منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t196953.html)

زهرة منسية 20-09-14 07:13 PM

26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...1232306061.gif


مرحبا و أهلا و سهلا بيكم فى روايتى الجديدة

أحداث روايتنا تدور حول أخت كبرى تضحى بنفسها من أجل أخت أنانية

من يبتزها يحمل فى قلبه ضدها حقد ماضى مر عليه عشر سنوات

أتمنى أن الرواية تنال أعجبكم


26 ـــ نداء المستحيل

فانيسا جيمس


http://www.liilas.com/up/uploads/lii...1232910381.jpg

الرواية حصرية لمنتديات ليلاس

لا أحل نقل جهدى و تعبى دزن ذكر أسمى زهرة منسية أو أسم المصدر


زهرة منسية 20-09-14 07:16 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
الـمـلـخـص

لم تستطيع مايسى, حتى فى أحلامها, أن تنسى نظرة الغضب التى صوبها نحوها كورد باكلير فى ذلك اليوم البعيد.
و ها هى الآن تأتى بعد عشر سنوات ليواجهها قائلاً: "إما أن تدفعى الثمن أو تدفعه أختك."
إذا لم تقبل مايسى بعرضه ستدخل أختها السجن بتهمة السرقة.
لكن كيف تستطيع أن تقبل و ترتبط نفسها برجب تأسره فكرة الانتقام للماضى, رجل حاولت جهدها, طوال سنين, أن تكرهه و أن تنسى حبها له؟



إذا عجبتكم الرواية رجاءاً لا تنسوا الضغط على أيفونة الشكر

زهرة منسية 20-09-14 07:18 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
فــصــول الــروايــة

1 ـــ بين نارين
2 ـــ لا .....ليست هى
3 ـــ أسوأ من الماضى
4 ـــ هل تذكرين ؟
5 ـــ أتقبل بهذه المرأة ؟
6 ــ تزوجت وهماً !
7 ـــ شيطان الظلام
8 ـــ ستبقى حبيبى


بكون فى أنتظاركم يوم الأثنين مع أول فصول الرواية

Rehana 20-09-14 07:28 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
تبدو رواية مثيرة ومشوقة

مبروووك روايتك الجديدة .. زهوري
القسم منور ^^


http://www.hayah.cc/forum/imgcache/28082.png

تثبت الرواية

غنجة بيا 20-09-14 07:43 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
باين عليها كثير حلوة ومن كتابتك كمان ولا احلى

حبيت الملخص بحب روايات الانتقام مرة منتظرينك يعطيكى الف عافية على المجهود

دينا عبدال 21-09-14 08:35 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
الملخص جميل ياريت تكمليها بسرعة

زهرة منسية 22-09-14 09:43 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3475453)
تبدو رواية مثيرة ومشوقة

مبروووك روايتك الجديدة .. زهوري
القسم منور ^^




تثبت الرواية


الله يبارك فى عمرك ريحانتى

القسم دايمن منور و مضوى بوجودك

شكراً للتثبيت

زهرة منسية 22-09-14 09:46 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غنجة بيا (المشاركة 3475458)
باين عليها كثير حلوة ومن كتابتك كمان ولا احلى

حبيت الملخص بحب روايات الانتقام مرة منتظرينك يعطيكى الف عافية على المجهود

مرحبا غنوجة حلوة بوجودك معنا

أكيد بتعجبك طالما بتحبى روايات الأنتقام

لعيونك أول فصلين من الرواية

زهرة منسية 22-09-14 09:47 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا عبدال (المشاركة 3475707)
الملخص جميل ياريت تكمليها بسرعة

وجودك الأجمل دينا يا هلا بيكى

زهرة منسية 22-09-14 09:50 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس - الفصل الأول و الثانى
 
1 ــ بــيــن نــاريــن

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...1371681483.gif
منتديات ليلاس

نار تتأجج فى المدفأة, تعطى ظلالاً حمراء, ترسل حلقات دافئة من النور فوق السجادة التى عاد بها والد مايسى هاريس يوماً من الشرق.... تكتكت الساعة و تمطت القطة السيامية و ابرزت مخالبها و هى تحلم, و تكورت مايسى على نفسها كالقطة فوق مقعد أثرى قديم, و أكملت ما تبقى من غرز التطريز.
غرزت الأبرة فى القماش متنهدة, ثم ألقته جانباً, و التفتت ثانية إلى الساعة, لقد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل. قامت عن مقعدها و أخذت تذرع الرغفة ذهاباً و إياباً... ثم قطعت الغرفة نحو الباب, ثم عبر الممر إلى غرفة آبيغال الصغيرة. كانت الغرفة مبعثرة كالعادة.......رف المدفأة الصغير ملئ ببطاقاتالدعوات, فناجين القهوة, صحون سجائر, الثياب ملقاة على الكرسى و على الأرض. طاولة الزينة مكتظة بأدوات التجميل, أساور, خواتم, عقود........ و كم تكره الفوضى!
ترددت قليلاً ...... ثم فتحت خزانة الملابس و تساءلت....لِمَ فعلتِ ذلك يا آبيغال؟ المعطف لا يزال مكانه, و الفساتين أيضاً......

[COLOR="rgb(219, 112, 147)"]منتديات ليلاس[/COLOR]




زهرة منسية 22-09-14 09:52 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

حدقت مايسى بالملابس محتفظة بهدوء وجهها المعتاد, ثم مررت يدها فوق فرو السترة البنى الناعم......فأحست بالذعر يقبض على عضلات معدتها من جديد....من أين لـ آبيغال كل هذا؟ حتى هى التى لا تهتم بالملابس تعرف أنها غالية الثمن.....أحد هذه الفساتين من تصميم و صناعة "ديور"...الفرو من "سان لوران", و لا يمكن مطلقاً لشقيقتها آبى أن تشترى مثلها....فراتبها كسكرتيرة فى مؤسسة "باكلير و لا ينوود" للمحاماة, أقل بكثير من راتبها هى فى المعرض. قد يكون ديكى قد اشتراها لها....لكن مايسى لم تقتنع بهذه الفكرة....ربما استعارتها...لابد أن يكون هناك تفسيير منطقى لامتلاكها هذه الملابس.
تركت مايسى الغرفة بسرعة و عادت إلى غرفة الجلوس. وقفت قرب النافذة و فتحت الستائر السميكة و راحت تتأمل ما خلفه تساقط الثلج فوق المدينة من مناظر خلابة. حيث انسدل ضوء القمر على بياض الثلج فانعكس سحراً على الليل الشتائى.
و كانت مايسى لا تزال مستغرقة فى أحلامها, حين سمعت هدير محرك سيارة تلاه صوت الإطارات و قد أوقفتها المكابح..... ثم تناهى إليها صوت الموسيقى من راديو السيارة.
و تراجعت مايسى إلى الوراء و اسدلت الستائر....وسمعت صوت إغلاق الباب فى الأسفل و وقع أقدام آبى على السلم..... فجلست على المقعد و امسكت بقطعة القماش بيدها, عليها أن تبدو هادئة.......
و أنا لا تفقد أعصابها....لابد من وجود طريقة تدفع آبى لشرح كيفية وصول هذ الثياب الثمينة إلى خزانتها فهى ما تزال مسئولة عنها, و لطالما كانت كذلك.
توقفت آبى أمام الباب بوجه متجهم:
ـ أوهـ.....لا زلت ساهرة.....حسبت أنك نمت منذ ساعات.
رفعت مايسى نظرها إليها....كم تبدو جميلة.....لقد ورثت الشعر الأسود الكثيف من أمهما.... و خلعت آبى الشال الحريرى عن كتفيها العاريتين فشعرت بقشعريرة خفيفة فأسرعت نحو النار و ركعت قرب القطة, و ظهرها إلى شقيقتها.
ـ هل يدفؤك ما تلبسين ؟
ـ أوهـ...... لا تكونى مزعجة مايسى......تبدين أحياناً كعمتى العجوز كارلا! بالطبع كنت دافئة, فالسيارات مجهزة بوسائل للتدفئة هذه الأيام. ألا تعلمين؟
ـ لكنها ليلة باردة.....و ظننت أنك سترتدين المعطف الفرو.
فلمعت عينا آبى و التفتت بسرعة.
ـ هل دخلتى غرفتى؟
ـ أجل.....لأفتش عن قماش التطريز.
تكدر وجه آبيغال و علمت مايسى أنها تبحث عن الكذبة التى ستقولها لها. فبقيت صامتة....و أخيراً هزت آبى كتفيها :
ـ آهـ....هكذا إذن. حان وقت الأستجواب....و لهذا أنت بانتظارى.
فتنهدت مايسى:
ـ بالكاد يكون هذا استجواب. لكنى انتظرك....و لو لم أفعل لما أستطعت الإمساك بك....صحيح هذا آبى؟ أنت دائماً مستعجلة. و لا وقت لديك للتفسير.
فصاحت آبيغال بحدة:
ـ ما الذى يجعلك تظنين أننى مدينة لك بتفسير؟ كم أتوق بعد سنة من الآن أن أقول لك أن تذهبى إلى الجحيم!
فابتسمت مايسى بحزن:
ـ هذا بعد سنة من الآن.... و لكن فى الوقت الحاضر لازلت مسؤولة قانونياً عنك. أنت فى العشرين من عمرك فقط.....آبى, ألا يمكنك فهم ذلك؟
ـ و أنت فى الخامسة و العشرين.....فما الغريب فى الأمر؟ أنت لستِ أمى!
تألمت مايسى من كلامها, فـ آبيغالبالكاد تذكر أمهما....و ما كانت أمهما ستفعل ما تفعله هى الآن. كانت ستترك آبيغال تفعل ما يحلو لها, كما كانت دائماً. و ربما هى على حق....فهذا أسهل.
ـ آبيغال.....ارجوك...لم أختر هذا الوضع بنفسى....و لكن بما أن الأمر هكذا....
ـ هذا الأمر ممتع بالنسبة لك فلا تتظاهرى بغير ذلك و لطالما كنت كذلك حسبما أذكر, و بما أنك أنت التى حصلت على المال أنا لا أستطيع فعل شئ...أليس كذلك؟
ـ هذا غير صحيح! لم أكن أريد المال مطلقاً و لا شأن لىّ به و أعلمى أنه يكاد أن ينفذ.
ـ على أقساط مدرستى؟ لا أصدقك!
ـ على هذا و أشياء أخرى.
فضلقت عينا آبيغال متشككة:
ـ لا أستطيع التفكير بشئ.... فأنت لا تصرفين المال مطلقاً و لا تخرجين, و لا تقابلين أحداً, لا تشترين شيئاً, كل ما تفعلينه هو العنل, و العودة إلى المنزل للعمل فيه مجدداً.....حسناً فلا تتوقعى منى أن أعيش مثلك. فقد ينتهى بك الأمر لتكونى عانساً لعينة!
منتديات ليلاس
ـ آبيغال....أنت مجبرة على الإجابة على أسئلتى....من أين أتيت بكل هذه الملابس؟
ـ اشترطبعاً. و ما غير ذك؟
لاحظت ايسى أن أختها لم تستطيع النظر إليها, بل التفتت إلى النار, فتنهدت. و أجفلتآبيغال:
ـ هل أعتقدت أن ديكى هو من أشتراها لىّ؟
ـ لم أعتقد شيئاً آبى.....انظرى إلىّ....إنها ملابس غالية الثمن جداً....حتى أنا أعرف هذا...و أتساءل ما إذا كنت قد استعرتها؟
فاستدارت آبيغال بعنف لتقول ساخرة:
ـ استعرتها؟ هل أرتدى ملابس استعملها شخص آخر؟ لا.....مطلقاً! أتظنين أننى أذهب مع ديكى إلى كل هذه الماكن الفخمة و أنا أرتدى ملابس مستعملة؟ لا.....فهذا ليس أسلوبى!
وضحكت. خيم عليهما صمت قصير و عادت آبيغال تداعب فراء القطة, و قد بدا عليها القلق و الاضطراب. فأحست مايسى بالشفقة و العطف عليها....فهما بالكاد يعرفان أمهما و تحملتا سلسلة لا تنتهى من وصايات العمات و الخالات و المربيات, أما والدهما فكان دائم الترحال و التنقل حول العالم. و ليس عجباً أن تكون آبيغال كما هى عليه, عنيدة, قوية الإرادة, تحاول الحصول على ما تريد بأى ثمن, ثم لا تلبث أن تمله بسرعة.
ـ آبى.....أرجوك.....لا تدعينا نتشاجر.
و مدت يدها إليها....فجأة التفتت آبيغال و أمسكت بيدها. و التقت عيناهما, فلاحظت مايسى أرتباك أختها الواضح جلياً على وجهها و عينيها الدامعتين, فتنهدت....إذن هى محقة بشكوكها, فقالت مايسى بلطف:
ـ أخبرينى.
ـ أوه ماى! أنا فى مأزق!
جذبت مايسى أختها لتجلسا معاً على السجادة أمام المدفأة. و ابتسمت لها فهى تفهم مزاج آبى المتقلب و دفاعا الحاد دائماً كان يبشر بالاعتراف, ضمنها مواسية و قالت لها بنعومة:
ـ لا يمكن أن يكون الوضع بهذه الخطورة....أخبرينى....فأنت تعرفين أننى لا أتخلى عنك و أننى على استعداد دائم لمساعدتك.
فقالت آبى باكية:
ـ لن تستطيعى هذه المرة! لن يستطيع أحد ......
ـ بالطبع أستطيع!
ـ ثمن هذه الملابس من مال سرقته.
حدقت بها مايسى مذهولة غير مصدقة:
ـ سرقتيه؟ آبى....لا يمكن أن تكونى فعلت هذا!
فرفعت آبى رأسها :
ـ لقد فعلت.....كنت بحاجة لبعض المال....و ذلك بعد مقابلتى لـ ديكى....كان يأخذنى إلى أماكن فخمة, و أردت أن أبدو أنيقة مثل باقى الفتيات الثريات اللواتى يرتدن هذه الأماكن الفخمة.......
ـ لكن آبى.....كان لديك الكثير من الملابس........
ـ لا....كلها ثياب قديمة بالية شاهدنى الجميع عشرات المرأت أرتديها....أردت التأثير على ديكى....و على تلك المرأة المشاكسة أمه.....أحب ديكى يا ماى, و أريد الزواج منه.....اللعنة!
ـ و لكن من أين حصلت على المال؟
ـ من المؤسسة.
أحست مايسى بتصلب شراينها....و حدقت بشقيقتها غير مصدقة.
ـ من مؤسسة باكلير و لا يتوود؟ آبيغال كيف فعلت هذا؟!
عادت الأخت إلى البكاء:
ـ لقد فعلت! بدا الأمر بسيطاً, و هذا فظيع. أعرف أنك تعتبرين أصحاب المؤسسة محاميين و أوصياء على العائلة لكنهم ليسواا وكلاء لعائلتنا فقط, إنهم وكلاء كبار الأثرياء أيضاً.....و هناك زبونة لهم....عانس عجوز حمقاء, سلمتهم كل أعمالها....و هى مجنونة بحب الحيوانات.
وضحكت بسخرية قبل أن تكمل:
ـ طبعت لها وصيتها بنفسى فقد تركت كل أموالها اللعينة لريع ملجأ سخيف للقطط المشردة!
ـ و ماذا بعد؟
ـ فكرت أن هذه هدراً للمال....و المؤسسة ترسل لها دائماً شيكات, بمبلغ الفوائد من أسهمها, و هى تصرفها على الحيوانات....لدينا فى المكتب دفتر شيكاتها, و كان السيد باكلير العجوز يملأ اسم المستفيد, و يوقعها بالنيابة عنها ثم يرسلها شهرياً إلى حيث تذهب, و كنت أطبع القائمة, و أرسل الشيكات بنفسى, ثم....منذ حوالى ثلاثة أشهر, مرض السيد باكلير العجوز. و ترك كل الشيكات على طاولته....فأخذت بعضاً منها, ثم حررت الشيكات باسم المؤسسة و أخذتها إلى المصرف, ليس ددفعة واحدة بالطبع, و صرفتها....دون أن يشك بىّ أحد, فأنا معتادة على صرف شيكات المؤسسة.


منتديات ليلاســـــــــ

زهرة منسية 22-09-14 09:55 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

وحدقت مايسى بشقيقتها برعب :
ـ لكن الشيكات بحاجة إلى توقيع.
فردت آبيغال:
ـ أوهـ..... هذا أمر بسيط! أستطيع تقليد توقيع السيد باكلير و عيناى مغمضتان. و كنت أنا من يطبع اللوائح, و أغير الأرقام......
ـ أنت.....زورت توقيع السيد باكلير؟
ـ حسناً.....كنت مضطرة....لن يصرفوا الشيكات و توقيعى أنا عليها.
شعرت مايسى بالغثيان:
ـ كم..... كان المبلغ....آبيغال؟
ـ ليس الكثير.....
ـ كم؟
ـ حوالى الأربعة آلاف دولار.
فشهقت مايسى مصدومة. و أحست برأسها يدور...و بدأت على الفور بالحسابات المعقدة...كم بقى من مالها؟ لو أنها باعت آخر مجموعة من اسهمها؟ و استدارت آبيغال لتدفن رأسها حجر شقيقتها و قالت بصوت مختنق:
ـ أوهـ ماى....أنا آسفة.... لست أدرى ما دهانى.
و مسحت مايسى شعر شقيقتها و ضمتها إلى صدرها و حافظت على رقة صوتها و هدوئه و هى تقول لها:
ـ آبيغال....اسمعى... ما من فائدة الآن من الكلام....لا أستطيع التفكير كيف تمكنت من فعل ذلك, و لكن بما أنه حصل و أنتهى الأمر, يجب أن نفكر بمخرج, أليس كذلك؟ أصغى إلىّ.... معى بعض المال.....
على الفور جلست آبيغال متسعة العينين:
ـ كم؟
فردت ببطء:
ـ أظنه يكفى..... غداً سنذهب معاً...و نشرح ما حدث...... و ستعتذرين و ندفع المال و أنا واثقة أن باكلير العجوز سوف.....
ـ الأمر ليس بهذه البساطة!

ـ آبى....كل شئ سيكون على ما يرام. و سترين. ستضطرين للأستقالة, فأنت لم تحبى يوماً تلك الوظيفة أصلاً...و السيد باكلير العجوز كان....مولعاً بأمناً...و من أجلها, أنا واثقة أنه لن....
ـ أوه......مايسى....لقد قلت لك من شهر مضى إنك لا تستطيعين رؤيته.......إنه مريض جداً و لم يحضر إلى المطتب منذ أن أصابته النوبة القلبية.....
و تملك الخوف قلب مايسى:
ـ إذن...... من أستطيع أنا أقابل؟
ـ كورد باكلير.
ـ كـــورد؟
ـ أجل....برأيك ماهى فرص النجاح معه؟ أتظنين كورد باكلير سيتركنى بكل أدب مع اعتذار, و شيك ملاءم.
و عادت الذكريات بـ مايسى إلى يوم صيفى منذ سنوات بعيدة....يوم جنازة أمها. كانت تقف قرب القبر, و معها شقيقتها و الشمس تلمع فوق راسيهما و عينان محدقتان قاسيتان مصوبتان نحوهما فيهما نظرة إزدراء, قاسية, أوهـ....أجل هذه كانت آخر مرة شاهدته فيها, لكنها تذكرت كورد باكلير جيداً....و تنفست الصعداء ثم قالت:
ـ لا....فى هذه الحالة لا فرصة لنا.
فمالت آبيغال إليها و قالت بإلحاح :
ـ ألا ترين؟ لهذا السبب كنت متوترة فى الأسبوع الماضى. كان يجب أن أخبرك....لقد جاء كورد ليشرف على المؤسسة فى غياب واده, عندما سمعت الخبر عرفت أن الأمر مرهون بالوقت....أوهـ ماى! سيكتشف الأمر....لقد طلب جردة كاملة..... و ما أن يعرف.....
صمتت و أطرقت برأسها...فقالت مايسى:
ـ أتظنين أنه سيقاضيك؟
ـ أعرف أنه سيفعل! و قد يتولى القضية بنفسه!
ـ حتى لو شرحتِ له الموقف أو أعدنا له المال.........
ـ هذا لن يؤثر فيه....أنت تعرفين كم هو قاسى القلب و هو يكرهنا! و يكره أمنا...لطالما قلت لىّ ذلك! و سيكون سعيداً بهذا, أليس كذلك؟ لو فعل لأنتهى أمرى....و لن يتزوجنى ديكى مطلقاً أوهـ....., ماى.....أتمنى لو أموت!

منتديات ليلاســــ

ضمت مايسى شقيقتها بحنان, محاولة التخفيف عنها:
ـ لابد أن هناك شيئاً نستطيع فعله.
ـ شئ واحد فقط....نستطيع الذهاب إلى ليو...أوهـ لن أستطيع التحمل...هناك المزيد لم أقله لكِ.....
المزيد؟ هل له علاقة بـ ليو؟
ـ أوهـ.....أعرف رأيك بـ ليو.....لكنه ليس سيئاً كما تظنين! إنه أفضل من أخيه الرهيب, على الأقل ليس بارداً.....أنه.....
و أغمضت مايسى عيناها....و بدأ رأسها يؤلمها.....كورد و ليو... لن يتركها الماضى و شأنها أبداً؟ و ركعت آبيغال أمامها:
ـ ماى....اسمعى....يجب أن أخبرك....لقد أخبرت ليو بالأمر....و قال إنه سيساعدنى....لقد وعدنى...
ـ يساعدك؟ أتعنين سيكلم كورد؟
ـ بالطبع لا! فلن يهتم كورد بما قد يقوله ليو....قال أنه سيحاول إخفاء الفضيحة.
ـ إخفاء الفضيحة؟!
ـ اسمعى...لا تنظرى إىّ هكذا! قال إذا وجدت طريقة لدفع المال فسيصلح الدفاتر قبل الجردة....و لن يعرف أحد قط بما حدث...أوهـ ماى....ألا تفهمين.....إنها فرصتنا الوحيدة!
ـ تعنين المزيد من الأكاذيب؟
ـ و ما الفرق؟ ستستعيد تلك المرأة الحمقاء العجوز مالها....و نتجنب الفضيحة, ثم أنا و ديكى.....لكن هناك مشكلة....ليو اشترط أمراً.
فشهقت مايسى بحدة:
ـ شرط؟
فأحنت آبيغال :
ـ قال إنه سيفعل ذلك من أجلى...إذا أقمت علاقة معه.
أحست مايسى بالدم يغلى فى عروقها:
ـ ماذا؟
فرفعت آبيغال رأسها و صاحت:
ـ و هل هذا أمر فظيع؟ لطالما كان معجباً بىّ. و هو يعلم أننى ليست مثلك...أعنى....ليس سراً فى المكتب أننى....حسناً...."مودرن"...يعلم علاقتى بـ ديكى....أوهـ...أنت تعلمين ماى....كان لىّ علاقة عندما كنت فى السادسة عشرة, ألا تفهمين؟ الأمر كله نوع من المزاح! غير أنه يعنى ما يقول!
ـ أتظنين هذه مزحة؟ إنه أبشع شئ سمعته فى حياتى!
ـ أوهـ لا تكونى متكبرة!
ـ متكبرة؟ أهكذا تنظرين إلى الأمر؟
أحمر وجه آبيغال, و قالت:
ـ سيخرجنى من ورطتى.
ـ لو كان عندك حد أدنى من الأخلاق, لما ورطتِ نفسك منذ البداي.
فوقفت آبيغال و صاحت بحدة:
ـ أخرسى! أكرهك أحياناً مايسى....دائماً تعظين...دائماً تصرخين....من السهل عليك الكلام, فأنتِ لم تجربى الحب فى حياتك....فكيف يمكنك أن تفهمى؟ كنت يائسة, ألا تفهمين؟ يائسة. و كورد مسافر...و لن يعود قبل الأسبوع المقبل. حتى ذلك الوقت ستكون الجردة جاهزة, عندها سينتهى أمرى....و ليو فرصتى الأخيرة, ألا يمكنك فهم هذا؟
حدقت مايسى بأختها فى صمت, ثم قالت:
ـ كورد مسافر؟
ـ أجل....و لكن ليو هناك كالعادة. و معه مفتاح الخزانةحيث توضع دفاتر الحسابات....و بإمكانه إصلاحها....ولن يستطيع أحد غيره هذا.
ـ هل أستطيع رؤيته؟
ـ أوهـ ماى....هل ستفعلين هذا؟ سيكون كل شئ على ما يرام إذن.....أنا واثقة....إذا عرضت دفع المال.....و إذا علم أنك تعرفين, فأنا واثقة أنه سيتراجع عن طلبه....و يمكنك إفهامه أمر حبى لـ ديكى.....أرجوك ماى...أظنك ستنجحين.
نظرت مايسى إلى وجه أختها المبلل بالدموع, الأحمر اللون, و غمرت قلبها موجة من الحب و المسؤولية....أنها لا تريد رؤية أحد منهما.....مجرد التفكير بالأمر يجفف حلقها....لكن إذا كانت مضطرة....فهى نفضل رؤية ليو على رؤية كورد.
ـ ساقابل ليو, آبيغال, هل تعدينى ألا تكررى الأمر ثانية؟
بإندفاع قوى عانقت آبيغال شقيقتها و صاحت:
ـ بالطبع سأفعل! أوهـ ماى....ليباركك الله كنت أعلم أنك ستساعديننى.
ـ أساعدك من أجل ديكى.....لأنك تحبينه.
ـ أنتِ الحبيبة! أوهـ....ماذا أفعل من دونك!
و استغرقت مايسى فى التفكير ثم قالت:
ـ غريب....كنا نشاهد بعضنا كثيراً فى الماضى....عندما كنا صغاراً, خاصة ليو...كورد كان أكبر سناً, و دائماً فى المدرسة, أتذكرين يوم ذهبنا نن الأربعةإلى فنكوفر عند عمتنا كارلا لقضاء العطلة الصيفية.
ـ بشكل غامض....كنت و كورد دائماً معاً...و كان الأمر مملاً بالنسبة لى, لكننى أذكر المنزل, كان على الساحل مقابل جزيرو فنكوفر.....أليس كذلك؟
ـ أجل.....أجل....لقد مر زمن طويل, و لست أدرى إذا كنت سأعرف ليو الآن.
فضحكت آبيغال:
ـ لطالما حاول ليو تدبير لقاء بينكما, لكنك أنت كنتِ من يرفض....فأنتِ حمقاء بالنسبة لمثل هذه الأمور.
تنهدت:
ـ أجل.....ربماأنا كذلك......حسناً سأراه فى الغد, و ربما من الأفضل أن تبقى أنتِ فى المنزل غداً, إلى أن آنهى كل شئ.
ـ ماى....أتظنين حقاً أن كل شئ سيكون على ما يرام؟
ـ طبعاً....و سأتمكن من إنهاء الأمر, قد أكون امرأة.....لكننى أكثر من ند لـ ليو باكلير.
ـ و كورد؟
ارتجفت مايسى و لم تجب.... و فكرت بصمت....لا....لست نداً لـ كورد.... لكننى لن أتعامل سوى مع ليو.... و ليس مع شقيقه المحامى الشهير.
استعادت بذاكرتها تلك العينين الرماديتينالباردتين. فأرتجفت دون وعى..... كانت المرة الأولى التى ترى فيها الحقد فى عينى إنسان..... حتى فى ذلك الوقت المبكر من عمرها.... فهمت معنى تلك النظرة.....
أوهـ .... لا...... إنها لن ترغب مطلقاً فى مواجهة كورد باكلير. و الشئ الوحيد الجيد فى كل هذا الأمر الفظيع أنها لن تحتاج لمواجهته.






زهرة منسية 22-09-14 09:58 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
3 ــ لا ......لـــســـت هــــى


اهتزت يدا مايسى و هى تدفع ببطء الأبواب الماهوغونية الضخمة الضخمة التى تذكرها جيداً منذ الطفولة. توقفت فى الردهة, فالمكان كما تصورته تماماً. لم يتغير خلال السنوات العشر التى تجنبت فيها المجئ إلى هنا بكل حذر. صور مؤسسى المؤسسة على الجدران: السيد لايتود, المتوفى منذ زمن دون ترك أى وريث..... و السيد باكلير العجوز فى صورة له عندما كان فى الثلاثين من عمره..... و هذه طاولة الأستعلامات حيث كان دائماً و خلفها الغرفة الصغيرة.......
مشت على رؤوس قدميها عبر الردهة, لتصل إلى السلم. أجل.... لقد حالفها الحظ. موظفة الأستقبال منشغلة بقراءة مجلة, فلم تنتبه لوجودها. و اسرعت مايسى تصعد السلم بسرعة.... و عند أول فسحة له, توقفت للتأكد من أتباع تعليمات آبيغال, و ما تتذكره, أجل, هناك ممر صغير بعيد عن المكاتب الرئيسية... من فوقها سمعت أصوات الآلات الكاتبة المخنوقة خلف الأبواب الباقية هى لغرفة الملفات.
بلغت الباب بسرعة, ثم دون تردد, طرقت مايسى الباب بخفة و فتحته, ثم دخلت لاهثة الأنفاس.
كان هناك رجل خلف الطاولة.....حين فتحت الباب و رفع رأسه عن بعض الأوراق أمامه, مجفلاً بشكل واضح. و وقف, دون حراك, ينظر إليها.
منتديات ليلاس
وقفت ايسى كذلك جامدة و راحت تحدق به و قد جف فمها فجأة.
بدا وجهه شاحباً, غير قادراً على الحركة, و كأنه أمام شبح.........

منتديات ليلاســــــ

زهرة منسية 22-09-14 10:01 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
فتساقطت الأوراق التى يمسك بها لتقع على الأرض. حركة الأوراق المفاجئة أعادت له وعيه, فتغيرت سيماء وجهه, و أخذت عيناه تتجولان فيها, من قدميها حتى و جههها حيث توقفتا, ثم ابتسم, ابتسامة كرهتها على الفور, فقد نجح أن يسجل فى بسمته مزيجاً من الإعجاب و الوقاحة, و بسرعة دفعت مايسى الباب وراءها لتقفله.
حدق بها متفحصاً الجسد النحيل متسائلاً....
ـ ما هذه الزيارة العجبية!
و ابتسم بخبث و وقاحة....فاضحاً تعويذة السحر العجيبة التى استحوذت عليها, لتجد نفسها غاضبة.... بل تغلى من الغضب.... غضب كبحته منذ حدثتها آبيغال.... هذا الرجل القذر الكريه! كيف يجرؤ على الأبتسام لها؟ خاصة بعد قاله لشقيقتها! و تقدمت إلى الأمام, و قالت بهدوء:
ـ سيد باكلير؟ أنت لا تذكرنى.....
فقاطعها ببرود شديدة:
ـ بالعكس, أذكرك جيداً, أنت مايسى.... أليس كذلك؟ ايسى هاريس.
الدهشة, أو شئ ما فى طريقة لفظه لاسمها, جعلاها تتردد...و جلس خلف طاولته, و وضع ساقيه فوق بعضهما, ليتكئ إلى الخلف برباطة جأش, يراقبها....و أشار إلى كرسى أمام الطاولة:
ـ لا تستغربى...تفضلى أجلسى...... لك وجه لا يُنسى, كما لكل أفراد عائلتك.
أحست مايسى بالدم يحرق وجنتيها.... لم تكن تتوقع ذلك.
لقد رائعاً أكثر مما توقعت.... و تنحنحت قائلة بهدوء:
ـ لن أجلس, و لن أتأخر. أظنك تعلم سبب وجودى هنا.
فرفع حاجبيه:
ـ و هل يجب أن أعرف؟
فإزداد غضب مايسى و قالت ساخرة:
ـ أظن هذا.....لقد جئت من أجل شقيقتى.
ـ حقاً؟ تعنين أنك لا زلت تكرسين حياتك لحمايتها؟
كان يتحدث بهدوء فى وقت ينظر فى عينيها, عيناه رماديتان باردتان, و للحظات ذكرها بأخيه, فتنفست بصمت لتثبت أعصابها...لا فائدة من الغضب, و يجب أن لا تثير غضبه, و يجب أن تكون مقنعة بطريقة ما..... تردتت قليلاً, ثم ابتسمت له أجمل ابتسامة أستطاعتها:
ـ ربما الأفضل أن أجلس.
ـ تفضلى.
بعد أن جلست, وضمت يديها معاً, مالت إلى الأمام تثبت عينيها عليه, و بدأت:
ـ أخبرتى آبيغال بكل شئ..... ليلة أمس.
ـ كل شئ؟
للحظات, رأت وجهه يتغير, و رأت شيئاً كالقلق الشديد يتحكم بعينيه, فتشجعت:
ـ أجل, أخبرتنى عن المال و... أرجوك ألا يمكن أن نتفاهم؟ ما كان يجب عليها أن تفعل ما فعلت, لكنها لم تدرك هذا سوى الآن. و لن يحدث ذلك ثانية.... فهى تشعر بخجل شديد, و قلقة حتى المرض حول ما حصل .... و نستطيع إصلاح الخطأ.... أعرف أن هذا بإمكاننا! لقد أحضرت كل حساباتى المتوفرة و استثماراتى ...و لو استطعت بيع اسهمى, لأعطيتك المال الذى أخذته.
و صمتت.... فقد تغير وجهه, و أرعبها التعبير الذى أكتساه, لكنه لم يرد, فتابعت:
ـ ليتك تساعدنا فقط.... كما اقترحت على آبيغال! أرجوك!
وضعت يديها على طاولته, محاولة أن تنظر إلى تعابير وجهه كى لا تتردد....و أكملت:
ـ أتعلم؟ آبيغال تحب.... و تريد الزواج. لكن إذا أفتضح أمرها, فسينتهى كل شئ, فأسرته معروفة, و لن يسمحوا بمثل هذا الزواج... و هذا ما سيحطم قلبها!
فابتسم بهدوء: ـ أحقاً هذا ما سيحصل لها؟
فمالت إلى الأمام و قد اتسعت عيناها:
ـ ألا ترى هذا؟ إذا أعدنا المال فلن يتضرر أحد....أليس كذلك؟ طبعاً أعرف أن عليها ترك عملها هنا, لأنها.... خانت ثقة أبيك بها, و هو من ساعدها بكل لطف.... لكن..... الآن....حسناً لو أكتشف أخاك ما فعلت....و سيكتشف إذا لم تفعل أنت شيئاً.... فما سيحدث واضح.... أليس كذلك؟
ـ صحيح؟
ـ لكنك قلت لها بنفسك.... إنه سيقاضيها.... و سيكون مسروراً بهذا... إنه يكرهنا... نحن الأثنين.
ـ هكذا إذن!
حدق بها للحظات, ثم بحركة مفاجئة أخافتها... وقف و قال باختصار:
ـ أخشى أن لا أستطيع مساعدتكما.
ـ لكنك قلت لها بالأمس....
ـ ما قلته ليس له علاقة بهذا الأمر.
فجأة توثب غضب مايسى, فوقفت خلف الطاولة تواحهه, و صاحت به:
ـ ـ بل له علاقة! كيف تجرؤ على مساومتها بأمر كهذا؟ تعد بمساعدتها إذا عقدت معها اتفاقاً قذراً!
ـ أعقد ماذا؟
ـ اتفاقاً, ابتزازاً! لطالما كنت كاذباً.... لم تتغير كثيراً يا ليو.... و لا حتى فى عشر سنوات... أليس كذلك؟
ـ لست أتدرى عما تتحدثين.......
للكنها قاطعته بحدة:
ـ بل تعرف تماماً.... أيمكن أن تنسى تلك التغطية التى طبختها لها ليلة أمس؟ و هل ذاكرتك على هذه الدرجة من الضعف؟ كل ما يجرى عمل قذر مقرف يجعلنى أحس بالسقام! لكن على الأقل, آبيغال آسفة على ما فعلت, و أنا أحاول مساعدتها. بينما كل ما أنت مهتم به هو كيف تبتزها و تجعلها تذهب معك إلى الفراش.... أنت حقير و لا تحتمل!
سد صمت طويل متوتر لم تغادر عيناه خلاله وجهها, ثم استدار ببطء و كأنما مكرهاً, جلس وراء الطاولة مجدداً. و عندما التفت لتلتقى عيناها بعينيها, كان قد استعاد رباطة جأشة. و أخذ يراقبها بوقاحة, و نصف ابتسامة على وجهه.
ـ إذن.... لقد كشفتِ أمرى...ضُبطت .... على يد الأخت الشريفة.
ـ كيف تجرؤ! أتعنى بذلك أن آبيغال ليست....
فقاطعها رافعاً يديه:
ـ أوهـ.... أعرف تماماً ما هى آبيغال.
وهز كتفيه دون مبالاة.... فأحستبموجة قنوط تتملكها... أنها تتناول المسألة بشكل خاطئ .... لقد أغضبته أو فقد أعصابها معه ... فاخفضت نظرها عنه و عادت تتكلم بهدوء:
ـ ما كان يجب أن أفقد أعصابى.... فهذا لن يفيد... فأنا هنا لأقول لك شيئين, و أطلب منك شيئاً. أولاً: شقيقتى لا تنوى الأذعان لاقتراحك. ثانياً: سنرد لك المال, كما قلت. و أخيراً: أتمنى أن تساعدنا لما فيه مصلحة أختى, و لا أجد وسيلة أخرى للتخلص من هذا المأزق أو طريقة أفضل أسلك سبيلها.
فرد بكل هدوء:
ـ يمكنك الذهاب إلى كورد.
حدقت به غير مصدقة : ـ لابد أنك مجنون! أنه يكرهنا.... بسب أمنا!
ـ كان هذا من زمن بعيد.
ـ أعتقد أنه لم ينس! إنه يلومها لطلاق والديك.... هذا ما يجب أن تعرفه.
ـ كانت ملامة.
احست مايسى بشحوب وجها... هذه هى الحقيقة... لكنها صدمة أن تسمعها بصراحة من شخص آخر, خاصة ليو, و أكمل يقول:
ـ قد يساعدك!
فاستدارت نحوه:
ـ كورد؟ إنه لا يساعد حتى رجلاً يحتضر فى الشارع!
ـ أوهـ حقاً؟

منتديات ليلاس
وقف ثانية مبتسماً ببرود.
ـ إذن.... ليس أمامكما خيار آخر, أليس كذلك يا مايسى؟ أنتما مضطرتان للاعتماد علىّ.
و استدار من منتصف الطاولة متقدماً نحوها.... أجبرت نفسها أن تواجهه و لا تخرج مهزومة.
ـ هل ستساعد آبيغال؟
ـ أوهـ ... أجل.
ـ أتعنى ذلك؟
ـ طبعاً... بشرط واحد صغير.
ـ لا! ..... لقد قلت لك...... آبيغال تحب.... و لن توافق .......
ـ أنا لا أتكلم عن آبيغال.
مد يده ليمسك ذراعها, فوق المرفق تماماً, وجذبها قليلاً نحوه و ابتسم لها:
ـ أنا أتكلم عنك. زهرة منسية
ـ ماذا؟
فضحك بخبث. ضحكة قصيرة كريهة مريرة.... ورد بوقاحة:
ـ عندما اقترحت هذه الصفقة, لم أكن قد رأيتك بعد.... منذ هشر سنوات....و الآن بعد أن رأيتك.... أتساءل عن معنى ملاحقتى لأختك.... لماذا لا ألاحق ما أستطيع الحصول عليه بسهولة؟
فأمامى من هى أكثر جاذبية.... فهل توافقينى يا مايسى؟
ـ أوافق على ماذا؟
فابتسم ببرود:
ـ أوهـ.... هيا الآن.... هل يجب ان أتلفظ بما ألمح إليه؟ سأفعل إذا أحببتِ... تعالى معى إلى الفراش مايسى.... و سأسوى الأمور مع شقيقتك.
أعاقت الصدمة تفكيرها, و ملأ الخوف نفسها فرفعت يدها لتصفعه على وجهه صفعة بدت آثار أصابعها جلية على خده. فخفت قبضته على ذراعها, لكنه لم يتركها, فانتزعت ذراعها و تراجعت بسرعة و هى ترتجف و قد أبيض وجهها:
ـ أيها ..... النذل! كيف يمكن لك......
و أحست بالأختناق فى حنجرتها, و لم تعد الكلمات قادرة على الخروج, و استدارت نحو الباب, فسمعت صوته البارد الهادئ يقول:
ـ لو كنت مكانك لفكرت بالأمر..... و بكل ما يتضمنه اقتراحى.
فتوقفت, و استدارت نحوه بحدة و هى تصيح:
ـ كيف تجرؤ على تهتديدى؟ كيف تجرؤ على تهديد شقيقتى؟ سأجد طريقة للتخلص من هذا المأزق دون مساعدتك.... و دون اقتراحك الوقح.... انتظر.... و سترى!
فضحك:
ـ أوهـ.... بالتأكيد سأرى..... لكننى أعتقد أنك ستعودين إلىّ فى النهاية.... ألن تفعلى مايسى؟
ـ أفضل الموت!
و خرجت مسرعة من الغرفة دون أنتظار لتقصف الباب وراءها بعنف.

منتديات ليلاســـــــ

زهرة منسية 22-09-14 10:03 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
عندما عادت مايسى إلى الشقة وجدتها خالية....تقدمت منها القطة تموء طالبة الطعام.... فوجدت لها علبة طعام جاهزة و أطعمتها.... ثم أخذت تنظف طاولة الطعام التى تركتها آبيغال كما هى بعد الفطور.
دخلت إلى غرفة الجلوس فأحست بالأعياء فى أطرافها!
جلست تحدق فى رماد الموقد دون أن ترى شيئاً.... لقد أدهشها غياب آبيغال عن المنزل. و بمعزل عن هذا الشعور الذى تملكها, احتفظت بقلب بارد فهى لم تعرف م بقيت هنا, محبوسة مع أفكارها و ذكرياتها..... لكن وقع أقدام على السلم أيقظها أخيراً, فوقفت و باب الغرفة ينفتح و تدخل آبيغال بصحبة ديكى.... حدقت مايسى بشقيقتها بفزع, ثم سارعت نحوها قلقة.... كان وجهها شاحباً أبيض حول هينيها دوائر سوداء, تستند إلى ذراع ديكى, و قبل أن تصل إليها كان ديكى قد أجلسها على كرسى.... فسألته:
ـ ماذا حدث؟ أين كنتما؟
و بدا عليه الاضطراب.... القلق يظلل وجهه الصبيانى الوسيم.... فهل قالت له آبيغال؟ قال و هو ينظر إلى آبيغال بقلق:
ـ مايسى... كم أنا مسرور لعودتك.... اتصلت بىّ آبى صباحاً كانت متوعكة.... ولقد أخذتها إلى الطبيب.
ـ ركعت مايسى أمام شقيقتها ممسكة بيدها, فأحست بها ساخنة جافة, بل محمومة.
ـ آبى.... هل أنتِ بخير؟ ماذا قال الطبيب؟
ـ لا شئ... ربما أنلونزا أو شئ من هذا القبيل. لم يُفدنى بشئ! ليتنى لم أذهب إليه. كل ما قاله إنه يجب أن ألزم الفراش, و أرتاح .... و أبقى ..... دافئة......
فابتسم ديكى و قال بنعومة:
ـ لن يضرك هذا حبيبتى! لقد أرهقنا أنفسنا كثيراً مؤخراً.
سارعت مايسى تقول:
ـ سأشعل لك النار.... و الأفضل أن تبقى هنا اليوم يا آبى.... و سأبقى معك ..... سأتصل بالمعرض, وأنا واثقة أن مايك لن يمانع.....
كان ديكى قد جلس على ذراع مقعد آبيغال و ذراعه حول كتفيها فقالت له مايسى:
ـ أتود بعض القهوة يا ديكى؟
نظر إليها بدهسة.... ثم وقف:
ـ أعتقد أنه من الأفضل أن أعود إلى العمل.... لقد تأخرت بما يكفى.... هل ستكونين على ما يرام حبيبتى؟ سأحضر لأراك حالما أنتهى من العمل هذا المساء.
فردت آبيغال بتوتر:
ـ أوهـ.... أذهب.... سوق القطع ستنهار إذا لم تكن موجود.... اللعنة! و كنا سنذهب إلى تلك الحفلة الليلة.
ـ غير مهم لأنها ستكون مملة فى كل الأحوال.... أرتاحى حبيبتى.... ترعاكِ مايسى... سأعود فى السابعة... ماذا تحبين؟ سمك مدخن؟ ناعات؟
فأدارت آبيغال وجهها عنه:
ـ قرر أنت.... فالتفكير فى الطعام يسقمنى.
سارعت مايسى للتدخل ملاحظة فظاظة شقيقتها, ورافقته إلى الباب حيث قالت له:
ـ لماذا لا تتصل فيما بعد... ستكون أفضل حالاً؟
فابتسم:
منتديات ليلاس
ـ عظيم.... سأفعل... سأحضر طعام خاص لنا جميعاً.... كل ما تحبه.... و تحبيه أنت....
عادت مايسى إلى جانب آبيغال.... وألتقت عيناهما:
ـ حسناً؟
ـ آبيغال.... أخشى أننى لم أنجح.
ـ ماذا؟ ماذا تعنى لم تنجحى.... يجب أن تنجحى! ماذا حدث؟ ماذا جرى؟ ألم تحصلى على المال؟
ـ لا..... حصلت على المال.
ـ و ماذا إذن؟ سيكون كل شئ على ما يرام.... ألم تقابلى ليو؟
أخفضت مايسى عينيها و تصاعد الدم إلى وجهها:
ـ أجل... قابلته.....
ـ إذن؟
ـ لن .... يساعدنا.... آبيغال.
حاولت آبيغال الوقوف, فتعثرت بالسجادة, و أمسكت بالمقعد و مالت إلى الأمام, و وجهها الأبيض زانه بريق العينين السوداوين .
ـ لكن يجب أن يساعدنا! لقد وعدنى يوم أمس, أوهـ.... يا إلهى! لقد أفسدت كل شئ... أليس كذلك يا مايسى؟ ماذا قلت له بحق الجحيم؟ أوهـ... لماذا أخبرتك.... للماذا لم أتولى الأمر بنفسى.
أمسكت مايسى بيد آبيغال الساخنة لتعيدها إلى الجلوس....
ـ و لن ينفعك هذا أيضاً.
و ركعت أمامها, فجذبت آبيغال يدها.... و أكملت مايسى:
ـ اسمعى آبيغال, يجب أن تفكر بمخرج آخر, ليو لا يستطيع مساعدتنا....و لن أقبل مساعدته و إن فعل.... إنه.... فاسق مخادع.... آبيغال.... و أنا.....
نظرت إليها آبيغال بريبة:
ـ ماذا تعنين بفاسق؟ ليو لا بأس به.... أما إذا كان حكمك المسبق عليه قد أفسد لىّ كل شئ ماى.... فلسوف........
ـ الأمر ليس هكذا.... لقد تمسك بعرضه.
ـ هكذا إذن. فهمت!
ـ لا آبى حبيبتى..... لم تفهمى.... لقد..... غير شروطه, و لاتجاه غير معقول أبداً.... إنه سيفعل, و لكن.... لو ذهبت أنا معه إلى الفراش....
ـ ماذا؟
ضاقت عينا آبيغال غير مصدقة, و حدقت بـ مايسى, ثم ألقت رأسها إلى الخلف و ضحكت.... و قالت بضعف:
ـ أوهـ .... يا إلهى! كم هذا مثالى منه! ما هذه النكتة؟ أنتِ من بين كل الناس!
فردت مايسى بشراسة:
ـ كان الأمر مريعاً.... فهو لا يخجل أبداً.... حاول أحتضانى.... ثم....
فتوقفت آبيغال عن الضحك وردت بسخرية:
ـ ثم ركضت هاربة منه....كما أعقد! حسناً.... لا بأس فى هذا إذن ماى؟
ـ لا بأس؟
فابتسمت آبيغال ببرود:
ـ طبعاً لا بأس.... أعنى أنك ستفعلين ما طلبه منك, أليس كذلك؟ عندها أصبح نظيفة اليد.
فحدقت بها مايسى و صرخت غير مصدقة:
ـ آبيغال!
ـ أوهـ.... إلى الجحيم! لا تنظرى إلىّ. الأمر بسيط تماماً, إذا كان ما يريده, مع أننى أظنه مجنوناً.... لكن لما لا؟ و ماذا ستخسرين؟
أحست مايسى بالدموع تحرق عينيها:
ـ آبيغال.... أنت.... ألا يمكن أن تكونى جادة؟
ـ أوهـ.... بل أعنى ما أقول.... و مصيرى مرتهن لما سوف تقررين, و ليست هذه تضحية كبرى, بالنسبة لشقيقتك؟
ـ لكننى لا أستطيع التفكير كيف يمكنك قول مثل هذه الأشياء.... أو الطلب منى الفكير بها....إنه أكثر رجل مكروه....!
ـ لا... ليس مكروهاً.... بل جذاباً جداً.
ـ لا..... إنه ليس كذلك.... ثم إن ما يقدمه لا علاقة له بالجاذبية.... أنه مقرف و غير معقول...
ـ صحيح؟
ـ طبعاً! إنه ابتزاز...... من أسوأ الأنواع
ـ هل أنت واثقة أن الابتزاز هو ما يقلقك؟ فأنا أقول أن ما يقلقك شئ آخر.
ـ شئ آخر؟
فضحكت آبيغال ضحكة مريرة.
ـ أوهـ.... هيا ماى... بإمكانك الاعتراف لىّ! فأنا أعرفك جيداً! انظرى إلى نفسك! أنت خائفة, أليس كذلك؟ و ليس بسبب الابتزاز... بل من مجرد التفكير بعلاقة مع رجل, لأنك تخافين من الرجال... و لطالما كنت هكذا يا ماى... و إلى أى مدى ما أستطيع أن أتذكر كنت هكذا.... كالثلج, ما من رجل أستطاع الاقتراب منك.... حتى عندما كنا صغاراً... أوهـ يا للجحيم.... ما الفائدة؟ الكلام معك مستحيل... هل أنت خائفة على عذريتك أم حمقاء.... الله وحده يعلم! أنت فى الخامسة و العشرين, و لا زلت على الرف....و لو عرف ليو حقيقتك لما أهتم بك, و لن يحصل أى رجل على أى مرح معك؟
ـ أخرسى! كيف تجرؤين على هذا القول؟ ليس مرحاً! فعدم مشاركتى لك حريتك و أخلاقك السيئة لا يعنى أننى....
ـ أوهـ... ماى... ـنت آسفة... لكنك تعرفين كيف أهذى فى بعض الأوقات..... من الواضح أننى أنظر إلى الأمر بشكل مختلف عنك. لكن الخيار بسيط.... أيهما أغلى عندك.... عفتك أم شقيقتك؟
ـ آبيغال... لا! لا يمكن أن يكون الأمر هكذا....و لن يكون....لابد أن هناك طريق آخر, لا أستطيع آبيغال.... حتى من أجلك.
ـ و لكننى قد أفعل لأجلك.....
وقفت آبيغال لتكمل :
ـ ....حسناً...لقد عرفت الآن موقفى. احتفظى لنفسك بطهارتك .... و لا حق لىّ بلومك.... لكننى سأستمر فى لومك لما تبقى من عمرى!
و ركضت إلى غرفة نومها لتصفق الباب وراءها.
استمرت مايسى بالتحديق خلفها مذهولة, غير قادرة على الحركة.... متخطية الآن مرحلة البكاء, أنفاسها متسارعة و متألمة.... ثك أخذت تذرع غرفة الجلوس ذهاباً و إياباً....
بعد قليل خرجت إلى البهو الصغير.... ترددت قليلاً أمام باب غرفة شقيقتها.... من الداخل تناهى إليها صوت البكاء المخنوق.
و احست بالألم يعتصر قلبها.... ما يحصل الآن يشبه ما حصل تلك السنة.... السنة الرهيبة حيث خلالها ماتت أمهما... آبيغال بالكاد تذكر هذا الآن.... لكنها تستطيع تذكر وقع الأقدام على أرض غرفة نومها.... وصوت شقيقتها:
"أريد أمى.... ماى.... أين هى؟"
"أمنا ذهبت يا حبيبتى..... ألا يمكنك النوم؟تعالى معى..... سأحتضنك."
"طوال الليل؟"
"إذا أردتِ"
"ألن تذهبى أنت أيضاً ماى؟"
"لا يا حبيبتى.... لن أتركك أبداً... أعدكـ"
اسندت مايسى جبينها بضعف إلى الجدار البارد تستمع إلى النحيب الجاف الفظيع الذى يتناهى إليها من خلف الباب. ثم, استقامت فجأة و عادت إلى غرفة الجلوس... التقطت الهاتف, ترددت قليلاً, ثم أدارت رقماً, هناك فرصة واحدة أخيرة.....
الوحيدة الباقية لها.
بدا أن الهاتف يرن دون توقف....ثم أجاب شخص ما.....
و تكلمت:
ـ مرحباً..... أود التحدث إلى سكرتيرة كورد باكلير أرجوك.... أنا مايسى هاريس.


نهاية الفصل الثانى

bluemay 22-09-14 10:39 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
مباااااارك زهورتي
يا دوب شفتها ...

الملخص حلو .. وشكلها خطيرة ..
يلا برجع بتعليق بعد القراءة .
يعطيك العافية
لك ودي

Sent from Mobile using Tapatalk

زهرة سوداء 22-09-14 05:07 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
روعة كالعادة زهورة متابعة معك اكيد تسلم أيديك يا قمر

bluemay 23-09-14 09:28 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
طبعا الفصل اﻷول والتاني عجبوني كتير

رائعة ماي .. بتعجبني هالنوعية لووول
بعكس اﻷنانية صغيرة العقل آبي .

أما كورد فشكله ثقيل دم حسب ما فهمت.
لكن ليو تييييييييت عليه اللحمة ما اوقحه .

متشوقة أعرف شو رح تكون ردة فعل كورد لما تتصل فيه؟
بعنتظار الفصل الجاي ع نار ....

يعطيك العافية زهورتي .
لك ودي

Sent from Mobile using Tapatalk

تـخ ــتـو ـخه 23-09-14 09:52 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
القصه واايد حلوه تسلم اناملج الذهبيه ياريت تكملينها

زهرة منسية 24-09-14 09:17 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة سوداء (المشاركة 3475849)
روعة كالعادة زهورة متابعة معك اكيد تسلم أيديك يا قمر

مرحبا سوسنا يا مية أهلا و سهلا بيكى

شرف ليا وجودك معنا نورتى حبيبتى

زهرة منسية 24-09-14 09:25 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3475796)
مباااااارك زهورتي
يا دوب شفتها ...

الملخص حلو .. وشكلها خطيرة ..
يلا برجع بتعليق بعد القراءة .
يعطيك العافية
لك ودي

Sent from Mobile using Tapatalk

الله يبارك فيكى مايتى

أهلا و سهلا بيكى نورتى يا قمر

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3476034)
طبعا الفصل اﻷول والتاني عجبوني كتير

رائعة ماي .. بتعجبني هالنوعية لووول
بعكس اﻷنانية صغيرة العقل آبي .
و أنا كمان بتعجبنى النوعية دى من البطلات

لكن بكره الظلم كتير

فى البداية مثلك ظنت آبى أنانية لكن فاجئتنىيمكن تكون لا مبألية لكن مش انانية
أما كورد فشكله ثقيل دم حسب ما فهمت.
لكن ليو تييييييييت عليه اللحمة ما اوقحه .
برافو عليكى مايتى نظرتك فى محلها
متشوقة أعرف شو رح تكون ردة فعل كورد لما تتصل فيه؟
بانتظار الفصل الجاي ع نار ....

يعطيك العافية زهورتي .
لك ودي

Sent from Mobile using Tapatalk

هلا مايتى كيف حالك

بيعجبنى حبيبتى تعليقك كتير بانتظار رايك فى الفصلين القادمين

زهرة منسية 24-09-14 09:28 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تـخ ــتـو ـخه (المشاركة 3476050)
القصه واايد حلوه تسلم اناملج الذهبيه ياريت تكملينها

يسلم عمرك يا قمر

أكيد بكملها لعيونك بنزل فصلين جداد

bluemay 24-09-14 09:33 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
يووووبيييي في فصول جديدة

بإنتظارك زهورتي ..

Sent from Mobile using Tapatalk

زهرة منسية 24-09-14 09:37 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
3 – أسوأ من الماضى.


منتديات ليلاس


مع حلول الظلام, خرجت مايسى تواجه هواء الليل البارد..... و القمر لا يزال يرتفع ببطء.... وقد بدا أبيض كالعظام تتخلله بضع غيمات بيضاء, من خلف المنتزه على كتف التل. سارعت خطواتها.... و عند الزاوية ترددت إذ لم يكن هناك أى ضوء سوى المنبعث من مصابيح الشارع الطويل أمامها....و تناهى إليها صوت الموسيقى و فرقعة الكؤوس من مقهى قريب.... ونظرت بعيداً, نحو البيوت البيضاء المرتفعة أمامها.... كانت تتوقع أن تجد كورد مسافراً.... لكن سكرتيرته قالت إنه عاد فجأة و أنه لا يستطيع رؤيتها سوى فى المساء, و ليس فى المكتب بل فى منزله.
توقفت مايسى عند الباب.... فالوقت لم يحن بعد. و لا زال بإمكانها تغيير رأيها.... لكنها أجبرت نفسها على فتح الباب.........
أحست بمعنوياتها ترتفع قليلاً و هى تصعد السلم نحو الرواق المسقوف العريض, و ضغطت على زر الجرس...... لابد أنها كانت غبية لحكمها المسبق على كورد لمجرد ذكريات الطفولة. فهو الآن رجل, و لابد أنه تغير, بالتأكيد, وإذا استطاعت أن تشرح له.... فقد يساعدهما.

منتديات ليلاســـــــــــ


زهرة منسية 24-09-14 09:40 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
فتح الخادم الباب:
ـ آنسة هاريس؟
و أدخلها إلى ردهة واسعة مضاءة.
ـ سيكون السيد باكلير معك بعد لحظات, انتظرى هنا إذا سمحت... هل آخذ عنك المعطف؟
قادها إلى غرفة استقبال كبيرة, و انسحب بصمت.... و نظرت مايسى بقلق حولها... لابد أن كورد رجل غنى جداً. سجاد صينى ... أثاث أثرى... أحد الجدران ملئ برفوف الكتب من الأرض إلى السقف... ستائر قرموزية قاتمة بلون الدم تظلل النوافذ التى تطل على المنتزه.... و تحركت ببطء إلى الداخل لتقف قرب النار المشتعلة فى المدفأة.
ـ آنسة هاريس.
استدارت مجفلة..... ثم جمدت, تحدق عبر الغرفة غير مصدقة, هذا الرجل الذى نطق باسمها , دخل الغرفة بصمت..... يقف تقريباً على بعد خمسة أمتار منها. يدلهل فى جيبي بنطلون بذلة رسمية, و أحست بالدم يتصاعد إلى وجهها..... ثم قالت متلعثمة:
ـ ليست أفهم .... لابد أن هناك خطأ ما.
فقطع الرجل الغرفة دون أن يبتسم ليقف على بعد خطوة منها:
ليس هناك أى خطأ.... لقد التقينا هذا الصباح, أم أنكِ نسيت بسرعة؟
ـ اعرف .... لكن.... لابد أن هناك سوء فهم ما.
ابتسامته كانت متجهمة:
ـ ما من سوء فهم.... ربما يجب أن نتعارف....ف أنا كورد باكلير.
ترنحت مايسى.... ولم يحاول الإمساك بها. لكنها وجدت الطاولة خلفها فاستندت إليها للحظات, تحدق فيه... بالطبع! كيف يمكن لها أن تكون غبية؟ لو لم تكن متوترة الأعصاب و مشغولة التفكير, لما ارتكبت هذه الحماقة. صحيح أن عينى ليو رماديتان أيضاً, إلا أنهما لم تحملا هذ البرودة قط. فمه كان دائماً ضعيفاً, و كأنه فم فتاة و ليس قاسياً لدرجة الوحشية مثل فم هذا الرجل, و الصوت, كيف يمكن لها أن تنسى الصوت الخالى من المشاعر, الحاد الجميل لكن خشن.... فهو صوت محام لامع على كل الأحوال ..... لقد نظر إليها هكذا مرة.... بنفس الطريقة ...
الذكرى أعطتها الشجاعة, فاستوت فى وقفتها و خطت إلى الأمام, تقول بهدوء:
ـ سأذهب إذن... لا فائدة من بقائى الآن.
ـ أتظنين هذا؟ أستطيع القول, من وجهة نظر شقيقتك, إن فى بقائك أكثر من فائدة, ألا تظنى ذلك؟
تحرك بكسل, دون تردد, حتى أصبح يسد عليها طريقها.... فاضطرت أن ترفع بصرها إليه, فقال:
ـ ترغبين فى تفسير دون شط؟ فالنساء عادة يطلبن بهذا.
أكمل طريقه ليجلس على الكرسى قرب النار, دون أن تترك عيناه وجهها. كانت كلماته تؤلمها, فاستدارت إليه تدافع عن نفسها:
ـ ألا تظن أنك مدين لىّ بتفسير؟
فهز كتفيه:
ـ ربما.... و هكذا كلانا مدين..... أليس كذلك؟
ببطء, أختارت كرسياً قابلته, و جلست, كان المقعد مغطى بالمخمل الأحم, و هى تجلس انفتلت تنورتها السوداء لتشكل هالة فوق اللون الأحمر.... فابتسم:
ـ هل أخترت هذا الزى خصيصاً؟
ـ لست أدرى ما تعنيه.
ـ بل أظنك تدرين بالضبط ما أعنى. إنه رزين محتشم... أسود اللون, كثياب الراهبة. هل ظننت أنى قد أتأثر به؟
ـ لم أفكر بشئ من هذا مطلقاً.
ـ لكننى واثق أنك فكرت, فكما يبدو لىّ, أنت فكرت بدقة بهذا اللقاء.
ـ لقد فكرت فى اللقاء.... و لكن ليس مظهرى.
ـ حقاً؟ هذا مختلف عن تفكير بنات جنسك! فهن يتصرفن هكذا عادة.
ـ لقد جئت إلى هنا أطلب عونك.
ـ طلب عونى؟ هذا الصباح قلتِ أنى لا أساعد رجلاً يحتضر فى الشارع, إنها صورة حية, و لو أن الوانها مبالغ فيها لكنها مناسبة, هل تودين شرب شئ ما؟
ـ لا.... شكراً لك.
ـ كا تشائين.
ثم وقف قرب المدفأة, عمداً كى تضطر إلى رفع نظرها إليه, و ابتلعت ريقها بصعوبة.... بما أنه لن يساعدها, و هذا واضح فالأفضل أن تتكلم.... و مالت إلى الأمام.
ـ لماذا لم تقل لىّ هذا الصباح.... من أنت؟
ـ لأننى لم أختر ذلك.
ـ كان بإمكانى أن أوفر وقتى, و الكثير من سوء التفهم.
ـ ممكن.
ـ كان يجب أن أعرفك. لكن.... مضى زمن طويل لم نلتقِ فيه, و أنت لا تشبه ليو أبداً.
ـ لا.... لقد اخترت الذهاب إليه.... لكنك دائماً كنتِ مغرمة بـ ليو يا مايسى.... و منذ كنت صغيرة.
ـ لقد ذهبت إليه, لأننى ظننت أنه سيفى بوعده لـ آبيغال و يساعدها.
ـ و عندما, كما ظننت, لم يفعل, جئت راكضة إلىّ, ماذا كنت ستعرضين علىّ.... أن تخبرينى قصصاً عن أخى؟
ـ إذا كان هذا ضرورى.... ليست أهتم بما أفعل..... فأهتمامى الوحيد هو مساعدة آبيغال..... و مسح كل أثر لما فعلت.
ـ بدءاً هذا غير صحيح. فكما عرفنا هذا الصباح, أنت تهتمين ببما تفعلينو اهتمامك بأختك له حدوده..... أليس كذلك؟
و أحست مايسى بالخوف يتصاعد فى داخلها من جديد....لن يعيد طلبه الآن.... بالتأكيد.
ضمت يديها معاً أمامها بتوتر, و أجبرت نفسها ألا تجفل, و لا تشيح بنظرها.
ـ أجل.... له حد واحد.....كما تحب أن تسميه.
فابتسم و رفع يده يمررها على خده حيث صفعته:
ـ كم أنت متزمتة! أتظنين أننى سأخدع بكل هذا؟ هذا الثوب.... تصرفك هذا الصباح؟ أوه, لا.......... بالنسبة للتمثيل كان تمثيلك رائع, لكنه لم يُقنعنى!
فتوقفت:
ـ هذا لا علاقة له بموضوعنا..... كورد ........ أرجوك.
لاحظت أنه جفل لذكرها اسمها مجرد, و بدا على فمه دليل الأشميزاز..... فتقدمت منه و كررت:
ـ أرجوكـ.... أعرف أنك تكرهنا, أعرف لا شئ يدفعك لمساعدتنا... لقد أخطأت آبيغال....
فقاطعها :
ـ ما فعلته يسمى أختلاساً... كما يشمل السرقة. قمت ببعض التحقيقات بعد خروك.... أة بعد أن بُلغتُ بالقضية.
ـ أعرف هذا! و أعرف أنه يجب معاقبة آبيغال.... لكن ألا ترى؟ لقد نالت عقابها... لقد أعياها القلق فمرضت و هى تدرك فداحة ذنبها....
فضحك بإزدراء :
ـ هذا لأنها تخشى افتضاح أمرها.... لا تكونى ساذجة مايسى.... لو لم أظهر أنا, فهل كنت تتصورين حدوث ذلك لها؟ آبيغال كانت ستستمر بكل سعادة اختلاس مال المرأة المسكينة قدر المستطاع.... هى ليست نادمة... أنها خائفة.
ـ هذا غير صحيح! لقد فعلت ما فعلت بتهور و طيش و ندمت عليه, حتى قبل أن تطلب الجردة بوقت طويل....
ـ طيش؟ تصرف شيكات تزيد قيمتها عن أربعة آلاف دولار فى فترة ثلاثة أشهر, و فى فترات محسوبة بدقة؟ و تسمين هذا طيشاص؟
ـ لقد ....احتاجت المال!
ـ لماذا؟ هل كانت تتضور جوعاً؟ هل لديها طفل تريد إعالته؟ ألم تستطيع دفع إيجار الطبيب؟ ألم تقدر على شراء الطعام؟ لا تتذرعى بهذا! لقد عرفت نساء فى أوضاع مماثلة لما ذكرتها أُرسلن إلى السجن ثلاثة أشهر, و أنتِ تحاولين إخراج آبيغال من المأزق دون عقاب؟ لماذا بحق الجحيم يجب أن تنجو بفعلتها؟ أتسمين هذا عدالة؟
فأخفضت رأسها:
ـ لا.... ليس عدالة !
ـ ماذا تسمينها إذن؟
ـ ليست أدرى... العفو, الرحمة, سمها ما شئت....
ـ أتعلمين ماذا أسميها؟ أسميها الرشوة للنجاة. شقيقة لديها ما يكفى رقيقة الإحساس, تظن نفسها قادرة على تخليص أختها أو مسح كل ما فعلته, أو جعل صحيفتها نظيفة... إنه نظام خاص للأغنياء و آخر للفقراء. اللعنة على كل هذا.... إنه يسقمنى!

منتديات ليلاس
نظرت إليه مايسى بهدوء, تحس بالدموع نقنحم عينيها, و القلق و الخوف على آبيغال يتصاعد فى نفسها, و قالت:
ـ حسناً...... ما الذى تريد حصوله؟
ـ أريدها ـ كغيرها ـ أن تواجه عاقبة عملها.
ـ أتدمر حياتها؟ إنها لم تتجاوز العشرين من عمرها.... أرجوك كورد.... ألا ترى هذا؟ لقد أخطأت, لكنها تعرف خطأها الآن. و لن تكرر ما فعلت.... و لديها فرصة مع شخص يمكن أن يجعل حياتها منتديات ليلاس سعيدة, لتعويضها عن كل آلام الماضى. ما حصل كان ذنبى جزئياً... لو أنها مرت بطفولة عادية....
ودوت ضحكته ساخرة فصاحت به بحدة:
ـ لا تضحك! أنت تكلمنى عن الحرمان. عن أشخاص يائسين ليس لديهم معنويات للحياة.... حسناً هناك أنواع أخرى للحرمان! آبيغال لم تعرف أمها كثيراً, و بالكاد ترى أبيها, و لو لم تحظ بالحب و هى طفلة.... و إذا كانت حمقاء غير مسؤولة بعض الأحيان, فهناك اسباب.... ألا تفهم؟
ـ لا ....ليست أفهم. فلا تقصى علىّ قصصاً باكية, فهى لم ينقصها شئ!
ـ بل كان ينقصها الحب!
لاحظت تغييراً فى تعابير وجهه. و ظنت أنها شاهدت شيئاً مختلفاً, نوعاً من العطف فى عينيه الرماديتين الباردتين... و سرعان ما تلاشى إحساسها حين تقدم منها بسرعة لاوياً فمه:
ـ كانت تريد الحب؟
مد يده و أمسك ذراعها بعنف ليشدها إليه و يقول:
ـ سأقول لك شيئاً مايسى.... أتعلمين بمن تذكرينى فى هذه اللحظات؟ و بمن ذكرتينى هذا الصباح, عندما انحنيت فوق الطاولة بنفس التعبير الآمل المتوسل الظاهر على وجهك الآن؟ لقد ذكرتينى بأمك....
ـ بأمى؟ لكننى........
ـ أوهـ أعرف أنكِ لا تشبهينها.... لكنك زهرة منسية مثلها, ألست هكذا مايسى؟ حيث لا يظهر ما فى داخلك سوى فى عينيكِ. يا إلهى, كم أكره عينينك! لا استطيع تحمل رؤيتهما.
و دفعها بعنف عنخ, و أكمل:
ـ لقد رأيت هذه النظرة لدى أمك, عندما جاءت زاحفة إلى أمى تختلق الأعذار و الأكاذيب اللعنة! يا إلهى!
و غطى وجهه بيديه:
ـ لن أنسى تلك النظرة ما دمت حياً... قالت لها: "سامحينى.... سامحينى... لقد تسببت بتحطيم زواجك.... و أنا آسفة جدا على ولديك و على زوجك و ما فعله معك"
كان يُقلد صوت أمها ساخراً... و لهجتها الإيطالية الغريبة حتى أن مايسى تذكرتها.... و كأنها معهما فى الغرفة.... تقدم منها ثانية و أمسك بخصرها, يضغطه بين ذراعيه ليكمل:
ـ كانت تتوسل لغاية فى نفسها, و أستخدمت ذلك التوسل كما تستخدمينه أنتِ الآن.... يا إلهى.... لقد عرفنا عنها كل شئ.... طفولتها فى الأزقة, عشاقها الكثيرين, ثم الرجل الذى أحبها و ساعدها.... أبى, الذى ترك زوجته لأجلها تخلت عنه بعد ستة أشهر, و بعد أن حققت الدمار فى عائلته....
ـ توقف! أنت تقلب الحقائق.... هذا غير صحيح....
ـ و ماذا تعرفين أنتِ؟
ـ كنت لا أزال طفلة! و كانت آبيغال رضيعة! و ليس لها علاقة بما حدث.... ليست مسؤولة عن أى شئ! كل ما ستفعله... هو القاء انتقامك عليها.... و تكلمنى عن الحق و العدالة... هذه ليست عدالة.... أنها كراهية!
ساد صمت رهيب فى الغرفة. و للحظات ظنت أنها أثرت عليه.... و أن كلماتها خرقت قوقعة ذكرياته... لتلمس خزان غضبه, و بدا لها محيراً, لأول مرة, فاستدار عنها... و قال باختصار و ظهره لها:
ـ ربما.... ربما!
ترددت قليلاً, ثم أمسكت بكم سترته, فلم يستدير, و قالت:
ـ كورد ....أرجوك!
بدا صوتها المصدوم غريباً على أذنيها حين تكلمت بصعوبة.
ـ أستطيع التحددث عن كل ما أذكره و كما أشعر به فقط.... فأنا لم أكرهك يوماً... و أنا آسفة... آسفة تماماً لما تشعر به لكننى أرجوك أن تنساهـ الآن و تساعدنا و لو لمرة واحدة.
و تنهدت:
ـ إذن لن تساعدنا.... فلا مكان لىّ غيرك ألجاء إليه... أرجوك.... لا أستطيع سوى الطلب.... و التوسل...
فاستدار ... و قال ببرود:
ـ لقد طلبت هذا فى الصباح.
ـ أطلبه مجدداً.
و دفع يدها عن ذراعه:
ـ و قلت لك عن الثمن!
ـ ماذا؟ لا يمكن أن تعنى ما تقول! أنا....لقد ظننت أن فى الأمر مزاح ... أو نوع من... اللعب...
ـ لست لعبة... و عليكِ أن تقررى من الذى سيدفع عن عائلتك أنت أم شقيقتك... عليكما تسديد بعض الديون.
ـ وعدتك .... بإعادة المال.
ـ لست أتحدث عن المال..... سمها عادلة قاسية, سمها ما شئت! فأنا أعتقد أن هذا يوازن معادلة قديمة ... ألا تظن ه ا؟
ـ معادلة قديمة؟
وساد الصمت مجدداً, ليحدقا ببعضهما .... و أحست مايسى بشئ يرتفع ثم يتحرك فى قلبها, شئ قديم جداً... قوى جداً.... أخافها جداً, فقالت:
ـ لا أفهم ما تعنى.
ـ بل تعرفين ما أعنيه بالضبط.... أليس كذلك مايسى؟
حاولت التراجع عنه, لكن قبل أن تبتعد كانت ذراعاه قد التفتا حولها, ليحضنها دون جهد, لم يجبرها.... بل أمسكها بحيث لا تستطيع الحراك .... ثم بلطف مدهش رفع رأسها إليه كى ينظر إلى عينيها الواسعتين الخائفتين, و سألها:
ـ أهناك رجل فى حياتك مايسى؟ هل يشكل هذا خيانة لأحد؟
ـ لا....
ـ لا تكذبى!
ـ حسناً.
انفجرت شفتاها لترد عليه لكنه أحنى رأسه ليدفن وجهه فى شعرها, يداه دافئتانناعمتان, أرسلتا رعشة عنيفة فى كل جسدها.... فلم تقاوم و أحست بيديها عالقتين يسنها و بينه.... متوترتان ثم مسترخيتان... و تنهد كورد, بطريقة لم تسمعها من قبل... و أحست بتوقه الغريب لها... و أخذت مشاعرهما تتواصل و كأنها تيار كهربائى, تسللت قوته إلى داخلها دون مقاومة, تطالب بالتجاوب .... و سمعت نفسها تتأوهـ, فشد عليها أكثر, يمرر يداه على ظهرها إلى أن وصلت إحداهما إلى شعرها الطويل الكثيف, و رفع وجهها إليه كما ترتفع الزهرة نحو النحلة لترتشف رحيقها.
كان عليها أن تقاوم .... أن تبعد رأسها عنه.... فلم تستطيع .
شئ ما استيقظ فى داخلها شئ مدفون منذ زمن ظنت أنه انتهى.... قوة هائلة قفزت فى داخلها آتية من أعماقها, كالرسالة اندفعت إلى دمها, قلبها, ثم إلى ذراعيها... و سمعته يقول و كأنه يبعد عنها عشرة سنوات:
ـ مايسى..... أتذكرين؟
كانت تحس أكثر مما تسمع ...بشرة وجهه الخشنة على خدها الرقيق .... أحست بمشاعر و كأنها فى مكان آخر.... ذات مرة .... فى مكان ما... و هو يتلمسها عادت الذكرى إليها و الصورة, و معها كاد أن يتوقف قلبها .... و معها توقفت سعادتها.... و تصلب جسدها...

منتديات ليلاســـــــــــــــــ






زهرة منسية 24-09-14 09:42 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

و طغى عليها العار و الخجل... و سمعت نفسها تطلق صرخة مخنوقة و انقبضت يدها لتدفعه عنها بكل قوتها:
ـ لا ! لا أذكر !
ـ مايسى........
مد يده إليها فضربتها .... أحست بقلبها يصغر و يتشدد و يمتلئ نقمة.
ـ ابتعد عنى و لا تلمسنى ثانية!
فتراجعت, ورأت القساوة تعود إلى وجهه .... قالت له:
ـ فى المرة القادمة ... المرة القادمة التى تقف فيها فى المحكمة.... يا إلهى, كم أتمنى عندئذٍ أن تتذكر هذا. و اتمنى ألا تنسى الما أنت حى! لا حق لك أن تقف هناك..... اتسمعنى؟ فما من أحد يمكن لك أن تقاضيه أكثر من نفسك. أيها المبتز, الكاذب, الكريهة المستغل ضعف الأخرين.... أنت لا تطاق ... أنت تقرفنى... أتفهم هذا؟ أنت....

ورأت قمه يلتوى بنصف ابتسامة:
ـ صحيح؟ لو كنت مكانك لما قلت هذا. ثم أن خبريتى كبيرة بمثل هذه المسائل.
ـ هذا كذب !
ـ لا... أنا لا أكذب.... ما كنت أريده أردتِه أنتِ أيضاً, لِمَ فعلتِ ذلك؟ أين هى طهارتك المدعية؟
ـ اللعنة عليك كورد! اتركنى!
لكن قبضته اشتدت أكثر, و فجأة تدفق الخوف مع الدم إلى قلبها..... خوف قديم أعمى غير منطقى.... وفقدت كل السيطرة على نفسها... و باندفاع حيواتى, أحنت رأسها لتتمكن من عضه, فتذوقت طعم الدماء الساخنة على شفتيها و لسانها.... و سمعته يصرخ من الألم, و تركها على الفور متراجعاً إلى الوراء ... تملكها الخوف مما فعلت فتراجعت بدورها و سمعته يضحك:
ـ أيتها الثعلبة الصغيرة! ماذا ستفعلين بعد هذا؟ أتضربين عينى بمخلبك؟
التفتت لتركض بكل حماقة دون أن ترى, لتصطدم بالطاولة خلفها... بصرخة مدوية حاولت التوقف, لكن الوقت كان قد فات..... و أنقلبت الطاولة ... الزهرية الخزفية الصينية القديمة, المكحلة الزمردية الأثرية , ارتمت على الأرض و تحكمت .... بعد التحطم ... ساد صمت رهيب بدا و كأنه له رنين فى أذنيها . و حدقت إلى الأرض بخدر ذهنى, نحو الشظايا الذهبية القرموزية البيضاء و الزمردية.... المسحوق الجاف للكحل الأسود تناثر كذلك, و الزهور البيضاء التى كانت فى الزهرية تحطمت, و صاحت:
ـ أوهـ... لا!
منتديات ليلاس
انحنت محاولة فعل شيئاً ما .... لكنه منعها.
ـ أتركيها.... لا يهم... كل شئ معرض للتحطم.
ـ أنا آسفة.....
ماتت الكلمات على شفتيها ليقينها أنه من السخف الاعتذار الآن, و استدار عنها برزانه ليضغط على زر جرس قرب الدفأة.
ـ سينظف الخادم كل شئ.... و سيحضر لكِ معطفك.
ـ كورد ....
فاستدار عنها, ثم فتح الباب فقال:
ـ الآنسة هاريس تود الذهاب.
ـ حاضر سيدى.
ـ أوهـ.... مايسى... أرجوكِ ... أدرسى طلبى.... أريد قراراً محدداً نهائياً.... هل نتفق بعد ثلاثة أيام؟ عندها سأعرف ما سأفعل.... فى كلتا الحالتين.
و ابتسم لها أبتسامه مثلجة.
و لم ترد, بل خرجت بسرعة إلى الردهة, و ساعدها الخادم على ارتداء معطفها بشكل رسمى. و لم يبدُ عليه أنه لاحظ ارتجافها
ـ عمت مساء آنسة هاريس.
ـ عمت مساء.
و أقفل الباب .
و هى تسير نحو منزلها ... توقفت و الهواء البارد يلفح وجها و قالت لنفسها كلمات صامتة: "لقد احبته يوماً.... أحبته كثيراً"
مواجهة نفسها بما تعرفه و تكتمه لسنوات أراجها.... ثم و بكل تعمد تركت الفكرة تتلاشى من جديد و كأنها قطعة نقود نغرق فى ماء عميق أسود . لمعت ثانية , ثم اختفت.
يجب أن تدفع المال بغض النظر عما سيحدث, و إذا حصلت أية فضيحة ستتحملها إلى النهاية, ثم بما بقى معها من مال ستأخذ آبيغال إلى بلاد بعيدة لا يعرفانها و لا يعرفهما فيها أحد. حيث ستتمكنان سوية من النسيان


نــهــايـــة الـــفـــــصــــل الـــثــالـــثـــــ

زهرة منسية 24-09-14 09:44 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

4 ـــ هـــــل تــــــــذكــــــــريــــــــن
منتديات ليلاس


ما أن وصلت مايسى إلى شقتها حتى شاهدت سيارة ديكى تختفى عند زاوية الشارع... رفعت نظرها إلى أعلى البيت القديم, فرأت ضوء منبعثاً من منتديات ليلاس عبر النوافذ.
تسلقت السلم متعبة, و دخلت الشقة, كانت آبيغال تجلس منحنية أمام النار, ملتفة ببطانية... و على الطاولة بقايا طعام, و زجاجة شراب, و أطباق متسخة. وقفت مترددة عند الباب.... رفعت آبيغال نظرها إليها... نظرة غريبة هى مزيج من الدهشة و الخوف و الفضول و قالت بدون لباقة:
ـ أترغبين بشئ تأكلينه؟
ـ لا ... شكراً لك.... لست جائعة, هل أنتِ أفضل حالاً؟
ـ تقريباً... لكنك تبدين رهيبة المنظر, أين كنت طوال هذا الوقت؟
قبل أن تجيب مايسى وقفت آبيغال لتقول :
ـ هل بقى شئ يؤكل؟ أرغب ببعض السلمون المدخن.... أكاد أموت جوعاً!
ـ أجلسى و سأعطيك ما تريدين.


منتديات ليلاســــــــــــــ




زهرة منسية 24-09-14 09:45 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

حملت مايسى الأطباق المتسخة بسرعة إلى المطبخ, و أحضرت أخرى نظيفة, صبت لـ آبيغال ما تبقى فى زجاجة العصير ... كانت الجمل تتلاطم فى ذهنها طوال الوقت بما ستقوله لها و كيف؟ لكن عقلها تجمد جبناً و تردداً, فأعطت الكوب لـ آبيغال و جلست قابلتها بهدوء... ستلجأ إلى حيلة طفولية فتعد إلى عشرة و من ثم تتكلم....
لكن آبيغال ابتسمت لها ابتسامة غريبة:
ـ ستضطرين للشراب من هذا الكأس... لا يمكن للمرء أن يشرب نخباً لنفسه... صحيح؟ فهذا لا يجلب الحظ؟
ـ نخب؟!
ـ أصبحت مخطوبة.... و سأتزوج.
ـ تتزوجين
فضحكت آبيغال:
ـ كان عليك إظهار سعادة أكبر! خذى... أشربى نخب العروسين السعيدين
و راقبتها آبيغال و هى تشرب العصير ثم تضع الكوب من يدها, لتلتفت و تسألها :
ـ هل... أخبرت ديكى بالأمر؟
ـ لا..... لكنه لم يتردد فى طلب يدى.... و لن يتأخر زواجنا كثيراً. فهذه الليلة سيخبر تلك العجوز المشاكسة, و ستكون ضربة فوق عينيها, ألا تظنى ذلك؟
ـ لكن آبيغال....
ـ لقد كان ناعماً معى.... لطيفاً... و سعيداً. و لكن كيف؟ لا أستطيع أخبارك يا ماى... أعنى... أنتِ كنت دائماً واثقة من حدوث ذلك, أتعلمين ... عندما نلتقى الواحدة منا بالرجل المناسب تحس به هنا....
و أشارت إلى قلبها و أكملت:
ـ و الليلة, آهـ.... كم أحبه... يا ماى! سأكون زوجة طيبة له.
ـ آبيغال ... لماذا لم تخبريه؟
ـ ماذا أخبره؟
ـ حول المال... حول...
ابتسمت عينا آبيغال و التفتت إليها مقاطعة:
ـ أوهـ... لا أستطيع إخباره الآن.
ـ يجب أن تخبريه.... إذا كنتما ستتزوجان, لا يمكن بدء حياتكما بالكذب.
ـ هذا ليس كذباً, و سأخبره ....فيما بعد. فنحن نخطط الآن و هو سعيد...
ثم صمتت و امسكت بيد أختها متوترة و احمر وجهها السعيد..... و أكملت:
ـ ألا ترين ماى؟ كل شئ أصبح مختلفاً فلا تتخلى عنى الآن حتى تسير أمورى على ما يرام بعد أن ينتهى كل شئ.
عضت مايسى على شفتيها و أحست بالدموع تبلل عينيها.
و أحست ببرودة شديدة تتملك قلبها... لفت ذراعها بلطف حول آبيغال و قبلتها. فتنهدت الأخيرة, و عادت تجلس فى مقعدها.
و تبادلتا نظرات التفاهم الكامل .... فطمأنتها مايسى بصوت منخفض.
ـ لا داعى للقلق. أعدكـ.
ـ شكراً ماى.... و شكراً لتركنا وحدنا الليلة.... أنت ذكية جداً... هل ذهبت إلى مكان مميز....!
هزت مايسى رأسها, و بدأت تشغل نفسها بترتيب الغرفة.
ـ لا... ليس مكان مميز... ذهبت لأرى مايك فى المعرض, هذا كل شئ.
ـ إذن, سيكون كل شئ على ما يرام حقاً؟
ـ أعدكـ
فابتسمت آبيغال و أرسلت لشقيقتها قبلة فى الهواء:
ـ أنت ملاك!
اليوم التالى كان يوم السبت.... استيقظت مايسى باكراً و قدمت لـ آبيغال الشاى و هى فى السرير, و قالت:
ـ هيا... استيقظى و تنشطى!
رفعن الستائر لتدخل أشعة الشمس إلى الغرفة, فأغمضت آبيغال عينيها, فهى لم تنم أكثر من ساعتين... ثم فتحتهما من جدبد و اجبرت نفسها على أن تبدو مرحة و أخذت الفنجان.
ـ هذا تشريف غير عادى, أظن أننى سأتعود على الصحو باكراً. لقد استيقظت عند السادسة و النصف, أليس هذا أمراً رائعاً؟
ـ هل أنتِ بخير؟
ـ أوهـ.... أنا بخير تماماً. و لا مانع لدى للمرض... و الراحة... قال الطبيب إن راحة أسبوع تكفى, على الأكثر, سأكون بخير.
ارتشفت قليلاً من الشاى, و راقبتها مايسى عن كثب.... ثم قالت آبيغال:
ـ ماى.... أكنتِ جادة ليلة أمس؟ هل حقاً سيكون كل شئ على ما يرام؟ أتظنين أن بإمكانك....
ـ أجل... سيكون كل شئ على ما يرام. أمامى ثلاثة أيام, فى نهايتها سأتدبر الأمور آبى.... أعدكـ.
ـ أتعنين أنك حقاً سوف........
ـ لا تسألنى.... أقسم لك أن كل شئ سيكون على ما يرام, لكننى لن أتحمل... الكلام عن الأمر الآن, أتفهمين؟
أخفضت آبيغال رأسها متنهدة, فأكملت مايسى:
ـ آبى... من الأفضل أن تبتعدى عن الموضوع... لا تكلمى ليو عنه, أو أى شخص آخر. أتركى الأمر, يجب أن تتركى العمل.... و بإمكانهم تدبير سكرتيرة أخرى.... عدينى بذلك؟
ـ ليس الأمر صعباً! إن التفكير بالاقتراب من هناك يجعلنى سقيمة... هل أستقيل؟
ـ أجل... كلما كان أسرع, كان أفضل....
فوقفت آبيغال و اتجهت إلى الباب حيث توقفت:
ـ ماى.... تعرفين كم أحبك.... و أنا آسفة على ما قلته لك...
ـ لم يعد الأمر يهم.... ربما أنت محقة بطريقة ما.
ـ قد يتقلب الأمر إلى الأفضل مايسى....
ـ ربما هو خير ما ينتهى بخير... و الآن أذهبى... و لن نتكلم فى الموضوع.
بعد خروج آبيغال, أغتسلت مايسى و ارتدت ملابسها... أحست بأنها أفضل حالاً من ليلة الأمس, على الأقل هادئة.... لأنها عرفت أن لا طريق آخر للخلاص, و لا وقت للتردد, و لا مجال للتسوية.
يجب أن تقوى نفسها و تمحو كل الألم و الخوف.... فالمهم آبيغال و سعادتها.
لو أن الماضى بختفى, لو أنها تستطيع أن تنسنى... حتى تواجه الأمر ببرود... لكن مجرد التفكير به جعل نبضات قلبها تتسارع... و أطبقت الذكرى على جسدها ز كأنها الحمى.... ليلة أمس, لم تكن تحس بالبرودة أو عدم التأثر أو التخفظ.... هل هذا هو سبب إذعانها للأمر الآن....؟ سبب وعدها لـ آبيغال بسرعة, أهذا ما تريد أن أهذا ما تريد أن يحدث, فى سرها؟ لا.... أغلقت باب أفكارها لتبعد الفكرة, الأمر ليس هذا! ستخرج لتتمشى.... ستفعل أى شئ... فأسوأ شئ لها هو الجلوس و الأستسلام للتفكير.
بينما كانت تقرر .... رن جرس الباب... فقفزت مجفلة... و سارعت لترد. على الباب امرأة غريبة حدقت بها مايسى بدهشة.
كانت قصيرة, عريضة, مسترجلة قليلاً... عريضة الوجه لكن عينان حادتان حذرتان ذكيتان, و زرقاوان.
ـ لابد أنك مايسى....
ـ أجل.... أنا مايسى...
ـ أنا والدة ديكى.
و تقدمت المرأة إلى الأمام. فاستجمعت مايسى شتات نفسها و قالت :
ـ أوهـ لايدى تننت... تفضلى بالدخول.
ـ شكراً لكِ عزيزتى. آبيغال ليست هنا كما أعتقد؟ هذا ما ظننته... فأنا لم أتصل, و هذه فظاظة منى, لكنى أريد التحدث معط, عزيزتى, أنجلس هنا؟ جيد!
دخلت فوراً إلى غرفة الجلوس و نظرت حولها بإعجاب فعيناها لا تفوتهما شئ, ثم استدارت إلى مايسى مبتسمة:
ـ كم هذا رائع..... كم عرفت أنك أنتِ الشقيقة المتعقلة, و أنت بكل تأكيد لا تبدين مثل آبيغال.......
ـ هل اقدم لكِ بعض القهوة, .... أو الشراب؟
ـ لا شكر لكِ يا عزيزتى, لن أمكث طويلاً.
و سوت جلستها فى منتصف الصوفا, فجلست مايسى قابلتهاو عينا المرأة لا تغادران وجهها, و عادت إلى الابتسام:
ـ حسناً يا عزيزتى.... أمامنا مازق.... فماذا ستفعلين؟
احمر وجه مايسى و هى ترد:
منتديات ليلاس
ـ انظرى لايدى تننت.... أعرف أن هذا كان صدمة لكِ....
ـ صدمة ؟ بالتأكيد صدمة! أوهـ..... نعلم أن ديكى مجنون بحب آبيغال....و لم أكن و والده مضطربين حول الأمر.... إذ نعرف أن لا فائدة من الجدال معه.... و ها قد حصل ما كنا نخشاه.
ـ أظنهما سعيدان, لايدى تننت... و أنا واثقة من هذا.
ـ صحيح.... و لا تدعينا نتجادل بالتفاهات.... كنت آمل أن يتعقل ديكى مع الوقت... لكن من الواضح أنهما اتفقا على الزواج, لكننى لا أوافق على كل هذه الأمور العصرية... فى أيامى كان هذا مستحيلاً.... لكنه سهل هذه الأيام, و على الناس مواجهة نتائج أفعالهم.
أحست مايسى بالسقام.... إنها نفس كلمات كورد ليلة أمس.... و أكملت اللايدى :
ـ أنه لا يزال صغير جداً, فأنا لم أتزوج قبل الثلاثين... وكنت آمل أن يكون عاقلاً. و المرأة لا يمكنها ان تعيش حياة أولادهاعنهم....و لكننى أردت معرفة رأيك فى الموضوع.... هل سيكون الزواج كارثة؟
كانت تطرق الموضوع مباشرة, و بصراحة.... و لم تتمالك مايسى نفسها فابتسمت:
ـ اعتقد أن آبيغال صغيرة جداً.... أما ديكى فليست أدرى... لقد كان لطيفاً معها.
ـ أتعنين أنها ستكبر؟ .... حسناً... ربما يحدث هذا.
امعنت النظر إلى مايسى:
ـ إنها تحبه.... أليس كذلك؟
ـ كثيراً.
ـ هذا أمر سطحى فما كان هنا اليوم يتلاشى غداً.
ـ لايدى تننت.... أعلم تماماً ما تقصدينه... لابد أن آبيغال تبدو متهورة... صغيرة... و ربما متقلبة. لكنها ليست كذلك.... فى العمق هى شخصية قوية المشاعر, قوية الإرادة.... تحب أبنك. و تريد من كل كيانها أنتكون زوجة طيبة له... قالت لىّ هذا بنفسها ليلة أمس.
ـ أفهم هذا, نحن لا نعرف عائلتكما, طبعاً.... أمك ميتة, كم أعتقد؟
ـ ماتت منذ عشر سنوات.... و والدنا حى أنه يعيش خارج البلاد معظم الوقت... أنه كاتب.
كتمت مايسى ابتسامة تسلية... لو أنها تقول للايدى تننت عن سياسة أبيها, عن إيمانه الماركسى, عن عضويته للحزب الشيوعى ... فماذا ستقول؟
ـ كاتب؟ و ه ل سمعت عنه؟
ـ لا أظن.... فهو ليس اتب مشهور. و هل تظنين أن عائلتنا غير مناسبة لكم لايدى تننت؟
ـ أريد أن يكون أبنى سعيداً ... و لا أريد أن نتجرجر كلنا إلى المحاكم مستقبلاً لأجل الطلاق.
ـ لايدى تننت أرجوك.... آبيغال و أنا تربينا فى عائلة تفتقر إلى الأمن العاطفى... فزواج والدينا كان كارثة... بالكاد ... عاشا معاً... مع ذلك لم يتطلقا ألا ترين أن كل هذا يجعلنى و آبيغال نشعر باهمية الزواج, الحب, و الألتزام؟
بدت الشكوك على اللايدى و أجابت بصراحة:
ـ هذا ما يبدو عليك عزيزتى, و لا شك مطلقاً بصحة ما تقولينه أما بالنسبة لـ آبيغال؟ حسناً.... الوقت وحده كفيل بكشف هذا... أحس الآن بأننى أفضل حالاً... بعد أنا قابلتك.
ووقفت, مستديرة نحو الباب ترتدى قفازاتها ثم توقفت:
ـ أترين عزيزتى... لست قديمة الطراز’ إنما الزواج هو أهم خطوة تتخذها المرأةفى حياتها ... كل شئ يتوقف على قرارها الصحيح... الأولاد ... حياة الأخرين... سعادتها ... مستقبلها, مستقبل زوجها... كل شئ.... المسألة الكبرى هى فى كيف تقررين؟ يف تحكمين؟ كيف تعرفين؟ و كل ما آمله أن تكون آبيغال قادرة على إتخاذ القرار و أنها لن تتغير مستقبلاً... هذا هو حقاً ما جئت أسأل عنه.
أحست مايسى بكل شكوك العالم تتخبط فى ذهنها, فأخفضت عينيها ... و قالت بصوت منخفض:
ـ أظنها ستفعل.... و يمكن أن أحدثها إذا ظنت أن هذا مفيداً ... لكننى لا أظن أن هناك شيئاً لم أقله لها بعد.
ـ هذا ما أتمناه... و سأشعر بالسعادة أكثر لو فعلت يا عزيزتى... ألا تفكرين أنت بالزواج؟
ـ لا.... أبداً.... لماذا تسألين؟
فابتسمت اللايدى!
ـ لا شئ عزيزتى... مجرد سؤال عرضى... أرجوك... لا ترافقينى إلى الخارجو شكراً على جديتك معى... ألا تأتين لتناول العشاء معنا فى إحدى الليالى, عندما تكونين حرة؟ مع آبيغال طبعاً.
ـ سأحب هذا جداً... شكراً لكِ.
ـ جيد... و الآن يجب أن نبدأ بالتحضير لهذا الزواج... فهناك الكثير... و أظن أنهما مستعجلان.... هه؟
لوحت بيدها مسرعة و خرجت .... و راقبتها مايسى من النافذة و هى تبتعد....


منتديات ليلاســــــــــــــــ


زهرة منسية 24-09-14 09:49 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
ثم جلست تستمع إلى بعض الموسيقى و التقطت الاتف لتتصل برقم ... و رد كوردعليها... عرفت صوته مباشرة:
ـ أنا مايسى هاريس... أتصل بك لأقول أننى موافقة على طلبك.
و ساد صمت قصير.... قال بعده:
ـ هكذا إذن.
ـ متى تريدنى أن....
و ترددت و احست بالدم يتصاعد إلى وجهها, و لو أنها كانت وحدها و لا أحد يراها, و لم تستطيع التفكير بالكلمات المناسبة... و توقعت منه أن يضحكلكنه قال:
ـ أظن الليلة ... ما رأيك؟ تعالى إلىّ... الليلة فرصة الخدم, و لكننى أستطيع تقديم العشاء لكِ.
ـ لست بحاجة إلى العشاء.
ـ تعالى فى الثامنة.
و أقفل الخط.
استحمت.... ثم غيرت ملابسها, لكنها لم تستطيع جعل نفسها تحس بالنظافة... ارتدت الثوب الأسود نفسه كى يرى أنها لم تجهد نفسها كى تبدو مغرية.... ربما تأمل أن يقنعه هذا بتغيير رأيه.
فتح لها الباب, إلى منزل صامت يتلألأ بالأنوار... و أخذ عنها معطفها.... و رأت أنه لاحظ ما ترتديه. فرفع حاجبيه ساخراً بابتسامة:
ـ نفس الزى؟
فردت بحدة:
ـ و نفس اللعبة.
ـ تتبدين جميلة.
ـ أرجوكـ.... ليست بحاجة إلى الإطراء. لست بحاجة لأن تغازلينى.
ـ ماذا لو رغبت فى هذا؟
ـ لا تزعج نفسك!
ـ كما ترغبين.
و بطريقة رسمية, قاد الطريق إلى منتديات ليلاس غرفة الأستقبال حيث كانا الليلة السابة... حتى أن الطاولة التى انقلبت كان عليها إناء جديد و وروود حمراء, فابتسم:
ـ أتعجبك؟
ـ لا أحب الزهور المستنبة فى الداخل.
ـ لا... هذا ما أتصوره... دعينى أقدم لكِ شراب.
لم يسألها عما تريده, مع أنه لاحظ الرفض الذى تصاعد إلى فمها لكنه صب شراب الكرز الأحمر فى كوبين طويلين, أعطاها أحداهما فتجاهلته:
ـ هذا أمر سخيف.... أنت تحول هذا إلى احتفال لا معنى له!
سمها طقوس.... فأنا أحب الطقوس.
و دفع الكأس إلى يديها:
ـ ماذا تتوقعين أن أفعل؟ أن أقبض على شعرك لحظة دخولك لآخذك على سجادة الردهة؟ أم أجرك إلى غرفتى فى الحال؟ ربما تفضلين هذا؟
ـ لا أتوقع شيئاً ... و أفضل جداً ألا تنافق.
ـ فهمت.. لكن لا أظن أننا سنفعل هذا حسب طريقتى.... سنتناول العشاء معاً, بطريقة متمدنة, و نتحددث عن الأيام الخوالى... و سيكون هذا جميلاً.... ألا تظنين هذا؟ ثم......
فقاطعته و عيناها تلمعان غضباً:
ـ ثم تدعى أن هذا كله أمر طبيعى, كما أعتقد؟ إنه إغواء روتينى آخر... أننى جئت إلى هنا بمحض إراداتى... و ... لا أحد يدرى...
ـ جئت بمحض إرادتك... هذه أشياء يمكن أن تحدث.
ـ لا أظن!
ـ ألا يمكنك الجلوس الآن؟ تبدين درامية فى فستانك الأسود, تمسكين بالكأس و كأنك تفكرين فى تحطيمه على رأسى... لقد جرحتنى من قبل... مرتين... و الأفضل ألا تفعلى هذا ثانية.
ـ لم يكن جرحاً عميقاً فى كلا المرتين!
ـ لا؟
و فهمت ما يعنيه, فاتسعت عيناها.... فجأة أحست بخوف رهيب. و لابد أنه لاحظ خوفها, فقال بلطف:
ـ لا تقلقى.... لن أؤذيك.... فلست سادياً يا مايسى.
ـ كورد ........أنا..........
قطع الغرفة نحوها بسرعة, و برقة مدهشة لف ذراعه حولها, و رفع رأسها نحوه... نظر إلى عينيها, و كأنه يبحث عن شئ فيهما و علمت أنه يحس بارتجافها ....فقال:
ـ أنت خائفة... مايسى.... لا.... لا أريد أن تكونى خائفة .. أسمعى...
أرادت أن تقاومه .... لكنها لم تستطيع, أخذ يهدهدها بين ذراعية مطمئناً كالطفلة, و أكمل:
منتديات ليلاس
ـ إذا كان هذا سيساعدك.... أود أن تعرفى أنى أهتممت بكل شئ دفعت المال.... و أعطيت التعليمات للمحاسبين أن لا يذكروا التباين فى الحسابات... ولن يكون للأمر مضاعفات... لكن على آبيغال أن تترك العمل... عدا ذلك لا شروط عملية و لا قانونية.
رفعت رأسها مذهولة:
ـ أهذا صحيح؟
بالرغم مما تظنيه بىّ.... فأنا ليست كاذباً.
ـ لكنى لم أعطك المال بعد.
ـ سنتحدث فى هذا لاحقاً.
تراجعت إلى الخلف تخلص نفسها من بين ذراعيه... و معانى ما قاله لها تدخل عقلها ببطء. كأنما مشاعرها قد تبلدت باقترابه منها. و قالت بصوت أعلى قليلاً من الهمس:
ـ و متى فعلت هذا؟
ـ هذا الصباح.
ـ و لكن... لماذا أنا هنا؟
ـ وحدك من يستطيع الإجابة على هذا السؤال.
ـ لكن, ما كنت جئت لو....
ـ تابعى!
ـ لقد جئت فقط لأن كل شئ تغير.... هذا ما عرفته بالأمس ....آبيغال ستتزوج.... ولهذا جئت!
فهز كتفيه صامتاً, و عادت عيناه إلى البرودة:
ـ لست آبه للأسباب التى جعلتك تأتين... فأنت هنا... و بالنسبة لىّ ... هذا هو المهم.
ـ أتعنى أن هذا كافياً, أى أن بأستطاعتى الذهاب الآن... دون....
ـ لم أقل هذا.
ـ ليس لك ممسك علىّ الآن.
ـ أوهـ... بلى لىّ ممسك عليك. لقد عقدنا اتفاقاً, فهل ستحاولين النكوث به؟ كم هذا أمر مثالى من عائلتك!
ـ لا أقصد, فلماذا لا تكون صريحاً كورد؟ كل هذه محاولة منك لجعل الأمر كريه, مقبولاً قليلاً, أليس كذلك؟ ماذا تتوقع؟ أن أرمى بنفسى بين ذراعيك عرفاناً بالجميل؟
ـ قد يكون امر مهماً لو فعلت.
فتصاعد غضبها:
ـ هذه خدعة رخيصة منك! طريقة لإقناعى بفعل أمر ما....
ـ ربما.
ـ أكرهك.... كورد!
ـ مايسى هل تكرهيننى حقاً؟ حسناً... ربما سأتمكن من تغيير رأيك... و الآن... هل لنا أن نتوقف عن هذا الصراع؟ أظن ان علينا الدخول لتناول العشاء... أنفعل؟
قبل أن ترد ...دفعها أمامه ممسكاً بذراعها بقوة لم تستطع معها المقاومة. و قطعاً غرفة الطعام ثم وصلا إلى حيث سيتناولان العشاء معاً... فى المطبخ... كان المطبخ غرفة جميلة, أرضيتها حجرية و خزان و رفوف خشبية. فيها طباخ من طراز قديم و على الطاولة أطباق بيضاء و زرقاء... اجبرها تقريباً على الجلوس على إحدى الكراسى و قال:
ـ أليس هذا رائعاً؟ رأيت أنه الأفضل أن نتناول العشاء هنا... كشخصين متزوجين.
ـ هل حضّر خادمك كل هذا؟ يبدو طباخاً ماهراً.
ـ إنه يهتم بكل حاجاتى المنزلية.
ـ كم أنت محظوظ!
فابتسم:
ـ أنا أعمل جاهداً.
فردت الابتسامة:
ـ أعلم.... لقد قرأت عن محاكماتك الشهيرة.
أكملا الطعام بصمت, لم يكن لـ مايسى شهية للأكل... لكنها أحست بالراحة, و عاودتها شجاعتها.... قطع الصمت متسائلاً:
ـ إذن آبيغال ستتزوج, أليست صغيرة بعد؟
ـ إنها فى العشرون..... مغرمة.
ـ و من ستتزوج؟
ـ أسمه ديكى تننت.... ربما تعرفه.... أو تعرف أباه... كان قاضياً كما أعتقد.
فابتسم:
ـ لحسن الحظ لم التق به.... فهو من الأفراد الأكبر سناً فى القضاء. لكنى أذكر ديكى.... أنه أصغر منى طبعاً, لكننا كنا فى نفس المدرسة... و له أم رائعة, كما أذكر.
ـ لابدى تننت؟ إنها لطيفة جداً.
ـ تقريباً
ـ و والدك.... هل يعرف بأمر الزواج.... و كل شئ؟
ـ لا.... لم يعرف بعد, فنحن لم نره منذ سنوات.
ـ ألا يزال يكرس نفسه لتحرير الجماهير؟
ـ لا يزال يكتب كما أعتقد.
ـ كم هو مخلص.
وقف ليغيير طبقها المتسخ, ثم أكمل:
ـ حقاً مايسى... لو لم يكن الأمر منافياً للعقل لقلنا إن أفراد عائلتك مؤثرون جداً.
ـ لا أرغب فى بحث أمر عائلتى معك!
ـ لم تتغيرى كثيراً .... أليس كذلك؟
وصب لها طبق طعام آخر, فرفعت نظرها إليها... فأكمل:
ـ أذكر يوم مولدك, كنت فى السابعة يومها, و عائد من المدرسة, كانت عائلتينا لا زالتا متصادقتان... كان هذا طبعاً قبل....
و تردد ثم قال:
ـ لقد راقبتكِ تكبرين مايسى.
ـ لا أذكر....
ـ لكننى أذكر.... ذهبنا يوماً لزيارتكم, أبى و أنا... لكنك كنت مقيمة عند عمة لكِ
ـ عمتى كارلا.... لقد ماتت.
ـ هذا صحيح... أمك كانت حية بومها. أذكرك أنكِ كنت تجلسين فى الزاوية دون أن تقولى شيئاً. كنت فى الثانية عشرة كما أظن.
ـ لا أذكر.
لكنها كانت تذكر فى كل مرة تقابله... كان صبياً طويلاً متكبراً, يراقب الجميع بإزدراء, و سمعته يضحك:
ـ لقد أمضينا الصيف معاً مرة, نحن الأربعة... أتذكرين هذا؟ العام الذى سبق موت أمك, فى فنكوفر.
وضعت مايسى السكين و الشوكة من يدها, فقد أحست بشحوبها.
ـ لا أريد التحدث عن كل هذا.
ـ أيثير فيك هذا الحديث الكثير من الذكريات؟ حسناً كما تشائين.
وقفت بسرعة حتى كادت توقع الكرسى من خلفها.
ـ أرجوك أن توقف هذا الحديث.... إنه لا يحتمل!
ـ ربما كان يجب أن أترككِ تعتقدين أننى ليو... أيمكنك أن تتحمليه أكثر...مايسى؟
فصاحت:
ـ لا.... لن أتحمله.... فأنا....
ـ هلا صعدنا إلى فوق؟
تحرك نحوها فعلمت أنه سيلامسها من جديد... و سيحضنها فسارعت إلى الأبتعاد عنه, و استدارت نحو الباب, فتراجع ليفتحه لها... و دون أن تنظر إليه, أكملت طريقها نحو الردهة ... لكن شجاعتها هناك تخلت عنها. فاستدارت إلى غرفة الأستقبال, و قال بصوت بارد ساخر:
ـ هنا؟
تحركت فوراً نحو دفء النار... فدخل الغرفة وراءها و وقف يراقبها... كانت ترتجف... و ما كانت تفكر به الآن هو أن تفعل المطلوب و تنتهى... و أن تخرج من هذا المنزل... تبتعد عن كلامه و ذكرياته, بعيداً عنه و عن عينيه المتفحصتين.... بعد جهد لتثبيت ارتجاف يديها, رفعتهما إلى ياقة الفستان... لتفتش عن قبضة السحاب الذى يقفل ظهره.... و لم يتحرك لمساعدتها, و لم يقل شيئاً, فالقبضة عالقة بشعرها ... و هى تشعر بوجهها يحترق و الدموع تتدفق من عينيها, كافحت لتحررها من شعرها, ثم أحست به يتقدم مها بسرعة:
ـ اسمحى لىّ.
احست بقبضة السحاب تتحرك, و هو يكشف الفستان عنها بحركة واحدة, للحظات جمدت... تمسك بياقة الفستان حول عنقها... فتراجع و يداه مكتفتان ... يراقبها ... و كأنه ينظر إلى تمثال حجرى فى معرض, فاجأتها برودته و ملأتها غضباً, هو الذى يجب أن يخجل من لا مبالاته و ستجعله يشعر بهذا الخجل.
و سمعته يتنفس بحدة حين تركت ياقة فستانها, فأنزلق بأكمامه الواسعة عن جسدها حتى الخصر.


نــهـــايـــــة الـــفــــصـــــل الــــرابــــــع

قــــــــــــــــــراءة مــمـــتــــــــــعـــــــــة


bluemay 24-09-14 09:55 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
يعطيك العافية زهورتي
رايحة أفطر مشان أمخمخ في القراية لوووول

Sent from Mobile using Tapatalk

زهرة منسية 24-09-14 10:24 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
صحتين و عافية مايتى

تم اﻹرسال من موبيلى

bluemay 24-09-14 12:11 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
ما فهمت هل ليو وكورد توأم ؟
ليش ما عرفت كورد لما شافته ؟

ولا آبي الشريرة هﻷ هاد وقت جواز ؟!

أم ديكي حبيتها . اتوقعتها شريرة بس طلعت عاقلة

و ماي مسكينة ما حدا حاس بمعاناتها و كورد الكريه مش راح يرحمها .

يعطيك العافية زهورتي

Sent from Mobile using Tapatalk

زهرة منسية 27-09-14 09:49 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3476504)
ما فهمت هل ليو وكورد توأم ؟
ليش ما عرفت كورد لما شافته ؟

ولا آبي الشريرة هﻷ هاد وقت جواز ؟!

أم ديكي حبيتها . اتوقعتها شريرة بس طلعت عاقلة

و ماي مسكينة ما حدا حاس بمعاناتها و كورد الكريه مش راح يرحمها .

يعطيك العافية زهورتي

Sent from Mobile using Tapatalk

مرحبا مايتى

لا هما مش تؤام هى رايحة و عارفة أن كورد مسافر و ما هتشوف غير ليو

من الارتباكها ظنته ليو

انا كمان ظنيت السوء فى أم ديكى لكن طلعت جميلة

أتفضلى مايتى لعيونك فصلين جداد

زهرة منسية 27-09-14 09:51 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
5 ــ أتــقـــبـــل بـــهـــذهـ الـــمــــرأة ؟

منتديات ليلاس

للحظات, لم يتحرك أى منهما.... فثار غضبها و إزداد خفقان قلبها و ارتعشت بداها و بدا لها صمت الغرفة صراخ... و التقت عيناهما, فلم تميز ما رأته فى عينيه...ربما الرغبة المشوبة بالألم.... و ربما الغضب. و طال الصمت... و نفذت قدرتها على الأحتمال... فخرج منها سؤال و كأنه الرصاصة:
ـ حسناً؟
فخطا نحوها, و دون أن يلمسها أحنى رأسه و قبل رأسها... فخمدت... دون حراك... ثم تراجع... رفع يده... ثم تركها تهبط ثانية, و قال بخشونة:
ـ البسى ثيابك.
فحدقت به مشدوهة .... فصاح:
ـ اللعنة! قلت ألبسى!
التقت عيناهما بنظرة و كره و حقد.... تمنت لو تغطى وجهها كى لا تراه و أحست أن ثمة شعور آخر يتحرك فى داخلها... يشبه خيبة الأمل... فأحست بالدم يتصاعد من عنقها إلى وجهها. جمعت أطراف الفستان ببطء و قالت بصوت على شفير الأنهيار:
ـ هل أذهب؟
تقدم نحوها ليساعدها على إدخال ذراعيها فى الأكمام, ثم أقفل لها السحاب, دون أن يلمسها. و أجابها:
ـ لا... أجلسى... أريد التحدث إليكِ
لا أظن أن هناك ما يقال.
ـ حسناً هناك شئ.
فجأة بدا لها متعباً .... مرهقاً... و قد تلاشت حيويته. فجلست بكل هدوء.. و جلس بدوره... بقيا صامتين لبضع دقائق. فأحست زهرة منسية بشئ كالشفقة يتحرك داخلها له... إنه رجل الآن.. لكن عندما كان صبياً كانت تبدو على وجهه علامات الوقاحة... ما زالت تتذكر جيداً لكنها لا تريد الحديث عن الماضى.



منتديات ليلاســــــــــــــــــــ


زهرة منسية 27-09-14 09:52 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
و أخيراً تكلم... بصوت بارد, خفيف, متحفظ, و كأنه خاطب محكمة:
ـ لو أعطيتنى الفرصة.... لشرحت لكِ بأننى لا أهتكم بهذا و خاصة معك.
احست بالألم يطعنها كالسكين فاتسعت عيناها و حين لاحظ رد فعلها ابتسم بمرارة:
ـ واضح أنك ارتحت.... أنا لا أرغب فى أى امرأة أخرى... و لا بعشيقة أخرى.... و لا أحب إغواء الفتيات رغماً عنهن, لأنه أمر متعب, و كريه, لكلا الطرفين.... لأننى أفضل ... هل أقول... امرأة لديها خبرة؟
ـ هكذا إذن.
أحست بالألم خلف عينيها, و كادت أن تبكى.... لكنها أبقت على صوتها متزناً و و متجهماً, فأكمل:
ـ باختصار... أنت جميلة جداً مايسى, لكنك ليست من الصنف الذى يستهوينى, فأنت مزيج من الحرارة و البرودة, لكن.... أرجوكِ لا تبكى و لا لزوم للعواطف فى هذا النطاق.
وقفت مايسى تحدق به و تمسح الدموع بيد غاضبة:
ـ لا شك أنك تستمتع بذلك؟ فضلاً عن إعطاء الموقف بعداً آخر تود أن تذلينى و أن تجللنى بالعار.... يا إلهى كورد ... أرجو أن تكون قد أكتفيت!
ـ حسناً.... أنا آسف كنت مضطراً لجعلك تمرين بتجربة عاطفية, ثم عدلت عن رأيى لأنك تعجلت المراحل......
ـ لا... و من يأمن شرك و يقتنع بأنك لن تستمر فى انتقامك, كورد.
فابتسم ساخراً:
ـ الأنتقام؟ اعترف أن الأمر كان مسلياً... أن أراقب صراعك مع ضميرك. و اعترف برغبتى بمتاعبة تحركاتك مايسى حتى تقرى بحقيقة دوافع ما تقدمين عليه, فلا تقولى إنها تضحية من أجل الآخرين....
ـ كيف تجرؤ؟ أتظن أننى أردت المضى بذلك؟
منتديات ليلاس
ـ لقد أظرت رشاقة و ابتهاجاً فى خلع ملابسك. فى الواقع كنت سأقول أنك خبيرة محترفة.
و مد يده برشاقة و بسرعة ليمسك يدها التى ارتفعت لتصفعه:
ـ لا.... هذا لن يتكرر. فقط أصغى إلىّ... فلدى اقتراح بديل.
ـ أوهـ... صحيح؟ لكننى لست مهتمة!
ـ من الأفضل لكِ أن تهتمى, فالصفقة لا تزال قائمة. لكننى أود اقترا بديل لشروطها, فقد تكونين مفيدة جداً لىّ مايسى.
ـ مفيدة؟
ـ أجل... فكما قلت لستُ بحاجة إلى عشيقة أخرى... لكننى بحاجة إلى زوجة.
ـ ماذا؟

منتديات ليلاســـــــــــــــــــــــ



زهرة منسية 27-09-14 09:54 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

يا للدهشة.... لم تقاوم فبقيت يدها بين يديه, و حدقت به غير مصدقة... فتركها, و جلس كأنما يتحداها بأن تهرب.... لكنها بقيت مسمرة فى مكانها, تنظر إليه....
ـ الأمر بسيط حقاً, فأنا فى الثانية و الثلاثين, و غنى جداً.... و اعتبر ناجحاً بكل ما أفعله. حتى الآن لا أميل إلى الزواجو نجوت من كل مكائد النساء الهادفة إلى الإيقاع بىّ... لكننى أجد الأمر متعباً جداً... فلو تزوجت ... سسأتحرر من كل هذا.
ـ أحقاً ترغب فى الزواج... لماذا؟ ألتخلق لنفسك الأعذار؟
ـ شئ من هذا القبيل, و ستكون طريقة مقنعة لإنهاء كل كل العلاقات الأخرىالتى يمكن أن تشكل لىّ أزمة أو ورطة.
ـ أظن أن هذا الاقتراح شرير و مريعو لا يمكن لك أن تعنيه!
ـ أوهـ... و لكننى أعنيه. فالزواج ليس مجرد عقد قانونى و إذا ساورك شك ما... أطلعى على إحدى قضايا الطلاق التى توليتها.... و انظرى ماذا يحصل عندما يقرر الناس إلغاء هذا العقد. أتظنين أنهم يتحدثون عندها عن الحب أو المسؤولية أو الرغبة مايسى؟
وضحك بمرارة:
ـ أؤكد لك أنهم لا يتكلمون سوى عن المال و الممتلكات الخاصة... ربما لا تصدقينى ... فأنت رومانسية.
ـ ماذا تقول؟ هذا غير صحيح فقد تتعقد الأمور و تفشل أحياناً... رغم الكلام و الوعود التى يقطعها الزوجان فى البداية.
فضحك:
ـ أةهـ..... حسناً.... إنهم يقولونها و يعنونها... و أعترف أن مراسم الزواج مظاهر شاعرية... لكن إذا قطع الناس هذه الوعود, فعليهم الألتزام بها, أليس كذلك؟ و أظن من واجب المرء أن يخترغ نوعاً جديداً من الزواج... دون شاعرية, دون قسم, مجرد اتفاق عملى قانونى.
ـ هذا ليس زواجاً!

ـ إنه بديل.
فضحكت ساخرة:
ـ لا أظنه يستمر.
ـ قد يستمر.... و هذا ما أعرضه عليكـِ!
ـ علىّ أنا؟
ـ طبعاً.... ذلك سيمكننى من ممارسة حياتى الخاصة كيفما أريد, و أظن أننا سنتفق معاً.
ـ بالطبع أنا لن أتفق معك!
ـ و لِمَ لا؟
ـ لأننى لا أحبك.
ـ لكننى اقترح اتفاقاً عذرياً .... أفلاطونياً.
ـ عذرياً؟
ـ طبعاً.... و لا تخافى أن أستغلك.... ستحصلين على غرفتك الخاصة.... فلا تقلقى مايسى, و لا حاجة لك لإقفال بابك.... فلن افرض نفسى حيث لا أكون مرغوباً.
شئ ما فى صوته جعلها تتردد:
ـ اتفاق؟
ـ أجل... يمكننا تسميته اتفاق قديم العهد.
ـ قديم العهد؟
ـ كفى عن تكرار كلماتى..... أنت تعرفين تماماً ما أقصد. أعلم أنك وجدت صعوبة فى التمييز بينى و بين أخى.... لكن ذاكرتك لم تنس أبداً.... و أجد غرابة فى ترددك بالحديث عن فانكوفر...
أحست مايسى بالدم يضج فى أذنيها, أحست بالسنوات تمر أمام عينيها, رأت وجهه يتغير, يسترد طفولته و بدا لها أكثر لطفاً ....فغطت عينيها بيديها ... فسارع يقول:
ـ إذن أنتِ لم تنسٍ؟
ـ لقد مر زمن طويل ....
ـ ربما أستطيع إنعاش ذاكرتك. أتذكرين المنزل مثلاً؟
ـ طبعاً أذكره!
فجأة أحست بالعرق بتفصد على جبينها, و تابع:
ـ ربما تذكرين قطعة الأرض الممتدة إلى البحر؟ و المرعى خلف المنزل؟ أتذكرين؟
فاستدارت نحوه بغضب:
ـ توقف عن هذا!
ـ و تذكرين تبعاً لذلك وجودنا هناك عند عمتك كارلا, و آبيغال و أنت..... و أنا.. و ليو........
صاحت و هى تلتفت بعنف نحوه:
ـ ـ هذا يكفى! أنت لست فى المحكمة الآن... و لن تستطيع استجوابى ... أتركنى و شأنى... فأنا لا أذكر شيئً!
ـ لا تذكرين أم لا تريدين أن تتذكرى؟ أيهما مايسى؟
و مد يده يمسك ذراعها ... لكنها تمكنت من الأفلات منه... مع ذلك أحست بالصور تتحرك فى أعماق ذاكرتها... و عرفت دون سبب أن عايها تجاهلها و تعمدت تغيير الموضوع فقالت:
ـ اقتراحك سخيف!
ـ ليس سخيفاً... عليك مواجهة الماضى عاجلاً أم آجلاً, فَلِمَ لا يكون اليوم ؟ هل تخافين من كل ما حدث أو احسست به؟
ـ أصمت.... استحوذ الماضى عليك فلم تاتِ على ذكر سواء... منذ اتقينا...
ـ ربما لأنه مهم لىّ...
فردت بحدة:
ـ حسناً... لم يكن مهم لىّ.... كان مجرد عطاة, كأية عطلة أخرى.... كنت يومها فى الخامسة عشرة من عمرى... و الوقت الذى أمضيناه هناك لم أعد أفكر به...
ـ و هل هذا صحيح؟
كل ما تفكر به الآن هو كيفية إيلامه بقدر ما تألمت بسببه.....
فردت ببرودة:
ـ طبعاً صحيح ! و بالتأكيد أنت ... كورد.... من بين كل الناس لا تتصور شيئاً مختلفاً؟
ـ مال الذى حدث إذن؟
ـ لا شئ.... و لا أعرف... ربما عبثت معك قليلاً....
و ضحكت ضحكة كريهة محسوبة و أكملت:
ـ ربما أكون أشبه أمى على كل الأحوال.
سيوقفها الآن عند حدها لا شك. سيصيح فيها أنها تكذب... و يجبرها على الاعتراف بالحقيقة, يقول لها إن ما تقوله كذب.... و إنها يوماً ما... لكنه لم يتحرك... و لم يقل شيئاً.
أخيراً استدارت و قالت بصوت مخنوق دون أن تنظر إليه:
ـ و أنت ؟
ـ أنا ؟
ـ أجل أنت. يبدو أنه استجواب من طرف واحد.... إذا كنا سنتحدث عن الماضى اخبرنى كورد, ماذا كنت تشعر يومذاك؟
و تصلب وجهه ورد ببطء متعمد:
ـ أوهـ... ألا تعلمين مايسى؟ أعتقد أن الأمر واضح.... فأنا مثلك لم أشعر بشئ إطلاقاً... ربما إنجذاب عابر, كما قُلتِ... و لم استطيع التحديد فى ذلك السن.
آلمها ما تفوه به و خسرت آخر أمل تعلقت به و كأنها خطت إلى الفراغ و ارادت أن تصرخ... لكننى كذبت ...ما قلت غير صحيح, لكنها لم تستطيع أن تتكلم... فقد أمسك بكلماتها بل هو أكثر من الخوف... لإنه شك قاتل رهيب... ربما كان على حق! فطوال هذه السنوات كانت تتمسك بكذبة... فاستدارت عنه, و قالت مرتجفة:
ـ أنا لا أفهمك.... و ليس بيننا أى اتفاق.
ـ واضح, لم أكن دقيقاً فى تقديرى, كان يجب أن أكون أكثر دقة. لقد بدا لىّ أنه سيكون لتفاقاً ناجحاً نظراً لما حدث بين أبى و أمك....
فقاطعته بشراسة:
منتديات ليلاس
ـ زواج دون حب؟
ـ هل يمكن أن ندعوه زواج مصلحة و اتفاق؟
ـ أدعه كما يحلو لك! البسه أى ثوب يرضيك! إنه نوع من الانتقام مهم زيفته... و لن يكون لىّ شأن به!
فتقدم منها خطوة.
ـ حسناً... نعود إلى الطلب الأول.
حدقت به مذعورة:
ـ ماذا؟ بعد الذى قلته لىّ؟ لقد قلت أنك تفضل... المرأة الخبيرة؟
ـ هذا صحيح.... بوجه عام.
و ابتسم لها باسترخاء, و أرجع شعرها عن كتفيها و وضع يده على عنقهاو قال بصوت ناعم:
ـ علىّ أن أقبل بالموجود... أليس كذلك مايسى؟
و نفضت يده عنها بغضب:
ـ لا! لن تفعل! سئمت كل هذه الألاعيب! سأفعل ما كان يجب فعله من البداية... سأخبر الشرطة بكل ما حصل....
ـ أوهـ... أفعلى أرجوكِ. فعائلتك لا تخلو من الفضيحة... و بذلك تحصل آبيغال على حكم مع إيقاف التنفيذ... و ديكى مخلص لها و سوف يقف بجانبها.
و ترك التهديد يتغلغل فى أعماقها... و ساد الصمت.
ـ لن تستطيع فعل هذا... كورد أرجوك! لطالما آمنت...
ـ آمنت بماذا؟
ـ بإنك... شريف... أعرف أنك تكره أمى و عائلتها... لكننى أرجوك كورد... فأنت لا يمكن لك...
ـ ربما تغيرت... و أنتِ قادرة على التغيير مايسى, و الله أعلم .
عاد الخوف يجتاح قلبها و بدت على وجهه كراهية باردة لم تفهمها... استدارت بسرعة على عقبيها مبتعدة:
ـ أنا ذاهبة.... مكتفية بذلك.
فجأة امسك بها بين ذراعيه.... بعنف و غضب مكبوحين.
ـ و أنا سئمت من أكاذيبك و ادعاءاتك اللعينة, أنتِ لن تغادرى هذه الغرفة حتى تقررى بطريقة أو بأخرى.
و جذبها أكثر بين يديه ليصبح فمه على شعرها:
ـ مايسى... هل هذا صعب جداً عليك؟ لماذا لا تغمضين عينيك؟ لماذا لا تتخيلين أننى أخى؟
اعتمر قلبها بثورة عارمة فدفعته بقوة و صاحت:
ـ لا! كيف أحتملك و أنا اعرف تماماً مقدار كراهيتك و احتقارك لىّ... و أننى لا أوافق هواك؟ الأفضل أن أموت.
ـ لا تكونى مأساوية!
ـ حسناً.... سأعالج هذا الموضوع و فق طريقتك كورد... ببرود.... و كأننى آلة... هذا ما يعجبك أليس كذلك؟ سأتزوجك و حسب شروطك... و لىّ شرط واحد هو أن لا تلمسنى أبداً. عله يجعلك بائساً بقدرى.
وضحك تجاه غضبها:
ـ أهذا قرارك النهائى؟
ـ أجل.... قرارى النهائى!
ـ هذا جيد... اتفقنا. سنتزوج بعد أسبوع, و سأحصل على رخصة خاصة.... و سنسافر إلى باريس لقضاء شهر العسل. لدى أعمال أقضيها هناك, و هكذا نحافظ على بعد المظاهر.... و الآن... بعد أن أتفقنا, أتحبين أن أتصل لكِ بتاكسى ليوصلك؟
حدقت به مايسى غير مصدقة, و قد ألتقطالهاتف بكل اتزان و طلب التاكسى.... ثم استدار.
ـ عظيم... سيكون هنا بعد دقائق... دعينى أحضر لكَ معطفك.
ـ كورد... لا يمكنك فعل هذا!
ـ بل أستطيع.
ألبسها المعطف متحاشياً ملامستها. فنظرت إليه بعينين جف دموعهما و بصوت تخنقه البحة:
ـ ـ كنت تخطط لهذا الأنتقام منذ البداية.
ـ هذا ممكن.
ـ أكرهك! و هذا الزواج كريه... كذبة لعينة! و سيكون كالجحيم لنا معاً... و أنت تعرف ذلك!
ـ لا تقلقى مايسى... سيكون جحيماً فى غرف نوم منفصلة.... و الآن دعينى أوصلك إلى السيارة


منتديات ليلاســــــــــــــــــ


زهرة منسية 27-09-14 09:58 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
ثوب العرس كان قديماً ...يعود إلى أمها ثبتت طرحته على رأسها بزاوية حريرية من الزهور القماشية و اللآلىء. نظرت إلى نفسها فى المرآة فرأت الزهور أكثر بياضاً من بشرتها و اللآلئ تتدلى كالموع. فاشاحت بوجهها ...لقد حان الوقت.
عبر الغرفة كانت آبيغال على السرير تبكى بصمت.... فأحست مايسى برغبة جنونية للضحك, فهذا الزفاف أشبه بجنازة. و وقفت:
ـ آبيغال أرجوكِ ...لا تبكى الآن.... أرجوكِ توقفى.
نفخت آبيغال أنفها فى المنديل:
ـ لا أستطيع فهم ما تقدمين عليه.
ـ و لماذا يتزوج معظم الناس؟
ـ ماى! لا يمكنك إخفاء الأمر عنى! أنتِ لا ترغبين فى الزواج منه... لطالما كنت تكرهينه....
ـ هذا غير صحيح!
ـ لقد فاجأنى قرارك, زواج دون حفل أو حضور. الأمر فظيع مايسى!
ـ كورد....
و ترددت عليها أن تعتاد مناداته:
ـ كورد أراده زواجاً سريعاً قدر الإمكان.
ـ ماى... أنتِ تكذبين علىّ... فالأمر يتعلق بالمال, أليس كذلك؟
ـ بطريقة غير مباشرة.
ـ تلك هى غلطتى! الورطة هى التى جعلتك تقابلين كورد ثانية.... أوهـ ماى... أنا واثقة أنك مخطئة.
ابتسمت مايسى بلطف... هذا صحيح... ليس المال أو ما فعلته آبيغال هو ما دفعها للموافقة... أنه الماضى, و رجل استطاع احتضان الأنتقام عشر سنوات.
نظرت إلى ساعتها بقلق, ثم إلى عينى شقيقتها بيأس:
ـ حسناً... يجب أن نذهب الآن.
ـ لا تحزنى ...فتكدرى مايك.
خارج المنزل, سيارة كبيرة ضخمة كانت تنتظر, و كان مايك, رب عملها ينتظر, قبلها بحرارة, و ساعدها هى و شقيقتها على الصعود.
و ابتسم لها قبل أن تنطلق السيارة
ـ أتعلمين يا عزيزتى.... أنا لم أكن مسؤولاً عن تسليم عروس إلى عريسها من قبل حتى أننى لم أزواجاً من قبل... و منذ أكثر من عشرت سنوات.... كان يجب أن يحل والدك مكانى... و كان يجب أن تبرقى له.
ضغطت على يده بلطف:
ـ أنا سعيدة بوجودك منتديات ليلاس
غصت آبيغال ببكاء مكبوت, توقفت السيارة:
أوهـ ....ماى!
أمسك مايك بيد مايسى:
ـ أصمتى آبيغال أنها تعرف ما تفعله.
تركتهما آبيغال متقدمة أمامهما.... و استندت مايسى بضعف إلى ذراع مايك... ترددت قليلاً ثم رفعت الطرحة إلى الأمام لتغطى وجهها, و دخلت الكنيسة. كان الأرغن يعزف عزفاً ناعماً, داخل الكنيسة عتمة تنيرها شموع بنارها المتموجة المدخنة.... و كان المكان خالى تقريباً.
لكن مايسى لم تشاهد المقاعد الفارغة, و لا الأشخاص القليلين على جانبى الممر المؤدى إلى المذبح, فمنذ لحظة دخولها لم تشاهد سوى رجل واحد... ذلك الرجل الطويل الأسمر, الواقف و ظهره إليها عند المذبح.... تحركت نحوه و كأنه شبح, تحلم... غير واعية إنها تمشى... استدار الشبح حين اقتربت و التقت عيناه الرماديتين بعينيها. "أيها الأحبة الأعزاء...إجتمعنا اليوم هنا........" آخذ الكاهن يرتل الكلمات بدل من إلقاءها, و بدت الكلمات لـ مايسى و كأنها آتية من البعيد... حاولت أن تشيح بوجهها عن وجه كورد و لم تستطيع فيناه كانتا تحرقانها... وجه جدى, و تعابيره متجهمة.
امسك بيدها خلال تلاوة المرأسم و لم يتحرك... و فجأة.... تلاشئ قلقها, بدا لها أن قوة ما تنبض فى أيديهما المتشابكة, من جسده إلى جسدها, فأحست على الفور بالطمأنينة, و بأمن غير عادى, سرى فى شرايينها مع الدم.
و التفت الكاهن نحوهما:
ـ "أتقبل بهذه المرأة زوجة لك, لتعيش معها كما أمر الرب فى سر الزواج المقدس؟ هل ستحبها, تواسيها, تحترمها, تحافظ عليها, فى المرض و لصحةو تخلص لها طالما أنت حى؟"
عينا كورد ما زالتا مسمرتان بها... ساد صمت طويل بارد. بدا لها أن كل الدماء جفت من شرايينها... و فكرت بجنون, سيكذب الآن و يجب أن تمنعه قبل أن يقسم يميناً كاذباً, و تصاعدت الكلمات إلى فمها, لكن الصمت انكسر و تعالى صوته العميق الآجش:
ـ سأفعل!
فماتت الكلمات على شفتيها.... و شحب لونها من هلع عندما استدار الكاهن إليها:
"هل تقبلين بذا الرجل....."
تمسكت بيد كورد ...تنظر إليه, إنه لا يرى وجها من خلف الخمار, لكنه قد يرى عينيها القلقتين اللامعتين.... ربما أحس بشئ ما, فتغير وجهه للحظة, طغت على السطح ذاكرتها صور الماضى و العلاقة القديمة و عواطف مكبوتة أطلقت عنائها الآن ملأت قلبها بالحب الذى انكرته على كورد...
و تناهت إليها كلمات الكاهن, بوضوح كامل, تحدد الزمن مع الذكريات, ليصبحوا إيقاعاً ضخماً يستولى على تفكيرها, و على نبضات قلبها... الأمر بسيط إذن... و ليس بهذا التعقيد... لقد رغبت بذلك قبيل أن تبلغ مشارف أنوثتها و نضوجها منذ زمن بعيد.... فى ذلك البلد. و ها هى الآن تحس أنها واقفة... فوق صخرة مرتفعة و الريح المنعشة تهدهدها.
"...تتخلين عن الآخرين.... تلتزمين معه... فى المرض و الصحة, تخلصين له, طالما أنتما أحياء؟"
ترك كورد يدها.... فاستدارت تنظر إلى الكاهن و دون تردد أو تأخير قالت:
ـ سافعل!
انتهى الأمر.... فسرت تنهيدة و كأنها ريح باردة عبر الحشد الصغير...و ارتجفت أنوار الشموع للحظات, كانت مغمضة العينين.. إنه صوتها... تكلمت... و أقسمت... لكنها لم تشأ لشفتيها أن تتحركا... ثم تذكرت لحظة الأنفصام. لأبد أن الكلمة خرجت من الموسيقى الصامتة فى قلبها.... أو من الماضى....صحيح أن امرأة ناضجة تقف هنا, إلا أن فتاة صغيرة هى التى تكلمت.... و أنتهى الأمر! و التفتا معاً إلى الكاهن ليقول كل بدوره بصوت مضطرب:
ـ بهذا الخاتم أتزوجك...."
كان خاتماً ذهبياً بسيطاً... كانت يداه ترتجفان و هو يضعه فى إصبعها, فأحست بلمسة باردة.... و تلاشت الموسيقى و آلم التفكير رأسها... لقد كذب, هذه الحقيقة أخافتها و حدقت بيديه... لم تكن قد أحست يوماً أنها أقرب من الآن من خطيئة إنسان... بقيت عيناه تنظران فى الأرض و لم يخبرها وجهه بشئ.
ركعا... تباركاً و صوت الكاهن صدى أنغام فوق رأسيهما المنحنيين.........
عاد الأرغن للعزف ثانية بعد أن وقفا.... فاستدار إليها كورد يرفع الطرحة عن وجهها, و التقت نظراتهما فحجب العالم من حولهما... أضاء الأمل فى نفسها لحظة لمس الخمار.... لكه انطفأ كما تنطفئ الشعلة من جراء النظرة الباردةالتى رأتها فى عينينه الرماديتين, و مال إليها و قال بصوت مرتبك:
ـ يجب أن أقبلك مايسى.
و بصمت رفعت له وجهها مغمضة العينين, فأمسك بذراعيها و قبلها على جبينها, فأحست بقلبها يحترق.... إنه يقبلها كما يقبل طفلة ليطمئنها........
كان كورد قد رتي كل شئ... فذهب الجميع إلى منتديات ليلاس منزل قريب لأحد أصدقائه. كانت النار المشتعلة ترسل الدفء فى غرفة الأستقبال ورائحة الورود و الزنبق تفوح من السلال التى غص بها المكان... على الطاولة ى الزاوية كان الطعام و المقبلات و الشراب... لكنها كانت تنظر إلى ما حولها بعينين مكتئبتين, تحس و كأنها تتحرك بصعوبة و كأن صداعها يشل
منتديات ليلاس
حركتها. كان هناك مجموعة صغيرة من الضيوف... مايك كان هناك, يتحدث إلى اللايدى تننت, التى جاءت دون تردد بناء على إصرار مايسى, و كذلك ديكى مع آبيغال... و رجلان آخران لا تعرفهما مايسى, أصدقاء لـ كورد كما تعتقد...و كادت مايسى تنفجر بالضحك... هذا كله أمر سخيف.... هذه التمثلية التى اصر عليها كورد... إنها لا ترى ضرورة لها إلا إذا كانت رغبته فى أن يجعلها أكثر تعاسة مما هى عليه, كانت تتوقع احتفالاً بسيطاً متواضعاً... فى مكتب تسجيل العقود, و الشهود من الشارع.
ـ يا عزيزتى!
و التفتت لتجد اللايدى تننت تهنئ كورد, و تشير إلى أيام المدرسة مع أبنها... ثم تقدمت لتقبل مايسى مبتسمة:
ـ أنت كتومة و غامضة عزيزتى... لقد قلت لىّ أنك لا تفكرين بالزواج!
ـ لم أكن أفكر به.... لقد حدث فجأة.
ـ صحيح؟ لكنكما تعرفان بعضكما منذ الطفولة.... أظن أن آبيغال قالت ذلك.........
ـ هذا صحيح.
ـ أتمنى لكما السعادة عزيزتى... كم تبدين جميلة بوجنتيك المحمرتين.
مر الوقت بطيئاً, لكن دفء النار و الطعام الممتاز, و الجو الحميم, ترك تأثيره على مايسى فانسجمت بالأجواء التى مالت تدريجياً إلى المرح و الأرتياح و تخلى الساهرون عن تحفظهم فتجاذبوا الأحاديث و لم تنسى مايسى التودد إلى أصدقاء كورد... و مايك و أختها آبيغال.
تقدم ديكى مهنئاً مبدياً سعادته لما أقدم عليه كورد معلقاً :
ـ هذا أفضل ما حدث له فى حياته , أتعلمين
أرادت أن تسأله ماذا يعنى ... لكن صوت آخر شد انتباهها:
ـ مايسى... كيف التقيتما مرة ثانية بعد هذه السنوات.
التفتت بسرعة, لترى الوجه العريض ذى الشعر الأشقر المائل للاحمرار, هو أقل كثافة من شعر كورد, بدا وسيماً بفمه الطفولى, فنظرت فى عينيه الرماديتين و قالت بصوت منخفض:
ـ ليو!
و قبل أن تعترض تقدم منها يعانقها.
ـ كنت أظن أنكِ نسيتنى!
ـ لم أنساك أبداً.
و تحررت منه بسرعة, فبدت على وجهه السخرية :
ـ أوهـ ... لا تنظرى إلىّ!
اتسعت عيناه بطريقة صبيانية ورمقها بنظرة صريحة لم تكن تثق بها أبداً و أخفض صوته هامساً:
ـ و أنا ليست مدعواً و يفترض بىّ ألا أكون هنا. ألا يصدمك هذا؟ شقيق العريس... و صديق قديم لك.
ـ ألم يدعك كورد؟
ـ بل أصدر أوامره الصارمة بالأبتعاد إلى مكان آخر. أتسأل لماذا؟ أتعلمين؟
نظرت إليه مايسى ببرود:
ـ إذن ألا يجدر بك أن تغادر؟ أظنه بإمكانك, فهو لم يرك بعد....
ـ أنت محقة يا حبيبتى... إنها تضحية جيدة, لكننى لا أعمل بالنصائح الجيدة... فهذا هو مبدئى.
ـ لم أكن أعلم أنك ذو مبادئ.
لكنه تجاهلها و أكمل كأنه لم يسمعها:
ـ كان يجب أن أراك, مايسى. تبدين جميلة. و كذلك آبيغال. كيف حالها؟ و هل سويتم تلك المؤامرة الصغيرة؟
ـ الأفضل لك أن تسأل كود فى هذا.
ـ حقاً؟
ـ أخرج من هنا!
إنه صوت كورد... و تقدم ينتزع يد أخيه من ذراع مايسى التى نظرت إلى وجهه فتلمست فيه الغضب لكنها اطمأنت لأن أحداً لم يشعر بما حدث. تراجع ليو, ثم استعاد رباطة جأشه و التقت عيناهما:
ـ اجبرنى على الخروج!
و نظر كورد فى وجه مايسى الشاحب ثم وجه أخيه الذى تثاقلت أنفاسه و تقدم من مايسى يتأبط ذراعها بعيداً عن ليو, اقترب مايك يبدد القلق رافعاً كأسه :
ـ أشربوا نخب العروسين السعيدين مايسى و كورد
التفت إليه الجميع و رُفعت الكؤوس و تعالت الضحكات.... و وسط الهرج المرج, ظهر الخادم بكل فخامة يجر أمامه عربة طعام عليها قالب حلوى مذهل.. لاحظت مايسى دهشة كورد مما فاجأه به الخادم فهذه الحلوى من صنع يديه.... فتقدمت مايسى إلى الأمام و شكرت الخادم بقبلة خجولة بينما كان كورد مقطب الجبين متجهماً.
ـ إنه جميل! شكراً لك.
ـ شئ متواضع, سيدتى.
رفع القالب بحذر ليضعه على الطاولة أمام الجميع, فتحلق الموجودون حوله... تظاهرت مايسى بالحيوية و السعادة و نظرت إلى كورد تمسك بسكينة فضية ملفوفة بمنديل سفرة أبيض ككانت بجانب القالب:
ـ يجب تقطيعها كورد.
استجمع كورد نفسه بصعوبة.
ـ طبعاً.
أمسكا بالسكين بيدين مرتجفتين ليوج كورد طرفها إل القلب الطابق الأول, ثم أمسك بأصبعها, يضغط عليها بقوة... و أجبر السكين أن تقطع عميقاً, لكن مايسى لاحظت أنه لا ينظر إلى القالب, بل إلى الطرف الآخر للغرفة, نحو ليو الذى كان يقف غير مبال, يتكئ على الباب ... تحين لحظة نظرت إليه فرفع كأسه بتحية ساخرة... فأشاحت بوجهها عنه.
أخذ الخادم يقطع الحلوى ليوزعها... لكن كورد نظر إلى ساعته و قال لها:
ـ يجب أن نذهب بعد قليل.
ـ الأفضل أن أغير ملابسى
ـ نعم... هذا أفضل.
انفردت مع شقيقتها فى الغرفة التى فيها ستبدل ملابسها و أحست بالارتياح... نزعت الخمار من شعرها و ساعدتها آبيغال على خلع الثوب, فلاحظت شيئاً ما على يد مايسى اليمنى فقلقت:
ـ أوهـ.... حبيبتى! أنظرى! ماذا حدث ليدك؟ أنه آثر السكين الذى أمسكت بهلابد أن كود لم يشعر كم ككان يضغطعلى يدك, علامة و كأنها الوشم حين يجمد خطاً دموياً تحت جلد يدك.
و ضحكت آبيغال:
ـ كورد لا يعلم مدى قوته. الأفضل أن تحذريه يا حبيبتى.
ابتسمت مايسى, و قد سرها أن ترى آبيغال سعيدة. ثم قالت بسرعة:
ـ أوهـ.... ليس مهماً.
و أكملت خلع الفستان, السيارة الفاخرة التى أحضرتها إلى الكنيسة أخذتهما إلى المطار... و بينما هما يغادران المنزل رشت آبيغال الأرز عليهما, و رمتهما اللايدى تننت بحفنة من الأوراق على شكل قلوب و أجراس ملونة... فى الطريق قال كورد لـ مايسى:
ـ أظن أننا سنصل ليلاً... الرحلة ستستغرق ست ساعات فوق المحيط... باريس دائماً جميلة, لكن للمرة الأولى يجب أن يشاهدها المرء ليلاً.
لم تفهم مايسى ما يعنيه كلماته جعلتها تتوتر, فهزت رأسها دون تعليق. و راقبها كورد صامتاً للحظات, ثم أشاح بنظره عنها.
فى الطائرة كلمها مرة أخرى:
ـ أعطنى جواز السفر لأنجز لكِ أوراق تذكرة الدخول.
أخرجت الجواز بصمت, هذا الجواز حصل عليه بمساعدة صديق له فى وزارة الخارجية, قبل ثلاثة أيام... كان الأسم عليه مايسى باكلير فأشاحت بنظرها عنه. إنها الآن زوجته, خاتمه فى إصبعها, و فى الكنيسة قطعت الوعد المقدس.
و بدأ الأمل يثور مجدداً خلف عينيها, و علمت أنها لو تركت نفسها للتفكير... لتدفقت الذكريات... ذكريات عن منززل قديم معزول, بنى عند عنق لسان عريض من المراعى يدخل فى البحر, وصيف طويل حار, و شقيقان. ذلك المساء تركت نافذة غرفتها مفتوحة, مستلقية فى فراشها الأبيض تصغى إلى هدير أمواج البحر عند الجرف الصخرى البعيد. كان الجو عابقاً برائحة طحلب الماء, و العشب الجاف, و العرزال و الخليج البرى... كورد قال ذات مرة: شعرك رائحته كـ الخلنج.
ـ بماذا تفكرين؟
استفاقت من ذكرياتها... أرادت أن تقول: أفكر بك... بالشخص الذى كنته لكنها احمرت خجلاً فهزت برأسها:
ـ لا شئ.
ـ سنصل بعد نصف ساعة.... و المسافة من المطار إلى افندق تستغرق ساعة... سنتناول العشاء حال وصولنا.
احست بالخوف ثانية فردت بسرعة:
ـ لا... لست جائعة, لكننى تعبة... و أنا...
ـ كما تشائين! سأطلب من الفندق إرسال العشاء إلى جناحنا فى حال غيرت رأيك.
كان الهبوط لططيفاً. و لم يكن المطار مزدحماً كثيراً, و مر عبر الجمارك ثم عبرا دائرة الجوازات بسرعة. أقلتهما سيارة مارة عبر الشوارع المزدانة بالأنوار و عندما توقفت, فهمت مايسدى ماذا كان كورد يعنى... أمامها تماماً امتداد المدينة السحرية, مدينة الصخب و الأنوار... و وقفت هناك, متخلصة من خوفها, ليخفق قلبها فقط بالسعادة.
كورد... أنها جميلة جداً. أريد رؤيتها كلها... كل شئ فيها.
ـ لا أستطيع التصديق... هل توافقين؟
فضحك و لأول مرة لم تشعر بالخوف منه... بدت عيناه أكثر دفئاً, و أمسكت بكم سترته دون تفكير. و على الفور أحست بحرارة يديه فوق يدها. فرفعت وجهها إليه شاكرة... كانا متقاربين أكثر مما ظنت, حين أحتضنها أحست بموجة حنين غير عادى فحبست أنفاسها, إنه احساس مطالب جاء رأساً من قلبها دون المرور عبر عقلها. و كأن دمها, ذاتها, هما المفكران. أحست بنفسها تلتصق بجسده, كانت أنفاسه قريبة من بشرتها, و فمه قريب كذلك. لكنه لم يكن بالقرب الذى تشتهيه نفسها الآن.


نهاية الفصل الخامس

قراءة ممتعة



زهرة منسية 27-09-14 09:59 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
6 ـــ تـــزوجـــــــــــــت وهــــــمــــــــاً


منتديات ليلاس

دخل كورد و مايسى بهو الفندق و أتى من يهتم بهما و يحمل حقائبهما و كانت الأنوار الساطعة تغشى البصر مما أبهر عينى مايسى... و تقدم رجل صغير الجسم يرتدى بذلة سوداء رسمية ماداً يده مرحباً:
ـ مسيو باكلير, سيدتى! أهلاً بيكما فى باريس.... و تهنئتى القلبية مسيو, و إلى المدام الجميلة. أنه شرف لنا مسيو باكلير .
رد كورد عليه بفرنسية طليقة, و حاولت مايسى أن تفهم ما قال, فلاحظت أن كلامه أصبح أكثر حدة عندما طرح على المدير سؤالاً, فتجهم وجه الرجل... و بدا عليه الشك, ثم قال :
ـ كيف ؟ لكن لا! مستحيل.... تلقينا برقية بالأمس.
و استدار إلى مكتب الأستعلامات ليخرج ورقة, نظر إليها كورد متجهماً. أخذ المدير يتمتم بكلمات الأعتذار ....استدار كورد نحو مايسى ليمسك بمرفقها و يتنحى بيها جانباً... قائلاً بصوت متوتر:
ـ مايسى!
ـ ما الذى حدث؟ ألم يتلقوا برقية الحجز؟
ـ بلى... لكن الحجز تغير.
نظر إلى حيث كان المدير يدور حول نفسه بقلق, ثم تحرك يحجب وجهها عن نظر المدير, و أخفض صوته:
ـ مايسى... أرجوك صدقينى.... يجب أن تثقى بىّ, لقد حجزت جناحاً بغرفتين لكن بطريقة ما تغير هذا الحجز بعد أن تلقى الفندق برقية لتغييره البارحة.
ـ برقية؟ ليست أفهم.
ـ فكرة أحدهم للمزاح كما أظن.
ـ لكن من يكون؟ ألا يمكن التغيير؟
فهز برأسه:
ـ يبدو أن الأمر مستحيل ...فنصف الفندق مقفل لتصليحات التى لا تنتهى قبل الربيع, و هناك مجموعة كبيرة حجزت ما تبقى هذا الصباح.
انزعاجه و غضبه كانا ظاهرين, فلم تشك مايسى بكلامه. تنفست عميقاً و أمسكت بكم سترته و هى تبتسم:
ـ أرجوك كورد.... لا تهتم... لا بأس بما حصل... نستطيع تدبر أمرنا... أرجوك, أنا واثقة أن غرفة واحدة ستكون جميلة و مريحة.
تردد قليلاً, ثم قال بعصبية ظاهرة:
ـ أتظنين أننى....
فقاطعته بثبات:
ـ لا.... بالطبع لا. و الآن قل له إننى سعيدة... هيا.
للحظة برقت عيناه بما يشبه الاعجاب, و استدار إلى المدير:
ـ حسناً..... زوجتى سعيدة بهذا.
تهلل وجه المدير, و أنارت وجهه الشاحب ابتسامة فرافقهما حتى المصعد منحنياً لهما, فأمسك كورد بذراع مايسى و تقدما نحوه.


منتديات ليلاســــــــــــــــــــــ


زهرة منسية 27-09-14 10:01 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

كانت الغرفة من أجمل الغرف التى شاهدتها فى حياتها.... سقفها تزينه قناطر مزخرفة رائعة.... فى طرفها الآخر أبواب مرتفعة تؤدى إلى شرفة تطل على منظر جميل ... فيها صندوق مزخرف بالحفر سطحه من الرخام, الخزانة كبيرة تناسب حجم الغرفة, لها أبواب من خشب الورد ثبت فى داخلها مرايا طويلة. السجادة أثرية زهرية اللون مزينة بالزهور ... فى طرف الغرفة باب يقود إلى حمام كبير أرضه من الرخام, و مغطس ضخم له قوائم و كأنها مخالب ....
و عبر باب آخر غرفة جلوس صغيرة فيها طاولة مغطأة بشرشف أبيض, عليها بعض اللطعام و بعض الشراب وضع فيها الثلج ليبرد.

منتديات ليلاس
كانت الزهور تحيط بـ مايسى من كل الجهات مما أبعد عنها شبح الشتاء و قساوته: الغاردينيا, الورود, السوسن, و التوليب بألوانه المختلفة... نظرت للطرف الآخر من الغرفة, ثم أشاحت بوجهها... ثم عادت النظر: هناك سرير, يحتل المسافة الأكبر من الغرفة, فأحمر وجهها و عاد التوتر إليها, كان السرير عريضاً, مغطى بأغطية بيضاء مطرزة, عليه وسائد كبيرة مربعة و مزينة بالشرائط المخرمة, جانبه الأعلى عند الرأس أثرى قديم من الخشب المحفور, تمثالان لطفلين ملائكيين يمسكان بسنابل من الخشب المحفورة بين أيديهما الصغيرة و يطلان بحياء من الزوايا.... ستارتان من الدانتيل الأبيض تدليان فوق الرأس, أنه سرير الزواج.... سرير للعشاق... و ليس للنوم, فاستدارت مايسى نحو النافذة تنظر إلى ما خلفها, منتظرة خروج المدير و الحمالين.
بعد خروخهم خيم الصمت للحظات, ... و شاهدت صورة كورد فى الزجاج يقف محدقاً بها. فاستدارت لتلتقى عيونهما, فابتسم لها ابتسامة ساخرة:
ـ آسف مايسى, ما خططت له كان أكثر تحفظاً
جف حلقها, و وجدت صعوبة فى النظر إليه:
ـ أرجوك.... لا يهم. لكننى لا أفهم... كيف حدث ذلك؟ ثمة خطأ فى البرقية, أيمكن أن يكون الحجز لأشخاص آخرين!
فهز رأسه:
ـ أوهـ... لا... ليس هناك أى خطأ, أعلم من هو المسؤول عن هذا.
حدقت به بعينين واسعتين:
ـ ليو؟.....و لماذا؟
لأسباب عديدة, و من الأفضل أن لا نتحدث عنها.
ـ لكن.....
ـ أرجوكِ مايسى, ليو يحب إثارة المشاكل ...فلا تأبهى... أكان هناك ما أساءك اليوم مايسى؟
ردت بسرعة و هى تتفحص تعابير وجهه.
ـ لا....لا... أبداً الكنيسة و المراسم... كل شئ كان جميلاً.... لقد أزعجت نفسك كثيراً.
فابتسم:
ـ قلت لك أننى أحب الطقوس.
أرادت أن تسأله : حتى الطقوس لا معنى لها؟ أو لا تحمل أى نوع من الحقيقة.
ما من فائدة فى طرح هذا الموضوع الآن... لكنه أعجبها كل ما مر عليها اليوم, الجدال و المرارة سيزيدان الأمر سوءاً. و بدأت تحس بشئ آخر يعتمل فى قلبها, تريد أن تشرح له ما أحست به فى الكنيسة, عن الذكريات, عن الماضى الذى يحضرها بقوة كلما كان قربها, و كادت تتكلم لكنها لاحظت أن وجهه تغير, و قال:
ـ يدك... ماذا حدث ليدك؟
فسحبت يدها بسرعة وراء ظهرها:
ـ لا بأس بها.
لكنه أعاد الأمساك بها.
ـ كيف حدث ذلك؟ إنها مليئة بالكدمات...
ـ أنت فعلت هذا
ـ أنا؟
ـ عندما كنا نمسك السكين لتقطيع قالب الحلوى... لكنها بخير... حقاً.... و لا تؤلمنى...
ـ أمسكت ذكرى قوته السريعة بقلبها.. و أحست أن معرفتهما بهذه القوة تفتح شيئاً ما بينهما كأنه تجويف مظلم ضخم. فأحست نفسها تغرق و تغرق فيه... لكنه ضعيف أيضاً... إنها تحس بهذا الآن فى عينيه, فى اللطف المفاجئ و القلق الذى لفهما, و سمعته يقول:
ـ مايسى .....أنا...
و تنهدت بعمق قبل أن يغقا فى عناق طويل, و فى اللحظة التالية كانت بين ذراعيه, و أحست بالرغبة تنفجر فى داخلها. فالتصقت به مغمضة العينين لا تسمع سوى نبضات قلبها و قلب الرجل الذى أصبح زووجها. و أغمضت عينيها, و لم تعد ترى شيئاً أو تعرف شيئاً, أو تعى أى شئ ما عدا احتضانه لها و ضغط جسده عليها, كل إحساساتها تجمعت فى أحساس واحد. فسمعت من خلال جسدها ضربات قلبها, و شاهدته .... هذا الرجل الذى أصبح زوجها... من خلال عينين مغمضتين, شاهدت أعماق نفسه, و أحست أنهما شخص واحد... ما وراء التساؤل, ما وراء القلق.
لم يدم ذلك طويلاً لأن كورد تراجع عنها و وقفا قريبين, أعينهما مثبتة فى بعضها, يربط بينهما ما هو أبعد من الكلام.... و كانت ترتعش فلم تقدر على الكلام, و توقعت منه أن يعاودالتقرب منها فلم يفعل... فقط أمسك بيدها التى تحمل خاتم الزواج و قبلها... فاحست بالدموع تحرق عينيها, و أن لديها الكثير لكى تقوله.... لكنه ترك يدها و تراجع, و كأنه يتعمد قطع ماكان بينهما منذ لحظات:
ـ مايسى.... أنا آسف جداً.
فنظرت إلى يديها مخفيه وجهها عن عينيه:
ـ أنا.... زوجتك.
و على الفور وجدت نفسها نادمة لأنها لم تكن تريد قول ذك, و ساد صمت قصير قطعه قائلاً:
ـ أجل.... أنتِ زوجتى, كما اتفقنا و اشترطتِ أنتِ بكل دقة. و ليس فى نيتى أن أدفعك إلى أكثر من ذلك خاصة فى الظروف الحاضرة, و لا تظننى أننى خططت لكل ما حصل دون علمك.
ـ أعلم... و لا أظن بك السوء.
ـ إذن أنتِ جديرة بالثقة و الإطراء.
إطراء حمل لهجة مغايرة لعله الإتهام....فاستدارت مايسى بائسة و تقدمت نحو ابنافذة حيث رأت أضواء المدينة المتلألئة المترامية أمامها, أسندت رأسها على الزجاج. فأحست بالأرهاق و التعب.... و تمنت لو أنها كانت لوحدها كى تستطعي النوم أو البكاء بحرية... فتسرب القلق إلى قلبها لكنها بقيت صامتة...
ـ أخبرينى.... هل أنتِ من دعا ليو إلى حفلة اليوم؟ هل قلتِ ه إلى أين نحن مسافرين؟
فاجأها السؤال فواجهته بعنف و استنكار.
ـ دعوته؟ لا! لم أشاهد ليو, و لم أتكلم معه... منذ سنوات.
ـ حتى هذا اليوم؟ لكنك كنت سريعة فى الكلام معه.
ـ ماذا؟
فهز كتفيه قائلاً و هو يتجه إلى غرفة الجلوس:
ـ لا يهم.... أتودين شيئاً تأكلينه؟
ـ لست جائعة.... أود النوم.
فرد بصوت بارد :
ـ فعلى ما شئت.
ترددت مايسى قليلاً فضحك:
ـ ستكونين بأمان... لن ألمسك فلا حاجة لك للقلق.
ـ لكن أين ستنام أنت؟
ـ لا أنوى النوم... تصبحين على خير مايسى.
و لم يضف شيئاً و دخل غرفة الجلوس و أقفل الباب, فى الفراش أغمضت عينيها... أنها ليلة عرسها, و أحست بالدموع الساخنة على خدها البارد, تتدفق من تحت جفنيها المغلقين. سوف يحطمها كورد... أنها مسألة وقت.... و غطت فى النوم.

منتديات ليلاســــــــــــــ


زهرة منسية 27-09-14 10:03 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
حلمت بـ فنكوفر, بذلك اليوم المشمس و السماء الزرقاء الصافية.... كان فى المراعى... خلف المنزل, حيث الحقل فروش بآلاف الزهور الصغيرة. كان ذلك فى فصل الصيف . حيث يستطيع المرء أن يرى اللسان الطويل الداخل إلى البحر حيث تتدافع الأمواج إلى أعلى الصخور عند ارتطامها بها ..... كانا وحدهما... لكن لطالما كانا كذلك حتى بوجود الآخرين ... عيناهما و تفكيرهما كان يعزلانهما عن الجميع.
أحست يومها, فى ذلك اليوم الصيفى أن حياتهما بدأت لتواها...و امتد أمامها, كما نو رالشمس الذهبية اللامعة...و أحست أن مستقبلها هم كورد ... إنها الآن تستلقى على ظهرها فوق العشب غير بعيدة عن الخراف التى ترعى من حولهما, تحس بالفء, دفء بعد ظهر يوم صيفى فوق جفنيها, كورد كان يداعب شعرها, فوق العشب, و الزهور و البافية ذت الزهور الزرقاء .... قال لها ذلك اليوم الأخير من سعادتهما القديمة:
ـ رائحة شعرك كرائحة الخلنج.
لم تدر كيف استيقظت.... لكن نهاية الحلم كانت قاسية فبقيت تائهة للحظات ما بين الواقع و الحلم ... و حين لامست واقعها أحست بالسعادة تقفز هاربة من قلبها و كأنها الرمال المنزلقة من بين الأصابع.
تمطت, و تحسست السرير من حولها, و كانت الغرفة لا تزال مظلمة إلا من نور ضئيل تسرب من النافذة يبشر بنهار جديد...
لقد تزوجت ذكرى .... قديماً بدا لها كورد قريباً جداً منها حتى أن كلاً منهما كان يعرف نوايا الآخر دون كلام. و لم يخطر ببالها قبلاً أن تتساءل عن نوعية هذا التفاهم, و لا أن تصرف النظر عنه أو تفكر كم كانت يافعة, أو لتكتشف أن الكلمات لا يمكن لها أن تمحى الحقيقة التى أحست بها... إنه الحب الأول ... حب المراهقة... لقد استعادت ذكرى كل شئ الآن... لقد أحبت كورد... لكنه كان رجل آخر : بارد متحفظ لا يمكنها الاقتراب منه, و لا فهم أعماقه.
و تنهدت... لا فائدة من التفكير بالماضى, لا فائدة من ترك الأمور لتأخذ طريقها كما جرى ليلة أمس ... و لا فائدة من الاحساس بالمرارة و الكراهية . إنهما هنا و باريس جميلة! و أحست بثورة من التفاؤل لهذه الفكرة... فهى, كما أدركت مندهشة, لا تريد أن تكون فى أى مكان آخر. فهذا اليوم, و هذه المدينة الساحرة بانتظارها فى الخارج... فازداد خفقان قلبها.
سمعت طرقاً خفيفاً على الباب, و دخلت خادمة إلى الغرفة تحمل صينية.
ـ بونجور مدام!
وضعت الصينية على الطاولة, لتدرك مايسى على الفور أنها جائعة.... الفطور لشخص واحد. فشكرت الخادمة التى انسحبت مبتسمة. و تناولت مايسى الصينية لتضعها أمامها و تبدأ بالأكل و هى ترمق باب غرفة الجلوس قلقة.... مامن صوت صادر من هناك... فجأة أحست بالندم العميق .... لقد نامت, حلمت, و استيقظت نشيطة, ثم تناولت الفطور... فماذا عن كورد؟
فى تلك اللحظة فُتح الباب, و دخل. حدقت به بارتباك, وراحت تتدثر بالأغطية بحركة عفوية فابتسم و تقدم فى الغرفة.... بدا منتعشاً, حليقاً, نظيفاً, أنيق الملبس. يحمل بين ذراعيه الكثير من العلب التى رماها فوق الكرسى دون تردد و كأنه يقوم بعمل بطولى, أقفل الباب و تقدم منها و انحنى ليقبل رأسها مستوضحاً:
ـ هل نمت جيداً؟ أنا أستيقظت باكراً.
تناول بعض القهوة بابتهاج, ثم جلس إلى حافة السرير متناسياً ما حدث بينهما ليلة أمس, نظرت إليه, شئ ما فى عينيه جعلها تبتسم:
ـ أظننى نمت أفضل منك... ماذل فعلت؟ أين نمت؟ على الأرض أم على أحد المقاعد الطويلة.
فضحك:
ـ على المقعد. لكنه لم يكن مريحاً. و أنتِ يبدو أنكِ نمتِ دون ازعاج.
احمر وجهها, و قد تذكرت حلمها, فابتسم متابعاً:
ـ لقد راقبتك هذا الصباح.... دخلت إلى الحمام و غيرت ملابسى, و لم تنتبهى.... نظرت إليكِ مدة طويلة و لم تتحركى.
ـ هذا أمر غير منصف!
ـ ابداً... كنتِ تبدين جميلة.
اشاحت بنظرها عنه بسرعة. ثم ترددت قبل أن تقول:
ـ إذا لم يستطيعوا اعطائنا غير هذا الجناح.... فلا يمكنك قضاء الليل فى المقعد المخصص للجلوس... و ليس للنوم.
فرفع حاجبيه ساخراً :
ـ أتعنين أنه يمكننى الأنضمام إليك فى الفراش. يجب أن نضع شيئاً يفصل بيننا, كما كان يفعل الفرسان فيما مضى. أليس هذا هو الحل؟ أم نكتفى بالوسائد؟ طبعاً هو سرير واسع... سنجد حلاً دون شك.
و وضع فنجان القهوة فةق الصينية و وقف.
ـ و الآن... أنتِ تريدين التفرج على باريس كما قلتِ بالأمس... إذا أشرقت الشمس سيكون اليوم جميلاً, بالرغم من برودته ... هل أنتِ مستعدة؟
فابتسمت:
ـ جولة سياحية؟ من الواضح أنك تعرف المدينة جيداً.
ـ بما يكفى... لطالما كنت هنا بمفردى...ساستمتع بوجود شخص آخر لأطلعه على معالمها.
ـ ما رأيك بعد نصف ساعة؟
فابتسم و استدار نحو الباب, ثم توقف:
ـ على فكرة... كم حقيبة معك؟
ـ أثنتان و واحدة صغيرة.
ـ هذا ما ظننته.... يبدو أنهم لم يرسلوا لنا سوى واحدة. لقد اتصلت بالمطار, فلا تقلقى, سيجدونها لكِ, هذا ما يحدث دائماً. أكان فيها أشياء نفسية؟
ـ لا.... بل ملابس قديمة... لا يهم.
ـ حسناً... فكرت أنك قد تحتاجين لشئ, فخرجت و اشتريت لكِ بعض الأغراض, قد لا يهمك, لكنها هناك.
قبل أن ترد فتح الباب و خرج, فجأة أحست بإثارة مجنونة عبية, و كأنها طفل ليلة الميلاد.... لم يقدم لها أحد من قبل مثل هذه الهدايا, بأصابع مرتعشة فتحت العلب, و أزاحت الأوراق الناعمة التى تغلفها, جلست على عقبيها... مذهولة... بيدو أن كورد أختار لها الأشياء التى كانت ستختارها بنفسها لو أنها كانت تملك المال الكافى لشراء مثلها... علبة مليئة بالقمصان الحريرية, و أخرى من أفضل الكنزات, و أغلى أنواع الكشمير. و حقيبة يد من أفخر أنواع الجلود. و علبة أخرى للملابس الداخلية الرائعة المطرزة تطريزاً يدوياً, و أخيراً فستاناً من أجمل الفساتين عاجى اللون بالأضافة إلى سترة أجمل منه.
حدقت مايسى بكل ما أمامها غير مصدقة.... كان هناك علبة رقيقة لا تزال مقفلةمصنوعة من الجلد.... و بيد خائفة مرتجفة, فتحتها, و حبست أنفاسها. فى الداخل و فوق مخمل أسود عقد ذهبى من أجمل ما واقعت عيناها ليه... كان قديم الطراز, من الكهرمان المثبت إلى الذهب, و الكهرمان هو لون عينيها, و ضعته حول جيدها بأصابع مرتجفة, و نظرت فى المرآة, فرأت الأحجار الكريمة تلتف حول عنقها و تضفى عليها جمالاً غامضاً, لا مثيل له.
و اسرعت بتهور و طيش تفتش بين العلب.... لابد أن كورد قد وضع فيها رسالة. لابد أن يكون هناك مذكرة ما, بطاقة ما.... أى شئ. لكنها لم تجد شيئاً ...ثم... وجدتها.... شاهدتها داخل العلبة الجلدية الصغيرة التى كانت تحوى العقد, بطاقة صغيرة بسيطة تقول: إلى زوجتى.... من كورد
لا شئ غيرها... دون تاريخ, دون عواطف, دون أثر أو كلمة, هذا كل شئ.
بسرعة, انحنت لتلتقط الفستان الكريمى اللون و ترتديه, ثم وضعت فوقه السترة المناسبة له, لابد أن كل هذا كلفه الكثير.
يجب عليها أن ترفضها و أن لا ترتديها, لكنها أستسلمت لإغرائها مكتشفة ضعفها الذى طالما انكرته على نفسها و من جهة ثانية خافت أن يغضب كورد إن هى رفضت هداياه.
رقصت عيناها فرحاً حين رأت صورتها فى المرآة, فضحكت مداعبة العقد الكهرمانى المذهب المتلألئ أمام النور, فغمرتها سعادة عارمةو سارعت لتصفق الباب خلفها و تنزل السلم, و حذاءها يطقطق على الرخام الأبيض.
فوجئ بها. فوقف حيث كان يجلس خارج المقهى, لاحظت محاولاته إخفاء مشاعره’ إلا أن السعادة كانت تضئ عينيه. لكنه لم يقل شئ بل جذب لها الكرسى لتجلس, و أمسك بيدها, ثم التفت يستدعى الساقى.
ـ قهوة؟
فهزت رأسها... ثم جمعت شجاعتها و وضعها يدها فوق يده:
ـ كورد... لم أحظ بهدايا جميلة رائعة مثل هذه فى حياتى... أشكرك.
ـ أرجوكِ ... أنها لا شئ. أنا سعيد أنها أعجبتك... أنها.... و صمت برهة و أطلق لعينيه العنان متأملاً جيدها الذى يطوقه العقد, ثم شفتيها, عينيها و أكمل:
ـ إنها رائعة عليكِ.
منتديات ليلاس
فابتسكت رغم جفاف الإطراء و عيناها ترقصان.
ـ و هى تناسب مقاسى كما ترى... تناسبنى تماماً.
و اخفضت عيناها و أكملت بحياء:
ـ كل شئ.
فتقوست شفتاه بابتسامة...فسألته ملتوية:
ـ كيف عرفت مقاسى؟... معظم الرجال تنقصهم الخبرة فى المقاسات... و خاصة...
فمال نحوها, و عيناه تسخران منها بكس:
ـ حسناً... لدى ذاكرة ممتازة. و فى المحل كانت البائعة بنفس مقاسك.
و جال بنظره عمداً نحو صدرها ثم خصرها النحيل و تابع بخبث:
ـ ....و حجمك... إنها تاة جذابة...
ـ أوهـ... حقاً؟
فضحك:
ـ لا... فى الحقيقة كانت بشعة و فى الستين من عمرها. لكن عندما شرحت لها الوضع تفهمته جيداً, و ساعدتنى, لقد وصتك لها بتفصيل لا بأس به.... و هذه هى النتيجة, و الآن... للأسف لدى عمل أقوم به و نحن هنا. لكن فى الأسبوع المقبل, لدينا عطلة يومين, و أنا تحت أمرك. ماذا تريدين مشاهدته؟ المتاحف, معارض الفن, الكنائس, برج إيفل, قوس النصر, الأسواق, الليدو.......؟
فضحكت و اجابت بسعادة:
ـ أحب أن أتجول فى المدينة, و اتفرج حباً بالأكتشاف.... ث أود الذهاب إلى مونمارتر و إلى أكاديمية الفنون... هناك رسومات نصحنى مايك أن أتفرج عليها.
ـ حسناً...موافق, سنسير و نرى أين تقودنا أقدامنا, بعدها نتناول الغداء.
ظلا جالسين فى المقهى يشربان القهوة و يتحدثان حتى أشرقت الشمس لتبدد برودة الصباح. فنظرت مايسى حولها بابتهاج.. و لم تجد الكثير من الناس فى الساحة أمامهما, فالوقت مبكر لوجود الكثير من السائحين.
و أمسكك بيدها ليقودها عبر الشوارع المشرقة بأشعة الشمس....
و سارا جنباً إلى جنب متشابكى الأيدى لساعات طويلة لم تحس مايسى فيها بأى تعب... و كان كورد الأفض و الأكثر تفهماً من أى دليل سياحى فى العالم. فى طريقهما كان يشير إلى المزيد من الأماكن الشهيرة و الأبنية الأثرية, و النصب التذكارية, و القصور الملكية, يسرد عليها بعضاً من تاريخها... لكنه لم يحتجز حريتها, تركها تكتشف ما تشاء, فى الشوارع الواسعة و الحوارى الضيقة على قدم المساواة.
عند الظهر رحلا إلى حى مونمارتر الشهير فتوجها ليتعرفا على الفنانين الذين يرسمون فى الشوارع, المكان الذى حدثها عنه مايك, حيث وقفت تحدق فى كل شئ لفترة طويلة... و لكن ما لفت نظرها أكثر كان لوحة رائعة لسيدة تحمل طفلها تنظر إليه نظرة جعلت قلب مايسى يرتجف, و على ودهها دلائل الأهتمام و القلق.... لاحظ كورد هذا و قال:
ـ أظننى عرفت لماذا تهتمين بهذه الصورة.
ـ لقد حدثنى عنها مايك, و أكد على ضضرورة تأملها لتستفيد منا النساء خصوصاً.
ـ ربما....
و اشاح عنها بنظرها محافظاً على تحفظه من جديد, و لحقت به لكنه لم يكن ينظر إلى اللوحات من حوله... بعد قليل, أحست أن مزاجه تغير من جديد, فأمسكها من مرفقها ليقودها بسرعة عبر شوارع صغيرة جانبية لترى نفسها فجأة فى ساحة واسعة تلتقى فيها و تتفرع عدة شوارع, و فى ظل كنيسة مونمارتر تمكنا من رؤية السين و التلة التى يقع عليها فندقهما. و إلى الجهة الأخرى دخلا مطعماً صغيراً جلسا فيه إلى طاولة تحت شجرة. فقالت له ممازحة:
ـ أنت تعرف باريس حق المعرفة.
ـ أبداً... لكن عملى غالباً ما يأتى بىّ إلى هنا.
تمطت, و قالت متحسسة دفء الشمس على وجهها:
ـ أليس الطقس جميلاً؟ إنه كطقس الربيع, كان الطقس بارداً عندما غادرنا كندا.
ـ لكنه الربيع هنا.... أو يكاد. و الطقس سيبدا من الآن بالتغير بحلول نيسان سيصبح دافئاً.
ـ لكن نيسان هو أقصى برودة عندنا.
فضحك:
ـ ليس فى فرنسا

منتديات ليلاســــــــــــــ

زهرة منسية 27-09-14 10:04 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
أحضر النادل الطعام اللذيذ, فتناولاه و هما يتحدثان, إلى أن طرح سؤالاً:
ـ هل عملت مع مايك لفترة طويلة؟
ـ لخمس سنوات.... منزلك قريب من معرضه.... و الغريب أننا لم نلتقِ قبل الآن.
ـ صحيح ... هذا عجيب ... لكننى غالباً ما أكون مسافراً.... و لينا الكثير لنعوض عنه كما أظن.
أحست بالخجل فقالت مرتبكة:
ـ ليس لدى الكثير لأخبرك عنه.
ـ أوهـ... أنا متأكد أن لديك الكثير.... إنها عشر سنوات ... أين كنتِ خلالها يا مايسى, و ماذا حدث لكِ خلالها؟
ـ القليل جداً... بعد وفاة أمى... عشنا عند عمتى كارلا لبضع سنوات, و سافر أبى إلى الشرق الأوسط لفترة, ثم عاد إلى إيطاليا, و لم نعد نراه كثيراً... تركت المدرسة و تدربيت على السكرتاريا.... ثم توفيت عمتى و تركت لىّ القليل نم المال, فاشتريت الشقة التى نسكن فيها و سكنت آبيغال معى, بعدها عملت مع مايك فى معرضه , و هذا كل شئ.
ـ ألم تفكرى مطلقاً بالزواج؟
ـ لا.
ساد صمت قصير, و تراجع فى كرسيه إلى الوراء, و أحتسى قليلاً من قهوته ثم قال:
ـ تولت مؤسسة أبى رعاية أموالك... المال الذى تركته لك عمتك, أليس كذلك؟
فهزت رأسها :
ـ لطالما كان والدك كريماً جداً و لطيفاً معنا, أنا و آبيغال.
تهدج صوتها لعلمها أنها بدأت تطرق موضوعاً خطراً, لكنه لم يلاحظ هذا, نظرت إلى وجهه بقلق, و قالت:
ـ آسفة جداً لما حصل لوالدك... أهو... بخير الآن؟
فرد بصراحة دون تأثر:
ـ لن يعيش طويلاً... إنها الذبحة الصدرية... و الأطباء حددوا له فترة ستة أشهر.
ـ أوهـ.... كورد. كم أنا آسفة.
أمسكت بذراعه, لكنه هز كتفيه:
ـ هكذا أفضل. منذ وفاة أمى, لم يعد يرغب فى الحياة, على ما أعتقد, لقد تصالحا فيما بعد كما تعلمين.
ـ أجل... عرفت هذا., لقد أخبرتنى عمتى كارلا قبل أن تموت. هل كانا سعيدين؟
ـ من؟
ـ والداك ... قبل أن يلتقى...
ـ تعنين قبل أن يلتقى أبى بأمك؟
منتديات ليلاس
صمتت قليلاً ثم تنهد, و أكمل بصوت تلاشت الحدة منه:
ـ كنت صغيراً, لا أفهم الأشياء, إلا إذا كان هناك بعض الثغرات, داخل الزواج... إضافة إلى أن أمك لم تكن تُقاوم...
كانت جاذبة لدرجة تفطر القلوب, و هذا ما جعلها لا تقاوم, لشدة جمالها. و الجمال دائماً يكون خطراً, و والدى كان من ألطف الرجال و أرقهم أحساساً ... و لا أظن أنه استطاع مقاومتها.
نظرت إليه بصمت, تعرف أن عليها الداع عن أمها, لكن ما الفائدة... كل ما قاله كورد صحيح. و عادت إلى الإطراق...
فأكمل:
ـ الغريب كيف أن زوجان مثل والديك أنجبا فتاة مثلك.
ـ أنا ليست كاى منهما كورد!
مد يده يمررها على شعرها الكثيف, حيث أخذ يداعبها.... ثم قال بخفة:ط
ـ ألست مثلهما مايسى... أتساءل؟
و عرفت تماماً ما يفكر فيه, لكن الكبرياء منعها من الإجابة, وقفت صامتة فدفع كورد الفاتورة... و أنطلقا مجدداً باتجاه الفندق.
ما أن وصلاه حتى كانت أعصابها على وشك الإنهيار... و أحست بأنها إذا لم تتكلم على الفور, أو لم تشرح موقفها فستجن. إنها لا تحتمل أن يعاملها بهذه الطريقة.... تارة تكون فى قمة السعادة, قريبة منه.... و تارة؟ لماذا تزوجها... لماذا؟ لماذا لا يتركها و شأنها؟ لماذا يستمر بتعنيفها؟
فى المصعد وقف ملتصقاً بها.. أحست بأنفاسه ناعمة على بشرتها... دون أن يلمسها أحست أنه يرسل لها كلمات أبعد من أية لغة... نظرت إلى عينيه المظلمتين... فأدركت أنه بالرغم مما يقول, و ينكره على نفسه.... يرغب بها... يريدها, و بالحاح عنيف.
فتحت أبواب المصعد, فأمسك بذراعها و جذبها خلفه بسرعة, عبر الممر, فتح الباب, أدخلها, اقفل الباب, و دفع بالمزلاج. أخذت نبضاتها تتسارع, و تصاعدت فى نفسها مشاعر ملحة لم تقو على مقاومتها.
جذبها بخشونة ليحتضنها بين ذراعيه, فحبست أنفاسها بصرخة حادة و هى تحس بانسحاق جسدها عليه, ثم قال لها بأنفاس متقطعة:
ـ و الآن مايسى.... لا تقولىّ شيئاً... يجب أن يتم بيننا هذا.....


نهاية الفصل السادس

قراءة ممتعة



زهرة منسية 27-09-14 10:07 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
7 ــــ شـــيـــــطـــــان الـــــظــــلامـــــ

منتديات ليلاس



استفاقت مايسى بينما كورد يحتضنها و يغط فى نوم عميق.... فبقيت مستلقية هكذا لفترة, تسمع من بعيد الأصوات المتناهية عبر النوافذ... لقد حل المساء... نظرت إلى وجه كورد, بعد أن نزع النوم عنه كل قناع و أحست بقلبها يدور... لقد أحبته, و لا زالت تحبه, و ستبقى تحبه دوماً.... أدركت هذه الحقيقة الجميلة, و بدت رقيقة فى أعماقها, فأعطتها دافعاً للفرح... كانت تعلم أنه لا يحبها, و ذلك ليس كافياً لكى تعانى من الألم لأنها تتقبله دون تردد... لقد حصلت الآن على متريد, هى تحبه و هذا يكفيها...
كان لا يزال مستغرقاً فى نوم عميق عندما تسللت من حيث كانت تستلقى فوق السرير فاستفاق و أمسك يدها متأملاً وجهها....
فابتسمت له و الفرح السرى يملأ قلبها... ثم همس:
ـ أريدك مايسى.... يا حبيبتى!
و جذبها إلى الفراش مرة أخرى......
فيما بعد قال لها :
ـ أتودين الخروج إلى العشاء؟
ـ لا كورد....
ـ و لا أنا.... سأطلب العشاء إلى الغرفة.
ـ نعم كورد.
ـ هل أنتِ دائماً مطيعة هكذا؟
ـ نعم كورد.
ـ سأجرب هذه الطاعة فيما بعد... لقد أصبحتى زوجتى مايسى... فقوليها لىّ... أريد سماعها منك.
ـ أنا زوجتك كورد.
و كادت تقول له أكثر, لكنها لم تفعل... بل أبقت سرها لنفسها و هى تحتضنه... فهكذا أفضل. أكثر أمناً, و أحست بالراحة فى كتمانها.


منتديات ليلاســــــــــــــــــــ




زهرة منسية 27-09-14 10:08 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

فى الصباح, تناولا الفطور معاً. فهو الآن لا يطيق ابتعادها لحظة عن ناظريه. ثم وقفت تراقبه و هو يرتدى ملابسه, فأخافها قليلاً لأنه عاد الآن كما كانت تشاهده من قبل: مرعباً, متحفظاً, بعيداً, و رجلاً غير الذى كان ينام بقربها طوال الليل. لكنها قاومت هذه المشاعر السخيفة.
تقدم منها كورد و هى تنتظره ليجذبها نحوه و يقبلها و كأنما أحس بخوفها... فأحتضنها فأحست بالأمان من جديد, و سيبقى حلماً جميلاً ذلك العالم السرى الذى عاشاه ليلاً! بينما هو يرتدى سترته, رن جرس الهاتف فقال متبرماً:
ـ أنزلى أنتِ... لن أتأخرو سألقاك فى البهو.
فى البهو, كانت الشمس تتدفق من النوافذ, أنه يوم رائع.
ـ مدام باكلير.
و لم تستدر فوراً, فهى بعد لم تألف الأسم, لكنها رأت المدير يتقدم نحوها مبتسماً و هو ينحنى بالتحية... فأبتسمت له قائلة:
ـ نهار جميل, أليس كذلك؟
ـ بل رائع يا سيدتى... أرجوك, لدى برقية لكِ.
ـ لىّ أنا؟ أنها لـ كورد دون شك....
ـ لا سيدنى.... أنها لكِ
قدم البرقية لها على طبق من فضة فأخذتها منه.... كانت من والدها... فحدقت بها مذهولة... كيف عرف مكانها؟ حدقت بالكلمات: "أحتاج إلى مال بإلحاح. ألا تستطيعين المساعدة؟ أيمكن أن أقابلك فى باريس؟.... والدك"
أحست فجأة بالغضب... لقد أعادت المال الذى أخذته آبيغال إلى كورد, قبل الزواج.... فأخذه منها ببرود و صمت. و لم يبق معها سوى بضع مئات, معظمها الآن على شكل شيكات سياحية استدارت إلى المدير:
ـ أيمكنك تحويل بعض المال إلى روما.... اليوم؟
ـ طبعاً مدام.... من دواعى سرورى.
بسرعة, أخرجت الشيكات لتوقعها و تعطيها للمدير, و كتبت عنوان مصرف والدها فى روما على بطاقة صغيرة.
ـ أرجوك... يجب أن ترسلها فوراً.... مع هذه البرقية المستعجلة.
أخذت عن طاولة مكتب الأستعلامات ورقة مخصصة للبرقيات و كتبت:
"المال سيصل اليوم... و ليس لدى المزيد... أرجوك أن لا تأتِ إلى باريس...مايسى."
انحنى لها المدير مبتسماً ثم أختفى... و أختفى المال معه... نفذ كل ما تبقى من إرثها. أحست و كأنها تخلصت من الماضى, و حررت نفسها. عندما انضم إليها كورد, كانت تقف فى الخارج تحت أشعة الششمس, و فرحتها تماثل سعادتها. قال لها:
ـ نحن مدعوان إلى حفلة. صديقة قديمة لىّ كنت محامياً لزوجها منذ سنوات... أنها الأميرة دوفان, لديها قصر على نهر المارن خارج باريس, و تريد مقابلة زوجتى... إنها عجوز الآن, لكن قوية, و قصرها مذهل, و أحب أن تريه.
فابتسمت له:
ـ أحب أن أذهب معك.... متى؟
ـ الليلة... و لكنها حفلة تنكرية فى الثياب الفرنسية التقليدية. و لن تبدأ إلا فى وقت متأخر....
ـ و كيف عرفت الأميرة بوجودنا هنا؟
ـ أوهـ.... ليست أدرى ربما عبر المكتب الذى أعمل به هنا.
انطلقت بهما السيارة المستأجرة باتجاه فرساى.... ما أن وصلاها حتى كانت الساعة قد قاربت الظهر... و بدا لهما قصرها الشهير من بعيد هادئ, لامع تحت ضوء الشمس الساطع...
سارا بين حدائق القصر يتمتعان بما حولهما بصمت... إلى أن وصلا كاتدرائية القصر.... من الداخل كانت باردة مظللة.... جدرانها و أعمدتها الرخامية الرمادية تبدو دائماً كأنها مغسولة بالماء على مر العصور....
المكان كله حزين و متجهم... و أحست بالسرور عندما خرجا يتمتعان بنور الشمس. أخذها كورد إلى مطعم قريب. جلسا إلى طاولة خارج المطعم... تطل على الحدائ, و من بعيد بدا لهما قصر لوتريانو الكبير و الصغير حيث أعتقل الثوار مارى أنطوانيت الشهيرة, ليسلموا رأسها إلى المقصلة.... سمعته بعد قلل يقول لها بنعومة:
ـ هل كنتِ تظنين أن هذا سيحدث لنا مايسى؟
التفتت إليه, بعد أن فهمت تماماً ما يعنيه... و لم تستطيع أن تكذب:
ـ إننى دائماً... كنت أعرف أن هذا قد يحدث.
ـ أنا كذلك.
بدا لها أن ما بينهما دقيق جداً و يجب ألا تثقل عليه... فلو قالت له حقيقة حبها له, فقد ينفر منها... و من الأفضل ترك الأمر على ما هو عليه... و قال لها:
ـ جئت إلى هنا قبل خمس سنوات, و تناولت الغداء على نفس هذه الطاولة, و كنت وحدى.... وفكرت بكِ مايسى.
تنفست بحدة, لكنها لم تقل شيئاً... ثم أكمل:
ـ لكن ذلك لم يكن غريباً, فلطالما فكرت بكِ, طوال العشر سنوات.
ـ فكرت بىّ بلطف أم بحقد؟
ـ كنت أكرهك أحياناً, إذا كان هذ قصدك.
أحست بالألم فأدارت وجهها... فسألها:
ـ ألم تحاولى مطلقاً الأتصال بىّ خلال العشر سنوات هذه؟
كتن هذا سؤالاً يحمل شيئاً م الإتهام, و التقت عيناهنا رغماً عنها تتذكر الرسائل التى كتبتها ثم مزقتها... و كم مرة هرعت إلى الهاتف و هى تجلسوحدها محاولة الأتصال به, ثم تاجعت. لكنها ردت:
ـ لا.
منتديات ليلاس
ـ هل فكرت مرة بـ فانكوفر..؟ مايسى لا تنظرى إلى البعيد... أجيبى على سؤالى, اللعنة عليكِ!
ـ لقد فكرت... و يجب أن تعرف أننى فكرت.
أحست بعينيها غارقتان فى الدموع, لكن وجهه إزداد صلابة:
ـ فكرت بـ ليو..... كما أظن.
حدقت به بحيرة و ارتباك:
ـ ليو؟ كورد. أنا لم أفعل هذا, و لماذا أفكر به؟
ـ كنت أعتقد.
حدقت به مذهولة... لماذا يستحوذ ليو على أفكاره؟ لماذا يذكره الآن.... و هما سعيدان؟
ـ لست أفهمك.
ـ بل تفهمين جيداً, إلا إذا كنت مصابة بفقدان ذاكرة. أنتِ تعرفين تماماً ما حدث!
بدا صوتها غريب لها و هى تقول له:
ـ كورد أرجوك. لا أريد التفكير بكل هذا... أرجوك, و إذا أردت التفكير, سأفكر بك....
أمسك يدها بشدة, ثم وقف قائلاً:
ـ سنعود الآن.
أمسك بمرفقها بعد دفع الحساب, متوجهين نحو السيارة التى كانت تنتظرهما... و أنطلقت عائدة إلى باريس... يده تمسك بيدها, تكاد تحطمها, فقالت بصوت هامس تحاول تخليص يدها منه.
ـ أرجوك كورد, لا تمسك بىّ هكذا... أتركنى.
ـ لن أفعل! اللعنة! إذا لم تتكلمى فسأبلغ الحقيقة بطريقة أخرى!
عندما وصلا إلى الفندق كانت الشمس لا تزال مرتفعة لكن الأفق كان متجهماً بغيوم رمادية, و أنوار البرق تلمع من بعيد... أخذ كورد يجرها عبر البهو صعوداً على السلم دون انتظار المصعد إلى أن بلغا غرفتهما... حيث توقف فقط كى يقفل الباب بالمزلاج. و أخذ يدفعها بخشونة نحو السرير. أحست بعدها به يدفعها إلى الخلف, و أصابعه تمسك بشعرها, فسارعت تغرز أصابعها فى لحمى, و سمعته يصيح ألماً و غضباً, لكنه سارع إلى الإمساك بيديها ليرفعهما فوق رأسها و هى مستلقية على السرير كى لا تعود إلى خدشه ثم سمعته يتمتم:
ـ سأستخرج الحقيقة منك هكذا!
بدأت تقاومه و تقاوم الرغبة التى تصاعدت فيها. كان يتصرف معها كالحيوان, فكل حركاته كانت شرسة, و لم تستطيع أن تقاومه فتعلقت به ملتزمة الصمت, و لم يدم حاله طويلاً.... فجأة, ابتعد عنهاو رقد صامتاً يحدق فى السقف.... بينما أخذت تراقبه بهدوء, دون تراجع أو ثورة أو حقد, بل برقةٍ لم تعهدها فى نفسها كانت تتحرك فى أعماق قلبها.
فجأة تحرك مستديراً نحوها, و قال بصوت منخفض متوتر و كأنه يكره نفسه:
ـ مايسى... هذا لم يحدث لىّ من قبل... سامحينى...
ـ لا شئ يستدعى طلب السماح. كنت غاضباً.... و رغبت بىّ...
ـ أنا أرغب بكِ دوماً. اللعنة عليكِ! ماذا فعلتِ بىّ؟ فرغبتى بكِ تتجدد باستمرار, إنه نوع من السحر طغى على كل مشاعرى.
ـ و أنا كذك أرغب بك... حتى عندما....
انحنى يهمس بكلمات لم تسمعها من رجل قبله و أكمل:
ـ حتى عندما... شئ ما يضللنى يراوغنى... ليس فى جسدك بل فى تفكيرك, فى مشاعرك, و هذا ما يدفعنى إلى الجنون.... مايسى... لماذا تزوجتينى؟
هذا الوقت أصبح من الصعب عليها أن تقول له.... لكنها ابتسمت له و قالت ممازحة بقصد الإزعاج:
ـ لقد عقدنا صفقة!
ـ لكننا لم نلتزم بشروطها.
ـ لا.... لم نفعل!
ـ لكننا ما كنا نستطيع الألتزام بها... أليس ذلك مايسى؟
ـ كان يمكنك الألتزام.
ـ كـــــــــــاذبـــــة.
جذبها إلى صدره مجدداً... و كان الظلام قد غمر الغرفة إلا من نور خفيف تسلل من خلف الستائر... فلم تعد تدرى إذا كان الوقت ليلاً أم نهاراً كل كا أحست به أن العالم كله قد تقلص ليصبح هذا الفراش .... أحست بأن طعم دمها فى العروق أصبح كالعسل... يضج بحب لا يمكن لغير كورد أن يجعله حقيقة لمجرد لمسة منه... و قالت لنفسها : ليس هناك سوى هذا العالم.... و لا عالم غيره.
عندما استغرقا فى النوم فيما بعد, حلمت بذلك الصيف فى فانكوفر.... بعد ظهر ذلك اليوم... بالشمس, بالعشب, بالقش, باللخلنج.

منتديات ليلاســــــــــــــــ


زهرة منسية 27-09-14 10:10 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 


استيقظا عند الغروب ليستعدا للخروج. أخذها إلى أحد المجتمعات التجارية حيث تتلألأ الأنوار و يزدحم الناس.... كان الجو لا يزال يهدد بعاصفة.... و تولا بالمحلات, كى يشترى لها فستاناً, كما قال, لأجل الحفلة:
ـ إنها حفلة تنكرية بالأزياء الفرنسية و يجب أن اشترى لكِ فيتان من هذا النوع.
دخلا محل بيع ملابس أثرية مخملية, كان المخمل فيه من النوع الفاخر ناعم الملمس, فارشدتها البائعة إلى طريقة ارتدائه.
ـ هل يعجبك مايسى؟
ـ طبعاً إنه جميل.
ـ جربيه, إذا أعجبك سأشتريه.
فى غرفتها فى الفندق جربته ثانة, و صاحت ببهجة الأطفال:
ـ أنظر يا كورد! هل رأيت أجمل منه؟
ـ لا.... أتعلمين لماذا أخترته أسود اللون؟ لأنه يذكرنى بكِ فى أول مرة زرتينى فيها. أتذكرين؟
ـ أجل..... و أذكر ما قلته لىّ. قلت أننى أمثل فى الثوب الأسود... و أننى أحاول التظاهر.......
ـ بالأحتشام؟ لكننى كنت على حق... لقد أخفضت عينينك, و بدوت شاحبة, و رقيقة, فخدعتنى. و للفرنسيين وصف لهذا: "الشيطان بشحمه و لحمه" .... و أنتِ تملكين من هذا قليلاً يا مايسى.
ـ وأنت كذلك.
فنظر إليها ساخراً:
ـ صحيح؟
ـ لقد قلت لىّ....
فقاطعها ممسكاً بيدها:
ـ لقد قلت الكثير ذات يوم..... و قريباً, تكملين ما تبقى.... الآن.... حان وقت حفلة الأميرة.
و ابتسم.... صوته كان يخلو من الهم, حتى أنه أثر فيها, فنفضت عن نفسها الإحساس الحزين, فأمسك بيدها:
ـ هيا بنا... أنت على وشك التمتع بأجمل تجربة فرنسية سترسل لنا الأميرة سيارتها... تعالى.... أريد لمجتمع باريس المخملى أن يتعرف على زوجتى!
من بعيد سمعا صوت الموسيقى, ثم خففت السيارة سرعتها لتدخل منتديات ليلاس تحت قنطرة حديدية مشغولة بالزخارف تستند إلى عمودين ضخمين و تسير فى طريق داخلية, ثم تقف أمام جدران القصر المعتمة, الجو يعبق برائحة الظهور لم تتعرف على نوعها... فسارت مع كورد لتصعد السلم العريض...كانت الريح تشدت حدتها عندما بلغا باب القصر, فأمسك بذراعها ليدخلها إلى بهو واسع, ثم إلى غرفة ضخمة مكتظة بالناس, مضاءة من أعلى بعشرات الثريات الكرستالية القديمة... و جئ لهما بالشراب... أخذت تنظر حولها لتجد أن أثواب النساء كانت تلمع بالحجارة و كأنها المجوهرات: الزمرد, الياقوت, و الألماس. و أختلطت رائحة الزهور بعطور النسا, و برزت الأكتاف العارية البيضاء تحت الأثواب الداكنة, و تحت سترات الرجال المرافقين لهن... هنا مجموعة فرنسيين... هناك مجموعة أميركيين, و هناك مجموعة إلمانيين. ترددت مايسى مذهولة أمام هذه الأناقة, فابتسم لها كورد مشجعاً.
ـ نعالى من هنا.
مر عبر أبواب زجاجية طويلة إلى باحة ضخمة مليئة بالأضواء المعلقة. فى إحدى جهاتها فرقة موسيقية تعزف ألحانها, و أزواج يرقصون فى الوسط فوق أرضية خشبية واسعة تعلو الأرض الحجرية. من الجانب الآخر طاولات طويلة, مغطأة بأقمشة بيضاء, مثبتة بأكاليل من الزهور فوقها أشهى المآكل.
ـ كورد!
صوت عميق آجش, تعالى فوق الموسيقى, و توقف كورد.... و قال ببساطة:
ـ إنها الأميرة.
أمسك بذراعها ليقودها إلى الأمام فوقع نظرها على امرأة تقف أمامهما, تتأملها باهتمام.
كانت الأميرة صغيرة الجسم, كبيرة فى السن, كبيرة بقدر ما يستطيع المرء أن يصفها.... ربما فى السبعين. وجهها كان خليطاً من الخطوط و التجاعيد, أخفيت بعناية و صعوبة بكثير من المساحيق والألوان... من الواضح أنها كانت جميلة يوماً. كانت تلبس مجوهرات كثيرة لم تر مايسى مثلهاعلى امرأة من قبل: الألماس يتألق فى شعرها, فى أذنيها و حول عنقها. يدها الرفيعة التى مدتها, كانت مثقلة بالخواتم واحد منها بحجم بيضة العصفور.
ـ أنتِ مايسى..... كم أنتِ جميلة.
أمسكت بيد مايسى فى قبضة ثابتة, ثم جذبتها إليها لتقبل خديها, و أبعدتها قليلاً عنها لتنظر إلى وجها بعينيها السوداوين.
ـ هل أعجبتك؟
سؤال طرحه كورد الواقف بقربهما مكتوف اليدين يراقب ما يجرى بسعادة. فضحكت الأميرة لكلماته:
ـ أعجبتنى؟ طبعاً! و لا تزال طفلة, لكنك ستجعل منها امرأة ناضجة.
عادت إلى الألتفات نحو مايسى بابتسامة:
ـ إذن.... لقد أخذت كور منى... و هذا هو المهم.
مدت يدها لتجذبه قربهما و تابعت:
ـ أنا أحب هذا الرجل مايسى.... بعد أن أصبحت أرملة, تمنيته لنفسى لكنه أختارك أنتِ... و علىّ الآن أن أمضى سنواتى المتبقية وحيدة.... أترين كم أنا وحيدة.
و أشارت حولها إلى جمهرة الموجودين, فابتسمت مايسى’ بعد أن أعجبت بالمرأة فجأة, و التى دفت كورد بعيداً عنهما.
ـ أبتعد عنا الآن كورد... أود التحدث إلى زوجتك... أوهـ لا تقلق, سأقول لها كم أنت مثالى, و كم نحن مدينون لك, و الآن أذهب.... و دعنا لوحدنا.
زظر كور إلى مايسى باحباط, لكن كان واضحاً أن الأميرة تعنى بكلامها أن يُطاع, فاستدار على مضض, و على الفور تجاذب الحديث مع مجموعة قريبة, فأمسكت الأميرة يد مايسى و سارت بها قائلة:
ـ أنا أعرك يا عزيزتى, و أعرف أمك طبعاً... ألم يقل لك كورد هذا؟ كانت امرأة رائعة! لكنها ليست مثلك مطلقاً. أشعر أننى أعرفك منذ زمن بعيد...
منتديات ليلاس
ـ منذ زمن بعيد؟
ـ لد أسأت فهمى... أعرفك من كورد, فنحن أصدقاء منذ مدة طويلة, ثمانية أو عشر سنوات, و ربما أكثر. و أنا موضع سره, و أعرف كل شئ عنك. و أنا سعيدة لكما.... إنه الحب الأول... الأقوى و الأفضل, لكن الناس يقولون أنه لا يدوم... هراء! ماذا يعرف الناس؟ لا شئ! ... لقد ألتقيت بزوجى عندما كنت فى الثانية عشرة, كان زواجنا تقليدياً, لكننى أحببته... من يعلم متى تموت هذه الأمور؟
من يعرف اللحظة التى يتغير فيها القلب؟ من بعده لم أنظر إلى رجل, مطلقاً...
نظرت إلى مايسى مبتسمة:
ـ حتى و لا إلى كورد... تقريباً.
كانت الأميرة تمسك يدها بقوة تضغطها بألم على الخواتم الضخمة.... و صوتها يتدفق:
ـ هكذا, أنا سعيدة لكِ صغيرتى, و لـ كورد كذلك.... أنا امرأة عجوز, لكننى رومانسية, و أحب النهايات السعيدة... تجعلنى أبكى.
بحركة عفوية ألتفتت مايسى تجيل ببصرها بين الموجودين, فضحكت الأميرة:
ـ أتبحثين عن كورد؟ هذا طبيعى! اتركينى الآن عزيزتى... سنتحدث فيما بعد, أذهبى إلى هناك فقد تجدينه.
ـ شكراً لكِ.
ضغطت على يد العجوز, فالتقت نظراتهما بتفاهم كامل, و هذا ما أعطى مايسى الشجاعة ... ستبحث عنه الآن لتقول له عن مشاعرها نحوه... و لن تستمر فى الأختفاء.
فجأة شاهدته فتوقفت فى مكانها و قد تجمد الدم فى عروقها, كان يقف عند مؤخرة الشرفة, يستند إلى أحد الأعمدة و بجانبه امرأة طويلة, شعرها الأسود معقوص عند عنقها الطويل الجميل, ترتدى فستاناً طويلاً من الحرير الأبيض الملاصق لكل خط من خطوط جسدها المتكامل.... و كان رأساهما متلاصقين... ضحكت المرأة فجأة, و مدت يدها لتلمس شعر كورد, فأحست مايسى بغضب مرير أمسك بقلبها بعنف لم تستطيع الحراك من خلفها سمعت صوت رجل يقول:
ـ من الراجل الواقف مع باسكال؟
فأجابته المرأة:
ـ إنه ذلك المحامى المقرب جداً من الأميرة... أليس كذلك؟ اسمه.... باكلير.
ـ هل هذا هو باكلير؟ سمعت عنه كثيراً... لكننى سمعت أنها تزوج.
فضحكت المرأة و همست بشئ لم تسمعه مايسى, و شهق الرجل.
ـ صحيح؟ أتعنين أنه و باسكال.......
ابتعدت مايسى و وجنتاها تحترقان.... تسللت بين الجموع لتجد مكاناً هادئاً بعيد عن الموجودين... التفتت لتجد باسكال تقول شيئاً لـ كورد مشيرة إلى حلبة الرقص, و بدا التردد على كورد, ثم ضحك و تقدم معها إلى الأمام يضم خصرها بذراعه.
ام تحتمل مايسى ما رأت.... أستدارت على عقبيها و هرعت بين الحشد, تبحث عن باب لتهرب منه, لأنها لم تعد تحتمل سماع التعليقات الساخرة.

منتديات ليلاســــــــــــــــــــ



زهرة منسية 27-09-14 10:12 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
فى نهاية الشرفة, لمحت ممراً مظلماً, خالياً فدخلته على الفور, استدار بها الممر فى زاوية حادة, ليتفرع. فركضت و تابعت ركضها ... وقادها الممر بعيداً, و أخذت أصوات الموسيقى تضعف. الجدران الصماء من حولها, الأرض الحجرية و السقف المنخفض جعلت وقع أقدامها ترن بالصدى... المكان بارد... فأحست فجأة بالبرد, و اصطدمت ذراعاها العاريتان بالجدران الرطبة. فجأة سمعت صوت الماء, و ادركت إلى أين وصلت, و انفتح الممر الضيق لتقف فجأة و تستند إلى الجدار البارد الرطب, فاحست بألم حاد فى صدرها... لقد وصلت إلى غرفة القوارب على بعد أقدام منها كانت مياه المارن تنساب بجانب القصر, و كانت المياه سوداء تلمع و كأنها الزيت تحت الضوء الخفيف المنبعث من الأبواب الحديدية التى تسد المنفذ. فى الحديد الصدأ, حلقتان حديديتانرُبط بهما قاربان أسوداً اللون, يتموجان مع اندفاع الماء .... فارتجفت خوفاً, و هى لا تزال تسمع أصوات الموسيقي, لكن المكان الواسع الخاوى كان يردد صوت الماء و صدى أنفاسها أكثر.
ثم سمعت وقع أقدام.... كانت تتجه فى الممر الذى سلكته. توقفت لحظة, ثم تقدمت بسرعة أكثر. برعب مفاجئ, التصقت بالجدار المختفى, تحس برطوبته و برودته تدخل جسمها من خلال الفستان, كتمت أنفاسها و لم تتحرك و أصبح وقع الأقدام الآن أقلاب, مندفعة و كأن صاحبها يركض . ثم توقفت فجأة... لابد أنه وصل إلى غرفة القوارب .... و ساد الصمت.
شخص ما كان يقف فى المدخل, دون حراك, و كأنه يصغى بانتباه. ثم تكلم بصوت منخفض:
ـ مايسى؟ أعرف أنك هنا, رأيتك و أنتِ تغادرين... أين تختيئين؟
أحست بالخوف يخنق صوتها, و علمت أن كل هذا غباء... لكنها لم تستطيع أن ترد.
علا الصوت إلى أكثر من الهمس, فتردد صداه فوق الماء:
ـ مايسى؟ الأفضل أن تظهرى, و إلا سأضطر إلى التفتيش عنك.
فى تلك اللحظة, سمعت دوى رعد منخفض, و كأن السماء تمطر... و تصاعدت الأصوات و هزت الجدران من حول مايسى... ثم لمع البرق مضئياً النهر فى الخارج, و الغرفة المظلمة بضوء يخطف الأبصار... و شاهدت فى لمح البصر كل ما حولها من جدران خضراء رطبة... و صورة رجل ينظر نحوها مباشرة. لقد رآها, فتقدمت إلى الأمام.
ـ كورد؟
لكنها أدركت فى لمح البصر... و قبل أن تدوى ضحكته قبل أن يتكلم من هو .
و أجابها:
ـ لا... مايسى... أنا ليو.
تجمدت مايسى فى مكانها تنظر إليه مذهولة, غير قادرة على الكلام, و كأنما لسأنها متيبس فى حلقها. آخذ الخوف يتسرب إلى قلبها و أقشعر جسمها , فتقدم منها ليو مبتسماً, لكن عيناه فى الظل و أدركت إحساسه بخوفها.
ـ حسناً ألا تقولين شيئاً؟ ألست مندهشة؟ ألا ترحبين بىّ؟
تراجعت عنه, لكنها اصدمت بالجدار, وخرج صوتها بقوة أكثر مما أرادت لكنه ظل يحمل علامات الخوف:
ـ ماذا تفعل هنا؟
ضحك...و مد يده إلى جيبه, و أخرج سيكارة و أشعلها, فرأت وجهه بوضوح على ضوء الولاعة.
ـ جئت لأراكِ... و لو أننى أكره مقاطعة شهر عسلكما, خاصة لأننى بذلت جهدى كى أجمعكما معاً... ما ذلك الترتيب الذى رتبه أخى؟ غرف منفصلة؟ هذا لا يمت إلى شهر العسل بشئ, و لا حتى إلى الزواج. لذلك قررت لعب دور كيوبيد.. لأرى ماذا سيحدث... إنه الفضول. أمر رهيب أليس كذلك مايسى؟ لكننى كنت دوماً فضولياً... أتتذكرين؟ لذا كان علىّ المجئ لأرى بعينى كيف الحال بينكما... أنتِ و أخى العزيز.
ـ أنت مجنون!
فضحك ثانية:
ـ أنا هكذا دائماً. لكن لا تخافى مايسى, أنا شديد القلق عليكِ... لذلك أنا هنا... لأزوركما زيارة رسمية صغيرة فى الفندق, اتصلت عدة مرات لكن يبدو أن هناك تعليمات مشددة بعدم إزعاجك, و هكذا قررت أن أجعل زيارتى اجتماعية, هنا عند الأميرة... أمر سهل أن ألاحق تحركات أخى العزيز, أليس كذلك؟ كل باريس تعرف تحركاته.... أخبرينى هل تمتعت بزيارة فرساى؟
حدقت به مايسى مذهولة, فعاد إلى الضحك.... من بعيد سمعت مايسى أصوات الرعد... أجبرت صوتها على الخروج, محاولة جعله يبدو صارماً غير خائف:
ـ ماذا تريد؟
و هى تتكلم أدارت رأسها جانباً, تريد التأكد مما إذا كانت قادرة على تجاوزه بسرعة ما بين الجدار و الماء. تحرك سريعاً ليسد عليها الطريق. ثم ابتسم ساخراً:
ـ ماذا أريد؟ أريدك أن تعرفى الحقيقة, يجب أن تعرفى.... أليس كذلك؟
ـ الحقيقة؟
ـ الحقيقة حول سبب زواج كورد منك... من بين أمور أخرى. لطالما كنت أؤمن بأن من حق الزوجة معرفة هذه الأمور.
ـ لا... لا أريد معرفة شئ. و لا أريد أن أستمع إلى أى شئ ستقوله ليو!
استعادت قوتها فجأة, و حاولت دفعه جانباً, إلا أنه لم يتزحزح. بل مال نحوها, و رفع ذراعيه إلى فوق بحيث أصبحت راحتا يديه مستندتين إلى الجدارين, و بحيث أصبحت مايسى محجوزة.
ـ لكنك ستستمعين إلىّ... ألم يفاجئك الأمر مايسى... أنا مندهش كيف أن امرأة ذكية مثلك قبلت بمثل هذا الزواج. إلا إذا كان هذا ما تريدينه بالطبع....
صاحت بعتف:
ـ أبتعد عن طريقى.
ادهشتها قوتها و هى تدفعه, لكنه أمسك بيدها على الفور, و لوى ذراعها إلى الخلف, حتى أنها صرخت من الألم, ثم دفعها بخشونة ليسندها إلى الجدار, و شد على ذراعيها:
ـ لا تفعلى هذا ثانية... فقد أؤذيك إذا أغضبتنى مايسى...
أحنى وجهه قرب وجهها و ابتسم.... ثم استقام دون أن يتركها.
ـ و الآن.... بعض التوضيحات... و هى تشتمل أختك العزيزة, لذا عليك الأستماع.
أدرك أن المومضوع قد شد اهتمامها, فأرخى قبضته عنها و أكمل:
ـ لست أدرى بالضبط, لكن أعتقد أن آبيغال قد أخبرتك حقيقة العلاقة التى كانت بيننا, علاقة ناجحة لكنها لم تدم طويلاً لأننى فى الواقع ما كنت أريد آبيغال... لكنها كانت أفضل ما استطعت الحصول عليه, و يمكن أن اعترف لك أننى لم أستطع النجاح فى الإدعاء أنها أنتِ.....
ـ أنت قذر فاسد! أتركنى....
قاومت مايسى بشراسة لتخلص ذراعها منه, ثم لاحظت أنه يتمتع بمقاومتها.... فتوقفت. و رغم النور الخافت, استطاعت أن ترى فى عينيه شيئاً من ذكرياتها البعيدة... شئ ملأها بخوف شديد, خوف قادم من الماضى.... لكنه استمر ينظر إليها ببرود.
ـ آبيغال الصغيرة و أنا.... توصلنا إلى أتفاق... لنقل أنه أفاق عمل.... أتعلمين مايسى, حتى ظهر أخى العزيز, كان لىّ خط صغير يدر علىّ الربح, أمر سهل فى مؤستتنا العائلية القديمة الطراز, خاصة عندما يكون الأب قابعاً فى بيته, و الأبن الموثوق به و الوريث.... و أنا أحب المال.... مال أكثر مما قد يتلقاه المرء من راتبه كمحام.... و كذلك كانت أختك الصغيرة, و كان هذا أمراً مشتركاً بيننا. لذلك عندما سألتها التعاون معى, وافقت.... إلى أن وصل كورد... فخافت منه...
ثم نظر إليها بعينين تلمعان مثل الماء فى الظلام, و فى مكان ما من بعيد كانت العاصفة تدور... فسمعت رعدة قوية تدوى... و لمع البرق و ضحك ليو متابعاً كلامه:
ـ كانت الأمور تسير على ما يرام, لولا تدخلك, و ذهابك إلى كورد... لذلك وجدت نفسى أتخبط فى المشاكل... علماً أن مشاعرى نحو كورد كانت مشوشة, لكن علىّ الاعتراف بذكائه, ولست أدرى ما قالته آبيغال لكِ أو قلتيه لـ كورد, لكن قبل أن تتنفسى كان أخى العزيز قد راجع الحسابات و أكتشف كل شئ و وجد الكثير من المال, باسم ليو فى البك... أليس هذا أمراً شنيعاً؟ شرف العائلة أصبح مهدداً و كورد شديد التمسك بالشرف.... ألم تلاحظى هذا؟
تنفست مايسى بعمق و حدة, خوف غريب, مألوف, سرى تحت جلدها... لكنها قالت بشراسة و صوت منخفض:
ـ لا أصدقك.... أنت كاذب... على كل الأحوال لا علاقة لىّ بشأنك....
ـ بل له علاقة بك. أتعرفين لماذا تزوجك كورد؟ أوه... هيا مايسى... لا تقولى لىّ أنك لا زالت تحتضنين تلك المشاعر الحمقاء حول حب طفولى؟ هل صدق عقلك البرئ الصغير, أنه ربما أحبك؟ هل قال لك هذا؟ كورد مستقيم حول هذه الأمور...
قد يعجبه أن يذهب معك إلى الفراش, فهذا نوع من التعيير نحو نساء أمثال باسكال... مايسى! الأمر بسيط... لقد تزوجك ليسكتك.
ـ ماذا؟
ضحك ليو ثانية, و تقدم منها أكثر, حتى ضغط صدره على صدرها قليلاً, وجهه يبعد قليلاً عن وجهها:
ـ ماذا قلت له مايسى؟ هل هددته بفضح الأمر... أو الذهاب إلى البوليس؟ أجل.... هذا ما قد تفعلينه و كما ترين.... هذا آخر ما يريده كورد. حرص على كتمان كل شئ.... كان غاضباً بالطبع حين أخبرنى فهو مرعب جداً عندما يغضب.... تتملكه فكرة غريبة أن عليه حمايتنا ... ليس أنا فهو يكرهنى و لا أعرف السبب لكن لحماية والدنا.... فمثل هذه الفضيحة قد تؤدى بحياته, فلقد دفع كورد من جيبه معظم المال, و أنا كنت حريصاً جداً على أن أتخلص بكل سهولة.... لكن بقيت مشكلة وحيدة.... أنتى يا مايسى.
ـ هذا غير صحيح!
ـ أخشى أن يكون صحيحاً, فهو يعرفك جيداً. و يعرف أنك عندما تتزوجينه ستبقين صامتة بدافع الولاء له. فأنتِ من النوع المطيع... ألست هكذا يا مايسى؟
و هو يتكلم عاد إلى لوى ذراعها بحدة حتى صاحت ألماً, فجذبها إليه بقوة لتلامس جسده!, و بيده الآخرى كان يزيح فستانها عن كتفيها:
ـ هيا.... هيا يا مايسى! أعرف ما ترغبين فيه, و لطالما عرفته أنتِ مثل أمك.... لم تكن سوى *****... و أنتِ لست أفضل منها... هيا. ألا تذكرين مايسى؟ منذ سنين طويلة.... فى فنكوفر, و كنتِ لا زالت فى الخامسة عشرة....
ــ أبتعد عنى!
حاولت أن ترفسهيائسة, لكنه صفعها بشدة.
ـ قلت لكِ .... الا تفعلى هذا!
اصطدم رأسها بالجدار الحجرى, و سرى فيها الألم... مد ليو يده إلى شعرها ليزيد من ألمها فبكت. حدقت به غير قادرة على الكلام فى وقت أخذت أفكارها تتسارع لتتدفق أمامها صور الماضى متسارعة أمام ناظريها.
ـ ماذا ستفعلين الآن؟ أتصرخين؟ لن يسمعك أحد.... لكن إذا فكرتِ بالصراخ....

منتديات ليلاس
وضع يده الرطبة على عنقها و كاد أن يخنقها ثم رفعها إلى فمها, فكادت أن تختنق.
فى تلك اللحظة تذكرت, و لابد أن شيئاً ما ظهر فى عينيها لأنه ابتسم:
ـ إذن لا زالت تتذكرين... كنت يومها تتظاهرين بمقاومتى... أليس كذلك؟ لكنك كنت تخدعينى, فأنتِ تحبين هذا.
ضغط بشدة على جسدها يرفعه عن الأرض, ثم أخذ يدفعها إلى الخلف و إلى أسفل, فانطوت ساقاها تحتها و وقعت بقوة فوق الأحجار المبللة.... و ضحك ليو... فسمعت نفسها تقول:
ـ أرجوك... أرجوك ليو... لا تفعل هذا.... لا تفعل....
صفعها مرة ثانية و صاح:
ـ اخرسى!
و اطبق بفمه عليها ليخرسها بالفعل, يده تمسك برأسها كى لا تحركه ...و امتزج الدم بالرطوبة, و أحست أنها ستختنق... و بالقوة الغريزية التى ولدها الخوف, لفت ذراعها حوله, و أمسكت شعره و شدتهمحاولة أبعاده عنها, فخدشت وجهه و عينيه بدا لها أن تفكيرها يتباطأ, مثل الحلم... فكل لحظة كانت تمر كساعة.... لقد بدأ ليو يسنفذ قواها و الألم يشل عضلاتها... فاستجمعت آخر ما تبقى لها من قوة, و انشبت أظافرها فى جسده.... لكنها فجأة أحست به يرتفع عنها, و يضيع اتزانه و هو راكع على ركبتيه, ثم رات ذراعاً ترتفع لتسدد ضربة, لكن البرق الذى أضاء المكان للحظات كشف لها عن كورد...
كان يقبض على ليو من عنقه, يجره إلى الخلف ليقف على قدميه ثم يترنح الرجلان, دون أن يتكلما... و أخذت الجدران تردد صدى أنفاسهما الحادة... فتقاتلا, دون أن تتمكن من الحراك! أحست بسائل على وجهها لم تتبين إذا كان ماءاً أم دماءاً لشدة ألمها.
دوى الرعد ثانية فوق الرؤوس, و على الفور لمع البرق, ليضئ للحظات صورتين سوداوين ظلهما الطويل فوق الجدار, أذرعهما متشابكة و هما يتقاتلان, ثم قبل لمحة بصر من زوال النور شاهدت كورد ينفلت , و تراجعت ذراعه إلى الخلف, و ساد الظلام, لكنها سمعت صدى لكمة... و فى العتمة لاحظت ليو و هو يتهاوى إلى الخلف, و قدماه ترتفعان ليقع بقوة.... اصطدم بالجدار, ثم انزلق إلى أسفل نحو الحجارة الرطبة, وقف كورد فوقه, مرتفعاً كالبرج, دون حراك, يراقبه. فأطلقت مايسى صرخة خوف, و لمع البرق ثانية, فاستدار كورد نحوها, لكن ليو لم يتحرك.
صاحت عالياً محاولة النهوض:
ـ كورد!
وقف ينظر إليها, إلى الفستان الكاشف عن ساقيها... إلى المخمل الأسودالمفتوح عن صدرها. و قال ببرود:
ـ أتظنين أنه مات؟
الحقد فى صوته قطع الطريق على الكلمات التى كانت ستقولها. فأكمل :
ـ لا تقلقى. إنه لم يمت. لكننى تمنيت الموت لكِ. أنهضى... لا أطيق النظر إليكِ.
ـ كورد.... أرجوك...ليس الأمر كما تظن....دعنى أشرح لك...
ـ لا أريد سماع أكاذيبك القذرة! أنتِ و ليو بدأتما أمراً فيما مضى... و قررتما إكماله.
حاول الأمساك بها ثم تراجع:
ـ هذا غير صحيح!
ـ خذى.
خلع سترته بسرعة و رماها لها :
ـ الأفضل أن تسترى عريك....فأنتِ الآن تبدين على حقيقتك!
التقطت السترة ببطء لتلف نفسها بها مخفية ارتعاشها.
ـ حسناً.... استمعى إلىّ الآن... سأحاول إخراجك من الباب الخلفى, و سأخذك إلى الفندق ... بعدها لا أريد أن تقع عيناى عليك... مطلقاً, و إلى الأبد.... أتفهمين؟
ـ كورد....
ـ لا تلمسينى!
لم يشاهدهما أحد و هما يغادران القصر, و نقاتهما سيارة الأميرة التى جاءت بهما نحو باريس. فى الفندق, أسرع بها إلى فوق السلالم يدفعها أمامه كأنما لا يطيق أن يرأها أحد... و لم يتوقف قبل أن يصلا إلى الغرفة و يضئ النور.
أخذ ينظر إلى جهها .... ففكرت أنه لابد أن يكون هناك بعض الكدمات و الدماء على بشرتها. أدارت نظرها إليه متوسلة, فرأت علامات الأرتعاش على وجهه.
ـ قلت لكِ من قبل لا تنظرى إلىّ.
استدار عنها بعنف, و أخذ يفتح الأدراج و الخزانة ثم أخرج حقيبة و بدأ يضع فيها الثياب... و بدا لها أن عقلها يعمل ببطء, بسبب الألم الذى تحس به.... ثم شاهدت على الرف الأعلى للخزانة, شيئاً مدفوعاً إلى الدخا:
ـ هذه حقيبتى... الضائعة.
فابتسم ابتسامة متجهمة:
ـ ـ أجل... لقد كذبت... أنا من وضعها هنا.
ـ أنت؟
ـ أجل... أختلقت عذراً لأشترى لكِ شيئاً. غبى.... اليس كذلك؟ لكننى حينها لم أكن أعلم أنك رخيصة.
فصاحت به:
ـ أنظر إلىّ كورد....
تقدمت منه تجذبه لمواجهتها :
ـ انظر إلى وجهى بحق الله! أتظن أنى تقبلت هذا بإرادتى؟
نظر إليها ببرودة:
ـ أوهـ... يا الآن مايسى... كلانا يعلم أن الكدمات تظهر عليكِ بسهولة....
استدار عنها مجدداً ليقفل الحقيبة و يحملها متجهاً إلى الباب. فأمسكت بذراعه:
ـ كورد أرجوك إلى أين أنت ذاهب؟
ـ هذا ليس من شأنك.
ـ أنا زوجتك!
ـ كنتِ
فركضت خلفه:
ـ أرجوك كورد, لا يمكنك الذهاب....
ـ و هل لديك سبب يجبرنى على البقاء؟
توقفت مايسى خجلة من توسلاتها... و تنفست بقوة.... و قالت بعنف:
ـ لا... ليس هناك سبب... و لماذا تبقى؟ لكن على الأقل لا تدعى... لا تكذب... فأنا أعرف أين أنت ذاهب.... أتظنى غبية؟ أنت ذاهب إلى باسكال.... أليس كذلك؟
وقف كورد للحظات, ووجهه متجهماً, ثم قال بسخرية متعمدة:
ـ أنتِ كأمك تماماً... *****.... و تفكيرك عاهر.
و استدار ثانية إلى الباب:
ـ خذى المفاتيح.... و أحتفظى بهذا الحجز, سأدفع الفاتورة بعدها رتبى أمورك بنفسك.
و خرج صافقاً الباب وراءه.

نهاية الفصل السابع

قراءة ممتعة


bluemay 27-09-14 10:20 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
تسلملي عيونك يا عسل
يلا بقرأهم وبرجع أعلق ..
يعطيك العافية يا أحلى زهرة

Sent from Mobile using Tapatalk

bluemay 27-09-14 12:14 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
لااااااا

شو هالأحداث المأساوية

يخرب بيتك يا ليووو ... ما أحقره طلع نذل .

و كورد كمان شو هالتصرف اللي عملو مع باسكال ؟؟

اﻷميرة طيوبة عجبتني بس كلامها حيرني هل أعترف كورد بحبه لمايسي قدامها؟!

نهاية تعيسة للفصل عن جد كتير أحبطت ...

يسلمو زهورتي وبإنتظار الفصل الجاااي لنعرف اﻷجوبة.

Sent from Mobile using Tapatalk

زهرة منسية 28-09-14 03:37 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
مرحبا مايتى أثريتى الرواية بوجودك العذب

حلاً بتتكشف كل الأسرار بنزول البارت الآخير

زهرة منسية 28-09-14 03:38 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
8 ــــ ســتـــبـــــقــــــى حــبـــيـــبـــــى

منتديات ليلاس


تنهدت مايسى, تتطلع فى عتمة الغرفة, إلى النافذة الخشبية التى تحجب النور.... و تدافعت الأحداث فى ذهنها... لقد قال لها: أنتِ كأمك... و صاحت لنفسها: هذا ليس صحيحاً... أنا ليست مثلها....
لكنه يصفها هكذا. استطاعت أن تتذكر تعابير وجهه منذ عشر سنوات عندما فاجأها هى و ليو فى نفس الموقف, وقف ليو يصب أكاذيبه, و كيف أن الذنب و العار أمسك بخناقها.... عار, حتى الآن, لم يترك لها مجال لأن تبكى على أمها يوم ماتت... فقد كانت يومها تخاف أن تكون مثلها.
أيمكن للمرء أن يرغب فى شخص و يكرهه فى نفس الوقت؟
فكرت بألم: أجل..... كورد قاد على هذا. ربما كان يعاقبها بزواجه منها, أو يعاقب أمها, أو يعاقب نفسه, أو يحاول تحطيم الصبى الذى كان.......


منتديات ليلاســـــــــــــــــــــ



زهرة منسية 28-09-14 03:40 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

لن تعرف الحقيقة الآن. كل ما تعرفه أنها و بكل سذاجة و بلاهة ظنت أنهما أصبحا قريبين.... بينما فى الواقع, كان هناك خليج واسع بينهما ياتساع المحيط.... و أدارت وجهها نحو الوسادة تدفنه و تبكى.
فجأة أحست بوخزة عنيفة فى قلبها, كالحمى تذكرت واقعاً نسيته فى بؤسها.... ليس معها مال. لقد أرسلته كله إلى أبيها.... ليس معها حتى ثمن تذكرة العودة, بطريقة ما يجب أن تحصل على مال يكفى ثمن تذكرة طائرة تعود بها إلى كندا.... يمكن لها أن تتصل بـ آبيغال... أو مايك.... مايك الأفضل... التقطت الهاتف بيد مرتجفة, فأجابتها عاملة الهاتف ...أوتاوا؟ آسفة جداً.. لقد حاولت منذ قليل و الخطوط كلها مشغولة... أيمكن لها أن تحاول فيما بعد؟
ـ لا .... لا.... شكراً.... سأقرر هذا فيما بعد.
فجأة لم تعد تطيق البقاء فى الغرفة... جوها خانق و العتمة تطبق على أنفاسها, بسرعة أتجهت إلى النوافذ تفتحها, فاندفع النور إلى الداخل ليبهر عينيها.... سمعت طرقاً على الباب, فاستدارت و قبل أن تتكلم...فُتح الباب لترى الأميرة مستندة إلى عكازها.
ـ يا حبيبتى....!
و دخلت الغرفة مقفلة الباب وراءها, ثم توقفت لتجول بنظرها نحو الفراش المبعثر و الوسادة المبللة و الثوب الممزق المرمى على الأرض, تقدمت العجوز منا لتمسك بيدها:
ـ يجب أن ترتدى ملابسك فوراً .... أجمعى ما تحتاجينه فقط... سنرسل بطلب ما تبقى فيما بعد.
حدقت مايسى بها باضطراب... فابتسمت الأميرة:
ـ هيا لا تتباطأى, ما هذه المهزلة؟
ـ آسفة, يبدو أن تفكيرى ليس قومياً... عندما قرعت الباب ظننتك....
ـ طننتينى كورد هه؟ للأسف لقد سافر إلى كندا صباح اليوم... سأساعدك....
وقفت مايسى جامدة بصمت, فضحكت الأميرة:
ـ إذا كان لديك خطط أخرى يا عزيزتى فانسيها, لقد رتبت لكِ كل شئ.... ستقمين معى.
ـ معك؟
ـ بكل تأكيد.
ـ و هل يعرف؟
ـ كورد؟ بالطبع لا. سيبقى سراً بيننا يا عزيزتى. هؤلاء الرجال حمقى بكبريائهم! كل شئ هنا ــ و أشارت إلى قلبها ــ و لا شئ هنا ـ و أشارت إلى رأسها ــ ماذا نفعل بهم؟ عندما يكون رجل مثل كورد غاضباً يكون مثل نمر هائج... فى هذه الحالة دعية و شأنه.... أنسيه قليلاً... صدقينى عزيزتى! فأنا أعرفه.... هكذا أفضل!
ـ أنتِ لا تفهميننى....
قاطعتها الأميرة ضاحكة:
منتديات ليلاس
ـ أفهمك بكب تأكيد.... أنا امرأة عجوز, و شاهدت مثل هذه الأمور من قبل... بالنسة لكِ الأمر جديد, و مؤلم.... لكن لن نتكلم فى هذا الآن.... هيا.... وضبى أغراضك.
كانتا تجلسان على شرفة القصر, تطلان على الحديقة... كان الوقت مساءاً ورائحة الأرض تفوح بعد أن دفأتها شمس النهار... فى الهدوء و السكين, أحست مايسى بشئ قريب من الارتياح, و قالت للأميرة:
ـ إذن لقد مرض والده مجدداً؟
ـ هكذا قال..... المكان جميل هنا....أليس كذلك؟ والد زوجى هو مؤسس هذه الحديقة. عندما جئت إلى هنا أول مرة كانت الحديقة رسمية... كلاسيكية... و لا أحب هذا الطراز... بل أحب الحدائق حسب طريقتكم, أشكالها جميلة و طبيعية. إذن.... هل ستبقين معى عزيزتى؟ إلى أن....
ـ لو سمحتِ... مجرد فترة قصيرة.... شكراً لك.
ـ لم يقل لىّ كورد شيئاً عما حصل. و لست مضطرة أن تخبرينى طبعاً... لقد تخاصمتما, و هذا واضح.... هذه الأشياء تموت بين الرجل و المرأة. و هذا ليس من شأنى... فأبقى هنا إلى أن يهدأ قلبك.
ـ أتظنينه قد يهدأ؟
فوقفت الأميرة تستند على عصاها, تنظر إلى وجه مايسى بجدية أثر:
ـ ربما... من يعلم؟ أنتِ شابة.... و كل شئ متوقع.... هيا الآن لتناول العشاء... و فى طريقنا سأريكِ شيئاً عزيزتى.
توقفت بها عند نهاية الممر المؤدى إلى الداخل, و رفعت عصاها لتشير إلى رسم معلق فى أول الردهة.
ـ أتعرفين هذا الرسم؟ إنها والدتك... إنه رسم رائع لها, أليس كذلك؟ لكن الرسام كان شاباً ممتازاً و غنياً... وقع فى حبها, مثل معظم الرجال. لكنه التقط فيها شيئاً لم يلتقطه غيره فى عينيها.... ألا تظنين هذا؟
ـ متى رُسمت هذه الصورة؟
ـ ليس قبل فترة طويلة من موتها, ربما سنة... خلال إقامتها فى باريس... و مات كذلك.... بعدها بقليل.
حدقتا بالرسم معاً, لكن مايسى ارتجفت
ـ ألا تعجبك؟ أستطيع فهم السبب.... فالصورة قاسية.
ـ تبدو فيها حزينة.
ـ لقد كانت حزينة حقاً, يائسة, محبطة... و لم تكن لتعطى شيئاً يمت لقلبها بصلة.
فالتفتت إليها مايسى لتقول دون معرفة سبب قولها:
ـ لكننى أحب كورد.
فابتسمت الأميرة :
ـ أعرف. و لهذا السبب عرضت عليكِ الصورة.... لكنك لم تُبلغى كورد بحبك.... أليس كذلك؟
ـ أحنت مايسى رأسها:
ـ لا.
ـ إذن يجب أن تقولى له... كونى جرئية قليلاً. هل الأمر صعب؟ لا يمكن لأحد أن يفعل هذا عنك.... على كل الأحوال ستتألمين. لكن الأمر يستحق الأمر و التضحية.... هذه نصيحتى لكِ.... لنذهب إلى العشاء.

منتديات ليلاســــــــــــــــــــــــ


زهرة منسية 28-09-14 03:41 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

مرت الساعات بسرعة تلحق بها الأيام. وصلها ذات يوم خطاب من آبيغال, عبر الفندق. فأسرعت مايسى إلى غرفتها لتفتحه.. و أخذت تفتش فيها عن الأسم الذى تتمنى أن تقرأه... لكنها جاءت به فى آخر الخطاب حين تمنت لهما آبيغال السعادة. يبدو أن آبيغال لا تعرف بعودة كورد إلى مندا. و أخبرتها آبيغال عن فستان الزفاف الذى سترتديه, و عن شراء ديكى لتذاكر رحلة بحرية إلى اليونان.
تركت مايسى الرسالة تقع من يدها.... آبيغال سعيدة الآن. و هذا واضح.... لكن فيما بعد؟ إذا كانت إحداهما تشبه أمها فهى آبيغال, فى بحثها الدائم عن القلق و الاثارة, و فى رفضها الدائم للتفكير برغبات الآخرين... فهل ستستمر فى حب ديكى بعد ثلاث سنوات من الآن؟ بعد عشرة؟ عشرين؟
علمت فى تلك اللحظة أن حبها لـ كورد لن يتغير.... ستحبه إلى ما بعد ثلاث سنوات, عشرة, عشرين, على الدوام. فجأة أحست بدافع للكتابة له أو الاتصال به بطريقة ما... بينما هى على وشك الكتابة, لمحت خطاب آبيغال مرمياً على الأرض و فيه الأمل بأن تكون سعيدة مع كورد, و عاودتها الذكرى... كورد و باسكال, و انغام الفالس الناعمةالتى راقصها عليها, فرمت القلم من يدها.... لن تتمكن من الكتابة, و ربما الأميرة على حق ... فى لم تملك الجرأة بعد.
فى الأسبوع التالى من إقامتها, و فى حديقة الأميرة, بدأت أولى دلائل الربيع.... أزهر البنفسج و النرجس, ففاح عطرهما, و فى أحد الأيام لملمت مايسى باقة ورود و قدمتها للعجوز التى ابتسمت لها راضية مسرورة.
ـ شكراً لك يا عزيزتى.... اليوم جميل و يحلو فيه المسير, أليس كذلك؟ عدينى أن تخرجى لتنشق الهواء النقى... لأجلى مايسى.
هكذا وعدتها مايسى.... فخرجت بالسيارة نحو باريس, المتألقة تحت أشعة الشمس كما شاهدتها أول مرة.... لكنها هذه المرة لم تبعد نظرها عن الأماكن التى زارتها مع كورد, بل تأملتها جيداً بدلاً من الألم أحست بالراحة... و كأنه معها.
باندفاع متهور, صعدت إلى باص متجه إلى فرساى. و كان مكتظاً بمجموعة من فتية المدارس, يتصايحون و يتضاحكون و ينشدون. راقبتهم مايسى ينزلون و يتجمهرون تحت إشراف أستاذين معهم, ليقوداهم فيما بعد إلى القصر.
لكنها لم تقصد القصور, بل توجهت إلى الحدائق لتسير فيها تحس بدفء الشمس على كتفيها و ظهرها, تراقب ظلها يتحرك أمامها فوق الممرات المرصوفة بالحصى.... إحساسها بـ كورد فى هذه اللحظات كان قوياً, حتى أنها أحست بأن هذه الذبذبات بالرغم من آلاف الأميال التى تفصلهما يجب أن تصل إليه. و وقفت تصغى إلى الهدوء و الصمت....
وصلت إلى الكاتدرائية التى سبق أن زارتها مع كورد, و دخلت فأحست ببرودتها. هذا المبنى صمد هنا لألف سنة, كم من النساء كم من الرجال, طوال هذه القرون, توافدوا إلى هنا و هم يشعرون كما تشعر؟ لقد أصبحوا من الماضى.... لفهم النسيان... ذهبوا.... و بقى البنيان و إزداد إيمانها بالقضاء و القدر... ماذا يهم ما يحدث الآن؟ فالنهاية واحدة.... مهما كانت قوة الاحزن أو خفقان القلب.
فجأة تلاشى كسلها فاستدارت نحو الباب الفارغ, حيث كان يقف كورد فى المرة السابقة, و فى الصمت المطبق الرهيب صاحت :
ـ كــــــورد !
و أخذ صوتها يدوى بصدى غريب.
و عرفت فى تلك اللحظة بالذات ما يجب أن تفعله.... يجب أن تخبره, مهما كانت النتائج... لا شئ يهمها غير الحقيقة.
ركضت تصعد درجات السلم فى قصر الأميرة لتصل إلى غرفتها, و بيدين مرتجفتين أخذت ورقة و قلماً, و مغلفاً... و بدأت تكتب:
"عزيزى كورد, يجب أن تعرف, حاولت أن أقول لك اليوم للهواء... لكن يجب أن أقول لك الآن... أحبك..... أحبك كثيراً و لطالما أحببتك دوماً, لكننى كنت جبانة و خائفة...."
عندما أنتهت, لم تعد لقراءتها, بل وضعتها فى المغلف, ختمته, و كتبت عليه العنوان.... قد لا يعيده هذا الخطاب لها....ربما ليس فوراً. لكن عليها أن تقول له.
عندما عادت من مركز البريد متسللة من باب جانبى, عبر قاعة الاستقبال, سمعت أصواتاً من غرفة جلوس الأميرة, التى لابد أنها سمعتها, إذ صاحت:
ـ مايسى؟ يا عزيزتى..... أدخلى إلى هنا!
فتقدمت نحو الباب المفتوح لتقف محدقة فى الغرفة. كانت الأميرة أفضل حالاً... و نظرة الألم قد بارحت وجهها, كانت مرحة تجلس تحت أشعة الشمس المتدفقة من النوافذ. إلى جانبها على السجادة طفلان أسمران يلعبان و فى مواجهتها امرأة جميلة.
و أشارت إليها الأميرة مبتسمة لتدخل:
ـ مايسى .... لدى زوار كما ترين, و أنا سعيدة لتعرفكِ إليها. هذه حفيدتى.... باسكال... و هذه جانيت و هذا شارل... إنه يشبهنى هه؟
و وضعت يديها بحنان على رأس الصبى المحدق بـ مايسى, بينما وقفت باسكال و مدت يدها:
ـ مايسى.....
و كأنها تسير فى نومها تقدمت مايسى نحوها تعانقها, محدقة فى وجهها, و المرأة تبتسم و أدركت مايسى أنها أكبر منها سناً, لكنها جميلة جداً.... و الابتسامة تضئ عينيها. و ضغطت المرأة على يد مايسى بحرارة:
ـ أنا سعيدة جداً.... تمنينت تلك الليلة فى الحفلة أن ألتقى بكِ. لقد سمعت كثيراً عنك.... من كورد.
ـ كيف حالك؟
فضحكت باسكال:
منتديات ليلاس
ـ ـنت و كورد نعرف بعضنا منذ زمن طويل.... زوجك رجل عظظيم. أستطيع أن أتحدث عن هذا الآن, كما أظن؟
التفتت بسؤالها نحو الأميرة, فهزت الأميرة رأسها, فاستدارت باسكال ثانية إلى مايسى, و لا تزال تمسك بيدها:
ـ يجب أن تسامحينى.... أنا سعيدة جداً لتمكنى من الحديث بصراحة الآن, بعد عدة أشهر. لقد مر علىّ بؤس كبير و لابد أن كورد أخبرك بشئ عنه؟
تبادلت مع جدتها كلاماً سريعاً بالفرنسية لم تفهمه مايسى تماماً ثم ضحكت:
ـ إذن... لم يقل لكِ شئ؟ هكذا هو دائماً. يقوم بأشياء مذهلة, و لا يتكلم عنها مطلقاً. إنه بطل لكن بطل متكتم.... ليس مثل الفنسيين... لا يعرف التفاخر.
جذبت مايسى بلطف ليجلسا جنباً إلى جنب و أكملت:
ـ زوجى عمدة بلدته.... كنا نعرف دائماً أنه فى خطر, و رغم كل الاحتياطات و الحذر خُطف... منذ شهرين بينما كان فى طريقه إلى مكتبه, أوقفوا سيارته و قتلوا سائقه... يجب ألا أتكدر.... لقد أنتهى الأمر الآن.... و لكن مايسى لا يمكننى تصديق ما جرى حتى الآن, لقد طلب الخاطفون شروطاً سياسية, بضع سجناء يطلق سراحهم مقابل أطلاق سراح زوجى... و إلا....! أجبروه على تسجيل الرسائل و كتابتها, و طلبوا المال أيضاً, لكن الحكومة لم توافق على مطالبهم... فتملكنى اليأس.... و أرسلنا إلى كورد نطلب منه الحضور فجاء على الفور... إنه يعرف فرنسا جيداً, و عمل فى مثل هذه القضايا من قبل....
و صمتت تنظر إلى مايسى الجالسة بصمت تستمع:
ـ هكذا تطوع كورد ليكون الوسيط.... و تولى أمر الفاوض... بالرغم من خطورة الموقف. أتعلمين ما كان سيحدث لو حصل أى خطأ؟ أعطى الخاطفين المال بنفسه, و تفاوض معهم... لكننا لم نعرف بهذا... و فجأة... قبل مجيئكما إلى هنا... تلقينا أتصالاً يبلغنا بتحرير زوجى دون أى أذى, و لهذا السبب أقامت الأميرة الحفلة بمناسبة حرية زوجى و سلامته, و إعادة اتحاد عائلتنا... و لـ كورد ... ألم تعلمى بهذا حقاً؟ ألم يقل لك كورد شيئاً؟
فأبتلعت مايسى ريقها بصعوبة, تحس بالدم يتصاعد إلى وجنتيها... فجأة اتضحت لها أحداث كثيرة صغيرة, و أجابت بصوت متهدج:
ـ أنا... لم أكن أعلم شئ... أنا سعيدة جداً بما عرفته و سعيدة لأجلك....
ضغطت على يد باسكال و صمتت و أحست بالدموع تتدفق. فبدأ القلق على وجه باسكال فوراً, و لفت ذراعها حول كتفى نايسى, ثم وقفت الأميرة متقدمة نحوهما.
ـ مايسى ... لا تكدرى نفسك.... لقد أنتهى هذا الأمر عزيزتى.
فرفعت مايسى وجهها المبلل بالدموع إلى الأميرة :
ـ لماذا لم تخبرينى بهذا من قبل؟
ـ ليس من واجبى شرح هذا لكِ... كنت أعتقد أن كورد سيعود باكراً... لكننى أيقنت أن من واجب باسكال أن تشرح لكِ... و كنت على حق.... أليس كذلك؟
ـ أجل.... أنتِ على حق.
تعانقت المرأتان, ثم وقفت مايسى, أحبت أن تخلو بنفسها, لم تعد تستطيع البقاء فى الغرفة لحظة, حتى أمام لطفٍ كهذا.
و أحست الأميرة بما ترد, فأشارت إلى باسكال التى وقفت على الفور, و ابتسمت الأميرة:
ـ و الآن أتفضلين التمشى قليلاً أم ترغبين بالراحة؟ فـ باسكال تود رؤية الحديقة... و وعدنا الأطفال باللعب هناك.
فهزت مايسى رأسها شاكرة:
ـ أجل....ربما بعض التمشى فى الهواء الطلق...
و عانقت باسكال ثانية و قبلتها:
ـ أنا سعيدة... مسرورة جداً. لكِ و للأولاد.
و ضحكت مايسى, و خرجت من المنزل, ثم استسلمت لدفء شمس بعد الظهر.... و سارت هائمة دون الأهتمام إلى أين, إلى أن وصلت إلى النهر. من هناك استطاعت رؤية مشارف باريس.... و من بعيد للجهة الأخرى الفندق الذى كانت تنزل فيه مع كورد.
ـ مدام باكلير؟
أجفلت من صمتها لتجد سائق الأميرة.... أصبحت على معرفة وثيقة به الآن... كان ينظر إليها و الخطوط حول عينيه, و هذا أقرب ما يصل إليه الابتسام.
ـ أتحبين الخروج فى رحلة سيدتى... إنها أمسية جميلة... ربما نذهب إلى الفندق؟
ترددت مايسى للحظات, ثم هزت رأسها:
ـ أجل.... سنذهب... شكراً لكِ.
عند مدخل الفندق قال لها:
ـ أتريدين أن انتظرك سيدتى؟
نظرت إلى نوافذ الفندق و شرفاته, و هزت رأسها... لا داعى للانتظار ستعود لوحدها, فهز كتفيه, و أنطلق عائداً.


منتديات ليلاســـــــــــــــــــــــــ


زهرة منسية 28-09-14 03:43 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

للحظات وقفت مايسى تنظر إلى واجهة الفندق تفكر أى منهما قال الحقيقة عن زوجها ليو أم باسكال؟ و متى ستصدق كورد نفسه: وهو يتحدث إليها بمثل تلك الكراهية, أم عندما يلامسها بحنان فى ساعات الليل الطويلة؟
فجأة تملكتها رغبة قوية لرؤية الغرفة التى قد تجيب على سؤالها.... فتقدمت نحو الفندق.... هنا ستستعيد ذكرى ما حدث و هو الشئ الوحيد الواثقة منه, و بسرعة دخلت البهو.
كان فارغاً, هادئاً... من مكتب المدير تناهت إليها أصوات.... طاولة الاستعلامات فارغة.
قطعت البهو, و صعدت السلم لتصل إلى الطابق الأول, و قد تكون الغرفة مقفلة.... إلا إذا كانت إحدى الخادمات.... أمسكت بمقبض الباب و أدارته, فانفتح. و دخلت ثم توقفت... مرتبكة.
شخص ما كان هنا.... إحدى النوافذ مقفلة و الأخرى مفتوحة, هواء خفيف كان يحرك الستائر, و تناهت إليها الأصوات من الشارع البعيد, و الخزانة مفتوحة, الفراش مرتب, و عليه حقيبة رجل سوداء جلدية. على الفور أحست بصوت من الشرفة, و تحركت الستائر لتشاهد خلفها طيف رجل طويل أسمر, يستدير عائداً إلى الغرفة:
ـ من هناك؟
لقد رآها....فتوقف, أذهلتها المفاجأة فلم تعد تقوى على الحراك أو الكلام.
تحرك الرجل أولاً.... و دخل الغرفة, ثمتوقف, و وجهه فى الظل. حدق بها جيداً... فخفق قلب مايسى... و فكرت بارتباك:
أنه يعرف.... ما أحست به فى الكنيسة اليوم وصل إليه.... فتحت ذراعيها بسرعة و تقدمت نحوه.
ـ كورد.
لم يتحرك, فتعثرت خطأها... و توقفت على بعد ذراعين منه و التقت عيونهما, فتحسست ببرودة نظراته و ارتعشت, كل الفرح و السعادة اللذان أحست بهما فجأة ذهبا أدراج الريح و أنقبض قلبها ببرودة لما تتوقعها.... فابتسم بدهاء:
ـ أجل... و أنا آسف لخيبة أملك مايسى!
هذه الكلمات التى نطق بها كورد حطمت شيئاً فى داخل مايسى و دموع الغضب تقفز من عينيها, و صاحت:
ـ كفّ عن هذا يا كورد! لن أسمح لك بقول هذه الأشياء. لن أسمح لك بالتفكير بها.... بعد الآن!
لاحظت أن عنفها أذهله... و علمت أنه سيقاطعها, فاسرعت لتستمر بالكلام, آملة ألا يخونها صوتها:
ـ لا... لا تقل شيئاً, ستصغى إلىّ! أقسم أننى.... أننى لن أتركك تترك هذه الغرفة... ليس هذه المرة... إلى أن....
و افتر فمه عن ابتسامة ساخرة:
ـ و كيف ستفعلين هذا؟!
ـ لا تسخر منى ! و خطت نحوه و هى تتكلم, حتى أصبحا متواجهين و عيناها متقدتان.
ـ هذا ليس عدلاً كورد! مهما يكن ما فعلت, على الأقل يجب أن تتوافر لىّ فرصة للكلام دفاعاً عن نفسى.... لن أسمح لك بلعب دور الحاكم و الجلاد كما يحلو لك. أنت تحكم علىّ من خلا الماضى بأشياء حدثت منذ سنوات. و لن أسمح لك بهذا... و أنت فى مطلق الأحوال لا تحاكمنى, بل تحاكم أمى!
وصلته شحنة الغضب... و لاحظت هذا... فتراجع قليلاً, بعينيه المظللتين و وجه المتجهم:
ـ أهذا رأيك؟
ـ إنه أكثر من رأيى... أنها الحقيقة!
فهز كتفيه مستديراً عنها:
ـ حسناً.... لكن أمك أهم ما فى الأمر. و لا يمكن الإنكار.
ـ و لماذا تكون عنصراً هاماً؟ هذا ليس عدلاً و أنا بالكاد أعرفها! أنها ميتة منذ عشر سنوات. و من يعلم دوافع تصرفاتها تلك؟
قال ببرود:
ـ أنتِ أبنتها.
ـ و أنت شقيق ليو.... ذلك الرجل الكريه من دمك و لحمك...! لكننى لا أحكم عليك من تصرفاته.
استدار غاضباً من كلامها و عيناه تلمعان:
ـ أتذكرينه أمامى؟ الآن؟
ظنته سيضربها, فرفعت يدها لتدافع عن نفسها, لكنه نظر إليها بإزدراء:
ـ أهذا رأيك بىّ؟ أتظنينى قد أضرب امرأة؟ أوهـ مايسى.... أنتِ تخلطين بينى و بينه مجدداً.... فهذه سيمة ليو و ليست لىّ. أوهـ.... بالله عليكى! أغربى عن وجههى.... لا أطيق النظر إليكِ!
ـ لن أفعل! كورد أرجوك......
ـ حسناً.... تابعى.... ماذا ستقولين؟ ما هى الأعذار التى أختلقتها خلال الأيام الماضية؟ هل ستقولين إن ما شاهدته ليس غلطتك؟ أم أنكِ لم تستطيعى مقاومة ليو و إنك اشتقت إليه؟ و إنكِ لم تبالى كيف وأين يحدث ذلك؟ و على الأرض كالحيوانات.... كان بإمكانى قتلك, أتعلمين هذا؟ أمنتِ تفكرين فيه طوال الوقت؟
أمسك بها بين ذراعيه يجرها أمام مرآة الخزانة كى تواجه صورتها:
ـ ـ انظرى إلى نفسك مايسى... وجه عذراء... لكن بنفسية *****.
فصاحت به:
ـ هذا غير صحيح! توقف عن معاقبة نفسك كورد.... توقف عن معاقبتى... هذا غير صحيح!
مد يديه بعنف نحوها, فضربتهما لتبعدهما عتها صائحة:
ـ لا! لا تلمسنى! لا أطيق لمستك و أنت تظن بىّ هذه الظنون... كيف تمكنت من النوم بين ذراعى و أنت مؤمن بهذه الأكاذيب؟ كلها خاطئة كورد! أنت لم تسألنى مرة عن حقيقة ما حدث. حتى أنك لم تمنحن فرصة للكلام. إن أى رجل كان يمكنه مفرعة ما حدث. حتى فى تلك الأيام.... لكنك فضلت أن تصدق أخاك. و كل قذاراته و أكاذيبه.... أنا أكرهه.... و لطالما كرهته. لكنك صدقته لأنك أردت ذلك. لأن ما قاله يناسب ما تؤمن به, بأننى مثل أمى, أليس كذلك؟ لماذا صدقته كورد؟ أهو تبرير لكراهيتك لىّ؟
ـ هذا غير صحيح.... لقد سألتك يوماً, لكنكِ هربتِ و لم تتفوهى بكلمة.... و سألتك فى أوتاوا.... حاولت إجبارك على الكلام.... حتى هنا.... اللعنة على كل شئ..... كنتِ تعرفين تماماً ما هى أفكارى.... خاصة عندما علمت أننى الأول فى حياتك, و أن ليو لم يلمسك... اللعنة عليكِ مايسى.... كم مرة اضطررت أن أسألك و أنتِ تتهربين من الأجابة؟
منتديات ليلاس
ـ لم أستطيع أن أتذكر!
ـ كم هذا مقنع!
ـ لكنها الحقيقة كورد, كان يمكن أن أقول لك و لكن كان ينقصنى الدليل, و لا أستطيع إحضار شهود على ذلك... إذا لم تصدقنى.... كورد... ما حدث فى فنكوفر... مع ليو... هو أجبرنى عليه.... جاء إلى غرفتى و قال أشياء رهيبة, عن أمى, عنك عن والديكما.... إنه يكرهك كورد, كراهيته نوع من المرض لديه... لم يكن يريدنى أنا حقاً... لكننى كنت لديه أفضل وسيلة تسبب لك الألم... كى يحطم شيئاً يعرف أنك تحبه... حاولت أن أرفعه عنى... و مررت بحلم بطئ و لم أصدق أنه يحدث, و وضع يده فوق فمى كى لا أصرخ.... و لو لم تحضر عندها....
تأوهـ متألماً و أندفع نحوها.... و عيناه تحملان علامات الغضب:
ـ مايسى.... لكنك لم تقولىّ شيئاً.....
ـ لم أستطيع.... لم أستطيع... ألم تفهم هذا؟ كان يكذب و شاهدت الشك فى عينيك.... صدقته بينما أنا أحببتك كثيراً!
ـ مايسى....
ـ لم أستطيع البكاء على أمى, و مع أننى حاولت... كل ما أستطعت التفكير به هو الدعاء: "أوهـ يا إلهى.... لا تدعنى أصبح مثلها ...." لكن بعد تلك الليلة فى فنكوفر لم أر أياً منكما سوى فى المأتم.... بعدها أجبرت نفسى على النسيان.... أتصدق هذا يا كورد؟ و عندما جئتك إلى المكتب و ظننتك ليو, و حاولت أن.... ثم بعد زواجنا عندما جاء خلسة و أمسك يدى, أحسست بالغثيان, و لم أستطيع التنفس. مع ذلك لم أتذكر الماضى.... صدقنى كورد... لم أتذكر قبل حادثة غرفة المراكب تحت القصر... ذلك المكان الرهيب, حيث أمسك بىّ و لم يتركنى و استمر فى لوى ذراعى يضحك منى, ثم وضع يده على فمى كى لا أصرخ. عندها تذكرت نفس الموقف فى الماضى.
و تقدم كورد يضمها:
ـ أوهـ! يا إلهى! سأقتله. فليساعدنى الله.... سأقتله لأجل ما فعله بكِ!
ـ كورد....لا! لا تفعل هذا, لا تفكر به حتى, ألا ترى أن كل ما يريده أن يؤلمنا.... أنا يؤلمك أنت؟ لكنه لن يستطيع أن يؤلمك, طالما أنت تصدقنى... فلا شئ يفعله أو يقوله يجعلنى أتغير.
مدت يدها بلطف لتلمس وجهه, و تحاول محو الألم الذى سببه الغضب:
ـ أحبك كورد, من كل قلبى.... أحببتك دائماً... و لا أحد غيرك.....
عانقها عناقاً حاراً و هو يردد بإنكسار:
ـ يا حبيبتى.... يا حبيبتى....
ألقت بوجهها على صدره.
ـ أوهـ... يا إلهى! أرجوك كورد.... قل أنك تصدقنى....لا شئ غير هذا يهمنى!
ـ تعرفين أننى أصدقك.... لطالما صدقتك فى صمميم قلبى. كنتِ أنتِ الحقيقة الوحيدة فى حياتى.... و الأمل الوحيد فى كل الفوضى التى صنعتها بنفسى.... و النور الوحيد فى ظلامى حولى. لكننى لم أستطيع التصديق هنا.... فى رأسى... كنت أعيش فى جحيم طوال هذه السنوات, كنت المرأة التى أحببتها و التى أموت لأجلها.... المرأة التى لازالت أحبها.... و التى ملكت علىّ كل حواسى.... و لعشر سنوات خلت.... هذا ما ام تعرفيه قبل الآن.
ـ أعرف أننى أحببتك.... لكننى ظننت أن.....
ـ حبيبتى لم يكن فى حياتى سواك, و كان يجب أن أعود إليكِ....أوهـ.... كل ما حدث كان غلطتى.... لو لم أكن أحمقاً و غيوراً ..... تعالى إلىّ مايسى.
و جذبها نحو النافذة ليجلسا على الكنبة, و جلس قربها يمسح الدموع عن وجهها, و عندما هدأت أمسك بيدها و قال:
ـ أتسمحين لىّ أن أشرح لكِ؟ أرجوك مايسى... لن يبرر هذا ما فعلته, و كيف فعلته, لكن قد يساعدك على الفهم... لا أريد أن تبقى أية أكاذيب بيننا أو سوء تفاهم.
صمت قليلاً, ينظر إلى البعيد خارج النافذة ثم تابع:
ـ فى البداية....كان نوعاً من الجنون... كنتِ الحقيقة الوحيدة فى حياتى.... و ظننت أن هذا الواقع زال, فحاولت تحطيم ذكراك.... فعلت كل ما يفعله اليائس.... حاولت التظاهر لنفسى بأننى قادر على نسيانك.... لكننى لم أنجح..... بل جعلت من ألم الخسارة يزداد سوءاً ... و لم أرى عائلتى حتى والدى. و لم أستطيع تحمل وجودى فى مكان قد يُذكر فيه اسمك... أتذكرين ما قلته لىّ عن آبيغال؟ قلتِ أنها عابثة.... أحببتك رغم خوفى من أن تكونى مثلها أردت أن أكون معك, أنا أحميك. أعطيتك الحنان الذى أعطيته بسخاء للجميع, لـ ىبيغال.... لأبيك..... و كنت واثقاً أنكِ تحبينى... رأيت هذا فى عينينكِ, و فى وجههك... آمنت بهذا كما أؤمن بشئ فى حياتى.... ثم أعتقدت أننى فقدت الحقيقة... و لم يبق شيئاً
ـ أوهـ.... كورد!
ـ هذا ما أحسست به.... و عندما مرض والدى بدا لىّ واضحاً أن المؤسسة تنهار, فوافقت على المساعدة و بدأت أتحقق من الحسابات.... و وقع نظرى على ملفك, و لأن رؤية أسمك على الورق كان صلة وصل لىّ مع الماضى, دققت فيه... كان كله أخطاء, فعمتك لم تترك لك الكثير, لكن ما تركته كان يتبخر بطريقة ما.... و راجعت حسابات الزبائن الآخرين, فأكتسفت ذات الأمر, عندئذِ أدركت أن ليو الوحيد الذى طالما كان ضعيفاً أمام المال.
ـ مالى أيضاً؟ هذا مستحيل!
ـ لكننه صحيح!
قال لىليلة رأيته فى غرفة القوارب إنه كان يفعل شيئاً من هذا, و أنك كشفت امره, لكنه قال.... إن آبيغال ساعدته و أنه كان على علاة معها........
ـ إنها كذبة أخرى من أكاذيبه.... فهى أقل خبرة منه فى هذا المجال, لقد اعترفت بما فعلت, و أنتهى الأمر الآن. و ستبدأ حياة جديدة.....
ـ لكن.... هذا يعنى أنك كنت تعرف قبل أن آتيك إلى مكتبك.... أى قبل أن أراك؟
فابتسم:
ـ أجل.... كنت أعرف..... لكننى لم أستطيع إقرار ما يجب أن أفعله, الأسوأ أننى كنت سعيد بكل هذا لأنه أعطانى الفرصة لرؤيتك.... و المؤسف أننى كنت أعاقب ليو على ما حدث بينكما و ليس على ما أختلسه من أموال الزبائن, و هذا هو الأنتقام, و ليس العدل, و ما فعله ليو لا يمكن أن يحتمله والدى فحرصت على كتمانه للحفاظ على بصيص الأمل و السعادة فى حياته......
ـ و ماذا فعلت؟
ـ لا شئ.... تعرفين كل ما حدث.... ذات صباح وجدتك تقفين ببابى فلم أصدق عينى.
ـ و أدعيت بأنك ليو؟ و تركتنى أؤمن بأنك هو؟
ـ اللعنة! أجل لكننى لم أخطط لما حدث.... و صدقت أنك نسيتنى.... و كنت مضطراً لاكتشاف الحقيقة... فقد لا تتاح لىّ فرصة أخرى.
ـ و هل اجتزت الأمتحان؟
و هو يبتسم:
ـ أجل.... لكننك فشلت فى الأمتحان التالى.
ـ عندما جئت إلى منزلك؟
ـ تماماً.
ـ أكان على القبول بمطالبك اللا أخلاقية؟
ـ كنت راغبة .... كما أذكر.
ـ لا.... لم أكن راغبة!
مالها نحوها يقبلها و يسأل ساخراً:
ـ هل أنتِ واثقة؟
ـ كل الثقة.
دفعته قليلاً ثم أكملت:
ـ لن تغلبينى.... أتذكر كم كان اقتراحك مشيناً؟
ـ كنت انتظر دليلاً, كى أتقدم باقتراح شريف. لكنك عندما بدأت بخلع ملابسك......
أخفضت مايسى عينيها خجلاً من الذكرى:
ـ أكنت ترغب بى, بالرغم مما قلته؟
اللعنة عليكِ! تعرفين هذا
احست مايسى بالرغبة ثانية.
ـ كورد....
ـ لا.... انتظرى... و أصغى إلىّ فى ذلك اليوم كنت خائفة و مزرية.... و لم أشعر بمثل ذلك الخجل فى حياتى, و كدت أن أستسلم.... لأدعك فيما بعد و شأنك.
ـ و الزواج؟
ـ آهـ الزواج!
أمسك بيدها ملاطفاً و آخذ يعبث بالخاتم الذهبى و تابع:
ـ ما رايك أنتِ؟
ـ ظننت أنك تريد معاقبتى.... أو معاقبة نفسك.
ـ أوهـ.... لا مايسى, عقابنا هو فى الفراق, و ليس فى الزواج.
هكذا إذن؟
رفعت يده إلى فمها لتقبلها, فشاهدت الارتياح على وجهه و قال:
ـ أعرف أنه لم يكن طلباً رومانسياً, يا حبيبتى.
فضحكت مايسى و تابع يقول:
ـ لعبت دور محامى شيطان, و فكرت بأننى لو كنت صريحاً فى طلبى الحقيقى لرفضتنى على الفور.
ـ و هكذا فكرت بقليل من الخداع؟
ـ ظننت أن الغاية تبرر الوسيلة, و لو لمرة واحدة. و أذكر أنك أخترتِ تلك اللحظة لتوضحى لىّ أنك لا تحبيننى.
ـ لم يكن ذلك صحيحاً.
ـ هل أنتِ واثقة مايسى.
ـ أجل... لطالما عرفت كورد أنك تحبنى, و أنه من المؤلم لك الاعتراف ....كما كان بالنسبة لىّ.... لكن يوم الزفاف فى الكنيسة.... تأكدت رغم خوفى فى البداية.... و بدا لىّ أنه من الخطيئة الألتزام أمام الله و قطع الوعود الكاذبة.... فما أتفقنا عليه يجعل كل مراسم الزواج كذبة.... أليسك كذلك كورد؟ و كنت على وشك مقاطعة الكاهن.... لكنك....
ـ أمسكت بيدك.... أليس كذلك؟
ـ أجل أمسكت بيدى, و فجأة تلاشى كل الخوف و أحسست بالفرح, و السكون, و عرفت أن الأمر لم يكن كذبة, أتفهمنى؟ أوهـ... لقد عنيت كل ما وعدت به و أقسمت عليه.... من كل قلبى...
ـ أنا كذلك... و لكننى أعتقدت أنكِ لم تصدقينى الشعور ذاته....
ـ ليس فى تلك اللحظات.
ـ و الآن؟
ـ الآن.... أجل حبيبى.
تركها بلطف ليسألها:
ـ إذن... الفضل أن تخبرينى... أين كنت هذا الأسبوع؟ عندما كنت مسافراً, أكاد أجن من قلقى عليكِ.
فضحكت:
ـ كنت أفكر بك. فى قصر الأميرة.... أنا واثقة من أنك طلبت منها العناية بىّ. لا تنكر هذا.
ـ ربما..... و هل أخبرتكِ كم أحب زوجتى بجنون؟ و لا أستطيع العيش دونها؟ لديها تعليمات صارمة أن لا نخبرك!
ـ لمحت لىّ بتحفظو سعتّ ما فى وسعها لألتقى بـ باسكال.
ـ و لم يعد لديكى أى شكوك سخيفة؟ و لا غيرة و لن يكون هناك سبب حبيبتى.
ـ أعرف هذا الآن, و أشعر بالخجل.
ـ لا تخجلى حبيبتى.... فالغيرة هى الوجه الآخر للحب لكنه الوجه المظلم. و لا يمكن الإدعاء بأنه غير موجود.
ـ و ماذا عن ليو ؟
فتنهد:
ـ عالجت الأمر دون أن يعرف والدى... و هو أفضل حالاً لكنه لن يعيش طويلاً.... ليو سيترك العمل فى المؤسسة و يعيش خارج البلاد... و سأخصص له راتباً, شرط أن لا يحاول فعل ما فعله ثانية, و أن لا يقترب منك أو من العائلة. و هذا كل شئ.
ـ أى نوع من النفى؟!
ـ إذا أحببت هذه التسمسة. فهو الذى انتفى نفسه و منذ سنوات. و أتصور انه سينتهى إلى ما هو عليه والدك.... و لن يزعجنا بعد الآن, و لن يلمس, قلت له هذا.
ـ كورد...
ـ كفى عن الكلام.
ـ لكن....
ـ تعالى إلى هنا يا امرأة ... يا زوجتى, أوهـ... يا إلهى مايسى... مرت عشرة أيام بلياليها بعيداً عنك.... أوهـ يا حبيبتى....
و تعانقا مجدداً تلفعما الرغبة و الشوق و الحنين, فأنارت السعادة وجهيهما و سمعته يقول:
ـ مايسى... وداعاً للخصام و الأكاذيب و كل الخلافات و لن يكون بيننا بعد اليوم ما يعكر صفو حياتنا يا حبيبتى.
هزت رأسها و ضحكت. على الفور مدت ذراعيها حول عنقه, فتمسك بها:
ـ لماذا ضحكت؟ بما كنتِ تفكرين؟
ـ لا شئ.... لكننى كنت أفكر لماذا لا تزيد على ما ذكرت أن لا تغضب بعد اليوم.
ـ لماذا؟
ـ لأن الأميرة أخبرتنى ماذا أفعل أن عدت للغضب. هذا كل شئ.
ـ و ماذا قالت لكِ؟
ـ قالت يجب أن أمحو غضبك بالحب.
ـ فقط عندما أغضب؟
ـ حسناً... ربما حينها فقط....
ـ لكننى ليست غاضباً الآن.
ـ لا.... و مع ذلك...
مررت بأصابعها فوق شفتيه و اقتربت منه حتى لامسته, فقال :
ـ و مع ذلك ماذا يا مايسى؟
فارتجفت, لكن جسدها امتلأ طمانينة و هدوءاً و قالت:
ـ و مع ذلك ..... ستبقى حبيبى يا حبيببى!

زهرة منسية 28-09-14 03:44 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 

تمت بحمد الله

قراءة ممتعة للجميع


و شكراً لكل من مر و ترك كلمة رقيقة أو ضغط على إيقونة الشكر

bluemay 28-09-14 03:52 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
يعطيك العافية زهووورتي
يلا بقرأها وبرجع أعلق ..

Sent from Mobile using Tapatalk

يوسف11 28-09-14 05:16 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
روعة تسلم ايديك

bluemay 28-09-14 05:34 PM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
رائعة النهاية كتير حبيتها ..

يسلمو زهورتي عن جد أبدعتي .. ذوقك حلو متلك .

والعفو حبيبتي أنا حبيت الرواية وكان طبيعي إني ألزق فيها لووول

يعطيك العافية وبإنتظار جديدك

تقبلي مروري مع خالص الود.

Sent from Mobile using Tapatalk

rebel angel 06-10-14 10:28 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
:dancingmonkeyff8:

فاكى 07-10-14 06:33 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
باين على الرواية روعة

نجلاء عبد الوهاب 10-10-14 04:22 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
رائعه رائعه رائعه
:lol::lol::lol:

هاسي 16-10-14 03:04 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
حلوه كثيررررررررووووو

sassou 24-10-14 05:17 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
ألف ألف شكر زهرة منسية على الرواية الرائعة

صفاء القلوب الحزينه 24-10-14 11:58 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شكرااااااااااااااااا للمجهود الرائع

غنجة بيا 09-12-14 02:11 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
من اروع ما قرات سلمت اناملك زهرة مشكورة حيل على المجهود

حبيت الرواية كثير وفيها كميت مشاعر كثيرة ومتاقضة حلوة كثير كثير يعطيكي العافية امووووةة

سومه كاتمة الاسرار 24-12-14 09:29 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
:55: شكرا

ندى ندى 28-12-14 04:02 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
جميله جدا وقمة الروعه

تسلم ايدك حبيبتي وشكرا

على المجهود الرائع

عطر@المحبة 12-02-15 12:23 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
جميله و حلووووووووووووووووووووة ع االاخر زهوررررررررررررررتي الله يعطيك الف عافيه و يسلمو الانامل الحلوة

تحياتي لك يا الغلا :8_4_134:

زهرة منسية 12-02-15 12:29 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
يسلم عمرك حبيبتى
مبسوطه كتير انها عجبتك


تم اﻹرسال من موبيلى

safialex2000 30-03-15 12:59 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
Mersiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

Jijia 08-04-15 06:17 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
:55: thank you :e418:

gog 02-05-15 02:36 PM

شكرا جزيلا

بركوزار 05-05-15 09:43 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

asdfjklasdfjkl 06-05-15 11:40 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شكرا مشاركه رائعة جدا جدا

yassra 15-05-15 10:01 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شكراااااااااااااا بجد

لحن الحيااة 16-06-15 02:51 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شكررررررررررررررررررا
رااااااااااااااائع

سكر عبده 18-06-15 10:16 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
فعلا راوية جمبلةةةةةةةةةةةةة جدا ومليئة بالاحاسيس بجد رائعة تسلمى وبارك الله فيك

سلوي الامين 15-07-15 04:58 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ام اماني 20-07-15 10:20 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
السلام عليكم ...شكرا لك

المحبة المشرقة 28-07-15 10:35 AM

شكرا على المجهود

Asmaa adel 31-07-15 08:33 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
رووعة شكراً لك على هذا المجهود

وفاءالحنين 02-08-15 08:38 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شكرا جزيلا

jowayriya 07-10-15 12:57 AM

تبدو الرواية شيقة جدا

jowayriya 07-10-15 09:27 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
راااااائعة

jowayriya 07-10-15 09:29 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
واااااراايد اعجبتني

زهرة الزيزفون 26-10-15 12:32 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا على الموضوع

ليالى لى 26-10-15 12:42 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
ششششششششششككككككككككرررررررررااااااااااا

sana rahmani 09-11-15 10:19 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
قصة جميلة شكرا لكم

هياتم 25-11-15 08:35 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
شي جميل شكرا لك على هالروايه

omsara 15-12-15 07:58 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
CM Security protects your privacy

shadwa 15-12-15 10:51 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
Thanks for the novel

روينا99 21-01-16 07:07 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
يسلموا الأيادي وألف شكر

سهيله فريد 02-05-16 11:39 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
دائما اختيارك رائع زهره شكرا على حسن الاختيار:toot:

لوليتامحمد 04-07-16 07:01 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
L.rwaya d gamilaa gdaaan 1retha 2bl kda jtiiir

فرحــــــــــة 05-07-16 05:45 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
غاليتى
زهرة منسية
سلمت يداكى على حسن الاختيار
قصة فى غاية النعومة والابداع
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

حنان محمد ابراهيم 06-07-16 12:14 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
الرواية جميلة جدا ااااااا شكرا على مجهودك الرائع

Remmeh 29-11-16 05:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3475447)



مرحبا و أهلا و سهلا بيكم فى روايتى الجديدة

أحداث روايتنا تدور حول أخت كبرى تضحى بنفسها من أجل أخت أنانية

من يبتزها يحمل فى قلبه ضدها حقد ماضى مر عليه عشر سنوات

أتمنى أن الرواية تنال أعجبكم


26 ـــ نداء المستحيل

فانيسا جيمس




الرواية حصرية لمنتديات ليلاس

لا أحل نقل جهدى و تعبى دزن ذكر أسمى زهرة منسية أو أسم المصدر


اعشق هذه الرواية وللاسف راحت كل رواياتي الجميلة مع لابتوبي لما انكسر والآن احاول ان ابدأبدأ ان أعوض واحمل المجموعة كاملة.. لدي الروايات الورقية لكن تعجبني القراءة من على اللابتوب او الموبايل أينما اذهب
شكرا جزيل الشكر

عازفه علي وتر حزين 01-12-16 05:07 AM

رد: 26 ـــ نداء المستحيل ــ فانيسا جيمس
 
روايه جميله جدا يسلمو علي المجهود الرائع

doda qr 22-04-17 02:17 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
روعه الروايه يسلمووووو

paatee 25-06-18 08:23 AM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
نسلم الانمل ياعسل ننتظرجديدك

نجلاء عبد الوهاب 11-09-21 11:50 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
:congrats::congrats::congrats::congrats::congrats::congrats: :congrats::congrats::congrats::congrats::welcome_pills3::wel come_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3: :welcome_pills3::welcome_pills3::friends::friends::friends:: friends::friends::friends::friends:

نجلاء عبد الوهاب 25-02-22 03:28 PM

رد: 26 - نداء المستحيل - فانيسا جيمس ( كاملة )
 
:welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pil ls3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome _pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::wel come_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3: :welcome_pills3:


الساعة الآن 04:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية