقاومتي ولا

صراخي ولا ضربي ليده حتى أخرجني من الحظيرة ودفعني خارجها لأسقط

أرضا وعاد هوا للداخل وأغلق بابها خلفه ولم أعد أسمع سوا صوت الطلاقات

المتلاحقة في الداخل فوقفت وتوجهت للباب أدفعه وأضربه بقدمي بقوة وأصرخ

منادية له حتى توقف صوت إطلاق النار وصوت ثغاء الأبقار وانفتح الباب حينها

وخرج وغادر مارا من أمامي وكأنه لا يراني فدخلت للداخل وشهقت بصدمة لمنظر

جثث الأبقار التي ملئت الحظيرة تسبح في دمائها ولم يبقي ولا حتى واحدة فخرجت

راكضة حتى وصلت حظيرة المواشي وكان بابها مفتوحا والعمال يقفون في الخارج

منهم من يهز رأسه بأسى ومنهم من يضرب كفيه ببعضهما فدفعت من كان أمامي

حتى وصلت الباب ووقفت أنظر بصدمة للمشهد المشابه لما رأيت منذ قليل فانهرت

على الأرض وبدأت دموعي بالسقوط , لا ... مستقبلي مستقبل شقيقتاي كله ضاع

كله اختفى ومؤكد أحرق الحقول أيضا كما قال , صرخت ببكاء أضرب الأرض

بكفاي وقد غادر جميع من كان يقف هنا فهم يعلمون أنه لم يعد لهم عمل في هذه

المزرعة ولا داعي لبقائهم ولم تبقى سوا سراب وأطلال كل ما كان هنا , كل تعبي

وجهدي وأحلامي بمستقبل مضمون لي وشقيقتاي , فقط هذا كل ما أردت فهل هوا

كثير علي ؟ ألا أستحق هذا ؟ مؤكد الآن سيطالب التّجار بأموالهم والعمال برواتبهم

التي لم يأخذوها بعد وسنضطر لبيع المصنعين والمزرعة للسداد ولن يبقى لي سوا

نصف ذاك المنزل وبعض المال في المصرف , هذا إن لم ندفعه أيضا كي لا يكون

مصيرنا السجن , وقفت بعدها وتوجهت للسيارة التي لازالت تنتظرني وركبت في

صمت موحش لا أعلم بما أصف شعوري حينها .. قهر وحسرة وغضب وأمور

لا يمكنني وصفها , قلت ما أن تحرك " عد بي للمنزل "

ولا خيار غيره أمامي وقسما لولا العائلة التي تعتمد عليه لرفعت عليه قضية

ليدفع لي حصتي أو يتعفن في السجن , رن هاتفي فأخرجته من حقيبتي وكان

مدير المصنع وقال ما أن فتحت الخط " سيدة سراب جاء شريكك منذ قليل

وسكب جميع ما في الخزانات في الأرض واغرق أرضية المصنع والمعامل

بالحليب وأشعل النار في مشتقاته التي تم أنتاجها خلال هذا الأسبوع "

أمسكت جبيني بقوة وتابع هوا قائلا " واتصل بي السيد بشير وقال أنه فعل

ذلك بالدقيق والمنتجات في مصنع المخبوزات والمطحن أيضا "

فأغلقت الخط في وجهه دون رد ورميت الهاتف جانبا واتكأت بجبيني على

ظهر الكرسي الموجود أمامي وتركت العنان لدموعي في بكاء صامت فما

أقسى ضربتك هذه لي يا آسر وما أقسى أن يواجَه الحب بأفعال لا تنم إلا

عن الكراهية , وصلنا المنزل وكان ثمة سيارة تخرج منه لا أعرفها ولم

أرها سابقا وقد ابتعدت في الاتجاه الآخر ولم أتبين هوية راكبها فيبدوا شخصا

واحدا , دخلنا سور المنزل ونزلت بسرعة حين رأيت الواقفة تولي ظهرها

لي وبجانبها حقيبتها وصرخت متوجهة نحوها " ترجماااان "

فالتفتت لي من فورها وضممنا بعضنا بقوة لتنطلق باقي دموعي التي لم أسكبها

بعد فها هي غادرت من جحيمها وتركت لهم حياتهم البائسة تلك وتحررت أخيرا

من قيودهم , أبعدتها عني ونظرت لوجهها وقلت بصدمة " ترجمان تبكي !! "

مسحت دموعها بقوة وعادت لمعانقتي مجددا فضممتها بقوة وقلت ببكاء

" دمرونا وابكونا لا وفقهم الله جميعهم "



المخرج : بقلم الغالية أغاني الوفاء

لففت حبالك حول قلبي واحكمت شده،، بات قلبي ملتهب بالمشاعر مهيج بالأنفعالات،، قيد الإنفجار في أي لحظة...
ياساجني تمهل ،تريث ، الرحمة أرجوك...
نهايتي باتت وشيكة ،،نهاية مقاومتي باتت تتضح ..
كرهتك ،ثم عشقتك ،ترنمت بحبك ..
الايكفي هذا لتخفف من حدة الاعيبك ،،براثن خبثك،، شباك فخك..
فلاتزيدها لكي لاتنقلب الأمور ضدك
<فالنار لاتحرق الا واطيها>

سلمت يداك



نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الخميس إن شاء الله


فيتامين سي 10-03-16 02:19 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث واﻷربعون)
 





الفصل الرابع والأربعون


المدخل : بقلم الغالية أيفا رمضان

أحبني بذكاء يا هذا فلا لي مشاعرك تشفيني ولا لي أنتقامي يريحني واناأصبحت تائهة في وسط العاصفة
ولا مجال لي تراجع قف بجانبي وساعدني في رحلتي فلا للكلام يجذبني ولا لي وردك تلفتني فأن اردت
بي قلبي فعليك الحرب في معركتي فجذبني في مواقفك فل حرب سائرة عليك قبل أن تكون لي
ولنكون حصون من جليد

سلمت يمينك

**********

أغلقت باب الغرفة وخرجت فكان واقفا مكانه وقال ما أن رآني

" هل نامت ؟ "

هززت رأسي بنعم وقلت بحزن " ككل مرة نامت من شدة تعبها من البكاء "

تنهد بضيق ولاذ بالصمت فقلت بأسى " لو كان مات لكانت صدمتها أخف

لما يفعل بها هكذا وهي تحبه ؟؟ "

قال بضيق " هكذا يفعل أغلب الرجال يرمون المرأة بعدما ينالون غرضهم

منها وهي كانت وسيلة لانتقامه ليس إلا والآن ذهب بعدما رماها علينا "

قلت بضيق مماثل " ونحن لسنا متضايقين من وجودها ويوم

عيد يوم رجعت لي ابنتي "

تأفف وقال " ومن قال أننا لا نريدها , أقسم ما كان سيهنأ لي بال وهي بعيدة

ولا نعرف مصيرها وما دخلت المخابرات السرية إلا من أجلها ومن أجل

العثور عليها وإعادتها وجاء ذاك يفتخر ببحثه عنا وإعادتها لنا لكن بعد

ماذا ؟ بعد أن دمروها وشوهوها من الداخل , أعادها حطام امرأة ليس إلا "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أصدق أن يكون تركها كرها لها بعدما قرأت

الورقة ورأيت ما فيها بنفسي فكيف يكون يكرهها ولا يريدها ويخبرها بأنه

يتركها من أجلها هي وترك لها كل تلك الأملاك لتضمن مستقبلها ومستقبلنا

معها , أخبرني كيف يكون ذلك يا قصي ؟ "

قال بضيق " تقصيت عنه وعلمت أنه منذ غادر من هنا في منزله هناك

أسبوع كامل لم يغادره ولم يفكر حتى أن يتصل بها فما معنى كل هذا

ويقول أنه لا يريد تطليقها الآن فكيف يتركها معلقة هكذا وعليه فعلها

رغما عنه لترى حياتها وتتزوج "

قلت بأسى " وهل تراها ستوافق ذلك ؟ أقسم أن يجن جنونها إن أرسل

ورقتها ففكرة أنه رحل بعيدا عنها لم تستوعبها حتى الآن "

تركني وتوجه لأريكة الصالون في وسط الشقة وجلس عليها يفرك جبينه بصمت

وضيق ووقفت أنا مكاني أراقبه بحزن , أعلم ما تشعر به يا بني فمنذ ولدتك وأنت

تعاني , من حين هربت هنا بابنتي حيث والدتي وشقيقي رحمه الله وشقيقتي راحيل

واكتشفت أني حامل وابنتي كان عمرها أشهر فقط فكتمت ذاك الحمل ولحسن حظي

ولدت ابني قبل أن يجدنا جدها فنسبنا الطفل لشقيقتي وزوجها كي لا يأتي ويأخذه مني

وحدث ما خشيت بالفعل فقد وجدنا ودُرر عمرها ثلاث سنين وانتشلها من حضني بكل

قسوة وتجبر وحرمني منها وأخذها باكية تناديني , ولا أنسى ذاك اليوم ما حييت وأنا

أسمع بكائها ومناداتها لي حتى اختفت سيارته واستل قلبي عرقا عرقا ذاك اليوم وعشنا

بعدها معاناة لا يعلمها إلا الله بسببه حين كان قاضيا هناك وبعدما أخرجوه من القضاء

وجاءنا هنا فنبذت ابني ونكرته رغما عني ليحمل اسما غير اسم والده كي لا يكون

مصيره كمصير شقيقته ويأخذه بلا رحمة , وعاش حياته كلها في ترقب وخوف على

نفسه وعلينا خاصة بعد موت خاله وتركه لنا في عنقه وبعدما اختار تلك الوظيفة

وعمل مع المخابرات الدولية السرية , وعشت حياتي في كابوس مخيف حتى في

نومي أرى جده جاء وأخذه أو قتله , اقتربت منه وهوا على حاله وجلوسه

وقلت " ماذا حدث بشأن أوراقك ؟ "

قال دون أن يرفع رأسه ولازال يفرك جبينه " كلها أيام فقط وأستعيد هويتي

لكن موضوع انتقالنا يحتاج لوقت حتى أنقل عملي وأنتي تعلمي

موضوع الاستخبارات ليس بهين "

قلت بهدوء " كما يناسبك بني "

ثم تابعت ببعض التردد " وماذا بشأن موضوع لبنى ؟ "

تنفس بضيق وقال " أمي كم مرة سنتحدث في أمرها "

كنت سأتحدث فرفع رأسه ونظر لي وقال " قلت سابقا أن تنسي أمرها "

قلت بجدية " لأنها ليست الأولى لن أنسى أمرها فكم واحدة عرضناها

عليك ورفضت وأنت لم تعد صغيرا يا قصي والفتيات العربيات هنا

محدودات والفتاة لا تعوض "

وقف وقال " لا تعجبني معقدة ولم أستلطفها "

قلت بنفاذ صبر " ما معقدة هذه ؟ هي أفضل من غيرها وأنا

أريد رؤية أبنائك "

توجه نحوي أمسك رأسي وقبله وقال " ستريهم لما الاستعجال ثم نحن

سنعود لبلادنا والخيارات ستكون أوسع لما آخذ واحدة من هنا أبعدها

عن أهلها وأحاصر نفسي بخيارات معينة "

قلت ببعض الضيق " والمعقدات هناك أكثر "

قال بعد ضحكة صغيرة " لن تفهمي ما أعني مهما شرحت فأنا لم

أقصد أطباعها ولا أفكارها بل عنيت فهمي لها "

تأففت وقلت " ما أفهمه أنك تتحجج فقط "

انفتح باب إحدى الغرف حينها وخرجت منه والدتي مستندة بعكازها

وقالت بضيق " قصي تعالى هنا وأعطني أذنك لأقرصها "

وضع يده على رأسه وقال مبتسما " نسيت يا جدتي قسما نسيت "

تقدمت نحونا بخطواتها الواهنة البطيئة وقالت ملوحة بالعكاز

" كم مرة ستنسى ها ؟ وفي كل مرة تعدني بأنك ستحظره "

وقف خلفي واضعا يداه على كتفاي وجاعلا إياي بينهما وقال بضحكة

" اليوم سأحضره أعدك فأبعدي زوجك هذا عني "

قالت بحدة وهي تحاول ضربه من ورائي " كم مرة قلت لا تنادي

هذه العصا بزوجي يا وقح "

ضحكت وقلت " أمي ضرباتك كلها في كتفي أنا . ثم لو كان زوجك

عكازا فهوا جده يعني أنه عكاز مثله "

سحب العكاز منها في حركة سريعة ثم توجه نحوها وحملها رغم صراخها

واعتراضها وهوا يعلم أنها أكثر من يكره هذه الحركة وقال وهوا يدور

بها حول نفسه " ما أن تستعيد دُرر عافيتها سأآخذكم لمكان لن تتوقعوه "

ثم أنزلها ممسكة رأسها وتشعر بالدوار طبعا وتحاول ضربه بيدها ولا تتبين

مكانه فقال مغادرا جهة باب الشقة " أقسم أن أحضره هذه المرة يا جدتي "

وفتح الباب وغادر مغلقا له خلفه ونظري يتبعه , حفظك الله يا بني تحاول أن

تزرع الابتسامة على وجوهنا وأنت أكثر من يحتاجها , وكأني أرى والده

الآن أمامي فقد كان رجلا ذو هيبة في كل شيء حتى حديثه وإن مزح وضحك

فليس لأنه يريد ذلك بل من أجل من حوله , نظرت لوالدتي وأعطيتها عكازها

وقلت ممسكة لها " تعالي اجلسي ستحتاجين لوقت لتفيقي من دوارك "

قالت بضيق " بل خذيني لأرى ابنتك بعدما غادر ذاك الكاذب المجنون "

ضحكت وقلت متوجهة بها جهة غرفة دُرر التي كانت لقصي

" من يسمعك لا يصدق أنه المفضل لديك وأنك تحبينه أكثر

حتى من ابنتيك "

تنهدت وقالت " هوا عزوتنا وسندنا في هذه الدنيا بعد الله ونحن

نسوة لا أحد لنا وهوا شاب يُعتمد عليه "

فتحت الباب ببطء وقلت بصوت منخفض " حمدا لله لم يقطع فضله

علينا كلما خسرنا رجل أعطانا غيره وحتى هذه النائمة على

سريره الآن قد يكون عوّضها به عن زوجها "





*~~***~~*







لففت حول السرير وقلت " هيا سراب تحركي لنخرج معا "

كتفت يداها لصدرها ممسكة للحاف معهما وقالت ببرود

" قلت لا أريد "

قلت بضيق " وحتى متى ستسجنين نفسك يا غبية وما ستجنيه بهذا "

قالت بضيق مماثل " أريد حلا لكل هذا وأريد أن أعلم لما فعل ذلك "

قلت من بين أسناني " غبية طوال حياتك "

نفضت اللحاف عنها ونظرت لي وقالت " أنكري أنه قلبك لا يحترق

الآن مثلي ؟ لا تكابري يا ترجمان "

قلت بحدة " فليتفحم ولا أعيش تعيسة بسبب رجل كان من يكون , أنا

لست مثلك ولن أفكر مثلك وسأقتل قلبي إن ذلني له أو لغيره وسأكمل

حياتي وكما أريد وأخرجه منها أحب أم كره وأحب قلبي ذلك أم لا "

قالت بسخرية " لا تستهيني بالأمر يا ترجمان فأنتي لم تدخلي معه في

مواجهة وحرب باردة بعد فأنا من جربت من ذلك الكثير أقسم أنه

أقسى من الموت ذاته وسحقا للبلاء المسمى حب "

كتفت يداي لصدري وقلت " جربت مرة والمهم خرجت منها على

قيد الحياة فلا عمري بيده ولا رزقي أيضا فتوقفي عن الجنون "

تأففت وقالت " ومن قال لك أني أفكر كما تضنين أنا أفكر في مستقبلنا

الذي كنت وجدت له حلا , وأريد أن أفهم سبب ما فعل وكيف سنتصرف

الآن فكل هذا من صدمتي بضياع كل تلك الأشياء منا "

قلت ببرود " أخبرتك أن تشتكي عليه لكنك لا تريدي "

قالت بحنق " كم مرة سأقولها ؟ لو كنتِ حمارا لفهمها , لا أريد

أن تخسره هذه العائلة المعتمدة عليه "

قفزت عليا حينها وبدأت بخنقي قائلة " أنا حمار يا قردة "

ضحكت وقلت باختناق " بل أنتي قردة وأنا حمار فابتعدي عني "

ودخلنا في صراع ضاحك أعادني لتلك الأيام حين كنا في منزل العجوز

بعدما تعبنا ارتمينا على السرير بجانب بعضنا نتنفس بقوة ونظرنا لسقف

الغرفة وقالت مبتسمة " كم كانت أياما رائعة يا ترجمان أيام ألماسة تلك "

ضحكت وقلت " سراب تقول هذا ! وهي أكثر من كانت تتذمر من تلك الحياة "

قالت بحزن " كان لا هم لنا ولا شيء يشغلنا ننام نضحك ونستيقظ نمزح

لا أحد يتحكم بنا لا شيء يكدر صفونا والأهم لا مال يجلب لنا الهموم "

هززت رأسي وقلت " تغيرتِ كثيرا يا سراب "

قالت بنبرة ساخرة " بل قولي تعلمت كثيرا من تجارب لم نخضها سابقا

جربت الفقر الأشد مما كنت أتذمر منه وجربت الحب مع الحزن

والبكاء والأهم جربت المال وكرهته أيضا "

تنهدت بأسى وقلت " لَم نهان في حياتنا بهذا الشكل أبدا , ومنذ عرفنا شلة

الحمقى هذه ونحن في الذل والاستصغار فهؤلاء الرجال يعرفون جيدا

كيف يكسرون المرأة مهما كانت ومهما تقوّت عليهم "

جلست ونظرت لي من فوقي وقالت " هل أعتبره اعترافا ضمني

من الصنديدة ترجمان "

جلست أيضا وقلت " لا بالطبع "

قالت بسخرية " وأين ذاك الدينجوان زوجك لم يشرفنا بطلته

البهية يبدوا سعد بفراقك "

دفعتها من كتفيها وقلت " وأنا أسعد منه بفراقه "

ثم غادرت السرير وسحبتها معي قائلة " دعينا نخرج لأي مكان

حتى متى سنبقى هنا وهكذا "

سحبت يدها مني وقالت " يبدوا أنك نسيتي تعليمات السيد آسر

أن لا أخرج إلا للضرورة "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وتخافين تهديداً من ذاك ؟ "

قالت ببرود " بل هوا يتصيد لي المشاكل وأنا لا أريد إعطاء الفرصة له "

ضحكت وقلت " معه حق كيف تعطي خاتم زواج لطفلة وهوا من أحضره "

تجاهلتني ونظرت جانبا ثم نظرت ليديها في حجرها وقالت بحزن

" كم اشتقت لدُرر أيعقل أن تنسانا هكذا ؟ "

هززت رأسي وقلت " أبدا ليست دُرر من يفعلها مؤكد مشغولة

مع عائلتها فقط "

نظرت لي وقالت " كم هي محظوظة لابد وأنها في قمة السعادة الآن

والدتها وشقيقها وقال عمك أنه لها خالة وجدة أيضا "

ثم تابعت بأسى " وأنتي لك عائلة يحبونك فوحدي المنبوذة "

قلت بسخرية " نعم يحبونني ومن كثرة حبهم لي اتفقوا مع ابنهم لجعلي

سخرية , لا أعلم لما وحدي من لم تخرج والدتي من الموت مثلكما "

قالت بحزن " يكون أفضل من أن تُفجعي فيها "

تنهدت وقلت " في النهاية لك أُم ومؤكد ستشعر يوما بخطئها "

ابتسمت بسخرية ولم تعلق فقلت ملوحة بيدي " هيا سنخرج لمشوار

ضروري إذا , المهم نفارق هذا المنزل قليلا "

قالت بضيق مغادرة السرير " أمري لله , لا أعلم لما لا تخرجي

وحدك وتتركيني وشأني "

وتوجهت للخزانة وقالت وهي تخرج ثيابا منها " أحمق لم يتركني

أتجنب أن أكون مثل هيم ولم يعطني الفرصة لأجمع المال "

نظرت لها باستغراب وقلت " من هيم هذا ؟؟ "

أخرجت بنطلونا وأغلقت الخزانة بقوة وقالت ببرود " شخص لا

تعرفيه لأنك طوال حياتك تشبهين هاو مستعدة لأي تغيير ولا

شيء يؤثر بك "

رفعت كتفاي بلامبالاة وتجاهلت كل ما سمعت وغيرت ثيابي أيضا

بعد قليل غادرنا الغرفة ونزلنا السلالم وكانت تلك الطفلة إسراء في

الأسفل وما أن رأتني حتى فرت هاربة فضحكت وقلت

" هربت مني هذه المرة "

قالت سراب ضاحكة " وكيف تريديها أن تبقى لك وأنتي

علّمتها كيف تكرهك وبجدارة "

قلت مبتسمة ونحن ننزل آخر العتبات " خدّيها مغريان كلما رأيتهما

شددتهما رغما عني , لم أرى حياتي طفلة نحيلة خديها ممتلئتان

وحمراوان هكذا "

قالت ببرود " وكسرتي لها أرجوحتها أيضا فلا تنسي "

ضحكت وقلت ونحن نتجه للباب " أردت تجربتها فقط لكنها

كانت رديئة الصنع "

تمتمت بامتعاض " رديئة الصنع !! أم حجمك لا يناسبها يا طفلة "

توجهنا للسيارة وركبنا وقدتها أنا طبعا وقالت سراب ما أن تحركنا

" ما أنا موقنة منه أنه ستمسكنا الشرطة يوما وأنتي تقودين بدون

رخصة قيادة وللسجن فورا وتوقعي من سنجد هناك "

قلت ونحن نعبر بوابة المنزل " ولمن تتركون هذه السيارة بلا سائق

انتفعوا بها أفضل , ثم لا أعلم لما أنتي خائفة من تهديداته هكذا ؟ لو

كنت مكانك لتمشيت أمام المركز الذي يعمل فيه عمدا "

قالت ببرود " نعم ليُعلق مشنقتي هناك "

قلت بلامبالاة " أنتم فقط لم تجربوا طعم التمرد والتحدي إنه لا يوصف "

تنهدت بأسى وقالت " لو أفهم فقط لما لم تتغيري أبدا بينما انقلبت أنا

رأس على عقب رغم أنك وقعتِ على قلبك وأحببته أيضا ؟ "

قلت ببرود " لا تكرري هذا مجددا "

قالت من فورها " وأنكري صحة كلامي , أنا من يعرفك أكثر

من نفسك يا ترجمان "

ضربتها بقبضتي على كتفها تم أعدت يدي للمقود وقلت

" أغلقي الموضوع أو القادمة ستكون على أنفك "

شدت لي خصلة من شعري وقالت " لا تنسي أنك الأضعف

الآن لأنك تقودين "

دفعتها عني محاولة تثبيت حركة السيارة وقلت " توقفي يا

حمقاء الآن ستمسكنا الشرطة بسببك "

وعلى شجارنا أمضينا الطريق كعادتنا في السابق فيبدوا أننا لن نتغير

حتى لو أصبحنا عجوزان وأجمل ما فينا أن مشاعرنا اتجاه بعضنا

لم يغيرها شيء والباقي للفناء فكله يمكن استبداله مهما طل الوقت

زدت السرعة وقلت صارخة " لا ينقصنا إلا دُرر "

فصرخت سراب حينها " خففي السرعة يا غبية أقسم أن

نهايتنا ستكون على يدك "








*~~***~~*








فتحت باب المنزل ودخلت وأدخلت حقيبتي معي وأول من قابلني كان

والدي فتركت الحقيبة وتوجهت نحوه وقبلت يده فقال

" حمدا لله على السلامة يا بسام "

قلت مبتسما " سلمك الله كيف هي صحتك ؟ "

هز رأسه بمعنى جيدة وقال " وكيف كانت رحلتك أنت ؟ "

مررت أصابعي في شعري وقلت " جيدة لا جديد فيها مجرد دورة

عادية ككل عام منذ عملت في الشركة "

قال مغادرا جهة باب المنزل " إذا جهز أمورك يا عريس "

تبعته بنظراتي المصدومة وكدت أقفز عليه وأحضنه فكلامه يعني أنها

وافقت وأن كل شيء حدث كما أريد ولن تكوني لغيري يا رغد , نظرت

للتي وقفت أمامي قائلة ببرود " حمدا لله على السلامة "

قبلت رأسها ثم يدها وقلت " سلمك الله , لما كل هذا العبوس ؟ "

قالت بذات برودها " تعلم لما "

تنهدت وقلت " أمي أريد أن أعلم هل تريدين سعادتي أم لا ؟ "

قالت بضيق " بلى وهل هناك أم لا تريد السعادة لأبنائها "

قلت مبتسما " وسعادتي مع رغد وإن تزوجت بغيرها سأعيش

تعيسا طوال حياتي "

كانت ستتحدث فقاطعتها برجاء " أمي بالله عليك ألم تكن تعجبك

كما شقيقتاها وهي أكثر منهما ؟ فما تغير الآن "

قالت بضيق " أنا لم أتحدث عن أخلاقهم ولا تربيتهن والجميع يشهد

لكنها رفضتك يا بسام وشقيقتها رفضت شقيقك وكأنكم لستم أبناء عمهن

وهي أرملة ومعها ابنة فما يجبرك على كل هذا وأنت شاب "

تنهدت وقلت " أمي حتى متى سأقول لك أني أريدها وإن كانت

نصف إنسانة "

شهقت بصدمة فأمسكت رأسها وقبلته مجددا وقلت " ليحفظك الله

لي يا أمي لا تكسري فرحتي أرجوك "

قالت باستسلام " وما يسكتني غير فرحتك "

قلت مبتسما " وأريد أن تفرحي بي ومعي أيضا وأن تكون رغد

لديك رغد الماضي لم تتغير فما حدث كان مقدرا من الله وكانت

ستتزوجه قبلي في كل الأحوال "

تنهدت وقالت " وما بيدي أقول غير ما أسعدها بك من امرأة

وُلدت في ليلة عيد ولا حظ يوازي حضها "

ضحكت وقلت " هذا لأني ابنك فقط "

ثم نظرت من حولي وقلت " وأين البقية ونورس أليست هنا ؟ "

قالت بهدوء " جاء زوجها وأخذها , قال أن أقارب لهم في طريقهم

لزيارتهم وكما تعلم هي عروس ويجب أن تكون معهم "


هززت رأسي بحسنا فقالت " هل أعد لك شيئا تأكله ؟ "

قبلت يدها وقلت " أكلت في الطائرة , سأصعد لأستحم وأنام

هذا فقط ما أحتاجه الآن "

صعدت بعدها لغرفتي وما أن دخلت وأغلقت الباب خلفي جلست على

السرير مخرجا هاتفي من جيبي واتصلت بإياس قبل حتى أن أفكر في أن

أنام وأرتاح ولا أن أستحم وأغير ثيابي , طلبت رقمه فأجاب سريعا وبعد

السؤال عن الحال كنت أنتظر تلميحا أو أي كلمة منه تشجعني على الحديث

لكنه تطرق لدورتي يخرج من حديث يدخل لآخر وكأنه يتعمد إحراق

أعصابي حتى قلت " ما أمور المزرعة معكم "

قال من فوره " سأبيعها قريبا وأرجع للعاصمة "

قلت بصدمة " حقا !! ما هذا القرار المفاجئ "

قال بهدوء " كنت أريد تحسين وضعها لأحصل فيها على سعر مناسب

وبعد زواج جميع شقيقاتي لا حاجة لي بكل هذا وراتبي يكفيني وزوجتي

ووالدتي ويزيد وبحصتي من المزرعة قد أبدأ مشروعا صغيرا خاصا بي "

حمحمت وقد وصلنا للنقطة الأهم فقلت " ومتى ستتخلص من شقيقاتك وتأتي "

ضحك وقال " اسأل نفسك هذا السؤال فالأخرى متزوجة "

شعرت بأني سأطير من الفرحة وكأني لم أسمعها من والدي وسمعتها

من إياس للتو فقلت " وأنا من يدك اليمين للشمال وجاهز من الآن "

ضحك وقال " مهلك قليلا فليس قبل أن تنهي منزلك فلن أزوج أي منهن

مجددا في منزل مشترك مع العائلة "

قلت بابتسامة " وهذا أمر سهل فمنزلي لم يعد ينقصه الكثير

فقط حددا لنا موعدا "

قال بهدوء " دعنا نرجع لمنزلنا هناك أولا ثم سيحدث ما تريد "








*~~***~~*









خرجت والخادمة تجر حقيبتي خلفي حتى وصلنا السيارة ووضعتها

في الخلف فركبت بجانبه ونظرت له وقلت مبتسمة " حمدا لله

على سلامتك يا أواس "

ثم سرعان ما ماتت ابتسامتي وقلت باستغراب ناظرة لملامحه

" أواس ما بك لونك مصفر وتبدوا فقدت شيئا من وزنك ؟ "

نظر للأمام حيث تحرك بسيارته خارجان من سور المنزل

وقال ببرود " لا شيء "

قلت بحيرة " كيف لا شيء ! ألم ترى وجهك في المرآة ؟ وما

حدث مع ذاك المجرم فقد سمعت في الأخبار عن إمساكهم

لخلايا نائمة في البلاد "

قال بذات بروده " أمسكناه وهوا في مستشفى سجن جنوب العاصمة "

كنت سأتحدث فقال " سوف آخذك لمنزل والدي حاليا "

قلت بصدمة " ولما !! "

قال ونظره على الطريق " لا يمكنني قول السبب الآن وسيأتي بعد

أيام رجل سيتحدث معكم عن أمر لا تعارضي فيه يا عمتي ولا

تناقشي إن كانت لي معزة عندك "

قلت بضيق " قل شيئا مفهوما يا أواس "

قال بضيق أكبر " انسي أواس يا عمتي انتهى أواس انتهى

فافعلي ما سيقول ذاك الرجل "

نظرت له بصدمة وقلت " كيف انتهى ؟؟ ماذا حدث معك

وأين ستذهب وأين هي دُرر ؟ "

قبض على المقود بقوة وقال بألم " انسي كل شيء عمتي كله

انتهى كله ماضي وأنا سأكون من ضمنه "

شعرت بغصة وكتمه في صدري ودموعي تنذر بالنزول وقلت بعبرة

مكتومة " أواس ألن أراك مجددا ! ماذا يحدث بني أخبرني أرجوك ؟ "

هز رأسه بلا دون كلام فقلت وقد تساقطت دموعي " ماذا يحدث

معك ؟ ماذا فعل بك ذاك المجرم ؟ "

قال بغضب " لا شيء لم يفعل بي شيء وانسوني أعدوا أني

ميت أني مت من أعوام لأنكم لن تروني مجددا "

بقيت أنظر له بصدمة أحاول فقط استيعاب ما قال وما يعني فوقف

بالسيارة حينها ودار بجسده نحوي ومسح دموعي ثم أمسك يدي وقبلها

وقال " سامحيني يا عمتي ما كنت سأتخلى عنك لولا ظروفي وسأؤمّن

لك مستقبلك ولن تبقي تحت رحمة والدي "

هززت رأسي بلا وقلت ببكاء " لا أريد شيئا يا أواس , أخبرني ما

بك وما حدث معك فلن أذهب لمكان لست فيه "

شد على يدي بقوة وقال " حلفتك بالله لا تعصيني هذه المرة يا

عمتي لأكون مطمئنا أرجوك "

نظرت له بحيرة وعينان دامعة ولم أعرف ما أقول فقبل يداي كل

واحدة منهما على حدا وقال " عديني يا عمتي أرجوك "

قلت بعبرة وهمس " أعدك بني فقط كن بخير "

عاد لمسح دموعي وقال " سأكون بخير أنتي فقط وافقي على

ما سيقول ذاك الرجل ويفعل ليكون بالي مرتاحا "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فعاد بجسده أماما وأمسك المقود

وقال ناظرا للبعيد " سلمي لي على والدي واطلبي منه مسامحتي "

أغلقت حينها فمي بيدي وانخرطت في بكاء مرير ونحيب فكل هذا لا

معنى له إلا شيء واحد وهوا أنه سيموت ومتأكد من مغادرته للحياة

ولا أعلم كيف ولا لما لكني متأكدة , قال ونظره لازال هناك أمامه

" عمتي يكفي بكاء أرجوك أخبرتك أني سأكون بخير "

تمسكت بذراعه ودفنت وجهي فيها وقلت ببكاء " لا يا أواس لا تفعل

بنفسك شيئا بني وزر طبيبا لا عيب أن يراك لكن لا تؤذي نفسك "

قال بنبرة متألمة " لست مجنونا عمتي ولا أحتاج طبيبا نفسيا لما

لا تفهمون ذلك , ولن أقتل نفسي لا تخافي "

وبقيت على ذاك الحال والوضع لوقت ويده تمسح على رأسي حتى

خف بكائي فقال بهدوء " يكفيك تعذيبا لي عمتي أرجوك فتوقفي

عن البكاء وانزلي لأنه عليا المغادرة لأمر ضروري "

نظرت لوجهه وقلت بحزن " اتصل بي إذا , عدني بذلك أو لن

أفعل ما طلبت مني "

هز رأسه بحسنا دون كلام ففتحت باب السيارة ونزلت وأنزلت حقيبتي

وغادر من فوره والدمعة لازالت معلقة في نهاية رموشه وعيناي غابت

معه حتى اختفي وقلبي يخبرني أنها المرة الأخيرة التي سأراه فيها وكلامه

أكبر دليل على ذلك , عدت للبكاء واقفة في الشارع وكمي ممسحة لتلك

الدموع وكل من مر من أمامي نظر لي باستغراب وأنا نظري لازال

حيث اختفت سيارته ولن تعود , انفتح باب المنزل حينها وخرج منه قيس

ونظر لي باستغراب ثم لحقيبتي وقال " عمتي من جاء بك هنا ؟ ولما

تقفين في الشارع ؟ "

مسحت دموعي التي يبدوا وحدها التي لم يلحظها أو تجاهلها طبعا

وقلت " أواس جلبني وغادر "

قال ببرود " آه رماك مدللك ذاك لذلك تبكي "

قلت بضيق " ذاك شقيقك فخذ في اعتبارك على الأقل

إخراجه لكما من السجن دائما "

قال مغادرا " لو كان شقيقنا حقا لأعطانا من محلاته , ذاك البخيل

يملك كل ذاك المال ويحتكره لنفسه فقط "

هززت رأسي بيأس منه فهذه العائلة لن تتغير أبدا حتى بخروج علي رضوان

من حياتها فوالدتهم غرست فيهم طباعها السيئة بعيدا عن تدمير ذاك المجرم

لهم خارج المنزل , حملت حقيبتي وتوجهت للباب الذي تركه مفتوحا ودخلت

وأغلقته خلفي ودخلت المنزل حيث كان شقيقي سالم يجلس يشاهد التلفاز

ووقف ما أن رآني وقال باستغراب " خديجة متى عدتما ؟ "

وضعت الحقيبة وقلت " عدنا من أين ؟ "

قال باستغراب أشد " ألم تكوني مسافرة مع أواس !! "

قلت بسرعة " آه نعم وجلبني الآن وغادر "

قال بشيء من القلق لم أراه فيه سابقا " غادر إلى أين ؟ "

قلت بريبة " لا أعلم يبدوا سيغيب لبعض الوقت "

قال " هل صحيح ما تناقلته الأخبار ؟ "

نظرت للتلفاز وقلت " أخبار ماذا ؟؟ "

تأفف وقال " أخبار تداولها الناس هنا عن زوج والدته ذاك

والخلايا النائمة واسم أواس في القضية "

هززت رأسي بنعم دون كلام فقال بريبة " ما الذي تعلميه ولا أعلمه ؟ "

جلست على أقرب كرسي وقلت بأسى " ذاك المجرم كان وراء كل ما أنت

وأبنائك فيه وهوا من ورطك في ذاك الربا المصرفي ومن ضيع أبنائك

وأواس كان يحاربه وحيدا لا أحد معه وكان يحاول كف أذاه عنكم "

قال من فوره " وأين هوا الآن ؟ "

ابتسمت بسخرية وقلت بحزن سقطت معه دمعتي " غادر ولن يعود

ولم يذكر السبب , طلب مني فقط أن أخبرك أنه يسلم عليك

وأن تسامحه "

انتفض حينها بغضب وقال صارخا ومتوجها لباب المنزل

" ماذا فعلوا لابني سيرون جميعهم "

مسحت دمعتي وهمست بألم " تأخر الوقت لتشعر بأنه ابنك يا

سالم ... تأخر الوقت كثيرا يا أخي "

رفعت نظري حينها للتي وقفت أمامي فكانت زوجته بنظرتها السيئة

تلك وقالت ويدها وسط جسدها " من تأخر عن من ؟ وما تريديه

وابن شقيقك من زوجي ؟ "

قلت بضيق " ابن شقيقي ذاك يكون ابنه وهوا والده وأنا

شقيقته إن نسيتي "

قالت مغادرة من أمامي " ومنذ عرفناك وعرفناه ونحن نعاني وها

قد رماك علينا لا زوج لك ولا منزل آخر ولن تموتي قريبا بالتأكيد "

وأغلقت باب الغرفة التي دخلتها خلفها بقوة فخبأت وجهي في يداي وسافرت

في بكاء صامت وكل هذا لا يعنيني لأني اعتدت عليه ويبدو سأعيش فيه

كل حياتي , لا يهم فليرجعوا أواس وليكن بخير لا أريد أكثر من ذلك






*~~***~~*








فتح أحدهم الباب ودخل وكانت أمي وقالت من فورها

" زوجك ينتظرك من وقت ألن تنزلي له "

تأففت وقلت " نازلة فلينتظر قليلا لن يحصل شيء "

تنهدت وقالت مغادرة " لو أعلم ما قلبك عليه فجأة "

لويت شفتاي ووقفت مغادرة خلفها فاستدارت وعادت للوقوف

أمام الباب وقالت " هل ستنزلين له هكذا ؟؟ "

قلت ببرود " نعم وما بي تغير , سدين التي تعرفونها وسيعرفها

هوا كل حياته "

كانت ستتحدث والضيق بادي على ملامحها فقلت بضيق " أمي على

زوج ابنتك الحبيب أن يعرف كل هذا قبل أن أذهب له , لن أدفع أنا ثمن

حبكم له فوحدي من ستعيش معه وتجربة ترجمان لن تتكرر معي "

قالت بحدة " وهل الآن تقولين هذا بعدما تزوجتما "

قلت مجتازة لها " الخطأ على ابنك وعليه ليس عليا أنا "

ونزلت على صوت تذمرها وتسخطها وتجاهلت كل ما تقول فعليا أن أجد

حلا لكل هذا وعليه أن يتنازل لأتنازل أما أن يظن أني سأعيش حياتي معه

على أني صورة معلقة في منزله يحركها كيف يشاء وأين يشاء وفي حدوده

هذا أمر أبعد من خياله فقد ظننت وقت الخطبة أننا سنتفاهم وأنه متقبل لي وكل

واحد منا سيتنازل من أجل الآخر لكن أن يتحداني ويغيرني كما يريد ... هكذا

تعجبينني وهذا خطأ وهذا صحيح ... لن أرضى أبدا وعليه معاملتي كشريكة

كإنسانة أو لست بحاجة له فهوا رجل لا يقاس بالذهب لدى إياس ومن وجهة

نظره كرجل أما مع المرأة فالأمر مختلف تماما , دفعت باب المجلس ودخلت

فوقف من فوره ينظر لي بجمود ويبدوا كان متوقعا مظهري هذا فبدل الخاتم

لبست ثلاثة وبدل الفصين جعلتهم سربا من طرف عيني لوسط خدي بنطلون

جينز قصير تتدلى منه سلاسل من جانبي حزامه وتيشرت بكمين قصيرين

تتوسطه صورة لفناني المفضل وشعر بقصته المدرجة مصبوغ باللون الزيتوني

ومخصل بخصلات خضراء غامقة رقيقة وهذه هي أنا قبلني كان بها لا أعجبه

يطلقني لا مانع لدي وإن عشت حياتي بعده بلا زواج , وصلت عنده ومددت

يدي له ليرى الخواتم بوضوح أكثر فنظر لها بذات ملامحه الجامدة ثم

لعيناي وقال " طلبت زوجتي وليس مهرجا "

أنزلت يدي وقلت ببرود " وزوجتك طوال حياتها مهرج ومن قبل

أن تتزوجها ورضيت بها "

قال بابتسامة ساخرة " إذاً أفهم مما تفعليه الآن فرض رأي "

كتفت يداي لصدري وقلت " بل وضع نقاط على الحروف "

قال ببرود " لن أقبل بكل هذا يا سدين اقتنعي بها بأي طريقة تعجبك "

قلت ببرود مماثل " وأنا هذا ما لدي وأريد أن أعمل بشهادتي أيضا

والتنازلات يكون لها مقابل أو لن تكون "

قال بشيء من الضيق " هذه اللعبة وحدك من سيخسر فيها يا

سدين ولا تنسي أني أنا الرجل "

قلت بضيق " ولا أنا مستعدة للعيش حياة مع رجل لازال يعيش في تفكير

أجدادي القدماء وهم يعاملون المرأة كالدابة لا وظيفة لها سوا السمع والطاعة

لا رأي لها ولا مكانة عنده لها , يقولون لها يمين تهز رأسها كالبقرة , يدفعها

من أمامه تقول حاضر لن أقف في طريقك مجددا "

قال بضيق مماثل " ولما حين جئن شقيقاتي وقلن كل هذا لم تعترضي "

قلت من فوري " ظننتك تشتري صديقك كما فعل هوا معك يوم عرض

عليك شقيقته وأنزل من نفسه , كنت أراك بعين شقيقي إياس رجل سوف

يحتويني ويفهمني ويعرف كيف يجعلني كما يريد بالكلمة الطيبة وبالتعامل

الراقي الحسن لم أتخيلك تعامل الرجال والنساء بنفس الطريقة "

قال بحدة " لا وتهينينني أيضا يا سدين وبكل جرأة "

قلت ببرود " أنت سألت وأنا أجبت وإن لم يكن لك رأي في هذا

ولن تجد له حلا فسأجده أنا "

نظر لي مطولا بصمت وكأنه يترجم معنى ما قلت ثم قال

" وما هذا الذي ستفعلينه ؟ "

قلت بجمود " سترى بنفسك بما أنك لا تريد أن تتورط مع صديقك "

ثم قلت مغادرة " وحين يسألك عن السبب لا تقله بالله عليك

وتصدمه فيك "








*~~***~~*









جلست على الكرسي ورميت مفاتيحي وهاتفي على المنضدة أمامي واتكأت

بمرفقاي على ركبتاي ومررت أصابعي في شعري مغمضا عيناي بقوة وأشعر

بألم لا يمكن وصفه ولا تخيله ألم يدمر قلبي فليت كان لدموع الرجال حرية التناثر

في كل مكان كالنساء لبكيت الآن بنحيب فيالها من نعمة يملكونها ونفتقدها نحن

حركت أصابعي في شعري بعشوائية ثم أنزلت يداي لوجهي وحضنته بهما وكلامه

لازال يرن في أذناي وكأني سمعته الآن ( أنا مصاب بالإيدز ولم يعد من وجودي

نفع لأحد وراض بحكم الله وقدره وعليا أن أبتعد عن الجميع كي لا أؤذي أحدا

وعليك مساعدتي فأنت قبل أن تكون رئيسي في عملي أعدك والدي الذي

لم أجده في أبي يوما )

مررت أصابعي في شعري مجددا حتى مؤخرته ممسكا لقفا عنقي بيداي أنظر

للأرض تحتي بشرود , لا أصدق ذلك !! أواس مصاب بهذا المرض ! لا يمكنني

تخيل ذلك حتى ولا أستبعد أن يفعلها به مجرم كذاك الرجل فسحقا له سحقا لقد دمره

دمر شبابه ومستقبله وأي عقوبة سيتلقاها الآن لن تعوض أواس شيئا فيما فقده , كيف

يمكنني التكتم كما طلب مني فهذه جريمة على القانون أن يعاقبه عليها , لكن معه حق

إن بلّغ عن ذلك احتجزوه هوا أيضا وهوا اختار أن يبتعد دون أن يعلم أحد , أبعدت

يدي عن عنقي وضربت بها ما قد وضعت أمامي راميا لهما لأبعد مكان عني وأشعر

بغضب في داخلي لا يخمده ولا تدميري للعالم بأكمله , بأي حق يحدث معه ذلك ؟

أي جرم هذا الذي ارتكبه يعاقب عليه بتلك الطريقة البشعة ؟ يترك ماله وشقا عمره

يترك عائلته زوجته وعمته التي تعتمد عليه وتحتمي به , كيف هكذا يموت الإنسان

وهوا ما يزال حيا وليثه كان صاحب فجور وفسق وخمر ومخدرات لقلنا أنه عقاب

يستحقه وسترتاح البشرية منه , وقفت مجددا وحملت مفاتيحي من الأرض وغادرت

المنزل فعليا أن أفعل ما طلب مني ولن أفكر في العواقب ولا حتى في رغبات نفسي

لن أخذله فيا في آخر طلب يطلبه , صحيح أني قررت أن لا أتزوج أبدا لكني سأفعلها

من أجله لأنه اعتمد علي ولأن حل مشكلته تلك لدي وحدي , لا يهم عجوز قبيحة لا

يهم عندي شيء سأجعلها حليلة لي وتعيش هنا معززة مكرمة ولن يتغير عليا شيء

ولن أفعل شيئا سوا إخراجها من ذاك المكان , عليا أولا أن أرتب بعض أموري وأخبر

شقيقتي وابنة شقيقي ومن ثم سأرى الطريقة التي سيوافق بها والد أواس ذاك , ركبت

سيارتي وضربت بابها خلفي بقوة وتحركت أشعر بأن العالم كله تحول في عيناي

لسواد وحتى رائحة الهواء تحولت لشيء يبعث الكآبة والغم فليثه لم يخبرني , ليثه

اختفى هكذا وتركني متسائلا كغيري عن سبب اختفائه وظننته سافر وهاجر وعاش

حياة جديدة فما أقسى ما تمر به يا أواس وما أفظعه وأسأل الله أن يبعد عنك وساوس

الشيطان ولا تؤذي نفسك بسبب يئسك وتخسر آخرتك , ضربت المقود بكفي عدة

مرات صارخا بغضب ونزلت الدمعة التي سجنتها في عيناي لوقت فهؤلاء ليسوا

طلبتي سابقا ولا رجال يعملون تحت إمرتي إنهم أبنائي اللذين لم أنجبهم , هم جزء

مني فكل واحد من ثلاثتهم عانى في حياته بطريقة وأخرى وعملت معهم جهدي

ليخرجوا رجالا ولا تؤثر فيهم ظروفهم التي مروا بها فقد ربيتهم على يداي وإن لم

يعتبروني هم إلا مجرد رئيس لهم تدربوا على يديه فأنا أعدهم أبناء ربينهم لأعوام






*~~***~~*









ما أن وصلنا المنزل وجدنا سيارة آسر في الداخل فقالت ترجمان من

فورها " انزلي أنتي أنا لدي أمر ضروري سأقوم به "

نظرت لها وقلت بضيق " نعم أهربي واتركيني وحدي "

قالت ببرود " زوجك وليس زوجي "

قلت بذات ضيقي " لا أعلم أين زوجك أنتي تركك ترتعين هكذا ؟

يا خوفي مما يدبر له يا ترجمان "

قالت بضيق مماثل " قولي أنك متضايقة مني وتنتظري أن يأتي

لأخذي من هنا "

نظرت لها بصدمة فضحكت وضربت كتفي وقالت " أعلم أنك لا

تقصدين ذلك وأن وجودي على قلبك كالسكر وأنا قبلت اعتذارك

وباقية معك لا مفر لك مني "

نظرت لها بسخط فقالت بابتسامة واسعة " هيا وسلمي لي عليه "

هززت رأسي بيأس وفتحت باب السيارة وقلت وأنا أنزل منها

" اذهبي يا ترجمان أسأل الله أن تجديه في وجهك ما أن تخرجي "

وضربت الباب بقوة وتوجهت لباب المنزل فنزلت من فورها وقالت

وهي تتبعني " لا بارك الله في لسانك ماذا إن تحقق دعائك , هيه

انتظري سأدخل قبلك لأهرب من زوجك ذاك "

وركضت مجتازة لي ودخلت قبلي فتنهدت بأسى ودخلت خلفها وكما

توقعت كان جالسا وسط المنزل ينتظرني وعليا أن أجهز نفسي الآن

لسيل من الأسئلة والانتقاد والتوبيخ والصراخ الغاضب طبعا , سرت

جهة السلالم حين وجدت أنه ينظر لي بصمت ولم يتحرك أو يتحدث

وما أن وصت أولى عتباته حتى أوقفني صوته قائلا " انتظري "

وقفت مكاني دون أن التفت له وقلت ببرود " نعم "

سمعت خطواته حينها وصوته قائلا " الحقي بي للمكتب المحامي

ينتظرنا هناك "

التفت له حينها فكان يسير جهته موليا ظهره لي , غريب لم يسأل ولم

يستجوبني أين كنت وكيف تقود ترجمان السيارة وووو ؟؟؟ غريب حقا

تحركت خلفه متنهدة بأسى , لا أعلم لما لا يساعدني على نسيانه حتى

بعدما دمر ثروتنا وأعادنا كما كنا قلبي الغبي هذا لازال يتوق له ويفكر فيه

تأففت وتابعت سيري مسرعة , لا أعلم ما بي غبية هكذا ما أن أراه تنقلب

جميع موازيني , وصلت المكتب وكان بابه مفتوحا فدخلت من فوري

وأغلقته ملقية التحية فأجاب المحامي أما آسر فكان جالسا وصامتا

كالتمثال اقتربت منهما وبقيت واقفة مكاني ولم أجلس فقال

المحامي " ثمة أوراق عليك توقيعها سيدة سراب "

قلت من فوري " أوراق ماذا ؟ "

وقف حينها آسر وقال متوجها جهة الباب " أنا سأغادر بعدما

وضح لك الأمر وأتموا كل شيء "

ثم خرج وترك باب المكتب مفتوحا ونظري يتبعه مستغربة وقال

المحامي " أوراق تنازل من السيد آسر عن نصف المزرعة

ونصف معمل المخبوزات لك وسيكونان ملكك وحدك "

نظرت له بصدمة وقلت " ماذا !! يتنازل بهما لي "

قال من فوره " نعم وسيأخذ هوا الحقول والمطحن ومعمل المخبوزات "

كنت سأعترض فقال مقاطعا لي " أضن أن هذا كان طلبك سابقا "

قلت بضيق " وهوا رفضه فما أفهم من كل ما فعل ويفعل الآن ؟

كان فعل هذا من البداية فما سأفعله الآن بمزرعة خالية ومصنع

ومعامل متوقفة عن العمل "

تنهد وقال " هذا أمر تسأليه هوا عنه أنا مجرد عبد مأمور "

قلت بضيق أكبر " عبد مأمور وسيدك غادر وكأن الأمر

محسوم فما نفعي أنا "

قال من فوره " توقعين لي طبعا لأتم عملي "

قلت حينها مغادرة أيضا " وقعها بنفسك إذا "

ثم غادرت بخطى شبه راكضة حتى خرجت للخارج وكان لازال

هنا ومتوجها لسيارته فوقفت منادية " آآآآسر "

وقف حينها مكانه أمام باب السيارة وقال ببرود " نعم "

فصررت على أسناني بغيظ , هل يتعمد ردها لي هذا الغبي ؟ توجهت

نحوه وأمسكت كم سترته وأدرته جهتي وقلت بضيق " ما معنى ما

تفعله هلا شرحت لي ؟ "

أمسك حينها وجهي فجأة لأشهق بصدمة وهوا يشدني له وقبلني بعمق

ثم تركني وقال وهوا يفتح باب السيارة " افهميها كما يحلوا لك "

ثم أغلق الباب بعد ركوبه تاركا لي واقفة مكاني أمسح شفتاي بطرف كمي

أنظر له بصدمة لم أجتزها بعد فما يعني بإفهميها ؟ هل هي أفعاله أم قبلته

هذه ؟؟ تحرك بالسيارة للخلف ووقف بجانبي وفتح النافذة وسند ذراعه

عليها ونظر لي وقال " لا تخرجي بدون علمي مجددا "

ثم تحرك وغادر مسرعا واختفى بخروج سيارته من باب المنزل تاركا

إياي أحدق في مكان خروجه أتلمس بأطراف أصابعي شفتاي فمن يشرح

لي تصرفات هذا المعتوه ؟ يقول تارة أنه سيكون كزوج ترجمان وأنه مثله

وظهر أن ذاك لم يتزوج عليها وأنا من فهمت أنه يعني الزواج والآن يقبلني

قبلته الغبية تلك وكأنه ليس ذاك الذي يعاملني ببرود وجمود قاتل ومن أحرق

المحاصيل وقتل المواشي والأبقار ووضعنا على شفير الإفلاس ؟ انتفض جسدي

بقوة للصوت الهامس خلفي فالتفتت له سريعا وكان المحامي حاملا الأوراق

والقلم في يده وقال " وقعي لي سيدة سراب لأغادر لباقي أعمالي "

استللت القلم والأوراق من يديه وقلت بضيق وأنا أوقعها " ها هي

ذي وقعت لكم إن كان هذا سيريحك ويريحه "

ثم وضعتهم في يده بقوة وتركته وتوجهت للداخل بخطوات غاضبة








*~~***~~*









بقيت مكاني في الأسفل حتى انتصف الليل أنتظره حتى انفتح باب

المنزل ودخل منه فوقفت من فوري ونظر هوا لي باستغراب

وقال " سدين ما يوقظك حتى هذا الوقت ؟؟ "

قلت بهدوء " كنت أنتظرك "

اقترب مني قائلا " ألا ينتظر الأمر للصباح ؟ "

هززت رأسي بلا فجلس وقال " اجلسي إذا وأخبريني ما الذي

يبقيك تنتظرين حتى هذا الوقت ولا يمكن تأجيله "

جلست وقلت " سأخبرك لكن قبل ذلك أخبرني أنت ما الذي

تخطط له فحالك لا يعجبني "

نظر للأسفل وقال " لا أخطط لشيء سنرجع للعاصمة وعملي

سيبقى هنا لبعض الوقت حتى يصل من سيستلم مكاني "

تنهدت وقلت " وترجمان ؟ "

نظر لي وقال " هل هذا ما يبقيك مستيقظة حتى هذا الوقت ؟ "

هززت رأسي بلا فقال " قولي ما لديك إذا وأمر ترجمان أنا

من سأتصرف فيه "

قلت بهدوء " إياس لا ترجع لذات أسلوبك معها وحاول

أن تفهمها "

هز رأسه بحسنا دون كلام ويبدوا لي أنه يفكر جديا في التراجع عن

أفكاره في تغييرها وهذا ما أرجوه , قلت بهدوء " هل علمت بما

أخبر به خالي رِفعت والدتي ؟ "

نظر لي باستغراب فقلت " لم يتصل بك ؟ "

هز رأسه بلا فقلت " قال سيتزوج "

نظر لي بصدمة وقال " يتزوج !! "

قلت مبتسمة " خبر رائع أليس كذلك ؟ ونحن أيضا لم نصدق ذلك "

قال ولازالت الصدمة لم تغادر ملامحه " ومن هذه التي سيتزوجها ؟ "

قلت من فوري " صديقك ذاك الذي ذهبنا لزواجه من ثلاث أعوام

أو أربع الذي أسمه أواس "

قال بحيرة " نعم ما به ؟ "

قلت مبتسمة " عمته التي سيتزوجها "

فتح عينيه على وسعهما وقال بصوت مصدوم " عمة أواس !!

ولما ليس أخرى صغيرة "

ضحكت وقلت " لا تخف هكذا أذكر حين رأيناها لم نصدق أن

الجالسة معها ابنتها تبدوا أصغر منها ومني "

هز رأسه بحيرة ثم نظر لي وقال " وهذا هوا ما لديك تنتظريني لأجله ؟ "

ماتت ابتسامتي وهززت رأسي بلا ثم نظرت ليداي في حجري

وقلت " أنت تثق بي يا إياس أليس كذلك ؟ "

قال من فوره " بالتأكيد ولا يحتاج الأمر لسؤال "

نظرت له وقلت " وتعلم وموقن جيدا أني وافقت على أمين من أجلك

ومقتنعة تماما ولست من اللاتي يفكرن ويقررن بطيش في هذه الأمور "

نظر لي باستغراب دون كلام فقلت " أريد جوابا صادقا يا إياس "

قال بجدية " نعم ولا يدخلني أي شك في ذلك "

أخذت نفسا عميقا ثم قلت " وأنا لم أعد أريده "







*~~***~~*










خرجت من غرفتي راكضة حين سمعت صوته ووقفت مكاني مصدومة

ثم ركضت نحوه وارتميت في حضنه وقلت ببكاء " أواس هذا أنت

لا أصدق أين ذهبت وتركتني "

ضمني لحظنه بقوة وفي صمت ثم أبعدني عنه وأمسك يدي ووضع

فيها شيئا وأغلقها عليه وقال " اهتمي به جيدا يا دُره عديني بذلك "

حضنت خده بكفي وقت بحزن " اشتقت لك يا أواس "

أمسك يدي من خده بسرعة ودسها في حضنه فجمدت ملامحي

وأنا أرى الدمعة التي نزلت من إحدى عينيه ثم قال بحزن

" عليا أن أذهب الآن "

قلت بعبرة " أين ستذهب ؟ خذني معك "

قال مبتعدا " لا أستطيع .. لا أستطيع يا دُره عليا أن أبتعد وحدي "

ركضت خلفه منادية له ببكاء ونحيب وهوا يبتعد أكثر وكأنه يسير

في الهواء ولم أستطع إدراكه حتى وقعت أرضا

" دُرر دُرر ما بك يا ابنتي استيقظي "

كان هذا الصوت الذي تخلل ركضي وبكائي فجلست من فوري أنظر

للظلام حولي وقلت " كان هنا .. أمي لقد كان هنا "

حضنتني وقالت " لا شيء هنا يا ابنتي تعوذي من الشيطان "

ابتعدت عنها وقلت مغادرة السرير " عليا اللحاق به عليا أن

أذهب له قبل أن يبتعد "

وما أن وصلت الباب حتى انفتح وكان قصي واقفا أمامه بملابس

النوم وقال بقلق " ما بكما ؟ من هذا الذي يصرخ مناديا "

أمسكت بيده وقلت برجاء باكي " خذني له يا قصي , خذوني له أرجوكم

أريد أن أراه أن أتحدث معه افعلها أو فعلتها أنا "

أمسك ذراعاي وقال بجدية " دُرر توقفي عن إيذاء نفسك , إن

كان يريدك سيأتي بنفسه "

قلت بنحيب " لا لن يتركني هكذا أنا أعرفه جيدا هوا يحبني يا قصي

ووعدني أن لا يتركني إلا بسبب قوي يمنعه فخذوني لزوجي أرجوكم "

ضمني لصدره حينها أكمل بكائي فيه , حضن الشقيق الذي لم أتخيل

حياتي أن أحصل عليه لكن حزني على أواس لم أشعر معه بأي

سعادة من كل هذا وكأني وحيدة ولم أجد أحدا









*~~***~~*








وضع المفتاح في يدي وقال " هذا هوا مفتاح المنزل هل تأمر

بشيء آخر قبل أن أغادر "


أخذته منه وقلت " لا شكرا "

هز رأسه وقال " سآتي لك غدا بالطعام كما طلبت واكتب لي في ورقة

أي شيء تريد مني جلبه لك من السوق "

قلت من فوري " لا تنسى الظرف الذي أعطيته لك أرسله للعنوان

المكتوب عليه في حال موتي فقط ومهما حدث لي تفهم "

قال مبتسما " بالتأكيد سيدي وكن متفائلا أنت ما تزال شابا "

ثم غادر مبتعدا فنظرت لمفتاح المنزل في يدي ثم للبحر الذي يفصلني عنه

سياج وحاجز صخري وابتسمت بألم , هذا أبعد مكان استطعت الوصول له

وعليا قضاء باقي أيامي فيه حتى أترك هذه الحياة بعيدا ووحيدا كما أردت يا

علي رضوان فكم حاربت المقربين لي ودمرتهم ليبتعدوا عني وأبقى لوحدي وها

قد حققتها وأبعدتني أنا عنهم مكرها فلتهنأ بها الآن , اقتربت من الحاجز الصخري

وأخرجت هاتفي من جيبي ثم رميته بطول يدي ليقع هناك في حضن ذاك الأسود

الصامت وهذا آخر حبل يوصلني بالأحياء قد قطعته فأنا ما عدت منهم وإن كنت

لم أصبح من الأموات حتى الآن , نظرت للأفق المظلم بشرود لتعاودني صورتها

حين وضعتها على سرير شقيقها هناك مغمى عليها وطلبت منهم الخروج وتركي

معها ليس لشيء سوا لأودعها لأفرغ شوقي وحزني ودموعي على محياها ولست

أعلم ما الذي تجاوز الآخر بينهم متناثرا على تقاسيم وجهها ؟؟ قبلاتي أم كلماتي

المودعة لها أم دموعي , وكان الوداع الأخير يا دُره .. الوداع الأخير يا طفلتي

ومهما طال ذاك الوداع فقد انتهى ومهما كنت أطلته أكثر فلن يفيدني الآن ولن

يروي من ظمئي لك شيئا , استدرت للخلف وتوجهت لذاك المنزل الصغير

وفتحت بابه ودخلت مغلقا له خلفي حيث كان أشبه بكوخ على شاطئ البحر فهوا

مكون من غرفة وحمام ومطبخ صغير يفتحان على الغرفة ذاتها يتوسطها سرير

وثلاث كراسي وطاولة صغيرة وثلاجة وتلفاز, هذا فقط ما يحوي منزلي الجديد

أو لنقل قبري الأول والتمهيدي بدلا من أن يكون كما مخطط له مكان لزوجين

فقط في شهر عسلهما مبتعدان عن الناس متشاركان في كل شيء هنا , جلست

على السرير وغبت بنظري للسقف متكأ على ظهره وأغمضت عيناي , ليثه

يأتيني سريعا , ليثك تأتي الليلة أيها الموت وترحمني من الانتظار , من انتظار

قدومك البطيء , من أن أمر بكل تلك المراحل المؤلمة التي يمر بها من هم في

مثل مرضي ويموتون شيئا فشيئا فذاك أقسى من الموت ذاته ليجعلك تتمناه

وتترجاه ليأخذك , ابتسمت بحزن وتلك اللحظات تعود لذاكرتي وهي نائمة على

صدري وتسألني ما خططت لمستقبلي , آه يا دُره يا حبيبتي ليتك تعلمين الإجابة

وقتها فمستقبلي الذي حلمت به ليس كما أجبتك تماما فقد خططت له منذ عرفتك

بيت يجمعنا وأبناء وحياة تختلف عن واقعي وحياتي وظننت أن الحلم سيتحقق

بإيجادي لك وزواجي بك لكني كنت مخطئ مخطئا جدا , دسست يدي في جيبي

وأخرجت الشيء الآخر الذي أحضرته معي هنا ثم فتحت عيناي ورفعته أمامهما

ورفعت يدي الأخرى ومررته على رسغي أراقب نصله الحاد المقلوب


المخرج : بقلم الغالية alilox



رسمت حدودي وخرجت من حدود الزمان كأني طيف عابر سبيل لايوجد له في هذه الارض مكان قدمت استقالتي من الحياة ورفعت رايات استسلامي بكل إذعان سامحيني ام اتخلى عنك الا لاجلك لتعيشي مثل اي انسان ساعيش على ماتركتي لي من ذكرى في هذه الاركان انت هنا حبيسة بين العيون والاجفان لازال عطرك وشذاكي يملا صدري والمكان لازلت أحس بدفئ أنفاسك ولازلت تتوسدي هذه الاحضان عيونك الخضراء مرتعي أغرق فيها كأن لي عالمان فراقك ألم ولكن اقترابك محال ففي بعدك عني الامان سنبقى انا وهذا القلب لكي عاشقان وفيان متخم باوجاعي وانا والوحدة منذ الطفولة صديقان حتى روحي تآمرت عليا وأغلقت ابوابها بوجه النسيان تسافر الروح والعقل الك في معظم الاحيان بأمان الله درتي لازلت صغيرة على هذا الكم الكبير من الاحزان



سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الأحد إن شاء الله




فيتامين سي 13-03-16 06:15 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)
 


الفصل الخامس والأربعون


نظر لي بصدمة مطولا ثم قال " سدين هل تعي معنى ما قلته الآن ؟ "

قلت بجدية " نعم وكلي ثقة مما أقول "

هز رأسه بعدم استيعاب ثم قال " هل جننتي ؟ كيف تقولين هذا الآن

وأنتي زوجته "

نظرت ليداي في حجري وقلت " ألم تقل أنك تثق بي وأني

لا أقرر شيئا من فراغ ؟ "

قال بحيرة " وما السبب إذا ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بهدوء " لو كنت ستسألني على السبب وستجعله

شرطا لتفعل ما قلت فانس كل شيء وليتم الأمر كما كان "

قال بحزم " كيف أنسى كل ما قلتيه الآن وأنا أكيد من أنه ليس

من فراغ , فما الذي حدث يا سدين تكلمي "

قلت بإصرار " أخبرتك أن تنسى الأمر إن كنت ستصر

على معرفة السبب "

هز رأسه بقوة وضرب صدره بكف يد وقال من بين أسنانه

" ماذا فعل لك تكلمي يا سدين ؟ "

أمسكت يده وقلت برجاء " لا تأخذك أفكار لشيء في صديقك يا إياس

أنا لم أرى ما يعيبه لا معي ولا مع غيري من الناحية التي تفكر فيها "

قال بحدة " وما السبب إذا ؟ "

لذت بالصمت فتنفس بقوة وقال " سدين تكلمي "

وقفت وقلت " لن أتحدث يا إياس ولا تظن بصديقك الظنون لأن

غرضي أن لا تشك به ولا تتغير صداقتكما فالأمر لا يخص

أحدا غير نفسي "

وقف أيضا وقال " وهل تعي معنى هذا يا سدين ؟ ستصبحين

مطلقة وأنتي لم تتزوجي بعد والناس لن ترحمك "

قلت من فوري " لا يهم وتعرفني جيدا يا إياس أنا أقوى من

أن يهزمني شيء أسمه طلاق "

قال بضيق " وهذا دليل آخر على أن ثمة شيء يجعلك تتمسكين

برأيك , ثم ما سأقول للرجل شقيقتي لا تريدك فطلقها "

قلت مثبتة نظري على عينيه " إن كنت حقا تثق بي يا إياس وتعنيك

سعادتي وموقن من أني لا أفعل هذا لأخذلك بصديقك فاطلبها

منه ولا تخف لن يرفض "

أمسك ذراعاي وهزني قائلا " وواثقة من موافقته وتقولين

أنه لا سبب لذلك "

قلت وكلي إصرار " لا تغضب يا إياس وسأتزوجه إن كان

الأمر مرتبطا برضاك عني "

ترك ذراعاي حينها وصرخ قائلا " وكيف أسلمك له وأنتي تقولين

ما قلتيه يا سدين , لو كانت إحدى شقيقاتك لأجبرتها لكن أنتي .... "

ثم تأفف وأمسك قفا عنقه بيده ينظر للأرض فقلت بهدوء " قل برضاي

عليك انسي الأمر وتزوجيه وقسما أن أفعلها وأنا راضية لكن إن كان

الأمر لي فأنا لم أعد أريده "

غادر حينها من أمامي متوجها للسلالم وقال صاعدا يحدث أحدهم

في هاتفه " اسمع لا تغادر المركز غدا حتى أراك , تصبح على خير "

فانهرت حينها جالسة أمسح الدمعة التي سالت على خدي فمؤكد ذاك أمين

وسيتحدث معه غدا وسيمارس معه أسلوب الضغط أيضا ليعرف السبب

وكل ما أخشاه أن تتأثر صداقتهما بسببي , أنا أنانية حقا ولم أفكر إلا بنفسي ؟

لكنها حياة وعشرة وأطفال وأنا من ستدفع ثمنها وهوا متزوج بي مرغما

وكارها وقد تورط بسبب صديقه ولن أستغرب أن يتزوج بغيري يوما لأنه

يرى نفسه لم يتزوج من المرأة التي يريد , لو كان راض بي من نفسه

وخطبني قسما ما التفت لتلك الأمور أبدا لكني لا أُفرض على رجل







*~~***~~*







نظرت للنائمة على مقربة مني لا أرى سوا خيالها في ظلام الغرفة رغم أنها

تنام مقابلة لي فمنذ جئت هنا ونحن ننام في غرفة واحدة رغم اتساع الطابق

وكثرة غرفه وكأننا نريد استرجاع تلك الأيام , وكأنها ليست سراب تلك التي

كانت تتذمر من نومنا معا في غرفة واحدة وهي تصر الآن على أن نعيش

في ذات الغرفة ؟ عدت بنظري للسقف وقلت بهدوء " سراب لم

تنامي أليس كذالك ؟ "

قالت بشبه همس " لا "

نظرت ناحيتها مجددا وقلت " وتبكي من أكثر من ساعة "

لم تعلق ولم تتحرك فتنهدت وقلت " ما قال لك ذاك المغفل ؟ "

قالت ببحة " لا شيء "

قلت ببرود " كيف لا شيء وأنتي تبكي هكذا "

قالت بصوت خافت " سجل نصف ثروة عمي باسمي

وأخذ النصف "

نظرت لها مطولا باستغراب ثم قلت " ولما فعل ذلك ؟ بل وما

بقي من تلك الأملاك يمكنكم اقتسامه ؟ "

قالت بذات نبرتها الحزينة المبحوحة " لا أعلم "

جلست وقلت ناظرة لخيالها في الظلام " وما يبكيك في ذلك ؟

هل تخشي من أن يطلقك ؟ "

قالت باستياء " ترجمان يكفي هراء وتخاريف "

قلت ببرود " وما سبب هذه المناحة إذا ؟ "

لم تجب طبعا فتنهدت وقلت بسخط " لا تقولي من شوقك له ورؤيتك

لوجهه ومن الحب الذي تغلب عليك "

قالت بضيق " أشعر بالضيق والبكاء يخفف عني هل هذا يرضيك "

تمتمت بسخط " نامي يا بلهاء "
ثم عدت للنوم أيضا وعاد نظري هائما في السقف وبعد وقت قصير وصلني

صوتها قائلة " ترجمان هل أسألك سؤالا تجيبين عليه بصراحة "

قلت بهدوء " وتتوقفي عن البكاء ؟ "

قالت من فورها " حسنا "

نظرت جهتها وقلت مبتسمة " لم أكن أعلم أني سبب بكائك "

خرجت منها ضحكة صغيرة حزينة وبائسة فقلت بضيق

" قتل حتى ضحكتك ذاك الأحمق "

قالت من فورها " ترجمان ألا تفكرين في إياس ؟ ألا يخطر

في بالك أبدا طوال فترة بقائك هنا ؟ "

قلت ببرود " طردة جديدة هذه "

تأففت وقالت " تعلمين جيدا أني لا أريد ذهابك من هنا أبدا

فلا تتهربي من الجواب "

عدت بنظري للسقف وقلت " أحيانا وأغلبها أطرد تلك الأفكار سريعا "

قالت حينها بحزن " لما يحدث معنا هذا ؟؟ لما الحب هكذا ولما

هم لا يشعرون ؟ "

قلت بجمود " لا أعلم ولم أفكر في هذا "

قالت بعد قليل " ألم تشعري بالسعادة حين علمتِ أنه ليس

متزوجا بتلك ؟؟ "

ابتسمت بسخرية بل بألم وقلت " لم أشعر حينها بشيء سوا الإهانة

وجرح كرامتي وخداعهم لي "

تنهدت وقالت " أفكارك غريبة يا ترجمان "

قلت ببرود " وما الغريب في أفكاري ؟ هل كنت تريدين مني أن أرقص

فرحا وهم يخبروني عن خطتهم الساذجة التي كنت الغبية الوحيدة فيها "

قالت بهدوء " أنا حين شككت أنه متزوج عليا بسبب مكالمة والدتي تلك كدت

أفقد عقلي وقتها وحين أخبرني الحقيقة أشك أني سعدت بأن ظنوني كانت

في غير محلها أكثر من سعادتي بأنها والدتي التي حرمت منها حياتي "

قلت ببرود " حمقاء طوال حياتك "

قالت بضيق " بل أنتي الحمقاء "

قلت بضيق مماثل " بل الحمقاء التي تبكي عليه من ساعة وهوا

نائم ويحلم أيضا "

قالت بحنق " بل زوجك النائم الذي لا يفكر فيك أبدا "

قلت من فوري " بل زوجك "

قالت بجدية " بل أنتي "

وبدأنا نتقاذف كلمة أنتي بيننا كالكرة حتى جلست وقالت

" أتحداك أن يكون زوجك في سابع نومه الآن ولم يفكر بك قط "

جلست مثلها وقلت " بل زوجك الديك الذي ينام قبل الدجاج

في ذاك الحي المتهالك ولن يكترث لك ولو قتلوك "

قالت من بين أسنانها " تراهنين على هذا "

قلت بتحدي " نعم "

فهذا أسوء أطباعي إن كان في الأمر تحدي قفزت الشياطين جميعها

في رأسي , قالت بجدية " والخاسرة سترسل الأخرى له رسالة الآن

من هاتف زوجته "

ضحكتُ بسخرية لأني متأكدة أولا أنها ستخسر ومتأكدة أكثر أني لن

أرسل له لأنه سيكون في عمله الآن ومستيقظ , قلت " موافقة ورسائل

غرامية ممنوع تفهمي "

ضحكت وقالت " يبدوا أنك متأكدة من أنك ستخسرين "

قلت ببرود " سنرى , والآن كيف سنعلم عنهما ؟ "

غادرت سريرها والغرفة وعادت بعد قليل تتبعها الفتاة الكبرى من

فتيات سكان الطابق السفلي تفرك عيناها وقالت وهي تتثاءب

" ماذا بك يا سراب أقلقتني ؟ "

سحبتها من يدها وأجلستها على سريرها وقالت " خذي هاتفك اتصلي

بآسر الآن لتري إن كان نائما أم لا وتحججي بأي شيء ولا تخبريه

أني من طلب ذلك منك "

فركت عيناها جيدا ونظرت لهاتفها ثم لها بصدمة وقالت

" في هذا الوقت ؟؟ "

قالت من فورها " نعم بسرعة "

قالت تلك بتردد " وما سأقول له ؟ "

قلت مبتسمة بمكر " لا تخافي لن يجيب لأنه نائم من وقت "

نظرت لي سراب بضيق ثم لها وقالت " إن أجاب فأخبريه أنك أخطئتِ

أو ضغطتِ الأزرار دون قصد ونمتِ والهاتف بجانبك ولم تشعري

به أو أي حجة "

تنهدت الفتاة بحيرة ثم ضغطت أزرار الهاتف ووضعته على أذنها

متمتمة " يا رب لا يجيب "

أشرت لها لتفتح مكبر الصوت ففعلت على الفور ورنة اثنتين ثلاثة

فنظرتُ لسراب بشماتة وما كانت الرنة الرابعة حتى فتح الخط قائلا

بقلق " صفاء ما بك تتصلين هذا الوقت ؟ "

لويت شفتاي بحنق من صوته الذي لا يبدوا عليه النوم أبدا وقالت

الفتاة " آسفة آسر هل أيقظتك من نومك ؟ "

قال مباشرة " لا لم أكن نائما فما بكم تكلمي "

نظرت لي سراب بابتسامة ماكرة وقالت الفتاة بهدوء " لا شيء

جميعنا بخير أردت فقط إخبارك عن زيارتك للمدرسة خفت

أن تنسى موعد زيارتك للمدير "

قال حينها " لا لم أنسى وسأكون هناك غدا "

أنهت بعدها المكالمة وقالت " هل أذهب لأنام الآن ؟ "

فقالت سراب من فورها " نعم شكرا لك يا صفاء "

فوقفت وغادرت من فورها دون حتى أن تسأل عن سبب طلبها

منها ذلك فقلت من فوري " هذا غش يبدوا أنكما متفقتان "

نظرت لي وقالت بضيق " متفقتان على ماذا وأنا جئت بها إلى هنا فورا "

ثم قالت بمكر " هيا إن ظهر أن زوجك نائم فسأعد رسالة ستعجبك كثيرا "

قلت بمكر مماثل " سنرى "

ووقفت وتوجهت لهاتفها رفعته وجلست على طرف سريها

وقلت " بما أنه لا يعرف رقم هاتفك سنعلم من خلاله "

قالت من فورها " وكيف يا بلهاء "

قلت وأنا أكتب رقمه " سيجيب وسنعلم من صوته ومن تأخره

يا من لستِ بلهاء "

قالت من فورها " افتحي مكبر الصوت ولا تغشي "

قلت ببرود " أعلم "

رن الهاتف مطولا حتى انقطع الاتصال ولم يجب فأعدت الاتصال مجددا

دون أن أنظر لها والنتيجة ذاتها فسمعت صوت ضحكتها المكتومة فقلت

بضيق " قد يكون بعيدا عنه فلا تفرحي قبل الأوان "

كررت الاتصال مجددا ففتح الخط هذه المرة فابتسمت بمكر على

تذمرها الهامس وماتت تلك الابتسامة ما أن أجاب بصوت ثقيل قائلا

" من معي "

انقلبت حينها تلك الحمقاء للخلف تضحك فأغلقت على لاقط الصوت

بكفي كي لا يسمع ضحكها وقلت هامسة من بين أسناني

" ستفضحيننا يا حمقاء "

عادت للجلوس مجددا تصفق بلا صوت مخرجة لسانها وقال هوا

" من ؟؟ تكلم أم تريد إزعاج النيام فقط "

أغلقت عليه الخط حينها متمتمة ببرود " نامت عليك شاحنة يا أحمق "

وانطلقت صرخة سراب القائلة بحماس " وااااحد صفر وهاتي هاتفك فورا "

رميت عليها هاتفها وقلت متوجهة لسريري " لابد وأنك تعلمين أن اليوم

يوم عمل زوجك لذلك هوا مستيقظ "

قالت بابتسامة جانبية " ومن أين سأعلم يا ذكية , هيا أعلني

هزيمتك ولننفذ باقي الشرط "

قلت من فوري " في أحلامك , لن ترسلي له الآن ليعلم أنها

أنا من اتصلت به منذ قليل "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق " لم أعرفك تتراجعين

في كلامك يا ترجمان , وإن كنت مكانك ما انتظرتِ لحظة "

قلت بضيق " قلت ليس الآن فانتظري للصباح ثم أرسليها "

قالت بضيق أكبر " مخادعة وغشاشة وستري حسابك مني يـ.... "

رميت عليها الهاتف مسكتة لها وقلت " قسما إن كان فيها كلمة غرامية

واحدة سأرسل لزوجك وأخبره أنك تبكي عليه طوال الليل "

رفعت هاتفي قائلة بابتسامة انتصار " لا تقلقي لن أخل باتفاقنا "

بقيت أراقبها وهي تكتبها مبتسمة تمرر لسانها على شفتها السفلى

فقلت " قسما يا سراب إن كان فحواها ما أتوقعه فلن تنجي مني "

قالت بتذمر " أسكتي لأعرف ما أكتب "

ثم رمته لي وقالت " وصلت بسلام وسيجدها صباحا "

رفعت الهاتف وفتشت فيه ثم نظرت لها وقلت " لما مسحتها ؟ "

نامت وتغطت باللحاف قائلة " لا تخافي لا توجد بها ولا

كلمة مما تخشين "

قلت بنصف عين " ولم تشتميه فيها ؟ "

قالت ضاحكة " هل تخافين على مشاعره "

نظرت لها بضيق فقالت " لا تخافي لم أشتمه "

نظرت لها بريبة وشك فأولتني ظهرها وقالت بتثاؤب " تصبحين

على خير , كانت لعبة مسلية سنكررها دائما "

قلت ببرود " نعم معك حق فأنت مبسوطة لأن زوجك مستيقظا

ويبدوا يبكي عليك أيضا "

قالت ببرود " خطة فاشلة لأخذ حقك مني ونامي هيا "

ارتميت على السرير أنظر لشاشة الهاتف , ترى ما أرسلت له هذه الوقحة

لو كنت أعلم أن هذه ستكون النتيجة وأن يوم عمله تغير عن السابق ما قبلت

التحدي , رميت الهاتف على الطاولة بجانب سريري وسافرت بنظري للسقف

وبتفكيري لوضعي الآن , حتى متى سأبقى هكذا مكاني ؟ عليا أن أبحث عن عمل

بشهادتي بما أني تخرجت بسببه , وأن أخطط لحياتي مستقبلا هل سأذهب لمنزل

عمي أم ماذا سأفعل خاصة إن عادت سراب لزوجها ويبدوا ذلك قريبا ووجودي

هنا وقتها لا مبرر له , تنهدت بضيق وأغمضت عيناي وسافرت لعالم النوم

وتركت الغد للغد









*~~***~~*










جلست وسط منزله أفرك يداي بتوتر ولا حيلة لدي في شيء , ما هذه

الأيام العسيرة التي نمر بها ؟ هونها يا رب , انفتح الباب فوقفت على

طولي ثم تنهدت بيأس وقلت " قيس هذا أنت ؟ ظننته والدك "

لوا شفتيه وقال " ما بك عمتي والدي ليس طفلا "

قلت بضيق " أعلم أنه ليس طفل لكنه متغيب عن المنزل من خروجه

نهار أمس ونحن الآن منتصف الليل ولم يرجع وخرج في مزاج سيء

جدا , لا أعلم كيف تنامون هكذا مرتاحي البال وهوا مختفي ! ماذا

لو كان حدث له شيء "

حرك يده أمام وجهه بضجر وقال متوجها للداخل " ما كل هذه المحاضرة

التي لا داعي لها فانظري أنتي ما قلتيه له جئتِ من هنا وفر هوا من فوره "

لحقت به وأمسكت ذراعه وقلت " أين تذهب ؟ أخرج للبحث عنه بسرعة "

سحب ذراعه مني وقال بضيق " لو حدث له شيء لوصلنا خبره فأخبار

السوء أسرع من الهواء "

قلت بضيق أكبر " قل لا قدر الله يا صعلوك , ما الذي ستجنيه إن

فقد هوا حياته "

قال بسخرية " وما سأخسره ها ؟ حرمني من المال يكنزه كابنه

فليمت على الأقل نرث منه شيئا "

قلت بغضب " ولما حرمك منه وهوا الذي لم يبخل عليك يوما ؟

هل سألت نفسك عن السبب "

تأفف وفتح باب غرفته ودخل وأغلقه خلفه بقوة فضربت كفاي ببعض , هذه

نتائج تربيتك يا سالم ابنان فاسدان عاقّان ولا يعجبك أواس , لا بارك الله فيك

يا علي رضوان دمرت العائلة عن بِكرة أبيها , نظرت بعدها جهة باب غرفته

وزوجته وهززت رأسي بيأس , تنام قريرة العين ولا تسأل حتى عن زوجها

أين يكون وهوا لم يخبرها أين ذهب ومتى سيرجع , انفتح باب المنزل مجددا

فأسرعت نحو الداخل منه ووقفت أمامه أنظر بضياع لملامحه المتعبة العابسة

وقلت بتوجس " سالم أين كنت كل هذا الوقت أقلقتني عليك ؟ "

تقدم نحو الداخل قائلا بخفوت " كنت أبحث عنه "

لحقت به قائلة " وماذا حدث معك ؟ "

وقف مكانه وانهار جالسا على الأريكة وقال متكأ بجبينه على يده

" لم أجده ذهبت حتى للمنطقة التي يسكنها أعمام والدته ولم أجده ولم

يراه أحد وحتى رئيسه في الشرطة لم يرضى أن يعطيني جوابا شافيا "

جلست أمامه وقلت بدمعة ملئت عيناي " وأين اختفى هكذا ؟ "

رفع رأسه ونظر لي بملامح مسودة من الوجوم وقال

" ماذا قال لك أنتي يا خديجة ؟ "

هززت رأسي وقلت بحزن " لم يقل شيئا واضحا قال انسي أنه

لأواس وجود في الحياة وأنه سيكون بخير "

فتح زر قميصه العلوي وكأنه يريد أن يدخل كمية أكبر من الهواء

لرئتيه ثم مسح جبينه المتعرق وقال " قد يكون في مهمة سرية في

عمله لذلك لم يخبرك ولا رئيسه يريد قول شيء "

نظرت للأرض وقلت بأمل ميت " كم أتمنى ذلك يا سالم لكن

كلامه لا يؤكد ما تقول أبدا "

أمسك رأسه بيديه متكأ بمرفقيه على ركبتيه ناظرا للأرض وقال بأسى

" كل من كانوا بجانبي تخلوا عني يا خديجة , كل شيء كان مدبر له

من طرف ذاك القاضي السابق واختفائهم الآن مع اختفائه أكبر دليل "

وضعت يدي على كتفه وقلت بهدوء حزين " وهذا ما كان يعلمه أواس سابقا

ويحاول إنقاذك منه لكنك كنت معمي عن الحقيقة , كنت ترفض سماعه ولا

تصديقه , كان خائفا عليك وعلى أخويه ويعلم جيدا أنه لن يقدر على رد

شر ذاك المتغطرس عنكم "

ثم مسحت دمعتي التي سالت جمرة أحرقت جفني وقلت بأسى " دمره

ودمر كل من كانوا حوله ليعيش وحيدا وتعيسا , دمر طفولته وشبابه والله

أعلم الآن ما سبب اختفائه هذا وكل خوفي أن يكون ذاك الخائن ورائه "

رفع رأسه ونظر لي وقال " ثمة رجل طلبك للزواج "

شهقت في وجهه بقوة ويدي على صدري فتابع قائلا

" ويريد الرد سريعا "

قلت بضيق " نحن في ماذا الآن يا سالم وأنت في ماذا ؟ ومن هذا

الذي يريد الزواج بامرأة مثلي سافر بها العمر "

قال بجمود " أنتي لستِ كبيرة فلا تظلمي نفسك أكثر وهوا قال أنه

كان قادما لنا في الغد لولا ذهابي له "

نظرت للأرض بشرود وتذكرت كلام أواس عن الرجل الذي سيأتي بشيء

وأن لا أرده وأخذ مني الوعد بذلك لكن لم أتخيل أن يكون في الأمر زواج

فما يريد بي ومن يكون !! أخرجني من شرودي صوت سالم قائلا بشيء

من التردد " هذا الرجل لا يرد يا شقيقتي وأنتي تعلمي ... أقصد... "

وسكت ينظر للأرض فقلت بحزن " أعلم ماذا يا سالم ؟ أن زوجتك

لن تقبل بي هنا "

عاد لإمساك رأسه بيديه مجددا وقال " أشعر برأسي سينفجر خسارة المصرف

وانهيار كل جهدي لسنوات , ابني المسجون حتى الآن والآخر ضائع في الشوارع

مع الصعاليك وأواس المختفي بغموض , زوجة سيئة طباع لا تحب أحدا وشقيقة

في عنقي ستزيد من لسان تلك الحية , في ماذا أفكر وماذا يا خديجة ؟

وماذا سأنقذ من ماذا "

وقفت وقلت بجمود " أخبره أني موافقة "

رفع رأسه ونظر لي وقال باستغراب " من دون أن تعرفي من يكون "

ابتسمت بحزن أنظر لعينيه , هل سيفرق عندي من يكون ؟ ثم أنا أثق

بأواس وأعطيته عهدا بذلك , قلت بحزن " من المفترض أن تسعد

بردي فهوا غرضك وسأخلصك من أحد الأعباء التي على كتفك "

وقف أيضا وقال " أنا لست متضايقا من وجودك لكن زوجتي تعرفيها

جيدا ستنغص حياتك وحياتي وفرارك من هنا حلك الوحيد "

نظرت للأرض وقلت بابتسامة ساخرة " أرجوا أن لا أفر لمكان

أتعس من هذا وزوجة لرجل آخر ستكرهني أكثر "

قال من فوره " لا هوا لا زوجة له "

نظرت له بصدمة وقلت " ومن هذا الذي سيتزوجني ولا زوجة لديه !! "

قال بشبح ابتسامة " رجل لن تعطيك الفرص مثله مرة أخرى "

نظرت له باستغراب وكنت سأتحدث لكنه تابع قائلا

" إنه رئيسه العقيد رِفعت أسعد صياد "

شهقت حينها من الصدمة وتابع هوا قائلا " لن يكون طوق نجاة

لك وحدك بل ولعائلة شقيقك جميعهم يا خديجة "

قلت بضيق " هراء وجنون , ما يريد بي ذاك الرجل الذي

لا زوجة له من أعوام "

نظر لي باستغراب فتلعثمت ولم أعرف ما أقول ثم انهرت جالسة مجددا

على صوته قائلا " الرجل مصر عليك وقال أنه مستعد لكل ما ستشترطين

ورجل بمركزه وبلا زوجة ولا أبناء فرصة لا تحضا بها أي امرأة ولا

تنسي أنك وافقتِ منذ قليل "

ثم غادر متمتما " وهذا أول شرخ في حياتي سيجبر ولن أرتاح

حتى ترجع يا أواس "

ثم دخل غرفته وتركني جالسة مكاني دمعتي على خدي كما كنت كل حياتي

وكما عرفتهم فيها لا يعيرون لمشاعر المرأة شيء وها قد ختموها بزوج جديد

عقيدا في الشرطة أي متحجر جديد ورجل قاسي آخر لن أجد فيه الحضن الذي

يحتويني لن أجد فيه الصدر الذي أسكب عليه دموعي وهمومي وفي النهاية

عليا أن أوافق لأنه زواج مصلحة فقط ولست أعلم ما يصنعه بي رجل لم

يراني ولا يعرفني ورافض للزواج كل هذه السنوات وكل خوفي أن يكون

أواس من طلبها منه وهذا هوا المؤكد فيبدوا فكر حتى في مصيري بعده

آه يا أواس أين اختفيت هكذا يا ابن شقيقي







*~~***~~*






نزلت السلالم بخطوات مسرعة فقد أخذني النوم وتأخرت عن أمين لأرى

سبب هذه المصيبة الجديدة وكأنه ينقصني مصائب وهموم , توجهت للباب

أنظر لهاتفي ووقفت مكاني حين وجدت رسالتين من ترجمان !! , سندت يدي

على الجدار وكل مخاوفي وظنوني أن يكون أصابها مكروه وأحدهم اتصل بي

فالرسالة وصلت وقت ذاك الاتصال أو أنها فكرت فكرة مجنونة كسابقتها بالهرب

لعائلة والدتها لكن ماذا يطرها لترسل لي وهي غاضبة مني وأعلنتها نفيرا ؟؟

فتحت الرسالة الأولى فكان فيها ( لو كنتُ قطا متشردا ورميته في القمامة

لكنت ذهبت واطمأننت عليه يا عديم الذوق )

ثم وجه تخرج منه قلوب فأعدت قراءتها مرة أخرى غير مستوعب لها ولا

مصدق أن تكون منها ثم فتحت الرسالة الأخرى فكان فيها ( الرسالة السابقة

لست من أرسلها ولا تجب عليها ولا أريد سماع صوتك ) فضحكت حينها فهذه

الرسالة بالتأكيد من ترجمان أما الأولى فلا قطعا أولاً لأنها ستكون فيها سخرت

من نفسها وثانيا أظهرت أنها تريد اهتماما مني , ابتسمت بمكر وأرسلت لها

رسالة تليق بها وأعلم ما ستحدث فيها ثم غادرت المنزل فاصبري قليلا حتى

أتفرغ لك يا ترجمان وأصبح هناك , غادرت المنزل وتوجهت للمركز فكان

أمين واقفا عند سيارته ينتظرني فأوقفت سيارتي بقربه وقلت من النافذة

" اركب سيارتك واتبعني "

قال من فوره " ماذا هناك أخرجك لي هذا الوقت ؟؟ "

أشرت له بيدي دون كلام وتحركت فركب سيارته ولحقني حتى وصلنا لمقهى

صغير عند أحد الأرصفة ونزلت وقت ما ركن هوا سيارته ونزل ودخل خلفي

وتوجهنا لطاولة متطرفة ولأن الوقت لا يزال مبكرا فقد كان المكان شبه خال

تماما , جلس مقابلا لي وقال بريبة " ما بك يا إياس شغلت بالي ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بجدية " ما بينك وبين سدين ؟ "

تنقل بنظره بين عيناي لوقت ثم قال " وما قالت لك ؟ "

قلت بحزم " هناك شيء ما إذاً "

لاذ بالصمت ولم يتحدث فقلت " أريد سماع ذلك منك "

تنهد وقال " سوء فهم بسيط وسأجد له حلا لا تشغل بالك "

قلت بجدية " لا ليست سدين من تقرر قرارا كالانفصال

ويكون السبب خلافا بسيطا "

قال بصدمة " تريد الانفصال !! "

قلت بجمود " نعم وإن كانت غيرها من شقيقاتي أو أي امرأة أجهلها

لقلت حركات نساء سخيفة وتختبر مكانتها ليدي ولديك لكن سدين

شيء مختلف وقرارها ورائه أمر لم أعرفه منها فعليك أنت قوله "

قال بشيء من الضيق " هل أفهم من كلامك أنها صادقة وأني أكذب "

قلت بضيق مماثل " أمين تعلم قصدي جيدا فلا تتهرب من الموضوع

بوضع نفسك في موضع الدفاع "

تأفف وقال " سأحل الموضوع بمعرفتي يا إياس ولن أطلقها

ولا أريد أن ننفصل "

قلت من فوري " السبب يا أمين وحينها أنا من سيقرر لا أنت "

قال بحنق " هي زوجتي والقرار لي يا إياس "

قلت بحدة " وشقيقتي ومن يمسها يمسني بل وينحرني وأنت أكثر من

يعلم أن سدين بالنسبة لي لا واحدة في مكانتها وأثق في أفكارها

وقراراتها ثقتي في نفسي "

قال بجمود " لا تجعل أمرا كهذا يدمر صداقتنا لأعوام ومن صغرنا

يا إياس , والأمور لا تحل بالحدة والغضب "

ضربت بطرف أصبعي على الطاولة وقلت " السبب يا أمين تكلم "

قال بشيء من الاستياء " شخصي قليلا وبين زوجين فاترك

الأمر لي يا إياس "

هززت رأسي بلا وقلت بإصرار " تكلم أو طلق الآن قبل

أن تقف من كرسيك "

قال بضيق " وهل الطلاق لعبة هكذا ؟ هل هناك من يدمر

حياة شقيقته بلا سبب منطقي "

قلت بضيق أكبر " أخبرني عن السبب أولاً لأرى إن كان منطقيا أم لا

ثم أخبرتك أنها لو كانت رغد أو سلسبيل لما قلت ما قلت لك ولتركت

الأمر فور قولك أنك متمسك بها وستحل الأمر بمعرفتك لكن سدين لا "

قال بذات ضيقه " وهل هي ملاك لا تزل ولا تخطئ "

قلت ببرود " أخبرني السبب وسأحكم بنفسي كما قلت لك "

قال محاولا تهدئة نفسه " إياس أبعَد ما قد أفكر فيه هوا خسارتك

كصديق لي فتعوذ من الشيطان "

قلت بجدية " لا تخف يا أمين أنا إياس الذي تعرفني ولن يفرقنا إلا

أمر يستحق لذلك أريد معرفته حالا "

نظر جانبا ممررا أصابعه في شعره ويبدوا أنه سيرضخ لضغطي عليه

فكتمانه له أيضا يؤكد حساسية الموضوع , قلت بجدية " قل ما لديك يا

أمين وأعدك أن احكم العقل قبل كل شيء وسأقف مع المحق

وإن كان ضد شقيقتي "

نظر للطاولة تحته وقال " تشاجرنا يوم أصبت وتعبت والدتك

ونقلناها للمستشفى "

قلت من فوري " ولما ؟ "

قال مبعدا نظره ولازال يتجنب النظر لي " انتقدت

لباسها ومظهرها "

انتظرته ليتابع لكنه سكت فقلت " وماذا أيضا ؟ "

نظر لي بصمت فقلت " لن يكون هذا سببا تطلب به امرأة الطلاق

ولا حتى إن كانت متهورة فكيف بسدين "

نظر للأسفل مجددا وقال بعد تردد " كنت غاضبا وأخبرتها أني غير

راض عنها وأنها فرضت عليا فرضا "

وقفت حينها على طولي أنظر له بصدمة فوقف أيضا وقال " كان حديثا

ساعة غضب وتعجبني أطباع كثيرة في شقيقتك وغيرت رأيي لاحقا

فتحلي بالحكمة كما وعدتني "

قلت باستياء " ومن فرضها عليك وأنت وافقت من نفسك "

أبعد نظره مجددا وقال " كنت أظنها رغد من تحدثت عنها "

قبضت يداي بقوة وقلت من بين أسناني " ولما لم تخبرني وقتها يا

أمين ؟؟ لو كنت صارحتني قسما ما غضبت منك "

نظر لي من فوره وقال " أردت نسبك حقا وكان مظهرها وتقليدها للغرب

لا يعجبني وكما أخبرتك كانت أعصابي مشدودة لما حدث وقتها ولاحقا

اكتشفت فيها أشياء ومميزات أخرى وفكرت أن تلك المسألة قد

أقنعها بتغييرها لاحقا "

قلت بسخرية " لا يا رجل أقنع شخصا غيري لم يجرب ذلك وفشل فيه "

نظر لي باستغراب فقلت " الخطأ ليس عليك وحدك بل عليا قبلك حين

عرضت شقيقتي عليك وذهبت تعيرها بها وتذكرها بأنها سلعة

اشتريتها مرغما "

قال بضيق " إياس ما هذا الذي تقوله ؟ "

قلت بجدية " هوا أمر واحد يا أمين وتأكد من أنه من عقلي وليس تهورا

ولا ساعة غضب , القرار لسدين وعليك تنفيذه وإن كنت تريد أن نحافظ

على صداقتنا كما سكتت هي من أجل ذلك فعليك تنفيذ رغبتها دون

تردد ولا مماطلة "

كان سيتحدث فقلت مقاطعا له " كلامك ليس معي ومن هنا حتى انتقالنا

هناك ستقرر هي وتنفذ أنت أو المحاكم بيننا ولن تكون صديقي بعدها "

ثم غادرت من هناك وتركته وركبت سيارتي وانطلقت أشعر بالضيق من

نفسي أكثر منه لأني رأيت فيه رجلا لا يعوض وعرضتها عليه ولم أتخيل

أن يعيرها بهذا وقبل حتى أن تصبح لديه وكم شعرت الآن بحجم هذا وفظاعته

وأنا كنت أرمي ترجمان به دائما بأني تورطت فيها وأُرغمت عليها ولم أعي

حجم ذلك إلا حين رأيت تأثيره على سدين التي رغم ما تحمله من عقل وتعقل

طلبت الانفصال بسببه ورضيت حتى بالطلاق وتوابعه فكم أخطأنا في حق

أولئك الفتيات اللاتي لا ذنب لهن فيما فرض عليهن أيضا وكان تصرفي

خاطئ وجئتها من الطريق الخطأ ظنا مني أنه عليا أن أروضها وأكسبها

قبل أن أكشف عن مشاعري أمامها




*~~***~~*



مر أسبوع منذ جاء ذاك الرجل لشقيقي سالم واتفق معه على كل شيء

وقال أنه سيعقد عليا ويأخذني من هنا في نفس اليوم وهوا بعد الآن بأسبوع

آخر حالما تنتقل شقيقته هنا كما قال وحالي منذ ذاك الوقت في توتر مستمر

فمالي وما كل هذا ؟ واختفاء أواس يشعل قلبي ولم تنشف دمعتي عليه منذ

ذاك اليوم الذي جلبني فيه ولا أعتقد أنها ستجف قبل أن أعلم أين هوا وما

حدث معه , وها هوا لم يتصل بي أبدا كما قال وهاتفه مقفل , نظرت

للذي جلس بجواري وقلت " ماذا حدث معك ؟ "

هز رأسه بيأس وقال " النتيجة ذاتها لم يراه أحد منهم ولا يعلمون شيئا عنه "

قلت بأسى " كيف هذا يا سالم فأن لا يعلم أهل زوجته عنه يعني أن دُرر

أيضا لا تعلم وأنه تركها أيضا وهذا أمر لن يفعله أواس إلا مجبرا وموقنة

من أنه كان سيرضى أن تخرج روحه ولا يبعدها عنه "

ضرب بقبضته على الأريكة وقال " بدأت رائحة أعمالنا السابقة تفوح

وسيأخذونني للتحقيق في أي وقت ولن يتسنى لي البحث عنه لاحقا "

نظرت له وقلت " كم حذرك أواس من كل هذا وكم سعى لإنقاذك من

مستنقعهم وتستر عنك لعلك تفيق لنفسك لكنك كنت تعاند وتراه

المخطئ وها قد جاءتك النتائج "

قال بضيق " توقفي عن لومي لن يجدي هذا في شيء "

ضربت كفاي ببعضهما وقلت بأسى " حالنا لا يزداد إلا تقهقرا

لو يرجع ابني فقط فلن آبه لشيء "

نظر لي وقال " زوجك سيساعدني قال أنه سيكلف محاميا بما أن

علي رضوان وراء كل ذلك وملفاته تُكشف وتُناقش الآن "ُ

نظرت له وقلت بضيق " ليس زوجي بعد فلا تقل ذلك "

قال ببرود " سيكون كذلك قريبا وعليك أن تكوني شاكرة

لله أنه ظهر لك في هذا الوقت "

هززت رأسي بيأس منه فقال " لا أعلم سبب نفورك منه يا خديجة

وأنتي موافقة عليه وهوا يصر على الزواج بك ووضع لك مهرا لا

تحلم به فتاة في ريعان شبابها "

قلت بضيق " ها قد قلتها بنفسك , ولأني لست فتاة في ريعان

شبابها فهذا الأمر كله أشبه بالجنون "

قال بنفاذ صبر " ذات الأسطوانة البائسة تكررينها وأنتي موقنة تماما وتري

نفسك في المرآة وتعلمي أنك لستِ كبيرة وأنك أنتي من كان يرفض الزواج

مخافة أن يمسك زوجك السابق ابنتك عنك وعن زيارتك حين تصيرين في

عصمة رجل غيره , وامرأة في السادسة والأربعين لا تعد كبيرة وأراك

لا تزالين محتفظة بنظارتك وجمالك "

وقفت وتمتمت مغادرة " بل أراك لا تهتم إلا بمصلحتك وما ستستفيد

من مركزه وقسما لولا وعدي لأواس ما وافقت ولتجلدني زوجتك

أرحم لي من رجل جلاد آخر في مسيرة حياتي "





*~~***~~*






وقفت بجانبها واضعة يداي وسط جسدي أنظر للأرض الخالية من

المزرعة فقالت " والآن ما الذي تخططين له يا سراب بعدما نلتِ

نصيبك الرائع من ثروة العجوز "

نظرت جانبا وقلت " لا أعلم قد أبيعهم وأوفر المبلغ للضرورة

أو أبدأ بهم مشروعا صغيرا "

قالت ببرود " فكرتين سيئتين "

قلت بضيق " وأتحفيني بأفكارك سيدة عبقرية "

نظرت لي وقالت " تدخري المال يعني أن تصرفي منه شهريا وتخرجي

زكاته كل عام وفي ظرف سنوات قليلة ستصبحين بلا مال والمشروع

يحتاج لعقل مدبر اعتاد على هذا ليس فتاة لا تملك إلا الدموع "

دفعتها من جانبي وقلت بضيق " توقفي عن السخرية مني "

دفعتني أيضا وقالت " ليست سخرية وعليك أن تتخلصي من

ضعفك الجديد قبل كل شيء يا سيدة الأعمال "

نظرت جانبا وكتفت يداي لصدري ولم أتكلم فقالت " والمشكلة أنه

حتى شهادتك لا تنفع لشيء سوا أن تحرثي هذه الأرض وتزرعيها "

نظرت لها بسرعة وقلت " معك حق لما لا أطور المزرعة ؟ "

نظرت لي بصدمة وقالت " سراب يا مجنونة هذا العمل يريد رجلا بجانبك

لأن فيه عمّال وتنقّل وسكن هنا في المنزل الموجود بها وأنتي لا أحد

لك سوا خيال زوج غير موجود إلا في قلبك ودموعك "

كنت سأتحدث والغضب أخذ مني نصيبا لكن مات لساني بسبب الخطوات

التي اقتربت منا فالتفتُّ مصدومة ثم عدت بوجهي للأمام وقلت من

بين أسناني " لا أعلم كم مرة سيفضحني لسانك معه "

التفتت للخلف ثم تقدمت مبتعدة قائلة " هذه بتلك الرسالة وجاءت من الله "

ثم ابتعدت ونظري يتبعها بضيق , تنتقم مني وهي من تحدتّني وقبلت

الشروط أيضا , فلو أعلم بما أجاب على رسالتها جعلها تشتعل هكذا ؟؟

شعرت به وقف بجانبي فتحركت لأغادر فأوقفتني يده التي أمسكت

يدي فقلت دون أن أنظر له " اتركني "

قال ببرود " وإن لم أتركك "

قلت بجمود " أعتقد أنها أصبحت مزرعتي ولا يحق لك

دخولها دون إذني "

شد على يدي أكثر وقال " هذا حين لا أكون زوجك "

أشحت بوجهي جانبا فوصلني صوته هامسا " لازلت أنتظرك يا سراب "

لتجمد أطرافي وشعرت بالبرد يدخلها وكأني أقف فيه عارية ونزلت

دمعة يتيمة شعرت بها كقطعة جليد على خدي المحتقن وقلت بغصة

" تأخرتَ كثيرا "

ليشلني أكثر برفعه ليدي التي لازالت في قبضة يده وقبّل كفها بهدوء

فاستللتها منه ومسحت دمعتي سريعا كي لا يراها ثم ابتعدت عنه عدة

خطوات ووقفت مقابلة له وقلت بأسى " ماذا تريد بكل هذا يا آسر ؟ "

قال بهدوء مركزا نظره على عيناي " أريد زوجتي "

قلت بابتسامة ساخرة " بعد ماذا ؟ "

ثم مسحت أنفي بظهر يدي وقلت بحنق " بعد أن لعبت بي تلك اللعبة وبعدما

تماديت في إهانتي حتى جعلتني أكره نفسي وبعد أن أخرجتني من حياتك

وأتلفت مالي أمام نظري وفصلتني عنك في الميراث تأتي لتقول زوجتي "

قال بهمس خرج معه بخار تنفسه بسبب البرد " عودي يا سراب "

رميت يدي وقلت بغضب " سبق وقلت أني لم أذهب لأعود

وهذه هي أنا لم أتغير "

تقدم نحوي ورغم تراجعي إلا أنه أمسك ذراعاي وقال ونفسه الساخن

يلفح برودة تقاسيم وجهي " سأنتظرك يا سراب فلن أجبرك على شيء

وسأنتظر سراب التي عرفتها سابقا لتأتي حين تتعرف على

نفسها وعلى آسر "

ثم ضمني لحضنه بقوة لم أستطع مقاومتها رغم جميع محاولاتي حتى

تركني من نفسه ثم قال مغادرا " لقد غطيت سقف المنزل كما طلبتِ

مني وانتظرك لنبدأ من هناك أو سأبقى مكاني "

ثم اختفى خياله شيئا فشيئا ونظري يتبعه بدموع ملئت وجهي , بحجم حبي

وشوقي له فأنا مجروحة منه وها هوا لم يكلف نفسه أن يعتذر عما فعل لي

سابقا ولا أن يبرر أفعاله الأخيرة ولا أن يفصح عن مشاعره نحوي وجاء

فقط ليقول كلمته المعتادة عودي وعودي , انهرت جالسة على الأرض أبكي

كلماته بمرارة رغم جهلي لفحوى أغلبها الذي كان مبهما ويحكي

عن أمور يبدوا أني أجهلها





*~~***~~*






جلستْ مقابلة لي ولسدين وأنا أطعم ندى وقالت بضيق ناظرة لها

بجانبي " متى ستقررين العذل عن جنونك ؟ "

قالت سدين ببرود " ليس جنونا لما كان إياس وافقني عليه "

قالت بحدة " ومنذ متى كان إياس يرفض لك طلبا أو يعارضك

في شيء فلم يفسدك أحد غيره "

تمتمت بخفوت لم يسمعه غيري " يا أسطوانة كل يوم هذه "

قالت أمي بضيق " تحدثي معه على الأقل وتناقشا لتصلا لحل لما بينكما

بدلا من بقائك صامته دون ذكر السبب ورفضك لمقابلته ولا الرد

على مكالماته "

قالت بشيء من الضيق " أمي لا أريد أن أخطئ في حقك بكلامي ولا أن

أرفع صوتي عليك وهذه حياتي أنا من أقررها وتعلمين جيدا ثقة إياس

بي وإن طلب مني العذل عن قراري فقسما أكون الليلة في منزله هناك "

تأففت ثم نظرت لي فانتفضت في مكاني وقالت هي بضيق

" وأنتي ؟ "

قلت بتوجس " ما بي أنا ؟ "

قالت بضيق أكبر " لما رفضتِ أن يُعقد قرانكما الآن ؟ ما الفرق

بين الآن وبعد أسبوعين "

نظرت لصحن الطعام في حجري ولم أتكلم فقالت بحنق " لا أعلم ممن

أجدها فيكم ؟ وزاد عليكم شقيقكم تارك زوجته هناك وكلما تحدثت معه

عن الأمر قال ( اتركي الأمر لي ) ولا أره فعل شيئا سوا الهروب مني

خارج المنزل طوال النهار "

قلت بهدوء حذر " أمي تعلمين جيدا أن إياس مشغول كثيرا

هذه الفترة ولا يتهرب منك "

قالت بحدة " أجل وقولي أني أكذب "

نظرت للأسفل وقلت بشبه همس " حاشاك من الكذب لم أقصد "

وقفت حينها وغادرت تتأفف ووقفت سدين بعدها وقالت بضيق مغادرة

" لا أعلم هل أنا من ستعيش معه أم غيري ليقرروا عني وينتقدوني "

تنهدت بأسى ونزلتْ ندى من الكرسي بصعوبة وركضت خلف سدين

تناديها فوضعت الصحن على الطاولة أمامي أنظر للفراغ بشرود أفكر

في كل ما وجدت نفسي فيه فجأة وما سيكون مستقبلا وزواجي من بسام

بعد أسبوعين فقط , ارتجف جسدي لصوت هاتفي الذي رن في حجري

وكان رقم حلا ابنة عمي فرفعت هاتفي وأجبت عليها فقالت من فورها

" مرحبا بالعروس "

قلت بابتسامة باهتة " مرحبا حلا كيف حالك والجميع "

قالت ضاحكة " بسام بخير لولا يهلك نفسه في منزلكما يريد

إنهائه بأسرع وقت "

قلت بخجل " حلا توقفي عن قول الحماقات "

ضحكت وقالت " حاضر , ابن عمك الذي اسمه بسام قال لي أسألك

عن لون ستائر صالون الضيوف وصالونها أو إن كنتِ تريدين

اختيارها بنفسك "

شعرت أني غرقت في ثيابي وأني سأبكي من الارتباك ومن الفكرة

أجمعها فقالت عندما طال صمتي " رغد أين ذهبتِ ؟ "

قلت بشبه همس " معك "

قالت من فورها " ماذا أقول له ؟ "

قلت سريعا " لا يهم كما يريد "

قالت بصوت منخفض بالكاد يُسمع " وغرفة النوم "

فشعرت بنفسي تحولت لكتلة صخرية لو ضربني أحدهم لتفتتّ وما معنى

أن تهمس همسا غير أن يكون .... ؟ ؟ سمعت صوتا رجوليا بقربها قائلا

" ماذا توشوشين لها "

فأغلقت الخط عليها بيد مرتجفة ورميت الهاتف جانبا , لا أعلم لما يأخذ رأيي

في كل هذا ! ما سيفرق إن اختاره هوا أو أنا ؟ كل يوم أشعر بالحيرة والضياع

في أمره أكثر فإن كان كما ضننت يريد فقط أن ينتقم من رفضي له سابقا ما كان

ليأخذ رأيي في كل شيء أم تمثلية أمام عائلته فقط ؟ تأففت ووقفت متعوذة من

الشيطان ورفعت الصحن متوجهة للمطبخ لأقطع سيل هذه الأفكار فأن أغيّر

رأيي الآن سيكون فيها موتي على يد والدتي لذلك لا حل أمامي سوا أن

أسلّم أمري لله ورقبتي لبسام ينهي باقي نحرها







*~~***~~*








جلست أتأملها من بعيد سارحة بنظرها ليس في الأطفال اللذين يلعبون ولا

في ضحكات الناس التي ترتاد الحديقة للتنزه بل في الفراغ في الا شيء وهذا

حالها لم يتحسن أبدا بل أراه يزداد تقهقرا من بكاء ليلا لحزن وشرود نهارا

وقلبي ينفطر عليها ولا أجد لها حلا أبدا , سحقا لك يا أواس لو أجدك أمامي

لقتلتك للحال التي أعدت فيها شقيقتي لنا ميتة تسير بين الأحياء عجوز وهي

في ريعان شبابها وجمالها , جماد يتنفس لا يرى ولا يسمع ولا يعي شيئا

ولو أفهم فقط أين اختفى وما السبب ؟!!

" قصي "

نظرت للجالسة أمامي ولم أتكلم فقالت ناظرة جهة دُرر " خذها لتبحث

عنه لعلها ترتاح يا بني قبل أن نخسرها للأبد "

قلت بأسى " وما بيدي يا أمي فأوراقي لم تنتهي بعد ولا يمكنني

السفر الآن وعاجز عن فعل أي شيء غيره "

قالت بحزن " والحل بني والحل الآن ؟ "

نظرت للأرض وتنهدت بضيق وقلت " لو بيدي حل ما تأخرت به وأنتي

تري حالها أمامك تصر على كلامها ورأيها فيه وحتى الآن لم أستطع

إخبارها بما وصلني من أيام , أقسم أن تجن لو علمت "

قالت بهدوء حزين " وهل ستخفي الأمر عنها طوال العمر يا قصي "

رفعت نظري لها وقلت بضياع " لا أعلم , في الوقت الحالي مستحيل

سأتركها حتى تيأس منه وتتقبل فكرة تركه لها ثم نخبرها لتقتنع أنه

عليها أن تعيش حياتها وأن تنساه وتتزوج أيضا "

هزت رأسها بحيرة وحزن ثم وقفت وقالت " اذهب لها وأنا سأرجع

للشقة فخالتك ستخرج بعد قليل وعليا أن أكون بقرب جدتك "

ثم غادرت عائدة لشقتنا التي لا تبعد عن هنا سوا بشارع واحد ووقفت

أنا واقتربت منها وقلت " دُرر ما رأيك أن نتمشى قليلا "

رفعت رأسها ونظرت حولها ثم قالت " هل غادرت والدتي ؟ "

قلت بهدوء " نعم فلا يمكننا ترك جدتي وحدها "

وقفت وقالت " إذا فلنرجع نحن أيضا "

تنهدت باستسلام وقلت " كما تشائين وسنسلك طريقا أبعد ما رأيك ؟ "

هزت رأسها بحسنا دون كلام وتحركنا في صمت حتى قلت

" صديق لي لديه عيادة يحتاج لمعاونة له ما رأيك أن تعملي هناك

منها تكتسبي خبرة ومنها تمضي وقت فراغك في العمل "

قالت ونظرها على خطواتها " أريد العودة للوطن والبحث عن أواس "

تنهدت بضيق وقلت " جربي العمل معه هذه الفترة حتى يتسنى

لنا الوقت للعودة جميعنا "

قالت متجاهلة كل ما قلت " سأطلب من والده أن يأتي لأخذي فوحده

المحرم لي غيرك بما أنك يبدوا ستتأخر كثيرا "

قلت بشيء من الضيق " دُرر لما لا تريدي أن تقتنعي أنه لو أراد أن

يبقى معك ما ذهب وتركك , لو كان يحبك ما تخلى عنك بمجرد أن

حصل على غرضه وانتقم لنفسه من جدك "

قالت بضيق أكبر " لا ليس صحيحا , أواس يمر بشيء ما وعليا أن أجده

وأكون معه فلا أحد منكم يعرفه مثلي وبلسانه قال لي أنه إن أبعده شيء

عني سيكون رغما عنه ومن أجلي فقط وسأذهب للبحث عنه وإن

سافرت وحدي وتحملت الإثم "

ثم أسرعت بخطواتها وسبقتني متوجهة لعمارتنا التي أصبحت ظاهرة لنا

من بعيد ووقفت أنا مكاني أراقبها بقلة حيلة , ماذا إن علمتِ أنه طلّقك

يا دُرر أنه أرسل ورقة طلاقك من يومين في ظرف بريدي وتركك

للأبد ؟ كم أخشى عليك من نفسك وقلبك يا شقيقتي



نهاية الفصل ...

دقائق ونزل الفصل السادس والأربعون


فيتامين سي 13-03-16 06:27 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)
 
1 مرفق


الفصل السادس والأربعون


النص بالمرفقات


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الأربعاء إن شاء الله


فيتامين سي 16-03-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الخامس واﻷربعون والسادس واﻷربعون)
 
1 مرفق




النص بالمرفقات


سلمت يداك


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء السبت إن شاء الله


فيتامين سي 19-03-16 09:07 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع واﻷربعون)
 


الفصل الثامن والأربعون


المدخل : بقلم الغالية alilox

سلكت دروب الضياع بل صرت احترف الضياع صرت أخاف يقين قربك حتى لاأصدم بالمزيد من الاوجاع دعني للضياع أتخبط ببحوره فقد جهزت قاربي والشراع كبلتني بذكريات تعيسة وتطلب مني إليك الإسراع دموعي وروحي فضحوني حتى ذاع صيتي وشاع أأكذب على نفسي بهذا الهراء وأنا للحب والهوى من الجياع لا تلمني بجهاي فليس لي
في العشق باع الى آسر روح وعقل وايام سراب

سلمت يداك


شد على كتفاي وقال بجدية " دُرر للمرة الألف أقول اعتني بنفسك جيدا

يا شقيقتي فسأذهب وحدي نزولا عند رغبتك فقط لكن إن علمت أنك

تعبتِ فسأتركهم وأرجع لك , كلها مدة بسيطة وسنأتي جميعنا هنا "

هززت رأسي وقلت " لا تقلق يا قصي سأكون بخير وهن هناك

يحتجنك أكثر مني وطالما أنا مع شقيقتاي فسأكون بخير اطمئن "

أبعد يديه وقال " هناك من سيساعدني وسنعلم إن خرج من البلاد أم لا

ومن أي منفذ من منافذها البحرية أو الجوية أو حتى البرية وأين ذهب

وسنعلم على الأقل إن كان هنا أم لا "

هززت رأسي بحسنا وقلت ببحة بسب كتم عبرتي " وأنا سأبحث هنا

عند كل من كانوا يعرفونه حتى العمّال الذين عملوا لديه "

تنهد وقال " ألن تنتظري حتى آتي وأقوم أنا بكل ذلك عنك "

هززت رأسي بلا ونظرت للأرض فأمسكه ورفعه له وقبل جبيني

وقال " إذا أراك على خير يا شقيقتي واهتمي بطعامك جيدا "

أمسكت يده وقبلتها وضممتها لصدري وقلت بدمعة وحزن " اعتني

بنفسك قصي وبهم وسلم لي على والدتي وأخبرهم أني أنتظرهم

هنا بفارغ الصبر "

هز رأسه مبتسما ثم ركب سيارته وغادر وعيناي تراقبنه حتى

ابتعد وشعرت حينها بيد على ظهري وصوت سراب قائلة

" محضوضة به أنتي يا دُرر "

هززت رأسي بنعم وقلت بابتسامة حزينة ونظري على البوابة

التي خرجت سيارته منها " كم جاد عليا الله بنعم يا سراب

يصعب عليا شرحها لك "

اتكأت بذقنها على كتفي وضمتني بذراعيها وقالت " الله لا يغلق

جميع الأبواب يا دُرر وعوضك بمن سيكونون مكان زوجك "

أمسكت ساعدها بقوة وقلت ودمعتي تدحرجت على خدي

" لا يا سراب لكل شخص مكانته التي لا يأخذها أحد "

ضمتني بقوة أكبر وقالت بصوت مبتسم " ونحن ؟؟ "

أبعدت يديها عني والتفت لها وحضنتها وقلت " أنتما شقيقتاي اللتان عشت

معهما مالم أعشه مع عائلتي ولم أشعر بالراحة حتى رأيتكما مجددا "

سمعنا حينها صرخة من الأعلى فابتعدت عني ونظرنا فوقنا حيث الشرفة

التي تقف فيها ترجمان منحنية تنظر لنا وقالت صارخة " وقحتان كم

مرة قلت لا تنسيا أني شريكة لكما في الأحضان "

ضمتني حينها سراب مجددا ضاحكة فقلت مبتسمة " ألا يشتكي

الجيران منها ؟ جيد أنه لم يطردوكم حتى الآن "

شعرت بشيء سقط علينا وصوت ترجمان قائلة " مغفلتان لم

أهتم بحضنكما يوما حتى فقدتكما لأشهر "

قالت سراب وهي تبتعد عني وتبعدها " جيد إذا فثمة أمل

لدى زوجك أن تشتاقي لحضنه "

نظرت لها بحقد ثم لي وقالت " زوجها أولا أليس كذلك ؟ "

نظرت لسراب المصدومة وقلت مبتسمة " نعم "

وضعت يداها وسط جسدها وكانت ستعترض فقلت

" ألن تساعداني ؟ "

تنهدت باستسلام وقالت " بلى ولأجلك فقط لما كنت

وافقت أن نذهب له "

ثم رفعت إصبعها أمام وجهها وقالت بتحذير " ولن أنطق بحرف طبعا

ولن أتكلم , مجرد محرم له كما طلبتِ كي لا تكونين معه وحدكما "

وقفتْ حينها عند الباب ابنة العائلة الصغرى فيهن وشهقت بقوة

وقالت " أين هوا الوسيم ؟ ألم يقولوا أنه جاء "

ضحكت ترجمان وقالت " أنقذه الله منك هذه المرة وغادر "

أشارت بإصبعها الصغير لترجمان وقالت بضيق

" وأنتي متى ستغادرين "

فانطلقت ترجمان نحوها قائلة " تعالي فلم أرى خديك اليوم "

وصرخت تلك الطفلة هاربة على صوت ضحك سراب فابتسمت

وقلت " لا أعلم من منهما أعان الله الأخرى عليها "

قالت ضاحكة " إسراء طبعا , وعلينا انتظار تلك الترجمان حتى

تأتي لأنها من سيقود السيارة "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أعلم كيف لا تخاف أن تمسكها الشرطة

وهي بلا رخصة قيادة ! وما الذي أغفلهم عنها حتى الآن "

ضحكت وقالت " تعرفيها لا يخيفها شيء وقد أمسك بنا شرطيان من

يومين وطلب أحدهما بطاقتها وما أن رآها تركنا نغادر "

قلت باستغراب " ولما ؟؟ "

رفعت كتفيها وقالت بلامبالاة " هي قالت بسبب لقب عمها لكني

أضن زوجها وراء ذلك وهي لا تريد أن تعترف "





*~~***~~*





نزلت السلالم ركضا حتى وصلت الباب وفتحته فدخلت واستقبلتها حاضنة

لها وقلت مبتسمة " لقد سرقك السيد بسام منا , يومين كاملين لتزورينا ؟ "

ابتعدت عني وقالت ضاحكة " من يسمعك يضنهما أسبوعان "

ثم نظرت خلفها حيث التي تقفز صارخة " ديموو أندري "

مددت لها يداي وقفزت في حضني قائلة " أحذرهم لي بابا "

قبلت خدها بقوة وقلت ضاحكة " جيد ظهر والدك الحقيقي أخيرا "

وكزتني رغد قائلة بهمس " هوا يحسن لها صورته طوال الوقت

فلا تفسدي مجهوده "

ضحكت وغمزت لها قائلة " أرى رأينا به تغير "

أمسكت يدي وسحبتني معها للداخل قائلة " أين والدتي وسلسبيل

قالت لي ستكون هنا اليوم "

قلت مبتسمة " وأرى مزاجك أيضا تحسن , حتى وجهك

ازداد إشراقا "

نظرت لي بتهديد فضحكت وقلت " أمي ها هي قادمة وسلسبيل تعبت

اليوم ولم تستطع المجيء فيبدوا أنها ستبقى في وحمها أربعة أشهر "

اقتربت والدتي وسلمتْ عليها بقلب وحنان الأم الذي لا يتوقف عن الأسئلة

" كيف حالك يا رغد وما أمورك وكيف بسام معك "

فقالت رغد مبتسمة " بخير يا أمي وبسام لم يقصر معي أبدا وها هوا

دخل المجلس يريد أن يسلم عليك "

توجهت حينها لباب المجلس ولحقت بها ندى فأمسكت يد رغد وأجلستها

بجانبي وقلت " طمئنيني عنك , هل ظهرت كل أفكارك تلك تخيلات فقط ؟ "

قالت مبتسمة " بل وأوهام لا صحة لها "

ضممت يداي لبعضهما وقلت بحماس " إذا نقول مبروك هذه المرة

وأنك تزوجتِ برجل حقا "

هزت رأسها بنعم وقالت بابتسامة واسعة " ولا يوجد رجل

على وجه الأرض مثله "

حضنتها وقلت " مبارك لك يا رغد أنتي تستحقين ذلك وأكثر "

ضمتني بقوة قائلة " أسأل الله أن يرزقك أفضل منه يا سدين "

ابتعدت عنها وقلت ببرود " نعم علقيني بلا زواج طوال حياتي "

نظرت لي بصدمة فضربت كتفها وقلت بضيق " كيف تقولين لا

رجل مثله على وجه الأرض وتطلبي لي من الله أفضل منه "

ضحكت حينها وقالت تمسك فمها " لم أكن أقصد "

نظرتُ للباب ثم لها وقلت " لنغير الموضوع قبل أن تسمعنا أمي فلن

ترحمني أبدا وأنا ما صدقت أن تحدثت معي فمنذ ليلة زواجك

وهي غاضبة مني "

قالت باستغراب " ولما ؟؟ "

تنهدت وقلت " لقد وصلت ورقة طلاقي "

شهقت بقوة ثم قالت بحزن " لم تغيري رأيك إذا حتى فعلها "

قلت بجدية " هذا قراري ولن ينفع أو يضر غيري وأنا مقتنعة به "

ثم قلت مغيرة مجرى الحديث " لم أخبرك أني حصلت على

وضيفة بشهادتي "

قالت بصدمة " حقا بهذه السرعة !! "

قلت بثقة رافعة رأسي " لا تنسي أني أخذت الشهادة بامتياز "

قالت بنصف عين " لو قلتِ سلسبيل لصدقنا , وأقطع ذراعي إن لم

يكن إياس أو خالي رِفعت وراء ذلك "

قلت ببرود " ما هذه العائلة التي لا ترفع المعنويات أبدا "

ضحكت وقالت " المهم أنك ستجدي ما سيسليك , أخبريني أين ستعملين "

قلت من فوري " مركز مكافحة الإيدز "

شهقت بقوة فقلت ضاحكة " لا تخافي عملي سيكون في المختبرات

حسب شهادتي "

قالت بذات صدمتها " وعلمت والدتي ؟ "

تنهدت بأسى وقلت " جن جنونها وقالت ماذا إن أصابك المرض بالخطأ "

ثم ضحكت وقلت " تضنها لعبة وليست أجهزة حديثة لا نلمس فيها

العينات أبدا "

تنهدت وقالت " المهم أن تكوني مرتاحة ومقتنعة يا سدين "

هززت رأسي بنعم وقلت بحماس " المركز كبير ومشهور وتتعامل

معه الشرطة في كل البلاد "

ضحكت وقالت " ألم أقل لك أن خالي وراء ذلك "

كشرت وقلت " نعم لكن درجاتي أيضا السبب في موافقتهم "






*~~***~~*







وصلنا الساحة التي يوقفون فيها السيارات وكانت سيارة آسر هناك

أي أنه سيكون في المنزل الآن , نظرت لترجمان بصدمة وقلت

" أنتي كيف عرفتِ العنوان من مرة واحدة فقط ! "

فتحت دُرر بابها ونزلت وقالت ترجمان ببرود " دقة ملاحظة "

نظرت لها مضيقة عيناي وقلت " اعترفي "

ضحكت وقالت " كنت آتيه هنا ليلا هل تصدقي "

شهقت بصدمة فضربت كتفي وقالت " انزلي بلا كثرة ثرثرة

هل كنتِ تريدي أن لا أحفظ عنوانه للضرورة "

فتحت الباب وقلت وأنا أنزل " أنتي لما لم تُشغلي عقلك

هذا في الدراسة "

ثم ضربت الباب ولففت حول السيارة حيث دُرر تنتظرني ففتحت

ترجمان نافذتها وقالت " هيييه دُرر لا تنسي التفاصيل لتحكيها لي "

وأغلقت النافذة ضاحكة فنظرت لها بضيق وقلت " كان علينا المجيء

في سيارة أجرى وتركها هناك "

سحبتني من يدي قائلة " تعالي ولا تكترثي لها فدورها بعدك ولعلي

أكسب فيكما أجرا وترجعا لزوجيكما وتتركا هذا العناد "

تنهدت وسرت معها قائلة " لو جميع البشر يفكرون مثلك يا دُرر

ما تشاجرت امرأة مع زوجها "

قالت ونحن ندخل الأحياء " هل أصبحتُ أنا المخطئة الآن ؟ "

قلت ببرود " بل زوجك يستحق فهوا لم يفعل ما فعلاه الأحمقان

الآخران , على الأقل حملتِ ذكريات جميلة منه أما نحن الاثنتين

منذ تزوجناهما ونحن من رديء لأردئ منه "

قالت بحزن " على الأقل موجودان , تخيلي أن يختفي كما حدث

مع أواس ؟ ماذا ستشعرين حينها ؟ "

شعرت بقلبي علت نبضاته بجنون وقلت هامسة " لم أفكر بذلك "

نظرت حولها وقالت بهدوء " كم المنازل هنا حالتها مزرية , لابد

وأنك ندمتِ على تذمرك الدائم من حياتنا السابقة "

تمتمت ببرود " بل تذمرت أكثر "

ووصلنا حينها لباب المنزل فقلت بضيق " هل كان علينا المجيء

هنا ؟ لو تركتنا أخبرنا العم صابر يتصل به ليأتي هناك "

نظرت لي وقالت " سراب قولي أنك لا تريدين هذا ونعود

الآن للمنزل وننسى الأمر برمته "

أمسكت يدها وقلت " لا دُرر لم أعني ذلك "

ثم تركتها واتكأت بجبيني على باب المنزل وقلت بحزن

" لكنه صعب عليا يا دُرر , أشعر بقلبي سيخرج من مكانه "

أمسكت يدي وقالت " إذا لنرجع "

أبعدت رأسي وهززته بلا ثم طرقت على الباب وما هي إلا لحظات

وسمعنا صوته صارخا من الداخل " نعم قادم قادم "

فوضعت يدي على قلبي وعضضت شفتي بقوة , كم أنتي حمقاء يا سراب لو

تطيعين قلبك ما تركته للحظة ... غبية طوال حياتك , ابتعدت عن الباب حين

فتحه وخرج ببذلة الشرطة وفي يده سندوتشا لازال يمضغ ما أكله منه فيبدوا جاء

ليتناول الغداء ويغادر , وأي غذاء هذا الذي لا يتماشى مع عمله ولا ما بقي مما

كسبه من مال عمي ولا وضعه كرجل متزوج , نظر لي باستغراب فشعرت

بجنون قلبي ازداد أضعافا فكم يشتاق له هذا الغبي لكن علاجه عندي , أبعدت

نظري عنه وقلت بجمود " نريدك في أمر هلا أدخلتنا للداخل قليلا "

قالت حينها دُرر " يبدوا أنك مشغول سنأتي في وقت آخر "

قال وهوا يدخل " لا .. تفضلا "

تنفست حينها بقوة ونظرت لها فقالت بابتسامة حزينة " يحبك يا غبية

وعيناه كانتا ستلتهمانك وأقسم أنه أكثر من يقرأك وأنتي تدّعين الصدود "

أمسكت يدها وشددتها منها داخلتان وقلت " لن تفهميني مهما شرحت "

ووقفت مكاني أنظر للسقف الذي أصبح مغطيا للمنزل ليعزله عن السماء

التي ترسل له شمسها الحارقة صيفا والبرد القارص شتاءا , نظرت لكل

شيء حولنا , حتى الطاولة غيّرها وأبواب الغرف أيضا وهناك جهاز تكييف

في غرفته فيبدوا أنه كما قال لن يخرج من هنا , ارتجف جسدي بقوة حين

خرج صوته من الطبخ قائلا " سراب أدخلي صديقتك لغرفة الضيوف "

أمسكت يدها وسحبتها منها في صمت وفتحت باب الغرفة ودخلت لها لأشهق

بصدمة وأنا أرى الصالون الجديد فيها بل حتى الجدران طلاها من جديد وأول

ما جال في ذهني ( لما يفعل كل هذا ! هل يفكر في الزواج ؟ ) ازداد اضطراب

نبضات قلبي وكادت دموعي أن تنزل بل أن أبكي وأصرخ وأدمر كل شيء

فليس من حقه أن يحرق قلبي وثروتي ويتزوج بأخرى لينهيني تماما

أمسكتُ يد دُرر وقبضت عليها بقوة فقالت باستغراب

" سراب ما بك ؟ "

قلت بعبرة " سيتزوج يا دُرر سيقتلني نهائيا "

شدت على يدي بكلى يديها وقالت " عودي له إذا وتصافيا "

هززت رأسي بلا وقلت بقهر " لن يحدث ذلك أبدا ففوق كل ما فعل

فصل ثروته عني لينميها وحده وأبقى أنا أبكي أطلال ما كان "

تأففت وقالت " وما ستجنيه إن فعلها فعلا وتزوج "

قلت من فوري " أحرقه وهي معه "

مر حينها من جواري وجلس وقال " اجلسا لما واقفتان حتى الآن ؟ "

سحبتني دُرر معها جهة الأريكة المقابلة له وجلسنا أنظر للأرض وأفرك يداي

بقوة تكاد تمزقهما لا أعلم من الغيظ أم من الغيرة لمجرد فكرة أن تقترب منه

امرأة أخرى , قالت دُرر بصوتها المنخفض الهادئ " آسفة على قدومي

بدون موعد لكني أحتاج رؤيتك لأمر ضروري "

قال من فوره " لا بأس مرحبا بكما في أي وقت "

نظرت حينها جانبا أتجنب النظر له لتنفتح عيناي على اتساعهما وأنا أرى

صندوق هدية دُرر خلف الباب لازال يحتفظ به هنا !! وحتى الفراش الذي

كنت أنام عليه أيضا فما معنى هذا ؟ أصبحت أعجز عن تفسير هذا الرجل

وعن فهم أفكاره وردود أفعاله , عدت بنظري للأرض تحتي على صوت

دُرر قائلة " أريد سؤالك عن أواس , أنت وزوج ترجمان صديقاه المقربان

وقد يكون أخبركما بشيء فهوا اختفى بعد سفرنا ولم نجده في أي

مكان ولا أحد يعلم السبب "

قال بهدوء " ونحن لاحظنا ذلك ولا نعلم أيضا فقد سألنا عنه كثيرا

وجميع من نعرفهم يعرفونه سألناهم ولم نتوصل لشيء "

قالت بنبرة تشوبها عبرة بكاء " وما معنى هذا ؟ "

رفعت رأسي حينها فنظر لي سريعا فعضضت شفتي محذرة له فقال

ولازال ينظر لي " سنسأل أكثر ونتقصى فقد يكون في مهمة سرية "

قالت حينها بشيء من الأمل " هل تتوقع ذلك ؟ "

أبعدتُ نظري عنه مجددا وقال هوا " هذا جائز فمثل هذه الأمور لا

يخبرون عنها أحدا , فهل أخبرك أنه مسافر وسيعود أو شيء

من هذا القبيل "

قالت بحزن " لا ... كنت متعبة ولا أعي شيئا حولي وحين استيقظت

أخبروني أنه كان معي وغادر "

قال بهدوء " تحدثت وإياس في الأمر كثيرا وسنسعى جهدنا

لنعلم عنه شيئا , والعقيد رِفعت سيخبرنا إن كان في مهمة "

وقفت حينها وقالت " أنا سأزوره بنفسي وأعلم منه "

وقفتُ أيضا فوقف هوا لوقوفنا وقال " المهام لا يخبرون عنها

أي أحد لكن قد تنجحي في التقصي منه "

شغلت نفسي بهاتفي أتجنب النظر له والسماح لعيناي الغبية المشتاقة

بالنظر له وقالت دُرر بشبه همس " شكر لك وآسفة حقا على إزعاجك "

قال من فوره " أنا في الخدمة وأنتي من يلزم أن يشكرك الجميع

على اهتمامك بأمر زوجك "

رفعت نظري له بسرعة فكان ينظر لي وقال بابتسامة جانبية

" يبدوا علينا جميعنا أن نختفي لفترة ليشعروا بنا "

نظرت له بضيق ثم أمسكت يدها وسحبتها معي جهة الباب قائلة

" هي تشعر به من قبل أن يختفي وهوا يستحق "

وما أن خرجنا من الغرفة حتى شعرت بيده أمسكت يدي الأخرى موقفاً لي

فوقفتْ دُرر والتفتت لنا ورفض هوا ترك يدي رغم كل محاولاتي لشدها

منه فقالت دُرر مغادرة جهة باب المنزل " لن ننتظرك إذا وأتمنى أن لا

نجدك هناك ما أن نرجع للمنزل "

حاولت سحب يدي منه مجدد وقلت منادية لها " تعالي يا غبية

سأذهب معكما لا تتركاني هنا "

ولم تكترث بي طبعا وخرجت وأغلقت الباب خلفها فنظرت له وقلت

بضيق " لو لم أكن أعرف دُرر جيدا وأنها لا تتحدث مع رجل

غريب عنها لقلت أنكما متفقان "

ترك يدي حينها وقال مشيرا للطاولة " اجلسي لدي ما سنتحدث عنه "
قلت بسخرية " إن كنت فكرت أخيرا في أن تعتذر عن أفعالك

جميعها فلا تتعب نفسك فقد تأخرت كثيرا "

قال ببرود " أنا لم أخطأ لأعتذر "

صررت على أسناني من الغيظ وقلت " كل هذا ولم تخطئ "

قال بهدوء " اجلسي يا سراب ولنتحدث في المفيد "

جلست متأففة وقلت " أراك غيرت كل شيء هنا هل تزوجت "

جلس مقابلا لي وقال مبتسما " لا "

قلت ببرود " كاذب "

قال بضحكة " أقسم أني صادق "

قلت و أشعر بالنار تشتعل في قلبي " إذا تفكر في ذلك "

هز رأسه بلا مبتسما فقلت مجددا " كاذب "

ضحك وقال " أقسم أني لم ولن أتزوج أبدا "

نظرت جانبا وقلت ببرود " لا يهم عندي افعل ما يحلو لك "

ضحك ولم يعلق فقلت بضيق " قل ما لديك وتوقف عن السخرية مني "

كتف يديه لصدره وقال بهدوء " اشتري مني نصف المنزل "

نظرت له بصدمة وقلت " أشتري منك ماذا !! "

قال بذات هدوئه " الطابق السفلي من منزلنا ذاك والمقابل

المعمل والمزرعة اللذان أصبحا ملكا لك "

وقفت وقلت " هل جننت أنت ؟ أين ستذهب عائلة العم صابر "

أشار لي لأجلس فقلت " وما تفعل بكل هذا وكأنك تسلبه مني

لتأخذه أنت "

قال ببعض الضيق " اجلسي لنتفاهم يا سراب "

جلست مجددا متأففة بحنق فقال " المزرعة ثمنها أقل من المنزل بكثير

والمعمل في منطقة خارج العاصمة بينما المنزل في قلبها وفي الأحياء الراقية

منها وحجمه بأربع منازل كالتي هناك وقد قيّمت ثمن نصفه وكان سيساوي

المعمل والمزرعة , أما عائلة عمي صابر فسأشتري لهم منزلا متواضعا

بقرب مدارس الفتيات "

قلت من فوري " ولما ؟؟ "

قال بجمود " أنتي من طلب يوما أن نفصل عن بعضنا فما تغير الآن "

نظرت لعينيه أتنقل بينهما بصمت ثم قلت " هل هذا هوا غرضك ؟ "

نظر للطاولة تحته وقال " شيء من هذا القبيل "

قلت ناظرة له بحيرة " وماذا عن أحلامهم بذاك المنزل ؟ عن الغرفة

لكل واحدة منهن ؟ عن الحديقة والألعاب "

قال بدون أن يرفع رأسه " الضرورة حكمت "

علقت نظري بملامحه أنظر له بضياع مجاهدة دموعي , كم وددت لو قلت له

( الضرورة حكمت أم طمعك في نهب كل شيء ليكبر سريعا ويكون ملكك

لوحدك فها قد علمت لما دمرته بدون سبب ) لكن لساني خانني ورفض قول

أي حرف منها وكل ما جال في ذهني وقتها أيام كنت أرميه بالباطل وأتهمه

وندمت فيما بعد وهذا سبب انعقاد لساني على ما يبدوا ؟ فهل أكون ظلمته

مجددا ؟ لكن لما فعل ذلك ما غرضه من كل ما فعل ؟؟ رفع رأسه ونظر

لي وقال بجدية " أعتقد أنك تريدين المنزل تحديدا أن يكون لك وهوا

طموحك من البداية "

صحيح أني أريده ولا أريد أكثر من منزل يخصني ويجمعني وشقيقاتي

لكن نصفه كان يكفيني ويحيرني حقا تفكيره وكل ما أخشاه أن يبدأ بسلبي

كل شيء حتى أكون في الشارع وألجأ له , قال عندما طال صمتي " أو بيعي

لي طابقك بالحقل والمطحن , ولك أن تختاري وأنا موافق على ما ستقررين "

قلت بضيق " هراء كيف أبيعك المنزل وأنت قلتها بنفسك تعلم أنه كل ما أريد "

لم يعلق فنظرت جانبا لوقت أحاول جمع أفكاري وإيجاد تفسير واحد لكل

هذا ثم نظرت ليداي على الطاولة وقلت " بشرط "

قال من فوره " موافق "

نظرت له سريعا وقلت " من دون أن تعلم ما هوا !! "

قال ونظره على عيناي " لا يهم المهم يحدث ذلك "

لو أفهم فيما يفكر وما يريد فعله ؟ هل سيبيعهم جميعهم ويدخل مشروعا آخر

أم سيبيع واحدا منهم ويعوض به ما أفسده بيديه ويشغل المصنع المتبقي عنده ؟

يبدوا يفكر جديا في تحريك ما خرج به من بقايا ثروة العجوز ولا يهتم لما

سيحدث معي لكنك لم تعرفني بعد يا آسر , نظرت لعينيه وقلت " سأشتريه

منك بشرط تبقى عائلة العم صابر فيه "

نظر لي بصدمة وهذا ما توقعته منه فهوا لن يرضى أن يبقوا في مكان ليس هوا

من يملكه أو يتكفل به وحتى إن فرضنا ووافق فذلك لن يزعجني لأني حقا لا أريد

لتلك العائلة أن تعود للعيش في منزل ضيق بلا حديقة ولا ألعاب للصغيرات , أن

يرجعوا كما كانوا وتنهار جميع أحلامهم , هوا الآن أمام حلين فقط إما أن يعذل

عن فكرة بيعه لي وهذا المرجح أو أن يوافق على شرطي وهذا مستحيل إن كان

آسر الذي أعرفه , نظر جانبا ومرر أصابعه في شعره ثم نظر للطاولة تحته

وقال بشبه همس " موافق "

نظرت له بصدمة عجزت معها حتى عن الكلام فما هوا هذا الشيء الذي

يجعله يضحي هكذا !! قلت " سيُكتب الشرط في العقد "

نظر لي وقال بضيق " سراب لا تضيقيها علي , سيعيشون هناك مبدئيا

حتى أتمكن من توفير منزل مناسب لهم وفيه كل ما يملكون هناك "

قلت بحزم " وقبلها لن تخرجهم ؟ "

هز رأسه بلا فقلت " ولما ؟ ما السبب ؟؟ "

قال بجمود " سأبيع كل ما أملكه "

نظرت له مطولا باستغراب فقال " وأعتقد من حقي وهذا بند في حكم

المحكمة أنه ما أن يشتري أحدنا شيئا من الآخر له الحق في بيعه ولا

أعتقد أنك ستهتمين للسبب "

قلت بسخرية " لأني أعرفه , ولهذا أنت واثق من أنك ستنقلهم من

هناك لأنك ستستثمر كل ذلك وتجني منه الربح سريعا "

وقفت بعدها وقلت متوجهة لباب المنزل " أرسل لي الأوراق لأوقعها "

ثم تابعت وأنا أفتح الباب " كل يوم تخذلني فيك أكثر يا آسر "

ثم خرجت وضربت الباب خلفي وغادرت في كل خطوة أمسح دمعة

قبل أن تخرج من محجرها , لما وافقتِ وأنتي تعلمين أنك بهذا ستصبحين

لا تملكي إلا ذاك المنزل الذي لا يمكنك بيعه وأخذ واحد أصغر منه مادامت

تلك العائلة معك فيه ؟ كان يمكنك الرفض يا سراب فلما وافقتِ لماذا ؟

تراجعي أو توقفي عن البكاء عليه فهوا لا يستحق


*~~***~~*









استند بيديه على الطاولة حيث نجلس نتناول غدائنا ببذلة عمله وشاراتها

ونظره كان موجها لغدير ويحدثها قائلا " لا عذر لك بعد الآن "

كانت ستتحدث فسبقها قائلا بحزم " قلتِ لا تريدين لاختلاط ولن تدرسي

وقلت ستذهبين لتمتحني فقط وستكونين في حجرة لوحدك والمراقبين نساء

وسأجلب لك هنا من يدرسك فلا تتخلي عن دراستك يا غدير وأنا معك

وسأساندك ولن تري أي رجل اتفقنا "

نظرت لي من فورها فابتسمت وهززت رأسي مشجعة لكلامه فنظر لي

من فوره فماتت ابتسامتي وعضضت شفتي من الداخل وقال هوا

" ماذا تقولين لها من خلفي ؟ قفي معي في إقناعها "

قلت بإحراج " وهذا ما كنت أفعله للتو "

لف بجسده نحوي وقال " أرني كيف كنتِ تقنعينها ؟ "

لم أستطع إمساك ضحكتي وقالت غدير " حسنا موافقة من أجلك فقط "

نظر لها وقال وهوا يلبس قبعته " بل من أجل نفسك ومستقبلك يا

غدير فالقادم لا يعلمه إلا الله "

ثم قال مغادرا " سنتحدث فيما بعد في كل التفاصيل "

فوقفت ولحقت به مع وقوف غدير التي توجهت لجناحها فأدركتُ

خطواته السريعة الواسعة عند الباب منادية له " رِفعت "

فوقف والتفت لي فقلت ما أن وصلت عنده " لا تنسى ما وعدتني به "

خيم الحزن على ملامحه ولا أفهم لما أرى ذلك فيه كلما ذكرت أواس

وهذا ما يخيفني أكثر !! قال بنبرته الهادئة " سأعمل جهدي "

أمسكت يده وقلت برجاء ودمعة محبوسة " على الأقل أَطمئن عليه وأنه بخير "

أمسك وجهي بيديه وقبّل جبيني وقال " حاضر يا خديجة فقط لا تريني

دموعك التي سكبتها البارحة "

مسحت عيناي بقوة وابتسمت بحزن فقد بكيت ليلة البارحة في حضنه حتى

تعبت ونمت من بكائي وهوا يضن أن سببه أواس فقط وليس نصف السبب

فرحتي بأن وجدت الحضن الذي حلمت به كل حياتي والرجل الذي كنت أعتقد

أنه لا وجود له إلا في الخيال , وضع يده في جيبه وأخرج مفاتيحه قائلا

" أنا آسف يا خديجة لن أكون هنا قبل منتصف الليل فهذه ظروف

عملي وأعلم أني سأكون مقصرا معك دائما فتحمليني "

هززت رأسي بلا وقلت ونظري معلق بعينيه الرمادية الواسعة " أتفهّم وضعك

وأعذرك , أنا لست ابنة العشرين عاما يا رِفعت لتتذمر وتتشكى وتتدلل "

قال ضاحكا " وأنا كنت أضن أنك لستِ كذلك لكن الحقيقة المفجعة

كانت أنك ابنة العشرين فعلا "

نظرت للأسف وقلت بحياء " كن بخير هذا ما نريده فلا سند لي

ولابنتي بعدك إلا الله "

شعرت بيده على كتفي وبشفتيه قبلت خدي برقة فأغمضت عيناي بقوة

أحاول تنظيم تنفسي وضربات قلبي وصوته همس في أذني

" أين كان يخفيك ابن شقيقك عني "

فشعرت أني تحولت لكتلة من الإحراج والخجل فوجود رجل في حياتي أمر

نسيته من أعوام طويلة وأستغرب حقا سبب طلاقه لزوجته السابقة وهوا بهذه

الأخلاق والحنان والعقل الراجح ! ولما لم يتزوج بعدها وبلسانه قال لي

( لم أتخيل أن تشاركني هذا السرير امرأة أخرى )

فتحت عيناي ورفعت رأسي أراقب ظهره ومنكبيه العريضان وهوا يفتح الباب

ليخرج لتفاجئه وتفاجئني التي وجدها أمام الباب وقالت مبتسمة " لم أتصور أنني

مسحت على المصباح السحري , خرجتَ من دون حتى أن أطرق "

ضحك حينها وقال " ادخلي هيا يا مشاغبة وزارتنا البركة "

دخلت لتظهر التي كانت خلفها فنظرتُ لها بصدمة ووقع نظرها عليا وعيناها

امتلأت بالدموع فانطلقت نحوها من فوري ناسية حتى أن اسلم على ابنة

شقيقه وركضت هي جهتي وارتمت في حضني باكية وقالت بعبرة

" تركني ورحل عمتي لما فعل هذا بي ؟ "

مسحت على رأسها وقلت ببكاء " ليثني أملك الجواب يا دُرر فآخر ما

كنت أتخيله أن يتركك أنتي تحديدا "

قال حينها رِفعت بضيق " لا حول ولا قوة إلا بالله توقفا عن البكاء

أو سجنتكما "

قالت ترجمان ضاحكة " عمي لما لا تعترف أنك ضعيف أمام دموع

المرأة أو سأخبر زوجتك بكلامك معي في ذاك المنتجع "

قال بجدية " أجل لا أحب رؤية الدموع فيكفيكما "

أبعدتها عني وقلت ماسحة لدموعها " سيرجع يا دُرر إن كان حيا تأكدي

من ذلك فأواس يحبك ولن يتخلى عنك ورِفعت وعدني أن يبحث عنه "

التفتت له حينها وقالت برجاء باكي " قل أنه في مهمة , قل أنك أرسلته

لمكان ما وبسرية , قلها وإن كذبا سيدي أرجوك "

عبست ملامحه بحزن كبير ووضع يده على رأسها قائلا

" دُرر يا ابنتي وحّدي الله "

قالت بهمس " لا إله إلا الله "

أبعد يده وقال بهدوء حزين " ألا تثقين في زوجك ؟ "

قالت بعبرة " كل الثقة "

قال من فوره " توجهي بالدعاء له إذا أن يريحه الله بما

يحب ويرضى "

نظرتُ له بحيرة من كلماته والتفتت هي لي وقالت " ماذا قال لك

عمتي ؟ هل رأيته بعد عودته "

نظرت لها بحزن من حالها وملامحها وشحوب وجهها , كنت أريد أن أكذب

عليها أن أطمئنها لكن ذلك لن يجدي وعليها أن تدرك النصف الموجع من

الحقيقة قبل أن تنتهي تماما , أمسكت يدها وقلت ودمعتي عادت للسقوط

" قال انسي أنني موجود وأعدّيني مت وأنه سيكون بخير ولم أفهم شيئا "

قالت بصراخ باكي " كيف ننسى أنه موجود عمتي ؟؟ واثقة من أن جدي

وراء كل هذا لكن كيف أبعده عني كيف "

ضممتها لحظني وقلت ببكاء " ارحمي نفسك يا دُرر , لم أرد أن أكذب عليك

فكوني قوية من أجل نفسك ومن أجله مادمتِ واثقة منه ومن أن جدك السبب "

قالت بنحيب يقطع القلب " كيف أرحم نفسي عمتي أخبريني بالله عليك "

ضممتها لحظني أكثر أمسح دموعي وأتنقل بنظري بين رِفعت المطأطئ

برأسه للأسفل وترجمان التي تمسح دموعها وقلت بحزن " والده بحث

عنه كثيرا ولازال يبحث وعمك رِفعت وعد بذلك فتفاءلي يا دُرر "

سحبتها حينها ترجمان من حضني قائلة " علينا أن نرجع للمنزل ونرى

ما سنفعل ويكفيك بكاء فستمرضين وتشغلي شقيقك ووالدتك عليك "

ثم أخذتها معها وخرجت وصوت شهقاتها وعبراتها لازال يصلني والتفتَ

رِفعت ليغادر فأمسكت بذراعه وقلت " ما الذي تعرفه ونجهله يا رِفعت

تحدث حلفتك بالله "

قال مشيحا وجهه عني " لا شيء "

تمسكت به أكثر وقلت بإصرار " لماذا إذا لم تخبرها ولو كاذبا أنه في

مهمة , لما كل هذا الحزن في ملامحك "

نظر لي وقال بحزم " ولما أكذب عليها وأنتي لم تفعليها ؟ "

قلت ببكاء " قل لها شيئا تقطع به أملها إذا وارحمني وارحمها "

قال بضيق أقرب للغضب " بما سأخبرها ؟ بأنه أرسل ورقة طلاقها وهي

لا تعلم , أم بأنه أرسل طلب استقالته من الشرطة في اليوم الذي وصلت

فيه ورقة ترقيته من الوزارة "

وضعت يدي على فمي أنظر له بصدمة فتابع بذات ضيقه " أخبريها أنتي

إن طاوعك قلبك لتقتليها قبل أن تقتلي الأمل بداخلها "

ضربت رأسي بكفاي بقوة من صدمتي وقلت صارخة بعبرة

" ما معنى هذا !! ماذا ؟ يا ويل قلبي عليك يا أواس "

فشدني حينها لحضنه بقوة وقال " توقفي عن اللطم وادعي له

فلن يفيد هذا في شيء "

سمعت حينها ركضا من خلفي وصوت غدير قائلة

" ماذا بكم ؟ ما كل هذا الصراخ ؟ من مات "

ابتعدت عنه حينها وقال هوا مغادرا " لم يمت أحد خذي

والدتك للداخل لترتاح "

وخرج وأغلق الباب خلفه فحضنتني غدير قائلة " ما بك يا أمي ؟ ما

أن خرجت من الحمام سمعت أصوات البكاء وضننت أن أحدهم مات "

قلت بنحيب " مات يا غدير , لن يكون إلا ميتا فليثه يرحمني ويقولها لي "





*~~***~~*








وضعتني على السرير نتبادل الأنفاس المتلاحقة وقالت

" ألحظ آلامك ازدادت منها هذه المدة "

ثم عدّلت ساقاي وغطتهم لي فقلت " ليثها تموت كشقيقتها وترحمني "

قالت بحزن " وما ستستفيد "

قلت ناظرا لهاتفي الذي أضاءت شاشته بسم آسر " أنا خاسر في كلا

الحالتين فعلى الأقل أرتاح من آلامها "

رفعت هاتفي وأجبت عليه وقال من فوره " سيصل المحامي بعد

ساعتين فكن مع سراب لتوقع له بعض الأوراق "

قلت بهدوء " هل توصلتما لاتفاق "

قال بجدية " سأبيع لها حصتي من المنزل "

تنهدت وقلت " إذا تقابلتما أنت وهي ؟ فما قلت لها أبكاها هكذا

فقد دخلت علينا وصعدت للأعلى بعبراتها "

قال بشيء من الحزن " ليس وقته يا عمي , مشاكلي لها حل فيما بعد "

قلت ببعض الضيق " الفتاة تحبك يا آسر , كم مرة سنقول ونعيد

هذا فارحمها "

قال من فوره " وأنا أحبها ولا يمكنني العيش بدونها لكن لكل

شيء أوانه يا عمي "

تأففت وقلت " لو أفهم كيف تفكر يا آسر وأنا أراك تضيعها من يدك

كل يوم وليثك تحاول فقط فهمها "

قال بهدوء " فهمتها يا عمي أقسم أني بث أفهمها وما أريده أن تفهمني هي "

تنهدت باستسلام وقلت " حياتك ولك فيها الحرية , أنا فقط لا

أريدك أن تخسرها "

قال بصوت مبتسم " لن أخسرها ولن أتركها لغيري ولا أريد

غيرها فكن مطمئنا "

أشرت لسعاد لتخرج وقلت ونظري يتبعها مغادرة

" وماذا بشأن المنزل الجديد لنا "






*~~***~~*







أركبتها في الخلف وركبت بجانبه وانطلقنا مغادرين منزل عائلتي

فوقفت بين كرسيينا وقالت بصوتها الطفولي " سنشثري الشكلاتة

البيضة أليث كذلك "

ضحك بسام وقال " حالا ... وكم ندى عندي "

نظرت له وقلت " بسام هذا ليس وقته توقف عن تلبية كل طلباتها "

قالت حينها ندى بحزن " حثنا بيضة واحدة فقط "

ضحك بسام وقلت أنا بضيق " وأنتي توقفي عن الطلبات التي لا

تنتهي أو عدنا لمنزل جدتك ولن نرى بسام أبدا "

قالت من فورها صارخة " لاآآآآ "

قال بسام بضحكة " أجل هذه هي ابنتي التي لا تريد تركي "

قالت حينها من فورها " أنت اذهب لتيه ونحن نبقى في غرفثي الحلوة "

ضحكت أنا حينها وقال هوا ببرود " باعتني سريعا "

ثم أمسك يدي وقبلها وقال ناظرا للطريق " عشائنا الليلة في منزل عائلتي

كما اتفقنا وإن بذر من أحدهم شيء فتحمليه من أجلي يا رغد "

شددت على يده بقوة وقلت ناظرة لملامحه " لا تقلق يا بسام

فليس من أجلك فقط سأتحمل بل ومن أجل عمي "

خطف نظرة لي وقال بصوت مبتسم " من أجله فقط "

أبعدت نظري عنه وقلت بحياء " قلت من أجلك وأجله "

صرخت حينها ندى قائلة " هذا هوا هناث "

فقال بسام " والدتك غير موافقة إذا سننسى الفكرة "

قالت حينها برجاء " مامااااا "

قلت بحزم " قلت لا يعني لا ولا أريد أن أسمعك تطلبين

شيئا لم يحضره بنفسه "

قال حينها ضاحكا وقد عاد لإمساك يدي " كي لا نصير في

مشكلة حين يأتوا أخوتك ويكثروا "

سحبت يدي منه وقلت مبتسمة " بحالك هذا لن ننجب أبدا

لأنك ستفسد أطباعهم "







*~~***~~*








دخلت الغرفة مسندة دُرر لأفاجئ بسراب منكمشة عند الزاوية حاضنة

نفسها وتبكي فأوصلت دُرر لسريرها فدخلته وغطت نفسها باللحاف

تبكي تحته فوضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق ناظرة لسراب

" وما يبكيك أنتي أيضا ؟؟ "

ولا جواب طبعا فنظرت لكل واحدة منهما وصوت نشيجهما الباكي الذي

يحاولان إخفائه يصلني بوضوح ليزيدا من شعوري بالعجز عن رده عنهما

فقلت بحرقة " سحقا للرجل ولليوم الذي عرفنا فيه أولئك الحمقى "

ثم ضربتُ الأرض بقدمي وقلت بضيق " ولكما أنتما الاثنتين أيضا

فيكفي بكاءً عليهما , أقسم أنهما لا يستحقان "

كنت أعلم أن ما أقوله لن يجدي ولن يسكتهما لكنه التعبير الوحيد الذي

استطعت به إخراج حرقتي عليهما فليثهم ينظرون لما أوصلونا , لما لا

قلوب ولا رحمة لديهم ؟ عشنا البؤس طوال حياتنا من طفولتنا وبكل أشكاله

لكني لم أراهما منهارتان وضعيفتان هكذا , لا سراب أم عشر ألسن ولا دُرر

المؤمنة القوية المحتسبة الصبورة , فلم نعرف القهر والدموع إلا بعدما

عرفناهم فقد أبدعوا في هذا , قلت بقهر " توقفا عن البكاء , هذا

لا يجدي في شيء توقفا الآن "

ثم توجهت لسرير دُرر وجلست على طرفه وقلت محاولة سحب

اللحاف منها " دُرر يكفي أرجوك فلن تجني من هذا شيئا سوا المرض "

ولا فائدة طبعا فحملت هاتفي بغيظ وخرجت من عندهما بخطوات غاضبة ولو

الأمر بيدي لأحرقت كل شيء , دخلت أقرب غرفة أمامي وضربت بابها خلفي

ووقفت مستندة عليه وبدون أدنى تراجع ولا تفكير اتصلت بصديقهم الثالث

فأجاب سريعا فقلت بغضب من قبل أن يتحدث " أنت أخبرني صديقاك

الأحمقان أولئك مما مخلوقان ؟ ألا رحمة لديكم ألا شفقة "

قال مستغربا " وما علاقتي أنا بهما ؟ "

قلت بحدة " لا تختلف عنهما ومؤكد متآمرون علينا , سحقا

لكم من رجال سحقا "

ثم تابعت بقهر وحرقة " هل هذا ما تريدونه ؟ تدميرنا ورؤيتنا ننهار

إذاً هنيئا لكم يا رجال الشرطة "

قال بهدوء " ترجمان لا تلقي باللوم علي , ما ذنبي أنا ؟ "

قلت بضيق " وتسأل ما ذنبك ؟ أنت لا تقل عنهما في شيء

حمقى ومجرمين وبلا قلوب "

تنهد وقال " حسنا وما بيدي الآن ؟ "

قلت بقهر " تجلب ذاك المختفي حالا وتذهب للآخر وتسأله ما الذي قاله

لسراب أبكاها هكذا وأن يصلح أخطائه , لن أحتمل رؤية شقتاي تبكيان

أكثر من هذا أو لا يلمني أحد على ما قد أفعل لاحقا "

قال بضيق " ترجمان بالله عليك من أين أجلبه وما ذنبي في اختفائه

وآسر لم يسألني عما يفعل ولا يأخذ رأيي "

قلت بحرقة " كاذب , أنتم أصدقاء ومتفقون "

قال بصوت هادئ " لا علم لي بشيء من ذلك أقسم لك حبيبتي

ولا ذنب لي "

قلت بحدة " لست حبيبتك "

تنهد وقال " حاضر لست حبيبتي وأخبريني ما في يدي أفعله "

قلت من فوري " اجلب زوج دُرر من تحت الأرض وتفاهم مع الآخر "

قال بقلة حيلة " آسر وممكنة وأحاول جهدي , أواس من أين سأجلبه "

قلت أكتم عبرتي " تصرف لا دخل لي , أعده وسأذهب معك لمنزلك

وسأحاول حتى مسامحتك شرط أن تجده "

قال من فوره وبصدمة " ترجمان لا تربطي أمورنا بالغير ولا

تعقديها فوق ما هي معقدة "

قلت وقد خرجت عبرتي رغما عني ولحقتها دمعتي " لا قلب

لك مثلهما تماما , وأنا الحمقاء التي فكرت أنك ستساعدهما "

ثم أغلقت الخط في وجهه قبل أن يتحدث ولا أن يبرر لنفسه أكثر ولست

أعلم أي غباء جعلني أتصل به وأتأمل فيه ؟ لكني مقهورة أقسم أني

أموت قهرا عليهما ولا شيء بيدي ولا حيلة لدي







*~~***~~*







بما أني كنت في سيارتي وقريبا من المنطقة التي فيها المنزل توجهت هناك

من فوري فأنا أعرف ترجمان جيدا لو كانت أي امرأة أخرى لقلت أنها تهول

الأمور وتبكي بلا أسباب منطقية لكن أن أسمع صوت عبرتها فهذا يعني أن أمورا

كثيرة حدثت خاصة أني علمت من آسر قبل قليل في المركز أن زوجته وزوجة

أواس زارتاه , سبق وقررت أن لا أزورها هنا الآن لكن ما كان قلبي ليطاوعني أن

لا آتي بعدما سمعت بكائها , وصلت المنزل الذي كانت بوابته الخارجية مفتوحة

ودخلت بسيارة الشرطة التي كنت أقودها فيبدوا أنهن وصلن للتو ولم يغلقوها , أوقفت

السيارة بالمقربة من باب المنزل لكن ليس أمامه ونزلت منها ولم أعرف كيف سأصل

لها خاصة أن باب المنزل مفتوح , اقتربت من الباب وفي نيتي أن أنادي ليخرج لي

أحدهم ففوجئت بطفلة صغيرة راكضة تضحك ووقفت ما أن رأتني , كانت بفستان

طويل وخدان ممتلئان متوردان وشعر بني قصير , نظرت لي بصدمة ثم شهقت

بقوة وقفزت في مكانها وقالت صارخة " وسييييم "

نظرت لها باستغراب فهل أشبه شخصا تعرفه أسمه وسيم ! اقتربت

مني وقفزت قائلة " رائع ما أجمله "

نظرت لها بصدمة ثم انفجرت ضاحكا وعندما توقفت عن الضحك كانت

تنظر لي مبتسمة دون أن ترمش وقالت " أنا اسمي إسراء , ما أسمك أنت ؟ "

قلت مبتسما " كيف حالك يا إسراء "

قفزت مكانها ثم قالت بسعادة " بخير , أنت أجمل من ذاك الذي جاء

هنا , أنت لا أحد أجمل منك "

ضحكت هازا رأسي وقلت " نادي لي ترجمان يا جميلة بسرعة "

مدت شفتيها بعبوس فقلت ضاحكا " يبدوا تكرهين صعود السلالم "

قالت بذات عبوسها " هل أنت شقيقها ؟ "

قلت مبتسما " لا أنا زوجها "

قالت باستغراب " ما يعني زوجها ؟ هل مثل أبي وأمي "

هززت رأسي بنعم فشهقت بقوة وقالت " وتعيشان معا وتنام معها

في ذات الغرفة مثلهما ؟ "

قلت بضحكة " أجل "

قالت من فورها " تلك شريرة أتركها وتزوجني أنا "

لم أسطع إمساك ضحكتي لحظة خروج ترجمان ووقفت مكانها ونظرت

لي باستغراب ثم للطفلة أمامها حيث لم تكن منتبهة لها وتابعت تحرك

يديها كمخالب " شريرة هكذا لا تليق بك "

فوضعت ترجمان يداها وسط جسدها تنظر لها بضيق فقلت ونظري

لم يفارقها " أحبها ما أفعل مع قلبي "

رفعت حينها نظرها بي مصدومة ثم عضت شفتها بتهديد فقلت ضاحكا

" وقلبي ضعيف مع هذه الحركات فرفقا بي "

فنظرت الصغيرة للخلف من فورها ثم صرخت بذعر وفرت مبتعدة ناحية

الأشجار وقالت صارخة من هناك " هيا اسجنها وتزوجني أنا "

ضحكتُ من فوري ونظرتْ هي لها بضيق وكانت ستقول شيئا لولا خرجت

زوجة آسر وقالت باكية " ترجمان تعالي بسرعة دُرر متعبة وتنزف "

استدارت من فورها فتوجهت نحوها سريعا وأمسكت يدها وقلت

" اتركوا لي طريقا لأنزلها ونأخذها للمستشفى "

سحبت يدها مني وقالت بضيق " في منامك يا وقح "

ثم دخلت راكضة وعيناي تراقبانها مبتسما فيبدوا أنها لم تفكر في

معنى رفضها هذا ! تلك الغيورة التي لا تريد أن تعترف بذلك





نهاية الفصل .... موعدنا مساء الثلاثاء إن شاء الله


فيتامين سي 22-03-16 09:00 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن واﻷربعون)
 


الفصل التاسع والأربعون


المدخل : بقلم آيفا رمضان

ﻻ تترجمي الحب لي يا ترجمان فأن كنتي أنسة في مدرسة الحب فدعيني أن اقول لكي أنني مدرسة كلها
ﻻ للحب مدرسة وأعذروني وخذ منهاج الحب مني فسرب الحب ﻻ تخطئ في أسره و دعوني أنا أن اعلمكم
ماهو الحب فلحب حرفان ح "حيرة عند لقاء "وب "بكاء عند الفراق" ولكن لي أوس الحب مدرسة درة
والحب حرفان ح "حياة عند لقائي "وب"بكاء عند موتي "

سلمت يداك


دخلت خلفها راكضة وصعدنا للأعلى ودخلنا الغرفة فتوجهتْ سراب من

فورها للحمام فلحقت بها فكانت دُرر تجلس على طرف الحوض ممسكة

معدتها بقوة وتتألم فتوجهت نحوها وقلت " ساعديني يا سراب لننزلها وإن

عجزنا ننادي ذاك الأحمق ليحملها "

أمسكت دُرر بيدي وقالت من فورها " لا .. أنزلاني أنتما لا أريد أحدا يحملني "

قلت ونحن نوقفها برفق " يا غبية أنتي متعبة حتى الله يتجاوز عن هذا "

أخرجناها ونزلنا بها السلالم كل عتبة تئن فيها بوجع وتصر أكثر أن لا يأتي

ليحملها , ليت شقيقها كان هنا لخلصنا من هذه المشكلة , نزلنا ووجدنا

محامي سراب واقفا بحقيبته وقال ما أن رآها " سيدتي جئت من أجل الـ ... "

قاطعته قائلة ونحن ننزل آخر عتبة " ليس وقته عد في وقت

لاحق أو سأتصل بك "

قال من فوره " لكن الـ.... "

قاطعته مجددا بضيق " ألا تراها أمامك ؟ لا يمكنني توقيع شيء

الآن ويمكن تأجيل كل ذلك "

أبعدتُ يدها عنها وقلت " ها قد وصلنا اذهبي له ونحن سنأخذها للمستشفى "

كانت ستقول شيئا فسبقتها دُرر قائلة بصوت ضعيف وهي تسند يدها الأخرى

بباب المنزل " لا تتركيه ينتظر يا سراب ولا تقلقي سأكون بخير "

خرجنا حينها وكانت سيارة إياس أمام الباب وفتح لنا بابها الخلفي وكانت تلك

الطفلة واقفة معه وما أن رأتني حتى فرت هاربة تلك المنحرفة الصغيرة , وهذا

الأحمق سيأخذنا بسيارة الشرطة هل ينقصنا فضائح , رميت له حقيبتي فأمسكها

من فوره مستغربا فقلت وأنا أنزل بها عتبات الباب " أخرج مفتاح سيارة

سراب منها , هل تريد أخذنا بسيارة الشرطة "

قال من فوره " وها أنا بزي الشرطة "


قلت بضيق " تحرك يا إياس فأن تكون بزيك وفي سيارة

عادية أهون ألف مرة "

فتح الحقيبة متوجها لها وتبعته أسندها وهي تحاول كتم أنينها بكل جهدها كي

لا يخرج أمامه , فتح لنا الباب فأركبتها وركبت بجانبها وركب هوا في الأمام

ورمى حقيبتي في المقعد بجانبه وقال ونحن نخرج من هناك " لأول مرة

أرى حقيبة امرأة لا تعج بأدوات الزينة "

قلت ببرود ماسحة على رأس دُرر " لأني لا أحتاجها , وقد بسرعة

لا وقت للحديث عن حقيبتي "

قال ناظرا لي في المرآة ومبتسما " أريد أن أعرف ماذا يفعل مشرط

العمليات في حقيبتك "

تأففت ولم أتحدث فقالت دُرر هامسة بتألم " سأموت يا ترجمان لم يعد

بإمكاني التحمل والنزيف عاد مجددا "

ضممتها بقوة وقلت بعبرة مكتومة " ستكونين بخير توقفي عن

قول هذا يا شقيقتي "

صرخت بعدها فيه " أسرع يا إياس إن حدث لها شيء أقسم أن

أشرّحك بذاك المشرط "

قال بضيق " أنا أسير بأسرع ما لدي فتوقفي عن توتيري أكثر يا ترجمان "

ارتخت حينها يد دُرر المتشبثة بي حتى سقطت في حجرها فضممتها

بقوة وقلت ببكاء " دُرر لا تموتي شقيقتي أرجوك "

ثم صرخت فيه مجددا باكية " لقد أغمي عليها قد تكون ماتت أسرع

يا إياس حلفتك بأغلى ما لديك "

قال من فوره " لو تركتنا جئنا بسيارة الشرطة لاجتزنا الازدحام

بسهولة فجربي نتائج أفكارك "

وصلنا بعدها للمستشفى وأخيرا ونزل إياس راكضا وأحضر ممرضتان

وسريرا يجرانه معهما ووضعوها عليه وأدخلوها نتبعهم حتى دخلوا بها

إحدى الغرف فشددت كم سترته وقلت " أخبرهم يحضروا طبيبة أقسم

إن استفاقت ووجدت طبيبا معها أن تجن "

قال بضيق " ليس الوقت مناسبا لنتشرط عليهم يا ترجمان

وتري حالتها بنفسك "

تأففت وقلت " لأني أعرف دُرر جيدا فأخبرهم يستدعوا ذاك الطبيب

الذي اسمه خالد عمران هوا يعرف زوجها ويجلب لها طبيبة جيدة دائما "

تحرك حينها مغادرا وما هي إلا لحظات وتوجهت نحو الغرفة طبيبة

راكضة يتبعانها ممرضتان ودخلوا لها وما أن وصل إياس عندي حتى

خرجت إحداهن قائلة " نريد دما وزمرتها نادرة يجب أن تحظروا

بديلا للتي سنعطيها لها حالا "

قلت من فوري " أعطوها وسنحضره أعدك "

هزت رأسها برفض وقالت " القوانين لا تسمح لي "

قال إياس حينها " هل تقصدين زمرة الدم بي سالبة "

هزت رأسها بنعم فقال " هي ذات زمرة دمي "

قال متحركة جانبا " ألحق بي إذا "

فتبعها من فوره وبقيت واقفة هناك وحدي , لم أتخيل أن تكون نزفت هكذا

حتى تحتاج للدم !! أو أنه دمها أساسا قليل من شحوبها وقلة أكلها وبكائها

المستمر , لا سامح الله ذاك المغفل الذي تركها وذهب , كان على الأقل

فعل شيئا جعلها تكرهه به ولا تفكر فيه بدلا من أن ترك لها تلك الرسالة

الموجعة ومحلات ومال ليؤكد لها أكثر أنه تركها رغما عنه , مر الوقت

لا شيء سوا خروج ودخول الممرضات لغرفتها وإياس لم يرجع منذ

ذهب ويبدوا غادر المستشفى لعمله وتركني هنا وحدي ذاك الأحمق ولم

يكلف نفسه ولا عناء إخباري أنه سيذهب وأن أتصل به إن احتجنا شيئا

غادرت الممر بحثا عن مكان آخذ منه ماء , أشعر بحلقي سيتكسر من

العطش , ما أن وصلت جهة قسم الاستقبال حتى فوجئت بإياس يقف هناك

عند النافذة الزجاجية في الزاوية حيث تُسلم نتائج التحاليل ولا أتبين من في

الداخل سوا اليدين المستندتان على الطاولة وكانتا لامرأة بأصابع بيضاء رقيقة

وهوا واقف مسندا جبينه بذراعه ووجهه في الفتحة تماما ويضحك , صررت

على أسناني بقوة من الغيظ فهذه صفة جديدة فيه أصبح زير نساء !! ومؤكد

قضى كل ذلك الوقت هنا يتحدث ويضحك مع الممرضات , تحركت بخطوات

غاضبة حتى اقتربت منه وسمعته يقول لها " توقفي عن المزاح الثقيل

ولا تجعليني أندم أني ساعدتك "

قالت شيئا لم أسمعه لانخفاض صوتها ورقته ولم أركز فيه أساسا

وقال هوا ضاحكا " يكفي الوقت الذي ضيعتيه عليا من أجلك "

شعرت بالأبخرة تخرج من رأسي فوكزته بأصابعي على كتفه

فنظر لي فورا وقال " ماذا حدث معها ؟ هل خرجت الطبيبة ؟ "

قلت ببرود " ومهتم كثيرا لأمرها ؟ "

ابتعد حينها عن النافذة وقال محدثا التي في الداخل

" سأكون هنا فإن احتجتِ شيئا أخبريني "

ثم تحرك وبقيت أنا واقفة مكاني فوقف والتفت لي وقال

" هيا ما بك واقفة ؟ "

أشرت بإصبعي للنافذة وقلت " من تلك ؟؟ "

ابتسم وقال من فوره " فتاة طبعا "

كتفت يداي لصدري وقلت " غادر حالا .. أنا من سيهتم بكل

شيء وحدي "

قال بابتسامة ماكرة " لن أغادر ولن أعتبرها غيرة "

تركته وتوجهت للنافذة ووقفت أمامها ونظرت للجالسة خلفها

بصدمة وقلت " سدين !! "

رفعت رأسها لي وقالت مبتسمة " مرحبا ترجمان , كنت سأنهي

عملي هنا وأمر بكم لأرى صديقتك وأطمئن عليها "

تركتها حينها وغادرت عائدة من حيث أتيت مجتازة لإياس دون حتى

أن أنظر له فلحق بي حتى وصلنا ممر الغرفة وجلست على الكرسي

المجاور لها فجلس بجانبي وقال " لن أقول لك فلنتحدث عنا لأنك بالتأكيد

سترفضين فلنتحدث عن سدين وغضبك ألا مبرر منها ووالدتي أيضا "

قلت بسخرية " ولن أرضى عنهم أبدا ومعي حق "

قال بهدوء " لا دخل لأحد بذلك يا ترجمان فأنا من فرضته على الجميع "

نظرت جانبا وقلت ساخرة " نعم وزد من سلبياتك عندي "

تنهد وقال " سدين أكثر من كانت معترضة وما لا تعلميه أنها صرخت

بي وعنفتني أكثر من مرة من أجلك ولأول مرة تفعلها في حياتها

وبكت من أجلك كثيرا "

كتفت يداي لصدري وبقيت على نظري لجانب الممر ولم أتحدث

فتابع قائلا " سدين تمر بظروف تحتاجك بجانبها فهل ستتخلي عنها "

نظرت له وقلت بهمس " ماذا حدث ؟ "

نظر لمفتاح السيارة في يده وقال " وصلت ورقة طلاقها يوم

زفاف رغد "

نظرت له بصدمة وقلت " طلقها !! كنت أعلم أنه أحمق ومغفل

ما بكم رجال الشرطة جميعكم بلا قلوب "

قبض على المفتاح بقوة ونظر لي وقال بضيق " لما يجب

أن تشمليني في جميع المصائب "

قلت بحنق " لأنكم كذلك وما رأيت منكم العكس "

قال بحنق " هي من طلبت الطلاق وهوا لم يكن راضيا "

قلت من فوري " والسبب ؟ "

نظر لي بصمت فقلت بجدية " سدين لن تطلب الطلاق دون

سبب منطقي أليس كذلك "

عاد بنظره ليده وقال " لقد تحصلتْ على فرصة عمل في مركز مشهور

وطلبوا شهادة كفاءة من مستشفى وهي تعمل هنا من يومين "

بقيت أنظر له بصمت وتابع هوا بهدوء حزين ويده لازالت تقبض على

المفتاح بقوة " عجزت مجددا عن إنقاذ زواج إحدى شقيقاتي , وقررت

مجددا قرارا فاشلا عاد على إحداهن بالضرر "

نظرت له باستغراب فهذه أول مرة يفكر فيها إياس في إقحامي في شيء يخص

حياته وشقيقاته ! لأول مرة يشتكي لي عن شيء يؤرقه ! بل لأول مرة يعترف

بعجزه أمامي ! قال بهدوء عندما طال صمتي " حين توفي والدي كنت في السابعة

عشرة ورغد عمرها عشر سنين فقط , سدين وسلسبيل كانتا في الخامسة ... ثلاث

أرواح صغيرة تحتاج من يرعاها معنويا قبل الرعاية المادية , وأُم مكسورة فقدت

زوجها في ريعان شبابها , ومنذ ذاك الحين وأنا أحاول سد مكانه بكل ما كان لي

من جهد وطاقة ولم أتخيل يوما أن يكون نتيجة كل تلك السنوات فشل دريع كهذا "

نظرت له بضياع يشبه ضياع كلماته وقلت بهمس " ولما تعده فشلا ؟ "

نظر لي وقال " ألستِ تريني أنتي فاشلا أحمقا وبلا قلب "

أبعدت نظري عن عينيه وقلت ببرود " ما بيني وبينك شيء وما

بينك وبين شقيقاتك شيء آخر "

وقف حينها وقال " عليا الذهاب لأخذ استئذان وأغير بذلة

الشرطة التي أصبحنا فرجة بسببها وسأعود "

ثم غادر ونظري يتبعه وتمتمت بحنق " وسنبقى فرجة طبعا فضع بودرة

تسمر وجهك واحلق هذه اللحية البنية أيضا كي تبعد الأنظار عنا "

انفتح الباب في الجانب الآخر لي فوقفت من فوري والتفت للخارجة منه

وقلت " كيف أصبحت الآن ؟ "

قالت مبتسمة " حمدا لله لم تفقد الجنين وتمكنا من إيقاف النزيف "

نظرت لها بصدمة وقلت " حامل !! "

هزت رأسها بنعم وقال مستغربة " في شهرها الثالث كيف لا علم لكم ؟ "

هززت رأسي بحيرة مما سمعت وقالت هي " سأكتب لها علاجا وعليكم

الحرص على طعامها وصحتها ونفسيتها أيضا فتبدوا محطمة من جميع

النواحي ولا تراعي وضعها وصحتها , أبقوها هنا يومين تكون تحت

الملاحظة ... وحمدا لله على سلامتها "

ثم غادرت ونظري يتبعها ولازلت لم أستوعب بعد ما قالته فهل كانت دُرر

تعلم ولم تخبر أحدا !! لكن لما ؟ خرجتْ الممرضتان من عندها فدخلت لها

فكانت تنظر للسقف بحزن وشرود وتنفسها يخرج متعبا وقد ازدادت شحوبا

على شحوبها فاقتربت منها وجلست على الكرسي بجانب سريرها وأمسكت

يدها وقلت " أفزعتنا عليك يا حمقاء وكله من دلال حبيب خالته "

نظرت لي وقالت بعبرة ودمعتها ملئت عينيها " تركه لي يا ترجمان , كم

طلبت منه ابنا وإن كان سيموت ورفض وها قد تركه بعده "

شددت على يدها بقوة وقلت " تلك مشيئة الله لا أحد يفرض رأيه فوقها

وسيرجع ونجده وتربيانه معا فتفاءلي "

هزت رأسها بلا ودموعها تنزل من جانبي عينيها وقالت بعبرة

" بث أفقد الأمل يا ترجمان وليتني اقتنع فقط أني لن أراه مجددا "

وقفت وجلست بجوارها على طرف السرير ومسحت دموعها قائلة

" توقفي عن إجهاد نفسك يا دُرر , الطبيبة قالت أن هذا يؤثر على

الجنين ووضعه غير مستقر ففكري فيه على الأقل "

رفعت يدها تمسح دمعتها بطرف أصابعها المرتجفة فقلت بابتسامة حزينة


" كيف تخفيه عنا هكذا يا أنانية ؟ ولا تقولي أنك لم تكوني تعلمين

فهذه ثلاث شهور ليست أسبوعين "

قالت ببحة وصوت ضعيف " لم أكن أعلم أقسم لك فدورتي لازالت

منتظمة , أيامها فقط قلت كثيرا "

ضممت جسدها برفق وقلت بسعادة " سيصبح لدينا طفلا صغيرا

يبكي طوال الوقت أليس هذا جميلا "

قالت بحزن " وأتمنى أن لا تكون فتاة جديدة في حياة قصي

فلا ينقصه مسئوليات "

ابتعدت عنها ومسحت على شعرها أراقب ملامحها المتعبة الحزينة

التي لا تظهر عليها أبدا فرحتها بحملها الأول , مسكينة يا دُرر يبدوا

أن اليأس من زوجك بدأ يتسلل لك شيئا فشيئا ومقتنعة بأنه لن يعود








*~~***~~*







مر الوقت وأنا جالسة مكاني أنظر للورقة في يدي , ورقة ملكيتي للمنزل

بعدما خرج المحامي ووثقها سريعا وعاد , هل فعلا أصبحتُ لا أملك شيء

إلا هذا المنزل ؟؟ كل شيء ضاع وطار في وقت قياسي ! لماذا لم يبع ما لديه

بدلا من أن يأخذ ما لدي أنا أو يعطيني ما عنده مقابلا للمنزل ؟ هل خدعني هل

ضحك علي ؟ لا مستحيل ذاك ليس طبعه , لكنه فعلها وأحرق كل شيء وقتل

الأبقار والمواشي ومؤكد هذا كان مخططه ولا أستبعد أن يسلب مني المنزل

أيضا في غمضة عين , رفعت نظري للخيال الذي وقف أمامي وكانت داليا

وقالت مبتسمة " والدي يريدك في غرفته "

نظرت لها باستغراب فهذه أول مرة يطلبني فيها هناك فما السر يا ترى ؟؟

أمسكتْ بعدها بيدي ووضعت فيها شيئا وقالت " لا يمكنني ارتدائه فلديك

سيكون أفضل , لا أستطيع إغضاب أخي آسر وهوا من منع عنا

ارتداء الذهب والخروج به "

نظرتُ للسوار الذهبي في يدي على صوتها قائلة " هل أنتي غاضبة مني ؟ "

رفعت نظري لها وهززت رأسي بلا بابتسامة حزينة فقالت بذات ابتسامتها

البريئة الجميلة " إنه جميل , ولو أنه لم يمنعنا لما كنت أعدته لك

لكن ظلم أن أحتفظ به ولا ألبسه "

ثم وضعت في يدي خاتم الزواج أيضا وقالت " صفاء مثلي كانت

خجلة من رده لك لكنك بمعزة أخي آسر لدينا ومؤكد لن تغضبي منا "

قلت بابتسامة " ومن يستطيع أن يغضب منكم "

قبّلت حينها خدي سريعا وقالت مغادرة " شكرا لك يا سراب "

عدت بنظري لكفي والسوار والخاتم فيه ثم وقفت قابضة عليهما فيبدوا أنه

عليهما أن يرجعا لصاحبهما الأساسي , توجهت جهة غرفة العم صابر وأشعر

بقلبي يتمزق من فكرة أن أرجعهما له وتلبسهما واحدة غيري يتزوجها , قد أنكر

أي شيء لكن إن تزوج أقسم أن أفقد عقلي حينها وهذا ما على قلبي الغبي هذا

الاقتناع به وأن ييأس من ذاك عديم المشاعر , تنفست بقوة ومددت يدي للباب

الشبه مفتوح وطرقت عليه ودفعته فقابلني جالسا على السرير وكان وحده في

الغرفة فنظرتُ للأرض وقلت بحياء " سأذهب لأنادي عمتي سعاد , آسفة

لم أكن أعـ.... "

قاطعني قائلا " ادخلي واتركي الباب مفتوحا يا سراب فأنتي في حسبة ابنتي "

دخلت حينها بخطوات بطيئة مترددة , فكبيرة في حق نفسي أن أدخل غرفته وإن

كان في عمر والدي وأحسبه والدي بالفعل مما رأيت منه , جلست على الكرسي

الذي أشار لي لأجلس عليه وقال ما أن جلست " أخبرني آسر عن

طلبك ببقائنا في المنزل وعن بيعه حصتك له "

رفعت رأسي له سريعا وقلت " حلفتك بالله عمـ... "

فقال من فوره " لا تقسمي يا سراب "

فبلعت الحروف وملأت دموعي عيناي قائلة بعبرة مكتومة

" هذا منزلكم مثلي وأكثر فلا تقل أنك رفضت "

هز رأسه بنعم فقلت بضيق ماسحة الدمعة التي نزلت على خدي

" هوا من أخبرك لترفض أليس كذلك "

هز رأسه بلا وقال " بل أنا من لم أرضاها "

كنت سأتحدث وأعترض فسبقني قائلا " أنتي في حسبة ابنتي يا سراب

ومنزلك أعده منزلي لكني لا أرضاها له وهوا ابني وفعل من أجلنا

مالا يفعله ولا حتى الابن "

قلت من فوري " لكنه من أراد هذا ووافق عليه "

قال بهدوء " وأنا لا أرضاها لنفسي وأعتقد أنك لن ترضيها

لي ولن تشعريني بعجزي يا سراب "

قلت نافية " أبدا لم يكن هذا ما أعني مما فعلت واشترطت عليه , أنا

لا أريد أن تخرج الطفلات من هذا المنزل , لا أريد لأحلامهن

أن تنهار , وأنا لست بحاجته كله "

قال بذات هدوئه " عليهن أن يقتنعن بواقعهن فلا يوجد حال يدوم كما عليه

فمثلما تغير حالهم من أشهر وخرجوا من ذاك الفقر عليهم أن يقتنعوا

بذهاب هذا أيضا , ثم المنزل الذي سيشتريه سيكون أفضل من ذاك

بكثير وأكبر وشبه جديد "

فتحت فمي لأتحدث ثم سرعان ما أغلقته حين عجز لساني عن قول

أي شيء وقال هوا " أفهم موقفك يا ابنتي فافهمي موقفي أيضا فحتى

إن رجعتِ لآسر وعاش معك هنا فلا مكان لنا فيه وهوا ملك لك "

قلت من فوري " لكنك تقبله منه فلما أنا لا ؟ "

قال بابتسامة صغيرة " هوا رجل يا سراب وهذه كبيرة في

حقه , أقسم أني لن أرضاها له يا ابنتي "

قلت باستنكار " لكنه رضيــ... "

قاطعني قائلا " آسر ابني وأنا معه فيما يقرر ويقول ولازلت حتى الآن لا

أتدخل في شيء بينكما ولم أفتح معك موضوعه أبدا لأني أحترم رجولته
وأريد أن يفعل هوا ذلك وأن تفهميه أنتي بنفسك فأنا أكثر من يعلم

كيف يفكر آسر "

وقفت حينها وخرجت من الغرفة راكضة ولم أفكر في آخر كلامه ولم أحاول

تفسيره فقد كنت مصدومة ... مصدومة من كل هذا , لما أخسر حتى هذه العائلة

الطيبة التي أصبح وجودها في يومي شيء لا غنى لي عنه ؟ وصوت ضحكات

طفلاتهم في الحديقة وحده ما يحسن مزاج يومي , ماذا إن عادت ترجمان لزوجها

أو ذهبت لعمها ؟ وماذا إن ذهبت دُرر لأهلها أو عاد زوجها ؟ كيف يريدون مني

العيش في هذا المنزل الضخم الواسع وحدي ؟ لا أحد يتحدث معي ولا أحد يرد

كلماتي إلا صدى جدرانه الخالية الباردة , هل هذا ما تريده يا آسر ؟ هل هذا ما

تخطط له ؟ أن تنفيني في هذا المنزل وحيدة ومعدومة وكارهة لكل شيء

حولي حتى هذه الفخامة التي حلمت بها كل حياتي







*~~***~~*








نظرت له بترقب وقلت " ماذا أخبرك السيد شاكر "

قال من فوره " كل شيء يسير كما طلبت سيدي وسيخبرونه بما أمرت

به , هوا مسافر حاليا ويحتاج لأسبوع أو أكثر ليأتي بوالدته وجدته وخالته

ومؤكد سيوقف البحث عنه ما أن تصله المعلومات التي طلبت إيصالها له "

تنهدت وقلت بحزن " هذا جيد ولا أريد أن يشك بشيء مفهوم "

ضرب التحية قائلا " مفهوم سيدي "

ثم توجه للباب خارجا منه وأغلقه خلفه فأخرجت هاتفي واتصلت

بغدير فأجابت من فورها قائلة " مرحبا عمي "

قلت بهدوء " كيف هي والدتك الآن "

قالت بحزن " صعدت لجناحكما ومنعتني من اللحاق بها "

تنهدت بضيق وقلت " اصعدي لها ولا تأبهي لطردها لك

واتصلي بي لاحقا حسنا "

قالت من فورها " حسنا "

ثم أنهيت الاتصال معها لحظة دخول آسر ببذلة عمله وضرب التحية

فأشرت له بيدي للكرسي أمامي وقلت " زميلك أوقف عمله اليوم

وأنت تارك مكتبك ما تريد ؟ "

جلس أمامي وقال " سفري سيكون نهاية الأسبوع "

هززت رأسي بحسنا وقلت " سأعطيك شهرين كاملين متى عدت

فيهما تباشر عملك فورا "

هز رأسه بحسنا مبتسما ثم قال " وأمر آخر "

أشرت له ليكمل فقال " أواس سيدي "

نظرت له باستغراب وكنت سأتحدث فسبقني قائلا " مختفي منذ

عودته من سفره ومؤكد لديك علم , ولقد بحثنا كثيرا ولم نجده "

تنفست بقوة وقلت " أعلم وأوقفوا البحث عنه فورا "

نظر لي بصدمة فقلت قبل أن يتحدث " هذا أمر يا آسر وليس طلبا "

قال من فوره " ولما ؟ "

وقفت وقلت " أخرجوه من رؤوسكم وانتبهوا لأعمالكم وحياتكم "

وقف على طوله وقال بصدمة " مات !! "








*~~***~~*









نظرت بشرود لوالدتي وخالتي الجالستان أمامي وشبه نصف مُركز مع حديثهما

عمّا سنفعل قبل سفرنا وانتقالنا وما بقي من تجهيزات فتفكيري كان مع دُرر

ولست أعلم كيف أطعتها وتركتها هناك بعيدة عني وأنا أعلم بحالتها والله وحده

يعلم ما قد ينجلي لها من حقائق عن زوجها المختفي وهي بهذا الضعف والوهن

فقد تفقد حتى حياتها وسأعيش ألوم نفسي لباقي عمري , فبوجودي بجانبها على

الأقل أستطيع أن أمهد لها أي أمر وأخفي عنها بعضه حتى تتخطى صدمتها

وما تمر به حاليا , نظرت للأرض ومررت أصابعي في شعري مغمضا

عيناي بقوة , لو أجدك يا أواس لا أعلم ما سأفعله بك قبل أن أسلمها

لك , ولولا حالتها هذه ما تركتك ترى ظفرها ما حييت

" قصي يبدوا أنك لست معنا أبدا "

رفعت رأسي ونظرت لهما وقلت " أكذب لو قلت أني مركز معكما

فذهني مع دُرر وإن كان جسدي هنا "

قالت جدتي من بعيد حيث تجلس تتفقد أشيائها التي جمعاها لها في حقيبتها

" أخبرتكما من البداية أن لا تكثرا الثرثرة على رأس حفيدي , خمس

وعشرون عاما وهوا يستمع لكلامكما الذي لا يتوقف ولا لأخذ النفس "

ابتسمت لها بحنان وهي ترمي أحد الفساتين من حقيبتها جاهلة أو متجاهلة

نظرات الضيق التي يرسلانها لها وتابعت قائلة " رحمك الله يا حفيدي

بشقيقة قليلة كلام وأنصحك أن تتزوج من خرساء "

ضحكتُ حينها وقالت خالتي راحيل بضيق " وأنتي يا أمي لا أراك

صامتة طوال الوقت , يكفي حكاياتك المتكررة التي تحكيها له دائما "

أخرجت هاتفي على حديثهن أو تجادلهن المعتاد واتصلت بدُرر فأنا لم أسمع

صوتها اليوم ويبدوا هذا سبب انشغال بالي عليها , رن الهاتف مطولا حتى

انقطع الخط ولم تجب فكررت الاتصال مجددا وأجابت أخيرا فقلت

باستغراب ما أن سمعت صوتها " دُرر ما به صوتك ؟ "

قالت بصوت ضعيف " لا شيء قصي أنا بخير "

قلت بحزم جعل حديثهن حولي يتوقف تماما " لا لستِ بخير فما بك ؟ "

قالت بنبرة يشوبها بكاء " أعطني أمي يا قصي "

قلت بجدية " لن أعطيك أحدا , قولي لي فأنا وأمي واحد "

قالت برجاء ضعيف " أعطها لي يا قصي أرجوك "

استلت والدتي الهاتف مني فتأففت وقلت من بين أسناني

" ما كان عليا تركها والمجيء "

وقالت أمي ما أن وضعت الهاتف على أذنها " دُرر بنيتي ما بك ؟ "

ثم شردت بنظرها تستمع لها وكأنها تنوي قتلي بكل هذا الصمت ثم

نزلت دمعتها مبتسمة بحزن ومسحتها قائلة بذات ابتسامتها الحزينة

" مبارك لك يا ابنتي هذا أجمل خبر سمعته "

نظرت لها باستغراب ولم أفهم شيئا فقالت بحزن " توقفي عن البكاء

يا دُرر سنجده وسيعود وتربيانه معا ففكري في صحتك

الآن فلم تعد ملكك وحدك "

وقفت حينها لحظة ما أنهت مكالمتها معها وقلت بضيق " وكأنه ينقصها

أشياء تربطها بذاك الذي تركها ورحل "

قالت أمي تمسح دموعها " لعله رحمة لها وينسيها ويسليها يا قصي "

هززت رأسي بقوة وتأففت وقلت " سأحجز لنا على أقرب رحلة

وسألغي حجزنا السابق , لن أكون مطمئنا وهي ليست أمام عيني "

قالت والدتي من فورها " لكن ابن خالتك طائرته ستنزل بعد

يومين , كيف نذهب قبل قدومه ؟ "

قلت بضيق ملوحا بيدي " ما كان عليا تركها هناك بعيدا عنا

يا أمي , وغياث سيُقدر ظروفنا "

وقفتْ جدتي تستند بعكازها قائلة " تحركا واجمعا باقي أغراضي

بسرعة , قلت من البداية لا تتركوا أغراضي للأخيرة "

وتحركت أنا حينها جهة باب الشقة قائلا " خذوا الضروري فقط

والباقي لسنا بحاجة له وسنشتريه من هناك "

ثم فتحته وخرجت ضاربا له خلفي وغادرت





*~~***~~*






أنهينا عشائنا وجلسنا في المجلس العائلي وجلست حلا بقربي نتبادل الأحاديث

ووحدها كانت المتقبلة لي على ما يبدوا وريحان التي تلعب مع ندى وتلاعبها

طوال الوقت أما زوجة عمي ونورس التي وجدتها معهم فتعاملهما كان متحفظا

جدا , لم تقولا لي كلمة جارحة ولا بالتلميح لكنهما لم تتصرفا معي كما كانتا في

الماضي , وكانت حلا من روّح عني وخفف كل ذلك لأن بسام جاءه اتصال

من أحدهم وخرج من قبل العشاء بوقت , قالت حلا بحزن

" كم حزنت على طلاق سدين "

نظرت للأرض وقلت " لم يكتب لهما الله أن يتما معا وسيرزقها

بأفضل منه "

ولطف الله بي أن أي من زوجة عمي وابنتها لم يعلقا على هذا خاصة أن

سدين سبق ورفضت ابنهم فؤاد , أما حلا فأتوقع هذا منها فهي صديقة

مقربة من سدين وتحبها كثيرا , دخل حينها بسام ونظر لي من فوره مبتسما

فنظرت للأسفل وابتسمت بحياء فألقى التحية وتوجه نحوي من فوره وجلس

بجانبي وأمسك يدي وقبّلها أمامهم وقال " آسف تأخرت عن العشاء

معكم وسنعوضها في القادم "

قالت والدته من فورها " هل أصاب أحدهم مكروها ؟ "

قال مستقبلا ندى التي ركضت نحوه " نعم "

ثم تابع وهوا يجلسها على فخذه " صديق لي تعرض لحادث

سيارة لكنه بخير مجرد كسور بسيطة فقط "

ثم وضع يده في جيبه وأخرج منه شيئا وأعطاه لندى ثم نظر لي

بنصف عين فتنهدت بضيق وقلت هامسة " حسابك معي فيما بعد "

ضحك وقبل خد ندى التي انشغلت في بيضة الشكلاتة وقال هوا

" في المرة القادمة سنطبق الأوامر أما هذه المرة فلم أستطع "

نظرتُ له بشك ثم قلت " مؤكد لم تأكل ؟ هل أضع لك العشاء "

هز رأسه بنعم دون كلام منشغلا مع ندى في فتح اللعبة التي فيها فوقفت

وغادرت من هناك وتوجهت للمطبخ لأسخن له ما بقي من العشاء , وقفت

عند الطاولة أنتظر ما في الفرن بذهن شارد ثم قفزت مفزوعة للشيء الذي

لامس خصري فكان بسام وضحك قائلا " في ماذا شاردة كل هذا الوقت "

دفعته من كتفه وقلت " أفزعتني , ثم منذ متى وأنت هنا ؟ "

قال وهوا يأخذ حبة زيتون ويأكلها " منذ قليل "

مرّت حينها عمتي من باب المطبخ لكنها لم تنظر ناحيتنا فوكزته وقلت

هامسة " عد لهم هناك , قد تفهم والدتك حركتك هذه بشكل سيء "

أخذ حبة زيتون أخرى وقال وهوا ينظر لها " رغد لا تقيدي

نفسك بأفكارهم وما يعتقدون "

ثم رماها في فمه وقال " نحن زوجان ولنا حياتنا التي لا يتدخل فيها أحد "

تنهدت باستسلام ويأس منه فوضع يده في جيبه ونظر لي وقال مبتسما وحبة

الزيتون لازالت في فمه " أحضرت لك شيئا ولأنه لا صبر عندي

حتى نرجع للمنزل جئتك هنا لأعطيه لك "

قلت بنصف عين " شيء وأنت كنت في المستشفى ! لا

يكون حقنة أو معقم جروح "

ضحك فجأة ثم أمسك فمه بيده ونظر لي بصدمة فقلت بخوف

" بسام ما بك ؟؟ "

أبعد يده وحرك لسانه في فمه وقال " بلعت حبة الزيتون "

فلم أستطع إمساك ضحكتي فقال مبتسما وهوا يخرج ذاك الشيء من

جيبه " وقد تكون بيضة كابنتك "

نظرت له بصدمة وهوا يرفعها أمام وجهي وليتها كانت بيضة شكلاتة

بل العلبة التي توجد بداخلها يضعون فيها اللعبة فنظرت له وقلت ببرود

" وأين الشكلاتة ؟ هل أكلتها "

ضحك وقال " بل ندى من أكلتها , لا أعلم أين تذهب بكل تلك

الشكلاتة التي تأكلها "

قلت مبتسمة أنظر له بفضول وهوا يفتحها " لم ترى الشِجارات الطاحنة

بينها وبين سلسبيل كلما جلب إياس الشكلاتة سابقا "

ثم شهقت بصدمة وأنا أرى السلسال الذي أخرجه منها وللقطعة المعلقة به

ونظرت له وقلت بصدمة " ماس يا بسام !! "

قبّل خدي ونزع حجابي وقال وهوا يلفه حول عنقي " قطعة صغيرة بالكاد

تُرى لكن هذا ما قدرت عليه ولا تقلقي فالسداد فيها بالدفعات "

تنهدت بضيق قائلة " هذا مكلّف كثيرا يا بسام وراتبك لن يتحمله "

أعاد شعري للخلف وضمني من ظهري لصدره قائلا

" لا شيء أغلى منك يا ألماستي فاشكريني على الأقل بدلا من

أن تصدميني باعتراضك "

أبعدت يديه وابتعدت عنه قائلة وأنا أعيد حجابي " ألا تخاف أن

يدخل علينا أحد أخوتك أو عمي ؟ "

ثم فتحت الفرن وقلت وأنا أخرج الصينية منه " اذهب للطاولة لأحضر

لك عشائك والشكر اتركه في منزلنا "

ضحك وقال مغادرا " إذا أنتظر ولا تنسي فيما بعد "

راقبته حتى خرج وهززت رأسي مبتسمة ثم ضممت السلسال لصدري

من فوق الحجاب وهمست بسعادة " ليحفظك الله لي يا بسام يا أروع

هدية تلقيتها في حياتي "







*~~***~~*








أبعدتْ يدي وقالت " يكفي يا ترجمان لا أستطيع أكل أكثر من هذا "

قلت بإصرار " بل ستأكلين أو استدعيت لك الممرضة لتحقنك

بالحقنة الضخمة المليئة بالفلفل "

ضحكت بتعب فقلت ضاحكة " تذكرين هذه الحقنة إذا ؟ "

قالت بابتسامة حزينة " ما كنتما سترضيان لو لم أكن أخيفكما بها "

قربتُ قطعة التفاح لفمها أكثر فأخذتها مني ووضعت يدها في حجرها

قائلة بحزن " قصي قال أنهم قادمون غدا "

قلت مبتسمة " هذا خبر رائع وسنتعرف عائلتك أخيرا "

نظرتْ ليدها وقالت بذات حزنها " لكن خالتي كانت تنتظر ابنها

المسافر ليروه فسيمر بهم قبل أن يكمل رحلته وبهذا لن تراه أبدا "

تنهدت وقلت " لكنك أنتي تحتاجينهم أكثر من احتياجها هي لرؤيته "

مسحت دمعة تسللت من عينها وقالت " أكره أن أكون أنانية , أكره أن

يضحي الغير من أجل راحتي فقط , وأشعر بالذنب حقا فهي لا

تراه إلا نادرا "

تأففت وقلت بضيق " وكوني الآن غير أنانية وفكري في ابنك

الذي سيؤثر فيه كل هذا يا دُرر "

وضعت يدها على بطنها ونظرت لها وقالت بابتسامة صغيرة حزينة تعيسة

" لا أصدق حتى الآن أنه موجود هنا بداخلي يا ترجمان "

مسحت عيناي بقوة قبل أن أبكي وقلت بحماس " ولا أنا أصدق هذا

وكل ما أريده أن أضع أذني عليها وأعلم ماذا يفعل الآن "

خرجت منها ضحكة صغيرة غلبتها وقالت ولازالت تتحسس بطنها بيدها

" ماذا سيفعل برأيك ؟ نائم ويحلم طبعا "

ثم نظرت لي وقالت بحزن " ولا يعلم أنه سيخرج ولن يجد والده "

تنهدت بضيق وكنت سأتحدث لولا أوقفني الصوت الذي نادى من

الخارج قائلا " ترجمان "

فنظرت للأعلى ولويت شفتاي بضيق فقالت دُرر بعتب " ترجمان

اذهبي له فورا , يكفي تعبه معنا اليوم "

وقفت وقلت " أخبرته أن لا يتعب نفسه وأني سأتكفل بكل شيء

لكنه يريد التعب لنفسه "

قالت بهدوء " من أجلك يفعل كل هذا فقدّري هذا له على الأقل "

قلت ببرود " إن قدّرته له سيرمني بأقوى ما في قدمه من قوة , هكذا

هم الرجال دائما يا دُرر "

قالت من فورها " خطأ وأنتي تعلمين ذلك جيدا وهذا الكلام ليس من قلبك

فقد أحببتُ زوجي وجربت معنى كل ما تشعر به المرأة حيال الرجل "

أشرت بسبابتاي أمام وجهي بعلامة أكس وقلت " وإن يكن , فعليه أن

لا يلاحظ ذلك وعليك أن تكوني في غنى عنه دائما "

هزت رأسها بيأس على صوته مناد باسمي مجددا فتوجهت للباب

وخرجت وأغلقته خلفي فقال بابتسامة جانبية " لا تخافي لن أسرق

نظري لها في الداخل "

قلت ببرود " بل لا أريد أن يسمع ابنها صوتك ويموت من الخوف "

ضحك وغمز بعينه وقال " ومتى دورنا نحن "

نظرت له بصدمة فحرك كفه أمام وجهي مفرود الأصابع وقال " لا لا لا

اقطعي هذا المشهد من الفيلم لقد دخل عليه بالخطأ "

قلت ببرود " لا بأس سنقطعه هذه المرة "

كتف يديه لصدره واتكأ بكتفه على الجدار وقال ناظرا لعيناي

" كنت أريد أن أسأل إن كنتما تحتاجان شيئا "

هززت رأسي بلا دون كلام ثم قلت " ولا تنظر لي هذه النظرة مجددا "

أغمض عينيه وقال " حسنا لن أنظر لك أبدا "

قلت ببرود " يكون أفضل "

فتح عينيه حينها وأمسك يدي وسحبني منها للغرفة المجاورة وفتح بابها

ودخل بي وأغلقه فكانت بسريرين وخزانة واحد وحقيبة ملابس يدوية وطاولة

عليها كيس طعام وتبدوا غرفة الممرضات التي سينامون فيها فقلت محاولة

شد يدي منه " إياس ماذا تريد بي ؟ قلت لك لا نحتاج شيئا وشكرا لك "

وضع يديه وسط جسده وقال " جيد تذكرتِ شكري أخيرا "

قلت ببرود " لأن دُرر طلبت مني شكرك نيابة عنها ونسيت "

أمسك ذراعاي وقال ناظرا لعيناي " علينا أن نتحدث عنا الآن "

هززت رأسي بلا فقال " بلى فاستمعي لي على الأقل "

رفعت يداي وأغلقت بهما أذناي ورغم ذلك تحدث قائلا

" أعلم أنك تسمعينني "

هززت رأسي بلا فقال مبتسما " وجوابك هذا هوا الدليل "

ثم قال بجدية " أنا أحبك يا ترجمان ومن قبل أن أتزوجك , بل من اللحظة التي

وقعتِ فيها على صدري في ذاك المجمع فحين نظرتُ لعينيك شعرت بشيء

لم أشعر به اتجاه أي فتاة قابلتها سابقا , ولست أعلم لما شعرت حينها بالغضب

من ذاك الذي أسمه فراس وكنت أضن أنك صادقة وتضنين أني هوا وكل ما

كنت أخشاه أن يكون زوجك أو حبيبك "

أبعدت يداه عني وتراجعت خطوات للوراء قائلة " كاذب "

قال بهدوء " أقسم لك أن ذاك ما حدث "

قلت بجمود " وماذا عما قلته في أول ليلة لنا معا "

تنهد بقوة وقال بهدوء " لم يكن كلاما من قلبي , كنت أكاد أجن وأنتي معي

تنامين بقربي ولا أستطيع ولا لمسك بطرف أصبعي , كل ما أردته وقتها أن

نتوصل لاتفاق قبل أن نبني حياة لنا معا قد يكون نتيجتها طلاق محتم بعدما

نرتبط بابن أو أثنين ويعانيان بسببنا "

كنت سأتحدث فأشار لي بيده وتابع قائلا " بعدما علمت بكذبتك وسرقتك

لمحفظتي وتوالت لقاءاتي بك كنت أصارع مشاعر متضاربة ومتناقضة في

داخلي بين إعجابي بك من نظرتي الأولى لك وشخصيتك التي تناقض ما أريده

في المرأة التي سأرتبط بها , وحين حدث ما حدث وطلب مني خالي رِفعت أن

أتزوجك كان اعتراضي ليس عليك في ذاتك بل على تناقض شخصياتنا وأفكارنا

وكنت أعلم أن ذلك سيجلب لنا الكثير من المشاكل , والأقسى على قلبي أني كنت

موقنا من أنك لا تحملين لي ولا ذرة مشاعر , أما أن تكوني لغيري بعدما

علمنا أنك ابنة خالي المفقودة فتلك فكرة ما كان سيتقبلها عقلي أبدا "

هززت رأسي بلا بقوة قائلة " لن تقنعني مهما حاولت "

ثم ركزت نظري على عينيه وقلت بأسى " أنت جرحتني مرارا يا إياس

أهنتني وقسوت عليا بكلماتك ولم تقدر مشاعري كإنسانة تشعر بالإهانة

كغيرها من البشر "

اقترب مني حتى أصبح واقفا أمامي وأمسك وجهي بيديه وقال مركزا نظره

في عيناي " كنت أتعذب أكثر منك , حتى في الليالي التي كنتِ تضنين فيها أني

نائم في حضن امرأة غيرك كنت مسهدا وفي أرق كبير من مجرد نومي بعيدا

عن سماع أنفاسك وأنتي تضنين أني لا أفكر بك قط , كانت تلك الفكرة

تقتلني وتؤرق نومي "

قلت بجمود ونظري ثابت على عينيه " لكنك كنت تقسوا عليا صباحا

وتعاملني ببرود وجفاف , كيف أُصدّق أن ذاك ما كان يحدث معك ليلا "

وضع أنفه على أنفي وقال هامسا " آسف يا ترجمان ذنبي كان أني

لم أفهم طبيعة حياتك وأني فكرت في نفسي فقط "

بقيت أنظر له بصمت وجمود وإن كنت في موج عاصف من المشاعر

وقال هوا بذات همسه ولازال أنفه ملتصقا بأنفي " كان عليا أن أقسوا

عليك من أجل قلبي الذي يحبك ولا يجد منك أي مشاعر "

أغمضت عيناي برفق وكأني أريد الهرب من عينيه ولو كان بيدي لقتلت

الإحساس عندي كي لا أشعر بأنفاسه على وجهي ثم قلت هامسة مثله

" أعمى وغبي "

وما كنت أخذت نفسي من قوة ما قلت على قلبي حتى وجدت شفتاي

في حصار شفتيه وخلّصت نفسي منه بصعوبة وابتعدت عنه لترتطم ساقاي

بالسرير خلفي ووقعت عليه جالسة وقلت بضيق " أحمق , ماذا تفعل ؟ "

قال مبتسما ومحركا سبابته على شفته السفلى برفق " من فرحتي

فلم أصدق أنك كنتِ تحبينني "

مسحت شفتاي بظهر كفي وقلت بضيق " هذا لن يشفع لك , ولا ألف

كلمة ولا اعتذار يا إياس تفهم "

هز رأسه بلا وقال " لا يهم "

وقفت حينها وقلت مغادرة جهة الباب " لا تفرح بكلمة مما سمعت

فأنت خسرتني تفهم , خسرتني للأبد "

وخرجت من هناك وعدت لغرفة دُرر التي قالت ما أن دخلت

" لما لا ترجعي للمنزل وترتاحي ؟ لا أرى فكرة بقائك معي

هنا صائبة "

جلست على الكرسي وقلت بإصرار " لن أذهب ولو طردتني بحدائك

ولا خلاص لك مني وسنخرج من هنا معا ولن أتركك وحدك "

اتكأت للخلف ونظرت لي وقالت بابتسامة حزينة " ما بك ؟

ما الذي تحدثتما عنه عكر مزاجك هكذا "

قلت باستياء " لا تتحدثي عنه رجاءا يا دُرر , لا ينقصني تعكير

مزاج بسببه "

قالت بحزن ودموعها تملأ عينيها " أتمنى أن لا تجربي فقدانه يا

ترجمان فهوا أقسى من الموت , فلا تضيّعي أي يوم بعيدا عنه "

قلت ببرود " عليك أن تفهمي يا دُرر أنه ثمة فرق كبير بين زوجك

وبين الأحمقين الآخران "

مسحت عيناها وقالت ببحة " بل الفرق بيني وبينك فقط "

رن حينها هاتفي وكانت المتصلة سدين فقد تهربت منها حين أتت هنا

نهارا , أجبت عليها فقالت من فورها " مرحبا ترجمان , كيف

أصبحت دُرر الآن "

قلت بهدوء " أفضل بكثير "

قالت من فورها " ترجمان سامحيني أرجوك , أقسم ما كان الأمر

بيدي وما كنت موافقة عليه طوال الوقت "

تنهدت باستسلام وقلت " سأجرب أن أسامحك وتعرفينني جيدا أصعب

شيء قد أقوم به هوا أن أغفر لمن أخطأ في حقي "

قالت بصوت مبتسم " بل لا تغفرين أبدا والمسامحة بند لا وجود له

في قاموسك وأعان الله أخي على مصابه "

قلت ببرود " قد أسامح الجميع حتى تلك الشاحبة أما هوا فلا "

تنهدت وقالت بهدوء " لكنه يحبك حقــ... "

قلت مقاطعة لها " سدين لا تجعليني أغضب منك مجددا "

قالت من فورها " لا لا كله إلا غضبك , وداعا الآن وسلمي

لي على دُرر وسأزوركما غدا ما أن أصل للمستشفى "

أنهيت الاتصال معها وقلت " ترى ما حدث مع تلك المغفلة

سراب لم تأتي لرؤيتك ؟ "

" لا مغفلة إلا أنتي "

نظرت للخلف حيث الواقفة عند الباب يداها وسط جسدها تنظر لي بضيق

فركزت نظري على عينيها المحاطتان بهالة من الاحمرار ثم عدت بنظري

أماما وقلت محدثة دُرر " كم تتوقعي ساعة بكت ؟ أنا أتوقع خمس

ساعات , قولي أنتي كم والفائزة لها جائزة "

أمسكت دُرر ضحكتها ولم أشعر إلا بالحقيبة التي ضربت رأسي فوقفت

من فوري صارخة فيها على صوت دُرر المتعب قائلة " لا تتشاجرا

في المستشفى ويطردونا ثلاثتنا "

تحركتْ حينها سراب من أمامي قائلة " من أجل دُرر فقط لكنت

عرفت كيف آخذ بحقي منك "

ثم توجهت لدُرر وحضنتها بقوة قائلة " مبارك لك يا شقيقتي

هذا أجمل خبر سمعته في حياتي "

قالت دُرر بابتسامة متعبة " شكرا لك يا سراب "

ثم ابتعدت عنها ونظرت لي بنصف عين وقالت " خرجتِ بنتيجة ليس

كالفاشلة التي كانت تنام معه في سرير واحد ولم تحمل ولا بنملة "

ضحكت وقلت " نعم رأينا الفيل الذي أنجبته أنتي "

تجاهلتني وجلست على طرف السرير تمسك يد دُرر التي

قالت " ما بك يا سراب ؟ ماذا حدث "

تنهدت ونظرت ليديهما وقالت بحزن " لم أعد أملك إلا المنزل بطابقيه

وأخذ كل شيء حتى عائلة العم صابر وبقيت وحدي في ذاك المنزل

المخيف الموحش فحتى أنتما لابد وأن تعودا لعائلاتكما "

قلت بضيق من خلفها " غبية !! كيف تركته يضحك عليك هكذا "

قالت بألم وحسرة " وما كنت سأفعل بمزرعة ومعمل خاليان لن أنتفع

بهما ؟ فأن تكون لي ملكية المنزل لوحدي بلا شراكته أفضل "

قلت بحنق " مغفلة .. كنتِ بعتهما واستفدتِ بثمنها لكن

عقلك متوقف عن العمل دائما "

كنت أتصور أن تهاجمني بلسانها لكنها فاجأتني بأن اتكأت على يدها

وانخرطت في بكاء مرير فتقدمت دُرر في جلستها وضمتها برفق قائلة

" توقفي عن البكاء يا سراب أرجوك "

ولم تزدد سوا بكاء على بكائها ودُرر تمسح على ظهرها ونظرت

لي بعتب فقلت " آسفة يا سراب لم يكن هذا ما أقصده لكني أكره

استبداده لك وتسلطه عليك "

ابتعدت عن حضن دُرر وقالت ببحة ماسحة خديها " انتهى كل شيء

وعليه أن يطلقني , لو فقط ترك تلك العائلة في المنزل الذي طالما

حلموا به وانتظروه بدلا من أخذهم لمنزل ضيق عادي "

قلت بضيق " لو أفهم فقط ما يفكر في فعله ذاك اللص "

قالت بحزن " لا يمكنكما تخيل ما يعنيه ذاك المنزل للطفلات فلطالما

كان حلما لهن , فأن تحلم بشيء طوال حياتك ولا تراه أهون مئة

مرة من أن تمسكه بيدك ثم يضيع منك "

قالت دُرر بشبه همس " سيكون أمرا قاسيا عليهن "

قلت بأسى " أجل فنحن أكثر من يفهم معنى أحلام الأطفال "

مسحت سراب خديها وعينيها وأنفها ثم قالت بصوت مبتسم


" لا أصدق أنه سيكون بعد أشهر قليلة لديك طفل أو طفلة جميلة "

قفزتُ على السرير جهة ساقي دُرر وقلت مبتسمة " بل قولي لدينا

فبالنسبة لي سأرابط لديهم ما أن تنجبه "

نظرت لي بنصف عين وقالت " أنتي أخبريني كيف سمحوا لك

بالبقاء معها هنا وأنا أدخلوني لزيارتها بصعوبة "

قلت بابتسامة جانبية " النصف ضابط ظهرت له منفعة صغيرة "

نظرت لدُرر وقالت " أرأيتها ؟ لازالت حتى الآن تتبطر على ما لديها "

قالت دُرر بابتسامتها الحزينة المتعبة " ستعرف قيمته يوما عندما تحتاجه

ولا تجده أمامها "

رفعت شعري وأمسكته وقلت ببرود " لن أحتاجه , أنا قادرة على فعل

كل شيء لنفسي بنفسي ولم أحتج لرجل طوال حياتي "

قالت سراب بحماس " إن كانت فتاة فسميها سراب "

شهقت بقوة وقلت " وهل ينقصنا غبيات طويلات لسان "

نظرت لي بضيق وقالت " بل ينقصنا لصات متسلقات جدران لذلك

سنسميها ترجمان أفضل "

وعلى شجارنا على الاسم دخلت إحدى الممرضات قائلة

" المريضة تحتاج للهدوء أو أخرجناكما كليكما "

وقفت سراب وقالت " لا داعي لذلك سأغادر وحدي "

ثم خرجت قائلة " سآتي لزيارتك غدا يا دُرر "





*~~***~~*







طرق أحدهم الباب ودخل فقلت بدون أن أرفع رأسي " اتصَل بي

إياس وقال أنه قادم فغادر يا محمود دورك انتهى "

ثم رفعت رأسي سريعا للذي ضرب التحية وقال " سيدي ثمة امرأة

تريد مقابلتك "

نظرت له باستغراب وقلت " امرأة في هذا الوقت ؟؟ من تكون ؟ "

قال من فوره " رفضت قول اسمها "

أغلقت الدفتر أمامي وقلت " أدخلها بسرعة "

ضرب التحية مجددا وخرج وتركني أنتظر بترقب صاحبة كعب الحداء

الذي بدأ صوته يقترب حتى وقفت أمام الباب فوقفت على طولي

وقلت بصدمة " سراب !! "

بقيت على صمتها فقلت " ما جاء بك هنا والآن ؟ "

قالت ناظرة لعيناي " أريد أن أقدم شكوى في أحدهم ومؤكد هذا

غير ممنوع عني كمواطنة "


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله

فيتامين سي 25-03-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)
 





الفصل الخمسون


خرجتُ من خلف طاولتي وتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها منها

وخرجت بها من المركز حتى وصلنا سيارتي وأوقفتها عليها وقلت

" وهل هذا وقت تدخلين فيه قسم شرطة ؟ "

أشاحت بوجهها عني وقالت ببرود " أعتقد أنه لا يوجد أوقات

محددة لدخول النساء ولم أجد ورقة مواعيد على باب المركز "

قلت ببعض الضيق " لديك محامي كما أعلم وهناك غيره ملايين

في البلاد تلجأ لهم النساء في هذه الأمور "

نظرت لي وقالت من فورها " أنا قلت أريد أن أشتكي وليس

أرفع قضية "

تنفست بقوة ونظرت للأرض تحتي ثم نظرت لها وقلت

" ومن هذا المجرم الذي جعلك تدخلين المركز ليلا لتشتكي فيه "

قالت بهدوء " بل أردت رؤيتك والتحدث معك في أمر مهم "

قلت بسخرية " هنا والآن ؟ "

قالت بجمود " نعم ولن أبرح هذا المكان حتى تعدني أنك ستفعل ما

سأطلبه ولن أطلب منك غيره في أي يوم "

مررت أصابعي في شعري أنظر لحركة السيارات في الشارع أمامي

فقالت " اعتبره طلبا أخيرا مني "

ركزت نظري على عينيها وقلت " طلاق لن أطلقك "

نظرت جانبا وابتسمت بألم قائلة " أخبرتك أنك ستفعلها , ثم ليس

هذا ما جئت من أجله "

بقيت أنظر لها بصمت فنظرت للأسفل حيث أقدامنا وقالت بهدوء

" المنزل الجديد سجَلته بسمك أم بسم العم صابر ؟ "

بقيت أنظر لها مستغربا فرفعت رأسها ونظرت لي وقالت

" بسمه مؤكد أليس كذلك ؟ "

قلت بجدية " تعلمين طريقة تفكيري فلما تسألين ؟ "

قالت من فورها " أَقسم لي يا آسر "

نظرت لها باستغراب فقالت ودمعة ملئت عينيها تتلألأ تحت ضوء

مصابيح الشارع " قل قسما لم أفعل كل ما فعلت لأقهرك وأكسرك "

تنقلت بنظري بين عينيها المحدقة بي تترقب جوابي ثم مددت أصابعي

لعينيها ومسحتها بأطرافها وقلت " كما أخبرتك أنتي تستطيعين قراءة

أفكاري ولا أريد الجواب مني أنا "

ثم أنزلت يدي ودسستها في جيبي مرغَما ومبعدا لها عن وجهها ونظري

لازال يبحث في عينيها مخافة من جوابها , لا تقوليها يا سراب لا تضني

بي السوء مجددا وترميني به بلسان حاد وقاسي , خوني توقعاتي أرجوك

نظرت للأسفل مبعدة نظرها عن عيناي وقالت ببحة " هل ستفعلها من

أجلي أم ستتركني واقفة في الشارع هنا حتى الصباح لأني لن أغادر "

نظرت للسماء وتنفست الصعداء من جوابها وإن كان الصمت فعلى

الأقل أعطت نفسها فرصة لتكتشف ولم تستعجل الحكم كعادتها

نظرت لها وقلت بهدوء " سأفعل ما في وسعي , إلا الطلاق طبعا "

رفعت نظرها بي مجددا وقالت " ولما تتمسك بي وأنت لا تريدني ؟ "

نظرت بعيدا عنها ولم أجب وساد صمت مبهم تخلله أصوات السيارات

المسرعة على الطريق جعل لصمتنا معنا واحد فقط ( الجميع يسير

إلا نحن , كل شيء يتحرك من مكانه ونحن جامدان )

أعادني من كل ذاك صوتها الهامس " آسر "

نظرت لعينيها التي عادت لتمتلئ بالدموع مجددا وقالت ببحة

" لا تخذلني فيك أكثر , أقسم أني اكتفيت "

وضعت أصابعي على شفتيها مسكتا لها وقلت " لم تخبريني ما جاء

بك تصرين عليه هكذا "

فأنزلت رأسها مبعدة له عن أصابعي وقالت " أريد أن نستبدل

المنازل وبلا دفع الفارق "

فتحت باب السيارة وقلت " اركبي "

نظرت لي باستغراب فقلت " شرطك للمغادرة كان أن أوافق وأنا

سأعرض الأمر على عمي صابر فكلا المنزلين لم يعودا ملكا لي "

قالت من فورها " لا أريد أن تعرضه عليه بل أن تقنعه وسيصبح

المنزل بِسمه ولا حجة له ليرفض البقاء فيه "

قلت " بشرط "

نظرت لي بصمت وترقب فقلت " أنا من سيتكفل بكلى المنزلين "

هزت رأسها بلا وقالت " بل أنا من سأعمل "

كنت سأتحدث فقاطعتني قائلة " أعتقد أنه من حقي يا آسر "

قلت بضيق " وأي عمل هذا بشهادتك تلك ؟ "

قالت بضيق مماثل " لا تستنقص من شهادتي , وسأعمل بائعة في

مشتل وأعتقد أنه عمل تلزمه شهادة كالتي لدي "

نظرت للسيارة وقلت " اركبي لأوصلك وسنرى في ذلك الأمر "

قالت ولم تتحرك من مكانها " أمر عملي يخصني يا آسر فلا تعارضني فيه "

نظرت لها وقلت بضيق " سراب عليك أن تعلمي أمرا واحدا عني كنت

أضن أنك تعرفيه جيدا وهوا أني لا أكون إلا مسئولا عمن هم تحت

رعايتي .. الله خلقني هكذا "

قالت من فورها " قلت لك أن تـ... "

أشرت لها على شفتاي بسبابتي وقلت " أصمتي قلت طلاق لن أطلقك "

تحركتْ حينها وتوجهت للطريق وأوقفت سيارة أجرى وركبتها وغادرت

تاركة إياي واقفا مكاني وباب سيارتي مفتوح فضربته بقوة ووقفت مكاني

أراقب سيارتها حتى اختفت , عودي يا سراب فلازلت أنتظرك مثلما لازلتِ

تحتفظين بصمتك ولم ترميني بتهمك وظنونك واستنقاصك لي كما كان في

السابق , لازال ثمة أمل إذاً فعودي لأني تعبت من بعدك عني .. تعبت حقا

تركت كل تلك الأفكار والأميات خلفي مثلها وعدت للمركز ودخلت على

أصوات ممازحات من مررت بهم فنظرت جهتهم وقلت

" كلمة أخرى وسأسجنكم جميعا "

قال محمود الواقف معهم مستندا بالجدار " يحسدونك ليس إلا فمن

هذا الذي تشتاق له امرأة وتزوره في المركز "

وانطلقت ضحكاتهم العالية فتجاهلتهم وعدت لمكتبي







*~~***~~*








رفع يدي من على صدره وقبلها وقال " شكرا يا رغد "

نظرت لوجهه وقلت مبتسمة " ومن عليه شكر الآخر أنا أم أنت "

ضحك وأمسك أنفي وقال " أنا طبعا "

قلت مبتسمة " لا داعي للشكر كلها ألماسة صغيرة لم تكلفني شيئا "

ضحك وضمني له أكثر وقال " شكرا لتحملك لعائلتي فقد خشيت بعد

عودتنا للمنزل أن أرى دموعك الغالية من تجريحهم لك "

أحطت خصره بذراعي متكئة على صدره وقلت " لا تقلق من هذه

الناحية , ثم هم لم يخطئوا في حقي أبدا "

ثم تنهدت وقلت بحزن " أنا لا أخشى على نفسي منهم يا

بسام بل على ندى "

قال باستغراب " هل قال لها أحدهم شيئا ؟ "

جلست مبتعدة عنه وقلت من فوري " أبدا لم يحدث شيء

من ذلك "

ثم نظرت ليداي في حجري وقلت " أخشى حين نرزق بأبناء أن

يعاملوهم بتفرقة وأنت تعلم كم سيؤثر ذلك بها "

قال بهدوء " أعلم فيما تفكرين وأقدّر خوفك يا رغد خاصة أني

أول من تزوج من أخوتي وابني سيكون الحفيد الأول للعائلة

لذلك الحل لدي أنا "

نظرت له باستغراب فأمسك يدي وقبل باطن كفها وقال " عزّام

سيخطب هاذين اليومين لذلك سنؤجل فكرة الإنجاب حتى ينجب

هوا الحفيد الأول للعائلة "

فتحت فمي لأعترض فأسكتني قائلا " لا نقاش في قراري يا رغد

لأني فكرت في الأمر من قبل أن تتحدثي عنه ولا تخافي على ابنتك

فهي تفرض نفسها على القلوب , هم فقط يحتاجون لفترة وستري

بعينك كيف سيحبونها , لذلك من واجبنا أن نعطيها نحن

هذه الفترة يا رغد "

قلت بحزن " وتؤجل أنت رؤية أبنائك من أجلها ؟ "

قال مبتسما " وأرمي نفسي في النار ولا أرى نظرة

الحزن في عينيك "

ارتميت على صدره وحضنته بقوة وقلت باكية " شكرا يا بسام أنت

أجمل شيء حدث لي في حياتي كلها "

مسح على شعري قائلا بحنان " كل ما أريده وأفكر فيه سعادتنا

يا رغد وأن لا يعكر صفوها شيء "

ثم قال مبتسما " أخبريني الآن ما سر كرهك لي في طفولتك لأني لم

أجد جوابا لهذا السؤال طيلة هذه الأعوام "

ابتعدت عنه ومسحت دموعي وقلت مبتسمة " ولا أنا أعرف السبب

ولا تستغرب ذلك فحتى ندى تكره أحد أعمامها بدون سبب بل وتبكي

بهستيرية إن وجدت نفسها معه في مكان لوحدهما "

شدني له وضحك وقال " لا أنا يبدوا أني كنت أوفر حضا منه "

ثم ابتعد عني بسرعة حين أضاء نور غرفة ندى وما هي إلا لحظات

ووقفت أمامه تفرك عينها بأحد يديها وبالأخرى تمسك دبها وقالت بنبرة

توشك على البكاء " ماما أين ذهبتِ ؟ "

عضضت شفتي محرجة من الموقف الذي يتكرر معنا أكثر من مرة

في الليلة وغادرت السرير وتوجهت نحوها وأدخلتها قائلة

" أنا هنا حبيبتي لم أبتعد , هيا عودي للنوم "

ثم رفعتها ووضعتها على السرير ونمت بجانبها فضمتني بقوة ودسست

وجهها في قميص بيجامتي الحريرية فمسحت على شعرها قائلة " ها أنا

بقربك حبيبتي لا تخافي , اللوم عليا أنا عوّدتك على النوم في حضني "

ثم التفتُّ للخطوات خلفي وكان بسام داخلا الغرفة يغلق أزرار قميصه

الذي لبسه ووصل عندنا قائلا " هل نامت ؟ "

هززت رأسي بلا فدار حول السرير وجلس في الجانب الآخر وفي صمت

يراقبنا وهي متشبثة بي وأنا أمسح على شعرها وأقبّل رأسها كل حين حتى

استسلمت للنوم فأبعدتها عني وغطيتها جيدا فقال هامسا " نامي معها "

هززت رأسي بلا وقلت بذات الهمس " عليها أن تعتاد يا بسام

فلن أظلمك معي أكثر من هذا "

كان سيتحدث فهززت رأسي بلا وبإصرار ثم غادرت السرير وتوجهت

نحوه وشددته من يده وخرجت به من الغرفة ثم حوطت عنقه بذراعاي

وقبلت شفتيه قبلة صغيرة وقلت " وعدتك بأن أشكرك أليس كذلك ؟ "

طوق خصري بذراعيه ورفعني وتوجه بي للسرير قائلا

" نعم والوعد دين "








*~~***~~*








أبعدت الصينية من حجري وقلت " ترجمان من كل عقلك تريدين

أن آكل كل ما يحضروه في كل وجبة "

أعادتها لحجري وقالت " نعم ونفذي الأوامر بدون تذمر أو

جعلتك تأكلين الطبق أيضا "

طرق أحدهم باب الغرفة حينها ودخل فكانت الفتاة الجميلة المدعوة

سدين بمعطفها الطبي الأبيض وبنطلون من الجينز وحجاب زهري

اللون , قالت مبتسمة " صباح الخير على الجميلتين "

ابتسمت لها وقالت ترجمان ببرود " ها قد جاءت المنافقة سدين "

وصلت عندنا وحضنت ترجمان من الخلف قائلة بضحكة

" كم اشتقت لك وللسانك الطويل والمنزل بعدك أصبح لا يطاق "

قالت ترجمان بذات برودها " يبدوا أن لقب منافقة لا يوفيك حقك "

ابتعدت عنها وقالت بضيق " لو أفهم فقط كيف سامحتِ خالي

رِفعت وأنا لا ؟ "

نظرت لها خلفها وقالت " ومن قال أني سامحته ؟ "

كتفت سدين يديها لصدرها وقالت " تعاملك معه قال ذلك "

عادت للأمام وقالت " ذلك لا يعني أني سامحته ؟ وعدم ذهابي

للعيش معه أكبر دليل "

تركتها مستسلمة وتوجهت نحوي وقبلت خدي قائلة " كيف حال

الجميلة اليوم , ولا تقولي أني منافقة "

قلت بابتسامة صغيرة " بخير والحمد لله , ولستِ منافقة وتعرفين

ترجمان جيدا لا تضايق إلا من تحبهم "

ضحكت ونظرت لترجمان بنصف عين وقالت " هل هذا صحيح ؟ "

نظرت لي وقالت " لو لم تكوني حامل لعرفت كيف أقتص منك "

جلست سدين بجوارها وقالت " متى قالت الطبيبة ستغادرين "

قلت من فوري " غدا "

رفعت ترجمان صينية الطعام ووضعتها على الطاولة قائلة

" وما سر عملك هنا قبل المركز ؟ "

قالت حينها سدين بابتسامة ماكرة " أرى أنه لديك جميع

المعلومات عني فمن أخبرك ؟ "

نظرت لها وقلت " شقيقك طبعا "

نظرت لي سدين وقالت " هل رأيتِ حياتك واحدة مثلها لا يؤثر

فيها الكلام مهما قلتِ "

ابتسمت وهززت رأسي بلا فجلست ترجمان على الكرسي وقالت

" صراحة أترحم على من ستحللين لهم لأن مصيرهم الضياع "

ثم نظرت لي وقالت " إن كانت هي من حلل دمك وقالت

أنك حامل فأعيدي الاختبار "

قالت سدين متجاهلة كل ما قالت " لقد تحصل لي خالي رِفعت على

وضيفة في مركز مشهور وطلبوا شهادة كفاءة لذلك أعمل ساعتين

لثلاثة هنا وساعتين هناك كمتدربة "

قلت متسائلة " وفيما متخصص هذا المركز ؟ "

قالت من فورها " علاج ومكافحة الإيدز "

شعرت بجسدي ارتجف وقلت بهمس " عافانا الله "

قالت ترجمان " وكيف سمحتْ لك عمتي "

ثم أشارت لها بيدها وقالت " ابتعدي عن شيقتي وابنها لابد وأنك

أصبتِ بعدوى "

قلت بضحكة متعبة " لو الجميع فكر مثلك فلن يعالجهم أحد "

قالت سدين " أنا لن أراهم تخصصي في قسم المختبرات فقط "

قالت ترجمان " وهنا الكارثة , أي أنك ستلمسن دماء المصابين "

ضحكت وقالت " الأمر ليس كما تتخيلي فكل شيء هناك محاط بعناية وحذر "

نظرت لها ترجمان وقالت " وكيف حدث وطلقك ذاك المغفل شبيه زملائه "

قالت بابتسامة جانبية " يبدوا أنكما تحدثتما معا حتى لم تجدا ما

تقولان سوا تناقل أخباري "

قالت ترجمان ببرود " لا تتهربي من الموضوع "

قالت سدين مبتسمة " لم أتهرب ولا نصيب بيننا وكلٌ ذهب في

حال سبيله "

قالت ترجمان من فورها " ذلك أفضل فأنا لم أحبه من البداية

وسيأتيك أفضل منه بالتأكيد "

لوت شفتيها وقالت باستياء " لا يبدوا ذلك , فجميع من يفكر في

الاقتراب مني يكون من ذاك النوع المقزز من الشباب الذين

يوقفون شعرهم كالقنافذ ويلبسون السلاسل "

ثم تابعت بإحباط " لا أعلم لما يحكم عليا الجميع بمظهري "

قالت ترجمان " لو لم تكن دُرر متعبة لما سلمتِ من نصائحها ومن

أنه من تشبه بقوم فهوا منهم حتى تخرجي من هنا تبكي "

ضحكت وقالت " والنتيجة لن أغير رأيي في نفسي , ولا أحتاج

لرجل لا يحكم عليا إلا بظاهري "

ثم وقفت بعدها وقالت " عليا المغادرة الآن وسأراكما وقت مغادرتي "

ثم خرجت من عندنا فنظرت لترجمان وقلت " ما سر طلاقها ؟ "

قالت بلامبالاة " كانت متزوجة من صديق شقيقها تاجر ويعمل معه في

الشرطة بارد وجاف ومتعجرف , وزواجهما كان بعقد فقط وبعد

تركي لمنزلهم تطلقا وهذه هي الحكاية "

اتكأت للخلف وقلت بهدوء " فتاة غريبة حقا ومظهرها لا يوحي

بروحها الطيبة وقلبها الكبير "

قالت من فرها " وهي تكره أن يحكم عليها الناس بمظهرها ولا أراها

تختلف عن الكثيرات , فكلها فصوص في وجهها وخواتم في أصابعها

وصوت رقيق وغنج وبعض الكلمات الغير عربية "

هززت رأسي بنعم وقلت " معك حق لكن البعض شوه صورة كل من

يحب هذه الأشياء فحتى الفتيات الشاذات لهن مظهر مشابه وإن كان

بمبالغة أكثر "

وقفت وقالت " سأغادر للمنزل لأستحم وأحضر لك ثيابا , هل تريدي

شيئا آخر أجلبه معي "

هززت رأسي بلا فغادرت جهة الباب قائلة " سأحاول أن لا أتأخر

ساعتين فقط أو ثلاثة "

ابتسمت بحزن أراقبها حتى اختفت , ثلاث ساعات وتقول لن تتأخر ؟

أجمل ما فيك يا ترجمان أنك لم تفقدي روحك الجميلة رغم كل ما مررتِ

به , فأنتي أيضا تحتاجين من يفهم دواخلك .. من يرى ترجمان التي في

الداخل ولا يحكم عليك من تصرفاتك الطائشة والمتهورة والمجنونة

استلقيت على السرير يدي على بطني وأغمضت عيناي برفق, أريد أن

أنام فقط , أنام دون أن أفكر في شيء ففي هذه الأوقات التي أكون فيها

وحدي لا مهرب لي من التفكير سوا بالنوم , نزلت دمعتي فورا من طرف

عيني وفكرة واحدة لاحت أمام عيناي ( هل سأنجب طفلي وهوا بعيد عنا

ألن يراه أبدا ؟؟ ) ورغما عني ذهب تفكيري لآخر ليلة نام فيها معي قبل

سفرنا حين همس في أذني قائلا ( لا أحد يوقف أقدار الله يا دُره فإن

حملتِ بابني فلا تتركيه للظلم حبيبتي أرجوك )

شددت الغطاء على وجهي وانسكبت الدموع الواحدة تتبعها الأخرى

وإن كان لساني لم يتوقف عن الاستغفار وذكر الله , فها قد

حدث ما توقعه يا أواس ولن أترك ما خشيه يحدث







*~~***~~*







دخلت المنزل وما أن وصلت عند الباب حتى لفت نظري حديث الطفلتين

الهامس جالستان عند العتبات ولم ينتبها لوجودي وريحانة تقول لعبير

الجالسة بجانبها وبكل أسى " لا أصدق أننا سنغادر من هنا ؟ "

حضنت عبير وجهها بيديها وقالت بحزن " لن يكون لدينا بعد اليوم

ألعابا ولا حديقة ولا غرف كثيرة ؟ كل هذا سيذهب كما جاء "

قالت ريحانة باستغراب " لكن لما نخرج ! أنا لا أفهم "

تنهدت عبير وقالت " قد تكون سراب طردتنا "

هززت رأسي بأسى من أفكار الأطفال ثم دخلت وصعدت للأعلى

ودخلت لغرفتي وسراب ووجدتها تخرج أوراقا من الخزانة وتجمعها

في صندوق فقلت " ماذا تفعلين ؟ "

نظرت لي ثم عادت لما تفعل وقالت " أجمع أغراضي "

نظرت لها بصدمة وقلت " ولما ؟؟ "

أغلقت باب الخزانة وقالت " حتى هذا المنزل لن يكون ملكا لي قريبا "

شهقت بصدمة وقلت " سلبه منك أيضا ذاك اللص ؟ "

ابتسمتْ بسخرية ولم تعلق فتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها

منها جهة السرير وأجلستها وجلست بجانبها وقلت " تكلمي ماذا حدث ؟ "

نظرت ليديها في حجرها وقالت بحزن " طلبت منه أن أستبدل منزلي هذا

بالمنزل الذي اشتراه للعم صابر بيعا وشراء ليبقوا هنا فهم يرفضون

البقاء فيه وهوا ليس ملكا لآسر "

هززت رأسي بحيرة وقلت " تضحين من أجلهم بآخر ما لديك ؟ "

نظرت لي وقالت بحزن " هذا المنزل يعني لهن أكثر ما يعني لي يا

ترجمان فكيف أراهم أمام عيني يخرجون منه بأعين حزينة وأنا لا

أحتاج لكل هذا المكان الواسع "

شردت بنظري للأرض وتذكرت حديث الطفلات قبل قليل فقلت

" معك حق فأقل ما قد يفكرون فيه أنك من أخرجهم من هنا "

ثم نظرت لها وقلت " وما سيفعل بكل ما أخذه ؟ ما الذي يفكر

فيه ويريده بكل هذا ؟ "

أبعدت نظرها عني وقالت بشرود " قال أنه سيبيع كل شيء ولم

يقل لي ماذا سيفعل به ولا يحق لي سؤاله ولا يعنيني أيضا "

تنهدت بأسى وقلت " عدتِ كما كنتِ يا سراب صفر اليدين وهوا

السبب طبعا بينما أخذ هوا كل ما بقي أو ما أبقى ولم ينل حتى

عقابه على تدميره لثروتك "

لاذت بالصمت لوقت ثم نظرت لي وقالت بحزن " ذهبت له

البارحة لأخبره بشأن المنزل وسألته مجددا عن سبب ما فعل

ورفض الإجابة وكأنه يريد قهري أكثر "

ثم قالت تمسك عبرتها " ولم أبكي يا ترجمان ! منذ البارحة

لليوم ولم تنزل لي دمعة تصوري "

تنهدت بأسى وقلت " تطور جيد لكن هل سيستمر ؟ "

وما كنت أنهيت جملتي إلا وقد دفنت وجهها في كفيها وانفجرت باكية

فأمسكت رأسي بيأس منها ثم ضممتها لحضني وقلت ماسحة على

ظهرها " يكفي بكاء يا شقيقتي قسما أنه لا يستحق دمعة من

عينيك فانسيه وعيشي حياتك "

قالت بعبرة " قال لن يطلقني ورفض الأمر تماما , هل

رأيتِ ما يفعل بي "

قلت من بين أسناني " من يمسكه لي فقط "

ثم ضممتها أكثر وقلت " يكفي يا سراب فأنتي لست بحاجة لتلك

الأموال التي أتت عن طريقه "

قالت بذات نحيبها " لا تعنيني , أقسم أنها لم تعد تعنيني وكنت مستعدة

لفقدها في أي وقت , أنا مصدومة فيه هوا ولا يريد قلبي أن يقتنع ولم

أستطع ولا قولها له حين انتظر رأيي في كل ما فعل "

ربتت على ظهرها وقلت " لن يفيد قولك له يا لص في شيء , انتهى

كل ذلك وقد سرق وأحرق وقتل ولا مبرر له يا سراب "

أخرجت بعدها هاتفي واتصلت بمن عليه أن يجد حلا للحمقى

الذين ورطنا فيهم , رن الهاتف مرتين وأجاب بعدها قائلا

" مرحبا بابنة شقيقي "

قلت ببرود " لا مرحبا بك يا عمي الأناني "

ضحك وقال " مقبولة منك , وما بك ؟ ما هذا البكاء لديك ! "

قلت بضيق " جيد أنك سمعته بدون أن أشرح , وهناك أخرى تركتها

تبكي في المستشفى والسبب رجالك الأوفياء طبعا فمتى سيكون لك

موقف في كل ما يحدث لنا وما أدخلتنا فيه بنفسك "

قال من فوره وبجدية " ما بها سراب من أزعجها ؟ "

قلت بتذمر " وما الذي كنت أقوله منذ قليل "

قال بذات جديته " ثلاثتكن في حسبة بناتي ولن أقف أتفرج

أمهليني قليلا فقط وقادم لكم "

رميت بعدها الهاتف جانبا وقبلت رأسها وقلت " هذه المرة سيأخذ

بحقنا يا سراب وإن لم يفعلها أنا من أخذت لك حقك منه "






*~~***~~*





أخذته من يدها ووضعته جانبا وقلت بضيق " أمي أنا أوصيت صديقا

لي ليتكفل بكل شيء هنا كي لا تتعبوا أنفسكم في المنزل فيكفي تعبكما

هناك ونحن لم نصل إلا من ثلاث ساعات فاتركي عنك كل هذا "

تنهدت باستسلام وقالت " إذا خدني لابنتي لأراها "

قلت بضحكة صغيرة " تريدين تعجيزي ؟ لن تعملي في المنزل

ولن نذهب الآن فجدتي ستصر على الذهاب معنا وهي متعبة

من الرحلة وساقاها لن يرحمانها الليلة "

نظرت لي بنصف عين وقالت " وأنت لن تذهب لها ؟ "

هززت رأسي بلا مبتسما فقالت ببرود " أقطع ذراعي إن

كنت لن تكون خارجا الآن لتذهب لها "

ضحكت دون تعليق فقالت " سمعت مكالمات كثيرة أتتك هل

هي بخصوص عملك هنا أم بخصوص زوج دُرر ؟ "

تنهدت وقلت " بخصوصهما الاثنين "

شدتني من يدي وأجلستني قائلة " أخبرني ما الجديد في كليهما

لن أتركك تخرج حتى تقول كل شيء "

تنهدت باستسلام ولا مجال للهرب منها أعرفها جيدا , قلت بهدوء

" سأعمل في مبنى المخابرات هنا بالعاصمة , عملي سيكون مختلفا

عن السابق "

قالت من فورها " يعني لا أعمال سرية ورحلات مموهة ومبهمة

ولن نقلق ونخاف عليك مجددا ؟ "

أمسكت يدها وقبلتها وقلت مبتسما " اطمئني فلا شيء من كل ذلك

سأعمل بشهادة خبرتي على الأجهزة وتدريب بعض الجدد أي أن

عملي سيكون ضمن المكاتب ولساعات معينة نهارا فقط "

هزت رأسها بحسنا وقالت " وماذا عن زوج شقيقتك ؟ "

نظرت للأرض بشرود وقلت " هذا الأمر الذي لم أفلح فيه أبدا ومن

أوصيتهم ووعدوني بالتقصي وجلب ما يفيدنا بدأ بعضهم بالتهرب

والآخرون أقوالهم متناقضة ومتضاربة "

انضمت حينها خالتي راحيل لجلستنا وقالت والدتي بحيرة

" ولما ومن وراء ذلك !! "

قلت بذات شرودي " لا أعلم وكل ما وصلت له أنه لم يخرج

من البلاد بعد عودته لها وأن زوجته الأخرى مختفية أيضا "

قالت خالتي " هل تكون معه ؟ "

نظرت لهما وقلت " لا أعتقد ذلك فلا تنسيا أنها كانت متآمرة مع

رجال جدي فلن يأخذها معه أبدا "

قالت والدتي " هل يكونوا سجنوها أيضا ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " لا اسم لها في جميع السجون النسائية "

قالت خالتي باستياء " ما هذا اللغز المحير ! أين يختفون هؤلاء البشر ؟ "

تنهدت وقلت " والدتها ترفض قول مكانها لأحد والمقربون لها قالوا أنها

لا تتوقف عن البكاء عليها فقط ولا تقول شيئا والبعض يشيع أنها ماتت أما

عمها فمسجون في قضية علي رضوان ذاتها ولا معلومات أكثر عنها "

ضربت والدتي كفيها ببعضهما وقالت بأسى " ما هذه الألغاز المتوالية ؟

وشقيقتك لن ترتاح ويهنئ لها بال حتى تعرف أين هوا أو ستموت

من حسرتها عليه بالتأكيد "

وقفت وقلت " سأستبعد جميع رجال المخابرات والشرطة ولدي من

سيتحرى عن الأمر ويجلب لي ما يفيد فأولئك يبدوا ثمة من يقيدهم "

ثم قلت مغادرا جهة الباب " لا أرجع وأجدكما كالنحلتين كعادتكما

ارتاحا فقط واعتنيا بجدتي "

ثم خرجت مغلقا باب المنزل خلفي ووضعت النظارة على عيناي أنظر لجانبي

الشارع , لم ارتح لهذا الحي ويبدوا أني سأستأجر منزلا غيره في وقت قريب

خاصة وأن أغلب المحلات بعيدة عن هنا , كنت أود شراء منزل بما جمعت من

مال لكن المنازل في العاصمة مرتفعة الثمن ولأننا كنا نعيش هناك على الإيجار

وأنا من أتكفل بثلاثتهن لم أستطع جمع الكثير رغم أنه كان مبلغا لا بأس به لكن

العقارات فاجأتني هنا بارتفاعها الكبير وسيكون عليا جمع المزيد لنشتري منزلا

جيدا , فتحت باب السيارة وركبت وغادرت من هناك قاصدا المستشفى فعليا

رؤيتها قبل كل شيء , ضغطت على المقود بقبضتاي ونظري شارد في الطريق

وذهني مع من سأراها بعد قليل , كلما رأيت شحوبها وحزنها وتعبها تعبت مثلها

وأكثر , وجل ما يتعبني عجزي عن فعل شيء من أجلها ولا أستطيع حتى الآن

فتح موضوع أموالها التي تركها لها ولا المنزل فكيف سأخبرها بطلاقه الذي

أبطله حملها الآن وستكون في العدة حتى تنجب ولن نستطيع إخبارها حتى ذاك

الوقت خوفا على صحتها وصحة جنينها قبل كل شيء , لست تعلم يا أواس أي

مصائب خّلفتها بما فعلت بها وأي كوارث تركتها لي وهربت , وصلت المستشفى

ونزلت ودخلت من فوري وبعدما سألت عن غرفتها توجهت لها مباشرة , وصلت

عندها وطرقت الباب طرقات خفيفة ولم يجب أحد ففتحته ببطء ودخلت فكانت نائمة

على السرير مغمضة العينين تتنفس بشيء من الصعوبة وقد ازدادت شحوبا ووزنها

في تناقص مستمر , لو ترحم نفسها فقط , ولو أجد لك حلا يا شقيقتي أقسم أن أدفع

عمري ثمنا له , أغلقت الباب واقتربت منها حتى وصلت عندها ومسحت على

شعرها وقبّلت جبينها برفق ففتحت عينيها مباشرة وابتسمت بحزن ما أن رأتني

فقلت مبتسما ويدي لازالت تمسح على شعرها " كيف حالك يا دُرر ؟ "

قالت بذات ابتسامتها " جيدة , حمدا لله على سلامتكم كيف حال

جدتي ووالدتي وخالتي "

جلست على طرف السرير وأمسكت يدها وقبلتها وقلت " بخير جميعهن

كانت أمي مصرة على المجيء معي لكن جدتي متعبة من الرحلة ولن

ترضى أن لا تأتي معها فتركتهن جميعا "

مسحت طرف عينها حيث انسابت دمعة من رموشها وقالت بحنان

" كم اشتقت لها "

مسحت على شعرها بيدي الأخرى وقلت مبتسما " أخبروني أني

سأصبح خالا , ما هذه المفاجأة السّارة "

أبعدت نظرها عني وقالت بحياء " سنزيدك على ما بك وكأنه

ينقصك مسئوليات "

قلت بعتب " دُرر كيف تقولين هذا ؟ أقسم أني كنت أنتظر اليوم الذي

نجدك فيه بالساعة والدقيقة ولم أطمئن في نومي ويقظتي حتى

عدتِ لنا أمام ناظري وتحت رعايتي "

نظرت لي وشدت على يدي بقوة وقالت بدفء " أنتم من أجمل هدايا

الخالق لي يا قصي , حمدا لله الذي جمعني بكم "

قبّلت يدها مجددا وقلت " إذا اهتمي بصحتك لتخرجي من هذا

المستشفى وترجعي لنا "

قالت بتردد ظهر واضحا في صوتها وملامحها

" ماذا حدث بشأن أواس ؟ "

تنفست بقوة ونظرت لها بصمت وكما توقعت سيكون هوا أول ما

ستسألني عنه , قالت عندما طال صمتي " ماذا حدث يا قصي

هل علمت شيئا ؟؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " لا شيء مهم , لم يغادر البلاد وزوجته

الأولى مختفية أيضا "

أمسكت قلبها بيدها وقالت بخوف " ما معنى هذا ؟ "

شددت على يدها التي في يدي أكثر وقلت بحزم " دُرر توقفي عن

تعذيب نفسك أو قسما لن أخبرك بشيء مجددا "

قالت ببحة بكاء " لن يكون ذهب معها أليس كذلك ؟ هل قتلها يا قصي "

قلت من فوري " لما أفكارك جميعها سوداوية هكذا يا دُرر ؟

قد يكون لا يعلم عنها شيئا "

أبعدت نظرها عني وشردت به في سقف الغرفة ولم تزدد ملامحها

سوا حزناً وإحباطا فوقفت وقلت " عليا المغادرة الآن لأنه لدي أعمال

كثيرة لم أقم بها وسأجلب والدتي أو خالتي لتبقى معك إن سمحوا بذلك "

نظرت لي وقالت " لا داعي لذلك يا قصي فإحدى شقيقتاي معي هنا

هي ذهبت فقط لتستحم وستعود ثم أنا سأخرج غدا من هنا فلا

تتعبهما بالمجيء إلي "

قبّلت جبينها وقلت " إذا أراك فيما بعد , هذا إن لم آتي بهن معي

لأن والدتك لن تتركني وشأني حتى تراك "

ثم غادرت من عندها على ابتسامتها الحزينة وهمسها الذي وصلني

بوضوح " ليحفظك الله يا شقيقي "

خرجت مجتازا الممر ونظري يبحث بين الأجساد المتحركة حولي بعشوائية

باحثا عن أشياء بيضاء تتحرك بينهم , عن أي جسد يحمل معطفا طبيا ليدلني

على وجهتي التي أريد , لمحت أخيرا ممرضة وقفت عند أحد الأبواب وأخرجت

مفتاحا من جيب معطفها الطبي لتفتحه به وفي اليد الأخرى تحمل صندوقا خشبيا

يُتخذ كحاملة مليء بأنابيب الاختبار فأسرعت بخطواتي لأدركها وما أن اقتربت

حتى قطع طريقي شابين اقتربا منها بشكل مريب فوقفت مكاني وقال أحدهما

بصوت منخفض " قطع الله رزقك ما أجملك "

وقال الآخر ناظرا لها وهما يجتازانها " لما لا تضعين قرضا في أنفك

وتغيرين اسمك لأنجيليكا "

وغادرا ضاحكين ولم تتحدث الفتاة المولية ظهرها ترفع المفتاح الذي وقع

منها قبل أن تفتحه به ولم يبدر منها أي رد فعل حيال ما قالاه , وبدون تفكير

في سبب كلامهما تحركت متابعا باقي الخطوات التي تفصلني عنها حتى

وصلت عندها وقلت بهدوء " عذرا يا آنسة "

التفتت لي حينها ويدها لازالت تمسك المفتاح الذي غرسته في فتحة الباب

كانت فتاة جميلة حقا كما وصفها ذاك وصفاء بشرتها البيضاء ملفت للنظر

بشكل غريب وعلِمت الآن لما قال الآخر ما قاله فقد كانت تزين وجهها بثلاث

فصوص تحت حاجبها فوق جفن عينها اليمنى بحجم ولون واضحين يحملن

ألوان لباسها البنطال الأزرق والحجاب الزهري وطرف كم قميصها النيلي الذي

يظهر من تحت كم المعطف ليتمثلوا في ثلاث فصوص زرقاء ونيلية وزهرية

وعند طرف العين الأخرى وشم لفراشة سوداء صغيرة امتد جناحها لطرف

خدها , قلت من فوري " أين أجد الطبيبة خالدة وهل هي مداومة اليوم "

ابتسمت ابتسامة صغيرة مجاملة وقالت بصوت أدهشني من رقته وانخفاضه

" إن كان يمكنك انتظاري قليلا حتى أضع ما في يدي أو تنزل

للاستعلامات في الأسفل وتسأل عنها "

رفعت طرف سترتي وقلت مدخلا يدي للجيب الخلفي لبنطالي أتفقد

محفظتي التي شككت للحظة أني نسيها في غرفتي " لا بأس سأنتظر

أيسر من النزول ثلاث طوابق "

ففتحت حينها الباب ودخلت وأستغرب أن كلام ذاك الشاب لم يؤثر بملامحها

أبدا وكأنها لم تسمع شيئا , قد تكون هذه النماذج من الفتات غريبة بعض الشيء

هنا لكن أن تُصر على ما تقتنع به أمر غريب عنهن بالتأكيد , خرجت بعد قليل

وأغلقت الباب كما فتحته وأخذت المفتاح معها وسارت أمامي وتبعتها بخطوات

أعدّها بطيئة بينما هي أمامي يبدوا لي وكأنها تركض , أخرجت هاتفا من جيبها

ثم وضعته على أذنها وقالت ونحن ندخل أحد الممرات وبصوت بالكاد يسمع

" بسمة هل الدكتورة خالدة مداومة الآن أم انتهت مناوبتها "

سكتت قليلا ثم قالت " أجل ... شكرا لك "

ثم دست هاتفها في جيبها ووقفت عند أحد الغرف والتفتت لي وأشارت

لبابها المغلق بإبهامها الذي احتضن وسطه خاتم بلون الفضة دائري لا

نقوش فيه ولا شيء ملحق به وقالت بذات النبرة الشبه هامسة من

رقتها " تجدها هنا "

ثم أضافت مبتسمة " ولا تطرق الباب وتدخل مباشرة قبل أن تأذن

لك فهي تبغض هذه الحركة "

ثم سارت عائدة من حيث أتينا ونظري يتبعها حيث قطعت طريقها

ممرضة راكضة قالت بصوت لاهث مرتفع " سدين أين نتائج العينات

الدكتور خيري يبحث عنك وتعلمي غضبه من ترك أي واحدة منا

لغرفة المختبر فارغة "

قالت شيئا لم أسمعه لانخفاض صوتها وهي تسرع أمام التي لحقتها قائلة

بذات نبرتها المرتفعة " لحق بك بعدما أخذتِ العينات , ما كان عليك

مغادرة الغرفة بعدها , تعلمين قوانينه الصارمة جيدا ويبدوا أنك تريدين

إثبات نظريته التي قالها عنك من أول ما رآك بأنك فتاة مستهترة "

بقي نظري معلق بهما حتى اختفتا عند نهاية الممر الطويل , إذا هي ليست

ممرضة كما توقعت بل تعمل في المختبر , لكن لما لم تخبرني بذلك وتصرفني

فورا !! ولما يحكم عليها ذاك الطبيب من مظهرها ؟ رميت كل تلك الأفكار من

رأسي وطرقت باب الغرفة مرتين حتى سمعت صوت المرأة التي قالت

من الداخل " لحظة حتى تخرج المريضة "

فوقفت جانبا أنتظر وجيد أن تلك الفتاة نصحتني بذلك لكنت فتحت الباب بعد

طرقتي الأولى , عليا أن أعلم منها عن حالة دُرر وما قد تحتاجه الفترة

القادمة فهي لن تفكر في صحتها بالتأكيد







*~~***~~*








خرجتُ من الحمام أجفف شعري فكانت قد عادت لجمع أغراضها فجلست

وشغلت مجفف الشعر وجففته ثم أطفأته وقلت " وأنتي تجمعين

أغراضك الآن هل وافقوا على استبدال المنزل "

قالت منشغلة بما تفعل " أعرف كيف أجعله يوافق , سأخبره أني خارجة

في كل الحالات وسأكون في الشارع إن لم يوافق وأعرف عمي صابر

جيدا لن يطاوعه قلبه , ثم سبب رفضه كان أن المنزل ملكي

وها قد زال السبب "

انفتح الباب حينها بعد طرقات منخفضة وكانت الطفلة إسراء وقالت

من خلف الباب لا تظهر سوا عين واحدة منها ونصف وجهها

" سراب هناك شرطي يريدك في الأسفل "

فوقفت من فوري على خطواتها الهاربة وقلت متوجهة للباب

" هذا عمي رِفعت انزلي هيا "

ثم خرجت ونزلت السلالم فكان جالسا في الأسفل مع العجوز المقعد وكان

يتحدث معه بجدية وحين رآني نازلة سكت وهذا ما لم أكن أريده فمؤكد

وقف في صف ابنه الذي رباه وسيقنع عمي بسهولة كما فعل إياس سابقا

وصلت عندهم ووقفت دون أن أتحدث فوقف عمي وقال موجها كلامه له

" هذه المرة سأترك الأمر احتراما لك وتقديرا لسنك ولما فعلت من أجل

آسر وجعلت منه رجلا يفتخر به الجميع وعلى ما يبدوا نسي أن يطبق تلك

الشهامة والرجولة مع ابنة خالته اليتيمة , لكن إن اشتكى لي أحدهم مجددا أو

سمعت بكائها فقسما لن يرى ضفرها ولن أعجز عن رعايتها والحفاظ عليها

فهؤلاء الثلاث فتيات أعدهن أمانة في عنقي ولن أسكت مجددا على شيء

يخصهن كما حدث وغفلت عنهن الأشهر الماضية ضنا مني أني زوجتهم

لخيرة رجالي مطمئنا عليهن "

ثم نظر لي وقال ولازال عاقدا حاجبيه " وأنتي اجمعي أغراضك

وستذهبين معي الآن "

نظرت له بصدمة وكنت سأتحدث فقال من فوره وبحزم

" لا تناقشيني انتظرك في السيارة "

ثم غادر جهة الباب فلحقت به حينها للخارج وقلت موقفة له

" عمي انتظر "

وقف والتفت لي فقلت " لا يمكنني الذهاب معك "

كان سيتحدث فقلت " ليس الآن عمي فدُرر في المستشفى وسأكون

معها حتى تخرج ثم سراب ستعيش وحدها ولا أريد أن أتركها ولا

أنت تريد لها هذا بالتأكيد وهي لن ترضى بأن تعيش معك في منزلك "

قال وهوا يفتح باب سيارته " هذه الفترة فقط ثم أمامك أحد حلين "

ثم نظر لي وقال " منزل زوجك أو منزلي ولا خيار ثالث وسراب

منزل زوجها أو والدتها أو منزلي مفهوم "

ثم ركب وأغلق الباب وشغل سيارته وغادر من فوره فمددت شفتاي

مستاءة من الخيارين السيئين فهوا تزوج ما يفعل بي مزعجة معهم

وإياس لن أرجع له وإن مشى على أذنيه , هززت كتفي بلا مبالاة ثم

عدت للداخل فكانت سراب واقفة مع ذاك العجوز وقالت " إذا نتصل

بالمحامي الآن ونوقع الأوراق وهوا من سيتكفل بالعقود والملكية "

تنهد وقال " سراب لن نخبر آسر بقدوم عم شقيقتك وما قال فجربا

أن تتفاهما بعيدا عن البقية "

هززت رأسي بيأس من حال أصحاب هذا المنزل ثم صعدت

للأعلى لآخذ حقيبة يدي وملابس دُرر وأعود للمستشفى








*~~***~~*









دخلت سور المنزل وأوقفت سيارتي على صوت رنين هاتفي وكان المتصل

إياس فأجبت عليه وأنا أنزل منها وقال من فوره " هل صحيح ما سمعته ؟ "

قلت متوجها للمنزل " قله أولاً لأرى صحيحا أم لا , أنا لست كاهنا "

قال ببعض الضيق " ترجمان وصديقتها ستنتقلان لمنزل لوحدهما "

فتحت باب المنزل وقلت " صحيح "

كان سيتحدث فقلت من فوري مغلقا الباب خلفي " ولا كلمة , وكما سبق

وقلت لك ترجع لك برضاها هي وستفعل ما ستقرر مادمت أنا موافقا

عليه فقد انتهى دور تدليلي لك وجاء دورها "

قال بذات ضيقه " كيف تبقيان في منزل لوحدهما ؟ هذا خطأ لن أرضاه "

سندت يدي على الباب الذي أغلقته منذ قليل وقلت بحدة " نعم فأنا

لا أقرر إلا ما كان خاطئا "

قال بامتعاض " ليس ذلك أعني , لكنهما امرأتان وحتى الرجل الذي

ربى آسر وعائلته لن يكونوا معهم "

أبعدت يدي عن الباب وأمسكت عيناي بأصابعها وقلت " تحمل نتائج أفعالك

وجِد لك طريقة تأخذها بها لمنزلك , ولازلت أحذرك يا إياس من إرغامها "

قال بضيق " لا تلم أحدا غير نفسك إن أصابهما مكروه .. وداعا "

تأففت ووضعت الهاتف في جيبي ثم توجهت للسلالم وصعدت وتوجهت لجناحي

فورا ودخلت لتستقبلني رائحة العطر والعود , أمور نسيت وجودها في حياتي من

أعوام فلم يكن يقابلني هنا إلا البرد والظلام ورائحة المنظفات العطرية التي تستخدمها

الخادمة في تنظيف أرضية الجناح يوميا , نزعت قبعتي وتوجهت للغرفة ودفعت بابها

الشبه مفتوح ليقع نظري على المنحنية ترتب مفرش السرير ووقفت والتفتت لي من

فورها بفستان طويل مزركش يحتضن جسدها الممشوق وشعرها الحريري مفتوحا

يغطي نصف ظهرها وهذه المرة وضعت كحلا في عينيها زاد حجمهما ووضوحهما

تقدمت نحوي مبتسمة وأخذت القبعة من يدي قائلة " تأخرت الليلة وأقلقتنا

عليك ولم تتصل , فلا تفعلها مجددا "

غرست أصابعي في شعرها وأخرجتهم وخصلاته التفت حولهم وقرّبته حتى

أوصلتهم لوجهي وقلت مستنشقا لهم " ما هذا الذي تعطرين به

شعرك ؟ لم أشم رائحته في حياتي "

رفعتْ يدها واستلت شعرها من بين أصابعي وقالت بابتسامة خجولة

" أشياء تخص بالنساء ماذا تريد بها تسأل عنها ؟ "

ضحكت وتوجهت للداخل وقلت وأنا أفتح أزرا سترتي

" مجرد سؤال أو تساؤل "

اقتربت خطواتها مني وقالت وهي تنزع السترة منزلة لها من كتفاي

" اتصل بنا حين تعلم أنك ستتأخر يا رِفعت أرجوك "

جلست على طرف الأريكة وقلت وأنا منحني لحدائي لأنزعه

" آسف , أعلم أنه خطئي لكني نسيت حقا وانشغلت "

قالت متوجهة للخزانة " أكلت أم أضع لك العشاء ؟ "

وضعت حدائي جانبا وقلت وأنا أقف " لا تعشيت "

ثم قلت متوجها للحمام " سأحضر خادمة أخرى تساعد في

أعمال المنزل "

ثم وقفت عند الباب ونظرت لها وهي تغلق الخزانة ناظرة لي وقلت

" لن أخطئ رائحة عطرك التي أشمها في مجلسي وأعلم أنك تنظفيه

بنفسك أكثر من مرة في اليوم كلما جاءني أحد وغادر "

كانت ستتحدث فأشرت لها بسبابتي بلا وقلت " لا تناقشي لا أريدكما

أنتي وابنتك أن تفعلا شيئا , فلما أعمل أنا وأجني المال "

ثم دخلت الحمام وأخذت حماما منعشا أزال كل ذاك التعب ثم خرجت

للغرفة لافا المنشفة على خصري وكانت جالسة على الطرف الآخر

للسرير فجلست في جهتي وقلت منشغلا بهاتفي أضبط منبهه

" لدي سؤال هل أطرحه أم لا داعي له ؟ "

قالت بصوت مبتسم " وإن قلت لا داعي له لن تطرحه ؟ "

وضعت الهاتف على الطاولة بجانب السرير ونظرت لها وقلت

" بالتأكيد "

قالت مبتسمة " إذا اسأل كما تريد يا نصير حقوق المرأة والزوجة "

خرجت مني ضحكة صغيرة وقلت وأنا أتكئ على الوسادة بمرفقي ونظري

لازال على ملامحها " أنتي ألم تشتري قمصان نوم من مهرك ؟ "

نظرت لي بصدمة فضحكت وقلت " خيّرتك من البداية واخترتِ أن تجيبي "

نظرت ليديها في حجرها وقالت ووجهها بدأ يشع احمرارا من الخجل

" وهل لي أن أتراجع الآن ؟ "

قلت بضحكة " مستحيل "

غيرت من وضع جلوسها بحيث أعطتني جانب وجهها وقالت

ولازالت تنظر ليديها " لا "

تنهدت بيأس وتمتمت " والحل الآن "

نظرت لي بصدمة أشد من سابقتها فقلت بضحكة

" أقسمي أنك صادقة "

أبعدت نظرها عني مجددا وقالت " قسما لم اشتريهم "

قلت بمكر " وماذا عن الذي في أسفل الخزانة في الكيس

الزهري الصغير "

شهقت بقوة وقالت " كيف رأيته !! "

ضحكت وقلت " اعترفي لا مجال للهرب "

قالت وقد عاد الخجل يذيب ملامحها ويزيدها جمالا ورقة وهي تسدل رموشها

الطويلة للأسفل هربا من مواجهة عيناي " ذاك أهدته لي جارة شقيقي حين

علمت بخبر زواجي وجاءت لتودعني ولم أجرؤ ولا على تعليقه مع باقي

ملابسي في الخزانة , وإن كنتُ أعلم أنك تفتش من ورائي لكنت رميته "

قلت مبتسما " كنت أبحث عن غرض أضعته من مدة , ثم كيف

ترمي هدية صديقة لك يا ناكرة المعروف ؟ "

لم تجب ولازالت تتجنب النظر لي فقلت " هيا أريد رؤيته عليك "

نظرت لي بصدمة وكانت ستتحدث فاتكأت على السرير مسويا نومتِ

وقلت " بدون نقاش , وغدا تخرجي لتشتري ملابس تنفع لامرأة

وزوجها , هذه الفساتين تلبسيها أمام ابنتك وضيوفك "

وقفت كالملسوعة وأولتني ظهرها وقالت " رِفعت إن كنت ترى نفسك

لازلت صغيرا فأنا أرى نفسي لا أصلح لهذه الأمور التي لا تليق بسني "

ضحكت بصمت ثم قلت بلهجة حادة تمثيلية " خديجة يبدوا أنك

تسخرين من تساهلي معك "

التفتت لي ونظرة الصدمة والفزع جلية على وجهها فضحكت وقلت

" تحركي هيا "

نظرت لي بضيق فقلت بهدوء " أنتي لم تعرفي غضبي بعد فتجنبيه

يا امرأة "

تحركت حينها نحو الخزانة قائلة بحنق " مالي ومال الزواج من أساسه "

فراقبتها مبتسما وهي تخرجه وتتوجه به للحمام وقلت قبل أن تغلق الباب

" لا أسمعك مجددا تصرحين بندمك على زواجك مني مفهوم "







*~~***~~*








منذ أيام وفي صباح اليوم التالي لذاك اليوم الذي زارنا فيه عم ترجمان

وبعدما خرجت دُرر ورافقناها لمنزلها وتعرفنا بوالدتها وخالتها وجدّتها

انتقلنا هنا للمنزل الذي كان من المفترض أن يكون للعم صابر وعائلته

كان المنزل يعد كبير الحجم نسبيا وشبه جديد بخمس غرف واسعة جدا

وصالون ومجلس خارجي وفي حي يعج بالحركة أي آمن تماما فالناس

تتحرك فيه حتى وقت متأخر ليلا بسبب موقعه وسط العاصمة تماما

رفعتُ طرف شعري خلف أذني وعضضت شفتي بقوة أمنع دمعتي من

السقوط ونظرت مجددا للرسالة التي وصلتني اليوم وكانت من آسر وفيها

( أنا مسافر وحاذري يا سراب أرجع وأجدك تعملي , وضعت في حسابك

مالا يكفيك حتى عودتي ) ضغطت على الهاتف ومسحت عيناي بقوة قبل

أن تنزل دموعي منهما , لتستل يد ما الهاتف من يدي وصوت ترجمان

قائلة بصدمة " ما هذه ! متى أرسلها ؟ "

ضغطت قبضتاي بقوة حتى شعرت بأظافري انغرست في كفيهما

وقلت ونظري معلق بالفراغ " صباح اليوم "

وقفت أمامي وقالت واضعة يداها وسط جسدها " والمعنى منها ؟

أين ذهب وماذا فعل بكل ذاك المال ؟ "

مسحت دمعة جديدة نزلت من عيني وقلت ببحة " لا أعلم "

رمت عليا هاتفي وقالت " اتصلي به فورا ولا تسكتي له , أقسم أن يكون

تزوج وسافر بها وتركك هنا تبكينه وتبكي أطلال أملاكك التي نهبها "

ثم ضربت قدمها بالأرض وقالت " سحقا له , هذا كان مخططه من البداية

أن يسلبك حتى المنزل ويأخذوه هوا وعائلته تلك "

نظرت لها بصدمة ولم يلتقط دماغي من كلامها سوا عبارة واحدة

( تزوج وسافر بها .. تزوج وسافر بها )

وقفت كالملسوعة وأمسكت فمي وقلت بعبرة ودموعي تعبر خداي ناظرة

لها " لن يفعلها بي يا ترجمان لن يتزوج , لقد أقسم لي على ذلك "

قالت من فورها " كاذب , وتصدقين قسم لص مخادع مثله ؟ "

ثم أشارت بإصبعها لهاتفي الملقى على السرير وقالت بضيق

" اتصلي به الآن وأسمعيه ما يستحقه وما لم يسمعه منك حتى الآن "

نظرت للهاتف لوقت ثم أمسكته بيد مرتجفة من البكاء ولم أستطع ولا ضغط

أزراره وفشلت مجددا وحاصرتني صورته القديمة وكيف قسا عليا سابقا

بسبب ظنوني به وكم عانيت حتى غيرت فكرته عني , تأففت ترجمان

وقالت " أريد أن أفهم "

ثم تابعت وهي تعد على أصابعها " لا تريدين العودة له وتطلبين الطلاق

ولا تشتكي عليه بسبب أموالك التي أهدرها , وإن جلب أحدهم فقط سيرة

أن يتزوج من أخرى جن جنونك , فما الذي تريديه بالتحديد "

مسحت عيناي وأنفي وشهقت العبرة التي كنت أكتمها ثم فتحت قائمة الأسماء

بيد مرتجفة واتصلت برقم العم صابر فعليا أن أفهم منه هوا قبل أن أتسرع في

أي شيء , جربت ورقمه كان مقفلا فرميت الهاتف حيث كان وأخذت حجابي

ومعطفي وغادرت الغرفة وترجمان تتبعني قائلة " أين ستذهبين ؟ "

قلت وأنا أفتح باب المنزل وأخرج منه " خذيني لمنزل العم صابر "

ركبنا السيارة وغادرنا من فورنا لا شيء سوا كلمات ترجمان الغاضبة التي لم

تترك شتيمة لم ترميه بها وكالعادة شملت زوجها وزوج دُرر معه أما أنا فكنت

في صمت موحش أنظر للطريق أمامي بشرود أفكر لو أن كل ما ظننته به ولم

أقله له أن يكون صحيحا وقد فعل كل ما فعله ليسلبني كل شيء وأرجع كما كنت

وحيدة ومعدومة وتزوج هوا الآن مشهرا ورقته الأخيرة , وصلنا المنزل وأشعر

بقوى تحركني لا تمد للبشر بأي صلة وأقسم لو تحولت لنار لأحرقت كل شيء

نزلت ودخلت السور وتقدمت نحو المنزل وترجمان تتبعني حتى تقابلت قرب

الباب مع عبير وإسراء التي ركضت نحوي تحمل دمية يكاد طولها أن يكون

مثلها ولأن ترجمان خلفي طبعا فلم تقترب أكثر وقالت عن بعد خطوات

" أنظري سراب للدمية , أحضرتها لي المرأة التي جلبها أخي آسر "

وكانت تلك هي القذيفة التي كنت أخشى أن يوجهها لي يوما , اقتربت

منها بخطوات شعرت أني أمشيها على النار وقلت بكلمات خرجت لا

أثقل منها على لساني قائلة " مــــ ـن هي ؟ من تـــ كون ؟ "







*~~***~~*








وضعت الشال على كتفاي وضممته على جسدي وشددته من الأمام بدبوس

ومررت يدي على بطني من فوق صوفه مدرج الألوان , لم يبرز حجمه بعد

لكني بث أخجل من قصي وأشعر أنه بارز بشكل ملفت للنظر أو هكذا خُيّل لي

وسأحتاج لوقت لأعتاد الأمر فلن أستطيع إخفائه فيما بعد حين سيصبح حجمه

ظاهرا من تحت أي شيء سأخفيه به , نظرت للنافذة وللسحب الداكنة وتمتمت

ويدي لازالت على بطني " الطقس يبدوا سيئا اليوم بني ولن نستطيع الخروج

للبحث مجددا عن والدك "

تنهدت بحزن ونظرت للورقة في يدي لرفيقتي كل يوم وأنا أذهب بالخفية عنهم

وأبحث في أسماء وعناوين من عملوا لديه لعلي أجد ولو بصيص أمل أو خيط

رفيع يوصلني له , قبضت على الورقة بقوة وضممتها لحضني وقد عادت عيناي

لمعانقة السماء , أين ذهبت يا أواس ؟ كيف تتركني هكذا وما سر ورقة ملكية

المنزل التي وصلت لاحقا وليست مع الأوراق التي تركتها لي ؟ ترى أيخفون عني

غيرها ولم تكن الورقة الوحيدة ؟ دسست الورقة مكانها المعتاد حيث لا يعلم عنها

أحد وخرجت من الغرفة مغلقة بابها خلفي بهدوء ونزلت السلالم والصمت يعم جميع

أرجاء المنزل , غريب في العادة أصوات أحاديث جدتي مع أحد ابنتيها تُسمع في

المنزل طوال النهار !! توجهت لباب غرفة جدتي الشبه مفتوح سائرة جهته بخطوات

متوجسة وصوت الهمس المتداخل يتضح شيئا فشيئا خارجا من هناك , وصلت الباب

ونظرت من خلاله فكانوا يجلسون بالداخل جميعهم أعينهن معلقة بقصي الذي كان

مطأطأ رأسه للأسفل وقال بضع كلمات لم أفهمها جيدا في البداية جعلت خالتي

وجدتي تغلقان فمهما من الصدمة وضربت والدتي رأسها بكفيها فتمسكت بإطار

الباب وأمسكت معدتي التي شعرت فيها بوخزه قوية وكأن ثمة من ضربها

بسكين ونزلت للأسفل قائلة بألم وبكاء " مات وتركني "

على قفزتهم جميعهم واقفين وقد وصلت الأرض حينها متكئة على إطار

الباب وانسدلت عيناي ببطء ونظري عليهم وهم يركضون نحوي


المخرج : بقلم أغاني الوفاء

أحبيني ... وأوصدي الكف بالكف
فما سلكتُ إلا دروب المحبين ...
وماصغتُ إلا عبارات شاعر العاشقين..
تأملتُ منكِ الكثير...
تأملتُ لحبي التسليم ...
أوما آن يامُهرتي لترضخين...
وتستكينِ على صدري ولاتجمحين...
وتسقِ قلبي الضمأن وصلاً...
اسقيهِ فقد سُقِمَ من الحنين...

سلمت يداك


نهــايه الفصل

مفاجأة اليوم

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
الحلوين اللي طالبوا بفصل يوم الخميس قبل فصل اليوم
واللي طالبوا بفصل بعد فصل اليوم واللي طالبوا بفصلين اليوم ترضيه لهم


*

*

*

*

*

*

*

*
ي

و

م

*

*

*

ا

ل

س

ب

ت

*

*

*

*

*

*

غدا مساء الساعة العاشرة بنزل الفصل الواحد والخمسون


فيتامين سي 26-03-16 09:00 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)
 
1 مرفق





الفصل الحادي والخمسون


النص بالمرفقات



سلمت يداك

نهاية الفصل ..... موعدنا القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله
[/COLOR]

فيتامين سي 29-03-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)
 
1 مرفق



الفصل الثاني والخمسون

المدخل : بقلم الغالية منى سعد




النص بالمرفقات


سلمت يداك

نهاية الفصل ..... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله

فيتامين سي 01-04-16 01:00 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)
 





الفصل الثالث والخمسون




المدخل : بقلم الغالية alilox

واقفة للبحر بصمت تثرثرين وانت بداخلك قطعة من روحي تحضنين أأنت مثلي مقتنعة أن البحر من افضل المستمعين كلما كتبت اسمك على رماله اتاني هو وموجه مسرعين عن التي أمتلا قلبي وجوف البحر بجمالها وعن اسمها متسائلين أيشتكي لكي أنه تعب من شكواي له أم أنت له عن هجري لكي تشتكين بعمق الوجع وقدرة الاحتمال والوجع اصبحنا انا والبحر مشتركين تغيب الشمس خلفه والناس لامل جديد منتظرين وأنا حق العيش والامل من المقتولين بقايا رجل محمل بأوجاع الكون ومات املي بالقادم والسنين كجريرة قاحلة غير مسكونة فقط انا والبحر متجاورين

سلمت الأيادي

************

خرجت من باب المنزل وأغلقته بهدوء فكانت سيارته واقفة أمامه وهوا

واقفا خارجها ينظر لإطارها الخلفي ويضربه بقدمه ولم ينتبه لخروجي

فاقتربت منه بضع خطوات وقلت " جيد أفرغ غضبك من انتظاري

به كي لا تركلني أنا "

نظر لي حينها وكان سيقول شيئا لكنه ضل صامتا ينظر لوجهي بتفحص

فحولت نظري لسيارته وقلت " لأني طبعا سأركلك أيضا حينها "

خرجت منه ضحكة خفيفة وشعرت بيده على ظهري ودفعني برفق جهة

الباب وقال وهوا يفتحه " لنغادر إذا قبل أن نضيّع الوقت في تبادل الركلات "

تحركت مبتعدة عن يده بل وفررت من الرجفة الخفيفة التي اعترتني

حينها وكأنه لم يقترب مني من قبل فقال " ما بك تهربين مني ؟ "

قلت ببرود وأنا أركب السيارة " ولما سأهرب منك ؟ يمكنني رؤية

الباب دون أن توصلني له فلست عمياء "

ضحك وأغلق الباب دون أن يعلق ودار حول السيارة وركب في المقعد

المجاور وشغلها وقال ما أن انطلقت بنا " كنت أريد أن أعاملك

معاملة الأميرات يا ناكرة "

نظرت ليداي في حجري ثم سرعان ما قبضتهما حين أدركت أني نسيت

ظفرين من أظافري دون طلاء أحمر كالبقية , يالي من بلهاء سيسخر مني

الآن كعادته , قلت بذات برودي " والأميرة يجبرونها على الخروج معهم ؟ "

حرك رأسه قليلا ثم مال به جهتي وهمس قريبا من أذني " أميرتي أنتي

في كل حالاتك "

ابتعدت جهة الباب ملتصقة به وقلت بضيق " وما الداعي من هذا

الكلام الذي لا ينطبق على ما قلت ؟ "

ضحك وقال ونظره للطريق " شيء ما خطر في بالي "

أدركت حينها حركتي الغبية وكأني خائفة من أن يفعل شيء باقترابه

فعدت مكاني وقلت " وما هوا ؟ "

بدأ بالتصفير وأصابعه تتحرك على المقود مع صفيره ولم يجب

فقلت بضيق " جاوب عن سؤالي بدلا من تقليد الطيور "

ضحك كثيرا ثم قال " وهذا هوا جواب سؤالك أميرتي "

ضغطت على أسناني بقوة فلم أفهم شيئا والسؤال نتيجته السخرية بالتأكيد

كم أحتاج لوجود المترجم سدين معنا لأضربه على رأسه إن شممت رائحة

سخرية منه , بقيت أنظر له وأطير بين تلك الأفكار فنظر لي وقال مبتسما

" يقولون أنه ثمة اختلاف بين الشمس والقمر لكني أراهما لا يختلفان

عن بعض أبدا "

ثم غمز بعينه وقال " أميرتي أنتي في كل حالاتك "

ضربت كتفه بالحقيبة وقلت بحنق " قل شيئا مفهوما وتوقف

عن السخرية مني "

توقفت حينها السيارة أمام مطعم مشهور جدا هنا وقال مبتسما

" ينقطع لساني إن سخرت منك "

ثم مد يده ليدي وأمسكها وسحبها نحوه بقوة وقبل باطنها قبلة قوية

عنيفة ثم تركها مع سحبي لها وقلت " ما هذه الوحشية ؟ وهل هكذا

يقبّلون أيدي الأميرات ؟ "

ضحك وفتح باب سيارته وقال ناظرا لي " الأمر الذي يُنتزع بالقوة

يكون بالقوة وهذه شمس وسأريك القمر فيما بعد لتعرفي الفرق "

ثم نزل فتمتمت بحنق " رجعنا للشمس والقمر "

كنت سأفتح الباب ففوجئت به فُتح لوحده وكان هوا يقف خارجا ومد يده لي

وتجنبا لسخرية أخرى أمسكت بيده فأنزلني وأغلق الباب , عليا مسايرة كل هذا

من أجل شيء تريده تلك الغبية سراب , سرنا للداخل وهوا يمسك ذراعي لافا

لها على ذراعه حتى وصلنا لطاولة أخذني هوا لها واستللت يدي منه حينها

وسحبت الكرسي وجلست قبل أن يسحبه هوا فجلس في الكرسي المجاور

لي وقال مبتسما " متوقعة من شمسي لا بأس "

نظرت له ببرود ثم سافرت بنظري لكل شيء حولنا وعيناي تتجولان في

اللوحة المرسومة على الجدار بجانبنا تشبه شلالا مائيا صغيرا , لم أحلم

يوما بالدخول لهذا المطعم ولا الأكل فيه

" تبدوا زيارتك الأولى له ؟ "

أخرجني صوته الهامس مما كنت فيه فقلت ببرود " لم أتزوج قبلا

ليجلبني زوجي هنا ويلف بي المطاعم والفنادق "

رفع لائحة الأطعمة وقال وهوا ينظر لها " لنعتبر تلك فترة ما

قبل الزواج إذا "

نظرت بعيدا وقلت متمتمة " يالها من بشرى للحياة بعدها "

خرجت منه ضحكة خفيفة ولم يعلق وبقي نظره مشغولا باللائحة ويتمتم بأسماء

بعض الأكلات التي يقرأها فنظرت له وهوا منشغل بها مدققة النظر على ملامحه

بشرته البيضاء ولحيته البنية الخفيفة المحددة بإتقان , عيناه الواسعة وخصلات شعره

البنية التي تمردت نازلة على جبينه لكثافته , ثم نزلت بنظري لملابسه .. بنطلون جينز

أسود وقميص بمربعات متداخلة باللونين الأخضر والرصاصي تحدها خطوط سوداء

وكماه جهة ذراعيه يكادان يتمزقان من بروز عضلاته , عدت بنظري لوجهه وتنفست

بضيق , ما به وسيم هكذا ؟ لما ليس قبيحا لا تهتم به أي واحدة يمر بجانبها ؟؟ تأففت

بصمت من أفكاري تلك فلطالما كان يضايقني شكله لأنه جمال فتيات فلما الآن متضايقة

من كونه ملفت للنظر ؟ لكن ما لم أستطع منع نفسي عنه هوا قطع تأملي له فهمست

من بين أسناني " سحقا لك ما أجملك "

فنظر لي سريعا وقال " هل تحدثت معي حبيبتي ؟ "

أبعدت نظري عنه وقلت ببرود " قلت متى سنتناول ما ستختاره ونغادر

ولا تقل حبيبتي مجددا "








*~~***~~*








وقفنا بسيارة صباح أمام المنزل ونظرت لي وقالت " دُرر أمتأكدة

أنتي مما تفعلينه ؟ هل تري نفسك مستعدة لهذا ؟ "

فتحت الباب وقلت " نعم وعليا فعلها يا صباح "

نزلت ونزلت هي أيضا وتوجهت لباب المنزل وفتحته ودخلنا سيرا على

قدمينا متسلحة بقوة لا أعلم من أين جلبتها وكل ما أحاول فعله أن أكون

قوية أن أصمد ولا أبكي رغم أن هذا أبعد من الخيال , عبرنا يسارا ولم

أدخل المنزل مطلقا ولا قدرة لي على فعلها الآن , وصلنا لقفص العصافير

الذي كان مفتوحا والعصافير لازالت بداخله وطعامها قد ملئ الأرض فيبدوا

أنه ترك لها الطعام والباب مفتوحا لتخرج من نفسها حين ينتهي طعامها ولا

يأتيها أحد , وقفت أمامه ومررت أناملي على قضبانه أنظر لما بداخله بحزن

فيبدوا أنه اختار إطلاق سراحهم قبل رحيله , لكن ألم يفكر أين ستذهب هذه

العصافير التي لا يمكنها الطيران لمسافة كبيرة لأنها عاشت حبيسة الأقفاص

لفترات طويلة !! قبضت على القضبان بقوة أتذكر ما حكاه لي عنهم ونحن

داخله واسم كل طير منها وأين يعيش فقد كان يحب الطيور منذ صغره

وأراني حتى الكتب التي كانت تحوي جميع الأنواع الموجودة بهذا القفص

وكيف سعى لأن يجمعها جميعها ويحقق حلم طفولته الذي رأى أنه من القليل

الناذر مما حقق , اتكأت بجبيني على قبضتي أنظر لهم بحزن وغبت بتفكيري

لكل تلك الأيام ، ليثني لم أعرفك يا أواس وليثني بقيت سجينة ذاك الملحق

تضربني طوال الوقت وما علقتني فيك كل ذاك القدر لترميني بعدها للمجهول

لكن الذنب ليس ذنبك ولا ذنبي فكلانا كنا ضحية لجنون جدي فليهنأ الآن إن

كان هذا سيجعله مرتاح البال وسعيدا بعدما دمرني وأحرق قلبي وأحلامي

بل كان سيجعل مني قاتلة وهوا يحرضني على قتل من لم أكن أعلم وقتها

أنه شقيقي فما سيخلصني من ندمي بعدها وكنت سأخسر حتى والدتي

شعرت بيد صباح على كتفي وقالت بهدوء " دُرر سنتأخر إن

وقفتِ هكذا في أي مكان سنمر به "

أبعدت جبيني عن يدي ثم ابتعدت عن القفص وقلت " هذه الطيور تحتاج

لمن يهتم بها عناية خاصة أو ستموت وأواس ترك طعامها هنا كشيء

مؤقت فقط بالتأكيد "

أمسكت يدي وشدت عليها بقوة وقالت " سلمان سيتكفل بكل هذا فهوا

وعد بأن يساعد في أي شيء تحتاجونه "

هززت رأسي بحسنا وأغلقت الباب عليهم وتحركت من هناك حتى وصلنا شجرة

السنديان ووقفت مكاني أنظر للأرجوحة التي اختفت من هنا ومؤكد هوا من نزعها

فأين ذهب بها ولما ؟ لم أسمح لتلك الذكريات أن تجذبني أكثر من هذا فتحركت لوجهتي

الأساسية وهي الملحق حتى وصلت عنده ووقفت أمام بابه فشدت صباح على يدي

مجددا فنظرت لها وقلت " سأخرج أغراضه ووالدته فقط لا تخافي "

قالت بحزن " أقسمي لي على ذلك "

قلت ببحة ودموعي ملئت عيناي " لا أستطيع أن أقسم وقد أحنت "

قالت بجدية " سنخرج إذا كما أتينا "

هززت رأسي بلا ومسحت عيناي بقوة وقلت " عليا فعلها يا صباح "

تنهدت بأسى وتركت يدي ففتحت الباب ودخلت بخطوات بطيئة وهي خلفي حتى

وصلت باب تلك الغرفة أنظر باستغراب للورقة المعلقة على بابها فاقتربت منها

وقرأت ما فيها فكانت بخط أواس ومكتوب ( دُره لا تدخليها حبيبتي لا تصبحي

مثلي سابقا سجينة لها ، من أجلي أرجوك غادري ولا تفتحي هذا الباب إلا بعدما

تزيلي هذه الورقة , ولا تزيليها إلا بعد أن تنسيني وتتوقفي عن حبي ... أعدّيه

طلبي الأخير منك )

اتكأت عليها بجبيني وتساقطت دموعي بل وخرج نحيبي مالئاً صمت المكان

فضمتني صباح واقفة خلفي وقالت ببكاء " يكفي يا دُرر ولنخرج من هنا

أرجوك من أجل ابنه على الأقل إن كنتِ تحبينه "

قلت بعبرة " دليني على حل يا صباح , أنظري كيف أجدها

مسدودة من كل ناحية "

أبعدتني عن الباب قائلة " هيا نغادر من هنا لندرك وجهتنا الأخرى فلن

يكون من السهل إقناع حراس منزل الوزير وقد نقضي هناك ساعات "

ابتعدت عن الباب وخرجت معها أمسح الدموع التي ترفض التوقف , كنت

قادمة لأخرج أغراضهم وأهدم هذا المكان ليختفي عن وجه الأرض نهائيا

لكن الآن وبعدما قرأت ورقته لا يمكنني إزالتها إلا كما طلب بعدما أنساه

وهذا ما لن يحدث أبدا ما حييت لذلك سيبقى هذا الملحق كما هوا








*~~***~~*









بعدما تناولت شيئا خفيفا غيرت ثيابي وغادرت المنزل وركبت سيارة أجرى

متوجهة لمنزل العم صابر فعليا زيارتهم قبل ذهابي بما أن طائرة والدهم ستصل

بعد يومين كما قالوا , نظرت للنافذة وللشارع بشرود أراقب حركة السيارة الخفيفة

بسبب الازدحام وقد غاب فكري مع ترجمان وزوجها , كم هي محظوظة به ولا

تعرف قيمته , على الأقل هوا يبحث عن طريقة لترضى عنه وإن كانت بشكل غير

مباشر فأنا أراه أصبح يتقبلها ولا ينتقدها بتاتا وباعتراف منها بينما هي لا ترى إلا

أخطائه وما فعل سابقا بينما برر لها بأن كل ما فعله من أجل أن تحبه وأن تشعر به

حتى إن كانت طريقته خاطئة وقد جرحتها , لما لا تحمد الله وتقارنه بصديقه الذي

يستكثر عليا أن يراضيني أن يعتذر عن كل ما فعل بي وأن يعبر عن مشاعره نحوي

وهذا إن كان يوجد منها شيء طبعا , لما هما ليسا متشابهان ؟ أليسا رجلان وفي عمر

متقارب تقريبا ؟ تنهدت بضيق وأسى وأبعدت نظري عن النافذة وتفكيري عنه فيكفي

أني أشتاق له وأن نفسي لازالت ترغمني على التفكير فيه فحتى هذا لا يستحقه لأنه لم

يقابله إلا بالجفاف والبرود يعتبرني شيئا زائدا في حياته حتى قراراته وأموره الخاصة

لا يطلعني عليها حتى أكتشفها فيما بعد وكأنه يتعمد ذلك كي أضن به السوء وأرميه

بالباطل ثم يجدها حجة علي , سنرى يا آسر وأقسم هذه المرة لن أركض نحوك

وأستجدي منك الصفح عني كما فعلت سابقا وتحملت كل إهاناتك وتجريحك لي وفي

النهاية قابلته بالنكران , وصلت أخيرا ودخلت منزلهم بعدما فتحوا لي الباب من

الداخل وما أن وصلت الباب الداخلي حتى كانتا عبير وريحان في استقبالي بينما

إسرار تنظر من عند الباب وصرخت قائلة " هل جاءت معها أم لا ؟ "

فضحكت على صوت عبير قائلة بضحكة " نعم وقادمة نحوك "

وضحكنا معا على صوت ركضها صارخة وتوجهنا لباب المنزل ودخلت وكن

البقية في استقبالي وجلسنا معا نتبادل الأحاديث وغادرن الصغيرات للعب بينما

كانتا داليا وصفاء في المطبخ بعدما لم يعد هناك خادمة في هذا المنزل الكبير الذي

يبدوا أنهم لم يستخدموا طابقه العلوي أبدا , قالت عمتي سعاد " كنا نريد

حقا أن تكوني معنا لاستقبال عمك صابر , ألا يمكنك تأجيل زيارتك لها ؟ "

نظرت ليداي في حجري وقلت " هي تصر على أن أزورها من فترة

وهذا الوقت مواتي لأذهب أنا وترجمان "

قالت سمية التي كانت جالسة معنا " لكن أخي آسر قال أنـ.... "

ولم تكمل ما قالت لأن والدتها أسكتتها قائلة " اذهبي وساعدي شقيقاتك

واتركي عنك الأمور التي لا تعنيك "

فوقفت وغادرت متذمرة وقالت عمتي سعاد " الوقت مواتي يا سراب

أم لا تريدين مقابلة آسر "

ضغطت على يداي بقوة ونظري لازال عليهما وقلت بغصة

" لن تفرق عنده ولا عندي "

قالت بهدوء " لو كان صابر هنا ما سمح لي بالكلام كالعادة لكن

بما أنه بعيد فسأتحدث "

نظرت لها باستغراب فقالت بجدية " أنا من ربيت آسر يا سراب وأفهمه دون أن

يتحدث , لقد عاش معنا لسنوات وآخر بناتي هوا من كان يأخذني للمستشفى وأنا

ألدهن ومن كان يأخذ من تمرض منهن للمستشفى ومن يجلب ما نحتاج , لقد كبر

معنا لحظة بلحظة مثلما كبرن بناتي على ذراعه واحدة بعد الأخرى , آسر لم يحب

يوما أن نشكره على ما يفعل وأن نقدر له ذلك لطالما كان يقول ( لا تحبوني من

أجل أفعالي معكم بل أحبوا آسر دون أسباب كما كنتم ستحبون ابنكم دون

أن يفعل شيئا يستدعي المحبة ) وهذا طبعه منذ كان صغيرا يا ابنتي "

قلت ببحة مجاهدة دموعي " لكن لا يوجد بشر نحبه دون أن نعرفه

ودون أن تجعلنا أفعاله نتعلق به ونكوّن الصورة التي ستعلقنا به "

هزت رأسها بلا وقالت " ثمة من يحبون أناسا يؤذونهم يا سراب كعلاقة الرجل

بوالديه اللذان يحبانه مهما كان واللذان حُرم آسر منهما صغير , وبصفة خاصة

بين الرجل والمرأة .. ألم تسمعي حياتك عن امرأة تحب رجلا رغم معاملته السيئة

لها أو حتى ضربها والعكس بالعكس فثمة رجال يحبون نساء يعاملونهم معاملة

باردة خالية من أي مشاعر فهل سألت نفسك لما يحبونهم وما السبب ؟ "

تنهدت وقلت بأسى " مرآة الحب عمياء طبعا "

قالت من فورها " بل لم يركزوا على مميزاتهم ولا عيوبهم "

نظرت لها وقلت " ولما هوا لا يطبق تلك القاعدة على نفسه ؟ لما قيمني

بأفعالي وأقوالي وما رآه مني أول مرة تقابلنا فيها "

قالت بهدوء " الجواب لن يكون لدي طبعا يا سراب بل لديه هوا "

أبعدت نظري عنها ولم أتحدث فقالت " لقد سمعته بأذني يقول لعمك قبل أن يسافرا

( سراب أصبحت المرأة التي لن أتمنى ولا أريد غيرها بعدما حكّمت عقلها ولم

تنظر لي بأفعالي المبهمة معها ولم تحكم عليا بالسوء بتسرع ) وفي آخر اتصال

له بنا يوم أمس سأل إن كنتِ ستكونين هنا في استقبالهم معنا أم لا "

مسحت دمعة حاولت التمرد من رموشي واعتصمت بصمتي فقالت وداليا وصفاء

تقتربان منا تتحدثان معا " لا أطلب منك أن تسامحيه بسهولة ولا أن تركضي له

لكن لا تجعلي الطلاق نهايتكما , عاقبيه كما تريدي لكن لا تتركيه فهوا يستحق

بعد كل ما رآه في حياته أن يستقر مع امرأة تسعده وتحبه "








*~~***~~*









نظرتُ لأصابعها الرقيقة الطويلة في يدي ثم رفعت يدها لوجهي وقبّلت باطن

كفها قبلات عديدة خفيفة ولم يخفى عني ارتجاف يدها التي سحبتْها مني

قائلة بضيق " توقف عن هذا يا إياس قد يرانا أحد "

ركزت نظري على عينيها التي زادها هذا اللون الأسود وضوحا

وجمالا وقلت مبتسما " وهذا هوا القمر فهل لاحظت الفرق "

نظرت لعيناي لبرهة وكأنها تترجم ما قلت سابقا والآن ثم قالت

" تعني أني أكون أحيانا كقبلتك العنيفة خالية المشاعر لكفي تلك "

هززت رأسي بلا وقلت " أقصد أنك أميرتي في كل حالاتك "

نظرت بعيدا عني وتأففت بضيق فابتسمت ومددت أصابعي لغرتها الناعمة

المدرجة على جبينها وطرف وجهها وقلت وأنا أبعدها لتظهر عينيها من

خلفها " أنتي ما الذي تريدين فعله بي اليوم بكل هذه الأشياء ؟ "

وقفت وجلست في الكرسي المقابل لي لتبتعد عني وقالت " سبق وقلت

لم تعاملني كزوجة وتخرجني لمكان يستحق لترى كل هذا "

قلت بابتسامة ماكرة ونظري لم يفارق ملامحها " تعني أنه

لن أرى هذا إلا بمقابل ؟ "

تجاهلتني وسحبت صحن الكعك جهتها وعادت للأكل منه فقلت " ما أعلمه

أن الزوجة تسعى طوال وقتها لتظهر بأحسن مظهر أمام زوجها "

نظرت جانبا وقالت وهي تشير بالشوكة في يدها " لاحظت أن

العاملات هنا كلهن نساء "

ابتسمت واتكأت على ظهر الكرسي وكتفت يداي لصدري وقلت ناظرا لها

" ويبدوا أن الأمر ينجح بأن تستغل الزوجة هذا لصالحها "

قالت ونظرها لازال هناك " هل في الليل أيضا جميع الأطقم نسائية "

قلت بذات ابتسامتي " هل تصدقي الآن حين قلت أنك أميرتي

في كل حالاتك "

نظرت لي وقالت " أنت لما لا تكون صريحا ؟ "

رفعت كتفاي وقلت مبتسما " وأنا لم أكن صريحا كالآن "

قالت ببعض الضيق " ماذا تريد مني يا إياس بعد كل ما فعلته بي ؟

هل تضن أنك بهذا ستجعلني أنسى كل ما كان وفعلت ؟ "

هززت رأسي بلا فقالت بحنق " وما فائدة ما تفعل إذاً وأنت تعلم

أنه دون جدوى "

حركت كتفي وقلت بذات ابتسامتي " أن أراك , ألا يكفي هذا ؟ "

تمتمت بشيء لم أفهمه وعادت للأكل ونظرها على صحنها قد غطت

رموشها الكثيفة المنسدلة أي انفعال قد ألمحه في عينيها فقلت " هل

أخبرك شيئا تصدقيه يا ترجمان ؟ "

هزت رأسها بلا دون أن ترفع نظرها بي فخرجت مني ضحكة

صغيرة وقلت " سأقوله في كل الأحوال "

لم تعلق طبعا فقلت بهدوء " أعترف أني أخطئت وأخطئت كثيرا حين فكرت

في أن أغيّرك أن أجعلك المرأة التي في خيالي لأني كنت أريدها أنتي بالتحديد

لا سواها وأن تكون كما أريد أنا ولم أكن أعلم طيلة الفترة قبل أن ننتقل للمزرعة

أن ترجمان بشخصيتها التي لا أريدها تغلغلت في أعماقي بشكل ما كنت أتصوره

حتى جلبت سهاد وأصبحت برفقتي طوال الوقت وحتى في جناحي كنت مضطرا

لأن أكون معها كي لا تبقى وحيدة "

وضعتِ الشوكة ونظرها لازال على الطبق أمامها لم ترفعه بي ولم أفهم حركتها

تلك فتابعت قائلا " حين كنا نعمل على الأرض هناك كان عقلي وقلبي في الجهة

الموجودتان أنتي وسدين فيها أسمع ضحكاتكما ومزاحكما بينما حيث أنا وسهاد

الهدوء والصمت والكلام للضرورة فقط , أي كما كنت أريد أن تكون زوجتي

فشعرت كم الوضع كان مملا وأنا أنجدب للأجواء الصاخبة ناحيتكما , وحين أكون

وهي معا في جناحنا أضع تصورات في عقلي إن كانت هي زوجتي الآن وصوت

حدائها على الأرضية يُسمع أكثر من صوت حديثها معي فتقفز فورا في ذهني تلك

الأيام التي قضيناها معا في غرفة واحدة لا تتوقفين عن التحدث عن أي شيء وعن

الشجار معي عن أتفه الأمور , ضحكاتك التي كانت تملأ الغرفة وحتى الشيء الذي

في يدي إن رفضت إعطائه لك تقفزين عليا قفزا تحاولين انتزاعه بالقوة فعلمت حينها

الفرق بين العالمين وتلك الحياة وسابقتها واكتشفت أني أحتاج حقا لشيء يغير من

نمط حياتي الهادئة تلك فدار في تفكيري إن كانت زوجة أخرى بطباعك أنتي

فرفض عقلي ذلك تماما واكتشفت الحقيقة المفجعة أن كل ما كنت أسعى

لتغييره بك كان أكثر ما يشدني لك "

رفعت حينها نظرها بي بنظرة قرأت فيها اللوم بوضوح وقالت بهدوء

غريب " ولما استمررت في تلك اللعبة إذا وفي رفضي ؟ "

تنهدت وقلت مركزا نظري على عينيها " لأني أردت قلبك أردت أن تحبيني

يا ترجمان لا أن أعيش أحبك فقط وأرى في عينيك أن كل شيء بي لا يعجبك "

قالت باستياء " فتنتزع ذلك انتزاعا يا إياس ؟ هل تضن أني بما فعلت وكل

تلك التمثلية السخيفة أحببتك "

نظرتُ لطبقي الذي لم أقرب منه شيئا وقلت بهدوء " ضننت ذلك بادئ الأمر

لكن كلامك في المستشفى غيّر كل فكرتي تلك "

ثم رفعت نظري بها وقت " لكني لم ألحظه لم أراه فيك يا ترجمان فمـ.... "

وتوقفت الكلمات حين رأيتها تمسح بظاهر يدها أسفل رموشها بالقوة ثم وقفت

كي تغادر فوقفت من فوري وأمسكت يدها موقفا لها وقلت " اجلسي

يا ترجمان لن نتحدث في الأمر أقسم لك "

قالت وهي تحاول سحب يدها والمغادرة " لا أريد أن أسمع شيئا فاتركني "

قلت ولم أتحرك من مكاني ولم أترك يدها " إذا دعيني أوصلك كما أحضرتك "

فتوقفت حينها عن محاولة سحب يدها من يدي ولازالت تشيح بوجهها بعيدا عني

وأعلم كم يعني هذا لها وكم يضايقها أن أرى ولو شبح دمعتها فلففت ذراعي حول

كتفيها وضممتها لي وقلت سائرا بها " سأوصلك وأعدك لن نتحدث في هذا

حتى نصل حسنا "

لم تعلق بشيء ولم تحاول الابتعاد عني أيضا , فكم أعشقك يا ترجمان لو تعلمين

ومستعد لأن أصبر على العيوب التي لا تعجبني بك حتى تغيريها عن اقتناع منك

ولم أعد ألومك على كل ما تتمسكين به من سلوكيات لا أحبها فهي تراكمات لأعوام

كثيرة من حياة عشتِ فيها تفتقرين حتى للنصيحة الصغيرة , فالغريب أن ثلاثتكن لم

تنحرفن أخلاقيا وهذا في حد ذاته معجزة وميزة غفلنا عنها جميعنا , وصلنا السيارة

وفتحت لها الباب فركبت وأغلقته خلفها وركبت أيضا وانطلقنا وهي منشغلة بشيء

ما في حقيبتها أو تدعي ذلك عمدا فقلت ونظري على الطريق " لما لا تقضي

الأيام في غياب صديقتك في منزل عمتك , وإن كانت رؤية وجهي ستمنعك

فلن تريني أبدا أعدك "

قالت ببرود ولازالت منشغلة بما تبحث عنه " شكرا لكني لا أريد "

تنهدت وقلت " ترجمان توقفي عن لومهم يكفيك لومك وغضبك مني أنا "

لم تجب طبعا وقد أغلقت حقبتها ونظرت للنافذة ووصلنا حينها وقبل أن

تنزل أمسكت لها يدها وقبلتها وقلت ناظرا لملامحها " شكرا أميرتي

كان موعدا جميلا "

لوت شفتيها بعدم رضا فضحكت وقبلت يدها مجددا وقلت

" أعلم أن النساء يعشقن هذه الأمور "

تغيرت ملامحها للضيق وهذا المتوقع مما فهمَتْه من كلامي فقبلت يدها مجددا

وقلت " ولهذا فعلها غير ممتع للرجال فرفضهن لها سيجعل الأمر أكثر متعة "

سحبت حينها يدها من يدي وقالت " متى ستتوقف عن التمثيليات يا إياس "

هززت رأسي بلا وقلت " ليس تمثيلا يا ترجمان ولا شيء كان سيجبرني

على فعل هذا "

قالت ناظرة لي بتوجس " كنت طوال الوقت تمثل لأجل مآربك الشخصية

فما تغير الآن وكيف سأثق بصدق كلامك "

قلت بجدية " قسما أني صادق حبيبتي , أقسم لك "

لم تعلق بل همت بالنزول فأمسكت يدها مجددا مانعا لها من ذلك فنظرت

لي وكانت ستتحدث فقلت قبلها " هناك شيء أريد التحدث عنه قبل نزولك "

كانت ستعترض فوضعت سبابتي على شفتيها مسكتا لها ثم أبعدته وقبلته

وقلت " بشأن ذهابك مع شقيقتك , إن كان يعنيك رأيي في الأمر يا ترجمان

فلا أريد أن تقضي هناك أياما في منزل رجل مهما كان هوا غريب عنك وقد

يضايقه وجودك فيمكنك البقاء في منزل عمك ويمكنني أخذك مع شقيقتك

وأرجع بك نهاية اليوم لكن أن تبقي لأيام فلا أريد حبيبتي "

سحبت يدها من يدي مجددا وقالت " إذا عمي لن يسافر ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " كانت مزحة صغيرة ويمكنك الذهاب معها يا

ترجمان وذلك كان رأيي ووجهة نظري فقط "

فتحت حينها الباب ونزلت وأغلقته خلفها ودخلت المنزل دون أن تعلق على

شيء مما قلت فغادرت من هناك فورا , إن كنت أفهمك جيد يا ترجمان فلن

تذهبي , وأعلم أنها قد تعصيني وعليا التحمل وأخطاء الماضي لن تتكرر








*~~***~~*



غادرنا العاصمة متوجهتان للمدينة التي يسكنها الوزير ولم تكن تبعد إلا نصف

ساعة عنها فقط أي تعد من ضواحيها حيث المناطق الزراعية وكنت خلال المدة

الماضية أخرج وصباح في أيام من الأسبوع نبحث في عناوين العاملين سابقا لدى

أواس عمن يعلم شيئا وكانت جميع تحركاتنا بما منها مشوار اليوم بعلم من زوجها

وموافقته وعلم والدتي فقط فحتى قصي لا يعلم لأنه لن يوافق وهذه ستكون خطوتي

الأخيرة فإن نجحت في مقابلته سيساعدني بالتأكيد وإن رفض هوا مساعدتي فلن

يساعدني أحد غيره بعد الله , لذلك قررنا المجيء هنا ولو يوميا حتى يرضى الحراس

بإدخالي أو أنتظره خارجا فإما أن يقف لي أو يدهسني بسيارته ويقتلني وفي النهاية

الحل واحد ولديه هوا , وصلنا بعد سؤال لأكثر من شخص عن مكان قصره لأن

صباح لم تكن تخرج بسيارتها من العاصمة إلا فيما ندر فهي لا تعرف الأماكن هنا

وحين وصلنا طلبت منها البقاء بعيدا بسيارتها لأنزل وحدي كي لا يشكّوا بنا أو بنوايانا

فالحرس أمام الباب كانوا بعدد لا بأس به ووقوفنا بالسيارة لن يعجبهم بالتأكيد , نزلت

ومشيت سيرا حتى وصلت هناك ولست أعلم إن كان سيكون موجودا بالداخل أم لا

لكني سأحاول في كل الحالات , وقف رجل طويل مخيف بنظاراته الشمسية

أمامي فور اقترابي من البوابة وقال " إلى أين يا سيدة ؟ "

قلت ونظري في الأرض متجنبة النظر له " أريد مقابلة الوزير "

ضحك أحدهم خلفه وقال هوا بصوت فيه ضحكة وسخرية " رافقتك السلامة

يا سيدة الوزير ليس هنا ولا يمكننا إدخالك في كل الحالات "

قلت ونظري لازال في الأرض لم أرفعه به " أخبره عن اسمي قد يوافق

على دخولي "

قال من فوره " إن كان يعرفك كما تزعمين فسيتصل بنا ويطلب إدخالك

غير ذلك لا تحلمي بها وغادري فلا يمكننا مخالفة الأوامر "

رفعت نظري به وقلت بحرقة " ألا يستقبل الوزير الحالات الإنسانية وطلبات

من لا يمكنهم الوصول له ؟ لا أعتقد أن رجلا مثله وما عُرف عنه أن يكون

بذاك الغرور الذي يمنعه من أن يتنازل لرؤية وسماع من هم أقل منه "

تقدم واحد ممن خلفه وقال بهدوء " ليس طبع الوزير الترفع على أحد لكنه

مشغول دائما وقصره لا يدخله أي شخص فلو فُتح هذا الباب للناس فلن

يفرغ قصره أبدا وأضنك تفهمين هذا "

قلت باستياء " والمفهوم من كلامكم ؟ "

قال الواقف أمامه " لا يمكننا إدخالك الأمر ليس بيدنا نحن "

قلت بإصرار " لعلمكم فقط أنا لن أغادر من هنا قبل أن يدخل

أو يخرج وسآتي كل يوم "

هز رأسه بيأس وقال " حتى إن حدث ذلك فتكون سيارته محاطة بسيارات

حرسه وتخرج أو تدخل مسرعة واقترابك منها قد يخسرك حياتك "

قلت بحرقة وعيناي امتلأت بالدموع " يكون أفضل ولن أغادر من هنا "

هز رأسه بعدم اكتراث وعادا منضمان للبقية وبقيت وحدي واقفة في ذاك الشارع

على مبعدة قليلا منهم تحت الشمس مستندة بعمود نور ليساعدني على الوقوف

الطويل وكل تفكيري في صباح التي تنتظرني هناك , بعد ساعة أخرجت هاتفي

واتصلت بها وقلت ما أن فتحت الخط " اذهبي يا صباح وعودي لي فيما بعد

فأنا قد أنتظر طويلا "

لم تجب بل أغلقت الخط في وجهي وما هي إلا لحظات ورأيتها قادمة من

بعيد على قدميها ووصلت عندي واجتازتني بخطوات غاضبة جهة

الحراس فتحركتُ خلفها قائلة " صباح توقفي ما تنوين فعله ؟ "

لكنها لم تجب ولم تتوقف حتى وصلت عندهم وقالت بغضب " أنتم ألا قلوب

لكم تروها حامل ووحيدة تقف تحت الشمس ولا ترأفون بحالها يا متحجرين "

أوقف ذاك الطويل الضخم من خلفه بإشارة من يده ويبدوا رئيسهم وقال

" أخبرناها منذ البداية أن تغادر وأن طلبها مستحيل لكنها تصر

على البقاء فالذنب ليس ذنبنا "

قالت صارخة فيه " وذنب من إذا وأنتم من يفصلها عن ذاك القصر أم

تخشى أن يغضب منك سيدك لعمل إنساني ورحمة امرأة

متعبة من الوقوف هنا "

قال بحدة مشير بيده التي يمسك بها هاتفا لا سلكيا " غادري من هنا

وخذيها معك بسرعة قبل أن أفقد صبري وأعصابي فلن تفهم أي

منكما عقوبة فعل شيء من دون أوامر "
أمسكتُ بذراعها وقلت ساحبة لها لتبتعد " توقفي يا صباح لن

يجدي ما تفعليه نفعا "

لكنها لم تكترث لي وصرخت به مجددا " أحمق , سحقا لك حتى الله لا

يمنع أحدا من عباده ويستمع لهم وهوا الملك لا أحد فوقه "

أشار بيده مجددا وقال بذات حدته " إذا غادرا واطلباها منه فليست

صعبة عليه "

قالت ولازلت أسحبها دون جدوى مع غضبها وقلة جهدي وحيلتي

" لولا أملنا فيه ما جئنا فالله إن أراد دخولها دخلت رغما عنك "

كان سيتحدث فأوقفته البوابة التي انفتحت وخرجت منها سيارة مظلمة تتبعها

أخرى وما أن تخطت الباب حتى توقفت ونزل زجاجها الخلفي لتظهر من

خلفه امرأة تبدوا في منتصف الثلاثين من العمر وثمة طفل مد رأسه معها

وقالت ناظرة للحراس " ماذا هناك ؟ ما كل هذا الصراخ هنا وما

تريدان المرأتان "

كان سيتحدث فهرعت صباح جهتها قائلة " أنتي من عائلة

الوزير أليس كذلك ؟ "

كان الحارس سيمسك بها ويوقفها فأوقفته الجالسة في السيارة

بكلمات حازمة " توقف ودعها تتحدث "

فابتعد من فوره وتقدمت هي منها وسرت خلفها حتى اقتربنا

وقالت صباح " هل أنتي من عائلة الوزير "

قالت من فورها " أنا زوجته فما تريدان ؟ "

شعرت أن منانا تحقق وما كنت لأتخيل أن أصادف أحدا منهم من أول

مرة لا وزوجته وليس أي شخص آخر , أمسكت صباح بذراعي وسحبتني

ناحيتها قائلة " هذه المرأة تقف هنا تحت الشمس وحامل وكل ما تريده

رؤية الوزير في أمر مهم وحرّاسكم منعوها وترفض المغادرة

فساعديها لتراه أرجوك "

نظرت لي ولم تكن نظرة متعالية ولا متقززة كما حال نساء ممن هم

حتى أقل من مكانتها وتبدوا كما قالوا عنها كانت من عامة الناس قبل

أن يتزوجها , قالت بهدوء ناظرة لي " إن لم يكن ما تريديه من أجله

أمرا مهما فلن يرضى مقابلتك فهل هوا يستحق يا سيدة "

نزلت دمعتي من فورها فمسحتها سريعا وقلت " زوجي كان الضابط في

قضية علي رضوان الأخيرة والقبض عليه ومن تحدثت عنه وكالة الأنباء

وقد قابلت الوزير أيضا هناك وهوا يعرفني جيدا فقد ساعدت في القضية

ولديّ مشكلة حلها لديه بعد الله "

أشارت للحارس بيدها في الفور قائلة " أدخلوها "

ثم قالت للجالس في الأمام في سيارتها " عد للداخل فورا "

وتراجعت سيارتهم على الفور على صوت الصغير قائلا بتذمر

" لا ماما ألن نذهب الآن ؟ "

واختفت سيارتهم في الداخل ونظرت لي صباح وربتت على كتفي

قائلة بابتسامة " هيا أدخلي يا دُرر فهذه الفرصة قد لا تأتيك مرة أخرى "

أمسكت يدها وقلت " ألن تدخلي معي ؟ "

هزت رأسها بلا وقالت " سأنتظرك في السيارة ولا أعتقد أن هؤلاء

الحراس سيسمحون لي "

تركتها وتوجهت للباب حتى وصلت ووقفت والتفت لها فكانت مغادرة تقطع

الشارع فعدت بنظري للبوابة الواسعة المفتوحة وتنفست بقوة ثم تقدمت منها

ودخلت لتغلق خلفي مباشرة وسرت مسافة نظري يتجول في الحديقة الواسعة

والأضواء المركبة بشكل حلزوني مضاءة حتى في النهار , وصلت باب القصر

المفتوح وكانت السيارة أمامه نزلت منها زوجة الوزير وأنزلت الطفل الذي

يبدوا في الرابعة أو الخامسة ولحقت بهم فتى يبدوا في السابعة

وقال وهو ينزل " ماما أنتي وعدتنا أن نذهب اليوم ؟ "

وضعت يد الصغير في يده وقالت " رويد قلت الوعد وعد وسنذهب فخذ

شقيقك ولغرفتكم فورا وأخبر ترف لا تتركه ينزل مفهوم "

دخل به دون بكاء واعتراض وصراخ كعادة من في سنهم خاصة الصغير

ثم نظرتْ لي هي وقالت مبتسمة " تريدين أن نجلس هنا أم ندخل ؟ "

نظرت لها باستغراب هل هذه فعلا زوجة الوزير !! ركزت نظري على ملامحها

أكثر تبدوا جميلة شكلها ذكرني كثيرا بترجمان لها ذات العينان السوداء الواسعة

والابتسامة المميزة مؤكد زوجته ولن يتزوج واحدة تقل جمالا عن هذه رغم أنه

أوسم منها , نظرتُ حولنا فكان ثمة حرس يتحركون مارين من وقت لآخر

فنظرت لها وقلت " الداخل أفضل إلا إن كان ذلك يزعجك "

قالت بذات ابتسامتها الجميلة " أبدا هيا تفضلي "

ودخلت فتبعتها مستغربة حتى الآن من رحابتها فالبعض حتى إن كانوا

عاميين ووجدوا أنفسهم فجئه أصحاب مركز ترَفعوا على الناس بل وأكثر

حتى ممن ولدوا فيه , قابلتنا امرأة تبدوا خادمة وقالت من فورها

ناظرة لها " عدتم سريعا ؟؟ "

ضحكت الواقفة أمامي وقالت " بل لم نذهب وتجدي ديسم ورويد

في الأعلى سيصيبان ترف بالجنون فاصعدي لهما يا سيلا "

هزت رأسها بحسنا وكانت ستغادر فأوقفتها قائلة " وأخبري إحدى

الخادمات تحضر ماءا وطعاما لضيفتي , سنكون في المجلس العائلي "

هزت رأسها مجددا وغادرت من فورها والتفتت هي لي وقالت

مشيرة بيدها " تفضلي يا ... "

ثم قالت سائرة حيث أشارت " لم تخبريني عن اسمك "

تبعتها قائلة " دُرر علي رضوان سيدتي "

التفتت لي من فورها وقالت بصدمة " ابنة علي رضوان !! "

وقفت ونظرت للأسفل وقلت بهمس حزين " بل حفيدته "

قالت باستغراب " وزوجك قلتِ أنه من أمسك به في القضية التي

استلمها جابر ؟ "

هززت رأسي بنعم ولازال نظري في الأرض فتنهدت وقالت

" كم هذا مؤسف أن تكوني بين اثنين هما جزء منك "

قلت بهمس حزين " أذنب وأخذ جزائه "

فتحت الباب أمامها وقالت داخلة " أستغرب أن ذكرتِ لي اسمك

كاملا وأنا سألتك عن الأول فقط "

دخلت خلفها قائلة " وأنا أستغرب كل شيء فيك "

أشارت لي بيدها لأجلس وجلست وقالت بضحكة " وما الخطأ

بي استغربته هكذا يا دُرر ؟ "

جلست وقلت بخجل " لم أعني ما فهمته أنا فقط لم أتوقع أن

تستقبليني هكذا و ... "

قالت قبل أن أنهي كلامي " توقعتِ أن أطردك أو أن أتكبر

عليك أليس كذلك ؟ "

لم أعلق فقالت بابتسامتها الجميلة " أحيّي فيك تمسك باسمك فأنا سبق

ومررت بشيء مشابه حين كان والدي فارا من البلاد ومطلوبا سياسيا

ومتهم بالخيانة هنا وبتجارة المخدرات هناك ظلما ولم تتوقف الناس عن

تذكيري بذلك ومعايرتي به حتى تزوجني جابر وكان حينها رئيسا للشرطة

الجنائية فكانت تلك كالحجر في حلقوم الجميع فمن التي يكون والدها بذاك

الماضي الأسود ويتزوجها رجل يتحكم في الشرطة في البلاد جميعها "

قلت بشبه همس " الناس ليس لها إلا الظاهر ولا أحد يحمل ذنب أحد "

دخلت حينها الخادمة بطعام وماء ووضعتهم أمامي وغادرت فورا ورغم

إصراري ورفضي لكنها أصرت أن آكل وأني حامل ووقفت كثيرا فتناولت

القليل وشربت الكثير من الماء لأن ما أنهكني كان العطش , وتبادلنا خلالها

بعض الأحاديث سألتني عن عائلتي ودراستي ولم نتطرق للموضوع الذي

جئت من أجله وهي لم تسألني , مسحتُ فمي وحمدت الله هامسة فقالت

من فورها " هل هذا أكلك وأنتي حامل ونحيلة هكذا ؟ "

قلت بصوت منخفض " شبعت شكرا لك "

قالت مبتسمة " يبدوا خجلتِ مني وأنا من فظاظتي بقيت أراقبك "

قلت بحياء " لا أبدا أقسم أني شبعت وهذا هوا أكلي دائما "

قالت من فورها " إذا أعدّي أنك في منزلك وأني شقيقتك حتى نحظى

بفرصة للقبض على الوزير فهذا وقت عودته عادةً "

نظرت ليداي في حجري وقلت " شكرا لذوقك سيدتي , لقد سمعت

سابقا أن زوجة الوزير كانت فتاة بسيطة من عامة الناس لكنك

فقتِ توقعاتي "

أزالت حجابها وانسدل شعرها الطويل الناعم على كتفها مستقرا في

حجرها وقالت مبتسمة " نادني أرجوان إذا بدلا عن سيدتي , ثم

كيف سأتكبر على الناس وأنا وجدت الوزير ذاته متواضع جدا "

هززت رأسي بنعم وقلت بهمس " يبدوا ذلك واضحا "

قالت بذات ابتسامتها " إذاً تقابلتِ معه ؟ "

قلت بهدوء " نعم لمرة واحدة فقط في أسبانيا أعطى أوامره

لرجاله وغادر"

ثم قلت بتوجس " ظننت للحظة أنه قد يضربني تبدوا شخصيته

مرعبة بغرابة لا أعرف كيف أصفها "

أبعدت شعرها خلف أذنها وقالت بعد ضحكة صغيرة " تعني تبعث

فيك الرهبة ولهذا هوا يكره الشخصيات الضعيفة ولن تعلمي كم

تشاجرت معه قبل أن يتزوجني "

قلت مبتسمة فهذه المرأة تبعت في النفس الطمأنينة " قد تعتبريها

وقاحة مني لكني ما أن رأيته دعوت لك بالرحمة منه "

ضحكت كثيرا وقالت " هكذا يحكم على جابر كل من لا يعرفه

لكنه حقا مختلف "

هززت رأسي قليلا مبتسمة في إشارة لعدم الاقتناع ثم قلت

" موقفه معي كان نبيلا ولم أتوقعه لكنه حقا جِدي بشكل مخيف "

قالت مبتسمة " لقد ارتحت لك حقا يا دُرر لذلك سأحكي لك هذه , منذ

عامين أفسدت له نظاما كاملا في حاسوبه الشخصي فتصوري خطورة

الأمر خاصة أنه ممنوع عن أحد أن يقترب منه لكنه لم يوبخني ولا

مجرد التوبيخ ولا بكلمة واحدة "

نظرت لها بصدمة وقلت " أفسدتِ نظاما في حاسوب وزير مهم

مثله ولم يكلمك !! "

رفعت كتفيها وقالت " يبدوا عَذر فضول المرأة بداخلي , ثم هوا

كان السبب من البداية "

قلت من فوري " لا تقولي أنك شككتِ به وتفتشين خلفه ؟ "

ضحكت وهزت رأسها بلا وقالت " بل بسبب ملف من حوالي الثماني

سنوات وأنا أموت فضولا لمعرفة ما فيه وحين وجدت الطريقة وفتحته

ضربت له نظام حاسوبه بأكمله "

قلت مستغربة " ورأيتِ ما فيه ؟ "

قالت مبتسمة " ظهر أنها صور لي ولأبنائه تصوري , وكم ذبحني

بالفضول لسنوات يرفض أن يفتحه لي وعنْونَه بـ (حدودي عند هنا )

والمضحك أن أغلب الصور كانت لي وأنا نائمة ولا أعلم "

قلت مبتسمة " إذا هوا حقا مختلف عما يبدوا عليه "

ثم نظرت للأسفل وقلت بحزن " ولا أستغرب ذلك فزوجي في أول مرة

رأيته فيها حكمت عليه أحكام سيئة وكنت أخاف وأرتعب من مجرد

اقترابه مني وما أن عشت معه وعرفته جيدا وجدت أنه مختلف جدا "

قالت بهدوء " لقد رأيت ما عرض على التلفاز بشأن القضية وذكروا اسم

من ألقى القبض على علي رضوان وأعتقد أواس وهوا زوجك أليس كذلك "

هززت رأسي بنعم وقلت هامسة بحزن " نعم هوا "

قالت من فورها " أخبريني ما قصتك يا دُرر وما تريدين أن يخدمك فيه

الوزير , طبعا إن لم يكن الأمر سريا ولا تريدي أن أعرفه "

هززت رأسي بلا وقلت " أبدا لن يكون سريا عليك أنتي تحديدا "

وكنت سأتحدث فأوقفني الباب الشبه مغلق الذي انفتح ودخلت منه فتاة تبدوا

فيما يقارب العشرين بقليل بملابس أنيقة مرتبة وحجاب أبيض وكانت جميلة

بدرجة مبهرة خاصة عيناها الزرقاء الواسعة , دخلت ملقية التحية مبتسمة

واقتربت من الجالسة أمامي توليها ظهرها وملتفتة برأسها لها فضمتها من

الخلف وقبلت خدها وقالت " كيف هي ماما الجميلة "

قالت بضحكة " أين تريدين الذهاب ؟ وبدون مقدمات "

ضحكت وضمتها أكثر وقالت " سأذهب لعمتي زهور أم نسيتِ , ثم

أنا لم أراك اليوم أبدا واشتقت لك , لما تضنين بي السوء "

ضحكت وقالت " حسنا يا أميرة بيسان وخدي أخويك معك وارحمي ترف

منهما يكفيها مرام وحاذري من أن يتعبا عمتك مع ابنيها المجنونان "

وقفت على طولها وقالت واضعة يديها وسط جسدها " لما يجب أن

تنكدوا عليا خروجي ككل مرة ؟ ونسيتِ أن ابنك قادم من الكلية غدا

وسيستلمني بكلمة لا تخرجي "

نظرتْ لها فوقها وقالت مبتسمة " تخلصي منه إذا "

تأففت بتذمر ثم مالت لأذنها وهمست لها شيئا ثم وقفت مجددا فقالت

ضاحكة " لا تقلقي سأتحدث مع والدك ولا تنسي أنه ليس أول من ترفضيه

وأعارض أنا ولن أنقدك في كل مرة يا محتالة فوالدك أذكى من أن لا

يفهم أنك أنتي الرافضة وليس أنا "

حركت كتفها وقالت مبتسمة " لا يهم المهم النتيجة "

قالت الجالسة أمامي ناظرة لها للأعلى وبابتسامة ماكرة " لا ترتجي

كثيرا في روبن هود ذاك متسلق الجدران فوالدك لن يوافق عليه "

قالت مغادرة " العمر أمامنا طويل ولن أيئس "

كنت أنظر لهما باستغراب فهذه العائلة مختلفة حقا وكأنه ليس ثمة امرأة

غريبة معهم وتبدوا تلك الفتاة الفاتنة ستحذو حذو أبيها وتتزوج من العامة

أو هكذا تريد , ما أن وصلت الباب وخرجت منه تحدثت مع أحدهم فالتفتت

لها الجالسة أمامي وقالت بصوت مرتفع قليلا " بيسان إن كان هذا

والدك فأخبريه يأتي هنا قبل أن يصعد "











*~~***~~*










هززت رأسي بلا فقالت بتذمر " هذا لا يجوز رِفعت يكفي بالأمس

اعتذرت وتحججت بسبب رفضك "

قلت بحزم " قلت لا يعني لا ولن تتخطى قدمك باب المنزل وحاذري

من أن لا تتبعي النظام الغذائي المحدد في الورقة وأقسم أن أغضب

منك لآخر يوم في عمري "

قالت باستياء " لا أحد يموت قبل يومه ولا يولد والله لم يكتب

له فهل ستسجنني ثمانية أشهر "

رفعت إصبعي وقلت " بل سبعة ونصف لا تصدميني , ثم لا تنسي أنك

من أسبوع كدتِ تجهضين بسبب إهمالك وما حدث لن يتكرر فارحميني

واتركيني أرى ابني سريعا "

تنهدت باستسلام ولم تتحدث فقلت " أدعيهم للغداء هنا معنا متى

ما أردتِ , غيره ممنوع "

قالت ببرود " كيف تدعوك شقيقتك وترد لها الدعوة بمثلها هذا لا يعقل "

وقفت وقلت " أنا من سيخبرها بكل هذا بنفسي فلا تشغلي بالك إلا بصحتك "

ثم توجهت للباب الذي رن جرسه وفتحته فكانت ترجمان وقالت بعبوس

" مرحبا بعمي الذي لا أعرف حتى متى سيستمر في إغضابي "

ضحكت وأمسكت أنفها وقلت " وما فعلت هذه المرة ؟ "

أبعدت يدي وقالت " علّقت مسألة ذهابي مع سراب بموافقة ابن شقيقتك

طبعا , ولعلمك أنا سأبقى معك هنا حتى ترجع هي وأنكد عليك "

قلت مستغربا " متى قلت لك ذلك ؟ بل متى أنتي استأذنتِني ؟ "

نظرت لي بصدمة وقالت ما أن استفاقت منها " من أجاب على

رسالتي إذا إن كنت أنت لم تراها ! "

هززت رأسي بمعنى لا أعلم فقالت مضيقة عينيها

" إياس كان معك اليوم ؟ "

قلت بعد تفكير لحظة " نعم صباحا في مجلسي مع بعض

من رجال الشرطة "

قالت من بين أسنانها " وهاتفك في يده ؟ "

قلت من فوري " تقريبا , لا أذكر جيدا "

قالت بحنق " هوا فعلها إذا وسيرا "

ثم غادرت فخرجت خلفها قائلا " أين ذاهبة وأنتي جئتِ للتو ؟ "

قالت متوجهة لسيارتها " لألحق بسراب وأذهب معها لمنزل

والدتها طبعا وسيرى ابن شقيقتك الأحمق ذاك "

ثم ركبت سيارتها وغادرت فهززت رأسي بيأس منهما ولن أعارض

وأتدخل في شيء فقد أخد هوا فرصته وهذه فرصتها هي ثم سيكون لي

بعدها رأي وقرار على كليهما









*~~***~~*









خرجتُ من هناك ولم أترك كلمة لم أشتمه بها ذاك المحتال , وأنا من

غبائي صدقته ولم أتصل بعمي وأستفسر منه , رفعت هاتفي واتصلت

بسراب وقلت ما أن فتحت الخط " أنا ذاهبة معك انتظريني "

قالت من فورها " خرجت من أكثر من ربع ساعة مع السائق "

تأففت ثم رميت الهاتف جانبا وأدرت المقود وأخذت طريقا فرعيا يخرجني من

العاصمة في وقت أقصر , وفي لحظات كنت خارجها متّبعة ذات ذاك الطريق

المتطرف بأشجاره الطويلة المتراصة حيث كانت حركة السيارات فيه قليلة فعليا

أن أدرك سراب لأني لا أعرف عنوان المنزل ولا رقم والدتها , ما أن اجتزت

الطريق بمسافة حتى لاحظت السيارتان اللتان بدأتا بمحاصرة سيارتي تتعمدان

إيقافها فزدت من سرعتي دون تفكير فيمن يكنوا هؤلاء فكل ما أفكر فيه وأريده

الآن الخلاص من مطاردتهما لي التي لا أفهم سببها , زادوا من سرعتهم أيضا

فمددت يدي لهاتفي ونظري على الطريق فعليا الاتصال بأحدهم , حاولت التركيز

على القيادة المسرعة والتملص من مطاردي وجذب هاتفي الذي لم تصله يدي ولم

أجده فنظرت بسرعة للكرسي ولم أجده ويبدوا وقع في الأسفل فعدت بنظري

للطريق لأفاجئ بالمنحدر الجبلي الذي ظهر أمامي والسيارة تتجه نحوه

بسرعة جنونية ولا مجال للهرب منه

********

المخرج : بقلم الغالية أغاني الوفاء

أعتقيني سيدتي .. فقد هام قلبي في حبك .. واحترقت عيناي شوقاً لقربك..
آهٍ كم هو لذيذٌ تمردك ،،وعنفوانك ،، وحدةُ نظراتك...
تزيدني عشقاً وغراماً .. في عينيكِ ذوباناً...
بتُ مؤمنٌ أنَّ نظراتك سِهامٌ تجتاحُ صدري...نارٌ تضيء دربي...
فلاتتعجلِ في القدوم لحضني وسكني .. لطالما ستدفعين آنفاً ثمن كل ثانيةٍ غبتِ فيها عني..خذِ راحتك،، ودعيني أنضجُ من الحرمان.. فرغماً عنكِ ستدفعين لي الحساب...

محبك: إياس وليس اليائس من التصريح بحبك♬♬

سلمت الأيادي

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الإثنين إن شاء الله




فيتامين سي 04-04-16 08:58 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والخمسون)
 





الفصل الرابع والخمسون


اندفع الباب ببطء فوقفت من فوري وعيناي معلقتان به وشعرت بتوتر

كبير ما أن دخل صاحب ذاك الطول والشخصية والحضور الطاغي

نظر لي للحظة باستغراب بادئ الأمر قبل أن يقول بشبه همس

" دُرر علي رضوان ! "

وقفتْ حينها زوجته والتفتت له وقالت " وجدتها في الشارع تنتظرك

تحت الشمس , عليك أن تجد حلاً لمقابلة الناس "

نظر لها وتقدم ناحيتها ووقف بجنبها ثم نظر لي وقال " لو زُرتني

في مبنى الوزارة لكنت تركتهم أدخلوك "

نظرت للأسفل وقلت " من كان سيدخلني ؟ إن كانوا حرس منزلك

رفضوا ذلك فكيف هناك "

قال من فوره " هناك ستصلين لسكرتيري وهوا وحده من سيعترض

طريقك وما أن يحوّل أسمك لي أدخلك أو تحصلي على موعد

أما الحرس هنا فالأوامر مشددة عليهم "

رفعتُ نظري له وقلت " آسفة حقا على إزعاجكم لكن الأمر ضروري

ولا أحد بعد الله غيرك سيخدمني فيه "

أشار لي بيده لأجلس ثم قال ناظرا لساعته " عليا الخروج سريعا فهل

الأمر لا يحتاج وقتا طويلا أم نرى وقت آخر "

جلست وقلت " لن آخذ من وقتك الكثير "

جلس حينها مقابلا لي بعدما فتح زر سترته واستند بمرفقيه على ركبتيه

ناظرا لي ليزيد من توتري من وجوده وجلسته التي تشبه جلسة محققين

أكثر من كونها جلسة وزير وقال " بما أخدمك يا دُرر ولا تقولي بأنك

تريدي رؤية جدك فذلك ممنوع منعا باتا "

هززت رأسي بلا وجلستْ زوجته بجانبه فنظر إليها وقال بابتسامة

جانبية " هل عليك حضور الاجتماع معنا ؟ "

نظرت له بصدمة ثم وضعت يديها وسط جسدها وتحولت نظرتها للضيق

دون أن تتحدث ليصدمني بضحكته الخفيفة وقال وقد ركز نظره على

عينيها " قد تكوني جاسوسة "

تنفست بقوة وقالت ناظرة له " إحدى عشر عاما ولم تعرف حتى

الآن إن كنت جاسوسة أم لا "

قال مبتسما ولازال نظره على عينيها " هيا رافقتك السلامة "

وكزته بمرفقها وهمست له شيئا في أذنه فضحك ثم نظر لي وقال

" سيدة دُرر هل تسمحي بوجودها "

نظرت له باستغراب ثم لها وقلت مبتسمة " بالتأكيد فهي سبب دخولي

وكم كانت رائعة معي وكأني أعرفها من أعوام "

هز رأسه في أشارة لأتحدث فتنفست بقوة أمنع دموعي من النزول وقد

تذكرت حديث زوجته عن كرهه للضّعاف من الناس وقلت " بعد

القبض على جدي وحين استفقت في منزل عائلتي .... "

وسردت عليه القصة بأبسط ما أقدر عليه وهوا يستمع لي دون مقاطعة

وبملامحه الجادة ذاتها التي يبدوا أنها لا تتغير إلا مع زوجته وأنه لها

مكانة كبيرة جدا لديه , بعدما انتهيت مسحتُ عيناي بقوة مانعة دمعتي

من التسرب من رموشي وتنفس الجالس أمامي بقوة وقال

" طلب الاستقالة لم يصل مكتبي ! "

نظرت له بصدمة فهل هذا كل ما عناه في كل الأمر ! وهل أوقعتُ عم

ترجمان في مشكلة إن كان هوا من لم يوصل الطلب له ؟ كنت سأتحدث

فسبقني قائلا من بين أسنانه " علي رضوان !! ما أنذل ذاك الرجل

وأقبح أفعاله "

نظرت للأسفل وقلت بحزن " لن يشعر أحد بفظاعة ما مروا به من ظلمهم

مثلي لأني جربت مثلهم , ولم يقاسي منه أحد كأواس والله أعلم ما

سيلقى أكثر وهوا حي شبه ميت "

قال بذات جموده " والمطلوب مني الآن يا دُرر ؟ "

نظرت لزوجته التي لازالت تنظر لي بصدمة مما سمعت ثم له وقلت

" زوجي يا سيادة الوزير , لا أريد شيئا غيره فلقد بحثت عنه

كثيرا ولم أصل له "

ثم ملئت دموعي عيناي ولا مجال لإمساكها أكثر وتابعت بعبرة مكتومة

" فليمت أمامي ولا احرم من وجوده ما بقي له من عمر ولا يُحرم

هوا من رؤية ابنه "

تنهد بقوة ونظر للأرض لوقت ثم رفع نظره بي وأنا أمسح دمعتي

بظهر كفي وقال بجدية " هل لديك علم بالقانون الذي اصدر من

خمسة أعوام بشأن مصابي الإيدز ؟ "

نظرت له بصدمة ولم يترك لي مجالا للرد على سؤاله وقد تابع قائلا " هل

تعي معنى أن تأتي لوزير وتحكي له ما أخفاه زوجك عن الجميع كي لا

يُطبّق عليه القانون ويُحتجز في مركز مكافحة وعلاج ذاك المرض "

نزلت دمعتي من فورها وقلت بذات صدمتي " هل تعني أنك ستقبض

عليه وتسلمه للمركز ؟! "

نظرتْ له زوجته بصدمة لا تقل عن صدمتي وقالت " جااابر !! "

نظر لها وقال بحزم " أرجوان اجلسي في صمت فالأمر لا علاقة لك به "

قلت ودموعي بدأت تتساقط تباعا " أرجوك سيدي لا تفعلها به ويكون

ذلك بسببي أنا "

وقفت زوجته وتوجهت نحوي وجلست بجواري وحضنت كتفاي وأمسكت

يدي بقوة وقالت " توقفي عن البكاء من أجل وضعك وصحتك , وجابر

لن يفعلها بالتأكيد اطمئني "

قال حينها الجالس أمامي وبذات جديته " لن أفعلها شرط أن تنسي فكرة

البحث عنه فهل توافقي ؟ "

توالت عليا الصدمات ولم أعد أعرف ما أقول وبما أجاري هذا الرجل الذي

لا تعرف ما يدور بدماغه ولا فيما يفكر ولا يمكنك التكهن بردوده أبدا مهما

حاولت , قال عندما طال صمتي وصدمتي " لو كنتُ مكانه ما فعلت

غير الذي فعله , فهل وضعتِ نفسك مكانه لمرة واحدة ؟ "

زادت صدمتي التي لم تتوقف برهة وقالت الجالسة بجانبي تحضن

كتفاي " جابر ما هذا الذي تقوله ! لا قدّر الله ذلك , ولن أسمح

لك مثلما تفعل هي الآن "

نظر لها وقال بجمود " أرجوان التزمي الصمت قلت لك ولاحظي

فقط أنك امرأة وفكرتِ مثلها وأنا رجل وسأفكر مثله بالتأكيد "

ثم حوّل نظره لي وقال " هل يرضيك أن تريه أمامك لا يستطيع أن

يقترب منك ولا من ابنه ؟ هل سيعجبك أن تري الحسرة والانكسار في

عينيه وهوا يخشى عليكم منه ؟ أي حياة هذه التي سيعيشها معكم ؟

وأي حياة التي ستحضين أنتي بها ؟ "

فتحتُ فمي مبعدة شفتاي ببطء وقد ضاعت الحروف مني ولم أعرف ما

أقول ولا كيف سأتخيل الوضع أساسا فتابع قائلا " حياته الآن بمصاعبها

أهون عليه وعليك مئة مرة من وجوده معك فلا تضيقي الأمر وتنظري

له من جانب واحد مهملة باقي جوانبه "

هززت رأسي وقلت ببكاء " ضع نفسك مكاني وليس مكانه وستعذرني "

قال من فوره " لو الجالسة بجانبك الآن مكان زوجك لأبعدتها رغما عني

وعنها فمعاناتها بعيدا عنا أهون مئة مرة من معاناتها وأبنائها أمامها "

قلت بصدمة " تتخلى عنها !! "

قال من فوره " لا ... يمكنني احتوائها والبقاء بجانبها لكن كل شيء سيتغير

يا دُرر فسأجد نفسي بحاجة لامرأة تملأ الثغر في حياة أبنائي وسألجأ لغيرها

حتى في وجودها ولن أفعل لها شيئا سوا البقاء بجانبها حتى تموت "

مسحتُ خداي بقوة وقلت " لن تتركها مهما كان , ها أنت قلتها بنفسك "

قال مباشرة " نعم لكن إن ابتعدت من نفسها لمكان لا تريد أن يلحقها فيه أحد

كما فعل زوجك فلن أسعى خلفها أبدا فما قررتْ ذاك القرار إلا وهي أعلم

الناس بنفسها وأنه لا يمكنها البقاء بقربي , وعليك أن تفهمي أن

الرجال ليسوا كالنساء يا دُرر "

وقفتُ حينها بصعوبة وقلت ببحة " آسفة على أخذي من وقتك

وشكرا لرحابتكما "

ثم تحركت جهة الباب أستند بكل ما أمر به حتى خرجت وشعرت حينها

بيدين أمسكتاني وكانت زوجته تساعدني على السير وقالت متوجهة بي

لباب القصر " سأتحدث معه يا دُرر وأعدك أن أقنعه ليبحث لك عنه

فأنا أشعر بك حقا , وهوا قال ما قاله لمصلحته ومصلحتك فقط "

قلت بحزن ونحن خارجان للحديقة " لا يمكنني قول غير أنه معه حق في

كل ما قال , فليلهمني الله الصبر في مصابي "









*~~***~~*








ما أن اقتربت السيارة من الحاجز الحديدي المطوق لذاك المنحدر الجبلي علمت

أنها النهاية ولن يمسك ذاك السياج السيارة عن السقوط ومن ثم الانفجار , مددت

يدي في حركة سريعة لحقيبتي وأمسكتها بقوة لحظة انحرافي بالسيارة محاولة تجاوز

الذي لا يمكن تجاوزه , وما أن اصطدمت السيارة بالحاجز فتحت بابها وقفزت منه

ومن سرعة السيارة قفزت هي قفزا بينما ارتميت أنا مرتطمة بأرض الجبل بقوة

وتدحرجت بعدها عدة لفات صارخة من شدة الألم وصوت انفجار السيارة قد دوى

مرتفعا يردد صداه الجبال المحيطة , وكل ما كنت أفكر فيه أن أمسك الحقيبة بكل

قوتي فقد رأيت السيارتان وقفتا في الأعلى ومؤكد رأوني , زحفت بعدها مبتعدة

عندما انفتحت أبواب السيارتين وتوجهتُ لأقرب شجرة واستندت بها ووقفت بصعوبة

وسرت بخطوات متعثرة من الآلام في ساقاي أمسك يدي التي يبدوا أنها كُسرت لأني

استندت بها ما أن سقطت على الأرض كي لا يكون الكسر في ضلوعي أو عمودي

الفقري , مسحتُ الدماء التي سالت من طرف جبيني ويبدوا وجهي قد أصيب بعدة

خدوش وتابعت خطواتي مبتعدة بين الأشجار ووقفت عند إحداها وفتحت الحقيبة

بيد واحدة ورميتها أرضاً وأخرجت منها المشرط الموجود فيها ورميتها بعيدا عكس

طريقي كي لا يسلكوا هذه الطريق ما أن يصلوا , سرت قليلا ثم وقفت وجلست على

إحدى الصخور الكبيرة ونظرت لساقي لأكتشف الجرح الذي فيها والدماء التي نزلت

محدثة أثارا خلفي فقلت من بين أسناني " سحقا سوف يجدوني بسهولة "

لم يكن أمامي من حل غير أن أمزق البنطلون بالمشرط بسرعة وبدأت أحاول لف

الجرح لكن الأمر كان صعبا بيد واحدة والأخرى لا يمكنني تحريكها أبدا , حاولت

مدها لقدمي فصرخت بألم وسمعت لحظتها خطوات راكضة تقترب من هنا فها قد

عرفوا مكاني بسهولة من تتبع أثار الدماء , وقفت سريعا محاولة الركض بخطوات

متعثرة بسبب ألم ساقي , أركض ممسكة يدي اليسرى واجتزت مجموعة من الأشجار

ووقفت مكاني حين وقف أمامي شاب بابتسامة خبيثة وشامتة فتراجعت للخلف

عدة خطوات قائلة " ماذا تريد مني ؟ "

تقدم نحوي ببطء قائلا بذات ابتسامته " تعلمين جيدا ماذا أريد يا ابنة صيّاد "

التفتُّ لأهرب منه ووقفت مكاني مصدومة ليس من الشاب الآخر الذي ظهر

أمامي وهما من قالا سابقا أنهما ابنا خالي وخالتي بل من هشام الواقف معه

يديه في جيوبه ينظر لي مبتسما بسخرية فقلت من بين أسناني

" هكذا هم الأوغاد يجتمعون دائما "

قال بسخرية " والدليل اجتماعنا بك الآن أليس كذلك "

حاولت التحرك رغم أن هروبي منهم مستحيلا وهم ثلاثة وأنا مصابة لكني

حاولت الفرار يمينا فأسرع من كان خلفي وأمسك بيدي المكسورة وشدها نحوه

بقوة فصرخت بتألم ونزلت للأرض فلواها خلف ظهري لتخرج صرختي أعلى

وقد شعرت بألم فيها لم أشعر به حياتي ونزلت دمعتي رغما عني فأنزلت رأسي

للأرض الجالسة عليها وقلت بصعوبة " أترك يدي فهي مكسورة "

ضغط عليها بقوة أكبر فدسست وجهي بين ركبتاي أخفي صراخي المتألم

وسمعت هشام قائلا " كوني عاقلة أو كسرنا الأخرى "

رفعت وجهي له وقلت بحقد " لو لم تكن جبانا لواجهتني وحدك "

ضحك وصفق بيديه وقال " اسمعوا ما تقول ؟ تضن نفسها رجلا

لتواجهني وهي أضعف من نملة حقيرة "

قلت من بين أسناني " اقسم لو كنت وحدك لعرفت كيف أقطّعك

إربا يا جبان "

ركلني بحدائه على وجهي ركلة لفت رأسي جانبا وشعرت بوجهي

تحطم بسببها وقال " أوقفها "

أوقفني الممسك بي في الخلف رافعا إياي من يدي المكسرة وقد أمسك الأخرى

معها وما كان أمامي سوا الوقوف كي أخفف الألم المنتشر خلال ذراعي كاملا

أمسك ذقني بأصابعه ورفع وجهي له وقال بابتسامته الخبيثة " وقعتِ أخيرا
يا لصة فكم انتظرت خروجك وحيدة ومبتعدة عن العاصمة "

حركت وجهي بقوة ليبتعد عن قبضته لكنه شد على ذقني بقوة أكبر

وقال من بين أسنانه " جاء وقت تصفية الحساب يا حشرة "

نظرت له بكره وبصقت في وجهه فأبعد يده بسرعة ومسح وجهه بظاهر كفها

متقززا ثم صفعني بقوة صفعة شعرت أنها حطمت فكي الذي لازال ينزف بسبب

خدوشه فرفعت رأسي بقوة ليبتعد شعري عن وجهي ونظرت لهما وقلت بغيظ

" اللوم ليس عليك يا نجس بل على من يفترض أني من لحمهما ودمهما

ويشاركانك في هذا ... التبّع الأنذال "

شد الواقف خلفي على يدي المكسورة فأمسكت نفسي بصعوبة عن

الصراخ المتألم وهمس في أذني " هذا حين نعترف بك أساسا "

ثم قال الواقف خلف هشام " لا تنتسب لدمنا واحدة من عائلة سارقة

وستُرجعين أرض خالتي وجدتي وخالي رغما عنك "

نظرت له وقلت صارخة بحدة " لم آخذها لأرجعها والقانون

أمامك وإن كان لك حق فطالب به "

اقترب مني وشدني من شعري رافعا وجهي له وقال بغيظ " رغما عنك

ستوقعين لنا كما سلبها والدك الطيب الحنون منهم واستولى عليها

هوا ووالدتك "

نظرت له بثبات أخفي به أي توتر أو خوف وقلت " إن كان ثمة غش

أو تزوير لما اتبعت هذه الطرق الخسيسة لاسترجاعها "

ابتسم بسخرية وقال " ما رأيك بليلة جميلة وأمسية لن تنسيها

أبدا مع ثلاثتنا "

نظرت له بصدمة وشعرت بجسدي ارتجف بأكمله وقلت بغير

تصديق " أنا عرضكم يا أندال "

ضحك رافعا رأسه للأعلى وترك شعري وقال هشام " لا تخلّوا

بالاتفاق بعدما تأخذون توقيعها وتتركوا انتقامي منها "

نظرت لهما بصدمة , النذلان يتقاسمانني بينهم بكل جرأة ووقاحة , قلت

ناظرة لهما " عمي لن يرحمكم أقسم أن تروا منه ما لم تتوقعوه "

دفع هشام وجهي جانبا بإصبعه وقال بسخرية " هذا إن وجدك وعلم بأمرنا

فكما توقعت لازلتِ مغتره بنفسك ولم تخبري أحدا عما بينك وبيننا

ثلاثتنا وهذا خطئك الفادح يا جميلة "

نظرت له بكره وحقد وقلت " ثمة من يعلم عنكم وسيخبرهم "

ضحك الواقف خلفي ممسكا لي وقال " لا تقولي أنها الفتاة الحمقاء

الأخرى التي تعيش معك "

صُدمت لمعرفتهم بالأمر وقال الواقف أمامي " تلك في طريقها لمدينة

والدتها وستختفي قبل أن تفتقدك لأننا سنلحق بها ومصيرها سيكون

ذات مصيرك "

صرخت حينها محاولة الإفلات منه " أنذال ... أقسم إن مسستم

سراب بسوء أن تندموا "

ضحك هشام وقال " ومن سيعاقبنا يا قذرة ؟ زوجك الذي يبدوا طردك

من منزله تعيشين مع فتاة لا تقرب لك أم عمك الذي يبدوا قد حذا حذوه "

حاولت تحرير يدي السليمة من قبضته فشد على يدي المكسورة بقوة وأنزلني

أرضا وشعرت حقا أن نهايتي اقتربت وعلى يديهم لكنهم لم يعرفوا ترجمان بعد

ولن أستسلم لهم ولو قتلت نفسي , لكن كل خوفي الآن على سراب لذلك أمامي

خطة واحدة قد تفشل فشلا ذريعا لكن لا حل غيره , صرخت بتألم من

عصره لذراعي بقوة وقلت " توقف سأوقّع لكم ما تريدون "








*~~***~~*








غادرنا قصر الوزير عائدتان للعاصمة ولم أتحدث أبدا ولم تسألني صباح

عن شيء , أنظر ليداي في حجري وكل كلمة قالها تدور في ذهني منذ ركبت

السيارة وغادرنا , وكأن جميع حواسي ماتت وحتى دموعي تجمدت تماما

ورفضت النزول , ما أن دخلنا العاصمة وسلكنا شوارعها حتى

قالت صباح " يبدوا لقائك به لم يثمر عن شيء يا دُرر "

نزلت حينها الدمعة التي لا أعلم أين كانت طوال الطريق وقلت بأسى

" أثمر يا صباح لكن ثماره كالعلقم ومليئة بالأشواك "

تنهدت بحزن وقالت " لا تحكي شيئا ولا تتكلمي الآن فعليك أن

تنامي قليلا وترتاحي وسنلتقي فيما بعد "

هززت رأسي بحسنا دون كلام بل بدون وعي مني لشيء حولي فما أقساه من

يوم هذا اليوم من أوله , يا رب اكتب لي الأجر وسامح بكائي وحزني , يا رب

أنت وحدك تعلم ما بي ففرج كربتي يا مفرج الكروب , وصلنا المنزل ونزلت

بعدما شكرتها واعتذرت منها لتعبها في انتظاري كل ذاك الوقت ثم دخلت المنزل

فكان غيّاث يقف وسطه مستندا بكتفه على باب غرفته وقال ما أن رآني " أرى

قدمك قد طالت في غياب شقيقك ونسيتِ أنه ثمة رجل آخر تأخذين الإذن

منه وتخرجي معه بدلا من التسكع مع جارتكم "

قلت بضيق " أعتقد أنه لا علاقة لك بي , وأنا وصباح لم نكن نتسكع

ووالدتي على علم بخروجي "

قال بسخرية " قوليها لشقيقك حين يرجع وليس لي "

تركته كي لا أكثر الكلام معه وتوجهت لممر غرفتي وسمعته يقول

بصوت مرتفع " أمي تُجهزي نفسك , يومين وستسافرين معي فلستِ

بحاجة لأناس لا تريدنا "

تجاهلت كل ما قال وسمعت وتابعت طريقي لغرفتي , أي مصيبة حلّت علينا

أنت يا غياث ؟ والكارثة أن يكون سيسافر بخالتي حقا , فتحت باب غرفتي

ودخلت فوجدت والدتي ترتب ثيابي المغسولة في خزانتي فتوجهت للسرير من

فوري واضطجعت عليه برفق من قبل حتى أن أنزع عباءتي فالتفتت والدتي لي

وقالت " استحمي وغيري ثيابك أولا , لا تنامي بهذه العباءة فستضايقك "

أغمضت عيناي وقلت بهدوء حزين " أعلم أمي وسأصلي أيضا , كنت

أريد أن أرتاح قليلا فقط فلم يعد يمكنني الوقوف "

بعد قليل شعرت بها تجلس على السرير وقالت ماسحة على شعري

برفق " ماذا حدث معك يا دُرر ؟ هل قابلته أم سترجعان غدا "

قلت وعيناي ما تزلان مغمضتان " انسي الأمر برمته أمي "

ثم فتحت عيناي وجذبت حقيبتي التي رميتها على السرير وأخرجت هاتفي منها

وجلست مستندة بيدي واتصلت بقصي فأجاب من فوره وقال من قبل أن أتحدث

" لا شيء حتى الآن يا دُرر وسأستمر في البحث باقي الأسبوع فثمة كوخ يسكنه

رجل مسيحي سأذهب له غدا فقد أخبروني أنه يعرف كل من يأتي ويستقر هنا "

مسحت دمعة تمردت على رموشي وقلت ببحة " ارجع اليوم يا قصي

وأوقف بحثك عنه "

قال بصوت مصدوم " لما !! ماذا حدث يا دُرر ؟ "

قلت بعبرة مكتومة " أخشى أن أضرّه يا قصي وقد كدت أفعلها اليوم

فارجع وانس كل هذا الأمر يا أخي "

ثم أنهيت المكالمة مودعة له دون أن أعطيه أي مجال للرد فيكفيه ما رآه

بسببي فمنذ وجدني وهوا مُسخر لي كالعامل لدي لا هم عنده سوا راحتي

وتلبية رغباتي وفعل كل ما أقوله , ومن أنانيتي لم أفكر بأحد إلا نفسي حتى

أواس نفسه كدت أسلمه لهم بنفسي لولا تغاضى الوزير عن الأمر , وضعت

يدي على عيناي وبكيت بحسرة وألم فحضنتني الجالسة بجانبي وقالت بحزن

" يكفي يا دُرر ارحمي نفسك وارحميني معك يا ابنتي "

قلت ببكاء " لن أبكي مجددا يا أمي فاتركيني أبكيه للمرة الأخيرة فإن

بكيته كل عمري لن أوفي مكانته في قلبي وحسرتي عليه "








*~~***~~*










أخرج أحدهما ورقة وقلما وقال " وقعي هذه بسرعة "

حركت كتفاي وقلت " أترك يدي بما سأوقع لكم ... بلساني ؟ "

ضحك الواقف خلفي وقال وهوا يترك يدي السليمة فقط

" فكرة جيدة .. بصمة لسان "

قلت من بين أسناني " نكتة سخيفة "

سحبني جهة صخرة متوسطة الحجم قائلا " تحركي وخلصينا "

كتمت كل ألمي قائلة بصعوبة " بالرفق فيدي مكسورة كم مرة سأقولها "

دفعني قائلا " تحركي من نفسك إذا إن كانت تؤلمك "

وصلنا للحجر وهما خلفنا ووضع الورقة عليها ومد لي بالقلم وقال

" وقعي بسرعة "

أخذته منه وكل تفكيري في من يمسكني في الخلف فلن ينجح شيء وهوا

خلفي ممسكا بي هكذا وفي يده نقطة ضعفي وهي اليد المكسورة التي أشعر

أنها تمزقني من الألم , أمسكت القلم وقلت بتألم " اترك يدي فهي تؤلمني

كيف سأوقع هكذا ؟ ولا تخافوا فلن أهرب منكم ويدي مكسورة

وساقي مجروحة وأنتم ثلاث رجال "

تركها حينها وقال " خلصينا لنرى "

رغم تركه لها إلا أنها لازالت تؤلمني بشدة ولا أستطيع الضغط على قدمي

بسبب الجرح وهم ثلاثة , التخلص من اثنين سيكون سهلا لوقت قصير أهرب

فيه لكن الثالث سيلحقني بالتأكيد , شعرت بخيبة أمل كبيرة وجُل خوفي على

سراب أما أنا فإن لم أستطع النجاة منهم فسأخلصهم مني , قبضت على يدي

بقوة وأشعر بفظاعة هذه الورطة التي أنا فيها ولا يمكنني التكهن بخداعهما له فلن

يسمحا له بمس شرفي وهما يقربان لي مهما كانا يكرهانني وقد يكون غرضهما

خداعه ليوصلهما لي فقط أو ليخرج لهم بتوقيعي لكن ذلك يبقى فرضيات والأنذال

أنذال ويفعلون أي شيء ولن يعبئوا بي ولن يفتقدني أحد الآن ولا باقي اليوم حتى

أكون فيما الله وحده يعلمه , وإن خرجت من تحت أيديهم حية سيكون لوم الجميع

علي وأولهم إياس وعمي , فالأول ذهبت رغم رفضه وحرصه والآخر سيُحمّلني

المسئولية لأني لم أخبره سابقا , ادّعيت أني أوقعت القلم ونزلت لرفعه وحركت

يدي قليلا حتى أخرجت المشرط مخفية له في راحة يدي ونظرت للورقة

وقلت " ثمة أخرى , هذه وحدها لن تجدي "

رفعها وقال ناظرا لها " عماد هل تركت الأخرى في السيارة ؟ "

قال الآخر من فوره " نعم ضننت أنه لا حاجة لها "

قال من بين أسنانه " مغفل ألم ترى طلب التوقيع أسفلها "

ثم رمى بالورقة على الصخرة أمامي وقال " أليس غريبا أن تخبرينا

ولا تستغلي الأمر لصالحك ! "

قلت من فوري " كي لا ترجعوا لمطاردتي مجددا ولأرتاح من رؤيتكم "

ضحك هشام وقال " ما تزال تتخيل أنها ستعيش ؟ مسكينة "

صررت على أسناني ولم أعلق لأن الواقف بجانبه قال " اذهب

وأحضر الورقة بسرعة يا عماد "

وكانت هذه فرصتي فسيصبحان اثنان الآن وسأنفذ مخططي إن نجح أو

فشل , أمسك هشام بشعري ورفعني للأعلى وهمس في أذني " نهايتك

على يدي يا جميلة وسأجعلك تندمين على اليوم الذي ولدتِ فيه "

رفعت رأسي للأعلى مع حركة شده لشعري ودُرت قليلا حتى كان الآخر مقابلا

لي وحرّكتُ المشرط في يدي مخرجة لرأسه من قبضتي وأشعر بالدماء تسيل من

كفي بسبب جرح نصله الحاد له , لا وقت أمامي وسيرجع الوغد الثالث سريعا

لففت يدي للخلف في حركة سريعة وقوية وغرست المشرط في فخذه بقوة خرجت

معها صرخته وفي حركة سريعة حركته جانبا وهوا مغروس في لحمه وأشعر بقلبي

سيخرج من مكانه فلم أتخيل يوما أن فعل هذا الأمر أفظع من تخيله , أفلت شعري

بسرعة وقبل أن يفيق الواقف أمامي من صدمته ركلته بين ساقيه بكل ما في قدمي

السليمة من قوة ضربة جعلته ينحني أرضا يصرخ من الألم وتحركت حينها بأسرع

ما لدي متجاهلة أي ألم في ساقي وقدمي وركضت ركضا لم أتخيل أن أركضه مع

كل ذاك الألم فيهما , كنت أركض دون هدى ولا هدف وأسمع الصراخ خلفي ومؤكد

لن يتشاجرا بل يصرخا للحاق بي ومؤكد يصرخان على الثالث ليأتي سريعا , وبما

أن ذاك القذر هشام فخذه مصابة فهوا في مثل حالتي إنما الآخر فكل الخوف منه

تحاملت على ألمي محاولة الإسراع أكثر لكني بدأت أفقد الشعور بساقي والتحكم

بها ووقعت أكثر من مرة ومؤكد سيلحقون بي سريعا وهذه المرة لا فرصة للنجاة

منهم أبدا , استمررت في السير المتعثر بأقوى ما لدي ودموعي بدأت بالنزول دون

توقف فما أصعب أن تجد نفسك على شفير الهلاك وفرصك للنجاة قليلة , وما أشد

أن تجد العدو من خلفك والبحر من أمامك بل هما عدوان فالبحر يمكنك دخوله

وإيجاد أي حل به ولو الموت فيه غرقا , بدأتْ أصواتهم تقترب مني وأدركت أنها

نهايتي هذه المرة فلففت حول أول شجرة وصلت لها لأصطدم بشيء بقوة أدركت

بعد لحظة صدمة أنه صدر رجل وما أن فكرت في التراجع للخلف حتى طوقتني

ذراعاه بقوة شهقتُ منها شهقة فزع وخوف وبكاء قوية فها هوا ما خفت منه قد

حدث , شدني لصدره بقوة أكبر وخرج صوته قائلا بحزم " أريدهم الثلاثة

ولا واحد منهم يفلت منكم , بسرعة تحركوا "

لأدرك حينها صاحب هذا الصوت بل الصدر العريض الذي لا يملكه أي منهم

ثلاثتهم ومن فزعي وخوفي لم أنتبه للفرق , رفعت يدي السليمة وتمسكت به بقوة

أدس وجهي في صدره أكثر وقلت ببكاء " أمــ .. أمسكوا بي ... يــ .. يريدون

اغتصابي وقتلي , إيــ ... ــاس أين كنت "

شدني لصدره أكثر وقال " أنا هنا لا تخافي لن يمسك أحد بأذى "

بقدر ما شعرت بالأمان في وجوده بل لم أصدق أنه ظهر في مثل هذا الوقت

العصيب بقدر ما زدت في بكائي ونحيبي وتعلقي به وكأنه سيهرب مني بينما

اكتفى هوا بضمي لصدره وطمأنتي بكلمات لم أفهم أغلبها من شدة بكائي حتى

أغرقت قميصه بدموعي , وبعد وقت اقتربت منا خطوات كثيرة حتى توقفت

أمامنا وقال أحدهم " هؤلاء هم ثلاثتهم سيدي وأحدهم مصاب "

قال حينها بغيظ " حسابكم معي يا حثالة , هل تظنوا أني غافل

عنها يا مجرمين ؟ "

ثم قال بأمر " خذوهم من وجهي أريدهم في المركز وليتكفل أمين

باحتجازهم حتى أستلم عملي يوم غد "

وتحركت الخطوات مجددا مبتعدة فأبعدني عنه ممسكا لذراعي فصرخت

بألم جعله يتركها بسرعة وقال " ما بها ؟ هل أنتي بخير "

أمسكتها بقوة وقلت ناظرة للأسفل " لقد كُسرت وساقي مصابة أيضا , هذا

غير الرضوض الكثيرة التي أشعر بسببها أن جسدي تهشم "

أمسكها برفق ورفعها على صوت أنيني المتوجع وانحنى واضعا لها على كتفه

خلف عنقه ثم حملني عن الأرض فتمسكت بعنقه بيدي السليمة ودسست وجهي

فيه ولا أعلم ما به بكائي لا يتوقف أبدا وكأني لازلت هاربة ومطاردة منهم ولم

يأتي لإنقاذي , سار بي كثيرا لا أرى شيئا ولم يتحدث ولم أسمع سوا صوت تكسر

الأغصان تحت وطأة حذائه وخطواته فقلت بعد وقت ولازال أخفي وجهي في

عنقه " لا تلمني يا إياس , أعلم أني مخطئة وأنه لو لم تأتي لا تعلم

ما سيحدث لي , كل ذلك أعرفه "

لاذ بالصمت لوقت ثم قال " انتهى كل شيء يا ترجمان "

صدُمت من كلماته ولم أعرف ما يعني بها ولم أستطع أن أبعد وجهي

وأنظر له فقال بذات هدوئه " انتهى كل ذلك والمهم أنك بخير "

تمسكت به أكثر ودفنت وجهي فيه أكثر ولم أشعر بأنه أماناً لي كاليوم

والآن وبأني أحتاجه فعلا في مثل تلك اللحظات









*~~***~~*








بعد السير مسافة ثلاث ساعات ونصف بالسيارة وصلتُ أخيرا لمنزل والدتي

فلِما حكم قدري وقدرها أن تكون بعيدة عني هكذا ؟ لما عليا أن أكسر ظهري

من الجلوس في السيارة لأصل لها ؟ تنفست بقوة وهمست مستغفرة الله ونظرت

للمنزل الكبير أمامي فهذه المرة الأولى التي أزورها فيها وكل ما أخشاه مقابلة

وتقبّل زوجها لي , نظرت لهاتفي مستغربة من ترجمان التي أغلقت هاتفها على

غير عادتها ولم تتصل بي حتى الآن ولم أفهم هل ستلحق بي أم ستبقى ؟ ولِما

اتصلت وسألتني إن ذهبت أم لا ! جالت فكرة في رأسي أن أتصل بعمها وما

كنت قررت ذلك حتى انفتح باب المنزل وكانت والدتي أمامه بابتسامتها الحنونة

فرميت كل تلك الأفكار وتوجهت نحوها مسرعة وارتميت في حضنها متمسكة

بها بقوة أجاهد دموعي كي لا تنزل ولم تترك هي عبارة ترحيب لم تستقبلني

بها والسعادة والشوق ظاهران في صوتها , ضممتها أكثر وقلت بحزن

" اشتقت لك أمي اشتقت حقا "

قالت بعبرة ماسحة على رأسي " وأنا أكثر منك مشتاقة لك يا ابنتي "

فانهرت حينها باكية وضاعت كل محاولاتي تلك لإمساك دموعي ولم

يوقفني سوا الصوت الرجولي الغليظ الفخم الذي جاء من خلفها قائلا

" مرحبا بك في منزلي يا سراب "

فابتعدت عنها سريعا ومسحت دموعي ناظرة للرجل الذي كان يتقدم نحونا

كان في الخمسين من عمره تقريبا ولا يبدوا كبيرا أبدا وكان ثمة عرج أو

إعاقة في إحدى ساقيه ويتحرك بمساعدة عصى برأس مذهب وكانت ثيابه

فاخرة مرتبة ومشيته ونظرته تدل على هيبته ومركزه , وصل عندنا

فمددت يدي له وصافحته قائلة " سررت بمعرفتك عمي "

صافحني مبتسما واكتفى فقط بقول " وأنا كذلك "

رغم ما سبق وقاله عني وعن شكه بما صرت عليه إلا أني لم أفكر إلا في نسيانه

فهذا الرجل سيبقى حلقة مرتبطة معي ووالدتي وعليا تقبله كي لا احرم منها أو

أحرمه هوا من بقائها بجانبه فأي خلاف بيني وبينه سيكون له معنا واحدا إما أن

تذهب والدتي معي وتتركه أو أخرج أنا من حياتهما وأنسى حتى أن أزورها من

وقت لآخر , دخلنا وجلسنا في صالون الاستقبال وجلس زوجها معنا وهذا مؤشر

جيد فقد توقعت أن يغادر ويتركنا , قال ما أن جلس " كيف حالك وحال

زوجك ؟ مؤكد تتحدثين معه "

قلت متجنبة النظر لعينيه " بخير وسيصلون بعد يومين "

قال من فوره " يعني لن يطول بقائك هنا ؟ سيكون متعبا لك أن ترجعي

مجددا من أجل استقباله , ووالدتك تعشمت في أسبوع كامل تقضيه معها "

شعرت بالدماء جفت في عروقي ونظرت لوالدتي على الفور فمؤكد زوجها لا

يعلم بالخلاف بيني وبين آسر وأني أعيش في منزل لوحدي ولو علم ما استقبلني

فهوا لم يرضى بي إلا بعدما تحدث معه آسر وأخبره أني زوجته وشهد لي أمامه

فأن يعلم الآن بما بيننا ستكون كارثة , وقف وقال " خذي راحتك يا سراب

وأعدّي المنزل منزلك "

ثم غادر من فوره حيث لا أعلم ولم أهتم وقالت والدتي هامسة " سأجد

عذرا أخبره به فلا تفكري في المغادرة يا سراب "

نظرت لها وهززت رأسي بلا وقلت بحزن " لا حجة لي ولن يصدقك أبدا

لا بأس سأقضي معك هذان اليومان فقط ثم أرجع لمنزلي فليس في

صالحنا أن يعلم ما بيني وبين آسر "

قالت بجدية " سبق وقلتها له وأكررها يا سراب لن أتركك وسأغادر معك لو

رفضك يوما أو أذاك بكلمة وعمك ليس سيء طباع ستعرفينه بنفسك وتصدقي

كلامي , ولولا إصرار آسر لأخبرته أنك تعيشين وحدك وجلبتك معي هنا أو

ذهبت للعيش معك هناك خير من قلقي عليك طوال الوقت وكل ليلة يزورني

ألف هاجس أن يصبك مكروه ولن ينفعني الندم حينها "

نظرت ليداي في حجري وقلت " سأزورك في وقت آخر فالأيام

أمامنا طويلة "

أمسكت يدي وقالت " سراب أنتي اخترت هذا الوقت كي لا تكوني

هناك وقت عودته أليس كذلك ؟ فلا تذهبي "

لذت بالصمت ولم أرفع رأسي ولم أنظر لها فقبضت على يدي بقوة

وقالت " جربي أن تتحدثا إذاً ووضحا وجهات نظركما لبعض فأسلوب

الصمت والهروب لن يجدي "

قلت بغصة " لا يريد يا أمي , هذا الشيء هوا من فرضه لا أنا , يريد

الصمت وإخفاء كل شيء عني ولازال حتى الآن يخضعني لاختباراته

الغبية ولم يتعلم مما حدث أبدا ولا يرى نفسه مخطئا "

تنهدت وقالت " قد لا يكون يراه اختبارا يا سراب ومنظور الرجال

للأمور يختلف عنا نحن النساء "

رفعت رأسي ونظرت لها وقلت بعينان دامعة " وبما أفسره وما سيكون

غير ذلك ؟ توقفي عن الدفاع عنه يا أمي وضَعي نفسك مكاني "

ضمتني لحضنها وقالت بحنان " أشعر بك يا سراب أقسم أني أشعر بك

وأوبخه كلما اتصل بي ويتهرب دائما من إبداء رأيه فيما أقول وحين

هددّته بأن أجلبك هنا ولن يراك أبدا غضب مني "

قلت ببكاء " ليس من حقه أن يغضب وهوا من تركني , كم أشعر أني

وحيدة وحزينة يا أمي , ليتك فقط لم تتزوجي ووجدتك في انتظاري

وبقيتِ معي للأبد "

ضمتني بقوة أكبر وقالت بعبرة مكتومة " هذا قدرنا يا سراب , لقد حرموني منك

طفلة عمرها عامين فقط كبرتِ بعيدا عن عيني أتحسر عليك كل يوم وليلة وأتمنى

فقط أن يخبروني إن كنتِ حية أو ميتة لأرتاح , وحين عدتِ حُرمت منك

مجددا ولم أعد أعرف كيف أقسِم نفسي بينكما لنصفين "

بقيت على بكائي الصامت في حضنها لوقت حتى أبعدتني عنها ومسحت دموعي

وأوقفتني تريني منزلها الفخم الكبير الذي لا يسكنه أحد غيرهما والخادمات وعاهدنا

نفسينا أن نقضي هذان اليومان معا بلا حزن ولا دموع ونستغل كل دقيقة , وبالفعل

قضيت معها يومين لم تترك مكانا لم تخرجني له ولم نتناول وجبة في المنزل وكنا

نخرج للمطاعم والمنتزهات وقد خرج معنا زوجها مرة واحدة فقط بسبب أشغاله

وكان رحبا معي رغم يقيني أن كل ما يفعله من أجل والدتي لا من أجلي









*~~***~~*








نظرتُ ليدي المجبّرة ثم للواقف مستندا بباب غرفتي في المستشفى مكتفا يديه

لصدره ينظر لي بصمت فمددت شفتاي بعبوس وحوّلت نظري منه للواقف

بيننا يداه وسط جسده ينظر لي بغضب عاقدا حاجبيه أنتظر انفجاره الذي جاء

سريعا وقال بحدة " هل أعلم موقعي من كل هذا أم تروني طفلا أمامكما "

كنت سأتحدث فأشر لي إياس بإصبعه على شفتيه لأسكت فتنهدت بأسى ولذت

بالصمت فقال عمي بذات حدته " اللوم ليس عليك ولا عليه بل عليا أنا "

ثم نظر لإياس الذي حوّل نظره لي وقال بابتسامة " جيد اكتشفنا قدراتها

المخفية فقد أصابت واحدا منهم وهربت منهم وهي مصابة "

عضضت شفتي أمسك ضحكتي وقال عمي بغضب " لا يا سيادة الضابط

أسعدتني حقا ؟ قل الآن كيف تعلم عنهم ولا تخبرني "

قال بهدوء " كم مرة قلتها لك يا خالي , كنت فقط أراقب منزلهما من وقت

لآخر ووضعت جهاز تعقب في السيارة وحين اختفت إشارتها علمنا أن شيئا

ما حدث لها وكل هذه احتياطات غفلت أنت عنها حين عارضتُك في عيشهما

وحدهما وأنت رفضت .. أم نسيت ؟ "

قال له بضيق " ظننتها عاقلة وكبيرة وظننتك بعقل كبير ستعرف كيف

ترجعها وتأخذها معك "

ثم نظر لي وقال بذات ضيقه " وأنتي حتى متى كنتِ تنوين إخفاء الأمر

عنا ؟ حتى يقتلوك واستلمك جثة "

لعبت بطرف اللحاف بين أصابع يدي السليمة الملفوفة بشاش بسبب جرح

كفها وقلت بهدوء " قلت ألف مرة أني آسفة وأني كنت مخطئة يا عمي "

قال بغضب " وما سنفعل بأسفك إن حدث لك شي ؟ تكلمي "

تمتمت بعبوس " خرج إياس في الوقت المناسب وانتهى الأمر "

قال بذات غضبه " لا لم ينتهي وستخرجين من هنا معي لمنزلي

وصديقتك معك أيضا "

كان إياس سيتحدث فقاطعه قائلا بحزم " ولا كلمة أخرى , ظننتكم رجالي الذين

أعتمد عليهم في كل شيء وسلمتكم الضعيفات اليتيمات وخذلتموني , فإن لم يجدن

فيكم الأزواج فسيجدن فيا الوالد ولن تخرج واحدة منهما من منزلي ولن تريا

ظفريهما , ودُرر يوم سأسمع فقط أن عائلتها أزعجتها سأجلبها معهما ولن

أتضايق منهن عمري كله ولن أعتمد عليكم وعلى أمثالكم مجددا "

ثم نظر لي وقال بحزم " قفي هيا لنغادر "

نظرت لإياس الذي أشار لي بإصبعه أن أرفض فابتسمت بمكر وحركت

كتفي رافضة فنظر لي بتوعد تجاهلته وغادرت السرير قائلة " حاضر يا

عمي فقط لا تغضب مني "

فخرج مغادرا وأنا اتبعه أجر قدمي ببعض الصعوبة بسبب جرح ساقي حتى

مررت بإياس الذي أمسك بيدي موقفا لي وقال هامسا " ظننتك تعشقين

التحدي ورفض الأوامر فما تغير الآن "

نظرت له بابتسامة مشاكسة وقلت هامسة مثله " ما حدث منذ

يومين غيرني هل تصدق ؟ "

ضغط على يدي ونظر لي بمكر وقال " تتغيرين من ناحية عمك

فقط يا محتالة "

ضحكت بصمت وفي حركة خاطفة قبلت خده وقلت مغادرة من الباب

" أمري لم يعد في يدي فتفاهم مع خالك "

وخرجت للذي ينتظرني خارجا ولازال ينظر لي بضيق ثم قال مخاطبا

الذي خرج خلفي " عد لعملك بسرعة يكفيك استهتار "

ضحكتُ ضحكة صغيرة ولم أشعر حينها سوا بأني طرت للأعلى ووجدت

نفسي بين ذراعيه وقال ضاحكا " حاضر سيدي وسأوصلها في طريقي

ترى بنفسك لا يمكنها المشي "

فسار أمامنا قائلا ببرود " لازلت بكامل صحتي ولن أعجز عن حملها

لكن لا بأس بما أنه آخر لقاء لك بها "

سار بي خلفه قائلا " خالي وحد الله ما هذا الذي تقوله ؟ "

تجاهله تماما فتمسكت بياقة سترة بذلته وهمست مبتسمة

" تستحقها رغم أنه تأخر كثيرا "

نظر لي بضيق وقال " تصمتي أو أوقعتك على الأرض "

ضحكت وتمسكت به أكثر ودفنت وجهي في عنقه قائلة " أتحداك أن تفعلها

وسترى عمي ما سيفعل لك بما أني مصابة ويدي مجبّرة وجسدي كله

ضمادات وليس بإمكاني أخذ حقي منك "

توقفت حينها خطواته وسمعت عمي قائلا بأمر " أنزلها انتهت مهمتك "

أنزلني حينها قائلا بحنق " كان يمكنني تجاهلك وأخذها لسيارتي , فقط لتعلم

أني أحترمك ولا أريد عصيانك "

أشار لي بإصبعه على باب السيارة قائلا بحزم " بسرعة لأوصلك

وأجلب شقيقتك التي ستصل لمنزلها بعد قليل "

فتحركت من فوري وركبت في الكرسي المجاور للسائق وتوجه هوا لبابه

ليفتحه فنظرتُ لإياس الواقف مكانه وهوا يؤشر لي بيده على أذنه بمعنى

هاتف فهززت رأسي بلا مبتسمة وركب حينها عمي وأغلق الباب

ونظر لي وقال " بما كان يخبرك ؟ "

نظرت له بصدمة وقلت " لا شيء "

فتحرك بالسيارة مسرعا ومجتازا له قائلا بحزم " لن يروكم حتى يعرفوا

قيمتكم وأنّ ثمة من ورائكم فالرجل إن لم يجد شخصا سندا للمرأة يخاف

منه يتحول لحمار متوحش "

كتمت ضحكتي بيدي فقال بضيق " ما يضحكك ؟ "

قلت بضحكة " وهل هذا حالك مع زوجتك التي لا أحد لها ؟؟ "

نظر لي بغضب فقلت من فوري " آسفة نسيت أنه لها شقيق "

قال بحدة " بل أنا من لست كالبقية ولن أستغل ذلك أبدا يا سليطة

اللسان فاحترميني "

وكزته بمرفقي وقلت مبتسمة " مرحبا بك عمي في عالم الواقع , كنتَ

فعلتها سابقا ووضعت أصبعك في أعينهم "

نظر للطريق وقال بجدية " لأكون عادلا فها قد أعطيتهم الفرصة أولا

واستخفوا بي وبكما وسيريان الآن "

نظرت له باستغراب وقلت " أعطيتهم الفرصة قبلنا ! "

قال بحزم " نعم وهل تظني صمتي عنهم نائم عما يجري ؟ لا يا ابنة شقيقي

وسيعلمان الآن ما أضاعا من وقت "

رفعت كلتا يداي حتى المجبّرة وقلت بحماس " مرحى لعمي أرنا فيهما قدراتك "

قال ببرود " اجلسي مكانك فأنا لم أسامحك بعد ومصيرك مثلهما "

نظرت له بعبوس ولم أتحدث لأن أي كلمة ستفجره من جديد وسيلقي باللوم

علي مجددا وما سيخلصني منه حينها , نظرت للمرآة الجانبية حيث كانت

سيارة شرطة تتبعنا وهي لإياس بالتأكيد وما هي إلا لحظات وتحدث عمي

في هاتفه قائلا " للمركز فورا ولا أرى سيارتك مجددا أو كان حسابك معي "

نظرت له مبتسمة على صوت ضحكة إياس في الهاتف وقال شيئا لم أفهمه

فقال عمي بضيق " مخصوم من راتبك تحت بند العقوبات ولأول مرة في

تاريخك ولن تكون الأخيرة "

ثم أنهى الاتصال معه فنظرت للمرآة وللسيارة التي أطلقت صفارات الإنذار

واجتازتنا مسرعة وابتسمت حين تذكرت كيف منعه خالي اليومين الماضيين

من الدخول لي في غرفتي في المستشفى , لا أنكر أن نظرتي له تغيرت جذريا

بعدما احتجته ووجدته وكما قالت دُرر علمت أن له أهمية في حياتي وأحتاجه

مثلما اعتبر هوا أن لي قيمة عنده وقلق عليا وتعقب تحركاتي دون أن يكبلني

ويقيدني بأوامره وأفكاره المتعصبة , لكن عليه أن ينال عقابه من خاله كي

يعلم أنه لن يسكت له في القادم فلا يهزأ بي مجددا









*~~***~~*








نظرتُ لباب المركز الطبي أمامي وتنفست بقوة وشددت العزم للدخول وفي يدي

الورقة التي تحمل اسم الفتاة التي أرسلني لها خالها الذي يكون رئيس زوج دُرر في

عمله وزوج عمته وقال أن الأمر ليس بتلك السهولة وقد يضره شخصيا ووحدها

من ستخدمني في هذا الأمر فعليا أن أتأكد من سلامة دُرر وابنها دون أن يعلم أحد

فلن أرتاح والظنون تلعب بي هكذا , نظرتُ للورقة مجددا وغاب ذهني لحديثها

معي بعد عودتي وهي تطلب مني إيقاف البحث عن زوجها وإلغاء حتى المكافئة

المالية التي وَضعتْ فيها كل ما ترك لها مقدرا نقدا ولا أعلم ما حدث بعدي جعلها

تقرر ذاك القرار !! ركزت نظري على الاسم في الورقة ( سدين أشرف خياط )

ولا أعلم لما غاب تفكيري لتلك الفتاة في المستشفى التي حين خرجتُ من الطبيبة

مغادرا وجدتها مع الطبيب الذي يبدوا مشرفا عليها وكان يوبخها وكل ما قالته

له ووقع في أذني ( لا أحتاج لشهادة الكفاءة التي تجعلني أتغاضى عمن يحتاج

مساعدتي , فكيف إن كانت عجوز عاجزة عن الحركة تترجى أن يساعدها أحد )

تلك الفتاة جلبت لنفسها المشاكل لتساعد غيرها وكان ضميرها أهم عندها من

غرضها من عملها هناك , ولا أنكر أني ثاني يوم حين عدت لإخراج دُرر شيء

ما في نفسي تمنى أن أقابلها مجددا بالمصادفة فتلك الفتاة تبعث فيك الفضول من


تمسّكها بمظهرها الذي تعلم جيدا أنه عكسُ دواخلها وأنه سبب جُل مشاكلها على

ما يبدوا , طويت الورقة ودسستها في جيبي فبما أن الفتاة ليس لديها علم بقدومي

فعليها أن لا ألفت الأنظار بأني جئت من أجلها وهنا ستكون المهمة الصعبة فعليا

إيجادها وكل أملي في أنّ مركز كبير ومعتمد كهذا يكونوا يعلقون أسماء موظفيه

في ثيابهم كتعريف , لست أعلم ما غرضه حين لم يخبرها بقدومي ولا يريد أن

أخبرها أنه من أرسلني وكأنه يختبرها بي ولولا ثقة دُرر به لشككت في أمره

وما فهمته من كلامه أنه لن يظهر في الصورة أبدا وإن تعقدت الأمور سيخرجها

من المشكلة بمعرفته لكن الغريب كيف وثق من أنها ستساعدني بدون أن يطلب

هوا منها ذلك ؟؟ يبدوا يخشى أن يُكشف أمرها ويضغطون عليها فتشي به ورجل

شرطة مثله لن يكون سهلا أن تُكتب كهذه المخالفة في سجله , هززت رأسي راميا

منه كل تلك الأفكار ودخلت فالمهم عندي الآن أن أتأكد من سلامة دُرر ولا يعنيني

بأي طريقة سيكون , وسيكون عليا إقناع الفتاة فخالها قال بلسانه ( إن لم تخدمك هي

في هذه فلن يخدمك أحد وإن رفضت فالمشكلة بك وليس بها ) ولست أعلم ما يعني

ولا أفهمه فذاك الرجل يبدوا لي كثلة من الغموض والغرابة فهل خشي على نفسه

ولم يخشى على ابنة شقيقه ؟! دخلت وتوجهت لوجهتي متتبعا اللافتات وسلكت ممرا

طويلا حتى وصلت للجزء المخصص بأقسام التحليلات والمختبرات فهذا المركز كبير

يحوي حتى على أقسام للمرضى واللجنات طبية ومعروف جدا خاصة بعد القانون

الأخير الذي أصبحت به جميع المراكز المتخصصة في الإيدز تابعة للدولة , وكُثر

انتقدوا هذا القرار في البداية وظنوا أنه سيمنع أي شخص شك في نفسه من اللجوء

لهم مخافة احتجازه لكنهم اكتشفوا إيجابياته فيما بعد لأن من شك بإصابته سيلجأ

للتحليل والكشف ليرتاح وترتاح نفسيته حتى إن كان المقابل الاحتجاز إن كان

مصابا فلا أحد يختار العيش في دوامة الشكوك خاصة مع مرض كهذا , وصلت

صالة الاستقبال وتقديم نتائج التحاليل وكان ثمة فتاة منشغلة بكتابة شيء ما وكما

توقعت كان أسمها معلقا على جيب معطفها الطبي لكنه لم يكن الاسم

المقصود, رفعت نظرها بي وقالت " نفضل يا سيد بما أخدمك ؟ "

نظرت حولي وقلت " أنا في انتظار صديق لي سيصل أولاً فهل يمكنني

انتظاره هنا قليلا "

أشارت بيدها وقالت مبتسمة " بالتأكيد تفضل اجلس هناك "

ثم عادت لما تفعل وتوجهتُ أنا للصالون الجلدي الأسود الذي يأخذ مساحة

كبيرة من المكان وجلست هناك في انتظار الفتاة التي لا أعلم أين ستكون في

هذا الجزء الواسع من المركز ولا كيف سأجدها وما علمته منه أنها تعمل في

المختبرات أي أن فرص خروجها قد تكون شبه معدومة فلمْ يصنع بي خالها

خيرا أبدا بأن سدّها عليا من جميع الطرق ولم يخبرها لتنتظرني , مر الوقت

والدقيقة تلحقها الأخرى جالس مكاني أنظر لساعتي بتململ والجميع يتحرك

حولي إلا أنا وكلما خرجت فتاة ترتدي معطفهم الخاصة بهم حيث لكل قسم هنا

لون ياقة مخصص في المعاطف نظرت لاسمها بتمعن وبلا فائدة , هوا طلب أن

أكلمها اليوم ولا يمكنني المغادرة دون رؤيتها ولست أعلم حتى متى سأنتظرها

جلستْ قريبا مني امرأتان واحدة كبيرة في السن والأخرى أصغر منها ولاحت

في بالي فكرة أن أطلب من إحداهما أن تسأل عنها وبذلك لن يشك أحد بي أو

بها , وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى نادت التي خلف الطاولة قائلة

" سدين لحظة من فضلك "

فنظرت خلفي على الفور وكل ما في تفكيري التأكد من أسمها الكامل لكن عيناي

علقت على ملامحها ونظرتُ لها بصدمة حين وجدتُ أنها تلك الفتاة لا غيرها

فوقفت على طولي وركزتُ نظري على اسمها وهي تقترب من الطاولة النصف

دائرية وكان بالفعل ( سدين أشرف خياط ) فخرجت مني ضحكة صغيرة منخفضة

فمن الذي رتب لهذه المصادفة ! لم يكن في بالي أن تكون الفتاة ذاتها , ذات المظهر

والفصوص والوشم لم تتغير أبدا ولم يؤثر بها شيء مما سمعته في ذاك المستشفى

فما أغربها من فتاة متمسكة بقناعاتها مهما كانت العواقب ؟ وفوق كل ذلك خالها

عقيد في الشرطة وشقيقها ضابط مع زوج دُرر !! ومما لا شك فيه أنها واجهت

هنا أصعب مما واجهته في ذاك المستشفى , اقتربتُ منهما قليلا وتلك تتحدث

معها قائلة " المرأة هناك تسأل عنك "

وأشارت بالقلم في يدها حيث المرأتان اللتان جلستا جواري فالتفتتْ لهما

وتوجهت نحوهما دون أن تنظر جهتي فادعيت أني أنظر لساعتي وعدت

بخطواتي خلفها ثم جلست على الكرسي على مسافة منها ما أن وقفت

وقالت لهما " بما أخدمك يا أمي ؟ "

قالت المرأة الكبيرة في السن وهي تدقق بها " أنتي التي طلبناها ؟ "

قالت برحابة " أجل يا جدة وأنا في الخدمة تفضلا "

وكزت العجوز المرأة التي بجانبها وقالت من فورها " تحركي يا عائشة نرى

مركزا آخر , هذه لا يبدوا تفهم شيئا من شيء ومكانها السينما وليس هنا "

نظرتُ لقفاها أمامي بشيء من الفضول والترقب وكما توقعت ضحكت وقالت

بذات نبرتها الهادئة الرقيقة ورحابتها " جربيني يا جدة لا تحكمي عليا بتسرع "

قالت المرأة " ابني من الأطفال اللذين تلقوا اللقاحات في مستشفى جنوب العاصمة

ووصلنا كلام عن أنه يجب إخضاع جميع الأطفال للفحص والتحليل لشكوك

حول الحقن ونريد التأكد "

قالت من فورها " ابنك في أي يوم تحديدا ذهب لتلقي الجرعة "

أجابتها المرأة قائلة " اليوم السابع من الشهر الماضي "

قالت من فورها " هل ظهرت عليه أعراض زكام خلال الأسبوع الأول

أو طفح جلدي بسيط واختفت فيما بعد "

وطرحت عليها مجموعة من الأسئلة ثم قالت " ورد حديث عن هذا اليوم

لكنها شائعات أكثر من كونها صحيحة ولا أحد يريد التصديق "

قالت المرأة من فورها " وما يؤكد لنا أنها شائعات ؟ "

ضحكت وقالت " أخبرتك أنه لم يصدقنا أحد "

ثم أخرجت دفترا صغيرا من جيب معطفها وقلما وقالت وهي تكتب فيه

" أعطني أسمه وعمره وأحضريه لي في الغد واطلبيني بالاسم حسنا يا أمي "

أعطتها اسمه وعمره من فورها ثم قالت المرأة " باركك الله يا ابنتي فهذا ثالث

مركز ندخله ويرفضون طلبنا ويقولون أنها شائعات فقط لكن ما الذي يريح قلب

الأم , وقد دلتني عليك جارة لي أحضرت ابنها لكم "

أعادت الدفتر لجيبها وقالت " طلبك على رأسي يا أمي وإن حدث لي

شيء منعني من المداومة غدا فعودي في وقت آخر وأنا في الخدمة "

هزت رأسها بحسنا وقالت العجوز مركزة على وجهها " أنتي لما تفسدين

جمالك هكذا ؟ اغسلي وجهك ولدي ابن سأزوجك به لطيبة أصلك وحسنك "

ضحكت الفتاة من فورها وأمسكت أنا ضحكتي بصعوبة فشدتها المرأة معها قائلة

" أمي يكفي فنحن ما صدقنا أن وجدنا من يلبي لنا مرادنا فاتركي الفتاة وشأنها "

وغادرتا معا وتبعتهم هي عائدة من حيث أتت فوقفت وتبعتها وما أن مرت

بالقرب من الطاولة حتى قالت الجالسة خلفها مبتسمة " لم أرى من يزيد على

نفسه الأعمال مثلك ؟ كل يوم نصف ساعة زيادة عن وقت مغادرتك "

أشارت لها بيدا ضاحكة وتابعت طريقها ولازلت أسير خلفها حتى كنا في

ممر خالي تماما فاقتربت منها أكثر وقلت بهمس " يا آنسة "



نهاية الفصل ....
دقائق ونزل الفصل الخامس والخمسون



فيتامين سي 04-04-16 09:06 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والخمسون)
 





الفصل الخامس والخمسون



وقفتْ من فورها والتفت وقالت بهدوء " تفضل بما أخدمك ؟ "

نظرتُ للذي مر بجوارنا وتركته حتى ابتعد ثم نظرت لها وقلت " أريدك

في أمر شخصي بعيدا عن الأنظار ولن آخذ من وقتك كثيرا "

نظرتْ لي باستغراب فقلت مبتسما " لا تتسرعي بالحكم علي أو

تفهمي كلامي بشكل خاطئ "

فاجأتني بضحكتها الرقيقة المنخفضة وقالت " لو كانت غيري لفرحت

ضنا منها أنه عرض زواج "

نظرت لها بصدمة بادئ الأمر ثم ضحكت وقلت " لا أنتي متأكد من

أنك لن تفهميها هكذا "

نظرت لي باستغراب وكانت ستسأل عن شيء ومؤكد ( هل تعرفني سابقا )

لكن قاطعها الذي مر بنا قائلا ويديه في جيوب معطفه " الدكتور عوني

يطلبك بعد نصف ساعة آنسة سدين "

وتابع طريقه فتمتمت بعبوس " يا يوم التوبيخ هذا "

ابتسمت مركزا على ملامحها ووضعت يداي في جيوبي وقلت " هناك

معلومة تقول أن أكثر الناس اجتذابا للمشاكل لأنفسهم هم أعقلهم في هذا

الزمن المعكوس في كل شيء "

نظرت لي وقالت بتوجس " ما سر كل هذا المديح ؟ ماذا تريد مني ؟ "

ابتسمت ابتسامة صغيرة فهذه الفتاة يبدوا أنها لم تعد تثق بأن ثمة من ينظر

لها بعيدا عن ظاهرها , قلت بذات ابتسامتي " لا تتسرعي في الحكم علي "

أبعدت نظرها وعيناها الواسعة عن وجهي في حركة تذيب الحجر فكيف برجل

وقالت ببرود " أعتقد من حقي أن أتسرع , ولا تكون تقصد بالحديث بعيدا عن

الأنظار أن نخرج من هنا معا لأني لست من النوع الذي يصوره لك عقلك "

قلت من فوري " أخبرتك أني لا أراك كما يصور لك أنتي عقلك "

فتحت باب الغرفة بجانبها وقالت داخلة لها " أتمنى أن أصدقك "

فدخلت خلفها وهززت رأسي مبتسما فهذه الفتاة حقا فقدت الثقة في الناس رغم

أنها لم تفقد ثقتها في نفسها , كانت الغرفة بطاولة من الخشب وكرسيين عدا

الكرسي الجلدي خلفها وتبدوا مكتبا صغيرا , قالت ما أن وصلت عند الطاولة

" طبعا لن نغلق الباب واهمس همسا أو اكتب لي في ورقة لا دخل لي "

حركت الكرسي بضحكة صغيرة وجلست عليه وقلت " كما تشائين

وأنا لدي شقيقة ولن أرضى لك وما لا أرضاه لها يا آنسة "

دارت خلف الطاولة وجلست على الكرسي الجلدي وقالت ناظرة لي

" بما يمكنني خدمتك يا سيد "

نظرت للطاولة وتنفست بقوة ثم رفعت نظري لها مجددا وقلت " لدي

شقيقة حامل زوجها من أشهر اكتشف إصابته بالإيدز وما عدت أعلم إن

كانت هي مصابة أم لا ولا أريد أن يحتجزوها وابنها حال تبثث إصابتها

ومستعد أن أطير بها للقمر ولا تؤذي أحدا المهم أن تكون أمام ناظري "

نظرتْ لي بصمت وكأنها تنتظر أن أكمل حديثي ثم قالت عندما طال

صمتي " وكيف لم يخضعوها للفحص عند احتجاز زوجها فهذا

ضروري وقانون تابت ؟؟ "

نظرت ليدي على الطاولة وقلت " لم يُسلم نفسه "

قالت بهمس مصدوم " وكيف علم إذا ! "

تنهدت بضيق ورفعت نظري بها مجددا وقلت " ليس ما في ذهنك

حدث ولم تكن له علاقات بنساء لكن الأمر حدث وهوا متأكد منه "

جالت بنظرها بتفكير لبرهة ثم نظرت لي مجددا وقالت " هل تعي معنى

خرق قانون كهذا ؟ وأنه إن أصيب شخص آخر بسبب شقيقتك أو ابنها

أني سأكون المذنبة قبلك أنت "

قلت بجدية " أقسم لن يحدث وحياتي دون ذلك فقط تبقى شقيقتي

معي يكفيني حُرمتُ منها كل سنين حياتي "

هزت رأسها بحيرة وقالت بحزن " تلك مأساة , فكم من رجال جلبوا المرض

لزوجاتهم وأبنائهم بسبب استهتارهم وتدني أخلاقهم لتدفع زوجته الثمن معه

لكن أن يكون الزوج ليس من أصحاب تلك الطرق الآ أخلاقية فالمصيبة

أعظم بكثير "

ثم نظرت لي وقالت " ومن أخبرك أني سأخدمك في هذا فأنا لم يسبق وفعلتها

صحيح أني أعمل فوق ساعات عملي وأقبل إجراء اختبارات لعينات ليست

مدرجة في لائحة المركز وأتحمل مسئوليتها لكن أن أخترق القانون فهذه

من أخبرك عنها وكذب علي "

قلت ونظري لم يعد يمكنني إبعاده عن عينيها أحببت أم كرهت ذلك فهذه الفتاة

كالبحر كلما تحدثتْ أكثر وغصتَ في طريقة تفكيرها وعقلها انجذبت لها أكثر

" لم يخبرني أحد واخترتك لأني ما أن رأيتك أول مرة علمت أنك ممن يفصلون

بين التفكير بمنطق وعاطفة , بين الواجب والإنسانية وبين ما نفعل لأنه

مفروض علينا فعله وما نفعله لأننا نريده ومقتنعون به "

نظرت لي لبرهة دون أي ردة فعل ثم اتكأت بخدها على راحة يدها المسندة

مرفقها على الطاولة ونظرت لي وقالت بتنهيدة " من قال أن المريخ لا سكان

به ؟ لقد صدقتْ رغد الغبية "

نظرتُ لها باستغراب ولم أفهم شيئا مما قالت فأبعدت يدها وقالت " لن أشرح

لك ما قلت طبعا , وقبل أن أخدمك بأي شيء أخبرني من أين تعرفني

وكيف حكمتَ عليا هكذا فأنت حالة شاذة في تاريخ حياتي "

خرجت ضحكتي رغما عني وقلت " بل أنتي الحالة الشاذة فلم أرى من

تتمسك بمبادئها مثلك لتثبت لنفسها قبل غيرها أنها ستكون كما تريد إن

دارت الأرض أو توقفت "

ضربت بيدها على مجموعة الأوراق أمامها ورفعت منها واحدة ووضعتها

بين وجهي ووجهها وقالت " أنت أيها المريخي قل من أين تعرفني لتحكم

عليا هكذا "

ضحكت ناظرا للورقة البيضاء التي حرمتني بها من رؤية وجهها وقلت

" التقيت بك سابقا في المستشفى الذي كنتِ تعملين فيه ويبدوا أنك لا

تذكرينني من كثرة ما كنتِ تساعدين من يحتاجك , لكني أذكرك جيدا "

رفعت ورقة أخرى ووضعتها مع التي في يدها وقالت " يبدوا أن

واحدة لم تفي بالغرض "

ضحكت في صمت وقالت هي بجدية " اسمع سأقبل فعل ما طلبت ليس

بسبب كلامك عني طبعا , ولا تأتي فيما بعد تطلب أن أفعلها لشخص

آخر أو تدل غيرك علي مفهوم "

قلت مبتسما ونظري على أصابعها البيضاء الرقيقة التي تمسك الورقتين

" أعدك لن أفعلها ثقي بي كما أثق بك , وأزيلي هذه الأوراق فأنتي

تشعرينني بأنك خائفة مني "

قالت من فورها " وتتوقف عن النظر لعيناي وعن كلامك ذاك "

قلت بضحكة صغيرة " حاضر رغم أنها الحقيقة ولم أكذب أو أجامل فيها "

وضعت الأوراق ووقفت قائلة " سأدخِل عينة شقيقتك بدلا عن عينة

أخرى لكن الأمر لن يكون الآن فأعطني شهرا , هل ستنتظر ؟ "

وقفتُ وأخرجت لها الأنبوب الذي يحوي دم دُرر ووضعته أمامها

وقلت " موافق المهم أن يطمئن بالي "

رفعتها وقالت ناظرة لها " جيد عليا سحب المصل الآن وحفظه

فالمدة طويلة "

ثم نظرت لي وقالت " لا يكون الدم لك أنت وتريد خداعي "

نظرت لها بصدمة فقالت قبل أن أتحدثت " أعذرني لكن عليك إعطائنا

عينة من دمك لأفحصها قبل هذه وأتأكد أنها ليست لك "

قلت من فوري " لك ذلك "

أخرجت دفترها ذاك من جيبها وقلما وقالت وهي تكتب فيه " وفي هذه

الفترة لتكن شقيقتك حذرة وإن حدث معها نزيف خدها لهذه العيادة , هناك

طبيبة أسمها رجاء عمران أخبرها أنكم من طرفي وسأتحدث معها "

ثم مزقت الورقة ووضعتها أمامي على الطاولة وتحركتْ من خلفها فرفعتُ

الورقة وتبعتها بنظري ثم غادرت خلفها وهي متوجهة جهة الباب خارجة

منه وقلت " ألن تأخذي مني العينة ؟ "

قالت مغادرة يسارا " لا حاجة لذلك مادمت وافقت فلن يكون الدم لك بالتأكيد "

وغادرت مبتعدة دون أن تعطيني حتى فرصة لشكرها , كم هي فتاة غريبة

حقا , سرت يمينا من حيث جئت وتمتمت هامسا بابتسامة " ورائعة أيضا "

وها قد علمت الآن لما قال خالها إن لم تخدمك فيها لن يخدمك أحد ولما كان

واثقا من موافقتها فهذه الفتاة ستكون نهاية عملها بسبب طبعها الخدوم , نظرت

للورقة في يدي مغادر من هناك ولخطها الرقيق المرتب وابتسمت ووضعتها

في جيبي هامسا " شهر كامل وهذه الورقة برفقتي ؟ هذا كثير عليا يا سدين "








*~~***~~*










مدت لي الكوب فأخذته منها وقلت مبتسمة " لم أكن أعلم أن كسر

اليد أمر رائع هكذا "

ضحكت وقالت " ما أغربك يا ترجمان ! مع كل ما مررت به تري

أن كسر يدك أمر رائع ؟ "

تنفست بضيق وقلت " أنا أهوّن الأمر على نفسي فلا تنكدي

عليا يا ابنة زوجة عمي "

ضحكت وقالت " حسنا يا ابنة شقيق زوج والدتي خُدي علاجك قبل

أن توبخني زوجة عمك "

بلعت الحبتين وشربت الماء وأعطيتها الكوب لحظة ما طرق أحدهم باب

الغرفة ودخل فكانت سراب التي نظرت لي بصدمة وقالت وهي تقترب مني

" كنت أريد توبيخك على سيارتي التي تركها ذاك الأحمق لتضيعيها أنتي

ولم أتصور أن حالتك هكذا !! "

ثم حضنتني بقوة قائلة " حمدا لله على سلامتك يا ترجمان كدنا أن

نفقدك حقا , وحمدا لله أني لم أكن معك في الحادث "

ضحكت غدير وقلت أنا بتألم " آلمتني يا غبية ابتعدي فعظامي جمعها تؤلمني "

ابتعدت عني وقالت وهي تلمس خدي بأطراف أصابعها " ما كل هذه

الكدمة ؟ هذا كله من جنونك في القيادة فكم حذرتك "

أبعدت يدها وقلت " هذه ليست من الحادث بل من قدم ذاك القذر "

نظرت لي باستغراب فقلت " اجلسي وسأحكي لك ما حدث فلا تصدعي

رأسي بأسئلتك عن كل شيء كيف حدث لي "

جلست معي على السرير ومقابلة لي وقد خرجت غدير وأغلقت الباب وكانت

عيناها تتسعان شيئا فشيئا كلما تقدمت في سرد الأحداث حتى انتهيت ففاجأتني

بأن انفجرت ضاحكة فنظرت لها بضيق وقالت هي من بين ضحكاتها

" هذا كي لا تتمني مكان غيرك مرة أخرى ومؤكد تذكرين أنك حسدتِ

دُرر على ما مرت به من تشويق "

قلت ببرود " فرق كبير بين ما مرت به وما مررت به أنا فهي لم

يختطفها أحد ولم تكن على وشك الموت "

تنهدت وقالت بحزن " بل هي مرت وتمر بما لم يمر به أحد "

ثم نظرت لي وقالت " كم حذرتك من التهاون في أمرهم يا ترجمان "

لوحت بيدي وقلت بضيق " يكفيني توبيخ لا ينقصني لومك الآن "

قالت من فورها " معه حق يدق عنقك أيضا فماذا إن لم يذهب لإنقاذك "

نظرت بعيدا وقلت ببرود " هوا لم يوبخني بل عمي من كاد يأكلني حية

ثلاث أيام أسمع منه كل ما لد وطاب "

قالت باستغراب " تقصدي أن زوجك لم يلمك ولا مجرد اللوم ! "

هززت رأسي بلا دون كلام فقالت " لا هذا الرجل ليس طبيعيا , أقسم إن

كان آسر مكانه لجلدني في الشارع أمام الناس وجعلني عبرة لمن لا يعتبر "

رفعت غرتي خلف أذني بأطراف أصابعي وقلت " بل كان يريد أخذي

للمنزل لولا رفض عمي "

نظرت لي بنصف عين وقالت " وتعلمنا الدرس يا ترجمان أم ليس بعد "

رفعت كلتا يداي وقلت باستسلام " تعلمته جيدا وتبت عن قيادة السيارة "

أمسكت وسطها بيديها وقالت " ليس القيادة أعني بل المسكين الذي

يفترض أن يكون خلف المقود "

قلت ببرود " وسامحي أنتي زوجك لنرى "

قالت بضيق " لا تقارني يا ترجمان ولا تستمري في غبائك "

عدلت يدي المجبّرة وغطيتها باللحاف وقلت " حسنا يبدوا أني

غيرت رأيي به قليلا "


ضحكت وقالت " قوليها لغيري فعيناك تقولان أكثر من ذلك بكثير "

قلت مبتسمة بمكر " وعمي هذه المرة سيشفي غليلي منه بما أني لن أقدر عليها "

قالت باستغراب " وأنا جلبني من باب المنزل وقال أنه سيرجعني لأخذ باقي

ثيابي وأغراضي ولم أفهم شيئا ولم أجد وقتا لأسأله لأنه أكمل الطريق

يتحدث بهاتفه "

حركت كتفي وقلت " قال أنه لن يتركنا لهما ولا لأحد من الآن وصاعدا

ولن يريا ظفرينا فقد شملك في إعصار غضبه مما حدث معي "

نظرت لي باستغراب وقالت " ونبقى هنا !! "

تنهدت وقلت " لن يرضى ببقائك في المنزل لوحدك يا سراب وقال من الآن

وصاعدا أنه المسئول عن ثلاثتنا حتى دُرر إن ضايقها أحد من عائلتها "

قالت بضيق " وأين كان سابقا وأنا تحت رحمة أحد رجاله ؟ هل الآن

بعدما استقللت في منزل ملكي تذكرني ؟ "

قلت بهدوء " لا تنسي أنه لم يخبره أحد بما يحدث معك لَما وقف متفرجا "

قالت بذات ضيقها " يكفيه أن يرى المنزل ليعلم بحالي , ثم من سيوافق

أن أعيش في منزل رجل غريب عني "

قلت ببرود " لا تهولي الأمر فمنزله به ثلاث نساء الآن أم تري العيش

وحدك أفضل "

كانت ستتحدث فقلت قبلها " هوا قرر فاتركي الأمر له فأنتي لا دخل

لك ولن يلومك أحد , ولعله يُعلّم ذاك الأحمق زوجك درسا "

تنهدت باستسلام وقالت " أنا وحدي بين ثلاثتنا من بقيت ضائعة , حتى

والدتي كالغريبة عني أزورها لوقت محدد فقط "

قلت بحزن " يكفيك وجودها فوحدي التي ظهر أنها بلا أُم فليتهم يتركوني

أزورها ولو مرة في العام , فاحمدي الله أنها على قيد الحياة "

مسحت دمعة تمردت على رموشها وقالت بحزن " كم أتمنى أن نسعد

ونخرج من بؤسنا فحتى دُرر التي وجدت عائلتها تعيش في حزن لا

يعلمه إلا الله "

قلت بتذمر " سراب من يزور مريضا عليه أن يخفف عنه ويسليه لا

أن ينكد عليه بالمآسي والأحزان "

قالت بابتسامة حزينة " يكفي أننا على قيد الحياة حتى الآن ونرى

بعضنا , أليس هذا رائعا ؟ "

انفتح باب الغرفة حينها ودخلت منه زوجة عمي وقالت مبتسمة " سراب

الغداء جاهز هيا انزلي وغرفتك ستكون جاهزة في وقت قصير "

كنت سأغادر السرير فقالت " أنتي ابقي مكانك ستحضر لك الخادمة

طعامك هنا , وعمتك اتصلت وقالت أنها قادمة هي وابنتيها بعد الغداء "

قلت بتذمر " يمكنني النزول , لما أتناول الطعام وحدي ؟ "

قالت بضحكة " أوامر عمك طبعا فها قد وجدتُ أخيرا سجينة معي في

هذا المنزل الواسع لتسليني "

قلت ببرود " الله أكبر كلٌ يفكر في مصلحته "

ضحكتا معا وغادرتا وتركوني وحدي هنا فلا شيء أصعب على واحدة مثلي

من أن تكون سجينة غرفة , رن هاتفي بجانبي فنظرت له فكان أسم إياس يضيء

شاشته فابتسمت ولم أجب عليه طبعا وما هي إلا لحظات ووصلت منه رسالة

ففتحتها وكان فيها ( لا تقنعيني أن عمك يمسك عنك هاتفك ) فقرأتها ولم أجب

عليه فأرسل بعد قليل ( لست غاضبا منك ولتعلمي فقط أنك أميرتي

في كل حالاتك )

فضحكت وأبعدت الهاتف عني كي لا أضعف وأفعلها وأجيب عليه , دخلت

الخادمة حينها بصينية الطعام قائلة بابتسامة " يضحك وحدك لماذا ؟ "

أشرت لها بيدي وقلت " هاتي ما في يدك , أشعر بالجوع لذلك أضحك

من فرحتي بقدوم خطواتك "







*~~***~~*









فتحتُ باب المنزل ودخلت ووضعت الأكياس في المطبخ ثم توجهت لغرفة

النوم وما أن دخلت وجدت ندى واقفة عند باب الحمام وتبكي بصمت

فتوجهت نحوها من فوري ونزلت عندها وقلت ماسحا دموعها

" ما بها حبيبة بابا ما يبكي ابنتي ؟ هل ضربتك والدتك ؟ "

نامت في حضني وقالت باكية " ماما مريدة "

نظرت لباب الحمام باستغراب ثم وقفت على طولي وطرقت الباب

على صوت تقيئها القوي وقلت " رغد افتحي الباب ما بك ؟ "

بعد قليل انفتح الباب وخرجت منه تنشف وجهها بمنشفة في يدها وتوجهت

للسرير من فورها فلحقت بها قائلا بقلق وخوف " ما بك ؟ هل يؤلمك شيء ؟ "

جلست على السرير ورمت المنشفة جانبا وقالت بصوت متعب

" لا شيء بسام لا تقلق "

ثم مدت ذراعيها لندى التي صعدت لها للسرير فورا ونامت في حضنها

فجلستُ بجانبها ومسحت على طرف وجهها مبعدا الخصلات التي علقت

في وجهها بسبب الماء وقلت ناظرا لوجهها " لن تقنعيني بكلمة لا شيء فأنا

لاحظت اصفرار وجهك من أيام فقفي لآخذك للمستشفى "

هزت رأسها بلا وقالت " لا داعي لذلك يا بسام سأكون بخير "

قلت بضيق " صدَق خالك حين قال ما أفلحكن النساء في رفضكن

الذهاب للمستشفى "

نظرت جهتي تمسح على شعر ندى وقالت بابتسامة متعبة " على أساس

أنتم الرجال تذهبون له ؟ أقسم أنكم تصيبوننا بالجنون حين تمرضون

ونترجاكم ترجي أن تزوروا الطبيب ورؤوسكم كالجدار "

قلت من فوري " ليس وقته الآن فهيا غيري ملابسك لآخذك للمستشفى "

قالت مبتسمة " سأخبرك شيئا واتركنا من فكرة المستشفى هذه "

نظرت لها باستغراب فمالت متكئة برأسها على كتفي وهمست في أذني

" ألم تلحظ شيئا هذا الشهر "

فكرت قليلا ثم قلت مبتسما " أعوذ بالله رحمتني منها تسرق أسبوعا

في كل مرة "

ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " ألم تسأل نفسك عن السبب "

نظرتُ لها بصدمة وهي تبتعد عن كتفي ثم قلت بهمس مصدوم

" حامل !! "

هزت رأسها بنعم مبتسمة فانفجرت ضاحكا فوكزت بمرفقها وقالت بضيق

" ما يضحكك فيما علمت ؟ هذا بدل أن تفرح "

قلت بضحكة " قلنا نؤجلهم لا أن تحملي بعد زواج عزام بشهر ونصف "

قالت مبتسمة " والله أراد هذا هل سنعترض ؟ ثم الخطأ عليك وليس عليا أنا "

أمسكتُ يدها وقبلتها ونظرت لندى وأشرت لها بعيناي فقالت بهمس

مبتسمة " نامت من كثرة ما بكت المسكينة "

ضحكت ومررت أطابعي في شعرها وقبلتها بعمق وقلت هامسا

" مبارك لنا حبيبتي , ما أسعدني بهذا "

دفنت وجهها في كتفي وقالت مبتسمة " فسد مخططنا كله "

ضحكت وقلت ماسحا على شعرها " لم نفسد شيئا فقد أخبرني عزام

اليوم أن زوجته حامل "

ابتعدت عني وقالت وهي تبعد ندى عنها " وفسد أيضا ذهابي مع سدين

ووالدتي لمنزل خالي من أجل ترجمان "

وقفت وأخذتها منها وقلت وأنا أحملها " اتركيها عنك ولا تحمليها مجددا مفهوم "

أخذتها لغرفتها وهي تتبعني ووضعتها في سريرها وغطيتها وقبلت خدها

فقالت رغد مبتسمة " مند علِمَت بأن سلسبيل سيكون لديها طفل قريبا وهي

تقول ( لما ليس لدينا نحن أيضا ) وها هوا سمع ندائها "

وقفت وقلت ضاحكا " يبدوا أنه كان خلف الباب ويسترق السمع "

ضحكت وحضنت خصري واتكأت برأسها على صدري وقالت بهمس

" أحبك بسام وحياتي من دونك لا تساوي شيئا "

ضممتها بقوة وقلت " يا قلب بسام الذي يعيش به , أنا من حياتي من

دونكما لا تساوي شيئا "

ثم نظرت لندى التي كانت عيناها مفتوحتان وتنظر لنا وقلت مبتسما

" اجلسي يا ندى لتسمعي الخبر الجميل "

ابتعدت عني رغد حينها بسرعة ووكزتني بمرفقها فضحكت وقلت ناظرا

لها وهي تجلس وتنظر لي باستغراب " سيكون لدينا طفلا صغيرا جميلا "

مسحت عينها بيدها الصغيرة وقالت " مثل خالثي سبيل "

ضحكت وقلت " نعم بل وأجمل منه "

اتسعت ابتسامتها وقالت بحماس " نليده الآن قبلها "

انفجرنا ضاحكين لنتجمد كلينا من الصدمة حين قالت باستغراب

" من أين تحدرونهم ؟ "

أمسكتُ ضحكتي ووكزتني رغد وقالت هامسة " خلص نفسك الآن

يا صاحب الأخبار السارة "

ضحكت وقلت " عمك خالد قادم بعد قليل ألن تذهبي معه ؟ "

زحفت من فورها مغادرة السرير وقالت " نعم أليد خلّووود "









*~~***~~*










سندت يدي بالنافذة المفتوحة أنظر بتركيز للدفتر أمامه وهوا يقول ناظرا له

" ها هي في اليوم الخامس عشر من الشهر الماضي خرجت الدورية

مساءً الساعة العاشرة بقيادتك يا إياس "

قلت من فوري " جيد يعني خرجتُ منها أنا وابحثوا عن المذنب الأساسي "

أغلق الدفتر ونظر لي فوقه وقال " سمعت أن آسر قادم اليوم ألن

نذهب لاستقباله "

نظرتُ لساعتي وقلت " لا يبدوا يمكننا ذلك فالعمل فوق رأسينا اليوم

يا أمين وورائنا أكثر من مشوار نقوم به "

ثم قلت مبعدا يدي عن النافذة " ولا تنسى أنك يوم غد ستكون مشغولا جدا

فعلينا إنهاء كل شيء قبل الليل لتغادر الليلة وتنام "

وقف ونظر لعيناي وقال ببعض التردد " إياس هل تحدثت

معها كما طلبت منك "

تنهدت وقلت " لا يا أمين وأخبرتك أن حديثي معها لن يجدي في

شيء ولا أحد يعرف سدين مثلي "

بدا الضيق على ملامحه وقد أبعد نظره عن عيناي فقلت " الأمر مر

عليه فوق الثلاثة أشهر وأنت خطبت وعقد قرانك سيكون غدا فما

مناسبة طلبك الغريب هذا ؟ "

نظر للأسفل وقال " ظننتها وقت غيظ منها ويمكننا إرجاع كل شيء كما

كان ما أن تهدأ , وخطبتي يمكن أن ألغيها لست أول من فعلها لكن

شقيقتك يبدوا لم يعنيها الأمر من أساسه "

تنفست بقوة وقلت " هل ستلقي باللوم عليها الآن يا أمين ؟ ثم بعيدا

عن كل هذا أنت كنت مجبرا ورضيت من أجلي فيفترض أنك سعيد

بتخلصك منها "

قال بضيق " ما بك يا إياس لا تفتأ تذكرني بأني كنت غير راض وأني

أجبرت نفسي , وألف مرة قلت وأعدت أن اعتراضي لم يكن على

طباعها وطريقة تفكيرها بل مظهرها "

رفعت قبعتي وقلت وأنا ألبسها " حُكمك هذا عليها تغير بعدما تشاجرتما

لكنك في البداية لم تحكم عليها إلا بمظهرها وهذا ما تكرهه سدين "

ثم ضربت على كتفه وقلت " ولا يكن في بالك أني أقولها تذكيرا لك بل

لأذكّر نفسي بخطئي أنا الذي وحدي الملام فيه , ولن يكون أحد الشهود

غدا غيري فاطوي صفحة لتبدأ الأخرى بلا شوائب من الماضي "

رفع قبعته وسار أمامي قائلا " لو كنت خسرتك بسبب ما حدث يا إياس

ما توقفت عن لوم نفسي وأقسم أني لازلت خجلا منك حتى الآن "

ابتسمت وقلت وأنا أسير بجانبه " وأنا أعد أن شيئا لم يكن يا أمين

وأخبرتك أن الخطأ خطئي فلننسى ما حدث "

لم يعلق وتابعنا سيرنا خارجان من المركز , ما يهون الأمر عليا أن سدين لم

تتأثر بطلاقها وتبدوا لي تحسنت نفسيتها أكثر , وهذه هي شقيقتي التي أعرف

وأحب لن يثنيها أمر كهذا مهما كان تأثيره عليها فسدين جوهرة لا يقدر قيمتها

وثمنها إلا صائغ ذكي يفهم في الجواهر من النساء ولابد أن يأتي اليوم الذي

تجد فيه من تستحقه ويستحقها








*~~***~~*










نظرت للجالس أمامي يلعب بورقة صغيرة مطوية بين أصابعه وينظر

للأسفل وقلت بهدوء " ما رأيك يا قصي لا أراك علقت بشيء ؟ "

رفع نظره بي وقال بهدوء مماثل " لا يا دُرر أنا لن أوافق على هذا أبدا "

تنهدت وقلت باستياء " وهل يرضيك أن يأخذ خالتي من هنا ويسافر بها حيث

الله وحده يعلم ما سيحدث لها ؟ وإن كان يستطيع تحمل مسئوليتها والتكفل

بها أم سيشحذان في الطرقات أو تعمل هي وتصرف عليه "

قال بحزم " ولن يكون الحل ما تفكرين فيه يا دُرر, لن أسمح بذلك "

تنهدت بيأس فقال بجدية " تلك الأملاك والأموال تركها زوجك لك وستكون

لابنك معك ولا يحق لنا التصرف فيها ولا إعطاء أحد منها شيئا "

قلت بهدوء " لكن ذلك سيسكته ويخرجه من هنا فوجوده مقيد لي , وحتى

إن أراد أن تعيش خالتي معه لا بأس سيكونون قريبين منا والمنزل باسمها

والمحل باسمه ويخرج من رأسي ويرحمني "

هز رأسه بلا بإصرار كبير فقلت بعبوس " قصي لا تعقدها يا أخي أرجوك

فهذا الرجل أصبح وجوده هنا كابوس جاثم على صدري "

قال من فوره " سأخبره يغادر ولن يأخذ مليما من مالك وعقاراتك

ولا يحلم بها ولا مجرد الحلم "

تنهدت بضيق وقلت " ستغضب خالتي وتحزن وهوا سيجدها فرصة

فكل ما يفعله للضغط علينا ليس إلا "

قال من فوره " لهذا هوا لن يأخذها فكله مخطط منه ويعلم جيدا أنه ليس

حمل مسئوليتها لَما كان تركها كل تلك السنوات معنا فغياث ليس بإمكانه

تحمل مسئولية نفسه ليتحمل مسئوليتها معه "

قلت بتوجس " ولا تنسى أنه علم بمرض أواس ولا تستبعد

أن ينشره بين الناس لأي سبب "

قال من فوره " لا تقلقي من هذه الناحية فتهديدي له من البداية كان

وضحا ولن يجرؤ على فعلها لكان لجأ لها "

قلت بحيرة " والحل الآن ؟ لا أريد أن تغضب خالتي منا قصي أرجوك "

هز رأسه بحيرة وقال " سيكون هناك حل بالتأكيد يا دُرر لكن ليس

الجنون الذي تفكرين فيه "

تنهدت باستسلام ونظرت للورقة التي يحركها على فخذه وقلت

" وأين كنت اليوم بعد عملك وشغلت بال والدتي عليك ؟ وما

سر هذه الورقة التي لم تتركها من يدك ؟ "

نظر لها ثم وضعها على فخذه وضرب عليها بكفه ونظر لي وقال مبتسما

" هذه التي تبحث عنها والدتي وصدّعتني بها طويلا "

نظرت له باستغراب فضحك وقال " مؤكد حكت لك مسيرتها الطويلة معي "

قلت مبتسمة " لا تقل أنك وجدت التي ليست معقدة أخيرا "

ضحك وقال " كنت أعلم أنها ستفعلها وتخبرك بالأمر كما فهمَتْه هي "

قلت مبتسمة " وأَفهمها لي أنت من وجهة نظرك "

وضع الورقة في جيب قميصه وقال مبتسما " والدتي لم يكن يعنيها شيء فيمن

تبحث عنهن سوا ما تراه من ظاهرهن وهذا ما لم أكن أريده , كنت أريد فتاة

أرى داخلها أولا , فتاة أعرف كيف تفكر من أول حديثي معها , فتاة تفهمني

قبل حتى أن أفهم أفكارها , وهذا ما لم تستطع والدتي البحث عنه "

هززت رأسي وقلت بحيرة وابتسامة " كيف تريدها أن ترى دواخلهن يا

قصي ؟ هذا أمر وحدك تستطيع الخروج به "

قال مبتسما " وهذا ما لم أخرج به من أي واحدة منهن كنت أقابلها بعد إصرار

والدتك ولا تظهر أمامي بطبيعتها أبدا , كانت دقائق مهما امتدت لن أرى فيها

حقيقة شخصيتها , وكنت أول ما أشعر به حيال أي واحدة منهن أنها

معقدة وأني لم أستطع فهمها "

هززت رأسي بحسنا وقلت " الآن فهمت "

ثم أشرت بعيناي على جيب قميصه وقلت " وصاحبة هذه الورقة هي

من فهمتَ دواخلها وقلّبتها كالكتاب أمامك ؟ "

ضحك وقال " بل هي من تُقلب نفسها أما الجميع ككتاب

مسترسل ومفهوم ورائع أيضا "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " ما كل هذا ؟ يبدوا أنها أصابتك

في مقتل يا شقيقي "

ضحك ولم يعلق فقلت " ومتى تفكر في أن نخطبها لك "

نظر للأسفل وقال بهدوء " ليس الآن فعليا ترتيب أموري وشراء منزل

أولا وجمع ما أرفع به رؤوسنا أمامهم "

قلت من فوري " كيف تقول هذا يا قصي ؟ هل سيشترون رجلا أم ماله ؟

ثم كيف تفكر في المال وأواس ترك ما لا يمكن حصره في يوم "

نظر لي وكان سيتحدث فقلت بحزم " ولا كلمة يا قصي , هل تظن أني

سأكنز كل هذا وأتفرج عليه "

قال بجدية " وأنا أريد أن ابني حياتي بمجهودي يا دُرر لا بمال زوجك "

قلت من فوري " ومن قال أنك لن تبنيه بمجهودك "

نظر لي باستغراب فقلت " كنت سأحدثك في هذا وها قد جاء أوان الحديث في

الأمر , أريدك أن تمسك كل ما تركه أواس , أن تَرجع البضائع والسيارات من

المستودعات وتُفتح المحلات والمعرض كالسابق وسأعطيك مفتاح المنزل لتدخل

مكتبه وتجلب كل ما سيساعدك من أوراق , والرجال الذين كانوا يعملون معه

جميعهم ينتظرون فقط أن تدار الأملاك مجددا ومستعدين للعودة كما كانوا "

نظر لي بحيرة وقال " دُرر تغير كلامك وكل شيء فيك عن السابق !!

حتى ابتسامتك أصبحنا نراها من وقت لآخر فما الذي حدث ؟ "

تنهدت بحزن وغبت بنظري للأرض وقلت " لا أريد أن يكبر ابني ويلومني يا

قصي على ماله الذي سيضيع لو بقيتِ البضائع مركونة مكانها , ولا تتحدث

عن تغيري فالله وحده يعلم الليل الذي تنامه الناس كم أعاني فيه , لكن الواقع

واقع ولا مفر لي منه يا شقيقي ويكفي حتى هنا ما عانيتم جميعكم بسببي "

وقف وجلس بجواري وضمني لحضنه وقال بحنان " ليعوض الله صبرك خيرا

يا دُرر , أقسم لو بيدي شيء ثمنه عمري ما توانيت في دفعه , ولو أن الصحة

تُعطى لأعطيت صحتي له ورأيت فرحتك وسعادتك ولو يوما في عمري "

ضممته بقوة وقلت ببكاء " لا حرمني الله منك يا قصي فأنت نعم الشقيق حقا "

أبعدني عنه ومسح دموعي قائلا " هيا جهزي نفسك لآخذك لشقيقتك أم

نسيتِ أنك ستذهبين لها "

مسحت عيناي وهززت رأسي بحسنا وقلت بابتسامة حزينة " أخبرني أولا

من سعيدة الحظ هذه التي اخترتها "

ضحك وقال " سأخبركم في وقتها فالموضوع لازال بيني وبين نفسي

وقد تتزوج قبل حتى أن أخطبها "



أمسكت يده وقلت " اخطبها إذا وتزوجا متى ما ناسبك ولا تتركها

بعدما وجدتها كما تريد وتتمنى "

كان سيقول شيئا لولا أوقفه صوت جرس الباب فوقف قائلا " جهزي

نفسك لآخذك في طريقي "

نظرت له فوقي وقلت " فكر فيما قلت يا قصي ولا تدع الفتاة تذهب منك "

ضحك وشد أنفي قائلا " دعينا نرى ابنك المنتظر أولا , لا نريد منافسين له "

وقفت وقالت مبتسمة " ما أن تتزوج وتنجب يكون هوا أخذ حصته منك وزيادة "

انفتح باب الغرفة حينها وكانت والدتي وقالت بشيء من التوجس

" دُرر ثمة رجل على الباب يريد مقابلتك "

نظرت لها باستغراب وقلت " يريد مقابلتي أنا ؟ "

هزت رأسها بنعم وقالت " قال أنتي وجميع من في المنزل وسأل عن

قصي إن كان موجودا "

تبادلت وقصي نظرات الاستغراب ثم خرج في صمت فقلت

" ألم يخبرك من يكون ؟ "

قالت من فورها " قال رِفعت صياد "

قلت مستغربة " هذا عم ترجمان العقيد رِفعت ما أحضره يا ترى !

ولما يريدنا جميعا ؟؟ "

قالت مغادرة " غطي شعرك واخرجي له وسأنادي البقية "

ثم غادرت الغرفة وتركتني واقفة مكاني في حيرة من أمره ثم غطيت شعري

وخرجت فكان جالسا وسط المنزل مع قصي وغياث وجدتي وكانتا والدتي

وخالتي يقفان بعيدا عنهم قليلا فقال مبتسما ما أن رآني " تعالي يا دُرر اجلسي "

اقتربت منهم وجلست مبتعدة فنظر لكل من حوله ثم قال بجدية " أنا هنا من

أجل ابنتي دُرر كما أخبرتكم , وها أنا أقولها أمامها وأمام جميعا "

ثم نظر لي وقال مشيرا لقصي وغياث " هذان الرجلان من عائلتك إن ضايقك

أحدهما بربع كلمة فقط اتصلي بي وفي ظرف ثانية يكون في السجن وإن تعفن

فيه فلن أُخرجه منه أما النساء إن ضايقتك إحداهن فأعلميني فقط ومنزلي

مفتوح لك ولن يروك ولو زحفوا أمام بابه "

كانت نظرات الصدمة موجهة له من الجميع وتابع هوا متجاهلا كل ذلك

" وأعتذر منك يا دُرر إن غفلت عنك سابقا لكن هذا لن يحدث مستقبلا

فتذكري دائما أن لك والدا أسمه رِفعت ولن أتوانى عن الوقوف

معك ساعة ما تطلبينني "

نظرت من فوري لغياث فنظر للأرض هاربا من عيناي فقلت ونظري

لازال عليه " حاضر يا عمي وأنا لن أسكت إن ضايقني أحد "

وقف حينها وقال " إذاً أراك على خير , وأعتذر منكم جميعا على

هذه الزيارة المفاجئة "

ثم غادر على صمت الجميع وقد أوصله قصي للباب ووقف غياث ودخل

لغرفته من فوره , لقد جئت في وقتك لتسد حلق هذا الرجل ومؤكد لن يبقى

هنا بعد اليوم , عاد قصي وقالت جدتي " ما به هذا الرجل يهددنا في

وجوهنا ؟ هل سيشعر هوا بابنتنا أكثر منا ؟ "

قال قصي ضاحكا " كنتِ قلتيها له هوا قبل أن يخرج "

قالت بضيق " وهل تضنني وقحة أقول هذا لضيفنا "

قالت أمي " بارك الله فيه من رجل , فما جلبه إلا تفكيره في مصلحة

دُرر فقط أما نحن فلا يعلم عن أطباعنا يا أمي ليتهمنا "

قلت بهدوء " هذا الرجل وقف معنا من أول ما وجدونا وبفضله بعد

الله تداركنا الفضيحة التي خططت لها العجوز التي اختطفتنا لذلك

يعد نفسه مسئولا عنا "

قالت جدتي ببرود " وإن يكن يحترم العجوز التي في عمر ابنته "

ضحكنا عليها جميعنا وقال قصي " هيا يا دُرر ستعطلينني على هذا الحال

ومنزل عم شقيقتك بعيد قليلا عن منزلنا "

وقفت من فوري وقالت والدتي " سلمي لنا عليها وأخبريها أننا سنزورها لاحقا "

هززت رأسي بحسنا وتوجهت لغرفتي لبست عباءتي الواسعة وحجابي

وخرجت وكان قصي في انتظاري في سيارته فركبت وقلت ما أن

تحركنا " جاء في وقته "

ضحك وقال " وكأنه كان يسمع حديثنا "

قلت بهدوء " بل يسمعه من لا يخفى عليه شيء وهوا من أرسله لنا "

قال ونظره على الطريق " غدا سيجمع حقائبه ويسافر وقولي قصي قالها "

قلت بحزن " ما يحزنني هي خالتي فستحزن على فراقه "

قال وهوا يدس تلك الورقة في صندوق سيارته " خالتي معتادة على غيابه

أنا عشت معها وأعرفها "

نظرت له وقلت مبتسمة " هل ستأخذ هذه الورقة حيثما ذهبت ؟ "

ضحك وقال ناظرا للطريق " لا تجعلني أندم على أني أخبرتك عنها "

قلت بذات ابتسامتي " حسنا سأسكت إذاً "









*~~***~~*









نظرت لها وهي ترتب أغراضها في خزانتي وقد قررت طبعا أن نكون

معا في نفس الغرفة وقلت بهدوء " كيف كانت زيارتك لوالدتك ؟ أراك

لم تبقي ما خططتما له ، لا يكون زوجها نكد عليك ؟ "

قالت منشغلة بما تفعل " لا هوا كان راقيا معي ومحترما لكن بقائي

هناك وهوا يعلم أن طائرة آسر اليوم ستكون حركة غبية وسيعلم

فورا أننا متشاجران "

قلت بتوجس " ألن تذهبي لهم ؟ أليست هذه أيضا حركة سخيفة أن لا

تكوني في استقبال والدهم معهم ولا يجدك مع عائلته وقت قدومه

وبلسانك قلتِ أنه فعل الكثير من أجلك "

لم تعلق وكأنها لم تسمعني فقلت " هيه سراب أنا أكلمك "

قالت ببرود وما تزال مولية ظهرها لي " وأنا سمعتك "

قلت من فوري " أجيبي على سؤالي إذا "

قالت بصوت منخفض ونبرة حزينة " لا أستطيع ولا أريد "

تنهدت بضيق وقلت " لا تكوني ضعيفة واذهبي وتجاهليه وكأن

الله لم يخلقه "


توقفت عن ترتيب ملابسها وقالت بأسى " الكلام سهل لكن التطبيق

لن يكون كذلك يا ترجمان "

كنت سأتحدث لكنها التفتت لي وقالت بحرقة " هل تتخيلي معنى أن يغيب

لشهرين كاملين لا أراه ولا أسمع صوته ؟ وفوق جرحي منه وألم قلبي

أكون مشتاقة له وأراه أمامي ، هذا فوق طاقتي ولن أقدر عليه "

نظرت بحيرة لملامحها التي تخفي أغلبها خصلات شعرها المصبوغ بالبني

والمخصل بخصلات بلاتينية وقلت " سراب عليك أن تجدي حلاً قبل

أن ينفجر قلبك في صدرك وتموتي "

ولتني ظهرها وقالت وهي تمسح عينيها " لا حل عندي فلينفجر وكرامتي

لن انزلها له أبدا ولن أنسى ما فعل بي "

تنهدت بيأس وقلت " وحين لن تذهبي ستُظهرين له ضعفك وانهزامك "

عادت لترتيب حاجياتها قائلة " أمي طلبت أن آخذ مال والدي تصوري ؟ "

الحمقاء تغير الموضوع لكن لا بأس فهوا أهم من آسرها ذاك , قلت

بجدية " وذاك من حقك وهي ليست بحاجة له "

أغلقت باب الخزانة والتفتت لي واستندت عليه ويداها خلفها وقالت

" لكني رفضت "

نظرت لها بصدمة فنظرت للأرض وقد نزل شعرها مغطيا وجهها وقالت بأسى

" لا تسألي لما ولا تلوميني , أقسم يا ترجمان أني كرهت المال , فمنذ عرفته وأنا

أخسر من حولي ولا أريد أن أخسرك أنتي ودُرر أيضا بسببه فوحدكما بقيتما لي "

تنهدت بأسى وقلت " غيّرك كثيرا ذاك المجرم المحترف يا سراب "

مسحت عيناها ورفعت شعرها عن وجهها ممسكة له للأعلى بأصابعها ورأسها

لازال للأسفل وقالت " غيرني ولم يتغير هوا , ينجح دائما وأفشل أنا يا ترجمان

حتى المشاعر فجرها بداخلي وهوا كقالب جليد لم يحرك ساكنا "

قلت بحزم " أضربي قالبه إذا وحطميه لفتات ثلوج , أقسم أن يكون باطنه

نار تغلي وخارجه قشرة هشة , أنتي فقط أشعليه ولا تعامليه بجليد كجليده "

تنهدتْ بحيرة ولم تتحدث ثم نظرت للباب الذي طرقه أحدهم ثم فتحه ودخل

وكانت سدين وخلفها عمتي خلفهما زوجة عمي وتوجهت نحوي قائلة بابتسامة

" سمعت في محطات الأخبار أن ثمة فتاة طارت من سيارتها وسببت

شقا في القشرة الأرضية ولم أتصور أنها أنتي "

ضحكت وقلت " لا تحضنيني عظامي متكسرة جميعها ... تفهمي "

اقتربت مني وقفزت على السرير وحضتني قائلة " رغما عنك

سأحضنك يكفي رجوعك لنا من الموت "

قلت بتألم " عمتي ابعدي ابنتك عني "

ضحكت واقتربت منها وأبعدتها قائلة " ألم تقل لك أن جسدها

يؤلمها , ابتعدي هيا "

ثم قبلت خدي قائلة " حمدا لله على سلامتك يا ترجمان , لا تخفينا

عليك هكذا مجددا "

ثم سلمت على سراب وجلست على طرف السرير وقالت بتوجس

" لا تكوني لازلتِ غاضبة مني يا ابنتي "

قلت بعبوس " ها أنا أحاول أن أسامحكم لكنكم أجرمتم في حقي فعلا "

قالت بهدوء " كان رغما عنا , لقد اعترضت بادئ الأمر كثيرا وغلبنا بعناده

لذلك أقسمت عليه إن طلقك يخرج بعدك لأني أعلم أنك لن ترضي

بذلك وستصرين على الطلاق "

قالت سدين واضعة يداها وسط جسدها وناظرة لها " كم تكلمت وعاندت

وبكيت وبلا نتيجة معكم وأحضرتموها تلك الجنية "

ضحكت عمتي وقالت " سدين تكره سهاد ومن صغرها وزاد

عليها أن خطط إياس لذاك الأمر "

كانت زوجة عمي تنظر لنا بحيرة ولم تفهم شيئا فقلت " ها قد فضحتمونا

مع زوجة عمي , هل تريدوا أن يأتي ابنها يشبه تلك الشاحبة من كثرة

ما ستفكر فيمن تكون وأكرهه هوا أيضا "

ضحكت وقالت " وفيما سأفكر وأنا لم أفهم شيئا سوا شاحبة وجنية

والجميع يكرهها "

نظرتْ لها سدين بنصف عين وقالت " وقولي أن عمي لم يحكي لك

عن قصص العائلة جميعها "

هزت رأسها بلا وقالت مبتسمة " لم يسبق أن تحدث أمامي عن

أحد وليس ذاك طبعه أبدا "

دخلت بعدها غدير وانضمت لنا وتشعبت الأحاديث والضحك









*~~***~~*










دخلت دُرر لمنزلي ونظرها للأرض فنظرت لشقيقها وقلت

" لو علمت أنكما قادمان لأحضرتكما معي "

ضحك وقال " ومن سيرجعني أنا حينها ؟ "

قلت ضاحكا " أنا طبعا "

ثم قلت بجدية " ماذا حدث معك بشأن التحليل ؟ "

هز رأسه وقال مبتسما " كل شيء سار كما توقعت "

ابتسمت مركزا على ملامحه وقلت " جيد لم تتعبك ابنة شقيقتي إذاً "

قال بضحكة " كم واحد قبلي أرسلتهم لها ؟ "

ضحكت كثيرا فهذا الشاب وقع في المصيدة كما أردت ولن تجد سدين أفضل

منه ونظرتي في الرجال لا تخيب فقد أبهر الجميع في مبنى الاستخبارات بذكائه

وفطنته وإن لم يفهم رجل مثله سدين ويراها كما نراها نحن فلن تجد رجلا يفهمها

أبدا ويكفي ما فعل ويفعل من أجل شقيقته وتحمّله لمسئولية جدته ووالدته وخالته

لأعوام , قلت مبتسما " أنت أول شخص أرسله لها طبعا والأخير وهل تضن أن

العينة إن كانت لك أنت ستوافق ؟ أنا أعرف ابنة شقيقتي جيدا ما وافقت

إلا من أجل شقيقتك وابنها "

نظر ليده التي يسندها على سقف سيارته وقال " ألن تضرها بهذا ؟

أخشى أن تسجن بسببنا "

قلت ناظرا له ومبتسما بانتصار " لا تقلق إن حدث ما تخشى فلا

تنسى أنه يمكنني تخليصها بسهولة "

نظر للشارع ثم للطريق ويبدوا مترددا في أمر ما أو سؤال يريد طرحه

ويخشى أن أفهمه بشكل خاطئ , نظر بعدها للأسفل وقال بتردد واضح

" تبدوا ليست مرتبطة "

اتسعت ابتسامتي وقلت " لا لا تخشى من زوجها أن يغضب

منا , هي مطلقة "

نظر لي بسرعة ومفاجأة فقلت مبتسما " لم يكن زواجا فعليا كان

عقد قران فقط ولم يُكتب لهما نصيب "

قال من فوره " هوا السبب فيه بالتأكيد "

قلت بابتسامة جانبية " أراك مهتما للأمر "

أبعد نظره عني وقال " آسف لتدخلي في أمور لا تعنيني , أنا فقط فكرت

أنه حكم عليها بمظهرها كما يفعل الكثيرين قبل أن يعرفوها جيدا "

قلت مبتسما " بل هي من أصرت على ذلك , ورجال يحكمون على المظاهر

فقط لا نريدهم , وسدين تحديدا لن تخرج من تحت يدنا لأي كان وقد رفضتُ

وشقيقها اثنين بعد طلاقها لو علمت عنهم قد تغضب منا لأننا لم نأخذ رأيها "

قال بتوجس " وما مواصفات هذا الذي ستوافقون عليه ؟ "

ضربت على كتفه وقلت مغادرا " رجل يرى داخلها كما قلتَ أنت "

ثم غادرت من هناك راكبا سيارتي وخرجت سيارته خلفي , يبدوا نجح هذا

الشاب في الاختبار فما كان صعبا عليا أن أخبره أني طلبت منها أن تأخذ عينة

شقيقته ولكنت أخبرتها أني أنا من أرسله لكني أردت أن يرى بنفسه كيف تكون

وكنت أراهن على أنه لن يُخيّب ظني وسيكون كما توقعت , ولن أترك إياس

يوافق على أحد يخطبها حتى يفتح قصي الموضوع معي ومتأكد أنه لن يتأخر

ولن تكون إلا له , ما يحيرني كيف وقع سريعا من أول لقاء لهما !! هل تعرف

عليها من قبل يا ترى ؟ أخرجني من أفكاري رنين هاتفي فأجبت عليه قائلا

" أجّل الأمر قليلا يا حاتم أنا في طريقي للمطار "









*~~***~~*











خرجنا من باب المسافرين وأنهينا باقي الإجراءات وهوا يسير بجانبي بمساعدة

العكاز الطبي الذي أكد لنا الأطباء أنه سيستغني عنه سريعا ولن يعاني سوا من

عرج في مشيته وسيستعين بعكاز عادي لفترة , وهذا أكثر ما أستطاع الطب عليه

وإن كان هناك أكثر منه لبعت نفسي من أجل فعله , نظرت له وقلت " هل احضر

كرسيا ؟ أنت ترهق نفسك كثيرا هكذا وقد تتعبك ساقك ليلا "

قال مبتسما " اتركني يا بني فقد تعبت من الكرسي ومن الجلوس , ثمان

سنوات وأنا أتمنى هذه اللحظة التي أقف فيها ويائس من قدومها "

قبضت على يده وقلت مبتسما " حمدا لله الذي أراني هذا اليوم أيضا "

ربت على كتفي وقال " رحمته طالت كل شيء "

وسرنا بعدها خارجان أجر عربة حقائبنا وقلت مبتسما " لا أحد في استقبالنا

اليوم فأصدقائي في عملهم واعتذروا عن المجيء , يبدوا لا أحد سعيد بعودتنا "

ضحك وقال " ستجد الحفل أمامك في المنزل وإحدى عشر شخصا

سعيدا فلا تستعجل "

ضحكت دون أن أعلق ووصلنا الباب حينها لنفاجئ بالعقيد رِفعت أمامنا مسرعا

ووقف من فوره وقال مبتسما " تأخرت كثيرا كنت أود أن أكون في انتظاركما "

ابتسمت له بحب فسلم على عمي وحمّد له السلامة ثم تعانقنا وقال مطبطبا

على ظهري " بارك الله فيك من ابن بار يا آسر "

قلت مبتسما " وهل يمدحون الابن على ما يفعل لوالده ؟ "

قال هامسا " لكنك خذلتني في ابنتي ولن أنساها لك "

ثم ابتعد عني على نظراتي المستغربة وقال مخاطبا عمي صابر

" ما رأيكما في العشاء عندي ؟ "

قال مبتسما " شكرا لكرمك , لن يسمحن بناتي وزوجتي بذلك "

سرنا حينها وقال " إذا في يوم آخر وأريدها عزيمة لجميع رفاق

آسر وأن تكون معنا اتفقنا "

وتحدثا معا عن رحلتنا والعلاج حتى وصلنا السيارة وأنا لم أشارك بشيء ودهني

لازال مغيبا مع كلماته التي همس لي بها , فما الذي عناه بذلك ؟ هل حكت له

سراب شيئا ؟ مستحيل هي لم تفعلها سابقا لتفعلها الآن , إذا هي ابنة شقيقه فعلتها

وأستغرب كيف سكتت حتى الآن ولم تُحرّضه علي , تنهدت بضيق فأكثر ما أكرهه

أن يتدخل الغير في شئوني , ألا ترى نفسك تستحق ولم تفعل بها خيرا أبدا ؟ لا لم

أخطئ أنا أردتها أن تراني بعين المرأة التي تحبني فقط وأن لا تتسرع في أحكامها

علي وأن لا تحبني بأفعالي , تنهدت بأسى وهززت رأسي طاردا تلك الأفكار منه

وصعدنا معه في سيارته وأوصلنا للمنزل وغادر بعد قليل ودخلنا كلينا لتستقبلنا

الزينة التي ملئوا بها وسط المنزل الواسع وصراخ الطفلات المرح مستقبلات لنا

يتبعنهن شقيقاتهن وكل واحدة تسلم علينا محتضنة لنا لتتركنا واحدة وتمسكنا الأخرى

واختلط الفرح بالدموع لرؤيتهن لوالدهم يمشي على قدميه مجددا , فحمدا لله الذي منَّ

عليا أن حققت له ولهن هذا ومهما فعلت فلن أوفيه وزوجته حقهما علي , جال نظري

بينهم من أول ما دخلنا ولم أجد من توقعت أن تأتي ولو من أجل العم صابر وتعطيني

الفرصة لأطفئ الشوق ولو برؤيتها من بعيد لكن يبدوا أنها لم تفعلها هربا من رؤيتي

فهل أصبحتِ لا تطيقين وجودي لهذا الحد يا سراب ؟ اقتربت عمتي سعاد بعدما انتهين

بناتها من حفل الاستقبال واستقبلها عمي صابر فاتحا لها ذراعه فنامت على صدره

ونزلت دموعها التي لم أراها سابقا إلا يوم أصيب ويوم تخرجي من كلية الشرطة

ضمها بذراعه بقوة وقبّل رأسها وقال " شكرا لكل ما فعلتيه لأجلي يا سعاد

كنتِ نِعم الزوجة والعشيرة "

دفنت وجهها في صدره وقالت باكية " حمدا لله الذي رد لك عافيتك ومن أجلك

فقط أما أنا فما كنت لأتضايق ولو بقيتَ مقعدا كل حياتك "

ثم ابتعدت عنه وعانقتني قائلة " رزقك الله أبناء يبروك يا آسر كما أدخلت

السعادة على حياتنا اليوم , ولن ننسى ما فعلت أبد الدهر "

قبلت رأسها وقلت " تعْلَمي أني أكره هذا الكلام , كان يكفيني دعوتك ببر أبنائي "

توجهنا بعدها لصالون الاستقبال وجلسنا جميعنا وإسراء طبعا جلست في حضن

والدها ولم تتوقف عن سرد ما فاته ولم يَحضره معهم وكلهن منشغلات معهما

بالضحك والتعليق , نظرتُ لعمتي سعاد الجالسة بجانبي فنظرت لي مبتسمة

فبادلتها الابتسامة ثم نظرت للأرض وقلت " كيف حالكن جميعا ؟ "

قالت بصوت مبتسم " بخير كما ترى والحمد لله , لا ينقصنا غيركما "

قلت بعد تردد ونظري لازال للأسفل " وكيف هي سراب ؟ "

قالت بعد صمت لحظة " جيدة , اتصلت بنا اليوم أكثر من مرة وقبل

دخولكما بقليل أيضا "

لذت بالصمت ولم أرفع نظري بها فأمسكت يدي وقبضت عليها بقوة

وقالت بهمس " لا تلمها يا آسر مؤكد لم ترفض المجيء كرها لك

ولها أسبابها التي لا يفهمها غيرها "

هززت رأسي بحسنا ولم أعلق ثم رفعته سريعا على صرخة ريحان

قائلة " سرااااب "

وركضت هي وعبير نحو الداخلة من الباب تنظر لهما مبتسمة


نهاية الفصل .... موعدنا القادم الخميس إن شاء الله


فيتامين سي 10-04-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والخمسون)
 
1 مرفق



الفصل السابع والخمسون


المدخل : بقلم الغالية alilox

جن نبض هذا القلب ألم يصلك أنينه ألم تسمعيه فأنت مالكة له وكل مدنه وساكنيه قد أحرقه الشوق والصبر من أين يأتيه دعيه يمتلأ ولو كذبا بكي دعيه ارفقي به سرابي ولو بكلام موجع عاتبيه لقد أصبح تايعا لكي من مكانه اقتلعيه خذيه أصبح شيئا يخصك ولم يعد لي حاجة فيه. مبارك لكي به شئتي اقتليه وإن شئتي اشفيه

سلمت يداك

**********

تكملة النص بالمرفقات



[/COLOR]

فيتامين سي 11-04-16 09:01 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع والخمسون)
 
1 مرفق




الفصل الثامن والخمسون


المدخل : بقلم الغالية منى سعد

كيف يكون لقائك كظمأن تأه بصحراء حبك باحث حتى ترويني احضانك
كيف استطعت البعاد وبين يديك تسكن الروح والفؤاد
كنت ميت حي وبلقاك نبضة بي الحياه


سلمت يمينك


*************

النص بالمرفقات


نهاية الفصل ...... موعدنا القادم مساء الخميس إن شاء الله





فيتامين سي 14-04-16 01:49 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والخمسون)
 



الفصل التاسع والخمسون



توجهت من فوري لتلك الغرفة وفتحتها بالمفتاح وكانت كما تركتها ومتأكد من أن دُره

ما أن وجدت ورقتي وقرأتها لم تدخلها , نظرت يمينا حيث الحبل الذي فككته سابقا

ورميته أرضا ولم أشعر هذه المرة قط بتلك المشاعر التي أشعر بها كلما رأيته ودخلت

هذه الغرفة , فكل ما شعرت به الآن هوا الانتصار وأنّ الشخص المرتبط بهم موجود في

السجن الآن يجمعون جرائمه التي لن ينتهوا من حصرها في وقت قصير وستبدأ رحلة

عذابه التي لن تنتهي , توجهت للخزانة القديمة ووقفت أمامها أنظر لأغراض والدتي

تحتها وأغراضي في صغري ثم نظرت لها ولثياب دُره المرتبة فيها كما تركتها , هذه

الغرفة عليها أن تكون رمادا كما الماضي ولن أخرج منها بشيء ولا حتى أغراض والدتي

التي لم يبقى لي شيء منها غيرها , خرجت من الغرفة وتوجهت للغرفة الأخرى التي

كنت أستخدمها كمخزن لبعض المعدات التي نحتاجها في الحديقة وأخرجت منها برميلا

كان مليئا بالبنزين وفتحت غطائه وبدأت بسكب ما فيه في كل أرجاء ذاك المكان وابتداءً

بتلك الغرفة حتى فرغ تماما فرميته فيه أيضا ووقفت أمام بابه الخارجي وأشعلت القداحة

التي كانت هنا وأستخدمها حين أكون في تلك الغرفة وأدخن , رميتها في الداخل مشتعلة

لتهب النيران ما أن اقتربت من الأرض وقبل أن تلمسها , وتراجعتُ للخلف فورا أراقب

ألسنة اللهب التي أصبحت تلتف في الداخل باحمرار متوهج , ها قد جاء هذا اليوم أخيرا

ها قد انتصرت على هذا المكان وتخلصت منه في داخلي قبل أن أحرقة ليغيب كله مع

الماضي ... أمي التي وجودها في قلبي يكفيني وأواس الفتى الذي ذاق العذاب والحرمان

بجميع أصنافه سيحترق هنا ولن يخرج أما أغراض دُره وثيابها فسأعوضها عنها بأضعاف

أضعافها فلا أريد لشيء دخل هنا أن يخرج ويحمل ذكراه , غادرت بعدها تاركا ذاك المكان

يتفحم وينتهي ويختفي ولن يبقى منه سوا جدران محترقة سأمسحها من هذه الأرض مسحا

ليكون مكانه ألعاب أو مسبح لأبنائي , وصلت المنزل ودخلت حيث الصمت التام وكأنه لا

ساكنين فيه وصعدت للأعلى من فوري وفتحت باب الغرفة ببطء ليقع نظري على الواقفة

توليني ظهرها تفعل شيئا ما عند أبجورة السرير , بفستانها القطني القصير الذي تظهر

منه مفاصل ركبتيها واسعا يناسب وضعها الآن وشعرها البني الناعم الذي يصل طوله

لأسفل كتفيها مفتوحا , أغلقت الباب ونظري لم يفارقها أشعر بلهفة لها لم أشعر بها

كل حياتي , التفتت ما أن شعرت بإغلاقي للباب وقالت مبتسمة بحرج

" لقد كسرتها "

ابتسمت مراقبا ملامحها الجميلة البريئة المحرجة كطفلة فعلت خطئا تخشى

التوبيخ عليه , دسّت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت ناظرة للأسفل

" منذ ساعة أحاول إعادتها كما كانت ولم أنجح "

لم اعلق بشيء سوا بابتسامتي التي لم تفارق شفتاي وفتحت لها ذراعاي فتوجهت

نحوي راكضة وارتمت في حضني فطوقتها بهما بقوة وقبّلت رأسها وقلت

" لن أكترث لكسرك لها لكن وقوفك كل هذا الوقت لن أسامحك عليه "

دفنت وجهها في صدري أكثر وقالت بصوت مبتسم " لقد كان عقابا

جيدا لي واستحقه "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " فداءً لك المنزل بأكمله حبيبتي , إن

حطمتِه بأكمله فلن أقول حرفا وسأبني غيره "

ابتعدت عني تنظر لعيناي بنظرة لم أفهمها وكأنها نظرة لوم وقالت

" أواس ما هذه الرائحة في ثيابك ؟ "

ابتسمت وأمسكت وجهها بيداي وقبلت جبينها وقلت " لا تخافي أنا عند

وعدي لك ولم أدخن "

كانت ستتحدث فقلت مقاطعا لها " أحرقت الملحق فذاك المكان

انتهى من حياتي نهائيا "

ابتسمت ودموعها تملأ عينيها قائلة بسعادة " انتهى من حياتك أخيرا ؟ "

غلغلت أصابعي في شعرها شادا لوجهها لي ووزعت قبلاتي على كل مكان

فيه وقلت بهمس " اشتقت لك دُره اشتقت لك "

تعلقت بعنقي وضمتني بقوة تقف على رؤوس أصابعها وقالت بحنان

" وما سأقول أنا يا أواس ماذا ؟ "

ضممتها لي أكثر وقلت " وكيف هوا ابني معك ؟ هل يتعبك ؟ "

ابتعدت عني ونظرت لعيناي وقالت مبتسمة " في البداية نعم أما الآن فلا

فقط نموه بطيء وسبّب ذلك في صغر حجمه , والباقي كله جيد "

أمسكت وجهها وقبلت أنفها وقلت " مؤكد لا تأكلين جيدا لهذا حجم

بطنك لا يعطي أنه شهرك الثامن أبدا "

قالت ماسحة بيديها على صدري صعودا " الطبيبة قالت أن حجمه سيزداد

هذا الشهر وأن هذا أمر طبيعي يحدث للكثيرات "

قربتُ وجهها لي مجددا وقبّلت ذقنها وقلت بهدوء " كنت أريد أن نقضي

الليلة وعدة أيام في أفضل فنادق العاصمة لكني خشيت أن يؤثر ذلك

على عائلتك ويضنوا أني متضايق من وجودهم "

قبّلت شفتاي قبلة صغيرة وقالت " ولا أنا سأرضى لك بذلك فغرفتنا التي

جمعتنا سابقا أولى بذلك من أي مكان "

عضضت شفتي بقوة ثم همست " ما سأفعل لك الآن ؟ كنت أتجنب شفتيك

طوال الوقت كي لا أفعلها وأقبّلهما قبلتي المجنونة التي حلمت بها كثيرا

وتمنيتها , وجئتِ الآن تفسدين كل شيء "

ضحكت ورفعت يديها من على صدري وطوقت بهما عنقي وهمست مقربة

شفتيها من شفتاي " افعلها يا أواس فحتى أنا كنت أريدها وأنتظرها منك دائما "








*~~***~~*










صليت الفجر وجلست على السجادة أستمع لحركته في الخارج بعد عودته من

المسجد فيبدوا أنه سيذهب لعمله ولن ينام , وقفت وطويتها ووضعتها جانبا

وخلعت لباس الصلاة وخرجت حين توقفت حركته وكان في غرفته ومؤكد

سيغير ثيابه , توجهت للمطبخ ووضعت أبريق الشاي على النهار فرغم كل ما

بيننا واجبي لن أتخلى عنه مادمت هنا , طهوت البيض ووضعت له في صحن

طبق به عسلا وبعض السمن وطبق زيتون ووضعت طبق البيض أيضا وسكبت

كوب شاي وخرجت بالصينية لحظة فتحه لباب الغرفة خارجا منها وكما توقعت

كان ببذلة عمله يثبت السلاح في حزامها فوضعت الصينية على الطاولة وعدت

جهة الغرفة مسرعة وهوا لم يتحدث بشيء , بعد قليل سمعت صوت حركة الأواني

في المطبخ ويبدوا لازال كعادته سابقا يغسل ما أكل فيه وهذه حسنته الوحيدة أو أنه

معتاد على ذلك من كثرة ما عاش وحيدا , بعد وقت خرجت من الغرفة فمؤكد غادر

من اختفاء صوت حركته , رفعت أكمام بيجامتي وثنيت بنطلونها للأعلى وبدأت بشطف

وسط المنزل فرغم أنه أصبح له سقف وبلاط جديد يحتاج لاهتمام , نظفت بعدها الحمام

وغسلت جدرانه ثم انتقلت للمطبخ وأعدت ترتيب كل شيء وكتبت الناقص في ورقة فحتى

الأواني غيّرها بجديدة كلها وكأنه عريس , خرجت من المطبخ أتجنب الغوص في تلك

الأفكار كي لا أفكر في لو أنه تزوج أو أنه كان يريد أن يجلب زوجة أخرى لذلك غيّر كل

هذا , وقفت في وسط المنزل ونظرت حولي , لقد أنهيت من كل شيء ولم يبقى سوا غرفته

التي لن أنظفها طبعا وتأخذ عقله الظنون أنها حركة مقصودة مني , وضعت الورقة على

الطاولة ليجدها فيما بعد ثم وجدت قدماي تسوقانني فورا لغرفته لكن قبلها أغلقت باب

المنزل من الداخل طبعا كي لا يدخل ويمسكني هناك , فتحت الباب ونظرت للفراش على

الأرض فورا وكان مرتبا فيبدوا رتبه قبل أن يخرج وهذه عادته مرتب في كل شيء ولا

يترك شيئا ورائه , توجهت للخزانة وفتحتها بفضول لأعرف ما اشترى أيضا ولست أعلم

هذا كله من الفراغ أم ماذا ؟ كانت ثيابه مرتبة ومطوية كعادته وهناك العديد منها جديدة لم

يكن يملكها من قبل , رفعت نفسي على طرف أصابعي أنظر للرف العلوي وكان فيه تلك

الهدية لازالت مغلفة كما هي فهل كانت لي بالفعل ؟؟ كان هناك أيضا صندوق خشبي صغير

بجانبها فمددت يدي ساحبة له فوقع فجأة على رأسي وشهقت بصدمة حين وجدت ما كان فيه

ملئ المكان حولي ولم يكن سوا الأزهار الصفراء التي قطفتها سابقا ونثرتها على السرير في

ذاك اليوم المأساوي الذي اكتشفت فيه الأوراق التي كان يخبئها عني , كانت جافة يابسة أنظر

لها على بساط الغرفة بصدمة فلم أتوقع أن يجمعها ويحتفظ بها , نفضت ثيابي وشعري منهم

ولممتهم سريعا وأعدتهم للعلبة وأعدتها مكانها ثم توجهت للطاولة بجانب السرير وأخرجت

السوار والخاتم من جيبي ووضعتهما عليها وغادرت الغرفة لغرفتي بعدما فتحت باب المنزل

من الداخل طبعا , أخذت ثيابا ودخلت الحمام واستحممت ثم عدت للغرفة وفتحت هاتفي المغلق

من يوم أمس لتصل الرسالة المعلقة به وكانت من دُرر وما أن قرأتها حتى صرخت بفرحة

وقفزت واقفة , يا شقيقتي الحبيبة حمدا لله أن عاد لك فكم عانيتِ بعده , كنت سأتصل بها لكني

تذكرت أنه وقت مبكر وليس مناسبا أبدا فاتصلت بالعزباء الأخرى مثلي فأجابت سريعا

وقلت أنا من فوري " وصلتك رسالة دُرر ؟ "

ضحكت وقالت " قولي صباح الخير قولي اشتقت لك يا عديمة الذوق "

قلت مبتسمة " اشتقت لك يا عديمة الذوق "

ضحكت كثيرا فقلت " لم أصدق عيناي وأنا أقرأ الرسالة ومن فرحتي كدت

أتصل بها متناسية أنهما سيكونان نائمان "

قالت بضحكة " تضنيها مثلك يا حمقاء , صحيح ماذا حدث معك ؟

ولما لم تتصلي بي بالأمس ؟ "

ماتت ابتسامتي واختفى كل ذلك الفرح في وجهي وجلست على الكرسي

وقلت ببرود " لا شيء ونمت في غرفتي السابقة طبعا "

ضحكت وقالت " مسكينة يا سراب "

قلت بضيق " وأنتي مسكينة مثلي فلا تنسي نفسك "

ضحكت مجددا وقالت " نعم مثلك وأكثر منك "

قلت بنصف عين " ترجمان أشم رائحة شيء غريب في كلامك

فأين أنتي الآن ؟ "

قالت من فورها " في منزل عمي طبعا "

قلت ببرود " آه ظننت فقط أنك نمتِ في مكان آخر مع شخص ما "

ضحكت ولم تعلق فقلت بريبة "صوتك يخبرني أنك فعلتها يا ترجمان "

قالت من فورها " وداعا ونلتقي عند دُرر , أخبريه يأخذك اليوم هناك "

وفصلت الخط تلك الخائنة أقسم أنه شيء ما حدث معها بعد خروجي من هناك

وضعت يداي في حجري و الهاتف فيهما وتنهدت بحزن , كم أتمنى أن تستقر أمورها

أيضا وترجع لزوجها فهوا يستحقها وفعل الكثير من أجلها ليس كالجدار الذي لدي ولا

أعلم ما أحبه فيه حتى الآن ؟ تذكرت أنه اليوم عمل آسر فأرسلت لترجمان رسالة فيها

( لن استطيع الذهاب اليوم فآسر في المركز اتركيها لغد ونكلمها اليوم في الهاتف فقط )

كنت أود أن أكون هناك ولا أتأخر عنها لكن هكذا حكمت ظروفي ولا يمكنني الخروج

دون إذنه وترجمان لم تعد تملك سيارة وأعرفه لا يحب أن أركب سيارات الأجرة








*~~***~~*









خرجت من الحمام أجفف شعري بالمنشفة ونظرت للنائم بعمق لا يعلم عن شيء

حوله وابتسمت بحب , كان يوم أمس متعبا جدا له وأشعر بأنه نام نوما لم ينمه

كل حياته وكأنه لم ينم الأشهر الماضية جميعها , كم عانيت في حياتك يا أواس ولم

يترك قدرك شيئا لم يختبرك به وحان الوقت لأن ترتاح في حياتك , أن تخرج من

كل ذاك السواد وتنساه , مسحت دمعتي من طرف عيني ولازال نظري على ملامحه

وأنا أتذكر كلامه البارحة وأنا نائمة في حضنه ( وطني أنتي يا دُره ومهما بعد الإنسان

يحن له ويحتاجه وأينما ذهب يبقى هوا في عينيه الأجمل , أنتي أمي التي فقدتها صغيرا

وحرمت منها وهي على قيد الحياة وأنتي طفلتي التي رفعتها على كتفي أركض

بها رغم ألم قدماي فقط لأسمع صوت ضحكتها التي أعشق )

مسحت دمعة جديدة وهمست من بين شفتاي " سامحني يا أواس لأني

كنت ممن آذوك في صغرك "

اقتربت بعدها من السرير وجلست عليه وانحنيت له وقبّلت خده برقة ورفق

فطوقني بذراعه فضحكت وقلت " كنت مستيقظا يا محتال "

قبّل خدي وقال ببحة نوم " بل كنت في سابع أحلامي ولم يوقظني

سوا رائحتك وملمس شفتيك "
ابتعدت عنه وقلت وأنا أسحب منه اللحاف " هيا استيقظت فوالدتي من

الفجر سألتني عما تحب أكله حتى في الفطور , وتجدهم ينتظروننا الآن

فهم يستيقظون مبكرا "

جلس يمسح وجهه بيديه مستغفرا الله ثم مرر أصابعه في شعره للخلف ونظر

لي وقال مبتسما " أشعر أني في حلم لم أفق منه بعد وكل لحظة والأخرى

كنت استيقظ لأتأكد أنك نائمة بجانبي فعلا "

طوقت خصره بذراعاي ودفنت وجهي في صدره وقلت بسعادة " وما سأقول

أنا وحلمي كان طوال الليل أني كنت أحلم واستيقظت ولم أجدك "

ضحك ضحكة خفيفة وقبّل رأسي وقال " ما أخبار شقيقتيك "

تنهدت بحزن وقلت " حدث الكثير يا أواس الكثير لهما وكم أخشى عليهما "

قال ماسحا على شعري الرطب " إن أَحب الرجل المرأة يا دُره فلا خوف

عليها أبدا وزوجيهما يحبانهما , قد يحتاجون وقتا فقط وكل شيء سيتحسن "

ابتعدت عنه ونظرت للإبجورة بجانب السرير وقلت مبتسمة " طوال الليل

كانت تصدر أصوات طقطقة حتى خُيّل لي أنها ستنفجر فينا "

ضحك وقال مغادرا السرير " سنغيرها ونغير الغرفة بأكملها فسوف

أصيّن جناحي السابق وننتقل له "

وقفت خارج السرير أيضا أراقبه وقد اتجه لها بجانبي واستل سلكها

الكهربائي وقال " انتهت مشكلتها , أخبري الخادمة ترميها "

قلت بهمس ناظرة له " أواس "

التفت جهتي وقال مبتسما " عيني أواس "

طوقت عنقه بذراعاي وقبّلت ذقنه وقلت " ليحفظ الله لي عينيك ولا

احرم من رؤيتهما حياتي "

وضع أنفه على أنفي وقال مبتسما " وما تريد دُرتي "

قلت ناظرة لعينيه " والدك و.... "

قاطعني قائلا " نعم يا دُره جاء بالأمس وأخبرني أنك من أخبره "

كنت سأتحدث فسبقني قائلا ويده تمسح على ظهري " أمورنا على

خير ما يرام وأكثر حبيبتي اطمئني "

أغمضت عيناي مبتسمة وقلت بهمس " حمدا لله وهذا جل ما أتمنى "

طوق خصري بذراعيه وأنفه لازال ملاصقا لأنفي وهمس قائلا

" هل عليا دخول الحمام أولا بالفعل "

ضحكت بإحراج دون أن أفتح عيناي وقلت هامسة برقة

" يمكن تأجيله قليلا "

ضحك ضحكة صغيرة ثم قبّل شفتاي عدة قبلات وهمس بعذوبة

" ما أجمله من صباح صباحي هذا "

شددت ذراعاي على عنقه أكثر وقبلته بعمق ثم أبعدت شفتاي فمسح عليهما

بإبهامه قائلا بابتسامة " حاذري على هذا الحرير فقد أمزقه "

عضضت طرف شفتي مبتسمة ثم قلت " حلالٌ لك "

فقبّلني بعمق قبلة مجنونة تشبه تلك التي أهلكني بها البارحة ثم توجه للحمام

قائلا " يكفي انزلي هيا ولا أجدك هنا ما أن أخرج فلن أضمن لك نفسي "

ضحكت وغادرت الغرفة فورا ونزلت للأسفل حيث كانت أمي وخالتي وجدتي

يجلسن وسط المنزل وقصي مؤكد غادر من أكثر من ساعة لعمله , قالت

أمي مبتسمة ما أن رأتني " ما كل هذا النوم يا عريسان "

نزلت آخر عتبة وتوجهت لهن قائلة بابتسامة " لازالت الساعة التاسعة

وقد أيقظت أواس من نومه "

وصلت عندهن على صوت جدتي قائلة بضيق " ولما توقظينه ؟ كنتِ تركته

يرتاح قليلا , ما أحبكن لتكدير الأزواج نساء هذا الوقت "

ضحكت وقبّلت رأسها قائلة " سيغضب مني إن تركته أكثر أعرفه جيدا "

ثم قبّلت رأس والدتي فخالتي وصبحت عليهما وجلست بجانب والدتي فضمتني

لها وقالت بحنان ماسحة على شعري " حمدا لله الذي أراني هذا اليوم وهذه

الابتسامة الصافية والوجه الجميل المشرق "

ضممتها بقوة وقلت بسعادة " لا أحد أسعد مني اليوم يا أمي أبدا "

قالت جدتي " والآن تأكلي جيدا ليكبر بطنك ونشعر حقا أنه ثمة شيء بداخله "

ضحكنا جميعنا لحظة نزول أواس واقترب منا وصبّح عليهن وقبّل رأس

والدتي وجدتي أيضا وحتى خالتي وكأنه خشي أن تتحسس من ذلك وجلس

بجوار جدتي قائلا " أين هوا قصي ليس معكن ؟ "

قالت أمي ولازالت تمسح على شعري وأنا متكئة على كتفها

" خرج لعمله من قبل الثامنة وسيكون هنا عند الواحدة ظهرا "

هز رأسه بحسنا فوقفت الخادمة عندنا وقالت مخاطبة له " سيدي

كم سيكون عدد الضيوف اليوم على الغداء ؟ "

قال من فوره " قدّروهم بعشر أشخاص إن قلّ العدد آخذ الطعام

للعمال في المحلات كالعادة "

هزت رأسها بحسنا وغادرت في الفور فابتعدتُ عن والدتي وقلت ناظرة له

" هل ستخرج لهم من اليوم يا أواس ! أنت لم ترتاح من رحلتك بالأمس بعد "

قالت جدتي قبل أن يتحدث " أنضروا للمرأة ؟ تريد أن تخبئه تحتها كالطفل "

ضحكوا جميعهم عداي أنا التي نظرت لهم بضيق فوقفت والدتي وقالت

" هيا الفطور ينتظركم قبل أن يغادر أحدكم غاضبا "

فوقفنا جميعنا وتوجه أواس نحوي وحوط كتفاي بذراعه وسرنا هناك معا فها هي

الألوان عادت لحياتي ولم تعد باهتة كئيبة لا تحمل إلا الأسود والأبيض , وها قد

أصبحت أشعر بأن الشمس تشرق بالفعل ولسنا في ظلام طوال الوقت , فمن كان

يصدق أن تلك الغمامة ستزول !! ما أن تناول إفطاره طبعا غادر المنزل ولست

ألومه فهوا مشتاق لكل ما كان في حياته حتى أعماله الدائمة , فقط كنت أريد أن

يرتاح قليلا , انشغلوا بعدها في إعداد الغداء ومن الآن وأنا طبعا محكوم عليا

بالجلوس بجانب جدتي فقط ففوق حرصهم السابق على أن لا أتحرك زادهم

أواس الذي لم يخرج إلا وقد أوصاهن بالواحدة على أن لا اتعب نفسي ولا

بالوقوف للحظات , رن هاتفي فرفعته من جانبي وكانت ترجمان فابتسمت

وأجبت عليها لتنطلق زغرودتها التي قطعتها ضاحكة وأنا أضحك عليها

وقالت بسعادة " مبارك رجوع ذاك الوسيم صاحب الذوق الرفيع

وحركات الهرب والاختفاء "







*~~***~~*







جلس بجواري وقال " اسمعي هناك أمر أريد أن تعرفيه لكن إن نزلت

منك دمعة واحدة فسأقطع عنقك تفهمي "

وضعت يدي على قلبي وقلت وقد ملئت دموعي عيناي " ما به أواس !! "

تأفف وقال " ماذا قلنا يا خديجة ؟ والأمر ليس محزنا "

قلت بعبرة مكتومة " إن كان أواس وخبر سيئ عنه فلا تلمني وإن بكيت دما "

أمسك يدي وقال " بل خبر سار عنه وإن نزلت منك دمعة واحدة فلن أقوله "

مسحت عيناي بقوة وقلت " لن أبكي فبشرني بشرك الله يا رِفعت "

وضع يده على بطني وقال " كيف حاله الآن ؟ هل تشعرين بشيء ؟ "

أبعدت يده وقلت بلهفة ممسكة لها بقوة " لا شيء به فأرح قلبي أراحك الله "

وقف وقال موقفا لي معه " وجدناه يا خديجة وبخير "

أغلقت فمي بيدي أكتم الشهقة التي نزلت معها دموعي فقال بتذمر

" لا حول ولا قوة إلا بالله , ماذا كنا نقول قبل قليل "

تمسكت بثيابه ودفنت وجهي في صدره وقلت ببكاء " كيف لا أبكي

أخبرني ؟ هل تعي معنى أنه ابني وأعز منه "

ضمني له وقال " اسكتي أو قسما لن تريه وها قد أقسمت "

ابتعدت عنه ونظرت له بصدمة وقلت " أراه !! "

قال ماسحا دموعي " نعم إن لم تستمر مناحتك "

قلت بغير تصديق " أين هوا ؟ خدني له يا رِفعت حلفتك بالله "

قال مبتسما " ينتظرك في المجلس "

انطلقت مسرعة أبكي ودموعي تسابق خطواتي وإن كان يمكنني الطيران

لطرت له , فتحت باب المجلس على وسعه فوقف الجالس هناك وحيدا ينظر لي

مبتسما فانطلقت نحوه واستقبلني هوا حاضنا لي بقوة وقال ماسحا على ظهري

" لما كل هذا البكاء عمتي ؟ لا يحدث لابنك شيء ولن يرحمني والده حينها "

قلت ببكاء متمسكة به بقوة " حمدا لله على سلامتك يا أواس لا أصدق

أني رأيتك مجددا "

أبعدني عنه وقبّل يدي ثم أمسك وجهي وقبّل جبيني وقال " سامحيني

عمتي كان رغما عني اقسم لك "

أمسكت يده وقبّلتها ودفنت وجهي فيها وقلت ببكاء " كيف أغضب منك يا

قلب عمتك , هل هناك من يغضب من قلبه ؟ "

شعرت بيد على ظهري وصوت رِفعت قائلا " يكفي بكاء أغرقتِ ابني "

مسحت عيناي وسحبته معي وجلست وأجلسته بجانبي وقلت ويدي تمسح

على طرف وجهه " أين كنت يا أواس وماذا حدث معك وهل أنت بخير ؟ "

أمسك يدي من وجهه وقبّلها مجددا وقال " أنا بخير وهذا المهم , طمئنيني

عنك أنتي وعن صحتك "

قلت مبتسمة والمفاجئة لم تفارق وجهي بعد " بخير بني وفي أحسن حال

واكتملت راحتي برؤيتك يا قلب عمتك "

قال مبتسما ونظره على رِفعت " وكيف هوا رئيسي معك ؟ "

نظرت له مبتسمة وقلت " لا رجل مثله في العالم "

ثم عدت بنظري له وقلت " وكيف هي دُرر وصحتها "

قال مبتسما " بخير ومثلك الآن لا تتوقف عن البكاء منذ يوم أمس "

قلت بسعادة " يالا المسكينة , لست تعلم كم عانت وبكت وتعذبت يا أواس

أقسم أنها كادت تفقد عقلها مرارا لولا لطف الله بها "

قال مبتسما بحنان " ها قد عدت وسأعوضها عن كل دمعة ويوم حزنت فيه

أقسم لو كان الأمر بيدي ما ابتعدت عنها دقيقة لكن ظروفي كانت هكذا "

قلت ماسحة بيدي على ذرعه " لا عوض لها أكبر من رؤيتك معها ومع

ابنها , هي تعبت كثيرا مثلك تماما وحان الوقت لتجبرا كسور بعض "

وقف حينها فوقفت معه وقلت " ما بك وقفت بني ؟ أين ذاهب بسرعة هكذا ؟ "

قال بهدوء " ورائي مشاوير كثيرة ولدي ضيوف على الغداء والعشاء

جئت لأراك وأسلم عليك والأيام أمامنا طويلة "

حضنته مجددا وقلت بحنان " ليحفظك الله يا حبيب عمتك , لم

أشبع منك أبدا بل أشعر أني لم أراك "

ضمني بقوة وقبّل رأسي وقال " سأزورك دائما لا تقلقي "

ودعته بعدها وخرجت معه حتى سيارته في الحديقة وعيناي ترقبانه حتى

خرج ثم ضممت يداي أمام فمي وقلت بعينان دامعة " ما أسعدني برؤيته

أشعر بقلبي سيطير من الفرح "

حضنني الواقف بجانبي وقال بصوت مبتسم " دعائكم لم يخيب

يا خديجة والله رحمته واسعة بعباده "








*~~***~~*










أغلقت من دُرر التي أمسكتها ترجمان قبلي ساعة وضممت الهاتف لحضني

ما أسعدني بسعادتها التي تخرج من صوتها فكم عانت وتعبت شقيقتي الحبيبة

وهي تستحق كل هذه السعادة بالفعل فلم أعرف حياتي في نقاء قلبها وسريرتها

وتضحيتها من أجل الغير فلولاها بعد الله لضعنا من سنين فهي كانت رغم صغر

سنها الأم التي ما عرفناها , ولعدل الله أعاد لها هي والدتها لأنها كانت تعطينا

شيئا هي محرومة منه ولم يغطي مكانه أحد , وقفتُ بعدها وخرجت من الغرفة

وتوجهت للمطبخ لأضع الغداء فسيأتي في أي لحظة , ها قد عدت لفعل واجبات

الزوجة المثالية وكأن شيء لم يكن سوا أن المنزل والطعام تحسنا فقد وجدت كل

شيء متوفر في الثلاجة والخزانة فراتبه فوق الجيد ولم يعد لديه مشاغل غيرنا

لكن مخططه الجديد سيحتاج لتوفير مال أكثر أو أن منزل الأحلام ذاك لن يبنيه

أبدا , وما أجرى كل هذه التعديلات هنا إلا وهوا موقن من أن إقامتنا ستطول

في هذا المنزل , نفخت بقوة مبعدة خصلة شعري عن وجهي لأن يداي متسختان

لحظة ظهوره عند الباب فلم أنظر ناحيته أبدا واستمررت فيما كنت أفعل فدخل

ووقف بجانبي ونظر للسلطة التي أقطعها قائلا " جيد طعام لذيذ أخيرا وليس

سندوتشات ووجبات مطاعم "

لم اعلق أيضا منشغلة بما أفعل فرفع خصلة شعري ودسها خلف أذني ولو يعلم

عن إطرابي بقربه ولو يرحمني من وجوده فقط , دسها خلفها وبدلا من أن يبعد

يده أكمل طريق أصابعه على عنقي ليزلزل كياني فحركت كتفي مبعدو لها

وفي صمت فقال مبتسما " لما لم تكتبي ضمن الطلبات ما ينقص غرفتنا ؟ "

ضغطت على أسناني بقوة من غيظي ومانعة نفسي عن الكلام فقال وهوا

يخرج شيء ما من شعري وقد بعثر به غرتي المقصوصة " أم لم تجدي

بها شيئا ناقصا ؟ "

ووضع الزهرة اليابسة على ظهر كف يدي الممسكة لقطعة الطماطم وأنا انظر

لها بصدمة وألعن نفسي على فعلتي الحمقاء , فهل ارتحتِ الآن وأرحتِ فضولك

يا غبية , حركتُ كفي وأسقطتها من عليه فرفع يده لشعري وبعثر غرتي قائلا

" أعانك الله على ما ابتلاك يا آسر "

نظرت له بصدمة فابتسم وقبّل خدي سريعا فتراجعت خطوة للخلف وخرج

هوا قائلا " ولا بلاء أكبر من ابتعادي عنك مرغما "

تأففت ماسحة غرتي بذراعي لتبعد عن وجهي ورميت السكين في المغسلة

متمتمة بحنق " غبية دائما وتقعين في فخاخ كلامه , سحقا لك "

خرجت بعدها وكان جالسا على الطاولة يُسرح شعره بأصابعه فوضعت له

الطعام عليها وتوجهت لغرفتي فورا على صوته قائلا " ألن تذهبي

لشقيقتك زوجة أواس ؟؟ "

قلت وأنا أدخلها " في الغد "

وأغلقت بابها خلفي ولم اسمع تعليقه ولست أعلم إن علّق أساسا









*~~***~~*










تناولنا الغداء وطالت بعده الأحاديث والضحك وكل من سألني عن سبب اختفائي

ومكاني المدة الماضية قلت أنها تصفية حساب قديمة أنهيتها وعدت ولم يعلم أحد

بما حدث غير العقيد رِفعت ودُرر وعائلتها فالماضي صفحة وطويت وانتهت .

بعدما صلينا العصر عدنا للمنزل أنا ووالدي وشقيقي قيس وقصي فوالدي لم

يفارقني اليوم واستقبل أصدقائي ورجال الشرطة معي وكان جالسا بجانبي طوال

الوقت هوا عن يميني وقيس عن شمالي لأشعر لأول مرة بوجودهم في هذا العالم

وكم كان شعورا رائعا لم أتصوره يوما بهذا الحجم رغم احتياجي الدائم له ومنذ

صغري , جلسنا في المجلس مجددا وتبادلنا الأحاديث مطولا حتى نظرت

لوالدي وقلت " سأشتري لكم منزلا جديدا فاسأل زوجتك أين تريد أن يكون "

ضحك وقال " أبعد النساء عن الأمر فأعينهن واسعة ومنزلنا لا ضير

فيه لما تشتري غيره ؟ "

قال قيس من فوره " وما المانع من التجديد والترفيه ؟ لا تفسدوا

علينا بالله عليكم "

ضحكنا معا ثم شددت على يده وقلت " سترجع لدراستك يا قيس "

عبس وقال " وما دخل الدراسة الآن ؟ "

قلت بجدية " كل الدخل لها , وسأسعى جهدي لأخرج أحمد من السجن

وسيرجع لدراسته أيضا وستعملان معي باقي اليوم , لا نقاش في كل هذا "

هز رأسه بحسنا وقال " إذاً أريد ثيابا جديدة , كيف سأدخل الجامعة متشردا "

ضحكت وقال أبي بضيق " بدأنا في الطلبات التي لا تنتهي "

قلت من فوري " من راتبك ستشتري ما تريد وزيادة , غيره لن ترى

مليما لا مني ولا من والدي مفهوم "

تنهد بأسى وقال " أمري لله "

وقف والدي قائلا " هيا أمامي للمنزل فمن الغد ستداوم في الفصل الصيفي "

وقف وقال بضيق " ولماذا ؟ أمامنا أكثر من شهرين على بداية الفصل

لما أدرس من الآن ؟ "

أشار له بإصبعه على باب المجلس ناظرا له بحزم فتنهد بيأس وتمتم

مغادرا " كل هذا من أجل راتب ؟ أعانني الله عليكما "

وخرج أراقبه مبتسما وقد تبعه والدي فلحقته قبل أن يخرج وقلت

" إن احتجتم شيئا أخبرني فسأغضب إن لم تفعلها "

ربت على كتفي ولم يعلق وغادر مبتعدا فالتفتُّ لقصي الذي وصل عندي

ووقف بجانبي قائلا " فعلتُ ما طلبت مني وسيكون مراقبا من اليوم ولن

يقترب من شلته القديمة تلك "

أمسكت كتفه وقلت " شكرا يا قصي لا أعلم كيف أرد أفضالك "

قال ببعض الضيق " ما هذا الذي تقوله يا أواس ؟ نحن عائلة واحدة

فإن كنت تعتبرني غريبا فأنا اعتبرك شقيقي الذي لم أراه "

شددت على كتفه وقلت مبتسما " ونِعم الشقيق أنت يا قصي , فأخبرني

متى ستتزوج أم ستكملها عزوبية "

ضحك وقال " أَقسم لي الآن أن شقيقتي لم تخبرك كل شيء البارحة "

قلت مبتسما " يبدوا أنك لا تعرف شقيقتك يا قصي , فهل حكت لكم

شيئا عني منذ عرفتني ؟ "

هز رأسه بلا فقلت " وعنكم لن تتحدث أو لن تكون هي "

نظر للأرض وقال بهدوء " أريد خطبة شقيقة صديقك إياس "

قلت مبتسما " جيد .. تلك العائلة شرف لكل من يناسبها "

رفع نظره بي وقال مبتسما " المهم أن أكون أنا شرفا لهم ويقبلوا بي "

قلت باستغراب " ولما سيرفضونك ؟ أترك الموضوع لي وسأتحدث

مع إياس "

قال من فوره " ليس الآن يا أواس أجلها قليلا "

هززت رأسي بحسنا وقلت ناظرا للبناء الذي بدأ يرتفع عن الأرض شيئا

فشيئا " أرى أن تترك والدتك ومن معها في منزلي فمنزلك أصغر

منه وستتزوج فيه قريبا ولن ترتاحوا فيه "

قال من فوره " هن عائلتي يا أواس ولم أتضايق منهن يوما

ولن يكن إلا معي "

نظرت له وقلت مبتسما " ومن كان يقول للتو أنه يعتبرني شقيقه "

أبعد نظره عني وقال " وإن يكن فلن يكنَّ مع غيري "

قلت من فوري " إذا آخذ أنا منزلك وتبقون أنتم هنا فالمنزل كبير وبطابقين

ولا تعارض فهوا ما يزال بسم شقيقتك ولن أغير ملكيته وسيبقى لها "

قال بجدية " إذا أشتريه وإن بالتقسيط "

ضحكت وقلت " كما تريد , والمال سيكون لها إلا إن رفضت

هي بيعه لك "

قال مبتسما " اترك أمرها لي "

عدت بنظري للبناء وقلت " إذا أريد مخططه لأرى ما سأعدل فيه

ولآخذ رأي دُره أيضا وما تريد أن تضيف "

ربت على ظهري وقال " لقد اقترب وقت المغرب سنصلي ونستقبل

باقي ضيوفك ثم نتحدث عن أمر المنزل "









*~~***~~*









نزلت عتبات السلالم مسرعا وما أن وصلت للأسفل وقفت من فوري لأني كدت

أصطدم بالتي ظهرت أمامي فجئه في يدها كوب قهوة كبير تخرج منه الأبخرة

ونظرت لي باستغراب ولثيابي ثم قالت " إياس أين خارج الآن منتصف

الليل ومتأنق أيضا ؟ "

ضربت طرف جبيتها بمفتاح سيارتي وقلت مبتسما " وما علاقتك بي ؟

زوجتي أنتي أم زوجتي ؟ "

قالت بنصف عين " لست زوجتك لكني أعرف رقم هاتفها

وسأشي بك وويلك يا إياس "

ضحكت وقلت مغادرا من عندها " من قال لها تترك زوجها وحده ؟ فلتتحمل "

خرجت من المنزل وركبت سيارتي وانطلقت لوجهتي المحددة أغني طوال الطريق

سأتوقع منها أي شيء تلك المرأة المجنونة حتى أن أجدها غيّرت الغرفة وحسابي معها

سيكون عسيرا حينها , ابتسمت وأنا أتذكر ليلة البارحة , لقد كادت تصيبني بالجنون تلك

المشاغبة فهي إن أرادت الشيء تجعله أروع ما يكون وإن لم ترده لا تراه منها مهما حاولتْ

الآن فقط استطعت فهمك يا ترجمان ورؤيتك بالعين التي كانت تراك بها سدين وعلمت لما

كانت تحبك بجنون وتدافع عنك طوال الوقت بلسانها ودموعها , وكم حاولتْ إيصال هذا لي

وأنا أرفض سماع إلا ما أريد , وصلتُ المنزل ودخلت من الباب الجانبي بما أن مفتاحه

عندي فقد تركه لي خالي من سنوات من أجل الضرورة لأنه كان يعيش فيه وحيدا ويتغيب

عنه أحيانا لأسبوعين أو ثلاثة فآتي لتفقده من حين لآخر , توغلت في الحديقة حتى وصلت

شرفة غرفتها وقفزت منها ودفعت الباب ودخلت ووضعت يداي وسط جسدي فكما توقعت

الغرفة فارغة لكن التلفاز مفتوح فأين ستكون هذا الوقت ؟ انفتح باب الغرفة الذي يبدوا أنه

لم يكن مغلقا ودخلتْ منه تحمل في إحدى يديها طبق مليء بالفستق وفي الأخرى علبتي

عصير صغيرتان تمسكهما معا وفي فمها كيس بطاطا مملحة كبير وترتدي فستانا أقصر

من فستانها السابق .. هذه المشاغبة أين تريد أن تذهب بعقلي ؟ ضحكتُ عليها وتوجهت

نحوها وهي تغلق الباب بقدمها وما أن وصلت عندها أمسكت خصرها بيداي ورفعتها

للأعلى فصرخت ضاحكة ووقع الكيس من فمها وقالت بضحكة " أنزلني يا مجنون

ستوقع الطبق ويتناثر ما فيه في كل أنحاء الغرفة "

أنزلتها وأمسكت وجهها وقبلت شفتيها بقوة ثم تركتها قائلا " ظننتك هربت

مني وويل لك حينها "

توجهتْ للسرير الواسع الذي يحتل وسط الغرفة وجلست فوقه ورمت قارورتي

العصير وسطه ووضعت طبق الفستق قائلة " أحضر كيس البطاطا معك , يوجد

فيلم رائع لا أريد أن يفوتني باقي عرضه "

رفعته من الأرض وتوجهت نحوها ورميته عليها وأنا ألفّ حول السرير وجلست

في الجانب الآخر أكاد أكون ملاصقا بها يفصلنا طبق الفستق وهي عيناها على

التلفاز تغير المحطة ثم رمته وقالت " رائع انتهى الإعلان الآن "

نظرت للفيلم الذي بدأ يعرض وقلت وأنا أتكئ على مرفقي

" هل هوا فيلم جديد له ؟ "

هزت رأسها بنعم ونظرها على التلفاز فقلت " شاهدت آخر أفلامه

كان رائعا "

نظرت لي وقالت بحماس " أجل لقد شاهده أيضا ..... "

وبدأت تسرد أهم مشاهده وتمثل حركاته ضاحكة وأنا أضحك عليها ثم

رفعت حبة فستق وقالت ناظرة للتلفاز وهي تفتحها " شاهدته ثلاث

مرات والرابعة على الانترنت , كان قنبلة الموسم "

بقي نظري معلق بملامحها وانفعالاتها مع المشاهد وكأنها طفلة تشاهد التلفاز

وكلما قالت ( أنظر يا إياس كيف فعلها ) ضحكت وأجبتها فأنا شاهدته من يومين

فقط وأعلم ما حدث فيه , بينما كانت هي منسجمة معه ولم تنتبه حتى لأن نظري

لم يكن عليه بل عليها فهل هذا لشدة انسجامها أم تتعمد تجاهلي المحتالة ؟ لكن تبدوا

فعلا منسجمة ولا تعلم عن شيء حولها فحتى حبات الفستق تأخذها وتفتحها وتأكلها

دون أن تنظر لها , بعد قليل قالت وهي تفتح حبة منهم ونظرها على التلفاز

" زوج دُرر عاد , مؤكد تعلم "

قلت ونظري لم يفارق ملامحها الجميلة " نعم منذ أول أمس "

نظرت لي أخيرا وقالت بضيق " ولما لم تخبرني حين جئت ليلتها ؟ "

قلت مبتسما " وما العقل الذي تركته بي حينها ليخبر عن شيء أو يتذكره "

رمتني بقشرة الفستق وعادت بنظرها للتلفاز فرفعتُ غَرفة من قشورها وبدأت

ارميها بهم الواحدة تليها الأخرى فضحكت تحتمي عن ضرباتي بذراعها كي لا

يصاب وجهها ورفعت مجموعة منهم أيضا وبدأت ترميني بها وأصبحنا نتقاذف

القشور ضاحكين , ولو لم تكن غرفة خالي في الأعلى وفي الجانب الآخر لسمعنا

ونزل لنا , توالت عليها ضرباتي حتى رفعتِ الوسادة واحتمت بها تصرخ

ضاحكة " يكفي لقد هزمتني وأضعت عليا باقي الفيلم "

توقفت عن رميها بهم فعادت لجلستها السابقة وعادت عيناها للتعلق بالتلفاز

فرفعتُ الوسادة ورميتها على فخذيها اللذان انكشفا أكثر بسبب ارتفاع فستانها

القصير وقلت " لما لا تخفيهما عني كي لا أرتكب فيك جرما يعجبني "

رمتها بعيدا وأعادت ترتيب فستانها ونظرها لم يفارق التلفاز قائلة

" ولما لا تبعد نظرك عنهما لترتاح "

ضحكت وعبستْ هي قائلة " انتهى "

نظرت للشاشة حيث ارتفعت كتابة نهاية الفيلم ثم نظرت لها وقلت

مبتسما " سحقا يبدوا فآتني منه الكثير "

فتحت قارورة العصير وشربت منها قيلا ثم قالت وهي تغلقها

" سيعيدونه غدا فانتظره صباحا "

ثم رمتها على الأرض متدحرجة بعيدا ورفعت طبق الفستق ووضعته

على الطاولة بجانب السرير ونظرت لي وقالت مبتسمة بمشاكسة

" ما نوع عطرك هذا الذي تستخدمه ؟ "

قلت بابتسامة تشبه ابتسامتها " ولما تسألين ؟ "

اتكأت على السرير أيضا حيث كنت مقابلا لها متكئ بمرفقي على الوسادة

تحتي وتحركت قليلا حتى أصبحت ملتصقة بي وقالت وإصبعها يتحرك

على صدري ناظرة له " تعجبني رائحته "

ضممتها ضاحكا وقبلت شعرها عدة قبلات وقلت " محتالة , الآن

تذكرتني بعدما انتهى فيلمك "

ضحكت وهمست في أذني " لقد شاهدته بالأمس , وكنت أراك يا محتال مثلي "

ضحكت وأخرجت الساعة التي أحضرتها لها من جيبي وألبستها لها

وقبّلت معصمها وقلت " ما رأيك ؟ "

نظرت لها وقلّبت يدها في كل اتجاه ثم نظرت لي وقالت مبتسمة " جميلة

لكن سعتي أجمل ولن ألبسها "

ضحكت كثيرا وقلت " جامليني على الأقل يا حمقاء "

ضحكت وقالت " هل تريد أن أكذب عليك ؟ وهل ستصدقني إن قلت لك أنها

أجمل من الساعة التي أهدتها لي دُرر من ساعات محل زوجها ؟ "

ضحكت وعضضت خدها عضة خفيفة وقلت " بالطبع لن أصدق فساعات

محله كلها فاخرة لن أقدر عليها "

مسحت خدها تنظر لي بضيق وقالت " وهذه ثمن الساعة أم عقاب

على كلامي "

ضحكت مجددا ووزعت قبلاتي على وجهها ثم قلت ناظرا لعينيها

" هل أخبرك أحدهم قبلي أنك جميلة ؟ "

قالت مبتسمة وأصابعها تعبث بزر قميصي " من النساء تقصد أم الرجال ؟ "

قلت من فوري " من النساء كنت أعني لكنك فتحتِ على نفسك باباً سيئا "

ضحكت ونظرت لوجهي وقالت وأصابعها تداعب لحيتي الخفيفة

" من النساء كثر أما الرجال فواحد قبلك أنت "

نظرت لها بضيق وقلت " من يكون ؟ وويلك مني يا ترجمان "

ضحكت وقالت ويدها انتقلت من وجهي لعنقي " ألا تثق بي ؟ ثم ما كان

ماض لا تحاسبني عليه , هل حاسبتك أنا على ماضيك أو سألتك عنه ؟ "

قلت بجمود " من هوا ؟ "

ضحكت مجددا وقالت وقد وصلت أصابعها لقفا عنقي مزلزلة خلايا جسدي

بأكملها هذه العابثة الصغيرة " كان شابا في الجامعة جميع الفتيات تقريبا كن

معجبات به ولم أكن أطيقه فقالت إحداهن ( أنتي تتعمدين قول هذا لأنك تعلمين

أنه لن يلتفت لك ) فكبر الموضوع في دماغي وتحديتها وجعلته يعترف أمامها

بأني جميلة وأعجبه أيضا "

طوقت خصرها بذراعي مقربا لها لي أكثر وقبلت شفتيها قبلة صغيرة

وقلت " ثم ماذا حدث ؟ "

ضحكت ضحكة خفيفة وقالت هامسة محركة أنفها على خدي " لا شيء "

قلبتها وأصبحت فوقها وقلت ناظرا لعينيها " كيف جعلته يعجب بك ؟ تكلمي "

ضحكت وقالت وذراعيها تتعلقان بعنقي " لم أفعل شيئا , هوا قال أني أعجبته

من أول مرة رآني فيها في ملعب الكرة وأنه يعشق الفتاة الشجاعة

القوية المرحة وفقط "

قلت من فوري " وماذا حدث بعدها ؟ "

قالت مبتسمة تشد وجهي ناحيتها أكثر " أخبرته أنه لا يعجبني وأني تحديت

زميلتي فقط , وخرج من الجامعة بعدها لأنه كان في سنته الأخيرة "

قبلتها بعمق ثم قلت " قلتيها له هكذا بصراحة "

ضحكت وقالت " نعم فهوا مغرور معجب بنفسه كثيرا ولا يعجبني

وكانت الطريقة المثلى لأتخلص منه فهوا طلب أن نلتقي بعد نهاية

العام التي كانت قريبة , فجمع كرامته ورحل للأبد "

اقتربت من شفتيها مجددا فقالت " هناك أمر آخر إياس انتظر "

ابتعدت قليلا ونظرت لها فقالت " المزرعة "

قلت باستغراب " ما بها ؟ "

قالت من فورها " أريد أن نعيش فيها هناك , تعجبني أجوائها

وتعجبني أنت وأنت مزارع "

ضحكت وقبّلت ذقنها وقلت " أيهما أعجبك بصراحة ؟ "

ضحكت وشدتني لها وهمست في أذني " يعجبني إياس المزارع وأريد أن

ننجب فريق مزارعين صغار ينتشرون فيها كالفراشات كل صباح "

ضحكت وضممتها بقوة وقلت " كنت أجمع المال لأشتري من شقيقاتي

ووالدتي حصصهن وتكون لي فاتركيني آخذ رأي والدتي فالمكان

سيبعدها عن ابنتيها وعليها أن توافق أيضا "

ثم ابتعدت عنها وقلت ويدي تعبث بفستانها " هل انتهينا الآن ؟ "

قالت مبتسمة " وأريد أن أعمل في المصرف هناك "

لم اجبها بل أمطرتها بقبلاتي المتتالية فقد فهمت جوابي , وما هي إلا

لحظات وطرق أحدهم باب الغرفة فهمست بحنق " سحقا , ومن هذا أيضا "

قالت بهمس " لابد وأنها غدير فحين لا يأتيها النوم تأتي لي ونسهر معا

ولنتمنى أنه ليس خالك "

قلت بذات الهمس " ومن كان في المرة الماضية ؟ "

قالت مبتسمة " كانت هي سمعت حركتك في الخارج وخافت فأخبرتها

أنه قد يكون قطا "

تنفست بضيق وقلت " ولما لا تخبريها الآن أن القط معك وعليها أن تغادر "

ضحكت وقبلتني بعنقي ثم دفعتني عنها قائلة " غادر هيا لا أريد أن تراك هنا "

تنهدت باستسلام وابتعدت عنها مغادرا السرير حتى كنت عند الغرفة

فهمست منادية " إياس "

التفت لها فأرسلت لي قبلة بشفتيها وهمست مبتسمة " أحبك "

نظرت للأعلى وقلت بأسى " يا ليلتك الليلة يا إياس "

طرق الباب مجددا فعضضت شفتي بغيظ وقلت متراجعا للخلف

" قادم بعد غد ولن نفتح الباب لأحد مفهوم "

وخرجت من الشرفة كما أتيت وغادرت نصف محروم كالمرة الماضية

وبما أنه غدا يوم عملي وهي على علم بذلك فراجع لك يا ترجمان









*~~***~~*












ما أن خرج توجهت للباب وفتحت لها فدخلت قائلة ونظرها على الشرفة

" جئت على الوقت "


ضحكت وقلت " بل تأخرتِ خمس دقائق يا محتالة "

ضحكت وقالت ناظرة للغرفة " ما هذا ! البارحة حرب أزرار والليلة قشور ؟ "

ضحكت ودفعتها جهة الباب قائلة " هيا لغرفتك سوف أهزمك الليلة أيضا "

قالت سائرة أمامي " لقد تدربت طوال النهار ولن تقدري علي "

دخلنا غرفتها وجلست أمام التلفاز ممسكة يد اللعبة الالكترونية وقلت

" عليا أن أجبرك على النوم بعد المغرب يوميا لتسهري معي ليلا "

جلست بجانبي وأمسكت يد اللعبة الأخرى قائلة " في منامك , اليوم من أجل

مخططك فقط فعلتها غيره لا "

ثم قالت ونظرنا معلق بالشاشة " لما تفعلين به كل هذا يا مشاكسة ؟

يبدوا يحبك فعلا ومستعد لفعل أي شيء "

قلت مبتسمة ومركزة مع اللعب " ليعلم طعم الشيء الذي لا يناله بسهولة

أريده أن يتعب أن يجن أن يتهور ويتلذذ بطعم الأمر أكثر , هكذا أريده

وهكذا يعجبني , ولازالت هناك مفاجئة ستكون القاضية ما أن يأتي غدا

فأنا أفهم فيما يفكر المخادع "

قالت بهدوء " تفكيرك غريب لكنه منطقي "

قفزت صارخة في مكاني " ياااااي حصلت عليها قبلك وسأهزمك "

قالت ضاحكة " لا أعلم كيف سيصبح المنزل بعدك يا ترجمان فأنتي الحياة فيه "

قلت مبتسمة " ستنجب لك والدتك مخلوقا صغيرا تتسلي به طوال اليوم "

ضحكت وقالت " لا أعتقد أن عمك سيتركني حتى أتنفس فوقه وهوا

يخاف عليه هكذا من قبل أن يراه "

قلت ضاحكة " أتوقع أن يعلق سريره في السقف عاليا كي لا

تلمسه يد أحد وتجرثمه "

ضحكنا معا واستمررنا في اللعب والضحك








*~~***~~*










شد ورقة المخطط نحوه جالسان فوق السرير وقال

" لا دُرة هكذا مستحيل "

قلت بضيق ويداي وسط جسدي " ولما ؟ أنا أريده هكذا وأنت قلت

أعطني رأيك وما تريدين "

أشار بإصبعه على المربع وقال " هذا لا يمكن تغييره , المساحة هنا

لا تناسب "

أبعدت يده وقلت ممررة إصبعي على الخطين " نلغي هذه ونضمها له

وسينجح الأمر "

هز رأسه بلا قائلا " سيفسد منظر المنزل بأكمله هكذا "

أحسست بوخز قوي فوضعت يدي على بطني وانحنيت قليلا متألمة

فأمسك بي وقال بخوف " دُره ما بك حبيبتي ؟ حسنا نفعل ما تريدين "

ضحكت بتألم وقلت " هذا أمر يحدث معي دائما أواس "

ثم شددت المخطط منه وقلت " ولا تنسى أنك وافقت "

ضحك وقال " أمري لله , أحبك ما سأفعل مع قلبي ؟ "

ثم أمسك بذراعي وشدني نحوه لأنام براسي على صدره وقال

" لما لم تشتري شيئا لابننا حتى الآن ؟ فوالدتك تشتكي منك "

حوطت خصره بذراعاي وقلت بحزن " لم أستطع , حاولت كثيرا ولم

يطاوعني قلبي أن أخرج وأشتري أغراضه وأنت لست معي وكنت

فكرت أن أطلب من ترجمان وسراب أن يفعلا هما ذلك "

قال ماسحا على شعري " إذا أفهم أنه عليا أن أجد وقتا لنخرج ونلف

المحلات ؟ فذوقك أعرفه صعب جدا "

دفنت وجهي في صدره وقلت " وحتى متى لن تجد لنا وقتا , أريدك

معي لوقت أكبر حبيبي أرجوك "

قبّل رأسي وقال " وأنا أريد ذلك أكثر منك وأفكر في ترك الشرطة فغرضي

من دخولها من البداية تحقق وعليا أن أتفرغ لكما وللقادمين بعده "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه قائلة " لا أواس لا تترك عملك وأنت ترقيت

فيه , أريد أن تدافع عن حقوق الناس وتحميهم دائما "

مرر أصابعه في شعري قائلا بابتسامة " ما الذي سيرضيك أنتي ؟ حددي "

ضحكت وقلت " أريدك بجانبي وشرطيا تطبق القانون وفقط "

ضحك وقبّلني وقال " فهمتك ... وطبعا اسلم تجارتي لوالدي وشقيقك وشقيقاي

وأنا أراقب سير العمل فقط جالسا في مكتبي وأنتي وأبنائك ملتفون حولي "

ضحكت وضممته بقوة وقلت " ها أنت فهمتها بسرعة "

قال ماسحا على ظهري " أعرفك دائما تفكرين بغيرك وتضحين من

أجلهم فما تغير الآن تحولتِ لأنانية فجئه ؟ "

ابتعدت عنه وأمسكت وجهه بيداي وقلت ملصقة أنفي بأنفه " كل شيء

لوحده وأنت لوحدك , أنت لن أكون أنانية ناحيتك فقط بل ومتملكة

وأريدك لي وحدي وبجانبي دائما "

أمسك وجهي أيضا وقبّلني بعمق ثم ضمني لصدره قائلا

" وأنا لك وحدك اطمئني "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت بتردد " أواس هل أسألك عن أمر

وليس شرطا أن تجيب عنه "

مسح على طرف وجهي بكفه وقال " ابتعدي عن المأساة التي عشتها بعيدا

عنك لأني لا أريد التحدث عنها والباقي اسألي "

نظرت ليداي في حجري وقلت " وجد كانت متآمرة مع رجال جدي و...

أعني ما كان يحدث بينهم وأنت كنت تعلم وأخبرتني أنك لم تكن ..... "

وضاعت الحروف مني ولم أعرف ما أقول فمد أصابعه لذقني ورفع وجهي له

وقال بجدية " فهمت ما تعني يا دُره ولا تدعي للشيطان مسلكا بيننا حبيبتي

فأنا كنت صادقا حين قلت أني لم أكن أقربها أبدا "

فتحت فمي لأتحدث فقال من فوره " وضعت لي جرعة بسيطة من مخدرات
في العصير وغبت عما حولي وحين أفقت أخبرتني بما حدث بيننا وأنها نقلت لي

المرض وظهر في النهاية أنها خدعتني وأن الجرعة كانت زائدة وسببت لي

الإغماء التام ولم أقربها , هذا فقط حبيبتي فلا تشغلي بالك بالتفكير فيما مضى "

حضنته بقوة وقلت " حمدا لله أواس كدت أخسرك بسببها للأبد "









*~~***~~*









نظرت لهاتفي أمام وجهي نائمة على الأرض طبعا وعلى فراشي القديم الذي

نمت عليه هنا لأشهر وفي ذات الغرفة , تنهدت بأسى وانقلبت على ظهري

ونظرت للسقف أستمع لحركته في المنزل فهوا عاد منذ قليل من عمله وتناول

فطوره الذي وجده جاهزا وسينام الآن لوقت الظهر لأنه عاد متأخرا على غير

العادة سابقا حيث كان يرجع بعد الفجر بقليل , ولأني طبعا لازلت غبية وقلبي

غبي مثلي لم أستطع النوم وهوا لم يأتي , تنهدت تنهيدة جديدة طويلة حارقة

أشعر بها خرجت من أعماق قلبي , لما أنا وحدي من بيننا ثلاثتنا بقيت وحيدة

منبوذة مرمية في غرفة لوحدها وعليها أن تُنزل كرامتها وتدوس عليها إن

كانت تريد أن تكون بقربه ؟ حتى ترجمان رغم كل شيء يجري هما متفاهمان

ومتصافيان وعمها فقط الحائل بينهما وسيزول في أي وقت ووحدي من ستبقى

هنا وهكذا أبكي حظي وأبكي الماضي وما حدث لي فيه , أغمضت عيناي ببطء

وتذكرت تلك الأيام قبل أن أعلم بأوراق المحامي , حين كان يتحايل لاختطاف

القبلات الصغيرة مني واحمرار خداي خجلا منه ومن لمساته , كنا أنقياء حقا

وكانت أياما جميلة لم تدخلها أي شوائب رغم كل ما حدث قبلها , أما الآن فقد

بنينا حواجز كثيرة يرفض كل واحد تدميرها قبل الآخر , بل أراه تأخر كثيرا

ولم يعد يجدي فتح شي منها الآن , ارتجف جسدي بأكمله على صوت الرسالة

التي رنت بجانب أذني فرفعت هاتفي وفتحتها لأجلس بشهقة مصدومة ما أن

قرأت أحرفها جيدا


نهاية الفصل ...... موعدنا القادم الأحد إن شاء الله

حاولت أقدم التنزيل تحسبا لشوتات المنتدى لي


فيتامين سي 17-04-16 09:02 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع والخمسون)
 





الفصل الستون


المدخل : بقلم الغالية alilox


أحببتك منذ الصغر كنت أروع ماكتب لي هذا القدر كان حبك سري الصغير في صدري لازمني حتى الكبر ترانيم حبك تعاويذي التي حمتني وقت الخطر حبك كان دافعي لأنهض بعض سقوطي ثم أحارب ثم أنتصر ماضي أنت مستقبلي أنت يومي أنت أنت أنا أنت ماكنت أنتظر أجدد عهودي لكي كلما جدد أوراقه الشجر

سلمت يداك


**********


قفزت واقفة من فراشي ورفعته وخرجت به مسرعة حتى وصلت غرفته وفتحت

بابها دون حتى طرق ووقفت مكاني أنظر له بصدمة وهوا ببنطلون فقط عاري

الصدر ويبدوا كان يغير ثيابه فرفع قميصه القطني وقال مبتسما

" ما هذا الهجوم المباغت ؟ لو بكّرتي قليلا لوجدتني بلا ثياب "

اشتعل جسدي من حرارته وشعرت بخداي جمرة متقدة وغادرت من

عنده قائلة بضيق " وقح "

وعدت للغرفة وسحبت حقيبتي منها حتى وصلت بها لغرفته وأدخلتها فقال

ونظره يتبعني وأنا ألف بها خلف السرير " ما سر كل هذا ؟ هل قررتِ

أخيرا أن ترحميني وتنتقلي هنا ؟ "

قلت مغادرة مجددا " بل والدتي على وصول فارمي فراشي وفراشك

فوق الخزانة بسرعة بلا كثرة حديث "

وخرجت من هناك وعدت للغرفة أتفقد إن نسيت فيها شيئا , جيد أنها أرسلت

الرسالة ولم تأتي فجئه ودخلت عليا ووجدتني نائمة هنا , صحيح أنها تعلم بمشاكلنا

سابقا لكنها إن وجدت أن وضعنا هكذا فلن تسكت وستعاود اسطوانة السابقة بأن تأتي

للعيش معي في منزلي أو تأخذني معها , لابد وأنها خرجت من الفجر لتصل الآن فما

السبب يا ترى ؟ كم أخشى أن تكون تشاجرت مع زوجها بسببي وتركت له المنزل

خرجت من الغرفة مجددا فكان آسر واقفا عند باب غرفته مستندا بإطار بابها

ولازال بالبنطلون القصير فقط واضعا يديه في جيوبه فقلت متوجهة للحمام

" البس ثيابك أم تريد مقابلتها هكذا "

قال قبل أن أدخل " هل أنتي من طلب منها المجيء وأخذك معها ؟ "

وقفت عند الباب والتفت له وقلت " هل اتصلت بها وعلمت سبب قدومها ؟ "

هز رأسه بلا فقلت داخلة الحمام " وأنا لو كنت أعلم ما فاجأتني بمجيئها هكذا "

غسلت وجهي جيدا ومشطت شعري وأمسكته بمشبك شعر ورتبت بيجامتي الحريرية

فلا وقت لأفتح الحقيبة وأغير ثيابي , خرجت بعدها على صوت جرس الباب لأكتشف

حينها فقط أنه أصبح هناك جرس أيضا ! توجه آسر نحوه وفتحه ولازال ببنطلونه القصير

وقد ارتدى قميصه الداخلي فقط , هذا الوقح عديم الذوق ما ستقول والدتي عنا , سمعت

حديثهما وهوا يرحب بها ثم دخل يحمل حقيبة ملابس صغيرة مؤكد تخصها ودخلت هي

خلفه وقد ابتسمت ما أن رأتني فركضت نحوها وحضنتها بقوة قائلة " اشتقت لك أمي

زارتنا البركة , ما هذه المفاجأة الجميلة "

ضمتني بقوة وقالت ضاحكة " بل قولي مفاجئة ليست في وقتها "

ابتعدت عنها وقلت ناظرة لعينيها " ماذا حدث يا أمي ؟ هل تشاجرت معه ؟ "

قالت مبتسمة " ألا أزورك إلا مطرودة من هناك ؟ "

قلت بإحراج " لم أقصد لكني خفت أن تتشاجرا بسببي "

قالت بذات ابتسامتها " عمك جاء هنا لأعمال لديه وسيبقى ليومين فاقترحت

عليه أن آتي معه وأبقاهما معك ولم أشأ الاتصال بكما فجرا وأوقظكما

فتركتكما لتناما حتى أصل على الأقل "

أشرت لها جهة غرفة الضيوف وقلت " مرحبا بك متى ما ناسبك

تفضلي يا أمي "

تحركت وتبعتها وآسر بجانبي فوكزته بمرفقي وقلت من بين أسناني

" لما لا تلبس ثيابك كالعالم والخلق "

قرّب وجهه مني وهمس مبتسما " كي لا تشك بأمرنا , فلتضن أننا

نائمان في العسل "

وكزته مجددا ولم أعلق ودخلت خلفها قائلة " كيف هوا حال عمي ؟ "

جلست وقالت " بخير ويسلم عليك وقال أنه قد بكما وقت مغادرتنا لأنه

منشغل باستقبال وفد ولن يجد وقتا "

جلستُ أيضا فجلس آسر بجواري ولم أستطع منعه ولا الابتعاد طبعا

وقالت أمي مبتسمة " ما سر الأرجوحة وسط المنزل ؟ هل هناك شيء

في الطريق ولا نعلم عنه ؟ "

شعرت بحرارتي ارتفعت لأعلى مستوياتها وضحك الجالس بجانبي ولم

يعلق فقلت بإحراج " أمي أنا هنا منذ يومين فقط , هل هي نبتة ؟ "

ضحكت وقالت " قد يكون شيئا من بعيد فأنتما كنتما زوجين على كل حال "

وقفت من فوري وقلت " سأعد لنا فطورا , لابد وأنك لم تتناولي شيئا "

وخرجت من قبل أن تعلق بشيء , لا أعلم ما بها عليا هكذا ولم تخجل حتى من

ابن شقيقتها ! سخنت الشاي وبدأت بإعداد الأطباق لحظة وقوف آسر أمام باب

المطبخ وقال " والدتك قالت أنها تناولت وجبتين واحدة في منزلها والأخرى

في الطريق فلا تتعبي نفسك "

أوليته ظهري ولم أتحدث فقال بصوت مبتسم " هي كانت تمزح

فقط لما الغضب هكذا ؟ "

كتفت يداي لصدري وقلت بضيق " آسر اذهب حالا وارتدي ثيابا تليق بمن

استقبلتها في منزلك أو قسما أشعلتها مشكلة معك الآن وأمامها "

قال مغادرا " حاضر فقط لا تغضبي فوق غضبك علي "

تنفست بضيق وتمتمت " لا أعلم لما لا ينام وهوا لم ينم من

فجر يوم أمس ؟ أجل علمت لينكد عليا طبعا "

عدت للغرفة وبدأت أمي في أسئلتها عن حالي ووضعي هنا فأجبتها أن أمورنا جيدة

فلأحتفظ بهمومي لنفسي , بعد قليل عاد آسر وقد ارتدى بنطلونا رياضيا وقميص

قطني وجلس بجواري مجددا فتنهدت بضيق وقلت " آسفون أمي على الوضع الذي

وجدتنا فيه فآسر عاد من عمله للتو وهوا كان هناك من فجر أمس وكان سينام "

نظرت له حينها وقالت " وما يبقيك مستيقظا بني ؟ هيا قم نم وارتاح أنا لست

غريبة وباقية ليومين وسنرى بعضنا كثيرا "

قال من فوره " لا أشعر بالنعاس , لما تطردانني هكذا ؟ ما ستقولان بعدي ؟ "

نظرت له بصدمة وضحكت أمي وقالت " لن نقول عنك إلا كل خير

فقف هيا وارتاح في غرفتك "

مال جهتي وهمس في أذني قائلا " طردة مقبولة منك "

لم أعلق ولم أتحرك من مكاني ففاجئني بأن قبّل خدي سريعا ووقف

وقال مغادرا الغرفة " أراكما فيما بعد "

وخرج وأغلق الباب فتنفست بضيق وقالت أمي مبتسمة " أرى أحوالكما

جيدة بالفعل , حمدا لله لقد كنت خائفة عليك فعلا يا سراب "

قلت بابتسامة مزيفة " لا تشغلي بالك يا أمي , أخبرتك أن أموري

جيدة وعلى ما يرام "

صدّقت طبعا وسُعدت بالأمر وأمضينا الوقت بعدها معا لم أشعر بمروره

أبدا وقد أعددنا الغداء ولم أرى آسر إلا خارجا من غرفته للحمام عند أذان

الظهر وما أن غادر هوا حتى دخلت وأخرجت ثيابا ألبسها وحجتي أمام

والدتي أني لا أريد أن أدخل وأوقظه من نومه









*~~***~~*










فتحت لها الباب وما أن دخلت حتى شددتها من يدها وتوجهت بها لمجلس

الرجال وأغلقته خلفنا بالمفتاح كي لا يدخل أحد علينا ولا أن تلحظ أمي

قدومها من الآن , جلستُ وأجلستها وقلت بهمس " وأين ندى ؟ "

نظرت للأرض وقالت بصوت منخفض " ذهبت معه لمنزل عائلته فاليوم

يجتمع إخوته جميعهم ووالدهم ليتناولوا الغداء معا , ورفضت النزول "

قلت ببرود " أرأيتِ الجنية ؟ باعتنا ببسام "

تنهدت بحزن ولم تتحدث فقلت بجدية " قولي الآن ما بك وما سر المناحة

التي فتحتها لي في الهاتف ؟ وإياك أن تبكي وتلحظ والدتي "

بدأت بسرد ما حدث معها وطبعا كل دمعة تلحقها الأخرى فتوجهت لعلبة

المحارم ووضعتها في حجرها وقلت " امسحي دموعك فورا , إن لاحظتْ

أمي شيئا لن تسكت أبدا وستخبر إياس فلا تنسي أن زوجك مهدد منه

ومن خالي ومن والده أيضا "

أخرجت مجموعة محارم ومسحت عينيها وأنفها وقالت بحزن " حتى أوصلني

هنا وهوا يوصيني طوال الطريق أن أتريث ولا أخبركم , واعتذر كثيرا

لكنها عظيمة يا سدين , كيف تهور هكذا ولم يحسب حساب شيء ؟ "

تنهدت وقلت " جيد أنك لم تخبري أحداً ولم تخرجي من منزلك يا رغد فأنتي

تحملتِ سابقا حتى ضرب وإهانات مصطفى ولم تتحدثي لتأتي وتفعليها الآن "

مسحت عينيها بالمناديل مجددا وقالت " أردت أن أراك وأحكي لك

وأن أخرج من المنزل أيضا , أشعر باختناق فضيع هناك "

قلت من فوري " وما ستفعلين الآن ؟ "

نظرت لي وقالت " لا أعلم أريد أن تنصحيني أنتي يا سدين , لا أريد

أن أتهور في شيء أندم عليه فيما بعد , ويصعب عليا مسامحته "

تنهدت وقلت " معك حق فعلتهما كانت ستجلب كارثة وقد تصرفا بغباء

لكنه أمر مضى لا يمكن إصلاحه الآن يا رغد وحمدا لله أنه

لم يتسببا لك بفضيحة "

قالت باستغراب " ما تعنيه بهذا يا سدين ! هل أحسب أن شيء

لم يكن فقط لأنه لم يحدث شيء ؟ "

قلت بجدية " وإن تحدثتِ وأحدثتِ بلبلة وشوشرة بما ستستفيدين غير أن تثور

ثائرة إياس وخالي وعمي ويتلقى بسام عقابا على شيء فات ومضى وليس أمرا

مستمر في فعله لنقول سيتوقف عنه , ثم لا تنسي أن وضعك ما يزال حساسا في

عائلة عمي ولن تتحمل والدته ونورس شيئا في ابنهم وسيضعون اللوم عليك ولا

تستبعدي أنها قد تحذوا حذو والدة مصطفى سابقا حين بدأت تلف بين الناس وتنهش

في لحمك بالكذب والافتراء , والناس قد تقف مع المرأة في الأولى وتعذرها

لكن إن تكررت مع زوج آخر سيضعون اللوم عليها "

قالت بحزن " والحل إذا ؟ "

قلت بذات جديتي " عاقبيه بينك وبينه كي لا يعاود فعلته ويتهور في أي أمر آخر

وليعلم قبلها أن النتيجة بأنك لن تغفري له بسهولة فيفكر ألف مرة قبل أن يُقدم على

عمل آخر متهور , رغم أنه وخالد ذاك يحتاجان لمن يؤدبهما جيدا وسجن معتبر

من خالي وإياس على جنونهما , لكن ذلك سيضرك أنتي ولن ينفع الندم حين

سترجعين لنا مطلقة من جديد وبطفل آخر غير ندى "

تنهدت بأسى وقالت ناظرة للأرض " وأخشى أن يفكر أني سأسكت

دائما ولن أخبر أحد "

قلت من فوري " رغد توقفي عن مقارنة الجميع ببعض , هل تري بسام سيئ

طباع وهوا من لو بيده أن رفعك من على الأرض كي لا تمشي عليها ؟ "

مسحت دمعتها من قبل أن تنزل وقالت بحزن " وهذا ما يكسر ظهري وقلبي

أني لم أرى منه شيئا ولم أسمع منه ولا نصف كلمة سيئة لا معي ولا مع ابنتي "

قلت مبتسمة " إذا استمري في حدادك عليه ولا تبادليه ولا الكلام ولا ترضي

عنه بمجرد أن يسمعك كلمتين فأنا أعرفك حساسة وقلبك ضعيف "

تنهدت وقالت " كم أشعر بالراحة الآن بعدما تحدثت معك يا سدين وكنت قد

أتهور وأفعل أي شيء فكلما فكرت في عواقب ما فعلاه لو أن الأمر انتشر

وعلمت به الناس شعرت بعقلي فقد صوابه وقد أفعل أي شيء "

وقفت قائلة " جيدا فعلتي واتركي الأمر بينكما وسوف يجن جنونه من مجرد

برودك معه فأعطيه على رأسه حتى تؤدبيه ولا تضعفي حتى يترجاك

ملايين المرات لتغفري له وأنه لن يعيدها "

ثم توجهت نحوها وسحبتها من يدها موقفة لها وقلت " هيا أغسلي

وجهك ولا تجعلي والدتي تلاحظ شيئا "

دخلتْ الردهة الملحقة بالمجلس حيث المغسلة وبه حمام أيضا وما أن خرجت

تنشف وجهها فتحت باب المجلس وقلت " اخرجي واقرعي جرس الباب

لأفتح لك وكأنك قادمة للتو , بسرعة فغدائي احترق بسببك "

ابتسمت بحزن وقالت " شكرا يا سدين , كنت أحتاج فعلا للتحدث

معك ولم يخب ظني بك "

دفعتها جهة الباب قائلة بضحكة " تحركي قبل أن يدخل علينا أحد أصدقاء

شقيقك وستكون على رأسينا الاثنين , وأزيلي قناع الحزن هذا فوالدتي

عيناها كالنسر ستفهمك من النظر لعينيك "

خرجت ضاحكة وعدت أنا للداخل وتوجهت للمطبخ فورا أتفقد أو أنقد ما

يمكن إنقاذه حتى سمعت جرس الباب وتجاهلته تماما وسمعت بعد قليل

ترحيب والدتي بها , لو تعلم أنها دخلت وخرجت دون علما لخنقتني أنا

طبعا لأنها ككل مرة وفي أي شيء يحدث تضع اللوم علي









*~~***~~*










نظرتُ مبتسما لإياس الواقف فوق رأسي وإصبعه تتحرك على النسر فوق كتفي
وقال مخاطبا محمود الواقف أمامي " أريد أن أفهم يا محمود كيف من نجمتين

ترقى لنسر ونجمة وقفزوا النسر فقط ؟ هذا غش ويجب محاكمة الوزير عليه "

ضحك وأبعد له يده وقال " يستحقها , فهل كشفت أنت خلية كاملة كانت تريد

بلبلة البلاد سياسيا , وعملت على ذلك أربع سنوات متلاحقة "

ضحك وضربني على كتفي وقال " مبارك للمرة الألف سيادة المقدم أواس

سالم مجدي ورفقا بنا لأنه علمت من خالي أنه سيكون المكتب في آخر

الرواق الغربي لك يا رئيس المركز الجديد "

ثم وضع يديه وسط جسده وقال بضيق مصطنع " وهذه غشوا فيها

أيضا فرئيسنا كان عقيدا "

وقفت وقلت " وأنا رئيسي عقيد حتى الآن ولا تنسى أنه كان رئيسا لجميع

الوحدات في العاصمة وأنا لن أكون إلا رئيسا لهذا المركز فقط "

لكمني على كتفي وقال " ولن يكون دوامك إلا صباحا ويوميا وارتحت

من عناء البقاء هنا ليوم وليلة , ما هذا الحظ الذي لديك يا رجل "

ضحك محمود وقال " غادر لمنزلك يا أواس قبل أن يقتلك بعينه "

ثم ضربه على ظهره وقال " لما لا تكون كصديقكما آسر وقف معه

طوال الصباح في الساحة وحظر احتفال الترقية وغادر "

دفعه عنه وقال " اسمحوا لي بالمغادرة أيضا ولن أضايقكم "

ضحكت ورفعت قبعتي ولبستها وقلت " سأغادر أنا وابق أنت طبعا "

قال مبتسما " بالتأكيد ولا تنسى أن أول مخالفة ستوقعها ستكون مغادرتي

الليلة قبل الصباح من أجل أموري العالقة كما اتفقنا "

ضحكت وقلت " موافق لعلك فقط تفعل شيئا يثمر ولا تضيع الفرصة "

ثم صافحتهما شاكرا لهما وغادرت المركز عائدا للمنزل فاليوم أول يوم دوام لي

وكان حفل ترقيتي الذي حضره والدي وشقيقي وقصي وأصدقائي وكان الوزير

بنفسه من علّق لي النسر والنجمة في كتفي مع مجموعة من ضباط في المخابرات

قاموا على إنجاح العملية وثلاث رجال من الشرطة ساعدوني على امتداد العامين

الماضيين وبسرية تامة عن الجميع , ولولا طلب القطعة من قلبي هناك كنت سأعاود

طلب الاستقالة وأتفرغ لعائلتي وتجارتي , كان اليوم بالفعل يوما تاريخيا في حياتي

ولولا وجود كل من كانوا حولي ومن افتقدتهم لأعوام ما كان طعمه هكذا وما شعرت

بطعم ترقيتي كما حدث سابقا فقد ترقيت آخر مرة في حفل جماعي لنا وكنا وقتها عشر

ضباط وكنت حينها وحيدا لا أحد معي لا أب لا أخ لا عم ولا قريب , لكن اليوم كان

الأمر مختلفا تماما فحين نادوا باسمي وصعدت المنصة وعلق لي الوزير النسر والنجمة

وسلموني وسام الشجاعة نظرت من فوري لوالدي وشقيقي وشقيق زوجتي وأنا أرى

الفرح والفخر في أعينهم وقد صعد والدي لي هناك وضمني له بفخر وأمسك الوسام

يلتقطون لنا الصور معا , الصور التي ستظهر في الصحف وكاميرات التلفاز المنتشرة

هناك ستعرض كل ذلك , اليوم فقط شعرت أني أنجزت وأني كبرت وأني أصبحت

رجلا وأني شرطي بالفعل , اليوم احتجت لوالدتي فعلا لأن أرى دموع الفرح في عينيها

لأن يغمرني حضنها الدافئ الحنون مهنئة لي وفخورة بما صرت عليه , ولأن الله وهبني

عوضا عنها قلبا يشبه قلب الأم في كل شيء فما أن انتهت مراسيم التسليم والاحتفال بعده

ومأدبة الغذاء ها أنا طار بي قلبي قبل سيارتي لها , كنت أريد زيارة عمتي قبلها لكن

لم أستطع فحتى خرجت فجرا وهي توصيني أن آتيهم ما أن أغادر من هناك وأنها

لن تنام حتى آتي وما كنت أعلم أن مراسم الاحتفال ستتأخر هكذا , نزلت من السيارة

أُغلق زر السترة التي تحولت من اللون الأزرق الغامق للأسود بعد ترقيتي وفتحت

باب المنزل بهدوء ليصلني صوتها قائلة بضيق " تحدث الآن يا قصي كيف تأتي

منذ حوالي الساعتين وهوا ليس معك ؟ "

دخلت ولم أغلق الباب وكان هوا أول من قابلني جالسا وهي مقابلة له تعطيني

ظهرها تمسك وسطها بيديها ووالدتها واقفة بجانبها فأشرت له بإصبعي أن يسكت

وقالت والدتها " استهدي بالله يا دُرر , قال لك أنه لم يستطع ترك أصدقائه

خلال مأدبة الغداء التي أعدت لهم وسيأتي "

قالت بنبرة بدأ يشوبها البكاء ممسكة عبرتها ونظرها لازال على الجالس أمامها

" لما هاتف أواس مغلق ؟ تكلم ولا تخفوا عني شيئا قبل أن أخرّ لكم ميتة "

ابتسمت وضحك قصي الذي لم يعد يستطيع تمثيل الأمر فالتفتتا لي فورا قبل أن

أصل عندهم وشهقت هي ناظرة لبذلتي ولونها الذي تغير ففتحت لها ذراعاي

فتوجهت نحوي من فورها وارتمت في حضني باكية تضم خصري بذراعيها

بقوة فقبلت رأسها وقلت ماسحا على ظهرها " ألم أخبرك أني سأكون هنا

ما أن أغادر من هناك ؟ لما تتعبين شقيقك هكذا "

ضمتني أكثر تدفن وجهها في صدري وقالت بعبرة " لأنك تأخرت ولم تجب

على اتصالاتي , بت أخشى أن تختفي مجددا فما سينقدني من الجنون حينها

مبارك لك يا أواس كم أنا فخورة بك وكم وددت أن كنت هناك معكم "

ضممتها أكثر ناظرا بابتسامة لقصي الذي قال ضاحكا " كان عليك المباركة

له قبلها يا أمي فلن تتركه لك الآن "

ضحكتُ وتعلقت هي بي أكثر وقالت " أخبره يصمت عني حالا "

ضحكت مجددا وقلت ماسحا على شعرها " سنفسد له خطبته القريبة عقابا له "

شهق هوا بقوة على ضحكتنا وقد ابتعدت عني تمسح دموعها وحضنتني

والدتها قائلة " مبارك لك بني , أنت فخر للوطن بأكمله وليس لنا فقط "

مسحت على ظهرها قائلا " باركك الله يا خالة وفخركم بي يكفيني ويزيد "

" أين هوا ؟ "

التفت حيث الصوت وكانت جدتهما قادمة تساعدها ابنتها لتسير بخطوات

أسرع ووصلتا عندنا وأمسكت يدي بقوة وقالت " مبارك لك يا أواس , أقرّ

الله عينك برؤية نبيه وأسكنك جنته "

قبلت رأسها وقلت " باركك الله يا جدة وحفظك لنا وأطال في عمرك "

باركت لي خالتهم أيضا وجلسنا جميعنا وقالت الجدة ناظرة لثيابي

" وما هذه الترقية ؟ ما الذي أعطوه لك وزادوه فيك ؟ "

ضحكنا جميعنا وقال قصي " وكيف تباركين له على شيء لا تعرفيه جدتي ؟ "

لوحت بيدها بلا مبالاة وقالت دُرر الجالسة بجانبي مشيرة لثيابي " انظري

جدتي لقد تغيرت بذلته للون الأسود وعلقوا له نسرا ونجمة على كتفه

بدلا عن النجمتين وقد أصبح نقيبا "

نظرت لثيابي وكتفي وقالت " هذا فقط ؟ كنت صبغت بذلتك بالأسود

من وقت وعلّقت عليها وحدك عشر نسور "

ضحكنا جميعنا وقلت ويدي ممسكة بقوة بيد الجالسة بجانبي

" لن تُجدي دون ترقية خطية يا جدتي وإن وضعت عليه نسرا حقيقيا "

قالت والدة دُرر " قف هيا بني نم وارتاح ولتنام الجالسة بجانبك مداومة

من الفجر بلا نوم , ولا تخجل منا وتجاملنا فنحن عائلة واحدة "

قلت مبتسما " لا عليك يا خالة لست متعبا كثيرا لكنت صعدت من نفسي "

وقفت بعدها ووضعت هاتفي في جيبي فوقفت التي لازالت يدها تمسك

بيدي وقالت ناظره لي " أين يا أواس ؟ فأنت لم تنم وترتاح "

قبّلت يدها وقلت " عليا الذهاب لعمتي فهي تنتظرني مثلك "

ثم مسحت على خدها بظهر أصابعي وقلت " ونامي أنتي لتستقبلي شقيقتاك

فيما بعد , وأنا لم يعد لدي شيء وسأنام حتى أشبع "








*~~***~~*








بعد إصرار منها غسلنا الأطباق معا بعدما تناولنا الغداء وجلسنا بعدها في

الخارج على أحاديثنا التي لا تنتهي وكيف ستنتهي ونحن لم نرى بعضا عشرون

عاما , نظرتُ لباب الغرفة المغلق وتذكرت ما حدث وقت الغداء وهوا جالس

هنا بجواري , حين أمسك يدي وقبلها قال " ما رأيك بطبخ ابنتك خالتي ؟

إنها ماهرة أليس كذلك "

استللت يدي منه وقالت والدتي ضاحكة " تذوقته سابقا فقد بقيت لديها

أسبوع في منزلها , ويبدوا أن تلك العجوز علمتهن أشياء مفيدة أيضا "

قلت بعبوس " تتوهمين يا أمي فدُرر من علمتني الطبخ لأنها كانت تطهوا

مع جارة لنا تبيع الطعام للناس وتعطيها أجرا على ذلك أما ترجمان

فقد رفضت أن تتعلم "

قالت مبتسمة بحزن " كم عانيتن صغيرات وكم تعبت دُرر المسكينة "

نظرت ليداي على الطاولة وقلت " نعم وكم منّ الله عليها أن أعاد

لها زوجها سالما "

قالت بحنان " الله لا ينسى عباده يا سراب ولا يفعل لنا إلا الخير "

هززت رأسي بنعم دون كلام فقال آسر " لما لا تذهبي مع سراب اليوم

لأنها تريد زيارة شقيقتها , فهي لم تذهب لها "

وكزته بمرفقي وقلت من بين أسناني " لما لا تصمت قليلا "

أمسك ضلوعه وقال بتألم مصطنع " آه خالتي ابنتك اليوم كسرت

لي ضلوعي من كثرة ما تضربها بمرفقها "

نظرت له بصدمة وضحكتْ والدتي وقالت " أكون سعيدة بذلك بني

لأبارك لها ولعائلتها "

نظر لي بنصف عين وقال " هل رأيتِ فعلت الصواب للمرة

الألف في حياتي "

فنظرت له وقلت بضيق " وأنا أقول أين ذهبت الثقة مختفية

عن البشر ؟ وهي مختبئة لديك "

ضحكا معا على اشتعالي طبعا , فلم أعد أفهم تمثيلك من حقيقتك يا آسر

وصدقت ترجمان حين قالت عن زوجها ( لن أصدقه حتى تسقط جمع

أقنعته ويظهر وجهه الحقيقي ) فكيف ينسى كل ما فعل بي ويريد أن

أنسى بسهولة وكأن شيء لم يكن

" سراب !! "

نظرت لها أمامي فقالت مبتسمة " أُكلمك من وقت وأنتي هائمة جهة

ما اختفى زوجك "

نظرت للطاولة تحتي وقلت " كنت أفكر في دُرر وترجمان "

قالت بذات ابتسامتها " اذهبي واستعجليه إذا فالعصر قد اقترب وقته

لنرجع قبل المغرب , وأنا سأغير ثيابي "

ووقفت وغادرت من فورها ونظري يتبعها ثم تنهدت بأسى ووقفت وتوجهت

لغرفته وطرقت بابها طرقات خفيفة كي لا تسمعها والدتي فهوا طبعا بعدما تناول

الغداء دخل الغرفة ليكمل نومه وينام لساعتين قبل العصر ومنذ قليل سمعنا منبه

ساعته يرن يعني أنه سيكون مستيقظا الآن , فتح الباب وطبعا كان ببنطلون فقط

كعادته حين ينام وكأنه ينقصني اشتعال , نظرت للأرض متكئه على حافة الباب

وقلت بصوت خافت وهذا ما قدرت عليه " سنجهز أنفسنا لتأخذنا الآن "

خرجت منه ضحكة خفيفة وقال وهوا يبرم خصلة من شعري بين

أصابعه " لم أسمعك أعيدي "

سحبت شعري منه وقلت مغادرة جهة غرفة الضيوف " تحرك لتوصلنا

أنتم الرجال لا ينفع معكم سوا الأوامر الصارمة "









*~~***~~*










طرقت باب غرفتها وفتحته وأدخلت رأسي ونظرت لها وقلت

" أمي ألم تجهزي بعد ؟ إياس على وصول وتعلمي أنه يوم

عمله ولن ينتظرنا كثيرا "

رفعت حقيبة يدها الصغيرة وقالت متوجهة نحوي " قادمة كنت

أتحدث مع رغد بالهاتف "

سرتُ خلفها قائلة باستغراب " ولما وهي كانت معك قبل قليل ! "

قالت متابعة سيرها جهة باب المنزل " بالي ليس مطمئنا وشكلها لم

يعجبني اليوم وأخشى أنها كعادتها سابقا تعاني وتخفي ذلك عنا "

ثم التفتت لي وقالت ويداها وسط جسدها " قولي أنتي ما بها ؟ لابد

وأنها أخبرتك "

قلت بصدمة " أنا .... ؟ لا , أعني وما ستخبرني به "

نظرت لي بشك فقلت " هي متعبة من وحمها تذكرين جيدا كم

تعبت في ندى "

قالت بحيرة " لكنها قالت أنه ليس كوحمها بندى أبدا ولم يتعبها كثيرا "

رفعت كتفاي وقلت بلامبالاة " كم من أناس لا يصبحون كما أمسوا , ثم

بسام يعاملها كملكة وهي تمدح فيه كثيرا "

قالت مبتسمة " نعم بارك الله فيه من رجل "

تنهدت بأسى ونظرت جانبا , لا أعلم لما كل من تحبهم أمي وتدافع عنهم وترى

أنهم لا مثيل لهم يُظهرون العكس ؟ من مصطفى لأمين لبسام الآن , وزوج سلسبيل

الذي لم توافق عليه بادئ الأمر هوا من أثمر فيهم , هذا يعني أنه إن خطبني أحدهم

وهلّلت به والدتي واستبشرت فسأجهز نفسي لمستقبل واعد معه , انفتح الباب ودخل

منه إياس بلباس الشرطة وقال " هل أنتما جاهزتان ؟ لا أريد أن أتأخر "

خرجت أمي وخرجت خلفها قائلة " أجزم أنكم تقضون نصف الوقت

خارج مركز الشرطة يا حماة الوطن "

فتح باب سيارته وقال ضاحكا " وأين سنذهب برأيك كل ذاك الوقت ؟ "

فتحت الباب الخلفي وركبت وقلت وأنا أغلقه خلفي " تطاردون الفتيات

في الشوارع والأسواق طبعا .. وويلك من ترجمان "

ضحكا معا وقالت أمي ونحن ننطلق خارجين من سور المنزل

" أعانك الله عليها حتى يأتي من يخلصك من لسانها "

قلت بضيق " أمييي "

ضحك وقال " أقسم أنه سيأخذ قلبي من مكانه وهوا يخرجها من هنا "

صفقت وقلت " نعم عاش إياس شقيقي الحبيب "

قالت أمي ببرود " يريد منك شيئا بالتأكيد "

ضحكنا معا وقلت " بدأت الغيرة , هذا ولم تخرج ترجمان في

الشاشة بعد يا والدة إياس فقط "

ضحك إياس وقالت هي ناظرة له " وماذا بشأنكما بني ؟ أتركني

أتحدث مع خالك ومعها هذه المرة "

أمسك يدها وقبلها وقال " لا تكلفي نفسك يا أمي فخالي سيرفض ككل

مرة , وهي ستكون في منزلك خلال أيام قليلة فقط اطمئني "

ضحكتُ وقلت " يبدوا ستنفذ خطتي وتختطفها من شرفة غرفتها

وتهرب بها "

ضحك وقال " كانت خطة مذهلة تحتاج لبعض التعديلات فقط لتقفز

هي من الشرفة وتهرب "

قلت باستغراب " كيف ؟؟ "

ضحك ولم يعلق فاقتربت منه وهمست في أذنه جهة باب السيارة

" لهذا تخرج ليلا ؟ ماذا تخطط له تكلم ؟ "

أبعد وجهي بيده وأوقف السيارة أمام منزلهم وقال " أخرجي منها

أنتي ولا تتحدثي أمامها بشيء "

قالت والدتي " ماذا حدث ؟ فيما تتهامسان ؟ "

قال وهوا يخرج هاتفه " لا شيء ابنتك أصبحت هذه الأيام تشعر

بالفراغ كثيرا وتدقق على ما يعنيها ولا يعنيها "

ضربته على كتفه على صوت ضحكته ثم اتصل بأحدهم وفتحوا لنا الباب فنزلنا

معا , هذه أول مرة أزور منزل صديقه هذا فحين تزوج كان الحفل في صالة

أفراح , وقد جئنا اليوم من أجل دُرر لأني تعرفت عليها سابقا في أكثر من لقاء

ووالدتي أرادت المجيء من أجل والدتها وجدتها ومن أجل ترجمان فهي تعدها

شقيقتها وأخبرتني أنها ستأتي اليوم , اجتزنا بوابة السور الواسعة وسرنا مسافة

قبل أن يظهر لنا المنزل ومنزلا آخر يبنونه مقابلا له بمسافة فقلت ونظري

حيث البناء الذي انتشر فيه العمال " أنظري أمي ؟ لمن يبنون هذا المنزل ؟ "

نظرت ناحيته وقالت " قد يكون لعائلتها , ما شأننا نحن ؟ "

وتابعت سيرها وأنا أتبعها ونظري لازال هناك ثم شهقت بقوة حين رأيت

ذاك الشاب أخضر العينين يرمي حبلا لأحد العمال في الأعلى فقلت

بصدمة " المريخي هنا !! "

التفتت لي أمي حيث كنت واقفة مكاني أنظر له ولم ينتبه لي وقالت بضيق

" أي مريخي يا حمقاء ؟ هذا كله مما تشاهدونه في التلفاز عنهم "

بقيت مكاني أنظر له بصدمة ولبنطلونه الجينز الملطخ بالأتربة ولا يرتدي معه

سوا القميص الداخلي بدون أكمام يمسح العرق عن جبينه , وانتبه لي حينها لتقع

عيني في عينه , عامل بناء !! هل هوا عامل بناء أم مهندس مشرف عليهم ؟ لا لن

يكون مهندسا بهذه الهيئة , استفقت لنفسي وقد ابتسم لي وأشار على طرف جبينه

بإصبعيه في تحية فشهقت دون شعور مني على ضحكته الخفيفة وسحب والدتي لي

من يدي قائلة " تحركي فضحتنا مع الناس , ماذا إن رآك أحد منهم وعينيك

ستخرجان في العمال "

وسحبتني معها منساقة ومشدوهة الفكر والنظر الذي لازال عالقا في

الخلف رغم اختفائه عنا وقلت بهمس " المريخي عامل بناء !! "

قرصتني في خصري بقوة ألمتني وقالت بهمس " لا بارك الله في عقلك

المعكوس , توقفي عن قول الحماقات فزوج دُرر هناك مع نسيبه "

نظرت جهة باب المجلس وكان صديق إياس زوجها مقابلا لنا ويقف

آخر مقابلا له يعطينا ظهره وهوا شقيق دُرر بالتأكيد

توجهنا لباب المنزل من فورنا وقد فتحته لنا إحدى الخادمات دون أن نطرق

الباب فكيف علموا بقدومنا !! دخلنا للدخل وكانت والدة دُرر وجدتها وخالتها

معا ومعهن والدة سراب فسلمنا عليهن ثم توجهتُ حيث الثلاث المختطفات

سابقا زوجات الضباط الآن وأنا مستغربة من سلام والدة دُرر الحار لي فما

قصتها فليست أول مرة أراها فيها ؟؟ وصلت عندهن وسلمت عليهن وجلست

وقلت مبتسمة " ترجمان ألن تغاري من شقيقتاك وترجعي لزوجك "

ضحكت وقالت " لا طبعا وورائهما حتى تحذوان حذوي "

نظرت لها دُرر وقد شهقت بصدمة فضحكنا عليها ثلاثتنا وقالت سراب

" لا يتوقف قلبك فلن يبعدك أحد عن سيادة المقدم "

قالت مبتسمة " ولا أنا سأرضى بها وقدمي على قدمه أينما يبتعد هذه المرة "

ضحكنا عليها ومضى الوقت بين ضحك وأحاديث وقد غبت بنظري للأرض ودهني

مع من رأيته في الخارج قبل قليل , حين زارني في المركز كان متأنقا وملابسه

تبدوا فاخرة فما سر عمله هذا ؟ يبدوا أنه كل ما يخرج به من مال هنا يصرفه على

ثيابه وعطره ليخدع الفتيات , هززت رأسي بلا بقوة فهوا لا يبدوا عليه من ذاك

النوع , رفعت رأسي على ضحكهن ناظرات لي فقلت بضيق " ما يضحككن ؟ "

قالت ترجمان طبعا سليطة اللسان " كنا نرى دماغك من تحت شعرك كيف

يحاول أن يعمل بدون أي نتيجة ومن وقت "

نظرت لها بغيظ فقالت دُرر مبتسمة " من أخذ عقلك كل هذا الوقت ؟

ونكلمك ولا تسمعيننا "

قالت ترجمان بنصف عين " هل قابلتِ مريخي آخر "

تنهدت بأسى وقلت " بل هوا مريخي واحد لا غيره وسأصاب بالجنون

إن لم أفهم ما يفعل مع عمالكم وثيابه متسخة "

نظرن لي باستغراب ثم همست دُرر لترجمان شيئا في أذنها فنظرتْ لها

بصدمة وقالت " قولي قسما ! "

ضحكت ولم تعلق فقلت ويداي وسط جسدي " ما الذي تتهامسان فيه ؟ "

قالت ترجمان بابتسامة شامتة " أخبرتني أن عمالهم جميعهم ليسوا من هذه

البلاد , فمن سيوافق على مريخيك ذاك ؟ ففوق أنه عامل ليس من هنا "

قلت بصدمة " لكنه يتحدث بلهجتنا !! "

ضحكت وقالت " يعيش هنا من أعوام بالتأكيد واللهجات متقاربة جدا "

نظرت لهما بعبوس وحزن وقلت بأسى " لا يا إلهي , لكنه عرفني

وحيّاني وابتسم لي أيضا "

انفجرن ضاحكات فرفعت الوسادة ورميتها على ترجان قائلة

" كله بسببك جعلتهما يضحكان علي "

أشارت لدُرر وقالت ضاحكة " هي من فعلتها وأخبرتني عنهم وليس أنا "

نظرت لها وقلت بضيق " لو لم تكوني حاملا الآن لعرفت كيف أنتقم منك "

قالت مبتسمة " ما رأيك أن تزيحي ذاك العامل المريخي من رأسك

ولدي لك عريس غيره "

تنهدت بحزن وقلت " مستحيل ... كيف أُخرجه من رأسي وهوا تربع فيه

ولم يفهمني رجل من قبل مثله ولم يراني أحد كما رآني هوا , هذا

مريخي أتعلمي معنى أنه لا أحد مثله على الأرض "

وقفت والدتي قريب منا وقالت " هيا تحركي وتوقفي عن الحديث عن

الفضائيين أمام الحامل "

وقفت وقلت ببرود " والدتي تضن أني أتخيل بسبب التلفاز "

وضحكنا معا وسلمت عليهن وغادرنا لأننا لم نبقى أكثر من ساعة ونصف

تقريبا فوالدتي قالت أنهم غُرب عنا لا يجوز أن نبقى معهم كثيرا , غادرنا

المنزل ونظري هناك عند ذاك المبنى لكني لم أراه وشعرت بإحباط جديد

فوق إحباطي فما هذا الحظ الذي لدي








*~~***~~*









غادرت تلك الفتاة الجميلة سدين ووالدتها فنظرت لهما وقلت " ما سر ما

يجري ؟ فأنا أعرفكما وأفهمكما فثمة شيء ورائكما "

ضحكت دُرر وقالت " أتعلمي من يكون مريخيها ذاك ؟ "

قلت بفضول " من ؟ "

قال مبتسمة " قصي شقيقي "

شهقت بصدمة وقالت ترجمان ضاحكة " وسنتركها في جهلها طبعا

لتفاجئ به فهوا ينوي خطبتها قريبا "

ضحكت وقلت " مسكينة وقعت تحت رحمتكما فلما كذبتِ عليها بشأنه ؟ "

قالت ترجمان ضاحكة " فرصة للانتقام منها وجاءتني "

قالت دُرر ناظرة لها " وماذا إن رفضت شقيقي بسببه "

قالت مبتسمة " لا تخافي شقيقها من سيكمل باقي المهمة فاتركيها عليا أنا "

نظرت لها باستغراب وقلت " شقيقها !! أعيدي فلم أسمع "

وضعت يدها على فمها وقال ضاحكة " لم أقل شيئا "

قلت بنصف عين " كنت متأكدة أنه ثمة ما ورائك يا ترجمان , اعترفي هيا "

قالت مبتسمة " لا مفر أمامي فقد وقعت , لقد زارني الليلتين الماضيتين

من وراء عمي "

نظرت لها بصدمة لا تقل عن صدمة دُرر وقلت " زارك ليلا تعني ... !! "

حركت يدها وقالت " لا لم يحدث شيء مما في بالك "

قالت دُرر باستغراب " وما فعلتما إذا ؟ أحصيتما النجوم "

ضحكت كثيرا وقالت " بل شاهدنا فيلما و.... "

ثم ضحكت مجددا وقالت غامزة بعينها " الرجال كم هم حمقى

قبلة تأخذهم للقمر ويلبون ما تريدين "

نظرنا لها بصدمة وقلت " مجنونة وأي شيء متوقع منك "

نظرت لي وقالت بضيق " أنتي المجنونة والغبية أيضا فبيدك أن تلعبي بعقله

بشيء لن يأخذ منك وقتا ولن يحتاج سوا لجنون وجرئه صغيرين "

هززت رأسي وقلت " مجنونة بالتأكيد , لن أفعلها ولا على قطع عنقي "

قالت بابتسامة جانبية " نعم اضحكي علينا وسنراك بعد مدة ماذا تفعلين "

ثم نظرت لدُرر بنصف عين وقالت " اسألي من جربت قبلك , هذا

لو لم تنكر طبعا "

شهقت دُرر بصدمة وقالت " وقحة , ما هذا الذي تقولينه ؟ "

ضحكت وقالت " أنكري وأقسمي لي الآن أنه لا يحدث منه شيء

وسأصدقك فورا "

وقفت دُرر من فورها وقالت " من تريد رؤية ما جلبه قصي من أجل

غرفة ابني لتتبعني والتي ستبقى لن أصعد معها مجددا "

وقفتُ ووقفت ترجمان وهمست لي " لتعلمي فقط أنه معي حق يا غبية "

وكزتها وقلت ببرود ونحن نصعد خلف دُرر " وضعي ليس كوضعكما

فاتركيني وشأني "

قالت ببرود كبرودي " أنا نصحتك وأنتي حُرة "

تابعت صعودي متجاهلة لكل ما قالت , حمقاء تظن الجميع مجانين مثلها , أو

أن زوجها كزوجي فذاك أرضاها وراضاها واعتذر منها وفعل الكثير لترضى

عنه لكن أنا يا حسرتي حتى فترة بقائي في منزل عمها لم يفكر أن يتحدث معي

وكل كلامه كان مع عمها فقط ومتأكدة أنه كان معترضا على بقائي في منزل

رجل غريب ليس إلا , وصلنا الغرفة وأمضينا وقتا طويلا نشاهد الأشياء الكثيرة

والجميلة التي أحضرها ومن ماله أيضا , قالت ترجمان وهي تتلمس القماش

القطني لإحدى القطع على فخذها " كم أنتي محضوضة به يا سدين

تلك الحرباء الملونة من قال أنها ستتزوج واحدا مثله "

ضحكنا معا وقلت " ظننتك ستقولين كم أنتي محضوضة به يا دُرر وليست

عينك تحسد سدين على شيء لم يصبح لها بعد "

طوت قطعة الثياب ووضعتها فوق الأخريات وقالت مبتسمة " دُرر لديها

زوج تحسدها عليه طيور السماء أما الشقيق حظ زوجته فقط "

هززت رأسي وقلت مبتسمة " إن حدث لشقيقك وزوجك شيء يا دُرر

فلن يبرد قلبك إلا دم ترجمان "

وضحكنا معا ونزلنا بعدها وانضممنا للكبيرات في السن وبدلا من أن نغادر

وقت المغرب بقينا للعشاء بإصرار منهم جميعهم بعدما لم يتغلبوا على سدين

ووالدتها اللتان تحججتا بعمل ابنهم وأنه قد لا يجد وقتا ليأتي لأخذهم فيما بعد

أما نحن فلم تسمح دُرر ولا والدتها بأن نغادر , وزوجها أيضا أمسك آسر على

العشاء أما ترجمان فلازالت حتى الآن ملكة عصرها فقد اتصلت بعمها كي لا

يأتيها الآن وقال لها أن تتصل به متى ما أرادت العودة للمنزل

بعد العشاء بوقت غادرنا من عندهم وما أن وصلنا المنزل ودخلنا قالت والدتي

" أنا أشعر بأن النعاس سيوقعني أرضا وحالكما لن يكون أفضل مني

فلغرفتكما فورا وتصبحان على خير "

نظرت لها بصدمة تداركتها سريعا وقلت " وأنتي تنامين وحدك وعلى

الأرض ؟ لا لن أسمح بذلك وسننام معا "

قال آسر " ناما في الغرفة وأنا سأنام في غرفة الضيوف "

قالت أمي من فورها " بل ستنامان معا "

كنت سأعترض فقالت بحزم " سراب كيف هكذا تتركين زوجك وهوا

موجود ؟ لما أنا كنت أنام مع زوجي وأتركك وأنتي معي هناك ؟

تحركي بلا نقاش "

قلت بتذمر " أريد أن ننام معا ونتحدث فسأحتاج لوقت طويل لأراك بعده "

قالت من فورها " وأنا قلت بأني سأنام وبما أنه لديك طاقة للسهر والحديث

فاقضيها مع زوجك , تصبحان على خير "

ودخلت الغرفة وقالت وهي تغلق بابها خلفها " أحضري لي فراشا ولحافا "

انتظرتها حتى أغلقت الباب ثم نظرتُ للواقف بجانبي بضيق فرفع يديه

وقال مبتسما " لا دخل لي هي من أصرت أمامك "

قلت بضيق " لما لم تصر عليها وتقسم لها ؟ هل يرضيك أن

تنام على الأرض ؟ "

وضع يديه في جيوبه وقال ببرود " وأنتي غاضبة لأنها ستنام على

الأرض أم لأنك ستنامين معي ؟ "

تركته وتوجهت جهة غرفة النوم قائلة بحنق " كل واحدة منهما

أسوء من الأخرى "

ودخلت وبدأت بالقفز محاولة إنزال الفراش من فوق الخزانة وبلا نتيجة فدخل

ومد يده وأنزله فأخذته منه واستللت اللحاف الحريري من فوق السرير وخرجت

بهما ودخلت الغرفة بعدما طرقت بابها فكانت قد غيرت ثيابها فوضعتهما وقلت

" أمي اتركيه هوا ينام هنا , أنتي لستِ معتادة على النوم على الأرض "

سحبت الفراش وقالت وهي تضعه وسط الغرفة " لا تقلقي بشأني ولا أعتقد

أنه هوا معتاد على النوم على الأرض أيضا , فغادري لزوجك ولا

تغضبيني منك يا سراب "

مددت شفتاي بعبوس ثم خرجت من عندها وتوجهت للمطبخ وأحضرت

لها قارورة ماء شرب وكوب كي لا تضطر للخروج ليلا وغادرت من عندها

متوجهة لغرفته ولا خيار آخر أمامي , لم أتمنى أن هذا المنزل بثلاث غرف

كالآن فحتى حين بقت معي ترجان سابقا ما كنت متخوفة ورافضة فكرة النوم

معه كالليلة , دخلت الغرفة وكان هوا جالسا يضبط منبهه ونظره عليه فتوجهت

لحقيبتي من فوري فتحتها وأخرجت منها بيجامة حريرية وخرجت من هناك

ودخلت الحمام , غيرت ثيابي وغسلت أسناني ثم خرجت وعدت لمصيري

المحتوم , دخلت الغرفة فكان لازال جالسا على السرير قدميه على الأرض

وهذه المرة منشغل بشيء ما في هاتفه فأغلقت الباب ووقفت عليه وقلت

" أنزل لي الفراش الآخر من الأعلى "

رفع رأسه ونظر لي بصمت للحظة ثم قال " ولما ؟ "

قلت من فوري " لأنام عليه طبعا "

هز رأسه بلا فقلت بضيق " آسر تحرك أو لن أنام "

قال بهدوء ونظره مركز علي عيناي " وإن لم تنامي أنتي معي هنا

فلن أنام عليه وسأنام جالسا على الأرض "

لم أعرف ما أقول وشعرت بأنه حاصرني في زاوية ضيقة , كان عقلي يقول

ابقي على قرارك ولينم على الأرض أو في الشارع ولا تهتمي به لكن لا لساني

استطاع قولها ولا قدماي تحركتا ولا قلبي الغبي رضي بالطبع , تنفست

بقوة وقلت " ونومنا على السرير معا لن يغير شيئا فينا يا آسر "

نظر لشاشة هاتفه مجددا وقال " مررنا بكل ما مررنا به ولم يجمعنا معا

يا سراب , وأنا أخبرتك سابقا أني لن أرغمك على شيء لا تريدينه "

أحمق وكاذب يعلم جيدا أن لمساته الوقحة تلك تؤثر بي وسيحصل على ما

يريد , ركزت نظري على ملامحه التي يحيط بها ضوء شاشة الهاتف الكبيرة

وقد سرقت عيناي , لما لا يحبني كما أحبه ؟ لما لا يشعر بي كما أشعر به ؟

لما ظلمني وفعل بي ما فعل , تحركت شفتاي ببطء وقلت بأسى أمسك

عبرتي " لماذا لا تحبني يا آسر ولا تشعر بي ؟ "

فرفع حينها نظره بي بسرعة وصدمة









*~~***~~*









نظرت لها لوقت بصدمة ثم قلت " لا أشعر بك ! لا أحبك ! "

مسحت دمعة تمردت على رموشها وقالت " نعم وتعلم جيدا بمشاعري

نحوك , وكلما رأيت ضعفي أمامك أكثر كلما قسوت عليا أكثر "

وقفت ورميت الهاتف جانبا وتوجهت نحوها وأبعدت يدها عن وجهها

وقلت ناظرا لعينيها " من عقلك تقولين هذا الكلام يا سراب ؟ من قلبك

تشعرين بهذا من جهتي ؟ "

أشاحت بوجهها جانبا وقالت بحزن " تصرفاتك قالت وكلامك وبرودك

وتجاهلك , كل هذا كان كافيا وزيادة , لقد ظلمني الحب حقا ولم أعرف

أنه جائر هكذا حين يأخذ منك الكثير ولا يمنحك شيئا "

شددتها من ذراعها وخبأتها في حضني وضممتها بقوة وقلت

" غبية وحمقاء كيف تفكرين هكذا كيف ؟ "

قالت بعبرة " أخبرتك أن تصرفاتك قالت , ولا أريد أن تسايرني وتشفق عليا

يا آسر ولا أن أكون في حياتك زوجة فرضها الواجب عليك لأنه لا مكان

لها تذهب له فاتركني وأطلق سراحي وعش أنت حياتك مع من تريد "

ضممتها بقوة أكبر وكأني أعاقبها بهذا على كل ما قالت , وكأني أقول لها

تألمي لتعي معنى فظاعة ما تفكرين فيه , كنت أزيد من قبضي على جسدها

النحيل بين ذراعاي حتى قالت بتألم " آسر أنت تؤلمني "

شددتها أكثر وقلت من بين أسناني " تألمي أكثر وأكثر كي لا تعيديها مجددا "

حاولت الابتعاد عني فتركتها مراقبا لملامحها وهي منزلة وجهها للأسفل تمسح

دموعها فأمسكت يدها مجددا وقبلت باطن كفها قبلة طويلة وهي على حالها تنظر

للأرض ثم مددت أصابعي لذقنها ورفعت وجهها حتى التقت عينانا وقلت بهدوء

" منذ طفولتي يا سراب ومنذ أن وجدت نفسي وحيدا في هذه الحياة واقف في

الشارع أمام باب منزلنا ولم أعرف أين سأذهب ولا ما سأفعل طفل في العاشرة

لا يملك شيئا ولا أحدا بعدما خسر والدته وكان مصيره سيكون الشارع والسرقة

والتسول مدى الحياة ليتحول في شبابه لخريج سجون بالتأكيد , وتحركت حينها من

مكاني ولست أعلم أين سأذهب ودموعي على خداي , لست أعلم أبكي والدتي التي

دفنوها الناس ورحلوا جميعهم أم أبكي نفسي وضياعي ووحدتي بعدها , وما أن

وصلت رأس الشارع حتى سمعت صوت رجل ناداني فالتفت له سريعا فلم يكون

سوا العم صابر جارنا الذي لم يحضر الدفن ولم يعلم بوفاتها إلا ذاك الوقت لأنه

يقضي في عمله نصف النهار كاملا , وحين كرر النداء باسمي ركضت نحوه ولن

تعلمي ما عنى لي ظهوره يومها , كان بصيص النور في نهاية النفق المظلم ومنذ

ذاك الوقت عشت حياتي معهم قد يراها أي شخص حياة طبيعية ومحظوظ بها لكني

كنت أشعر دائما أني غريب عنهم أني أفعل كل شيء ليرضوا عني ولا يخرجوني

من منزلهم وحياتهم , وعاش آسر الطفل وكبر على فكرة واحدة أني لو كنت مجرما

لو انحرفت ما كانوا قبلوا بي باقي السنين , لكانوا طردوني في أي وقت عكس الشاب

الذي يعيش مع عائلته التي لن تتبرأ منه مهما كان والأم وشقيقات اللاتي سيحببنه

مهما كان سيكون , فكنت كل نجاح أتوجه في حياتي وفي دراستي وعملي أراه

ثمنا لبقائي معهم رغم يقيني بحبهم لي وتقديري لما فعلوه من أجلي لكنه ليس

كحب الابن مهما كان "

مررت أصابعي على خدها وهي لازالت منتبهة لما أقول وتابعت " كنت أنتظر

أن أتزوج وأنجب أبناء وأكوّن عائلة أرى في أعينهم حبهم لي كما أنا , أن تكون

لي زوجة تحبني لأني آسر وليس لأني فعلت لها وفعلت لغيرها , أريد أبناء

يحبوني لأني والدهم هذا فقط يا سراب وما كنت أتخيل يوما أني سأبوح به

لأحد لا أنتي ولا غيرك "

قالت بابتسامة حزينة ساخرة " لكنهم يعلمون يا آسر , يعلمون بكل هذا "

نظرت لها بصدمة ولم أعلق فتابعت " عمتي سعاد حاولت مرة شرح الأمر

لي كما قلتَه الآن لكني لم أفهمه جيدا كما شرحته أنت "

أبعدت يدي عن وجهها ونظرت للأسفل فقالت " لكنك لم تعذرني يا آسر لم

تفكر أني مثلك في صغري أثّرت بي ظروفي , فقسوت عليا وظلمتني "

رفعت نظري بها مجددا وقلت " أردتك أن تتخلصي من ذلك يا سراب

أن تعلمي أن المال نقمة ونقمة سيئة جدا "

تدحرجت دمعتها وقالت بعبرة " لكنك قسوت عليا فوق استطاعتي , جرحتني

كثيرا حتى اليوم واللحظة ولا تريد أن تعترف إلا بأنه معك حق وأنك

لست مخطئ بما فعلت وأني وحدي المذنبة في حق نفسي "

قلت من فوري " أردت أن تحبيني أنا يا سراب , أن لا تأخذك ظنونك بي وأن

لا تحبي آسر الذي فعل كل ما فعل لصالح غيره , وسعدتُ أن ما أردته حدث حقا "

أولتني ظهرها وقالت ماسحة عينيها " غبي وأحمق , هل تضن أني يوم أحببتك

أحببتك لما تفعل وفعلت ؟ فمن يكره شخصا لا يمكن لشيء أن يجعله يحبه

وإن فرش له الأرض ورودا "

رفعت رأسي للأعلى مبتسما ثم نظرت لها وتقدمت خطوتين نحوها وضممت

ظهرها لصدري بقوة وانحنيت لخدها وقبّلته وقلت مشددا لاحتضاني لها

" آسف يا سراب , آسف وآسف وألف مرة آسف على كل ما جرحتك به "

ابتعدت عني وقابلتني وقالت بحرقة " على ماذا يا آسر وماذا "

أمسكت وجهها وقلت بهمس " على كل شيء يا قلب آسر وأقسم لن يتكرر "

بدأت بلكم صدري بقبضتها قائلة ببكاء " أحمق ومغفل ومعتوه "

ابتسمت وقربت وجهها ووضعت أنفي على أنفها وقلت بهمس " أحبك "

قالت ولازالت ضرباتها تتوالى على صدري " أحمق ... أحمق "

فقلت بهمس " آسف "

لكن ضرباتها ودموعها لم يتوقفا ولازلت أكرر بهمس تاركا لها المجال

لضربي كيف تشاء " أحبك يا سراب أحبك "








*~~***~~*










ما أن كانت الثانية عشرة ونصف بعد منتصف الليل غادرت المركز كما

اتفقت وأواس وتوجهت لمنزل خالي فورا فلن أخرج الليلة إلا بها من هناك

وإن حملتها وقفز بها من الشرفة , ولأنها طبعا لا تعلم بقدومي الليلة ولا

تتوقعه فهي لن تخطط لتعكير ما نحن فيه كليلة البارحة فلم أصدق للآن أنها

كانت مجرد مصادفة , وصلت شرفة غرفتها وقفزت بخفة ثم دفعت الباب

ووقفت مكاني مصدوما أنظر للجالس على سريرها مقابلا لي متكئ

بمرفقيه على ركبتيه ناظرا لي بجمود



نهاية الفصل ...... موعدنا القادم مساء الأربعاء إن شاء الله

فيتامين سي 20-04-16 09:05 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الستون)
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسعد الله مسائكم جميعا أحبتي متابعي روايتي من كل مكان وقطر , ومن كان

لي عظيم الشرف بمعرفتكم مهما بعدت بيننا المسافات قلوبنا واحدة محبة

لدي رجاء لكل من يقرأ رواياتي كل من يتابع قلمي المتواضع أن لا يتم تجريح

المشرفات بأي طريقة كانت , الجميع يعلم أين يجدني ويتواصل معي فمن كان

له أي انتقاد أو حتى تجريح صريح فليكتبه لي حيث يمكنني الرد عليه لكن أسلوب

رمي الحجارة من خلف الجدران فهذا أنا أرقى من أن أحسب له حساب وأمر

طبيعي إنه أي شخص سيوجه انتقاده لي حيث يتم نقل رواياتي أن ترد المشرفة

نيابة عني فرجاء أخواتي جميع من يتابع الرواية أنا في النهاية بشر أخطئ فمن

له أي رأي يسبب إزعاجا لأخواتي الغاليات لامارا وفيتامين سي فليتوجه به لي

حيث يجدني ووقتها من حقه كقارئ أن ينتقدني ويبين نقاط الضعف وأخطائي

وأنا من واجبي ككاتبة للرواية أن أرد عليه بما لا يسبب التجريح لكلينا لكن أن

يرميني بكلماته من حيث لا يصل له ردي فأعتذر عن الإجابة والتوضيح ورجاء

ثالث وأخير لا تجرحوا المشرفات الغاليات بكلماتكم فقد أتحمل التجريح في نفس

لكن فيهما لا فجميلهما فوق رأسي دائما وقدموا لي هناك ما أعجز عن شرحه ولا

تكفيني الكلمات وليس من حق أحد أن يؤذي من كرستا جهدهما ووقتهما لنقل كل

ما هوا جميل ومميز لكم , الروايات تنقل جميعها غير مكتملة فمن له رأي أو

كلام فليوجهه للكاتبة حيث يجدها وحيث يمكنها الرد عليه

أشكر من كل قلبي كل من قال كلمة طيبة صادقة في حقي , كانت أحرفكم فخرا

لي ووساما يُعلق في قلبي للأبد من أخوات عرفت معهم معنى الرقي الأخلاقي

وأشكر أكثر أختاي الغاليتين فيتامين سي ولامارا من لا نصادف في الحياة أمثالهم

كل يوم شكرا على كل كلمة قيلت في حقي وكل دعوة لي ولبلادي وأسأل الله أن

يعم أمنه وأمانه جميع أقطار بلداننا الإسلامية وأن يصب غضبه على أعداء الدين

ويرينا فيهم أبشع مما رأينا بسببهم , وأعتذر إن كان في كلامي تجريح لأي أحد

ولست أحمل في قلبي مثقال ذرة على أي شخص لكن المشرفات خط أحمر بيننا

فأنا كاتبة الرواية أما هما فمجرد جسر بيننا ويتعبان ويجتهدان بدون مقابل فلا

يستحقا سوا كل احترام وتقدير , وأعتذر على الإطالة وأخذي من وقتكم ودمتم

في حفظ الله ورعايته ..... أختكم برد المشاعر


الفصل الحادي والستون


بقينا نتبادل النظرات التي لا تشبه بعضها أبدا فبقدر ما كانت نظراتي له تحكي

الصدمة بل والورطة العظمى هوا كان ينظر لي بجمود أقرب للبرود حتى قال

" ماذا تفعل هنا يا ابن شقيقتي وفي هذا الوقت ؟ "

نظرت فورا للباب الذي انفتح ودخلت منه ترجمان وأغلقته واتكأت عليه ونظرت

لي وعضت شفتها تنظر لخالي وكأنها تخبرني أنهه اكتشف الأمر من نفسه وأنها

تورطت قبلي , قال عندما طال صمتي " أتدخل من شرفات الغرف لمنزل فيه

ثلاث نساء اثنان منهن لا يحللن لك "

قلت من فوري " دخلت لغرفة زوجتي فقط ولم ترى أي منهما

شبح وجهي ولم أرى ضفرهما "

وقف على طوله وقال بسخرية " ومن يراك يا ذكي من الذي سيخبره إلى أين

تدخل ؟ وتعلم أنه ثمة فتاة هنا والدها وأعمامها على قيد الحياة لو علم أي

منهم بدخول رجل ليلا لمنزلي سيضرونها ووالدتها "

قلت بجدية " لن يفكروا حتى في الاقتراب منها وهي تحت عينك

وأنت تعلم ذلك جيدا "

قال بحدة " رائع أتحفتني حقا يا بطل "

أبعدت نظري عنه وزفرت بضيق ولم أعلق فأشار بإصبعه على

الطاولة وقال " وقع هذه فورا "

نظرت للورقة فوقها ثم له وقلت " أوقع ماذا ؟ "

أشار لها مجددا وقال بحزم ناظرا لي " ورقة طلاقها طبعا ولا

أراك هنا مجددا "

قلت بصدمة " ماذا !! طلاقها "

قال من فوره " نعم وأمامي الآن أو قسما رأيت مني ما تعلمه جيدا "

شعرت بالدماء تفور في رأسي وقلت بغضب " لا هذه لن يحلم بها أحد "

صرخ بغضب أكبر " وأرني كيف ستتحداني وما ستفعل وسأريك ما أقدر عليه "

قلت بضيق " تفصلني من عملي , تنكرني وتحرمني من رؤيتك ولن تعترف

بي , كلها قاسية ومدمرة لكن طلاقها أسوء بالنسبة لي "

أشار للورقة مجددا وقال " كل ذلك هين أمام ما ستراه إن لم توقع الآن "

نظرت للواقفة هناك لم يبدر منها أي رد فعل وكأنها تعلم بما ينوي ولم تناقشه

أبدا ثم قلت " إن طلبت هي ذلك أفعلها وغيره لا ولا على قطع عنقي "

نظرت لي بصدمة والتفت هوا لها وقال بحزم " انطقيها هيا وبسرعة "

نظرت لي من فورها فنظرت لها بجمود وجدية وكأني أخبرها أن كل شيء الآن

بيدها فهي يمكنها الخروج معي من هنا فورا وخالي سيرضى إن عاجلا أو آجلا

وهي تعلم ذلك جيدا أو ستكون السبب في فراقنا الأبدي ولن تلومني حينها لأن

الأمرين بيدها وهي تعلم هذا جيدا , نظرت للأرض وقالت بشبه همس

بالكاد سمعته " وقعها "

فماتت جميع حواس وعلقت نظراتي المصدومة بوجهها , هل بعتني بسهولة

هكذا يا ترجمان !! في لحظة قررتْ هذا القرار المصيري وكأنها تقول لي عمي

أهم ووجوده بجانبي أفضل ولا أستطيع اختيارك عليه !! تحركت جهة الطاولة

بخطوات ثقيلة بالكاد تحملني وأجرّها جرا حتى وصلت للورقة ووقعتها دون أدنى

تفكير ولا تراجع لأن أي لحظة تردد سأهين فيها نفسي أكثر وسأترجاهما وهذه لن

أفعلها أبدا , وقعت الورقة وأشعر أني وقّعت على نهاية سعادتي على مشنقتي لكن

غضبي منها وقتها كان كفيلا بأن يدمر كل شعور آخر , ما أن وضعت القلم التفت

من فوري مغادرا من حيث أتيت ولم أضف حرفا ولم يتحدث أي منهما , وما أن

وصلت باب الشرفة حتى أوقفني صوت خالي قائلا " انتظر "

وقفت مكاني والتفت له نصف التفات متجنبا النظر للواقفة هناك من أصبحت

من اللحظة شيء لا يخصني وليس لي , قال من فوره " مفتاح الباب "

أدخلت يدي في جيبي وأخرجته وعلقته له في باب الشرفة كي لا أرجع للخف ولا

أراها ثم خرجت من هناك كما دخلت , لا ليس كما دخلت من قال أنهما متشابهان

وصلت الباب الذي دخلت منه محاولا أن لا أفكر في شيء مما حدث وكأن عقلي

يقول لي تصور أن شيء لم يكن ولم يحدث , حركت قفل الباب مرارا وتكرارا

وبلا فائدة لأكتشف أني أغلقته وقت دخولي وها أنا سجين سور المنزل ولا

يمكنني الخروج منه , لكمت الباب الحديدي مرارا وتكرارا وكأني أفرغ فيه

غضبي من كل ما حدث ثم جلست مستندا عليه فلا خروج لي من

هنا قبل الصباح بالتأكيد

*~~***~~*

بعدما أفرغت كل ما بها بلكمها لصدري حتى آلمته بشدة اتكأت عليه بجبينها

ممسكة قميصي بقبضتيها وانهارت باكية فضممتها لحضني بقوة وقلت

" كان كل واحد منا ينتظر الآخر يا سراب وما كان ذاك سيجدي وعلى

أحدنا أن يتنازل ويشرح ويوضح "

دفنت وجهها في صدري وقالت بعبرة " كنت تعلم كل ما في داخلي لك

ومن قبل أن أخرج من هذا المنزل , أنت من كان يجب أن يوضح وأنا

من كنت أحتاج توضيحك "

ضممتها أكثر وقلت مبتسما " وها أنا قلتها وكررتها وأنتي لم أسمعها

منك فلا تنسي ذلك "

ابتعدت عني وقالت بضيق " ولن تسمعها "

راقبتها مبتسما وهي تتوجه للسرير ونامت في طرفه الآخر وحضنت الوسادة

مخبئة فيها وجهها وشهقتها التي لم تتوقف بتوقف بكائها فتوجهت للخزانة

وأخرجت لحافا آخر لأنها أخذت لحاف السرير لوالدتها وجلست على

الطرف المقابل من السرير وقلت " سراب "

فقالت من فورها ولازالت مولية ظهرها لي تدفن وجهها في الوسادة

" لا تتحدث معي "

قلت مبتسما " حاضر فقط توقفي عن البكاء "

قالت من فورها " ولا تلمسني "

قلت بذات ابتسامتي أراقب جسدها المنكمش على نفسه

" أوامرك "

قالت مجددا " ولا تنم بدون قميص "

ضحكت بصمت وقلت " لا هذه لا أقدر عليها فلن أنام حينها أبدا "

لم تعلق بشيء ففتحت اللحاف المطوي وغطيتها به حتى كتفيها وعضضت

شفتي بقوة وأنا أراقب ما يظهر من ملامحها ولم أستطع تمالك نفسي فقبّلت

طرف خدها سريعا فجلست من فورها وضربتني بالوسادة قائلة بضيق

" ألم أقل لا تلمسني لما لا تفهم "

أمسكت الوسادة منها وقلت مبتسما " ألا يكفيك ضربا لي ؟

يكفي ضلوعي التي حطمتها "

استلت الوسادة مني وعادت للنوم وغطت رأسها باللحاف فقلت

" سراب ألم نتحدث ونتصافى واعتذرت عشرات المرات ؟ لا

تكوني ظالمة "

قالت بسخرية من تحت اللحاف " ظالمة !! أنا أصحبت الظالمة الآن "

تنهدت باستسلام واضطجعت مكاني ونظري على ظهرها الذي توليه

لي وقلت بعد وقت " سراب "

تأففت وقالت " آسر إن كنت نمت مرتين نهارا ولا تشعر بالنعاس

فأنا أريد أن أنام "

قلت باستسلام " أمري لله , المهم أردت أن أقول لك أني أحبك "

لم تعلق بادئ الأمر لكنها قالت بعد قليل " كم تمنيتها وبخلت بها حتى

أفسدت طعمها "

قلت ممسكا ضحكتي " ضننت أن تاريخ صلاحيتها من فتح العلبة "

قالت ببرود " ما أسخفكم الرجال حقا "

قلت مبتسما " وأنتن النساء لا تقدرن مشاعرنا "

قالت بضيق " اصمت "

ضحكت وقلت " لما أنا تقبلتها وأنتي لا "

لاذت بالصمت ولم تعلق فانقلبت على ظهري وغبت بنظري للسقف متجنبا

النظر ناحيتها كي لا أضعف وآكل منها توبيخا معتبرا , مر وقت طويل حتى

ظننتها نامت لكنها قالت بهدوء حزين " حين كنا صغيرات وكانت أحلامنا

حدودها حلوى كبيرة لم تصنع بعد وألعاب كانت سراب تحلم بأكثر من ذلك

بمنزل كبير وخادمات وعائلة وشقيقتيها شقيقات لها فعلا , كان الحلم يكبر

معي رغم أنه نصفه مستحيل جينيا والنصف الآخر مستحيل عقليا "

اتكأت مستندا بمرفقي أنظر لقفاها بصمت وتركت لها المجال لتتحدث وتابعت هي

من فورها " كنت أتسأل لما ليس لنا أم وأب ؟ لما العجوز لا تقرب لنا ؟ ولماذا دُرر

الطفلة مثلنا من تعتني بنا من تحضن التي تبكي إن وقعت أو ضربها أحد ؟ لما هي من

تمسح الغبار عن ثيابي وتغسل لي قدماي ويداي عندما أدخل من لعبي في الخارج وهي

لم تتعدى السبع سنين بعد , حين أمرض أجدها جالسة بجواري ما أن أستيقظ ليلا وأضن

أنها تبكي لأني مريضة وأخبرها أني سأكون بخير غدا وأستغرب لما دموعها لا تتوقف

واكتشفت فيما بعد أنها تبكي شيئا أبعد من يوم غد ذاك , تبكي هذه الأيام التي نعيشها الآن

شابّات , أحيانا أفكر لو أنها لم تكن معنا لم تكن تعضنا طوال الوقت وتراقبنا وتوبخنا

ونحن نمر بمرحلة المراهقة يوم بيوم وعام بعام ما كان سيكون مصيرنا ؟؟ ثمة رجل

تتوجه دُرر بدعائها له في كل صلاة تصليها يوميا ومنذ كانت في العاشرة أي

خمسة عشر سنة في خمس صلوات يوميا أتعلم من يكون ؟ "

لم أعلق طبعا فتابعت " هوا زوج المرأة التي كانت تساعدها في طهوا الطعام الذي

تبيعه وتعطيها أجرا عليه فهوا كان رجل دين إمام مسجد الحي وكان يخصص ساعتين

من يومه ليعلم أبنائه ويوجههم وكانت دُرر تستقطع تلك الساعتين أيضا وإن كان الثمن

عقابا من العجوز إن رفضت إخبارها أين كانت وفي النهاية أصبح لا يوجد في مجلسهم

الديني ذاك غيرها فأبنائه مثلنا تماما رفضوا الجلوس , فعلّمها كل شيء كل ما يستوعبه

عقلها وسنها ولا يستوعبه وعلمها أحكام التجويد وجميع قصار السور حتى مات وبكت

عليه دُرر بكاء لم يبكوه أهله عليه , ليالي كثيرة أذكر أنها قضتها تبكي فيها طوال الليل

ويبدوا أنها لم تكن تبكيه فقط بل تبكي مجرد فكرة لو أنه لم يدخل حياتها كيف كانت ستكون

حين صرت في الثانوية كانت تجذبني الأحاديث عن الموضة وآخر الصيحات التي لا أراها

إلا في التلفاز الصغير الموجود في المنزل وأحلم بالحداء بالكعب العالي والفستان الحريري

القصير , لم أكن كدُرر وليس البشر جميعهم متشابهون , دُرر في ذاك الوقت كانت تفكر

في أن تتزوج وتخرج من هناك بأي طريقة رغم أنها كانت في السابعة عشرة أما أنا فكنت

أريد أن نخرج ثلاثتنا من هناك وكان حلمي كله أن أصبح ثرية ولدي منزل كبير نأوي له

جميعنا , أما ترجمان فلم تكن تفكر في أي شيء من ذلك كانت تعجبها حياتها سيدة نفسها

لا أحد يتأمر عليها ولا العجوز وشقيقها فقد صنع منها ذاك الرجل امرأة قوية غرضه أن

تكون في خدمته لكنها تمردت عليه هوا أيضا ولم تخف أحدا , كانت تقول أحيانا ( تخيلا

معي أن ما يحدث في الأفلام يحدث معنا ويظهر لنا عائلات وضعونا في الملجأ الذي

أخذتنا منه العجوز ) وأنا وهي نضع تصورا لتلك العائلة كيف ستكون وكان كلام دُرر

مختلفا ومبهما وهي تقول ( لا أريد أن يحدث ذلك أبدا لأن نظرة الناس لنا لن تكون كما

تصورنا وكما نريد ) كنت أستغرب حديثها ذاك وكيف لا تتمنى عائلة وأن تخرج من

هناك لكني الآن علمت فالناس بالفعل حكموا علينا بما وجدنا أنفسنا مجبرين عليه بأننا

عشنا في منزل ساحرة وشقيقها وبأن الشارع من ربانا لكنهم مخطئين أقسم بذلك "

لم تستطع متابعة حديثها بسبب العبرة التي غلبتها فاقتربت منها وأدرتها ناحيتي وضممتها

لصدري بقوة وقلت " أنا آسف يا سراب ومخطئ , أقسم أني أخطئت في كل كلمة قلتها

وأدركت كلام إياس وهوا يقول أننا لم نراعي البيئة التي عشتن فيها وأن كون أنّكن لم

تنحرفن في حد ذاتها معجزة وجميع الظروف كانت مواتية لذلك , لكن المجتمع ظلمكن

واستمر في ظلمه وحكمه عليكن ونحن أزواجكم أول من أخطأ ذاك الخطأ الفادح فالناس

أغلبها لم تعلم إلا أن الفتيات المختطفات ظهرن وعمِل العقيد رِفعت على إبهام الأمر

قدر الإمكان لأنه فكر بصواب عكسنا نحن رجاله اللذين خذلناه فعلا ولم يخطئ

حين قالها لنا "

*~~***~~*

بعد أكثر من نصف ساعة قضيتها مكاني تأخذني الأفكار وترميني كظلام

هذا الليل الذي غادره القمر التفت بسرعة لصوت الباب الرئيسي وهوا يُفتح

أوتوماتيكيا ومؤكد خالي من فتحه لأخرج فوقفت وغادرت من فوري وركبت

سيارتي وأغلقت بابها بقوة ومارست باقي غضبي على مقودها ألكمه بقبضتي

حتى ما عادت يدي تتحمل أكثر ثم شغّلتها وغادرت من هناك وتوجهت للمنزل

فورا بما أني أخذت الإذن للمغادرة الليلة ولا مزاج لي أبدا للعودة للمركز مجددا

وصلت المنزل في وقت قياسي بسبب قيادتي المجنونة في الشوارع الشبه خالية

ودخلت وصعدت لغرفتي من فوري ودخلتها وأغلقت بابها خلفي ونظرت باستغراب

لبيجامتي الجاهزة على السرير ! فمن وضعها وأنا لم أفعلها ولا أحد يخرجها لي من

قبل , التفت سريعا جهة باب الحمام الذي تحرك مقبضه ببطء فأخرجت سلاحي في

حركة سريعة وصوبته نحوه ولن أستخدمه طبعا حتى أتأكد وعليا معرفة من يكون

هذا الذي يقتحم غرفتي يوم عملي وقد يكون غريبا يدخل المنزل ولا أحد يعلم عنه

فمن سيستخدم بيجامة رجالية والحمام .... ؟؟ شعرت بغضبي اتقد حينها من مجرد

الفكرة وإصبعي أصبح يضغط الزناد تلقائيا حتى انفتح الباب ونزلت يدي لا شعوريا

وأنا أنظر بصدمة للتي خرجت منه بقميص نوم أحمر قصير شعرها الأسود الحريري

وصلت تدريجاته مغطية كتفيها ثم درعيها ثم خصرها , ولازال نظري المصدوم

معلق بوجهها لم أستوعب بعد وجودها ولباسها هذا وأنا .... ! أمالت رأسها

مبتسمة وقالت " قل ما أجملك على الأقل يا عديم الذوق "

قلت بصدمة لم تفارقني بعد " متى جئتِ هنا ومن أحضرك ولما

بعدما وقّعت ورقتك ؟ "

قالت مبتسمة وأصابعها تتخلل شعرها الطويل " عمي طبعا ومنذ

أكثر من ربع ساعة "

قلت بصدمة " مستحيل ... والورقة !! "

أشارت بإصبعها لطاولة التزيين فنظرت هناك من فوري وكانت ذات الورقة

عليها ولم ألحظ وجودها حين دخلت لأني انشغلت بالبيجامة وباب الحمام طبعا

توجهت نحوها فورا ورفعتها وقرأت ما فيها ثم نظرت لها بصدمة فقالت مبتسمة

" نصف المزرعة لي قد اشتراه عمي من شقيقاتك والنصف لك ولا تنسى البند

تحتها الذي وقعت أنت عليه وأنه من طلب منا الطلاق من الآخر تنازل عن

نصفه دون أن يأخذ قرشا واحدا ثمنا له "

هززت رأسي بعدم استيعاب ولم أعرف ما أقول فقالت بذات ابتسامتها

" طبعا لأن خالك كان يريد أن يكون عادلا للنهاية ولا يظلم أحدا منا "

قبضت على الورقة بقوة وقلت " خدعتماني إذا "

ضحكت ضحكة خفيفة عذبة وقالت " أنا عشت لأشهر على أعصابي

بسببك أنت وشقيقتك الشاحبة تلك فجرب نصف ساعة فقط ما تفعل "

رميت الورقة جانبا وقلت بغيظ متوجها نحوها " هل تعلمي ما سأفعل

بك الآن يا ترجمان "

تراجعت خطوتين للخلف وقالت مبتسمة " سأشتكيك له طبعا "

وصلت عندها وأمسكت ذراعيها العاريان مع خصلات من شعرها

الحريري وقلت من بين أسناني " أعاقبك ثم افعلي ما يحلو لك "

أغمضت عينيها بقوة وقالت " إن ضربتني فلن يرحمك أحد وأولهم أنا "

شددتها لي مصطدمة بصدري وأمسكت وجهها وقبلتها بقوة قبلة استجابت

معها سريعا ثم ابتعدت عني ودفنت وجهها في صدري وقالت مبتسمة

" ياله من عقاب رائع "

فضحكت ورفعتها بين ذراعاي ثم رميتها على السرير قائلا

" إذا لعلمك فعقابك لم يبدأ بعد "

أبعدت شعرها الذي تناثر على وجهها وقالت مبتسمة " لما لا

تغير ثياب الشرطة فهي تخيفني "

ثبتُّ ذراعيها بقبضتاي منحني عليها وقلت بمكر وعيناي في عينيها

" أنتي تخافي ؟ أعلم ألاعيبك جيدا وأن هذه الليلة لن تكون إلا كما

تريدين أنتي والنتيجة على رأسي أنا طبعا "

قالت مبتسمة " لن يحدث شيء فاذهب وغير ثيابك لا أريد لليلتنا الأولى

أن تكون كالمجرم والشرطي "

ضحكت وتنقلت بنظري في تقاسيم جسدها فقالت بضيق " إياس توقف عن

النظر لي هكذا , أكره هذا النوع من النظرات "

ضحكت ونظرت لعينيها وقلت " وكيف تريدي أن أنظر لقميص أحمر

شفاف يحتضن جسدا غضا ناعما ببشرة بيضاء "

قالت بذات ضيقها " لا دخل لي لا تنظر لي بهذه الطريقة "

ضحكت وقلت " حسنا أخبريني الآن سر المزرعة ولما لم تأخذي رأيي

وأنا أخبرتك أني أريد شرائها لنفسي "

حركت كتفها وقالت " لا علم لي بشيء , كل ذلك كان من تخطيط عمي "

قلت بنصف عين " ووجوده في غرفتك ؟ "

ضحكت وقالت " من تخطيطي طبعا "

اقتربت من وجهها قائلا بهمس " محتالة "

فقالت بهمس لحظة انهماكي في تقبيل عنقها وشعرها " لعلمك فقط أنا

أصور كل ما يجري الآن وأنت تعلم جيدا القوانين المترتبة على هذا

اللباس الذي تلبسه حضرة الضابط "

قفزت مبتعدا عنها ونظرت حولي قائلا بغضب " وفي كل الحالات ما

كان عليك تصويرنا يا متهورة "

وقفت من فورها ودفعتني جهة الحمام قائلة " تحرك للحمام فورا

فأنا لم أفقد عقلي بعد "

*~~***~~*

انقلبت يمينا ببعض الصعوبة وصدر مني أنينا خفيفا فشعرت بأصابعه

أمسكت بكفي وقال بصوت ثقيل " دُره ما بك حبيبتي ؟ "

نظرت لوجهه المقابل لي على النور الخفيف للغرفة وقلت " لا شيء أواس

أشعر بثقل طبيعي سيضايق نومي حتى ألد "

رفع يدي لوجهه وقبّلها وقال " بل لأنك أرهقتِ نفسك اليوم "

قلت مبتسمة " وما الذي فعلته سيرهقني ؟ جالسة طوال الوقت والخادمات

وأمي وخالتي تحت أمرتي كالملكة "

قبّل يدي مجددا وقال " لا تنسي أنك مستيقظة من الفجر وجالسة طوال

النهار , هذا وحده سيتعبك وأنتي مهملة حد الإهمال في صحتك "

ضحكت ضحكة خفيفة وشددت يده المحتضنة ليدي ودسستها في حضني

وقلت " كل هذا وأُهمل صحتي ؟ ابنك هذا بما أنه ما مررت به وقت

غيابك لم يقتله فلن يقتله شيء أبدا "

جلس متكئا على ظهر السرير وقال " ومن قال أني أفكر فيه إن

عاش أو مات ؟ أنا خوفي عليك أنتي "

قلت ناظرة له بعبوس " ألهذا الحد لا يهمك ابننا ؟ "

ضحك ومسح على شعري قائلا بابتسامة " ومن قال هذا ؟ اقسم أني حين

علمت بحملك وأني لن أراه ولن أكون معكما كدت أفقد عقلي "

تنهدت وقلت بحزن ناظرة للسقف " لا أعادها الله من أيام , كم كان

اختبارا قاسيا يا أواس وأرجوا من الله أننا نجحنا فيه "

تنهد تنهيدة طويلة وقال " أتعلمي دُره حين جلست وفكرت مع نفسي اكتشفت

أن ما حدث وما أوهمتني وجد به وانعزالي عنك كل ذاك الوقت ليس هوا

الاختبار الفعلي ولم يكن سوا المقدمة "

نظرت له باستغراب وقلت " تحدث أواس فكتمك لكل ذلك سيؤلمك

ويؤذيني يا قلب دُرتك "

نظر لي ومرر أصبعه على ذقني قائلا " الرجل الذي كان يزوروني هناك

والشخص الوحيد الذي كنت أراه هل تعلمي ما قال لي يوما ؟ "

قلت من فوري " ماذا ؟ "

نظر بعيدا وقال بنبرة فيها سخرية ومزيج مرير من الألم " قال أنه ثمة

شقيقتين مصابتان بنفس مرضي وتُتخذان تسلية للمصابين مثلهما

وعرض عليا أن يحضر لي إحداهما ... تصوري ؟ "

شهقت من الصدمة واضعة يدي على فمي فنظر لي وقال بذات تلك النبرة

" ولست أعلم في غمرة يئسي ذاك من كل شيء حولي كيف رفضت عرضه بل

ووبخته على تفكيره في ذلك وكلما تخيلت الآن أني فعلتها ثم علمت ما علمت

عن كذبة مرضي ما كان سيكون مصيري , أقسم أن أفعلها وانتحر "

هززت رأسي وقلت بصدمة " كيف عرض عليك مثل ذلك ؟ "

قال بسخرية " ليس الجميع يفكر مثلك ويخاف الله يا دُرة فكيف إن كان رجلا

مسيحيا , أحيانا أفكر لما رفضت ذلك حقا ؟ ما مزيج الشعور الذي انتابني

حينها ؟ واكتشفت أنه كان خليطا من الخوف من مصيري من الله حين ألقاه

ووفاءً للإنسانة التي صانتني فلن أكون كما كانت زوجتي الأولى "

قلت محدقة فيه " بالفعل كان اختبارا قاسيا ضمن آخر أقسى منه "

تنهد وقال " كانت مرحلة ومرت والحمد لله "

قلت قبل أن يوقف الحديث ككل مرة " ولما أتيت أواس ؟ كيف

علمت أنك لست مصابا "

نظر لي وقرص خدي وقال مبتسما " كم مرة قلت لا أريد

التحدث عما فات "

قلت برجاء " هذه فقط أقسم أنك سترتاح منه تماما عندما

تفرغه من قلبك "

قال من فوره " خِطاب من الوزارة وصلني هناك لآتي "

قلت بصدمة " الوزير !! "

هز رأسه بنعم وقال " واعترفي الآن هل قابلتيه وطلبتي منه ذلك ؟ "

أبعدت نظري عنه وقلت بحزن " نعم لكن لقائنا كان قاسيا , وشبه وبخني وقال

أنه اختيارك وأنك أعلم الناس بأنك لن تستطيع البقاء وأني أوشيت بمرضك

لرجل يطبق القانون في البلاد وكدت أورطك ويحتجزوك لولا أنه قال

بأنه سيتغاضى عن الأمر إن أنا أوقفت البحث عنك "

قال بصوت مبتسم " وصدقتيه يا دُره ؟ "

نظرة له باستغراب فقال من فوره " الوزير كان أذكى من أن يفوته أمر

كهذا وما قال لك ما قاله إلا لأنه رجّح أمرين ولم يرد أن يعلقك

بالأمل الذي قد يكون كاذبا "

قلت بصدمة " تعني أنه اكتشف كل شيء قبلك ! "

قال من فوره " ومن وقت أخبرته فعقله يا دُرر لم أرى مثله حياتي فأول

خطوة قام بها بعد رحيلك أن استجوبوا وجد وأخرج الحقيقة منها رغم أنفها

ثم أرسل لي لأذهب لرؤيتها ورؤيتك أو قام بتسليمي واحتجازي وهوا

يعلم أني بذهابي لها سأعلم كل تلك الحقيقة "

قلت مبتسمة " إذا صدقت زوجته حين قالت لي أنه سيساعدني وأنها

تعرفه جيدا وسيفعلها "

قال مبتسما ومررا أصبعه على طرف وجهي " نامي هيا فلن

أنام حتى تنامي وترتاحي "

قلت باستياء " وما هذا الحكم الجائر على نفسك فأنا لا أعود للنوم

سريعا هكذا طبعي , وأنت متعب ولم تنم من الفجر "

انحنى لجبيني وقبّله ثم قبّل أنفي ثم شفتاي وقال " لن أستطيع النوم

في كل الأحوال فنامي هيا "

أغمضت عيناي وقلت " حسنا ها قد نمت "

ضحك وقال " لا تضحكي عليا يا دُره فأنا أعرف تنفسك

وأحفظه كاسمي "

قلت ناظرة له " يشغلني أمر سراب وترجمان كم أتمنى أن تسعدا مثلي

أكره أن أرى حزنهما وإن كانتا تخفيانه "

قال بابتسامة " أنتي لما لا تتوقفي عن التفكير في الناس وفكري

في نفسك وصحتك "

قلت بحزن " لن يشعر أحد بما يربطنا ثلاثتنا , هل تعي معنى أننا عشنا معا كل

طفولتنا ومراهقتنا , كل تلك الأيام بسعادتها وتعاستها , كنا إن مرضت إحدانا

سهرتا الأخريين بجانبها تبكيان عليها حتى الصباح , لم نجد غير بعضنا أواس

فقد بحثنا عند بعض عن الأم وعن الأب عن الحنان وعن الأمان وعن كل شيء

فكيف لا أفكر فيهما الآن , أقسم أني كل يوم أتمنى أن أسمع خبرا يفرحني

عنهما وأنهما استقرتا مع زوجيهما وقسما لولا الحياء والدين لكنت تحدثت

مع صديقاك بنفسي وترجيتهما "

قال ماسحا على شعري " لا تقلقي حبيبتي أخبرتك أنهما يحبانهما ومهما

طال الزمن مصيرهم سيرجعون لبعض صدقيني "

قلت بهمس " كم أتمنى ذلك "

وضع كفه على عيناي وقال مبتسما " والآن نامي هيا "

ضحكت وشعرت بحركة ابني القوية وكم انتظرتها في وجوده فأمسكت

يده فورا ووضعتها على مكان حركته وقلت ناظرة له " أنظر أواس

هل تشعر بحركته ؟ "

أبقى يده مكانها ينظر للفراغ وكانت حركته ما تزال مستمرة ثم نظر

لي وقال بصدمة " ما هذا الذي يفعله ! "

ضحكت وقلت " يتحرك طبعا أو يبدوا حديثنا لم يرق له "

أبقى يده مكانها ونظر لي وقال باستغراب

" لا زال يتحرك دُره , ضعي يدك "

قلت مبتسمة " نعم أواس أشعر بها دون أن ألمسها "

أبعد يده ما أن توقفت حركته وقال بجدية " لتعلمي أنه متعب أيضا بسببك

لذلك ستتسوقين عبر الإنترنت وكل ما يعجبك سيأتي لعندك "

قلت بضيق " لا أواس أريد فعلا أن نختار نحن ما نريد وما يحتاجه أرجوك "

تنهد باستسلام وقال " إذا لن نخرج مرة واحدة ولن نتأخر كي لا تتعبي مفهوم "

قلت مبتسمة " مفهوم ... أوامرك حضرة المقدم أواس "

ضحك وقال " نامي إذا واسمعي الأوامر "

قلت ناظرة له " حاضر لكن ثمة أمر آخر واحد فقط "

أشار بسبابته فقلت مبتسمة " قسما أنه واحد فقط ثم سأنام "

قال مبتسما " حسنا موافق "

قلت ناظرة لعينيه " هوا سؤال كم جال في خاطري أواس ومنذ

أول مرة تحدثت فيها معي "

نظر لي باستغراب فقلت مبتسمة " لما تناديني دُره ؟ هل أنا من

طلب منك ذلك في طفولتي "
قال مبتسما " ألا يعجبك ؟ "

قلت من فوري " بلى وكم افتقدت مناداتك لي به الشهور الماضية

بمقدار ما افتقدت وجودك معي "

قال ماسحا على شعري " لأن اسمك لم يعجبني "

نظرت له بصدمة فضحك وقال " لا أعني أنه قبيح لكن معناه يحكي

مجموعة من الدرر وأنا منذ رأيتك أردتك لي أنا .. أنا فقط , وكلما ناديتك

دُرر شعرت بأنك لست واحدة لست لأواس فقط فأنتي في نظري دُره

واحدة فقط , واحدة ولي أنا وحدي "

أغمضت عيناي وقلت مبتسمة " ما أسعدني بك أواس , أنت لا مثيل لك

ولا واحدة مثلي حضت بمثلك في الوجود "

وبالفعل تغير أواس السابق كليا , مات فعلا ذاك البرود والصمت وتلك النظرة

الحزينة الشاردة والنبرة الجافة الآمرة , متأكدة أن بعض أطباعه من الصعب

أن تتلاشى لأنها طباع فيه منذ صغره لكني أراه يحاول بالفعل أن يكون شخصا

آخر , إنسان مختلف كل الاختلاف عن السابق وأقسم أني أحبه في كل حالاته

شعرت به استلقى على السرير فقلت بهمس وعيناي مغمضتان

" أحبك أواس "

قال بذات الهمس وبحزم " أشششش نامي الآن ولا تغضبيني فينام

كل واحد منا في غرفة "

ابتسمت ولم أعلق فهذا الطبع الذي لن يختفي فيه سرعة غضبه وكم

هوا رائع في نظري مثلما كان يكون

*~~***~~*

بعد وقت طويل قضته في حضني بكت فيه كل شيء ولامت الجميع أنا ووالدها

ووالدتها والعجوز التي اختطفتهم وعمها وحتى العقيد رِفعت لم ينجوا من لومها

نامت دون شعور منها , وحين خرجتُ فجرا تركتها نائمة وحين عدت كانت قد

نامت قبل وصولي ومؤكد تهرب مني هذه المحتالة , نمت بعدها أيضا ولم أستفق

إلا على صوت الباب الذي أغلقته خلفها وهي تغادر الغرفة فنظرت للساعة فكانت

التاسعة ومؤكد والدتها ستكون استيقظت , بقيت مكاني أفكر في كل ما حدث معنا

البارحة وكل ما تحدثنا عنه من عُقد وصعوبات طفولتنا لحاضرنا , كنا نحتاج هذا

فعلا , نحتاج أن نضع حجر الأساس لحياة مستقبلية بعيدة عن التعقيدات , هي حاولت

سابقا أن تشرح كل ذلك وأنا من كنت أرفض الاستماع مثلما أرفض التحدث والنتيجة

كانت أننا كدنا نفترق للأبد لو لم تتحلى هي بالحكمة ولم تتهمني ظلما لأني ما كنت

سأضمن ردة فعلي , وأعترف أني أخطئت كثيرا لكني أردت حقا وقتها أن أقطع حبل

الوساوس والظنون , بعد وقت انفتح الباب فأغمضت عيناي فمؤكد جاءت لتخبرني أن

الفطور جاهز وستستغرب أني نائم حتى الآن فلأرى أي طريقة ستوقظني بها رغم

أني أجزم أنها سترميني بالوسادة وستقول أنها وقعت بالخطأ فلن تسامحني سريعا على

ما يبدوا , مر وقت قليل لم تتحرك ولم يصدر عنها أي صوت ولست أعلم ما تفعل كل

هذا الوقت وكدت افتح عيناي لولا اقتربت خطواتها مني حتى أصبحت أشعر بوجودها

وبرائحة عطرها وما هي إلا لحظات وشعرت بشفتيها على خدي ومن المفاجأة فتحت

عيناي وأمسكتها ورميتها على السرير بجانبي على صوت صرختها المصدومة

فتبّثها جيدا بيداي ممسكا ذراعيها وقلت مبتسما " أمسكتك "

قالت محاولة التخلص مني " ابتعد فضحتنا مع والدتي , ما ستقول الآن

وهي تسمع صرختي ؟ "

قلت مبتسما بمكر " تقول زوج وزوجته إما يتشاجران أو .... "

وباغتّها بقبلة لم أتركها رغم كل محاولاتها حتى تجاوبت معي وما أن أرخيت

قبضتاي حتى دفعتني وغادرت السرير قائلة بضيق " الفطور جاهز إن

أردت أو تابع تمثيل النوم "

ضحكت وغادرت السرير والغرفة وكانت خالتي تجلس في الخارج وقالت

مبتسمة ما أن رأتني " صباح الخير "

غمزت لها بعيني وضحكنا معا ثم دخلت الحمام غسلت وجهي وخرجت

وجلست معها فخرجت سراب في الفور وفي يدها صينية الفطور وقالت

وهي تضع الأطباق على الطاولة " تحرك والبس ثيابك "

لم أهتم لها فوقفت على طولها وقالت واضعة يديها وسط جسدها

" أمي هل يعجبك حاله هكذا بقميص داخلي فقط أمامك كالصعاليك ؟ "

ضحكت خالتي وقالت " منزله وسيأخذ راحته فيه لا مشكلة عندي "

تأففت وجلست قائلة " لن أنساها لك وسأردها أمام عائلة عمك "

نظرت لها بصدمة فهزت رأسها وقالت " نعم ولك أن تتخيل "

ضحكت وقلت " لن تستطيعي أعرفك جيدا "

قالت خالتي مبتسمة " أنتما تقضيان الوقت كله هكذا تتشاجران ؟ "

لم تعلق هي وانشغلت بدهن قطعة الخبز بالجبن فقلت ناظرا لها بنصف

عين " لن أحكي لك خالتي كم كنا نتقاذف الكلمات كالكرة , كانت أياما "

نظرت لي بصدمة وقالت " وقل أنك تتحسر عليها وتريد أن تعود "

ضحكت وقلت " لا أبدا من قال هذا ؟ "

قالت خالتي مبتسمة " وما خطّطتما للمستقبل "

قلت من فوري " يبدوا أني سأبدأ البحث عن مزرعة صغيرة

وأقدّر ثمنها من الآن "

قالت سراب من فورها " لا بل سنجمع المال لمشروع صغير أولا وهذا

المنزل يفي بالغرض لبعض الوقت والمنزل الجديد يمكنه الانتظار "

قالت خالتي " فكرة جيدة "

نظرت لها مبتسما فهذه إشارة جيدة منها فقد اقتنعت أن مستقبلنا سيكون معا

قلت ولازلت ناظرا لملامحها " وما اقتراحاتك للمشروع ؟ فأنا أيضا

أراها فكرة ممتازة "

حركت كتفيها وقالت ونظرها على كوب الشاي الذي تحرك سكره بالملعقة

" علينا أن ندرس جميع المشروعات المتاحة لنا ولا نتسرع "

قالت خالتي " مال والدك موجود يا سراب وأنتي بحاجة له الآن "

تركتُ لها المجال ولم أتحدث فرفعت نظرها لوالدتها وقالت " آسر لن

يرضى بذلك وأنا لا أريده يا أمي ولن أسمح أن نصبح من الأغنياء

فسأسحق ماله بالأبناء الذين لن أتوقف عن إنجابهم "

انطلقت ضحكتي حينها وضحكت خالتي وقالت " ولما المشروع إذا ؟

فراتب زوجك يمكنك سحقه بهذه الفكرة "

قالت ولازالت تتجنب النظر جهتي " المشروع كي نشتري منزلا هنا

في العاصمة وندخر مالا لمستقبلنا فلا أريد الابتعاد عن شقيقتاي

يكفي أنتي بعيدة عني "

قلت ناظرا لها " إياس وزوجته قررا العيش في المزرعة أي أنك

ستقتربين منها "

نظرت لي وقالت بصدمة " متى قررت ذلك ! ولما لم تخبرنا ؟ "

قلت مبتسما " لا أعلم ؟ زوجها من قال لي "

رفعت الكوب وقالت من بين أسنانها " سترى تلك المحتالة "

قالت خالتي " وهذه الأرجوحة عليكم جلب غيرها أو نزعها من الآن "

نظرنا لها كلينا باستغراب فضحكت وقالت " حلمت لك حلما

يا سراب وستنجبين تؤما "

شهقت بقوة وقالت بصدمة " تؤم !! "

وضحكتُ أنا وقلت " ويا مرحبا بالثنائيات الثنائيات "

وكزتني بمرفقها وقالت " أنجبهم أنت لنرى "

ضحكت وقالت خالتي " هل لديك علم أني وخالتك والدة آسر تؤمان وأن

جدتي أنجبت والدي وشقيقه وفتاتان تؤمان ماتتا رضيعتين "

قالت بصدمة " والمعنى ! "

ضحكت وقالت " خلفتكما ستكون توائم دائما "

نظرت لها بصدمة ووقفت سراب على طولها وقالت ويداها وسط جسدها

" ومن قال هذا ؟ فآسر ابن واحد لا تؤم له "

نظرت لها فوقي وقلت مبتسما " بلى كنا تؤمان وولِد ميتا وعشت أنا "

نظرت لي بصدمة ثم لوالدتها وضربت قدمها بالأرض وقالت " لم يخبرني

أحد عن هذه الجينة الوراثية لما كنت تزوجته "

نظرت لخالتي وقلت " لم تخبرينا كانا في الحلم طفلين ذكرين أم أنثيين

أم خليط منهما ؟ "

ضحكت وقالت " لا أعلم ولا تستعجل فسيأتيك من كل ذلك "

قالت سراب مغادرة جهة المطبخ " في منامك هما اثنين أو أربعة فقط "

ودخلت تتذمر متمتمة فقالت خالتي مبتسمة " ستتخطى الصدمة ولا

مفر لها من التوائم "

قلت مبتسما " ما يعطيه الله كله خير "

ضحكت وقالت " لن يكون الأمر سهلا فعليكما البدء بذاك المشروع قبل أن

يكثروا واستغل منزلها الحالي لا تجعلها تشعر أنك تعاملها كغريبة بني "

تنهدت وقلت " أريده أن يبقى لها وباسمها خالتي فمن يضمن المستقبل

وما فيه خاصة بعد خبر التوائم هذا "

قالت من فورها " أخبرها بأفكارك إذا وبسبب رفضك أخذه منها ولا

تكررا أخطاء الماضي "

هززت رأسي بحسنا فنظرت لساعتها وقالت " عليا الاتصال بالسائق

ليأتي لأخذي "

قلت من فوري " ولما الاستعجال هكذا فسراب لن ترضى بمغادرتك "

وقفت وقالت مبتسمة " المراد بمجيئي وتحقق وتصالحتما فلا داعي

لبقائي أكثر وستكون بيننا زيارات عديدة "

ثم قالت مهددة بإصبعها " وحين تنجب ابنتي لن تترك منزلي قبل

الأربعين مفهوم "

ضحكت وقلت بصوت مرتفع لتسمعني التي في المطبخ " قولي شهرين

في كل مرة حتى يخف بكاء التوائم قليلا "

صرخت حينها من الداخل " لن ننجب أبدا فاطمئن "

ضحكنا معا وقالت خالتي " لا أوصيك بها يا آسر لتكن في عينيك "

قلت مبتسما " أوصني على أي شيء إلا هي فهي في قلبي "

ابتسمت وغادرت جهة الغرفة فوقفت وحملت بعضا من الأطباق ودخلت بهم

للمطبخ وكانت هي منشغلة بإخراج شيء ما من الخزانة تقف فوق علبة طلاء

كبيرة فوضعتهم وتوجهت نحوها وأمسكتها من خصرها فصرخت قائلة

" أتركني سأقع "

أنزلتها وضممتها من ظهرها لصدري بقوة وقبلت خدها وقلت

" كم أعشق هذه المرأة يا بشر "

ضربت ساعدي بقبضتها وقالت " أبتعد قبل أن ترانا والدتي "

ضحكت وقلت " ياله من كلام رائع ردا على تغزلي بك "

أبعدت يداي ودارت جهتي وطوقت عنقي بذراعيها وقالت ناظرة لعيناي

" سنبيع منزلي ذاك "

كنت سأتحدث فسبقتني قائلة " ونشتري هذا ونسجله باسمي وباقي المال

نوسع به المطبخ ونبني غرفة أخرى لفريق التوائم القادم "

ضحكت وشددتها من خصرها وقلت " فكرة مقبولة كي لا نبقى ندفع ثمن

إيجار المنزل , لكننا سنبني غيره وننتقل له يا سراب مفهوم "

اتكأت بجبينها على ذقني وقالت بهمس " لا يهم عندي , لم تعد تلك الأمور

تعنيني ففي منزل عمي الفخم ذاك لم أشعر بالسعادة قط "

ضممتها لحضني برفق وقلت " أجل المهم أننا معا في أي

مكان وحال كان "

*~~***~~*

نزلت السلالم أراقب المقتربة منه تعد بأصابعها حتى وصلتْ ورفعتْ

نظرها وشهقت بقوة وقالت " ترجمان !! ما أحضرك هنا ؟ "

ضحكت وقلت متابعة نزولي " سؤال سخيف حقا , أعتقد أنه منزل زوجي "

قفزت العتبتين المتبقيتين بيننا وضمتني بقوة وقالت " يالها من مفاجأة سارة "

ثم ابتعدت عني ونظرت لي وقالت باستغراب " وأين إياس ؟ "

ضحكت وقلت " نائم ويشخّر أيضا "

شدتني من يدي وسحبتني معها راكضة بي وأنا أضحك قائلة

" انتظري يا مجنونة أين تأخذينني ؟ "

لكنها لم تكترث لي حتى وصلنا لغرفة عمتي وفتحت بابها ودخلت

بي قائلة " أمي انظري من نام في منزلنا البارحة "

وقفت عمتي من فورها وتوجهت نحوي وحضنتني وقالت بسعادة

" مرحبا بك في منزلك يا ترجمان وحمدا لله أن جمع شملكما "

ابتعدت عنها مبتسمة والتفتنا للذي وقف عند باب الغرفة وقال مبتسما

" عاد الضجيج لمنزلك يا أمي فابنتك وابنة شقيقك اجتمعتا مجددا "

ضحكت وقالت " مرحبا بضجيجهما وأسأل الله أن يملئه ضجيج

أبنائكما قريبا "

ضحك وغمز لي وقال " بدأنا الرحلة ولن نتأخر "

عضضت شفتي مهددة له وقالت عمتي باستغراب " ما قصدك بهذا ؟ "

نظرتُ لها فكانت تنظر لي فقلت بابتسامة كرتونية " قصده أننا نريد

فطور عروسين حقيقيين اليوم "

شهقت بصدمة ثم نظرت له وقالت بضيق " وأنا حين قلت لك لما لا تذهبا

لطبيبة وتريا سبب تأخر حملها قلت أنكما تريدان تأجيل الأمر قليلا "

ثم نظرت لي وقالت بذات ضيقها " وأنتي حين سألتك صباح زواجكما لم تنكري "

رفعت يداي وقلت مبتسمة " اللوم على ابنك فهوا من قال أن لا أخبر بشيء "

صفقت سدين وقالت " المهم الآن نريد غداءً معتبرا وليس من يداي طبعا

وسنخرج لمطعم "

قالت عمتي من فورها " مطعم !! وما نفعل بطعام المطاعم ؟ سنأكل هنا "

قالت بعبوس " أمييي لا تفسديها رجاء "

ضحك إياس وقال " لن نذهب من دون أمي أو لن تذهبي معنا أما نحن

فغدائنا في الخارج "

نظرتْ لعمتي من فورها فقرصت لها ذراعها قائلة " كم مرة قلت لا

تحشري نفسك بينهما واتركيهما يخرجان وحدهما "

مسحت ذراعها وقالت بتألم " آي , ما ذنبي أنا ؟ ألا يحق لي أن أخرج أيضا "

كانت ستضربها ففرت هاربة واختبأت خلف إياس قائلة " رزقني الله زوجا

يشعر بي ولا يمن عليا أحد "

ثم فرت هاربة قبل أن تعلق عمتي التي قالت مبتسمة ما أن غادرت

" أسأل الله أن يعوضها خيرا مما فقدت "

نظرت لها وقلت مبتسمة " ومتى رضيتِ عنها هكذا ؟ "

قالت من فورها " ابنتي ولن يشعر بها أحد مثلي , ومهما غضبت

منها أريد لها الخير وأن تكون سعيدة "

نظرت لإياس وغمزت له وقلت " سيأتيها قريبا عريس لن تحلم به أبدا "

قالت باستغراب " من يكون هذا ؟ "

قلت مبتسمة " شقيق دُرر لو لم ترفضه ابنتك المجنونة "

قالت من فورها " أقطع عنقها إن فعلتها , وورائها ورائها إلى أن

أجعلها تتزوجه كشقيقتها في بسام "

ثم قالت مغادرة الغرفة " من يأتيها شاب مثله وترفضه ؟ هل هي فوضى "

تبعتها مبتسمة فأمسكت يد بذراعي وهمس صاحبها في أذني قائلا

" للغرفة فورا , أريدك في أمر مهم "

فررت منه بسرعة وقلت مبتعدة " أتركه لبعد الغداء لا مشكلة "

وتوجهت للمطبخ مسرعة ودخلت وكانت سدين هناك تمسك ملعقة خشب في

يدها وتعد بها على أصابعها وتتأفف وتعيد فصرخت فيها لتقفز مفزوعة

وضربتني بها وقالت " أفزعتني يا حمقاء , كم كانت حياتي هادئة

وأنتي هناك "

ضحكت وقلت " ما هذا الذي تحصيه طوال الوقت ؟ لا يكون سنين عمرك "

أشارت لي بأصابعها وقالت " أصغر منك بأربع سنوات ونصف فلا تنسي "

قلت بتفكير " وإن تقدم لك شاب شارف على السادسة والعشرين سيكون

أكبر منك بخمس سنوات فقط "

ثم نظرت لها وقلت ببرود " كبيرة عليه "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت " لا لست كبيرة ثم لم يحدث شيء

من هذا فلما تفكرين بهذا العمر تحديدا "

حركت كتفي وقلت " لا شيء مجرد خاطر في ذهني "

نظرت لي بشك ثم عادت لتحريك البيض في المقلاة قائلة " مر شهر

ويومان ولم يحظر ذاك الأحمق , لقد خدعني "

ضحكت بصمت وقلت " ألم تيأسي منه بعد ؟ حتى بعدما علمتِ أنه

عامل بناء ومن بلاد أخرى ؟ "

نظرت لي وقالت باستياء " مستحيل كيف ذلك ؟ عليه أن يشرح

لي بنفسه "

قلت مبتسمة " بأي صفة "

عادت مولية ظهرها لي وتمتمت قائلة " عليا أن أجده , عليه أن

يكون من هنا ولن أقبل بغيره "

ضحكت عليها وخرجت من المطبخ , انتظري باقي مخططي يا سدين

كي لا تفكري باللعب بي من ورائي مجددا كما تلقّى شقيقك الدرس قبلك

أرسلت رسالة لدُرر أطمئن إن فعلت ما اتفقنا عليه أم لا ثم توجهت لعمتي

الجالسة هي وإياس وسط المنزل وجلست بجانبه فقالت " أخبرني إياس

أنك تريدين أن نعيش في المزرعة "

قلت من فوري " نعم عمتي إن كان هذا لا يزعجك أو نبقى هنا لا مانع لدي "

قالت مبتسمة " سأبتعد عن بناتي لكن لا بأس فجوها يناسبني أكثر "

شعرت بشيء لامس ظهري فتحركت قائلة بضيق " عمتي أخبري

ابنك إنه يضايقني "

ضحكت ونظرت له وقالت " أتركها وشأنها "

مال لأذني وهمس فيها " ستري حسابك مني "

ثم نظر لوالدته وقال " ما أن نزوج تلك الملونة ونتخلص منها سنسافر

ثلاثتنا لمكان مفاجئة لن أخبركم عنه "

صفقت وقلت بحماس " رائع , كم تمنيت أن أخرج من البلاد "

قالت عمتي مبتسمة " اذهبا أنتما واستمتعا وأنا منازل بناتي سيكونون

ثلاثة , ما تفعلون بعجوز ملتصقة بكما طوال الوقت ؟ "

قال من فوره " من دونك لن أتحرك "

قالت مبتسمة " حتى يأتي وقتها لكل حادث حديث "

*~~***~~*

ضمني لصدره بقوة يخفي بكائي في حضنه وقال " يكفي بكاء يا رغد

وأخبريني ما يبكيك فقط ؟ حتى متى ستعتصمين بصمتك وغضبك مني

أقسم أني تبت ولن أعيدها مجددا "

لكني لم أتحدث ولم أجبه ولا شيء سوا التعلق بثيابه والبكاء الذي لم يتوقف من

ليلة البارحة بعد عودتنا من منزل والده وحديثه وشقيقه فؤاد لازال في أذناي

حتى الآن حين سأله لما لا يرجع ويخطب سدين مجددا فقال له شقيقه وبسخرية

( هل تضن جميع الرجال حمقى مثلك , رفضتك وتزوجت غيرك وعدت

تركض خلفها بلا كرامة , فلن تتوانى عن رميك مجددا في أقرب فرصة )

هل يسمع هذا منهم دائما ؟ هل هذه نظرتهم لزواجه بي وأنا لم أشعر لحظة في

تصرفاته ولا كلامه كل هذا وكأنهم راضين عني تماما , ضمني أكثر وقبّل

رأسي وقال " هل ضايقك أحدهم البارحة ؟ هل قالت لك نورس شيئا ؟ "

قلت ببحة يخالطها البكاء " بل أنت من قالوا لك ومن سمعت ما لا يسرك

لن تخفي عني الأمر دائما يا بسام "

قال بصوت مبتسم " أفزعتني ضننت أحدهم أخطأ معك أو أني قلت ما

جعل حالنا يسوء فوق ما هوا سيء "

لم أعلق بشيء فمسح على ظهري قائلا " أنا لا أهتم لما يقال لي ولا أحد يقرر

سعادتي غير نفسي , وفؤاد لسانه طويل منذ طفولته ولا يضع وزنا لما

يقول لكن قلبه طيب صدقيني "

قلت ببكاء " بل أنت من تضن الجميع يحملون قلبا كقلبك "

قبل رأسي مجددا وقال بضحكة " يا سلام ما هذا اليوم الرائع هل

رضيت عني أخيرا وسمعت صوتك "

ابتعدت عن حضنه وقلت " لن تعيد فعلتك مجددا ؟ "

نظر للأعلى وقال مبتسما " توبة يا رب وأقسم على ذلك "

مسحت دموعي وقلت " وهل هذا رأيهم جميعهم ؟ لا تكذب عليا يا

بسام أو غضبت منك "

شدني من ذراعي لأتكئ على صدره وقال ماسحا على شعري " لا

وتعلمين جيدا موقف فؤاد من رفض سدين له , ويكفي بكاء ولا تنسي

أنك حامل ولم تتركي فنا للتعذيب لم تطبقيه على نفسك "

طوقت خصره بذراعاي ودفنت وجهي في صدره وقلت بحزن

" إذاً كنت أنا وهم عليك ؟ لكنك أخطأت بفعلتك تلك وتستحق "

ضحك وضمني له أكثر وقال " أعترف بذلك وحمدت الله ألف مرة أنك

لم تخبري أحدا حتى نتفاهم بمعرفتنا "

طرقت حينها ندى الباب فأبعدني قائلا " لأفتح لها قبل أن تكسره على

رأسينا إن تأخرنا في فتحه "

مسحت دموعي أراقبه مبتسمة وهوا متوجه نحوه فكم تعب معي وصبر لنعلمها

أن تطرق الباب ولا تدخل مهما حدث مالم نفتح لها , فتحه لها لتظهر من خلفه

واقفة تنظر له للأعلى تجمع كفيها الممتلئان بالدقيق الذي وصل لشعرها

وخديها وقالت " هيا بابا لقد سكبت الحليب ببطء كما أخبرتني "

حملها وغادر بها قائلا " يبدوا أنك سكبتِ الدقيق أيضا يا محتالة

وستفسدين كعكتنا "

غادرت السرير والغرفة أمسح دموعي حتى وصلت عندهما في المطبخ وقد

أجلسها فوق الطاولة وأمامها خلاط الكعك الكهربائي الذي يدور ووجهها يكاد

يدخل داخله تنظر للخليط كيف يتحرك وهوا يقول " ابتعدي قليلا لأسكب

باقي الدقيق يا ندى "

أبعدت رأسها فأوقف الخلاط وأدخلت هي أصبعها سريعا وأخرجته مليئا

بالخليط وأدخلته في فمها فورا وأخرجته نظيفا تماما وقالت " لذيذة "

لم أستطع إمساك ضحكتي وقلت " ومن سيأكل هذه الكعكة المليئة بشعر

ندى ولعابها "

قال مبتسما وهوا يشغل الخلاط مجددا " ستأكلها هي ووالدها , أنتي

لا تأكلي "

اقتربت منهما وجلست قائلة " بل أنا أول من سيأكل "

نهاية الفصل ......
موعدنا يوم السبت مع الفصل الثاني والستون والأخير
فكونوا على الموعد الساعة العاشرة مساء


فيتامين سي 23-04-16 09:06 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي والستون)
 


الفصل الثاني والستون

سمعت أنينها المتقطع وقد أيقظني من نومي فجلست وأبعدت اللحاف

الذي تغطي به وجهها وقلت " دُره ما بك حبيبتي ؟ "

قالت بألم مختلط بالبكاء " سأموت أواس لا أستطيع التحمل "

قفزت من السرير فهي ناصفت شهرها ولم تكن تظهر عليها بوادر ولادة أبدا

ووالدتها قالت أنها قد تكمل شهرها وتتخطاه لكني أعرفها جيدا لن تصل لهذه

المرحلة من الألم إلا لأنها لم تعد تتحمل , نزلت السلالم ركضا مناديا لوالدتها

حتى خرجت من ممر غرفتها تركض بقلق وخرج قصي من الجهة الأخرى

وخالته تتبعه وقالت والدته " ما بك ؟ ما بها دُرر ؟ "

قلت عائدا للأعلى " يبدوا أنها ستلد جهزي نفسك لتذهبي معها بسرعة "

وعدت للغرفة وكانت على حالتها السابقة بل وقد ازداد أنينها المكتوم

وبكائها فتوجهت نحوها وقلت " دُره هيا لأحملك ساعديني حبيبتي "

قالت من فورها " يمكنني السير حتى نصل السيارة , بسرعة أواس

لم يعد يمكنني التحمل "

ساعدتها لتقف ولتلبس حجابها ودخلت والدتها الغرفة قائلة

" أين حقيبة الطفل ؟ "

أشرت للخلف وقلت سائر بها جهة الباب " بجانب السرير هناك "

نزلت بها السلالم ولازالت تصر على أن لا أحملها حتى وصلنا للخارج

وكان قصي قد شغّل سيارته قبلنا فأركبتها في سيارته وقلت " كنت

سآخذهما أنا , لما تتعب نفسك أيضا ؟ "

قال وهوا يفتح الباب من الداخل لوالدته التي تبدوا من ارتباكها لم تعرف

كيف تفتحه " سأقود أنا واركب أنت معنا فلن أتركك تقود وأنت قلق هكذا "

ركبت بجانبه وهي ووالدتها في الخلف وطوال الطريق كنت انظر لهما

خلفي فقال قصي ضاحكا " هل علمت الآن لما لم أتركك تقود ؟

لأني أعلم أنك لن ترى الطريق "

نظرت له وقلت بضيق " هل هذا وقت مزاحك السخيف ؟ ستتزوج

ونرى ما ستفعل وزوجتك مكانها الآن "

قال ونحن ندخل سور المستشفى " لتوافق عليا أولا وسأجهز لها

غرفة ولادة في المنزل "

فتحت باب السيارة وقلت نازلا منها " لا تنزلوها سأحضر سريرا "

وفي لحظات كانت داخل غرفة الولادة وكانت الساعة الرابعة فجرا ولا أحد

غيرنا في ممر المستشفى بثياب نومنا وأحذية المنزل , وأنا أجوب الممر جيئة

وذهابا حتى قالت خالتي " اجلس بني قد يطول الأمر وهذا طبيعي "

نظرت لهما جالسان بجوار بعض وقلت " لن أرتاح حتى أسمع صرخته

أو صراخها , لما لا تصرخ كغيرها ؟ "

قالت مبتسمة " حمدا لله أن عقل ابنتي كبير ولم تفضحنا وتفضحك

أمام خلق الله بصياحها كالبهيمة "

بعد وقت قضيته على أعصابي وكدت أدخل عليهم سمعنا صرخته أخيرا

بكاء طفل رضيع علا في صمت المستشفى المميت فوقفتْ خالتي من فورها

تحمد الله ضامه يديها لصدرها ووقف قصي وحضنني قائلا " مبارك يا

نسيب , ها قد خرج وأراحك "

ابتعدت عنه وقلت " لن أرتاح حتى أعلم عنها هي وليس هوا يا قصي

فالطفل يعوض بغيره ولي غنى عنه أما هي فلا يجلبها مئة طفل "

وما أن أنهيت كلامي حتى انفتح الباب وخرجت منه إحدى الممرضات

وقالت مبتسمة " مبروك ولد جميل عيون خضراء "

ضحك قصي وقال " كيف رأيتها يا كاذبة "

فتحت عينها بإصبعيها لتشرح له أنها فتحت له عينه ورأت لونها

فقلت من فوري " كيف هي والدته ؟ "

قالت مبتسمة " تمام كلو تمام "

ثم دخلت مجددا ولحقتها خالتي من فورها بحقيبة الطفل وجلستُ

حينها متنفسا بارتياح وجلس قصي بجواري وشد على يدي قائلا

" حمدا لله اجتازتها بسلام "

حمدت الله هامسا ثم نظرت له وقلت " أسأل الله أن أهنئك في يوم مثله "

ربت على كتفي مبتسما ثم قال " قم هيا سنرى إن يحتاجون شيئا ثم

سنغادر لتنام وترتاح وسنرجع صباحا "

قلت من فوري " ألن نراهما ؟ "

قال مبتسما " لن يسمحوا لنا الآن فلا تتعب نفسك وهيا تحرك "

*~~***~~*

نظرت من شق الباب المفتوح قليلا وقلت منادية " آسر "

وما هي إلا لحظات ودخل وأغلقه خلفه فقلت " لا تدعهم يفعلوا ما

يقترح ذاك أرجل "

قال من فوره " هم يفهمون في هذه الأمور أكثر منا حبيبتي

وقال لن ينفع إلا هكذا "

أمسكت خصري بيداي وقلت بضيق " أنا من سأعيش فيه أم هم ؟

ليفعلوا كما قلت أو خرجت لهم بنفسي "

ضحك وأمسك وجهي وقبل خدي بقوة وقال " أحبك وأنتي غاضبة

ويُخرج لسانك فنونه , تحملي النتائج إذا حين يقع على رأسك "

قلت من فوري " لن يقع , أنا أعرف كيف يفكرون هؤلاء العمال

فهم يريدون اختصار الأعمال على أنفسهم ليس إلا "

ضحك وقال مغادرا الغرفة " يبدوا معك حق سأخبرهم يفعلوا كما تريدين "

وخرج وأغلق الباب خلفه فجلست مبتسمة , كم أعشق هذا الرجل الذي أصبح

يُشركني في كل شيء ويأخذ برأيي ولم يعد كالسابق لا أرى إلا أفعاله التي

يفاجئني بها ولست أعلم حتى متى قررها وفكر فيها , نظرت للأرض وشردت

في آخر حديث دار بيننا وهوا يفاجئني بل صعقني وهوا يقول ( حين كانت والدتي


حية وبعد وفاتها كانت تصلنا أموال من رجل قال أن لوالدي فضل كبير عليه وكم

ساعدنا ما كان يحضره واكتشفت بعد كل هذه السنوات أن خالتي من كانت وراء

كل ذلك وبالخفية عن زوجها حتى صرفت كل حصتها من ورث والدك علينا وكم

علّمني ذلك أن لا أتسرع في الحكم على أحد ) ارتميت على السرير خلفي ونظرت

للسقف وأنا أتذكر باقي حديثه قائلا ( لذلك حين خرجتِ من هنا سابقا كنت أعلم أنك

ستعودين وأن سراب القديمة لن تعود والجديدة لم تتغير لأنك حين رميتِ الأوراق

رميتيها للأعلى ولم ترميها في وجهي وحين خرجتِ لم تخرجي إلا بكلمة تصريح

مني ولم تخرجي بدون حجاب كما دخلتي أول مرة رغم أني أنا من فرضه

عليك فعلمت أن سراب حبيبتي باقية ولن تموت )

حضنت الوسادة بقوة وقلت مبتسمة " كم أعشق هذا الأحمق يا بشر "


*~~***~~*

نزلت السلالم مسرعة حتى وصلت للأسفل وقابلتني سدين قائلة

" بسم الله ما بك كالصاروخ ؟ "

قلت من فوري " أين شقيقك ؟ "

أشارت بيدها لباب المنزل وقالت " خرج للتو "

غادرت من عندها وفتحت الباب وخرجت وكان سيركب سيارته

فقلت منادية " إياس انتظر "

التفت لي فأشرت له أن ينتظرني قليلا ودخلت مسرعة وقلت ما أن

وصلت عند سدين " دُرر ولدت هل تريدين الذهاب معي ؟ "

هزت رأسها بلا وصعدت السلالم فصعدت خلفها قائلة " تهربين منها أم

من شقيقها ؟ لا تخافي لن تريه هناك "

قالت صاعدة أمامي " سأذهب مع والدتي بعد خروجها "

قلت مبتسمة بمكر " أكثر من أسبوع والرجل ينتظر جوابك

وافقي عليه و أريحيه "

التفتت لي وقالت واضعة يديها وسط جسدها " لن أوافق حتى أعلم أنه

ليس من اختيار أحد ووحده من اختارني , ولست مقتنعة بعد بأنه رآني

مصادفة مع إياس وجاء لخطبتي هكذا فورا "

تركتها وقلت متوجهة جهة غرفتي " تحملي النتائج وقت رفضك إذاً

لأن والدتك لن ترحمك "

وتركتها وتوجهت لغرفتي ضاحكة , لو أضاعته من يدها ورفضته ثم علمت

فيما بعد أنه الشاب ذاته أقسم أن تجن وتصبح تحدث الجدران حولها , لكني

ورائك حتى توافقي وعلاجك عندي , دخلت الغرفة الشبه خالية هنا كحال باقي

المنزل بسبب استعداداتنا للانتقال نهائيا لنستقر في المزرعة في أقرب وقت

غيرت ثيابي سريعا وسمعت منبه سيارته في الأسفل فنظرت له من النافذة

وأشرت له بأني نازلة حالا ثم أخذت حقيبتي ونزلت مسرعة حتى وصلت

عنده وقلت " دُرر ولدت فجر اليوم خدني معك للمستشفى "

ثم فتحت باب السيارة وركبت وأغلقتها خلفي فركب وأغلق بابه وقال

مبتسما " ومن قال أني وافقت ؟ تقفزين في سيارتي فورا "

لكمت ذراعه وقلت " رغما عنك تأخذني لها أو ذهبت هناك

ركضا على قدماي "

انطلقنا خارجين ونظر لي بنصف عين وقال " ومتى دورنا نحن يا ترى ؟ "

قلت ببرود " في منامك , ليس قبل أن ننتقل ونستقر هناك وأستقر في

عملي الجديد , فلا تكن أنانيا وتفكر في نفسك فقط "

أشار لي بأصابعه وقال " هي ثلاثة أشهر فقط تكفيك وزيادة "

مددت شفتي بعبوس ولم أعلق فقال " رغم أني أعلم أنه ما في رأسك تفعليه "

ابتسمت ولم أعلق ووصلنا المستشفى حينها فقال قبل أن أنزل

" هل لديك مال ؟ "

قلت نازلة " لدي ما جمعت له من أشهر "

ثم أغلقت الباب ودخلت المستشفى وسألت عنها وعن غرفتها وتوجهت لها

فورا ودفعت الباب ودخلت على صوت والدتها قائلة " حاولي مجددا بنيتي

أعلم أنك متعبة لكنه طفل وجائع "

تخطيت الحاجز الموضوع أمامه وظهرت لي من خلفه جالسة على السرير

تمسك لفافة في يديها وابتسمت ما أن رأتني فتوجهت نحوها قائلة بابتسامة

" هل طل علينا أخيرا ؟ "

وصلت عندها وقد قالت بضحكة متعبة " لم يتأخر كما كنا نتوقع "

أمسكته منها قائلة " هاتي أعطه لي , ما أجمله يا عالم "

أخذته منها وجلست به وقلت " سأبارك لكما بعد قليل عليا رؤيته أولا "

ضحكتا معا وأنا أبعد اللفافة وأخرج يده ونصف جسده وقلت بدهشة

" ما أروعة وما أصغره ؟ ما هذا المخلوق المجهري "

ضحكت والدتها وقالت " حجمه كان صغيرا من قبل أن تلده

فكيف ستتوقعينه "

تثاءب وفتح فمه الصغير الأحمر على وسعه فقلت مبتسمة

" ياااى أنظري دُرر يتثاءب "

ضحكت وقالت " هذا طبيعي أليس مخلوقا بشريا "

أعادها مجددا ومط يده الصغيرة أيضا فضحكت وقلت " ياله من

كسول مثل خالته سراب تماما "

ضحكت دُرر وقالت " ولما سراب تحديدا "

قلت مبتسمة وأنا امسك يده الصغيرة " لأنها ليست موجودة طبعا "

ثم نظرت لها وقلت " لا يشبه والده "

قالت مبتسمة " أمي قالت ملامحه كقصي حين ولدته تماما "

نظرت له وقلت " نعم لون شعره مثله وملامحه تشبهكم أكثر من والده "

مررت أصبعي على خده الصغير وقلت مبتسمة " ما أنعمه "

وضحكنا معا فدخلت الممرضة حينها وما أن رأتني قالت بضيق تشير

بإصبعها " نو بيبي ألمس ألمس هكذا "

نظرت لها وقلت " وما علاقتك أنتي ووالدته لم تعترض ؟ "

أخذته مني ووضعته في السرير المخصص له قائل بالانجليزية

" هوا لم يأخذ لقاحاته بعد وأنتم مجرثمون "


نظرتُ لدُرر الممسكة ضحكتها وقلت بصدمة " أنا مجرثمة ؟ "

ضحكت وقالت " أخذ الله بحق سراب منك سريعا "

وقفت ووضعت له النقود في لفافته وقلت " اتركوهم حتى يكبر وأخبروه

أنهم من خالته لا تأخذوهم أنتم "

ضحكتا معا وقالت والدتها " أنتي أول من رآه حتى والده لم يراه حتى الآن "

وما أن أنهت كلامها حتى طرق أحدهم الباب ودخل وصوت رجولي حمحم

فلففت حول السرير ووقفت في الجانب الآخر ودخل زوجها ببذلة الشرطة

يتبعه شقيقها الذي توجه لسريره فورا وحمله فقالت الممرضة بضيق

" نو أرفع ... نو قبلات "

دفعها جانبا ووضع له نقودا وقبل خده بقوة فخرجت تلك الممرضة متمتمة

بغيظ وقال هوا ناظرا له " أمي أليس يشبه دُرر ؟ "

توجهت نحوه وقالت مبتسمة " بل يشبهك في صغرك أكثر , أذكر جيدا كنت

هكذا حين ولدتك , الاختلاف في حاجبيه وجبينه يشبهان والده تماما "

وانهمكا في الحديث عن شكله أما زوجها فجلس بجوارها من فوره وأمسك

يدها وقبلها وانهمكا في حديث هامس ثم ضم كتفيها بذراعه وضمها له ليقطع

كل تلك الرومانسية بكاء ابنهما الذي ملأ الغرفة وقالت جدته " ليس هكذا

قصي لقد آلمته فهوا لحمة طرية "

مدت دُرر يديها لهما قائلة " هاته سيسكت سريعا , لا تعقديه من أمساكه يا أمي "

مده لها وقال ضاحكا " تعقدت وانتهى الأمر ولن أترك أحد يمسك ابني مستقبلا "

أخذته منه ورمت عنه اللفافة ونومته على صدرها وقالت بحنان ماسحة

على ظهره " يكفي بني , يكفي حبيب ماما "

كان مشهدهما رائعا ومحركا للعواطف وحمدت الله أن زوجها جالس بجانبها

يشاركها فرحتها لما استقبلته اليوم إلا باكية وحزينة ، حسبت بأصابعي ثلاث

شهور فرصة إياس لي وتسع أشهر حمل أي عام كامل ليكون لدي مثله ، هذا

كثير حقا وأنا أريد واحدا لكن لا أريد صراخا وبكاء طوال الليل ، لا بأس عمتي

ستتكفل بذلك بالتأكيد ، سكت ابنها سريعا كما قالت ووقف شقيقها فقالت من

فورها " أين يا قصي وأنت جئت للتو ؟ "

قال مغادرا " أمامي مشوار ضروري وعليا جلب خالتي وجدتي بما

أنك لن تخرجي قبل الغد "

وغادر من فوره وأبعدت دُرر ابنها عنها وأعطته لوالده الذي أمسكه من فوره

وضمه له يستنشق رائحته وهمس شيئا لم أسمعه فمسحت دُرر على ظهره

وقالت بحزن " احمد الله يا أواس فهوا يستحق الحمد على كل هذا "

نظرتُ لهاتفي وكم شعرت أني عزول في هذه الغرفة , وما كنت فكرت أن

أتصل به حتى رن هاتفي باسمه فيبدوا أنه جاء معهما هنا فقبّلت خد دُرر

وقلت " أراك غدا شقيقتي ومبارك لكما "

ثم سلمت على والدتها وغادرت وكان بالفعل ينتظرني عند سيارته وأول ما

ركب وانطلقنا قلت بسعادة " لو تراه يا إياس ما أصغره وأجمله ؟ لن

تستطيع تركه من يديك أبدا "

قال مبتسما " قر الله عين والديه به وجعله ابنا صالحا "

لففت جهته وقلت بحماس " أريد طفلا مثله , لقد غيرت رأي "

ضحك وقال " ما أسرع ما تغيّر "

عدت بنظري للأمام وقلت " إن كانت فتاة أريدها تشبهني وإن

كان فتى يشبهك أنت لا مشكلة "

قال ضاحكا " ولما يا مستبدة "

لكمت ذراعه وقلت " لا تقل مستبدة مرة أخرى وأريد جميع

أبنائي يشبهونني أنا لقد غيّرت رأيي "

ضحك وبدأ بالغناء قائلا " أنتي التي أسميتها تاج النساء .. اقسي على

قلبي ومزقيه لو أساء .. الويل لي يا مستبدة من خنجر طعن المودة .. "

ثم ضحك من قبل أن ينهيها فضممت ذراعه وقلت " شكرا على

الإطراء يا جلمود "

*~~***~~*

نظرت له وهوا يحاول إمساكه جيدا لأنه كان بلا لفافة تساعده على حمله

ويضحك وهي تضحك عليه فابتسمت وقد ملئت دموعي عيناي وحمدت

الله هامسة فكم أنعم عليا برؤيتهما معا اليوم بأن حمله بين يديه يوم ولادته

وبأن كان من جلبني هنا وأول من شعر بآلام المخاض وهي تمزقني ليلا

حمدا لك يا رب ومهما حمدتك لن أوفيك حقك , قالت والدتي ناظرة

له " أذّن له بني فأنتم لم تؤذنوا في أذنه "

رفعه لمستوى شفتيه وأذن أذانا كاملا فيها ثم أقام في الإذن الأخرى ثم

قبّل خده وأعاده لحجره فقلت مبتسمة " جعله الله ولدا صالحا "

وقالت أمي في الفور " وتراه عريسا توصله بنفسك لمنزله "

ضحك وقال وهوا يتحسس خده بظهر إصبعه

" وأنتي من تختارين عروسه طبعا "

ضحكت وقالت " وما سيبقيني لذاك الوقت ! وحتى إن بقيت فأي

نظر ذاك الذي سأراها به "

ضحكنا معا وقلت مبتسمة " أطال الله في عمرك حتى تري

أبنائه يا أمي "

قالت من فورها " ماذا قررتما ستسميانه ؟ "

نظرت لأواس وقلت " والده يبدوا لم يقرر بعد "

أبعد أصبعه عن خده وقال ولازال نظره عليه " لا يوجد أي اسم في

خاطري فإن أحب أحدكم أن يسميه فلا مانع عندي وجميعنا واحد "

قالت أمي مبتسمة " سموه جابر "

نظرنا لها باستغراب فقالت من فورها " تقديرا لكل ما فعل ذاك الرجل

من أجلكما فبفضله من بعد الله حققت انتقامك من زوج والدتك وهوا

من سعى لإعادتك له ولوالدته "

نظر لي وكأنه يريد رأيي في ذلك فقلت مبتسمة " معها حق وكم أتمنى

أن يصبح رجلا مثله ومثل والده "

هز رأسه بحسنا وقال مبتسما " هوا جابر الصغير إذا وعليه أن

يكون مثله أو سأغير اسمه "

ضحكنا جميعنا وقالت والدتي وهي تأخذه مني " هاتيه عنك لأضعه في

سريره واستلقي أنتي وارتاحي فكثرة الجلوس تضرك ولترضعي ابنك

فتلك الجغيمات لن تكفيه "



قلت وأنا أدفع جسدي لأستلقي ببطء " سيتعبني ولن يمسكه يا أمي "

وقف حينها أواس وقبّل جبيني ومسح على شعري قائلا " اعتني بصحتك

دُره وإياك وإهمالها وإن احتجتم شيئا اتصلوا بي على الفور "

أمسكت يده وقلت ناظرة له فوقي " هل ستغادر أنت أيضا ؟ "

شد على يدي وقال مبتسما " عليا العودة للمركز ثم سنبدأ بذبح الذبائح فكل

من يعملون معي هناك ينتظرون قدومه وسيتوافدون علينا من الغد وعليا

جلب ابنة عمتي ووالدتها لتساعد خالتك فلا أقارب لي غيرهما "

قلت مبتسمة " وهي ستكون سعيدة ولن ترفض ذلك وسأخبر شقيقتاي

يذهبان لهما غدا باكرا "

طرق أحدهم الباب حينها ودخل والده فتساندت وجلست بمساعدته أغطي

شعري فاقترب منا وحضن أواس أولا مباركا له وهوا قبّل رأسه ثم توجه

ناحيتي وقبل رأسي وقال " حمدا لله على سلامتك ومبارك ما رُزقتما "

قبلت يده وقلت " مبارك لنا ولك يا عمي وجعله الله الابن الصالح "

أمّن هامسا ثم توجه نحوه من فوره ونظر له دون أن يرفعه وبرّك الله

ثم وضع له نقودا وقال " رزقكما الله بره "

ثم نظر ناحيتنا وقال " زوجتي كانت تريد المجيء معي فأخبرتها

أن تتركها حتى تخرجي فهل تستقبلونها وسلاطة لسانها ؟ "

لم أتحدث تاركة المجال لأواس فهوا الأحق بهذا وقال من فوره " المنزل

منزلها واحترامها من احترامك وإن لم يمحصوا زلاتها فلن يستحقوا

مناسبتنا وأنا أعرف أصلهم الطيب جيدا فكن مطمئنا "

ثم نظر لساعته وقال " عليا أن أغادر الآن تأخرت كثير "

قال والده من فوره " سأخرج معك أيضا "

وغادرا فورا بعدما ودعني والده وقالت أمي " استلقي يا دُرر وارتاحي

يا ابنتي أو طلبت من زوجك يخبرهم يمنعوا الزيارات عنك "

أبعدت اللحاف وقلت مبتسمة " حاضر يا أمي دعيني أدخل الحمام أولا "

وما أن أنهيت حديثي حتى طرق أحدهم الباب ودخل وكانت هذه المرة

سراب وقالت ما أن دخلت " أين حبيب خالته ؟ "

وطبعا كحال ترجمان اتجهت له فورا وما أن رفعته حتى أمطرته بقبلاتها

ثم قالت ضاحكة " حافظوا على كيس النقود هذا لا يختطفه أحد "


*~~***~~*

" آنسة سدين "

التفت للخلف من فوري فقالت المتوجهة نحوي بخطوات سريعة

" هناك رجل يبحث عنك "

نظرت لها باستغراب وقلت " رجل من هذا ؟ "

ضحكت وقالت " رجل نقسه طبعا , رجل من سيكون ؟ "

ثم أشارت لحدقتها بإصبعها بشكل دائري وقالت " عيناه خضراء

عشبية وشخصيته فاتنة "

انفتحت عيناي على اتساعهما من الصدمة وقلت " وأين هوا الآن ؟ "

قالت مكملة طريقها " عند صالون صالة الاستقبال "

فتحركت من فوري فيبدوا أنه بعد شهرين تذكر أن له عيّنة هنا وشقيقة عليه

معرف مصيرها هي وابنها , وهذه المرة لن أتركه حتى أفهم من أين يكون

توجهت هناك من فوري وظهر لي جالسا على الكرسي متكئ بمرفقيه على

ركبتيه ينظر لمفاتيحه في يده وبذات اللباس المرتب الفاخر المناقض تماما

لحاله ذاك , آه ما أروعه يا بشر كله على بعضه , ويريدون أن أتزوج شقيق

دُرر الذي عاش كل حياته في الخارج والله وحده يعلم كيف كان هناك وما

الطباع التي أخذها منهم , اقتربت منه فرفع رأسه ونظر لي مباشرة ثم

وقف مبتسما وقال " آسف على إزعاجي الدائم لك "

أحمق لو تعلم كم حسبت مجيئك باليوم والساعة , قلت مبادلة له

الابتسامة " لا أبدا وقد توقعت أن تأتي من شهر حتى ضننت

أنك لم تعد تريد معرفة النتيجة "

ثم أشرت له بيدي وتحركت وتحرك هوا خلفي وفي صمت من كلينا

حتى دخلنا أقرب غرفة وصلنا لها وقلت ما أن وقف مقابلا لي

" نتيجتها كانت سلبية وكم أسعدني ذلك أن نجت هي وابنها "

قال مبتسما ابتسامته الجذابة تلك " نعم لقد علمت من قبل موعد

قدومي ذاك بأسبوع تقريبا لذلك لم آتي , أنا آسف حقا "

قلت بعبوس " ولما تضعني في كل ذاك الخطر والترقب وأنت

لديك طريقة لتعلم ؟ "

ضحك وقال " لم أتوقع أن أعلم بطريقة أخرى صدقيني وأنا آسف حقا "

هززت رأسي وقلت " لا بأس المهم أنها بخير "

ثم أخذت نفسا قويا مشجعة نفسي وقلت ببعض التردد

" هل صحيح أنت لست من هذه البلاد ؟ "

هز رأسه بلا وقال " من هذا الذي كذب عليك "

قلت بمفاجئة " أليس العمّال هناك جميعهم ليسوا من هنا ؟ "

قال مبتسما " نعم لكني من هنا "

شعرت بقلبي سيطير فرحا وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى سبقني

قائلا " لن أنسى لك ما فعلتِ من أجلي وأجلها , وأريد أن تحضري

زواجي وأريد أن تتعرفي عائلتي ويتعرفوا عليك "

شعرت أن حجرا كبيرا وقع على رأسي وجمدت ملامحي وتحولت

لتمثال بشري وقلت وأشعر بأطرافي تتجمد " زواجك ! "

قال من فوره " نعم فقد خطبت الفتاة التي أحبها وكم بحثت عن واحدة

مثلها وأخيرا وجدتها , لذلك أتمنى أن تحضريه وتتعرفي عائلتي "

ثم مد لي بطاقة وقال " هنا عنوان منزلنا واسم العائلة "

مددت يدي المتيبسة ولم أستطع غير أخذه منه ولم أسأله حتى متى يكون موعد

هذا الزواج التعيس , وهوا غادر من فوره بعد عبارات شكر لم أسمع منها شيئا

وتلك النظرة الغريبة الساحرة التي لازلت أستغربها ما تزال تتفحص ملامحي !!

ما أن خرج رميت البطاقة بطول يدي في سلة القمامة دون حتى أن أنظر له , قال

أحضر زواجهما قال , لا بارك الله فيه وأفسده كل شيء ووقف ضده , وتكرهها

كرها أعمى يا أحمق يا معتوه , خرجت بعدها من هناك أشعر بقهر لا يمكن وصفه

وها قد جاء كلام ترجمان , لكن ما ذنبي أنا أقسم أني لم أعجب بشاب من قبل ولم

أفكر فيهم فهذا مختلف تماما كل الاختلاف وكما كنت أريده وأحلم به وها قد أخذته

تلك المصيبة كسر الله ساقيها يوم زفافهما


*~~***~~*

قضيت مع دُرر أغلب النهار لأن منزلي مليء بالعمال وأكون فيه سجينة

الغرفة حتى المساء وقت مغادرتهم وكنت سأذهب لوالدتي حتى ينتهوا وقد

ألغيت ذهابي الآن بعدما ولدت دُرر , وقد عرضتْ عليا أن أقضيهم معها

لكني رفضت متحججة بأواس وقصي وسأكون في منزلها أغلب النهار لأنهما

سيكونان خارجه وأرجع لمنزلي بداية المساء , جاءت عمة زوجها لزيارتها

وابنتها وزوجها عم ترجمان وخالتها وجدتها أما زوجها فقد زارها وقت

مغادرته عمله بعد الظهر ثم ذهب للمنزل وأنا طبعا طوال فترة بقائي هنا لم

أفارق طفلها الصغير الجميل إما أحمله أو أتفرج عليه وهوا في سريره

أبعدت دُرر الصينية وقالت " يكفي يا أمي أشعر بمعدتي ستنفجر "

قالت بضيق " وما الذي أكلته لتنفجر معدتك ؟ تحملي كلام زوجك إذا

فهوا يوصي على طعامك طوال الوقت "

قلت مبتسمة " ورائها ورائها حتى يجعلها كالبطة من كثرة الأكل "

تأففت وقالت " كنت في كلي فأنتي حامل وأصبحت الآن في أنتي مُرضعة "

قالت والدتها من فورها " على حالك هذا لن يجد ابنك فيك شيئا

وسيموت جوعا ووالده يرفض الرضاعة الصناعية "

رن هاتفي وكان رقم آسر فوقفت ولبست حجابي على صوت دُرر قائلة

" فكري مجددا يا سراب فأنتي عندي لن تضايقي أحدا والمنزل رأيته

بنفسك ما أوسعه "

هززت رأسي بلا مبتسمة لها ثم انحنيت على ابنها النائم في سلام وقبّلت

خده الصغير الناعم برفق وقلت " وداعا يا حبيب خالتك , وسأراك

غدا لا تستاء "

ضحكت والدتها وقالت " سيستاء فعلا إن لم يراك في الغد "

سلمت عليهما وغادرت من هناك وقلبي معها هي وابنها وعلمت الآن سبب

اتصال ترجمان بنا قرابة العشر مرات وقالت أن قلبها معنا وأن زوجها رفض

إرجاعها للمستشفى وقال سيأخذها لها في الغد , ترجمان تغيرت حقا وما كنت

سأتصور أنها سترضخ له فترجمان الماضي كانت ستتصل بعمها أو حتى تركب

سيارة أجرى وتأتي لكني أراهما يتنازلان معا وهذا هوا الطريق السليم فعلا فطبع

ترجمان ناري لن يحتويها إلا واحد مائي كزوجها , وصلت السيارة وركبت

وغادرنا في الفور وقال آسر " كيف صحتها وابنها ؟ "

قلت مبتسمة " جيدان والطفل رائع لا تمل من النظر له "

قال مبتسما " عليك أن تستعجلي ليكون لدينا مثله وأجمل منه "

تنهدت وقلت بأسى " كلما فكرت أني سأنجب اثنين يصيبني الذعر فجأة

ألا أمل أن تكون مجرد ظنون لا صحة لها آسر "

ضحك وقال " لا أعتقد لكن كل شيء جائز , وسنتعاون معا

حبيبتي لا تقلقي "

لذت بالصمت ولم أعلق , قد يكون رائعا أن يكون لدي تؤمان يلبسان نفس

اللباس ويشبهان بعضهما لكن ليس أن يكونوا فريقا كل اثنين منهم متشابهان

حتى الناس لن ترحمهم من أعينها , وصلنا المكان المخصص للسيارات وركنا

سيارتنا هناك ونزلنا نتابع سيرنا مشيا كالعادة وقلت ونحن نعبر الحي الطويل

" دُرر تصر أن أبقى معها لكني رفضت وأرى أن أقضي ساعات

النهار فقط معها إن لم تمانع "

قال من فوره " لكن شقيقها يعيش معهم وزوجها أيضا ولن يرتاحا

ولن ترتاحي أنتي "

قلت بهدوء " قلت لها كل هذا لكنها قالت أن منزلهم واسع وأنهما جل النهار

خارج المنزل خاصة الآن ستكون عزائم للرجال يوميا لعدة أيام , ولكل واحد

منهما دوام صباحي ثم تجارة يديرونها , وإن لاحظت أن الوضع ضايقهم أو

ضايقني لن أذهب لها مجددا إلا لوقت معين وأيام محددة "

قال بعد برهة " حسنا كما تريدين فالبقاء في منزلنا لن يساعدك وسأتقيد أنا

ولن أستطيع تركك والعمال في المنزل والخروج , وبعد ولادة شقيقتك

لن ترضي بالذهاب لوالدتك بالتأكيد "

تمسكت بذراعه وقلت مبتسمة " ما أروعه من زوج يا بشر "

ضحك وقال " لكنه لم يكن هكذا حين قتل الأبقار , هل تذكرين

ذاك اليوم يا سراب ؟ "

ضحكت وقلت " بل لم أنسى يوما منها , لقد كنت مجرما سفاحا ليس

لأنك قتلتهم بل لأنك تركتني في كل ذاك البؤس دون أن تخبرني

عن السبب "

أمسك يدي وقبّلها وقال " كانت أياما ومضت جربنا فيها أن نكون أصحاب

ثروة نديرها بأنفسنا وعاد كل شيء كما كان ولم يحزنا ذلك وهذا

هوا المهم في الأمر "

قلت مبتسمة " نعم هذا هوا المهم فلا يعنيني مال الأرض أجمعه الآن

فالسعادة لا تشترى به أبدا , وراتبك سيكفي كل عمرنا ولن نكثر من

التوائم كي لا نشحذ بهم في الشارع "

ضحك كثيرا وقال وهوا يفتح باب المنزل " تخيلي ذلك , تمسكي أنتي شارعا

بأربعة وأنا الذي بجانبه بالأربعة الآخرين وكل من يراني يقول مستغربا

( أليسوا الأطفال ذاتهم الذين كانوا مع المرأة منذ قليل !! ) "

ضحكت وقلت وأنا أدخل خلف وأغلق الباب " هكذا سيكتشفوننا يا غبي "

أمسك يدي وقال " تعالي من هنا حبيبتي تلك الجهة مليئة بالمسامير

وسيري بحذر "

توجهنا بخطوات بطيئة حذرة حتى غرفة النوم وما أن فتح بابها حتى صرخت

بصدمة وأنا أرى الزينة المعلقة فيها والقلوب المضيئة والورود التي فرش بها

الأرض والسرير , نظرت له بدهشة وعينان دامعة وقلت بسعادة

" ما أجملها من مفاجئة يا آسر "

أمسك وجهي بيديه وقبّل جبيني وقال " هذا اعتذار صغير عما حدث ذاك

اليوم حين أفسد تجهيزاتك للغرفة ومهما فعلت لن تكون أجمل من يومها "

حضنته بقوة وقلت باكية " لا حرمني الله منك يا آسر "

أبعدني عنه وأمسك يدي وسحبني منها للداخل قائلا

" إذا هناك ما عليك رؤيته أيضا "

فتح باب الخزانة وفتش فيه قليلا ثم أخرج علبة الهدية تلك التي أخذها

مني يوم عودته وعمي صابر وقال وهوا يفتحها " هل صدّقتِ

الآن أنها لك بالفعل يا ظالمة "

مسحت عيناي وقلت مبتسمة " لم أتوقع منك في يوم أمرا إلا وحدث

عكسه فماذا كنت تتوقع مني يومها "

أزال الغلاف وفتح العلبة وأخرج منها سوارا ذهبيا مبروما بطريقة مبهرة

يدمج الذهب الأبيض والأصفر والأحمر , أمسك يدي وألبسه لي قائلا

" لستِ تعلمي كم بحثت حتى وجدته كما أريده , وما حدث لي

حين رجعت بالهدية للمنزل خائبا "

ثم أدخل يده في جيبه وأخرج خاتم الزواج ذاك والبسه لي في أصبعي

وقبل يدي ثم نظر لعيناي وقال " ولا ما حدث لقلبي حين وجدت

هذا الخاتم عند صفاء "

أبعدت يدي وحضنته بقوة وقلت " كانت أيام سيئة ومضت وانتهت

كما قلت أليس كذلك ؟ "

ضمني له بقوة وقال " أجل سننساها جميعها "

ابتعدت عنه وقلت بتردد " هناك شيء لا أعلم لكنه .... "

قال بتوجس " ماذا هناك ؟ "

أمسكت يده بكلتا يدي وقلت وأنا ألعب بأصابعها " يبدوا أن

التوأمين الأولان قادمان , ولم أتأكد بعد "

صرخ حينها ضاحكا ورفعني من خصري للأعلى فقلت بخوف

" آسر ستوقعني وتقتلهما , ثم أنا قلت أني لم أتأكد بعد "

*~~***~~*

دخلت المنزل أحمل الكيس في يدي وصعدت السلالم فظهرت سدين

أمامي قائلة " إياس أريدك قبل أن تدخل غرفتك "

قلت مبتسما " أنتي ما بك كالشبح ؟ من ينزل أو يصعد أو

يدخل تظهرين في وجهه "

أمسكت وسطها بيديها وقالت بضيق " نعم نعم تصالحت أنت وسيدة

الحسن وأصبحت أنا العزول في المنزل "

ضحكت وقرصت خدها وقلت " لو غيرك قالها لصدقته وشككت

في نفسي "

قالت ببرود " سأخلصكم مني لعلكم ترتاحوا "

قلت مبتسما " وافقتِ أخيرا يا جنية "

قالت بجدية " أَقسم لي الآن يا إياس أنه لا أنت ولا خالي ولا أي

شخص تعرفونه عرض عليه الأمر "

قلت من فوري " سدين هل من عقلك تصدقي أني أكررها مجددا "

قالت بذات جديتها " أَقسم لي الآن "

ضحكت وقلت " قسما بربك يا شقيقتي لم أفعلها ولم أسمع أن شخصا

ما طلب منه ذلك وهوا بنفسه قال أنه رآك ويريدك "

مطت شفتيها بعدم اقتناع وقالت " موافقة لكن بشرط "

قلت مبتسما " أعان الله المسكين على شرطك هذا "

ثم قلت بهدوء " سدين أقسم أنه رجل يثقل بالذهب ولو تري فرحة

خالي به لصدقتِ بنفسك "

قالت ببرود " وأنا كل خوفي من خالك ذاك أن يكون وراء خطبته

لي وأجد نفسي في أمين جديد "

هززت رأسي مبتسما وقلت " ها .. ما شرطك لنخبر به الرجل الذي

ماطلته بما فيه الكفاية وهوا صابر عنك كل هذا الوقت "

قالت من فورها " يأتي هنا ويراني في حضورك ثم إن قال أنه

لازال يريدني فأنا موافقة عليه "

قرصت خدها مجددا وقلت " لما لا تريدي أن تصدقي أنه

رآك معي سابقا "

أبعدت يدي وقالت وهي تمسح خدها بتألم " ما بك مع خدي ؟ هل

تريد أن تشوهني قبل أن يراني "

ضحكت وقلت " ما تزالين مصرة على أنه لم يراك ؟ حسنا لك ذلك

وسأخبره وأرى متى يمكنه المجيء , هل يرضيك هذا ؟ "

قالت مغادرة " نعم ولا أريد لأمي أن تعلم حتى وقت قدومه "

واختفت بعيدا فهززت رأسي مبتسما وتوجهت جهة غرفتي وفتحت الباب

ودخلت وأغلقته خلفي فالتفتت لي التي كانت تجلس مولية ظهرها وهاتفها

في يديها فقلت مبتسما " غريب لم أجدك هذه المرة مع توأمك سدين "

قالت مبادلة لي الابتسامة " كنت أتصل بدُرر "

توجهت نحوها وجلست بجوارها وضممت كتفاها بذراعي وقلت ناظرا

لملامحها " وهذه المكالمة رقم كم ؟ "

ضحكت وقالت " لا أعلم لم أحسبهم لكني اتصلت بها

طوال النهار "

قلت مبتسما " مؤكد أخبرتك سدين أنها وافقت أخيرا "

قالت بصدمة " حقا ؟ لم تخبرني تلك المخادعة "

ضممت رأسها وقبلته وقلت " قالت عليه رؤيتها أولاَ , وأعلم أي مظهر

تفكر أن يراها فيه فهي لا تريد لتجربتها السابقة أن تتكرر "


قالت باستغراب " ألم تعلم اليوم ؟ من المفترض أن .... "

نظرت لوجهها وقلت " تعلم ماذا ؟ "

ضحكت وقالت " كان من المفترض أن تعلم أنه ذات الشخص لكن

يبدوا أنها ما تزال تجهل وهذا أفضل "

قلت مبتسما " إذا عليا أن لا أحرجهما بوجودي غدا "

ثم أبعدت ذراعي وفتحت الكيس على صوتها قائلة بفضول

" ماذا أحضرت لي ؟ "

قلت ضاحكا وأنا أخرجه " البارحة جلبت لك عطرا هدية يا جشعة "

وأخرجت ما جلبته على نظراتها المستغربة وأنا أفرده وأدرته خلف رأسها

ووضعته على شعرها ولففته وقلت " أريد أن أراه عليك غدا فهل تعطيها لي "

أبعدت طرفا الحجاب عن جانبي وجهها وقالت " غريب !! أنت لم

تتحدث عنه سابقا "

أمسكت وجهها وقبلت خدها وقلت " كل شيء وله أوانه "

قالت بريبة " ولما تريد هذا ؟ "

ابتسمت وهذا المتوقع منها وكنت أعلم أنها ستفكر هكذا , قبّلت خدها

مجددا وقلت " لن أقول لأني لا أريد لرجل غيري أن يرى شعرك

الجميل لأن هذا كنت أريده منذ رأيتك أول مرة "

قالت بهدوء " لماذا إذا ؟ "

قلت مبتسما " لأنك امرأة مصلية تعرفين حدود الله ولا أريد

أن تحاسبي وأنا مثلك أمامه "

وقفت وتوجهت للمرآة ووقفت أمامها وقالت وهي تعدله " ولأني أعلم أنك

لست تفعلها كفرض رأي وتحكّم ولأني فكرت في هذا الأمر سابقا كلما

فتحَتْه معي دُرر سألبسه من الغد وصاعدا "

توجهت نحوها وضممتها من طهرها وقلت ناظرا لوجهها في المرآة

" أنظري كم أنتي فاتنة به "

ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " سترى إذاً فلن أخلعه إلا ليلا

وبعد أن تنام أنت "

ضحكت وقلت " لا هكذا مستحيل "

ابتعدت عني ونزعته وقالت " سآخذ من سدين غيره , هذا لونه لا يعجبني "

أمسكت وسطي بيداي وقلت " جامليني مرة واحدة يا مستبدة "

ضحكت وقالت " لأني مستبدة لا أعرف المجاملة "

ثم قالت وهي تلفه على وركيها وتربطه " سننتفع به لشيء آخر مثل الرقص "

ضحكت كثيرا وقلت " هذا يجدي أيضا إن كنت تجيديه فعلا "

هزت قليلا وقالت " لا تسخر مني فلست تعلم حجم قدراتي ومواهبي المخفية "

أخرجت هاتفي وقلت " إذا هيا أريني مواهبك وأنا سأشغل لك موسيقى تنفع لهذا

لكن دعيني أحدث الرجل ليأتي أولاً "

*~~***~~*

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع



فيتامين سي 23-04-16 09:11 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي والستون)
 


*~~***~~*

أنهى الاتصال معه ونظر للأرض بشرود فقلت " ما بك يا قصي !

ماذا قال لك شقيقها ؟ "

رفع نظره بي وقال " قال تريد أن أراها أولا "

قلت مستغربة " ألم تقل أنها ستعلم اليوم ! وكنت تنتظر موافقتها

وتوقعتها ما أن اتصل شقيقها الآن ! "

قال بحيرة " نعم وهكذا ضننت حين ستقرأ ما كتبت لها في ذاك

البطاقة ويبدوا أنها لم تراه "

قلت بتفكير " قد تكون فهمت ما كتبت بشكل خاطئ "

وقف وقال " لا شيء فيه ستفهمه بشكل خاطئ فقد طلبت منها أن

توافق عليا وكتبت لها اسمي "

نظرت له فوقي ولم أعرف ما أقول فقال بضيق " ستفسدون كل شيء

بمخططكما , ولا أعرف لما وافقت على ما طلبته مني "

ضحكت وقلت " ترجمان ضمنت لي موافقتها وأنها ستصلح الأمر في

أي حال فثق بها أنا أكثر من يعرفها "

قال ببرود " إن أضعتماها مني فلن أسامحكما "

ضحكت وقلت " وماذا قررت الآن ؟ "

تنفس بقوة وقال " سأذهب صباح الغد طبعا فيكفي ما أفسدتم من

الأمر حتى الآن تتسلون على حسابي "

شهقت وقلت بصدمة " كنت موافقا ومتحمسا لكل هذا فكيف

تغير كلامك الآن ! "

قال مغادرا الغرفة " لنرى نهاية كل هذا "

وما أن خرج حتى دخلت والدتي وقالت " متى جاء قصي ؟ وما به

غادر بسرعة هكذا ؟ "

قلت مبتسمة " جاء ليرانا قبل أن يعود للمنزل وينام , ولديه غدا

مقابلة مع عروس المستقبل "

قالت باستغراب " ولما يراها وهوا يعرفها ! "

ضحكت وقلت " دعيه يرى ردة فعلها التي هرب منها اليوم "

بكى طفلي حينها فقلت من فوري " هاتيه لأرضعه مؤكد جائع , ولنغير

حفّاظه بما أنه استيقظ "

مدته لي وقالت مبتسمة " ليس كثير بكاء مثلك في صغرك تماما

سيأخذ طبعك الهادئ "

أخذته منها وقلت بضحكة " لو أخذ طبع والده لقلب المستشفى رأسا

على عقب من صراخه "

ضحكت وقالت " سمعته أول أمس يصرخ على العمال لتركهم صنبور

المياه مفتوحا , أنا التي لا دخل لي شعرت بشعر جسدي وقف "

مسحت على شعره أراقب ملامحه وهوا يرضع وقلت " لكن قلبه لا

أنقى منه يا أمي , ستعاشرينه وتعرفيه "

جلست على طرف سريرها وقالت مبتسمة " عرفته من تعلقك به وحبك

له ولن تحب امرأة رجلا بلا قلب وقاس عليها "

قلت ونظري لازال على أصابعي التي تعبث بشعراته الحريرية الكثيفة

" حمدا لله الذي رده لنا ليرى ابنه , ويجده ابنه ما أن يكبر بجانبه

ويربيه ليكون رجلا مثله "

*~~***~~*

تحسست بطني بيدي وقلت " ألا ترى معي أن حجمه يكبر بسرعة ؟ "

أمسك يدي وأبعدها وقبّلها وقال " اتركيه يكبر كما يريد , ما

شأنك به ؟ "

قلت من فوري " سيتعبني في ولادته , أريد كدُرر ولدته بسهولة

لصغر حجمه "

قال بضيق " وهل يعجبك هكذا صغير كالدمية "

ضحكت وقلت " لكنه رائع وجميل أليس كذلك ؟ "

قال مبتسما " نعم حفظهما الله له , من كان يصدق أنها ستلده

ووالده معها ؟ كم من نِعم لله علينا "

قلت وأصابعي تتلمس فكه " ماذا تريد أن تسميه ؟ أنت لم

تخبرني حتى الآن "

قال مبتسما " لا أعلم أسميه معجزة أم منة أم مفاجأة "

قلت بصدمة " ماذا !! ما هذه الأسماء البشعة ؟ "

ضحك وقبّل يدي وقال " فليطل علينا سيادته والاسم لا يهم "

قلت من فوري " نسميه رائد يعجبني كثيرا هذا الاسم "

قال بتفكير " رائد رِفعت صياد , أسم مناسب متناسق تماما ليس مثلهم

جابر أواس مجدي ! يفترض أنه أواس جابر مجدي سيكون أفضل "

ضحكت كثيرا فقال " هيا نامي حالا أو لن تذهبي غدا لمنزل ابن شقيقك

وإن سمعت فقط أنك تحركتِ هناك قطعت ساقيك مفهوم "

ضحكت وقلت " أعانني الله عليك حتى ألد , ألم تقل الطبيبة أني

اجتزت المرحلة الخطرة ؟ "

أشار بإصبعه وقال " نامي هيا أو نفذت تهديدي "

ضحكت وقلت " حاضر فقط لا تمنعني عنهم غدا "

*~~***~~*

نزلت السلالم وأمي تتبعني قائلة " عودي لغرفتك فورا وأزيلي هذه

الأوساخ سيهرب الرجل منك "

تجاهلتها تماما حتى وصلت للأسفل ووقفت على صوتها قائلة بتهديد

" قسما يا سدين إن فر الرجل بسبب شكلك كما حدث مع زوجك سابقا

يوم خرجتِ له هكذا لا أنتي ابنتي ولا أعرفك "

التفت لها وقلت بضيق " حياتي يا أمي وأنا أقررها فإن كان رجلا بحق لن

يعنيه مظهري هذا لأنه لن يتغير حتى بعدما سأصبح زوجته وفي منزله

وإن كنت لا أعجبه هكذا فأنا في غنى عنه , الله لم يخلقه وحده "

هزت رأسها بيأس وقالت مغادرة " اللوم ليس عليك بل على الرجل

بشاربيه ولحيته ويطاوعك في كل هذا "

تأففت وتوجهت جهة باب المجلس الداخلي للمنزل , فهذا المتوقع منها ستسمعني

ما لد وطاب وتلوم إياس على إطاعته لي , فلن يفهم أحد لما أفعل هذا ولن أغير

رأيي ولست على استعداد أن أكون في أمين جديد فهذا الرجل تشاءمت منه من

وقت خروجه المبهم في حياتنا وطلبه الزواج مني وإصراره على الاستعجال هكذا

والكارثة الأعظم حب والدتي الخرافي له فهي لا ترضى عن أحد إلا وكان ورائه

حكاية وكارثة , نظرت لنفسي في المرآة قرب المدخل نظرة أخيرة وتأكدت من أن

كل شيء في مكانه وعدّلت شعري , لا أعلم لما لا أعجبهم هكذا فما أجملني ؟

أرسلت قبلة لنفسي في المرآة وأخذت نفسا قويا وتوجهت لباب المجلس , فلنرى ما

سيكون رأيك بي بعد الآن سيد قصي , لا وجاء من ثاني يوم ومستعجل جدا على

رؤيتي ؟ ما أن وضعت يدي على مقبض الباب حتى رأيت إياس يخرج من الباب

الآخر حيث يفصلنا باب المنزل المفتوح وكان يتحدث في هاتفه وأشار لي بيده

أن أدخل وأنه قادم حالا , ما هذه الورطة كيف يتركنا معا هكذا ؟ لا بأس

كي يقول ما لديه دون أن يخجل من إياس ويعطيني رأيه بي مباشرة

*~~***~~*

خرج شقيقها وتركني جالسا وحدي وهوا من اتصل بها للتو لتنزل ليضعني في

مواجهتها لوحدي وهرب , كان وجوده سيمتص صدمتها قليلا ولن تستطيع قول

شيء أمامه أما الآن فلا أستغرب أن تطردني من هنا خاصة بعد حديثي معها أمس

عن زواجي , ما هذه الورطة التي وضعت نفسي فيها ؟ هذه الفتاة تبدوا مدللة من

عائلتها حد أنها طلبت الطلاق من زوجها السابق ووقفوا معها ومؤكد ما أن تكتشف

كذبتي سترميني بقدمها خارجا والجميع سيقف في صفها , ضغطت قبضاتي بقوة

وأنا أرى مقبض الباب يدور , تبا لقد لعبوا بي النساء وسيفسدون عليا زواجي بمن

أحببت , انفتح الباب ودخلت منه لكنها لم تنظر ناحيتي بل كانت مشغولة بشيء ما

علق في سوار يدها ويبدوا موصولا ببنطلونها , لم أستطع أمساك ابتسامتي وأنا

أرى المظهر الذي ظهرت به والثياب وصبغة الشعر , هذه المجنونة تعمدت كل

هذا لأراها فيه وعلمتُ الآن لما طلبت رؤيتي بل وفهمت لما طلبت الطلاق من

زوجها الذي يبدوا لم يرى مظهرها إلا بعد زواجهما ولم يعجبه , شدّت يدها بقوة

وقطعت السلسال الموجود بحزام بنطلونها الذي علق في سوارها لحظة ما نظرت

جهتي وتمتمت بشيء ما متضايقة ثم جمدت مكانها وشهقت بقوة تنظر لي دون أن

ترمش فشعرت حينها بورطتي الحقيقية فعضضت طرف شفتي كمن وقع في

مأزق فرمت قطعة السلسال جانبا بقوة وقالت " المريخي !! "

ضحكت وقلت " صاحب العينين الخضراء "

توجهت نحوي وأنا أنظر لها مستغربا حتى وصلت عندي ورفعت وسادة

الأريكة وبدأت بضربي بها قائلة " كاذب ومحتال لما لم تخبرني أنه

أنت ؟ سأريكم جميعا "

قلت ضاحكا وأنا أحتمي بذرعاي على وجهي أحاول تجنب ضرباتها

المتتالية " لو قرأت البطاقة أمس لعلمت كل شيء "

قالت بضيق ولازالت تضربني " سأريكم أنت وشقيقتك وشقيقتها

يا محتالين يا مجرمين "

وقفت وأخذت منها الوسادة ورميتها بعيدا وأمسكت رسغيها وأدرتهما خلف

ظهرها واقفا أمامها لتصبح بين ذراعاي وقلت مبتسما وناظرا لعينيها الجميلتان

" أنتي الفتاة التي أحببت وبحثت عنها طويلا يا سدين وما كنت سأفرط فيك "

نظرت للأسفل وقد علت خديها حمرة طفيفة فشددت على يديها أكثر

وقلت بهمس " قولي شيئا قبل أن يرجع شقيقك "

أنزلت رأسها أكثر وقالت بحياء " مخادع .. لست تعلم أي ليلة مررت بها

البارحة وكم دعيت على نفسي وأنا أضنها فتاة أخرى كنت تقصدها "

ضحكت ضحكة خفيفة ولم أعلق فرفعت رأسها ونظرت لي بضيق فتركت

يديها وأمسكت وجهها وقلت " أحببتك من أول يوم رأيتك فيه يا سدين لأني

رأيت داخلك رأيت كم أنتي مختلفة عن كل من قابلت وكم أعجبني

تمسكك بقناعاتك وإثبات ذاتك للجميع "

أغمضت عينيها وقالت بتنهيدة " ويلي منك يا أحمق , ضننت أنه لا

وجود لك إلا في المريخ "

عضضت شفتي بقوة ممسكا نفسي عنها وقلت مبتسما

" أريد أن أعلم شيئين الآن "

فتحت عينيها ونظرت لي باستغراب فقلت " ما الذي قلته فور دخولك

حين قطعتِ السلسال "

قالت مبتسمة " قلت ما هذا الشؤم الذي يحل مع هذا الرجل دائما "

نظرت لها بصدمة ثم ضحكت وقلت مبعدا يدي ورفعت بلأخرى خصلة شعرها

الحمراء النارية عن وجهها " وشعرك هل يراه كل من يأتي خاطبا ؟ "

أنزلت رأسها وقالت " بل أنت أول رجل يراه بعد شقيقي وخالي

وعمي وزوجي السابق طبعا "

قلت ببرود " وماذا رأى ذاك أيضا ؟ "

تحركت حتى كانت خلفي ودفعتني قائلة " تحرك والحق بشقيقي في


الخارج وأخبره أني موافقة لا بارك الله فيكم يا حمقى يا رجال "

اكتفيت بالضحك وهي تدفعني حتى أوصلتني خارج باب المجلس وأغلقته

خلفي , مجنونة وكم أعشق كل شيء فيها حتى فصوصها وشعرها الملون.

.

.

.


بعد مرور خمسة أعوام

أمسك كتفي بيده وقال مبتسما " تصور من الضابط الذي سيباشر عمله

اليوم متدربا "

نظرت له باستغراب وقلت " ضابط ومتدرب ! كيف تكون هذه ؟ "

ضحك وابعد يده وقال " أجل ضابط متدرب , وصل قرار تعيينه لي مباشرة

من الوزارة , خريج كلية الشرطة حديثا وبدل أن يكون ضابطا سيكون

متدربا وقد تم نزع النجوم من كتفي سترته أيضا "

نظرت له بعدم فهم واستيعاب وقلت " عقيد أواس قل شيئا مفهوما

يا رجل "

دار خلف مكتبه وقال " أمجد جابر حلمي "

نظرت له بصدمة وقلت " ابن الوزير !! "

هز رأسه بنعم وقال " وبقرار من والده "

لم أعرف ما أقول وبما أعلق وكيف اركب الجملة في رأسي من أساسه وكنت

سأتحدث فطرق أحدهم الباب ودخل منه وضرب التحية , كان شابا في الثالثة أو

الرابعة والعشرين من العمر له طول وأكتاف عريضة وجسد رياضي متناسق

وشعر بني ناعم كثيف , بشرة بيضاء وملامح جميلة مسترخية بها جاذبية غريبة

وكان ببذلة ضباط الشرطة فوجهت نظري لكتفيه فورا وكانا بالفعل بلا نجوم فهذا

الشخص المعني إذا , ابن الوزير ويعمل هنا !! لا ومتدربا بعد كل هذه السنوات

التي درسها ! وعلمت عنه أنه من المتفوقين في كليته وبشكل ملفت للنظر ! ابن

وزير يفترض أنه يمسك مركزا في الشرطة أو الجيش حتى إن كان فاشلا صعلوكا

فكيف إن كان ناجحا مثله !! تحرك أواس من خلف الطاولة وقال " هذا هوا

الرائد آسر من ستكون رفيقا له هذا الأسبوع فهوا المسئول عن جميع

وحدات جنوب العاصمة وشرقها "

قال من فوره " وأنا تحت أمره "

لم أستطع إمساك ضحكتي وقلت " قل قسما أنك أمجد ابن وزير

الداخلية وليست طرفة منكما "

قال مبتسما " بلى ومستعد أن أريك بطاقتي "

قلت باستغراب " وكيف رضيت له أن يذلك هكذا يا رجل "

قال من فوره " بل راض تماما وموافق وعليا أن أتبث جدارتي وأن أستحق

كل رتبة سآخذها كما بَنا هوا نفسه درجة درجة واستحق ما صار عليه "

هززت رأسي وقلت بإعجاب " ابن والدك حقا وبارك الله فيما رباك عليه "

قال بفخر " وفي التي ربتني قبله "

تحركت جهة الباب قائلا " اتبعني إذا وويلك مني يا ابن الوزير "

خرج خلفي ضاحكا وقال " ولن أجد من يردع شرك عني طبعا فوالدي

رفع يده مني ما أن وصل قرار تعييني هنا معكم "

ركب معي سيارة الشرطة وتنقلنا قليلا أشرح له عن بعض تحركاتنا وكان

ذكائه ملفتا للنظر حقا وسرعة بديهته وحفظه للأمور سريعا , دخلنا شارعا

معينا وقلت " طبعا لن تخبر أحدا عن هذه المخالفات التي ستراها الآن "

ضحك وقال " اعتبرني غير موجود إن كانت في المباح شرعا "

ابتسمت بإعجاب وقلت " طبعا مباحة , سأزور منزلا هنا قبل أن يذهب

كل واحد منا لتناول الغداء في منزله فلن أدعوك لمنزلي كي لا

تدعوني لمنزلك "

ضحك وهز رأسه بحسنا ووصلنا حينها لمنزل عمي منصور الذي لازال

يعيش وعائلته في ذات المنزل الذي تبرعت به سراب لهم , نزلت من السيارة

ولاحظت أنه فتح الباب ونزل أيضا وفور وقوفه نظر لطابقه الثاني وكأنه

يبحث عن شيء في شرفاته ثم نظر لي وقال " أهذا منزلك ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " منزل عائلتي ولي منزل أنا وزوجتي وأبنائي "

دخلت المنزل وصعدت السلالم وما أن توجهت لوسط الطابق حيث صالون

واسع كالذي في الأسفل قلت لعبير وصفاء الواقفتان بعيدا " أين والدكم ؟ "

قالت عبير من فورها " جاءه رجل وخرج معه منذ قليل "

كنت سأغادر فتوجهت إسرار نحوي صارخة بفرحة وحضنت ساقاي

فقلت ضاحكا " أصبحتِ في الثامنة ولا تزالين ترحبين بي "

أشارت لي بيدها وقالت " انزل سأقول لك شيئا "

نظرت لها باستغراب على صوت صفاء قائلة بحزم " إسراء "

نظرتُ لها ثم لإسراء ونزلت عندها وقلت " ماذا هناك ؟ ما الذي

تريدون إخفائه عني ؟ هل ينقصكم شيء ما ؟ "

نظرت للخلف وقال " صفاء ستضربني "

أمسكت كتفيها وقلت " لن تضربك فقولي ما الذي تريدين إخباري به "

همست في أذني قائلة " صفاء وداليا تشاجرتا مع أحدهم في المدرسة "

نظرت للواقفتان هناك من فوري وقلت للتي همت بالمغادرة

" صفاء تعالي واذهبا أنتما "

غادرت عبير ونزلت إسراء للأسفل طبعا هربا من الجميع ووقفتُ أنا على

طولي ونظرت لوجهها وهي تنظر للأسفل وقلت " ما هذا الذي حدث في

المدرسة وتخفونه ؟ وأنا من نبهت أن تعلموني بكل شيء قبل أن

يتفاقم ولا نجد له حلا "

قالت بصوتها الهادئ الخجول " كان شابا ضايقنا فقط "

قلت بحزم " إسراء قالت أنكما تشاجرتما معه فلا تكذبي عليا يا

صفاء فهذا ليس طبعك "

نظرت لي وقالت من فورها " لم يتشاجر معنا نحن صدقني آسر "


قلت بجدية " مع من إذا ؟ "

نزلت بنظرها للأسفل مجددا وقالت " مع شاب من الشرطة وقف

بسيارته حيث كان ذاك الشاب يضايقنا في الشارع "

قلت من فوري " شرطة ماذا هذا ؟ "

هزت رأسها وقالت " لا أعلم لقد نزل فتعرض له ذاك الشاب وكانت بذلته

كبذلتك سابقا وتشاجرا وضربه ففر هاربا , قال لنا ذاك الشرطي أن نسير

وأنه سيكون خلفنا حتى نصل , هذا هوا فقط ما حدث أقسم لك "

ربط دماغي الأمور سريعا وشككت بأمر من تصرف خارجا بغرابة ونظرت

لها وهي تهرب بنظرها مني للأرض , صفاء أجمل شقيقاتها وجهها الدائري

الصغير الملائكي وخديها المتوردان , أخذت عينا والدها الجميلتان وبياض

والدتها وأصبحت ما أن كبرت مغناطيسا للشباب الطائش والمشاكل كلما

تأخرت حافلتهما وعادتا سيرا للمنزل , قلت بجدية " ولم تريه سابقا ؟ "

رفعت نظرها بي سريعا وقال بصدمة " من تعني ؟ "

قلت من فوري " ليس المضروب أعني طبعا "

هربت بنظرها مني مجددا وقالت بارتباك وتورد خديها في ازدياد

" كانت مرة واحدة في الطريق ولم يتحدث معنا أبدا آسر أقسم لك "

تنهدت بقوة ووضعت يدي على كتفها وقلت بهدوء " صفاء أنتي فتاة عاقلة

مقبلة على الجامعة فلا تجعلي شيئا يشغلك عن دراستك ومستقبلك فبعض

الأشياء يستحيل أن تكون لنا لأنها أعلى من مخيلتنا "

نظرت لي باستغراب وعدم فهم فقلت مغادرا " ذاك الشاب أبن وزير

الداخلية يا صفاء وتعلمي مؤكد من هوا والده وكيف يكون "

وغادرت من هناك نازلا السلالم متمنيا أن تكون وضعت اعتبارا لكل ما

قلت رغم أني موقن من أن ما بينهما أكبر من أن تستمع لنصيحتي

*~~***~~*

نظرتُ للطفل الذي يحبوا بعيدا جالسة على الأرض أطعم آخر أجلسه على

فخذي وصرخت بالواقف موليا ظهره لنا قائلة " وسام "

ثم هززت رأسي متأففة وقلت " حسام أمسك شقيقك قبل أن يوقع الطاولة

على رأسه , وأحضره لي هنا "

نظر له من بعيد وتأفف بتذمر ثم توجه نحوه ورفعه من كتفي قميصه ليصبح

معلقا بثيابه فقط وهوا يضحك مبتهجا وتوجه به نحوي فصرخت بصدمة

" أمسكه جيدا ستخنقه بقميصه يا أحمق وكأنك لست ابن الأربع سنوات "

وصل به وأنزله موقعا له وغادر بلامبالاة كعادته على صوتي الغاضب " لو

أحبني الله لكنتم فتيات جميعكم لا بارك الله في اليوم الذي عرفت فيه والدكم "

انفتح الباب حينها ودخل منه المعني بكلامي مبتسما وقال " ما بك

صراخك في أول الشارع ؟ "

أشرت للطفل الذي عاد يحبوا ناحيته وقلت " أحضره هنا , ومن يكون

لها أربع قرود مثلهم ولا تصرخ ؟ "

رفعه عاليا وقبل خده ثم توجه به نحوي وجلس مجلسا له في حجره

وقال وهوا يسحب صحن الطعام من أمامي " أعطني لأطعمه أنا

وضعي لي الغداء لأغادر "

أبعدتها عنه قائلة " لا أنت ستوسخ بذلة الشرطة هكذا والأخرى في المغسلة

دورك غدا ستحممهم الأربعة وتطعمهم لأشطف أنا المنزل كاملا "

ضحك وقرص خدي وقال " أنتي لستِ عادلة هل لاحظت ذلك ؟ ثم

الخادمة ستصل هذا الأسبوع فأجلي حملات تنظيفك قليلا "

قلت باستغراب " ولما تأتي بالخادمة الآن ونحن سننتقل لمنزلنا

الجديد نهاية الشهر ! "

وقف حاملا فراس معه وقال " لترتاحي قليلا , سأذهب لأضع غدائي

وحدي ككل مرة "

وتوجه جهة المطبخ فحملت فارس ولحقت بهما ودخلت خلفه وجلست على

الطاولة وقلت مبتسمة " اغرف لي معك أيضا فأنا لم آكل حتى الآن "

ضحك وقال وهوا يسكب الأرز " كل خوفي يا سراب أن أصبح

أغسل ثيابك وثيابي بعد التوأمين القادمان "

ضحكت وقالت " لا تستغرب شيئا "

*~~***~~*

اتكأت بيدي على مقدمة السيارة الحوض التي اشتريناها مؤخرا من أجل
المزرعة ونظرت للرأس الصغير الذي أطل من النافذة قائلا

" بابا ألن نذهب ؟ "

نظرت للساقين الخارجتان من تحت السيارة وقلت مبتسما " لنرى

والدتك ومهاراتها الوهمية أو لن تذهبي لأي مكان "

خرجت التي كانت تحت السيارة ووقفت تنفض يديها وقالت " جربها

ولا تسخر من مهاراتي وتنعتها بالوهمية مرة أخرى "

توجهت لبابها المفتوح وأدرت مفتاحها دون أن أركبها فاشتغلت سريعا

على صوت تصفيق شهد الحار قائلة بحماس " رائع ماما رائع "

أغلقت الباب ونظرت لها وقلت مبتسما " كل هذه السنوات ولم أعلم أنك

تجيدين تصليح السيارات ؟ "

قالت وهي تمسح يديها بمنديل ورقي " أخبرتك سابقا أن قدراتي تفوق مخيلتك

فشقيق العجوز ذاك لم يترك شيئا لم يعلمه لي ومنذ طفولتي , جميع الأشياء

التي كانت ستخدم مصالحه حين أكبر دربني عليها "

ثم تابعت وقد رمت المنديل من يدها " وما لم يتخيله أني ما أن سأكبر

سأتمرد عليه وأعصيه ولم أعد أفعل له شيئا "

هززت رأسي مبتسما وقلت " ولما وأنا متورط في سيارتي سابقا لم

تفكري في مساعدتي بقدراتك هذه "

قالت وهي تتوجه للباب وتفتحه " لأن كل تلك المشاوير لم تكن

تخصني طبعا "

وركبت وأغلقت الباب خلفها فهززت رأسي ضاحكا وركبت أيضا

فقالت شهد ما أن أغلقت بابي " ماما هيا نغني للحقول "

ضحكت وقالت ونحن نغادر المزرعة " غني أنتي ووالدك , لو كنتِ

تريدين أن أغني معك لجئتِ تشبهينني وليس تشبهينه "

ضحكتُ كثيرا وقلت " تعالي نغني أنا وأنتي يا شبيهتي الجميلة ثلجية

البشرة عسلية العينين بنية الشعر واتركيها وحدها "

التصقت بي من فورها وبدأنا نغني معا أنظر بمكر للتي تنظر لنا ببرود

حتى قلت " اسمعي سأغني أنا وحدي أغنية ستعجبك وعليك أن

تحفظيها عن ظهر قلب "

سكتت من فورها تنظر لي بفضول طفولي فنظرت للطريق وبدأت الغناء

قائلا " قالت لكل الأصدقاء هذا الذي ما حركته أميرةٌ بين النساء سيستدير

كخاتمٍ في أصبعي ويشب نارا لو رأى شخصا معي .... يااااا مستبدة "

وبدأت شهد تكرر خلفي والمعنية بالكلمات طبعا نظرت جهة النافذة متجاهلة

لنا تماما , ورغم أن الأغنية جميعها مديح وإطراء لها لازالت لا تحبها

*~~***~~*

رتبت لها تنورتها وأدخلت القميص فيها جيدا لحظة ما انفتح باب المنزل

فقبلت خدها وقلت " بسرعة يا مشاغبة لوالدك سنغادر الآن "

ركضت جهة قصي الداخل من باب المنزل وقد تلقاها بذراعيه ورفعها

للأعلى راميا لها في الهواء على صرختها المبتهجة كعادتهما ووقفت

وحملت مؤيد الذي وجد فرصته ليحبوا بعيدا وتوجهت نحوهما قائلة

" للسيارة بسرعة يكفي ما أخرتنا للآن "

ضحك وضمني بذراعه الأخرى وقال خارجين

" مازلت تصرين على رأيك ؟ "

قلت وقد وصلنا السيارة " بالتأكيد وظننتك ستفهم موقفي "

وضع رناد في السيارة ثم أخذ مؤيد مني ووضعه في مقعده المخصص في

الخلف ثم خرج من السيارة ونظر لي وقال " بلى فهمت ما تريدين إيصاله

لي حبيبتي لكني قلق عليها حقا وأواس أوصاني عليها كثيرا قبل مغادرته "

ثم أغلق باب السيارة ولازال ناظرا لي بعدم اقتناع فتنهدت بقوة وعجز وقلت

" قصي أنت تعلم وتعرف درر جيدا وحالة هوسها بزوجها من بعد اختفائه وعودته

من أربع سنوات , وإن مر عليها نصف يوم دون أن تعلم أين يكون يجن جنونها وهوا

حريص دائما على ذلك , فأن يذهب بأولاده اليوم خارج العاصمة ولا يخبرها أين ولا

السبب ويأخذ والدتها لها من الصباح يعني أن عقلها جميع مجساته تعمل الآن فكيف إن

ذهبنا لها نحن أيضا فستشك بالأمر وقد يصور لها عقلها أمورا غير موجودة ولن نستطيع

أن نخبرها بالحقيقة لأنه حذرك كثيرا ولأن معرفتها بما سيجري قد يؤثر عليها وهي

حامل وفي شهرها , ولا تنسى كيف وكّلت محام دافع عن العجوز التي اختطفتهم

وشقيقها وكادت زوجة إياس تجن لأنها فعلت ذلك , لأن شقيقتك مختلفة وقلبها

رقيق وضعيف حتى اتجاه الشخص الذي سيكون آذاها يوما "

تنهد تنهيدة طويلة شعرت أن فيها كما من المرارة ثم أمسك وجهي بيديه وقبّل جبيني

ثم نظر لعيناي وقال " رغم كل ما كنت أعلمه عنه ورغم ما فعل بنا يا سدين لا

أنكر أن الخبر أثر بي وأشعر بالضيق اليوم وأنا من لم أتوقع ذلك ويبدوا لي

معك حق فيما قلته "

أمسكت يديه بقوة وقلت ناظرة لعينيه " هذا أجله كان سيقضيه على كل حال "

هز رأسه بنعم ثم ركبنا السيارة مغادرين لمنزل عمي رفعت فقد أقنعته بصعوبة

ليعذل عن قراره بأن نذهب لمنزل شقيقته حيث أنهم انتقلوا من هنا وأخذت أنا

وقصي منزلهما الجديد وبقيت والدته وخالته وجدته في منزل أواس الأول وكله

كان بإصرار من زوج دُرر بعد عودة ابن الخالة راحيل ولأن شرط إياس من قبل

زواجنا ومن بعد زواج رغد الأول أن يكون لأي واحدة منا تتزوج منزلا مستقلا

عن أهل زوجها فكنا نأخذ الطابق الثاني في منزل أواس الذي كان بسم درر قبل

أن يشتريه قصي منها وحين عاد ابن الخالة راحيل خرج أواس فورا من سور

المنزل بأكمله ولا أفهم لما ! وانتقلنا نحن لمنزلهم السابق

نظرت له ونظره على الطريق ثم أمسكت بيده التي يضعها على يد السرعة فنظر

لي وابتسم ثم رفعها لشفتيه وقبلها , قصي كان أجمل شيء حدث لي وأروع رجل

ما كانت ستعطيه لي الحياة مرة أخرى فهوا يعرف كيف يتصرف مع المرأة وكيف

يحتويها في كل حالاتها , وتجربته الطويلة مع نساء عائلته تبدوا علمته الكثير والكثير

فأراه يعلم متى يعامل ابنته الطفلة كامرأة ومتى يعامل زوجته المرأة كطفلة وبالعكس

ولست أصدق حتى الآن كيف جعلني أستغني عن مظهري السابق بدون أن ينتقدني ولا

أن يجرحني فكان يكفي منه أنه كان يتغزل بي وقت استيقاظي صباحا وقبل النوم ووجهي

لا زينة فيه أكثر من أي وقت آخر حتى جعل تلك الأوقات إدمانا لي وبث أريدها في كل

وقت , ثم بعدما أنجبت رناد وكبرت قليلا كان معترضا على أن أجعلها نسخة مصغرة

عني وكان يقول ( لا أريدها أن تكبر معتادة على هذا فلن أجد لها زوجا يقدرها وستتعب

كما لو أنك تزوجتِ بزوجك السابق ذاك وستعاني من الجميع , فمن أين سنجد لها شابا

عاش في الخرج يعلم أنه ليس المظهر ما يحكم على الإنسان ) ولم يغضبني أبدا كلامه

وقتها لأنه لم ينتقدني بل حاول أن يشرح لي أن ابنتنا ستعاني مستقبلا حتى اقتنعت عن

نفسي أن أترك كل تلك الأشياء ليكون قصي معي طوال النهار ذاك الذي لا أعرفه إلا

ووجهي مغسول بالماء للتو , ولكي لا تحذوا ابنتي حذوي وهي تراني أبيح كل ذلك

لنفسي ثم تُوقعها أقدارها في زوج يراها كما كان يراني أمين , نظرت للخلف حيث

الملتصقة بالنافذة تغني وقلت ضاحكة " قوليها أمام رائد وسنلقى منه ومن

والده ما سيسرك ويسرنا "

التفتت لي وقالت مبتسمة " ثنزور رائد , لا أحب أحمد "

ضحك قصي وقال " على خالك أن يجد حلا لعداوة ابنه مع ابنتي فلن

أرضى أن ترجع لي منه بوجه مليء بالخدوش كل مرة "

قلت مبتسمة " تعرفه جيدا لا يتحمل في ابنيه ولا الكلمة الطائشة ولن تجد

فيه العون أبدا "


وطبعا أنجبت زوجته ابنهما الثاني أحمد وعمر رائد عام واحد وبعدها أجهضت

مرة ونصحها الأطباء بعدم محاولة الحمل مجددا لأنها ستؤثر عليها ورغم أنها

لم تكن تريد أن تلقي لكلامهم بالا إلا أن خالي رِفعت عارض وبشدة وقال أن

الاثنين يكفيانه ويزيد , وكم كان رجلا قنوعا ورائعا ويعجبني كيف يعامل

ابنتهما غدير وأبنها وكأنه حفيده من ابنته فالرجال أمثاله نادرين هذا

الوقت عدا الجالس بجواري طبعا , آه نعم وإياس شقيقي أيضا

*~~***~~*


دخلت مبنى سجن جنوب العاصمة أحمل طفلتي التي تمسك في يدها حلوى تمصها

ثارة وتتحدث مشيرة بها ثارة أخرى وأمسك بيدي الأخرى يد جابر الذي أصبح

الآن في الخامسة , ببذلة عملي التي يمسك ابني قبعتها ولولا رتبتي هذه ما تمكنت

من الدخول بهما ولا رؤية من سأراه بعد قليل , أجل هذا هوا اليوم الذي انتظرته من

خمس سنوات وبعد محاكمات ومرافعات طويلة وبعد تأجيل وتمديد وحصر لجرائم

لا يتخيلها عاقل ولا مجنون صدر قرار المحكمة العلية في البلاد بإعدام المجرم

الذي ما رأت له مثيلا من قبل فمهما أجرم الناس لن يكون جرمهم وجرائهم كمن

أمسك القضاء يوما وعتا به فسادا في الأرض , وصلت لباب الحجرة التي يوجد

فيها حاليا قبل نقله لتنفيذ الحكم عليه وفتحته ودخلت بعدما أمسكت يد جابر مجددا

مدخلا له معي فوقف الجالس بالثوب الأحمر مصفد اليدين والقدمين بالسلاسل ينظر

لي بصدمة فمؤكد لم يتوقع أن يراني وأني حيا أرزق وأن النجمتين على كتفي تحولتا

لنسرين ونجمة , بل لدي طفلين أصغرهما عمرها عامين ونصف فقط , ابتسمت

بسخرية وقلت للواقف ينظر لنا ولم يتخطى الصدمة بعد " طبعا لم تتوقع رؤيتي

بل وأبنائي معي , فسأعرّفك عليهم لكني لن أعرفهم عليك "

اكتفى بابتسامة ساخرة متهكمة كعادته التي لم يغيرها كل ما مر به

فقلت للممسكة لعنقي بذراعها الصغير " من والدتك ؟ "

أخرجت الحلوى من فمها فورا وقالت مبتسمة " دُرة "

شددت جابر لي وضممت رأسه لفخذي وقلت " وهذا اسمه جابر ومؤكد

خمنت لما سميناه بهذا الاسم وأن خاله قصي من سجله "

علت حينها الصدمة ملامحه أكثر فقلت بسخرية " نعم ابن ابنك الذي طلبت

من حفيدتك أن تقتله بسلاحه والذي هجّرته وعائلته يا قاضي القضاة العادل "

خرج من صمته أخيرا وقال ساخرا " عرض رائع , أجئت تُعلم أبنائك

أن يكونوا سفاحين مثلك ليروا جد والدتهم يموت مقتولا "

قلت مبتسما بتهكم " بل جلبتهم لتراهم أنت قبل أن تموت ولتعلم أن أمر الله هوا

النافذ وليس هناك بشر كان من يكون له القدرة على اللعب بأقداره مهما علا

وتغطرس ولعلك تتوب في هذه الدقائق قبل أن تلقى وجه بارئك "

ثم خرجت من هناك بهما ولم أكترث لكل صراخه وشتائمه التي أطلقها خلفي

فهذا أكثر ما يقدر عليه ومتوقع منه ليتخطى صدمة أنه تدمر وحده وخسرها

وخسر الحياة وحده وليس كما كان يتخيل

.

.

.


وانطوت فصول حكايتي التي لم تنتهي هناك بالطبع , وكلها كانت من عوالم

الخيال فلا الأسماء ولا الأشخاص ولا الشخصيات مستمدة من الواقع , ومؤكد

صادفتكم قصصا تشبهها ولو في أشياء منها لكنها لم تنتهي نهايتها ففي القصص

والحكايات لا فصول فيها لما بعد الموت لكن في الواقع فثمة يوم حساب يفرق فيه

بين الحق والباطل ويُفصل فيه بين الناس ويأخذ صاحب الحق الذي لم يأخذه في

الدنيا حقه لأنه يوم الحكم الذي لا باطل فيه .

وتبقى العبرة من هذه الرواية أن لا يترك الإنسان لظروفه مجالا لتبني شخصيته

جاعلا لها حجة وتبريرا , وعلينا بني البشر أن لا نحكم على أي شخص من

واقعه وماضيه الذي وجد نفسه مجبرا عليه كأطفال دور الأيتام واللقطاء



النـــــــــهاية

( رواية جنون المطر )ستكون في أول فصولها من جزأها الأول هدية العيد

لكم إن شاء الله ليكون لنا لقاء آخر جديد .

.

.


ولأني لست ممن يجيد كتابة الخواتيم كما أفتقر للدقة في كتابة البدايات فكل ما

أريد قوله أني سافرت معكم في كل سطر كتبته وكل فصل وضعته بين أيديكم

لعالم كنتم أنتم فيه أروع ما رأيت ووجدت , استمتعت جدا بردودكم وتعليقاتكم

وحماسكم وكأن ما يُكتب واقعا ملموسا وليس البشر من يتحكم فيه وكانت تجربة

فاقت توقعاتي بالفعل لأني خشيت فشلها حتى كدت أن لا أنزل الرواية لكنها

لاقت استحسانا منكم والحمد لله وهذا كل ما كنت أصبوا إليه

.

.


بداية أتقدم بخالص وجزيل الشكر لمن ساهموا في وصول الرواية لكم بأفضل

صورها .... الغالية ( فيتامين سي ) من كان لي كبير الشرف بلقائها والتعرف

عليها إنسانة أقل ما يقال عنها أنها نبع للعطاء دون توقف ولا طلب للمقابل فبفضلها

بعد الله كانت الفصول تصلكم في وقتها المحدد ورغم أشغالها الكثيرة وضيق وقتها

تحملت مشقة جمع الفصول وترتيبها وتنسيقها وتنزيلها لكم في أوقات ثابتة وأيام

مختلفة مما زاد مهمتها صعوبة ولم أرى منها إلا رحابة الصدر ولم أستشف ولا

بالخطأ تذمرا أو تسخطا في كلامها رغم أني أنا من عرض عليها الأمر فلك مني

كل الشكر أختي الحبيبة وحفظ الله لك عائلتك وعائلاتهم وحفظك لهم لتبقي

شمعة تنير حياتهم للأبد وتنير دروبنا هنا دوما


وأتقدم بالشكر أيضا للغالية ( لامارا ) على تعبها في نقل الرواية
وعلى إختيارها لصور الغلاف جزاها الله خيرا

.

.

وأتقدم بالشكر أيضا للغالية ( بحر الندى ) على تصميمها الرائع لغلاف الرواية

.

.


وأتقدم بالشكر أيضا للغالية مايا ( بلومي ) لاهتمامها بالرواية بفصولها وترتيبها

وقد سبقت أفضالها من رواياتي السابقة وكانت لي العون دائما

.

.


وأشكر من أعماق أعماق قلبي كل من كتب كلمات مهما كانت قصيرة وعبر

عن إعجابه وحبه للرواية واشكر كل من كانت لهم الردود المشبعة الرائعة التي
أتناولها بنهم في كل مرة وأنتظرها منهم بشغف وخاصة من تنقل لهم الرواية

ورغم أني لست متواصلة معهم كانوا يطرونني بردودهم السخية المفصلة

الرائعة لأحمل جميلا لهم على قلبي فلا أنساهم ما حييت


أشكر كل من زين روايتي بأشعاره وخواطره الرائعة لتحمل طابعا مميزا

وذكريات رائعة ستذكرني بهم على مر السنين كلما عدت لفتح فصول

رواياتي , ولتنقل إبداعاتهم لكل من سيقرأ ولو فصولا قصيرة منها




وفي النهاية أعتذر من أي شخص جرحته بكلمة أو أذيته وليعلم أنها كانت

بغير قصد مني وأني لا أحمل في قلبي مثقال ذرة على أحد منكم ولا يحق

لي ذلك فقد كنتن جميعا ونعم الأخوات المتابعات تعكس تعليقاتكم وردودكم

ونقاشاتكم طيب معادنكم وحسن أخلاقكم


وختاما رحم الله جميع موتى المسلمين ونشر سلامه وأمانه على بلادهم

أجمعين وفرج كربات أخواننا في فلسطين والعراق وسوريا واليمن و تونس

ومصر وبلادي الحبيبه ليبيا , وأدام أمنه وأمانه على باقي البلدان العربية

آمين يا رب العالمين


ودمتم في حفظ الله جميعا وسأشتاق لكم في كل وقت

أختكم ..... برد المشاعر




الساعة الآن 06:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية