منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   (رواية) قرفة | بقلمي . (https://www.liilas.com/vb3/t199626.html)

مشاعِر 28-05-15 08:20 AM

قرفة | بقلمي .
 

.



السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته .


،

من عَبقِ الحروف وعِطرِ الكلمات أزفُ لكم بعضاً من نبضِ المشاعِر ، مشاعِرٌ خطتها أناملي علَّها تَصِلُ إلى سماءِ وِجدانِكُم .

هيَ التجربَةُ الأولى ، التجربة الأصدق والأعمق ، ما أظنُ أنني سأكتِب أصدق من هذا ، أعمق من هذا .... و ما أظن أن تكون هناك تجرِبَةً ثانِيَة شبهةٌ بهذه .
استنفذتُ مشاعِري كُلها ، قوايَ جميعُها ، أعاصير الحَرفِ والكَلِمِ جمعتُها فنسجتها ثمّ شاء اللهُ أن خرجَت "قرفَة" .
والقرفة - يا سادة - تلكَ النكهة الحلوة الطعم التي تَشوبُها المرارَة ، الطعم ذاته الذي يُشبه طعمَ الحياة . بدايَتُها كانت لغةً فصيحة ، لكنّي أبدلتُها غايةً في نفسي ، علّ اللهجة العامِية توصِلُ المشاعِر كُلّها بالصدق الذي كُتِبَت منه .

وقد قمت بطرح روايتي هذه فيمُنتديين آخَرين ، فمن يريد نقلها عليه تذييل إسمي بها
و اقبلوا بي أيها الأحبه كشخصٍ أحبّ الكِتابَةِ فكتب ، لكن لم يرقى بعد ليكون كاتِبْ !



مشاعِر .
13 / 11/ 2014 م

مشاعِر 28-05-15 08:25 AM

1/ نبضٌ أزلي .
 
*





النبض الأول
نبضٌ أزلي






-1-
في ليلة باردة ، باردة لدرجة إذا الواحد زفّر يقدر يشوف نَفَسُه يتكثَّف أمامه ، أغلَق شاب في مُنتصف الثلاثينات دكانه و مشى في ممرات السوق اللي بدا يفضى من الناس ، ما غير أصحاب بعض الدكاكين .

صلّح التمصيرة اللي لافنها على راسه بعشوائية و تلثم بها لعلها تجيب له شيء من الدفى ، مشى بطوله الفارِع والمُلفت واللي يضفي على هيئته هيبة من نوع آخر ، دندن بصوته الحيوي ... بصوت يكاد يكون مسموع ومع عويل الريح يختفي تماماً .


وبين اللحظة والثانية يفرك يديه ببعضها يرتجي منها دِفى مفقود في ذيك الليلة

: محمد

توقف للصوت اللي ناداه و لقاه العم سعيد ، شيخ في الستينات ، جاره في السكن و جاره في السوق .
قال العم سعيد و هو يقفل دكانه : اصبر لي بخاويك
رد محمد بابتِسامة بانت فعيونه : حيّاك
حمل العم سعيد كم كيس ومشى باتجاه جاره الشاب
مد محمد يده ياخذ الأكياس عن العم سعيد : هات احملهم عنك
أجاب العم سعيد بصوت بردان : ما مشكلة
أصر محمد وأخذ الأكياس عنوّه : هات هات
مشى جنبه و فارق الطول بينهم كبير
: يا انه ذا البرد ينخر العظم نخر " قال العم سعيد وهو يفرك يديه ببعضها "
اكتفى محمد بهز راسه
سأل محمد بعد فترة سادْ فيها الصمت : ما سمعتوا أخبار عن عبدالله ؟
تنهد العم سعيد : لين ساعتك ذي وحنا ما نعرف عنه حاجة ، لا يتصل ولا شيء ، ما يسأل عن أمه اش مسوية والا عن ذيك القاصفة ( المسكينة ) هي وعيالها ، والا من وين ياكلوا والا يشربوا ؟
طبطب محمد على كتفه : الله كريم عمي والغايب عذره معه وان شاء الله يرد لكم سالم
همس العم سعيد : ان شاء الله


وصلوا للحارة اللي ساكنين فيها ، مشوا اثنينتهم لـ بيت شعبي بسيط حاله من حال كل البيوت في ذيك المنطقة ، دق العم سعيد الجرس وانتظر لين ما أحد يفتح له الباب

قال العم سعيد : عطني الأكياس و توكل لبيتك يا محمد ، ما زين توقف فذا البرد
رد محمد بحنيّة : ما مشكلة عمي ، هـنتظرك لين تدخل
همس العم سعيد : جزاك الله خير

فذيك الأثناء انفتح الباب وطلّت منه حرمة في العشرينات قالت بصوتها العذب : أبوي الله يهديك ليش تتأخر ؟ ، الليلة برد ما طبيعي لو تقدمت شوية
ما سمعت جواب من أبوها أو بالأحرى أبو زوجها اللي تعتبره فمقام أبوها ؛ لأنه بكل بساطة لفتها الشاب الطويل اللي يوقف مباشرةً ورا أبوها

أخفت نفسها على طول ورا الباب لمّا استوعبت الأمر وانها واقفة أمامه كاشفة وجهها في الوقت اللي قال محمد بصوته الجهوري : السلام عليكم
ردّت السلام بصوت هامس يا الله ينسمع
قال : كيف الحال يا أم علي؟
ردّت بنفس نبرة الصوت المنخفضة : طيبة طاب حالك
رد بابتسامة : عسى الحال مديم

التفت للعم سعيد وناوله الأكياس : يالله عمي ، أستودعك ربي ولا بغيت شيء ولا شيء ما يردك الا لسانك عدِّني مثل ولدك
أجاب العم سعيد بود : عز الله انك ولدي وغلاتك كبيرة ، الله يرحم ابوك اللي ربّاك وأدّبك ، ما تقصر يا محمد ... ما تقصر
رفع صوته موجه كلامه للي مخفية نفسها ورا الباب : وانتي يا ام علي لا يردش شيء
ما انتظر منها جواب وقال للعم سعيد : فمَان الله يا جار
رفع العم سعيد يده : حيّاك يا محمد ، جزاك الله خير

عدّل لثمة وجهه وهو يمشي متوجه ناحية بيته اللي ما يبعد عن بيت العم سعيد الا بضع خطوات ، مشى وهو يرجف مش من البرد ، يرجف من أمور كثيرة تدور فباله ، تدور وتدور وتدور وما توقف الا على شيء بشع ، بشع كثير ، يتقزز من عمره لمّا يطري هالشيء فباله ، يكره نفسه مليون مرّة وتراوده فكرة انه يستل اي شيء حاد يغرسه فقلبه لعله ولو شوي يهدأ ويستكين .


يحبها وهالشيء مو بيده ، مو هو اللي أخذ هالقرار ، قلبه قرر وخلص ، لمّا يشوفها قلبه يختبص ، كيف وهو يلمح وجهها بدون أي شيء يُخفيه ، كلّه يختبص ذيك اللحظة ... كله .


هو يعرف انه اللي يسويه أكبر خطأ ممكن يقترفه انسان على وجه هالأرض ؛ لأنه متزوج وبكذا يخون زوجته بالمشاعر اللي يكنها لغيرها ، ولأنه يكن هالمشاعر لوحدة متزوجة ، ذمتها بيد غيره ، وهالشيء يقتله ، يذبحه ، يحوله لرماد .

لكن كل هالشيء ما هو بإيديه ، لو كان كل شيء بيده لخنق المشاعر اللي يكنها لها ، أماتها بلحظتها و أخفى وجودها من قلبه .





-2-
حملت الأكياس ودخلت البيت
سألها العم سعيد : وين العيال؟ ما أسمع لهم حِس
ردّت سعاد : في بيت أبوي ، هروح أجيبهم الحين
قال العم سعيد : أجي معش ؟
ردّت : ما يحتاج
: طيِّب








-3-
طرق باب بيته وأخرج تنهيدة وجع ... وتعب ، وجع من قلبه ، وتعب من الشعور اللي يتلبسه لما يشوفها
انفتح الباب وظهر من وراه سعود ، ولده ، ابن الـ12 سنة ، باس يد أبوه وهو يقول : مساء الخير أبوي
ابتسم لولده اللي أخذ كل شيء منه ، ملامحة ، هيئته .... و طوله ، هو يعتبر أطول بكثير من أقرانه .
سأله : شسويت اليوم ؟
قال وهو يغلق الباب ويلحق ابوه : ما غير ماسك ذا الكتب
ربت على ظهره : الله يوفقك ، ذي السنة بعد الأول ان شاء الله
أجاب سعود بابتسامة : ان شاء الله
خلعوا نعلهم قدام الباب قبل عن يدخلوا داخل البيت
قال وهو يشوف أولاده متحلقين حول السفرة ينتظروا دخوله علشان يبدوا يتعشوا : بديتوا عني ؟
أول ما سمعوا صوته ، ركضوا له بحب
باس الأول يده : مساء الخير أبوي
بابتسامة رد : مساء النور والسرور يوسف

دفعت مها أخوها اللي يصغرها بسنة و
هي تبوس يد أبوها : مساء الخير باباتي
رد وهو يضحك على يوسف اللي يوجه لكمات لظهر مها لأنها دفعته : مساء النور ابوي انتي
ضحك وهو يوجه انظاره ليوسف و مها اللي بدوا سلسلة من المشاجرات اللي ما هتخلص بسهولة : بس ضرابة تو ما وقته

انفلتوا عن بعض لما ابوهم وجه لهم هالكلام

قال يوسف بغضب وتهديد : والله هتشوفي بعدين ، هراويش شغلش
قالت مها وهي ترفع حاجبها تغيظه : تـ ـبـ ـننننننن
كان هيتوجه لها ويلكمها لو انه صوت ابوه ما وقفه : بس انته وهي ، مش وقت ضرابة تو
توقفوا عن المضارب بس ما توقفوا عن اطلاق النضرات اللي يوجهها الواحد للثاني بشر


فذيك الأثناء خرجت القعدة مثل ما يسميها من أحد غرف البيت وراحت لعنده تركض بحب : باباااااااه
ضحك لها وشالها بحب ، وقذفها في الهواء وهي تضحك بمتعة ، نزلها وهي ما زالت تضحك
سألها وهو يوضعها فحضنه : كيف حالش باباتي ؟
جاوبت بدلع : خييييييير ( بخير )
باسها فخدودها بحب وهو يدغدغها : أبوي انتي .. أبوي
وهي تطلق ضحكاتها الطفولية بين يديه

خرجت سلمى ، أمهم ، من المطبخ وبين يديها طنجرة متوسطة : روضة والله العظيم ان ما سكَّتي هتشوفي
خرجت وراها روضة ، ذات ال9 سنة ، بوجه متذمر والدموع في عيونها : أمييييي ، ما اريد اتعلم ما غصب والله
قال بصوته الحنون : شفيها رواضي حبيبة أبوها ؟
تقدمت روضه منه بوجه حزين ، باست يده و قالت : امي غصب تبا تعلمني أخبز
ابتسم بود : وليش ما تريدي تخبزي ؟
قالت بصوت متحشرج : ما احد من صديقاتي يخبز وبعدين انا صغيرة
قال سعود بنذالة بعد ما سمع نبرة بكاء فصوتها : صاحت صاحت ، صاحت صاحت
واخوانه يوسف و مها يرددوا معه


وهي فعلاً لما سمعتهم كذا صاحت ، كلهم نقعوا يضحكوا لما صاحت ، أسكتهم أبوهم بنظرة وهو يضمها لحضنه وابتسامة ارتسمت على شفاهه من رقتها : افا عليش بس افا عليش ما غصب تخبزي... اششش خلاص


استكانت وهدأت فحضن ابوها ، سحبها للسفرة وجلسوا الجميع حولها
تعشوا بهدوء ما غير صوت الأولاد وهم يحكوا لأبوهم حكاياتهم اللي صارت في النهار ويكتفي هو بالرد عليهم بابتسامه او بهز رأسه أو أحياناً يجاوبهم بكلمة أو كلمتين .






-4-
واقفة قدّام أبوها الشيخ الكبير ذو الهيبة والوقار والمكانة العالية عند أهل بلدته ، سألها : وينه أبو عيالش ما بان من زمان ؟

أشاحت بوجهها عنه لا يشوف الدمعة اللي تتدلى فطرف عينها وقالت بصوت يكاد يكون طبيعي : في شغل
سألها بشك وهو يوقف بمساندة عصاته : وأي شغل هذا اللي ياخذ سنتين بدون لا يتصل عليكم ويكلمكم
قالت بدفاع وهي تبلع ريقها : هو يتصل دايما
صرخ فيها : لا تكذبي
غمضت عيونها مع صرخته اللي دبت فقلبها الرعب ، مسحت دمعة خانتها وطاحت
هز راسه وقال بحدّة : أنا أعرف انه ما اتصل غير مرتين من يوم ما راح
صدّت سُعاد ناحية أمها تلومها بنظراتها ؛ لأنها خبّرت أبوها باللي قالته لها

خذت نفس عميق وهمست : الغايب عذره معه يبه
صرخ فيها وهو يلوح بيديه : هو عذره معه لكن أنا شسوي بالناس اللي تتكلم فيش
سكتت وما ردّت ودموعها- ما زالت- تسكب
أكمل وهو يحاول يهدّي نفسه : اسمعي يا بنت ، تلمّي أغراضش وتجي بيت أبوش
رفعت راسها بصدمة وقالت بهمس : لا لا
صرخ فيها : الا ، لازم تجي عشان تقطعي حلوق الناس

ردّت سُعاد براس مرفوع وعيون دامعة : اسمح لي يُبه أطيعك بكل شيء الا هذي و الناس مصيرها هتسكت فيوم ؛ لكن أنا مُستحيل أترك أمي موزة وأبوي سعيد ( أبو وأم زوجها ) وحدهم وأجي أنا وعيالي هنا عندكم
مسحت دمعة سقطت عنوة ثم أكملت : غايب عنهم ولدهم وأجي أنا وأزيدها عليهم ، لا والله ، أنا ما قليلة أصل علشان أسويها !


نظر لها أبوها بعد ما أخرسته كلماتها ، نظروا لها أخوانها ، نظرت لها أمها ، نظروا لها عيالها علي ذو العشر سنين ومريم ذي الست سنين !
وتأكدّوا ، وأيقنوا ، وعرفوا أن ما في شيء ممكن يخليها تتراجع عن اللي قالته ، وأيقنوا – أيضاً – أنها أصيلة .


تقدّم أبوها منها بوجه به خجل ، باس راسها : أنا أشهد انش حرّة و أصيلة ؛ فتحتي عيوني على شيء ما كنت أشوفه
تنهد : سوّي اللي تشوفيه مناسب يا سُعاد
باست يده : الله يعزك يُبه ويخليك فوق راسنا









-5-
على الساعة عشر كانت سكينة تغمر البيت بجدرانه العتيقة ، الكل نيام عداه هو و سلمى
همس بغضب للكلام اللي تفوهت به : ايش قلتي له ؟

تفاجأت من الغضب اللي تلبسه إثر الكلام اللي قالته : ما قلت شيء ، قلت بس عاود تتصل بُكرا الصباح
همس بشر : من سمح لش تقرري على كيفش ؟ ، ليش تعطيه كلمة بدون لا اقول لش ؟ " سكت للحظة وهو يضغط على كفوفه بعنف "
أكمل والشرار يتطاير من عيونه : سلمى ... سلمى انتي تعرفي انه أنا ما اريد اتكلم معه ، تعرفي ذا الشيء والا لأ ؟
همست بسرعة : أعرف أعرف
قال بعصبية : إذا عارفة ليش تسوي كذا ؟ ، تبي تتعبيني بس ؟
احنى راسه وهو يزفر بغضب

مرت لحظات وهي واقفة متسمرة مكانها وهو مازال على وضعه ذاك ، لكن اخيراً قررت تتقدم وتروح ناحيته ، مشت بتردد وكلها تنتفض من الخوف ، عارفة هي اذا عصّب يعصب من خاطره .

جلست جنبه ما يفصلها عنه الا بضع سنتيمترات ، مسكت كفه وباستها وهمست : أنا آسفه والله ما كنت أقصد

رفع راسه والعقدة اللي بين حواجبه ما انفكّت ، مدت يدها ومسدّت ذيك العقدة بإبهامها بكل برقة : خلاص عاد والله ما حلو شكلك وانت معصب
حاول يبتسم شوي علشان خاطر الكائن الرقيق اللي أمامه ، سألها : وايش قال بعد ؟
قالت وهي تلعب بأظافرها : ما قال شيء غير انه يبغا يكلمك

هز راسه وما علّق

قالت بتردد وهي ترفع راسها : أقولك شيء وما تعصّب
ابتسم لوجهها البريء وهي تنطق كلماتها ذيك : قولي
ردّت له الابتسامة بأجمل منها : ترا والله هالقطيعة ما زينة ، مهما يكون يعني هو أخوك الكبير وملزوم عليك تبره ولو تلف الدنيا كلها مالك أحد غيره
سكت لفتره وكلامها يدور فباله
قال بهمس : هو يريدني اشتغل معه ، وانا والله ما لي رغبه اترك ذا المكان وانتقل معاه العاصمة
مسكت يده وهي تشد عليها : امكن خيره لنا وش يدريك ؟ ، عساها بعد تتصلح اوضاعنا بشغلك معه بدل ما انت مقابل الخضرة في الدكان
قال بقوة وهو يفلت يدينه منها : تعايريني بشغلي يا سلمى
قالت بدفاع : حشى والله ، ذا شغل وذاك شغل ما اختلف شيء "سكتت للحظة "


ثم أكملت وهي تقول بنعومة : محمد الدنيا محنا عارفينها بكرة إيش هتقدم لنا ، و تحتنا خمسة روس ( تقصد اولادها ) ع الاقل نضمن لهم مستقبل زين .


تأملها بنظرات كانت غريبة عليها وقبلها تأمل كلامها مليون مرّة ، معها حق الدنيا ما يندرى وش مخبيه باكر ، اللي تأكد منه لحظات تأمله ذيك ، انه الانسانة اللي أمامه ما تستحق أبداً إنه يخونها بمشاعر لغيرها ، أبداً ما تستحق .

رفع يده ومررها على كامل وجهها ، بدايةً من جبينها مروراً بعينيها ثم أنفها ، خدودها ، شفاهها إلى أن وصل إلى ذقنها ، اقترب منها ولثم جبينها بقبله حاره .

وظل دافن أنفاسه على جبينها للحظات قبل ما يقول بهمس : سلمى ... سامحيني
فتحت عيونها بثقل من المشاعر المحمومة اللي تدفقت عليها وقالت باستغراب : على إيش ؟
قال وهو يبعد عيونه عنها ، عيونه اللي تخبت فيها لمعة دمعة كانت ممكن تتسلل لخارج : على أي شيء ممكن يصير في المُستقبل ... ويأذيش .
مسكت وجهه بكفوفها وقالت وهي تقابل عيونه مباشرةً : محمد ايش يعني ذا الكلام ؟

رده كان انه دفن نفسه فحضنها ، كان يحس بذنب كبير تجاهها ، كبير جداً .... الصراع اللي يخوضه مع نفسه صعب وما هيطلع منه بسهولة ، وهيخسر فيه أمور ما يريد يخسرها ، لكن ما بيده أبداً انه يغيّر شيء .





يتبع ،

مشاعِر 28-05-15 08:31 AM

1/ نبضٌ أزلي .
 

.






تابع / انبض الأول
نبضٌ أزلي




-6-
في بيت العم سعيد

غسلت المواعين ، ونظفت المطبخ وجات بتدخل الصالة لكن استوقفها كلام أم زوجها وهي تقول : ترا الناس بدت تتكلم في غيبة ذا الولد كل ذي المُدة
تنهّد العم سعيد : لا حول الله ولا قوة الا بالله ، الناس مخليين حد فحاله ؟ ، حد يسلم منهم ومن لسانهم ؟
جاه رد زوجته : أنا ماهد حيلي الا يوم انهم تكلموا على ذي المسيكينة " همست بشر " يقطع حلوقهم


استندت على الجدار وهي يا الله يا الله تشيل نفسها ، سمعت هالشيء من أبوها والحين تسمعه مرّة ثانية وهالشيء يتعب قلبها زيادة .

تسحبت لغرفتها وهي ما زالت تستند على الجدار ، تستمد منه شيء من القوة .
اختفى جسدها في ظلام الغرفة ، اندست تحت اللحاف جنب الجسدين الصغيرين اللي نايمين بكل هدوء ، بكل سكينة ، وما عارفين عن الصراع اللي تخوضه أمهم ذيك اللحظة .... واللي هتخوضه فلحظاتها القادمة .


اغرورقت عيونها بالدموع وخارت كل قواها و ما عاد بها شيء من القوة ، قرّبت رجولها من صدرها وانسدحت مثل الجنين ، تساقطن دموعها بسكون ، بدون أي صوت يصدر منها ؛ لأنّ صوت الألم اللي ينهش كل خلايا جسمها أخرس كل الأصوات .


تدور فبالها أفكار كثيرة ومع هالأفكار يطل الألم عندها و يتقاذفها شمال ويمين ، كأن ما فيه في الدنيا لعبة غيرها . ومع كل ذا غفت عيونها من التعب واستكان جسدها النحيل و رحلت لعالم النيام .

بعد مرور وقت يكاد يكون قصير ، فزّت من نومها على صوت الأذان وهو يتردد في المكان بكل قداسة وبكل روحانية ، قامت وابتسمت ابتسامة حزينة وهي تشوف أولادها مازالوا نايمين ، ممكن أجمل شيء بالنسبة لها في هالحياة هم أولادها ، وهم أغلى عطيّة ممكن تُقدم لها .

استقامت ، ومشت ناحية الحمام (تكرمون) بتثاقل ، رفعت عيونها للمراية أمامها وانفجعت للصورة اللي انعكست لها ، عيون متورمة من البكاء ، حمراء مثل الجمر ، وجه باهت كنه رماد ما فيه حياة وخشم أحمر يدل على انه صاحبته سكبت الدموع سكب البارح .

فتحت صنبور الماء وغسلت وجهها بعنف ، ما اهتمت أبداً للماء البارد ، المثلج ، اللي ملأ مسامات وجهها وشد عليها بلسعات قارصة .

توضت للصلاة وخرجت لغرفتها وجسمها يرجف من برودة الجو ويرجف من أشياء كثيرة تدور فدواخلها ، صلّت وهي تبث كل تعبها لخالقها ... كل ألمها خرج فصلاتها على شكل مناجاه ودموع وابتهالات ... عارفة هي انه ما احد يقدر يريحها من اللي هي فيه غير ربها اللي ما يصعبه صعب .

مضى الوقت ، وتوالت الدقيقة ورا الدقيقة وهي بين يدين ربها على سجادتها ، تبتهل له وتناجيه ، بعد ما ارتاحت نوعاً ما خرجت من غرفتها للمطبخ ، حصلت أم زوجها -أو أمها مثل ما تحب تناديها- تعد الفطور للعم سعيد اللي يخرج لشغله من صباح ربي بعد ما يصلي ويتناول فطوره .


: صباح الخير أمي " قالت وهي تفتح الثلاجة "
ردّت الأخرى : صباح النور ، غريبة ما صاحية من بدري اليوم ، استغربت يوم اني جيت المطبخ وما حصلتش فيه
همست : ما نمت البارح زين ، امكن قبل الأذان بس غفت عيوني شوية
قالت المرأة الأربعينية واللي تُنادى بأم عبدالله : الله يسهل يا سعاد ، الله يسهل
وكأنها عارفة كل شيء تمر به سعاد بغياب عبدالله ، تعرف عن مقدار الألم اللي يسدك عليها واللي سببه غيابه القاسي .
بعد ما اعدوا الفطور قالت أمها بحنية : روحي نامي لش شوية ، شكلش تعبانة
قالت سعاد : اي والله احس انه هيُغمى علَيْ .

مشت لغرفتها ببطء وبتثاقل وهي تجر رجولها جر ، وما لبثت ان انسدحت تحت اللحاف حتى غفت عيونها من التعب .

على الساعة هدعش صحت على صوت التلفون ، مشت له وهي ترتب شعرها المتبعثر على كتوفها بعشوائية.
ردت على التلفوت بصوت مبحوح من النوم : السلام عليكم
: .............................. " ما جاها أي رد "
قالت وهي ترفع حاجبها باستغراب : ألو ... من ؟
: سعــــاد "جاها صوته وكأنه جاي من أعماق مغارة سحيقة "
وضعت أطراف أصابعها على فمها وشهقت بدهشة ، البارح بس كانت تبكي غيابه ... واليوم يجيها صوته هدية ، سألت لتأكد لقلبها انه صوته : عبدالله ؟
بان انه ابتسم من صوته وهو يأكد لها : عبدالله
انسابت دموعها بسلاسة على خدودها الزهرية : عبدالله " شهقت ببكاء" انت وينك ؟
رد عليها والبسمة تبان فصوته : تو في الامارات
سكتت وما علّقت ، ايش تقول ؟ ، فداخلها عتاب عليه كبير ، كبير كثير ، على غيبته ، على عدم سؤاله عنهم طيلة ذيك الفترة ، على قسوته ... عليه كله .
ما غير صوت انفاسهم تنسمع ذيك اللحظة
قال بصوت هادئ : انتِ تصيحي ؟
هزت راسها وهي تقول : لا لا ما اصيح " مع ان صوتها يقول العكس "
قال بنبرة عذبتها : طيِّب مسحي دموعش ، حرام بشرتش تتأذى
مسحت دموعها بسرعها
قال بنفس النبرة : ما اشتقتي لي ؟
تصاعد الدم لوجهها وقالت : لا
ضحك ذيك الضحكة اللي زلزلت كيانها : كذابه ، طيب ليش مولعة ؟
وضعت يدها على خدودها المولعة وابتسمت ، حافظنها حفظ .
سكتوا لفترة يسمعوا أنفاس بعض
قال بشوق ما غاب عن نبرة صوته : كيف حالش و الوالد والوالدة ؟ والعيال كيفهم ؟
قالت بلهفة : منتظرين شوفتك
تنهد وهو يهمس : الله كريم
قالت برقة : ما نويت ترجع ؟
لامست نبرة الشوق اللي فصوتها أعماق أعماق قلبه
تنهد بحب : إلا والله ودي أرجع اليوم قبل باكر ، لكن الشغل .. الشغل يَ الحبيبة
يااااا الله كم اشتاقت لمناداته لها بِـ "الحبيبة"
همست بشوق وحزن : من زمااااااان عن الحبيبة
قال بنبرة تعذبها : ادعي لي الله يسهل الأمور هنا وأعود لكم ... واسمّعها لش كل يوم
همست : الله يسهل عليك يا رب ويوفقك
قال :أنا لازم أسكر تو ، سلمي لي على الكل وبوسي لي العيال الله يحفظكم
قالت بحزن : لا تقطعنا من الاتصالات
سكت وما وصلها رد منه
بعدها قال بنبرة غريبة عليها : محسوب عليّ كل اتصال ، ما أقدر أتصل دايماً
رغم غموض عبارته الأخيرة الا انها هزّت راسها بتفهم
: ربي يحفظك وينور دربك " قالتها من أعماق قلبها "
قال : مع السلامة
وصله ردها بمثل ما قال

وسمعت بعدها صوت قطار التلفون يعلن انتهاء المُكالمة اللي حسّتها سريعة ، سريعة جداً
على دخلة أم عبدالله وهي حاملة فيدها دلّة قهوة فارغة ، استُهلِكَت في تجمُّع الجارات اللي يُجرى كل صباح بمثل ذاك الوقت .
قالت سعاد بفرح يشع من وجهها : أمي لو تقدمتي شوي ، توني مسكرة من عبدالله ، يسلم عليش ويبوس راسش
انعكس فرح سُعاد فوجه أم عبدالله : الحمد لله يا رب الحمد لله ، زين انه اتصل أخيراً ، ايش قال ؟ ووين هو تو ؟
قالت سعاد وهي تجاري أم عبدالله في اللهفة : يقول انه في الامارات في شغل ويقول انه ما يقدر يتصل دوم
قالت ام عبدالله : أهم شيء انه اتصل وطمّنا عليه

ساد صمت في الأرجاء لوهلة قبل ما تسأل سُعاد : غريبة اليوم امي رادة مبكر من عند الجارات ؟ ما بالعادة !
قالت ام عبدالله وهي متوجهة للمطبخ : والله كلــنِّي بأسئلتهن اللي ما تخلص ، ما استحملت وجيت
ضحكت سعاد وهي تتبعها : زين سويتي والله
التفتت ام عبدالله لسعاد : سلمت عليش سلمى ، مريت عليها قبل ما اجي البيت
قالت سعاد بابتسامة : الله يسلمها من الشر ، من زمان عنها
: هزِيِــدِلْهُم غداء " قالت ام عبدالله وهي تقطع بصل "
كملت : وحليلها حصلتها تعابل في الغاز ، قلتلها هزيدلها غدا لها ولعيالها
قالت سعاد : زين سويتي ، مايقصروا معنا الجماعة " سكتت لوهله "
قالت بعدها : ما قالت شيء ؟
: ما رضت أول شيء ، تعرفيها انتي ..
ساد الصمت الأرجاء ، ما غير صوت السكين وهي تمر بحدة على شرائح البصل
فتحت سعاد الثلاجة : امي ما شيء طماط
قالت أم عبدالله : أمس قلت للشيبة (العم سعيد) يجيب وشكله نسى

ردّت سعاد وهي تتوجه لغرفتها : ما مشكلة أنا هسير أجيب ، وبالمرة هخطف (أمر) الخيّاط اشوفه اذا جهّز الثياب
وصلها صوت امها وهي تقول : زين

دخلت غرفتها لبست عباتها وبرقعها النحاسي اللون واللي يغطي معظم وجهها ، شافت بنتها وهي في بداية صحوتها ، فركت عيونها بكسل وشعرها الحريري الطويل منساب بعشوائية حوالين وجهها ، انتبهت لأمها الواقفة أمامها وهيئتها توحي أنها تريد تخرج من البيت
سألت : ماماه هين هتسيري ؟
ملامح وجه الأم دلّت انها تورطت ، ردّت بشبه ابتسامه : الناس الجميلين لما ينهضوا من النوم يقولوا صباح الخير ويبوسوا امهم
نزلت من السرير واستقامت بقامتها القصيرة واقتربت من امها ، نزلت الأم لمستواها ومسحت على شعرها وصلحته في الوقت اللي اقتربت فيه بنتها وباستها على خدها وهي تقول بصوت مبحوح من النوم : صباح الخير ، هروح معش
ضحكت سعاد : لا ماماه انا هروح وهرجع بسرعة
وكأنه ردها هذا ما ارضاها والدليل تقوُس شفتها السفلية وعيونها اللي امتلت دموع وطبعاً النهاية هتكون مُزعِجة ، مُزعِجَة جداً .
: لا لا لا هروح معش
بيأس ردّت سُعاد : يالله تحركي غسلي وجهش أول وتعالي علشان نبدل ملابسش
رفعت الصغيرة سبابتها وقال بتحذير : ما تروحي عنّي
ضحكت سعاد : ما هروح عنش يالله بسرعة

استجابت الصغيرة لكلام امها وانطلقت تمسح وجهها الملائكي بالماء ، كانت جميلة وما كان هالشيء مُستغرب ، لأنها نُسخة طبق الأصل من أمها ، الا ان جمال أمها أنثوي صارخ وهي طفولي بريء .








-7-
خرجت من عِند الخيّاط حاملة فيدها كيسين كبار وجنبها مشت بنتها وهي تتقافز شمال ويمين
همست : مريم امشي عدل
لكن ولا كأنها تسمع
: مريم بس عاااد ، إمشي عدل ... ماكان ناقص عاد الا ذي الزحمة
مسكت يدها بعنف بيد وبيدها الثانية الأكياس الثقيلة
صرخت مريم رافضة
جرّتها سعاد بقوة وهي تهمس من بين أسنانها بعصبية : مريم خلاص عاد والله ما هجيبش معي مرة ثانية
صرخت بعناد : ماماه اتركي ايديييي تعوريني ، خوزي خوزي (ابتعدي)


الناس التفتوا لها ، وأصلاً من ما يقدر ما يلتفت لذاك الصوت المُزعج اللي يخرق طبلة الأذون
قدرت بصعوبة تفلت من يد أمها ، وركضت بين الناس بسرعة ، التفتت وراها تشوف اذا امها تبعتها أو لأ وما وعت الا وهي مصطدمة بجبل أو كذا اعتقدت في البداية حسب تفكيرها الطفولي ، بس ما كان جبل .


التفت ذاك الشخص للشيء الصغير اللي صدمه ، كانت صغيرة كثير مقارنة فيه ، عرفها وعرفته ، نزل لمستواها وابتسامة فرح ارتسمت على شفاهه
أصلاً كيف ما يعرفها ، والعيون دليله ، عيون أمها ، عيون المها الكحيلة الواسعة ، يا الله ع رسمة العيون اللي تعذبه وتوقد أشواقه .

سألها : انتي ايش تسوي هنا ؟
ردّت وهي تلتفت وراها تترقب امها وهي تجي علشان تضربها : عمي محمد ماماه هتضربني
قال والمتعة بانت فوجهه : وليش ماماه هتضربش ؟
شرحت بطفولة وهي تحرك يدها اليمين : لأن السوق متروس ناس ، وهي كانت تبا تمسك يدي بس انا ما طعت ، هي لما تمسك يدي يجي فيها مثل الماي ، انا ما احب كذا
هز محمد راسه بتفهم بعد ما فهم انه " مثل الماي " هو نفسه العَرَق
أكملت : بس مسكت يدي غصب ورصّت عليها ، عوّرتني ، وانا فلت عنها وركضت بعيد
كانت هتكمل كلامها لو انه امها اللي نادت عليها من وراها اخرسها وأشعل فيها الخوف من العَلقة اللي راح تاخذها بسبب اللي سوته
اندست بسرعة ورا محمد وكأنها تطلب الحماية منه ، استقام وهو يشوفها تتقدم ناحيتهم ، مع كل خطوة كانت تخطوها وخزات ابر تُطعن فقلبه ، قلبه اللي اضطرب بشوفتها وحالته حاله بسببها .
يا رباه هالإنسانة شسوت فيه ، ليش كذا يصير فيه لما يشوفها ؟
رمت السّلام عليه وقالت تخاطب بنتها : مريم تعالي بسرعة
هزت مريم راسها بنفي : لا لا لا انتي هتضربيني
قالت سعاد بنفاد صبر : ما هضربش تعالي
قالت مريم : قولي والله
ردّت سعاد بملل : والله
: والله ايش ؟ " قالت مريم "
كانت هتصرخ فيها لكن مسكت عمرها وهي تهمس بغضب : والله ما هضربش يا الله تحركي قدامي اشوف
قالت مريم من دون ما تتحرك خطوة : ترااا حلفتي
قالت سعاد وبان من صوتها انه وصلت حدها : يا الله
ردّت مريم وهي تتشبث بمحمد من ورا : لااااااا انتي هتضربيني
تدخل اخيراً محمد و بحنان قال : مريم باباه عيب روحي مع أمش
رفع راسه لأمها والتقت عيونهم ، كل شيء ضاع ذيك اللحظة ، كله تبعثر ، صلابته وقوته في التحمل على انه ما يظهر مشاعره قدامها خارت ذيك اللحظة ، ذيك اللحظة بس كانت كفيلة انها تنزع قناع الجمود لمّا يشوفها ، انتُزع سلاحه منه وبان كل شيء .... كل شيء .

كسرت نظرتها بحياء الأنثى بعد مرور أجزاء من الثانية ، توترت وارتبكت ، ما انتبهت لبنتها واللي تقوله وما انتبهت اصلاً انها اصبحت جنبها وتخلت عن عنادها ، نظرته كانت تقول كثير أشياء ما قدرت تترجمها ، استغربت ، أصلاً هم ما بينهم كلام ، ايش ذيك النظرة اللي ارتسمت على عيونه ؟ وايش كانت تحمل ؟ والكثير من الأسئلة اللي دارات ودارت في بالها وما لقت لها جواب .

مسكت يد بنتها ومشت بضياع ، تمالكت نفسها شوي وهي تمشي وحاولت تبرر لنفسها الشيء اللي شافته و قدرت بعد مرور شيء يسير من الوقت انها تستعيد نفسها .

دخلت محل الخضار ، طلبت من الهندي يسويلها كيلو طماط ، في الوقت اللي الهندي يملي لها الكيس بالطماط ، فيه شخص حجب ضوء الشمس اللي يتسلل من الباب ، عرفته بدون لا تلتفت ، أصلاً ومن غيره يقدر يملي بطوله الباب ويحجب الضوء ؟ ما أحد غير صاحب النظرة الغريبة ، استغربت... وخافت ، وتساءلت ، هو ليش يتبعها ؟؟ ، بعدين تبدد الخوف والاستغراب لما تذكرت انه هالدكان دكانه ، لكن بعد تحس انها مو مرتاحة ما تدري ليش ، شيء يكتم على نفَسْها ، نظراتها تستعجل الهندي انه يخلص شغله بسرعة ويناولها ذاك الكيس علشان تطلع بسرعة ... علّها ترتاح شوية .

من جانب آخر توقفت مريم قدام باب الدكان ، لفتها الولد الطويل اللي جالس على الدرج ، لا لا لا ما الولد اللي لفتها هههه البنت بعدها صغيرة ع ذا الأمور ، أقصد الشيء اللي في يد الولد لفت انتباهها ، اتسعت عيونها - على اتساعها ، كانت منبهرة بالشيء اللي يعكس الوان كثيرة لما تضرب الشمس فيه ، كأنه شيء مثل المروحة فيه الوان كثيرة .
تقدمت منه وبدون اي مقدمات قالت وهي تمد يدها بشقاوة : عطني أجرب
رفع راسه باستغراب ، تفحص البنت الصغيرة اللي قدامه وقال بجمود : لا
نزلت يدها وقالت بحسرة : ليش ؟ ، والله ما أخربها
رجع رفع نظره صوبها ، واجبرته الدموع اللي لمحها في عيونها انه يوافق ، مد المروحة لها وقال : تعالي اجلسي هنا " وأشار لمكان على جانبه اليمين " وخلي الشمس تضرب في الألوان علشان تنعكس ، ودوريها شوي شوي علشان ما تكسري المروحة
ارتسمت الفرحة فوجهها ، ونفذت كل اللي قاله ، لفت انتباهها شيء مكتوب على احد اطراف المروحة فسألت : ايش مكتوب هنا ؟
: سعود
قالت باستفسار وهي تلتفت صوبه : هذا اسمك ؟
هز راسه
اتسعت ابتسامتها : من وين شريتها ؟
قال : انا صانعها
اتسعت عيونها وقالت بدهشة : انت صانعها ؟
هز راسه
قالت وهي تتأمل المروحة اللي بين يديها : الله ، إنت تعرف تصنع أشياء حلوة
ابتسم شبه ابتسامه وقال : أصنع لش مثلها ؟
بانت فرحة عارمة على وجهها : لا انا أبغى ذي
قال : بس ذي فيها إسمي
قالت ببساطة : عادي أشطِب إسمِك واكتب إسمي
: زين لاكن بشرط !! " قال سعود "
قالت ببراءة : ايش ؟
: ابعدي ذا الشعَر عني
كانت كل ما تمر نسمة هواء تحمل خصلات من شعرها صوبه وتداعب وجهه
استقامت و لمت شعرها لورا ظهرها
قالت : زين كذا ؟
اجاب وهو يرفع عيونه صوبها : واجد زين ، تو عدت اكتب اسمش
أخرج من جيب دشداشته قلم اسود عريض ، وسألها وهو يفتح غطا القلم : ايش اسمش ؟
: مريم
ابتسم ، وضع الغطا على طرف فمه وكتب اسمها وهو يقول : مر – يم
رفع راسه عن المروحة ورفعها امامها وقال : شوفي اسمش
قالت باستغراب : ليش ما مسحت اسمك ؟
قال بفخر : علشان اذا احد سألش من سعود ؟ تقولي له هذا اللي صانع المروحة
جاوبت بابتسامة : زين


وقف لمّا ناداه أبوه : سعود
اتجه ناحية الصوت اللي خرج لمسامعه من داخل الدكان
قال له أبوه لما لمحه عند عتبة الباب : شيل ذا الأكياس عن أم علي
قالت بسرعة : ما يحتاج والله ، اشلهن وحدي
رد بنبرة غريبة عليها : ما عليه ، هو أصلاً رايح البيت
همست : ما تقصر
كانت تكلمه من دون ما ترفع عينها صوبه ، خافت من انه ذيك النظرة تتكرر مرة ثانية ، خافت من واجد أشياء .
مشت بخطوات متعثرة ناحية الباب ، خذت نفس عمييييق أول ما وصلت عتبة الباب وكأنها كانت مكتومة داخل.
كانت مريم توريها المروحة الملونة وكانت تقول كلام كثير ، مرة يكون موجه لها ومرات كثيرة يكون لسعود ، من دون ما تعير آذانها للي تقوله .
وصلت بيتهم ، التفتت لسعود ، حملت الأكياس اللي كان شايلنها و بابتسامة قالت :مشكور سعود ما تقصر
رد بابتسامة : العفو
قالت مريم بشقاوة وهي تلوح بمروحتها الملونة : مشكور سعود ما تقصر
اتسعت ابتسامته : العفو
رفع يده وهو يخطو بضع خطوات : في أمان الله
همست سعاد : الله يحفظك










-8-
على الساعة وحدة ونص الظهر ، مشى رايح لبيته بتعب ، لمح هيئة شخص يلبس الأسود قدّام باب البيت و لمّا اقترب اتضحت الرؤية عنده أكثر ، عرفها ، كيف ما يعرفها وقلبه دليله ، تزيد النبضات عنده لما يشوفها هي بالذّات ، تتسارع وكأنها في سباق ... و هالتسارع يُدمي قلبه و روحه و ... كِلّه .


عشر خطوات تفصله عنها ، تسع خطوات ، ثمان ، سبع ، ست ، خمس ، أربع ، ثلاث.. ثمّ توقف
انتبهت له ، وبسرعة قالت وهي تمد له الطاسة الكبيرة اللي بين يديها : تفضل ، بالعافية واسمحوا لنا ع القصور
: ما من قصور يجي منكم " رد محمد "
ابتعدت عنه بسرعة باتجاه بيتها ، خطواتها كانت سريعة ومتعثرة ، و بان له انها تهرب ، تهرب منه !!


اضطرب لمّا عرف انه نظراته أكيد فضحت كل اللي يحمله لها من مشاعر ، لكن أبداً مو مثل ما هو يفكر ؛ لأنه في الحقيقة هو ما عارف انها ما فهمت نظرته ذيك ، ما فهمت الشيء اللي تحمله نظراته وبكذا هي تهرب منه ؛ لأنها حاسة انه نظرته تحمل كثير أشياء ممكن تتعبها وهي ما ناقصة تعب و بكذا هي تهرب .


ظهرت بسرعة امامه وغابت أو بمصطلح أصَح هربت من قدامه بسرعة ، لو ما الطاسة اللي بين يديه واللي تأكد له انها كانت حقيقة قدامه ، كان هيصدق انه طيفها يتهيأ له ، ظهر أمامه فجأة وغاب بثواني معدودة .

تنهد بتعب و هَم من هالمشاعر اللي تُدمي روحه ، دخل بيته ، استقبلوه أولاده كالعادة ، أكمل طريقه ناحية المطبخ ، حط الطاسة على الطاولة في الوقت اللي دخلت فيه سلمى للمطبخ ، سلمت عليه وانتبهت للطاسة و قالت : جزاها الله خير أم عبدالله ، ما تقصر والله
قال بتساؤل : ليش راسلة غدا ؟
: مرت عليْ اليوم و شافتني أعابل الغاز فحلفت انها هترسل غدانا من عندها " ردّت سلمى "
احتقن وجهه بالدم ، نظراته مسلطة عليها بدهشة ... فعرفت انه عصّب ، لا لا لا ما عصّب وبس وصل لجنون الغضب
همس بفحيح غاضب : وليش ما تقولي أنه خربان ؟؟
ردّت بنبرة متوترة : ما كان فيه شيء اليوم الصبح ، لمّا جيت أركِّب الغدا ما رضا يشتغل
زمجر بغضب : حتى لو ، كان بإمكانش تقولي لي
غمَّضت عيونها لمّا كان يصرخ فوجهها ، قالت بخوف وعيونها ما زالت مسكره : انت تبغا أي سبب علشان تعصّب وتحطه كله فوق راسي
صرخ : لا تجننيني ، هذيلاك النّاس وحدهم فقارى ، حالنا من حالهم ، يا الله يا الله يأمنوا لقمة يومهم ، وجيتي انتي علشان تزيدي عليهم
ما تحملت ، فخرجت من الهدوء اللي كان يحيط بها وقالت بغضب : ما دقّيت بابها و قلت لها ارسلي لنا غدا ، وحدها الحرمة جات لين هنا وعرضت علي هالشيْ


قال بقوة وهو يمسك ذراعها بعصبية : ويعني ما استحيتي وانتي تقولي لها ارسلوا لنا غدا
ردّت بصوت متألم وعيون تذرف الدمع: إلّا استحيت لمّا أصرّت عليْ و أنا كله أرفض


ركّز أنظارُه ناحِيَة الباب و هدأ ، حاول يرسم ابتسامة للي واقفة تناظرهُم باستغراب... لكن فشَل فهالشيء ، مدْ لها ذراعه وقال : تعالي
التفتت سلمى لبنتها الصغيرة سارَة ، و مسحتْ دموعها بسرعة
اقتربت من أبوها بخطوات قصيرة ، حملها وباسها بحب وهمس : أبوي إنتي
التفت لسلمى وسأل بجمود : ما اتصل عبدالعزيز ؟
قالت باختصار وبصوت مبحوح من دون ما تناظره : رقمه تلقاه في الدفتر جنب التلفون
خرج من المطبخ وبين يديه القعدة ، مسح على شعرها وسرح بفكره بعيد ، لمّا دخل الصالة انفض تجمع أولاده و كل واحد دخل لغرفته ؛ وما في شيء هيجمعهم غير الصراخ اللي حصل قبل ثواني بين أمهم و أبوهم .
تنهد وهو يشل سماعة التلفون ويضغط على الأرقام اللي مكتوبة قدّامه .








-9-
في العاصمة ، في بيت من البيوت اللي يظهر عليها أثر النعمة

نزلت فتاة في العاشرة من عمرها من الدرج بخطوات طفولية على صوت التلفون اللي ملا المكان برنينه الحاد ، مشت تجاه مصدر الصوت ، حملت السمّاعة وردّت بصوت طفولي رقيق : السلام عليكم
جاها صوته الرجولي وهو يقول : عليكم السلام والرحمة ، موجود أبوش ؟
: موجود ، من أقول له ؟
: قولي له عمي محمد يبغاك

وقفت قدّام أبوها اللي يشرب قهوته ويسمع الراديو ، قالت : أبوي ، عمي محمد يبغاك ع التلفون
رفع راسه ، نظر لبنته بعدم تصديق وبعدها فز بسرعة واتجه ناحية التلفون ، تتبعه نظراتها اللي تحمل تعجب ودهشة
رفع سماعة التلفون وقال : السلام عليكم
رد محمد بعد فترة ساد الصمت فيها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
: كيف الحال يا بو سعود ؟
بجمود رد محمد : بخير ، بغيتني ؟
تأمل صوت أخوه ورد بخفوت : أنا نازل البلد بعد يومين
رد محمد بنفس النبرة : حيّاك
ودّعه وبعدها أغلق سماعة التلفون ، كان هيتفاهم معه بالتلفون لكن صوت محمد الجامد ما سمح له بهالشيء.
رجع بذاكرته لأيام مضت من سنين ، وراح يقلّب فذاكرته والألم ينهشه من كل صوب .








انتهى
تعليقاتكم / توقعاتكم =)



:..:

bluemay 28-05-15 08:53 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


بحب ارحب فيك واقلك نووورت بوجودك معنا


بداية قوية وجذابة وبصراحة سرقني الوقت في قرائتها واستمتعت فيها ولكن قبل ما خلص حبيت احط اول تعليق وارحب فيك

وارجع اكملها برواقة .


تقبلي مروري وخالص ودي
MaYa

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

مشاعِر 30-05-15 06:26 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3536069)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


بحب ارحب فيك واقلك نووورت بوجودك معنا


بداية قوية وجذابة وبصراحة سرقني الوقت في قرائتها واستمتعت فيها ولكن قبل ما خلص حبيت احط اول تعليق وارحب فيك

وارجع اكملها برواقة .


تقبلي مروري وخالص ودي
MaYa

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,
أهلا عزيزتي ، سعيدة بتواجدش جداً ، ربي يحفظش
وبانتظار ردش و تعليقش على الأحداث

لا حُرمنا من طلتش
:)

مشاعِر 30-05-15 07:05 AM

2/ إلى الماضي أنتمي ومن الماضي أكون .
 
النبض الثاني
إلى الماضي أنتمي ومن الماضي أكون





-10-
من القاهِرة وصل ، حامل بين يديه شهادته الجامعية بفخر ، وبشوق وصل لبيته ، رن الجرس ، خرج له طارق ولد أخوه عبدالعزيز ، تفاجأ وصرخ : عمي محمد
ضحك محمد وضمه ، وعلى صرخة طارق خرج الكل ، وبين فرح ودموع استقبلوه
مسح دمع أمه : يمّه ما خلصن دموعش من البكا ؟ ، يكفي رجيتش
قالت بصوت متهدج من البكا : بَلاك ما قلت لنا انك جاي ؟
رد بحنو وهو يبوس يدها : بغيتها مفاجأة يمّه
قالت ومطر عينها ما جف : يا زينها من مفاجأة
قال عبدالعزيز ( أكبر إخوَة محمد ) : خلاص عادت ما تعرفنا ؛ جاء الحبيب
ضحك محمد : أكيد ما تعرفكم ، شيء طبيعي ما تعرفكم
ببساطة ، جاء وبجيِّته نشر السعادة في قلوب كل من كان فلحظة اللقاء ، فأمّه ، فعبدالعزيز أخوه ، فطارق وعمر وحُذيفة وأمهم ... في الكل

سأل : الا وين ناصِر ؟
رد عبدالعزيز : في الدوام شوي ويجي !

مر الوقت بسرعة ما بين سؤال عن الحال وأخذ أخباره
دخل ناصر الشاب الثلاثيني الأعزب : سلامن عليكم يا الربع
طاحت عيونه فعيون أخوه اللي غاب عن عينه خمس سنين ، ضحك والصدمه ارتسمت فوجهه ، راح له على عجل وضمّه ، ابتعد عنه وتأمل وجهه : أخي وشقيقي وشبيهي ، يا زين ذا الوجه ، إيش ذي المفاجأة الحلوة ؟

رد محمد : والله يبغالي أغيب عنكم دايماً علشان تشتاقوا لي كذا
ردّت أمه بسرعة : الله لا يقوله ان شاء الله ، ما هتغيب بعد اليوم عن عيني أبد
كفكف ناصر يديه ببعضها وقال : شكله مره ما عُدنا في الحُسبان
ضحكوا ، قال عبد العزيز : والله توني من شويه قلت نفس اللي قلته
ردّت أمهم وهي ترجع تضم محمد : انتوا عيوني المركبة ، لكن محمد الفواد
وبعد اللي قالته ما أحد قدر يتكلم أو ينطق ؛ لأن المشاعر المحمومة اللي أحاطت بالمكان أخرستهم فجأة .






-11-

بعد اسبوعين
دخل بفرح وقال : الحمد لله أمي من الأسبوع الجاي راح أبدأ شغل ، قبلوني في الوظيفة
لوت عليه بفرح : الحمد لله يا ربي
فذيك اللحظة دخل ناصر الصاله وعيونه كلها نوم : بلاكم كذا فرحانين؟
ردت أمه : محمد قبلوه في الوظيفة الحمد لله
رفع ناصر يده وقال وهو ينسدح على الأرض : على بالي شيء ، والله ما غير هَمْ على القلب وأنا أخوك
صرخت عليه أمه : قم فز تغسّل علشان يروح عنك الكسل ذا
ضحك محمد : الحمد لله والشكر ، الله يعين اللي بتاخذه
ردّت امه : لو بس يوافق انه يتزوج علشان يمكن يعقل ، لكنُّه ما هو راضي







-12-

في أحد أزقّة ذيك الحارة وقف ينتظر صديقه
همس : يا الله وقتك تتأخر وليد
اتكأ بالجدار يدندن بصوت مسموع ، وفوقت انتظاره ذاك ، مرّت من أمامه بنت متوسطة الطول ، جميلة ، لا لا مو جميلة وبس الا فاتنَة ، بين يديها ماعون ، مرّت وعيونها مصوبة ع الأرض بخجل
في المقابل أرخى عيونه ع الأرض ورمى عليها السّلام ، مرّت من أمامه كنسمة دافئة لفحت قلبه واقشَعَرْ بعدها ، عيونه عاندت الا تبا تشوف زولها ، رفع عيونه لكن ما لقا لها أثر .
تنهّد بصوت مسموع ، وتساءل بين نفسه : معقولة يتهيأ لي ؟
قطعه وليد : اشفيك يا عمي سرحان ؟
صوّب نظره لوليد وتساءل بصوت مسموع : معقولة يتهيأ لي ؟
بتعجب : ايش ذا اللي يتهيأ لك ؟
رجع ونظر للمكان اللي توجهت له : يا ربي معقولة بديت أجن
قال وليد وعيونه تنظر للجهة اللي ينظر لها محمد : خلاص جنّيت رسمي







-13-

بتردد قال : يمّة تعرفي " وسكت "
رفعت امه راسها تجاهه وقالت بتعجب : ليش سكّت تكلّم ؟
لوّح بيمينه وهو يقول : هذيك تعرفيها
: محمد قول اللي تبا تقوله واخلص
قال : يمّه تعرفيها سُعاد بنت سلطان بن حمد
سكتت أمه لوهلة ، تأملت حاله وابتسمت : أعرفها
ابتسم : متزوجة ؟
هزّت راسها : لا
مسك كفوفها براحه وباس يدها : يمّه رجيتك أبغاها لي حليلة
تفاجأت أمه وبان هالشيء فوجهها وبتردد قالت : بس
قطعها وهو يقول : لا بس ولا شيء ، يمّه متى هتخطبيها لي ؟
: من وين عرفتها يا ولد بطني ؟
رد باستحياء : شفتها مرّه وسألت عنها
هزّت أمه راسها بتفهُم وقالت : من جهتي ما عندي مانع لا في البنت ولا فأهلها ، بس اسأل عبدالعزيز أخوك يكون أحسن !









-14-

بفرح : نويت أتزوج ياخوي
رد عليه بفرح أكبر : الساعة المباركة ، نخطبلك ولو الحين
قال محمد على استحياء : فبالي حرّة يا بو طارق
باستفهام : ومن هي ؟
رد عليه : بنت سلطان بن حمد
انقبض وجهه : مالك فيها نصيب يا محمد ، ما انت عارف اللي بيننا وبينهم ؟
ساد الصمت هنيهة ثم قال محمد بخفوت : ما بيننا وبينهم الا الخير
استقام عبدالعزيز وقال بحزم : لا والله ما انت صادق ، ما بيننا وبينهم خير
رد محمد برجا : نجيب الخير بيننا وبينهم يا خوي
بصرامة : نزوجك اللي أحسن منها ان شاء الله
استقام محمد بطوله الفارع وقال قبل ما يخرج ويغيب عن عين أخوه : وانا ماني متزوج غيرها






-15-

دخل محمد البيت رمى السلام باس راس أمه ودخل غرفته بعدها
التفت عبدالعزيز لأمه وقال بغضب : شفتي يمّه مجافينا علشان حرمة
ضاق صدرها وقالت بحزن : إيش فيها لو تروح تخطب له اللي يبغاها ؟
قال بنفس النبرة : فيها يمّه فيها ، نسيتي اللي سوّوه مع أبوي رحمة الله عليه
قالت بنفس نبرة الحزن : لا يكون قلبك قاسي ، السالفة صار لها عُمر ، وهو ماله ذنب فيها ولا هي لها ذنب فيها
قام ، توجه للباب وهو يقول : نخطب له -ان شاء الله- اللي أحسن منها







-16-

بصدمه قال : ما انت جاد ؟
رد عليه عبدالعزيز : إلا جاد ونص ، الجماعة وافقوا وبعد المغرب الخطبة
قال محمد وأثار الصدمة ما اختفت من وجهه : تبغا تلوى ذراعي يا عبد العزيز ؟ " سكت وأنفاسه تتسارع بغضب "

أكمل محمد وعيونه يتطاير منها الشر: اذا تبغا تفضح عمرك بين الرجاجيل هروح معك ما عندي مانع
صرخ عبد العزيز فوجهه : يا الرخمة تتحدا أخوك علشان حرمة
وعلى صوت صراخه دخلت أمه ... أو بالأحرى دخلت على وقع كلمة "الرخمة" فقلب محمد !
قالت : عبد العزيز خل أخوك فحاله
سكت عبد العزيز احتراماَ لأمه
تقدم محمد من أمه وقال بصوت متهدج : أمي كنتي تدري انه الخطبة اليوم
قالت بصدمة : أي خطبة ؟
قال عبدالعزيز : خطبته على سلمى بنت سالم بن هلال ،
ارتفعت نبرة صوتها وهي تقول بلوم : الله يهديك يا ربي ، الله يهديك ، و بشور من تروح تعطي الجماعة كلمة؟ ... اذا هو شاري غيرها ، ما فكَّرت بِبنت الناس
رد عبدالعزيز : صار اللي صار ، واليوم بعد المغرب نِملِك عليهم
ضحك محمد بدون نفس : دوّر لك واحد غيري علشان لا يجي المغرب و تنفضح عند الجماعة
اقترب عبد العزيز منه ، صفعه كف دوى صوت صداه الأرجاء ، ثم همس بفحيح حاد : أشوفك المغرب منثبر هناك

خرج محمد من الغرفة تتبعه أمه بعد ما رمقت عبدالعزيز بلوم
نادت عليه وهي يا الله يا الله تشيل عمرها ، طلع من البيت وعلى جيّة ناصر أخوه
سأل أمه باستغراب : ايش فيه ؟
قالت بأنفاس متقطعة : اتبعه بسرعة
طلع ناصر بسرعة وتبع أخوه في حين جسد ذيك الأم انسل من بين يدينها وارتمى على الأرض .







-17-

وقف وراه ، حط يده على كتفه وقال : ايش فيه محمد ؟
ما جاء منه غير الصمت
تفحص وجهه ولقا دمعه تتسلل على خده عنوه ، هزّه ناصر بقوة : أفا عليك يا خوي خلّيك قوي
جاه صوته محشرج : ما عاد بي قوّة ، عبدالعزيز كسرني ، ما معتبر لي وجود ، تخيّل انه خطب لي دون علمي واليوم بعد المغرب نملِك
الصدمة ألجمت ناصِر و ساد الصمت الأرجاء بعدها
قابله ناصِر وقال بضياع وآثار الصدمة ما زالت على وجهه : ومع كذا خلّيك قوي
صرخ محمد : ومن زود ما هو شايفني طفل ضربني ، تخيّل ضربني

انصدم ناصر مرّة ثانية

وقال وهو يبلع الصدمة : لا تقول كذا ، انتَ حتّى أعقل مني ، وهو يحس بالمسؤولية تجاهك لا أكثر ولا أقل
: لا تبرر ناصر ، ما فيه تبرير ع الشيء اللي سوّاه ، لو انه سوّى الحركة نفسها معك ما قلت اللي تقوله الحين
الكلمات الأخيرة أخرست ناصر ، كان معاه حق فيها ، لو ان اللي صار مع أخوه صار معه شخصياً ما كان هيقبل ، وهيقوّم الأرض وهيقّعدها !
تنهد ناصر والكلام تلخبط عليه ، ما هو عارف ايش يقول ، بس في الأخير قال : خلينا عقلانيين ولو شوي يا محمد ، لو انّك مثلاً ما رحت المغرب الملكة ، والله العظيم يا انه هينحَط من قدرنا لوَلد ولدنا ، هَيقال إنه ولاد طارِق بن عبدالعزيز عطوا الجماعة كلمة وردّوا عنها ، والأهم من ذا انه النّاس هتتكلم كثير فعِرض البنت وشرفها ، هيقال انه سمعوا عنها شيء وردوا خطبتهم ، وانت ما ترضاها أكيد ، في النهاية البنت ما لها ذنب .

زفّر محمد بتعب ، وكأن الكلام اللي قاله ناصر كان له وقع كبير في نفسُه ، جر رجليه وابتعد عن أخوه اللي سأله : على وين ؟
رد محمد بحزن : ع البيت "ضحك بدون نفس " أنتظر المغرب بفارغ الصبر علشان أشهد موت هالقلب "وضرب صدره بقوّه "
تبعه بنظراته وهمس : الله يعينك يا خوي ، الله يعينك






-18-
مشى بتثاقل و خلفه مشى ناصر ، وصلوا البيت وكان متغيّر ، أصوات كثيرة تصدر منه ، قلبه انقبض ، لف وجهه لناصر وسأله بخفوت : ايش اللي صاير ؟
أسرع ناصر فدخول البيت وهو يقول بسرعة : خلينا نشوف

وبدخولهم .. خرج عبد العزيز وبين يديه أمه ، مغمضة عيونها وبعيدة عنهم
انفجعوا – محمد وناصر – باللي يشوفوه
قال ناصر : ايش فيها امي ؟
صرخ عبد العزيز : افتح السيارة بسرعة
نفّذ ناصر اللي قاله ، وتحركوا بسرعة للمستشفى
في حين كان محمد يحاول يستوعب اللي صار ، ولما استوعب ، وجد انه المكان خلا منهم ، من أمه ، من عبد العزيز وناصر ........ وفي هذيك اللحظة خطا خطوته للمستشفى وهو منفجع على أمه !







-19-
سأل : ناصر شفيها أمّي ؟
رد ناصر بخفوت : انخفض الضغط عندها
همس وهو يقعد فأحد المقاعد : الحمد لله رب العالمين على كل حال

دخلوا على أمهم – ناصر وعبدالعزيز ومحمد – حصَّلُوها مفتحة عيونها وتناظر الفراغ أمامها ، سلَّموا عليها وتحمّدوا لها عَ سلامتها ولمّا جا عبد العزيز لعندها أشاحت وجهها عنه
تفاجأ عبد العزيز : يمّه
قالت والدموع فعيونها : لا تقول يمّه ماني أمّك
التفت محمد لناصر يناظره بتساؤل ، فأشّر له ناصر بعدم فهم
رد عبد العزيز باستغراب : ليش ؟
قالت والدموع تنحدر على وجنتيها : أجل اللي سويته بأخوك ايش يقال عنه ، العدو ما يسويها
سكت وما رد ، أساساً ما عرف بإيش يُجيبها !

تنهد محمد بصوت مسموع وهو بعد ما علّق ، إيش يقول ؟ مو هذا أبداً اللي يبغاه هو .. مو هذا ، ما يبغا أمه تزعل على أخوه ، بس يبغا شيء واحد ، شيء واحد بس مُمكن يريحه ، شيء واحد ممكن يحف قلبه بالسعادة ، بس وين ! ، شكل هالشيء طريقه طويل وصعب !!


رفع نظره والتقت عيونه بعيون ناصر اللي حثته على انه يقدم خطوة لقدام باتجاه أمه ، و فعلاً تقدّم ناحية أمه ، ضم راسها وباسها فقمته
قال : يا جعلني فدا دموعش يمّه
ما ردّت
أكمل : اللي صار صار ، واحنا الحين ما نقدر الا انّا نروح بعد المغرب نملِك
كلهم صوَّبوا نظراتهم المستغربة تجاهه
أجبر نفسه انه يرسم ابتسامة صغيرة على شفاهه
قالت بتساؤل : انتَ ما عندك مانع ؟
تنهد : لا

وبإجابته ذيك ارتسمت الفرحة فوجه عبدالعزيز ، في حين كانت امه تناظره بعدم تصديق وفداخلها متأكدة انه يكذب
قال عبد العزيز : الله يتمم على خير ان شاء الله ، هاه يمّه رضيتي علينا؟
ما ردّت عليه ؛ لأنها التهت بالتفكير بشاغل أفكارها .. محمد .







-20-
كل شيء تم بسرعة ، هو صار رسمياً انسان متزوج ومن انسانة ما تمنّاها ، انسانة فُرضت عليه ، ما يعرف كيف أقنعُه أخوه ناصر ، كل شيء صار وهو ماله يد فيه .

يُبارك على المُهنئين بدون نفس ، المفروض أساساً أنهم يعزوه على موت قلبه ، المفروض يمشوا معه فجنازة موت قلبه ، المفروض يبكوا معه لموت قلبه ، يهنئوه على ايش ؟؟؟؟؟؟؟ ، ما مستوعب ، و كل شيء متلخبط في عقله ، فقد عقله ، جن وما عاد فهم حاجة.
كان عبدالعزيز واقف عن يمينه وناصر عن شماله وهو بينهم ضايع ، همس له عبد العزيز والابتسامة ما فارقت وجهه : شفت كل شيء تم بسرعة ، وان شاء الله تتهنا
رمقه محمد بغضب وبفحيح غاضب قال : الله لا يسامحك

وغابت الابتسامة من وجه عبد العزيز واحتلت مكانها الصّدمة






-21-

قدّم استقالته من مكان شغله وهو ما كمّل شهر من بدا يشتغل ، فتح دكان خضار وبدأ يشتغل فيه ، الكل استغرب ، الكل تعجّب ، الكل تساءل ، وما أعطاهم إجابة شافية ع الشيء اللي يسويه

صرخ عبد العزيز فوجهه : انت جنّيت على الأخير
رد محمد ببرود : من ذاك اليوم فقدت عقلي ، من ذاك اليوم
حاول ناصر معه : يا خوي انت تعاقب نفسك باللي تسويه ، رجيتك لا تسوي بعمرك كذا ، لا تعِّذب أمي ، تعرف انها تموت ألف مرة لا شافتك وانت بذي الحالة
لمعت الدموع فعيونه وصد بعيد عنهم يداريها لا تخونه وتسكب !

أخذوه لشيخ يقرا عليه ، قالوا يمكن عين صابته ، عملوا معه كل شيء ممكن يعملوه علشان يتراجع عن هالقرار ويرد مثل ما كان بس ما كان فيه فايدة من اللي يسووه !

واجهه ناصر في يوم : بصدق جاوبني انت ليش تسوي كذا ؟
قال بتيه : ما اعرف "وسكت الكلام داخله"
أكمل وهو يناظر ناصر بضياع : أمّي تحتاج من يداريها وشغلي في العاصمة ، وما اجي هنا الا في العطل
أجاب ناصر: ما هو عذر يا محمد ، انت تدري انّي أنا معها دايماً
سكت محمد وما عاد عنده عذر يبرر له اللي سوّاه !
صمت ساد الأرجاء ما غير صوت أنفاس محمد المتعثرة
وضع ناصر يده على كتف اخوه وقال بعيون حادّة : انت تبي تجلس هنا ؛ لأنْ بنت سلطان بن حمد هنا
رفع محمد راسه يناظر اخوه بمفاجأة
قال ناصر بانفعال وبنبرة حادّة : من الله ما يجوز اللي تسويه ، ما يجوز ، روف بعمرك ، روف بالمسكينة اللي فعصمتك واللي تفكر بغيرها
أشاح محمد وجهه ، آلمه اللي يسمعه من أخوه ، أوجعه وهو يذكر سبب استقالته ، ببساطه هو أحَبْها واذا حرموه منها فما هيحرم نفسه من انه يتنفس نَفْسْ الهواء اللي هي تتنفسه .

مجنون !!







-22-

و جاء اليوم المنشود ، اليوم اللي يشهد أنه فقد قلبه كُلِياً ، ودخلت عالمه الحزين انسانة غريبة على قلبه ، غريبة عليه كله.
تفحصها من أعلاها إلى أخمص قدميها ، كانت جميلة ، بس ما عاد شاف الجمال .. بعد ما شاف اللي سكنت قلبه واحتلته .
كان بارد معها ، جاف ، بس مع كذا ما كانت تشتكي ، وفي مرة من المرات خرج عن طوره وصرخ فيها ، كان فداخله يحس بالذنب تجاهها ، يحس بالذنب لمّا يشوف تعاملها الرقيق و حنانها معه.

قالت له أمه مرّة : محمد ترا سلمى والله طيبة ، عاملها بأسلوب أحسن ، والحُب يجي بالعشرة يا ولدي
قطّب جبينه وقال : أنا ما اعرف يمّه ، هذا أسلوبي وتتعود عليه

وغاب بعدها عن أمه ، أمه اللي كل ما شافته بحالته ذيك يضعف قلبها ويوهن .








-23-

وماتت ذيك الأم ، وفاضت الروح إلى خالقها ، حزنوا عليها ، بكوها ، ورجعوا أطفال ينوحوا فقدها .
وكان محمد أكثر واحد تألم وتوجع لموتها .

مرّت الشهور ، والحزن يكبر فقلبه ، والهَم تفاقم أضعاف مُضاعفة لمّا انتقل عبد العزيز وعائلته للعاصمة ، وانتقل معهم ناصر ... وبقا لوحده .
انتقلوا ؛ لأنهم ما عاد لهم قدرة يعيشوا في البيت بدون أمهم .
حاولوا فيه ينتقل معاهم لكن عجزوا ؛ لأنُّه ما زال متشبث بكل ما فيه من قوّة بذيك الأرض اللي يتنفس من نفس الهوى اللي تتنفس منه ساكِنة قلبه .







-24-
مع مجيء أول طفل لهم ، تبدد أوّل عائق بينه وبين سلمى ، سمّوه سعود بقرار مُشترك بينهم ، ثم جات من بعده روضة اللي سمّاها على اسم أمُه وبعدها مها ، وبقدومهم الواحد تلو الآخر تتلاشى العوائق والحواجز بين الزوجين ؛ الا أنه ومع كذا ما قدَر أبداً أنه يبادلها مشاعِر الحُب ، الحُب اللي يطوقه بحنان ، الحُب اللي تغمره فيه بكل كرم وبدون ما تنتظر مُقابل منه ، محمد ما يبادل سلمى الحُب ؛ لكنّه يبادلها الاحترام وأي علاقة ناجحة فأساسها يكون الاحترام .







-25-
و قلبه ضاع من بين يديه ، ضاع لمّا وصل لمسمعه خبر زواجها من غيره ، ارتبطت سُعاد بغيره ، أصبح اسمها مقترن بغيره ، ما كان عنده الجُرأة بأنه يتزوج منها فضاعت منه ، هذا عِقاب لجُبنه ، لضعفه ولخوفه .
ومن عجائب القدر انها تزوجت من واحد باب بيتهم عند بابه ، يعني كل ما طلعت وكل ما دخلت لبيتها هيكون بمرأى منه وذا الشيء يذبحه ، يُميته .
حُبه لها عذَّبه وهي بعيدة ، فما باله وهي بعيدة وقريبة ... هيُفنيه الحُب ويعدمه !







-26-
تمر الأيام ، وينقطع نهائياً عن أخوته ، آخر مرّة تكلّم مع عبد العزيز تنازعوا وتخاصموا ومن ذاك اليوم ما عرفوا عن بعضهم شيء .

اتصل عبد العزيز وبعد رنتين أجاب محمد بهدوء : السلام عليكم
رد عبدالعزيز السلام
بعد ما عرفه من نبرة صوته قال : هلا ، كيف الحال يا بو طارق ؟
رد عبد العزيز : بخير جعلّك بخير
ساد الصمت بين الاثنين
شيء تغيّر فيهم ما هم الأوليين ، حاجة انكسرت وما تتصلح ، وهم ملاحظين هالشيء
قال عبدالعزيز بنبرة هادية : ما نويت تجي صوبنا
رد محمد بملل من هالسيرة : وبعدين يعني ما خلصنا من هالسالفة ؟
قال عبد العزيز بحدّة : بَلاك انت ؟ شصار لك ؟ ما عقلت
قال محمد بعناد : ولا راح أعقل إن شاء الله إن فتحت لي هالسيرة ع الطالعة والنازلة
قال عبد العزيز وهو يحاول قد ما يقدر يهدّي نفسه : عاجبك شغلك في الخضرة يعني ؟ ، لو انك تجي هنا تشتغل معي ، والشغل الحمد لله كل ماله ويكبر
: الله يزيدك ويفتح عليك ، انا الحمد لله مرتاح وربي ساترها معي وبلا منيّة من أحد
صرخ عبدالعزيز : الحين يوم انّي أبغي لك الصلاح أكون أَمِن عليك يا الرخمة

أغلق محمد التلفون وهو يغمض عيونه بهم كبير ، ومن ذاك اليوم ما قام يتواصل لا مع عبد العزيز ولا حتى مع ناصر .







-27-

مسح عبدالعزيز وجهه وهو يتعوذ من بليس ، تذكّر كل اللي صار بينه وبين محمد أخوه ، أكثر من عشر سنين وهم مقاطعين بعض وعلى ايش ؟ ، على سبب تافه ، كل واحد يعاند الثّاني وفي الأخير ايش استفادوا من كل ذا ؟؟؟؟؟ ولا شيء !

يومين مرّن بسرعة... بس عليه مرّن مثل الدهر ، صدره مقبوض ، ووجهه متجهم كله حزن ، هو يدري انه يدفع ثمن اللي سوّاه من زمان ، وما يلوم أخوه -اللي يصغره بسنين كثيرة- ع الصد و الجفاء اللي يقابله به ، في الأخير هو الأكبر وهو الأعقل لكن اللي حصل انه بعنادهم ذاك ولا واحد فَرَقْ عن الثاني بشيء .

سيارتين خرجن من العاصمة إلى البلد اللي ساكن فيها محمد ، الأرض اللي تربوا فيها وهجروها بدون ما يرف لهم جفن ، و بدون لا يحن صدرهم لها أو يرجعهم الشوق ولو ع الخاطف !
السيارة الأولى فيها طارق بن عبدالعزيز ، عمر بن عبد العزيز ، حمد بن عبدالعزيز ، وأبوهم !

الثانية تضم حُذيفة بن عبدالعزيز ، خالد بن عبدالعزيز وعمهم ناصر و ولده سلطان ذو العشر سنين !


وصلوا ، البلد مثل ماهي ما تغيّرت غير انه البيوت صارت أكبر والشوارع غدت أوسع ، وصلوا للبيت اللي ناشدينه وحصلوه مثل ما هو !
وقف عبدالعزيز يتأمله فترة من الزمن ، وابتسم وهو يهمس لنفسه : مثل ما هو

طرقوا الباب ، فتحه سعود وتفاجأ بالرجال اللي يلبسوا الأبيض بتمصيرة ملفوفة بعناية على روسهم
تقدّم عبدالعزيز من ولد اخوه بدهشة من الشبه الكبير اللي جمعهم ، وكأنه محمد بس بهيئة صغيرة ، مسك راسه وباسه ، وخانه لسانه
ابتسم سعود : الله يعز قدرك عمي ، تفضلوا حياكم

سلّم ع البقية وهو مو عارف غير انهم عَمامه وأولاد عمومته.. و ما درا من وين طلعوا فحياته فجأة !






انتهى .
بانتظار تعليقاتكم و آرائكم

bluemay 31-05-15 10:57 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بارت راااائع


اتوضحت السالفة شوي

يعني محمد كان بدو يخطب سعاد لولا تدخل اخوه اللي رفض وما اكتفى برفضه علقه بزواج منةغير رضاه.

سلمى مسكينة ما لقت مشاعرها صدى عند محمد ولو انه الحمدلله انه في احترام متبادل بينهم.

عبدالعزيز تصرفه اناني وكسر قلب اخوه وخسره.

يا ترى شو سر الزيارة؟! معقولة بدهم يعيدوا الوصال بينهم ؟!

محمد ما اظنه يقبل يترك القرية ويروح معهم وخاصة بعد غياب زوج سعاد واحساسه بالمسؤولية تجاهها.


متشوقة للجاي

يسلمو ايديك اسلوبك ممتع وبسرقني الوقت وانا بقرألك ..



لك خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

مشاعِر 02-06-15 06:59 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3536980)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بارت راااائع


اتوضحت السالفة شوي

يعني محمد كان بدو يخطب سعاد لولا تدخل اخوه اللي رفض وما اكتفى برفضه علقه بزواج منةغير رضاه.

سلمى مسكينة ما لقت مشاعرها صدى عند محمد ولو انه الحمدلله انه في احترام متبادل بينهم.

عبدالعزيز تصرفه اناني وكسر قلب اخوه وخسره.

يا ترى شو سر الزيارة؟! معقولة بدهم يعيدوا الوصال بينهم ؟!

محمد ما اظنه يقبل يترك القرية ويروح معهم وخاصة بعد غياب زوج سعاد واحساسه بالمسؤولية تجاهها.


متشوقة للجاي

يسلمو ايديك اسلوبك ممتع وبسرقني الوقت وانا بقرألك ..



لك خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,
أسعد الله أيامك يا طيبة :)
,
كل الأمور راح تتوضّح أكثر إن شاء الله
أشكر لش تعليقش أختي ، وحضورش الحلو
ربي ما يحرمنا من الهلة الجميل

شُكراً شُكراً



مشاعِر 02-06-15 07:03 PM

3/ انفكّتْ عُقدة و عُقِدَت أخرى .
 

النبض الثالث
انفكّت عُقدة وعُقِدَت أخرى







-28-
أغلق التلفون وتنهّد بتعب ، إخوته وصلوا ، بعد سنين راح يشوفهم مرّه ثانية !
وايش شعوره ذيك اللحظة ؟
بلا شعور ، ما يحس انه فرحان كثر ما يحس أنه وده يهرب بدون لا يلتقي فيهم !
ليش كل ذا ؟
هو وحده ما يعرف ايش فيه ؟! ، لعله مثل ما قال له عبدالعزيز من زمان بأنه عين وصابته

قال بتعب وهو يخرج من دكانه : راميش دير بالك أنا امكن ما أرجع الدكان اليوم
رد عليه راميش : زين

مشى باتجاه بيته بعد ما اختار أطول طريق ، طريق المزارع !

تايه وضايع وفكره مشتت ، ما عارف ايش يسوي ؟ ، تتقاذفه الأفكار يمين وشمال من دون ما يرسي على بر ، و فدوامة أفكاره انساب صوت ضحكتها وداعب أذونه بكل رقّة وتسلل بعدها لقلبه ومسّده براحة زائِلة .

لف على يمينه وشافها تضحك مع أم عبدالله ، ثانيتين مرّن قبل لا ينفض عنه الأفكار السوداء اللي تراوده لمّا يشوفها ومشى بسرعة من أمامهن ، تعدّاهن ، ووصل لبيته وهو اتخذ قراره وحسم أمره .
القرار اللي ممكن ينتشله من الهم اللي يلفه و يعتصره ، القرار اللي ندم على عدم اتخاذه من قبل سنين طويلة ، القرار اللي اتخذه متأخر جداً
تنهد وهو يفتح الباب ويدخل !





-29-
قالت أم عبدالله : شفيه مر كذا بسرعة بدون لا يسلّم
قالت سعاد : امكن ما شافنا
ردّت أم عبدالله : والله يجوز
أكملت أم عبدالله : شكل المجاري هترد مثل ما كانت بينه وبين أخوانه !
ردّت سُعاد باستغراب : وايش يدريش ؟
: كذا حاسّة "قالت ام عبدالله "
تنهدت سُعاد : عسى خير !







-30-
وقفوا كلهم لمّا شافوه مقبل عليهم
تقدّم منهم و قال : السلام عليكم
ردُّوا السَّلام عليه
اقترب من أخوه الكبير وهو يتأمل هيئته المهيبة ، مثل ما هو ما تغيّر غير انه لحيته طالت واصطبغ شعره بالأبيض و زاده هالشيء وقار !

مد محمد يَمينه ، تناولها عبدالعزيز وشدّه نحوه ولوى عليه بقوة
كم من الوقت مر ما يدري ، ما يدري غير أنه ندمان قد شعر راسه ، ندمان انه جافا أخوته على ولا شيء ، ندمان أنه ما انتقل معهم للعاصمة ، ندمان انه سمح لنفسه يخوض معارك شديدة مع قلبه واستمرت لسنوات عديدة .

بس ايش يفيد الندم ؟؟؟؟

طبطب عبد العزيز على ظهر محمد ثم قال وهو يواجهه : كيف حالَـك يا محمد ؟
أجاب محمد : بخير ، بخير
الدموع اللي شافها فعيون عبدالعزيز كسرته ، وأحاسيس كثيرة اعترته فذيك اللحظة
دار بظهره وسلّم على البقيّة ولمّا وصل لناصر ، ضحك الأخير وقال : والله أنا للحين ما دريت ليش مجافيني ؟

لَوى محمد عليه وهو يضحك
قال ناصر وهو يمسح دموع طلّت من عيونه : شقيقي وشبيهي ، كيف حالَـك ؟
رد محمد والبسمة مرسومة على شفاهه : بخير عساك بخير "ضحك" و صاير حسّاس
رد ناصر : من يومي وأنا مشاعري مُرهفة وما أتحمل هالمواقف
ضحكوا

وجَّه محمد كلامه لسعود : سعود فز هات القهوة
: ان شاء الله

مرّن بضع ثواني قبل لا يجي سعود وبين يديه دلة القهوة والفناجين ، وقف في صدر المجلس أمام أعمامه ، صب القهوة فأحد الفناجين وناوله لأبوه .
كانوا يعتبروا الولد لمّا يدخل ال12 سنة رجال في ذاك الزمان ، يتصرّف مثلهم ، ويُعامل كرجُل ، ويُنتقد إذا تصرف بفطرته الطفولية ، لكن بعضهم يعتبروه مازال طفل اذا ما احتلم !
عبدالعزيز كان يقيّم سعود ، وأرضاه اللي يشوفه : الله يسلّم يدٍ ربّـتك يا سعود
ابتسم سعود : ما عليك زود عمّي

تناول محمد الفنجان من يد ولده وناوله بدوره لعبدالعزيز ، تناول عبدالعزيز الفنجان من يد أخوه وحطه على الأرض وقال : محنا شاربين قهوتك قبل لا يطيح كل اللي بيننا !
أمعن محمد النظر فأخوه ثم قال : ما بيننا الا الخير ان شاء الله

صمت ساد الأرجاء للحظات قبل لا يمسك محمد لحية عبدالعزيز ويقول بقوة : رجيتك بذي اللحية العامرة انك تسامحني ، أنا أخطيت
ألجم الموقف الموجودين وهز أعماقهم
والصدمة اكتست ملامح عبد العزيز ، فحياته ما توقع انه يصير له مثل هالموقف
انشرحت ملامح عبدالعزيز وتخطت الصدمة رويدا رويدا ، ابتسم بفخر ، قبّل جبين محمد ، و سكت ، ما عنده حكي ينقال ؛ اللي يحصل ما يوصفه كلام !


بعد بضع ثواني ، استعاد عبدالعزيز فيها نفسه من المشاعر اللي تقاذفته ، تناول فنجان القهوة اللي في الأرض وقال : الحين تِنشرب قهوتَـك يا محمد







-31-
على السّاعة خمس العصر وصلوا للعاصمة بعد ما قضوا اللي عليهم ، شعور عبدالعزيز اللي راجع من البَـلد غير شعور عبدالعزيز اللي كان رايح لها ، وأخيراً الراحة منّت عليها بلطفها وحفّته .

المجاري عادت وجرت من جديد بينه وبين محمد أخوه و هالشيء اللي تمناه ، قبل لا يأخذ الله أمانته .

دخل لبيته يتبعه أولاده ، قال لطارق ذو الثلاث وعشرين سنة : مثل ما خبرتك يا طارق ، شوف أي بيت حوالينا للبيع ويكون مرتب وكبير ، وما يهم السعر
رد طارِق : ان شاء الله
سأل عُمر ذو 16 سنة : يعني خلاص عمي محمد راح ينتقل هنا ؟
رد أبوه : ان شاء الله
سكينة سادت المكان قبل لا يفتح حُذيفة ذو 19 سنة جروح يا دوبها التأمت بسؤاله : أبوي ايش اللي كان بينكُم وبين عمي محمد ؟
رد عبدالعزيز وعيونه تلمع : هذي سالفة تافهة ، تافهة ما ينحكى فيها
مشى عبدالعزيز ناحية الدرج وصعد تتبعه نظرات أولاده

نظر حُذيفة وعُمر لطارق بشك
قال طارق وهو يرفع يدينه : خير ان شاء الله ، الله يجيرنا من نظراتكم ذي
قال عُمر : ايش السالفة ؟
هز طارق راسه بأسف وخرج

صرخ حُذيفة بعصبية فأخوته حمد ذو 8 سنين وخالد ذو 11 سنة اللي كانوا يتضاربوا : وبعدين يعني انتوا الاثنين ، ما تكبروا أبدا
همس عُمر : إلا ما أعرف ايش السالفة وهتشوف
رمقه حُذيفة بشك ، وكل واحد منهم راح فطريق !






-32-
قالت من دون لا تناظره : اذا تبغا تتسبح جهزت الحمام وثيابك ع السرير
همس وهو يشوف زعلها اللي مستمر من عدّة أيام : تسلم إيديش
أعطته ظهرها وكانت هتمشي عنه لو انه ما مسك رسغها ، استقام بطوله الفارع ، مسك كتفها ولفها له ، واجهته من دون لا تناظر وجهه !

مسك ذقنها ورفع راسها له ، ما قاومت اغراء شوفة عيونه ، ابتسم لها بحنان وقال : ما راح تسأليني ايش اللي صار في المجلس اليوم ؟
أشاحت بوجهها عنه ؛ لأنها بدت تضعف ، وهمست : سعود قال لي اللي صار ! "سكتت "
ناظرته ببرود وأكملت : وزين أبعدتوا إبليس عن دربكُم وتصالحتوا
فلتت منه ضحكة ، ضحكة نابعة من قلبه ، ألبست وجهه شيء من الفرح وزادته وسامة – على وسامة .

ناظرته باستغراب وقالت : ما يضحك
قال وهو يقرّبها منه : إلّا يضحك
ما ردّت عليه ، أكمَل : انتي شفتي نفسش لمّا تقولي سعود قال لي اللي صار "قلّدها وهي تقولها "
ارتسمت شبه ابتسامة على شفتها وأشاحت وجهها عنه
لف وجهها صوبه من جديد : جد والله لازم تشوفي نفسش !
شكّت فعمرها : ايش فيه ؟
اتسعت ابتسامته وقال : أبد والله ما فيه شيء غير إنش ما فَرَقتي عن عيالش بشيء ، طفلة مثلهم !
ضربته بقبضة ايدها على صدره العريض والابتسامة إرتسمت على وجهها: سخيف
رنّت ضحكته في الأرجاء من جديد
حاوط خصرها وهو يهمس في أذنها : طـيِّب قال لش سعود اننا قريب هـننتقل للعاصمة ؟
ناظرته بدهشة وهمست : لا

قال بتلذذ : امممممممم وقال لش بعد انّي هرجع أشتغل بشهادتي اللي جار عليها الزمن ؟
وضعت أصابعها النحيلة على شفاهها والفرحة صدمتها وشلّت حركتها ، بعد أجزاء من الثانية استوعبت اللي يحصل و صرخت بسعادة وتعلقت برقبته

ضحك محمد وهو يدور فيها : يوم أقول لش انش طفلة !

اللي يشوف حالة سلمى ذيك اللحظة ، ما يقول أبداً إنها هي نفسها قبل دقائق الزعلانة واللي ماخذة على خاطرها منه !
بسيطة ، يرضيها القليل ، وراحة عيالها وأبو عيالها هي راحتها ، وما تبي شيء أكثر من إنها تشوفهم سعيدين .






-33-
انتصف الليل عليهم وهو ما زال صاحي ، عيونه عَيَت تغفى ، انسل من فراشه بهدوء ، تأمل سلمى وهي نايمة براحة جنبه و لسان حاله يقول لها كما قال عنترة بن شداد :

لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيركُم *** ولا رضيتُ سواكُم في الهوى بدلا

استقام ، وخرج للخارج و تحت ضوء البدر ، أشعل ضوء سيجارة !
استند على الجدار واتكأ فيه ، و ظل هو والسيجارة كل واحد يحرق الثـاني ، والبال يروح ويجي والأفكار ما ترسى على بر ، والذهن غايب .
خلاص هينتقل من هنا ، هيبدأ حياة جديدة !

عقله يبارك له هالقرار وقلبه مستنفر ما وده يغادر هالمكان ، بس الأكيد انه هيسمع لعقله ؛ لأنه سمع لقلبه من قبل وما استفاد غير التعب والهم والغم .
ضروري يبتعد عن هالمكان لأنه ما عاد يستحمل شوفتها تروح وتجي أمام عينه ، قلبه ما يتحمل ، والأكيد ذنوبه هتكبر لو ظلْ فهالمكان وهي على مرأى منه .

تنهد ، رمى السيجارة ع الأرض ، داسها ثم دخل البيت .







-34-
على الساعة ثمان الصبح ، خرجت بشعرها الطويل المبعثر حواليها وبـ بيجامة توصل لنص ساقها .

شافته جالس على حجر كبير أمام بيتهم ومستند على الجدار ويفكر ، راحت له بخطوات بطيئة وحذِرَة ، ولمّا وصلت عنده نادت بصوت عالي وحاد : سعووووود
انتفض ، وفز من مكانه
في المقابل جلست تضحك على ردّة فعله
عقد حواجبه وقال بحدّة : شوووو أصمخ أنا علشان تصرخي كذا ؟
وهي مُستمرة في الضحك

صفعها على راسها بخفة وقال : بس خلاص انتي وذا الشعر المنكوش !
توقفت أخيرا عن الضحك وجلست جنبه على الحجر
قالت : طلعت في الأخير خوّاف
ما جاها منه جوّاب
سألت : انت ليش تجلس وحدك دايما ؟
ما رد عليها
أكملت : ليش ما أشوفك تلعب مع أولاد الحارة ؟
ما جاها منه رد
: لأنهم دايم يقولوا لك الطويل ، صح ؟
إلتفت صوبها ، ورمقها بلا مُبالاه ، ورجع لوضعه المُعتاد
سألت بانزعاج : ليش ما ترد ؟
أجاب : لأنش مُزعجة ويا الله أشوف ادخلي بيتكم ، عيب تخرجي بذي الملابس !
وقفت أمامه ، وضعت يديها على خصرها : لا مو عيب
قال بحدّة : إلا عيب ونص بعد
امتلت عيونها دموع

جاها صوت أخوها (علي) ذي العشر سنين : مَرْيااااام
التفتت له وصرخت بحدة : ايش تبغا ؟
: ادخلي داخل تبغاش أمي
ردّت بعناد : ما هدخل
جاء عَلي صوبها وقال : ادخلي أشوف إنتي وذي الكِشّة
تخصرت وقالت : ما أريد أدخل
مسك علي يدها وسحبها : غصب عليش تدخلي ، انا ما جيت أشاورش
صرخت : ابعد عني يا حمار القايلة ، يا حيوان ، ابعد ، انت تعورني

اكتفى سعود بالمشاهدة ، ونظرة اللا مبالاة ما زالت في عيونه

لطمها علي كف على وجهها وصرخ : ذا الكلام الوسخ ما ينقال لي ، فاهمة يا قليلة الأدب ؟
الدموع نزلت على وجنتيها ، وصاحت بازعاج يصم الآذان
قالت من بين دموعها بصراخ : انت قليل الأدب يا كلب الحارة
جرها من شعرها ، وهو يقول : هالكلام هطلعه من عيونش

وأخيراً تدخل سعود لمّا شاف أنه الوضع تأزّم
فلّتها من بين يدين أخوها بصعوبة وقال : اترك أختك عيب عليك
واجهه علي وقال : انت ما لك دخل ، اطلع منها
اقترب سعود منه بطوله الفارع وقال من بين ضروسه : إدخل بيتكم لا والله أنحرِك مكانك
في تلك الأثناء ، قامت مريم من التراب بتثاقل واندّست ورا سعود
قال علي بتهديد : ما راح أدخل بدونها !

مسكه سعود من ياقة دشداشته وبصراخ عالي قال : أجَلْ تستقوي على بنيّة يا الدجاجة

انسل علي من بين يدين سعود ودخل بيتهم وفي عيونه تهديد لمريم اللي تقول بفرح : يحليلها الحِقّة (صغير الدجاجة) ، ليش تنفشي ريشش علينا يوم انش ما مال شيء ؟ !
دخل علي بيتهم واغلق الباب بقوة بحيث أصدر صوت عالي

أخذت مريم ترقص وهي تقول : وانتصرنا والناصر الله ، وانتصرنا والناصر الله
رمقها بلا مُبالاه وهي تتقافز حوله بسعادة ، رجع جلس على الصخرة وأسند ظهره على الجدار
اقتربت منه وباسته على خده : شكراً ؛ لأنك انقذتني منه
تفاجأ سعود ؛ لكن أخيراً شبح ابتسامة قَدَرْ يطل على وجهه .

نفضت التراب عن ملابسها وهي تقول : الله يغربله ، ترست تراب بسببه الحيوان
عقد سعود حواجبه وقال : ايش هالألفاظ ؟ عيب
ردّت بعنادها المُعتاد : مو عيب

سكت عنها ولف وجهه يناظر الفراغ أمامه
جلست مريم جنبه
نظر لها بطرف عينه وقال : يلا روحي بيتكم أمش تبغاش ؟
قالت وهي تلعب بأصبعها : ما أريد ؛ الحيوان اللي في بيتنا هيضربني
: وبعدين يعني مع هالألفاظ الوسخة ؟
ردّت : خلاص خلاص

قال ببرود بعد فترة صمت وهو يستقيم : ويعني كيف ؟ هتجلسي هنا طول اليوم ؟
ردّت وهي تقوم معه : اممممم لا
قال وهو يأشر لبيتها : إذن تفضلي ادخلي بيتكم
قالت بدلع : لااااااااااااااااااااااااا ما هروح بيتنا
باستهزاء وهو يقلّد نبرة صوتها : وييييييين هتروحيييييي ؟
قالت ببراءة : معك !
بمفاجأة قال : معي وين ؟
ردت وهي تأشر بعيونها لبيته : بيتكم
بعد تفكير قال : الله المستعان ، دخلي أشوف

ما درى سعود انه مها وروضة يراقبن الموقف من بدايته وهن يتوعدن فيه بمكر ، وما درت مريم انه علي أيضاً كان يراقب من الدريشة ويتوعدها بشر !




-35-
دخلت مريم ، ولمّا شافت سلمى تجمعن الدموع فعيونها وصاحت
تفاجأت سلمى وقالت وهي تشوف حالها المبهدل : ليش تصيحي مريم ؟
قالت بنشيج : هذا علي الحيوان ضربني كف وسحبني على الأرض واااااااااااااااااااااااااااااااااااااء
أكملت وهي تستجمع أنفاسها : حتى شوفي مكان ما ضربني أحماااااار
وكان فِعلاً مثل ما قالت ، خدها أحمر مثل الجمر !

وما كان من قوّة الضربة اللي تلقاها خدها لكن بشرتها كانت رقيقة وحساسة زيادة عن اللزوم .

لمّتها سلمى بين يديها وهي تهدّيها
قالت مريم : أنا ما أريد أرجع البيت لأنه هيضربني
قالت سلمى وهي تتطبطب على راسها : خلاص أنا هخبر امش انش هنا
وما أن قالت سلمى اللي قالته حتى بدأ صياح مريم يخف .
وهذا هو الشيء اللي كانت تريده من البداية .

في تلك الأثناء كان سعود يراقب اللي يحصل ، تفاجأ من دهاء الطفلة اللي قدّامه ، كانت قبل لحظات ما فيها الا العافية ، وتساءل من وين تجيب الدموع ؟؟ ، وكيف تقدر بهالسهولة تقلب الأحداث لصالحها ؟؟!

اللي تأكد منه انه عقل هالبنت أكبر من سنها بكثير ، مو طفلة عمرها 6 سنين تفكر بهالطريقة !!

لكن ومع هذا ما نجحت الخطة اللي رسمتها مريم ؛ لأن جات أمها وأخذتها للبيت غصباً عنها .






-36-
في الليل ، ومع اجتماع العائلة على العشاء
قرصت روضة أختها مها علشان تبدأ تتكلّم ، توجعت مها من القرصة فصرخت
سألها أبوها : ايش فيش ؟
كحت ، ثم قالت بابتسامة تداري فيها نذالتها : أبوي جات اليوم معنا مريم بنت الجيران
نظرات أبوها حثتها على الاستمرار في الحديث ، فأكملت : هذا أخوها علي ضاربنها وجارّنها على الأرض
قال محمد باهتمام : انزين ؟
أكملت روضة : لكن الحمد الله ، الحمد لله ، البطل الخارق حامي الأرض من الأشرار ، أنقذها من بين يديه
رمقها سعود بسخرية
أكملت وهي تلوّح بيدها : والله أبوي لو شفت كيف يضربها هتقول انه هذي أكيد هتموت بين يديه
ابتسم محمد وقال وهو يجاريهن في الكلام : جزاه الله خير هذا البطل الخارق

أكمل سعود أكل وكأن الأمر ما يعنيه
قالت مها : لو شفت كيف فلّتها من بين يديه ، ثم مسك أخوها من ياقته وعلّقه
أكملت روضة بتأثر مصطنع : كان بصراحة مشهد مؤثر ، زين ما طاحن دموعي !
قالت مها وهي ترمق سعود بنذاله : لكن الحركات اللي صارت بعدين كانت بصراحة " سكتت وهي تحرك راسها بأسف"
سألتها روضة : ليش ما تكملي شوقتينا ؟ " مع أنه روضة على علم بكل اللي صار لكن النذالة وما تسوي "
قالت مها : هذي مريم أونها باست البطل الخارق تشكره على انه انقذها
لوحت روضة بيدها : منكر يالله ، أستغفر الله بس
نظر محمد لأولاده بدهشة وابتسامته اتسعت ، ثمّ نقل نظرُه لسلمى اللي كانت تنظر له بنفس النظرة !

رفع سعود راسه ، ورمقهن وهو رافع حاجب !
ثم قال : غير اللي يرسم قلوب فدفاتره وأسماء وحركات ، واللي سيف ولد الجيران يجيبله عصاير وشيبسات وككاوات
قالت روضة بدفاع : انا ما ارسم قلوب ، أجيبلك دفاتري تشوفهن ؟
وقالت مها بصوت عالي : وبعدين سيف انا أعطيه فلوس علشان يشتري لي من الدكان ، ما يجيب لي بكيفه

قال بعدم اهتمام : ليش تضايقتن كذا خواتي العزيزات ؟ ، انا عنيتكن بكلامي ؟ ، كنت اتكلم بشكل عام بس امبونه راعي المعنى يستعنى
قالت سلمى بنبرة عالية : بس انتي وهي صدعتوا راسنا
بس ما أحد أعارها إهتمام
قالت مها وهي تأشر له بسبابتها : اعترف انك تحب مريم اعترف يلا !!
قال سعود بتحدي : إي أحبها ، أحد عنده مانع ؟ ، أحد متضايق من هالشيء ؟
نظر له أبوه بدهشة ما انفكّت عن وجهه
ردّت مها بقوة : اصلا كنت عارفة ذا الشيء من زمان ، لأني شفت هذيك المروحة مال الألوان عندها ولمّا سألتها قالت انك انت عطيتها

سأل ببرود : وانتي ايش اللي حارق دمش ؟
ردت : لأني لمّا قلت لك تصنع لي مروحة ما رضيت وهذيك الدلوعة تروح تعطاها
قال بنذالة مع شبه ابتسامة : الحين تقارني نفسش بهذيك الدلوعة ، هذيك الدلوعة طبعاً غير

قامت مها زعلانة وتبعتها روضة بعد ما رمقت سعود بكره
ساد الهدوء الأرجاء
سألته أمه باستغراب : الحين صدق انت تحب مريم ؟
ضحك سعود ، وضحك معه أبوه من طريقتها في السؤال
رد سعود وهو يمسح دموعه من الضحك: لاااا بس أجاري بناتش الخبلات !







-37-
فسخ محمد دشداشته وانسدح على السرير : شفتيهم كيف اليوم يتكلموا ؟
ضحكت سلمى : صدق انه جيل آخر زمن ، حُب وما حُب ، احنا يوم زمانّا هالسوالف ما عرفناها
هز محمد راسه ثم انسدح وغمض عيونه : يكبروا العيال يا سلمى
تنهدت : إي والله
لحظة صمت لفّت الأرجاء ، قطعها سؤال سلمى : الحين متى راح ننتقل ؟!
رد محمد وعيونه مغمّضة : على آخر الشهر ، انتي جهزي كل شيء من الحين
: وحصَّـلوا بيت هناك ؟
قال : هيحصلوا
: كل ما استعجلنا كل ما كان أحسن !
قالت عبارتها الأخيرة من دون ما تعرف انه محمد سرّها لعبدالعزيز من قبل ، وشكل اللي يفكروا فيه تشابه ، هي تبغا تنتقل هناك بسرعة علّه يتحسن حالهُم ، وهو يبغا ينتقل علشان يرتاح من الضغط النفسي اللي يحس به كل يوم .

ولعل في انتقالهم راحة هـ تحيط بالجميع !






-38-
كعادة محمد كل صُبح ، يدخل يسلم على العم سعيد قبل لا يتوجه لشغله ، لكن عند عتبة الدكان توقف وهو يعقد حجّاته ؛ الحوار اللي صاير داخل الدكان أوقفه .... وأزعجه !

كان فيه شخص يقول للعم سعيد : شوف ، أنا محتاج فلوس ، وجاء اليوم اللي تسدد فيه دينك
رد العم سعيد : بس انا ما عندي هالوقت ، من وين أجيب لك فلوسك ؟
جاه الرد : ما أعرف دبرها ، أبيهن خلال هاليومين ، ضروري الله يخليك

ما سمع تكملة الحديث لأنه مشى باتجاه دكانه ، وهَم العم سعيد أصبح على عاتقه .
دخل دكانه ، وجلس وراء الطاولة ، والحيرة تاخذه وتجيبه ، لكن فجأة فز من مكانه ونادى على راميش اللي يشتغل عنده : راميش دير بالك أنا واصل مشوار وراجع !

ما سمع رد راميش لأنه بسرعة طلع
مشى للبنك و في باله مساعدة جاره اللي ما قصر معاه بشيء ، وجاء اليوم اللي يرد له فيه جمايله .
سحب المبلغ اللي كان مدخرنه للحاجة ، وكان مقرر انه هيشتري فيه البيت اللي في (مسقط) ؛ لكن ما حصل هالشيء ؛ لأن الظروف تتغير ، والأحوال تتبدل ، والدنيا تدور على بني آدم وما تظل على حالة وحدة .

فكّر ، إذا عطا الفلوس للعم سعيد ما راح يقبل ؛ لأنه هيخرج من دين ويدخل في دين جديد ، فلذا خليه يفكر بطريقة توصّل الفلوس للعم سعيد ويقبلها !

وفي غمار تفكيره ، طلعت سعاد أمامه كنسمة لفت أفكاره وحوطتها بحل أرضاه ، ابتسم وهمس لنفسه : الله جابش !
تبعها ، دخلت طريق المزارع ، وتبعها ، مشت في الطريق الطويل الخالي من البشر وهو ما زال يتبعها ، وعند انتصاف الطريق لفّت وراها فجأة
وقّف ، وتلعثم ما عرف ايش يقول وهو يشوف عيونها تتسع بصدمه وتفكيرها راح لبعيد ، بعيد !

دارت فيها الدنيا ، توقعت أي شيء الا انه يكون محمد هو اللي يتبعها ، عيونها امتلت دموع ولسانها امتلئ حكي عجز يطلع .
رفع راسه وهو يقول : يا أم علي أنا " سكت لمّا لمح دموعها "
قال بنبرة طغت فيها عاطفته : لا لا لا رجيتش لا تبكي
زاد بكاها مع نبرة صوته المغلّفة بالحنان

مسحت دموعها وقالت : ليش تتبعني ؟
سكتت تاخذ نفس ثم أكملت : الحين بس فهمت ليش كنت تناظرني بهذيك النظرة
قال يفهمها : يا بنت الحلال ...
قطعته وهي تقول بحدّه : يعني اذا غاب عبدالله من جانب أصير لكم علكة ممكن تلوكوها
بكره همست : بعيد عن عينكم

قال : خليني أفهمِش
قالت وهي تمشي قاصده بيتها : كل شيء واضح
ثم وقفت وهي تقول : والحق علينا اللي أمنّا فيك ، والحق على أبوي سعيد اللي يثق فيك ثقة عميا
بصقت على الأرض ثم همست : يا خسارة

خذ نفس عميق لمّا بصقت على الأرض ، حاول يهدّي من نفسه ، لكن ما قدر !
لولا الحيا لكانت بصقت فوجهه لكنها ما زالت مسوية له شوية تقدير.

تبعها بخطوات سريعة وهو يشوفها تبتعد عنه ، والغضب يشتعل داخله ، صحيح يحبها ويعزها ويحترمها ويقدِّرها ويشوفها فوق نساء الأرض لكن أنها تهينه بذاك الشكل أبداً ما راح يسمح لها !

وقف أمامها وقطع طريقها وعيونه تنظر لها بحدّة : انتي لازم تسمعي ولو بالغصب يا مدام
قالت بحدة : ابعد عن طريقي ...
بسخرية أكملت : يا محترم

بهمس غاضب قال : محترم و غصباً عليش
أخرج حزمة الفلوس من جيبه ورفعهن قدام عيونها : الحين جاي من البنك ساحب هالفلوس وجيت من ذا الطريق لأنه الأقصر بين البنك والسوق
أكمل بحدّة : العم سعيد متدين من شخص وهالشخص الحين يطالبه بالفلوس ، فاذا عطيتُه أنا ما راح يرضا فاذا تكرمتي عطيه إنتي .

مد لها الفلوس

في حين كانت هي تناظره بصدمة ، همست بعدم فهم : كيف يعني ؟
هدأ وهو يناظر عيونها ، قال بوضوح : اليوم كنت رايح لدكان العم سعيد وسمعته هو وشخص معه يتكلموا ، وكان ذاك الشخص يطالبه بفلوسه ، فعطيه انتي الفلوس رجاءً ، لأنه لو عطيته أنا ما راح يرضا ياخذهن ، وانا مسامحه عليهن من الحين ، ما راح أطالبه بشيء !
مد لها الفلوس من جديد وقال : خذي

الخجل اعتراها من قمة راسها لأخمص رجليها ، شكّت بالرجال ، وظنت فيه ظن سوء واتهمته بالباطل ، وبهدلته وشرشحته وهو قصده يساعد أبوها ( أبو زوجها ) لا غير !
امتلت عيونها بالدموع مرة ثانية ، بس كانت دموع خجل .
أخذت الفلوس برأس خاضع للأسفل و بدون ما تقول شيء ، ايش تقول أصلاً؟ ، ما لها وجه تقول أي شيء .
ابتسم وهو يتأمل حالها اللي انعفس وانقلب فوق حدر ، همس : تأمرين على شيء ؟
رفعت راسها ، وهزته بالرفض
هزّت أعماقه دموعها ، ومن دون شعور ، اقترب منها ، أربع خطوات تفصلهم عن بعض ، ثلاث ، ثنتين ، خطوة ثمّ وقف ، امتدت يده يريد فيها مسح دموعها لكنها توقفت هذيك اليد فنص المسافة !
نزّل يده وعيونه ، رص على قبضة يده ، وهمس : أنا أعتذر
أعطاها ظهره بسرعة ، ومشى قاصد الإبتعاد عنها بأقصى ما يمكن لا يرتكب شيء هو ما يريده .

أوقفه صوتها وهي تناديه : محمد
وقف وهو معطيها ظهره ، تجرّع ريقه ، هذا اسمه والا يتهيأ له ؟ ، هي نادته والا يتهيأ له ؟ ، هو جن والا ايش ؟
صد صوبها ، وشاف وجهها الصبوح قباله ، ابتسم بحب ، بود ، و عيونه تلمع ، تنطق بكل اللي في قلبه ، نفس النظرة اللي شافتها ذاك اليوم فعيونه تشوفها الآن ، بس مع كذا ما خافت مثل المرة الماضية بالعكس حسّت بأمان فقدته كثير فأيامها اللي مضت .
رد عليها بحب ما غاب عن صوته : لبيه
نزلت راسها للأرض ، تدوّر منها كلام ، رفعته وقالت بهمس : وأنا بعد أعتذر ، فهمتك خطأ سامحني !
هز راسه : الله يسامحش


قال بصوت تخللته كل عواطفه ومشاعره : انتي بالذات ، لو ايش ما تسوي ، قلبي ما يشيل عليش شيء !

الصدمة شلّت أطرافها
في البداية كانت نظراته ، لمعة عيونه وهو يناظرها ، ابتسامته ، نبرة صوته ، ويده اللي امتدت وكانت راح تمسح دموعها ، والحين كلامه هذا ... كل شيء يتتابع أمامها ويتكرر !
" إنتي بالذات "
" قلبي مايشيل عليش "
" إنتي بالذات "
"قلبي ما يشيل عليش "
صدى كلامه يتردد في أذونها مراراً وتكراراً

نظرت له بصدمه ، والابتسامة اللي كانت على وجهه أكدت له الشيء اللي يدور فبالها ، أكدت صِحة اللي شكّت فيه !
وضعت أطراف اصابعها على شفاهها بصدمة وشهقت تستوعب كمية المشاعر اللي انهالت عليها بدون ما يرحمها أو يرحم قلبها ، قلبها ضعيف على استيعاب الكم الهائل من العواطف اللي انصبت عليه !
ضعيف ما هو متعود على كِذا !
محمد يحبها ؟!
محمد جارهم يحبها !
محمد زوج سلمى يحبها !

صدرها يعلو ويهبط باضطراب ، تناظره بصدمة ، بدهشة ، بعدم استيعاب ، بتساؤل ، في حين كان يبادلها نظره حُب و وِد ، نظرة عِشق ، نظرة تُخبرها عن كل شيء تراكم فداخله من سنين .
انتبه لنفسه وقال وهو يحاول يتوازن : يا أم علي ما ظنّتي الفلوس اللي فيدش راح تكفي فلو تكرمتي امشي معاي الدكان ؛ مخبي لي مبلغ هناك

حاولت تتوازن... وما قدرت ، مشى أمامها و تبعته من دون شعور ، مشاعرها مُضطربة ، قلبها مُستنفر ، وكل هذا بسبب هاللي يمشي أمامها !
تساءلت ، من متى يحبها ؟ ، ليش هي بالذات ؟ ، ليش يحبها ؟؟ ليش ؟؟
دمعة تسللت من محجرها ، والنهاية كيف هتكون ؟؟

أما عن محمد فكان يلوم نفسه ، ليش انه سمح لمشاعره انها تبين أمامها بهالشكل ، سكوتها ، سكونها وهدوءها بذاك الشكل وتّره ، وما درى إيش يسوي بحاله ؟

مشوا فذاك الطريق ، يتقدمها محمد ببضع خطوات ، عن يمينهم أشجار النخيل تشهد لهم بكل اللي حصل ، عن يسارهم أيضاً أشجار النخيل تأكد لهم الشيء اللي صار منذ لحظات !

الشيء اللي ما عرفوه وهم يخوضوا في غمار عواطفهم ، أنه فيه شخص كان شاهد أيضاً لكل اللي حصل ، شاهد لإبتسامات محمد لها ، لنظراته ، لـ لمعة عيونه اللي تفيض بمشاعره المُحِبَة ، شاهد لكل شيء صار وحصل !

مشاعر الغضب انهالت عليه وأحقَنَت وجهه بالدم ، صدره يعلو ويهبط بمشاعر ممزوجة بين الغضب ، الحقد ، الكراهية ...... والانتقام !









يُتبع ،
تكملة البارت راح أنزلها فوقت لاحق
ممكن تقولوا لي توقعاتكم ومن مُمكن يكون هالشخص ؟
وايش اللي مُمكن يسويه ؟


.


bluemay 05-06-15 06:07 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


رائعة تسلم يمينك



واخيرا عادت المياه لمجاريها

وقرر ينتقل للعاصمة ويترك الماضي خلفه.

محمد اتهور .. شو استفاد لما سعاد عرفت غير انه يزيد عذابهم .

عندي شعور ممكن يكون عبدالله زوجها . او سلمى زوجته.


يسلمو ايديك وبانتظارك بشووق

لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

ليل الشتاء 05-06-15 02:27 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
ماعجبني محمد وسلمي ما تستاهل ابدا واتوقع ان سلمي عارفه حبه لسعاد من زمان
عندي احساس ان ابنها علي والانتقام راح يكون في بناته
بانتظار القادم وياريت تخلي محمد يحب سلمي

مشاعِر 05-06-15 05:49 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3538530)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,
أهلين حبيبتي ، مسائش سعادة يا رب


اقتباس:

رائعة تسلم يمينك
ربي يسلمش ، حضورش الحلو يشرفني و الله

اقتباس:

واخيرا عادت المياه لمجاريها

وقرر ينتقل للعاصمة ويترك الماضي خلفه.
قرر يبدأ بحياة جديدة لكن بعد إيش ؟؟
بعد استنزف مشاعره في حُب مُحرّم !!

اقتباس:

محمد اتهور .. شو استفاد لما سعاد عرفت غير انه يزيد عذابهم .

عندي شعور ممكن يكون عبدالله زوجها . او سلمى زوجته.
فعلاً هو متهور ، أساساً لو هو مو كذا:e416:
كان إلتفت لزوجته ونسى سُعاد من أساسها ؛ لأن سلمى تستحق الحُب والإحترام سوى

مُمكن يكون عبدالله ، و مُمكن تكون سلمى
تكملة الجُزء راح تكشف كل شيء :)

اقتباس:


يسلمو ايديك وبانتظارك بشووق

لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

الله يسلمش و يحفظش حبيبتي
شُكراً على تفاعلش

ربي ما يحرمنا من هالطلّة :e418:



*

مشاعِر 05-06-15 05:57 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليل الشتاء (المشاركة 3538608)
ماعجبني محمد وسلمي ما تستاهل ابدا واتوقع ان سلمي عارفه حبه لسعاد من زمان
عندي احساس ان ابنها علي والانتقام راح يكون في بناته
بانتظار القادم وياريت تخلي محمد يحب سلمي

هلا ليل الشتاء ، مرحبا بش الغالية
يسعدني حظورش بين صفحات هذي المُتواضعة
,
بالنسبة لـ محمد هو فِعلاً يغلط بحبه المُحرم لـ سعاد
لكن هل سلمى تعرف أنه يخونها بمشاعره ؟؟؟
إجابة هالسؤال راح تتضح بعدين
،
وبالنسبة لطلبش الأخير إجابته تكون في الجُزء القادم
ربي يسلمش و يحفظش :)

مشاعِر 05-06-15 06:02 PM

3/ انفكّتْ عُقدة و عُقِدَت أخرى .
 

تابع / النبض الثالث
انفكّت عُقدة و عُقِدَت أخرى .





-39-
بين يديه شنطة سفر ، وبين جدران قلبه شوق كبير ، دخل بيتهم وهو ينادي : موزة ، يا موزة
خرجت موزة ( أم عبدالله ) له ، تفاجأت ، وما وعت بنفسها الا وهي وسط ضلوعه ، تبكي بحرقة كبيرة ، تلومه بوجع لغيابه القاسي !
أبعدها شوي عنه ، وقال : خلاص يمه فديتش يكفي بكا
ضربته وهي تقول بعيون دامعة : لا ما يكفي ، أجل سنتين يَ الظالم تغيب بدون لا تتصل وتطمنا عليك !

: هذاني رجعت يا موزة
ضحكت : وانت ما تترك عادتك يا قليل السنع
ضحك لضحكها
من يومه صغير وهو ينادي أمه باسمها ، يناديها موزة ، كبر و هو ما زال على عادته ، وقليل جداً يناديها يمّه !
سأل : وينه أبوي ؟
ردّت : في الدكان
سأل وهو يتلفت حوله : وسعاد والعيال وين ؟
قالت : سُعاد راحت المزرعة ، والعيال نايمين
قال بشوق : أجل بروح لسُعاد
ضحكت : شوي شوي عليها لا يزيغ قلبها

و حلّق لسعاد بشوق ، كان طاير لها بحب ، وده يملي عيونه بشوفتها
لكن اللي شافه صدمه ، أفجع قلبه ، أغضبه ، استفزه ، أحرق دواخله ..... وأوجعه !

كان محمد يقترب من حبيبة قلبه ، وما فصل بينهم الا مسافة قصيره ، مد يده لوجهها لكنه تراجع في آخر الأمر !
تساءَل عبدالله بعدم فهم : ايش اللي يصير ؟

لكن فهم كل حاجة لمّا شاف سُعاد تنادي محمد ، ومحمد اللي صد لها و ابتسم وكان يناظرها بحب ، فهم كل حاجة ، واستعرت النار فصدره وكانت كافية لـ حرق كل المزارع فذيك المنطقة !
رص على قبضة يده ، وأنفاسه تتسارع بغضب ، كان ما يسمع ايش يقولوا لكن ملامح وجههم كانت كافية بإفهامه كل حاجة .

ركض بسرعة لبيته وهو يحس انهم خدعوه واستغفلوه ومكروا به ، ركض بسرعة ومشاعر الانتقام تدفعه ، وصل للبيت ، فتح شنطة سفره وأخرج منها مسدسه ، تأمله للحظات ثمّ اندفع خارج البيت بجنون ، بدون ما يهتم لأمه اللي كانت تنادي عليه .

رجع للمكان اللي شافهم فيه وحصله خالي منهم ، وين اختفوا ؟؟ ، وين راحوا ؟؟
والشيطان بدأ يرسم فباله مليون فكرة وفكرة ، وكل فِكرة أبشع من الثانية !

اندفع يفتش عنهم في المزارع مثل المجنون ، وما وجد أحد ، وبعدها ... حَدُسه دَفعُه للسوق ، راح لدكان محمد بأنفاس لاهثة ، بدون ما يهتم للناس اللي تناظره باندهاش وتناظر المسدس اللي فيده برعب .
انقض على المكان ، نظروا له بصدمه ، و نظر لهم بكره و حقد !
همست سُعاد برعب وهي تشوف ملامح وجهه و المُسدس اللي فيده : عبدالله

وضاع الكلام داخلها من الفزع وعجز يطلع .








-40-
من المطبخ نادت سلمى سعود
جاها صوته من الصالة : نعم يمه
قالت : تعال أبغاك
جاها : ايش ؟
أعطته ورقة وقالت : جيبلي هالأغراض من عند أبوك
قال : انزين

مشى ناحية السوق ، وصل لدكان أبوه ولقا شخص غريب أمامه معطيه ظهره ، نظر لأبوه باستغراب بعد ما اختنق من الجو الغريب السائِد ، ونظر أبوه له برعب ، كان محمد يخبره بنظرته ذيك انه يبتعد عن هالمكان ، المكان هذا خطر عليه فهالأثناء !

وما قدر يوصِّل لولده الكلام هذا غير بعيونه ، فهم سعود الشيء اللي يريده منه أبوه ، وكان هيتراجع ويبتعد عن هالمكان لو انه الرصاصة ما اخترقت صدر أبوه ، وتلتها رصاصة ثانية استقرت بجانب الأولى .

كل شيء سَكَن ذيك اللحظة ، وانخرست كل الأصوات الا من صوت أنفاس محمد المختنقة ، صوت شهقته الأخيره وهو يرتجي من الدنيا هواء .

صرخت سُعاد برعب وهي تشوف جثّة محمد تدنو إلى الأرض ، لكن رصاصة أخرستها هي الأخرى وأسكتتها للأبد .
انفجع سعود ، ومن الفجعة ما صدر منه صوت وهو يشوف جثة أبوه مرمية على الأرض وجاورتها جثة ثانية لسعاد !

الناس تجمعت في المكان ، أَبْعدوا سعود عن عتبة الباب ، وانقضوا على عبدالله اللي صوّب رصاصة أخيرة فـ قدم راميش اللي كان منزوي ف إحدى زوايا الدكان ، أخذوا من يده المسدس وألجموا حركته بأياديهم .

اللي صار كان أشبه بالخيال ، محمد كان متوقع أنه الحب اللي يكِنُه لسعاد هـ يُميته فيوم ، وجاء هاليوم اللي ارتمى فيه محمد صريع عشقه لهاذيك البنت اللي شافها من سنين تمشي أمامه بخجل ، واللي لفحت قلبه من أوّل نظرة شافها فيها ، وكبر حبه لها فقلبه بحيث تعجز أي قدره في الكون انها تنزعه من مكانه !

في نفس المكان ، وفي نفس اللحظة ، ارتفعت أرواحهم إلى بارِئها .

قِصة عشقه لها تُوِجَت أخيراً بِنهاية ، نهاية تنفطر لها القُلوب ، تُذيب الروح من الحزن والأسى .







-41-
دخل شاب دكان العم سعيد بسرعة ، وقال بأنفاس لاهثة : إلحق عمي سعيد ، عبدالله ولدك قتل محمد و معاه حرمة
كأنه ماي بارد انكّب على راسه ، انتفض ، فز من مكانه ثمّ هرول بعدم تصديق لدكان محمد وهو يهمس مع كل خطوة : عبدالله ما هنا ، عبدالله مسافر
أو رُبما هذا اللي كان يتمناه ، أنه يكون عبدالله ما رجع من السفر ، أنهم يكونوا غلطانين و مشبهين بعبدالله ، لكن أي من هذي الأمنيات ما تحققت ؛ لأنه شاف عبدالله ولده أمامه والناس ماسكينُه ينتظروا قدوم الشرطة ، وهو ولا على باله ، وجهه خالي من التعابير ويناظر الفراغ أمامه .

قلبه تمزّق ، رجوله ما عادت تشيله لكنه تحامل على نفسه ، ومشى العم سعيد بحزن ، تخطى الناس اللي كانوا عند عتبة باب الدكان ، ودخل .

انفجع لمّا شاف محمد وجنبه حرمة وجهها ما ظاهِر ، مشى لعند محمد ، تعدّى بحر الدم ، مسك راسه ، مسح على وجه محمد وبكى ، بكى مثل طفل صغير !
قبله على جبينه وهمس : الله يرحمك .
كان ما بس جاره ، كان ولده وأعز من ولده .

رفع راسه ، طاحت عينه على يد هذيك الحرمة ، بالتحديد طاحت عينه على خاتم ترتديه ، ما غريب عليه هالخاتم ، فز مثل المقروص واتجه ناحيتها ، لفها على وجهها ثمّ انصدم مرّه ثانية .
همس بصدمة ما غابت عن وجهه : سعاد
تأمل وجهها ، ودموعه ما جفت
هذي بنته اللي ما من صِلبه ، هذي بنته
أي قلب هذا اللي يتحمل موت ولده وبنته في نفس اليوم وفنفس اللحظة ، ومن القاتل ؟ –أيضا- ولده
ما في قلب بني آدم يتحمل هالشيء !

وقف وهو يأخذ نَفَس ، طلع من الدكان ودشداشته انقلب لونها أحمر ، مشى لعند عبدالله ، واجهُه ، صفعه كف ضل صدى صوته يتردد مرات عديدة
همس : انت ايش رجّعِك ؟
صرخ فوجهه لمّا ما وصل منه رد : إيش رجعك ؟
ما جا من عبدالله جواب
صرخ العم سعيد بغبنة : جيت علشان تقتل ؟
بهمس أكمَل وهو يمسكه من ياقته ويقربه من وجهه : ليتك مِت قبلهم ، ليتك

فذيك اللحظة وصلت الشرطة ، وغاب العم سعيد عن الأعيُن .






-42-
صرخ سعود وعيونه وقلبه ينزفوا : اتركني أدخل ، أتركني
كان شاب يُسمى سيف ماسكنه عند باب الدكان علشان لا يدخل وينفجع بأبوه - أكثر من كذا- و بـ بركة الدم اللي يسبح فيها .

لكن قدر سعود يتغلّب على سيف ويدخل ، مشى بعدم تصديق ناحية أبوه ، عيونه متسعة بصدمه وعجزت ترمش ، جثا على ركبه أمام جثّته ، دموعه تنزل بدون صوت
ثم بدأ يشهق ويشهق ويشهق !

و أخيراً بكى بعبرة ، بكى أبوه اللي راح من دون لا يودعه ، بكى فقده ، بكى حنانه ، بكاه كله.
مسكه من دشداشته الحمراء بقوة و صرخ بألم : يُبه رجيتك ترجع ، ما بعد كبرت يُبه ، ما بعد كُبرت
كل اللي كانوا هناك هاذيك اللحظة داروا دموعهم وهي تنزل بحزن

ضرب راسه في صدر أبوه أكثر من مره وهو يصرخ : يبه رجيتك تعال ، يبه انت قلت اننا هننتقل لمسقط ، تعال علشان نروح سِوى ، تعااال

تقدموا رجال الشرطة من الجُثث ، تقدّم أحدهم من سعود وقال : الله يرحمه ، قوم معي الله يرضى عليك
أبعد سعود يد الشرطي : ماني متحرك من هنا
تقدّم سيف من سعود : سعود خليك قوي علشان أمك وأخوانك ، قوم معي
خذ سعود نفس عميق محمل برائِحة الموت ، نظر لأبوه نظرة أخيرة بعيون دامعة ، مسك راسه ، قبّل جبينه ، ثمّ استقام ، ومشى مع سيف !

مشى ناحية بيتهم ، بيتهم اللي خلا من أساسه وانهدْ فوق روسهم .






-43-
مرّت أيّام العزاء ببطء شديد ، والحزن تمكّن من الكل ، من سلمى ، سعود ، روضة ، مها ، يوسف ، سارة ، عبدالعزيز ، ناصر ، العم سعيد وزوجته ... من الكل !

دخل ناصر بيت المرحوم بتعب ، دخل المجلس ثم أخذ مكان بجانب أخوه الكبير عبدالعزيز ، أخوه اللي تغيّر بين يوم وليلة وهدّه موت محمد .
وضع ناصر يده على كتف عبدالعزيز وقال : خير يا خوي ؟ ، حالك ما عاجبني ؟
رد عبدالعزيز وهو ينظر للفراغ : يا الله يا ناصر كيف الدنيا تضحك للواحد وفجأة تعبس فوجهه
التفت ناحية ناصر وقال بعيون دامعة : أمس بس كنّا نضحك بعد ما تجمعنا من جديد واليوم " سكت يجمع له نَفَس " اليوم نبكي فقده
مسح دمعة تسللت عنوة
هز ناصر راسه بحزن وهمس : الله يرحمه

قال عبدالعزيز وهو ياخذ نفس : اليوم رحت المستشفى أزور راميش ؛ لأنه كان الوحيد اللي شهد كل شيء فيوم الحادثة
التفت ناصر ناحية أخوه واعتدل في جلسته
أكمل عبدالعزيز : قال لي أنه محمد أعطى المرحومة فلوس
قال ناصر بتحفّز للكلام : انزين !
أكمل عبدالعزيز : وسمع محمد يقول لها انها ضروري تعطي الفلوس لسعيد علشان يسدد ديونه بأسرع وقت
همس ناصر : آها
وانكشف أخيراً سر الفلوس اللي كانت متناثرة في مسرح الجريمة ، لكن السؤال الآن .... ليش عبدالله قتل محمد ثمّ قتل بعده سُعاد زوجته ؟؟؟؟؟؟ ، ايش السبب ؟؟؟؟؟
هذا السؤال اللي ما بعد لقوا له إجابة .

أخرج عبدالعزيز حزمة فلوس من جيبه وناولها لأخوه وقال : عطيها لسعيد لأني ما ودي أقابله أو أدخل بيته ، خلنا نحقق آخر رغبة كانت لمحمد !
تناول ناصر الفلوس : بس...
سكت ناصر
التفت عبدالعزيز ناحيته : ليش سكّت ؟ ، تكلم !
رفع ناصر راسه وقال : ترا سعيد ماله ذنب ، ليش نحملُه ذنب ولده ؟
رد عبدالعزيز : إن شفته فهشوف وجه ولده قبالي ؛ علشان كذا عطيتك انت الفلوس تسلمهن له
هز ناصر راسه بتفهم ، ثم قام وخرج من المجلس ، وخرج من البيت !







-44-
تأمل ناصر حال العم سعيد وزفّر: كيف حالِك يا سعيد ؟
قال بخفوت ونظره في الأرض : الحال انت شايفه
هز ناصر راسه : الله يعين

أخرج حزمة الفلوس من جيبه وناوله
سأل العم سعيد : ايش ذا ؟
رد ناصر : هذي الفلوس اللي كانت متناثرة في الدكان يوم الحادثة ، عطاها محمد رحمة الله عليه للمرحومة علشان تعطيها لك
اندهش العم سعيد وقال : ليش ؟
رد ناصر : ما انت مديون وهذي الفلوس علشان تسدد اللي عليك ، خذ

فهم العم سعيد كل حاجة ، محمد سمع حواره هاذاك اليوم مع الـدَّيانة علشان كذا أعطا سعاد الفلوس
همس العم سعيد : الله يرحمه ويغفر له ، بس الفلوس ما هقبلها
: هذي الفلوس ما من معي ولا من مع أي شخص ثاني ، هذي من مع محمد

تناول العم سعيد الفلوس بتردد : الله يرحمهم أجمعين
: آمين

وعم الصمت بين الاثنين

سأل ناصر بتردد : صحيح اللي يقوله الناس يا سعيد ؟
: وايش يقولوا النّاس ؟
رد ناصر : انه كان بين محمد والمرحومة ...
قاطعه العم سعيد بغضب : لا تكمل ، هذي أعراض ناس ، ناس راحت لرحمة ربها
رد ناصر : الله يرحمهم ، بس اللي سواه أبوها أكّد للناس انه المرحومة ... "سكت ناصر وهو يحني عيونه للأسفل"
أكمل العم سعيد : انها عايبة ، ما كذا ؟
هز ناصر راسه ايجاباً

اعتدل العم سعيد فجلسته وقال بثقة : اسمعني يا ناصر هالكلام اللي هقوله لك مستعد أقوله لألف شخص بعدك ، البنت سكنت معنا سنين ولو إنّي شكّيت فيها ولو 1% ما سكنت عندنا ، و أنا أشهد أنه أبوها ما يعرفها ، لو أنه يعرفها ما سوّا اللي سواه .
سكت ناصر والشك ما زال يساوره ، غصباً عنه مو بيده ، هو شهَد حُب محمد لها من يوم ما انولد ، فأكيد انه هتنبني - ع أساس هالشيء - الشكوك .





-45-
استندت سلمى على الجدار ودموعها تاخذ مسراها على وجهها الذابل ، فيدها نتائج التحليل اللي تُثبت انه فأحشاءها روح منه و منها .

سعود ، روضة ، مها ، يوسف ، سارة وأخيراً جنينها اللي بطنها ، راح عنها وترك لها مسؤولية تربيتهُم ، راح و ترك لها حمل ثقيل وصعب ، راح وأودع لهم الحُزن والأسى ، راح ولـبّس أولاده لباس اليُتم ، راح وترك في القلب غصّة وجرح صعب يلتئِم .




:..:

بعض النهايات - يا صحب - بداياتٌ أخرى
بإنتظار تعليقاتكم / انتقاداتكم / آراؤكم

ليل الشتاء 05-06-15 06:47 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اتوقع ان سعود ومريم راح يعانو من الماضي
زعلت من موت محمد وسعاد بطريقه بشعه والناس ابتدت تطلع اشاعات
عبد الله مش عارفه ايه هيكون موقفه لما يعرف الحقيقه بصراحه مش قادره الومه ونفس الوقت هو اتسرع واظن ان ابطالنا الصغار هيكون لهم حكايات مع اولاد اعمامهم

bluemay 05-06-15 06:50 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


وصدق حدسي اﻷول وطلع عبدالله ... فهم الموضوع غلط ولو انه اي حدا كان رح يفكر هيك .

عن جد ما تخيلته يقتلهم مو طبيعي هاﻷنسان بهالسهولة عنده ازهاق الروح ؟!!

سلمى الظاهر انه سمعت بعلاقة زوجها يسعاد وهادا سبب حسرتها وجرحها .


سعود و مريم شو رح يصير عليهم ؟! ما ظن عندهم أمل والتاريخ رح يعيد نفسه اكيد.


يسلمو ايديك مشاعر ابدعتي في التصوير ووصف اﻷحاسيس خليتيني اندمج فيها .

متشوقة للقادم كتير

مع خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

مشاعِر 05-06-15 07:47 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليل الشتاء (المشاركة 3538633)
اتوقع ان سعود ومريم راح يعانو من الماضي
زعلت من موت محمد وسعاد بطريقه بشعه والناس ابتدت تطلع اشاعات
عبد الله مش عارفه ايه هيكون موقفه لما يعرف الحقيقه بصراحه مش قادره الومه ونفس الوقت هو اتسرع واظن ان ابطالنا الصغار هيكون لهم حكايات مع اولاد اعمامهم

أهلين ليل الشتاء ، فرحت كثير لمّا شفت تعليقش
ربي ما يحرمنا من هالطلّة الحلوة :)
,
بالنسبة لسعود و مريم .. فشيء طبيعي أنه يعانوا من ماضيهم
وخاصة أنه اللي صار معهم مو شيء عادي .
ومو هم بس اللي هـ يعانوا ، لكن كل اللي شهَد ذيك الحادثة المُرعبة وعايش تبعاتها .

والإشاعات لابد منها وخاصة أنه موتهم كان مو طبيعي .

عبدالله أساساً ، هل راح يعرف الحقيقة ؟؟
أتوقع بعد اللي سوّاه راح يصد أي شيء يخص سعاد و محمد و يصدق اللي هو شافه بعينه
،
شُكرا حبيبتي على هالرد الحلو
ربي يحفظش :)

.

مشاعِر 05-06-15 07:57 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3538634)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


وصدق حدسي اﻷول وطلع عبدالله ... فهم الموضوع غلط ولو انه اي حدا كان رح يفكر هيك .

عن جد ما تخيلته يقتلهم مو طبيعي هاﻷنسان بهالسهولة عنده ازهاق الروح ؟!!

سلمى الظاهر انه سمعت بعلاقة زوجها يسعاد وهادا سبب حسرتها وجرحها .


سعود و مريم شو رح يصير عليهم ؟! ما ظن عندهم أمل والتاريخ رح يعيد نفسه اكيد.


يسلمو ايديك مشاعر ابدعتي في التصوير ووصف اﻷحاسيس خليتيني اندمج فيها .

متشوقة للقادم كتير

مع خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلين فيش الغالية ، سعيدة بتفاعلش حبيبتي :)
,
صحيح كلامش ، مو بالسهولة أبداً إزهاق روح !!
إلا إذا كان هالشخص متمرّس و قلبه ميّت و القتل عنده أمر عادي جداً > شوي وراح أكشف الأحداث القادمة ههههههه
،
سلمى مُمكن تصدق كلام الناس ؟؟
و يمكن ما تصدق لأنه يظل كلام الناس مو موثوق منه !!
والحقيقة وحدها ماتت بموت أصحابها
,
بالنسبة لـ مريم و سعود
هل فِعلاً راح يلتقوا بالمُستقبل ؟؟
و هل قصة آبائهم راح تنعاد ؟؟
ما أظن > أنا قايلة راح أكشف الأحداث عاجلاً أم آجلاً ههههههه
،
ربي يسلمش حبيبتي ، سعيدة لمتابعتش ، سعيدة جداً
ربي يحفظش وما يحرمنا من ردودش :)



.

مشاعِر 05-06-15 08:08 PM

4/ فوضى .
 
راح أعرض الجُزء الرابع عشان يتزامن عرض الرواية في ليلاس مع عرضها في المُنتدى المُجاوِر




.

النبض الرابع :
فوضى








-46-
بعد ثلاثِ سنوات ، مرّت عليهم مثل لمح البصر ، وفي غضونها تغيّرت أحوال كثير من أبطال حِكايتنا ، خلينا نسمع أحوالهم بلسانهم .



سعود بن محمد

موت أبوي كان أكبر فاجعة مُمكن أتلقاها ، موته بذاك الشكل راسخ فذاكرتي بالتفاصيل الصغيرة ، ومع كذا مرَّت الأيام والحَسرة تغصِصْ مسير الحياة ، انتقلنا لـ مسقط أول ما خرجت أمي من عدِّتها وكان هذا لمّا انولدت حنين إختي .... أو بتعبير أصح بنتي !

أنا اللي سمّيتها حنين ؛ لأن فداخل كل منّا حنين لأبوي و فاض هالحنين لتجسده إختي الصغيرة .

أنا اللي رددت الأذان فأذنها أول ما انولدت ، وبقدومها إنولدت أحاسيس كثيرة وأولها كان إحساس بالمسؤولية

ومع كل ذا تستغربوا يوم إني أقول لكم إنها بنتي ؟؟!!!!!

اليوم عمري أصبح 15 سنة بس مع اللي مريت به صار عمري 51 سنة ، ما هو مُبالغة والله ، اللي شهدته بعيني يوم موت أبوي كبّرني كثيييير.... كثييييير .

انتقلنا لبيت فمسقط مُلاصق لبيت عمي عبدالعزيز ، بيت كبير مثل بيتنا اللي قبل عشرين مرة .
مع مرور الأيام قَدَر الكل أنه يضحك ويستكمل حياته إلا أنا الضحكة ما عادت ترتسِم فوجهي ، وما عدت أعرف كيف شكل الفرح !

أعمامي ما قصّروا معنا ، عليم الله لو ما هم كنّا هـنضيع ، وبخاصة عمي عبدالعزيز ، ما فيه أحن منه على أخوتي ، عَدْ نفسُه في مقام الأب – اللي ما أحد يرتقي مقامه .

فهالثلاث سنين انطويت على نفسي بشكل كبير ، كنت أطلّع حرتي وغضبي وألمي في الدراسة والمذاكرة ، نهاية كل سنة كان الكل يفتخر فيني ، يفتخر بنتاج مجهودي اللي ما أي أحد عادي يقدر يحصّل عليه .
كان الكل يفرح بتفوقي الا أنا ، ما كنت أحس إني أستحق الفرح ، اللي بس كان يبث فيني شوية أمل هو فخر أمي بي وسعادتها بنجاحاتي .





علي بن عبدالله

من ثلاث سنين اختفوا أمي وأبوي من الحياة فلحظة وحدة ، ما عاد شفناهم ، أتذكر يوم وفاة أمي ، أتذكره زين وخاصة هذيك اللحظة اللي اكتشفت فيها أنه أبوي قتل أمي و قتل معها عمي محمد اللي كان جارنا .

من ثلاث سنين انتقلنا لمسقط ؛ لأن جدي سعيد ما تحمَّل نظرات الناس و لّمَزاتهُم ، قطعنا كل الصِلات اللي تربطنا بالقرية ، باع جدي سعيد البيت والمزرعة الصغيرة و سدد اللي عليه من ديون ثم اشترى بيت شعبي بسيط ما يختلف عن بيتنا السابق ، كان فمسقط و تحديداً بوشر ، و ابتدت حياتنا من جديد هناك ، أنا ومريم وأمِّي موزة وجدي سعيد ، لكن مع مرور الأيام صِرنا ثلاثة ، أنا ومريم وأمّي موزة وبس ؛ لأن الموت وافى جدي سعيد وصَعَد لرحمة ربه .

ايش اللي صار بعد ذلك ؟ ما أذكر أو بتعبير أصَح ما أريد أذكر لأن نفس الحزن اللي حوّط على قلوبنا يوم وفاة أمي و يوم أُعدِم أبوي زارنا من جديد وحوّط علينا لمّا توفى جدي سعيد .

ما حزنت على موت أبوي كثر ما حزنت على موت جدي ، أبوي كان يغيب كثير و فغيابه الأخير كان غايب سنتين ، وإذا جاء يجي يومين ويرجع الغياب يحتويه من جديد ، فـ كِنا ما نعرفه غير أنه أبونا وبس !
أمّا جدي فكنا عايشين معه ، ناكل ، نضحك ، نفرح ، نحزن مع بعض ، جدي كان المعنى الحقيقي للأب اللي ما قدر أبوي يجسده .

وصفينا بدونه بدون سَنَدْ ، بدون مُعيل يصرف علينا ، وهنا جاء دور أمّي موزة ، كانت تقضي معظم وقتها في المطبخ ، ما كنّا ندري إيش تسوي بس بعدين عرفنا انها كانت تبيع اللي تطبخه علشان توفِر مصروف البيت ، المصروف اللي يعيِّشنا أنا وأختي .

مع كل اللي كانت تسويه ، والتعب والجُهد اللي تبذله إلا أن المصروف ما كان يكفّي ، فكَّرت بأني أشتغل فترة العصر بعد ما أرجع من المدرسة وأساعد فمصروف البيت ، وهذا اللي حصل .

من شهرين تقريباً وأنا أغيب العصر إلى الساعة عشر بالليل ، كنت أشتغل في محل للمواد الغذائية براتب 50 ريال ، إلى الآن والأمور بادية تتحسن ، 50 ريال كل شهر فادتنا كثير .

و مع كل ذا الحياة مُستمرة ما توقف لحزن أو موت عزيز !

وطبعاً جدي سلطان أبو أمي ، قطع كل صلاته فينا وتبرا من أمي
ليش ؟؟؟ ؛ لأنه بكل بساطة صدّق كلام الناس ، ومنع خوالي و جدتي أنهم يتواصلوا معنا .
لكن فيوم من الأيام راح يعرف أنه يغلط .
متأكد من هالشيء







-47-
متحلقين حول سفرة العشاء ، مَد يوسف يده لكن منعته أمه عن الأكل : اصبروا خل يجي سعود
قالت روضة : ويعني هذا ما يدري أنه وقت عشاء الحين
رد عليها سعود وهو ينزل من الدرج : بلا يدري والحين نازل
لَوَت روضة شفايفها
بدوا ياكلوا بهدوء

قال يوسف لأمه : أمي انا بروح ألعب كورة بعدين
قال سعود بحدة : ما فيه ، بعد العشاء تروح تنام
ردت أمه : مثل ما قال أخوك
رد يوسف بتذمر : انزين ليش ؟ ، الحين إجازة
قال سعود : ما شيء و خلاص انتهى الكلام
قام يوسف وطلع غرفته وهو يتذمر

قالت روضة لأمها : يمه ليش تخلي هذا يقرر أي شيء يخصنا ؟ " أشرّت على سعود "
ردّت أمها : هذا أخوكم الكبير
ردّت وهي تستقيم وتمشي ناحية الدرج : وخير يا طير أخونا الكبير عساه إن شاء الله أبونا

وجَّه سعود أنظارُه لمها اللي تاكل بهدوء : وانتي غريبة ما تكلمتي ايش صاير ؟
قالت مها : ما فاضية لك
: ايش مشغلنش حضرتش ؟
قامت : أوووووف

قالت له أمه : يمّه خف شويَّه على أخوانك ، ما زين كذا
رد سعود وهو يتنهد : هحاول






-48-
على الساعة حدعش في الليل ، كل واحد إتجه لغرفته وآخرهم كان سعود ، كان يصعد الدرج لمّا رن جرس الباب يُعلِن وصول أحدهم ، عاد أدراجه ، اتجه ناحية الباب ، فتحه ، تفاجأ بالبنت اللي فقدت توازنها وطاحت عليه ، صرخت بقوة وعلى صراخها إرتسمت عقدة بين عيونه ، مسكها من كتوفها و أبعدها عنه .


كانت متكيّة بجسمها على الباب وتفاجأت لمّا انفتح الباب بسرعة فطاحت ، استحت داخلها من الموقف اللي حطت عمرها فيه لكن خارجها ما كان مبين شيء
قالت : إبعد شوية بدخل
قال بسخرية : علومش طيبة ؟ يالله مع السلامة
كان هيغلق الباب فوجهها لو ما تقدمت ومنعته
قالت : اصبر ياخي ، ايش يضرك يعني لو دخلت ؟
قال: أحد يجي مع أحد فذا الوقت ؟
ردَّت وهي تكتف يديها : والله اذا جيت عندك هذيك الساعة تكلّم ، والحين بعّد عن دربي لو سمحت ما فاضية لك
قال يستفزها : واذا ما بعدت ؟
ردّت : نبعدِك غصب
حاولت تدفره بكل قوتها لكنه جبل ما تهزه نسمه ضعيفة ، كان معجبه الوضع ومستمتع وأموره عال العال

عرفت انها ما راح تدخل إلا إذا استخدمت سلاحها الخاص ، شمَّرت عن أنيابها وعضته في ذراعه ، إلتهى بالألم في حين كان من السهولة إنها تدخل البيت وتهرب من أمامه ، صعدت الدرج بسرعة وفي نصفه توقفت ، نظرت ناحيته بانتصار وقالت : ما يحتاج أخبرك طبعاً انه هذا بيتي مثل ما هو بيتك و انت عارف هالشيء .

معظم وقتها تقضيه مع روضة في البيت ، وعلى قولتها " بيت روضة بيتها "

أكملت دربها وهي تقفز على الدرج بخفه في حين كان سعود يمسِّد مكان العضة ، همس : حشا ما آدامية هذي .

راح يضل يتذكر هالموقف على طول ، وراح تضل هالبنت تحوم حول حياته ، كيف ؟ وليش ؟ الأحداث القادمة راح تخبرنا .








-49-
لمّا حسّت أنه البيت سَكَنْ ، خرجت من غرفتها ، مشت بخفه ناحية الدرج وهي تخطو بحذر ، سمعت أصوات خارجة من غرفة روضة فعرفت أنه معها شمّا بنت عمها عبدالعزيز اللي نفس روضة في العمر ، هذيلا ما منهن خوف ، الخوف من سعود و أمها إذا شافوها ، نزلت الدرج وهي تتلفت خلفها بخوف ، اتجهت ناحية الباب الخلفي وتسللت للخارج .

اتجهت ناحية بيت عمها ناصر اللي ما يبعد عن بيتهم الا شارع ، دخلت من الباب الحديدي الكبير ، تسللت لورا البيت وتحديداً ناحية مستودع خارجي ينحط فيه أدوات الزراعة ، سمعت أنين شخص يتوجع ، دخلت وهي تغلق الباب بحذر ، بدخولها انقطع الأنين .

سأل ببحة : من ؟
جاوبته : هذي أنا مها
رجع سألها بحدة : ايش تبغي ؟
قالت وهي تتأمل حاله : سلطان احنا لازم ننتقم








-50-
قبل ثلاث ساعات
كانت مها تلعب مع بنات الجيران الي فـ سنها ، فجأة – وكالعادة – اختلفت مع وحده منهن ، مع ريم ، و تقاتلن على مرأى من سلطان ولد عمها ناصر اللي كان خارج من بيتهم ، تدّخل و أبعَد مها في حين جته لكمة من ريم على ظهره ، وقالت : انت ما لك دخل ، إبعد من هنا .


قال سلطان باندهاش : أيا بنت اللذينَ ، ما تردد في ضربها : هذي علشان مرة ثانية تتأدبي ، يالله انقلعي لبيتكم .

ابتعدت ريم عنهم وهي تصيح بوجع وتتوعدهم بشر
لحظات قليلة مرّت قبل لا يجي أخوها ، ويضرب سلطان ضرب مُبرح ويقول : هذي آخر مرّة تمد يدك على بنات الناس فاهم والا لأ ؟

وبعدها راح وهو ينفض يدينه .

قام سلطان من على الأرض ، نفض التراب من على ملابسه وهمس بوعيد : أنا هطلّع منك يَ الدجاجة ، إلتفت لمها اللي كانت تراقبه باستهجان : إدخلي بيتكم أشوف

استجابت مها ، في حين توجه هو لبيت ريم ، إعتلى الجدار وكان ذاك على مرأى من مها اللي تبعته بدون لا يحس ، تسلل للفناء الخلفي ، أتلف إطارات دراجة ذاك الأخ ، وبنفس طريقة دخوله خرج ، الا ان خروجه صادف مرور أبوه بالسيارة ، شهقت مها وهي تشوف عمها ينزل من السيارة ويتوجه ناحية سلطان ويصرخ : سلطان
فز سلطان لصوت أبوه ، وتفاجأ لدرجة انه سقط من الجدار سقطة موجعة ، مسكه من دشداشته وصرخ فيه : ايش تسوي فوق جدار العرب ؟

النتيجة كانت مُؤلمة جداً ، جداً .







-51-
سألت مها : فهمت الخطة ؟
هز سلطان راسه و سأل : بس أنا إيش دوري من ها كله ؟
قالت : إنت ما تسوي شيء ، أنا راح أنتقم لك ؛ لأنك بسببي تأذيت وأبوك ضربك

التفتوا فجأة ناحية الباب وهم يحسوا أنه خطوات شخص تقترب
همس سلطان : فيه أحد جاي ، تخبي بسرعة ورا الكراتين
تسللت مها بخفه خلف الكراتين ، ومع جسدها النحيل قدرت انها تندس بدون لا أحد يلحظها

انفتح الباب بدفاشة ، دخلت حرمة في الثلاثينات من العمر ، قالت بلهجة سخرية : إنهض يالله روح نام في البيت ، زين مني إنّي أشفقت عليك وطلبت من أبوك أنه يسمحلك تنام في البيت بعد قلة الأدب اللي سويتها .

كالعادة حقرها وما رد عليها

عصبت : شو انت ما تسمع ؟
قال ببرود : إن شاء الله أنام في الشارع انتي بالذات ما يخصش ، و بيت أبوي " شدد على هالكلمتين " متى ما أبغا هـدخله
: علّك ما طلعت من هالمزبلة ومن هالحال و أردى ، هذا اللي يبغا يسوي خير معك
طلعت وأغلقت الباب وراها بعصبية
همس بوجع : كلبة

طلعت مها من مخبأها وتوجهت ناحيته وجلست أمامه ، سألت : هذي تعاملك كذا دائماً ؟
ما رد ، أخذ نفس وهو يرفع راسه لها وببحة قال : أيوة ، وقدام الناس تسوي نفسها الطيبة اللي تعتبرني مثل ولدها وتحبني وتهتم فيني ، حتى إنها قبل شوي طلبت من أبوي انه يسمح لي أنام في البيت بس علشان تبيّن له إنها مهتمة فيني وتطلع بهيئة الملاك الطاهر اللي ماله مثيل .

هذا أطول شيء سمعته مها يقوله ، دائماً هو فنظر الجميع الداشر اللي يسوي مشاكل واللي يسكت دائما وإن تكلّم فكلامه قليل .
تأملت وجهه وقالت بطفوله : وجهك واجد منعفس من الضرب
ضحك بدون نفس : عادي ما أول مرة ينعفس

هذي أول مرة ياخذ ويعطي في الكلام مع أحد !! ؛ أول مرّة يتكلم عن وضعه بصدق !!
اللي يشوفهم ما يقول بينهم بضع سنين ! ، كأنه بينهم سنوات وسنوات ، مع ضخامة جسده وطوله الفارع اللي تتوارثه هالعائلة و جسدها النحيل الضعيف .


قالت وهي توقف وشعرها يحتوي وجهها بعشوائية : أنا هروح البيت
هز رأسه : طيِّب
ابتسمت له ، حس بالقوة يستمدها من ذيك الابتسامة .
خرجت ، ومع خروجها حس بالوحشة مثل ما يحسها دائماً لمّا يطرده أبوه من البيت لـ هالمكان .






-52-
سلطان بن ناصر

اسمي سلطان و أنا في الحقيقة ما سلطان وخاصة عند أهلي ، عمري 14 سنة وكثيرين يقولوا إنّي أكبر من عمري بكثير بالطول وضخامة الجسد طبعاً مش بالعقل ، فاشل دراسياً ؛ رسبت سنتين و ان شاء الله الثالثة ع الطريق ، متمرد ، عنيد ، أدوّر المشاكل من وين ما تكون ع حسب ما يقول أبوي و ........ وحيد !

جيت على الدنيا لمّا كانت أمِّي تلفظ أنفاسها الأخيرة ، وأصبحت مع الأيام طفل بدون أم ، بدون لا أحس بدفاها راحت و بدون لا أشعر بحنانها ابتعدت ، أمسيت يتيم مع أنه أبوي عايش ، بدونها أنا يتيم ، لما أتأمل وجهها في الصور و أبصِر عيونها اللي تشع منها الطيبة أعرف لحظتها إنّي ما أخذت منها شيء ، ملامحي ما تشبهها ولا حتى تصرفاتي .

ولأن الحياة مُستمرة وما توقف تزوج أبوي ، تزوج قبل سنتين تقريبا من حرمة اسمها نورة عندها مليون وجه ، قدام أبوي تعاملني بطيبة وحنان وتبيِّن له انه ما أحد أحسن عنها وقدام الناس كذلك ، وطبعا لما أكون وحدي يطلع الوجه الحقيقي ، تسب وتشتم و كأني ماكل حلالها وطبعا ما تلقى مني إلا البرود وهذا الشيء يستفزها واذا تكرمت وردّيت عليها فأرد بردود تستفزها أكثر ، والأكيد الأكيد إنها ما تقدر تمد يدها علي ولا تتجرأ .

عندي أخوات توأم إسمهن جُمان وبيان عمرهن سنة وكم شهر ، أحلى شيء فهالبيت الكئيب إلا أنه للأسف الساحرة تكون أمهن .
طبعا ، مستحيل ألمسهن وهذا حسب أوامر أمهن شعشبونه ، لكن لمّا يكون أبوي موجود هذيك اللحظة أقدر أشيلهن وألاعبهن وسط نضراتها الغاضبة ، أسوي اللي أسويه بس علشان أغيظها و أقهرها لا أكثر .


ما ألوم أبوي ولا راح ألومه في المُستقبل ع الشيء اللي يسويه فيني ، أساساً أنا أستاهل ، من يتشرف أنه يكون عنده ولد فاشل دراسياً وما يُرتجى منه أي فائدة ؟ أكيد ما أحد .

صرت ما أحس بالكلام اللي دائماً يقوله لي ، أو أحس بس أتغاضى و أسكت ، وأحاول أتقبله ، أتقبل أنه دائماً راح يقارنني بأولاد عمومتي ودائماً راح يظل يضربني مع إنّي راح أوصل طوله عمّا قريب .
بالأصل كل شيء ما عاد يهمني ، صدق ما عاد يهمني !

و مع الأيام صار الصمت صديقي ، و هالغرفة اللي أنا فيها الآن ملجئي .






-53-
قال وهو ينتعل نعاله : يمه أنا طالع تبغين شيء ؟
ردّت : لا حبيبي ، روح الله يحفظك و يستر عليك
قالت مريم بزعل : إيه بس هو حبيـبش و أنا بنت البطة السوداء
ردّت وهي تضحك : انتي نور عيوني
ضحك علي و قال لأمه موزة : عَقليها هالخبلة
طلعت مريم لسانها بطفوله

خرج وهو مبتسم ، تغيرت الحياة عليهم فجأة لكن مريم تظل مريم ما تطمس الحياة طفولتها و براءتها مهما كبرت ، وراح تظل تضفي للبيت جو خاص !

بما إنهم أجَّـزوا من المدرسة ، أصبح علي يشتغل في الصباح و في فترة العصر وهذا كله علشان يعيشوا حياة كريمة بدون لا يحتاجوا لأي أحد ، هذا تفكير علي ، علي ذو 13 سنة ، لا تستغربوا فالحياة – يا كِرام - تكبّر الطفل ، وتعقل المستهتر ، و تجنن العاقل وهلُمَّ جَرا .






-54-
كانوا سعود و روضة و سارة و حنين و أمهم مجتمعين في الصالة حول التلفزيون ، وطبعا مها ويوسف كـ العادة ما يجلسوا في البيت ، دائماً برا .

في حضن سعود حنين ، سألها : حنين من أنا ؟
ردّت بابتسامه طفولية : ثاعود إنت
ابتسم : لا مو ثاعود ، سعود
قالت : ثعود
قال لها بحب : مو ثعود ، مو ثعود
وبدا يدغدغها وهي بين يديه تضحك

كانت أمهم تتأملهم وهي تستذكر موقف مشابه في حياة ماضية ، كان فيه محمد مكان سعود !
يوم عن يوم يكبر سعود أمامها ، وتتضح فيه ملامح الرجولة ، ملامح أبوه .

تنهدت ، ابتسمت وهمست : الله يرحمه

مع أنه كلام كثير انقال في حق حبيبها و أبو عيالها إلا إنها ما صدقت ، ومستحيل تصدق ، وما زال قلبها يوم بعد يوم ينضح شوق و حنين وحب له ، له وحده .









-55-
في أحد محلات بيع المواد الغذائية ، واقف علي يحسب مشتريات رجل في الخمسين من العمر ، قال الرجل بفضول وهو يتأمل علي : إنت شـسمك يا ولدي ؟
رد علي : علي بن عبدالله الـ.... طال عمرك
رد وهو يهز راسه : والنعم
ابتسم : ينعم بحالك
: ما ظنتي تجاوزت الخمس طعش ، وش حادّك ع الشغل ؟
: الظروف
قال وهو يتناول الأكياس : الله الكريم والمعين

هذا ما هو أول شخص يسأله ، تلقى من قبل أسئلة واجد !

توالت الثواني ، الدقائق ، الساعات ، وخلّص دوامه فخرج من المحل ، لكن فجأة توقف ، تفحص أحد زوايا المحل ، اقترب منها ، كان فيه محفظة ، تناولها وقلّبها بين يديه ثم فتحها ، ضمّت فلوس ، وبطاقة بنك ، وبطاقة الشخص المدنية والعسكرية
قرأ اسم ذاك الشخص بصوت خافت : مبارك جمعة الـ
تأمل صورته وتذكره ، كان الشخص نفسه اللي سأله قبل ساعات

الأكيد أنه هالشخص من أهل المنطقة لأن فقط القريبين من الدكان يجوا يشتروا منه ، مشى بضعة أمتار إلى أن وصل لأحد البيوت ، رن الجرس فخرج له شاب فبداية العشرين
سلّم عليه وقال : تعرف وين بيت مبارك جمعة الـ ؟
رد عليه الشاب : بيته آخر هالشارع دورين ولونه أبيض
رد علي بابتسامه : مشكور ما قصرت

مشى ناحية البيت المنشود ، رن الجرس فخرجت له بنت عمرها 10 سنين
سألها : هذا بيت مبارك جمعة الـ
ردّت باستغراب : أيوه
قال علي : ممكن تناديه ؟
ردّت : طيّب

خرج الرجل الأربعيني وتفاجأ بعلي ، سلّم عليه وعلامات الاستغراب يضج بها وجهه
سأل : خير يا ولدي ؟
قال علي بابتسامه : كل خير ان شاء الله ، ما فقدت شيء اليوم ؟
رد مبارك : لا ويش أفقد ؟
أخرج علي المحفظة وناوله إياها : ما فقدت محفظتك ؟
تفاجأ : والله توني أنتبه لغيابها
باس راس علي وهو يقول : عليم الله لو حد غيرك ما رجعها ، أشهد انك أصيل
قال علي بابتسامة : تسلم عمي ، ما سويت شيء هذا واجبي
قال مبارك : تفضل ادخل
رد علي : لا الوالدة تنتظرني ، مرة ثانية ان شاء الله
قال مبارك : حلفت عليك تدخل

وماقدر علي أنه يرفض .







-56-
في مدينة الضباب ، لندن
مشى عُمر (19 سنة ) ناحية الشقة اللي يتشاركها مع زميله عدنان ، راجع من الجامعة
سمع صوت ضحك ، وموسيقى صاخبة وازعاج خارج من الشقة فاستغرب وتساءل : ايش اللي صاير ؟
فتح الباب ، وشاهد أنواع الخمور ، أنواع البنات ، أنواع الجهل
كانوا محولين الصالة لحلبة رقص ، ومن بين الجمع الغفير الراقص شاهد عدنان اللي واصل أقصى دراجات السُكْر .

انتبه عدنان للهامة الطويلة اللي تناظرهم باستغراب وغضب ، مشى اتجاهه بعدم اتزان
مسكه عمر من ذراعه ومشى به ناحية الغرفة ، قال بغضب : إنت جنّيت ، وصلت بك الوقاحة تجيب قذارتك لبيتي
رد عدنان : ريلاكس حبوب ، ريلاكس ... أنا ..ما سويت ... شيء خطأ ... أوكي ؟
صرخ عمر : إنت بكبرك أكبر خطأ
رد عدنان وهو يلوح بيديه : ريلاكس ، قلت لك ريلاكس
مسكه عمر من قميصه وبفحيح غاضب قال : لِمْ قذارتك لا والله العظيم ما يحصل لك طيِّب !

قال عدنان بهديد : رقبتك بيدي لا تنسى هالشيء ، أوكي ؟
وتوجه ناحية الباب علشان يخرج ، قبل ما يخرج إلتفت ناحية عُمر وقال : تعال شاركنا إذا تحب ، ثمّ ضحك ضحكة بشعة فيها من السخرية الكثير






-57-
عمر بن عبدالعزيز

تابعته وهو يمشي بترنح بعد ما رمى كلمته ، كوّرت يدي وضغط عليها بقوة ، حسيت أنه شوي وهيتدفق الدم منها من كثر ما شدّيت عليها .
ومثل ما دخلت الشقة ، خرجت منها لأني هعدم هذاك الإنسان إذا بقيت أنا وهو في نفس المكان

مشيت لأقرب مقهى ، طلبت قهوة مُرة ، عساني أصحصح وأفكر عدل بالمصيبة اللي أنا فيها
المصيبة اللي رميت نفسي فيها بدون تفكير
امممممم ايش كانت بدايتها ؟؟

البداية قبل تسع شهور ، أول ما جيت لبريطانيا أدرس التحقيق الجنائي
الحقيقة أنا ما اخترت هالتخصص هو اللي اختارني ، كيف ؟ ما أدري
بس اللي أعرفه إنه ما كان شغفي التحقيق الجنائي أبداً
لكن مع كذا حبيته جداً ، استمتعت وأنا أفك الألغاز والشفرات للوصول لنهاية قضية أو جريمة

بعد أربع شهور من وصولي لبريطانيا تعرفت على مستر جون ، محقق جنائي معروف ويعطينا أحيانا دروس بين الأسبوع والثاني ، الغريب كوني شديد الحذر فعلاقاتي لكن علاقتي مع السيد جون كانت قوية ، صرنا أصدقاء ، نطلع مع بعض وكذا مع أن فرق السن كبير نوعاً ما .
وهالراحة كانت مُتبادلة ، في يوم قال لي عن عصابة تهريب مخدرات معروفة ولها فروع ممتدة لدول كثيرة ، كانوا يشتغلوا فقضيتهم من زمان .

وقالوا أنهم شاكين فطالب عربي يشتغل مع هالعصابة وبكذا عرض عليي أشتغل معهم بهالقضية .
تفاجأت أولاً أنه يحكي لي شيء عن شغله اللي المفروض أسراره ما تطلع لأيٍ كان ، ثانياً تفاجأت بالعرض اللي قدمه .

و قال : اسمع عُمر بيدِكَ الخَيار ، لكن فرصة كهذه لا تُعوض وخاصة أنك ستُكرّم من جنائيات بريطانيا على هذه الخدمة ، و أنت تعرف من جنائِيات بريطانيا وستتقلّد من بلدك رُتبة عالية لا يصلها من هُم بعُمرك ، عِوضاً عن ذلك ستتسلم راتباً طالما أنك تعمل معنا .
سألته : لماذا اخترتني أنا بالذات سيد جون ؟
قال : لأنني أثق بِك ولأنكَ ذكي وحَذِر و تُحسِنُ التصرُف مع الناس .

ومع هذا العرض المُغري الرفض مرفوض .
وبكذا صرت أشتغل معهم براتب مُغري ، مكَّني من إني أشتري الشقة اللي أنا فيها الآن !

وبديت الشغل بصدفة ( متعمدة ) علشان أتعرَّف على الطالب اللي كلّمني عنه مستر جون ، ولمّا عرف إني مُحقق جنائي أصبح حَذِر فمعامَلتُه معي وهالشيء أبداً ما فاتني .

هالشاب العربي / الخليجي / العُماني اللي من ثوبي ، اللي قهرني لمّا عرفت أنه عربي ويشتغل بهالشغل الوسخ وقهرني أكثر لمّا عرفت أنه عُماني ومُبتعث ، مع العلم أنه ما أي شخص عادي مُمكن أنه يُبتعث إلا إذا كان مُتفوق فدراسته وهالشيء يزيد القهر قهر .

خليته بأسلوبي يثق فيني وعرضت عليه يشاركني في السكن وبعد تردد وافق ؛ لأني أدري أنه أكثر شيء يحاتيه الشاب المُبتَعث السكن والمصاريف .

لكن بعدين بدأ يهددني لمّا بديت أتدخل فحياته ، فشربه للسم الهاري وعلاقاته الوسخة
ما تدخلت فيه إلا لأني ما أقدر أسكت على خطأ يصير قدّام عيني ولأن حاله ما هو حال .

لكن ومع كل تهديداته ما يقدر يحرك فيني شعره ولا هيقدر ؛ لأنه مو عُمر اللي يخون ثقة أهله وديرته .... ويخون نفسه !

( ورجع بذاكرته لخمسة شهور مضت و بالتحديد لذاك الموقف اللي للحين فباله )







-58-
الماضي / قبل خمسة شهور
في منتصف الليل قرابة الساعة الثانية

يرن الجرس رنين متواصل أزعج ذاك اللي ما غفت عينه الا من ساعتين ، قام بتثاقل وانزعاج وبين عيونه عقدة ، مسح وجهه وتوجه ناحية الباب ، فتحه وهو يشوف عدنان يرتمي في الأرض بعد ما اختل توازنه
مسكه عُمر من ياقة قميصه بغضب ، أدخله الشقة وهو يالله ماسك عمره لا يذبحه
قال بفحيح غاضب وبصوت جهوري وهو يسحبه ناحية الحمام: فضحتنا يا ******* ، الله يلعن الساعة للي قبلت فيها بذا الشغل والساعة اللي شفتك فيها .

و عدنان ، هِهْ عدنان فعالم ثاني ، بعيد ، وسخ !

رماه ع البانيو ، فتح الدش البارد عليه ، وخرج من الحمام : والله كأنِّي البيبي سِتر تبع حضرتك ***** .
ياكثر السب اللي طاح ع راس عدنان .

أخذ عُمر منشفة ودخل الحمام مرة ثانية ينتظر حضرة جنابه يصحى من سكرته ، نظر ناحيته بسخرية وهو يشوفه يلهث ، ما عارف ايش اللي يتساقط على راسه .
مرّت خمس دقائق وعُمر ما زال على وقفته وينظر لعدنان بنفس النظرة الساخرة .

بدأ عدنان يستوعب اللي يدور حوله ، نظّر ناحيَة عُمر باستفهام ، نظَر للأعلى يشوف ايش اللي يطيح ع راسه ، وأخيراً فهم أنه كان سكران .
استند ع الجدار وحاول أنه يقوم لكن راسه كان يدور ، أغمض عيونه بقوه وحاول أنه يقوم مرّة ثانية مستند ع الجدار .... و استطاع بعد جهد ، أغلق دش الماي ، مسح على وجهه وشعره بيديه .
نظر باتجاه عُمر اللي رمى له المنشفة
النظرة الساخرة ما زالت على عيونه وبفحيح غاضب قال : صباح سعيد مستر عدنان

قال عدنان وهو يمسح نفسه بالمنشفة : عندك كلام أجله لبعدين ؛ لأني تعبان وأبغا أنام
أفسح عُمر له علشان يخرج من الحمام والسخرية ما زالت تلف نبرة صوته : تفضل حضرتك روح نام و ارتاح لا تتعّب نفسك .

مر عدنان من أمامه وتوجه ناحية غرفته لكن قبل ما يدخل قال عُمر بصرامة وبدون تفكير : إسمعني زين وحط هالشيء فبالك تبي تجلس هنا تجلس باحترامك أما أنك تجي أنصاف الليالي وتزعج خلق الله بك فهالشيء مرفوض عندي . صرخ بصوت جهوري : فاهم والا لأ ؟

رد عدنان بتحدي وهو يقترب من عُمر : لا ماني فاهم ، ايش بتسوي يعني ؟
ضحك عُمر بدون نفس : أبد والله حضرتك بس تشل قشك والبيت ذا يتعذرك
نظر له عدنان بسخرية وبعدها ضحك ضحكة عميقة ، ضحكة أشعلت جنون الغضب عند عُمر
قال عدنان وهو يالله يتمالك نفسه من الضحك : ما تقدر
سأل عُمر بتحدي وهو يشوفه من فوق لتحت : ما أقدر ؟
رد عدنان بثقة : إيي نعم ما تقدر

قال عُمر : فوق شينك قوات عينك ، و من وين لحضرتك (بسخرية قالها) هالثقة الزايدة ؟
قال عدنان وهو يتجه ناحية غرفته : أنا مجنون وإنت تعرف هالشيء ، طلِّعني من البيت علشان أرسل لأهلك صور البارات اللي أروحلها والبنات صاحباتي ( غمز له ) و الأشياء الثانية اللي إنت عارفها .

دخل عدنان غرفته وأغلق الباب بقوة ، تارك خلفه عُمر المذهول من كلامه ، مذهول من حقارته ، مذهول من وساخته اللي تشبّع فيها لدرجة إنها تفيض للي حوله .

يهدده ، الحقير يهدده ، شد عُمر على قبضة يده بقوة وهو مازال مذهول ، هيرسل الصور على أساس أنه عُمر هو اللي يسوي كل هالأشياء الوسخة .
كييييف قذر !
وعلى أساس أنه أهله راح يصدقوا هالشيء ؟
ليش ما يصدقوا ؟
راح يصدقوا و راح تقوم وتقعد مليون سالفة و سالفة
خل يبعد عن الشر أحسن له .

توجه عُمر ناحية غرفته وأغلق الباب ، كان مُمكن يرد عليه ، مُمكن يطرده بدون ما يعير تهديداته أي إهتمام ؛ مو هو اللي ينهان بهالطريقة ، لكن بينه وبين عدنان هذا شغل لازم يكمله للآخر ، لازم يصبر ... لازم .
كانت لحظة غضب لمّا طرده من بيته ، لحظة غضب .
هو أساساً ما يريده يطلع من البيت لسبب واحد فقط ؛ علشان يراقب تحركاته ويكون قريب منه فلازم يصبر ع هالشيء .

أخذ نَفَس عميق ، عميق وهو يحاول يستعيد النوم اللي طرده عدنان من عيونه بكل بساطة .








-59-
الحاضر / الساعة 12 منتصف الليل

اقتربت من الشاب الطويل الوسيم اللي مستند على الكرسي براحة ظاهرية ويتأمل العالم الخارجي من النافذة الزُجاجِيَّة بعيون مهمومة
وقفت بجانبه بدون ما ينتبه لها ثم قالت بانجليزية مُهذبة : عُذرا سيدي لكننا سنُغلِقْ !

إلتفت ناحيتها ، ضيّق عيونه باستغراب وقال بهدوء : عفوا ؟
أعادت ما قالته بتهذيب وبابتسامة ساحِرة

قال وهو يستقيم : أووه عُذراً لم أنتبه للوقت
تناول معطفة من على الكُرسي ولبسه بعجل وتوجه ناحية الباب
أوقفه صوت المرأة العجوز صاحبة المقهى مرة ثانية
إلتفت ناحيتها : نعم سيدتي ؟
قالت والإبتسامة ما فارقتها : لم تدفع الحِساب سيدي
ضحك بانحراج وهو يخرج بوكه من جيب جاكيته : أعتذر مرةً أخرى
قالت : لا عليك أيها الوسيم
ناولها الفلوس

قالت بنبرة عميقة وبعيون خبيرة بالناس : لا تسمح للحياة أن تطمس وسامتك ، حسناً ؟

ابتسم ، ثم فلتت منه ضحكة بسيطة ، هز راسه وقال : حسناً ، ليلة سعيدة

خرج والإبتسامة ما فارقته ثمّ ضحك وهو يهز راسه بأسف
ما بقى إلا هي يعني ، حتى العجوز تغزلت فيه

" لا تسمح للحياة أن تطمس وسامتك "
" لا تسمح للحياة أن تطمس وسامتك "
" لا تسمح للحياة أن تطمس وسامتك "

عبارتها تتردد فأذونه ، الأكيد أنه ما راح ينساها فحياته

تنهد بتعب ، والإبتسامة تدريجياً تنكمش ، الساعة 12 والأكيد أنه السهرة الحقيقية الحين بتبدا في بيته .
أستغفر الله حتى بيته ما هو متهني يجلس فيه ، مكان مثل الخَلق ما لاقي علشان يرتاح .

اللي فيها فيها ، راح يروح للبيت و يكش المزبلة اللي هناك برا وينام ، مصدّع ويبي ينام !
هذي وحدها سالفة ، بيته وما يقدر ينام فيه !!! هزُلَتْ والله .

توجه للبناية ، صعد بالأصنصير للشقة ، وقابله عدنان ع الأرض قدام باب الشقة المفتوح ، مستند بظهره ع الجدار، بيده زجاجة خمر وبحضنه وحدة زبالة ، المنظر مقزز بشكل فظيع .

ضحكهم العالي وحركاتهم المقيتة أشعلت غضبه
همس عُمر بحنق والغضب وصل حده : الله يلوع كبدك ، ما بك حياء ولا خجل

عن يمينه خرج فادي من الشقة اللي جنب شقته لمّا لمح زول عُمر يقترب
قال فادي اللبناني الأربعوني بانزعاج واضح وهو يقترب من عُمر : يا عَمْ وينَك ، صرلي مِده آعِدْ عم بتصل فيك ، شوفلك حل مع رفيئَكْ ، عنّا عَـيْلِه وولاد لَك عُمر
مسح وجهه بكفيه وهو يالله ماسك نفسه : أنا أعتذر فادي ، أعتذر ، راح أتصرف الحين لا تحاتي .

دخل فادي من وين ما طلع
زفّر عُمر بقلة حيلة وهو يتوجه ناحية المرأة الشقراء اللي بحضن عدنان ، مسك يدها بقرف وهو يقوّمْها بقوة لدرجة إنها صرخت بوجع .
سحبها ناحية الأصنصير بدون ما يعير أي انتباه لعدنان اللي يصرّخ واللي يحاول يقوم على حيلُه لكن الخمره تدور فيه فيسقط من جديد !

في الأصنصير ، كانت تحاول تقترب منه بكل قذاره ، تغريه بكل وقاحه ، لكن كان صاد عنها بقرف .
انفتح باب الأصنصير ، تنفس من جديد بعد ما كان مخنوق في الأصنصير من القرف والريحة ، سحبها لخارج البناية ، رماها خارج بقوة بدون ما يهتم لوجعها .

أبداً ما انهانت إمرأة على يدُّه بهالشكل ولا راح تنهان ، لكن فباله أنه هذي ماهي إمرأة هذي زبالة جاية من الشارع فهو رجّعها مرة ثانية من وين ما جات .

صعد لشقته ، كان عدنان على حاله ، سحبه لداخل الشقة وقفل الباب بقوة
شد على قبضة يده بقوة وما تردد بلكمه على وجهه ، صرخ : الله يلعنك ، ماعاد لي وجه أقابل الناس من عمايلك ، الجيران مستحي منهم ، لو ماهم عاملين لي شوية تقدير والا كان الشرطة على عِلم بكل اللي يصير هنا .
صرخ وهو يلهث بتعب بعد ما ضربه مرة ثانية بكل قوته : ******

دخل غرفته وأغلق الباب بقوة تارك عدنان يأن بألم على الأرضية ، دخل الحمام و رمى روحه تحت الدش البارد ، بعد ما هدا شوية خرج ، لبس بيجامة نوم وانسدح ع السرير بتعب ، وسافر لعالم النِيامْ على طول .







-60-
مشى ناحية بيتهم بعد ما خرج من عند العم مبارَك ، دخل لبيتهم
سمع أمه موزة تصارخ على مريم : لو ما كلفتي على عمرش والله ، توش تعطيني إياها
قالت مريم والصيحة في صوتها : والله العظيم إنه كنت هعطيش اياها
قالت والغضب يلف صوتها : إيش ذا مريم ، متى هتتعدلي ؟ ، درجاتش زفتة والكل يشكي منش ، ومصايبش في المدرسة مالها أول ولا لها تالي !
قالت مريم وهي تحط سبابتها على فمها : والله والله هتصلَّح السنة الجاية ، وما هسوّي مشاكل بس إنتي ما تضربيني
رفعت أمها موزة يديها بقلة حيلة : أصلاً أنا تعبت من كثر ما أضربش بس إنتي ما يفيد فيش الضرب .

نظر علي لأمه موزة وهي تتوجه للغرفة ، نقل نَـظَرُه لمريم اللي تمسح دموعها وتشاهق باستهجان ثم سأل : ايش صاير ؟
رفعت مريم بصرها لأخوها : أبلة تماضر اللي فمدرستنا واللي ساكنة هنا في الحارة جابت شهادتي مال ذي السنة وشافتها أمي موزة وعصّبت
سأل علي : ليش ؟ إنتي راسبة ؟
قالت وهي تناوله شهادتها : بس في الدين والعربي
تناولها علي وانقهر : ايش ذا الغباء مريم ، فيه أحد عاقل يرسب في العربي والدين ؟
قالت مريم بقوة : إيه فيه أنا ، ما أحب العربي ولا الدين وما أحب الأبلوات وما أحب المدرسة خير شر ... والله

جلس بجانبها وشعور المسؤولية تملّكه ، هذي أخته الوحيدة وهي من ريحة أمه ، يخاف عليها ويحاتيها . ما كأنه بينهم أربع سنين بس ، كأنه سنوات وسنوات ، كأنه أبوها أحيانا !

ناولها الشهادة وهو يقول بنبرة حنان : ترا كل اللي تسويه أمي موزة لمصلحتنا ، لأنها تخاف علينا ، ما بقى لها من ذي الدنيا غيرنا واحنا مالنا أحد غيرها
تناول شهادتها مرة ثانية وهو يتفحصها : وإنتي ذكية وما ناقصش شيء علشان تتفوقي ، ما دام إنش متفوقة في الرياضيات فإنتي ذكية بدون شك فهالشيء
رفع نظره ناحيتها وباستغراب قال : لكن بعدني هذي ما فهمتها ، أحد يرسب في الدِّين ؟؟ العربي مو مشكله هَـنعدِّيها لش ، لكن الدِّين يا الظالمة إيش فيه صعب ؟؟

قالت بانزعاج : خلاص عاد زودتها ، هذي السنة خلّصت وعدّت ، السنة الجاية ما راح أرسب
بابتسامة قال : قولي إن شاء الله
قالت بهمس وهي تلعب بأطراف ثوبها : إن شاء الله
: والحين روحي لأمي موزة وحبّيها على راسها واستسمحي منها

قامت وتوجهت للغرفة لكنها وقفت وإلتفتت ناحية علي وكأنها تذكرت شيء قالت بمكر : وإنت ما جبتها شهادتك ؟
إلتفت علي ناحيتها وقال : إحم ، بلا جبتها
قالت : شافتها أمي موزة ؟
قال : إي شافتها
قالت وهي تكمل طريقها : عبالي بعد
قال باستنكار وهو يرفع يده ناحيتها : طاع هذي ، ع الأقل ماني راسب في الدِّين مثلش
أخرجت لسانها له وهي تصدر صوت مُضحك !
ضحك علي وقال : هذي الحركات من قلة الدين
قالت بانزعاج : جب ياخي ، جب زودتها تراك

أكمل ضحكه عليها : يا قليلة الدين ، فيه إخت تقول لأخوها جب ؟






-61-
في الصباح
لفّت حجابها على راسها ومشت بثقة لبيت عمها
دخلت من الباب الجانبي اللي يفصل بين بيتهم وبيت عمها ، مشت في الممر وعلى جنباته أزهار ملونة و أمامها إمتداد واسع لحديقة رائعة ، دخلت البيت : السلام عليكم
مشت للصالة وكان عمها متصدر المكان بهيبة تحبس الأنفاس ، بلحيته الطويلة البيضاء وملامحه الحادة وحظوره الطاغي : السلام عليكم عمي

نزّل الجريدة وهو ينظر ناحية الصوت اللي قاطعه ، نزّل نظارته الطبية وقال بحبور : هلاااا روضة ، هلا أمي وعليكم السلام والرحمة
حبته على راسه : كيف أصبحت ؟
رد : بنعمة الحمد لله ، كيفش إنتي ؟
ردّت بابتسامة : بخير الله يسلمك
سألها : أفطرتي والا بعد ؟
قالت : لا الحمد لله أفطرت في البيت ، وينها عمتي شيخة عنك ؟
قال وهو يتناول الجريدة من جديد : تلاقيها في المطبخ
قالت وهي تمشي ناحية المطبخ : بروح أسلم عليها عن إذنك
قال بابتسامة : حياش روضة

يحبها هالبنت ، وهالشيء واضح كثير فمعاملته الخاصة لها ؛ يُمكن لأنها تحمل إسم أمه أو لأنها هي نفسها تملك شخصية واعية بالرغم إنها ما تعدّت 13 سنة لكن الكُل يُعاملها مُعاملة المرأة العاقلة الراشدة ، الشيء الأكيد واللي مفروغ منه أنه لا يمكن أحد يعرفها وما يحبها ؛ لأنها قريبة من القلب بشكل كبيييير !

بعد ما سلّمت على زوجة عمها ، صعدت فوق عند شما بنت عمها ، قابلها حُذيفة ( 23 سنة ) قال وهو يصلّح التمصيرة على راسه : ما شاء الله مبكرة اليوم روضة
قالت بخجل : لا كل يوم أجي هالوقت
إبتسم : كيف حالش ؟ يصير تسلمي انزين !
صافحته بخجل وهي تقول : طيبة الله يسلمك

أخذ كتبه الجامعية وهو يشوف ساعته : أوووف تأخرت ، الله يغربل إبليس التعيس
نزل من الدرج على عجل وعيونها تراقبه

دخلت غرفة شما وقالت بصوت عالي : شموووه إصحي الساعة تسع
ما جاها رد من شما اللي مستغرقة في النوم
: شمااااا قومي يا الله بنمر على جِنان
ردّت شما بنعاس وعيونها ما زالت مصكرة : أووووف ايش تبي انتي ، أطلعي برااا
سحبت عنها اللحاف وقالت : قومي أشوف ، أقولش بنروح عند جِنان
قالت شما بانزعاج : رجعي اللحاف روضوه والا ما هيصير لش طيِّب
قالت روضة بنبرة لها معنى وهي خارجة من الغرفة : طيِّب على راحتش ، بس إن خبرت سعود عن ذاك الشيء اللي قلتيه لي لا تلوميني ، انزين ؟
جاها صوت شما العالي : طيب خلااااص تعالي بقوم ، أووووووف أستغفر الله العظيم ع ذا الصبح ، إنتي ما أحد يأتمنِش على سِر أبداً .... ...
وما سمعت روضة باقي التحلطم لأنها خرجت خارج الغرفة تنتظرها في الصالة عند عمها .







-62-
تجمعت مها مع بنات الحارة اللي قريبات من عمرها و كالعادة كل صبح وعصر يقضن وقتهن مع بعض باللعب ، ولأنها كما تقول زعيمة الشلة فأرغمتهن إنهن يقاطعن ريم وما يسمحن لها إنها تجي معهن تلعب ، وهذا الشيء ضمن الخطة اللي رسمتها مع سلطان !

قالت بتسلّط : لما تجي راح نبعد عنها ولا كأنه أحد شافها واللي تكلمها يا ويلها هتطلع من ذي الشلة فاهمات ؟
ردّن عليها باجابات متفرقة : أوكي ، طيب ، ليش انزين ؟ .... الخ
جاوبت ع السؤال الأخير : إنتن تعرفن اللي صار أمس لمّا سوّت نفسها الشيخة علينا ولما ضاربتها جا أخوها اللعين يضرب سلطان ولد عمي فأنا علشان كذا راح أنتقم ، فهمتن ؟

مر الوقت ، وجت ريم لعندهن لكن مثل ما قالت مها ، ابتعدن عنها ولا كنه أحد جاي عندهن
سألت ريم باستهجان : ايش فيكن ؟
ما أحد رد عليها
قالت بصيحة بانت فصوتها : ردن انزين

وقفت مها قدّامها ، تكتفت وميّلت راسها وقالت : احنا ما راح نكلمش من اليوم ورايح ، وإنتي برا الشِلة
قالت للبنات الباقيات : يا الله بنات نروح عنها مكان ثاني

صاحت ريم : خلاص انزين ، إذا عشان أمس أنا آسفة
قالت مها بتسلُط : لا حبيبتي كلمة آسفة وهالدموع ما ينفعن عندي
قالت ريم وهي تشاهق : خلاص انزين اللي تبيه أنا أسويه لش
ردّت مها بانتصار : أيوووا كذا الكلام الصح ، تعالي على جنب لا أحد يسمعنا

بعد ما ابتعدن شوي قالت مها : ايش يحب أخوش من الأشياء ؟
قالت ريم بعد فهم : كيف يعني ؟
ردّت مها بنفاذ صبر وهي تلوّح بيدها : يعني غير السيكل ايش يحب ؟
قالت : يحب البلاستيشن
قالت مها بشر : آها ، طيب روحي جيبيه بدون لا ينتبه عليش أحد فاهمة ، وألقاش ورا بيتكم
قالت ريم باعتراض : لااااااا والله هيضربني
قالت مها بقسوة : طيب على كيفش ، بس تذكّري إنش إنتي برا الشلة من اليوم ورايح

وراحت مها باتجاه البنات وهي تمشي بغضب
لكن وقّفتها ريم لما قالت : خلاص نزين راح أجيبها
ابتسمت مها بفرح : أوكي ، إنتي الحين راح ترجعي رسمياً للشلة






-63-
صعدت ريم درج بيتهم بحذر ، دخلت غرفة أخوها ، السرير كان فاضي ، سمعت صوت الماي في الحمام فمغصها بطنها زيادة ، وبسرعة البرق أخذت البلاستيشن وطلعت .
خرجت ريم بسرعة من الباب وعند الدرج الخارجي تعثرت من الربكة وسقطت سقطة موجِعة ، وطاحت البلاستيشن من يدها ، تمالكت نفسها وهي تشوف مها عند الباب الحديدي الكبير اللي تأشر لها علشان تقوم بسرعة

قامت بسرعة ، وأخذت البلاستيشن وطلعت لمها اللي قالت : بسرعة روحي ورا بيتكم وكسريها تكسير ولا تخلي فيها شيء صاحي
قالت ريم وهي تلهث بتعب : أوكي
لما ما مشت مها معها سألت ريم : إنتي ما هتجي ؟
قالت مها : لا هجي لكن بعد شوية الحين بدخل بيتنا هجيب شيء وبعدها راح أتبعش ، كسريها تكسِّير لا أوصيش
قالت ريم وهي تركض ورا بيتهم : انزين

ضحكت مها بنذالة وهي تتبع بنظراتها ريم








-64-
قابل أمه فدربه فسألها : أمي وين اختفت البلاستيشن ؟
قالت أمه بغضب : عافانا الله ، الناس يقولوا صباح الخير ، يسلموا ، شيء
لوّح بيده وهو يعطيها ظهره : ما متفيق أنا

نزل للصالة ، بحث عنها فكل مكان لكن ما كان لها أثر
طلع للحوش وشاف واير خاص بالبلاستيشن من وين ما طاحت ريم
هذا كيف وصل هنا ؟؟؟

شاف مها بنت جيرانهم تناديه من ورا الباب الحديدي ، قال بغضب : إنتي اللي ماخذة البلاستيشن ؟؟؟
قالت مها ببراءة : لا ما أنا ، بس أظن شفت ريم شالتنها وراحت فيها لورا بيتكم

تظن !!
قالت تظن !!
لاحظتوا معي هالشيء ، هالبراءة المُغلفة بالدهاء ، هالمِكر الطفولي الخبيث .

راح ركض لورا بيتهم ، وهناك حصل ريم تقوم بمهمة التكسير مثل ما قالت لها مها ، نفذت كل شيء بالحرف الواحد ، ما خلت في البلاستيشن شيء صاحي !!

نظر لها محمود أخوها بدهشة ، بمفاجأة ، بعدم تصديق ، من وين جات لها الجُرأة .
كأنه أحد يكسر قلبه من كثر ما يحب البلاستيشن

صرخ فيها بقوة : أيا قليلة الأدااااااب ، إيش تسوي ؟؟ ، يا ***** ، *********
من الفزع والرعب طاحت ريم على الأرض ، رجولها ما شالتها وهي تشوف محمود أخوها يتقدم منها وشرور الدنيا كلها في عينه
ضربها ضرب فظيع ، لدرجة أنها كانت راح تموت بين يديه ، تشققن ملابسها من قوة الضرب ، سال الدم على وجهها من كثر ما لكمها عليه .
وهي ما غير تصارخ صريخ ما طبيعي ، بوجع تصيح ، بحرقة تصيح وهي تحس انه روحها هتطلع ، بعد ما أشفى غليله راح عنها وهو يلهث بدون حتى ما يلتفت ناحيتها
وهو ما زال يتلفظ بأقذر الألفاظ ويسبها سب ما طبيعي !









-65-
فتلك الأثناء كان سلطان في مكانه المُعتاد ، تحت سُمره ... وحيد !

سمع الصريخ المُفزع ، فز من مكانه والتفت حوله
شاف محمود يضرب أخته ضرب ما طبيعي ، ركض ناحيتها ، شافه فجأة توقف عن ضربها وابتعد عنها وهي ما زالت تصيح صياح ما طبيعي وحالتها حالة ما هي طبيعية .

اقترب منها ، جلس قربها وهو يتأمل حالها اللي يُرثى له ، كانت تون ونين ينفطر له القلب ، حط يده على كتفها ومع لمسته علا صراخها مرة ثانية .
كانت تظن أنه محمود رجع مرة ثانية علشان يضربها

من غشاوة الدموع ما ميّزت أنه هذا ماهو محمود ، هذا سلطان !
ما ميَّزت أنه الناس تجمعوا حوالهم و أنه أبوها جاء ناحيتها والدهشة في عيونه من حالها
ما ميَّزت أنها بدون ما تدري رمت لسلطان تهمه بشعة وقذرة .
ما ميَّزت لمّا أبوها ضرب سلطان ضرب مُبرح ؛ لأنه ظن أنه هو اللي اعتدى على بنته !
ما ميَّزت الوجع اللي أحاط بالمكان فجأة واللي يتقاذفها هي وسلطان يمين وشمال .
ما ميزت أنه سلطان حاول يدافع عن نفسه بس الوضع اللي كان فيه ضده !

غابت عن الوعي تماماً ، لمّا كل أهل الحارة تجمّعوا في ذاك المكان واتهموا سلطان بالإعتداء عليها . لأنه ببساطة كان هو الوحيد فنفس المكان لما كانت هي تصارخ وتنوح بألم .







انتهى .


bluemay 06-06-15 10:49 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
مشاعر شرريييييرة شو هالقفلة الله يسامحك T_T


سوري فايتة مدرعمة لا سلام ولا شي لووول

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


الله يسامحك يعني مها تظبط الأنتقام ويجي سلطان يوقع فيه ؟!!!

عن جد معتر هالمسكين واحتمال يكون فيها حبس الشغلة ﻷنه في اصابة اكيد . إلا لو اتدخلت مها وشهدت انه محمود اخوها السبب.


يسلمو ايديك عن جد مبدعة

متشوقة للجاي

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

مشاعِر 09-06-15 06:02 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3538792)
مشاعر شرريييييرة شو هالقفلة الله يسامحك T_T


سوري فايتة مدرعمة لا سلام ولا شي لووول

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


الله يسامحك يعني مها تظبط الأنتقام ويجي سلطان يوقع فيه ؟!!!

عن جد معتر هالمسكين واحتمال يكون فيها حبس الشغلة ﻷنه في اصابة اكيد . إلا لو اتدخلت مها وشهدت انه محمود اخوها السبب.


يسلمو ايديك عن جد مبدعة

متشوقة للجاي

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

و عليكم السّلام و الرحمة ,
يا هلا حبيبتي ، و ربي منورة مليوون !
هههههههههههههههه ، ما بعد فرّغت شروري
القادم أعظم * فيس شرير *

..

اممم شما غلطت لكن ما كان بقصدها هالشيء
بالنسبة لـ سلطان حظه ردي والا من كان يتخيّل أنه عزوفه
عن الكل يخليه يبتعد عن أهله بذاك الشكل المُقيت ؟؟
و محمود ، راح ياخذ جزاه أكيد ..
,
ربي يسلمش الغالية
وما حُرمنا من هالطلّة

:)

مشاعِر 09-06-15 06:22 PM

5/ أحتاجُكِ أمي !
 

النبض الخامس
أحتاجُكِ أمي !




-66-
مع تعامد الشمس على الأرض و إنسياب أشعتها المُمتدة مُقـبِّلة كُل شِبر من مساحتها ، ومع إرتفاع حرارة الجو اللي يخلّي المشاعر تزيد حِدّة ، مَشى بتثاقل وهو يعرج ، و بين اللحظة والثانية يلتفت خلفُه بتوتر ، يشوف إذا فيه أحد يتبعُه ، لكن الطريق في الساعة الثالثة من ظُهيرة كل يوم يكون خالي من البشر تقريباً !
دخل أحد المساجد بتعب ، وحاله يُرثى لها ، ملابسه مغبَرَّة وكلها دم ، و وجهه تشوّه من كثر الضرب .


فتح صنبور الماي وبدأ يغسّل وجهه والجروح اللي فيه تحرقه مع كل لمسة ماي ، ثمّ أخرج ملابس نظيفة من الكيس اللي بين يديه وإرتداها بصعوبة من الوجع اللي يُحيط بجسمه

إنتهى من مهمته الصعبة ودخل المسجد وإرتمى في أحد زواياه وأنين قلبه ما سكت
تذكّر كل اللي صار له في الصباح ، تذكّر القهر اللي صَرَع قلبُه ، تذكّر الألم والوجع اللي احتواه ، تذكّر الظلم اللي واجَهه .
ومع أنين الذِكرى بدأ يبكي ، يبكي بحرقة ووجع وقهر وألم وظلم ، يبكي على نفسُه الضايعة والمُشتتة .
استعاد كل اللي حصل له بالتفاصيل الصغيرة ، بالتفاصيل الموجِعَة .







-67-
سلطان بن ناصر

والله العظيم أنهم ما عاد يشوفوا وجهي ، والله
اللي صار شيء يفوق المُستحيل ، ما أدري إيش اللي صار ؟؟ ، كل الأحداث صارت بسرعة صاروخية ، بس اللي أعرفه إنّي انظلمت والبيت ذاك ما راح أدخله لو أنام بالشارع ، ولا راح يشوفوا وجهي من بعد اليوم !!
مسحت دموعي بقهر وشهقة تصاعدت من الأعماق نتيجة إنتفاظ ذا القلب اللي ما عاد يتحمل أكثر من كذا .


كنت جالس تحت السُمرة وكافي شرِّي وسمعت صوت صياحها ومحمود النذل أخوها يضربها ، ركضت ناحيَتهم وشفت إبتعاد محمود عنها ، ولما اقتربت منها زاد صياحها فالتَمُّوا علينا الناس وهجم عَلَيْ أبوها بدون حتى ما يعطيني فرصة أشرح أو أبرر ، وفي دوَّامة كل هالأحداث عقلي اللي مو قادر يستوعب اللي حصل .

لا و الأدمر من كذا لمّا عرَف السيد الوالد باللي صار ، ما خلّى ضِلع فيني صاحي ، ضربني ضرب عمري ما راح أنساه !

مسحت دموعي اللي زاد مجراهن

حاول عمي عبد العزيز يبعده عني ، وحاول طارق ، وحاول سعود ، وحتى خالد و حمد أولاد عمي عبد العزيز واللي المشاكل بيني وبينهم ما تنخمِد حاولوا يبعدوا أبوي عني لكن ما قدروا !
القوّة العجيبة اللي تلبسَتُه ما استطاع أي أحد أنه يثنيها .

بعد ما فرّغ غضبه رماني في المستودع اللي دائماً يرميني فيه ، رماني بدون لا يسمع اللي أقوله ، رماني وهو مُغلق آذانُه ، رماني وهو مصدِّق كلام الناس بدون ما يعير كلامي وتبريري أي اهتمام ، صار أعمى وما عاد شاف الحقيقة ، صار أعمى وما شاف البراءة في كلامي وأنا أبرر له سبب وجودي فذاك المكان .

مسحت دموعي وأنا منقهر من حالي ، منقهر من هالدموع اللي مو راضية توقف .

وبعدها قفَلْ باب المُستودع الموحِش ، وسمعت أصواتهم تبتعد وفــ ذيك اللحظة بدأت شهقات الظُلم تعلو وبدأت الدموع تأخذ مجراها وتعبّر عن كل اللي يجول في داخلي .
بعد فترة ، سمعت صوت الباب ينفتح ، والضوء القادم من الخارج يسلك مساره باتجاهي وينير وحشة المُستودع المُظلم .
دخلَت وهي تُغلق الباب ، عرفتها هذي اللي بسببها صار اللي صار ، اللي بسبب خُطتها الغبية انظلمت ، هذي مها !

مشَت باتجاهي بخطوات قصيرة والتردد و الأسَف واضح في وجهها

احتقن وجهي بالغضب وصرخت ببحة وحِدَّة : اطلعي برااا
ومع الصرخة اللي صدرت مني صاحت بصوت عالي
قالت ببكاء تبرر اللي حَصَل : والله العظيم إنّي ما أدري أنه هيصير كذا
صرخت مرّة ثانية و بغضب قلت : اطلعي برا ، إنتي ما تفهمي ؟؟


ابتعدت عني وقبل ما تطلع قلت لها : اطلعي غرفتي بدون ما تشوفش شعشبونة وجيبي لي ملابس نظيفة و محفظة الفلوس هتلقيها فدرج الكمدينة
وسكّت بتعب وأنا أحس أنه الكلام يستنزَف الطاقة اللي ما زالت باقية فيني

إلتفتَتْ نحوي بدون ما تقول شيء ، ثم خرجت وهي تغلق الباب.

رجعَت بعد مُدة وفي يدها كيس بلاستيكي بداخلة الملابس ومحفظة الفلوس ، نَفّذت طلبي بهدوء وبدون ما تسأل عن سبب طلبي لـ محفظة الفلوس على وجه الخُصوص وهالشيء مُريح جُزئِياً ، أعطتني الكيس وهي تلهث من التعب ، أخذتُه منها بدون صوت ، وإتجهَت هي ناحية الباب وخرجَتْ بهدوء مثل ما دخلت .

مُستحيل أنسى اللي سوته فيني ، مُستحيل !


حاولت أوقف مُستند بالجدار لكن ما قدرت من قوة الألم ، حاولت مرة ثانية و أنا أجاهد نفسي وبعد استنزاف الكثير من الجُهد قدَرت أتجه نحو الباب ، خرجت وأنا أمشي بصعوبه ، وابتعدت عن ذاك البيت بدون ما يرف لي جفن ع فراقه أو فراق أهله بعد ما ظلموني ، ابتعدت عن ذيك الحارة اللي شَهَدت فيها الظلم والقهر والوجع والذل بأنواعه .

وُجهِتي كانت مجهولة ، ما أدري وين مُمكن أروح ، بس اللي أعرفه زين إنّي لا يُمكن أعود لذاك البيت من جديد ، لا يُمكن .






-68-
مشَت بسرعة ناحية بيتهم ودموعها تركض على خدها ، بكل اللي سوته كانت راح تنتقم لــ سلطان من ريم و أخوها ، كانت راح تنتقم له ، بس كل شيء انقلب على راسها وعلى راس سلطان !

ليت كل شيء طاح في راسها ، ليته ؛ لأنها السبب بكل اللي صار ، سلطان ما له ذنب ولا له يد بالموضوع ، الخطة كانت خطتها رسمتها هي و ابليس مع بعض ، سلطان ماله دَخِل بهالشيء .

ايش تسوي ؟؟؟
ايش مُمكن تسوي علشان تصلّح كل اللي صار ؟؟؟

اتجهت ناحية غُرفتها وهي تمسح دموعها في حين خرج سعود من غرفته ، رفع راسه وشافها باستغراب وتعجُب للدموع اللي لمحها في عيونها ، وقّفت وهي تناظره بحزن وبتردد ، أرخت نظرتها ع الأرض وهي تفكّر .

تقول له عن اللي صار ؟؟؟
بس والله هيذبحها
لكن لازم أحد يفكر معها علشان تظهر براءة سلطان ، هي لو فكّرت لحالها أكيد راح تحط على راسه مُصيبة ثانية أكبر ، ما عادت تثق فنفسها و بخططها !
راح تقول له واللي فيها فيها ، سعود يفكر بعقل ومُمكن يخرّج سلطان من هالمُصيبة

سألها بعد ما شاف التردد اللي في عيونها وعقدة مرسومه بين عيونه : ايش فيه ؟؟
تجرّعت مها ريقها ، رفعت نظرها وبصوت باكي قالت : أبغا أقولك شيء

دخلت غرفته ودخل سعود وراها وأغلق الباب ، جلست على السرير الكبير اللي يتوسَط غُرفة شبابية الألوان تمزج بين الأزرق والأبيض والأسود ، فركت يدينها بتوتر وهي تناظر الأرضية البيضاء والعِبرة تخنقها .

جلس على مكتبُه المُقابل لها وسأل ونظره الفضول فعينه : مُصيبة جديدة صح ؟
لمّا قال كذا صاحت بصوت عالي وهي تغطي وجهها بكفوفها

صياحها أكّد له أنها مسوية مُصيبة ومُصيبة كبيرة هالمرّة ، قال بغضب : تكلمي إيش فيه ؟؟
ما ردّت عليه وصياحها يعلو
ضرب قبضة يدّه على الطاولة البيضاء بنفاذ صبر وصرخ بصوت مُراهِق غليظ : قسماً بالله لأكسِّر راسِش لو ما قلتي إيش مسوية

حاولت تهدا وقالت بنشيج : أبغا منك وعد قبل علشان ما تضربني
حاول أنه يهدا ، عض شفته السُفلية بقهر وهو يشيح نَظَرُه عنها ، أعاد نظرته ناحيتها وقال بنبرة أهدأ من اللي قبلها : وعد


رفعت راسها تنظر لعيونه ، تنظر لصِدق وعدُه ، ولمّا تطمنَت بدأ لؤلؤ الكلام يتناثر ، حكت له كل شيء ، كل شيء ، وبين الكلمة والثانية دمعة تسقط و تمسحها على طول ، حكت له كل شيء من يوم ما تضاربت مع ريم إلى الضرب اللي تلقَتُه ريم من أخوها !


أما عن سعود فالصدمة ألجَمَتُه ، شلّت لسانُه ، ما هو قادر يتكلم من الشيء اللي يسمعه ، عيونه متسعه بصدمة ، وحَدَقة عينه زاد سوادها من شدة الغضب .
لمّا أنهت حديثها ، ناظر حوله والصدمة تلف وجهه ، يبغا يفهم الكلام اللي توُّه انقال ، يبغا يفهمه ، رفع عيونه ناحيتها علشان يستوعب ، دموعها ونظرتها الخائفة أكّدت له صِدق اللي سمعه .
بفحيح غاضب وبنبرة حادة قال : إنتي كم عُمرش ؟؟
صرخ وهو يعيد السؤال مع أنه على عِلم بالإجابة : كم عُمرش ؟؟
لو ما الوعد اللي أخذَتُه منه والا كان راسها اللي يحيك هالخطط مكسَّر ، كان راح يكسِّر راسها اللي يتفنن برسم المصايب بكل ذكاء ودهاء ومكر !!


أغمضت عيونها لمّا صرّخ ، قالت بهمس خائِف : عشر ، عشر سنين
صرخ وهو يوقف ويمشي ناحيتها : إنتي طِفلة ، مها إنتي بعدش طِفلة
سكتت وما ردّت عليه ونظرة الخوف ما زالت في عيونها ، ما استوعبت الرابط اللي يربط بين الكلام اللي يقوله وبين الحكي اللي حَكَـتُه له !
يروح ويجي في الغرفة بتفكير وعقله مو معه ، مو قادر يستوعب أنه الدهاء مصدَرُه هالطفلة اللي أمامه الآن . مرّت أكثر من دقيقه وهو يلف حول الغرفة بتفكير لكن صوتها قطع عليه حبل أفكاره لمّا قالت بهمس : سعود دخيلك ساعد سلطان ، هو ما له ذنب


قال بغلظه وهو يلتفت لها : لا والله بالزمان عليش ، تو الناس ، توش تعرفي أنه ما له ذنب
صرخ : قومي إنقلعي خارج لا أشوف وجهش قدّامي ، عنبو شيطان إنتي شيطان !!


ركضت خارج وهي تصيح بنشيج عالي !!

-69-
في أحد أكثر المُدن ضجيجاً وحَركة ، في العاصمة البريطانية ، مشى بطوله المُلفت وهيئته اللي تُعطيه أكبر من عُمره ، مُرتدي جنز أزرق قاتم و قميص أبيض عاكس ملامح وجهه المُلفِتة بشكل كبير وفوقه جاكيت رسمي أنيق وحول عنقه شال قُطني خفيف أزرق !


ملامحه جذّابة بشكل كبير ،عيون رمشها طويل وفوقها حاجبين كثيفين وشعر كثيف ناعم مُسرحنّه بعناية و خشم يَحمِل أصالة وعَراقَة عَربية ولِحيَة كثيفة مُهمَلة زادته وسامة ، مشى بثقة وعيون المارّة عليه وبخاصة النساء .

دخل نفس المقهى اللي دخله البارحة ، حيّا المرأة العجوز بحركة من راسه و بابتسامة فاتنة ، ردّت الإبتسامة له وهي تمشي نحوَه . قالت بإنجليزية ودودة : أهلاً بكَ أيها الوسيم ، سعيدة لأنك جئتَ مُجدداً

يَ العجيّز النشبة ، ما زالت تتغزّل فيه !

ابتسم : الحقيقة أن قهوة البارِحة أعادتني
قالت وهي تبتعد عنه : تفضل إذاً لأُعِدُها لك
سألت من وراء الطاولة : أتود أن تأكُل شيئاً مع القهوة ؟
رد وهو يجلس على نفس المقعد اللي جلس فيه البارحة : كرواسون بالجبن من فضلك
هزّت رأسها بلطف

نظّر لساعة معصمه ، الساعة ثمان إلا ربع صباحاً ، موعده مع جون بعد ربع ساعة ، تنهد وهو ينظَر للخارج من النافذة الكبيرة اللي على يمينه وسرَح في عدنان مصدر مشاكله .
لمّا خرج من الشقة اليوم كان ما زال على وضعيته اللي من أمس ، ما زال على الأرضية الباردة ونايم بعمق ، السُكر يُثقل نومه لدرجة أنه ما حَس أبداً أنه نايم أمام باب الشقة وعلى الأرض ، وضعُه كان مُهين لدرجة كبيرة !
لازم يلقى له حل معه ، ما هي حالة كل يوم يسكر ويزعجه و يزعج الجيران معه .

تنهَد مرة ثانية وهو ينظر ناحية العجوز المُبتسمة القادمة نحوُه وبين يديها طَلَبُه .

-70-
خرجوا من المسجد بعد ما صلُّوا العَصر ، مشّى عبد العزيز وعن يمينه ولده الأكبر طارق ( 26 سنة ) وعن يساره حُذيفة ( 23 سنة ) وهم - ما زالوا – يتناقشوا باللي حصل مع سلطان اليوم ، وبإختفاء ناصِر عن الأعيُن من لمّا ضرب ولده ذاك الضرب المُبرح !

وخلفهم مشى خالد بن عبد العزيز ( 14 سنة ) و حمد بن عبد العزيز ( 11 سنة ) و يوسف بن محمد ( 9 سنين ) و أخوه سعود اللي ما زال يفكر بحل يُنقذ سلطان من الظلم اللي وقع فيه .

نَظر سعود ناحيَة عمُّه عبد العزيز ، اقترب منه وقال : عمي بغيتك بكلمة
توقف العم والتفت ناحية ولد أخوه ، وتوقفوا طارق و حُذيفة و نظروا له باستغراب ، قال أبو طارق باهتمام : خير يا سعود ؟
قال سعود بثقة : عمي سلطان انظلم اليوم ، اللي ضرَبَ البنت أخوها محمود لأنها كَسّرت البلاستيشن ، والبلاستيشن ما زالت هناك في المكان اللي انضربت فيه

الكل نظَر له باندهاش

طارق بتساؤُل : لكن سلطان هو الشخص الوحيد اللي كان فذاك المكان لمّا كانت هي تصارخ !!!
رد سعود بثقة أكبر : كان قريب من المكان وقتها ولمّا سمع الصوت اقترب وشاف محمود يضربها وذاك النذل لمّا شفى غليله تركها ، وعشان كذا الناس ما شافوا غير سلطان اللي ما كان له ذنب

نظروا ناحيته بصدمة

قال حُذيفة : علشان كذا كان سلطان يحلِف أنه ما له ذنب وقت ما كان عمي ناصر يضربه
وجّه حُذيفه نظره ناحية سعود وقال بتساؤُل : بس إنت كيف عَرفت ؟؟
كَذب لمّا قال بصوت متزعزع : مها أختي كانت تلعب قريب وشافت اللي صار

أبو طارق ما زال ساكت يحاول يستوعب ، مسح على وجهه وهمس : يا الله

تأكدوا من كلام سعود ، آثار البلاستيشن المكسرة فنفس ذاك المكان أكّدت لهم الكلام اللي قاله ، وعلى طول توجهوا لبيت أبو محمود الفخم اللي يُشابه أغلب البيوت فذاك الحَي الراقي ، استقبلهم وعلامات الغضب ما غابت عن وجهه ، تصدّر أبو طارق المجلس العربي الكبير و قال : كيفها بنتك يا أبو محمود ؟
رد بقهر : والله حالتها ما تسر ، واسمح لي يا أبو طارق على هالكلام لكن والله لو ما الجيرَة و لو ما معدنكم الطيِّب اللي أنا عارفه والا كان ما بيني وبين وَلَدكم غير الشرطة .
قال أبو طارق بثقة : ولدنا انظلم يا بو محمود و أكيد أنت ما ترضى بالظلم ، اللي حصل كان مُجرد سوء فهم

و حكى له اللي صار

ما كان فيه مجال لأبو محمود أنه يشك بصحة الكلام اللي يسمعه ؛ لأنه ببساطة لا يُمكن أنه أبو طارق يكذب في الحَق ، وما مُمكن أن يظلم أحد ، ويشهد له الكل على هالشيء !!







-71-
دخل على بنته اللي منسدحه على السرير بتعب و آثار الضرب باينة فكل وجهها ، وبجانبها أمها اللي حاضنتنها بحنان ، جلس بجانب بنته الحبيبة وعيونه تُشفق عليها ، فتحت عيونها بثقل لمّا حست بأحد يجلس بجانبها . هذا أول لقاء بينهم بعد ما انضربت وبعد اللي صار لها اليوم الصبح !
مسك يدها وقال بحنان : كيفك بابا الحين ؟؟
قالت بصوت باكي لمّا سمعت صوته الحاني : بابا لا تخلي محمود يدخل هنا ، ضربني اليوم بقوة


بعدها دخلت فنوبة بكاء عميقة ، صحَت الأم لمّا حسّت ببكاء بنتها العنيف وضمتها ناحيتها بقوة وهي تهدّي فيها .
خرج أبو محمود بعد ما تأكد من صِدق الكلام اللي سمعه قبل شوية من أبو طارق ، محمود ولده هو اللي ضرب ريم بنته ، وسلطان انظلم بسبب هالشيء .
يا ربييي ، كيف الواحد لمّا ينعمي عن الحقيقية ، يتصرف بدون عقل و بعدين يندم ببساطة ، يندم بعد ما ظلم ناس وشوّه سُمعتهم وقهرهم وذلهم .
يا الله كيف جانب الشر عند البني آدم حقير ، حقير !!

توجّه ناحية غرفة ولده والغضب يحتويه ، بيده عصا رفيعه تفي بالغرض اللي رايح عشانه ، وهو يحلف بالله العظيم أنه راح يأدب هالولد اللي صغّر قدرُه بين الناس .






-72-
إلتفت جون وهو يدور بوجهه ذا الملامح الغربية والبشرة البيضا المُحمره والعيون الزرقا والشعر الذهبي ، قال بانجليزية لعمر بعد ما سلّم عليه وهو يتأمل ديكورات المقهى الخشبية : مقهى جميل
جلس مُقابل عُمر وهو يقول : ما الجديد يا عُمر ؟ ، لستَ على ما يُرام
قال عُمر بنبرة جادّة مُتذمرة : جون الوضع سيء جداً في البيت ، ما عُدت أتحمل عدنان وأنا أراه بتلك الحالةِ يومياً ، نَفُذ صبري
خَتَم كلامه بتنهيدة

أشار جون للعجوز وهو يطلب منها قهوة سادة
ضحك جون باستغراب ونظرته ما زالت نحوَ العجوز : أنظر كيف تنظُر لَكَ تلك المرأة ، أظنُها أحد المُعجبات
قال عُمر بعصبية : دعك منها و ركِّز معي
قال جون وهو يحاول يمسك ضحكته : أنت لا تعرف سِوى الشكوى والتذمر ، ستُصبح في الغد محققاً يا بُني هل ستظل هكذا عديماً للصبر ، الصبر مُهم لعملِنا !
التفت عُمر ناحية النافذة وما رد عليه
قال جون وعلامات الجِدِيّة تكتسي ملامحه : إسمعني الآن هُناكَ ما هو أهم
اعتدل عُمر في جلسته ونظر لجون بترقُب

اقتربت منهم المرأة العجوز ووضعت قهوة جون على الطاولة وقالت بنبرة حلوة : بصحة وعافِية
شكرها جون بابتسامه ، رشف رشفة من قهوته اللي أسكرتُه ريحتها ، وزادُه طعمها سُكر ثم قال بتلذذ : امممم يا سلام ، مَذاقُها طيّب !
قال عُمر بعصبية وهو يقوم : سأتركك الآن إن كُنت لا تُريد التكلُم
رفع جون نَظَرُه لعمر وقال باستغراب : اجلس الآن أيها العربي البَدوِيْ ، يا لك من نار مُشتعلة !
جلس عُمر وهو يزفِّر بغضب
قال جون قاصد يغيضه وهو ياخذ رشفة من قهوته : إنها لذيذة حقاً ، أطلُب واحدة يا عُمر كي يَعتَدِلَ مِزاجُكَ السيء
قال عُمر بتهديد و نظرة نارِيّة في عيونه : جوون
ابتسم جون ثمَّ قال بجدِية ونبرة صوته تخفُت بشكل واضح : وَصلنا بلاغ أنّ واحداً من الأشخاص المشكوك فيهم ومن ضِمنهم عدنان سيُسافر نهاية هذا الأسبوع إلى مكان لم يُحدد بالضبط ، سيتم تهريب شُحنة كبيرة مِن المُخدرات !
أخذ جون رشفة من القهوة ، أكمَل بنفس نبرة الصوت الجادَّة والخافتة : راقبه جيداً يا عُمر ، عملُكَ الحقيقي يبدأ اليوم

هز عُمر راسه بفهم

أشار جون مرة ثانية للعجوز صاحبة المقهى وهو يطلب فنجان قهوة ثاني بعد ما أنهى فنجانه الأول ، قال بمرح وهو يرمق عُمر : عُمر صدِّقني إنك وهذه العجوز مُناسِبان لبعضِكما جداً

أشاح عُمر نظره عن صديقه وهو يضحك بعد ما تخيّل نفسُه معها
جون هو الوحيد اللي مزاجه مَرِن بشكل عجيب ، يقدر بسرعة جنونية ينقلب من شخص جاد إلى مَرِح ومن مَرِح إلى جاد !









-73-
مشى سلطان ناحيَة مكتب باصات النقل العامة ، سأل عن أقرب باص يمشي لـ صلالة ، و حس بشوية راحة لمّا عرف أنه فيه باص راح يتحرَك بعد ساعتين ، يعني بعد المَغرِبْ مُباشرةً !
ما يريد يجلس فــ مسقط أكثر ، يكره كل شيء فيها ، كل شيء ضاق عليه هنا ، نفسيته متدمرة لأنه هنا .... فــ أحسن حل أنه يبتعد .

سمع صوت معدته الفارغة تصدر صوت ، ما أكل شيء من الصبح ، من لمّا انظلَم ، اتجَه بوجه مختفيه ملامحُه الحلوة من كثر الرضوض اللي فيه ، عيونه الحادّة متورمة ومنقلب لون جفنه بنفسجي ، باختصار وجهه يخوّف من الضرب !

طلب ساندويش وبيبسي وجلس يأكل بصعوبه ؛ حتى ما هو قادر يبلع اللقمة من الألم ، زفّر بتعب وبقلّة صبر وهو يحس أنه الوقت يمشي ببطئ .







-74-
حَمَد الله في سره أكثر من مرّة ، استبشر وجهه لمّا اتصل عليه حُذيفة ولد أخوه وقال له أنه سلطان انظلم ، سلطان ولده انظلَم ، سلطان ما اعتدى على البنت ، وعشان هالشيء حلف أنه يذبح عشر خواريف ويوزعهن ع الفقارى !

اتجه بسيارته ناحية بيته والراحة تحف قلبه بعد ما خَرَج قبل ساعات وجبال الهموم على ظهره ، خرج من الحارة بكبرها لأنه استحى من نظرات الناس ولمزاتهم بعد ما كان يظن أنه سلطان وطّى راسه بين الناس .
شاف أخوه أبو طارق و أولاد أخوه أمام بيته ، نزل لهم وهو يحس بتوتر بعد ما شاف وجوههم ، سأل : إيش فيكم ؟؟
رد طارق : عمي ، سلطان ما هنا ، مافي البيت لفينا بالسيارة على المنطقة كلها بس ما حصلناه
قال ناصر بفزع : كيف يعني ؟ وين راح ؟؟
قال عبد العزيز ( أبو طارق ) بحزم ونظرات القهر في عيونه : لو صار فهالولد شيء يا ناصر ، ذنبُه في رقبتك ليوم الدين ثمّ إتَّجه أبو طارق بهامة مُستقيمة مُهيبة لبيته الفخم واللي يعكس مستوى معيشي عالي .

قال حُذيفة لعمُه اللي يناظر أبو طارق بأسف : عمي اتصِل على خواله وخالاته يمكن يعرفوا عنه شيء

تحرَّك ناصر لداخل بيته بأرجل راجِفَة وهو يبلَعْ صَدمة غِياب ولده شوي شوي مع كل خطوة يخطوها ، وفي باله ينفِّذ الكلام اللي قال عليه حُذيفَة .








-75-
مشى بتعب راجع من الجامعة ، الجَو خانِق من زحمة لندن ، والسماء بدت تتلون بألوان الغروب الحالِمَة والمدينة تصدر موسيقاها الخاصة اللي ما تسكت طول اليوم .
صعد بالأصنصير متجِه لشقته ، قابله جاره فادي ذا الملامح الغربية والشعر اللي بدا الشيب يغزوه ، كان ينقل عفش بيته للخارج ، سلّم عُمر عليه وسأل : أشوفك تنقل العفش راح تنتقل من هنا ؟
رد فادي وهو يهز راسه بإيجاب : بدنا نروح على بيت أكبر
إبتسم عُمر : بالتوفيق يا فادي ، واذا احتجت حاجة أنا موجود
رد فادي الإبتسامه وهو يشكره

فتح باب الشقة ودخل ، صاروا جيرانه يهربوا من جيرته والسبب معروف طبعاً ، بسبب عدنان وقرَفه ، دَخَل غرفته ، أخذ ملابس نظيفة ثم دخل الحمام ياخذ دش بارد يهدئ أعصابه التالفة من عصبيته الزايدة .
خرج ، سرّح شعره بعد ما نشَفُه و رش عطر ثم وجَّه للصالة بديكوراتها الإنجليزية و ألوانها العصرية الباردة
قابَلَه عدنان اللي منسدح ع الكنبة ويطالع التلفزيون ، سلّم عُمر وهو يجلس على الكنبة المُقابلة له ، رد عدنان السَّلام بملل وهو يقلّب في قنوات التلفزيون بدون هدف مُعين .
قال عُمر بهدوء : مُمكن أتكلم معك بهدوء وعقلانِيّة و رجال لـ رجال
إعتدَل عدنان فجلسته ، أحنى ظهره وهو يرفع حاجب : حبِّيتها هذي رجال لرجال ، سكت للحظات ثم أَكمَل باستنكار : أوكي قول اللي تبيه بس مو قبل لا تقول لي سبب الحركة السخيفة اللي سويتها اليوم الصبح !!
عقد عُمر حواجبه باستغراب ، سأل : أي حركة ؟
رد : يوم مشيت من الشقة وأنا مسدوح على الأرض بذاك الشكل
ضحك عُمر بسخرية : رجاءً لا تضحكني عليك أكثر ، و إذا تكلّمت عن الحركات السخيفة فإنت على بعضك كومة سخافة وكومة غباء بعد
نظَر عدنان ناحية عُمر بعيون حادة غاضِبة وهو يحس بإحساس المهانة يتملّكُه ، فداخله توعَدُه بشر !
قال وهو ياخذ نَفَس ويحاول يتمالك نفسه : ما علينا ، إيش كنت تبي تقول ؟
صمت عُمر للحظات ثمّ قال بهدوء وهو يرفع عيونه : أبغا أعيش بهدوء وهالشيء من حقي طبعاً ، من اليوم ورايح مالي خِص فيك ولا لك خِص فيني ، كلن يعيش لحاله وبدون مشاكل ! وطبعاً هذا يتضمن أنّك ما تجيب شلتك اللي أمس لبيتي مرّة ثانية .
رد عدنان بمكر : بشرط ؟
تنهد عُمر : إيش ؟
قال عدنان بعيون خبيثة : تجي معي الليلة تتعرّف على شلّتي اللي مو عاجبتك ( غمز له ) وعلى فكرة فيه بنات أمس لمحنّك وطار عقلهن بك ، راح يحبهن قلبك صدّقني
ختم كلامه بضحكة تحوي جميع أنواع الشرور
سَكَت عُمر وهدوء ظاهري وجمود غريب احتواه بعكس أعاصير العصبية والغضب اللي تدور داخله ، قال بعد مُدّة صمت : أوكي ، أنا موافق

استغرب عدنان لكن في الأخير فرَح لهالمُوافَقة ، وافق عُمر لسبب واحد لا غير علشان شغله لازم يتقرّب من شلة الفساد هذي ، لازم يعرف إيش اللي يدور بينهم ، ويعرف الكلام اللي تتداوله ألسِنتهُم ؛ لأنه عدنان وحده ما يكفي !
وافق لأنه تذكر جون لمّا قال : " راقبه جيداً يا عُمر ، عملُكَ الحقيقي يبدأ اليوم "

في اللحظة نفسها عدنان يحبِك خطة توقِعْ عُمر وتمحيه من طريقه .
ضحك فداخله باستهزاء على عُمر وهو يتوعَدُه بشر !







-76-
قالت شمّا وهي تتربَّع على سرير روضة الكبير في غرفة بناتِيّة مُلونة بدرجات الزهري : متى راح نقابل النِذلة جِنان مرّة ثانية ؟
قالت روضة وهي ترتب كُتبها في المَكتبة اللي تُقابل السرير : ما أدري ، وأصلاً ما راح أروح معش خلاص ، تبي تروحي روحي وحدش
نطّت شمّا من السرير ناحية روضة وهي تقول باعتراض : لا روضة تعالي معي ، أخاف تاكلني ما شفتي أسنانها كيف كبار ؟!
قالت روضة بصرامه وهي تلتفت ناحيتها : ما زين تعيْبي على خِلقة الله ، و بعد اللي صار مع سلطان عِفت أسوي مشاكل
قالت شمّا بنبرة حزينة وهي تتوجه ناحية السرير : أوكي ، وأصلاً أنا لمّا رجعت أفكر قلت أنه ما عندي سالفة ، وأنه عقلي صغير لمّا أضارب بنت ليش أنها مُعجَبَة في ولد عمي اللي أنا مُعجَبَة فيه .
توجَهَت روضة ناحية صديقتها وبنت عمها ، مسكت يدها وقالت : صدقيني أنا ما أريدش تتعذبي بذا الحُب ...
قاطعتها شما بصرامه : أنا ما قلت أحبه ، هو مُجرد إعجاب بشخصيته القوية
وبتردد قالت : وبشكله .
إبتسمت روضة : أوكي ، أخاف عليش ، أخاف أنه يتحوّل هالإعجاب لـ حُب فيوم وتتعذّبي ؛ لأن سعود بارد وجامد وما وجه حُب .
تنهدَت شمّا بيأس
قالت روضة وهي تشد على يد شمّا : إنتي الحين مُراهقة وهالإعجاب طبيعي ، متأكدة أنه لمّا تكبري شويْ ما راح تشوفي سعود من أساسه
وكمّلت روضة بحدَة : وللحين ما عرفت إيش المُمَيز في شخصيته ما غير يصارخ علينا و يتأمّر ومسوي نفسه الشيخ اللي لازم يُطاع ، مالت عليه !

قالت شمّا بانزعاج وهي تلتفت ناحية روضة : اسكتي انزين انتي وهالصوت
قالت روضة بخبث : ليش ؟ ما ترضي على حبيب الألب ؟
قالت شمّا بضيق : جب
ضحكت روضة
استقامت شمّا وهي تقول : بروح بيتنا ، من كثر ما ألزّق فبيتكم أحس إني مشتاقة له ومشتاقة لأمي من زمان ما شفتها
ضحكت روضة : خبلة
توجهت شمّا ناحية باب الغرفة ، لكن إلتفتت لروضة وهي تقول بابتسامة : تعرفي روضة مرّات أحسش مثل أمي لمّا تنصحيني ، مع إنّه أنا وإنتي نفس العُمر
ردّت روضة بغرور : أصلاً إنتي ومها بدون نصايحي راح تضيعن ؛ لأني أعقل وحدة فيكن
رمقتها شمّا بنظرة نارية

نزلن تحت وشافن سعود وأمه في الصالة يتكلموا وحولهم سارة وحنين يلعبن وما داريات بالدنيا اللي تدور حولهن .







-77-
دخل لأمه اللي جالسة في الصالة المُصمَمَة بطابِع شرقي فَخم ، سلّم عليها وجلس جنبها بتعب
سألت : ايش اللي صار ؟؟ حصلتوه سلطان ؟؟
همس بتعب : لا
قالت بتوتر وخوف : وين راح هالولد ؟؟ الله يستر عليه
رد سعود وهو يغمّض عيونه ويرخي راسه ع الكنبة : عمي ناصر اتّصل بخواله وخالاته بس ما عندهم عِلم عنه
: الله يستر عليه ويحميه " رددت سلمى بخوف "

فتح عيونه بثقل وهو يسمع خطوات أحد نازل من الدرج اللي يتوسط البيت الكبير بديكوراته الشرقية الراقِية ، وكانت روضة مع بنت عمه شمّا ، شبح ابتسامه ارتسم على وجهه وهو يناظر الأخيرة .
خلُّه يجننها شوي
قال بصوت غليظ و عالي : ما شاء الله بنت العم عندنا
قالت شمّا وهي منقهرة من نبرة صوته الساخِرة : إيه والله قلت أجي أزوركم عشان يتبارك شويّة هالبيت
قال بابتسامة ساخِرة : تزورينا أجَل ، أنا أقول تنقلي أغراضش معنا عشان ترتاحي من الروحة والردّة

احتقن وجهها بغضب وهالشيء ما خفى عنه قالت بقهر : يَ الله مع السلامة
ضحك بصوت عالي علشان تنقهر أكثر
ردّت سلمى ( أم سعود ) واللي شهدت الصراع اللي دار أمامها والإبتسامة على وجهها: مع السلامة يُمه وما عليش من سعود البيت بيتش
ردّت شمّا : أدري عموه ما يحتاج تقولي

وصَّلَـتْها روضة للباب
همست شما بغضب : شفتي كيف ، يقهر والله
قالت روضة بنفس الهمس : وإنتي بعد ما قصرتي فيه
وأكمَلت تقهرها زيادة وهي ترفع حاجب : ويَ الله مع السلامة زودتيها عاد ، صِدقُه سعود أحسن تجي تسكني معنا
زمجرت شمّا : قليلة الأدب ، صدق ما تستحي إنتي وأخوش ، لا بغيتيني مرّة ثانية تجيني بيتنا ، والله ما أدخل بيتكم ذا أسبوع كامل وهذاني حلفت
ومشت مُبتعِدة ناحية بيتهم وهي تطرق الأرض بخطوات غاضبة
ضحكت روضة وصرخت علشان تسمعها : والله ما تقدري ، أسبوع كثير عليش

ما ردّت عليها ؛ مسوية فيها زعلانة !







-78-
صار له ساعتين من لمّا ابتعَد عن مسقط ، المدينة اللي شَهَد فيها آلامه و أوجاعُه ، و باقي تقريباً عشر ساعات عشان يوصل لصلالة ، يعني على الساعة سبع الصبح في الباكر راح يوصل بعون الله .
إلتفت لـ الهندي اللي جالس جنبه ومد له فلوس وهو يقول : عطني أكلّم تلفون
أخذ الهندي الفلوس و أعطاه التلفون
اتصل على رقم حافظنه زين ، رن أكثر من مرّة و أخيراً ردْ عليه صوت إمرأة : ألوو
قال بوهن : خالتي مزون هذا أنا سلطان
قالت بلهفة وخوف : يمّه خفت عليك سلطان ، إنت وينك ؟ ، أبوك أتصل فيني يدوّر عليك

أبوه يتصل على خالتُه !!! يسأل عنه ؟؟؟ ليش ؟؟؟ ، هو أصلاً ضاربنه ضرب قبل ساعات لين ما رجَّعْ العافية ، يسأل عنه ليش ؟؟؟

رد عليها : خالتي أنا جاي لش ، أنا جاي لصلالة إمكن على باكر راح أوصل تقريباً الساعة سبع
قالت خالته بخوف : ليش تسوي كذا يمّه ؟؟ ، أبوك خايف عليك ، ومع من جاي ؟؟

خايف عليه ؟؟ ، أبوه خايف عليه ؟؟!! نكتة حلوة

قال سلطان بتعب : لا تسأليني خالتي عن شيء ، أنا جاي لش أبي أرتاح
قالت بتفهم وحنان الدنيا كله يغلِّف صوتها : عيوني تشيلك ، إنت ولدي يا سلطان وحيّاك متى ما جيت
رد وهو يغمض عيونه بعد ما خنقته الغصّة من حنانها : راح أسكِّر الحين

أغلق بدون لا يسمع ردها ، أعطى الهندي تلفونه وهو يشكره ، بلع ريقه أكثر من مرّة لعل الغصة اللي فبلعومه تختفي ، لكن ما راح تختفي الا بالدمع اللي تعب منه .







-79-
لبس جينز أسود وقميص بنفس اللون وفوقه جاكيت رمادي ، لف شال قطني حول رقبته يمزج بين درجات الرمادي والأسود ، و أكمَل أناقته بساعة فِضية تُشير للثامنة والنصف مساءً بتوقيت لندن .
خرج للصالة و وجد عدنان فيها ينتظره ، علّق على أناقته بسخرية لكن ما أعاره عُمر أي إهتمام .


توجَّهوا ناحية أطراف لندن وبالتحديد لبيت ضخم يقع منعزل تقريباً عن باقي البيوت ، دخل عُمر وعن يمينه عدنان مُتجاوزين السور الحديدي بعد ما أوقف عُمر سيارته في المواقف المُخصصة ، تأمّل الحديقة الواسعة المُرتبة اللي تُحيط بالبيت ، و لمح أشخاص متفرقين فيها .

اقترب من بوابة البيت ، الضجيج الصادر من داخل كان عالي ، والموسيقى الصاخبة أزعجت سكون روحه .
تنهد وهو يدخل داخل البيت والحَذَر ما غاب عنه ، تأمّل المكان الفاخِر ، تأمل الحشد الكبير الملتمِّين في صالة واسعة جداً تتوسط البيت .
الإضاءة كانت خافته ومع الديكورات الإنجليزية الراقِية كان المكان أسطورة إلا أنه مع الأسف الناس اللي فيه أقذر من القذارة .

دخوله بطوله المُهيب ووسامته الطاغِية وحضوره اللي يسلب الأنفاس سبّب ضجّة كبيرة والهمهمات بينهم عَلَتْ ، ونظرات الإعجاب في عيون النساء تاكله أكل .
قال له عدنان بضحكة : عيش جوّك يا عَم ، عملت لهم بلبلة .
ما رد عُمر

إلتفت حوله ، لمح البار اللي يحتل مساحة واسعة عن يمينه ، و إتجه ناحيته بمشيته الرجولية الواثقة ، الرفوف أمامه كانت مليئة بزجاجات الخمر ، تأمل المكان وانقرف من نفسه وحس بخنقة تكتم على صدره ، أخَذ نَفَسْ وهو يجلس في أحد المقاعد الطويلة ، ثم طلب من الشخص اللي يخدم خلف الطاولة ماء عشان يبل ريقة بعد ما نشّف الجو حلقُه .

حَس أنه ندمان لأنه جاء لهالمكان الوَسِخ اللي ما يرتقي لذاتُه !







-80-
اقتربت من الشخص اللي معطيها ظهره بجسد فاتن وظهَر مُستقيم ، خطواتها ترن على الأرضية الرخامية بإيقاع طربي مُغري ، وشعرها البُني مُنساب على أكتفاها بفتنة و فستانها الجلدي القصير زادها فتنة على فتنة ونظرتها المُتسلطة ترمق الجميع وكأنها تقول لهم " هذا الشخص لي وحدي "

لمسَت كتفه وهي تنزّل راسها له وقالت برقة : مساء الخير سيدي
إلتفت لها بمفاجأة ونظرته تحولت مُباشرةً لــ تقزز ، أبعَد يدها بشيء من القسوة وما رد عليها ، رجع يتأمل كوب الماي اللي أمامه وفِكرُه يصول ويجول .
إيش هالمسخرة اللي تحصل ؟؟
لازم يطلع من هالمكان ، ما يتحمّل هالوضع !!

أما بالنسبة للفاتِنة اللي بجانبه ، فانقهرَت كثير وحسَّت بالإهانة لبرودُه رغم أن كثير رجال يتمنوا نظرة وحدة من عيونها إلا أنّ الشخص اللي أمامها الآن ما نظر لها إلا نظرة عابِرة كلها جمود ، وانقهرت أكثر لمّا ما رد عليها ، لاكنها في الأخير ابتسمت بتحدي وهي تهمس لنفسها : أعشق الرِجال المُمتنعين .
جلست على المقعد اللي على يَساره ، واتكأت على الطاولة وهي تتأمله بإغواء ، همست برقة : حسناً ، لا تتكلم دعنا هكذا صامتين و اترك لي المجال كي أتأملُك .
صمتت ونظرة الإعجاب في عيونها البنية اللامعة واضحة بقوة .

إلتفَت عُمر لها بعد تفكير طويل ، إبتسَم لها إبتسامة طيّرت عقلها من محله و أربكتها ، نظرت له بضياع وما فاتته هالنظرة أبداً
همَس لنفسه " إنتي اللي راح تكشفي لي كل الأسرار اللي أريدها "

لكن اللي ما يعرفه عُمر أنه كان فيه وميض أبيض يشع بين الحين والآخر ، يلتقط له و لِـ الجميلة اللي بجانبه تهديد على هيئة صوَر .






-81-
في أحد البيوت الشعبية في العاصمة العُمانية ، بالتحديد في بوشر ، في حيْ من أحياء الطبقة المتوسطة ، وقف أمام باب البيت الحديدي الأسود اللي لونه رايح مع مرور السنين ، تأمل البيت الصغير اللي يحوي على غرفتين صغار وصالة و مجلس ، رن الجرس فخرج علي ، الشاب المُراهق صاحب العيون الجذابة والبشرة الحِنطية و الأنف المُستقيم والطول المُتوسط .
قال علي بمفاجأة : عمي مبارك
هز مبارك رأسه وإبتسامة وَقورَة على وجهه : السلام عليكم
رد علي السلام والمُفاجأة ما زالت واضحة على وجهه

قال علي بعد فترة وَجيزَه وهو ينتبه لنفسه : تفضل عمي للمجلس ، وإسمح لي لكن تفاجأت بوجودك
قال مبارك وهو يتجه ناحية المجلس : لا تتفاجأ و لا شيء ، بس عندي لك كلمتين ودي أقولهن
عَقَد علي حواجبه بإستغراب : طيب ، عطني ثواني هروح أجيب القهوة و أرجع
هز العم مبارك راسه ويدينه مشغوله بالمسبح اللؤلؤي ، جَلَس على الجلسة العربية البسيطة وهو يحس أنه أربَك علي بمجيئة ، تأمل المكان البسيط اللي هو فيه بجدرانه العتيقة اللي تحمل لون بيج باهت و الفرشة المتهالكة اللي تدل على بساطة مستواهم المعيشي .

رجع علي وبين يديه صينية تضم قهوة عُمانية و تمر سُكري وضعها على الأرض وهو يقول بابتسامة : حيّاك عمي مبارك
رد مبارك : الله يحييك ، إسمح لي ياعلي لكن من يوم ما عرفت أنه أنت تشتغل في ذاك الدكان والفضول ياكلني .
سكت لوهله ثم سأل وهو يرفع عيونه ناحية علي : إنت ليش تشتغل ؟
رد علي وهو يرخي نظرته : علشان أصرف على البيت
سأل مبارك : ليش ما في رجّال غيرك في البيت ؟
رد علي وهو يتنهّد : لا ، ما غير أنا وجدتي وأختي
قال مبارك بضيق من حاله : و أهل أبوك ؟ وأهل أمك وينهم عنكم ؟
قال علي : أبوي كان وحيد أهله ، وأمي ( بلع ريقه ) أهل أمي في البَلَدْ وهم كانوا زعلانين عليها فانقطعوا عنّا و ما نعرف عنهم شيء .
كان راح يقول أنه أهل أمه متبرين منها لاكن سَكَت فآخر لحظة و أبدَل كلامه بلفظ ثاني يفيد نفس المعنى .
لكن ما فهم هو ليش يسأل كل هالأسئلة ؟؟

قال مبارك بعد فترة صمت : شوف يا علي ، إنت مُمكن تتقدم للعسكرية وتتدرب عندهم وأنا راح أتوسط لك
كرَه علي نبرة الشفقة اللي غلّفت صوته فقال بسرعة : لا ما يحتاج أنا مرتاح في الدكان وبعدين ما أقدر أبعد عن أهلي
قال مُبارك : فكّر يا علي بالموضوع إنت راح تتدرب عندهم وفـ نفس الوقت تكمل دراستك ، وفي فترة التدريب راح يعطوك راتب
وكأن الموضوع لقى استحسان ولو بسيط من علي ، لكن سأل بحيرَة : ليش تعرض عَلَيْ هالعرض ؟
رد مُبارك بامتنان : لأنك قدّمت لي جَميل ما راح أنساه ، والشيء اللي أعرضه عليك اليوم ما يجي شيء قدّام اللي سويته إنت
هز علي راسه : راح أفكّر في الموضوع
صَب له القهوة وهو يمد له الفنجان بذهن شارد .






-82-
بعد قُرابة 12 ساعة سَفر ، وصل صلالة ، المدينة الخلّابة اللي تتزين باللون الأخضر في فصل الصيف ، تنفّس سلطان بعمق وهو يغمض عيونه براحة و الرذاذ يلفح وجهه مع نسيم بارد أنعش روحه اللي أثقلتها الهموم .
يحس أنه مكسّر و مُتعب من كثر الضرب و من قلة الراحة و من السفر و من كثرة التفكير .

أخذ تكسي وتوجه للحي اللي ساكنه فيه خالته ، وقف أمام باب بيتها المتوسط واللي يعكس مستوى معيشي عادي ، رن الجرس وراسه يدور فيه بوجع ، مسح على وجهه و أنفاسه تتسارع ، رن الجرس مرة ثانية ولمّا انفتح الباب كان سلطان مغمى عليه أمام العَتبة والتعب هدّه وأسقطه طريح على الأرض .





-83-
فتح عيونه بثقل ولقى نفسه على السرير في غُرفة جدرانها خضراء ، شاف خالته مزون أمامه وهي تبكي بصمت و خوف على حالته وعلى وجهه اللي ملامحه أزالها الضرب .
لأول مرّة ، لأول مرّة حَس أنها تشبه أمه بشكل كبير ، بنفس ملامحها الناعمة وعيونها العسلية وبشرتها البيضاء وشعرها البُني ، نفس الملامح بالضبط .
شهق شهقة من أعماق روحه وهو يتأمل ملامح أمه بصدمة ، بعد الشهقة الأولى توالت الشهقات ، ضمته خالته بسرعة وبقوة ، ضمته بخوف من شهقاته المُميتة ، ضمته بقلق وماي عينها يجري على خدودها.
همَس وهو يضمها بتعب ودموعه تنزل : يمّه " كرر مناداته أكثر من مرة "
كرر نداءه وفي كل مرة ينفطر قلب خالته ، و أدرَكَت أنه اليوم جاء لها من بين الكل يرمي روحه فحضنها ، جاء لها على أساس أنها أمه اللي محتاجها بشكل كبير ، ما راح تخيّب ظنه ، و راح تكون له الأم اللي هو فاقدها .
بكت معه بصوت عالي وهي تسمّي عليه ، بكت معه وهي تدعي من كل قلبها أن الله يريّح قلبه .







-84-
ضحك عُمر وهو يدخل غرفته ذات الطابع الكلاسيكي ، جلس على طرف السرير ، فسخ جوتيه الأسود الجلدي و رماه في زاوية الغرفة وتمدد بتعب ، إبتسم وهو يتذكر اللي حصل قبل ساعات قليلة ، كانت المسألة جداً سهلة ، وعرف بواسطة ليزا كل شيء ، كل شيء .
استقام مرة ثانية ، ومثل ما دخل الشقة رجَع خرج ، اتجه لبيت جون ، كانت الساعة تُشير لـ الواحدة من منتصف الليل بس لازم يخبّر جون عن الأشياء اللي عرفها ، ما يقدر يصبر لباكر .
اتصل فيه ، رن رنين متواصل وبعد مدّة رد جون بصوت نعسان : آلو
قال عُمر بحماس : لكَ عندي أخبار ستُفرِحكَ يا جون
رد جون بغضب : أنت ، ماذا تريد مني الآن في هذه الساعة من الليل
قال عُمر بنفس نبرة الصوت : افتح الباب أنا أمام بيتك ، لنتحدث
أغلق بدون ما يسمع ردّه ، و بعد مُدة فتح جون الباب وعيونه كلها نُعاس و عليه بيجامة كُحلية فوقها روب بنفس اللون و شعره الأشقر مُبعثر .
قال جون وهو يتَجِه للصالة الدافية : ماذا تُريد الآن ؟ واختصر في الكلام ؛ لأنني ليومٍ كامل لم أنَم
أغلق عُمر باب البيت ومشى خلف جون ، جلس على الكنبة وقال بهمس متحمس : عرفت متى موعد السفر لتهريب المُخدرات
فز جون من مكانه وحس فجأة بالنشاط ، صرخ بفرح : بهذه السرعة يا رَجُل ، أنت بطل عُمر ، أنت بطل حقيقي .
ضحك عُمر لحماس صديقة المُفاجئ : ليس هذا فحسب ، بل عرفت أيضاً من هوَ الشخص الذي سيُسافر
تحمّس جون زيادة و زاد فرحه : هيا هيا ، أخبرني بسرعة كيف عرفت ؟؟
قال عُمر بغرور وهو يرخي ظهره على الكنبة ، غمز له : استغليت إعجاب أحداهُن بي
قال جون بنفاذ صبر : تكلّم بسرعة

( وبدأ عُمر يسرد اللي صار له قبل ساعات )





-85-
عُمر بن عبد العزيز


قلت لجون الجالس أمامي ويصغي بإنصات :مَشت باتجاهي وجلست بجانبي ، كانت جميلة جداً تِلكَ المرأة ( غمز له ) و مُثيرة
أسكته جون بعصبية وهو مُنقهر ؛ لأن حظ عُمر في النساء يفلق الصخر من جمالهن : اخرس ، لا داعي لأن تصف جمالها . وسكت بقهر
أكمل بصوت عالي غاضِب وهو يكلّم نفسه : نساء غبيات ، يلتفتن لرجُلٍ لا يُلقي لهنَّ بالاً
ما استحملت فــ ضحكت عليه
قال جون : هيا أكمل و دعك من الضحِك
قلت و أنا أعتدل بجلستي : في البداية لم ألقي لها بالاً ، لكن لاحِقاً أيقنتُ أنّ هذه المرأة هي من ستخبِرُني عن كل شيءٍ أريده فــ تبادلنا أطراف الحديث وضحكنا .
سكّت وأنا أرمقه بعيون حالمة ، أكملت بهمس قاصِد إغاظته : آآآآآه يا جون كم كانت ليزا جميلة ، جميلة ذلك الجمال الآسِر


قال بغضب بعيون نارِيّة : إن استمريت على هذا النحو ستكتبُ فيها شِعراً .
قُـلت : جمالها يستحق دواوين شِعر
أكملتُ بجديّة : كنت أناولها كؤوساً من الخمر بين الحين والآخر أثناء حديثِنا ذاك ، ومن كأس إلى كأس ، من كأسٍ إلى كأس حتى ثمِلَت ، فسألتها عن كل شيءٍ أريدُ معرفة إجابته فأجابتني بكل بساطة
اتسعت عيون جون بدهشة وقال : يا لكَ من داهِيَة ، ومتى موعد العملية ؟
قلت : الأثنين القادم أي بعد ثلاثَةِ أيّام بالضبط
هز جون رأسه بجدِيّة و عيونه ع الأرض بتفكير
سألته : فيما تُفكِر ؟
قال وهو يرفع عيونه : يبدو أنّ ليزا هذه شخص مُهم في العِصابة ، لو لم يكن كذلك لما عَرِفَت هذه المعلومات السرية .
أجبته و أنا أهز رأسي بإيجاب : فِعلاً هيَ كذلك ؛ لأن الجميع كان يهتم بها ، ولها سيطرة على الجميع كذلك .
قال جون بجدِيَة وحدقة عينه الزرقا تتسع : استمِر بمصاحبَتِها يا عُمر




نظرت له باندهاش وهمست : أجننت ؟ ، مُستحيل




إنتهى ,

ليل الشتاء 10-06-15 12:50 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
بارت روعه
اتوقع ان سلطان هينتقم من مها لانه حاقد عليها وخالته مش هتعرف ابوه انه عندها
شما وسعود اتمني ان سعود يحس بيها
عمر واقع في شبكه عنكبوت
اتمني انك تسرعي في الاحداث عايزين نعرف الاحداث الجديده
بانتظار القادم

bluemay 14-06-15 04:50 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

فعلا بارت مميز كتير

حزنت ع سلطان اللي فاقد الحنية من اقرب الناس الو ...

ناصر اكتشف خطأه بعد فوات اﻷوان..

سعود انقذ سلطان لما كلم عمه عن سالفة مها .

علي انفتح له باب جديد للمستقبل بس كيف رح يكون وضع امه واخته ؟

يسلمو ايديك حبيبتي ويعطيك العافية

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

تفاحة فواحة 15-06-15 02:30 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي مشاعر اسمحي لي ان ابدي اعجابي بروايتك
روايه جميله واسلوب قصصي رائع تعرفنا على سلطنة عمان الحبيبه
والقريبه من قلوبنا وحدودنا
لهجة العمانيين في بعض كلماتها قريبه من لهجة اهل الاحساء
ثاني روايه عمانية اقراها وتعجبني
سلطان مسكين انظلم
كسر خاطري
سعود تحمل هم امه وخواته من بعد ابوه
وعلي الله يعينك على مسؤولية اختك وجدتك
عمر الله يعينك وتسلم من مخطط الكلب عدنان
ناصر غلطان في نربيته لولده دائما يعاقبه من دون مايسمع مبررات ولده
والنتيجه خسره وراح يبحث عن خالته اللي بمثابت امه
عندي توقع لو كانت خالته مو متزوجه اتوقع يتزوجها ابوه
لا حظت شيء في الروايه انها تتكلم عن التسرع في الحكم
في البدايه عبد الله ويتم عياله وعيال غيره
بعدين ناصر وابو البنت اظلموا سلطان بسبب التسرع وعدم سماعه من ولده

مشاعِر 13-07-15 03:04 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليل الشتاء (المشاركة 3539720)
بارت روعه
اتوقع ان سلطان هينتقم من مها لانه حاقد عليها وخالته مش هتعرف ابوه انه عندها
شما وسعود اتمني ان سعود يحس بيها
عمر واقع في شبكه عنكبوت
اتمني انك تسرعي في الاحداث عايزين نعرف الاحداث الجديده
بانتظار القادم

يا أهلاً يا لَيْل :)
نورتِ يا جميلة
,
بالنسبة لسلطان ممكن توقعش يكون صحيح !
وسعود وشما أمورهم راح تتضح أكثر ، وعلى فكرة أنتِ أول وحدة من المتابعات تقول هالحكي
لأن الجميع رافضين أي تقارب بين سعود وشمّا :) .
وعُمر فِعلاً واقع في شباك العنكبوت ، أمره عصيب !!
..
أفهم من كلامش أنه الأحداث بطيئة ؟
إذا كِذا فهذي مُشكلة
أوعدش إنّي أنوّع في الأحداث وأسرع بها

شُكراً ليل ، وحورش شرف أُخيَّة
دُمتِ بألق ,



.

مشاعِر 13-07-15 03:09 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3540698)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

فعلا بارت مميز كتير

حزنت ع سلطان اللي فاقد الحنية من اقرب الناس الو ...

ناصر اكتشف خطأه بعد فوات اﻷوان..

سعود انقذ سلطان لما كلم عمه عن سالفة مها .

علي انفتح له باب جديد للمستقبل بس كيف رح يكون وضع امه واخته ؟

يسلمو ايديك حبيبتي ويعطيك العافية

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

bluemay
أهلاً يا رفيقة :)
أحب حضورش كثير ، ربي ما يحرمنا منه .
..
وكلامش صحيح ، فِعلاً سلطان بيحزن كثير
وسعود بتصرفه أنقذه .
وعلي راح يتضح قراره في البارتز الجاية
,
ربي يسلمش يا حلوة
وما يحرمنا من طلتش البهية

شُكراً

مشاعِر 13-07-15 03:20 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة فواحة (المشاركة 3540777)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي مشاعر اسمحي لي ان ابدي اعجابي بروايتك
روايه جميله واسلوب قصصي رائع تعرفنا على سلطنة عمان الحبيبه
والقريبه من قلوبنا وحدودنا
لهجة العمانيين في بعض كلماتها قريبه من لهجة اهل الاحساء
ثاني روايه عمانية اقراها وتعجبني
سلطان مسكين انظلم
كسر خاطري
سعود تحمل هم امه وخواته من بعد ابوه
وعلي الله يعينك على مسؤولية اختك وجدتك
عمر الله يعينك وتسلم من مخطط الكلب عدنان
ناصر غلطان في نربيته لولده دائما يعاقبه من دون مايسمع مبررات ولده
والنتيجه خسره وراح يبحث عن خالته اللي بمثابت امه
عندي توقع لو كانت خالته مو متزوجه اتوقع يتزوجها ابوه
لا حظت شيء في الروايه انها تتكلم عن التسرع في الحكم
في البدايه عبد الله ويتم عياله وعيال غيره
بعدين ناصر وابو البنت اظلموا سلطان بسبب التسرع وعدم سماعه من ولده



وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلين تُفاحة ، و ربي ردّش فرحني جداً جداً جداً
ربي ما يحرمنا من هالطلة العسولة :) ,
و سعيدة أنه هالرواية المتواضعة نالت على إعجابش
وهذا شرف لي :)
,
بالنسبة لسلطان فِعلاً انظلم وبالظلم اللي حل عليه يكسر الخاطر
لكن أحيانا الحياة تكسرش عشان يقوى عودش بعدين ، و رُبما هذا اللي يحصل لسلطان .

سعود وتحمله للمسؤولية بسن صغيرة راح يفيده كثير فحياته القادمة :) ، لكن سعود بجانبه
أعمامه أمّا علي فهو يتحمل مسؤولية جدته و أخته بدون ما يكون بجانبه أحد ،
وبين المسؤوليتين فرق كبير !

عومر ححبيب ألبي * قلوب * ، فِعلاً الله يعينه ، لكن بنفس الوقت الله يعين عدنان لأن عُمر ما سهل !!
وناصر فِعلاً غلطان كثير في تربيته لولده ، وراح نعرف اللي راح يصير بين الأب وابنه في قادِم الأحداث .

وكلامش صحيح أنا فِعلاً تكلمت عن التسرع في الأحكام لأنها فِعلاً مشكلة يعاني منها الكثيرين
ولأنها تشتت أُسر وعوايل ، وتفرق أحباب !!

شُكراً تُفاحة ، شُكراً يا جميلة
بانتظارش دايماً حبيبتي


مشاعِر 13-07-15 03:27 PM

6/ لقاءٌ و وِد .
 
النبض السادس
لقاءٌ و وِد






-86-
ذرّات الرمال الذهبية مرايا صغيرة تعكس أشعة الشمس اللي تسقط عليها كـ عادة يومية ، البحر يكر و يفر بأسلوب الماكرين وهو يخطف قُبَلْ سريعة من الشاطِئ ، السماء مُلونة بألوان نارِيَة زادت المكان روعة و حميميّة .


شاطِئ القُرم في ذيك اللحظة من كل يوم يضج بالأطفال اللي يبنوا أحلامهم على شكل قصور رملية ، يضج بالرياضيين وهم يُفرغوا سلبياتهم مع كل زفير ينطلق من صدورهم ، وهنا و هناك من ذاك الشاطِئ الجميل يتوزعوا أزواج ربطهم العِشق ، ينظروا لمغيب الشمس في لحظة حالِمة و وعودهم العاشقة تنساب من شفاههم ناحية السماء فـ تعانقها .


و في وسط الزِحام كان هناك من إختار السباحة في البحر قبل حلول الليل ، ترك أصدقاؤه المُجتمعين على الرمل و مشى باتجاه البحر بعد ما نزع قميصه . برودة أنعشت روحه ، دخل للبحر و هو يحس أن الملح تسرب لـ خلايا جسمه فبعث له راحة زائِلة ، دخل للبحر أكثر وهو يسمع أحد أصدقاؤه يصرخ بسخرية : انتبه لا تغرق

رفع يده بعدم اهتمام وهو يشيح وجهه ناحية الشاطئ يخبر ذاك المُتكلم أنه هالشغلة شغلته هو بالذات ، تقدّم أكثر و الماي بدا يوصل لـ كتفه ، غطس للأسفل وهو يسبح ببراعة ، صعد للأعلى و الهواء يدخل و يخرج لرِئته بسرعة .


أعاد الحركة نفسها من جديد لكن هالمرة حس بثقل يشل أطرافه ، ثقل يكبس على راسه و يمنعه من الوصول للأكسجين ، زادت حركته وهو يحاول يقاوم ، ذراعيه يتحركن بحركة عشوائية في الماي و هو يحاول يقاوم أكثر ، و أخيراً استطاع انتشال نفسه من الماي وصوت أنفاسه اللاهثة يتزايد . يكح بتعب من الماي المالح اللي دخل فـحلقه ، و أنفاسه المُضطربة تخلّي صدره يعلو ويهبط بسرعة جنونية .

لكن ايش اللي صاير؟؟
ايش اللي يحدث هنا ؟؟
وين الشاطِئ ؟
وين الناس ؟

دار حول نفسه وهو يشوف الدنيا متغيرة ، حَل الليل فجأة والظلام طغى على المكان ، الشاطئ أمامه اختفى ومو واضح منه غير السواد ، السماء فوقه مليانه غيوم مفزعة تخفي نور القمر ، والماي حوله .... أسود ، رغم الظلام وعدم وضوح الرؤية إلا أنه استطاع يميّز لون الماي ، الماي أسود بشكل مُخيف !


صدره ينبض بخوف و الإستيعاب بدأ يضعف عنده ، ما هو فاهم شيء من اللي يصير حوله !

القوة الغريبة اللي كبست على أنفاسه قبل لحظات ، دفعته مرة ثانية عشان يتقدم للأمام ، للعُمق ، حاول يقاوم و يرجع للشاطئ ، حاول يرجع للخلف لكن مقاومته بالرجوع فشلت ، محاولته لإنتشال نفسه تراخت شوي شوي ، ولما وصل الماي لرأسه اندفع بقوة هائلة لـ داخل فمه ، كان طعم الماي مُر مرارة الحنظل و أشد ، ما كان مالح مثل ما المُفترض أنه يكون ، كان مُر مرارة مُقيته وهالطعم هو اللي أرخى جسده و أخرس أنفاسه وجعل جسده يطفو على سطح الماي بعيون مُغلقة .



،



صحى من نومه بفزع ، نظر حوله وهو يلهث ، أغمض عيونه براحة جزئية بعد ما استوعب أنه حلم ، حَمَد ربه في سره أكثر من مرة ، حمد ربه على أنه كان مُجرد حِلم .... لكن مو أي حلم ، حُلم مُقيت بشكل فظيع ، أخذ نَفس عميق وهو يحاول يهدا ، أعصابه مشدوده و جسمه متصلب ، أخذ نفس ثاني وهو يرخي جسده من جديد .

الحلم هذا صار له يومين يتكرر ، صحيح مو نفس الحلم بالضبط لكن نفس السواد يتكرر كل ليلة ، نفس الظلام ، نفس خنقة النفَس ، نفس مرارة الطعم ... كل شيء مُفزع يتكرر .

فَتح الأبجورة اللي بجانبه بعد ما استعاد بعض من سكون روحه ، نَظر للساعة اللي كانت تشير لـ أربع الفجر ، تنهّد وهو يبعد اللحاف عنه و يستقيم بهيئة مُبعثرة دلّت على أنه نومه ما كان مُريح ، توجه للحمام ، فتح صنبور الماي وتسنّد على الجدار وهو يغمض عيونه بتعب .

اليوم الأثنين ، اليوم موعد العملية اللي ينتظرها هو وجون و الآخرين بفارغ الصبر ، ودّه يخلّص روحه من كل هالأشياء الوسخة بأسرع وقت ، يحس أنه توسّخ معها ، وده يرجع نظيف ، يريد من كل قلبه يرجع عُمر اللي ما عرف عدنان ولا عرف ليزا ولا حتى عرف جون ، وده يرجع عُمر اللي ما زال في عُمان ، يريد يرجع عُمر اللي ما سافر لبريطانيا عشان يدرس ، لكن كل أمنياته هذي مُستحيلة .

نظر ناحية الماي اللي يصب بدون جدوى ، تأمله بعيون تايهه ، وده كذا يكون مثل الماي صافي و نقي ، لكن بعد هذي أمنية مُستحيلة ، زفّر وهو يحط يديه تحت الماي ويبلل وجه ، توضأ لصلاة الفجر لعل بصلاته تستعيد الروح هدوءها و سكينتها ، ويرجع القلب ينظم دقّاته .





-87-
أخرجت صينية المعمول من الفرن ، حطتها على الطاولة عشان تبرد ، وبدون تركيز حطت يدها على الصينية الساخنة و بسرعة رفعتها وعلامات الألم ارتسمت على وجهها ، مسكت يدها المتألمة باليد السليمة والوجع ينبض من الحرق ، حطت يدها على الماي البارد ، وشوي شوي الألم بدا يخف ، ما كانت منتبهه ، تحرك يدينها حركة آلية بدون تركيز ؛ لأن ذهنها مشغول بالتفكير ، مشغول باللي قاله لها علي ، ما تبي ترفض روحته وشغله عشان ما تحرمه من هالفرصة وفي نفس الوقت ما تبي توافق عشان ما يبعد عنهم ، هي ما صار لها بهالدنيا غير علي و مريم أما الباقي ضمتهم الأرض عنها أو ابتعدوا وما عاد شافتهم والسبب معروف طبعاً لأن ولدها وحيدها كان فـ يوم قاتِل ، وببساطة هي تكون أم القاتل .



رشّت بودرة السُكر فوق المعمول ، رتبته بحِرفية في صحن التقديم و غلّفته ، صارت تقضي معظم وقتها في المطبخ و في الطبخ ، و صار لها إسمها المعروف ، الكل قام يحب شغلها و يتلذذ بـ طبخها ، والمدخول اللي يدخل عليها من هالشغل في تزايد مستمر .

فذيك اللحظة دخلت مريم المطبخ ، سحبت كرسي وجلست عليه : صباح الخير يمه
إلتفتت موزة بمفاجئة ناحيتها ؛ صوتها باغتها وقطع عليها أفكارها : صباح النور ، تو الناس ؟
حطّت راسها على الطاولة و غمضت عيونها الناعسة والتذمر يصاحب نبرة صوتها : ودي بعد أرجع أنام ، لكن إنتي ما تخلي أحد فحاله ، و بعدين الحين الساعة تِسع ، أحد يصحا هالوقت ؟

ضربتها أمها موزة بالملعقة على راسها ضربة خفيفة و بصوت حاد قالت : ما تدري أنه الصبح تتوزع الأرزاق ، قومي الحين و وصلي هالطلبية لـ بيت أم عبدالرحمن جارتنا
قامت مريم بتثاقل و علامات التذمر خطّت طريقها على وجهها الصبوح ، حملت الطلبية وتوجهت ناحية الباب الخارجي ترافقها وصايا أمها موزة :
" شوي شوي لا ينكب المعمول ع الأرض "
" لا تسرعي "
" إمسكي الصحون عدل "

ردّت مريم بصوت عالي عشان تسمعها أمها موزة : لازم تعطيني راتب ع الروحة و الردة تحت الشموس
( الشموس = جمع شمس و بجمعها دلالة على شدّة حرارة الجو )

خرجت للشارع بدون ما تسمع رد أمها على كلامها الأخير ، مشت على الرصيف وضفيرتها الطويلة تتدلى إلى أسفل ظهرها ، غرّتها الناعمة تنساب على وجهها مع كل خطوة تخطوها فـ تبعدها بحركة من رأسها .

وصلت لبيت جارتهم و أمام الباب شافت مصعب ذو السبع عشرة سنة ، كان متكئ على سور البيت و كأنه ينتظر أحد ، اعتدل لمّا شافها وابتسم ابتسامته الخبيثة وهو يعدّل الكُمة اللي على راسه ، تأمل وجهها المُتورد من حرارة الشمس ، تأمل عيونها برسمتها المُميزة و رموشها الكثيفة اللي تزيدها جمال ، ملامحها جميلة بشكل عجيب وفنفس الوقت يطغى عليها البراءة .

مريم بشراسه ونظراته ضايقتها : عمى بعينك ، ايش تشوف ؟

تقدّم منها والنظرة التأملية ما غابت عن عينه ، تأمّل ثوبها الصيفي الأزرق الساتر اللي يعكس بياض بشرتها ، تأمل شعرها الفاحم الطويل واللي تنزل خصلات منه على وجهها بشكل مُغري لأمثال مصعب.

هيَ طفلة ، مريم طفلة عُمرها تسع سنين ، ما وصلت لذاك العُمر اللي مُمكن فيه تغري شخص بجمالها ، لأن براءة الأطفال ما زالت تحاوطها و تحميها ، لكن المرضى أمثال مصعب ما يقدروا يفرقوا بين الطفل و غيره ، لأن الدناءة تعميهم ، الوساخة اللي داخلهم ما تخليهم يشوفوا أو يميزوا هالشيء !!

لمّا تقدّم منها إبتعدت للخلف كـ رَد فِعل طبيعي ، والغضب يشع من عيونها وصوتها : ترا والله هـَ خبِّر علي عن اللي تسويه "صرخت" إبعد عن دربي
ميّل رأسه بسخرية ثم بدأ يضحك بقوة كأنها قالت نكتة
صرخت بقهر من ضحكه الساخِر : إبعد إنت ما تسمع ؟ أصمخ ؟
مسح وجهه وهو يحاول يكتم ضِحكته : لا بس أعجبتني هذي هخبِّر علي " قلّدها وهي تقولها "
أكمَل بسخرية والبسمة ما انمحت من وجهه : إنتي شايفة علي هذا اللي تبيه يحامي عنش ؟ والله لأدوسه بإصبع رجلي الصغير
صرخت و ايديها ترتجف بالصحون : تخسي الا أنت
قال يكلّم نفسه بصوت ساخر وهو يلوّح بيدينه : قال علي قال ، لا و الأخ مسوِّي نفسه رجال البيت و يشتغل ، و الله ماخذ بنفسه مقلب "ختم كلامه بضحكة ساخرة"
فار الدم في عروقها من كلامه ، مهما كان هذا أخوها اللي يستهزء فيه ، ما ترضى عليه أبداً . صحيح تختلف معه كـ أي أخوين ، وتتضارب معه دائماً ، و تغار منه بشدة لمّا تميزه أمها موزة بوِد خاص ، لكن يظل أخوها ، أخوها شقيقها اللي تتشارك معه بالدَّم و أمور كثيرة ، تحمل له حُب خاص و وِدْ ، و له مكانة عندها ما يرتقي لها أحد . هو الأمان بالنسبة لها لدرجة أنها ما ترددت أبداً أنها تقول لمصعب قبل لحظات " هـَ خبِّر علي عن اللي تسويه " !

تعدَّتُه قاصدة باب البيت و وجهها زاد احمرارُه من الغضب ، لكن وقّفت قبل ما تدخل و إلتفتت ناحيته والشرار يتصاعد من عيونها : ع الأقل علي اللي مو عاجبك رجّال ويشتغل مو مثلك يَ الحريمة (تصغير حرمة) جالس في البيت لا شغل و لا مشغلة


دخلت البيت بسرعة بعد ما شافت الصدمة تكتسح وجهه ، يحاول يستوعب أنه النتفة اللي اختفت من أمامه ردّت له الصاع عشرين صاع ، يحاول يفهم الإهانة الكبيرة اللي يحملها كلامها ، ولمّا بدأ يستوعب الشرار تطاير من عيونه ، و كلامها – ما زال - يصول ويجول فعقله ، حس بالإهانة بشكل ما له مثيل ، وكرد فِعل لواحد نذل مثله بعد الكلام اللي سمعه بدأ الإنتقام ينبض داخله .


انتظرها لدقائق أمام الباب والغضب المجنون يحرق صدره وفي راسه فكرة وحدة لا غير أنه ينتقم من هالبنت ، لكن كانت أذكى منه ، رغم صِغر سنها إلا أنها قدرت تفهم أنه كلماتها أثَّرت عليه بقوة ، قدرت تفهم أنه ما راح يعدِّيها لها ، قدرت تفهم أنها لازم تفلت منه وتهرب قبل لا يشوفها .
وصّلَت الطلبية لأم عبد الرحمن وخرجت من الباب الخلفي لبيتها ؛ لأنها تدري أنه اللي قالته لمصعب شيء كبير و كانت تدري بعد أنه ما راح يسكت لها وراح يأذيها .





-88-
وضع كفوفه تحت الماي البارد ، تدفقت برودته بكل كَرَم و أرسلت له رعشه سرت من يديه لـ عموده الفقري لـ كامل جسده ، رش الماي على وجهه لعل النار اللي في صدره تبرد ، لكنه عَجَز معها ما هي راضية تنطفي .

رفع راسه للمرآه ، تأمل وجهه ، تأمل علامات الضرب اللي بدت تزول الا من قلبه ، مد أصابعه للجرح اللي امتد من منتصف جبهته لـ حاجبه ، مرر سبابته عليه بعيون مُغلقة والنار في صدره زاد توقدها ، فتح عيونه فجأة ، غسل وجهه أكثر من مرة بحركة جنونية سريعة ، وده يُزيل كل ملامح الضرب اللي على وجهه عشان تنطفي ناره المستعرة في جوفه ، وده تنطفي عشان يرتاح .


: سلطان


التفت لمصدر الصوت اللي يناديه ، أغلق حنفيه الماي و صدره يعلو ويهبط بسرعة وكأنه ركض مئات الأميال وهو ما تحرك من مكانه ، أخذ نفَس عميق وزفّر بعنف ، خرج من الحمام و لقا خالته متوسطة الغرفة .

ابتسمت بحب و وجع خفي : صبحت بالخير يمه
رد عليها بوجوم : الله يصبحش بالنور " بتردد" خالتي

وكأنه "خالتي " اللي خرجت بصعوبة من فمه تمحي ذِكرى هِذيانه بأمه ، لكن هالشيء مُستحيل لا هو راح ينسى أنه انهار بضعف من يومين في حضن خالته ولا خالته راح تنسى وجعه اللي حط عليها وهد قلبها ، يريد من كل قلبه أنه يمحي ذِكرى بكاؤه فـ صدر خالته ، ما عاد يقدر يظهر ضعفه أكثر من كذاك ولأي شخصٍ كان ، وكأن بـ وجومه اللي تسلّح فيه بعد الحادثة يقدر يضم وجعه في صدره عن الكل !!

غلطان يا سلطان ... غلطان
تقدر تخفيه عن الكل الا عن مزون خالتك اللي شهدت أقصى درجات ضعفك و وجعك .

حاوطت ذراعه بحُب والحنان يشع من عيونها : تعال فديتك ، حطينا الريوق
نظر لذراعه المُطوقة بكل رقة بيدينها الناعمة ، رفع نظره لخالته اللي ابتسمت له ، ما قدر يرد لها الإبتسامة ، وجهه متشنج من البرود اللي احتّله .

مشى بجانبها وفرق الطول بينهم بضعة سنتيمترات ، جلس على الأرض وجلست بجانبه وهي تقرّب له الأكل اللي يحبه ، أكل بدون نفس ، أصبح ياكل عشان يعيش لا غير .
: تبا شاهي ؟
رفع نظره لخالته بضيق من الحنان اللي تكرمه به بدون ما تنتظر منه مقابل : لا
وقف على حيله بعد ما أخذ شهيق عميق وهو يهمس : الحمد لله

توجه ناحية المغاسل في حين رفعت مزون عيونها تتأمل ظهره ، ما ضغطت عليه عشان ياكل مع أنها ملاحظة انسداد نفسُه وأنه أكل عشان ما يكسر بخاطرها ، لاحظت بروده وضيقه الواضح لكنها ما تكلمت أو بيّنت له إنها ملاحظة هالشيء ، خليه على راحته لين الله يفرجها .

زفّرت بضيق وهي تسمع صوت أولادها يتضاربوا كالعادة ، بتهديد صرخت : قسماً بالله إذا سمعت صوت زيادة يا إنّه ما يردكُم عن الخيزرانة شيء .
جاها جُلدى و أدهم ( 6 سنين ) وهم يشرحوا لأمهم سبب ضرابتهم وكل واحد يرمي اللوم على الثاني ، في ذات الوقت رن جرس الباب يُعلن وصول أحدهم ، ركضوا التوأم بسرعة ناحية الباب وهم يتسابقوا من يفتحه أوّل .

سمعت أطفالها يهتفوا من الخارج : خالي محماااااد


نظرت مزون لـ سلطان كردة فِعل طبيعية بعد ما عرفت هِويَّة القادِم ، في حين نظر سلطان ناحية باب الصالة ينتظر دخول الزائِر ، كان مُترقب هالزِيارة من يومين واستغرب كثير إنها تأخرت.



-89-
مشى في أروقة الجامعة والبسمة مرسومة في وجهه ، يحادث صديقُـه باندماج واضح إلى أن طاحت عينه عليها وهي تضحك وترفع لا إرادياً يُمناها تغطي بها فمها بارتخاء رأسها للأسفل .

البسمة اللي كانت مرسومة على وجهه تقلّصت شوي شوي ، ونظرته أرتخت ويده تشد بقوة على الكتب اللي حاملنها ، ما كان ناقصنُه إلا شوفتها ، ما كان ناقصنُه إلا شوفتها وهي تضحك ضحكتها اللي تزلزل كل خلية فيه ، ما كان ناقصنُه إلا شوفة وجهها اللي يضج بالجمال .
سأله صديقه وهو يصد جهة الشيء اللي لفت انتباهه : اشفيك ؟
رد بخفوت وهو يتنحنح : احم ، ولا شيء .. خلينا بسرعة نسلّم البحوث لأني خلاص تعبت ودي أرجع البيت

ضحك صديقه : هـَـ نرتاح قريب ، هذي الأيام الأخيرة في الجامعة
رد عليه وهو يتنهد : صحيح غثا ولوعة كبد ، لكن السنين ركضت بسرعة وما حسينا بشيء والحين نتخرج

ما سمع رد صديقه ، ما سمع إيش قال له ؛ لأن صوت ضربات قلبه كان أعلى و طغى على كل الأصوات ، بلع ريقه وهو يحاول يسيطر على نفسه ، شد على نفسه أكثر وهو يحاول أنه ما يعكِسْ اللي داخله خارجه و ينكشف ، رفَع عيونه وهو يشوفها متجهه صوبهم فـــ زادت ضجَّة قلبه .

يا رب ما تكون جاية هنا ، يا رب ما تكون جاية هنا ، دعا من كل قلبه اللي يعشقها ومتولع فيها ، دعا من كل قلبه أنها تغيّر مسارها فآخر لحظة وتبتعد ، ما هو متحمّل شوفتها اللي تشعل جنون دواخله .

انساب صوتها بكل ما في العالم من رقّة و نعومة وهي ترمي عليهم السلام ، ردوا السلام عليها .
بنظرات مرخيّة للأسفل بخجل وبنبرة ناعمة خافته : أخوي حُذيفة إسمحلي لكن بغيت المُلخصات اللي عطيتك اياها من يومين .

أخوي ؟؟؟
أخوي !!!
ما ركّز فكلامها الباقي كثر ما ركّز على " أخوي " ، يااااا تعب قلبه من هالكلمة .

تنحنح بخشونه وهو يحاول لملمة شتات نفسُه العاشقة : ما عليه باكر بعون الله بعطيش ؛ لأني اليوم نسيتهن في البيت إلا إذا كنتِ تبيهن ضروري فـ راح أروح أجيبهن
بسرعة قالت وهي تصلّح حجابها بارتباك : لا عادي مثل ما قلت باكر راح أخذهن إن شاء الله ، مشكور

عطتهم ظهرها وابتعدت ناحية صديقاتها
تنهّد حُذيفة بصوت مسموع وعيونه تحرسها بحُب
سمع صديقُه يُقول بعد فترة صمت : إذا تحبها إخطبها
استغرب بشدة ، لهالدرجة حُبه مفضوح ؟؟ ، و بنبرة مرتبكة رد : لااا وييين أحبها ؟؟
ضحك صديقه : حُذيفة عادي ترا ، شفيك كذا مختبص ؟؟؟ ، إخطبها إذا تبيها و تحبها

ما رد ، أساساً هالفكرة تصول وتجول فعقله من فترة ، و قريب قريب راح يكلّم أبوه عن هالموضوع ، ابتسم بحب وعيونه تبرق بشوق وهمَس لنفسه : إنتظريني يا أميرة الروح ، إنتظريني يا بعد هالقلب .




-90-
دخل مجلس أخوه وهو يسلّم بصوت مُهيب وعلامات الهَم مستقرة على وجهه ، رد أخوه السلام وهو ينزل الجريدة على الطاولة الزجاجية ، أنزل الأخير نظارة القراءة وهو يتتبع أخوه بصمت ثمَّ قال بنبرة حازمة ونظرات اللوم في عيونه : متى ناوي تروح لعند ولدك ؟ والا بعدك مشكك أنه بريء ؟؟

رد ناصر بصوت أجّش : لا حشا ، لكن خالته تقول ننتظر كَمِن يوم لين ما يهدا
أخذ أبو طارق التلفون وهو يقول بحزم وبذات النظرة النارية الحادة : إنت خلِّك هنا لكن أنا راح أروحلَه ؛ لأني واحد من المذنبين اللي آذوه وحرقوا جوفه ... يكفي إني سمحتلَك تطلع جنونَك عليه .
ضغط أرقام التلفون ، حط السماعة على أذنه ، بعدها بثواني قال : السلام عليكم و رحمة الله ....... ما عليك أمر أخوي بغيت تذكرة لأقرب رحلة لـ صلالة

سمع ناصر يتنهد : خلها تذكرتين يَ بو طارق

البَسمة ما تعدّت عيون أبو طارق اللي أكمل : خلها تذكرتين يطولّي عمرك ...... بـ إسم عبدالعزيز بن طارق الـ و ناصر بن طارق الـ ...... العصر ؟؟ ......... إن شاء الله ........ مشكور ...... حيّاك الله

حط التلفون على جانب : بعون الله الرحلة العصر الساعة أربع
هز ناصر رأسه بوهن : الله يعين يا خوي ، ما أدري كيف بقابله؟ ، أخطيت عليه واجد
رمق عبدالعزيز أخوه : عيبك يا ناصر أنه عصبيتك كلها تحطها فيه ، من هو طِفل و إنت ما غير طايح فيه ضرب وتكسير عَ اللي يسوى واللي ما يسوى

سكت ياخذ نَفَس ثم أكمل بحدة : لا تلومه إن اختار يجلس مع خالته وما يرد معك ، لا تلومه ، اللي سويته آخر شيء ما يسويه العدو وما ظنّتي بينسى أو يسامح بسهولة ، في الأخير دمُّه يجمع بين الـــ ( قبيلة سلطان ) و الــ ( قبيلة أمُه ) وإنت أدرى وِشْ من القبايل هالقبيلتين .

ردد ناصر بخفوت وهو يستشعر كل كلمة قالها أخوه : الله يعين .. الله يعين
أرخى أبو طارق نبرة صوته : إتصل على الجماعة خبّرهم إنّا معزمين نخطِفْ صوبهُم
هز ناصر راسه وجفونه مرخيّة على الأرض ، يفكر ويفكر والندم المشوب بـالحسرة ينهش فواده على بِكرُه وأول فرحتُه و .......

و قطعة من معشوقته المرحومَة !




-91-
تأمّل ولد أخته الصغيرة اللي خطفها الموت من بين يديهم ، تأمّل الضرب اللي باين على وجهه وآثاره الموسومة عليه بشكل مُرعب ، زفّر بغضب وحواجبه يلتقن بعصبية مجنونة : عليم الله أنه ناصر جَن وطار عقله .

فز من مكانه والقهر مشتعل داخله ، شَبَك يديه خلف ظهره وهو يروح ويجي في الصالة ، يا عَرب الله هذا سلطان ، سلطان ولد وضحى أخته ، غالِـيته الصغيرة ، ربيبته ، كذا يصير فيه ؟؟ ، ينهان بهالشكل ؟؟ وعلى يد من ؟؟ أبوووه !!

ايش اللي يصير في هالدنيا ؟؟
إيش اللي يصير ؟؟

في سنينه الستة والخمسين شاف كثير وعايش كثير والشيب الأبيض اللي يعطيه وقار -على وقار- ما تلوّن في شعره من فراغ ، إلا أنه في حياته ... في حياته ما تخيّل أنه ولد وضحى ينذل بهالشكل !!

همسَت مزون بخوف من حالة أخوها و من جنون عصبيته ، هي عارفة وفاهمة إنه هالغضب من المعزّة العميقة اللي يحملها لـ سلطان : يطوّلي عمرك يَ بو عبيد إهدا شوية ، كل شيء وله حَل يا خوي

أسكتها بنظرة من عيونه اللي صغرت فجأة من العصبية وبهمس حاد غاضب : مزون خليني ساكت عنش لا أفجِّر كل قهري فيش ، لأني للحين ما عرفت ليش خبيتوا عني شيء مثل ذا ؟؟
بلعت ريقها بخوف من عيونه اللي انقلبت بشكل مُفزع : كنت مسافر يا خوي ، تبينا نقولك و إنت فـ شغل

زمجر بحدّة وهو يضغط على شفته السفلية بغيظ : ينقطع شغلي ، ينقطع رزقي ما همني تسمعي ، ما هـ م ن ي المهم تقولوا لي ، يكون عندي خَبَر

تأمل سلطان حال خاله بصمت ، هو يدري بمعزته عنده ، و يدري أنه ما يرضى عليه لكن أنه يشوف هالشيء يتجسد أمام عيونه فـ هذا يحسسه بالأمان المشوب بالفرح ، يحسسه أنه فيه أحد وراه يمسكه لا وَقَع ويحتويه لا انظام .

وجّه أبو عبيد أنظاره لـ سلطان وبتهديد زمجَر : راح تنتقل عندي وما لك رجعة لعند أبوك ، سامعني ؟؟ " بحدة أكثر " سامع يا سلطان ؟؟
بسرعة قالت مزون وهي تتمسك بذراع سلطان : لا والله وهذاني حلفت ، سلطان ما يطلع من بيتي .

قطع نقاشهم الحاد صوت التلفون ، أخذت مزون نَفَس وهي تقوم ناحيته ، ردّت بصوت متزن : السلام عليكم و الرحمة
تفاجأت من المتصل وهالشيء وَضَح في وجهها ، وجّهت أنظارها لأخوها : هلا بو سلطان
إلتفتوا أبو عبيد و سلطان ناحيتها وأصغوا السمع لصوتها : بخير الله يسلمك ......... كلنا بخير وعافية ما علينا قاصِر و لله الحَمد ......... يا هلا فيك ............ حيّاك الله ........... مع السلامة

أغلقت التلفون ، وصلها صوت أخوها : هذا ناصر ؟؟ إيش يبا ؟
بخفوت ردّت : يقول جاي هنا وهَـ يوصل بعد المغرب بعون الله
هز أبو عبيد راسه بوعيد والشر ينضح من عيونه !

إرتجف صدر سلطان وهو يسمع أنه أبوه جاي لـ صلالة ، يدري أنه براءته ظهرت ، لكن كيف ظهرت ما يدري ؟؟ ومع كذا هو يرجف ، يرجف وهو يتخيل اللقاء الأول مع أبوه بعد الحادثة

كيف هـ يكون يا ترى ؟!




-92-
دخل جَناحُه واستقبلته ريحة الدخون العطِرة ، اتجه ناحية غرفة المكتب الخاصة فيه ، أخَذ مُبتغاه منه وطلع ، قابلها فـ وجهه وهي تناظره باستغراب مُتسائل : طارق ؟؟ ، غريبة ليش راد هالوقت من الدوام ؟؟

ياااااااا ناس ، انخرَس ، انكَتَم ، صوته ما هو راضي يطلع ، صوته اندفَن في جوفه واختنق داخله !!

تأمل هيئتها المُثيرة لـ رجولته الطاغية ، تأمل روب الإستحمام القصير وشعرها المبلل بتموجات مُغرية ، تأمل قامتها المُمتلئة بمعالِم أنثوية صارخة ، عض شفته السُفلى بإثارة وهو يتجه ناحيتها بشوق !

حارمتنه منها شهرين ، شهرين وهو يذوق علقَم بُعدها ، شهرين وهو يتقلب على لظى الشوق ، لين هنا و كافي ما يقدر يصبر !! ، من ذاك اليوم النَحس والدنيا أظلمت عليهم ، من يوم ما قالوا له أنه زوجته عقيم وهي مُبتعدة عنه ، كارهه قُربه ، من ذاك اليوم و أحلامه تتلاشى تدرجياً.


رمى الملف اللي في يده على جنب ، خرج صوته بنبرة آمرة رجولية وهو يلاحظ خطواتها المُبتعدة : أوقفي


نفّذَت اللي قاله ، وقفت مكانها بس ما زالت ترتجف ، ما هو بيدها اللي يصير ، ما هو بيدها ، من يوم ما قالوا لها أنه مُشكلة الإنجاب منها وهي حاسّة بالنقص في أنوثتها ، حاسة بالفراغ يحتويها ، ما هو بيدها !!

تموت عليه ، تحبه بجنون ، وشوقها له أضعاف شوقه ، وحرمانها منه موت بطيء ، لكن هالشيء مو بيدها .... مو بيدها ، هو احترم ابتعادها و ما أجبرها على شيء مع أنه له كل الحق أنه يجبرها وياخذ حقوقه من عيونها ؛ لكنها تدري أنه رجّال بكل ما تعنيه هالكلمة من معنى ، رجّال ما يجبر أنثاه على شيء هي ما تريده ، ما يقرب من أنثاه وهي ممتنعة ورافضة هالقُرب .

مسك خصرها و فلمح البصر ما كانت فيه أي مسافة تفصل الجسدين عن بعض ، حرارة الشوق النابعة من جسده ألهبتها وصارت ترجف من الحرارة ومن المشاعر اللي هلّت عليها ، ترجف كـ عصفورة انجرحت جرح بليغ .... وتنتظر موتها .

أسنَد جبهته على جبهتها و أنفاسهم تختلط بمزيج ساحِر ، همَس بدفئ : اشششش إهدي ، ما راح يصير شيء ، إهدي
همسُه الدافئ حاوط قلبها بُحب ، و بعقل مُشوَّش و حواس غائبة رفعت يديها على صدره ، و شبكتهن حول عنقه واقتربت منه أكثر .

بحركتها هذي أعطته شيء من الفرح اللي غاب عنه من فترة ، مسدَت قلبه بشيء من الراحة الغايبة عن دواخله فترة طويييلة ، طويييلة عليه كثير !
اقترابها منه بذاك الشكل كان إشارة وبداية لإقتراب أكثر حميمية ، لفح الفرح قلبه وحس أنه في جنة قُربها أخيراً ، طال أحلامه بعد طول إنتظار و بعد بُعد مرير وعلقمي .

من شفاهها إقترب ، و طبع قُبلته المجنونة ، قُبلته الشهيّة ، قبلته المُحملة بالشوق والحُب و الدفئ ، مُحملة بكل المشاعِر الجميلة اللي يحملها قلبه لـها ، لها وحدها .

همس وهو يسند جبهته على جبهتها بمشاعر محمومة و أعيُن مُغمضة: اشتقت لش ، ولَهت عليش و ربي ولَهت عليش يَ كل أحلامي

بنفس همسه ردّت وهي تشد على رقبته ومشاعرها المضطربة تتخبط في صدرها : طارق ... طارق أنا ايش أسوي ؟؟
فهم سؤالها رغم تشوّش عقله بالعاطِفة ، همس وهو يحضنها بقوة : دخيلش لا تبعدي الحين ، ما بعد أرتويت !!

قبّلها من جديد بـ قُبلة أقوى من سابقتها ، ألذ ، أشهى ، قُبلة رجوليّة بامتياز ، فيها من نيران شوقه الكثير ، فيها لظى مشاعره كلها وفيها من عشقه العميق .



بعد فترة ، استوعبت اللي يصير حولها ، فتحت عيونها بثقل و أبعدته بيد ترتجف ، أبعدته بقوة بدون ما تحرك فيه ساكن و بدون ما يحس عليها ، أبعدته بقوة أكبر وحس فيها أخيراً والحزن رجَع يلف صدره من صَدها الباعث للأسى ... وابتعد والعَتَب في عيونه ارتسم .
أعطته ظهرها وهي تمسح دمعة خانتها ونزلت ، أحكمَت ربط روبها ، وتنهدت بعنف وجسمها يرجف من اللحظات الحميمية اللي جمعتها مع أمير روحها ... ورجلها .

: أحلام " نادى إسمها بنبرة قاسية على قلبها ، قاسية كثير "
تجرعت ريقها ، وهي ما زالت معطيته ظهرها
: طالعيني مُمكن ؟
إستجابت له ، ولفّت وجهها ناحيته وعيونها تنظر للأرض ، ما تبي تشوف وجهه ؛ لأنه هالشيء يتعبها زود !
قال بحنان مشوب بتعب ، حنان يشع من عيونه ومن صوته ومنه كله : قولي لي يا غناة الروح ، ايش أسوي عشان ترتاحي و أرتاح معش ؟ ، قولي لي !!

ضغطت على نفسها عشان ما تبكي ، لكنها ما قدرت فـ بكَت ، ما تحملت نبرة صوته الحانِية ، ما تحملت حُبه اللي يعذبها ، حُبه العنيف اللي ما تستحقه .
قال متعذب وهو يطالع دموعها : خلاص ، اهدي ، راح أطلع مثل ما دخلت بس إنتي اهدي

أخذ الملف المرمي على الأرض والتفت ناحية الباب ، لكن قبل ما يخرج وصلُه صوتها الباكي : تزوّج
إلتفت بسرعة ناحيتها والصدمة شلّت وجهه ، همس : إيش ؟
أعادت اللي قالته بنبرة مخنوقة ، باكية ، حزينة .
همس والصدمة ما خَفَت من وجهه : إنتي جنّيتي ع الأخير

و خرج بسرعة جنونية من الجناح قبل لا يرتكب فيها جريمة ، يتزوج ؟؟ ، يتزوج ؟؟ لا بالله انجنَّت وانعمى على فوادها ، كيف تطلب منه هالطلب وهي تدري أنه استودع عندها مفاتيح قلبه أمانة ، هي تدري أنه أعطاها قلبه بكل ما فيه ، تعذبه تجرحه تسوي فيه اللي تبي ؛ في الأخير هو مِلك لها وما في أحد يشاركها فيه ، كيف تطلب منه هالطلب ؟؟ وهي وتدري أنه إذا تزوج غيرها راح يظلم الأخيرة لأنه في قانون حُبه ما في عَدل ، كل الحُب لـ أحلامه و كل مشاعره لها .

ركب سيارته وشق طريقه للشركة والهم يحتويه من جديد .


أما هي بالرغم من أنه قلبها يوجعها لمّا تتخيل أنه فيه أحد يشاركها فـ حبيبها لكن ما تقدر تكون أنانية و تحرمه من أطفاله اللي ما راح يكونوا أطفالها ، هي مو أنانية وحُبها له عميق ، شديد ، قوي ، كبير لدرجة أنها مستعدة تتخلّى عن راحتها عشان يتزوج ، هي تؤمن كثير بالمقولة اللي تقول " الحُب تضحية " وهي مستعدة تضحي وتضحي وتضحي بس عشان يرتاح هو .

لكنها ما دَرَت أنه راحتُه بجنبها وفي قُربها و حضنها ، وهي باللي تسويه تحرمه من هالراحة !!



-93-
: سعود إيش بينك وبين مها ؟؟
باغته صوت أمه والقلق واضح فنبرتها ، رد وهو يعتدل في جلسته و نظرة التوجُس تلمع في عيونه : ما فيه شيء
بغضب شع من عيونها ومن صوتها : ليش عبالك ما ملاحظة برودك معها وعصبيتك عليها وخوفها الواضح منك ؟
أكمَلَت بصرامة بعد ما أخذَت شهيق من الأكسجين المُحمّل بالصبر : إيش مستوي بينكم ؟

هو عارف إذا قال لأمه عن اللي صاير راح تقوّم البيت وتقعده على راس مها ، هـ تكفخها وتطلع اللي سوته من عيونها فقال بكذب : ما فيه شيء أمي صدقيني بس هذاك اليوم داخله غرفتي ومتعبثة بأغراضي فـ ضربتها وبس .

صار عشان خاطر عيون مها يكذب على أمه ، هزُلَت والله .
نظرت له بعيون متشككه ونبرة الكذب في صوته فضحته لكن مع كذا ما علّقت وسكتت !

,

شتَّت نظرُه عن أمه ؛ لأن نظرتها تربكه ، ولمّا دخلت مُتعته الخاصة - أوه أقصد - لمّا دخلت شمّا بنت عمّه إلتمعت عيونه باستمتاع غريب ونسى كل شيء حوله وركّز أنظارُه عليها .

سلَّمت شما بصوت واضح وهي تحاول تشيح بنظرها بعيد عن سعود ، واقتربت من أمه : كيف الحال عموه ؟؟
ما سمعت إيش ردت عليها عمتها ؛ لأن صوت سعود شتت فِكرها و أشعل غضبها : يا هلا ببنت عبد العزيز ، يا مرحبا وسهلا ، تو ما أظلَم البيت " ابتسم بخبث " أقصد تو ما نوّر البيت

تمتمت داخلها بكلمات غير مسموعة وهي تعض شفتها السفلية والقهر واضح في وجهها

بنبرة آمره وبرجولة مراهقة وجَّه كلامه ليوسف الجالِس أمام التلفزيون : يا ولد قم هات القهوة زايرينّا ضيوف
رفعت حاجبها الأيسر والشرار يتطاير من عيونها ، سمعت عمتها سلمى تقول له : خل البنت فـ حالها يَ سعود
رد وهو يرخي جسده على الكنبة أكثر وعيونه مُسلَّطة على بنت عمه المتصنمة من الغضب : من زمان ما شفتها عندنا ، من يومين فلازم نقوم بالواجب " ببراءة سأل وهو يحني ظهره باهتمام " عسى ما شر يَ بنت العم مريضة والا شيء ؟

أخرجت له لسانها بطفوله قبل ما تلتفت ناحية الدرج وتصعد بسرعة والغضب يتقاذفها يمين وشمال ، ترافقها صوت ضحكته المُشعِله لأشياء غريبة فصدرها \ المُحرِكه لـ كثير من الأمور فــ دواخلها !




-94-
الساعة تُشير للثامنة صباحاً بتوقيت لندن ، خرج من شقته وهو يصلّح جاكيته القُطني المفتوح ، على غير العادة هيئته هالصباح كانت كاجوال أكثر ، استغنى عن لبسه المُعتاد اللي نوعاً ما كان رسمي ، لكن بالرغم من هذا كله هيئته اليوم كانت شبابية أكثر وتضج بالحيوية !

مزاجه اليوم ناري وصدره مشتعل بشكل غريب بعد الحلم اللي حلمه ، و بسبب توتره لأن اليوم يوم العملية الأولى في سجلُه المهني ، العملية المُرتقبة اللي انتظروها من زمان واللي راح تفيدهم كثير – إن نجحت – بالإمساك على كل شخص ينشر سموم المُخدرات .

إلتفت فجأة لـ شقة فادي المُقابلة له ، كان يصدر منها أصوات عالية بالرغم من أن فادي وعائلته إنتقلوا منها !! ، ميّل راسه بريبة وضاقت عيونه بحركة لا إرادية .

فيه أحد جديد سكن فيها ؟
جيران جُدد !!
أكيد راح ينتقلوا بعد فترة قصيرة، متأكد من هالشيء ؛ لأنه ما راح يتحملوا إزعاج عدنان كل ليلة .



إلتقن حواجبه باستغراب وهو يشوف بنتين يطلعن من الشقة ، الأولى دفعت الثانية برا بغضب : إنقلعي لا بارك الله فيش ، أتلفتي نومي يَ الخايسة
بعدها أغلقت الباب بقوة في وجه البنت الثانية اللي ردّت بنفس غضب الأولى وهي تضرب الأرض برجلها : والله راح تندمين يَ البقرة
ضربت الباب برجلها بقوة وصرخت بقهر : إفتحي الباب سُميوه الزفتة ، عطيني شنطتي ع الأقل
صرخت بحدة أكثر : بسرعة متأخرة واجد عن شغلي

إنصدم من المسرحية اللي تصير أمامه ، إيش هذا ؟؟
كان يحاتي جيرانه من الإزعاج ، الحين يحاتي نفسُه من إزعاج جاراته الجُدد
جارات ؟؟ .... بنات ؟؟
لا بالله كدينا خير ، راح يسنتر عدنان قدّام باب شقتهن يحرسهن كل يوم مَا دام السالفة فيها بنات .

,
انفتح باب الشقة من جديد ورمت البنت الأولى شنطة الثانية بعصبية و رجعت أغلقت الباب بقوة ، الشنطة ارتمت على بُعد خطوة منه ، إلتفتت صاحبة الشنطة خلفها عشان تاخذ شنطتها وهي تهدد وتتوعد ، ولمّا شافت ذاك الرجال الطويل اللي واقف يتأمل الموقف باستغراب شهقت شهقة مُميتة .

تنحنحت بارتباك من حضوره المُربك والمُزلزل ، من متى ذا واقف هنا ؟؟ ، تساءَلت والإحراج بان بإحمرار وجهها ، مشت ناحية شنتطتها المرميّة أمامه وهي تعدّل حجابها برجفة ، تناولت شنطتها من الأرض وسمعته يرمي عليها السلام .

وييييييه بسم الله هذا عربي طلَع ، يَ الإحراااااااااااج
يعني شاف كل اللي صار لها من شوية !! وفهم كل حاجة !
ويل حالش يَ الريم


: عليكم السلام " ردّت وهي تشد على شنطتها بقوة "

لاحظ إرتباكها فإبتسم ، ما درى أنه بابتسامته زاد إرتباكها أكثر ، بلعت ريقها وهي تهمس لنفسها : يخرب بيتك ، ما كان ناقصني غير شوفتك الحين ، ولا و يبتسم الماصخ

مشت ناحية الأصنصير وخطواته تتبعها ، صعد الأصنصير معها وسأل : إنتي مُبتعثة ؟
هزت راسها بأنفاس مُختنقة بـ " نعم " ، وهي ما زالت تحاول السيطرة على إرتباكها ، ليش ترتجف بهالشكل ؟؟ ، ليش ترتجف ؟؟ ، إيش الغباء اللي صابش فجأة يـَ الريم ؟؟

شدّت على شنطتها أكثر ولاحظ هالشيء ، أساساً المُحقق له دقة ملاحظة تفوق الإنسان العادي فكيف ما يلاحظ حركاتها المُرتبكة الغريبة ، إنفتح الأصنصير أخيراً ، وطلعت بهرولة و بخطوات سريعة وهي تدفع الأكسجين داخلها بقوة بعد ما كانت حابسة أنفاسها ، تعثرت وكانت راح تسقط لكنها في الأخير توازنت ، التفتت حولها وحمدت ربها أنه ما كان فيه أحد يطالعها أو منتبه لها ؛ كلٍ مشغول بحاله ، لكن ما دَرَت أنه نظرات عُمر المُستمتعة تتبعها ، و ضحك بمُتعة غريبة وهو يشوف حركات هـــ البنت .


إلتفت فجأة لشخص ناداه وسلّم عليه برفع يده ، رد عُمر السلام بابتسامه ، ما كان أبداً هالشيء مُستغرب لأنه بطبيعته إجتماعي ، يسلم على أي أحد يقابله و يبتسم في وجه أي أحد ، و بوصوله بأيام قليلة أغلبية من في البناية و المحلات اللي حولها صاروا يعرفوه .


إلتفت حوله يدوّر البنت اللي قابلها من شوي ، بس ما كان لها أثَر ، وبسرعة أنّب روحُه على هالتفكير وضيق المسافة بين حاجبيه بعقدة وهو يلوم نفسه ، مشى ناحيَة مقهى العجوز وهو وده بـ قهوة تنعش خلايا دِماغُه ، مشى لـ المقهى اللي ما كان يبعد كثير عن البناية اللي ساكن فيها .
انتبه فجأة أنه هذيك البنت كانت تمشي أمامه ، من حجابها الزهري عرفها ، بدون ما يحس فنفسه وبحركه غير إرادية إتسعت إبتسامته !

لكن فجأة وبدون سابق إنذار إلتفتت خلفها بعد ما حسَّت بخطوات تتبعها ، شهقت وعيونها تتسع بصدمة : إنت ما تستحي على وجهك ؟
عقد حواجبه من هجومها المُباغت ، ورجع بظهره للخلف و سأل : إيش ؟
بهجوم وبنبرة حادة والغضب يشع من وجهها : أبيك تفهمني الحين ليش تتبعني ؟؟ ، أنتوا يَ الشباب ما عاد فيكم خجل أبداً ، ما عاد تستحوا ؟؟ ، بكل وقاحة تتبعوا أي بنت

إبتسم بسخرية ، مشى ناحيتها بغرور وهو يمسح على شنبه برجولة خاصة بـ عُمر ، همس بصوت مسموع لمّا وصل جانبها الأيمن : ما أحد إلتفت صوبش يَـ " بسخرية " الواثقة

تعدّاها و دخل المقهى وجلس على طاولته المُعتادة ، دخلت وراه ونظراتها ترمقه بصدمة ، تجرعت ريقها وهي توها تستوعب أنه ما كان يتبعها لكن وجهتُه كانت نفس وِجهتها ، كان قاصِد المقهى .
آآآآآآآآه يا الريم إنتي ما تتوبي أبدا ، ما تتوبي ، لازم تحطي نفسش فهالمواقف المُحرجة .


،


تنهدَت بخجل وهي تشيح نظرها عنه ، وابتسمت بارتباك للعجوز صاحبة المقهى اللي هتفت بسعادة : أهلاً بكِ عزيزتي في يومكِ الأول ، صحيح متأخرة نصف ساعة لكن سأسامحُكِ هذه المرّة
هزت راسها بدون ما تنطق ، وبدأت يومها الأول في العمل

ناولتها العجوز صينية وأشّرت على إحدى الطاولات وقالت : هيّا أوصليها لتلك الطاولة
نظرت ناحية الطاولة ثم نقلت نظرها للعجوز بارتباك ، بلعت ريقها للمرة المليون ، حملت الصينية اللي كانت تضم كوب قهوة وكرواسون ، إتجهت ناحية الطاولة المنشودة وقالت بإنجليزية : صباح الخير سيدي
إلتفت للصوت اللي أزعج سكونه ، أرعبتها نظرته الجامدة وهو يرفع حاجبة الأيسر : صباح الخير يا آنسة


وكأنهم ما إلتقوا من قبل وما جمعهم الموقف الهجومي اللي صار قبل شوي ، حوارهم الحين ما يدل أبداً أنهم إلتقوا من قبل ، الإنجليزية اللي يتحدثوا فيها تنفي إلتقاءهم من قبل ، وهذا اللي كانت هي تريده وكأنها تقول له " إنسى اللي صار" أو رُبما كانت تعتذر بطريقة غير مباشرة عن الكلام اللي قالته !

ما كان أقل ذكاء منها ، فهم مقصدها من حوارها معه بذاك الشكل ، فأعجبته هالمسرحية اللي هُم أبطالها ... والمُتعة برقت في عيونه .

حطت قهوته على الطاولة بـ يد ترتجف ، وزاد إرتجافها لما باغتها صوته من جديد وهو يكمل المسرحية اللي يمثلوها بكل إتقان : لم أرَكِ من قبل هنا ، أظنكِ جديدة " بنبرة تحمل معاني كثيرة أكمَل " لأنني آتي لهذا المقهى كُل يوم


رفعت عيونها صوبه بعد ما وصلها المعنى من عِبارته الأخير ، أدركت المعنى اللي يريد يوصله بـ عِبارته الأخيرة ، عبارته الأخيرة اللي كانت رَد على الموقف اللي صار معها قبل شوية ، رد على صراخها الغبي في وجهه ، وكأنه يقول لها للمرة الثانية أنه ما أحد إلتفت صوبها ، كأنه يذكرها بحقارة تصرفها وغبائها المُستحيل .


بدون ما تحس تجمعت الدموع فعيونها و قالت بالعربية قاطعة هـالمسرحية السخيفة : أنا آسفة

رفع عُمر عيونه بصدمة من إعتذارها المُفاجئ اللي ما توقعه أبداً ، طاحت نظرته على عيونها الدامعة اللي تتغيّر لون حدقتها بكل غرابَة ما بين العسلي والأخضر ، وهنا كانت صدمته ، ما توقع أنه يوصل الموضوع للدموع .

نسى إعتذارها ونسى الموقف السخيف اللي جمعهم ونسى كل شيء لمّا طاحت عيونه على عيونها ، لو قالوا له راح يظل الزمن واقف مائة سنة ... بدون تردد راح يوافق يكفي أنه يشوف أغرب عيون مرّت عليه ، ويتوه في غابتها الخضراء و يسبح بعدها في جرة العسل .

بلعت ريقها للمرة المائة مليون وهي تشعر بالخجل يعتريها من راسها لأخمص قدميها ، سحبت نَفَس وابتعدت عن ذيك الطاولة .




-95-
بعد سبع سنين من إنشاء هالشركة ، أصبح فخور ؛ لأنه فمدة تُعتَبر قصيرة استطاع أنه يوصل بها لـ مصاف الشركات الكُبرى ، من لمّا تنازل له أبوه عن الإداره وهو يطوّر فيها وإلى اليوم وهو يضغط على نفسه في الشغل علشان مصلحة الشغل أولاً وفـ ذات الوقت عشان .... ينسى !
ينسى كل هم وكل حزن وكل أسى يعتريه لمّا يندمج في شغله .

دخل عليه سكرتيره خلفان بعد ما طرق الباب الخشبي بخفّة : بو عبدالعزيز وصل هالمُغلّف الحين !
تناول طارق المُغلف البني الكبير ، فتحه في ذات الوقت اللي انصرف فيه خلفان بعد ما انسابت لأذنه كلمات الشُكر من رئيسُه .

أخرج محتوياته ثمّ إنصدَم ، توسعت عيونه بدهشه وهو يقلّب الصُور بين يديه
ردد بخفوت و عدم تصديق : إيش هذا عُمر ؟؟ ، إيش هذا ؟؟
ترك الصور من بين يديه ، مسح وجهه ثمّ مَسَك الصور مرة ثانية يتأكد من هوِيّة الشخص اللي في الصور .

هذا عُمر ، عُمر أخوه ، مُستحيل ما يعرف هيئته وهي واضحة أمامه بكل تفاصيل ملامحُه الحادة ، ليته بس يقدر يشكك في الصور ويقول أنه هذا مو عُمر لأن الصور مو واضحة ؛ لكن للأسف الصور أمامه بدقة عالية ، الصور أمامه لعُمر من زوايا مُختلفة .

مصدوم ببساطة ، مصدوم من المكان اللي جالس فيه شقيقه ، مصدوم من الشخص اللي جالس بجانب شقيقه و....... و مصدوم من شقيقه !!

أخذ نفس عميق عشان يفكر عدل فهالمُصيبة ، لازم يكلم أخوه قبل ما تطيح الصور فيد أبوه ؛ لأنها إن طاحت فيده تقوم القيامة !


أخذ تلفونه ، إتصل بأخوه وأحاسيس مختلفة ممزوجة في صدره ، رن أكثر من مرة لكن ما كان فيه أي رد ! ، رمى التلفون على الطاولة بغضب وصدره يعلو ويهبط بسبب موجة العصبية اللي أصابته ، أخذ سماعة تلفون المكتب وهو يهاتف سكرتيره بجديّة : خلفان إحجزلي أقرب رحلة لـ لندن ما عليك أمر !

أغلق التلفون بعد ما رد خلفان بإيجاب ، أرخى ظهره على كرسيه المُريح وتفكيره يصول ويجول في المُصيبة اللي هلّت عليه بدون سابق إنذار ، على أساس هو ناقص مصايب !!





-96-
ودّع الليل النهار وهو يبتلع ضوءُه بكل هدوء ، مشى بجانِب أخوه وهم متوجهين ناحية البيت المنشود بعد ما أدّت أرواحهم صلاة المغرب ، نظر للساعة الجلدية اللي تِلْـتَف على يساره وكانت تشير للسابعة !

رن ناصر الجرس وهم يترقبوا فتحة الباب بتوجُس ، انفتح الباب وظهر من خلفه أحد أولاد أبو عبيد اللي كان في العشرين من عمره ، قرّب بهم بعد ما سلّم عليهم ، و مشى أمامهم ناحية مَجلس الرجال .

أدرك ناصر أنه أبو عبيد موجود وما دام أنه دخل في السالفة فالأمور تشابكت أكثر ، أخذ نفس عميق قبل ما يدخل المجلس و يسّلم على الجَمع الحاضر بـ وجه مُندهش !!!

وقف الجميع مرددين السلام ، كل أخوال سلطان الأربعة متواجدين مع عيالهم و هالشيء كان أول رسالة يقدمها أبو عبيد لـ ناصر بطريقة غير مُباشرة ، مضمونها يقول ببساطة أنه سلطان وراه رجال تفزع له ، تفزع له حتى من ظلم أبوه و جوره !!!

فهم ناصر الرسالة الأولى اللي تلقاها بدهشة ، وقبلُه فهمها أبو طارق وعيونه تمشط الحاضرين بريبة .


جلسوا في صدر المجلس وهم يأخذوا أخبار بعض بشكل اعتيادي ، ما فات ناصر سلام ولده البارِد ، لكن أبداً ما يلومه ، خاصة أنه شاف نتيجة ظلمه على وجهه اللي انقلب بشكل مُرعب من الضرب ، فحس أن الألم يعتصر فواده .

بعد فتره هتَف أبو عبيد لأحد أولاده : قُم يا مبارك صب القهوة للشيوخ
وقف سلطان بهدوء مُهيب وهو يقول لـ مبارك بنبرة حازمة : إجلس يا مبارك ، ما غيري هيصب القهوة لـعمي عبدالعزيز




هدوووووووء عاصف طغى المكان ، الكل يحاولوا يستوعبوا المضامين اللي تحملها العبارة اللي قالها سلطان .





ولمّا فهموها إبتسموا الأغلبية ومن ضمنهم الخال أبو عبيد ، أما ناصر فرفع بصرُه ناحية ولده وصفعة كلامه أشعلت قلبه ، ما معترف بوجوده وهذا دليل على أنه شايل بقلبه كثير ، كثييييير !!!

بس الحقيقة كانت أعمق من كذاك ، سلطان قال اللي قاله تقدير لمجيء عمه لين عنده بالرغم من المسافة الطويلة اللي قطعها ، عمه بجيِّـته اليوم أعطاه إحترام فاق أي إحترام ذاقه فحياته ، عمُه قدَّرُه بعد ما أبوه أنزل قَدْرُه . مع العِلم أنه ما كان أبداً ملزوم أنه يجي لأنه ما أخطأ فحقه .


صب سلطان القهوة فأحد الفناجين المُذهَبة ، مد يمينه لعمه اللي رد وهو يتناول فنجان القهوة: يا جعلّك سالِم يا " بنبرة لها معنى " بو ناصر

وكأنه بـ " أبو ناصر " اللي خرجت من لسانه يذكره أنه له أبو إسمه ناصِر ، له أبو مهما سوّى فيه فهوَ يظل أبوه ، إسمه مقترن بإسم ذاك الأب مدى الحياة ، يظل أبوه مهما سوّى و ما من حقه أبداً أنه يحتقر قدره بين الرجاجيل .


صب سلطان القهوة للجَمْع الباقي اللي في المجلس ، وبعد ما أنهى هالمهمة رَجَع يجلس فـ مكانه على يمين خاله محمد ( أبو عبيد ) !

تنحنح ناصر وهو يحس أنه الكلام يخنقه ، لكن في النهاية أخرجه بنبرة مُهيبة تعكس هيئته الخارجية الرجولية : إسمع يا سلطان ، قدّام هالوجيه الطيبة جاي أعتذر ع الضيم اللي ذقته من يدي " بنبرة أبوية عنيفة هزّت أوصال سلطان قال " و ناشِد صَفحِك يا بو ناصِر


صمت ساد الأرجاء ، الكل ينظر ناحية سلطان يترقبوا منه رد .


رد سلطان برجولة مُشابهه لـ رجولة أبوه وفي عيونه لمعة غريبة : معذور يا بو سلطان ، معذور عليم الله لو كنت فمكانك سويت اللي سويته و أكثر
سكت للحظات ثم فز من مكانه ، و مشى ناحية أبوه وختم رجولته بقُبلة طبعها على راسه : جيّتك يابوي غالية ، وربي غالية ، واللي يردّك خايب قليل أصل و مرجلة .

خاله أبو عبيد ، عمه أبو طارق والأهم أبوه .... نظروا كلهم ناحيته بفخر ، هذا مو سلطان اللي يتكلم ، مو سلطان اللي عمره 14 سنة ، هذا واحد غير ، غييييير بكل ما تحويه هالكلمة من معنى !

ببساطه كلامه أخرس الجميع ، كانوا يحتاجوا وقت عشان يستوعبوا الكلام الكبير اللي طَلَعْ من هـ (الرجال) الكبير .

وصَل لسمع الجميع كلام ناصر اللي قاله بفرح واضح : أجَل تجهّز يا سلطان عشان نعود لـ مسقط سوى
قبل ما يرد سلطان على كلام أبوه ، هتف أبو عبيد : إسمح لي يا ناصر ويسمح لي بو طارق وجيتكم اليوم على راسي والله ، لكن سلطان ما يطلع من هنا " بنبرة أشد " ما يطلع من هنا وأنا أخو وضحى

من زود المعزة العميقة لـ وضحى فـ صدر أخوها ، كان أبداً ما يتردد أنه يقرن نفسه بإسمها ، كان إسمها ينساب من لسانه بفخر واعتزاز ، ولو الأمر بيده ما راح يتردد أبداً فتغيير لقبه المُتعارف عليه بين الناس من (أبو عبيد) لــــ (أخو وضحى) .

إرتجف صدر سلطان من طاري أمه في المجلس ، وفي المقابل منه إرتجف صدر ناصر من طاري الزوجة والحبيبة ... وترحموا عليها فسرهم !

رفع سلطان راسه لأبوه وهو يشد نفسه : إسمح لي يا بوي ومثل ما قال خالي محمد ، ما لي قدرة أرجع معك ، القلب عاف العاصمة ، عافها بكل ما فيها إلا من .... أهلها .
وختم كلامه بشبه إبتسامه ودودة خَصْها لـ أبوه

رد ناصر بوِد وحُب أبوي : لك اللي تريده يا سلطان ، ماني حارمك من اللي يريحِك يا بو ناصر




-97-
: يُمة ، أميييي ، موزاااااه ، المَوَزْ
جاها صوت أمها موزة من داخل المطبخ : هاه خير إن شاء الله ، ليش تزاعقي ؟
ردّت : هروح الدكان
جاها صوت أمها حاد وشديد : لا ما شيء
بعنادها المُعتاد ويَباس راسها اللي ما تخليه : هروح هشتري آيسكريم وأرجع

وبدون ما تسمع أمها موزة إيش ردّت ، خرجت من البيت ، و مشت ناحية الدكان ، وعشان تختصر الطريق دخلت سكة مُظلمة ، مشَت والظلمة تبتلعها شوي شوي ، حسّت بالخوف و الندم لأنها دخلت من هالطريق ، وفي المُنتصف حسّت بذبذبات الخطر تتردد في أذنها لكن ما كانت ردّة فعلها سريعة كفاية ؛ لأن يد غليظة كتفتها و أسكنت حركتها ، واليد الثانية لـ نفس الشخص أسكتت فمها .


الفزع دب في عروقها ، الخوف احتواها ، وسكنت مقاومتها لذاك الجسد لمّا إبتلعتهم الظلمة بشكل كامل !




للنبضِ تتمة ,
كونوا بالقُرب

مشاعِر 13-07-15 03:32 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
كل عام و أنتم بخير جميعاً ، و أعتذر على التأخير .
...
بإذن الله تتمة الجُزء 6 + الجزء 7
راح أنزلها بعد العيد .. بانتظار آرائكم وانتقاداتكم و توقعاتكم !

مشاعِر تُحبكم كثير ، ودمتم بخير :)

ليل الشتاء 14-07-15 02:57 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اهلا بعودتك مشاعر والبارت روعه
طارق... واحلام اتمني ان ربنا يكرمهم بس طبعا تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن
اممم مين هي الزوجه التانيه شخصيه جديده ام من ابطال الروايه
روضه..... اتوقع انها معجبه بحذيفه بس شكله معجب بصديقته في الجامعه واتوقع ان ابوه هيرفض الخطوبه بحجه اولاد اخي اولي من الغريب
شما....سعود مازلت مصره ان تجمعيهم مع بعض لان حب شما لسعود حب عذري من الدرجه الاولي وكمان شخصيتها عجبتني او في حل تاني هي انك تجمعيها مع حد تاني في الروايه يستحقها
سلطان.... هيقيم عند اخواله وهيجهز انتقامه من مها وكمان هو ميعرفش مين اللي قالهم الحقيقه وممكن يفتكر رييم هي اللي قالتلهم
مريم...... ايه القفله الشريره دي اتمني انه يكون اخوها علي يارب
اتوقع ان علي ممكن يسافر وجدتهم تتوفي وهو مسافر
والبارت كان طويل واتمني انتظامك في تنزيل البارتات وتحددي ايام نزولها
بانتظار القادم

تفاحة فواحة 14-07-15 07:15 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم
سلطان سلطان باخلاقه وطيبة قلبه هالولد حبيته خلاص محجوز لي
هههههه لا تزوجينه
سعود وشما لازم اضحك عليهم يجننون
علي الله يعينك مريم يالله لا تقولين اغتصبها اتوقع ولد ام عبد الرحمن الكلب
الجده الله يعينها
عمر راحت الصور لأخوه ان شاء الله يلحق يفهمه قبل لايفضحه الكلب وزين ان اللي شافهم طارق مو ابوه
الريم وعمر المواقف تجنن
بس الله يستر من عدنانوه الكلب
بانتظارك ياجميله

bluemay 20-07-15 01:09 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


حبيت امر عليك مشاعر واسلم عليك واهنيك بالعيد
ولي عودة بعد القراءة بتعليق .




عدناااا



ابدااااع يا مشاعر

عن جد بهنيك على روعة سردك والأجواء اللي بتعيشينا اياها

خليتيني اتنفس هوا عمان وحبيت اهلها وطباعهم الحلوة .


فعلا سلطان اسم على مسمى كبيييير وموقفه كبره اكتر بعيني وانه ما رد ابوه خايب رغم غلط ابوه الشنيع في حقه.


مريومة الله يستر عليها خايفة عليها من هداك الخايس ليأذيها T_T

عمر وظهرتله الريم يا ترى شو بستوي بينهم ؟!!
وشكل عدنان نفذ تهديده وكويس انه جا ﻷخوه.



طارق حزني وضعه مع احلام اللي برأيي انهزامية ومضيعة النعمة من ايدها.



البارت راااائع واستمتعت فيه كله وعلقت على اكتر النقاط اللي اثرت فيني واتذكرتها.


تقبلي مروري وخالص ودي


○° الله أغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانتيته وسره .°○

غربة خريف 23-07-15 09:29 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليييكم كلن باسمه
اولا بدي علق ع البارتات الماضية ،، الله يسامحك مشاعر وقسما اني انقهرت قهر ما يعلمه غير ربي ع محمد وسعاد وعبدالله انو انتهت حكايتهم بهالصورة صحيح محمد غلط بس كاان اكثر شخص عجبني بالرواية 😭
سعود رجولته تعجبني بس انا بدي يرجع لمريم مو لشما
مريومة امووورة وتعجبني قوتها هي و شما ههه يهبلن
روضة ومها هههه تحشيش خصوصي لمن قعدن يروين قصة البطل الخارق هههههه
ومها يخرب بيت شيطانها على الخطط اللي سوتها زعررررة
عمر ،، ايا وسيم انتا يا رب ينحل الاشكال من غير مشاكل ،، وريم فشييييله ع قولتكم ههههه يا حرام والله كسفة
حذيفة هيمان الاخ الله يتممله
طارق واحلام الله يرزقهم ،، حلو الوفاء اللي عنده فعلا رجاااال
عدنان الله يهده اكره الخايسين امثاله
علي ،، فعلا الزمان بيكبر الواحد ع صغر سنه ،، بس هو قدهااا علووش
ناصر ،، يكسر الخاطر بس ليش ما ينتبه لمرته الحوووبة الله ياخذها
عبد العزيز ،، اوني حقدت عليه كومياااات ع اللي عمله اول الرواية بمحمد ،، بس مواقفه بعدين ترفع الراس وانو نادى سلطان ب،، ابو ناصر بده بوسة بين عيونه هههههه
ونجي لسلطاان ابوك يا المووت حبيت شخصيته وكلامه الرجولي وموقفه مع ابوه وانو عزه قدام الرجال والحاضرين يسلم البطن اللي حملك يا ولد وضحى ،، بس كان رجع مع ابووه ،، بس كمان ما بدي انو يحقد ع مها ،،

بهنيكي مشمش ع الرواية الرائعة ،، يعني السرعة في حل المشاكل اسلوب افتقدناه كثيير ،، يعني كان كل شي تقريبا يحل في النهاية بس انتي غيرتي الاسلوب وهاد شي جميييل ،،
بس كمان زعلانه منك ليش موتييه لمحمد والله حبيته 😭😭😭
انا متابعتك من زمان بس مكنتش فاضية ادخل ،، متابعة الكل من ورا لحتى خلصت الثانوية اووووه وارتحت
بانتظارك 😉

في نو لي تر 27-07-15 01:48 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
يالله متى البارت شكل الرواية توقفت وهي توها بالبداية ياليت تكملينها لانه جد رووووووعه

مشاعِر 01-08-15 12:56 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليل الشتاء (المشاركة 3544206)
اهلا بعودتك مشاعر والبارت روعه

أهلين فيش ليّولَه > هههههه ندلعش وكذا
منورة وربي ، ربي ما يحرمنا من هالتواجد الحلو

اقتباس:

طارق... واحلام اتمني ان ربنا يكرمهم بس طبعا تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن
اممم مين هي الزوجه التانيه شخصيه جديده ام من ابطال الروايه
فِعلاً أحيانا حياتنا تمشي في اتجاه صعب لكن في النهاية هذي إرادة القدر
و طارق و أحلام لازم يسلموا للقدر المكتوب لهم .
وكل شيء بخصوصهم راح يتضح بعدين

اقتباس:

روضه..... اتوقع انها معجبه بحذيفه بس شكله معجب بصديقته في الجامعه واتوقع ان ابوه هيرفض الخطوبه بحجه اولاد اخي اولي من الغريب
اممممم مُمكن ، توقعش مُمكن يكون صائِب فِعلاً

اقتباس:

شما....سعود مازلت مصره ان تجمعيهم مع بعض لان حب شما لسعود حب عذري من الدرجه الاولي وكمان شخصيتها عجبتني او في حل تاني هي انك تجمعيها مع حد تاني في الروايه يستحقها
ههههههههـ ان شاء الله يصيب توقعش اللي يخص هالاثنين ، وشخصياً ما أريد لـ شما حبيبة قلبي أنها تروح بعيد > الحين راح يجيني هجوم عنيف من مُحبين مريم وسعود ههههههـ

اقتباس:

مريم...... ايه القفله الشريره دي اتمني انه يكون اخوها علي يارب
شفتي كيف ؟؟ هذا اللي صار عاد

اقتباس:

اتوقع ان علي ممكن يسافر وجدتهم تتوفي وهو مسافر
لاااا صراحة أنا تعبت من الموت ، وما أراح أقتل أحد ، يكفي إني قتلت من قبل أم محمد ومحمد و سعاد و عبدالله و العم سعيد > هههههههه ما حد تبقى .

اقتباس:

والبارت كان طويل واتمني انتظامك في تنزيل البارتات وتحددي ايام نزولها
بانتظار القادم
ان شاء الله هـ نتظم وراح أحدد يوم معين أسبوعياً للبارتز
شُكراً ليل الشتاء على الطلة البهية ، الجميلة ، العسولة اللي تشبهش
ربي ما يحرمنا من هالحضور



*


مشاعِر 01-08-15 01:06 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
أهلين تُفاحة
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
منورة يا جميلة .

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة فواحة (المشاركة 3544225)
سلطان سلطان باخلاقه وطيبة قلبه هالولد حبيته خلاص محجوز لي
هههههه لا تزوجينه

هههههههههه يا كثر من حجز سلطان بهالبارت

اقتباس:

سعود وشما لازم اضحك عليهم يجننون
الاثنين يجري فعروقهم حب المناقر هههههههه ، الله يعينهم على بعض

اقتباس:

علي الله يعينك
آمين ، حبيب قلبي علاوي .

اقتباس:

مريم يالله لا تقولين اغتصبها اتوقع ولد ام عبد الرحمن الكلب
الأحداث الجاية راح تحدد كل شيء * فيس شيطاني يضحك بمكر *

اقتباس:

الجده الله يعينها
آمين ، آمين ، آمين .

اقتباس:

عمر راحت الصور لأخوه ان شاء الله يلحق يفهمه قبل لايفضحه الكلب وزين ان اللي شافهم طارق مو ابوه
عسى يصير كذا ، يا رب
لأنه ان اكتشف أبو طارق الصور ومحتواها عادي يتبرا من ولده

اقتباس:

الريم وعمر المواقف تجنن
هيكثرن هالمواقف في البارتز الجاية

اقتباس:

بس الله يستر من عدنانوه الكلب
لا تخافي أنا له بالمرصاد هالحيوان ، ما هخليه يمس شعره من شعر عمر حبيب ألبي * قلوب * .

اقتباس:

بانتظارك ياجميله
وبانتظار ردودش الجميلة يا جميل
لا خليت -يا رب- من هالطلة وهالحضور
ربي يسلمش تُفاحة


شُكراً


*


مشاعِر 01-08-15 01:20 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 

أهلين ميمي ، أهلين يا جميلة
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,
يا مرحبا فيش ، منورة و ربي


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3545073)


حبيت امر عليك مشاعر واسلم عليك واهنيك بالعيد
ولي عودة بعد القراءة بتعليق .

ربي لا هانش ويعز مقدارش - يا رب.
تسلمي حبيبتي !


اقتباس:

ابدااااع يا مشاعر
الإبداع منكم و إليكم طال عمرش .
شُكراً شُكراً

اقتباس:

عن جد بهنيك على روعة سردك والأجواء اللي بتعيشينا اياها
آآآآآآ ما أعرف إيش أقول و الله ، أخجلتيني !
أنا اللي أهني نفسي على ملامسة عيونكم لهالأحرف المتواضعة .

اقتباس:

خليتيني اتنفس هوا عمان وحبيت اهلها وطباعهم الحلوة .
يا الله ، هالشيء يكفيني و زود
دامش حسيتي بهوا عمان وأهلها وطباعهم فأنا قدرت أنجز شيء حلو .
وشهادتش فخر فخر فخر .

شُكراً


اقتباس:

فعلا سلطان اسم على مسمى كبيييير وموقفه كبره اكتر بعيني وانه ما رد ابوه خايب رغم غلط ابوه الشنيع في حقه.
معاش حق ، سلطان تصرفاته سلطانية بامتياز ، وما خلّا أبوه يرجع خايب وهالشيء كبَّره فعيون الحاضرين كثير .

اقتباس:

مريومة الله يستر عليها خايفة عليها من هداك الخايس ليأذيها T_T
الله يستر ، ما أقدر أقول غير كذا .

اقتباس:

عمر وظهرتله الريم يا ترى شو بستوي بينهم ؟!!
البارتات القادمة هي اللي راح تتكلم

اقتباس:

وشكل عدنان نفذ تهديده وكويس انه جا ﻷخوه.
لكن هل أخوه بهالسهولة ؟ و أنه مُمكن يتقبل أي تبرير من عُمر للصور اللي شافهن ؟؟
ما أتوقع * فيس يضحك بمكر *

اقتباس:

طارق حزني وضعه مع احلام اللي برأيي انهزامية ومضيعة النعمة من ايدها.
هي مُضحية تقدري تسميها ، وبنفس الوقت شعورها بالحزن عاميها وما مخلنها تشوف أنه طارق ما وده فحرمة غيرها .

اقتباس:

البارت راااائع واستمتعت فيه كله وعلقت على اكتر النقاط اللي اثرت فيني واتذكرتها.


تقبلي مروري وخالص ودي
تسلمي حبيبتي ، حضورش الرائع .
ربي ما يحرمنا من هلطلة الحلوة


شُكراً




*

مشاعِر 01-08-15 01:39 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 

غربة خريف
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلين فيش يالغالية ، منورة وربي .


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غربة خريف (المشاركة 3545648)
اولا بدي علق ع البارتات الماضية ،، الله يسامحك مشاعر وقسما اني انقهرت قهر ما يعلمه غير ربي ع محمد وسعاد وعبدالله انو انتهت حكايتهم بهالصورة صحيح محمد غلط بس كاان اكثر شخص عجبني بالرواية 😭

هي حكايتهم أساس الرواي اللي راح تنبني عليها أحداث و أحداث
و هم كومبارس في الرواية ، انتهى دورهم فاختفوا ههههههههـ

اقتباس:

سعود رجولته تعجبني بس انا بدي يرجع لمريم مو لشما
أنا ممكن أعاند ترا ههههه
ليش يعني رابطين سعود بمريم ؟؟
ماني فاهمة للحين !!

اقتباس:

مريومة امووورة وتعجبني قوتها هي و شما ههه يهبلن
إنتِ اللي تهبلي و الله
وردش هذا اللي طحت في هواه .

اقتباس:

روضة ومها هههه تحشيش خصوصي لمن قعدن يروين قصة البطل الخارق هههههه
هههههه ما صاحيات ، يتعاطن حشيش فاخر هذيلا ، لكن سعود واقف لهن بالمرصاد

اقتباس:

ومها يخرب بيت شيطانها على الخطط اللي سوتها زعررررة
ايه والله من كان يظن أن هالطفلة يطلع منها كل ذا

اقتباس:

عمر ،، ايا وسيم انتا يا رب ينحل الاشكال من غير مشاكل ،، وريم فشييييله ع قولتكم ههههه يا حرام والله كسفة
و لأول مرة أحد يشاركني إعجابي بعمر و وسامته الخارقة هههههه
و عمر والريم ربما الأحداث بعدين راح تجمعهم أكثر ، من يدري ؟!!

اقتباس:

حذيفة هيمان الاخ الله يتممله
هيمان وبس ؟
طايح من طوله من شدة العشق
هههههههه ، آمين و الله يجمعه بحبيبة قلبه !

اقتباس:

طارق واحلام الله يرزقهم ،، حلو الوفاء اللي عنده فعلا رجاااال
نادر تلقي بهالزمن شخص من صنف طارق ، اللي الوفاء يجري فيه فـ مجرى الحُب .

اقتباس:

عدنان الله يهده اكره الخايسين امثاله
و أنا بعد
الله ياخذه أخذ عزيز مقتدر ويوريني فيه يوم ، و ما راح أقصّر فيه والله .

اقتباس:

علي ،، فعلا الزمان بيكبر الواحد ع صغر سنه ،، بس هو قدهااا علووش
حبيب ألبي علاوي * قلوب *

اقتباس:

ناصر ،، يكسر الخاطر بس ليش ما ينتبه لمرته الحوووبة الله ياخذها
آمين آمين آمين
و يارب أشوف لها يوم شعشبونه !

اقتباس:

عبد العزيز ،، اوني حقدت عليه كومياااات ع اللي عمله اول الرواية بمحمد ،، بس مواقفه بعدين ترفع الراس وانو نادى سلطان ب،، ابو ناصر بده بوسة بين عيونه هههههه
ههههههههه
هو ندم كثير بعدين ع اللي سوّاه

اقتباس:

ونجي لسلطاان ابوك يا المووت حبيت شخصيته وكلامه الرجولي وموقفه مع ابوه وانو عزه قدام الرجال والحاضرين يسلم البطن اللي حملك يا ولد وضحى ،، بس كان رجع مع ابووه ،، بس كمان ما بدي انو يحقد ع مها ،،
ويلي منه سلطان ، فِعلاً شخصيته مهيبة رغم صغر سنه ، واللي سوّاه ما يسويه الا الرجّال صدق

اقتباس:

بهنيكي مشمش ع الرواية الرائعة ،، يعني السرعة في حل المشاكل اسلوب افتقدناه كثيير ،، يعني كان كل شي تقريبا يحل في النهاية بس انتي غيرتي الاسلوب وهاد شي جميييل ،،
حبيبتي والله غروبة
وأنا أهني نفسي بمتابعتش للرواية ، شُكراً شُكراً
وربي ما يحرمنا من حضورش قولي آمين .


اقتباس:

بس كمان زعلانه منك ليش موتييه لمحمد والله حبيته 😭😭😭
ههههههههههههه
طيب لا تزعلي ما يهون علي زعلش
أوعد أنه راح يظهر محمد ثاني في الرواية > هذا اللي يقال عنه تشويق ههههههه

اقتباس:

انا متابعتك من زمان بس مكنتش فاضية ادخل ،، متابعة الكل من ورا لحتى خلصت الثانوية اووووه وارتحت
بانتظارك
حبيبتي والله ، ربي يوفقش يا رب ... أهم شيء إنّا شفناش ي حلوة
كل الشكر على هالحضور الحلو جداً جداً جداً

لا خليت منش ومن وجودش هنا غربة

شُكراً



*



مشاعِر 01-08-15 01:44 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة في نو لي تر (المشاركة 3546319)
يالله متى البارت شكل الرواية توقفت وهي توها بالبداية ياليت تكملينها لانه جد رووووووعه

أهلين حبيبتي ، ولا تزعلي الحين هــ نزله
و إن شاء الله الرواية ما راح تتوقف ، و راح تستمر للنهاية بعون الله

بانتظار تعليقش يا جميلة :)


مشاعِر 01-08-15 01:46 PM

6/ لقاءٌ و وِد .
 
تابع / النبض السادس
لقاءٌ و وِدْ





-98-
الغرفة مُظلمة إلا من ضوء الأبجورة الخافت اللي أرغم الظلمة على فرض نوره ، يتوسط الغرفة سرير واسع يعكس فخامة وذوق فاخر ، يتوسط السرير جسد مُفتح عيون جافاها النوم وسيطر عليها الحزن .
انقلبت و أعطَت النور ظهرها وإلتفتت للظلام ، الظلام اللي سيطر عليها وسلب كل جميل منها ، رجعت و إنقلبت من جديد للجهة الآخرى جهة النور وتفكيرها ياخذها ويجيبها وما يرسى له على بر ، رفعت جفونها للضوء وكأنها تستمد منه معاني مفقودة ، أخذت نَفس و إستجمعت قواها ، لملمت عزيمتها ، شدّت من نفسها ثمّ استقامت .


قبل ما تخطو خطواتها خارج الغرفة ، رشَّت من عِطرها اللي يحبه ، صلّحت شعرها المُموج بأطرافه اللي تداعب خصرها ، لوّنت شفاهها بلون الزهر ثمَّ حاولت رسم ابتسامة لكنها تلاشت تدريجياً لمّا طاحت عيونها على شنطة سَفــرُه ، وفذيك اللحظة قواها تراخت ، عزيمتها انهدّت و حصونها انهارَت .

رَجعت و جلست على طَرَف السرير و هي تعاتب نفسها والدمعة على رموشها تعلّقت .
أحلام ، أحلام إنتِ إيش تسوي ؟؟ ، إنتِ مستوعبة اللي تسويه ؟؟ أو بتعبير أصح إنتِ عارفة أصلاً إيش اللي تسويه ؟؟ ، عارفة فداحة اللي تسويه ؟؟ ، متخيلة نذالة اللي تسويه ؟؟
وعلى ضوء أسئلة ضميرها ، تَعَب قلبها فـ نزلت دموعها اللي أمسَت رفيقتها !


وعلى النقيض من صوت ضميرها ، هناك صوت آخر في داخلها يقول لها بأنها لازم تسوي كذا ، لازم تكون قوية وتشد من نفسها ، لازم تسوي كذا .... لمصلحته ، لمصلحته بغض النظر عن مصلحتها هي أو حتى رغبتها .

أخذَت نَفس عميق ، مسحت دموعها ، صلّحت شكلها مرة ثانية و خَرجت ، ولمّا طاحت عينها على غرفة المكتب توترَت ، لكنها شدّت من نفسها وطرقت الباب ، لمّا ما جاها جواب دَخلت بهدوء .
نظرت للشخص القابع ورا المكتب ويطالع النافذة وما باين منه شيء ، اقتربت من كرسي المكتب الجلدي بخطوات قصيرة ، اقتربت من حبيبها والتوتر تمكّن منها ، وانفطر قلبها لمّا شافته نايم وهو مسند راسه على الكرسي ، واضح أنه ما هو مرتاح حتى في نومه .

اقتربت منه ، نادت إسمه بصوت خافت ، و صحى من نومه على نداءها الثالث ، مسح وجهه بتعب ، رفع جفونه ونظر لها باستغراب لتواجدها في هالمكان وفي هالزمان !
سأل بخفوت وبصوت مبحوح خشن وهو يدور بالكرسي عشان يقابل طاولة المكتب : الساعة كم الحين ؟
برقة ردّت : الساعة وحدة

استقام ومشى ناحية الكنبة الطويلة بدون ما يلتفت صوبها ، انسدح وحط ذراعه على عيونه : طفي النور إنتي وطالعة
من شهرين وبرغبة منها ، ما قام يجمعهم فِراش ، هو في مكتبه وهي في غرفة النوم و هالبُعد المُقيت المرفوض من قلوبهم سار بعلاقتهم لطريق شائِك ، موجع لكِلا الطرفين !


بللت شفتها السفلية بتوتر ، ما متعودة يعاملها بهالشكل و بهالبرود ، بس هي تدري أنه هالشيء بسبب اقتراحها له بالزواج ، تنهدت وجلست على ركبها على جانبه الأيسر .

كان ينتظر – بفارغ الصبر - النور ينطفي والباب ينغلق وهي تطلع ، شوفتها ، شوفتها بس كفيلة لإستنفار كل خلية في جسده ، لكن لا النور انطفى ولا الباب انغلق ولا هي طلعت ، فتح عيونه لمّا حَس أنها قريبة ، عطرها العَبِق دليله ، قابَلُه وجهها الحبيب ، وقرا في عيونها الدامعة كلام ودها تقوله ، فاعتدل في جلسته ينتظر لؤلؤ كلامها ينتـثر !


جلست بجانبه ، التفتت له : طارق
بدون ما يطالعها : نعم
بهمس باكي : ممكن تشوفني !
نبرة البكا في صوتها تعذبه ، تذبحه ، تدمي قلبه ، و لو قالت له بذات النبرة أنه يرمي روحه في البحر ما تردد لحظة ، إلتفت ناحيتها ومع شوفة وجهها توقدت مشاعره أكثر ، هدوءه الظاهري كان يعاكس تماماً الضجيج الحاصل داخله .
سحبت نفس عالي مسموع : أنا آسفة
ضيَّق عيونه وميّل راسه بتساؤل : على ؟
رفعت جفونها له : على الكلام اللي قلته اليوم الصبح وعلى ... وعلى " و اختنق صوتها وعجز يطلع "
رُغماً عنها بكت ، وعلى إثر بكائها إقترب منها أكثر ، أحاط وجهها بكفوفه وأخفض وجهه لمستواها : لا تصيحي ، خلاص اهدي


ياكثر بكاش يا أحلام ، و يا شدّة وجع طارق منه ، ما تدري هالفاتنة اللي أمامه أنه على الرُغم من وجع صدها و وجع بُعدها و وجع الحرمان اللي يذوقه على يدها إلا أن كل هالأوجاع ما تجي رُبع الوجع اللي يعتريه لمّا تبكي وينفضح حزنها ... الكاوي لقلبه ، الحارق لروحه ، المُميت لكل شيء فيه .

أسندت رأسها على صدره و بنبرة حزينة ، باكِية ، موجوعة همست : أدري فيك تتعذب كل اليوم بسببي و أعرف زين إني سبب كل أوجاعك وإنك ما مرتاح من هالحال
رفعت راسها له ، أكمَلت : لكن أدري بعد أنك ممكن ترتاح لا ... " شهقت " لا صار عندك ولد .
انتفض بغضب من هالسيرة ، وقف ، واجهها ، و زمجر : إسكتي ، إسكتي ، عنبو دارش يا أحلام ما انتي واثقة إني أحبش وحدش ، راحتي وفرحي وحزني وكل شيء معش إنتي " بحدة " إنتي !
أغمضت عيونها سامحة لدموعها بالجريان والتدفق أكثر وبوجع و حرقة قالت : بس أنا ما أجيب عِيال
فتحت عيونها ، والحقيقة المُنطلِقة من فمها تحوّل قلبها لـ رماد : طارق إفهم دخيلك أنا.... " شهقت بوجع " أنا عقيم

رجع وجلس بجانبها ، حضنها وهو يحتوي حزنها ، يدري كيف هالكلام اللي قالته ذبحها مليون مرة قبل ما يخرج من فمها ، هي في النهاية أنثى وأي أنثى تحب يكون عندها أطفال ، و إذا انحرمت منهم حسّت بالنقص فـ أنوثتها .

بكت بحرقة على صدره ، بكت حنانه اللي يغرّقها فيه بكل كرم ، بكت مشاعره اللي ما يبخل في إظهارها ، بكت حُبه المُوَجَه للشخص الخطأ ، ثمَّ بكت على حالها من عقبه بعد ما تبتعد عنه و تغنّي الموّال اللي في راسها ، والله لـ تموت من غيره ، تموووت .


قبّل قمة راسها وهو يمسح على شعرها : لو بس تعرفي إنه لا وَلد ولا حريم الدنيا كلها يسووش
بكت أكثر بصوت أعلى
رفع راسها ، مسح دموعها وعيونه تبرق بوجع من حالهم : إهدي يا نبض طارق ، إهدي

شبكت ذراعيها حول عنقه ، وأسندت راسها على صدره و بكت ، بكت أكثر ، ولمّا خَلص البكي هدَت هدوء ظاهري لكن قلبها - ما زال - يبكي ، أغمضت عيونها وهي تستشعر هالقُرب الحاني بوجع . للحين ما تدري كيف راح تعيش من غيره ؟ ، كيف راح تتحمّل فراقه ؟

سكون غلّف الأرجاء ، أتلفه صوت طارق : قومي نامي تأخر الوقت
كان يبيها تبعد ؛ لأنه يدري أنه هالقُرب الحامي يجر قُرب أكثر حميمية وهو ما يبي يأذيها بأي شكل من الأشكال !

لكنها أصدَرت صوت رافض لـطلبه ، وشدّت على رقبته أكثر
شعور بالفرح تحرك داخله ، لكنه همس وهو يستنشق أريج شعرها : قومي يلا
وكأنه بالي قاله يريد منها تأكيد على قبولها لـِ هالقُرب ، وحصل اللي يريده لمّا ردّت بصوت هامس وعيون مُغمضة مُثقله بالمشاعِر : ما أريد
سأل وهو يبعد وجهها عن صدره : ما تريدي ؟
هزّت راسها بالرفض وعيونها ترمقه بحُب ووجع وحزن وحنين وإحتياج وبـ مشاعر مختلطة ، هي محتاجة لهالقُرب أكثر منه ، محتاجة تحتفظ بـ ذِكرى أخيرة تجمعهم ، هي تدري أنها باللي راح تسويه هـ تكون نذلة في نظره ، لمّا تبتعد عنه وعن حياته وهو مسافر بدون ما يدري إنها استغفلته راح تصير صورتها في عينه بشعة ، وهذا هو الشيء اللي تريده ، إنه يتزوج غيرها ، يجيب عيال من غيرها ، يرتاح مع غيرها بغض النظر عن راحتها .


انتشى قلب طارق بالقبول اللي لمحه بوضوح فعيونها ، وما كان منه إلا احتواء روحها بكل شوق و رغبة ولهفة ، و كأنه كان تائِه في صحراء قاحلة ولقا نفسه فجأة في جَنّة غنّاء ، كان ميِّت عطش وفجأة ارتوى ، كان غرقان حزن وانتشله الفرح فجأة من العذاب .





-99-
ركب سيارة الأجرة وعلامات القلق بادية في وجهه ، يتصل في أحدهم لكن يبدو أنه الشخص الآخر ما يرد ، همس : رد جون ، دخيلك رد
ولمّا فقد الأمل أعاده جون له لمّا أجاب : نعم عُمر
رد بسرعة : جون هذا فخ ، العملية الحقيقية ليست اليوم ، إنها لعبة
صرخ جون باندهاش و جزع : ماذا تقول ؟
بنفاذ صبر : أقول لك أن كل شيء خططنا له ذهب مع الريح ، أنه فخ ، فخ
سأل بسرعة : متأكد ؟
رد بثقة : متأكد
جاؤه صوت جون وهو ينهي المُكالمة : حسناً سأتصرف


تنهد براحة جُزئية ثمّ أَمَر سائق السيارة أنه يعود أدراجه بعد ما كانت السيارة تشق طريقها للمطار ، يدري أنه اللعبة الحين تشَعَبَت ، تشعبت كثير ، كثييييير ، زفّر بصوت مسموع و إبهامه تنتقل بين أرقام هاتفه ، الحين بس يقدر يتصل على أخوه و يعرف منه سبب إلحاحه في الإتصال ، بعد كم رنة رد طارق بالسّلام ، رد عُمر عليه السَّلام هو الآخر ثم قال بعجلة : خير طارق حد مستوي له شيء ؟
وصله صوت أخوه بارد ، جاف ، غامض تتخلله سخرية : لا الكل بخير ، بس اسمح لنا الشيخ أزعجناك باتصالاتنا " بسلطة أخوية " ليش ما ترد على مُكالماتي ؟

مسح عُمر بيُمناه على شعره و التعجب سلك مساره على وجهه من السخرية الواضحة اللي تخللت نبرة أخوه : الله يهديك طارق، ارتعبت يوم انّي شفت الإتصالات وظنّيت أنه صاير لكم شي ، وبعدين كنت حاط تلفوني ع الصامت وما انتبهت .

: أنا جاي لندن ، حول الظهر تقريباً هوصل وأبا أشوفك

عقد عُمر حواجبه باستغراب من إتصالات أخوه أولا ، و من غرابة نبرة أخوه ، و من مجيء أخوه لـ لندن وحرصه الواضح على مقابلته : على خير ان شاء الله

وانتهت المُكالمة بين الأخوين ، وكل واحد فيهم انشغل بالتفكير في الثاني .





-100-
قبل بضع دقائِق مشى راجع للشقة ، فتح تلفونه و ارتسمت ملامح الريبة والاستغراب على وجهه لمّا شاف إتصال أخوه طارق أو بالأحرى إتصالاته !!! ، ثلاث مُكالمات !!! ، خير اللهم اجعله خير ، ما بالعادة طارق يتصل فأكيد شيء مستوي ، رجع و أغلق تلفونه وحطه في جيبه ، ما هيتصل بأخوه الحين ، ما يريد ينفجع بخبر الحين !!

يكفيه أنه جون اتصل عليه الصباح و أخبره أنه ما هيشارك في العملية ، ولمّا سأله عن السبب كانت إجابة جون : لا نريد المُجازفة بحياتك ، صدّقني عُمر الأمر ليس بالسهولة التي تتخيلها ، كل شخص في الفريق خاض تجارب وعمليات كثيرة مُسبقاً ، و أنت ما زلت تدرس ثم أن العمل الموكل لك هو مراقبة عدنان لا غير .

مشى ناحية شقته بخطوات طويلة ، زفّر بتعب وهو يخرج مفتاح الشقة من جيبه ، ارتفعت يده بالفتاح صوب القفل و اندهش لمّا شاف الباب مفتوح ، دفع الباب بهدوء و وصل لسمعه صوت غريب : أنا كم مرة اتصلت فيك ليش ما ترد ؟؟
وصله صوت عدنان اللي أجاب بخوف واضح يلف نبرة صوته : خلاص خلاص والله راح أكلمك بس إطلع الحين لا تسوا لنا مشاكل والله إن عرفوا جماعتنا اننا إلتقينا راح يطيروا رقابنا ، وبعدين عن يجي عُمر ويشوفك هنا
تعجّب عُمر من اللي يسمعه ، وفضّل أنه يظل مكانه يسمع نهاية الحوار

رد الغريب بغضب : راح أطلع بس مو قبل لا تقول لي ليش إنلغت العملية اللي كانت راح اتّم اليوم ؟
اتسعت محاجر عُمر دهشة ، و زادت المسافة بين شفتيه وهو يتراجع خطوة قصيرة للخلف من الصدمة ، كيف ؟؟ ، العملية انلغت ؟؟ ، مو معقول ؟؟ ، ايش اللي يصير هنا ؟؟ ، ايش اللي يصير ؟؟
أخذ نفس عميق وهو يحاول بصعوبة أنه يسيطر على انفعالاته ، بلل شفته السفلية وهو يسمع رد عدنان : لأنه بنت المعلّم فتّت كل شيء لـ عُمر ذاك اليوم ، خبَّرته عن موعد العملية وعن التفاصيل السرية ، فإذا انوجدت الشرطة اليوم في المطار فهذا يعني أنه عُمر يتعاون معهم ، هذاني خبّرتك بكل شيء والحين قم انقلع لا يرجع ويشوفك هنا .


استوعب عُمر أنه هذا هو نهاية الحوار ، فخرج بهدوء مثل ما دخل وعقله يصول ويجول بصدمة ، لكن في النهاية استوعب أنه الله له حكمته فكل شيء ، الباب ظل مفتوح عشان هو يرجع و يسمع المُخطط اللي يُحاك ضده ، حمد ربه فسره وهو يستل تلفونه من جيبه ويتصل على جون عشان يخبره بالمُستجدات اللي سمعها.




-101-
ارتبك لمّا حس أنه جسدها الصغير يتراخى بين يديه ، سدحها على الأرض المُتربة وحلكة الظلام تلفهم من كل جانِب ، صرير حشرات الليل هو وحده اللي ينسمع فذاك المكان ، والقمر وحده هو الشاهد ع اللي يصير بكل حزن .


وقبل لا يفكر بالخطوة اللي راح يسويها تِجاه الصغيرة الفاقِدة للوعي ، قبل لا يستعيد مفاجأته من إغماءها باغتته يد صلبة أمسكَت عنقه و أبعدته عنها ، تراجع للخلف بضع خطوات وارتمى على الأرض بعنف ، انصدم ؟ ، لأ ..... اللي حس فيه يفوق الصدمة بكثير ، شعور ممزوج بين الصدمة والرعب والمُفاجأة والخوف ، خلطة سحرية من هالمشاعِر كفيلة أنها تسكت قلبه عن النبض وتوقف دقاته ، و هالأحاسيس زادت وهو يشوف ذاك الشخص اللي ما تبينت ملامحه بسبب الظلمة ، زادت لمّا شافه يقترب منه ، خوفه ارتفع لمّا عرف أنه فيه أحد كشف قذارته – غير القمر، و وجعه بدأ يزيد من تخبط يدين ذاك الشخص على وجهه ، ذاك الشخص اللي يضربه بدون رحمة وهو يتلفظ بأشكال وألوان من السب !



ولمّا استطاع إلتقاط أنفاسه ، سأل بصوت متعثر ، خائِف ، جزع : من أنت ؟
وصله الرد بفحيح غاضب ، مجنون ، منتقم : عزرائيل اللي هـ يقبظ روحَك

ترنح بألم بعد ما لكمه لكمة غاضِبة ، سقط بسببها على الأرض ، توسّد التراب وجفونه ترتخي شوي شوي .

بالنسبة للآخر ، أخذ نفس عميق ، عمييييق ، وهو يرمق ذاك الطريح بإنتقام ، صدره يعلو ويهبط بسرعة جنونية ، ولمّا استعاد جُزء من عقله تراجع عن فِكرة قتله ، شَد من قبضة يده وتراجع خطوتين للخلف ثم إلتفت لـ ذيك الصغيرة وحملها بين يديه للمستشفى .




-102-
: يا ربي وين راحت هالبنت ؟

دارت حول البيت أكثر من مرة على أمل أنها مُمكن تلقاها لكن بدون فايدة ، وقفت أمام الباب الخارجي لذاك البيت البسيط ، وقفت في الشارع اللي كان شبه خالي من حركة السيارات ومن الناس ، وقفت تنتظر بصيص أمل يلوح لها و يخبرها أنه مريم بخير ، تنتظر – بفارغ الصبر - علي وهو راجع ويمينه مُمسكه يد أخته لكن كل هالشيء ما صار ، الأمل انطفأ لمّا شافت علي راجع بدونها .


رجولها ما شالتها فخارت قواها وجلست على الأرض لمّا لمحت علي ويده فاضية ، يده ما كانت مُمسكة يد أخته مثل ما كانت تتمنّى .
اقترب من جدته ، وبعيونه خوف وقلق واضح ، وصل لمسمعه تساؤل أمه موزه الخافت ، المُرتعب ، الجَزِع ، الواهِن : ما لقيتها في الدكان ؟
هز علي راسه بنفي : أصلاً الدكان مصكر من زمان ولمّا رحت لـ بيت راعي الدكان قال أنه ما مرّت خير شر اليوم

صرخت موزة بجزع وهي تضرب راسها : يا ويلي عليش يا مريم ، يا ويلي عليش
قال علي بغضب وبصوت عالي : أمّي رجيتش تهدي والله العظيم ماسك عمري غصب
أخذ نفس متوتر وهو يمسح شعره بيديه ، يحاول بصعوبة أنه يركّز ويفكر بهدوء ، سأل بخفوت : هي من متى خارجة من البيت ؟

ما ردّت عليه ، أساساً ما انتبهت إيش قال ، جلس على ركبة واحدة أمام جدته وهو يكرر سؤاله بصوت أعلى ، ردّت بصوت مبحوح و بهم واضح : قلت لها لا تروحي بس هي ما تسمع الكلام ، أيبس من راسها ما شي .

رفعت عيونها الدامعة لعلي و أكملت : ما حسبت أنها هتخالفني وهتروح ، التلفزيون كان شغّال حسبت .... حسبت أنها كانت تطالع التلفزيون

دمعت عيون أمه وانكسر قلبه ، ضمها وقال برجا ونبره واهنة : رجيتش يمه لا تضعفي ، لا ضعفتي أنا أضعف ، راح نلقا مريم ، بعون الله راح نلقاها
ابتعد عنها وكرر سؤاله : من متى وهي خارج ؟

أخذت نفس وهي تستعيد قواها : حول الساعة ، ساعة ونصف كذا
استقام علي وهرول جهة أحد البيوت في الشارع الثاني تارك أمه أمام الباب الخارجي لبيتهم ، جالسة بهم واضح في ذاك الشارع اللي أمسى خالي من الناس .




-103-
وقفت أمام الباب وهي تسترجع كلام أمها بأنها لازم تستسمح من أخوها الكبير ، أخوها اللي صار مجافيها من يوم ما عرف عن عملتها بـ سلطان ولد عمهم ، غاضب منها بشدة وما تستنكر أبداً غضبه ؛ لأنها اللي سوته خطأ ، خطأ عظيم .

طرقت الباب بخفة ، جاها صوته الخشن من ورا الباب : ادخل
دخلت بتردد ، شافته مستلقي على سريره واضع رجله اليُمنى فوق اليُسرى باسترخاء ، بين يديه كتاب مُشغل عيونه ومُشغِل فكرُه .
رفع جفونه ناحية الباب ، رمقها وهو يرفع حاجبه الأيسر : نعم ؟

أغلقت الباب وتقدمت نحوه وبدون أي مُقدمات قالت : أنا أعتذر
التفتت على جانبها الأيمن و أخفضت رأسها وهي تعض شفتها السُفلية وكأنها تواجه فداخلها صراعات و صراعات ، رجعت ورفعت بصرها نحوه و كررت : أنا آسفة
كان يناظرها بعيون حادة ، وضع كتابه على السرير واستقام ، واجهها بذات النظرة و بـ نبرة تساؤل تشوبها سُخرية واضحة : ليش تتأسفي ؟ ، أنتي أخطأتي فحقي بشي ؟ " زادت حدة صوته " أنتي آذيتيني بشي ؟
لمّا ما جاه منها رد ، صرخ بغضب : جاوبي ؟؟

انتفضت برعب على أثر صرخته ثم هزّت رأسها بنفي كـ إجابه لـ تساؤلاته
خطا خطوة للأمام ، باتجاهها ، وذات النظرة الغاضبة في عيونه ، وذات حدة الصوت تغلف نبرته : عَجَب ليش تعتذري مني ؟؟ ، ليش تتأسفي ؟؟


للأسف أسألته ما لها أجوبة عندها ، هي نفسها ما تعرف ليش ودها من أعماقها أنه أخوها يسامحها ، ما تدري ليش ودها سعود يعذرها ، يمكن لأنه هو الوحيد اللي يعرف بفعلتها ، هو الوحيد اللي يحتفظ بسرها ، السر اللي أبعَد سلطان عن أهله و عن مَسقط ، هو الوحيد اللي بيده نعش موتها ، فإذا أخبر سعود أمها - مثلاً - ببساطة هـتذبحها ؛ لأنه اللي سوَّته ما شي هيِّن ، هي أبعدت سلطان عن أهله ، هي الشيطان اللي حاك المؤامرة وابتعد على إثرها سلطان ، هي ظلمته و أهلها – سعود و أمها و الكل – ما يرضوا بالظلم !


لمّا تأكد أنها ما هتعطيه إجابة ، قال بخفوت وهو يتعداها قاصد الدريشة اللي تطل على حوش بيتهم و جزء من حوش عمهم عبد العزيز : إنتي عارفة ليش أنا عصبت عليش ؟ ، وليش زعلان منش للحين ؟؟

( حوش = باحة البيت )
( الدريشة = النافذة )

ما انتظر منها رد وهو يكمل وعيونه تمشط أشجار البيت من خلف الزُجاج : لأني ما أبا أي أحد يقول عن بنات محمد كلمة تمسهن بسوء أو تمس مرباهن ( يقصد أمه و أبوه )
إلتفت ناحيتها : إنتن متربيات ع الزين ، لا تغلطي على أحد عشان لا أحد يغلط عليش .

تأمل تيه نظرتها و شك أنها فهمت ثقل كلامه : فاهمة مها اللي أقصده ؟!!
هزت رأسها بـ " نعم " ، إلتفتت قاصدة باب الغرفة بعد ما لمحت بسمة عيونه ، وكلامه يرن في دماغها تحاول تستوعب كل كلمة فيه .




-104-
ما أعار كلام صاحبه اللي متولي زُمرة القيادة أي إهتمام ، يمشط بهدوء شوارع مسقط المضيئة وهم متجهين للمستشفى ، قال صاحبه بنبرة عالية لمّا لاحظ عدم إهتمام الأخير بالموضوع : أكلمك أنا ؟ ليش ما ترد ، من ذي البنية ؟

رمقه بطرف عينه وبصوت بارد رد : ما لك خص ، سوق و انت ساكت
هز السائق راسه بوعيد : ما عليه ، ما عليه
,



لمّا وصلوا المستشفى حملها بين يديه وهو يحس أنه بينها وبين يديه مسافات ومسافات ، الهواء هو الفاصل بينهم ، ما يحس بثقلها الخفيف كثر ما يحس أنه أضعاف و أضعاف و أضعاف وزنها يسدك على صدره ، تنهّد وهو يحطها على سرير المستشفى تارك للممُرضة والطبيب استلام مهمتهم .

تنحّى جهة الجدار ، أسند ظهره عليه وهو يمشط الوجوه اللي تمر أمامه بحذر ، بعد مرور بضعة دقائق وصل لمسمعه صوت الطبيب اللي اقترب منه : إيش تقرب للطفلة ؟

نظر للطبيب بشر وكأنه بسؤاله ارتكب جريمة ، جريمة بشعة كثير ، وهالشيء بان في وجه الطبيب اللي خاف من هالنظرة المتوعدة ، انتبه لنفسه بسرعة فــ زحزح القناع اللي تلبّس وجهه ، أجاب بشدة وهو يدعك عينه عشان تختفي نظرته : ما أقرب لها ، بس شفتها طايحة في الشارع وأنا مار وما كان حولها أحد ، كأنه عندها ربو أو شي من هالقبيل ؟؟

أكَّد الطبيب وعيونه تنظر للشخص اللي أمامه بشك وبخوف في نفس الوقت ، الخوف اللي أشعلته نظرة الرجل المُرعبة :هي فِعلاً عندها الربو ولو ما جبتها في اللحظة الأخيرة والا البنت هتروح فيها ، نفَسها كان ضعيف ، بس
بتردد سأل : ايش عرّفك أنه عندها ربو ؟


بكذب مُحترف رد وهو يشتت نظرته للمرضى اللي حولهم : لمّا وصلت لها كانت تكح بشدة وبعدها أغمى عليها ، " بذات النظرة المرعبة " بنتي كانت تجيها نفس هالأعراض .
هز الطبيب رأسه وهو يعطيه ظهره بسرعة ، وده يهرب من قبالة هالرجال الغريب ، ناداه و كأنه تذكّر شيء ثمّ هتف بصوت أجش كاذب ، بصوت مظلم ، بصوت عميق : قبل لا يُغمى على البنت سألتها عن اسمها وقالت لي " سكت للحظة وهو يرخي جفونه للأرض "

رفع عيونه للدكتور و حدّة ملامحة تزيد مع كل كلمة تنطلق من لسانه : اسمها مريم ، عبدالله ، سعيد ، بن مر ، الـ .
كان ياخذ زمن بين انطلاق الاسم و الاسم الثاني ، زمن كأنه سنوات ضوئية بالنسبة له .

رمقه الطبيب بريبة بعد ما تأكد أن بين هالرجل و الجنون شعره ، نبرة صوته المريبة أكدت له ، هيئته المغبرة أكدت له ، وتصرفاته أكدت له .
همس بجنون وهو يعطي الطبيب ظهره مُبتعد ناحية الباب الخارجي ، يكرر اسمها وكأنه أغنية يدندن بها :
مريم ، عبدالله ، سعيد ، بن مر ، الـ
مريم ، عبدالله ، سعيد ، بن مر ، الـ
مريم ، عبد الله ، سعيد ، بن مر ، الـ





-104-
هتف بسعادة وهو يركض باتجاه جدته : اماه ، أمي ، أبشرش لقينا مرياام " هز جدته من كتوفها وهو يكرر بسعادة " لقينا مريم يمه .
( اماه = هي أشهر مناداة العُمانيين لأمهاتهم . )

وما كان ضمير المتكلمين "نا" إلا إشارة لوجود شخص آخر ساعد علي في إيجاد مريم ، وهالشخص ما كان غير العم مُبارك اللي اتصل بصفته عسكري وله رتبة كبيرة في شغله بكل مراكز الشرطة القريبة وبكل المستشفيات يسأل فيها عن وجود مريم ، وجاهم الفرح على هيئة خبر من أحد المستشفيات يأكد فيه أنه فيه شخص بنفس هالاسم منوّم عندهم .

انتشى قلب الجدة بالسعادة لهالخبر اللي كانت توّاقة لسماعه ، بدون ما تنتبه أنه حفيدتها منومه في المستشفى ، أهم شيء أنها انوجدت ولقوا أثَرها ، وانطلقت – على طول - هي وعلي والفرح للمستشفى المنشود .







نهاية النبض السادس
بانتظار آرائكم / توقعاتكم / ملاحظاتكم

كونوا بالقُرب .

مشاعِر 01-08-15 01:48 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
كيفكم آل ليلاس ؟
اشتقتلكم كثير
...

لظروف طارئة جداً تأخرت بإنزال تكملة البارت السادس فأعتذر .
وكنت وعدتكم إنّي أنزّل تكملة البارت + البارت السابع لكن راح نأجِّل نزول البارت السابع للسبت القادم
و يوم السبت بإذن الله من كل أسبوع راح أنزِّل بارت ؛ لأني - الحمد لله - تفرغت للرواية بشكل تام وخلصنا من رمضان ومن العيد
ومن زحمة السفر وجمعات الأهل .
...
و ترا من البارت السابع راح تحتد الأحداث أكثر و تتشابك > تشويق هههههه
البارت السابع دسم جداً جداً جداً و أقدر أقول أنه أساس أحداث و أحداث و أحداث ...
فعشان كذا غيّرت رأيي و قررت أنزله الأسبوع القادم ؛ لأنه فِعلاً يحتاجله شغل .
وبإذن الله راح ننهي هالرواية مع بعض بخير وسلامة ، أساساً صرت راسمة النهاية بكل تفاصيلها في بالي .
فلا تحاتوا من هالناحية .

شُكرا لصبركم ، و شُكراً لتفاعلكم
أحبكم كثير وربي ما يحرمنا من تواجدكُم .
...
ودي
twitter + ask : imsha3er

تفاحة فواحة 01-08-15 02:18 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتوقع اللي شال مريم
يمكن سعود او واحد من عيال محمد
لان عرفها وهي مغمى عليها وعرف ان عندها ربو
ان شاء الله بس ماقدر يغتصبها الكلب
عمر الله انقذه من عدنانوه الكلب
طارق جاي والله يعينه
انتظرك مع البارت الجديد

bluemay 01-08-15 03:00 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يا هلا والله وأنووورت فيك يا مشاعر العسل


بارت راااائع


وفعلا من طول الغيبات جاب الغنايم ...


مبدعة واسلوبك في تألق مستمر .. ما تتخيلي المتعة اللي بحس فيها وان بقرأ لك .. بكون في عالم تاني ينبض بالحياة مو كتابة على شاشة و ورق .



خييي ارتحت انه نجت من الحقير والحمدلله لقى جزاته يستاهل اكتر .

أممممم لا ما اظن انه سعود ولو انه كان اﻷول اللي اتبادر لذهني .. اتوقع حدن جديد عالساحة واكيد في وراه قصة .

رحمت امها موزة واخوها علي .. الحمدلله اطمنوا عليها وربي يكثر من امثال الطيب مبارك ع مساعدته الهم .







عمر أكتشف خداع العصابة والحمدلله قدر يحذر جون وجماعته ...

بس ما زال في خطر وقلبي بقلي أنه في مكايد تحاك ضده من عدنان وجماعته.

شو اللي منتظره من طارق اللي من نبرته مبين عليه أنه معصب منه .








أحلام لشو بتخططي .. اتوقع بتفكر تروح وتتركه او رح تطلب الطلاق منه . وكل هاد ﻷنها بتفكر أنه بتضحي ﻷجل سعادته .
حتى بعد ما قالها بصريح العبارة انه ما وده في شي غيرها وبس ..







سعود اتصرف بطريقة راقية مع اخته و وصلها المعلومة بطريقة حلوة ..

بتمنى تتعظ وتعتبر ولو انه ما رح تكفر عن خطأها بحق سلطان واللي حصله بسببها.






يسلمو ايديك يا عسل ... متشووووقة للجاي كتير

ربي يوفقك وتوصلي فيها لبر النهايات السعيدة ونحن وانتو بخير وسلامة .



تقبلي مروري وخالص ودي

○° الله أغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانتيته وسره .°○

غربة خريف 01-08-15 06:16 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم ،،

بارت رمادي ،، اعذريني لهالوصف بس تقريبا كل شي فيه حزين ،،

عمر واللي راح يلقاه من شكوك طارق ،، ممكن تتأزم الامور بينهم بشكل كبير ،،

مريم والله العالم بحالتها هسا ،، والشخص المجهول ،، كلمة بنتي تعني انه واضح فيه العمر الكبير ،، اذا هو شخصية جديدة وممكن شخصية قديمة رجعت من جديد ،، امممم مو قادرة اخمن ،،

مها رح يضل ضميرها يقتلها ويأرقها طالما سلطان خارج مسقط وخارج حدود العائلة ،،

سعود قسوته المعتادة اللي ما تناسب ابن ال 15 ،، لكنها قد تكون مجدية مع مها حتى ما تتمادى بشقاوتها ،، اللي ع سذاجة نيتها الا انها بتسبب مشاكل كبيرة عويصة ،،

أحلام ما زالت ع عنادها وأفكارها العارية عن الصواب تماماً ،، بتوقع تكبر الامور بينهم اذا صار وتركت البيت بغياب طارق ،،

مشااعر ما شاء الله عليكِ ابداع متواصل ،،

مشاعِر 08-08-15 07:22 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة فواحة (المشاركة 3547427)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلاً بالجميلة تُفاحة
منورة و ربي ، أحب حضورش واجد ربي ما يحرمنا منه

اقتباس:

اتوقع اللي شال مريم
يمكن سعود او واحد من عيال محمد
لان عرفها وهي مغمى عليها وعرف ان عندها ربو
ان شاء الله بس ماقدر يغتصبها الكلب
أتوقع تقصدي عيال عبدالعزيز مش محمد
على كُلٍ مُمكن يكون سعود لأنه يعرفها لكن ما ممكن يكونوا واحد من عيال عبدالعزيز لأنهم ما يعرفوها !

اقتباس:

عمر الله انقذه من عدنانوه الكلب
فِعلاً والله يستر من الجاي ، الواضح أنه القادم لـ عُمر ما سهل أبداً

اقتباس:

طارق جاي والله يعينه
انتظرك مع البارت الجديد
يمكن طارق يتفهم موقف عُمر بعد ما يحكيله اللي صار ، لكن هل بالسهولة أنه عُمر يحكي شيء يُعتبر من الأسرار اللي المفروض ما تنكشف لأيٍ كان ؟!!
الإجابة على هالسؤال في البارت الجاي بعون الله
...

شُكراً تُفاحة ، شُكراً يا جميلة
و بانتظار حضورش الحلو دايما

ربي يحفظش * قلوب *

مشاعِر 08-08-15 07:35 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3547430)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا هلا والله وأنووورت فيك يا مشاعر العسل

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلين ميمي ، أهلين فيش يا جميلة



اقتباس:

بارت راااائع
وفعلا من طول الغيبات جاب الغنايم ...
أنتِ الأروع و ربي
تسلمي حبيبتي * قلوب *

اقتباس:

مبدعة واسلوبك في تألق مستمر .. ما تتخيلي المتعة اللي بحس فيها وان بقرأ لك .. بكون في عالم تاني ينبض بالحياة مو كتابة على شاشة و ورق .
يا الله ، كلامش على راسي والله
و وسام فخر أُحسد عليه ، ربي يحفظش .
شُكراً

اقتباس:

خييي ارتحت انه نجت من الحقير والحمدلله لقى جزاته يستاهل اكتر .
أممممم لا ما اظن انه سعود ولو انه كان اﻷول اللي اتبادر لذهني .. اتوقع حدن جديد عالساحة واكيد في وراه قصة .
أهم شيء أنها نجت ، لكن الغموض ما زال يلف الشخص اللي أنقذها
والله يستر منه ، مبين أنه ما سهل ووراه قصة كبيرة

اقتباس:

رحمت امها موزة واخوها علي .. الحمدلله اطمنوا عليها وربي يكثر من امثال الطيب مبارك ع مساعدته الهم .
غيابها كان مثل المُفاجأة اللي سلبت عقلهم ، ومعهم كل الحق لأنهم هم ثلاثة أشخاص يستمدوا قوتهم من بعض فـ إذا نقص فرد منهم تتراخى قوتهم .
والناس الطيبة أمثال العم مُبارك في المُجتمع كثير ... الله يكثر منهم بس !

اقتباس:

عمر أكتشف خداع العصابة والحمدلله قدر يحذر جون وجماعته ...
بس ما زال في خطر وقلبي بقلي أنه في مكايد تحاك ضده من عدنان وجماعته.
شو اللي منتظره من طارق اللي من نبرته مبين عليه أنه معصب منه .
ان شاء الله عُمر يقدر يفكر صح المرة القادمة لأنه ما كل مرّة تسلم الجرّة
فالله يستر من القادم !

طارق معصب على أخوه وهالشيء ما غريب لأنه الصور اللي طاحت في يده ما صور عادية أبداً ، صور لأخوه في بار بجانبه بنت بكامل زينتها وقريبة منه حد الإلتصاق ، فـ غضب طارق نابع من دينه ومن العادات اللي ما تتوافق مع اللي شافه !

اقتباس:

أحلام لشو بتخططي .. اتوقع بتفكر تروح وتتركه او رح تطلب الطلاق منه . وكل هاد ﻷنها بتفكر أنه بتضحي ﻷجل سعادته .
حتى بعد ما قالها بصريح العبارة انه ما وده في شي غيرها وبس ..
حلام بين نارين ، وهي مفكرة أنه فيه نار مُمكن تكون أبرد لكنها ما دَرَت أنه النارين بنفس شِدة الحرارة !

اقتباس:

سعود اتصرف بطريقة راقية مع اخته و وصلها المعلومة بطريقة حلوة ..
بتمنى تتعظ وتعتبر ولو انه ما رح تكفر عن خطأها بحق سلطان واللي حصله بسببها.
سعود تصرف بأبوّة حقيقية ، و تصرفه نابع من خوفه على خواته
وغضبه منها و زعله هالشيء كله لأنه يخاف عليها بالمُجمل !

اقتباس:

يسلمو ايديك يا عسل ... متشووووقة للجاي كتير

ربي يوفقك وتوصلي فيها لبر النهايات السعيدة ونحن وانتو بخير وسلامة .



تقبلي مروري وخالص ودي
الله يسلمش ميمي ، حضورش الروعة هذا أسعدني جداً جداً جداً
لا خلينا منش يا رب

شُكراً

مشاعِر 08-08-15 07:46 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غربة خريف (المشاركة 3547449)
السلام عليكم ،،

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلاً بالجميلة غربة خريف
كيف حبيت حضورش * قلوب * !!

اقتباس:

بارت رمادي ،، اعذريني لهالوصف بس تقريبا كل شي فيه حزين ،،
إذا هالأحداث رمادية ، الأحداث القادمة سوداء سواد قاتم
لكن ان شاء الله أقدر أوازن بين المشاعر المختلفة في البارت الواحد .

اقتباس:

عمر واللي راح يلقاه من شكوك طارق ،، ممكن تتأزم الامور بينهم بشكل كبير ،،
الله يستر فِعلاً
و غضب طارق نابع من خوفه على أخوه و أنه مُمكن ينجر لـ طريق بشع و مظلم .

اقتباس:

مريم والله العالم بحالتها هسا ،، والشخص المجهول ،، كلمة بنتي تعني انه واضح فيه العمر الكبير ،، اذا هو شخصية جديدة وممكن شخصية قديمة رجعت من جديد ،، امممم مو قادرة اخمن ،،
" شخصية قديمة رجعت من جديد " ؟؟!!!
تذكري هالكلام يا غربة ، تذكريه زين ؛ لأن مُمكن الأحداث القادمة تثبته أو تنفيه !!

اقتباس:

مها رح يضل ضميرها يقتلها ويأرقها طالما سلطان خارج مسقط وخارج حدود العائلة ،،
ايش مُمكن تسوي عشان يرجع سلطان من جديد ؟؟!!
خاصةً أنه احنا عرفنا مها من بداية الرواية وهي تخطط و تدبر

اقتباس:

سعود قسوته المعتادة اللي ما تناسب ابن ال 15 ،، لكنها قد تكون مجدية مع مها حتى ما تتمادى بشقاوتها ،، اللي ع سذاجة نيتها الا انها بتسبب مشاكل كبيرة عويصة ،،
قسوته متوقعه جداً من ابن الـ 15 اللي شهد موت أبوه بعيونه واللي هالحادثة كبرته كثير ، و قسوة سعود و سلطته على أخوانه نابعة من إحساسه بالمسؤولية تجاه عائِلته بما أنه صار الرجل الأول في العائلة بعد موت أبوه .

اقتباس:

أحلام ما زالت ع عنادها وأفكارها العارية عن الصواب تماماً ،، بتوقع تكبر الامور بينهم اذا صار وتركت البيت بغياب طارق ،،
الله يستر من ردة فِعل طارق لا عرف أنه أحلام تركته ، هالشيء ما مكن يتحمله أي رجل فكيف برجُل مُحِب ؟؟!!!

اقتباس:

مشااعر ما شاء الله عليكِ ابداع متواصل ،،
تسلمي غُربة ، وكل كلمة كتبتيها راح أحطها في عين الإعتبار
حضورش فخر يا حلوة

شُكراً

مشاعِر 08-08-15 07:49 AM

رد: قرفة | بقلمي .
 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
أخباركم آل ليلاس ؟ إن شاء الله مرتاحين
...
بإذن الله راح يكون فيه بارت اليوم ، وهينزل في الليل بعون الله
ما أدري أي ساعة ما أقدر أحدد ؛ لأنّي ما زلت أراجعُه .
و إذا ما نزَل في الليل هينزل بعون الله باكر الصُبح :)

نحبكُم .

غربة خريف 08-08-15 05:25 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشاعِر (المشاركة 3549025)

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
أخباركم آل ليلاس ؟ إن شاء الله مرتاحين
...
بإذن الله راح يكون فيه بارت اليوم ، وهينزل في الليل بعون الله
ما أدري أي ساعة ما أقدر أحدد ؛ لأنّي ما زلت أراجعُه .
و إذا ما نزَل في الليل هينزل بعون الله باكر الصُبح :)

نحبكُم .

تسلميلي مشمش 😍

رح اكون بانتظارك ان شاء الله ..

غربة خريف 10-08-15 04:14 PM

رد: قرفة | بقلمي .
 
السلام عليكم
وينك مشااعر خير ان شاء الله
تطمنيما عنك ع الاقل

مشاعِر 23-10-15 01:02 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
أعتذر يا صحب ، أعتذر ، ما عدتُ أقوى لأي شيء والله .
قرفة غدت في هامش الأيام مُذ بُلينا بالفقد ،فالحمد لله على ما أخذ و الحمد لله على ما أعطى .
سأعود في يومٍ ما لإكمالها ، سأعود حينَ أستعيد بعضي الراحل برحيلِه.
سأعود . و إلى ذلك الحين أرجو من المشرفة إقفال الرواية .
سامحوني ، رجاءً ، فالظروف - أحياناً - قاهِرة حد الوجع .

إلى اللقاء .


الساعة الآن 08:11 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية