غصة.
 

غصة.
في علم النقود الحلمنتيشي* عرف جحا " الفلوس" بأنها أعمدة النكوص والعروش. وقدم الدليل الجحاوي التالي:
طالب أنيق يكسوه بريق ، فهو يلمع بالنضارة حتي النظارة، وأزراره الذهبية ينعكس عليها ضوء الشمس الزاهي.
يشع بالثقة ، ويبرز بالإمتلاء.
بابتسامة ملكية يضع أمامه حزم نقود ورقية ولدت من البنك مباشرة لكفه الندية.
القهوجي ينحني:أمرك.
- "شف الحضرات" مشيرا في حاتمية لمن حوله ممن يؤدون الإمتحان مثله.
"وقهوتي، والحساب، وكن قريبا. ثم ناوله خمسة رزم نقود ورقية من ذات الخمسة والعشرة والخمسة وعشرين والخمسين قرشا والجنيه ،جديدة تدبح العصفور.
بيد مرتعشة ولهفة مرعوبة يدس كل نوع منها في جيب معين - من سترته المترهلة - وهو في غاية الجدية كمن يؤدي مهمة عسكرية بحذر.
تنوعت المشاريب وتعددت.
وكل دقائق يحوم القهوجي حوله، ويقدم له من جيوبه إياها ما يفهم أنه باقي الحساب مرة من فئة وأحيانا من أخري.
بل كثيرا ما استدعاء ليفك منه محددا نوع الفكة التي يريدها فيلبي طلبه كأنه صراف البنك ويفك.
طلبت مني نجلاء، ملتهبة الشفتين الجالسة خلفي بصوت طري مدغدغ. إجابة السؤال الرابع. ودون أن التفت إليها لفظت العكس وهو" لم أجبه بعد". فوضع المراقب يده علي الورقة وقال "ضبطتك يا مجرم .."
صعقت :" هذه إجاباتي ليست إجابة غشاش" فكتب عليها بالقلم الرصاص ضبط يتكلم وينظر، ومضي. فداهمني اكتئاب ودفنت وجهي بين ذراعي متصنعا الإغماء . فتعاطف معي الكثيرون ورجوه محو تأشيرته فسمعته يقول " ليعترف أولا أنه مجرم "
فأسرع الطالب الحاتمي يربت كتفي , ويستنطقنيها فرفعت رأسي متأبيا علي الجميع.
فسألني إذن أي إجابة تنقصك – ولأني كنت واثق من إجاباتي ، قلت الرابعة ، فتظاهر بعد حزمة نقود فاحصا حتي أخرج لي منها جنيها جديدا مكتوبا عليه بأجمل خط نسخ بالقلم الرصاص الخفيف إجابة السؤال الإجباري نقلا بالنص من الكتاب. فوجدت إجابتي شبه مطابقة للمقرر....
يوم النتيجة كانوا يهنئون الطالب الحاتمي الأمير وهو يتأهب للعودة ظافرا إلي مملكته، بينما نتيجتي تشرف!!
"ــــــ ".
---------
* الحلمنتيشي : مصطلح مركب تركيبا مزجيا من الحلم والنتيش وهو أمر شاع في مجال القيم .